الكوثر الجاري إلى رياض أحاديث البخاري

الكَوْرَاني، أحمد بن إسماعيل

الْكَوْثَرُ الْجَارِي إلى رِيَاض أحَادِيثِ البُخَارِيّ [1]

حُقُوق الطَّبْع مَحْفُوظَة الطبعة الأولى 1429 هـ - 2008 م مؤسسة التَّارِيخ الْعَرَبِيّ للطباعة والنشر والتوزيع العنوان الْجَدِيد بيروت - طَرِيق المطار - خلف غولدن بلازا هَاتِف: 540000/ 01 - 455559/ 01 فاكس: 850717 - ص. ب: 7957/ 11

مقدمة المحقق

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مقدمة المحقق الحمد لله رافعِ أعلام الشريعة الغرَّاء، جاعلها شجرةً أصلها ثابتٌ وفرعها في السماء، الذي أعلى منازل الفقهاء، إعلاء يوازن هممهم العلية، في خدمة الحنيفية السمحة البيضاء. والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ، أفضل الرُّسُل والأنبياء، وسند الأتقياء، ومخرج الأمة من الظلمات إلى النور والضياء. وعلى آله وصحبه، السادة النجباء، والقادة الأصفياء، شموس الهداية، وبدور الاهتداء، الناضري الوجوه، بتبليغ ما بلغوه من أدلة الشريعة الغراء. وبعد: لقد أقام الله -عَزَّ وَجَلَّ- لهذا الدين -بعد نبيه وصحابته- من يحافظ على تشييد أركانه، ويكسِّر معول المحاولين للنيل منه أو هدمه، مضحين بذلك بكل غالٍ وثمين فداء لهذا الدين العظيم. هذا ومن بين أولئكم الذين أقامهم الله في خدمة دينه، الإمام أحمد بن إسماعيل بن عثمان بن محمد الكوراني، -رَحِمَهُ اللهُ-، الذي سخر حياته لنهل العلم أولًا وللتعليم والتأليف ثانيًا، ومن هذه الكتب: كتابه هذا (الكوثر الجاري على رياض البخاري) الذي ألبسناه حلة قشيبة جديده، أسأل الله سبحانه وتعالى أن أكون قد وفقت في ذلك. وكتبه: العبد الفقير إلى مولاه أحمد عزو عناية في 16/ شوال/ 1428 هـ الموافق لـ 27/ تشرين الأول/ 2007 م سوريا - دمشق - كفر بطنا - هاتف: 0933427630

ترجمة الإمام الكوراني

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ترجمة الإمام الكوراني 1 - اسمه ونسبه: هو أحمد بن إسماعيل بن عثمان بن محمد الكوراني، شمس الدين، شيخ الإسلام، الرومي، الشافعي، ثم الحنفي. كردي الأصل، من أهل شهرزور. 2 - ولادته: ولد سنة (813 هـ). 3 - حياته العلمية والدعوية: دأب في فنون العلم، حتى فاق في المعقولات، والمنقولات، واشتهر بالفضيلة. ودخل القاهرة، ورحل إلى الروم، وصادف من ملكها السلطان مراد خان حظوة، فاتفق أنه مات وهو هناك الشيخ شمس الدين الفنري، فسأله السلطان أن يتحنَّف، ويأخذ وظائفه، ففعل، وصار المشار إليه في المملكة الرومية. قال السخاوي: حفظ القرآن، وتلاه للسبع علي الزين عبد الرحمن بن عمر القزويني البغدادي الجلال، واشتغل، وحل عليه الشاطبية، وتفقه به، وقرأ عليه الشافعي، وحاشية للتفتازاني، وأخذ عنه النحو، مع علمي المعاني والبيان والعروض. وكذا اشتغل على غيره في العلوم، وتميز في الأصلين والمنطق وغيرها، ومهر في النحو والمعاني والبيان وغيرها من العقليات، وشارك في الفقه. ثم تحول إلى حصن كيفا، فأخذ عن الجلال الحلواني في العربية. وقدم دمشق في حدود الثلاثين، فلازم العلاء البخاري، وانتفع به، وكان يرجح الجلال عليه. وكذا قدم مع الجلال بيت المقدس، وقرأ عليه في الكشاف، ثم القاهرة في حدود سنة

خمس وثلاثين، وهو فقير جدًّا، فأخذ عن شيخنا بقراءته في البخاري، وشرح ألفية العراقي، ولازمه وغيره، وسمع في صحيح مسلم أو كله على الزين الزركشي، ولازم الشرواني كثيرًا. قال المقريزي، وقرأت عليه صحيح مسلم، والشاطبية، فبلوت منه براعة، وفصاحة، ومعرفة تامة لفنون من العلم ما بين فقه وعربية وقراءات وغيرها. وأكب على الاشتغال والأشغال، بحيث قرأ على العلاء القلقشندي في الحاوي، ولازم حضور المجالس الكبار، كمجلس قراءة البخاري بحضرة السلطان وغيره، واتصل بالكمال بن البارزي، فنوه به، وبالزيني عبد الباسط، وغيرهم من المباشرين والأمراء، بحيث اشتهر، وناظر الأماثل، وذكر بالطلاقة، والبراعة، والجرأة، الزائدة. وقال التقي الغزي في الطبقات السنية في تراجم الحنفية: ذكره الحافظ جلال الدين السيوطي، في كتابه نظم العقيان، في أعيان الأعيان. كان حنفي المذهب، قرأ ببلاده، وتفقه، ثم ارتحل إلى القاهرة، وقرأ بها القراءات العشر، وسمع الحديث، وأجازه ابن حجر، وغيره. ثم رحل إلى الديار الرومية، واجتمع بالسلطان مراد خان، فأكرمه، وعظَّمه، وجعله مؤدبًا لولده السلطان محمد، فأقرأه القرآن، وأحسن تأديبه. ثم إن السلطان محمدًا المذكور لما جلس على سرير المُلك، بعد موت أبيه، عرض الوزارة عليه، فأبى ولم يقبل، وقال: إن من ببابك من الخدم والعبيد، إنما يخدمونك لينالوا الوزارة في آخر أمرهم، فإذا كان الوزير من غيرهم تتغير خواطرهم، ويختل أمر السلطنة، فأعجبه ذلك. وعرض عليه قضاء العسكر، فقبله، وباشره أحسن مباشرة، وقرب أهل الفضل، وأبعد أهل الجهل. ثم إن أهل السلطان عزله، وأعطاه قضاء بروسة، وولاية الأوقاف بها، فلم يزل بها ينفذ الأحكام، ويعدل بين الأخصام، إلى أن ورد عليه مرسوم مخالف للشرع الشريف، فحرقه، وعزر من هو بيده. فلما بلغ السلطان ذلك عزله عن القضاء، ووقع بينهما بسبب ذلك منافرة ووحشة. فرحل الكوراني إلى الديار المصرية، وكان سُلطانها إذ ذاك الملك الأشرف قايتباي، فأكرمه غاية الإكرام، وأقبل عليه الإقبال التام، وأقام عنده مدة، وهو على نهاية من الإجلال والتعظيم. ثم إن السلطان محمدًا ندم على ما فعل، وأرسل إلى قايتباي، يلتمس منه إرسالة إليه،

فذكر ذلك للكوراني، ثم قال: لا تذهب إليه، فإني أكرمك فوق ما يكرمك. فقال له الكوراني: نعم أعرف ذلك، إلا أن بيني وبينه محبة أكيدة، كما بين الوالد والولد، وما وقع بيننا من التنافر لا يُزيلها، وهو يعرف أني أميل إليه بالطبع، فإذا امتنعت من الذهاب إليه، لا يفهم إلا أن المنع كان من جانبك، فتقع بينكما عداوة. فاستحسن السلطان قايتباي منه ذلك، وأهَّب له ما يحتاج إليه في السفر، ووهبه مالًا جزيلًا، وأرسل معه بهدايا عظيمة إلى السلطان محمد خان. فلما وصل إليه أكرمه فوق العادة، وفوَّض إليه قضاء بروسة، فأقام به مدة. ثم فوض إليه منصب الفتوى بالديار الرومية، وعين له كل يوم مئتي درهم، وكل شهر عشرين ألف درهم، وكل سنة خمسين ألف درهم، سوى ما كان يتفقده به من الهدايا والتحف، والعبيد والجواري. وعاش في كنف حمايته في نعم وافرة، وإدرارات مُتكاثرة. وكانت أوقاته كلها مصروفة في التأليف والفتوى، والتدريس والعبادة. وتخرَّج به جماعة كثيرة. حُكي عنه أنه كان يختم القرآن في أكثر لياليه، يبتدي فيه بعد صلاة العشاء الآخرة، ويختمه عند طلوع الفجر. وكان رجلًا طوالًا، مهيبًا، كبير اللحية، وكان يصبغها، وكان قوالًا بالحق، لا تأخذه في الله لومة لائم، يخاطب السلطان والوزير باسمهما، وإذا لقي أحدًا منهما يسلم عليه السلام الشرعي، ولا ينحني له، ويصافحه، ولا يُقَبِّل يده، ولا يذهب إلى السلطان إلا إذا دعاه، وكان كثير النصيحة لمخدومه السلطان محمد، قوي القلب في الإقدام بها عليه. ومما يُحكى عنه، أنه قال مرَّة لمخدومه المذكور مُعاتبًا: إن الأمير تيمور أرسل بريدًا في مصلحة من المصالح المهمة، وقال له: إن احتجت في الطريق إلى فرس فخذ فرس كل من لقيته، ولو كان أبي شاه رخ. فتوجه البريد إلى ما أمر به، فلقي في طريقه العلامة سعد الدين التفتازاني، وهو نازل في بعض المواضع، وخيله مربوطة بإزاء خيمته، فأخذ البريد منها فرسًا واحدًا، فظهر السعد إليه من الخيمة، وأمسكه وأخذ الفرس منه، وضربه ضربًا شديدًا. فرجع البريد إلى تيمور، وأخبره بذلك، فغضب غضبًا شديدًا، ثم قال: لو كان ابني لقتلته، ولكن كيف أقتل رجلًا ما دخلت إلى بلدة إلا وقد دخلها تصنيفه قبل دخول سيفي. ثم قال الكوراني: إن تصانيفي تقرأ الآن بمكة، ولم يبلغ إليها سيفك.

4 - تصانيفه

فقال له السلطان محمد خان: نعم، كان الناس يكتبون تصانيفه، ويرحلون من سائر الأقطار إليها، وأما أنت فكتبت تصنيفك، وأرسلت به إلى مكة. فضحك الكوراني، واستحسن هذا الجواب غاية الاستحسان. 4 - تصانيفه: له من التصانيف: 1 - الدرر اللوامع في شرح جمع الجوامع للسبكي في الأصول: قال حاجي خليفة في كشف الظنون: وهو شرح ممزوج. أوله: الحمد لله الذي شيد بمحكمات كتابه ... إلخ. وسماه: الدرر اللوامع. وكان الشرح الذي صنفه المحلي في غاية التحرير والإتقان مع الإيجاز، ورغب الأئمة في تحصيله وقراءته، وقرأه على مؤلفه من لا يُحْصى، ولما ولي تدريس البوقوقية بعد الكوراني كان سببًا لتعقب الكوراني عليه في شرحه بما ينازع في أكثره. كذا في الضوء. 2 - رسالة في الرد على منلا خسرو في الولاء: قال حاجي خليفة في كشف الظنون: رسالة في الولاء، لمولانا: محمد بن فرامرز، الشهير: بملا خسرو، المتوفى سنة (885 هـ). اشتملت على: مقدمة، ومقصد، وفصل، وتذنيب. ذهب مذهبًا في الولاء خرَّجه من أقوال الفقهاء، وخالف فيه سائر العلماء، وقرره في غرره ودرره، ورتب رسالة في تحقيقه. وكتب في ردها: رسالة للمولى: أحمد بن إسماعيل الكوراني المفتي ... أولها: الحمد لله الذي من أراد به خيرًا فقهه في الدين ... 3 - الشافعية في علم العروض والقافية: ألفها للسلطان محمد بن السلطان مراد خان، وهي قصيدة في علم العروض، في ست مئة بيت، أولها: بحَمْدِ إلهِ الخَلْق ذِي الطَّوْلِ والبِرِّ ... بَدَأتُ بنظمٍ طَيُّه عَبَقُ النَّشْرِ

وثنَّيْتُ حَمْدِي بالصَّلاة لأحْمَدٍ ... أبِي القاسم المحْمُودِ في كُرْبَةِ الحَشْرِ صَلاةً تعُمُّ الآلَ والشِّيَعَ الَّتِي ... حَمَوْا وَجْهَهُ يَوْمَ الكَرِيهَةِ بالنَّصْرِ 4 - العبقري: تعليقة على حرز الأماني للشاطبي. 5 - غاية الأماني في تفسير الكلام الرباني: قال حاجي خليفة في كشف الظنون: أورد فيه مؤاخذات كثيرة، على العلامتين الزمخشري والبيضاوي، رحمهما الله تعالى. أوله: الحمد لله المتوحد بالإعجاز في النظام ... إلخ. فرغ من تأليفه: في ثالث رجب، سنة (867 هـ). 6 - كشف الأسرار عن قراءة أئمة الإعصار: في شرح منظومة الجزري. قال حاجي خليفة في كشف الظنون: وهو: شرح على نظم الجزري، وهو نظم في غاية الإشكال، أوله: بدأت بحمد الله نظمي أولًا. يشتمل على: قراءة ابن محيصن، والأعمش، والحسن البصري، وهو زيادة على العشر وأول الشرح: الحمد لله الذي جعل حملة كتابه مع السفرة الكرام ... إلخ. فرغ منه في ربيع الأول، سنة (890 هـ). وأبياته أربعة وخمسون. 7 - المرشح شرح الكافية لإبن الحاجب في النحو: قال حاجي خليفة في كشف الظنون: سماها: المرشح. أولها: الحمد لله الذي رفع بناء العربية بأدلة وحجج ... إلخ. كتبها سنة (889 هـ). 8 - الكوثر الجاري على رياض البخاري: وهو الكتاب الذي بين أيدينا. وهو شرح الجامع الصحيح في مجلدات. قال حاجي خليفة في كشف الظنون:

5 - وفاته

وشرح المولى الفاضل: أحمد بن إسماعيل بن محمد الكوراني الحنفي، المتوفى سنة (893 هـ)، ثلاث وتسعين وثمانمائة. وهو شرح متوسط، أوله: الحمد لله الذي أوقد من مشكاة الشهادة ... إلخ. وسماه: (الكوثر الجاري على رياض البخاري). ردَّ في كثير من المواضع على الكرماني وابن حجر، وبيَّن مشكل اللغات، وضبط أسماء الرواة في موضع الالتباس، وذكر قبل الشروع سيرة النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - إجمالًا، ومناقب المصنف، وتصنيفه. وفرغ منه في جمادى الأولى، سنة (874 هـ)، أربع وسبعين وثمان مئة بأدرنة. 5 - وفاته: توفي سنة (893 هـ)، بمدينة قسطنطينية، ودفن بها، وكان له جنازة حافلة، حضرها السلطان فمن دونه، وكثر البكاء عليه، وتأسف الناس على فراقه، -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-. 6 - شعر من نظمه: ومن نظمه قصيدة يمدح فيها النبي - صلى الله عليه وسلم -، منها: لقد جَادَ شِعْري في ثَناكَ فَصَاحةً ... وكيف وقد جادَتْ به ألْسُنُ الصَّخْرِ لَئِنْ كان كعبٌ قد أصابَ بِمِدْحَةٍ ... يَمَانِيَّةٍ تزْهُو على التِّبْرِ في القَدْرِ فلِي أمَلٌ يَا أجْوَدَ النَّاس بالْعَطَا ... ويَا عِصمَةَ العَاصِينَ في رَبْعة الحَشْرِ شَفاعَتُك العُظمَى تَعُمُّ جَرَائمِي ... إذا جئتُ صِفْرَ الكفِّ مُحتَمِلَ الوِزْرِ مصادر ترجمته: الشقائق النعمانية لطاشكبرى زاده ص 51. الضوء اللامع للسخاوي 1/ 241، 12/ 224. نظم العقيان للسيوطي ص 38. هدية العارفين للباباني 1/ 135. الأعلام للزركلي 1/ 98. إيضاح المكنون لإسماعيل باشا البغدادي 2/ 92. كشف الظنون لحاجي خليفة 1/ 552، 596، 647، 899، و 2/ 1022، 1190، 1370، 1486.

عملنا في الكتاب

عملنا في الكتاب - قمنا بنسخ المخطوط وفق القواعد الإملائية الحديثة. - قابلنا المنسوخ على المخطوط وضبطه. - وضعنا علامات الترقيم المناسبة. - قمنا بتشكيل الكلمات المشكلة بحسب الضرورة، وذلك لعدم وقوع اللبس عند قراءتها. - قسمنا النص إلى فقرات مناسبة. - وضعنا أرقام المخطوط ضمن النص، بذكر رقم اللوحة، ثم وجهها الذي رمزت له ب: (أ)، و (ب)، فيكون الرقم مثلًا هكذا: [5/ أ]، و [5/ ب]، وقد وضعت أرقام المخطوط عند بداية كل لوحة. - وضعنا متن البخاري في الشرح بين قوسين، هكذا ()، وجعلته بخط أسود غامق، وذلك ليتميز عن الشرح. - ذكرنا أرقام الأحاديث عند بداية شرح كل حديث. - عند نقل المؤلف من كتاب آخر ربما ترك كلمة، أو غَيَّر أخرى، فإن صح المعنى ولم تكن العبارة ركيكة تركناها كما هي، وإلا وضعت النقص بين معكوفتين []، أو نوَّهت على التغيير في حاشية. - عند ذكر اسم الراوي ربما يكون يقع في سهو، أو غلط، ولعل ذلك يكون من بعض النُّساخ، فقمت بضبط الاسم، والتنويه على ذلك في حاشية، مع ذكر مراجع الاسم الصحيح في كتب الشروح والرجال. - استدركت بعض الكلمات الساقطة في الأحاديث المشروحة، ووضعتها بين معكوفتين، وربما نوَّهت على ذلك بحاشية إن اقتضت الضرورة. - في بعض الأماكن يوجد كلام مطموس، أو غير واضح، فإن تبين لي ذكرته ونوهت على ذلك بحاشية، وإلا تركت مكانه فارغًا. - ذكرت ما وجد على هامش الكتاب من تعليقات. - عند ضبط المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ- للاسم بقوله: بكسر كذا، أو بضم كذا ... قد يقع بعض

السهو، ولربما كان ذلك من الناسخ، صححنا الكلمة، ونوهنا على ذلك بحاشية. - خرَّجنا الآيات القرآنية، بذكر اسم السورة ورقم الآية ضمن النص، وجعلناها بين معكوفتين، هكذا: [البقرة: 25]. - خرجنا الأحاديث التي استشهد بها المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ- بذكر تخريجه في حاشية، وذلك بذكر الكتاب والباب والرقم إن كان في الكتب التسعة، وإلا ذكرت رقم الجزء والصفحة ورقم الحديث إن وجد. - لم نهتم كثيرًا بتخريج الروايات التي يذكرها المؤلف عندما يعدد روايات ألفاظ البخاري. - إن ذكر المؤلف حديثًا بالمعنى، أو اكتفى بالإشارة إليه، ذكرنا نص الحديث عند تخريجه في الحاشية. - كثيرًا ما يذكر المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ- أن هذا الحديث قد تقدم شرحه في باب كذا، أو كتاب كذا، فكنا نذكر ذلك في حاشية، بقولنا: تقدم في كتاب كذا ... فإن ذكر أنه تقدم في باب كذا، من كتاب كذا، ذكرنا أنه تقدم برقم كذا، بذكر الرقم فقط. - كثيرًا ما يذكر المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ- أن هذا الحديث سيأتي شرحه في باب كذا، أو كتاب كذا، فكنا نذكر ذلك في حاشية، بقولنا: سيأتي في كتاب كذا ... فإن ذكر أنه سيأتي في باب كذا، من كتاب كذا، ذكرنا أنه سيأتي برقم كذا، بذكر الرقم فقط. - ذكرنا شرح بعض الكلمات، وذلك إذا دعت الضرورة لذلك. - خرجنا الأبيات الشعرية، مع ذكر بحرها ما أمكن. - خرجنا الأمثال المذكورة في المخطوط مع شرحها ما أمكن. - وضعنا متن البخاري مشكولًا في أعلى الصفحة، ومرَقَّمًا وفق ترقيم فتح الباري (فؤاد عبد الباقي). - ذكرنا عند كل حديث في المتن مواضع تكراره في صحيح البخاري، بذكر رقم المكررات. - خرجنا أحاديث متن البخاري، وجعلتها بأرقام متسلسلة، كما هي مرقمة في متن البخاري الموجود في أعلى الصفحة.

ولهذا أخي القارئ إن وجدت في حاشيةٍ ما: انظر التخريج السابق، فأقصد بذلك تخريجات الشرح وليس تخريجات متن البخاري المتسلسلة. - وضعت ترجمة للمؤلف في أول الكتاب، بذكر اسمه ونسبه، وولادته، وحياته العلمية والدعوية، وذكر تصانيفه، ووفاته، وشيء من نظمه، مع مصادر ترجمته.

[مقدمة المؤلف]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [مقدمة المؤلف] الحمد لله الذي أوقد من مشكاة النبوة مصابيحَ الشريعة الغرّاء، فأخمَدَ بها نيران الشرك، وأزهق الملة العوجاء، وأوضحَ سنن الملة الحنفية السمحاء بأنوار السنن الزهراء، فأصبح وجهُ الدين قمرَ الصيف في ليالي الشتاء. أحمُدُه على ما فصَّل لنا مُجمَل الكتاب بمحكم السنن، ومنَّ علينا بذلك، فَيَا لها منّةٌ بين مِنَن، وأشكرُهُ على أسبغِ آلائه وأجزل عطائه؛ محمدِ المنعوت في التوراة والإنجيل. بشرى المسيح ودعوة الخليل، طه وياسين حبيب ربّ العالمين، عليه من الصلوات ما يليقُ بشريف رتبته، وعلى شيعته وأسرته الذين فازوا بشرف صحبته من المهاجرين والأنصار، لا سيما الأخْتَانُ والأصهار، وعلى من اقتفى أثره ممن نقل لنا آثارَهُ وسِيَره، اللهم احشرنا في زُمرتهم، وإن لم نكن من عِدَّتهم. وبعدُ: فإن العلم في الجملة أشرفُ الصنائع، وأنفس البضائع، لكن فنونَه تفاوت تفاوُتَ الأرض والسموات، وعلمُ الحديث من بينها في أسنى المراتب وأعلى المقامات، كيف لا وهو حليةُ أكمل موجود على الإطلاق، وأفضلُ مبعوث بالاتفاق، فمن سَمتْ به همتُه، وأرتعت به قرونته إلى أن تحلّى بتلك الحِلَى، وتجرَّع في تحصيلها طعم الألا، فيا له من رجل يفرّض في شأنه الجسد لاعتلائه غاربَ المجد، وبلوغه غاية الأمد، إن بارز الأقران فحُجتُه قويةٌ، أو قارن الإخوان فأحسنُهم طويةً، يَرْشَحُ ظاهره بما حَوَاهُ الباطنُ، سيّان عنده المتحرك والساكنُ، نعم هو الوارثُ من أفضل الرسلِ أفضلَ الفضائل، ولذا كان في الناس كالنبي في بني إسرائيل، ولولا استيلاءُ الجهل والحُمْق لسُطِّر بالتبر على الحدق، فكان خير

القرون له أنصارًا وأعوانًا، ولخرائد أبكاره أخدانًا وخِلَّانًا، حَمَوا حِمَى حريمه عن أبصار الخائنين، وجَلَوا عن مرآة جماله صَدَى أنفاس المبطلين، حتى تمشّى في حُلَلَهِ وتفجّر، وتضوَّع الكونُ من نشره وتعطّر. واقتفى أثرَهم قدوتُنا من المجتهدين، وثقاتُنا من صفو شريعة سيد المرسلين، تعبَّدوا بروايته، وتقرَّبوا إلى الله بدرايته، يستنزلون به البركات، ويستترون بستره عن الآفات، يَعُدُّونه أفضلَ الطاعات والقُرَب، وأوضحَ الوشائج والنسب، يجتمعُ في مجلسٍ من مجالسه أُمَمٌ كثيرون؛ مئة ألف أو يزيدون، ثم انهدمتْ أعالي ذلك البنيان، وكبُر من أوج ذلك الكمال إلى حضيض النقصان، إلى أن لم يبقَ له رسمٌ ولا أثر، بل لا يُسمع له باسم ولا خبر، فقل: إنا بذلك لمحزونون، إنا لله وإنا إليه راجعون. ثم إني مذ نشأتُ يافعًا، كنتُ لآياته تاليًا وسامعًا، طُفْتُ في طلبه أعاظمَ البلاد، وفُزْتُ من حملته بنقية الأطواد، المشار إليهم بالبنان، المذكورين في كل قُطر بكل لسان، إليهم تُضْرَبُ أكباد الإبل من كل فجٍّ عميق، وتقطع الفيافي من كل مرمى سحيق، سُقيت من ذلك المنهلِ العذب طافحة، فاستوى عندي الخاتمة والفاتحة، ولم يزل يجول في خلدي الجَوَلان في حَلْبة رهانهم، واختيار جواد الفكر في ميدانهم، لعل أن يُكتَب اسمي في ديوانهم، وإن لم أكن واحدًا منهم؛ فإن مولى القوم منهم. إلا أن هذا الخوف والزمان الحَرون، كما هو دأبُهُ مع أبناء الفضائل من الأواخر والأوائل كان جامحًا لي في الآفاق والأقطار، نازحًا بي في الأرجاء والأمصار، كأنما أنا من حِلٍّ ومرتحلٍ مُوَكّل بفضاء الأرض أَذْرَعُه. وكنتُ في تلك الرحلات وبين هاتيك النَّقلات، أدفعُ الهمومَ، وأصرف الغموم بصرف الفكر إلى الغوص بفرائد كلام الله المجيد، النازل إلى خير الخلق واسطةِ العِقْد الفريد، ولمّا وفّق الله لإكمال ذلك، واقتبس بقدر الفكر ما هنالك، وجُليت تلك الخرائد على منصات الظهور، وأفلت حياء منها الكواكب والبدور، وكتب بالتبر في الأوراق، وأضاءت بنورها الأقطار والآفاق، كيف لا وهو "غاية الأماني في تفسير الكلام الرباني" والاسمُ عين المسمى، والألقاب تنزل من السماء، فانتهزتُ الفرصة، وانحدر ما كنت شَرِقْتُ به من غَصَّة، فقلت بنقد العمر: لأي خريدة أشمخ، ولأي طريدة أسعى ولستُ من تداعي الأَجَل في أمان، أسمَعُ كلَّ يوم: مات فلان ابنُ فلان من الإخوان، واندرج أجلاء الأخلّاء والأقران، فأُلْهِمْتُ أن الله يُحب عوالي الهمم، ويكره سَفْسَاف الشِّيم، عليك بسيد الكتب بعد كتاب الله، وإذا عزمتَ فتوكل على الله، وهو: (الجامع الصحيح) للإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري تغمّده الله بالرحمة والرضوان، وأسكنه أعلى الفردوس في

الجنان؛ إذ هو الذي ملأ الخافقين، ولم يخلُ عنه مكانٌ بين المَشْرقين. وقد شرحه أولو الفضائل من الأواخر والأوائل، وكنتُ إذا نظرتُ في تلك الشروح اعتراني القُرُوح والجروح؛ وذلك أن منها ما يطنب في التواريخ والأسماء، ولعمري ذلك قليلُ الجدوى؛ إذ موضوعُ ذلك علمٌ آخر، ومنها ما يحومُ حول المرام إلا أن مؤلفه لم يُحِطْ بطرق الأحاديث وأطراف الكلام، فيشرح السابق بما يناقض اللاحق، فعلى أي طائل يحصل من ذلك الطالب؟ أو في أي طريق يأخذ السالك الذاهب؟ بل لا يناله إلا الكَلاَل؛ إذ ليس بعد الحق إلا الضلال. ونحن نشرحه إن شاء الله بتوفيقه، مبرزين الأسرار من كلام أفصح البشر، البالغِ كُنْهَ البلاغة من أهل الوَبَر والمَدَر، نُميط القِشْر عن اللباب، ونُميز الخطأ عن الصواب، ونشير إلى ما وقع في الشروح من الزَّلَل، وما وقع من الأقلام من الخطأ والخَطَل، نُشَيِّد أركان الحق الأبلج، ونهدم بنيان الباطل اللَّجْلَج، نُؤيّد ما احتمله لفظُ الكتاب بما ثبت في الخارج من أحاديث الباب، بعد النظر في تفاوت الروايات، وما ثَبت من زيادة الثقات في غُرَرِ ألفاظٍ سلاستُها تفوقُ سُلاَفَةَ الراح، ودُرَرِ مَعَانٍ مُبْذَلٍ لها الأرواح، بحيثُ تظهر الشمس لذي العينين، ولا يبقى في الكلام مجالُ القولين، ونأخذ في الحذ الأوسط والاقتصاد، لا تفريط ولا إفراط، نذكُرُ وجوه اللغة على أحسن الوجوه، فإنها قوالبُ المعاني، ونضبط أسماء الرواة في موضع الالتباس، ونشير إلى نُكَتٍ من غرائب أخبارهم على وجه الاختصار؛ لأنه ليس من أغراض شرح الكتاب، ولعلي آنسُ من جانب الطور نارًا، أن يَذْكُرني بصالح دعائه، ولا يَظُنَّ بنا أخو الجهالة أنّا في الردّ راكبين مطية الهوى في شرح كلامِ مَن لا ينطق عن الهوى، كلا، وكيف يُعقل ذلك ونحن نرجو شفاعته؟ وبما نعاينه التقرّب إليه وطاعته؟ بل نلاحظ في كل مقامٍ ما هو غرضُه من الخِطاب، ولا نَخُطُّ إلا ما نعتقدُ أنه عين الصواب، واللهُ يعلم السرائرَ والمُطّلِعُ على ما في الصدور من الضمائر، وسميته بـ "الكوثر الجاري إلى رياض أحاديث البخاري". وقبل الشروع في المقاصد أُشرِّف صَدْرَه بشريف نسب سيد الرسل: هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مُرَّة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فِهْر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مُدْرِكة بن إلياس بن مُضر بن نزار بن معد بن عدنان. وكم أبٍ قد عَلاَ بابنٍ له شَرَفًا ... كما عَلَتْ برسول الله عدنانُ

نسبُه الشريفُ إلى عدنان متواترٌ، ومنه إلى آدمَ فيه اضطرابٌ وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كَذَبَ النسّابون". ويقول الله تعالى: {وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا} [الفرقان: 38] فأعرضنا عنه. هذا، ومولده عامَ الفيل بعد إهلاك أصحاب الفيل بسبعة أيام، وقيل: بخمسين يومًا، وقيل غيرُ ذلك. وقال الحاكم: وُلد يوم الإثنين، وخَرَج من مكة يوم الإثنين، ودَخَل المدينةَ يوم الإثنين، وانتقل إلى جوار الله يوم الإثنين وعُمرُهُ ثلاث وستون سنةً، وقيل: ستون. وعن ابن عباس: خمسٌ وستون. رواهما مسلم (2). وأنكرَ عروةُ روايةَ ابن عباس. وقال: كان صبيًّا لم يدرك أوائلَ النبوة. قلتُ: وهذا القول من عروةَ منكَرٌ؛ كيف وابنُ عباسٍ هو الملقب بالحبر والبحر. قال الإمام أحمد: أكثرُ الصحابة في الفتوى ابنُ عباس، وهو أفضلُ العبادلة. والجواب عن الإشكال: هو أن عمره ثلاثٌ وستون تحقيقًا. ومَنْ قال: خمسٌ وستون. عَدَّ منها سنة الولادة والوفاة. ومَنْ قال: ستون حَذَف الكَسْرَ، واقتصَرَ على العُقُود كما هو دأب العرب. وأما بدء رسالته فاتفقوا على أنه بُعث على رأس أربعين سنةً؛ فأقام بمكة ثلاثَ عَشْرة سنةً، وبالمدينة عَشْرًا. هذا: وأما مؤلف الكتاب أبو عبد الله محمدُ بن إسماعيل بن إبراهيم بن بَرْدِزبة -بفتح الباء وسكون الراء المهملة ودال مكسورة بعدها زاي معجمة بعدها باء موحدة- الجُعْفي، أسلم جَدّه المغيرة على يد اليمان الجعفي. قال الجوهري: نسبه إلى جُعْف بن سعد العشيرة أبو قبيلة باليمن. قال ابن الصلاح: وُلد أبو عبد الله يوم الجمعة بعد صلاة الجمعة لثلاث عَشْرة خَلَت من شوال سنة أربع وتسعين ومئة، ومات بخَرْتَنْك -بخاء معجمة وراءٍ مهملة بعدها مثناة فوقُ بعدها نون ساكنة- قريةٌ من قرى سمرقند، ليلة الفطر سنة ست وخمسين ومئتين، وعمره اثنان وستون سنةَ إلا ثلاثةَ عَشْر يومًا. نقَلَ العراقي أنه قال: أحفظُ مئةَ ألف حديث صحيح.

ونُقل عنه أنه قال: خرّجْتُ هذا الكتابَ من زهاء ستمئة ألف حديثٍ. قيل: لم يَضَعْ في كتابه حديثًا إلا اغتسَلَ قبله وصلى ركعتين، وكان الاغتسالُ بماء زمزم، والصلاة خلف المقام. ونَقَل الغساني بسنده إلى عبد الواحد بن آدم الطواوسي أنه قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واقفًا ومعه جماعةٌ من أصحابه، فسلمتُ عليه، فردَّ عليَّ السلامَ، فقلتُ: ما وقوفُك يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال أنتظرُ محمد بن إسماعيل. فلما كان بعد أيامٍ بَلَغنا أنه كان قد مات في تلك الساعة التي رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واقفًا فيها. ومناقبهُ من حُسن الأخلاق والتقوى لا تُعَدُّ ولا تُحصَى - رضي الله عنه -. واتفقوا على أن كتابه أصحُّ كتابٍ بعد كتاب الله، إلا ما نُقل عن بعض المغاربة وأبي علي النيسابوري من تفضيل كتاب مسلم عليه. قال ابن الصلاح: إن أرادوا حُسْن السياق وعدمَ امتزاج الحديث بغيره فلا بأس بهذا القول؛ وذلك أن كتاب البخاري فيه من التراجم والتعليقات ومذاهبِ الفقهاء شيء كثير. وإن أرادوا ما يرجع إلى الصحة فهو مردود. كيف لا والبخاري يَشْرِطُ في الرواية ملاقاةَ المروي عنه، ومسلمٌ يكتفي بالمعاصرة، كما صرَّح به في مقدمة كتابه. قال ابن الصلاح: وأما عدد أحاديث البخاري فسبعةُ آلافٍ ومئتان وخمسة وسبعون حديثًا، وبإسقاط المكرر أربعة آلافٍ. وقال العراقي: هذا في رواية الفِرَبْرِي. وفي رواية حمَّاد بن شاكر دُونَها بمئتي حديث، ودون رواية حمادٍ روايةُ إبراهيم بن معقل بمئة حديثٍ. وقال شيخنا شيخُ الإسلام أبو الفضل بنُ حجر: أحاديثه سبعةُ آلاف وثلاثُمئةٍ وسبعون حديثًا، وما فيه من المتون الموصولة بلا تكرارٍ ألفا حديثٍ وأربع مئةِ وستون وأربعة أحاديث. وأما التعاليق فألفٌ وثلاثمئةٍ وواحد وأربعون والمتابعات على اختلاف الروايات ثلاثمئةٍ وأربعةٌ وأربعون. هذا، وصحيح مسلم أربعةُ آلافِ حديث من غير تكرار، ومع التكرار اثنا عشر ألف حديث. وسنن أبي داود: أربعةُ آلاف وستمئة حديث. وابن ماجه: أربعةُ آلافٍ. فإن قلتَ: هل لما يقال: إن البخاري لم يرو في كتابه إلا حديثًا له راويان منه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصلٌ؟ قلتُ: ذكره القاضي أبو بكر بن المغربي في شرحه. ورُدَّ عليه بحديث: "إنما الأعمال

بالنيات"؛ فإنه لم يَرْوه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا عمرُ. فأجاب بأن عُمر خَطَب بالحديث على المنبر، فلو لم يكن الصحابة عارفين به لَرَدُّوا عليه، وهذا مع ظهور فساده لو سُلِّم له في عُمر لا يُجْدِيْهِ نفعًا؛ لأنه لم يروه عن عمر إلا علقمةُ، ولا عن علقمةَ إلا محمدُ بن إبراهيم، ولا عن محمد بن إبراهيم إلا يحيى بن سعيد. فإن قلتَ: ما موضوع علم الحديث؛ فإن تمايُزَ العلوم إنما يكون بتمايُز الموضوعات. فإن علم الفقه إنما امتاز عن علم أصوله: بأن هذا يَبحث عن أفعال المكلفين من حيثُ تصحّ وتفسُد، وذلك يُبحثُ عن الأدلة الموصلة إليه إجمالًا؟ قلت: ذكروا أن موضوعه ذاتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حيث إنه رسولٌ. وهذا غلطٌ؛ إذ لا بحث في علم الحديث عما يَلْحَقُ ذاتَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بل عما يَلْحق أقوالَهُ وأفعالَهُ من الاصال والانقطاع، والوقف والرفع وغير ذلك. ألاَ ترى أنهم يقولون: الحديث الصحيح ما رواه عَدْلٌ ضابطٌ عن عدل ضابط إلى منتهاه، ثم يقولون: حديث: "إنما الأعمال بالنيات" صحيحٌ؛ لأنه داخلٌ تحت ذلك القانون؟. وهذا كتراكيب القرآن لعلم القراءة، وتراكيب البُلَغاء لعلم البلاغة؛ إذ لا يقول أحدٌ بأن موضوعَ علم القراءة ذاتُ الله، ولا إن موضوع علم البلاغة ذاتُ امرئ القيس وغيره من العرب العَرْباء. وليس ما في البخاري ومسلم من متون الأحاديث من علم الحديث في شيء، بل هو كالقرآن في المصاحف، غيرَ أنه مسنَدٌ لعدم تواتره، بخلاف القرآن. وللعلماء في علم الحديث كتبٌ مُدَوَّنةٌ؛ منها: كتابُ ابن الصلاح، وألفيةُ العراقي وغيرها. واعلم أن لي برواية الكتاب أسانيدَ كثيرةً من فضل الله أتقنها ما أخبرنا به شيخُنا أبو الفضل بنُ حجر بالديار المصرية سنة خمسٍ وثلاثين وثمانمئة بقراءتي عليه إلى (بَدْء الخلق) وأجاز بالباقي. قال: أخبرنا السيد عفيف الدين أبو محمد بن عبد الله بن محمد النيسابوري ثم المكي بها قراءة عليه، ونحن نسمَعُ، وأجازه بما فاتني منه. قال: أخبرنا بجميعه الإمامُ رضي الدين إبراهيمُ بن محمد بن أبي بكر الطبري إمامُ المقام.

قال: أخبرنا أبو محمد عبدُ الرحمن بن أبي حرمي سماعًا عليه إلا لفوت يسير من أثنائه فأجازه. قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن حُميد -بضم الحاء مُصَغَّر- ابن عمار الطرابلسي، قال: أخبرنا الشيخُ أبو مكتوم عيسى بن أبي ذر، قال: أخبرنا أبو ذر الحافظ عبدُ بن أحمد الهروي نزيل مكة. قال: أخبرنا المشايخ الثلاثة أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد المستملي، وأبو عبد الله محمد بن حموية السرجي، وأبو الهيثم محمد المكي الكُشْمَهِيْنِي. قال الثلاثة: أخبرنا أبو عبد الله محمد بنُ يوسف بن مطر الفِرَبْرِي. قال: أخبرنا محمدُ بن إسماعيل البخاري:

1 - كتاب بدء الوحي

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 1 - كتابُ بَدْءِ الوَحْيِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى آمِينَ: 1 - بَابُ كَيْفَ كَانَ بَدْءُ الوَحْيِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ ـــــــــــــــــــــــــــــ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ باب: كيف كان بدءُ الوحي إلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ لفظ الباب مستعار مما يقع به الدخول في الدار لما يقع به الشروع في العلم، والوجه في ذلك ظاهر ثم ملخص قولهم: باب كذا، وفي كذا، هذه الألفاظ في بيان معانيها، لأنها أوعية المعاني وقوالبها، وقِيسَ على الباب الفصلُ والقسم ونحوُهما، ويجوزُ في الباب هنا وفي نظائره الإضافة دون القطع، وقد ينعكس الأمرُ. ولفظُ كيف من الظروف المبنية، ومعناه: الاستفهامُ عن حال الشيء، يقال: كيف زيدٌ؟ أي: على أيّ حالٍ، وقد جُرّد هنا عن معنى الاستفهام، كما جُرّدت الهمزة في قوله تعالى: {ءَأَنذَرْتَهُمْ} [البقرة: 6] لمعنى التسوية وبدء الشيء على وزن فعل أوله، ويُروى غيرَ مهموز على فُعُولٍ من: بَدَا يبدُو. قال الجوهري: بَدَا يَبْدُو بُدُوًّا مثل: قَعَد يَقْعُدُ قعودًا، وأما بدوَ على وزن قتل، فلا تساعده اللغة ولا الرواية. والوحيُ مصدر وَحَى لغةٌ في أَوْحَى، والثاني أفصح، وبه ورد في التنزيل، ومعناه: السرعةُ، وفي الحديث: "إذا رأيتَ الخير فَتَوَحِّه"، ويُطلق على الكتابة والرسالة والإشارة

وَقَوْلُ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ ـــــــــــــــــــــــــــــ لوجود معنى السرعة في الكُلّ، ويُطلق على المُوحَى. قيل في عُرف الشرع: إنما يطلق على المتلو. أي: على كلام الله. وليس بشيء؛ لأن كلّ ما تكلم به نبيٌ من الأنبياء في الأحكام، ولم يكن عن اجتهاد فهو وحيٌ. قال الله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4)} [النجم: 3، 4] أَلاَ ترى أنهم يقسمون الوحيَ على المتلو وغيره، وليت شعري كيف يستقيمُ الاستدلالُ بقوله تعالى: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} [النساء: 163] إذ لم يكن لكل نبي بعد نوح وحيٌ متلو، وسيأتي في كتاب الإيمان قوله: "أوحي إلي أنكم تفتنون في قبوركم". قوله (وقول الله) مرفوع على الابتداء، لأنه ابتداء لكلامٍ استدل به على إثبات ما ترجم به. قال النووي: عادة البخاري أن يستدلّ للترجمة بما وقع له من الكتاب والسنة وغيرهما. وقيل: مرفوعٌ عُطف على لفظ البدء، أو مجرورٌ عُطف على محل: كيف كان. وكلاهما فاسد، أما الأول فلأنّ المعنى إذًا كيف كان قول الله. وأما الثاني فلأنه يؤول المعنى إلى باب كيف قول الله: {إِنَّا أَوْحَيْنَا} [النساء: 63]. ومن المعلوم أن غَرَض المؤلف ليس ذلك. فإن قلتَ: رواية الجر مشهورةٌ، فما الوجه فيها؟ قلت: الوجه فيه أن الجرّ جرُّ جوارٍ كما في قول الشاعر: يذهبن في نجد وغور غائر وقراءة حمزة: {وَالْأَرْحَامَ} [النساء: 1] بالجر كما أشار إليه في "الكشاف". ثم التحقيق في هذا المقام: أن البخاري يورد الآيات على وجهين؛ تارةً لإثبات

مِنْ بَعْدِهِ} [النساء: 163]. ـــــــــــــــــــــــــــــ التراجم، فلا يتعرض لأسباب نزولها، وبيانِ معانيها. فالوجه فيها ما ذكرناه. وتارةً يُورِدُها لبيان أحكامها وأسباب نزولها. فالجر فيها على ظاهره كقوله: باب {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران: 128]، باب: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 85]. وقيل: لا يجوزُ العطف على بدء، لأنه يلزم أن يكون كلام الله مكيفًا وهو محالٌ. وهذا أيضًا من النمط الأول، لأن المراد من الكلام هنا: الكلامُ اللفظي الذي يستدل به على المعنى القديم القائم بذاته تعالى. وما يقال: الرفعُ على تقدير عدم الباب عطف الجملة، لأنها في محل الرفع لا يصحّ، لأن الجملة المبتدأة لا محل لها. فإن قلتَ: لِمَ تَرَكَ العمل بالحديث: "كل أمر ذي بالٍ لم يُبدأ بحمد الله فهو أجذم" كما رواه أبو داود بسنده إلى أبي هريرة مرفوعًا، وفي مسند الإمام أحمد عن أبي هريرة لم يصح "بذكر الله"؟ قلتُ: لأن الحديث لم يكن ثابتًا عنده أو أشار إلى أن الابتداء بالبسملة كافٍ في العمل بالحديث؛ لاشتماله على لفظ الله الدالِّ على سائر الصفات التزامًا، وعلى الرحمن الرحيم مطابقةً، لأن الحمدَ وهو الوصفُ بالجميل على قصد التبجيل ليس منحصرًا في لفظ الحمد وما يشتق منه كما يتبادر إلى الأوهام. على أن المحققين على أن الكتابة لا تشترط في العمل بالحديث بل التلفظ كافٍ، بل الإخطارُ على القلب كافٍ. صَرَّح بذلك الماوَرْدِي وغيرُهُ. {مِنْ بَعْدِهِ} [النساء: 163]) أي من بعد نوح. إنما خُصَّ بالذكر لأنه آدم الثاني، قال الله تعالى: {وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ (77)} [الصافات: 77]، ولأنه أولُ نبي عُذّب قومُهُ؛ إيقاظًا لمشركي مكة. وما يقال: لأنه أول مُشَرِّع مردود؛ لأن الناسَ لم يُتركوا سُدًى في زمنٍ، قال الله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: 15] فلا بدَّ وأن يكون قبله أنبياء، وقد قال الله تعالى في شأن إدريس: {إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا} [مريم: 41] وهو قبل نوح عند المحققين.

1 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى المِنْبَرِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ 1 - (الحُميدي): - بضم الحاء وفتح الميم على وزن المصغر المنسوب - أبو بكر عبد الله بن الزُّبير. نسبه على جده الأعلى حُميد الأسدي القريشي، شيخُ البخاري. قيل: إنما بدأ به لأنه مكي، وبدء الوحي كان بمكة، ولذلك ذكر بعده مالكًا؛ لأنه شيخ المدينة. (سفيان): هو ابن عُيينة شيخُهُ، وفي سينهِ الحركات الثلاثُ أشهرُهَا الضم، الإمامُ الجليل، حَجَّ سبعين حَجةً، وقال في آخر حَجة حجّها: كلّ سنة أَحُجّ أقول: اللهم لا تجعل آخر العهد بهذا المكان، وفد استحييتُ فمات في تلك السنة. (علقمة) بفتح العين وسكون اللام وفتح القاف. و (عمر بن الخطاب): أمير المؤمنين الفاروق، مناقبه لا تُعَدُّ ولا تُحصَى، لم تَخْفَ على المحوام فضلًا عن العلماء، فلا ضرورةَ إلى الاشتغال بنقل شيء منها. قال العراقي: انتهى علم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى ستةٍ منهم: عمر بن الخطاب. ورأسُ مناقبه كونه ضجيعَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مخلوقٌ من طينته، لأن الإنسان يُدفَن في التراب الذي نشأ منه. ومن لطائف هذا السند أنه اجتمع فيه ثلاثٌ كُلّهم تابعي: وهم يحيى ومحمد وعلقمة. (على المنبر): بكسر الميم اسمُ آلةٍ من النّبر وهو الرفع لا الارتفاع. قال الجوهري: نبَرْتُ الشيءَ رفعتُه ومنه المِنْبر. هذه عبارة الجوهري. (إنما الأعمال بالنيات) هذا حديث عظيمُ الشأن، عليه مدار الأعمال الظاهرة والباطنة الموصلة إلى رضوان الله تعالى. ونحن نُشير إلى ما يتعلق بالألفاظ، ثم نذكر أنظار المجتهدين في تحقيق المعنى. ومنشأ اختلافهم، ثم نُرْدِفُهُ بما يتعلق بكلام الشّرَّاح وما وقع منهم. فنقول: لفظة "إنما" تفيد الحصر باتفاق العلماء، وموضع استعماله حيث يكون

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المخاطب عالمًا بمضمون الجملة غير منكر بخلاف "ما" و"إلا" فإنهما يُستعملان في موضع الإنكار، وقولهم: "إنما" بمعنى "ما" و"إلا" إنما يريدون بذلك: مطلق النفي والإثبات، لا أنهما مترادفان. فإن قلتَ: إذا كان المخاطب عالمًا غيرَ منكر فلا يخاطب بالكلام، فضلًا عن طريق القصر؟ قلتُ: ما ذكرناه كلامُ الشيخ الإمام في "دلائل الإعجاز" وفيه تسامحٌ، فإنه أراد به مخاطبًا لا يقر على خطئه حتى إن إنكاره يزول بأدنى إشارةٍ كما صرَّح به في "المفتاح". فإن قلتَ: ما وجهُ دلالة "إنما" على النفي والإثبات؟ قلت: ذكر بعضُ الأصوليين أنّ إنَّ للإثبات، وما للنفي، ولا يتوجهان إلى شيء واحد؛ فإن لإثبات المذكور، وما لنفي غير المذكور. وهذا هو القصر. وهذا باطلٌ؛ وذلك أن إن لا تدخل إلّا على الاسم، وما لا تنفي إلا ما دخلتْ عليه بإجماع أهل العربية. فالحق أنه حرفٌ مستقل متضمن لمعنى النفي والإثبات. فإن قلت: اللام في الأعمال للاستغراق فأي حاجة إلى إنما لإفادة الحصر؟ قلت: إنما ههنا لتأكيد معنى الحصر. فإن قلت: ما المراد بالأعمال، وما معنى كونها بالنية؛ إذ كم عملٍ يوجد بدون النية؟ وما حقيقةُ النية؛ والمرادُ بها في هذا المقام؟ قلت: أما الأعمالُ فهي الأعمالُ التي يُتَقَرَّبُ بها إلى الله تعالى، سواء كانت باللسان أو بالجَنَان، أو بالأركان. فلا يُوجد فعلٌ من الأفعال التي يُراد به الثوابُ إلا مقرونًا بالنية، فالباء للإلصاق. فإن قلتَ: فالنية أيضًا عملٌ من أعمال القلب، فتحتاجُ إلى نية أخرى وهلم جرا؟ قلت: النية لا تحتاج إلى نية كالضوء، فإنه مضيءٌ لغيره، ولا يحتاج إلى ضوء آخر، وهذا ظاهر إذا رجعتَ إلى وجدانك. فإن قلت: ما معنى النية؟ قلت: هي عزيمة القلب. قاله الجوهري، وهنا المراد العزيمة المقرونة بالتقرب، فهي عزيمة خاصة. فإن قلتَ: الموقوف على النية صحة الأعمال أو ثوابها؟ قلتُ: اختلف الإمامان في ذلك؛ فقال أبو حنيفة: تقدير الكلام: لا ثوابَ لعملٍ بدون النية، وقال الشافعي: تقدير الكلام: لا صحة لعمل بدون النية؛ وذلك لأن غرضَ الشارع بيان ما يصحّ من العبادات وأما الثوابُ فهو فضلٌ من الله تعالى، وقال بعضُ المحققين: يمكن الجمع بين القولين؛

وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، ـــــــــــــــــــــــــــــ وذلك بأن يجعل العمل مجازًا عن أثره الشامل للنوعين باعتبار كونهما داخلين في المعنى المجازي، فقد ظهر أن النيةَ المذكورة النيةُ الشرعيةُ، وأنها عزيمةُ القلب كما نقلناهُ عن أهل اللغة، وأن الأعمالَ شاملةٌ لعمل القلب، فسقط ما قيل: إن النية في الحديث هي اللغويةُ. كيف لا والأفعال الاختيارية لا تخلو عن النية اللغوية، وما قيل: إن أعمال القلب لا تحتاج إلى النية، فلا يلتفت إليه، وهل يُعقل عملٌ تتقربُ به إلى الله بدون النية؟ والعجبُ من هذا القائل أنه ذكر أن الترك يحتاج إلى النية إذا أريدَ به التقرب، وهل التركُ إلا فعلُ القلب وهو كفّ النفس، قال: والتوحيد لا يحتاج إلى النية؛ لأنه فعل القلب، وقد بان لك فسادُهُ، كيف وأعمالُ القلب أشرفُ؟ وسيأتي في كتاب "الإيمان": "من أحب لله وأبغض فقد استكملَ الإيمان"، وأيّ فائدة في القيد بقوله: لله، سوى النية!؟ فإن قلتَ: إذا كانت النيةُ الشرعيةُ فكيف يصحّ قوله: "ومن كانت هجرتُه إلى دنيا"؟ قلتُ: هذا مذكور استطرادًا؛ لأن الأشياء تظهرُ بأضدادها، وكان ذلك أيضًا سببَ ورود الحديث كما سنذكره. قال النووي: وأما إزالة النجاسة فلا تفتقرُ إلى النية؛ لأنها من باب التروك وقد أوجبها بعضُهم وهو باطل. ورَدّ عليه بعضُ الشارحين بأنه ليس بباطل بل هو الحق؛ لأن الترك كفُّ النفس، فإذا أريدَ به الثوابُ فلا بُدّ من النية، وقد أخطأ في الردّ، وذلك أن كلام النووي إنما هو في حصول إزالة النجاسة بدون النية، ولا تجبُ فيها النيةُ إجماعًا، ولا يُنكر أن من كفُّ النفسَ عن الزنا وسائر المحرمات يثاب عليها إذا قَصَد التقرُّب إلى الله، وتَرَكَها خوفًا منه كما صرّح به صريحُ الحديث: "إنما تركها من جزَائي" أي: لأجلي. فإن قلت: إذا خُصَّت النيةُ بالعبادات، فما معنى النية في كنايات الطلاق؟ قلتُ: النيةُ لغويةٌ هناك، وهو القصدُ إلى أحد المعنيين. (وإنما لكل امرئٍ ما نوى): الحصر في الأعمال بالنيات حصرُ المسند إليه في المسند، كما لخّصناه، وهذا حصرُ المسند في المسند إليه. ومعناه: لا يحصُلُ لامرئٍ إلا مَنْوِيُّهُ، فلو أراد أن يصلي صلاة العصر ونوى الظهرَ لا يحصُل له العصرُ، وإن صَدَقَ على عمله أنه مقرونٌ بالنية، فقد بان أن الحصر الأول لا يغني عن الثاني.

فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ». [الحديث 1 - أطرافه في: 54، 2529، 3898، 5070، 6689، 6953]. ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلتَ: أشرطٌ أم ركنٌ؟ قلتُ: قال بكلِّ طائفةٌ، والظاهرُ أنها ركنٌ في الصلاة، لأن أولها شرطٌ في غيرها، وهذه القضيةُ على اصطلاح أهل المنطق تُسمى: قضية منحرفة؛ لأن لفظ السور وهو كلٌ دَخَل على المحمول. (فمن كانت هجرتُه إلى دنيا يصيبها أو إلى امرأةٍ ينكحها فهجرتُهُ إلى ما هاجر إليه) الدنيا فعلٌ من: الدُّنُوّ تأنيث أدنى فكان القياس أن تكون باللام، وإنما جُرّدت عنه لأنها خرجتْ عن الوصفية إلى الاسمية، لأنها عَلَمُ هذه الدار، كما أن الآخرة علمٌ لتلك الدار. والأظهرُ أن المراد: شيءٌ من متاع الدنيا، ولذلك أردفَهُ بذكر المرأة التي هي أحدُ أشياء هذه الدار. اتفق أهلُ الحديث على أن سببَ ورود الحديث أن امرأةً تُسمى أمَّ قيس. قال ابن دِحْية: واسمُها قيلة الهُذَلية، من قبيلة عبد الله بن مسعود، هاجرتْ إلى المدينة، فهاجر لأجلها رجلٌ، ولا يُعرف اسمُه، وإنما اشتهر بين الناس: بمهاجر أمّ قيس. فإن قلتَ: ما معنى قوله: "فهجرتُه إلى ما هاجر إليه"؟ قلتُ: معناه أن هجرته تلك الخسيسةَ التي لا يمكن ذكرها لدناءتها، كما في عَكْسِها (فهجرتُه إلى الله ورسوله) أي: تلك الهجرة التي لا يمكن شرحُ فضلها، وزال بهذا تَوَهُّم اتحاد الشرط والجزاء، ومن قدَّر الجزاء بقوله: فهجرتُهُ غيرُ مقبولة، أو غير صحيحة. فقد أنزل الكلامَ من أوج البلاغة وفسيحه. فإن قلتَ: وَضَع الباب في بيان بدء الوحي، وذكر حديث: "إنما الأعمال بالنيات" ولا تعلُق له بذلك؟ قلتُ: أشار أمام المقصود إلى أن نيته في تأليف كتابه خالصة لوجه الله. قال الخطابي: كان المتقدمون من شيوخنا يستحبون تقديم هذا الحديث أمامَ كل شيء يُبدأ به من أمور الدين. فإن قلتَ: قد رَوَى البخاري هذا الحديثَ في سبعة مواضعَ من كتابه، وهذا أخصرُ طُرقه، فلِمَ خَصَّه بالذكر هنا؟ قلتُ: لأن غرضَهُ -كما ذكرنا- الإشارةُ إلى إخلاصه في هذا التأليف، وهو كافٍ في تلك الإشارة، فلا حاجة إلى التطويل. وقال بعضُهم: إنما خَصَّه بالذكر لروايته عن الإمام الكبير وهو الحميدي، وفيه بُعْدٌ لا يخفى. قال المنذري: زعم قومٌ أن هذا الحديث متواترٌ، وهو غلطٌ؛ لأنه من عُمر إلى يحيى بن سعيد الأنصاري روايةُ واحد، ومن يحيى رواه جمٌّ غفيرٌ، قال: فهو غريبٌ في أوله، مشهورٌ في آخره؟

2 - باب

2 - باب 2 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ قلتُ: نَقَل عمر بنُ أبي الحسن في "تحفة المحتاج إلى أدلة المنهاج" نقلًا عن ابن منده الأصفهاني أن نحوًا من عشرين من الصحابة وافقَ عُمَر في الرواية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعلى هذا: الحديثُ غريبٌ في الوسط، مشهورٌ في الطرفين، إلا أن شيخ الإسلام قال: لم يصحّ ذلك، هان رواه غير ابن منده أيضًا. فإن قلتَ: ذكره في الإسناد تارة لفظ: حدثنا، وتارةً: أخبرنا، وتارةً: سمعتُ؟ قلتُ: إما أنه لا يرى الفَرْقَ بين هذه الألفاظ كما نَقَل في كتاب العلم عن ابن عيينة، أو وقَع له كذلك. 2 - (عبد الله بن يوسف): ذكروا في يُوسُف ستةَ أوجهٍ؛ الحركات الثلاث في السين مع الهمز وبدونه. (مالك) ابن أنس بن أبي عامر الأصبحي، وأَصْبَحُ قبيلةٌ من حِمْيَر. قال الجوهري: وأصبح من ملوك اليمن، وإليه النسبةُ، إمام دار الهجرة، فضائلُه لا تُعَدُّ، شيخ الشافعي وكفاه فضلًا. قال البخاري: أصحّ الإسناد مالك عن نافع عن ابن عمر. وقال أبو الفضل المقدسي: بقي مالك في بطن أمه ثلاث سنين. قال ابنُ الصلاح: ميلادُهُ سنة ثلاثٍ وتسعين، وقيل: إحدى وتسعين، وقيل: أربع، وقيل: سبع، ومات وعمره تسعون سنةً. (هشام) -بكسر الهاء وشين معجمة- ابن عروة بن الزبير، هو وأبوه من التابعين، وُلد هو وعُمر بن عبد العزيز عام مقتل حسين عام ستين. (عائشة:) بهمزةٍ بعد الألف (أم المومنين)، صِدّيقة بنت الصديق، أفضلُ نساء هذه الأمة بعد فاطمة على الأصح، تزوّجها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة قبل الهجرة بسنتين وهي بنتُ ستٍ، وبنى بها بالمدينة وهي بنتُ تسعٍ، وتوفي عنها وهي بنت ثماني عشر سنةً، أعلمُ الناس بالقرآن والحديث والشعر. وسيأتي في الكتاب كثير من مناقبها. تكَنّى أمَّ عبد الله، ولا يُشترط

أَنَّ الحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ يَأْتِيكَ الوَحْيُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَحْيَانًا يَأْتِينِي مِثْلَ صَلْصَلَةِ الجَرَسِ، وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَيَّ، فَيُفْصَمُ عَنِّي وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْهُ مَا قَالَ، وَأَحْيَانًا يَتَمَثَّلُ لِيَ المَلَكُ رَجُلًا فَيُكَلِّمُنِي فَأَعِي مَا يَقُولُ» قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الوَحْيُ فِي اليَوْمِ الشَّدِيدِ البَرْدِ، فَيَفْصِمُ عَنْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ في الكُنى وجود المعنى. وقيل: كُنّيتْ بابن أختٍ لها عبد الله بن الزبير، وقيل: بسقط لها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا يصحُّ. (أن الحارث بن هشام) هو أخو أبي جهل {فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ} [الشورى: 7]. قال الذهبي: استشهد في يرموك: وقيل: مات في طاعون عَمواس، وكان إسلامه سنة الفتح من المؤلفة، إلا أنه حُسن إسلامُهُ، وكان جَوَادًا، نَقَل ابنُ عبد البرّ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال فيه: "إنه كِسْرِيٌّ، وكان أبوه كِسْرِيًّا" نسبةً إلى كسرى ملك الفرس "وددت أن لو أسلم"، وكان يسكن مكة، فلما عَزَم على النُّقْلة تبعه أهلُ مكة يبكون عليه لكثرة جوده، فوقف في البطحاء وقال: والله ما خرجتُ رغبةً بنفسي عند نفسكم، ولكن هذه نُقْلَة إلى الله. (كيف يأتيك الوحي) أي: حامل الوحي، الإسناد فيه حُكْمي (أحيانًا يأتيني مثلَ صلصلة الجرس) الصَّلْصَةَ: صوتُ الحديد، يقال: صَل الحديدَ وصَلْصَلَ. والجرسُ لغةً الصوتُ الخفي، والمراد به في الحديث: الجُلْجُل الذي في عُنُق الدواب. (فيُفصم عني) بضم الياء وفتحها، وكسر الصاد، ويُروى: بضم الياء وفتح الصاد على بناء المفعول من الفَصْم وهو الكسرُ من غير إبانةٍ وانفصالٍ، وعكسُه: القَصْم بالقاف. وفيه إشارة إلى أن انفصاله عنه ليس انفصال وداعٍ. (وعيتُ عنه ما قاله) أي: حفظتُ من الوعاء وهو الظرف الحافظ للمظروف (وأحيانًا يتمثل لي المَلَكُ رجلًا فيُكَلّمني فأعي ما يقول) أي: يتصورُ لي المَلَكُ في صورة الرجل، وليس التكلف من لوازم الفعل، والتمثُّلُ في صورة الرجل من أهون ما يكون على المَلَك. فإن قلتَ: لِمَ قال هنا: "فأعي ما يقول" وفي الأول: "وقد وعيتُ ما قال"؟ قلتُ: لأن المَلَك في صورة الرجل على طريقة التعلم يُفهم عنه حين الأخذ، بخلاف هناك؛ فإن تلك الحالة شديدة لا يَقْدِرُ فيها على الضبط، فإذا انكشفت عنه يرى نفسَه منتعشة بتلك المقالة لمحض خلق الله تعالى، كالنائم الذي يرى الرؤيا.

3 - باب

وَإِنَّ جَبِينَهُ لَيَتَفَصَّدُ عَرَقًا. . [الحديث 2 - طرفه في: 3215]. 3 - باب 3 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: لأن الوعي حصل في الأول قبل الفصم ولا يتصور بعده، وفي الثاني: الوعي حَالَ المكالمة ولا يتصور قبلها. قلتُ: فكان الجواب أن يقول: فأعي؛ لأن الوعي حالَ المكالمة لا بعدها -كما صرّح به- ولا قبلها، لأنه محال. على أن قوله: وفي الثاني لا يتصور قبلها: حشوٌ؛ لأن ذلك محالٌ لا يذهب إليه وَهْمٌ. فإن قلت: هناك حالة ثالثة للوحي وهي الرؤيا؛ لأن رؤيا الأنبياء وحيٌ؟ قلتُ: ذلك معلومٌ لا يُسأل عنه لأن حاله فيها كحال سائر الناس، وقيل: لأن الوحي بالرؤيا كان قبل مجيء المَلَك، وليس بشيءٍ؛ لأن رؤياه وحي مطلقًا؛ قبل مجيء المَلَك وبعده. أَلاَ ترى إلى قول عائشة في حديث الإفك: "كنتُ أقول عسى أنه يرى رؤيا يُبَرِّئُني الله فيها"؟ وأيضًا: سؤاله لم يكن عن الوحي الذي يجيء به المَلَك حتى يُجاب بأن ذلك قبل مجيء الملك. ألاَ ترى إلى قوله: "كيف يأتيك الوحي" أطلقه. (وإن جَبينَه ليتفصَّدُ عَرَقًا). دلّ على شدة الحالة عليه من وجوه: الفصدُ الدالُ على السَّيلان، وصيغة التفعُّل الدالة على الكثرة، واليومُ الشديدُ البردِ، وإيقاع العرق تميُّزًا. فإن قلتَ: الباب موضوع لبيان بدء الوحي، وليس في الحديث ذكرُ البدء؟ قلتُ: سؤاله عن كيفية إتيان الوحي يدخل فيه الابتداء وغيره وكذا جوابه؛ لأن حالة البدء لا تخلو عن تينك الحالتين، وهذا شأن المؤلف في هذا الكتاب. يَستدلُّ على الترجمة بما فيه خفاء، على أنهم قالوا: لا يلزم أن يكون في كل حديثٍ ذكر في الباب دلالة على الترجمة، بل إذا وُجد حديث واحد كفى، وحديثُ عائشة بعده صريحٌ في بدء الوحي، لكن الأولَ هو الوجهُ، وسنشير في كل باب إلى ذلك، ولعل الوجه الئاني إنما ذكره من لم يقدر على استخراج الوجه الأول، وإلّا فالترجمة حُكمٌ، والأحاديثُ المُورَدَةُ في الباب أدلته، فلا بُدّ من وجه الدلالة. 3 - (يحيى بن بُكَير) بضم الباء مصغر بكر (الليث) مرادف الأسد هو ابن سعد بن عبد الرحمن، أبو الحارث الفهمي مولاهم المصري. سَمِعَ الزهريَّ وغيرَهُ، الجَوَاد، قال

عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ: أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ فِي النَّوْمِ، فَكَانَ لاَ يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قُتَيبة: كان دخلُه كلَّ سنةٍ ثمانين ألفَ دينار، ولم تجب عليه الزكاة في عمره. وقال الشافعي. كان أفقهَ من مالك، ولكن ضَيَّع عملَهُ أصحابُه، وكان يتأسف على عدم لقائه (عُقيل) بضم العين على وزن المصغر (ابن شِهاب) -بكسر الشين- هو محمد بن مسلم بن عبد الله الزهري القريشي، نسبةً إلى جده الأعلى زهرة بن كلاب: تابعي جليلُ القدر بالمحل الأعلى من الحفظ والإتقان، وأحسنُ الرواة سياقًا للمتون، رأى عشرةً من الصحابة، ولم يتفق لأحدٍ ما اتفق له من التلاميذ، رَوَى عنه مالكٌ والليث، وكفاه ذلك منقبةً. (أولُ ما بدئ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الوحي الرؤيا الصالحةُ) مِن: بيانية أو تبعيضية، والثاني أظهر. والرؤيا: مصدر رأى، يطلق على ما يُرى في اليقظة والمنام. قاله ابنُ عباس، وذكره في "الكشاف". والثاني هو المراد من الحديث، وهو أن يُخلق في قلب النائم الإدراكُ على نحو ما كان يدرك في اليقظة بواسطة الحواس، إذ المقابلةُ، وتوسطُ المسافة، والحَدَقة ليست بشرط في الرؤية. ألاَ ترى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يرى من ورائه كما كان يرى من قُدَّامه؟ وقيل: أو يخلق الله في حواشه؛ وفيه: أن الحواس لا دَرْكَ لها في حالة النوم، أَلَا ترى إلى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "تنام عيناي ولا ينام قلبي". "والصالحةُ" هي الصادقةُ كما وقع كذلك في باب التفسير وكذا لمسلم في باب بدء الوحي، ويجوز أن يُراد بالصالحة: ما يدل على المعنى الحَسَن من الأمور المستقبلة، وما فيه بشارة (فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثلَ فَلَق الصبح) فَلَقُ الصبح: ضياؤه، يُضرب المثلُ به لأمرٍ يكون في غاية الوضوح وهو الصبح أيضًا قال الله تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} [الفلق: 1]. فإن قلتَ: ما الحكمة في البداءة بالرؤيا دون مجيء المَلَك؛ قلتُ: يَسْتَشْعِر بكرامَةٍ من الله ويَتَدَرَّج حتى إذا جاء المَلَك لا يحمله على الشيطان؛ فإن تلك المقدماتِ لا تلائم

ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الخَلاَءُ، وَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءٍ فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ - وَهُوَ التَّعَبُّدُ - اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ العَدَدِ قَبْلَ أَنْ يَنْزِعَ إِلَى أَهْلِهِ، وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى ـــــــــــــــــــــــــــــ الشيطان وقيل: لأنه لو جاء الملك ثم لم يَحمِل القوةَ البشرية. وهذا فاسدٌ؛ لأن المَلَك لم يجئ بالوحي إلا في صورة البشر، وإنما رآه في صورته مرتين، ولم يكن فيها آتيًا بالوحي وأيضًا: ماذا تكسب القوة البشرية من الرؤيا حتى يقوى بعد ذلك على ملاقاة المَلَك؟ (ثم حُبِّب إليه الخَلاَء) بالمد مصدر خلا إذا انفرد، وهذا دأبُ السالك: إذا استأنسَ بالله استوحشَ من الخَلْق (بغار حراء) الغار والمغارة: الكهف والثقب في الجبل. وحراء: ممدودٌ يصرف ولا يصرف جبل بمكة على يسار الذاهب إلى منى، بينه وبين مكة ثلاثةُ أميال. (فيتحنثُ فيه) الحِنْث: الإثم أي: تجنب الحِنْثَ الذي يحصُل من الاختلاط بالناس، مثلُه تجرَّح وتَأَلَّم (وهو التعبُّد) من قول عائشة، ويجوزُ أن يكون مندرجًا من الزهري (الليالي) ظرفٌ للتحنث دون التعبُّد، لأنه تفسير المتحنث. فلو قُيّد بالليالي لزم منه اختصاصُ التحنث بالليالي، وفساده لائحٌ. وإنما اكتفى بالليالي، لأنها غُرر الأيام، ودلَّ على إرادتهما معًا. قوله: "قبل أن ينزع إلى أهله" (ذوات العدد) وفي رواية مسلم: "أولاتُ العدد" أي: ليالي قليلة، لأن العدّ يجري في القليل غالبًا، وقيل: ليالي كثيرة يعتدّ بها، وهذا أنسب بقوله: (قبل أن ينزع إلى أهله) لأن الشوق إلى الأهل إنما يكون بعد مدةٍ. - واختلف العلماء في كيفية تعبُّده، قيل: كان بشرع نوح، وقيل: بشرع إبراهيم، وقيل: بشرعِ موسى وعيسى. والأظهر أنه كان يجتهدُ. وأما الحُسْن والقُبح عقلًا فباطلٌ عند أهل الحق، فكيف يُحمل عليه، وكذا شرع نفسه بالرؤيا من وجوه: الأول: أن الكلام ليس في تعبُّده بعد النبوة، بل بعد بلوغه مبلغ الرجال، والمسألة معروفة. الثاني: أنه حالةَ الرؤيا لم يكن عالمًا بأنه وحيٌ، بل بعد مجيء المَلَك أيضًا لم يكن عالمًا، أخبره ورقةُ بن نوفل. وبعده أيضًا دلّت عليه الأحاديث في البخاري وغيره، ولمَ كان يذهب إلى الشواهق ليُلقي نفسَه لو كان عالمًا بالنبوة؟ ولو سُلّم أنه كان عالمًا لم يَجُزْ له العملُ ما لم يكن رسولًا بشرع محدّد، إلا أن ترى أن أنبياء بني إسرائيل كانوا بنبوتهم عالمين بشريعة موسى؟

خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِهَا، حَتَّى جَاءَهُ الحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ، فَجَاءَهُ المَلَكُ فَقَالَ: اقْرَأْ، قَالَ: «مَا أَنَا بِقَارِئٍ»، قَالَ: " فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي، فَقَالَ: اقْرَأْ، قُلْتُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي، فَقَالَ: اقْرَأْ، فَقُلْتُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي، ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: نُقل عن القاضي عياض أنه: لم يَشْكَّ في رسالته بعد إتيان المَلَك؟ قلتُ: مودودٌ بما ذكرنا من الأحاديث. (خديجة) بنت خُويلد -بضم الخاء على وزن المصغر-: ابن أسد بن عبد العزى بن قُصي، تزوّجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو ابنُ خمسٍ وعشرين سنة وهي بنت أربعين سنةً، ولم يتزوج عليها ما دامت حيةً، توفيت قبل الهجرة بثلاث سنين، وستأتي مناقبها في الكتاب، في المناقب. (فيتزوَّد لمثلها) أي: لمثل تلك الليالي (حتى جاءه الحق) أي: حامل الوحي، وأشار بالحق إلى أنه الدينُ الثابت إلى آخر الدهر، من: حقَّ الشيءُ إذا ثَبَتَ، أو الحق الذي هو ضدّ الباطل من الكهانة وغيرها (فجاءه المَلَكُ) تفصيلٌ لكيفية مجيء الحق نحو: {وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ} [هود: 45] ففي رواية لمسلم: فَجِئه -بفتح الفاء وكسر الجيم- من المفاجاة أي: جاء بغتةً من غير سبقِ إشعار، (فقال: اقرأ) قلتُ: (ما أنا بقارئ) وفي بعضها: "قال" بدل "قلتُ" على أنه كلام خديجة حكايةً عن حاله. و"ما" نافية، نفى كونه قارئًا وقيل: استفهامية ولا معنى لها. والاستدلالُ عليها برواية: "ما أقرأُ؟ " ليس بشيء، لأنها نافية أيضًا، ولم سُلِّم فلا دلالةَ. أو يكون قد قال ذلك. وهذا أيضًا كما روي أنه قال: "كيف أقرأُ؟ " فلا منافاة. والظاهر في القصر أنه قصرُ إفرادٍ؛ فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حَمَل كلامه على أنه ظنه قارئًا كسائر الناس، فقال أنا الذي مقصور على عدم القراءة، فإن المسند إليه إذا وَليه حرفُ النفي نحو: ما أنا قلتُ، هذا يفيد ثبوت القول، وأنت تنفيه عنك. وحَمَله بعضُهم على التقوى، لأن القصر يفيد ردّ المخاطب من الخطأ إلى الصواب، ولا يتصور ذلك في جبريل عليه السلام، وتكلّف آخرون في توجيه القَصْرِ بما لا يُرْتَضى. وكل ذلك خبطٌ؛ لأنه لم يَدْرِ أنه مَلَك فضلًا عن كونه جبريل. (فأخذني فغطَّني) الغَطّ أصله: الغوص في الماء، أُريدَ به العصر الشديد. قيل: إنما

فَقَالَ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ. خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ. اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ} [العلق: 2] " فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْجُفُ فُؤَادُهُ، فَدَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَقَالَ: «زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي» فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ، فَقَالَ لِخَدِيجَةَ وَأَخْبَرَهَا الخَبَرَ: «لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي» فَقَالَتْ خَدِيجَةُ: كَلَّا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ غَطَّه مكررًا لجمع حواسّه لما يلقي إليه من الكلام، وليس بذلك؛ لأن هذا التعذيب المفرط في مثل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بل حتى من صبيان الكتاب يجمع حواسّه بدون ذلك. والصواب أنه إنما شَدّد عليه ذلك التشديدَ البليغ ليختبر به أمانتَه وديانتَه، هل يقول من عنده شيئًا، كما يفعله كثير من الثقات إذا وقع في المضائق. وقيل: ليُفرِغَ فيه من الصفات الملكية. وهذا أيضًا من ذلك النمط، إذ لا معنى لانتقال الصفات. ولو سُلّم فالمعانقةُ في ذلك كافيةٌ. (حتى بَلَغ مني الجُهدَ) بضم الجيم: الوُسع والطاقة، وبالفتح: المشقة والغاية. وقيل: هما لغتان في الوسع، وفي المشقة والغاية الفتحُ لا غير. وروي بالرفع أي: بلغ الوسعُ أو المشقةُ مني غايتَهُ. وبالنصب أي: بلغ الملكُ مني غايةَ وسعه ونهايةَ مشقته. (فرجع بها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: بالآيات، أو بالشدة والمشقة التي لقيها من الغطّة (يَرْجُف فؤادُه) يضطربُ من الرعب كما يقع لمن خاف خوفًا شديدًا. والفؤاد داخلُ القلب، وقيل: غشاؤه. وقيل: هو القلبُ (زمّلوني) أي: لفوني في ثوب؛ فإن الخائفَ إذا غُطّي بثوب يجمع جوانبه يزول عنه ذلك الاضطرابُ. من الزِّمل بكسر الزاي وهو الحِمْل؛ لأنه يغطي المحمول عليه (فزمَّلُوه حتى ذَهَب عنه الرَّوع) بفتح الراء: الخوف الذي يضطرب له، الرُّوع: بضم الراء وهو النفس (فقال لخديجة وأخبرها الخبر) أي: ما جرى له في الغار (لقد خشيتُ على نفسي) هذا مقول القول. اللام فيه جواب قسم محذوف، فسقط بهذا مَا يقال: إنما عَرَف أنه المَلَك بما نَصَب له من الدليل، كما نعرفُ نحن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمعجزة؟ كيف ولو عَرَف أنه مَلَكٌ لم يكن أشدَّ سرورًا من ذلك اليوم؟ وهل ذهاب خديجةَ به إلى ورقة إلا للالتباس عليه. (كلا لا يُخزيك الله أبدًا) -بضم الياء والخاء المعجمة- من الخزي وهو الفضيحة،

إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَكْسِبُ المَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ، فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ العُزَّى ابْنَ عَمِّ خَدِيجَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ ورُوي بالحاء المهملة. وكذا في رواية معْمر في مسلم بضم الياء وفتحها لغتان. وقال إمام النحو خليل بن أحمد: يقال: أحزَنَهُ، أدخَلَ فيه الحُزْن، وحَزَن جعله حزينًا (إنك لتَصِلُ الرَّحم) صلة الرحم هو الإحسانُ على الأقارب بالمال وحسن المعاشرة، وإن كان مشتغلًا بالعلم يكفية المكاتبةُ إليهم (وتحمل الكَلَّ) أي: الثقل عن المصاب، ومن وقع في غرامة أو شدةِ من الكَلاَل وهو الإعياء (وتَكْسِب المعدومَ) - بفتح التاء - قال ابن الأثير: يقال: كسبت المالَ وكسبتُ زيدًا مالًا وأكسبته مالًا. فإن كان من الأول فالمعنى: إنك تصل إلى كل معدوم وتناله، فلا يتعذر لبعده عليك. وإن جعلتَه مُتعدّيًا إلى اثنين فتريد: إنك تعطي الناسَ الشيءَ المعدوم عندهم وتوصله إليهم. وهذا أَولى القولين؛ لأنه أشبه بما قبله من التفضل والإنعام، إذ لا إنعام في أن يكسب مالًا لنفسه، هذا كلامه. وقال النووي: معناه يَكْسِبه ويصرفه في وجوه الدين. والحقُّ أن هذا شيء لا يدل عليه الكلامُ. والأَوْلى في توجيه ذلك الوجه أن العرب كانوا يفتخرون بذلك، فكأنها أرادت أن من يكون من الحظ والسعادة بتلك المنزلة، يَبْعُد اْن يُصاب بمكروه. (وتُعين على نوائب الحق) جمع نائبة وهي الحادثة من نابه إذا قَصَدَه. وإضافته إلى الحق احترازًا من نوائب الشر والفساد. وفي الحديث دلالة على أن الخصال الفاضلة تكون دافعةً للآفات، وعلى كمال أمّ المؤمنين، وغزارة فهمها وعلو شأنها في البلاغة؛ لأن الإحسان إما إلى الأقارب أو الأجانب، وكل واحد إما أن يستقل الإنسان به أو لا. والإحسان أيضًا إما بالمال أو بالبدن أو بكل منهما، وقد استوفت هذه المحاسن فيه بأفصح اللغات وأرشق العبارات. (فانطلقتْ به خديجة) الباء للمصاحبة (ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى ابن عم خديجة) لأنها بنت خُويلد بن أسد بن عبد العزى وهو ابن نوفل بن عبد العزى. ويُكتَب ابن عم بالألف، لعدم وقوعه بين عَلَمين. هذا مصطلح الكتاب، وموافقٌ للعربية،

وَكَانَ امْرَأً تَنَصَّرَ فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ يَكْتُبُ الكِتَابَ العِبْرَانِيَّ، فَيَكْتُبُ مِنَ الإِنْجِيلِ بِالعِبْرَانِيَّةِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكْتُبَ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ، فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ: يَا ابْنَ عَمِّ، اسْمَعْ مِنَ ابْنِ أَخِيكَ، فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ: يَا ابْنَ أَخِي مَاذَا تَرَى؟ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرَ مَا رَأَى، فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ: هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي نَزَّلَ اللَّهُ عَلَى مُوسَى، يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا، لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا إِذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ـــــــــــــــــــــــــــــ وأما في المصاحف العثمانية فالألف ثابت مطلقًا، وصفًا كان أو خبرًا. (وكان امرأً تَنَصَّر في الجاهلية) زمانُ الفترة بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين عيسى يسمى بالجاهلية، لعدم الوثوق بأقوال أهل الكتاب وظهور الجهل. وكان ورقةُ تَرَك عبادة الأوثان وتمسك بملة عيسى، وكان هو وزيد بن عمرو بن نُفيل خرجا يطلبان الدين بالشام فتَنَصَّر ورقةُ وقُتل زيد موحّدًا (وكان يكتب الكتابَ العبراني) وفي كتاب "الرؤيا": العربي بدل العبراني. وكذا في رواية مسلم والكل صحيحٌ؛ لأن الغرضَ بيان تمكنّه في العلم يتصرّف فيه كيف يشاء، وليس في الكلام دلالةٌ على أن الإنجيل ليس عبرانيًّا، بل قوله: (وكان يكتب الكتابَ العبراني) يدل عليه صريحًا، فإنه بيَّن أصله والمنقول إليه وهو العربي (اسمعْ من ابن أخيك) فيه تجوزُ فإن نَسَب ورقةَ يلاقي نَسَب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قُصى، أو هو على عُرف العرب يقولون لكل من كان أصغرَ سنًّا: ابن أخي (هذا الناموس الذي نزل الله [على] موسى) خُصّ موسى بالذكر، لأن أهل الكتاب متفقون على رسالته بخلاف عيسى، فإن اليهود ينكرونه. والناموس: فاعول من نمستُ السرَّ كتمتُهُ، يقال لصاحب السرّ الخير: ناموس، ولصاحب السرّ الشر: جاسوس، فهو من الصفات الغالبة كالأعلام الغالبة. وفي رواية زبير بن بكار. عيسى، بدل: موسى. (يا ليتني فيها جَذَعًا) أي في أيام ظهور نُبوتك، والمنادى في مثله محذوف. قال ابنُ مالك: هذا ضعيفٌ؛ إذ لو كان كذلك لصرّح بالمنادى في موضع، بل "يا" فيه للتنبيه، كألا في قوله: ألا ليت شعري. وفيه نظرٌ؛ فإن "ألا" حرفُ تنبيهٍ وضعًا بخلاف "يا" فإنه حرف النداء إجماعًا، واستبعاده ساقط، إذ كم من أصل في كلام العرب قد هُجر، أَلَا ترى أنهم

«أَوَ مُخْرِجِيَّ هُمْ»، قَالَ: نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلَّا عُودِيَ، وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا. ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ، وَفَتَرَ الوَحْيُ. [الحديث 3 - أطرافه في: 3392، 4953، 4955، 4956، 4957، 6982]. ـــــــــــــــــــــــــــــ اتفقوا على أن المجاز لا يستلزم الحقيقة كما حققه المحققون في: أقدمني بلدَك حقٌّ لي، والجَذَعُ: الشابُ القوي، أصله في الحيوان العجمُ، واستعماله في الإنسان من استعمال المقيّد في المطلق استعارة أو مجازًا مرسلًا، وانتصابُهُ على الحال، أو على أنه خبر ليت عند من ينصب به الخبر كقول الشاعر: إن حُراسَنَا أسدًا أو كان مقدرًا (أَوَ مخرجيّ هم) أصله مخرجون. سقطت النون بالإضافة واجتمع الواو والياء وسُبقت إحداهما بالسكون، فقُلبت الواو ياءً وأُدغمت الياء في الياء، وكُسر ما قبلها. فهو مبتدأٌ وهم: فاعل سادٌّ مسدَّ الخبر، أو هم مبتدأ ومخرجيّ خبرُهُ، لأنه من قبيل: أقائم الزيدون؟ ومن قال: الياء الأولى ياءُ الجمع فقد سَهَا سهوًا بيّنًا؛ إنما كان سهوًا بينًا؛ لأن الاسم مرفوع بلا ريب، والاستفهام فيه للتعجب، استبعَدَ أن يكون مثلُه موصوفًا بالأمانة، ثم يأتي برسالة من الله، فيكون ذلك سببًا لإخراجه. و"إذ" في قوله: (إذ يخرجك) للاستقبال كقوله تعالى: {إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ} [غافر: 71] وقولِ الشاعر: متى ينال الفتى اليقظانُ حاجته ... إذ المقام بأرض اللهو والغزل والنحاة حيث قالوا: إذ ظرف الزمان الماضي قدوةً بالأكثر. فلا وجهَ لما يقال: هذا من وظيفة علم المعاني. (وإن يدركني يومُك أنصرك نصرًا مؤزرًا) المراد باليوم: مطلقُ الوقت، أراد وقت ظهوره ومخالفة القوم إياه. والنصر المُؤَزَّر على صيغة المفعول: القوي، من الأَزْر وهو القوة، وإنما أراد نصرَهُ بالدلائل والحُجج؛ لأنه كان أعمى، فلا قدرة له على شيء من أسباب القتال. (ثم لم ينشب ورقةُ) بالفتح من نشب - بكسر الشين - أي: لم يلبث (أن تُوفِّي) على بناء المجهول بدل من ورقة بَدَل اشتمالٍ (وفَتَر الوحيُ) استعارةٌ من فتور الماء.

4 - قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَأَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيَّ، قَالَ: وَهُوَ يُحَدِّثُ عَنْ فَتْرَةِ الوَحْيِ فَقَالَ فِي حَدِيثِهِ: " بَيْنَا أَنَا أَمْشِي إِذْ سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ، فَرَفَعْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــ 4 - (قال ابن شهاب) هو الزهري (وأخبرني أبو سلمة) عطف على مقدر، أي: أخبرني عروة بما تقدم. وأخبرني أبو سلمة بما أذكره. ومثله يسمى تعليقًا وهو أن يَذكر الحديثَ عمن لم يَلْقه، سواء أسقطَ واحدًا من الرجال أو السندَ كلَّه. وقال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن كان الحديث مرويًا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو رفعه إلى الصحابي إن كان من قوله كقول البخاري: قال عمر: "تَعَلَّموا قبل أن تَسُودوا". وهذا كثير في البخاري، وليس في مسلم بعد الخطبة تعليق إلا حديث واحد وهو حديث أبي الجهم بن الحارث بن الصِمّة في باب التيمم: "أقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من بئر الحمل". قال العراقي: ما في البخاري من التعليق إن كان مجزومًا به يُحكم بصحته، وإن كان بصيغة التمريض مثل يُذكر ورُوي ويقال ونُقل. فلا يُحكم بصحته. قلتُ: مراده ما لم يوجد له أصلًا سند صحيح، وذلك أن في البخاري ما يكون له أصل صحيح، ويذكره بصيغة التمريض. فإن قلتَ: ما وجه التسمية بالتعليق؟ قلتُ: قال ابن الصلاح: مأخوذ من الطلاق؛ لأن في كل واحدٍ منها قطع الإتصال. فإن قلتَ: كيف يكون في البخاري ما ليس محكومًا بصحته، وقد قال: ليس في كتابي إلا ما صحَّ؟ قلتُ: قال ابن الصلاح: مراده مقاصدُ الكتاب وهو الأبواب دون التراجم ونحوها (وهو يحدث عن فترة الوحي) الضمير لجابر وهذه فترة الوحي، كان قريبًا من ثلاثة أعوام بعد نزول آيتين من سورة: اقرأ باسم ربك. فإن قلتَ: ما الحكمة في هذا الانقطاع؛ قلت: ليروض نفسه بسماع المكروه من السفهاء فيعتاد تحمل المشاق، (قال: بينا أنا أمشي) فاعل قال: رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - (إذ سمعتُ صوتًا من السماء، فرفعتُ

بَصَرِي، فَإِذَا المَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، فَرُعِبْتُ مِنْهُ، فَرَجَعْتُ فَقُلْتُ: زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي " فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ. قُمْ فَأَنْذِرْ} [المدثر: 2] إِلَى قَوْلِهِ {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} [المدثر: 5]. فَحَمِيَ الوَحْيُ وَتَتَابَعَ ـــــــــــــــــــــــــــــ بصري، فإذا المَلَك الذي جاءني بحراءٍ على كرْسي) بضم الكاف وقد يكسر وهو معروف. (فأنزل الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} [المدثر: 1] من: الدِّثَار وهو الثوبُ الذي فوق القميص، وما يلي الجسد هو الشّعار كما سيأتي في المناقب، قال في حق الأنصار: "الناسُ دِثار والأنصار شعار"؛ لأنه كان متدثرًا بثيابه من رُعبه لما رآه جالسًا على الكرسي، وكان عرف منه شدة حين غطّه في الغار، فخاف أن يناله منه شيء آخر. وقيل: فيه بشارة له بالنبوة، والمعنى: أيها المدثر بلباس النبوة. على التجوّز والاستعارة (فحمي الوحي وتتابع) استعارة حسنة لاتصال الوحي واستمراره بعد استعارة فترة الوحي لانقطاعه. فإن قلتَ: عائشة لم تدرك أوائل النبوة، كيف أخبرتْ عنها؟ قلتُ: إما سمعتْ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو من غيره، هذا من مراسيل الصحابة، مقبولٌ باتفاق العلماء إلا ما شذّ من أبي إسحاق الإسفراييني. فإن قلتَ: ما قولُك في إيمان ورقةَ بن نوفل؟ قلت: مؤمنٌ كامل وصحابيٌ مكرَّم - رضي الله عنه - كيف أدرك الحق وأذعن مع أنه من كبار أهل الكتاب الحاسدين الذين اشتروا بإيمانهم ثمنًا قليلًا. وروى الإمام أحمد والترمذي عن عائشة أن خديجةَ سألت عن حاله، وقالت: صدَّقك، ومات قبل ظهورك؟ فقال: "رأيتُهُ في المنام وعليه ثيابٌ بيض" ونقل المنذري بوجه آخر أيضًا يدل على حسن حاله. فإن قلت: دلّ الحديثُ على أن أول ما نزل من القرآن آيتان من أول ({اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} [العلق: 1]، وفي رواية مسلم أن أول ما نزل: {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} وفي البخاري: أنَّ الأول سورةُ المدثر. رواه عن جابر. وفي بعض الروايات: سورة الفاتحة. قال النووي: وتبعه

4 - باب

تَابَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، وَأَبُو صَالِحٍ، وَتَابَعَهُ هِلاَلُ بْنُ رَدَّادٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَقَالَ يُونُسُ، وَمَعْمَرٌ بَوَادِرُهُ. . [الحديث 4 - أطرافه في: 3238، 4922، 4923، 4924، 4925، 4926، 4954، 6214]. 4 - باب 5 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَبِي عَائِشَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ} [القيامة: 16] قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَالِجُ مِنَ التَّنْزِيلِ شِدَّةً، وَكَانَ مِمَّا يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ - فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَأَنَا أُحَرِّكُهُمَا لَكُمْ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَرِّكُهُمَا، وَقَالَ سَعِيدٌ: أَنَا أُحَرِّكُهُمَا كَمَا رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يُحَرِّكُهُمَا، فَحَرَّكَ شَفَتَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ الكَرْمَاني على أن تلك الرواية خطأٌ؟ قلتُ: يمكن توجيه تلك الرواية بأن يقال: الأول مطلقًا: أولُ اقرأ. وأولُ نازلٍ بعد الفترة أوائلُ المدثر، وأولُ سورةٍ كاملةٍ سورةُ الفاتحة. ولا نرد رواية الثقات إلا إذا لم يكن في المقام إمكانُ تأويل. (تابعه عبد الله بن يوسف) المتابعةُ عبارة عن الموافقة في السند والمتن كمتابعة عبد الله بن يوسف يحيى بن بكر؛ فإن كل واحد منهما شيخ البخاري، فاشتركا في بقية السند والمتن، فأشار إلى ذلك على وجه الاختصار، وهذه متابعة تامة. وقد يكون فوق شيخه كقوله هنا: (وتابعه هلال بن رداد عن الزهري) أي: تابع عقيلًا والردّاد بالراء المهملة والدال مثلها مشددة آخره دال كذلك (بوادره) أي رواه كذلك: موضع فؤاده، والبوادر جمع بادرة: لحمةٌ بين المنكب والعُنُق ترجُفُ عند شدة الخوف. 5 - (كان يعالج من التنزيل شدة) المعالجة المزاولة وكان سبب ذلك خوفه من الله أن يفوته شيء، فلما ضمن الله له بقوله: {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19)} [القيامة: 19] ذلك اطمأن، (وكان مما يحرك شفتيه) قيل معناه: إن العلاج كان ناشئًا من تحريك شفتيه، وليس بشيء؛ فإن تحريك الشفتين ناشئ من العلاج. والحقُ أن "ما" بمعنى "من" أي: ممن يفعل ذلك،

5 - باب

فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} [القيامة: 17] قَالَ: جَمْعُهُ لَكَ فِي صَدْرِكَ وَتَقْرَأَهُ: {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} [القيامة: 18] قَالَ: فَاسْتَمِعْ لَهُ وَأَنْصِتْ: {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} [القيامة: 19] ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا أَنْ تَقْرَأَهُ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا أَتَاهُ جِبْرِيلُ اسْتَمَعَ فَإِذَا انْطَلَقَ جِبْرِيلُ قَرَأَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا قَرَأَهُ. [الحديث 5 - أطرافه في: 4927، 4928، 4929، 5044، 7524]. 5 - باب 6 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، ح وحَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، وَمَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، نَحْوَهُ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ (فأنزل اللهُ) عطف على كان يعالج (جَمْعه لك) -بفتح الجيم وسكون الميم- رواية أبي ذر وللأصيلي بسكون الميم وضم العين وحذف في ورفع راء صدرك، وغيرهما: - بفتح الميم والعين - على صيغة الفعل ورفع صدرك على الفاعلية. {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ} [القيامة: 18] الإسناد مجازي أي: إذا قرأ جبريل. وأسنده إلى ذاته المقدسة إعظامًا لشأن جبريل إلى عظم المنزل، واهتمامًا بشأن المنزل إليه. اعلم أنه يقع في البخاري وفي مسلم أكثر لفظ (ح) كذا على طريق حروف التهجي، واختلف العلماء في ذلك: قال العراقي: والذي عليه عمل أهل الحديث أن القارئ ينطق بها على طريق الهجاء حاء مهملةً؛ إشارة إلى تحوُّل الإسناد وذلك إذا اجتمع على متن واحد إسنادان أو أكثر. وقال بعضُهم: إشارةً إلى الحديث يعني أن الحديث في هذا الإسناد هو حديث الإسناد الأول. قال ابن الصلاح: وجدتُ بخط الأستاذ أبي عثمان الصابوني، والحافظ أبي مسلم الليثي، والفقيهِ المحدث أبي سعيد بدل الحاء لفظ: صح. قال: وهذا حسنُ؛ لئلا يُتوهم أن حديث هذا الإسناد سقط، ولئلا يُركبَ الإسنادَ الثاني على الأول مَنْ لا خبرة له فيجعله إسنادًا واحدًا. فإن قلت: فهلا يرويه بذلك الإسناد ابتداءً؟ قلتُ: يؤثر الاختصار. 6 - (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الناس) الجود إعطاء ما ينبغي لمن ينبغي من غير غرض

وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدُ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ». [الحديث 6 - أطرافه في: 1902، 3220، 3554، 4997]. ـــــــــــــــــــــــــــــ ولا عوض. وهذا شأنه {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: 23] (وكان أجودُ ما يكون في رمضان) بُرفع أجودُ على أنه اسم كان، وما: مصدرية، وفي رمضان: هو الخبر أي: أجود أكوانه كونُه في رمضان. وفيه مُبالغة حيث جعل كونه أي وجوده جوادًا، ويجوزُ أن يكون رفعه على الابتداء على أن في كان ضمير رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والجملة خبرٌ عنه، أو على البدل. ويجوزُ نصبُه على خبرية كان، هذا وكونه أجود لا ريب فيه عند من طالع سيرته، وأما أجود أكوانه في رمضان فلأنه كان يتخلق بأخلاق الله. ورمضان شهرُ الرحمة، ولله فيه تفضُلٌ على عباده بما لا يتفضل في مخيره، ولذلك فتح فيه أبواب الجنة، وغلّق أبواب جهنم؛ ولأنه كان يلاقيه جبريل في رمضان كل ليلة، ويدارسُه القرآن، فيكون كامل النشاط وافر الأريحية وهما مقدّمتا البذل والجود. قال بعضُهم: يجوزُ أن يكون المراد من قوله تعالى: {إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} [المجادلة: 12] هو جبريل، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتصدق لأنه يناجي جبريل. ولما وَرَد عليه: أن الآية قد نُسخت، أجاب بأن الوجوب إذا نُسخ بقي الندب. وهذا خبطٌ ظاهر؛ لأن صدر الآية {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} خطابٌ لمن كان معه؛ فإنهم كانوا يُكْثِرون الكلامَ عليه، فشَرَط على من أراد أن يكلمه أن يتصدق بشيءٍ قبله، على أن جوابه فاسد؛ لأن نَسخ الوجوب لا يستلزم جواز الندب، ألا ترى أن استقبال بيت المقدس كان واجبًا، ولما نُسخ لم يبق الجوازُ فضلًا عن الندب؟ (وكان يلقاه كلَّ ليلةٍ): الضمير المرفوع في يلقاه لجبريل لقوله: (حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن) المدارسة: قراءة القرآن على وجه التناوب. وفائدته: تجويد القراءة، ولأنه أنشطُ من الانفراد. ومن فوائد الحديث: استحبابُ زيارة أهل الفضل والصلاح، والجد والمبالغة في الإحسان في الأوقات الفاضلة (فلرسول الله أجود بالخير من الريح المرسلة) وذلك أن الريح مقدمة المطر الذي به النبات والزروع والثمار، ولأن الريح هو الذي ينشئ السحاب الذي منه المطر. قال تعالى {يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ} [الروم: 46] وزاد الإمام أحمد في روايته هنا لا يُسأل شيئًا إلا أعطاه.

6 - باب

6 - باب 7 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ الحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّ هِرَقْلَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ فِي رَكْبٍ مِنْ قُرَيْشٍ، وَكَانُوا تُجَّارًا بِالشَّأْمِ فِي المُدَّةِ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَادَّ فِيهَا أَبَا سُفْيَانَ وَكُفَّارَ قُرَيْشٍ، فَأَتَوْهُ وَهُمْ بِإِيلِيَاءَ، فَدَعَاهُمْ فِي مَجْلِسِهِ، وَحَوْلَهُ عُظَمَاءُ الرُّومِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ 7 - (عَبْدان) على وزن شعبان (عُبَيد الله بن عبد الله) الأول مصغر وهو أحد الفقهاء السبعة بالمدينة. (أن أبا سفيان بن حرب) اسمه صخر أسلم يوم الفتح، فأُصيبتْ إحدى عينيه يوم حنين، والأخرى في يرموك، وهو أحد المؤلفة. ونقل ابن عبد البر عنه في "الإستيعاب" كلامًا يدل على قُبح حاله (أن هِرَقل أرسَلَ إليه في رَكْب من قريش) - بكسر الهاء وفتح الراء على وزن دِمَشق، وُيروى بسكون الراء وكسر القاف، غير منصرفٍ، لأنه عَلَمٌ أعجمي - والركب، قال الجوهري: هم أصحاب الإبل دون سائر الدواب إذا كانت فوق العشرة. قال ابن الأثير: اسم جمع لراكب، لأنه يُصَغَّر على لفظه يقال: رُكيب. والراكب هو راكب الإبل خاصةً. فإن قلتَ: هذا أصله والآن يطلق على كل قافلةٍ. وفي "مصنف ابن أبي شيبة" أن المغيرة بن شعبة كان في ذلك الركب، ولا يصحُّ. قال ابن عبد الله: أسلم المغيرةُ عام الخندق، وهذه القضية كانت بعد الحديبية. (في المدة التي مادَّ فيها أبا سفيان) أي: صالحه. وماد من المدّ أي: أطال المدة، وكانت المدة عشر سنين، هي صلحُ حديبية، ثم غَدرت قريش فانتقض الصلح، فغزاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في السنة الثامنة، وكان فيها فتح مكة. وسيأتي في غزوة الفتح بيان وجه الغَدْر. (بإِيْلِياء) على وزن كبرياء وحكى البكري فيه القصر ويُروى بحذف الياء الأولى وسكون اللام والمدّ، وهو عَلَم بيت المقدس (وحوله عظماء الروم) نصب على الظرف حولَ الشيء وحواله وحواليه بمعنىَ واحدٍ. والرومُ هذه الطائفة المعروفة، أصله رومي نسبةً إلى جدهم الأعلى

ثُمَّ دَعَاهُمْ وَدَعَا بِتَرْجُمَانِهِ، فَقَالَ: أَيُّكُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا بِهَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ؟ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَقُلْتُ أَنَا أَقْرَبُهُمْ نَسَبًا، فَقَالَ: أَدْنُوهُ مِنِّي، وَقَرِّبُوا أَصْحَابَهُ فَاجْعَلُوهُمْ عِنْدَ ظَهْرِهِ، ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ: قُلْ لَهُمْ إِنِّي سَائِلٌ هَذَا عَنْ هَذَا الرَّجُلِ، فَإِنْ كَذَبَنِي فَكَذِّبُوهُ. فَوَاللَّهِ لَوْلاَ الحَيَاءُ مِنْ أَنْ يَأْثِرُوا عَلَيَّ كَذِبًا لَكَذَبْتُ عَنْهُ. ثُمَّ كَانَ أَوَّلَ مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَنْ قَالَ: كَيْفَ نَسَبُهُ فِيكُمْ؟ قُلْتُ: هُوَ فِينَا ذُو نَسَبٍ، قَالَ: فَهَلْ قَالَ هَذَا القَوْلَ مِنْكُمْ أَحَدٌ قَطُّ قَبْلَهُ؟ قُلْتُ: لاَ. قَالَ: فَهَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ؟ قُلْتُ: لاَ قَالَ: فَأَشْرَافُ النَّاسِ يَتَّبِعُونَهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ؟ فَقُلْتُ بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ. قَالَ: أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ؟ قُلْتُ: بَلْ يَزِيدُونَ. قَالَ: فَهَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ؟ قُلْتُ: لاَ. قَالَ: فَهَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ؟ قُلْتُ: لاَ. قَالَ: فَهَلْ يَغْدِرُ؟ قُلْتُ: لاَ، وَنَحْنُ مِنْهُ فِي مُدَّةٍ لاَ نَدْرِي مَا هُوَ فَاعِلٌ فِيهَا، قَالَ: وَلَمْ تُمْكِنِّي كَلِمَةٌ أُدْخِلُ فِيهَا شَيْئًا ـــــــــــــــــــــــــــــ روم بن عيص بن إسحاق (دعا بتُرجمانه) - بضم التاء وفتحه، والثاني أفصح - وهو الذي يفسر لسانًا بآخر، من الرجم، لأنه إلقاء المعنى في لفظ آخر، والباء زائدة، وقيل: لفظ عَجَمي، وقيل: الباء أصلية (فاجعلوه عند ظهره) لأنه إذا كان مواجهًا يُسْتَحى من تكذيبه (فإن كَذَبَني فكَذِّبوه) - الأول مخفف، والثاني مثقل - أي: انسبوه إلى الكذب (لولا الحياء من أن يؤثروا علي الكذب) أي: يقولوه علي، من أثرت الحديثَ نقلته (وكان أولُ ما سألني) بالرفع اسم كان، وخبره: أن قال، ويجوزُ العكس (قطُّ) ظرف الزمان الماضي على وجه الاستغراق، وفيه ستُ لغاتٍ أفصحُها: فتح القاف وضم الطاء مشددًا، ومجيئه في الإثبات قليلٌ (هل كان من آبائه من مَلِكٍ) بمِن الجارة وكسر اللام، ورُوي بفتح الميم على أنها مِن الموصوفةُ، وملك: فعل ماض صفته، وفي رواية مسلم: "مَلِكٌ" بدون مِن، فتعَيّن اْن يكون اسمًا (هل يرتدُّ أحدٌ سُخْطةً لدينه) فعلَةٌ من السخط وهو عدم الرضا، ويُروى: سُخْطًا - بضم السين -. فإن قلتَ: قد ارتدّ في زمانه أناسٌ كالعرنيين، وكاتب الوحي؟ قلتُ: لم يرتدوا سُخْطة للدين، بل لأمور أخرى. (يَغْدِر) - بكسر الدال - من الغدر وهو عدم الوفاء بالعهد (لم تمكني كلمة) بالتاء

غَيْرُ هَذِهِ الكَلِمَةِ، قَالَ: فَهَلْ قَاتَلْتُمُوهُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَكَيْفَ كَانَ قِتَالُكُمْ إِيَّاهُ؟ قُلْتُ: الحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ سِجَالٌ، يَنَالُ مِنَّا وَنَنَالُ مِنْهُ. قَالَ: مَاذَا يَأْمُرُكُمْ؟ قُلْتُ: يَقُولُ: اعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَاتْرُكُوا مَا يَقُولُ آبَاؤُكُمْ، وَيَأْمُرُنَا بِالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّدْقِ وَالعَفَافِ وَالصِّلَةِ. فَقَالَ لِلتَّرْجُمَانِ: قُلْ لَهُ: سَأَلْتُكَ عَنْ نَسَبِهِ فَذَكَرْتَ أَنَّهُ فِيكُمْ ذُو نَسَبٍ، فَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِي نَسَبِ قَوْمِهَا. وَسَأَلْتُكَ هَلْ قَالَ أَحَدٌ مِنْكُمْ هَذَا القَوْلَ، فَذَكَرْتَ أَنْ لاَ، فَقُلْتُ: لَوْ كَانَ أَحَدٌ قَالَ هَذَا القَوْلَ قَبْلَهُ، لَقُلْتُ رَجُلٌ يَأْتَسِي بِقَوْلٍ قِيلَ قَبْلَهُ. وَسَأَلْتُكَ هَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ، فَذَكَرْتَ أَنْ لاَ، قُلْتُ فَلَوْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ، قُلْتُ رَجُلٌ يَطْلُبُ مُلْكَ أَبِيهِ، وَسَأَلْتُكَ، هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ، فَذَكَرْتَ أَنْ لاَ، فَقَدْ أَعْرِفُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَذَرَ الكَذِبَ عَلَى النَّاسِ وَيَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ. وَسَأَلْتُكَ أَشْرَافُ النَّاسِ اتَّبَعُوهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ، فَذَكَرْتَ أَنَّ ضُعَفَاءَهُمُ اتَّبَعُوهُ، وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ. وَسَأَلْتُكَ أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ، فَذَكَرْتَ أَنَّهُمْ يَزِيدُونَ، وَكَذَلِكَ أَمْرُ الإِيمَانِ حَتَّى يَتِمَّ. وَسَأَلْتُكَ أَيَرْتَدُّ أَحَدٌ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ، فَذَكَرْتَ أَنْ لاَ، وَكَذَلِكَ الإِيمَانُ حِينَ تُخَالِطُ بَشَاشَتُهُ القُلُوبَ. وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَغْدِرُ، فَذَكَرْتَ أَنْ لاَ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لاَ تَغْدِرُ. وَسَأَلْتُكَ بِمَا يَأْمُرُكُمْ، فَذَكَرْتَ أَنَّهُ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَيَنْهَاكُمْ عَنْ عِبَادَةِ الأَوْثَانِ، وَيَأْمُرُكُمْ بِالصَّلاَةِ وَالصِّدْقِ وَالعَفَافِ، فَإِنْ كَانَ مَا تَقُولُ حَقًّا فَسَيَمْلِكُ مَوْضِعَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الفوقانية والتحتانية أيضًا، والأول أَوْلى لعدم الفاصل. ولم يَرِدْ بالكلمة مصطلح النحاة، وذلك ظاهرٌ من عبارته (غيرُ هذه) بِرفع غيرُ؛ لأنه صفةُ كلمةٍ لعدم تعرفه بالإضافة. (الحربُ بيننا وبينه سِجَال) فسَّره بقوله: (ينال منا وننال منه) أي: تارةً له الغلبةُ وتارةً لنا. والسّجال مصدر ساجَلَ، أصله مغالبة المتباريين في استقاء الماء من بئرٍ واحد، مأخوذ من السّجل وهو الدَّلْو الملآن. وقيل: هو جمع سجِل وهو الدلو. وليس المعنى عليه، وإن كان صحيحًا لغةً (واتركوا ما يقول آباؤكم) من العقائد الفاسدة والتقليد لآبائهم، (ويأمرنا بالصلاة والصدق) وفي رواية: "والصدقة". وسيأتي في الجهاد: الصدق والصدقة (والعفاف) من الزنى، وأكل الميتة والدم (والصلة) الإحسان إلى الأقارب بما أمكن. (وكذلك الرسل تُبعَثُ في نَسَب قومها) أي: في وسطه، لئلا يأنفُوا عن اتّباعه لو كان دَنِيًّا أو كان أجنبيًّا، كيف ومع علمهم بذلك أَنِفُوا وقالوا: {لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا}

وَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارِجٌ، لَمْ أَكُنْ أَظُنُّ أَنَّهُ مِنْكُمْ، فَلَوْ أَنِّي أَعْلَمُ أَنِّي أَخْلُصُ إِلَيْهِ لَتَجَشَّمْتُ لِقَاءَهُ، وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ عَنْ قَدَمِهِ. ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي بَعَثَ بِهِ دِحْيَةُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى، فَدَفَعَهُ إِلَى هِرَقْلَ، فَقَرَأَهُ فَإِذَا فِيهِ " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ: سَلاَمٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الهُدَى، أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الإِسْلاَمِ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ، يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ، فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الأَرِيسِيِّينَ " وَ {يَا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــ [الفرقان: 21]. (لَتَجَشَّمْتُ لقاءَهُ) لتكَلّفْتُ. وفي رواية مسلم: "أحببتُ" وما في البخاري أبلغ (حتى تخالط بشاشتُه القلوبَ) بنصب القلوب. ورُوي بشاشةَ القلوبِ بالإضافة على أن في تخالط ضميرَ الإيمان. قال ابن الأثير: البشاشةُ: الفرحُ والانبساط والأنس بالشيء. (ثم دعا بكتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي بَعَثَهُ مع دِحْيَة) بكسر الدال وفتحها. قال ابن السّكّيت: بكسر الدال لا غيرُ. وقال أبو حاتم: بالفتح لا غير- هو دحية بن خليفة الكلبي، كان أجمل الناس، وكان أكثر ما يأتي جبريل في صورته، ولعل ذلك ليكون أسهلَ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقيل: لأن دحية لغةً: رئيس الجُند، وجبريل رئيسُ الملائكة. وبُعْدُهُ لائحٌ على أنه يقتضي أن يكون دحيةُ اسمَ جبريل. (بُصْرى) بضم الباء. مدينة بحوران. (إلى هرقل عظيم الروم) لم يقل: مَلِك الروم؛ لأنه كان معزولًا عن المُلْك بعد ظهور رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا حُكم لأحد على عباد الله إلاَّ مَنْ ولاه. لكن عظيم عند الروم. ذكَرَه بذلك ملاطفةً في الخطاب. (أدعوك بدعاية الإسلام) مصدر كالشكاية. وفي رواية مسلم: "بداعية الإسلام" وهو أيضًا مصدر كالعافية. والمراد به كلمةُ التوحيد التي يدعى بها الناسَ إلى الله (أَسْلِمْ) بقطع الهمزة (تسْلَمْ) بفتح التاء من السلام جزم على الجواب (يؤتِك اللهُ أجرَك مرتين) لإيمانه بنبيّه قبل البعثة، وإيمانه برسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما جاء في الحديث الصحيح (وإن تولّيْتَ فعليك إثمُ الأريسيين) وروي يرسيين وروي بفتح الهمزة وكسرها. وهم الأكَّارون والرعايا، لأنهم أتباعُ الملوك، كما يُسمع في العُرف: الناسُ على دين ملوكهم. وفي سنن البيهقي: "وإلاّ عليك إثمُ

أَنْ لاَ نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَلَمَّا قَالَ مَا قَالَ، وَفَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الكِتَابِ، كَثُرَ عِنْدَهُ الصَّخَبُ وَارْتَفَعَتِ الأَصْوَاتُ وَأُخْرِجْنَا، فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي حِينَ أُخْرِجْنَا: لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ، إِنَّهُ يَخَافُهُ مَلِكُ بَنِي الأَصْفَرِ. فَمَا زِلْتُ مُوقِنًا أَنَّهُ سَيَظْهَرُ حَتَّى أَدْخَلَ اللَّهُ عَلَيَّ الإِسْلاَمَ. وَكَانَ ابْنُ النَّاظُورِ، صَاحِبُ إِيلِيَاءَ وَهِرَقْلَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الأكّارين" وروَى أبو عُبيد في كتاب "الأموال": "وإلا فلا تحل بين الفلاحين وبين الإسلام" وقيل: هم اليهود والنصارى أصحاب عبد الله بن أريس، وقيل: هم الملوك الذين يَدْعُون إلى المذاهب الفاسدة، ولا يخفى بُعْدُه عن المقام. فإن قلتَ: كيف يكون عليه إثمُ الغير وقد قال الله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164]؟ قلتُ: إثم الإخلال والسبب. ألا ترى أن قوله تعالى: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ} [العنكبوت: 13] هو في أمثال هذا. (لقد أَمِرَ) بفتح الهمزة وكسر الميم: عَظُمَ (أمرُ ابن أبي كبشة) أي: شأنه. وأبو كبشة هو الحارث بن عبد العزى السعدي، أبو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رضاعًا. وقال ابن قُتَيبة: جده من طرف أمه؛ لأن أمه آمنة بنت وهب وأم وهب قيلة بنت أبي كبشة، أرادوا القدح في نسبه ولم يكن لهم سبيل إلى نسبه المعروف، وقيل: أبو كبشة رجل من خزاعة. فارقَ قومَه في عبادة الأوثان وعَبَدَ الكوكب المسمّى شِعْرى. فشبَّهوه به لانفراده بدين غيرِ دينهم. قال زبير بن بكار: أرادوا مطلق التشبيه لا القدحَ فيه. (يخافه مَلِكُ بني الأصفر) هم الروم. قال ابنُ الأنباري: غَلبت الحبشةُ على الروم فوطئوا نساءَهم، فجاءت أولادُهم صُفرًا بين البياض والسواد. قال إسحاق الحربي: نُسبوا إلى جدهم أصفر بن رُوم بن عيص بن إسحاق بن الناظور -بالمهملة والمعجمة-: حافظُ الكَرْمِ لغةً. (صاحب إيلياء) وإليها نيابةً عن هرقل، قوله: (وهرقلَ) بالفتح مجرور عطفًا على إيلياءَ. والصاحبِ لغةً وعرفًا: من يصاحبُ الشيءَ

سُقُفًّا عَلَى نَصَارَى الشَّأْمِ يُحَدِّثُ أَنَّ هِرَقْلَ حِينَ قَدِمَ إِيلِيَاءَ، أَصْبَحَ يَوْمًا خَبِيثَ النَّفْسِ، فَقَالَ بَعْضُ بَطَارِقَتِهِ: قَدِ اسْتَنْكَرْنَا هَيْئَتَكَ، قَالَ ابْنُ النَّاظُورِ: وَكَانَ هِرَقْلُ حَزَّاءً يَنْظُرُ فِي النُّجُومِ، فَقَالَ لَهُمْ حِينَ سَأَلُوهُ: إِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ حِينَ نَظَرْتُ فِي النُّجُومِ مَلِكَ الخِتَانِ قَدْ ظَهَرَ، فَمَنْ يَخْتَتِنُ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ؟ قَالُوا: لَيْسَ يَخْتَتِنُ إِلَّا اليَهُودُ، فَلاَ يُهِمَّنَّكَ شَأْنُهُمْ، وَاكْتُبْ إِلَى مَدَايِنِ مُلْكِكَ، فَيَقْتُلُوا مَنْ فِيهِمْ مِنَ اليَهُودِ. فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى أَمْرِهِمْ، أُتِيَ هِرَقْلُ بِرَجُلٍ أَرْسَلَ بِهِ مَلِكُ غَسَّانَ يُخْبِرُ عَنْ خَبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا اسْتَخْبَرَهُ هِرَقْلُ قَالَ: اذْهَبُوا فَانْظُرُوا أَمُخْتَتِنٌ هُوَ أَمْ لاَ، فَنَظَرُوا إِلَيْهِ، فَحَدَّثُوهُ أَنَّهُ مُخْتَتِنٌ، وَسَأَلَهُ عَنِ العَرَبِ، فَقَالَ: هُمْ يَخْتَتِنُونَ، فَقَالَ هِرَقْلُ: هَذَا مُلْكُ هَذِهِ الأُمَّةِ قَدْ ظَهَرَ. ثُمَّ كَتَبَ هِرَقْلُ إِلَى صَاحِبٍ لَهُ بِرُومِيَةَ، وَكَانَ نَظِيرَهُ فِي العِلْمِ، وَسَارَ هِرَقْلُ إِلَى حِمْصَ، فَلَمْ يَرِمْ حِمْصَ حَتَّى أَتَاهُ كِتَابٌ مِنْ صَاحِبِهِ يُوَافِقُ رَأْيَ هِرَقْلَ ـــــــــــــــــــــــــــــ بلدًا كان أو غيرَه، فلا حاجةَ إلى القول بعموم المشترك أو المجاز. (وسُقِّف) بضم السين وتشديد القاف على بناء المجهول. أي: جُعل أُسْقُفًّا. قال ابنُ السّكيت: السقف بتحريك القاف طولٌ مع انحناء. قال: ومنه اشتق أُسْقُف النصارى، لأنه يتخاشع وهو رئيسٌ من رؤسائهم (ملك الختان قد ظَهَر) بضم الميم وسكون اللام، ورُوي مَلك بفتح الميم وكسر اللام، والختان بكسر الخاء المعجمة مصدر خَتَن معروفٌ، ويطلق على موضع الخِتان كما في الحديث: "إذا التقى الختانان وَجَبَ الغُسل". (فلا يُهمنَّك) -بضم الياء- يقال: أهمني الأمرُ إذا أَقلَقَكَ وأحزَنَك (هذا مَلِك) بفتح الميم وكسر اللام. والمشارُ إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ورُوي على صيغة المصدر، وعلى صيغة الفعل ماضيًا ومضارعًا. (هذه الأمة) أي: الموجودين ومن بعدهم إلى آخر الدهر (بروميّة) -بتشديد الياء وتخفيفها-: مدينة معروفة وبها خليفةُ عيسى على زعم النصارى وهو الذي يُسمونه ببولس (وكان نظيرَه) بالنصب خبر كان. (فلم يرِمْ) بكسر الراء أي: لم يفارق.

عَلَى خُرُوجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّهُ نَبِيٌّ، فَأَذِنَ هِرَقْلُ لِعُظَمَاءِ الرُّومِ فِي دَسْكَرَةٍ لَهُ بِحِمْصَ، ثُمَّ أَمَرَ بِأَبْوَابِهَا فَغُلِّقَتْ، ثُمَّ اطَّلَعَ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الرُّومِ، هَلْ لَكُمْ فِي الفَلاَحِ وَالرُّشْدِ، وَأَنْ يَثْبُتَ مُلْكُكُمْ، فَتُبَايِعُوا هَذَا النَّبِيَّ؟ فَحَاصُوا حَيْصَةَ حُمُرِ الوَحْشِ إِلَى الأَبْوَابِ، فَوَجَدُوهَا قَدْ غُلِّقَتْ، فَلَمَّا رَأَى هِرَقْلُ نَفْرَتَهُمْ، وَأَيِسَ مِنَ الإِيمَانِ، قَالَ: رُدُّوهُمْ عَلَيَّ، وَقَالَ: إِنِّي قُلْتُ مَقَالَتِي آنِفًا أَخْتَبِرُ بِهَا شِدَّتَكُمْ عَلَى دِينِكُمْ، فَقَدْ رَأَيْتُ، فَسَجَدُوا لَهُ وَرَضُوا عَنْهُ، فَكَانَ ذَلِكَ آخِرَ شَأْنِ هِرَقْلَ رَوَاهُ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، وَيُونُسُ، وَمَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ. [الحديث 7 - أطرافه في: 51، 2681، 2804، 2941، 2978، 3174، 4553، 5980، 6260، 7196، 7541]. ـــــــــــــــــــــــــــــ (في دَسْكَرة له) على وزن مَسْكَنة: قصرٌ حواليه بيوتُ الخدم، لفظٌ غير عربي (الرُّشد) ضد الغي بضم الراء والسكون وبفتحهما لغتان. قُرئ بهما في السبعة وهي قراءة حمزة والكسائي (فتُبَايِعُوا هذا النبيِّ) من البيعة بالباء الموحدة. ويروى بتاءين من المتابعة (فحَاصُوا) بالحاء والصاد المهملتين أي: نَفَروا نَفْرة (حُمُر الوحش) الذي هو مثل في هذا الباب، لما فيه من شدة النَّفار. ومنه المحيص: للمَهْرَب (آنفًا) يروى المدّ والقصر. وبه قراءة ابن كثير في السبعة (فكان ذلك آخرَ شأن هرقل) يُشير إلى أنه لم يثبتْ إسلامه بحسب الظاهر، بل الإقرار بالكفر، وإن كان هداه الله تعالى ومات مؤمنًا، فيا لها من سعادة. ومن تأمل في محاورته لأبي سفيان وتقريراته الحُجج، عَرَف قَدْرَ ما كان فيه من الكمالات والعطية، بأنواع السياسات ومعرفة أحوال ابتداء الأنبياء والانتهاء، لله دَرُّه إن رزقه اللهُ الإسلامَ!. ومناسبة الحديث للباب أنه لم يثبت عنده إيمانه، لكن إن كان في نفس الأمر مؤمنًا ينفعه؛ لأن الأعمال بالنية. (صالح بن كَيْسَان) -بفتح الكاف وسكون إلياء- تابعي جليلُ القدر، قال ابنُ معين: هو أكبر من الزهري، فعلى هذا روايتُه من رواية الأكابر عن الأصاغر، عاش مئة ونيفًا وستين سنة. قيل: اشتغل بالعلم وعمره ستون سنةً. قال بعضُ الشارحين: هذا داخل تحت الإسناد الأول، كأنه قال أبو اليمان: أخبرني هؤلاء الثلاثة. وردّه شيخُ الإسلام بأن أبا اليمان لم يَلْحق صالح بن كيسان ولا يسمعُ يونس. قلتُ: عدم السماع مُسَلَّم، لكن عدم اللحوق ممنوع؛ فإن أبا اليمان ولد سنة ثمان وثلاثين ومئة. ومات سنة ست وأربعين. قاله أبو الفضل المقدسي.

2 - كتاب الإيمان

2 - كِتَابُ الإِيمَانِ 1 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الإيمان تقديمُ كتاب الإيمان على سائر الأبواب والمقاصد، وذكرُهُ بعد الوحي وبدئه لا يخفى حُسْنُهُ. باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "بُني الإسلامُ على خمسٍ" هذه قطعةٌ من حديث سيرويه مسندًا، وتارة يجعلُ حديثًا ليس ثابتًا عنده ترجمةَ الباب؛ إشارةً إلى أن حكمه صحيح. والدليل: حديثُ الباب. إلا أن حديثَه بلفظه غير ثابت عنده. وإنما ذكر الإسلام في كتاب الإيمان إشارةً إلى اتحادهما. وهذا هو الحق إن أُريد بحسب الصدق؛ إذ لا يوجد مسلم عند الله لا يكون مؤمنًا، ولا مؤمن لا يكون مسلمًا، إلا أن المفهومَيْنِ مختلفان. وذَكَرَ أنه قابل للزيادة والنقصان. هذا هو الحق أيضًا عند الكل بحسب الأعمال والكمال. وأما باعتبار الذات وهو الإيمان المنجي الذي مناطُه تصديقُ القلب. فالأشاعرةُ أولًا وآخرًا على أنه يقبلها أيضًا سوى ما يروى عن أبي حنيفة خلافه. والظاهر هو الأول، إذ مع قطع النظر عن كل عمل ودليل لا يقابل تصديق أبي بكر بتصديق العوام. وهنا أيضًا مسألة غريبةٌ وهو أنه قال الشافعي: إذا سُئلتَ عن الإيمان فقل: أنا مؤمن إن شاء الله. وشنَّع عليه الحنفية في كتبهم بأن الاستثناء شكٌ، والشكُ في الإيمان كفرٌ. وهذا كلامٌ ساقطٌ؛ لأن إن شاء الله ليس منحصرًا في المشكوك، بل استعمله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المقطوع به. وهو قوله في السلام على الموتى: "وإنا بكم إن شاء الله لاحقون" بل المراد من المشيئة: التفويضُ إلى الله بالكلية أو ذاك بحسب

وَهُوَ قَوْلٌ وَفِعْلٌ، وَيَزِيدُ وَيَنْقُصُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ} [الفتح: 4] {وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} [الكهف: 13] {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى} [مريم: 76] {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} [محمد: 17] وَقَوْلُهُ: {وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا} ـــــــــــــــــــــــــــــ العاقبة، ولله عاقبة الأمور ليس لأحدٍ اطلاع على شيء من ذلك. ثم ما يجب تنبيه له: أن ما يقال: إن الإيمان عند الأشعري هو إيمان الموافاة، ليس الأشعريُ منفردًا بذلك؛ لأن الكافر حال كونه كافرًا، لا يقول أحدٌ بإيمانه. والمراد أنه مؤمن في علم الله بموته على الإيمان، وهذا متفق عليه. فظهر أن نسبة إيمان الموافاة إلى الأشعري لاشتهار القول منه، لا لانفراده به. وإلى ما ذكرنا أشار المحققُ التفتازاني في شرحه للمقاصد. فإن قلتَ: إذا كان التصديقُ هو الإيمان المُنجي، فما وجهُ قول السلف: الإيمانُ تصديقُ الجنان والقول باللسان، والعملُ بالأركان؟ قلتُ: أرادوا به الإيمان الكامل كما في قوله - صلى الله عليه وسلم -: (بني الإسلام على خمس) بدليل أنه قال في موضع آخر: "من قال لا إله إلا اللهُ دَخَل الجنة" إلا أن أبا حنيفة قال: إن الإقرار ركن يسقط بالإكراه لقوله تعالى: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} [النحل: 106] فمن لم يُقرّ بلسانه مرةً في عمره لا يصحّ إيمانهُ عنده خلافًا للأشعري. وأما إذا طُولب بالشهادة فأبى فليس بمؤمنٍ عند أحدٍ، وليس هو مجرّد القول كما قالت الكَرَّامِيّة. ولا نفس المعرفة كما ذَهَب إليه طائفة، بل هو معرفةٌ مع الإذعان. ألا ترى كيف سُلب الإيمان عمن صدق ولم يذْعِنْ بقوله: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ} [النمل: 14]. فإن قلتَ: ما وجهُ قوله: "السعيد يشقى والشقيُّ يَسْعَدُ" مع حديث: "يُكتب في بطن أمه شقيٌ أو سعيدٌ"؟ قلتُ: الأول باعتبار الظاهر فإنه يكون كافرًا ثم يُسْلم، وبالعكس والعياذ بالله. والثاني: بالنظر إلى علم الله، وإلى قوله تعالى {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ} [ق: 29]. (وهو قول وفعل) من كلام البخاري. والفعلُ شاملٌ لعمل القلب. ألا ترى إلى قول النحاة: باب أفعال القلوب، وإنما أفرد القول وإن كان الفعل شاملًا له لشيوعه في العرف في مقابلة القول، ولأنه أراد الردّ على الكرّامية كما نبَّهنا عليه آنفًا.

[المدثر: 31] وَقَوْلُهُ: {أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا [ص:11] الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا} [التوبة: 124] وَقَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا} [آل عمران: 173] وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} [الأحزاب: 22] وَالحُبُّ فِي اللَّهِ وَالبُغْضُ فِي اللَّهِ مِنَ الإِيمَانِ " وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ إِلَى عَدِيِّ بْنِ عَدِيٍّ: «إِنَّ لِلْإِيمَانِ فَرَائِضَ، وَشَرَائِعَ، وَحُدُودًا، وَسُنَنًا، فَمَنِ اسْتَكْمَلَهَا اسْتَكْمَلَ الإِيمَانَ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَكْمِلْهَا لَمْ يَسْتَكْمِلِ الإِيمَانَ، فَإِنْ أَعِشْ فَسَأُبَيِّنُهَا لَكُمْ حَتَّى تَعْمَلُوا بِهَا، وَإِنْ أَمُتْ فَمَا أَنَا عَلَى صُحْبَتِكُمْ بِحَرِيصٍ» وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي» وَقَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ: «اجْلِسْ بِنَا نُؤْمِنْ سَاعَةً» وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: «اليَقِينُ الإِيمَانُ كُلُّهُ» وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: «لاَ يَبْلُغُ العَبْدُ حَقِيقَةَ التَّقْوَى حَتَّى يَدَعَ مَا حَاكَ فِي الصَّدْرِ» وَقَالَ مُجَاهِدٌ: «شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ أَوْصَيْنَاكَ يَا مُحَمَّدُ وَإِيَّاهُ دِينًا وَاحِدًا» وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا» سَبِيلًا وَسُنَّةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ (الحب في الله والبُغض في الله من الإيمان) هذا حديثٌ مسند عنده ذكَرَهُ تعليقًا، وقد أخرجه أبو داود وليس داخلًا في الترجمة، ولا هو من كلام البخاري كما يُوهم (وكتب عمر بن عبد العزيز) هو أَشَجّ بني مروان، الذي مَلأَ الأرضَ عدلًا، الخليفةُ الخامسُ، الشابُ التقي، مناقبه لا تُعدّ ولا تحصى. قيل: كان أزهد من أُويس القرَني (إلى عدي بن عدي) تابعي معروف، كان عاملًا لعمر بن عبد العزيز على الجزيرة. (إن للإيمان فرائض) أي: عقائد لا تُبَدَّل بتبدّل الشرائع، ومكملاتٌ لها (وشرائع) فروعًا تتبدّل وتنسخ (وحدودًا) نهايات لا يجوزُ التجاوزُ عنها (وسننًا) ما يثاب على فعلها ولا يعاقب على تركها. (دعاؤكم إيمانكم) من قول البخاري. يشير إلى قوله تعالى: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ} [الفرقان: 77] فإنه أُريدَ به الإيمانُ (لا يبلغُ العبدُ حقيقةَ التقوى حتى يَدَع ما حاكَ في الصدر) أي: تحرّك فيه، ومنه الحياكة للصنعة المعروفة. حاصلُه: تركُ الشبهات التي تضطرب لها نفس المؤمن كما أشار إليه بقوله: "التقوى

2 - باب دعاؤكم إيمانكم لقوله عز وجل: {قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم}

2 - باب دُعَاؤُكُمْ إِيمَانُكُمْ لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلاَ دُعَاؤُكُمْ} [الفرقان: 77] وَمَعْنَى الدُّعَاءِ فِي اللُّغَةِ الإِيمَانُ. 8 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ". [الحديث 8 - طرفه في: 4515]. 3 - بَابُ أُمُورِ الإِيمَانِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {لَيْسَ البِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ، وَلَكِنَّ البِرَّ مَنْ آمَنَ ـــــــــــــــــــــــــــــ ههنا" وأشار إلى صدره، وبقوله: "استفتِ قلبَك، وإن أَفْتَوْكَ وأَفْتَوْكَ". بابٌ دُعاؤُكُمْ إِيمَانُكُمْ 8 - (بني الإسلامُ على خمسٍ) استعارةٌ تبعيةٌ أو تمثيل، وقد تقدم أنه يريدُ به الإيمان الكاملَ، وأن إيراد الإسلام في باب الإيمان، إشارة منه إلى صِدْقهما على شيء واحدٍ، وإن اختلفا مفهومًا. وأراد بالشهادات: ما يعم القلبَ واللسان، وقَدَّم الحجَّ على الصوم وإن كان وجوبه متأخرًا لكونه أشقَّ، ولاشتماله على سائر الطاعات، وتَرَكَ ذكر الجهاد لأنه فرضُ كفايةٍ. بابُ أمور الإيمان بإضافة الباب وبدونها، وإضافة الأمور إلى الإيمان بمعنى اللام، وقيل: بيانية وليس

بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ وَالمَلاَئِكَةِ وَالكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى المَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي القُرْبَى وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ، وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ، وَأَقَامَ الصَّلاَةَ، وَآتَى الزَّكَاةَ، وَالمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا، وَالصَّابِرِينَ فِي البَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ البَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ المُتَّقُونَ} [البقرة: 177] وَقَوْلِهِ: {قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: 1] الآيَةَ. 9 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الجُعْفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ العَقَدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً، ـــــــــــــــــــــــــــــ بشيء؛ لأنه إن أراد أصل الإيمان فهو التصديقُ لا غيرُ، وإن أراد الكاملَ فالأمور المذكورة ليست جميعَ شعب الإيمان. 9 - (العَقَدي) نسبةً إلى عَقَد -بفتح العين والقاف- بطنٌ من قبيلة أَزْدٍ باليمن (أبو هريرة) اسمه: عبد الرحمن على الأصحّ، واختُلف فيه إلى ثلاثين قولًا، أسلَمَ ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - على فتح خيبر. قيل: كَنّاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا هريرة لأنه كان يحمل هرةً في كُمّه، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما في كُمِّك"؟ فقال: هرةٌ، فقال له: "أنت أبو هريرة". وقيل: كان له هُرَيرة يَلْعب بها في صِغره، وهذا هو الصوابُ، دل عليه حديث إسلامه؛ فإنه كان ضاع عنه غلامُه، بينما هو يحكي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضياعَهُ أولَ مقَدَمِهِ، قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا أبا هريرة هذا غلامُك". (الإيمان بضْعٌ وستون شُعْبَةً) شُعبة الشيء فرعُه. والبِضْع بالفتح والكسر ما بين الثلاثة إلى التسعة. وقيل: ما بين اثنين إلى عَشَرة. وعن الخليل إمامِ النحو: البِضْع سبعةٌ. وقيل: ما بين اثني عشر إلى عشرين، ولا يقال على اثني عثر. والأول أصحّ، دلّ عليه حديثُ رِهَان الصديق مع أبي بن خلف كما سيأتي في تفسير سورة الروم. والمراد بها: خصالُ الإيمان

وَالحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ مطلقًا؛ سواء كانت بالقلب وبالجوارح، فيدخُلُ فيه التصديقُ وكلمة التوحيد كما في الرواية الأخرى. "أفضلُها قول لا إله إلا الله" ويُروى بدل ستون سبعون. وفي رواية مسلم من طريق سُهَيل: "سبعون أو بِضْع وستون" على الشك وفي الترمذي وأبي داود من طريق أبي سُهيل: "بِضْعٌ وسبعون" من غير شك. قيل: الأَوْلى الأقلُّ؛ لأنه متفق عليه، وقيل: الأَكثرُ، لأن زيادة الثقة مقبولةٌ. ومن قال: ليس هذا من زيادة الثقة؛ لأنها تكون بزيادة لفظ لا بإبدال لفظٍ بآخر، فقد التُبِسَ عليه؛ لأن ذلك نوعٌ منه. أَلاَ ترى أنّ إرسال راوٍ ووَصْلَ راوٍ آخر، عَدُّوه من زيادة الثقات؟ ذكَرَه ابنُ الصلاح وقال: منهم من قدّم الإرسال مُستدلًا بأنه نوعُ قَدْحٍ كالجرح، فإنه مقدَّم على التعديل. قال: والجواب عنه: أن الجَرْحَ إنما قُدّم لأن فيه زيادةَ العلم، والزيادةُ هنا مع الوَاصِل، وقد تكلف بعضُهم في توجيه "سبع وسبعون شُعبةً" بأن السبع عددٌ كامل، لأن الستة عدد تامّ والسبعةَ كامل؛ لأن بعد التمام ليس إلا الكمال، ورام بعضُهم بيان الحصر بالترديد. والتحقيق: أن الشارع ليس بصدد ذلك، بل المراد من هذا العدد: الإشارةُ إلى الكثرة. ومن تأمّل في أعمال الحج من الواجبات والسنن والآداب وَجَدَها زيادةً على هذا العدد، فَصَّلها الغزالي في "الإحياء"، وقال الأنصاري في "منازل السائرين" نقلًا عن الكتَّاني: إن بين السالك وبين الوصول ألفَ مقام. فإن قلتَ: مَن رام الحصر فلعله أراد ضبطَ الأنواع دون الأفراد؟ قلتُ: لو أراد ذلك لم يجعلْ إماطةَ الاْذى عن الطريق أَدْنَاها، لدخوله تحت مطلق دفع الأذى عن الخَلْق. (والحياء شُعبة من الإيمان) أفرده بالذكر؛ لأنه موضع الالتباس، كما ذكره في إماطة الأذى عن الطريق. أَلاَ ترى إلى ما رواه البخاري ومسلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرّ على رجلٍ من الأنصار وهو يعظ أخاه في الحياء، فقال: "دَعْهُ فإن الحياء من الإيمان" وقد اشتهر بين العوام أن الحياء يمنع الرزق.

4 - باب: المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده

4 - بَابٌ: المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ 10 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي السَّفَرِ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وأما قوله: "الحياءُ خيرٌ كلُّه": فقد أراد به المبالغة، أو أراد به أنه منشأ كلِّ خيرٍ، والباعثُ على ترك كل قبيح. فإن قلتَ: ما حقيقةُ الحياء؟ قلتُ: الحياء أمرٌ وُجداني غنيٌّ عن التعريف، لكن قد يُنَبَّهُ عليه بأنه غريزةٌ في الإنسان تبعثه على ترك ما يُلام عليه. واشتقاقُه من الحياة، لأن المتصف بها يكون قويَّ الحق. وقيل: اشتقاقُهُ من حَيِيَ إذا نقضت حياتُه، كما يقال: حَشي الرجلُ إذا أُصيب حَشَاه. فإن قلتَ: قد يخل الإنسانُ ببعض الأمور الواجبة، كما في أمر المعروف والنهي عن المنكر إجلالًا لمرتكبها. قلت: ذلك ليس من الحياء في شيء، إنما عجزٌ وخَوَرٌ. باب المسلمُ من سلم المسلمون من لسانه ويده 10 - (آدم بن أبي أياس) بكسر الهمزة (شُعبة) -بضم المعجمة- إمام جليل أميرُ المؤمنين في الحديث. قاله الثوري. وقال الشافعي: لولا شعبة لم يُعرف الحديثُ بالعراق (عن عبد الله بن أبي السَفَر) بفتح السين والفاء سعيد بن محمد، قال الدارقطني: وعن بعض المغاربة: سكون الفاء، وذلك خلافُ ما يقوله أهلُ الحديث (عن عبد الله بن عَمْرو) -بفتح العين آخره واو- هو ابن عمرو بن العاص العابد الناسك، الحافظ لأحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال أبو هريرة: أنا أكثر الناس حديثًا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا ما كان من عبد الله بن عمرو، فإنه كان يَكْتب ولا أكتب. وهذا الكلامُ فيه نظر، وذلك لما سيأتي في البخاري أن أبا هريرة بَسَط رداءه فغرف فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم ينس بعد ذلك شيئًا. اللهم إلا أن يُحمل على ما قبل ذلك. (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) أراد المسلمَ الكامل، وهذا صريحٌ في

5 - باب: أي الإسلام أفضل؟

وَالمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ هُوَ ابْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ عَبْدُ الأَعْلَى، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [الحديث 10 - طرفه في: 6484]. 5 - بَابٌ: أَيُّ الإِسْلاَمِ أَفْضَلُ؟ 11 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ القُرَشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالُوا ـــــــــــــــــــــــــــــ رواية مسلم؛ لأنه قال في جواب مَنْ قال: أيّ المسلمين أو أيُّ الإسلام خيرٌ؟ وإنما خَصَّ اللسان واليد بالذكر، وإن كان المعنى على العموم؛ لأن أكثر الضرر بهما، ولهذا قدّم اللسان لأنه أكثر ضررًا ألا ترى إلى قوله لمعاذ: "وهل يَكُبُّ الناسَ على مناخرهم إلا حصائدُ ألسنتهم". (والمهاجر مَن هَجَر ما نهى الله عنه) أي: ليس المهاجرُ الكامل مَن هَجَر من مكة إلى المدينة حين كانت الهجرة واجبة كما يتعارفُ الناسُ، بل مَنْ هَجَر المعاصي. (وقال أبو معاوية) هو محمد بن الخازم -بالخاء المعجمة- الضريرُ، شيخ البخاري. قال العراقي: ما عزاه البخاري إلى بعض شيوخه بلفظِ قال، فليس حكمُهُ حكم التعليق، بل حكم الإسناد المعنعَن (وقال عبد الأعلى) ابن عبد الأعلى السَّامي -بالسين المهملة-: روايةُ البخاري عنه يقال تعليق، لأنه شيخ شيوخه. رَوَى عنه علي بن المديني وغيرُهُ من شيوخ البخاري. باب: أي الإسلام اقضل؟ أي: أفضل من غيره، لأن اسم التفضيل لا بدّ له من اللام أو الإضافة أو مِنْ. فإن قلت: ما معنى قوله: (أيُّ الإسلام)؛ قلتُ: المضاف مقدّر أي: أيّ خصاله أفضلُ. 11 - (أبو بُرْدة بن عبد الله بن أبي بُرْدة) -بضم الباء- فيهما الأول اسمه: بُرَيد، والثاني اسمه عامر.

6 - باب: إطعام الطعام من الإسلام

يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الإِسْلاَمِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ، وَيَدِهِ». 6 - بَابٌ: إِطْعَامُ الطَّعَامِ مِنَ الإِسْلاَمِ 12 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي الخَيْرِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الإِسْلاَمِ خَيْرٌ؟ قَالَ: «تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلاَمَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ». [الحديث 12 - طرفاه في: 28، 6236]. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إطعام الطعام من الإسلام 12 - (تُطعم الطعامَ) أي: أن تُطعمَ. حُذف "أَنْ" وأُزيل أثرُها، كقولهم: تَسمعُ بالمُعيدي. . . وكقول الشاعر: أَلاَ يا أيها الزاجري أحضر الوغى (وتقرأُ السلام) -بفتح التاء- من القراءة. وحاصلُهُ: أن تُسَلّم. وإنما زاد فيه لفظ القراءة تفخيمًا له. ويروى بضم الياء من الإقراء. قال ابن الأثير في توجيه هذا: كأنك بالسلام عليه تحمله على أن يَقْرأ عليك السلام أي: تردّ (على من عرفتَ ومن لم تعرف) ليكون عبادةً لله تعالى، ولو ميزت به من تعرف فقد راءيتَ، وخَرَج عن كونه لله تعالى. فإن قلتَ: هل فرقٌ بين الخير والأفضل؛ فإنه ذكر أولًا أفضل، وثانيًا خير؟ قلتُ: لا فرقَ بدليل ما روى مسلم: "خير" في موضع "أفضل" وليس هنا في مقابلة الشرّ كما يتوهم؛ لأن الكلام في أمور الإيمان وتفاضُلها. فإن قلتَ: قال أولًا: "أفضلُ الإسلام من سَلِم المسلمون من لسانه"، وثانيًا: "خير

7 - باب: من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه

7 - بَابٌ: مِنَ الإِيمَانِ أَنْ يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ 13 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ حُسَيْنٍ المُعَلِّمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ الإسلام أن يطعم"؟ قلتُ: هذا بالنظر إلى المخاطب وما يليق بحاله. باب من الإيمان أن يُحب لأخيه ما يحب لنفسه أي: من أجزاء الإيمان الكامل. والمحبة: المَيْلُ إلى الشيء لِما فيه من الكمال. مأخوذ من حَبَّة القلب، لأنه فِعْله. 13 - (مسدّد) بن مُسَرْهَد بن مُسَرْبَل بن مُغربل -كلُّها على وزن اسم المفعول- ابن أرندل بن عرندل، قال أبو نعبمُ: هذه رقية العقارب، وكأنه قال: [. . . .] لا حقيقةً. باب حُبُّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - من الإيمان فإن قلتَ: لِمَ قَدَّم: من الإيمان في الباب الأول وأخره هنا؛ قلتُ: تَفَنُّنًا في العبارة، وأيضًا: حبُّ الإنسان لأخيه ما يحب لنفسه، كونه من الإيمان وشعبة منه، ليس ظاهرًا كظهور حُب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقُدّم اهتمامًا. فإن قلتَ: المحبة استحسانُ الشيء، فكيف يُحبّ من لم يَرَهُ؟ قلتُ: ذكرنا لك أن المحبة ميلُ القلب إلى ما فيه كمالٌ، فلا يتوقفُ على الرؤية، ألا ترى إلى قول الشاعر: والأُذن تَعْشَقُ قَبل العين أحيانًا

8 - باب: حب الرسول صلى الله عليه وسلم من الإيمان

8 - بَابٌ: حُبُّ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الإِيمَانِ 14 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ وفي الحديث: "الأرواحُ جنودٌ مجنَّدة". قال ابن بَطَّال: المحبةُ على ثلاثة أقسام: محبةُ إجلالٍ كمحبة الولد والِدَهُ، ومحبةُ شفقةِ ورحمةٍ كالعكس، ومحبهَ سائر الأشياء محبةُ استحسانٍ. وهذا الذي ذكره راجعٌ إلى ما قلنا، وتفصيلٌ لجهاته. فإن قلتَ: ما حقيقةُ حب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أمته؟ قلتُ: تمنّي لقائه، وبذلُ المال والنفس في نصرته، والقيامُ بأوامره، والاجتنابُ عن مناهيه. باب حب الرسول - صلى الله عليه وسلم - من الإيمان 14 - (أبو اليمان) -بتخفيف النون- هو الحكم بن نافع (أبو الزناد) -بكسر الزاي بعده نون- عبد الله بن ذَكْوان المدني، أصله من همدان قبيلة بيمن. (والذي نفسي بيده) إطلاق اليد على الله من المتشابهات. مذهب السلف: السكوت في مثلها وإن كان لها معانٍ لا يعلمها إلا الله. ومذهب الخَلَف: أنها مصروفةٌ عن حقيقتها إلى معانٍ تلائم المقام. (لا يؤمن أحدُكم حتى كون أحبَّ إليه من والده وولده والناسِ أجمعين) أحبّ أفعلُ تفضيلٍ بمعنى أشدّ محبوبيةً، وفيه شذوذان إن كان من أحبّ، وشاذٌ من وجه إن كان من حبّه. ويقال: حَبَّه وأحبَّه لغتان ذكرهما الجوهري. فإن قلتَ: لِمَ اقتصر على الوالد والولد، وشَرَط أن يكون أحبَّ إليه من نفسه أيضًا، دلَّ عليه حديثُ عمر بن الخطاب كما سيأتي؟ قلتُ: ذِكْر الولدَ دلّ على ذلك، فإن الولد أعزُّ على الإنسان من نفسه. ألا ترى أنه يقيه بنفسه عند المكاره على أنه داخلٌ في قوله: "والناس أجمعين".

9 - باب حلاوة الإيمان

15 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ح وحَدَّثَنَا آدَمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ». 9 - بَابُ حَلاَوَةِ الإِيمَانِ 16 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلَّا ـــــــــــــــــــــــــــــ 15 - (ابن عُلَيّة) -بضم العين وفتح اللام وتشديد الياء- أبو بشر إسماعيل بن إبراهيم الأسدي، وعُلَيّة أمُّه، وكان يكره هذه النسبة إلاّ أنه اشتهر بها (صُهَيب) بضم الصاد على وزن المصغر. هذا وقد تقدّم منا الكلامُ على لفظ "ح" وأن الظاهر أنه إشارة إلى تحوّل الإسناد. باب حلاوة الإيمان شبّه المعقول بالمحسوس، وأثبتَ له شيئًا من لوازمه على طريق الاستعارة المكنية، والمراد من حلاوة الإيمان: استلذاذ النفس بالطاعات كاستلذاذها بأشهى المأكولات، وهذا شأنُ أولياء الله، المستأنسين به، المناجين له في الخَلَوات. 16 - (محمد بن المُثَنَّى) على وزن المفعول من التثنية، يُكنى أبا موسى وُيعرف بالزَّمِنِ (عن أبي قِلاَبة) -بكسر القاف- عبد الله بن زيد التابعي الكبير (ثلاثٌ مَنْ كُنّ فيه) أي: ثلاثُ خصالٍ (أن يكون الله ورسولُه أحبَّ إليه مما سواهما). فإن قلتَ: رَوَى مسلم والحاكم أن رجلًا خَطَبَ عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من يطع اللهَ ورسوله فقد رَشَد، ومن عَصَاهما فقد غَوَى. فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بئسَ خطيبُ القوم

لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ". [الحديث 16 - أطرافه في: 21، 6041، 6941]. ـــــــــــــــــــــــــــــ أنت. قل: ومن يعصِ اللهَ ورسولَه فقد غوى". فكيف أتى بالضمير في الحديث، وقد مَنَع الغيرَ منه؟ قلتُ: قيل إنما مَنَع الخطيب، لأن حال الخطيب يقتضي الإيضاحَ لا الرُّموزَ. وهذا ليس بشيء؛ إذ الخطيب أجرى الكلام على مقتضى ظاهر الحال، ولا رَمْز في ذلك، وإنما ردّ عليه لكون الجمع في الضمير مُخِلًّا بإجلال الله. وقيل: الإتيان بالضمير يمتنع من غيره لا منه وهذا من النمط الأول؛ لأن الغرضَ من الإفراد بالذكر إذا كان إجلال الله فهو أَوْلى برعايته ذلك من غيره، لأنه أبلغُ الناسِ، وأعرفُ بكبرياء الله تعالى. وقيل: إنما آثَرَ الضميرَ، لأنَّ المعتبر مجموع المحبين، إذ كل واحدة وحدها ضائعة بخلاف العصيان، فإن عصيان كلّ واحد منهما مستقل بالغواية. وهذا الكلام أيضًا من ذلك النمط، إذ المعنى لا تفاوُتَ في العطف والضمير ألا ترى أن أهل العربية قالوا: قولك: جاءني الرجلان في قوة قولك: جاءني رجلٌ ورجل. وإنما فائدة لفظ التثنية: الاختصارُ، على أن قوله: كل واحد من المحبتين ضائعة وحدها إنما يُتصوران أَنْ لو كان انفراد محبة الله عن محبة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وبالعكس ممكنًا. وهذا مُحالٌ. ألا ترى إلى قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ)} [آل عمران: 31] كيف أثبتَ المُلاَزمةَ؟ وقولِهِ: {وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ} [التوبة: 62] كيف أفرد الضمير إلى رسوله دلالةً على أن رضاه رضا الله تعالى. فإن قلتَ: فما الجوابُ عن الإشكال؟ قلتُ: الواقع في كلام الخطيب جملتان، فأشار إلى أن التعظيم يقتضي الإفراد بالذكر في كل جملة. وأما الواقع في كلامه جملة واحدة، وقد أفرده بالذكر في صدرها، فلو أفرده ثانيًا ذَهَبَ سلاسة الكلام، فيكون هكذا: من كان اللهُ ورسولُه أحبَّ إليه مما سوى الله ورسوله. فإن قلتَ: فقد جاء في سنن أبي داود: "ومن يعصهما فلا يَضُرُّ إلَّا نفسَه" وهذا -كما ترى- جملة مستقلة؟ قلتُ: ذاك من كلام الخطيب ولو سُلّم أنه من كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيكون بيانًا للجواز حتى لا يَتَوَّهَمَ مَنْ رَدَّه على الخطيب أن ذلك الأسلوب واجب الرعاية شرعًا. (يكرهُ أن يعودَ في الكفر كما يكره أن يُقْذَفَ في النار) الكراهةُ لا تُضَادُّ الإرادةَ، بل

10 - باب: علامة الإيمان حب الأنصار

10 - بَابٌ: عَلاَمَةُ الإِيمَانِ حُبُّ الأَنْصَارِ 17 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «آيَةُ الإِيمَانِ حُبُّ الأَنْصَارِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ اللذة، ويظهر ذلك في شُرب الدواء المرّ، فإنه يشرب به مع الكراهة بإرادته، ومن جَعَله ضِدّ الإرادةِ فقد التبسَ عليه الكراهةُ بالإكراه، فإنه الذي يُضَادُّ الإرادةَ. والمرادُ من العَوْد هو الدخولُ -كما في قصة شعيب- {أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا} [الأعراف: 88]. إذْ لم يكن شعيب في ملّتهم قطُّ. والقَذْفُ: هو الرمي بقوة وعُنف، ولذلك آثَرَه على الرمي. باب علامة الإيمان حُبُّ الأنصار علامةُ الشيء: الأمَارةُ الذي به يعلم، والأنصار جمع نصير كأشراف في شريف. واللام فيه للعهد، لأن المرادَ أنصارُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهم الأوسُ والخزرج قبيلتان معروفتان، أبوهما أوسٌ وخَزْرَج أولاد سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان. ولما بُعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكذَبَتْهُ قريشٌ شَرَعَ في المواسم يَعرضُ نفسَه على القبائل، ويدعوهم إلى نَصْره وحمايته، حتى يُبَلّغ ما أُمر به، فلم يساعِدْه على ذلك أحدٌ. لما أراد اللهُ من كرامة هؤلاء فقدّر أنْ لقي في موسمٍ من المواسم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ستةَ نَفَرٍ منهم كلُّهم من الخزرج، فآمنوا به، فلما عادوا إلى المدينة أشاعُوا ذكرَهُ، فلم يبقَ بيت في المدينة إلاَّ ويُذكَر فيه اسمه الشريف. ثم وافى في العام القابل اثني عشر رجلًا، اثنان من الأوس والباقي من الخزرج، فلقيهم بالعقبة وبايعوه على الإسلام، وأرسَلَ معهم مُصعَبَ بن عُمير يُعلّمهم الإسلامَ والقرآن. فلما كان العام القابل وافى الموسمَ ثلاثةٌ وسبعون نفرًا وامرأتان، أحد وعشرون من الأوس والباقي من الخزرج، فبايعوه على الإسلام والحرب على كل من عاداه. وجَعَل عليهم اثني عَشَر نقيبًا، عدد نُقباء موسى عليه السلام، ثم رحل يعد شهرين معه أبو بكر وعامر بن فهيرَة؛ عبدُ أبي بكر، وعبد الله بن أريقط دليلًا لهم. فإن قلت: ما معنى حُبّ الأنصار وقد انقرَضُوا؟ قلتُ: المراد ميلُ القلب إليهم والثناءُ عند ذكرهم، لأنهم الذين كشفوا الكرب عن وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهم أهلٌ لذلك، وإكرامُ ذُرّيتهم لأجلهم. 17 - (عبد الله بن جَبْرٍ) بفتح الجيم (وآيةُ النفاق بغضُ الأنصار) النفاق إبطان الكفر

11 - باب

وَآيَةُ النِّفَاقِ بُغْضُ الأَنْصَارِ» [الحديث 17 - طرفه في: 3784]. 11 - باب 18 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو إِدْرِيسَ عَائِذُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا وَهُوَ أَحَدُ النُّقَبَاءِ لَيْلَةَ العَقَبَةِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ، وَحَوْلَهُ عِصَابَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ: «بَايِعُونِي عَلَى أَنْ لاَ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلاَ تَسْرِقُوا، وَلاَ تَزْنُوا، وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلاَدَكُمْ، وَلاَ تَأْتُوا بِبُهْتَانٍ تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وإظهار الإيمان، ومن عَرَفَ سابقةَ الأنصار في الإسلام، وثناءَ الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - عليهم ثم أبغَضَهم، لا شك أنه منافقٌ شرُّ الكَفَرة، كما أن مَنْ أحبَّهم من تلك الحيثية من خيار البَرَرة. بابٌ كذا وَقَع من غير ترجمة. وله من هذا النمط في هذا الكتاب مواضعُ، وتارةً يترجم الباب، ولا يورد فيه حديثًا، وسبب ذلك أنه وضَعَ أولًا الأبوابَ، ثم أردفَها بالتراجم، ثم أورد الأحاديث الملائمة للباب، فربما لم يتفق له ترجمةٌ، أو ترجَمَ ولم يتفقْ له الحديثُ المناسب. وقيل: يفعل ذلك لأن المذكور بعده مناسب للباب قبله، فالباب بمثابة الفصل للباب قبله. 18 - (أبو اليَمَان): هو الحكم بن نافع (عائذ الله) لَقَب أبي إدريسِ الخَوْلاني التابعي الجليل المعروف بالزهد والورع، كان قاضيًا لمعاوية بالشام بعد أبي الدرداء (أنّ عُبَادة بن الصامت) -بضم العين وتخفيف الباء- أبو الوليد الأنصاري الخزرجي. (بايعوني) استعارةٌ تبعية، شبّه إعطاءَهم الانقياد لأحكامه ومقابلته ذلك بالجنة ورضوان الله بالمبايعة التي هي مُبادلةُ المال بالمال على التأبيد. (ولا تأتوا ببُهتان تَفترونه بين أيديكم وأرجلكم). فإن قلتَ: ما البُهْتَان؟ قلتُ: افتراء الكذب على بريء بحيث يبهته ويحيره.

وَلاَ تَعْصُوا فِي مَعْرُوفٍ، فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ثُمَّ سَتَرَهُ اللَّهُ فَهُوَ إِلَى اللَّهِ، إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ وَإِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ» فَبَايَعْنَاهُ عَلَى ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلتَ: فذلك يكون باللسان، فأي فائدة لوصفه بقوله: بين أيديكم وأرجلكم؟ قلتُ: اللسان ترجمان القلب. أشار إلى أنكم تحيرونه بقلوبكم التي بين أيديكم وأرجلكم. وقيل: إنما ذكَرَ الأيدي والأرجُلَ لأن أكثرَ الأعمال تُزاوَلُ بهما. وليس بشيءٍ؛ لأن ذلك إنما يقال في أمورٍ يكون لليد والرجل تأثيرٌ في أكثرها كقوله تعالى: {بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ} [آل عمران: 182] {فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} [الشورى: 30] إذ ليس العقابُ على جناية اليد وحدها. وكذا ما يقال معناه: لا تَفْتَروا على من بين يديكم حاضرًا لعدم دلالة الكلام عليه مع إخلاله بغرض الشارع، إذ ليس هذا الحكم مخصوصًا بالحاضر، بل الافتراء على الغائب أشدّ جُرْمًا. فإن قلتَ: الافتراءُ هو عين البهتان، فما فائدة الجمع بينهما؟ قلتُ: الافتراء من الفَرْي وهو القطع، أشار به إلى أنهم يقطعون من عند أنفسهم. (ولا تعصوا في معروف) أي: فيما عرف من الشرع سواء كان مأمورًا به أو منهيًا عنه. أجْمَلَ في القول بعدما فَضَل بعضَ أمهات الخبائث التي كانت العربُ مَوسُومين بها، ولذلك خَصَّ القَتْلَ بالأولاد، لأنه كان دأبَهم خشيةَ الإملاق (ومن أصاب من ذلك شيئًا ثم ستره الله فهو إلى الله) أي: جزاؤه. وقد فَسَّره بقوله: (إن شاء عفا عنه، وإن شاء عاقبه) فيه دليلٌ لأهل الحق في أن أصحاب الكبائر في مشيئة الله تعالى يجوزُ العفو عنهم بل هو الراجحُ، ولذلك قدِّم العفوَ على العقاب. فإن قلتَ: ذلك إشارة إلى المذكور قبله، وفيه الشرك؟ قلتُ: العفوُ عن الشرك أخرجه قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [النساء: 48] وما يقال: إن المراد بالشرك في الحديث: الشرك الخفي وهو الرياء فلا يُعوَّل عليه. فإن قلتَ: لا تَعْصُوا في معروف دَخَل فيه أكلُ مال الغير وقتله ظلمًا، وقد أجمعُوا على أن ظلم العباد لا بُدّ من أدائه؟ قلتُ: معنى ذلك الإجماع بأن حق العباد لا بُدّ له من الأداء، ولا يلزم أن يكون ذلك بعقاب الظالم، بل إما أن يُؤخذ من حسناته، وإما أن يُرضي اللهُ خَصْمَه من خزائن فضله. هكذا يجب أن يُفهم هذا المقام، فإنه صريحُ معنى الحديث،

12 - باب: من الدين الفرار من الفتن

12 - بَابٌ: مِنَ الدِّينِ الفِرَارُ مِنَ الفِتَنِ 19 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ المُسْلِمِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الجِبَالِ وَمَوَاقِعَ القَطْرِ، يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنَ الفِتَنِ». [الحديث 19 - أطرافه في: 3300، 3600، 6495، 7088]. ـــــــــــــــــــــــــــــ والموافقُ لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] ولقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} [الزمر: 53] الآية. بابٌ من الدين الفرارُ من الفتن من تبعيضية لأنه بصدد عَدّ أمور الإيمان وشُعبه، ومنها: فرارُ الإنسان بدينه. وحمله على الابتداء على أن المعنى الفرار من الفتن، منشؤه الدين، لا يلائم المقام. وآثَرَ الدينَ على الإيمان مع أن الكتاب كتابُ الإيمان، إشارةً إلى أن الإيمانَ والدين واحدٌ بحسب الصِدْق كالإسلام والإيمان. والدليل على هذا قوله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: 19] وليس هذا مبنيًّا على أن الاصطلاح كما ظن، بل بيان للواقع الذي دلّ عليه الآياتُ والأحاديث. 19 - (مسلمة) بفتح الميم واللام (صعصعة) بتكرير المهملتين (عن أبي سعيد الخدري) سعيد بن سنان الخَزْرجي نسبةً إلى خدرة -بضم الخاء ودال مهملة- أحدُ أجداده. (يُوشك أن يكون خير مال المسلم غنمٌ يَتبعُ بها شَعَفَ الجبال) برفع غنمٌ، ونصب خيرَ. وبالعكس والأولُ هو الوجهُ؛ لأن الغرضَ الحكمُ عن الغنم من بين سائر الأموال بالخيرية، لأنه مالٌ نام بين الجبال من غير مشقة، ويحصُلُ منه المأكلُ والمشربُ والملبَسُ. ويُروى برفع الاسمين على أن في (كان) ضمير الشأن. ويُوشك: -بضم الياء- أي: يَقرُب. من الوَشْك وهو السرعة. ويتبع: -بفتح الياء- من الاتباع. ورُوي بسكون الياء مخففًا. وشَعَف الجبال: -بشين معجمة وعين مهملة- جمع شَعْفة. أعلى الجبل. ويُروى وشعبه -بالباء- جمع شعبة (يفر بدينه) الباء للمصاحبة، كقولك: دخل بثيابِ سفره. ويجوز أن يكون للسببية. فإن قلتَ: ما قولُك في الأحاديث الواردة الآمرة بالاختلاط، والناهية عن الانفراد،

13 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «أنا أعلمكم بالله»

13 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَا أَعْلَمُكُمْ بِاللَّهِ» وَأَنَّ المَعْرِفَةَ فِعْلُ القَلْبِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} [البقرة: 225] 20 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَمَرَهُمْ، أَمَرَهُمْ مِنَ الأَعْمَالِ بِمَا يُطِيقُونَ، قَالُوا: إِنَّا لَسْنَا كَهَيْئَتِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "عليكم بالسواد الأعظم، فإن مَن شَذ شذّ في النار"؟ قلتُ: محمولةٌ على ما إذا لم يَخَفْ على دينه، ولذلك لم يُجوزْ ذلك في زمانه. وأشار بـ "يوشك" إلى قرب وقته. باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أنا أعلمُكم بالله" يجوزُ في الباب الإضافةُ وقطعُهُ. أي: قوله: "أنا أعلمكم" من أمور الإيمان، فإن زيادة العلم إنما تكون بزيادة المعلومات، وكلما ازدادت المعلومات ازداد المؤمن به، وبزيادة المؤمن به تكون زيادة الإيمان (وأن المعرفة فعل القلب) -بالفتح- عطف على قول النبي - صلى الله عليه وسلم -. ردَّ به على المُرْجئة والكَرّامِيّة القائلين بأن الإيمان مجردُ القول. قال شيخ الإسلام: ورُوي بالكسر. فوجهُهُ ظاهر؛ فمن قال: الكسرُ لا يصحُّ لا رواية ولا درايةً، فقد قال بقَدْرِ علمه. 20 - (محمد بن سَلاَم) -بتخفيف اللام- هو الأشهر (عَبْدة) -بفتح العين وسكون الباء- لَقَبُ عبد الرحمن بن سليمان (إذا أَمَرهم من الأعمال أَمَرهم بما يُطيقون) أي: بما يطيقون المداومةَ عليه (قالوا: إنا لسنا كهيئتِكَ) هيئةُ الشيء: شكلُهُ وصورتُهُ وحالُهُ، قال ابن الأثير: والمعنى: حالُنا في العبادة يُباينُ حالَكَ. بَينُوا ذلك بأنه مغفورٌ له. فلو اقتصر على قليلٍ من العمل، له وَجْهٌ ظاهر. فإن قلتَ: لم يكن له ذنبٌ حتى يُغفر؟ قلتُ: هذه العبارة مأخوذة من كلام الله تعالى، فيؤوَّلُ بارتكابه خلافَ الأولى في بعض الأحيان. كقوله: {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ} [التوبة: 43] ونظائره. ومن بِدَعِ القول أن المراد ذنبُ قومه نُسِب إليه.

14 - باب: من كره أن يعود في الكفر كما يكره أن يلقى في النار من الإيمان

فَيَغْضَبُ حَتَّى يُعْرَفَ الغَضَبُ فِي وَجْهِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: «إِنَّ أَتْقَاكُمْ وَأَعْلَمَكُمْ بِاللَّهِ أَنَا». 14 - بَابٌ: مَنْ كَرِهَ أَنْ يَعُودَ فِي الكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ مِنَ الإِيمَانِ 21 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ: مَنْ كَانَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَمَنْ أَحَبَّ عَبْدًا لاَ يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَمَنْ يَكْرَهُ أَنْ يَعُودَ فِي الكُفْرِ، بَعْدَ إِذْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ، مِنْهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ". ـــــــــــــــــــــــــــــ (أتقاكم وأعلمكم بالله) إنه قدَّم التقوى على العلم -وإن كان العلمُ أشرف وأقدم-؛ لأن الكلامَ وَقَعَ فيه، ولأنه نتيجةُ العلم، والغرض عنه. وحيثُ قابلَ العلمَ بالتقوى دلَّ على أن محل العلم هو القلبُ، فدلَّ على أن المعرفةَ فعلُ القلب. وسقط ما يُوهِم من أن الحديث لا دلالة فيه على الشق الثاني من الترجمة وهو أن المعرفة فعل القلب. باب: من كَرِه أن يعود في الكفر كما يكره أن يُلقى في النار من الإيمان 21 - (سليمان بن حَرْب) -ضد الصلح- أعادَ الحديثَ المتقدم في باب: حلاوة الإيمان؛ لاختلاف السند، وإشارةً إلى أن كلَّ واحدة من الخصال الثلاثة تُعَدُّ من شعب الإيمان، إذ لا يلزم من وجدان حلاوة الإيمان من الثلاثة أن تكون كلّ واحدة شعبةً من شُعَبه لاحتمال أن يكون الحكم باعتبار المجموع من حيث هو، وإما أن التعبير في ذلك الباب بالمضارع وهنا بالماضي، فذلك تفنن من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلا يصاغ باعثًا لوضع باب له؛ إذ يمكنه أن يرويهما في باب واحد. (من كان اللهُ ورسولُه أحب إليه مما سواهما) استئناف لبيان الخصال الثلاث، وذكرُ الموصوف بها يدل عليها فلا حاجة إلى تقديرها في الكلام. ووجه الإتيان بالضمير في "سواهما" والتوفيق بينه وبين الردّ على الخطيب قد سَبَق في باب حلاوة الإيمان بما لا مزيد عليه (ومن يكره أن يعود في الكفر) قد تقدم أن المراد بالعود هو الدخول، ولا يقتضي سَبْقَ الكفر.

15 - باب: تفاضل أهل الإيمان في الأعمال

15 - بَابٌ: تَفَاضُلِ أَهْلِ الإِيمَانِ فِي الأَعْمَالِ 22 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى المَازِنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَدْخُلُ أَهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ، وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ»، ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: «أَخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ. فَيُخْرَجُونَ مِنْهَا قَدِ اسْوَدُّوا، فَيُلْقَوْنَ فِي نَهَرِ الحَيَا، أَوِ الحَيَاةِ - شَكَّ مَالِكٌ - فَيَنْبُتُونَ كَمَا تَنْبُتُ الحِبَّةُ فِي جَانِبِ السَّيْلِ، أَلَمْ تَرَ أَنَّهَا تَخْرُجُ صَفْرَاءَ مُلْتَوِيَةً» ـــــــــــــــــــــــــــــ باب تفاضُل أهل الإيمان في الأعمال 22 - (إسماعيل) هو ابن أبي أُويس الأصبحي، ابن أخت مالك بن أنس (عن أبي سعيد الخُدْري) -بضم الخاء والدال المهملة- نسبةً إلى خُدْرة جده الأعلى (يدخُلُ أهلُ الجنةِ الجنةَ) أي: الذين لا عقاب عليهم، والذين خرجوا من النار بشفاعة الشافعين من الأنبياء والملائكة وغيرهم (أخرجوا) الخطاب للملائكة وهم أعوان مالكٍ خازنِ النار، أو المُقَرَّبون من الكروبيين (من كان في قلبه مثقال حبةٍ من خَرْدل من إيمان) أي: ما يزن واحدة من حبوب الخردل الذي يُضرَبُ به المَثَلُ في القلة والصغر. قوله: "من خردل": صفةُ حبَّةٍ. وقوله: "من إيمان": حال من المجرور، ونكرَ الإيمان دلالةً على حقارته. ويجوزُ أن يكون للتعظيم أي: الإيمان الذي يوجب الإخراج من النار، والخلود في الجنة. وفيه إبطالُ ما ذَهَبَ إليه الخوارج والمعتزلة من أن من دَخَل يُخلَّد فيها وما ذَهَب إليه المرجئة من أن الذنوب لا تضرّ مع الإيمان. (فيُلْقون في نهر الحيا) يجوز في هاء نهر الفتحُ والإسكان، والأول أفصح به ورد في القرآن، والحيا: مقصورٌ وهو المطر. قاله ابن الأثير، والمراد به: ما به الحياة (أو الحياة). (فَيَنْبُتُون كما تَنْبُتُ الحبة) -بكسر الحاء- بزر البقول وبزر الرياحين. والأولُ هو المرادُ لسرعة نباتها وعدم الاحتياج إلى زراعةٍ ورعاية (في جانب السيل) أي: المسيل. وفي رواية: "حمل السيل" وهو ما يحمله (ألم تر أنها تَخْرج صفراءَ ملتوية) يشير إلى غاية لطافتها وضعف القوة. وقيل: مَثَّل بها لأن الصُفْرة أحسن الألوان. قال تعالى: {صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ} [البقرة: 69] ولهذا وصف الحناء بصُفرتها بأنها سيدُ رياحين الجنة. قلتُ: الذي في الحديث: "أن الفاغية سيدُ رياحين أهل الجنة" قال ابن الأثير:

قَالَ وُهَيْبٌ: حَدَّثَنَا عَمْرٌو: الحَيَاةِ، وَقَالَ: خَرْدَلٍ مِنْ خَيْرٍ. [الحديث 22 - أطرافه في: 4581، 4919، 6560، 6574، 7438، 7439]. 23 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ، رَأَيْتُ النَّاسَ يُعْرَضُونَ عَلَيَّ وَعَلَيْهِمْ قُمُصٌ، مِنْهَا مَا يَبْلُغُ الثُّدِيَّ، ـــــــــــــــــــــــــــــ والفاغية: نور كل [نبت]. وقيل: نور الريحان. (قال وُهيب) -بضم الواو على وزن المصغر- هو ابن خالد بن عجلان البصري، من شيوخ البخاري. رَوَى عنه مسلم بن إبراهيم، ومعلى بن الأسد، رواية البخاري عنه يقال تعليق. 23 - (عن أبي أمامة) أسعد بن سهل الأنصاري الأَوْسي (بينا أنا نائم) بين: ظرف زمان والألف للإشباع. وتارةً يُزاد عليه، والمعنى: بين أوقاتٍ (رأيتُ الناسَ يعرضون علي) رؤية البصر والناس: منصوب مفعوله باتفاق الروايات. فمن قال: يجوزُ الرفعُ على الحكاية كما في قول ذي الرُّمَّة: رأيتُ الناسَ ينتجعون. . . فقد غَلِطَ نقلًا ودرايةً. أما نقلًا فإن بيت ذي الرمّة ليس فيه لفظ الرؤية، بل هو قوله: سمعتُ الناس ينتجعون. أي: سمعتُ هذا الكلام. ذكره صاحبُ "الكشاف" في أول البقرة في بحث الحكاية في المقطعات في أوائل السور. وأما درايةً فلأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى أفرادَ الناس وما عليهم من اللباس. فأي وجه للحكاية؟ أو كيف يُعقل ذلك؟ (وعليهم قُمُص) -بضم القاف والميم- جمع قميص، ويجمع على أقمصة وقُمصان. (منها ما يبلُغُ الثُدِيّ) -بضم الثاء وكسر الدال وتشديد الياء- جمع ثُدي، كُحلِيّ في حَلْي.

16 - باب: الحياء من الإيمان

وَمِنْهَا مَا دُونَ ذَلِكَ، وَعُرِضَ عَلَيَّ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ يَجُرُّهُ». قَالُوا: فَمَا أَوَّلْتَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «الدِّينَ». 16 - بَابٌ: الحَيَاءُ مِنَ الإِيمَانِ 24 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ، وَهُوَ يَعِظُ أَخَاهُ فِي الحَيَاءِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ـــــــــــــــــــــــــــــ (وعُرض عليَّ عمرُ بنُ الخطاب وعليه قميص يجرّه) أي: على الأرض من غاية طوله (قالوا: فما أَوَّلْتَ ذلك) يقال: أوّلْت الشيءَ إذا فَسَّرْتَهُ بما يؤول إليه. وإنما سألوه عن تأويله لأن ظاهره غيرُ مرادٍ قطعًا؛ لأن جَرَّ الثوب على الأرض فعلٌ حرام (قال: الدِّين) أي: أوّلتُ طول ذلك الدينَ الكامل، لأنه ساترُ القبائح كالثوب، ولا يلزم من هذا تفضيلُ عُمر على الصدّيق؛ إذ لم يُذكَر أن الصدّيق كان في أولئك الناس، ولئن سُلّم: ليس في الكلام ما يدلّ على الحصر. بابٌ: الحياء من الإيمان الأحسن في الباب هنا: التنوينُ. فإن قلتَ: قد تقدم أن الحياء شعبةٌ من الإيمان، فلأيّ شيء أعادَهُ؟ قلت: أعاده لاختلاف السند، وزيادة قصة الأنصاري. وهناك كان ذِكْرُه على طريقة جُمل مُعترضة، وهنا على طريق الأصالة دلالةً على عظيم شأنه، كيف لا وقد قال فيه: "الحياءُ خير كلّه". 24 - (سالم بن عبد الله) ابن عمر: التابعي الجليل، أحد الفقهاء السبعة بالمدينة. قال العراقي: أصحّ أسانيد حديث عمر: الزهري عن سالم عن عبد الله بن عمر عن أبيه (مرّ على رجل من الأنصار) يقال: مرَّ به ومرّ عليه. قال الجوهري: مرَّ عليه وبه إخبار. ومصدرُهُ مَرًّا. يقال: مرَّ مرورًا ومرًّا أي: ذَهَبَ (وهو يعظ أخاه) الوعظُ: النصح إما ترغيبًا أو ترهيبًا.

17 - باب: {فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم} [التوبة: 5]

«دَعْهُ فَإِنَّ الحَيَاءَ مِنَ الإِيمَانِ». [الحديث 24 - طرفه في: 6118]. 17 - بَابٌ: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} [التوبة: 5] 25 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ المُسْنَدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو رَوْحٍ الحَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ وَاقِدِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــ والظاهر أنه كان يزجره عن الحياء كما يقوله العامة: إن الحياء يمنع الرزق. بدليل أنه قال له: (دَعْهُ فإن الحياء من الإيمان) أي: جزء من الإيمان الكامل. وقد روَى البخاري في أبواب الأدب أنه قال له: "إنك تستحي وقد اخترتك". وقد تقدم أن الحياء غريزةٌ في الإنسان تمنعه عن ارتكاب ما يلام عليه. باب: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} [التوبة: 5] 25 - (عبد الله بن محمد) هو المسنَدي -بفتح النون- نسبةً إلى صنعته، فإنه كان يتتبع الحديث المسند (أبو رَوْح) بفتح الراء (الحرمي بن عمارة) ابن أبي حفصة. واسم أبي حفصة نابت -بالنون والباء الموحدة- قال بعضُ الشارحين: أبو رَوْح كنيتُه، واسمه نابت والحرمي نسبه وهذا خطأ من وجهين: الأول: جعل الاسم نسبة، والثاني: أن نابتًا -بالنون- اسم أبي حفصة (واقد) بالقاف وليس في رجال مسلم والبخاري وافد بالفاء (أُمرت [أن] أقاتل الناس) أي: بأن أقاتل. وهذا كثير في كلام العرب، يحذفون الجار عن أن وأنّ تخفيفًا. إذا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أمرتُ. فالآمرُ هو اللهُ تعالى. فإذا قاله الصحابي فالآمرُ هو الرسول - صلى الله عليه وسلم -. ثم الأمر حقيقةٌ في القول الجازم، وتفاريع مباحثه في علم الأصول (حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة) يريد فرائض الإسلام كلَها بدليل ما رواه مسلم عن أبي هريرة: "حتى يؤمنوا بما جئتُ به". وإنما خَصَّ الصلاةَ والزكاة بالذكر لشرفهما وكونهما أُمَّي سائر العبادات. والمراد بإقامة الصلاة: أداؤها مشتملةً على الأركان والواجبات.

وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّ الإِسْلاَمِ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلتَ: ما حكم تاركهما؟ قلتُ: المنكر لوجوبهما كافرٌ، والتارك كسلًا يُقتَلُ حدًّا عند الشافعي، كالزاني المحصَن. وعن الإمام أحمد روايةٌ أنه يكفرُ لما رواه والترمذي وابن ماجه والنسائي عن بُرَيدة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "العهدُ بيننا وبين الكفارِ الصلاةُ، فمن تركها فقد كفر". وحَمَله الجمهور على التغليظ. فإن قلتَ: الحديث دلَّ على أن لا يُترَكَ الكافرُ على دينه بوجهٍ؟ وكذا الآية في الترجمة، فكيف أُخذتِ الجزيةُ من أهل الكتاب؟ قلتُ: إما أن يُحمل اللام في الناس على العهد وهم المشركون عبدةُ الأوثان، كما هو مقتضى الآية، فإنها فيهم نزلت. دلَّ عِليه السياقُ. وإمّا أنه عام خصّ منه البعض بقوله: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29]. "إلا بحق الإسلام" كما إذا قتل ظلمًا، أو أتلف مالًا (وحسابُهم على الله). فإن قلتَ: على: تدل [على] اللزوم والله تعالى [منزه] عن أن يجب عليه شيءٌ؟ قلتُ: ذلك اللزومُ مقتضى وعدِهِ الذي لا بُدّ من وقوعه. فإن قلتَ: إذا كان هذا موجودًا في الحديث، فكيف اعترض عُمر على أبي بكر لمّا أراد قتال مانع الزكاة؟ أو كيف لم يردّ أبو بكر على عمر بهذا النص حتى قاس الزكاة على الصلاة؟ قلتُ: محمولٌ على أنهما لم يبلغهما هذه الزيادة. فإن قلتَ: الذين منعوا الزكاة إما كانوا بُغاةَ أو أهلَ ردةِ، ولا يجوزُ سبيُ ذراريهم إجماعًا؟ قلتُ: قال النووي: هذا الإجماع انعقد بعد ذلك. ومن فوائد الحديث أن الحُكمَ إنما يكون بحسب الظاهر، والله يتولّى السرائر. ومنها: جواز مناظرة المفضول للفاضل إذا لم يَظْهر له وجهُ الصواب. ومنها: أن الإقرار شرطٌ في الإيمان إذا طُولب به الإنسان. ومنها: وجوب قتال مانعي الزكاة إذا لم يقدر الإمام على الأخذ قهرًا. وهذا هو الفارق للشافعي في قتل تارك الصلاة دون مانع الزكاة. قيل: استدلالُهُ بهذا الحديث لا يتمّ؛ لأن المقاتلةَ لا تستلزم القتلَ، وهذا ليس بشيءٍ للاتفاق على أن مانع الزكاة لو لم يقدر على الأخذ

18 - باب من قال إن الإيمان هو العمل

18 - بَابُ مَنْ قَالَ إِنَّ الإِيمَانَ هُوَ العَمَلُ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَتِلْكَ الجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الزخرف: ـــــــــــــــــــــــــــــ منه قهرًا يقاتل عليه، وإن قتل فهو هدرٌ. فكذا تارك الصلاة إن أبى لا يترك سدًّا. بابٌ: من قال إن الإيمان هو العملُ (لقوله تعالى: {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الزخرف: 72]. استدل على كون الإيمان هو العمل بالآيات والحديث الذي أسنده في الباب. هذا، وكونُ الإيمان عملًا مما لا يَشُك فيه عاقلٌ؛ لأنه إما تصديق القلب أو فعل الأركان وكل ذلك عملٌ. والمراد من الإيمان: الإيمان الكاملُ. فإن قلتَ: قوله تعالى: {أُورِثْتُمُوهَا} ما معنى الإيراث فيه؟ قلتُ: الإرثُ هنا ليس محمولًا على ما يتعارفه الناسُ، بل من إطلاق المقيد على المطلق. وإنما آثره على الإعطاء دلالةً على لزومه لهم؛ لأن الإرثَ مُلْكٌ لازمٌ لا يمكن ردُّه، ويجوزُ أن ذلك باعتبار منازل الكفار لما في الحديث "أن كل واحدٍ من آحاد الناس له منزل في الجنة، ومنزل في النار، فما للكفار من المنازل يعطى المؤمنين، وما للمؤمنين من المنازل في النار يضاف إلى ما للكفار"، فشبّه ذلك للزومه بالإرث. فإن قلتَ: الباء في قوله: {بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}. ونظائرُهُ للسببية. وقد جاء في الحديث: "لا يدخل أحدُكم الجنةَ بعمله" قالوا: ولا أنت؟ قال: "ولا أنا، إلا أن يتغمدني اللهُ بفضل رحمته"؛ قلتُ: السببية هنا عادية جرت عادته تعالى بذلك، وإن كان السبب الحقيقي إرادته تعالى، إذ لا يجب عليه إثابة المؤمن؛ لأن أعماله لا تفي بأدنى نعمةٍ من نعم الدنيا، فضلًا عن نعم الآخرة. قال النووي: الدخول بسبب العمل، والعملُ برحمة الله. قال بعضهم ردًّا عليه: المقدمة الأولى خلاف صريح الآية، فإن الباء تدل بظاهره على السببية العادية كما أشرنا إليه، فيؤول الحديث. ثم قال: الباء فيه للملابسة دون السببية. ويرده قوله: {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الواقعة: 24] لأنها نصٌّ في السببية. وقال: أو الجنة. المراد بها الجنةُ

72] وَقَالَ عِدَّةٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الحجر: 93] عَنْ قَوْلِ: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَقَالَ: {لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ العَامِلُونَ} [الصافات: 61]. 26 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالاَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـــــــــــــــــــــــــــــ العالية. ويردُّه سياقُ الآية، وهو قوله تعالى: {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ} [الزخرف: 70] ثم قال: {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا} [الزخرف: 72] وقال: أو الدخول ليس بالعمل، والإدخالُ بالعمل. وهذا شيءٌ لا يرضاه عاقلٌ. (عِدَّة من أهل العلم) -بكسر العين- اسم جمع من العدد، وبالضم ما يعدّ ويهيأ من الأموال والسلاح لحوادث الدهر. {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الحجر: 92، 93] عن قول لا إله إلا الله). فإن قلت: قد قال الله تعالى: {فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ} [الرحمن: 39]؟ قلتُ: ذاك في وقت، وهذا في آخر. أو ذاك في موقف، وهذا في موقفٍ آخر. فإن قلتَ: {عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} لفظ "ما" من ألفاظ العموم، كيف خصَّه من فسّره بقول: لا إله إلا الله؟ قلتُ: حمل على الجزء الأعظم، فإنه مناط النجاة ولا حصر فيه. فلا ينافي ما وَرَد في الأحاديث من السؤال عن النقير والقطمير. 26 - (سعيد بن المسيِّب) -بفتح الياء المشددة- هو المشهور قيل: كان يكره فتحَ الياء. هو ابن حَزْن. أسلم المسيِّب هو وحَزْن يوم الفتح، فسأله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن اسمه؟ فقال: اسمي حَزْن. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: بل أنت سَهْلٌ. فقال: لا أغيْر اسمًا سماني به أهلي قال سعيد: فما زالت الحُزُونة فينا؛ وذلك بشُؤم مخالفته رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. مخزوميٌ يلاقي نسبُه نَسَبَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مُرَّة بن كعب. قال أحمد بن حنبل وآخرون: إنه أفضل التابعين. ورُدَّ ذلك بما رواه مسلم مرفوعًا: "إن أفضل التابعين أُويس القَرَني". ونقل عن بعضهم أن

سُئِلَ: أَيُّ العَمَلِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ: «إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ». قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «حَجٌّ مَبْرُورٌ». [الحديث 26 - طرفه في: 1519]. ـــــــــــــــــــــــــــــ أفضل التابعين الحسنُ البصري. والتوفيقُ بين هذه الأقوال: أن أفضلَهم زهدًا وتقوًى أويسٌ. وفقهًا وفتوًى سعيدٌ. ووعظًا ومعرفةً بأحوال الآخرة، واختلاف النفس الحسنُ. (أيّ العمل أفضل؟ قال: الإيمانُ بالله) هذا موضعُ الدلالة على الترجمة فإنه جعل الإيمان من الأعمال. وأراد بالإيمان التصديقَ وكلمةَ التوحيد، لأنه أورد بعده الجهاد والحج. فإن قلتَ: أفضل اسم تفضيل لا بُدّ له من أحد الأمور الثلاثة: اللام أو الإضافة أو من؟ قلتُ: (من) مقدرة كما في: الله أكبر. (قال: ثم ماذا؟ قال: الجهاد في سبيل الله) أي: مقاتلة أهل الحرب، وإنما قدّمه على الحج مع أنه أحدُ أركان الإسلام لأنه أشق؛ لأنه بذلُ المال والنفس. ولذلك جعله في الحديث الآخر: "سنام الدين" قال النووي: الأفضل في هذا الحديث هو الجهادُ، وفي حديث ابن مسعود: الصلاةُ لميقاتها. وفي الحديث الآخر: أيّ الإسلام أفضل؟ "مَنْ سَلِمَ المسلمون من لسانه ويده". وفي الآخر: أيّ الإسلام خيرٌ؟ "قال: أن تُطعِم الطعام". قال العلماء: اختلاف الأجوبة لاختلاف حال المخاطبين، فأَعْلَمَ كل فريقٍ بما لهم إليه حاجةٌ. فإن قلتَ: هذا كيف يستقيم مع أن كل واحدٍ منهما إذا كان أفضل لا بد وأن يكون الآخر مفضولًا؟ قلتُ: مراده أن كل واحدٍ بالنظر إلى طائفةٍ أفضل في حقه، على أن الأفضل ليس واحدًا شخصًا فيجوز فيه تعدُّد الأفضل باعتبار الزيادة في بابه. (قال: حجٌ مبرور) أي: المقبول. من البِرّ وهو الثواب؛ فإن المقبول هو الذي يترتّب

19 - باب إذا لم يكن الإسلام على الحقيقة، وكان على الاستسلام أو الخوف من القتل

19 - بَابُ إِذَا لَمْ يَكُنِ الإِسْلاَمُ عَلَى الحَقِيقَةِ، وَكَانَ عَلَى الِاسْتِسْلاَمِ أَوِ الخَوْفِ مِنَ القَتْلِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات: 14] فَإِذَا كَانَ عَلَى الحَقِيقَةِ، فَهُوَ عَلَى قَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلاَمُ} [آل عمران: 19] [وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ]. ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه الثوابُ. وقيل: هو ما لا إثمَ فيه. وقيل: ما لا معصية بعده. ولا يخفى عليك أن (ثم) للتراخي رتبةً. ومن قال: إن (ثم) للترتيب في الذكر كما في قوله تعالى: {ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا} [البلد: 17] فقد غَلِط فهمًا ونقلًا. أما فَهْمًا فظاهر أن مراد الشارع بيانُ مراتب الأعمال وتراخي بعضها عن بعض. وأما نقلًا فإن الآية التي ذُكر استشهادًا. ثُمَّ فيها للتراخي رتبةً لا للترتيب ذِكرًا. قال صاحب "الكشاف" في تفسير تلك الآية: ثم لتراخي الإيمان وتباعُدِه في الرتبة والفضيلة عن العتق والصدقة. فإن قلتَ: إذا كان الجهاد أفضلَ من الحج يلزمُ أن يكون فرضُ الكفاية أفضلَ من فرض العين. قلتُ: الجهادُ أيضًا قد يكون فرض عين على أن مختار إمام الحرمين أن فرض الكفاية أفضلُ من فرض العين؛ لأنه يسقط الإثمُ عن جميع الأمة، وأنا أقول تأييدًا له: إنه قد تقعُ السّنة أفضل من الفرض، كمسألة السلام؛ فإن ابتداءَ السلام سنةٌ، وهو أفضلُ من ردّ السلام مع أنه فرضٌ. فإن قلتُ: لِمَ عرَّف الجهاد ونكّر الحج؟ قلتُ: تَفَنُّنٌ في العبارة، وإشارةٌ إلى علو شأن الجهاد؛ فإن المعرف بلام الجنس والنكرةَ وإن كان مؤداهما واحدًا إلا أنّ في المعرفة يعتبر الحضور الذهني. فإن قلتَ: فيلزم تفضيله على الإيمان فإنه منكَرٌ. قلتُ: التنوين فيه للتعظيم على أن الوهم لا يذهب إلى ذلك، فإنه أساس الأعمال، والذي لا يُعتدّ بعمل دونه. ومن قال: التنوين في "حج مبرور" للإفراد شخصًا. فقد زلّتْ به القدمُ؛ وذلك أن الشارع ليس بصدد بيان أفراد الحقائق، بل بصدد بيانها، والتفاضل فيما بينهما.

27 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَى رَهْطًا وَسَعْدٌ جَالِسٌ، فَتَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا هُوَ أَعْجَبُهُمْ إِلَيَّ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَكَ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: إذا لم يكن الإسلامُ على الحقيقة، وكان على الاستسلام أو الخوفِ من القَتْلِ 27 - (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع (سعد بن أبي وقاص) أبو وقاص: هو مالك بن سنان بن وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب. وهناك يتفقُ نسبُه ونسبُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو من أخوال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، رُوي أنه قال: "هذا خالي فليأتِ كلُ واحدٍ منكم بخاله" إشارةً إلى أنه فريدٌ لا يُوجَد له في الأخوال نظيرُهُ. وعن علي بن أبي طالب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَدَى سعدًا يوم أُحُدٍ بأبيه وأمه ومساعيه في خلافة عمر في فتح القادسية وغيرها لم تخف على أحد، وهو السابع في الإسلام، وعنه أنه قال: كنتُ ثلث الإسلام، كما سيأتي في مناقبه، وهو أحدُ العشرة المبشرة، وهو أحدُ الستة من أصحاب الشورى للخلافة، وكان مجاب الدعوة. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شأنه: "اللهم سَدِّدْ رَمِيَّتَهُ، وأجبْ دعوتَهُ". وهو أولُ من رَمى بسهم في الإسلام. وكان في أيام فتنة عليٍ ومعاوية جالسًا في بيته، لا مع علي ولا مع معاوية، فَطَمِعَ فيه معاويةُ فأرسل إليه يَحُثُّه علىَ طَلَب دم عثمان، فأجابه جوابًا فاحشًا. نقله ابنُ عبد البر في "الإستيعاب"، وهَجَا معاويةَ بقصيدةٍ أرسلَها إليه. (أعطى رهطًا وسعدٌ جالس) راوي الحديث سعدٌ، كان مقتضى الظاهر أن يقول: وأنا جالسٌ، لكن التفتَ منه إلى الغَيْبة. وقوله: (فتَرَكَ رجلًا هو أعجبهُم إليَّ) التفات آخر عكس الأول. ومعنى قوله: "أعجبهم إليَّ" في كمال الإيمان الذي هو السبب في التقدم والشرف،

فُلاَنٍ فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَاهُ مُؤْمِنًا، فَقَالَ: «أَوْ مُسْلِمًا» فَسَكَتُّ قَلِيلًا، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَعْلَمُ مِنْهُ، فَعُدْتُ لِمَقَالَتِي، فَقُلْتُ: مَا لَكَ عَنْ فُلاَنٍ؟ فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَاهُ مُؤْمِنًا، فَقَالَ: «أَوْ مُسْلِمًا». ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَعْلَمُ مِنْهُ فَعُدْتُ لِمَقَالَتِي، وَعَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: «يَا سَعْدُ إِنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ، وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ، خَشْيَةَ أَنْ يَكُبَّهُ اللَّهُ فِي النَّارِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ اشتقاقه من العَجَب وهو: استعظامُ الشيء. (إني لأراهُ مؤمنًا) قال النووي: بفتح الهمزة من الرؤية بمعنى العلم، لقوله: (غلبني ما أعلم) وقال القرطبي: الروايةُ بضم الهمزة. قلتُ: وكذلك ضبطه الصنعاني. فعلى هذا الوجه يحمل العلم على الظن. كقوله تعالى: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ} [الممتحنة: 10] ويجوزُ حلفُ الإنسان على الأمر المظنون (أوْ مسلمًا) بسكون الواو. عطفٌ على مقدر، أي: أو تراه مسلمًا لا مؤمنًا. رد على سعد الجزم بإيمانه، فإنه فعل القلب الذي لا يطلع عليه إلا الله، بل ليس لك إلا الاطلاعُ على ظاهر حاله، ولا دلالةَ في الكلام على أن ذلك الرجل لم يكن مؤمنًا، بل فيه دلالةٌ على كمال إيمانه، حيثُ تركه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لتقرُّر إيمانه، كما فَعَل مثل ذلك في غنائم حُنين، حيث بالَغَ في العطاء للمؤلفة، وترك الأفاضلَ الكُمَّل من الأنصار والمهاجرين كيف لا وقد رُوي بسند صحيح عن أبي ذرٍّ لسعد أن هذا الرجل اسمه جَعْبَل. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا سعدُ، كيف ترى جَعْبَلًا"؟ قال: أحد المهاجرين قال: "فكيف ترى فلانًا"؟ قال: من سادات الناس. قال: "فإنَّ جعبلًا خير من ملء الأرض منه". قال ابن عبد البر: ويقال: جعال هو أبو سراقة الضمري. كان من فقراء الصحابة، قبيحٍ المنظر، وسيأتي الكلام بأطولَ من هذا. والقولُ بأنه على تقدير إيمانه لا يكون الحديثُ دالا على ما عُقد له البابُ، ساقطٌ؛ لأن الدالَّ على ما عُقد له البابُ هو ردّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على سعد من الجزم بإيمانه، فإنه صريحٌ في أن الإسلام قد يُوجد بدون الإيمان كما قال تعالى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات: 14] فإن المرادَ به الاستسلامُ الشرعي الذي يتصادف هو والإيمان ويتلازمان لقوله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: 19]. (قال [يا] سعدٌ: إني لأُعطي الرجلَ وغيرُهُ أحبُّ إلي خشيةَ أن يكبَّهُ اللهُ في النار) وذلك أنه لعدم تقرَّر إيمانه لو أعطى غيره وتركه ظن برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ميلًا وظلمًا كما قال له ذو الخويصرة: اعدلْ يا محمد.

20 - باب: إفشاء السلام من الإسلام

وَرَوَاهُ يُونُسُ، وَصَالِحٌ، وَمَعْمَرٌ، وَابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ. [الحديث 27 - طرفه في: 1478]. 20 - بَابٌ: إِفْشَاءُ السَّلاَمِ مِنَ الإِسْلاَمِ وقَالَ عَمَّارٌ: ـــــــــــــــــــــــــــــ يقال: كَبَبْتُ الشيء إذا ألقيتَهُ منكوسًا. وهذا شأن الكافر، يلقى في النار مقلوبًا على وجهه. ومَنْ لم يرضَ بفعلٍ من أفعال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كافر داخلٌ في زمرة الكافرين. قيل: كَبَّ مع أكَبَّ من غريب اللغات؛ فإن المزيد مطاوع للثلاثي، وقانونُ اللغة عكسُهُ. وقال صاحبُ "الكشاف": ليس شيء من بناء أفعل مطاوعًا لفعل. قال: ولا يحيط بهذا إلا من أتقن كتاب السيبويه، بل أكَبَّ من باب أنقض أي: صار ذا نقض وأغد البعير أي: صار ذا غدة وأحصد الزرعَ. ومطاوع كبَّ: انكَبَّ. (رواه يونس وصالح ومَعْمر وابنُ أخي الزهري) هو محمد بن عبد الله بن مسلم. المتابعةُ فيها ناقصةٌ لما قدّمنا أنه إذا لم يكن متابعة شيخه تكون ناقصةً. قال النووي: قوله: رواه فلان وفلان: فيه ثلاث فوائد: الأولى: بيان كثرة طرق الحديث: الثانية: معرفة عدد الرواة ليسْهُلَ جمع المسانيد لمن أراد ذلك. الثالثة: إن هؤلاء رَوَوه أيضاَ لئلا يَغْلَطَ من لا خبرة له إذا رأى الحديث برواية هؤلاء في كتاب آخر. وقيل: فيه فائدة رابعة وهي: كونُ الحديث بذلك مشهورًا، فيجوز تخصيصُ القرآن به عند من يشترط الشُهرة. ثم قال: المشهورُ ما زاد نَقَلَتُه على الثلاث. قلتُ: تخصيص القرآن بخبر الواحد جائزٌ عند الأئمة بلا شهرة. قال ابن الحاجب: يجوزُ تخصيصُ القرآن بخبر الواحد. وبه [قال] الأئمة الأربعة. وأما المشهورُ الذي ذكره الحنفيةُ وهو أن يتواتر في القرآن الثاني ليس له ذكر عند أهل الحديث. على أن قوله: المشهور ما زاد نَقَلَتُه على الثلاث. ليس ذلك شرطًا في كل طبقة. ألا ترى أن حديث "إنما الأعمال بالنيات" من عُمر إلى يحيى بن سعيد آحادٌ، ثم منه صار في حدّ الشهرة. بابٌ إفشاءُ السلام من الإسلام (قال عمار): هو ابن ياسر -بالمثناة تحت- عنْسيّ -بالنون- وأمُّه سُمية -بضم السين

"ثَلاَثٌ مَنْ جَمَعَهُنَّ فَقَدْ جَمَعَ الإِيمَانَ: الإِنْصَافُ مِنْ نَفْسِكَ، وَبَذْلُ السَّلاَمِ لِلْعَالَمِ، وَالإِنْفَاقُ مِنَ الإِقْتَارِ". 28 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الخَيْرِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الإِسْلاَمِ خَيْرٌ؟ قَالَ: «تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلاَمَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ». ـــــــــــــــــــــــــــــ على وزن المصغر-. مولاة مخزوم، وأبوه حليفٌ لهم، والثلاثة من السابقين الأولين، قَتَل أمُّه أبو جهل -لعنه الله- وعذَّب عمارًا حتى تكلَّم بكلمة الكفر. وفيه نَزَل قوله تعالى: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} [النحل: 106] يكنى أبا اليقظان، قُتل مع علي بصفين وفي البخاري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ويحَ عمار تقتلُهُ الفئة الباغية". ومناقبُهُ لا تعدُّ وهو أحدُ الذين اشتاقت إليهم الجنة: بلال وسلمان وعمار وعلي. قيل: هو الذي بنى مسجدَ قُباء. وهذا سهوٌ؛ لأن مسجد قُباء بناه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - كما سيأتي في البخاري. اللهم إلا أن يكون فَوَّض إليه تكميلَهُ. (ثلاثٌ مَنْ جَمَعَهُنَّ جَمَعَ الإيمان) الإيمانَ الكاملَ (الإنصاف من نفسك) مأخوذ من النَصَف، كأنه يجعل الأمر بينه وبين أخيه المؤمن، لأنه حج نفسه. ومحصّله أن يكون مع الحق حيثُ كان، ولا يحتاج إلى دعوى ونزاع (وبَذْلُ السلام للعالم) بفتح اللام. هذا معنى ما تقدم من الحديث المسند: "وتقرأ السلامَ على من عرفْتَ ومَنْ لم تَعْرِفْ". 28 - (قُتَيبة) بضم القاف، مصغر قَتب (عن أبي الخير) هو مَرْثَد بن عبد الله (تُطعم الطعامَ) تقدم في باب من قال: إن الإيمان هو العملُ: أن اختلاف الأجوبة باعتبار حال السائل، وما يليق بكل طائفةٍ. وإنما أعاد الحديث؛ لأنه رواه هناك عن عمر بن خالد، وهنا عن قُتَيبة مع أدنى اختلاف في اللفظ.

21 - باب كفران العشير، وكفر دون كفر

21 - بَابُ كُفْرَانِ العَشِيرِ، وَكُفْرٍ دُونَ كُفْرٍ فِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 29 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُرِيتُ النَّارَ فَإِذَا أَكْثَرُ أَهْلِهَا النِّسَاءُ، يَكْفُرْنَ» قِيلَ: أَيَكْفُرْنَ بِاللَّهِ؟ قَالَ: " يَكْفُرْنَ العَشِيرَ، وَيَكْفُرْنَ الإِحْسَانَ، لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ كُفْران العشير وكُفْرٍ دون كفرٍ الكفر لغةً هو السَّتْرُ، ولذلك يقال للزارع: كافر. ويطلق على ضد الإيمان، وعلى جحد النعمة لوجود معنى الستر في كلٍ منهما. وهذا الذي أراد بقوله: وكفرٍ دون كفرٍ. والعَشيرُ: فَعِيل بمعنى الفاعل، كالجليس والكليم. والمراد منه: الزوجُ بقرينةِ ذكر المرأة. (فيه عن أبي سعيد الخدري) أي: في الباب حديثُ أبي سعيد. وقد رواه مسندًا في باب الحيض، وفي كتاب الزكاة. فإن قلتَ: لِمَ لَمْ يُورِدْهُ هنا مسنَدًا؟ قلتُ: ليس له غرضٌ يتعلَّق بإسناده رواه معلَّقًا. 29 - (مسلمة) بفتح الميم واللام (أسلمَ) على وزن الماضي (عن عطاء بن يسار) بالمثناة تحت (أُرِيتُ النارَ أكثرَ أهلها النساءُ) على بناء المجهول، والضمير قائمٌ مقام الفاعل. والنارَ مفعوله الثاني وأكثرَ أهلها النساء الجملة في محل النصب مفعوله الثالث. ويُروى: "أكثر أهلها النساءَ" بالنصب فيهما على أن (أكثرَ) بدل من النار، والنساءَ هو المفعول الثالث، والرؤية هنا بمعنى الإبصار. (يكْفُرْن) استئناف كأنه قيل: لِمَ ذلك؟ قال: يَكْفُرن. ويُروى: بكفرهن بالباء الجارة الدالة على السببية. ويكفرن الإحسان أي: مطلقًا سواء كان من العشير أو من غيره. ولذلك عمم الخطاب في قوله: (لو أحسنْتَ إلى إحداهُنَّ الدهر) أي: جميع عمرك؛ فإن الدهرَ يطلق على الأبد، وعلى مقدارٍ من الزمان. قال الشاعر:

22 - باب: المعاصي من أمر الجاهلية، ولا يكفر صاحبها بارتكابها إلا بالشرك

ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا، قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ". [الحديث 29 - أطرافه في: 431، 748، 1052، 3202، 5197]. 22 - بَابٌ: المَعَاصِي مِنْ أَمْرِ الجَاهِلِيَّةِ، وَلاَ يُكَفَّرُ صَاحِبُهَا بِارْتِكَابِهَا إِلَّا بِالشِّرْكِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ» وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48]. ـــــــــــــــــــــــــــــ إن دهرًا يلف شملي بجمل ... لزمان يهم بالإحسان (ما رأيتَ منك خيرًا قطُّ) أي: لا قليلًا ولا كثيرًا. وقطُّ لاستغراق الزمان الماضي، وقد تقدم في حديث ورقة أن فيه ستَ لغاتٍ. ومن فوائد الحديث: إطلاقُ الكفر على غير الكفر بالله، والترغيبُ في طاعة الأزواج، والتخويفُ من عذاب الله، وجوازُ مراجعة المتعلم العالم إذا لم يفهم المقصود من الكلام، وتحريمُ كُفران الحقوق، ولزوم شكر المنعم كائنًا من كان. وفي الحديث: "من لم يشكر الناسَ لم يشكر الله". فإن قلتَ: ما وجهُ إيراد هذا في كتاب الإيمان؛ قلتُ: دلالة على أنه بكفران الحقوق لا يخرج عن الإيمان، وكذا قوله بعده: باب: المعاصي من أمر الجاهلية، وكذا قوله: باب ظلمٌ دون ظلم. باب: المعاصي من أمر الجاهلية قال ابنُ الأثير: الجاهليةُ ما كانت العربُ عليه قبل الإسلام. من الجهل بالله والشرائع والفخرِ بالأنساب. (لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: إنك امرؤٌ فيكَ جاهلية) قال لأبي ذر كما رواه في الباب بعدُ.

30 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ وَاصِلٍ الأَحْدَبِ، عَنِ المَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ، قَالَ: لَقِيتُ أَبَا ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ، وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ، وَعَلَى غُلاَمِهِ حُلَّةٌ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنِّي سَابَبْتُ رَجُلًا فَعَيَّرْتُهُ بِأُمِّهِ، فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ؟ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ، إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ، جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ، فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ، وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ 30 - (سليمان بن حرب) ضدّ الصلحِ (عن واصل الأحدب) الأسدي الكوفي (عن المعرور) بالعين المهملة (لقيتُ أبا ذَرٍّ بالرَّبَذَة). اسمه: جُنْدب. يكنى أبا جُنَادة غفاري. والغفار بكسر الغين بطنٌ من كنانة، مناقبه لا تُعدُّ. من السابقين إلى الإسلام. رَوَى الترمذي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما أظلّت الخضراءُ ولا أقلّت الغبراءُ من ذي لهجةٍ أصدقَ من أبي ذر يشبه عيسى بن مريم". والرَّبَذة: -بفتح الراء والباء الموحدة والذال المعجمة- قريةٌ على ثلاث مراحل من المدينة، سَكَنها أبو ذر، وكان سَكَن الشام، فوقع بينه وبين معاوية نزاعٌ في مسألةٍ، فشكاه إلى عثمان، فأَقْدَمَهُ عثمانُ وأمره بالاعتزال عن الناس؛ لأنه لم يكن يُداري أحدًا. (عليه حُلَّةٌ وعلى غلامه حُلَّةٌ) الحُلة: عبارةٌ عن ثوبين من جنس واحد، فإذا لم يكونا كذلك لا تُسمى حُلَّةً (فسألتَهُ عن ذلك) أي: عن سبب مساواته غلامَهُ في اللبس، وهو خلافُ المتعارف. فقال: (إني ساببْتُ رجلًا) أي: شتمتُهُ وشتمني. والرجلُ: بلالٌ مؤذنُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قيل: قال له: يا ابن السوداء (أَعَيَّرْتَهُ بأمّه) فيه ردٌّ على الجوهري وابنِ قُتيبة في إنكارهما استعمال عير بالباء. قال الجوهري: يقال له: عيره كذا والعامة تقول بكذا (إنك امرؤ فيكَ جاهلية) وذلك لما قدمنا أن الافتخار بالأنساب كان دأب العرب (إخوانكم) خَوَلكم أصلُ الكلام: خَوَلكم إخوانُكم؛ لأن الخَوَل هم الخدم، فأراد إلحاقَهم بالإخوان. وإنما قَلَبَ التركيب مبالغة، كأنهم صاروا في ذلك أصلًا يلحق بهم. الإخوان: لفظ يطلق على المفرد وما فوقه. وقيل: جمع خايل (فليطعمه مما يأكل وليُلْبِسْهُ مما يلبس) غيّر الأسلوب في الكسوة، فإن الإطعام يجوزُ أن يكون بلقمة أو لقمتين، ولا يتأتى ذلك في

23 - باب {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما} [الحجرات: 9] فسماهم المؤمنين

وَلاَ تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ، فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ». [الحديث 30 - طرفاه في: 2545، 6050]. 23 - بَابُ {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات: 9] فَسَمَّاهُمُ المُؤْمِنِينَ 31 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ المُبَارَكِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، وَيُونُسُ، عَنِ الحَسَنِ، عَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: ذَهَبْتُ لِأَنْصُرَ هَذَا الرَّجُلَ، فَلَقِيَنِي أَبُو بَكْرَةَ فَقَالَ أَيْنَ تُرِيدُ؟ قُلْتُ: أَنْصُرُ هَذَا الرَّجُلَ، قَالَ: ارْجِعْ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ ـــــــــــــــــــــــــــــ الكسوة (فإن كلفتموهم ما يغلبهم فأعينوهم) أي: ما لا يقدرون عليه. قيل: غرضُ البخاري الردّ على الخوارج بأن صاحبَ الكبيرة كافرٌ، وما في الحديث من التعبير ليس من الكبائر. قلتُ: الكبيرة ما توعّد عليه الشارعُ. وهذا صادقٌ عليه. وسيأتي قريبًا قولُ البخاري: "سبابُ المسلم فُسُوقٌ وقتالُهُ كفرٌ" على أن التعيير ناشئ عن الكبر وهو كبيرة. باب: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} [الحجرات: 9] الطائفةُ: قطعة من الشيء. يُطلق على الواحد وما فوقه. ذكره ابنُ الأثير. وكذا روي عن ابن عباس. والضمير في {اقْتَتَلُوا} وإن كان للجمع، ولكن يعلم منه حكم الآيتين. 31 - (الأحنف بن قيس) ابن معاوية بن حصن، يكنى أبا بحر مخضرم، ثقة من أكبر أصحاب علي بن أبي طالب. قال له معاويةُ يومًا: كيف حُبُّك اليوم لعلي يا أبا بحر؟ قال: القلبُ الذي كان يحبه إلى الآن بين جنبي، والسيف الذي قاتلناك به في غِمده. قالت له زوجتُه: من هذا؟ قال: هذا رجل إذا غَضِب يغضَبُ لغضبه مئة ألف. (أبو بَكْرة): تقدم أنه كنيةُ نفيع بن الحارث، وتسمى بذلك؛ لأنه نَزَل من حصن الطائف على بَكْرة. وهو أخو زياد بن أبيه من أمه. (أنصرْ هذا الرجلَ) يريدُ: علي بن أبي طالب.

اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا التَقَى المُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالقَاتِلُ وَالمَقْتُولُ فِي النَّارِ»، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا القَاتِلُ فَمَا بَالُ المَقْتُولِ قَالَ: «إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ» [الحديث 31 - طرفاه في: 6875، 7083]. ـــــــــــــــــــــــــــــ (فالقاتل والمقتول في النار) محمول على الاستحلال، أو يستحقُ ذلك ولكن إذا شاء الله عَفَا عنه. وأما قتال الصحابة مَحمولٌ على طلب الحق ونصره، ولذلك قاتل الأحنفُ مع علي معاويةَ، مع علمه بالحديث (قلتُ: هذا القاتل) إذا دَخَل القاتلُ النار فله وجهٌ ظاهر، لأنه قتل مؤمنًا، ولكن دخول المقتول ليس بظاهر (فقال: إنه كان حريصًا على قتل صاحبه) وهذا صريحٌ في أنَّ عزْمَ القلب على المعصية يؤاخذ به. فإن قلتُ: فقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله تجاوز عن أمتي ما وَسْوَسَتْ به صدورُها"؟ قلتُ: العزْمُ غير الوسوسة. فإن قلتَ: فقد روى الشيخان "من هَمَّ بسيئةٍ لا تُكتب عليه ما لم يعمل أو يتكلم". قلتُ: معناه: لا يكتب عليه الذي عزم عليه من الزنى ونحوه، ولا ينافي كتابة إثم العزم. والتحقيقُ في هذا المقام: أن الخواطر وهواجس النفس لا يُؤاخذ بها في ملةٍ من المِلَل، وأن الذي يُخطره الإنسانُ بقلبه من المعاصي باختياره، إن لم يصمم عليه العزمَ، فهو الذي لا تؤاخذ به هذه الأمة، بخلاف سائر الأمم. والذي صمم العزم عليه يُؤاخذ به بهذا النص وأمثاله. باب ظلم دون الظُلم دون الشيء: عبارةٌ عن أدنى مكانٍ منه في الأصل، ثم اتسعَ فيه. والمراد به هنا: ضد الفوق أي: إثمُهُ اْقل من إثمه. والظلمُ وضعُ الشيء في غير محلّه.

24 - باب: ظلم دون ظلم

24 - بَابٌ: ظُلْمٌ دُونَ ظُلْمٍ 32 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، ح قَالَ: وحَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ أَبُو مُحَمَّدٍ العَسْكَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا} [الأنعام: 82] إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ قَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّنَا لَمْ يَظْلِمْ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13] [الحديث 32 - أطرافه في: 3360، 3428، 3429، 4629، 4776، 6918، 6937]. ـــــــــــــــــــــــــــــ 32 - (بشر) بكسر الموحدة وشين معجمة (سليمان) هو ابن مهران أبو محمد الكاهلي الأسدي مولاهم، المعروف بالأعمش. أحدُ العلماء البارعين، والقراء المتقين، وكان موصوفًا بالظّرافة، له في ذلك نوادرُ مع أبي حنيفة، وهو معدودٌ من المُدَلّسين (عَلْقمة): -بفتح العين وسكون اللام وفتح القاف-. قال أبو مَعْمر: لما مات ابن مسعودٍ قلنا: قُوموا بنا إلى أشبه الناس به فقهًا إلى عَلْقَمة. يكنى أبا شبل الفقيه الثقة. (عبد الله بن مسعود) هو ابن غافل. كذا ضبطه شيخُ الإسلام ابن حجر وكذا قاله ابنُ عبد البر. وقال أبو الفضل المقدسي: هو ابن الحارث. أبو عبد الرحمن، الهُذَلي. نسبة إلى جَدّه الأعلى هُذَيل، بحرُ العلم والفضل، لا يُشَق غبارُهُ. روى الترمذي عن علي بن أبي طالب مرفوعًا: "لو كنتُ مؤمرًا أحدًا من غير مَشُورة، لأَمَّرْتُ ابن أمّ عَبْدٍ". كان أشبهَ الناس برسول الله - صلى الله عليه وسلم - هَدْيًا ودَلًا، صاحبُ الطَّهُور والنَّعلين والوسادة مقرّب حضرة الرسالة من السابقين الأولين هو وأمه، مدارُ أكثر فقه أبي حنيفة على روايته. (لما نزلتْ {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82] أي: لم يخلِطُوا. من لَبَس يَلْبِس على وزن ضَرَب يَضْرب (قال أصحابه: يا رسول الله، أيُّنا لم يظلم؟ فأنزل الله: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13] بَين بهذا أن التنوين في قوله: {لَظُلْمٌ} للتعظيم

25 - باب علامة المنافق

25 - بَابُ عَلاَمَةِ المُنَافِقِ 33 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ أَبُو الرَّبِيعِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ أَبُو سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " آيَةُ المُنَافِقِ ثَلاَثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ". [الحديث 33 - أطرافه في: 2682، 2749، 6095]. ـــــــــــــــــــــــــــــ صرفًا للمطلق، أي: الكامل. فسقط استدلالُ الخوارج والمعتزلة بالآية على عدم الأَمْنِ لمرتكب الكبيرة. ويَظْهر لك من تقديرنا أنْ ليس هنا عمومٌ حتى يقال: إن الخاصَّ يقضي على العام، بل صرف للمطلق على الكامل. فإن قلت: الإيمانُ والكفر ضدّان، فكيف يُتصوَّر الخلطُ؟ قلتُ: أراد الكفر بعد الإيمان، أو الكفر باطنًا كالمنافق، وفيه تسامحٌ لا يخفى على المخاطب. باب: علاماتُ المنافق علامةُ الشيء: أَمَارة وجوده. والمنافقُ من أبطَنَ الكفر وأظهر الإيمانَ. 33 - (سليمان) هو أبو الربيع بن داود الزَّهْراني (آيةُ المنافق ثلاثٌ). فإن قلتَ: المبتدأ مفردٌ والخبر متعددٌ؛ أعني لفظ: ثلاث. قلت: أراد بالعلامة الجنس فَصَحَّ الإخبار لتناول الجنس القليل والكثير. وما يقال: إن العلامة إنما تحصل بالجميع، فليس بشيءٍ. أما الأول: فلأنه مخالفٌ لترجمة الباب. وأما ثانيًا: فلأنه مخالف لغرض الشارع، لأنه بصدد التنفير عن كل واحدة. وكذا ما يقال: إن حذف المفعول من (إذا حَدَّث كَذَبَ) للعموم. أي: إذا حدَّث في كل شيءٍ، لأن "إذا" لا تدل على ذلك. ولا هو مرادُ الشارع، ولا هو صادقٌ في نفس الأمر. (إذا حدَّث كَذَبَ، وإذا وَعَدَ أَخلَفَ، وإذا اؤتمن خان). فإن قلتَ: المنافق شرُّ الكَفَرة، ومذهبُ أهل الحق أنَّ المؤمن لا يكفر بارتكاب الكبائر؟ قلتُ: لم يُرِدْ حقيقة المنافق، بل المشابهِ لَهُ، بدليل قوله: (من كانت فيه خصلةُ منهن كانت فيه خصلةٌ من النفاق حتى يَدَعَها). فإن قلت: فقد قال: "أربعٌ من كن فيه كان منافقًا خالصًا"؟ قلتُ: أراد المبالغة في التشبيه، وقيل: أراد رجلًا منافقًا، وكان لا يواجه أحدًا معنيًّا بالقبح. وهذا مثل قوله: "ما

34 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ " تَابَعَهُ شُعْبَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ. [الحديث 34 - أطرفاه في: 2459، 3178]. ـــــــــــــــــــــــــــــ بالُ أقوامٍ يفعلون كذا" وليس بشيء؛ لأن لفظَ (من) عام. وغرضُ الشارع التنفير عن هذه الأخلاق لكل سامع من المؤمنين، وبهذا يسقط أيضًا ما قيل: أراد به المنافقين حقيقة، وكانوا موجودين في زمانه. وأما ما يقال: إن النفاق نوعان، شرعي: وهو إظهار الإسلام، وإبطان الكفر. وعرْفي: وهو من خالف سرُّه العَلَنَ فيهما، لا يلتفت إليه إذ ما يخاطب به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الأحكام لا يكون إلا شرعيًّا على أن لفظ المنافق إسلامي لم يكن في عُرفهم. فإن قلتَ: ذكر في الحديث الأول: "آيةُ المنافق ثلاث" وفي الذي بعده: "أربعٌ" زاد على الأول: "إذا عاهد غَدَر" وفي الطريق الآخر زاد: "وإذا خاصَمَ فَجَرَ"؟ قلتُ: مفهوم العدد لا ينافي المنطوق عند القائل به. فإن قلتَ: ما هذه الألفاظ؟ قلتُ: الكذب ضدّ الصدق، والوعدُ ضدّ إخلافه، والغَدْرُ ضدّه حفظ العهد، والأمانةُ ضدّها الخيانة، والفجور في الخصومة: الميلُ إلى الباطل. 34 - (قبيصة) بفتح القاف وكسر الباء (سفيان) هو أبو عبد الله بن سعيد الثوري، نسبةً إلى جدّه الأعلى، قريشيٌ يلاقي نسبُهُ نَسَبَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في إلياس بن مُضَر. كوفي أحدُ الأعلام في العلم والدين لا تأخذه في الله لومةُ لائم. كان بمكة مجاورًا، فأرسل منصور الدوانقي الخليفة الثاني العباسي الخشابين لينصبوا الخشب، وكان في تلك السنة عازمًا على الحج، وأراد أنه إذا جاء يصلبه لِما كان بلغه منه ما يكره، فكان يومًا مضطجعًا ورأسُه في حجْر فضيل، ورجلاه في حجر سفيان بن عيينة. فقالا: يا أبا عبد الله، لا تُشَمِّتْ

26 - باب: قيام ليلة القدر من الإيمان

26 - بَابٌ: قِيَامُ لَيْلَةِ القَدْرِ مِنَ الإِيمَانِ 35 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يَقُمْ لَيْلَةَ القَدْرِ، إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». [الحديث 35 - أطرافه في: 37، 38، 1901، 2008، 2009، 2014]. ـــــــــــــــــــــــــــــ بنا الأعداء، فقام وتقدَّم إلى أستار الكعبة وقال: برئت من هذا إن دَخَل منصورٌ مكة فمات محرمًا قبل دخول مكة. ولمثله قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن من عباد الله مَن لو أقسَمَ على الله لأبره". باب: قيام ليلة القدر من الإيمان 35 - (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع (عن أبي الزِّناد) -بكسر الزاي- عبد الله بن ذَكْوان (عن الأعرج) هو عبد الرحمن بن هُرْمُز (مَنْ يَقُمْ ليلةَ القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه). قيام ليلة القدر: عبارةٌ عن القيام بالطاعة، فيها صلاة وتلاوة وذِكر. والظاهر أن قيامها يكون بإحيائها إلى طلوع الفجر وقيل: يكفي إحياء معظمها. وقيل: من صلى العشاء والفجر بالجماعة فقد قام. وإنما سُمّيت ليلة القدر؛ لأن لها قدرًا عند الله تعالى، كيف لا والعبادة فيها خيرٌ من عبادة ألف شهر من غيرها. وقيل: لأن الله يُظهر فيها مقاديرَ الأرزاق والآجال في تلك السنة للملائكة. فإن قلتُ: "من يقم" بلفظ المضارع. وقال في باب تطوّع قيام رمضان: "من قام" بلفظ الماضي، وفي باب صوم رمضان: "من صام" بلفظ الماضي أيضًا؟ قلتُ: تَفَنُّنٌ في العبارة، والافتنان في الكلام فنٌّ في البلاغة معروف. وما يقال: إنما قال في ليلة القدر بصفة المضارع، وفي صوم رمضان بصفة الماضي؛ لأن قيام رمضان بلفظ غير محقق بخلاف صيام

27 - باب: الجهاد من الإيمان

27 - بَابٌ: الجِهَادُ مِنَ الإِيمَانِ 36 - حَدَّثَنَا حَرَمِيُّ بْنُ حَفْصٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَارَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «انْتَدَبَ ـــــــــــــــــــــــــــــ رمضان، فإنه محقَّقُ الوقوع. يَرُدُّهُ ما قد رواه البخاري ومسلم بلفظ الماضي في كتاب الصوم: "من قام رمضان" وما رواه البخاري هنا في باب من تطوّع قيام رمضان: "من قام"؛ فإن فيامه تطوّع. ليس محقق الوقوع. فإن فلتَ: ما المراد بالإيمان والاحتساب؟ قلت: الإيمان هو التصديقُ بحقّيتها ووجود الفضيلة المذكورة، والاحتساب: الإخلاص في ذلك من غير شَوْب الرياء. من حسَبه -بفتح السين- يحسُب -بضمها-: إذا عَدّه كأنه يعتدّ به، وسيلة إلى الثواب. فإن قلتَ: لِمَ لم يدخل الفاء في الخبر كما دَخَل في قوله: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: 80]؟ قلتُ: الفاء تشعر بالسببية، فأشار بعدم دخولها إلى أن المغفرة ليست مبنيةً عن القيام؛ لأن العبد لا يستحق على مولاه أجرًا، بل محض فضل من الله تعالى، فلا يكون القائم معجبًا بعمله. فإن قلتَ: ما الحق في ليلة القدر؟ قلتُ: الاختلافُ فيها طويلُ الذيل إلا أن أكثرَ الأحاديث أنها في أوتار العشر الأخير. وميل الشافعي إلى أنها ليلة إحدى وعشرين. والجمهور على أنها ليلةُ سبعٍ وعشرين وستأتي الأحاديث في ذلك. باب الجهاد من الإيمان 36 - (حَرمي) -بفتح الحاء، وياء النسبة- هو ابن حفص بن عمر المعتكي البصري. من أفراد البخاري، لم يَرْوِ عنه مسلم (عُمَارة) بضم العين وتخفيف الميم (أبو زُرْعة) -بزاي معجمة بعدها راءٌ مهملة- اسمه: هرم. وقيل: عمرو. وقيل: عبد الله. وقيل: عبد الرحمن هو ابن عَمْرو (ابن جرير) بن عبد الله البجلي الصحابي المعروف. (انتدَبَ الله) -بدال مهملة- أي: أجاب إلى غفرانه، يقال: ندبته فانتدب أي: دعوته

اللَّهُ لِمَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِهِ، لاَ يُخْرِجُهُ إِلَّا إِيمَانٌ بِي وَتَصْدِيقٌ بِرُسُلِي، أَنْ أُرْجِعَهُ بِمَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ، أَوْ أُدْخِلَهُ الجَنَّةَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ فأجاب. ومنه: الندب أي: السنة لأنه مدعو إليه. وحكي عن القاضي: ايتدب بالياء المثناة تحت من المأدبة، قلبت الهمزة ياءً كما في نظائره. (لمن خَرَج في سبيله لا يُخرجه إلا الإيمانُ أو تصديق برسلي). قال ابن مالك في توضيحه: كان الأليقُ إيمان به بالغيبية، وهذا ذهول منه عن نكتة الالتفات، فإن ضمير المتكلم أعرفُ المعارف. وأيضًا فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاكٍ عن الله، فكيف يتصوَّر أن يقال: الأليق غير ما أتى به و"أو" في قوله: أو تصديق برسلي. بمعنى الواو، ويؤيده ما رُوي بالواو. ويجوزُ إبقاء "أو" على معناه، على أن المعنى لا يخرجه إلا الإيمان بما قلتُ في الكتاب من عِظم أجر المجاهد، أو تصديق بما قاله الرسل من بيان أجره. قال شيخُ الإسلام: رواية (أو) لم تثبت، فعلى هذا لا إشكال، لكن الذي وَقَعنا عليه من النسخ لفظ (أو)، وفي رواية مسلم: "لا يخرجه إلا الإيمان بكلمته". قال النووي: أراد كلمة الشهادة. قلتُ: ويجوزُ أن يُراد بالكلمة: كلامُه تعالى في أجر المجاهد، أو تصديقٌ بما قاله الرسل من بيان أجره، فيوافق الرواية الأولى. وفي رواية مسلم: "إيمانًا وتصديقًا" بالنصب. قال النووي: مفعول تقديره على الغلبة. (أن أرجعه) -بفتح الهمزة- هي اللغة الفصحى من الرَّجع، وحكى ثعلب ضَمَّ الهمزة. قال الجوهري: هي لغة هُذَيل (أجر أو غنيمة) على سبيل مع الخلو أي: لا تخلو حاله عن الأمرين. ويجوزُ الجمع. وفي رواية يحيى بن يحيى في مسلم، وفي رواية أبي داود بالواو. فيحمل على أن الواو الواصلة بمعنى "أو" الفاصلة، لأن الجمع قد لا يقع فالوجهُ منع الخلو كما ذكرنا؛ لأنّ الإبقاء على ظاهرها يفسد المعنى (أو أدخله الجنة) أي: إذا قتل شهيدًا فهو قسيم الأولين، وما يقال: إن في الشهادة أيضًا أجرًا، كيف يكون قسيمًا ليس له وجهٌ، لأن ذلك الأجر مقيّد بالرجوع حيًّا؟ قال البيضاوي: المراد بإدخاله حين موته، لأن الشهداء

وَلَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي مَا قَعَدْتُ خَلْفَ سَرِيَّةٍ، وَلَوَدِدْتُ أَنِّي أُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ» [الحديث 36 - أطرافه في: 2787، 2797، 2972، 3123، 7226، 7227، 7457، 7463]. ـــــــــــــــــــــــــــــ أحياء عند ربهم يُرْزَقون. أو الدخول مع السابقين وذلك لأن دخول الجنة حاصلٌ لكل مؤمن. وهذا الذي قاله لا ضرورة إليه، لأن دخول الجنة مطلقًا كافٍ في الترغيب. ألا ترى إلى قوله تعالى في حق الشهداء: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ} [التوبة: 111]؟ وإلى ما رواه البخاري عن جابرٍ أن رجلًا يوم أُحُد، قال: يا رسول الله، أرأيتَ إن قُتِلْتُ فأين أنا؟ قال: "في الجنة". ولم يَزِدْ على ذلك. وأما أن للمجاهدين درجاتٍ فقد نطق به الكتاب والسنة. (ولولا أن أشُقَّ على أمتي ما قعدتُ خلف سريةٍ) لولا: إذا دخلت على الاسم تدل على امتناع الثاني لوجود الأول. كقول عمر: "لولا علي لهَلَكَ عمر" أي: امتناعُ هلاكه لوجود علي. وهنا معناه: أنه لم يَشُق على أمته، ولذلك قَعَد، فإن لولا تدل على انتفاء الجواب، وانتفاء المنفي يلزمه الوجود. والسرية: قطعةٌ من الجيش أقصاها أربعُمئةٍ. وجمعُها: سَرَايا. يقال: رجلٌ سريّ. أي: جيد مختار من سَرُوَ الرجلُ. وقيل: من السرّ لأنهم يذهبون نحو العدوّ سرًّا، وليس بوجهٍ؛ إذ لو كان كذلك لقيل: سرّية بتشديد الراء. فإن قلتَ: ما معنى الخلف؟ قلتُ: الخلف مرادف الوراء أي: لم يقم بعد أي سرية كانت. ويجوزُ أن يكون معناه: لم أزل خلف سرية، فإن الرجل الشجاع يكون في ساقة الجيش. وهذا من كمال رأفته بأمته؛ لأن أكثر ما يطرق العدو ساقة القوم (ولوددت) اللام جواب قسم مقدر، والودادة معناها التمني، فلا يجوز أن يكون داخلًا في حَيّز (لولا) عطفًا على جوابه؛ لأنه يلزم خلاف ما ساق له الكلام، وهو تمني الشهادة والقتل في سبيل الله مرارًا. قال النووي: دلّ الحديث على فضيلة تمني الشهادة، وأن التمني يكون في الشيء الذي لا يحصل. ومن الشارحين مَنْ جَوَّز العطف على جواب (لولا)، فأشكل عليه أن لا مشقة في الودادة فقال: لا تم ذلك ولئن سلم فربما ينجر إلى تسريع مودوده فيصير سببًا للمشقة.

28 - باب: تطوع قيام رمضان من الإيمان

28 - بَابٌ: تَطَوُّعُ قِيَامِ رَمَضَانَ مِنَ الإِيمَانِ 37 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». [طرفه في: 35] ـــــــــــــــــــــــــــــ قلتُ: المودود هو الموت في سبيل الله، وأي طاعة أفضل من موت يناله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟! وهذا يغفل عدم مشروعية الموت شهيدًا. واعلم أن كون الإنسان يُقتل ثم يُحيى ثم يُقتل كذلك، مقطوعٌ بانتفائه، وإنما الغرضُ من هذا الكلام الحثُ على الجهاد، وإظهارُ فضل الشهادة، وهو في ذلك حصول ثواب النية وحزن القلب على عدم القدرة. قال ابن بَطّال: هذا الباب أيضًا دليلٌ على أن الإيمان عملٌ، وذلك أن المخرج له في سبيل الله، لما كان هو الإيمان كان الخروجُ إيمانًا بالله لا محالة. كما تسمي العرب الشيءَ باسم سببه، كما تقول للمطر: سماء لأنه من السماء ينزل. هذا كلامه ولا طائل تحته، لأن تسمية الشيء باسم سببه نوعٌ من المجاز والصوابُ أن الخروج من أجزاء الإيمان الكامل، ولو أطلق عليه الإيمان، كان من إطلاق اسم الكل على الجزء لا السبب على المسبّب. بابٌ: تطوّع قيام رمضان من الإيمان قال ابن الأثير: التطوع: التبرّع، تفعّل من الطاعة. وقيام رمضان: عبارةٌ عن التراويح، لأن الغالب أنها تُصلَّى قيامًا. 37 - (إسماعيل) هو ابن أبي أويس (حُميد بن عبد الرحمن) بضم الحاء على وزن المصغر (من قام رمضان إيمانًا) أي: تصديقًا بفضله (واحتسابًا) من غير رياء من الحساب بمعنى العدد، كأنه يعده وسيلة إلى رضا الله تعالى. وتمام الكلام عليه تقدم آنفًا في باب قيام ليلة القدر.

29 - باب: صوم رمضان احتسابا من الإيمان

29 - بَابٌ: صَوْمُ رَمَضَانَ احْتِسَابًا مِنَ الإِيمَانِ 38 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». 30 - بَابٌ: الدِّينُ يُسْرٌ وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَحَبُّ الدِّينِ إِلَى اللَّهِ الحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ». ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: صوم رمضان احتسابًا من الإيمان انتصاب احتسابًا في أمثال هذه المواضع على التمييز، أو على أنَّه مفعول له والأول أظهرُ. واقتصر على الاحتساب في الترجمة مع أن الحديث فيه: "إيمانًا واحتسابًا" إشارة إلى أن الإيمان بدون الإخلاص كلا إيمان. وكذا كل طاعة. 38 - (ابن سَلاَم) -بتخفيف اللام على الأشهر- هو محمد بن سَلاَم البيكندي (محمد بن فُضيل) بضم الفاء على وزن المصغر (عن أبي سَلَمة) -بفتح اللام- هو عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف، أحد الفقهاء السبعة (غفر اللهُ له ما تقدَّم من ذنبه) ويُروى: غُفر على بناء المجهول. بابٌ: الدين يُسْرٌ اللام في الدين يسر: للعهد؛ أي: الدين الذي شرعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ إذ ليس فيه من الإصْرِ والأغلال التي كانت على بني إسرائيل. وهو مرفوعٌ بالابتداء. ويسرٌ: خبره. وكان الظاهر يسير على وزن فعيل، كما في قوله في الحديث الآخر: "وهو يسيرٌ على من يَسَّره الله". إلَّا أنَّه أراد المبالغة فآثر المصدر مثل: رجل عدل. (وقول النَّبيِّ - صَلَّى الله عليه وسلم -: أحبُّ الدين إلى الله الحنيفية السمحة) هذا حديث أورده دليلًا على الترجمة، وهذا دأبُهُ، يوردُ الأحاديثَ ومذاهبَ العلماء على طريقة التعليق، وليس هو من تمام الترجمة؛ إذ ليس هو بصدد بيان هذا، بل استدلال على أن الدين يسير بالحديث تعليقًا تارةً، وإسنادًا أخرى.

39 - حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلاَمِ بْنُ مُطَهَّرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ مَعْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الغِفَارِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا ............................. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقد حَمَله بعضُهم على أنَّه تمام الترجمة، فأشكل عليه أن الحديث المسنَدَ في الباب لا يدل عليه. فقال في الجواب: المحبة إما مجاز عن الاستحسان والأمر وهو قوله: "وقاربوا" يدل على الحسن، أو حقيقة في إرادة إيصال الثواب، وتلك في المأمور به واجبًا ومندوبًا، إذ لا ثواب في غيره، ثم قال: هذا ما أمكن لنا من بيان المناسبة. وهذا كلّه خبط للاتفاق على أن محبة الله عبارةٌ عن إيصال الثواب كذلك؛ أي: استحبابًا أو ندبًا على أن ما تكلفه لا يدل على ما جعله من الترجمة، لأنَّ أحبُّ أفعل تفضيل من بناء المجهول أي: أشدّ محبوبيةً. وما ذكره يدل على الحسن في الجملة، أو إرادة إيصال الثواب كذلك. فإن قلتَ: كيف جعل الحنيفيةَ خبر أحب، والمطابقةُ شرطٌ بين المبتدأ والخبر؟ قلتُ: أفعل التفضيل إذا أضيف جاز فيه الإفراد والمطابقة. فإن قلتَ: ما معنى الحنيفية؟ قلتُ: صفة للملة. والحنيف: المائل. والمراد: الميلُ من الباطل إلى الحق. قال ابن الأثير: الحنيفية عند العرب: من كان على دين إبراهيم وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مأمورًا باتباع ملة إبراهيم. قال الله تعالى: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} [النحل: 123]. 39 - (عبد السَّلام بن مطَهَّر) -بفتح الطاء والهاء المشددة مع الفتح- أبو ظفر الأزدي (مَعْن) بفتح الميم وسكون العين (الغفاري) بكسر المعجمة (المَقْبُريُّ) -بفتح الميم وضم الباء- نسبةً إلى المقبرة؛ لأنَّه كان يسكن بقُربها هو الصَّحيح. (ولن يُشَادَّ الدين إلَّا غَلَبَهُ) كذا رواه الجمهور بدون لفظ أحد. قال النووي: الأكثر في ضبط بلادنا نصب الدينَ على أن الفاعل مضمرٌ. وقال صاحب "المطالع": الأكثر فيه الرفع على أن الفعل على بناء المجهول. ويروى بزيادة لفظ أحد. فالنصب متعين حينئذٍ. المشادّة: المغالبة في الشدة والقوة. والمعنى: من يبالغ في الطاعة ويتكلف فوق طاقته، يعجزُ عن قريب. (فَسَدِّدوا) أي: اطلبوا السَّداد -بفتح السِّين- وهو الاستقامة للأمور، والتوسط بين

31 - باب: الصلاة من الإيمان

وَقَارِبُوا، وَأَبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ». [الحديث 39 - أطرافه في 5673 - 6463، 7235]. 31 - بَابٌ: الصَّلاَةُ مِنَ الإِيمَانِ وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143] يَعْنِي صَلاَتَكُمْ عِنْدَ البَيْتِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الإفراد والتفريط (وقاربوا) غريب من معنى السداد (وأبشروا) أي: النَّاسَ بأن الدين يسير. ولا تشددوا عليهم، فيوجب تنفيرهم أو صيروا أنتم ذوي بشارة بهذا الدين اليسر من الله تعالى. والأول هو الوجه الدال عليه سائر الأحاديث (واستعينوا) أي: في إكمال الفرائض. (بالغَدْوة) -بفتح الغين- أي: بالعبادة في هذا الوقت، وهو من طلوع الفجر إلى طلوع الشَّمس (والروحة) هو ما بعد الزَّوال إلى الليل، وقد يستعمل مطلق الوقت كما في قوله: "من راح إلى الجمعة في الساعة الأولى، فكأنما قَرَّب بَدَنَةً". (وشيء من الدُّلْجة) -بضم الدال وفتحها- من الإدلاج بإسكان الدال. ومن الادّلاج بتشديد الدال، الأول هو السيرُ في أول الليل، والثاني هو السيرُ في آخره. وقد يُطلق الأولُ على مطلق السير قاله ابن الأثير في "النهاية" وأنشد لعلي بن أبي طالب: اصبر على السير والإدلاج في السحر ... وفي الرواح على الحاجات والبكر (2) باب: الصَّلاة من الإيمان أي: الصلاةُ جزءٌ من الإيمان. (وقول الله عز وجل: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143]) بالرفع لما قدمنا مرارًا أنَّه دليل فلا يدخل تحت الترجمة، ولا يستقيم إلَّا على طريقة جر الجواب. استدل بالآية على أن الإيمان أطلق على الصَّلاة فيها، وهذا الاستدلالُ بناءً على أن الآية نزلتْ لما شكّوا في صلاة طائفةٍ ماتوا قبل أن تحوَّل القبلة (يعني صلاتكم) فهذا وجه الدلالة كما صرّح به في الحديث بعده (عند البيت) قيل: صوابه: إلى البيت. أي: إلى بيت المقدس قبل التحوّل.

40 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَوَّلَ مَا قَدِمَ المَدِينَةَ نَزَلَ عَلَى أَجْدَادِهِ، أَوْ قَالَ أَخْوَالِهِ مِنَ الأَنْصَارِ، وَأَنَّهُ «صَلَّى قِبَلَ بَيْتِ المَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، وَكَانَ يُعْجِبُهُ أَنْ تَكُونَ قِبْلَتُهُ قِبَلَ البَيْتِ، وَأَنَّهُ صَلَّى أَوَّلَ صَلاَةٍ صَلَّاهَا صَلاَةَ العَصْرِ، وَصَلَّى ـــــــــــــــــــــــــــــ قلتُ: الصوابُ ما قاله البُخاريّ: عند البيت. فإن المراد به الكعبةُ الشريفة، علم لها بالغلبة. وغرضه: إنكم لما كنتم في مكّة وقبلتكم بيت المقدس الله لا يضيع ذلك وأنتم عند البيت، فإذا كنتم في المدينة مع البعد عن البيت من باب الأولى. 40 - (عَمْرو بن خالد) بفتح العين في آخره واوٌ. ونَقَل القابسي عن أبي زيد المروزي عُمر. وهو وهمٌ؛ إذ ليس في شيوخ البُخاريّ عمر بن خالد عند أحدٍ من الأئمة. قال شيخ الإسلام: ولا يوجد في رجال الكتب الستة عمر بن خالد (زُهَير) بضم الزَّاي على وزن المصغر (أبو إسحاق) السَّبِيعي -بفتح السِّين وكسر الموحدة بعدها. والسَّبيعِ قبيلة من همدان، اسمه عمرو بن عبد الله، كثير الرّواية عن البراءِ. و (البَراءُ) -بفتح الباء والراء المخففة- هو ابن عازب، الصحابي المعروف الأوسي الأنصاري، يكنى أبا عمارة. أولُ مشاهدِهِ أحدٌ، وكان في غزوة بدر صغيرًا (كان أولَ ما قدم المدينهْ نَزَل على أجداده) انتصاب أولَ على أنَّه ظرف نزل، والأجداد هم الأنصار، لأنَّ هاشمًا تزوّج سلمى بنت زيد، وقيل: بنت عمرو بن زيد من ابني عدي بن النجار (وعلى أخواله) كلاهما صحيح؛ لأنَّ الأنصار بعضُهم أجدادٌ له من طرف الأم، وبعضهم أخوال، وذلك ظاهر. فلا مجاز لا في الأجداد ولا في الأخوال، لأنَّ كل واحد مستعمل في معناه الموضوع له لغةً. (قِبل البيت) بكسر القاف أي: تلك الجهة. قال أبو زيد: وأصلُه المقابلة مع المعاينة. (ستة عَشَر شهرًا أو سبعة عَشَر) الشَّك من البراء، وفي رواية مسلم: الجزمُ بالأول بدون الشَّك (وأنَّه أولَ صلاة صلاها صلاة العصر) بنصب أول على أنَّه مفعول مطلق لفعل مقدر، وقد جاء صريحُ الفعل في بعض الروايات. وصلاةَ العصر بالنصب بدل من الضمير، ويروى بالفتح على الخبرية. قال ابن مالك: الضمير في صلاها للقبلة أي: صلى إنهما.

مَعَهُ قَوْمٌ» فَخَرَجَ رَجُلٌ مِمَّنْ صَلَّى مَعَهُ، فَمَرَّ عَلَى أَهْلِ مَسْجِدٍ وَهُمْ رَاكِعُونَ، فَقَالَ: أَشْهَدُ بِاللَّهِ لَقَدْ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِبَلَ مَكَّةَ، فَدَارُوا كَمَا هُمْ قِبَلَ البَيْتِ، وَكَانَتِ اليَهُودُ قَدْ أَعْجَبَهُمْ إِذْ كَانَ يُصَلِّي قِبَلَ بَيْتِ المَقْدِسِ، وَأَهْلُ الكِتَابِ، فَلَمَّا وَلَّى وَجْهَهُ قِبَلَ البَيْتِ، أَنْكَرُوا ذَلِكَ. قَالَ زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ فِي حَدِيثِهِ هَذَا: أَنَّهُ مَاتَ عَلَى القِبْلَةِ قَبْلَ أَنْ تُحَوَّلَ رِجَالٌ وَقُتِلُوا، فَلَمْ نَدْرِ مَا نَقُولُ فِيهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قلتُ: للصلاة، ولا ضرورة في الحذف، وإيصال الفعل على ما ذكره، والقبلة لا تحتاج إلى الذكر، فإن سياق الكلام وسباقه في شأنها. (فخرَجَ رجلٌ ممن صَلَّى معه) قال النووي: هذا عَبَّاد بن بشر بن وقش. وقيل: هو عباد بن نهيك (على مسجد) ويروى أهل مسجد هو مسجد بني حارثة. وأول صلاة صلاَّها الظهر في بني سلمة. وأول صلاة صلاها في مسجده العصر. كذا قاله شيخ الإسلام. وسيروي عن ابن عمر أن الذي جاء أهلَ قباء جاءهم في صلاة الصبح (وهم راكعون) جملة حالية. أي: حين جاء الرجل مخبرًا كانوا في الركوع، أو أريد بالركوع الصَّلاة إطلاقًا لاسم الجزء على الكل. وهذا صريحٌ في أن ما يروى أن تحويل القبلة وقع ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الصَّلاة ليس بسديد. وكذا ما يقال: إن رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - كان في مسجد بني سلمة وقد صلّى الظهر ركعتين، فتحوَّل إلى الميزاب، فداروا كما هم أي: على حالهم لم يستأنفوا الصَّلاة، وذلك المسجد إلى الآن يُسمى ذا القبلتين. (أشهد بالله) قسمٌ مع المبالغة في الإشهاد بالله؛ لأنَّه بمثابة قسم آخر. وفيه دلالة على جواز الحَلف لتحقق المقام من غير منكر، وليس فيه نسخُ القطعي بالظني؛ لأنَّ الناسخ هو القرآن كما صرَّح به الراوي في بعض طرقه. والراوي مخبرٌ عن الواقعة. وما يقال: إن هذا الخبر أفاد العلم لأنَّه محفوف بالقرائن ممَّا لا وجه له. أما أولًا فلأنّ هذا ليس خبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بل أخبر الراوي من عند نفسه عن فعل شاهدَهُ. وأمَّا ثانيًا فلأنّ وجود القرينة ممنوع فضلًا عن القرائن، وأي ضرورة في هذا الدعوى مع اتفاق الصّحابة على قبول خبر الواحد في الوقائع، وقد شاهدوا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث الأحكام مع الآحاد إلى الأطراف والملوك. (وكان اليهود قد أعجبهم إذ كان يصلِّي قِبَل بيت المقدس) لكونه موافقًا لهم في ذلك. وأهل الكتاب: عطف على اليهود عطف العام على الخاص. أو أُريدَ به النصارى بقرينة تقدم ذكر اليهود. وما يقال: إن النصارى لا يصلون إلى بيت المقدس فلا يَرِدُ؛ لأنهم يعظمون بيت

32 - باب حسن إسلام المرء

لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143]. [الحديث 40 - أطرافه في: 399، 4486، 4492، 7252]. 32 - بَابُ حُسْنِ إِسْلاَمِ المَرْءِ 41 - قَالَ مَالِكٌ: أَخْبَرَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ المقدس؛ لأنَّه مولد عيسى ومقتله على زعمهم ({لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143]) فسّر الإيمان بالصلاة بقرينة سبب النزول كما قدمنا. فإن قلتَ: الكلام إنَّما وقع في صلاةِ مَنْ مات قبل تحوُّل القِبلة، فكيف أضاف إلى المخاطبين الأحياء؟ قلتُ: قدمنا أن قول البُخاريّ عند بيت المقدس معناه: لما كنتم بمكة عند البيت، وقِبلتكم بيتُ المقدس. ويندرج في ذلك الموتى والأحياء. قال ابن بَطّال: الآية تقطع حُجج الجهمية والمرجئة في قولهم: إن الأعمال لا تسمى إيمانًا. قلتُ: هم يقولون: إن الإيمان هو: القول المجرد لا يضرّ معه المعصية لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من قال لا إله إلَّا الله حرَّمه الله على النَّار". ولا ينكرون إطلاق الإيمان على الصَّلاة وغيرها مجازًا. ويُقرون بأركان الإيمان من الزكاة والحج وغيرها على أنها مكملاتٌ وتوابع. باب حُسْن إسلام المرء حسن الشيء وصف قائم به بعد تمام الماهية. والمراد به هنا الشرط وهو الإخلاص في ذلك. وقيل: المراد: المراقبةُ وحسن العمل لقوله: "الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه" قلتُ: ذاك معنى آخر والذي عقد له الباب هو الأول. بدليل قوله: "إذا أسْلَمَ العبدُ فحسن إسلامُهُ يُكَفِّر الله عنه كلَّ سيئة" (3) فإن مجرَّد الإيمان الخالص كافٍ في ذلك، ألا ترى إلى قوله: "إن الإسلام يَجِبُّ ما قبله". 41 - و (قال مالك): روى الحديثَ عن مالك تعليقًا، كأنه لم يكن على شرطه، وقد

الخُدْرِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِذَا أَسْلَمَ العَبْدُ فَحَسُنَ إِسْلاَمُهُ، يُكَفِّرُ اللَّهُ عَنْهُ كُلَّ سَيِّئَةٍ كَانَ زَلَفَهَا، وَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ القِصَاصُ: الحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ، وَالسَّيِّئَةُ بِمِثْلِهَا إِلَّا أَنْ يَتَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهَا". ـــــــــــــــــــــــــــــ أسنده البزار والدارقطني وزادا فيه: "إن الكافر إذا أسلم وحَسُن إسلامُهُ، تُكْتَبُ له في الإسلام كلُّ حسنةٍ عملها في الكفر". قيل: إنَّما حذف البُخاريّ تلك الزيادة؛ لأنها لم تكن على قانون الشرع. قلتُ: هذا كلام باطل، لأنَّ قانون الشرع إنَّما يؤخذ من الشارع، إذ لا دَخْل عندنا للحسن العقلي. فأيّ قانونٍ أعظمُ من الحديث الصَّحيح؟ وهل يتصوَّر حذف شيءٍ صَحَّ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا اشتباه في معناه؟ وتوافق هذه الزيادة حديثَ حكيم بن حزام حيث قال له: "أسلمت على ما أسلفت عليه من الخير" حين مسألة حكيم عن أشياء كان يتحنث بها في الجاهلية كما سيأتي في البُخاريّ. وأمَّا قول الفقهاء: لا تصحَّ العبادة بدون الإيمان. ذاك معنى آخر، ولا تلازم بين الصحة وحصول الثواب، فإن من صَلَّى ظانًّا أنَّه على وضوء -ولم يكن كذلك- ومات يحصلُ له الثواب، ولا صحة هناك. (زَلَفها) -بتخفيف اللام وتشديدها- أي: قدمها. وروى ابن الأثير: أزلفها. والكل من الزلفة وهي القُرْبة أي: قَدَّمها تقربًا إلى الله تعالى (إلى سبعمئة ضِعْفٍ) قال ابن الأثير: ضعفُ الشيء مِثْلاَه. يقال: إن أعطيتني درهمًا أعطيتُك ضِعْفَه أي: مِثْلَيْهِ. وقال الأزهري: ضعف الشيء ما زاد عليه في كلام العرب، أقلّه الواحد ولا حَصْرَ لأكثره، والظاهر أن مراد الحديث الكثرةُ لقوله تعالى: {وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ} [البقرة: 261] بعد ذكره سبعمئة. وإليه أشار في بعض الروايات: "إلى سبعمئةٍ إلى ما شاء الله". والتحقيقُ أن الأقل عشرة أمثال لا ينقص عنه. لقوله تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: 160] وأمَّا نهايته فلا يعلمه إلَّا علَّامُ الغيوب. ألا ترى إلى ما رواه الشيخان: "من تصدَّق بعَدْلِ تمرةٍ من كسبٍ طيبٍ، فإن الله يُرَبّيه، كما يُرَبي أحدكم فُلُوَّهُ حتَّى

33 - باب: أحب الدين إلى الله عز وجل أدومه

42 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا أَحْسَنَ أَحَدُكُمْ إِسْلاَمَهُ: فَكُلُّ حَسَنَةٍ يَعْمَلُهَا تُكْتَبُ لَهُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ، وَكُلُّ سَيِّئَةٍ يَعْمَلُهَا تُكْتَبُ لَهُ بِمِثْلِهَا". 33 - بَابٌ: أَحَبُّ الدِّينِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَدْوَمُهُ 43 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِشَامٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، ـــــــــــــــــــــــــــــ يكون مثل الجبل". وهذا التفاوت العظيم منشؤه تفاوت الأشخاص والأزمان والأماكن. ألا ترى أن صلاةً في المسجد الحرام بمئة ألفِ صلاةٍ في سائر المساجد، والسيئة بمثلها إلَّا أن يتجاوز اللهُ عنها، فلا يؤاخذ بها أصلًا. وفيه حجةٌ على المرجئة القائلين بأن المعصية لا تضرّ مع الإيمان، وعلى الخوارج والمعتزلة في وجوب عقاب العاصي الذي مات من غير توبة، على أن الخوارج قائلون بكفره، والمعتزلة بخلوده في النَّار، وإن لم يطلقوا عليه اسم الكافر. 42 - (مَعْمَر): بفتح الميمين بينهما عين ساكنة (هَمَّام) بفتح الهاء وتشديد الميم. باب أحب الدين إلى الله أدومُهُ أحبّ: اسم التفضيل من بناء المفعول. أي: أشدّ محبوبيةً. وأراد بالدين: الطاعة. وإطلاق الدين عليها معروف. قال الشاعر: من القوم الرسول الله منهم ... لهم دانت رقاب بني معدٍ والدوام: طول الزمان. قال ابن الأثير: دام الشيء إذا طال زمانه. ومنه الماء الدائم، فليس شمول الأزمنة قيدًا فيه حتَّى يُحمل على الدوام العرفي. 43 - (محمد بن المثني) بضم الميم وتشديد النون (هِشَام) بكسر الهاء (أبي) لفظ الأب

34 - باب زيادة الإيمان ونقصانه

عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا امْرَأَةٌ، قَالَ: «مَنْ هَذِهِ؟» قَالَتْ: فُلاَنَةُ، تَذْكُرُ مِنْ صَلاَتِهَا، قَالَ: «مَهْ، عَلَيْكُمْ بِمَا تُطِيقُونَ، فَوَاللَّهِ لاَ يَمَلُّ اللَّهُ حَتَّى تَمَلُّوا» وَكَانَ أَحَبَّ الدِّينِ إِلَيْهِ مَادَامَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ. [الحديث 43 - طرفه في: 1151] 34 - بَابُ زِيَادَةِ الإِيمَانِ وَنُقْصَانِهِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} [الكهف: 13] {وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا} ـــــــــــــــــــــــــــــ مضافٌ إلى ياء المتكلم، هو عروة بن الزُّبير، التَّابعي الجليل القَدْر، أحد الفقهاء السبعة (عن عائشة أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَل عليها وعندها امرأة) قالوا: هي الحولاء بنت تُوَيْتٍ بضم الفوقانية مصغر التوت مثناة في آخرها. من بني الأسد (فلانة) غير منون؛ لأنَّه كناية عن علم المرأة. (تذكّر من صلاتها) أي: بعض شأن صلاتها، قيل: فاعل تذكّر عائشة. وهو سهو ظاهر، بل الفاعل فلانةُ، ومعنى تذكّر أي: كثرة صلاتها، فسّره رواية البُخاريّ في كتاب الصَّلاة. "لا تنامُ بالليل". (قال: مَهْ) بفتح الميم وسكون الهاء، اسم فعل أي: كُفّ، وانزجرْ. ثم استأنف بقوله: (عليكم بما تطيقون) أي: الزموا واكتفوا بالذي في وُسْعكم من غير مشقة، لأنَّ الإكثار يستلزم المَلَلَ، وإذا كان مع المَلَلِ لا ثواب له. وقد بيَّنه بقوله: (فوالله لا يَمَلُّ اللهُ حتَّى تمَلُّوا) المَلَلُ والسآمة من الأعراض النفسانية وهو على الله محالٌ. والمراد لازمُهُ وهو الإعراض. فإن مَنْ ملَّ عن شيء أعرض عنه، وإنَّما ذكره بلفظ المَلَلِ مشاكلةٌ لما قبله. فإن قلتَ: الكلامُ مع النساء، فما وجهُ قوله: "عليكم"؟ قلتُ: الأصلُ في الأحكام الرجالُ. أجرى الكلام على ذلك القانون، ويدخل في الحكم النساءُ من باب الأولى، لأنَّ المَلَلَ إليهن أسرع، وسرّ المسألة أن الغرضَ من الطاعة ملاحَظة كبرياء الله تعالى وجلاله. وإذا ملَّ الإنسان فات ذلك. وقيل: معناه: إن الله لا يَملّ وإن مللتم. وهذا المعنى معلومٌ لكل أحدٍ إلَّا أنَّه ليس معنى الكلام لغة، ولا هو ملائم للمقام، لأنَّ غرضه الزجرُ عن العبادة مع المَلَلِ، فإنَّه لا فائدة فيه لأنَّه بيان كبرياء الله وتقديسه عن المَلَلِ. وقيل: معناه: إن الله لا يَمَلُّ مَلَلْتُم أنتم أم لم تَمَلّوا. وهذا قريبٌ من الأول. قال الكَرْمَاني: أقول: هذا صحيح؛ لأنَّ المؤمن أيضًا شأنه أن لا يملّ من العبادة. انظروا في هذا الكلام واعتبروا يا أولي الأبصار. باب زيادة الإيمان لم يذكر نقصانه، لأنَّ الزيادة تدل عليه، لأنَّ قابل أحد الضدين قابل للآخر. وفي بعضها مذكور (وقول الله تعالى) بالرفع؛ لأنَّه استئناف دليل على الترجمة. ويدل عليه قوله

[المدثر: 31] وَقَالَ: «اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ» فَإِذَا تَرَكَ شَيْئًا مِنَ الكَمَالِ فَهُوَ نَاقِصٌ. 44 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ شَعِيرَةٍ مِنْ خَيْرٍ، وَيَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ بُرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ، وَيَخْرُجُ مِنَ ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3] إذ لا يصح عطفُه على المجرور. وقال بعض الشارحين: إنَّما غيّر الأسلوبَ؛ لأنَّ المراد منه ما يلزم منه وهو بيان النقصان. قلتُ: الحديث المسند في الباب من قضية اليهودي مع عمر، دليلٌ على أن الآية في كمال الإسلام، وتدل عليه بالمطابقة. ونَبَّهَ البُخاريّ على أن من ترك شيئًا من الكمال، كان إيمانه ناقصًا. 44 - (مسلم بن إبراهيم): -على وزن اسم الفاعل- ضد الكافر (هشام) بكسر الهاء (قتادة) -بفتح القاف- أبو الخطَّاب بن دِعَامة السدوسي وُلد أكمه، تابعي جليل القدر (يُخْرَجُ من النَّار من قال لا إله إلَّا الله، وفي قلبه وزن شَعيرةٍ من خيرٍ) يُخْرجُ: بضم الياء على بناء المجهول. ويروى بفتح الياء على بناء الفاعل، والأول أحسنُ لقوله في الحديث الآخر: "أخْرِجوا من النَّار". فإن قلتَ: الإيمانُ معنى قائم بالمؤمن، فكيف يوزن؟ قلتُ: إما أن يجعل الله الأعراض في صورة الأجسام، أو يوزن ما سُطّر فيه من الصحيفة، كما دلَّ عليه حديث البطاقة كما سيأتي. فلا ضرورة إلى أن يقال: إنه على طريقة التشبيه والاستعارة. وفي الجمع بين قول: لا إله إلَّا الله وعمل القلب دلالة على أنَّه محله. وفيه إبطال قول من قال: إن الإيمان مجرَّد القول كالكراميّة. فإن قلتَ: ما المراد بالخير في الحديث؟ قلتُ: المرادُ به الإيمان بدليل وقوع الإيمان بدل خير في رواية حُميد عن أنسِ في حديث الشفاعة.

النَّارِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَالَ أَبَانُ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، حَدَّثَنَا أَنَسٌ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مِنْ إِيمَانٍ» مَكَانَ «مِنْ خَيْرٍ». [الحديث 44 - أطرافه في: 4476 - أطرافه في: 4476 - 6565 - 7410 - 7440 - 7509 - 7510 - 7516] ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلتَ: هذا في أصل التصديق أو في الزائد عليه؟ قلتُ: المراد عمل القلب الزائد على أصل التصديق. والذي تدل عليه رواية حُميد عن أنس، فإنَّه روى أن رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - قال في المرة الثالثة من الشفاعة "فأخرج من كان في قلبه أدنى أدنى أدنى مثقال حبةٍ من خَرْدَلٍ من إيمان، من النَّار، من النَّار، من النَّار. ثم قال في الرابعة: فأقول: يا رب ائذنْ لي فيمن قال: لا إله إلَّا الله. فيقول: وعزتي وجلالي وكبريائي وعظمتي، لأُخْرِجَنَّ منها مَنْ قال لا إله إلَّا الله" فإنَّه صريحٌ في أن المراد نفسُ التصديق أن قول: لا إله إلَّا الله بدون التصديق لا يُعتد به. قال بعض الشارحين: إنَّما ذكر قولَ لا إله إلَّا الله مع تصديق القلب، لأنَّ المسألة مختلَفٌ فيها؛ فعند بعض العلماء: التصديقُ القلبي لا يكفي في الخروج من النَّار، بل لا بُدَّ من القول والعمل أيضًا، وعليه البُخاريّ. والذي ذكرنا آنفًا في رواية البُخاريّ: من إخراج من قال: لا إله إلَّا الله. يَرُدُّ ما ذكره. (وفي قلبه وزن ذَرَّةٍ). الذَرَّةُ: النملة الصغيرة. وقيل: ما يدخُلُ في الكُوَّة من شعاع الشَّمس. قال ابن الأثير: قال ثعلب: وزن مئة نملةٍ وزن حَبَّةٍ (وقال أَبَان): يجوزُ صَرْفُهُ وعدم صرفهِ بناءِ على جواز زيادة الألف والنون، وعدم زيادتها. هو أبو زيد بن يزيد البصري. قال بعضُهم: إنَّما ذكره تعليقًا إما لضعفه أو لضَعْفِ شيخه. قلتُ: هذا قولٌ باطل؛ لأنَّ الكل متفقون على كون أَبَان ثقةَ. نَقَل الذهبي عن الإمام أحمد أنّ أبانَ بنَ يزيد ثقةٌ في كل مشايخه. وشيخه هنا: قتادةُ كلّهم صرَّحوا بأنه ثقة، بل إنَّما ذكره تعليقًا تقوية لما أسنده على دأبه في هذا الكتاب. وقيل: إنما أردفَ المسند بما علَّقه عن أبان، لأنَّ قتادةَ مُدَلسٌ. وفي رواية أبان التصريح بالسماع دون رواية هشام. قلتُ: هذا حَسَنٌ، إلَّا أن ما وقفنا عليه من النُّسَخ. وفي رواية هشام أيضًا ذكر السماع.

45 - حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ، سَمِعَ جَعْفَرَ بْنَ عَوْنٍ، حَدَّثَنَا أَبُو العُمَيْسِ، أَخْبَرَنَا قَيْسُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، أَنَّ رَجُلًا، مِنَ اليَهُودِ قَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تَقْرَءُونَهَا، لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ اليَهُودِ نَزَلَتْ، لاَتَّخَذْنَا ذَلِكَ اليَوْمَ عِيدًا. قَالَ: أَيُّ آيَةٍ؟ قَالَ: {اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا} [المائدة: 3] قَالَ عُمَرُ: «قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ اليَوْمَ، وَالمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ قَائِمٌ بِعَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ». [الحديث 45 - أطرافه في: 4407 - 4606 - 7268] ـــــــــــــــــــــــــــــ 45 - (الحسن بن الصَبَّاح) بفتح الصاد وتشديد الموحدة (أبو العُميس) -بضم المهملة على وزن المصغر- عتبة بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود (آية في كتابكم تقرؤونها) آية: مبتدأ، وفي كتابكم تقرؤونها: وصفان له (لو علينا معشرَ اليهود نزلتْ) أي: لو نزلتْ علينا. والمذكور مفسر لذلك المقدّر، لأنَّ "لو" لا تدخل إلَّا على الفعل. والشرطية مع الجزاء خبر المبتدأ، وانتصاب معشرَ على الاختصاص (قد عرفنا ذلك اليومَ والمكان الذي نزلت فيه على النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وهو واقفٌ بعرفة) هذا من الأسلوب الحكيم، وذلك أن السؤالَ لم يقع إلَّا عن الزمان. فأجاب بالزمان والمكان والأوضاع التي كان عليها رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم -. قوله (وهو واقفٌ بعرفةَ يوم الجمعة) أشار بعرفة إلى المكان. ويوم الجمعة إلى الزمان. وقد اشتبهَ هذا الموضع على بعضهم، فقال: فإن قلتَ: العرفةُ والجمعة يدلان على الزمان، فما الذي يدل على المكان؟ قلتُ: إما أن يقال: عُلم من عرفة أيضًا إما لأن زمان الوقوف بعرفة، إنَّما هو بعرفات، وإما لأن عرفة قد تُطلق على عرفات، فيُرادُ به كلا المعنيين على مذهب مَنْ جوز إعمال المشترك في معنييه. وهو الشَّافعي. وهذا كلُّه خبط؛ لأنَّ عرفة ليس اسم الزمان، بل هو مرادفُ عرفات. وقولهم: "يوم عرفة" معناه: يوم الوقوف بعرفة. وكيف يجوزُ أن يُراد به الزمان في قوله: وهو واقف بعرفة؟ هل يقول أحدٌ: قام فلان بالزمان، أو وقف بالزمان؟ قال الجوهري: لفظ عرفات لفظُ جمعٍ. وقال الفراء: ولا واحدَ له بصحة وقول النَّاس: نزلنا عرفةَ شبيهٌ بالمُولَّد، وليس بعربي محضٍ. قال الشارح المذكور آنفًا: فإن قلتَ: كيف طابق الجواب ويوم عرفة ليس يوم عيد؟

35 - باب: الزكاة من الإسلام

35 - بَابٌ: الزَّكَاةُ مِنَ الإِسْلاَمِ وَقَوْلُهُ: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ القَيِّمَةِ} [البينة: 5]. ـــــــــــــــــــــــــــــ قلتُ: إنَّما لم يجعلوا يوم النزول عيدًا؛ لأنَّه ثبت في الصَّحيح أن الآية نزلت بعد العصر. ولا يتحقق العيدُ إلَّا في أول النهار. ولهذا قال الفقيه: رؤيةُ الهلال بالنهار لليلة المستقبلة. قلتُ: قد فهم هذا أن المراد بالعيد في قول اليهودي: لاتخذناه عيدًا: العيد المصطلح وليس كذلك، بل المراد تعظيم ذلك اليوم كتعظيم السبت. وهذا كما روى الطّبرانيّ في "الأوسط" عن أنس أن جبريل جاء بالجمعة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: "هذه الجمعة يعرضُها عليك ربُّك، لتكون لك عيدًا ولقومك بعدكَ". وليس المراد باليوم ذلك اليوم الذي نزلت فيه حتَّى يعتذر عنه بأنه كان بعد العصر، بل المراد أن يكون عيدًا إلى آخر الدهر، والذي يقطع دابر الشبهة ما رواه الطبري والطبراني: نزلتْ يوم عرفةَ ويومَ جمعة، وهما لنا عيدان. وكذا في رواية التِّرمذيِّ عن ابن عباس. وقياسُهُ على مسألة الفقه فاسدٌ، بل نظيره ما إذا شهِدوا بعد العصر: هذا يوم عيد، فإنَّه يحكم بكونه عيدًا. فإن قلتَ: لِمَ عَرَّف الجمعة؟ قلتُ: هو اسم حادث، وكانت العربُ تُسميه: يومَ العروبة، فهو مصدر في الأصل بمعنى الاجتماع، فلُوحِظَ فيه ذلك. وقد يجرد كما جاء في روايةٍ هنا. بابٌ: الزكاة من الإسلام الباب منوّنٌ، والزكاة من الإسلام: مبتدأ وخبر. والزكاة لغةً: النماءُ والطُهْرة. وفي الشرع: اسمُ المال المخرَجِ. وشرائطه وفروعُهُ مذكورة في الفروع (وقولُه تعالى) مرفوعٌ لأنَّه دليلُهُ. ويجوزُ الجر على الجِوَارِ ({وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: 5]). استدل الفقهاءُ بالآية على وجوب النيَّة ({وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ}) من عطف العام على الخاص إظهارًا لشرفهما. ويجوزُ أن يكون المراد بقوله: ({لِيَعْبُدُوا}): التوحيد. واكتفى من

46 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ عَمِّهِ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ ثَائِرَ الرَّأْسِ، يُسْمَعُ دَوِيُّ صَوْتِهِ وَلاَ يُفْقَهُ مَا يَقُولُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الفروع بهما، لأنهما أُمّا العبادات، والصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر. فانطوى المأموراتُ والمنهيات تحتها. 46 - (إسماعيل) هو ابنُ أبي أويس ابن أخت مالك بن أنس (عن عَمّه أبي سُهَيل) -بضم السِّين على وزن المصغر- اسمه: نافعٌ (طلحة بن عُبَيد الله) -على وزن المصغر- التَّيميّ القريشي. يلاقي نسبه نسب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مرَّة بن كعب. ويقال له: طلحة الفيَّاض، قاله رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - نَقَلَه ابنُ عبد البر، أحدُ العشرة المبشَّرة، أحدُ الستة أصحابُ الشورى من السابقين الأولين إلى الإسلام. قتل يوم الجَمَل جاءه سهمٌ غرب وقيل: قتله مروان بن الحكم. أول مشاهده أُحُدٌ، لم يشهد بدرًا وكان مسافرًا في التجارة في الشام. قاله ابن عبد البر وأبو الفضل المقدسي. وقيل: أرسله رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يتجسسُ الأخبار. فلما قدم ضَرَب له رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - بسهم في القسمة. قال: وأجري قال: "وأجرك". وكان رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - ظاهر من درعين يوم أحد، فأراد أن يصعد الصَّخرة فثقل عليه، حمله طلحة على ظهره حتَّى صعد، فلما صعد قال "أوجب طلحة"، وليس هو طلحة الطَلَحات، ذاك طلحة بن عُبيد الله بن خلف الخزاعي البصري. ليس له ذكرٌ في الكتب الستة. (جاء رجلٌ إلى رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - من أهل نَجْدٍ) قال الجوهري: كل ما ارتفع من تهامة إلى أرض العراق فهو نجدٌ (ثائر الرأس) بالرفع على الصفة، أو النصب على الحال، روايتان مشهورتان. وإنَّما صَحّ الحال، لأنَّ النكرة موصوفة. أي: ثائر شعر وأسه. من الثَوَران. وحاصلُة منتشر الشعر، تلوث بالغبار على دأب المسافر. (يسْمَع دَوِيُّ صوته ولا يُفقَه ما يقول) قال ابن الأثير: الدَّوِيُّ على وزن الصبي:

حَتَّى دَنَا، فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ عَنِ الإِسْلاَمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ». فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: «لاَ، إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ». قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَصِيَامُ رَمَضَانَ». قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ؟ قَالَ: «لاَ، إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ». قَالَ: وَذَكَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزَّكَاةَ، قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: «لاَ، إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ». قَالَ: فَأَدْبَرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ: وَاللَّهِ لاَ أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلاَ أَنْقُصُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ـــــــــــــــــــــــــــــ صوتٌ ليس بالعالي كصوت النحل. بالرفع والنصب، تفريقًا على رواية النون، وبناء الفاعل في يسمعُ ويفقه، وروايةُ الياء وبناء المفعول فيهما (فإذا هو يَسْأَلُ عن الإسلام) إذا للمفاجأة، والمراد: شرائع الإسلام كما فصل في الجواب. ولم يذكر التوحيد، وقد سَبَق أن إيراد الإسلام في باب الإيمان يدل على اتحادهما صدقًا، وإن اختلفا مفهومًا (خمسُ صلواتٍ في اليوم واللبل) خبر مبتدأٌ أي: هي أو هو (قال: هل عليّ غيرُها قال: لا إلّا أن تطوّع) حَمَل أبو حنيفة الاستثناء على الاتصال كما هو الأصلُ، وحَمَلَهُ الشَّافعي على الانقطاع؛ فلا يجبُ عنده النوافل، بالشروع فيها. قال بعضهم: استدلالُ أبي حنيفة بالحديث مغالطة، لأنَّ الاستثناء فيه من قبيل قوله تعالى: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى} [الدخان: 56]. أي: لا عليك بعد الفرائض إلّا التطوّع. وقد علم أن التطوع ليس بواجب. قلتُ: الأصلُ في الاستثناءِ الاتصالُ، وما ذكره أمر لا يعرفُهُ إلَّا آحاد العلماء. فكيف يُحمل عليه جوابُ السائل، على أن التقدير عند الحنفية إلَّا أن يشرع في التطوع لقوله تعالى: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33]. هذا وما ورد على الحنفية بأن إتمام النافلة واجب، فيكون استثناؤه من الفرض منقطعًا، ليس بواردٍ؛ لأنَّ المذكور في الحديث لفظُ "عليّ" وهو يدلُّ على اللزوم الشامل للفرض والوجوب والنفل، على أن التفرقة بين الواجب والفرض، وأيضًا التفرقةُ بين الواجب والفرض فيما طريقه ظني كأخبار الآحاد. والذي سمع من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قطعي بلا خلاف، بل الجواب للشافعي قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الصائمُ المتطوع أميرٌ لنفسه" ونظائره. (وذكر له الزكاةَ) غير الأسلوب؛ لأنَّه لم يحفظ عبارته فيه، فأطلق الذكر؛ لأنَّه لازمه. (والله لا أزيدُ على هذا ولا أُنقص) اختلف العلماءُ فيما أشير إليه بهذا. قيل: أشار إلى كل ما

«أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ». [الحديث 46 - أطرافه في: 1891 - 2678 - 6956] ـــــــــــــــــــــــــــــ سَمِعَهُ. والمعنى: لا أزيدُ على ما سمعتُ لا عملًا ولا إخبارًا، لا سيما إذا كان هذا السائل ضمام بن ثعلبة؛ فإنَّه كان رسول قومه لقوله في الرّواية الأخرى: وأنا رسول من ورائي بني سعد بن بكر. وقيل: كان هذا قبل مشروعية [فرائض] أخرى. وقيل: أورد المبالغة في التصديق، أو أُريد تغيير الأوصاف بأن يَجعَلَ الصبح أربعًا، أو الظهر ثلاثًا. والوجه هو الأول. فإن قلتَ: سيأتي في كتاب الصيام أنَّه قال: "والذي كرمك لا أتطوع شيئًا، ولا أنقص ممَّا فرض الله"؟ قلتُ: لا ينافي الوجه الأول؛ لأنَّه يخبر -بما يسمع- قومه، واستفاد بتقرير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوله: إن الاقتصار على الفرائض يوجب النجاة، وإن كانت النوافل توجب الفضيلة. قال النووي: وأمَّا النوافلُ فيُحتمل أنَّه كان قبل شرعها. وفيه بُعْدٌ، وأي معنى لقوله: "إلَّا أن تطوّع" إن لم تكن مشروعة، ولو سلَّم فقوله: "إلَّا أن تطوّع" عين المشروعية وهنا جواب آخر أحسن ممَّا تقدم كله. وهو أن يكون هذا إشارة إلى ما أخبر به من الواجبات. فإنَّها التي لا تقبل الزيادة والنقص بخلاف النوافل، فإنَّها قابلة للزيادة والنقصان. فإن قلتَ: لم يذكر الحج له. قلت: لم يكن واجبًا. فإن قلتَ: اختلفت الروايات ففي بعضها أيضًا ترك الصوم، وذكر في بعضها صلة الرحم، وفي بعضها أداء الزكاة، وفي بعضها أداء الخمس. قلتُ: الكل صحيح؛ لأنها زيادات الثقات. قال ابن الصلاح: منشؤه تفاوت الرواة في الحفظ، وقد قدمنا أن زيادة الثقة منه مقبوله. (أفلَحَ الرجلُ إن صَدَق) وفي بعض الروايات وفي مسلم: "أفلح وأبيه". واستشكل فإنَّه نَهَى عن الحلف بالآباء، كما سيأتي في البُخاريّ في حلف عمر بأبيه، وليس بمشكل؛ لأنَّه لم يرد به معنى الحلف، وهو تعظيم المحذوف به لبُعْدِ مقامه عن الحلف برجل مجهولٍ، بل هذا وأمثالُهُ كلمات تجري في المحاورة من غير قصد إلى معناه. والفلاح هو الفوز بالمطلوب. والهمزة فيه بمعنى التصيير أي: صار ذا فلاحٍ، أو دَخَل في الفلاح. فإن قلتَ: في رواية أبي هريرة في البُخاريّ ومسلم: "مَنْ سرَّه أن ينظر إلى رجلٍ من

36 - باب: اتباع الجنائز من الإيمان

36 - بَابٌ: اتِّبَاعُ الجَنَائِزِ مِنَ الإِيمَانِ 47 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ المَنْجُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنِ الحَسَنِ، وَمُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنِ اتَّبَعَ جَنَازَةَ مُسْلِمٍ، إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، وَكَانَ مَعَهُ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا وَيَفْرُغَ مِنْ دَفْنِهَا، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ مِنَ ـــــــــــــــــــــــــــــ أهل الجنَّة، فلينظر إلى هذا". وقد علَّقه هنا بالشّرط ولم يجزم به؟ قلتُ: إن كان السائل متعددًا فلا إشكال، وإن كان واحدًا فلعلّه لم يكن عالمًا بكونه من أهل الجنَّة إلَّا بعد ذلك. أو قال أولًا له مواجهة معلقًا بشرط صدقه، لئلا يغترّ، ثم لمّا ولّى جَزَم بذلك لأصحابه حتَّى ينبّه على أنَّه من أتى بمثل فعله فهو مثلُه من المفلحين. وفي الحديث دلالةٌ على أن من أتى بالواجبات فهو من المفلحين. باب: اتباع الجنائز من الإيمان الاتباع: بتشديد التاء مصدر اتّبع. والجنائز جمع جَنازة وهي بفتح الجيم وكسرها: الميّت وسريره. وقيل: بالكسر: السريرُ، وبالفتح: الميّت. 47 - (أحمد بن علي المَنْجُوفيُّ) نسبةً إلى جَده الأعلى، بفتح الميم وسكون النون. (رَوْح) بفتح الراء والحاء المهملة (الحسن) هو أبو سعيد الإمامُ البصري، أفضلُ التّابعين في علم الآخرة، ومعرفةِ أحوال الإنسان، أدرك مئة وعشرين من الصّحابة. والأكثرون على أنَّه لم يلقَ أبا هريرة، ولذلك أتبعه البُخاريّ لمحمد بن سيرين، و (محمد). بالجر عطف على الحسنِ، وهو ابن سيرين، صاحب علم التعبير. قال الواقدي: ابنُ سيرين مولى أنس بن مالك، كان من سبي عين التمر فكاتبه أنس على عشرين ألف درهم، وابنه محمد: تابعي جليل القَدْرِ لا سيّما في علم الحديث. وكان لا يرى رواية الحديث بالمعنى. قال ابن المديني: أصحّ الأسانيد: ابن سيرين عن عُبيدة السَّلْماني. (من اتّبع جنازة مسلم حتَّى يُصَلّى عليها ويفرغ من دفنها، فإنَّه يرجع من

الأَجْرِ بِقِيرَاطَيْنِ، كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ، وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ أَنْ تُدْفَنَ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيرَاطٍ» تَابَعَهُ عُثْمَانُ المُؤَذِّنُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ. [الحديث 47 - طرفاه في: 1323 - 1325] ـــــــــــــــــــــــــــــ الأجر بقيراطَينِ، كل قيراطٍ مثلُ أُحُد) لم يَرِدْ بالقيراط ما عليها العرفُ وهو جزء من أربعٍ وعشرين جزءًا من الدينار، وإلا لم يصحَّ التشبيهُ بأُحد، بل نصيبًا وافرًا. استدل أبو حنيفة بلفظ الاتباع على أن المشي وراءها أفضل، والأئمة الثلاثة على أن المشي قُدَّامها أفضل، لأنَّ المتقدمين كالشفعاء للميت. وشأنُ الشفيعِ التقدُّمُ. فإن قلتَ: في بعض الروايات: "من صلَّى على جنازةٍ قله قيراطٌ، ومن تبعه حتَّى يُدفَنَ فله قيراطان"، يدل على أن الحاصلَ لمن صَلَّى وحضر الدفن ثلاثة قراريط. قلتُ: حديث الباب نص في القيراطين، فيكون معنى تلك العبارة: له تمامُ القيراطين مع الأول، كما قالوا في تفسير أربعة أيَّام في تمام أربعة أيَّام لئلا تزيد الأيَّام على الستة. (تابعه عثمان المُؤذن) الضمير في تابعه: يجوزُ عودُهُ إلى أحمد، وإلى رَوْح. وذلك أن البُخاريّ يروي عن عثمان المؤذن تارةً بلا واسطةٍ، وتارةً مع الواسطة، وعلى الأول: تكون المتابعة تامةً. قال بعض الشارحين: إذا قال البُخاريّ: عن فلان، يُحمَلُ على السماع عند إمكان اللقاء، فهل إذا قال: تابعه فلانٌ يُجزم بسماع؟ قلتُ: قياسُ المتابعة على العنعنة يقتضي ذلك، لكنهم صَرَّحوا بذلك في العنعنة دون المتابعة. وأنا أقول: هذا كلامٌ لا طائل تحته؛ فإن المتابعةَ إذا كان شيخ البُخاريّ مثل المتابع عليه، أقل درجات أن يكون معنعنًا، لاحتمال أن يكون لو صَرَّح بالعبارة كانت بلفظ السماع ونحوه. قال النووي: القيراطُ الثَّاني إنَّما يحصُلُ إذا تبع الجنازة. أما لو ذَهَبَ إلى القبر وحده ثم حضرت الجنازة، ثم يحصُلْ له ذلك القيراط، والدفن: عبارةٌ عن تسوية تمام التُّراب.

37 - باب خوف المؤمن من أن يحبط عمله وهو لا يشعر

37 - بَابُ خَوْفِ المُؤْمِنِ مِنْ أَنْ يَحْبَطَ عَمَلُهُ وَهُوَ لاَ يَشْعُرُ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ: «مَا عَرَضْتُ قَوْلِي عَلَى عَمَلِي إِلَّا خَشِيتُ أَنْ أَكُونَ مُكَذِّبًا» وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: " أَدْرَكْتُ ثَلاَثِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كُلُّهُمْ يَخَافُ النِّفَاقَ عَلَى نَفْسِهِ، مَا مِنْهُمْ أَحَدٌ يَقُولُ: إِنَّهُ عَلَى إِيمَانِ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ. وَيُذْكَرُ عَنِ الحَسَنِ: " مَا خَافَهُ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلاَ أَمِنَهُ إِلَّا مُنَافِقٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: خوفُ المؤمن من أن يحبط عملُهُ وهو لا يشعر حبوط العمل عبارةٌ عن بطلان ثوابه. من حَبِط بالكسر: بَطَل. أصلُهُ ذهابُ الماء من الحوض بحيث لا يعود (ما عَرَضْتُ قولي على عَمَلي إلَّا خَشِيتُ أن أكون مُكَذِّبًا). -بكسر الذال- لأنَّه إذا لم يوافق قولُه عملَه، فكان القولُ كاذبًا غير واقع. ويُروى بالفتح؛ كأن غيره يُكَذبُهُ إذا رأى قوله مخالفًا لفعله (وقال ابنُ أبي مُلَيْكَة) -بضم الميم على وزن المصغر- هو عُبيد الله بن عبد الله، الأول مُصَغَّر والثاني مكبَّر. وأبو مُلَيكة جدّه. أدرَكَ ثلاثين من أصحاب النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - كلُّهم يخافُ النفاقَ على نفسه. ليس المراد من النفاق الكفرَ الذي يُضَادُّ الإيمانَ، بل العملَ الذي يَشُوبه الرياء؛ وذلك [مع] بعد مقام الصّحابة من ذلك. (ويُذكَرُ عن الحسن) المنقول عن إبراهيم وعن ابن أبي مُلَيكة، وعن الحسن تعليقًا. وإنَّما ذكر في الأولين بلفظ قال. وفي الآخر بلفظ يذكر تَفَنُّنًا في العبارة. وقيل: إنَّما جزم في الأولين وأتى بصيغة التمريض في الآخر بجزمه باتصال الإسناد في الأولين دونه. قلتُ: هذا قول مشهور بين الشارحين، لكن هذا ليس قانونًا كليًّا؛ لأنَّه قد يَذكُرُ الحديثَ المسند بلفظ: يذكر. كما سننبه عليه في موضعه إن شاء الله تعالى. قال العاقي: إنَّما يأتي بصيغة التمريض إذا اختصر الحديثَ أو أتى به بالمعنى (ما خافه إلَّا مؤمن ولا أَمِنَهُ إلَّا منافقٌ) الضميران للحبوط؛ لأنَّه المقصود الذي ترجم له، أو للنفاق الذي سبق ذكره في قول ابن أبي مليكة، وجعلُ الضمير في الموضعين لله لا وجهَ له، يدل عليه ما رواه معلَّى بن زياد عن الحسن: "ما قضى مؤمن ولا تقي إلَّا وهو يشفق من النفاق" ولو كان الضمير لله، ولا احتياج إلى جعله من حذف الجار وإيصال الفعل، لأنَّ خاف يتعدَّى بنفسه. قال تعالى: {فَلَا تَخَافُوهُمْ}

وَمَا يُحْذَرُ مِنَ الإِصْرَارِ عَلَى النِّفَاقِ وَالعِصْيَانِ مِنْ غَيْرِ تَوْبَةٍ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: 135]. 48 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ زُبَيْدٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا وَائِلٍ عَنْ المُرْجِئَةِ، فَقَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «سِبَابُ المُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ». [الحديث 48 - طرفاه في: 6044 - 7076] ـــــــــــــــــــــــــــــ [آل عمران: 175] وقال: {إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} [المائدة: 28]. (وما يُحذَر من النفاق والعصيان من غير توبة) عطف على خوف المؤمن في أول الترجمة مندرج تحتها، ويُحذَرُ: بلفظ المجهول وعطفه على يقول، وجعل ما نافيةً. أي: ما منهم أحدٌ ما يَحْذَرُ عليّ بناء الفاعل يَرُدُّهُ الآية، فإنَّها عامة، والمعطوف عليه قول الصّحابة خاصة. ويروى مكان النفاق "التقاتل". 48 - (محمد بن عَرْعَرة) بعين وراء مهملة مكررتين (زبيد) -بضم الزَّاي على وزن المصغر- هو الحارث اليامي العابد الناسك. قال ابن عيينة: قال زبيد: ألف بعرة عندي خيرٌ من ألف دينار (سألتُ أبا وائل) هو سلمة بن شقيق التَّابعي المعروف الحَضْرمي الأسدي الكوفيِّ. و (المرجئة) طائفة يقولون: لا يضرُّ مع الإيمان المعاصي، كما لا ينفع مع الكفر الطاعاتُ. من الإرجاء وهو التأخير؛ لأنهم أخَّروا العقاب عن المؤمن العاصي. يقال -بالهمزة والياء- بناءً على الاختلاف في كونه مهموزًا أو معتلًا، فإن كان مهموزًا فالنسبة فيه مرجَئي بفتح الجيم بعده همزة مكسورة، وإن كان معتلًا فالنسبةُ إليه مرجي -بكسر الجيم- قاله ابن الأثير. قال الجوهري: يقال: مرجية أيضًا بتشديد الياء (سباب المسلم فُسُوق وقتالُهُ كفر) استدلَّ به على بطلان قول المرجئة وهو ظاهر. والسِّباب -بكسر السِّين- مصدر سَبَّ. يقال: سبَّه سبًّا وسبابًا قاله ابن الأثير. من السُّبة -بضم السِّين- وهو العار. فإن قلتَ: المؤمن لا يكفر بالقتال. قلتُ: محمول على الاستحلال، واستحلال المجمع على حرمته كفر، أو كفران نعمة أُخوة الإسلام، أو المراد منه التغليظ تنفيرًا عن فعله

49 - أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ يُخْبِرُ بِلَيْلَةِ القَدْرِ، فَتَلاَحَى رَجُلاَنِ مِنَ المُسْلِمِينَ فَقَالَ: «إِنِّي خَرَجْتُ لِأُخْبِرَكُمْ بِلَيْلَةِ القَدْرِ، وَإِنَّهُ تَلاَحَى فُلاَنٌ وَفُلاَنٌ، فَرُفِعَتْ، وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمْ، التَمِسُوهَا فِي السَّبْعِ وَالتِّسْعِ وَالخَمْسِ». [الحديث 49 - طرفاه في: 2033 - 6049] ـــــــــــــــــــــــــــــ كما فعله في نظيره في مواضع. فلا دليل فيه للخوارج على أن صاحب الكبيرة كافر. 49 - (قتيبة بن سعيد) بضم القاف على وزن المصغر، وكذا (حُمَيد) وهو ابن تير بفتح المثناة فوق وسكون التحتانية وسكون الراء وقيل تيرويه وقيل: داود. وكلها ألفاظ عجمية. ويُلَقب بحُميد الطَّويل. قيل: كان قصير القامة، والطُول كان في يديه، وعن الأصمعي: إنَّما قيل له: الطَّويل؛ لأنَّه كان في جيرانه حميد القصير، فأرادوا التمييز بذلك، ولم يكن فيه طول (تلاحى فلان وفلان) التلاحي هو التنازع من لحيت الرجل إذا عَذَلْتَهُ ولُمتَهُ. قيل: المتلاحيان اللذان كنّى عنهما بفلان وفلان هما كعب بن مالك، وابن أبي حدرد فإن كعبًا تقاضاه دينًا له عليه كما سيأتي صريحًا (فرفعت وعسى أن يكون خيرًا لكم) الضمير في رفعت لليلة القدر والمراد: رفع العلم بوقتها المعين، لا رفع الليلة، وإلَّا لم يأمر بطلبها. فإن قلتَ: مساق الكلام اقتضى كون التلاحي مذمومًا، وآخرُ الكلام يدل على كونه محمودًا فإنَّه قال: عسى أن يكون رفع العلم بها خيرًا؟ قلتُ: جهة الخيرية مختلفة ولو كانت معلومة لنالها كل أحد. وأمَّا إذا جُهلت فالخيرية في كثرة الاجتهاد في طلبها ولا يقدر على ذلك الأفراد من النَّاس. فإن قلت: ما وجهُ إيراد هذا في هذا الباب؟ قلتُ: أجاب شيخ الإسلام بأن ذلك التلاحي كان بحضرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورفع الصوت بحضرته محبط للعمل بنص القرآن، واستحسنه بأنه وجهٌ حَسَن قَل من تَنَبَّهَ له، وهذا كلام حسنٌ، إلَّا أن ذلك مُقَيَّدٌ برفع الصوت فوق صوته. وقوله في الحديث: "فتلاحى فلان وفلان فرفعت" يدل على أن منشأ ذلك نفسُ التلاحي من غير إشارة إلى شيء آخر. فالصوابُ في الجواب أنَّه أورده دليلًا على الشق الثَّاني من الترجمة وهو الحَذَرُ من العصيان؛ لأنَّ الرجلين لم يقصدا بالتلاحي المعصية، فعلى المؤمن الحذر في الأفعال التي ظاهرُها الإبانة أن لا تؤديه إلى المعصية.

38 - باب سؤال جبريل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان، والإسلام، والإحسان، وعلم الساعة وبيان النبي صلى الله عليه وسلم له

38 - بَابُ سُؤَالِ جِبْرِيلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الإِيمَانِ، وَالإِسْلاَمِ، وَالإِحْسَانِ، وَعِلْمِ السَّاعَةِ وَبَيَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ ثُمَّ قَالَ: «جَاءَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ» فَجَعَلَ ذَلِكَ كُلَّهُ دِينًا، وَمَا بَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِوَفْدِ عَبْدِ القَيْسِ مِنَ الإِيمَانِ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران: 85]. 50 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: سؤال جبريل النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عن الإيمان والإسلام والإحسان وعلم الساعة إضافة السؤال إلى جبريل من إضافة المصدر إلى الفاعل (ثم قال: جاء جبريل يعلمكم دينَكم) فجعل ذلك كلَّه دِينًا، إسناد التعليم إلى جبريل إسناد الفعل إلى السبب؛ لأنَّه بسؤاله تَعَلّموا من شرح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد تقدم منا مرارًا أن الإسلام والدين والإيمان متحدة صدقًا، وإن اختلفت مفهومًا. واشتقاق الساعة من السَّوع مصدر ساعت الإبل إذا ذهبت إلى المرعى، لأنها تطلق على كل جزء من أربعة وعشرين جزءًا من الزمان، وصارت من الأعلام الغالبة للوقت الذي تقوم فيه القيامة لوقوع أمر عظيم في وقتٍ يسيير. وقيل: لطولها، تسمية الشيء باسم ضدّه كقولهم في اللديغ: سليم. وفي المَهْلَكَةِ: مفازة (وما بيَّن النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لوفد عبد القيس) أي: من شرائع الإيمان. يجوزُ أن يكون عطفًا على سؤال جبريل داخلًا تحت الترجمة، وأن يكون دليل الترجمة كالآية المذكورة بعدها، فإنها دليلٌ لذلك. فإن قلتَ: لو كان من الترجمة لذكَرَ حديث وفد عبد القيس دليلًا عليه، كما أورَدَ حديثَ سؤال جبريل. قلتُ: حديث جبريل دليلٌ عليه أيضًا؛ لاشتمال كل منهما على الإيمان بالله وشرائع الإسلام من الصَّلاة والصيام والزكاة. فإن قلتَ: سلمنا هذا فكيف يكون دليلًا على سؤال جبريل ولم يذكر في الباب حديث وفد عبد القيس؟ قلتُ: سيذكره مرارًا فأشار بما بيَّن رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - للوفد إليه على دأبه من الاستدلال بما في دلالته خفاء. 50 - (مُسدّد) بضم الميم وتشديد الدال على وزن المفعول (أبو حيان) بفتح الحاء

عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَارِزًا يَوْمًا لِلنَّاسِ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ: مَا الإِيمَانُ؟ قَالَ: «الإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَبِلِقَائِهِ، وَرُسُلِهِ وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ». قَالَ: مَا الإِسْلاَمُ؟ قَالَ: " الإِسْلاَمُ: أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ، وَلاَ تُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمَ الصَّلاَةَ، وَتُؤَدِّيَ الزَّكَاةَ المَفْرُوضَةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ ". قَالَ: مَا الإِحْسَانُ؟ قَالَ: «أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وتشديد المثناة هو يَحْيَى بن سعيد (عن أبي زُرْعة) -بضم المعجمة أولًا- هو هرم بن عمرو كان النَّبيُّ - صَلَّى الله عليه وسلم - بارزًا يومًا للناس) أي: ظاهرًا في موضع لا يحتاج أحدٌ إلى الإذن في الدخول عليه (قال: ما الإيمان)؟ سؤال عن حقيقته، فإن "ما" يسأل به عن حقيقة الشيء (قال: الإيمانُ أن تؤمن بالله وملائكته وبلقائه ورسله، وتؤمن بالبعث) الإيمانُ بالله؛ التصديق بوجوده متصفًا بكلِّ ما يليق به من نعوت الجلال والكمال تعالى وتقدّس. والإيمان بالملائكة: التصديقُ بأنهم عباد مُكَرَّمون، لا يعصون اللهَ ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون. وبلقائه أي: برؤيته؛ لأنَّ المؤمنين يرونه حقًّا، أو بالجزاء؛ فإنَّه شائع فيه. ذَكَرَهُ علماءُ التفسير. ورسله بأنهم مرسَلون من عند الله لإرشاد عباده. وتؤمن بالبعث أي: بحشر الأجساد وإعادة الأرواح إليها. فإن قلتَ: هذا تعريف الإيمان بالإيمان وهو تعريف الشيء بنفسه. قلتُ: اعتبر في المحدود الأشياء المذكورة إجمالًا، وفي الحدّ مفصلة فلا محذور. وقيل: الإيمان في المعرّف أُريدَ به معناه اللغوي، وفي المحدود الإيمان الشرعي. وهذا ليس بشيء، أما أولًا فلأن اللغوي لا يكون معرفًا للمعنى الشرعي، ولا لشيء من الاصطلاحي، أشار إلى هذا ابن الحاجب في تعريف اسم الإشارة. وأمَّا ثانيًا: فلأن الإيمان لم ينقل عن معناه اللغوي صرّح به المحققون في شروح "الكشاف". (قال: ما الإسلام؟) أي: شرائعه؛ فالإسلام هو الإيمانُ فإن ما جعله جواب جبريل هنا جعله جواب وفد عبد القيس في الإيمان (إن تعبد الله ولا تشرك به) أراد: الطاعاتِ بالجوارح؛ لأنَّ ما يتعلقُ بالاعتقاد تقدم في شرح الإيمان، أو الاعتقادَ، وإنما أعاده تصريحًا بنفي الشركة (قال: ما الإحسان)؛ الحُسْنُ وصفٌ زائدٌ على الشيء بعد تمامه. ولمّا علم حقيقة الإيمان أصلًا وفرعًا، مسألة عما به كمالُهُ (قال: أن تعبد اللهَ كأنك تراه) أي. حال كان حالتك في العبادة شبيهة بحالتك حين رؤيته وأنت شاهده، فإن العبد إذا أمره المولى بفعلٍ وشَرَعَ في ذلك وهو يشاهد مولاه، يَصرِفُ ما أمكنه إليه من القوى، ولا يخطر بباله غيرُهُ. ثم انتقل إلى ما هو أدْعى إلى ذلك بقوله: (فإن لم تكن تراه فإنَّه يراك) حقيقة، وإذا كان المولى ناظرًا إلى العبد وهو يباشرُ الفعل المأمور به، يكون الباعث أقوى وأدعى إلى عدم الالتفات

فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ»، قَالَ: مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: " مَا المَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ، وَسَأُخْبِرُكَ عَنْ أَشْرَاطِهَا: إِذَا وَلَدَتِ الأَمَةُ رَبَّهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ إلى ما سواه. وإليه أشار الشاعر بقوله: حمامة جرعى حومة الجندل اسجعي ... فأنت بمرأى من سعاد ومَسْمَعِ فإن قلتَ: قوله: "فإنَّه يراك": لا يصلح أن يكون جوابَ الشرط لعدم الربط بينهما. قلتُ: تقديره: فإن لم تكن تراه، فلا تعتبر ذلك فإنَّه يراك. وعند بعض العارفين: أن جواب الشرط هو: تراه. والمعنى: إن لم تكن موجودًا وفنيت في الله تراه حينئذٍ وما دُمْتَ في حجاب النَّفس فأنت عن ذاك بمعزلِ. ثم عَلَّله بقوله: "فإنَّه يراك" ويعلم متى تَصْلُحُ لذلك. (قال: متى الساعة؟ قال: ما المسؤول عنها بأعلم من السائل). فإن قلتَ: إذا قيل: ليس في البلد أعلمُ من زيدِ، لا ينفي المساواة في العلم. قلتُ: ذاك باعتبار اللغة، وأمَّا عُرْفًا فيدل على عدم المساواة، وهذا هو المرادُ من الحديث. أي: لا علم للمسؤول عنها كما لا علم للسائل. (وسأخبرُكَ عن أشراطها) الأشراط: جمع شَرَطَ -بفتح الراء- والشَرط: العلامة، ومنه الشرط الشرعي، فإنَّه علامة وقوع المشروط. (إذا وَلَدَتِ الأمَةُ رَبَّهَا) ويُروى: "ربتهَا"، ولا بدّ من تقدير مضاف؛ لأنَّ الوقت نفسَه ليس علامة، بل الولادةُ المذكورة فيه، والربّ هو المالكُ والسيدُ، ولا يُطلق على غير الله إلَّا مضافًا، مثل: رب الدار ورب الفرس. قال الجوهري وغيرُهُ: فلا وجهَ لما يقال: هذا من قبيل التشديد، أو رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - مخصوص منه، على أني لا أعرف ما معنى قوله: هذا من باب التشديد. قال الجوهري: وقد قالوا من غير إضافة للملك في الجاهلية، قال الحارث بن حلزة: وهو الربّ والشهيد علينا فإن قلتَ: ما معنى ولادة الأَمَة ربّها؟ قلتُ: لأنَّه يصير سببًا لإعتاقها وذاك شأن السيد، ولأن وَلَدَ السيد سيدٌ عند وفاته. فإن قلتَ: لِمَ كان ذلك من أشراط الساعة؟ قلتُ: لأنَّ كثرة السبي تكون عند شوكة الإسلام، وإذا تمّ الأمرُ دَنَا نقصُهُ، ولذلك لما نزل قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}

وَإِذَا تَطَاوَلَ رُعَاةُ الإِبِلِ البُهْمُ فِي البُنْيَانِ، فِي خَمْسٍ لاَ يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ " ثُمَّ تَلاَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} [لقمان: 34] الآيَةَ، ثُمَّ أَدْبَرَ فَقَالَ: «رُدُّوهُ» فَلَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــ [المائدة: 3] بكى عمرُ، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لِمَ تَبكِ يا عمرُ؟ " قال لأنا كُنَّا في الازدياد، وبعد أن صار ديننا كاملًا فلا زيادة. قال: "كذلك يا عمر" قال الشاعر: إذا تمَّ أمرٌ دنا نقصُهُ ... توقع زوالًا إذا قيل تَمْ وقيل: لأنَّ الإماء يَلدْنَ الملوكَ فتكون الأم من الرعية. وقيل: لأنَّ في آخر الزمان يتغير الشرع، فتباع أمهاتُ الأولاد فيشتريها ولدها، أو تَلِدُ حُرًا من غير سيدها بالوطء شبهةً، أو رقيقًا ثم يعتق فيشتريها، ولا حاجة إلى القيد: بأنه يشتريها وهو لا يدري، لأنَّ الحال في الشراء لا يتفاوت، سواء علم أو لم يعلم. وليس في الحديث ما يفيد الحَصْرَ حتَّى يقال: ليس هذا مخصوصًا بالإماء. (وإذا تطاول رعاة الإبل البُهْم في البنيان) الرعاة -بضم الراء- جمع راع كقضاة في قاضٍ. وفي رواية مسلم "رعاء" بكسر الراء بدون التاء. والبُهُم بضم الباء والهاء، ويروى بإسكان الهاء جمع بهيم، وهو الأسود الذي لا يشوب لونَهُ لونٌ آخر. ومنه الليل البهيم أي: المظلم. ويروى بالرفع على أنَّه وصفُ الرعاة. ويُروى "البَهْم" بفتح الباء وسكون الهاء وهو ولدُ الضأن، أُطلِق على الإبل على طريقة الاستعارة. وروى ابن الأثير في "النهاية": "والبهم": بالواو. فعلى هذا حرفُ العطف محذوفٌ في الرّواية الأولى، ويؤيده روايةُ مسلم: "رعاء الشَاءِ". وإنَّما كان هذا من أمارة الساعة، لأنَّ انقلابَ الأحوال، وصيرورة الأذلة أعزةً، دليل على انقلاب الزمان، كقوله في الحديث الآخر: "إذا وُسد الأمرُ إلى غير أهله فانتظر الساعة". (في خمسٍ لا يعلمهُنّ إلَّا اللهُ) خبر مبتدأ؛ أي: علم الساعة مندرج في هذه الخمس. واستدل على ذلك بالآية: ({إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ}) إلى آخر الآية [لقمان: 34] فإن تقديم

39 - باب

يَرَوْا شَيْئًا، فَقَالَ: «هَذَا جِبْرِيلُ جَاءَ يُعَلِّمُ النَّاسَ دِينَهُمْ» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: جَعَلَ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنَ الإِيمَانِ. [الحديث 50 - طرفه في: 4777] 39 - باب 51 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ، أَخْبَرَهُ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ، " أَنَّ هِرَقْلَ، قَالَ لَهُ: سَأَلْتُكَ هَلْ يَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ؟ فَزَعَمْتَ أَنَّهُمْ يَزِيدُونَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الخبر يدل على الحصر. وفي البواقي يدلّ عليه بالعطف عليه؛ لأنَّ حكم المعطوف حكمُ المعطوف عليه. (قال أبو عبد الله: جَعَل ذلك كلَّه من الإيمان) هذا كلامُ الفِرَبْرِي. قال في أول الباب: فجعل ذلك كلَّه دينًا. وبدَّل لفظ الإيمان بالدّين هنا إشارةً إلى أنهما شيء واحد. قال بعضُهم: إن قيل: ما وجهُ الانحصار في هذه الخمس مع أن الأمور التي لا يعلُمها إلَّا الله، كثيرة فالجواب إما أنهم سألوا عن هذه الخمس، وسائرُ الغيوب عائدةٌ إلى هذه الخمس، وأنا أقول: الجواب الأول رجم بالغيب، والثاني محال، وأي معنى لعود سائر الغيوب إلى هذه الخمس؟ بل الجواب أن هذه الخمس ممَّا استأثَرَ اللهُ بها لا يطلع عليها أحدًا بخلاف غيرها، فإنَّه يطلع عليها من شاء من الرسل والأنبياء. ولهذا سمَّاها: أمهات الغيوب تارةً، ومفاتيحَ الغيوب أخرى. بابٌ كذا وقع من غير ترجمة، قال النووي: حديثُ هذا الباب وقع في بعض النُسخ في الباب الذي قبله، وهذا فاسدٌ، والصوابُ: لفظ الباب لأنَّ ترجمة الباب الذي تقدم لا يتعلق به هذا الحديث قال شيخُ الإسلام: سواء وُجِد لفظ الباب أم لا، لا بُدَّ من تعلُّق الحديث بما قبله؛ لأن الباب بلا ترجمة كالفصل للباب قبله، وتعلق حديث هرقل بما قبله أنَّه جعل الإيمانَ والدينَ واحدًا وهو مرادُ البُخاريّ. 51 - (إبراهيم بن حمزة) بالحاء المهملة والزاي (عن عُبيد الله بن عيد الله) الأول مصغر، والثاني مكبّر. ابن عتبة بن مسعود أحد الفقهاء السبعة بالمدينة (أن هِرَقْل) بكسر الهاء وفتح الراء وسكون القاف، ويقال أيضًا بكسر الهاء وسكون الراء وكسر القاف (سألتُك هل يزيدون أم ينقصون). فإن قلتَ: أم متصلة أو منفصلة؟ قلتُ: متصلةٌ. فإن قلتَ: أم المتصلة تكون مع الهمزة دون هل. قلت: تقدم في أول الكتاب بالهمزة،

40 - باب فضل من استبرأ لدينه

وَكَذَلِكَ الإِيمَانُ حَتَّى يَتِمَّ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ؟ فَزَعَمْتَ أَنْ لاَ، وَكَذَلِكَ الإِيمَانُ، حِينَ تُخَالِطُ بَشَاشَتُهُ القُلُوبَ لاَ يَسْخَطُهُ أَحَدٌ". [الحديث 51 - أطرافه في: 2681 - 2804 - 2941 - 2978 - 3174 - 4553] 40 - بَابُ فَضْلِ مَنِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ 52 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وهنا بهَلْ موضع الهمزة، ولا ضَرَرَ في ذلك، فإن كلًّا منهما تستعمل للتصديق. فإن قلتَ: هل يجوزُ حملُها على المنقطعة؟ قلتُ: لا لأنها للإضراب ولا وجه له؛ لأنَّ هرقل بصدد الاستعلام وشرحِ الحال. قال النووي في الاستدلال بقول هرقل فيه إشكال؛ لأنَّه كافر لا اعتبار بقوله. ثم قال: وقد يقال: إن هذا الحديثَ تداولته الصّحابة ولم ينكروه. وقال بعض الشارحين: لا إشكال فيه، أما أولًا: فلأنه اختلف في إيمانه، وأمَّا ثانيًا: فلأن هذا ليس أمرًا شرعيًّا، بل محاورة. قلتُ: أما قوله: إيمانُهُ مختلَفٌ فيه. فليس كذلك؛ إذ لم يحكم أحدٌ بإيمانه، بل آخر كلامه تقريرُ النصارى على دينهم كما تقدَّم في أول الكتاب. وأمَّا قوله: ليس هذا أمرًا شرعيًّا. فليس كذلك، لأنَّ كلامه في أحوال النبوة والإيمان، واستحسنه كل من سمعه ورسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنَّه كان بحضرة رسوله الذي أرسله بالكتاب. (وكذلك الإيمانُ حين تخالط بشاشتُه القلوبَ لا يَسْخَطُهُ أحدٌ) البَشَاسْة -بفتح الباء- قال ابنُ الأثير: هو الفرح بالشيء والأُنْسُ به. مرفوعٌ على الفاعلية. ورُوي بشاشةَ بالنصب بدون الهاء على أن الفاعل ضمير الإيمان. باب: من استبرأ لدينه أي: طلب البُرْءَ. قال ابنُ الأثير: بَرَأَ بفتح الراء والمصدر منه: بَرَأ بالفتح أيضًا، وأهلُ الحجاز يقولون: بَرِئ بالكسر، والمصدر بُرْءًا بالضم. وأصلُ الكلمة الخلوص والشفاء، ومنه برء المريض، وغرض البُخاريّ من وضع هذا الباب أن الورع أصلٌ عظيم في الإيمان وكماله. 52 - (أبو نُعَيم) -بضم النون على وزن المصغر- هو الفضل بن دُكَين (رْكريا) بالمد والقصر قُرئ بهما في السبع (النُعمان بن بشير) -بضم النون- في الأول، وفتح الباء في

يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " الحَلاَلُ بَيِّنٌ، وَالحَرَامُ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ لاَ يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى المُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ: كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ، أَلاَ وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلاَ إِنَّ حِمَى اللَّهِ فِي أَرْضِهِ مَحَارِمُهُ، أَلاَ وَإِنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً: إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، أَلاَ وَهِيَ القَلْبُ". [الحديث 52 - طرفه في: 2051] ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّاني الأنصاري الخزرجي، الصحابي ابن الصحابي ابن الصحابية، أول مولود من الأنصار بعد قُدُوم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة. (سمعتُ رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - يقول: الحلالُ بَيّن والحرامُ بَيّن) وهو الذي دَلَّ عليه نصٌّ أو إجماعٌ أو قياس جلي (وبينهما مُشَبَّهاتٌ) اسم فاعل مِن أشبهَ، ومِن اشتبه، ومِن تشبَّه. واسم مفعول مِن أشبه وشبه. والحاصلُ واحدٌ لا يخفى على من أتقن العربية. (لا يعلمُها كثير من النَّاس) بل العلماء الراسخون (فمن اتقى الشبهات) أي: تلك الأمور الملتبسة (استبرأ لعرضه ودينه) العِرْضُ: ما يصونه الإنسانُ من المثالب، سواء كان فيه أو في سلفه وهو أعمُّ من الدين، ولذلك عطفه عليه. وأحسنُ ما قيل فيه: هو موضع المدح والذم (ومن وَقَع في الشُّبُهات كراع) ويروى: كالراعي (يرعى حول الحِمَى. يوشك أن يواقعه) أي: يَقْرُبُ من أفعال المقاربة. والحِمَى: -بكسر الحاء والقصر- أرضٌ يمنعها الإمامُ عن العامة لنعم الصدقة وخيل الغزاة وهذا من تشبيه المعقول بالمحسوس على طريقة التمثيل (إلَّا إن حمى الله محارمُهُ) جمع مَحْرَم بمعنى المحرّم، أو موضع الحرمة. ولفظ الحمى مستعارٌ، والجامع المنع (أَلاَ وإن في الجسد مُضْغَه) ويُروى: لمضغةً -بضم الميم وضاد معجمة-: قطعةٌ من اللحم بقدر ما يمضغ كالأكلة واللقمة (إذا صلحت صلح الجسدُ كلّه، ألا وهي القلب) القلبُ هو العضو الصَّنَوْبَري المعروف، وليس المراد به ذلك العضو، لأنه ليس مبعوثًا لبيان ما يعرض للأجسام من الأمراض، وهو ظاهر، بل المرادُ بالقلب: النَّفس الناطقة التي ذلك العضو سرير لها، فإذا استقامت النَّفس استقامت سائر القوى، فإنها آلاف لها، أو القوة العاقلة التي شأنُها إيثار الخيرات، فإذا قويت على القوى الشهوانية والغضبية التي هي جنود الشَّيطان، وقَهَرَها واستعملَها في الخير كرهًا، فقد صَلُح الجسدُ وسَلِم ونجا من عذاب النَّار وذل الندامة. ولعظم هذا المعنى قالوا: هذا الحديث أحدُ الأحاديث التي عليها مدارُ الإسلام. وهي ثلاثةٌ. هذا، وحديث: "الأعمال بالنيات"، وحديث: "من حُسْن إسلام

41 - باب: أداء الخمس من الإيمان

41 - بَابٌ: أَدَاءُ الخُمُسِ مِنَ الإِيمَانِ 53 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الجَعْدِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، قَالَ: كُنْتُ أَقْعُدُ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ يُجْلِسُنِي عَلَى سَرِيرِهِ فَقَالَ: أَقِمْ عِنْدِي حَتَّى أَجْعَلَ لَكَ سَهْمًا مِنْ مَالِي فَأَقَمْتُ مَعَهُ شَهْرَيْنِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ المرء تركه ما لا يعنيه". وقيل: أربعة. هذه، وحديث: "لا يؤمن أحدكم حتَّى يحب لأخيه ما يحب لنفسه". ونُقل عن الشَّافعي حديث: "ازهَدْ في الدُّنيا يُحبَّك اللهُ، وازهَدْ عما في يد النَّاس يُحبّك النَّاس". وقد نظمت على هذا الوجه: عمدة الخير عندنا كلمات ... أربع قالهنّ خير البرية اتركْ المشبهات وازهَدْ ودع ... ما ليس يعنيك، واعملن بنيه ولولا خوفُ الإطالة لأرخينا عنان القلم في مضمار التدقيق. والله الموفق، ولشدة الاهتمام بالمقام كرّر: أَلاَ، التي هي للتنبيه في أربعة مواضع. باب: أداءُ الخمُس مِن الإيمان 53 - (علي بن الجَعْد) بفتح الجيم وسكون العين (عن أبي جمرة) -بفتح الجيم- هو نصر بن عمران الضُبعي -بضم المعجمة- نسبةَ إلى ضبيعة بن قيس بن ثعلبة حيٌّ من بني بكر بن وائل. قال شيخ الإسلام: كذا قالوه والصَّواب أنَّه من بني ضبعة؛ بطن من عبد القيس (قال: كنتُ أقعدُ مع ابن عباس) وإنَّما قال: أقعُدُ مع أن كان ماضٍ حكاية لتلك الحالة (فيجلسني) تفسير لذلك القعود (قال: أقِمْ عندي حتَّى أجعَلَ لك سَهْمًا من مالي) ولهذا الكلام سببٌ سيذكره البُخاريّ وهو أن ابن عباس كان يفتي بالتمتع في الحج، وبعض النَّاس يخالفونه منهم

ثُمَّ قَالَ: إِنَّ وَفْدَ عَبْدِ القَيْسِ لَمَّا أَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنِ القَوْمُ؟ - أَوْ مَنِ الوَفْدُ؟ -» قَالُوا: رَبِيعَةُ. قَالَ: «مَرْحَبًا بِالقَوْمِ، أَوْ بِالوَفْدِ، غَيْرَ خَزَايَا وَلاَ نَدَامَى»، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا لاَ نَسْتَطِيعُ أَنْ نَأْتِيكَ إِلَّا فِي الشَّهْرِ الحَرَامِ، وَبَيْنَنَا وَبَيْنَكَ هَذَا الحَيُّ مِنْ كُفَّارِ مُضَرَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ عمر بن الخطاب. فرأى أبو جمرة في المنام أن رجلًا أو ملكًا يقول له: حجٌ مبرور وعُمرة مُتَقَبَّلَةٌ. فقال لابن عباس، فقال: اللهُ أكبر! سنةُ أبي القاسم. وكان يكرمه لذلك. (قال: إن وفد عبد القيس) الوافد من يرد على الملوك والعظماء لأمرٍ مهم في الدُّنيا أو الدين. والوفد اسم جمع له، كصحب في صاحب. وعبد القيس أبو قبيلة من أسد وهو عبد القيس بن أفصى -بالفاء والصاد المهملة- ابن دعمى بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار. قال الجوهري: والنسبة إلى عبد قيس: عَبْقَسي، وإن شئت: عَبْدي. وكان وفودُهم سنةَ تسعٍ بعد حجَّ أبي بكر، وكانوا يسكنون بأرض هجر، فقدم منهم منقذ بن حَيَّان إلى المدينة في تجارةٍ له، فرأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وآمَنَ به. فكتب معه كتابًا إلى قومه يدعوهم إلى الله، فآمنوا به وأرسلوا إليه أربعة عَشَر رجلًا، مقدمهم الأشج العصري وهو الذي قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فيك خصلتان يحبهما الله: الحِلْم والأناة" وقيل: كانوا ثلاثة عشر. وقيل: أربعين. ووجهُ الجمع أن أربعة عشر كانوا الرؤساء والباقي تَبَعٌ. والأَنَاةُ على وزن القناة، اسمٌ من التأني وهو الرفق (مرحبًا بالقوم أو بالوفد) الشَّك من ابن عباس، وانتصاب مرحبًا على المفعولية؛ أي: أتيتُمْ مكانًا ذا سَعَةٍ كناية عن حُسن الحال وطِيب البال (عْيرَ خَزَايا ولا نَدَامى) جمع خِزْيان ونادم من الخِزْي وهو الذل والفضيحة، فإنهم جاؤوا من غير قتالٍ وسبي. ويجوزُ أن يكون دعاء لهم، وكان القياس: نادمين، إلَّا أنَّه جاء كذا على الإتباع، كما في العشايا والغدايا. وفى رواية مسلم: "غير خزايا ولا الندامى" ويروى: بتعريف الاسمين. ولا إشكالَ في انتصاب (غيرَ) على الحال، لأنها لا تتعرف بالإضافة إلَّا إذا كان الضدّ متعينًا نحو عليك بالحركة غير السكون (إنا لا نستطيع أن نأتيك إلَّا في الشهر الحرام) المراد به الجنس ليتناول الأربعة الحُرُم. وروي شهرُ الحُرُم، بإضافة الأول. وشهرٌ حرامٌ بتنوين الأول على أن الثَّاني وصفٌ له، وإنَّما سُمِّي ما بين الهلالين شهرًا لشهرته (وبيننا وبينك هذا الحيّ من كفار مضر)

فَمُرْنَا بِأَمْرٍ فَصْلٍ، نُخْبِرْ بِهِ مَنْ وَرَاءَنَا، وَنَدْخُلْ بِهِ الجَنَّةَ، وَسَأَلُوهُ عَنِ الأَشْرِبَةِ: فَأَمَرَهُمْ بِأَرْبَعٍ، وَنَهَاهُمْ عَنْ أَرْبَعٍ، أَمَرَهُمْ: بِالإِيمَانِ بِاللَّهِ وَحْدَهُ، قَالَ: «أَتَدْرُونَ مَا الإِيمَانُ بِاللَّهِ وَحْدَهُ» قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «شَهَادَةُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامُ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَصِيَامُ رَمَضَانَ، وَأَنْ تُعْطُوا مِنَ المَغْنَمِ الخُمُسَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قال الجوهري: الحيّ أحدُ أحياء العرب. وقال صاحب "المطالع": هو مَنْزِلُ القبيلة. وسُميت به لأنَّ بعضَهم يحيا ببعض. ومُضَر: -بضم الميم والضاد المعجمة- ابن نزار بن معدّ بن عدنان. ويقال له: مضر بن الحمراء؛ لأنَّ نزارًا كان صاحب الذَّهب والخيل وكان له ابنان: ربيعة ومضر، فاختار ربيعة الخيل ومضر الذَّهب. فقيل لربيعة: ربيعة الفرس، ولمضر: مضر الحمراء. (فَمُرْنا بأمرٍ فصل نُخبرْ به مَنْ وراءَنا ونَدْخُل به الجنَّة) الفصل مصدر إما بمعنى الفاعل. أي: فاصل بين الحق والباطل، وإما بمعنى المفعول أي: مفصول مبين لا اشتباه فيه، ومن وراءهم قومهم الذين هؤلاء وفدوا لأجلهم. ويروى: من ورائنا، بمن الجارة، والمعنى واحد، قال القرطبي: يروى برفع: نخبرُ وندخلُ، وبالجزم على الجواب، وبالواو في ندخل وحذفها. (أمرهم بأربع ونَهَاهم عن أربعٍ، أمرهم بالإيمان بالله وحده، وإقام الصَّلاة وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وأن نعطوا من المغنم الخُمس) هذه هي الأمور الأربعة. وما بين الإيمان بالله وحده، وبين هذه من قوله: (أتدرون ما الإيمان) تفسيرٌ له جملة معترضة بين المعطوف والمعطوف عليه، فسقط ما تَوهّم من أن قوله أولًا: أمرهم بأربع. ثم قال ثانيًا: أمرهم بالإيمان [بالله] وحده إنَّما صَحَّ باعتبار اشتمال الإيمان على الأجزاء الأربعة. قال النووي: عدّ لهم الأربعة التي وَعَدهم بها. ثم زاد الخامسة، لأنهم كانوا مجاورين لكفار مضر مجاهدين. ومثله قول ابن الصلاح: (وأن تعطوا) ليس من الأربع بل هو معطوف عليها. قلتُ: يُشْكِلُ هذا بما رواه البُخاريّ في كتاب الأدب: "هكذا أربع أربع، أقيموا الصَّلاة إلى آخره، بطرح كلمة الشهادة. فإن قلت: فكيف يجمع مع قوله: "أمركم بأربع: الإيمان بالله شهادة أن لا إله إلَّا الله وعقد واحدةً" كذا رواه البُخاريّ في كتاب المغازي؟ قلتُ: وجهُ الجمع أنهم كانوا

وَنَهَاهُمْ عَنْ أَرْبَعٍ: عَنِ الحَنْتَمِ وَالدُّبَّاءِ وَالنَّقِيرِ وَالمُزَفَّتِ "، وَرُبَّمَا قَالَ: «المُقَيَّرِ» وَقَالَ: «احْفَظُوهُنَّ وَأَخْبِرُوا بِهِنَّ مَنْ وَرَاءَكُمْ». [الحديث 53 - أطرافه في: 87 - 523 - 1398 - 3095 - 3510 - 4368 - 4369 - 6176 - 7266 - 7556] ـــــــــــــــــــــــــــــ مؤمنين مُقِرّين بالتوحيد، فحيثُ عدّ كلمة التوحيد أشار إلى أركان الإسلام، وحيث قال: أربع وأربع: أشار إلى ما وقع به التعليم. قال بعضُهم معترضًا على النووي: هذا ليس بصحيحٍ؛ لأنَّ البُخاريّ عَقَدَ الباب على أن أداء الخمس من الإيمان، فلا بد من كونه داخلًا تحت أجزاء الإيمان. وهذا في غاية السقوط، لأنَّ الإيمان الكاملَ بِضْعٌ وسبعون شعبةً. وكون الخمس غير أحد الأمور الأربعة لا يخرجه عن كونه جزءًا، وكذا ما يقال: إن الخمسة تفسير الإيمان، والثلاثة الباقية متروكة إما نسيانًا أو اختصارًا. وقيل: القومُ كانوا مُقِرّين بالتوحيد وكلمة الشهادة، فالأربعة هي المذكورة بعدها ولم يذكر الحج؛ لأنَّه لم يكن واجبًا. وقد تقدَّم منّا أن ما ذكره في جواب جبريل سؤاله عن الإسلام جعله جوابًا لوفد عبد القيس في تفسير الإيمان دلالة على أن الإيمانَ والإسلامَ شيء واحد ذاتًا، وإن اختلفا مفهومًا. فإن قلتَ: روى البُخاريّ في آخر باب الأنبياء: "الإيمان بالله وشهادة" بالواو، فما وجهه؟ قلتُ: هو من عطف المفصل على المجمل باعتبار التغاير اعتبارًا. (ونهاهم عن أربع، عن الحنتم) -بفتح الحاء وسكون النون- الجرة الخضراء واحدها حنتمة. (والدباء) -بضم الدال والمدّ- القَرْعَةُ (والنقير) المنقور من الخشب (والمزفت) وربما قال: المقيّر أي: المطلي بالزفت والقير قيل: الحكمة في هذا: أنهم كانوا يلقون في الماء التمرات ليجذب ملوحة الماء. وهذه الأواني لا تنفذ فيها الريح. فربما صار خمرًا سريعًا، فكانوا قريبي العهد بالإسلام. فلما أشاع الإسلام ورسخوا فيه أباح الأواني المذكورة. ونسخ ذلك الحكم بقوله: "كنتُ نهيتكم عن الأشربة إلَّا في ظروف الأدم والظرف لا يحل شيئًا ولا يحرم. فاشربُوا في كل إناءٍ غيرَ أن لا تشربوا مسكرًا" ذَهَبَ مالك وأحمد إلى بقاء هذا الحكم، وكأنه لم يبلغهما هذا الحديث الذي رواه مسلم.

42 - باب: ما جاء إن الأعمال بالنية والحسبة، ولكل امرئ ما نوى

42 - بَابٌ: مَا جَاءَ إِنَّ الأَعْمَالَ بِالنِّيَّةِ وَالحِسْبَةِ، وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَدَخَلَ فِيهِ الإِيمَانُ، وَالوُضُوءُ، وَالصَّلاَةُ، وَالزَّكَاةُ، وَالحَجُّ، وَالصَّوْمُ، وَالأَحْكَامُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ما جاء أن الأعمال بالنية والحِسْبة، ولكل امرئٍ ما نوى تقدم في أول الكتاب أن النيَّة: قصدُ التقريب إلى الله تعالى بالطاعة، والحِسْبة -بكسر الحاء- اسمٌ من الاحتساب وهو الإخلاص في العمل. وقول الجوهري: الحِسْبة بالكسر: الأجرُ، تسامحٌ ظاهر. (فَدَخَل فيه الإيمان والصلاة والزكاة والحج والصوم والأحكام) أي: بقية العبادات كلها. ومن قال: يدخل فيه تمام المعاملات والمناكحات. ولهذا لو سبق لسانُهُ إلى نعت وطلقت ونكحت لم يصحّ شيءٌ منها، فقد أبعد عن الصواب. أما أولًا: فلأن حديث: "إنَّما الأعمال" عامٌ مخصّص، فإن المراد بها الطاعاتُ كما تقدم في أول الكتاب. وأمَّا ثانيًا: فلأن صرائح هذه العقود لا يحتاج إلى النيَّة. قال التفتازاني في "التلويح": البيعُ والنكاح وأمثالُهما لا تحتاجُ إلى النيَّة إجماعًا. ومن سبق لسانُه إلى قوله: أنتَ حرٌّ لعبده. أو إلى: أنتِ طالقٌ لامرأته. عتق العبدُ وطلقت المرأةُ اتفاقًا، وأمَّا الكناياتُ فالنية إنَّما اعتبرت لتعيين المقصود. وأمَّا النيَّة المستفادة من قوله: "إنَّما الأعمال بالنيات" هي بمعنى قصد التقريب إلى الله ولهذا ذهب أبو حنيفة إلى أن التقدير: ثوابُ الأعمال بالنيات. ثم قوله: دخل فيه الإيمان. يردّ صريحًا قول هذا القائل: إن أعمال القلب لا تحتاج إلى النيَّة، ذكره في صدر الكتاب، وقد نَبّهنا عليه هناك. والعجبُ ممن هو عَلَمٌ في هذا الفنّ صَرّح بأن الإيمان الذي هو بمعنى التصديق لا يحتاج إلى النيَّة كسائر أعمال القلب. هذا بعد أن قال المصنف في أول الباب: دخل فيه الإيمان. أي: فيما يحتاج إلى النيَّة. وتحقيق المقام: أن كل ما يحتاج إلى النيَّة: هو كل ما يتقرب به إلى الله تعالى، ويطلب به الجنَّة، والإيمان وأعمال القلب أشرف وأعظم ما يتقرب به، ولمَ كانت نيَّة المؤمن هو خير من عمله لو لم تكن أعمال القلب مفتقرة إلى النيَّة؟ وكيف ذهل عن قول البُخاريّ: الحب في الله والبغض في الله من الإيمان، وهل يعقل أن يكون محل الحب غير القلب؟ وما فائدة الحصر في قوله: "وأن يُحب المرء لا يُحبه إلا لله"؟

وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ} [الإسراء: 84] عَلَى نِيَّتِهِ. «نَفَقَةُ الرَّجُلِ عَلَى أَهْلِهِ يَحْتَسِبُهَا صَدَقَةٌ» وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ». 54 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ، عَنْ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــ "وقال الله تعالى: ({كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ} [الإسراء: 84]) الشاكلةُ لغةً: الخَاصِرَةُ. قال ابنُ الأثير: استُعير للطريقة والقصد (وقال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: ولكن جهاد ونية) هذا بعضُ حديثٍ سيرويه مسندًا. وكذا قوله: "ونفقة الرجل". رواهما هنا تعليقًا تقوية لما استدل به وإثباتًا لما ترجم له بالطريقين. 54 - (عبد الله بن مَسْلَمَة) بفتح الميم واللام (عن عُمر أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (الأعمالُ بالنية) أي: لا عَمَلَ إلَّا بالنية؛ لأنَّ هذه اللام للاستغراقِ، وقد سَبَقَ أن هذا حصر المسند إليه في المسند، وتقدّم أيضًا تحقيق الحديث بما لا مزيد عليه في صدر الكتاب. فإن قلت: لم أعادَ الحديث وقد عُلم معناه في أول الكتاب؟ قلتُ: أعاده إشارةً إلى أن النيَّة من شعب الإيمان، وأنّ الإيمان الذي هو فعل القلب لا يعتد به بدون النيَّة، وفيه ردٌّ على الكرَّامية والمرجئة القائلين: بأن الإيمان هو القول وحده، مع اختلاف شيخه، وزيادة بعض الألفاظ. وأعلم أن هذا الإطلاق مقيدٌ بإجتماع الشرائط، فلا يردُ أن الإنسان إذا نوى المنذر أو القضاء في رمضان لا يحصل له ما نوى، لأنَّ المحل غيرُ قابلٍ، وإزالة النجاسة إن قَصَدَ بها التقرب إلى الله يُثاب عليها، وإن أريد الإزالة لا غير فلا. قال بعضُهم: فإن قلت: يَرِدُ عليه بعض الأفعال كاعتداد المرأة المتوفى عنها زوجُها وهي غير عالمة، فإن عِدَّتها تنقضي مع عدم قصدها؟ قلتُ: هذا ليس فعلًا ولا تركًا، بل هو عبارة عن انقضاء مدةٍ يُعلم منه براءة الرحم، هذا كلامه، وقد نبّهناك على أن هذا غلطٌ، فإن الكلامَ في العبادات لا غير، على أن قوله: هذا ليس بفعل مخالف لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234] (ولكل امرئٍ ما نوى) هذا حصرُ المسند على المسند إليه عكس الأول (ومن كانت

هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لدُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ». 55 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا أَنْفَقَ الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِهِ يَحْتَسِبُهَا فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ». [الحديث 55 - طرفاه في: 4006 - 5351] 56 - حَدَّثَنَا الحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلَّا أُجِرْتَ عَلَيْهَا، حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فَمِ امْرَأَتِكَ». ـــــــــــــــــــــــــــــ هجرتُه إلى الله ورسوله فهجرتُهُ الى الله ورسوله) أي: فهجرتُه تلك الهجرة الكاملة، فلا يُتَوهَّم اتحاد الشرط والجزاء. ومثله قوله: (ومن كانت هجرتُه إلى دنيا يُصيبها فهجرتُه [إلى] ما هاجر إليه) أي: هجرته تلك الهجرة الخسيسة، وقد تقدم في أول الكتاب الكلامُ على هذا الحديث بأطولَ من هذا. 55 - (حَجّاج بن مِنْهال) بفتح الحاء وتشديد الجيم وكسر الميم (عَدِي بن ثابت) بفتح العين وكسر الدال وتشديد الياء (عبد الله بن يزيدَ) من الزيادة (عن أبي مسعود) عقبة [بن] عمرو الأنصاري الخزرجي المشهور بالبدري. قال ابن الصلاح: لم يشهدْ بدرًا، وسكن به فنُسِبَ إليه. (إذا أنفَقَ الرجلُ على أهله يَحْتَسِبُها) أي: امتثالًا لأمر الله، وقصدًا إلى القيام بما أوجب الله أو نَدَبَ إليه (فهو له صدقةٌ) أي: يثاب به كما يثاب بالصدقة؛ لأنَّه ليس صدقةً في العرف. 56 - (الحكم بن نافع) بفتح الحاء والكاف (عن سعد بن أبي وقاص) واسم أبي وقاص: مالك بن سنان (إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إنك لن تنفق نفقةً تبتغي بها وجهَ الله إلَّا أُجِرْتَ عليها، حتَّى ما تَجعَلُ في فم امرأتك) الخطابُ لسعدٍ وإن كان الحكم عامًّا؛ لأنَّه تمام

[الحديث 56 - أطرافه في: 1295 - 2742 - 2744 - 3936 - 4409 - 5354 - 5659 - 5668 - 6373 - 6733]. ـــــــــــــــــــــــــــــ حديث طويل. كان مريضًا فعاده رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. والقيدُ باللقمة وجعلُها في فم امرأته مبالغةٌ في الاعتداد بالنفقة على الأهل لأنَّ اللقمة مثلٌ في القلة، والإنسان إنَّما يجعلُ اللقمة في فم امرأته إذا كانت محبوبةً إليه، وإذا حصل الأجرُ مع ذلك فما ظنك بسائر الأهل والقرابات. وفي رواية مسلم عن أبي هريرة عن رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم -: "دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينارًا أنفقته على أهلك أعظمُها أجرًا الذي أنفقتَهُ على أهلك" وروى الشيخان: "لا صدقة إلَّا عن ظهر غنىً، وابدأْ بمن تعولُ". واستدل بعضُ الشارحين على أن النفقة على الأهل ليست صدقة حقيقةً بل مجازًا لجواز صرفها على الزوجات الهاشميات. ثم قال: كيف صَحَّ التشبيهُ والثوابُ في النفقة زائدٌ؟ قلتُ: التشبيه في أصل الثواب لا في الكمية. ثم قال: فإن قلتَ: أهل البيان شرطوا أن يكون المشبَّه به في وجه التشبيه أقوى من المشبه. وهنا وَقَعَ بالعكس قلتُ: هذا من قبيل التشابه. هذا كلامه. وفيه خَبْطٌ من وجوهٍ: الأول: أن المحرّم على الهاشميات إنَّما هو الزكاة، لا سائرُ الصدقات صرّح بها الفقهاء. الثَّاني: أن قوله: هذا من قبيل التشابه بعدما سلَّم أن وجه الشبه في المشبّه به أقوى، ليس بصحيح؛ لأنَّ التشابه عند أهل البيان، إنَّما يكون إذا كان الطرفان متساويين. فإن قلتَ: فما الجوابُ الصواب؛ فإن الحديث الذي رويته عن مسلم دلَّ على زيادة ثواب النفقة على سائر الصدقات؟ قلتُ: الزيادة في المشبّه به إنَّما يكون عند إرادة إلحاق الناقص بالكامل؛ فإن التشبيه يقع في الكلام على سبعة وجوه. ولا تُعتبر الزيادة إلَّا في ذلك الوجه. وهذا الذي في الحديث من إلحاق الخفي بالمشهور يكفي فيه أن يكون المشبه به أشهر بوجه الشبه.

43 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: " الدين النصيحة: لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم

43 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الدِّينُ النَّصِيحَةُ: لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلتَ: إلَّا أُجِرْتَ: كيف وقع مستثنى، وشرطُ الاستثناء أن يكون المستثنى اسمًا، لأنَّه من خَوَاصّ الاسم؟ قلتُ: مؤولٌ كأنه قيل: إلَّا وأنت ذو أجر. فإن قلتَ: ما المراد بوجه الله؟ قلتُ: ذاته تعالى، لأنَّ الوجه أشرفُ الأعضاء يُعبّر به عن الذّات من غير تخيّل جارحةٍ، تعالى عن ذلك. ومحصّله أن يكون مخلصًا في ذلك. فإن قلتَ: ما موقع (حتَّى)؟ قلتُ: يجوزُ أن تكون عطفًا على أُجِرْتَ وأن تكون ابتدائية. قال المحقق التفتازاني: ومعنى الغاية لازم لها على كل وجه استعملت. فائدة: قال بعضُ العارفين: شأن العاقل أن تكون أفعاله المباحة كلها طاعة، وذلك بأن ينوي بالأكل أن يكون سببًا للقوة على الطاعة، وبالنوم: النشاط على قيام الليل، وقِسْ على هذا. باب قول النَّبيِّ - صَلَّى الله عليه وسلم -: "الدينُ النصيحةُ: لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم" قال ابن الأثير: النصيحةُ كلمة يُعبّر بها عن جملةٍ هي إرادة الخير للمنصوح له، وليس يمكن أن يعبّر عن معناها بكلمةٍ أخرى كالفلاح الدال على خير الدارين. يقال: نصحتُه ونصحتُ له. وأصل النُّصْحِ: الخُلُوص. ومعنى النصيحة لله اعتقاد وحدانيته واتصافه بصفات الكمال، وتقدسه عن كل نقص، ولكتاب الله: الإيمانُ به والتعبدُ بأحكامه. ولرسوله: تصديقُهُ في رسالته، والانقياد لأوامره. وللأئمة: الإطاعة لهم فيما لا يكون معصية. ولعامة المسلمين: إرشادهم إلى ما فيه صلاحٌ لهم، وأن تحب لهم ما تحبّ لنفسك، وكفّ الشرّ عنهم. فالحصرُ فيه حقيقي إذ لا يخرج شيءٌ من أمور الدين عن النصيحة المذكورة. وأعلم أن هذه الترجمة حديثٌ رواه مسلم عن تميم الداري مسندًا، ولم يكن رجاله من شرط البُخاريّ، فلم يَرْوِهِ مسندًا. قال النووي: وليس لتميمٍ حديثٌ في مسلم والبخاريِّ إلَّا هذا. فإن قلت: هذا من فروض الأعيان أو الكفاية؟ قلتُ: فرض عين على كل أحدٍ، ولذلك أخذ على جرير في المتابعة. والنصحِ لكل مسلم ومَنْ قال: الأمور المذكورة فرض كفاية،

وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: 91]. 57 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنِي قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى إِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ». [الحديث 57 - أطرافه في: 524 - 1401 - 2157 - 2705 - 2714 - 7204]. 58 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلاَقَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ يَوْمَ مَاتَ المُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، قَامَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ: عَلَيْكُمْ بِاتِّقَاءِ اللَّهِ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَالوَقَارِ، وَالسَّكِينَةِ، حَتَّى يَأْتِيَكُمْ أَمِيرٌ، فَإِنَّمَا يَأْتِيكُمُ الآنَ. ثُمَّ قَالَ: اسْتَعْفُوا لِأَمِيرِكُمْ، فَإِنَّهُ كَانَ يُحِبُّ العَفْوَ، ثُمَّ قَالَ: ـــــــــــــــــــــــــــــ فقد زَلَّتْ به القَدَمُ (وقوله عز وجل {إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: 91]) استدل بالآية على حكم الترجمة. 57 - (عن أبي حازم) بالحاء المهملة (عن جرير بن عبد الله: بايعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - على إقام الصَّلاة، وإيتاء الزكاة، والنصحِ لكل مسلم) اكتفى من أركان الإسلام بالصلاة والزكاة؛ لأنهما أصل سائر الأحكام، وقد قدّمنا أنهما أُمَّا العبادات. واكتفى بالنصح لكل مسلم عن النصح لله ورسوله وكتابه، لأنَّ مَنْ قام به قائمٌ بهما، أو المبايعة على إقامة الصَّلاة وإيتاء الزكاة دالة عليه لدلالته على امتثال أوامرهما. 58 - (أبو النُّعمان) -بضم النون- محمد بن الفضل المعروف بعارم (أبو عَوَانة) -بفتح العين- الوضاح اليشكري (زياد بن عِلاَقة) بكسر الزَّاي والعين (سمعتُ جريرًا) أي: قوله فسره قوله: (فحَمِدَ الله) (يوم مات المغيرة بن شعبة) -بضم الميم- هو ابن عامر من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كان واليًا على كوفة لعمر بن الخطاب، ثم مات في إمارة معاوية، من دُهَاة العرب وهو من ثقيفٍ، وكان أعورَ (عليكم باتقاء الله وحده لا شريك له، والوقارِ والسَّكينة، حتَّى يأتيَكم أميرٌ) ليس لقوله: "حتَّى" مفهوم، بل خاف أن يقع شرّ قبل وصول الأمير.

أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ: أُبَايِعُكَ عَلَى الإِسْلاَمِ فَشَرَطَ عَلَيَّ: «وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ» فَبَايَعْتُهُ عَلَى هَذَا، وَرَبِّ هَذَا المَسْجِدِ إِنِّي لَنَاصِحٌ لَكُمْ، ثُمَّ اسْتَغْفَرَ وَنَزَلَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والوقار: الثبات في الأمور. وأصله الوِقْر وهو الثقل. والسكينة: التأني من السكون. (استَعْفوا لأميركم) أي: اطلبوا له العفوَ من الله، فإنَّه كان يحب العفو عن المجرم، عسى الله أن يعامله بما كان يعامل به النَّاس (ورَبِّ هذا المسجد إنِّي لناصحٌ لكم) وكأنه بدا لَهُ من بعض الحاضرين نوعُ إنكارِ، ولهذا بالَغَ في التأكيد، أو أراد ترويج كلامه. قال الذهبي: جرير بن عبد الله كان سيدًا مطاعًا في قومه، وكان بديعَ الجمال، أكرمه رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - وبَسَطَ له رداءه. أسلَمَ قبل انتقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى دار البقاء بأربعين يومًا، وقيل: ستة أشهر. هذا آخر كتاب الإيمان ونسأل الله تعالى أن يجعل آخر أيامنا به إنه على ذلك قدير.

3 - كتاب العلم

3 - كِتَابُ العِلْمِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 1 - بَابُ فَضْلِ العِلْمِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [المجادلة: 11] وَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: 114]. ـــــــــــــــــــــــــــــ كِتَابُ العِلْمِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ بَابُ فَضْلِ العِلْمِ (وقول الله عز وجل: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: 11] وقال: {رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: 114]). استدل على ما ترجم له من فضل العلم بالآيتين. واستدلاله ظاهرٌ والتنكيرُ في {دَرَجَاتٍ} للتعظيم أو التكثير. والأحاديثُ في فضل العلم كثيرةِ منها: ما رواه الترمذي وابن ماجه والإمام أحمد عن ابن عباس عن أبي الدرداء أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "فضلُ العالم على العابد كفضل القمر ليلةَ البدر على سائر الكواكب". وروى التِّرمذيُّ عن أبي أُمامة أن رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - قال: "فضلُ العالم على العابد كفضلي على أدناكم". فإن قلتَ: لِمَ لَمْ يورد في الباب حديثًا يدل على فضل العلم؟ قلتُ: اكتفى بالآيتين لكونهما قطعيتين مع ظهور الدلالة فيهم. قال العلماءُ: لم يأمرِ اللهُ رسولَهُ - صلى الله عليه وسلم - بطلب الزيادة في شيءٍ إلا في العلم. هذا. وقال بعضُ الشارحين: إنَّما لم يذكر فيه؛ لأنَّه لم يتفق له حديثٌ يناسُبُه، أو لأمرٍ آخر. قلتُ: قوله: لم يتفق له حديث. ليس بشيء؛ لأنَّه روى بعده حديثَ: "لا حَسَدَ إلَّا في

بَابُ مَنْ سُئِلَ عِلْمًا وَهُوَ مُشْتَغِلٌ فِي حَدِيثِهِ، فَأَتَمَّ الحَدِيثَ ثُمَّ أَجَابَ السَّائِلَ 59 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، ح وحَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنِي هِلاَلُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ اثنتين؛ [علم آتاه اللهُ مالًا] ... ". وحديث: "من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين" وغيرهما، بل لو قيل: أحاديث الكتاب كلها دالةٌ عليه كان صحيحًا. والصَّواب: أنَّه فرّقَ تلك الأحاديثَ في الأبواب لاستنباط الأحكام منها. ثم قال الشارح المذكور: فإن قلت: فما تقول في قوله فيما بعد: باب فضل العلم؟ قلتُ: الفضل هناك بمعنى الفَضْلَة أي: الزيادة، وهنا بمعنى كثرة الثواب. هذا كلامه وقد التبَسَ عليه من قول رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم -: "شربتُ اللبن حتَّى رأيت الري يَخرُجُ من أظفاري، فأعطيتُ فَضْلَهُ عُمَر"؛ فإن المراد به ما فَضَل عن شُربه، ولم يَدْرِ أن المراد بقول البُخاريّ: باب فضل العلم هو شرب رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - ذلك الشُّرب المُفْرِطَ؛ إذ لو لم يكن العلم غاية الفضل والكمال، لم يقع من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قيل: إنَّما بدأ ببيان فضل العلم دون بيان حقيقته؛ لأنَّ العلم عنده بديهي. قلتُ: هذا دعوى بلا دليل. والحقُّ أنَّه: إنَّما لم يتعرضْ لذلك، إذ لم يدلّ آية ولا حديث على أن حقيقة العلم ما هي. باب: مَنْ سُئل علمًا وهو مشتغل في حديثه فأتمَّ الحديثَ ثم أجاب السائلَ 59 - (محمد بن سِنان) بكسر السِّين (فُلَيح) -بضم الفاء- على وزن المصغر هو: أبو يَحْيَى عبد الملك الخزاعي، وفُلَيح لقبُهُ اشتهر به (ح) قد تقدم أنَّه إشارة إلى تحوُّل الإسناد. وقيل: رَمَزَ إلى (صح) وقيل: إلى الحديث (إبراهيم بن المنذِر) -بكسر الذال- الحِزَامي بكسر الحاء وزاي معجمة (عطاء بن يسار) -بالمثناة تحتُ وسين مهملة- الهلالي القاص مولى

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: بَيْنَمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَجْلِسٍ يُحَدِّثُ القَوْمَ، جَاءَهُ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: مَتَى السَّاعَةُ؟ فَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُ، فَقَالَ بَعْضُ القَوْمِ: سَمِعَ مَا قَالَ فَكَرِهَ مَا قَالَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ لَمْ يَسْمَعْ، حَتَّى إِذَا قَضَى حَدِيثَهُ قَالَ: «أَيْنَ - أُرَاهُ - السَّائِلُ عَنِ السَّاعَةِ» قَالَ: هَا أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «فَإِذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ»، قَالَ: كَيْفَ إِضَاعَتُهَا؟ قَالَ: «إِذَا وُسِّدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ». [الحديث 59 - طرفه في: 6496] ـــــــــــــــــــــــــــــ ميمونة أم المؤمنين (بينما النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في مجلس يحدثُ القوم) بين: ظرف زمان، وفيه معنى المفاجأة، فتارةً تُشبَعُ الفتحةُ فيقال: بينا، وتارةً يزاد عليه ما. والقوم مصدر في الأصل يُطلق على الرجال خاصة (جاءه أعرابي) جواب "بينما" فإنَّه لا يتم إلَّا به. والأعرابي نسبة إلى الأعراب وهم سكان البادية، جمعٌ لا مفرد له، ولذلك نُسب إليه (فقال: متى الساعة) أي: وقت قيامها (فمَضَى رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - يُحدِّث) أي: استمرّ في حديثه ولم يلتفت إليه (وقال بعضهم: بل لم يسمع) عطف على قول البعض: "سمع" كأنه عطف تلقائي، أو تقدر قبله سمع فعطف عليه (حتَّى إذا قضى حديثَهُ) أي: أتمّ الحديثَ الذي كان يُحدِّث به القوم غاية لقوله: "مضى في حديثه" وما في البين استطرادٌ أراد أن الراوي قد ضبط الحديث أحسنَ ضبطٍ، وليس من قبيل الاعتراض، إذ لا نكتةَ فيه والاعتراض إنَّما يكون لذلك كقوله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ} ثم قال: {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ} [لقمان: 14] إشارة إلى مزيد حقها. (قال: أين السائلُ عن الساعة، قال: ها أنا) مبتدأ خبره محذوف. أي: أنا السائلُ. وها: حرفُ تنبيه (قال: فإذا أُضِيعَتِ الأمانةُ فانتظرِ الساعةَ) قال ابنُ الأثير: الأمانة تقع على العبادة والطاعة والثقة والأمان، ولكن شيء من هذا لا يلائم قولَه: (إذا وُسِّد الأمرُ إلى غير أهله) بل المراد: تفويضُ الإمارة والرياسة إلى غير مَنْ يستحق. نظيرُهُ ما تقدم في كتاب الإيمان: "إذا تطاول رُعَاة الإبل في البنيان" وكأنه مأخوذٌ من الوسادة؛ لأنَّ العادة جلوس الأمير على الوسادة أي: جعل تحت تصرفهم، فإلى بمعنى اللام، وفي رواية القابسي: "أُوسد"-بالهمزة- لكن رواه البُخاريّ في أواخر الكتاب: "أُسند" قال: على ظاهرها، وإنَّما كرّر الراوي قال بدون العاطف؛ لأنَّه يحكي مجلس المقاولة. وفي مثله لا يَحسُنُ العطف لاستغلال كل كلام على حدة جوابًا وسؤالًا. ألا ترى إلى قوله تعالى حكايةً عن مقاولة أصحاب الكهف:

2 - باب من رفع صوته بالعلم

2 - بَابُ مَنْ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالعِلْمِ 60 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ عَارِمُ بْنُ الفَضْلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: تَخَلَّفَ عَنَّا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفْرَةٍ سَافَرْنَاهَا فَأَدْرَكَنَا - وَقَدْ أَرْهَقَتْنَا الصَّلاَةُ - ـــــــــــــــــــــــــــــ {قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ} [الكهف: 19] وفي الحديث دلالةٌ على أن العالِم قاضيًا كان أو مفتيًا، يُقدم الأهم فالأهم، وإذا كان مشتغلًا بحديث لا يقطعه على السامعين [إلى] أن يتمه وعليه أن يَرْفُق بالمتعلم وإن بدا منه سوءُ أدبٍ، وعلى المتعلم أن يراجع إن لم يفهم المقصود. باب مَنْ رَفَعَ صوته بالعلم 60 - (أبو النُعمان) -بضم النون- هو: محمد بن الفضل المعروف بعارم (أبو عَوَانة) -بفتح العين- الوضاح اليشكري (عن أبي بِشر) -بالموحدة وشين معجمة- جعفر بن إياس (يوسف بن ماهَكَ) في سين يوسف: الحركاتُ الثلاث. وماهَكْ مصغر ماه. وماهٌ مرادف للقمر في لغة الفرس. والكاف علامةُ التصغير كالياء في لغة العرب، غيرُ منصرفٍ لأنَّه علم المؤنث. قال الدارقطني: اسم أمه. ورواه الأصيلي بكسر الهاء وهو سهوٌ منه. وقال: إنه منصرف وقيل في توجيه صرفه: لأنَّ شرط المعجمة العلمية. قلتُ: قد ذكرنا نقلًا عن الدارقطني أنَّه عَلَمُ أمه. على أن الفاضل الرضي قد منع شرط كون العجم علمًا في العجمة، بل شرط أن لا يستعمل إلَّا علمًا في لغة العرب، كقالون فإنَّه غير منصرف مع كونه اسمَ جنسٍ. قال الدارقطني: اسم أبيه بُهْزاذ بضم الباء وسكون الهاء وزاي وقال معجمتين، وكذا ضبطه النووي، فارسي الأصل، نزيل مكّة (عبد الله بن عمرو) ابن العاص العابد العالم. قال أبو هريرة: ليس في الصّحابة أكثر حديثًا مني إلَّا ما كان من عبد الله بن عمرو؛ فإنَّه كان يكتب ولا أكتبُ. فإن قلتَ: فكيف رُوي الحديثُ عن أبي هريرة أكثرَ منه؟ قلتُ: كان بمصر في أيَّام إمارة أبيه، فلم يقع له من يروي عنه إلَّا قليل. (فأدرَكَنا وقد أرهقَتْنا الصلاةُ) وسيأتي في الكتاب أنها كانت صلاة العصر. بفتح الكاف

وَنَحْنُ نَتَوَضَّأُ، فَجَعَلْنَا نَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: «وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ» مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا. [الحديث 60 - طرفاه في: 96 - 163] ـــــــــــــــــــــــــــــ وسكون القاف والإرهاق من الرَّهَق وهو الدُّنُو. ومنه: الغلامُ المراهِقُ. وفي الحديث: "إذا صَلَّى أحدُكم إلى شيء فليرهقه". والمعنى: أخّرناها حتَّى كِدْنا أن نلحقها بالصلاة التي بعدها. قال القاضي: ويُروى بفتح القاف ورفع الصَّلاة. والمعنى: أعجلتنا الصَّلاة لقرب فوتها (ونحنُ نتوضأ) جملة حالية (فجعلنا نمسَحُ على أرجلنا) أي: شرعنا من أفعال المقاربة (فنادى بأعلى صوته: ويلٌ للأعقاب من النار) أي: لأصحابها حيث تركوا الفرض المقطوع به وهو قوله: {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6] وقيل: إنَّما خُصَّ، لأنها محل الجناية كقطع يد السارق. وفي رواية التِّرمذيِّ: "ويل للأعقاب وبطون الأقدام" لأنَّ بطون الأقدام خَفيٌّ عن الأبصار لا يصل الماءُ إليه إلَّا إذا حوفظ عليها. فإن قلت: المسحُ عليه هو المستفاد من الآية. وهو قراءة الجر في قوله تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ} [المائدة: 6]؟ قلتُ: هذا الحديث وإجماع الأمة ولا على أن الجرّ في آية الوضوء محمول على جرّ الجوار. وهو إعرابٌ صحيح استعمله البلغاءُ. قال الجعبري: يروى عن الشَّافعي أن قراءة الجر محمولةٌ على المسح على الخُف بيانًا لحال الرجل في الحالتين. هذا، ولم يُنقَلْ فعلٌ أو قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومًا من الدهر. أنَّه فعل ذلك، أو أشار إلى جوازه. فويل للروافض من النَّار، والتعجبُ من جهلهم أنهم لا يجوزون المسحَ على الخفّ مع أنَّه من رواة حديث المسح: عليُّ بنُ أبي طالب. (مرتين أو ثلاثًا) قيد للنداء والشك من عبد الله، وإنَّما كرّره على دأبه فإنَّه كان إذا تكلم بكلمةٍ أعادها ثلاثًا، وإن المقام يقتضي التأكيد. فإن قلتَ: اللام للنفع، و (على) للضرر، فما معنى اللام في قوله: "ويل للأعقاب ... "؟ قلتُ: ذاك معنى آخر، واللام هنا للاختصاص. قال بعضُهم: فإن قلتَ: المسحُ على ظهر القدم لا على الرجل كلها. قلتُ: أُريدَ القدمُ، والقرينةُ العرفُ الشرعي. هذا كلامه. قلتُ: هذا الذي ذكره بناءً على أن الرجل ليس موضوعًا للكل والجزء بالاشتراك، وفيه نزاعٌ مذكور في الأصول. وأيضًا ما ذكره إنَّما هو

3 - باب قول المحدث: أخبرنا، وحدثنا

3 - بَابُ قَوْلِ المُحَدِّثِ: أَخْبَرَنَا، وَحَدَّثَنَا وَقَالَ لَنَا الحُمَيْدِيُّ: " كَانَ عِنْدَ ابْنِ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا، وَأَخْبَرَنَا، وَأَنْبَأَنَا، وَسَمِعْتُ وَاحِدًا وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ المَصْدُوقُ وَقَالَ شَقِيقٌ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلِمَةً وَقَالَ حُذَيْفَةُ: ـــــــــــــــــــــــــــــ المسحُ على الخف، وهؤلاء إنَّما مسحوا على الرجل لشدة الاستعجال كيف اتفق، ولذلك خَصَّصَ الأعقابَ بالذكر. وفي الحديث دلالةٌ على جواز رفع الصوت بالعلم. قال ابنُ عُيينة: مررتُ بأبي حنيفة وأصحابه وقد ارتفعتْ أصواتهُم بالعلم، فقلتُ له في ذلك، فقال: دَعْهم، لا يتعلمون إلَّا كذلك لا سيّما في موضع الحاجة كالوعظ والخُطْبة. باب: قول المحدِّث أخبرنا وحدثنا (قال الحُميدي) -بضم الحاء على وزن المصغر المنسوب- هو عبدُ الله بن الزُّبير، شيخُ البُخاريّ. نقل عنه يقال لأنَّه سمعه مذاكرةً (كان عند ابن عُيينة) بضم العين على وزن المصغر (حدّثنا، وأخبرنا، وأنبأنا وسمعتُ واحدًا) قال ابنُ الصلاح والعراقي: هذا مذهبُ البُخاريّ وآخرين من المشايخ، وعليه معظمُ أهل الحجاز والكوفيين والزهري. وقال الشَّافعي ومسلم: لا يقول حدّثنا إلَّا إذا سَمِعَهُ من شيخه. قال ابنُ الصلاح: وخير ما يقال في هذا المقام: إنَ هذا اصطلاحٌ؛ إذ بيانُهُ لغةً عَنَاءٌ. ومن خَصَّ التحديث بالسماع فَلِقُوّةِ إشعاره بالمنطق والمشافهة. ثم اختلفوا في أقوى وجوه التحمّل، هي القراءة على الشَّيخ أو السماع منه، فذهَبَ أبو حنيفة وبعضُ السلف إلى ترجيح القراءة على السماع منه، ورُوي هذا عن مالك. قال الشَّيخ ابنُ الصلاح: والصحيحُ أن السماع على الدرجات وكذا قال العراقي، وقد بان لَكَ أن المرادَ من المحدّث في قول البُخاريّ باب قول المحدث؛ هو رواي الحديث، لا المحدث لغةً. وكيف يصحُّ لغةً حدّثنا فيما إذا كان الراوي هو القارئ على الشَّيخ، أو ضرورة للبخاري في بيان المحدث لغة، وفد نقلت أيضًا عن ابن الصلاح أنَّ هذا أمرٌ اصطلاحي. (وقال ابن مسعود: حدّثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو الصادق المصدوق) أي: الذي يَصْدُق في الحديث مع الخَلْق، وما يقال له كله صدق من عند الله، سواء كان بواسطةٍ أو بدونها، منامًا كان أو يقظة، وقيل: المصدق من عند الله وهو معنًى ظاهر، إلَّا أن اللغة لا تُساعده. (وقال شَقيق) -بفتح المعجمة- يكنى أبا وائل (عن عبد الله) هو ابنُ المسعود حيثُ أُطلق من غير نسبة (قال النَّبيُّ - صَلَّى الله عليه وسلم - كلمةً) أي: كلامًا أو قضية (وقال حُذيفة) -بضم الحاء على وزن المصغر

حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثَيْنِ وَقَالَ أَبُو العَالِيَةِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ وَقَالَ أَنَسٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فِيمَا يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ. 61 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لاَ يَسْقُطُ وَرَقُهَا، وَإِنَّهَا مَثَلُ المُسْلِمِ، فَحَدِّثُونِي مَا هِيَ» فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ البَوَادِي قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ، فَاسْتَحْيَيْتُ، ثُمَّ قَالُوا: حَدِّثْنَا مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «هِيَ النَّخْلَةُ». [الحديث 61 - أطرافه في: 62 - 72 - 131 - 2209 - 4698 - 5444 - 6132 - 6144] ـــــــــــــــــــــــــــــ - هو ابن اليمان واسم اليمان حسيل حليف الأنصار، الصحابي المكرَّم المبجل ابن الصحابي كذلك، صاحبُ سرّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي لا يعلمه غيره، المطلع على أعيان المنافقين. كان عُمر في خلافته لا يَحْضُرُ جنازةً إلَّا إذا حضرها حذيفة) حدّثنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حديثين وقال أبو العالية) هو رفيع بن مهران. قالت حفصة بنت سيرين: سمعته يقول: قرأت القرآنَ على عمر بن الخطاب ثلاث مرات (عن ابن عباس عن النَّبيِّ - صَلَّى الله عليه وسلم - فيما يرويه عن ربّه) موضع الاستشهاد هو قولُهُ: فيما يرويه عن ربه. وكذا قول أنسٍ بعده (يرويه عن ربه) وقول أبي هريرة: (يرويه عن ربكم). وهذه التعليقاتُ كلها أحاديثُ مسندة بعضُها عند البُخاريّ وبعضُها عند غيره، أوردها معلَّقةً إثباتًا لما هو بصدده تارةً بالتعليق وتارةً بالمسند. 61 - (قُتَيبة) ابن سعيد بضم القاف على وزن المصغر (إن من الشجر شجرةً لا يسقُطُ ورقها وإنها مَثَلُ المسلم، فحدثوني ما هي؟) أي: من جنس الشجر شجرة؛ أي: نوعٌ منه، هذا شأنه، ولغرابة الشأن أتى بلفظ المَثَل الذي يدل عليه لأنَّه لا يؤتى به إلَّا في الأمور الغريبة. وقيل: وجهُ الشبه كثرةُ المنافع إذ ليس شيء في النخلة من الأجزاء إلَّا ومنه نفع، وكذا ثمره من حين البُدُو إلى أن يصير تمرًا يابسًا يُؤكَلُ منه. وقيل: لأنَّه لا يثمر إلَّا إذا أُلْقِحَ من الذكر في الأنثى. وعلى هذا قيد المسلم ضائع لأنَّ نوع الإنسان كذلك. وقيل: لأنَّه إذا قطع رأسُه لا يعود بدله عضو؛ وفيه ما ذكر آنفًا من استدراك لفظ المسلم، وقد ذكروا أمورًا

4 - باب: طرح المسألة على أصحابه ليختبر ما عندهم من العلم

62 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لاَ يَسْقُطُ وَرَقُهَا، وَإِنَّهَا مَثَلُ المُسْلِمِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ أُخَر بعيدةً، ونَقَل السُّهيلي عن سنن الحارث بن أسامة مرفوعًا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيَّن وَجْهَ الشَّبه، وقال: "كما أن النخلةَ لا يَسْقُطُ ورقُها، كذلك المؤمن لا تسقط دعوتُهُ". وهذا محمولٌ على أن الله تعالى إما أن يعطيه ما مسألة، وإما أن يدخر له في الآخرة، أو في العاقبة ما هو أنفع له، وإلا فكم من شيء يسأله الإنسانُ ولا يحصُلُ له. فإن قلتَ: غرضُ البُخاريّ إثباتُ عدم الفرق بين هذه الألفاظ قراءةً وسماعًا. وما ذكره ليس فيه دلالة على قراءة المحدث، بل كلّها سماعات. قلتُ: قال بعضُهم: حيث نَقَل مذهب الاتحاد من غير رَدٍّ، وغير ذكر المخالف أشعَرَ بأن مَيْلَهُ إلى عدم الفرق. قلتُ: هذا كلامُهُ لا طائل تحته؛ فإن المحققين من أهل هذا الشأن نقلوا أن مذهبَهُ عدمُ الفرق، فالوجه: أن يكون في أحاديث الباب دلالةٌ على ذلك. فالحقُ أن قول ابن مسعود تارةً سمعتُ، وتارةً حدّثنا، دلَّ على عدم الفرق بينهما. وقول أنس: يرويه، وكذا قول ابن عباس، وقول أبي هريرة: يرويه عن ربكم. يحتمل السماع من الله، والقراءة عليه. أما السماع فظاهرٌ. وأمَّا القراءةُ فكما في قوله: رأيتُ رَبِّي في أحسن صورة، فقال لي: يا محمدُ فيمَ يختصمُ الملأ الأعلى؟ قلتُ: في الكفارات والحدود". فهذه قراءةٌ منه، ولمّا عبّر بلفظ الرّواية عما يحتمل الأمرين صحّ أنَّه لا فرقَ عنده، وإلا لَعُيِّن المراد. وأما حدّثنا ابن عمر ففيه دلالةٌ على أن لفظ التحديث يقال في القراءة والسماع، لأنَّ قوله "حدثوني" معناه القراءة، وقولهم: حدّثنا. فيه معنى السماع. هذا تحقيق المقام. باب: طرح المسألة على أصحابه ليختبرَ ما عندهم من العلم الاختبار: افتعال من الخبرة، وهي المعرفة ببواطن الأمور والاطّلاع عليها. 62 - (خالد بن مَخْلَد) بفتح الميم (إن من الشجر شجرةً لا يسقُطُ ورقُها، وإنَّها مَثَلُ المسلم) في قوله: "لا يسقُطُ ورقُها" إشارة إلى وجه الشبه على ما قدمنا في الباب الذي قبله من رواية السهيلي في مسند الحارث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "كما أنها لا يسقط ورقُها كذلك

7 - باب القراءة والعرض على المحدث

حَدِّثُونِي مَا هِيَ» قَالَ: فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ البَوَادِي قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ، فَاسْتَحْيَيْتُ، ثُمَّ قَالُوا: حَدِّثْنَا مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «هِيَ النَّخْلَةُ». [طرفه في: 61] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: 114]. 7 - باب القِرَاءَةُ وَالعَرْضُ عَلَى المُحَدِّثِ وَرَأَى الحَسَنُ، وَالثَّوْرِيُّ، وَمَالِكٌ: «القِرَاءَةَ جَائِزَةً»، قال أبو عبد الله وسمعت أبا عاصم ـــــــــــــــــــــــــــــ المؤمن لا تسقط دعوته" وإنما أعاد الحديث المتقدم على دأبه في استنباط الأحكام بقدر ما يحتمل لفظ الحديث يورده في كل باب مع اختلاف المشايخ وفيه إشارةٌ إلى كثرة طرق الحديث، وهي فائدة جليلة. ولم ما أن هناك: "فحدثوني" وهنا "حدثوني" بدون الفاء، منشؤه تفاوت حفظ الرواة فإن القصة واحدة بلا خلاف. فلا فَرْقَ في ذلك المراد وإن تغايرت بعضُ الألفاظ. وما يقال: إن تغيَّر الرجال في الإسناد إنَّما هو لاختلاف المقامات، فرواية قُتيبة للبخاري إنَّما كانت في مقام بيانٍ مع التحديث، وروايةُ خالد في مقام طرح المسألة فشيء لا يعقل؛ وذلك أن كلًّا منهما حدث البُخاريّ بما سمع. وقد عرفت أن القصة واحدة، غايتُهُ: أن البُخاريّ يستنبط من الحديث أحكامًا مختلفة مستفادة من الحديث، ويورد الحديث في كل باب إثباتًا لما ترجم له. (فوقع النَّاس في شجر البوادي) وفي بعضٍ: البواد بغير ياء. وفي غير البُخاريّ: "الوادي" عوض البوادي. وفي الحديث دلالة على استحباب امنحان العالم تلاميذه ليعلم ما عند كل واحدٍ من الفهم، وليس من الامتحان المحرم، وهو أن يريد تخجيلَ أخيه المؤمن وإظهار جهله. باب: القراءةُ والعرض على المحدث قال ابن الصلاح: أكثرُ المحدثين يسمي القراءة على الشَّيخ عرضًا. قال العراقي في وجه التّسمية: لأنَّ القارئ يعرض على شيخه، فعلى هذا عطف العرض على القراءة تفسير لئلا يتوهم من القراءة السماع؛ لأنَّه يقال في العرض: قرأ على فلان على طريقة السماع منه. (ورأى الحسن والثوري ومالك القراءةَ جائزةً) الحسن هو البصري حيثُ أُطلق، أبو سعيد الإمامُ، ابنُ يَسَار، والده من بني بنان، كان عبدًا لزيد بن ثابت، وقيل: لابن قطبة.

يذكر عن سفيان الثوري ومالك كانا يريان القراءة والسماع جائزا. حدثنا عبيد الله بن موسى عن سفيان قال: إذا قريء على المحدث فلا بأس أن يقول حدثني وسمعت وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ فِي القِرَاءَةِ عَلَى العَالِمِ " بِحَدِيثِ ضِمَامِ بْنِ ثَعْلَبَةَ: قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: آللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ تُصَلِّيَ الصَّلَوَاتِ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: «فَهَذِهِ قِرَاءَةٌ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ ضِمَامٌ قَوْمَهُ بِذَلِكَ فَأَجَازُوهُ» وَاحْتَجَّ مَالِكٌ: " بِالصَّكِّ يُقْرَأُ عَلَى القَوْمِ، فَيَقُولُونَ أَشْهَدَنَا فُلاَنٌ وَيُقْرَأُ ذَلِكَ قِرَاءَةً عَلَيْهِمْ وَيُقْرَأُ عَلَى المُقْرِئِ، فَيَقُولُ القَارِئُ: أَقْرَأَنِي فُلاَنٌ " حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الحَسَنِ الوَاسِطِيُّ، عَنْ عَوْفٍ، عَنِ الحَسَنِ، قَالَ: «لاَ بَأْسَ بِالقِرَاءَةِ عَلَى العَالِمِ» وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الفَرَبْرِيُّ، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ البُخَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: إِذَا قُرِئَ عَلَى المُحَدِّثِ فَلاَ بَأْسَ أَنْ يَقُولَ: حَدَّثَنِي قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا عَاصِمٍ يَقُولُ عَنْ مَالِكٍ، وَسُفْيَانَ القِرَاءَةُ عَلَى العَالِمِ وَقِرَاءَتُهُ سَوَاءٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قال الذهبي: أعتقته الرّبيع بنت النضر، وأمه خيرة مولاةٌ لأم سلمة أمِّ المؤمنين. قيل: كانت أمه تذهب في الحاجة، فإذا بكى عَلَّلَتْهُ أم سملمة بثديها فيدرّ له اللبن فهو ابنُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رضاعًا. والثوري: هو الإمام سفيان، نسبه إلى جده الأعلى (واحتجّ بعضهم بالقراءة على العالم بحديث ضِمام بن ثعلبة) بكسر الضَّاد المعجمة وحديثه هو الذي يرويه في الباب. (واحتج مالكٌ بالصَّكِّ) -بالصاد المهملة وتشديد الكاف- قال ابنُ الأثير: هو الكتاب. قلتُ: لا يطلق في العرف إلَّا على كتب الأملاك والأوقاف وسائر المعاملات. (ويُقرأ على المقرئ، فيقول القارئ: أقرأني فلانٌ). فإن قلتَ: هذا كذبٌ فإنَّه لم يقرئه. قلتُ: ليس بكذب؛ فإن معناه: صَيّرني قارئًا بسماعه، إذ لو لم يكن له سماعٌ لا يجوزُ قراءته. (محمد بن سَلاَم) بلام مخففة على الأكثر (عُبَيد الله بن موسى) على وزن المصغر. (سمعتُ أبا عاصمٍ يقول عن مالك وسفيان: القراءة على العالم وقراءتُهُ عليه سواء) قد فصلنا القولَ فيه في باب قول المحدث بما لا مزيد عليه.

63 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ سَعِيدٍ هُوَ المَقْبُرِيُّ، عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي المَسْجِدِ، دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى جَمَلٍ، فَأَنَاخَهُ فِي المَسْجِدِ ثُمَّ عَقَلَهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: أَيُّكُمْ مُحَمَّدٌ؟ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَّكِئٌ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ، فَقُلْنَا: هَذَا الرَّجُلُ الأَبْيَضُ المُتَّكِئُ. فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: يَا ابْنَ عَبْدِ المُطَّلِبِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ أَجَبْتُكَ». فَقَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 63 - (عن سعيد المَقْبُريُّ) -بضم الباء وفتحها- لأنَّه كان يسكن بقرب المقابر (عن شَريك بن عبد الله بن أبي نَمِر) -بفتح النون وكسر الميم- النَّخعيّ الكوفيّ. قال شيخ الإسلام: شَريك بن عبد الله: صَدُوق إلَّا أنَّه يخطئ كثيرًا تغيّر حفظه منذ وَليَ القضاء بكوفة. وكان عادلًا فاضلًا شديدًا على أهل البدع (بينما نحن جلوس) قد تقدم أنّ (بَين) ظرف زمان، وألفُهُ ألفُ إشباع، وقد يزاد عليه (ما) ومعناه: المفاجأة (دَخَل رجل على جَمَلٍ فأناخه في المسجد ثم عَقَله) أي: ربطه بالعِقال -بكسر العين- من العقل وهو المنع، ومنه: عقلُ الإنسان؛ لأنَّه يمنعُهُ عن الرذائل (والنبي - صَلَّى الله عليه وسلم - متكئ بين ظهرانيهم) أصله: ظهريهم زِيدت الألفُ والنون توكيدًا، والمعنى: ظهر منهم خلفه وظهر قُدَّامه. قال ابنُ الأثير: أي: مكفوف من جانبيه، ثم أكثر حتَّى استعمل في الإقامة بين القوم مطلقًا. (فقلنا: هذا الرجل الأبيض)، يحتمل أن يكون ذلك لبياض ملبوسه، وأن يكون لبياض لونه. كما قال أبو طالب في وصف لونه: وأبيض يُستسقى الغمام بوجهه ... ثمال اليتامى عصبة للأرامل (1) (فقال له الرجل: آبن عبد المطلب) بالنصب على النداء وفتح الهمزة على أنَّه حرف النداء، أو بهمزة الوصل على أن حرف النداء محذوف. وفي رواية أبي داود: "يا ابنَ عبد المطلب". بإثبات حرف النداء (قد أجبتُك) قائمٌ مقامَ لبيك، وإنَّما اختاره على لبيك على

الرَّجُلُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي سَائِلُكَ فَمُشَدِّدٌ عَلَيْكَ فِي المَسْأَلَةِ، فَلاَ تَجِدْ عَلَيَّ فِي نَفْسِكَ؟ فَقَالَ: «سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ» فَقَالَ: أَسْأَلُكَ بِرَبِّكَ وَرَبِّ مَنْ قَبْلَكَ، آللَّهُ أَرْسَلَكَ إِلَى النَّاسِ كُلِّهِمْ؟ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ نَعَمْ». قَالَ: أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، آللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ نُصَلِّيَ الصَّلَوَاتِ الخَمْسَ فِي اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ؟ قَالَ: «اللَّهُمَّ نَعَمْ». قَالَ: أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، آللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ نَصُومَ هَذَا الشَّهْرَ مِنَ السَّنَةِ؟ قَالَ: «اللَّهُمَّ نَعَمْ». قَالَ: أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، آللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ تَأْخُذَ هَذِهِ الصَّدَقَةَ مِنْ أَغْنِيَائِنَا فَتَقْسِمَهَا عَلَى فُقَرَائِنَا؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ نَعَمْ». فَقَالَ الرَّجُلُ: آمَنْتُ بِمَا جِئْتَ بِهِ، وَأَنَا رَسُولُ مَنْ وَرَائِي مِنْ قَوْمِي، وَأَنَا ضِمَامُ بْنُ ثَعْلَبَةَ أَخُو بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ دأب البلغاء يراعون حالَ المخاطب. ولما دَخَل المسجد بالجمل وسأل عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع أنه غيرُ ملتبس بأحدٍ، لما عليه من أنوار الرسالة وجلالة القدر، ثم لم يقل: رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأمثاله. بل قال: أيُّكم محمد؟ وكان متكئًا. ولا يمكن أن يكون غيرُهُ متكئًا بحضوره. ونظيرُهُ ما يُحكى عن علي العراقي مع شريح القاضي، لما وَرَد عليه، وقال: أين أنت؟ قال: بينَك وبين الحائط (أنا سائلك فمشدد عليك فلا تَجدْ عليَّ) أي: لا تغضب. يقال: وَجَد عليه وَجْدًا وموجدة أي: غضب (الله أرسك إلى الناس كلهم) يقال بالمدّ وتسهيل الهمزة بين بين قرئ بهما في السبع (قال: اللهم نعم) قوله: نعم، تقريرٌ لما سأله، و"اللهم": في قوة القَسَم، لأن تشديدَهُ في السؤال في قوة الإنكار (قال: أنشدُكُ) وفي بعضها: فقال، يقال: نشدتُ الله. ونشدته بالله. من النشيد وهو رفع الصوت، أو من النشدة وهو الطلب (أن نصليَ الصلوات) أي: بأن. حُذفت الباء كما اطّرد حذف الجار من أنْ وأنَّ (أنْ نصومَ هذا الشهرَ من السنة) يريدُ شهرَ رمضان. وإنما أطلقه لتعينه كقولهم: ركب الأمير (أن تأخذ هذه الصدقة) أي: الزكاة (من أغنيائنا فتقسمها على فقرائنا) استدل به الشافعي على عدم جواز نقل الزكاة، لأنه لما خصّ بفقرائهم قرره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (فقال الرجل: آمنتُ بما جئتَ به) بحتمل أن يكون هذا ابتداءَ إسلامه، وأن يكون معناه الاستمرار؛ لأن من يعلم هذه الشرائع يبعُدُ أن لا يكون مؤمنًا (وأنا ضِمام بن ثَعْلبة) أشار إلى أنه من الأشراف المعروفين (أخو بني سعد بن بكر) هذا على طريقة العرب يقولون لمن نشأَ بين أقوام: أخو بني فلان. كقوله تعالى: {أَخُوهُمْ نُوحٌ} [الشعراء: 106] {ثَمُودَ أَخَاهُمْ} [الأعراف: 73]. ونظائرهم. وقيّد سعدًا ببني بكر؛ لأن في

وَرَوَاهُ مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الحَمِيدِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ المُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ العرب سعودًا كثيرة، وفي المثل: بكل وادٍ سعدٌ. إشارةً إلى الكثرة. وهؤلاء أخوال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رضاعًا منهم حليمة السعدية أمُّه رضاعًا. وهم أفصَحُ العرب. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أنا أفصَحُ العرب بيدَ أني من قريش، ورضعتُ في بني سعد". وكأنّ ضمامًا ذكرهم تذكيرًا لرسول [لله -صلى الله عليه وسلم-] بسابق حقهم عليه. فإن قلتَ: لم يذكر الحج. قلتُ: قد مَرَّ أن وفود العرب كان سنة تسع بعد حج أبي بكر، ولم يكن الحج فرض كذا قيل. وليس بصواب لوقوع الحج في رواية مسّلم، وقيل: أو لأنه لم يكن ضمامٌ من أهل الاستطاعة. وليس بشيءٍ؛ لأنه رسولُ مَنْ وراءه من قومه. قال ابن الصلاح: وفيه دليل على صحة إيمان المقلد. قلتُ: لا دلالة فيه؛ لأن المقلد الذي فيه الخلاف هل يقبل إيمانه؟ ليس في مقابلة من يقدر على الاستدلال. وليس المراد بالاستدلال ترتيب المقدمات على طريقة أهل المنطق، بل المراد به انتقال الذهن من الأثر إلى المؤثّر. قال التفتازاني: فعلى هذا لا يتصور أن يكون أحدٌ من أهل الأمصار والقرى، ومن نَشَأَ بين المسلمين في الجملة مقلدًا، وإنما يتصوّر أن يكون نشأ في شاهقٍ من الجبل، ولم يتفكر في ملكوت السماوات والأرض، ثم أخبره وصدّقه بمجرد الإخبار من غير تفكر. فإن قلتَ: كيف آمن من غير وقوف على معجزة منه؟ قلتُ: معجزاته كانت قد تواترت عندهم، فلذلك لم يسأله إلا عن شرائع الإسلام. واعلم أن الإيمان به لا يتوقف على إظهار المعجزة، وكم مؤمنٍ به من غير طلب معجزة كالصديق وأبي ذرٍ، وذلك أن المعجزة تصديق من الله لمن ينكر رسالته. وإنما لم يروه عنه موصولًا، لأنه يرويه عن سليمان بن المغيرة وليس على شرطه، وليس في الحديث دلالةٌ على طهارة أبوال الإبل، لأنه ليس فيه أنه بَالَ الجملُ، فسقَطَ استدلالُ ابن بطال على ذلك. (رواه موسى) هو ابن إسماعيل شيخ البخاري (وعلي بن عبد الحميد) الأزدي المعني (عن سليمان) ابن المغيرة (عن ثابت) -بالثاء المثلثة-البناني -بضم الباء- نسبةً إلى بُنانة،

8 - باب ما يذكر في المناولة، وكتاب أهل العلم بالعلم إلى البلدان

8 - بَابُ مَا يُذْكَرُ فِي المُنَاوَلَةِ، وَكِتَابِ أَهْلِ العِلْمِ بِالعِلْمِ إِلَى البُلْدَانِ وَقَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: نَسَخَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ المَصَاحِفَ فَبَعَثَ بِهَا إِلَى الآفَاقِ، وَرَأَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ذَلِكَ جَائِزًا وَاحْتَجَّ بَعْضُ أَهْلِ الحِجَازِ فِي المُنَاوَلَةِ بِحَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ كَتَبَ لِأَمِيرِ ـــــــــــــــــــــــــــــ بطنٌ من قريش. قال أبو الفضل المقدسي: بنانة هو أسعد بن لؤي بن غالب. باب: ما يُذكر في المناولة المناولةُ لغةً: إعطاءُ شيءٍ من يدٍ إلى يدٍ من النَّول وهو العطاء. واصطلاحًا عند أهل هذا الفن: قسم من أقسام الأخذ والتحمُّل. وهي على قسمين؛ مقرونة بالإجازة وعاريةٌ عنها. فالأُولى أعلى أنواع الإجازة ولها صورٌ أعلاها أن يناوله شيئًا من سماعاته أصلًا أو فرعًا مقابلًا به، ويقول له: خذ هذا فإنه سماعي أو روايتي فاروه عني، وأما المناولةُ المجردة وهي أن يناوله شيئًا من سماعه ويقول: هذا سماعي أو روايتي ولم يقل له: اروه عني ونحوهما مما يدلّ على الإذن والإجازة. فذهَبَ الخطيب وطائفةٌ إلى جواز الرواية بها. وقال ابنُ الصلاح: لا يعتد بها. وكذا قاله النووي في "التقريب" وإن ذَهَب إلى الجواز بعضُ أرباب الأصول. ثم اختلفوا في عبارة الراوي بطريق المناولة: هل يجوزُ له أن يقول: حدثنا فلان، وأخبرنا من غير ذكر المناولة أو لا بدله من ذلك؟ فذهب مالكٌ وآخرون إلى جوازه. قال العراقي: والمختار الذي عليه عمل الجمهور واختاره أهلُ الورع: المنعُ من ذلك. وصورة ذكرها: أن يقول الراوي: أخبرنا فلانٌ مناولةً. وهل الروايةُ بها تحل محل السماع؟ فيه خلافٌ. قال ابن الصلاح: فالصحيحُ أنها دون السماع درجةً، وإن ذهب مالكٌ مع طائفةٍ إلى أنها في رتبة السماع. (وكتابِ أهل العلم بالعلم إلى البلدان) هذا شِقٌّ آخر للترجمة وهو أيضًا نوعٌ من أنواع التحمل. قال العراقي: الكتابة شبيهةٌ بالمناولة وهي أيضًا قسمان: مقرونة بالإجازة، ومجردة عنها. وكلاهما مقبولان في حكم الحديث الموصول عندهم. واستدل البخاري على هذا بقول أنسٍ: (كتب عثمانُ المصاحفَ فبَعَثَ بها إلى الآفاق) بَعَثَ واحدًا إلى مكة، وآخر إلى كوفة، وآخر إلى بصرة، وآخر إلى الشام، وآخر إلى يمن، وآخر إلى البحرين (ورأى عُبيد الله بن عمير) بضم العين على وزن المصغر (ويحيى بن سعيد، ومالكٌ ذلك جائزًا) قد ذكرنا أنه قول الجمهور. (واحتجّ بعضُ أهل الحجاز في المناولة بحديث النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث كَتَبَ لأميرِ) قال

السَّرِيَّةِ كِتَابًا وَقَالَ: «لاَ تَقْرَأْهُ حَتَّى تَبْلُغَ مَكَانَ كَذَا وَكَذَا». فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ المَكَانَ قَرَأَهُ عَلَى النَّاسِ، وَأَخْبَرَهُمْ بِأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 64 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " بَعَثَ بِكِتَابِهِ رَجُلًا وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ البَحْرَيْنِ فَدَفَعَهُ عَظِيمُ البَحْرَيْنِ إِلَى كِسْرَى، فَلَمَّا قَرَأَهُ مَزَّقَهُ فَحَسِبْتُ أَنَّ ابْنَ المُسَيِّبِ قَالَ: فَدَعَا عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَنْ يُمَزَّقُوا كُلَّ مُمَزَّقٍ». [الحديث 64 - أطرافه في: 2939 - 4424 - 7264]. ـــــــــــــــــــــــــــــ الشافعي: إنما سميت البلاد المذكورة حجازًا، لأنها حجزتْ بين النجد والغور قال: وهي مكة والمدينة واليمامة وأريافها كالطائف لمكة، وخيبر للمدينة، وفي رواية عروة: "إذا سِرْتَ يومين فافتح الكتابَ" (السرية كتابًا وقال: لا تقرأْهُ حتى تبلغ مكان كذا وكذا) الأمير هو: عبد الله بن حُذَافة السَّهمي. والسرية: قد ذكرنا أنها من السّرو وهو الشرف؛ لأنها خيار الجيش، وأن أقصاها أربعمئة. قال البهي: هذا الاحتجاج ضعيفٌ؛ لأن التبديل كان غير متوهم في ذلك العهد لعدالة الصحابة. قلتُ: والكلام في نقل العدول في أي عهد كان. 64 - (إبراهيم بن سعد) هو سبط عبد الرحمن بن عوف (عُبَيد الله بن عبد الله) الأول: مصغر (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-بعث بكتابه رجلًا وأمره أن يدفعه إلى عظيم البحرين) الرجل المذكور هو: عبد الله بن حذافة كما سيأتي. وإنما قال: عظيم البحرين، ولم يقل: ملك؛ لأن الملوك كلُّها عُزلت بعد البعثة ولا ملكَ إلا لمن ولاّه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-كما ذكرنا في قصة هرقل. وهذا أيضًا من قبيل الكتابة لا من قبيل المناولة. وقد ذكرنا أن حكم الكتابة حكمُ المناولة ما كان دليلًا لإحداهما دليل الأخرى (فدفعه عظيمُ البحرين إلى كسرى) -بفتح الكاف وكسرها- معرب خسرو من ألقاب ملوك الفرس كقيصر لمن ملك الروم، والنجاشي لملك الحبشة، واسمه بُرويز بن هرمز بن أنوشروان (فلما قرأه مَزَّقه) اْي: خَرَقَهُ. يقال: مَزَقَهُ مخففًا والتشديد للمبالغة (فحسِبْث أن ابنَ المسيَّب قال: فدَعَا عليهم رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- أن يمَزَّقُوا كل مُمَزقٍ) قائلُ هذا الكلام: الزهريُ، ذكره البخاري تعليقًا، والضمير في عليهم لكسرى

65 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الحَسَنِ المَرْوَزِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَتَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِتَابًا - أَوْ أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ - فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهُمْ لاَ يَقْرَءُونَ كِتَابًا إِلَّا مَخْتُومًا، فَاتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ، نَقْشُهُ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِهِ فِي يَدِهِ، فَقُلْتُ لِقَتَادَةَ مَنْ قَالَ: نَقْشُهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ أَنَسٌ. [الحديث 65 - أطرافه في: 2938 - 5870 - 5872 - 5874 - 5857 - 5877 - 7162]. ـــــــــــــــــــــــــــــ وأتباعه، وكذا جرى؛ فإنه قتله ابنه شيرويه خرق بطنه لينكح امرأته شيرين، ثم مات بعده نسله وانقرضتْ دولتهم وانقطع الملك عنهم ولا يملك بعدهم فارسي إلى آخر الدهر. صلى الله على صاحب المعجزات سيد المرسلين. قال ابن بَطّال: وفيه دلالة على أن كتاب الحاكم إلى حاكم آخر يجوزُ أن يكون بإخبار الواحد، ولا يُشترط أن يكون معه شاهدان كما يفعله القضاة الآن. قلتُ: ليس في الحديث على ذلك دليلٌ؛ إذ لا خصم هنا، بل هذا من قبيل الأخبار التي يقبل فيها خبر الواحد. كيف وهذا من قبيل آداب الملوك من إرسال الرسل بالكتب مع عدم علمهم بما في الكتاب؟! 65 - (محمد بن مقاتل) أبو الحسن بضم الميم وكسر التاء (كتب النبي -صلى الله عليه وسلم-كتابًا، أو أراد أن يكتب) الشكُّ من أنس (فقيل له: إنهم لا يقرؤون كتابًا إلا إذا كان مختومًا، فاتخذَ خاتمًا نقشُهُ: محمد رسول الله) يجوزُ في الخاتم كسر التاء وفتحها. سيأتي أن نقشَهُ كان ثلاثةَ أسطر: محمد سطر، ورسول سطر، والله سطر (كأني أنظرُ إلى بياضه في يده) فيه دلالة على زيادة علمه بالقضية. والمراد من الختم: علامة المرسل كما يرى الآن في كتب ملوك الفرس، لا الختم المانع من الاطلاع على ما في الكتاب؛ إذ لو كان المراد ذلك لم يحتجْ إلى الخاتم، بل كان يكفي العنوان كما يفعله الآن ملوكُ مصر.

9 - باب من قعد حيث ينتهي به المجلس، ومن رأى فرجة في الحلقة فجلس فيها

9 - بَابُ مَنْ قَعَدَ حَيْثُ يَنْتَهِي بِهِ المَجْلِسُ، وَمَنْ رَأَى فُرْجَةً فِي الحَلْقَةِ فَجَلَسَ فِيهَا 66 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، أَنَّ أَبَا مُرَّةَ، مَوْلَى عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ فِي المَسْجِدِ وَالنَّاسُ مَعَهُ إِذْ أَقْبَلَ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ، فَأَقْبَلَ اثْنَانِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَهَبَ وَاحِدٌ، قَالَ: فَوَقَفَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَّا أَحَدُهُمَا: فَرَأَى فُرْجَةً فِي الحَلْقَةِ فَجَلَسَ فِيهَا، وَأَمَّا الآخَرُ: فَجَلَسَ خَلْفَهُمْ، وَأَمَّا الثَّالِثُ: فَأَدْبَرَ ذَاهِبًا، فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَلاَ أُخْبِرُكُمْ عَنِ النَّفَرِ الثَّلاَثَةِ؟ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: مَنْ قَعَدَ حيثُ ينتهي به المجلسُ، ومن رأى فُرْجَةً في الحَلْقة فجَلَسَ بها الفرجةُ -بضم الفاء وفتحها- لغتان كالفُرفة، والفرجة: المكان الخالي. والحَلْقة -بفتح الحاء وسكون اللام- جمع على حِلَق -بكسر الحاء وفتح اللام- وهم الجماعة المستديرون. وقال الجوهري: جمعه حلق -بفتح الحاء- على غير قياس. وحُكي عن أبي عمرو: فتحُ الحاء في مفرده. وقال الشيباني: ليس في كلام العرب حلق بفتح الحاء إلا جمع حالق. 66 - (أنّ أبا مُرّة) بضم الميم وتشديد الراء (مولى عَقِيل بن أبي طالب) بفتح العين وكسر القاف كذا أطلقه النووي. وقال شيخ الإسلام: ويقال: مولى أخته أمّ هانئ، وإنما أضيف إلى عَقيل للزومه إياه (عن أبي واقدٍ) -بالقاف هو الليثي صحابيٌّ مكرَّم. واسمُهُ الحارث بن مالك. وقيل: اسمُهُ عوف (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بينما هو جالسٌ) أي: في زمان قد ذكرنا أنه ظرف زمان فيه معنى المفاجأة، وألفه للإشباع وما زائدة (أقببل ثلاثةُ نفَرٍ) -بفتح النون والفاء-: اسم جمعٍ يقعُ على الرجال خاصةً ما بين الثلاثة إلى العشرة. الإضافة فيه بيانية كما في ثلاثة رجال، وإنما وقع تمييزًا لثلاثة، لأنه في معنى الجمع كقوله تعالى: {وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ} [النمل: 48] (قال: أَلاَ أخبركم بالنفر الثلاثة) همزة الاستفهام دخلت على النفي أفادت الإثبات. ومعني هذا الكلام العرض كما في قولك: ألا تنزل بنا فتصب خيرًا، ومحصّله: تحقيق الإخبار منه، وحمله على تنبيه المخاطبين أو على الاستفهام

أَمَّا أَحَدُهُمْ فَأَوَى إِلَى اللَّهِ فَآوَاهُ اللَّهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَاسْتَحْيَا فَاسْتَحْيَا اللَّهُ مِنْهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَأَعْرَضَ فَأَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ». [الحديث 66 - طرفه في: 474] ـــــــــــــــــــــــــــــ ليوطئ الكلام كأنه قال: ألا أخبركم؟ قالوا: أخبرنا [....] (أما أحدهم فآوى إلى الله) مقصور أي: رجع والتجأ إلى الله، لازم. وقد جاء متعديًا كقوله في الحديث: "لا قَطْعَ في ثَمَرٍ حتى تؤويه الجرين" وفي الحديث أيضًا: "لا يأوي الضالة إلاّ ضال". قال الأزهري: لغةٌ فصيحة. قلتُ: كفاها فصاحةً تكلّمَ سيدُ الفصحاء بها (فآواه الله) قال القاضي: الأشهر فيه المدّ، وفي الأول القصرُ، وإن كان في كل منهما الوجهان، لكن ابن الأثير لم يقل: الوجهان إلا في الأول، وهو ظاهرُ كلام الجوهري؛ لأنه قال: آوى فلانٌ إلى منزله، وآويته بالمد، وأويته بالقصر (وأما الآخر فاستحيا فاستحيا اللهُ منه) قد تقدم في كتاب الإيمان أن الحياء غريزة في الإنسان تمنعه من ارتكاب ما يلام به وهو من الأعراض النفسانية التي يستحيل اتصافُ الباري تعالى به، فالمراد لازمه وهو ترك العقاب والإكرام والعلاقة اللزوم الذي أشرنا إليه، وإنما ذكره بلفظه مشاكلة. ومنهم من قال: فإن قلتَ: ما العلاقة بين المعنى الحقيقي والمجازى؟ قلتُ: اللزوم. ثم قال: فإن قلت: هذا من أيّ أنواع المجاز؟ قلتُ: من باب المشاكلة فالقول ما أشرنا إليه من أنّ العلاقة هو اللزوم، والتعبيرُ بلفظ الاستحياء للمشاكلة لوقوعه في مجاورة استحياء الرجل. ألا ترى أن قوله تعالى: {لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا} [البقرة: 26] ليس فيه مشاكلة مع بقاء المعنى المجازي المستند إلى اللزوم، ونظيره قوله تعالى: {يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} [البقرة: 15] بعد قوله تعالى حكايةً عن قول المنافقين: {إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ} [البقرة: 14]. (وأما الآخر) بفتح الهمزة والخاء أفعل التفضيل في الأصل، ولكن اتسع فيه فأطلق على كل واحد من الشيئين أو الأشياء، ولذلك أطلقه على الثاني أيضًا (فأعرَضَ فأعرَضَ اللهُ عنه) معنى أعرض الله: عدم اللطف به، وكونه في معرض سخطه، لأنه ترك ذلك المجلس الذي حقه أن يسعى إليه مشيًا على القدم.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ومن فوائد الحديث أن الإنسان إذا حَضَر مجلسَ علمٍ أو غيره إن وَجَد فُرْجَةً جلس فيها، وإلا لا يتخطّى الناس، بل يجلسُ خَلْفهم، وإذا وجد مجلس ذكر أو علم لا يولي ذاهبًا إلا لضرورة أكيدة. فإن قلت: ربما كانت لمن ولى ضرورة؟ قلت: لو لم يعلم أنه إنما ذَهَبَ معرضًا لم يقل له ما قاله، لأنه لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحيٌ يوحى. باب: قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "رُبّ مُبَلَّغ أوعى مِن سَامِعٍ" رُبَّ أصله التقليل ثم كثُر استعمالُهُ في التكثير، كما في الحديث هنا، وما دَخَله يكون موصوفًا غالبًا، وهو حرف جر عند البصريين، ويتعلقُ بجوابه الماضي، وقد يحذف كما في الحديث هنا. أي: رُبَّ مبلَغ حاصل أو موجود. واسم عند الكوفيين مضاف يكون أبدًا مبتدأ، ما بعده خبره. و"مُبَلَّغ" -بفتح اللام- يقال: بلغ كذا متعديًا إلى مفعول واحد. قال الله تعالى: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ} [يوسف: 22] وإذا نقل إلى المزيد تعدى إلى مفعولين. قال النابغة يخاطب النعمان بن المنذر: لئن كنت قد بُلِّغتَ عني خيانة وليس من قبيل الحذف والإيصال كما توهم. قال بعضُهم: تقديره: رُبَّ مبلَّغ أوعى من سامع مني. لا بد من هذا القيد، لأنه المقصود. وليس بشيء لأن مراده من هذا الكلام: الحث على التبليغ إلى آخر الدهر، ولهذا نكّر كلَّ واحدٍ من الاسمين، يدلّ على ما ذكرنا رواية الإمام أحمد وابن ماجه والطبراني: "رُب حاملِ فقهٍ إلى من هو أفقه" فإن قلتَ: فقد جاء في رواية أبي داود والترمذي: "نَضَّر اللهُ أمرأَ سمع منّي شيئًا فبلّغه كما سمعه"؟ قلت: لا دلالة في هذا فإنه أردفَهُ بقوله: (رب

10 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «رب مبلغ أوعى من سامع»

10 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ» 67 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، ذَكَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَعَدَ عَلَى بَعِيرِهِ، وَأَمْسَكَ إِنْسَانٌ بِخِطَامِهِ - أَوْ بِزِمَامِهِ - قَالَ: «أَيُّ يَوْمٍ هَذَا»، فَسَكَتْنَا حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ سِوَى اسْمِهِ، قَالَ: «أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ» قُلْنَا: بَلَى، قَالَ: «فَأَيُّ شَهْرٍ هَذَا» فَسَكَتْنَا حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، فَقَالَ: «أَلَيْسَ بِذِي الحِجَّةِ» قُلْنَا: بَلَى، قَالَ: «فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ، وَأَمْوَالَكُمْ، وَأَعْرَاضَكُمْ، بَيْنَكُمْ حَرَامٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــ مبلغ) ليدل على العموم في كل وقت، ولو كان مقصورًا على السماع منه لم يذكر هذا بعده، لأن قيده بالسماع منه أولًا مانع منه. 67 - (مسدّد) بفتح الدال على وزن المفعول (بِشْر) بكسر الموحدة وشين معجمة (ابن عون) -بفتح العين- عبد الله الفقيه المعروف (عن عبد الرحمن بن أبي بكرة) هو: نُفَيع بن الحارث، أمه سمية أم الحارث بن كلدة، أخو زياد بن أبيه عتيق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، نَزَل من حِصْنِ الطالْف على بَكْرَةٍ، فكَنَّاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أبو بكرة (ذكر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قَعَد على بعيره، وأخذ إنسان بخِطَامه أو بزمامه) الشكُ من أبي بكرة. وكذا قيل. قال شيخُ الإسلام: والصوابُ خلافُهُ لما رَوَى الإسماعيلي أنّ أبا بكرة هو الآخذُ بالخِطَام، فلا يمكن الشكُ فيه. والخِطام -بكسر الخاء- حبلٌ من ليف أو من غيره، في أحد طَرَفَيْه حَلْقة يشدُّ فيها الطرفُ الآخر، ثم يثنى على خطمه، والخطم الأنف. قال كعب بن زُهَير: من خطمها ومن اللحيين برطيل والزمام خيط رقيق يجعل في أنف البعير. وإنما أمسك إنسانٌ بخطامه لئلا يتحرك البعيرُ، فيُشوشَ عليه في الكلام (أيُّ يومٍ هذا) ثم (أيُّ شهرٍ هذا) مراده من هذا: استحضارُ أفهام الحاضرين لئلا يفوتهم شيءٌ من مقالته، ولهذا رغَّب في آخر الحديث كلَّ أحدٍ وحَثَّهُ: (فإن دماءَكم أموالكم وأعراضَكم) جمع عِرض -بالكسر- وهو موضع المدح والذم من

11 - باب: العلم قبل القول والعمل

كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ، فَإِنَّ الشَّاهِدَ عَسَى أَنْ يُبَلِّغَ مَنْ هُوَ أَوْعَى لَهُ مِنْهُ». [الحديث 67 - أطرافه في: 105 - 1741 - 3197 - 4407 - 4662 - 5550 - 7078 - 7447]. 11 - بَابٌ: العِلْمُ قَبْلَ القَوْلِ وَالعَمَلِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد: 19] فَبَدَأَ بِالعِلْمِ «وَأَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ الإنسان. والمراد من الحديث: القَدْحُ في محل المدح. قال عنترة: وعرضي وافر لم يُكْلَم ولا بُدّ من تقدير مضاف، أي: سفك دمائكم وأخذَ أموالكم، والقدحَ في أعراضكم. (كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا) اليوم يوم النحر كما سيأتي صريحًا، والشهرُ: ذو الحجة، والبلد: مكة. فإن قلتَ: المشبّه أقوى وأغلظ من المشبه به في وجه الشبه الذي هو الحرمة. قلتُ: كذلك ولا ضيرَ؛ لأن المرادَ إلحاق الخفي بالأشهر لا الناقصِ بالكامل، وكان حرمةُ هذه الأشياء أمرًا جليًّا عندهم، بخلاف سفك الدم وأخذِ المال والقدح في الأعراض. (ليبلّغ الشاهدُ الغائبَ) أي: هذه المقالةَ، حُذفت للعلم بها. أو كل ما سمع حذف للعموم. والأمر للوجوب، دلّ عليه الآياتُ والأحاديث الواردةُ في كتمان العلم، وإنما خَطَبَ على البعير ليكون بارزًا، يَفْهَمُ مقالتهُ كلُّ حاضر. باب: العلمُ قبل القول والعمل {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد: 19]) استدل به على أن العلم قبل العمل، لأن الله تعالى خاطَبَ أعلمَ الخَلْق به، ثم قال: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} والاستغفار يكون فعل القلب واللسان. فإن قلت: رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان عالمًا بهذا الحكمِ قبل هذا الخطاب؟ قلتُ: له نظائر يُخاطَبُ هو ويراد أمتُه، أو أُريدَ به الدوام والثبات عليه، كما في قوله: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ}

العُلَمَاءَ هُمْ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ، وَرَّثُوا العِلْمَ، مَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ، وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ بِهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الجَنَّةِ» وَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ} [فاطر: 28] وَقَالَ: {وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا العَالِمُونَ} [العنكبوت: 43] {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [الملك: 10] وَقَالَ: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ} [الزمر: 9] ـــــــــــــــــــــــــــــ [الأحزاب:1] أو الترقي بالتأمل في دلائل التوحيد. وفي كل شيء له آية ... تدل على أنه واحدُ (1) (وإن العلماء هم ورثة الأنبياء) وإن: بالكسر. هذا حديثٌ رواه أبو داود والترمذي والإمام أحمد (2) أدخله في الترجمة دلالة على فضل العلم (ورّثوا العلم) بالتشديد أي: ليس المراد وراثة المال كما هو المتعارف (من أخَذَه أَخَذَ بحظٍ وافرٍ) لأنه سببٌ لسعادة الدارين، وأيّ حظ وافر منه. وإن كنتَ في ريب فتأمل في قوله تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ} [آل عمران: 18] (ومن سَلَكَ طريقًا يطلب به علمًا سَهَّل اللهُ له طريقًا إلى الجنة) أي: نوعًا من العلوم الشرعية، أو ما يتوقف معرفتها عليه كعلم العربية ({إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28]) استُدلّ بحصر الخشية في العلماء على فضل العلم، لأن نتيجته الخشية من الله تعالى، وقد قال تعالى: {وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 175] والمراد بها: الخشية الكاملة {وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} [العنكبوت: 43]) الضمير: للأمثال المتقدمة، ودلالته على فضل العلم ظاهرة. {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10)} [الملك: 10]، أي: لو كنا نعلم ونعقل الآيات والنذر؛ إذ لا شك أنهم كانوا أعقل الناس بأمور الدنيا، وناهيك بفعل شيء يمنع عن الدخول في زُمرة الأشقياء أصحاب السعير. وقال: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الزمر: 9] الاستفهام للإنكار أي: لا مساواة بين الطائفتين بوزن، وهذا الحكم دمان كان معلومًا لكل واحد، ولكن سيق الكلام حَثًّا للجاهل على التعلّم، فليس المراد بالإخبار فائدة ولا لازمها.

وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» وَإِنَّمَا العِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ " وَقَالَ أَبُو ذَرٍّ: «لَوْ وَضَعْتُمُ الصَّمْصَامَةَ عَلَى هَذِهِ - وَأَشَارَ إِلَى قَفَاهُ - ثُمَّ ظَنَنْتُ أَنِّي أُنْفِذُ كَلِمَةً سَمِعْتُهَا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ تُجِيزُوا عَلَيَّ لَأَنْفَذْتُهَا» وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {كُونُوا رَبَّانِيِّينَ} [آل عمران: 79] " حُلَمَاءَ فُقَهَاءَ علماء، ـــــــــــــــــــــــــــــ (وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: من يُرد اللهُ به خيرًا يفقهه في الدين) هذا حديث ذكره فيما بعدُ من طريق سعيد بن عُفَير أورده هنا تعليقًا استظهارًا لما هو بصدد إثباته من فضل العلم، "وإنما العلم بالتعلّم" هذا حديث رواه أبو نعيم في كتاب "رياضة المتعلم" وتمامه: "والحلم بالتحلم" رواه الطبراني بأطول منه في "الكبير" عن معاولة: "إنما العلم بالتعلم والفقه بالتفقه ومن يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين" و {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28] (وقال أبو ذر: لو وضعتُم الصَّمْصَامَةَ على هذه -وأشار إلى قفاه-) الصِّمصامة -بكسر المهملة- السيف القاطع، والجمع صماصم. والصِّمصام عند العرب: سيف عمرو بن معد يكرب. (أُنْفِذُ كلمةً سمعتُها من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبلَ أن تجيزوا عليَّ لأُنْفذْتُها) بضم الهمزة وإسكان النون. فإن قلت: على ماذا يدل هذا الكلام؟ قلتُ: يدل على فضل العلم، فإن أبا ذر لا يفعل هذا إلا لفضيلة بتعليم العلم. ويلزم منه فضل العلم من باب الأولى، رُوي في "الحلية" أن عثمان كان نهى أبا ذر عن الإفتاء، فأفتى الناس. فاعترض عليه رجل، فقال أبو ذر هذا الكلام. (وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-) عطف على قوله: لقول الله، في صدر الباب (ليبلّغ الشاهد الغائب) هذا حديثٌ تقدم في الباب قبله مسندًا (وقال ابن عباس: {كُونُوا رَبَّانِيِّينَ} [آل عمران: 79] حكماء فقهاء). الرباني نسبةً إلى الرب، والتعبير فيه للنسبة، والحكمة علم الشرائع، وقيل: صحةُ الفعل والقول، وذكر الفقه بعده من ذكر الخاص بعد العام. وفي بعض الروايات:

12 - باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولهم بالموعظة والعلم كي لا ينفروا

وَيُقَالُ: الرَّبَّانِيُّ الَّذِي يُرَبِّي النَّاسَ بِصِغَارِ العِلْمِ قَبْلَ كِبَارِهِ". 12 - بَابُ مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَخَوَّلُهُمْ بِالْمَوْعِظَةِ وَالعِلْمِ كَيْ لاَ يَنْفِرُوا 68 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي ـــــــــــــــــــــــــــــ حُلماء باللام، وكأنه قدّمه لأن زينة العلم إنما تكون به (ويقال: الرَّباني الذي يُربي الناس بصغار العلم قبل كباره) فعلى هذا: النسبة فيه إلى الربّ. مصدر رَبَّ بمعنى التربية، وعلى الوجهين دلالته على فضل العلم ظاهرة. فإن قلت: لم يورد في الباب حديثًا مسندًا؟ قلتُ: الآياتُ والأحاديث الدالة على فضل العلم في غاية الكثرة، فأورد بعض آياتٍ واكتفى بالأحاديث المعلقة اختصارًا. وقال بعضُ الشارحين: فإن قلت: هذا كله هو الترجمة فأين ما هذه ترجمة؟ قلتُ: إما أنه أراد أن يلحق الأحاديث المناسبة فلم يتفق له، وإما أنه للإشعار بأنه لم يثبتْ عنده شيء بشرطه. هذا كلامه وخبطه ظاهر. أما الأول: فليس المذكور كلّه ترجمة الباب، كيف وقد استدلَّ على الترجمة بقوله: لقوله تعالى؟ بل إنما ترجم لقوله: العلم قبل القول والعمل، وقوله: "وإن العلماء ورثة الأنبياء" لا غير. وأما ثانيًا فلأنه أورد في الباب تعليقًا قوله -صلى الله عليه وسلم-: "ليبلغ الشاهد الغائب" وقد رواه في الباب الذي قبله مسندًا، وكذا قوله: "من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين" سيرويه عن قريب مسندًا عن سعيد بن عُفَير (2)، فكيف يصحّ أن يقال: لم يتفق له الأحاديث المناسبة، أو لم يجد على شرطه شيئًا؟. باب: ما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يتخولهم بالموعظة والعلم كي لا يَنْفِرُوا 68 - التخول -بالخاء المعجمة- من الخول وهو الحفظ. قال الجوهري: فُلان خوّل على أهله، وهو خال مال، وخائل مال، وخولي. وقال ابن الأثير في "النهاية" قال أبو عمرو: الصواب بالحاء المهملة أي: يتطلب حال نشاطنا، قال: وكان الأصمعي كذا، قيل:

وَائِلٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يَتَخَوَّلُنَا بِالْمَوْعِظَةِ فِي الأَيَّامِ، كَرَاهَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا». [الحديث 68 - طرفاه في: 70 - 6411] 69 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو التَّيَّاحِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «يَسِّرُوا وَلاَ تُعَسِّرُوا، وَبَشِّرُوا، وَلاَ تُنَفِّرُوا». [الحديث 69 - طرفه في: 6125] ـــــــــــــــــــــــــــــ قال شيخ الإسلام: والصوابُ: الثوري لأن محمد بن يوسف الفريابي، وإن كان يروي عن السفيانيين إلا أنه إذا أطلق يريد الثوري يرويه (يتخوننا) من الخيانة، والمعنى: كان يتجنب الخيانة في الموعظة، أي: لا يَعظهم إلا في حالة نشاطهم لئلا يفوتهم، قال شيخ الإسلام: والصواب رواية الأعمش بالخاء المعجمة واللام (سفيان) هو ابن عُيينة، فإن محمد بن يوسف عنه يروي (عن الأعمش) هو سليمان بن مهران (عن أبي وائل) شقيق بن سلمة الأسدي الكوفي، مخضرم، أدركَ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم-، من كبار أصحاب ابن مسعود. (كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يتخولنا بالموعظة) قد تقدم أن الرواية بالخاء المعجمة، وأنه روي بالحاء المهملة. ويتخوننا من الخيانة، وأشرنا إلى معنى هذه الألفاظ (كراهةَ السآمة علينا) أي: المَلاَلة. قال أبو العلاء المعري: إذا سئمت مهنَّده يَمينٌ ... لطول الحمل بدله شمالًا (1) 69 - (محمد بن بشار) بالموحدة وتشديد المعجمة (أبو التَّياح) بالفوقانية والتحتانية المشددة (يزيد بن حُميد الضُبَعي) بضم الضاد وفتح الموحدة (يسّروا ولا تعسّروا) من التعسير ضد التيسير (وبشروا) من البشارة (ولا تنفروا) من التنفير. والمقابل وإن كان الإنذار لكن لما كان المراد من التنفير آثره عليه، وإنما جمع بين الشيء وضده، مبالغة في الموعظة، واستغراقًا للأزمنة، فإن النهي يدل على التكرار بخلاف الأمر عند المحققين، ونظير هذا ما تقدم في كتابِ الإيمان، من قوله: "الدين يسر" (2) والغرضُ أن الحكمة في وضع العبادات ملاحظة كبرياء الله، وعرض العبودية والافتقار، ومع الإكثار والتشديد يمل الإنسان وإذا مل عبادته كلا عبادة، بل عدمها أحسن، وأفضل من وجودها.

13 - باب من جعل لأهل العلم أياما معلومة

13 - بَابُ مَنْ جَعَلَ لِأَهْلِ العِلْمِ أَيَّامًا مَعْلُومَةً 70 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُذَكِّرُ النَّاسَ فِي كُلِّ خَمِيسٍ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَوَدِدْتُ أَنَّكَ ذَكَّرْتَنَا كُلَّ يَوْمٍ؟ قَالَ: أَمَا إِنَّهُ يَمْنَعُنِي مِنْ ذَلِكَ أَنِّي أَكْرَهُ أَنْ أُمِلَّكُمْ، وَإِنِّي أَتَخَوَّلُكُمْ بِالْمَوْعِظَةِ، كَمَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَخَوَّلُنَا بِهَا، مَخَافَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا. 14 - بَابٌ: مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ 71 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: من جَعَل لأهل العلم أيامًا معلومة وفي بعضها: معلومات، وفي بعضها: يومًا معلومًا. 70 - (عن منصور عن أبي وائل) هو منصور بن المعتمر، أوحد زمانه زهدًا وورعًا، كان له جار، ولذلك الجار بنت، لما مات منصور قالت بنتُ جاره: يا أبت كان في دار منصور عمود ما جرى له، فإنه لا يرى، قال: ذاك منصور كان يصلي بالليل حسبته عمودًا، وأبو وائل شقيق بن سلمة الأسدي الكوفي. (كان عبد الله يُذكّر الناسَ) هو ابنُ مسعود حيث أطلق، التذكير: الوعظُ من الذكر -بضم الذال- وهو ذكر القلب. وحقيقته: أن يوقع في خاطر المخاطب ما كان ناسيًا له ذاهلًا عنه (لَوَدِدْتُ) اللام جواب قسم محذوف (أَمَا إني أَكرَهُ أَنْ أمِلَّكُم) أَمَا: حرف تنبيه وإني بالكسر استئناف، وأُمِلَّكم -بضم الهمزة وتشديد اللام- وهو الإيقاع في المَلاَلَةِ، وفي المثَل: فلانٌ دلَّ فأمل، وتمام الكلام: على التخول، وسائر الروايات تقدم في باب ما كان يتخولنا بالموعظة عن قريب. باب: من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين 71 - (حدثنا سعيد بن عُفَير) -بضم العين على وزن المصغر- أبو عثمان الأنصاري المصري (ابن وهب) هو: عبد الله بن وهب، حُكي أنه قال: نذرتُ أن أصوم كل يوم لغيبة مسلم إذا اغتبتُه، فهان عليَّ ذلك، فنذرتُ أن أتصدَّقَ بدرهم لكل غيبةٍ، فانقطعتُ عن الغيبة

قَالَ: قَالَ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ، خَطِيبًا يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَاللَّهُ يُعْطِي، وَلَنْ تَزَالَ هَذِهِ الأُمَّةُ قَائِمَةً عَلَى أَمْرِ اللَّهِ، لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ». [الحديث 71 - أطرافه في: 3316 - 3641 - 7312 - 7460] ـــــــــــــــــــــــــــــ لذلك (حُميد بن عبد الرحمن) على وزن المصغر (سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-[يقول:] من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين) أي: يعطيه الفهمَ في الدين من فقِه -بكسر القاف- إذا فهم. فإن قلت: كيف ترجم على ما أسنده في الباب؟ قلت: أراد بالترجمة الحكم، وبالحديث الذي أسنده دليل ذلك الحكم فالمذكور في الترجمة ليس مذكورًا من حيث إنه حديث، بل هو كسائر التراجم الدالة على حُكْمٍ من الأحكام، وبهذا سَقَطَ ما يقال: إن هذه الترجمة حديث مرسل والمرسل إذا اتصل به إسناده بعده يكون مسندًا لا مرسلًا، وإنما كان ساقطًا، لأن ذلك إنما يكون في تقديم المتن على السند لا في مثل هذه التراجم. (وإنما أنا قاسمٌ واللهُ يعطي) الحصر فيه إضافي بدليل قوله: (والله يعطي) أي: إن المعارف الإلهية أبلغها على وجه العموم، ولكن تأخذ الأفهام منها على قدر القرائح والفهوم؛ فإن القابليات بحسب الفطرة متفاوتة، ويجوزُ أن يكون المراد إعطاء الأموال والأرزاق؛ فإن المعطي هو الله، وإنما يَضَعُ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- حيث أُمر. (ولن تزالَ هذه الأمة) أراد طائفةً من أمته، كما جاء في سائر الروايات (قائمة على أمر الله) أي: دينه الذي شرعه. واستعمل فيه على دلالةً على كونهم عالين على الخصم محيطين بجوانب هذا الأمر، بحيث لا يصل إليه كيد الأعداء. وقد فسّر هذا المعنى في حديث آخر بقوله: "يحمل هذا العلم من كل خلفٍ عدولُهُ، ينفون عنه تحريفَ الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين" (1). ولما فسر الأمر بمعنى الشرع، فلا حاجة إلى أن يقال: إنما اكتفى بالأمر عن ذكر النهي، لأن النهي في المعنى أمرٌ لأنه كفّ النفس، أو اكتفاء كما في قوله: {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} [النحل: 81] (حتى يأتي أمر الله) أي: بقيام الساعة، أو قضاؤه والمحققون على أن أمر الله هنا يراد به الريح الذي يقبض روح كل مؤمن على وجه الأرض، والمعنى أن قيامهم بأمر الله ينقطع عند قيام الساعة، فإنها لا تقوم إلا على شرار الخلق، كما جاء في رواية مسلم: "لا تقومُ الساعة حتى لا يقال في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأرض: الله الله، ويبقى من لا خير فيهم، فعليهم تقوم الساعة" فلفظُ حتى متعلق بلَنْ تزال. قال بعضهم: فإن قلت: هل يجوزُ تعلُّق (حتى) بلا يضرهم من خالفهم؟ قلتُ: نعم على أن يكون المراد بأمر الله بلاؤه فيضرهم حينئذٍ فما بعد حتى مخالف لما قبلها. هذا كلامه وهو مخالفٌ لغرض الشارع، فإن مراده أن شريعته لا يقع فيها خَلَلٌ كسائر الشرائع، وصرَّح بهذا في الرواية الأخرى: "لا يزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق" وأما البلاء فهو موكّل بالمؤمن فلا وجه لقيده بقيام الساعة. ثم قال الشارح المذكور: فإن قلتَ: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تقوم الساعةُ حتى لا يقول أحدٌ اللهَ الله" (3) وقال أيضًا: "لا تقوم الساعةُ إلا على شرار الناس"؟ قلنا: هذه الأحاديث لفظها على العموم، والمراد منها الخصوص والمعنى: لا تقوم الساعةُ على أحدٍ يوحّد الله إلا بموضع كذا، فإنه فيه طائفة على الحق، ولا تقوم على شرار الناس بموضع كذا. انظر في هذا كيف تخبط، فإنه جوّز قيام الساعة على طائفة قائمة على الحق مع أنه خلافُ منطوق الحديث، وارتكب تفصيلًا لا دليل عليه بوجهٍ من الوجوه. قال النووي: قال البخاري: هذه الطائفة هم أهل العلم. وقال الإمام أحمد: إن لم يكونوا أهلَ الحديث فلا أدري مَنْ هم. قال النووي: يحتمل أن تكون هذه الطائفة مفرَّقة بين أنواع المؤمنين، منهم المحدثون، ومنهم الفقهاءُ، ومنهم الزهاد، ومنهم المقاتلون. قلت: هذا الاحتمال بعيدٌ؟ لأن أهل الأصول استدلوا بالحديث على أن الإجماع حجة، والإجماعُ اتفاقُ مجتهدي عصر واحدٍ على حكم شرعي، ووجه دلالة الحديث على ذلك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين أن الحق لا يعدوهم، وإذا كانت الطائفة مفترقة فيكون المعنى أن الحق لا يتجاوز تلك الطائفة المفرقة، فلا يبقى للحديث دلالةٌ على صحة الإجماع فتأمل.

15 - باب الفهم في العلم

15 - بَابُ الفَهْمِ فِي العِلْمِ 72 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: صَحِبْتُ ابْنَ عُمَرَ إِلَى المَدِينَةِ فَلَمْ أَسْمَعْهُ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا حَدِيثًا وَاحِدًا، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُتِيَ بِجُمَّارٍ، فَقَالَ: «إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً، مَثَلُهَا كَمَثَلِ المُسْلِمِ»، فَأَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ: هِيَ النَّخْلَةُ، فَإِذَا أَنَا أَصْغَرُ القَوْمِ، فَسَكَتُّ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هِيَ النَّخْلَةُ». ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ: الفَهْم في العِلمِ الفهم قوة دراكة يتفاوت بحسب الجبلة. فإن قلتَ: قال الجوهري: فهمت الشيءَ: علمتُهُ. قلتُ: لا ينافي ما قلنا، فإن الفهم يطلق على الإدراك، وعلى مبدئه. ألا ترى إلى قولهم لفلان: فَهِمَ لو اشتغل بالعلم لفاق أقرانه، ودلّ عليه حديثُ ابن عمر، فإنه أعطي تلك القوة، وقول علي: إلاّ رجلٌ أُعطي فهمًا في كتاب الله، فإنه أراد ذلك. وقد تقدم هذا المعنى مستوفىً في شرح قوله: "إنما أنا قاسم والله المعطي". 72 - (حدثنا علي) هو ابن عبد الله المديني، آية من آيات الله، روَى عنه أحمدُ بن حنبل وابنُ معين و (سفيانُ) هو ابنُ عُيينة (قال: قال لي ابن أبي نَحيح) اسم لابن عبد الله، وأبو نجيح هو يسار المكي عن مجاهد -بضم الميم على وزن الفاعل- هو الإمام الجليل في علم القراءة. قال: قرأتُ القرآن على ابن عباس ثلاثين مرةً (كنا عند النبي -صلى الله عليه وسلم- فأتي بجُمّار) بضم الجيم وتشديد الميم هو شحم النخل. معروفٌ عندهم (فقال: إن من الشجر شجرةً مَثَلُها كمَثَلِ المسلم) أي: شأنها الغريب، وقد حققنا وجهَ الشبه في باب: طرح الإمام المسألة بما لا مزيد عليه، فراجعْهُ (فأردتُ أن أقول هي النخلة، فإذا أنا أصغرُ القوم) وفي بعض الروايات: وكان في القوم أبو بكر وعمر فسكتُّ، ظاهر الحديث وإن دلَّ على أن الصغير يُوقّر الكبير. ولكن ذلك في الآراء وغيرها، مما لا يكون المراد بيان ظهور العلم والفضل. ألا ترى أنه لما قال لعمر: "إني عرفتُ ذلك. فقال: لو قلتَ كان عندي خيرًا من حُمُر النَعَم" وأما قول مجاهد: لم أسمع ابن عمر يحدث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا حديثًا واحدًا

16 - باب الاغتباط في العلم والحكمة

16 - بَابُ الِاغْتِبَاطِ فِي العِلْمِ وَالحِكْمَةِ وَقَالَ عُمَرُ: «تَفَقَّهُوا قَبْلَ أَنْ تُسَوَّدُوا». وَقَدْ تَعَلَّمَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كِبَرِ سِنِّهِمْ». ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو هذا الحديث المذكور فالظاهر أنه كان يذكره تأسفًا على ما فاته من الإخبار به في ذلك المجلس الشريف، وأما ما يقال: إنما لم يتحدث إلا بذلك، فلأنه [كان] متوقيًا الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عملًا بقول أبيه عمر: أقلّوا الحديثَ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فشيء بعيدٌ، وابن عُمر لم ينحصر حديثه في هذا، بل هو من المكثرين في الرواية، والقول بأن ابن عمر إنما كثُرت الرواية عنه؛ لأنه كان يسأل كثيرًا، ليس بظاهر؛ فإن كتمان العلم مذموم، وتبليغه مأمور به، فالوجهُ ما أرشدناك إليه، وإن كنت في ريب تأمل قول أبي هريرة: لولا آيتان في كتاب الله ما حدثتكم بشيء (2)، على أن هذا لا يُسلَّم لهم، لأنه لو كان متوقيًا لم يكثر فتواه في المسائل، لأن هذا أحرى بالتوقي من مطلق الرواية. باب الاغتباط: في العلم والحكمة الاغتباط افتعال من الغبطة وهي تمنّي مثل ما لغيرك من غير إرادة زواله عنه. وأصلها حسن الحال، قاله الجوهري. وعطف الحكمة على العلم من قبيل عطف جبريل على الملائكة، لأنها علم الشريعة خاصة، أو العلم المقرون بالعمل، ولذلك اقتصر عليها في الحديث الذي رواه. (وقال عمر: تفقهوا قبل أن تُسوَّدوا) بضم التاء على بناء المفعول من السَّيدودة وهي السيادة؟ وذلك أن الإنسان إذا صار سيد قومه يمنعه من كسب العلم شيئان: الاشتغال بأمور الناس، والاستحياء من الناس خوفًا على رياسته. ولهذا قال ابنُ معين: مَن عاجَلَ الرياسةَ فاته علمٌ كثير (قال أبو عبد الله: وبعد أن تَسَوَّدوا [وقد] تعلَّم أصحابُ النبي -صلى الله عليه وسلم- في كبر سِنّهم). أبو عبد الله هو البخاري وناقل هذا الكلام عنه: الفِرَبْرِي. وأشار البخاري بهذا الكلام إلى أن المراد بقوله: تفقهوا قبل أن تُسوّدوا. هو بيان الأولى والأليق؛ لأن الإنسان إذا فاته ذلك يستمر مع الجهل، بل عليه السعي في تحصيله كما فعله خير القرون أصحابُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. هذا خُلاصة كلامه.

73 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَلَى غَيْرِ مَا حَدَّثَنَاهُ الزُّهْرِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ قَيْسَ بْنَ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لاَ حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ: ـــــــــــــــــــــــــــــ قال بعضُ الشارحين: أقول لا بُدّ من مقدرٍ في الكلام يتعلق به لفظ: وبعد. والمناسب أن يقدر: تَفَهموا بمعنى الماضي، فيكون لفظ: تَسَوّدوا -بفتح التاء- ماضيًا أيضًا. ويحتمل أن يكون من التسويد المأخوذ من السواد أي: بعد أن يُسَوِّدوا لحيتهم في كبرهم. هذا كلامه. وقد فهم أن قول البخاري: وبعد أن تسودوا من تمام كلام عمر، فوقع في هذه الأشياء الركيكة التي تمجها الأسماعُ. 73 - (الحُميدي) -بضم الحاء على وزن المصغر- المنسوب (قيس بن أبي حازم) بالحاء المهملة (قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: لا حَسَدَ إلا في اثنين). فإن قلتَ: وَضَعَ البابَ للاغتباط، وهو ضدّ الحسد؛ لأنه تمني زوال نعمة الغير وحصولها لَكَ؟ قلتُ: أراد بالحسد: الاغتباط، بقرينة قوله: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه". فإن قلتَ: أيّ نكتة في العدول إلى المجاز من الحقيقة؟ قلت: المبالغة في ذلك الاغتباط حتى كأنه يبلغ به الحسد. وقيل: الحسدُ نوعان: منه ما هو جائزٌ كالواقع في الحديث هنا نظيره الكذب، فإنه قد يباح وليس بشيءٍ، لأن تمني زوال العلم عن المسلم أو المال. وحصوله لك مما لا يُسَوِّغُهُ عاقلٌ متدين، فكيف يطلقه الشارعُ؟ وقيل: هو من قبيل: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى} [الدخان: 56] وهذا أيضًا من ذلك النمط، لأن الشارع حَثَّ عليه ورغّب فيه، فكيف يرغب في شيء لا وجود له؟ وكيف يعقل الاستدلالُ حينئذٍ على الترجمة بالحديث؟ وقد اتفق هؤلاء على أنه لا يعقل في هذين الأمرين الحسدُ. وهذا ظاهر؛ فإنه لو تمنّى زوال العلم عن غيره. وحصوله له كان أقبحَ أنواع الحسد.

17 - باب ما ذكر في ذهاب موسى صلى الله عليه وسلم في البحر إلى الخضر

رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَسُلِّطَ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الحَقِّ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الحِكْمَةَ فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا. [الحديث 73 - أطرافه في: 1409 - 7141 - 7316]. 17 - بَابُ مَا ذُكِرَ فِي ذَهَابِ مُوسَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي البَحْرِ إِلَى الخَضِرِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى: (هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رَشَدًا). ـــــــــــــــــــــــــــــ (رجلٌ آتاه اللهُ مالًا فسَلَّطه على هلكته في الحق) يجوزُ في رجل: الرفعُ على أنه خبر مبتدأ محذوف والجرُ على البدل. وإن روي اثنتين: بتاء التأنيث يقدر مضاف أي: خصلة رجل. والهلكةُ هو الهلاكُ. قاله الجوهري وقيده بالحق إخراجًا لما يُنفَقُ رياءً، أو في المعاصي، وعَبّر بالتسليط إشارةً إلى أنه بتوفيق الله تعالى، لأنه خلافُ هوى النفس، وعرّف الحكمة إشارةً إلى علم الشريعة، ونكّر المال لتنوعه وصدقه على كل صنف. وقوله: (فهو يقضي بها ويُعلمها) إشارةٌ إلى ثمرة العلم التي هي بمنزلة إنفاق المال. وفي رواية الترمذي: "استوى العامل في المال والمتمنى له في الأجر". باب ما يذكر من ذهاب موسى -صلى الله عليه وسلم - في البحر إلى الخضر (وقوله تعالى: {هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا} [الكهف: 66]). الخضر -بفتح الخاء وكسر الضاد، وبكسر الخاء وسكون الضاد- قال الجوهري: هذا أفصَحُ، هذا لقبٌ له؛ وذلك أنه جَلَسَ على فَرْوَةٍ بيضاء، فإذا هي تهتز خلفه خضراء، ذكره البخاري في كتاب الأنبياء (2) مرفوعًا. والفروةُ وجهُ الأرض، وقال ابن الأثير: الأرضُ اليابسة، واسمه: بليا بالموحدة ثم المثناةِ تحت، مقصور، ويكنى أبا العباس، واختُلف في نبوته، والظاهرُ: نبوتُه. لقوله: {وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي} [الكهف: 82] والحمل على أنه أمره نبي في ذلك الزمان كالمحال، وذلك أن هذه الأمور صدرتْ منه. وموسى معه حاضرٌ، وأيضًا قوله لموسى: أنا على علمٍ علمني الله صريحٌ في ذلك، وأبعدُ مِنْ هذا مَنْ قال: إنه مَلَكٌ،

74 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ غُرَيْرٍ الزُّهْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَهُ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ تَمَارَى هُوَ وَالحُرُّ بْنُ قَيْسِ بْنِ حِصْنٍ الفَزَارِيُّ فِي صَاحِبِ مُوسَى، قَالَ ابْنُ ـــــــــــــــــــــــــــــ بل خطأ محضٌ. لقوله تعالى: {فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا} [الكهف: 77] بعد قوله: {اسْتَطْعَمَا} والاستدلالُ على نبوته بتعلم موسى منه غير ناهض وذلك أن موسى لم يتعلم منه من أمور الشرعِ شيئًا؛ فإن موسى نبي مرسلٌ من أولي العزم. معه التوراة التي فيها تبيان كل شيء يحتاج إليه في الدين، وإنما اتباعُهُ له كان ابتلاءً من الله حيثُ بَدَتْ منه تلك العبارة التي كان الأليق بحاله خلافَها، وهو رَدُّ العلم إلى اللهِ تعالى. قال في "الكشاف" كان في زمن أفريدون وكان على مقدمه إسكندر ذي القرنين الأكبر. قلتُ: قوله الأكبر يدل على تعدُّد ذي القرنين، وليس بصواب، فإن إسكندر الرومي الثاني هو تلميذ أرستطاطاليس لا يسمى ذا القرنين، بل هو رجل من الفلاسفة لم يُعلَم إيمانُهُ. قال النووي: الأكثرون على أنه حيٌّ، وعليه اتفاقُ الصوفية وحكاياتهم في رؤيته أكثر من أن تحصى. قلت: وسمعتُ أهل الشام يقولون: إن النووي كان يجتمع به في بستانٍ من البساتين بالليل. ويقال: إن الرجل الذي يقتله الدجال ثم يُحييه هو الخضر والله أعلم بحقيقة الحال. 74 - (محمد بن غُرَير) -بضم المعجمة على وزن المصغر- الزهري، نزيل سمرقند. فان قلت: في بعض النسخ: قال أبو عبد الله: وحدثنا محمد بن غرير بالواو ما وجهه؟ هذا الحديث رواه من طرق كثيرة، كأنه قال: حدثنا فلان وفلان ومحمد بن غرير. (صالح يعني: ابن كَيْسان) بفتح الكاف بعده مثناة. فإن قلت: هلا قال: صالح بن كيسان على ما هي عادته. وأيّ فائدة في زيادة يعني؟ قلتُ: الوصفُ بابن كيسان لم يكن سمعه من شيخه، فلذلك زاد لفظ يعني. وهذا غايةٌ في الورع والاجتناب عن الكذب، فتارةً يقول: يعني. وتارة يقول: هو ابن فلان. (عُبيد الله بن عبد الله) الأول مصغر والثاني مُكَبّر: هو ابن عتبة بن مسعود (عن ابن عباس أنه تَمَارى هو والحُرُّ بن قيسِ بن حِصْنٍ الفَزَاري اليماني) تفاعل من المراء وهو

عَبَّاسٍ: هُوَ خَضِرٌ، فَمَرَّ بِهِمَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، فَدَعَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ: إِنِّي تَمَارَيْتُ أَنَا وَصَاحِبِي هَذَا فِي صَاحِبِ مُوسَى، الَّذِي سَأَلَ مُوسَى السَّبِيلَ إِلَى لُقِيِّهِ، هَلْ سَمِعْتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ شَأْنَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " بَيْنَمَا مُوسَى فِي مَلَإٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: هَلْ تَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنْكَ؟ " قَالَ مُوسَى: لاَ، فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى مُوسَى: بَلَى، عَبْدُنَا خَضِرٌ، فَسَأَلَ مُوسَى السَّبِيلَ إِلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ الجدال. والحرُّ ضد العبد، من الوافدين على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. وفزارة -بفتح الفاء- حي من غطفان. (أُبَي بن كعب) -بضم الهمزة وتشديد الياء- الأنصاري الخزرجي، سيد القراء. وكان عُمر يقول له: سيد المسلمين، من فقهاء الصحابة، سيأتي في الكتاب أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "أَمَرَني الله أن أقرأ عليكَ القرآن، قال: سَمَّاني اللهُ باسمي؟ قال: نعم. فبكى أُبَىّ". فإن قلتَ: فعلى هذا يكون أُبَيٌّ أقرأ من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قلتُ: ليس بلازم، وإنما خصه بالذكر بين أقرانه، لأنه كان أكثرَ قابليةً، أراد تكميله ليُعلّم الناسَ على وفق ما سمع. ألا ترى إلى قوله: "أقرؤكم أُبَيٌّ" (2) ولم يقل: أقرؤنا. (سأل موسى السبيلَ إلى لُقيّه) بضم اللام مصدر كاللقاء (يذكر شأنه) أي: قصته (بينما موسى في ملأ من بني إسرائيل) أي: في أشراف قومه. وقد جاء أنه وَعَظَ موعظةً بليغةً رقّت لها القلوبُ، وذَرَفت بها العيونُ (فقال له واحدٌ من القوم: هل تعلمُ أحدًا أعلمَ منك؟ فقال: لا) وكان في ذلك القول صادقًا، إلا أنه كان الأولى بحاله أن يقول: الله أعلم. والأنبياءُ والرسل يُعاتبون على أمثال ذلك (فأوحى الله إليه بلى، عبدُنا خَصرٌ) ويروى: "بل عبدنا". كذا في رواية الحُميدي. والوجه فيه أنه عطف تلقيني كأنه قال: قل: عبدنا خضر، وكان الظاهرُ عبدَ الله، إلا أنه أمره أن يحكي كلام الله. فإن قلتَ: وضع في الترجمة الخضر باللام، وهذا بحذفه؟ قلتُ: الأعلام المشتقة

فَجَعَلَ اللَّهُ لَهُ الحُوتَ آيَةً، وَقِيلَ لَهُ: إِذَا فَقَدْتَ الحُوتَ فَارْجِعْ، فَإِنَّكَ سَتَلْقَاهُ، وَكَانَ يَتَّبِعُ أَثَرَ الحُوتِ فِي البَحْرِ، فَقَالَ لِمُوسَى فَتَاهُ: (أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهِ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ)، قَالَ: (ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِي فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا)، فَوَجَدَا خَضِرًا، فَكَانَ مِنْ شَأْنِهِمَا الَّذِي قَصَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ". [الحديث 74 - أطرافه في: 78 - 122 - 2267 - 3278 - 3400 - 3401 - 4725 - 4726 - 4727 - 6672 - 7478]. ـــــــــــــــــــــــــــــ يجوز فيه اللام للمح معنى الوصفية، صَرَّح به النحاةُ في مثل العباس والحسن فلا ضرورة إلى أن يقال: مؤول بواحدٍ من الأمة المسماة بذلك الاسم. (فجعل الله الحوتَ آية) علامةَ وجدانه لقوله: (إذا فقدتَ الحوتَ فارجع، فإنك ستلقاه، فكان يتّبع أثر الحوت) الضمير في كان لفتاه: يوشع بن نون، وذلك أن موسى قال له: إذا فقدت الحوت أخبرني، ففي الكلام اختصار سيأتي مطولًا عن قريب ({قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ} [الكهف: 64]) قرأه بدون الياء عاصمٌ وابن عامر وحمزة {فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا} [الكهف: 64]) أي: يقصان من آثارهما. من: قصصت الشيء إذا تتبعته. انتصابه على المصدر. ومنه: القصة لأن الحاكي يتبع المسموع. ومن فوائد الحديث أن العالم ينبغي أن لا يغترّ بعلمه {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} [يوسف: 76] وإذا سمع ممن هو أعلمُ منه شيئًا يأخذ منه ولا يستنكف، وإن احتاج إلى الرحلة ارتحل، وأن المفضول له أن يخدم الفاضل، ومثله لا يعد من أخذ الأجر على العلم. وأَنَّ حمْلَ الزاد في السفر من آداب المرسلين، ولا يقدح ذلك في التوكل كما يزعمه جَهَلَةُ الصوفية، يكونون كَلا على المسلمين، وأن الأفعال وإن كانت بخلق الله، يجوز إسنادها إلى الأسباب كما في قوله: {وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ} [الكهف: 63]. فإن قلت: ترجم على ذهاب موسى إلى الخضر في البحر، وليس له ذكر في الحديث؟ قلتُ: أشار إلى وروده في الحديث ولم يكن على شرطه. قال شيخ الإسلام: وقد جاء عن أبي العالية أنه وجده في جزيرةٍ من جزائر البحر. قلتُ: أخرج منه ما رواه ابن الأثير: وجده على كبد البحر. قال الجوهري: كبد الشيء وسطه.

18 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم علمه الكتاب»

18 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الكِتَابَ» 75 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: ضَمَّنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: «اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الكِتَابَ». [الحديث 75 - أطرافه في: 143 - 3756 - 7270] ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "اللهم عَلّمه الكتاب" هذا حديث الباب الذي رواه بسنده ذكره ترجمةً للباب باعتبار الحكم، ثم أسند بالحديث دليلًا، ومثل هذا ليس من التعليق، ولا من الحديث الذي قدم متنُه على السند، فإن التعليقَ حذف بعض السند أو كلّه إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- , إن كان الحديث مرفوعًا، أو إلى من دونه إن كان موقوفًا. وقال شيخ الإسلام: إنما جُعل الحديث ترجمةً، دلالةً على أن ذلك جوازه لا يخص بابن عباس. والضمير على هذا لغير مذكور. هذا كلامُهُ ولم يظهر لي وجهه؛ لأن قول البخاري: باب قول النبي -صلى الله عليه وسلم- يمنع صرف الضمير إلى غير ابن عباس، اللهم إلا أن يقال: في استتار الضمير رمزٌ إلى ذلك، على أنه بعيد. 75 - (أبو مَعْمَر) -بفتح الميمين بينهما عينٌ ساكنة- هو عبد الله بن عمرو بن حجاج البصري المعروف بالمقعد (عِكْرمة) -بكسر العين وسكون الكاف- مولى ابن عباس (ضَمّني رسول الله -صلى الله عليه وسلم) أي: إلى نفسه (وقال: اللهم علّمه الكتاب) أصله: يا الله حُذف منه حرف النداء وعُوّض عنه الميم المشددة، لأنها عوضٌ عن الحرفين. وهذا من خواصّ هذا الاسم كقطع همزته، ولا يُوصف عند سيبويه لوجود الفاصل، ولذلك قال في قوله: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ} [آل عمران: 26]: إن مالك نداءٌ ثانٍ. فإن قلت: ما المرادُ بتعليم الكتاب؟ قلتُ: المراد لفظه ومعناه. أما اللفظ فإن أكثر القراءات ينتهي سندها إليه، وأما المعنى فظاهر؛ فإنه ترجمانُ القرآن، والمسمى بين الصحابة بالبحر والحبر، وقد نقلنا عن ابن حنبل أن ابن عباس أكثرُ الصحابة فتوىً، وكل ذلك نتيجة ذلك الدعاء، وسيأتي في كتاب الأنبياء بدل الكتاب الحكمة. وفي بعض الروايات: "فقهه

19 - باب: متى يصح سماع الصغير؟

19 - بَابٌ: مَتَى يَصِحُّ سَمَاعُ الصَّغِيرِ؟ 76 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «أَقْبَلْتُ رَاكِبًا عَلَى حِمَارٍ أَتَانٍ، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ قَدْ نَاهَزْتُ الِاحْتِلاَمَ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِمِنًى إِلَى غَيْرِ جِدَارٍ، فَمَرَرْتُ بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصَّفِّ، وَأَرْسَلْتُ الأَتَانَ تَرْتَعُ، فَدَخَلْتُ فِي الصَّفِّ، فَلَمْ يُنْكَرْ ذَلِكَ عَلَيَّ». [الحديث 76 - أطرافه في: 493 - 861 - 1857 - 4412]. ـــــــــــــــــــــــــــــ في الدين وعلّمه التأويل" وفي كتاب الطهارة: أن فقهه في الدين. باب: متى يصح سماع الصغير؟ (إسماعيل بن أبي أُويس) -بضم الهمزة- ابن أخت مالك (عُبيد الله بن عبد الله) الأول مصغر والثاني مكبّر. (عن عبد الله بن عباس قال: أقبلتُ راكبًا على حمار أَتان) -بفتح الهمزة-: الأنثى من الحمير. بدل من حمار، أو وصفٌ له. (وأنا يومئذٍ قد ناهَزتُ الاحتلام) أي: قاربتُ من النهزة وهي السرعة (ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي بمنى إلى غير جدار) منى: موضع بين مكة وعرفات، يُصرف ولا يُصرف باعتبار المكان والبقعة، ويكتب بالياء والألف بناءً على صرفه وعدم صرفه. قال النووي: والأجودُ صرفه وكتابته بالألف. واشتقاقه من منيت إذا أرقت، لأن دماء القرابين تُرَاقُ بها. فإن قلت: قوله: يصلي إلى غير جدار، ما المراد به؟ قلت: كناية عن عدم السترة. فإن قلت: نفي الجدار لا يدل على نفي السترة مطلقًا وهو ظاهر؟ قلتُ: إنما خُصَّ الجدار؛ لأن مِنى فيه أبنية وعدم الإنكار عليه قرينة على أن لا سترة، إذ لو كانت لأنكر عليه بدليل سائر الأحاديث.

77 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنِي الزُّبَيْدِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ، قَالَ: «عَقَلْتُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَجَّةً مَجَّهَا فِي وَجْهِي وَأَنَا ابْنُ خَمْسِ سِنِينَ مِنْ دَلْوٍ». [الحديث 77 - أطرافه في: 189 - 839 - 1185 - 6354 - 6422]. ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: كيف صلى بدون السترة، وقد أمر بها؟ قلتُ: فَعَله بيانًا للجواز لا سيما بذلك المحضر ليحمل عنه في الآفاق. هكذا قيل. والصواب: أنه كان يصلي إلى السترة دل عليه قول البخاري: بأن سترة الإمام سترة من خلفه، وروى فيه الحديث عن ابن عباس (1). 77 - (أبو مُسهِر) -بضم الميم وكسر الهاء- عبد الأعلى بن مُسهِر الغساني. قال الذهبي: هو شيخ الشام وأفصحُهم وأحفظهم، جُرّد السيف ليقول بخلق القرآن فمنَّ عنقه ولم يقل به فحبس حتى مات (محمد بن يوسف) هو البيكندي، لأن الفِرْيَاني لا رواية له عن أبي مسهر (محمد بن حَرْب) -ضد الصلح- الزُّبيدي -بضم الزاي- أبو الهذيل محمد بن الوليد القاضي، وزُبيد بطن من مذحج رهط عمرو بن معد كرب. قال الأوزاعي: لم يسمع من الزهري أفضل منه. (محمود بن الربيع) ضد الخريف (قال: عَقَلْتُ من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مَجَّةً مَجَّها في وجهي، وأنا ابنُ خمس سنين من دَلْوٍ). قال ابن الصلاح: استدل الجمهور بهذا الحديث على أن أقل زمان يجوزُ منه تحمل الحديث خمس. قال: والحق أنه ليس في الحديث ما ينفي الأقل منه، والمناط قدرةُ الصغير على الضبط وهي تتفاوت بحسب الفطرة. ثم حكى أن صبيًا كان عمره أربع سنين حُمل إلى المأمون الخليفة وكان قرأ القرآن ونظر في الرأي، وكان إذا جاع بكى. فإن قلتَ: ترجم الباب على السماع وليس في الحديث ذكر السماع. قلت: هذا على دأبه من الاستدلال بالخفي، وذلك أنه جعل السماع مجازًا عن سائر وجوه التحمل، والمراد من الصغير ما دون البلوغ، فإنه الصغير شرعًا، فلا يَرِدُ أنَّ ابن عباس كان مراهقًا. وفي الحديث دلالة على طهارة الريق، وعلى أن لا بأس بالمداعبة مع الصغار. قيل: كان الأولى إيراد حديث ابن الزبير لما رأى أباه يوم قريظة يختلف إليهم، فإن عمره كان

20 - باب الخروج في طلب العلم

20 - بَابُ الخُرُوجِ فِي طَلَبِ العِلْمِ وَرَحَلَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ، فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ. 78 - حَدَّثَنَا أَبُو القَاسِمِ خَالِدُ بْنُ خَلِيٍّ قَاضِي حِمْصَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، أَخْبَرَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ تَمَارَى هُوَ وَالحُرُّ بْنُ قَيْسِ بْنِ حِصْنٍ الفَزَارِيُّ فِي صَاحِبِ مُوسَى، فَمَرَّ بِهِمَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، فَدَعَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ: إِنِّي تَمَارَيْتُ أَنَا وَصَاحِبِي هَذَا فِي صَاحِبِ مُوسَى الَّذِي سَأَلَ السَّبِيلَ إِلَى لُقِيِّهِ، هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ شَأْنَهُ؟ فَقَالَ أُبَيٌّ: ـــــــــــــــــــــــــــــ ثلاث سنين. وأُجيب بأن البخاري أراد ما يتعلق بأحوال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. قلتُ: قوله: باب متى يصح سماع الصغير أعمّ، فالإيراد يتجه لو كان الباب موضوعًا للرواية عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أو لإثبات كون الراوي صحابيًّا كان لذلك وجه. وأما في إثبات سماع الصغير ليس أحسن منه حديث، لأن البخاري رواه عنه، وكان في قصة قريظة: ابن ثلاث، لأنه وُلد بالمدينة باتفاق الرواة. باب: الخروج في طلب العلم (ورحَلَ جابر بن عبد الله مسيرةَ شهر إلى عبد الله بن أُنيس في حديث واحد) هو جابر بن عبد الله الأنصاري الخزرجي وأُنيس على وزن المصغر، والحديث الذي رَحَل لأجله جابر قيل: هو حديث المظالم والقصاص يوم القيامة، أورده البخاري في آخر الكتاب بصيغة التمريض قال: ويذكر عن جابر، ودلَّ ذلك على أن ما يقال: إن البخاري إنما يذكر بصيغة التمريض إذا كان في إسناده ضعف، لم يكن كليًّا، بل أكثريًّا. وقيل: الحديث قوله: "يحشر الله العباد يوم القيامة، فيناديهم بصوت يسمعه من بعد ومن قرب أنا الديان". 87 - (أبو القاسم خالد بن خَلي) بفتح الخاء على وزن وَليّ (محمد بن حرب) ضد الصلح. (قال الأوزاعي) -بفتح الهمزة وسكون الواو بعده زاي معجمة- نسبةً إلى أوزاع

21 - باب فضل من علم وعلم

نَعَمْ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ شَأْنَهُ يَقُولُ: " بَيْنَمَا مُوسَى فِي مَلَإٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: أَتَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنْكَ؟ قَالَ مُوسَى: لاَ، فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى مُوسَى: بَلَى، عَبْدُنَا خَضِرٌ، فَسَأَلَ السَّبِيلَ إِلَى لُقِيِّهِ، فَجَعَلَ اللَّهُ لَهُ الحُوتَ آيَةً، وَقِيلَ لَهُ: إِذَا فَقَدْتَ الحُوتَ فَارْجِعْ، فَإِنَّكَ سَتَلْقَاهُ، فَكَانَ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَّبِعُ أَثَرَ الحُوتِ فِي البَحْرِ، فَقَالَ فَتَى مُوسَى لِمُوسَى: (أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهِ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ)، قَالَ مُوسَى: (ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِي فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا)، فَوَجَدَا خَضِرًا، فَكَانَ مِنْ شَأْنِهِمَا مَا قَصَّ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ". 21 - بَابُ فَضْلِ مَنْ عَلِمَ وَعَلَّمَ 79 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاَءِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ بطن من همدان، وهو أبو عمرو عبد الرحمن بن عُمر الدمشقي، قال أبو إسحاق في "الطبقات": أفتى وعمره ثلاث عشرة سنة. ورُوي أنه لما حج استقبله الثوري، وأخذ بخطام جمله يقوده وهو يقول: طرقوا للشيخ. فضائله لا تُعَدُّ، مات في الحمام قفل عليه الحمامي ثم جاء فوجده ميتًا. وشرحُ الحديث قد تقدم عن قريب في باب ما ذكر في ذهاب موسى في البحر، وإنما أعاده لأنه هناك أثبت أن السفر في البحر جائز، فعله الرسول المكرَّم موسى ابن عمران، وهنا لإثبات أن الخروج في طلب العلم -وإن كانت مسألة واحدة- تتحمل لها المشقة ويقطع في طلبها من كل شقة. وسيعيد البخاريُّ الحديثَ في مواضع شتى لاستنباط أحكام أُخَر، وسنُشير إلى كل واحد في موضعه إن شاء الله تعالى. وفي حديث جابر فائدتان فائقتان الأولى: شرفُ العلم وعِظَمه، والثانية: شرف علوّ السند؛ فإنه علم المسألة من الثقات، ولكن غرضه أن يسمع من الأصل. باب: فضل مَنْ عَلِمَ وعَلَّم 79 - (محمد بن العلاء) بالمد (حَمَّاد بن أسامة) بتشديد الميم (عن بُريد بن عبد الله)

عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ مِنَ الهُدَى وَالعِلْمِ، كَمَثَلِ الغَيْثِ الكَثِيرِ أَصَابَ أَرْضًا، فَكَانَ مِنْهَا نَقِيَّةٌ، قَبِلَتِ المَاءَ، فَأَنْبَتَتِ الكَلَأَ وَالعُشْبَ الكَثِيرَ، وَكَانَتْ مِنْهَا أَجَادِبُ، أَمْسَكَتِ المَاءَ، فَنَفَعَ اللَّهُ بِهَا النَّاسَ، فَشَرِبُوا وَسَقَوْا وَزَرَعُوا، ـــــــــــــــــــــــــــــ بضم الباء على وزن المصغر (عن أبي بُرْدَة) -بضم الباء وسكون الراء- وهو عامر (عن أبي موسى) هو عبد الله بن قيس، نُسب إلى جده الأعلى أشعر بن يشجب القحطاني (مثلُ ما بعثني اللهُ به من الهدى والعلم، كمثل الغيثِ الكثير أصاب أرضًا) المثل هو القول المشبه يضربه لمورده من غير تَغَيُّر في الألفاظ، ويقال له عند البلغاء: المثل السائر، وليس المراد به ذلك، بل الشأن والصفة الغريبة التي تشبه ذلك المثل السائر في الغرابة (فكان منها نقيَّة) بالنون والقاف بعده ياء. ومعناه: الظاهرة الخالصة مما يضر بالنبات، كما في بعض الأراضي الشديدة البرد أو الحرّ، أو غير ذلك. ويدل على هذا رواية مسلم "طيبة" بدل "نقية" وحكى السفاقسي عن الخطابي: ثغبة -بثاء مثلثة وغين معجمة ساكنة ومتحركة- وهي الغدير الذي يجتمع فيه الماء في أعالي الجبال، ويروى أيضًا: نَقْعة -بفتح النون وسكون القاف بعدها عين مهملة- وهي الموضع الذي ينتقع فيه الماء وهذا قريبٌ من المعنى الثاني. (قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير) الكلأ: -مقصور- هو نبات الأرض، سواء رطبه ويابسه، والعشب: الرطب خاصة. قال صاحب "المطالع": هذا يدل على أن رواية الثغْبة -بالثاء المثلثة- تصحيفٌ، لأن الثغبة لا تنبت. قلتُ: قد فسرت الثغبة بالغدير، وشأن الغدير أنه كلما نقص ماؤه نبت على مواضعه الكلأ، ولا يُرى مَرعىً أحسن منه لوجود الماء، والكلام في موضع واحد (وكانت منها أجادبُ أمسكتِ الماء، فنفع الله الناس بها، فشربوا وسقوا وزرعوا) الأجادبُ -بالجيم والباء- كذا رواية البخاري ومسلم. قال ابن الأثير: هي صلاب الأرض التي لا تنبت من الجَدْب -بالدال المهملة- وهو القحط، جمع الأَجْدُب على وزن أنْمُل جمع جَدْب، كأَكْلُب وأكالب في جمع كَلْب. وقال الخطابي: هذا تصحيف، بل الرواية: أجارد بالدال جمع جُردة -بالضم- وهي الأرض المتجردة. كذا قاله الجوهري. وقد ذكرنا أن رواية البخاري ومسلم أجادب، فلا وجه لحمل نقل الثقات على الخطأ بعد ظهور المعنى كما شرحناه.

وَأَصَابَتْ مِنْهَا طَائِفَةً أُخْرَى، إِنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ لاَ تُمْسِكُ مَاءً وَلاَ تُنْبِتُ كَلَأً، فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقُهَ فِي دِينِ اللَّهِ، وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ فَعَلِمَ وَعَلَّمَ، وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا، وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ وقد يروى: أخاذات جمع أخاذة من الأخذ وهو ظاهر مع لفظ: أمسكت، ويُروى أيضًا: أحاذب بالحاء المهملة والذال. ويروى بالزاي موضع الذال. قال الخطابي: وهذان ليسا بشيءٍ (وأصابت منها طائفة أخرى، إنما هي قِيْعان لا تُمسك ماءً، ولا تُنبت كلأً، فذلك مثل من فقه في دين الله. ونَفَعه ما بعثني الله به فعَلمَ وعلَّم ومثل من لم يرفع بذلك رأسًا) القِيْعان: جمع القاع، أصله قوعان قُلبت واوه ياءً لانكسار ما قبله، ورواه ابن الأثير بالياء من قيع، وقال: هو المكان المستوي الذي يعلق الماء فيمسكه ويسوي نباته. قلتُ: هذا مخالفٌ لمنطوق الحديث فلا يمكن جوازه. فإن قلتَ: فقد قال في آخر الحديث: (قال أبو عبد الله: قاع يعلوه الماء)؟ قلت: ذلك على دأبه في شرح ما وقع من ذلك اللفظ في القرآن، لا أنه شرح الحديث، بل هو وصف أرض القيامة. وفَقُه -بالضم- أي: صار الفقهُ سجيةً له هو الرواية. فإن قلت: ما الفرق بين الهدى والعلم حتى جمع بين اللفظين؟ قلتُ: المراد بالهدى: القرآن، مصدر بمعنى الفاعل، قال تعالى في وصف القرآن: {هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} [البقرة: 2] وقال: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء: 9] والعلم هو ما عدا القرآن من الأحكام التي دلت عليها الأحاديث. هذا والظاهرُ من اقتصاره على الهدى في قوله، ولم يقل: هدى الله الذي أرسلت به أن المراد بالهدى والعلم واحد، والعطف تفسيري، وجاز أن يقال: إنما اقتصر على الهدى لأن من لم يقبل القرآن فهو عن قبول غيره أبعد، وأما تفسير الهدى بالدلالة الموصلة إلى المطلوب غير سديد؛ لأن طائفةً من الناس لم تقبل ذلك الهدى، فكيف يكون موصلًا له؟ وكذا ما يقال: إن المراد بالعلم صفة توجب تميزًا لا يحتمل النقيض، لأن الذي بعث به وأمر بتبليغه ليس تلك الصفة، بل ما شرعه الله لعباده من المأمورات والمناهي، هذا وتحقيقُ المقام: أنه شبَّه حالَ من تعلَّم العلمَ وعمِل به وعلّم الناس بأرض نقيةٍ أصابها الغيث، فدخل في أعماقها، فانتفعت به وأنبتت الكلأ والعشب، فانتفع به الناسُ والدواب، وأشار بالغيث الكثير إلى غزارة المعارف التي جاء بها، وبالعشب الكثير إلى كثرةِ العلماء العاملين في أمته، وبالجمع بين الكلأ الشامل للرطب واليابس والعشب المخصوص بالرطب إلى تفاوت مراتب

22 - باب رفع العلم وظهور الجهل

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَالَ إِسْحَاقُ: وَكَانَ مِنْهَا طَائِفَةٌ قَيَّلَتِ المَاءَ، قَاعٌ يَعْلُوهُ المَاءُ، وَالصَّفْصَفُ المُسْتَوِي مِنَ الأَرْضِ. 22 - بَابُ رَفْعِ العِلْمِ وَظُهُورِ الجَهْلِ وقَالَ رَبِيعَةُ: «لاَ يَنْبَغِي لِأَحَدٍ عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنَ العِلْمِ أَنْ يُضَيِّعَ نَفْسَهُ». 80 - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ أَنَسِ ـــــــــــــــــــــــــــــ العلماء، واقتصر على نفي الكلأ في الأرض المذمومة، لأن انتفاء العام يستلزم انتفاء الخاص، وشبّه حالَ من فقُه في دين الله ولم يعمل بعلمه بحال أرض يابسة أمسكت الماء، ولم تدخل في أجزائها، إلا أنها أمسكت فانتفع بها الناس والدواب، وشبَّه حالَ الطائفة الأخرى بالقيعان لم تنتفعَ بالماء ولا أمسكته لينتفع به الناس والدواب، فالمشبهات الثلاث من التمثيل، وتشبيه الحال بالحال كما أشرنا إليه، وجعله من التشبيه المفرق تكلفٌ وإنزالُ الكلام من الأوج إلى الحضيض، وعدولٌ عن ظاهر لفظ المثل. (قال أبو عبد الله: قال إسحاق عن أبي أسامة: وكان منها طائفة قيّلت الماء) كذا وقع، إسحاق غير منسوب قال الغساني: إذا قال البخاري: حدثنا إسحاق عن أبي أسامة يجوز أن يكون ابنَ راهويه، وأن يكون إسحاقَ بن منصور؛ فإن البخاري يروي عن هؤلاء الثلاثة عن أبي أسامة، وهو حَمّاد بن أُسامة. أشار إلى أن في روايته عن إسحاق لفظ: قيّلت -بالقاف والمثناة تحت مشددة- بدل "أمسكت" وهو بمعناه، ذكره ابنُ الأثير. ويروى: قبلت من القبول. باب رفع العلم وظهور الجهل (وقال ربيعة: لا ينبغي لأحدٍ عنده شيء من العلم أن يضيع نفسه) ربيعة هذا هو ابن فروخ. يكنى أبا عثمان مولى المنكدر، روى عنه مالكٌ والثوريُّ، ويقال له: ربيعة الرأي، قال النووي: قال ابن سعد: كانوا يسمّونه لموضع الرأي. وقوله: أن يضيع نفسه من الوَضْع أي: يحط عن مرتبته، بل عليه الإظهار لينتفع الناس بعلمه. ويروى بضم الياء في الأولَ وتشديد الثانية من التضييع وذلك بأن لا يشتغل بالمطالعة والدرس فينسى ما حصَّله. 80 - (عمران بن مَيْسرة) بكسر السين وفتح الميم (أبو التَّيّاح) -بفتح المثناة وتشديدها تحت- يزيد بن حُمَيد بضم الحاء على وزن المصغر قال أبو الفضل المقدسي:

بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ: أَنْ يُرْفَعَ العِلْمُ وَيَثْبُتَ الجَهْلُ، وَيُشْرَبَ الخَمْرُ، وَيَظْهَرَ الزِّنَا". [الحديث 80 - أطرافه في: 81 - 5231 - 5577 - 6808]. 81 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: لَأُحَدِّثَنَّكُمْ حَدِيثًا لاَ يُحَدِّثُكُمْ أَحَدٌ بَعْدِي، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ: أَنْ يَقِلَّ العِلْمُ، وَيَظْهَرَ الجَهْلُ، وَيَظْهَرَ الزِّنَا، وَتَكْثُرَ النِّسَاءُ، وَيَقِلَّ الرِّجَالُ، حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً القَيِّمُ الوَاحِدُ". ـــــــــــــــــــــــــــــ أبو التِّياح لقبٌ له، وكنيتُه أبو حماد (إن من أشراط الساعة أن يُرفع العلم وَيثْبُتَ الجهل) الأشراط بفتح الهمزة جمع شَرَط -بفتح الراء- وهي العلامة ومنه الشرط المتعارف، لأنه علامة المشروط، والمرادُ برفع العلم: موت العلماء كما دلَّ الحديث عليه الآتي في البخاري: "إن الله لا ينتزع هذا العلم انتزاعًا، ولكن يقبضُهُ بقبضِ العلماء" (1)، ولما مات زيد بن ثابت، وحضر عبد الله بن عباس دَفْنَهُ، فلما دَلّوْهُ في قبره قال: من أراد أن يعرف كيف يُرفع العلم، فلينظر إلى هذا. (ويُشرب الخمر ويظهر الزنا) أي: علانية؛ فإن شرب الخمر والزنا كانا موجودين في زمانه؛ فإنه قد حدّ شارب الخمر ورجَمَ الزناة. 81 - (مسدَّد) بضم الميم على وزن المفعول (عن أنس قال: لأحدثنكم حديثًا لا يحدثكم أحدٌ بعدي) لأنه لم يكن بالعراق غيره صحابي، كان آخرهم موتًا (وتكثر النساء ويقلّ الرجال) وإنما كان قلتهم علامةً للساعة؛ لأنهم أهل الجهاد والعلم والقوام على الأرامل والأيتام، فيكون عدمهم مستلزمًا لفساد الأحوال. فإن قلتَ: أي حاجة إلى ذكر قلة الرجال مع كثرة النساء؟ قلتُ: لئلا يتوهم أن المراد من كثرة النساء في نفس الأمر لا بالنسبة، فإن الكثرة والقلة يستعملان على وجهين: تارةً بالنسبة إلى المقابل وأخرى بالنسبة إلى نفس الأمر، ونظيرها في الحديث قوله تعالى: {يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا} [البقرة: 26]. (حتى يكون لخمسين امرأة القيمُ الواحد) قال بعضُ شُرّاح "المشارق": إنه وجد في

23 - باب فضل العلم

23 - بَابُ فَضْلِ العِلْمِ 82 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ [ص:28]، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ، أُتِيتُ بِقَدَحِ لَبَنٍ، فَشَرِبْتُ حَتَّى إِنِّي لَأَرَى الرِّيَّ يَخْرُجُ فِي أَظْفَارِي ـــــــــــــــــــــــــــــ بلاد الروم، هذا العدد من النساء مع قيّم واحد. فإن قلت: ما المراد من القيّم؟ قلتُ: هو مَنْ يقوم بشأنهن سواء كان للزوجية أو القرابة. فإن قلتَ: ما وجهُ التعريف؟ وهلا قيل: قيّم واحد؟ قلتُ: أشار باللام إلى ما في قوله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء: 34] والظاهر أن هذا يكون بواسطة قتل الرجال في الحرب كما أشار إليه في الرواية الأخرى، أو لأن النساء حبائل الشيطان يكثِّرُهُن الله في آخر الزمان ابتلاء. وهذه الأشراط غير العلامات العشر التي أودرها في حديثٍ آخر، وليست الأشراط منحصرةً في المذكورات حتى يسأل عن وجه الحصر، أَلاَ ترى أن في رواية مُسَدَّد لم يذكر شُرْبَ الخمر، وإنما كانت هذه الأمور من أشراط الساعة؛ لأن رفع العلم هدم للدين، وشرب الخمر يذهب العقل، والزنا لاختلال النسب، وكثرة الفتن لذهاب الأموال والأرواح. باب: فضل العلم 82 - (سعيد بن عُفَير) يضم العين على وزن المصغر، وكذا (عُقَيل)، (بينما أنا نائم أتيت بقدح لبن، فشربت حتى أني لأرَى الرِّيَّ يَخْرُجُ في أظفاري) تقدم أن بين ظرف زمان يدل على المفاجأة، والعامل فيه: جوابُهُ وألفه للإشباع، وما: زائدة في بعض الروايات والري: -بكسر الراء وتشديد الياء- مصدر رَوِي - على وزن علم- أطلق على ما به الري، فإنه الذي يخرج لا نفس الري، ويروى: من أظفاري، والمعنيان متلازمان؛ لأن الخارج من الظفر، لا بد وأن يكون الظفر ظرفًا له، إلا أن رواية: في، أقوى في المعنى من لفظة: من، لدلالته على التمكن التام، والاستقرار.

24 - باب الفتيا وهو واقف على الدابة وغيرها

ثُمَّ أَعْطَيْتُ فَضْلِي عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ» قَالُوا: فَمَا أَوَّلْتَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «العِلْمَ». [الحديث 82 - أطرافه في: 3681 - 7006 - 7007 - 7027 - 7032]. 24 - بَابُ الفُتْيَا وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى الدَّابَّةِ وَغَيْرِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــ (ثم أَعطيت فضلي عمرَ بنَ الخطاب قالوا: فما أَوَّلْتَهُ يا رسول الله؟ قال: العلمَ) بالنصب مفعول لفعل مقدر، ويجوزُ الرفع أي: المؤول العلم من حيثُ إن اللبن غذاء الإنسان وسبب للحياة في هذه الدار، والعلم سبب للحياة في الآخرة. قال بعض الشارحين: فإن قلت: رؤيا الأنبياء وحيٌ، فهل كان هذا الشربُ حقيقة أو هو مع سبيل التخيل؟ قلت: واقع حقيقة ولا محذور فيه؛ إذ هو ممكن واللهُ على كل شيء قدير. هذا كلامُهُ. وهو خطأ؛ لأن شرب اللبن على ذلك الوجه الذي وصفه من خروجه من الأظفار لا يمكن أن يقع منه، كيف ولو كان حقيقة لم يكن للتأويل معنى، لأنه إنما يعبر به عن خلاف الظاهر، وكم شرب لبنًا وأعطى فضله لغيره ولم يكن معناه العلم؟ أو كيف يعقل إعطاء ما فَضَل في المنام لعمر؟ ثم قال: لا تغفل عن الفرق بين فضل العلم وفضيلته؛ إذ الحديث دلَّ على فضل العلم لا على الفضيلة، وهذا أيضًا خبط آخر، إذ لا يَشُك عاقل في عدم الفرق، وإن غرض البخاري من قوله: باب الفضل هو الفضيلة، وإنما التبس عليه من قوله: "أعطيتُ فضلي عمر" فإنه بمعنى الفضلة أي: الزائد على شربه، وهل يعقل أن يعطي بأفضل من العلم لأحد، أو هل يفضل العلم؟ أو له وجه التكرار؟ وليت شعري، من أين علم أن عمر كان عنده؟ وكيف يعقل أن يعطي القدح أحدًا وهو نائم؟ فإن قلت: فيقع التكرار فإنه قدم في أول كتاب العلم باب فضل العلم؟ قلتُ: التكرار إنما يكون إذا أعيد فيه من غير زيادة أو نقصان، والتفاوت بين ما أورد في البابين ظاهر فتأمل. باب الفُتيا وهو واقفٌ على الدابة وغيرها الفُتيا بضم الفاء والفتوى بفتحها: اسم من الفتاء بالمد، مصدر فتي -بالكسر- كعلم، وهو حداثة الشيء، قال الشاعر: إذا عاشَ الفتى ستين عامًا ... فقد ذهب المسرّة والفتاء

83 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَفَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ بِمِنًى لِلنَّاسِ يَسْأَلُونَهُ، فَجَاءهُ رَجُلٌ فَقَالَ: لَمْ أَشْعُرْ فَحَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ؟ فَقَالَ: «اذْبَحْ وَلاَ حَرَجَ» فَجَاءَ آخَرُ فَقَالَ: لَمْ أَشْعُرْ فَنَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ؟ قَالَ: «ارْمِ وَلاَ حَرَجَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ فأُطلقا على جواب الحادثة، والمناسبة ظاهرة. 83 - (عن عيسى بن طَلْحة بن عُبَيد الله) أحد العشرة المبشرة (عن عبد الله بن عمرو بن العاص) أخ الصحابي المكرم أكثر الصحابة حديثًا قاله أبو هريرة، إلا أنه سكن مصر، وهو قُطر من الأقطار، وأهله أهل لهو ولعب، ضاع علمه بها كما ضاع علمُ الليث بن سعد، وعَمرو: يكتب بالواو في الرفع والجر، لئلا يلتبس بعمر. فإن قلتَ: الواو تناسب الضم فكان عُمر أولى بها؟ قلتُ: عمرو منصرف أولى بالتصرف فيه. (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وَقَفَ في حجة الوداع بمنى) حَجة بفتح الحاء وكسرها، قال الجوهري: والكسر شاذٌ؛ لأن قياس الكسر أن يكون للنوع وليس المعنى على النوع. قال بعضهم: يجوزُ أن يكون الكسرُ مصدر باب المفاعلة، فلا يكون شاذًا وهذا غلطٌ، لأن المفاعلة لا معنى لها في هذا المقام، ولا جاء مصدر المفاعلة على هذا الوزن، والكلام في كسر لفظ الحجة، وإنما سَبَق وهمُهُ إلى لفظ الوداع وصَحَّفه بالكسر، والوداع -بفتح الواو- اسم التوديع، وتلك الحجة سميت بذلك؛ لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وَدَّع فيها الناسَ، ومنى: مقصور، موضع بين مكة وعرفات، يصرف ولا يصرف باعتبار المكان والبقعة. قال النووي: والصرف أكثر، ويكتب بالياء بناءً على عدم الصرف، وبالألف بناء على الصرّف. (فجاءه رجلٌ فقال: لم أشعر حَلَقْتُ قبل أن أذبَحَ [فقال: اذبح] ولا حرج) لم أشعُر -بضم العين- من الشعور وهو العلم المكتسب بأي المشاعر الظاهرة أي: الحواس الخمسة، ثم

25 - باب من أجاب الفتيا بإشارة اليد والرأس

فَمَا سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ شَيْءٍ قُدِّمَ وَلاَ أُخِّرَ إِلَّا قَالَ: «افْعَلْ وَلاَ حَرَجَ». [الحديث 83 - أطرافه في: 124 - 1736 - 1737 - 1738 - 6665]. 25 - بَابُ مَنْ أَجَابَ الفُتْيَا بِإِشَارَةِ اليَدِ وَالرَّأْسِ 84 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ فِي حَجَّتِهِ فَقَالَ: ذَبَحْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ؟ فَأَوْمَأَ بِيَدِهِ، قَالَ: «وَلاَ حَرَجَ» قَالَ: حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ؟ فَأَوْمَأَ بِيَدِهِ: «وَلاَ حَرَجَ». ـــــــــــــــــــــــــــــ اتسع فيه فأطلق على ما يطلق عليه العلم. والحَرَجُ: الإثم (فما سُئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن شيء قُدِّمَ ولا أُخّر إلا قال: افعل ولا حَرَج) إما قاله وحيًا أو اجتهادًا. والظاهر الأول؛ لأن في الاجتهاد لا بد من تربص الوحي زمانًا. وفي رواية مسلم: قُدّم أو أُخّر. ومعنى العبارتين واحد، أي: سواء أُخّر أو قُدّم لا ضرر فيه. قال بعضُ الشارحين: لا بُدَّ من تقديرٍ لا في الأول؛ لأن: لا إذا دخلت على الماضي لا بد من تكررها. هذا كلامُهُ. وهو سهوٌ ظاهر؛ لأن ذلك إنما يكون إذا أُريدَ نفي الأمرين مثل قوله تعالى: {فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى} [القيامة: 31] وهنا المراد إثبات الأمرين كما فسره رواية مسلم، فلو قيل: ما سئل عن شيءٍ لا قُدم ولا أُخر. فَسَد المعنى. والتحقيقُ أن لا زائدة، والواو بمعنى أو. فإن قلت: قيَّد الوقوف في الترجمة بكونه على ظهر الدابة، وليس في الحديث الذي استدل به ذكرُ الدابة ولا غيرها؟ قلتُ: ذكره في كتاب الحج من طريق إسحاق، ولم يذكر ذلك الطريق هنا، كما هو دأبه في الاستدلال بالخفي، وفائدته أنه يعلم بذلك أن للحديث طريقًا آخر؛ لأن المذكور في الباب لا دلالةَ فيه إلا بذلك. واستدل بالحديث الشافعيُّ وأحمدُ، فلم يوجبا الترتيب في هذه الأشياء، وأوجب مالك وأبو حنيفة الترتيب، وحَمَلا قوله: "لا حرج" على رفع الإثم فأوجبا الفدية على تارك الترتيب. باب: من أجاب الفتيا بإشارة اليد 84 - (وُهَيب) بضم الواو على وزن المصغر (فأومأ بيده ولا حرج) أومأ: مهموز

[الحديث 84 - أطرافه في: 1721 - 1722 - 1723 - 1734 - 1735 - 6666]. 85 - حَدَّثَنَا المَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ سَالِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يُقْبَضُ العِلْمُ، وَيَظْهَرُ الجَهْلُ وَالفِتَنُ، وَيَكْثُرُ الهَرْجُ»، ـــــــــــــــــــــــــــــ اللام. قال الجوهري: ولا تقل: أوميت بالياء، ويقال: ومأت أمأ لغة، قال الشاعر: وما كان إلا ومؤها بالحواجب قال بعض الشارحين: لفظ قال هنا مقدر، أي: أشار قائلًا، أو قال: ولا حرج. قلتُ: لو قدر قال لم يصحّ استدلال البخاري على أن جواب الفتيا كان بالإشارة، ثم قال: فإن قلت: لِمَ تَرَكَ الواو أولًا في: "لا حرج" وذكره ثانيًا؟ قلتُ: لأن الأول كان في ابتداء الحكم، والثاني معطوف على المذكور أولًا، هذا كلامه. وليس في هذا الحديث: لا حرج بلا واو في النُّسَخ التي وقعنا عليها، بل وقع في بعضها: أن لا حَرَج. بدل: ولا حرج. ولئن سُلّم أن الواقع أولًا بلا واو، والثاني مع الواو، فليست الواو للعطف، بل الواو حالية، وكذا لا حرج بدون الواو، والمعنى: افعل حال كونك غير آثمٍ. 85 - (المكي بن إبراهيم) يكنى أبا السَكَن بفتح السين والكاف [حنظلة، بفتح الحاء والظاء المعجمة (قال يُقبض العلم ويظهر [الجهل و] الفتن ويكثر الهَرْجُ) سيذكر وجه قبض العلم بأنه يكون بموت العلماء، والفتن: جمع فتنةٍ، من فَتَنَهُ: أَضَلَّه. وفي الحديث: "المسلمُ أخو المسلم يتعاونان على الفُتَّان" -بضم الفاء وتشديد التاء

قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الهَرْجُ؟ فَقَالَ: «هَكَذَا بِيَدِهِ فَحَرَّفَهَا، كَأَنَّهُ يُرِيدُ القَتْلَ». [الحديث 85 - أطرافه في: 1036 - 1412 - 3608 - 3609 - 4635 - 4636 - 6037 - 6506 - 6935 - 7061 - 7115 - 7121]. 86 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ فَاطِمَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ، قَالَتْ: أَتَيْتُ عَائِشَةَ وَهِيَ تُصَلِّي فَقُلْتُ: مَا شَأْنُ النَّاسِ؟ فَأَشَارَتْ إِلَى السَّمَاءِ، فَإِذَا النَّاسُ قِيَامٌ، فَقَالَتْ: سُبْحَانَ اللَّهِ، قُلْتُ: آيَةٌ؟ فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا: أَيْ نَعَمْ، فَقُمْتُ حَتَّى تَجَلَّانِي الغَشْيُ، فَجَعَلْتُ أَصُبُّ عَلَى رَأْسِي المَاءَ، فَحَمِدَ اللَّهَ عَزَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ - أي: على الذين يضلون الناس. ذكره ابن الأثير. والهَرْج -بفتح الهاء وسكون الراء-: القتلُ بلغة الحبشة (فقال: هكذا حرّفها كأنه يريد القتل) هذا موضعُ الدلالة على الترجمة. 86 - (وُهَيب) بضم الواو وفتح الهاء على وزن المصغر (عن فاطمة) هي: بنت المنذر بن الزبير بن العوام (عن أسماء) هي بنت أبي بكر ذات النطاقين، امرأةُ زبير بن العوام (قالت: أتيتُ عائشةَ وهي تصلي، فقلتُ: ما شأن الناس؟ فأشارت إلى السماء) هذا موضعُ الدلالة على الترجمة. فإن قلت: هذه الأحاديث صريحة في الاعتبار بالإشارة، فلِمَ لَمْ يقل بها الفقهاء؟ قلت: قالوا بها في العبادات دون العقود والفسوخ احتياطًا. (فإذا الناس قيامٌ) إذا للمفاجأة، وقيام جمع قائم كصيام في صائم (فقالت: سبحان الله) أي: قالت عائشة سبحان الله وكأنها قالته، لأن أسماء لم تفهم الإشارة، ولذلك قالت بعده: (قلتُ: آيةٌ؟ فأشارت برأسها أي: نعم). قال بعضُ الشارحين: فإن قلت: سبحان علم التسبيح، فكيف أضيف؟ قلت: نُكِّر فأضيف، وهذا الذي قاله موجود في كلام ابن الحاجب، فإنه قال: علم قي غير حال الإضافة، لكن ردَّه صاحب "الكشف" بأن العلمية لا تنافي الإضافة، كما في حاتم طيّ، وعنترة عبس. وآية: مقدر بالاستفهام. (فقُمتُ حتى تجلاني الغشيّ) أصله: تجللني بلامينِ، حذفت إحداهما وعُوّض عنها

وَجَلَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: " مَا مِنْ شَيْءٍ لَمْ أَكُنْ أُرِيتُهُ إِلَّا رَأَيْتُهُ فِي مَقَامِي، حَتَّى الجَنَّةُ وَالنَّارُ، فَأُوحِيَ إِلَيَّ: أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي قُبُورِكُمْ - مِثْلَ أَوْ - قَرِيبَ - لاَ أَدْرِي أَيَّ ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاءُ - مِنْ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الياء كما في تَقَضَّى البازي، وفي بعضها: علاني بدله. والغَشْي: بفتح الغين المعجمة وسكون الشين، وبفتحها وسكون الشين وتشديد الياء. هو الإغماء. فإن قلت: إذا أُغمي عليها كيف قالت: فجعلتُ أصبُّ فوق رأسي الماء؟ قلتُ: أرادت قرب الغشي، فلذلك لم تقل: غشي عليَّ، بل قالت: علاني أو تجللني، كما يقول الوسنان: غلبني النومُ. وعلى هذا الغشي مستعمل في معناه حقيقة. فإن قلت: كيف صبَّت فوق رأسها الماء، وهي في الصلاة، فإنه يحتاج إلى عمل كثير؟ قلت: لم يوجد في طريقٍ من الحديث أنها أحرمت بالصلاة. فإن قلتَ: فلم وقفت حتى علاها الغَشْي؟ قلتُ: قامت تنظر ما يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد فراغه من الصلاة، لوجود الآية، ولئن سُلّم أنها كانت في الصلاة، فلعلها لم تعلم أن ذلك مبطل للصلاة كما سيأتي [في] باب السهو في الصلاة. وإليه ذَهَبَ طائفةٌ من العلماء. (ما من شيءٍ لم أكن رأيته إلا رأيته في مقامي هذا) زيادة من الاستغراقية، ولفظ شيء المتناول كل موجود يدلان على أنه رأى كل ما يمكن رؤيته من الجواهر والأعراض، وإن كانت لا تُرى عادةً، كما تجعل الأعراض في صور الأجسام من العبادات في الميزان يوم القيامة، ويحتمل أن يُريد ما جرت العادة برؤيته. قال بعضُهم: فإن قلتَ: هل دَلَّ على أنه رأى في ذلك المقام الربَّ تعالى وتقدس؟ قلتُ: نعم إذ الغَشْي يتناوله، والعقلُ لا يمنعه، والعُرف لا يُخرجه. وَأنا أقول: لو كان رؤيته تعالى واقعة له في ذلك المقام، كان السياق يقتضي أن يقول: حتى الله، بدل قوله: "حتى الجنة والنار". ولمّا جعل الجنةَ والنار غايةَ رؤيته، عُلم أن المراد رؤيةُ الممكنات، وقال أيضًا: يجوزُ أن تكون الرؤية بمعنى العلم. وهذا الاحتمالُ أيضًا ساقطٌ لما سيأتي في باب الكسوف: أنهم قالوا له: رأيناك تناولْتَ شيئًا؟ قال: "تناولتُ عنقودًا، ولو أصبتُهُ لأكلتُم منه ما بقيت الدنيا" ولا شك أن هذا التناول لا يكون إلا مع الإبصار حقيقةً،

يُقَالُ مَا عِلْمُكَ بِهَذَا الرَّجُلِ؟ فَأَمَّا المُؤْمِنُ أَوِ المُوقِنُ - لاَ أَدْرِي بِأَيِّهِمَا قَالَتْ أَسْمَاءُ - فَيَقُولُ: هُوَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَالهُدَى، فَأَجَبْنَا وَاتَّبَعْنَا، هُوَ مُحَمَّدٌ ثَلاَثًا، فَيُقَالُ: نَمْ صَالِحًا قَدْ عَلِمْنَا إِنْ كُنْتَ لَمُوقِنًا بِهِ. وَأَمَّا المُنَافِقُ أَوِ المُرْتَابُ - لاَ أَدْرِي أَيَّ ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاءُ - فَيَقُولُ: لاَ أَدْرِي، ـــــــــــــــــــــــــــــ وأيضًا: لو حمل على العلم، لم يكن لجعل الجنة والنار غاية وجه؛ لأنهما من أظهر المعلومات. فإن قلت: أي إعراب يعرب الجنة والنار؟ قلتُ: النصب إن جعلت حتى عاطفةً، لأنهما مفعول الرؤية. والجرُ على أنها من حروف الجر، ومعنى الغاية لازمةٌ لها على أي تقديرٍ كان. (فأُوحي إليَّ أنكم تُفتنون في قبوركم مثل أو قريبًا -لا أدري أي ذلك قالت أسماء- من فتنة المسيح الدجال) قال القاضي: هذه الرواية أحسنُ الروايات، يريدُ بها تنوين الثاني، وتركَهُ في الأول، لأنه في تقدير الإضافة حذف منه المضاف إليه لدلالة "من فتنة" عليه، ويروى بعدم التنوين في الاسمين لتقدير الإضافة فيها، ومن فتنتة بيان. وبتنوينهما على التنازع في من فتنة، ومعنى الفتنة في الحديث: الابتلاءُ والامتحان، وإن ذلك منصوب مفعول لا أدري؛ لأنه بمعنى المعرفة، ولذلك اقتصر على مفعول واحد. وأَيْ وإن كان في الأصل للاستفهام إلا أنه جرّد عنه ذلك المعنى، كما في {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ} [البقرة: 6] ولا يجوزُ أن يكون مقول قالت أسماء، لبقاء لا أدري بلا مفعول، ولفساد المعنى، فتأمل. ولا أن تكون موصولة لذلك. فإن قلت: لا يضاف أي إلا إلى متعدد، فكيف أُضيف إلى ذلك؟ قلتُ: ذلك متعدد معنىّ، وإفراده باعتبار المذكور. والمسيح فَعيل بمعنى المفعول، لأنه ممسوح العين، أو لأنه ممسوح البركة والخير، أو بمعنى الفاعل، لأنه يمسح الأرض، وقد ذكر في "القاموس" في وجه هذه التسمية خمسين قولًا. والدجَّال من الدَّجَل وهو اللبس والخلط، ومنه سُمي النهر المعروف دجلة لستره وجه الأرض. (يقال: ما علمك بهذا الرجل؟) المشار إليه: رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. عبَّر عنه بالرجل لئلا يتلقن لو قيل: رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونحوه (جاءنا بالبينات والهدى) البينات: المعجزات الواضحات، والهدى: الدلالة إلى ما يوصل إلى ما هو المطلوب، أو الشرع الذي يشرعه (هو محمد ثلاثًا) أي: يقول هذا الكلام ثلاثَ مراتٍ تقريرًا أو تحقيقًا، اللهم اجعلنا منهم

26 - باب تحريض النبي صلى الله عليه وسلم وفد عبد القيس على أن يحفظوا الإيمان والعلم، ويخبروا من وراءهم

سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلْتُهُ". [الحديث 86 - أطرافه في: 184 - 922 - 1053 - 1054 - 1061 - 1235 - 1373 - 2519 - 2520 - 7287]. 26 - بَابُ تَحْرِيضِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفْدَ عَبْدِ القَيْسِ عَلَى أَنْ يَحْفَظُوا الإِيمَانَ وَالعِلْمَ، وَيُخْبِرُوا مَنْ وَرَاءَهُمْ وقَالَ مَالِكُ بْنُ الحُوَيْرِثِ: قَالَ لَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ارْجِعُوا إِلَى أَهْلِيكُمْ فَعَلِّمُوهُمْ». ـــــــــــــــــــــــــــــ بحق هذا النبي -صلى الله عليه وسلم- المكرم (سمعتُ الناس يقولون شيئًا فقلتُه) هذا كذبٌ منه كما كان يكذب في الدنيا. فإن قلت: في رواية الإمام أحمد والترمذي أنه يقول: "هاه هاه" (1)؟ قلتُ: لا ينافي، يقول هذا وذاك. فإن قلت: هل تعاد روحه إلى جسده كما كان في الدنيا، أو يحصل تعلق يدرك به الألم واللذة؟ قلتُ: في رواية الترمذي والإمام أحمد تعاد روحه إلى جسده (2). فإن قلت: إذا عادت روحه إلى جسده، هل تفارقه بعد المسألة؟ قلتُ: لا ألا ترى إلى قوله: "تسلّط عليه تسعةٌ وتسعون تِنينًا تَلْدَغُهُ إلى قيام الساعة" (3) ولفظ الحديث أيضًا صريح فيه حيث قالوا للمؤمن: "نم صالحًا". وللغزالي في هذا الباب بَسْطٌ شافٍ من أراده فعليه بمطالعة "الإحياء". باب: تحريض النبي -صلى الله عليه وسلم- وَفْدَ عبد القيس على أن يحفظوا الإيمان والعلمَ ويخبروا مَنْ وراءَهم الوفد جمعُ الوافد كصَحْب في صاحب، وهو الذي يَرِدُ على الملوك لمهمات قومه. وعبد القيس: قبيلة من أسدٍ، أبوهم عبدُ القيس بن أفصى من أولاد أسد بن ربيعة، وقد تقدم أنهم وفدوا سنة تسعٍ بعد حج أبي بكر (وقال مالك بن الحويرث) بضم الحاء على وزن المصغر الليثي يكنى أبا سليمان، سيأتي حديثه مسندًا في كتاب الصلاة، روى حديثه معلقًا تقوية لما أسنده بعده.

87 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، قَالَ: كُنْتُ أُتَرْجِمُ بَيْنَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَبَيْنَ النَّاسِ، فَقَالَ: إِنَّ وَفْدَ عَبْدِ القَيْسِ أَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَنِ الوَفْدُ أَوْ مَنِ القَوْمُ» قَالُوا: رَبِيعَةُ فَقَالَ: «مَرْحَبًا بِالقَوْمِ أَوْ بِالوَفْدِ، غَيْرَ خَزَايَا وَلاَ نَدَامَى» قَالُوا: إِنَّا نَأْتِيكَ مِنْ شُقَّةٍ بَعِيدَةٍ، وَبَيْنَنَا وَبَيْنَكَ هَذَا الحَيُّ مِنْ كُفَّارِ مُضَرَ، وَلاَ نَسْتَطِيعُ أَنْ نَأْتِيَكَ إِلَّا فِي شَهْرٍ حَرَامٍ، فَمُرْنَا بِأَمْرٍ نُخْبِرُ بِهِ مَنْ وَرَاءَنَا، نَدْخُلُ بِهِ الجَنَّةَ. فَأَمَرَهُمْ بِأَرْبَعٍ وَنَهَاهُمْ عَنْ أَرْبَعٍ: أَمَرَهُمْ بِالإِيمَانِ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَحْدَهُ، قَالَ: «هَلْ تَدْرُونَ مَا الإِيمَانُ بِاللَّهِ وَحْدَهُ؟» قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «شَهَادَةُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامُ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ، وَتُعْطُوا الخُمُسَ مِنَ المَغْنَمِ» وَنَهَاهُمْ عَنِ الدُّبَّاءِ وَالحَنْتَمِ وَالمُزَفَّتِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 87 - (محمد بن بَشّار) بفتح الباء وتشديد المعجمة (غُنْدَر) بضم الغين المعجمة، وفتح الدال المهملة محمد بن جعفر البصري، وغُنْدَر لقبٌ له (عن أبي جَمْرة) -بالجيم- نصر بن عمران الضبعي (من الوفدُ؟ أو مَنْ القوم؟) الشك من ابن عباس (قالوا: ربيعةُ) أي: أولاد ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان (مرحبًا بالقوم) أصلْ الرَّحب: السعة. قال تعالى: {ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ} [التوبة: 118] ومعنى قوله: مرحبًا، أي: رحَّب الله بهم. قال ابن الأثير: جعل المَرْحَب موضع الترحيب. (غير خزايا ولا ندامى) جمع خزيان وندمان. ويروى الاسمان معرفتين، وقد تقدم الحديث بشرحه في كتاب الإيمان في باب أداء الخُمُس من الإيمان (1)، (من شقة بعيدة) -بضم الشين وتشديد القاف- قال ابن الأثير: والشقة أيضًا السفر. قلتُ: اشتقاق اللفظ من الشق؛ لأن المسافر يَشُق الأرضَ، أو من المشقة لأنه يحتملها. (فمُرنا بأمرٍ نُخبر به من وراءنا وندخل به الجنة) يروى الفعلان بالجزم على الجواب، والرفع على الاستئناف، أو على صيغة أمر، والنصب على أنه حال مقدرة من الفاعل (وتُعطوا الخُمسَ) نُصب بتقدير: أن؛ لأنه معطوف على الإيمان بالله (ونهاهم عن الدُبَّاء والحَنْتَم والمُزَفَّت) الدباء: القرع، والحنتم: الجرة الخضراء، والمُزَفَّت: الذي طُلي بالزّفت

27 - باب الرحلة في المسألة النازلة، وتعليم أهله

قَالَ شُعْبَةُ: رُبَّمَا قَالَ: «النَّقِيرِ» وَرُبَّمَا قَالَ: «المُقَيَّرِ» قَالَ: «احْفَظُوهُ وَأَخْبِرُوهُ مَنْ وَرَاءَكُمْ». 27 - بَابُ الرِّحْلَةِ فِي المَسْأَلَةِ النَّازِلَةِ، وَتَعْلِيمِ أَهْلِهِ 88 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الحَسَنِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الحَارِثِ، أَنَّهُ تَزَوَّجَ ابْنَةً لِأَبِي إِهَابِ بْنِ عُزَيْزٍ فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: إِنِّي قَدْ أَرْضَعْتُ عُقْبَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ (قال شعبة: ربما قال النقير، وربما قمال: المقيّر) النقير فعيل بمعنى المفعول هو الجذع المنقور، والمقيّر على وزن المفعول: المطلي بالقير. والكلامُ على معنى الحديث مستوفى تقدم في كتاب الإيمان في باب أداء الخُمس من الإيمان، وقد أبدينا هناك فائدة جليلة فراجعها. باب: الرحلة في المسألة النازلة الرّحلة -بكسر الراء- مصدر نوعي من الارتحال -وبضم الراء- الرَّحل الذي يرحل إليه، أو الجهة التي يرحل إليها. 88 - (محمد بن مقاتل) -بضم الميم وكسر التاء- أبو الحسن (عبد الله) هو ابن المبارك، بحر العلم ومعدن التقوى والزهد (عمر بن سعيد بن [أبي] الحسين)، (عبد الله بن أبي مُلَيكة) هو عُبيد الله على وزن المصغر، وأبو مُلَيكة -بضم الميم على وزن المصغر- جده، واسمُهُ زهير، تابعي معروف جليلُ القدر (عن عُقْبة بن الحارث) -بضم العين وسكون القاف- أبو سروعة القريشي. قال الكرماني نقلًا عن ابن عبد البرّ: إنَّ ابنَ أبي مُلَيكة لم يسمع من عُقْبة، وبينهما عُبيد بن أبي مريم، قال: وذاك سهو؛ فإن ابن أبي مُليكة قال في باب شهادة المرضعة: سمعتُ من عقبة هذا كلامه. والذي وقعنا عليه من نُسَخ البخاري في هذا الباب أن ما يرويه معنعن لكن ابن أبي مُلَيكة ثقة. قال النووي: رأى ثلاثين من الصحابة، ولم يذكره أحد بالتدليس، فإذا كان بهذه المثابة مُعنعَنُهُ في قوة السماع. (تزوَّج ابنةً لأبي إهابِ بن عزيزٍ) بكسر الهمزة في إهاب، وقيل: ابنة أبي إهاب هذه

وَالَّتِي تَزَوَّجَ، فَقَالَ لَهَا عُقْبَةُ: مَا أَعْلَمُ أَنَّكِ أَرْضَعْتِنِي، وَلاَ أَخْبَرْتِنِي، فَرَكِبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَيْفَ وَقَدْ قِيلَ» فَفَارَقَهَا عُقْبَةُ، وَنَكَحَتْ زَوْجًا غَيْرَهُ. [الحديث 88 - أطرافه في: 2052 - 2640 - 2659 - 2660 - 5104]. ـــــــــــــــــــــــــــــ تكنى أم يحيى ولم يُعلم اسمُها. قلتُ: جاء في بعض الروايات: تزوجت زينب بنت أبي إهاب، وقيل: اسمها غنية. ذكره السهيلي في "روضة الأنف". (فأتتْهُ امرأة فقالت: إني قد أرضعتُ عُقبة، والتي تزوَّجها) كان الظاهر أن تقول: أرضعتك، إلا أنه التفات في غاية الحُسْن؛ لأن الخطاب يسوء المخاطب، أو أنها لما جاءت عقبةَ خاطبتْ غيرَه من الناس. (فقال لها عُقبة: ما أعلمُ أنكِ أرضعتني، ولا أخبرْتِني) يروى الفعلان بدون الياء بعد التاء على ما هو الأصل، ومع الياء الحاصلة من إشباع الكسرة. قال بعضُ الشارحين: ولا أخبرتني عطف على ما أعلم. وإنما اختار في: "ما أعلم "، المضارع، وفي: "أخبرتني"، الماضي؛ لأن نفي العلم حاصلٌ بخلاف نفي الإخبار، فإنه كان في الماضي فقط. وهذا سهو؛ فإن عُقْبةَ نَفَى العلمَ والإخبارَ في الماضي؛ إذ لو علم أو أخبرته لم يتزوجها. والصواب: أن عدم العلم مستمر في الحال حاصل دون عدم الإخبار؛ فإنه واقع في تلك الحالة. فركب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالمدينة) قوله: بالمدينة، حال من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أي: حال كونه مقيمًا بالمدينة (فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: كيف وقد قيل؟) هذا ظاهر في أنه لم يكن منه حكمٌ بقول المرضعة وحدها كما ذهب إليه الإمام أحمد في روايةٍ، وأصرح منه قوله: (ففارَقَها عقبةُ) إذ لو كان حكمه بالتفريق لأجل الرضاع، لم يحتج إلى فراق الزوج. وإنما كره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذلك النكاح، لأن شأن الفروج الاحتياطُ فيها، وأيضًا مع هذا الوهم لا تطيب العشرةُ (ونكحتْ زوجًا غيرَهُ) اسمُ هذا الزوج ضُرَيب، مصغر ضرب، فائدة هذا الكلام الدلالة على أن الراوي قد أحاط بالواقعة علمًا كما ينبغي. فإن قلت: ما الفرقُ بين هذه الترجمة وبين ما تقدم من الخروج لطلب العلم؟ قلتُ: هذا في المسألة الضرورية والحادثة اليومية، وذاك في طلب علم ليس عنده استكمالًا.

28 - باب التناوب في العلم

28 - بَابُ التَّنَاوُبِ فِي العِلْمِ 89 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، ح قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَرَ، قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَجَارٌ لِي مِنَ الأَنْصَارِ فِي بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ وَهِيَ مِنْ عَوَالِي المَدِينَةِ وَكُنَّا نَتَنَاوَبُ النُّزُولَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَنْزِلُ يَوْمًا وَأَنْزِلُ يَوْمًا، فَإِذَا نَزَلْتُ جِئْتُهُ بِخَبَرِ ذَلِكَ اليَوْمِ مِنَ الوَحْيِ وَغَيْرِهِ، وَإِذَا نَزَلَ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، فَنَزَلَ صَاحِبِي الأَنْصَارِيُّ يَوْمَ نَوْبَتِهِ، فَضَرَبَ بَابِي ضَرْبًا شَدِيدًا، فَقَالَ: أَثَمَّ هُوَ؟ فَفَزِعْتُ فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: قَدْ حَدَثَ أَمْرٌ عَظِيمٌ. قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ فَإِذَا هِيَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب التناوب في العلم التناوب: قيام أحد الشخصين مقام الآخر في أمر من الأمور. 89 - (أبو اليمان) بالتخفيف، هو الحكم بن نافع (وقال ابن وهب) عطف على: حدثنا أبو اليمان، وابن وهب هذا: عبد الله، وقد يوجد قبله حاء التحويل، والأولى عدمها، فإن هذا تعليق من البخاري؛ لأن ابن وهب شيخ شيوخه (عبيد الله بن أبي ثور) بضم العين على وزن المصغر، وثور: بالثاء المثلثة. (كنت أنا وجار لي من الأنصار) قيل: جاره هذا عتبان بن مالك، وقيل: عويم بن ساعدة، وقيل: أوس بن خولي (في بني أمية بن زيد) قبيلة من قبائل الأنصار (وهي من عوالي المدينة) الضمير لمنازلهم، لوجود القرينة، والعوالي: مواضع بأعالي المدينة، أدناها على أربعة أميال، وأبعدها على ثمانية أميال، والنسبة إليها علوي على غير قياس (فخرجت إليه فقال: حدث أمر عظيم، فدخلت على حفصة) وفي بعضها: دخلت، كذا هنا مختصرًا، وفي سائر الروايات: قلت: جاء الغساني فقال: أعظم من ذلك طلق رسول الله نساءه، وإنما عدَّ طلاق نسائه أمرًا عظيمًا؛ لأن الطلاق أنكر المباحات، فلا يرتكبه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا لباعث قويٍّ، لا سيما طلاق الجميع وفيهن بنت أبي بكر وعمر.

29 - باب الغضب في الموعظة والتعليم إذا رأى ما يكره

تَبْكِي، فَقُلْتُ: طَلَّقَكُنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَتْ: لاَ أَدْرِي، ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ وَأَنَا قَائِمٌ: أَطَلَّقْتَ نِسَاءَكَ؟ قَالَ: «لاَ» فَقُلْتُ: اللَّهُ أَكْبَرُ. [الحديث 89 - أطرافه في: 2468 - 4913 - 4915 - 5191 - 5218 - 5843 - 7256 - 7263]. 29 - بَابُ الغَضَبِ فِي المَوْعِظَةِ وَالتَّعْلِيمِ إِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ 90 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لاَ أَكَادُ أُدْرِكُ الصَّلاَةَ مِمَّا يُطَوِّلُ بِنَا فُلاَنٌ، فَمَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَوْعِظَةٍ أَشَدَّ غَضَبًا مِنْ يَوْمِئِذٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ (فقلت وأنا قائم: أطلقت نساءك؟ فقال: لا، فقلت: الله كبر) إنما سأله وهو واقف لغاية الاهتمام، وقوله: الله أكبر، تعجب إما من إشهار الكذب عنه بين الصحابة وهو بين أظهرهم، أو كبَّر فرحًا بما سمعه، وسيأتي الحديث بأطول وأطول، وإنما أورده بأخصر طرقه لحصول غرضه، كما أشرنا إلى مثله في حديث: "الأعمال بالنيات". وفي الحديث دلالة على قبول خبر الواحد، وأن الكذب من غير قصد لا يقدح في العدالة، وفيه ما كان عليه الصحابة من الحرص على العلم، وضبط أحوال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وفيه جواز دخول أبي المرأة عليها من غير إذن الزوج إذا عَلِم أنه لا يغيظه ذلك، وجواز البكاء على أمر ديني، وفيه أحكام كثيرة بوَّب عليها البخاري أبوابًا. باب: الغضب في الموعظة والتعليم إذا رأى ما يكره 90 - (محمد [بن] كثير) ضد القليل (عن ابن أبي خالد) هو أبو عبد الله إسماعيل البجلي (عن قيس بن أبي حازم) بالحاء المهملة (عن أبي مسعود الأنصاري) هو عقبة بن عمرو الخزرجي المعروف بالبدري، ولم يكن شاهدًا في غزاة بدر، بل كان سكن بدرًا. (قال رجل: يا رسول الله لا أكاد أدرك الصلاة مما يطوِّل بنا فلان) ويروى: مما يطيل،

فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ مُنَفِّرُونَ، فَمَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ، فَإِنَّ فِيهِمُ المَرِيضَ، وَالضَّعِيفَ، وَذَا الحَاجَةِ». [الحديث 90 - أطرافه في: 702 - 704 - 6110 - 7159]. ـــــــــــــــــــــــــــــ والأول أبلغ، هذا الرجل هو حرام بن ملحان خال أنس بن مالك، وقوله: لا أكاد أدرك الصلاة، نفي لقرب الإدراك فضلًا عن الإدراك؛ لأن كاد من أفعال المقاربة، وفيه لغتان: كود يكود، على وزن: علم يعلم، وكود يكود، على وزن: نصر ينصر، وعلى اللغة الأولى جاء ما في الحديث، وغرضه أنه ترك الجماعة لما يطوِّل الإمام، وقد جاء صريحًا في رواية أخرى من طريق أحمد بن يونس في كتاب الصلاة: إني لأتأخر عن صلاة الغداة، وفي رواية محمد بن يوسف: عن صلاة الفجر، وبهذا سقط ما يقال: لعل الرواية: لأكاد، فإن التطويل يقتضي الإدراك. (أيها الناس إنكم منفرون، فمن صلى بالناس فليخفف، فإن فيهم المريض والضعيف وذا الحاجة) وفي رواية في كتاب الصلاة بدل: "الضعيف" "الكبير" يشمل الضعيف المريض وغيره، وفي أخرى: "الضعيف والسقيم والكبير" فيشمل الضعيف ذا الحاجة، وجعل هنا الضعيف شاملًا للكبير، وسيأتي أيضًا أن من صلى بقومٍ فليقتدي بأضعفهم، وكان فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على هذا النمط، يطوِّل تارة ويقصر أخرى باعتبار أحوال المقتدين به، وسيأتي في أبواب الصلاة كل ذلك مفصلًا، وهذا كله بناء على ما تقدم في كتاب الإيمان من أن الدين يُسر. فإن قلت: (أشد غضبًا من يومئذٍ) فيه تفضيل الشيء على نفسه؟ قلت: لا ضرر فإنه باعتبارين.

91 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ المَلِكِ بْنُ عَمْرٍو العَقَدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ المَدِينِيُّ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى المُنْبَعِثِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنِ اللُّقَطَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ 91 - (عبد الله بن محمد) المسندي بفتح النون؛ لأنه كان يتبع الأحاديث المسندة (أبو عامر العقدي) اسم عبد الملك، وعقد -بفتح العين والقاف- قبيلة بيمن (سليمان بن بلال المديني) نسبة إلى مدينة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهذا يخالف ما قاله الجوهري من أن نسبة الشيء إلى مدينة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: مدني، بغير ياء، والنسبة إلى مدينة المنصور بالياء، وكذا يخالف قاعدة الصرف في أن النسبة إلى فعيلة إذا كانت صحيحة العين بحذف الياء وفتح ما قبلها لكن يوافق ما نقل عن البخاري من أن المديني -بالياء- من سكن مدينة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولم يفارقها. والمدني بحذف الياء: من سكنها وغيرَها. (عن رَبِيعة بن عبد الرحمن) -بفتح الراء وكسر الباء- شيخ مالك بن أنس، يُعرف بربيعة الرأي (عن يزيد) من الزيادة (مولى المُنْبعِث) بضم الميم وكسر الباء آخره ثاء مثلثة (عن زيد بن خالد الجُهَني) -بضم الجيم وفتح الهاء- نسبةً إلى جُهَينة على وزن المصغر. قبيلة من قبائل العرب معروفة، قال الشاعر: وعند جُهَينة الخبر اليقينُ قال ابن العربي: هذا قول أهل الجنة، فإن آخر من يخرج من النار رجلٌ من جُهينة، فيسألونه هل بقي في النار أحد فيقول: لا. وقال الجوهري: رواها ابن الأعرابي: جُفَينة بالجيم والفاء. قال ابنُ السِكِّيت: هو اسم خَمَّار. وكذا عند الأصمعي، وفي بعض التواريخ: جهينة اسمُ فاحشة، يُضرب بها المَثَلُ، وكانت عارفةً بأمور النساء، فإذا التبس عليهنّ أمر قلن: عند جهينة الخبرُ اليقينُ. (سأله رجلٌ عن اللقطة) -بضم اللام وفتح القاف- اسمُ المال الملقوط، من الالتقاط

فَقَالَ: «اعْرِفْ وِكَاءَهَا، أَوْ قَالَ وِعَاءَهَا، وَعِفَاصَهَا، ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً، ثُمَّ اسْتَمْتِعْ بِهَا، فَإِنْ جَاءَ رَبُّهَا فَأَدِّهَا إِلَيْهِ» قَالَ: فَضَالَّةُ الإِبِلِ؟ فَغَضِبَ حَتَّى احْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ، أَوْ قَالَ احْمَرَّ وَجْهُهُ، فَقَالَ: «وَمَا لَكَ وَلَهَا، مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا، تَرِدُ المَاءَ وَتَرْعَى الشَّجَرَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وهي العثورُ على الشيء من غير قصدٍ وطلب. قال ابن الأثير: وقيل: اسمٌ لمن يأخذه أي: الملتقِطُ قياسًا على الضحكة والهُمزة، قال: والأول أصحّ. قلت: لا تنافي يكونُ لفظًا مشتركًا، لكنه في عرف الشرع خصّ بالمال الملقوط. (فقال: اعرفْ وكاءَها -أو قال: وِعَاءَها- وعفاصها، ثم عَرّفها سنةً) الوكاء -بكسر الواو- ما يربط به الشيء كالخيط ونحوه. والوعاءُ: -بكسر الواو- الظرفُ الذي يُوعى فيه الشيء. أي: يحفظ. والعِفَاصُ -بكسر العين وصاد المهملة- هو الوعاء الذي فيه النفقة من خِرقة أو جلد، من العفص وهو العطف والثني. قلتُ: فعلى هذا هو في الحديث من عطف الخاص على العام. والتعريفُ في السنة له ترتيب يُعرّفه طرفَيْ النهار في أول الأمر، يذكر بعض أوصافه، ثم في كل أسبوع مرة، ثم في كل شهر مرةً. هذا في الشيء الذي له قدرٌ يُعتدّ به. وأما في الشيء النزر اليسير إنما يُعرّفه بقدر ما يغلب على الظن إعراض صاحبه. (ثم استمتعْ بها) دليل للشافعي في جواز تملكها، وعن الإمام أحمد في روايةِ بعد التعريف يدخل في ملكه دخولًا لازمًا، إن كان من الأثمان. وفي غيرها له روايتان، وعند أبي حنيفة: لا يجوزُ تملكها رأسًا والحديثُ حُجة عليه. وعلى كل قول ومذهب: "إذا جاء مالِكُها يغرمها له". (قال فضالّةُ الإبل فغضب حتى احمرَّتْ وجنتاه، أو قال: وجهُهُ) إنما غضب لأنه استقصر فهمه مع ظهور الدليل، وذلك أن لفظ اللقطة ظاهر في الأثمان وما يقاربها، ولا يلائم الإبل، والحكمة في جواز أخذ مال الغير: خوف الضياع، ولذلك أشار إلى الأسباب المانعة من ذلك بقوله: (ما لَكَ ولها معها سقاؤها وحذاؤها تَرِدُ الماءَ وترعى الشجر) قوله: "ما لَكَ" مبتدأ وخبر. وما: استفهامية. "ولها" عطف على الخبر. ومعنى الاستفهام: الإنكارُ. ويُروى: وما لَكَ بالواو عطف قصة على أخرى، ثم كشف الغطاء عن وجه الإنكار بأن لها أسباب التعيش بقوله: "معها سِقاؤها" -بكسر السين- الظرف الذي يُحفظ الماء فيه، وذلك أن الإبل تشربُ في يومٍ مقدار ما يكفيها أيامًا. شبَّه موضع ذلك الماء من بطنها بالسقاء، والحذاء -بكسر الحاء المهملة، وذال معجمة- خف رجلها، وأصلها النعل، فالكلام على التشبيه.

فَذَرْهَا حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا» قَالَ: فَضَالَّةُ الغَنَمِ؟ قَالَ: «لَكَ، أَوْ لِأَخِيكَ، أَوْ لِلذِّئْبِ» [الحديث 91 - أطرافه في: 2372، 2427، 2428، 2429، 2436، 2438، 5292، 6112]. 92 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاَءِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَشْيَاءَ كَرِهَهَا، فَلَمَّا أُكْثِرَ عَلَيْهِ غَضِبَ، ثُمَّ قَالَ لِلنَّاسِ: «سَلُونِي عَمَّا شِئْتُمْ» قَالَ رَجُلٌ: مَنْ أَبِي؟ قَالَ: «أَبُوكَ حُذَافَةُ» فَقَامَ آخَرُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قال الشافعي: هذا إنما يكون في المفازة، وإليه أشار بقوله: "ترعى الشجر" والمنعُ أيضًا مقيَّدٌ بقصد التملك، وأما الأخذُ للحفظ على صاحبها فلا. وأما في العُمران فيجوزُ الأخذُ لقَصْدِ التملك أيضًا؛ لأنه يخاف عليها الضياع ولا ماء ولا مَرْعى. (قال: فضالّةُ الغنم؟ قال: لَكَ أو لأخيك أو للذئب) هذا الجواب من الأسلوب الحكيم، وذلك أنَّه كان ظاهر الجواب أن يقول: يجوزُ أخذُهُ. فأشار إلى ذلك في ضمن أحكام مهمة، وهي أنَّه يملكها إن لم يَجئْ المالك. وبقوله: "أو لأخيك". إن جاء، وبلفظ الأخ دون المالك، لأنه مال أخيه لا يقصر في حقه، ولا يخونه وبقوله: "أو للذئب" إلى الأخذ، فإن الغنم لا يقدر على الامتناع عن الذئب ونحوه. 92 - (محمد بن العلاء) بفتح العين والمدّ (أبو أسامة) -بضم الهمزة - حماد بن أسامة (بُرَيْد) بضم الباء على وزن المصغر (عن أبي بُرْدَة) -بضم الباء - عامر بن أبي موسى، واسم أبي موسى عبدُ الله بن قيس. (سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أشياء كرهها) وزن أشياء فعلاء عند الخليل وسيبويه، وأفعلاء عند الفراء والأخفش، وأفعال عند، الكسائي. غير منصرف اتفاقًا، إلا أن وجهَ منع الصرف غير ظاهر على ما قاله الكسائي. والقولُ بأنه مشبه بفعلاء وجه الشبه فيه غير ظاهر. فإن قلت: لِمَ كَرِهَ السؤال عن أشياء، وقد رَوَى أبو داود وابن ماجة عن جابرٍ أنهم كانوا في سفر فاصاب رجلًا منهم جنابة، وكان في رأسه شجة، فأَمَرُوه بالغسل فمات منه، فلما بَلغَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "قتلوه قَتَلَهم اللهُ، هلَّا سألوا إذ جهلوا؟، فإنما شفاء العي السؤال"؟ قلتُ: سؤال هؤلاء لم يكن عن أمر ضروري في الدين، ألا ترى إلى قول الرجل (من أبي)، وكان الرجل إذا ضلت ناقته يقول: أين ناقتي يا

30 - باب من برك على ركبتيه عند الإمام أو المحدث

فَقَالَ: مَنْ أَبِي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: «أَبُوكَ سَالِمٌ مَوْلَى شَيْبَةَ» فَلَمَّا رَأَى عُمَرُ مَا فِي وَجْهِهِ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا نَتُوبُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ [الحديث 92 - طرفه في: 7291]. 30 - بَابُ مَنْ بَرَكَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ عِنْدَ الإِمَامِ أَوِ المُحَدِّثِ 93 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ، فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ فَقَالَ: مَنْ أَبِي؟ فَقَالَ: «أَبُوكَ حُذَافَةُ» ثُمَّ أَكْثَرَ أَنْ يَقُولَ: «سَلُونِي» فَبَرَكَ عُمَرُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ: رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا ـــــــــــــــــــــــــــــ رسول الله وأمثال هذه الأشياء. وأما السؤال عن الأمر الديني فيكون واجبًا، ولهذا كان يجمله السائل إذا كان سؤاله عن أمر مُهم في الدين. وقد تقدم أنَّه سُئل عن تقديم بعض أفعال الحج وتأخير البعض، قال: "افعلْ ولا حرج" وكم له نظائرُ. (قال رجل: من أبي)؟ هذا الرجلُ: عبدُ الله بن حُذافة، والرجل الآخر بعده سعدُ بن سالم. باب: [مَنْ] بَرَكَ على ركبتيه عند الإمام أو المحدث بَرَكَ على وزن نَصر، مخصوص بالبعير، يقال: برك البعيرُ إذا استناخ من البرك على وزن الأكل وهو الصدر وذلك أن البعير يعتمد عليه إذا أنيخ. فعلى هذا استعمالُهُ في الإنسان من إطلاق المقيد على المطلق مجازًا مرسلًا، أو استعارة. 93 - (أبو اليمان) -بتخفيف النون- الحكم بن نافع (فقام عبد الله بن حذافة فقال: من أبي؟ فقال: أبوك حُدْافةُ) بضم الحاء وذال معجمة. إنما سأله لأنه كان متهمًا في أبيه. قال بعضُ الشارحين: فإن قلتَ: من أين عَرَف أنَّه ابنُهُ؟ قلتُ: إما بالوحي أو بحُكم الفراسة، أو القياس، أو بالاستلحاق، هذا كلامُهُ. والصواب أنَّه بالوحي، كَشَف الله له الحجاب في تلك الحالة ولذلك جاء في رواية: "لا تَسْأَلون عن شيءٍ إلا أخبرتكم ما دُمْتُ في مقامي" هذا، وليت شعري ما معنى القياس في هذا المقام؟ أو الاستلحاق

31 - باب من أعاد الحديث ثلاثا ليفهم عنه

وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِيًّا فَسَكَتَ. [الحديث 93 - أطرافه في: 540، 749، 4621، 6362، 6468، 6486، 7089، 7090، 7091، 7294، 7295]. 31 - بَابُ مَنْ أَعَادَ الحَدِيثَ ثَلاَثًا لِيُفْهَمَ عَنْهُ فَقَالَ: «أَلاَ وَقَوْلُ الزُّورِ» فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا ـــــــــــــــــــــــــــــ بعد قوله: "الولدُ للفراش". وإنما قوله: "أبوك حذافة" بيان ما في نفس الأمر، ألا ترى أن رجلًا آخر قال: أين أبي؟ قال: "أبوك في النار" كما سيأتي في البخاري. فإن قلتَ: هذه أحكام شرعية كيف حَكَم بها في حال الغضب؟ وقد قال: "لا يقضي القاضي وهو غضبان"؟ قلتُ: هو مستثنى عن القاعدة، محفوظ من عند الله، لا يقول إلا الصواب، وقد يقال: حالُ الموعظة ليس كحال الحكمِ، فيجوزُ مع الغضب. بل أولى أن يكون في حالة الغضب، قلت: ترجمة البخاري تدل على ذلك، فيجوزُ لكل أحدٍ الموعظةُ فيها. (فبَرَك عمرُ على ركبتيه) إجلالًا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -. باب من أعاد الحديثَ ثلاثًا ليُفْهَم عنه بضم الياء وفتح الهاء علي بناء المجهول فقال: (أَلَا وقولُ الزور، فما زال يكررها) الضمير لقول الزور أنثه باعتبار الجملة أو الكلمة، والزور لغةً الميل، أراد به الميلَ عن الحق، وهذا قطعةٌ من حديث مسندٍ عنده أسنده في كتاب الشهادات ولفظه: "قال ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قالوا: بلى. قال: "الإشراكُ بالله، وعقوقُ الوالدين"، وكان متكئًا فجلس وقال: "أَلَا وقول الزور"، فما زال يكررها حتَّى قلنا: ليته سكت. وقوله: (حتَّى قلنا) هو غاية التكرير فسقط ما يقال: ما زال يكررها ما دام في المجلس، فإنه خلاف الواقع مع عدم دلالة الكلام عليه.

وَقَالَ: ابْنُ عُمَرَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلْ بَلَّغْتُ ثَلاَثًا؟». 94 - حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ المُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ «إِذَا سَلَّمَ سَلَّمَ ثَلاَثًا، وَإِذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَعَادَهَا ثَلاَثًا». [الحديث 94 - طرفاه في: 95، 6244]. 95 - حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَارُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ المُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ «إِذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَعَادَهَا ثَلاَثًا، حَتَّى تُفْهَمَ عَنْهُ، وَإِذَا أَتَى عَلَى قَوْمٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ، سَلَّمَ عَلَيْهِمْ ثَلاَثًا». ـــــــــــــــــــــــــــــ (وقال ابن عُمر: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هل بَلَّغْتُ ثلاثًا؟) هذا تعليق لحديث سيرويه في كتاب الحج، أورده تعليقًا اختصارًا تقوية لمّا استدل به. 94 - (عَبْدَةُ) -بضم العين وسكون الباء- هو ابن عبد الله، أبو سهل الصفَّار الخُزاعي (عبد الله بن المُثَنَّى) بضم الميم وتشديد النون (ثُمامة) بضم الثاء كان إذا تكلَّم بكلمةٍ أعادها ثلاثًا). أراد بالكلمة: الكلامَ المشتملَ على حكم أو أحكام، لا اللفظ المفرد؛ فإنه اصطلاحٌ حادثٌ، وهذا كان منه في الأمور المهمة، ولفظ: إذا، إنما يدل على الجزم بالوقوع لا على الدوام، كما ظُنَّ، لكن لفظ: كان، يدل على الاستمرار، ومجمله ما ذكرنا، إذ لا يشك أحد في أنَّه في محاورته مع أصحابه، أو مع الوفود لم يُعدْ كل كلمةٍ ثلاث مراتٍ. 95 - (وإذا أتى على قومٍ فسَلَّم عليهم سلم عليهم ثلاثًا) قوله: فسلَّم عطفٌ على قوله: أتى. وقوله: سلَّم، جواب الشرط، والتسليمات الثلاث: الاستئذان، لما سيأتي من حديث أبي موسى مع عُمر، ولما رَوَى أنس بنُ مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتى بابَ سعد بن عُبادة فَسَلَّم ثلاثًا، ثم انصَرَفَ فتبعه سعدٌ، وقال: يا رسول الله ما من تسليمةٍ إلا وهي بأذني

96 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: تَخَلَّفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ سَافَرْنَاهُ، فَأَدْرَكَنَا وَقَدْ أَرْهَقْنَا الصَّلاَةَ، صَلاَةَ العَصْرِ، وَنَحْنُ نَتَوَضَّأُ، فَجَعَلْنَا نَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ «وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا». ـــــــــــــــــــــــــــــ إلا أني أردتُ استكثار البركة. ولا يخفى أن مشروعية الثلاث، إنما يكون إذا لم يسمع الأول أو الثاني. وقد رَوَى أبو داود والترمذي عن كَلْدة بن حنبل أن أخاه صفوان بن أمية أرسله إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدخل ولم يستأذن. فقال له: ارجعْ وقل: السلام عليكم أدخُلُ. ولم يأمره بثلاثٍ. وحمل الحديثَ بعضُهم على سلام الاستئذان، وسلام الملاقاة، وسلام الوداع. وفيه بُعْدٌ ناب عنه قوله: إذا أتى على قومٍ. 96 - (مسدّد) بضم الميم على وزن اسم المفعول (أبو عَوَانة) -بفتح العين- الوضّاح اليشكري الواسطي (عن أبي بِشْر) -بكسر الموحدة وشين معجمة- جعفر بن إياس (عن يوسف بن ماهَكَ) اسم أمه، غير منصرف علمٌ وعجمة وتأنيث، وماهَك تصغير ماه، مرادف قمر في العربية. (فأدركنا) بفتح الكاف (وقد أرهَقْنا الصلاةَ صلاةَ العصر) بفتح الهاء وسكون القاف، ونصب الصلاة، وصلاة العصر بدل منه، أي: أخّرناها حتَّى كِدْنا أن نُلحقها بالصلاة التي بعدها من الرَّهَقِ وهو القُرب. ومنه الغلامُ المراهقُ (فنادى بأعلى صوته: ويل للأعقاب من النار مرتين أو ثلاثًا) أي: لأصحاب الأعقاب أو للأعقاب، لأنها محل الجناية، وقد تقدَّم شرحُ الحديث بسنده في باب رفع الصوت بالعلم برواية رفع الصلاة وأن معناها: أعجلتنا وغشيتنا.

32 - باب تعليم الرجل أمته وأهله

32 - بَابُ تَعْلِيمِ الرَّجُلِ أَمَتَهُ وَأَهْلَهُ 97 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ هُوَ ابْنُ سَلاَمٍ، حَدَّثَنَا المُحَارِبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ حَيَّانَ، قَالَ: قَالَ عَامِرٌ الشَّعْبِيُّ: حَدَّثَنِي أَبُو بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ثَلاَثَةٌ لَهُمْ أَجْرَانِ: رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ، آمَنَ بِنَبِيِّهِ وَآمَنَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب تعليمُ الرجل أَمَتَه وأهلَهُ 97 - (محمد بن مَلَام) بتخفيف اللام على الأشهر (المحاربي) -بضم الميم والحاء المهملة آخره باء موحدة- هو عبد الرحمن بن محمد الكوفي (صالح بن حَيَّان) -بفتح الحاء وتشديد المثناة- الهمذاني من نسل أبي بردة وليس هذا صالح بن حيان القرشي، فإن البخاري قال فيه: إنه ضعيف، (الشعبي) -بفتح الشين المعجمة - أبو عامر بن شراحيل، قال الجوهري: نسبةً إلى شعب، وهو جبلٌ بيمن، ذو شعبين. نزله حسان بن عمرو الحميري، وولده، فنسبوا إليه، ومنهم: عمرو بن شراحيل وهو تابعي جليلُ القدر، معروفٌ. قيل: إنه رأى خمسين من الصحابة (أبو بُرْدَة) -بضم الباء- عامر بن أبي موسى. (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ثلاثةٌ لهم أجران: رجلٌ من أهل الكتاب آمَنَ بنبيه، وآمَنَ بمحمدٍ - صلى الله عليه وسلم -) المراد مِن أهل الكتاب: اليهود والنصارى، لأن الزبور لم يشتمل على الأحكام، بل تحميد وتقديس، وقوله: "آمن بنبيه": يدل على أن شرع عيسى لم يكن ناسخًا شَرْعَ موسى، ويدل عليه قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ} [المائدة: 44]. فإن قلت: فقد قال تعالى: {وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ} [المائدة: 47] قلت: المراد منه ما لا يعارض التوراة جمعًا بين الآيتين. فإن قلتَ: "آمن بنبيه" يدل على أن مَنْ آمَنَ مِنْ أهل الكتاب يكون له أجران في هذا الزمان؟ قلتُ: لا دلالة فيه، لأنه بعد بعثة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليس نبيًّا له، لأنه بُعث إلى الأسود والأحمر {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَةً لِلْنَّاسِ بَشِّيرًا} [سبأ: 28]. فإن قلتَ: فقد جاء "بعيسى" بدل نبيّه - صلى الله عليه وسلم -، وذا صريحٌ في أنَّه نسخ شريعة موسى؟ قلتُ: لا دلالة فيه، فإنه مفهوم اللقب، مثل إيماننا بمحمد مع أنا مؤمنون بجميع الأنبياء.

وَالعَبْدُ المَمْلُوكُ إِذَا أَدَّى حَقَّ اللَّهِ وَحَقَّ مَوَالِيهِ، وَرَجُلٌ كَانَتْ عِنْدَهُ أَمَةٌ فَأَدَّبَهَا فَأَحْسَنَ تَأْدِيبَهَا، وَعَلَّمَهَا فَأَحْسَنَ تَعْلِيمَهَا، ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَتَزَوَّجَهَا فَلَهُ أَجْرَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: اليهود الذين كفروا بعيسى، هل يدخلون في هذا الحكم؟ قلت: لا لأن من كفر بنبي فهو كافر بكل الأنبياء. (والعبدُ المملوك إذا أدَّى حقَّ الله وحقَّ مواليه) قَيَّد العبد بالمملوك، ليتعين لفظ المولى للسيد، لأن لفظَه مشترك بين السيد والعبد. ونكَّر الرجل وعرَّف العبد، تفننًا في العبارة، والمسافة بين النكرة والمعرفة بلام الجنس قريبه، وأتى بلفظ الجمع في المولى ليعلم أن العبد المشترك، إنما يحصل له الأجران إذا وفى بحق كل واحد من الموالي، والمراد بحق الله: الأحكام العامة بين الأحرار والعبيد، كالصلاة والصوم والكفّ عن المناهي. فإن قلتَ: يلزم أن يكون مؤمن أهل الكتاب، وهذا العبد الَّذي هذا شأنه، أفضل من أكابر الصحابة؟ قلت: كذلك، لكن من هذا الوجه، ولا محذور فيه؛ لأن لهم الفضل من جهاتٍ أخرى. ورَوَى الطبراني في "الأكبر" و"الأوسط" عن ابن عباس: "إن العبد يدخل الجنّة قبل مولاه بسبعين خريفًا، فيقول مولاه: يا ربّ، هذا كان عبدي؟ فيقول الله تعالى: بلى ولكن جازيته بعمله، وجازيتُك بعملك". وروى الإمام أحمد عن أبي بكر الصديق "أن أول من يَقْرَعُ بابَ الجنّة المماليك إذا أحسنوا فيما بينهم وبين الله، وفيما بينهم وبين مواليهم". (ورجلٌ كانت عنده أَمَةٌ يَطَؤها فأَدَّبَها فأحسَنَ تأديبَها، وعَلَّمها فأحسَنَ تعليمَها) المراد بالوطء: التمكّن منه، سواء صدر منه بالفعل أو لا، وفائدة ذكره الدلالة على أن ذلك التأديب والعلم والإعتاق، كان لوجه الله؛ لأن ما يتعلق بهوى النفس كان حاصلًا له. فإن قلت: ما الفرقُ بين التأديب والتعليم؟ قلت: التأديب: الحمل على محاسن الأخلاق، فهو من مقدمات تعليم الأحكام، وإنما آثر في الإعتاق ثَمَّ، لأن الإعتاق يتراخى عن التأديب والتعليم، أو إشارة إلى تراخي رتبة الإعتاق؛ إذ لا عبادةَ أفضلُ منه، ولذلك قال الفقهاء: لو أوصى يصرف ثلث ماله على أقرب القربات تصرف إلى إعتاق الأرقاء. (فله أجران) أعاده لطول الفصل، ولأن كثيرًا من الناس يستنكف نكاح أمته، خَصَّه بالذكر ترغيبًا.

33 - باب عظة الإمام النساء وتعليمهن

ثُمَّ قَالَ عَامِرٌ: أَعْطَيْنَاكَهَا بِغَيْرِ شَيْءٍ، قَدْ كَانَ يُرْكَبُ فِيمَا دُونَهَا إِلَى المَدِينَةِ [الحديث 97 - أطرافه في: 2544، 2547، 2551، 3011، 3446، 5083]. 33 - بَابُ عِظَةِ الإِمَامِ النِّسَاءَ وَتَعْلِيمِهِنَّ 98 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَيُّوبَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَطَاءً، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَشْهَدُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ قَالَ عَطَاءٌ: أَشْهَدُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ: ـــــــــــــــــــــــــــــ واعلم أن الرجل والمرأة في الأحكام المشتركة سواء، وإنما يكثر التعبير بلفظ الرجل، لأنهم أهل المحافل والقوام بالأمور. (قال عامر) هو الشعبي (أعطيناكها بغير شيء، قد كان يُركب فيما دُونها إلى المدينة) والخطاب للراوي وعن الشعبي كذا قيل، قال شيخ الإسلام: وليس كذلك بل خطاب لرجل خراساني سأله عمن يعتق أمته ثم يتزوجها، والضمير للحديث، أَنَّثَهُ باعتبار ما فيه من المسائل، والمدينة مدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طابة، على ساكنها أفضل الصلوات وأكمل التسليم كانت إذ ذاك كرسي العلم ومقرّ الخلافة، وصدر هذا القول من الشعبي وهو بكوفة. فإن قلت: ذكر في الترجمة تعليم الأمَة والأهل، وليس في الباب إلا حديث الأمَة؟ قلتُ: يعرف من بيانه في الأَمة، وحكم المرأة وسائر ما يتعلق بالإنسان من باب الأَوْلَى، فلا وجهَ لما يقال: بَوَّب البخاري ولم يتفقْ له حديثٌ يناسب. فإن قلت: ذكر في الأَمَة أمورًا أربعة، فكان الظاهر ترتب أجور أربعة؟ قلت: التأديب والتعليم شيء واحد، كما أشرنا إليه، والإعتاق مع التزوّج شيء واحد، ويجوزُ أن يكون الأجران للإعتاق والتزوّج والتأديب والتعليم، كالمقدمة لها؛ لأن الغالبَ عدم تزوّج من لم تكن بتلك الصفة. باب: عظة الإمام النساءَ وتعليمهنّ العِظَة -بكسر العين- مصدر وَعَظَ، والوعظُ: التذكير بأمر الآخرة، وعطف التعليم عليه من عطف العام على الخاص. 98 - (سمعتُ ابن عباس يقول: قال: أشهَدُ على النبي - صلى الله عليه وسلم - أو قال عطاء: أشهد على ابن عباس) الشك من شعبة وعطاء هذا هو ابن أبي رباح -بفتح الحاء وباء موحدة- واسمه

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «خَرَجَ وَمَعَهُ بِلاَلٌ، فَظَنَّ أَنَّهُ لَمْ يُسْمِعْ فَوَعَظَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ، فَجَعَلَتِ المَرْأَةُ تُلْقِي القُرْطَ وَالخَاتَمَ، وَبِلاَلٌ يَأْخُذُ فِي طَرَفِ ثَوْبِهِ» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَالَ: إِسْمَاعِيلُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عَطَاءٍ، وَقَالَ: عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَشْهَدُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [الحديث 98 - أطرافه في: 863، 962، 964، 975، 977، 979، 989، 1431، 1449، 4895، 5249، 5880، 5881، 5883، 7325]. ـــــــــــــــــــــــــــــ أسلم فقيه مشهور، رَوى عن أبي حنيفة، ومن المسائل التي انفرد بها جواز إجارة الجواري للوطء، وقال: إذا اجتمع العيد والجمعة، فلا تصلى الجمعة ولا الظهر، وإنما زاد لفظ أشهد مبالغة في تحقيق المُخبَربه؛ لأنه جارٍ مجرى القسم. (خرج ومعه بلال) أي: خَرَج إلى المصلى يوم العيد كما سيأتي مطولًا. (فظَنَّ أنَّه لم يُسْمِعِ النساءَ) -بضم الياء وكسر الميم- أي: ظن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّه لم يسمع النساء حين خَطَبَ لعيده (فوعظهنَّ وأمَرَهُنّ بالصدقة) من عطف الخاص على العام. (فجعلَتْ المرأةُ تُلْقِي الخاتِم والقُرْط) أي: شَرَعَتْ كلُ واحدةٍ منهن في الصدقة بما قدرت عليه، الخاتِم بكسر التاء وفتحها لغتان مشهورتان، وفيه أربع أخرى: خَتَام بفتح الخاء وتخفيف المثناة وخاتام وختام بكسر الخاء وختم بفتح الحاء وتشديد التاء، والقُرْطُ -بضم القاف- حُلي معروف تجعلها النساء في الآذان، يُجمع على أَقرَاط وقُرَطة. (وبلال يأخذ في أطراف ثوبه) هذا بلال بن رَبَاح، كان من مولَّدي سراة الشام، اشتراه عباس بن عبد المطلب، من بني جُمح، ووهَبَه للصديق وقيل: اشتراه الصديق فأعتقه، ثم صار مؤذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأمينه على الأموال، سكن دمشق بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرابطًا ومات بها، وقبره معروفٌ يزار. (وقال إسماعيل) هو ابن عُلَية، ذكره تعليقًا، لأن في رواية الجزم بأن ابن عباس هو القائل: أشهد وبه جزم أيضًا أبو نُعيم بخلاف الحديث المسند، فإن فيه ترددًا. قيل: ويجوزُ أن يكون عطفًا على قال المدني وصدقة وقُتيبة بن سعيد. (وقال سليمان) [بن] حرب روى عن شعبة ووهيب عن البخاري، وعن حَمَّاد بن زيد عندهما، وفي الحديث دلالةٌ على جواز خروج النساء إلى المصلى، وجواز وعظهنّ إن لم

34 - باب الحرص على الحديث

34 - بَابُ الحِرْصِ عَلَى الحَدِيثِ 99 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ يخف الفتنة، وجواز صدقتهن من مالهِنَّ بغير إذن الأزواج، ومن غير قيد الثلث، كما ذَهَب إليه مالك. قال القاضي: والحديث محمول على أن الأزواج كانوا معهنَّ، وفيه نظرٌ؛ لأنهنّ في المصلى معتزلات عن الرجال، وكذا ما قيل: إن فيه دليلًا على أن الصدقات العامة يصرفها الإمام، لأن ما في الحديث حكاية حال فعل، لا تدل على انحصاره في الإمام، وفيه دلالة على جواز اتخاذ النساء الخواتم والقُرط، سواء كانت من ذَهَبٍ أو فضةٍ. فإن قلتَ: فما تقول فيما رواه أبو داود عن أسماء بنت يزيد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أيَّما امرأة جعلت في أذنها خرصًا من ذهب، جعل الله في أذنها مثله من النار يوم القيامة"؟ قلتُ: قال ابن الأثير في "النهاية": هذا منسوخٌ أو محمول على ما إذا لم تؤد زكاته. والخُرص -بضم الخاء وكسرها- الحلقة من الذهب أو الفضة. قاله الجوهري، والله أعلم. باب: الحرصُ على الحديث الحرصُ معروفٌ أصله الظهور، ومنه الحارصة وهي الجراحة التي تكشف الجلد، والسحاب الَّذي تكشف وجه الأرض بالمطر، والحديث يرادف الخبر لغةً. قال الجوهري: الحديث الخبرُ، يقع على القليل والكثير من الكلام، وعند أهل هذا الشأن: ما نقل عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعلًا أو قولًا أو تقريرًا. وما يقال: لمّا كان في مقابلة القرآن لُوحظ فيه معنى الحديث ليس بشيء. أما أولًا فلأن القديمَ هو المعنى دون اللفظ، وأما ثانيًا: فلقوله تعالى: {اللهُ نَزَّلَ أَحسَنَ الْحَدِيْثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا} [الزمر: 23]. 99 - (عمرو بن أبي عمرو) بفتح العين فيهما (عن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري) -بفتح الباء وضمّها-؛ لأنه كان سكن بجانب المقابر (عن أبي هريرة أنّه قال: يا رسول الله،

مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ القِيَامَةِ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَقَدْ ظَنَنْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَنْ لاَ يَسْأَلُنِي عَنْ هَذَا الحَدِيثِ أَحَدٌ أَوَّلُ مِنْكَ لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الحَدِيثِ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ، مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ، أَوْ نَفْسِهِ» [الحديث 99 - طرفه في: 6570]. ـــــــــــــــــــــــــــــ من أسعدُ الناسِ بشفاعتك؟) السعادة ضدّ الشقاوة، مأخوذ من الساعد لأنه مظهر القوة، والمراد بها في الحديث: الإعانة على النجاة من غضب الله، والشفاعة: من الشَّفع ضد الوتر؛ لأن الشفيع يضمّ نفسَه إلى نفس المشفوع له في السؤال عن التجاوز، ويكون في الأمور الدنيوية أيضًا، والمشفِع -بكسر الفاء - من يقبل الشفاعة، وتفصيل الشفاعة وكمية عدادها وما يختصّ به رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - من ذلك سيأتي في موضعه إن شاء الله. (لقد ظننتُ يا أبا هريرة أَنْ لا يسألني أحدٌ أول منك) برفع "أولُ" صفة "أحدٌ"، وبالنصب على الحال. قال أبو البقاء: وإنما جاز وقوع الحال عن النكرة، لأنها في سياق النفي، وهو اسم تفضيل استعمل بمن كأنه قال: أقدم منك أو أسبق. قال الجوهري: إذا جعلتَهُ صفةً فلا تصرفه، صماذا جعلته غير صفة صَرَفْتَهُ. وما يقال: إنما نصب؛ لأنه في حكم الظرف لغوٌ من الكلام. (أسعدُ الناس بشفاعتي من قال لا إله إلا الله خالصًا من قلبه أو نفسه) الشكُ من أبي هريرة، والخُلُوص: الصفاءُ عن الغش، والمراد بقول: لا إله إلا الله: أعمّ من القول اللساني والقلبي. قال الشاعر: إن الكلام لفي الفؤاد وإنما ... جُعل اللسانُ على الفؤاد دليلًا فإن قلت: لا بد من ضَمّ: محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟؛ قلت: ذاك معلوم من القاعدة، فتارةً ذكره، وتارةً يحذفه. فإن قلتَ: أسعدُ أفعلُ تفضيلٍ، وضدّ المخلِص المنافق، وهو لا حظّ له من الشفاعة، واسم التفضيل لا بُدَّ له من مفضّل ومفضّل عليه؟ قلتُ: اسم التفضيل إذا أُضيف، قد يُقصد به الزيادة المطلقة من غير ملاحظة المفضل عليه، كما في: يوسف أحسن إخوته، وما في الحديث من ذلك القبيل. قال بعضُ الشارحين: أفعل هنا بمعنى الفعيل، أو بمعناه. والمراد أنَّه أسعدُ ممَّن لم يكن بهذه المرتبة، لأنَّ المرادَ بالإخلاص في الحديث البالغ غايته، ولذلك يذكر القلب، كما

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في قوله في كتمان الشهادة: {وَمَنْ يَكْتُمهَا فَإِنَّهُءَاثِمٌ قَلْبُهُ} [البقرة: 283] هذا كلامُهُ، وفيه خَلَلٌ من وجوه: الأول: إخراجه أفعل عن أصله من غير ضرورة. الثاني: أن المراد بالإخلاص هو ما يقعُ اسم الإخلاص عليه في الجملة احترازًا عن المنافق، وهو مقتضى قوله: "شفاعتي لأهل الكبائر". الثالث: أن استدلاله بقوله: {ءَاثِمٌ قَلْبُهُ} عليه لا له؛ لأن ذكر القلب هناك إشارة إلى أن محلَّ الكتمان هو القلب، واللسان ترجمانُهُ ومثله هنا، فإن الإيمان محلّه القلب. ثم قال: "من قلبه" يجوزُ أن يكون متعلقًا بـ "قال"، وأن يكون متعلقًا بـ "خالصًا"، وإذا تَعَلَّق بـ قال وهو الأظهرُ يكون لغوًا. ولو تعلق بـ خالصًا يكون مستقرًا. وهذا أيضًا خبطٌ؛ لأنه متعلق بـ خالصًا لأنه فعل القلب المخصوص به، ولذلك ذكره معه، والظرف لغوٌ مثله لو تعلق بـ قال. وما يقال: إنه أفعل تفضيل، وهو على أصله؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشفع للكفار أيضًا، فلا يُعَوّل عليه، والاستدلال عليه بأنه شفع لأهل المحشر من المسلم والكافر، ليس بتامٍ، لأن ذلك للمؤمنين بالذات، وكذا الاستدلالُ بتخفيف العذاب عن أبي طالب، لأن ذلك مجازاة على إحسانه على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لا للشفاعة. كيف وقد نُهي عن الاستغفار له. وسيأتي منا زيادةُ تحقيقٍ إن شاء الله. وفي الحديث دليلٌ ظاهر لأهل الحق من جواز الشفاعة لأهل الكبائر على أن قوله: "قال من قلبه" معنى ركيك. وفيه أيضًا أن الشيخ يُنَبّهُ الطالب على مقدار فهمه، ويُرَغّبه في طلب العلم، كما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع أبي هريرة. فإن قلت: من قال: لا إله إلا الله مرةً، يجب أن يكون أسعدَ من سائر الناس؟ قلت: لا يلزم، لأنا قلنا: المراد: الزيادة المطلقةُ، ولو حمل على ذلك لا إشكال؛ لأنه أحوج الناس إلى الشفاعة، فمن ذلك الوجه أسعدُ.

35 - باب: كيف يقبض العلم

35 - بَابٌ: كَيْفَ يُقْبَضُ العِلْمُ وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ إِلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ: انْظُرْ مَا كَانَ مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاكْتُبْهُ، فَإِنِّي خِفْتُ دُرُوسَ العِلْمِ وَذَهَابَ العُلَمَاءِ، وَلاَ تَقْبَلْ إِلَّا حَدِيثَ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلم: «وَلْتُفْشُوا العِلْمَ، وَلْتَجْلِسُوا حَتَّى يُعَلَّمَ مَنْ لاَ يَعْلَمُ، فَإِنَّ العِلْمَ لاَ يَهْلِكُ حَتَّى يَكُونَ سِرًّا» حَدَّثَنَا العَلاَءُ بْنُ عَبْدِ الجَبَّارِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: كيف يُقبض العلمُ بضم الياء علي بناء المجهول (وكتب عمرُ بن عبد العزيز) الإمامُ العادلُ، والخليفةُ أشجُّ بني مروان. قيل: إنه أزهدُ في الدنيا من أويس القَرَني، تابعي جليلُ القدر (إلى أبي بكر بن حَزْم) -بالحاء المهملة وزاي معجمة-: أبو بكر اسمه وكنيتُه أبو محمد، كان قاضيًا لسليمان بن عبد الملك بالمدينة، وبعده لعمر بن عبد العزيز (انظرْ ما كان من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاكتُبْهُ) وقد بيَّن سببه بقوله: (فإني خِفْتُ دُروسَ العلم) من دَرَسَ الشيء إذا لم يبق له وجودٌ وفي المثل: العلم صيدٌ والكتابةُ قيدٌ ولولا الكتابة لم تَرَ في هذا الزمان حديثًا صحيحًا. (ولا تقبلْ إلا حديثَ النبي - صلى الله عليه وسلم -) تقبلْ بالخطاب، وبالغَيبة، وإنما أمره بأن لا يقبل إلا حديثَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لئلا يختلط به شيء من كلام الناس، كما أن في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يُكتَبْ إلا القرآن كما ذكرنا (وليَجْلِسُوا وليُفشوا) الأول بفتح الياء من الجلوس، والثاني بضم الياء من الإفشاء، وهو الإظهار. ويقرآن بكسر اللام وإسكانها، قرئ بهما في السبع (حتَّى يَعْلَم من لا يَعْلم) كلاهما بفتح الياء على بناء الفاعل، من العلم، ويروى الأول بضم الياء وتشديد اللام وفتحها من التعليم. (العلاء بن عبد الجبار) بفتح العين والمدّ (عبد العزيز بن مسلِم) -بكسر اللام-

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ: بِذَلِكَ، يَعْنِي حَدِيثَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ، إِلَى قَوْلِهِ: ذَهَابَ العُلَمَاءِ. 100 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ لاَ يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بِقَبْضِ العُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ المروزي، قال الذهبي: ثقة عابدٌ، يُعَدُّ من الأبدال (يعني: حديثَ عمرَ بنِ عبد العزيز إلى قوله: ذهاب العلماء) أي: من غير الزيادة المذكورة بعده. قال شيخ الإسلام: فعلى هذا يحتمل أن يكون ما بعده من كلام المصنف. قال: وكذا صَرَّح به أبو نُعيم، وإنما قدَّم المعلَّق على المسند لتلك الزيادة. وقيل: قدَّمه فرقًا بين إسناد الخبر وإسناد الأثر. هذا قول مخترعٌ ليس لأهل الحديث منه. ثم قال هذا القائل: وأما على رواية العلاء فظاهر، إذ غرضه أنَّه ما رُوي إلا بعضه، وهذا يشعر بأن هنا إسناد الخبر في غير رواية العلاء وليس كذلك، إذ ليس بعد ذلك التعليق إلا رواية العلاء. 100 - (إسماعيل بن أبي أويس) -بضم الهمزة- ابن أخت مالك (عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إن الله لا يقبض العلمَ انتزاعًا ينتزعُهُ من الناس) انتصاب انتزاعًا على أنَّه مصدر ينتزعه. قدَّمه عليه اهتمامًا، لأنه بصدد بيانه، وهذه الجملة حال من مفعول يقبض، ويجوزُ أن يكون مفعولًا مطلقًا ليقبض لأنه بمعناه. وينتزعه حينئذ صفة لـ "انتزاعًا". (ولكن يقبضُ العلمَ بقبض العلماء) إنما جَرَتْ عادتُهُ بقبض العلم على هذه الطريقة لا بأن العالم يبيتُ عالمًا، ثم يُصبح جاهلًا، وإن كان نسبة القدرة إليها سواء، وهذا لطفٌ منه، فإنه لم يرجع بما تفضل به، بل كما كان عالمًا في الدنيا يحشره يوم القيامة مع ذلك العلم، ولو نَزَعَهُ عنه كان عاريًا عنه. (حتَّى إذا لم يُبْقِ عالمًا، اتخذَ الناسُ رؤوسًا جهالًا) بضم الراء والتنوين في رواية

فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا» قَالَ الفِرَبْرِيُّ: حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ هِشَامٍ نَحْوَهُ. [الحديث 100 - طرفه في: 7307]. ـــــــــــــــــــــــــــــ البخاري مجازًا عن الرؤساء لأن الرأسَ أشرفُ الأعضاء. وروى مسلم بوجهين؛ أحدهما: ما في البخاري، والثاني: بضم الراء والمد. جمع رئيس وهو ظاهر. وقوله: "لم يبقِ عالمًا" نكرة في سياق النفي تدل على أن الضلال منتفٍ ما دام عالم موجودًا في كل قطرٍ يدفع الشُبَهَ، ويقول في الدين بالعلم. وهذا موجود في هذه الأمة إلى آخر الدهر لقوله: "لن تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق". فإن قلتَ: فذلك إنما لم يقبض العلم بأن يصبح العالِمُ جاهلًا، لئلا يكون رجوعًا عما تفضَّل به يرد عليه: أن كم من عالم يصبح جاهلًا؟ قلت: ذلك ليس مما نحن فيه، بل بسبب شؤم المعاصي، وقطع نظره عن ممارسة العلم، والمداومة على المذاكرة، إنما الكلام في سلب العلم كما أشرنا إليه بأن يمسي عالمًا ثم يصبح جاهلًا، كما أنبأ عنه لفظُ الانتزاع. قال بعض الشارحين: فإن قلتَ: إذا في قوله: "إذا لم يبق" للاستقبال، ولم للماضي، فكيف اجتمعا في كلمة؟ قلتُ: إذا جعل نفي البقاء مستقبلًا، ولم يجعل البقاء ماضيًا فلا إشكال. وهذا وهمٌ؛ فإن نفي البقاء ماضٍ، وإذا ليس للشرط، بل لمجرد الزمان، كما قال سيبويه: إذا يقوم زيد أو يقوم عمرو بأنهما مبتدأ. والمعنى: إن أمر العلم مستمر إلى وقت فناء العلماء، وبعد فنائهم، أو أشار بلم إلى تحقّق وقوعه. وإن تأخر كما ذكر نظيرَهُ صاحبُ "الكشاف" في قوله تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبَّكَ} [الضحى: 5]. (فسُئِلوا فَأفْتَوا بغير علمٍ، فضَلّوا وأضلُّوا) ثم قال: أو تعارضًا فتساقطا، أو تعادلا فاستمرا لأمرٍ. وهذا كلامٌ مخترَعٌ ليس له أصل في العربية. ثم قال: فإن قلتَ: الضلَال مقدَّم على الإفتاء، فكيف أخره عنه؟ قلت: المركب من الضلال والإضلال متأخر عن الإفتاء، وهذا ليس بصواب؛ لأن الضَّلال والإضلال لا تركيب بينهما. والصوابُ أن السؤالَ ساقطٌ، إذ لا ضَلَالة قبل الإفتاء، وإنما حَصَلَ له الضلالُ بعد

36 - باب: هل يجعل للنساء يوم على حدة في العلم؟

36 - بَابٌ: هَلْ يُجْعَلُ لِلنِّسَاءِ يَوْمٌ عَلَى حِدَةٍ فِي العِلْمِ؟ 101 - حَدَّثَنَا آدَمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ الأَصْبَهَانِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ ذَكْوَانَ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قَالَتِ النِّسَاءُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ، فَوَعَدَهُنَّ يَوْمًا لَقِيَهُنَّ فِيهِ، فَوَعَظَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ، فَكَانَ فِيمَا قَالَ لَهُنَّ: «مَا مِنْكُنَّ امْرَأَةٌ تُقَدِّمُ ثَلاَثَةً مِنْ وَلَدِهَا، إِلَّا كَانَ لَهَا حِجَابًا مِنَ النَّارِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ الإفتاء خطأً من غير دليل وعلم. وأضلَّ غيرَهُ بذلك، وله من هذا النَّمط كلمات أُخَر أعرضْنا عنها لظهور فسادها. باب: هل يُجعَل للنساء يومٌ على حدة في العلم حِدَة -بكسر الحاء- مصدر وحد، والتاء عوضٌ عن الواو كما في عِدَة. والجار والمجرور في محل النصب على الحال. 101 - (آدم) ابن إياس بكسر الهمزة (ابن الأصبهاني) هو عبد الرحمن بن عبد الله الكوفي. مولى جديلة قيس، وأَصبهان -بفتح الهمزة وكسرها- بلدة معروفة من عراق العجم، ويقال بالفاء أيضًا (سمعتُ أبا صالح ذكْوان) -بالذال المعجمة- هو السَمَّان (غَلَبنا عليكَ الرجال) بفتح الباء ومعنى الغلبة عليه: اختصاصه بهم من غير مشاركة النساء؛ لأنهم لا يقدرون على مخالطة الرجال، والاستفادة معهم، فكأنهم أخذوه منهنَّ قهرًا. وفي رواية: قالت امرأةٌ: يا رسول الله، ذَهَب الرجالُ بحديثك، وهو معنى ما أشرنا إليه من الغلبة. (فاجعل لنا يومًا من نفسك) أي: من أوقات نفسك يومًا مخصوصًا بنا لا يشاركنا فه أحدٌ من الرجال؛ لتبلغ المقصودَ على وجه الراحة (فَوَعَدَهُنّ يومًا لقيهنّ فيه) -بفتح اللام وكسر القاف- أي: صادفَهُنّ، من اللقاء بمعنى المصادفة دون الرواية (فوعظهُنَّ وأَمَرهُنّ) أي: ذكّرهن بأمور الآخرة، وأمرهُن بما يجب ويحرُمُ عليهن من أحكام الدنيا، وأدرج النهيَ في الأمر، لأنه كفّ النفس، فهو أمرٌ معنًى، أو اكتفى بأحد الضِدّين، كما في قوله تعالى: {سَرَابِيْلَ تَقِيْكُمُ الحَرَّ} [النحل: 81]. (ما منكنّ امرأةٌ تُقَدِّمُ ثلاثة من ولدها، إلا كان لها حجابًا من النار) "كان": تامة،

فَقَالَتِ امْرَأَةٌ: وَاثْنَتَيْنِ؟ فَقَالَ: «وَاثْنَتَيْنِ». [الحديث 101 - طرفاه في: 1249، 7310]. 102 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَصْبَهَانِيِّ، عَنْ ذَكْوَانَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَصْبَهَانِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «ثَلاَثَةً لَمْ يَبْلُغُوا الحِنْثَ». [الحديث 102 - طرفه في: 1250]. ـــــــــــــــــــــــــــــ وحجاب: فاعلُها. ويجوزُ أن تكون ناقصةً، وفيها ضمير ما قدم، و"لها حجاب": جملة وقعت خبرها، وقد يُروى بنصب حجاب. ففي كان ضمير "ما" قُدَّم قطعًا. وتذكير الثلاثة باعتبار الولد الشامل للذكر والأنثى (قالت: واثنين) عطف على ثلاث في قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومثله يُسمَّى بالعطف التلقيني، أي: قل واثنين. ذكره صاحب "الكشاف" في قوله تعالى: {قَالَ وَمِنْ ذُرِيَتِي} [البقرة: 124] بعد قوله تعالى: {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلْنَّاسِ إِمَامًا} [البقرة: 124] لكنه قال: هو كعطف التلقين تأدبًا؛ لأن الكلامَ مع الله تعالى. ومن فوائد هذا الأسلوب: المبالغةُ في جعله من تتمة كلام المتكلم كأنه تحقّق منه كالمعطوف عليه. ومن فوائده أيضًا: التحاشي عن صورة الأمر، لتعالي المخاطب مع الاختصار الَّذي يروق كل سامع. واختصر في البخاري على الاثنين. ورَوَى الإمام أحمد وابن ماجة عن معاذ بن جبل أنَّه قيل له: وواحد؟ قال: "وواحد". ورَوَى الترمذي عن عائشة: "من كان له فرطان" قلتُ: ومن كان له فرط؟ قلت: قال: "ومن كان له فرط". قلت: ومن لم يكن له فرط؟ قال: "أنا له فرط لن تُصابوا بمثلي". 102 - (بشار) بالموحدة وتشديد المعجمة (غُنْدَر) -بضم المعجمة وفتح الدال- أصله غُدَر على وزن عمر، والنون زائدة، لقبٌ لمحمد بن جعفر (عن عبد الرحمن بن الأصبهاني) ذكره باسمه هنا بخلاف السند المتقدم محافظةً على الألفاظ المسموعة من المشايخ (عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذا) أي: بالحديث المذكور من غير زيادة ولا نقصان (وعن عبد الرحمن بن الأصبهاني قال: سمعتُ أبا حازم عن أبي هريرة [قال: ثلاثة، لم يَبْلُغوا الحِنْثَ) أي: الوقت

37 - باب من سمع شيئا فلم يفهمه فراجع فيه حتى يعرفه

37 - بَابُ مَنْ سَمِعَ شَيْئًا فَلَمْ يَفْهَمْهُ فَرَاجَعَ فِيهِ حَتَّى يَعْرِفَهُ 103 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي ـــــــــــــــــــــــــــــ الَّذي يكتب عليهم الإثم وهو سنُ البلوغ، وفي هذا الطريق فائدتان: إحداهما: لفظ السماع، فإنه يدفع وَهْم التدليس. والثانية: قيد الحنث، فإنه لا بُدّ منه، والحكمة في ذلك شدة المحبة للصغير دون الكبير غالبًا. واعلم أنَّه يذكر في هذا الكتاب أبا حازم -بالحاء المهملة وزاي معجمة- وهما تابعيان كلاهما. أحدهما: روى عن أبي هريرة وهو أبو حازم الأشجعي، واسمه: سلمان مولى عنزة الأشجعية، كوفي. والآخر: سلمة بن دينار الأعرج الزاهد، مولى الأسود بن سفيان، يروي عن سهل بن سعد الساعدي. قال بعضُ الشارحين: هذه الزيادة يعني قوله: "لم يبلغوا الحِنْثَ" يحتمل وقفها على أبي هريرة. قلتُ: وقع هذا الاحتمال روايته عنه في باب الجنائز مرفوعًا. وأما تخصيصُ النساء بالذكر فلأن الخطاب كان معهن. وقد روى في كتاب الجنائز: "ما من مسلم يقدم ثلاثة" وفي رواية الإمام أحمد وابن ماجة: "ما من مسلمين" وفي رواية الترمذي: "من قوم" وهذه الروايات تتناول الرجال والنساء على السواء. باب: من سَمِع شيئًا فلم يفهمه فراجَعَ حتَّى يَعْرفَهُ وفي بعضها: فراجع فيه، وهذا أصله، والرواية الأولى بنزع الخافض، ثم إيصال الضمير ثم حذفه. 103 - (سعيد بن أبي مريم) يروي عنه البخاري بلا واسطة، وروى عن محمد بن عبد

مُلَيْكَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَانَتْ لاَ تَسْمَعُ شَيْئًا لاَ تَعْرِفُهُ، إِلَّا رَاجَعَتْ فِيهِ حَتَّى تَعْرِفَهُ، وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ حُوسِبَ عُذِّبَ» قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ أَوَلَيْسَ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} [الانشقاق: 8] قَالَتْ: فَقَالَ: ـــــــــــــــــــــــــــــ الله الذهلي عنه في سورة الكهف فقط (ابن أبي مُلَيكة) هو: عبد الله بن عُبَيد الله بن مُلَيْكة -بضم الميم مصغر ملكة- واسمه زهير (أن عائشة) - بالهمزة بعد الألف (زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -) زوجُ الشيء: قرينُهُ، يُطلق على الذكر والأنثى، وقد تلحق التاء بالأنثى. (كانت لا تَسْمَعُ شيثًا لا تعرفه إلا راجعَتْ فيه) وفي بعضها: إلا راجعته، على حذف الجار وإيصال الضمير، وفي لفظ: كان، دلالة على أن هذا كان على الاستمرار. وقوله: إلا راجعت. مؤول؛ لأن الفعل لا يقع مستثنى، وتقدير الكلام: لم يكن ذلك الشيء الذي لا تعرفه ملزومًا لشيء إلا للمراجعة. فإن قلت: كان فعل ماض، وتسمع: مستقبل، فكيف وقع خبرًا له؟ قلتُ: هو على طريق حكاية الحال. نظيره: سرتُ أمسِ حتَّى أَدخُل البلد. وفائدتُهُ تصويرُ الماضي بصورة الحال المشاهَد (وأن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: من حوسب عُذب) عطف على أن عائشة، هذا الكلام من ابن [أبي] مُلَيكة، وإن كان صورته صورة الإرسال إلا أنَّه في حكم المسند، لأن البخاري رواه في باب: من نُوقش الحساب عُذّب مسندًا عنه من طريق عبيد الله بن موسى. والمرسل إذا أسنده ثقة غير الراوي الأول يخرج عن الإرسال فضلًا عن رواية المرسل. وأما الاستدارك على البخاري بأنه رواه تارةً عن ابن أبي مُلَيكة عن عائشة، وتارةً عنه عن القاسم بن محمد عن عائشة فساقطٌ؛ لأن ابن أبي مُلَيكة قد سمعه أولًا من القاسم فرواه كذلك، ثم سمعه من عائشة فرواه عنها. (قالت عائشة فقلت: أوليس الله يقول: {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} [الإنشقاق: 8]) هذا موضعُ الدلالة على ما ترجم له، تقدير الكلام: وتقول ذلك أليس الله يقول في شأن المؤمن فسوف يُحاسَبُ حسابًا يسيرًا. فالهمزةُ للإنكار، دخلَتْ على النفي. أفاد الكلام تقرير الحكم، أي: قد قال، لأن نفي النفي إثباتٌ، مثله قوله تعالى: {أَلَيْسَ اللهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} [الزمر: 36] وفي بعضها: أليس يقول الله فنفى ليس ضمير الشأن. وقد يقال: الاستفهام للتقرير بما يفهمه المخاطب لا لما دخلت عليه، وإنما قُدَّمت على الواو، لأن لها

38 - باب: ليبلغ العلم الشاهد الغائب

"إِنَّمَا ذَلِكِ العَرْضُ، وَلَكِنْ: مَنْ نُوقِشَ الحِسَابَ يَهْلِكْ" [الحديث 103 - أطرافه في: 4939، 6536، 6537]. 38 - بَابٌ: لِيُبَلِّغِ العِلْمَ الشَّاهِدُ الغَائِبَ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ صدر الكلام، ومآله إلى ما قلنا. وقد رواه بعضُهم هكذا: أكان كذلك وليس يقول الله عز وجل. وهذا فسادُهُ ظاهر، وكذا جعل ليس بمعنى لا، حتَّى لا يحتاج إلى الاسم لم يوجد في كلام العرب. (إنما ذلك العرض ولكن من نُوقش في الحساب عُذّب) ذلكِ: بكسر الكاف لأنه خطابٌ لعائشة، والعرضُ النظر في عمل العبد كما يعرض السلطان عَسْكَرَهُ من غير نقاش ومبالغة في ذلك، والمناقشة السؤالُ على وجه التدقيق بالكشف عن النقير والقطمير. أصله: نَقَشَ الشوكة إذا أخرجها من جسمه بالمنقاش، وذلك لأن التقصير غالب على الناس. قال النووي: قوله: "عذب". يجوزُ أن يكون ذلك العذاب نفس المناقشة، وأن يكون العذابُ بالنار، وهذا هو الظاهر لقوله في الرواية الأخرى: "يهلك" مكان: "يعذب". وفي الحديث فوائد إثبات الحساب وتنوعه إلى العرض والمناقشة. وفيه بيانُ فضل عائشة وقوةُ فهمها، ومقابلة السنة بالكتاب، وجواز المناظرة وغيرها، مما يظهر بالتأمل والله أعلم. باب: ليُبَلِّغ الشاهدُ الغائبَ (قاله ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -) ذكره تعليقًا عنه بقوته لما أسنده بعده، وقد رواه عنه مسندًا في باب الحج. قال ابنُ الصلاح: ما يذكره البخاري تعليقًا بصيغة الجزم، ليس من قبيل الضعيف، بل صحيح معروف الاتصال، وقد يفعل ذلك لكون الحديث مذكورًا في كتابه مسندًا متصلًا، وقد يفعل ذلك لأسباب أُخَر لا يصحبها خَلَلُ الانقطاع، فسقط ما يقال: إن مثل هذا التعليق يُسمى معضلًا.

104 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدٌ هُوَ ابْنُ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ، أَنَّهُ قَالَ لِعَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ: - وَهُوَ يَبْعَثُ البُعُوثَ إِلَى مَكَّةَ - ائْذَنْ لِي أَيُّهَا الأَمِيرُ، أُحَدِّثْكَ قَوْلًا قَامَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الغَدَ مِنْ يَوْمِ الفَتْحِ، سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ وَوَعَاهُ قَلْبِي، وَأَبْصَرَتْهُ عَيْنَايَ حِينَ تَكَلَّمَ بِهِ: حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: " إِنَّ مَكَّةَ حَرَّمَهَا اللَّهُ، وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ، فَلاَ يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ أَنْ يَسْفِكَ بِهَا دَمًا، وَلاَ يَعْضِدَ بِهَا شَجَرَةً، ـــــــــــــــــــــــــــــ 104 - (عن أبي شُرَيح) بضم المعجمة مصغر شرح بالحاء المهملة، خويلد بن عمرو. قال النووي: أو عكسه. وقيل: اسمه عبد الرحمن، وقال هانئ: الخزاعي الكعبي. (قال لعمرو بن سعيد وهو يبعث البُعُوثَ إلى مكة) عمرو بن سعيد هذا هو ابن سعيد بن العاص الأموي، المعروف بالأشدق. خرج على عبد الملك بن مروان ثم قتله في داره غدرًا، ولما حضر عبدَ الملك الوفاةُ، قال لأولاده: احفظوا هذا السيف، فانه قتلتُ به عمرًا. والبُعُوث -بضم الباء- جمع بعث -بفتحها وسكون العين- قال الجوهري: هي الجيوش، وكان إرساله تلك البعوثَ لقتال ابن الزبير (ائذن لي أيها الأمير، أحدّثك حديثًا قام به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الغَدَ من يوم الفتح) أي: يأتي يوم الفتح، ومعنى القيام به أنَّه خطب به (سمعَتْهُ أُذَنَاي) أي: لفظ ذلك (ووعاه قلبي) أي: معناه، وأبصرته عيناي. أي: ما يمكن رؤيته من تحريك الشفتين واللسان (إن مكة حَرَّمها الله ولم يُحَرّمها الناس). فإن قلت: قد جاء في الرواية الأخرى: "إن إبراهيم حرَّم مكة"؛ قلت: مجاز عن إظهار ما حرَّم إذ لا حكم [إلا] لله تعالى وتقدس. (يؤمن بالله واليوم الآخر) أي: بالمبدأ والمعاد، وهذا مثل قوله تعالى: {هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} [البقرة: 2] وإن كان هدًى للناس كافة؛ لأن المتقين هم الذين انتفعوا بها (أن يَسْفِكَ بها دمًا). السَّفْكُ: الإراقةُ مع الكثرة في كل مائع. قال ابن الأثير: وهو بالدم اختصّ (ولا يَعْضِدُ بها شجرةً) أي: لا يقطع، وكذا حكم سائر ما ينبت بنفسه إلا الإذخر، كما سيأتي

فَإِنْ أَحَدٌ تَرَخَّصَ لِقِتَالِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا، فَقُولُوا: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَذِنَ لِرَسُولِهِ وَلَمْ يَأْذَنْ لَكُمْ، وَإِنَّمَا أَذِنَ لِي فِيهَا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، ثُمَّ عَادَتْ حُرْمَتُهَا اليَوْمَ كَحُرْمَتِهَا بِالأَمْسِ، وَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ " فَقِيلَ لِأَبِي شُرَيْحٍ مَا قَالَ عَمْرٌو قَالَ: أَنَا أَعْلَمُ مِنْكَ يَا أَبَا شُرَيْحٍ لاَ يُعِيذُ عَاصِيًا وَلاَ فَارًّا بِدَمٍ وَلاَ فَارًّا بِخَرْبَةٍ [الحديث 104 - طرفاه في: 1832، 4295]. ـــــــــــــــــــــــــــــ صريحًا، وأما ما استنبته الناس، فلا بأس به أيَّ نوع كان (فإن أحدٌ تَرَخَّص لقتال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: مستدلًا على ذلك بوقوع القتال من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وارتفاع "أحدٌ" على أنَّه فاعلُ فعلِ فَسَّره تَرَخَّص (فقولوا: إن الله أَذِنَ لرسوله) إشارةً إلى بطلان القياس بأنه معدول عن سنن القياس، لأنه من خواصّه. (وإنما أذن لي ساعةً من نهار) نكره ليتناول كل يوم من الأسبوع على سبيل البدل وهو يوم دخوله مكة إن قاتله المشركون. والمراد بالساعة حصّة من ذلك النهار، وهو مقدار ما يحتاج إليه، لا الساعة العرفية وهي جزء من أربعة وعشرين جزءًا من يوم وليلة (ثم عادت حُرْمَتُها اليوم كحُرمتها بالأمس) أي: قبل الإذن بالقتال فيها أو بعد الإذن فيكون المراد من قوله: "ثم عادت حرمتها اليوم" استمرار الحرمة، قيل: يجوزُ أن يُراد باليوم ما بين طلوع الشمس إلى الغروب، واللام فيه للعهد إشارةً إلى يوم الفتح. وهذا فاسدٌ؛ لأن يوم الفتح كان مأذونًا له فيه القتال، وهذا القول إنما صَدَر عنه الغد من الفتح، كما صَرَّح به أبو شُرَيح، وإنما التبس عليه من لفظ الأمس فظنَّهُ أمس يوم الفتح، وليس كذلك، بل هو يوم الدخول، قبل الدخول أو بعده، إن لم يقاتله أحد. (لا يُعيذُ عاصيًا ولا فارًا بخَربة) الضمير في لا يُعيذ لمكة. والخَرْبة بفتح الخاء وسكون الراء وكسرها وقد تضم الخاء مع سكون الراء. قال الجوهري ناقلًا عن الأصمعي: إنها سرقة الإبل خاصة، وقال ابن الأثير: لكن اتسع فيها. والمراد بها هنا مطلقًا: الجناية والبلية، فإن مكة لا تجيره. وفي رواية الترمذي: "بخزية" -بالزاي المعجمة- من الخزي، وهو الفضيحة والمعنى واحد. وعلى كل تقدير من عطف الخاصّ على العام.

105 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الوَهَّابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: مَنِ المُصيبُ في هذه المناظرة، عمرو بن سعيد أم أبو شُريح؟ قلتُ: أبو شُريح؛ لأن القتال لا يحل بمكة بنص الحديث. وابنُ الزبير كانت الخلافة له باتفاق أهل الحل والعقد، وكان عمرو خارجيًّا وقوله: "لا يُعيذ عاصيًا ولا فارًا بخربة". محمول عند الشافعي على ظاهره، فيُقتَصُ من الجاني، وإن تحصّن بها البُغَاة يقاتلون، لأن ذلك من حقوق الله. وفيه إشكال. وعند أبي حنيفة: من لزمه القتلُ بردة أو قصاص والتجأ إلى الحرم، لا يتعرض له، ولكن لا يطعم ولا يسقى ليضطر إلى الخروج. وظاهر الحديث دل على أن مكة فُتحت عنوة، كما قاله أبو حنيفة ومالكٌ وأحمد. وقال الشافعي: معنى قوله: "إن ترخص أحدٌ لقتال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " للإذن فيه. قال النووي: إنما أولّه الشافعي لما ثبت بالأحاديث المشهورة أنَّه صالَح أهل مكة وهو بمرّ الظهران قبل دخول مكة، وفائدة هذا الخلاف أنَّه مَنْ قال: فُتحت صلحًا، يجوزُ بيعُ دُور مكة، ومن قال: فُتحت عنوةً لا يجوزُ ذلك. وقال: تركها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للناس سواء. فإن قلت: لو كانت عنوة لكانت أرضُها خراجيةً؟ قلتُ: ذكروا أن أرض مكة مستثناة. ومن فوائد الحديث وجوب الأمر بالمعروف بقدر الإمكان، وجواز القياس وعدم جوازه مع الفارق. وجواز مخالفة المجتهد للصحابي، وشرف مكة وثبوت خواص رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. 105 - (حَمَّاد) بفتح الحاء وتشديد الميم (عن محمد) هو ابن سيرين (عن ابن أبي بكرة) اسمُهُ عبد الرحمن (عن أبي بكرة) تقدم أن اسمه نُفيع بن الحارث. قال الغَسّاني: قد يوجد في بعض النُسَخ عن محمد عن أبي بكرة، بإسقاط ابن أبي بكرة، وفي بعضها: عن محمد بن أبي بكرة بإسقاط عن أبي بكرة، وكلاهما لحنٌ فاحشٌ، وذلك أن محمدًا هو ابن سيرين، وابن أبي بكرة: عبد الرحمن. يروي عن أبيه. تقدم الحديث، كذلك في باب "رُبَّ مُبَلَّغ أوعى من سامع". قال بعضُ الشارحين ناقلًا عن الغساني ما نقلنا عنه من الوهم، وفي بعضها: عن محمد بن أبي بكرة عن أبي بكرة بتبديل: عن، بلفظ: ابن. هذه عبارته ولم ينقله على الصواب؛ إذ لا تبديل فيه، بل ترك لفظ عن، من: ابن، كما ذكرناه.

ذُكِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ - قَالَ مُحَمَّدٌ وَأَحْسِبُهُ قَالَ - وَأَعْرَاضَكُمْ، عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، أَلاَ لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ مِنْكُمُ الغَائِبَ». وَكَانَ مُحَمَّدٌ يَقُولُ: صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ ذَلِكَ «أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ» مَرَّتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ (ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم -) بنصب النبي، أو بتقدير قال، كما في بعض النسخ، لأنه مفعول ذكر، والفاعل أي: الذاكر هو ابن أبي بكرة. (فإن دماءَكم وأموالكم) بدل من النبي - صلى الله عليه وسلم - بدلَ اشتمالٍ (وقال محمد: وأحسِبُهُ قال: وأعراضَكم) أي: ظنَّ أن ابن أبي بكرة قال هذه الزيادة أيضًا. (ألا هل بلّغتُ مرتين) من كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقول البخاري: (وكان محمد يقول: صَدَقَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) جملةٌ معترضة. قال بعض الشارحين: قوله: "هل بلغت" متعلق بقال مقدَّرًا، ولا يجوزُ أن يكون متعلقًا بقال المذكور سابقًا، وإلا يلزم أن يكون المجموع مذكورًا مرتين، ولم يثبُتْ ذلك. قلتُ: قد ثَبَتَ ذلك من رواية ابن عباس في كتاب الحج، فإنه قال بعد قوله: "في شهركم هذا" فأعادها مرارًا ثم رأيته وقال: "اللهم هل بلَّغتُ؟ اللهم هل بلَّغتُ؟ " ولولا ذلك لأمكن أن يكون هل بلّغتُ من كلام ابن سيرين قال ابن بَطَّال: لما أَخَذَ اللهُ العهدَ على الأنبياء أن يُبَلّغوا، والعلماء ورثة الأنبياء وَجَبَ عليهم أيضًا أن يبلغوا. قلتُ: لا حاجة إلى القياس، قد نَطَق القرآنُ بالعهد على العلماء. قال الله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ} [آل عمران: 187] ولا يجوزُ أن يراد بهم الأنبياء لقوله بعده: {فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ} [آل عمران: 187] ورَوَى أبو داود والترمذي: "من كَتَم علمًا أُتي يوم القيامة ملجومًا بلجامٍ من النار"، وزاد ابن مَاجَة: "علمًا مما ينفع الله به الناس".

39 - باب إثم من كذب على النبي صلى الله عليه وسلم

39 - بَابُ إِثْمِ مَنْ كَذَبَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 106 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الجَعْدِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْصُورٌ، قَالَ: سَمِعْتُ رِبْعِيَّ بْنَ حِرَاشٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَلِيًّا، يَقُولُ: ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: إثمُ مَنْ كَذَبَ على النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - كذبُ الخبر: أن لا يكون مطابقًا لنفس الأمر، وكذب المُخْبِر: أن لا يكون إخباره مطابقًا، فإن الكذب كما يكون وصفًا للخبر يكون وصفًا للمُخْبِر. ومعنى الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يُنسَبَ إليه قول أو فعلٌ لم يَصْدُرْ عنه سواء كان ذلك في نفسه حسنًا أو قبيحًا. وقد غَلِطَ الكرَّامية في فَهْم الحديث، فجَوَّزوا وَضْعَ الحديث إذا كان فيه ترغيبٌ أو ترهيبٌ، وقالوا: إنما مَنَع من الكذب عليه، وهذا كذبٌ له، وهذا وهمٌ باطلٌ، لأن ذلك شرع ما لم يشرعه، فكيف يكون له؟ على أنَّه قد جاء في الرواية: "مَنْ قال عَنّي ما لم أَقُلْهُ" وهذا قاطعٌ دابرَ شبهتهم. فإن قلتَ: قد روى البزار وغيره زيادةً وهي: "ليضلّ به الناس" (2) فهذا يدل على ما قالوه؟ قلتُ: حديث مرسل، وفي سنده ضعفٌ و [على] تقدير ثبوته: اللام فيه للعاقبة لا للعلة كقوله تعالى: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام: 144]. 106 - (علي بن الجَعْد) بفتح الجيم وسكون العين (منصور) هو ابن المعتمر العالم الرباني، قد ذكرنا أنَّه لمّا مات قالت بنتٌ لجارٍ له: يا أبتِ، أين العمود الَّذي كان في بيت منصور؟! قال: يا بُنَيَّة، ذاك منصور؛ كان يصلي بالليل. (رِبْعي بن حِرَاش) -بكسر الراء وسكون الموحدة- نسبه إلى أحد أجداده. قال: الجوهري: رِبْعٌ: رَجُلٌ من هُذيل. ويجوزُ أن يكون كذا عَلَمًا له مثلَ حرمي. وهذا أقربُ، لأن أبا الفضل المقدسي قال: إنه من غطفان. وقيل: من قيس. وهو الَّذي تكلَّم بعد الموت، وحِرَاش بكسر الحاء آخره معجمة (سمعتُ عليًّا) هو ابنُ أبي طالب الأسدُ الكرَّار

قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ تَكْذِبُوا عَلَيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَلِجِ النَّارَ». 107 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قُلْتُ لِلزُّبَيْرِ: إِنِّي لاَ أَسْمَعُكَ تُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا يُحَدِّثُ فُلاَنٌ وَفُلاَنٌ؟ قَالَ: أَمَا إِنِّي لَمْ أُفَارِقْهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ والبحر الزَخَّار علمًا وجُودًا وشجاعةً، وهو أخو الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وزوج البتول، قل عن مناقبه ما تقول. (قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا تكذبوا عليَّ فإنه مَنْ كَذَبَ عليَّ فَلْيَلج النار) الضمير للشأن، ومعنى الكذب عليه قد كشفنا الغطاء عنه، وكان ظاهر الكلام: من كذب علي يَلجِ النار، وإنما أبرزه في صورة الأمر دلالةً على التحقيق، كأنه مأمور بذلك حتمًا واجبًا. قال النووي: ذَهَبَ جمعٌ من الأئمة منهم الإمام أحمد والحُميديُّ -شيخ البخاري- إلى أن من كَذَب عليه متعمدًا، سقطتْ روايتُهُ، ولم تُقبل توبتُهُ، ثم قال: ما قالوه مخالفٌ للقواعد الشرعية، والمختار قبولُ توبته إذا وُجدت شرائطها. فإن قلتَ: أيُّ فرقٍ بين الكذب عليه وعلى غيره؟ قلتُ: الفرقُ ظاهر؛ فإن الكذب عليه شرعُ ما لم يشرعْهُ، وإضلالُ أمته إلى آخر الدهر، بخلاف الكذب على غيره. وأجاب بعضهم بأن الكذبَ عليه كبيرة، وعلى غيره صغيرة. والصغيرة مكفرة باجتناب الكبائر. وهذا غلطٌ، كيف لا وقد عَدّ قول الزور من أكبر الكبائر؟ وقد تقدَّم في كتاب الإيمان: "ولا تأتوا بِبُهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم"، وفي الجملة: الكذبُ عمدًا لا يتوقف أحدٌ في كونه كبيرةً، ولأي معنىً أكثَرَ الله ذِكرَهُ في كتابه؟ 107 - (أبو الوليد) هشام بن عبد الملك الطيالسي (جامع بن شَدَّاد) بفتح الشين وتشديد الدال (عن أبيه) أبي الزبير بن العوام ابن عَمَّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَحَوارِيُّهُ، وابنه عبد الله أولُ مولود وُلد بالمدينة، وأولُ شيءٍ دَخَل بطنَه ريقُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وهو القائل: (قلتُ للزبير: إني لا أسمعُك تُحدِّثُ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كما يُحدِّثُ فلانٌ وفلانٌ) كنايةً عن أعلام أشخاص يكثرون الروايةَ كأبي هريرة (قال: أَمَا إني لم أُفارقْهُ) -بفتح الهمزة وتخفيف الميم- حرف

وَلَكِنْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ». 108 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ، قَالَ أَنَسٌ: إِنَّهُ لَيَمْنَعُنِي أَنْ أُحَدِّثَكُمْ حَدِيثًا كَثِيرًا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ تَعَمَّدَ عَلَيَّ كَذِبًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ». 109 - حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه يريد: عدمَ المفارقة في أكثر الأحوال، وإلا فقد هاجر الزبيرُ إلى الحبشة. (ولكن سمعتُهُ يقول: من كَذَبَ عليَّ فليتبوأ مقعَدَهُ من النار، أي: فليتخذ له منزلًا في النار، مشتق من المباءة -بفتح الميم والباء الموحدة، وفتح الهمزة- وهو المنزل. وأصلُ الكلام: من كذب علي يدخل النار، وإخراجه في صورة الأمر، لما أشرنا إليه في قوله: "فليلج النار" وهذا أبلغُ في الوعيد من ذلك، لأنه أمره باتخاذ المنزل الدالّ على الإقامة. فإن قلت: يلزم من هذا كتمانُ العلم وترك تبليغ ما سمعه؟ قلتُ: لا يلزم؛ لأن حاصلَهُ أن لا يحدّث إلا بما يَتَيَقَّنُهُ من غير شُبهة، والأمر كذلك لا يجوزُ أن يحدث عنه إلا إذا كان مُتَيقنًا. 108 - (أبو مَعْمر) -بفتح الميمين بينهما عين ساكنة- عبد الله بن عمرو المنقري البصري (قال أنسٌ: إنه ليَمْنَعُني أن أُحدِّثكم حديثًا كثيرًا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: من تَعَمَّد عليَّ كذبًا فليتبوأ مقعده من النار) تقدَّم تحقيقُه في حديث الزبير قبله، وفي هذه الطريقة زيادةُ قيدِ العمد، وهي زيادة حسنةٌ لا بُدَّ منها. 109 - (مكي بن إبراهيم) يكنى أبا السكن، سمع سبعة عشر تابعيًّا (عن يَزيد بن أبي عُبَيد) من الزيادة (عن سَلَمة بن الأكوع) -بفتح السين واللام، وبفتح الهمزة وسكون الكاف- جده، وهو ابن عمرو بن الأكوع، أسلمي يكنى أبا مسلم، وقيل: أبا عامر، وقيل: أبا إياس. قال ابنُ عبد البر: [...] أحد شجعان الصحابة، وكان يسبق الخيل جَرْيًا على رجليه، بايعه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - تحت الشجرة ثلاث مراتٍ، وكان ذلك اليوم يخدم طلحة.

«مَنْ يَقُلْ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ قال ابن إسحاق: هو الَّذي كلمه الذئب. قال سلمة: رأيت الذئب أَخَذ ظبية فأدركتُه، فنزعتُ منه. فقال: ويحَكَ مالي ولَكَ، عمدْتَ إلى رزقٍ رزقني الله، ليس من مالك فنزعتَهُ مني؟ قلتُ: يا للعجب!! ذئبٌ ويكلم؟ قال: أعجبُ من هذا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - في أصول النخل يدعوكم إلى الله، وتعبدون الأصنام!!. وهذا الحديثُ إسناده من أعالي أسانيد الأحاديث، بين البخاري وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة، وله من هذا القبيل أحد وعشرون حديثًا، مدار أكثرها على سلمة. (مَنْ يَقُلْ علي ما لم أَقُلْ) هذا أخصُّ مفهومًا من الذي تقدم، لأن الكذب عليه تارةً في قوله، وتارةً يكون في فعله، ولعله خَصَّه بالذكر لأنه أكثر ما يُكذب عليه في الأقوال. فإن قلتَ: تارةً يذكر التعمُّد، وتارةً لم يذكره، فكأنه يشير فعلُه إلى عدم الفرق؟ قلتُ: المطلق محمولٌ على المقتد لدلالة قوله: "رُفع عن أمتي الخطأُ النسيان" على عدم المؤاخذة، في الخطأ، ولفظ: ما، يتناول الكلمة وما فوقها. فإن قلتَ: هَّلا يقال: إن هذا الحديث متواتر أولًا؟ قلتُ: متواتر قطعًا. قال النووي: رواه من الصحابة مئتان. قال شيخ الإسلام: لا يَنْحَصِرُ التواترُ فيه، بل حديث: "مَنْ بَنَى لله مسجدًا" والمسح على الخفين، .........................................................

110 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «تَسَمَّوْا بِاسْمِي وَلاَ تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي، ـــــــــــــــــــــــــــــ وحديث الشفاعة، والحوض، كلها متواترة. قلتُ: وكذا مقادير الزكاة وأعداد الركعات في الفرائض. 110 - (أبو عَوَانة) -بفتح العين- الوضاح الواسطي (عن أبي حَصِين) -بفتح الحاء وكسر الصاد- عثمان بن عاصم الأسدي، وليس في البخاري ومسلم حَصين -بفتح الحاء- غيرُهُ. (تَسمَّوا باسمي) بفتح التاء وتشديد الميم مع الفتح، أي: اجعلوا أسماءَكم وأسماءَ أولادكم محمدًا (ولا تَكْنّو بكنيَتي) بفتح التاء والنون المشددة، ويُروى بضم التاء وضم النون المشددة من التكنية. وتَكْنوا: -بفتح التاء وإسكان الكاف- من الكنية. وفي رواية مسلم: "اكتنوا" من الاكتناء على وزن الافتعال. قال النووي: اختلف العلماءُ في هذه المسألة؛ فذهب الشافعيُ إلى عدم الجواز في عصره وبعده مستدلًا بهذا الحديث. وقال مالك: يجوزُ لأن سبب وُرود الحديث أن رجلًا نادى بالبقيع، يا أبا القاسم؟ فالتفت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقال الرجل: ما دعوتُك، إنما دعوتُ فلانًا، وقد زال ذلك المانع.

وَمَنْ رَآنِي فِي المَنَامِ فَقَدْ رَآنِي، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَتَمَثَّلُ فِي صُورَتِي، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» [الحديث 110 - أطرافه في: 3539، 6188، 6197، 6993]. ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: فعلى هذا لا يكون هذا نسخًا بل انتهاء للحكم بانتهاء دليله وعلته كسقوط سَهْم المؤلفة من الصدقات. فإن قلتَ: إذا كان سبب ورود الحديث ما ذكرتَ من التفاته حين دُعي رجلٌ آخرُ بكُنيته، فكيف جَوَّز لهم التسمية، ومَنَع التكنية وهما سواء فيما ذكرتَ من العلة؟ قلتُ: إنما كانوا يخاطبونه بالكنية دون الاسم، وهكذا طريقةُ العرب إلى الآن، وقيل: هذا مخصوصٌ بمَنْ يكون اسمُهُ محمدًا أو أحمد، وقيل: هذا كان نهيَ تنزيهٍ، وهو باقٍ، قال القاضي: الأكثرون على الجواز مطلقًا. قلتُ: الظاهر ما ذَهَبَ إليه الشافعي لما روى مسلم: "لا تكنوا بكُنيتي، إنما أنا قاسم أقسِمُ بينكم". فإن قلتَ: يقتضي هذا أن لا يُسَموا بالقاسم لا بأبي القاسم؟ قلتُ: هذا على طريقة قولهم: أبو الفضل، لكثير الفضل، وأبو الحرب لكثير الحروب. والحق أن المَنْعَ منه لاستدعائه في عرفهم أن يخاطب أبوه بأبي القاسم، وبه صَرَّح رواية في رجل من الأنصار، سَمَّى ابنَهُ قاسمًا غيره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: "سَم ابنك عبد الرحمن". فإن قلت: فيم كان قاسمًا؟ قلتُ: في الأموال والمعارف. فإن قلت: كان اسمُه أبا القاسم قبل البعثة بابنه القاسم؟ قلتُ: لا منافاة، كان ذلك سببًا لِما أراد الله به. وفي المثل: الألقابُ تنزلُ من السماء. (ومن رآني في المنام فقد رآني) وفي رواية: "فقد رأى الحق". وفي رواية أخرى: "فسيراني" والمعنى: أن رؤيته ليست كرؤية سائر الأشياء تارة تكون أضغاث أحلام، وأخرى مؤولة بخلاف الظاهر. وفي رواية: "سيراني" بشارة لمن رآه بأنه يراه يوم القيامة. (فإن الشيطان لا يَتَمَثَّل في صورتي) يقال: تَمَثَّل بكذا أي: تَصَوَّر بصورته، وفي الحديث: "أشدُّ الناس عذابًا الممثلون" أي: المصورون. وفي الحديث أيضًا: "رأيتُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الجنّةَ والنار ممثلتين". فإن قلت: يراه رؤيةَ عين، أو يراه بقلبه؛ قلت: بل بقلبه؛ لأنَّ الحواسَّ في حال النوم لا دَرْكَ لها، ألَا تَرَى إلى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "تنام عيناي ولا ينام قلبي". فإن قلتَ: رؤية القلب هي العلمُ أم شيءٌ آخر؟ قلتُ: شيء آخر شبه رؤية البصر وهي المُعَبَّر عنها بالبصيرة، ولذلك يتعدى إلى مفعول واحد كما في رواية مسلم: "رأيتُ اللهَ بفؤادي". فإن قلتَ: يرى في زمان واحدٍ على أنحاء شتى شيخًا وشابًا ضعيفًا وقويًّا؛ قلتُ: تبدل الأعراض لاقتضي تبدل الشخص، كجبريل؛ فإنه كان يظهر تارةً في صورة البدوي، وأخرى في صورة دِحْيةَ، وذلك بحسب حال الرائي والأزمان والأماكن، فإنه يرى في مكان يكون لشرعه رواج واستقامة فرحًا مسرورًا، وفي أماكن الفساد محزونًا رثَّ الحال. فإن قلت: حكم سائر الأنبياء حكمه أم لا؟ قلتُ: هذا الحديث لا دلالةَ فيه على النفي والإثبات. وقد نُقل عن محيي السنة: أن الكل كذلك، ونُقل عن غيره أن الملائكة أيضًا كذلك. فإن قلت: فإذا كان المرئيُّ هو حقًّا فيكون الرائي صحابيًّا قلتُ: هذا أمر اصطلاحي، ولم يطلقوا على غير من رآه حيًّا. قال بعضُهم: إنما لم يطلق على الرائي: اسم الصحابي؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - هو المخبر عن الله، وهو إنما كان مخبرًا في الدنيا لا في القبر، وهذا الَّذي قاله لا يستلزم أن لا يطلق عليه اسمُ النبي بعد الموت. نعوذ بالله من ذلك، وقد غفل عن أصل المسألة وهو أن الخلافَ في أنَ اسم الفاعل، هل يُطلق حقيقةً على من صدر عنه الفعل، أو مخصوص بحال المباشرة كضارب فيمن يباشر الضرب، إنما هو في اسمٍ يدل على

40 - باب كتابة العلم

40 - بَابُ كِتَابَةِ العِلْمِ 111 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ، قَالَ: قُلْتُ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: هَلْ عِنْدَكُمْ كِتَابٌ؟ قَالَ: " لاَ، إِلَّا كِتَابُ اللَّهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الحدوث، وأما ما يدل على الثبوت كالمؤمن والكافر فهو حقيقة مطلقًا، والنبي من هذا القبيل فإنه نبي مخبرًا وقائمًا وميتًا. والعجب أنَّه استدل على ما قال بأن مدة نبوته كانت ثلاثًا وعشرين سنة، ثم قال: على أنا لو التزمنا إطلاق اسم الصحابي عليه لجاز. وهذا أحسنُ. قلتُ: خلاف ما أجمع عليه الأئمة، فكيف يكون أحسن؟! فإن قلت: هل يجبُ العمل بما قاله؟ وهل تكون روايةُ الحديث عنه مثل رواية الحديث الَّذي رواه الصحابي؟ قلت: ليس كذلك؛ لأن ضبط الراوي شرطٌ بعد العدالة، وحالةُ النوم لا ضبط فيها، ولكن إن لم يكن ما رواه مخالفًا لقانون من القوانين يعمل به وللصلحاء معهفي هذا المعنى وقائع مذكورة. باب: كتابة العلم 111 - (محمد بن سَلَام) بتخفيف اللام على الأشهر (وَكيع) -بفتح الواو وكسر الكاف- من تَبَعِ التابعين، كوفي، أصله من نيسابور، وقيل: من سمرقند، وقيل: أصبهاني (عن سفيان) يجوزُ أن يكون ابنَ عُيَينة، وأن يكون الثوري؛ لأن كلًّا منهما يروي عن مُطَرّف، لكن الغساني قال في هذا الحديث: هو ابن عُيينة، صَرَّح به شيخه (مطرف) -بضم الميم وكسر الراء المشددة- ابن طَريف -بفتح المهملة- أبو بكر الكوفي (عن الشعبي) -بفتح الشين- أبو عمرو عامر الكوفي التابعي الجليلُ القَدْرِ (عن أبي جُحَيفة) -بضم الجيم بعده حاء مهملة- وَهْب بن عبد الله الصحابي المكرَّم، صاحبُ علي بن أبي طالب، وكان أمينًا له على الأموال. (قال قلتُ لعلي: هل عندكم كتاب؟ قال: لا، إلا كتابُ الله) الاستثناء منقطع، لأنه أراد بقوله: هل عندكم كتاب؟ كتابًا مخصوصًا به غير القرآن، كما زعمت الروافضُ أن رسول

أَوْ فَهْمٌ أُعْطِيَهُ رَجُلٌ مُسْلِمٌ، أَوْ مَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ. قَالَ: قُلْتُ: فَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ؟ قَالَ: العَقْلُ، وَفَكَاكُ الأَسِيرِ، وَلاَ يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ". [الحديث 111 - أطرافه في: 1870، 3047، 3172، 3179، 6755، 6903، 6915، 7300]. ـــــــــــــــــــــــــــــ الله - صلى الله عليه وسلم - خَصَّه من دون الصحابة بعلومٍ وأسرارٍ، وإنما خاطبه بلفظ الجمع إجلالًا له. قيل: أو هو التفات من خطاب المفرد إلى خطاب الجمع عند من يجعل مثله التفاتًا، كما في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النَّسَاءَ} [الطلاق:1] هذا كلامه وليس بصواب، لأن الالتفات هو العدول من أسلوب إلى آخر، وليس في خطابه لعلي مخالفة أسلوب سوى أنَّه خاطبه بلفظ الجمع إجلالًا. قال التفتازاني ناقلًا عن صدر الأفاضل: شرطُ الالتفات أن يكون الكلامُ مع واحد في الحالين، وعلى هذا ليس في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النَّسَاءَ} [الطلاق:1] التفات، لأن المخاطب أولًا هو وحده، وثانيًا هو وأمته. (أو فَهْمٌ أُعطيه رجلٌ مسلم) أي: قوة دراكة أو إدراك كامل يدرك به ما لا يدركه غيره من الدقائق والأسرار الغامضة. وقيل: المراد من الفهم: المفهوم. ثم قال: أو استثناء الفهم من كتاب الله متصلٌ؛ لأن المفاهيم توابع المناطيق. هذا كلامُهُ. وهو باطل من وجهين: الأول: أنَّه سيأتي في روايةٍ أخرى: "فَهْمٌ أُعطيه رجل في كتاب الله"، ولو كان الفهمُ بمعنى المفهوم لقال: فَهْمٌ أُعطيه من كتاب الله. الثاني: أن المراد من كتاب الله هو اللفظ المنزَل للإعجاز بسورة منه، لأن المعاني القائمة بذاته تعالى، أو الأحكام المدلول عليها، فان الناس إنما يتفاوتون في أخذ المعاني من تلك الألفاظ. (قلت: وما في هذه الصحيفة؟ قال: العقلُ وفِكَاكُ الأسير، وأن لا يُقتل مسلم بكافر) العقلُ: الديةُ. قال ابن الأئير: أصلُهُ أن القاتل إذا قَتَل قتيلًا جَمَعَ من الإبل وعَقَلَها بفناء أولياء المقتول. وفي رواية أبي داود والنسائي وابن ماجة: "ولا ذو عَهْدٍ في عهده" (2)، وبه استدل الشافعي على أن المسلمَ لا يُقتل بالذمي. وأجاب عن استدلال أبي حنيفة بالآية: {أَنَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ النَّفْسَ باِلْنَّفْسِ} [المائدة: 45] بأن ذلك حكاية ما في التوراة، وأجاب بعضُهم بأنه حكي على أنَّه شرعنا، وليس بسديد. لقوله: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ} [المائدة: 45] في صدر الآية. قال البيضاوي: واستدلوا أيضًا بما روأه عبد الرحمن السلماني أن رجلًا من المسلمين قَتَل رجلًا من أهل الذمة، "فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - به فقتل". قال القاضي: وهذا الحديث منقطعٌ لا احتجاج به، ثم إنه أخطأ إذ قال: القاتلُ كان عمروَ بنَ أمية، وعمروُ بن أمية عاش بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دهرًا. ثم فيه أنَّه قال: والكافر المقتول كان رسولًا، والمستأمَنُ لا يُقْتَلُ [به المسلم وفاقًا] ولو فُرض صحته منسوخٌ؛ لأنه رُوي أنَّه كان قبل الفتح ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - خَطَبَ يوم الفتح على دَرَج البيت، ومن تلك الخُطبة: "لا يُقتل مسلمٌ بكافر، ولا ذو عهد في عهده". هذا كلامُهُ، وفيه أن الحديث المنقطع عند الحنفية حجةٌ. وأمّا قوله: عمرو بن أمية مات بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذاك عمرو بن أمية بن خويلد الضمري، مات بالمدينة في أيام معاوية. وأما عمرو بن الحارث الأسدي مات بالحبشة مهاجرًا. قال بعض الشارحين في قوله: "وأن لا يُقتل مسلم بكافر": كيف جاز عطفُ الجملة على المفرد؟ قلتُ: هو مثل قوله تعالى: {فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} [آل عمران: 97] أي: حكم حرمة القصاص من المسلم بالذمي، وهذا كلامٌ لا طائل تحته، ولا مجال للسؤال، فإن قوله: "وأن لا يُقتل"، ليس جملةً عند أَحَدٍ من النحاة، لأنه بدخول: أن صار في حكم المصدر. فإن قلت: في روايةٍ: لا يُقتل، بدون أَنْ؟ قلت: أَنْ مقدرة كما في: تَسْمَعُ بالمُعَيدي.

112 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ خُزَاعَةَ قَتَلُوا رَجُلًا مِنْ بَنِي لَيْثٍ - عَامَ فَتْحِ مَكَّةَ - بِقَتِيلٍ مِنْهُمْ قَتَلُوهُ، فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلم، فَرَكِبَ رَاحِلَتَهُ فَخَطَبَ، فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ حَبَسَ عَنْ مَكَّةَ القَتْلَ، أَوِ الفِيلَ» - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ كَذَا، قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ وَاجْعَلُوهُ عَلَى الشَّكِّ الفِيلَ أَوِ القَتْلَ وَغَيْرُهُ يَقُولُ الفِيلَ - وَسَلَّطَ عَلَيْهِمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالمُؤْمِنِينَ، أَلاَ وَإِنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ بَعْدِي، أَلاَ وَإِنَّهَا حَلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، أَلاَ وَإِنَّهَا سَاعَتِي هَذِهِ حَرَامٌ، لاَ يُخْتَلَى شَوْكُهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلتَ: ما المرادُ بفكاك الأسير؟ قلتُ: الفكاك بفتح الفاء ويُروى بالكسر أيضًا: إخراجه من أيدي الكفار بما أمكن، وإنما سُمّي أسيرًا، لأنهم كانوا يربطونهم بالإِسار -بكسر الهمزة- وهو القيد الَّذي يربط به المأخوذ. 112 - (أبو نعيم) -بضم النون على وزن المصغر- هو (الفضلُ بن دُكَين) بضم الدال على وزن المصغر أيضًا (شَيْبَان) بفتح المعجمة على وزن شعبان (عن أبي سَلَمة) -بفتح اللام- هو عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف أن خزاعة قتلوا رجلًا من بني لَيْث -بضم الخاء المعجمة وزاي كذلك- قبيلةٌ من الأزد، وذلك أن الأزد لما خرجوا من مكة ليتفرقوا في البلاد، تخلفتْ طائفةٌ، فسُمّي ذلك القوم بذلك، اشتقاقُهُ من الخزع وهو التخلف، قال شاعرهم: ولما هبطنا بطن مرو تخلفت ... خزاعة عنا في حلول كذاكر

وَلاَ يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلاَ تُلْتَقَطُ سَاقِطَتُهَا إِلَّا لِمُنْشِدٍ، فَمَنْ قُتِلَ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ: إِمَّا أَنْ يُعْقَلَ، وَإِمَّا أَنْ يُقَادَ أَهْلُ القَتِيلِ". ـــــــــــــــــــــــــــــ (إن اللهَ حَبَسَ عن مكة القَتْلَ أو الفيل، قال محمد: واجعلوه على الشك، كذا قال أبو نُعَيم) محمد هو البخاري صاحب الكتاب، فإن شيخه أبو نُعيم رواه على الشك وغيره يقول: الفيل. وهذا هو الظاهر لقوله يوم الحديبية لما بَرَكَتْ ناقتُهُ: "حَبَسَها حابسُ الفيل"، ولأن القتل غير محبوس عنه مطلقًا، فإن الشافعي قال بالقصاص فيه (وسلَّط عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُريدُ: نفسَه الكريمة. ووجهُ العدول أن لفظ الرسول يشير إلى أن ذلك التسليطَ إنما هو لكونه رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -. (أَلَّا وإنها ساعتي هذه حرامٌ) أي: عادت حُرمتُها على ما كانت عليه (لا يُختَلَى شوكُها) أي: لا يقطع. وإنما ذكر الشوكَ ليُعلم حكمُ الغير من باب الأَوْلى، واستدل الشافعي بقوله: "لا يُختلى" على جواز رَعْي الدواب، وإلا لضاع القيد بالاختلاء، ولأن إجماع خير القرون على ذلك. وخالف في ذلك أبو حنيفة ومالكٌ. ونُقل عن محمد: السنة جواز قطع الشوك بالمُدَى. ولم يوافقه على ذلك أحدٌ؛ لأنه مخالفٌ لمنطوق هذا الحديث، ولأن عدمَ قطعه كونه ناشئًا من أجزاء الحرم محرَّم إجلالًا له. فإن قلتَ: فلِمَ أُبيح قتل الحيوان المؤذي فيه؟ قلتُ: لأن لفظَ القيد لا يتناوله. والحديث قيَّده به، ولأن الذئب ونحوه من السِّباع، قِيست على الفواسق التي وَرَدَ الأمرُ بقتلها في الحِلّ والحرم (2). وأيضًا لم تكن تقيم بالحرم على الدوام كالنباتات، بل تخرج باختيارها وتدخل (ولا يُعضَد شجرُها، ولا يُلتقط ساقِطُها إلا لمنشدٍ) العضد -بالضاد المعجمة-: القطعُ. والساقطة هي اللقطةُ. فإن قلت: حكم سائر البلاد أيضًا هذا وهو أن لا تُؤخذ إلا للإنشاد؟ قلتُ: الإنشاد دائمًا من خَواصّ مكة - شرفها الله -.

فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ اليَمَنِ فَقَالَ: اكْتُبْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: «اكْتُبُوا لِأَبِي فُلاَنٍ». فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ: إِلَّا الإِذْخِرَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّا نَجْعَلُهُ فِي بُيُوتِنَا وَقُبُورِنَا؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ـــــــــــــــــــــــــــــ (فمن قُتل فهو بخير النظرين) أي: قُتل له قتيلٌ. جاء صريحًا في كتاب الديات، فلا حاجة إلى أن يقال: إنه من إطلاق السبب وإرادة المسبّب (إما أن يعقل و [إما أن] يُقاد أهلُ القتيل) كلا الفعلين علي بناء المجهول. والعقلُ: الديةُ وقد ذكرنا أنهم كانوا يعقلون أي: يربطون الإبل بفناء وليّ المقتول، فبذلك سُمّيت الديةُ عقلًا. والإقادةُ -بالقاف- تمكين ولي المقتول من القَوَد وهو القصاصُ. وفيه دليلٌ للشافعي وأحمد في أن الواجبَ أحدُ الأمرين؛ إما القَوَدُ أو الدية. والحديث حجةٌ على مالك في إيجابه القتل أو العفو، وعلى أبي حنيفة في إيجابه القصاص. والجواب لأبي حنيفة على أصله أن خبر الواحد لا يُزاد به على الكتاب وهو قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُم الْقِصَاصُ} [البقرة: 178] وفي رواية مسلم: "أن يُفادى" -بالفاء- من المفاداة. بدل: "أن يعقل" والمعنى واحد. وُيروى في البخاري: "أن يُفاد" -بالفاء- من: أفدت المال: أعطيته ويفادي كما في رواية مسلم. والوجه فيه أن يكون من استعارة الشيء لضدّه وهو القصاصُ بقرينة تقدُّم العقل، وقيل في توجيهه: إن العقل يَختَصُّ بما تتحمله العاقلةُ، والفداء بالجاني. وهذا مع كونه شيئًا لا يدل عليه الكلامُ غيرُ سديد، لأن ذلك يختصُّ بشِبْهِ العمد، إذ لا ديةَ على الجاني في غيره ومع ذلك يخلو الكلام عن ذكر قتل العمد وهو المقصودُ الَّذي وَرَدَ فيه الحديثُ. فإن قلتَ: إذا أباح القتل قصاصًا في الحرم كما دلَّ عليه ظاهرُ الحديث، فما القتل الَّذي حرم فيه؟ قلتُ: أجاب الشافعي بأن ذلك نصب القتال فيه على من تحصن فيه بالمنجنيق وغيره كما في سائر البلاد. (فجاء رجلٌ من أهل اليمن فقال: اكتب لي يا رسول الله. فقال: اكتبوا لأبي فلان) هو أبو شاه -بالشين المعجمة آخره هاء ساكنة- وإنما استأذنه في الكتابة؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان قد نَهَى عن كتابة غير القرآن؛ لئلا يختلط به شيءٌ: من حديثه، وإنما أجازَ له الكتابة؛ لأنه كان من اليمن ليبلغه قومه (فقال رجلٌ من قريش: إلا الإذْخر يا رسول الله) هذا الرجلُ هو

«إِلَّا الإِذْخِرَ إِلَّا الإِذْخِرَ» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: يُقَالُ: يُقَادُ بِالقَافِ فَقِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَيُّ شَيْءٍ كَتَبَ لَهُ؟ قَالَ: كَتَبَ لَهُ هَذِهِ الخُطْبَةَ. [الحديث 112 - طرفاه في: 2434، 6880]. 113 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرٌو، قَالَ: أَخْبَرَنِي وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَخِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: «مَا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدٌ أَكْثَرَ حَدِيثًا عَنْهُ مِنِّي، إِلَّا مَا كَانَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، فَإِنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ وَلاَ أَكْتُبُ» تَابَعَهُ مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ العَبَّاس كما سيأتي صريحًا، وفي هذا دلالة على أنَّه كان يحكم بالاجتهاد (إلا الإذخر إلا الإذْخر) كرَّره توكيدًا على دأبه في توكيد الأحكام. والإِذْخر -بكسر الهمزة وذال معجمة- نبتٌ معروف تسدّ به فرج القبور والسقوف، ويستعمله الحَدَّادون. 113 - (سفيان) هو ابن عيينة (عمرو) هو ابن دينار (وَهْب بن مُنَبّه) بضم الميم وفتح النون وتشديد الموحدة (سمعتُ أبا هريرة يقول: ما من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أكثر حديثًا منّي إلا ما كان من عبد الله [بن] عمرو، فإنه كان يكتب ولا أكتب) هو عبد الله بن عَمْرو بن العاص. وقد ذكرنا أن حديثه لم يشهر، لأنه كان بمصر في إمارة أبيه، وأهل مصر أهلُ لهو ولعبٍ، كما ضاع علمُ الليث به. فإن قلت: قد رَوَى أبو هريرة أنَّه بعد بَسْطِ بُرْدَتَهُ وغرف فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم ينس بعد ذلك شيئًا قط؟ قلتُ: محمول على ما قبل هذا الغرْف. فإن قلتَ: دل الحديث على أنهم كانوا يكتبون الحديث. وقد رَوَى مسلم: "من كتَبَ غيرَ القرآن فَلْيمحه"؟. قلت: قيل ذلك قبل أن يُشهر القرآنُ، وقد زال ذلك فحديث مسلم منسوخ بهذا الحديث وحديث أبو شاه، وقد أجمعت الأمة على استحباب كتابة الحديث. (تابعه مَعْمر) أي: تابع وهبًا في الرواية عن أخي وهب وهو (هَمَّام) بفتح الهاء وتشديد

114 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا اشْتَدَّ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعُهُ قَالَ: «ائْتُونِي بِكِتَابٍ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لاَ تَضِلُّوا بَعْدَهُ» قَالَ عُمَرُ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَلَبَهُ الوَجَعُ، وَعِنْدَنَا كِتَابُ اللَّهِ حَسْبُنَا. فَاخْتَلَفُوا وَكَثُرَ اللَّغَطُ، قَالَ: «قُومُوا عَنِّي، وَلاَ يَنْبَغِي ـــــــــــــــــــــــــــــ الميم قيل: يحتمل أن يكون هذا تعليقًا عن عَمْرو، وليس كذلك؛ لأن التعليق شرطُهُ أن لا يكون مسندًا، وهذا مسند من البخاري، إمّا بالرجال المذكورين إلى وهب أو غيرهم. قال العراقي: إذا قال مسلم: ورواه فلان هذا ليس من التعليق بل من المتصل إسناده، وإنما أراد ذكر تابع رواية، وإذا كان بلفظ الرواية كذلك، فبلفظ المتابعة أولى. وقوله: إلا ما كان [من] عبد الله، استثناء متصل، أي: إلا عبد الله كما جاء كذلك في رواية أخرى. ولفظ: ما، مصدرية أي: إلا كون عبد الله. وفيه دلالةٌ على جواز كتابة العلم، لأنه كان هن فعل الصحابي في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع عدم الإنكار عليه. 114 - (ابن وهب) -بفتح الواو وسكون الهاء- عبد الله (عن عُبيد الله بن عبد الله) الأول: بضم العين على وزن المصغر. (لما اشتد برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَجَعُهُ) هذا كان في مرضه الَّذي انتقل فيه إلى جوار الله تعالى (ائتوني بكتابٍ كتب لكم كتابًا) الكتابُ الأولُ أُريدَ به الورقُ الَّذي يُكتب فيه، بقرينة قوله: "أكتب لكم كتابًا". فالنكرة الثانية غير الأولى. فإن قلت: "أكتب لكم". يدل على أنَّه كان يكتب، وإجماع الأمة على أن الأمي وصفُه لكونه لم يكن كاتبًا؟ قلتُ: قالوا: كان لا يُحسن الخَطَّ على طريقة الكُتَّاب، ولا ينافي أصل الكتابة. أو معناه: أنَّه يأمر بكتابته كقولهم: رَجَم ماعزًا، وحَدَّ شاربَ الخمر. إسنادًا إلى الآمر مجازًا. وهذا أحسنُ من الأول؛ لأن حالَهُ في المرض تأبى مباشرة الكتابة. وسيأتي الكلام في صلح الحُديبية إن شاء الله بتمامه. (قال عُمر: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - غَلَبَهُ الوَجَعُ) أي: شديد الوجع (وعندنا كتاب الله حَسْنًا) فُهم من قوله: "لن تَضِلُّوا بعدي" أنَّه يريدُ تفصيل الأحكام المحتاج إليها، ولذلك عَلَّل بأن كتابَ الله كافٍ. وهذا الكلام يردّ ما يقال: إنما لم يمكن عُمر من كتابة الكتاب، لأنه خاف أن يتكلم بكلامٍ غير مضبوط، كما يتكلّم به بعض المرضى. وسيأتي الكلامُ في موضعه بما يشفي إن شاء الله تعالى، وكيف يتصوّر منه شيء من ذلك، وهو الَّذي لا ينطق عن الهوى؟

41 - باب العلم والعظة بالليل

عِنْدِي التَّنَازُعُ» فَخَرَجَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: «إِنَّ الرَّزِيَّةَ كُلَّ الرَّزِيَّةِ، مَا حَالَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ كِتَابِهِ». [الحديث 114 - أطرافه في: 3053، 3168، 4431، 4432، 5669، 7366]. 41 - بَابُ العِلْمِ وَالعِظَةِ بِاللَّيْلِ 115 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ هِنْدٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: فما كان كتابه الَّذي أراد أن يكتبه؟ قلتُ: الَّذي عليه المحققون، وهو الَّذي يجبُ القطع به أخه كان يريد أن يبين شأن الإمامة بعده، فإنه أمَرٌ مهم ولم يكن له بيانٌ شافٍ ونصٌّ جلي وإن كانت الأمارات ظاهرةً في الصِدّيق، كيف وقد قال في شأنه: "يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر" إذ لا معنى له إلا الإمامة. وقال ابن بطال: إنما ترك الكتابة إباحةً للاجتهاد، وأن ينال العلماء فضل الاجتهاد، وتبعه غيره. وهذا كلام لا طائلَ تحته؛ لأن نزول القرآن مع كثرة الأحاديث لم يَسُدَّ باب الاجتهاد، فكيف يسد شيء يكتبه في ورقةٍ في ساعته؟ (وكثرُ اللَّغَطُ) -بفتح اللام والغين المعجمة والطاء المهملة-: الأصواتُ المختلفة (ولا ينبغي عندي التنازع) لأن التنازع إنما يَقَعُ إذا لم يعرف طريق الحق فيه، ومع وجوده هذا محال (إن الرَزِيَّة ما حال بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين كتابه) الرَّزِيئَة: -بفتح الراء المهملة وكسر الزاي المعجمة بعدها همزة مفتوحة- الداهية والمصيبة، من الرزء وهو النقص كما في حديث صاحبة المزادتين. "اعلمي أنا ما رزئنا من مائك شيئًا" (2)، وإنما عَدَّ ابن عباس عدمَ كتابة الكتاب من أعظم المصائب، خوفًا على المسلمين من وقوع الفتن. باب: العلمْ والعِظَة بالليل العِظة -بكسر العين-: الموعظة والتذكير بأمور الآخرة، نوعٌ خاص من العلم، ولذلك عطفه على ما يعمّه وغيره. 115 - (هِند) -بكسر الهاء- بنت الحارث (أم سَلَمة) حَرَمُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أم

وَعَمْرٍو، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ هِنْدٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: اسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَقَالَ: «سُبْحَانَ اللَّهِ، مَاذَا أُنْزِلَ اللَّيْلَةَ مِنَ الفِتَنِ، وَمَاذَا فُتِحَ مِنَ الخَزَائِنِ، أَيْقِظُوا صَوَاحِبَاتِ الحُجَرِ، فَرُبَّ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٍ فِي الآخِرَةِ». [الحديث 115 - أطرافه في: 1126، 3599، 5844، 6218، 7069]. ـــــــــــــــــــــــــــــ المؤمنين، كانت ذات منزلةٍ عظيمة عنده. رُوي عن عمر بن الخطاب أنَّه قال لأم المؤمنين حفصة: لا ذلك حب عائشة، ولا جمال أم سلمة (وعمروٍ) بالجر عطف على معمر (عن امرأة عن أم سلمة) هذه المرأة هي المتقدمة آنفًا فليس الرواية عنها من قبيل [المبهم]. (استيقظ النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة) لفظ الذات معجم تزيينًا للكلام. وقيل: للتأكيد، وليس محل التأكيد، وقال صاحب "الكشاف": من إضافة المسمى إلى الاسم، وذلك باعتبار مفهوم الذات، والحق أنَّه من إضافة العام إلى الخاص. (سبحان الله، ماذا أُنزل الليلةَ من الفتن) انتصاب سبحانَ على المصدر وهو علم التسبيح، وعلميته لا تنافي الإضافة كما سبق منا تحقيقُه، وما، في: "ماذا": استفهامية، وذا موصولة بمعنى الَّذي، والغرضُ: التعجب من كثرة ما نزل. فإن قلت: أيّ فتن نزلت ولم يقع في زمانه شيء من الفتن؟ قلت: أطلعه الله تعالى على ما يقع في الأرض فأخبر عنها بالنزول لتحقق وقوعها مثل: {وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ} [الأعراف: 44] وكذا الخزائن وهي التي حصلت لأمته بعده من الخير والأموال الجزيلة. (أيقظوا صواحب الحُجَر). فإن قلت: لمن يخاطب بـ: "أيقظوا" وهو في فراش أم سلمة؟ قلت: لمن يصلُحُ أن يكون مخاطبًا. فإن قلتَ: ما المرادُ بصواحب الحجر؟ قلتُ: أزواجُه الطاهرات لأنهن أقربُ الناس إليه، ورعيته الواجبة الرعاية. (فرُبَّ كاسيةٍ في الدنيا عاريةٌ في الآخرة) رُبَّ: وإن كان موضوعًا للتقليل، إلا أنَّه للتكثير هنا وفي أكثر الاستعمالات، ومعنى الحديث أن ستر الآخرة بالأعمال الصالحات، وكم امرأةٍ في الذهب والحرير وهي عديمة الأعمال مكشوفة الحال يوم القيامة، نعوذ بالله من

42 - باب السمر في العلم

42 - بَابُ السَّمَرِ فِي العِلْمِ 116 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ مُسَافِرٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، قَالَ: صَلَّى بِنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العِشَاءَ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ، فَقَالَ: «أَرَأَيْتَكُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ، فَإِنَّ رَأْسَ مِائَةِ سَنَةٍ مِنْهَا، لاَ يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَحَدٌ». [الحديث 116 - طرفاه في: 564، 601]. ـــــــــــــــــــــــــــــ ذلك. هذا وحمله على النساء اللاتي يَلْبَسْنَ الثوبَ الشَفّاف الَّذي لا يستر، مما لا وَجْهَ له لعدم دلالة اللفظ عليه، وعدم مناسبته مع ذكر أزواجه، وقد ذكره من تقدم من الشُرَّاح. وفي الحديث دلالةٌ على استحباب إيقاظ الرجل أهلَهُ للاشتغال بالطاعة، فإنه مظنة القبول، لا سيما في الأفزاع والاستشعار بالليل. باب: السَّمَر بالعلم السَّمَرُ -بفتح السين والميم- لغةً: حديثُ الليل، وأصله ضوءُ القمر، وكان دأب العرب التحدثَ والجِلوسَ في ضوء القمر، فاتسع فيه فأطلق على حديث الليل لتلك الملابسة. 116 - (سعيد بن عُفير) بضم العين على وزن المصغر (ابن حَثْمة) بفتح المهملة وسكون الثاء المثلثة واسمه حذيفة وابنه عبد الله. (صلى بنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -) الباء للملابسة والمصاحبة وفي بعضها: صلَّى لنا. أي: لنا إمامًا (العِشاءَ في آخر حياته) في قُرب الآخر (أرأيتكم ليلتكم هذه) أي: أخبروني؛ لأن رؤية الأشياء والعلم بها سببٌ للإخبار، فأطلقت على المسبب على طريقة المجاز، والاستفهامُ أُريدَ به الأمر، لكون كليهما نوعًا من الطلب، والكاف في مثله حرف خطاب، مثل كاف ذلك، لا محل له من الإعراب. قال صاحب "الكشاف": والدليلُ على ذلك أنك تقول: أرأيتك زيدًا ما شأنه؟ ولو كان للكاف محل من الإعراب، لكان التقدير: أرأيت نفسك زيدًا. وهذا خف من القول (فإن رأسَ مئة سنةٍ منها لا يبقى ممن هو على وجه الأرض أحدٌ) سيأتي في البخاري في باب

117 - حَدَّثَنَا آدَمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الحَكَمُ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: بِتُّ فِي بَيْتِ خَالَتِي مَيْمُونَةَ بِنْتِ الحَارِثِ زَوْجِ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلم وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَهَا فِي لَيْلَتِهَا، فَصَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العِشَاءَ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ نَامَ، ثُمَّ قَامَ، ثُمَّ قَالَ: «نَامَ الغُلَيِّمُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ الصلاة من طريق أبي اليمان عن ابن عمر: أن الناس وَهِلُوا في مقالةِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه. وإنما أراد أن القرن منخرم لم يبق من بني آدم أحدٌ كان موجودًا تلك الليلة على وجه الأرض. والقائلون بوجود الخضر قالوا: لم يكن إذ ذاك على وجه الأرض، بل كان على البحر. واستشكل بعضُهم إبليسَ. ثم قال: كان إبليسُ حينئذٍ في النار أو في الهواء، ثم قال: وأما عيسى فهو في السماء، أو هو من النوادر. قلتُ: قوله: من النوادر يدل على أنَّه لم يجزم قطعًا بكونه في السماء، مع أنَّه منطوقُ القرآن الكريم. قال تعالى: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} [آل عمران: 55]. وأما قوله في إبليس (2): كان في النار أو في الهواء، مع كونه رجمًا بالغيب، لا يدفع الإشكال بالملائكة الحفظةِ، فالصوابُ أن كلامه خاص بأمته وإشارة منه إلى قلة الأعمار. وفيه ترغيب في العبادة وتنفير عن الركون إلى الدنيا. 117 - (آدم) هو ابن أبي إياس (جُبَير) بضم الجيم وفتح الباء على وزن المصغر (عن ابن عباس قال: بِتُّ في بيت خالتي ميمونة زوجِ النبي - صلى الله عليه وسلم - تَزَوَّجها في عمرة القضاء، تولى ذلك العباسُ بن عبد المطلب، وكانت هي بمكة، قيل: كانت عند أبي رِهْم بن عبد العزى، فلما رَجَع من عمرته بنى بها بسَرَف، وبسَرَف ماتت أيضًا، واختلفوا في أنَّه عَقَد عليها وهو مُحْرِمٌ أو حلال، فإلى الأول ذَهَبَ أبو حنيفة، فجوّز نكاح المحرم. وإلى الثاني ذهب الشافعي فمَنَع ذلك وسيأتي الكلام على ذلك في موضعه. (وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - عندها في ليلتها) أي: ليلة يومها؛ وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإن لم يكن القسم واجبًا عليه، إلا أنَّه كان يفعله رعايةً لهنَّ وتطييبًا لقلوبهنّ. (فصلى أربعَ ركعات ثم نام، ثم قام، ثم قال: نام الغُلَيِّم) -بضم الغين وتشديد الياء

أَوْ كَلِمَةً تُشْبِهُهَا، ثُمَّ قَامَ، فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ، فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ، فَصَلَّى خَمْسَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ نَامَ، حَتَّى سَمِعْتُ غَطِيطَهُ أَوْ خَطِيطَهُ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلاَةِ. [الحديث 117 - أطرافه: 138، 183، 697، 698، 699، 726، 728، 859، 924، 1198، 4569، 4570، 4571، 4572، 5919، 6215، 6316، 7452]. ـــــــــــــــــــــــــــــ المكسورة- مصغر غلام. وقال هذا الكلام بينه وبين نفسه، كما يقول أحدنا لصاحبه: نام فلانٌ صبيان لم يكن هناك ثالث، فلا ضرورة إلى أن يقال: هذا إخبارٌ لميمونة بنومه، ولا أنَّه استفهام من ميمونة حذف منه حرفُ الاستفهام. وميمونة لم تكن يقظى بدليل ما في سائر الروايات أنَّه قام إلى شنّ مُعَلَّق، فَصَبَّ منه لوضوئه، ولو كانت يقظى كانت هي تباشر ذلك (أو كلمة تشبهها) مثل: نام الصغير. والكلمةُ أُريدَ بها الكلامُ وهو شائعٌ في اللغة (فصلى خمس ركعات) أي: بعدما اقتدى به ابنُ عباس؛ لئلا ينافي سائر الروايات أنَّه صلى إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ركعة (ثم صلى ركعتين) أي: سنة الصبح، فسقط ما يقال: لم يقل: فصلى سبعًا؟ والجوابُ بأنه ربما صلى الخمس بسلام واحد. (ثم نام حتَّى سمعت غَطِيطه أو خطيطه) الشكُ من سعيد. قال ابن الأثيرة كلاهما صوتُ النائم. وقد جاء في رواية أخرى: نام حتَّى نفخ (ثم خرج إلى الصلاة) أي: صلاة الصبح أي: بعد نومه من غير وضوء؛ لأن نومه ليس ناقضًا لقوله: "تنام عيناي ولا ينام قلبي". ولا ضرورة إلى أن يقال: ربما توضأ، أو أن لا يكون الغطيط من النوم الناقض، وكيف لا يكون من النوم الناقض وقد قال: إنه اضطجع في سائر الروايات. ثم قال هذا القائل: فإن قلت: الترجمةُ في السَّمَر بالعلم، ما الَّذي في الحديث دَلَّ على الترجمة؟ قلت: نام الغُلَيم أو ما يفهم من جعله ابن عباس على يمينه، كأنه قال لابن عباس: قِفْ على يميني. فقال: وقفتُ. ويجعل الفعل بمنزلة القول، أو أن الأقاربَ إذا اجتمعوا لا بُدّ من أن يجري بينهم حديث للمؤانسة، ويبعُدُ من مكارمه - صلى الله عليه وسلم - أن يدخُلَ البيتَ ويجدَ ابنَ عباس ولا يكلّمه أصلًا. هذا كلامُهُ. وأنا أقول: هذه الأوهامُ إنما نشأت من عدم الإحاطة بطرق الحديث وجوانبِ الكلام، بل الجوابُ أنَّه: روى البخاريُ الحديثَ من طريق سعيد بن أبي مريم في سورة آل عمران: أنَّه تحدَّث بعد العشاء ساعة، ثم رقد، ومن المعلوم أن حديثه كلَّه علم،

43 - باب حفظ العلم

43 - بَابُ حِفْظِ العِلْمِ 43 - وَإِنَّ إِخْوَانَنَا مِنَ الأَنْصَارِ كَانَ يَشْغَلُهُمُ العَمَلُ فِي أَمْوَالِهِمْ، وَإِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشِبَعِ بَطْنِهِ، وَيَحْضُرُ مَا لاَ يَحْضُرُونَ، وَيَحْفَظُ مَا لاَ يَحْفَظُونَ 118 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: " إِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَلَوْلاَ آيَتَانِ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا حَدَّثْتُ حَدِيثًا، ثُمَّ يَتْلُو {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ البَيِّنَاتِ وَالهُدَى} [البقرة: 159] إِلَى قَوْلِهِ {الرَّحِيمُ} [البقرة: 160] إِنَّ إِخْوَانَنَا مِنَ المُهَاجِرِينَ كَانَ يَشْغَلُهُمُ الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ فقد دلَّ على الترجمة وهو السَّمَر بالعلم. وبه سَقَط ما يقال: إن حديثه مع الأهل ليس سَمَرًا بالعلم، والجواب بأنه يقاس عليه. فإن قلت: فلِمَ لم يَرِد الحديث بذلك الطريق هنا؟ قلتُ: قد نَبَّهناك مرارًا على أن دَأْبَةُ في الاستدلال على التراجمِ الإتيانُ بما في دلالته خفاء، ليعلم أن له طريقًا آخر. وفيه حثٌّ للطالب على التتبع والوقوف عليه. فإن قلتَ: قد يَروي الأطولَ قبل الأخصر كثيرًا؟ قلتُ: ذلك لبيان حكم يتعلق بذلك الأطول. وفي الحديث دليل على جواز الاقتداء في النوافل، وأن العمل القليلَ في الصلاة للضرورة غير مكروه، وأن الواحد يقفُ على يمين الإمام. باب: حفظ العلم 118 - (عن الأعرج) هو عبد الرحمن بن هُرْمُز، يذكره تارةً بوصفه، وأخرى باسمه على حسب ما وَقَع له من ألفاظ مشايخه (أكثر أبو هريرة) نقل كلام الناس في الرواية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (لولا آيتان في كتاب الله) إحدى الآيتين ما تَلَاه: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبِيْنَاتِ} [البقرة: 159] والأخرى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللهُ مِنَ الْكِتَابِ} [البقرة: 174]. (إن إخواننا من المهاجرين كان يَشْغَلُهم الصَّفْق بالأسواق) هذا الكلام استئنافٌ جارٍ مجرى العلة. والصَّفْق -بالصاد المهملة، والفاء والقاف- ضرب الكف على الكف. أراد به

وَإِنَّ إِخْوَانَنَا مِنَ الأَنْصَارِ كَانَ يَشْغَلُهُمُ العَمَلُ فِي أَمْوَالِهِمْ، وَإِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشِبَعِ بَطْنِهِ، وَيَحْضُرُ مَا لاَ يَحْضُرُونَ، وَيَحْفَظُ مَا لاَ يَحْفَظُونَ". [الحديث 118 - أطرافه في: 119، 2047، 2350، 3648، 7354]. 119 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ أَبُو مُصْعَبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَسْمَعُ مِنْكَ حَدِيثًا كَثِيرًا أَنْسَاهُ؟ قَالَ: «ابْسُطْ رِدَاءَكَ» فَبَسَطْتُهُ، قَالَ: فَغَرَفَ بِيَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «ضُمَّهُ» فَضَمَمْتُهُ، فَمَا نَسِيتُ شَيْئًا بَعْدَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ البيع والشراء لجريان العادة بذلك عند البيع والشراء (وان إخواننا من الأنصار كان يشغلهم العملُ في أموالهم) المراد بالأموال: الأراضي والحدائق، فإنها أموال الأنصار (وإن أبا هريرة كان يلزم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشبَع بطنه) الجار والمجرور يتعلق بمقدر أي: يكتفي بما يُشبع بطنه، هذا على الرواية بفتح الباء، وقد يروى بسكون الباء على المصدر، ويروى باللام أيضًا على أنَّه غاية لا غرض، ليلزم أن يكون لزومه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لذلك لا للعلم. (يحفظُ ما لا يحفظون) ولا يلزم منه أن يحفظ كل ما يحفظه غيره، يُعترَضُ بعبد الله بن عمرو، فإنه أكثر حديثًا من أبي هريرة باعتراف أبي هريرة، ويجاب بأن عبد الله أكثر سماعًا، وأبو هريرة أكثر ضبطًا. على أن الجواب فاسد؛ لأن أبا هريرة قال: إن عبد الله كان يكتب وأنا لا أكتب، ولا شك أن مَنْ يكتبُ أكثرُ ضبطًا ممن لا يكتب. 119 - (عن ابن أبي ذئب) هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث بن أبي ذئب، بلفظ الحيوان المعروف، واسم أبي ذئب: هشام، قال الشافعي: ما أسِفْتُ على من فاتني إلا على الليث بن سعد، ومحمد بن أبي ذئب. (قلتُ: يا رسول الله، إني لأسمَعُ منك حديثًا كثيرًا أنساه؛ فقال: ابسُطْ رداءك، فبسطْتُه فغرف بيده، ثم قال: ضُمّه. فضممته، فما نسيتُ شيئًا بعدُ). فإن قلت: ماذا غَرَفَ له؟ قلت: القوة الحافظة، صوّره الله له في صورة الماء، كما صوَّر له العلم في صورة اللبن الَّذي أعطى فضلَه عُمَر. فإن قلتَ: سيأتي في كتاب البيوع أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو الهادي، فإنه روي عن أبي

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ بِهَذَا أَوْ قَالَ: غَرَفَ بِيَدِهِ فِيهِ. 120 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَخِي، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: "حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وِعَاءَيْنِ: فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَبَثَثْتُهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَلَوْ بَثَثْتُهُ قُطِعَ هَذَا البُلْعُومُ". ـــــــــــــــــــــــــــــ هريرة هناك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لن يبسط أحدٌ ثوبه حتَّى أقضي مقالتي، ثم يجمع إليه ثوبه إلا وَعَى ما أقول" فبسطت نمرة كانت علي حتَّى إذا قضى مقالته جمعتها إلى صدري، فما نسيتُ من مقالته تلك شيئًا؟ قلتُ: تلك قضية أخرى. والمذكورة هنا أعمّ وأتم، والظاهر أن تلك كانت قبل، ولذلك لما ذاق أبو هريرة حلاوة الحفظ سأله الزيادة، فساعَدَه الوقتُ فلم ينسَ شيئًا أصلًا بعده. وفي بعض نُسخ البخاري: (حدثنا إبراهيم بن المنذر، حدثنا ابن أبي فُدَيك) -بضم الفاء وفتح الدال على وزن المصغر- اسم الابن: محمد، واسم الأب: إسماعيل، (وقال: يحذف بيده) -بالحاء المهملة والذال المعجمة- بدل قوله: فغرف، والحذف: الضربُ. أي: ضرب يده في الهواء. 120 - (إسماعيل) هو ابن أبي أُويس بضم الهمزة (حدثنا أخي) أخوه عبد الحميد الأصبحي، كلاهما ابن أخت مالك بن أنس (عن ابن أبي ذئب) -بلفظ الحيوان المعروف- اسمه: محمد بن عبد الرحمن، وأبو ذئب جدّه الأعلى (عن سعيد المَقْبُري) بضم الباء وفتحها؛ لأنه كان يسكن إلى جانب المقابر. (عن أبي هريرة قال: حفظتُ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وِعَاءَيْنِ من علمٍ) شبَّه المعقول بالمحسوس، فاستعار له الظرف الَّذي هو من خَوَاصّ المشبه به، أو تمثيل، فإن تشبيه العلم والإيمان، بالماء والعسل واللبن شائع (أما أحدُهما فبثثتُهُ، وأما الآخر فلو بَثَثْتُهُ قُطِعَ هذا البُلْعومُ) البَثُّ: هو النشر والتفريق، والبُلْعوم -بضم الباء- فَسّره البخاري بمجرى الطعام. فإن قلتَ: ما هذا الوعاء الَّذي لو بَثَّهُ قُطِعَ حُلْقُومُهُ؟ قلتُ: هو ما يتعلق بأمر الخلفاء والفتن التي وقعت من بني أُمية، من مخالفة معاوية لعلي بن أبي طالب، وبعده من قتل الحسين، وخراب المدينة الشريفة، وقتل الصحابة والعلماء على يد مسلم بن عُقْبة، وقتل ابن الزبير على يد الحجّاج السفَّاك القَتّال، والرمي بالمنجنيق على البيت العتيق. وقد أشار إلى هذا

44 - باب الإنصات للعلماء

44 - بَابُ الإِنْصَاتِ لِلْعُلَمَاءِ 121 - حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ مُدْرِكٍ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ مَنْ لا ينطق عن الهوى: "هلاكُ أمتي على يدي أغُيلَمة من قريش" وهم يزيد الظالم، وسائر بني مروان. وقال أبو هريرة راوي هذا الحديث لمروان: لو شئتُ سقيتهم لك، هذا الَّذي يجب القطع به علي، لا الَّذي يقوله جَهَلَةُ المتصوفة من أنَّه أشار إلى الأسرار الإلهية التي لا سبيل إليها إلا بالرياضة. والعجبُ أن واحدًا منهم لا يقدر على رواية حديث واحد، ولا فهم ظاهر آية من كتاب الله، وإذا ذُكر له مثلُ العلوم التي عليها بناء الشريعة، والأحكام التي استنبطها الصحابةُ، ومن بعدهم من علماء الملة، يدفعونه بالكفر الصريح ويقولون: هذا قِشْرٌ، ويزعمون أنهم فائزون بما هو اللُّبّ، وأعجبُ من هذا أن سلسلة هذه الطريقة منتهيةٌ بعلي بن أبي طالب باتفاقهم، وقد تقدم حديثه آنفًا: أَنْ ليس عنده إلا فهمٌ أُوتيه رجلٌ في كتاب الله (2). ثم طَغَوا في هذا الزمان وازدادُوا إذا بأنهم إذا رأوا طالبًا لطريق الآخرة يقولون له: تعال عندي لأريك بعد ثلاثة أيام من قال لموسى بن عمران: لن تراني!!! من يضلل الله فلا هاديَ له، ثم هذا شيخُ الطائفة جُنيد رحمه الله نُقل عنه في كتاب "مناقب الأبرار": إن لم يحفظ القرآن، ولم يكتب الحديث لا يقتدى به في هذا الأمر، أي: طريقة القوم. باب: الإنصات للعلماء الإنصات كالإسكات، كل منهما لازم ومتعد، والإنصات سكوت خاص وهو السكوت مع الاستماع، وكذا قاله ابن الأثير، والظاهر أنَّه أَخَصُّ من الإسماع، مقيد بحضور البال وعدم الالتفات، لقوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: 204]. 121 - (حجاج بن مِنْهال) بكسر الميم (علي بن مُدرِك) بضم الميم وكسر الراء (عن أبي زُرعة) -بضم الزاي المعجمة بعدها مهملة- اسمه هَرِم -بفتح الهاء وكسر الراء- وقيل:

بْنِ عَمْرٍو، عَنْ جَرِيرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ: «اسْتَنْصِتِ النَّاسَ» فَقَالَ: «لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ» [الحديث 121 - أطرافه في: 4405، 6869، 7080]. ـــــــــــــــــــــــــــــ عبد الله، وقيل: عبد الرحمن، وقيل: [عمرو] (جرير) هو ابن عمرو بن جرير بن عبد الله البجلي راوي الحديث، قال ابنُ عبد البر: قال جرير: أسلمتُ قبل موت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأربعين يومًا، وقال الذهبي: أسلم في رمضان سنة عشر، وهذا هو الصواب. يدل عليه حديثُ الباب، لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انتقل إلى الله في ربيع الأول بعد حجة الوداع. (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له في حجة الوداع) بفتح الحاء وكسرها قال الجوهري: والكسر شاذ، لأنه يكون للنوع (استنصِتِ النَّاس) أي: اطلُبْ منهم الإنصات. قال ابن الأثير: يقال: أنصَتَ ونَصَتَ بمعنًى. فسقط ما يقال: إن الاستفعال من الإنصات قليل؛ لأن الاستفعال من الثلاثي لا من المزيد كما توهمه (فقال) أي: بعد فراغه من الخطبة كما سيأتي الحديث بطوله (2). (لا ترجعوا بعدي كفارًا يضربُ بعضُكم رقابَ بعض) رَجَع من الرجوع، أي: إلى ما كنتم عليه قبل الإسلام من الكفر، أو إلى أوطانكم، فإنه كان بمكة في حجة الوداع. قال النووي: قيل في معناه ستةُ أقوال: الكفر الَّذي هو ضدّ الإيمان، إن فعلوا محرمًا مستحلين له، أو المراد كفر النعمة أي: نعمة الإسلام، أو ما يقرب من الكفر من المعاصي، أو دُوموا مسلمين، أو لا يُكَفّر بعضُكم بعضًا، أو من تكفر الرجل بالسلاح إذا لبسه. قلتُ: الظاهر من هذه الأوجهِ العودُ إلى الكفر بعده، كما ارتدتْ أكثرُ الأعراب والقبائل، ولفظ: "بعدي" مؤيد له. والراوية في: "يضربُ" الرفع، وجَوَّز الكسائي جَزْمَهُ كما في قوله: لا تكفر تدخل النار، لظهور المعنى. حكاه أبو البقاء وابنُ مالك. وفي الحديث دلالة ظاهرة على شرف العلم، وأن العالم إذا كان بصدد نشر العلم يجبُ على الناس الإنصاتُ له.

45 - باب ما يستحب للعالم إذا سئل: أي الناس أعلم؟ فيكل العلم إلى الله

45 - بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْعَالِمِ إِذَا سُئِلَ: أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ؟ فَيَكِلُ العِلْمَ إِلَى اللَّهِ 122 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرٌو، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّ نَوْفًا البَكَالِيَّ يَزْعُمُ أَنَّ مُوسَى لَيْسَ بِمُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، إِنَّمَا هُوَ مُوسَى آخَرُ؟ فَقَالَ: كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ حَدَّثَنَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَامَ مُوسَى النَّبِيُّ خَطِيبًا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فَسُئِلَ أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ؟ فَقَالَ: أَنَا أَعْلَمُ، فَعَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ، إِذْ لَمْ يَرُدَّ العِلْمَ إِلَيْهِ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: أَنَّ عَبْدًا مِنْ عِبَادِي بِمَجْمَعِ البَحْرَيْنِ، هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: ما يستحب للعالم إذا سُئل: أيُّ الناس أعلمُ؟ فَيَكِلُ العلمَ إلى الله تعالى فيكل: جزاء الشرط، والشرطية بيان ما يستحب من الجواب عند ذلك السؤال وجعل: إذا، ظرفية، وحملُ الفاء على التفسير غير مستقيم. يدل عليه الرواية الأخرى وهي أصحُّ بأن المصدرية. ولا يجوزُ أن تكون تفسيرية لأنها لا تكون إلا بعد فعلٍ يتضمن معنى القول. 122 - (سفيان) هو ابن عُيينة و (عمرو) هو ابن دينار (سعيد بن جُبير) بضم الجيم على وزن المصغر (إنَّ نَوْفًا البكاليَّ) بكسر الباء وفتح الكاف مخففًا، وقيل: بفتح الباء والكاف المشددة، نسبةً إلى بكالة؛ قبيلة. قاله ثعلب. وقيل: إلى بكال من حِمْير. وكان نوفٌ هذا صاحبًا لعلي بن أبي طالب (إنما هو موسى آخر) بالتنوين، لأنه أُريدَ به غير معين، أي: واحد يسمى بهذا الاسم، و"آخر" غير منصرف، لأنه وزن فعل مع الوصف الأصلي، وإن صار في عداد الأسماء، ولذلك جُرد عن اللام والإضافة ومِنْ (فقال: كَذَبَ عدو الله) لم يرد به معناه الحقيقي، بل كلمة صدرتْ منه في حالة الغضب، أو أراد تنفير الناس عن اتباعه في تلك المقالة (فسئل أيّ الناس أعلم؟ فقال: أنا). فإن قلتَ: قوله تعالى: إن عبدًا من عبادي بمجمع البحرين هو أعلمُ منك، تكذيب لموسى؟ قلتُ: ليس تكذيبًا بل إرشاد إلى ما خفي عليه لأن معنى قوله: "أنا أعلم" أي: في ظني، وهو صادقٌ في ذلك كقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في جواب ذي اليدين حين قال: أقَصُرَتِ الصلاةُ أم نسيتَ يا رسول الله؟: "كلُ ذلك لم يكن" فقال ذو اليدين: بعض ذلك

قَالَ: يَا رَبِّ، وَكَيْفَ بِهِ؟ فَقِيلَ لَهُ: احْمِلْ حُوتًا فِي مِكْتَلٍ، فَإِذَا فَقَدْتَهُ فَهُوَ ثَمَّ، فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقَ بِفَتَاهُ يُوشَعَ بْنِ نُونٍ، وَحَمَلاَ حُوتًا فِي مِكْتَلٍ، حَتَّى كَانَا عِنْدَ الصَّخْرَةِ وَضَعَا رُءُوسَهُمَا وَنَامَا، فَانْسَلَّ الحُوتُ مِنَ المِكْتَلِ فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي البَحْرِ سَرَبًا، وَكَانَ لِمُوسَى وَفَتَاهُ عَجَبًا، فَانْطَلَقَا بَقِيَّةَ لَيْلَتِهِمَا وَيَوْمَهُمَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ: آتِنَا غَدَاءَنَا، لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا، وَلَمْ يَجِدْ مُوسَى مَسًّا مِنَ النَّصَبِ حَتَّى ـــــــــــــــــــــــــــــ قد كان. فإن المحققين على أن ذلك من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يكن كذا، لأنه بناه على ظنه. والبحران: قيل: هما بحر فارس والروم. فإن قلتَ: ما معنى عتاب الله؟ قلتُ: الإشارة إلى أن ما صدر منه كان خلاف الأولى، وأصلُ العتاب مخاطبة الأحباء على طريقة الإدلال، قال الشاعر: ويبقى الوُدُّ ما بقي العتاب (2) (قال يا رب: وكيف به؟) أي: طريق الاجتماع به (فقيل له: احمِلْ حوتًا في مِكْتل) -بكسر الميم-: الزنبيل. قال ابن الأثير: هو الزنبيل الكبير الذي يَسَعُ خمسة عشر صاعًا من الكتاب وهو الثقل. قلتُ: الظاهر أنه من إطلاق المقيد على المطلق مجازًا، إذ الإنسان لا يحمل مثله على ظهره (وانطلق معه بفتاه يوشع) أي: بخادمه. يطلق على كل خادم، أصله من الفُتُوّة وهو حداثةُ السنّ؛ لأن الأكثر أن يكون الخادم شابًا، وقال البخاري: يُوشَع بالشَين المعجمة والمهملة (وَضَعا رؤوسهما) جمع الرأس وإن كانا اثنين كراهةَ اجتماع التثنيتين، وهو كثير في كلام العرب. (فانسَلَّ الحوتُ من المكتل {فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا} [الكهف: 61]) سيأتي تفسيره أنه بقي الماء مثل الطاق بأن أمسك الله عنه الجرية. وأصل السرب: المسلك في خفية (وكان لموسى وفتاه عجبًا) الضمير في: كان، لققد الحوت (فانطلقا بقية ليلتهما ويومهما) كذا وقع هنا، والصوابُ بقية يومهما وليلتهما بتقديم اليوم لقوله: (فلما أصبح). كما وقع في تفسير

جَاوَزَ المَكَانَ الَّذِي أُمِرَ بِهِ، فَقَالَ لَهُ فَتَاهُ: (أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهِ إِلَّا الشَّيْطَانُ) قَالَ مُوسَى: (ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِي فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا) فَلَمَّا انْتَهَيَا إِلَى الصَّخْرَةِ، إِذَا رَجُلٌ مُسَجًّى بِثَوْبٍ، أَوْ قَالَ تَسَجَّى بِثَوْبِهِ، فَسَلَّمَ مُوسَى، فَقَالَ الخَضِرُ: وَأَنَّى بِأَرْضِكَ السَّلاَمُ؟ فَقَالَ: أَنَا مُوسَى، فَقَالَ: مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رَشَدًا قَالَ: إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا، يَا مُوسَى إِنِّي عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَلَّمَنِيهِ لاَ تَعْلَمُهُ أَنْتَ، وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ عَلَّمَكَهُ لاَ أَعْلَمُهُ، قَالَ: سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا، وَلاَ أَعْصِي لَكَ أَمْرًا، فَانْطَلَقَا يَمْشِيَانِ عَلَى سَاحِلِ البَحْرِ، لَيْسَ لَهُمَا سَفِينَةٌ، فَمَرَّتْ بِهِمَا سَفِينَةٌ، فَكَلَّمُوهُمْ أَنْ يَحْمِلُوهُمَا، فَعُرِفَ الخَضِرُ فَحَمَلُوهُمَا بِغَيْرِ نَوْلٍ، فَجَاءَ عُصْفُورٌ، فَوَقَعَ عَلَى حَرْفِ السَّفِينَةِ، فَنَقَرَ نَقْرَةً أَوْ نَقْرَتَيْنِ فِي البَحْرِ، فَقَالَ الخَضِرُ: يَا مُوسَى مَا نَقَصَ عِلْمِي وَعِلْمُكَ مِنْ عِلْمِ ـــــــــــــــــــــــــــــ سورة الكهف وغيره. وقيل: يحتمل أن يريد بقية الليلة بعد ذلك اليوم الذي سارا جميعه. قلتُ: قول متقدم على الانطلاق الذي بعده ذكر الليلة واليوم إذا كان التقدير ذلك بتأخر النوم عن اليوم الذي سارا فيه، لأن بقية الليلة إنما يقال: إذا كان النومُ واقعًا بها. ({فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا} [الكهف: 64]) مفعول مطلق أي: يقصان آثارهما قصصا، وهو التتبع. (مُسَجَّى) بضم الميم وتشديد الجيم (أو قال: تَسَجَّى) -بفتح التاء- ماض على وزن تَفَعَل أي: تغطى، ومنه: {وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2)} [الضحى: 2] (فسلَّم موسى، فقال الخضرُ: وأنّى بأرضك السلام؟) فإنه لم يكن تحيةَ ذلك الخَلْق في ذلك القطر، فتعجب منه (فقال: أنا موسى) أزال استبعاده (على ساحل البحر) أي: شاطئه، من سحله قَشَره قال ابن دُريد: هو على القلب، لأن الماء قشره (فكلموهم فحملوهما) جَمَعَ الضمير أولًا باعتبار العدد، فإنهم كانوا ثلاثة نَفَرٍ، وثَنى ثانيًا لأن يوشع تابع وخادمٌ لموسى. (فعُرف الخضر) لأنه كان مقيمًا يعرفونه بالصلاح (فجاء عُصفور) بضم العين، قيل: كان صردًا (فوقع على حَرف السفينة) أي: على طرفٍ منه (ما نَقَص علمي وعلمُك من علم

اللَّهِ إِلَّا كَنَقْرَةِ هَذَا العُصْفُورِ فِي البَحْرِ، فَعَمَدَ الخَضِرُ إِلَى لَوْحٍ مِنْ أَلْوَاحِ السَّفِينَةِ، فَنَزَعَهُ، فَقَالَ مُوسَى: قَوْمٌ حَمَلُونَا بِغَيْرِ نَوْلٍ عَمَدْتَ إِلَى سَفِينَتِهِمْ فَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا؟ قَالَ: أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا؟ قَالَ: لاَ تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلاَ تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا - فَكَانَتِ الأُولَى مِنْ مُوسَى نِسْيَانًا -، فَانْطَلَقَا، فَإِذَا غُلاَمٌ يَلْعَبُ مَعَ الغِلْمَانِ، فَأَخَذَ الخَضِرُ بِرَأْسِهِ مِنْ أَعْلاَهُ فَاقْتَلَعَ رَأْسَهُ بِيَدِهِ، فَقَالَ مُوسَى: أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ؟ ـــــــــــــــــــــــــــــ الله إلا كنقرة هذا العصفور من هذا البحر). فإن قلتَ: ما فائدة هذا الخبر إذ موسى كان عالمًا به أيضًا؟ قلتُ: أراد به لازمَ الخبر وهو إعلام موسى بعلمه، أو أراد الإشارة إلى عِظم علم الله، وهو نوعٌ من الذكر وملاحظة جلال الله تعالى. فإن قلت: نسبةُ النقرة إلى البحر نسبة المتناهي إلى المتناهي، ونسبةُ علمهم إلى علمه تعالى نسبةُ المتناهي إلى غير المتناهي. وأيضًا: النقص في علمه مستحيل؟ قلتُ: هذا الكلام ليس على ظاهره بل نوع تقريب إلى الفهم، إذ لا يوجد أعظم من البحر، ولا أقل من نقرة العصفور، فلا تشبيه حقيقةً، ولا نقص هناك وقيل: أراد بالعلم المعلومَ، وهذا لا يدفع الإشكال؛ لأن معلوماته تعالى أيضًا غير متناهية. وقيل: هو من قبيل قول الشاعر: ولا عيبَ فيهم غيرَ أن سيوفهم ... بهن فلولٌ من قراع الكتائب أي: لو كان يمكن النقص في علمه تعالى، لكان مثل هذه النقرة من البحر، وهذا معنى حَسَنٌ، إلا أنَّه بعيدٌ عن هذا الأسلوب، وأحسنُ ما يقال: إن النقص أُريدَ به الأخذ مجازًا إطلاقًا للمسبب على السبب. ومحصله: أخذي وأخذُك من علم الله يُشبهُ نُقرةَ العصفور في القلة. (فقال موسى: قومٌ حملونا بعْير نوْلٍ) -بفتح النون وسكون الواو- أي: من غير أُجرة، وأصلُ النول العطاءُ (عمدتَ إلى سفينتهم) -بفتح الميم- أي: قصدتَ (لتغرق أهلها) اللام للعاقبة لا للغرض؛ إذ يبعُدُ منه قصدُ ذلك، وفي بعضها: فلتغرق، فالفاء للتأكيد ({وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا} [الكهف: 73])، أي: لا تُحَملني المشقةَ في باب التعلم؛ فإن النسيان لا يؤاخذ به (فإذا غلامٌ مع الغلمان، فأخذ الخضر برأسه من أعلاه فاقتلعه).

قَالَ: أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا؟ - قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: وَهَذَا أَوْكَدُ - فَانْطَلَقَا، حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا، فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا، فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ، قَالَ الخَضِرُ: بِيَدِهِ فَأَقَامَهُ، فَقَالَ لَهُ مُوسَى: لَوْ شِئْتَ لاَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا، قَالَ: هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ " قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَرْحَمُ اللَّهُ مُوسَى، لَوَدِدْنَا لَوْ صَبَرَ حَتَّى يُقَصَّ عَلَيْنَا مِنْ أَمْرِهِمَا». ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: سيأتي أنه أضجعه وذبحه بالسكين؟ قلتُ: لا منافاة ذَبَحَهُ، فلما بَلَغ آخر الذبح اقتلعه عند العلامة. ({قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (75)} [الكهف: 75] قال ابن عُيينة) هو سفيان (وهذا أوكدُ) لأنه زاد فيه: لك. بخلاف الأول، فإنه اقتصر على: "إنك" ويجوزُ أن يكون هذا إشارةً إلى كلام موسى والخضر معًا؛ لأن موسى صَرَّح بالنكر هنا بخلاف الأول، فإنه لم يصرح بالنكر فيه. ({فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} [الكهف: 77]). أي: مائلًا إلى السقوط، عَبّر عنه بالإرادة لوجود الميل فيهما (قال الخضر بيده فأقامه) أي: أشار إليه من غير مَسّ، واستعمال: قال، في الإشارة مجازٌ، لاشتمال كل منهما على الدلالة. ({قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ} [الكهف: 78]) البَيْنُ من الأضداد، يطلق على الوصل والفصل والمراد الأولُ، أي: هذا أوَان قطع الوصل لأنك قلت: {قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا} [الكهف: 76] (قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: يرحم اللهُ موسى لوددنا لو صَبَرَ) لو للتمني حيث دخلت على الوداد. فإن قلت: هل في الحديث دلالةٌ على عدم [وجود] الخضر في الدنيا حيًّا؟ قلتُ: لا دلالة في الآية والحديث لا على الوجود ولا على العدم. وأما قوله: "لوددنا لو صَبَرَ". إنما هو لتمني ما كان يجري بينهما من ظهور الحكم والغريب. واعلم أنما جرى بين موسى والخضر ليس من حيث إن موسى كان محتاجًا في تكميل الشريعة الذي بعث بها إلى الخضر، بل كان ذلك من الاطلاع على حكم الله، فإن الخضر كان مخصوصًا به. وأما موسى فهو من أولي العزم من الرسل. والخضر في نبوته خلافٌ،

46 - باب من سأل، وهو قائم، عالما جالسا

46 - بَابُ مَنْ سَأَلَ، وَهُوَ قَائِمٌ، عَالِمًا جَالِسًا 123 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا القِتَالُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ فَإِنَّ أَحَدَنَا يُقَاتِلُ غَضَبًا، وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً، فَرَفَعَ إِلَيْهِ رَأْسَهُ، قَالَ: وَمَا رَفَعَ إِلَيْهِ رَأْسَهُ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ قَائِمًا، فَقَالَ: «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ العُلْيَا، فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» [الحديث 123 - أطرافه في: 2810، 3126، 7458]. ـــــــــــــــــــــــــــــ فالبون بينهما بعيدٌ وبهذا تزول أوهام كثيرة ذكروها، وما ذكرناه هو عين الحق، كيف لا وهو أفضلُ الرسل وأكرمهم عند الله تعالى بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. [ألا] ترى إلى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "رأيتُ موسى في السماء السابعة" تفصيل كلام الله كما سيأتي في حديث الإسراء. والله أعلم. باب: من سأل وهو قائمٌ عالمًا جالسًا 123 - (عثمان) هو ابن محمد (جَرير) بفتح الجيم على وزن فَعيل (عن أبي وائل) اسمه شقيق تابعي جليلُ القدر، أكثر روايته عن ابن مسعود، لأنه كان بالكوفة (فقال: يا رسول الله، ما القتال؟) ليس الغرضُ من هذا السؤال معرفة معنى القتال لغةً، إذ ذلك ليس مشتبهًا على أحد، ولا هو مقصودُ السائل، بل المراد: وصفُ القتال الذي يتقرب به إلى الله (فإن أحدنا يقاتلُ غضبًا، ويقاتلُ حميةَ) الغضبُ: لغةً: فَوَران الدم عند إرادة الانتقام، وهذا المعنى هو المراد لا الفَوَران المذكور. والحَمِية -بفتح الحاء وكسر الميم وتشديد الياء- المحاماة، والمحافظة على الحريم، والعشائر. (من قاتل لتكون كلمةُ الله هي العليا فهو في سبيل الله) أي: ذلك القتال هو في سبيل الله، سواء كان ناشئًا عن الغضب أو عن الحمية؛ فإن الأعمال بالنيات على أي وجه كانت، والغضبُ تارةً يكون لله، كما كان يغضب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. والمحاماة أيضًا تكون للصيانة عما يخالف أمر الدين. حمية للإسلام، هكذا يجب أن يفهم. ومنهم من قال: المراد بالقتالِ

47 - باب السؤال والفتيا عند رمي الجمار

47 - بَابُ السُّؤَالِ وَالفُتْيَا عِنْدَ رَمْيِ الجِمَارِ 124 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ الجَمْرَةِ وَهُوَ يُسْأَلُ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ المقاتلةُ بدليل قوله: إن أحدنا يقاتل. ولفظ: ما، في قوله: ما القتال؟ عامٌ في القاتل وغيره. أو المراد منه الوصف. وهذا تكلُّف بارد منشؤه قوله: "من قاتَلَ لتكون كلمةُ الله هي العليا". وإنما ذكر المقاتل في الجواب دون القتال إشارةً إلى أن نية المقاتل يجبُ أن تكون إرادة إعلاء كلمة الله. ثم قال: وحاصل الجواب أن منشأ القتال في سبيل الله القوة العقلية لا الغضبية ولا الشهوانية. وهذا يدل على أنه فهم من الحمية اختصاصها بالزوجة والجواري. وكل هذا خبطٌ، وقد بَيّنا لك الصوابَ. فإن قلتَ: ما المراد بكلمة الله؟ قلتُ: كلمة التوحيد الذي هو أساس الدين أو حكم الله، وإطلاق الكلمة لأنه مستفاد منها. وفي الحديث دلالة على أن الأعمال بالنية، وأنه لا بأس أن يكون المستفتي واقفًا والعالم جالسًا؛ فإن هذا ليس من القيام الذي نهى عنه. باب: السؤالُ والفُتيا عند رمي الجمار الفُتيا -بضم الفاء، والفتوى بفتحها- جواب الحادثة من الفتاء وهو حداثة السنّ، والمناسبة ظاهرة. والجِمار جمع جَمْرة، وهي الأحجار الصغار، والموضع الذي يرمى بالجمار يسمى جمرة، لأنها تُرمى بالجمار، أو لاجتماع الناس عنده. والجمرة اجتماع القبيلة. 124 - (أبو نُعيم) -بضم النون على وزن المصغر- فضل بن دُكَين (عبد العزيز بن أبي سَلَمة) -بفتح السين واللام -الماجَشون -بفتح الجيم وكسره- لقبٌ له معرب ماه كون، أي: شبه القمر في الحسن، وقيل: غير هذا. ولكن هذا هو الصواب، واسمه يعقوب. قاله الغساني. (رأيتُ النبي -صلى الله عليه وسلم- عند الجمرة) يريد جمرةَ العقبة؛ فإن الجمار وإن كانت ثلاثة إلا أنه عند الإطلاق لا يراد غيرها، وسيأتي في كتاب الحج نظيرُهُ (فقال رجلٌ: يا رسول الله،

48 - باب قول الله تعالى: {وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} [الإسراء: 85]

نَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ؟ قَالَ: «ارْمِ وَلاَ حَرَجَ»، قَالَ آخَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَنْحَرَ؟ قَالَ: «انْحَرْ وَلاَ حَرَجَ». فَمَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ قُدِّمَ وَلاَ أُخِّرَ إِلَّا قَالَ: «افْعَلْ وَلاَ حَرَجَ». 48 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ العِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 85] 125 - حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ سُلَيْمَانُ بْنُ مِهْرَانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: بَيْنَا أَنَا أَمْشِي ـــــــــــــــــــــــــــــ نحَرت قبل أن أرمي؟ فقال: ارمِ ولا حرج). تقدم هذا الحديث بشرحه في باب الفتيا. والنحر: ذبحُ الإبل خاصة، لأن النحر هو الصدر والإبل تذبح في اللَبّة -بفتح اللام وتشديد الباء- وهي آخر الحلق يتصل بالصدر. فإن قلتَ: ليس في الحديث أنه كان يرمي الجمار، كما ترجم له؟ قلت: وقوفه عند الجمرة ليس إلا للرمي، إذ ليس هناك عبادة غيره. فإذ قلتَ: أيّ غرض للبخاري من وضع هذا الباب؟ قلت: غرضه: أنه يجوز أن يُسأل العالم وهو مشتغل بطاعةٍ أخرى، إذا لم يكن سؤاله مانعًا عن تلك الطاعة، ألا ترى أنه تقدم أنَّ الذي سأله عن الساعة لم يلتفتْ إليه حتى قضى مقالته؟. باب: قول الله تعالى: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 85] 125 - (قيس بن حَفْص) بفتح القاف وسكون الياء (الأعمش) سليمان بن مهران بكسر الميم (عن إبراهيم) هو النخعي، الإمام المشهور، والنَّخَعُ -بفتح النون والخاء المعجمة-: قبيلة بيمن (عن عبد الله) هو ابن مسعود حيثُ أطلق. (بينا أنا أمشي) تقدم أن (بين) ظرف زمان وألفه للإشباع، وجوابه هو العامل فيه وهو

مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَرِبِ المَدِينَةِ، وَهُوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى عَسِيبٍ مَعَهُ، فَمَرَّ بِنَفَرٍ مِنَ اليَهُودِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: سَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ؟ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لاَ تَسْأَلُوهُ، لاَ يَجِيءُ فِيهِ بِشَيْءٍ تَكْرَهُونَهُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَنَسْأَلَنَّهُ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ، فَقَالَ يَا أَبَا القَاسِمِ مَا الرُّوحُ؟ فَسَكَتَ، فَقُلْتُ: إِنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ، فَقُمْتُ، فَلَمَّا انْجَلَى عَنْهُ، قَالَ: «(وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتُوا مِنَ العِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا)». قَالَ الأَعْمَشُ: هَكَذَا فِي قِرَاءَتِنَا [الحديث 125 - أطرافه في: 4721، 7297، 7456، 7462]. ـــــــــــــــــــــــــــــ هنا قوله: (فمرَّ في خَرِب المدينة) -بفتح الحاء المعجمة وكسر الراء- المكان الخراب. وقيل: جمع خَرِبة -بفتح الخاء وكسر الراء- ككلمة وكَلِم. وُيروى بكسر الخاء وفتح الراء جمع خِربة -بكسر الخاء وسكون الراء- كنقمة في نقم. وفي سورة بني إسرائيل رواه البخاري: الحرث، بالحاء المهملة والثاء المثلثة ولا ينافي لجواز أن يكون الخرب حرثًا. (وهو يتوكأ على عسيب) العسيبُ -بفتح العين وكسر السين- جريد النخل إذا لم تنبت عليه الخوص فإذا نَبَتَ عليه يقال له: (العسف فَمَرَّ بنفرٍ من اليهود) أي: من الطائفة المسماة بيهود. والنفر ما بين الثلاثة إلى العشرة (فقال بعضهم: سَلُوه عن الروح، وقال بعضهم: لا تسالوه، لا يجيء بشيء تكرهونه) لا يجيءْ، بالجزم على أنه جواب النهي، ويجوزُ النصب بتقدير: (أن)، وجوز بعضُهم الرفع على أنه خبر مبتدأ (فقال: يا أبا القاسم ما الروحُ؟) أراد به الروحَ الذي به الحياة، وحمله على القرآن أو على جبريل، أو ملك آخر مما لا وجه له ({قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} [الإسراء: 85] أي: كائن محدث بكلمة كن كسائر المخلوقات. وقيل: الأمر بمعنى الشأن أي: من شأنه تعالى استأثره بعلمه، وليس في الآية دلالة على امتناع علم البشر به. بل في قوله: ({وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 85]) إشارةٌ إلى أنه مما يعلم لو تعلقت به الإرادة. قال صاحب "الكشف": هو عند المكتحلين بكحل الجوهر من علام الغيوب أجلى جلي، وإن كان عند المشتغلين أخفى خفي. وقد استوفينا الكلام فيه على وجهٍ لا مزيد عليه في تفسيرنا "غاية الأماني" نفع الله به. (قال الأعمش: هكذا في قراءتنا) أي: أوتوا، بلفظ الغَيبة والضمير لليهود. ويؤيد هذا أن الخطاب في القراءة الأخرى لليهود أيضًا، وإن احتمل أن يكون عامًا.

49 - باب من ترك بعض الاختيار، مخافة أن يقصر فهم بعض الناس عنه، فيقعوا في أشد منه

49 - بَابُ مَنْ تَرَكَ بَعْضَ الِاخْتِيَارِ، مَخَافَةَ أَنْ يَقْصُرَ فَهْمُ بَعْضِ النَّاسِ عَنْهُ، فَيَقَعُوا فِي أَشَدَّ مِنْهُ 126 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الأَسْوَدِ، قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ الزُّبَيْرِ، كَانَتْ عَائِشَةُ تُسِرُّ إِلَيْكَ كَثِيرًا فَمَا حَدَّثَتْكَ فِي الكَعْبَةِ؟ قُلْتُ: قَالَتْ لِي: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَا عَائِشَةُ لَوْلاَ قَوْمُكِ حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ - قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ - بِكُفْرٍ، لَنَقَضْتُ الكَعْبَةَ فَجَعَلْتُ لَهَا بَابَيْنِ: بَابٌ يَدْخُلُ النَّاسُ وَبَابٌ يَخْرُجُونَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: مَنْ ترك بعضَ الاختيار مخافةَ أن يَقْصُرَ فهمُ بعضُ الناس فَيَقعوا في أشدّ منه الاختيار -بكسر الهمزة- مصدر اختار. أي: العلوم المختارة الشريفة، يقصر فهم المخاطبين عن إدراكها. كذا في النُسخ المعتمدة، وفي بعض: الأخبار -بفتح الهمزة والباء الموحدة- وأَشدّ -بفتح الهمزة وتشديد الدال-، وفي بعضها بالرفع [...] الهمزة وبدونها. 126 - (عن أبي إسحاق) هو السبيعي -بفتح السين وكسر الموحدة- حي من همدان، واسم أبي إسحاق هذا: عمرو بن عبد الله (عن الأسود) هو ابن يزيد بن القيس النخعي، خال إبراهيم من العلماء العُباد، قيل: حج ثمانين حجة وعمرة، كل واحدة على الانفراد، وكذا ابنه عبد الرحمن حج واعتمر ثمانين، كل واحدةٍ على الانفراد (قال لي ابن الزبير) هو عبد الله (كانت عائشة تُسِرُّ إليك كثيرًا) هذا موضعُ الدلالة على الترجمة، وكذا الحديث بعده؛ لأن ردّ الكعبة الشريفة إلى الأساس من الأمور المختارة، وإنما ترك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذلك لقصور فهم الناس، لقرب عهدهم بالجاهلية، فتنكر قلوبهم. ومنه عُلم أن جَلْبَ المصالح إنما يكون بَعْدَ دفع المفاسد. فإن قلتَ: لولا: امتناعية، يجب حذف الخبر بعدها فِلمَ لم يحذف هنا؟ قلتُ: ذاك في الخبر العام كالموجود والذي يرادفه، فإن: لولا، تدل على امتناع الثاني لوجود الأول، ولا دلالة فيها على الخبر الخاص. (قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: يا عائشة، لولا أن قومك حديثٌ عهدُهم، قال ابنُ الزبير: بكُفرٍ) أي: مراد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من قوله: "لولا قومك حديثٌ عهدهم" هو حداثة العهد بالكفر. قال بعضُ الشارحين: هذا الحديث متفقٌ بين عائشة وابن الزبير، أوله من عائشة وآخره

50 - باب من خص بالعلم قوما دون قوم، كراهية أن لا يفهموا

فَفَعَلَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ [الحديث 126 - أطرافه في: 1583، 1584، 1585، 1586، 3368، 4484، 7243]. 50 - بَابُ مَنْ خَصَّ بِالعِلْمِ قَوْمًا دُونَ قَوْمٍ، كَرَاهِيَةَ أَنْ لاَ يَفْهَمُوا 127 - وَقَالَ عَلِيٌّ: «حَدِّثُوا النَّاسَ، بِمَا يَعْرِفُونَ أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ، اللَّهُ وَرَسُولُهُ» حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ مَعْرُوفِ بْنِ خَرَّبُوذٍ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ عَلِيٍّ بِذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ من ابن الزبير، وهذا يدلّ على أنَّه فهم أنّ ابن الزبير يروي من قوله: "بكفر لنقضت إلى آخره. . ." الحديث من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وليس كذلك، بل إن ما يروي ابنُ الزبير عن عائشة ستأتي مرارًا روايته صريحًا من غير واسطة الأسود عن عائشة، وفي تلك الرواية: "لولا قومك حديث عهد بالكفر" ولا يبعُدُ أن ابن الزبير إنما بادر إلى لفظ: بكفرٍ، لما سَمِع الأسودَ تركَهُ، وكان قد حفظ من عائشة، والدليل عليه أن الترمذي رواه عن الأسود بتمامه، إلا أنَّه قال بدل: بكفرٍ، بالجاهلية. والحاصلُ أن ابن الزبير لم يروِ هذا الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قطّ، ومدار الحديث على عائشة باتفاق أهل الحديث، وقد روى الحديثَ عنها عروةُ بنُ الزبير، وعبد الله بن محمَّد بن أبي بكر، والحارث بن عبد الله بتمامه (ففعله ابن الزبير) أي: في أيام خلافته لانتفاء العلة التي امتنع لأجلها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهو حداثة العهد بالكفر، ثمَّ نقض ذلك البناء الحجاج بعد قتل ابن الزبير. باب: مَنْ خَصَّ بالعلم قومًا دون قومٍ كراهيةَ أن لا يفهموا 127 - (وقال علي: حدثوا الناسَ بما يَعْرفون، أتحبون أن يُكَذَّب اللهُ ورسولُه؟) أي: كلموا الناسَ بما يفهمون؛ لئلا يؤدي إلى تكذيب الله ورسوله، وما ضَلَّ من ضَلَّ إلا لقلة الإدراك، ألا ترى إلى قوله: {مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79)} [يس: 78، 79]. فإن قلتَ: ما الفرقُ بين هذه الترجمة والتي قبلها؟ قلت: التي قبلها مُطْلَقَةٌ وهذه مقيدة. فإن قلت: يلزم كتمان العلم؟ قلتُ: لا يلزم، ألا ترى إلى قوله: خَصّ بالعلم قومًا دون قوم. (عُبيد الله بن موسى) على وزن المصغر (عن أبي الطفيل) -بضم الطاء على وزن

128 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمُعاذٌ رَدِيفُهُ عَلَى الرَّحْلِ، قَالَ: «يَا مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ»، قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، قَالَ: «يَا مُعَاذُ»، قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ ثَلاَثًا، قَالَ: «مَا مِنْ أَحَدٍ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، صِدْقًا مِنْ قَلْبِهِ، إِلَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ»، قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: ـــــــــــــــــــــــــــــ المصغر -عامر بن واثلة الكناني، آخر الصحابة موتًا باتفاق أهل الحديث، وُلد عام أحد، ومات وعمره مئة سنة. 128 - (عن قتادة) بفتح القاف (إسحاق بن إبراهيم) هو إسحاق بن راهويه (معاذ بن هشام) بضم الميم وكسر الهاء (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ومعاذٌ رديفُهُ على الرّحل) ومعاذ رديفُهُ: مبتدأ وخبر. والجملة في محل النصب على الحال. وقوله على الرحل: حال أخرى من النبي -صلى الله عليه وسلم- لِما في الرواية الأخرى، عن معاذٍ: كنتُ رديفَهُ، وليس بيني وبينه إلا مؤخرة الرحل. والرحلُ في البعير كالسرج للفرس. ويقال له: الكور، كذا قاله ابن الأثير. قلتُ: هذا أصلُه، وقد اتّسع فيه، وذلك أن معاذًا كان دريفَهُ على الحمار، صَرح به في الرواية الأخرى. (قال يا معاذ بن جبل) يجوزُ في ذال معاذ الضم والفتح، والثاني هو المختار (قال: لبيك يا رسول الله وسعديك) -بفتح اللام وتشديد الباء بعدها ياء ساكنة- أصله إلبابًا بعد إلباب من ألَبَّ بالمكان أقام به، وأسعده إذا طاوعَهُ أي: إسعادًا بعد إسعاد والتثنية للتكثير كما في قوله تعالى: {ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ} [الملك: 4] ووجه إعلال الكلمتين مذكورٌ في كتب النحو، وهما من المصادر التي يجب حذف فعلهما سماعًا. (ثلاثًا) هذا من قول أنس، يريد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كرَّر الكلام ثلاثَ مراتٍ، الثلاث لمجموع ما جرى بين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبين معاذ لا على وجه تنازع الفعلين، وكأنه قال: جرى النداء والجواب ثلاث مراتٍ. (ما من أحدٍ يشهد أن لا إله إلا الله صدقًا من قلبه إلا حَرَّمه الله على النار) أي: خُلُودَهُ. أو قاله حين أسلم ومات على الفور، أو قاله تائبًا ومات بعده. وهذا لأن سائر النصوص دلَّت على دخول بعض عصاة المؤمنين النارَ. والوجهُ هو الأول لإطلاق الحديث

أَفَلاَ أُخْبِرُ بِهِ النَّاسَ فَيَسْتَبْشِرُوا؟ قَالَ: ـــــــــــــــــــــــــــــ وعمومِ: "ما من أحد" وقيل: هذا كان قبل سائر الفرائض. وليس بشيء؛ لأن معاذًا من شبان الأنصار، ومثله عن أبي هريرة، وقد أسلم سنة سبعٍ من الهجرة. فإن قلتَ: "صدقًا" صفة فعل القلب أو القول؟ قلتُ: صفة فعل القلب وذلك احتراز عن قول المنافق، فإنه وإن كان صدقًا في نفس الأمر، لأن صدق الخبر كونه مطابقًا للواقع، سواء كان مطابقًا لاعتقاد المخبر أو لا. ومنه ظهر أن تعلق "من قلبه" بقوله: "يشهد" غير سديد، اللهم إلا أن يراد بالشهادة فعل القلب، والدليل عليه ما في الرواية الأخرى: "خالصًا من قلبه". فإن قلتَ: ما معنى التحريم على النار والحرمةُ صفة فعل المكلف؟ قلتُ: أُريدَ به لازمه وهو المنع. فإن قلت: قال هنا: "حرَمه الله على النار" في حق المؤمن، وقال تعالى في حق الكافر: {حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ} [المائدة: 72] فهل فرقٌ بحسب المعنى؟ قلتُ: قال بعضُ الشارحين: النار متصرفة والجنة متصرف فيها، والتحريم على المتصرف أنسب هذا كلامه. وما ذكره أمر وهمي؛ لأن التحريم حكمُ الله في الموضعين. والصواب في الجواب: أن إيقاع التحريم على المؤمن اعتناء بشانه، وأما على الكافر فلأمرٍ عارضٍ فأوقع التحريم على الجنة إشارةً إلى غلبة الرحمة لولا ذلك العارض. فإن قلت: "إلا حرم الله" استثناء من ماذا؟ قلتُ: قال بعضُهم: استثناء من أعمّ عام الصفات أي: ما أحدٌ يشهد كائنًا بصفة إلا بصفة التحريم، وهذا وهمٌ؛ لأن التحريم صفةُ الله مسند إليه في الحديث، بل التقدير: ما من أحد يشهدُ في حالة من الأحوال إلا في حالة حرَّمه اللهُ على النار. (أفلا أُخبر به الناسَ فيستبشروا) الهمزة داخلةٌ على مقدر، والفاء العاطفة على ذلك المقدر أي: أقلت هذا؟ أفلا أخبر، ومعنى الكلام العرض كقولك: ألا تنزل بنا. ويجوزُ أن يكون الاستفهام على أصله وحَذَفَ نون يستبشروا؛ لأنه جواب العرض أو الاستفهام، فيقدر بأن، ويُروى بالنون عطفًا على: أفلا أخبر، كقوله تعالى: {وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ (36)}

«إِذًا يَتَّكِلُوا» وَأَخْبَرَ بِهَا مُعَاذٌ عِنْدَ مَوْتِهِ تَأَثُّمًا. [الحديث 128 - طرفه في: 129]. 129 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، قَالَ: ذُكِرَ لِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ: «مَنْ لَقِيَ اللَّهَ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا دَخَلَ الجَنَّةَ»، قَالَ: أَلاَ أُبَشِّرُ النَّاسَ؟ قَالَ: «لاَ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَتَّكِلُوا». ـــــــــــــــــــــــــــــ [المرسلات: 36] قال: (إذًا يتكلوا فأخبرَ بها معاذٌ عند موته تأثمًا) أي: تَجَنبًا واحترازًا من كتمان العلم. فإن قلت: كيف جاز له مخالفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قلت: أخذ الجواز من قوله: يتكلوا، فإنه المانع، ولمّا زال ذلك المانع بأن اعتادوا بالطاعات، ودخل حلاوتها في أعماقهم حتى قصدوا الترهب، وصوم الدهر، وقيام الليالي، فانتهى الحكم بانتهاء علته. وما يقال: إن المنع كان عن العوام دون الخواص، ومعاذًا إنما أخبر الخواصَّ يَرُدُّه لفظُ: الناس، على العموم. وأيضًا لو كان المنعُ عن العوام دون الخواص، لَخَصَّ معاذٌ عند الموت طائفةً ولم يطلق الخبر. وقد رَوَى الإمام أحمد أنه قال معاذ عند موته: أدخلوا على الناس، ولما دَخَلُوا حَدَّث بهذا الحديث. والعجبُ أنه قال هذا القائل: إنما خَصَّ الخواصّ دون العوام؛ لأن هذا من الأسرار الإلهية فالخطأ نقلًا وعقلًا. فإن قلت: هذا الحديث من مسندات أنس أم من مسندات معاذ؟ قلتُ: قول أنس بعده: ذَكَر لي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لمعاذٍ، يدل على أن أنسًا لم يسمعه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وإن كان هذا السياق مشعرًا بأنه سمعه. وأما أن البخاري ذكر في الترجمة القوم، والمذكور في الحديث رجل واحد، فلا يقدح في غرضه؛ لأن القوم يقاس على الواحد قياسًا جليًّا والله أعلم. 129 - (مسدّد) بضم الميم وفتح الدال المشددة (معتمر) من الاعتمار -بكسر الميم- قال الغساني: سقط من نسخة أبي زيد ذكرُ مسدد، ولا بُد منه، قال: وسقوطه من القابسي. (سمعتُ أنسًا قال: ذكر لي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لمعاذ: مَنْ لقي اللهَ لا يُشركُ به شيئًا دَخَل الجنة) هذا تعليقٌ من أنس، وذلك أن معاذًا أخبر به عند موته بالشام، وكان أنس بالعراق. واللقاء كناية عن الموت، وصَرّح هنا بدخول الجنة؛ لأن التحريم على النار أعم مفهومًا منه، إلا أنهما متلازمان لقوله: {فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ} [الشورى: 7].

51 - باب الحياء في العلم

51 - بَابُ الحَيَاءِ فِي العِلْمِ وَقَالَ مُجَاهِدٌ: «لاَ يَتَعَلَّمُ العِلْمَ مُسْتَحْيٍ وَلاَ مُسْتَكْبِرٌ» وَقَالَتْ عَائِشَةُ: «نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الأَنْصَارِ لَمْ يَمْنَعْهُنَّ الحَيَاءُ أَنْ يَتَفَقَّهْنَ فِي الدِّينِ». 130 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: الحياء في العلم قد تقدم أن الحياء يُمَدُّ ويقصر، وهو أمر وُجداني إنه ينبه عليه بأنه انقباض النفس مخافةَ المذمة واللوم في العاقبة، وقد تقدم على ذلك الكلام مستوفى في باب الحياء من الإيمان. (وقال مجاهد: لا يتعلمُ العلم مستحيٍ ولا مستكبر) لفظُ مستَحي بالياء، ويُروى بدونه، وكلام مجاهد ظاهر مشاهد وكم ترى من مستغرق في الجهل حياءً من أن يقال في شأنه: لا يعلم لو تلمذ، وكم من جاهل يقول: أنا ابن فلان كيف أتلمذ للناس (نعم النساء نساء الأنصار) كذا في الروايات: نعم، بدون التاء، ووجودها أَوْلى لأن هذا اللفظ وإن كان لفظ الجمع، إلا أنه لا فاصلة بين الفعل وبينه. 130 - (محمد بن سَلاَم) بتخفيف على الأشهر (أبو معاوية) محمد [بن] خازم -بالخاء المعجمة وزاي كذلك- الضريرُ (عن زينب بنت أبي سَلمَة) بفتح اللام والسين (عبد الله بن عبد الله) الأسدي، هو أخو رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رضاعًا، أولُ من هاجَرَ إلى الله (عن أم سَلَمة) زوجة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بنت أبي أمية، واسمُها هند (جاءت أمُ سلَيم) -بضم السين على وزن المصغر- بنت ملحان الأنصارية النجارية، واسمُها سهلة. وقيل: رُمَيْلة أو رُمَيْثة أو مُليْكة أو أُنَيْقة. الأربعة على وزن المصغر. ويقال لها: الغُميْصاء بالغين المعجمة والصاد المهملة، ورُمَيْصاء -بالراء المهملة وصاد كذلك- أم أنس بن مالك، ومحلُّها من الدين والشجاعة معروف يوم حُنين، لما انهزم المسلمون ثبتتْ مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكانت حاملةً، وهي متم، وبيدها خنجر.

فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ، فَهَلْ عَلَى المَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا احْتَلَمَتْ؟ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا رَأَتِ المَاءَ» فَغَطَّتْ أُمُّ سَلَمَةَ، تَعْنِي وَجْهَهَا، وَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَتَحْتَلِمُ المَرْأَةُ؟ قَالَ: «نَعَمْ، تَرِبَتْ يَمِينُكِ، فَبِمَ يُشْبِهُهَا وَلَدُهَا». [الحديث 130 - أطرافه في: 282، 3228، 6091، 6121]. 131 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ ـــــــــــــــــــــــــــــ (هل على المرأة غسلٌ إذا احتلمت)؟ الحلم هو الرؤيا الذي يراه النائم، إلا أن الحلم اشتهر في الشر، والرؤيا في الخير. والمراد هنا: ما تراه المرأة من الواقعة مع الرجل. يقال: حلم -بفتح اللام- واحتَلَم بمعنى واحد (وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: إذا رأت الماء) فإن خروج الماء هو الموجب في الرجال أيضًا، إلا أن خروجه ربما يخفى، فأقام الشارعُ التقاء الختانين مقامه، لكونه مظنةً له، كما أقام السفر مقام المشقة، لكونه مظنة للمشقة. (فغَطّتْ أم سلمة، تعني: وَجْهَها) هذا مُدرَجٌ من الراوي وهي زينب، وقوله: تعني وجهها. إدراجٌ في الإدراج؛ الأول من كلام عروة (قالت يا رسول الله وتحتلم المرأة؟) عطف قصة على أخرى بتقدير الاستفهام، وقد يُروى: أو تحتلم؟ فالهمزة داخلة على فعل مقدّر، أي: أتقولُ ذلك؟ (قال: نعم). (تربتْ يمينُكِ، فبمَ يُشْبِهُها وَلَدُها؟) ترب: -بفتح الباء وكسر الراء- كنايةٌ عن الفقر. يقال: ترب أي: افتقر حتى لصق بالتراب. قال ابن الأثير: لفظه لفظُ الدعاء وتبعه غيره، ولكن لم يرد به ذلك، بل يجري في العتاب على تقصير يقع من المخاطب. قال ابن بَطّال: الحياء إذا كان للإجلال حَسَن، كما فعلت أم سلمة. قلتُ: لو كان كذلك لَما قال لها: "تربت يمينُك"، بل إنّما عاتبها على أنها كانت أَوْلى بالسؤال؛ إذ لا حجاب بينها وبين رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أخبرها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. أَلا ترى أن عائشة مَدَحتْ نساءَ الأنصار بعدم الحياء في التفقه في الدين؟ 131 - (إسماعيل) هو ابن أبي أويس ابن أخت أبي مالك بن أنس

52 - باب من استحيا فأمر غيره بالسؤال

اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لاَ يَسْقُطُ وَرَقُهَا، وَهِيَ مَثَلُ المُسْلِمِ، حَدِّثُونِي مَا هِيَ؟» فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ البَادِيَةِ، وَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَاسْتَحْيَيْتُ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنَا بِهَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هِيَ النَّخْلَةُ» قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَحَدَّثْتُ أَبِي بِمَا وَقَعَ فِي نَفْسِي، فَقَالَ: «لَأَنْ تَكُونَ قُلْتَهَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِي كَذَا وَكَذَا». 52 - بَابُ مَنِ اسْتَحْيَا فَأَمَرَ غَيْرَهُ بِالسُّؤَالِ 132 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الحَنَفِيَّةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ (إن من الشجر شجرةً لا يسقط ورقُها وهي مَثَل المسلم) -بفتح الميم والثاء- أي: شأنها شأن المسلم (لأن تكون قُلْتها) -بفتح اللام- جواب القسم أي: لأن تكون موصوفًا بذلك القول (أحبّ من كذا وكذا) كناية عن الأشياء. أي: من الدنيا وما فيها، أو من حُمْر النَّعم كما جاء في بعض الروايات وأحاديث الباب كلها دلّت على أن تركَ الحياء محمودٌ في كسب العلم والفضائل. باب: من استحيا فأَمَرَ غيرَهُ بالسؤال 132 - (مسدّد) بضم الميم وفتح الدال المشددة (عن الأعمش) هو سليمان بن مهْران (عن منذر الثوري) بكسر الذال المعجمة والثور: بلفظ الحيوان (عن محمَّد بن الحنفية) نسبةً إلى بني حنيفة، ونسبة إلى أمه خولة بنت جعفر بن قيس، كانت من سبي بني حنيفة في زمن الصديق، روى أبو داود عن علي بن أبي طالب أنه قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنْ وَلَدَ لي وَلَدٌ بعدك، أسميته باسمك وأكنيتُه بكنيتك؟ قال: "نعم لَكَ خاصةً" روى أنس قال لعلي: يا أبتاه حيث لك أمر من أمور الحروب تبعثني إليه، والحسن والحسينُ لا تَبْعَثْهما. قال: يا بُنيّ، أنت اليد اليمنى، وهما العينان، أبقي

عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً فَأَمَرْتُ المِقْدَادَ بْنَ الأَسْوَدِ أَنْ يَسْأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: «فِيهِ الوُضُوءُ». [الحديث 132 - طرفاه في: 178، 269]. ـــــــــــــــــــــــــــــ باليمين العين. مناقبُهُ لا تُحصى، وعند بعض الروافض أنه الإمام المهدي المنتظر، وأنه مقيمٌ بجبل رضوى، ولهم في ذلك أشعارٌ. (عن علي قال: كنت رجلًا مَذّاءً) -بفتح الميم وتشديد الذال المعجمة- من المذي -بفتح الميم وذال ساكنة- ماء أبيض يخرج من الذكر عند ملاعبة النساء أو تخيُلهِنّ (فأمرتُ المقداد) -بكسر الميم بعده قاف- هو ابن عمرو البهراني ثم الكندي ثم الزهري، اشتهر بابن الأسود، لأن أسود بن عبد يغوث تَبَنّاه، وقيل: تزوج أُمَّه، ويجوزُ وقوعُ الأمرين، من السابقين الأولين والموصوفين بالشجاعة شهد بدرًا، قيل: ولم يكن مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فارسٌ سواه، وله كلامٌ سيأتي حين شاور رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الأصحاب في غزوة بدر، يدل على علو كعبه في الدين والشجاعة (فقال: فيه الوضوء) وكان الأمر فيه مشتبهًا على عليٍ، لأنه ليس من جنس البول، ولا من جنس المني. ومن فقه الحديث: أن الأحرى بالأصهار أن لا يذكروا شأن المرأة مع الأحماء. وفيه أن معرفة فروع الدين يكفي فيه خبر الواحد، والاكتفاء بالظن مع القدرة على اليقين. والظاهر أن عليًّا لم يكن حاضرًا عنده، لقوله: يغسِلُ ذكره. فإن قلتَ: قد جاء في الرواية الأخرى: "اغسِلْ ذكرك". قلتُ: الخطاب للمقداد كأنه ظن أنّه السائل، لكن في رواية النسائي أنه سأله وعليٌ حاضر. ولا يقدحُ في الاستدلال بخبر الواحد، لأن عليًّا لم يقل: اسأله وأنا حاضر.

53 - باب ذكر العلم والفتيا في المسجد

53 - بَابُ ذِكْرِ العِلْمِ وَالفُتْيَا فِي المَسْجِدِ 133 - حَدَّثَنِي قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا نَافِعٌ، مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَجُلًا، قَامَ فِي المَسْجِدِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مِنْ أَيْنَ تَأْمُرُنَا أَنْ نُهِلَّ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُهِلُّ أَهْلُ المَدِينَةِ مِنْ ذِي الحُلَيْفَةِ، وَيُهِلُّ أَهْلُ الشَّأْمِ مِنَ الجُحْفَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: ذكر العلم والفتيا في المسجد تقدم مرارًا أن الفُتاء -بالضم- والفتوى -بالفتح- جواب الحادثة من الفتاء، وهو حداثة السن. 133 - (قُتيبة بن سعيد) بضم القاف على وزن المصغر (أن رجلًا قام في المسجد) اللام فيه للعهد وهو مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فالمعرفة المعادة ليست عينَ الأولى؛ لأن غرضَ البخاري الاستدلالُ بالحديث على الجواز في كل مسجد (فقال: يا رسول الله، من أين تأمرنا أن نُهِلَّ) -بضم النون وتشديد اللام- من الإهلال، وهو رفع الصوت، والمرادُ به الإحرامُ بالحج؛ لأنه سئل عن تعيين مواقيت الحج والإهلالُ من لوازم الإحرام عادة (يُهِلُّ أهلُ المدينة من ذي الحُلَيفة) بضم الحاء على وزن المصغر. قال النووي: هو أبعدُ المواقيت من مكة، بينه وبين مكة عشرُ مراحل أو تسعة. ومن المدينة على ستة أميال. والمراد بأهل المدينة: من كان طريقه ذاك، سواء كان مقيمًا بالمدينة أو آفاقيا وكذا حكم سائر المواقيت مع المارّين بها. (ويهل أهلُ الشام من الجُحفة) -بضم الجيم وسكون الحاء- كانت قرية تُسمى مَهْيعة -بفتح الميم وسكون الهاء- أجحف السيل بأهلها أي: ذهب، فَسُميت جحفة وهي الآن على طريق أهل مصر وهم لا يُحرِمون به، بل في محاذاته بمكانٍ يقال له: رابغ بالباء الموحدة وغين معجمة وكانت تلك القرية مسكنَ اليهود، فسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ربَّه تعالى أن ينقل حُمَّى المدينة إليها، وكنتُ عام إحدى وأربعين وثمانمئةٍ حاجًا مع أهل مصر، فسألتُ بعض العارفين بتلك البقاع: لِمَ لم تحرموا بالجُحْفة، فذكر لي أنه من بات بها يحصل له الحمى من أثر دعاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

وَيُهِلُّ أَهْلُ نَجْدٍ مِنْ قَرْنٍ» وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ وَيَزْعُمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَيُهِلُّ أَهْلُ اليَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمَ» وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: لَمْ أَفْقَهْ هَذِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [الحديث 133 - أطرافه في: 1522، 1525، 1527، 1528، 7334]. ـــــــــــــــــــــــــــــ (ويُهل أهلُ نجد من قرن) النَجْدُ -بفتح النون وسكون الجيم- ما ارتفع من أرض الحجاز، وما انخفض فهو تهامة، وقرن بفتح القاف وسكون الراء ويقال له: قرن المنازل وقرن الثعالب، قاله ابنُ الأثير. بينه وبين مكة نحو من مرحلتين وغلط الجوهري فيه من وجهين: أحدهما: أنه قال بفتح الراء والثاني: قال: وإليه يُنسب أُويس القرني. وقرن -بفتح القاف والراء- قبيلة بيمن بطن من مراد باتفاق أهل الحديث، إليها ينسب أُويس (ويهلُ أهل اليمن من يَلَمْلَم) بفتح الياء واللام على وزن غَضَنْفَر ويقال: ألملم -بالهمزة موضع الياء- جبل من جبال تهامة على مرحلتين من مكة، واتفقت الرواياتُ على عدم تنوينه اعتبارًا للبقعة. قال بعض الشارحين: فإن قلتَ: الواو في ويزعمون للعطف، فما المعطوف عليه؟ قلتُ: هو عطف على مقدّر، وهو قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذلك، ولا بُدّ من هذا، لأن الواو لا تدخل بين القول والمقول. هذا كلامُهُ. وهو سهوٌ ظاهر، لأن ويزعمون هو مقول قول ابن عمر، ولا مقول بعده حتى يقال مثل هذا بل هو مقول ابن عمر أي: الذي أقوله ما ذكرت. (ويزعمون أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال غيره أيضًا): الزعمُ هنا بمعنى القول المحقق، لأن القائل صحابي فلا يجوزُ أن ينسبه ابن عمر إلى الزور والقول الباطل. (وكان ابن عمر يقول: لم أفقه هذه) يقال: فقه -بالكسر يَفْقَهُ- بالفتح- إذا فهم، وفقُه -بالضم- إذا صار فقيهًا. قيل: إنما قال ابن عمر لم أفقه هذه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع أنه سمعه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، من غاية ورعه، وفيه سهو ظاهر لأن ابن عمر صرح في كتاب الحج بعدم السماع من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

54 - باب من أجاب السائل بأكثر مما سأله

54 - بَابُ مَنْ أَجَابَ السَّائِلَ بِأَكْثَرَ مِمَّا سَأَلَهُ 134 - حَدَّثَنَا آدَمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ: مَا يَلْبَسُ المُحْرِمُ؟ فَقَالَ: «لاَ يَلْبَسُ القَمِيصَ، وَلاَ العِمَامَةَ، وَلاَ السَّرَاوِيلَ، وَلاَ البُرْنُسَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من أجاب السائل بأكثر مما سئل كذا في أكثر النسخ وهو بنزع الخافض أي: بأكثر كما في بعضها. 134 - (ابن أبي ذئب) محمد بن عبد الرحمن، تقدَّمَ بعضُ مناقبه في باب كتابة العلم (وعن الزهري) إشارة إلى تحول الإسناد فكما روى ابن أبي ذئب عن نافع عن ابن عمر فكذلك رواه الزهري (عن سالم عن ابن عُمر). (أن رجلًا سأله ما يَلْبَسُ المحرِم؟) ما: استفهامية. وقيل: موصولة أو موصوفة بنزع الخافض أي: عما يلبس وهذا تكلُّف وعدولٌ عن الظاهر ويردّه ما سيأتي في كتاب الحج من رواية ابن عمر أن رجلًا قال يا رسول الله: ما يلبسُ المحرِمُ؟ فإن نزع الخافض لا يعقل مع قال وهو ظاهر (لا يلبَس القميص) -بفتح الباء- يقال: لبِس بالكسر يَلْبَسُ بالفتح في لبس الثوب، ولَبَسَ بالفتح يلبِس بالكسر إذا خلط وستر، والرواية بالرفع نفي في معنى النهي، وهو أبلغ من صريح النهي، وذلك لأنه إخبار، فكأنه نهى عنه فانتهى فأخبر عن ذلك الانتهاء، (ولا السراويل) قيل: لفظ عجمي. وقيل: عربي لا مفرد له، وقيل: مفرده سروالة. وأنشدوا: عليه من اللؤم سروالة ... فليس يرق لمستضعف (ولا البُرنس) بضم الباء وسكون الراء قال الجوهري: قلنسوة طويلة، كان النُسَّاك يلبسونها في صدر الإِسلام. قلت: وكذا يلبسها أهلُ المغرب. وإنما أعاد لفظة لا في المعطوفات، لئلا يتوهم تعلُّق الحرمة بالمجموع من حيث المجموعُ. قال بعضُ الشارحين: إنما عطف البُرْنس على العمامة لتغطيه بالمعتاد وغيره. قلتُ:

وَلاَ ثَوْبًا مَسَّهُ الوَرْسُ أَوِ الزَّعْفَرَانُ، فَإِنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الخُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْهُمَا حَتَّى يَكُونَا تَحْتَ الكَعْبَيْنِ». [الحديث 134 - أطرافه في: 366، 1542، 1838، 1842، 5794، 5803، 5805، 5806، 5847، 5852]. ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا إنما يصح لو لم يكن في صدر الإِسلام لبس البرنس معتادًا، ولا ثوبًا مسَّه الورس -بفتح الواو وسكون الراء -نبتٌ أصفر يُصبَغُ به. قال الشارح المذكور: إنما غير الأسلوب هنا ليدل على عموم الحكم للمذكر والنساء. قلت: الحكم عام ولكن لا تَغَير في الأسلوب. فإن قلت: سؤال السائل إنما كان عن شيء يجوزُ لبسه فلم ذكر في الجواب ما لا يجوزُ لبسه؟ قلتُ: لأن المحرمات أقلّ من المباحات، فكان ذاك أخصر في الجواب وسلوك مثله واجب عند البلغاء. وما يقال: إنما عَدَلَ عن ظاهر الجواب تنبيهًا على أن الأولى بحال السائل السؤال عما لا يجوزُ لبسه، لأن الحرمة عارضة، فليس شيء إذ هو بصدد ذلك، لا أنه يريد تعلّم المسألة حتى يقال: هذا عارض وذاك أصلي، لأن الإنسان إنما يسأل عن شيء يفعله يدلّ عليه ما سيأتي في كتاب الحج من قول البخاري باب ما يلبس المحرم؛ إذ لو كان الأمرُ على ما ذكره، كان القياسُ أن يقول: باب: ما يلبس المحرم. فإن قلت: ما الحكمة في منع المحرم عن الأشياء المذكورة؟ قلت: تركًا للزينة؛ لأن الحاج أشعث أغبر، كما قاله رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. فإن قلتَ: لم يستوف المحرمات كالعباءة والجبة؟ قلتُ: اكتفى بالقميص، فإنه يقاس عليه كل مخيط. واعلم أنه اشتهر في عبارات الفقهاء أن الحاج لا يلبس المخيط، ولكن ذاك مقيَّد باللبس على وجه الإحاطة بالبدن، وأما لو ارتدى أو تأزر بالمخيط فلا بأس به. (فَلْيَلْبَس الخفين وليقطعهما حتى يكونا تحت الكعبين) الأمر الأول للإباحة، والثاني للجواب. فإن قلتَ: قطع الخف إفسادٌ للمال؟ قلتُ: الحَسنُ ما قاله الشارع، وليس لأحدٍ معه بحث. ألا ترى أنه أشعر وأمر به، ولم يكن لأحدٍ أن يقول: إنه تعذيب الحيوان. هذا آخر كتاب العلم. رب زدني علمًا.

4 - كتاب الوضوء

4 - كِتَابُ الوُضُوءِ 1 - بَابُ مَا جَاءَ فِي الوُضُوءِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى المَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الكَعْبَيْنِ}. ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الوضوء بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ باب ما جاء في قول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6]. أردف كتاب العلم بكتاب الطهارة، لأنها شرط الصلاة التي هي عماد الدين. والوضوء -بضم الواو- مصدر من الوضاءة وهي الحُسْن والجمال، ومثله: الطُهور بضم الطاء، وأما الوَضوء والطَّهور -بفتح الواو والطاء- فالماء الذي يتوضأ به. هذا هو المشهور المتداول على الألسنة في الروايات، وحكى الأصمعي والأزهري الفتح فيهما، وصاحب "المطالع": الضم فيهما، واستدل عليه بالآية الكريمة. ولما كان الكلام فيه مجملًا بَيّن إجماله بقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إن المأمور به في الآية هو إيقاع الفعل مرةً واحدة، لأنه الأقل المقطوع به، فإن الأمر بالشيء يقتضي إيجاده في الجملة. واختلف في سبب وجوبه والصحيحُ أنه إرادة القيام إلى الصلاة، وفي وقت وجوبه والصحيحُ: أنه أول ما نزل عليه الوحي بمكة علّمه جبريل. رواه الإمام أحمد. وكان واجبًا عند كل صلاة ثم نُسخ. رواه أبو داود.

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: «وَبَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ فَرْضَ الوُضُوءِ مَرَّةً مَرَّةً، وَتَوَضَّأَ أَيْضًا مَرَّتَيْنِ وَثَلاَثًا، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ثَلاَثٍ، وَكَرِهَ أَهْلُ العِلْمِ الإِسْرَافَ فِيهِ، وَأَنْ يُجَاوِزُوا فِعْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». ـــــــــــــــــــــــــــــ (أن فرضَ الوضوء مرةٌ مرةٌ) بالرفع خبر أنّ والمعنى: أن الفرضَ في كل عضو مرة واحدة، ولهذا المعنى أعاد لفظ مرة. ويُروى بالنصب. قيل: على لغة من ينصب بالحروف المشبهة الاسم والخبر كقول الشاعر: إن حُرَّاسَنا أسدًا وأما على المصدر أي: فرض الوضوء الغَسْلُ مرةً واحدة. وقيل: أو نصب على الظرفية أي: في الزمان المسمّى بالمرة، وهو لغوٌ من الكلام، لأن المرةَ من صفات الفعل الذي من شأنه المرةُ والتعددُ، وليس في الزمان ما يمكن أن يكون موصوفًا بالمرة والتعدد. (وتوضأ مرتين مرتين وثلاثًا) أي: وثلاثًا ثلاثًا، وإنما حذف الثاني منه، لدلالة تكرار مرتين عليه، لأنه قرينه. وأما حمل مرة ومرتين ثانيًا على التأكيد، منافٍ لغرض البخاري؛ إذ لا يخفى أن مراده أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بَين مراتب الوضوء بغسل كل عضو مرةً ومرتين وثلاثًا، وإذا حُمل على التأكيد لم يبق للكلام على ذلك دلالة بوجه، وكذا حمله على أن المراد مرة في هذا الوضوء، ومرة في ذلك الوضوء باعتبار الجزئيات لأنه بصدد بيان الآية، الآمرة بغسل الأعضاء هل تكفي مرة أو لا. فلو حمل على أن المعنى مرة في هذا الوضوء، ومرةً في ذلك الوضوء لم يكن تفسيرًا وبيانًا للآية. (وكره أهلُ العلم الإسراف فيه) الإسرافُ التجاوزُ عن الحدّ المتعارف كمن غسل الأعضاء أربع مراتٍ. هذا هو الإسراف الذي كرهه العلماء، لأنه مخالف للشارع فيما شرعه على وجه الكمال، وليس بعد الكمال إلا النقصانُ، والتبذيرُ أخصُّ من الإسراف، لأنه في الإنفاق لا غير. وقوله: (وأن يجاوزوا فعل النبي -صلى الله عليه وسلم-) كالتفسير للإسراف. وقيل: الإسرافُ: صرفُ ما ينبغي إلى ما لا ينبغي زائدًا على ما ينبغي. وهذا لا يتناول الإسرافَ في الذنوب والقبائح.

2 - باب: لا تقبل صلاة بغير طهور

135 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الحَنْظَلِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ تُقْبَلُ صَلاَةُ مَنْ أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ» قَالَ رَجُلٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ: مَا الحَدَثُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟، قَالَ: فُسَاءٌ أَوْ ضُرَاطٌ. [الحديث 135 - طرفه في: 6954]. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: لا تُقبَلُ صلاةٌ بغير طهور الطهور -بضم الطاء- مرادف الوضوء الذي هو شرط الصلاة، هذا هو المشهور، وقد تقدم آنفًا أنه يجوزُ فيه الفتحُ أيضًا، والطهور والوضوء -بالفتح- هو الماء الذي يُتوضأ به على المشهور، وإن جاز الضم أيضًا. 135 - (إسحاق بن إبراهيم الحنظلي) -بفتح الحاء وسكون النون والظاء المعجمة- نسبة إلى حنظلة، قبيلة من تميم، هو ابن راهويه (مَعْمَر) بفتح الميم بينهما عين ساكنةٌ (عن هَمّام بن مُنَبه) -بفتح الهاء وتشديد الميم ومنبه- على وزن اسم الفاعل -بباء مكسورة مشددة (لا تُقبل صلاةُ من أحدَثَ حتى يتوضأ) إنما قال: صلاة من أحدث، ولم يطلق اللفظ لأنه إذا لم تقبل ممن أحدث بعد الوضوء، فإذا لم يكن له وضوء سابقٌ من باب الأَوْلى (فقال رجل من حضرموت: ما الحدثُ يا أبا هريرة؟ قال: فساءٌ أو ضراطٌ) كلاهما بضم الأول، وحضرموت: بلد بيمن أو قبيلة. قاله الجوهري. فإن قلتَ: تفسير أبي هريرة قاصرٌ عن مراد السائل، لأنه يريد معرفة الحدث الذي أشار إليه بأنه لا تصح الصلاة معه؟ قلت: الكلام إنما هو في الحدث في الصلاة، ولا يمكن من أسباب الحدث في الصلاة إلا ما قال أبو هريرة. فإن قلت: النوم أيضًا من النواقض وهو ممكنٌ في المسجد أيضًا؟ قلتُ: من حيث هو ليس ناقضًا. ألا ترى أن المتمكن في الجلوس نومه ليس بناقض، وإنما عُد من النواقض لأنه مظنة خروج خارج. وسيأتي في حديث عَباد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا ينصرف حتى يجد ريحًا أو يسمع صوتًا". وهذا إنما يكون إذا اشتبه عليه، هل خَرَج شيءٌ أم لا، وإذا تيقن بذلك، فلا يتوقف على وجود صوت أو ريح. قال النووي: اختلف في موجب الوضوء، قيل: الحدث. وقيل: القيام إلى الصلاة، وقيل: كلاهما، وهذا هو المختار. وفي قولهم: القيام إلى الصلاة تسامحٌ، أي: إرادة القيام

3 - باب: فضل الوضوء والغر المحجلين من آثار الوضوء

136 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلاَلٍ، عَنْ نُعَيْمٍ المُجْمِرِ، قَالَ: رَقِيتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى ظَهْرِ المَسْجِدِ، فَتَوَضَّأَ، فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ «إِنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ القِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ ـــــــــــــــــــــــــــــ إلى الصلاة، لأن القيام متأخر عن الوضوء، والمتقدم عليه إنما هو الإرادة، والمراد الوضوء أو بدله وهو التيمم، وإنما اقتصر على التوضؤ لأنه الأصل والأكثر. وقوله: قال رجلٌ. من كلام الهَمَّام. باب: فضل الوضوء والغرّ المحجلين من آثار الوضوء الوضوء المذكور أولًا بالضم، والمذكور ثانيًا بالفتح، لأن المراد بالأول الفعلُ، وبالثاني الماء الذي يتوضأ به. هذا على الأشهر الذي أشرنا إليه، فإن الآثار به أوفق، وتلك الآثار الأنوار الساطعة على أعضاء الوضوء. والكلامُ على طريقة التشبيه البليغ، لأن الغر جمع الأغرّ. وهو لغةً فرس يكون في جبهته بياض فوق الدرهم. والمحجَّل الذي في قوائمه البياض إما في كلها أو بعضها. قال ابن الأثير: ولا يكون التحجيل في اليد واليدين، [ما] لم يكن مع ذلك في رجل أو رجلين. وشرطه أن يجاوز الركبتين. 136 - (يحيى بن بُكَير) بضم الباء على وزن المصغر (عن نُعيم المُجْمِر) -بضم النون على وزن المصغر -والمُجْمِر- على وزن المكرِم-: الذي يضع المجامر. وقيل: إنما قيل له ذلك المجمر، لأنه كان يُجْمِرُ مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. قاله إبراهيم بن الحربي. (سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: إن أمتي يُدْعَون يوم القيامة غُرًّا محجلين) حالان مترادفان، أي: يُدعون إلى الحساب أو إلى الجنة والحال بأنهم بهذه الصفة. ويجوزُ أن يكون الدعاء بمعنى التسمية كما قوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ} [الإسراء: 110] فانتصابهما على أنهما مفعولان. فإن قلت: هل فيه دلالة على أن هذا لا يكون لغير هذه الأمة؟ قلتُ: هذا لا دلالة فيه إلا أن رواية مسلم: "لكم سيما ليست لأحدٍ من الأمم" صريحة في الاختصاص. فإن قلت: هل لذلك حدٌّ؟ قلتُ: حدّ التحجيل أن يجاوز المرفق والكعب وقيل: إلى نصف العضد والساق. وقيل: إلى المنكب والوسطُ هو المختار، وأصل السنة تحصل بالزيادة على محل الفرض أيَّ قدر كان، وما ينقل عن ابن بطال والقاضي: لا يزيد على محل

4 - باب من لا يتوضأ من الشك حتى يستيقن

الوُضُوءِ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ» [مسلم: كتاب الطهارة، باب استحباب إطالة الغرة والتحجيل، رقم: 246]. 4 - بَابُ مَنْ لاَ يَتَوَضَّأُ مِنَ الشَّكِّ حَتَّى يَسْتَيْقِنَ 137 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، ح وَعَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَمِّهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الفرض لقوله في الحديث الآخر: "من زاد أو نقص فقد تعدى وظلم" مما لا يعول عليه، كيف لا وقوله: (فمن استطاع منكم أن يطيل غُرّته فليفعل) صريحٌ في الزيادة على محل الفرض، وإنما اقتصر على ذكر الغُرة؛ لأنه أشقّ لاحتياجه إلى رفع العمامة ونحوها، ولذلك قيده بالاستطاعة، وفي ذكرها أيضًا دفع توهم الوجوب من لفظ الأمر، أو لأن الوجه أشرف وأول ما يقع عليه النظر على أن في رواية مسلم ذكرهم معًا. ومن فوائد الحديث جوازُ التوضؤ على سطح المسجد، وإذا جاز على سطحه جاز في المسجد، لأن سطح المسجد مسجدٌ، والمراد من الاستطاعة هنا اليُسْر لا القدرة على الفعل. باب: لا يتوضأُ من الشك الشك: تساوي الطرفين، ولا يتصور معه حكم. ومن قال: الشك أن يعتقد الطرفين على السواء، فقد سَها، وإنما نشأ وهمُهُ هذا من إدخال الشك في تقسيم الحكم. قال المحققون: إنما ذكروا الشك في معرض تقسيم الحكم، ليحصل به كمال التمييز لا أنه داخل في المُقسَم. 137 - (عن سعيد بن المسيَّب) -بفتح الياء المشددة- على الأشهر (عَبّاد بن تميم) -بفتح العين وتشديد الباء الموحدة المشددة -هو ابن غزية -بفتح الغين المعجمة وكسر زاي كذلك- ثم ياء مثناة مشددة الأنصاري المازني. اختلف في رؤيته رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (عن عمّه) أي: عمّ عَبّاد وهو عبد الله بن زيد بن عاصم أخي أبي عَبَّاد. قال النووي: هذا غير صاحب الأذان، ذاك عبد الله بن زيد بن عبد ربّه. قال: وغلط فيه سفيان بن عُيينة، وزعم أنه ذاك.

5 - باب التخفيف في الوضوء

أَنَّهُ شَكَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلُ الَّذِي يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَجِدُ الشَّيْءَ فِي الصَّلاَةِ؟ فَقَالَ: «لاَ يَنْفَتِلْ - أَوْ لاَ يَنْصَرِفْ - حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا». [الحديث 137 - طرفاه في: 177، 2056]. 5 - بَابُ التَّخْفِيفِ فِي الوُضُوءِ 138 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، قَالَ: أَخْبَرَنِي كُرَيْبٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ " أَنَّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلم ـــــــــــــــــــــــــــــ وممن نَّص على غلطه البخاري في كتاب الاستقساء، وقال: لا يُعرف لصاحب الأذان حديثٌ غير حديث الأذان. وقوله: عن عمه. يتعلق بعَبّاد، وسعيد بن المسيب، فإن كلا منهما يروي الحديث عنه، وحمل سعيد على الإرسال بعيد عن السياق. (شُكي إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الرجل الذي يُخَيَّل إليه أنه يجدُ الشيء في الصلاة) شُكي -بضم الشين علي بناء المجهول -والشكاية رفع أمرٍ يصيبُ الإنسانَ مما يكرهه إلى من يقدر على إزالته. أي: أنهى حال الرجل الذي يَشك في الصلاة، هل خَرَج منه ما نقض الوضوء أم لا. ويروى علي بناء الفاعل والوجهُ فيه أن يكون الفاعل عمَّ عباد، لما سيأتي في باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين بدون لفظ الشكاية، عن عَباد عن عَمّه. وقيل: الفاعل على هذه الرواية الرجل الذي يُخيَّل إليه وليس بوجه، إذ لو كان كذلك، كان الواجب ذكر الرجل نكرة أي: واحد من الرجال، وأيضًا على هذا التقدير كان المناسب لا يتعرف بلفظ الخطاب، وهذا ظاهر لمن له ذوقٌ في درك خواصّ التراكيب. ومن فقه الحديث أن الشك لا حكم له مع سبق اليقين، والحديث دل على أن المراد بالشك في الترجمة ما عدا اليقين، لأن وجدان الريح وسماع الصوت بديهيان، وعليه العلماء سوى مالك. باب: التخفيف في الوضوء 138 - (سفيان) هو ابن عُيينة (عمرو) هو ابن دينار (كُريب) على وزن المصغر مولى ابن

نَامَ حَتَّى نَفَخَ، ثُمَّ صَلَّى - وَرُبَّمَا قَالَ: اضْطَجَعَ حَتَّى نَفَخَ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى - " ثُمَّ حَدَّثَنَا بِهِ سُفْيَانُ، مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ عَنْ عَمْرٍو، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: بِتُّ عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ لَيْلَةً فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ اللَّيْلِ، فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «فَتَوَضَّأَ مِنْ شَنٍّ مُعَلَّقٍ وُضُوءًا خَفِيفًا يُخَفِّفُهُ - عَمْرٌو وَيُقَلِّلُهُ -، وَقَامَ يُصَلِّي، فَتَوَضَّأْتُ نَحْوًا مِمَّا تَوَضَّأَ، ثُمَّ جِئْتُ فَقُمْتُ، عَنْ يَسَارِهِ - وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ عَنْ شِمَالِهِ - فَحَوَّلَنِي فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ، ثُمَّ صَلَّى مَا شَاءَ اللَّهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ عباس (نام حتى نَفخَ) كناية عن كمال النوم والنفخُ -بالخاء المعجمة- معروف، والمراد به صوت نَفَس النائم (ثم حدثنا سفيان) هذا من كلام علي بن عبد الله. وقد يوجد في بعض النسخ قَبْل ثم لفظ (ح) التحويل، وليس له وجه وذلك أن الأسناد هو ذلك الإسناد، غايته أن سفيان روى أولًا الحديث مختصرًا، ثم رواه مطولًا، وكأنه تذكر تلك الزيادة بعد النسيان (مرةً بعد مرة) أي: مرارًا كثيرةً (فلما كان في بعض الليل) ويروى من بعض الليل، وعلى هذا يجوزُ أن يكون من اسم كان، لأنها بيانية، ولا حاجة إلى القول بزيادة: من، في الإثبات، وجعل (كان) تامة (قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتوضأ من شَنِّ مُعَلَّق) بالشين المعجمة والنون مشددة أي: قِرْبة عتيقة، وإنما كانوا يستعملون العتيق من القِرَب، لأنها تبرد الماء، وطعمُ الماء فيها أطيبُ (وضوءًا خفيفًا يخففه عمرو ويقَلّله) فالمراد به أنه لم يتأنّ فيه على دأبه، وليس المراد بالتخفيف غسلَ الأعضاء مرةً مرة لما سيأتي في البخاري: "أنَّه توضأ وضوءًا حسنًا". قال النووي: أي: بين الإسراف والإقتار، وهذا صريح في أنه لم يقتصر على مرة واحدة، فإنها الإقتار؛ إذ لا وضوء بدونه. فإن قلت: قال أولًا: فقام، ثم قال: قام وليس هناك إلا قيام واحد؟ قلتُ: في نسخ البخاري كذا وقع، وقيل: في رواية أبي ذر: قيام. قال القاضي: وهو الصوابُ أي: قيام في أول الليل، ثم قام. قلتُ: يمكن حمل باقي النسخ على الإجمال والتفصيل، فإنه رواية الثقات. (فتوضأت نحوًا مما توضأ، ثم جئتُ فقمتُ عن يساره، فَحَوّلني فجعلني عن يمينه)

اضْطَجَعَ فَنَامَ حَتَّى نَفَخَ، ثُمَّ أَتَاهُ المُنَادِي فَآذَنَهُ بِالصَّلاَةِ، فَقَامَ مَعَهُ إِلَى الصَّلاَةِ، فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ» قُلْنَا لِعَمْرٍو إِنَّ نَاسًا يَقُولُونَ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَنَامُ عَيْنُهُ وَلاَ يَنَامُ قَلْبُهُ» قَالَ عَمْرٌو سَمِعْتُ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ يَقُولُ: "رُؤْيَا الأَنْبِيَاءِ وَحْيٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــ أي: توضأتُ وضوءًا خفيفًا بين الإسراف والإقتار. قيل: إنما قال: نحوًا مما توضأ ولم يقل: مثل ما توضأ، لأن مثل وضوئه لا يقدر عليه أحدٌ، وهذا الذي قالوه مردودٌ نقلًا وعقلًا؛ أما نقلًا فلِما في رواية مسلم عن عثمان بن عفان أنه توضأ ثم قال: رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ مثل وضوئي، ثم قال: من توضأ هكذا. وأما عقلًا فلأن الوضوء ليس من الأمور الغامضة، بل هو أمر محسوس وله حد محدود، كيف والصلاة التي هي أعظم العبادات المشتملة على الفرائض والسنن والآداب قال فيها: "صلوا كما رأيتموني أُصلي". واتفق أهلُ البلاغة على عدم التفرقة بين أدوات التشبيه. وسيأتي في رواية ابن عباس: فصنعتُ مثلَ ما صَنَعَ وجاء في رواية البخاري أيضًا في أخر الكتاب (ثم اضطجع فنام حتى نَفَخَ ثم أتاه المنادي فآذنه بالصلاة) بالمد أي: أعلمه. والمنادي: هو المؤذن. يقولون: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تنام عينه ولا ينام قلبُهُ. قد جاء في البخاري في رواية عائشة: قلتُ: تنام يا رسول الله قبل أن توتر؟ قال: "تنام عيناي ولا ينام قلبي" وإذا كان قلبه يقظان فهو ضابط للوضوء، لأن النواقض في حالة النوم لا تتعلق بالعين، ولا هي من مدركاته. وما يروى أنه توضأ بعد القيام من النوم، فلأنه ربما يحصُلُ له الاحتياج إليه بعد القيام من النوم، أو أراد تجديد الوضوء كما هو دأبه في أنه كان يصلي كل صلاة بوضوء كما سيأتي من رواية أنس، ومن قال: إنما توضأ لأنه كان يعلم أنه استثقل نومًا يحتاج معه إلى الوضوء، فقد قال منكرًا من الكلام؛ فإن قوله: "تنام عيني ولا ينام قلبي" شامل لجميع أقسام نومه، ولذلك كان رؤياه في تلك الأحوال كلّها وحيًا. (قال عمرو: سمعتُ عُبيد بن عمير) بتصغير الاسمين (يقول: رؤيا الأنبياء وحيٌ.

6 - باب إسباغ الوضوء

ثُمَّ قَرَأَ {إِنِّي أَرَى فِي المَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ} [الصافات: 102] [طرفه في: 117] 6 - بَابُ إِسْبَاغِ الوُضُوءِ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: «إِسْبَاغُ الوُضُوءِ الإِنْقَاءُ». 139 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: دَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عَرَفَةَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالشِّعْبِ نَزَلَ ـــــــــــــــــــــــــــــ ثم قرأ: {إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ} [الصافات: 102]. استدل بالآية على أن رؤيا سائر الأنبياء وحي، ويلزم منه أن لا يكون نومُهم ناقضًا، ومن فقه الحديث: استحبابُ قيام الليل، وجواز الاقتداء في النوافل، واستحباب القيام على يمين الإمام إذا كانا اثنين، وإن قام على يساره فللإمام أن يُحَوّله إلى يمينه، ومثله لا يكون مكروهًا ومبطلًا. باب: إسباغ الوضوء الإسباغ: إفعال من السبوغ وهو الشمول والتمام. (وقال ابن عمر: إسباغ الوضوء: الإنقاء) -بكسر الهمزة، والقاف والمد-: التطهير والتنظيف من النقاء -بفتح النون والمد -وهو النظافة وهذا تفسيرٌ للإسباغ باللازم. 139 - (عبد الله بن مَسْلَمة) بفتح الميم واللام (كُريب) بضم الكاف على وزن المصغر (أسامة) بضم الهمزة (ابن زيد) ابن حارثة، حِبّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وابن حِبّه، أمه أم أيمن حاضنةُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. وكان يقول: "هذه أمي بعد أمي". وستأتي مناقبه. (دفع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من عرفة حتى إذا كان بالشِّعب) دفع: فعل متعدّ، قال ابن الأثير: تقديره: دفع نفسه أو ناقته. قال بعضُ الشارحين: فإن قلتَ: عرفة اسم الزمان وهو اليوم التاسع من ذي الحجة، فما المراد منه؟ قلتُ: المراد إما الزمان أي رجع من وقوف عرفة بعرفات، وإما المكان. هذا

فَبَالَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وَلَمْ يُسْبِغِ الوُضُوءَ فَقُلْتُ الصَّلاَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: «الصَّلاَةُ أَمَامَكَ» فَرَكِبَ، فَلَمَّا جَاءَ المُزْدَلِفَةَ نَزَلَ فَتَوَضَّأَ، فَأَسْبَغَ الوُضُوءَ، ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ، فَصَلَّى المَغْرِبَ ثُمَّ أَنَاخَ كُلُّ إِنْسَانٍ بَعِيرَهُ فِي مَنْزِلِهِ، ثُمَّ أُقِيمَتِ العِشَاءُ فَصَلَّى، وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا. [الحديث 139 - أطرافه في: 181، 1667، 1669، 1672]. ـــــــــــــــــــــــــــــ كلامُهُ وقد نبهناك في كتاب الإيمان على أن هذا غلط، ولم يقل أحدٌ من أهل اللغة: إن عرفة اسمٌ لليوم، بل عرفة وعرفات كلاهما اسم للمكان. وإنما التبس عليه من قول الناس يوم عرفة، فظن أن اسم اليوم والتقدير في قولهم: يوم عرفة، يوم الوقوف بعرفة. والشِّعب -بالكسر- الطريق بين الجبلين. قاله الجوهري. والمراد به في الحديث: شعب معهود بين عرفات ومزدلفة. (فبال وتوضأ فلم يسبغ الوضوء) أي: توضأ وضوءًا تصح الصلاة به، ولكن لم يكن على وجه الكمال ولهذا قال أسامة: (الصلاة) إذ لم يكن وضوءًا كاملًا تصح به الصلاة، لم يكن لقول أسامة وجه. وقد صَرَّح بالوضوء في مسلمٌ والبخاري في كتاب الحج، فسقط ما يقال: أراد بقوله: لم يسبغ الوضوء أنه استنجى لا غيره (فقال: الصلاة أمامك) أي: تصلي الصلاة أمامَك برفع الصلاة على أنه قائمٌ مقام الفاعل، أو مبتدأ. وأمامَكَ خبره أي: مكانها (ثمَّ أُقيمت العشاءُ) دل بلفظ ثم: على أن المواصلة بين المغرب والعشاء لا يُشترط في الجمع مع التأخير، لأن وقتها باقٍ إلى طلوع الفجر. فإن قلتَ: دلّ الحديث على أَنْ لا أذان لواحدة منهما؟ قلتُ: جاء في رواية مسلم عن جابر أنه أذّن للأولى، ويقيم لكل واحدة، والذي هنا محمولٌ على غفلة الراوي عن الأذان. قال النووي: ضبط جابر حجَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ضبطًا لم يشاركه فيه أحدٌ. قال: وصنّف ابنُ المنذر على حديث جابر كتابًا فخرّج عليه مئة ونيفًا وخمسين نوعًا من الفقه. فإن قلتَ: فقد أذن ابن عمر لكل واحدة. وسيأتي أن البخاري بَوّب على ذلك. قال

7 - باب غسل الوجه باليدين من غرفة واحدة

7 - بَابُ غَسْلِ الوَجْهِ بِاليَدَيْنِ مِنْ غَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من أذَّن لكل واحدة؟ قلتُ: ابن عمر لم يَروِ في ذلك حديثًا ولا يقاوم فعله حديث جابر. فإن قلت: هل يصلي السنة؟ قلتُ: قوله: لم يصل بينهما لا ينفي جواز السنة بعدهما أو قبلهما. قال الشافعي: يصلي سنة الصلاتين بعدهما لما روى الترمذي عن ابن عمر: صليتُ مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الظهر في السفر ركعتين، وبعدها ركعتين. وروى أبو داود والترمذي عن البراء: غزوتُ مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثماني عشرةَ غزوةً كان إذا زاغت الشمسُ يصلي ركعتين. وقد أنكر ابن عمر على من يصلى السنة وقال: لو صليت السنة لأتممْت الفريضة. باب: غسل الوجه باليدين من غَرفةٍ واحدةٍ الغرفة -بالضم- بمعنى المغروف كاللقمة والأكلة. وبالفتح: مصدر غرف للوحدة، كما قال الله تعالى: {إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً} [البقرة: 249] قُرئ بهما في السبع. قال الجعبري: والمختار بضم الغين، لأن الفتح يحتاج إلى تقدير الماء، وما يحكى أن أبا عمرو بن العلاء، لما قرأ غَرفة، بالفتح، وكان ذلك في أيام إمارة الحجاج بالعراق، فطالبه الحجاج على أن يقيم على قراءته شاهدًا من كلام العرب، فلم يظفر به فهَرَبَ منه إلى اليمن ثم خَرَج يومًا، فإذا هو بأعرابي ينشد شعر أمية بن الصلت: ربما تكره النفوس من الأمـ ... ـر شيئًا له فرجة كحل العقال بفتح الفاء فسأله فقال: مات الحجاج. فقال أبو عمرو: لا أدري بأيهما أنا أفرح، بموت الحجاج أم بهذا البيت؟ فباطلٌ أما أولًا: فلأن أبا عمرو ناقلٌ لقراءة متواترة عن أفصح البشر، ولم يكن متفردًا بذلك وافقه نافع وابن كثير، فلا يتوجه إليه الاعتراض، وأما ثانيًا: فلأن أبا عمرو أعلى كعبًا من أن يحتاج إلى الاستدلال على قراءته بقول آحاد الأعراب. قال الجعبري ناقلًا عنه: لولا أن ليس لي أن أقرأ إلا بما ثبت لقرأتُ حرفَ كذا وحرفَ كذا. وإنما ذكر في هذا الكلام ونبهتُ على غلطه، لأنه منقول في الكتب فيغترّ به من لا خبرَ

140 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو سَلَمَةَ الخُزَاعِيُّ مَنْصُورُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ بِلاَلٍ يَعْنِي سُلَيْمَانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ «تَوَضَّأَ فَغَسَلَ وَجْهَهُ، أَخَذَ غَرْفَةً مِنْ مَاءٍ، فَمَضْمَضَ بِهَا وَاسْتَنْشَقَ، ثُمَّ أَخَذَ غَرْفَةً مِنْ مَاءٍ، فَجَعَلَ بِهَا هَكَذَا، أَضَافَهَا إِلَى يَدِهِ الأُخْرَى، فَغَسَلَ بِهِمَا وَجْهَهُ، ثُمَّ أَخَذَ غَرْفَةً مِنْ مَاءٍ، فَغَسَلَ بِهَا يَدَهُ اليُمْنَى، ثُمَّ أَخَذَ غَرْفَةً مِنْ مَاءٍ، فَغَسَلَ بِهَا يَدَهُ اليُسْرَى، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ له. نعم توارى أبو عمرو عن الحجاج، كما توارى عنه الحسن البصري وغيره لفرط ظلمه وقتله الصحابة والتابعين. 140 - (محمد بن عبد الرحيم) البغدادي، كان يلقب بالصاعقة بمجرد فهمه (أبو سَلَمة) -بفتح السين واللام- ابن عبد العزيز، واسمه منصور بن سلمة الخُزاعي -بضم الخاء- نسبةً إلى خزاعة قبيلة معروفة (عن زيد بن أسلم) بفتح الهمزة (عن عطاء بن يسار) ضد اليمين (توضأ فغسَلَ وجهه). فإن قلت: غسل الوجه مقدم على التوضؤ، لأنه جزء من أجزائه، فكيف صَحّ ذكره بالفاء بعده؟ قلتُ: ما بعد الفاء إلى آخره يفصل ذلك المُجمل، والمفصل متأخر عن المجمل. (أخذ غرفة من ماء فتمضمض بها واستنشق، ثم أخذ غرفة فجعل بها هكذا أضافها إلى يده الأخرى، فغسل بها وجهه) قوله: أخذ غرفة، استئناف يُبَين كيفية غسل الوجه الذي تقدمه، فبين أن المضمضة والاستنشاق مقدمان عليه، وبَين أن الماء يُؤخذ بعد ذلك في إحدى اليدين، ثم يضاف إلى اليد الأخرى، ثم يغسل بها الوجه، ولا يخفى أن هذا إنما يكون إذا صَبَّ الماء من نحو الإبريق، وأما إذا كان حوضًا أو نهرًا فلا يحتاج إلى الأخذ بإحدى اليدين كما في الحديث. قال بعض الشارحين: المضمضة والاستنشاق ليسا من غسل الوجه. قلتُ: أُعطي لهما حكم الوجه لأنهما في الوجه. هذا كلامه. قلتُ: لو أُعطي حكم الوجه كان غسلهما واجبًا مثله.

ثُمَّ أَخَذَ غَرْفَةً مِنْ مَاءٍ، فَرَشَّ عَلَى رِجْلِهِ اليُمْنَى حَتَّى غَسَلَهَا، ثُمَّ أَخَذَ غَرْفَةً أُخْرَى، فَغَسَلَ بِهَا رِجْلَهُ، يَعْنِي اليُسْرَى» ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلتَ: ما حقيقةُ المضمضة والاستنشاق؟ قلتُ: المضمضة لغة: تحريكُ الماء في الفم، إلا أن الفقهاء على أنه يكفي مجرّد إدخال الماء في الفم، وأما الاستنشاق فهو: إدخال الماء في الأنف، من: نشق الدابة، إذا كفّ زمامها، وهما واجبان عند الإمام أحمد وابن راهويه تمسكًا بظاهر الأحاديث ولم يحكِ أحدٌ وضوءَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا مقرونًا بهما، وذَهَبَ الشافعي إلى سُنيتهما لعدم ذكرهما في الآية، والفعل لا يدل على الوجوب، وذهب أبو حنيفة إلى وجوبهما في الغسل لقراءة: {فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6]، بالتشديد. والفم والأنف ظاهران من وجهٍ، باطنان من وجهٍ، فأَخَذَ بالاحتياط، وذَهَب إلى وجوب الاستنشاق دون المضمضة أبو ثور، وأهل الظاهر، لأن الأنف محلّ الأوساخ ونبات الشعر. قال النووي: في كيفية المضمضة والاستنشاق خمسة أوجه: يجمع بينهما بغرفة يتمضمض منها ثلاثًا ويستنشق ثلاثًا. والثاني: أن يدخل الماء في فمه مرة، ثم أنفه مرة، ثم يعود إلى الفم، ثم إلى الأنف. كل ذلك مرة بعد أخرى إلى الثلاث في كل واحد. والثالث: ثلاث غَرَفات. كل واحدة يقسمها إلى الفم والأنف. والرابع: بغرفتين، كل واحدة لواحد لكنها يدخلها في ثلاث مرات. والخامس: ست غرفات ثلاث لهذا، وثلاث لذاك. والأفضل منها الرابع. وإنما اختصر في الحديث هنا على غرفة، لأنه بصدد بيان فرض الوضوء، ولهذا اكتفى في غسل الأعضاء مرة مرة. (ثم أخذ غرفة من ماء، فَرَشَّ على رجله اليمنى) أي: صَبَّه قليلًا قليلًا. إما لأنه كذلك رأى من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أو لقلة الماء. والظاهر هو الأول لقوله: هكذا رأيتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتوضأ. ومن قال: لا فَرقَ بين الغسل والرش، فقد خالف اللغة والفقه، أما اللغة فلقول الجوهري: يقال: رشت السماء والرش: المطرُ القليل. وقال ابنُ الأثير في "النهاية": الرش: النَّضح. وأما الفقه فلقول الشافعي: يُغْسَل من بول الجارية، ويرش من بول الغلام قبل أن يطعم. واستدل ابنُ بطال بالحديث على أن الماء المستعمل يطهر، لأنه بأول ملاقاة العضو يصير مستعملًا، فلو لم يكن طهورًا لما صحّ غسل باقي العضو. وفي استدلاله نظرٌ، لأن العضو الواحد له حكم واحد، وما دام الماء جاريًا عليه لا يوصف بالاستعمال.

8 - باب التسمية على كل حال وعند الوقاع

8 - بَابُ التَّسْمِيَةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَعِنْدَ الوِقَاعِ 141 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الجَعْدِ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، يَبْلُغُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا أَتَى أَهْلَهُ قَالَ بِاسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا، فَقُضِيَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ لَمْ يَضُرُّهُ» [الحديث 141 - أطرافه في: 3271، 3283، 6165، 6388، 7396]. ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلتَ: كان الظاهر ذكر الفاء بدل ثم؟ قلتُ: آثَرَ: ثم، للدلالة على أن الموالاة ليست بشرطٍ؛ لأنه بصدد التعليم، ومثله يجب رعايته. باب: التسمية عند الوقاع وعلى كل حال التسمية تقع على معانٍ: الأول: وضع الاسم بإزاء الشيء كقولك لمولود لك: سميت ابني زيدًا، وذكر الشيء باسمه الموضوع له تقول: سمّيت زيدًا أي: ذكرته بهذا الاسم، وتارة يطلق على المسمى، ولا شك أنه مجاز في هذا القسم، ومن المعنى الثاني: قول أُبَي بن كعب لما قال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أمرني الله أن أقرأ عليك القرآن": سَمّاني الله. أي ذكرني بهذا الاسم. 141 - (جَرير) بفتح الجيم على وزن فَعيل (عن سالم بن أبي الجَعْد) بفتح الجيم وسكون العين (عن كُرَيب) بضم الكاف يبلغ به النبي -صلى الله عليه وسلم- أي: أتى برفع الحديث إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إما بواسطةٍ أو بدونها، والشك من كُريب. ولذلك قال: يبلُغُ به النبي -صلى الله عليه وسلم-. لكن جاء في سائر الروايات الرفعُ من ابن عباس بلا واسطة. (لو أن أحدكم إذا أتى أهله) الجملة التي في حيّز لو، في تأويل المصدر فاعل فعل مقدر، لأن لو، لا تدخلُ إلا على الفعل. والتقدير: لو ثبت إتيان أحدكم أهله مقيدًا بهذا القيد، وقوله: (اللهم جَنّبنا الشيطان وجَنب الشيطان ما رزقتنا). وقوله: (فقُضي) عطف على ثبت المقدر. وقوله: (لم يَضُره) جزاء الشرط، والأهل أعمّ من الزوجة والجواري. فإن قلت: لِمَ جعل الشيطان في الأول مفعولًا ثانيًا، وفي الثاني مفعولًا أول؟ قلتُ: اهتمامًا بشأن الولد المرزوق؛ فإنه سبب وضع الدعاء والسياق له، وذكر الرجل نفسه وقع بالعرض.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: لم يرو في الباب حديثًا يدل على أحد شقي الترجمة وهو التسمية في كل حال؟ قلتُ: يُعلم من الشق الآخر حكمه، وذلك أنها إذا كانت في حالة الوقاع التي هي أبعدُ الحالات سنَّةً ففي غيرها من باب الأولى. فإن قلت: مشروعية التسمية عند الوضوء بهذا الحديث على أيّ نوع هو؟ قلت: ندبًا عند الجمهور. وقال بوجوبها أبو بكر بن أبي شيبة لحديث رواه أحمد وأبو داود والحاكم: "لا وضوء لمن لم يُسَمِّ". قال المنذري: لا يصح في هذا الباب حديث. قلتُ: ولو صحّ كان محمولًا على نفي الكمال. قال بعضُ الشارحين: وفي الحديث من الأحكام أن التسمية عند ابتداء كل فعل مستحبة إشعارًا بأن الله هو الميسر والمعين، ولذلك استحبّ مالك التسميةَ عند الوضوء، ولا أعلم أن ذكر خصوص مالك لماذا، فإن العلماء كافةً على ذلك سوى ما نقلنا عن أبي بكر بن أبي شيبة. ثم قال الشارح المذكور: فإن قلتَ: ما وجه ترتيب هذه الأبواب؟ وذلك أن التسمية إنما هي قبل غسل الوجه لا بعده وتوسط الخلاء بين أبواب الوضوء لا يناسب ما عليه الوجود يعني أن دخول الخلاء إنما يكون قبل الوضوء، فلا يلائم ذكره بين أفعال الوضوء. ثم أجاب بأن البخاري لم يُراعِ حُسْن الترتيب. هذا كلامه. وليس بشيء، كيف وأدنى من يؤلف أدنى تأليف يراعي ذلك؟! كيف يلقي الأحاديث كيف اتفق مثل البخاري؟! بل قد راعى ترتيبًا انتقاه، وذلك أنه استدل بالآية على أركان الوضوء في أول كتاب الوضوء، ثم أورَدَ فضائله حديث غرّ المحجلين. ثم ذكر ما يناقض الوضوء. ثم ذكر أدنى مراتبه، وما تصحّ به الصلاة، ثم ذكر ما به كمالُ الوضوء من ذكر اسم الله، ثم ما يتعلق به من أمر الخلاء، فقد قَدَم الأهَمّ فالأهم كما ترى. فإن قلتَ: ما المراد بقوله: "لم يَضُره" لأن أحدًا -غير الأنبياء- لم يَسْلَم من شرّ الشيطان، ألا ترى إلى قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن تغفرْ اللهم تغفِر جَمًّا، وأيّ عبد لك لا ألما"؟ قلت: المراد الضرر البالغ إنما أطلقه لأنه معلوم.

9 - باب ما يقول عند الخلاء

9 - بَابُ مَا يَقُولُ عِنْدَ الخَلاَءِ 142 - حَدَّثَنَا آدَمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا، يَقُولُ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ الخَلاَءَ قَالَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الخُبُثِ وَالخَبَائِثِ» تَابَعَهُ ابْنُ عَرْعَرَةَ، عَنْ شُعْبَةَ، وَقَالَ غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ «إِذَا أَتَى الخَلاَءَ» وَقَالَ مُوسَى عَنْ حَمَّادٍ «إِذَا دَخَلَ» وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ «إِذَا أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ». [الحديث 142 - طرفه في: 6322]. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: ما يقول عند الخلاء الخلاء ممدودًا هو الفضاء والمكان الذي لا شيء فيه. قاله الجوهري. 142 - (صهيب) -بضم الصاد وفتح الهاء- على وزن المصغر. (كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا دَخَل الخلاء قال: اللهم إني أعوذُ بك من الخبث والخبائث) لفظ كان، دَلَّ بظاهره على أن هذا شأنه دائمًا. والخُبُثُ -بضم الخاء والباء وقد تسكن الباء تخفيفًا-: ذُكْرانُ الجن، جمع خبيث. قال الجعبري: هذا قياس جمع كل فعيل صفة وفعول. وقول الخطابي: الإسكان غلطٌ. غلطٌ منه. والخبائث جمع خبيثةٍ: إناث الجن. وقيل: الخبث: جمع خبيث وهو المكروه من الأفعال والأخلاق، والخبائث: جمع خبيثةٍ وهي المعاصي، وإنما يكون هذا الدعاءُ؛ لأن موضع الخلاء وقضاء الوطر والحشوش مأوى الشياطين. (تابعه ابن عَرعَرَة) أي: محمد بن عرعرة تابعَ آدمَ بن أبي إياسٍ في رواية هذا الحديث، والمتابعةُ تامةٌ؛ لأنها من أول الإسناد، لأن أحد شيخيه وافقَ الآخر. (وقال غُنْدَر) -بضم الغين المعجمة ودال مهملة- وهذا تعليق من البخاري، لأنه لم يَلْقَه (أتى الخلاء) لفظ: أتى، في هذه الرواية والتي بعدها من رواية سعيد بن زيد (إذا أراد أن يدخل) دلّتا على أن قوله: إذا دَخَل الخلاء معناه: إذا أراد. وهذا في القرآن له نظائر، منها قوله تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} [المائدة: 6]، ومنها قوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} [النحل: 98] أي: إذا أردتَ القرآن. واعلم أن موسى الذي قال فيه البخاري: (وقال موسى عن حماد) هو: موسى بن

10 - باب وضع الماء عند الخلاء

10 - بَابُ وَضْعِ المَاءِ عِنْدَ الخَلاَءِ 143 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ القَاسِمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ الخَلاَءَ، فَوَضَعْتُ لَهُ وَضُوءًا قَالَ: «مَنْ وَضَعَ هَذَا فَأُخْبِرَ فَقَالَ اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ إسماعيل شيخ البخاري، وإنما روَى عنه بلفظ قال؛ لأنه سمع الحديثَ منه مذاكرةً لا تحميلًا، وسعيد بن زيد هو أخو حماد بن زيد، قيل: ليسَ بثقة، ولذلك لم يرو عنه البخاري إلّا استشهادًا. قلتُ: وثّقه ابنُ معين، وكفى به ذلك. باب: وضع الماء عند الخلاء قال الجوهري: الخلاء ممدود المتوضَّأُ والمكان الذي لا شيء فيه. قلتُ: الخلاء هو المكان الخالي، وإطلاقه على المتوضأ لِخُلُوهِ عن الناس عادةً، ولأنهم كانوا لقضاء الحاجة يخرجون إلى الفضاء. 143 - (عبد الله بن محمد) هو المسندي (وَرْقاء) -بفتح الواو والقاف ممدودًا- هو ابن عمرو البكري (عن عُبيد الله) بضم العين على وزن المصغر (ابن أبي يزيد) من الزيادة (قال: دَخَل النبي -صلى الله عليه وسلم- الخلاء فوضعت له وَضوءًا) -بفتح الواو على الأشهر-: الماء الذي يتوضأ به (قال: مَنْ وَضَع هذا؟ فأُخبر) أي: بأني ذلك الواضع، والمخبر ميمونة (قال: اللهم فقهه في الدين) بفتح الفاء وتشديد القاف. قلتُ: وقد استجاب الله تعالى دعاء رسوله - صلى الله عليه وسلم -. قال العراقي عن ابن حنبل: إن أكثر الصحابة فتوىّ ابنُ عباس وهو المسمَّى بالبحر والحبر. وفي الحديث دلالة على أن خدمة الأصاغر غير مكروهة، وأن إحضار الماء للمتوضئ ليس من الإعانة المكروهة في الوضوء، وأن مَنْ خَدَم إنسانًا يستحب أن يكافئه بالدعاء له في الدين. قال النووي: الأفضل في الاستنجاء استعمال الحجر أولًا ثم الماء، والاقتصار على أحدهما جائز، والأفضل الماءُ؛ لأن الماء مطهر والحجر ليس بمطهر، وإنما يُبيح الصلاة مع النجاسة المعفو عنها. وذهب بعضُهم إلى أن الحجر أفضل من الماء. قال: وأوهم كلام بعضهم أن الماء لا يجزئ. وقال ابنُ صهيب المالكي: لا يجزئ الحجر إلا لمن عدِمَ الماء قال: واستدل

11 - باب: لا تستقبل القبلة بغائط أو بول، إلا عند البناء، جدار أو نحوه

11 - بَابٌ: لاَ تُسْتَقْبَلُ القِبْلَةُ بِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ، إِلَّا عِنْدَ البِنَاءِ، جِدَارٍ أَوْ نَحْوِهِ 144 - حَدَّثَنَا آدَمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِذَا أَتَى أَحَدُكُمُ ـــــــــــــــــــــــــــــ بعضهم به على أن المستحب أن يتوضأ من الأواني دون الأنهار والبُرك؛ لأنه لم ينقل عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه توضأ من شيء منها. قال القاضي: وهذا ليس له أصلٌ إن لم ينقل أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وجد شيئًا منها فعَدَلَ عنه إلى الأواني. قلتُ: قول ذلك القائل لم ينقل أنه توضأ من شيء منها ممنوع؛ فان أبا موسى الأشعري رَوَى أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جاء بئر أريسٍ فتوضأ منها. فإن قلتَ: البئر لا يمكن التوضؤ منها نفسها؟ قلتُ: ذلك البئر يمكن فيه ذلك، وقد شاهدناه ينزل عليه بالدرج. وقال ابن بَطّال: ذهبت طائفة إلى أن الاستنجاء بالماء مخصوص بالنساء. والله أعلم. باب: لا تُسْتَقبل القِبْلة بغائطٍ أو بول إلا عند البناء، جدار أو نحوه تستقبل: علي بناء المجهول، ويُروى علي بناء الفاعل، ونصب القبلةَ. 144 - (ابن أبي ذئب) -بلفظ الحيوان المعروف- محمد بن عبد الرحمن (عن عطاء بن يزيد) من الزيادة (عن أبي أيوب الأنصاري) خالدِ بن يزيد بن ثعلبة النَجّاري، من أخوال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. عليه نزل في بيته لما قدم المدينة، استشهد زَمَنَ معاوية بالقسطنطينية، وكانت الكفار يرون الأنوار على قبره، ولما فَتَحَ الله القسطنطينية على المسلمين على يد السلطان ابن السلطان محمد خان بن عثمان نصره الله وكنا في ذلك الجيش بحمد الله، وجدنا مزاره معروفًا عند الكفار، والآن قد بُني عليه مسجد فيه الذكر والعبادة والصُلَحاء يُدفنون هناك.

الغَائِطَ، فَلاَ يَسْتَقْبِلِ القِبْلَةَ وَلاَ يُوَلِّهَا ظَهْرَهُ، شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا». [الحديث 144 - طرفه في: 394]. ـــــــــــــــــــــــــــــ (إذا أتى أحدكم الغائط) لفظ الغائط: مجاز عن قضاء الحاجة، وهو في الأصل المكانُ المنخفض، وكانوا يقضون الوطر في مثله لعدم اعتبارهم بالمراحيض، فهو من إطلاق المحل وإرادة الحال كما هو دأبُ القرآن الكريم. والحديث من ذكر الألفاظ الشريفة للدلالة على المعاني الخسيسة. (فلا يستقبل القِبلة ولا يُوَليها ظهره، شَرّقوا أو غَرّبوا) إنما نَهَى عن استقبال القبلة في مكان لا يكون فيه بناء أو نحوه كما ترجم له البخاري. قال النووي: حديث عائشة وابن عمر دلّ على الجواز في البناء، وهذا الحديث دلّ على عدم الجواز مطلقًا، وكذا حديث سلمان كما سيأتي، فوجه الجمع بين الأحاديث أن يحمل التحريم على الفضاء والجواز على البنيان، والفرق: المشقة في البنيان دون الفضاء، وأنا أقول: لا مشقة في البنيان، بل العلَّة احترام القبلة، وفي البنيان وجه ساتر. فإن قلت: في الصحراء أيضًا بوجه الجبال؟ قلت: لا اعتداد بتلك الجبال لبعدها، والذي يدل على ما ذكرنا ما رواه أبو داود عن مروان الأصغر قال: رأيت ابنَ عمر أناخ راحلَتَهُ مستقبل القبلة، ثم جَلَس يبول إليها، فقلتُ له في ذلك؟ فقال: إذا كان شيء يَسْتُركَ فلا بأس، وروى أبو داود والنسائي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خرج وبيده ورقة فوضعها، ثم جَلَس فبال إليها.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: يعارض ما ذكرتم حديث أبي أيوب الآتي بعدُ وهو قوله: وجدنا بالشام مراحيض بُنيت قِبل البيت، كنا ننحرفُ ونستغفر الله، فلم يعتد بالبناء ساترًا قلت: أبو أيوب لم ينقله عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولم يبلغه حديث ابن عمر وعائشة، وما يقال: إن أبا أيوب حمل اللفظ على الحقيقة والمجاز، لا معنى له؛ فإن الغائط حقيقة في عُرف الشرع عن كل مكان تقضى فيه الحاجة. قال تعالى: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} [المائدة: 6] فالصوابُ أنه أجراه على عمومه لعدم إطلاعه على المخصص كما ذكرنا من حديث ابن عمر وعائشة في البنيان، والاستدبار عن الإمام أحمد روايتان. وقوله: "شرقوا أو غربوا" خطابٌ لأهل المدينة، فإن القِبلة هناك في الجنوب. وأما من كانت قبلته في الشرق أو الغرب فالأمر بالعكس عنده. فإن قلتَ: ترجم البخاري على عدم جواز استقبال القبلة إلا عند البناء ونحوه، وليس في حديث الباب ذكرُ شيءٍ من ذلك؟ قلتُ: هذا على دأبه من الاستدلال بما في دلالته خفاء اعتمادًا على ما سيروي من حديث ابن عمر. وما يقال: إن لفظ الغائط يدل على الصحراء، لأنه المكان المنخفض، وإنما يكون في الصحراء لا في البنيان، فلا يعول عليه، لأن الغائط مجاز عن قضاء الحاجة، فلا يُعتبر فيه المعنى الحقيقي. وقال الخطابي: إنما حَرم الاستقبال والاستدبار في الفضاء، لأن الفضاء موضع الجنّ والإنس والملائكة، فالقاعدُ مستهدفٌ للأبصار بخلاف البنيان، فإن الأبنية ساترة ولأن القبلة إنما تستقبل في الدعاء وأمور الخير، فكره أن تستقبل أو تستدبر في الحدث. قلت: هذا الثاني يدلّ على الحرمة في البنيان ولا محيص إلا بأن البنيان ساترة، فلذلك اغتفر فيه ذلك. قال بعض الشارحين: فإن قلت: شرّقوا بعد قوله: "إذا أتى أحدكم الغائط ... " ما هذا الأسلوب؟ قلتُ: أسلوب الالتفات من الغيبة إلى الخطاب. هذا كلامه. وقد سها فيه، وذلك أن المخاطب في "شرقوا" ليس ذلك الأحد المذكور أولًا، لأنه عام على سبيل البدل. والحق أن "شرقوا" جواب سؤال مقدر، كأنهم قالوا: فكيف نفعل؟ قال: شرقوا أو غربوا. وهذا خاصٌ بأهل المدينة ومن على ذلك السمت.

12 - باب من تبرز على لبنتين

12 - بَابُ مَنْ تَبَرَّزَ عَلَى لَبِنَتَيْنِ 145 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنْ عَمِّهِ، وَاسِعِ بْنِ حَبَّانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إِنَّ نَاسًا يَقُولُونَ إِذَا قَعَدْتَ عَلَى حَاجَتِكَ فَلاَ تَسْتَقْبِلِ القِبْلَةَ وَلاَ بَيْتَ المَقْدِسِ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: لَقَدْ ارْتَقَيْتُ يَوْمًا عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ لَنَا، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «عَلَى لَبِنَتَيْنِ، مُسْتَقْبِلًا بَيْتَ المَقْدِسِ لِحَاجَتِهِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: مَنْ تَبَرَّز علي لَبِنَتَيْن يقال: تبرز الرجلُ أي: قضى حاجته، من البراز -بفتح الباء -وهو الفضاء الواسع، وذلك أنهم كانوا يقضون حاجة الإنسان في الفضاء، فكنَّوا بالبراز عنها، كما كنوا بالغائط والخلاء. قال الخطابي: المحدثون يقولون: البِراز -بكسر الباء -وهو خطأٌ، فإن ذلك مصدر المبارزة في الحرب. وذكر الجوهري بخلافه قال: البراز -بالكسر- المبارزة وهو الفضاء أيضًا. وكناية عن فعل الإنسان. واللبنةُ معروفةٌ. وفيها لغتان: فتح اللام وكسر الباء، وكسر اللام وسكون الباء. 145 - (عن محمد بن يحيى بن حَبَّان، عن واسع بن حَبّان) بفتح الحاء وتشديد الموحدة في الموضعين (إن ناسًا يقولون إذا قعدْتَ على حاجتك، فلا تستقبل القبلة، ولا بيت المقدس) -بفتح الميم وسكون القاف- من إضافة الشيء إلى المصدر مبالغةً كرجل صدق، وبضم الميم وفتح القاف وتشديد الدال من إضافة الموصوف إلى الصفة، نحو مسجد الجامع. (لقد ارتقيتُ يومًا على ظهر بيتٍ لنا، فرأيتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على لَبِنَتَيْنِ مستقبل بيت المقدس لحاجته) الجار يتعلق بمقدر أي: جالسًا لحاجته. فإن قلتَ: كيف جاز لابن عمر النظرُ إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو في تلك الحالة؟ قلتُ: لم يقصد النظر، وإنما وقع نظره عليه اتفاقًا، وكان ذلك في بيت حفصة كما سيأتي. وهي أخته فلم يتحاش عن النظر، ولما وقع نظرُهُ حفظ الكيفية، لأنها مسألة ضرورية غَلِطَ فيها

وَقَالَ: لَعَلَّكَ مِنَ الَّذِينَ يُصَلُّونَ عَلَى أَوْرَاكِهِمْ؟ فَقُلْتُ: لاَ أَدْرِي وَاللَّهِ. قَالَ مَالِكٌ: يَعْنِي الَّذِي يُصَلِّي وَلاَ يَرْتَفِعُ عَنِ الأَرْضِ، يَسْجُدُ وَهُوَ لاَصِقٌ بِالأَرْضِ. [الحديث 145 - أطرافه في: 148، 149، 310]. ـــــــــــــــــــــــــــــ أقرانه، وبهذا الحديث استدل الشافعي ومن وافقه على أن الاستقبال والاستدبار في البنيان لا بأس به. قال النووي: شرفُ بيت المقدس دون شرف الكعبة، ولما كان استقبال الكعبة واستدبارها حرامًا، كان ذلك في شأن بيت المقدس على وجه الكراهة. قال الخطابي: إنما ذكر استقبال بيت المقدس، لاستلزامه استدبار البيت الحرام، وفيه نظر؛ إذ عدم الملازمة في سائر الأماكن ظاهرة. (وقال: لعلك من الذين يُصلون على أوراكهم؟ فقلت: لا أدري) هذا كلام ابن عمر لواسع بن حَبَّان، وكان زعم أن استقبال بيت المقدس لا يجوزُ، فكَنّى ابن عمر عن جهله بقوله: لعلك من الذين يصلون على أوراكهم؛ فإنه فعلُ من يجهل السنة. وقد فَسر مالك قولَ ابن عمر: من الذين يصلون على أوراكهم: بأنه الذي إذا سَجَدَ يلصق بطنه بالأرض. قال ابن الأثير: وذلك أن الذي يفعل في سجوده ذلك يرفع وركه. والورك هو ما فوق الفخذ. فإن قلتَ: قد قال الفقهاء: التورك في الصلاة سنة؟ قلتُ: التورك الذي قالوا: إنه سنة هو أن يُنَحي رجليه في التشهد ويلزق مقعده بالأرض، وهو وضع الورك، والمكروه ما ذكره في الحديث. وفَسَّره الأزهري على وجهٍ آخر. قال المكروه أن يَضَعَ يَدَيْهِ على وركَيْهِ في الصلاة وهو قائم. قال: وقد نُهي عنه. قال ابنُ بطال: أما قول ابن عمر: إن ناسًا يقولون ... إلى آخره، فما رواه معقل الأسدي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن استقبال بيت المقدس ولفظه: "القبلتان بغائط أو بولٍ". واعترض على ابن بطال بعضُ الشارحين وقال: جعل "إن ناسًا يقولون" من كلام ابن عمر لا لواسع، والسياق لا يساعده. هذا كلامه. والصواب ما قاله ابن بطال، بل ولا يتصور غيره بوجه فتأمّل في السياق، كيف لا وابنُ عمر هو الذي يردّ على أولئك الناس بما رآه من

13 - باب خروج النساء إلى البراز

13 - بَابُ خُرُوجِ النِّسَاءِ إِلَى البَرَازِ 146 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُنَّ يَخْرُجْنَ بِاللَّيْلِ إِذَا تَبَرَّزْنَ إِلَى المَنَاصِعِ وَهُوَ صَعِيدٌ أَفْيَحُ " فَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: احْجُبْ نِسَاءَكَ، فَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ "، فَخَرَجَتْ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ، زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي عِشَاءً، وَكَانَتِ امْرَأَةً طَوِيلَةً، فَنَادَاهَا عُمَرُ: أَلاَ قَدْ عَرَفْنَاكِ يَا سَوْدَةُ، حِرْصًا عَلَى أَنْ يَنْزِلَ الحِجَابُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ الحِجَابِ [الحديث 146 - أطرافه في: 147، 4795، 5237، 6240]. ـــــــــــــــــــــــــــــ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مخالفًا لقولهم، ومنشأ غلطه قولُ ابن عمر لواسع: لعلك من الذين يصلون على أوراكهم؛ لأنه جهله، وخَفِي عليه أن واسعًا لو كان ناقلًا لم يتوجه إليه الاعتراض، لأنه روى ما سمعه. باب: خروج النساء إلى البراز 146 - (يحيى بن بُكير) -بضم الباء على وزن المصغر- وكذا (عُقَيل) (أن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - كن يَخرجْنَ من الليل إذا تَبرزْنَ) أي: إذا أردنَ قضاء الحاجة. وقد تقدم في الباب قبله أن البِراز -بفتح الباء وكسرها- كناية عن قضاء الحاجة (إلى المناصع) وهو صعيدٌ أفيحُ. قال الأزهري: المناصع مواضع مخصوصة خارج المدينة. فإن قلتَ: كيف أفرد الضمير الراجع إلى الجمع؟ قلتُ: باعتبار كل جزء، أو المفرد الذي في ضمن الجمع. (فخرجت سَوْدة بنت زَمْعَة) -بفتح الزاي وسكون الميم، وفتحها- تَزوَّجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد موت خديجة، ولما كبر سنها أراد فراقها. فقالت: لا تفارقني؛ فإني أُريدُ أنه أكون من أزواجك يوم القيامة واجعَلْ يومي منك لعائشة فرضي بذلك. (فناداها عمر: ألا قد عرفناك يا سودةُ، حرصًا على أن ينزل الحجاب) ظاهر هذا الكلام أن آية الحجاب إنما نزلت في قضية سَوْدة هذه، وسيأتي في رواية أنسٍ في تفسير

147 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «قَدْ أُذِنَ أَنْ تَخْرُجْنَ فِي حَاجَتِكُنَّ» قَالَ هِشَامٌ: يَعْنِي البَرَازَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ سورة الأحزاب أن نزول الآية كان في وليمةِ زينب كما سيأتي الحديث بطوله. وقال أنس: أنا أعلمُ الناس بالحجاب. والتحقيقُ في هذا المقام أن الحجاب على وجهين: الأول أصل الحجاب وهو الذي نزل في قضية زينب، والثاني حجاب خاص بأن لا ينظر إلى أزواجه أصلًا، وإن كانت في جلباب، وهذه قضية سَوْدة؛ فإنها كانت في جلباب وكان خروجُها بالليل. وسيأتي من رواية عائشة أن سَوْدة رجعت لما قال لها عمرُ ما قال، وشكَتْ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقالةَ عمر، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يَتَعَشَّى في بيتها، فأوحي إليه والعرق في يده، فلما كُشِف عنه قال: "أذن لكُنّ أن تخرجْنَ في حاجتِكُن" وما يقال: يجوزُ أن يراد بالحجاب الجنسُ فيتناول قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ} [الأحزاب: 53] وقوله تعالى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} [النور: 31] وقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} [الأحزاب: 59] شيءٌ لا يلتفت إليه، ذلك أن آية الحجاب صارت كالعلم لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا} [الأحزاب: 53].أ. هـ وإذا قيل: نزل الحجاب لا يذهب أحدٌ إلى غيرها. وقد ذكرنا آنفا نقلًا عن النووي أن لأزواج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حجابًا خاصًا ليس لغيرهنّ، وإنما رخّص لهنّ الخروج لحاجة الإنسان لمكان الضرورة. فإن قلتَ: قضية سودة مع عمر كانت بعد قضية زينب، فإذا كانت آية الحجاب نازلةً في زينب. فما معنى قوله هنا: فنزلتْ آيةُ الحجاب؟ قلتُ: آية الحجاب هنا أراد بها قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ} [الأحزاب: 59] فذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن خروج نسائه لحاجتهنّ مأذونٌ فيه. 147 - (زكريا) بالمد والقصد قرئ بهما في السبع (أبو أسامة) -بضم الهمزة- حَمّاد بن أسامة (عن عائشة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: قد أذن لكُنّ) قال لما شكَت سودةُ إليه مقالة عمر، وقد نقلنا آنفًا أنه كان في بيت عائشة وهذه قطعةٌ من ذلك الحديث. وسيأتي بطوله.

14 - باب التبرز في البيوت

14 - بَابُ التَّبَرُّزِ فِي البُيُوتِ 148 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنْ وَاسِعِ بْنِ حَبَّانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: ارْتَقَيْتُ فَوْقَ ظَهْرِ بَيْتِ حَفْصَةَ لِبَعْضِ حَاجَتِي، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْضِي حَاجَتَهُ مُسْتَدْبِرَ القِبْلَةِ، مُسْتَقْبِلَ الشَّأْمِ. 149 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، أَنَّ عَمَّهُ، وَاسِعَ بْنَ حَبَّانَ، أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ قَالَ: لَقَدْ ظَهَرْتُ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى ظَهْرِ بَيْتِنَا، فَرَأَيْتُ «رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدًا عَلَى لَبِنَتَيْنِ مُسْتَقْبِلَ بَيْتِ المَقْدِسِ». 15 - بَابُ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ 150 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ المَلِكِ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي مُعَاذٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: التبرُّز في البيوت 148 - 149 - (إبراهيم بن منذر) بكسر الذال على وزن اسم الفاعل (أنس بن عياض) بضاد معجمة (عن عُبيد الله) بضم العين على وزن المصغر (حَبّان) بفتح الحاء وباء مشددة، روى عن عبد الله بن عمر أنه رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقضي حاجته مستدبر القبلة مستقبل الشام وقد شرحناه آنفًا بما لا مزيد عليه في الباب قبله، واستدل به هناك على جواز استقبال بيت المقدس في البنيان وهنا على جواز التبرز في البيوت، ورواه من طريقين. باب: الاستنجاء بالماء بوب على الاستنجاء بالماء؛ لأنا قدمنا أن طائفةً ذهبتْ إلى عدم جواز استعمال الماء فيه، لأنه مطعوم محترم، ثم معنى الاستنجاء قيل: هو استخراج النجو، والنجوُ ما يخرج من البطن. قاله الجوهري. وقيل: إزالة النجو من بدنه بالغسل والمسح. وقيل: هو من نجوت الشجرة وأنجيتُها إذا قطعتها، كأنه قَطَع الأذى عن نفسه، أو من النجوة وهو المرتفع من الأرض؛ لأن العادة الستر به عند قضاء الحاجة. 150 - (أبو الوليد) هو هشام بن عبد الملك الطيالسي (عن أبي معاذ) بضم الميم وذال

16 - باب من حمل معه الماء لطهوره

وَاسْمُهُ عَطَاءُ بْنُ أَبِي مَيْمُونَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِذَا خَرَجَ لِحَاجَتِهِ، أَجِيءُ أَنَا وَغُلاَمٌ، مَعَنَا إِدَاوَةٌ مِنْ مَاءٍ، يَعْنِي يَسْتَنْجِي بِهِ». [الحديث 150 - أطرافه في: 151، 152، 217، 500]. 16 - بَابُ مَنْ حُمِلَ مَعَهُ المَاءُ لِطُهُورِهِ وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: «أَلَيْسَ فِيكُمْ صَاحِبُ النَّعْلَيْنِ وَالطَّهُورِ وَالوِسَادِ؟». ـــــــــــــــــــــــــــــ معجمة (واسمه عطاء بن أبي ميمونة) (كان النبي -صلى الله عليه وسلم-) لفظ: كان، يدلّ على أن هذا كان شأنَهُ على الاستمرار (أجيء أنا وغلامٌ معنا إداوة من ماء) كان الظاهر أن يقول: جئتُ، إلا أنه آثرَ المضارعَ حكايةً للحال. والإداوة -بكسر الهمزة- ظرف صغير متخذ من الجلد. (يعني: يسْتَنْجي به) فاعل يعني: أنس، وهذا مقول عطاء حكى عن أنس مراده من حمل الإداوة. قال الإسماعيلي وابن بطال: قوله: يعني يستنجي به. قول أبي الوليد. وإذا كان كذلك لم يدل على الترجمة لجواز أن يكون حمله لطهوره لا للاستنجاء قلتُ: سواء كان اللفظ له أو لفظ أنس، الحديثُ يدل على ما ترجم له، لأنه روى عن أنس في باب حمل العَنَزة مع الماء يستنجي به بدون يعني. وفي روايةٍ أخرى عن أنس: خرج علينا وقد استنجى. رواه سلمة، وهذا على دأبه من الاستدلال بما فيه خفاءٌ، ليعلم أن للحديث طريقًا آخر وأصلًا يرجع إليه. فإن قلتَ: حمل الماء يكفيه واحدٌ فما وجه قول أنسى: أنا وغلام؟ قلتُ: سيأتي أن أحدهما يحمل العَنَزة والآخرُ الماء، واستدل الطحاوي على الاستنجاء بالماء بقوله: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا} [التوبة: 108] بناءً على أنها نزلت في أهل قباء، وكانوا يجمعون بين الماء والحجر في الاستنجاء ودلالة الحديث فيه أظهر. باب: من حُمِل معه الماءُ لِطُهوره بضم الطاء مرادف الوضوء ويجوزُ فيه الفتح أيضًا (وقال أبو الدرداء) هو عُويمر -بضم العين آخره راء على وزن المصغر- ابن زيد الأنصاري وهو من فقهاء الصحابة تولى القضاء لمعاوية بالشام. (أليس فيكم صاحبُ النعلين والوِساد) هذا طرف من حديث سيأتي في مناقب ابن

17 - باب حمل العنزة مع الماء في الاستنجاء

151 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي مُعَاذٍ هُوَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي مَيْمُونَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا، يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِذَا خَرَجَ لِحَاجَتِهِ، تَبِعْتُهُ أَنَا وَغُلاَمٌ مِنَّا، مَعَنَا إِدَاوَةٌ مِنْ مَاءٍ». 17 - بَابُ حَمْلِ العَنَزَةِ مَعَ المَاءِ فِي الِاسْتِنْجَاءِ 152 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ مسعود عن علقمة وهو أنه ورد الشام فوجَدَ فيه أبا الدرداء، فقال له هذا الكلام من جملة ما قال -يريد ابن مسعود- وكان ابن مسعود يتولى من خدمة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذه، أعني: حفظ النعلين والطهور والوسادة وهي المخدّة. ويقال: الوساد أيضًا. قال بعضُ الشارحين: المشهور في وصف ابن مسعود صاحب السِّواد -بكسر السين المقدمة على الواو- ولعل السواد والوساد بمعنى واحد، وكأنها من باب القلب، والمقصود منه أنه صاحب السرار يقال: ساودته أي: ساررته. وأصله إدناء سوادك من سواده وهو الشخص. هذا كلامه. وأنا أقول: اتفقت نُسخ البخاري على الوسادة حيث وقع، فلا وجه للتكلف وارتكاب التمحلات وذكْرُ النعلين والطهور أدلّ دليل على أن المراد بالوسادة معناها المعروف. وأما قوله المشهور: إنه صاحب السواد فلا تنافي بين الأمرين، فهو صاحب السواد وصاحب الوساد. وقوله: إدناء سوادك من سواده أي: شخصك من شخصه. هذه عبارة الجوهري ولكن ضبطه ابنُ الأثير، وقال قوله - صلى الله عليه وسلم - لابن مسعود: "إذنك عليَّ أن ترفع الحجاب وتسمع سِوادي" أي: سِراري بالكسر وأما السَّواد بمعنى الشخص هو بالفتح؛ لأنه يرى من بعيد أسود ولذلك يقال: رأيت سواد إنسان من بعيد. ثم إن البخاري ذكر حديث أنس أنه كان يحمل هو وغلام معه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إداوة من ماء. واستدل به أولًا على جواز الاستنجاء بالماء، وثانيًا على حمل الماء للطهور، وهو الوضوء. ولا منافاة لجواز أن يكون الغرضُ من حمل الماء كليهما وهو ظاهر. باب: حمل العَنَزة مع الماء في الاستنجاء العنزة -بفتح العين والنون- أطول من العصا وأقصر من الرمح في عقبه زجّ. 152 - (محمد بن بشار) بفتح الباء وتشديد الشين.

18 - باب النهي عن الاستنجاء باليمين

عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يَدْخُلُ الخَلاَءَ، فَأَحْمِلُ أَنَا وَغُلاَمٌ إِدَاوَةً مِنْ مَاءٍ وَعَنَزَةً، يَسْتَنْجِي بِالْمَاءِ» تَابَعَهُ النَّضْرُ وَشَاذَانُ، عَنْ شُعْبَةَ العَنَزَةُ: عَصًا عَلَيْهِ زُجٌّ. 18 - بَابُ النَّهْيِ عَنْ الِاسْتِنْجَاءِ بِاليَمِينِ 153 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ هُوَ الدَّسْتُوَائِيُّ، ـــــــــــــــــــــــــــــ (سمع أنس بن مالك) هذا كلام شعبة حكى حال عطاء وهو في قوة قول عطاء: سمعتُ أنسًا كما تقدم في الباب قبله (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدخل الخَلاَء) -بالمد- الموضع الذي يقضي حاجته فيه. وهو في الأصلِ المكانُ الخالي (أحمِلُ أنا وغلام إداوة من ماء وعنزة) تقدَّم أن الإداوة -بكسر الهمزة- إناء صغير من الجلد. فإن قلتَ: حمل الإدواة مع الماء إلى الخلاء ظاهر. فما وجه حمل العنزة؟ قلتُ: كان خروجه إلى الغائط في الفضاء، فربما كان موضع البول يابسًا لا يُؤْمَن فيه رش البول فيفرش به المكان، وأيضًا كان بين المنافقين واليهود وهو نوعٌ من السلاح. وقيل: لأنه كان إذا استنجى توضأ، وإذا توضأ صلى فيجعله سترة. وفي هذا نظر، إذ لم يثبُتْ عنه ذلك، وقيد البخاري بقوله: في الاستنجاء ظاهر في أنه كان حمل العنزة للاستنجاء لا غير. (تابعه النَّضْر وشاذان) -بالضاد المعجمة- هو نضر بن شميل الخزاعي أصله من بصرة، ومولدهِ بمروٍ الروذ. وشاذان -بالشين المعجمة وذال كذلك- لفظ عجمي يرادف فرحان لقب الأسود بن عامر. قال بعضُهم: رواية البخاري عن النَّضْر تعليق، لأنه يوم مات كان عُمْرُ البخاري تِسْعَ سنين. قلتُ: هذا لا دلالة فيه؛ لأن محمود بن الربيع، روى عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعمره خمسُ سنين، وقال: وأما شاذان يحتمل أن البخاري روى عنه بالواسطة وبدونها. قلت: لا رواية للبخاري عن شاذان بلا واسطة ذكره المقدسي وغيره. قال: وكان يوم مات عمر البخاري ثمان سنين، ومتابعتهما عن شعبة متابعة ناقصة. باب: النهي عن الاستنجاء باليمين 153 - (معاذ بن فَضالة) بضم الميم وفتح الفاء وضاد معجمة (هشام هو الدستوائي) لم يقل: هشام الدستوائي، بل زاد لفظ: هو، لأنه لم يسمعه من شيخه، بل هو تعريف من

عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا شَرِبَ أَحَدُكُمْ فَلاَ يَتَنَفَّسْ فِي الإِنَاءِ، وَإِذَا أَتَى الْخَلاَءَ فَلاَ يَمَسَّ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ، وَلاَ يَتَمَسَّحْ بِيَمِينِهِ». طرفاه 154، 5630 ـــــــــــــــــــــــــــــ عنده، ودستواء: قرية من نواحي الأهواز (يحيى بن [أبي] كثير) - ضدّ القليل - إمام المحدثين في زمانه (عن أبيه). أبي قتادة هو الحارث بن ربعي الأنصاري الخزرجي، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة ذي قرد: "خير فرساننا أبو قتادة، وخير رجالتنا سلمة". (إذا شرب أحدُكم فلا يتنفسْ في الإناء، وإذا أتى الخلاء فلا يأخذنّ ذكرَهُ بيمينه، ولا يَتَمَسَّح بيمينه) قوله: "لا يتنفس" "ولا يأخذ" "ولا يتمسح". ثلاثتها بالجزم هو الرواية. ويجوز الرفع على أنه نفيٌ في معنى النهي، وهو أبلغُ من صريحه؛ لأنه إخبارٌ عن انتهائه فكأنه نهى عنه فانتهى فأخبر عن حاله. فإن قلت: روى البخاري ومسلم "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يتنفسُ في الإناء إذا شرب ثلاثًا" قلتُ: معناه أنه كان يشرب بثلاث دفعات، وعلّله بأنه أبرأ وأهنأ وأمرأ، والذي نهي عنه النَّفَسُ في الإناء بأن لا يبعده عن فيه؛ فإنه يفسد الماء بحرارة نفسه، وربما خرج من فيه ريقٌ أو رائحة خبيثة فيتأذى به مَنْ يشربُ بعده. وأما النهي عن مَسّ الذكر والتمسّح به فلشرفه، روى أبو داود عن عائشة "أن يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اليُمنى كانت لطهوره وطعامه، واليسرى لخلائه، وما كان من أذىً" هذا إذا أمكنه وأما إذا كان هناك عذرٌ فذاك شيء آخر، والنهي في أمثاله من قبيل الآداب. قيل: هذا إذا أزال النجاسة بالماء أو بغيره. وأما لو باشره بيده من غير إزالةٍ فلا يجزئ ولا يجوزُ، سواء كان باليمين أو بالشمال. قلتُ: عدم الإجزاء مسلَّمٌ، وأما عدم الجواز ففيه نظرٌ. والظاهرُ الكراهة. قال الفقهاء: إذا احتاجَ إلى استعمال اليمين في الاستنجاء فليمسك ذكره بشماله والحجر بيمينه، ولا يحركه، بل يحرك بالشمال.

19 - باب لا يمسك ذكره بيمينه إذا بال

19 - باب لاَ يُمْسِكُ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ إِذَا بَالَ 154 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا بَالَ أَحَدُكُمْ فَلاَ يَأْخُذَنَّ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ، وَلاَ يَسْتَنْجِى بِيَمِينِهِ، وَلاَ يَتَنَفَّسْ فِي الإِنَاءِ». 20 - باب الاِسْتِنْجَاءِ بِالْحِجَارَةِ 155 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَكِّىُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ عَمْرٍو الْمَكِّىُّ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ اتَّبَعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَخَرَجَ لِحَاجَتِهِ، فَكَانَ لاَ يَلْتَفِتُ فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَقَالَ «ابْغِنِى أَحْجَارًا أَسْتَنْفِضْ بِهَا - أَوْ نَحْوَهُ - ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: لا يمسكُ ذَكَرَهُ بيمينه إذا بَالَ 154 - (الأوزاعي) -بفتح الهمزة وسكون الواو- إمام أهل زمانه. رُوي أنه حجّ سنة، وكان الثوري بمكة فاستقبله وأخذ بخطام بعيره يمشي قُدامه ويقول: طرقوا للشيخ. اسمه عبد الرحمن. قال الجوهري: الأوزاعُ بطنٌ من همدان ومنه الأوزاعي. (إذا بال أحدُكم فلا يأخُذَنّ ذكره بيمينه ولا يستنجي بيمينه ولا يتنفس) عطف على الشرطية بتقدير شرط أي: إذا شرب. ولا يجوزُ عطفه على جزاء الشرط المذكور لفساد المعنى، ولا على جملة الشرط والجزاء معًا أيضًا، لأن عطف الخبرية على الشرطية وإن كان صحيحًا إلا أنه يفيد النهي عن التنفس في الإناء مطلقًا حال الشرب وغيره، وليس بغرض من الحديث. فإن قلتَ: ذكر هنا لفظة الاستنجاء، والباب ليس موضوعًا له، ولم يذكره في الباب الذي قبله، والباب كان موضوعًا له؟ قلتُ: دأبُهُ الإتيان في الدليل بما فيه خفاء، وقد ذكر هناك بلفظ يتمسح على أنه بمعنى الاستنجاء. باب: الاستنجاء بالحجارة 155 - (عن أبي هريرة قال: اتّبعت النبي - صلى الله عليه وسلم - وخَرَج) جملة حالية. أي: وقد خَرَج لحاجته (وكان لا يتلفظ) أي: في حال ذهابه إلى قضاء الحاجة، وإلا فمن نعته أنه كان إذا التفتَ التفت معًا (فقال ابغني أحجارًا) - بهمزة الوصل - يقال: ابغني كذا أي: اطلبُهُ لي، وأبغني بهمزة القطع أي: أعنّي على طلبه. والأول هو المراد هنا. (أستنفض بها) -بفتح الهمزة وضاد معجمة- أى: حتى أتنظف أصل النفضِ: التحريكُ ليزول ما عليه فأُريدَ به لازمُهُ (أو نحوه) بالنصب عطف على أستنفض. الشك من أبي هريرة

وَلاَ تَأْتِنِى بِعَظْمٍ وَلاَ رَوْثٍ». فَأَتَيْتُهُ بِأَحْجَارٍ بِطَرَفِ ثِيَابِى فَوَضَعْتُهَا إِلَى جَنْبِهِ وَأَعْرَضْتُ عَنْهُ، فَلَمَّا قَضَى أَتْبَعَهُ بِهِنَّ. طرفه 3860 ـــــــــــــــــــــــــــــ أي: إما قال: أستنفض، أو ما يؤدي معناه. ويجوزُ أن يكون عطفًا على "أحجارًا" وإفراد الضمير؛ لأنه في تأويل ما يستنجى به، ويؤيده قوله: (ولا تأتني بعظمٍ ولا رَوْثٍ). قال الخطابي: إنما نَهَى عن العظم لأنه لزج لا يقلع النجاسة ولأنه ربما يكون فيه بقيةُ لحم، وربما تؤكل أيضًا بعض العظام. هذا كلامه. وهو تكلف منه. وقد روى الترمذي والنسائي عن ابن مسعود أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تستنجوا بالعظم والروث، فإنه زاد إخوانكم من الجن" يريد: أن العظام لهم، والروث والحُمَمَة -بضم الحاء وفتح الميمين- وهو الفحم، وكأنه حطبٌ لهم أيضًا. فإن قلت: العظم والروث كيف يكونان طعامًا؟ قلت: جاء في الحديث أنهم يجدون العظم أوفَرَ ما كان لحمًا، والروث أوفر ما كان حبًا. فإن قلت: تخصيص العظم والروث بالذكر يدلّ على أن ما عداهما كافٍ أي شيءٍ كان، وقد استثنى الشافعي كل أملَسَ كالزجاج وما في معناه. قلتُ: النص معقول المعنى، والأَمْلَسَ لا يقلع النجاسة، فأيّ فائدة في استعماله؟ وأما استثناء مالَهُ حُرمةٌ كالخبز ونحوه، ليس من حيث إنه لا يصحّ، بل لو فعل ذلك أجزأ إلا أنه معصية، كالصلاة في الأرض المغصوبة. فإن قلتَ: ما الحكم في الاستنجاء؟ قلتُ: الندب عند أبي حنيفة سواء كان بالماء أو بالحجر؛ لأن قدر الدرهم من النجاسة عنده معفو عنه في النجاسة الغليظة والشافعي وأحمد على الوجوب؛ لأن النجاسة مانعةٌ عن صحة الصلاة، إلا أن الشارع أقام الحجر وما في معناه مقام الماء، وإن لم يكن مزيلًا تيسيرًا. وقال أبو محمد عبدُ الله بن أبي زيد من المالكية: الاستنجاء ليس من سنن الوضوء، ولا من فرائضه بل هو من قبيل إزالة النجاسة.

21 - باب لا يستنجى بروث

21 - باب لاَ يُسْتَنْجَى بِرَوْثٍ 156 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ لَيْسَ أَبُو عُبَيْدَةَ ذَكَرَهُ وَلَكِنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ يَقُولُ أَتَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْغَائِطَ، فَأَمَرَنِى أَنْ آتِيَهُ بِثَلاَثَةِ أَحْجَارٍ، فَوَجَدْتُ حَجَرَيْنِ، وَالْتَمَسْتُ الثَّالِثَ فَلَمْ أَجِدْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلتَ: ما دليل الشافعي على أَنْ أقل من ثلاثة أحجار لا يجوز أو ما في معناه من حجر ونحوه مما له ثلاثة أطراف؟ قلتُ: حديثٌ رواه مسلم وأحمد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا ذَهَبَ أحدكم إلى الغائط فلْيذهَبْ معه بثلاثة أحجار، فإنها تجزئ". وحديث عائشة رواه أحمدُ والنسائي وأبو داود: "إذا ذَهَبَ أحدُكم إلى الغائط فليذهبْ بثلاثة أحجار". وله شرائط أُخَر مبسوطة في كتب الفروع. ومن فقه الحديث أنه يستحب إعداد آلة الاستنجاء قبل الاشتغال بقضاء الحاجة، وأن للأصاغر السعي في خدمة الأكابر، وأن الذي يكون على قضاء الحاجة ينبغي أن يبعد عنه من في خدمته. نُقل عن أبي جعفر منصور الدوانقي قال: كان أحد عبيده يتولى أمر الوضوء، وكان يقف قريبًا منه، وكان قد غاب يومًا، فذهب بالإبريق الربيع وهو أيضًا أحدُ عبيده، فلما وضع الإبريق أبعد عنه فاستحسن منه ذلك فأدناه، ولم يزل يَتَرقّى إلى أن فوض إليه الوزارة. باب: لا يُستنجى بروث 156 - (أبو نُعيم) -بضم النون على وزن المصغر- فضل بن دُكَين (زُهير) بضم الزاي على وزن المصغر (عن أبي إسحاق) هو عمرو بن عبد الله السبيعي -بفتح السين وكسر الموحدة- قال الجوهري: سبيع بطنٌ من همدان، رهط أبي إسحاق السبيعي (ليس أبو عبيدة ذكره) غرض أبي إسحاق من هذا الكلام. أن أبا عبيدة وهو عامر بن عبد الله بن مسعود اختلف في سماعه عن أبيه ابن مسعود. قال النووي: الراجحُ أنه لم يسمع من ابن مسعود. وقال الذهبي: حديثه عن أبيه في السنن. فأراد أبو إسحاق نفي الريبة عن اتصال الحديث قال: (ولكن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه) الأسود التابعي العالم الزاهد.

22 - باب الوضوء مرة مرة

فَأَخَذْتُ رَوْثَةً، فَأَتَيْتُهُ بِهَا، فَأَخَذَ الْحَجَرَيْنِ وَأَلْقَى الرَّوْثَةَ وَقَالَ «هَذَا رِكْسٌ». وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ. 22 - باب الْوُضُوءِ مَرَّةً مَرَّةً 157 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ (فأخذ الحجرين وألقى الروثة، وقال: هذا رِكْسٌ) -بكسر الراء وسكون الكاف-. أي: نجس. ويروى رَكيس على وزن فعيل. وأصلُ الرِكْس: قلبُ الشيء وردّه. قال ابنُ الأثير: يقال: ركستُ الشيء وأركسته إذا رددته. فإن قلتَ: الحديث حجةٌ على الشافعي وأحمد في اشتراط ثلاثة أحجار فإنه اكتفى بالحجرين؟ قلتُ: أمرُهُ بثلاثة أحجار نصٌّ، وهذا محتمل، إذ الظاهر أنه جاء بالثالث امتثالًا لأمره، أو اكتفى بطرفي حجر كما قدمنا أن أطراف حجر واحد تقوم مقام الأحجار. هذا، ورواه أحمد عن ابن مسعود أنه قال: "إنه رِكْسٌ" وقال: "ائتني بحجر". فإن قلتَ: تعليله بأنه ركس يدلُّ على أن المنع منه لنجاسته، وقد ذكرت قبلُ أنه علف دواب الجن؟ قلتُ: لا منافاة لجواز أن تكون العلة مركبة، أو كان هذا قبل قضية الجنّ. (وقال إبراهيم بن يوسف عن أبي إسحاق: حدثني عبدُ الرحمن). فان قلتَ: إبراهيم بن يوسف قد ذكر النسائي وغيره أنه ليس بقوي؟ قلتُ: ذكر النووي وغيره أنه صدوق، ولئن سُلّم فإنما ذكره متابعةً، ويجوزُ ذكر الضعيف في مثله. باب: الوضوء مرةً مرةً 157 - (محمد بن يوسف) يجوزُ أن يكون البيكندي الأعرج، وأن يكون الفريابي، ويجوزُ أن يكون (سفيان) ابن عيينة، والثوري، فإن كل واحد منهما يروي عن ابن عيينة وعن الثوري، وليس في ذلك قدحٌ ولا هو من التدليس على أنه صَرّح بلفظ حدثنا فلا يقدح

23 - باب الوضوء مرتين مرتين

عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ تَوَضَّأَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَرَّةً مَرَّةً. 23 - باب الْوُضُوءِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ 158 - حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَبْدِ ـــــــــــــــــــــــــــــ التدليسُ فيه حينئذ. كذا قيل والصواب أنه الفريابي وسفيان هو الثوري؛ فإن الفريابي وإن كان يروي عنهما إلا أنه إذا أُطلِقَ يريد الثوري أيضًا. (عن زيد بن أسلم) على وزن الماضي (عن عطاء بن يسار) ضد اليمين (توضأ النبي - صلى الله عليه وسلم - مرةً مرةً) صفة مصدر أي: كل عضو غسلة واحدة. قال بعضُهم: معناه توضأ بزمان واحد إذ لو كان غسلتان لكانا في زمانين، أو منصوب على المصدر. أي: غسل الأعضاء غسلةً واحدةً ثم قال: فإن قلتَ: يلزم على هذا أن يكون توضأ في عمره مرةً واحدةً؟ قلتُ: لا يلزم، لأن لفظ: "مرة" يقتضي التكرار، أو يقول: المراد أنه غسل في كل وضوء كلّ عضو مرة. هذا كلامه. وفساده من وجوه: الأول: أن المرة صفة الفعل دالة على وحدته حتى ذكر أهل التصويف أن الفعلة -بفتح الفاء- للمرة، ولا يوصف الزمان بالمرة والمرتين. الثاني: أن قوله: إذا كان منصوبًا على المصدر يلزم أن يكون رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ في عمره مرةً واحدة شيء لا يعقل، فإن ابن عباس حكى أنه غسل العضو غسلة واحدة, وحكايةُ الفعل لا عموم له، فمن أين يلزم ما ذكره؟! الثالث: قوله: أو المراد أنه غسل في كل وضوء كل عضو مرة ظاهر الفساد؛ لأنه خلاف الواقع. كيف وقد بَوَّب البخاري بعده على الوضوء مرتين؟ ولا يتناوله. والحديث قيده به. باب: الوضوء مرتين مرتين 158 - (فُليح بن سليمان) بضم الفاء على وزن المصغر (عمرو بن حزم) بفتح المهملة وزاي معجمة (عَبّاد) بفتح العين وتشديد الباء (عبد الله بن زيد بن عاصم) ليس هذا صاحب الأذان بل هو: عبد الله بن زيد بن عبد ربه. قال النووي: وليس لصاحب الأذان حديث إلا حديث الأذان، مات سنة اثنتين وثلاثين، وقيل: قتل شهيدًا بأُحدٍ.

24 - باب الوضوء ثلاثا ثلاثا

اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - تَوَضَّأَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ. 24 - باب الْوُضُوءِ ثَلاَثًا ثَلاَثًا 159 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأُوَيْسِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَزِيدَ أَخْبَرَهُ أَنَّ حُمْرَانَ مَوْلَى عُثْمَانَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ رَأَى عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ دَعَا بِإِنَاءٍ، فَأَفْرَغَ عَلَى كَفَّيْهِ ثَلاَثَ مِرَارٍ فَغَسَلَهُمَا، ثُمَّ أَدْخَلَ يَمِينَهُ فِي الإِنَاءِ فَمَضْمَضَ، وَاسْتَنْشَقَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاَثًا، وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ ثَلاَثَ مِرَارٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ (توضأ مرتين مرتين) أي: غَسَل كل عضو مرتين. 159 - (عبد العزيز بن عبد الله الأويسي) بضم الهمزة (إبراهيم بن سعد) بسكون العين (حُمْران) -بضم الحاء وسكون الميم- ابن أبان. من سبي عين التمر. سباه خالد بن الوليد فوَجَّهه إلى عثمان فأعتقه، وكان كاتبه وصاحبه هكذا قيل فإن ذلك قبل خلافة عثمان؛ لأن خالد بن الوليد توفي في خلافة عمر. (عثمان بن عَفّان) ابن أبي العاص بن أمية بن عبد الشمس، أحد السابقين إلى الإسلام وأحد العشرة، وأحدُ الخلفاء الأربعة الراشدين، كان أصغَرَ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بست سنين، قُتل ظلمًا. قال ابن عبد البر: واختُلف فيمن باشَرَ قتله. قيل: قتله محمد بن أبي بكر. ولم يصحّ. وقيل: قتله سودان بن حمران. وقيل: بل ولي قتله رومان رجل من بني أسد بن خزيمة. وقيل: إن محمد بن أبي بكر أخذه وحَبَسَه. وقيل: غيره. وقيل: قَتَلَهُ رجلٌ من أهك مصر يقال له: جبلة بن الأيهم، ثم طاف في المدينة ثلاثة أيام يقول: أنا قاتل نعثل. ونَقَل غيرُ ابن عبد البر أن قاتله الأسود النجشي، وعن ابن سيرين أن المال كثُر في زمن عثمان حتى بيعت جارية بوزنها دراهم، وفرس بمئة ألف، ونخلة بألف درهم، مدة خلافته اثنتا عثرة سنة، وكان عمره يوم مات فوق ثمانين سنة. (فمضمض واستنثر) المضمضة تحريك الماء في الفم، والاستنثار قال ابن الأثير: استفعال من نثِر يَنْثِر -بالكسر- إذا امتخط. وقيل: هو من تحريك النثرة وهو طرف الأنف. قال الأزهري: ويقال فيه: أنثر بهمزة القطع. قال: وأهلُ اللغة لا يجوزونه، وإنما اكتفى

ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلاَثَ مِرَارٍ إِلَى الْكَعْبَيْنِ، ثُمَّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِى هَذَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، لاَ يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». أطرافه 160، 164، 1934، 6433 ـــــــــــــــــــــــــــــ بالاستنثار لأنه مسبوق بالاستنشاق وفي بعضها: استنشق واستنثر. قال ابن الأثير: والاستنشاق: إيصالُ الماء إلى الخياشيم. أصله استمشق الريح إذا شَمَّها. (ثم مسح برأسه) لم يذكر مع المسح ثلاثًا لا في البخاري ولا في مسلم. قال النووي: استدل الشافعي على تكرار المسح بما رواه أبو داود: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسح على رأسه ثلاثًا وقياسًا على سائر الأعضاء. وهذا الذي قاله ربما يُناقش فيه بأن الروايات متطابقة على عدم التكرار، إلا ما رواه أبو داود فيقال: إن ذلك لبيان الجواز. وأما جواب الشافعي أن الاكتفاء بمرة واحدة. وهذا لبيان الجواز. ففيه أن هذه الروايات إنما هي لبيان الوضوء الكامل. (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من توضأ نحو وضوئي هذا، ثم صَلَّى ركعتين لا يُحدِّثُ فيهما نفسَه غُفِر له ما تقدَّمَ من ذنبه) قال النووي: المراد من الحديثِ أحاديثُ تَتَعلق بأمور الدنيا، وما لا يتعلق بالصلاة ولو اعترض له حديث فأعرض عنه فلا ضَرَر فيه. قلتُ: قوله: "لا يحدث فيهما نفسه" بإسناد الفعل إلى المصلي، فيه دلالة على أن الخواطر والوساوس من غير كسب منه لا تقدحُ في ذلك. وهذا معنى ما نقل عن القاضي عياض المراد من الحديث هو المجتَلَب المكتسَبَ. قال النووي: والمراد من الذنوب: الصغائر لا الكبائر، وإنما قيد بذلك لما في رواية مسلم: "ما لم تُؤتَ كبيرة". وأما قوله: إنما قال: "نحو وضوئي" دون: مثل، إشارةً إلى أن مثل وضوئه لا يقدر عليه أحد، فقد سَبَق منّا أنه جاء في رواية مسلم وغيره لفظ المثل. وعلماءُ البيان لم يفَرقوا بين لفظ مثل ونحوه في التشبيه. وأيضًا الوضوء ليس إلا فعلًا محسوسًا محدودًا، فلا وجه لقولهم: لا يقدر على مثل وضوئه أحد، كيف وقد قال: "صلوا كما رأيتموني أصلي" ولا شك أن الصلاةَ أعظمُ شأنًا وأدقّ بيانًا من الوضوء؟ هذا مع أن

160 - وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ قَالَ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَلَكِنْ عُرْوَةُ يُحَدِّثُ عَنْ حُمْرَانَ، فَلَمَّا تَوَضَّأَ عُثْمَانُ قَالَ أَلاَ أُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا لَوْلاَ آيَةٌ مَا حَدَّثْتُكُمُوهُ، سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ يَتَوَضَّأُ رَجُلٌ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهُ، وَيُصَلِّى الصَّلاَةَ إِلاَّ غُفِرَ لَهُ مَا ـــــــــــــــــــــــــــــ التشبيه لا يقتضي التساوي، بل المشبه ناقص عن المشبه به في وجه الشبه، وفي رواية البخاري أيضًا في الرقائق لفظ: مثل، وفي كتاب الصيام: "من توضأ وضوئي هذا ... " وهذا أبلغُ من لفظ المثل، وفي حديث التهجد قول ابن عباس: فصنعت مثل ما صنع، كافٍ. 160 - (وقال إبراهيم) أي: ابن سعد. هذا تعليقٌ من البخاري (فلما توضأ عثمان قال: لأحدثنكم) في بعضها: ألاَ أحدِّثُكم؟ بصيغة العرض (لولا آيةٌ ما حدثتكموه) الآية قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ} [البقرة: 159]) وإن كانت نازلةً في أهل الكتاب إلا أن العبرةَ بعموم اللفظ وقد سَبَق من أبي هريرة: "لولا آيتان". الآيةُ المذكورة والتي بعدها. ولما كان مؤداهما واحدًا اكتفى عثمان بإحداهما، وإنما كان مراد عثمان من قوله هذا: أن الناس يتكلمون على هذا، ويقصّرون في العبادة. ومثله ما تقدم من حديث معاذ بن جبل. (لا يتوضؤ أحدٌ فيُحسن الوضوء) إحسانُ الوضوء يجوزُ أن يكون بغسل الأعضاء كما في الآية، ويجوزُ أن يراد غسل الأعضاء ثلاثًا ثلاثًا، كما وقع في الإسناد الأول. (ويصلي الصلاة) أي: صلاة من جنس الصلوات، ولذلك أطلقه، ويجوز أن يكون إشارةً إلى إحدى الصلوات الخمس، لكونها مكفرات لما بينهن كما سيأتي. وفي رواية مسلم: "فيصلي الصلوات الخمس". وهذا يدفع ذلك الاحتمال. وقوله: (إلا غفر له ما

25 - باب الاستنثار فى الوضوء

بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلاَةِ حَتَّى يُصَلِّيَهَا». قَالَ عُرْوَةُ الآيَةُ (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ). 25 - باب الاِسْتِنْثَارِ فِي الْوُضُوءِ. ذَكَرَهُ عُثْمَانُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهم - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 161 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو إِدْرِيسَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ «مَنْ تَوَضَّأَ فَلْيَسْتَنْثِرْ، وَمَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ». طرفه 162 ـــــــــــــــــــــــــــــ بينه وبين الصلاة حتى يصليها) يؤيد الوجه الثاني، وفي هذا القيد إشارة إلى أنه لو أَخّرها إلى آخر الوقت الحكمُ باقٍ، والذنوب مكفرة، والاستثناء في قوله: "إلا غفر" مؤول؛ لأن الفعل لا يقع استثناءً، والتقديرُ: لا يتوضأ ويصلي في حالٍ من الأحوال إلا في هذه الحالة، وهي حالةُ غفران الذنوب. باب الاستنثار في الوضوء (ذكره عثمان) الاستنثار ذكره في الباب الذي قبله (وعبد الله بن زيد) ابن عاصم، (وابن عباس) هؤلاء ثلاثةٌ صحابيون، رَوَى عنهم البخاري حديث الاستنثار مسندًا، وأورده هنا معلقًا تقوية لما أسنده بعده عن أبي هريرة. 161 - (عَبْدان) -على وزن شعبان- لقب عبد الله بن عثمان المروزي (أبو إدريس) الخولاني اسمه عائذ الله، التابعي الجليل القدر (من توضأ فَلْيستنثر، ومن استجمَرَ فليوترْ) الاستنثار ذكرنا آنفًا أنه استفعال، من: نَثر إذا أخرَجَ الماء من أنفه، أو من تحريك النثرة، وهو طرف الأنف، واكتفى به؛ لأنه مسبوق بالاستنشاق، والاستجمارُ استعمالُ الجمار وهي الأحجارُ الصغار؛ لأن أكثر ما يقع الاستنجاء بها فقوله: "فلْيوترْ" الأمر فيه للندب، لما روى أبو داود وابن ماجه عند أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من استجمر فليوترْ، فمن فعل فقد أحسن، ومن لم يفعل فلا حَرَج".

26 - باب الاستجمار وترا

26 - باب الاِسْتِجْمَارِ وِتْرًا 162 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ ثُمَّ لِيَنْثُرْ، وَمَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ، وَإِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلْيَغْسِلْ يَدَهُ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهَا فِي وَضُوئِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قال الخطابي: وفي الحديث دلالةٌ على وجوب ثَلاَث مَسَحاتٍ، وذلك أن الاسمَ يدلّ على الواحد جزمًا، فلو كان مرادًا لما زِيد عليه، فعُلم أن الإنثار فوق الواحد إنما يكون بثلاثٍ. وهذا استدلالٌ حسن. فإن قلتَ: الأمر بالاستنثار والاستجمار للوجوب أو للندب؟ قلتُ: في الأول للندب، وفي الثاني للوجوب. فإن قلتَ: كيف افترقا؟ قلتُ: إزالةُ النجاسة واجبةٌ، وحديثُ الأعرابي حيث قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "توضأ كما أمرك الله" دلَّ على عدم وجوب الاستنثار. باب: الاستجمار وترًا 162 - (عن أبي الزناد) -بكسر الزاي بعدها نون- عبد الله بن ذكوان (عن الأعرج) هو عبد الله بن هرمز. (إذا توضأ أحدُكم فليجعلْ في أنفه ماءً، ثم لِينْثُر) جعلُ الماء في الأنف عبارةٌ عن الاستنشاق، وقد تقدم الكلام عليهما آنفًا مرارًا (وإذا استيقظ من نومه). يقال: استيقظ وتيقَّظ بمعنىً، وأما التَيقُظ بمعنى الذكاء وشدة الحذر، فكأنه مأخوذٌ من هذا المعنى. (فليغسلْ يده قبل أن يدخلها في وَضُوئه) -بفتح الواو- على الأصح. وهذا الأمرُ للندب عند الجمهور، وحمله مالك على الوجوب، وخَصَّه الإمام أحمدُ بنوم الليل في إحدى الروايتين.

27 - باب غسل الرجلين ولا يمسح على القدمين

فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لاَ يَدْرِى أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ». 27 - باب غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ وَلاَ يَمْسَحُ عَلَى الْقَدَمَيْنِ 163 - حَدَّثَنَا مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ تَخَلَّفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنَّا فِي سَفْرَةٍ سَافَرْنَاهَا، فَأَدْرَكَنَا وَقَدْ أَرْهَقْنَا الْعَصْرَ، فَجَعَلْنَا نَتَوَضَّأُ وَنَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ «وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ». مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلتَ: دلَّ حديث عثمان على استحباب غسل اليدين مطلقًا سواء قام من النوم أو لا. قلتُ: تركه هنا مكروه بخلاف هناك. وقوله: (فإنه لا يدري أين باتت يده) دليل ظاهر في الندب وافٍ ذلك إنما هو احتياط. والتقييدُ بالوضوء. وفي بعض الروايات: "بالإناء". احتراز عن الحياض الكبيرة والأنهرُ الجارية التي لا تتنجس بملاقاة النجاسة. وفيه دلالة على أن النجس الوارد على الماء القليل تنجسه بخلاف العكس للضرورة، وإلا يكن للغسل فائدة. وفي قوله: "لا يدري أين باتت يده" دلالة على استحباب لفظ الكناية فيما يكون في صريح لفظه شناعةٌ. باب: غسل الرجلين، ولا يمسحُ علي القدمين 163 - (أبو عَوَانة) -بفتح العين- الوضاح اليشكري الواسطي (أبو بشر) -بكسر الموحدة وشين معجمة- جعفر بن أبي وحشية (عن يوسف بن ماهَك) -بفتح الهاء- مصغر ماه غير متصرف، لأنه علم المؤنث مع المعجمة. قاله الدارقطني. (تخلف النبي - صلى الله عليه وسلم - عنا في سَفْرة سافرناها، فأدركَنا) -بفتح الكاف- أي: لحقنا (وقد أرهقْنا العصر) أي: أخّرناها حتى قرب فواتها، من رهق إذا قَرُب، ومنه الغلامُ المراهق. ويروى بفتح القاف ورفع العصر من: أرهق إذا غشيه، أو من أرهقه إذا كَلَّفه أمرًا مشقًا، ومحصله قرب الفوات كالأول، وقيل: معنى هذه الرواية: دنا وقتها منا وهو سهوٌ ظاهر، لأنها تخالفُ الرواية الأولى، والقضية واحدة، وأيضًا إنما مسحوا على الأعقاب لئلا تفوتهم الصلاةُ، فأي معنىً لقوله: دنا وقتها منا؟!. فإن قلتَ: يقدر مضاف أي: دنا فوات وقتها؟ قلت: الفوات صفة الصلاة لا الوقت، ولو سُلّم لفظ: منّا، يكون حشوًا. (فنادى بأعلى صوته: ويل للأعقاب من النار مرتين أو ثلاثًا) الشك من عبد الله

28 - باب المضمضة فى الوضوء

28 - باب الْمَضْمَضَةِ فِي الْوُضُوءِ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ - رضى الله عنهم - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 164 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ حُمْرَانَ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَنَّهُ رَأَى عُثْمَانَ دَعَا بِوَضُوءٍ، فَأَفْرَغَ عَلَى يَدَيْهِ مِنْ إِنَائِهِ، فَغَسَلَهُمَا ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ أَدْخَلَ يَمِينَهُ فِي الْوَضُوءِ، ثُمَّ تَمَضْمَضَ، وَاسْتَنْشَقَ، وَاسْتَنْثَرَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاَثًا وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ ثَلاَثًا، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ غَسَلَ كُلَّ رِجْلٍ ثَلاَثًا، ثُمَّ قَالَ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَوَضَّأُ نَحْوَ وُضُوئِى هَذَا وَقَالَ «مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِى هَذَا ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، لاَ يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ، غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ والمعنى: ويل لأصحاب الأعقاب التي مسح عليها، أو لنفس الأعقاب، فإنها محل الجناية كقطع يد السارق. وتقدم الكلامُ على الحديث مستوفىً في باب رفع الصوت بالعلم. باب: المضمضة في الوضوء (قاله ابن عباس وعبد الله بن زيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -) حديثُ ابن عباس تقدم في باب غسل الوجه باليدين، وعبد الله بن زيد بن عاصم سيأتي حديثه مسندًا في باب مَنْ تمضمض واستنشق. ذكرهما تعميقًا هنا تقوية لما أسنده بعده، وهذا دأب البخاري في مواضع كثيرة. 164 - (أبو اليمان) بتخفيف النون، هو الحكم بن نافع (عطاء بن يزيد) من الزيادة (عن حُمران) بضم الحاء وسكون الميم، روى في الباب حديث عثمان الذي تقدم في باب الوضوء ثلاثًا ثلاثًا. وقد استوفينا الكلام فيه هناك فراجعْهُ (ثم غسل كل رِجل) وفي رواية: كل رجله. وفي أخرى: كلتا رجليه. (لا يحدث فيهما نفسَه) وفي رواية "لا يحدثُ فيهما يعني نفسه" فاعل يعني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو من كلام عثمان (غفر الله له) ويروى: "غُفِر له" (ما تقدم من ذنبه).

29 - باب غسل الأعقاب

29 - باب غَسْلِ الأَعْقَابِ وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَغْسِلُ مَوْضِعَ الْخَاتَمِ إِذَا تَوَضَّأَ. 165 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ - وَكَانَ يَمُرُّ بِنَا وَالنَّاسُ يَتَوَضَّئُونَ مِنَ الْمِطْهَرَةِ - قَالَ أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ فَإِنَّ أَبَا الْقَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ». 30 - باب غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ فِي النَّعْلَيْنِ وَلاَ يَمْسَحُ عَلَى النَّعْلَيْنِ 166 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: غسل الأعقاب (وكان ابن سيرين يغسل موضع الخاتم إذا توضأ) إذا: ظرف والعامل فيه: يغسل. وقيل: كان أظهر وليس كذلك، إذ لا وجه لتقييد كان بذلك الزمان، وأما إن كان ماضيًا ويغسل مستقبل فلأنه أريدَ حكاية تلك الحال. فإن قلت: ما حكم موضع الخاتم عند الفقهاء؟ قلتُ: أجمعوا على وجوب غسله. 165 - (آدم بن أبي إياس) بكسر الهمزة (محمد بن زياد) من الزيادة (سمعتُ أبا هريرة) أي: قوله بدليل قوله: (فقال يتوضؤون من المطهرة) بكسر الميم (أسبغوا الوضوء) يريد: إتمام غسل العضو لا الكمال بدليل قوله: (ويلٌ للأعقاب من النار) وفي رواية مسلم: "ويل للعراقيب من النار" جمع عرقوب بضم العين وهو العَصَبُ الذي فوق العقب. باب: غسل الرجلين في النعلين، ولا يمسَحُ على النعلين 166 - (عن سعيد المقبري) بضم الباء وفتحها (عُبيد بن جُريج) كلاهما بلفظ المصغر،

رَأَيْتُكَ تَصْنَعُ أَرْبَعًا لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِكَ يَصْنَعُهَا. قَالَ وَمَا هِىَ يَا ابْنَ جُرَيْجٍ قَالَ رَأَيْتُكَ لاَ تَمَسُّ مِنَ الأَرْكَانِ إِلاَّ الْيَمَانِيَيْنِ، وَرَأَيْتُكَ تَلْبَسُ النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ، وَرَأَيْتُكَ تَصْبُغُ بِالصُّفْرَةِ، وَرَأَيْتُكَ إِذَا كُنْتَ بِمَكَّةَ أَهَلَّ النَّاسُ إِذَا رَأَوُا الْهِلاَلَ وَلَمْ تُهِلَّ أَنْتَ حَتَّى كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ أَمَّا الأَرْكَانُ فَإِنِّى لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَمَسُّ إِلاَّ الْيَمَانِيَيْنِ، وَأَمَّا النِّعَالُ السِّبْتِيَّةُ فَإِنِّى رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَلْبَسُ النَّعْلَ الَّتِى لَيْسَ فِيهَا شَعَرٌ وَيَتَوَضَّأُ فِيهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ هو عُبيد بن جُريج التيمي مولاهم (رأيتك تصنع أربعًا) أي: أربع خصال (رأيتُكَ لا تَمَسُّ من الأركان إلا اليمانيين) الركن اليمني وركن الحجر، وهو الركن العراقي، وفي إطلاق اليمانيين تغليبٌ (ورأيتُك تلبس النعال السِّبْتِية) بكسر السين قال ابنُ الأثير: السِّبت بكسر السين جلود البقر المدبوغة من السبوتة وهي اللين، أو لأن الشعر بالدباغة سبت عنه أي: أزيل، واعتراض ابن جريج في النعال السبتية، لأنها شعار المترفين؛ فإن أكثر العرب كانوا يلبسون مع الشعر (ورأيتك تصبُغُ بالصفرة) -بضم الباء وفتحها- من الصَّبْغ - بسكون الباء - وهو تغيير لون وتبديله إلى لونٍ آخر، والمراد: خضاب شعره. وقيل: المراد صبغ الثوب. قال المازري: وإليه ذَهَبَ مالك استدلالًا بحديث أنس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يخضبْ. قال النووي: والحق أنه صبغ وقتًا وترك وقتًا، وكلٌ أخبر بما رأى. قلتُ: لبس الأصفر لم يصح فيه حديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لبسه على أن أبا داود والنسائي رَوَيا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى على عبد الله بن عمرو ثوبًا مصبوغًا بالعصفر، قال عبد الله: قال لي: "ما هذا؟ " فعرفتُ أنه كرهه. فانطلقتُ فأحرقته. فقال: "ما فعلْتَ بثوبك؟ " قلتُ: أحرقتُه. قال: "هلا ألبسْتَ نساءك فإنه لا بأس بذلك". (أما الأركان فإني لم أر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسُّ إلا اليمانيين) قيل: الحكمة في ذلك أنهما على قواعد إبراهيم بخلاف بقية الأركان، وسيأتي أن معاوية وابن الزبير كانا يمسَّان الأركان كلها، ثم انعقد الإجماع على الاقتصار عليهما. (رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلبس النعال التي لا شعر فمها ويتوضأ فيها) هذا موضع الدلالة

31 - باب التيمن فى الوضوء والغسل

فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَلْبَسَهَا، وَأَمَّا الصُّفْرَةُ فَإِنِّى رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَصْبُغُ بِهَا، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَصْبُغَ بِهَا، وَأَمَّا الإِهْلاَلُ فَإِنِّى لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُهِلُّ حَتَّى تَنْبَعِثَ بِهِ رَاحِلَتُهُ. أطرافه 1514، 1552، 1609، 2865، 5851 31 - باب التَّيَمُّنِ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ 167 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لَهُنَّ فِي غُسْلِ ابْنَتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ على الترجمة، وفي الدلالة خفاءٌ؛ إذ التوضؤ فيها لا يستلزم أن يكون غَسَل الرجلين حال كونهما في النعل. قال النووي: معناه: يلبس النعلين ورجلاه رطبتان. فإن قلتَ: ما المراد بيوم التروية؟ قلتُ: هو اليوم الثامن [من] ذي الحجة، وذلك لأن الناس يروون الدواب ويرتوون للخروج إلى عرفات في اليوم التاسع. وقيل: لأن إبراهيم تَرَوَّى فيه لذبح الولد. وفيه بُعْدٌ؛ إذ كان الملائم أن يقول: يوم التروّي. (راحلته) قال ابنُ الأثير: الراحلةُ البحيرُ القوي يُطلق على الذكر والأنثى، والهاء للمبالغة لكونه مختارًا للركوب. باب: التيمن في الوضوء والغُسل بضم الغين، لأنه اسم الاغتسال. قال ابن الأثير: الغسل - بالضم - الماء الذي يُغْسَل به، كالأكْل -بضم الهمزة- لما يُؤكل وهو الاسم أيضًا من غسلته، والغَسْل - بالفتح - المصدر،- وبالكسر - ما يغسل به من الأشنان والخطمي وعيرهما. 167 - (مسدد) بضم الميم وفتح الدال المشددة (عن أم عطية) - على وزن الهدية - الأنصارية واسمُها: نسيبة -بضم النون- على وزن المصغر، كانت [......] وتغزو مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، تداوي الجرحى، وتقوم على المرضى (قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لهنّ) كان الظاهر: لنا. وفيه التفاتٌ من التكلم إلى الغيبة (في غسل ابنته) هي زينب، أكبر بناته. قاله النووي.

«ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا وَمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنْهَا». أطرافه 1253، 1254، 1255، 1256، 1257، 1258، 1259، 1260، 1261، 1262، 1263 168 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى أَشْعَثُ بْنُ سُلَيْمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ فِي تَنَعُّلِهِ وَتَرَجُّلِهِ وَطُهُورِهِ وَفِى شَأْنِهِ كُلِّهِ. أطرافه 426، 5380، 5854، 5926 ـــــــــــــــــــــــــــــ (ابدأْنَ بميامنها ومواضع الوضوء منها) قوله: "ومواضع الوضوء" من عطف العام على الخاص. والميامن جمع الميمنة، وإنما جمعه باعتبار الأطراف والأعضاء الواقعة في الجانب الأيمن. والحكمة في ذلك تقديم الأشرف، وتقديم مواضع الوضوء في الغسل دلَّ على تقديمها في الوضوء بالطريق الأولى. قال بعضُ الشارحين: فإن قلت: كيف دلَّ على التيمن في مواضع الوضوء؟ قلتُ: إن كان عطفًا على الضمير المجروو كما جَوَّزه بعضُ النحاة فهو ظاهر، إذ التقدير: ميامن مواضع الوضوء، وإلا فهو مستفادٌ من عموم ميامنها. وهذا الذي قاله لغوٌ من الكلام على كلا التقديرين، لأن مراد وسول الله - صلى الله عليه وسلم - تقديم مواضع الوضوء الواقعة في الجانب الأيسر لشرفها من حيث إنها أعضاء الوضوء، فالوجه ما ذكرناه. 168 - (أشعث) بشين معجمة وآخره ثاء مثلثة (سُليم) بضم السين على وزن المصغر، يكنى أبا السكون (عن عائشة قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره) الإعجاب: استحسانُ الشيء، غايتُهُ كأنه يوقع في التعجب، وهو إدراك الأمور الغريبة، والتَنَعّل لبس النعل، والتَرَجُّل مطاوع الترجيل وهو تسريح الشعر، والطُهور - بالضم - الوضوء (وفي شأنه كلّه) من عطف العام على الخاص. وفى أكثرها بدون الواو. والوجه حملُه على حذف الواو بدليل الرواية الأخرى، وهو بدل الكل عن البعض كقولهم: نظرت إلى القمر فلكه، وكقول زياد الأعجم في مرثية طلحة الخُزاعي:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نضَّر الله أعظمًا دفنوها ... بسجستان طلحة الطلحات وقواعد العربية استقرائية فلا يقدح في ذلك قول النحاة الأبدال أربعة. أَلاَ ترى أنهم اتفقوا على أن أوزان الشعر ستةَ عَشَر بحرًا، وقد وُجد في شعر امرئ القيس ما هو خارجٌ عن تلك الأوزان قال: تخطيت بلادًا وضيعت بلادًا ... وقد كنت قديمًا أخا عزٍ ومجد نقله السكاكي في عروض "المفتاح". قال بعض الشارحين: فإن قلت: ما وجهُ إعرابه على تقدير عدم الواو؟ قلت: فيه غموضٌ ثم قال: هو بدل الاشتمال، لأن النحاة لما قالوا بدل الاشتمال شرطه أن تكون الملابسة بغير الكلية والجزئية، إنما أرادوا أن لا يكون الأول كلًّا، والثاني جزءًا. وهذا عكس ذلك, أو هو بدل الغلط، وبدل الغلط قد يقعُ في الكلام الفصيح, ولا منافاة بين الغلط والبلاغة, أو هو بدل الكل من الكل، إذ الطهور مفتاح العبادات والترجل يتعلق بالرأس والتنعل بالرجل فكأنه بدل الكل. هذا كلامه. والكلُ باطلٌ؛ أما الأول فلأن النحاة نفوا في بدل الاشتمال الكلية والجزئية مطلقًا، سواء كان المبدل كلًّا والبدل جزءًا، أو بالعكس، ولو كان مرادهم ما قاله لمثلوا به، فإنه أولى بذلك لغرابته، ولا يظفر به في كلام أحد. وأما الثاني وهو قوله: بدل الغلط فغلطٌ فاحش؛ لأن بدلا الغَلَط معناه أن يكون المبدل منه وقع غلطًا، ثم تداركه المتكلم بالمبدل، وعلى ما قاله يلزم أن يكون قول عائشة: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحب التيمن في تنعله وترجله وطهوره كله. غلطًا منها. وفسادُهُ لائحٌ على أن قوله: بدل الغلط. يقع في الفصيح على إطلاقه غلط آخر، لأن ذلك مشروطٌ باستعمال (بل)، معه ذكوه المحققون من علماء البيان. وأما الثالث: وهو بدل الكل فبُطلانه ظاهر، لأن مراد عائشة أن التيمن كان شأنه في

32 - باب التماس الوضوء إذا حانت الصلاة

32 - باب الْتِمَاسِ الْوَضُوءِ إِذَا حَانَتِ الصَّلاَةُ وَقَالَتْ عَائِشَةُ حَضَرَتِ الصُّبْحُ فَالْتُمِسَ الْمَاءُ، فَلَمْ يُوجَدْ، فَنَزَلَ التَّيَمُّمُ. 169 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَحَانَتْ صَلاَةُ الْعَصْرِ، فَالْتَمَسَ النَّاسُ الْوَضُوءَ فَلَمْ يَجِدُوهُ، فَأُتِىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ـــــــــــــــــــــــــــــ الأمور كلها. وظاهرٌ أن الأمور ليست منحصرةً في أفعال الوضوء. وقوله: كأنه بدل الكل بحرف التشبيه لا يغني شيئًا وإن سبقه فيه غيره. ثم قال: أو هو متعلق بيعجب لا بالتيمن. والمعنى: كان يعجبه في كل شأنه التيمن في هذه الثلاثة، أي: في حضره وسفره وفراغه وأشغاله وغير ذلك. قلتُ: فيلزمه أن يكون في حال بزقه وقضاء حاجته ووقاعه، يعجبه التيامن فالوجه ما شيّدنا أركانه. وقولها: في شأنه كله، عام خص منه البعض لما روى أبو داود عن عائشة: كانت يمين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لطهوره وطعامه ويساره لخلائه وما كان من أذى. باب: التماس الوَضُوء إذا حانت الصلاةُ الوَضُوء -بفتح الواو- على الأشهر؛ لأن المراد الماءُ الذي يتوضأ به (وقالت عائشة: حَضَرتِ الصبحُ فالتُمِسَ الماءُ فلم يُوجَدْ، فنزل التيمُّم) أي: آية التيمم أو حكم التيمم، هذه قطعة من حديث سيذكره مسندًا في كتاب التيمم وبعده، وكان ذلك لإقامته على العقد الذي فقدته عائشة. 169 - (عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة) زيد بن سهيل الأنصاري (عن أنس بن مالك: رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحانت صلاة العصر) جملة حالية أي: والحال أن حين العصر ووقته الذي شرع لأدائه كائن (فالتمس الوَضوء) -بفتح الواو- وكذا قوله: (فأُتِيَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

بِوَضُوءٍ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي ذَلِكَ الإِنَاءِ يَدَهُ، وَأَمَرَ النَّاسَ أَنْ يَتَوَضَّئُوا مِنْهُ. قَالَ فَرَأَيْتُ الْمَاءَ يَنْبُعُ مِنْ تَحْتِ أَصَابِعِهِ حَتَّى تَوَضَّئُوا مِنْ عِنْدِ آخِرِهِمْ. أطرافه 195، 200، 3572، 3573، 3574، 3575 ـــــــــــــــــــــــــــــ بوَضُوء فوضَعَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك الإناء يده) أشار بذلك إلى الإناء الذي دلَّ عليه لفظ الوضوء (فرأيتُ الماءَ ينبُعُ من تحت أصابعه) ظاهره أن الماء نبع من بين اللحم والدم. وعليه إطباق أكثر أهل العلم، ولهذا عدّوا هذه المعجزة أعظم من معجزة موسى؛ لأن خروج الماء من الحجر معهود في الجملة، وإن كان خروج الماء بضرب العصا اثنتا عشرة عينًا خارقًا للعادة، إلا أن بينهما بونًا بعيدًا، فإن خروج الماء من بين اللحم والدم أبعد ما يتصوّر من الخوارق. فإن قلت: لفظ: من تحت، يشعر بأن ذلك من تكثير القليل، لا أن الماء خرج من بين اللحم والدم كما ذكرت. قلت: لفظ: ينبع، صريحٌ فيما ذكرنا على أنه قد جاء في سائر الروايات: من بين أصابعه. فإن قلت: إذا كان الماء ينبع حقيقة فأي حاجة إلى وضع اليد في الإناء الذي فيه الماء؟ قلتُ: لأن الإيجاد من العدم، من خواص الألوهية تعالى وتقدس. قال القاضي: واعلم أن نبع الماء من أصابعه صار ملحقًا بالأمور القطعية، فإنه وقع مرارًا وتكاثرت النقلة، ولم ينكره أحدٌ في عصر من الأعصار. (حتى توضؤوا من عند آخرهم) مِنْ: ابتدائية. أي: توضؤًا كائنًا من آخر القوم، ولفظ: عند، في أمثاله مُقحم لزيادة التأكيد، وإذا حَصَل التوضؤ من آخر القوم، فقد استوعب الكل. قال النووي: من في قوله: من عند بمعنى إلى. وردَّه بعضهم بأنه لا يجوزُ أن تكون مِنْ بمعنى إلى، وذلك لأنه يلزم خروج آخر القوم من هذا الحكم وعلله بأن ما بعد: إلى، يخالف حكمه حكم ما قبله، وهذا الردّ مردودٌ لأن خروج ما بعد: إلى، عن حكم ما قبلها مفوضٌ إلى القرائن كما حقق في علم الأصول. ألا ترى أنك إذا قُلتَ: قرأتُ سورة الفاتحة إلى آخرها. لا يُشك في أن آخرها داخل في حكم القراءة، وإذا قلت: صُمتُ يوم كذا إلى آخر النهار، فلا تريدُ إلا أنك صُمتَهُ إلى الليل. فإن قلت: هل أنس داخل في هذا التوضؤ أم لا؟ قلتُ: بعض الشارحين ذكر أن هذا مبني على أن الخطاب -بكسر الخاء- هل يدخل في عموم الحكم المخاطَب به أم لا؟ قلتُ: هذه القضية ليست من ذلك الأسلوب، فإن أنسًا لم يذكر إلا أنهم توضؤوا، فلا يكون هو معهم في ذلك الحكم.

33 - باب الماء الذى يغسل به شعر الإنسان

33 - باب الْمَاءِ الَّذِى يُغْسَلُ بِهِ شَعَرُ الإِنْسَانِ وَكَانَ عَطَاءٌ لاَ يَرَى بِهِ بَأْسًا أَنْ يُتَّخَذَ مِنْهَا الْخُيُوطُ وَالْحِبَالُ، وَسُؤْرِ الْكِلاَبِ وَمَمَرِّهَا فِي الْمَسْجِدِ. وَقَالَ الزُّهْرِىُّ إِذَا وَلَغَ فِي إِنَاءٍ لَيْسَ لَهُ وَضُوءٌ غَيْرُهُ يَتَوَضَّأُ بِهِ. وَقَالَ سُفْيَانُ هَذَا الْفِقْهُ بِعَيْنِهِ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى (فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا) وَهَذَا مَاءٌ، وَفِى النَّفْسِ مِنْهُ شَىْءٌ، يَتَوَضَّأُ بِهِ وَيَتَيَمَّمُ. 170 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ قُلْتُ لِعَبِيدَةَ عِنْدَنَا مِنْ شَعَرِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَصَبْنَاهُ مِنْ قِبَلِ أَنَسٍ، أَوْ مِنْ قِبَلِ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: الماء الذي يغسل به شعر الإنسان أي: بيان حكمه من الطهارة والنجاسة (وكان عطاء لا يرى به بأسًا أن يتخذ منها الخيوط والحبال) قوله: أن يتخذ. بدل اشتمال من الضمير المجرور في: به، وقيل: هو من قبيل: مررتُ به المسكين، وفساده بَيِّنٌ. وفي بعضها: بدون: به، فهو على نزع الخافض. والفرقُ بين الخيوط والحبال بالدقة والغلظ (وسؤر الكلاب وممرّها في المسجد) ولفظ السُّؤْر -بضم السين وسكون الهمزة- بقيةُ الشيء. من أسْأَرْتُهُ: أبقيتُهُ وهذا أيضًا من تتمة الترجمة، قدّم عليه قول عطاء لكونه خاصًا بالشعر (وقال الزهري: إذا ولغ الكلبُ في إناءٍ ليس له وَضوء غيره يتوضأ به) الوَضوء -بفتح الواو - وما قاله الزهري قالَ به مالك في رواية، وقال به الأوزاعي أيضًا (وهذا ماء وفي النفس منه شيء) استدلال سفيان على أن ما وَلَغ فيه الكلب يتوضأ به بقوله: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: 43] ظاهر الفساد، إذ ليس كل ماء صالح للوضوء، كيف وقد ثبت من غير ريبةٍ، أن الإناءَ الذي وَلَغ فيه الكلب يغسل سبعًا إحداهن بالتراب. رواه مسلم وغيره، و (سفيان) هذا هو الثوري. قاله شيخ الاسلام. 170 - (مالك بن إسماعيل) أبو غَسّان النهدي، والنهد قبيلة بيمن (عَبيدة) -بفتح العين وكسر الباء- السَّلْماني التابعي الجليل القدر. قال ابن عُيينة: كان موازيًا لشريحٍ في العلم، أسلم ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حيٌ، كان صاحبًا لعلي بن أبي طالب. (عندنا من شعر النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي: بعض شعره. من مبتدأ كما ذكره صاحب "الكشاف"

أَهْلِ أَنَسٍ فَقَالَ لأَنْ تَكُونَ عِنْدِى شَعَرَةٌ مِنْهُ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا. طرفه 171 171 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ قَالَ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبَّادٌ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا حَلَقَ رَأْسَهُ كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَوَّلَ مَنْ أَخَذَ مِنْ شَعَرِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فلا حاجة إلى تقدير المبتدأ (أصَبْنَاه من قِبل أنس، أو من قِبل أهل أنس) الشكُ من ابن سيرين. وقبل: -بكسر القاف وفتح الباء- اسمٌ من المقابلة بمعنى المعاينة في الأصل. والمراد به الجهةُ أي: من جهة أنس. (لأَنْ يكون عندي شعرة منه أحبّ إلي) اللام للقسم وشعرة، بالرفع على أنه اسم كان. وعندي: خبره. ويجوز أن تكون كان تامة. وعندي، ظرف له. وأحب: خبر المبتدأ. أعني: لأن يكون، فإنه في تأويل المصدر. استدل على طهارة شعر الإنسان بهذا الحديث، وفي استدلاله نظرٌ، لأن قياس شعور الناس على شعر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قياسٌ مع الفارق؛ فإن المحققين على طهارة كل ما انفصل منه من سائر ما هو نجس من غيره. وفي شعر الإنسان، للشافعي منه قولان. قال المزني: رجع عن القول بنجاسة شعر الإنسان وشعور سائر الميتات نجسة عنده. وهل تطهرُ بالدباغ؟ له فيها قولان. الجديد وهو المذهب: لا تطهرُ. وسائر عظام الميتة والقرن نجس بناءً على أن الحياة تحل فيها ولذلك يحصل لها النمو، وذهب أبو حنيفة ومالك وأحمد إلى طهارتها بناء على أن الحياة لا تحل فيها ولذلك لا يتألم بقطعها. 171 - (عَبّاد) بفتح العين وتشديد الباء (ابن عون) -بفتح العين وسكون الواو- اسمه عبد الله تابعي جليلُ القدر (كان أبو طلحة أولَ مَنْ أَخَذَ [من] شعره) سيأتي في كتاب الحج أنه - صلى الله عليه وسلم - لمّا حَلَقَ رأسه بدأ بشقه الأيمن، وأعطى شطره أبا طلحة، ثم أعطاه الشطر الآخر وقال: "فَرّقه على الناس". فمنهم من أصابه شعرة، ومنهم من أصابه شعرتان. وقد حَلَق

34 - باب إذا شرب الكلب فى إناء أحدكم فليغسله سبعا

34 - باب إِذَا شَرِبَ الْكَلْبُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعًا 172 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا شَرِبَ الْكَلْبُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعًا». ـــــــــــــــــــــــــــــ رأسَه مرة أخرى بالحديبية، لما صَدّه المشركون، وكان الحالقُ في الحج معمر بن عبد الله. وفي الحديبية خراشًا. هذا، ولقد رأيته في المنام - صلى الله عليه وسلم - جالسًا يحلق رأسه، فبسطت منديلًا وجمعت أكثر شعره، وتذكرت في تلك الحالة قضية أبي طلحة وأنا مسرور بكثرة ما حَصَل لي من شعره، وكان تأويل ذلك ما أنا فيه من فضل الله وتوفيقه. 172 - (عن أبي الزناد) بكسر الزاي بعدها نون (عن الأعرج) هو عبد الرحمن بن هرمز (إذا شرب الكلبُ في إناء أحدكم فليغسل به سبعًا) وفي مسلم: "إحداهن بالتراب" وفي رواية: "أُولاهن بالتراب" وفي أخرى: "أُخراهن" وفي أخرى "ثامنتهن بالتراب" فأخذ بالحديث مالك والشافعي وأحمد. وقال أبو حنيفة: وهو كسائر النجاسات يغسل ثلاثًا. والحديثُ حجةٌ عليه. فإن قلت: من مذهب مالك طهارة ما ولغ فيه الكلب فأي وجه لغسله سبعًا؟ قلتُ: عن مالك ثلاث روايات. طهارته ونجاسته وطهارة الماء دون فِيْهِ مثل كلب الحرث والماشية. فعلى رواية النجاسة لا إشكال، وعلى غيرها يغسل سبعًا تعبدًا إذا غلظ النجاسات كالخمر وغيره، وإنما اكتفى فيها بالإزالة، ويرد على هذا قوله: "طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسل سبعًا" فإن لفظ الطهور نصٌ في نجاسته. فإن قلتَ: من أصل الشافعي حمل المطلق على المقيد، فلِمَ تَرَكَ أصله هنا؟ قلتُ: تعارضت القيود، فتساقطت، فبقي المطلق على إطلاقه.

173 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ سَمِعْتُ أَبِى عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «أَنَّ رَجُلاً رَأَى كَلْبًا يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ الْعَطَشِ، فَأَخَذَ الرَّجُلُ خُفَّهُ فَجَعَلَ يَغْرِفُ لَهُ بِهِ حَتَّى أَرْوَاهُ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَأَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ». أطرافه 2363، 2466، 6009 174 - وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبٍ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِى حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلتَ: لِمَ ترك العمل بالثامنة وزيادةُ الثقة مقبولةٌ؟ قلتُ: جعل التراب قائمًا مقامها ليكون عددُ الغَسَلات وترًا. واعلم أن عدد الغسلات تعتبر بعد إزالة عين النجاسة، وأن هذا الحكم عامٌ بعدُ في سائر أجزائه وفضلاته حتى لو وضع رجله في الإناء، كان الحكم غسله سبعًا، وهذا إذا كان الظرف دون القلتين. 173 - (إسحاق) كذا وَقَعَ غيرَ منسوب. قال أبو نصر: إن إسحاق بن منصور وابن راهويه يرويان عن عبد الصمد، فيحتمل كلًّا منهما، وقد نَسَبَهُ البخاري في باب مَقْدم النبي - صلى الله عليه وسلم - إسحاق بن منصور عن عبد الصمد (عن أبي صالح) ذكوان السمان (أن رجلًا رأى كلبًا يأكل الثرى من العطش) الثرى -بفتح الثاء المثلثة- التراب: (فأخذ الرجل خُفّه فجَعَل يغرف له فيه حتى أرواه) استدل به على عدم نجاسة ما ولغ فيه الكلب، لأنه أسقاه في خفه. وفيه نظر؛ إذ لا دلالة فيه على أنه أسقاه في خفه، ولئن سُلّم فليس ذلك من شرعنا، ولا حُكي على وجهٍ يدل على طهارته، لأنه فعله للضرورة. (فشكر الله له) شكرُ الله لعباده قبولُ الطاعة منهم والرضا عنهم. قاله ابنُ الأثير (فأدخله الجنة) الفاء للتعقيب لا للتفسير، لأن إدخال الجنة متفرع على قبول الطاعة والرضا كقوله تعالى: {فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا} [آل عمران: 148] وكقوله: {فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ} [المائدة: 85] فإنها مرتبة على الأعمال، ولا هو من عطف الخاص على العام كما ظن. 174 - (وقال أحمد بن شبيب) -بفتح الشين على وزن كريم وعليم- هو شيخ البخاري، وإنما روى عنه بلفظ قال لأنه سمع الحديث منه مذاكرة (حمزة بن عبد الله) أي:

كَانَتِ الْكِلاَبُ تَبُولُ وَتُقْبِلُ وَتُدْبِرُ فِي الْمَسْجِدِ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يَكُونُوا يَرُشُّونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ. 175 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ ابْنِ أَبِى السَّفَرِ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ سَأَلْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ الْمُعَلَّمَ فَقَتَلَ فَكُلْ، وَإِذَا أَكَلَ فَلاَ تَأْكُلْ، فَإِنَّمَا أَمْسَكَهُ عَلَى نَفْسِهِ». قُلْتُ أُرْسِلُ كَلْبِى فَأَجِدُ مَعَهُ كَلْبًا آخَرَ قَالَ «فَلاَ تَأْكُلْ، فَإِنَّمَا سَمَّيْتَ عَلَى كَلْبِكَ، وَلَمْ تُسَمِّ عَلَى كَلْبٍ آخَرَ». أطرافه 2054، 5475، 5476، 5477، 5483، 5484، 5485، 5486، 5487، 7397 ـــــــــــــــــــــــــــــ ابن عمر كانت الكلاب تقبل وتدبر في زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسجد) يريد به مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. اللام فيه للعهد (فلم يكونوا يرشون من ذلك شيئًا) فضلًا عن الغسل. وهذا ظاهر، لأن رِجله طاهرة إذا كانت يابسةً؛ إذ لا نجاسة بين اليابسين. وأما سقوط لُعابها أو بولها على الأرض فليس بمعلوم. فإن قلتَ: جاء في بعض روايات البخاري كانت الكلاب تبول وتقبل؟ قلتُ: ذلك ليس في رواية الفِرْبْرِي، ولو صَحّ ذلك كان محمولًا على عدم علمهم بموضعه، إذ بول الكلب ليس بأخف من بول الإنسان، وقد أمر بصَبّ ذَنوب من الماء على بول الأعرابي، أو منسوخ بحديث الأعرابي. وأما الاعتذار بأنهم كانوا يقلبون وجه الأرض فلم يثبت مع كونه مخلًا باحترام المسجد، ولو كان ذلك شأنهم، لأمر به في بول الأعرابي، لقوله: "إنما بُعثتم ميسرين" وما يقال: إنما نقل الحديث بلفظ: قال، مع أن: قال، من نوازل الدرجات، فليس بشيءٍ؛ لأن البخاري لا يفرق بين العبارات. قال ابنُ الصلاح: قول المحدثين: قال فلان وذكر فلان محمول على السماع إذا عرف اللقاء. وهذا شأن البخاري، فإنه يشترط اللقاء. 175 - (عن [ابن] أبي السَّفَر) بفتح السين والفاء ويرويه بعضُ المغاربة بسكون الفاء (عن الشعيي) -بفتح الشين وسكون العين- أبو عمرو عامر الكوفي التابعي الجليل القدر (عن عدي بن حاتم) -بفتح العين وكسر الدال والياء المشددة- الجواد بن الجواد، يكنى أبا طريف بالطاء المهملة (فإنما سمّيت على كلبك ولم تُسَمِّ على كلب آخر).

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ استدل به أبو حنيفة ومالك وأحمد على حرمة متروك التسمية عامدًا. واستدل الشافعي بقوله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: 5] وبما رواه البخاري عن عائشة أنهم سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قوم حديثي عهد بشرك يأتوننا بلحمان ما ندري أيذكرون اسم الله عليها أم لا؟ قال: "اذكروا أنتم اسمَ الله عليها وكُلُوا". فإن قلتَ: ما تقول في هذا الحديث؟ قلتُ: نحمله على أنه منسوخ بآية المائدة. فإن قلت: فقوله {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ} [الأنعام: 121] قلتُ: قال: المراد بما لم يذكر اسم الله عليه ما ذبح باسم الأصنام بدليل قوله: {وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [المائدة: 3] وبما رواه مسلم أنه كان في صحيفة علي: لعن الله من ذبح لغير الله، وبقوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام: 121] بعد قوله: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: 121]، فإنه جملة حالية عن الضمير المجرور في: عليه، مع الإجماع على أنه بترك التسمية لا يفسق، فهو محمول على ما أُهل به لغير الله. وأما الاستدلال للشافعي بقوله: {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: 3] من غير تقييد بذكر اسم الله ليس بتام؛ لأن من أصل الشافعي حمل المطلق على المقيد. فإن قلت: ما وجه اتصال هذا الحديث بالترجمة؟ قلت: وقع في بعض النسخ بعد ذكر الحمر وأكلها، وعلى تقدير عدم أكلها، المناسبة بين الأكل وبين السؤر، وأحكام تعليم الكلب تذكر في كتاب الصيد.

35 - باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين، من القبل والدبر وقول الله تعالى (أو جاء أحد منكم من الغائط)

35 - باب مَنْ لَمْ يَرَ الْوُضُوءَ إِلاَّ مِنَ الْمَخْرَجَيْنِ، مِنَ الْقُبُلِ وَالدُّبُرِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ) وَقَالَ عَطَاءٌ فِيمَنْ يَخْرُجُ مِنْ دُبُرِهِ الدُّودُ أَوْ مِنْ ذَكَرِهِ نَحْوُ الْقَمْلَةِ يُعِيدُ الْوُضُوءَ. وَقَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ إِذَا ضَحِكَ فِي الصَّلاَةِ أَعَادَ الصَّلاَةَ، وَلَمْ يُعِدِ الْوُضُوءَ. وَقَالَ الْحَسَنُ إِنْ أَخَذَ مِنْ شَعَرِهِ وَأَظْفَارِهِ أَوْ خَلَعَ خُفَّيْهِ فَلاَ وُضُوءَ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ لاَ وُضُوءَ إِلاَّ مِنْ حَدَثٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: من لم يَرَ الوضوءَ إلا من المَخْرَجَيْن: القُبُل والدُّبر لقوله: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} [المائده: 6] فإن قلتَ: استدل بالآية ردًّا على أبي حنيفة وأحمد في قول الخارج النجس من غير السبيلين حدث ظاهر، لكن لا يدل على مذهبه، وعلى انحصار النواقض في الخارج من القبل والدبر، لأن النوم ومسّ الفرج ولمس المرأة نواقض عنده. قلتُ: تلك الأشياء إنما كانت نواقض، لأنها مظنة خروج خارج فالدليل تام لما هو بصدده (وقال عطاء: فيمن يخرج من قبله أو دبره نحو القملة يعيد الوضوء) على هذا: المذاهب الأربعة، إلا ما نقل عن مالك من أن النادر لا ينقض. (وقال جابر بن عبد الله: إذا ضحك في الصلاة أعادَ الصلاةَ ولم يُعِدِ الوُضوءَ) وعليه المذاهبُ إلا أبا حنيفة في القهقهة بحديثٍ رواه فيه وليس ثابتًا عند أهل الحديث، والقهقهة أن يسمع مَنْ جانبه صوته والضحك أن يسمع صوت نفسه دون مَنْ جانبه، وأما التَبسّم فلا صوت معه ولا تبطل به الصلاة اتفاقًا. قال بعض الشارحين: إعادة الصلاة عند الشافعي مشروطة بما إذا تيسرت القراءة دونه ولم يغلبه. وهذا الذي قاله سهو منه، لأن ذلك إنما هو في التَنَحْنُحِ ونحوه، فإنه ربما يحتاج إليه إذا لم يقدر على القراءة لوجود عارض في حلقه، وأما الضحك فلا دخل له في ذلك، بل تبطل به الصلاة على أيّ وجهٍ كان (وقال الحسن: إن أخذ من شعره أو أظفاره أو خلع خفّه فلا وضوء عليه) وعليه الفقهاء فإنه يكفيه غسل الرجلين إلا من كان مذهبه وجوب الموالاة (وقال أبو هريرة: إلا وضوء إلا من حدث). فإن قلتَ: كون الوضوء عن حدث قول كل الأمة، فأيّ وجهٍ لإسناده إلى أبي هريرة. قلت: أراد أبو هريرة بهذا ما يخرج عن أحد المخرجين لما تقدم عنه أنه سئل ما الحدث يا

وَيُذْكَرُ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ فَرُمِىَ رَجُلٌ بِسَهْمٍ، فَنَزَفَهُ الدَّمُ فَرَكَعَ وَسَجَدَ، وَمَضَى فِي صَلاَتِهِ. وَقَالَ الْحَسَنُ مَا زَالَ الْمُسْلِمُونَ يُصَلُّونَ فِي جِرَاحَاتِهِمْ. وَقَالَ طَاوُسٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِىٍّ وَعَطَاءٌ وَأَهْلُ الْحِجَازِ لَيْسَ فِي الدَّمِ وُضُوءٌ. وَعَصَرَ ابْنُ عُمَرَ بَثْرَةً فَخَرَجَ مِنْهَا الدَّمُ، وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أبا هريرة؟ قال: فُسَاءٌ أو ضُرَاطٌ. وإذا كانا حدثًا فالبول والغائط من باب الأَوْلى (وبذكر عن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان في غزوة ذات الرقاع) قيل: هذه الغزاة في السنة الثانية من الهجرة. قال البخاري: كانت بعد خيبر، وهو الصواب؛ لأن راوي الحديث سيأتي أبو موسى وهو إنما جاء من الحبشة ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - على فتح خيبر، وإنما سميت ذات الرقاع، لأنهم كانوا يلقون على أقدامهم الرقاع. وقيل: اسم شجرة هناك. وقيل: لأن ألويتهم كانت رقاعًا. ([فرُميَ] رجل بسهم فنزفه الدم) قيل: الرجل الذي رمي عباد بن بشر. والنزف -بالنون والزاي المعجمة- خروج الدم بكثرة. قاله الجوهري (فركع وسَجَدَ ومضى في صلاته) استشكل هذا، لأن خروج الدم ولو سلّم أنه ليس حدثًا فإنه خبث بالاتفاق. قال الخطابي: الاستدلال به مشكل، لأنه لا بُدّ وأن يصيب منه بدنه أو ثوبه، وإن كان يسرًا لا تصح صلاته، اللهم إلا أن يكون خروج الدم على سبيل الدَّفْق بحيثُ لا يصيبه شيءٌ منه، وأجاب بعضُهم بأن الدم القليل معفو عنه، أو لأنه أزاله في الحال، وكلا الجوابين مردود. أما الأول: فلأن لفظ الحديث: النزف وهو الدم الكثير. وأما الثاني: فلأن قوله: فركع وسجد ومضى في صلاته، صريحٌ في أنه لم يشتغل بإزالة الدم، بل الجواب أنه ليس فيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علم بذلك وقرّره عليه على أن في حالة الحرب يفتفر ما لا يفتفر في غيره. فإن قلت: لم ذكر بلفظ يذكر وهو صيغة التمريض؟ قلتُ: لأنه لم يكن أصل الحديث عنده، لكن رواه أبو داود وابن حبان في صحيحه. (وقال الحسن: ما زال المسلمون يُصلّون في جراحاتهم) -بكسر الجيم في المفرد والجمع- وهذا ظاهر إذا لم يَسِلْ دمُهُ وكذا إن سال، لأنه من الأعذار (وقال طاوس ومحمد بن علي وعطاء وأهل الحجاز: ليس في الدم وضوء) طاوس هذا من أبناء فارس

وَبَزَقَ ابْنُ أَبِى أَوْفَى دَمًا فَمَضَى فِي صَلاَتِهِ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ وَالْحَسَنُ فِيمَنْ يَحْتَجِمُ لَيْسَ عَلَيْهِ إِلاَّ غَسْلُ مَحَاجِمِهِ. 176 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَزَالُ الْعَبْدُ فِي صَلاَةٍ مَا كَانَ فِي الْمَسْجِدِ يَنْتَظِرُ الصَّلاَةَ، مَا لَمْ يُحْدِثْ». ـــــــــــــــــــــــــــــ تابعي جليل القدر، قال عبد الملك بن ميسرة: قال طاووس: جالستُ سبعين من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال ابن معين: اسمه ذكوان، وإنما قيل له: طاوس؛ لأنه كان جمال القراء، وقال شيخ الإسلام: طاوس بن كيسان من اليمن وأصله من فارس ومحمد بن علي أبو جعفر الباقر بن زين العابدين، وإنما سُمّي باقرًا لتبقره في العلم، من بقر الشيء إذا شقه، كأنه كان يشق العلم شقًا، ابن زين العابدين رضي الله عنهما وعن آبائهما الأكرمين، وحشرنا في زمرتهم يوم الدين، وأهل الحجاز: فقهاء مكة والمدينة منهم الشافعي ومالك. (وبزق ابن أبي أوفى دمًا، فمضى في صلاته) اسمه عبد الله، صحابي مكرّم. يقال: بَزَق وبَسَق وبَصَق بمعنىً. أي: ألقى من فيه نخامة ونحوها (وقال ابنُ عمر والحسن فيمَنْ احتجم: ليس عليه إلا غَسْلُ مَحَاجمهِ) -بفتح الميم بعدها حاء مهملة بعدها جيم- جمع مِحْجَم كمناهل في منهل، ومقاتل في مقتل. فمن قال: جمع محجمة وهي مكان الحجامة وقارورة الحجّام، والمراد هنا هو الأول. فقد غلط فيه؛ فإن القارورة بكسر الميم قاله الجوهري وابن الأثير. وأيضًا موضع الحجامة بلا هاء التأنيث. واعلم أن ما ذكره من أول الباب إلى هنا من أقوال الصحابة والفقهاء تعليقات ذكرها استظهارًا لما هو بصدده من انحصار نواقض الوضوء فيما يخرج من السبيلين. 176 - (آدم بن أبي إياس) بكسر الهمزة (ابن أبي ذئب) بلفظ الحيوان المعروف محمد بن عبد الرحمن، تقدم مرارًا مع مناقبه (سعيد المقبري) بضم الباء وسكون القاف (لا يزالُ العبدُ في صلاةٍ ما كان في المسجد ينتظر الصلاة) أي: هو في الصلاة حكمًا فيما يتعلق بالثواب لا حقيقةً، وإلا لم يجز له التكلمُ وسائر ما ينافي الصلاة. ومعنى ما كان أي: مدة كونه في المسجد. وفي رواية: "ما دام". والمعنى واحدٌ و: "ينتظر" هو الخبر، لأن كل

فَقَالَ رَجُلٌ أَعْجَمِىٌّ مَا الْحَدَثُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ الصَّوْتُ. يَعْنِى الضَّرْطَةَ. أطرافه 445، 477، 647، 648، 659، 2119، 3229، 4717 177 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَنْصَرِفْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا». ـــــــــــــــــــــــــــــ واحد منهما فعل ناقص أو حال، وفي المسجد خبر. فإن قلت: لم نكّر الصلاة أولًا وعَرّفها ثانيًا؟ قلتُ: إشارةً إلى أن أية صلاة انتظرها فهو في تلك الصلاة. ويجوزُ أن يكون المراد أنه يحصل له ثواب الصلاة في الجملة لا الصلاة التي انتظرها. وهذا أوفقُ بالقواعد. فعلى الأولى: النكرة المعادة معرفة عين الأول، وعلى الثاني: غيرها. وكلاهما فصيح واقع في كلام الله تعالى. (فقال رجل أعجمي) قال الجوهري: العجم خلاف العرب، والأعجم الرجل الذي لا يفصح، وإن كان من العرب، والياء فيه للمبالغة كما في دواري وأحمري. وأصل المعجمة: اللكنة في اللسان (ما الحدث يا أبا هريرة؟ قال: الصوت). فإن قلت: الحدثُ ليس منحصرًا في الصوت بالإجماع؟ قلتُ: الكلام في الحدث الذي يكون في المسجد ولا يمكن غيره. فإن قلت: قد تقدم من رواية همام عن أبي هريرة لما سئل قال: فُسَاءٌ أو ضراطٌ؟ قلتُ: إن كان السؤالُ متعددًا فلا إشكال، وإن كان متحدًا فلعدم الضبط من بعض الرواة. فإن قلت: على تقدير تعدُّد السؤال فلِمَ اقتصر في أحدهما على الصوت؟ قلت: لأن الريحَ أدلّ على الحدث من الصوت فاقتصر على ما فيه خفاء. 177 - (أبو الوليد) هشام الطيالسي (عن عَبّاد بن تميم) بفتح العين وتشديد الباء (عن عمه) عبد الله بن زيد بن عاصم (عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا) هذه قطعة من حديثٍ تقدم مع شرحه في باب: لا يتوضأ من الشك. ولفظه: شكا إليه رجل يخيل إليه في الصلاة، فأجاب بما ذكر هنا. والأفعال الثلاثة في أكثر النسخ بلفظة الغيبة والجزم وتروى بالرفع. وكذا بلفظ الخطاب رفعًا وجزمًا.

178 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ مُنْذِرٍ أَبِى يَعْلَى الثَّوْرِىِّ عَنْ مُحَمَّدٍ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ قَالَ عَلِىٌّ كُنْتُ رَجُلاً مَذَّاءً، فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَمَرْتُ الْمِقْدَادَ بْنَ الأَسْوَدِ فَسَأَلَهُ فَقَالَ «فِيهِ الْوُضُوءُ». وَرَوَاهُ شُعْبَةُ عَنِ الأَعْمَشِ. 179 - حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 178 - (قُتيبة بن سعيد) -بضم القاف- على وزن المصغر (جَرير) بفتح الجيم على وزن كريم (منذر) -بضم الميم وكسر المعجمة- هو أبو يعلى الثوري بلفظ الحيوان المعروف (محمد بن الحنفية) هو ابن علي بن أبي طالب، نُسب إلى أمه خولة من بني حنيفة سباها أبو بكر لما منعوا الزكاة. (قال عليٌّ: كنتُ رجلًا مَذَّاءً) -بفتح الميم وتشديد الذال المعجمة - أي: كثير المذي - بفتح الميم وسكون الذال - وهو الماء الذي يخرج من الذكر عند ملاعبة النساء، أو تخيُّلهن (فاستحييت أن أسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) لمكان فاطمة، كما صرح به في رواية أخرى. فإن قلت: قد جاء في رواية الترمذي: أمرت عمارًا. وفي رواية ابن خزيمة: عن علي: سألتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قلتُ: يمكن أنه أمر كل واحد من عمار ومقداد، وأما رواية ابن خزيمة محمولة على المجاز، لأنه الآمر فهو إسناد إلى السبب كما في: بنى الأمير المدينة. (فأمرتُ المقداد بن الأسود) هو مقداد بن عمرو الكندي، نسب إلى أسود بن عبد يغوث لأنه تَبَنّاه بعد أبيه، تقدم الحديث بشرحه في آخر كتاب العلم. 179 - (سعد بن حفص) بفتح السين وسكون العين (شَيبان) بفتح الشين المعجمة على وزن شعبان (عن أبي سلمة) -بفتح السين واللام - عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف

أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ أَخْبَرَهُ أَنْ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَأَلَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ - رضى الله عنه - قُلْتُ أَرَأَيْتَ إِذَا جَامَعَ فَلَمْ يُمْنِ قَالَ عُثْمَانُ يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلاَةِ، وَيَغْسِلُ ذَكَرَهُ. قَالَ عُثْمَانُ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ عَلِيًّا، وَالزُّبَيْرَ، وَطَلْحَةَ، وَأُبَىَّ بْنَ كَعْبٍ - رضى الله عنهم - فَأَمَرُوهُ بِذَلِكَ. طرفه 292 ـــــــــــــــــــــــــــــ (عن عطاء بن يسار) ضدّ اليمين (أن زيد بن خالد أخبره أنه سأل عثمان بن عفان، قلتُ) أي: قال لي: قلت، طواه للعلم به، وليس فيه وضع الشيء غير موضعه، فإن سأل وقال وقلت، كلها على مقتضى الظاهر، لأنه وضع ضمير المتكلم موضع إلى الموصول فبقي بلا عائد، لكنه شاذ فصحَّ. قال بعض الشارحين: قوله: قلت، بعد قوله: سئل، مثل قول علي بن أبي طالب: أنا الذي سَمّتني أمي حيدره وهما عبارتان عن أمر واحد. وهو نوع من الالتفات. هذا كلامه. وقد غلط فيه وذلك أن قوله: أنا الذي سَمّتني أمي حيدره ليس من الالتفات في شيء. حتى قال المازني: لولا اشتهار مورده لرددتُهُ، قال: وهو قبيح عند النحاة. ولو كان فيه التفاتٌ كما زعم، لم يكن فيه قُبح، بل كان من فنون البلاغة التي يقصدها البُلَغاء. (أرأيت إذا جامع ولم يُمْنِ) -بضم الياء- يقال: أمنَى ومَنَى، أي: صبّ المني، والأول أفصحُ، به جاء القرآن الكريم. (قال عثمان: يتوضأ كما يتوضأ للصلاة) هذا الحديث وحديث الباب الذي بعده. وحديث: "الماء من الماء" منسوخة بحديث عائشة: "إذا التقى الختانان وَجَبَ الغسلُ" وعليه انعقد الإجماع.

180 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ أَخْبَرَنَا النَّضْرُ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ ذَكْوَانَ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَرْسَلَ إِلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ فَجَاءَ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَعَلَّنَا أَعْجَلْنَاكَ». فَقَالَ نَعَمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا أُعْجِلْتَ أَوْ قُحِطْتَ، فَعَلَيْكَ الْوُضُوءُ». ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلتَ: إذا لم يجب الغسل لعدم خروج المني، فالأَوْلى أن لا يجبَ الوضوءُ لاحتمال عدم البول؟ قلتُ: لعله كان لملامسة المرأة، أو لكونه مظنة خروج الخارج. 180 - (إسحاق) كذا وقع غير منسوب وقد ذكر الغساني أن ابن راهويه، وإسحاق بن منصور يرويان عن النضر بن شميل، لكن وقع في بعضها: إسحاق بن منصور (عن الحكم) بفتح الحاء والكاف (عن ذكوان) بفتح الذال المعجمة (عن أبي سعيد الخدري) -بضم الخاء المعجمة ودال مهملة- نسبةً إلى خُدْرة، حيٌ من الأنصار (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرسل إلى رجل من الأنصار) هو غسان بن مالك، جاء ذِكره صريحًا. وحمل هذه القصة على ما جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليصلي في بيته، لا يصح؛ لأن في رواية مسلم: "مرَّ على رجلٍ"، هذا، وفي قصة الصلاة. قال غسان: جاء فاستأذن علي. (لعلنا أعجلناك؟ فقال: نعم) أصلُ: لعل، أن تكون للترجي، واستُعمل هنا للشك لقرب المسافة بين الرجاء والشك، ونظيرُه قولُ ابن عمر: "لعلك من الذين يصلون على أوراكهم" وقيل: استعمل للتحقيق. قلت: ولو كان للتحقيق لم يحتج إلى الجواب بقوله: نعم. (إذا أُعجلت أو قحطت) -بضم القاف وفتحها- رواية الكتاب من قحط المطر قحوطًا إذا احتبس. قال الجوهري: وقد حكى الفراء بكسر الحاء يقحِط. وروى ابن الأثير في "النهاية": أقحط. قال الجوهري: يقال أُقحط القوم على بناء المجهول، أي: أصابهم القحط. وقحطوًا أيضًا على ما لم يُسَمَّ فاعله. (فعليك الوضوءُ) بالرفع مبتدأ وخبر، يجوزُ النصبُ على أن عليك: اسم فعل أي: الزم

36 - باب الرجل يوضئ صاحبه

تَابَعَهُ وَهْبٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَلَمْ يَقُلْ غُنْدَرٌ وَيَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ الْوُضُوءُ. 36 - باب الرَّجُلِ يُوَضِّئُ صَاحِبَهُ. 181 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ قَالَ أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ يَحْيَى عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا أَفَاضَ مِنْ عَرَفَةَ عَدَلَ إِلَى الشِّعْبِ، فَقَضَى حَاجَتَهُ. قَالَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ فَجَعَلْتُ أَصُبُّ عَلَيْهِ وَيَتَوَضَّأُ ـــــــــــــــــــــــــــــ الوضوء، وإنما وجب عليه الوضوء لأن إدخالَ الذَّكَرِ مظنة خروج الخارج. ومن يقول: إن لمس المرأة يوجب النقض فالأمر ظاهر. (تابعه وهب) أي: تابع النضر، وفي روايته: حدثنا، بدل: أخبرنا في رواية النضر فالمتابعة ناقصة (ولم يقل غُنْدر) بضم الغين المعجمة وفتح الدال المهملة (ويحيى عن شعبة الوضوء) أي: لم يقع في روايتهما ذكرُ الوضوء، بل اقتصرا على أن لا غسل. قال بعضُهم: فإن قلت: أو هنا شكٌ من الراوي أو تنويع للحكم؟ قلت: الظاهر، أنه من كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قلتُ: قوله: الظاهر. لغوٌ؛ لأنه من كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قطعًا، لأنه بصدد بيان مانع الغسل، وهو أحد الأمرين، إما الإعجال أو القحوط. باب: الرجل يُوَضّئ صاحبَهُ 181 - (ابن سلام) -بتخفيف اللام على الأشهر - هو محمد بن سلام (يزيد بن هارون) من الزيادة (كُريب) بضم الكاف على وزن المصغر (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما أفاض من عرفة، عدل إلى الشّعب) -بكسر الشين- مكان معروف هناك، وأصله: الطريق بين الجبلين. قال بعضُهم: عرفة اسم للزمان، كان القياس أن يقول: عرفات. قلت: المراد وقوف عرفة، أو عرفة جاء اسمًا للمكان أيضًا وقد نبهناك على أن هذا غلط منه، فإن عرفة ليس اسمًا للزمان عند أحد بل عرفة وعرفات اسم للمكان المعهود. (فجعلت أَصُب عليه ويتوضأ) قوله: ويتوضأ، جملة حالية بتقدير المبتدأ، لأن أكثر أهل العربية لا يجَوّزون وقوع المضارع المثبت حالًا مع الواو.

فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُصَلِّى فَقَالَ «الْمُصَلَّى أَمَامَكَ». 182 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ نَافِعَ بْنَ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ بْنَ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ يُحَدِّثُ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال النووي: في الحديث دلالة على جواز الاستعانة في الوضوءِ والاستعانةُ فيه على ثلاثة أقسام: أحدها: أن يستعين في إحضار الماء ولا كراهة فيه. والثاني: في غسل الأعضاء بأن يباشر الأجنبي غسل أعضائه، وهذا مكروه إلا لحاجة. والثالث: أن يصبّ عليه كما في الحديث، وهذا الأولى تركه. واعترض عليه بعضُهم وقال: ما فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يوصف بترك الأولى، لأنه لا يفعل إلا ما هو أولى، ثم إن قلنا الأولى تركه فهو عين المكروه لا قسيمة. هذا كلامه. وفيه خبطٌ. أما أولًا: فلأنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد يفعل ما هو مكروه في حقنا؛ بيانًا للجواز في الجملة. والمسألة معروفة. وأما ثانيًا: فلأنّ خلاف الأولى قسيم المكروه. قال الرافعي: وتكره قبلة الصائم إن كان يحرك شهوته، والأولى لغيره تركها. وكذا الأولى تجديد الوضوء لكل صلاة مع أن أداء صلوات بوضوء لا كراهةَ فيه. وله نظائر كثيرة، والعجبُ أنه قال: ليس حقيقة المكروه إلا ترك الأولى. (أتصلي؟ فقال: المصلّى أمامَك) بفتح الهمزة، وإنما سأله؛ لأنه توضأ فظن أنه توضأ للصلاة. وإنما توضأ ليكون على صفة الطهارة الكاملة في تلك البقاع الشريفة، ولأن سيره كان عبادة فيقع على أكمل وجه. 182 - (نافع بن جبير بن مطعم) -بضم الجيم على وزن المصغر- ومطعم: اسم فاعل من أطعم (عروة بن المغيرة) بضم العين في الأول والميم في الثاني.

37 - باب قراءة القرآن بعد الحدث وغيره

سَفَرٍ، وَأَنَّهُ ذَهَبَ لِحَاجَةٍ لَهُ، وَأَنَّ مُغِيرَةَ جَعَلَ يَصُبُّ الْمَاءَ عَلَيْهِ، وَهُوَ يَتَوَضَّأُ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَمَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ. أطرافه 203، 206، 363، 388، 2918، 4421، 5798، 5799 37 - باب قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ بَعْدَ الْحَدَثِ وَغَيْرِهِ وَقَالَ مَنْصُورٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ لاَ بَأْسَ بِالْقِرَاءَةِ فِي الْحَمَّامِ، وَبِكَتْبِ الرِّسَالَةِ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ. وَقَالَ حَمَّادٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ إِنْ كَانَ عَلَيْهِمْ إِزَارٌ فَسَلِّمْ، وَإِلاَّ فَلاَ تُسَلِّمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ (جَعَل يصبُّ الماءَ عليه) أي: شَرَع من أفعال المقاربة وهو من كلام عروة يحكي حالة أبيه (فغسَلَ وجهه) تفصيل لما أجمله في: يتوضأ، وكان الظاهر: توضأ على وفق غَسَل، إلا أنه أتى به مضارعًا؛ استحضارًا لتلك الحالة. (ومَسَح برأسه ومَسَح على الخفين) أعاد ذكر المسح ثانيًا دون الغسل؛ لأن المسح الثاني رخصة والأول عزيمة، فهما نوعان مختلفان. وسيأتي تمام الكلام في باب المسح على الخف. باب: قراءةِ القرآن بعد الحدث وغيره بالجر أي: غير القرآن كالأذكار والسلام ونحوه. (منصور) هو ابن المعتمر العالم العابد (إبراهيم) هو ابن يزيد بن قيس بن أسود النخعي أبو عمران الكوفي. قال شيخ الإسلام: ثقةٌ إلا أنه يرسل كثيرًا (لا بأس بالقراءة في الحمام) وإنما نقل هذا؛ لأن الغالب على الداخل فيه الحدث (وبكَتبِ الرسالة) بالباء الجارة وفتح الكاف أي: الكتابة مصدر مثله (على غير وضوء) أشار به إلى أَن الغالبَ أن يكون في الرسائلِ الآياتُ والأذكار (حَمّاد) هو ابن أبي سلمان مسلم مولى الأشعريين، فقيهٌ صدوقٌ شيخُ الإمام أبي حنيفة. قال شيخُ الإسلام: كان يُرمَى بالإرجاء. (إن كان عليهم إزارٌ فَسَلِّمْ وإلاَّ فلا تُسَلّم) لأن كشف العورة بدعة ومعصية فلا يستحقون السلام، وعليه الأئمة.

183 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ بَاتَ لَيْلَةً عِنْدَ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهِىَ خَالَتُهُ فَاضْطَجَعْتُ فِي عَرْضِ الْوِسَادَةِ، وَاضْطَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَهْلُهُ فِي طُولِهَا، فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى إِذَا انْتَصَفَ اللَّيْلُ، أَوْ قَبْلَهُ بِقَلِيلٍ أَوْ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ، اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَجَلَسَ يَمْسَحُ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَرَأَ الْعَشْرَ الآيَاتِ الْخَوَاتِمَ مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ، ثُمَّ قَامَ إِلَى شَنٍّ مُعَلَّقَةٍ، فَتَوَضَّأَ مِنْهَا فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّى. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقُمْتُ فَصَنَعْتُ مِثْلَ مَا صَنَعَ، ثُمَّ ذَهَبْتُ، فَقُمْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــ 183 - (عن مَخْرمة بن سليمان) بفتح الميم والخاء المعجمة (كُريب) بضم الكاف على وزن المصغر، روى في الباب حديث ابن عباس لمّا بات عند خالته ميمونة. وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عندها تلك الليلة. وقد تقدم مع شرحه مستوفىً في باب السَّمَر بالعلم, ونشير هنا إلى بعضٍ. (فاضطجعت في عَرْضِ الوسادة) -بفتح العين- أقصر الامتدادين. ورواه الداودي بالضم ومعناه: الجانب. قال النووي: الفتحُ هو الصحيحُ (فجَلَس) ويروى: فجعل (يمسحُ النوم عن عينيه) النوم أمرٌ معنوي لا يُعقل فيه المسحُ ومراده أنه شَرَع يمسَحُ عينيه ليذهب عنه فتورُ النوم، كما يرى كدلك من يقوم من النوم. (ثم قرأ العشرَ الآياتِ الخواتم من سورة آل عمران) هذا موضع الدلالة على الترجمة فإنه قرأ القرآن قبل الوضوء. وإضافة العشر إلى الآيات من إضافة الموصوف إلى الصفة مثل الثلاثة الأثواب، ولم يجوّزه نحاة البصرة. والحديث حجة عليهم. اللهم إلا أن يقال: الآيات صفة أو بدل. (ثم قام إلى شن معلقة) كذا هنا بالتاء، وقد تقدم في باب السمر بدون التاء، والروايتان صحيحتان باعتبار لفظ الشنّ، وباعتبار القرْبة. وقد ذكرنا أنه قربة عتيقة. وكانوا يؤثرون استعماله على الجديدة، لأنها تبرد الماء وطعمه أطيب. (فأحسَنَ وضوءه) أي: توضأ كاملًا مشتملًا على الفرائض والآداب، ولا ينافيه ما تقدم من قوله: فتوضأ وضوءًا خفيفًا؛ لأنه أشار بخفته إلى أنه لم يَصُبّ الماء على ما كان عادته،

إِلَى جَنْبِهِ، فَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى رَأْسِى، وَأَخَذَ بِأُذُنِى الْيُمْنَى، يَفْتِلُهَا، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَوْتَرَ، ثُمَّ اضْطَجَعَ، حَتَّى أَتَاهُ الْمُؤَذِّنُ، فَقَامَ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الصُّبْحَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ويدل على ما ذكرنا رواية مسلم: "فتوضأ وضوءًا حسنًا بين الوضوءين". (وأخذ بأذني اليمنى يَفْتِلُها) اختلفوا في وجه فتل أُذنه. قيل: ليذهبَ عنه النوم، وقيل: لينفي عنه العين لما أعجبه قيامه بالليل، وقيل: ليُدِيْرَهُ إلى الجانب الأيمن كما جاء في الروايات الأخرى: "فأدارني إلى جانبه الأيمن"، وقيل: فعله تأديبًا له، وليكون أذكَرَ للقصة، وقيل: لإظهار المحبة. والكلُ بعيدٌ سوى الوجه الأول. (فصلى ركعتين ثم ركعتين) تكرار ركعتين مع: ثم، يدل على أن كل ركعتين كان يُسَلّم فيهما (ثم أوتر) أي: بركعة واحدةٍ كما هو مذهبُ الشافعي رحمه الله وأحمد ومالك. والحديث حجةٌ لهم (ثم اضطجع حتى أتاه المؤذن فقام وصلى ركعتين خفيفتين) هما ركعتا الفجر. والحكمة في التخفيف أن يكون في فرض الصبح على نشاطٍ كامل. وهو الحكمة أيضًا في الاضطجاع بعد التهجد. فإن قلت: من أين دلَّ على أن الإيتار بواحدة؟ قلت: اتفقوا على أن تهجده لم يزد على ثلاث عشرة ركعة، ولا يستقيم ذلك إلا إذا كان الوترُ بواحدة. فإن قلتَ: تقدم في باب السمر بالعلم أن النوم كان بعد الركعتين؟ قلتُ؟ لا تنافي. نام بعد الركعتين وقبلهما. وسيأتي في باب الضّجعة على الشق الأيمن من حديث عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا صلى ركعتي الفجر، نام على شقه الأيمن، فإن لفظ: كان، يدل على أن ذلك عادته المستمرة، وفي لفظ: ثم، هنا بعد قوله: صلى ركعتين ثم خَرَجَ، دلالة على ذلك أيضًا؛ لأن: ثم، يدل على تراخى بين الصلاة وبين الخروج، وليس ذلك إلا للاستراحة ساعةً ثم القيام إلى الفرض. قال الإسماعيلي: استدلال البخاري على القراءة بعد الحدث بهذا الحديث ليس بتام، وذلك أن نوم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليس بناقضٍ. قلتُ: هذا غير وارد؛ لأنه لو كان وضوءه باقيًا لم يتوضأ، لأن ابن عباس ضبط أحواله، ولم يذكر أنه بعد قيامه من النوم قضى حاجته دل على أنه كان على غير وضوء، وأيضًا مذهب البخاري أن لمسَ المرأة يوجبُ نقضَ الوضوء،

38 - باب من لم يتوضأ إلا من الغشى المثقل

38 - باب مَنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ إِلاَّ مِنَ الْغَشْىِ الْمُثْقِلِ 184 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنِ امْرَأَتِهِ فَاطِمَةَ عَنْ جَدَّتِهَا أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ أَنَّهَا قَالَتْ أَتَيْتُ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ خَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَإِذَا النَّاسُ قِيَامٌ يُصَلُّونَ، وَإِذَا هِىَ قَائِمَةٌ تُصَلِّى فَقُلْتُ مَا لِلنَّاسِ فَأَشَارَتْ بِيَدِهَا نَحْوَ السَّمَاءِ وَقَالَتْ سُبْحَانَ اللَّهِ. فَقُلْتُ آيَةٌ فَأَشَارَتْ أَىْ نَعَمْ. فَقُمْتُ حَتَّى تَجَلاَّنِى الْغَشْىُ، وَجَعَلْتُ أَصُبُّ فَوْقَ رَأْسِى مَاءً، فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ «مَا مِنْ شَىْءٍ كُنْتُ لَمْ أَرَهُ إِلاَّ قَدْ رَأَيْتُهُ فِي مَقَامِى هَذَا حَتَّى الْجَنَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو كان مع أمّ المؤمنين في فراش. ومن أخلاقه - صلى الله عليه وسلم - مباشرةُ المرأة وهي حائض، فكيف وهي طاهر؟! وحُمل الوضوء على أنه كان تجديدًا، الأصل خلافه، وأبعد منه ما يقال: إن الاستدلال يمكن أن يكون بفعل ابن عباس بدليل قوله: فصنعتُ مثلَ ما صنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأن مماثلته صفة إنما هي في الوضوء. والكلامُ في القراءة مع الحدث. باب: مَنْ لم يَرَ إلا مِنَ الغشي المُثْقِلِ الغشي: بفتح الغين المعجمة وسكون الشين، ويروى: بفتح الغين وكسر الشين وياء مشدّدة. وهو مرضٌ يزول معه العقل والقدرة، وهو على قسمين: إما مثقل وهو الإغماء الذي ذكر الفقهاء أنه ناقضٌ للوضوء. واستدل البخاري بحديث أسماء على عدم انتقاض الوضوء به، فإنها كانت في الصلاة ولم تذكر أنها قطعت الصلاة وذكرت أن الغشي تجلاها. فعُلم من هذا أن الغشي إذا لم يكن مثقلًا بحيث يزيل العقل والقدرة كالنوم لا ينقض الوضوء. هذا ما قالوه. وعندي في هذا نظرٌ، إذ لم يأتِ في روايةٍ أنها كانت تصلي. بل جاءت وعائشة تصلي، فسألتها عن شأن الناس، ثم وقفت زمانًا طويلًا، لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ في الركعة الأولى البقرة، وفي الثانية آل عمران. وهذا الوقوف لا يدل على أنها كانت في الصلاة، إذ ربما قامت لتسمع خطبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد الصلاة كما هو روايته في الباب من الحديث. وعلى هذا يسقط الإشكال الوارد على أنها كيف حَلّت وكاءَ القِرْبة وصَبّت الماء على رأسها، فإن هذا فعل كثير يقطع الصلاة. فإن قلت: قول البخاري: من لم يتوضأ إلا من الغشي المثقِل بطريق الحصر ما وجهه؟ وأسباب الحديث لا تنحصر في الغشي المثقِل؟ قلتُ: الحصر إضافي، أي: من الغشي المثقِل لا من الغشي غير المثقل. 184 - (قال ما من شيء كنث لم أَرَهُ إلا ورأيتهُ في مقامي هذا حتى الجنة

39 - باب مسح الرأس كله لقول الله تعالى (وامسحوا برءوسكم)

وَالنَّارِ، وَلَقَدْ أُوحِىَ إِلَىَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي الْقُبُورِ مِثْلَ أَوْ قَرِيبًا مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ - لاَ أَدْرِى أَىَّ ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاءُ - يُؤْتَى أَحَدُكُمْ فَيُقَالُ مَا عِلْمُكَ بِهَذَا الرَّجُلِ فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ - أَوِ الْمُوقِنُ لاَ أَدْرِى أَىَّ ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاءُ - فَيَقُولُ هُوَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى، فَأَجَبْنَا وَآمَنَّا وَاتَّبَعْنَا، فَيُقَالُ نَمْ صَالِحًا، فَقَدْ عَلِمْنَا إِنْ كُنْتَ لَمُؤْمِنًا، وَأَمَّا الْمُنَافِقُ - أَوِ الْمُرْتَابُ لاَ أَدْرِى أَىَّ ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاءُ - فَيَقُولُ لاَ أَدْرِى، سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلْتُهُ». 39 - باب مَسْحِ الرَّأْسِ كُلِّهِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ) وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ الْمَرْأَةُ بِمَنْزِلَةِ الرَّجُلِ تَمْسَحُ عَلَى رَأْسِهَا. وَسُئِلَ مَالِكٌ أَيُجْزِئُ أَنْ يَمْسَحَ بَعْضَ الرَّأْسِ فَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والنارَ) بالنصب عطف على الضمير المنصوب، وبالجر عطف على شيء والرؤية رؤية البصر. قال بعضُ الشارحين: فإن قلتَ: هل رأى ربَّه في هذه القضية؟ قلتُ: نعم؛ لأنه ممكن. وما من شيء عام يتناوله. هذا كلامه. قلتُ: هذا خلاف الإجماع لأن القائلين برؤيته إنما يقولون بذلك ليلة المعراج، ولو كان كما قال كان الواجب أن يقول: حتى رأيت الله بدل قوله: "حتى الجنة والنار" هذا لا يخفى على من له أدنى ذَوْق. باب: مسح الرأس كلّه (لقوله تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} [المائدة: 6]) ذهب مالك والإمام أحمد في إحدى الروايتين على أن مسح كل الرأس واجب استدلالًا بالآية، وبحديث الباب عن عبد الله بن زيد بن عاصم. وقال أبو حنيفة: يكفي مسحُ ربع الرأس استدلالًا بحديث المغيرة بن شعبة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مَسَحَ على ناصيته، فكان ذلك بيانًا لمجمل الآية، وذَهَبَ الشافعي إلى أن الواجب أقل ما يُطلق عليه اسمُ المسح لما تقدم من حديث عثمان بن عفان، ولأن الباء إذا دخلت الآلة لا تفيد الاستيعاب، بل قدر ما يحصل به المقصود، والرأس شبيه بالآلة. وأما استدلال مالك وأحمد بحديث الباب وحديث المغيرة في ربع الرأس كما استدل به أبو حنيفة ففيه أنه حكاية الفعل ولا عموم له اتفاقًا. وأما

185 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِىِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ - وَهُوَ جَدُّ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى - أَتَسْتَطِيعُ أَنْ تُرِيَنِى كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَتَوَضَّأُ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ نَعَمْ. فَدَعَا بِمَاءٍ، فَأَفْرَغَ عَلَى يَدَيْهِ فَغَسَلَ يَدَهُ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ ثَلاَثًا، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاَثًا، ثُمَّ غَسَلَ يَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ، ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ، فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ، بَدَأَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ، حَتَّى ذَهَبَ بِهِمَا إِلَى قَفَاهُ، ثُمَّ رَدَّهُمَا إِلَى الْمَكَانِ الَّذِى بَدَأَ مِنْهُ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ. أطرافه 186، 191، 192، 197، 199 ـــــــــــــــــــــــــــــ الاعتراضُ على الشافعي بأن أقل ما يطلق عليه الاسم من المسح حاصل في ضمن غسل الوجه فغيرُ واردٍ، لأن الترتيب عنده واجبٌ فلا يقوم ذلك مقام المسح. وأجاب بعضهم عن استدلال مالك بالحديث بأنه لبيان الكمال لا لِما لا بُدَّ منه وليس بشيء، لأن فيه غَسلَ اليدين مرتين، ولم يذكر في غسل الرجلين إلا مجرّد الغسل. وما يقال: إن مسح الكل واجب. وإنما ترك حيث ترك لعذر، فلا وجه له، لأنه مجرد دعوى. 185 - (ثم غسل يديه مرتين مرتين إلى المرفقين) يجوزُ في الميم الفتح والكسر. واختلف العلماء في وجوب غسل المرفق، فذَهَب الشافعي وأبو حنيفة ومالك في روايةٍ وأحمدُ إلى إدخال المرفق بحديث جابر، رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يديرُ الماءَ على المرفق. رواه الدارقطني والبيهقي، ولعدم إمكان غسل الذراع بدونه لتشابك عظم الذراع والعضد، فَدَلَّ على أن: إلى، بمعنى: مع، كما في قوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ} [النساء: 2] وقيل: إنما دَخَل المرفقُ في الغسل لأن ما بعد: إلى، إذا كان من جنس ما قبله يدخل معه في الحكم، وإذا لم يكن لم يدخل كقوله تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187] وفيه نظرٌ؛ لدخول آخر القرآن في قولك: قرأت القرآن إلى آخره، وعدم دخوله في: قرأت الكتاب إلى باب القياس مع أن الغاية من جنس المُغَيّا فيهما. فالتحقيقُ أن الدخول والخروج دائر مع الدليل وليس في الكتاب دلالةٌ على أن المختار عند البخاري وجوب مسح جميع الرأس، بل إنما أشار بالآية والحديث إلى دليل من استدل بهما.

40 - باب غسل الرجلين إلى الكعبين

40 - باب غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ 186 - حَدَّثَنَا مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبِيهِ شَهِدْتُ عَمْرَو بْنَ أَبِى حَسَنٍ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ عَنْ وُضُوءِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَدَعَا بِتَوْرٍ مِنْ مَاءٍ، فَتَوَضَّأَ لَهُمْ وُضُوءَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَكْفَأَ عَلَى يَدِهِ مِنَ التَّوْرِ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ ثَلاَثًا، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي التَّوْرِ، فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَاسْتَنْثَرَ ثَلاَثَ غَرَفَاتٍ، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: غسل الرجلين إلي الكعبين 186 - (وهيب) بضم الواو على وزن المصغر (شهدتُ عمروَ بنَ أبي حَسَنٍ سأل عبد الله بن زيد عن وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -). فإن قلتَ: روى الحديث في باب الوضوء من التور وذكر هناك أن السائل جد عمرو، وهنا عمرو؟ قلتُ: أجاب بعضُهم بأنه يجوزُ أن يكون عمرو بن أبي حسن جدًّا لعمرو بن يحيى من جهة الأم، وإن كان عمًّا لأبيه. وهذا الذي قاله رجمٌ بالغيب ارتكبه لرفع الإشكال، ولا ضرورة إليه لجواز أن يكون كلٌ من عمارة -وهو جدّ عمرو بن يحيى- وعمرو -وهو أخو عُمارة- سائلًا. وقال شيخ الإسلام: اجتمع عند عبد الله بن زيد أبو الحسن وابنه عمرو وابن ابنه يحيى بن عمارة بن أبي حسن، فالسائل حقيقة عمرو بن أبي حسن، والنسبة إلى الغير مجاز. هذا والذي ذكرنا أوفق. (فدعا بتَوْر من ماء) -بالتاء المثناة فوق- إناء من الحجارة، أو من الصفر نحو الإجانة (فاستنشق واستنثر) قد تقدم أن الاستنشاق جذبُ الماء إلى الخيشوم، والاستنثار من النثر وهو تحريك النثرة وهو طرف الأنف، أو من النثر وهو التفريق. والكلام في دخول الكعبين في الغسل مثل الكلام في المرافق. والكعبان هما العظمان الناتئان على مفصل القدم والساق باتفاق الفقهاء. والقول بأن الكعب عند أبي حنيفة هو العظم الشاخص في ظهر القدم غلط من قائله، بل ذلك في لبس الخف والإحرام قال في "الهداية" في باب الإحرام: والكعبُ هنا المفصل الذي في وسط القدم عند معقد الشراك دون الناتئ في ما رواه هشام عن محمد. فإن قلتَ: ما السرّ في ذكره المرافق بلفظ الجمع، والكعب بلفظ المثنى؟ قلتُ: عَدَل عن ذلك الأسلوب دلالة على أن كل رِجل له كعبان بخلاف اليد مع المرفق لئلا يذهب الوهم إلى أن الكعب هو العظم الشاخص على وسط القدم.

41 - باب استعمال فضل وضوء الناس

فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاَثًا، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فَغَسَلَ يَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فَمَسَحَ رَأْسَهُ، فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ مَرَّةً وَاحِدَةً، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ. 41 - باب اسْتِعْمَالِ فَضْلِ وَضُوءِ النَّاسِ وَأَمَرَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَهْلَهُ أَنْ يَتَوَضَّئُوا بِفَضْلِ سِوَاكِهِ. 187 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جُحَيْفَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: استعمال فضل وضوء الناس الوضوء هو الماء الذي يتوضأ به، بفتح الواو على الأشهر. وفضل الوضوء: هو الماء الذي استعمل في الوضوء استدل بأحاديث الباب على طهارة الماء المستعمل كما مذهب الشافعي وأحمد ومالك وعند مالك طاهر طهور. وهو قول الشافعي القديم. وعن أبي حنيفة رحمه الله: أنه نجس نجاسة خفيفة وعنه أيضًا نجاسة غليظة. وعنه أيضًا طاهر غير طهور. وعليه العمل. وقيل: فضل الوضوء يحتمل أن يكون الماء الذي فَضَلَ عن حاجته لا الذي استعمله. قلتُ: الوضوء حقيقة في الماء الذي استعمل في الوضوء مجاز فيما شأنه أن يتوضأ، فلا يعدل عن الحقيقة إلا بدليل. وأي فائدة في الترجمة على ذلك؟ إذ لا خلاف في كونه طاهرًا وطهورًا. (وأمر جرير بن عبد الله أهله أن يتوضووا بفضل سواكه) هذا مما لا خلاف فيه، لأن المستعمل هو الذي أُدّي به فرض والماء الذي يقع فيه السواك ليس من ذلك. والسواك والمسواك: العود الذي يُمر به على الأسنان. يقال فيه: استاك واستن. ومن مُلَح الكلام قول القائل: طلبت منك سواكًا ... وما قصدت سواكا وما طلبتُ أراكًا ... ولكن طلبت أراكا بفتح الهمزة شجر معروف في بلاد الحجاز. والثاني فعل مضارع من الرؤية. 187 - (الحكم) بفتح الحاء والكاف (أبو جُحَيفة) -بتقديم الجيم على وزن المصغر-

يَقُولُ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْهَاجِرَةِ، فَأُتِىَ بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَأْخُذُونَ مِنْ فَضْلِ وَضُوئِهِ فَيَتَمَسَّحُونَ بِهِ، فَصَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ عَنَزَةٌ. أطرافه 376، 495، 499، 501، 633، 634، 3553، 3566، 5786، 5859 188 - وَقَالَ أَبُو مُوسَى دَعَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِقَدَحٍ فِيهِ مَاءٌ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ وَوَجْهَهُ فِيهِ، وَمَجَّ فِيهِ ثُمَّ قَالَ لَهُمَا اشْرَبَا مِنْهُ، وَأَفْرِغَا عَلَى وُجُوهِكُمَا وَنُحُورِكُمَا. طرفاه 196، 4328 ـــــــــــــــــــــــــــــ اسمُهُ وهب بن عبد الله، ويقال له: وهب الخير، صحابي معروف، وكان من أصحاب علي بن أبي طالب، وأكثرُ روايته عنه. (خرج علينا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بالهاجرة): أي وقت اشتداد الحر في أثناء النهار، سُميت بذلك لأن الناس يهجرونها ويكُفّون عن العمل فيها، الإسنادُ فيه مجازٌ، مثل: عيشة راضية (فجعل الناس يأخذون من فضل وضوئه فيَتَمَسَّحون به) تبركًا (وبين يديه عَنَزة) أطولُ من العصا، وأقصرُ من الرمح في طرفه زج. فإن قلت: فضل الوضوء طاهر فيما فضل وزاد على قدر الحاجة لا المستعمل؟ قلت: التبرك إنما يكون بما وقع على عضو من أعضائه الشريفة لا الفاضل في الإناء، أَلاَ ترى إلى حديث أبي موسى بعده غسل وجهه ويديه فيه. وفي الحديث دلالة على جواز الجمع بين الصلاتين. 188 - (وقال أبو موسى: دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - بقَدَحٍ فيه ماء فغسَلَ وجهه ويديه ومَجّ فيه، ثم قال لهما: اشربا وأَفرغا على وُجوهِكما ونُحورِكما) هذا الحديث عَلّقه هنا وأسنده في كتاب المغازي مطولًا. والخطاب لأبي موسى وبلال، و"أَفرغا": بهمزة القطع وتخصيص الوجه والنحر، لأنهما أشرف الأعضاء ومحل المدركات، وأبعد من قال: إنما أمرهما بالإفراغ على الوجوه والنحور لمرضٍ كان بهما. وجمع الوجه والنحر مع أن الخطاب للاثنين باعتبار الأجزاء، وكراهة الجمع بين التثنيتين.

42 - باب

189 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ قَالَ وَهُوَ الَّذِى مَجَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي وَجْهِهِ وَهْوَ غُلاَمٌ مِنْ بِئْرِهِمْ. وَقَالَ عُرْوَةُ عَنِ الْمِسْوَرِ وَغَيْرِهِ يُصَدِّقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ وَإِذَا تَوَضَّأَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ. 42 - بابٌ 190 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الْجَعْدِ ـــــــــــــــــــــــــــــ 189 - (محمود بن الربيع) ضدّ الخريف (وهو الذي مَجّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في وجهه من بئرهم) المج إلقاء الماء من الفم من بعيد، وإنما فعل ذلك معه ملاطفة. هذا الحديث والذي قبله ليس فيهما استعمال الماء، وإنما أوردهما مناسبة ودلالة على أن أمثال هذه الأشياء من أهل الصلاح ليس فيه كراهة. (وقال عروة عن المسور) يجوز أن يكون عطفًا على أخبرني محمود بن الربيع. فيكون من كلام الزهري، لأنه يروي عن عروة كثيرًا، كذا قيل. ورده شيخ الإسلام وقال: بل هو تعليق (وغيره) بالجرّ عطف على المِسْور وهو مروان بن الحكم. صَرَّح باسمه في باب الجهاد. (وإذا توضأ النبي - صلى الله عليه وسلم - يقتتلون على وَضوئه) أي: الماء الذي توضأ به تبركًا. قيل: في هذا الحديث إرسال؛ لأن هذه القصة كانت بالحديبية. ومسور لم يدرك تلك القضية، فإنه وُلد بعد الهجرة بسنتين. قلتُ: وقد روى مسلم عن المِسْوَر: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المنبر وأنا يومئذٍ محتلم. فهذا ينافي ما قالوه. وأيضًا: الكلُّ متفقون على صحبته وسماعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وسنة الحديبية كان عمره خمسًا على تقدير أن تكون ولادته بعد سنتين من الهجرة. 190 - (حاتِم بن إسماعيل) بكسر التاء (عن الجُعَيد) -بضم الجيم على وزن المصغر-

43 - باب من مضمض واستنشق من غرفة واحدة

قَالَ سَمِعْتُ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ يَقُولُ ذَهَبَتْ بِى خَالَتِى إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ ابْنَ أُخْتِى وَجِعٌ. فَمَسَحَ رَأْسِى وَدَعَا لِى بِالْبَرَكَةِ، ثُمَّ تَوَضَّأَ فَشَرِبْتُ مِنْ وَضُوئِهِ، ثُمَّ قُمْتُ خَلْفَ ظَهْرِهِ، فَنَظَرْتُ إِلَى خَاتَمِ النُّبُوَّةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ مِثْلِ زِرِّ الْحَجَلَةِ. أطرافه 3540، 3541، 5670، 6352 43 - باب مَنْ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ مِنْ غَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ ويقال له: الجَعْد بفتح الجيم وسكون العين (سمعتُ السائبَ بن يزيد) - من الزيادة - هو ابن سعيد بن ثمامة الكندي، وقيل غير ذلك في نسبه. ويُعرف بابن أخت النمر، ولاّه عمر بن الخطاب سوق المدينة وهو آخر من مات بالمدينة من الصحابة. (إن ابن أُختي وَقِعٌ) -بكسر القاف- أي: وجع. وكذا وقع في بعض الروايات. ويروى بفتح القاف على صيغة الماضي. (فمسح رأسي ودعا لي بالبركة ثم توضأ فشربتُ من وضوئه) أي: من الماء الذي استعمله في الوضوء (فنظرتُ إلى خاتم النبوة بين كتفيه مثل زِرّ الحَجَلة) بتقديم الزاي المعجمة، واحد الأزرار، وبتقديم الحاء على الجيم بيت العروس يكون عليه أزرار كبار وجمعه: حِجَال، قال ابن الأثير: وقيل: إنما هي بتقديم الراء المهملة. والحَجَلةُ هو: الطائر المعروف بالقبج -بالقاف والجيم- معرب كبك. والزر البَيض. قال: ويشهد لهذه الرواية ما رواه الترمذي في كتابه بإسناده عن جابر بن سَمُرة كان خاتم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي بين كتفيه مثل بيضة الحمامة. فإن قلتَ: ما الحكمةُ في ذلك؟ قلتُ: الختمُ على الشيء يكون لصيانته عن يد الأغيار، فكأن في ذلك الختم إشارةٌ إلى شريعته، مصونة عن تحريف المبطلين، والحكمة في كونه بين الكتفين. أن صدره الشريف خزانة المعارف، والختمُ يكون على ظهر الكتاب. باب: مَنْ مَضْمَضَ واستنشق من غَرْفةٍ واحدةٍ يقال: مضمض وتمضمض أي: حرَّك الماء في فمه، والغَرفة بفتح الغين وضمها لغتان. قُرئ بهما في السبعة.

191 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ أَفْرَغَ مِنَ الإِنَاءِ عَلَى يَدَيْهِ فَغَسَلَهُمَا، ثُمَّ غَسَلَ أَوْ مَضْمَضَ، وَاسْتَنْشَقَ مِنْ كَفَّةٍ وَاحِدَةٍ، فَفَعَلَ ذَلِكَ ثَلاَثًا، فَغَسَلَ يَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ مَا أَقْبَلَ وَمَا أَدْبَرَ، وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ، ثُمَّ قَالَ هَكَذَا وُضُوءُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. ـــــــــــــــــــــــــــــ 191 - (مسدَّد) بضم الميم وتشديد الدال المفتوحة (أفرغ من الإناء على يديه) بفتح الهمزة (ثم غَسَل أو مَضْمَضَ) أي: غسل فمه. الشكُ من خالد بن عبد الله أو من غيره. والظاهر أنه من مسدد، لأن مسلمًا رواه بهذا السند عن ابن الصبّاح من غير شك. قال بعضُ الشارحين: عن خالد، أو بمعنى الواو، ثم قال: فإن قلتَ: أين ذكر غسل الوجه؟ قلتُ: هو من باب اختصار الحديث، وهذا ذُهُول فيه، فإن ذكر غسل الوجه ثلاثًا موجودٌ في جميع النسخ. وأما قوله: أو بمعنى الواو، فغيرُ سديدٍ، لأن ذكر الغسل قبله يقع مستدركًا، بل لا يصح العطفُ، لأن الغسل هو غسل الفم وهو عين المضمضة. فإن قلتَ: ربما جعل مفعوله غسل الوجه؟ قلت: فيبطل قوله لم يذكر غسل الوجه، وأيضًا ذكر غسل الوجه ثلاثًا بعده يقع مستدركًا. (مضمض واستنشقَ من كفة واحدة) -بفتح الكاف- أي غرفة. اشتق لها من الكف اسمًا لصدور الفعل منها (ففعَلَ ذلك ثلاثًا) أي: من كل غرفة مضمض واستنشق ثلاث مرارٍ. وسَبَق منّا أن هذا هو من المختار في المضمضة والاستنشاق، وباقي الكلام تقدم في باب مسح الرأس كله، لكن هذه الكيفية لم تكن في تلك الرواية.

44 - باب مسح الرأس مرة

44 - باب مَسْحِ الرَّأْسِ مَرَّةً 192 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ قَالَ شَهِدْتُ عَمْرَو بْنَ أَبِى حَسَنٍ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ عَنْ وُضُوءِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَدَعَا بِتَوْرٍ مِنْ مَاءٍ، فَتَوَضَّأَ لَهُمْ، فَكَفَأَ عَلَى يَدَيْهِ فَغَسَلَهُمَا ثَلاَثًا، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ، فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ، وَاسْتَنْثَرَ ثَلاَثًا بِثَلاَثِ غَرَفَاتٍ مِنْ مَاءٍ، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاَثًا، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ، فَمَسَحَ بِرَأْسِهِ فَأَقْبَلَ بِيَدَيْهِ وَأَدْبَرَ بِهِمَا، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ. وَحَدَّثَنَا مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ قَالَ مَسَحَ رَأْسَهُ مَرَّةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: مسحِ الرأسِ مرةً 192 - (سليمان بن حرب) ضد الصلح (وُهَيب) بضم الواو على وزن المصغر (فدعا بإناءٍ فتوضأ لهم، فكفأه على يديه) الفاء في: فكفأ، تفصيل لما أجمله في قوله: فتوضأ. ويُروى: فأكفاه. (موسى حدثنا وُهيب) بضم الواو على وزن المصغر (قال: مسح برأسه مرةً) هذا صريحٌ فيما ترجم له بخلاف رواية سليمان بن حرب، فإنه أطلق من غير قيد مرةً. فإن قلتَ: فكان هذا أحق بالتقديم، لأنه نصٌ في المقصود؟ قلت: هذا على دأب البخاري من الاستدلال بالخفي، وليكون ما بعده كالشرح له. وقال بعضُهم: فكان الأَوْلى تقديمه فلِمَ عكس. ثم أجاب بأنه وإن كان أظهر في الدلالة إلا أنهم يعتبرون السياق، ولعل سياق كلام موسى لم يكن لبيان المسح مرةً بخلاف سياق سليمان بن حرب. هذا كلامهُ. وهذا الذي قاله شيءٌ لا يعقل؛ وذلك أن البخاري هو المستدل، وقد روى الحديث الذي استدل به عن كل واحدٍ من شيخيه فأي سياق هنا غير سياق البخاري في الباب؟!.

45 - باب وضوء الرجل مع امرأته وفضل وضوء المرأة وتوضأ عمر بالحميم من بيت نصرانية

45 - باب وُضُوءِ الرَّجُلِ مَعَ امْرَأَتِهِ وَفَضْلِ وَضُوءِ الْمَرْأَةِ وَتَوَضَّأَ عُمَرُ بِالْحَمِيمِ مِنْ بَيْتِ نَصْرَانِيَّةٍ 193 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ كَانَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ يَتَوَضَّئُونَ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جَمِيعًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: وُضوء الرجل مع امرأته، وفضلِ وَضُوء المرأة الواو في الوضوء أولًا مضمومة، وفي الثاني مفتوحة على الأشهر، فإن المراد بالأول الفعل، وبالثاني: الماء الذي يتوضأ به (وتوضأ عمر بالحميم ومن بيت نصرانية) أي: وكان ذلك من بيت نصرانية. هذا الأثر عن عمر رواه الشافعي في "الأم" بسندٍ إلى زيد بن أسلم. قال: لما كنا بالشام أتيتُ عمر بماءٍ فتوضأ منه، ثم قال: من أين لك هذا الماء؟ قلت: من بيت هذا العجوز النصرانية، فلما توضأ أتاها، فعَرَضَ عليها الإسلام، فأبَت. قال: اللهم اشهَدْ. والحميم فعيل بمعنى المفعول. أي: الماء المحموم وهو الحار، وإنما ذكر البخاري أثَرَ عمر ليدل على [أن] سؤرها طاهر. هذا ما قالوه. والظاهر أن الماءَ المسخّن لا يكون للشرب، بل للاستعمال مع أنه يحتمل أن يكون زوجُها مسلمًا. وغسل الكافرة من الحيض للزوج يُوجب حكمَ الاستعمال، ولمّا لم يسأل عنه دَلَّ على أن الاعتماد على ظاهر الحال، ولمّا لم يسأل عمرُ عن ذلك، دل على أن الماء الذي يفضُل من استعمال المرأة، يجوزُ التوضؤ منه. 193 - (كان الرجال والنساء يتوضؤون في زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) اللام إذا دخل الجمع بطلت الجمعية، ودلَّ الاسم على الجنس. والمعنى أن هذا الجنسَ كان يتوضأ مع هذا الجنس، وكان تدل على الاستمرار، وإذا كان كذلك دلَّ على أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان عالمًا بذلك، فتقريرُهُ دلَّ على مشروعيته، وسيأتي أنه كان يغتسل هو وعائشة من إناءٍ واحد. قال بعضُ الشارحين: فإن قلت: كيف دلَّ على الترجمة؛ فإنها مُرَكّبة من جزأين؟ قلت: يدلّ على الأول صريحًا. وعلى الثاني التزامًا. وهذا وهمٌ منه، فإن وضوء الرجل مع

46 - باب صب النبى - صلى الله عليه وسلم - وضوءه على المغمى عليه

46 - باب صَبِّ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَضُوءَهُ عَلَى الْمُغْمَى عَلَيْهِ 194 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَعُودُنِى، وَأَنَا ـــــــــــــــــــــــــــــ امرأته من إناء واحد، ولا يمكن ذلك إلا إذا استعمل فضل المرأة، وإلا لم يكن الوضوءان جميعًا، وقال: فإن قلت: التنازع إنما هو فيما إذا توضأ بفضل وضوء المرأة. والحديثُ إنما دلَّ على جواز الوضوء معها؟ قلت: النجاسة إذا وقعتْ في الماء قبل التوضؤ أو مع التوضؤ الحكم واحد. وهذا أيضًا لغوٌ من الكلام، وذلك أن المرأة إذا اغترفتْ مع الرجل غرفة مثلًا لغسل الوجه، فالماء الذي في الإناء فضل وضوئها، سواء أخذت بعد ذلك منه شيئًا آخر أو لا. فتأمل. قال النووي: وما رُوي أنه نهي عن وضوء الرجل مع المرأة فذاك حديثٌ ضعيف. قاله البخاري وغيره وعلى تقدير صحته، فالمرادُ ما استعملته المرأة في وضوء أو غسل، أو النهي للاستحباب لا للوجوب وفي قوله: للاستحباب نظر لما سيأتي من حديث عائشة: "كنتُ أغتسلُ أنا ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - من إناء واحد". ولا يمكن حملُه على بيان الجواز والتشريع لدلالة كان على الكثرة والاستمرار. باب: صَبّ النبي - صلى الله عليه وسلم - الوَضوء على المغمى عليه الوَضُوء بفتح الواو على الأشهر، لأن المراد منه الذي يتوضأ به. والإغماءُ السترُ على العقل. قال ابنُ الأثير في حديث الهلال: "فإن أُغمي عليكم فاقدُروا له". الغُمية: الستر. ومنه أغمي على المريض. واستعماله بعلى لوجود معنى الغلبة فيه. يقال: غُمي غمىً على وزن عضًا فهو مغميٌّ عليه، ومُغْمىً عليه ومغمى عليه. ثلاث لغات. قيل: الفرق بينه وبين الجنون والنوم أن في الجنون زوال العقل، وفي النوم استتاره، وفي الإغماء انغماره، وهو فوق الاستتار، وكما تفاوتت المعاني لغة، فكذا حكمًا؛ فإن النوم والإغماء لا ينافيان التكليف، ولذلك يجب القضاء على النائم والمغمى عليه بخلاف المجنون، وكذلك يعرضان للأنبياء دون الجنون؛ فإن زوال العقل ينافي رتبة النبوة. 194 - (محمد بن المنكدر) بضم الميم وكسر الكاف (جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَعودُني وأنا

47 - باب الغسل والوضوء فى المخضب والقدح والخشب والحجارة

مَرِيضٌ لاَ أَعْقِلُ، فَتَوَضَّأَ وَصَبَّ عَلَىَّ مِنْ وَضُوئِهِ، فَعَقَلْتُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَنِ الْمِيرَاثُ إِنَّمَا يَرِثُنِى كَلاَلَةٌ. فَنَزَلَتْ آيَةُ الْفَرَائِضِ. أطرافه 4577، 5651، 5664، 5676، 6723، 6743، 7309 47 - باب الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ فِي الْمِخْضَبِ وَالْقَدَحِ وَالْخَشَبِ وَالْحِجَارَةِ 195 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ مريضٌ لا أعقل) هذا موضع الدلالة على الترجمة (فتوضأ وصَبَّ عليَّ من وَضُوئه) أي: من المستعمل، لأن التبرك إنما يكون بما وصل إلى أعضائه الشريفة. (إنَّما يرثني كلالة) قال صاحبُ "الكشاف": الكلالةُ هي القرابة التي لا تكون من جهة الفروع والأصول، وتطلق على الوارث الذي لا يكون كذلك، وعلى المُوَروث الذي هو شأنه. واشتقاقها من الكَلّ وهو الثقل؛ لأن القرابة من الحواشي تثقل على الإنسان، أو من الكلال وهو الإعياء؛ لأنها لما كانت من الجوانب فكأنها كقت فلم تصل، أو من الكلل -بفتح الكاف واللام- وهو الإحاطة، لأنها لما كانت من الجوانب، فكانها أحاطت بالمورث (فنزلت آيةُ الفرائض) هي قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ} [النساء: 11] رواه البخاري عن جابر في تفسير سورة النساء. وأما قوله تعالى: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} [النساء: 176] فليست بآية الفرائض. فإن قلتَ: كيف طابق سؤال جابر عن الكلالة: يوصيكم الله؟ قلتُ: لاشتماله على ذكر الكلالة مع سائر الفرائض. ومن فوائد الحديث: استحبابُ عيادة المريض والاستتشفاء بآثار الصالحين. قيل: وفيه بركة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يزيل كل علة. قلتُ: كل علة في الدين والأكثر في غيره. باب: الغُسْل والوضوء في المِخْضَب والقَدَح والخَشَب والحجارة 195 - (عبد الله بن منير) بضم الميم وكسر النون (حُميد) -بضم الحاء على وزن المصغر- ابن أبي حميد الطويل. قيل: كان قصيرًا وطولُهُ كان في يديه. وقيل: كان له جار قصير فميّزوه عنه بالطويل.

أَنَسٍ قَالَ حَضَرَتِ الصَّلاَةُ، فَقَامَ مَنْ كَانَ قَرِيبَ الدَّارِ إِلَى أَهْلِهِ، وَبَقِىَ قَوْمٌ، فَأُتِىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِمِخْضَبٍ مِنْ حِجَارَةٍ فِيهِ مَاءٌ، فَصَغُرَ الْمِخْضَبُ أَنْ يَبْسُطَ فِيهِ كَفَّهُ، فَتَوَضَّأَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ. قُلْنَا كَمْ كُنْتُمْ قَالَ ثَمَانِينَ وَزِيَادَةً. 196 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - دَعَا بِقَدَحٍ فِيهِ مَاءٌ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ وَوَجْهَهُ فِيهِ وَمَجَّ فِيهِ. 197 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ أَتَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْرَجْنَا لَهُ مَاءً فِي تَوْرٍ مِنْ صُفْرٍ فَتَوَضَّأَ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاَثًا وَيَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ فَأَقْبَلَ بِهِ وَأَدْبَرَ، وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ (فأُتي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بمخضب من حجارة) المِخضب بكسر الميم وضاد معجمة، قال الجوهري: هو المركن. وقال ابن الأثير: هو شبه الإجانة يغسل فيه الثياب فإطلاقه على القدح كما في هذا الحديث من قبيل الاستعارة، أو يكون لفظًا مشتركًا لم يذكره الجوهري وابن الأثير (قلنا: كم كنتُم؟ قال: ثمانين وزيادة). فإن قلت: سيأتي في علامات النبوة من رواية أنس أن القوم كانوا ثلاثمائة؟ قلتُ: قد سَبَقَ منا الكلام على أن هذا واقع مرارًا على أن الزيادة على الثمانين يمكن أن تبلغ ثلاثمائة. 196 - (محمد بن العلاء) بفتح العين والمدُ (أبو أسامة) -بضم الهمزة- حماد بن أسامة (عن بريد) بضم الباء على وزن المصغر (عن أبي بُردة) -بضم الباء- عامر بن أبي موسى (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعا بقَدَح فيه ماءٌ فغَسَل وجهه ويديه فيه ومجَّ فيه) تقدم في باب استعمال فضل وضوء الناس (2) أنه أعطى ذلك الماء الذي أتوضأ ومجَّ فيه] لأبي موسى وبلال. وقال: "اشربا وأفرغا على وجوهكما ونحوركما". 197 - (عن عبد الله بن زيد) هو زيد بن عاصم (أتانا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أخرجنا له ماءً في تَوْرٍ من صُفْرَ) بالتاء المثناة فوق. قال ابن الأثير: هو كالإجانة، وإنما ذكره في الباب وإن لم يترجم عليه، لأنه مرادف المخضب.

198 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ لَمَّا ثَقُلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَاشْتَدَّ بِهِ وَجَعُهُ، اسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ فِي أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِى، فَأَذِنَّ لَهُ، فَخَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ رَجُلَيْنِ تَخُطُّ رِجْلاَهُ فِي الأَرْضِ بَيْنَ عَبَّاسٍ وَرَجُلٍ آخَرَ. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ فَأَخْبَرْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ أَتَدْرِى مَنِ الرَّجُلُ الآخَرُ قُلْتُ لاَ. قَالَ هُوَ عَلِىٌّ. وَكَانَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - ـــــــــــــــــــــــــــــ والصُّفْر -بضم الصاد- قال الجوهري: هو الذي تتخذ منه الأواني. وقال أبو عبيدة: يقال بالكسر. وإنما ذكره وإن لم يترجم عليه، لأن أصله نوعٌ من الحجر. وتقدم الحديث بشرحه في باب مسح الرأس مرةً. 198 - (أبو اليمان) -بتخفيف النون- الحكم بن نافع (عُبيد الله بن عبد الله) الأول مصغر، والثاني: مكبر (لما ثَقُل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -بفتح الثاء وضم القاف- أي: عن الحركة والقيام (استأذَن أزواجَهُ في أن يُمَرَّضَ في بيتي) قيل: لم يكن استئذانه صريحًا بل تعريضًا لما سيأتي أنه كان يقول: "أين أنا اليوم، أين أنا غدًا" فلما فهمت أزواجه غرضه أَذنّ له. وفيه منقبة لعائشة. وسيأتي أنه انتقل إلى جوار الله في نوبتها (فأذن له) -بتشديد النون- فيه ضمير الأزواج. (تخط رجلاه في الأرض) لعدم قدرته على رفعهما (فأخبرت ابن عباس. فقال: أتدري من الرجل الآخر؟ قلتُ: لا. قال: هو علي) قال النووي: جاء في رواية مسلم: خَرَج ويدٌ لَهُ على الفضل بن عباس، ويدٌ له على رجل. وفي غير مسلم: بين رجلين أحدهما: أسامة بن زيد. ووجهُ الجمع أنهم كانوا يتناوبون إحدى يديه، وعباس كان أكثرهم ملازمةً أو خصوصًا لإحدى يديه الكريمتين، وكذا يقول غير النووي. وهذا تكلفٌ منهم، وابن عباس أعرفُ الناس.

تُحَدِّثُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ بَعْدَ مَا دَخَلَ بَيْتَهُ وَاشْتَدَّ وَجَعُهُ «هَرِيقُوا عَلَىَّ مِنْ سَبْعِ قِرَبٍ، لَمْ تُحْلَلْ أَوْكِيَتُهُنَّ، لَعَلِّى أَعْهَدُ إِلَى النَّاسِ». وَأُجْلِسَ فِي مِخْضَبٍ لِحَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ طَفِقْنَا نَصُبُّ عَلَيْهِ تِلْكَ حَتَّى طَفِقَ يُشِيرُ إِلَيْنَا أَنْ قَدْ فَعَلْتُنَّ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى النَّاسِ. أطرافه 664، 665، 679، 683، 687، 712، 713، 716، 2588، 3099، 3384، 4442، 4445، 5714، 7303 ـــــــــــــــــــــــــــــ وقوله: هل سَمّت لك الرجل الآخر صريح في تعين علي، وإنما لم تُسَمّه لِما كان بينهما من نوع منافرة. كما دلت عليه الأحاديث الظاهرة في ذلك، وقضية الجمل أعدل شاهد، وأما رواية مسلم أن أحدهما كان أسامة، وفي الرواية الأخرى: الفضل بن عباس بدل أسامة، فالوجهُ فيه أن مرضه كان أيامًا فيحمل على التعدّد. (قال بعدما دَخَل بيتَهُ واشتدّ به وَجَعُهُ: هَريقوا عليَّ) -بفتح الهاء- أي: أريقوا. والهاء بدل من الهمزة. ويروى: أهريقوا بالجمع مع الهمزة والياء. قاق الجوهري: يقال هَرَاق الماء يهريقُ -بفتح الهاء- أصله أراقَ. وفيه لغة أخرى: أهرَقَ إهراقًا. قال سيبويه: أبدلوا من الهمزة الهاء، فلزمت فصارت كأنها حرف أصلي، فأدخلت عليها الهمزة قال: وفيه لغة أخرى: أهراق بألف بعد الراء، وهي لغة شاذة، كأسطاع بفتح الهمزة في الماضي، يُسطيع بضم الياء في المضارع لغة، فجعلوا السين عوضًا في أطاع عن ذهاب حركة عين الفعل. فسقط ما قاله السقاقي من أن الصواب: هريقوا، لأن في أهريقوا جمعًا بين البدل والمبدل منه. (من سبع قِرَبٍ لم تُحْلَلْ أوكيتهُنّ) جمع وكاء وهو نحو الخيط يربط به فم القربة. قيل: فائدة هذا القيد كمالُ الطهارة لعدم تناول الأيدي. وعندي أنه أشار بذلك إلى كثرة الماء وعدم نقصان ما يسعهن، ألا ترى إلى ذكر السبع مع ذلك!. (ثم طفقنا) أي: شرعنا (أن قد فعلتُن) أن مفسرة لقوله: يشير. وفي الحديث دلالة على أن صَبّ الماء البارد على المريض نافع إذا كان المرض من الأمراض الحارة، فإنه كان به الحمّى المطبقة فداه أبي وأمي ومالي وما أمل. فإن قلت: لم يذكر الخشب كما ترجم عليه؟ قلتُ: القدحُ في قضية أبي موسى ربما ثَبَتَ عنده أنه من الخشب. فإن قلت: لِمَ لا يكون مخضب حفصة؟ قلتُ: لِما في رواية ابن عباس أنه كان من نحاس.

48 - باب الوضوء من التور

48 - باب الْوُضُوءِ مِنَ التَّوْرِ 199 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ قَالَ حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ عَمِّى يُكْثِرُ مِنَ الْوُضُوءِ، قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ أَخْبِرْنِى كَيْفَ رَأَيْتَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَوَضَّأُ فَدَعَا بِتَوْرٍ مِنْ مَاءٍ، فَكَفَأَ عَلَى يَدَيْهِ فَغَسَلَهُمَا ثَلاَثَ مِرَارٍ، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي التَّوْرِ، فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ مِنْ غَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فَاغْتَرَفَ بِهَا فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ غَسَلَ يَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِهِ مَاءً، فَمَسَحَ رَأْسَهُ، فَأَدْبَرَ بِيَدَيْهِ وَأَقْبَلَ ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ، فَقَالَ هَكَذَا رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَوَضَّأُ. 200 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - دَعَا بِإِنَاءٍ مِنْ مَاءٍ، فَأُتِىَ بِقَدَحٍ رَحْرَاحٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: الوضوء من التَّوْر بالتاء المثناة. قال الجوهري: إناء يشرب فيه. 199 - (خالد بن مَخْلَد) بفتح الميم (قال: كان عَمّي) هذا من قول يحيى بن عمارة بن أبي حسن، وعمّه عمرو بن أبي حسن (يكثر من الوضوء) -بفتحِ الواو- الماء الذي يتوضأ به، كأنه كان يكثر إراقة الماء على الأعضاء (فكَفَأَهُ على يديه) أي: قَلبَهُ. يقال: كفأ وأكفأ بمعنى. (واستنثر) أي: أخرج الماء من أنفه، استفعال من النثر وهو التحريك، أو من النثرة، وهو طرف الأنف. ولم يذكر الاستنشاق؟ لأن الاستنثار مسبوق به (فمَسَح رأسَه فأدْبَرَ بيديه وأقبل) الفاء الثانية لتفصيل ما أجمل في قوله مسح. فإن قلت: قد تقدم في باب مسح الرأس كله، فأقبل بهما وأدبر، عكس هذه الرواية والقصةُ واحدة؟ قلتُ: الواو لا تدل على الترتيب مؤداهما واحد نظيره قوله تعالى: {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ} [البقرة: 58] في سورة البقرة، وقوله تعالى: {وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا} [الأعراف: 161] في سورة الأعراف. 200 - (مسدّد) بضم الميم وتشديد الدال المفتوحة (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دَعَا بإناء من ماء فأُتي بقدحٍ رَحْرَاح) -بفتح الراء على وزن زلزال-. قال ابن الأثير: قدح قريب القعر مع سعة.

49 - باب الوضوء بالمد

فِيهِ شَىْءٌ مِنْ مَاءٍ، فَوَضَعَ أَصَابِعَهُ فِيهِ. قَالَ أَنَسٌ فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَى الْمَاءِ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ، قَالَ أَنَسٌ فَحَزَرْتُ مَنْ تَوَضَّأَ مَا بَيْنَ السَّبْعِينَ إِلَى الثَّمَانِينَ. 49 - باب الْوُضُوءِ بِالْمُدِّ 201 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ جَبْرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَغْسِلُ - أَوْ كَانَ يَغْتَسِلُ - بِالصَّاعِ إِلَى خَمْسَةِ أَمْدَادٍ، وَيَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ولقرب المناسبة بين القدح والتور أورده في بابه على أن ما نقلنا عن الجوهري أن التور إناء يشرب فيه يَشْمَلُ القَدَحَ وغيره (فيه شيء من ماء) أي: ماء قليل فوَضَع أصابعه فيه (قال أنس: فجعلتُ أنظرُ إلى الماء) أي: شرعتُ من أفعال المقاربة، أو صرت من الأفعال الناقصة (ينبُعُ من بين أصابعه) الظاهر أن الماء كان يخرج من بين اللحم والدم، ولذلك قال العلماء: هذه المعجزة أعظم من معجزة موسى حيث كان يجري الماء من الحجر بضرب العصا (توضأ ما بين السبعين إلى الثمانين) قد أسلفنا أن هذا الأمر وقع مرارًا، فلا يضرّ اختلاف الروايات. وسيأتي في علامات النبوة من رواية جابر أنهم توضؤوا من ركوته وهم ألف وخمسمائة، وقال جابر: لو كنا مئة ألف لكفانا. باب: الوضوء بالمُدّ 201 - (أبو نُعيم) بضم النون على وزن المصغر، فضل بن دُكين [(مسعر)]-بكسر الميم وسكون السين- ابن كدام الكوفي أحد الأعلام في زمانه، قال شعبة: كنا نُسميه المصحف، لغاية صدقه وإتقانه، وهو من العُتاد القانتين (ابن جبر) -بالجيم والموحدة الساكنة- نسبة إلى جده، وهو عبد الله بن عبد الله بن جبر، صَرَّح باسمه البخاري في باب علامة الإيمان حب الأنصار (2). (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يغتسِلُ) أو كان يغسل. الشك من ابن جبر (بالصاع إلى خمسة أمداد)

50 - باب المسح على الخفين

50 - باب الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ 202 - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ الْمِصْرِىُّ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِى عَمْرٌو حَدَّثَنِى أَبُو النَّضْرِ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الصاع: مكيالٌ يَسَعُ أربعة أمداد، والمدُّ عند الشافعي وفقهاء الحجاز: رطل وثلث، وعند أبي حنيفة وفقهاء العراق: رطْلان، فيكون الصاع خمسةَ أرطال وثلث رطل، أو ثمانية أرطال. قال النووي: هذا على الوجه الأفضل للإجماع على أن ماء الوضوء والغسل لم يقدر بمقدار لا يجوز دونه، والمدّ والرطل أيضا إنما هو على التقريب لا التحديد، يكفي فيه غلبة الظن. وتناظر مالك وأبو يوسف، وكان مذهب أبي يوسف مثلَ قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى، فأتى مالك بمُدّ أولاد المهاجرين، فرجع أبو يوسف عن ذلك الرأي الأول، وقال بما قال به مالك والشافعي. باب: المسح على الخفين 202 - (أصبغ بن الفرج) -بصاد مهملة وغين معجمة- ابن سعيد الأموي مولاهم، الفقيه الثقة. قال ابن معين: كان أعلمَ الناس بمذهب مالك. (عن ابن وهب) اسمه عبد الله (عَمْرو) بفتح العين وسكون الميم (أبو النضر) -بالضاد المعجمة- سالم بن أبي أمية، مولى عمرو بن عُبيد (عن أبي سَلَمة) بفتح السين واللام (عن سعد بن أبي وقاص) بتشديد القاف (مَسَح على الخفين) لم ينكر المسحَ على الخفين إلا الخوارجُ والروافضُ. وأجيب: أن حديث المسح يرويه سبعون صحابيًّا منهم علي بن أبي طالب. روى مسلم عن عائشة سُئلت عن المسح، فقالت للسائل: سَلْ عليًّا؛ فإنه كان يسافرُ مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسأل، فقال: وقتَ لنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - للمسافر ثلاثة أيامٍ بلياليها، وللمقيم يومًا وليلةً. وفي مسلم رُوي حديث المسح عن جرير بن عبد الله. قال النووي: وكان يعجبهم حديث جرير، لأنه أسلَمَ بعد نزول المائدة، فلا تكون آية المائدة ناسخةً له. وفي سنن البيهقي عن إبراهيم بن الأدهم: ما سمعتُ في المسح على الخفين أحسن من حديث جريرٍ.

وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ سَأَلَ عُمَرَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ نَعَمْ إِذَا حَدَّثَكَ شَيْئًا سَعْدٌ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلاَ تَسْأَلْ عَنْهُ غَيْرَهُ. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ أَخْبَرَنِى أَبُو النَّضْرِ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ سَعْدًا حَدَّثَهُ فَقَالَ عُمَرُ لِعَبْدِ اللَّهِ. نَحْوَهُ. 203 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ الْحَرَّانِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِيهِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ خَرَجَ لِحَاجَتِهِ فَاتَّبَعَهُ الْمُغِيرَةُ بِإِدَاوَةٍ فِيهَا مَاءٌ، فَصَبَّ عَلَيْهِ حِينَ فَرَغَ مِنْ حَاجَتِهِ، فَتَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ (عبد الله بن عمر سأل عمر عن ذلك) أي: عن حديث سعدٍ في المسح (قال: نعم. إذا حدثك شيئًا سعدٌ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا تسأل عنه غيرَه) كنايةً عن غاية صدقه وكمال إتقانه. قال بعضُهم: إنما نَهَاه عن سؤال غيره، لأن خبر الواحد إذا صار محفوفًا بالقرائن، أفاد اليقين. هذا كلامه، وليس بشيءٍ؛ لأن قول عمر: إذا حدثك شيئًا سعدٌ، عامٌ في كل خبر، سواء كان مع القرائن أو بدونه. (وقال موسى بن عقبة) مولى آل الزبير صاحب المغازي تعليق من البخاري. وقيل: يجوز أن يكون عطفًا على حدثني عمر، فيكون من كلام ابن وَهْبٍ. قلت: ليس لابن وهب روايةٌ عن موسى بن عقبة، إنما يروي عن مالك، ومالكٌ يروي عن موسى (أبو النضر أن أبا سلمة أخبره أن سعدًا [حدثه] فقال عمر لعبد الله نحوه). فإن قلت: ما فائدة هذا الكلام؟ قلتُ: تقديره أن سعدًا أخبر عبد الله بحديث المسح، ثم سأل عبدُ الله عمر فقال له: إذا أخبرك سعدٌ شيئًا، فلا تسأل غيره. فاختصره لدلالة ما تقدم عليه. 203 - (عمرو بن خالد الحَرَّاني) -بفتح الحاء المهملة وتشديد راء كذلك- بلدٌ بديار بكر معروفة. خرج منها علماءُ وأهل الحديث (المغيرة بن شعبة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج لحاجته فاتّبعه المغيرة) -بتشديد التاء- يقال: تبعتُ القومَ واتّبعتُهم: إذا مشيتَ خَلْفَهم. ويُروى بفتح الهمزة يقال: أتبع القوم إذا سبقوه أدركهم. قال تعالى: {فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ} [طه: 78] (فتوضأ ومَسَح على الخفين).

204 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِىِّ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ رَأَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ. وَتَابَعَهُ حَرْبُ بْنُ شَدَّادٍ وَأَبَانُ عَنْ يَحْيَى. طرفه 205 205 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِىُّ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَمْسَحُ عَلَى عِمَامَتِهِ وَخُفَّيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 204 - (أبو نُعيم) بضم النون على وزن المصغر (شيبان) بفتح المعجمة على وزن شعبان (عمرو بن أمية الضَمري) -بفتح الضاد المعجمة وسكون الميم- نسبةً إلى ضمرة بن بكر بن عبد مناف -بضاد معجمة- هذا هو الذي بدأ يُكَرِّهُ القصاص في قصة ضمرة مع تلك الأكاذيب. وسببه أنه كان رجلًا من رجال العرب ومن دُهاتهم، كان يبعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المهمات (وتابعه حربُ بن شداد وأَبَان عن يحيى) أي: تابعا شيبانَ. فالمتابعةُ ناقصةٌ. 205 - (عَبْدان) -بفتح العين وسكون الباء على وزن شعبان- واسمُهُ عبد الله (الأوزاعي) -بفتح الهمزة- إمام الشام في زمانه واسمه: عبد الرحمن (رأيتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - يَمسَحُ على عمامته وخُفَّيه) أخذ بظاهره الإمامُ أحمدُ فجوَّزَ في المسح الاقتصارَ على العمامة، وقال به الشافعي في استكمال المسح استحبابًا. فإن قلتَ: فما جوابُهم عن هذا الحديث؟ قلتُ: الآيةُ أوجبَتْ مسحَ الرأس، فلا يقاومُها الحديث. وفي رواية مسلم في حديث المغيرة مسح برأسه وعلى العمامة، فحمل هذا المطلق على ذلك المقيد. وما يقال: إن هذا قويٌّ عند من يحمل المشترك على حقيقته ومجازه، فسهو منه؛ فإن لفظ الرأس ليس مشتركًا، وإن كان فيه نقص إجمالي في: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} [الماندة: 6] على أن قوله: من يحمل المشترك على حقيقته ومجازه، كلام فاسد؛ فإن المشترك إنما يحمل على المعنيين حقيقة.

51 - باب إذا أدخل رجليه وهما طاهرتان

وَتَابَعَهُ مَعْمَرٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ عَمْرٍو قَالَ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -. 51 - باب إِذَا أَدْخَلَ رِجْلَيْهِ وَهُمَا طَاهِرَتَانِ 206 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ عَنْ عَامِرٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي سَفَرٍ، فَأَهْوَيْتُ لأَنْزِعَ خُفَّيْهِ فَقَالَ «دَعْهُمَا، فَإِنِّى أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ». فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: الأحاديث في الباب كلها أطلقت المسح، فَلِمَ لا يجوزون المسح على أسفل الخف؟ قلتُ: لما روى أبو داود والدارمي عن علي بن أبي طالب: "لو كان الدينُ بالرأي، لكان أسفل الخف أوْلى بالمسح من أعلاه، إلا أني رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح على أعلاه". (وتابعه معمر عن يحيى) أي: تابع شيبان. قال بعضُهم: إطلاق المسح يقتضي الجواز على أسفل الخف. ثم قال: الجواب أنه لا يقتضي، لأن: على، تدل على الاستعلاء. وهذا وهمٌ منه؛ لأنه لو قال: مَسَح على أسفله كان صحيحًا لغة؛ لأن: على، تدل على الاستعلاء، سواء كان ما دخلت عليه أسفل أو أعلى. كيف ولو كان لفظ: على، مُقَيّدًا ما ذكره لاستدل به علي بن أبي طالب، ولم يستدل إلا بفعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. باب: إذا أدخل رجليه وهما طاهرتان 206 - (أبو نُعيم) بضم النون على وزن المصغر (زكرياء) ممدود ومقصور، قُرئ بهما في السبعة (عامر) هو أبو عمرو الشعبي التابعي الجليل القدر (عن عروة بن المغيرة عن أبيه قال: كنتُ مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفرٍ) كان في غزوة تبوك، صَرَّح به في رواية مسلم (فأَهْوَيتُ لأنزع خُفّيه) قال ابن الأثير: أهوى يَدَهُ وأهوى بيده: مالها ليأخذ شيئًا، من الهَوي بفتح الهاء. (دعهما فإني أدخلْتُهما طاهرتين) صريحٌ في أنه لا يجوز المسح إذا لبسهما على الحدث، لكن المعنى عند أبي حنيفة أن يكون الحدث الطارئ بعد كمال الطهارة، حتى لو

52 - باب من لم يتوضأ من لحم الشاة والسويق

52 - باب مَنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ مِنْ لَحْمِ الشَّاةِ وَالسَّوِيقِ وَأَكَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ - رضى الله عنهم - لَحْمًا فَلَمْ يَتَوَضَّئُوا. 207 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ. أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَكَلَ كَتِفَ شَاةٍ، ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. طرفاه 5404، 5405 ـــــــــــــــــــــــــــــ غسل قدمَيْهِ ولبس الخف، ثم غسل سائر الأعضاء، ثم أحدَثَ، صَحَّ منه ذلك المسحُ على الخف. وهذا لأن الترتيب لا يشترط عنده. وأما سائر الأئمة فالترتيبُ عندهم شرطٌ. فإن قلتَ: هَبْ أن الترتيبَ شرطٌ، فلو غَسَل إحدى رجلَيْه وأدخلها في الخف، ينبغي أن يكون صحيحًا ولم يقولوا به؟ قلتُ: طاهرتين، قيدٌ للإدخال معًا، فلا بُدَّ وأن يكون حال إدخال إحدى الرجلين كون الأخرى بصفة الطهارة، نحوه: جاءني زيدٌ وعمرو راكبين، ولعدم تجزؤ الطهارة، فإن الطهور المأمور به شرعًا قائم بالأعضاء كلها. باب: مَنْ لم يتوضأ من لحم الشاة والسويق أي: باب بيان حكم من هذا شأنُه (وأكل أبو بكر وعمر وعثمان لحمًا فلم يتوضؤوا) استدل بفعل هؤلاء الأكابرُ على ما ترجم كما دأبه من الاستدلال بأقوال العلماء. قبل إسناد الحديث، وقيل: غرضه بيانُ الإجماع السكوتي فيه وهذا وهمٌ؛ لأن شرط الإجماع اطّلاعُ كل مجتهدٍ في ذلك العصر، وأنى له بذلك. 207 - (عن زيد بن أسلم) بفتح الهمزة على وزن الماضي (عن عطاء بن يسار) ضدّ اليمين (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكل كتف شاةٍ) أي: اللحم الذي على الكتف. وفي الكتف وما كان على وزنه ثلاثُ لغاتٍ، فتح الكاف وكسر التاء، وسكونها، وكسر الكاف وسكون التاء. هذا إذا لم يكن عين فعله حرفَ حَلْقٍ، وإلاَّ ففيه لغة رابعة: كسر أوله وثانيه أيضًا مثل فخذ. (وصلى ولم يتوضأ) ومثله روى الإمام أحمد عن أم سَلَمة. وكذا روى مسلم عن أبي رافع. قال أبو رافع: كنتُ طبخْتُ شاةً، فدخَلَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان يعجبُهُ الذراعُ، فقال

208 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى جَعْفَرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَحْتَزُّ مِنْ كَتِفِ شَاةٍ، فَدُعِىَ إِلَى الصَّلاَةِ فَأَلْقَى السِّكِّينَ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. أطرافه 675، 2923، 5408، 5422، 5462 ـــــــــــــــــــــــــــــ "ناوِلْني الذراعَ" فناولْتُه. ثم قال: "ناوِلْني الذراعَ" فناولْتُه. ثم قال؛ "ناوِلْني الذراعَ". فقلت: يا رسول الله، إنما للشاة ذراعان؛ فقال: لو سَكَتَ لناولتني ذراعًا فذراعًا. فإن قلتَ: قد رَوَى مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ بالوضوء مما مَسَّت النارُ؟ قلتُ: أجمعَ الأئمة على أنه منسوخ بما روينا من الأحاديث، على أنه يجوز أن يكون محمولًا على غسل الفم. فإن قلتَ: كيف حكموا بالنسخ وشرطُه العلمُ بتأخر الناسخ؟ قلتُ: علم من حديث جابر أن آخر الأمرين من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ترك الوضوء مما مست النار. رواه أبو داود وغيره. 208 - (يحيى بن بُكَير) بضم الباء على وزن المصغر، وكذا (عُقَيل)، (عمرو بن أُمية) بضم الهمزة وتشديد الياء (رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - احتز) افتعال من الحز يقال: حزه إذا قطعه، واحتزه إذا قطعه لنفسه مثل: شواه واشتواه (فدُعي إلى الصلاة، فألقى السكين فَصَلّى ولم يتوضأ). فإن قلت: سيأتي الحديث: "إذا حضرت العِشَاء والعَشَاء، فابدؤوا بالعَشَاء" وغيره من الأحاديث الدالة على تقديم الأكل على الصلاة قلتُ: ذاك إذا كان لنفسه تَوَقَانٌ بحيث لا يقدر على أداء الصلاة مع حضور القلب، ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - منزه عن ذلك. أو كان

53 - باب من مضمض من السويق ولم يتوضأ

53 - باب مَنْ مَضْمَضَ مِنَ السَّوِيقِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ 209 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ مَوْلَى بَنِى حَارِثَةَ أَنَّ سُوَيْدَ بْنَ النُّعْمَانِ أَخْبَرَهُ. أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ خَيْبَرَ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالصَّهْبَاءِ - وَهِىَ أَدْنَى خَيْبَرَ - فَصَلَّى الْعَصْرَ، ثُمَّ دَعَا بِالأَزْوَادِ، فَلَمْ يُؤْتَ إِلاَّ بِالسَّوِيقِ، فَأَمَرَ بِهِ فَثُرِّىَ، فَأَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَكَلْنَا، ثُمَّ قَامَ إِلَى الْمَغْرِبِ، فَمَضْمَضَ وَمَضْمَضْنَا، ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. أطرافه 215، 2981، 4175، 4195، 5384، 5390، 5454، 5455 ـــــــــــــــــــــــــــــ حين دُعي إلى الصلاة قد قضى وطره من الأكل. أو فعله بيانًا للجواز لئلا يظن أن ذلك الأمر للوجوب، وإنما لم يورد حديث السويق، لأن حكمه عُلم من أكل اللحم من باب الأولى. باب: من مَضْمَضَ من السَّويق قد سلف مرارًا أن المضمضة تحريكُ الماء في الفم. 209 - (بُشيْر بن يسار) -بضم الباء وضين معجمة على وزن المصغر- واليسار ضد اليمين (أن سُويد بن النعمان) بضم السين على وزن المصغر (حتى إذا كانوا بالصَهْباء) -بفتح الصاد وسكون الهاء مع المدّ (وهي أدنى خيبر) قال ابن الأثير: بينه وبين خيبر رَوْحَةٌ. (دَعَا بالأزواد) جمع الزاد وهو الطعام الذي يُحمل في السفر، و (السويقُ) -بفتح السين وكسر الواو- معروف، يكون من الحنطة المقلوة ومن الشعير وغيرهما (فأمر به فثري) أي: بَلَّ بالماء ليسهل نزولُهُ في الحَلْق. يقال: ثرّى التراب -بتشديد الراء- أي: رَشَّ عليه الماء (ثم قام إلى الصلاة، فمضمض ثم صلى ولم يتوضأ) قال الخطابي: هذا ناسخٌ لحديث: توضأ مما مَسّت النار. قلتُ: هذا لا يصحّ لأن ذلك الحديثَ رواه أبو هريرة. وإنما أسلم أبو هريرة بعد خيبر. وفي الحديث دلالةٌ على الزاد في السفر، شأن أهل الكمال، ولا ينافي التوكل كما تَدّعيه جهلةُ الصوفية. واستحبابُ الاجتماع على الأكل، ولا يقدح في الورع زيادةُ الأكل من

54 - باب هل يمضمض من اللبن

210 - وَحَدَّثَنَا أَصْبَغُ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرٌو عَنْ بُكَيْرٍ عَنْ كُرَيْبٍ عَنْ مَيْمُونَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَكَلَ عِنْدَهَا كَتِفًا، ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. 54 - باب هَلْ يُمَضْمِضُ مِنَ اللَّبَنِ 211 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ وَقُتَيْبَةُ قَالاَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ البعض؛ فإنه يسامح في مثله. قيل: في الحديث دلالةٌ على أن للإمام أخْذَ طعام المحتكر وبيعَه بسعر ذلك اليوم. وليس بظاهر. 210 - (أصبغ) بفتح الهمزة وغين معجمة (ابن وهب) عبد الله (بُكَير) -بضم الباء على وزن المصغر، وكذا كُرَيب) (عن ميمونةَ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أكل عندها كتف شاةٍ ولم يتوضأ). قال بعضُ الشارحين: فان قلتَ: هذا الحديث لا يتعلَّقُ بالترجمة؛ قلتُ: الباب الأول من البابين هو أصل الترجمة، لكن لما كان في الحديث الثالث حكمٌ آخر سوى عدم التوضؤ، أدرج بين أحاديثه بابًا آخر لذلك الحكم. هذا كلامه. وليس بشيءٍ؛ وذلك أن اشتمال الحديث على حكمٍ زائدٍ على الترجمة لا يقتضي وضعَ بابٍ له على حدة. وكم أحاديث يوردها في باب واحدٍ مع اشتمالها على أحكام أخرى سوى ما ترجم له. والصواب في الجواب: أنه أورد أكل اللحم مع عدم المضمضة بعد الحديث الذي رواه في السويق مع المضمضة دلالةً على أن المضمضة إنما هي على سبيل الندب؛ لأن زهوقة اللحم أكثر من السويق. فإذا جاز عدمُ المضمضة مع ذلك، ففي السويق من باب الأَوْلى. باب: هل يُمَضْمَضُ من اللبن على بناء المجهول وعلى بناء المعلوم. أي: الرجل الذي يشرب. وفي بعضها: يتمضمضُ. 211 - (يحيى بن بُكَير) بضم الباء على وزن المصغر، وكذا (قُتَيْبَة)، وكذا (عُقَيل)

55 - باب الوضوء من النوم ومن لم ير من النعسة والنعستين أو الخفقة وضوءا

شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَرِبَ لَبَنًا، فَمَضْمَضَ وَقَالَ «إِنَّ لَهُ دَسَمًا». تَابَعَهُ يُونُسُ وَصَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ عَنِ الزُّهْرِىِّ. طرفه 5609 55 - باب الْوُضُوءِ مِنَ النَّوْمِ وَمَنْ لَمْ يَرَ مِنَ النَّعْسَةِ وَالنَّعْسَتَيْنِ أَوِ الْخَفْقَةِ وُضُوءًا 212 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ يُصَلِّى فَلْيَرْقُدْ حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهُ النَّوْمُ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا صَلَّى وَهُوَ نَاعِسٌ لاَ يَدْرِى لَعَلَّهُ يَسْتَغْفِرُ فَيَسُبَّ نَفْسَهُ». ـــــــــــــــــــــــــــــ (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شرب لبنًا فمضمض وقال: إن له دَسَمًا) فيخلّ بإجلال الصلاة (تابعه يونس وصالح وابن كيسان عن الزهري) أي: تابع هؤلاء عُقَيلًا في الرواية عن الزهري. باب: الوضوء من النوم ومن لم ير من النعسة والنعستين أو الخَفْقَة الوضوء النعسة -بفتح النون وسكون العين- المرة من النعاس -بضم النون- وهو الوَسَنُ أوّلُ النوم، بحيث لا يكون نائمًا حقيقةً، ولا يقظان يسمع الأصوات ولا يقدر على الضبط. والخَفْقَة -بالخاء المعجمة وسكون الفاء وفتح القاف- المرةُ من الخفوقِ وهو الاضطراب والسقوط، والمراد سقوط رأس النائم على صدره، لما في الحديث أن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانوا ينامون حتى تخفق رؤوسهم، قال ابن الأثير: أي: تقع أذقانهم على صدورهم. 212 - (إذا نعس أحدكم وهو يصلي فلْيرقُدْ) الأمر للندب وقد علله بقوله: (فإنه إذا صَلَّى وهو ناعسٌ لا يدري، لعله يستغفر فيَسُب نفسَه) أي: لعلَّ أن يكون ظنُّه أنه يستغفر، فيقع في ضدّه، أصل لعلَّ: عَلَّ. اللام زائدة. قال الجوهري: ومعناه التوقع والإشفاق.

213 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلاَةِ فَلْيَنَمْ حَتَّى يَعْلَمَ مَا يَقْرَأُ». ـــــــــــــــــــــــــــــ والثاني هو المراد في الحديث، ويجوز أن يكون للرجاء أي: يكون راجيًا الاستغفار من كلامه وهو آتٍ بضدّه. قال بعضُهم: فإن قلتَ: لِمَ قال أولًا: "إذا نعس وهو يصلي". وثانيًا: "إذا صلى وهو ناعس" فغَيّر الأسلوبَ؟ قلت: ليدل على أنه لا يكفي تجدد أدنى نعاس ويقضيه في الحال، بل لا بُدّ من ثبوته، بحيث يفضي إلى عدم درايته. هذا كلامه. وهذا الذي قاله خلاف ما أراد الشارع؛ لأنه يريد أن المصلي إذا طرأ عليه أونى نعاس، فليترك الصلاة، لئلا يؤدي إلى المحذور وهو عدم الفرق بين الصواب والخطأ. ثم قال: الفرق بين "نعس وهو يصلي" و"صلى وهو ناعس" احتمال الصلاة في الأول بدون النعاس وبالعكس في الثاني. وهذا أيضًا وهمٌ؛ لأن المقيد بدون القيد لا وجود له من حيث إنه مقيد. وكذا القيد بدون المقيد من حيث إنه قيد له بدون المقيد. ألا ترى أن قولك: ضرب زيد عمرًا قائمًا، وقام ضاربًا عمرًا. متلازمان صدقًا وإن تفارقا مفهومًا. والتحقيق في هذا المقام أنه أراد في الأول بيان ما يعرض في أثناء الصلاة فعَبّر عنه بالفعل الدال على الحدوث وفي الثاني: النهي عن الفعل وهو الصلاة مع استمرار النعاس، بل عليه القطع لئلا يؤدي إلى المحذور مثله قوله تعالى: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء: 43]. 213 - (أبو مَعْمر) -بفتح الميمين وسكون العين- عبد الله بن عمر المنقري البصري المعروف بالمقعد (عن أبي قلابة) -بكسر القاف- عبد الله بن زيد الجرمي. (إذا نَعِسَ أحدُكم في الصلاة فَلْيَنَمْ حنى يعلم ما يقرأ) فإنه إذا صلى ناعسًا ولا يدري ما يقرأ، يتسرب عليه الثواب مع ذلك المحذور الذي تقدم، وفي قوله: "حتى يعلم ما يقرأ" إشارةٌ إلى أنه لا يترك قيام الليل، بل ينام بقدر ما يزول معه المحذور؛ لأن القيام في آخر الليل مهبة نسيم الغفران، ومصبة سجال الرضوان. فإن قلت: دَلَّ الحديث على أن النعاس ليس بناقض؛ لأنه جعله مصليًّا حين ينعس، فكيف دلَّ على أن النوم ناقض؟ قلت: كون النوم ناقضًا مسلَّم ودل عليه الأحاديث، إنما قرنه بالنعاس في الترجمة دلالة على أن النعاس ليس ملحقًا بالنوم، والنومُ أيضًا ليس ناقضًا لكونه نومًا. وإنما ينقض لأنه مظنة خروج خارج. ألا ترى أنه إذا زال ذلك بأن نام على وجهٍ

56 - باب الوضوء من غير حدث

56 - باب الْوُضُوءِ مِنْ غَيْرِ حَدَثٍ 214 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا ح قَالَ وَحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ عَامِرٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَوَضَّأُ عِنْدَ كُلِّ صَلاَةٍ. قُلْتُ كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ قَالَ يُجْزِئُ أَحَدَنَا الْوُضُوءُ مَا لَمْ يُحْدِثْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يمكن خروج لانتقض كما بين في علم الفروع. وقال أبو موسى الأشعري وطائفةٌ: لا ينقض النومُ مطلقًا. وقال الحسن البصري: يُنقض مطلقًا. وفَرق مالكٌ بين القليل والكثير. باب: الوضوء من غير حَدَث 214 - (سفيان) هو الثوري (عامر بن عامر) الأنصاري الكوفي (سمعتُ أنسًا) لم يذكر مفعول السماع لوجود (ح) التحويل. وسيذكره في آخر السند (مسدّد) بضم الميم وتشديد الدال المفتوحة أردف الإسناد الأول بالثاني؛ لأن سفيان مدلس لا يحتج بعنعنته ما لم يثبت السماع. وفي الإسناد الثاني لفظ التحديث الذي بمثابة سمعتُ، بخلاف الأول؛ فإنه بلفظ عن. (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ عند كل صلاةٍ) لفظ: كان، دل على أن هذا دأبه، ولكن صلى بوضوء الخمس يوم الفتح فقال له عمر: صنعت شيئًا ما كنتَ تصنعه؟ قال "عمدًا فعلته" يعني أن لا يظن أنه واجب. وفي الحديث الذي بعده أنه صلى المغرب بالوضوء الذي صلى به العصرَ. ومما يجبُ له التنبيه أن الوضوءَ على الوضوء. رَوَى ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من توضأ على طهرٍ فله عشرُ حسناتٍ" (2) قال النووي: وفي شرط استحباب التجديد أوجه أصحُّها أنه

215 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ قَالَ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِى بُشَيْرُ بْنُ يَسَارٍ قَالَ أَخْبَرَنِى سُوَيْدُ بْنُ النُّعْمَانِ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ خَيْبَرَ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالصَّهْبَاءِ، صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْعَصْرَ، فَلَمَّا صَلَّى دَعَا بِالأَطْعِمَةِ، فَلَمْ يُؤْتَ إِلاَّ بِالسَّوِيقِ، فَأَكَلْنَا وَشَرِبْنَا، ثُمَّ قَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الْمَغْرِبِ فَمَضْمَضَ، ثُمَّ صَلَّى لَنَا الْمَغْرِبَ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يستحب لمن صلى بوضوءٍ صلاةً سواء كانت فرضًا أو نافلةً. والثاني: يستحب لمن صلى فرضًا. والثالث: لمن فعل به ما لا يجوزُ بدون الطهارة كمسّ المصحف، والرابع: يستحب وإن لم يفعل به شيئًا بشرط أن يتخلل بين الوضوءين زمنٌ يقع بمثله تفريق. قلتُ: وفي قوله: أصحُ الوجوه أن يكون قد صلى بوضوءٍ صلاةً فرضًا كان أو نفلًا نظرٌ؛ لأن قول أنسٍ: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ لكل صلاةٍ، لا يمكن حملُه على هذا، لأنه كان يصلي التهجد ثلاثَ عشرة ركعةً، كل ركعتين بسلام. ولم يُنقَل عنه أنه كان يتوضأ بين كل أربع ركعات. وسيأتي أنه كان ينام بعد التهجد، ثم يخرجُ إلى صلاة الفجر ولا يتوضأ، فالواجبُ حملُ حديث أنس على كل فرض دون النفل. قال بعضُ الشارحين: فإن قلتَ: يجب أن يكون عند كل قيامٍ إلى الصلاة وضوء لتكرر الحكم عند تكرر الشرط كما بين في متون دفاتر الأصول؟ قلت: المسألة مختلَفٌ فيها، والأكثرون على أنه لا يقضيه. هذا كلامه وهو وهمٌ؛ فإن ذلك إنما هو في الشرط الشرعي كدخول الوقت للصلاة، لا الشرط النحوي. على أن الشرط إذا كان بإذا لا يستلزم التكرار اتفاقًا مع أن أصل السؤال ساقطٌ؛ لأن التقدير: إذا قمتُم وأنتم محدثون. 215 - (خالد بن مَخْلَد) بفتح الميم (بُشَر بن يسار) -بضم الباء الموحدة على وزن المصغر- ويسار ضدّ اليمين (سُويد بن النعمان) بضم السين على وزن المصغر. (إذا كنا بالصهباء) -بصاد مهملة وألف ممدود- قال ابن الأثير: روحة من خيبر. وقد تقدم شرحُ الحديث في باب من مضمض من السويق.

57 - باب من الكبائر أن لا يستتر من بوله

57 - باب مِنَ الْكَبَائِرِ أَنْ لاَ يَسْتَتِرَ مِنْ بَوْلِهِ 216 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ مَرَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِحَائِطٍ مِنْ حِيطَانِ الْمَدِينَةِ أَوْ مَكَّةَ، فَسَمِعَ صَوْتَ إِنْسَانَيْنِ يُعَذَّبَانِ فِي قُبُورِهِمَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: من الكبائر أَنْ لا يستتر من البول الكبائر جمع الكبيرة وهي صفة المعصية. قال بعضُ العلماء: كل معصيةٍ كبيرةٌ، نظرًا إلى مخالفة الشارع، لا نظرًا إلى الذنب. وهذا معنىً حسنٌ، إلا أن المراد بيانُ أحد قسْمَي الذنب، فإن الشارع سمى بعضَها كبيرةً. قال تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [النساء: 31] قيل: هي سبعٌ، لِما وَرَدَ في الحديث السبع الموبقات. وقال ابن عباس لما سُئل عنها إلى سبعمئة أقرب. قال بعضُ المحققين في توجيه قوله: الكبيرةُ ما توعَّد عليه الشارعُ: أو كان قُبحه مساويًا أو زائدًا على ما توعَّد عليه. وهذا ممّا لا يشك فيه؛ فإن عِظَم الذنب إنما هو بالنظر إلى هتك حرمة الله تعالى. ألاَ ترى أن البول في الكعبة لم يذكُرْ أحدٌ أنه من الكبائر، مع أن عاقلًا لا يتوقف فيه؟ 216 - (جَرِير) بفتح الجيم وكسر الراء (مرَّ بحائطٍ من حِيطان مكة أو المدينة) الحائط هو الحديقة التي عليها الحائط وهو الجدار، يُجمع على حوائط. وذكرُ مكةَ هنا ليس بصوابٍ. وقد رواه في كتاب الأدب على الصواب؛ الجزم بالمدينة. وإنما عَرّف المدينة، لأنه عَلَمٌ بالغلبة لمدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال تعالى: {وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ} [التوبة: 101] وقد رُوي عن أنسٍ أن الحائط كان لبني النجار، وبما ذكرنا سقط ما يقال إن ابن عباس كان بمكة ابن ثلاث سنين، فكيف ضبط القضية؟ ويسقط ما تكلف له من الجواب. (فسمع صوتَ إنسانين يُعَذبان في قبورهما) جمع القبور وإضافته إلى المثنى تحاشيًا عن

فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ»، ثُمَّ قَالَ «بَلَى، كَانَ أَحَدُهُمَا لاَ يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ، وَكَانَ الآخَرُ يَمْشِى بِالنَّمِيمَةِ». ثُمَّ دَعَا بِجَرِيدَةٍ فَكَسَرَهَا كِسْرَتَيْنِ، فَوَضَعَ عَلَى كُلِّ قَبْرٍ مِنْهُمَا كِسْرَةً. فَقِيلَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَ فَعَلْتَ هَذَا قَالَ «لَعَلَّهُ أَنْ يُخَفَّفَ عَنْهُمَا مَا لَمْ تَيْبَسَا أَوْ إِلَى أَنْ يَيْبَسَا». ـــــــــــــــــــــــــــــ تكرار لفظة التثنية كقوله تعالى: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4] (فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - يعذبان وما يعذبان في كبير، بلى كان أحدهما لا يستتر من بوله، وكان الآخر يمشي بالنميمة) وقد رواه بعده: "وما يعذبان في كبير وإنه لكبير" وفي رواية: "بل إنه كبير". والتوفيقُ بين النفي والإثبات بتغاير معنى الكبير، أي: لم يكن في زعمهما أنه كبير، ولكن كان كبيرًا عند الله، أو لم يكن ما فَعَلاَهُ تركه كبيرًا. أي: شاقًا على النفس كما في سائر المعاصي التي للنفس فيها لذةٌ وولوعٌ ليحتاج الإنسان في تركها إلى مشقة. وقوله: "لا يستتر"، بتاءين من فوق. وفي رواية: "لا يستنزه " بالزاي من النزاهة وهي البعدُ. وفي أخرى: "لا يستبرئ" من البراءة والمعنى واحدٌ. أي: كان لا يبالي بوصول رشاش البول إليه، وإنما كان كبيرةً؛ لأنه يؤدي إلى عدم صحة صلاته، أو لأنه مُشْعِرٌ بعدم مبالاته في الذين. وأما النميمة فهي نقلُ الكلامُ إلى من قيل فيه على وجه الإفساد. ولا شك أنه كبيرةٌ. وفي رواية الإمام أحمد والطبراني الغيبة مكان النميمة وهي كبيرة بنصّ القرآن. (فدَعَا بجريدةٍ) هي غصْنُ النخل إذا جُرّد عنه الخوص، فعيلة بمعنى المفعول. ذكر بالتاء لعدم ذكر موصوفه (فوضَعَ على كل قبرٍ منهم كِسْرةً) بكسر الكاف (لعله أن يخفف عنهما ما لم تيبسَا أو: إلى أن ييبسا) الشكُّ من ابن عباس، والضمير في: لعلَّ، للشأن، قيل: إنما قيد بتخفيف العذاب بدوام كونهما رطبين، لأن الرطب يسبِّح دون اليابس، لأن حياة الخشب برطوبته، وقيل: لأنه قبلت شفاعته تلك المدة، وقيل: لأنه كان يدعو لهما تلك المدة. هذا، وقد روى مسلم في آخر كتابه عن جابر في حديثه الطويل: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "قبلت شفاعتي فيهما ما دام القضيبان رطبَيْنِ". فإن قلتَ: ما رواه مسلم عن جابر كان ذلك في السفر؟ قلتُ: ليس في هذا الحديث ما ينافي ذلك، إلا أنه يُشْكِلُ بما رواه أحمد، وما قيل عن أنس: إن هذا كان في البقيع، فإن صَحَّ فلا بد من أن تكون القضية متعددة، والعمدةُ على ما في مسلم، وإبقاء شيء في قوله

58 - باب ما جاء فى غسل البول

58 - باب مَا جَاءَ فِي غَسْلِ الْبَوْلِ وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِصَاحِبِ الْقَبْرِ «كَانَ لاَ يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ». وَلَمْ يَذْكُرْ سِوَى بَوْلِ النَّاسِ. 217 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنِى رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنِى عَطَاءُ بْنُ أَبِى مَيْمُونَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا تَبَرَّزَ لِحَاجَتِهِ أَتَيْتُهُ بِمَاءٍ فَيَغْسِلُ بِهِ. 59 - بابٌ 218 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ مَرَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِقَبْرَيْنِ فَقَالَ «إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لاَ يَسْتَتِرُ مِنَ الْبَوْلِ، وَأَمَّا الآخَرُ ـــــــــــــــــــــــــــــ تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} [الإسراء: 44] على عمومه. ودل منطوق الحديث على ثبوت عذاب القبر. عافانا الله منه برحمته التي غَلَبَتْ غَضَبَهُ. باب: ما جاء في غسل البول أي في بيان وجوب غسله (وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لصاحب القبر) أي: عن صاحبه لا لأجله، ولم يذكر سوى بول الناس لما تقدَّم من قوله: "كان لا يستتر من بوله"، فاللامُ في القبر عوض عن الضمير، استدل عليه بحديث صاحب القبرين تارةً تعليقًا، وأخرى إسنادًا. 217 - (روح بن القاسمِ) بفتح الراء وسكون الواو (عن أنس بن مالك، كان رسول - صلى الله عليه وسلم - إذا تبرَّزَ لحاجته) أي: ذهَبَ إلى البراز وهو الفضاء، لأنه لم يكن في بيوتهم أخلية. (أتيتُهُ بماءٍ فيغتسل به) المحققون على أن اغتساله من البول وغيره لم يكن لنجاسةٍ، لأن ما كان نجسًا من غيره طاهر منه، إلا أنه كان يغسل منه تقذرًا كإزالة المخاط. 218 - (محمد بن المثنى) بضم الميم وتشديد النون (محمد بن خازم) بالخاء المعجمة (الأعمش) سليمان بن مهران (وما يعذبان في كبير).

60 - باب ترك النبى - صلى الله عليه وسلم - والناس الأعرابى حتى فرغ من بوله فى المسجد

فَكَانَ يَمْشِى بِالنَّمِيمَةِ». ثُمَّ أَخَذَ جَرِيدَةً رَطْبَةً، فَشَقَّهَا نِصْفَيْنِ، فَغَرَزَ فِي كُلِّ قَبْرٍ وَاحِدَةً. قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، لِمَ فَعَلْتَ هَذَا قَالَ «لَعَلَّهُ يُخَفَّفُ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا». قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى وَحَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ سَمِعْتُ مُجَاهِدًا مِثْلَهُ «يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ». 60 - باب تَرْكِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَالنَّاسِ الأَعْرَابِىَّ حَتَّى فَرَغَ مِنْ بَوْلِهِ فِي الْمَسْجِدِ 219 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى أَعْرَابِيًّا يَبُولُ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ «دَعُوهُ». حَتَّى إِذَا فَرَغَ دَعَا بِمَاءٍ فَصَبَّهُ عَلَيْهِ. أطرافه 221، 221 م، 6025 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلتَ: ذكر في الباب قبله: "بلى إنه كبير" ولم يذكر هنا؟ قلتُ: مثله يقع كثيرًا من تفاوت ضبط الرواة. وقيل: لأن هذا القول منه قبل الوحي بأنه كبير وذاك بعده، وليس بشيءٍ، لأن القضية واحدة، وما قال في شأنهما إنما قاله في تلك الحالة، قبل طلب الجريدتين، فكيف يتصور هناك قبلُ أو بعدُ؟. (قال ابن المثنى: حدثنا وكيع، حدثنا الأعمش، حدثنا مجاهد) فائدةُ ذكر هذا الإسناد مع أن شيخه هو ابن المثنى فيهما تصريح الأعمش بالتحديث فيه دون الأول، والأعمش مدلس إذا روى بلفظ السماع، أو ما في معناه ارتفع وَهْمُ التدليس، وأما أنه روى بلفظ قال هنا، وبلفظ حدثنا قبلُ، فلا فرق عند البخاري في ذلك، إلا إن قال: أكثر ما يقال فيما إذا سمع الحديث محاورةً ومذاكرةً لا تحميلًا. قال ابن عبد البر: لا عبرة بالحروف والألفاظ إنما العبرةُ باللقاء. وقال ابن الصلاح: الحكم بالاتصال على مذهب الجمهور باللقاء والإدراك. باب: ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - والناس الأعرابي حتي فَرَغَ من بوله الأعرابي: نسبةً إلى الأعراب وهم سكان البادية، جمعٌ لا مفرد له، والعربُ أهل الأمصار. قيل: اللام فيه للعهد الذهني، وليس كذلك. بل هو عهد خارجي، لأنه شخص معين، قيل: هو ذو الخويصرة، قاله أبو موسى، وقيل: الأقرع، وقيل: العيينة. 219 - (هَمّام) بفتح الهاء وتشديد الميم الأولى (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى أعرابيًّا يبول في المسجد، فقال: دعوه، حتى إذا فَرَغَ من بوله دعا بماءٍ فَصَبَّه عليه) وإنما قال: دعوه، لأنه لو

61 - باب صب الماء على البول فى المسجد

61 - باب صَبِّ الْمَاءِ عَلَى الْبَوْلِ فِي الْمَسْجِدِ 220 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ قَامَ أَعْرَابِىٌّ فَبَالَ فِي الْمَسْجِدِ فَتَنَاوَلَهُ النَّاسُ، فَقَالَ لَهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «دَعُوهُ وَهَرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ سَجْلاً مِنْ مَاءٍ، أَوْ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ، فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ، وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ». طرفه 6128 ـــــــــــــــــــــــــــــ قطعوا البول عليه قام وتلوث ثوبه وبدنه، وربما أصاب بوله مواضع أُخَر من المسجد، وإذا أزعجوه وهو أعرابي جِلْفٌ ينفر عن الإسلام، ولهذا جاء في رواية مسلم أنه لمّا فَرَغ من بوله دعاه وقال: "إن هذه المساجد لا تَصْلُحُ لشيء من هذه الأبوال والقذر، إنما هي لذكر الله وقراءة القرآن". ويذكر زيادةً على هذا في الباب بعده. باب: صب الماء على البول في المسجد 220 - (أبو اليمان) -بتخفيف النون- الحكم بن نافع (عُبيد الله بن عبد الله) الأول مصغر والثاني مكبَّر (أنَّ أعرابيًّا بال في المسجد فتناوله الناس) أي: سبوه، من النَوْل وهو العطاء؛ كأنهم أعطوه ما كان يستحقه من اللوم على ما فعل. (دعوه وهريقوا على بوله سجلًا من ماء) بفتح الهاء أي: أريقوا. الهاء بدلٌ عن الهمزة، ويروى: "وأهريقوا" بالهمزة والهاء، وقد سَبَق توجيه ذلك في قوله: "صبُّوا عليَّ من سبع قِرَب"، قال الجوهري: السجل هو الدلو الذي فيه الماء، قليل أو كثير ولفظه مذكر. والذَنُوب بفتح الذال المعجمة الدلو الملأى، ولفظه يذكر ويؤنث. قال ابنُ الأثير: السجل: الدلو الملأى والذَنُوب: الدلو العظيمة بشرط أن يكون فيها ماء، وما في الحديث بقول ابن الأثير أوفق، وذلك أنه لما قال: "سجلًا" استدرك، لئلا يتوهم أن طهارة المكان تتوقف على كون الدلو الملأى، وقيّده بالماء لأن سائر المائعات لا تقوم مقامه. (إنما بُعثتم ميسرين ولم تُبعَثوا مُعَسرين) المبعوث حقيقة هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولكن أمته مأمورون بالتبليغ، فكأنهم مبعوثون أيضًا، ونظير هذا قوله: {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} [الأعراف: 157].

62 - باب يهريق الماء على البول

221 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 62 - باب يُهَرِيقُ الْمَاءَ عَلَى الْبَوْلِ 221 م - حَدَّثَنَا خَالِدٌ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ جَاءَ أَعْرَابِىٌّ فَبَالَ فِي طَائِفَةِ الْمَسْجِدِ، فَزَجَرَهُ النَّاسُ، فَنَهَاهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَمَّا قَضَى بَوْلَهُ أَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِذَنُوبٍ مِنْ مَاءٍ، فَأُهْرِيقَ عَلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 221 - (عبْدان) على وزن شعبان، لقب واسمه عبد الله. 221 م- (وحدثنا خالد بن مَخْلَد) بفتح الميم وسكون الخاء (سليمان) هو ابن بلال (فنهاهمُ النبي - صلى الله عليه وسلم -). فإن قلت: قد تقدم أنه قال لهم: "دعوه" وهو أمرٌ، فكيف يجتمع مع النهي والقضية متحدة؟ قلتُ: مؤدى قوله: "دعوه" ومؤدى النهي عن إزعاجه شيء واحد. (فلما قضى بوله أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذَنُوب من ماءٍ فأُهريق عليه) بضم الهمزة وفتح الحاء، وقد نقلنا عن سيبويه أن هذه لغةٌ شاذة، كأسطاع بفتح الهمزة في أطاع. ومن فقه الحديث أن طهارة النجاسة إنما تكون بالماء لا غير. وما روي أن ذكاة الأرض يبسها حديث ضعيف عند أهل الحديث، كيف ولو كان كذلك، كان يأمرهم بأن يتركوه حتى ييبس، فإنه بصدد التيسير والبيان وقت الحاجة. وفيه أيضًا أن حفر الأرض أيضًا لا يشترط. وفي رواية ابن ماجه وابن حِبّان أن الأعرابي لما فقه في الإسلام كان يقول في شأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فداه أبي وأمي-: لم يؤنب ولم يسبّ.

63 - باب بول الصبيان

63 - باب بَوْلِ الصِّبْيَانِ 222 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ أُتِىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِصَبِىٍّ، فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ، فَدَعَا بِمَاءٍ فَأَتْبَعَهُ إِيَّاهُ. أطرافه 5468، 6002، 6355 223 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ أُمِّ قَيْسٍ بِنْتِ مِحْصَنٍ أَنَّهَا أَتَتْ بِابْنٍ لَهَا صَغِيرٍ، لَمْ يَأْكُلِ الطَّعَامَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَأَجْلَسَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي حِجْرِهِ، فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ، فَدَعَا بِمَاءٍ فَنَضَحَهُ وَلَمْ يَغْسِلْهُ. طرفه 5693 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: بول الصِّبْيَان بكسر الصاد وسكون الباء جمع صبي. ويُجمع على صِبوة وصِبية بكسر الصاد فيهما، ذكرهما ابنُ الأثير. من صبا يصبو إذا مال؛ لأنه يميل إلى كل ما رآه، والمصدر: الصبا. إن كسرتَ الصاد مددْتَهُ، وإن فتحته قَصَرْتَ. قال الجوهري: وأما صبأ مهموزًا معناه: خرج من دين إلى آخر. ومنه قول المشركين لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن تبعه: الصبأة. 222 - (عن هشام بن عروة) بكسر الهاء وضم العين (عن عائشة أنها قالت: أُتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصبي فبال على ثويه) قيل: هذا الصبي ابنُ الزبير، وقيل: حسن، وقيل: حسين، وقيل: سلمان بن هاشم. وَرَدَ بكل واحدٍ روايةٌ. وقيل: هو ابن أم قيس المذكور بعده (فدعا بماء فاتبعه إياه) أي: أتْبع الماءَ ما أصابه البولُ من ثوبه، بفتح الهمزة وسكون التاء. 223 - (عن عُبيد الله بن عبد الله) الأول مصغر والثاني مكَبّر (عن أم قيس) قال السهيلي: اسمُها آمنة بنت وهب بن محصن. وقال أبو عمرو: اسمُها خزامة. (أنها أتتْ بابنٍ لها لم يأكل الطعام إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأجلَسَهُ في حَجره) بفتح الحاء وكسرها (فبال على ثوبه، فدعا بماءٍ فنضحه ولم لغسله) النَّضْحُ -بالضاد المعجمة- الرشُّ،

64 - باب البول قائما وقاعدا

نسب ابن بطال إلى الشافعية: أن بول الصبي الذي لم يطعم طاهر عندهم، وأنكر عليه الشافعية، وقالوا: إنه ينجس عندنا إلا أنه يكفي النضح لتطهيره. 64 - باب الْبَوْلِ قَائِمًا وَقَاعِدًا 224 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ أَتَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - سُبَاطَةَ قَوْمٍ فَبَالَ قَائِمًا، ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ، فَجِئْتُهُ بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ. أطرافه 225، 226، 2471 ـــــــــــــــــــــــــــــ وإنما أردفه بقوله: ولم يغسله، لئلا يتوهم استعمال النضح في الغسل مجازًا. وفي رواية مسلم: فَرشّه ولم يغسل. استدل بالحديث الشافعيُ وأحمدُ واكتفيا في بول الصبي بالرش وقالا بالغسل من بول الجارية، لما روى الحاكم وأبو داود والنسائي وغيرهم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "يُغْسَلُ من بول الجارية، ويُرَشّ من بول الغلام". قيل: والحكمة في الفرق بين الجارية والغلام أن بول الغلام أخفّ؛ فإن بول الجارية أشدّ لُزُوجةً. وقيّد الغلام بأنه لم يكن أكل الطعام على وجه الغذاء لأن بوله يغَلظ حينئذٍ فسقط ما توهمه الطحاوي من أن المراد بالنضح الغسل، وأي وجه لقوله: ولم يغسله، بعد قول: نضحه، وسقط أيضًا ما قاله القاضي وابن بَطّال من أن من اكتفى بالرش في بول الغلام، ذَهَبَ إلى طهارة بوله. قال النووي: لا خلاف في نجاسة بول الصبي. باب: البول قائمًا وقاعدًا 224 - (عن أبي وائل) شقيق بن سَلَمة (عن حذيفة) بضم الحاء بعدها ذال معجمة على وزن المصغر (أتى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - سُبَاطةَ قومٍ) -بضم السين- المزبلة الموضع الذي تلقى فيه

65 - باب البول عند صاحبه والتستر بالحائط

65 - باب الْبَوْلِ عِنْدَ صَاحِبِهِ وَالتَّسَتُّرِ بِالْحَائِطِ 225 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ رَأَيْتُنِى أَنَا وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - نَتَمَاشَى، فَأَتَى سُبَاطَةَ قَوْمٍ خَلْفَ حَائِطٍ، فَقَامَ كَمَا يَقُومُ أَحَدُكُمْ فَبَالَ، فَانْتَبَذْتُ مِنْهُ، فَأَشَارَ إِلَىَّ فَجِئْتُهُ، فَقُمْتُ عِنْدَ عَقِبِهِ حَتَّى فَرَغَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أوساخ المنازل كانت مواتًا، وإضافتُها إلى القوم لأدنى ملابسةٍ قاله ابن الأثير. فلا حاجة إلى التكلُّفِ بأن القوم أذنوا له صريحًا أو دلالةً، واختلفوا في توجيه بوله قائمًا: قيل: كان بمَأبضه وجع. والمأبض: بفتح الميم وسكون الهمزة وباء موحدة: باطن الركبة، وقيل: لوجع في صُلْبه. والعربُ تستشفي من ذلك بالبول قائمًا. وهذا منقولٌ عن الشافعي. وقيل: كان المكان نجسًا، فلو جَلَس لتلوث. وقيل: لأن السُبَاطة لا يوجد فيها مكانٌ مستوٍ يصلح للجلوس، أو فعله تشريعًا، وما يقال: كان شأنه التباعُدُ عن الناس بفناء البيوت، ولم يَبْعُدْ لأن أوقاته كانت مستغرقة لمصالح الناس، فرُبّما كان مضطرًا إلى ذلك، يردَّه قولُ حذيفة في الباب الذي بعده: رأيتني أنا والنبي - صلى الله عليه وسلم - نتماشى، فأتى سباطة قومٍ. فإن قلت: ذكر في الترجمة القيامَ والقعود ولم يذكُرْ للقعود حديثًا؟ قلتُ: القعودُ حال معلوم، فلا يحتاج إلى دليل، وإنما ذكره دلالةً على أن الجواز في الحالين لا يتفاوتُ. فإن قلتَ: ما فائدةُ قول حذيفة: فقام كما يقوم أحدكم فبَالَ؟ قلتُ: كان دأب العرب أن لا يبول الرجلُ إلا قائمًا. وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخالفهم في ذلك. رواه ابن ماجه وغيره. فقولُ حذيفة إشارةٌ إلى ذلك. باب: البول عند صاحبه والتستر بالحائط أي: بول الرجل عند صاحبه. 225 - (جرير) بفتح الجيم (رأيتُني) -بضم التاء- وكونُ الفاعل والمفعول شيئًا واحدًا من خصائص أفعال القلوب؛ لأن علم الإنسان بحال نفسه أشدُّ وألْصَقُ من غيره، فلا يسبق الوهم إلى الخطاب بخلاف مثل الضرب، فإن الأمرَ بالعكس. ولذلك جاز الجمع في غير

66 - باب البول عند سباطة قوم

66 - باب الْبَوْلِ عِنْدَ سُبَاطَةِ قَوْمٍ 226 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ قَالَ كَانَ أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِىُّ يُشَدِّدُ فِي الْبَوْلِ وَيَقُولُ إِنَّ بَنِى إِسْرَائِيلَ كَانَ إِذَا أَصَابَ ثَوْبَ أَحَدِهِمْ قَرَضَهُ. فَقَالَ حُذَيْفَةُ لَيْتَهُ أَمْسَكَ، أَتَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سُبَاطَةَ قَوْمٍ فَبَالَ قَائِمًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ أفعال القلوب، إذا انفصل الضمير لانتفاء المحذور نحو: ظلمت إياي. (أنا والنبي - صلى الله عليه وسلم -) يجوزُ فيه الرفعُ على العطف، والنصبُ على أنه مفعولٌ معه (نتماشى، فأتى سباطة قومٍ، فقام كما يقوم أحدكم) أي: قيامًا متعارفًا من غير انحناء ولا تَغَيُّر وضع. وقد أشرنا إلى تفسير العقد في آخر الباب الذي قبله (فبال) أي: شرع في إراقة البول. (فانتبذت منه) أي: تنحيتُ عنه غير بعيدٍ -بالذال المعجمة- من النبذة -بكسر النون وفتحها- وهو الشيء القليلُ (فأشار إلي فجئته، فقُمتُ عند عقبه حتى فَرَغَ) إنما تنَحّى عنه أولًا؛ لأنه المتعارف وإشارته إليه ليقرب منه؛ لأَنْ يأمره بإحضار الماء كما تقدم في الباب قبله (ثم دعا بماءٍ). وقيل: إنما دعاه ليستره عن الناس. وفيه نظرٌ؛ إذ لو كان كذلك لم يذهب حذيفةُ لطلب الماء. وقد أشار البخاري إلى أن الستر كان بالحائط وهو صريح فيما ذكرناه، وقد ذكروا أشياء لا تناسبُ جلاله قدر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعرضنا عنها. باب: البول عند سباطة قومٍ 226 - (محمد بن عَرْعَرة) بفتح العينين وسكون الراء الأولى وفتح الثانية على وزن القنطرة (عن أبي وائل) شقيق بن سَلَمة (أبو موسى الأشعري) نسبةً إلى جده الأعلى أشعر بن سبا بن يشحب بن قحطان. (يشدّد في البول) أي: في الاحتياط عن وصول شيءٍ من البول (ويقول: إن بني إسرائيل كان إذا أصاب ثوبَ أحدهم قَرَّضَه) ويروى في بعض الروايات: "جلده" مكان: "ثوبه". قال القرطبي: يريد الجلد الذى كان يلبسه والحقُ: أنه أراد جلد نفسه (فقال حذيفة ليته أمسك) أي: عن التشديد. وفيه دليل على أن ليت تستعمل في الممكن. واستدل على ما قاله بقوله: (أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سباطة قومٍ فبال قائمًا) وجهُ الاستدلال أن من يبول قائمًا فلا يسلم عن لُحوق

67 - باب غسل الدم

67 - باب غَسْلِ الدَّمِ 227 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ قَالَ حَدَّثَتْنِى فَاطِمَةُ عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ جَاءَتِ امْرَأَةٌ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ أَرَأَيْتَ إِحْدَانَا تَحِيضُ فِي الثَّوْبِ كَيْفَ ـــــــــــــــــــــــــــــ رشاش. وإذا فعل هذا من هو أعلم الناس وأتقاهم مع قول: "الدين يسر ولن يُشَادَّ الدينَ أحدٌ إلا غَلَبَهُ" فلا وجه للتشديد. وأما قياس أبي موسى فلم يكن في موضعه؛ لأنه في مقابلة النص، كيف ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما بُعث ليضَعَ الإصر والأغلال التي كانت على بني إسرائيل. هذا، وقد كره أكثرُ الأئمة البول قائمًا. والتقوى فوق الفتوى "دعْ ما يَربيك إلى ما لا يَرِيبُ". باب: غسل الدم 227 - (يحيى) هو القطان (هشام) -بكسر الهاء- هو ابن عروة (فاطمة) هي بنت المنذر (جاءت امرأةٌ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - روى الشافعي عن سفيان عن هشام: أن هذه المرأة هي أسماء بنت أبي بكر راوية الحديث. وقيل: أسماء بنت يزيد الليثي. وفي رواية مسلم صريحًا هي أسماء بنت شكل (أرأيت إحدانا تحيض في الثوب) أي: أخبرني عن حكم ذلك، لأن الرؤية سواء كانت رؤية البصر، أو بمعنى العلم سبب للإخبار. وفي العدول عن صريح أخبرني، إجلال المخاطب عن توجيه الأمر إليه، والاستفهام والأمر يشاركان في مطلق الطلب وفي قولها: إحدانا، دون الإسناد إلى نفسها فائدتان: إحداهما: شناعة إسناد الحيض إلى نفسها في تلك الحضرة. الثانية: عموم الحكم للكافة.

تَصْنَعُ قَالَ «تَحُتُّهُ، ثُمَّ تَقْرُصُهُ بِالْمَاءِ، وَتَنْضَحُهُ وَتُصَلِّى فِيهِ». طرفه 307 228 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ جَاءَتْ فَاطِمَةُ ابْنَةُ أَبِى حُبَيْشٍ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فَلاَ أَطْهُرُ، أَفَأَدَعُ الصَّلاَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ، إِنَّمَا ذَلِكِ عِرْقٌ، وَلَيْسَ بِحَيْضٍ، فَإِذَا أَقْبَلَتْ حَيْضَتُكِ فَدَعِى الصَّلاَةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِى ـــــــــــــــــــــــــــــ (قال: تحتُّهُ ثم تقرصه وتنضحه وتصلي فيه) الحتُّ -بتاء مثناة فوق-: قلعُهُ بالظفر ونحوه، والحك والقشر والحتُّ بمعنى واحد، والقرصُ بالصاد المهملة وكذا التقريص الدلك بالأصابع والأظفار مع صب الماء. وتنضحه أي: تغسله بقرينة المقام فإن الرش لا يمكن في مثله، لأن الطهارة لا تحصُل به. ولعل إيثار لفظ النضح إشارة إلى أن بعد الحت والقرص لا يحتاج إلى تكثير الماء. (وتصلي فيه) فائدةُ ذكر الصلاة للإشارة إلى كمال الطهارة. وفي الحديث دلالةٌ ظاهرةٌ على أن قليل الدم وكثيره سواء. 228 - (محمد هو ابن سَلاَم) بتخفيف اللام (أبو معاوية) هو الضرير، محمد بن خازم بخاء معجمة ليس في الأسماء خازم بالخاء المعجمة غيره (فاطمة بنت أبي حُبيش) بضم الحاء على وزن المصغر الأسدية القريشية، من المهاجرات الأوَل (فقالت: يا رسول الله إني امرأة أستحاض) -بضم الهمزة وفتح التاء- على صيغة المجهول، والاستحاضة استمرار الدم بالمرأة فوق العادة، والسينُ للطلب، كان الدم يطالبها كل حين. (فلا أطهرُ أفأدع الصلاةَ؟ فقال: لا. إنما ذلكِ عِرْقٌ) -بكسر الكاف- لأنه خطابُ الإناث. قال ابنُ الأثير رواية عن ابن عباس: إن ذلك العِرْقَ يُسمَّى عاذلًا بالذال المعجمة، وقيل: عاذرًا -بالراء- كأنه يعذر المرأة أي: يجعلها ذات عذر. قال الجوهري: والعاذر لغة في العاذل وهو عرق الاستحاضة. (فإذا أقبلَتْ حيضتكِ) -بفتح الحاء- المرة الواحدة من نوب الحيض هو الرواية، وأما

68 - باب غسل المنى وفركه وغسل ما يصيب من المرأة

عَنْكِ الدَّمَ ثُمَّ صَلِّى». قَالَ وَقَالَ أَبِى «ثُمَّ تَوَضَّئِى لِكُلِّ صَلاَةٍ، حَتَّى يَجِئَ ذَلِكَ الْوَقْتُ». 68 - باب غَسْلِ الْمَنِىِّ وَفَرْكِهِ وَغَسْلِ مَا يُصِيبُ مِنَ الْمَرْأَةِ 229 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ الْجَزَرِىُّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــ الكسر فهي الحالةُ التي شأن الحيض من النساء، وكذا أنواع دم الحيض، ويطلق على خرقة الحائض ومنه قول عائشة: ليتني كنتُ حيضة ملقاة، ويعلم المراد من السياق. وقوله: "إذا أقبلت" يدل على أنها قبل الاستحاضة، كانت لها عادة في الحيض، أو تمييز بين الدماء، وإنما أمرها بغسل الدم؛ لئلا تظن أن تركه رخصة في حقها. فإن قلت: لا بد مع غسل الدم في الغسل أيضًا ولم يذكره؟ قلتُ: الغسلُ من الحيض أمرٌ معلوم عند النساء فلا حاجة إلى ذكره. (وقال أبي: ثم توضئي لكل صلاة) فاعل قال هذا هشام، وإنما أمرها بالوضوء لكل صلاة؛ لأن الاستحاضة حدث دائم كسلس البول، وقوله: (قال أبي: توضئي لكل صلاة) مرفوعٌ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رفعه النَسَائي وغيره (2)، فلا وجه للتردد فيه، والاستدلال عليه بالسياق. قال الخَطّابي: استدل بهذا الحديث بعضُ أهل العراق على أن الخارج من غير السبيلين إذا كان نجسًا يوجب الوضوءَ، وذلك أن هذا دم العرق، وقد أوجب فيه الوضوء، ولا يخفى ضَعْفُهُ، لأنه وإن كان من العرق إلا أنه خارجٌ من أحد السبيلين. باب: غسل المني وفركه وغسل ما يصيب من المرأة 229 - (عبدان) بالدال المهملة على وزن شعبان (عمرو بن ميمون) الكوفي (الجزري)، (سليمان بن يسار) ضد اليمين.

كُنْتُ أَغْسِلُ الْجَنَابَةَ مِنْ ثَوْبِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَيَخْرُجُ إِلَى الصَّلاَةِ، وَإِنَّ بُقَعَ الْمَاءِ فِي ثَوْبِهِ. أطرافه 230، 231، 232 ـــــــــــــــــــــــــــــ (كنتُ أغسل الجنابة) أي: ما يوجب الجنابة وهو المني لا غير (فيخرجُ إلى الصلاة وإن [بقع] الماء في ثويه) جمع بقعة وهي القطعةُ الممتازة من الشيء. والمراد علامة الغسل في مواضع من ثويه. استدل بالحديث من قال بنجاسة المني؛ لأن سؤال السائل كان عن حكم المني من كونه طاهرًا أو نجسًا. فالجوابُ بالغسل ظاهر في نجاسته. واستدل على طهارته من قال بطهارته بما رواه مسلم عن عائشة: لقد كنتُ أفركه من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولو كان نجسًا لم ينفع الفركُ، بل لزم غسله. والقولُ بوجوب الغسل رطبًا والفرك يابسًا يشكلُ بالدم وسائر النجاسات. والظاهرُ أنها كانت تغسله إذا كان رطبًا لئلا يتلوث به سائر المواضع. وأيضًا هو أصل وجود الأنبياء والرسل، فلا يليقُ أن يكون غير طاهر. وما يقال من: أنه كما هو أصل الأنبياء، فكذلك هو أصل الكفار مما لا يُلتفت إليه، إذ كم شرف ناله من كان خسيسًا بواسطة الأشراف. وفي الجملة: المسألة اجتهادية. قال بنجاسته مالكٌ وأبو حنيفة رحمه الله، وبطهارته أحمدُ والشافعي. فإن قلتَ: ذكر في الترجمة الفرك وما يصيب من المرأة ولم يرو لهما حديثًا؟ قلت: الفرك ربما لم يقع له به رواية وقد روينا آنفًا عن مسلم وأما ما يصيب من المرأة فحديث الباب دل عليه؛ لأن المني الذي أصاب ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يجوزُ أن يكون من الاحتلام، وإذا كان من الوِقاع لا بد وأن يكون معه شيءٌ من رطوبة المرأة. فإن قلت: ربما يكون نازلًا من التلاعب؟ قلت: لفظ: كان، في قولها: كنتُ، يدل على الاستمرار. فإن قلت: فما حكمُ مني سائر الحيوانات؟ قلتُ: من قال بطهارته من الإنسان قال بطهارته من غيره، سواء كان مأكول اللحم أو لا سوى الكلب والخنزير وما يتولد من أحدهما ومن غيره. قاله النووي.

69 - باب إذا غسل الجنابة أو غيرها فلم يذهب أثره

230 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرٌو عَنْ سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ عَائِشَةَ ح وَحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنِ الْمَنِىِّ يُصِيبُ الثَّوْبَ فَقَالَتْ كُنْتُ أَغْسِلُهُ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَيَخْرُجُ إِلَى الصَّلاَةِ وَأَثَرُ الْغَسْلِ فِي ثَوْبِهِ بُقَعُ الْمَاءِ. 69 - باب إِذَا غَسَلَ الْجَنَابَةَ أَوْ غَيْرَهَا فَلَمْ يَذْهَبْ أَثَرُهُ 231 - حَدَّثَنَا مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ قَالَ سَأَلْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ فِي الثَّوْبِ تُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ كُنْتُ أَغْسِلُهُ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى الصَّلاَةِ وَأَثَرُ الْغَسْلِ فِيهِ بُقَعُ الْمَاءِ. 232 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَغْسِلُ الْمَنِىَّ مِنْ ثَوْبِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ أَرَاهُ فِيهِ بُقْعَةً أَوْ بُقَعًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ 230 - (قُتيبة بن سعيد) بضم القاف على وزن المصغر (يزيد) من الزيادة. قال الغَسّاني: نَسَبَهُ ابنُ السكن والكلاباذي يزيد بن زريع، أبو معاوية البصري. وقال أبو مسعود الدمشقي وأبو نصر الحافظ: يزيد بن هارون. قال أبو نصر: وهذا الحديث محفوظ عنه. قلتُ: كلاهما منه، وقُتيبة يروي عن كل واحد منهما. (مسدّد) بضم الميم وفتح الدال المشددة (فيخرجُ إلى الصلاة وأثرُ النسل في ثويه بقع الماء) بالرفع بدل من أثر الماء وهو الرواية. ويجوزُ النصب بتقدير أعني وشرحُ الحديث ما تقدم. باب: اذا غسل الجنابة أو غيرها فلم يذهب أثره 231 - (عمرو بن خالد) هو الحراني الثقة، وليس عمرو بن خالد القريشي. قال الذهبي: روى عنه جماعةٌ وكذبوه. 232 - (عن عائشة أنها كانت تغسل المني من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم أراه فيه بقعة أو بقعًا) وقد روي بُقَعًا. من غير شك في الباب الذي قبله، والضمير في أراه للثوب، لأن الكلام فيه، ولأنَّ ضمير فيه بعده للثوب، فلا وجه لجعله لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وسوق الحديث

70 - باب أبوال الإبل والدواب والغنم ومرابضها

70 - باب أَبْوَالِ الإِبِلِ وَالدَّوَابِّ وَالْغَنَمِ وَمَرَابِضِهَا وَصَلَّى أَبُو مُوسَى فِي دَارِ الْبَرِيدِ ـــــــــــــــــــــــــــــ للدلالة على أن بقاء لون النجس لا يقدح في طهارة الثوب. فإن قلتَ: ذكر في الباب الذي قبله وأن بقع الماء في ثوبه. وإذا كانت البُقَع للماء فلا دلالة فيه على أن بقاء اللون لا يضرّ؟ قلتُ: قوله هنا لم يذهب أثره، دليل على أن المراد بالبُقَع آثار المني. فإن قلتَ: هَبْ أن هذا دليلٌ على أن بقاء اللون لا يقدح من أين .... أن بقاء الرائحة أيضًا لا يقدح؟ قلتُ: إذا لم يقدح بقاء اللون فبقاء الرائحة من باب الأولى؛ لأن زوال الرائحة أشد عسرًا من اللون ألا ترى أنها تبقى مع المجاورة. فإن قلتَ: فهلا الطعم باللون والرائحة؟ قلت: إزالة الطعم ليس في ذلك العسر، فلم يكن في معنى اللون والرائحة. فإن قلت: في الترجمة غير المني ولم يروِ له حديثًا؟ قلتُ: عُلم حاله من حكم المني، إذ لا خلاف بين أفراد الجنس إلا الكلب والخنزير، أو أشار إلى حديثٍ رواه أبو داود ولم يكن على شرطه، وهو ما رواه أبو هريرة أن خولَة بنت يسار سألتْ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن دم الحيض. فقال: "لا يضرك بقاءُ أثره". باب: أبوال الإبل والدواب والغنم ومرابضها الإبل اسم جمع لا واحد له من لفظه، يطلق على الذكر والأنثى، ويجوزُ إسكان بائه. والدواب جمع دابة، وهي لغةً كل ما يدب على الأرض ويمشي. قاله الجوهري. والظاهر أن المراد بالدواب دوابُ الحوافر من الخيل والبغال والحمير كما هو المتعارف، ولذلك ذكرها بين الإبل والغنم، وأما جعله من عطف العام على الخاص، ثم ذكر خاص آخر بعده، تطويل بلا فائدة. ومرابضها أي: مرابض الغنم، أي: مأواها (صلى أبو موسى الأشعري في دار البريد) -بفتح الباء وكسر الراء- فيه رباط على الطريق للقصَّاء الذي يذهبون في مهمات الملوك، كلمة فارسية أصلها بريدة دم، لأن الدواب التي كانت تربط في تلك المواضع كانت محذوفة

وَالسِّرْقِينِ وَالْبَرِّيَّةُ إِلَى جَنْبِهِ فَقَالَ هَا هُنَا وَثَمَّ سَوَاءٌ. 233 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَدِمَ أُنَاسٌ مِنْ عُكْلٍ أَوْ عُرَيْنَةَ، فَاجْتَوَوُا الْمَدِينَةَ، فَأَمَرَهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِلِقَاحٍ، وَأَنْ يَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا، فَانْطَلَقُوا، فَلَمَّا صَحُّوا قَتَلُوا رَاعِىَ ـــــــــــــــــــــــــــــ الأذناب، لتكون أسرع سيرًا، أو ليكون غير محتاج إلى شدّ أذنابها، ثم بعد التقريب أطلق على الرسول، ثم على المنزل مجازًا في الدرجة الثانية، وفي الحديث "لا تقصر الصلاة في أقل من أربعة بُرُد" وهي ستة عشر فرسخًا، فعلى هذا كل بريد أربعة فراسخ. (والسرقين) عطف على البريد، أي: صلى في دار السرقين -بفتح السين وكسرها معرب سركين- الزبل، بحرف بين القاف والجيم (والبرية لجنبه) أي: الفضاء، كأنها قطعة من الأرض نسبت إلى البر (فقال هاهنا وثم سواء) إن أراد البخاري أن أبوال الدواب كلهما والأرواث طاهرة، وهو الظاهر من سوق الكلام فذاك غير لازم، لجواز أن يكون بين المصلي وبين الروث حائل كالبساط ونحوه وهو الظاهر والأكثر. 233 - (سليمان بن حرب) ضد الصلح (حماد بن زيد) بفتح الحاء وتشديد الميم (عن أبي قِلابة) -بكسر القاف- عبد الله بن زيد الجرمي (قدم ناس من عكل أو عرينه) بضم العين فيهما، وعرينة -على وزن المصغر- قبيلتان من الأعراب، عكل من عدنان، وعرينة من قحطان، ومن قال هم عرينة فقد غلط. قيل: كان قدومهم سنة ست وعددهم ثمانية نفر (فاجتووا المدينة) أي: استوخموها، افتعال من الجوي. قال ابنُ الأثير: والجوي مرض البطن إذا تطاول (فأمرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - باللقاح) أي: أمرهم بالخروج من المدينة والإقامة عند اللقاح -بكسر اللام- جمع لَقُوح -بفتح اللام- وهي ذات اللبن من الإبل. (وأن يشربوا) عطف على اللقاح وليس من قبيل: أعجبني زيد وكرمه؛ لأن الغرض ليس

النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَاسْتَاقُوا النَّعَمَ، فَجَاءَ الْخَبَرُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ، فَبَعَثَ فِي آثَارِهِمْ، فَلَمَّا ارْتَفَعَ النَّهَارُ جِئَ بِهِمْ، فَأَمَرَ فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ، وَسُمِرَتْ أَعْيُنُهُمْ، وَأُلْقُوا فِي الْحَرَّةِ يَسْتَسْقُونَ فَلاَ يُسْقَوْنَ. قَالَ أَبُو قِلاَبَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ شرب الأبوال والألبان، بل الإقامة هناك مع الشرب. فلو جعل من قبيل: أعجبني زيد وكرمه، يكون من قبيل بدل الاشتمال مع الواو وفسد المعنى. فإن قلت: هذه اللقاح لمن كانت؟ قلتُ: صَرّح في باب المحاربين، أنها كانت إبل الصدقة، وكذا بَوَّب عليه في كتاب الزكاة (2). فإن قلت: كيف خَصَّ شرب الألبان منها بطائفة من مصارف الزكاة؟ قلتُ: لم يَخُصَّهم بذلك بل صرف طائفة منها عليهم على أن للإمام أن يفعل ذلك إذا رأى المصلحة كذا قيل: وفيه نظر. فإن قلتَ: قد جاء الرواية بأنها كانت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قلت: تلك الرواية مؤولة بأنها كانت في حكمه وتحت تصرفه. واستدل به من قال بطهارة بول ما يؤكل لحمه. وإليه ذهب مالك وأحمدُ في رواية ولا دلالة فيه؛ لأنه كان للتداوي، قال النووي: والتداوي بالنجس جائز ما عدا الخمر (فأصبرهم فقُطعت أيديهم وأرجلهم، وسُمِّرت أعينُهم) -بضم السين والتشديد- على بناء المجهول قال النووي: كذا ضبطوه. وقال المنذري: والتخفيفُ أشهر ومعناه: كحلت أعينهم بمسامر محماة. ويروى: سملت، باللام. قال ابنُ الأثير: والمعنى واحد. (وألقوا في الحرة) أرضٌ ذاتُ حجارةٍ سود. والمراد: إحدى حرتَيْ المدينة الشريفة (يستقون فلا يُسْقَون) قيل: إنما فعل بهم ذلك لأنهم فعلوا براعي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يسار مثل ما فعل، فجرى ذلك على وجه القصاص. وقيل: هذا كان قبل نزول الحدود، والحديث منسوخ، والصوابُ هو الأول لما رواه مسلم في بعض طرقه، وكذا رواه ابنُ إسحاق وموسى بن عُقْبة في السِّيَر، وكذا رواه الترمذي وأصحابُ

71 - باب ما يقع من النجاسات فى السمن والماء

فَهَؤُلاَءِ سَرَقُوا وَقَتَلُوا وَكَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ، وَحَارَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ. أطرافه 1501، 3018، 4192، 4193، 4610، 5685، 5686، 5727، 6802، 6803، 6804، 6805، 6899 234 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو التَّيَّاحِ يَزِيدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى قَبْلَ أَنْ يُبْنَى الْمَسْجِدُ فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ. أطرافه 428، 429، 1868، 2106، 2771، 2774، 2779، 3932 71 - باب مَا يَقَعُ مِنَ النَّجَاسَاتِ فِي السَّمْنِ وَالْمَاءِ وَقَالَ الزُّهْرِىُّ لاَ بَأْسَ بِالْمَاءِ مَا لَمْ يُغَيِّرْهُ طَعْمٌ أَوْ رِيحٌ أَوْ لَوْنٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ السنن. وعدم السقي ليس في الحديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمَرَ بذلك، ولئن سُلّم فليس للمرتد حرمةٌ. وإليه أشار أبو قِلابة بقوله: (هؤلاء سرقوا وقتلوا وكفروا بعد إيمانهم). فإن قلتَ: سوقهم الإبل بعد قتل الراعي لم يكن سرقةً؟ قلتُ: صورتُه تشبه السرقة. قال بعض الشارحين: الإبل إما كانت ملك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو كانت من بيت المال، أو مشتركة. وقد نقلنا أن البخاري صَرّح بأنها كانت إبل الصدقة، فلا وجهَ لهذا الكلام. 234 - (أبو التيّاح) بالفوقانية ثم تحتانية مشددة. كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي قبل أن يُبنى المسجد في مرابض الغنم) أراد بالمسجد: مسجدَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فاللام فيه للعهد. باب: ما يقع من النجاسات في السَّمْن والماء (قال الزهري: لا بأس بالماء ما لم يغيره طعم أو لون أو رائحة) أي: لا يتنجس الماءُ بوقوع النجاسة إلا بعد تغير الماء بملاقاة النجس، وتغير أحد أوصافه. قال بعضهم: يحتمل كلام الزهري أمرين:

وَقَالَ حَمَّادٌ لاَ بَأْسَ بِرِيشِ الْمَيْتَةِ. وَقَالَ الزُّهْرِىُّ فِي عِظَامِ الْمَوْتَى نَحْوَ الْفِيلِ وَغَيْرِهِ أَدْرَكْتُ نَاسًا مِنْ سَلَفِ الْعُلَمَاءِ يَمْتَشِطُونَ بِهَا، وَيَدَّهِنُونَ فِيهَا، لاَ يَرَوْنَ بِهِ بَأْسًا. وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ وَإِبْرَاهِيمُ وَلاَ بَأْسَ بِتِجَارَةِ الْعَاجِ. 235 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ عَنْ فَأْرَةٍ سَقَطَتْ فِي سَمْنٍ فَقَالَ «أَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا فَاطْرَحُوهُ. وَكُلُوا سَمْنَكُمْ». أطرافه 236، 5538، 5539، 5540 ـــــــــــــــــــــــــــــ أحدهما: ما لم يغير النجس الماء عما خلق عليه بتغيير أحد أوصافه. والثاني: أن يكون المعنى ما لم يغير الماء طعم النجس. ويلزم منه تغير طعم الماء. ثم قال: وفي الجملة في لفظ الزهري تعقيد. وأنا أقول: التعقيدُ إنما هو في عباراتك الركيكة، وهل يذهب عاقل إلى أن مثل الزهري يريد بقوله: لا بأس بالماء ما لم يغيره طعم أن الماء يغير طعم النجس، وهَبْ أن يقال في الطعم ذلك، فكيف يتصوّر في اللون والريح، وأي لون للماء أو ريح؟ ثم بنى على ذلك خيالات، وقد ذهب مالك في قولٍ إلى ما ذهب إليه الزهري، واختاره الغزالي في "الإحياء". (وقال حَمّاد) -بفتح الحاء وتشديد الميم- هو ابن أبي سليمان، شيخُ أبي حنيفة رحمه الله تعالى (لا بأس بريش الميت) وبه قال أبو حنيفة، وكذا عظمُ الميت، وقال بنجاسته الشافعيُّ. دَليل الأول: أنها لا تحل فيها الحياةُ، ولذلك لا يتألم بقطعه، ودليلُ الثاني: النشوز والنماء. وقال مالك: عظم الفيل ونحوه طاهر إذا ذُكِّي. (وقال ابنُ سيربن وإبراهيم) هو النخعي (لا بأس بتجارة العاج) فدل على طهارته، واستدل بما رُوي: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان له مُشْط من العاج. وأجاب الشافعي بأن ذلك كان من ظهر السحفاة البحرية، والعاجُ يُطلق على ذلك أيضًا. ذكره الجوهريُ. 235 - (عن ابن عباس عن ميمونة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سُئل عن فأرة سقطتْ في سَمْنٍ فقال: أَلْقوها وما حولها، وكُلُوا سَمْنَكم) هذا إذا كان جامدًا. كذا رواه أبو داود وابن

236 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا مَعْنٌ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ عَنْ فَأْرَةٍ سَقَطَتْ فِي سَمْنٍ فَقَالَ «خُذُوهَا وَمَا حَوْلَهَا فَاطْرَحُوهُ». قَالَ مَعْنٌ حَدَّثَنَا مَالِكٌ مَا لاَ أُحْصِيهِ يَقُولُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ. 237 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «كُلُّ كَلْمٍ يُكْلَمُهُ الْمُسْلِمُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَكُونُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَهَيْئَتِهَا إِذْ طُعِنَتْ، تَفَجَّرُ دَمًا، اللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ، وَالْعَرْفُ عَرْفُ الْمِسْكِ». طرفاه 2803، 5533 ـــــــــــــــــــــــــــــ حِبّان، وكذا كل ما كان جامدًا مثله، والحكمةُ في ذلك: أن المائع يسري فيه كالماء بخلاف الجامد، فإنه بمثابة التراب. 236 - (قال مَعْن) بفتح الميم وسكون العين (حدثنا مالكٌ ما لا أُحصيه) أي: لا أقدر على عده بقولٍ (عن ابن عباس عن ميمونة) قوله: قال معن، داخلٌ تحت الإسناد من كلام علي بن عبد الله يريد به الردّ على من يزعمُ أن هذا الحديث من مسندات ابن عباس. 237 - (مَعْمَر) بفتح الميم وسكون العين (هَمَّام) بفتح الهاء وتشديد الميم (مُنَبّه) بضم الميم وباء مشددة مكسورة. (كلُّ كَلم يَكْلَمُهُ المسلمُ في سبيل الله، يكون يوم القيامة كهيئتها إذا طعنت تفجر دمًا، اللون لون الدم، والعَرْفُ عَرْفُ المسك) الكَلْمُ -بفتح الكاف وسكون اللام-: الجراحة ولذلك أنث الضمير في قوله: "كهيئتها". ويُكْلَم -بضم الياء على بناء المجهول-: والعَرْف -بفتح العين وسكون الراء- الرائحة، أيَّة رائحة كانت. قاله الجوهري، إلا أن أكثر ما يطلق على الرائحة الطيبة. والمسك: لفظ معرب قاله الجوهري: وكانت العربُ تقول له: المشموم. ولقد بالغ في التشبيه من وجوه: حذف أداة التشبيه، وكون الجراحة على هيئتها عند الطعن بعد هذه المدة المتطاولة، وصيغة التفعل في تفجر الدالة على الكثرةِ. والطعنُ: الضربُ بالرمح. أُريدَ به مطلق الضرب، من إطلاق المقيّد على المطلق مجازًا مرسلًا.

72 - باب البول فى الماء الدائم

72 - باب الْبَوْلِ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ 238 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الزِّنَادِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ هُرْمُزَ الأَعْرَجَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ». أطرافه 876، 896، 2956، 3486، 6624، 6887، 7036، 7495 ـــــــــــــــــــــــــــــ والضمير في طعنت للجراحة، إما بإيصال الفعل بعد حذف المضاف، أو على جعل الجراحة مجروحة مجازًا. فإن قلت: "إذا" -في قوله: "إذا طعنت"- للاستقبال. والمعنى المضي؟ قلتُ: في أكثر النسخ: إذ، بدون الألف، وعلى تلك النسخة أُريدَ بها مجرَّد الوقت. مثله ما قال سيبويه: [في] إذا، يقعد زيدٌ إذا يقوم عمرو، على أنها جاءت للمضي أيضًا. قال: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا} [الجمعة: 11] وقيل: أُوثِرَ إذا على إذ، استحضارًا للصفات. قلت: استحضار الصورة إنما يكون بلفظ المضارع. فإن قلتَ: أي مناسبة لهذا الحديث وهو وقوعُ النجس في الماء ونحوه للترجمة؟ قلتُ: إشارة إلى أن القياس كان في المسك أن يكون نجسًا، لأنه دم متجمد، إلا أن الشارع استثناه، لأنه شُبه به أشرفُ الأشياء وهو دمُ الشهيد. وقيل: أراد البخاري أن الماء بواسطة تغيّر أوصافه، ينتقلُ من الطهارة إلى النجاسة، كما أن المسكَ بواسطة الرائحة انتقل من النجاسة إلى الطهارة. ولا يخفى بُعْدُهُ وعدمُ ظهور الاستلزام، وقد ذكروا أشياءَ أخر بعيدة أعرضنا عنها. باب: البول في الماء الدائم 238 - (أبو اليمان) -بتخفيف النون- الحكم بن نافع (أبو الزّناد) -بكسر الزاي بعدها نون- عبد الله بن ذكوان (هُرمز) -بضم الهاء- غير منصرف علمٌ عجمي. (نحن الآخرون السابقون) أي: آخرون في الدنيا سابقون في البعث والحساب، أو دخول الجنة، لما روى الترمذي والدارمي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أنا أولُ الناس إذا بُعِثوا، وأنا أولُ من يحرّك حلقة الجنة".

239 - وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ «لاَ يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ الَّذِى لاَ يَجْرِى، ـــــــــــــــــــــــــــــ 239 - (وبإسناده) أي: بإسناد الحديث المذكور (قال: لا يبولَن أحدُكم في الماء الدائم الذي لا يجري) قوله: "الذي لا يجري". تفسيرٌ للدائم. اضطرب العلماء في وجه الارتباط بين قوله: "نحن الآخرون السابقون"، وبين قوله: "لا يبولَنَّ أحدُكم في الماء الدائم" قال ابن بطال: كان لهمام صحيفةٌ جمع فيها الأحاديثَ التي سمعها من أبي هريرة، فرواها على سياق تلك الصحيفة، يمكن أن يكون في الصحيفة على هذا النسق. وما قاله ابنُ بَطَّالٍ ذكرَهُ غيره. وهذا ليس بشيء؛ لأن البخاري لم يروه من طريق همامٍ لا هناك ولا حيثُ رواه؛ فإنه أورَدَ الحديث في الجهاد والمغازي والأيمان وفي مواضع أخر. وقيل: رُبّما سمع أبو هريرة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على هذا النمط في مجلس، فرواه على ذلك، وهذا أقربُ من الأول. فإن قلتَ: فأيّ فائدةٍ في قوله: وبإسناده؟ قلتُ: لما لم يكن بين أول الحديث وآخره مناسبةٌ، وأشار به إلى الحكمة في إيرادهما معًا، وهي اتحادُ الإسناد، والظاهرُ أن مَنْ قال بالقول الأول، إنما التَبَس عليه من رواية مسلم، وذلك أنه روى هذا، كما رواه البخاري من هذا الطريق، ورواه أيضًا من طريق هَمّام. فإن قلتَ: فعلى تقدير أن يكون سمعه أبو هريرة على هذا النمط، فكيف صدر من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في أقصى مراتب البلاغة؟ وأي مناسبة بين النهي عن البول في الماء، وبين قوله: "نحن الآخرون السابقون"؟ قلتُ: لمّا ذكر أنهم أكرمُ الخلق عند الله تعالى، حَثّ على مكارم الأخلاق التي بها استوجبوا ذلك الفضل والقدم، ومن جملتها عدم البول في الماء. قال النووي: المختار حرمةُ البول في الجاري أيضًا، إذا كان قليلًا. وأما الراكد فإن كان قليلًا فالبولُ فيه حرام، وإن كان كثيرًا يكره. ولو قيل بحرمته لم يَبْعُد، لأنه يؤدي إلى

73 - باب إذا ألقى على ظهر المصلى قذر أو جيفة لم تفسد عليه صلاته

ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ». 73 - باب إِذَا أُلْقِىَ عَلَى ظَهْرِ الْمُصَلِّى قَذَرٌ أَوْ جِيفَةٌ لَمْ تَفْسُدْ عَلَيْهِ صَلاَتُهُ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا رَأَى فِي ثَوْبِهِ دَمًا وَهُوَ يُصَلِّى وَضَعَهُ وَمَضَى فِي صَلاَتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنجسه بالإجماع إن تغيّر، وعند أبي حنيفة رحمه الله تعالى: إن تحرك طَرَفُهُ بتحريك الطرف الآخر، وسواء بال في الماء أو في الإناء، ثم صَبَّ عليه الماءَ، أو بَالَ بقُرب الماء بحيثُ يجري إليه، كلُ ذلك منهي عنه. (ثم يغتسلُ فيه) مرفوعٌ عطف على: "لا يبولَنَّ" عَطْفَ جملةٍ على أخرى. والمعنى: لا تفعلْ هذا ولا ذاك. ويجوزُ الجزمُ عطفًا على لفظ النهي. وجَوَّز ابنُ مالك النصبَ على أن: ثم بمعنى الواو، ورَدّه النووي بأنه يلزم منه أن يكون المنكر الجمع بين الأمرين، وهو البولُ فيه مع الغسل، وليس كذلك؛ إذ البول في الماء راكدًا منهيٌ عنه، سواء اغتسَلَ منه أو لا. قال بعضُهم في توجيه كلام ابن مالك: التشبيه بين الواو وثم لا يلزم أن يكون من كل وجهٍ، ولو سلم تكون حرمةُ الجمع مستفادًا من هذا النص، وحكم الإفراد من نَصّ آخر مثله قوله تعالى: {وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ} [البقرة: 42] إن جعل: {وَتَكْتُمُوا}، منصوبًا. قلتُ: هذا الكلام مردودٌ، أما أولًا فلأنه يلزم منه تأخير البيان عن وقت الحاجة، فإن غرضه النهيُ عن البول في الماء الراكد، لأنه يؤدي إلى فساده. وأما ثانيًا فلأن جواز نصب: {وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ}. بناءً على أن الواو تفيد الجمع بين الأمرين، كل منهما قبيح على الانفراد، وفي الجمع زيادة نعي عليهم. وظاهرٌ أن الحديثَ ليس من هذا القبيل. باب: إذا أُلقي على ظهر المصلي قَذَرٌ أو جِيفةٌ، لم تَفْسُدْ عليه صلاتُه قيل: القذر ضدّ النظافة. قلتُ: ذلك معنى مصدري لا يمكن إلقاؤه، وهو لغة ما ينفر عنه الطبع سواء كان نجسًا أَوْ لا، والمراد في الحديثِ الأولُ؛ لأن غير النجس لا نزاع في أنه لا يُفسِد الصلاة، فأي فائدة في ذكره؟!. (وكان ابن عمر إذا رأى في ثوبه دمًا وهو يصلي، وضعه ومضى في صلاته) هذا إن

وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ وَالشَّعْبِىُّ إِذَا صَلَّى وَفِى ثَوْبِهِ دَمٌ أَوْ جَنَابَةٌ أَوْ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ أَوْ تَيَمَّمَ، فَصَلَّى ثُمَّ أَدْرَكَ الْمَاءَ فِي وَقْتِهِ، لاَ يُعِيدُ. 240 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَاجِدٌ ح قَالَ وَحَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصَلِّى عِنْدَ الْبَيْتِ، وَأَبُو جَهْلٍ وَأَصْحَابٌ لَهُ جُلُوسٌ، إِذْ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ حمل على القليل فلا خلافَ فيه، وإن حُمل على المطلق الشامل للقليل والكثير، فهو اجتهادٌ منه لم يتابع عليه. وقيل: كان يرى التفرقة بين الابتداء وأثناء الصلاة، وبه قال جمعٌ من الصحابة ومن بعدهم. (وقال ابن المسيّب) وهو سعيدٌ الإمام المشهور (والشعبي) -بفتح الشين وسكون العين- أبو عمرو الكوفي (إذا صَلَّى وفي ثوبه دم أو جنابةٌ، أو لغير القبلة، أو تيمم فَصَلَّى ثم أدرك الماء في وقته) أي: وقت الصلاة، والقول بأن المراد وقت التيمم سهو؛ لأن التيمم ليس له وقتٌ، ثم هذه المذكورات في حكم الدم إن كان قليلًا يُعفى عنه. وأما المني فقد قال بطهارته طائفةٌ من العلماء كما تقدم تفصيلُهُ. والصلاةُ إلى غير القبلة إن كانت عن اجتهاد فلا إعادة، والتيممُ إن كان في السفر فلا إعادة، وإن كان في الحضَرَ ففيه تفصيلٌ مذكورٌ في الفروع. 240 - (عَبْدان) -على وزن شَعْبان- اسمه: عبد الله، وعبدان لقبٌ له (عن أبي إسحاق) هو السبيعي، عمرو أبن، عبد الله، والسبع -بفتح السين وكسر الباء- قبيلةٌ من عرب اليمن (شُريح بن مسَلَمة) -بضم الشين المعجمة- على وزن المصغر. (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي عند البيت) أي: الكعبة الشريفة، علم لها بالغلبة (وأبو جهل) عمرو بن هشام المخزومي، كان يُكَنَّى أبا الحكم، سماه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا جهل لفرط غوايته (وأصحابُهُ جلوسٌ) جمع جالسٍ كقعود في قاعد (قال بعضُهم لبعض) القائل أبو جهل، صَرّح

أَيُّكُمْ يَجِئُ بِسَلَى جَزُورِ بَنِى فُلاَنٍ فَيَضَعُهُ عَلَى ظَهْرِ مُحَمَّدٍ إِذَا سَجَدَ فَانْبَعَثَ أَشْقَى الْقَوْمِ فَجَاءَ بِهِ، فَنَظَرَ حَتَّى إِذَا سَجَدَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَضَعَهُ عَلَى ظَهْرِهِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ وَأَنَا أَنْظُرُ، لاَ أُغَيِّرُ شَيْئًا، لَوْ كَانَ لِى مَنْعَةٌ. قَالَ فَجَعَلُوا يَضْحَكُونَ وَيُحِيلُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَاجِدٌ لاَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ، حَتَّى جَاءَتْهُ فَاطِمَةُ، فَطَرَحَتْ عَنْ ظَهْرِهِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ ثُمَّ قَالَ «اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ». ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، فَشَقَّ عَلَيْهِمْ إِذْ دَعَا عَلَيْهِمْ - قَالَ وَكَانُوا يُرَوْنَ أَنَّ الدَّعْوَةَ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ مُسْتَجَابَةٌ - ثُمَّ سَمَّى «اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِأَبِى جَهْلٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ به مسلمٌ (أيكم يجيءُ بسَلاَ جزور بني فلان) سلا -بفتح السين مقصور- الجلد الرقيق الذي يكون على الولد بعد خروجه من بطن الأم. وقيل: هو في سائر الحيوانات كالمشيمة في الإنسان، والجَزُور -بفتح الجيم وضم الزاي- البعير المنحور ذكرًا كان أو أنثى، إلا أن اللفظ مؤنث، يقال: هذه جَزُور بني فلان. قال الزمخشري في "الفائق": الجزور -بفتح الجيم- قبل النحر، فإذا نُحر يقال بضم الجيم. (فانبعث أشقى القوم) اتفقُوا على أنه عقبة بن أبي معيط (فنظر) أي: انتظر (حتى سجد وَضَعَهُ على ظهره بين كتفيه) بدل من على ظهره (وأنا أنظرُ لا أغني شيئًا) بالنون، من الإغناء، ويروى: لا أغيّر، بالتشديد من التغيير أي: مما فعلوا كناية عن عجزه، ولذلك أردفه بقوله: (لو كان لي منعةٌ) أي: لفعلتُ. لو: للتمني، ويجوزُ أن يكون شرطًا كما أشرنا إلى جوابه. والمَنَعَة -بثلاث فَتَحات- جمع مانع، والمراد به القومُ والأنصار الذين يمنعون وصول الضرر، ويجوزُ إسكان النون، أي: لو كان لي قوةٌ. (ويحيل بعضهم على بعض) أي: يقول: أنت فعلت، أي: لما رأوه كذلك ترحموا وترفقوا. هذا والأولى أن يكون من حال على ظهر الدابة، أي: وَثَبَ، أي: من شدة الفرح، يَثِبُ بعضُهم على بعضٍ، يؤيده قوله [في] رواية مسلم: يميل بعضهم إلى بعض، لبُعد حالهم عن الترحم. (اللهم عليك بقريشٍ) اسم فعل بمعنى الزمْ (ثلاثَ مرات) حال من قوله: "اللهم عليك بقريش" (فشَقَّ عليهم إذ دعا عليهم) إذْ، فاعل شَقَّ وإذ بمعنى إن أو تعليل، وفاعل شَقَّ دعاؤه عليهم (وكانوا يرون أن الدعوة في ذلك البلد مستجابة) أي: يعتقدون، الرؤية

74 - باب البزاق والمخاط ونحوه فى الثوب

وَعَلَيْكَ بِعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ، وَأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، وَعُقْبَةَ بْنِ أَبِى مُعَيْطٍ». وَعَدَّ السَّابِعَ فَلَمْ يَحْفَظْهُ قَالَ فَوَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ، لَقَدْ رَأَيْتُ الَّذِينَ عَدَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَرْعَى فِي الْقَلِيبِ قَلِيبِ بَدْرٍ. أطرافه 520، 2934، 3185، 3854، 3960 74 - باب الْبُزَاقِ وَالْمُخَاطِ وَنَحْوِهِ فِي الثَّوْبِ قَالَ عُرْوَةُ عَنِ الْمِسْوَرِ وَمَرْوَانَ خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - زَمَنَ حُدَيْبِيَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ بمعنى العلم (وعقبة بن أبي معيط) -بضم الميم- على وزن المصغر. (فوالذي نفسي بيده لقد رأيتُ الذين عَدَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صَرْعى في القليب قليبِ بدرٍ) بدل من الأول، والقليبُ البئر قبل أن يطوى. وصَرْعى جمع صريع وهو الميت. وقد اتفق أهلُ الشأن على أنَّ هذا وهمٌ من عبد الله بن مسعود، وذلك أن عمارة بن الوليد ذهب إلى النجاشي، فاتهم ببعض حرمه، فأمر السحرة فنفخوا في إحليله، فهامَ في الجبال وهَلَكَ هناك. وأما عُقبة بن أبي معيط فقَتَلَهُ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - صبرًا بوادي الصفراء بموضع يقال له: عرق الظبية. واعلم أن استدلال البخاري بالحديث على أن النجاسة إذا ألقيت على المصلي واستمر معها لا تفسد صلاته غير تام، لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن حينئذٍ تعبد بتحريم النجاسة. وأما قوله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 4] فلم يكن نازلًا بعدُ، لأنه نزل بعد الفترة، ولئن سُلّم نزولُهُ فالذي عليه المحققون أن المراد من الثياب الأخلافُ وأحوالُ القلب، ولئن سُلّم فليس في الحديث ما يدل على أنه علم بما أُلقي على ظَهره. فإن قلت: كيف دعا عليهم وهو رحمةٌ للعالمين؟ فلتُ: كونه هاديًا لهم إلى سواء السبيل كافٍ في ذلك، وقد قال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 73]. باب: البزاق [والمخاط] ونحوه في الثوب البزاق والبُسَاق والبُصَاق كلها بمعنًى وهو الذي يلقيه الإنسان من الفم، والمخاط -بضم الميم وخاء معجمة- الذي ينزل من الأنف. (وقال عروةُ بن الزبير عن المِسْوَر ومروان) المِسْور -بكسر الميم وسكون السين وفتح

فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَمَا تَنَخَّمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - نُخَامَةً إِلاَّ وَقَعَتْ فِي كَفِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ فَدَلَكَ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ. 241 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ بَزَقَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي ثَوْبِهِ. طَوَّلَهُ ابْنُ أَبِى مَرْيَمَ قَالَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنِى حُمَيْدٌ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 405، 412، 413، 417، 531، 532، 822، 1214 ـــــــــــــــــــــــــــــ الواو- ابن مخرمة، ومروان هو ابن الحكم، ليس له صحبةٌ. وقولُ الواقدي: رأى رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لم يتابع عليه. والمِسْوَرُ صحابيٌّ صغير. فالحديث الذي عَلَّقه البخاري عن عروة روايةً عنهما من المراسيل، وغرض البخاري حاصلٌ؛ لأن الحديث مسندٌ عنده كما سيأتي في قضية الحديبية. (فذكر الحديث) أي: حديث صُلح الحديبية (وما تنخم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - نُخامةً) -بضم النون والخاء المعجمة- قال ابن الأثير: هي البزقةُ التي تخرج من أقصى الحلق من مَخْرَج الخاء المعجمة (إلا وقعتْ في كفّ رجلٍ منهم) أي: من الذين كانوا معه في الحديبية، وبه انقطع احتمال حمله على سائر الأوقات. 241 - (سفيان) هو الثوري (حُميد) -بضم الحاء- على وزن المصغر هو الطويل وقد نقلنا أن طوله كان في يديه، وهو كان في غاية القِصَر، وقيل: كان جارٌ له قصير فقيل لهذا: طويل؛ امتيازًا بينهما (بَزَقَ - صلى الله عليه وسلم - في ثوبه) فدَلَّ على طهارته، وقد قدمنا أن الاستدلال بأمثاله لا يصح، لأن كل ما كان نجسًا من غيره فهو طاهر منه (طوَّله ابن أبي مريم) هو سعيد بن محمد بن الحكم بن أبي مريم. والحديثُ دَلَّ على طهارة البزاق والمخاط واستحباب التبرك بهما من أهل الصلاح، وفيه بيان ما كان عليه الصحابة من توقير رسول الله وتَبجيله - صلى الله عليه وسلم -.

75 - باب لا يجوز الوضوء بالنبيذ ولا المسكر

75 - باب لاَ يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِالنَّبِيذِ وَلاَ الْمُسْكِرِ وَكَرِهَهُ الْحَسَنُ وَأَبُو الْعَالِيَةِ. وَقَالَ عَطَاءٌ التَّيَمُّمُ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنَ الْوُضُوءِ بِالنَّبِيذِ وَاللَّبَنِ. 242 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ». طرفاه 5585، 5586 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: لا يجوزُ الوضوء بالنبيذ ولا بالمسكر قيل: هذا من عطف العام على الخاص، والمراد بالنبيذ ما لم يبلغ حَدَّ الإسكار. قلتُ: فهما متباينان إذا قيل المراد (وكره الحسن وأبو العالية) الحسن: أبو سعيد البصري، وأبو العالية: رُفَيع -بضم الراء- على وزن المصغر. 242 - (سفيان) هو ابن عُيينة (كل شرابٍ أسكر فهو حرام) هذا حُكْمٌ مُجْمَعٌ عليه، إلا أن أبا حنيفة خَصَّه بما عدا خمر العنب بالقدر الذي يحصل منه الإسكار، وما ذهب إليه مخالفٌ لأحاديثَ كثيرة، ما رواه مسلم عن ابن عمر: "أن كل مسكرٍ خمرٌ، وكل مسكر حرام". ومنها: ما رواه البخاري عن أنسٍ أن الخمر حين حُرمت لم نجد من خمر العنب إلا قليلًا، وعامة خمرنا كانت من البسر والتمر، واستدلال البخاري بالحديث على أنه لا يجوزُ الوضوء بالنبيذ، يرد به على أبي حنيفة رحمه الله تعالى فإنه جَوّز التوضؤ بنبيذ التمر خاصةً حتى لو كان نبيذ الرطب لا يجوز، ذكرهُ في "النهاية". واستدل على ذلك بما رواه عن ابن مسعود أن ليلة الجن قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "بلغ ما في إدواتك"؟ قلتُ: نبيذٌ

76 - باب غسل المرأة أباها الدم عن وجهه

76 - باب غَسْلِ الْمَرْأَةِ أَبَاهَا الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ امْسَحُوا عَلَى رِجْلِى فَإِنَّهَا مَرِيضَةٌ. 243 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِى حَازِمٍ سَمِعَ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِىَّ، وَسَأَلَهُ النَّاسُ وَمَا بَيْنِى وَبَيْنَهُ أَحَدٌ بِأَىِّ شَىْءٍ دُووِىَ جُرْحُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ مَا بَقِىَ أَحَدٌ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّى، ـــــــــــــــــــــــــــــ قال: "تمرةٌ طيبةٌ وماءٌ طهور". رواه أبو داود والترمذي وزاد: وتوضأ منه. واتقق أهلُ الحديث على أنه ضعيفٌ من رواية أبي زيد. قالوا: وأبو زيدٍ مجهول. وقد صحَّ عن ابن مسعود أنه قال: لم أكن ليلة الجن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ولئن سُلم ذلك آية المائدة ناسخة له لإيجابها التيمم عند فقد الماء. هذا، وفي دلالة الحديث على النبيذ خفاءٌ؛ لأن النبيذ يكون مسكرًا وغير مسكر قاله ابن الأثير. وليس في الحديث إلا ذكر المسكر، ولا يلزم من عدم الجواز بالمسكر عدمٌ بما ليس بمسكر. باب: غسل المرأة أباها عن وجهه الدم الدم بدل بعض من أباها، لا بدل اشتمال؛ لأن الدم كان من جرحه كما صَرّح به بعدُ. (أبو العالية) اسمه رُفَيع، على وزن المصغر. 243 - (محمد بن سَلاَم) بتخفيف اللام على الأشهر (عن أبي حازم) سَلَمة بن دينار بالحاء المهملة (بأي شيء دووي جرح النبي - صلى الله عليه وسلم -) يتعلق بسأله الناس، وقوله: (وما بيني وبينه أحدٌ) جملة معترضة، ودووي بواوين مجهول داوى على وزن فاعل، كقوتل في قاتل، ويُروى بواوٍ واحدة. قيل: فعلى هذا إحدى الواوين محذوفة، كما حذفت في داود، وليس كذلك، فإنه يقال: دواه وداواه، قاله الجوهري (فقال: ما بقي أحدٌ أعلم به منّي) برفع أعلم على أنه صفة أحد ولا يجوز نصبه على الحال، لأن ذا الحال نكرة. وفي مثله يجب تقديم الحال على صاحبه.

77 - باب السواك

كَانَ عَلِىٌّ يَجِئُ بِتُرْسِهِ فِيهِ مَاءٌ، وَفَاطِمَةُ تَغْسِلُ عَنْ وَجْهِهِ الدَّمَ، فَأُخِذَ حَصِيرٌ فَأُحْرِقَ فَحُشِىَ بِهِ جُرْحُهُ. أطرافه 2903، 2911، 3037، 4075، 5248، 5722 77 - باب السِّوَاكِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِتُّ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتَنَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلتَ: غرض سعيد أنه ليس في الناس أحدٌ يساويه في العلم. والتركيبُ لا يفيد ذلك؛ لأنك إذا قلتَ: ليس في البلد أحدٌ أعلم من زيد. لا تنفي المساواة؟ قلتُ: الأمر كذلك لغةً، ولكن الغالب ما تعارفه الناسُ من إفادته نفي المساواة. (كان علي يجيءُ بترسه فيه ماء، وفاطمة تغسل عن وجهه الدم) إنما كان يجيء بالياء في الترس لعدم ظرف آخر، لأن هذا كان بأحد بعد الفراغ من القتال، أو لأن الترس يَسَعُ ماءً كثيرًا (فأخذ حصير فأحرق فَحشى به جُرحَهُ) قيل: كان هذا الحصير من بردي، ومن خواصه قطعُ الدم. ومناسبةُ الحديث لباب الطهارة: الدلالةُ على أن الدم ليس بطاهرٍ، إذ لو كان طاهرًا لتبركوا به، كما كانوا يتبركون بنخامته. وقيل: وجه المناسبة أن إزالة النجاسة تجوزُ فيهما الاستعانة، وبه تظهر مناسبة أثر أبي العالية. وفي الحديث دلالةٌ على أن خدمة النساء المحارم للرجال جائزة. وكذا مسّ بشرتهم إلا أن الفقهاء استثنوا مسّ ما بين السرة والركبة. وفيه أن البلاء يصيب الأنبياء، بل هم أشدّ بلاءً، لينالوا بذلك المثوبة العظمى، ولئلا يكون للناس فتنةٌ فيظنوا أنهم يقدرون على دفع الضرر، ولذلك قال تعالى: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} [الأعراف: 188]. باب: السواك السواكُ لغةً: الاضطراب، يقال: ساوكت الإبلُ إذا اضطربت أعناقُها، وفي الشرع: دَلْكُ الأسنان بعودٍ ونحوه. يقال: ساك واستاك بمعنى واحد، ويطلق السواكُ على العود الذي يستاك به أيضًا. (وقال ابن عباس: بِتُّ عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فاستن) يقال: استنّ أي: استاك لأنه إمرار السواك على الأسنان، وهذا التعليقُ تقدم مسندًا وسيعيده في مواضع.

244 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ غَيْلاَنَ بْنِ جَرِيرٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَوَجَدْتُهُ يَسْتَنُّ بِسِوَاكٍ بِيَدِهِ يَقُولُ «أُعْ أُعْ»، وَالسِّوَاكُ فِي فِيهِ، كَأَنَّهُ يَتَهَوَّعُ. 245 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَشُوصُ فَاهُ بِالسِّوَاكِ. طرفاه 889، 1136 ـــــــــــــــــــــــــــــ 244 - (أبو النعمان) -بضم النون- محمد بن الفضل المعروف بعارم (حَمّاد بن زيد) بفتح الحاء وتشديد الميم (عن غيلان بن جرير) بفتح الغين المعجمة والجيم (عن أبي بُرْدَة) -بضم الباء وسكون الراء- عامر بن أبي موسى الأشعري. (يقول: أُعْ أُعْ) قال القابسي: ضبطهما أبو ذر بضم الهمزة والعين، وضبط غيره بضم الهمزة وسكون العين، والمشهور فتحُ الهمزة وسكون العين (يتهوع) على وزن يتذكر، من الهُواع -بضم الهاء- وهو القيء، وفي حديث علقمة: إذا تهوع الصائم أفطر. 245 - (عن أبي وائل) شقيق بن سَلَمة الكوفي كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا قام من الليل يشوصُ فاه بالسواك) أصلُ الشوص: الغسْلُ وفي الحديث: "استغنُوا عن الناس ولو بشوص سواكٍ" أي: غسالته. والمراد أنه كان يغسل فاهُ وينقيه بالسواك وقيل: الشوصُ: الاستياك من الأسفل إلى الأعلى. وفي الحديث: "مَنْ سَبَقَ العاطس إلى الحمد أَمِنَ الشوصَ واللوص والعِلَّوص". الشوصُ: وجعُ الأسنان، واللوصُ: وجع الأُذن، وقيل: الشوص: ريحُ

78 - باب دفع السواك إلى الأكبر

78 - باب دَفْعِ السِّوَاكِ إِلَى الأَكْبَرِ 246 - وَقَالَ عَفَّانُ حَدَّثَنَا صَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَرَانِى أَتَسَوَّكُ بِسِوَاكٍ، فَجَاءَنِى رَجُلاَنِ أَحَدُهُمَا أَكْبَرُ مِنَ الآخَرِ، فَنَاوَلْتُ السِّوَاكَ الأَصْغَرَ مِنْهُمَا، فَقِيلَ لِى كَبِّرْ. فَدَفَعْتُهُ إِلَى الأَكْبَرِ مِنْهُمَا». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ اخْتَصَرَهُ نُعَيْمٌ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ أُسَامَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنعقد تحت الضّلع، واللوصُ وجع، والعِلّوص -بكسر العين وتشديد اللام المفتوحة- وجع البطن. وقيل: التخمة. وكيفية الاستياك إمرارُ السواك على عرض الأسنان، وقيل على طولها أيضًا، وهو سنة مؤكدة لما رَوَى البغوي والبزار عن عباس بن عبد المطلب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لولا أن أشُق على أمتي لفرضتُ عليهم السواكَ عند كل صلاة، كما فرضت عليهم الوضوء". ورَوَى أبو نُعيم -ورجاله ثقات- عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ركعتان بالسواك خيرٌ من سبعين ركعة بلا سواك". وقيل: فيه مئة فائدة منها: سُهُولة سكرات الموت- أعاننا الله عليها برحمته. باب: دفع السواك إلى الأكبر 246 - (عَفان) -بفتح العين وتشديد الفاء- يجوزُ صرفُهُ وعدم صرفه بناء على جواز اشتقاقه من العفة أو العفونة، وهو عَفّان بن مسلم علَّق عنه البخاريُ وأسند عنه مسلمٌ (أراني أتسوك) أي: في المنام من رؤية البصر (اختصره عن نُعَيم) -بضم النون على وزن المصغر- ابن حَماد المروزي. قال الإسماعيلي: ولفظ نُعَيم: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستنّ، فأعطى السواك أكبر القوم وقال: إن جبريل أمرني بذلك".

79 - باب فضل من بات على الوضوء

79 - باب فَضْلِ مَنْ بَاتَ عَلَى الْوُضُوءِ 247 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلاَةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الأَيْمَنِ، ثُمَّ قُلِ اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِى إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِى إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِى إِلَيْكَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ ومن فقه الحديث أن يُوَقَّر الكبير ويُقدَّم على الصغير، ولكن هذا إذا لم يكونوا مرتبين في المجلس، وإلا يقدم من على الجانب الأيمن، لما يأتي من حديث ابن عباس والأعرابي. وفيه دليل على جواز الاستياك بسواك الغير، قيل: الأَوْلى أن يغسله ثم يستعمله. وهذا على إطلاقه ليس بسديدٍ، بل الأولى عدمُ غسله إن كان الذي استاك به من أهل الصلاح، ويدل عليه حديث عائشة: كان يعطيني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السواكَ لأغسل له فأستوك به ثم أغسله. باب: فضل من بات على وضوء 247 - (محمد بن مقاتل) بضم الميم وكسر التاء (سفيان) هو الثوري، صَرَّح به بعضُ العلماء، وإن كان ابن عيينة أيضًا يروي عن منصور بن المعتمر (عن سعد بن عُبَيدة) بضم العين على وزن المصغر (عن البراء) بفتح الباء وتخفيف الراء (ابن عازب) بعين مهملة وزاي معجمة. (إذا أتيتَ مضجعَك) -بفتح الجيم- أي: أردتَ النوم (فتوضأْ وضوءَك للصلاة) قيّده به دفعًا لتوهم المجاز، فإنه يطلق على الاستطابة وغسل الوجه واليدين (ثم اضطجع على شقك الأيمن) لأنه أشرف، ولأن النوم أخو الموت، إذ ربما مات في تلك النومة كما أشار إليه في آخر الدعاء، وقيل: أعونُ على الاستيقاظ (اللهم أسلمتُ وجهي إليك) أي: كلي ظاهرًا وباطنًا، فإن الوجه أشرفُ الأعضاء، يُعبّر به عن ذات الشيء (وفوّصتُ أمري إليك) أي: شأني كله من أمر الدنيا والآخرة (وألجأت ظهري إليك) من عطف الخاص على العام؛ لأن

رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لاَ مَلْجَأَ وَلاَ مَنْجَا مِنْكَ إِلاَّ إِلَيْكَ، اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِى أَنْزَلْتَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِى أَرْسَلْتَ. فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ فَأَنْتَ عَلَى الْفِطْرَةِ، وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ». قَالَ فَرَدَّدْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا بَلَغْتُ «اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِى أَنْزَلْتَ». قُلْتُ وَرَسُولِكَ. قَالَ «لاَ، وَنَبِيِّكَ الَّذِى أَرْسَلْتَ». أطرافه 6311، 6313، 6315، 7488 ـــــــــــــــــــــــــــــ قوام من البدن، إنما هو بالظهر (رغبةً ورهبةً إليك) قيل: هو من قبيل: عَلَفتُها تِبنًا وماءً باردًا لأن الرهبة تُستعمل بمن، أو تقدر له من. وقَدَّمَ الرغبةَ ترجيحًا للرجاء وتلويحًا إلى سبق رحمته تعالى، والرغبةُ في الأصل: الدعاءُ والسؤالُ، وإنما استعمل بإلى لتضمين التذلل والافتقار. (لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك) الأول مهموز، والثاني مقصور. اشتقاقه من النجاة. يقال: لجأت إلى فلان: إذا استندت إليه في أمرٍ أو حادثةٍ، ونجوتُ من فلان إذا سلمت من عقابه. والمعنى: لا مستند ولا مكان خلاص من سطوات قهرك إلَّا حصن رأفتك وحمى رحمتك (فإن مِتَّ في ليلتك فأنت على الفطرة) أي: على الإيمان الذي يولد عليه كلُ مولود لا تَدَنّس فيه ولا شوب. (قال: فرددتها على النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي: قرأت تلك الكلمات ثانيًا لأحفظَها (قلتُ: ورسولك الذي أرسلتَ، قال: لا ونبيك) إنما ردَّ عليه؛ لأن في لفظ "أرسلت" دلالة على الرسالة، فيقع لفظ رسولك مكررًا من غير نكتة. واستدل به مَنْ لم يجوز الرواية بالمعنى. ولا دليل فيه؛ لأن لفظ الرسول أَخَصُّ، وقيل: لأن لفظ الرسول يطلق على جبريل، وقيل: لأن ألفاظ الدعاء يُراعى عليها، لاشتمالها على الخواص التي لا توجد في غيرها. والوجهُ هو الأول، لأنه على طريقة علم البلاغة

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تأسيس، وهو مقدم على التأكيد. وقيل: لأن لفظ النبي أدّل على المدح؛ لأن الرسول يطلق على غير النبي من الملائكة مثلًا. وهذا ترى ما فيه، فإن في عرف أهل الشرع: الرسول هو الذي محمود، ولا خلف عندهم في أن الرسالة فوق النبوة رتبة. قد راعى البخاري هنا نكتة وهي أن خَتْمَ كتاب الوضوء بوضوء هو آخر مرات الوضوء في اليوم والليلة، وهذا دأبه في أكثر المواضع لا بُدَّ لَهُ من إشارة، لتكون على ذكرى، وإذا تأملْتَ في هذا الدعاء وجنتَه مشتملًا على الثناء على الله تعالى بصفات الجمال والجلال والتفويض والتوكل المخبر عن مقام الثناء في ذاته تعالى، وهو آخر مقامات المسالك. اللهم اجعلنا من الواصلين إلى ذلك، واحشرنا في زمرة أولئك.

5 - كتاب الغسل

5 - كتاب الغُسْل وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة: 6] وَقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا} [النساء: 43]. ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الغُسْل وقول الله عز وجل: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6] هو بضم الغين الحاصل بالمصدر، أي: الاغتسال، ويُطلق على الماء الذي يغتسل به كما في حديث ميمونة: وضعت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - غُسْلًا. وبفتح الغين: الاغتسال، أي: الحاصلُ بالمعنى المصدري، وبالكسر: ما يُغسل به كالصابون ونحوه. ثم حقيقة الغُسل إمرارُ الماء على جميع الجسد؛ لما روى أحمدُ وأبو داود عن علي بن أبي طالب مرفوعًا: "تحت كل شَعْرةٍ جنابةٌ. ولا يشترط الدَّلْكُ لما روى مسلم عن أم سَلَمة؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال

1 - باب الوضوء قبل الغسل

1 - باب الْوُضُوءِ قَبْلَ الْغُسْلِ 248 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ بَدَأَ فَغَسَلَ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلاَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ لها: "إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاثَ حَثَيَات، يفيض عليك الماء". وليس في البخاري ومسلم ذكر الدَّلْك إلا ما رواه مسلمٌ في دلك شعر المرأة، والحديث حجة على مالك في اشتراطه الدلك، ولا خلف في استحبابه احتياطًا. واستدل أولًا على وجوب الغسل بالآيتين، ثم أورد ما يثبت عنده من الأحاديث. فإن قلت: ليس في الآيتين نص على وجوب الغسل؟ قلت: قوله: {فَاطَّهَّرُوا} بصيغة التفعل يدل عليه صريحًا، لأن الوضوء هو الطهارة لا التطهر. فإن قلت: التطهر يقتضي سبق التنجس، وقد جاء في حديث أبي هريرة: "إن المؤمن لا ينجس"؟ قلتُ: الذي في حديث أبي هريرة من نفي نجاسة المؤمن، إنما هو الخبث لا الحَدَثُ، فإنه معقول مقدر على بدن الإنسان. باب: الوضوء قبل الغسل 248 - (عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا اغتسل من الجنابة بدأ فغَسَلَ يديه، ثم يتوضأ كما يتوضأُ للصلاة) قيدَتْهُ بهذا القيد دفعًا للتجوز؛ فإن الوضوءَ يطلق على الاستطابة، دل لفظ كان على أن هذا كان دأبه في الأوقات كلها، وأما الإتيانُ بلفظ الماضي في: بدأ وغسل،

ثُمَّ يُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي الْمَاءِ، فَيُخَلِّلُ بِهَا أُصُولَ شَعَرِهِ ثُمَّ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاَثَ غُرَفٍ بِيَدَيْهِ، ثُمَّ يُفِيضُ الْمَاءَ عَلَى جِلْدِهِ كُلِّهِ. طرفاه 262، 272 249 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِى الْجَعْدِ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ تَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وُضُوءَهُ لِلصَّلاَةِ غَيْرَ رِجْلَيْهِ، وَغَسَلَ فَرْجَهُ، وَمَا أَصَابَهُ مِنَ الأَذَى، ثُمَّ أَفَاضَ عَلَيْهِ الْمَاءَ، ثُمَّ نَحَّى رِجْلَيْهِ فَغَسَلَهُمَا، هَذِهِ غُسْلُهُ مِنَ الْجَنَابَةِ. أطرافه 257، 259، 260، 265، 266، 274، 276، 281 ـــــــــــــــــــــــــــــ وبالمضارع، ففيه تفننٌ. أَلاَ ترى أن في رواية مسلم هذه الألفاظ كلها بصيغة المضارع استحضارًا لتلك الحالة. ولفظ: "إذا" لمجرد الوقت، أو للشرط. والتقدير: إذا أراد. (فيخلل بها أصولَ شعره) فيه دلالة على وجوب إيصال الماء إلى منابت الشعور، وقد قدَّمنا الحديث: "أن تحت كل شعرة جنابة". وقولها (ثلاث غُرَف) بصيغة جمع الكثرة لوجود القرينة وهي ذكر الثلاث (ثم يفيض الماء على جسده كلّه) الإفاضة. الصَبُّ من الأعلى بكثرة، من فاضَ الماء إذا سال عن جوانب الحوض، والتأكيد بـ"كلِّه" لئلا يتوهم إطلاق الجسد على الأكثر تجوزًا. 249 - (عن سالم بن أبي الجَعْد) بفتح الجيم وسكون العين (عن كريب) -بضم الكاف- على وزن المصغر. (عن ميمونة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وضوءَ" للصلاة غير رجليه، وغَسَل فرجَهُ وما أصابه) أي: غسل فَرجَهُ قبل الوضوء فإن الواو لا تدل على الترتيب،

2 - باب غسل الرجل مع امرأته

2 - باب غُسْلِ الرَّجُلِ مَعَ امْرَأَتِهِ 250 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ مِنْ قَدَحٍ يُقَالُ لَهُ الْفَرَقُ. أطرافه 261، 263، 273، 299، 5956، 7339 ـــــــــــــــــــــــــــــ وسيذكر في باب مسح اليد بالتراب عن ميمونة أنه غَسَل فرجه، ثم توضأ. فإن قلتَ: سيأتي من حديث عائشة حين سئلت عن غُسْل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فدَعَتْ بماء، فاغتسلَتْ ولم تؤخر غسل الرجلين؟ قلتُ: قال النووي: أكثر الرواياتِ عن عائشة وميمونة ليس فيها استثناء الرجلين، فالأفضلُ إكمال الوضوء، ويحمل غسلُ الرجلين في هذه الرواية على أنه كان للتنظيف، أو كان بيانًا للجواز. باب: غُسل الرجل مع امرأته 250 - (آدم بن [أي] إياس) بكسر الهمزة (ابن أبي ذئب) -بلفظ الحيوان المعروف- محمد بن عبد الرحمن (عن عائشة قالت: كنتُ أغتسِلُ أنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - من إناء واحدٍ من قَدَح يقال له: الفَرَق) مِنْ الأولى: ابتدائية، والثانية: بيانية، والأَوْلى أن يكون الجار والمجرور بدلًا عن الجار والمجرور. والفَرَق -بفتح الفاء والراء- إناء يسع ستة عشر رطلًا. قال ابن الأثير: وقيل الفرق خمسة أقساط، والقِسْط نصفُ صالح. وأما الفَرْق -بسكون الراء- مئة وعشرون رطلًا. وقال النووي: فيه لغتان: الفتح والسكون. وفي الحديث دلالة على طهارة يد الجنب، وأن ما فَضَل منه طهور. قال بعضُهم: فإن قلت: كنتُ أغتسل أنا والنبي - صلى الله عليه وسلم -، كيف يكون عطفًا، ولا يصح أن يقال: اغتسل النبي - صلى الله عليه وسلم - بصيغة التكلم؟ قلتُ: يقدر مناسب وهو من باب تغليب المتكلم، كما في قوله تعالى: {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} [البقرة: 35]. ثم قال: فإن قلت: إنما وقع التركيب هناك، لأن آدم أصلٌ في سكنى الجنة، فما الفائدة هنا؟ قلتُ: لأن النساء محل الشهواث، وحاملات على الغسل. هذا كلامُهُ، وفيه خبظ. أما أولًا: فلأنّ الكلامَ جارٍ على ظاهره، وليس من التغليب في شيءٍ.

3 - باب الغسل بالصاع ونحوه

3 - باب الْغُسْلِ بِالصَّاعِ وَنَحْوِهِ 251 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ الصَّمَدِ قَالَ حَدَّثَنِى شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو بَكْرِ بْنُ حَفْصٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ يَقُولُ دَخَلْتُ أَنَا وَأَخُو عَائِشَةَ عَلَى عَائِشَةَ فَسَأَلَهَا أَخُوهَا عَنْ غُسْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَدَعَتْ بِإِنَاءٍ نَحْوًا مِنْ صَاعٍ، فَاغْتَسَلَتْ وَأَفَاضَتْ عَلَى رَأْسِهَا، وَبَيْنَنَا وَبَيْنَهَا حِجَابٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وأما ثانيًا: فلأنّ الإجماع على جواز استعمالها فضل وضوء الرجل والغسل به، وإنما النزاعُ في جواز ذلك من فضل وضوء المرأة، فكما قدمنا ذلك في باب وضوء الرجل بفضل المرأة في حديث عائشة ردًّا على من لم يجوز، فكان قولها: أغتسل أنا والنبي - صلى الله عليه وسلم -، جاريًا على مقتضى الظاهر، وتقديم نفسها لما أشرنا إليه، وكيف يعقل التغليب مع تقدير المناسب للفعل المذكور، وفي رواية مسلم عن ابن عباس كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يغتسِلُ بفضل ميمونة (2). وفيه حجةٌ على الإمام أحمد في عدم تجويزه. باب: الغُسْل بالصاع ونحوه 251 - (عبد الله بن محمد) المسندي (أبو بكر) عبد الله (ابن حفص: سمعتُ أبا سلمة يقول: دخلتُ أنا وأخو عائشة على عائشة) وأبو سَلَمة هذا هو عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف، ابن أختها من الرضاع، أرضعته أم كلثوم بنت أبي بكر. وأخو عائشة هو عبد الله بن يزيد، صَرَّح باسمه مسلم، وهو أخوها من الرضاعة. (فسألها أخوها عن غسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدَعَتْ بإناء نحوٍ من صاع فاغتسلَتْ وأفاضت على رأسها) قال القاضي عياضٌ: ظاهر الحديث أنهما رأيا أعالي جسدها مما يحلُّ للمحارم النظرُ إليه؛ إذ لو لم يكن كذلك رجع إلى الوصف، فلا فائدة في إحضار الماء. وعندي في هذا نظرٌ، لأن النظر إلى أعالي الجسد وإن كان جائزًا إلا أَنَّ أداني الناس

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَبَهْزٌ وَالْجُدِّىُّ عَنْ شُعْبَةَ قَدْرِ صَاعٍ. 252 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ هُوَ وَأَبُوهُ، وَعِنْدَهُ قَوْمٌ فَسَأَلُوهُ عَنِ الْغُسْلِ. فَقَالَ يَكْفِيكَ صَاعٌ. فَقَالَ رَجُلٌ مَا يَكْفِينِى. فَقَالَ جَابِرٌ كَانَ يَكْفِى مَنْ هُوَ أَوْفَى مِنْكَ شَعَرًا، وَخَيْرٌ مِنْكَ، ثُمَّ أَمَّنَا فِي ثَوْبٍ. طرفاه 255، 256 ـــــــــــــــــــــــــــــ لا ينظرون من أمهاتهم إلى ذلك، فضلًا عن تلك الحضرة معدن الحياء وأما طلبُ الإناء لتُرِيهم مقدار الماء، ورُبّما كانت تريدُ الغسل فاتفَقَ حضورهما، ولا شك أن غسلها وإن كان وراء الحجاب، فهو أبلَغُ من الوصف بالقول. (وقال يزيد بن هارون) من الزيادة (وبهز) بفتح الباء آخره زاي معجمة (والجُدِّي) -بضم الجيم وكسر الدال وتشديد الياء- عبد الملك بن إبراهيم الحجازي (عن شعبة: قدر صاع) أي: في رواية لفظ: قدر، مكان: نحو. 252 - (زُهير) بضم الزاي على وزن المصغر (أبي إسحاق حدثنا أبو جعفر) أبو إسحاق هو عمرو بن عبد الله السبيعي، وأبو جعفر هو محمد بن علي بن الحسين المعروف بالباقر رضي الله عنه وعن آبائه الطاهرين (فسألوه) السائل أبو جعفر راوي الحديث، جاء صريحًا في رواية النسائي (عن الغسل) أي: عن مقدار ماء الغسل لقوله: (يكفيك صاع فقال رجل: ما يكفيني) هذا الرجل هو حسن بن محمد بن الحنفية، سيأتي صريحًا. (كان يكفي مَنْ هو أوفى منك شَعْرًا، وخيرٌ منك) يُريدُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - (ثم أمَّنا في ثوب واحد) أي: جابرٌ، سيأتي مرارًا صريحًا لما قيل له: تصلي في ثوب، وثيابك على المشجب؟ قال: إنما فعلت ذلك ليراني أحمق مثلك، وأينا كان يجد ثوبين في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن قال: أمنا، أي: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد زَلّت به القدم. وقوله: خيرٌ منك، مرفوع خبر مبتدأ محذوف، ويروى بالنصب عطفًا على مَنْ.

4 - باب من أفاض على رأسه ثلاثا

253 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَمَيْمُونَةَ كَانَا يَغْتَسِلاَنِ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ كَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ يَقُولُ أَخِيرًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ، وَالصَّحِيحُ مَا رَوَى أَبُو نُعَيْمٍ. 4 - باب مَنْ أَفَاضَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاَثًا 254 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ أَبِى ـــــــــــــــــــــــــــــ 253 - (أبو نُعيم) -بضم النون على وزن المصغر- فضل بن دُكَين. (عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وميمونة كانا يغتسلان من إناء واحد) إدخال هذا الحديث في هذا الباب للدلالة على أن التقدير بالصاع ليس على سبيل الوجوب، وقد قدمنا نقلًا عن النووي الإجماع على عدم تقدير ماء الغسل والوضوء، بحيث لا يجوزُ أن يكون أنقصَ منه. وقيل: المراد بالإناء: الفرق، ولتعينه لم يعرّف الإناء، أو لكونه معهودًا عندهم أن الإناء هو الذي يسع الصَّاعين وأكثر. وهذا شيء لا دليل عليه، وفيما ذكرنا غنية عنه فأشار هنا إلى الشق الثاني من الترجمة وهو قوله نحو الصاع (قال [أبو] عبد الله: كان ابن عيينة يقول أخيرًا: عن ابن عباس عن ميمونة والصحيحُ ما قاله أبو نُعيم) بإسقاط ميمونة. قال الدارقطني: حذف ميمونة من الإسناد أرجح، وإن الحديث من مسند ابن عباس كما أشار إليه البخاري. قلت: ابن عباس روى عنه مسلم من طرقٍ كلها عن ميمونة ولا بُدّ من تقديرها، لأن ابن عباس لم يشاهد اغتسالهما، ولا جاء في رواية أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال ابن الأثير: الصاعُ مكيال يَسَعُ أربعة أمداد، والمدُّ مختلف فيه فقيل: هو رطل وثلث بالعراقي، وبه أخذ الشافعي وفقهاء الحجاز. وقيل: هو رطلان، وبه أخذ أبو حنيفة وفقهاء العراق، فيكون الصاعُ خمسةَ أرطال وثُلثًا أو ثمانية أرطال. باب: من أفاض على رأسه ثلاثًا 254 - (أبو نُعيم) -بضم النون-: على وزن المصغر وكذلك (زُهير)، (عن أبي

إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدٍ قَالَ حَدَّثَنِى جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَمَّا أَنَا فَأُفِيضُ عَلَى رَأْسِى ثَلاَثًا». وَأَشَارَ بِيَدَيْهِ كِلْتَيْهِمَا. 255 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مِخْوَلِ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِىٍّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُفْرِغُ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاَثًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ إسحاق) هو عمرو بن عبد الله السبيعي (سليمان بن صُرَد) بضم الصاد وفتح الراء (جُبير بن مطعم) -بضم الميم- اسم فاعل. وهو الذي قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر [فيه]: "لو كان مطعم حيًّا وكلمني [في] هؤلاء النتنى لتركتهم له" يريد به الأسرى، لأنه كان مجيرًا له من المشركين حين رجع من الطائف، وكان أحد القائمين في إبطال الصحيفة الملعونة. (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أما أنا فافيض على رأسي ئلاثًا) أي: ثلاث غَرَفات باليدين. واتفق العلماءُ على أنه كذلك حكم الجسد يسن التكرار فيه ثلاثًا، لأنه أولى بذلك من الوضوء. والمعنى: أما أنا فكذا وغيري لا علم لي به، فهو تفصيلٌ لمجمل تقدمه كما في رواية مسلم. أن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تماروا عنده في الغسل، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا الكلام (كلاهما) وفي بعض النُّسَخ: كلتاهما على لغة من يجعل إعراب المثنى تقديريًا وهم بنو الحارث وكنانة وهجيم. 255 - (بشار) بفتح الباء وتشمديد الشين (غُنْدَر) بضم المعجمة وفتح الدال (فخَوّل) -بضم الميم والخاء المعجمة وواو كذلك مشددة- قال الغَسَّاني: وضبطه الأصيلي بكسر الميم وتخفيف الواو. (مُعَمَّر) -بضم الميم الأولى وفتح الثانية مع التشديد- قال الغَسّاني: وقال: ليس في الأسماء غيره قلتُ: وليس له في البخاري غيرُ هذا الحديث. وقال غيره: بفتح الميم وسكون العين (أبو جعفر) هو الإمام محمد الباقر.

5 - باب الغسل مرة واحدة

256 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَعْمَرُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَامٍ حَدَّثَنِى أَبُو جَعْفَرٍ قَالَ قَالَ لِى جَابِرٌ أَتَانِى ابْنُ عَمِّكَ يُعَرِّضُ بِالْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ كَيْفَ الْغُسْلُ مِنَ الْجَنَابَةِ فَقُلْتُ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَأْخُذُ ثَلاَثَةَ أَكُفٍّ وَيُفِيضُهَا عَلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ يُفِيضُ عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ. فَقَالَ لِى الْحَسَنُ إِنِّى رَجُلٌ كَثِيرُ الشَّعَرِ. فَقُلْتُ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَكْثَرَ مِنْكَ شَعَرًا. 5 - باب الْغُسْلِ مَرَّةً وَاحِدَةً 257 - حَدَّثَنَا مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِى الْجَعْدِ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَتْ مَيْمُونَةُ وَضَعْتُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مَاءً لِلْغُسْلِ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا، ثُمَّ أَفْرَغَ عَلَى شِمَالِهِ فَغَسَلَ مَذَاكِيرَهُ، ثُمَّ مَسَحَ يَدَهُ بِالأَرْضِ، ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ 256 - (أتاني ابن عمك الحسن بن محمد بن الحنفية) لأن حسين بن علي وابن الحنفية أخوان من الأب؛ وفيه تسامح لأنه ابن عم أبيه (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يأخذ ثلاثة أكف) أي: ثَلاثَ غَرَفات، لما تقدم من قوله: بيديه كلتيهما. وفقه الحديث: استحباب أن يكون الغسلُ ثلاثًا كالوضوء، ويكره الإسرافُ فيه كالوضوء. باب: الغسل مرة واحدة 257 - (الأعمش) هو سليمان بن مهران (سالم بن أبي الجعد) -بفتح الجيم وسكون العين- الغطفاني، اسمه رافع (كريب) بضم الكاف على وزن المصغر. (فغسل يديه مرتين أو ثلاثًا) الشك من ميمونة. كذا قيل. والصوابُ أن الشك من الأعمش، سيأتي صريحًا في رواية أبي عوانة (فغَسَل مذاكيره) قال الأخفش: جمع لا مفرد له كسراويل، والمعنى: غسل ذكره وما حوله، وقيل: جمع ذَكَر بمعنى الفرج، فَرَّقوا بينه وبين بني آدم فإنه جُمع على ذكور. وعلى كل تقدير فيه تغليب؛ إذ ليس للإنسان إلا ذكرٌ واحد،

6 - باب من بدأ بالحلاب أو الطيب عند الغسل

ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى جَسَدِهِ، ثُمَّ تَحَوَّلَ مِنْ مَكَانِهِ فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ. طرفه 249 6 - باب مَنْ بَدَأَ بِالْحِلاَبِ أَوِ الطِّيبِ عِنْدَ الْغُسْلِ 258 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ حَنْظَلَةَ عَنِ الْقَاسِمِ ـــــــــــــــــــــــــــــ فالجمع باعتبار ما حوله (ثم أفاض على جسده). فإن قلت: ليس في الحديث ذكر المرة كما ترجم له؟ قلتُ: المطلق وإن صلح لأكثر من فردٍ إلا أنهم كانوا ينقلون أفعاله وأقواله على أيّ وجهٍ وقعت. أَلاَ ترى كيف قالت في غسل اليدين مرتين أو ثلاثًا على الشك. فإن قلت: كيف ترك الأفضل؟ قلتُ: فعله تشريعًا كما فعل في الوضوء مثله، وكما صلى يوم الفتح بوضوء الخمس. وقالت: عمدًا فعلت. (ثم تحوّل من مكانه فغسَل قدميه) أي: رجليه كما في الرواية الأخرى، وإنما تَنَحَّى، لأن الماء في موضع الغسل مستعمل أو لتنظيف الرجلين، وليس في هذا الحديث أنه توضأ قبل الغسل، إما أنه رواه مختصرًا وقد سَلَف أنه توضأ قبل الغسل، أو تكرر منه فتارةً توضأ، وأخرى لم يتوضأ. قال النووي: ينبغي أن يغسل موضع الاستنجاء بنية الغسل بعد إزالة الخبث. قلتُ: نية الغسل مرة كافية فلا حاجة إلى النية في كل عضو. باب: مَنْ بدأ بالحلاب والطيب عند الغسل 258 - (محمد بن المثنى) بضم الميم وتشديد النون (أبو عاصم) هو النبيل الضحاك بن مَخْلد (عن حنظلة) -بظاء معجمة- هو ابن أبي سفيان، و (القاسم) هو ابن محمد بن أبي بكر أحد الفقهاء السبعة.

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ دَعَا بِشَىْءٍ نَحْوَ الْحِلاَبِ، فَأَخَذَ بِكَفِّهِ، فَبَدَأَ بِشِقِّ رَأْسِهِ الأَيْمَنِ ثُمَّ الأَيْسَرِ، فَقَالَ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا اغتسل من الجنابة دعا بشيء نحو الحلاب) أي: إذا أراد الاغتسال، والحِلاب -بكسر الحاء- إناء يسع حلبة ناقة، واتفق العلماء على أن البخاري وَهِمَ في هذا المقام، فإنه ظن أن الحِلاب نوع من الطيب، ولذلك عطف عليه الطيب في الترجمة، وأراد بعضُهم أن يعتذر له فقال: مراد البخاري بالحلاب الظرف لا الطيب. ولما توجه أن الحديث لم يذكر فيه إلا الحِلاب، فأين ذكر الطيب الذي ترجم عليه؟ أجاب بأن عقد الباب إنما هو لأحد الأمرين، ولذا جاء بأو الفاصلة دون الواو الواصلة. ولما توجه عليه أن لا مناسبة بين الظرف والطيب، قال: المناسبة كون كل منهما يقع في مبتدأ الغسل. هذا محصّل ما سعى فيه، وكل ذلك خبطٌ منه. أما أولًا: فلأن النسخ المعتمدة بالواو دون أو. وأما ثانيًا: فلأن أو أشدّ إشكالًا من الواو، لأن التخيير إنما يكون بين أمرين بينهما مناسبة يصلح أن يكون كل منهما قائم مقام الآخر. وأما ثالثًا: فلأن قوله: المناسبة بين الظرف وبين الطيب، كون كل منهما يقع به الابتداء سهو منه؛ لأن استعمال الطيب إنما يكون بعد الغسل. وأي فائدةٍ في استعمال الطيب، ثم غسله في الحال، ولعدم استقامة المعنى. قال النووي: قال الأزهري: هو الجُلاَّب -بضم الجيم وتشديد اللام- معرب كتاب، أي: ماء الورد. هذا ما ذكروه. وأحسن ما يجاب به عن البخاري أنه أراد بالحلاب: الإناء. وإنما عطف الطيب عليه إشارةً إلى حديث عائشة كما سيأتي: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تطيب لإحرامه فطاف على نسائه ..... فأشار بأو في الترجمة إلى أن كل واحد من البداءة بالماء أو الطيب ورد به الحديث. هذا على رواية أو، وأما على رواية الواو فلأن الواو لا تدل على الترتيب، فأيتهما بدأ كان حسنًا. وقوله في الحديث: (دعا بشيء نحو الحلاب فأخذ بكفيه) صريحٌ في أنه أراد أخذ الماء. فأنى يُتوهم أنه وهمَ فجعل الحلاب والله الموفق.

7 - باب المضمضة والاستنشاق فى الجنابة

7 - باب الْمَضْمَضَةِ وَالاِسْتِنْشَاقِ فِي الْجَنَابَةِ 259 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِى سَالِمٌ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ حَدَّثَتْنَا مَيْمُونَةُ قَالَتْ صَبَبْتُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - غُسْلاً، فَأَفْرَغَ بِيَمِينِهِ عَلَى يَسَارِهِ فَغَسَلَهُمَا، ثُمَّ غَسَلَ فَرْجَهُ، ثُمَّ قَالَ بِيَدِهِ الأَرْضَ فَمَسَحَهَا بِالتُّرَابِ، ثُمَّ غَسَلَهَا، ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ، وَأَفَاضَ عَلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ تَنَحَّى فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ، ثُمَّ أُتِىَ بِمِنْدِيلٍ، فَلَمْ يَنْفُضْ بِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: المضمضة والاستنشاق قد سلف مرارًا تعريفها. وقال بوجوبهما في الوضوء والجنابة الإمام أحمدُ وأبو حنيفة في الجنابة وحدها. 259 - (عُمر بن حفص) بضم العين (كُريب) بضم الكاف على وزن المصغر. (حدثتنا ميمونة قالت: صببت للنبي - صلى الله عليه وسلم - غسلًا) -بضم الغين- الماء الذي يغتسل به (فأفرغ بيمينه على يساره، فغَسَلها) ويروى: فغسلهما لاحتمال أن يكون فيهما أذىً (ثم قال بيده الأرض) أي: ضرب يده على الأرض. فإن قال يطلق على كل فعل (فمَسَحها بالتراب ثم غَسَلها) ليكون أبلَغَ في النظافة (ثم تنحّى فغسل قدميه) يحتمل أن يكون تَنحّى لأن الموضع الذي اغتسل فيه يقف فيه الماء المستعمل، أو لينظف رجليه من نحو تراب في المغتسل. وهذا هو الظاهر من لفظ القدم. وقيل: إنما أخر غسل قدميه بيانًا للجواز. وهذا فاسدٌ، لأن غسل الرجل متاخر إما وجوبًا أو ندبًا، فأي بيان يتصور هنا؟. (ثم أُتي بمنديل) -بكسر الميم- اسم آلة من الندل، وهو النقل أو الوسخ، لأنه يُزال به الوسخ (فلم ينفض بها) أنَّثَ الضمير باعتبار الخرقة، وقد جاء بلفظ الخرقة في رواية عائشة، أي: لم ينشف أعضاءه بها. واختلف العلماءُ في تنشيف أعضاء الوضوء بعد اتفاقهم على الجواز في الجملة، الأصح عند الشافعية استحباب تركه لصريح هذا الحديث، ولأحاديث تدل على أن ماء الوضوء والغسل مبارك يُوزن مع الأعمال، ويُذهب الذنوب، كما سيأتي في الكتاب. وقال مالك وأحمد وأبو حنيفة: لا بأس به لما روت عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانت له خرقة ينشف بها. وروي في معناه عن غيرها أيضًا. قال الترمذي: لا يصحّ منها شيء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

8 - باب مسح اليد بالتراب ليكون أنقى

8 - باب مَسْحِ الْيَدِ بِالتُّرَابِ لِيَكُونَ أَنْقَى 260 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِى الْجَعْدِ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ، فَغَسَلَ فَرْجَهُ بِيَدِهِ، ثُمَّ دَلَكَ بِهَا الْحَائِطَ ثُمَّ غَسَلَهَا، ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلاَةِ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ غُسْلِهِ غَسَلَ رِجْلَيْهِ. وَأَدْخَلَ ابْنُ عُمَرَ وَالْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ يَدَهُ فِي الطَّهُورِ، وَلَمْ يَغْسِلْهَا ثُمَّ تَوَضَّأَ. وَلَمْ يَرَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ بَأْسًا بِمَا يَنْتَضِحُ مِنْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: مسح اليد بالتراب ليكون أنقى أفعل تفضيل، حُذف منه: من، كما في: الله أكبر. 260 - (الحميدي) -بضم الحاء على وزن المصغر- عبد الله بن الزبير، نسبةً إلى جده الأعلى (سفيان) هو ابن عيينة (عن سالم بن أبي الجعد) -بفتح الجيم- اسمه نافع (كُريب) بضم الكاف، على وزن المصغر (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اغتسل من الجنابة فغَسَل فرجه). فإن قلتَ: غسل الفرج مقدم على الاغتسال فما وجه هذه الفاء؟ قلت: ذكرنا مرارًا في أمثاله أن الفاء لتفصيل المجمل، لأن رتبة المفصل فوق المجمل (ثم دلك بها الحائط). قال بعضُهم: فإن قلت: هذه الترجمة من الباب السابق، فما فائدة التكرار؟ قلت: غرض البخاري الإشارة إلى تفاوت السياق، فإن عمر بن حفص روى هذا الحديث في معرض بيان المضمضة، والحميدي في معرض بيان غسل اليد بالتراب، هذا كلامه وليس بشيء؛ فإن البخاري روى حديث الأعمال بالنيات في سبع مواضع، ولا يمكن أن يقال فيه شيء من هذا، بل غرض البخاري استنباط الأحكام، فيصحّ كل باب لحكم، ويستدل عليه بالحديث، ودأبه الاستدلال بالخفي. ألاَ ترى أنه وضع الباب لمسح اليد بالتراب،

9 - باب هل يدخل الجنب يده فى الإناء قبل أن يغسلها إذا لم يكن على يده قذر غير الجنابة

9 - باب هَلْ يُدْخِلُ الْجُنُبُ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهَا إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى يَدِهِ قَذَرٌ غَيْرُ الْجَنَابَةِ 261 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ أَخْبَرَنَا أَفْلَحُ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ تَخْتَلِفُ أَيْدِينَا فِيهِ. 262 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ غَسَلَ يَدَهُ. 263 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى بَكْرِ بْنِ حَفْصٍ عَنْ عُرْوَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ وأورَدَ الحديث الذي فيه ضرب اليد على الحائط، ووضع الباب قبله للمضمضة. وأورَدَ فيه الحديث الذي صَرَّح فيه بمسح اليد بالتراب على أن في هذا الحديث ذكر الوضوء ولم يكن ذكره هناك. باب: هل يدخل الجنب يده في الإناء قبل أن يغسلها إذا لم يكن على يده قذر غير الجنابة القذرُ: الشيء المستقذر سواء كان نجسًا أو لا، والمراد به النجس هنا. (وأدخل ابن عمر والبراء يده في الطَّهور) -بفتح الطاء- الماء الذي يتطهر به (ولم يغسلها، ثم توضأ) أي: كل منهما، فدل على طهارة اليد قبل الغسل (ولم يَرَ ابن عمر وابن عباس بأسًا بماء ينتضح من غسل الجنابة) فدل على طهارة يد الجنب. وفيه دلالةٌ أيضًا على طهارة الماء المستعمل. 261 - (عبد الله بن مَسْلَمة) بفتح الميم واللام (أفلح) -على وزن أحمد- هو ابن حميد الأنصاري (عن عائشة: كنتُ أغتسل أنا والنبي - صلى الله عليه وسلم -) يجوزُ فيه النصبُ على أنه مفعول معه. (من إناء واحد تختلفُ أيدينا فيه) أي: آخذ إناء الماء ثم يأخذه بعدي وبالعكس. 262 - (مسدّد) بضم الميم وتشديد الدال المفتوحة (حَمّاد) بفتح الحاء وتشديد الميم. 263 - (أبو الوليد) هشام الطيالسي.

10 - باب تفريق الغسل والوضوء

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ مِنْ جَنَابَةٍ. وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ. 264 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبْرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَالْمَرْأَةُ مِنْ نِسَائِهِ يَغْتَسِلاَنِ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ. زَادَ مُسْلِمٌ وَوَهْبٌ عَنْ شُعْبَةَ مِنَ الْجَنَابَةِ. 10 - باب تَفْرِيقِ الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ غَسَلَ قَدَمَيْهِ بَعْدَ مَا جَفَّ وَضُوءُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 264 - (عن عبد الله بن عبد الله بن جَبْر) -بفتح الجيم وسكون الباء- زاد مسلم هو ابن إبراهيم شيخ البخاري. فإن قلت: ترجمة الباب لإدخال اليد قبل الغسل في الإناء، وليس في أحاديث الباب ذلك، إلا في رواية هشام أنه غَسَلَ يده قبل ذلك؟ قلتُ: غسل اليدين قبل الوضوء والغسل كان عادَتهُ المستمرة، كما دلت عليه الأحاديث السالفة. وأما هنا إنما ترجم على إدخال الجنب يده في الإناء، وليس في أحاديث الباب ذكرُهُ صريحًا، لأن دأبه الاستدلال بالخفي، كما نبهنا عليه مرارًا. بيانُ ذلك أن الكلام إنما هو في يد الجنب إذا لم يكن عليها قذر سوى الجنابة، وأما النهي الوارد في منع الجنب عن إدخال اليد في الإناء فمحمولٌ على التنزيه، وإذا اغتسل هو وعائشة وغيرها من النساء، واختلفت أيديهما في الإناء، فدل على أن الجنابة لا تمنع من إدخال اليد في الإناء إذا لم يكن عليها قذر. وأما رواية هشام أنه غَسَل يده قبل الغُسْل إنما أورده في الباب، لأنه ترجم بصيغة الاستفهام هل يُدخل يده أم لا؟ فأورد الأحاديثَ على ذلك المنوال، بعضها دالًّا على الغسل، وبعضها دالًّا على عدمه. فإن قلتَ: قوله: من إناء واحد من جنابة، فما وجهه؟ وحرفا جرٍ بمعنى واحد لا يتعلقان بفعل واحد لا نقول: مررتُ بزيد بعمرو؟ قلت: الحرفان هنا لم يتعلقا بفعل واحد، فإنَّ الأول متعلق بالمطلق، والثاني بالمقيد، أي: الاغتسال المبتدأ من الإناء مبتدأ من الجنابة، كما تقول: أكلت من ثمرة بستانك من العنب، أو من الثانية للتعليل، أي: للجنابة كقوله تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ} [المائدة: 32]. باب: تفريق الغسل والوضوء (ويذكر عن ابن عمر أنه غسل قدميه بعد ما جفّ وضوءه).

265 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِى الْجَعْدِ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَتْ مَيْمُونَةُ وَضَعْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَاءً يَغْتَسِلُ بِهِ، فَأَفْرَغَ عَلَى يَدَيْهِ، فَغَسَلَهُمَا مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا، ثُمَّ أَفْرَغَ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ، فَغَسَلَ مَذَاكِيرَهُ، ثُمَّ دَلَكَ يَدَهُ بِالأَرْضِ، ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ ثُمَّ غَسَلَ رَأْسَهُ ثَلاَثًا، ثُمَّ أَفْرَغَ عَلَى جَسَدِهِ، ثُمَّ تَنَحَّى مِنْ مَقَامِهِ فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ -بفتح الواو- أي: الذي على أعضائه وعليه الأئمة إلا مالك فإنه أوجب الموالاة. 265 - (محمد بن محبوب) بالحاء المهملة (أبي الجعد) -بفتح الجيم وسكون العين- رافع الغطفاني (فغَسَل مذاكيره) أي: ذكره وما حوله، جمعٌ لا مفرد له، وعن الأخفش جمع ذكر بمعنى الفرج، فرقوا بينه وبين الذكر الذي هو ابن آدم فإنه يجمع على الذكر، وعلى كل تقدير فيه تغليب إذ ليس هناك إلا ذكر واحد (وتمضمض واستنشق، ثم غَسَل وجهه وبديه، ثم غسَل رأسَهُ ثلاثًا) قيد للأفعال المذكورة، ويجوز أن يكون قيدًا للرأس وحده، وليس اختلاف أبي حنيفة والشافعي في مثل هذا القيد، بل في الاستثناء الوارد بعد جمل متعددة. قال صاحب "التلويح": لا خلاف في جواز العود إلى الكل وإلى الأخيرة خاصة، إنما الخلاف في الظهور عند الإطلاق، فذهب الشافعي إلى أنه ظاهر في العود إلى الجميع، ومذهبُ أبي حنيفة أنه ظاهر في العود إلى الأخيرة. (ثم تنحى من مقامه فغسَلَ قَدَمَيْهِ) هذا موضع الدلالة على الترجمة وليس فيه دلالةٌ على ما أراد، لأن من أوجب الموالاة إنما مَنَع بعد جفاف العضو كما نقله تعليقًا عن ابن عمر، اللهم إلا أن يريد مطلق التفريق في الجمل. فإن قلتَ: روى الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر أنه توضأ، ثم دُعي إلى جنازة، فدَخَل المسجد ثم مَسَحَ على خفيه فصلى عليها؟ قلتُ: مالك إنما شرط الموالاة في غسل الأعضاء لا في المسح، على أن الحديث عن ابن عمر ليس مرفوعًا عنده، فربما لاحَ له دليلٌ آخر. هذا ولا خلف في استحباب الموالاة.

11 - باب من أفرغ بيمينه على شماله فى الغسل

11 - باب مَنْ أَفْرَغَ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ فِي الْغُسْلِ 266 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِى الْجَعْدِ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ قَالَتْ وَضَعْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - غُسْلاً وَسَتَرْتُهُ، فَصَبَّ عَلَى يَدِهِ، فَغَسَلَهَا مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ - قَالَ سُلَيْمَانُ لاَ أَدْرِى أَذَكَرَ الثَّالِثَةَ أَمْ لاَ - ثُمَّ أَفْرَغَ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ، فَغَسَلَ فَرْجَهُ، ثُمَّ دَلَكَ يَدَهُ بِالأَرْضِ أَوْ بِالْحَائِطِ، ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ، وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، وَغَسَلَ رَأْسَهُ، ثُمَّ صَبَّ عَلَى جَسَدِهِ، ثُمَّ تَنَحَّى فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ، فَنَاوَلْتُهُ خِرْقَةً، فَقَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا، وَلَمْ يُرِدْهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من أفرغ بيمينه على شماله في الغسل 266 - (أبو عوانة) -بفتح العين- الوضاح اليشكري (عن سالم بن أبي الجَعْد) -بفتح الجيم وسكون العين- رافع الغطفاني (كُريب) بضم الكاف، على وزن المصغر (عن ميمونة قالت: وضعتُ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - غسلًا وسترته فَصبَّ على يده مرة أو مرتين. قال سليمان: لا أدري أذَكَرَ الثالثة أم لا) سليمان هو الأعمش، أي: لم يدرِ أن شيخه ذكر الثالثة أم لا؟ وحديث ميمونة هذا قد سلف مرارًا (فناولته خرقة. فقال بيده هكذا) أي: أشار بيده، فإن القولَ يطلق على الإشارة مجازًا، والجامع كون كل واحدٍ منهما دالًّا على المقصود. وقولها: (ولم يردها) كالتفسير لما قبله. وقد بَيَّنا اختلاف العلماء في تنشيف الأعضاء في باب المضمضة. ومن العلماء مَنْ فَرَّق بين الصيف والشتاء، واستحب في الشتاء دون الصيف. وفقه الباب استحباب الستر، وإن كان عند من يباح نظره، وأن للأزواج خدمة الزوج، واستحباب دلك اليد بالأرض، فإنه أنقى، وتقديم الوضوء على الغسل. وقد أورد على البخاري بأنه روى حديث ميمونة، وليس فيه أنه أفرغ بيمينه على شماله إلا في غسل الفرج، وأجاب شيخُ الإسلام بانه يقاس على الفرج سائر الأعضاء، وأيضًا معلوم من شأنه أنه كان يقدم اليمين. قلتُ: قياسه على غسل الفرج فيه نظر لأن غسل الفرج باليمين منهي عنه، والأحسنُ في

12 - باب إذا جامع ثم عاد، ومن دار على نسائه فى غسل واحد

12 - باب إِذَا جَامَعَ ثُمَّ عَادَ، وَمَنْ دَارَ عَلَى نِسَائِهِ فِي غُسْلٍ وَاحِدٍ 267 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ ذَكَرْتُهُ لِعَائِشَةَ فَقَالَتْ يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَيَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ، ثُمَّ يُصْبِحُ مُحْرِمًا يَنْضَخُ طِيبًا. طرفه 270 ـــــــــــــــــــــــــــــ الجواب أنه تقدم من حديث ميمونة بعد غسل الفرج توضأ وضوءه للصلاة، وذلك شرح لهذا، وهذا على دأبه من الاستدلال بالخفي. باب إذا جامع ثم عاد ومن دار على نسائه في غسل واحد 267 - (محمد بن بَشَّار) بفتح الباء وتشديد المعجمة (ابن أبي عَدِي) -بفتح العين وكسر الدال وتشديد الياء- هو محمد بن إبراهيم (المنتشر) بلفظ الاسم الفاعل من الانتشار (عن أبيه قال: ذكرتُهُ لعائشة) أي قول ابن عمر: ما أُحبّ أن أصبح محرمًا أنضخ طيبًا (فقالت: يرحم اللهُ أبا عبد الرحمن) كنيةُ ابن عمر كنتُ أُطيِّب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) بضم الهمزة وتشديد الياء المكسورة (فيطوف على نسائه فيصبح محرمًا ينضخ طيبًا) أي: يفور. -بالخاء المعجمة- ومنه قوله تعالى: {عَيْنَانَ نَضَاخَتَانِ} [الرحمن: 66] ونقل صاحب "المطالع" عن ابن كيسان أنه بالحاء المهملة لِما رَقَّ كالماء، وبالمعجمة لما ثَخُنَ كالطيب. وقال النووي: هو بالمعجمة أقل من المهملة. قيل: إنما ترحمتْ عليه عائشة، لأنه سها في قوله. قلت: السهو يكون بعد العلم، بل أخطأ؛ لأنه اجتهد في مقابلة النص. فإن قلتَ: ليس في الحديث أنه طاف على نسائه في غسل واحد كما ترجم عليه؟ قلتُ: عدم ذكر الغسل دليل على عدمه، وذلك أنهم كانوا يضبطون حركاته وسكناته في أحواله كلها، على أن الترجمة مركبة، فدلَّ الحديثُ على الشق الأول، وهو ما إذا جامع، ثم عاد سواء كان معه غسل أو لا. وفي رواية مسلم صرَّح بالغسل الواحد، فأشار إليه في الترجمة كما هو دأبه فيما لم يكن على شرطه.

268 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ قَتَادَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَدُورُ عَلَى نِسَائِهِ فِي السَّاعَةِ الْوَاحِدَةِ مِنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَهُنَّ إِحْدَى عَشْرَةَ. قَالَ قُلْتُ لأَنَسٍ أَوَكَانَ يُطِيقُهُ قَالَ كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّهُ أُعْطِىَ قُوَّةَ ثَلاَثِينَ. وَقَالَ سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ إِنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ تِسْعُ نِسْوَةٍ. أطرافه 284، 5068، 5215 ـــــــــــــــــــــــــــــ 268 - (معاذ بن هشام) بضم الميم (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يدور على نسائه في الساعة الواحدة من الليل والنهار. وهن إحدى عشرة) يحتمل أن يُراد بالساعة ما يتعارفه الناسُ، وهي جزءٌ من أربعة وعشرين جزءًا، أو أعمّ من ذلك وهو الزمان القليل وهو الظاهر كما في ساعة الجمعة؛ لأن ذلك غير متعارف عندهم وقوله: إحدى عشرة، يريد نساءه التسع ومعهن سريتان، وهما: مارية القبطية، وريحانة القرظية، ففي إطلاق لفظ النساء تغليب. فإن قلت: كان يقسم بين نسائه فكيف طاف على الكل؟ قلت: قسمه بين النساء كان تبرعًا منه على أنه إذا أدار على الكل فهو في معنى القسم. وقيل: أستاذنهُن. وقيل: كان ذلك عند تمام الدور في النوبة قبل أن يستأنف، أو كان عند مجيئه من السفر قبل الشروع في الدور. (كنا نتحدث أنه أُعطي قوة ثلاثين) وفي "صحيح الإسماعيلي": أربعين وفي "الحلية": قوة أربعين من رجال الجنة وفي الترمذي: "كل مؤمن يُعطى في الجنة قوة مئة" فعلى هذا يكون قد أعطي قوة أربعة آلاف من رجال الدنيا. هذا هو اللائق بجلالة قدره مع أنه لم يتناول من خبز الشعير إلا بلغة وقد يشد على بطنه الحجر ليكون عرف الإعجاز فائحًا من شؤونه كلها (وقال سعيد: تسع نسوة) أي: بدل إحدى عشرة، وسعيد هذا هو ابن أبي عروبة وفي نسخة الأصيلي: شعبة، بدل: سعيد، والصوابُ: سعيد، ذكر البخاري حديثَهُ في باب الجنب يخرج ويمشي في السوق.

13 - باب غسل المذى والوضوء منه

13 - باب غَسْلِ الْمَذْىِ وَالْوُضُوءِ مِنْهُ 269 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنْ أَبِى حَصِينٍ عَنْ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَلِىٍّ قَالَ كُنْتُ رَجُلاً مَذَّاءً فَأَمَرْتُ رَجُلاً أَنْ يَسْأَلَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لِمَكَانِ ابْنَتِهِ فَسَأَلَ فَقَالَ «تَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ». ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: كيف التوفيق بين هذه الرواية والتي تقدمت؟ قلتُ: هذه الرواية محمولةٌ على الزوجات خاصة، وتلك عليها وعلى السراري. وهذا الذي رواه من غسل واحد بيان الجواز والا فالسنة تكرار الغسل. رواه أبو داود، وإن لم يقدر فالوضوء، رواه مسلم. باب: غسل المذي والوضوء منه 269 - (أبو الوليد) هشام الطيالسي (عن أبي الحَصِين) -بفتح الحاء وكسر الصاد- عثمان بن عاصم (عن علي قال: كنتُ رجلًا مذاءً) أي: كثير المذي -بذال معجمة- وهو الماء الذي يخرج من الذكر عند ملاعبة النساء أو تخيلهنّ. (فأمرْتُ رجلًا أن يسأل النبي - صلى الله عليه وسلم -) قد تقدم أن الرجل هو المقداد بن الأسود. وفي غير البخاري: عمار (فقال: توضأ واغسِلْ ذكرك) الخطاب عام لكل من اتصف به، ويجوزُ أن يكون الخطاب لعلي لما رُوي أنه كان حاضرًا، أو لمقداد، فإنه السائل. وفائدة الأمر بغسل الذكر بعد الأمر بالوضوء أن لا يتوهم طهارة المذي كالمني. قيل: وفيه دلالة على جواز الاستنجاء بعد الوضوء، وليس كذلك، لأن الواو لا دلالة له على الترتيب، بل ذلك معلوم من قانون الفقه، لأن موضع الاستنجاء نجس يجب إزالة نجاسته، سواء كان بعد الوضوء أو قبله.

14 - باب من تطيب ثم اغتسل وبقى أثر الطيب

14 - باب مَنْ تَطَيَّبَ ثُمَّ اغْتَسَلَ وَبَقِىَ أَثَرُ الطِّيبِ 270 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ فَذَكَرْتُ لَهَا قَوْلَ ابْنِ عُمَرَ مَا أُحِبُّ أَنْ أُصْبِحَ مُحْرِمًا أَنْضَخُ طِيبًا. فَقَالَتْ عَائِشَةُ أَنَا طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ طَافَ فِي نِسَائِهِ ثُمَّ أَصْبَحَ مُحْرِمًا. 271 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ الطِّيبِ فِي مَفْرِقِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ مُحْرِمٌ. أطرافه 1538، 5918، 5923 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: من تطيب ثم اغتسَلَ وبقي أثر الطيب 270 - (أبو النعمان) -بضم النون- محمد بن الفضل (أبو عَوَانة) -بفتح العين- الوضاح الواسطي (محمد بن المنتشر) بلفظ اسم الفاعل (ما أحب أن أصبح [محرمًا] أنضخ طيبًا) أي: أفوح. تقدم ضبطه بالخاء المعجمة والمهملة. وكذا شرح الحديث، وأنها ردَّت على ابن عمر، فإنه اجتهد في مقابلة النص، وقد تقدم شرح الحديث مستوفىً في باب إذا جامع ثم عاد. 271 - (الحَكَم) بفتح الحاء والكاف (كأني أنظرُ إلى وبيص الطيب في مفرق النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو محرم) وبيص الطيب: -بالصاد المهملة- بريقه ولمعانه ويقال فيه: البصيص. والمفرِق -بكسر الراء ويُحكى فيه الفتحُ-: وسطُ الرأس الذي يُفرق فيه شعر الرأس. مفرق كل شيء وسطه. وسيأتي في بعض الروايات: مفارق بصيغة الجمع باعتبار الأجزاء. وفي حديث الباب دلالةٌ على استحباب استعمال الطيب قبل الغسل عند الإحرام. وحجة على مالك في منعه ذلك، وتأويله بأنّ هذا كان للطوف على النساء. يَرُدّه قول عائشة من رواية مسلم والبخاري: "أنا طيبتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحرمه حين أحرم، وَلِحلِّهِ

15 - باب تخليل الشعر حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته أفاض عليه

15 - باب تَخْلِيلِ الشَّعَرِ حَتَّى إِذَا ظَنَّ أَنَّهُ قَدْ أَرْوَى بَشَرَتَهُ أَفَاضَ عَلَيْهِ 272 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ غَسَلَ يَدَيْهِ، وَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلاَةِ ثُمَّ اغْتَسَلَ، ثُمَّ يُخَلِّلُ بِيَدِهِ شَعَرَهُ، حَتَّى إِذَا ظَنَّ أَنْ قَدْ أَرْوَى بَشَرَتَهُ، أَفَاضَ عَلَيْهِ الْمَاءَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ غَسَلَ سَائِرَ جَسَدِهِ. 273 - وَقَالَتْ كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ نَغْرِفُ مِنْهُ جَمِيعًا. طرفه 250 ـــــــــــــــــــــــــــــ حين حل". وبطل به أيضًا قول ابن بطال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يجتنب الطيب في الإحرام، إذ لو كان كذلك فأيّ معنىً لقول عائشة: ولحله حين حلّ. وفي الحديث دلالة على أن بقاء الطيب على المحرم لا يضرّ. باب: تخليل الشعر حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته أفاض عليه أصلُ التخليل إدخالُ الشيء في أخلال الآخر أي: أثنائه. 272 - (عبدان) -على وزن شعبان- اسمه عبد الله، وعبدان لقبٌ له (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا اغتسَلَ من الجنابة) أي: أراد الاغتسال لقولها: (غسل يديه وتوضأ وضوءه للصلاة، ثم اغتسل) وقد تقدم شرحه مرارًا (ثم يخلل شعره حتى إذا ظَنّ أنه أروى بشرته) أي: بشرة رأسه. وفي رواية: "أَنْ قد أروى" فأنْ مخففة، حذف منها ضمير الشأن، والإرواء مجازٌ عن جعل الشخص ريّان. والمعنى: بَلَّ رأسه على أكمل وجه. 273 - (كنت أغتسل أنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - من إناء واحد جميعًا) -حال من الفاعل- أي:

16 - باب من توضأ فى الجنابة ثم غسل سائر جسده، ولم يعد، غسل مواضع الوضوء مرة أخرى

16 - باب مَنْ تَوَضَّأَ فِي الْجَنَابَةِ ثُمَّ غَسَلَ سَائِرَ جَسَدِهِ، وَلَمْ يُعِدْ، غَسْلَ مَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مَرَّةً أُخْرَى 274 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عِيسَى قَالَ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى قَالَ أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ عَنْ سَالِمٍ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ قَالَتْ وَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَضُوءًا لِجَنَابَةٍ فَأَكْفَأَ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ مَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلاَثًا، ثُمَّ غَسَلَ فَرْجَهُ، ثُمَّ ضَرَبَ يَدَهُ بِالأَرْضِ - أَوِ الْحَائِطِ - مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا، ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ، وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ، ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى رَأْسِهِ الْمَاءَ، ثُمَّ غَسَلَ جَسَدَهُ، ثُمَّ تَنَحَّى فَغَسَلَ ـــــــــــــــــــــــــــــ في حالة واحدة كما سَلَف من قولها: تختلف أيدينا فيه. وحمله على جمع المغروف يفسد الغرض وهو اجتماع المرأة والرجل على إناء واحد. وصريح الحديث دلَّ على سنية تخليل شعر الرأس وألحق به تخليل اللحية لوجود الجامع، وقد دلت الأحاديث المقدمة على عدم الوجوب. باب: من توضأ في الجنابة ثم غسل سائر جسده ولم يُعِدْ غسل مواضع الوضوء مرة أخرى 274 - (الفضل بن موسى) السيناني -بكسر السين بعدها ياء مثناة بعدها نونان- نسبة إلى سينان، قريةٌ من قرى مَرْوٍ، مولى بني قطيفة من مذحج (وضع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وضوءًا للجنابة) -بفتح الواو- الماء الذي يتطهر به، من الوضاءة وهو الحُسْن والنظافة. نقله ابن الأنباري. فلا حاجة إلى أن يقال: هو من إطلاق المقيد على المطلق مجازًا كإطلاق المرسن على أنف الإنسان (فأكفأ بيمينه على يساره) أي: قلبه. يقال: أكفأ وكفأ بمعنى واحد (مرتين أو ثلاثًا) الشك من ميمونة (وذراعيه) أي: ساعديه إلى المرفق (ثم غَسَل جَسَدَه) أي: سائر جسده غير أعضاء الوضوء، كما قَيده البخاري في الترجمة. قال ابن بطّال: الحديث الذي أورده البخاري في الباب الذي قبله أمس بهذا الباب؛ لصريح لفظ سائر الجسد فيه، فأجاب بعضُهم بأن المراد في الحديثين أنه غسل جسده كلّه لا أنه غسل ما عدا أعضاء الوضوء. والسائرُ في الحديث السابق معناه: كل الجسد لا الباقي، فاستوى الحديثان. وقيل: لما ذكر تقدم الوضوء ثم أردفه بالغسل بدون ذكر أعضاء الوضوء علم أن المراد ما عدا أعضاء الوضوء. وكلا الجوابين مردودٌ.

17 - باب إذا ذكر فى المسجد أنه جنب يخرج كما هو ولا يتيمم

رِجْلَيْهِ. قَالَتْ فَأَتَيْتُهُ بِخِرْقَةٍ، فَلَمْ يُرِدْهَا، فَجَعَلَ يَنْفُضُ بِيَدِهِ. 17 - باب إِذَا ذَكَرَ فِي الْمَسْجِدِ أَنَّهُ جُنُبٌ يَخْرُجُ كَمَا هُوَ وَلاَ يَتَيَمَّمُ 275 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ، وَعُدِّلَتِ الصُّفُوفُ ـــــــــــــــــــــــــــــ أما الأول فلأنه مخالفٌ لغرض البخاري، لأنه صَرَّح بأنه لم يُعِن غسل مواضع الوضوء فكيف يكون لفظ سائر الجسد بمعنى الجميع، وكيف يكون غسل الجسد في هذا الحديث محمولًا على كل الجسد بعد أن قيد بأنه لم يُعِن غسل مواضع الوضوء. وأما الثاني فظاهر وذلك أن ذكر الغسل مع عدم ذكر إعادة غسل الأعضاء لا يدل على العلم في نفس الأمر. وأجاب بعضُهم بأنه أحال على الحديث الذي في الباب قبله، فإنه مقيد بذكر سائر الجسد، وردَّه شيخ الإسلام بأن ذلك الحديث لعائشة، وهذا حديث ميمونة، فلا يصح الحملُ. ثم أجاب بأن قوله في آخر الحديث: فغَسَل رجليه، دلَّ على أنه لم يغسل كل جسده. وفيما قاله نظرٌ، فإن غسل رجليه إنما كان لإزالة المستعمل، أو للنظافة، والدليلُ على ذلك ما تقدم من قولها: فغَسَل قدميه. والصواب في الجواب أنه أشار في الترجمة إلى ما رواه مسلم من حديث ميمونة مقيدًا سائر الجسد. ولما لم يكن على شرطه أشار إليه في الترجمة كما هو دأبه في أمثاله. وقد ذكرنا مرارًا أن دأب البخاري الاستدلالُ بما في دلالته خفاء ليتأمل فيه ويفحص عن طرق الحديث. (فأتيته بخرقة فلم يردها، فجعل ينفض الماء بيده) ورواه ابنُ السكن: لم يردها من الردّ. وهو غلط. أَلاَ ترى إلى قولها: فجعل ينفض الماء بيده. باب: إذا ذكر في المسجد أنه جنب يخرج كما هو ولا يتيمم قوله، ذكر، بمعنى تذكر. والكاف في قوله: كما هو، تسمى كاف المقارنة. وفي الحقيقة كاف التشبيه، والمعنى يكون حال خروجه مشتبهًا بحال وقوفه. وبيَّن ذلك بقوله: لا يتيمم. ورَدَّ بذلك على مَنْ زَعَم أن الرجل إذا أجنَبَ في المسجد، أو تذكر أنه جنبٌ يتيمم، وهو قول الثوري وإسحاق. 275 - (أقيمت الصلاة) أي: نُودي بالإقامة لها (وعدلَت الصفوف) أي: سُوّيت

قِيَامًا، فَخَرَجَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا قَامَ فِي مُصَلاَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ جُنُبٌ فَقَالَ لَنَا: «مَكَانَكُمْ». ثُمَّ رَجَعَ فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَيْنَا وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ، فَكَبَّرَ فَصَلَّيْنَا مَعَهُ. تَابَعَهُ عَبْدُ الأَعْلَى عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ. وَرَوَاهُ الأَوْزَاعِىُّ عَنِ الزُّهْرِىِّ. طرفاه 639، 640 ـــــــــــــــــــــــــــــ (قيامًا) حال من الصفوف، جمع قائم، أو مصدر في موقع الحال، أو تمييز (ثم خرَج إلينا ورأسه يقطر فكبّر) الظاهرُ أنه لم يعد الإقامة. فإن قلت: في رواية ابن ماجه: قام إلى الصلاة وكئر ثم انصرف فاغتسَلَ فجاء فصلى بهم، فلما انصرف قال: إني خرجتُ إليكم جُنُبًا، وفي رواية الدارقطني: فكبر وكبرنا، وفي رواية أحمد: كان قائمًا يصلي بهم قلتُ؟ قال النووي: هذا محمول على تعدّد القضية. (تابعه عبد الأعلى) السامي -بسين مهملة- نسبةً إلى جده الأعلى سامة بن لؤي، والضمير في تابعه لعثمان (عن مَعمَر) بفتح الميم وسكون العين (ورواه الأوزاعي) -بفتح الهمزة- الإمام عبد الرحمن، إمام أهل الشام في زمانه. قوله أولًا تابعه، وثانيًا رواه، تفننٌ. ومن قال: المتابعة تكون إذا وافق الراوي في اللفظ، ورواه إذا وافق في المعنى، فقد قال ما لا علم له به. واعلم أن العلماء اختلفوا في جواز عبور الجنب في المسجد، جوَّزه الشافعي لقوله تعالى: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء: 43] وقال المراد من قوله تعالى: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ} [النساء: 43] أي: مكانها، بدليل قوله: {إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء: 43]. وقال مالك وأبو حنيفة: المراد بعابري سبيلٍ: المسافرون، فلا يدخل المسجدَ إلا المسافرُ الجنب لطلب الماء، لأنه معذور، ومعنى قوله تعالى: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ} [النساء: 43] أي: الصلاة ولَا مكانها، واعترض بأنه يلزمهم الجمع بين الحقيقة والمجاز. ولم يقولا به. وهذا ساقط لإمكان الحمل على عموم المجاز. وذهب الإمام أحمدُ إلى جواز جلوس الجنب في المسجد.

18 - باب نفض اليدين من الغسل عن الجنابة

18 - باب نَفْضِ الْيَدَيْنِ مِنَ الْغُسْلِ عَنِ الْجَنَابَةِ 276 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو حَمْزَةَ قَالَ سَمِعْتُ الأَعْمَشَ عَنْ سَالِمٍ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَتْ مَيْمُونَةُ وَضَعْتُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - غُسْلاً، فَسَتَرْتُهُ بِثَوْبٍ، وَصَبَّ عَلَى يَدَيْهِ فَغَسَلَهُمَا، ثُمَّ صَبَّ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ، فَغَسَلَ فَرْجَهُ، فَضَرَبَ بِيَدِهِ الأَرْضَ فَمَسَحَهَا، ثُمَّ غَسَلَهَا فَمَضْمَضَ، وَاسْتَنْشَقَ، وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ، ثُمَّ صَبَّ عَلَى رَأْسِهِ، وَأَفَاضَ عَلَى جَسَدِهِ، ثُمَّ تَنَحَّى فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ، فَنَاوَلْتُهُ ثَوْبًا فَلَمْ يَأْخُذْهُ، فَانْطَلَقَ وَهْوَ يَنْفُضُ يَدَيْهِ. 19 - باب مَنْ بَدَأَ بِشِقِّ رَأْسِهِ الأَيْمَنِ فِي الْغُسْلِ 277 - حَدَّثَنَا خَلاَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كُنَّا إِذَا أَصَابَتْ إِحْدَانَا جَنَابَةٌ، أَخَذَتْ بِيَدَيْهَا ثَلاَثًا فَوْقَ رَأْسِهَا، ثُمَّ تَأْخُذُ بِيَدِهَا عَلَى شِقِّهَا الأَيْمَنِ، وَبِيَدِهَا الأُخْرَى عَلَى شِقِّهَا الأَيْسَرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: نفض اليدين من غسل الجنابة وفي بعضها: من الغسل عن الجنابة. 276 - (عبدان) على وزن شعبان (أبو حمزة) -بالحاء المهملة- محمد بن ميمون المروزي (سالم) هو ابن أبي الجَعد (كريب) بضم الكاف، على وزن المصغر (وضعتُ للنبي - صلى الله عليه وسلم - غُسلًا) -بضم الغين- الماء الذي يغتسل به (فسترته) دلَّ على استحباب الستر، وإن كان بحضور من يجوز نظره (فناولْتُهُ ثوبًا فلم يأخذه فانطلق وهو ينفض يديه) سَبَقَ شرح الحديث مرارًا بما لا مزيد عليه. باب: من بدأ بشق رأسه الأيمن في الغسل 277 - (خلاد) بفتح الخاء المعجمة (صفية بنت شيبة) ابن عثمان بن أبي طلحة العبدري، صاحب البيت الشريف، عَدّها ابن عبد البر وابن السكن من الصحابيات (قالت عائشة: كنا إذا أصابت إحدانا جنابةٌ، أخذت بيدها فوق رأسها ثلاثًا) أي: أخذت الماء بيديها ثلاث مراتٍ، وصبت على رأسها (ثم تأخن بيدها). وفي رواية: بيديها. هذا موضع

20 - باب من اغتسل عريانا وحده فى الخلوة، ومن تستر فالتستر أفضل

20 - باب مَنِ اغْتَسَلَ عُرْيَانًا وَحْدَهُ فِي الْخَلْوَةِ، وَمَنْ تَسَتَّرَ فَالتَّسَتُّرُ أَفْضَلُ وَقَالَ بَهْزٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ مِنَ النَّاسِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ الدلالة على الترجمة، وتقديم الأيمن في الغسل كما في الوضوء لشرفه. والعموم في لفظ إحدانا: يدل على آية واحدةٍ كانت. فإن قلتَ: ليس في الحديث ما يدل على تقديم الأيمن؟ قلتُ: قيل: يُستفاد تقديم الأيمن من لفظٍ أخرى. وليس كذلك، لأن: أخرى صفة اليد، فهي في المقابلة الأولى، ولا تدل على تأخرها في الغسل، بل إنما علم التقديم من السياق وهذا كما إذا قلت: أخذت بإحدى يدي القلم وبالأخرى الورق، فلا يدل على تأخر أخذ الورق، وإنما دل على التقديم بعد غسل الرأس لفظ ثم. فإن قلت: إنما ترجم على البداءة بشق رأسه الأيمن وليس في الحديث؟ قلتُ: الشق يتناول الفرق إلى القدم. فإن قلت: مثل هذا هل يسمى مرفوعًا؟ قلتُ: الجمهور من أهل الحديث والأصول على أن الصحابي إذا قال: كنا نؤمر، أو ننهى، محمول على الرفع؛ لظهور أن الناهي والآمر والمقرر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا غير. باب: من اغتسَلَ عُرْيانًا وحده في الخلْوة العريان: مصدر كالغفران. وقوله: وحده مصدر في موقع الحال، وقوله: في الخلوة: حالٌ أخرى مقيدة للأولى؛ لأن الاغتسال وحده يجوزُ أن يكون بين الناس، فلا تلازم بينهما، كما ظُنَّ، ألا ترى أن الفقهاء قالوا: الخلوة توجب كمال المهر ويقال: خلا زيدٌ بعمرو. وقال الله تعالى: {وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ} [البقرة: 14]. (وقال بَهْز عن أبيه عن جده) بهز -بفتح الباء وسكون الهاء آخره زاي معجمة- وأبوه حكيم بن معاوية القشيري البصري. وليس بهز وأبوه حكيم على شرط البخاري، ولذلك لم يرو عنهما إلا تعليقًا (عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: الله أحقُّ أن يُسْتَحيا منه من الناس) من في منه تتعلق بـ يُستحيا وهو على بناء المجهول. ومن الناس: يتعلق بأحقّ. وفي بعضها: الناس، بدون من مرفوعًا. ويَسْتحيا على بناء الفاعل، فيُقدر أحق مِنْ أي: من كل أحدٍ. وفي بعضها: أحقّ أن يُستتر منه.

278 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَغْتَسِلُونَ عُرَاةً، يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، وَكَانَ مُوسَى يَغْتَسِلُ وَحْدَهُ، فَقَالُوا وَاللَّهِ مَا يَمْنَعُ مُوسَى أَنْ يَغْتَسِلَ مَعَنَا إِلاَّ أَنَّهُ آدَرُ، فَذَهَبَ مَرَّةً يَغْتَسِلُ، فَوَضَعَ ثَوْبَهُ عَلَى حَجَرٍ، فَفَرَّ الْحَجَرُ بِثَوْبِهِ، فَخَرَجَ مُوسَى فِي إِثْرِهِ يَقُولُ ثَوْبِى يَا حَجَرُ. حَتَّى نَظَرَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِلَى مُوسَى، فَقَالُوا وَاللَّهِ مَا بِمُوسَى مِنْ بَأْسٍ. وَأَخَذَ ثَوْبَهُ، فَطَفِقَ بِالْحَجَرِ ضَرْبًا». فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَاللَّهِ إِنَّهُ لَنَدَبٌ بِالْحَجَرِ سِتَّةٌ أَوْ سَبْعَةٌ ضَرْبًا بِالْحَجَرِ. طرفاه 3404، 4799 ـــــــــــــــــــــــــــــ 278 - (إسحاق بن نَصر) بفتح النون وصاد مهملة (مَعْمَر) بفتح الميمين وعين ساكنة (همَّام) بفتح الهاء وتشديد الميم (مُنَبّه) بضم الميم وكسر الباء المشددة (كانت بنو إسرائيل) أنَّث الفعل باعتبار القبيلة (يغتسلون عُرَاةً ينظر بعضُهم الى بعض) قيده بذلك لأن الغسل عريانًا لا يستلزم النظر. والظاهر أن هذا كان مباحًا، وإلا لم يكن لإنكارهم على موسى وجه (ما يمنع موسى أن يغتسل معنا إلا أنه آدر) -بالدال المهملة- من الأدرة وهو: انتفاخ الخصية، وتسمى: قيلة أيضًا (ففر الحجر بثوبه، فَجَمَحَ موسى في إثره) ويروى: فخرج، والجموح: الإسراع في الذهاب (يقول: ثوبي يا حجر، ثوبي يا حجر) إنما ناداه لأنه صَدَرَ منه فعل من يعقل، ولذلك ضربه بالعصا (وطفق بالحجر ضربًا) أي: شرع بضرب الحجر. الباء للإلصاق، كأنه ضمَّن يضرب المقدر معنى الإلصاق. وانتصاب ضربًا على المصدر. (والله إن بالحجر ندبًا ستة أو سبعة) نصب على البدل من ندبًا، والندب: الأثر الحاصل من الجرح إذا لم يرتفع عنه الجلد شبه به ضرب الحجر لأنه لعدم سقوط شيء منه بالضرب. وفي بعضها: "إنه ليندب بالحجر ستة أو سبعة" بالرفع على البدلية أيضًا ضربًا بالحجر تمييز العدد المذكور في كلام أبي هريرة. قال ابن بطال: في الحديث دليل على جواز التعري في الخلوة، لأنا مأمورون بالاقتداء بالأنبياء. قلت: الاقتداء بالأنبياء إنما هو في العقائد دون الفروع، والتعري في الخلوة إنما يجوزُ بقدر الضرورة لا مطلقًا.

279 - وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بَيْنَا أَيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا فَخَرَّ عَلَيْهِ جَرَادٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَجَعَلَ أَيُّوبُ يَحْتَثِى فِي ثَوْبِهِ، فَنَادَاهُ رَبُّهُ يَا أَيُّوبُ، أَلَمْ أَكُنْ أَغْنَيْتُكَ عَمَّا تَرَى قَالَ بَلَى وَعِزَّتِكَ وَلَكِنْ لاَ غِنَى بِى عَنْ بَرَكَتِكَ». وَرَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ ـــــــــــــــــــــــــــــ وروي عن أنس مرفوعًا أن موسى إنما كان يلقي عنه الثوب إذا توارى في الماء قال أبو حنيفة ومالك والشافعي: إذا دخل الحمام من غير مئزرٍ تسقط شهادته. واختلفوا فيما إذا نزع مئزره ودخل الحوض وبَدَتْ عورتُه عند دخول الحوض. ففال مالك والشافعي: تسقط شهادته، وقال أبو حنيفة: لا تسقط. 279 - (وعن أبي هريرة: بينا أيوب يغتسل عريانًا) يجوزُ أن يكون تعليقًا من البخاري، وأن يكون عطفًا على ما قبله، داخلًا تحت السند من مقول همام، وهذا هو الظاهر فإنه روى الحديث في كتاب الأنبياء عن همام عن أبي هريرة مسندًا. وقال شيخ الإسلام: القول بالتعليق خطأ. وقد ذكرنا أن بين ظرف زمان، والألف فيه للإشباع والعامل فيه قوله: (فخر عليه جراد فجعل أيوب يحثي في ثوبه) أي: شرع يجمعه في ثوبه، يقال: حثا يحثي، وحثا يحثو إذا جمعه بيديه (فناداه ربه يا أيوب: ألم أكن أغنيتُك عن هذا؟ قال: بلى وعزتك) أي: بَلَى كنتَ أغنيتني. والفرقُ بين بلى ونعم أن: بَلَى إيجابٌ بعد النفي، ونعم تقرير لما سَبَقَ. هذا وضعُهُ لغة، والفقهاء لا يفرقون بينه وبين بلى، وإنما أكد الكلام لأنه بدا منه مافيه شائبة إنكار وهو الإسراع في الجمع. وفقه الحديث: جواز السعي في تحصيل المال الحلال، وأنه لا ينافي التوكل، وأن ما جاء من المال من غير إشراف لا يرد ويتوسل به إلى تحصيل ثواب الآخرة. وأيوب هذا من الأنبياء بلا خلاف، وابتلاؤه معروف بين الناس، وقد أثنى الله عليه بقوله: {نِعْمَ الْعَبْدُ} [ص: 30] وسيأتي حديثه بأطول من هذا. (ورواه إبراهيم) هو ابن طَهْمَان. هذا تعليقٌ؛ لأن البخاري لم يدركه، مات سنة مئة وستين، أيد الطريق الأول بهذا التعليق.

21 - باب التستر فى الغسل عند الناس

عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بَيْنَا أَيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا». طرفاه 3391، 7493 21 - باب التَّسَتُّرِ فِي الْغُسْلِ عِنْدَ النَّاسِ 280 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِى النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّ أَبَا مُرَّةَ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِى طَالِبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أُمَّ هَانِئٍ بِنْتَ أَبِى طَالِبٍ تَقُولُ ذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ الْفَتْحِ، فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ وَفَاطِمَةُ تَسْتُرُهُ فَقَالَ «مَنْ هَذِهِ». فَقُلْتُ أَنَا أُمُّ هَانِئٍ. أطرافه 357، 3171، 6158 281 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: التستر في الغسل عند الناس وفي بعضها: من الناس. 280 - (عبد الله بن مَسْلَمة) بفتح الميم واللام (عن أبي النضر) -بالضاد المعجمة- سالم بن أبي أمية مولى عمر بن عبد الله (أن أبا مُرَّة) -بضم الميم وتشديد الراء- واسمه يزيد (مولى أم هانئ بنت أبي طالب) تقدم أنه مولى عقيل. وقيل: كان مشتركًا بينهما، واسم أم هانئ: فاطمة، أو عاتكة أو فاختة، وهذا أصح. وقيل: غير هذا، وكان إسلامُها يوم فتح مكة. ماتت في إمارة معاوية (عام الفتح) أي: فتح مكة، صار كالعلم له (فوجدته يغتسل وفاطمة تستره) هي الزهراء بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (فقال: من هذه؟ قلت: أم هانئ) هذا طريق الجواب إذا قيل: من أنت في الاستئذان وغيره، لأنه يقع به التمييز المطلوب. وسيأتي إنكاره على من قال: أنا في جوابه لمن قال: "من أنتَ"؟. 281 - (عَبْدَان) -على وزن شعبان- اسمه عبد الله (سفيان) يحتمل ابن عيينة،

22 - باب إذا احتلمت المرأة

عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِى الْجَعْدِ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ قَالَتْ سَتَرْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يَغْتَسِلُ مِنَ الْجَنَابَةِ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ ثُمَّ صَبَّ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ، فَغَسَلَ فَرْجَهُ، وَمَا أَصَابَهُ، ثُمَّ مَسَحَ بِيَدِهِ عَلَى الْحَائِطِ أَوِ الأَرْضِ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلاَةِ، غَيْرَ رِجْلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى جَسَدِهِ الْمَاءَ، ثُمَّ تَنَحَّى فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ. تَابَعَهُ أَبُو عَوَانَةَ وَابْنُ فُضَيْلٍ فِي السَّتْرِ. 22 - باب إِذَا احْتَلَمَتِ الْمَرْأَةُ 282 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ والثوري؛ لأن كل واحد منهما يروي عن الأعمش (عن سالم بن أبي الجَعْد) بفتح الجيم وسكون العين (عن كُريب) بضم الكاف، على وزن المصغر. روى حديث ميمونة في غسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد تقدم مع شرحه مرارًا. واستدلاله به على أن الستر عند الغسل واجب وقد ذكرنا أن التستر أفضل عند من يجوز نظره. وأما عند الأجانب فاتفق على حرمته أئمةُ الفتوى، وأما في الخلوة فلا يجوزُ إبداء العورة إلا بقدر الضرورة. وأما في الحمَّام عند الدخول في الحوض إذا بَدَتْ عورتُهُ، سقطتْ شهادتُهُ عند مالك والشافعي. وقال أبو حنيفة: يُسامح فيه لعسر الاحتراز. باب: إذا احتلمت المرأة الاحتلام من الحلم، وهو الرؤيا التي يراها النائم، إلا أن الرؤيا اشتهرت في الخير، والحلم في الشر. ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الرؤيا من الله والحُلُم من الشيطان" وكذا الاحتلام اشتهر في مواقعة النائم. 282 - (عن أم سلمة أم المؤمنين) واسمُها هند (جاءت أم سُليم) -بضم السين على وزن المصغر- بنت ملحان أم أنس، اسمها سهلة، وقيل: رميلة؛ وقيل: مُلَيْكة -على وزن

23 - باب عرق الجنب وأن المسلم لا ينجس

امْرَأَةُ أَبِى طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِى مِنَ الْحَقِّ، هَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا هِىَ احْتَلَمَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «نَعَمْ إِذَا رَأَتِ الْمَاءَ». 23 - باب عَرَقِ الْجُنُبِ وَأَنَّ الْمُسْلِمَ لاَ يَنْجُسُ 283 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرٌ عَنْ أَبِى رَافِعٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لَقِيَهُ فِي بَعْضِ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ وَهْوَ جُنُبٌ، فَانْخَنَسْتُ مِنْهُ، فَذَهَبَ فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ «أَيْنَ كُنْتَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ». قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ المصغر فيهما- وقيل غير ذلك، وقد ذكرنا كلها في بعض المواضع (فقالت يا رسول الله: إن الله لا يستحيي من الحق) لمّا كان في سؤالها بعض شناعة في عرف الناس لا سيما من النساء، قدمت مقدمة تمهد عذرها وهي أن الله تعالى مع جلالته قد بيّن كل شيء يحتاج إليه في الدين، فنحنُ أولى بالسؤال عنه وطلب البيان (هل على المرأة من غسلٍ إذا احتلمت؟ فقال: نعم إذا رأت الماء) اللام فيه للعهد، يريد المني. وأجمع العلماء على أن لا فَرْق بين الرجل والمرأة في هذا الحكم. فإن قلت: في رواية مسلم وغيره أن الحاضرة عائشة؟ قلتُ: أجاب النووي جواز حضورهما. باب: عرق الجنب وأن المسلم لا ينجس قال الجوهري: نجِس: -بكسر الجيم- ينجَسُ: -بالفتح-. 283 - (حُميد) -بضم الحاء على وزن المصغر- هو الطويل (أبي رافع) هو نُفَيع -بضم النون على وزن المصغر- المدني البصري، أدرك الجاهلية (عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لقيه في بعض طريق المدينة، فانخنسْتُ منه) -بالخاء المعجمة- من الخنس وهو الخفاء، ومنه قوله تعالى في وصف الكواكب: {بِالْخُنسِ} [التكوير: 15] أي: ذهبت مخفيًا. هذا رواية

24 - باب الجنب يخرج ويمشى فى السوق وغيره

كُنْتُ جُنُبًا، فَكَرِهْتُ أَنْ أُجَالِسَكَ وَأَنَا عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ. فَقَالَ «سُبْحَانَ اللَّهِ، إِنَّ الْمُؤْمِنَ لاَ يَنْجُسُ». طرفه 285 24 - باب الْجُنُبُ يَخْرُجُ وَيَمْشِى فِي السُّوقِ وَغَيْرِهِ وَقَالَ عَطَاءٌ يَحْتَجِمُ الْجُنُبُ وَيُقَلِّمُ أَظْفَارَهُ، وَيَحْلِقُ رَأْسَهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأكثر، وتروى على صيغة الافتعال بالجيم من النجس. أي: ظننتُ نفسي نجسًا. ورواه ابن الأثير بالشين المعجمة، وقال معناه: أسرعت. وقد ذكروا فيه إلى سبع لغاتٍ. ومعنى الكل: الانفصال (سبحان الله) تعجب من ظن أبي هريرة كيف خفي عليه هذا الأمر (إن المؤمن لا ينجس) تعلق بمفهومه أهل الظاهر وقالوا بنجاسة المشرك وورطهم في ذلك قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: 28] والصواب خلافُهُ وأن المراد بنجاسة المشرك قذارته. فإن قلت: فلم قال: "المؤمن لا ينجس"؟ قلتُ: نبه على شرفه، وأنه طاهر من كل وجه، واستدل الشافعي به على طهارة المسلم حيًّا ومتًا. وسيأتي في البخاري عن ابن عباس أن المسلم لا ينجس حيًّا وميًا. فإن قلتَ: كيف دل الحديث على طهارة عرق الجنب؟ قلتُ: لما كان المؤمن طاهرًا، كان كل جزءٍ منه طاهرًا -إلا ما حكم الشرع بنجاسته- كالريق والنخامة. وقيل: لما جَوّز الشرع نكاح الذميه للمسلم ولا يسلم عن عرقها، فدل على طهارة العَرَق، وهذا شيء تكلّفوه من خارج الحديثِ. ومن فقه الحديث أن الطالب والمريد يجب عليه توقير شيخه، وأن لا يلاقيه إلا على كل الأحوال من طهارة البدن والثياب، وأن الشيخ ينبه على موضع غلطه وإن لم يسأله المريد. باب: الجنب يخرج ويمشي في السوق وغيره أي: وفي غير السوق. وعطفه على يخرج بالرفع أي: يأكل ويشرب يصح، لأنه عطف المفرد على جملة لا محل لها من الإعراب، وكذا إن جعل يخرج خبرًا عن المبتدأ فتأمل. (وقال عطاء: يحتجم الجنب ويقلم أظفاره ويحلق رأسه وإن لم يتوضأ) وعليه الأئمة

284 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُمْ أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ فِي اللَّيْلَةِ الْوَاحِدَةِ، وَلَهُ يَوْمَئِذٍ تِسْعُ نِسْوَةٍ. 285 - حَدَّثَنَا عَيَّاشٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ بَكْرٍ عَنْ أَبِى رَافِعٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ لَقِيَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا جُنُبٌ، فَأَخَذَ بِيَدِى، فَمَشَيْتُ مَعَهُ حَتَّى قَعَدَ فَانْسَلَلْتُ، فَأَتَيْتُ الرَّحْلَ، فَاغْتَسَلْتُ ثُمَّ جِئْتُ وَهْوَ قَاعِدٌ فَقَالَ «أَيْنَ كُنْتَ يَا أَبَا هِرٍّ» فَقُلْتُ لَهُ. فَقَالَ «سُبْحَانَ اللَّهِ يَا أَبَا هِرٍّ إِنَّ الْمُؤْمِنَ لاَ يَنْجُسُ». ـــــــــــــــــــــــــــــ إلا أن الغزالي قال: إن الأَوْلى عدمُهُ، لأن الأجزاء كلها تعاد إليه يوم القيامة. 284 - (عبد الأعلى بن حَمّاد) بفتح الحاء وتشديد الميم (يزيد بن زُريع) -بضم الزاي- مصغر زرع (سعيد) هو ابن أبي عَرُوبة. قال الغَساني: وقع للأصيلي شعبة بدل سعيد، والصواب سعيد (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يطوف على نسائه في الليلة الواحدة) قد سَلَف في الرواية الأخرى: في الساعة الواحدة. وتقدم هناك شرح الحديث واستدلاله هنا أن الطوف عليهن يستلزم مشيه جنبًا. فإن قلت: ربما اغتسل؟ قلت: لو اغتسل لنقله الراوي، لأنهم يضبطون حركاته وسكناته، وقد أسلفنا في باب مَنْ جامع ثم عاد من رواية مسلم: التقيد بالغسل الواحد، وتركه هنا، لأنها ذكرت هذا الحديث في مجالس عديدة، تارة قيدت بالغسل الواحد، وتارة اختصرت، أو نسي الراوي. الضمير المؤنث لعائشة لأنها الراوي في باب: من جامع ثم عاد هنا وفي مسلم. 285 - (عيّاش) بفتح العين وتشديد المثناة وشين معجمة (حُميد) -بضم الحاء على وزن المصغر- هو الطويل (عن أبي رافع) واسمه نُفيع. ذكر حديث أبي هريرة حين انخنس عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لكونه جنبًا. وقد تقدم في الباب الذي قبله مع شرحه مستوفى.

25 - باب كينونة الجنب فى البيت إذا توضأ قبل أن يغتسل

25 - باب كَيْنُونَةِ الْجُنُبِ فِي الْبَيْتِ إِذَا تَوَضَّأَ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ 286 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ وَشَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ أَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَرْقُدُ وَهْوَ جُنُبٌ قَالَتْ نَعَمْ وَيَتَوَضَّأُ. طرفه 288 26 - باب نَوْمِ الْجُنُبِ 287 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَيَرْقُدُ أَحَدُنَا وَهْوَ جُنُبٌ قَالَ «نَعَمْ إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرْقُدْ وَهُوَ جُنُبٌ». طرفاه 289، 290 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: كينونة الجنب في البيت إذا توضأ قال الجوهري: الكينونة مصدر كان، ثم قال: شبهوه بالحيدودة من ذوات الياء فحذفوًا حذفوا من هيِّن، ولولا ذاك لقالوا: كونونه. 286 - (أبو نعيم) بضم النون على وزن المصغر، و (شيبان) على وزن شعبان من الشيب (عن يحيى) هو ابن كثير (سُئلت عائشة أكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يرقدُ وهو جنب؟ قالت: نعم، ويتوضأ) عطف على نعم، لأنه قائم مقام يرقد في الجواب، وفي بعضها: وهو يتوضأُ، فحسُنَ أن يكون حالًا. 287 - (قتيبة بن سعيد) بضم القاف على وزن المصغر ([أن] عمر بن الخطاب سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرقد أحدنا وهو جنب) بحذف حرف الاستفهام؛ لأن المعنى [دل] عليه (قال إذا توضأ أحدكم فليرقد) إذا شرطية، والأمر للإباحة بقرينة السؤال. فإن قلت: الرقاد سبب الوضوء، فكيف صار الوضوء سببًا للرقاد؟ قلتُ: الرقاد هو السبب الباعث للوضوء، والوضوء هو السبب لإباحة الرقاد، والتحقيقُ أن النوم بدون الوضوء أيضًا مباح، ولكنه خلاف الأَوْلى وتعلق بظاهره أهلُ الظاهر، فأوجبوا الوضوء. والحقُ أنه ندب لما روى أصحاب السنن عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان ينام جنبًا لا يمس ماءً. قال بعضُهم: الشرط سببٌ فما مسبب الرقودُ أو الأمر بالرقود؟ قلتُ: يحتمل

27 - باب الجنب يتوضأ ثم ينام

27 - باب الْجُنُبِ يَتَوَضَّأُ ثُمَّ يَنَامُ 288 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهْوَ جُنُبٌ، غَسَلَ فَرْجَهُ، وَتَوَضَّأَ لِلصَّلاَةِ. 289 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ اسْتَفْتَى عُمَرُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَيَنَامُ أَحَدُنَا وَهْوَ جُنُبٌ قَالَ «نَعَمْ، إِذَا تَوَضَّأَ». 290 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ ذَكَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ تُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ مِنَ اللَّيْلِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «تَوَضَّأْ ـــــــــــــــــــــــــــــ الأمرين مجازًا لا حقيقةً، كأن التوضؤ سبب للرقود أولًا، صرّح الشارع به، وهذا لا معنى له، لأن الرقاد بل إرادة الرقاد هو الباعث على التوضؤ حقيقة كإرادة القيام للصلاة، فأي وجه للتردد في ذلك، أو ارتكاب المجاز؟ وأما الشرط وهو التوضؤ فليس سببًا لشيء مما ذكره، بل هو سببٌ لنيل الفضيلة. باب: الجنب يتوضأ ثم ينام 288 - (بُكير) بضم الباء على وزن المصغر، وكذا (عُبيد الله)، (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن ينام وهو جنبٌ غَسَل فرجه وتوضأ للصلاة) وفائدةُ هذا القيد الاحترازُ عن توهُّم المجاز، ولفظ: كان، دلَّ على استمراره عليه. واختلف في علة هذا الوضوء، والحقُ أنه ليكون على إحدى الطهارتين أنْ لو صادفه الموتُ. فعلى هذا يستحب للحائض أيضًا الوضوء عند إرادة النوم. وقيده الشافعي بما إذا انقطع دمها، وروى البيهقي أن عائشة قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ أو يتيمم عند عسر الماء. 289 - (جويرية) بضم الجيم مصغر الجارية. 290 - (ذكره عمر بن الخطاب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه تصيبه الجنابة من الليل فقال: توضأ

28 - باب إذا التقى الختانان

وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ ثُمَّ نَمْ». 28 - باب إِذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ 291 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِى رَافِعٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَرْبَعِ ثُمَّ جَهَدَهَا، فَقَدْ وَجَبَ الْغَسْلُ». ـــــــــــــــــــــــــــــ واغسِلْ ذكرَكَ ثم نَم) إنما يغسِل الذكر إما لقذارته أو لنجاسته، أو لكون المني نجسًا عند القائل به، أو لنجسه عند الخروج إن لم يكن مستنجيًا بالماء. باب: إذا التقى الختانان وَجَبَ الغُسْل فيه تسامح، لأن المراد من الخثان موضع الختان من المرأة أعلى الفرج، فلا يقع على ذلك الموضع موضع الختان من الرجل. 291 - (مُعاذ بن فَضَالة) بضم الميم وفتح الفاء (هشام) هو الدستوائي (الحسن) هو البصري (عن أبي رافع) اسمه نُفَيع. (إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل) الشُعَب: جمع الشعبة، وهي طرف الشيء وجانبُهُ، فقيل: المراد بالأربع اليدان والرجلان، وقيل: الرجلان والفخذان، وقيل: أطراف الفَرْج، ولفظُ الجلوس بين بالأول ألصق. قال ابن الأثير: الجهد: الدفع والحفزُ. وقيل: الجَهْد من أسماء الوطء وغرضُ البخاري أن نزول المني ليس بشرطٍ، والحديث صريحٌ في ذلك، وأصرحُ منه رواية مالك عن عائشة: "إذا جاوز الختانُ الختانَ فقد وجب الغسلُ". وقد قَدَّرَ الفقهاءُ المجاوزة بإدخال الحشفة أو قدرها. قال النووي: حديث: "إنما الماء من الماء" منسوخ بحديث عائشة، وقد انعقد الإجماع عليه، فاعتُرض عليه بأن حديث "إنما الماء ... " دلالته على عدم وجوب الغسل

29 - باب غسل ما يصيب من فرج المرأة

تَابَعَهُ عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ عَنْ شُعْبَةَ مِثْلَهُ. وَقَالَ مُوسَى حَدَّثَنَا أَبَانُ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ مِثْلَهُ. 29 - باب غَسْلِ مَا يُصِيبُ مِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ 292 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ ـــــــــــــــــــــــــــــ بالمفهوم، ودلالة حديث عائشة بالمنطوق فلا حاجة إلى دعوى النسخ وهذا غلطٌ منه، لأن المنطوق ينسخ المفهوم بلا خلاف إذا عُلم تأخره، والذي قاله هذا القائل إنما يكون عند تعارض المنطوق والمفهوم، ولم يُعلَم سبقُ التاريخ. قال المحقق مولانا عضد: إذا قال: في السائمة زكاة، ثم قال: ليس في المعلوف زكاة، فقد نُسِخ المفهوم؛ لأن النسخ رفعُ حكم شرعي لحكم، قلتُ: النسخ، التعارضُ بين الدليلين سواء كان منطوقًا أو مفهومًا عند القائل به، على أن حديث: "الماء من الماء" قد رُوي بعبارةٍ أخرى تدل على عدم الغسل بطريق المنطوق كقوله: "إذا جامع ولم يُمنِ" في الباب الذي بعده، وكذا حديث عتبان بن مالك: "إذا أعجلت أو قحطت". فإن قلت: حديث عائشة مطلق، وحديث: "الماء من الماء" مقيّد، فهلا حمل الشافعيُ المطلقَ على المقيد كما هو أصله؟ قلت: إنما يحمل المطلق على المقيد إذا لم يعلم التاريخ، وحديث عائشة متاخر كما أشار إليه البخاري بقوله: وذلك الأخير، ونصّ الشافعي بأنه منسوخ من فعله. (تابعه عمرو عن شعبة) أي: تابع هشامًا، والمتابعة تامة؛ لأن عَمرًا شيخ البخاري (وقال موسى: حدثنا أبان، حدثنا قتادة) موسى هو ابن إسماعيل التبوذكي وفائدة هذا الطريق التصريحُ بالتحديث عن قتادة، فإنه مدلس، وإذا كان كل من عمرو -وهو ابن مرزوق- وموسى شيخ البخاري، فلا وجه لأنْ يقال: هذا تعليق من البخاري، لأنه لا يكون إلا إذا كان في الإسناد انقطاع، قال ابنُ الصلاح: المعلق ما حذف من إسناده واحد أو أكثر. باب: ما يصيب من فرج المرأة 292 - (أبو معمر) -بفتح الميم وسكون العين- المنقري عبد الله بن عمرو بن الحجاج

عَنِ الْحُسَيْنِ قَالَ يَحْيَى وَأَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ الْجُهَنِىَّ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَأَلَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَقَالَ أَرَأَيْتَ إِذَا جَامَعَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فَلَمْ يُمْنِ. قَالَ عُثْمَانُ يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلاَةِ، وَيَغْسِلُ ذَكَرَهُ. قَالَ عُثْمَانُ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ عَلِىَّ بْنَ أَبِى طَالِبٍ وَالزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ وَطَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ وَأُبَىَّ بْنَ كَعْبٍ - رضى الله عنهم - فَأَمَرُوهُ بِذَلِكَ. قَالَ يَحْيَى وَأَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. 293 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو أَيُّوبَ قَالَ أَخْبَرَنِى أُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ المعروف بالمقعد (الحسين) هو ابن ذكوان المعلم (قال يحيى: وأخبرني أبو سَلَمة) يحيى هذا هو ابن أبي كثير، وقوله: وأخبرني، عطف على مقدر أي: أخبرني بكذا وأخبرني (أن زيد ابن خالد الجهني) -بضم الجيم وفتح الهاء- نسبة إلى جهينة على وزن المصغر قبيلة من الأعراب معروفة وفي المثل: عند جُهينة الخبرُ اليقينُ (إذا جامع الرجل فلم يُمنِ) بضم الياء وفتحها، يقال منى وأمنى إذا صبّ المني، وحكي في النون التشديدُ (فسألت عن ذلك علي بن أبي طالب والزبير بن العوام وطلحة بن عُبيد الله وأبي بن كعب فامروه بذلك) أي: كل من جامع ولم يُمنِ، هؤلاء وإن لم يرفعوا الحديثَ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كما رفعه عثمان، إلا أنه في حكم الرفع، لأن الصحابي إذا قال شيئًا ليس فيه مجالٌ للرأي فهو في حكم الرفع (وأخبرني أبو سلمة) هذا من كلام يحيى، عطف على ما تقدم من قوله: أخبرني. 293 - (مسدّد) بضم الميم وتشديد الدال المفتوحة (أخبرني أبي أخبرني أبو أيوب، أخبرني أبي بن كعب) قدّم الإسناد الأول عن أبي أيوب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم

إِذَا جَامَعَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ فَلَمْ يُنْزِلْ قَالَ «يَغْسِلُ مَا مَسَّ الْمَرْأَةَ مِنْهُ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّى». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْغَسْلُ أَحْوَطُ، وَذَاكَ الآخِرُ، وَإِنَّمَا بَيَّنَّا لاِخْتِلاَفِهِمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أردَفَهُ برواية أبي أيوب عن أبي بن كعب تقويةً له. فإن قلتَ: إذا روى أبو أيوب بلا واسطة فأي فائدة لروايته بالواسطة؟ قلتُ: سمعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأيّد سماعه بسماع غيره، ولا شك أنه أقوى من انفراده بالسماع. (إذا جامع ولم يُمْنِ يغسل ما مسَّ المرأةَ منه) بنصب المرأة، وفاعل مسَّ: ضمير ما (قال أبو عبد الله: الغسل أحوط وذلك الآخر) وفي رواية: الأخير، أي: الغسل إذا لم يُمْنِ والتقى الختانان آخر الأمرين من فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإذا كان آخر الأمرين فهو ناسخ للأول، وإذا كان ناسخًا فلا يجوز العمل بالمنسوخ فسقط ما يقال: إن قوله: (إنما بينا لاختلافهم) ميل منه إلى ما ذَهبَ إليه أهلُ الظاهر أن لا نسخ.

6 - كتاب الحيض

6 - كتاب الحيض وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ المَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي المَحِيضِ} [البقرة: 222]- إِلَى قَوْلِهِ - {وَيُحِبُّ المُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222]. ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الحيض وقول الله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ} [البقرة: 222] قال ابن الأثير: المحيض يطلق بمعنى المصدر والزمان والمكان، ويطلق على الدم. قيل: المحيض الأول هو الدم. وأما الثاني فقيل: هو الدم أيضًا. وقيل: زمن الحيض. وقيل: الفرج. والأول هو الأصَح. قلتُ: الأصحّ أن المراد زمن الحيض فيهما، وذلك أن اليهود كانوا لا يؤاكلون النساء في أيام الحيض وكذا كان أهل الجاهلية والمجوس، وكان النصارى يجامعون في زمن الحيض، فسأل الناسُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فنزلت، على أن المحرم لو كان الدم لزم جواز الإتيان في أوقات انقطاع الدم، وما ذكرنا جارٍ على قانون البلاغة من أن المعرفة المعادة عين الأولى. فإن قلت: الضمير في {هُوَ أَذًى} للدم قطعًا؟ قلتُ: كذلك، ولا ... إذ المعنى أن ذلك أذىً فلا تقربوا النساء في زمن ذلك المرض. فإن قلت: ما الذي يجبُ الاجتناب عنه؟ قلت: الفَرْجُ لما روى مسلم عن أنس: "اصنعوا كل شيءٍ إلا النكاح" إلا أن الشافعي قال بحرمة التمتع بما بين السيرة والركبة، لأن من رَعَى حول الحِمَى يوشك أن يواقعه.

2 - باب: كيف كان بدء الحيض

وَقَالَ بَعْضُهُمْ كَانَ أَوَّلُ مَا أُرْسِلَ الْحَيْضُ عَلَى بَنِى إِسْرَائِيلَ، وَحَدِيثُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَكْثَرُ. 294 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ قَالَ سَمِعْتُ الْقَاسِمَ يَقُولُ سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ خَرَجْنَا لاَ نَرَى إِلاَّ الْحَجَّ، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: كيف كان بدء الحيض (وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: هذا شيء كتبه الله على بنات آدم) برفع قولُ لأنه مبتدأ خبره محذوف، أي: دليل على البدء، وهذا حديث مسندٌ عند البخاري إلا أنه ذكره تعليقًا، لأنه كافٍ في مقصوده، وبنات آدم شاملة لبناته الصلبية وغيرها كبني هاشم، هذا هو العرفُ العام الذي لا يخالف فيه أحد فهي حقيقة عرفية، فلا يرد ما إذا أوصى لبنات زيد، فإنه يختص بالصلبيات. والمراد بكتبه على بنات آدم وجوده فيهن في الجملة، كبنو فلان يركبون الخيل، لأن كثيرًا من النساء لا ترى الحيض، وقال بعضُهم: كان أول ما أرسل الحيض على بني إسرائيل. (قال أبو عبد الله: وحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - أكثر) -بالثاء المثلثة- أي أعمّ وأشمل. ويروى بالباء الموحدة أي: أعلى وأجلّ من ذلك القول. ومن قال: لا مخالفة بين القولين، لأن نساء بني إسرائيل من بنات آدم، فقد ذهل عن لفظ الأول. فإن قلت: حديث نساء بني إسرائيل حديثٌ رواه عبد الرزاق. وقال شيخ الإسلام: حديث صحيح فكيف قال البخاري: حديث النبي أكثر؟ قلت: لم يصح عنده. فإن قلت: إذا صح الحديثان؟ قلتُ: يكون بنات عامًّا مخصوصًا. 294 - (سفيان) هو ابن عُيينة (القاسم) هو ابن محمد بن أبي بكر. (خرجنا لا نرى إلا الحج) أي: لا نعرف في ذلك السفر إلا الحج؛ وذلك لما سيأتي

فَلَمَّا كُنَّا بِسَرِفَ حِضْتُ، فَدَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا أَبْكِى قَالَ «مَا لَكِ أَنُفِسْتِ». قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «إِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، فَاقْضِى مَا يَقْضِى الْحَاجُّ، غَيْرَ أَنْ لاَ تَطُوفِى بِالْبَيْتِ». قَالَتْ وَضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ نِسَائِهِ بِالْبَقَرِ. أطرافه 305، 316، 317، 319، 328، 1516، 1518، 1556، 1560، 1561، 1562، 1638، 1650، ـــــــــــــــــــــــــــــ من أن الناس كانوا يرون العمرةَ في أشهر الحج من أفجر الفجور (فلما كنت بسَرِف) -بفتح المهملة وكسر الراء- موضع بين مكة والمدينة منه إلى مكة قدر عشرة أميال تقريبًا. يجوزُ صرفُهُ باعتبار المكان، وعدم صرفه باعتبار البقعة، وهذا أشهر (مالك نفِست؟) -بفتح النون وكسر الفاء وبضم النون أيضًا- في الحيض والنفاس إلا أن الفتح في الحيض أشهر، والضم في النفاس. (هذا أمرٌ كتبه اللهُ على بنات بني آدم) أي: شيء كما في الترجمة. وسيأتي في كتاب الحج: "إنك من بنات كتب الله عليك ما كتب عليهن" (فاقضي) أي: افعل (ما يقضي الحاج) أي: يفعله. القضاء لغةً: إتمام الشيء. قال تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ} [البقرة: 200] وتخصيصه باستدراك ما خَرَج من الوقت عرف الفقهاء. (غير أن لا تطوفي بالبيت) أن ناصبة، ولا: زائدة. ويحتمل أن تكون مخففةً من المثقلة ولا: ناهية. والجملة الإنشائية مفسرة لضمير الشأن (وضحى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن نسائه بالبقر) قيل: كان الهدي تبرعًا. وإنما صار إلى هذا مَنْ قال به، لأن الواجب لا بد فيه من الإذن، والأظهر حمله على أنه أستاذنهنّ. فإن قلتَ: سيأتي في كتاب الحج أن عائشة قالت: دخل علينا يوم النحر بلحم بقر فقلت: ما هذا؟ فقيل: ذبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أزواجه رضوان الله تعالى عليهنّ؟ قلت: لا دلالة فيه على عدم الإذن، لأنها لما رأت اللحم سألت فأجيبتْ، ولا دليل لمالك فيه على أن البقر أفضلُ من البدنة، لأنه أمر خبري، وحديث الساعة الأولى يوم الجمعة، دلَّ على خلافه صريحًا.

3 - باب غسل الحائض رأس زوجها وترجيله

1709، 1720، 1733، 1757، 1762، 1771، 1772، 1783، 1786، 1787، 1788، 2952، 2984، 4395، 4401، 4408، 5329، 5548، 5559، 6157، 7229. 3 - باب غَسْلِ الْحَائِضِ رَأْسَ زَوْجِهَا وَتَرْجِيلِهِ. 295 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كُنْتُ أُرَجِّلُ رَأْسَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا حَائِضٌ. أطرافه 296، 301، 2028، 2031، 2046، 5925 296 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى قَالَ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ أَخْبَرَنِى هِشَامٌ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّهُ سُئِلَ أَتَخْدُمُنِى الْحَائِضُ أَوْ تَدْنُو مِنِّى الْمَرْأَةُ وَهْىَ جُنُبٌ فَقَالَ عُرْوَةُ كُلُّ ذَلِكَ عَلَىَّ هَيِّنٌ، وَكُلُّ ذَلِكَ تَخْدُمُنِى، وَلَيْسَ عَلَى أَحَدٍ فِي ذَلِكَ بَأْسٌ، أَخْبَرَتْنِى عَائِشَةُ أَنَّهَا كَانَتْ تُرَجِّلُ - تَعْنِى - رَأْسَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهِىَ حَائِضٌ، وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَئِذٍ مُجَاوِرٌ فِي الْمَسْجِدِ، يُدْنِى لَهَا رَأْسَهُ وَهْىَ فِي حُجْرَتِهَا، فَتُرَجِّلُهُ وَهْىَ حَائِضٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وفقه الحديث حرمةُ صوم الحائض وصلاتها، وانقضاء العدة به، وحرمة دخول المسجد، وقراءة القرآن. وقد ذكِرَ مستوفيًا في كتب الفقه. باب: غسل الحائض رأس زوجها وتَرجِيله قال ابن الأثير: الترجيل تسريح الشعر وتنظيفه وتحسينه. قلتُ: مخصوص بشعر الرأس، فلا يقال: رجَّل لحيته. مأخوذٌ من رجل الشعر إذا كان بين السُبوطة والجعودة. 296 - (ابن جُريج) اسمُهُ عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، مدني رومي الأصل، أحد الأعلام في العلم، وأول من صنف. قالوا: كان أثبتَ من مالكٍ، مات هو وأبو حنيقة في سنة واحدة. (عن عروة أنه سُئل أتخدمني الحائض أو تدنو مني المرأة وهي جنب؟ فقال عروة: كل ذلك عندي هيّن) أي: جائز شرعًا لا مؤاخذة عليه، واستدل على ما قاله بقوله: (أخبرتني عائشة أنها كانت ترجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهي حائضٌ).

4 - باب قراءة الرجل فى حجر امرأته وهى حائض

وَكَانَ أَبُو وَائِلٍ يُرْسِلُ خَادِمَهُ وَهْىَ حَائِضٌ إِلَى أَبِى رَزِينٍ، فَتَأْتِيهِ بِالْمُصْحَفِ فَتُمْسِكُهُ بِعِلاَقَتِهِ. 4 - باب قِرَاءَةِ الرَّجُلِ فِي حَجْرِ امْرَأَتِهِ وَهْىَ حَائِضٌ وَكَانَ أَبُو وَائِلٍ يُرْسِلُ خَادِمَهُ وَهْىَ حَائِضٌ إِلَى أَبِى رَزِينٍ، فَتَأْتِيهِ بِالْمُصْحَفِ فَتُمْسِكُهُ بِعِلاَقَتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلتَ: يمكن حملُ ذلك على الضرورة لقولها: وهو مجاور في المسجد، أي: معتكف؟ قلت: هذا الوهم يدفعه سائر أحاديث الباب، فليس ذكره قيدًا في ذلك. فإن قلت: كان الواجب أن يقول: وهي حائضة، فإنهم فرّقوا بين مَنْ شأنُها الحيضُ، وبين الملتبسة به بوجود التاء في الثانية دون الأولى؟ قلتُ: لم يفرق الجوهري بينهما، ومَنْ فرّق جَعَل الخالي عن التاء أعم في الترجمة. فإن قلتَ: في الترجمة غسل الرأس والترجيل ولم يورن للغسل حديثًا؟ قلتُ: الترجيل غالبًا يكون مسبوقًا بالغسل، أو يقاس عليه. وفقه الحديث جوازُ مباشرة الحائض واستخدامها وأن خروج بعض أعضاء المعتكف لا يضرّ. قال ابن بطال: وفيه حجةٌ على الشافعي في أن تلاقي بشرتي الرجل والمرأة لا يوجب نقض الوضوء. وليس بشيءٍ؛ إذ لا دلالة فيه، وأي شيء من الحديث دل على ذلك؟ إذ الاعتكاف لا يستلزم دوامَ الوضوء، وعائشة كانت في حجرتها، على أن الشافعي لا يقول بنقض الوضوء في الشعر والسن والظفر. باب: قراءة الرجل في حجر امرأته وهي حائض قال ابن الأثير: الحجر -بفتح الحاء وكسرها- مقدم الذيل، ويجمع على حُجُور، واشقاقه على الوجهين من الحجر بمعنى المنع؛ لأنه يحفظ فيه القاع، ويحمل. (أبو وائل) شقيق بن سلمة الكوفي (يرسل خادمه وهي حائض إلى أبي رزين) لفظ الخادم يطلق على الذكر والأنثى على السواء، وحذفُ التاء من لفظ الحائض سبق الكلامُ عليه في الباب قبله، وأبو رزين -بفتح الراء المهملة وكسر المعجمة- مسعود بن مالك الأسدي، مولى أبي وائل، من كبار العلماء، سمع الزهريّ وغيره (فتأتيه بالمصحف فتأخذه بعلاقة) العَلاقة -بفتح العين وكسرها- فعالة بمعنى المفعول وهي ما يمسك به ويتعلق، لكن الكسر أشهر في الأمور الحسية كعلاقة السيف ونحوه، والفتح في المعنى.

297 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ سَمِعَ زُهَيْرًا عَنْ مَنْصُورٍ ابْنِ صَفِيَّةَ أَنَّ أُمَّهُ حَدَّثَتْهُ أَنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْهَا أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَتَّكِئُ فِي حَجْرِى وَأَنَا حَائِضٌ، ثُمَّ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ. طرفه 7549 ـــــــــــــــــــــــــــــ 297 - (أبو نُعيم) بضم النون على وزن المصغر (الفضل بن دُكين سمع زهيرًا) بضم الزاي (منصور بن صفية) اسم أمه وأبوه عبد الرحمن، لكن اشتهر بأمِّه. (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتكئ في حجري وأنا حائضٌ) قال بعضهم: قولها: وكانا حائضٌ، جملة حالية من فاعل يتكئ، أو من المضاف إليه وهي ياء المتكلم في حجري، وفي بمعنى على نحو قوله تعالى: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه: 71] أي متكئ على حجري هذا كلامه، والكل خبطٌ. أما أولًا فكيف يعقل أن يكون قولُها: وأنا حائضٌ، حالًا من فاعل يتكئ؛ فإن الحال في الحقيقة وصفٌ من أوصاف ذي الحال، وظاهر أن كونها حائضًا لا تعلق له برسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وأما ثانيًا: فلأن الاتكاء على الشيء هو الاعتماد والتحامل على الشيء كقول موسى: {عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا} [طه: 18] ولا ريب في أن الحجر لا يصلح لهذا، فالتقدير يتكئ على حال كونه في حجري، كما في قضية العقد حين ضاع، قالت: دَخَل أبو بكر ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - واضعٌ رأسَه على فخذي. وأما ثالثًا: فلأن استعارة في لعلى إنما يكون حيث يراد المبالغة، وأي مبالغة في كونه نائمًا في حجرها. (يقرأ القرآن) هذا موضع دلالة الحديث على ما ترجم له البخاري، فإنه دلَّ على أن قراءة الرجل في حجر امرأته جائزة وإن كانت حائضًا. قال ابنُ بطال: غرضُ البخاري في هذا الباب أن يدل على جواز حمل الحائض المصحف، وقراءتها القرآن؛ لأن المؤمن الحافظ للقران أكبر أوعيته ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفضل

5 - باب من سمى النفاس حيضا

5 - باب مَنْ سَمَّى النِّفَاسَ حَيْضًا 298 - حَدَّثَنَا الْمَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ أَنَّ زَيْنَبَ ابْنَةَ أُمِّ سَلَمَةَ حَدَّثَتْهُ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ حَدَّثَتْهَا قَالَتْ بَيْنَا أَنَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مُضْطَجِعَةً فِي خَمِيصَةٍ إِذْ حِضْتُ، فَانْسَلَلْتُ فَأَخَذْتُ ثِيَابَ حِيضَتِى ـــــــــــــــــــــــــــــ المؤمنين، وقد تلا في حجرِ عائشة وهي حائضٌ، وهذا الذي قاله شيء لا يدل عليه الحديث، ولا البخاري بصدد ذلك، فإنه إنما ترجم على قراءة الرجل في حجر المرأة وهي حائض، ولو كان غرضه ما قاله لترجمه عليه، غايته أنه نقل كما هو دأبه من نقل مذاهب العلماء أن أبا وائل كان يجيز للحائض حمل المصحف بعلاقته. وهذا مذهب كثير من العلماء منهم الحسن وحَماد وأبو حنيفة. وأما مسّ المصحف فالجمهور على أن المحدث لا يمسّه لقوله تعالى: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (79)} [الواقعة: 79] ولما روى ابن حِبّان والحاكم بإسنادهما إلى عمرو بن حزم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتب إلى أهل اليمن بكتاب فيه الفرائض منها: "أن القرآن لا يمسه إلا طاهر". قال الحاكم: ورجالُهُ كلها ثقات على شرط الصحيح. والمراد منه ما كتب لدراسة القرآن كالمصاحف والألواح، لا كتب الفقه والتفسير فسقط الإيراد بما كتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى هرقل من قوله تعالى: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} [آل عمران: 64] إلى آخر الآية. باب: مَنْ سَمّى النفاس حيضًا 298 - (هشام) بكسر الهاء -هو الدستوائي (عن أبي سلمة) أحد الفقهاء السبعة، عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف المعروف بعبد الله الأصغر (زينب بنت أبي سلمة) ربيبةُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (أم سلمة) زوجه، واسمها هند. (قالت: بينا أنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - مضجعة في خميصة) قال ابن الأثير: الخميصة: ثوب من خزٍّ أو صوف معلم. وقيل: لا تكون خميصةً إلا إذا كانت سوداء (إذ حضت) إد: فجائية (فانسللت فأخذت ثياب حيضتي) -بكسر الحاء- أي. الثياب المعدة لتلك الحالة.

6 - باب مباشرة الحائض

قَالَ «أَنُفِسْتِ». قُلْتُ نَعَمْ. فَدَعَانِى فَاضْطَجَعْتُ مَعَهُ فِي الْخَمِيلَةِ. أطرافه 322، 323، 1929 6 - باب مُبَاشَرَةِ الْحَائِضِ 299 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ، كِلاَنَا جُنُبٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الانسلال: الخروج بخفيةٍ، إنما فعلَتْ ذلك لئلا يتأذى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالاستيقاظ. وسيأتي في البخاري أنهم ما كانوا يوقظونه من نومه بوجهٍ، لأن له مع الله تعالى شأنًا. (قال: أنفسْتِ) قد سبق أنه يجوز في نونه الفتح والضم مع كسر الفاء فيهما، إلا أن الفتح في الحيض أشهر، والضم في النفاس (فاضطجعت معه في الخميلة) الظاهر أنها تلك الخميصة. والخمل هو الهدب الذي يصنع حالة النسج، كما تراه في البسط ومناشف الحمام. قال ابن بَطّال والخَطّابي وغيرهما: إن البخاري وَهمَ في هذه الترجمة، وكان حق العبارة أن يقول: باب: من سمى الحيض نفاسًا، فإن قوله: نفست معناه حضت، وهذا وهمٌ منهم؛ لأن تقدير كلامه من سمّى الدم نفاسًا حال كونه حيضًا، كما يقال: سمى زيدًا أي: ذكره باسمه. وحاصله أطلق لفظ النفاس على الحيض. هذا وفقه الحديث جواز مضاجعة الحيض والنوم معها، ومباشرتها ما عدا الفرج، أو ما بين السرة والركبة كما قاله الشافعي، وقد تقدم ذلك. باب مباشرة الحيض قال ابن الأثير: المباشرة: الملامسة. وأصله: لمس بشرة الرجل بشرة المرأة. 299 - (قبيصة) -بفتح القاف وكسر الموحدة وصاد مهملة- أبو عامر (سفيان) هو الثوري (المنصور) ابن المعتمر البارع النقي التقي (عن إبراهيم) هو النخعي الإمام الجليل.

300 - وَكَانَ يَأْمُرُنِى فَأَتَّزِرُ، فَيُبَاشِرُنِى وَأَنَا حَائِضٌ. طرفاه 302، 2030 301 - وَكَانَ يُخْرِجُ رَأْسَهُ إِلَىَّ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ، فَأَغْسِلُهُ وَأَنَا حَائِضٌ. 302 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيلٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ - هُوَ الشَّيْبَانِىُّ - عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَتْ إِحْدَانَا إِذَا كَانَتْ حَائِضًا، فَأَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُبَاشِرَهَا، أَمَرَهَا أَنْ تَتَّزِرَ فِي فَوْرِ حَيْضَتِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــ 300 - (وكان يأمرني فأتزر وأنا حائض، فيُباشرني وأنا حائض) فتكون المباشرة ما فوق السرة وتحت الركبة، لكون الإزار حائلًا إما لأن مسَّها حرام كما قاله الشافعي، أو لكمال تقواه. قال النووي: من اعتقد حل وطء الحائض كفر. قلتُ: للإجماع على أنه المراد من قوله تعالى: {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: 222] قال الشافعي: والوطء في حال الحيض كبيرةٌ. 302 - (علي بن مُسهِر) بضم الميم وكسر الهاء (أبو إسحاق) سليمان بن فيروز (الشيباني) من الشيب نسبةً إلى شيبان حيٌ من أحياء العرب. قال الجوهري: هما شيبانان: شيبان بكر وشيبان ذهل. (عن عائشة قالت: كانت إحدانا إذا كانت حائضًا، فاراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يباشرها أَمَرَها أن تتزر في فور حيضيتها) أي: في أولها. مأخوذ من فَوَرَان القِدْر، فإن الدم في أول الحيض يكون كثيرًا. وفي رواية مسلم: كان إحدانا، بدون التاء. نقل النووي عن كتاب

ثُمَّ يُبَاشِرُهَا. قَالَتْ وَأَيُّكُمْ يَمْلِكُ إِرْبَهُ كَمَا كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَمْلِكُ إِرْبَهُ. تَابَعَهُ خَالِدٌ وَجَرِيرٌ عَنِ الشَّيْبَانِىِّ. 303 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ قَالَ سَمِعْتُ مَيْمُونَةَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَرَادَ أَنْ يُبَاشِرَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ أَمَرَهَا فَاتَّزَرَتْ وَهْىَ حَائِضٌ. وَرَوَاهُ سُفْيَانُ عَنِ الشَّيْبَانِىِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ سيبويه أن بعض العرب يقول: قال امرأةٌ. وكذا نَقَلَ عن ابن خروف وآخرين. قال: ويجوزُ أن يكون في كان ضمير الشأن. (قالت: وأيكم يَمْلِكُ إِرْبَهُ كما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يملك إربه) قال ابن الأثير: أكثر المحدثين يرويه بفتح الهمزة وسكون الراء وبعضُهم يرويه بكسر الهمزة وسكون الراء. وله تأويلان: أحدهما: الحاجة: الأرب والإرب والأربة والمأربة. والثاني: العضو المخصوص. وفي قوله: أيكم يملك إربه، إشارة إلى أن تركه أَوْلَى؛ لأن الذي كان يفعله كان معصومًا بخلاف غيره "ومن رَعَى حول الحِمى يوشك أن يواقعه" (تابعه خالدٌ) هو الطحاني (وجرير) -بفتح الجيم- هو ابن عبد الحميد الكوفي و (الشيباني) هو أبو إسحاق المذكور آنفًا. 303 - (أبو النُعمان) -بضم النون- محمد بن الفضل المعروف بعارم (عبد الله بن شدّاد) بفتح الشين وتشديد الدال (سفيان) يحتمل أن يكون الثوري وأن يكون ابن عُيينة. وشرح الحديث تقدم. واعلم أن العلماء اختلفوا في أن من جامع في الحيض هل يجب عليه الكفارة أم لا؟ فذَهَبَ أبو حنيفة والشافعي وأحمد في إحدى الروايتين إلى أن لا كفارة، وذهبت طائفةٌ، منهم ابن عباس والحسن البصري والشافعي في قوله القديم إلى وجوب الكفارة. وأصلُ هذا ما

7 - باب ترك الحائض الصوم

7 - باب تَرْكِ الْحَائِضِ الصَّوْمَ 304 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ أَخْبَرَنِى زَيْدٌ - هُوَ ابْنُ أَسْلَمَ - عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي أَضْحًى - أَوْ فِطْرٍ - إِلَى الْمُصَلَّى، فَمَرَّ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ «يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ، فَإِنِّى أُرِيتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ رواه الترمذي وابن ماجَهْ والنسائي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من جامَعَ امرأته وهي حائض فليتصدق بدينار إن كان الدمُ أحمرَ، وبنصف دينار إن كان الدم أصفر" فمَنْ حَمَلَ الأمر على الوجوب قال بالوجوب، ومن حَمَلَهُ على الندب قال به. باب ترك الحائض الصوم 304 - (سعيد بن أبي مريم) ابن محمد بن الحكم، كذا ذكره أبو الفضل المقدسي. وقال الذهبي: ابن الحكم، بتقديم الحكم على محمد (زيد بن أسلم) بفتح الهمزة (عن أبي سعيد الخدري) -بالخاء المعجمة ودال مهملة- نسبة إلى خُدْرة، قبيلة من قبائل العرب. (خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أضحى أو فَطر) جمع أضحات بمعنى الأضحية أُضيفَ اليوم إليه لوقوع الذبح فيه، والشكُ من أبي سعيد (إلى المصلى) المكان المعدّ للصلاة (فمرّ على النساء فقال: يا معشر النساء تَصَدَّقْنَ) أي: مرّ عليهن بعد فراغه من الخُطبة، كما مرّ في كتاب العلم (2)، والمعشَرُ: كل جماعة أمرهم واحدٌ، ومطلقه للرجال، والجمع معاشر بفتح الميم. (فإني أُريتُكُنّ أكثرَ أهل النار) -بضم الهمزة على بناء المجهول- وفي بعضها: رأيتكُن، بصيغة الثلاثي. إن كان من رؤية البصر فانتصاب أكثر على الحال، وإن كانت من

فَقُلْنَ وَبِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ، مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الْحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ». قُلْنَ وَمَا نُقْصَانُ دِينِنَا وَعَقْلِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «أَلَيْسَ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ». قُلْنَ بَلَى. قَالَ «فَذَلِكَ مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا، أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ». قُلْنَ بَلَى. قَالَ «فَذَلِكَ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا». أطرافه 1462، 1951، 2658 ـــــــــــــــــــــــــــــ رؤية القلب بمعنى العلم فعلى المفعولية، والأولُ هو الوجهُ لما في سائر الروايات: "نظرتُ في جهنَم فإذا أكثر أهلها النساء: (فقلْنَ) وفي بعضها: قُلْنَ (بمَ يا رسول الله) أصله بما، حذف منه الألف في الكتابة واللفظ تخفيفًا مع عدم اللبس، أي: بأي سبب. (تكثرن اللعن) أصل اللعن الطردُ والإبعاد، ولا يجوزُ لعنُ أحد معين، مؤمنًا كان أو كافرًا إلا إذا مات على كفره؛ لأنه رجم بالغيب، وما وقع من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلعلمه بذلك، أو لم يرد به معناه، وعليه يحمل ما وقع من السلف (وتكفرن العشير) فعيل بمعنى الفاعل كالجليس والصديق، واشتقاقه من العُشْرة وهي الصحبة. والمراد به في الحديث: الزوج (ما رأيت من ناقصات عقلٍ ودينٍ أذهبَ لِلُبّ الرجل الحازم من إحداكُنّ) قيل: هذا زائدٌ على الجواب ويسمى الاستتباع. وفيه نظر؛ لأن إذهاب لُبّ الرجل الحازم من أقوى موجبات النار. العقلُ لغة: المنعُ، وفي العرف:، قوة تميز بين الحسن والقيح. جعله الله مناطَ التكليف والناس فيه متفاوتون بحسب الجبلة. والحكم على النساء بنقصانه باعتبار الغالب. وكم امرأةٍ أعقلُ من كم رجل. وأذهب: أفعل تفضيل، من الإذهاب على ما جوَّزه سيبويه، وعند غيره شاذ. ولُبُّ كل شيء خلاصتُه. أريدَ به العقلُ الخالصُ عن شوائب الوهم، والحزم: ضبط الرجل أمره أخذه بالثقة من حزمت الشيء شددته. (أليس شهادة المرأة مثلَ نصف شهادة الرجل؟) استفهام تقرير، أي: الأمر كذلك، وقد أشير إلى العلة في قوله تعالى: {فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} [البقرة: 282] (فذلكِ) -بكسر الكاف- أفرد الخطاب؟ لأن الحكم المذكور قائم بكل واحدة على حدة. وفقه الحديث: أن جنس الرجل أفضلُ من جنس المرأة وأن فضل بعض أفراد هذا الجنس، وأن على الأئمة تعليم النساء أمر دينهن، وأن الإنسان إذا فاته فضيلة يسعى في مثلها جبرانًا لما فاته. وكفران العشير من الكبائر لتوعّد الشارع عليه بالنار، وإطلاق الكفر على كفران النعمة، وأن للواعظ التغليظ في الوعظ، إلا أنه لا يواجه به معينًا.

8 - باب تقضى الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت

8 - باب تَقْضِى الْحَائِضُ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا إِلاَّ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ لاَ بَأْسَ أَنْ تَقْرَأَ الآيَةَ. وَلَمْ يَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِالْقِرَاءَةِ لِلْجُنُبِ بَأْسًا. وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ. وَقَالَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ كُنَّا نُؤْمَرُ أَنْ يَخْرُجَ الْحُيَّضُ، فَيُكَبِّرْنَ بِتَكْبِيرِهِمْ وَيَدْعُونَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَخْبَرَنِى أَبُو سُفْيَانَ أَنَّ هِرَقْلَ دَعَا بِكِتَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَرَأَ فَإِذَا فِيهِ «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَ (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ)». الآيَةَ. وَقَالَ عَطَاءٌ عَنْ جَابِرٍ حَاضَتْ عَائِشَةُ فَنَسَكَتِ الْمَنَاسِكَ غَيْرَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ، وَلاَ تُصَلِّى. وَقَالَ الْحَكَمُ إِنِّى لأَذْبَحُ وَأَنَا جُنُبٌ. وَقَالَ اللَّهُ (وَلاَ تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ). ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت المناسك: جمع مَنْسَكٍ -بالفتح والكسر- لغتان قرئ بهما في السبع، يستعمل مصدرًا وزمانًا ومكانًا من النسك وهو العبادة. وقال ثعلب: من النسيكة وهي سبيكة الفضة. المصفاة. كأن العابد صفى نفسه دئه تعالى. هذا: وقد غَلَبَ استعمالُهُ في أفعال الحج. (وقال إبراهيم: لا بأس أن تقرأ الآية) أي: الحائضُ. إبراهيم هذا هو النخعي (ولم ير ابن عباس بالقراءة للجنب بأسًا) واستدل ابنُ عباس على ما ذَهَبَ إليه بكتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى هرقل، فإنه كان فيه القرآن، والكافر لا ترتفع جنابته. والجواب عنه أن ذلك للضرورة، أو لم يقصد بالآية القرآنَ وإن وافقَهُ،، إذ ليس في ذلك الكتاب ما يدل على أنه قَصَدَ به نظم القرآن، واستدل الجمهور على منعه: بما رواه الترمذي عن علي بن أبي طالب مرفوعًا: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يحجبه شيء من القرآن إلا الجنابة. وروى الحاكم عن عائشة: "لا يقرأ القرآنَ جنب ولا حائض" (2). ومثله رواه الدارقطني والبيهقي. وإنما أورد الجنب في باب الحائض لاشتراكهما في أكثر الأحكام. (أبو سفيان) هو أبو معاوية واسمه صخر بن حرب (وقال عطاء) هو ابن أبي رباح (وقال الحَكَم) بفتح الحاء والكاف.

305 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لاَ نَذْكُرُ إِلاَّ الْحَجَّ، فَلَمَّا جِئْنَا سَرِفَ طَمِثْتُ، فَدَخَلَ عَلَىَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا أَبْكِى فَقَالَ «مَا يُبْكِيكِ». قُلْتُ لَوَدِدْتُ وَاللَّهِ أَنِّى لَمْ أَحُجَّ الْعَامَ. قَالَ «لَعَلَّكِ نُفِسْتِ». قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «فَإِنَّ ذَلِكَ شَىْءٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، فَافْعَلِى مَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ، غَيْرَ أَنْ لاَ تَطُوفِى بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِى». ـــــــــــــــــــــــــــــ 305 - (أبو نُعيم) بضم النون على وزن المصغر (عن [عبد العزيز بن] أبي سَلَمة) بفتح السين واللام. (عن عائشة قال: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا نذكر إلا الحج) لأنهم كانوا يرون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور. وقيل: أو أرادت الحج والعمرة، إذ العرفُ جارٍ على إطلاقه وإرادتهما. وليس بشيء لأن قولها: لا نذكر إلا الحج. بطريق القصر احترازٌ من العمرة لا غير، كما دل عليه الأحاديث الكثيرة، فكيف يمكن إرادته؟ (فلما جئنا سرف طمثت) -بسين مهملة- مكان بينه وبين مكة عشرة أميال تقريبًا. يصرف ولا يصرف باعتبار المكان والبقعة. والطمث: الحيض. قال ابن الأثير: يقال طمثَت المرأة -بفتح الميم- في الماضي: إذا حاضت، وطُمِثت- بكسر الميم-إذا دَميَت من الإفضاض. والطمث: الدم والنكاح. قلت: إذا كان بمعنى النكاح يجوز في الماضي كسر الميم والفتح، وفي المضارع الكسرُ والضم، قُرئ بهما في السبع. (لعلكِ نفست؟) لعل: يكون لتوقع أمرٍ مرجوّ أو مخوفٍ، وكلاهما هنا حسن، وقد تقدم جواز فتح النون وضمّها في أنَفِست مع كسر الفاء في الحيض والنفاس وأن الفتح في الحيض شهر والضم في النفاس (فافعلي ما يفعَلُ الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت) عذا موضع الدلالة على الترجمة. وفي الحديث دليلٌ على جواز البكاء على فوات أمرِ دينٍ، واستحياب تسلية المصاب، وتفريج الهم عنه، وباقي الأحكام تقدمت.

9 - باب الاستحاضة

9 - باب الاِسْتِحَاضَةِ 306 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ قَالَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِى حُبَيْشٍ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى لاَ أَطْهُرُ، أَفَأَدَعُ الصَّلاَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّمَا ذَلِكِ عِرْقٌ وَلَيْسَ بِالْحَيْضَةِ، فَإِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَاتْرُكِى الصَّلاَةَ، فَإِذَا ذَهَبَ قَدْرُهَا فَاغْسِلِى عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّى». ـــــــــــــــــــــــــــــ قيل: غرضُ البخاري من وضع هذا الباب الاستدلال على جواز قراءة الجنب والحائض القرآن بدليل أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يستثنِ من المناسك إلا الطواف. وهذا شيء لم يخطر بخاطر البخاري، وكيف يستدل على ذلك وليس قراءة القرآن من مناسك الحج. ولا يشك أحدٌ أن منع الجنب والحائض من الصلاة، إنما هو لاشتمال الصلاة على قراءة القرآن لا غير. باب: الاستحاضة الاستحاضة: سَيَلانُ الدم على الاستمرار، من حاضَ إذا سَالَ، والفعل منه على بناء المجهول ماضيًا كان أو مضارعًا، كأنها مطالبة بالدم كل حين. 306 - (جاءت فاطمةُ بنت أبي حُبَيش) -بضم الحاء وفتح الموحدة بعدها ياء ساكنة آخره شين معجمة- هو قيس بن المطلب بن أسد (إني لا أطهرُ أفأدَع الصلاةَ؟ [فقال رصسول الله - صلى الله عليه وسلم -:] إنما ذلك عرق) قد تقدم أن ذلك الرق يسمى عاذلًا وعاذرا بالذال المعجمة. ونقل بعضُهم: الدال المهملة أيضًا، واقتصر الجوهري على الأولين (وليست بالحِيضة) -بكسر الحاء- اسم من الحيض، ليس ذلك من جنس الحيض. كذا اختاره الخطابي. قال النووي: الفتح أحسن؛ لأن المراد نفي الحيض عن دم الاستحاضة (فإذا أقبلت الحيضة) -بالكسر أيضًا- وهى الحالة التي تلزم الحائض، والمراد به الوقت الذي كانت تحيضُ فيه سابقًا، فإنها كانت ذات عادة دل عليه قوله: فإذا ذَهَبَ قَدْرُها، ويحتمل أن تكون ذات تميز، فانهدر ذلك الدم القوي (فاغسلي عنك الدم وصلي) ذكر غسل الدم لئلا يظن أنه يعفى عنه العذر، ولم يذكر الغسل لأنه معلوم. وصلي: اقتصر على ذكر الصلاة، لأن سائر العبادات من الصوم

10 - باب غسل دم المحيض

10 - باب غَسْلِ دَمِ الْمَحِيضِ 307 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ أَنَّهَا قَالَتْ سَأَلَتِ امْرَأَةٌ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِحْدَانَا إِذَا أَصَابَ ثَوْبَهَا الدَّمُ مِنَ الْحَيْضَةِ، كَيْفَ تَصْنَعُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا أَصَابَ ثَوْبَ إِحْدَاكُنَّ الدَّمُ مِنَ الْحَيْضَةِ، فَلْتَقْرُصْهُ ثُمَّ لِتَنْضَحْهُ بِمَاءٍ، ثُمَّ لِتُصَلِّى فِيهِ». 308 - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَتْ إِحْدَانَا تَحِيضُ، ثُمَّ تَقْتَرِصُ الدَّمَ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ والاعتكاف مثل الصلاة بلا خلاف، وإذا جاز لها العبادة فغشيان الزوج من باب الأَوْلى. باب [غسل] دم الحيض 307 - (فاطمة بنت المنذر) بضم الميم وكسر الذال (سألت امرأةٌ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هي خولة بنت يسار كذا جاء صريحًا في سنن أبي داود (فقالت يا رسول الله: أرأيت إحدانا إذا أصاب ثوبها من الحيضة) ومعنى: أرأيتَ: أخبر؛ لأن الرؤية من أسباب الإخبار. والحِيضة، بالكسر (فلْتَقْرُصْهُ ثم لتنضحه ثم لتصل فيه) القَرْص -بالصاد المهملة- قال ابن الأثير: هو الغسل بأطراف الأصابع والدلك. قال النووي: رواه بعضُهم بضم الياء وفتح القاف وتشديد الراء المكسورة. والنضح -بالضاد المعجمة- الغسل. من نضح ينضِح بكسر الضاد في المضارع. كذا ضبطه الجوهري. وأصل النضح: الرش، ولعله أشار به إلى أن غسله يكون برش الماء شيئًا فشيئًا. وقد جاء بلفظ الغسل في بعض الروايات، وتقييده بالماء صريحٌ في أن إزالة الخبث لا يكون إلا به، وفي لفظ: ثم، إشارة إلى جواز التراخي بين هذه الأفعال. 308 - (أصبغ) بصاد مهملة وعين معجمة أبو الفرج المصري (ابن وهب) عبد الله (عن عائشة قالت: كانت إحدانا تحيض ثم تقترص الدم) على وزن تجتمع أبلغ من تقرص (من

11 - باب الاعتكاف للمستحاضة

ثَوْبِهَا عِنْدَ طُهْرِهَا فَتَغْسِلُهُ، وَتَنْضَحُ عَلَى سَائِرِهِ، ثُمَّ تُصَلِّى فِيهِ. 11 - باب الاِعْتِكَافِ لِلْمُسْتَحَاضَةِ 309 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ خَالِدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - اعْتَكَفَ مَعَهُ بَعْضُ نِسَائِهِ وَهْىَ مُسْتَحَاضَةٌ تَرَى الدَّمَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ ثوبها عند طهرها، فتغسله وتنضح على سائره) أي: تغسل موضع الدم، ثم تغسل الباقي إكمالًا للنظافة تورعًا. ولذلك لم يأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السائلة بغسل سائر الثوب. باب: اعتكاف المستحاضة 309 - (إسحاق) كذا وقع غير منسوب هو أبو بشر، إسحاق بن شاهين الواسطي (خالد بن عبد الله عن خالد) الأول هو الطحان، والثاني هو الحذاء. (عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اعتكَفَ مع بعض نسائه) قيل: هي زينب بنت خزيمة الأسدية، أم المساكين، وقيل: بنت جحش. قال ابن عبد البر: وهذا لا يصحّ. قال: وقد وقع في الموطا أن زينب بنت جحش، كانت قبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند عبد الرحمن بن عوف. وهذا وهمٌ لم تكن قبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا عند زيد بن حارثة، ولم تكن عند عبد الرحمن قط. قلت: منشأ الوهم في الموطأ هو أن أختها أم حبيبة كانت تحت عبد الرحمن. ذكرها ابنُ عبد البر، وقد نقل بعضُهم: أن المستحاضات في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تسع نسوة: بنات جحش الثلاثة؛ زينب وأم حبيبة وحمنة وسودة زوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفاطمة بنت أبي حُبيش، وأسماء بنت عُميس، وسهلة بنت سهيل، وبرة بنت صفوان، وأم حبيبة، وقيل: أم حبيب بغير تاء. هذا وأم حبيبة هذه لم أعرفها في الصحابيات. فإن كانت أخت زينب فقد تقدمت، فلا وجه لإعادتها، وإن كانت بنت أبي سفيان فلم يقل أحدٌ: إنها كانت مستحاضة. فإن قلتَ: هل يجوزُ حذف التاء من المستحاضة كما في طالق وحائض؟ قلتُ: لا؛ لأنّ حذف التاء في طالق وحائض إنما كان للفرق بين مَنْ شأنُها الطلاقُ والحيض، وبين مَنْ لها هذا الوصف بالفعل، وهذا الوصفُ في المستحاضة لازمٌ بالفعل، وقيل: التاء للنقل

فَرُبَّمَا وَضَعَتِ الطَّسْتَ تَحْتَهَا مِنَ الدَّمِ. وَزَعَمَ أَنَّ عَائِشَةَ رَأَتْ مَاءَ الْعُصْفُرِ فَقَالَتْ كَأَنَّ هَذَا شَىْءٌ كَانَتْ فُلاَنَةُ تَجِدُهُ. أطرافه 310، 311، 2037 310 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ خَالِدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتِ اعْتَكَفَتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - امْرَأَةٌ مِنْ أَزْوَاجِهِ، فَكَانَتْ تَرَى الدَّمَ وَالصُّفْرَةَ، وَالطَّسْتُ تَحْتَهَا وَهْىَ تُصَلِّى. ـــــــــــــــــــــــــــــ الوصفية إلى الاسمية. قلتُ: لا نَقْلَ إنما لم ينقل مستحيضة مستحاضة بصيغة اسم الفاعل؛ لأن المسيغ في مثله الاستعمال كجُنّ وعُني على بناء المجهول فيهما. وليس بشيء؛ لأن السين فيه للطلب، وكأنها مطالبة كل حين بخروج الدم. قال الجوهري: استحاضت المرأة أي: استمر بها الدمُ. (فربما وضعت الطست تحتها من الدم) أصله طسّ بسين مُدغمة في الأخرى، فأُبدلت الأخرى تاء لقرب المخرج تخفيفًا. ومن: بمعنى اللام كما في قوله تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ} [المائدة: 32] قال بعضُهم: من: ابتدائية. ثم قال: أي: لأجل الدم. وخَبْطُهُ ظاهرٌ، إذ لا يعقل هنا معنى الابتداء مع تناقضه في تفسيره. (ماء العصفر) -بضم العين وسكون المهملة- قال الجوهري: صبغ، وقال ابن الأثير: شجر (كأن هذا شيء كانت [فلانة] تجده) فلانة: كناية عن علم الإناث، فلان: عن علم الذكور، وفي غير الإنسان يقال باللام. وقد أشرنا إلى الاختلاف في فلانة، ومن هي. 310 - (قُتيبة) بضم القاف على وزن المصغر (يزيد بن زُريع) مصغر الزرع. (ترى الدم والصفرة) عطف الصفرة على الدم وإن كانت الصفرة أيضًا من ألوان الدم، إشارةً إلى أنها كانت تميزة. وغير الصفرة من الدم كان حيضًا، وأيام الصفرة استحاضة، لكن قولها (وهي تصلي) يجب أن يكون متعلقًا بالصفرة وحدها، إلا أن فيه إشكالًا، فإنما في حالة الدم الأحمر حائضة كيف تدخل المسجد، فإن الإجماعَ على ما نقله ابن بطال: أن الحائضة لا تدخل المسجد، اللهم إلا أن يكون الدم الأحمر أقلّ من مدة الحيض فلا يعتد به كما ذكر في الفروع.

12 - باب هل تصلى المرأة فى ثوب حاضت فيه

311 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ خَالِدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ بَعْضَ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ اعْتَكَفَتْ وَهْىَ مُسْتَحَاضَةٌ. 12 - باب هَلْ تُصَلِّى الْمَرْأَةُ فِي ثَوْبٍ حَاضَتْ فِيهِ 312 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ أَبِى نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ مَا كَانَ لإِحْدَانَا إِلاَّ ثَوْبٌ وَاحِدٌ تَحِيضُ فِيهِ، فَإِذَا أَصَابَهُ شَىْءٌ مِنْ دَمٍ، قَالَتْ بِرِيقِهَا فَقَصَعَتْهُ بِظُفْرِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ 311 - (مسدّد) بضم الميم وتشديد الدال مفتوحة (معتمر) بضم الميم الأولى وكسر الثانية. وإذا جاز للمستحاضة دخول المسجد، فكذا سَلِل البول والمذي ودامي الجرح، لكن يجب المحافظة على أن لا يلوث المسجد. باب: هل تصلي المرأة في ثوبٍ حاضت فيه 312 - (أبو نعيم) -بضم النون على وزن المصغر- الفضل بن دكين (عن أبي نجيح) عبد الله بفتح النون وكسر الجيم (عن مجاهد) ابن حبر -بالحاء المهملة- ويقال: ابن جُبير بضم الجيم على وزن المصغر مولى عبد الله بن الثابت القارئ المشهور، اختلفوا في سماعه عائشةَ بعد اتفاقهم على سماعه ابن عباس وأبا هريرة وجابرًا. وسيأتي في الحج والمغازي ما يدل على سماعه منها. (ما كان لإحدانا إلا ثوب واحد تحيض فيه) لا يخالف ما تقدم من حديث أم سلمة: فأخذت ثياب حيضتي؛ لأن ذلك كان بعد ما وسّع الله عليهم، أو لم ترد بإحدانا العموم. والأول هو الوجه لظهور العموم (قالت بريقها فمصعَتْه) بالميم وصاد مهملة وعين كذلك، [قال] ابن الأثير: المصَعَ: التحريكُ والضرب. ومعنى: قالت بريقها، أنها حكت بريقها ما كانوا يفعلونه من غسل الدم بالماء لا أنها اكتفت بالريق عن الماء، كما يتبادر إلى الفهم.

13 - باب الطيب للمرأة عند غسلها من المحيض

13 - باب الطِّيبِ لِلْمَرْأَةِ عِنْدَ غُسْلِهَا مِنَ الْمَحِيضِ 313 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ حَفْصَةَ - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَوْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ حَفْصَةَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ - قَالَتْ كُنَّا نُنْهَى أَنْ نُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاَثٍ، إِلاَّ عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ ويروى: فقصعته بالقاف أي: فركته بظفرها، ولم يذكر أنها كانت تصلي فيه كما ترجم عليه؛ لأنه إذا لم يكن لها غيره فبالضرورة أنها تصلي فيه، وقد سَلَفَ في باب غسل دم المحيض قوله: صلي فيه. قال ابن بطال: ولم يذكر الفعل في هذا الحديث؛ لأنه مطلقٌ محمول على ما تقدم من روايتها في باب غسل دم المحيض من ذكر الغسل، أو كان هذا دمًا قليلًا معفوًا عنه. وهذا وهمٌ منه، إذ ليس ذكرها للريق إلا حكاية ما كانت تفعل من غسل الثوب بالماء كما ذكرنا. باب: الطيبُ للمرأة عند غسلها من المحيض 313 - (حمّاد) بفتح الحاء وتشديد الميم (عن أيوب) هو السختياني (عن حفصة) هي بنت سيرين (عن أم عطية) الأنصارية اسمها: نُسيبة بلفظ المصغر. كنا [ننهى أن] نُحدَّ على ميت فوق ثلاثٍ، إلا على زوج أربعةَ أشهر وعشرًا) ورُوي: على زوجها، قول الصحابي: كنا نُؤمر أو نُنهى، الآمر والناهي هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا غير. ونُحد -بالنون المضمومة وكسر الحاء، وبفتح النون وضم الحاء- لغتان من الإحداد. والحدادُ: تركُ الزينة من الحدّ. وهو المنع. ويروى: تحد بالتاء بدل النون. أي: المرأة. وهذا يوافقُ رواية زوجها. قيل: إنما قالت عشرًا لإرادة الليالي، ولو اريدت الأيام لقيل: عشرة بالتاء. قلتُ: المراد بالعشر الليالي والأيامُ، وإنما عبّرت بالليالي؛ لأنها غرر الأيام، ولو

وَلاَ نَكْتَحِلَ وَلاَ نَتَطَيَّبَ وَلاَ نَلْبَسَ ثَوْبًا مَصْبُوغًا إِلاَّ ثَوْبَ عَصْبٍ، وَقَدْ رُخِّصَ لَنَا عِنْدَ الطُّهْرِ إِذَا اغْتَسَلَتْ إِحْدَانَا مِنْ مَحِيضِهَا فِي نُبْذَةٍ مِنْ كُسْتِ أَظْفَارٍ، وَكُنَّا نُنْهَى عَنِ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ. قَالَ رَوَاهُ هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ حَفْصَةَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 1278، 1279، 5340، 5341، 5342، 5343 ـــــــــــــــــــــــــــــ أريدت الليالي من غير الأيام لجاز ترك الحداد في اليوم العاشر، وليس كذلك. (ولا نكتحل) عطف على مقدر، أي: لا نلبس الحلي، وإنما طوى ذكره لظهور حكمه من المعطوف وهو مرفوع مع ما عطف عليه، لكونه مستأنفًا لبيان الإحداد، وشرحه. ويروى: بالنصب على أن لا نريده. أي: كنا نُنهى عن لبس الحلي والاكتحال. هذا في المتوفى عنها زوجُها على سبيل الوجوب. وكذا المبتوتة عند أبي حنيفة، وللشافعي وأحمد في المبتوتة قولان: الأصح: الاستحبابُ. (إلا ثوب عصب) بالعين المهملة وصاد كذلك، قال ابن الأثير: برد يَمَنيٌ يعصب غزله، أي: يجمع ويشد ثم يصبغ وينسج فيأتي موشيًا؛ لبقاء موضع ما عصب أبيض لم ينله الصبغ. وقيل: هي برد مخططة. وعند الفقهاء: ما كان المراد من صبغه، الزينة سواء كان بعد النسيج أو قبله. (وقد رخص لنا عند الطهر إذا اغتسلت إحدانا من محيضها في نبذة من كُسْت أظفار) النُبْذة -بنون مضمومة وباء ساكنة وذال معجمة- القطعة من الشيء، والكُسْت -بضم الكاف وسكون السين، وبالقاف أيضًا: العود الهندي. وقيل: ضرب من الطيب. وقيل: عقار معروف تتبخر به النفساء. قال ابن الأثير: وهذا أشبهُ. وأظفار: -بفتح الهمزة- قال ابن بطال: كذا وَقَع في البخاري. والصواب: ظفار على وزن فعال. وهي مدينة من بلاد يمن. وفي المثل: من دَخَل ظفار حمّر -بتشديد الميم- أي: تكلّم بلغة حمير. وفي رواية مسلم: قسط أو أظفار بعطف أظفار قيل: مفرده ظفر وهو طيب أسود، القطعةُ منه تشبه الظفر فعلى هذا يحتمل أن يكون كست منونًا ترك الواو من أظفار سهوًا من الناسخ. وانما أبيحَ لها هذا القدر من الطيب؛ لأنها تتوجه إلى العبادات، والملائكة تتأذى من الروائح مثل البشر (رواه هشام بن حسان عن حفصة) كما رواه أيوب متابعة ناقصة.

14 - باب دلك المرأة نفسها إذا تطهرت من المحيض

14 - باب دَلْكِ الْمَرْأَةِ نَفْسَهَا إِذَا تَطَهَّرَتْ مِنَ الْمَحِيضِ 314 - حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مَنْصُورِ ابْنِ صَفِيَّةَ عَنْ أُمِّهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ غُسْلِهَا مِنَ الْمَحِيضِ، فَأَمَرَهَا كَيْفَ تَغْتَسِلُ قَالَ «خُذِى فِرْصَةً مِنْ مِسْكٍ فَتَطَهَّرِى بِهَا». قَالَتْ كَيْفَ أَتَطَهَّرُ قَالَ «تَطَهَّرِى بِهَا». قَالَتْ كَيْفَ قَالَ «سُبْحَانَ اللَّهِ تَطَهَّرِى». فَاجْتَبَذْتُهَا إِلَىَّ فَقُلْتُ تَتَبَّعِى بِهَا أَثَرَ الدَّمِ. طرفاه 315، 7357 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: دلكُ المرأة نفسها إذا تطهرت من الحيض وكيف تغتسل وتأخذ فرصة مُمَسكة فتتبع بها أثر الدم 314 - (يحيى) كذا وقع غير منسوب. قال الغساني: كل ما كان، في البخاري من لفظ يحيى هو ابن موسى البلخي. قال أبو نصر الكلاباذي والذهبي: كل من يحيى بن موسى، ويحيى بن جعفر يروي عن ابن عُيينة. (عن عائشة أن امرأة سألت وسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن غسلها من المحيض) هذه المرأة أسماء بنت شكل، جاء اسمُها صريحًا في مسلم وذكر عن الخطيب أنها بنت يزيد خطيبة النساء، ويجوز أن تكون الواقعة متعددة (قال: خذي فرصةً من مسك فتطهري بها) الفرصة -بكسر الفاء وحكي فيها الضم والفتح وصاد مهملة-: القطعةُ من الشيء، من فرصت الشيء قطعته، من مسك. أي: قطعت من قطن ونحوه ملطخة بالمسك. وتؤيده الرواية الأخرى: ممسكة بفتح السين المشددة ودعوى القاضي عياض -أن الأكثر في الروايات: المسك -بفتح الميم- أي: قطعة جلد عليك شعر. وقول صاحب "الكشاف": الممسكة معناها العتيقة، وقول ابن قيس: إن أهل الحجاز ما كان عندهم المسك، كل ذلك مخالف لغرض الشارع، فإنه أراد أنها تستقبل العبادات على صفة النظافة، ويؤيده حديث أم عطية في الباب الذى قبله من الترخيص الممعتد المحدة في كست أظفار إذا تطهرت. وبنى الفقهاء عليه: إن كان الغرضُ قطعَ الرائحة الكريهة يكون ذلك قبل الغسل، وإن

15 - باب غسل المحيض

15 - باب غُسْلِ الْمَحِيضِ 315 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ عَنْ أُمِّهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ قَالَتْ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - كَيْفَ أَغْتَسِلُ مِنَ الْمَحِيضِ قَالَ «خُذِى فِرْصَةً مُمَسَّكَةً، فَتَوَضَّئِى ثَلاَثًا». ثُمَّ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - اسْتَحْيَا فَأَعْرَضَ بِوَجْهِهِ أَوْ قَالَ «تَوَضَّئِى بِهَا» فَأَخَذْتُهَا فَجَذَبْتُهَا فَأَخْبَرْتُهَا بِمَا يُرِيدُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. ـــــــــــــــــــــــــــــ كان الغرض سرعة العلوق يكون بعد الغسل، ورجّح النووي الأولَ، وذلك أن لو كان المراد سرعة العلوق لاختص بذوات الأزواح، وحكى أبو داود في القرصة القاف، بدل: الفاء. وقال ابنُ قُتَيبة: بالقاف والضاد المعجمة. فإن قلت: ترجم على دلك المرأة نفسها، وليس في الحديث ذكره؟ قلتُ: يفهم من الأمر تتبع المسك أثر الدم؛ لأن المراد منه المبالغة في النظافة، أو ثبت أصل الحديث عنده دونه، وقد جاء صريحًا في رواية مسلم ذكر الدلك. وكيفية الغسل. وفقه الحديث أن المفتي والعالم يؤثر العبارات الحسنة، ويكني أو يعرض في مظان الستر، وأن السائل إذا خفي عليه شيء من المراد ففهَّمه من كان حاضرًا، وجواز التسبيح عند التعجب. باب: غسل المحيض 315 - (مسلم) على لفظ اسم الفاعل (وُهَيب) بضم الواو على وزن المصغر. (أن امرأةً الأنصار) وهي أسماء التي تقدمت في الباب قبله (خذي فرصة ممسكة) تقدم في الباب قبله شرحُه (وتوضئي ثلاثًا) قبل الغسل كما يفعله الجنب (ثم إن النبي - صلى الله عليه وسلم - استحيا فأعرض بوجهه). فإن قلتَ: كيف أعرض عن السائل المسترشد لأمر دينه وهو إنما بُعث معلمًا لأمته أمر دينهم؟ قلت: عرف أن عائشة فهمت المقصود. والدليل عليه قوله: "سبحان الله" تعجبًا من عدم فَهمِ السائلة مع ظهور مراده من أخذ الفرصة، وقوله: (تتبعي بها أثرَ الدم) ونظير هذا ما إذا نازع أحد الطلبة الشيخَ بعد تقريره المقصود بحيث لم يبق لحذّاق المجلس فيه ريب، فيعرضُ الشيخ عنه ليوصله إلى فهمه أحدُ الحاضرين.

16 - باب امتشاط المرأة عند غسلها من المحيض

16 - باب امْتِشَاطِ الْمَرْأَةِ عِنْدَ غُسْلِهَا مِنَ الْمَحِيضِ 316 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ أَهْلَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَكُنْتُ مِمَّنْ تَمَتَّعَ، وَلَمْ يَسُقِ الْهَدْىَ، فَزَعَمَتْ أَنَّهَا حَاضَتْ، وَلَمْ تَطْهُرْ حَتَّى دَخَلَتْ لَيْلَةُ عَرَفَةَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذِهِ لَيْلَةُ عَرَفَةَ، وَإِنَّمَا كُنْتُ تَمَتَّعْتُ بِعُمْرَةٍ. فَقَالَ لَهَا رَسُولُ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: امتشاط المرأة عند الغسل 316 - (موسى بن إسماعيل) التبوذكي (إبراهيم) هو سبط عبد الرحمن بن عوف. (عن عائشة قالت: أهللْتُ مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع) أي: أحرمتُ فإن الإهلال لغةً رفع الصوت. ولما كان المحرم يهل بالتلبية عند الإحرام، أطلق الإهلالَ على الإحرام. وسُميت تلك الحجة حجة الوداع؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودع أمته الذين كانوا في تلك الحجة. (فكنتُ ممن تَمَتَّع ولم يَسُقِ الهدي) -بفتح الهاء وسكون الدال وبفتحها وكسر الدال مع التشديد في الياء-: ما يُهدى إلى الحرم من الأزواج الثمانية. وكان من ساق الهدي لا يجوزُ له أن يحل حتى يبلغ محلّه، فلذلك ذَكَرَتْ هذا القيد. (فزعمت أنها حاضت ولم تطهر حتى دخلت ليلة عرفة) قد تقدَّم أنها بدأت به في سَرَف. قيل: إنما قال: زعمت؛ لأنها لم تذكر لفظ الحيض، لأنه يُسْتَحْيا منه. وليس بشيءٍ، لأنه تقدم من كلامها مرارًا لفظ صريح الحيض، كقولها: إذا حاضت إحدانا، وقولها: وأنا حائض. والصواب أنه لم يحفظ الراوي عبارتَها بلفظها، فأشار إلى مقصودها مجملًا، ويجوز أن يكون غرضه أنها قالت هذا القول على القطع والجزم، فإن المخبر تارة يخبر عن ظن وتخمين (وإنما كنت تمتعت بعمرة). فإن قلتَ: تقدم من كلامها: لا نرى إلا الحج؟ قلتُ: ذلك قبل أن يأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنقض الحج إلى العمرة من لم يَسُق الهدي وهذا بعد ذلك.

اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «انْقُضِى رَأْسَكِ، وَامْتَشِطِى، وَأَمْسِكِى عَنْ عُمْرَتِكِ». فَفَعَلْتُ، فَلَمَّا قَضَيْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــ (انقضي رأسك وامتشطي وأمسكي عن عمرتك) قال النووي: إنها كانت أولًا مفردة ثم تمتعت ولما لم يتمّ لها التمتع بحصول العذر المانع من الطواف أمرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأن تدخل الحج على العمرة فتصير قارنة، وأما قولها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يرجع الناس بحجة وعمرة، وأرجع بحجةٍ؛ فالمراد عمرة منفردة؛ لأن أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلّهن كُنّ متمتِّعات. وكذلك أرسل معها عبد الرحمن لتكون لها أيضًا عمرة مستقلة تبرعًا؛ تسليةً لخاطرها لا أنه كان ضروريًا لتمام نسكها. قال: والذي يدل على هذا قوله لها: "يسعك طوافك عن حجتك وعمرتك" والأمر بالنقض لم يكن للخروج عن العمرة، فإن الخروج عنها لا يجوزُ بعد الإحرام، وإنما يجوزُ بالإتمام والتحلل وإنما أمر برفض أعمال العمرة، وأمرها بالاغتسال والنهي لإحرام الحج. وأورد بعضُهم على قوله: لا يجوز لها الخروج عنهما إلا بعد التحلل بقوله: كانت أولاً مفردة، فخرجت إلى التمتع قبل أعمال ذلك فإذا جاز لها الخروج من الحج إلى العمرة، فلِمَ لا يجوز العكس؟ وهذا مردود؛ لأن ذلك كان بأمر الشارع بناءً على حكمة وهو رفض السنة الجاهلية من اعتقاد عدم جواز العمرة في أشهر الحج، فأين وجهُ الملازمة؟ وأين وجود تلك الحكمة. في العكس؟ فإن قلتَ: قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لها: "أهلّي بالحج" وقولها: فلما قضيتُ الحج. وقوله لها: "دعي عنكِ عمرتَكِ". يدل على أنها لم تكن قارنة؟ قلتُ: لا دلالةَ في شيء من ذلك، لأن قوله: "يسعك طوافك عن حجك وعمرتك" نصٌ لا يقبل التأويل، وباقي الأحاديث الموهمة قابلةٌ للتاويل. فإن قلتَ: قوله لها: "أو ما طفت ليالي قَدمْنا مكة؟ " قالت: لا. ما تأويله؟ قلت: تأويله أن منعها عن العمرة كان للعذر، وربما زال العذر قبل الوقوف، فتتم عمرتها. فلما علم أنها لم تكن طافت، فقال: إن لم يحصل لك ذلك فقد حَصَل نوع آخر وهو الحصولُ في ضمن الحج، كما هو شأن القارن، فلما لم ترض ولم تنسك إلا بالعمرة المستقلة، وكانت

17 - باب نقض المرأة شعرها عند غسل المحيض

الْحَجَّ أَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ لَيْلَةَ الْحَصْبَةِ فَأَعْمَرَنِى مِنَ التَّنْعِيمِ مَكَانَ عُمْرَتِى الَّتِى نَسَكْتُ. 17 - باب نَقْضِ الْمَرْأَةِ شَعَرَهَا عِنْدَ غُسْلِ الْمَحِيضِ 317 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ خَرَجْنَا مُوَافِينَ لِهِلاَلِ ذِى الْحِجَّةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ـــــــــــــــــــــــــــــ عبادة مرغوبة مع الإمكان، أطلق لها الإذن. هذا تحقيق هذا المقام بما لا مزيد عليه من فضل الله وتوفيقه. (ليلة الحصبة) -بفتح الحاء وصاد مهملة- هو المحصب ما بين مكة ومنى، وموضع الجمار أيضًا، يقال له المحصب (مكان عمرتي التي نسكت) -بالنون-: من النسك. وفي بعضها: سكت. من السكوت. وفي بعضها: شكوت. من الشكاية. فإن قلت: ما معنى قولها: نسكت وقد تركت أعمال العمرة وأخذت في أعمال الحج؟ قلت: معناه النسك الذي شرعت فيه. فإن قلت: بَوّب البخاري على امتشاط المرأة عند غسلها من المحيض، وليس في الحديث إلا أنه أمر عائشة بالامتشاط عند الإحرام بالحج مع وجود الحيض. قلت: إذا استحب نقض الضفائر عند غسل الإحرام، فالاستحباب في غسل الحيض من باب الأولى. وهذا الأمر للندب، فلا يرد حديث أم سلمة حيث لم يأمرها بنقض الضفائر. وقال: "إنما يكفيك ثلاث حثيات" فإن سؤالها كان عن وجوب النقض. فهذا وجه التوفيق بين الحديثين، ولهذا كانت عائشة تَعيبُ على ابن عمر إفتاءه بوجوب نقض الضفائر عند الغسل. باب: نقض المرأة شعرها عند غسل المحيض 317 - (عُبيد بن إسماعيل) على وزن المصغر (أبو أسامة) -بضم الميم- حماد بن أسامة الكوفي. (موافين لهلال ذي الحجة) أي: مشرفين عليه يقال: أوفى على كذا إذا أشرف عليه،

«مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيُهْلِلْ، فَإِنِّى لَوْلاَ أَنِّى أَهْدَيْتُ لأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ». فَأَهَلَّ بَعْضُهُمْ بِعُمْرَةٍ، وَأَهَلَّ بَعْضُهُمْ بِحَجٍّ، وَكُنْتُ أَنَا مِمَّنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، فَأَدْرَكَنِى يَوْمُ عَرَفَةَ وَأَنَا حَائِضٌ، فَشَكَوْتُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «دَعِى عُمْرَتَكِ، وَانْقُضِى رَأْسَكِ وَامْتَشِطِى، وَأَهِلِّى بِحَجٍّ». فَفَعَلْتُ حَتَّى إِذَا كَانَ لَيْلَةُ الْحَصْبَةِ أَرْسَلَ مَعِى أَخِى عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِى بَكْرٍ، فَخَرَجْتُ إِلَى التَّنْعِيمِ، فَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ مَكَانَ عُمْرَتِى. قَالَ هِشَامٌ وَلَمْ يَكُنْ فِي شَىْءٍ مِنْ ذَلِكَ هَدْىٌ وَلاَ صَوْمٌ وَلاَ صَدَقَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ومنه قوله في الحديث: كلما أوفى على فدفد، لقولها في الحديث الآخر: قدمنا مكة لخمس بقين من ذي القعده. فإن قلتَ: إذا كان معنى موافين مشرفين، كان صلته على، فما وجه اللام؟ قلت: معنى القرب والاستقبال، وفي حاء ذي الحجة الفتح والكسر. والأول أشهر كما في الحج أيضًا. (من أَحَبَّ أن يُهِل بعمرة فليهل). فإن قلت: هذا القول يدل على أنه قال هذا القول في الطريق وسيأتي أنه قال الهم بعد الطواف؟ قلت: تكرر منه القول بذلك، فكان آخره بعد الطواف. فإن قلت: "من أحب" يدل على أنه خيرهم وأمره كان إيجابًا؟ قلت: لوح لهم أولًا أنه يريد منهم العمرة رفعًا للسنة الجاهلية، فلما كرهوا ذلك، ولم يبادروا إلى ما أمر به، أمرهم حقًّا وسلاهم بقوله: (لولا أني سقت الهدي لأهللت بالعمرة)، وبقوله: "لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقتُ الهدي". (قال هشام: ولم يكن في شيء من ذلك هدي) تعليق من البخاري، ويجوز أن يكون عطفًا على عن هشام بطريق المعنى بتقدير حرف العطف. قال النووي: ما قاله هشام مشكلٌ؛ لأنها كانت قارنة، والقارن عليه الدم، وكذا المتمتع. وهذا دليل من قال: إنها كانت مفردة هذا كلامه.

18 - باب مخلقة وغير مخلقة

18 - باب مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ. 318 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - وَكَّلَ بِالرَّحِمِ مَلَكًا يَقُولُ يَا رَبِّ نُطْفَةٌ، يَا رَبِّ عَلَقَةٌ، يَا رَبِّ مُضْغَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قلت: لا إشكال فيه، فإن هشامًا قال هذا الكلام بناء على ظنه ولم ينقله من أحدٍ. والدليل على أنها كانت قارنة ما تقدم في تقرير المسألة أول الباب. وقد رَوَى مسلم عن جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذبح عن عائشة يوم النحر بقرة، فاندفع الإشكال والله أعلم بحقيقة الحال. باب: {مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ} [الحج: 5] قال الجوهري: المخلقة تامة الخلق، وغير المخلقة بخلافها. وأطبق الشارحون على أن مراده من إيراده هذا في كتاب الحيض الإشارة إلى أن الحامل لا تحيض كما هو مذهب الكوفيين، ومذهب أحمد وأحد قولي الشافعي، وليس في الآية ولا في الحديث دلالة على ذلك. فالوجه أن إيراده للدلالة على أن النطفة منها يخلق الولد، والوطءُ في حال الحيض حرامٌ، فيجب الاجتناب عنه في حال الحيض لئلا ينعقد الولد من ذلك الفعل الحرام. 318 - (مسدّد) بضم الميم وتشديد الدال (عُبيد الله) على وزن المصغر. (إن الله وكّل بالرحم ملكًا يقول: يا رب نطفة، يا رب علقة، يا رب مضغة) بالرفع على تقدير إنها نطفة وكذا فيما عطف عليه. وفي رواية القابسي: النصب، أي: جعلته نطفة. قال ابن الأثير: النطفة -بضم النون- وجمعها النطف: الماء سواء كان قليلًا أو كثيرًا، لكنه بالقليل أخصّ. ومنه النطفة للمني لقلته. والعلقة -بفتح اللام- الدمُ المتجمد لتعلق بعضه ببعض. والمضغة -بضم الميم وسكون الضاد- قدر ما يمضغ من اللحم. فإن قلت: ما مراد الملك بقوله: يا رب نطفة ... إلى آخره؛ مع إخفاء فائدة الخبر ولازمها لأن الله عالم بها؟ قلتُ: هذا نوع من الذكر واعتراف بكمال القدرة على تقليب تلك المادة في أطوارها، وإظهارٌ لعدم غفلته عما وُكِّل به.

19 - باب كيف تهل الحائض بالحج والعمرة

فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْضِىَ خَلْقَهُ قَالَ أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى شَقِىٌّ أَمْ سَعِيدٌ فَمَا الرِّزْقُ وَالأَجَلُ فَيُكْتَبُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ». طرفاه 3333، 6595 19 - باب كَيْفَ تُهِلُّ الْحَائِضُ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ 319 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ، ـــــــــــــــــــــــــــــ (فإذا أراد أن يقضي خلقه) أي: يتم ويكمل بنفخ الروح كقوله تعالى: {ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ} [المؤمنون: 14] (قال: أذكر أم أنثى؟ شقي أم سعيد؟ فما الرزق والأجل؟ فيكتب في بطن أمه) أي: هذه الأمور والكاتب إما ذلك الملك وهو الظاهر، أو ملك آخر لما جاء في الروايات: "ثم يَبْعَثُ الله ملكًا بأربع كلماتٍ". والجار في قوله: في بطن أمه، يجوزُ أن يتعلق بيكتب على أن الكتابة كائنة في البطن، لأن الملك موكل بالرحم أو حال من المفعول أي: يكتب عليه حال كونه في بطن أمه قبل نفخ الروح. فإن قلت: ما مراده بقوله: "ذكر أم أنثى؟ إلى آخره؟ قلتُ: المباشرة إلى كتابته قبل نفخ الروح، إظهارًا لكمال الطاعة والانقياد. باب كيف تُهِلُّ الحائض بالحج والعمرة؟ أي: كيف تحرم، لأن الإهلال رفع الصوت بالتلبية. وهو من لوازم الإحرام، فأطلق عليه مجازًا مرسلًا. 319 - (بُكَير) بضم الباء على وزن المصغر. (عن عائشة قالت: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع فمنّا من أَهَلّ بعمرة، ومنا من أهلَّ بحج) هذا إنما كان بعد أمره بفسخ الحج إلى العمرة من لم يكن معه هدي، فلا يرد ما تقدم من قولها: لا نرى إلا الحج. فإن قلتَ: سيأتي في كتاب الحج أنه أمرهم بفسخ الحج إلى العمرة وهم بسرف

فَقَدِمْنَا مَكَّةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَلَمْ يُهْدِ فَلْيُحْلِلْ، وَمَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَأَهْدَى فَلاَ يَحِلُّ حَتَّى يَحِلَّ بِنَحْرِ هَدْيِهِ، وَمَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ فَلْيُتِمَّ حَجَّهُ». قَالَتْ فَحِضْتُ فَلَمْ أَزَلْ حَائِضًا حَتَّى كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ، وَلَمْ أُهْلِلْ إِلاَّ بِعُمْرَةٍ، فَأَمَرَنِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ أَنْقُضَ رَأْسِى وَأَمْتَشِطَ، وَأُهِلَّ بِحَجٍّ، وَأَتْرُكَ الْعُمْرَةَ، فَفَعَلْتُ ذَلِكَ حَتَّى قَضَيْتُ حَجِّى، فَبَعَثَ مَعِى عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِى بَكْرٍ، وَأَمَرَنِى أَنْ أَعْتَمِرَ مَكَانَ عُمْرَتِى مِنَ التَّنْعِيمِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال هنا: لما قدمنا مكة. قلتُ: أمرهم بقوله: "من أحب" وهم بسرف ولما توقفوا في ذلك أمرهم بمكة بعد الطواف والسعي حكمًا جازمًا. (ومن كان معه هدي فلا يحل حتى ينحر) استدل به أبو حنيفة والإمامُ أحمد على أن المعتمر إذا كان معه هدي وقد تمتع بالعمرة إلى الحج لا يتحلل من عمرته حتى ينحر يوم النحر، وقال الشافعي: يتحلل بعد الفراغ من أعمال العمرة وينحر هديه وقال: هذا مختصر من حديث عائشة، وقد رواه مسلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من كان معه هدي فليُهل بالحج مع العمرة". قال بعضُهم: فإن قلتَ: قد يتحلل الشخص بعد انتصاف ليلة النحر، فلم جعل غايته النحر، أو وقته وهو بعد طلوع الشمس يوم النحر، وأجاب بأن المراد من التحلل الكليّ الذي يجوزُ معه الجماع. هذا كلامُهُ. وخبطهُ ظاهر، وذلك أن الشافعي يجوز ذبح الهدي بعد انتصاف ليلة العيد. قال الرافعي: ويدخل وقت الرمي والحلق والذبح والطواف بانتصاف ليلة النحر. وإنما نشأ غَلَطُهُ من وقت التضحية، فإنه بعد ارتفاع الشمس، بل بعد الصلاة. (فحضت) أي: استمر الحيضُ؛ لأن ابتداء حيضها كان بسرف كما تقدم. فإن قلتَ: ترجم على كيفية إهلال الحائض ولم يرو في الحديث كيفيته؟ قلت: علم من الحديث أن حال الحائض حال الطاهر إلا في الطواف. وفقه الحديث جواز إحرام الحائض بالحج والعمرة؛ فإن عائشة كانت أولًا معتمرة، ثم لما بدأ بها المانع استمرت على ذلك عسى أن تطهر قبل الوقوف فلما لم يتيسر لها ذلك أدخلت الحج على العمرة، وصارت قارنة كما سَبَقَ تحقيقهُ.

20 - باب إقبال المحيض وإدباره

20 - باب إِقْبَالِ الْمَحِيضِ وَإِدْبَارِهِ وَكُنَّ نِسَاءٌ يَبْعَثْنَ إِلَى عَائِشَةَ بِالدُّرْجَةِ فِيهَا الْكُرْسُفُ فِيهِ الصُّفْرَةُ فَتَقُولُ لاَ تَعْجَلْنَ حَتَّى تَرَيْنَ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ. تُرِيدُ بِذَلِكَ الطُّهْرَ مِنَ الْحَيْضَةِ. وَبَلَغَ ابْنَةَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ نِسَاءً يَدْعُونَ بِالْمَصَابِيحِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ يَنْظُرْنَ إِلَى الطُّهْرِ فَقَالَتْ مَا كَانَ النِّسَاءُ يَصْنَعْنَ هَذَا. وَعَابَتْ عَلَيْهِنَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: إقبال الحيض وإدباره (وكن نساء يبعثُنَ إلى عائشة بالدُّرْجَة فيها الكرسف فتقول: لا تعجلن حتى نرين القصة البيضاء) هذا التعليق أسنده مالك في الموطأ. ولفظ نساء روي مرفوعًا على البدلية من نون الجمع كما في: أكلوني البراغيثُ. ويروى منصوبًا على الاختصاص. وهو قليل في النكرة. والدِّرَجة -بكسر الدال وفتح الراء- قفة صغيرة تجعل فيها النساء ما خفّ من متاعهن، جمع دُرج -بضم الدال- ويروى ما في الحديث -بضم الدال بلا تاء- وهو شيء يدرج أي: يلف مثل الخرقة، والكوسف -بضم الكاف وسكون الراء- القطن. والقَصَّة -بفتح القاف وتشديد الصاد- الجص. قال الجوهري: وهي لغة الحجاز، الكلام من التشبيه البليغ بحذف الأداة، أي: القطنة والخرقة التي تكون على الفرج بيضاء مثل الجص، وقيل: أرادت شيئًا يخرج من فرج المرأة بعد انقطاع الحيض مثل الخيط. (وبلغ ابنة زيد بن ثابت أن نساء يدعون بالمصابيح من جوف الليل ينظرن إلى الطهر. فقالت: ما كان النساء يفعلن ذلك، وعابت عليهن) زيد بن ثابت الأنصاري كاتب الوحي رضي الله عنه، وكانت له بنات أم سعد وأم إسحاق وحسنة وعمرة وأم كلثوم وأم حسن وقريبة وأم محمد، والأشبه أن هذه أم سعد ذكرها ابن عبد البر في "الاستيعاب" من الصحابيات. فإن قلت: قد تقدم أن النساء كن يبعثن بالليل إلى عائشة، فكيف يصح قولها: إن النساء ما كن يفعلن؟ قلت: أرادت الفقيهات من النساء. فإن قلت: هذا كان غاية الديانة منهن، فكيف عابت عليهن؟ قلت: مثله تشديد وغلو وفي الدين اليسر، مثله ما عاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الذين أرادوا الوصال، والذين أرادوا صوم الدهر.

320 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِى حُبَيْشٍ كَانَتْ تُسْتَحَاضُ فَسَأَلَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «ذَلِكِ عِرْقٌ، وَلَيْسَتْ بِالْحَيْضَةِ، فَإِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَدَعِى الصَّلاَةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْتَسِلِى وَصَلِّى». ـــــــــــــــــــــــــــــ 320 - (عبد الله بن محمد) هو المسندي (سفيان) هو ابن عيينة. (إن فاطمة بنت أبي حبيش) -بضم الحاء على وزن المصغر- واسمه قيس بن المطلب بن أسد بن عبد العزى (إذا أقبلت الحيضة) -بفتح النون- من الحيض، والكسر وهي الحالة من الحيض، وحديثها سلف مع شرحه في باب الاستحاضة، ونبهنا على أنها كانت ذات عادة وهو المراد من قوله: (إذا أدبرت) أي: أيام العادة. باب: لا تقضي الحائض الصلاة القضاء عند الفقهاء: استدراك ما انعقد سبب وجوبه في الجملة، ووجوبه سبب جديد عند الشافعي، وبما وجب به الأداء عند أبي حنيفة. (وقال جابر وأبو سعيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: تدع الصلاة) حديث جابر لم يقع في البخاري مسندًا، وقد رواه مسلم مسندًا عن ابن عمر. وحديثُ أبي سعيد سلف في باب الاستحاضة مسندًا. فإن قلت: ليس في حديث جابر وأبي سعيد إلا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمَرَها بترك الصلاة في حالة الحيض. والكلام إنما هو في عدم القضاء؟ قلت: أجاب بعضُهم بأن قوله: تدع الصلاةَ. مكان يشمل الأداء والقضاء. وليس بشيءٍ؛ لأنه قيد بالأداء بقوله: "أليس إذا حاضت لم تُصل". وقيل: أشار بقوله: تدع الصلاة، إلى الترك حالة الحيض، وبحديث عائشة بعده إلى عدم القضاء. وهذا أيضًا مستدرك، لأنه سبق مرارًا أن حالة الحيض لا صلاة فيها. والصوابُ أن معنى قولهما: تدع الصلاة، أي: أداء وقضاءً؛ لأنه ذكره في معرض نقصان دينها، والآتي بالقضاء لما فاته بعذر لا يوصف بنقصان الدين.

21 - باب لا تقضى الحائض الصلاة

21 - باب لاَ تَقْضِى الْحَائِضُ الصَّلاَةَ وَقَالَ جَابِرٌ وَأَبُو سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - تَدَعُ الصَّلاَةَ. 321 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ قَالَ حَدَّثَتْنِى مُعَاذَةُ أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ لِعَائِشَةَ أَتَجْزِى إِحْدَانَا صَلاَتَهَا إِذَا طَهُرَتْ فَقَالَتْ أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ كُنَّا نَحِيضُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلاَ يَأْمُرُنَا بِهِ. أَوْ قَالَتْ فَلاَ نَفْعَلُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 321 - (همَّام) بفتح الهاء وتشديد الميم الأولي (قتادة) هو الأكمه المفسر (معاذة) -بضم الميم على وزن اسم المفعول-: من الإعاذة. (أن امرأة قالت لعائشة: أتجزي إحدانا صلاتها إذا طهرت) الظاهر أن السائلة هي معاذة، لأن مسلمًا روى عن معاذة قالت: سالت عائشة. ولفظ تجزي على وزن ترمي ناقص يائي ومعناه: تنفعنا. قال الجوهري: وبنو تميم يقولون: أجزأت مهموزًا. (فقالت: أحروريةٌ أنتِ؟) حرورى -بفتح الحاء-: قرية من أعمال كوفة على ميلين منها، كان أول اجتماع الخوارج فيها، وكانوا يشددون في الدين، فنسبَتْها إليها لأن سؤالها كان تشديدًا في الدين، وقيل: لأنها جهلت المسألة مع شهرتها، وقيل: لأن طائفة من الخوارج كانوا يقولون بوجوب قضائها على الحيض لعدم ذكره في القرآن، وما كانوا يأخذون الأحكام إلا من القرآن. (كنا نحيض مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا يأمرنا به، أو قالت: فلا نفعله) الشكُ من معاذة، ولو كان تركه يوجب القضاء لأمَرهُن، لأنه لا يُقِرُّ على الباطل، وقد انعقد الإجماع على ذلك، إلا أن بعض الشافعية قالوا: إذا أحرمت وهي حائض تقضي ركعتي الطواف، واستحب لها بعضُ السلف الوضوءَ في أوقات الصلاة، والحضور إلى مُصَلاها، والاشتغال بذكر الله. وقد سَلَفَ أنه يُستحب لها الغسل عند النوم. والحكمة في إيجاب قضاء الصوم دون الصلاة: التيسيرُ، فإن الصلاة تتكرر كل يوم وليلة بخلاف الصوم، وهو ظاهر.

22 - باب النوم مع الحائض وهى فى ثيابها

22 - باب النَّوْمِ مَعَ الْحَائِضِ وَهْىَ فِي ثِيَابِهَا 322 - حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أَبِى سَلَمَةَ حَدَّثَتْهُ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ قَالَتْ حِضْتُ وَأَنَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْخَمِيلَةِ، فَانْسَلَلْتُ فَخَرَجْتُ مِنْهَا، فَأَخَذْتُ ثِيَابَ حِيضَتِى فَلَبِسْتُهَا، فَقَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَنُفِسْتِ». قُلْتُ نَعَمْ، فَدَعَانِى فَأَدْخَلَنِى مَعَهُ فِي الْخَمِيلَةِ. قَالَتْ وَحَدَّثَتْنِى أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُقَبِّلُهَا وَهُوَ صَائِمٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: النوم مع الحائض وهي في ثيابها 322 - (سعد بن حفص) بسكون العين (شيبان) على وزن شعبان بشين معجمة ثم ياء مثناة تحت ثم باء موحدة (عن يحيى) هو ابن كثير (عن أبي سَلَمة) عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف. (أن أم سلمة قالت: حضت وأنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في الخميلة) كل ثوب له خمل، والخمل الهدب الذي يكون في حال النسج كالبسط ومناشف الحمام. فإن قلت: قد سَلَف في باب: من سمى النفاس حيضًا أنها كانت معه في الخميصة؟ قلت: لا تنافي هي الخميصة وهي الخميلة باعتبار الوصفين. (فانسللتُ) أي: خرجت خُفيةً لئلا يتأذى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (فأخذت ثياب حيضتي) -بكسر الحاء- أي: المعدة لتلك الحالة (فأدخلني معه في الخميلة) هي التي ذكرت قبل لأن المعرفة المعادة هي الأولى، فإن ذلك غير لازم. قال الله تعالى: ({وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ} [المائدة: 48] مع أن الثاني غير الأول، بل لأنه معلوم أن في تلك الحالة لم تبدله بغيرها. قال بعضُ الشارحين: اللام في الخميلة إما للعهد الذهني، أو للجنس، ثم قال: ما الفرق بينهما؟ قلت: لا بد في العهد أن يكون المراد منه حصة من الماهية، والجنس هو نفس الماهية. هذا كلامه. وفساده لائح لعدم جواز إرادة الماهية من حيث هي؛ لأن النوم في الخميلة والخروج منها يقتضى وجودها ضرورة وإرادة الماهية إنما تجوز إذا لم يكن للحكم مستدعيًا للوجود في الخارج وعلى أن الصواب أن العهد خارجي، لأنه إشارة إلى خميلة بعينه، كقود هم: خرج الأمير.

23 - باب من اتخذ ثياب الحيض سوى ثياب الطهر

وَكُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ مِنَ الْجَنَابَةِ. طرفه 298 23 - باب مَنِ اتَّخَذَ ثِيَابَ الْحَيْضِ سِوَى ثِيَابِ الطُّهْرِ 323 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ بَيْنَا أَنَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مُضْطَجِعَةً فِي خَمِيلَةٍ حِضْتُ، فَانْسَلَلْتُ فَأَخَذْتُ ثِيَابَ حِيضَتِى فَقَالَ «أَنُفِسْتِ». فَقُلْتُ نَعَمْ. فَدَعَانِى فَاضْطَجَعْتُ مَعَهُ فِي الْخَمِيلَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ (وكنت أغتسلُ أنا والنبي - صلى الله عليه وسلم -) يجوزُ فيه الرفع بالعطف والنصب على أنه مفعول معه. وفي بعضها بدون أنا، فيتعين النصب على ما عليه نحاة البصرة. فإن قلت: كيف يصح عطف: والنبي، والفعل المذكور بصيغة التكلم؟ قلتُ: تقديره: ويغتسل النبي - صلى الله عليه وسلم - كما في قوله تعالى: {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} [البقرة: 35] أي: ولتسكن زوجك. (من إناء واحد من الجنابة) من: في الموضعين ابتدائية، وإنما منع النحاة تكررها إذا كان المبتدأ جنسًا واحدًا كقولك: سرتُ من البصرة من الكوفة، وتمام الكلام تقدم في الأبواب السابقة. باب: من اتخذ ثياب الحيض سوى ثياب الطهر 323 - (معاذ بن فضالة) بضم الميم وفتح الفاء (هشام) هو الدستوائي. (بينا) ظرف زمان، أصلُهُ بين، والألف فيه للإشباع، مضاف إلى الجملة بعده، وربما يزاد فيه ما. والعامل فيه حضت (وأخذت ثياب حيضتي) -بكسر الحاء- أي: المعدة لتلك الحالة. والتوفيقُ بين هذا وبين قول عائشة: ما كان لإحدانا إلا ثوب واحد تحيض فيه. حمل ذلك على أول الأمر قبل الاتساع عليهم. وقد نبهنا عليه مرارًا. باب: شهود الحائض العيدين ودعوة المسلمين ويعتزلن المصلى جمع الضمير في يعتزلن مع أن المرجع الحائض، وهو لفظ مفرد؛ لأنه معرف بلام الاستغراق، والدليل على ذلك إخراج ذوات الخدور. وقوله: "ويعتزل الحُيض".

24 - باب شهود الحائض العيدين، ودعوة المسلمين، ويعتزلن المصلى

24 - باب شُهُودِ الْحَائِضِ الْعِيدَيْنِ، وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ، وَيَعْتَزِلْنَ الْمُصَلَّى 324 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ - هُوَ ابْنُ سَلاَمٍ - قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ حَفْصَةَ قَالَتْ كُنَّا نَمْنَعُ عَوَاتِقَنَا أَنْ يَخْرُجْنَ فِي الْعِيدَيْنِ، فَقَدِمَتِ امْرَأَةٌ فَنَزَلَتْ قَصْرَ بَنِى خَلَفٍ، فَحَدَّثَتْ عَنْ أُخْتِهَا، وَكَانَ زَوْجُ أُخْتِهَا غَزَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ثِنْتَىْ عَشَرَةَ، وَكَانَتْ أُخْتِى مَعَهُ فِي سِتٍّ. قَالَتْ كُنَّا نُدَاوِى الْكَلْمَى، وَنَقُومُ عَلَى الْمَرْضَى، فَسَأَلَتْ أُخْتِى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَعَلَى إِحْدَانَا بَأْسٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا جِلْبَابٌ أَنْ لاَ تَخْرُجَ قَالَ «لِتُلْبِسْهَا صَاحِبَتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ 324 - (محمد هو ابن سلاَم) بتخفيف اللام على الأشهر (عن أيوب) هو السختياني (عن حفصة) بنت سيرين (كنا نمنع عواتقنا أن يخرجن) العواتق: جمع عاتق وهي البكر التي أدركت وبلغت مبلغ النساء. قال ابنُ الأثير: وكل شيءٍ بلغ غايةً فهو عاتق، إما لحسنه أو لتقدم زمانه. (فقدمت امرأة فنزلت قصر بني خلف) -بالخاء المعجمة- موضع البصرة (كان زوج أختها غزا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ثنتي عشرة) بكسر الشين وسكونه، والكسر أفصح (قالت: كنا نداوي الكلمى) جمع كليم، أي: المجروحين. من الكَلْم وهو الجرح (ونقوم على المرضى) أي: تعاهدهم ونقوم بما يحتاجون إليه. فإن قلتَ: فعلى جمع فعيل بمعنى المفعول، والمريض فعيل بمعنى الفاعل؟ قلتُ: حمل على الكلمى كما في: "لا دَريتَ ولا تَلَيْتَ". (لتلبسها صاحبتها من جلبابها) -بكسر الجيم- قال الجوهري: هو الملحفة، وقيل: إزار ورداء. وقيل،: المقنعة تغطي المرأة بها رأسها وصدرها، ونُقل عن الحكم أنه القميص، والظاهرُ من معنى الحديث ما قاله الجوهري. فإن قلتَ: ما معنى: مِنْ في: "من جلبابها"؟ قلتُ: معناه التبعيض أي: بعض جلبابها

وَلْتَشْهَدِ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ». فَلَمَّا قَدِمَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ سَأَلْتُهَا أَسَمِعْتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ بِأَبِى نَعَمْ - وَكَانَتْ لاَ تَذْكُرُهُ إِلاَّ قَالَتْ بِأَبِى - سَمِعْتُهُ يَقُولُ «يَخْرُجُ الْعَوَاتِقُ وَذَوَاتُ الْخُدُورِ، أَوِ الْعَوَاتِقُ ذَوَاتُ الْخُدُورِ وَالْحُيَّضُ، وَلْيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُؤْمِنِينَ، وَيَعْتَزِلُ الْحُيَّضُ الْمُصَلَّى». قَالَتْ حَفْصَةُ فَقُلْتُ الْحُيَّضُ فَقَالَتْ أَلَيْسَ تَشْهَدُ عَرَفَةَ وَكَذَا وَكَذَا أطرافه 351، 971، 974، 980، 981، 1652 ـــــــــــــــــــــــــــــ يدل على هذا ما جاء في رواية: لتلبسها طائفة من جلبابها على أن يكونا معًا في جلباب واحد. أو ابتدائية أي من ذلك الجنس، إن كان لها جلبابان. والأول أشدّ مبالغةً وأظهر، إذ قل ما يكون للمرأة إلا جلباب واحد لا سيما في ذلك الزمان. (ودعوةِ المسلمين) عطف على الخير، وفيه إشارةٌ إلى أن اجتماع المسلمين للعبادة خيرٌ مستقل برأسه (فلما قدمت أم عطية) -بفتح العين وكسر الطاء وتشديد الياء- الأنصارية، واسمُها نسيبة (بأبي نعم) أي: هو مفدي بأبي، ثم أجابت عن السؤال بقولها: نعم، وكانت لا تذكره إلا قالت بأبي. يدل على كمال دينها وغاية حبها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (سمعته يقول: يخرج العواتق وذوات الخدور) هذا تفصيلٌ لما أجَمَلَتْهُ في قولها: نعم. الخدور جمعه الخِدْر -بكسر الخاء المعجمة وسكون الدال-: سِتْرٌ يكون في ناحية البيت، يكون وراءه الأبكار والمحرمات من النساء، أو العواتق ذوات الخدور، على أن ذوات الخدور صفة، الشك من أم عطية، والرواية الأولى بطريق العطف أشدّ مبالغةً وأعم. (وتعتزل المصلى) لئلا يتلوث المكان بها، ولئلا تشوش بها النساء. وهذا الأمر للندب إجماعًا إذ الحائض لم تكلف في حال الحيض بالعبادات. ومن قال: الأمر بالاعتزال للوجوب، فقد خالَفَ الإجماع. والظاهرُ أنه ظن أن حكم المصلى حكمُ المسجد. والحديث دل على جواز خروج النساء إلى المصلى، لكن أكثر العلماء على المنع في هذا الزمان لا سيما الشواب الجميلات لفساد الزمان. كيف لا؟ وقد قالت عائشة في ذلك: لو علم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أحدثت النساءُ لمنعهُن عن الخروج. (قالت حفصة: قلت: آلحيض) تُقرأ بهمزة الاستفهام مع المد، كأنها تعجبتْ من خروجها إلى المصلى مع أنها لا تصلي (أليس تشهد عرفة، وكذا) أي: المشعر الحرام

25 - باب إذا حاضت فى شهر ثلاث حيض وما يصدق النساء فى الحيض والحمل فيما يمكن من الحيض

25 - باب إِذَا حَاضَتْ فِي شَهْرٍ ثَلاَثَ حِيَضٍ وَمَا يُصَدَّقُ النِّسَاءُ فِي الْحَيْضِ وَالْحَمْلِ فِيمَا يُمْكِنُ مِنَ الْحَيْضِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ). وَيُذْكَرُ عَنْ عَلِىٍّ وَشُرَيْحٍ إِنِ امْرَأَةٌ جَاءَتْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ بِطَانَةِ أَهْلِهَا مِمَّنْ يُرْضَى دِينُهُ، أَنَّهَا حَاضَتْ ثَلاَثًا فِي شَهْرٍ. صُدِّقَتْ. وَقَالَ عَطَاءٌ أَقْرَاؤُهَا مَا كَانَتْ، وَبِهِ قَالَ إِبْرَاهِيمُ. وَقَالَ عَطَاءٌ الْحَيْضُ يَوْمٌ إِلَى خَمْسَ عَشْرَةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والمزدلفة، فإن الكل مواضع العبادات. وفي ليس: ضمير الشأن. وفي الحديث: الترغيب في شهود مواضع الخيرات، وإن احتاج الإنسان إلى استعارة ما يبلغه إلى ذلك فعله، وعلى الواجد إعارته، فإنه من الإعانة على البر والتقوى. وفيه قبول خبر النساء وقبول خبر من لم يُسَمَّ من الصحابيات، لأن كلهن عدول. قيل: وكذلك يقبل قول غير الصحابي إذا لم يسم. إن بين مسكنه ودله عليه. وهذا اصطلاح جديد لا نعرفه. قال ابن الصلاح: الاعتمادُ على عدالة الراوي، وأي فائدة في معرفة المسكن إذا جهل حالُهُ؟. باب: إذا حاضت في شهرٍ ثلاث حيض (وما يصدق النساء في الحيض والحمل فيما يمكن) حيض -بكسر الحاء وفتح الياء- جمع حَيضة -بفتح الحاء كبذر في بذرة- (لقوله تعالى: {وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: 228] دلَّ على قبول قولها صريحًا (وبذكر عن علي وشُريح إن امرأةٌ جاءت ببينة من بطانة أهلها ممن يُرضى دينه أنها حاضت ثلاثًا في شهر صدقت) إن شرطية. وامرأة فاعل فعل مقدر مُفَسَّر بما بعد الفاعل. شريح -بضم المعجمة على وزن المصغر-: ابن الحارث الكندي، أبو أمية. وقيل: أبو عمرو القاضي المعروت المضروب به المثل. نَصَّبه عمر بن الخطاب قاضيًا بكوفة، وقرره الخلفاء بعده حتى عزل نفسَهُ، عاش مئة عام. وهذا الذي ذكره البخاري تعليقًا رواه ابن حزم مسندًا أنه قضى به شريح في مجلس علي، فاستحسنه منه وهو موافق لما بَوَّب عليه البخاري، وبه قال مالك على ما نقله ابن بطال. (وقال عطاء: أقراؤها ما كانت فيه، وبه قال إبراهيم) أي: النخعي، ومحصل قولهما: أنها إذا ادّعت خلاف عادتها لا تصدق؛ لأنها متهمة. (وقال عطاء: الحيض يوم إلى خمس عشرة) وفي بعضها: إلى خمسة عشر. الأول باعتبار الليالي، وهذا باعتبار الأيام، وهذا أحد قولي الإمام أحمد.

26 - باب الصفرة والكدرة فى غير أيام الحيض

وَقَالَ مُعْتَمِرٌ عَنْ أَبِيهِ سَأَلْتُ ابْنَ سِيرِينَ عَنِ الْمَرْأَةِ تَرَى الدَّمَ بَعْدَ قَرْئِهَا بِخَمْسَةِ أَيَّامٍ قَالَ النِّسَاءُ أَعْلَمُ بِذَلِكَ. 325 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِى رَجَاءٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ. أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِى حُبَيْشٍ سَأَلَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ إِنِّى أُسْتَحَاضُ فَلاَ أَطْهُرُ، أَفَأَدَعُ الصَّلاَةَ فَقَالَ «لاَ، إِنَّ ذَلِكِ عِرْقٌ، وَلَكِنْ دَعِى الصَّلاَةَ قَدْرَ الأَيَّامِ الَّتِى كُنْتِ تَحِيضِينَ فِيهَا، ثُمَّ اغْتَسِلِى وَصَلِّى». 26 - باب الصُّفْرَةِ وَالْكُدْرَةِ فِي غَيْرِ أَيَّامِ الْحَيْضِ 326 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ (وقال مُعتمر) بضم الأولى وكسر الثانية هو معتمر بن سلمان (عن أبيه قال: سألت ابن سيرين عن المرأة التي ترى الدم بعد قرئها بخمسة أيام. قال: النساء أعلم بذلك) هذا يدل على أنه كان يقبل قول النساء في ذلك لو شهدن به. 325 - (أحمد بن أبي رجاء) بفتح الراء والجيم مع المدّ (أبو أسامة) -بضم الهمزة- حماد بن أسامة. ذكر حديث فاطمة بنت أبي حبيش، وقد تقدم مع شرحه مرارًا، وغرضه منه هنا أنه ردها بعد الاستحاضة إلى الأيام التي كانت تحيض فيها من غير بيان مقدار تلك الأيام، فدل على أن ذلك مفوض إليها، مهما قالت تصدق فيه (ثم اغتسلي وصلي). فإن قلتَ: سيأتي في باب عرق الاستحاضة أن أمّ حبيبة كانت تغتسل لكل صلاة؟ قلتُ: سيأتي الكلام على ذلك إن شاء الله مستوفى. باب: الصفرة والكدرة في غير أيام الحيض 326 - (قتيبة بن سعيد) بضم القاف على وزن المصغر (إسماعيل) هو ابن عُلَية (عن

27 - باب عرق الاستحاضة

أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ كُنَّا لاَ نَعُدُّ الْكُدْرَةَ وَالصُّفْرَةَ شَيْئًا. 27 - باب عِرْقِ الاِسْتِحَاضَةِ 327 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنَا مَعْنٌ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ وَعَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ أيوب) هو السختياني (عن محمد) هو ابن سيرين (عن أم عطية قالت: كنَّا لا نعدُّ الصفرة والكدرة شيئًا) أي: من الحيض. فإن قلت: قول أم عطية عام يشمل أيام الحيض وغيرها، والترجمة مقيدة بغير أيام الحيض؟ قلتُ: معلوم أن المراد غير أيام الحيض لما تقدم من حديث عائشة: لا تعجلن حتى ترين القصَّة البيضاء وأيضًا قد روى أبو داود والحاكم عن أم عطية كنا لا نَعُدّ الصفرة والكدرة شيئًا بعد الطهر، وفي رواية: كنا لا نعُدّ الصفرةَ والكدرة شيئًا بعد الغسل. باب: عرق الاستحاضة 327 - (إبراهيم بن المنذر) -بضم الميم- على لفظ اسم الفاعل (معن) بفتح الميم وسكون العين (ابن أبي ذئب) بلفظ الحيوان المعروف، محمد بن عبد الرحمن (أم حبيبة) ويقال: أم حبيب هي بنت جحش، أخت زينب كانت تحت عبد الرحمن بن عوف. قال ابن عبد البر: وقع في الموطأ: أن المستحاضة زينب وهو وهمٌ واعتذر عنه القاضي عياض بأن أم حبيبة أخت زينب أيضًا اسمها زينب، ولم أجد هذا لغيره والله أعلم.

28 - باب المرأة تحيض بعد الإفاضة

اسْتُحِيضَتْ سَبْعَ سِنِينَ، فَسَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ ذَلِكَ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ فَقَالَ «هَذَا عِرْقٌ». فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلاَةٍ. 28 - باب الْمَرْأَةِ تَحِيضُ بَعْدَ الإِفَاضَةِ 328 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهَا قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَىٍّ ـــــــــــــــــــــــــــــ (فكانت تغتسل لكل صلاة) ليس في الحديث أن ذلك كان بأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودم العرق صريحٌ في أنه ليس دم الحيض، فأيّ وجه للغسل لكل صلاة؟ وكذلك أوّلَهُ بعضهم بأنها كانت تغتسل لإزالة الدم الذي أصابها. هذا، وقد روى البيهقي من طرق مرفوعًا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرها أن تغتسل لكل صلاة. قال الشافعي: كانت متحيرة لم تكن لها عادة ولا تميز حتى ترد إليه فهي في كل ساعة تحتمل الحيض والطهر. كذا قاله الخطابي. وفيه نظرٌ لما روى أبو داود: أنه أمرها أن تفطر أيام أقرائها ثم تغتسل وتصلي. وزعم الطحاوي أن حديث بنت أبي حبيش ناسخ لهذا الحديث. وهذا يتوقف على العلم بالتاريخ. والأقربُ أن يكون الأمر بالغسل لكل صلاة لإزالة ما عسى أن يكون أصابها من الدم. باب: المرأة تحيض بعد الإفاضة الإفاضة: الدفع. قال الجوهري: كل إفاضة دفع. قلت: لكن صار عند الإطلاق علمًا لرجوع من عرفات. والمراد بعد طواف الإفاضة. 328 - (حَزْم) بفتح الحاء وزاي معجمة (عَمْرَة) بفتح العَين وسكون الميم (صفية) بفتح الصاد على وزن عطية (بنت حُيي) -بضم الحاء وفتح الياء آخره أيضًا مشددة-: النضيرية أم المؤمنين، من سبي خيبر. اشتراها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من دحية بسبعة رؤوس من السبي لما نعت

قَدْ حَاضَتْ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَعَلَّهَا تَحْبِسُنَا، أَلَمْ تَكُنْ طَافَتْ مَعَكُنَّ». فَقَالُوا بَلَى. قَالَ «فَاخْرُجِى». 329 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ رُخِّصَ لِلْحَائِضِ أَنْ تَنْفِرَ إِذَا حَاضَتْ. طرفاه 1755، 1760 330 - وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ فِي أَوَّلِ أَمْرِهِ إِنَّهَا لاَ تَنْفِرُ. ثُمَّ سَمِعْتُهُ يَقُولُ تَنْفِرُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَخَّصَ لَهُنَّ. طرفه 1761 ـــــــــــــــــــــــــــــ له جمالها، وإنها سيدة نساء قريظة والنَّضير (قد حاضت. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ألم تكن طافت معكن؟ فقا لوا: بلى. قال: فاخرجي). فإن قلت: قالوا: بلى. ما وجهه بعد قوله: معكن؟ قلت: لما سألهن أجاب من كان حاضرًا من الرجال. قال بعضُهم: قوله: "ألم تكن طافت" ثم قوله: "اخرجي" من قبيل الالتفات، أو قال لعائشة: قولي لها اخرجي. وليس كذلك لما سيأتي في باب الحج أنها كانت حاضرة، قالت: ما أراني إلا حابستكم. قال "عقرى حلقى أو ما طفت يوم النحر؟ " قالت: بلى. قال: "لا بأس. فانفري" وعلم من الاختصار على طواف الإفاضة أن طواف الوداع وإن كان واجبًا موضوع عن الحيض كما دل عليه صريح الحديث بعده. 329 - (مُعَلّى بن أسد) بضم الميم وتشديد اللام (وُهَيب) بضم الواو على وزن المصغر (عن عبد الله بن طاوس عن أبيه) طاوس اليماني الخولاني (رخص للحائض) على بناء المجهول، الرخصةُ حكم ثبت من الشارع على خلاف الدليل لعذرٍ من الأعذار، ومقابلة العزيمة. 330 - (تنفر) أي: ترجع إلى وطنها، أصله الخروج. وأما مخالفة ابن عمر في آخر الأمر قوله الأول، بناء على أنه كان منه اجتهادًا، فلما وقف على النص ترك ذلك.

29 - باب إذا رأت المستحاضة الطهر

29 - باب إِذَا رَأَتِ الْمُسْتَحَاضَةُ الطُّهْرَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّى وَلَوْ سَاعَةً، وَيَأْتِيهَا زَوْجُهَا إِذَا صَلَّتْ، الصَّلاَةُ أَعْظَمُ. 331 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ عَنْ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَدَعِى الصَّلاَةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِى عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّى». 30 - باب الصلاةُ على النفساء وسنتها ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: إذا رأت المستحاضةُ الطهر أي: باب حكم المستحاضة إذا كان شأنها كذا. (قال ابنُ عباس: تغتسل وتصلي) هذا يدل على أن ليس لأقل الطهر عنده حدٌّ. وهذا الذي نقله ابن بطّال عن مالك (ويأتيها زوجها إذا صلت الصلاة أعظم) أي: من الوطء، وهذا الذي قاله عند الفقهاء مشكل؛ لأنها كانت من ذوات العادة، فلا غسل إلا عند مضي ذلك القدر، وكذا إن كانت مميزة، وإن كانت متحيرة فلا يمكن غشيان الفروج. 331 - (زهير) بضم الزاي على وزن المصغر (عن عائشة قالت: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إذا أقبلت الحَيْضة) -بفتح الحاء- إحدى ثوب الحيض، وبكسرها: الحالة المعتادة (واذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلّي) هذا مختصرُ حديث فاطمة بنت أبي حبيش. وقد اختلف أهلُ الحديث في جواز الاختصار في الحديث. والحق أنه جائز من العارف إذا كان ما تركه ممتازًا عما نقله. قال ابن الصلاح: وأما تقطيع الحديث وتفريقه في الأبواب كما فعله مالك والبخاري فلا يخلو عن كراهةٍ. قلتُ: وأشدّ كراهةً ما فعله الصغاني فإنه نشئ كتابَه على الحروف قلّما يصح له الحديث بتمامه. باب: الصلاةُ على النفساء وسنتها النفساء -بضم النون والمدّ-: المرأة التي ولدت وجمعها نِفاس بكسر النون في المفرد والجمع.

332 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِى سُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنَا شَبَابَةُ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ أَنَّ امْرَأَةً مَاتَتْ فِي بَطْنٍ، فَصَلَّى عَلَيْهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَامَ وَسَطَهَا. طرفاه 1331، 1332 ـــــــــــــــــــــــــــــ 332 - (أحمد بن سُريج) بسين مهملة وجيم (شبابة) بفتح المعجمة وباء موحدة في الموضعين، مخففة (عن ابن بُريدة) -بضم الموحدة على وزن المصغر-: عبد الله بن بُريدة بن الحصيب (سمرة بن جندب) بفتح السين وضم الميم والجيم ودال مهملة مفتوحة. (أن امرأة ماتت في بطن) أي: نفاس. كذا جاء صريحًا في كتاب الجنائز من رواية سمرة فمن قال: وَهِمَ البخاري حيث ظن أن البطن نفاس، والمراد المبطونة، فهو الواهم، ومعنى: في، السببية كما في قوله: "دخلت امرأةٌ النارَ في هرة" أو على الظرفية. أي: ماتت في النفاس سواء كان النفاس هو السبب أو غيره. (فقام وَسْطها) النووي بسكون السين وفيه أن الإمام يقف عند عجيزة المرأة، ورُدّ عليه بأن الوسط أعمّ من العجيزة، والشافعي حيث قال: يقف الإمام عند عجيزة المرأة، استفاده من دليل آخر، وهذا الردّ مردود، وذلك أن الوَسْط -بسكون السين- هو البين، أعمّ من الوسط الحقيقي، وحيث خالف عادته في الصلاة عليها صلاته على الرجل معلوم أنه وقف عند العجيزة ليكون ساترًا لها عن المأمومين، وأما قوله: أخذه من دليل آخر. دعوى بلا دليل ولم يقع لفظ العجيزة في رواية قط، ومن لم يصدق فليأت به إن كان من الصادقين وقد جاء في رواية مسلم أن هذه المرأة أم الكعب الأنصارية.

31 - باب

31 - بابٌ 333 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُدْرِكٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ - اسْمُهُ الْوَضَّاحُ - مِنْ كِتَابِهِ قَالَ أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ الشَّيْبَانِىُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ قَالَ سَمِعْتُ خَالَتِى مَيْمُونَةَ - زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهَا كَانَتْ تَكُونُ حَائِضًا لاَ تُصَلِّى، وَهْىَ مُفْتَرِشَةٌ بِحِذَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــ وفقه الحديث: أن النفساء وإن كانت من الشهداء يصلى عليها كالمطعون، وكونها من الشهداء، إنما هو في رفع المنزلة عند الله تعالى، وقيل: للدلالة على طهارتها، وليس بشيء؛ لأن حكمها حكم سائر بنات آدم، وأما نجاسة الدم فقد أُزيل بالغسل. باب كذا وقع من غير ترجمة، لأن الصلاة وقدامه حائض يشبه الصلاة على النفساء، فهذا الباب كالفصل من الباب الأول. 333 - (الحسن بن مدرك) -بضم الميم- اسم فاعل (حَمّاد) بفتح الحاء وتشديد الميم (أبو عوانة) -بفتح العين- الوضاح الواسطي (من كتابه) قيده بذلك ليعتمد عليه. قيل: كان إذا حدث من غير كتاب تقع له أوهامٌ. كذا نُقل عن الإمام أحمد وأبي زُرْعة (عن سليمان الشيباني) نسبةً إلى القبيلة. قال الجوهري: هما شيبانان؛ شيبان ثعلبة، وشيبان ذُهَل بن ثعلبة (عن عُبيد الله) على وزن المصغر (شدّاد) بفتح المعجمة وتشديد الدال (خالتي ميمونة) لأن أمه سلمى بنت عميش، وميمونة بنت الحارث أختها كانت تكون حائضًا لا تصلي). فائدة هذا القيد أن لا يتوهم عدم وجود الحيض بالفعل، فإن لفظ الحائض بدون التاء يطلق على البالغة، وإن لم تكن ذات حيض كما في قول - صلى الله عليه وسلم -: "لا تصح صلاة الحائض بدون الخمار". (مفترشة) أي: نائمة على فراش (بحذائه) بكسر الحاء والمدّ، أي: في مقابلته ومحاذاته

مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ يُصَلِّى عَلَى خُمْرَتِهِ، إِذَا سَجَدَ أَصَابَنِى بَعْضُ ثَوْبِهِ. أطرافه 379، 381، 517، 518 ـــــــــــــــــــــــــــــ (مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: مكان سجدته (تصلي على خمرته) -بضم المعجمة- حصير صغير بقدر ما يضع المصلي يديه عليه ووجهه، وقال ابن الأثير: بقدر ما يضع وجهه، واشتقاقُها من الخمرة وهو الستر؛ لأنها تستر الوجه واليدين من الأرض، وقيل: لأن خيوطها مستورة بالسعف. ونقل ابن الأثير عن سنن أبي داود أن الفأرة ألقت فتيلة على خمرة كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالسًا عليها. فهذا يدل على أنها تطلق على الحصير الكبير أيضًا، أو فيه تسامح، فلا يلزم كون كل جسمه الشريف عليها. وفقه الباب عدم تنجس الحائض وكونها نائمة بقرب المصلي لا كراهة فيه، لأن بناء المعاشرة مع الأزواج على اليسر والمساهلة، لا سيما في النوم وحال الاستراحة.

الْكَوْثَرُ الْجَارِي إلى رِيَاض أحَادِيثِ البُخَارِيّ [2]

حُقُوق الطَّبْع مَحْفُوظَة الطبعة الأولى 1429 هـ - 2008 م مؤسسة التَّارِيخ الْعَرَبِيّ للطباعة والنشر والتوزيع العنوان الْجَدِيد بيروت - طَرِيق المطار - خلف غولدن بلازا هَاتِف: 540000/ 01 - 455559/ 01 فاكس: 850717 - ص. ب: 7957/ 11

7 - كتاب التيمم

7 - كتاب التيمم قول الله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة: 6]. 334 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب التيمم وقول الله عز وجل: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة: 6]. قال الجوهري: التيمم القصدُ لغةً، وفي الشرع: قصد مخصوصٌ وهو قصد إيصال التراب إلى الوجه واليدين إلى المرفقين، لأنه بدل الوضوء، فيعتبر فيه ما هو معتبر في الأصل، أو ما يقوم مقام التراب مما هو على وجه الأرض كما ذَهَبَ إليه الإمام أبو حنيفة. ونظيره الإيمان، فإنه تصديق القلب لغة، وفي الشرع: تصديق مخصوص. قيل: وهو إما مجاز أو حقيقة شرعية، وهذا وهمٌ؛ لأنه لا منافاة بين المجاز اللغوي والحقيقة الشرعية؛ لأن كل حقيقة شرعية لا بد وأن تكون مجازًا لغويًّا؛ لأن عرف الشرع جارٍ على اللغة وهذا ليس شيئًا يلتبس على أحد، مقرر صريحًا في كتب الأصول. والآية دلت على وجوبه عند عدم الماء، وانعقد عليه الإجماعُ في الحدث الأصغر والأكبر، وأحاديث الباب ظاهرة في الوجوب، والآيةُ تحتمل آية النساء وآية المائدة، فإن هذا القدر الذي أورده البخاري من نظم القرآن مشترك في السورتين، لكن رواية البخاري في تفسير المائدة، تعين آية المائدة. وكذا رواية عمرو بن الحارث فنزلت: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} [المائدة: 6] وهذا لفظ منه في بعض النسخ وهو خاص بالمائدة. 334 - (عن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض أسفاره)

حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ - أَوْ بِذَاتِ الْجَيْشِ - انْقَطَعَ عِقْدٌ لِى، فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الْتِمَاسِهِ، وَأَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، فَأَتَى النَّاسُ إِلَى أَبِى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فَقَالُوا أَلاَ تَرَى مَا صَنَعَتْ عَائِشَةُ أَقَامَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالنَّاسِ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ. فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَاضِعٌ رَأْسَهُ عَلَى فَخِذِى قَدْ نَامَ فَقَالَ حَبَسْتِ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالنَّاسَ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ فَعَاتَبَنِى أَبُو بَكْرٍ، وَقَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ، وَجَعَلَ يَطْعُنُنِى بِيَدِهِ فِي خَاصِرَتِى، فَلاَ يَمْنَعُنِى مِنَ التَّحَرُّكِ إِلاَّ مَكَانُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى فَخِذِى، فَقَامَ رَسُولُ ـــــــــــــــــــــــــــــ المحققون على أنه غزوة بني المصطلق، وهي أيضًا المريسيع، وفيها قصة الإفك أيضًا بلا خلاف، كانت سنة ست من الهجرة، وقيل: سنة خمس، وقيل: سنة أربع (حتى إذا كنا بالبيداء أو بذات الجيش) البيداء: الفضاء. وعند الإطلاق علم بيداء المدينة، قال البكري: هو الشرف الذي قدام ذي الحليفة على طريق مكة، وذات الجيش مكان على بريد من المدينة. وفي رواية النسائي: أو ذات الجيش والمعنى واحد. قال النووي: البيداء إنما هو من ناحية خيبر، وردَّ بأن البيداء لفظ مشترك، والمراد به هنا الذي في طريق مكة، والدليل عليه ما رواه عروة عن هشام: أن القلادة سقطت بالأبواء. (انقطع عقدي، فأقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على التماسه) العِقْد: بكسر وسكون القاف، سيأتي في الباب الذي بعده أن العقد لأسماء أختها. قيل: يجوزُ تعدُّد القضية وليس كذلك، للاتفاق على أنه سبب نزول الآية، فلا يمكن تكرره، بل الصواب أن العقد لأسماء حقيقة، كانت تجملت به في ذلك السفر، والإضافة إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها لأدنى ملابسة، كونه كان عليها كإضافة سكنى البيت إلى الساكن، فإنه يقال: بيت فلان إن كان ساكنًا به سواء كان مُلكًا له أو لا. (فجاء أبو بكر ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - واضع رأسه على فخذي قد نام) يجوزُ في الفخذ وكل ما كان على وزنه وعين فعله حرف حَلْقٍ أربعٌ: فتح الأول وكسر الثاني، وسكونه، وكسرهما، وكسر الأول وسكون الثاني. حروف حلق مثل الكف يجوز فيه ثلاث لغاتٍ. سقط منه كسرهما. (وجَعَل يطعنني بيده) بفتح العين في الماضي وضمه في الغابر في الأعيان مثل الرمح والإصبع، وبالفتح في القول في العرض وقيل بالضم فيهما (في خاصرتي) الخاصرة منتهى الأضلاع (فلا يمنعني من التحرك إلا مكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: كون رأسه على فخذي.

اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ أَصْبَحَ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ فَتَيَمَّمُوا. فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ مَا هِىَ بِأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ يَا آلَ أَبِى بَكْرٍ. قَالَتْ فَبَعَثْنَا الْبَعِيرَ الَّذِى كُنْتُ عَلَيْهِ، فَأَصَبْنَا الْعِقْدَ تَحْتَهُ. أطرافه 336، 3672، 3773، 4583، 4607، 4608، 5164، 5250، 5882، 6844، 6845 ـــــــــــــــــــــــــــــ مصدر، ومحصّله أنه: طعن في خاصرتها طعنًا شديدًا موجعًا. (أصبح على غير ماء) أي: دخل في الصباح حال كونه كائنًا على غير ماء (فأنزل الله تعالى آية التيمم فتيمموا. فقال أُسيد بن الحُضَير) بتصغير الاسمين والحاء المهملة، الأنصاري الأوسي، عظيم الشأن، أحسن الناس صوتًا وأحلاهم تلاوةً استمعت الملائكةُ تلاوتَهُ كما سيأتي. مناقبُهُ أكثرُ من أن تُحصى. (ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر) هي ضمير الآية، أو القضية أي: بركاتكم على المسلمين سابقات. قبل هذه كثيرة وأصل آل أول أو أهل، خص بالأشراف ولا يُضاف إلى الأماكن، فلا يقال: آل بغداد (فبعثنا البعير الذي كنت عليه، فوجدنا العقد تحته). فإن قلت: في الباب الذي بعده وجدها الرجل الذي بعثه في طلبها، وفي رواية أخرى: بعث أسيد بن حُضير وأنا سامعة، قلتُ: لا ينافي، ذهبوا في طلبها ولم يجدوها، فلما رجعوا وأرادوا الارتحال وجدها ذلك الرجل الذي كان مع أُسيد. وإن قيل بتعدد الواقعة فلا إشكال. والظاهر مع جميع الروايات: تعدد الواقعة وهو الظاهر من قول أسيد بن حُضير: ما هي بأول بركتكم. وفي رواية الطبراني التصريح بأنّ آية التيمم كانت بعد الإفك في غزوة أخرى. قال النووي: وفقه الباب جواز القلائد للنساء والأغنياء لحفظ أموال الناس، وإن كان شيئًا قليلًا فإنهم ذكروا أن قيمة العقد كان اثني عشر درهمًا. وجوازُ الإقامة في موضع لا ماء به وتأديب الرجل ابنته بالقول والفعل وإن كانت ذات زوج خارجة من عنده، وجوازُ دخوله عليها وهي عند الزوج إذا لم يكن وقت الصلاة.

335 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ح قَالَ وَحَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ النَّضْرِ قَالَ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ قَالَ أَخْبَرَنَا سَيَّارٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ - هُوَ ابْنُ صُهَيْبٍ الْفَقِيرُ - قَالَ أَخْبَرَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِى نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لِىَ الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِى أَدْرَكَتْهُ الصَّلاَةُ فَلْيُصَلِّ، وَأُحِلَّتْ لِىَ الْمَغَانِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ قَبْلِى، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ، وَكَانَ النَّبِىُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً، وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً». طرفاه 438، 3122 ـــــــــــــــــــــــــــــ 335 - (محمد بن سنان) بكسر السين (هُشيم) بضم الهاء على وزن المصغر (سعيد بن النضر) بضاد معجمة، وهذا قانون حيث كان مع اللام فهو بضاد معجمة، وحيث لم يكن معه لام فهو بصاد مهملة (سيّار) بفتح المهملة ومثناة تحتُ مشددة (يزيد هو ابن صهيب الفقير) بضم الصاد على وزن المصغر. والفقير فعيل بمعنى المفعول. أي: كسر فقار ظهره. (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: أُعطيت خمسًا لم يُعطَهُن أحدٌ قبلي، نُصرت بالرعب مسيرة شهرٍ) أي: من كل جانب. ألاَ ترى قول أبي سفيان في شأن هرقل وهو بالقدس: ملك بنو الأصفر يخافه. (وجُعلت لي الأرضُ مسجدًا وطهورًا) أراد التيمم بالتراب، ويجب عدُّهما واحدًا، أو لا يزيد على الخمس. وقد بين معنى كون الأرض مسجدًا بقوله: (فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاةُ فليصل) وكان سائر الأمم لا تجوزُ صلاتهم إلا في مساجدهم. (وأُحلت لي المغانم) جمع مغنم، وفي رواية: الغنائم (ولم تحل لأحدٍ قبلي) بل كانوا يجمعونها وتنزل نار من السماء فتحرقها. (وأُعطيت الشفاعة) أي: العظمى العامة حتى للأنبياء وهي لإراحة الموقف، وهي من خَوَاصّه، وكذلك إدخال طائفة من أمته الجنة بغير حساب. وأما الشفاعة في قوم استحقوا دخول النار والشفاعة في إخراج الطائفة بعد الدخول والشفاعة في رفع الدرجات يشاركه فيها الأنبياء والملائكة وسائر المؤمنين (وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يُبعث إلى قومه وبُعثت إلى الناس عامةً) وفي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رواية مسلم: "إلى الخَلْق كافةً" ويروى: "إلى الأحمر والأسود". وقيل: هذا يشكل بقول أهل المحشر لنوح: أنت أولُ رسول إلى أهل الأرض. وقد تكلّفوا في الجواب بما لا يجدي، وأنا أقول: الإشكال ليس منحصرًا في نوح، بل قوله تعالى: {أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا} [المزمل: 15] أشدّ إشكالًا؛ لأن فرعون لم يكن من بني إسرائيل. والجواب: أن مراد الحديث أنه كان يُبعث إلى قومه أصالةً، وإن كانت الدعوة إلى التوحيد عامةً، يدل عليه قول موسى وهارون لفرعون: {إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: 16]، وقوله: {إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ} [طه: 47] ولم يقل: إنا أرسلنا إليدُ. فإن قلت: في رواية مسلم: "فُضّلت عن الأنبياء بستٍّ: أُعطيت جوامعَ الكلم، وخُتم بي النبيون"؟ قلتُ: مفهوم العدد عند مَنْ يقول به إنما يعتبر إذا لم يعارضه منطوق، وخواصّه غيرُ هذه كثيرة: هو أولُ من تنشق عنه الأرضُ، وأول من يحرّك حِلَق باب الجنة. ومن بقي معجزته بعد موته على وجه الزمان إلى آخر الدهر هو القرآن. وقد ضبطه أبو سعيد النيسابوري في كتاب "شرف المصطفى" اختصاص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من بين الأنبياء بستين خصلةً. وزعم شيخ الإسلام أن إخراج من قال: لا إله إلا الله أيضًا من خَوَاص رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفيه نظرٌ، لما في الرواية الأخرى: "شَفَعتِ النبيون، وشفعت الملائكة ولم تبق إلا شفاعةُ أرحم الراحمين" (6).

2 - باب إذا لم يجد ماء ولا ترابا

2 - باب إِذَا لَمْ يَجِدْ مَاءً وَلاَ تُرَابًا 336 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا اسْتَعَارَتْ مِنْ أَسْمَاءَ قِلاَدَةً فَهَلَكَتْ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلاً، فَوَجَدَهَا فَأَدْرَكَتْهُمُ الصَّلاَةُ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ فَصَلَّوْا، فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ. فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ لِعَائِشَةَ جَزَاكِ اللَّهُ خَيْرًا، فَوَاللَّهِ مَا نَزَلَ بِكِ أَمْرٌ تَكْرَهِينَهُ إِلاَّ جَعَلَ اللَّهُ ذَلِكِ لَكِ وَلِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ خَيْرًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: إذا لم يجد ماء ولا ترابًا 336 - (زكريا بن يحيى) بالمد والقصر قرئ بهما، ويحيى هو ابن صالح اللؤلؤي، ويجوزُ أن يكون يحيى بن عمرو الطائي، وميل الغساني إلى الأول، وميل الكلاباذي إلى الثاني. والبخاري يروي عن كل واحد منهما. (عن عائشة أنها استعارت من أسماء قِلادةً فهلكَتْ) مجازٌ عن فَقْدِها (فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلًا فوجدها، فأدركتهم الصلاةُ). فإن قلتَ: الضمير بلفظ الجمع والمرجع مفرد؟ قلتُ: الرجل رئيسهم، وقد ذكرنا أنه بعث أسيدًا مع أناس، وفي رواية مسلم: "بعث ناسًا" بدل: رجلًا. (فَصَلَّوا) أي: بغير وضوء (فشكوا ذلك الى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأنزل اللهُ آية التيمم) هذا استدل به الشافعيُّ على أن فاقد الماء والتراب يصلي في الوقت. فإن قلتَ: ما وجه دلالة هذا الحديث على أنه إذا لم يجدْ ماءً ولا ترابًا صلى كما ترجم عليه، وكما قال به الشافعي؟ قلتُ: لما صلّوا قبل نزول آية التيمم بلا وضوء ولم يعاتبهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على فعلهم، بل قرّره، فدل على أن فاقد الطهورين أيضًا كذلك دلالة ظاهرة. فإن قلت: ليس فيه أنه أمرهم بالقضاء، قلت: القضاء واجب؛ لأن هذا عذر نادر لا اعتداد به لخلوه عن الأصل والخلف. (فوالله ما نزل بك أمر تكرهينه إلا جعل الله لك وللمسلمين فيه خيرًا) وفي سنن ابن ماجه: قال لها أبو بكر: ما علمت أنك لمباركة. ويروى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما كان

3 - باب التيمم فى الحضر، إذا لم يجد الماء، وخاف فوت الصلاة

3 - باب التَّيَمُّمِ فِي الْحَضَرِ، إِذَا لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ، وَخَافَ فَوْتَ الصَّلاَةِ وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ. وَقَالَ الْحَسَنُ فِي الْمَرِيضِ عِنْدَهُ الْمَاءُ وَلاَ يَجِدُ مَنْ يُنَاوِلُهُ يَتَيَمَّمُ. وَأَقْبَلَ ابْنُ عُمَرَ مِنْ أَرْضِهِ بِالْجُرُفِ، فَحَضَرَتِ الْعَصْرُ بِمَرْبَدِ النَّعَمِ فَصَلَّى، ثُمَّ دَخَلَ الْمَدِينَةَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ فَلَمْ يُعِدْ. 337 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنِ الأَعْرَجِ قَالَ سَمِعْتُ عُمَيْرًا مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَقْبَلْتُ أَنَا وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَسَارٍ مَوْلَى مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى أَبِى جُهَيْمِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الصِّمَّةِ الأَنْصَارِىِّ فَقَالَ أَبُو ـــــــــــــــــــــــــــــ أعظم بركة قلادتك". وقد تمسَّك بظاهر قول أسيد: والله ما نزل بك أمر تكرهينه، على أن قصة الإفك قبل هذه. باب: التيمم في الحضر إذا لم يجد الماء وخاف فوات صلاته (وقال به عطاء) هو: ابن أبي رباح (وقال الحَسَنُ) هو البَصْرِيّ (وأقبل ابن عُمر من أرضه بالجُرُف) -بضم الجيم والراء، وسكونها -: قرئ بهما: المكان الذي جَرَفَهُ السيلُ. واللام فيه للعهد: مكان معروف. قال صاحب "المطالع": بينه وبين المدينة ثلاثة أميال، وقيل: ميل، وقيل: فرسخ (فحضرت العصر بِمرْبَدِ النعم) -بكسر الميم- مكان يربط ويحبس فيه الإبل بينه وبين المدينة ميلان. قاله صاحب "المطالع": وإنما صَلَّى لإدراك فضيلة أول الوقت. دل عليه قوله: (ثم دخل المدينة والشمسُ مرتفعةٌ) أي: على الأفق المغربي. 337 - (يحيى بن بُكير) بضم الباء على وزن المصغر (رَبيعة) بفتح الراء وكسر الموحدة (عُمير) بضم العين على وزن المصغر (يسار) ضد اليمين. (دخلنا على أبي جُهَيم) بضم الجيم على وزن المصغر (ابن الحارث بن الصمّة) -بصاد مهملة وتشديد الميم- وقد وقع في رواية مسلم: عبد الرَّحْمَن بدل عبد الله بن سيار، وبدل

الْجُهَيْمِ أَقْبَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ نَحْوِ بِئْرِ جَمَلٍ، فَلَقِيَهُ رَجُلٌ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى أَقْبَلَ عَلَى الْجِدَارِ، فَمَسَحَ بِوَجْهِهِ وَيَدَيْهِ، ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ السَّلاَمَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أبي جُهَيم: بُكير. واتفقوا على أنَّه غلط في الموضعين. (أقبل النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- من نحو بئر جمل) بالجيم، وفي رواية النَّسائيّ بالحاء: موضع بقرب المدينة (فلقيه رجل) هذا الرجلُ هو أبو جُهيم راوي الحديث. صرّح به الشَّافعيّ (فسلم عليه فلم يردّ النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- حتَّى أقبل على جدار فمسح وجهه ويديه ثم ردّ عليه) لأنه أراد أن يكون الردّ الذي هو نوع من العبادة على أكمل الأحوال، أو لأن السلام اسمٌ من أسمائه تعالى، فلا يذكره إلَّا وهو على صفة الطهارة. فإن قلت: فما قولك في حديث عائشة: "أنَّه كان يذكر اللهَ على كل حالٍ"؟ قلتُ: ذاك بيان الجواز، وهذا تنبيه على الأفضل. وفيه دليل على أن المستحب أن يتيمم للنوافل مثل تلاوة القرآن والاعتكاف، وداع على أن المقيم إذا خاف فوات الوقت له أن يتيمم من باب الأولى. واستدل به من قال: يجوزُ التيمم بكل ما على وجه الأرض من غير التُّراب. ولا دليل له فيه لوجود الغبار على الجدران، على أن في رواية عن أبي جُهَيم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حت الجدار، ثم وضع يده على جدار الغير بغير إذنه. والجواب بأنه كان جدارًا مباحًا أو لرجل صديق له. كلُّه تكلفٌ، فإن مثله جائز لكل أحدٍ متعارف بين النَّاس، لا سيما مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وأيّ مسلم يكون في قلبه مثقال ذرة من إيمان يرضى ذلك منه، فديته بآبائي وأبنائي وأمهاتي وما أؤمل من مال ومن نسب. فإن قلت: دل الحديثُ على أن المقيم يتيمم، فهل يجبُ عليه القضاء أم لا؟ قلتُ:

4 - باب المتيمم هل ينفخ فيهما

4 - باب الْمُتَيَمِّمُ هَلْ يَنْفُخُ فِيهِمَا 338 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ عَنْ ذَرٍّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى عَنْ أَبِيهِ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ إِنِّى أَجْنَبْتُ فَلَمْ أُصِبِ الْمَاءَ. فَقَالَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ـــــــــــــــــــــــــــــ الأكثرون على أن لا قضاء، منهم الأَوْزَاعِيّ والثوري وأبو حنيفة. وقال مالك والليث والشافعي: يجب القضاء إن وجد الماء خارج الوقت، وإن وجده في الوقت يُعيدُ الصلاةَ، ثم إن الشَّافعيّ إنما يقول بوجوب القضاء إذا كان مقيمًا بموضع يندر فيه عدم الماء الفاضل عن الحاجة، وعن شرب حيوان محترم. وأما إذا أقام بمكانٍ لا يوجد فيه الماء إلَّا بقدر الحاجة فلا قضاء، لما روى الإِمام أَحْمد وأبو داود والتِّرمذيّ عن أبي ذرٍ مرفوعًا: "الصعيدُ الطِّيب وضوء المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين". باب: المتيمم هل ينفخ فيهما أي: في اليدين. وأتى بالضمير لعدم الالتباس. وفي بعضها: في اليدين. 338 - (الحَكَم) بفتح الحاء والكاف (عن ذر) بذال معجمة وراء مشددة (أَبْزَى) بفتح الهمزة وزاي معجمة وألف مقصورة. (جاء رجلٌ إلى عمر بن الخَطَّاب) وفي رواية الطَّبْرَانِيّ: رجل من أهل البادية. (فقال: إنِّي أجنبتُ فلم أُصِب الماء) يُقال: أجنب أي: صار جنبًا. ويقال: جنب أَيضًا بمعناه بضم الجيم على بناء المفعول أي: أصابته الجنابة (فقال عمار بن ياسر) بتشديد الميم وياسر: بياء مثناة تحت هو وأبوه وأمه من السابقين الأولين، قتل أبو جهل أمه على الإِسلام، كنيته أبو اليقظان، مناقبه فوق الحصر.

أَمَا تَذْكُرُ أَنَّا كُنَّا فِي سَفَرٍ أَنَا وَأَنْتَ فَأَمَّا أَنْتَ فَلَمْ تُصَلِّ، وَأَمَّا أَنَا فَتَمَعَّكْتُ فَصَلَّيْتُ، فَذَكَرْتُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ هَكَذَا». فَضَرَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِكَفَّيْهِ الأَرْضَ، وَنَفَخَ فِيهِمَا ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ. أطرافه 339، 340، 341، 342، 343، 345، 346، 347 ـــــــــــــــــــــــــــــ (أما تذكر أنا كنا في سفر أنا وأنت) الاستفهام فيه على أصله, لأن عمر كان قد نسي القضية ولم يقع هنا جواب عمر. ورواه مسلم: لا تصلي. وزاد غيره: "حتَّى تجد الماء". وحديث الباب والأحاديث المذكورة بعده تدل على أن عمر بن الخَطَّاب ما كان يرى للجنب التيمم، وكذلك لم يصل حين أجنب مع عمار (وأما أنا فتمعكْتُ) أي: تمرغت كما تتمرغ الدابة في التُّراب (إنما كان يكفيك هكذا فضرب النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- بكفيه الأرض ونفخ فيهما، ثم مَسَحَ بهما وجهه وكفيه) إنما نفخ فيهما ليقل التُّراب لئلا يشوه الوجه. فلا دلالة فيه لمن يقول: بجواز التيمم بغير التُّراب. أخذ بظاهر الحديث ابنُ راهويه والإمام أَحْمد قالا بمسح اليدين إلى الكوعين وسائر الأئمة أخذوا بحديث ابن عمر، وإن كان فيه مقال، ولأنه يدل على الوضوء، فبيان الغاية في الأصل بيان له، وأجابوا له عن هذا الحديث بأن الاقتصار على الكعبين، كان بيان الاكتفاء بالضربتين، ولا حاجة إلى التمعك كما فعله عمار. هذا وقد رَوَى أبو داود بسنده إلى عمر أنَّهم كانوا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقد حضرتْ صلاة الفجر فمسحوا أيديهم إلى المناكب، وهو يؤيده ما ذكرنا من أن الاقتصار على الكعبين كان تعليمًا والحديثُ دل على جواز الاجتهاد في حياة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهذا مما لا خلاف فيه، دل عليه صريحًا حديث معاذة، وكذا بحضرته على الأصح كما سيأتي في باب كتاب الأحكام في قضية سلب أبي قتادة.

5 - باب التيمم للوجه والكفين

5 - باب التَّيَمُّمُ لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ 339 - حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنِى الْحَكَمُ عَنْ ذَرٍّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى عَنْ أَبِيهِ قَالَ عَمَّارٌ بِهَذَا، وَضَرَبَ شُعْبَةُ بِيَدَيْهِ الأَرْضَ، ثُمَّ أَدْنَاهُمَا مِنْ فِيهِ، ثُمَّ مَسَحَ وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ. وَقَالَ النَّضْرُ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ قَالَ سَمِعْتُ ذَرًّا يَقُولُ عَنِ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى قَالَ الْحَكَمُ وَقَدْ سَمِعْتُهُ مِنِ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ عَمَّارٌ. 340 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ ذَرٍّ عَنِ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ شَهِدَ عُمَرَ وَقَالَ لَهُ عَمَّارٌ كُنَّا فِي سَرِيَّةٍ فَأَجْنَبْنَا، وَقَالَ تَفَلَ فِيهِمَا. 341 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ ذَرٍّ عَنِ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ قَالَ عَمَّارٌ لِعُمَرَ تَمَعَّكْتُ فَأَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «يَكْفِيكَ الْوَجْهُ وَالْكَفَّانِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: التيمم للوجه والكفين 339 - (حَجَّاج) -بفتح الحاء وتشديد الجيم- هو ابن مِنْهال بكسر الميم (الحكم) بفتح الكاف هو ابن عُتيبة بن النهاس مولى امرأة من كندة (وقال النضر أخبرنا شعبة) هو النضر بن شميل، شيخ شيوخ البُخَارِيّ. علق عنه الحديث, لأنه فيه التصريح بسماع حكم من ذر بخلاف ما أسنده أولًا. وأما قوله: (قال الحكم: سمعته من عبد الرَّحْمَن بن أَبْزَى) هو مقول شعبة، روى عنه الحديث بواسطة وبغير واسطة ذر فكان أعلى سندًا ويحتمل أن يكون تعليقًا من البُخَارِيّ ليس داخلًا تحت الإسناد المذكور. 340 - (سليمان بن حرب) ضد الصلح (وقال له عمار: كنا في سرية) -بفتح السين وكسر الراء وتشديد الياء- قطعةٌ من الجيش، نهايته أربعمئة. واشتقاقه من سرو الشيء أي: صار شريفًا؛ لأنها تكون من خيار الجيش. وقيل: لأنها تذهب سرًّا. واللفظ لا يساعده (وقال: تَفَل فيهما) بالتاء المثناة: هو مثل النفخ. قال أهل اللغة: التفل دون البزق، وهو دون النفث وهو دون النفخ. 341 - (محمَّد بن كثير) ضد القليل (يكفيك الوجه والكفين) برفع الوجه، ونصب الكفين على أنَّه مفعول معه، وظاهر الحديث مع الإِمام أَحْمد، بل ربما يقال هو الصواب؛ إذ

6 - باب الصعيد الطيب وضوء المسلم، يكفيه من الماء

342 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ ذَرٍّ عَنِ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ شَهِدْتُ عُمَرَ فَقَالَ لَهُ عَمَّارٌ. وَسَاقَ الْحَدِيثَ. 343 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ ذَرٍّ عَنِ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ عَمَّارٌ فَضَرَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِهِ الأَرْضَ، فَمَسَحَ وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ. 6 - باب الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ وَضُوءُ الْمُسْلِمِ، يَكْفِيهِ مِنَ الْمَاءِ وَقَالَ الْحَسَنُ يُجْزِئُهُ التَّيَمُّمُ مَا لَمْ يُحْدِثْ. وَأَمَّ ابْنُ عَبَّاسٍ وَهُوَ مُتَيَمِّمٌ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ لاَ بَأْسَ بِالصَّلاَةِ عَلَى السَّبَخَةِ وَالتَّيَمُّمِ بِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ ليس في البُخَارِيّ ومسلم الزيادةُ على هذا لا سيما لفظ إنما، فإنَّه يدل على الحصر، وبه يندفع ما يقال: ذكر الكفين إنما كان للتعليم، وأما القياس فليس بشيء؛ لأنه قياس في مقابلة النص، وجَزْمُ البُخَارِيّ به في الترجمة يدل على أنَّه مختاره. 343 - (محمَّد بن بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (غُنْدر) بضم الغين المعجمة وفتح الدال، وتمام الكلام في الباب الذي قبله. باب: الصعيد الطِّيب وضوء المسلم يكفيه من الماء اختلف العلماء فيما يجوزُ به التيمم؛ ذهب الشَّافعيّ والإمام أَحْمد إلى أن التُّراب معين لقول ابن عباس: الصعيد هو الترابُ، والطيب هو المنبت؛ لأن الطِّيب يوصف به الحلال، ولا يلائم المقام، فأريد به المنبت، قال تعالى: {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ} [الأعراف: 58] وللحديث: "جُعلت لي الأرضُ مسجدًا وترابها طهورًا" ولآية المائدة: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة: 6] فإن من تبعيضية، ذكره في "الكشاف". وذهب مالك وأبو حنيفة إلى جوازه بكل ما على وجه الأرض؛ لأنه الصعيد على ما نقله الجوهري عن ثعلب. قال الله تعالى: {فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا} [الكهف: 40] والترابُ لا يكون زلقًا، وأجابوا عن آية المائدة تارةً بأن من ابتدائية، وأخرى بأن الضمير في منه

344 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَوْفٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ للحديث. والحقُ الذي لا محيد عنه أن قوله: "ترابها طهورًا" بيانٌ للصعيد، ورافع للاحتمال وزيادة منه في المائدة أَيضًا صريحٌ في ذلك. ألا ترى أن صاحب "الكشاف" مع كونه حنفيًا، وله في العربية اليدُ الطولى والسابقة الأولى، كيف سلم ذلك. قال بعض الشارحين إلزامًا لمن قال بغير التُّراب: المطلق يحمل على المقيد إذا اتحد السبب وفاقًا. وفيه نظرٌ من وجهين: الأول: أن اتحاد السبب لا يكفي، بل لا بد من اتحاد الحكم أَيضًا. الثاني: أن هذا ليس من قبيل المطلق والمقيد، بل لفظ مشترك مجمل، ولفظ التُّراب بيانٌ لذلك المجمل. (وقال الحسن: يجوزُ التيمم ما لم يحدث) وإليه ذهب أبو حنيفة. وفي روايةٍ عن مالك: يصلي بالتيمم صلاة إن كانت قضاءً. وقال الإِمام أَحْمد: يصلي به الصلاتين إذا جَمَعَ بينهما، وتقضى به الفوائت والنفل إلى آخر الوقت. وقال الشَّافعيّ: لا يصلي به إلَّا فرضًا واحدًا، والتطوع ما شاء لأنه ضرورة تقدر بقدر الحاجة. (وأمّ ابن عباس وهو متيمم) وبه قال أبو حنيفة والشافعي، لكن على أصل الشَّافعيّ فيه إشكالٌ، وذلك أن التيمم ليس رافعًا عنده، بل مستحبًا مع بقاء الحدث، فكما لا يجوزُ اقتداء القائم بالقاعد لكونه بناءً للقوي على الضعيف، فكذا اقتداء المتوضئ بالمتيمم. (وقال يحيى بن سعيد: لا بأس بالصلاة على السبخة، والتيمم بها) هذا مما لا خلاف فيه إذا ارتفع منه غبار. والسبخة -بكسر الباء- الأرضُ التي تعلوها الملوحة ولا تكاد تنبت إلَّا الشجر. كذا قال ابنُ الأثير. والاستدلال على الجواز بأن مدينة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سبخة، وسماها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طيبة لا يخفى ما فيه. 344 - (مسدَّد) بضم الميم وتشديد الدال المفتوحة (عوف) بفتح العين آخره فاء (أبو رجاء) -بفتح الراء والجيم مع المد- العطاردي اسمه عمران بن مِلْحان بكسر الميم

عَنْ عِمْرَانَ قَالَ كُنَّا فِي سَفَرٍ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَإِنَّا أَسْرَيْنَا، حَتَّى كُنَّا فِي آخِرِ اللَّيْلِ، وَقَعْنَا وَقْعَةً وَلاَ وَقْعَةَ أَحْلَى عِنْدَ الْمُسَافِرِ مِنْهَا، فَمَا أَيْقَظَنَا إِلاَّ حَرُّ الشَّمْسِ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنِ اسْتَيْقَظَ فُلاَنٌ ثُمَّ فُلاَنٌ ثُمَّ فُلاَنٌ - يُسَمِّيهِمْ أَبُو رَجَاءٍ فَنَسِىَ عَوْفٌ - ثُمَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ الرَّابِعُ، وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا نَامَ لَمْ يُوقَظْ حَتَّى يَكُونَ هُوَ يَسْتَيْقِظُ، لأَنَّا لاَ نَدْرِى مَا يَحْدُثُ لَهُ فِي نَوْمِهِ، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ عُمَرُ، وَرَأَى مَا أَصَابَ النَّاسَ، وَكَانَ رَجُلاً جَلِيدًا، فَكَبَّرَ وَرَفَعَ صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ، فَمَا زَالَ يُكَبِّرُ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ حَتَّى اسْتَيْقَظَ لِصَوْتِهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ شَكَوْا إِلَيْهِ الَّذِى أَصَابَهُمْ قَالَ «لاَ ضَيْرَ - أَوْ لاَ يَضِيرُ - ارْتَحِلُوا». فَارْتَحَلَ ـــــــــــــــــــــــــــــ (عِمران) -بكسر العين- ابن حُصَين، على وزن المصغر، الصحابي الجليل القدر، كانت الملائكةُ تُسلم عليه. فلما اكتوى تركته الملائكة. (كنا في سفر) في رواية مسلم عن أبي هريرة: حين قَفَل من خيبر، وقيل: حنين، وقيل: في غزوة تبوك، وقيل: كان بالحديبية. قال النووي: وقع لهم هذا في أسفار متعددة. قلتُ: النَّوم وقع مرارًا، ولكن قضية البدوية صاحبة المزادتين كما في هذه الرواية واحدة بلا خلاف. (وإنا أسرينا) الإسراء من السري وهو السير ليلًا يقال: سرى وأسرى بمعنىً واحد (حتَّى كنا في آخر الليل وقعنا وقعة ولا وقعة عند المسافر أحلى منها) عبر عن النَّوم بالوقعة، كناية عن غلبة النَّوم كأنهم سقطوا من غير اختيار (فكان أولَ من استيقظ فلان) بنصب أول، وفلان: اسم كان. (ثم عمر بن الخَطَّاب) وفي رواية: أول من استيقظ أبو بكر، وفي أخرى: أول من استيقظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وفيه دلالةٌ على تعدد الواقعة (وكان النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم - إذا نام لم نوقظه) وقد عَلَّله بقوله: (لأنا لا ندري ما يحدُثُ له في نومه) لأن رؤياه وحيٌ (وكان رجلًا جليدًا) فعيل: من جَلُد بضم اللام. قال ابن الأثير: الجليد: القويُ في نفسه وجسمه. (لا ضير أو لا يضير) الشك من عمران، يقال: ضار يضير بمعنى ضرّ يضرّ (فارتحل

فَسَارَ غَيْرَ بَعِيدٍ ثُمَّ نَزَلَ، فَدَعَا بِالْوَضُوءِ، فَتَوَضَّأَ وَنُودِىَ بِالصَّلاَةِ فَصَلَّى بِالنَّاسِ، فَلَمَّا انْفَتَلَ مِنْ صَلاَتِهِ إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مُعْتَزِلٍ لَمْ يُصَلِّ مَعَ الْقَوْمِ قَالَ «مَا مَنَعَكَ يَا فُلاَنُ أَنْ تُصَلِّىَ مَعَ الْقَوْمِ». قَالَ أَصَابَتْنِى جَنَابَةٌ وَلاَ مَاءَ. قَالَ «عَلَيْكَ بِالصَّعِيدِ، فَإِنَّهُ يَكْفِيكَ». ثُمَّ سَارَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَاشْتَكَى إِلَيْهِ النَّاسُ مِنَ الْعَطَشِ فَنَزَلَ، فَدَعَا فُلاَنًا - كَانَ يُسَمِّيهِ أَبُو رَجَاءٍ نَسِيَهُ عَوْفٌ - وَدَعَا عَلِيًّا فَقَالَ «اذْهَبَا فَابْتَغِيَا الْمَاءَ». فَانْطَلَقَا فَتَلَقَّيَا امْرَأَةً بَيْنَ مَزَادَتَيْنِ - أَوْ سَطِيحَتَيْنِ - مِنْ مَاءٍ عَلَى بَعِيرٍ لَهَا، فَقَالاَ لَهَا أَيْنَ الْمَاءُ قَالَتْ عَهْدِى بِالْمَاءِ أَمْسِ هَذِهِ السَّاعَةَ، وَنَفَرُنَا خُلُوفًا. قَالاَ لَهَا انْطَلِقِى إِذًا. قَالَتْ إِلَى أَيْنَ قَالاَ ـــــــــــــــــــــــــــــ فسار غير بعيد، نزل فدعا بالوَضوء) بفتح على الأشهر إنما ارتحل من ذلك المكان، لأنه مكان غفلة عن عبادة الله كره الوقوف به. وسيأتي أنَّه قال: "هذا وادٍ حَضَر فيه الشيطان"، وبه سَقَطَ استدلال من يقول: إنه ارتحل لكراهة الوقت، وأيضًا لم يكن وقت الاستيقاظ وقت الكراهة، ألَا ترى إلى قوله: ما أيقظهم إلَّا حَرّ الشَّمس. وأما السؤال بأنه كيف نام حتَّى فاتته الصلاة؟ فقد أكثر في الجواب عنه بما لا طائل تحته. والصوابُ أنَّه كان يسري [عليه] من لوازم النَّوم والوقت بما يدرك بالبصر كما قال - صلى الله عليه وسلم - في حديث عائشة: "تنام عيني ولا ينام قلبي". (أصابتني جنابة ولا ماء [قال]: عليك بالصعيد، فإنَّه يكفيك) هذا موضع الدلالة على الترجمة (فدعا فلانًا كان يسميه أبو رجاء) هو عمران بن حُصين، جاء صريحًا في رواية (فلقيتنا امرأة بين مزادتين أوسطيحتين) المزادة -بفتح الميم-: قِرْبَةٌ زيد فيها من جلد آخر. والسطيحة: قِرْبة لم يزد فيها شيء، قال ابن الأثير: سميت بذلك, لأن كل واحدٍ من الجلدين قوبل بالآخر فسطح عليه. (عهدي بالماء أمسِ هذه الساعة) عهدي: مبتدأ، وبالماء خبره، وأمس ظرف الخبر، وهذه الساعة بدل عنه بدل بعض. أي: في مثل هذه الساعة (ونفرنا خلوفًا) -بضم الخاء المعجمة- جمع خالف كقعود في قاعد، والخالف: الغائب، والنفر من الثلاثة إلى العشرة من الرجال خاصة؛ لأنهم ينفرون أي: يخرجون في المهمات. والظاهر أن هذا من إطلاق

إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَتِ الَّذِى يُقَالُ لَهُ الصَّابِئُ قَالاَ هُوَ الَّذِى تَعْنِينَ فَانْطَلِقِى. فَجَاءَا بِهَا إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَحَدَّثَاهُ الْحَدِيثَ قَالَ فَاسْتَنْزَلُوهَا عَنْ بَعِيرِهَا وَدَعَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِإِنَاءٍ، فَفَرَّغَ فِيهِ مِنْ أَفْوَاهِ الْمَزَادَتَيْنِ - أَوِ السَّطِيحَتَيْنِ - وَأَوْكَأَ أَفْوَاهَهُمَا، وَأَطْلَقَ الْعَزَالِىَ، وَنُودِىَ فِي النَّاسِ اسْقُوا وَاسْتَقُوا. فَسَقَى مَنْ شَاءَ، وَاسْتَقَى مَنْ شَاءَ، وَكَانَ آخِرَ ذَاكَ أَنْ أَعْطَى الَّذِى أَصَابَتْهُ الْجَنَابَةُ إِنَاءً مِنْ مَاءٍ قَالَ «اذْهَبْ، فَأَفْرِغْهُ عَلَيْكَ». وَهْىَ قَائِمَةٌ تَنْظُرُ إِلَى مَا يُفْعَلُ بِمَائِهَا، وَايْمُ اللَّهِ لَقَدْ أُقْلِعَ عَنْهَا، وَإِنَّهُ لَيُخَيَّلُ إِلَيْنَا أَنَّهَا أَشَدُّ مِلأَةً مِنْهَا حِينَ ابْتَدَأَ فِيهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ المقيد على المطلق؛ إذْ معلوم أنّ ليس غرضُها أن رجال قومها ما دون العشرة (الذي يقال له الصابئ) -بالهمز- من صبأ: إذا خَرَج من دين إلى آخر. ويقال: صبا يصبو إذا مال. (هو الذي تعنين) أي الذي يقال له ذلك، ولم يزجراها عن هذا الكلام لأنها مشركة جاهلة، وليس لذلك فائدة في الحال (ودعا النبي - صلى الله عليه وسلم - بإناء فأفرغ فيه من أفواه المزادتين) جمع الأفواه كراهةَ اجتماع تثنيتين، كما في صغت قلوبكما (وأوكأ أفواههما، وأطلق العَزَالي) -بفتح العين والزاي وكسر اللام-: جمع عزلاء -بفتح العين والمدّ- قال الجوهري: هو فم المزادة الأسفل. فإن قلت: لم أفرغ أولًا من الأفواه ثم من العزال؟ قلت: القوم كانوا عطاشًا، فبادر إلى دفع ذلك سريعًا، ولما قضى ذلك الوطر أطلق العزال لأنه أسهل (نودي في النَّاس: اسقوا واستقوا) فعال من السقي، يقال، استقى الماء إذا أخذ لنفسه، وسقى أي: غيره ويقال فيه أَيضًا: أسقى بهمزة القطع. قرئ بهما (فكان آخر ذلك أن أعطى الذي أصابته الجنابة) انتصب آخر خبر كان، واسمه: أن أعطى (وايم الله) بالقطع والوصل، والثاني أكثر. أصل أيمن خفف بحذف النُّون لكثرة الاستعمال، ولذلك سقطت همزته في الدَّرْج، وقد ذكروا فيه نحوًا من عشرين لغةً (لقد أقلع عنها) على بناء المجهول، أي: كفّ عن أخذ الماء. (وإنه ليخيل إلينا أنها أشدّ مِلأة) يخيل على بناء المجهول، ومِلأة -بكسر الميم وفتحها -أي: أشدّ امتلاءً. وهذا من باهر معجزاته - صلى الله عليه وسلم - وهو نَصٌّ في أن لم يأخذ من مائها قطرة بل زادها. وقد أورد الإشكال وأجابوا خطأ وصوابًا مع أنَّه لا دلالة للفظ عليه أصلًا. الإشكال: أن المرأة كانت حربية، ومجرد الاستيلاء يوجب إرقاقها فكيف أطلقت ولا إشكال فيه, لأن للإمام فضلًا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يمن على الأسير بنص القرآن. قال تعالى: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد: 4].

فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اجْمَعُوا لَهَا». فَجَمَعُوا لَهَا مِنْ بَيْنِ عَجْوَةٍ وَدَقِيقَةٍ وَسَوِيقَةٍ، حَتَّى جَمَعُوا لَهَا طَعَامًا، فَجَعَلُوهَا فِي ثَوْبٍ، وَحَمَلُوهَا عَلَى بَعِيرِهَا، وَوَضَعُوا الثَّوْبَ بَيْنَ يَدَيْهَا قَالَ لَهَا «تَعْلَمِينَ مَا رَزِئْنَا مِنْ مَائِكِ شَيْئًا، وَلَكِنَّ اللَّهَ هُوَ الَّذِى أَسْقَانَا». فَأَتَتْ أَهْلَهَا، وَقَدِ احْتَبَسَتْ عَنْهُمْ قَالُوا مَا حَبَسَكِ يَا فُلاَنَةُ قَالَتِ الْعَجَبُ، لَقِيَنِى رَجُلاَنِ فَذَهَبَا بِى إِلَى هَذَا الَّذِى يُقَالُ لَهُ الصَّابِئُ، فَفَعَلَ كَذَا وَكَذَا، فَوَاللَّهِ إِنَّهُ لأَسْحَرُ النَّاسِ مِنْ بَيْنِ هَذِهِ وَهَذِهِ. وَقَالَتْ بِإِصْبَعَيْهَا الْوُسْطَى وَالسَّبَّابَةِ، فَرَفَعَتْهُمَا إِلَى السَّمَاءِ - تَعْنِى السَّمَاءَ وَالأَرْضَ - أَوْ إِنَّهُ لَرَسُولُ اللَّهِ حَقًّا، فَكَانَ الْمُسْلِمُونَ بَعْدَ ذَلِكَ يُغِيرُونَ عَلَى مَنْ حَوْلَهَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَلاَ يُصِيبُونَ الصِّرْمَ الَّذِى هِىَ مِنْهُ، فَقَالَتْ يَوْمًا لِقَوْمِهَا مَا أُرَى أَنَّ هَؤُلاَءِ الْقَوْمَ يَدَعُونَكُمْ عَمْدًا، فَهَلْ لَكُمْ فِي الإِسْلاَمِ فَأَطَاعُوهَا فَدَخَلُوا فِي الإِسْلاَمِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ (فقال -صلى الله عليه وسلم-: أجمعوا لها. فجمعوا لها ما بين عجوة) -بفتح العين- نوع من التمر (دقيقه وسويقه) -بفتح الدال والسين- ويجوزُ على بناء المصغر (قال لها تعلمين ما رزأنا من مائك شيئًا) -بالراء المهملة ثم المعجمة -أي: نقصنا (فأتت أهلها، وقد احتبست عنهم) أي: عن الوقت المتعارف لأنهم عدلوا بها عن طريقها. (هذا الذي يقال له: الصابئ ففعل كذا وكذا) كناية عما رأته مما فعل بمائها (فكان المسلمون يغيرون بعد ذلك على من حولها) -بضم الياء- من الإغارة، ويجوزُ الفتح فيه (ولا يصيبون الصرم الذي هي منه) -بكسر الصاد- قال ابن الأثير: جماعة ينزلون ناحية من الماء بإبلهم (فقالت يومًا لقومها: ما أرى هؤلاء يدعونكم عَمدًا) -بضم الهمزة- وما: موصولة، أي: الذي أظن أن هؤلاء يدعونكم عمدًا، لعلكم تسلمون. وفي بعض النسخ: ما أدري، والمعنى قريب من الأول، ويجوزُ أن تكون (ما) نافية، والمعنى: لا أرى وجه تخلفكم عن الإِسلام مع أن هؤلاء إنما يدعونكم. وعن أبي البقاء جواز كسر إن على الاستئناف. أي: لا أدري لماذا تخلفكم؟ ثم استأنفت الكلام على وجه التعليل إن هؤلاء يدعونكم عمدًا. وفي الحديث الإرشاد إلى المحافظة على العهد والذمام وإن كان مع الكافر، وأن الرفق وحسن الخلق محمود في المواطن كلها. وأما أخذ مائها وصرفها عن مقصدها فلا إشكال فيها, لأنها حربية بلغتها الدعوة. ألا ترى كيف قالت: الذي يقال له: الصابئ. فلا وجه لما يقال: الضرورات تبيح المحظورات. وبين فقه الحديث تقديم المحتاج إلى الماء للشرب على الوضوء والغسل، ومن أصاب ذنبًا في بلدٍ يحسن له الارتحال منه، واستدل بقوله: نودي

7 - باب إذا خاف الجنب على نفسه المرض أو الموت أو خاف العطش، تيمم

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: " صَبَأَ: خَرَجَ مِنْ دِينٍ إِلَى غَيْرِهِ " وَقَالَ أَبُو العَالِيَةِ: «الصَّابِئِينَ فِرْقَةٌ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ يَقْرَءُونَ الزَّبُورَ». طرفاه 348، 3571 وَيُذْكَرُ أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ أَجْنَبَ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ فَتَيَمَّمَ وَتَلاَ (وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) فَذَكَرَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يُعَنِّفْ. 7 - باب إِذَا خَافَ الْجُنُبُ عَلَى نَفْسِهِ الْمَرَضَ أَوِ الْمَوْتَ أَوْ خَافَ الْعَطَشَ، تَيَمَّمَ وَيُذْكَرُ أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ أَجْنَبَ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ فَتَيَمَّمَ وَتَلاَ (وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) فَذَكَرَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يُعَنِّفْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بالصلاة من قال يشرع لغاية الأذان، وهو مذهبُ الإِمام أَحْمد وأبي حنيفة والقول القديم للشافعي، ومن لم يقل به حَمَلَ النداء على الإقامة أو الإعلام. باب إذا خاف الجنب على نفسه المرض أو الموت، أو خاف العطش، تيمم (ويذكر أن عمرو بن العاص) رواه تعليقًا بصيغة التمريض، ورواه أبو داود مسندًا، وفيه أَيضًا أن هذا كان في غزوة ذات السلاسل، وروى الجاسم أَيضًا إلَّا أنَّه ذكر أنَّه توضأ، قال البيهقي: يجوز أن يكون توضأ ثم تيمم بباقي البدن، وهو المذهب عند الشَّافعيّ وأَحمد، واتفق الأئمة على جواز التيمم للمرض إذا خيف التلف، أو زيادة المرض، وقد نص عليه في الآية الكريمة. وأما قضيه عمر وكانت لشدة البرد، وبه قال الفقهاء. (وتلا قوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ}) قيل: ظاهره أنَّه تلاه في ذلك الوقت، وليس كذلك، بل تلاها عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. قلتُ: لا وجه لترك الظاهر، فإنَّه يجوز الجمع كما لا يخفى، على أن قوله: (فذكر للنبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يعنف) صريح في أنَّه لم يقرأها عنده، وإلا لم يكن لفاء التعقيب وجه.

345 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ - هُوَ غُنْدَرٌ - عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِى وَائِلٍ قَالَ قَالَ أَبُو مُوسَى لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ لاَ يُصَلِّى. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ لَوْ رَخَّصْتُ لَهُمْ فِي هَذَا، كَانَ إِذَا وَجَدَ أَحَدُهُمُ الْبَرْدَ قَالَ هَكَذَا - يَعْنِى تَيَمَّمَ وَصَلَّى - قَالَ قُلْتُ فَأَيْنَ قَوْلُ عَمَّارٍ لِعُمَرَ قَالَ إِنِّى لَمْ أَرَ عُمَرَ قَنِعَ بِقَوْلِ عَمَّارٍ. 346 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِى قَالَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ سَمِعْتُ شَقِيقَ بْنَ سَلَمَةَ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِى مُوسَى فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى أَرَأَيْتَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِذَا أَجْنَبَ فَلَمْ يَجِدْ، مَاءً كَيْفَ يَصْنَعُ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ لاَ يُصَلِّى حَتَّى يَجِدَ الْمَاءَ. فَقَالَ أَبُو مُوسَى فَكَيْفَ تَصْنَعُ بِقَوْلِ عَمَّارٍ حِينَ قَالَ لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «كَانَ يَكْفِيكَ» قَالَ أَلَمْ تَرَ عُمَرَ لَمْ يَقْنَعْ بِذَلِكَ. فَقَالَ أَبُو مُوسَى فَدَعْنَا مِنْ قَوْلِ عَمَّارٍ، كَيْفَ تَصْنَعُ بِهَذِهِ الآيَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ 345 - (بشر) بكسر الموحدة وستين معجمة (غندر) بضم الغين (عن أبي وائل) شَقِيق بن سلمة (قال أبو موسى لعبد الله بن مسعود: إذا لم تجد الماء لا تصلي) بتاء الخَطَّاب فيهما، حذف حرف الاستفهام من الفعل الثاني؛ لأن غرض أبي موسى الاستفهام لا الإخبار ألا ترى جواب عبد الله (نعم). والكلام إنما هو في الجنب كما ترجم له أول الباب. (إنِّي لم أر عمر قنع بقول عمار) لما ألزمه موسى بأن عمار فتمعك في التُّراب ثم ذكر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "كان يكفيك الوجه". أجاب عبد الله بأن عمر لم يعمل به ولم يعتمد على قول عمار؛ وإنما لم يقنع بقول عمار لأنه ذكر أنهما كانا معًا ولم يتذكر عمر القضية، على أن عمر كان يتوقف في خبر الواحد حتَّى يستيقن، لا أنَّه كان مذهبه بل كان يحتاط ألا ترى أنَّه قبل قول عبد الرَّحْمَن بن عوف في الطاعون إذا وقع ببلد لا تدخلها. 346 - (عمر بن حفص) بضم العين (شَقِيق بن سلمة) بشين معجمة (فقال أبو موسى: فدعنا من قول عمار، كيف تصنع بهذه الآية) هي قوله تعالى: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا

فَمَا دَرَى عَبْدُ اللَّهِ مَا يَقُولُ فَقَالَ إِنَّا لَوْ رَخَّصْنَا لَهُمْ فِي هَذَا لأَوْشَكَ إِذَا بَرَدَ عَلَى أَحَدِهِمُ الْمَاءُ أَنْ يَدَعَهُ وَيَتَيَمَّمَ. فَقُلْتُ لِشَقِيقٍ فَإِنَّمَا كَرِهَ عَبْدُ اللَّهِ لِهَذَا قَالَ نَعَمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: 43] , لأن الملامسة كناية عن الجماع عند ابن مسعود (فما درى عبد الله ما يقول) أي: في جواب أبي موسى. قال بعضهم: ربما كان المجلس لا يقتضي تطويل المناظرة، وإلا كان لعبد الله أن يقول: المراد من الملامسة تلاقي بشرتي الرَّجل والمرأة كما ذهب إليه الشَّافعيّ. وهذا كلام ساقط، وذلك أن قوله: (لو أرخصنا لهم في هذا لأوشك إذا برد على أحدهم الماء أن يدعه ويتيمم) أطول من قوله: المراد من الملامسة ليس هو الجماع ألا ترى قوله في الرواية الأولى: ما درى عبد الله ما يقول، وهذا يدل على أنَّه كان قائلًا بأن الملامسة هي الوقاع كما هو مذهب الكوفيين، ولا يبعد أنَّهم أخذوه منه فإن مدار أكثر فقه الكوفيين على ابن مسعود. فإن قلتُ: الكلام إنما هو في الجنب الذي لم يجد الماء كما صرح به لفظ الحديث فما وجه قول ابن مسعود: لو رخصنا لهم لكان إذا برد على أحدهم الماء تيمم؟ قلتُ: أراد أنَّهم يقيسون على أن الغزالي ذكر في الإحياء أن من قال في جواب المستدل: لا نسلم، فقال: لم لا تسلم؟ قال: لا يلزمني بيانه لكون ذلك للعلم إلى المانع الحكمي عن المانع الحسي، فهو فقدان الماء بجامع أن كل واحد منهما يمنع استعمال الماء؛ لأن مع المانع وجود الماء كالعدم. ومن فقه الحديث: جواز المناظرة لإظهار الحق، وجواز الانتقال من حجة إلى أخرى أوضح من الأولى، مبادرة إلى إفحام الخصم كما في قصة الخليل مع الكافر الذي بهت، وليس مثله من الانتقال الذي يعده أهل النظر عيبًا على أن الغزالي ذكر في الإحياء أن من قال في جواب المستدل: لا نسلم صار .. قال: لا يلزم بيانه لكون .... تخفيف.

8 - باب التيمم ضربة

8 - باب التَّيَمُّمُ ضَرْبَةٌ 347 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ قَالَ كُنْتُ جَالِسًا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى لَوْ أَنَّ رَجُلاً أَجْنَبَ، فَلَمْ يَجِدِ الْمَاءَ شَهْرًا، أَمَا كَانَ يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّى فَكَيْفَ تَصْنَعُونَ بِهَذِهِ الآيَةِ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ (فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا) فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ لَوْ رُخِّصَ لَهُمْ فِي هَذَا لأَوْشَكُوا إِذَا بَرَدَ عَلَيْهِمُ الْمَاءُ أَنْ يَتَيَمَّمُوا الصَّعِيدَ. قُلْتُ وَإِنَّمَا كَرِهْتُمْ هَذَا لِذَا قَالَ نَعَمْ. فَقَالَ أَبُو مُوسَى أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَ عَمَّارٍ لِعُمَرَ بَعَثَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي حَاجَةٍ فَأَجْنَبْتُ، فَلَمْ أَجِدِ الْمَاءَ، فَتَمَرَّغْتُ فِي الصَّعِيدِ كَمَا تَمَرَّغُ الدَّابَّةُ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ أَنْ تَصْنَعَ هَكَذَا». فَضَرَبَ بِكَفِّهِ ضَرْبَةً عَلَى الأَرْضِ ثُمَّ نَفَضَهَا، ثُمَّ مَسَحَ بِهَا ظَهْرَ كَفِّهِ بِشِمَالِهِ، أَوْ ظَهْرَ شِمَالِهِ بِكَفِّهِ، ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ أَفَلَمْ تَرَ عُمَرَ لَمْ يَقْنَعْ بِقَوْلِ عَمَّارٍ وَزَادَ يَعْلَى عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِى مُوسَى فَقَالَ أَبُو مُوسَى أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَ عَمَّارٍ لِعُمَرَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَنِى أَنَا وَأَنْتَ فَأَجْنَبْتُ فَتَمَعَّكْتُ بِالصَّعِيدِ، فَأَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرْنَاهُ فَقَالَ «إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ هَكَذَا». وَمَسَحَ وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ وَاحِدَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب التيمم ضربة 347 - (محمَّد بن سلام) بفتح اللام على الأشهر (أبو معاوية) الضَّرير. روى في الباب حديث مناظرة أبي موسى وعبد الله بن مسعود، وقد مر الكلام عليه في الباب قبله (وكيف تصنعون بهذه الآية في سورة المائدة) إنما خصّ المائدة -وإن كان التيمم بعد ذكر الملامسة موجود في سورة النساء أَيضًا- لاتفاقهم على أن سورة المائدة آخر القرآن نزولًا فلا نسخ فيها. (فضرب بكفه ضربة على الأرض) هذا موضع الدلالة على الترجمة، لكن لا دلالة فيه على ما قصده من أن الضربة الواحدة كافية؛ لأنا ذكرنا أن غرضه الرد على عمار فعله. ألا ترى أنَّه اكتفى بضرب كف واحد، وإلى هذا ذهب أَحْمد وقال: يمسح بباطن أصابعه وجهه وبراحة كفيه، والضربتان سنة. وذهب مالك وأبو حنيفة والشافعي إلى وجوب ضربتين، إحداهما للوجه والأخرى لليدين استدلالًا بحديث ابن عمر، ولأنه بدل الوضوء وقد سلف كل ذلك مستوفي.

9 - باب

9 - باب 348 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا عَوْفٌ عَنْ أَبِى رَجَاءٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ الْخُزَاعِىُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى رَجُلاً مُعْتَزِلاً لَمْ يُصَلِّ فِي الْقَوْمِ فَقَالَ «يَا فُلاَنُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّىَ فِي الْقَوْمِ». فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَصَابَتْنِى جَنَابَةٌ وَلاَ مَاءَ. قَالَ «عَلَيْكَ بِالصَّعِيدِ فَإِنَّهُ يَكْفِيكَ». ـــــــــــــــــــــــــــــ باب 348 - (عبدان) على وزن شعبان (أبو رجاء) -بفتح الراء والجيم- عمران العطاردي. هذا آخر كتاب الطهارة طهرنا الله من الذنوب بمنه وكرمه.

8 - كتاب الصلاة

8 - كتاب الصلاة 1 - باب كَيْفَ فُرِضَتِ الصَّلاَةُ فِي الإِسْرَاءِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَنِى أَبُو سُفْيَانَ فِي حَدِيثِ هِرَقْلَ فَقَالَ يَأْمُرُنَا - يَعْنِى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بِالصَّلاَةِ وَالصِّدْقِ وَالْعَفَافِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الصلاة باب: كيف فرضت الصلاة في الإسراء الصلاة لغة: الدعاء، قال تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} [التوبة: 103]. قال صحاب "الكشاف": يقال صلى إذا حرك الصلوين، ولما كان المصلي يحركهما في الصلاة اشتق له منه، ولما اشتملت الصلاة على الدعاء أطلق عليه لفظ الصلاة، ورد هذا الكلام المحققون بأن لفظ الصلاة بمعنى الدعاء شائع في أشعار العرب أهل الجاهلية مع عدم علمهم بالصلاة الشرعية التي هي عبارة عن الأركان المخصوصة. (وقال ابن عباس: حَدَّثني أبو سفيان في حديث هرقل، يأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف) رواه تعليقًا. ورواه في بدء الوحي مسندًا. ثم وجه إيراده هنا أن أَبا سفيان أخبر بهذا بعد صلح الحديبية وذلك بعد الإسراء؛ فإن الإسراء كان بعد النبوة بعشر سنين وثلاثة أشهر ليلة سبع وعشرين من رجب، وقيل: سنة خمس أو ست، ليلة السابع والعشرين من ربيع الأول، أو السابع والعشرين من ربيع الآخر. هذه الأقوال ذكرها النووي، وقيل غير هذا والله أعلم. وحديث الإسراء متواتر. قال ابن الجوزي: رواه علي وابن مسعود وأبي وحذيفة وأبو سعيد الخُدرِيّ وجابر وأبو هريرة وابن عباس وأم هانئ وأبو ذر، أما بعد الصَّحَابَة فرواه أمة لا تحصى. واختلف في كيفية الإسراء هل كان بالروح أو الجسد، والثاني هو الصواب، وكذلك أنكر المشركون غاية الإنكار، واختلف أَيضًا في تعدده، أو كان مرة، والثاني هو الصواب، واختلف أَيضًا في أن المعراج هو الإسراء أو غيره، والأول هو الصواب إن شاء الله، وعليه

349 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ أَبُو ذَرٍّ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «فُرِجَ عَنْ سَقْفِ بَيْتِى وَأَنَا بِمَكَّةَ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ فَفَرَجَ صَدْرِى، ثُمَّ غَسَلَهُ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ جَاءَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وَإِيمَانًا، فَأَفْرَغَهُ فِي صَدْرِى ثُمَّ أَطْبَقَهُ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِى فَعَرَجَ بِى إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَلَمَّا جِئْتُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا ـــــــــــــــــــــــــــــ عول المصنف بقوله: (كيف فرضت الصلاة في الإسراء) على أن الإجماع على أنها فرضت ليلة المعراج. 349 - (يحيى بن بكير) بضم الباء، على وزن المصغر (أبو ذر) هو الغفاري المشهور، اسمه: جندب (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: فرج عن سقف بيتي وأنا بمكة) أي: كشف، هذا أمر خارق للعادة ليكون أنموذجًا لما يأتي بعده (فنزل جبريل) وكان معه ميكال، وقيل طائفة أخرى من الملائكة أَيضًا، وسيأتي في البُخَارِيّ: ثلاثة نفر (ففرج صدري) أي: شقه (ثم غسله بماء زمزم) ولعل الحكمة في إشارة ماء زمزم أنَّه حصل بفيض من الله لأبيه إسماعيل من غيره، فناسب أن يكون مقره كذلك الفيض الباهر، وزمزم غير منصرف للعلمية والتأنيث (ثم جاء بطست من ذهب) أصله: طس بسين مدغمة قلبت الثَّانية تاء لقرب المخرج (ممتلئ حكم وايمانًا) أي: معارف إلهية أصولًا أو فروعًا، وتقديم الحكمة على الإيمان لأن الإيمان كان موجودًا أو آثر أسلوب الترقي، وكونها في آنية الذهب لأنها أشرف أواني الجنة، وأما كون آنية الذهب لا يجوز استعمالها لا يرد؛ فإن هذا أمر من عالم الملكوت خارق للعادة، وأيضًا الحرمة إنما هي على أمته، والاستعمال هنا من الملائكة فلا إشكال. فإن قلت: الحكمة والإيمان أمران معقولان، فكيف ملئ بهما الطست؟ قلت: جعلهما الله في صورة الأجسام كما تجعل الأعمال الصالحة في صورة الأجسام النورانية يوم الحساب، أو هذا تمثيل وتصوير للمعقول في صورة المحسوس، والأول هو الوجه، ولفظ الامتلاء إنباء عن غاية الوفور، وأيده بلفظ الإفراغ. (ثم أطبقه) الضمير للصدر أي: غطاه من الطباق وهو الغطاء (ثم أخذ بيدي فعرج بي إلى السماء الدنيا) الباء فيه للمصاحبة، وفي هذا الطريق اختصار لأن عروجه كان

قَالَ جِبْرِيلُ لِخَازِنِ السَّمَاءِ افْتَحْ. قَالَ مَنْ هَذَا قَالَ هَذَا جِبْرِيلُ. قَالَ هَلْ مَعَكَ أَحَدٌ قَالَ نَعَمْ مَعِى مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم -. فَقَالَ أُرْسِلَ إِلَيْهِ قَالَ نَعَمْ. فَلَمَّا فَتَحَ عَلَوْنَا السَّمَاءَ الدُّنْيَا، فَإِذَا رَجُلٌ قَاعِدٌ عَلَى يَمِينِهِ أَسْوِدَةٌ وَعَلَى يَسَارِهِ أَسْوِدَةٌ، إِذَا نَظَرَ قِبَلَ يَمِينِهِ ضَحِكَ، وَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ يَسَارِهِ بَكَى، فَقَالَ مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالاِبْنِ الصَّالِحِ. قُلْتُ لِجِبْرِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ هَذَا آدَمُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ على البراق إلى بيت المقدس (فلما جئت إلى السماء الدنيا) لم يقل: جئنا لأن مجيئه هو الأمر الغريب دون الملك، كذا قيل، ولكن سيأتي بلفظ الجمع في مواضع، وذلك أنَّه تحدث بهذا الحديث مرارًا بعبارات كلها صادقة (قال جبرائيل لخازن السماء: افتح) أي: الباب (قال: من معك؟ قال: محمَّد، فقال: أرسل إليه) أي: بالعروج، فإنهم كانوا كانوا عالمين برسالته لأن الله تعالى يخبر الملائكة ليلة القدر بما يقع في ذلك العام، وقيل: الاستفهام للتعجب لأنه حصل له ما لم يحصل لأحد قبل، وقيل: استفهام عن رسالته فإنَّه خفي عليهم لاستغراقهم في الطاعات كما أخبر الله: {يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ (20)} [الأنبياء: 20]. ولفظ إليه في أرسل إليه يؤيد الوجه الأول (فلما فتح علونا السماء الدنيا) هذه على رغم أنف الفلاسفة الأنجاس الذين يقولون: الفلك لا يقبل الخرق، ولو اجتمع الإنس والجن على وزن خردل منه لا يقدرون على فلقه (فإذا رجل قاعد على يمينه أسودة) جمع سواد، وهو الشخص لأنه يرى من بعيد [أسود] قاله ابن الأثير (وإذا نظر قبل يساره بكى) إنما بكى حزنًا على أولاده، كما أنَّه ضحك إذا نظر أهل اليمن سرورًا بأهل الجنة. فإن قلت: أرواح أهل النَّار في سجين تحت الأرض السابعة، وأرواح المُؤْمنين في عليين. قلت: لا منافاة فإنَّه في مقامه يشاهد الطائفتين، ألا ترى إلى قوله: {وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ} [الأعراف: 44]، وقوله: {فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ (55)} [الصافات: 55] فسقط ما يقال: كيف تكون أرواح الكفار في السماء وقد قال تعالى: {لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ} [الأعراف: 40]، والجواب عنه بأنه أراد الأرواح التي لم تتعلق بالأبدان، على أن تعلق الحمل على ذلك لا يصح لعموم لفظ نسم بنيه. (فقال: مرحبًا بالنبي الصالح) نصب على المفعولية أي: أصاب الله به مكانًا ذا سعة،

وَهَذِهِ الأَسْوِدَةُ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ نَسَمُ بَنِيهِ، فَأَهْلُ الْيَمِينِ مِنْهُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ، وَالأَسْوِدَةُ الَّتِى عَنْ شِمَالِهِ أَهْلُ النَّارِ، فَإِذَا نَظَرَ عَنْ يَمِينِهِ ضَحِكَ، وَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ شِمَالِهِ بَكَى، حَتَّى عَرَجَ بِى إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ فَقَالَ لِخَازِنِهَا افْتَحْ. فَقَالَ لَهُ خَازِنُهَا مِثْلَ مَا قَالَ الأَوَّلُ فَفَتَحَ». قَالَ أَنَسٌ فَذَكَرَ أَنَّهُ وَجَدَ فِي السَّمَوَاتِ آدَمَ وَإِدْرِيسَ وَمُوسَى وَعِيسَى وَإِبْرَاهِيمَ - صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - وَلَمْ يُثْبِتْ كَيْفَ مَنَازِلُهُمْ، غَيْرَ أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ وَجَدَ آدَمَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا، وَإِبْرَاهِيمَ فِي السَّمَاءِ السَّادِسَةِ. قَالَ أَنَسٌ فَلَمَّا مَرَّ جِبْرِيلُ بِالنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِإِدْرِيسَ قَالَ مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالأَخِ الصَّالِحِ. فَقُلْتُ مَنْ هَذَا قَالَ هَذَا إِدْرِيسُ. ثُمَّ مَرَرْتُ بِمُوسَى فَقَالَ مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالأَخِ الصَّالِحِ. قُلْتُ مَنْ هَذَا قَالَ هَذَا مُوسَى. ثُمَّ مَرَرْتُ بِعِيسَى فَقَالَ مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ ـــــــــــــــــــــــــــــ أو مفعول مطلق في موضع الترحيب. قال بعضهم: مفعول مطلق تقديره: أصبت رحبًا، وهذا سهو منه؛ لأن هذا تقدير المفعول به، وأيضًا صيغة الخطاب لا تصح مع قوله: مرحبًا بالنبي، وإنما لم يقل مرحبًا بك لأن في لفظ النَّبِيّ فخامة وإجلالًا لا يوجد في الخطاب، وعلى هذا الأسلوب جرى معه كلام سائر الأنبياء. (هذه الأسودة عن يمينه وشماله نسم) جمع نسمة، وهي الروح، قال ابن الأثير: كل ذي روح نسمة، وكأنه مأخوذ من نسيم الريح للطافة الروح (قال أنس: فذكر أنَّه وجد في السماوات آدم وإدريس وموسى وعيسى وإبراهيم ولم يثبت منازلهم) الذاكر هو أبو ذر الذي روى عنه أنس، وقد جاء إثبات منازلهم في بعض الروايات. قال النووي: وما يقع من الاختلاف فليس بتناقض؛ لأنهم يسيرون في عالم الملكوت، ألا ترى أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلى بهم كلهم في بيت القدس. فإن قلت: قول موسى وعيسى: (مرحبًا بالأخ الصالح) ظاهر لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن من نسلهم، فما وجه قول إدريس، وهلا قال مثل قول إبراهيم: مرحبًا بالابن الصالح؟ قلت: تواضع منه، وسيأتي أن الأنبياء كلهم إخوة، وقيل: لأن إدريس ليس من آباء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وليس بصواب؛ لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من ولد نوح بلا خلاف، ونوح من ولد إدريس كذلك. فإن قلت: لم وصفه كل منهم بالصلاح، والنبوة فوق الصلاح؟ قلت: الصلاح وصف جامع لكل فضيلة وخصلة حميدة. وقال بعض المحققين: وصف الشيء بآخر قد يكون لتعظيم الموصوف كرجل عالم، وقد يكون لتعظيم الوصف منه، وصفة الأنبياء بالصلاح

الصَّالِحِ. قُلْتُ مَنْ هَذَا قَالَ هَذَا عِيسَى. ثُمَّ مَرَرْتُ بِإِبْرَاهِيمَ فَقَالَ مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالاِبْنِ الصَّالِحِ. قُلْتُ مَنْ هَذَا قَالَ هَذَا إِبْرَاهِيمُ - صلى الله عليه وسلم -». قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَأَخْبَرَنِى ابْنُ حَزْمٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَأَبَا حَبَّةَ الأَنْصَارِىَّ كَانَا يَقُولاَنِ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «ثُمَّ عُرِجَ بِى حَتَّى ظَهَرْتُ لِمُسْتَوًى أَسْمَعُ فِيهِ صَرِيفَ الأَقْلاَمِ». قَالَ ابْنُ حَزْمٍ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «فَفَرَضَ اللَّهُ عَلَى أُمَّتِى خَمْسِينَ صَلاَةً، فَرَجَعْتُ بِذَلِكَ حَتَّى مَرَرْتُ عَلَى مُوسَى فَقَالَ مَا فَرَضَ اللَّهُ لَكَ عَلَى أُمَّتِكَ قُلْتُ فَرَضَ خَمْسِينَ صَلاَةً. قَالَ فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لاَ تُطِيقُ ذَلِكَ. فَرَاجَعْتُ فَوَضَعَ شَطْرَهَا، فَرَجَعْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــ إشارة إلى أن الصلاح وصف يوصف به الرسل فيكون فيه ترغيب للسامع، ويجوز أن يكون اللام للعهد أي: الذي صلح لهذه الرتبة السنية. (قال ابن شهاب: فأخبرني ابن حزم) -بالزاي المعجمة- محمَّد بن حزم الأَنْصَارِيّ، تابعي جليل القدر (وأبا حبَّة الأَنْصَارِيّ) -بحاء مهملة وباء موحدة- قال الغساني: اسمه عامر، وقيل: زيد (ثم عرج بي حتَّى ظهرت لمستوى) بفتح التاء أي: علوه، الفضاء الذي لا عوج فيه (أسمع منه صريف الأقلام) صوت جريانها في الكتاب. قال الأصمعيّ: الصريف صوت ناب البعير إذا كان من الفحول يكون من النشاط، وإذا كان من الإناث يكون من الإعياء. (قال ابن حزم وأنس: قال النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم-: ففرض الله على أمتي خمسين صلاة) هذا من مقول ابن شهاب داخل تحت الإسناد وليس من التعليق في شيء، نبه عليه أبو نعيم وكذا ذكره الإسماعيلي وآخرون. قيل: في هذا إشكال وهو أن النسخ قبل البلاغ واعتقاد وجوبه لا يجوز عندنا، وأجاب شيخ الإِسلام بأنه نسخ بالنسبة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإن لم يكن نسخًا بالنسبة إلى أمته، ولا يدفع الإشكال لقوله: (فرض على أمتي). والحق في الجواب أن التبليغ إلى كل من كلف به ليس بواجب قطعًا، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان مكلفًا بالصلوات، فعلمه بذلك كاف؛ لأن ما التزمه لازم لأمته إذا لم يكن من خواصه، وإلى ما فصلناه أشار البزدوي في دفع الإشكال بأن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أصل هذه. فإن قلت: قال الله تعالى للأمة في آخر المزمل: {قُمِ اللَّيْلَ} [المزمل: 2] والمراد به صلاة الليل، وقال فيه: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43] والمزمل من أوائل القرآن نزولًا. قلت: كانت الصلاة مشروعة في الجملة، وقيل: كانت صلاة الصبح وصلاة العصر وإليهما أشير بقوله: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ} [غافر: 55].

إِلَى مُوسَى قُلْتُ وَضَعَ شَطْرَهَا. فَقَالَ رَاجِعْ رَبَّكَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لاَ تُطِيقُ، فَرَاجَعْتُ فَوَضَعَ شَطْرَهَا، فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لاَ تُطِيقُ ذَلِكَ، فَرَاجَعْتُهُ. فَقَالَ هِىَ خَمْسٌ وَهْىَ خَمْسُونَ، لاَ يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَىَّ. فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ رَاجِعْ رَبَّكَ. فَقُلْتُ اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَبِّى. ثُمَّ انْطَلَقَ بِى حَتَّى انْتَهَى بِى إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، وَغَشِيَهَا أَلْوَانٌ لاَ أَدْرِى مَا هِىَ، ثُمَّ أُدْخِلْتُ الْجَنَّةَ، فَإِذَا فِيهَا حَبَايِلُ اللُّؤْلُؤِ، وَإِذَا تُرَابُهَا الْمِسْكُ». طرفاه 1636، 3342 ـــــــــــــــــــــــــــــ إنما الكلام في فرضية الصلوات الخمس (ارجع إلى ربك) أي: إلى الموضع الذي كنت تناجيه فيه. (هي خمس وهي خمسون) أي: خمس عددًا وخمسون معنىً لأن الحسنة أقل ما يكون بعشر أمثالها، وأما النهاية باعتبار حال المصلي والأزمان والأماكن فلا يحيط به إلَّا علم علام الغيوب تعالى وتقدس (إلى سدرة المنتهى) وفي رواية: "السدرة" فعلى الرواية الأولى من إضافة الموصوف إلى الصفة، كمسجد الجامع، وهذه شجرة النبوة كما سيأتي وصفها. قال ابن عباس: لأن علم الملائكة لا يجاوزها غير رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وعن ابن مسعود: لأن ما يصعد من تحت ينتهي إليها وكذلك ما ينزل من فوق (وغشيها ألوان لا أدري ما هي) أي: من كمال حسنها كما جاء في الرواية الأخرى: "ولا يقدر أحد من الخلق أن ينعتها"، وبه يسقط ما قيل: قوله: ما هي للتفخيم وإن كان معلومًا. (ثم أدخلت الجنة) أي: بعد قضاء الوطر من مناجاة ربه تعالى وتخفيف الأمر على أمته. قال ابن دحية: (ثم) ليس على أصله من التراخي زمانًا، بل للتراخي رتبة، وليس كما قال، وأي رتبة فوق مناجاة رب العالمين؟ (فهذا فيها حبائل اللؤلؤ) بالحاء بعدها باء موحدة. قال ابن الأثير: كذا وقع في البُخَارِيّ، والمعروف جنابذ بالجيم جمع جنبذ -بضم الجيم وفتح الباء- معرب كنبذ فارسي معناه: القبة، قال: ويحمل ما في البُخَارِيّ على مواضع المرتفع كجبال الرمل كأنه جمع حبالة، وجبالة جمع جبل، والجبال في الرمل كالجبال في غير الرمل، وفي الحديث دلالة على فضل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على سائر الرسل، وعلى وجود الملائكة والجنة والنار، وأن السماوات ذات أبواب، وضل الصلاة على سائر فروع الإيمان لأنها فرضت من غير واسطة ملك، ودلالة على جواز النسخ قبل التمكن من الفعل، وأن ما في علمه تعالى لا يتبدل، وأما قوله تعالى: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [الرعد: 39]

350 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ «فَرَضَ اللَّهُ الصَّلاَةَ حِينَ فَرَضَهَا رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ، فَأُقِرَّتْ صَلاَةُ السَّفَرِ، وَزِيدَ فِي صَلاَةِ الْحَضَرِ». طرفاه 1090، 3935 ـــــــــــــــــــــــــــــ و"الصدقة تزيد في العمر" ونظائره فليس فيه تبديل، بل الواقع هو الذي كان في علمه في الأزل، وهو المعبر عنه بالقضاء المبرم وغيره من القضاء المعلق. 350 - (صالح بن كيسان) بفتح الكاف وسكون الياء (عن عائشة قالت: فرض الله الصلاة حيث فرضها ركعتين في الحضر والسفر، فأقرت صلاة السفر، وزيد في صلاة الحضر). فإن قلت: روي عن ابن عباس أن الصلاة فرضت في الحضر أربعًا، وفي السفر ركعتين. قلت: رواية عائشة في مسلم والبخاري لا تقاومها رواية ابن عباس. فإن قلت: يحمل قول عائشة على ما قبل الإسراء من صلاة العشي والإبكار. قلت: خلاف الظاهر لأن صلاة العشي والإبكار ليس لهما حديث معتمد، كيف والبخاري إنما أورد حديث عائشة في باب فريضة الصلاة في باب الإسراء. فإن قلت: إذا أقرت صلاة السفر على الركعتين فكيف قال الشَّافعيّ وأَحمد: يجوز الإتمام؟ قلت: حملا القصر على الرخصة تخفيفًا، وأجاب بعضهم للشافعي بأن قول عائشة: يجوز أن يكون اجتهادًا، وليس بشيء لأن هذا مما لا مساغ فيه للاجتهاد، وعند أهل الحديث والأصول مثله من قبيل المرفوع. فإن قلت: قوله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} [النساء: 101] الظاهر فيما قاله ابن عباس. قلت: بعد الزيادة في الحضر رفع الجناح عن المسافر، نظيره قوله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا

2 - باب وجوب الصلاة فى الثياب وقول الله تعالى (خذوا زينتكم عند كل مسجد) ومن صلى ملتحفا فى ثوب واحد

2 - باب وُجُوبِ الصَّلاَةِ فِي الثِّيَابِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ). وَمَنْ صَلَّى مُلْتَحِفًا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَيُذْكَرُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَزُرُّهُ وَلَوْ بِشَوْكَةٍ». ـــــــــــــــــــــــــــــ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [النساء: 158] دفع توهم الجناح. فإن قلت: ما فائدة التكرير في قولها ركعتين؟ قلت: معناه في كل صلاة لئلا يتوهم أن الفرض كل يوم وليلة ركعتان. وقال بعضهم: فإن قلت: بم انتصب قوله ركعتين؟ قلت: بالحالية، ثم قال: فإن قلت: ما حكم لفظ ركعتين الثاني؟ قلت: هو تكرار اللفظ، وهما بالحقيقة عبارة عن كلمة واحدة نحو المز القائم مقام الحلو الحامض، وهذا غلط؛ لأن الحلو الحامض شيء واحد هو المز المركب منهما، وأين هذا من ذاك؟! بل نظيره من التوزيع قولك الجماعة: خذوا من هذه الدراهم درهمين. باب وجوب الصلاة في الثياب كان ظاهر العبارات وجوب الثياب في الصلاة إلَّا أنَّه أوقع الثياب حالًا، فالمعنى وجوب الصلاة مقيدًا بالثياب أي: مشروطًا به، وذكر الثياب بناء على الغالب، وإلا فالشرط ستر العورة بأي ساتر كان من الجلد وغيره، والعورة من الرَّجل: ما بين السرة والركبة عند الشَّافعيّ وأَحمد، وفي رواية عن أَحْمد: الفرجان، وعند أبي حنيفة: الركبة من العورة دون السرة، ومن المرأة ما سوى الوجه والكفين والقدمين، وعند الشَّافعيّ ومالك: القدمان عورة، وعن أَحْمد في رواية كلها عورة إلَّا الوجه، والأمة مثل الرَّجل. (ومن صلى ملتحفًا في ثوب واحد) هذا بعض الترجمة، وهو بعض حديث سيذكره مسندًا. (ويذكر عن سلمة بن الأكوع) هو سلمة بن عمرو بن سنان، والأكوع لقب سنان الأسلمي المدنِيُّ، يكنى أَبا عامر، وقيل: أَبا إياس، سكن الربذة، ذو المناقب الوافرة، من شجعان الصَّحَابَة، سيأتي بعض أوصافه الحسنة في البُخَارِيّ إن شاء الله تعالى. ذكر حديثه معلقًا بصيغة التمريض لأن مدار حديثه هذا على موسى بن مُحَمَّد بن إبراهيم بن الحارث التَّيْميّ، وهو منكر الحديث. قاله ابن القطَّان والبخاري وغيرهما، وكذلك نبه عليه

فِي إِسْنَادِهِ نَظَرٌ، وَمَنْ صَلَّى فِي الثَّوْبِ الَّذِى يُجَامِعُ فِيهِ مَا لَمْ يَرَ أَذًى، وَأَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ لاَ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ. 351 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ أُمِرْنَا أَنْ نُخْرِجَ الْحُيَّضَ يَوْمَ الْعِيدَيْنِ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ، فَيَشْهَدْنَ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَدَعْوَتَهُمْ، وَيَعْتَزِلُ الْحُيَّضُ عَنْ مُصَلاَّهُنَّ. قَالَتِ امْرَأَةٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِحْدَانَا لَيْسَ لَهَا جِلْبَابٌ. قَالَ «لِتُلْبِسْهَا صَاحِبَتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا». طرافه 324 ـــــــــــــــــــــــــــــ بقوله: (وفي إسناده نظر)، (زرة ولو بشوكة) الضمير للقميص لئلا تبدو منه العورة. (ومن صلى في الثوب الذي يجامع فيه) من تمام الترجمة، وهو حديث أسنده أبو داود من رواية معاوية عن أم المُؤْمنين أم حبيبة (وأمر النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أن لا يطوف بالبيت عريانًا) سيذكر مسندًا في حج أبي بكر، وإنما علقه هنا لدلالته على أن الطواف لا يجوز عريانًا، فالصلاة من باب الأولى. 351 - (يزيد بن إبراهيم) من الزيادة (أم عطية) -على وزن ولية- الأنصارية واسمها نسيبة، وقد تقدم شرح الحديث في كتاب الحيض مستوفى (وإن جلبابها) يحتمل أن يكون بعض الجلباب الذي عليها، وجلباب آخر غير الذي عليها، والأول أبلغ في الحث على الحضور. (وقال عبد الله بن رجاء) ابن المثنَّى الغداني -بضم الغين المعجمة وتشديد الدال- البَصْرِيّ، وقد غلط من قال: هو عبد الله بن رجاء المكيّ، إذ ليس للبخاري عنه رواية, وهذا شيخ البُخَارِيّ، وإنما روى عنه بلفظ قال لأنه سمع الحديث منه مذاكرة، وفائدة هذه الرواية التصريح بلفظ سماع ابن سيرين عن أم عطية بخلاف ما أسنده أولًا.

3 - باب عقد الإزار على القفا فى الصلاة

3 - باب عَقْدِ الإِزَارِ عَلَى الْقَفَا فِي الصَّلاَةِ وَقَالَ أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلٍ صَلَّوْا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - عَاقِدِى أُزْرِهِمْ عَلَى عَوَاتِقِهِمْ. 352 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِى وَاقِدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ صَلَّى جَابِرٌ فِي إِزَارٍ قَدْ عَقَدَهُ مِنْ قِبَلِ قَفَاهُ، وَثِيَابُهُ مَوْضُوعَةٌ عَلَى الْمِشْجَبِ قَالَ لَهُ قَائِلٌ تُصَلِّى فِي إِزَارٍ وَاحِدٍ فَقَالَ إِنَّمَا صَنَعْتُ ذَلِكَ لِيَرَانِى أَحْمَقُ مِثْلُكَ، وَأَيُّنَا كَانَ لَهُ ثَوْبَانِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أطرافه 353، 361، 370 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب عقد الإزار على القفا الإزار والمئزر: ما يستر به ما تحت السرة من البدن من الأزر وهو القوة لأنه يشد الظهر، والقفا: مقصور مؤخر العنق يذكر ويؤنث قاله الجوهري. (أبو حازم) -بالحاء المهملة- سلمة بن دينار، هو الراوي عن سهل بن سعد الساعدي حيث وقع في البُخَارِيّ وسهل بن سعد الساعدي هذا آخر من مات من الصَّحَابَة بالمدينة، وكان اسمه حزنًا فسماه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سهلًا، وهذا الحديث علقه عنه البُخَارِيّ وأسنده عنه مسلم وأبو داود (صلوا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عاقدي أزرهم) -بضم الهمزة- جمع إزار ككتب في كتاب. 352 - (واقد بن محمَّد) -بالقاف المكسورة- أخو عاصم بن محمَّد المذكور الراوي عنه عن محمَّد بن المنكدر بضم الميم وكسر الدال (قال: صلى جابر في إزار قد عقده من قبل قفاه، وثيابه موضوعة على المشجب) -بكسر الميم وستين معجمة- قال ابن الأثير: عيدان تضم رؤوسها ويفرج بين قوائمها توضع عليها الثياب، وقد تعلق عليها الأسقية. قلت: هذا معروف كثيرًا ما يكون مع الأمراء والأعيان في الأسفار، والعجم تسميه ... (قال له قائل: تصلي في إزار واحد) قاله على وجه الاعتراض، وجابر من العلماء من الصَّحَابَة معروف ولذلك غلظ عليه في الجواب (فقال: إنما صنعت ذلك ليراني أحمق مثلك) الرواية بالرفع لأنه لا يتعرف بالإضافة في مثل هذا الموضع، ويجوز كونه صفة لأحمق. قال الجوهري:

353 - حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ أَبُو مُصْعَبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى الْمَوَالِى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ رَأَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يُصَلِّى فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَقَالَ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى فِي ثَوْبٍ. طرفه 352 ـــــــــــــــــــــــــــــ الحمق قلة العقل، والفعل منه حمق بضم الميم وكسرها. قلت: هو قلة العقل لكن مع تيه وتكبر، ولا يقال لكل قليل عقل. وفي رواية لمسلم أن هذا القائل هو عبادة بن الوليد بن الخالد الغبري مات سنة ثمان وخمسين. 353 - (مطرف) بضم الميم وكسر الراء المشددة (أبو مصعب) على وزن اسم المفعول (عن عبد الرَّحْمَن بن أبي الموالي) بفتح الميم جمع مولى، يكنى أَيضًا أَبا محمَّد مولى علي بن أبي طالب (رأيت جابرًا يصلي في ثوب واحد، قال: رأيت النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - يصلي في ثوب واحد) هذه الزيادة لم تكن في الحديث الأول. فإن قلت: ليس في هذا الحديث ما يدل على الترجمة من عقد الإزار على القفا. قلت: أجاب بعضهم بأن هذا طرف من الحديث الذي قبله، أو دل عليه بناء على الغالب، فإنَّه لولا عقده على القفا لما ستر العورة، وهذا وهم منه، فإن هذا حديث آخر سيأتي في الباب الثامن أن جابرًا رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي في الثوب الواحد ملتحفًا به. فوجه إيراده هنا أنَّه إذا أمكن الالتحاف فلا حاجة إلى عقده، هكذا أجاب شيخ الإِسلام، والأحسن أن يكون إشارة إلى الحديث الذي في الباب الثالث بعد هذا الباب، وهو أنَّه قال لجابر: "إن كان الثوب واسعًا فالتحف به، وإن كان ضيقًا فاتزر به" فيوافق الترجمة صريحًا. واعلم أن هذا الذي فعله جابر بيان للجواز، ألا ترى كيف اعترض عليه فإنَّه كان ينكر جواز ذلك، فأراد إعلام النَّاس، وإلا فالأفضل للواجد أن يلبس في الصلاة ثيابًا متعددة، ثياب زينة أحسن ما يقدر عليه ليكون في عبادة ربه على أحسن وصف ظاهرًا وباطنًا، ويكون عاملًا بمقتضى قوله تعالى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 31] وقد روى ابن القطَّان "إذا صلى أحدكم فليلبس ثوبيه، فالله أحق أن يزين له، فمن لم يكن له ثوبان فليتزر ولا يشتمل اشتمال اليهود".

4 - باب الصلاة فى الثوب الواحد ملتحفا به

4 - باب الصَّلاَةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ مُلْتَحِفًا بِهِ قَالَ الزُّهْرِىُّ فِي حَدِيثِهِ الْمُلْتَحِفُ الْمُتَوَشِّحُ، وَهْوَ الْمُخَالِفُ بَيْنَ طَرَفَيْهِ عَلَى عَاتِقَيْهِ، وَهْوَ الاِشْتِمَالُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ. قَالَ وَقَالَتْ أُمُّ هَانِئٍ الْتَحَفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِثَوْبٍ، وَخَالَفَ بَيْنَ طَرَفَيْهِ عَلَى عَاتِقَيْهِ. 354 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِى سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ قَدْ خَالَفَ بَيْنَ طَرَفَيْهِ. طرفاه 355، 356 355 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِى سَلَمَةَ أَنَّهُ رَأَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، قَدْ أَلْقَى طَرَفَيْهِ عَلَى عَاتِقَيْهِ. طرفاه 354، 356 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الصلاة في الثوب الواحد ملتحفًا به (قال الزُّهْرِيّ في حديثه: الملتحف المتوشح، هو المخالف بين طرفيه على عاتقي) أي: فسر الزُّهْرِيّ في حديثه الذي رواه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلى في ثوب الملتحف بالمتوشح، والمتوشح بالمخالف بين طرفيه، وذلك لئلا تبدو عورته، والالتحاف لغة: التغطي، والتوشح مأخوذ من الوشاح. قال الجوهري: هو ما ينسج من أديم عريض ويرصع بالجواهر وتشده المرأة بين عاتقها [كشيحها] (قالت أم هانئ) بنت أبي طالب، أكبر من علي، أسلمت يوم الفتح (التحف النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - يوم الفتح بثوب وخالف بين طرفيه على عاتقيه) بأن تلقي ما في اليمين على العاتق الأيسر وبالعكس. 354 - (عبيد الله بن موسى) بضم العين مصغر (عمر بن أبي سلمة) -بضم العين- ربيب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. 355 - (محمَّد بن المثنَّى) -بضم الميم وتشديد النُّون- اسم مفعول من التثنية (يحيى) هو ابن سعيد.

356 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ أَبِى سَلَمَةَ أَخْبَرَهُ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُشْتَمِلاً بِهِ فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، وَاضِعًا طَرَفَيْهِ عَلَى عَاتِقَيْهِ. 357 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِى أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ أَبِى النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّ أَبَا مُرَّةَ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِى طَالِبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أُمَّ هَانِئٍ بِنْتَ أَبِى طَالِبٍ تَقُولُ ذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ الْفَتْحِ، فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ، وَفَاطِمَةُ ابْنَتُهُ تَسْتُرُهُ قَالَتْ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ «مَنْ هَذِهِ». فَقُلْتُ أَنَا أُمُّ هَانِئٍ بِنْتُ أَبِى طَالِبٍ. فَقَالَ «مَرْحَبًا بِأُمِّ هَانِئٍ». فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ غُسْلِهِ، قَامَ فَصَلَّى ثَمَانِىَ رَكَعَاتٍ، مُلْتَحِفًا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، زَعَمَ ابْنُ أُمِّى أَنَّهُ قَاتِلٌ رَجُلاً قَدْ أَجَرْتُهُ فُلاَنَ بْنَ هُبَيْرَةَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ». قَالَتْ أُمُّ هَانِئٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ 356 - (عبيد بن إسماعيل) على وزن المصغر (رأيت رسول الله -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يصلي في ثوب واحد مشتملًا به واضعًا طرفيه على عاتقيه) هذا تفسير لقوله: مشتملًا لأن الاشتمال نوعان، منه نوع منهي عنه اشتمال الصماء كما سيأتي قريبًا. 357 - (إسماعيل بن أبي أويس) -بضم الهمزة- ابن أخت مالك صاحب المذهب (عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله) واسمه سالم (أن أَبا مرة) -بضم الميم وتشديد [الراء]- مولى أم هانئ، وقد يقال: مولى عقيل لملازمته إياه واسمه يزيد (عام الفتح) أي: فتح مكة، علم له بالغلبة (مرحبًا بأم هانئ)، وفي بعضها "يَا أم هانئ" بياء النداء (فصلى ثمان ركعات) بالنُّون وحده، وفي بعضها "ثماني" بالياء وهو الأصل (زعم ابن أم أنَّه قاتل رجلًا أجرته) هو علي وهو أخوها من أبيها أَيضًا إلَّا أنها في الغضب نسبته إلى الأم، وكذلك الغضب أَيضًا تصرح باسمه، وفي رواية الحموي "ابن أبي"، وابن الأم وإن كان يقال في موضع المحبة والترقق كقول هارون لموسى: {يَبْنَؤُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي} [طه: 94] إلَّا أن المقام لا يساعده (فلان ابن هبيرة) الأكثر على أنَّه جعدة بن هبيرة، وابن أم هانئ أَيضًا من هبيرة ابن أم هانئ، وفيه اختلاف كثير (قد أجرنا من أجرت يَا أم هانئ) أجرنا على وزن نصرنا مأخوذ من معنى الجوار، واستدل به على جواز الأمان من النساء وليس كذلك لأن الأمان إنما

5 - باب إذا صلى فى الثوب الواحد فليجعل على عاتقيه

وَذَاكَ ضُحًى. طرفه 280 358 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ سَائِلاً سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الصَّلاَةِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَوَلِكُلِّكُمْ ثَوْبَانِ». طرفه 365 5 - باب إِذَا صَلَّى فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ فَلْيَجْعَلْ عَلَى عَاتِقَيْهِ 359 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يُصَلِّى أَحَدُكُمْ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ، لَيْسَ عَلَى عَاتِقَيْهِ شَىْءٌ». طرفه 360 ـــــــــــــــــــــــــــــ حصل من قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أجرنا, ولو كان كما قيل كان حق الكلام أن يقول: ليس لعلي ذلك بعد أن أجرت الرَّجل (وذاك ضحى) أي: وقت صلاة الضحى، وفي حديثها من الفوائد استحباب صلاة الضحى، والسلام على من في الحجاب، وجواز ستر المرأة المحارم وقبول شفاعته من الأعزة والملاطفة وحسن الالتقاء والترحيب. 358 - (عن أبي هريرة أن سائلًا سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة في ثوب واحد) سأل عن جواز ذلك، ولذلك أنكر عليه بقوله: (أو لكلكم ثوبان) استقر فهمه مع ظهور المسألة، وذلك أنَّه يعلم أن ليس لكل أحد ثوبان مع علمه بأنهم لا يتركون الصلاة لذلك، فلم يكن يحتاج إلى السؤال لو تأمل أدنى تأمل في "مبسوط السرخسي" أن السائل ثوبان. باب إذا صلى في ثوب واحد فليجعل على عاتقيه أي: على كل عاتق منه شيئًا من ذلك الثوب. 359 - (أبو عاصم) ضحاك بن مخلد (أبو الزِّناد) -بكسر الزاي المعجمة- عبد الله بن ذكوان (لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقيه شيء) أي: على كل واحد منهما للحديث الذي بعده من رواية أبي هريرة من تفسيره لقوله: فليخالف بين طرفيه. قال ابن الأثير: الرواية "لا يصلي أحدكم" بإثبات الياء، فحمل على النفي لأن علامة الجزم فيه حذف الياء.

6 - باب إذا كان الثوب ضيقا

360 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ سَمِعْتُهُ - أَوْ كُنْتُ سَأَلْتُهُ - قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ أَشْهَدُ أَنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَنْ صَلَّى فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، فَلْيُخَالِفْ بَيْنَ طَرَفَيْهِ». طرفه 359 6 - باب إِذَا كَانَ الثَّوْبُ ضَيِّقًا 361 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ سَأَلْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الصَّلاَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قلت: هذا غير لازم فإن قومًا من العرب العرباء لم تحذف الياء في مثله بالجوازم، ومنه رواية قنبل عن ابن كثير: {مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ} [يوسف: 90] بإثبات الياء، وعليه قول الشَّاعر: ألم يأتيك والأنباء تنمي قال النووي: الجمهور على أن هذا النهي للتنزيه. قال الخطابي: قد ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى في ثوب واحد، أحد طرفيه على بعض نسائه، والتحقيق: أن غرض الشارع ستر العورة، فإن قدر الإنسان على المحافظة على ذلك فلا بأس به كما فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وإن لم يقدر فصلاته فاسدة، والأولى على كل حال تركه، وفعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - محمول على الجواز. 360 - (أبو نعيم) -بضم النُّون، على وزن المصغر- فضل بن دكين. (شيبان) بالمعجمة بعدها ياء مثناة بعدها باء موحدة (سمعت أَبا هريرة يقول: أشهد) -بفتح الهمزة- صيغة تكلم من الشهادة جارٍ مجرى القسم يؤكد به مضمون الخبر، وشرح الحديث مر آنفًا. باب إذا كان الثوب ضيقًا عن الالتحاف بتشديد الياء وتخفيفها قراءتان متواترتان. 361 - (فليح) بضم الفاء، على وزن المصغر (سألنا جابر بن عبد الله عن الصلاة في

فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ فَقَالَ خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، فَجِئْتُ لَيْلَةً لِبَعْضِ أَمْرِى، فَوَجَدْتُهُ يُصَلِّى وَعَلَىَّ ثَوْبٌ وَاحِدٌ، فَاشْتَمَلْتُ بِهِ وَصَلَّيْتُ إِلَى جَانِبِهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ «مَا السُّرَى يَا جَابِرُ». فَأَخْبَرْتُهُ بِحَاجَتِى، فَلَمَّا فَرَغْتُ قَالَ «مَا هَذَا الاِشْتِمَالُ الَّذِى رَأَيْتُ». قُلْتُ كَانَ ثَوْبٌ. يَعْنِى ضَاقَ. قَالَ «فَإِنْ كَانَ وَاسِعًا فَالْتَحِفْ بِهِ، وَإِنْ كَانَ ضَيِّقًا فَاتَّزِرْ بِهِ». طرافه 352 362 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلٍ قَالَ كَانَ رِجَالٌ يُصَلُّونَ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - عَاقِدِى أُزْرِهِمْ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ كَهَيْئَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ ثوب واحد) أي: في جوازها (فقال: خرجت مع النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- في بعض أسفاره) عدل عن ظاهر الجواب بإيراد آثار ... أسند فيه الجواب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليكون أبلغ في دفع الإشكال وفي رواية مسلم: كان ذلك في غزوة بواط أول غزوة غزاها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (وصليت إلى جانبه) أي: واصلًا إلى جانبه (قال: ما السرى يَا جابر) السرى: هو السير بالليل، يقال فيه سرى وأسرى ليس سؤاله عن وجود السرى، بل عن موجبه، فإنَّه في وقت غير متعارف مجيئه فيه (قال: ما هذا الاشتمال الذي رأيت) كان مشتملًا اشتمال الصماء من غير أن يجعل على عاتقيه منه شيئًا (قال: كان ثوب يعني ضاق) وسط لفظ يعني لأنه لم يكن ضابطًا عبارته، ومحصله: اعتذر جابر بأنه كان ضيقًا لم يحتمل أن يخالف بين طرفيه فأرشده إلى طريق آخر بقوله: (إن كان ضيقًا فاتزر به) فإن الغرض من المخالفة بين طرفيه ألا تظهر عورته، والاتزار مثله في ذلك. وفقه الحديث جواز طروق الملوك والعلماء بالليل إذا دعت إليه الضرورة، وقوله (فاتزر) بهمزة ساكنة، ويروى بالإدغام. 362 - (مسدد) بضم الميم على صيغة المفعول (يحيى) ابن القطَّان (سفيان) يجوز أن يكون ابن عيينة والثوري، فإن يحيى يروي عن كل منهما (عن أبي حازم) هو سلمة بن دينار كان رجال يصلون مع النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- عاقدي أزرهم) نصب على الحال، والأزر -بضم الهمزة

7 - باب الصلاة فى الجبة الشأمية

الصِّبْيَانِ، وَقَالَ لِلنِّسَاءِ لاَ تَرْفَعْنَ رُءُوسَكُنَّ حَتَّى يَسْتَوِىَ الرِّجَالُ جُلُوسًا. طرفاه 814، 1215 7 - باب الصَّلاَةِ فِي الْجُبَّةِ الشَّأْمِيَّةِ وَقَالَ الْحَسَنُ فِي الثِّيَابِ يَنْسُجُهَا الْمَجُوسِىُّ لَمْ يَرَ بِهَا بَأْسًا. وَقَالَ مَعْمَرٌ رَأَيْتُ الزُّهْرِىَّ يَلْبَسُ مِنْ ثِيَابِ الْيَمَنِ مَا صُبِغَ بِالْبَوْلِ. وَصَلَّى عَلِىٌّ فِي ثَوْبٍ غَيْرِ مَقْصُورٍ. 363 - حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ والزاي- جمع الإزار ككتب في كتاب (ويقال للنساء: لا ترفعن رؤوسكن حتَّى يستوي الرجال جلوسًا) لئلا يقع بصرهن على عورات الرجال، وفيه إشكال؛ فإن ظهور العورة في الصلاة مبطل، اللهمَّ إلَّا أن يحمل على الضرورة لعدم قدرتهم على غير ذلك، والجواب بأن ظهور العورة من أسفل لا يضر لا يصح فإن ظهور العورة في الركوع والسجود ليس من ذلك. باب الصلاة في الجبة الشامية الشَّام هي البلاد المعروفة من الفرات إلى وادي العريش وفيه ثلاث لغات سكون الهمزة وفتحها بعدها ألف، وبالألف بلا همزة. (وقال الحسن في الثياب ينسجها المجوسي لم ير بها بأسًا) لم ير بفتح الياء أي: الحسن لم هي بذلك بأسًا كما تقول: قال الشَّافعيّ في متروك التسمية لم ير به بأسًا، أي: قال به هذا القول وحمله على التجريد لا يلائم المقام فإن ذلك إنما يكون إذا أريد المبالغة في وصف الشيء، وقوله: ينسجها جملة حالية. أو بتقدير الموصول على أنَّه صفة الثياب. (وقال معمر: رأيت الزُّهْرِيّ يلبس من ثياب اليمن ما صبغ بالبول) الظاهر أن يكون بعد الغسل (وصلى علي في ثوب غير مقصور) أي: غير مغسول، هذه الأشياء اتفقت عليها الأئمة كما يقولون ما غلبت نجاسة مثله فهو ظاهر. 363 - (يحيى) كذا وقع غير منسوب، قال ابن السكن: هو يحيى بن موسى بن عبد ربه الملقب بخت بخاء معجمة ومثناة فوق مشددة، ويجوز أن يكون يحيى بن جعفر فإن البُخَارِيّ

8 - باب كراهية التعرى فى الصلاة وغيرها

حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ مُغِيرَةَ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي سَفَرٍ فَقَالَ «يَا مُغِيرَةُ، خُذِ الإِدَاوَةَ». فَأَخَذْتُهَا فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى تَوَارَى عَنِّى فَقَضَى حَاجَتَهُ، وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ شَأْمِيَّةٌ، فَذَهَبَ لِيُخْرِجَ يَدَهُ مِنْ كُمِّهَا فَضَاقَتْ، فَأَخْرَجَ يَدَهُ مِنْ أَسْفَلِهَا، فَصَبَبْتُ عَلَيْهِ فَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلاَةِ، وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ، ثُمَّ صَلَّى. أطرافه 182، 388، 2918، 5798 8 - باب كَرَاهِيَةِ التَّعَرِّى فِي الصَّلاَةِ وَغَيْرِهَا 364 - حَدَّثَنَا مَطَرُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحٌ قَالَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يُحَدِّثُ أَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ يروي عنهما وهما يرويان عن (أبي معاوية) محمَّد بن خازم بالخاء المعجمة، قيل: ويجوز أن يكون يحيى بن معين أَيضًا. قلت: يحيى بن معين ليس له رواية عن أبي معاوية، بل إنما يروي عن مروان بن معاوية عند مسلم، كذا قاله أبو الفضل المقدسيّ (عن مسلم) -ضد الكافر- هو البطين. (عن المغيرة بن شعبة قال: كنت مع النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - في سفر) هو غزوة تبوك، وقد ذكرنا في أبواب الطهارة، وسيأتي في الكتاب (فقال يَا مغيرة: خذ الإداوة) ويروى: "يَا مغير" بحذف التاء على الترخيم، والإداوة -بكسر الهمزة- إناء من جلد كالركوة. قال الجوهري: وهي المطهرة وإنما بوب على الجبة الشامية مع أن الحكم عام ليوافق لفظ الحديث، ويعلم الحكم من غيرها قياسًا (فذهب يخرج يده) أي: شرع في إخراج يده (فضاقت فأخرج يده من أسفلها) وفقه الحديث: أن الثياب التي ينسجها المشركون يجوز الصلاة فيها، فإن بلاد الشَّام كان بها النصارى. وإخراج اليد من أسفل الثوب واستحباب التواري عن أعين النَّاس عند قضاء الحاجة. وجواز استخدام العالم في الأمور الجزئية. باب كراهية التعري في الصلاة وغيرها الكراهية هنا كراهة تحريم. 364 - (مطر بن الفضل) بفتح الميم والطاء (روح) بفتح الراء وسكون الواو، و (زكريا) يجوز فيه المد والقصر قرئ بهما (عمرو بن دينار قال: سمعت جابرًا يحدث أن

9 - باب الصلاة فى القميص والسراويل والتبان والقباء

رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَنْقُلُ مَعَهُمُ الْحِجَارَةَ لِلْكَعْبَةِ وَعَلَيْهِ إِزَارُهُ. فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ عَمُّهُ يَا ابْنَ أَخِى، لَوْ حَلَلْتَ إِزَارَكَ فَجَعَلْتَ عَلَى مَنْكِبَيْكَ دُونَ الْحِجَارَةِ. قَالَ فَحَلَّهُ فَجَعَلَهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ، فَسَقَطَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ، فَمَا رُئِىَ بَعْدَ ذَلِكَ عُرْيَانًا - صلى الله عليه وسلم -. طرفاه 1582، 3829 9 - باب الصَّلاَةِ فِي الْقَمِيصِ وَالسَّرَاوِيلِ وَالتُّبَّانِ وَالْقَبَاءِ 365 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَامَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلَهُ عَنِ الصَّلاَةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ فَقَالَ «أَوَكُلُّكُمْ يَجِدُ ثَوْبَيْنِ». ثُمَّ سَأَلَ رَجُلٌ عُمَرَ فَقَالَ إِذَا وَسَّعَ اللَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان ينقل معهم الحجارة) أي: مع المشركين حين بنوا الكعبة الشريفة، وكان عمره حينئذ خمسًا وثلاثين سنة، كذا قاله ابن إسحاق في "السير" وابن قدامة في كتاب "أنساب قريش" (فقال له العباس عمه: يا بن أخي لو حللت إزارك) يجوز أن يكون شرطًا جوابه محذوف، ويجوز أن يكون تمنيًا (فعله فجعله على منكبيه، فسقط مغشيًا عليه) كان تأديبًا من الله، وفي غير الصحيحين: أن ملكًا نزل فشد عليه إزاره، وذكر ابن إسحاق أنَّه في صباه كان ينقل الأحجار مع الغلمان لبعض ما يلعبون به، وقد تعرى، قال: وأنا في ذلك إذ لكمني لاكم لا أراه وقال: شد عليك إزارك وبالجملة كان صلى الله عليه وسلم من أول نشأته مصونًا عن القاذورات التي كانت أهل الجاهلية موسومة بها، وقد دل على الترجمة قوله: (فما رؤي بعد ذلك عريانًا) فإنَّه يتناول ما بعد النبوة لإطلاق النفي ويتم الاستدلال كما لا يخفى. باب الصلاة في القميص والسراويل والتبان والقباء 365 - (سليمان بن حرب) ضد الصلح (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم (أَيُّوب) هو السختياني (محمَّد) هو ابن سيرين (قام رجل إلى النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- فسأله عن الصلاة في الثوب الواحد قال: أو كلكم يجد ثوبين؟) استفهام إنكار استقصر فهم السائل لأنه يعلم أن كل

فَأَوْسِعُوا، جَمَعَ رَجُلٌ عَلَيْهِ ثِيَابَهُ، صَلَّى رَجُلٌ فِي إِزَارٍ وَرِدَاءٍ، فِي إِزَارٍ وَقَمِيصٍ، فِي إِزَارٍ وَقَبَاءٍ، فِي سَرَاوِيلَ وَرِدَاءٍ، فِي سَرَاوِيلَ وَقَمِيصٍ، فِي سَرَاوِيلَ وَقَبَاءٍ، فِي تُبَّانٍ وَقَبَاءٍ، فِي تُبَّانٍ وَقَمِيصٍ - قَالَ وَأَحْسِبُهُ قَالَ - فِي تُبَّانٍ وَرِدَاءٍ. طرفه 358 366 - حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِىٍّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ فَقَالَ «لاَ يَلْبَسُ الْقَمِيصَ وَلاَ السَّرَاوِيلَ وَلاَ الْبُرْنُسَ وَلاَ ثَوْبًا مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ وَلاَ وَرْسٌ، فَمَنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الْخُفَّيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ واحد لا يجد ثوبين، ولا بد له من أداء الصلاة (جمع رجل ثيابه عليه، صلى رجل في إزار ورداء) هذا من كلام عمر، لفظة خبر ومعناه إنشاء أي: ليجمع وليصل، والقباء ممدود وهو الذي قدامة مسقوف بضم أطرافه، قيل: فارسي معرب. وقيل: عربي، والسراويل معرب سروال، وقيل: عربي جمع لا مفرد [له] , وقيل: مفرده سروالة وأنشدوا له: عليه من اللؤم سروالة غير منصرف اتفاقًا لكونه على وزن منتهى المجموع، وقيل: يجوز صرفه. (في تبان) -بضم التاء وتشديد الموحدة- سراويل قصير إلى الركبة ضيق الرأس، أكثر ما يلبسه المصارعون، والمذكورات تسع بعضها أفضل من بعض باعتبار زيادة الاشتمال وحسن الهيئة، إنما سردها ولم يعطف لأنه على طريق التعداد كما إذا سألك إنسان: بماذا أتصدق؟ تقول: بالدينار بالدرهم بالطعام بالثوب، وتقدير حذف العاطف تكلف بلا ضرورة، وأما جعل كل تبان بدلًا عما قبل فغلط لاستلزامه أن يكون عين الأول إن جعل بدل كل، أو بعضه إن جعل بدل بعض إذ لا مجال للاشتمال والغلط وإنفاء الأولين ظاهر. 366 - (ابن أبي ذئب) -بلفظ الحيوان المعروف- محمَّد بن الرَّحْمَن (سأل رجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ما يلبس المحرم؟) قوله: فقال تفسير لقوله سأل (فقال) أي: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جوابه (لا يلبس القميص ولا السراويل ولا البرنس) -بضم الباء وسكون الراء- قال ابن الأثير: كل ثوب رأسه ملتزق من دراعة أو جبة، وقال الجوهري: قلنسوة طويلة كان النساء يلبسونها من البرس وهو القطن، والنون زائدة، وقيل: غير عربي (ولا الورس) هو نبت يصبغ

10 - باب ما يستر من العورة

وَلْيَقْطَعْهُمَا حَتَّى يَكُونَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ». وَعَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَهُ. طرفه 134 10 - باب مَا يَسْتُرُ مِنَ الْعَوْرَةِ 367 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ به الأصفر (فليقطعهما حتَّى يكونا أسفل من الكعبين) الكعبان هما المذكوران في آية الوضوء، وعند الحنفية: ما ارتفع من ظهر القدم في المحرم خاصة. فإن قلت: سؤال السائل إنما كان عما يجوز لبسه، والجواب إنما وقع بما لا يجوز لبسه. قلت: هذا من أسلوب الحكيم لأن ما يجوز لبسه كثير يعسر عده بخلاف ما لا يجوز. فإن قلت: أي تعلق لهذا بالترجمة؟ قلت: لدلالته أن لو لم يكن محرمًا جاز لبسه في الصلاة وغيرها. وقيل: وجه تعلقه أنَّه دل على جواز الصلاة بدون القميص والسراويل، وهذا فاسد من وجهين: الأول: أن الترجمة إنما هي في جواز الصلاة في القميص وغيره من المذكورات لا في الجواز بدونها. الثاني: أن أحدًا لم يشترط وجود أحد هذه المذكورات حتَّى يرد عليه بالجواز بدونها بالحديث. (وعن نافع) عطف على سالم كما رواه سالم عن أَبيه (ابن عمر) كذلك رواه نافع عنه، وقد أسنده عن نافع في كتاب الحج كما أسنده هنا عن سالم، والنسخ كلها بالواو، فلا وجه للحمل على التعليق. باب ما يستر من العورة 367 - (قتيبة) بضم القاف، على وزن المصغر (عبيد الله بن عبد الله) الأول مصغر

عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ أَنَّهُ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ وَأَنْ يَحْتَبِىَ الرَّجُلُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، لَيْسَ عَلَى فَرْجِهِ مِنْهُ شَىْءٌ. أطرافه 1991، 2144، 2147، 5820، 5822، 6284 368 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ بَيْعَتَيْنِ عَنِ اللِّمَاسِ وَالنِّبَاذِ، وَأَنْ يَشْتَمِلَ الصَّمَّاءَ، وَأَنْ يَحْتَبِىَ الرَّجُلُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ. أطرافه 584، 588، 1993، 2145، 2146، 5819، 5821 ـــــــــــــــــــــــــــــ والثاني مكبر (عن أبي سعيد الخُدرِيّ) -بضم الخاء- نسبة إلى خدرة جده الأعلى (نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن اشتمال الصماء) -بالصاد المهملة- قال ابن الأثير: أن يتجلل الرَّجل بثوبه ولا يرفع منه شيئًا لأنه يسد عليه المنافذ كالصخرة الصماء التي ليس فيها خرق ولا صدع، وقال: وعند الفقهاء أن يتغطى بثوب ويرفع أحد جانبيه بحيث تنكشف عورته هذا الذي قاله عن الفقهاء، قاله أبو عبيد أَيضًا، وكذلك قاله البُخَارِيّ في كتاب اللباس (وأن يحتبي الرَّجل في ثوب واحد ليس على فرجه منه شيء) الاحتباء: أن يجلس الرَّجل على إليتيه ويرفع ركبتيه ويشدهما بثوب أو بيديه، والاسم منه الحبوة بضم الحاء وكسرها، وكانت العرب تفعله في أنديتهم لأنهم لم يكونوا في ثبات ليعتمد في الجلوس على الجدار ونحوه، وقد جاء الحديث: "الاحتباء حيطان العرب والعمائم تيجانها"، وقد أشار إلى وجه المنع بقوله: (ليس على فرجه شيء) لأن الاحتباء لذاته ليس فيه شيء يكره. 368 - (قبيصة) بفتح القاف وكسر الموحدة بعدها مثناة (عن أبي الزِّناد) -بكسر الزاي بعدها نون- عبد الله بن ذكوان (نهى النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- عن بيعتين، عن اللماس والنباذ) بدل بإعادة الجار، بفتح الباء في البيعتين قصدًا إلى العدد وإن كانا نوعين. اللماس: أن يكون نفس لمس المشتري بيعًا من غير رؤية، والنباذ -بكسر النُّون وبذال معجمة، ويقال فيه المنابذة أَيضًا- رمي البائع المتاع المشترى على أن يكون نفس الرمي بيعًا من غير رؤية ولا خيار، كانوا في الجاهلية يتعاطونها فنهى الشارع عنهما لوجود الفرر.

369 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِى ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمِّهِ قَالَ أَخْبَرَنِى حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ بَعَثَنِى أَبُو بَكْرٍ فِي تِلْكَ الْحَجَّةِ فِي مُؤَذِّنِينَ يَوْمَ النَّحْرِ نُؤَذِّنُ بِمِنًى أَنْ لاَ يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَلاَ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ. قَالَ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ثُمَّ أَرْدَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلِيًّا، فَأَمَرَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ بِبَرَاءَةَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَأَذَّنَ مَعَنَا عَلِىٌّ فِي أَهْلِ مِنًى يَوْمَ النَّحْرِ لاَ يَحُجُّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَلاَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ. أطرافه 1622، 3177، 4363، 4655، 4656، 4657 ـــــــــــــــــــــــــــــ 369 - (إسحاق) كذا وقع غير منسوب، يحتمل أن يكون الحنظلي، وأن يكون ابن منصور الكوسج فإن كلًّا منهما يروي عن يعقوب هذا، وهو ابن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحْمَن بن عوف، وذكر أبو نعيم في "مستخرجه" أن إسحاق هذا هو ابن منصور الكوسج وقال المزي: هو الحنظلي ابن راهويه (ابن أخي ابن شهاب) محمَّد بن عبد الله بن (حميد بن عبد الرَّحْمَن) بضم الحاء، على وزن المصغر. (أن أَبا هريرة قال: بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تلك الحجة) أي: التي كان الأمير فيها أبو بكر سنة تسع, بعد الفتح (في مؤذنين نؤذن) الأذان هو الإعلام (بأن لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريانًا) أي: في جملة من ينادي بهذا الكلام، التأذين هنا بمعنى الإعلام، وأصل هذا أن بعد ذهاب أبي بكر نزل صدر سورة براءة، ومنه قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [التوبة: 28] , واستدلال البُخَارِيّ إنما هو بقوله: (لا يطوف بالبيت عريانًا)، واستدل به الشَّافعيّ وأَحمد على عدم جواز الطواف عريانًا، وعن أَحْمد: يجوز وعليه دم (قال حميد بن عبد الرَّحْمَن) يجوز أن يكون مقول الزُّهْرِيّ، ويجوز أن يكون تعليقًا من البُخَارِيّ، وكذا وقع في تفسير سورة براءة في موضعين. (ثم أردف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليًّا فأمره أن يوذن ببراءة) أي: أردفه أَبا بكر، يريد أنَّه أرسله بعد ذهاب الحاج، فأدركه علي وهو بمنى، وكان علي راكبًا ناقة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسمع أبو بكر رغاء الناقة فعرفه، فإذا هو بعلي فقال له: أمير أو مأمور: قال مأمور: فذكر له الأمر فأمره أن ينادي في المُؤْمنين بذلك. وروى الإِمام أَحْمد أن عليًّا إنما أرسله رسول

11 - باب الصلاة بغير رداء

11 - باب الصَّلاَةِ بِغَيْرِ رِدَاءٍ 370 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ أَبِى الْمَوَالِى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ يُصَلِّى فِي ثَوْبٍ مُلْتَحِفًا بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ الله -صلى الله عليه وسلم- بأمر الله نزل بذلك جبريل. قالوا: والحكمة في ذلك أن عادة العرب في نبذ العهد أن يكون من العاقد، أو من أحد من أهله، فسلك ذلك المسلك لئلا تقع فتنة أو تبقى لهم حجة، وقوله: أن يؤذن ببراءة فيه تسامح، والمراد صدر براءة كما أشار إليه؛ لأن بقية السورة إنما نزلت بعد تبوك. قال بعضهم: فإن قلت: هل يكون ذلك العام داخلًا في هذا الحكم أم لا؟ قلت: لا إذ الظاهر أن المراد بعد خروج هذا العام لا بعد دخوله. وأنا أقول: الباقي من ذلك العام عشرون يومًا، وقد فرغ النَّاس من أعمال الحج فإن عليًّا لقي أَبا بكر بمنى، فكيف يعقل منع الطواف والحج في الماضي، أو أي معنى للفظ بعد في قوله: بعد العام اللهم عافنا من الغفلة، وإنما أوردنا هذا الكلام لأن من يكون قدمه في مثل هذا على هذا النمط، فإذا رددنا كلامًا في المداحض لا يكون مستبعدًا من الناظرين فيه. ثم قال: فإن قلت: علي كان مأمورًا بالتأذين ببراءة، فكيف قال أبو هريرة: فأذن علي معنا على أن لا يحج مشرك. قلت: إما أن ذلك داخل في سورة براءة، أو أن معناه أذن معنا بعد تأذيته ببراءة. وهذا أغرب، فإن تأذين النَّاس إنما كان بما في براءة، وقوله: لا يحج مشترك إنما هو معنى قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [التوبة: 28] فأيّ احتمال يبقى للتردد؟ باب الصلاة بغير الرداء 370 - (ابن أبي الموالي) -بفتح الجيم- جمع المولى، هو عبد الرَّحْمَن بن زيد بن أبي الموالي مولى علي بن أبي طالب (محمَّد بن المنكدر) بكسر الدال (دخلت على جابر وهو يصلي في ثوب ملتحفًا به) أي: متغطيًا به، لم يكن اشتمال الصماء؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهاه

12 - باب ما يذكر فى الفخذ

وَرِدَاؤُهُ مَوْضُوعٌ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قُلْنَا يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ تُصَلِّى وَرِدَاؤُكَ مَوْضُوعٌ قَالَ نَعَمْ، أَحْبَبْتُ أَنْ يَرَانِى الْجُهَّالُ مِثْلُكُمْ، رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى هَكَذَا. طرفه 352 12 - باب مَا يُذْكَرُ فِي الْفَخِذِ وَيُرْوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَرْهَدٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ جَحْشٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «الْفَخِذُ ـــــــــــــــــــــــــــــ عنه (فلما انصرف قلنا: يَا أَبا عبد الله تصلي ورداؤك موضوع؟) بتقدير همزة الاستفهام في تصلي (قال: نعم أحببت أن يراني الجهال مثلكم) برفع مثلكم على الوصفية لأن اللام في الجهال للعهد الذهني، فهو في حكم النكرة، والدليل على هذا أنَّه جعله وصفًا للنكرة في قوله: (ليراني أحمق مثلك). وقد أجاب بعضهم بأن المثل هنا معرف لأنه أضيف إلى ما هو مشهور بالمماثلة، وليس بشيء، وأي شهرة هنا، على أنَّه قال فيما تقدم في قوله: ليراني أحمق مثلك: إن لفظ مثلك نكرة لأنه لم يضف إلى ما هو مشهور بالمماثلة ثم قال: واللام للجنس فهو في حكم النكرة، وهذا على إطلاقه أَيضًا ليس بصحيح فإن ذلك إنما يكون إذا أريد الجنس في ضمن فرد غير متعين كقوله: ولقد أمر على اللئيم يسبني ولا الحسن من حيث هو، وقد سلف أنَّه إنما غلظ عليهم لأنهم لم يسلكوا طريق السائل المسترشد مع [أنه كان] معروفًا بين الصَّحَابَة بالفقه. باب ما يذكر في الفخذ (جرهد) -بفتح الجيم، وسكون الراء، وفتح الهاء- ابن عبد الله، وقيل: ابن خويلد، شهد الحديبية معدود من أصحاب الصفة (محمَّد بن الجحش) بتقديم الجيم على الحاء، ذكر عن ابن عباس وعن جرهد وعن محمَّد بن الجحش تعليقًا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جعل الفخذ من العورة، وهذه الأحاديث مسندة عند غيره، أما حديث ابن عباس فقد أسنده التِّرْمِذِيّ بإسناد حسن، وأما حديث جرهد فرواه مالك في الموطأ

عَوْرَةٌ». وَقَالَ أَنَسٌ حَسَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ فَخِذِهِ. وَحَدِيثُ أَنَسٍ أَسْنَدُ، وَحَدِيثُ جَرْهَدٍ أَحْوَطُ حَتَّى يُخْرَجَ مِنِ اخْتِلاَفِهِمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والتِّرمذيّ، وحديث محمَّد بن جحش رواه أَحْمد والحاكم. (وقال أنس: حسر النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- عن فخذه) هذا التعليق أسنده البُخَارِيّ في مواضع، واستدل به هنا على أن الفخذ ليس بعورة. وهذا الاستدلال ليس بتام، وذلك أن مسلمًا روى بلفظ الإخبار الدال على أن ذلك وقع من غير اختيار منه، والسياق يدل عليه. فإن ذكر [أن] رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أجرى موكبه في زقاق خيبر وأنا كنت رديف أبي طلحة تمس ركبتي ركبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. والظاهر أن رواية أنس وقع التغيير فيها من بعض الرواة، يدل عليه أنَّه روى عن أنس الحديث الذي رواه، أسنده عنه في الباب هنا بدون ذكر النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - (حسر) على بناء المجهول. (وقال أبو موسى: غطى النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - ركبتيه حين دخل عثمان) هذا التعليق أسنده البُخَارِيّ في مناقب عثمان وفي غير موضع، وفيه دليل للشافعي أن الركبة ليست بعورة. فإن قلت: روى مسلم عن عائشة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان كاشفًا عن ساقيه أو عن فخذيه فلما دخل عثمان جلس وسوى ثيابه. قلت: أجاب الشَّافعيّ بأنها روت على الشك فلا يصح مثله دليلًا. فإن قلت: في رواية الإِمام أَحْمد الجزم بالفخذين من غير شك، وكذا في رواية البيهقي عن حفصة أم المُؤْمنين. قلت: محمول على أنَّه كان عند ضرورة عند أزواجه بدليل

وَقَالَ أَبُو مُوسَى غَطَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - رُكْبَتَيْهِ حِينَ دَخَلَ عُثْمَانُ. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - وَفَخِذُهُ عَلَى فَخِذِى فَثَقُلَتْ عَلَىَّ حَتَّى خِفْتُ أَنْ تُرَضَّ فَخِذِى. 371 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - غَزَا خَيْبَرَ، فَصَلَّيْنَا عِنْدَهَا صَلاَةَ الْغَدَاةِ بِغَلَسٍ، فَرَكِبَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَرَكِبَ أَبُو طَلْحَةَ، وَأَنَا رَدِيفُ أَبِى طَلْحَةَ، فَأَجْرَى نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي زُقَاقِ خَيْبَرَ، وَإِنَّ رُكْبَتِى لَتَمَسُّ فَخِذَ نَبِىِّ ـــــــــــــــــــــــــــــ ما رواه أَحْمد والحاكم ورجال الصحيح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بستر الفخذ وقال: إنه عورة. (وقال زيد بن ثابت: أنزل الله - صلى الله عليه وسلم - على رسوله وفخذه على فخذي) هذه قطعة من حديث طويل رواه عنه مسندًا في سورة النساء، واستدلاله به على أن الفخذ ليس بعورة وإلا لما وضع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فخذه على فخذ زيد، وفيه نظر لأن وضع الفخذ لا يلزم أن يكون حال كونه مكشوفًا، ألا ترى أنَّه يقال: وضع رجله على كذا، وإن كانت رجله منتعلة. 371 - (إسماعيل بن عليّة) -بضم العين وفتح اللام وتشديد الياء- اسم أمه، مولاة لبني أسد، واسم أَبيه إبراهيم (صهيب) بضم الصاد، على وزن المصغر (غزا خيبر فصلينا عندها صلاة الغداة بغلس) -بفتح المعجمة وفتح اللام- هو إظلام آخر الليل، وغرضه أنَّه صلاها في أول الوقت (فأجرى نبي الله في زقاق خيبر) -بضم الزاي المعجمة- هي السكة وكانت خارج البلد لقوله بعده: (فلما دخل القرية). (ثم حسر الإزار) على بناء الفاعل ونصب الإزار، وبه استدل البُخَارِيّ على أن الفخذ ليس بعورة، وقد استوفينا الكلام فيه في أول الباب آنفًا (حتَّى إنِّي أنظر إلى بياض فخذ نبي

اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ حَسَرَ الإِزَارَ عَنْ فَخِذِهِ حَتَّى إِنِّى أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِ فَخِذِ نَبِىِّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَمَّا دَخَلَ الْقَرْيَةَ قَالَ «اللَّهُ أَكْبَرُ، خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ». قَالَهَا ثَلاَثًا. قَالَ وَخَرَجَ الْقَوْمُ إِلَى أَعْمَالِهِمْ فَقَالُوا مُحَمَّدٌ - قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا - وَالْخَمِيسُ. يَعْنِى الْجَيْشَ، قَالَ فَأَصَبْنَاهَا عَنْوَةً، فَجُمِعَ السَّبْىُ، فَجَاءَ دِحْيَةُ فَقَالَ يَا نَبِىَّ اللَّهِ، أَعْطِنِى جَارِيَةً مِنَ السَّبْىِ. قَالَ «اذْهَبْ فَخُذْ جَارِيَةً». ـــــــــــــــــــــــــــــ الله - صلى الله عليه وسلم -) هذا أَيضًا من استدلال البُخَارِيّ على أن الفخذ ليس بعورة، والجواب أنَّه وقع نظره عليه من غير قصد. (الله أكبر خربت خيبر) إخبار، ويحتمل الدعاء، وفيه أن المجاهد إذا أشرف على بلد من بلاد الكفار يستحب له مثل هذا الكلام (قالها ثلاثًا) على دأبه إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثًا (إنَّا إذا نزلنا بساحة قوم) ساحة الدار: ما امتد من جوانبه من ساح الماء على الأرض إذا انبسط عليها (فساء صباح المنذرين) خبر أو دعاء. (وخرج القوم) عطف قصة على أخرى، والقوم هم أهل خيبر (محمَّد) أي: هذا محمَّد (والخميس) فسر الخميس بالجيش، والوجه فيه أن الجيش خمسة أقسام: قلب وميمنة وميسرة والمقدمة والساقة، والرواية فيه الرفع، ويجوز فيه النصب على أنَّه مفعول معه. (فجمع السبي) بضم الجيم، على بناء المجهول (فجاء دحية) -بكسر الدال وفتحها- دحية بن خليفة الكلبي (فقال يَا نبي الله. أعطني جارية من السبي) أراد أن ينفله (قال: اذهب فخذ جارية، فأخذ صفية بنت حيي) بضم الحاء وفتح الياء، على وزن المصغر (فجاء رجل إلى النَّبِيّ- صلى الله عليه وسلم - فقال: يَا نبي الله: أعطيت دحية صفية بنت حيي سيدة قريظة والنضير) -بضم القاف على وزن المصغر، والنضير على وزن الفعيل- قبيلتان معروفتان من يهود خيبر، كانوا في الشَّام فدخلوا في العرب ولهم في ذلك قصة، وهم من نسل هارون. فإن قلت: كيف رجع عنها بعد أن وهبها له؟ قلت: لم تكن هبة، وقد جاء في سائر الروايات أنها وقعت في سهم دحية. وقوله: (خذ جارية) معناه: لك في الغنيمة سهم، فاحتمل من ذلك تلك الجارية، وقد جاء في رواية مسلم: أنَّه اشتراها منه بسبعة رؤوس من السبي، ولا ضرورة في حمل الشراء على المجاز لأنه لو كانت هبة كان له الرجوع وذلك أن من خواصه - صلى الله عليه وسلم - أن موهوبته تحرم على الزوج فضلًا على الجارية.

فَأَخَذَ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَىٍّ، فَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا نَبِىَّ اللَّهِ، أَعْطَيْتَ دِحْيَةَ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَىٍّ سَيِّدَةَ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ، لاَ تَصْلُحُ إِلاَّ لَكَ. قَالَ «ادْعُوهُ بِهَا». فَجَاءَ بِهَا، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «خُذْ جَارِيَةً مِنَ السَّبْىِ غَيْرَهَا». قَالَ فَأَعْتَقَهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَتَزَوَّجَهَا. فَقَالَ لَهُ ثَابِتٌ يَا أَبَا حَمْزَةَ، مَا أَصْدَقَهَا قَالَ نَفْسَهَا، أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا، حَتَّى إِذَا كَانَ بِالطَّرِيقِ جَهَّزَتْهَا لَهُ أُمُّ سُلَيْمٍ فَأَهْدَتْهَا لَهُ مِنَ اللَّيْلِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا تحقيق المقام. وأشكل على بعضهم فأراد دفع الإشكال فقال: إنما رجع لأنه لم يكن تم عقد الهبة وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبو المُؤْمنين، والوالد له الرجوع من هبة الولد. وخبطه ظاهر؛ فإن الهبة تتم بالقبض وكان دحية قد أخذها، والرجوع للوالد هو مذهب الشَّافعيّ ومالك، ورواية عن أَحْمد، وإنما جوزه في الوالد مع الولد، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإن كان أب المُؤْمنين فليس ذلك من كل وجه، وإلا لما جاز له أن يتزوج بنات أولاده. (يَا أَبا حمزة) -بالحاء المهملة- كنية أنس بن مالك (ما أصدقها؟ قال: نفسها، فأعتقها فتزوجها) اختلف العلماء في جواز كون العتق صداقًا، فذهب طائفة إلى عدم جواز ذلك وقالوا: هذا من خواصه - صلى الله عليه وسلم -، وقال آخرون: ليس في حديث أنس أن العتق كان صداقًا، بل أعتقها وتزوجها. وعندي في هذا نظر، وذلك أن قوله في جواب السائل: (ما أصدقها؟ قال: نفسها) صريح في أن العتق كان هو الصداق، وسيأتي في رواية البُخَارِيّ في غزوة خيبر عن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصدقها عتقها، ولا مجال للتأويل فيه، فالحق أن هذا من خواصه - صلى الله عليه وسلم -، كما أن تزوجها كان من غير شهود لما سيأتي في البُخَارِيّ أنَّهم شكوا في أنها من أمهات المُؤمنين، أو مما ملكت يمينه، ولو كان النكاح بشهود لم يقع شك ولم يخفَ عليهم. (حتَّى إذا كان بالطريق) الباء بمعنى في، أو للمصاحبة (جهزتها أم سليم) تجهيز العروس: فعل ما تحتاج إليه من التنظيف والتزيين، وأم سليم على وزن المصغر أم أنس، وقد سلف الخلاف في اسمها والأظهر فيها سهلة (فأهدتها له) وفي رواية: "فهدتها" قال الجوهري: يقال: هديت المرأة إلى زوجها هداء بكسر الهاء والمد، وأنشد قول زهير: فإن تكن النساء مخبآت ... فحق لكل محصنة هداء

فَأَصْبَحَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَرُوسًا فَقَالَ «مَنْ كَانَ عِنْدَهُ شَىْءٌ فَلْيَجِئْ بِهِ». وَبَسَطَ نِطَعًا، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَجِئُ بِالتَّمْرِ، وَجَعَلَ الرَّجُلُ يَجِئُ بِالسَّمْنِ - قَالَ وَأَحْسِبُهُ قَدْ ذَكَرَ السَّوِيقَ - قَالَ فَحَاسُوا حَيْسًا، فَكَانَتْ وَلِيمَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 610، 947، 2228، 2235، 2889، 2893، 2943، 2944، 2945، 2991، 3085، 3086، 3367، 3647، 4083، 4084، 4197، 4198، 4199، 4200، 4201، 4211، 4212، 4213، 5085، 5159، 5169، 5387، 5425، 5528، 5968، 6185، 6363، 6369، 7333 ـــــــــــــــــــــــــــــ وسيأتي أن ذلك كان بسد الصهباء. قال ابن الأثير: وهو مسافة روحة من خيبر، ومن قال: سد الروحاء فقد التبس عليه فإن سد الروحاء إنما هو بين مكة والمدينة. (فأصبح النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- عروسًا) يستوي فيه الرَّجل والمرأة ما داما في أعراسهما (فقال: من كان عند شيء فليجئ به وبسط نطعًا) فيه أربع لغات أفصَحها: كسر النُّون وفتح الطاء. فإن قلت: أنَّه بسط قلت: بسط أولًا واحدًا ثم زاد. فإن قلت: كانت من السبي ولم يذكر الاستبراء؟ قلت: سيأتي أنها حلت بسد الصهباء، وأنه أقام هناك ثلاثة أيام بنى بها (قال: وأحسبه ذكر السويق) فاعل قال عبد العزيز الراوي عن أنس أي: أظن أن أنسًا ذكر مع المذكورات السويق أَيضًا، وقيل: فاعل قال هو البُخَارِيّ وليس كذلك لأنه روي عن أنس في غزوة خيبر من طرق وليس فيه ذكر السويق، فلو كان من لفظ البُخَارِيّ لأعاده. (فحاسوا حيسًا) -بفتح الحاء المهملة وسكون الياء -وهو طعام مركب من التمر والسمن والأقط بشرط أن يختلط (فكانت وليمة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-) طعام العرس يسمى وليمة، وطعام الولادة عقيقة. وطعام الوارد من السفر نقيعة، وطعام العزاء وضيمة، وطعام بناء الدار مأدبة. وفيه دلالة على جواز طلب الرَّجل الكبير المساعدة من أصحابه في المهمات، وعليهم أن يبادروا إلى ذلك مروة وفتوة.

13 - باب فى كم تصلى المرأة فى الثياب

13 - باب فِي كَمْ تُصَلِّى الْمَرْأَةُ فِي الثِّيَابِ وَقَالَ عِكْرِمَةُ لَوْ وَارَتْ جَسَدَهَا فِي ثَوْبٍ لأَجَزْتُهُ. 372 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ لَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى الْفَجْرَ، فَيَشْهَدُ مَعَهُ نِسَاءٌ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ مُتَلَفِّعَاتٍ فِي مُرُوطِهِنَّ ثُمَّ يَرْجِعْنَ إِلَى بُيُوتِهِنَّ مَا يَعْرِفُهُنَّ أَحَدٌ. أطرافه 578، 867، 872 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: في كم تصلي المرأة من الثياب (كم) استفهامية مميزها من الثياب. فإن قلت: التمييز من المنصوبات. قلت: ذكروا أنَّه إذا تقدمه فعل متعد يزاد فيه من كما في قوله تعالى: {سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ} [البقرة: 211]. فإن قلت: التمييز لا يكون إلَّا نكرة. قلت: أكثري، وقد جاء معرفة في قوله تعالى: {إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ} [البقرة: 130] , ولئن سلم فالمعرف بلام الجنس في حكم النكرة معنى. فإن قلت: (كم) لها صدر الكلام، وقد دخل عليها: في. قلت: بمقتضى صدرية الجملة ذلك لا يستلزم أن لا يتقدمها شيء أصلًا، وقد يجاب بأن حرف الجر مع المجرور بمنزلة كلمة واحدة، وهذا في الحرف جيد، لكن يشكل بقولنا: غلام كم رجل ضربت، فإن المضاف والمضاف إليه كلمتان مستقلتان، وكذلك يعطف على المضاف إليه بدون المطاف بخلاف المجرور بالحرف عند نحاة بصرة. (وقال عكرمة: لو وارت جسدها في ثوب لأجزته) أي: كفته تلك اللبسة، وعليه اتفق الأئمة. 372 - (أبو اليمان) بتخفيف النُّون- الحكم بن نافع (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي الفجر فيشهد معه نساء من المؤمنات متلفعات بمروطهن) مسترات باللفاع. قال ابن الأثير: وهو ثوب يجلل به البدن كله، وفي رواية الأصيلي "متلففات" بفاءين والمعنى واحد، وارتفاعه على الوصف، ويروى منصوبًا على الحال من النساء، وليس بقوي؛ لأن ذا الحال إذا كان نكرة يجب تقديم الحال عليه، والمروط -جمع مرط بكسر الميم- كساء من صوت أو خز مخصوص بالنساء، وقد دل على أن ستر العورة كاف للجواز، وإن كان الأفضل الدرع والخمار والملحفة. (ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد) أي: من الغلس صرح به في الرواية

14 - باب إذا صلى فى ثوب له أعلام ونظر إلى علمها

14 - باب إِذَا صَلَّى فِي ثَوْبٍ لَهُ أَعْلاَمٌ وَنَظَرَ إِلَى عَلَمِهَا 373 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى فِي خَمِيصَةٍ لَهَا أَعْلاَمٌ، فَنَظَرَ إِلَى أَعْلاَمِهَا نَظْرَةً، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ «اذْهَبُوا بِخَمِيصَتِى هَذِهِ إِلَى أَبِى جَهْمٍ وَائْتُونِى بِأَنْبِجَانِيَّةِ أَبِى جَهْمٍ، فَإِنَّهَا أَلْهَتْنِى آنِفًا عَنْ صَلاَتِى». ـــــــــــــــــــــــــــــ الأخرى، وهو اختلاط ظلام الليل بضياء الصبح. قيل: معنى: ما يعرفهن. أي: في المروط لا يميز بينهن وبين الرجال، وقيل: ما يعرفن بالأعيان أنها فلانة وفلانة، والأول أظهر لأنها إذا كانت متلفعة لا تعرف بالنهار أَيضًا بعينها، وفي الحديث دلالة على استحباب حضور النساء المساجد عند الأمن من الفتنة، لكن في هذا الزمان الواجب المنع، وفي استدلاله نظر لأن التلفع لا يلزم أن يكون بلا ثوب آخر، بل الظاهر خلافه. باب إذا صلى في ثوب له أعلام فنظر إلى علمها في بعض النسخ إلى علمه وهو الظاهر، والتأنيث باعتبار الخميصة التي وضع الباب لها. 373 - (أن النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- صلى في خميصة لها أعلام) -بفتح الخاء المعجمة وكسر الميم وصاد مهملة- كساء مربع أسود يكون من الصوف ومن الخز بشرط أن يكون فيها أعلام. (اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهم وائتوني بأنبجانية أبي جهم فإنَّها ألهتني أنفًا عن صلاتي) أبو جهم -بجيم مفتوحة وهاء ساكنة- اسمه: عامر، وقيل: عبيد بن حذيفة العدوي، أسلم يوم الفتح، قال: شهدت بناء الكعبة مرتين، مرة في الجاهلية، ومرة في الإِسلام. والأنبجانية -بفتح الهمزة وكسرها، بفتح الباء الموحدة وكسرها وتشديد المثناة تحت وتخفيفها- نسبة إلى أنبجان اسم موضع- كساء غليظ لا عَلَم فيه، وصرح بعلة رد الخميصة. فإنَّه نظر إلى علمها وهو في الصلاة، ولفظ آنفًا يمد ويقصر قرئ بهما، ومعناه: هذه الساعة الماضية، وإنما أرسلها إلى أبي جهم وطلب بدلها لأنه هو الذي كان أهداها إليه، صرح به في رواية الموطأ عن عائشة، وطلب البدل لئلا ينكسر خاطره لو لم يطلب بدلها. فإن قلت: إذا لم يرتضها لنفسه كيف رضي لأبي جهم؟ قلت: لم يرسلها ليصلي عليها

15 - باب إن صلى فى ثوب مصلب أو تصاوير هل تفسد صلاته وما ينهى عن ذلك

وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «كُنْتُ أَنْظُرُ إِلَى عَلَمِهَا وَأَنَا فِي الصَّلاَةِ فَأَخَافُ أَنْ تَفْتِنَنِى». طرفاه 752، 5817 15 - باب إِنْ صَلَّى فِي ثَوْبٍ مُصَلَّبٍ أَوْ تَصَاوِيرَ هَلْ تَفْسُدُ صَلاَتُهُ وَمَا يُنْهَى عَنْ ذَلِكَ 374 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ بل ليصرفها في حاجة كما أرسل حلة من الحرير لعمر، أو لأن شأنه ليس بشأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الغاية من التقوى. فإن قلت: وصفه الله بقوله: {مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17)} [النجم: 17] فإذا لم تشغله عجائب الملكوت فكيف شغله ثوب فيه علم؟ قلت: هو بحسب الأوقات فإنَّه في ليلة الإسراء كان مقصده أعظم المقاصد، وكليته كانت مصروفة إليه فلا يقاس عليه سائر الأوقات ألا ترى أن من يكون طالبًا لرؤية الهلال ليلة العيد لم يخطر بخاطره في ذلك الوقت شيء سواه. (وقال هشام) عطف على (قال ابن شهاب) فإن إبراهيم بن سعيد يروي عن هشام كما يروي عن ابن شهاب، ويجوز أن يكون تعليقًا من البُخَارِيّ (كنت أنظر إلى علمها وأنا في الصلاة فأخاف أن تفتنني) بفتح التاء هو الرواية, ويجوز الضم، يقال: فتنه وأفتنه، وأنكر الأصمعيّ الثاني، وعلى الوجهين يجوز الإدغام وعدمه كما في قوله تعالى: {مَا مَكَّنِّي} [الكهف: 95] قيل: لا بد من تأويل قوله: (ألهتني) أي: كادت لقوله: (أخاف أن تفتنني) والحق أن لا تأويل فإن الإلهاء أهم من الفتنة بلا خفاء. قال ابن الأثير: فتنه: ألقاه في الإثم، وفتنه: صرفه عن الشيء، على أن كاد لا يدخل إلَّا مع المضارع فتأمل. وفقه الحديث دفع الشواغل قبل الدخول في الصلاة وجلب أسباب حضور القلب. وأن الصلاة بذلك صحيحة وإن كان فيها نقصان، فإن الواهب إذا رد إليه ما وهبه لا كراهة في قبوله. باب إذا صلى في ثوب مصلب أو تصاوير هل تفسد صلاته؟ وما ينهى عنه من ذلك المصلب: -على صيغة اسم المفعول بتشديد اللام- الذي فيه صورة الصليب، وقوله: (أو تصاوير) عطف عليه، على أن المصدر بمعنى المفعول أي: في ثوب مصور، أو بتقدير مضاف أي: ذي تصاوير، أو عطف على ثوب بتقدير: فيه. 374 - (أبو معمر) بفتح الميمين بينهما عين ساكنة (عبد الله بن عمرو)، (صهيب) بضم

16 - باب من صلى فى فروج حرير ثم نزعه

عَنْ أَنَسٍ كَانَ قِرَامٌ لِعَائِشَةَ سَتَرَتْ بِهِ جَانِبَ بَيْتِهَا فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَمِيطِى عَنَّا قِرَامَكِ هَذَا، فَإِنَّهُ لاَ تَزَالُ تَصَاوِيرُهُ تَعْرِضُ فِي صَلاَتِى». طرفه 5959 16 - باب مَنْ صَلَّى فِي فَرُّوجِ حَرِيرٍ ثُمَّ نَزَعَهُ 375 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ عَنْ أَبِى الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ أُهْدِىَ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَرُّوجُ حَرِيرٍ، فَلَبِسَهُ فَصَلَّى فِيهِ، ثُمَّ انْصَرَفَ فَنَزَعَهُ نَزْعًا شَدِيدًا كَالْكَارِهِ لَهُ وَقَالَ «لاَ يَنْبَغِى هَذَا لِلْمُتَّقِينَ». طرفه 5801 ـــــــــــــــــــــــــــــ الصاد على وزن المصغر (كان قرام لعائشة سترت به جانب بيتها) قال ابن الأثير: القرام -بكسر القاف- ستر رقيق، وقيل: ضيق ذو ألوان، وقيل: رقيق خلف ستر غليظ، يدل عليه ما جاء في رواية مضافًا "وعلى الباب قرام ستر". (أميطي عنا قرامك) أي جنبيه، ومنه إماطة الأذى عن الطريق (فإنَّه لا تزال تصاويره تعرض في صلاتي) أي: تظهر يقال: عرض له كذا إذا بدا له وفي رواية التِّرْمِذِيّ: "أخري عنا فإنِّي إذا رأيت ذكرت الدنيا" وهذا الحديث قريب من الذي تقدم في الباب قبله، ووجه دلالته على الترجمة أنَّه إذا كان النظر إليه مكروهًا كان لبسه في الصلاة، أو الصلاة عليه من باب الأولى كراهة، والمراد بالتصاوير الرقوم لا صور الحيوان فإن ذلك محرم اتفاقًا. باب الصلاة في فروج حرير الفروج -بفتح الفاء وتشديد الراء المضمومة هو الرواية, ويجوز التَّخفيف أَيضًا -وهو الكساء المشقوق من خلفه، كذا فسره البُخَارِيّ في باب اللباس، وحكي فيه ضم الفاء أَيضًا. 375 - (يزيد) من الزيادة (عن أبي الخير) اسمه مرثد (أهدي إلى النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- فروج حرير) بضم الهمزة على بناء المجهول (فنزعه نزعًا شديدًا) أي: دالًّا على أنَّه كرهه (وقال: لا ينبغي هذا للمتقين) لفظ المتقين ليس فيه دلالة على أنَّه ينبغي للنساء، والمرسل: أكيدر دومة كما

17 - باب الصلاة فى الثوب الأحمر

17 - باب الصَّلاَةِ فِي الثَّوْبِ الأَحْمَرِ 376 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ قَالَ حَدَّثَنِى عُمَرُ بْنُ أَبِى زَائِدَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ سيأتي، وإنما علم ذلك من قوله في الذهب والحرير: "هذان حرامان على ذكور أمتي حل لإناثها". قال ابن الحاجب: الإناث لا تدخل في الجمع المذكر السالم إلا عند الحنابلة. قال النووي: لعل هذا كان أول التحريم. قلت: لفظ (لا ينبغي) لا دلالة فيه لكن رواية مسلم عن جابر: "صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قباء ديباج ثم نزعه فقال: نهاني عنه جبريل". فهذا يدل على أنه أول تحريم. قال بعضهم: فإن قلت: كيف لبسه وهو حرام؟ قلت: كان ذلك قبل التحريم، ثم قال: فيكون نسخًا لأنه جوز لبسه ثم حرمه. قلت: ليس نسخًا؛ لأن الإباحة كانت في الأصل، وشرط النسخ أن يكون المنسوخ حكمًا شرعيًّا، ولئن سلم فالنسخ يكون رفعًا للحكم عن المكلفين، وهذا رفع عن البعض، فهو تخصيص. هذا كلامه، وفساده من وجوه: الأول: أنه لا وجه للسؤال بقوله: كان حرامًا، كيف لبسه إذ معلوم أنه لو كان حرامًا لم يلبسه. الثاني: قوله: جوز لبسه ثم حرمه مناف لقوله: الإباحة أصلية، لا يجوز حكم شرعي فالتحريم بعده يكون رفعًا للحكم الشرعي. الثالث: أن قوله: النسخ رفع الحكم عن الكل -وهذا رفع عن البعض، وهم؛ لأن التخصيص ليس رفعًا بل هو بيان عدم دخول بعض الأفراد في الحكم في إرادة المتكلم، والمسالة معروفة، واعلم أن الجمهور على صحة الصلاة بالحرير كما في الأرض المغصوبة فإن النهي ليس راجعًا إلى ركن أو شرط. باب الصلاة في الثوب الأحمر 376 - (عرعرة) على فعللة بعين وراء مكررتين مهملتين (ابن أبي زائدة) -من الزيادة-

عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِى جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي قُبَّةٍ حَمْرَاءَ مِنْ أَدَمٍ، وَرَأَيْتُ بِلاَلاً أَخَذَ وَضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَرَأَيْتُ النَّاسَ يَبْتَدِرُونَ ذَاكَ الْوَضُوءَ، فَمَنْ أَصَابَ مِنْهُ شَيْئًا تَمَسَّحَ بِهِ، وَمَنْ لَمْ يُصِبْ مِنْهُ شَيْئًا أَخَذَ مِنْ بَلَلِ يَدِ صَاحِبِهِ، ثُمَّ رَأَيْتُ بِلاَلاً أَخَذَ عَنَزَةً فَرَكَزَهَا، وَخَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ مُشَمِّرًا، صَلَّى إِلَى الْعَنَزَةِ بِالنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ، وَرَأَيْتُ النَّاسَ وَالدَّوَابَّ يَمُرُّونَ مِنْ بَيْنِ يَدَىِ الْعَنَزَةِ. طرفه 187 ـــــــــــــــــــــــــــــ الكوفي، اسمه زكريا يكنى أبا يحيى الهمداني الأعمى مولى عمر بن عبد الوادعي. كذا ذكره المقدسي وشيخ الإسلام، فمن قال: هو أخو زكريا فقد التبس عليه (عون) بفتح العين وسكون الواو وآخره نون (أبو جحيفة) -بضم الجيم وفتح الحاء على وزن المصغر- وهب بن عبد الله السوائي. (رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قبة حمراء من أدم) -بفتح الهمزة والدال جمع أديم كخدم في خديم- الجلد قبل الدباغ وبعده (ورأيت بلالًا أخذ وَضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) -بفتح الواو على الأشهر- الماء الذي يتوضأ منه، أو الذي توضا به أي: استعمله في الوضوء (ورأيت الناس يبتدرون ذلك الوضوء) أي يسبق بعضهم بعضًا، وقد سبق في كتاب الطهارة: يقتتلون، وهو أبلغ، وفيه دلالة على استحباب التبرك بآثار الصالحين من ماء وطعام وغيرهما (ثم رأيت بلالًا أخذ عنزة فركزها) قال ابن الأثير: العنزة -بفتح العين والنون وزاي معجمة- مثل نصف الرمح أو أكبر، فيه سنان مثل سنان الرمح، والركز الغرز في الأرض، قاله الجوهري. (وخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - في حلة حمراء) الحلة ثوبان من جنس واحد أحدهما فوق الآخر، وما رواه الترمذي أن رجلًا مر على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليه ثوبان أحمران فسلم فلم يرد عليه الحديث ضعيف، وعلى تقدير صحته ليس صريحًا في المقصود، سمي بذلك لحلول أحدهما فوق الآخر (مشمرًا) أي: ثوبه إلى أنصاف ساقيه لما جاء في رواية: "كأني أنظر إلى بياض ساقيه" (2) (صلى بالناس ركعتين) أي: ملتبسًا بهم إمامًا لهم صلاة الظهر، صرح به في الرواية الأخرى في باب الصلاة إلى العنزة (والناس يمرون بين يدي العنزة) أي: قدامها.

18 - باب الصلاة فى السطوح والمنبر والخشب

18 - باب الصَّلاَةِ فِي السُّطُوحِ وَالْمِنْبَرِ وَالْخَشَبِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَلَمْ يَرَ الْحَسَنُ بَأْسًا أَنْ يُصَلَّى عَلَى الْجَمْدِ وَالْقَنَاطِرِ، وَإِنْ جَرَى تَحْتَهَا بَوْلٌ أَوْ فَوْقَهَا أَوْ أَمَامَهَا، إِذَا كَانَ بَيْنَهُمَا سُتْرَةٌ. وَصَلَّى أَبُو هُرَيْرَةَ عَلَى ظَهْرِ الْمَسْجِدِ بِصَلاَةِ الإِمَامِ. وَصَلَّى ابْنُ عُمَرَ عَلَى الثَّلْجِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: جاء في رواية "وراءها". قلت: لفظ وراء مشترك بين الخلف والقدام لأن كلًّا منهما يواريك. وفقه الحديث: أن سترة الإمام سترة من خلفه، وأن المرور وراءها لا بأس به، وكذا لبس الأحمر لا بأس به لأهل العلم والزهد، واستحباب التشمير في النهار. باب الصلاة في السطوح والمنبر والخشب السطوح -بضم السين والطاء- جمع سطح، وهو ما علا من كل شيء. قال الجوهري: والمراد به فوق سقف البنيان، والمنبر -بكسر الميم- من النبر وهو الرفع، والخشب. بفتح الخاء، ويروى بفتحها. (قال أبو عبد الله: ولم ير الحسن بأسًا بأن يصلي على الجمد) -بفتح الجيم وسكون الميم، وقد تضم الميم- المتجمد من الماء وهو اليبوسة، وضبطه الأصيلي وأبو ذر بالفتح (والقناطير) -على وزن المصابيح ويروى بحذف الياء على وزن المساجد- جمع قنطر. وهو الجسر فوق الماء (وإن جرى تحتها بول أو فوقها أو أمامها إذا كان بينهما سترة) أي: بين البول والمصلي مانع من الوصول إليه. قال بعض الشارحين: قوله: بينهما أي: بين القناطير والبول، أو بين المصلي والبول، وهذا القيد مختص بـ (أمامها) دون إخوته تحت وفوق. وقد وَهم في هذا المقام، فهم من السترة سترة المصلي ولا تكون إلا في الأمام وليس المراد من السترة ذلك الحائل بين المصلي وبين البول سواء كان البول تحت أو فوق أو أمام؛ لأن الكلام إنما هو في ذلك لا في سترة المصلي، لأن الكلام في المانع بين المصلي وبين النجاسة، وعلى هذا قوله: أو بين القناطير والبول سترة لغو من الكلام، وأيّ فائدة في هذا؟ أو أي فقيه يمنع ذلك؟

377 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ قَالَ سَأَلُوا سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ مِنْ أَىِّ شَىْءٍ الْمِنْبَرُ فَقَالَ مَا بَقِىَ بِالنَّاسِ أَعْلَمُ مِنِّى هُوَ مِنْ أَثْلِ الْغَابَةِ، عَمِلَهُ فُلاَنٌ مَوْلَى فُلاَنَةَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَقَامَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ عُمِلَ، وَوُضِعَ، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ كَبَّرَ وَقَامَ النَّاسُ خَلْفَهُ، فَقَرَأَ وَرَكَعَ وَرَكَعَ النَّاسُ خَلْفَهُ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، ثُمَّ رَجَعَ الْقَهْقَرَى، فَسَجَدَ عَلَى الأَرْضِ، ثُمَّ عَادَ إِلَى الْمِنْبَرِ، ثُمَّ قَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، ثُمَّ رَجَعَ الْقَهْقَرَى حَتَّى سَجَدَ بِالأَرْضِ، فَهَذَا شَأْنُهُ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ سَأَلَنِى أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ فَإِنَّمَا أَرَدْتُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ أَعْلَى مِنَ النَّاسِ، فَلاَ بَأْسَ أَنْ يَكُونَ الإِمَامُ أَعْلَى ـــــــــــــــــــــــــــــ 377 - (سفيان) هو ابن عيينة (أبو حازم) -بالحاء المهملة- سلمة بن دينار (سألوا سهل بن سعد من أي شيء المنبر) يريدون منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن هذا الكلام جرى بالمدينة ولم يكن هناك منبر سواه، فاللام فيه للعهد كما في خرج الأمير (ما بقي في الناس أعلم مني) ذكرنا وجه ذلك أنه آخر الصحابة موتًا بالمدينة، فاللام في الناس يجوز أن تكون للعهد، وهم الذين بالمدينة، أو للاستغراق فإن الصحابة وإن كانوا موجودين في سائر البلاد إلا أنه لا يلزم أن يكون لهم علم بذلك (من أثل الغابة علمه فلان مولى فلانة) قال ابن الأثير: الأثل شجر يشبه الطرفاء إلا أنه أكبر منه، وقد جاء في رواية "من طرفاء الغابة"، والغابة لغة: الغيضة ذات الأشجار، والمراد غابة المدينة، وهي على تسعة أميال من المدينة (وفلان) قال الصنعاني: هو باقوم الرومي، مولى امرأة من الأنصار اسمها عائشة، وقيل: مولى سعيد بن العاص، وقيل لسعد بن عبادة، وقيل: لعباس، والأحاديث كلها تدل على صحة الأول. (فاستقبل القبلة) أي: وهو على المنبر فكبر (ثم رجع القهقرى) -بفتح القافين وسكون الهاء وألف مقصورة- المشي إلى الخلف معكوسًا (فسجد بالأرض) وقال أولًا: سجد على الأرض لوجود معنى الاستعلاء والإلصاق. (قال أبو عبد الله) أي: البخاري (قال علي بن عبد الله: سألني أحمد بن حنبل عن هذا الحديث فقال: إنما أردت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان أعلى من الناس، فلا بأس أن يكون الإمام أعلى

مِنَ النَّاسِ بِهَذَا الْحَدِيثِ. قَالَ فَقُلْتُ إِنَّ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ كَانَ يُسْأَلُ عَنْ هَذَا كَثِيرًا فَلَمْ تَسْمَعْهُ مِنْهُ قَالَ لاَ. أطرافه 448، 917، 2094، 2569 378 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَقَطَ عَنْ فَرَسِهِ، فَجُحِشَتْ سَاقُهُ أَوْ كَتِفُهُ، وَآلَى مِنْ نِسَائِهِ شَهْرًا، فَجَلَسَ فِي مَشْرُبَةٍ لَهُ، دَرَجَتُهَا مِنْ جُذُوعٍ، فَأَتَاهُ أَصْحَابُهُ يَعُودُونَهُ، فَصَلَّى بِهِمْ جَالِسًا، وَهُمْ قِيَامٌ فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ «إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ ـــــــــــــــــــــــــــــ من الناس) يريد أن سؤاله لم يكن عن صحة الحديث بل إنه إذا ثبت من فعله يجوز لغيره كراهة، هذا إذا كان المراد منه التعليم كما أشار إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث، وبه قال أحمد والشافعي، ومنع مالك وأبو حنيفة (قال: قلت: إن سفيان بن عيينة كان سأل عن هذا كثيرًا فلم تسمعه؟ قال: لا) قال شيخ الإسلام: الذي رواه أحمد عن سفيان في مسنده هو أن المنبر كان من أثل الغابة لا غير. وفقه الحديث: جواز اتخاذ المنبر، وجواز الفعل اليسير في الصلاة، وكذا الفعل الكثير إذا كان متفرقًا كما فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأن العالم يسعى في تعليم الجاهل لأنه من التعاون على البر والتقوى، والمبالغة فيه بالقول والفعل إن احتيج إليه. واتفقوا على أن وضع المنبر كان سنة سبع وأنه كان ثلاث درج. 378 - (يزيد) من الزيادة (حميد الطويل) بضم الحاء، على وزن المصغر (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سقط عن فرسه فجحشت ساقه أو كتفه) وسيأتي في الروايات "شقه الأيمن" وهو يشمل الساق والكتف، وجُحش -بضم الجيم وكسر الحاء- أي: خدش، والظاهر أنه كان وراء الخدش ألم شديد، ولذلك صلى جالسًا. (وآلى من نسائه شهرًا) الإيلاء: حلف الزوج على عدم غثيان زوجته فوق أربعة أشهر. ولم يكن إيلاؤه ذلك؛ بل حلف أن لا يخالطهن لإفشائهن سره، وعاتبه الله لما فعل من أجلهن بقوله: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ} [التحريم: 1]. (فجلس في مشربة) -بفتح الميم وضم الراء- الغرفة فوق البيت، وهذا موضع استدلال البخاري، فإن الغرفة بمثابة سطح البيت.

19 - باب إذا أصاب ثوب المصلى امرأته إذا سجد

لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا، وَإِنْ صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا». وَنَزَلَ لِتِسْعٍ وَعِشْرِينَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ آلَيْتَ شَهْرًا فَقَالَ «إِنَّ الشَّهْرَ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ». أطرافه 689، 732، 733، 805، 1114، 1911، 2469، 5201، 5289، 6684 19 - باب إِذَا أَصَابَ ثَوْبُ الْمُصَلِّى امْرَأَتَهُ إِذَا سَجَدَ 379 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الشَّيْبَانِىُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ عَنْ مَيْمُونَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى وَأَنَا حِذَاءَهُ وَأَنَا حَائِضٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ قال ابن بطال: استدل به على الصلاة على الخشب؛ لأنه صلى على ألواحها، وهذا الذي قاله لم نجِد أحدًا نقله، والصلاة على الخشب قد علمت من صلاته على المنبر. (فأتاه أصحابه يعودونه فصلى بهم جالسًا وهم قيام) جمع قائم كقعود في قاعد (إنما جعل الإمام ليؤتم به) أي: يقتدى به في أفعاله (فإذا كبر فكبروا) دليل للشافعي ومن وافقه على أن تكبير المأموم بعد تكبير الإمام (وإن صلى قائمًا صلوا قيامًا) ومفهومه أنه إذا صلى جالسًا يصلون جلوسًا ودل عليه السياق فإنه قال لهم منكرًا عليهم. وقال به الإمام أحمد في أحد الوجهين، والجمهور على أنه منسوخ بحديث عائشة: أنه صلى في آخر حياته جالسًا والناس قيام (إن الشهر تسع وعشرون) أي: ذلك الشهر، فاللام للعهد أو للجنس أي: قد يكون تسعًا وعشرين، وهذا أتم فائدة وأوفق بما يأتي في البخاري من قوله: "الشهر هكذا وهكذا" فإنه أشار إلى جنس الشهر كما ذكرنا. باب إذا أصاب ثوب المصلي امرأته إذا سجد 379 - (مسدد) بضم الميم وتشديد الدال المفتوحة (خالد) هو الطحان (عن سليمان الشيباني) -بفتح المعجمة ومثناة تحت ساكنة بعدها موحدة- نسبة إلى القبيلة (شداد) بفتح الشين وتشديد الدال. (عن ميمونة قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي وأنا حذاءه وأنا حائض) حذاء الشيء -بكسر الحاء- وحذوه إزاؤه ومقابله، والجملتان حالان متداخلتان، وقيل: مترادفان ولا يصح؛ إذ لا

20 - باب الصلاة على الحصير

وَرُبَّمَا أَصَابَنِى ثَوْبُهُ إِذَا سَجَدَ. قَالَتْ وَكَانَ يُصَلِّى عَلَى الْخُمْرَةِ. طرفه 333 20 - باب الصَّلاَةِ عَلَى الْحَصِيرِ وَصَلَّى جَابِرٌ وَأَبُو سَعِيدٍ فِي السَّفِينَةِ قَائِمًا. وَقَالَ الْحَسَنُ تُصَلِّى قَائِمًا مَا لَمْ تَشُقَّ عَلَى أَصْحَابِكَ، تَدُورُ مَعَهَا وَإِلاَّ فَقَاعِدًا. 380 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ جَدَّتَهُ مُلَيْكَةَ دَعَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــ رابطة بين قولها: النبي يصلي وأنا حائض (وربما أصابني ثوبه) هذا موضع الدلالة على الترجمة (قالت: وكان يصلي على الخمرة) -بضم الخاء المعجمة وسكون الميم- قد سلف أنها سجادة بقدر ما تفي وجه المصلي ويديه، والحق أنها تطلق على الكبيرة إما لغة أو مجازًا. وفقه الحديث: عدم كراهة الصلاة بحذاء الحائض وإن أصابها ثوب المصلي وقد سلف في أبواب الحيض. باب الصلاة على الحصير (وصلى جابر وأبو سعيد) أي: الخدري (في السفينة قائمًا) أي: كل منهما، وفي بعضها: قيامًا من إطلاق الجمع على الإثنين مجازًا، أو حقيقة عند القائل به، واشتقاق السفينة من السفن وهو الشق لأنها تشق الماء وتنشره (وقال الحسن: تصلي قائمًا) أي: في السفينة (ما لم يشق على أصحابك تدور معها، وإلا فقاعدًا) وهذا مذهب الشافعي وأحمد، وقال أبو حنيفة: يجوز القعود للقادر على القيام في السفينة والقيام أفضل، ومناسبة هذه الآثار لما بوب عليه من الصلاة على الحصير اشتراك كل واحد من السفينة والحصير في أن السجود ليس على الأرض، وما روي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لمعاذ: "ترب وجهك" محمول على ما إذا أمكن. 380 - (عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك أن جدته مليكة دعت

رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِطَعَامٍ صَنَعَتْهُ لَهُ، فَأَكَلَ مِنْهُ ثُمَّ قَالَ «قُومُوا فَلأُصَلِّ لَكُمْ». قَالَ أَنَسٌ فَقُمْتُ إِلَى حَصِيرٍ لَنَا قَدِ اسْوَدَّ مِنْ طُولِ مَا لُبِسَ، فَنَضَحْتُهُ بِمَاءٍ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَصَفَفْتُ وَالْيَتِيمَ وَرَاءَهُ، وَالْعَجُوزُ مِنْ وَرَائِنَا، فَصَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ انْصَرَفَ. أطرافه 727، 860، 871، 874، 1164 ـــــــــــــــــــــــــــــ رسول الله لطعام) مليكة: -بضم الميم على وزن المصغر- اسم أم سليم، وعلى هذا فالضمير في جدته لإسحاق بن عبد الله لا لأنس، فإن أم سليم أم أنس، وقيل: بل [جدة] لأنس لأن مليكة اسم مشترك بين أم سليم وأمها أم حرام. قال ابن عبد البر: ولا يصح هذا. (قوموا فلأصل لكم) بكسر اللام وحذف الياء، من أصلي لأنها لام أمر، ويروى بإثبات الياء وبضمها على أنها لام كي، قيل: وفي رواية بلا لام وبياء ساكنة ولا خفاء فيه [وفي رواية] الكشمهيني: بفتح اللام وسكون الياء ولا وجه له (قال أنس: فقمت إلى حصير لنا قد اسودَّ من طول ما لبس) أي: استعمل، أو يطلق اللبس على الافتراش أيضًا حقيقة (فنضحته بماء) أي: رششت بالماء لئلا يتأذى المصلي من خشونته (فصففت أنا واليتيم وراءه) برفع اليتيم على العطف ونصبه على أنه مفعول معه، وفي بعضها بدون أنا فيتعين النصب إذ العطف على الضمير المتصل بدون التأكيد بالمنفصل لا يجوزه نحاة البصرة (فصلى لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم انصرف) أي: إلى داره، وقيل: انصرف أي: سلم، والأول هو الظاهر من لفظ ثم وصلى؛ لأن التسليم ركن فلا يقال: صلى حقيقة إلا إذا سلم. وفقه الحديث: حسن التواضع، وإجابة الداعي إلى الطعام، ومشروعية الجماعة في النوافل، والقيام إلى الصلاة لقصد التعليم والتبرك، وجواز دخول الصبي في الصف وإفراد صف النساء، وطهارة ما غلب نجاسة مثله كذلك الحصير الذي اسود من طول الإفراش. قيل: وفيه دليل على عدم الوضوء مما مست النار، وفيه نظر؛ لما روى الدارقطني: أنه بعد ما أكل دعا بوضوء فتوضأ.

21 - باب الصلاة على الخمرة

21 - باب الصَّلاَةِ عَلَى الْخُمْرَةِ 381 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الشَّيْبَانِىُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ عَنْ مَيْمُونَةَ قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى عَلَى الْخُمْرَةِ. 22 - باب الصَّلاَةِ عَلَى الْفِرَاشِ وَصَلَّى أَنَسٌ عَلَى فِرَاشِهِ. وَقَالَ أَنَسٌ كُنَّا نُصَلِّى مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَيَسْجُدُ أَحَدُنَا عَلَى ثَوْبِهِ. 382 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَبِى النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهَا قَالَتْ كُنْتُ أَنَامُ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الصلاة على الخمرة بضم الخاء وسكون الميم. 381 - (أبو الوليد) هشام الطيالسي (عبد الله بن شداد) بفتح الشين وتشديد الدال (عن ميمونة قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي على الخمرة) قد سلف أنها سجادة صغيرة تفي الوجه والكفين، وتطلق على الكبيرة أيضًا. قال بعض الشارحين: فإن قلت: هذا الحديث قد تقدم بعينه. قلت: أعاده لاختلاف بعض رجال الإسناد، وأيضًا غرض البخاري بيان مقاصد شيوخه عند نقلهم. وليس بشيء؛ وذلك أنه لو كان الغرض الإعادة لاختلاف السند لنقله في ذلك الباب، وأما أن غرضه بيان أغراض مشايخه فشيء لا يعقل. ذلك أن المحدث يروي ما سمعه، وليس عليه أن يعرف غرض شيخه فضلًا عن أن يلتزم بيانه في تأليفه، بل الصواب أن مراده من إعادة الحديث استنباط الأحكام، فيذكر الحكم في الترجمة ثم يستدل عليه بالحديث، فيعيد الحديث على قدر ما يدل عليه من الأحكام. باب الصلاة على الفراش (وقال أنس: كنا نصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فيسجد أحدنا على ثوبه) هذا التعليق رواه مسندًا في الباب الذي بعده سنذكر هناك إن شاء الله ما فيه. 382 - (عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله) -على وزن المصغر- وأبو النضر اسمه

بَيْنَ يَدَىْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَرِجْلاَىَ فِي قِبْلَتِهِ، فَإِذَا سَجَدَ غَمَزَنِى، فَقَبَضْتُ رِجْلَىَّ، فَإِذَا قَامَ بَسَطْتُهُمَا. قَالَتْ وَالْبُيُوتُ يَوْمَئِذٍ لَيْسَ فِيهَا مَصَابِيحُ. أطرافه 383، 384، 508، 511، 512، 513، 514، 515، 519، 997، 1209، 6276 383 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصَلِّى وَهْىَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ عَلَى فِرَاشِ أَهْلِهِ، اعْتِرَاضَ الْجَنَازَةِ. طرفه 382 384 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ عَنْ عِرَاكٍ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصَلِّى وَعَائِشَةُ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ـــــــــــــــــــــــــــــ سالم، بالضاد المعجمة (عن عائشة قالت: [كنت] أنام بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورجلاي في قبلته) أي: في جهة قبلته، ولفظ كان دل على كثرة الوقوع (فإذا سجد غمزني) -بالغين المعجمة وزاي كذلك- قال ابن الأثير: يقال: غمزته إذا كبسته (والبيوت يومئذٍ ليس فيها مصابيح) اعتذار عما وقع منها، والمراد من اليوم: الوقت أي: زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلا يتوجه أن ذكر المصابيح بالليل ألصق، ولا يقوم هذا حجة على الشافعي من أن لمس المرأة لا ينقض الوضوء لاحتمال وجود الحائل، بل هو الأكثر في النائم، وقراءة {لمستم} [النساء: 43] بالقصر نص في اللمس. فإن قلت: ليس في الحديث أنه كان يصلي على الفراش. قلت: سيأتي في آخر الباب: على الفراش الذي كانا ينامان عليه. على أن قولها: (ورجلاي في قبلته) صريح في أنه كان يصلي على الفراش. قال بعضهم: وفيه استحباب إيقاظ النائم للصلاة وغيرها. وهذا شيء لا مساس له بالمقام، ولا دلالة عليه بوجه، وإنما كان يغمز رجلها ليتمكن من السجود، ولو كان الغرض إيقاظها لأيقظها من أول ما قام، أو لو فهمت أنه يريد إيقاظها لقامت. 383 - (يحيى بن بكير) بضم الباء، على وزن المصغر، وكذا (عقيل)، كان يصلي وهي بينه وبين القبلة على فراش أهله اعتراض الجنازة) نصب على المصدر، أي: معترضة اعتراض الجنازة. قال ابن الأثير: الجنازة -بفتح الجيم والكسر- تطلق على الميت وعلى النعش، وقيل: بالكسر السرير، وبالفتح: الميت. 384 - (يزيد) من الزيادة (عراك) بكسر العين (كان يصلي وعائشة معترضة بينه وبين

23 - باب السجود على الثوب فى شدة الحر

الْقِبْلَةِ عَلَى الْفِرَاشِ الَّذِى يَنَامَانِ عَلَيْهِ. طرفه 382 23 - باب السُّجُودِ عَلَى الثَّوْبِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ وَقَالَ الْحَسَنُ كَانَ الْقَوْمُ يَسْجُدُونَ عَلَى الْعِمَامَةِ وَالْقَلَنْسُوَةِ وَيَدَاهُ فِي كُمِّهِ. 385 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ قَالَ حَدَّثَنِى غَالِبٌ الْقَطَّانُ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كُنَّا نُصَلِّى ـــــــــــــــــــــــــــــ القبلة على الفراش الذي ينامان عليه) قوله: (على الفراش) متعلق بيصلي لا بمعترضة، إذ لا فائدة فيه لأنه معلوم أنها نائمة في ذلك الفراش، وهذا مثل قولها: (على فراش أهله) وظاهر هذا وإن كان مشعرًا بالإرسال إلا أنه محكوم عليه بالوصل بدليل الرواية المتقدمة. فإن قلت: سيأتي في البخاري: "على فراشه". قلت: الإضافة إليه حقيقة لأنه ملكه، وإلى الأهل مجازًا، وكان تارة كذا وأخرى كذا فإنه وقع منه مكررًا. وفقه الباب: جواز صلاة الإنسان والنائم بينه وبين القبلة، وأن الفعل القليل لا يقطع الصلاة، والنوم في الظلام لا كراهة فيه بل مستحب. باب السجود على الثوب في شدة الحر (قال الحسن: كان القوم يسجدون على العمامة والقلنسوة ويداه في كمه) أي: يد كل واحد في كمه، أفرد الضمير لعدم احتمال اللبس، وقد رواه ابن أبي شيبة: "أيديهم" وهو الظاهر. والقلنسوة -بفتح القاف واللام وسكون النون- غشاء طويل مبطن يلبس في الرأس، من القلس وهو الجبل العظيم، الواو والنون زائدتان، ويقال: القلنسية بالياء مكان الواو. 385 - (بشر) بكسر الموحدة وشين معجمة (غالب) من الغلبة (عن أنس: كنا نصلي

مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَيَضَعُ أَحَدُنَا طَرَفَ الثَّوْبِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ فِي مَكَانِ السُّجُودِ. طرفاه 542، 1208 ـــــــــــــــــــــــــــــ مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فيضع أحدنا طرف الثوب من شدة الحر في مكان السجود) استدل به مالك والكوفيون وأحمد على جواز السجود على ما يلبس المصلي، وقال الشافعي: لا يجوز إلا إذا كان بحيث لا يتحرك بحركة المصلي. قال بعض الشارحين في دفع الإشكال الوارد على الشافعي من حديث أنس: الفرق بين المتحرك وغيره أن المتحرك كالجزء من المصلي، والأصل في السجود أن لا يجوز إلا على الأرض لقوله - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ: "ترب وجهك" (2)، وجاز في غير المحمول لدليل، وبقي غيره على أصله من عدم الجواز، ثم إن الذي في حديث أنس كان للضرورة، والضرورات تبيح المحضورات. كل هذا تخيلات لا وجه له. أما قوله: ترب فهو بيان للأولى عند الإمكان فلا دلالة على عدم الجواز في غيره بوجه، وأما قوله: المتحرك كالجزء فهو قياس مع الفارق؛ إذ لا يقول عاقل: إن طرف الثوب مثل اليد أو الرجل، ولئن سلم فهو قياس في مقابلة النص، فإن حديث أنس هذا صريح في الوقوع فضلًا عن الجواز. وأما قوله: كان ذلك للضرورة فهو عليه لا له، فإن الشافعي لم يجوز في شدة الحر أو البرد ذلك، بل الصواب في الجواب للشافعي الحديث: "شكونا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حر الرمضاء فلم يشكنا". قال ابن الأثير: كانوا يضعون أطراف ثيابهم تحت الجبهة في السجود، فنهوا عنه قال الشافعي: هذا النهي متأخر عن ذلك الفعل، على أن حديث أنس ليس فيه دلالة على أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علم بذلك وقررهم عليه، فلا يحتاج إلى دعوى النسخ إلا إذا ثبت أنه علم

24 - باب الصلاة فى النعال

24 - باب الصَّلاَةِ فِي النِّعَالِ 386 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو مَسْلَمَةَ سَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ الأَزْدِىُّ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ أَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى فِي نَعْلَيْهِ قَالَ نَعَمْ. طرفه 5850 ـــــــــــــــــــــــــــــ بذلك وقررهم عليه. وفيه نظر؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يرى من ورائه كما يرى أمامه، وسيأتي قوله: "لا يخفى علي ركوعكم ولا سجودكم". باب الصلاة في النعال 386 - (آدم بن أبي إياس) بكسر الهمزة (أبو مسلمة) بفتح الميم واللام (سعيد بن يزيد الأزدي، سألت أنس بن مالك: أكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي في النعال؟ قال: نعم) النعال -بكسر النون- جمع نعل وهو كل ما يلبس في الرجل، والشرط أن يكون طاهرًا، والأحاديث المروية في أن المسح بالأرض يطهره ضعيفة، و (في) بمعنى مع أي: مع نعاله كما في قوله تعالى: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ} [القصص: 79]، أو تقدر مبتدأ أي: ورجلاه في نعليه، وإنما فعله بيانًا للجواز، لكن ما رواه أبو داود والحاكم: "صلوا في النعال وخالفوا اليهود" يدل على أنه مستحب في بعض الأوقات، ونقل الغزالي في "الإحياء" عن بعض العلماء: أن الصلاة فيها أفضل.

25 - باب الصلاة فى الخفاف

25 - باب الصَّلاَةِ فِي الْخِفَافِ 387 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ يُحَدِّثُ عَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ رَأَيْتُ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بَالَ ثُمَّ تَوَضَّأَ، وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى، فَسُئِلَ فَقَالَ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَنَعَ مِثْلَ هَذَا. قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَكَانَ يُعْجِبُهُمْ، لأَنَّ جَرِيرًا كَانَ مِنْ آخِرِ مَنْ أَسْلَمَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الصلاة في الخفاف بكسر الخاء جمع خف بالضم. 387 - (الأعمش) هو سليمان بن مهران (إبراهيم) هو النخعي الفقيه المعروف (همام) بفتح الهاء وتشديد الميم (قال إبراهيم: كان يعجبهم لأن جريرًا كان آخر من أسلم) قد ذكرنا أن الأكثر أنه أسلم قبل موت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأربعين يومًا. وقد أشرنا أن هذا لا يصح؛ لأن البخاري روى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لجرير: "استنصت الناس" لخطبته في حجة الوداع. وإنما كان يعجبهم لأن حديثه سالم عن توهم النسخ لأن إسلامه بعد نزول المائدة، فلا يكون مسح الخف منسوخًا بآية غسل الرجلين، وقد جاء صريحًا في رواية الطبراني أن جريرًا قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح على الخفين بعد نزول المائدة. ونقل الجعبري عن الشافعي أن آية الوضوء في المائدة تدل على جواز المسح أيضًا؛ فإن قراءة نصب {وَأَرْجُلَكُمْ} [المائدة: 6] تدل على الغسل، وقراءة الجر على المسح.

26 - باب إذا لم يتم السجود

388 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ وَضَّأْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ وَصَلَّى. 26 - باب إِذَا لَمْ يُتِمَّ السُّجُودَ 389 - أَخْبَرَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا مَهْدِىٌّ عَنْ وَاصِلٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ رَأَى رَجُلاً لاَ يُتِمُّ رُكُوعَهُ وَلاَ سُجُودَهُ، فَلَمَّا قَضَى صَلاَتَهُ قَالَ لَهُ حُذَيْفَةُ مَا صَلَّيْتَ - قَالَ وَأَحْسِبُهُ قَالَ - لَوْ مُتَّ مُتَّ عَلَى غَيْرِ سُنَّةِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -. طرفاه 791، 808 ـــــــــــــــــــــــــــــ 388 - (أبو أسامة) -بضم الهمزة- حماد بن أسامة (عن مسلم) -ضد الكافر- هو البطين، أو مسلم بن صبيح أبو الضحى الهمداني لأن كل واحد منهما يروي عن مسروق قال شيخ الإسلام: قد جزم الحفاظ بأنه أبو الضحى. روى حديث المغيرة بن شعبة وقد سلف مرارًا. فإن قلت: حديث المسح على الخف آحاد، فكيف ينسخ به القرآن؟ قلت: لا نسلم بل هو متواتر. قال النووي: رواه من الصحابة خلائق لا يحصون، ونقل عن الحسن أنه قال: حدثني به من الصحابة سبعون، ولم يخالف فيه إلا الشيعة، والعجب أن من رواة الحديث علي بن أبي طالب! باب إذا لم يتم السجود بضم الياء من أتم. 389 - (الصلت بن محمد) بفتح المهملة وسكون اللام (عن واصل) هو الأحدب (عن حذيفة) -بضم الحاء وفتح المعجمة- هو ابن اليمان صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي لا يعلم [سرّه] غيره (رأى رجلًا لا يتم ركوعه ولا سجوده فلما قضى صلاته) أي: فرغ منها (قال: وأحسبه قال: لو مُتَّ مُتّ على غير سنة محمد - صلى الله عليه وسلم -) فاعلُ قال الأول: أبو وائل شقيق بن سلمة وسنة محمد: هديه وطريقه، وفي رواية: "مُت على غير الفطرة التي فطر عليها محمد" وهذا يدل على أن حذيفة كان يعتقد وجوب الطمأنينة في الأركان كما هو رأي أكثر الأئمة.

27 - باب يبدى ضبعيه ويجافى فى السجود

27 - باب يُبْدِى ضَبْعَيْهِ وَيُجَافِى فِي السُّجُودِ 390 - أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ عَنْ جَعْفَرٍ عَنِ ابْنِ هُرْمُزَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ ابْنِ بُحَيْنَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا صَلَّى فَرَّجَ بَيْنَ يَدَيْهِ حَتَّى يَبْدُوَ بَيَاضُ إِبْطَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب يبدي ضبعيه ويجافي في السجود الضبع -بفتح وسكون الباء- قال ابن الأثير: هو وسط العضد، وقيل: ما تحت الإبط. 390 - (يحيى بن بكير) بضم الباء على وزن المصغر (بكر بن مضر) بضم الميم وضاد معجمة غير منصرف لأنه علم القبيلة (ابن هرمز) -بضم الهاء- علم عجمي غير منصرف، وابن هرمز هذا هو عبد الرحمن الأعرج الذي يكثر الرواية عن أبي هريرة (عن عبد الله بن مالك بن بحينة) بتنوين مالك لأن بحينة -بضم الباء على وزن المصغر- هي أم عبد الله، فلفظ مالك لم يقع بين العلمين. (كان إذا صلى فَرَّج بين يديه) -بتشديد الراء وتخفيفها- أي: باعَدَ بين اليدين والجنبين (حتى يبدو بياض إبطيه) أي: يظهر، وفي رواية: إبطه. قيل: هو بسكون الباء لا غير. قال الجوهري: الإبط تحت الجناح ولم يقيده بقيد. قال أبو نعيم: بياض إبطه من علامات نبوته. قلت: قد جاء في رواية: عفرة إبطه. قال ابن الأثير: العفرة بياض ليس بالناصع، ولكنه كلون عفر الأرض أي: وجهها، وقيل: يحتمل أن يكون المراد بياض الثوب تحت الإبط، ويرده ما روينا من الرواية: "عفرة إبطه". قال النووي: والحكمة في هذا التفريج أنه أشبه في التواضع، وأبلغ في تمكين الجبهة من الأرض، وأبعد من هيئة الكسالى. قال بعضهم: وأقول: يحتمل أن يراد بقوله: بين يديه، قُدَّامَه كما هو الظاهر منه. وهذا شيء لا يعقل، وأي معنى لتفريج قدام المصلي، أو أي مغنى حينئذٍ لقوله: حتى يبدو بياض إبطيه؟! على أنه مناقض لسائر الروايات، منها رواية مسلم كان إذا سجد لو شاءت

28 - باب فضل استقبال القبلة يستقبل بأطراف رجليه قال أبو حميد عن النبى - صلى الله عليه وسلم -

وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ نَحْوَهُ. طرفاه 807، 3564 28 - باب فَضْلِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ يَسْتَقْبِلُ بِأَطْرَافِ رِجْلَيْهِ. قَالَ أَبُو حُمَيْدٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 391 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمَهْدِىِّ قَالَ حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ سِيَاهٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ـــــــــــــــــــــــــــــ بهيمة أن تمر بين يديه لمرت، وكذا ما رواه أبو داود والنسائي لو أن بهيمة أرادت أن تمر تحت يده لمرت. (وقال الليث) عطف على (حدثني بكر بن مضر). باب: فضل استقبال القبلة (قال: يستقبل بأطراف رجليه) أي: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يستقبل المصلي بأطراف رجليه أي: بأصابع رجليه (قاله أبو حميد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -) -بضم الحاء على وزن المصغر- الساعدي الصحابي المشهور، واسمه المنذر أو عمرو أو عبد الرحمن، روى عنه تعليقًا هنا وفي باب يستقبل القبلة بأطراف رجليه، لكن أسنده عن ابن عباس في باب السجود على الأنف: "أمرت أن أسجد على أطراف القدمين". 391 - (عمرو بن عباس) بفتح العين فيهما وتشديد الموحدة (ابن مهدي) على وزن المفعول، عبد الرحمن (عن ميمون بن سياه) -بكسر السين- اسم عجمي معناه الأسود،

«مَنْ صَلَّى صَلاَتَنَا، وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا، وَأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا، فَذَلِكَ الْمُسْلِمُ الَّذِى لَهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ، فَلاَ تُخْفِرُوا اللَّهَ فِي ذِمَّتِهِ». طرفاه 392، 393 392 - حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. فَإِذَا قَالُوهَا وَصَلَّوْا صَلاَتَنَا، وَاسْتَقْبَلُوا قِبْلَتَنَا، وَذَبَحُوا ذَبِيحَتَنَا، فَقَدْ حَرُمَتْ عَلَيْنَا دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ إِلاَّ بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ منصرف لأنه اسم جنس في لغة العجم (من صلى صلاتنا، واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا، فذلك المسلم الذي له ذمة الله وذمة رسوله، فلا تخفروا الله في ذمته) الخفارة -بكسر الخاء المعجمة- حفظ الذمة، والإخفار: نقضها وهو المراد هنا، الهمزة فيه للإزالة، أي: أزلت خفارته كقولك أشكيته أي: أزلت شكايته. قال ابن الأثير: الذمة تطلق على العهد والضمان والأمان والحرمة، والظاهر هنا العهد الذي أشار إليه بقوله: "من قال لا إله إلا الله عصم مني ماله ودمه إلا بحق الإسلام". والسياق دل على فضل استقبال القبلة، وأن مبتنى أحكام الدنيا على ظاهر الحال. 392 - (نعيم) -بضم النون على وزن المصغر- أبو عبد الله نعيم بن حماد المروزي (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله) إذا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أمرت، الآمر هو الله تعالى. اقتصر على كلمة التوحيد لأن الكلام مع المشركين الذين اعترافهم بالتوحيد يستلزم الاعتراف برسالته، أو لأن قوله - صلى الله عليه وسلم -: (صلى صلاتنا) يدل عليه، وقد سبق في كتاب الإيمان في رواية ابن عمر ذكر محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (حرمت علينا دماؤهم وأموالهم إلا بحقها). فإن قلت: من تكلم بكلمة التوحيد يحرم التعرض له، فما فائدة سائر القيود؟ قلت: أهل الكتاب وإن تكلموا بكلمة التوحيد ولم يصلوا صلاتنا لم يحكم لهم بالإسلام.

29 - باب قبلة أهل المدينة وأهل الشأم والمشرق ليس فى المشرق ولا فى المغرب قبلة، لقول النبى - صلى الله عليه وسلم - «لا تستقبلوا القبلة بغائط أو بول ولكن شرقوا أو غربوا»

393 - قَالَ ابْنُ أَبِى مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ حَدَّثَنَا أَنَسٌ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ قَالَ سَأَلَ مَيْمُونُ بْنُ سِيَاهٍ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ يَا أَبَا حَمْزَةَ، مَا يُحَرِّمُ دَمَ الْعَبْدِ وَمَالَهُ فَقَالَ مَنْ شَهِدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا، وَصَلَّى صَلاَتَنَا، وَأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا، فَهُوَ الْمُسْلِمُ، لَهُ مَا لِلْمُسْلِمِ، وَعَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُسْلِمِ. طرفه 391 29 - باب قِبْلَةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَهْلِ الشَّأْمِ وَالْمَشْرِقِ لَيْسَ فِي الْمَشْرِقِ وَلاَ فِي الْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ بِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا». ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: كم مؤمن من لا يصلي؟ قك: المراد اعتقاد الحقيقة لا الإتيان بها. (قال علي بن عبد الله) هو المديني شيخ البخاري، روى عنه بلفظ قال لأنه سمعه منه مذاكرة، وليس فيه تعليق كما ظُن. قال العراقي: حقيقة التعليق أن يُسقط من أول الإسناد راوٍ أو أكثر، ويعزي الحديث إلى من فوق المحذوف. 393 - (حميد) بضم الحاء على وزن المصغر (يا أبا حمزة) كنية لأنس بن مالك (فذلك المسلم له ما للمسلم، وعليه ما على المسلم) أي: ذلك المسلم الذي حكم الشارع بإسلامه، الخبر محذوف (قال ابن أبي مريم) هو شيخ البخاري سعيد بن الحكم، وفائدة هذه الرواية: رفع الحديث إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخلاف رواية علي بن عبد الله المتقدمة ليس فيها رفع صريحًا، وإن كان مثله في حكم الرفع، إذ لا مجال فيه للاجتهاد، وفيه أيضًا دفع وهم التدليس من حميد لأنه صريح بلفظ حدثنا. باب قبلة أهل المدينة والشام والمشرق المدينة: هي مدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أطلقت، والشام البلاد المعروفة في لفظها ثلاث لغات: بالألف وبالهمزة بعدها ألف، وبالهمزة ساكنة بدون الألف. وحدُّها طولًا من الفرات إلى وادي العريش، وغرض البخاري بيان قبلة أهل الاْرض كلها، بعضها منطوقًا، وبعضها مفهومًا، ولم يذكر المغرب لأن حكمه يعلم من المشرق. (ليس في المشرق ولا في المغرب قبلة).

30 - باب قول الله تعالى (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى)

394 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِى أَيُّوبَ الأَنْصَارِىِّ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا أَتَيْتُمُ الْغَائِطَ فَلاَ تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ وَلاَ تَسْتَدْبِرُوهَا، وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا». قَالَ أَبُو أَيُّوبَ فَقَدِمْنَا الشَّأْمَ فَوَجَدْنَا مَرَاحِيضَ بُنِيَتْ قِبَلَ الْقِبْلَةِ، فَنَنْحَرِفُ وَنَسْتَغْفِرُ اللَّهَ تَعَالَى. وَعَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا أَيُّوبَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَهُ. 30 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى) ـــــــــــــــــــــــــــــ 394 - استدل عليه بقوله في الحديث الذي أسنده عن أبي أيوب الأنصاري: (إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها، ولكن شرقوا أو غربوا) واتفق العلماء على أن هذا خطاب لأهل المدينة؛ فإن قبلتهم ليست شرقية ولا غربية، وعلة النهي. احترام القبلة، فيؤخذ منه حكم سائر البلاد والأقطار (قال أبو أيوب: فقدمنا إلى الشام فوجدنا مراحيض بنيت قِبَل القبلة) -بكسر القاف وفتح الباء- أي: في تلك الجهة، والمراحيض -جمع مرحاض بكسر الميم- وهو المغتسل، من الرحض وهو الغسل (فننحرت ونستغفر الله). فإن قلت: لم كان الانحراف، ومثله جائر في البنيان من غير انحراف؟ قلت: إما أنه لم يبلغه حديث ابن عمر، أو كانت تلك المراحيض في الصحراء. فإن قلت: فإذا انحرف لمَ كان الاستغفار؟ قلت: إما أنه لا يتمكن من الانحراف كما هو حقه، أو استغفر لبانيها، فإنها بنيت وشريعة عيسى قائمة، أو إنكارًا على بانيها، وكثيرًا ما يرى الإنسان منكرًا فيقول: أستغفر الله وإن لم يكن صادرًا منه. (وعن الزهري عن عطاء: سمعت أبا أيوب) فائدة هذا التعليق: التصريح بسماع عطاء من أبي أيوب بخلاف الطريق الذي أسنده، كذا قيل، والصواب أن ليس هنا تعليق؛ إذ التقدير: وعن الزهري بالإسناد المذكور، لأن سفيان رواه تارة بلفظ حدثنا، وتارة بلفظ عن. باب قوله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125] قرأ نافع وابن عامر {وَاتَّخَذُوَا} على صيغة الماضي، أي: الأمم السالفة حكى على أن شرع من قبلنا شرعنا، والكسر أحسن لقول عمر: قلت: يا رسول الله هذا مقام أبينا إبراهيم، ألا نتخذه مصلى؟ فنزلت، واختلفوا فيه، والذي عليه المحققون أنه الحجر الذي قام عليه

395 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ سَأَلْنَا ابْنَ عُمَرَ عَنْ رَجُلٍ طَافَ بِالْبَيْتِ الْعُمْرَةَ، وَلَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، أَيَأْتِى امْرَأَتَهُ فَقَالَ قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَطَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا، وَصَلَّى خَلْفَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ، وَطَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ. أطرافه 1623، 1627، 1645، 1647، 1793 396 - وَسَأَلْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ لاَ يَقْرَبَنَّهَا حَتَّى يَطُوفَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. أطرافه 1624، 1646، 1794 ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو يبني، فغاصت رجله فيه وقيل: عرفة كله والمزدلفة ومنى، وقيل: الحرم كله. 395 - (الحميدي) -بضم الحاء على وزن المصغر المنسوب- عبد الله بن الزبير (سفيان) هو ابن عيينة (سألنا ابن عمر عن رجل طاف بالبيت للعمرة ولم يطف بين الصفا والمروة أيأتي امرأته؟ قال: قدم النبي - صلى الله عليه وسلم -) عدل عن ظاهر الجواب وهو عدم الجواز إلى حكاية حال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عمرته، فإنه طاف بين الصفا والمروة بعد الطواف بالبيت ليكون أبلغ في المنع. فإن قلت: فعله - صلى الله عليه وسلم - لا يدل على الوجوب؟ قلت: يدل إذا دلت القرينة لا سيما وقد قال: "خذوا عني مناسككم". (وصلى خلف المقام) هذا موضع الدلالة على الترجمة. 396 - (وسألنا جابرًا) هذا قول عمرو بن دينار، ذكره تقوية لكلام ابن عمر، إلا أن حديث جابر موقوف عليه، إلا أنه رواه عنه في كتاب الحج مرفوعًا.

397 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سَيْفٍ قَالَ سَمِعْتُ مُجَاهِدًا قَالَ أُتِىَ ابْنُ عُمَرَ فَقِيلَ لَهُ هَذَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ الْكَعْبَةَ. فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ فَأَقْبَلْتُ وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ خَرَجَ، وَأَجِدُ بِلاَلاً قَائِمًا بَيْنَ الْبَابَيْنِ، فَسَأَلْتُ بِلاَلاً فَقُلْتُ أَصَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْكَعْبَةِ قَالَ نَعَمْ رَكْعَتَيْنِ بَيْنَ السَّارِيَتَيْنِ اللَّتَيْنِ عَلَى يَسَارِهِ إِذَا دَخَلْتَ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى فِي وَجْهِ الْكَعْبَةِ رَكْعَتَيْنِ. أطرافه 468، 504، 505، 506، 1167، 1598، 1599، 2988، 4289، 4400 ـــــــــــــــــــــــــــــ 397 - (مسدد) بضم الميم وفتح الدال المشددة (عن سيف) -بفتح السين وسكون الياء- هو ابن سليمان المخزومي (أُتي ابن عمر) على بناء المجهول (هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد دخل الكعبة، قال ابن عمر: فأقبلت ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد خرج) الجملة في محل الحال (وأجد بلالًا قائمًا بين البابين) أي: مصراعي الباب (فقلت: أصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الكعبة؟ قال: نعم ركعتين بين الساريتين) قد أشكل هذا بما رواه في غزوة الفتح عن ابن عمر أنه قال: نسيت أن أسأله كم صلى؟ وأجاب شيخ الإسلام بعد أن رده أمر به ... بأن لفظ ركعتين هنا من مقول ابن عمر؛ لأن بلالًا أخبر بأنه صلى ما يقع من الصلاة، لا سيما في النهار لا يكون أقل من الركعتين. قلت: هذا شيء لا يمكن القول به؛ لأن ابن عمر يقول هنا: قلت لبلال صلى النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم ركعتين بين الساريتين، فكيف يعقل أن يكون هذا من قول ابن عمر؟! والصواب في الجواب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل الكعبة في الفتح، وفي حجته ووقع لابن عمر معه ما ذكره من السؤال من بلال والدليل على هذا أن الحديث هنا أن ابن عمر أتى إلى حوله وأخبر بدخول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - البيت، وفي غزوة الفتح أخبر ابن عمر الناس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقبل من أعلى مكة فدخل البيت وأغلق الباب، وقال ابن عمر: رأيت بلالًا وراء الباب، وهنا قال: بين البابين، ومن تأمل سياق الحديثين ظهر له ما أشرنا إليه ظهورًا بينًا. فإن قلت: روى ابن عباس أنه لم يصل؟ قلت: المثبت مقدم، وقد علم في موضعه وقيل: من نفى إنما نفى الفرض، وقيل النفي والإثبات باعتبار الوقتين فإنه في رواية أبي داود والإمام

31 - باب التوجه نحو القبلة حيث كان

398 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا دَخَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْبَيْتَ دَعَا فِي نَوَاحِيهِ كُلِّهَا، وَلَمْ يُصَلِّ حَتَّى خَرَجَ مِنْهُ، فَلَمَّا خَرَجَ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ فِي قُبُلِ الْكَعْبَةِ وَقَالَ «هَذِهِ الْقِبْلَةُ». أطرافه 1601، 3351، 3352، 4288 31 - باب التَّوَجُّهِ نَحْوَ الْقِبْلَةِ حَيْثُ كَانَ وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ وَكَبِّرْ». ـــــــــــــــــــــــــــــ أحمد: دخلها يوم الفتح، وفي رواية الترمذي عن عائشة: دخلها في حجة الوداع. (بين الساريتين اللتين على يساره إذا دخلت) الظاهر يسارك إلا أنه اعتبر مفهوم الداخل كائنًا من كان، والحمل على الالتفات بعيد عن المقام (فصلى في وجه الكعبة) وفي رواية التي بعدها: "قبل الكعبة"، والمراد جهة الباب لأن الداخل يواجهه، ويدل عليه رواية الدارقطني: "صلى بين الباب والحجر"، وفي رواية: "عند بابها". 398 - (إسحاق بن نصر) بفتح النون وسكون المهملة (ابن جريج) -بضم الجيم على وزن المصغر- عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج (دعا في نواحي البيت ولم يصل) قد تقدم الجواب عنه في الحديث الذي قبله (فلما خرج ركع في قبل الكعبة) أي: تجاه الباب (وقال: هذه القبلة) المشار إليه هو البيت المعظم، أشار إلى أنه لا يعتريه نسخ إلى آخر الدهر قال الخطابي: أشار إلى أن ذلك المكان أفضل المواقف للإمام، وفيه بعد لا دلالة للفظ عليه، والأولى أن يقال: مراده أن إصابة العين شرط للآفاقي أيضًا دفعًا لما يتوهم من شرط المسجد الحرام كما ذهب إليه الشافعي لله دره. باب التوجه نحو القبلة حيث كان أي: سواء كان حاضر المسجد الحرام، أو آفاقيًا (وقال أبو هريرة: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: استقبل القبلة وكبر) هذا التعليق أسنده مع تمام الحديث في حديث المسيء صلاته.

399 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُحِبُّ أَنْ يُوَجَّهَ إِلَى الْكَعْبَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ) فَتَوَجَّهَ نَحْوَ الْكَعْبَةِ، وَقَالَ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ - وَهُمُ الْيَهُودُ - مَا وَلاَّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِى كَانُوا عَلَيْهَا (قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِى مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) فَصَلَّى مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَ مَا صَلَّى، فَمَرَّ عَلَى قَوْمٍ مِنَ الأَنْصَارِ فِي صَلاَةِ الْعَصْرِ نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَقَالَ هُوَ يَشْهَدُ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَأَنَّهُ تَوَجَّهَ نَحْوَ الْكَعْبَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 399 - (عبد الله بن رجاء) بفتح الراء والمد (عن أبي إسحاق) هو السبيعي عمر بن عبد الله (عن البراء) بفتح الباء وتخفيف الراء (صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نحو بيت المقدس) إلى جهته (ستة عشر أو سبعة عشر شهرًا) حذف المميز من الأول لدلالة الثاني عليه، الشك من البراء، وصلى الأنصار قبل قدومه إلى بيت المقدس ثلاث حجج (وكان رسول الله يحب أن يوجه إلى الكعبة) ولأنها قبلة أبيه إبراهيم ولأنها أدعى للعرب إلى الاتباع لا سيما قريش، فإنهم كانوا يزعمون أنهم على دين إبراهيم، وروى أبو عوانة عن سلمان عن مجاهد عن ابن عباس: صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - نحو بيت المقدس وهو بمكة والكعبة بين يديه، وعن علي بن طلح وعن ابن عباس: أول ما نسخ من القرآن القبلة، وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما هاجر أمره الله باستقبال بيت المقدس ثم صرفه إلى الكعبة، وفي قول ابن عباس: أمره الله باستقبال بيت المقدس ثم صرفه إلى الكعبة، دليل على أنه لم يكن استقباله بيت المقدس اجتهادًا منه (وقال السفهاء وهم اليهود: {مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا} [البقرة: 142]) يريدون بيت المقدس، وقد أخبره الله بذلك قبل الوقوع ليوطِّن نفسه على ذلك (فصلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل ثم خرج بعدما صلى، فمر على قوم من الأنصار في صلاة العصر نحو بيت المقدس فقال: هو يشهد) هذا كله من كلام البراء، حكى حال الرجل، والدليل عليه أنه رواه في تفسير {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ} [البقرة: 142] بلفظ

فَتَحَرَّفَ الْقَوْمُ حَتَّى تَوَجَّهُوا نَحْوَ الْكَعْبَةِ. 400 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى عَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ، فَإِذَا أَرَادَ الْفَرِيضَةَ نَزَلَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ. أطرافه 1094، 1099، 4140 401 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ الرجل: "أشهد" فسقط ما تكلف بعضهم بأنه تجريد أو التفات، أو يقدر قائل. (فتحرّق القوم حتى توجهوا نحو الكعبة) إلى جهتها وهم في الصلاة. هذا دل عليه أن أول صلاة صُليت نحو البيت الظهرُ ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مسجده، وفي رواية أبي داود وغيره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان دعي إلى طعام مع أصحابه وكان في أثناء الصلاة ركعتين فحول وجهه نحو البيت فدار ودرنا معه، لا يخلو عن ضعف والقول على ما في البخاري. 400 - (مسلم) ضد الكافر (هشام) الدستوائي (يحيى بن أبي كثير) ضد القليل كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي على راحلته حيث توجهت به) لفظ كان دل على كثرة وقوع ذلك، وقوله: حيث توجَّهت يدل على أنه لا يجوز صرف الوجه عن تلك الجهة لأنها بدل القبلة، وبإطلاقه على عدم الفرق بين المسافر والمقيم، فهو حجة على مالك في اشتراط سفر القصر، ويجوز للراكب والماشي، لأن مفهومه الراحلة، ومفهوم اللقب لا اعتبار به، وخالف فيه مالك وأبو حنيفة. (فإذا أراد الفريضة نزل فاستقبل القبلة) عليه اتفق الأئمة إلا في صلاة الخوف كما سيأتي إن شاء الله. 401 - (عثمان) هو ابن أبي شيبة (جرير) بفتح الجيم على وزن فعيل (منصور) هو ابن

عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ صَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ إِبْرَاهِيمُ لاَ أَدْرِى زَادَ أَوْ نَقَصَ - فَلَمَّا سَلَّمَ قِيلَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَحَدَثَ فِي الصَّلاَةِ شَىْءٌ قَالَ «وَمَا ذَاكَ». قَالُوا صَلَّيْتَ كَذَا وَكَذَا. فَثَنَى رِجْلَيْهِ وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ، فَلَمَّا أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ قَالَ «إِنَّهُ لَوْ حَدَثَ فِي الصَّلاَةِ شَىْءٌ لَنَبَّأْتُكُمْ بِهِ، وَلَكِنْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ، أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ، فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِى، وَإِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلاَتِهِ فَلْيَتَحَرَّى الصَّوَابَ، فَلْيُتِمَّ عَلَيْهِ ثُمَّ يُسَلِّمْ، ثُمَّ يَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ». أطرافه 404، 1226، 6671، 7249 ـــــــــــــــــــــــــــــ المعتمر (إبراهيم) هو النخعي (قال عبد الله) هو ابن مسعود حيث أطلق (صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال إبراهيم: لا أدرى أزاد أو نقص) قد جاء في رواية حماد عن إبراهيم أن الصلاة صلاة الظهر، وكان صلاها خمْسًا (قيل له: يا رسول الله أحدث في الصلاة شيء؟) أي: ما أوجب الزيادة أو النقصان كذا وكذا) كناية عما وقع له في الصلاة (فثنى رجليه) بتخفيف النون، وفيه دلالة على ثبوت رواية حماد لأنه لم يزد على السجدتين (قال: إنه لو حدث شيء لنبأتكم به) وذلك لأنه يجب عليه تبليغ الأحكام (إنما أنا بشر أنسى كما تنسون). فإن قلت: سيأتي في الكتاب أنه نهى عن قول الإنسان: نَسِيتُ، بل يقول: نُسِّيت بضم النون وتشديد السين مكسورة؟ قلت: محمول على أن النهي بعده أو ذاك في غيره من أمته. فإن قلت: كيف رجع إلى قولهم ولا يجوز للمصلي الأخذ بقول غيره إمامًا كان أو مأمومًا؟ قلت: المسألة فيها خلاف من جوزه لا إشكال عنده، ومن لم يجوزه قال: لم يرجع إلى قولهم بل تذكر. فإن قلت: كيف سجد بعدما تكلم بذلك الكلام؟ قلت: كان كلامًا يسيرًا على وجه النسيان، وكلام الناسي لا يبطل الصلاة، وبه قال الشافعي ومالك وأحمد خلافًا لأبي حنيفة، عنده كلام الجاهل والناسي مبطل لما رواه ابن مسعود: "إن صلاتنا لا يصلح فيها شيء من كلام الناس".

32 - باب ما جاء فى القبلة، ومن لا يرى الإعادة على من سها فصلى إلى غير القبلة

32 - باب مَا جَاءَ فِي الْقِبْلَةِ، وَمَنْ لاَ يَرَى الإِعَادَةَ عَلَى مَنْ سَهَا فَصَلَّى إِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ وَقَدْ سَلَّمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي رَكْعَتَىِ الظُّهْرِ، وَأَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ بِوَجْهِهِ، ثُمَّ أَتَمَّ مَا بَقِىَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قال النووي: حديث ابن مسعود منسوخ لأنه كان بمكة حين رجع من الحبشة. (إذا شك أحدكم في صلاته فَلْيَتَحَرَّ الصواب فليتم عليه ثم يسلم ثم يسجد سجدتين). فإن قلت: أول الحديث دل على أن السجدتين قبل السلام، وآخره على أنهما بعد السلام؟ قلت: أشار بذلك إلى جواز الأمرين قال النووي: لا خلاف في الجواز، إنما الخلاف في الأفضلية. قال أبو حنيفة: الأفضل بعد السلام، والشافعي وأحمد قبل السلام، وقال مالك: إن كان السهو بزيادة يسجد بعد السلام ويتشهد له، وإن كان بالنقصان فقلبه، وإن جمع بين النقصان والزيادة فقبل السلام. وقال الشافعي: سجود السهو مندوب، وقال غيره واجب، وسيأتي في حديث ذي اليدين تمام الكلام إن شاء الله. باب ما جاء في القبلة، ومن لا يرى الإعادة على من سها فصلى إلى غير القبلة (وقد سلم النبي - صلى الله عليه وسلم - في الركعتين من الظهر وأقبل على الناس بوجهه) هذا التعليق هو بعض حديث ذي اليدين، وقد اختلف العلماء فيمن اجتهد في القبلة ثم أخطأ. فذهب أبو حنيفة ومالك وأحمد إلى أنه لا إعادة عليه لما روى الترمذي وابن ماجه عن عامر بن ربيعة: أنهم كانوا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فصلوا إلى غير القبلة ثم تبين خطؤهم فلم يأمرهم بالإعادة ونزل قوله تعالى: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: 115]. وأجاب الشافعي بأن إسناد الحديث ليس بقوي، فإذا تيقن الخطأ يعيد الصلاة. فإن قلت: ما وجه إيراد هذا التعليق هنا؟ قلت: حين أقبل على الناس بوجهه كان في الصلاة، وإقباله ساهيًا إلى غير القبلة لم يفسد صلاته.

402 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ عُمَرُ وَافَقْتُ رَبِّى فِي ثَلاَثٍ، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوِ اتَّخَذْنَا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى فَنَزَلَتْ (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى) وَآيَةُ الْحِجَابِ قُلْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــ 402 - (عمرو بن عون) بفتح العين وسكون الواو وآخره نون (هشيم) بضم الهاء على وزن المصغر، وكذا (حميد) هو الطويل (قال عمر: وافقت ربي في ثلاث) أي: في ثلاث قضايا، والمعنى أنه كان في علم الله وتقديره ما ذهب إليه اجتهاده. قال بعضهم: فإن قلت: كان موافقًا لربه في كل ما أمر به ونهى فأي وجه لتخصيص الثلاث؟ قلت: ذلك موافقة الرب في الأمر، أو المراد وافقني ربي في إنزال الآية، وإنما عدل عنه تأدبًا. هذا كلامه، ولا أدري ما معنى قوله: ذلك موافقة الرب في الأمر، وكيف يدفع السؤال؟ وأما قوله: عدل عن تلك العبارة تأدبًا يرد عليه ما جاء في سورة البقرة في تفسير قوله: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125] بلفظ وافقني ربي، فالتعويل على ما ذكرنا. فإن قلت: اجتهاده وافق حكم الله في أكثر من هذه الثلاث كما في قضية أسارى بدر، وفي منع الصلاة على المنافقين، وقد ذكر أبو بكر بن العربي الموافقة في تسع قضايا؟ قلت: مفهوم العدد ليس دليلًا، ولئن سلم يكون حين أخبر لم يقع له إلا هذه الثلاث، أو الراوي لم يضبط غيرها. وقال شيخ الإسلام: وقفنا على خمس عشرة، وفي رواية الترمذي: "ما نزل بالناس أمر قط فقالوا فيه، وقال فيه عمر، إلا ونزل القرآن فيه على وفق ما قال عمر". (وآية الحجاب) عطف على مقدر أي: إحدى الثلاث: اتخاذ مقام إبراهيم مصلى،

يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ أَمَرْتَ نِسَاءَكَ أَنْ يَحْتَجِبْنَ، فَإِنَّهُ يُكَلِّمُهُنَّ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ. فَنَزَلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ، وَاجْتَمَعَ نِسَاءُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْغَيْرَةِ عَلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُنَّ عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبَدِّلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ. فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ. أطرافه 4483، 4790، 4916 حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى مَرْيَمَ قَالَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنِى حُمَيْدٌ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا بِهَذَا. 403 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ بَيْنَا النَّاسُ بِقُبَاءٍ فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ ـــــــــــــــــــــــــــــ والأخرى آية الحجاب، ويجوز الجر على البدلية، بدل بعض. قال بعضهم: آية الحجاب هي قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} [الأحزاب: 59] وقد سها فيه، فإن آية الحجاب كما سيأتي مكررًا هي قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ} [الأحزاب: 53] إلى قوله: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الأحزاب: 53] والمحققون على أن معنى الحجاب أن لا يرى منهن ما يرى من سائر المؤمنات لا الوجه ولا الكف ولا يرى شخصهن وإن كن في إزار. (قال أبو عبد الله: وحدثنا ابن أبي مريم) وفي بعضها: قال ابن أبي مريم، وقد نبهناك على أن قول البخاري عن أحد شيوخه قال فلان: ليس من التعليق في شيء بل إنما يكون تعليقًا إذا سقط من الإسناد شيخه، أو هو ومن فوقه، والفرق بين طريق ابن أبي مريم وطريق ابن عون التصريح من حميد بالسماع من أنس دون ابن عون، وفي التصريح الأمن من التدليس. 403 - (عن عبد الله بن عمر: بينا الناس بقباء) بين ظرف زمان، وألفه للإشباع وربما يزاد عليه ما وقباء -بالضم بالمد- يجوز صرفه ومنعه باعتبار البقعة والمكان (من صلاة الصبح) لا ينافي ما تقدم من صلاة العصر؛ لأن ذلك في المدينة في مسجد بني حارثة

إِذْ جَاءَهُمْ آتٍ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ قُرْآنٌ، وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ فَاسْتَقْبِلُوهَا، وَكَانَتْ وُجُوهُهُمْ إِلَى الشَّأْمِ، فَاسْتَدَارُوا إِلَى الْكَعْبَةِ. أطرافه 4488، 4490، 4491، 4493، 4494، 7251 404 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ صَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الظُّهْرَ خَمْسًا فَقَالُوا أَزِيدَ فِي الصَّلاَةِ قَالَ «وَمَا ذَاكَ». قَالُوا صَلَّيْتَ خَمْسًا. فَثَنَى رِجْلَيْهِ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ (إذ أتاهم آت) قيل: هو عباد بن بشر (إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أنزل عليه الليلة قرآن) هو ما يتعلق بتحويل القبلة فإنه يطلق على الكل، وعلى كل طائفة صلح مناطًا لحكم (فاستقبلوا وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة) لفظ استقبلوا -بفتح الباء- على لفظ الفعل، ويجوز أن يكون الضمير لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن كان معه، ويجوز الكسر على أنه أمر من ذلك الآتي، وهذا موضع الدلالة على الترجمة فإن بعض صلاتهم كان إلى غير القبلة قطعًا، ويعلم منه حال الناس، والمجتهد من باب الأولى. 404 - (مسدد) بضم الميم وتشديد الدال المفتوحة (يحيى) هو القطان (الحكم) بفتح الحاء والكاف (إبراهيم) هو النخعي (قالوا: صليت خمسًا فثنى رجليه وسجد سجدتين) تقدم الحديث في الباب قبله. وموضع الدلالة هنا هذا المكان لأن الكلام كان وهو مستدبر القبلة وهو في الصلاة ولذلك لم يعدها، وقد قدمنا أن الشافعي يوجب على المجتهد في القبلة الإعادة إذا تيقن الخطأ، واعترض عليه بأنه يلزم نقض الاجتهاد، وذلك غير جائز كالحاكم إذا حكم يحكم ثم بَدَا له أن يحكم بخلافه، فأجاب بعضهم بأن القياس إلى الحاكم غير صحيح؛ لأنه فيه خللًا من وجهين: الأول: أن الحق في الصورتين واحد وهو حكم الله في نفس الأمر لا شك فيه. الثاني: أن لو سلم ما قاله فهو عليه لا له، وذلك أنه إذا كان متعددًا فلا يكون محل الخطأ والصواب واحدًا، فلا يلزم اجتماع النقيضين، بل الجواب للشافعي أن نقض الاجتهاد

33 - باب حك البزاق باليد من المسجد

33 - باب حَكِّ الْبُزَاقِ بِالْيَدِ مِنَ الْمَسْجِدِ 405 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى نُخَامَةً فِي الْقِبْلَةِ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ حَتَّى رُئِىَ فِي وَجْهِهِ، فَقَامَ فَحَكَّهُ بِيَدِهِ فَقَالَ «إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ فِي صَلاَتِهِ، فَإِنَّهُ يُنَاجِى رَبَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ بالاجتهاد لا يجوز لعدم رجحان أحدهما على الآخر، ووزان هذه المسألة ليس وزان ذلك لأن الكلام فيما إذا تيقن الخطأ، فلو حكم بالاجتهاد كان ترجيحًا للظن على اليقين. فإن قلت: إذا استداروا لزم أن يأتي الإمام إلى الصف الأخير وهو عمل كثير؟ قلت: الظاهر أنه كان قبل تحريم الفعل، كما أنه كان قبل تحريم الكلام، أو لم تقع الخطأ متوالية، أو لم يعرفوا عدم جوازه. فإن قلت: فعلى هذا يجب أن يكون القطعي منسوخًا بالآحاد؟ قلت: الناسخ هو القرآن، والإخبار إنما هو بوقوع الناسخ، وبهذا سقط ما يجاب به من أن هذا الخبر محفوف بالقرائن فجاز النسخ به، أو كان النسخ جائزًا بخبر الواحد. باب حك البزاق من المسجد البزاق والبصاق والبساق -بضم الباء- كلها بمعنى واحد. 405 - (قتيبة) بضم القاف على وزن المصغر، وكذا (حميد)، (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى نخامة في القبلة فشق ذلك عليه حتى رؤي في وجهه) أي: كراهة ذلك. النخامة بضم النون، قال صاحب "المطالع": هي ما يخرج من الصدر، وقال ابن الأثير: تخرج من مخرج الخاء المعجمة-، وقيل: بالميم ما يخرج من الصدر، وبالعين: ما ينزل من الرأس، وقيل بالعكس (فقام فحكه بيده) من شدة غضبه باشره، أو اكتسابًا للأجر، ويؤيد الأول ما سيأتي من قوله: فتغيط (إن أحدكم إذا قام في صلاته فإنه يناجي ربه) من النجوى وهو الكلام السر بين اثنين، قال الجوهري: يقال ناجيته ونجوته إذا ساررته، وهذا لا يقتضي وجود الكلام من الطرفين حتى يقال إنه مجاز، إذ لا كلام إلا من طرف العبد، ألا ترى أن المخاطبة بين الاثنين تكون من المخاطب -بكسر الطاء- اسم الفاعل، تقول: خاطبت زيدًا فلم يرد على الكلام، وإنما نشأ وهم هذا القائل من قول أهل الصرف إن باب فاعل للمشاركة في الفعل

- أَوْ إِنَّ رَبَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ - فَلاَ يَبْزُقَنَّ أَحَدُكُمْ قِبَلَ قِبْلَتِهِ، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمَيْهِ». ثُمَّ أَخَذَ طَرَفَ رِدَائِهِ فَبَصَقَ فِيهِ، ثُمَّ رَدَّ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ، فَقَالَ «أَوْ يَفْعَلْ هَكَذَا». طرفه 241 406 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ. أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى بُصَاقًا فِي جِدَارِ الْقِبْلَةِ فَحَكَّهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ «إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّى، فَلاَ يَبْصُقْ قِبَلَ وَجْهِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ إِذَا صَلَّى». أطرافه فى 753، 1213، 6111 407 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى فِي جِدَارِ الْقِبْلَةِ مُخَاطًا أَوْ بُصَاقًا أَوْ نُخَامَةً فَحَكَّهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ من اثنين، وهو كذلك فيما نحن فيه، فإن المناجاة قائمة بينهما إلا أن الجهة مختلفة، لأن أحدهما متكلم والآخر سامع ويظهر لك هذا في النداء فإن المنادي يكون أحدهما والآخر سامع قطعًا، ولا يقول عاقل: إن قولك: ناديت زيدًا مجاز. (وإن ربه بينه وبين القبلة) الرب منزه عن المكان والجهة، فالمراد أن تلك الجهة مهب نسيم رحمته، ومطلع أنوار رضوانه فيجب إكرامها (ولكن عن يساره أو تحت قدميه) هذا إذا لم يكن في المسجد قيده النووي، وأما إذا كان في المسجد فقد أشار إلى طريق آخر بقوله: (أو يفعل هكذا) قال النووي: والدليل على عدم الجواز في المسجد نهيه عن ذلك. 406 - (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى في جدار القبلة بصاقًا فحكه ثم قال: إن أحدكم إذا كان يصلي فلا يبصق قِبَل وجهه فإن الله قبل وجهه) -بكسر القاف وفتح الباء- الجهة، قد تقدم شرحه.

34 - باب حك المخاط بالحصى من المسجد

34 - باب حَكِّ الْمُخَاطِ بِالْحَصَى مِنَ الْمَسْجِدِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِنْ وَطِئْتَ عَلَى قَذَرٍ رَطْبٍ فَاغْسِلْهُ، وَإِنْ كَانَ يَابِسًا فَلاَ. 408 و 409 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ وَأَبَا سَعِيدٍ حَدَّثَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى نُخَامَةً فِي جِدَارِ الْمَسْجِدِ، فَتَنَاوَلَ حَصَاةً فَحَكَّهَا فَقَالَ «إِذَا تَنَخَّمَ أَحَدُكُمْ فَلاَ يَتَنَخَّمَنَّ قِبَلَ وَجْهِهِ وَلاَ عَنْ يَمِينِهِ، وَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ الْيُسْرَى». حديث 408 طرفاه 410، 416 - تحفة 12281 حديث 409 طرفاه 411، 414 35 - باب لاَ يَبْصُقْ عَنْ يَمِينِهِ فِي الصَّلاَةِ 410 و 411 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ وَأَبَا سَعِيدٍ أَخْبَرَاهُ أَنَّ رَسُولَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب حك المخاط بالحصى من المسجد بضم الميم والخاء المعجمة: ما يسيل من الأنف. 408 - 409 - (حميد) بضم الحاء على وزن المصغر (رأى نخامة في حائط المسجد فتناول حصاة فحتها) التناول: الأخذ باليد، والحت -بفتح الحاء وتشديد التاء- القلع. قال ابن الأثير: الحت والحك والقشر واحد. فإن قلت: عقد الباب لحك المخاط وليس في الحديث لا الحك ولا المخاط؟ قلت: أما الحك فقد ذكرنا أنه والحت واحد، وأما المخاط فقد علم حكمه من النخامة؛ لأنه أشد كراهة. باب لا يبصق عن يمينه في الصلاة 410 - 411 - (يحيى بن بكير) بضم الباء على وزن المصغر، وكذا (عقيل)، وكذا (حميد). .

36 - باب ليبزق عن يساره أو تحت قدمه اليسرى

اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَصَاةً فَحَتَّهَا ثُمَّ قَالَ «إِذَا تَنَخَّمَ أَحَدُكُمْ فَلاَ يَتَنَخَّمْ قِبَلَ وَجْهِهِ وَلاَ عَنْ يَمِينِهِ، وَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ الْيُسْرَى». طرفاه 408، 409 412 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى قَتَادَةُ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَتْفِلَنَّ أَحَدُكُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلاَ عَنْ يَمِينِهِ، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ رِجْلِهِ». طرفه 241 36 - باب لِيَبْزُقْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ الْيُسْرَى 413 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي الصَّلاَةِ فَإِنَّمَا يُنَاجِى رَبَّهُ، فَلاَ يَبْزُقَنَّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلاَ عَنْ يَمِينِهِ، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ». طرفه 241 414 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ. أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَبْصَرَ نُخَامَةً فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ فَحَكَّهَا بِحَصَاةٍ، ثُمَّ نَهَى أَنْ يَبْزُقَ الرَّجُلُ بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ عَنْ يَمِينِهِ، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ الْيُسْرَى. وَعَنِ الزُّهْرِىِّ سَمِعَ حُمَيْدًا عَنْ أَبِى سَعِيدٍ نَحْوَهُ. طرفه 409 ـــــــــــــــــــــــــــــ 412 - (لا يتفلن أحدكم بين يديه ولا عن يمينه ولكن تحت رجله اليسرى) قال ابن الأثير: التفل نفخ، معه أدنى بزاق وهو أكره من النفث، وقد سلف منا أن تحت رجله اليسرى مقيد بما إذا لم يكن في المسجد. باب ليبزق عن يساره أو تحت قدمه اليسرى 414 - (وعن الزهري سمع حميدًا) فائدة هذا التعليق التصريح بالسماع فإنه أبلغ من العنعنة كذا قيل، والصواب أنه ليس تعليقًا، بل هو داخل تحت الإسناد وذلك أن سفيان روى تارة عن الزهري بلفظ عن، وتارة بلفظ السماع من حميد، ومعنى الحديث تقدم مرارًا. فإن قلت: محصل الأحاديث المذكورة في هذه الأبواب الأربعة واحد، فهلا أوردها

37 - باب كفارة البزاق فى المسجد

37 - باب كَفَّارَةِ الْبُزَاقِ فِي الْمَسْجِدِ 415 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الْبُزَاقُ فِي الْمَسْجِدِ خَطِيئَةٌ، وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا». 38 - باب دَفْنِ النُّخَامَةِ فِي الْمَسْجِدِ 416 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَلاَ يَبْصُقْ أَمَامَهُ، فَإِنَّمَا يُنَاجِى اللَّهَ مَا دَامَ فِي مُصَلاَّهُ، وَلاَ عَنْ يَمِينِهِ، فَإِنَّ عَنْ يَمِينِهِ مَلَكًا، وَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ، فَيَدْفِنُهَا». طرفه 408 ـــــــــــــــــــــــــــــ في باب واحد؟ قلت: غرض البخاري من التراجم الإشارة إلى الأحكام التي تضمنته الأحاديث، فلو أوردها في باب واحد لفات ذلك، ولهذا المعنى يورد الحديث في أبواب شتى بقدر ما يفيده لفظ الحديث من الأحكام، وما يقال: إنه تابع شيوخه فيوردها على الوجه الذي استدل بها شيوخه مما لا يلتفت إليه، معلوم لكل أحد أنه إنما يتبع مشايخه في الرواية ولا يسأل عن غرض شيخه من الحديث، ولا أن تراجم الأبواب على مذهب شيوخه. باب: كفارة البزاق في المسجد قال ابن الأثير: الكفارة -فعالة للمبالغة- من الكفر وهو الستر، ومعناه الفعلة التي من شأنها أن تكفر الذنب أي: تستره وتمحوه. 415 - (عن أنس قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: البزاق في المسجد خطيئة وكفارتها دفنها) الدفن لغة: الكتم بأي وجه كان، يدفنه تحت رجله في المسجد، أو بالإخراج، قال الروياني: يجب الإخراج ولقد أحسن فيما قال رحمه الله، وبه أقول. باب دفن النخامة في المسجد 416 - (إسحاق بن نصر) بصاد مهملة (معمر) بفتح الميمين بينهما عين ساكنة (عن همام) بفتح الهاء وتشديد الميم الأولى (ولا من يمينه وليبصق على يساره فإن من يمينه ملكًا).

39 - باب إذا بدره البزاق فليأخذ بطرف ثوبه

39 - باب إِذَا بَدَرَهُ الْبُزَاقُ فَلْيَأْخُذْ بِطَرَفِ ثَوْبِهِ 417 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ قَالَ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى نُخَامَةً فِي الْقِبْلَةِ فَحَكَّهَا بِيَدِهِ، وَرُئِىَ مِنْهُ كَرَاهِيَةٌ - أَوْ رُئِىَ كَرَاهِيَتُهُ لِذَلِكَ وَشِدَّتُهُ عَلَيْهِ - وَقَالَ «إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ فِي صَلاَتِهِ فَإِنَّمَا يُنَاجِى رَبَّهُ - أَوْ رَبُّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قِبْلَتِهِ - فَلاَ يَبْزُقَنَّ فِي قِبْلَتِهِ، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ». ثُمَّ أَخَذَ طَرَفَ رِدَائِهِ فَبَزَقَ فِيهِ، وَرَدَّ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ، قَالَ «أَوْ يَفْعَلُ هَكَذَا». طرفه 241 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: فعن يساره أيضًا ملك بلا خلاف؟ قلت: التنوين في: "ملكًا" للتعظيم فإنه كاتب الحسنات والناظر على كاتب السيئات، والجانب الأيمن أيضًا أشرف، يؤيده ما رواه ابن أبي شيبة: "فإن على يمينه كاتب الحسنات". وقيل: إنما ترجم أولًا: باب كفارة البزاق، وهنا: باب دفن البزاق فرقًا بين ما فعله عمدًا وما فعله نسيانًا، ولا يخفى أن ذكر القبلة إشارة إلى مزيد الإثم، وإلا فسائر مواضع المسجد كلها كذلك في الإثم، وقد يقال: إن كاتب السيئات لا يكون حاضرًا عند الصلاة، فشيء لم يدل عليه دليل سوى أن الصلاة عبادة، ولا دلالة فيه لأن الشيطان أكثر ما يوقع في العصيان في مواطن الطاعات، ولو كان الأمر على ما قالوا لم يحضر كاتب الطاعات مواضع العصيان، ولم يقل بذلك أحد. باب إذا بدره البزاق فليأخذ بطرف الثوب 417 - (زهير) بضم الزاي على وزن المصغر، وكذا (حميد) روى في الباب حديث النخامة في المسجد، وأنه كره لما رأى النخامة في القبلة، وقد سلف مع شرحه مرارًا. والدلالة فيه على الترجمة في قوله: (أخذ طرف ردائه فبزق فيه ورد بعضه على بعض وقال: أو يفعل هكذا). فإن قلت: ليس في الباب ما يدل على الترجمة من مبادرة البزاق؟ قلت: هذا على دأبه أشار إلى حديث رواه مسلم هكذا: "فإن عجله بادره فليقل بثوبه هكذا".

40 - باب عظة الإمام الناس فى إتمام الصلاة، وذكر القبلة

40 - باب عِظَةِ الإِمَامِ النَّاسَ فِي إِتْمَامِ الصَّلاَةِ، وَذِكْرِ الْقِبْلَةِ 418 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «هَلْ تَرَوْنَ قِبْلَتِى هَا هُنَا فَوَاللَّهِ مَا يَخْفَى عَلَىَّ خُشُوعُكُمْ وَلاَ رُكُوعُكُمْ، إِنِّى لأَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِى». طرفه 741 419 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ هِلاَلِ بْنِ عَلِىٍّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ صَلَّى بِنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - صَلاَةً ثُمَّ رَقِىَ الْمِنْبَرَ، فَقَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب عظة الإمام الناس في إتمام الصلاة وذكر القبلة 418 - (عن أبي الزناد) بكسر الزاي بعدها نون (الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز (عن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: هل ترون قبلتي هاهنا) الاستفهام للتقرير، وليس هو الغرض، بل جعله مقدمة لقوله: (ما يخفى علي خشوعكم ولا ركوعكم) الخشوع فعل الجوارح؛ لأنه جعل مرئيًّا بالعين، وبعد جعله من المرئي بالبصر عطف عليه، وفي رواية مسلم لفظ السجود بدل الركوع، وعلى الروايتين من عطف جبريل وميكائيل على الملائكة، فإن أكثر الناس لا يؤدي الركوع ولا السجود على نمطه. 419 - (إني لأراكم من وراء ظهري) جواب القسم أكد الكلام بأن والقسم مع أن كلامه مع الصحابة المعترفين بأنه الصادق المصدوق لغرابة الحكم وكونه خارقًا للعادة، والمراد أنه يرى من ورائه لأن الله تعالى كما جعل في العين -وهو قطعة لحم من أجزاء الجسم- قوة حساسة مدركة، له أن يجعل مثلها في سائر الأجزاء لتساوي نسبة القدرة والإمكان إلى الكل، أو يرى من ورائه بعينيه الموجودتين لأن المقابلة والمسافة ليستا بشرطِ للرؤية عند أهل الحق فلا إشكال، وعلى أي وجه كان فهو فعل خارق معجزة من معجزاته. (فليح) بضم الفاء على وزن المصغر (هلال) بكسر الهاء (رقي المنبر) -بكسر الميم وفتح الباء- معروف اشتقاقه من النبر وهو الرفع، يقال: رقِي يرقى على وزن علم يعلم، وفي لغة رقَى بفتح القاف، وإنما رقي المنبر ليكون أبلغ في الاستماع وأدل على الاهتمام (فقال

41 - باب هل يقال مسجد بنى فلان

فِي الصَّلاَةِ وَفِى الرُّكُوعِ «إِنِّى لأَرَاكُمْ مِنْ وَرَائِى كَمَا أَرَاكُمْ». طرفاه 742، 6644 41 - باب هَلْ يُقَالُ مَسْجِدُ بَنِى فُلاَنٍ 420 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِى أُضْمِرَتْ مِنَ الْحَفْيَاءِ، وَأَمَدُهَا ثَنِيَّةُ الْوَدَاعِ، وَسَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِى لَمْ تُضْمَرْ مِنَ الثَّنِيَّةِ إِلَى مَسْجِدِ بَنِى زُرَيْقٍ، وَأَنَّ عَبْدَ ـــــــــــــــــــــــــــــ في الصلاة وفي الركوع) أي: تكلم في شأنهما وفي كيفية الإتيان بهما ثم أكد ذلك بقوله: (إني لأراكم من ورائي كما أراكم) أي: وأنا على المنبر مواجهة، لا فرق بين الرؤيتين، وهذه الرواية أبلغ مما تقدم لأنه .......... تلك الرؤية ..... على ..... وتلك ساكتة عن هذا المعنى مع رقيه المنبر، فإن الإنسان إذا كان في موضع علي يرى ما تحته مكشوفًا غاية الانكشاف. باب هل يقال مسجد بني فلان؟ 420 - (عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سابق بين الخيل التي أضمرت من الحفياء، وأمَدُها ثنية الوداع) المسابقة: المغالبة في السبق، وإنما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنه تجربة آلة الجهاد دون تربيتها، والإضمار والتضمير في الخيل: أن يظاهر عليها بالعلف ليكمل سمنها، ثم لا تعلف إلا قوتًا ليجف ذلك اللحم ويخف، وقيل: يشد عليها السرج وتجلل حتى تعرق ويشتد لحمها، والحيفاء -بحاء مهملة يمد ويقصر- اسم مكان، والثنية: هي العقبة في الجبل، وقيل: أعلى المسيل، وقيل: الطريق العالي في الجبل، وسميت ثنية الوداع لأن المودع منها يرجع إلى المدينة. وبينها وبين الحيفاء خمسة أميال، أو ستة أو سبعة. (والخيل التي لم تضمر من الثنية الى مسجد بني زريق) -بتقديم الزاي المعجمة- طائفة من الأنصار، بطن من الخزرج، وإضافة المسجد إليهم يحتمل أن يكون لبنيانهم، وأن يكون للمجاورة، وإنما نقص المسافة لأن غير المضمرة لا تقدر على المسافة البعيدة.

42 - باب القسمة وتعليق القنو فى المسجد

اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ فِيمَنْ سَابَقَ بِهَا. أطرافه 2868، 2869، 2870، 7336 42 - باب الْقِسْمَةِ وَتَعْلِيقِ الْقِنْوِ فِي الْمَسْجِدِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقِنْوُ الْعِذْقُ، وَالاِثْنَانِ قِنْوَانِ، وَالْجَمَاعَةُ أَيْضًا قِنْوَانٌ مِثْلَ صِنْوٍ وَصِنْوَانٍ. 421 - وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ أُتِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِمَالٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ فَقَالَ «انْثُرُوهُ فِي الْمَسْجِدِ». وَكَانَ أَكْثَرَ مَالٍ أُتِىَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الصَّلاَةِ، وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلاَةَ جَاءَ فَجَلَسَ إِلَيْهِ، فَمَا كَانَ يَرَى أَحَدًا إِلاَّ أَعْطَاهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وفقه الحديث جواز المسابقة بين الخيل وما في معناها من الإبل وما يصلح للجهاد واستحباب تضميرها فإنه إعانة على الجهاد، وجواز إضافة المسجد إلى غير الله وإن كانت المساجد كلها لله حقيقة، فإن الإضافة يكتنفها أدنى ملابسة. (وأن عبد الله بن عمر كان ممن سابق) هذا من كلام عبد الله أخبر عن نفسه بطريق الغيبة التفاتًا. باب القسمة وتعليق القِنْوِ في المسجد الجار والمجرور مما تنازع فيه المصدران فيتعلق بأحدهما ويقدر للآخر، والقنو -بكسر القاف، والجمع قنوان بالتنوين، وكذا هو لفظ المثنى بلا تنوين، وهو العِرق -بكسر العين- بمثابة العنقود من الرطب، وبفتح العين: هي النخلة. 421 - (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتي بمال من البحرين) أُتي على بناء المجهول، والبحرين -على صيغة المثنى- بلد بين عمان وبصرة، وقيل: بينه وبين البصرة ثمانون فرسخًا، وكان سيد القوم فيهم عبد القيس، صالحهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأمر عليهم علاء بن الحضرمي. (فخرج إلى الصلاة ولم يلتفت اليه) لئلا يشغل فكره إليه (فلما قضى الصلاة) أي: أتمها وفرغ منها (فجلس إليه) أي: واصلًا إليه قريبًا (فما كان يرى أحدًا إلا أعطاه) لأن مال الفيء يشترك فيه المسلمون، والمصرف فيه يفوض إلى رأي الإمام بقدر حاجتهم، وسقط بهذا قول ابن بطال: كان إعطاؤه للعباس للمغرم، والعباس من الأصناف الثمانية، يريد الغارمين في قوله في آية الصدقة: {وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: 60]، على أنه لو كان

إِذْ جَاءَهُ الْعَبَّاسُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَعْطِنِى فَإِنِّى فَادَيْتُ نَفْسِى وَفَادَيْتُ عَقِيلاً، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «خُذْ». فَحَثَا فِي ثَوْبِهِ، ثُمَّ ذَهَبَ يُقِلُّهُ فَلَمْ يَسْتَطِعْ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُؤْمُرْ بَعْضَهُمْ يَرْفَعُهُ إِلَىَّ. قَالَ «لاَ». قَالَ فَارْفَعْهُ أَنْتَ عَلَىَّ. قَالَ «لاَ». فَنَثَرَ مِنْهُ، ثُمَّ ذَهَبَ يُقِلُّهُ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُؤْمُرْ بَعْضَهُمْ يَرْفَعْهُ عَلَىَّ. قَالَ «لاَ». قَالَ فَارْفَعْهُ أَنْتَ عَلَىَّ. قَالَ «لاَ». فَنَثَرَ مِنْهُ، ثُمَّ احْتَمَلَهُ فَأَلْقَاهُ عَلَى كَاهِلِهِ ثُمَّ انْطَلَقَ، فَمَا زَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُتْبِعُهُ بَصَرَهُ حَتَّى خَفِىَ عَلَيْنَا، عَجَبًا مِنْ حِرْصِهِ، فَمَا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَثَمَّ مِنْهَا دِرْهَمٌ. طرفاه 3049، 3165 ـــــــــــــــــــــــــــــ مال الصدقة كان حرامًا على العباس؛ لأن الزكاة محرمة على بني هاشم، بل على مواليهم أيضًا. (جاءه العباس فقال يا رسول الله أعطني فإني فاديت نفسي وفاديت عقيلا) -بفتح العين- هو ابن أبي طالب أكبر من علي، فداه يوم بدر (فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: خذ فحثا في ثوبه فذهب يقله فلم يستطع) يقال: حثا يحثو، وحثى يحثي من الحثو أو من الحثية وهي الأخذ بملء الكف (فنثر منه ثم احتمله) بالتكلف مغلوبًا من حمله لكثرة المال (فما قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وثم منه درهم) -بفتح الثاء والجملة حال قيد للنفي، انتفى القيام عند بقاء الدرهم منه، ومحصله قام عند فراغه، ومن جعله قيدًا للمنع فقد زلت به القدم. فإن قلت: ليس في الباب ذكر القنو وهو أحد شقي الترجمة؟ قلت: لم يجد الحديث له بشرطه، وقد ذكرنا سابقًا أن البخاري وضع التراجم ثم ألحق بها الحديث، فربما لم يظفر بالحديث على شرطه، وقد روي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر أرباب الحدائق بأن يعلق كل واحد منهم قنوًا في المسجد، ووكل بذلك معاذ بن جبل.

43 - باب من دعا لطعام فى المسجد ومن أجاب فيه

43 - باب مَنْ دَعَا لِطَعَامٍ فِي الْمَسْجِدِ وَمَنْ أَجَابَ فِيهِ 422 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ سَمِعَ أَنَسًا قَالَ وَجَدْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْمَسْجِدِ مَعَهُ نَاسٌ فَقُمْتُ، فَقَالَ لِى «آرْسَلَكَ أَبُو طَلْحَةَ» قُلْتُ نَعَمْ. فَقَالَ «لِطَعَامٍ». قُلْتُ نَعَمْ. فَقَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ «قُومُوا». فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقْتُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ. أطرافه 3578، 5381، 5450، 6688 44 - باب الْقَضَاءِ وَاللِّعَانِ فِي الْمَسْجِدِ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ 423 - حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ شِهَابٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ رَجُلاً قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ رَجُلاً وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً أَيَقْتُلُهُ فَتَلاَعَنَا فِي الْمَسْجِدِ وَأَنَا شَاهِدٌ. أطرافه ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من دعي إلى طعام في المسجد ومن أجاب قوله: في المسجد حال من فاعل دعي على بناء المجهول. 422 - (قال أنس: وجدت النبي - صلى الله عليه وسلم - في المسجد مع أناس فقمت فقال: آرسلك أبو طلحة؟) بتقدير الاستفهام، وأبو طلحة هو زيد بن سهل الأنصاري زوج أم سليم، وهذا حديث طويل سيأتي في مواضع، وإنما رواه بأخصر طرقه لأنه كاف فيما هو بصدده من أن دعاء الإنسان للطعام وهو في المسجد لا بأس به؛ لأنه لم ينكر عليه وقرره. باب القضاء واللعان في المسجد 423 - (يحيى) كذا وقع غير منسوب، قال ابن السكن: هو يحيى بن موسى وقال غيره: يحيى بن جعفر، فإن كل واحد منهما شيخ البخاري، ويروي عن عبد الرزاق. قال شيخ الإسلام: أخطأ من قال: هو ابن جعفر (ابن جريج) -على وزن المصغر- عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج (عن سهل بن سعد أن رجلًا قال: يا رسول الله أرأيت رجلًا وجد مع امرأته رجلًا أيقتله؟ فتلاعنا في المسجد وأنا شاهد) تلاعن هو وامرأته، وهذا الرجل هو

45 - باب إذا دخل بيتا يصلى حيث شاء، أو حيث أمر، ولا يتجسس

4745، 4746، 5259، 5308، 5309، 6854، 7165، 7166، 7304 45 - باب إِذَا دَخَلَ بَيْتًا يُصَلِّى حَيْثُ شَاءَ، أَوْ حَيْثُ أُمِرَ، وَلاَ يَتَجَسَّسُ 424 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَتَاهُ فِي مَنْزِلِهِ فَقَالَ «أَيْنَ ـــــــــــــــــــــــــــــ عويمر العجلاني على وزن المصغر سيأتي في حديثه مطولًا، وما يقال: إن الرجل عاصم العجلاني فليس معناه صاحب اللعان بل هو السائل أولًا عن حكم رجل وجد مع امرأته رجلًا. وتلاعنهما في المسجد إما لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان في المسجد، أو أراد تغليظ الأيمان بشرف المكان، وإلى الثاني عوّل العلماء فاستحبوا الأماكن الشريفة. قال الشافعي: إن كان بمكة يكون بين الركن والمقام، وإن كان بالمدينة فعند المنبر، وإن كان في بيت المقدس فعند الصخرة، وفي سائر البلاد عند المنبر. وحكمه: تأبيد الحرمة عند الشافعي وأحمد بنفس اللعان، وعند أبي حنيفة بالطلاق. وفقه الحديث: جواز القضاء وإن كان الأولى عدمه. باب إذا دخل بيتًا يصلي حيث شاء أو حيث أمر بضم الهمزة على بناء المجهول. (ولا يتجسس) بالجيم، ويروى بالحاء أيضًا، وعلى الوجهين يجوز الرفع والجزم. قال ابن الأثير: بالجيم البحث عن بواطن الأمور والعورات، وبالحاء: الاستماع وقيل: معناهما واحد. 424 - (عبد الله بن مسلمة) بفتح الميم واللام (عتبان بن مالك) ابن عمرو العجلاني الخزرجي البدري، بكسر العين، ويقال: بالضم أيضًا (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتاه في منزله) سيأتي في الكتاب أن بصره قد ضعف، فسأله أن يأتي بيته ليصلي في مكان يتخذه مصلى، فواعده أن

46 - باب المساجد فى البيوت

تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّىَ لَكَ مِنْ بَيْتِكَ». قَالَ فَأَشَرْتُ لَهُ إِلَى مَكَانٍ، فَكَبَّرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَصَفَفْنَا خَلْفَهُ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ. أطرافه 425، 667، 686، 838، 840، 1186، 4009، 4010، 5401، 6423، 6938 46 - باب الْمَسَاجِدِ فِي الْبُيُوتِ وَصَلَّى الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ فِي مَسْجِدِهِ فِي دَارِهِ جَمَاعَةً. 425 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِىُّ أَنَّ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ - وَهُوَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الأَنْصَارِ - أَنَّهُ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ أَنْكَرْتُ بَصَرِى، ـــــــــــــــــــــــــــــ يأتيه، فهذا الإتيان هو ذلك (فأشرت إلى مكان) أي: ناحية من البيت (وصففنا خلفه) سيأتي أنه كان وقت الضحى ([فصلى] ركعتين). فإن قلت: ترجم على شيئين، على أنه يصلي حيث شاء أو حيث أمر، ولم يذكر إلا حيث أمر. قلت: معناه حيث شاء إذا كان في بيته ولما كان معلومًا لم يحتج إلى دليل، ويجوز أن يكون معناه: يصلي حيث شاء، أو حيث يأمره صاحب البيت، فدل الحديث على أنه لم يصل حيث شاء، بل حيث أمره صاحب البيت. وفقه الحديث: جواز الاقتداء في النوافل، واتخاذ مكان معين بالصلاة في البيوت، واستحباب التبرك بآثار الصالحين. باب المساجد في البيوت 425 - (سعيد بن عفير) بضم العين على وزن المصغر، وكذا (عقيل) (محمود بن الربيع) ضد الخريف (أن عتبان بن مالك) تقدم آنفًا ضبط اسمه وذكر نسبه (ممن شهد بدرًا) أشار إلى أنه من أعاظم الصحابة، فإن من شهد بدرًا ممتاز بالفضيلة في الناس وفي الملائكة أيضًا (أنكرت بصري) أي: لا أجده كما كان أولًا، وفي رواية: ضرير البصر، وفي أخرى: في بصري بعض الشيء، وفي أخرى: أعمى، والحاصل أنه ذهب بعض بصره أو معظمه

وَأَنَا أُصَلِّى لِقَوْمِى، فَإِذَا كَانَتِ الأَمْطَارُ سَالَ الْوَادِى الَّذِى بَيْنِى وَبَيْنَهُمْ، لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ آتِىَ مَسْجِدَهُمْ فَأُصَلِّىَ بِهِمْ، وَوَدِدْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَّكَ تَأْتِينِى فَتُصَلِّىَ فِي بَيْتِى، فَأَتَّخِذَهُ مُصَلًّى. قَالَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «سَأَفْعَلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ». قَالَ عِتْبَانُ فَغَدَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بَكْرٍ حِينَ ارْتَفَعَ النَّهَارُ، فَاسْتَأْذَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَذِنْتُ لَهُ، فَلَمْ يَجْلِسْ حَتَّى دَخَلَ الْبَيْتَ ثُمَّ قَالَ «أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّىَ مِنْ بَيْتِكَ». قَالَ فَأَشَرْتُ لَهُ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ الْبَيْتِ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَكَبَّرَ، فَقُمْنَا فَصَفَّنَا، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ، قَالَ وَحَبَسْنَاهُ عَلَى خَزِيرَةٍ صَنَعْنَاهَا لَهُ. قَالَ فَثَابَ فِي الْبَيْتِ رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الدَّارِ ـــــــــــــــــــــــــــــ (وأنا أصلي لقومي) هم بنو سالم بن عوف. أي: أنا إمامهم. فإن قلت: في رواية: لا أستطيع أن أصلي معك في مسجدك؟ قلت: لا تنافي، لا يستطيع هذا ولا ذاك. (ووددت) بكسر الدال (فأتخذه) يروى مرفوعًا ومنصوبًا عطف على: (فتصلي). (سأفعل إن شاء الله) قيده بالمشيئة عملًا بقوله تعالى: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف: 23، 24] (فغدا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر) ليس فيه حصر، وقد جاء في رواية عمر، كذا رواه أبو أويس. فإن قلت: في رواية الأوزاعي: فاستأذنا، أي: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر؟ قلت: لاحتمال أنهما تقدما سائر الناس، يدل عليه رواية مسلم: أتاني ومن شاء الله. (فلم يجلس حين دخل) وفي رواية: حتى دخل. أي: لم يجلس حتى دخل البيت الذي أريد أن أتخذه مسجدًا (فصلى ركعتين وحبسناه على خريره) إنما بادر إلى الصلاة لأنه دعي لأجلها بخلاف ما فعل في بيت أم سليم لأنه كان دعي للطعام. قال ابن الأثير: الخزيرة -بخاء معجمة ثم زاي معجمة ثم راء مهملة- هي أن يقطع اللحم قطعًا صغارًا، ثم يصب عليها الماء الكثير، وإذا نضج اللحم ذرّ عليه الدقيق، فإن لم يكن معه اللحم فهي العصيدة، وقيل: إذا كانت من دقيق فهي خريره براءين مهملتين، وإذا كانت من نخالة فهي الخزيرة بزاي معجمة ثم راء. (فناب رجال من أهل الدار) أي: اجتمعت. قال ابن الأثير: كل قبيلة اجتمعت في

ذَوُو عَدَدٍ فَاجْتَمَعُوا، فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ أَيْنَ مَالِكُ بْنُ الدُّخَيْشِنِ أَوِ ابْنُ الدُّخْشُنِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ مُنَافِقٌ لاَ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَقُلْ ذَلِكَ، أَلاَ تَرَاهُ قَدْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. يُرِيدُ بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ». قَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ فَإِنَّا نَرَى وَجْهَهُ وَنَصِيحَتَهُ إِلَى الْمُنَافِقِينَ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. يَبْتَغِى بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ». قَالَ ابْنُ شِهَابٍ ثُمَّ سَأَلْتُ الْحُصَيْنَ بْنَ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِىَّ - وَهْوَ أَحَدُ بَنِى سَالِمٍ وَهُوَ مِنْ سَرَاتِهِمْ - عَنْ حَدِيثِ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ، فَصَدَّقَهُ بِذَلِكَ. طرفه 424 ـــــــــــــــــــــــــــــ محلة، سميت تلك المحلة دارًا (ذوو عدد) أي: كثيرون (فقال قائل منهم: أين مالك بن الدخشن) بضم الدال المهملة وخاء وشين معجمتين (أو الدخيشن) أي: على وزن المصغر، ويروى بالميم بدل النون مصغرًا ومكبرًا. ابن غنم بن عمرو بن عوت من البدريين بلا خلاف، إنما الخلاف في شهوده العقبة وكان يتهم بالنفاق وقد برأه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنه. قال ابن عبد البر: لم يصح نفاقه، وهؤلاء إنما قالوه ظنًا، والظن أكذب الحديث لا سيما وهو بدري رضي الله عنه. قال ابن إسحاق: هو الذي أحرق مسجد الضرار مع معن بن عدي، والظاهر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما أرسله في ذلك ليدفع عنه ذلك الوهم (فإنا نرى وجهه ونصيحته إلى المنافقين) ولما أنكر عليهم بينوا وجه ما قالوا، وضمن النصيحة معنى الاستهداء فعَدّاه بإلى (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فإن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله) لا يقوله نفاقًا، فسره الرواية الأخرى: "خالصًا من قلبه"، والمراد تحريم الخلو للإجماع ولسائر الأحاديث على أن بعض الموحدين يدخل النار. (قال الزهري: ثم سألت محمد بن الحصين) بضم الحاء المهملة على وزن المصغر، وقد وهم القابسي في قوله: هو بالضاد المعجمة (وهو أحد بني سالم، وهو من سراتهم) جمع سري -على وزن فعيل- من السرو وهو السيادة، وإنما سأله لأن محمود بن الربيع من صغار الصحابة، وسيأتي أن أبا أيوب الأنصاري أيضًا توقف في خبره وهم في غزوة قسطنطينية مع يزيد بن معاوية.

47 - باب التيمن فى دخول المسجد وغيره

47 - باب التَّيَمُّنِ فِي دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَبْدَأُ بِرِجْلِهِ الْيُمْنَى، فَإِذَا خَرَجَ بَدَأَ بِرِجْلِهِ الْيُسْرَى. 426 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَشْعَثِ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُحِبُّ التَّيَمُّنَ مَا اسْتَطَاعَ فِي شَأْنِهِ كُلِّهِ فِي طُهُورِهِ وَتَرَجُّلِهِ وَتَنَعُّلِهِ. 48 - باب هَلْ تُنْبَشُ قُبُورُ مُشْرِكِى الْجَاهِلِيَّةِ، وَيُتَّخَذُ مَكَانَهَا مَسَاجِدَ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ». ـــــــــــــــــــــــــــــ باب التيمن في دخول المسجد أي: تقديم الرجل اليمنى في دخول المسجد، قدم الأثر على الحديث المسند كما هو دأبه ترقيًا في الاستدلال. 426 - (سليمان بن حرب) ضد الصلح (عن الأشعث بن سليم) بالثاء المثلثة وضم السين على وزن المصغر كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحب التيمن ما استطاع في شأنه كله) أي: مدة استطاعته، ما مصدرية، والجار في قوله في شأنه يتعلق بالتيمن أو يحب (في طهوره وترجله وتنعله) بدل بعض من شأنه كله، اقتصر على هذه الثلاثة لأنها كثيرة الوقوع، ويقاس عليها غيرها إلا ما استثناه من دخول الخلاء والاستنجاء، وقد سلفت في كتاب الطهارة الرواية عن عائشة عكس هذا: وهو كان يحب التيمن في طهوره وترجله وتنعله في شأنه كله، وقد بسطنا الكلام عليه هناك بما لا مزيد عليه من التحقيق، وبينا فساد ما توهمه بعضهم فراجعه تره. باب هل تنبش قبور المشركين ويتخذ مكانها مساجد يتخذ بضم الياء على بناء المجهول، ومكانها مفعوله الأول قائم مقام الفاعل، ومساجد نصب مفعوله الثاني، ومحصله: جعل ذلك المكان مسجدًا لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) سيأتي من رواية عائشة أن هذا القول منه كان في مرض انتقل فيه إلى جوار الله ولحق بالرفيق الأعلى. فإن قلت: على أي شيء دل هذا التعليق وأي حكم علل به، والترجمة إنما هي في

وَمَا يُكْرَهُ مِنَ الصَّلاَةِ فِي الْقُبُورِ. وَرَأَى عُمَرُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُصَلِّى عِنْدَ قَبْرٍ فَقَالَ الْقَبْرَ الْقَبْرَ. وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالإِعَادَةِ. 427 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ ذَكَرَتَا كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا بِالْحَبَشَةِ فِيهَا تَصَاوِيرُ، فَذَكَرَتَا لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «إِنَّ أُولَئِكَ إِذَا كَانَ فِيهِمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَمَاتَ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا، وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ نبش قبور المشركين؟ قلت: أجيب بأنه لما خص اللعن باتخاذ قبور الأنبياء علم الجواز في غير قبور الأنبياء، وقيل: كلام البخاري في الترجمة استفهام بأنه هل يجوز أم لا لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا ... " وكلا الجوابين ليسا بشيء: أما الأول: فلأنه مفهوم اللقب إذ لا يلزم من قولنا: رحم الله زيدًا عدم رحمته عمرًا. وأما الثاني: فلأنه يدل على عدم الجواز في الأنبياء، ولا دلالة فيه على قبور المشركين لا نفيًا ولا إثباتًا، وأيضًا الاستفهام في الترجمة للتقرير والإثبات بدليل الحديث الذي ساقه في الباب. والصواب أن قوله: "لعن الله اليهود ... إلى آخره" دليل للشق الثاني من الترجمة، وهو قوله: (وما يكره من الصلاة في القبور) وإنما قدم الدليل على المدلول اهتمامًا لعدم اللبس، ومثله يقع كثيرًا في كلام البلغاء، أو التقديم والتأخير وقع من الناسخ. (ورأى عمر أنس بن مالك يصلي عند القبر فقال: القبر القبر؟) بالاستفهام نصب على التحذير، وقد روى مسلم مسندًا: "لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها". الحكمة في ذلك احترام الميت، ولئلا يكون القبر شبه الأصنام المعبودة دون الله. 427 - (عن عائشة أن أم حبيبة وأم سلمة) أم حبيبة بنت أبي سفيان حرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واسمها رملة، وكذلك أم سلمة واسمها: هند كان زوج أم حبيبة عبيد الله بن جحش على وزن المصغر، سافر بها إلى الحبشة، وارتد -والعياذ بالله- هناك، ثم خطبها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهي بالحبشة، وكان وكيله في ذلك النجاشي، وأصدقها أربعمئة دينار، وجعل يوم العقد طعامًا للمهاجرين، وأما أم سلمة فقدم بها أبو سلمة، فلما توفي تزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (ذكرتا كنيسة رأينها بأرض الحبشة فيها تصاوير) وإنما قالت: رأينها باعتبار من كان

فَأُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». أطرافه 434، 1341، 3873 428 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ أَبِى التَّيَّاحِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ فَنَزَلَ أَعْلَى الْمَدِينَةِ، فِي حَىٍّ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ. فَأَقَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِيهِمْ أَرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، ـــــــــــــــــــــــــــــ معها، وفي رواية وأتاها، وهو ظاهر، والتصاوير معناها صور الحيوانات فيه (وأولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة) -بكسر الشين- جمع شر صفة مشبهة كصعب في صعاب، وأولئكِ بكسر الكاف لأن الخطاب مع النساء، وإنما أفرد باعتبار كل واحدة، وكذا الكاف في تلك، ولعن هؤلاء إنما كان لبناء المساجد على قبور الصالحين لا للتصوير بدليل ما تقدم من لعن اليهود والنصارى لاتخاذ القبور مساجد من غير ذكر التصاوير. فإن قلت: إذا كان المساجد على قبور الأنبياء بهذه المثابة من الجرم العظيم، فكيف بنوا على قبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسجد؟ قلت: لم يبنوا على قبره مسجدًا، بل كان المسجد هناك قبل القبر. قال النووي: لما كثر المسلمون وامتدت الزيادة في المسجد حتى دخلت بيوت أمهات المؤمنين في المسجد، ومنها حجرة عائشة، وكان فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وعمر، بنوا على القبور حيطانًا من قفة مستديرة لئلا تظهر فيصلي عليها العوام، ثم بنوا جدارين من ركني القبر الشماليين وحرفوهما حتى التقيا حتى لا يتمكن أحد من استقبال القبلة. 428 - (مسدد) بضم الميم وفتح الدال المشددة (عن أبي التياح) -بفتح الفوقانية وتشديد التحتانية- يزيد الضبعي (فنزل أعلى المدينة) قيل: هو ما كان على جهة نجد (في حي يقال لهم: بنو عمرو بن عوف) هم أهل قباء أو ...... ، وكان نزوله في بيت كلثوم بن الهدم بكسر الهاء وسكون الدال المهملة، وكان شيخًا كبيرًا أسلم قبل مجيء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (فأقام أربع عشرة ليلة) وكذا في مسلم، هذا نهاية ما قيل في إقامته في قباء وهو الصواب وفي رواية المستملي والحموي أربعًا وعشرين، وأسس لهم [المسجد، الذي قال الله تعالى في

ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى بَنِى النَّجَّارِ فَجَاءُوا مُتَقَلِّدِى السُّيُوفِ، كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَأَبُو بَكْرٍ رِدْفُهُ، وَمَلأُ بَنِى النَّجَّارِ حَوْلَهُ، حَتَّى أَلْقَى بِفِنَاءِ أَبِى أَيُّوبَ، وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يُصَلِّىَ حَيْثُ أَدْرَكَتْهُ الصَّلاَةُ، وَيُصَلِّى فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ، وَأَنَّهُ أَمَرَ بِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ، فَأَرْسَلَ إِلَى مَلإٍ مِنْ بَنِى النَّجَّارِ فَقَالَ «يَا بَنِى النَّجَّارِ ثَامِنُونِى بِحَائِطِكُمْ هَذَا». قَالُوا لاَ وَاللَّهِ، لاَ نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلاَّ إِلَى ـــــــــــــــــــــــــــــ شأنه: {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ} [التوبة: 108] وقيل: نزوله كان على سعد بن خيثمة. قال ابن عبد البر: والصواب هو الأول لكن كان تحدث في بيت سعد بن خيثمة وكان بيته يسمى بيت العز، فكذلك وقع الوهم، والأول اتفق عليه ابن إسحاق وموسى والواقدي، إلا أنه قال: إقامته في بني عمرو بن عوف كانت أربعة أيام الإثنين يوم قدومه والثلاثاء والأربعاء والخميس، ثم انتقل يوم الجمعة فأدركته فصلاها في بني سالم في بطن الوادي. (ثم أرسل إلى بني النجار فجاؤوا مقلدين السيوف) وفي بعضها: متقلدين، وانتصابه على الحال، وإنما خص بني النجار لأنهم أخواله من أعقاب خزرج، والنجار هذا اسمه تيم اللات وإنما سمي النجار لأنه اختتن بالقدوم، وقيل: ضرب إنسانًا بالقدوم، وكان هاشم تزوج سلمى بنت عمرو بن زيد بن عدي بن النجار. (كأني أنظر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر ردفه وملأ بني النجار حوله) الملأ: الأشراف، لفظ مفرد، ومعناه الجمع (حتى ألقى بفناء أبي أيوب) الفناء -بكسر الفاء والمد- ما امتد من جوانب الدار، وإنما ألقى هناك لأن ناقته بركت هناك. قال ابن سعد: كان يمر على بيوت الأنصار، ما كان يمر على بيت إلا قالوا: هلم يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى القوة والمنعة والثروة فيدعو لهم فيقول: "دعوها فإنها مأمورة" فلما وصل إلى بيت أبي أيوب تجاوزت عنه، [ثم] عادت فبركت فنزل عنها وقال: "هذا المنزل إن شاء الله". (وكان يصلي في مرابض الغنم) جمع مربض، مأوى الغنم من ربض بالمكان إذا أقام به (يا بني النجار: ثامنوني بحائطكم هذا) أي: اذكروا لي ثمنه والباء زائدة، والحائط: كل حديقة عليها الجدران تسمية للشيء بما يجاوره (قالوا: لا والله لا نطلب ثمنه إلا إلى

اللَّهِ. فَقَالَ أَنَسٌ فَكَانَ فِيهِ مَا أَقُولُ لَكُمْ، قُبُورُ الْمُشْرِكِينَ، وَفِيهِ خَرِبٌ، وَفِيهِ نَخْلٌ، فَأَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِقُبُورِ الْمُشْرِكِينَ فَنُبِشَتْ، ثُمَّ بِالْخَرِبِ فَسُوِّيَتْ، وَبِالنَّخْلِ فَقُطِعَ، فَصَفُّوا النَّخْلَ قِبْلَةَ الْمَسْجِدِ، وَجَعَلُوا عِضَادَتَيْهِ الْحِجَارَةَ، وَجَعَلُوا يَنْقُلُونَ الصَّخْرَ، وَهُمْ يَرْتَجِزُونَ، وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَعَهُمْ وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ لاَ خَيْرَ إِلاَّ خَيْرُ الآخِرَهْ ... فَاغْفِرْ لِلأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَهْ ـــــــــــــــــــــــــــــ الله) لا زائدة لتوكيد القسم كما في {لا أُقْسِمُ} [لقيامة: 1] وضمن الطلب معنى التوسل فعدي بإلى، وليس في هذا الحديث أنه اشتراه، إلا أن أهل السير ذكروا أنه اشتراه، واختلفت أقوالهم في كيفية الشراء، فقيل: اشتراه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأمر أبا بكر بإعطاء ثمنه. عشرة دنانير، وقيل: اشتراه أبو أيوب، وقيل: اشتراه معاذ بن عفراء. وكان الحائط لسهل وسهيل ابني رافع بن عمرو النجاري، وكانا في حجر أسعد بن زرارة. فإن قلت: إذا كان الحائط ليتيمين فما وجه قول بني النجار: لا نطلب ثمنه إلا [إلى] الله؟ قلت: معناه أنهم يشترونه بمالهم ويجعلونه لله، أو أن لفظ اليتيم باعتبار ما كان، وذلك أن ابن عبد البر ذكر أن سهلًا من أصحاب بدر. (قال أنس: فكان فيه ما أقول لكم، فيه قبور المشركين، وفيه خرب وفيه نخل) قوله: فيه قبور المشركين وما عطف عليه بدل من قوله: فيه ما أقول لكم والخَرِب -بفتح المعجمة وكسر الراء- جمع خَرْبة بفتح الخاء وسكون الراء كنبق في نبقة، وقيل: بكسر الخاء، وفتح الراء جمع خِرْبة بكسر الخاء وسكون الراء كنعم في نعمة، وقيل: بضم الخاء وفتح الراء- جمع خُرْبة بضم الخاء وسكون الراء كعلب في علبة. قال ابن الأثير: ويروى بالحاء المهملة والثاء المثلثة أي: مكان الزرع. (وجعلوا عضادتيه الحجارة) -بكسر العين وضاد معجمة- جانب الباب، مأخوذ من العضد؛ لأن قوام الأبواب به (وجعلوا ينقلون الصخر وهم يرتجزون) الارتجاز قول الرجز، وهو بحر من الشعر، سُمي به لأنه أخف من سائر البحور، حتى ذهب بعضهم إلى أنه ليس بشعر (والنبي - صلى الله عليه وسلم - معهم) أي: ينقل الحجر (وهو يقول: اللهم لا خير إلا خير الآخرة) لأن ما عداه فانٍ، وكل فانٍ كالعدم، واستشكل بعضهم هذا القول من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنه تعالى قال في شأنه: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي} [يس: 69] فأجاب بعضهم بأنه رجز، والرجز ليس بشعر، وقال آخرون: لم يقرأه موزونًا وكان يتلفظ بالتاء في قوله:

49 - باب الصلاة فى مرابض الغنم

49 - باب الصَّلاَةِ فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ 429 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى التَّيَّاحِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ، ثُمَّ سَمِعْتُهُ بَعْدُ يَقُولُ كَانَ يُصَلِّى فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ قَبْلَ أَنْ يُبْنَى الْمَسْجِدُ. طرفه 234 50 - باب الصَّلاَةِ فِي مَوَاضِعِ الإِبِلِ 430 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ ـــــــــــــــــــــــــــــ والمهاجرة، وكل هذا تعسف، وهو أن صدور الكلام الموزون منه لا يوجب صدق اسم الشاعر عليه؛ لأن الشعر هو الكلام الموزون المقفى بالقصد، ومعلوم أنه لم يقصد ذلك، ولا قدح في ذلك إذا لم يقصد ألا ترى أن السكاكي قد أورد جميع أوزان البحور في كتابه في "دفع مطاعن الملاحدة عن القرآن" وأجاب بما أجبنا هنا، على أنه لو قال بيتًا أو بيتين لا يصدق عليه اسم الشاعر، كما أن الله وصفه بكونه أميًّا وقد كتب اسمه في صلح الحديبية. باب الصلاة في مرابض الغنم قد تقدم في الباب الذي قبله أن المرابض جمع مربض: مأوى الغنم، من ربض بالمكان: أقام به. 429 - (سليمان بن حرب) ضد الصلح (عن أبي التياح) بفتح الفوقانية وتشديد التحتانية، اسمه يزيد، قيل: كنيته أبو حماد، وأبو التياح لقبه (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي في مرابض الغنم، ثم سمعته يقول: كان يصلي في مرابض الغنم قبل أن يُبنى المسجد) ليس هذا من قبيل المطلق والمقيد، بل أخبر أنه لما بني المسجد استغنى به عن ذلك، ألا ترى أن الشافعي ممن يحمل المطلق على المقيد، ويجوز عنده الصلاة في مرابض الغنم، ولا يلزم من الصلاة في المرابض طهارة الأبوال والأرواث مع وجود الحائل، أو في مكان لا يوجد فيه البول والروث، فسقط ما توهم ابن بطال من إلزام الشافعي بالحديث. باب الصلاة في مواضع الإبل جاء الحديث بلفظ المبارك والمعاطن والمناخ، فاختار لفظ المواضع لأنه يشملها. 430 - (صدقة بن الفضل) بالصاد المهملة في الأول والمعجمة في الثاني: (سليمان بن

51 - باب من صلى وقدامه تنور أو نار أو شئ مما يعبد فأراد به الله

حَيَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ قَالَ رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يُصَلِّى إِلَى بَعِيرِهِ وَقَالَ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَفْعَلُهُ. طرفه 507 51 - باب مَنْ صَلَّى وَقُدَّامَهُ تَنُّورٌ أَوْ نَارٌ أَوْ شَىْءٌ مِمَّا يُعْبَدُ فَأَرَادَ بِهِ اللَّهَ وَقَالَ الزُّهْرِىُّ أَخْبَرَنِى أَنَسٌ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «عُرِضَتْ عَلَىَّ النَّارُ وَأَنَا أُصَلِّى». 431 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ حيان) بفتح الحاء وتشديد المثناة تحت. (رأيت ابن عمر يصلي إلى بعيره وقال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعله) أي: جعله سترة وصلى إليه، وسيأتي صريحًا، وأورد الإسماعيلي على البخاري بأن حديث ابن عمر لا يدل على الترجمة؛ لأن غرض البخاري من المواضع: المعاطن أي: مبارك الإبل، وليس كما قاله؛ لأن مواضع الإبل أعم من ذلك، وذلك أن الترمذي وابن ماجه رويا عن رافع بن خديج أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "صلوا في مرابض الغنم ولا تصلوا في أعطان الإبل" قال ابن الأثير في توجيه ذلك: ليس النهي من أجل النجاسة؛ لوجودها في مرابض الغنم أيضًا، بل لأن الإبل ترفع رؤوسها ولا يؤمن من نفارها، وذلك مما يذهب الخشوع، وهذه العلة موجودة في بعير واحد أيضًا، والنهي فيه للتنزيه، وقد أشرنا مرارًا إلى أن دأب البخاري في الاستدلال على التراجم إيراد الأحاديث التي في دلالتها خفاء ليطلع على أصل الحديث والحكم في ذلك. وقاس الحنفية معاطن الإبل على مرابض الغنم، ومع كونه قياسًا مع الفارق معارض للنص. باب من صلى وقدامه تنور أو نار أو شيء مما يعبد فأراد به وجه الله (قال الزهري: أخبرني أنس قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: عرضت عليّ النار وأنا أصلي) سيأتي هذا مسندًا في مواضع، وحديث الباب في معناه أيضًا. 431 - (عبد الله بن مسلمة) بفتح الميم واللام (أسلم) على وزن أحمد (عن عطاء بن

52 - باب كراهية الصلاة فى المقابر

يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ انْخَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قَالَ «أُرِيتُ النَّارَ، فَلَمْ أَرَ مَنْظَرًا كَالْيَوْمِ قَطُّ أَفْظَعَ». طرفه 29 52 - باب كَرَاهِيَةِ الصَّلاَةِ فِي الْمَقَابِرِ 432 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِى نَافِعٌ عَنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ يسار) ضد اليمين (انخسفت الشمس) الانخساف مطاوع خسف، وهو لازم ومتعد، فإن كان من الخسف فمتعد، وإن كان من الخسوف فهو لازم. قال ابن الأثير: المعروف في اللغة الخسوف للقمر والكسوف للشمس، ثم إنهما يتعارضان، وهذا من ذلك. وأيضًا الخسوف والكسوف يشتركان في معنى ذهاب نورهما وإظلامهما. (رأيت النار فلم أر منظرًا كاليوم قط أفظع) أي: شأنًا فيما مضى، واللام في النار للعهد، يريد نار جهنم أعاذنا الله منها كما جاء في سائر الروايات، وأفظع اسم التفضيل حذفت منه لفظ من، وقط يؤكد به الزمان الماضي إذا كان منفيًا، وفيه ست لغات، والمنظر مكان يقع عليه النظر كما يقولون: الماء والخضرة منظر حسن. والمراد هنا: النار. قال بعض الشارحين: المنظر بمعنى الزمان أي: زمانًا للنظر فظيعًا. وهذا معنى فاسد إذ غرضه تفظيع نار جهنم لا تفظيع الزمان الذي وقع فيه نظره، وهذا ظاهر مدرك بالبديهة. واستدلال البخاري ليس بظاهر؛ لأن هذه النار نار جهنم ليست مما يعبد، وأيضًا وقع ذلك في أثناء الصلاة كشف الله له عن الملكوت فرأى الجنة والنار. هكذا قال الناظرون في هذا الكتاب: وأحسن ما يقال هنا: إن غرض البخاري أنه لو كان التوجه إلى النار مذمومًا لنبه عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، واعتذر بأنه إنما وقع له في أثناء الصلاة فلم يمكنه العدول. باب كراهية الصلاة في المقابر 432 - (مسدد) بضم الميم وفتح الدال المشددة (عبيد الله) على وزن المصغر (عن

53 - باب الصلاة فى مواضع الخسف والعذاب

ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «اجْعَلُوا فِي بُيُوتِكُمْ مِنْ صَلاَتِكُمْ، وَلاَ تَتَّخِذُوهَا قُبُورًا». طرفه 1187 53 - باب الصَّلاَةِ فِي مَوَاضِعِ الْخَسْفِ وَالْعَذَابِ وَيُذْكَرُ أَنَّ عَلِيًّا - رضى الله عنه - كَرِهَ الصَّلاَةَ بِخَسْفِ بَابِلَ. 433 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلاَءِ الْمُعَذَّبِينَ إِلاَّ أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ النبي - صلى الله عليه وسلم -: اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم) "من" في قوله: "من صلاتكم" تبعيضية مفعول اجعلوا (ولا تتخذوها قبورًا) هذا موضع دلالة الحديث على ما ترجمه. وأورد عليه بأن هذا لا يدل على ما قصده لأن معنى الحديث أنكم تصلون في بيوتكم النوافل كما روى أبو داود وغيره أن ما عدا الفرائض من النوافل الأفضل أداؤها في البيوت. قلت: اللفظ يحتمل المعنيين، وقد جاء في رواية أبي داود والترمذي والدارمي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "الأرض كلها مسجد إلا المقابر والحمام". وهذا يؤيد ما اختاره من الاحتمال، وعلى هذا الأئمة حتى قال الإمام أحمد وأهل الظاهر ببطلان الصلاة فيه. باب الصلاة في موضع الخسف والعذاب (ويذكر عن علي أنه كره الصلاة بخسف بابل) -بالموحدتين- موضع بالعراق نطق به القرآن الكريم، وخسف بابل هذا هو موضع قصر نمرود. قيل: كان طوله خمسة آلاف ذراع، وهو الذي أشير إليه في قوله تعالى: {فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ} [النحل: 26]. 433 - (لا تدخلوا على هولاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين) استثناء من أعم الأحوال

54 - باب الصلاة فى البيعة

فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَلاَ تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ، لاَ يُصِيبُكُمْ مَا أَصَابَهُمْ». أطرافه 3380، 3381، 4419، 4420، 4702 54 - باب الصَّلاَةِ فِي الْبِيعَةِ وَقَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه - إِنَّا لاَ نَدْخُلُ كَنَائِسَكُمْ مِنْ أَجْلِ التَّمَاثِيلِ الَّتِى فِيهَا الصُّوَرَ. وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُصَلِّى فِي الْبِيعَةِ إِلاَّ بِيعَةً فِيهَا تَمَاثِيلُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أي: في حال ما من الأحوال (لا يصيبكم مثل ما أصابهم) استئناف بتقدير سؤال سئل عن الحكم في ذلك، كأنه يقول: موضع سخط الله، ألا ترى أنه لما فاتته صلاة الصبح لم يصلهما في ذلك المكان فانتقل إلى مكان فصلاها. قال بعض الشارحين: كيف يصيب عذاب الظالمين غيرهم وقد قال تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164]؟ قلت: لإثم ذلك فإن قوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} أريد به عذاب يوم القيامة، وأيضًا من ترك التضرع فيما يجب التضرع ظالم. هذا كلامه وخبطه من وجوه: الأول: أن ما يصيب هؤلاء ليس عذاب أولئك بل مثله كما صرح به الحديث. الثاني: أن قوله: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} المراد بها عذاب القيامة -يدل على أنه في الدنيا يؤاخذ أحد بذنب الآخر في أحكام الله وهو خلاف الإجماع. الثالث: أن قوله: ترك التضرع ظلم، حشو من الكلام، إذ لا وجوب إنما الكلام في الأولوية. باب الصلاة في البيعة بكسر الباء الموحدة: معبد النصارى، يرادف الكنيسة، وقيل: البيعة لليهود والكنيسة للنصارى. قال الجوهري: البيعة والكنيسة للنصارى. وقال صاحب "المحكم": البيعة صومعة الراهب. (وقال عمر: إنا لا ندخل كنائسكم من أجل التماثيل التي فيها الصور) الضمير للتماثيل

55 - باب

434 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ ذَكَرَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَنِيسَةً رَأَتْهَا بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ يُقَالُ لَهَا مَارِيَةُ، فَذَكَرَتْ لَهُ مَا رَأَتْ فِيهَا مِنَ الصُّوَرِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أُولَئِكَ قَوْمٌ إِذَا مَاتَ فِيهِمُ الْعَبْدُ الصَّالِحُ - أَوِ الرَّجُلُ الصَّالِحُ - بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا، وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ، أُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ». طرفه 427 55 - بابٌ 435 و 436 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ عَائِشَةَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ قَالاَ لَمَّا نَزَلَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - طَفِقَ يَطْرَحُ خَمِيصَةً لَهُ عَلَى وَجْهِهِ، فَإِذَا اغْتَمَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ لأنها تكون فيها الصور. قال ابن الأثير: التماثيل جمع تمثال وهو ظل كل شيء. والمراد من الصور صور الحيوانات، ومن قال: الضمير للكنائس فقد أفسد التركيب إلا على رواية الأصيلي: والصور بالواو، وتجري الصور على البدل ولا رواية به. 434 - (محمد) كذا وقع غير منسوب، وقد نسبه أبو نعيم وغيره محمد بن سلام (عبدة) -بفتح العين وسكون الموحدة- لقب عبد الرحمن. (أن أم سلمة ذكرت كنيسة بالحبشة يقال لها: مارية) بالياء المثناة (أولئك قوم إذا مات العبد الصالح أو الرجل الصالح) الشك من عائشة، أولئك بكسر الكاف لأنه خطاب لأم سلمة، وكذا في تلك (أولئك شرار الخلق) بكسر الشين جمع شر صفة مشبهة كصعاب في صعب. 435 - 436 - (أبو اليمان) -بتخفيف النون- الحكم بن نافع (لما نزل برسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: أمر الله تعالى وهو حال الموت، يفتح النون وضمها على بناء المجهول، وقال بعضهم: نزل به أي: النازلة وهو الزكام وهو شيء أخذه من كلام الجوهري ولكن لا يصح هنا إذ لم يقل أحد: إن مرضه الذي ذهب فيه إلى الله كان زكامًا، بل كان حمى مطبقة. (فطفق) أي: شرع (يطرح خميصة له على وجهه) الخميصة كساء ذات أعلام (فإذا اغتم

بِهَا كَشَفَهَا عَنْ وَجْهِهِ، فَقَالَ وَهْوَ كَذَلِكَ «لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ». يُحَذِّرُ مَا صَنَعُوا. حديث 435 أطرافه 1330، 1390، 3453، 4441، 4443، 5815 - تحفة 16310 - 119/ 1 حديث 436 أطرافه 3454، 4444، 5816 437 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ». أطرافه في: 3454، 4444، 5816 ـــــــــــــــــــــــــــــ بها كشفها عن وجهه) أي: إذا اشتد كربه منها (قال وهو كذلك: لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يحذر ما صنعوا) أي: يحذر أمته عن مثل ذلك الفعل لقبره. فإن قلت: النصارى ليس لهم نبي سوى عيسى، وهم مطبقون على أن عيسى ليس له قبر وإن كانوا قائلين بقتله وصلبه. قلت: أجيبَ بأنهم كان [لهم] أنبياء وإن لم يكونوا رسلًا كالحواريين ومريم، ولا يصح. أما مريم فبالإجماع إذ النبوة من خواص الرجال، وكذا الحواريون. والجواب أن النصارى قائلون بأنبياء بني إسرائيل، أو المراد الأنبياء والصالحون أتباعهم. دل عليه رواية مسلم: "قبور أنبيائهم وصالحهم". ورواية البخاري في الباب: "إذا مات العبد الصالح". 437 - (عبد الله بن مسلمة) بفتح الميم واللام (سعيد بن مسيب) بضم الميم وفتح الياء المشددة وكسرها (قاتل الله) أي: لعن الله، عبر عن اللعن به لأنه أعظم ما يخافه الإنسان، وإنما خص اليهود بالذكر لأنهم أول من سن هذه السنة. واعلم أن الأئمة على صحة الصلاة في الكنائس مع الكراهة لأنها مقابر الكفرة وموضع سخط الله، وأما في قبور الأنبياء فلأنه تشبيه باليهود.

56 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - «جعلت لى الأرض مسجدا وطهورا»

56 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «جُعِلَتْ لِىَ الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» 438 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ حَدَّثَنَا سَيَّارٌ - هُوَ أَبُو الْحَكَمِ - قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ الْفَقِيرُ قَالَ حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ مِنَ الأَنْبِيَاءِ قَبْلِى، نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لِىَ الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، وَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِى أَدْرَكَتْهُ الصَّلاَةُ فَلْيُصَلِّ، وَأُحِلَّتْ لِىَ الْغَنَائِمُ، وَكَانَ النَّبِىُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً، وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ». طرفه 335 57 - باب نَوْمِ الْمَرْأَةِ فِي الْمَسْجِدِ 439 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ وَلِيدَةً كَانَتْ سَوْدَاءَ لِحَىٍّ مِنَ الْعَرَبِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "جعلت [لي] الأرض مسجدًا وطهورًا" هذه الترجمة قطعة من حديث الباب، وقد تقدم الحديث في كتاب التيمم مع شرحه. 438 - (محمد بن سنان) بكسر السين (هشيم) بضم الهاء على وزن المصغر (سيار) بفتح السين وتشديد الياء: (يزيد الفقير) فعيل بمعنى المفعول أي: الذي أصيب فقار ظهره. (أعطيت خمسًا) قد سبق في كتاب التيمم أن خواصه ليست منحصرة في هذه الخمسة، بل هو أول من تنشق عنه الأرض وأول شافع وأول من يدخل الجنة مع أمته. (وجعلت لي الأرض مسجدًا) إلا ما استثناه من المواضع السبعة وهي المزبلة والمقبرة والمجزرة وقارعة الطريق والحمام ومعاطن الإبل (وبعثت إلى الناس كافة) -بتشديد الفاء- اسم الفاعل من كف بمعنى منع، كأن عموم الناس يمنع خروج فرد منها. باب نوم المرأة في المسجد 439 - (عبيد) بضم العين وفتح الباء، على وزن المصغر (أبو أسامة) -بضم الهمزة- حماد بن أسامة (عن عائشة أن وليدة كانت سوداء لحي من العرب) الوليدة: الجارية، وأصل

فَأَعْتَقُوهَا، فَكَانَتْ مَعَهُمْ قَالَتْ فَخَرَجَتْ صَبِيَّةٌ لَهُمْ عَلَيْهَا وِشَاحٌ أَحْمَرُ مِنْ سُيُورٍ قَالَتْ فَوَضَعَتْهُ أَوْ وَقَعَ مِنْهَا، فَمَرَّتْ بِهِ حُدَيَّاةٌ وَهْوَ مُلْقًى، فَحَسِبَتْهُ لَحْمًا فَخَطَفَتْهُ قَالَتْ فَالْتَمَسُوهُ فَلَمْ يَجِدُوهُ قَالَتْ فَاتَّهَمُونِى بِهِ قَالَتْ فَطَفِقُوا يُفَتِّشُونَ حَتَّى فَتَّشُوا قُبُلَهَا قَالَتْ وَاللَّهِ إِنِّى لَقَائِمَةٌ مَعَهُمْ، إِذْ مَرَّتِ الْحُدَيَّاةُ فَأَلْقَتْهُ قَالَتْ فَوَقَعَ بَيْنَهُمْ قَالَتْ فَقُلْتُ هَذَا الَّذِى اتَّهَمْتُمُونِى بِهِ - زَعَمْتُمْ - وَأَنَا مِنْهُ بَرِيئَةٌ، وَهُوَ ذَا هُوَ قَالَتْ فَجَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَسْلَمَتْ. قَالَتْ عَائِشَةُ فَكَانَ لَهَا خِبَاءٌ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ حِفْشٌ قَالَتْ فَكَانَتْ تَأْتِينِى فَتَحَدَّثُ عِنْدِى قَالَتْ فَلاَ تَجْلِسُ عِنْدِى مَجْلِسًا إِلاَّ قَالَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــ الكلمة في الطفل المولود، وكأنه أطلق عليها لصغر شأنها، وهذا الحي قيل: كانوا بالعراق (فخرجت صبية لهم، عليها وشاح من سيور) الوشاح -بكسر الواو، ويقال بالهمزة أيضًا- قال الجوهري: شيء يُعمل وينسج من أديم عريض ويرصع بالجواهر تشده المرأة بين عاتقها وكشحها. والسيور -جمع السير- وهو ما يقطع من الجلد (فمرت به حُدياة) -بضم الحاء وتشديد الياء- تصغير حدأة. على وزن عنبة، وكان قياسه حديئة بفتح الهمزة على وزن عنيبة إلا أنه جاء خلاف القياس ومثله في التصغير والتكثير كثير (فخطفته) بكسر الطاء، والخطف: أخذ الشيء بسرعة (فطفقوا يفثشوني حتى فتشوا قُبُلها) كان الظاهر قُبُلي لتقدم طريق التكلم، إلا أنها التفتت إلى الغيبة كراهة إسناد ذلك اللفظ الذي يهجن إسناده إلى نفسها هذا وحملها على التجريد إنما يكون في موضع يقصد المبالغة، ويجوز أن يكون من كلام عائشة، ويؤيده ما سيأتي في أيام الجاهلية بلفظ قُبُلي. (وهُوَ ذا هُوَ) وهو مبتدأ، ذا خبره، وهو خبر بعد الخبر. أو هو مبتدأ، وذا مبتدأ ثانٍ، وهو خبر المبتدأ الثاني، والجملة خبر المبتدأ الأول، ويجوز أن يكون هو ضمير الشأن والجملة بعده مفسرة له، وقيل: هو مبتدأ وذا تأكيده، أو ذا خبر وهو بعده تأكيد ذا وكلاهما مردودان؛ لأن التأكيد إما لفظي أو معنوي. وما ذكره ليس من أحد القبيلين. (فكان لها خباء في المسجد أو حِفش) الخباء -بكسر المعجمة والباء الموحدة والمد- بيت من بيوت العرب يكون من الصوف والوبر. قال أبو عبيد: ولا يكون من الشعر. والحفش -بالحاء المهملة المكسورة وشين معجمة- البيت الصغير الرديء.

58 - باب نوم الرجال فى المسجد

وَيَوْمَ الْوِشَاحِ مِنْ أَعَاجِيبِ رَبِّنَا ... أَلاَ إِنَّهُ مِنْ بَلْدَةِ الْكُفْرِ أَنْجَانِى قَالَتْ عَائِشَةُ فَقُلْتُ لَهَا مَا شَأْنُكِ لاَ تَقْعُدِينَ مَعِى مَقْعَدًا إِلاَّ قُلْتِ هَذَا قَالَتْ فَحَدَّثَتْنِى بِهَذَا الْحَدِيثِ. طرفه 3835 58 - باب نَوْمِ الرِّجَالِ فِي الْمَسْجِدِ وَقَالَ أَبُو قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ قَدِمَ رَهْطٌ مِنْ عُكْلٍ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَكَانُوا فِي الصُّفَّةِ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى بَكْرٍ كَانَ أَصْحَابُ الصُّفَّةِ الْفُقَرَاءَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ (ويوم الوشاح من تعاجيب ربنا) أي: من أفعال الله التي أعجبت الناس، وذلك أن إتيان الحدأة بالوشاح وإلقاءها عليهم في تلك الحالة وهم يعذبونها من الأمور الغريبة غاية الغرابة. (ألا إنه من بلدة الكفر أنجاني) ألا -مخففة- حرف تنبيه، والضمير للشأن إشارة إلى أن ذلك كان خروجها من بلاد الكفار، وسببًا للفوز بالإسلام، ورؤية أشرف الخلق، والاندراج في زمن خير القرون. وفي رواية ثابت قال: فدعوت الله أن يبرأني فجاءت الحدياة قلت: صدق الله، وهو الذي يجيب المضطر إذا دعاه. باب نوم الرجال في المسجد (قال أبو قلابة عن أنس: قدم رهط من عُكل) أبو قلابة -بكسر القاف- عبد الله بن زيد الجرمي، والرهط من الثلاثة إلى التسعة يختص بالرجال، وعكل -بضم العين وسكون الكاف- حيٌّ من العرب وهذا التعليق سبق مسندًا في أبواب الطهارة، وسيأتي في كتاب المحاربين. (فكانوا في الصفة) أي: صفة مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، اللام فيه للعهد (وقال عبد الرحمن: كان أصحاب الصفة الفقراء) سيأتي هذا التعليق مسندًا في باب السمر مع الأهل.

440 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى نَافِعٌ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ اللَّهِ أَنَّهُ كَانَ يَنَامُ وَهْوَ شَابٌّ أَعْزَبُ لاَ أَهْلَ لَهُ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 1121، 1156، 3738، 3740، 7015، 7028، 7030 441 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْتَ فَاطِمَةَ، فَلَمْ يَجِدْ عَلِيًّا فِي الْبَيْتِ فَقَالَ «أَيْنَ ابْنُ عَمِّكِ». قَالَتْ كَانَ بَيْنِى وَبَيْنَهُ شَىْءٌ، فَغَاضَبَنِى فَخَرَجَ فَلَمْ يَقِلْ عِنْدِى. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لإِنْسَانٍ «انْظُرْ أَيْنَ هُوَ». فَجَاءَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ 440 - (مسدد) بضم الميم وتشديد الدال المفتوحة (عبيد الله) على وزن المصغر (عن نافع قال: أخبرني عبد الله) هو ابن عمر لأن عبد الله عند الإطلاق وإن كان ابن مسعود إلا أن نافعًا هو روي عبد الله بن عمر (وكان ينام وهو شاب أعزب لا أهل له في المسجد) ويقال: عزب بحذف الهمزة وهو أفصح وأكثر، وفسره بقوله: إلا أهل له) مشتق من العزوبة وهي البعد، وعند الفقهاء: هو الذي لم يصب امرأة بنكاح في عمره، فإن أصابها سلب عنه ذلك الاسم. 441 - (قتيبة بن سعيد) بضم القاف على وزن المصغر (عن أبي حازم) -بالحاء المهملة- سلمة بن دينار (جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيت فاطمة فلم يجد عليًّا فقال: أين ابن عمك؟) يريد عليًّا، ولم يقل زوجك لأن فيه نوع استهجان، وقيل في لفظ: "ابن عمك" استعطاف، ولا يخفى بعده عن المقام (فلم يقِل عندي) -بكسر القاف- من القيلولة وهي الاستراحة بعد وقت الضحى. قال ابن الأثير: ولا يشترط النوم، وتلك الساعة تسمى القائلة كأنها تعطي القيلولة، أو هذا كقوله تعالى: {فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} [الحاقة: 21] مجاز حكمي (فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو مضطجع قد سقط رداؤه). فإن قلت: سيأتي في الآداب أن فاطمة قالت لما سألها عنه: هو في المسجد، فكيف يقال هنا لإنسان: (انظر أين هو)؟ قلت: لاحتمال أنه انتقل من المسجد إلى مكان آخر أو في أي جانب من جوانب المسجد.

هُوَ فِي الْمَسْجِدِ رَاقِدٌ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ مُضْطَجِعٌ، قَدْ سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ شِقِّهِ، وَأَصَابَهُ تُرَابٌ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَمْسَحُهُ عَنْهُ وَيَقُولُ «قُمْ أَبَا تُرَابٍ، قُمْ أَبَا تُرَابٍ». أطرافه 3703، 6204، 6280 442 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ رَأَيْتُ سَبْعِينَ مِنْ أَصْحَابِ الصُّفَّةِ، مَا مِنْهُمْ رَجُلٌ عَلَيْهِ رِدَاءٌ، إِمَّا إِزَارٌ وَإِمَّا كِسَاءٌ، قَدْ رَبَطُوا فِي أَعْنَاقِهِمْ، فَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ نِصْفَ السَّاقَيْنِ، وَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ الْكَعْبَيْنِ، فَيَجْمَعُهُ بِيَدِهِ، كَرَاهِيَةَ أَنْ تُرَى عَوْرَتُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: الاضطجاع لا يدل على النوم وهو الذي ترجم عليه البخاري؟ قلت: سقوط الرداء عنه بحيث يخلص التراب عليه ظاهر في النوم، على أنه ربما وقع له في رواية التصريح بالنوم. (قم أبا تراب) نصب على النداء وكنيته المعروفة أبو الحسن، إنما قال له أبو تراب لنومه على التراب، ولصوق التراب به، وفيه منقبة جليلة لعلي رضي الله عنه، كون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح التراب عنه، ويأتي في مناقبه أن هذا الاسم كان أحب الأسماء إليه. وأما معاوية وبنو مروان إنما كانوا يسمونه أبا تراب تحقيرًا له. وكم من عائب قولًا صحيحًا ... وآفته من الذهن السقيم 442 - (ابن فضيل) -بضم الفاء على وزن المصغر- محمد بن فضيل (عن أبي حازم) -بالحاء المهملة- سلمان الأشجعي، هو الراوي عن أبي هريرة حيث وقع، كما أن سلمة بن دينار هو الراوي عن سهل (عن أبي هريرة قال: رأيت سبعين من أصحاب الصفة ما منهم رجل عليه رداء، إما إزار واما كساء) قد ذكرنا سابقًا أن أصحاب الصفة هم الفقراء الذين لا مسكن لهم ولا أهل وأنهم لم ينحصروا في عدد، وليس في قول أبي هريرة ما يدل على الحصر. فإن قلت: كيف دل حديث أبي هريرة على الترجمة وهو النوم في المسجد؟ قلت: ذكرنا آنفًا أنه لم يكن لهم مسكن ومأوى، فبالضرورة يكون نومهم في المسجد. فإن قلت: ما الحكم في النوم في المسجد؟ قلت: الإباحة، إلا أن مالكًا قال: الأولى لمن يجد مكانًا غير المسجد أن لا ينام فيه، وكذا حكم الأكل والشرب.

59 - باب الصلاة إذا قدم من سفر

59 - باب الصَّلاَةِ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ وَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ فَصَلَّى فِيهِ. 443 - حَدَّثَنَا خَلاَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ - قَالَ مِسْعَرٌ أُرَاهُ قَالَ ضُحًى - فَقَالَ «صَلِّ رَكْعَتَيْنِ». وَكَانَ لِى عَلَيْهِ دَيْنٌ فَقَضَانِى وَزَادَنِى. أطرافه 1801، 2097، 2309، 2385، 2394، 2406، 2470، 2603، 2604، 2718، 2861، 2967، 3087، 3089، 3090، 4052، 5079، 5080، 5243، 5244، 5245، 5246، 5247، 5367، 6387 ـــــــــــــــــــــــــــــ ومن فوائد الحديث: جواز المزاح وتسمية الإنسان بغير اسمه ملاطفة إذا لم يشق عليه وإلانةُ الكلام للغضبان. باب الصلاة إذا قدم من سفر (وقال كعب بن مالك: [كان] النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فصلى فيه) كعب بن مالك الأنصاري أحد الثلاثة الذين خلفوا، وهذا التعليق عنه سيأتي مسندًا في غزوة تبوك وغيرها. 443 - (خلاد) بفتح المعجمة وتشديد الدال (مسعر) بكسر الميم وسكون [السين] (محارب) بضم الميم وكسر الراء، آخره موحدة (ابن دِثَار) بكسر الدال بعده شاء مثلثة (عن جابر قال: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في المسجد، فقال: صل ركعتين). فإن قلت: ليس في الحديث ذكر لما ترجم عليه من القدوم من السفر. قلت: كان هذا لما قدم من غزوة تبوك، وإنما أورده بهذا الطريق الذي فيه إجمال على دأبه من الاستدلال بالخفي. (وكان لي عليه دين فقضاني وزادني) كان هذا الدين ثمن الجمل الذي باعه في الطريق، ولما وفاه الثمن زاده ورد عليه الجمل أيضًا.

60 - باب إذا دخل المسجد فليركع ركعتين

60 - باب إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ 444 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِىِّ عَنْ أَبِى قَتَادَةَ السَّلَمِىِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ». طرفه 1163 61 - باب الْحَدَثِ فِي الْمَسْجِدِ 445 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إذا دخل المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس 444 - (عمرو بن سليم الزرَقي) بفتح العين وضم السين على وزن المصغر، والزرقي -بتقديم المعجمة- طائفة من الأنصار (عن أبي قتادة السلمي) -بفتح السين واللام- نسبة إلى جده الأعلى سلمة، وقيل: بكسر اللام، فارس رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، اختلف في اسمه، قيل: اسمه الحارث، وقيل: نعمان، وقيل: عمرو (إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس) في رواية مسلم: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان جالسًا في المسجد فدخل أبو قتادة فجلس ولم يصل. هذا كان سبب ورود الحديث. تمسك بظاهر الأمر على الوجوب الظاهرية، وسائر الأئمة على الاستحباب، إلا عند مالك وأبي حنيفة [في] الأوقات المنهي عنها. باب الحدث في المسجد 445 - (عن أبي الزناد) بكسر الزاي بعدها نون (عن الأعرج) عبد الرحمن [بن] هرمز

62 - باب بنيان المسجد

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْمَلاَئِكَةُ تُصَلِّى عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مُصَلاَّهُ الَّذِى صَلَّى فِيهِ، مَا لَمْ يُحْدِثْ، تَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ». طرفه 176 62 - باب بُنْيَانِ الْمَسْجِدِ وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ كَانَ سَقْفُ الْمَسْجِدِ مِنْ جَرِيدِ النَّخْلِ. وَأَمَرَ عُمَرُ بِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ وَقَالَ أَكِنَّ النَّاسَ مِنَ الْمَطَرِ، وَإِيَّاكَ أَنْ تُحَمِّرَ أَوْ تُصَفِّرَ، فَتَفْتِنَ النَّاسَ. وَقَالَ أَنَسٌ: ـــــــــــــــــــــــــــــ (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إن الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في المصلى ما لم يحدث) ظاهر لفظ الملائكة الاستغراق، والأولى حمله على الحفظة وطائفة سياحين في الأرض، لأن بعضهم كما أخبر الله عنهم {يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ} [الأنبياء: 20] "ومعنى ما لم يحدث": ما لم ينقض وضوءه، وقيل: ما لم يحدث أمرًا منكرًا كالغيبة وسائر المعاصي، وروي عن ابن مسعود أنه قال: هو حديث الأثم، وهذا إن صح عنه فهو تفسير لا يحدث مشدد؛ إذ لا رواية فيه. (اللهم اغفر له اللهم ارحمه) تفسير لقوله: "تصلي عليه" فإن الصلاة من الاستغفار، والمغفرة: ستر الذنوب وعدم المؤاخذة بها، والرحمة: التفضل والإحسان، وتقديم المغفرة على الرحمة لأن تحليته إنما تكون بعد التخلية. وفي الحديث دلالة على كراهة الحدث في المسجد، ألا ترى كيف صار سببًا للحرمان عن دعاء الملائكة. وأن هذا عام في كل مُصَلٍّ، سواء كان في المسجد أو لا وإن كان متفاوتًا بحسب الأماكن والمساجد أيضًا. باب بنيان المساجد (وقال أبو سعيد: وكان سقف المسجد من جريد النخل) أيو سعيد: الخدري، وهذا بعض حديث ليلة القدر، والمراد مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما سيأتي به التصريح مرارًا فلا وجه لحمله على الجنس (وأمر عمر ببناء المسجد) هو مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زاد فيه شيئًا (فقال: أَكِنّ الناس) أي: قال هذا الكلام لمن يبني، وأكن -بفتح الهمزة وكسر الكاف وتشديد النون-: أمر من الإكنان، أصله: كن أي: ستر، قال الكفار: قلوبنا في أكنة، ويروى كن ثلاثيًّا، قال ابن مالك: فيه ثلاثة أوجه:

يَتَبَاهَوْنَ بِهَا، ثُمَّ لاَ يَعْمُرُونَهَا إِلاَّ قَلِيلاً. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَتُزَخْرِفُنَّهَا كَمَا زَخْرَفَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى. 446 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ قَالَ حَدَّثَنَا نَافِعٌ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ أَخْبَرَهُ أَنَّ الْمَسْجِدَ كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَبْنِيًّا بِاللَّبِنِ، وَسَقْفُهُ الْجَرِيدُ، وَعُمُدُهُ خَشَبُ النَّخْلِ، فَلَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــ ثبوت الهمزة مفتوحة، أمر من أكن وهو أجود. وبكسر الكاف بدون الهمزة المفتوحة، من كن. والثالث: حذف الهمزة المضمومة، من كنه فهو مكنون. ومحصل الروايات واحد، وهو ستر الناس عن المطر ونحوه. قال شيخ الإسلام: وفي رواية: "أُكِن" بضم الهمزة وكسر الكاف على أنه فعل مضارع فاعله عمر (وإياك أن تحمر أو تصفر فتفتن الناس) بفتح التاء من فتنه: أوقعه في الفتنة، ورواه بعضهم بضم التاء الأولى وكسر الثانية من أفتنه، وأنكره الأصمعي، والظاهر أن إنكار عمر في التصفير والتحمير نشأ من رد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخميصة على أبي جهم (وقال أنس: يتفاهون فيها) أي: يتفاخرون في بنيان المساجد بالتذهيب والنقوش (ثم لا يعمرونها إلا قليلًا) -بفتح الياء وسكون [العين]- والمراد عمارتها بالصلاة وسائر العبادات من التلاوة والذكر. (وقال ابن عباس: لتزخرفنها كما زخرنت اليهود والنصارى) الزخرفة: تزيين البناء وغيره بالزخرف وهو الذهبء قال الجوهري: الزخرف الذهب، ثم شبه به كل مموه مزوق. وما رواه عن ابن عباس بعض من حديث مرفوع، ولم يكن على شرطه. فإن قلت: هؤلاء كلهم أنكروا تذهيب المساجد وتزيينها، فما بال الناس قاطبة على تذهيب المساجد والمدارس؟ قلت: هؤلاء لم يسندوا الحديث إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ورأى المتأخرون في ذلك إظهار شوكة الإسلام، وما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن. 446 - (عن صالح بن كيسان) بفتح الكاف وسكون الياء (أن المسجد على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان مبنيًّا باللبن وسقفه الجريد وعمده الخشب) يريد مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، اللام فيه للعهد. اللبن -بفتح اللام وكسر الموحدة- قال الجوهري: جمع لبنة ككلم في كلمة، وقال

63 - باب التعاون فى بناء المسجد

يَزِدْ فِيهِ أَبُو بَكْرٍ شَيْئًا، وَزَادَ فِيهِ عُمَرُ وَبَنَاهُ عَلَى بُنْيَانِهِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِاللَّبِنِ وَالْجَرِيدِ، وَأَعَادَ عُمُدَهُ خَشَبًا، ثُمَّ غَيَّرَهُ عُثْمَانُ، فَزَادَ فِيهِ زِيَادَةً كَثِيرَةً، وَبَنَى جِدَارَهُ بِالْحِجَارَةِ الْمَنْقُوشَةِ وَالْقَصَّةِ، وَجَعَلَ عُمُدَهُ مِنْ حِجَارَةٍ مَنْقُوشَةٍ، وَسَقَفَهُ بِالسَّاجِ. 63 - باب التَّعَاوُنِ فِي بِنَاءِ الْمَسْجِدِ (مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِى النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ * إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ). ـــــــــــــــــــــــــــــ ابن السكيت: ومن العرب من يقول: لبنة ولبن بكسر اللام وسكون الباء كلبدة. والجريد: غصن النخل أزيل سعفه، والعمد -بضم العين والميم وقد يسكن- جمع عمود (فزاد عمر فيه وبناه على بنيانه). فإن قلت: إذا بناه على بنيانه كما كان في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أين الزيادة؟ قلت: لم يزد على مقدار المساحة ولكن رفع سمكه وجعل له سقفًا، ألا ترى إلى قوله: أكن الناس. وقوله: (في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) في موضع الحال من بنيانه، وقيل: صفة له، ولا يفتح إلا إذا قدر متعلق الجار معرفة. (ثم غيره عثمان فزاد فيه زيادة كثيرة) سيأتي أنهم أنكروا عليه فيما فعل (وبنى جداره بالحجارة المنقوشة والقصة) -بفتح القاف وتشديد الصاد- الجص، وقال الخطابي: شيء يشبه الجص والأول هو الذي قاله أهل اللغة (وسقّفه) - بتشديد القاف- فعل ماض، ويروى بسكون القاف منصوبًا عطفًا على عمده، و (السّاج) -بالجيم- نوع من الخشب يؤتى به من الهند. باب التعاون في بناء المساجد {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ} [التوبة: 17] الآية نزلت في عباس بن عبد المطلب لما أسر يوم بدر فطفق المسلمون يلومونه ويذكرونه قبح صنيع المشركين، وأغلَظ عليه القول في ذلك عليٌّ. فقال: ألا تذكرون محاسن أعمالنا؟ قال علي: وأي محاسن لكم؟ قال: نعمر المسجد الحرام ونحجب الكعبة ونسقي

447 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُخْتَارٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ لِى ابْنُ عَبَّاسٍ وَلاِبْنِهِ عَلِىٍّ انْطَلِقَا إِلَى أَبِى سَعِيدٍ فَاسْمَعَا مِنْ حَدِيثِهِ. فَانْطَلَقْنَا فَإِذَا هُوَ فِي حَائِطٍ يُصْلِحُهُ، فَأَخَذَ رِدَاءَهُ فَاحْتَبَى، ثُمَّ أَنْشَأَ يُحَدِّثُنَا حَتَّى أَتَى ذِكْرُ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ كُنَّا نَحْمِلُ لَبِنَةً لَبِنَةً، وَعَمَّارٌ لَبِنَتَيْنِ لَبِنَتَيْنِ، فَرَآهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَيَنْفُضُ التُّرَابَ عَنْهُ وَيَقُولُ «وَيْحَ عَمَّارٍ تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الحاج ونفك العاني فنزلت. فإن قلت: أي وجه لذكر الآية هنا وهي ناعية على المشركين قبح فعلهم؟ قلت: أورد الآية دلالة على أن المشركين -مع عدم الإيمان- كانوا يتعاونون على عمارة المسجد، فالمؤمنون أولى بذلك. 447 - (مسدد) بضم الميم وتشديد الدال المفتوحة (عبد العزيز بن مختار) بالخاء المعجمة (خالد الحذاء) الحذاء بفتح الحاء وذال معجمة مشددة مع المد (عن عكرمة قال لي ابن عباس ولابنه علي) هذا هو أبو الخلفاء العباسية قيل: ولد في يوم قتل علي في الليلة التي بعده ورآه علي وقال له: أبو الأملاك إلى يوم القيامة، فسماه ابن عباس باسم علي وكناه بكنيته، وكان يلقب بالسَّجَاد. قيل: كان له خمسمئة شجرة يصلي تحت كل واحدة ركعتين، فكان له كل يوم ألف ركعة. (انطلقا إلى أبي سعيد فاسمعا من حديثه) أي: الحديث الذي يرويه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أبو سعيد الخدري أحد المكثرين عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع صغر سنه (فإذا هو في حائط) الحائط عندهم: حديقة عليها جدران (فأخذ رداءه فاحتبى) قد سبق أن الاحتباء هو الجلوس على الوركين وجمع الركبتين إما بثوب أو باليدين، وقال بعضهم: يقال: احتبى الرجل إذا جمع ظهره وساقيه بعمامته، وهذا الذي قاله لا يساعد اللغة ولا العرف. (ثم أنشأ يحدثنا) أي: شرع، وقوله: يحدثنا الجملة في محل النصب خبر أنشأ لأنه من أفعال المقاربة (وعمار لبنتين لبنتين) أي: في كل حَمْلَة ولذلك كرره (ويح عمار تقتله الفئة الباغية) قال ابن الأثير: ويح كلمة ترحم تقال لمن [وقع] في بلية لا يستحقها وقد تقال بمعنى المدح والتعجب، وانتصابها على المصدر، وقد ترفع وتضاف ولا تضاف، ويقال: ويح زيد

64 - باب الاستعانة بالنجار والصناع فى أعواد المنبر والمسجد

يَدْعُوهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ، وَيَدْعُونَهُ إِلَى النَّارِ». قَالَ يَقُولُ عَمَّارٌ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْفِتَنِ. طرفه 2812 64 - باب الاِسْتِعَانَةِ بِالنَّجَّارِ وَالصُّنَّاعِ فِي أَعْوَادِ الْمِنْبَرِ وَالْمَسْجِدِ 448 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلٍ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى امْرَأَةٍ أَنْ مُرِى غُلاَمَكِ النَّجَّارَ يَعْمَلْ لِى أَعْوَادًا أَجْلِسُ عَلَيْهِنَّ. طرفه 377 ـــــــــــــــــــــــــــــ وويحًا له. وقد روى بعض أهل السير أن الصحابة كانوا يمزحون معه فيحمل كل واحد منهم لبنة ويحفلونه لبنتين فكان يقول: يا رسول الله قتلوني، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما تقتلك الفئة الباغية"، وقد تواتر أنه قتله أهل الشام الذين كانوا مع معاوية. (يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار) قال ابن بطال: هذا إنما يستقيم في الخوارج إذ لا يمكن أن يكون أحد من الصحابة داعيًا إلى النار، وهذا الذي قاله ليس بشيء: أما أولًا: فلأن عمارًا لم يدرك قتال الخوارج، بل قتل في صفين، وهذا مما لم يخالف فيه أحد. وأما ثانيًا: فلأن قوله: أحد من الصحابة لا يدعو إلى النار، هو كذلك، لكن المراد من قوله: يدعونه إلى النار مخالفة الإمام والقيام مع الباطل، والإجماع أن الحق كان لعلي، وإذا كان الحق له، فالمخالف على الباطل إلا أن المجتهد لا يؤاخذ وان كان مبطلًا. هذا الذي يجب على كل مسلم اعتقاده. من فوائد الحديث أن الإنسان يأخذ العلم حيث وجده ولا يستنكف. ألا ترى أن ابن عباس -مع كونه بحر العلم وحبر العرب- كيف أرسل ابنه إلى كسب العلم من أبي سعيد، وفيه من معجزاته - صلى الله عليه وسلم - وقوع قتل عمار على الوجه [الذي] ذكره. باب الاستعانة بالنجار والصناع عطف الصناع على النجار من عطف العام على الخاص. 448 - (قتيبة) بضم القاف على وزن المصغر (عن أبي حازم) -بالحاء المهملة- سلمة بن دينار (عن سهل أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرسل إلى امرأة فقال: مري غلامك النجار يعمل لي أعوادًا أجلس عليهن) يعمل بالجزم على الجواب، وأجلس بالرفع على الاستئناف، تقدم في

449 - حَدَّثَنَا خَلاَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلاَ أَجْعَلُ لَكَ شَيْئًا تَقْعُدُ عَلَيْهِ، فَإِنَّ لِى غُلاَمًا نَجَّارًا قَالَ «إِنْ شِئْتِ». فَعَمِلَتِ الْمِنْبَرَ. أطرافه 918، 2095، 3584، 3585 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الصلاة على السطوح أن الغلام اسمه باقوم أو صباح أو ميمون أو قبيصة، قيل: كان غلامًا لسعيد بن العاص، وقيل: لسعد بن عبادة، وقيل: للعباس، وظاهر الأحاديث صريحة في أنه غلام المرأة الأنصارية. ووجه الجمع ظاهر. 449 - (خلاد) بفتح المعجمة وتشديد اللام (عبد الواحد بن أيمن) بفتح الهمزة آخره نون (عن جابر أن امرأة قالت يا رسول الله: ألا أجعل لك شيئًا تقعد عليه). فإن قلت: حديث جابر يدل على أن المرأة هي المبادئة في شأن المنبر، وحديث سهل يدل على أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو الباديء. قلت: قول المرأة بطريق الاستفهام: ألا أجعل لك، نصٌّ في أن الابتداء منها، فيؤول حديث سهل بأنه لما أجاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى سؤالها ربما أبطأت وتعلق به قلب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فاستعجل ما وعدت به، وقد يقال في الجواب: ربما أرسل يعرفها صفة المنبر، وهذا لا يستقيم؛ لأن في حديث إرساله من رواية سهيل ليس إلا ذكر الأعواد، وذكر المنبر إنما هو في حديث سؤال المرأة من رواية جابر، ولا دليل في الحديث على لزوم الوفاء بالعهد غايته أنه كان استنجاز الوعد ولم يكن ذلك على طريق الإلزام. وفي الحديث دلالة على استحباب التقرب إلى أهل الفضل. فإن قلت: ليس في الباب ما يدل على الشق الثاني من الترجمة؟ قلت: الاستعانة في المنبر هو الاستعانة في المسجد، فإنه من أجزاء المسجد. ألا ترى أنه صلى عليه إمامًا، وهذا على دأبه من الاستدلال بما فيه خفاء، ولو شاء أن يذكر ما يدل عليه صريحًا لذكر حديث أبي سعيد الخدري فإنه من أجزاء المسجد في بناء المسجد.

65 - باب من بنى مسجدا

65 - باب مَنْ بَنَى مَسْجِدًا 450 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِى عَمْرٌو أَنَّ بُكَيْرًا حَدَّثَهُ أَنَّ عَاصِمَ بْنَ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدَ اللَّهِ الْخَوْلاَنِىَّ أَنَّهُ سَمِعَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ يَقُولُ عِنْدَ قَوْلِ النَّاسِ فِيهِ حِينَ بَنَى مَسْجِدَ الرَّسُولِ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّكُمْ أَكْثَرْتُمْ، وَإِنِّى سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَنْ بَنَى مَسْجِدًا - قَالَ بُكَيْرٌ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ - يَبْتَغِى بِهِ وَجْهَ اللَّهِ، بَنَى اللَّهُ لَهُ مِثْلَهُ فِي الْجَنَّةِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من بنى مسجدًا 450 - (ابن وهب) عبد الله (أن بكيرًا) بضم الباء على وزن المصغر (عبيد الله الخولاني) بضم العين على وزن المصغر، وخولان -بالخاء المعجمة- قبيلة من عرب اليمن (سمع عثمان بن عفان يقول عند قول الناس فيه) أي: حين أنكروا عليه في زيادته في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتغييره الأوضاع التي مضى عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والشيخان. (سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: من بنى مسجدًا- قال بكير: حسبت أنه قال: يبتغي به وجه الله- بنى الله له مثله في الجنة) هذا الحديث رواه غير عثمان وغير البخاري من أصحاب السنن، وألفاظهم وإن تفاوتت إلا أنها متفقة في المقصود، وهو أن يكون البناء خالصًا لوجه الله. قال ابن الجوزي: من كتب اسمه على باب المسجد بناه فلان خرج من كونه لله، وهذه مبالغة منهم، وإلا الأعمال بالنيات. فإن قلت: ما المراد بالمماثلة؟ وكيف يكون القصر من الياقوت مثل البيت من الحجر والمدر؟ قلت: وجه الشبه المماثلة في الشرف فكما أن المساجد في الدنيا أشرف البيوت، وكذلك البيت الذي يبنى له في الجنة له شرف على سائر بيوت الجنة، يؤيده رواية أحمد: "بنى الله له أفضل منه". فإن قلت: هذا يخص الباني المباشر بنفسه لأنه من بنى حقيقة فيه؟ قلت: هو شامل

66 - باب يأخذ بنصول النبل إذا مر فى المسجد

66 - باب يَأْخُذُ بِنُصُولِ النَّبْلِ إِذَا مَرَّ فِي الْمَسْجِدِ 451 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ قُلْتُ لِعَمْرٍو أَسَمِعْتَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ مَرَّ رَجُلٌ فِي الْمَسْجِدِ وَمَعَهُ سِهَامٌ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَمْسِكْ بِنِصَالِهَا». طرفاه 7073، 7074 ـــــــــــــــــــــــــــــ للمباشر والآمر المنفق على البناء، وليس فيه إشكال عند من لم يجوز الجمع بين الحقيقة والمجاز فإنه يحمل على ما يعم الأمرين أعني: عموم المجاز، بل أقول: الثاني أيضًا صار حقيقة عرفية. فإن قلت: أقل درجات الحسنة أن تكون بعشرة أمثالها؟ قلت: قولنا وجه الشبه المماثلة في الشرف يدفع هذا لأن البيت من الياقوت لا نسبة له إلى بيوت الدنيا. وأجاب بعضهم بأنه ربما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا الكلام قبل نزول هذه الآية: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: 160] أو أن المراد جزاء هذه الحسنة من جنس العمل لا من غيره، وكلاهما ليسا بشيء، وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا ينطق عن الهوى، ولا يمكن أن يقول مثل هذا اجتهادًا إذ ليس للرأي فيه مجال، وأما قوله: المراد أن جزاء هذه الحسنة من جنس العمل فلا يدفع الإشكال؛ لأن السؤال إنما هو في الاقتصار على المثل سواء كان من جنس العمل أو من غيره، وقد قدمنا رواية الإمام أحمد: "بنى له أفضل منه"، وأفضل يشتمل على أمثاله وأكثر. باب يأخذ بنصول النبل إذا مر في المسجد 451 - (قتيبة) بضم القاف على وزن المصغر (سفيان) هو الثوري (قلت لعمرو) هو عمرو بن دينار عن جابر (مر رجل في المسجد ومعه سهام فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أمسك بنصالها) -بكسر النون، جمع نصل- وهو الحديد الذي في عقب السهم، والغرض منه ألا يجرح إنسانًا في مروره كما صرح به في الباب. فإن قلت: سأل سفيان عَمْرًا هل سمعت جابرًا ولم يجبه عمرو، فلا يكون الحديث

67 - باب المرور فى المسجد

67 - باب الْمُرُورِ فِي الْمَسْجِدِ 452 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ مَرَّ فِي شَىْءٍ مِنْ مَسَاجِدِنَا أَوْ أَسْوَاقِنَا بِنَبْلٍ، فَلْيَأْخُذْ عَلَى نِصَالِهَا، لاَ يَعْقِرْ بِكَفِّهِ مُسْلِمًا». طرفه 7075 ـــــــــــــــــــــــــــــ مسندًا؟ قلت: اختلف أهل الحديث في ذلك. قال العراقي: إذا أصغى الشيخ إلى القارئ ولم يقر له بنعم وما أشبهه، جمهور الفقهاء والمحدثين والنظار على صحة السماع وأن ذلك كاف. وفقه الحديث وجوب احترام المسجد والمحافظة على المسلمين لئلا يصل إليهم ضرر منه. باب المرور في المساجد 452 - (أبو بردة بن عبد الله) وقوله: (عن أبيه) يريد أبا موسى الأشعري هو أبو بردة الثاني (من مر في شيء من مساجدنا وأسواقنا) يريد مساجد المسلمين وأسواقهم كافة (بنبلٍ فليأخذ بنصالها لا يعقر بكفه مسلمًا) قال ابن الأثير: النبل سهام العرب لا واحد له من لفظه، وإنما خصه بالذكر لأن الكلام مع العرب، ويقاس عليه كل ذي نصل يخاف من ضرره، وقوله: "لا يعقر" بالجزم على الجواب، وقوله: "بكفه" متعلق بقوله: "فليأخذ" وقدم عليه "لا يعقر" اهتمامًا مع عدم اللبس، وقد جاء في رواية أبي أسامة هكذا: "فليمسك على نصالها بكفه" وفي رواية مسلم "فليأخذ بنصالها". ومنهم من قال: يجوز أن يراد من الكف اليد أي: لا يعقر بيده أي: باختياره وأن يراد منه كف النفس أي: لا يعقر بكفه نفسه عن الأخذ. انظروا هذه الخيالات التي يشرح بها كلام أفصح البشر؟! فإن قلت: ما الفرق بين ترجمة هذا الباب والذي قبله؟ قلت: الأولى في بيان وجوب

68 - باب الشعر فى المسجد

68 - باب الشِّعْرِ فِي الْمَسْجِدِ 453 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ سَمِعَ حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ الأَنْصَارِىَّ يَسْتَشْهِدُ أَبَا هُرَيْرَةَ أَنْشُدُكَ اللَّهَ هَلْ سَمِعْتَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «يَا حَسَّانُ، أَجِبْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، اللَّهُمَّ أَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ». قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ نَعَمْ. طرفاه 3212، 6152 ـــــــــــــــــــــــــــــ الأخذ بالنصال عند المرور، والثانية في بيان جواز المرور لمن يأخذ بالنصال، والحديث الثاني أعم وأشمل وقد قيل غير هذا مما لا يعول عليه، وأما تخصيص أبي موسى بباب المرور مع أن حديث جابر يدل عليه أيضًا؛ فلأن لفظ المرور فيه من كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دون حديث جابر. باب الشعر في المسجد 453 - (الحكم بن نافع) بفتح الكاف (أبو سلمة بن عبد الرحمن) بفتح السين واللام (سمع حسان بن ثابت الأنصاري) هو ابن منذر بن حرام الخزرجي النجاري شاعر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكنى أبا الحسام، عاش مئة وعشرين سنة: ستين في الجاهلية وستين في الإسلام، وكذا آباؤه الثلاثة عاش كل واحد مئة وعشرين سنة، كلهم شعراء، وكذا ابنه عبد الرحمن. (يستشهد أبا هريرة) يطلب منه أن يشهد له (أنشدك الله) قال ابن الأثير: يقال: نشدتك وأنشدتك وناشدتك أي: سألتك، وأصل النشدة الطلب (هل سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: يا حسان أجب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اللهم أيده بروح القدس؟ قال أبو هربرة: نعم). فإن قلت: ما مراده بأجب؟ قلت: جواب هجاء المشركين، وفي رواية لمسلم: "اهجوا المشركين فإنه أشق عليهم من رشق النبل"، وسيأتي من رواية عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يضع منبرًا لحسان في المسجد ويقول: "إن روح القدس معك".

69 - باب أصحاب الحراب فى المسجد

69 - باب أَصْحَابِ الْحِرَابِ فِي الْمَسْجِدِ 454 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمًا عَلَى بَابِ حُجْرَتِى، وَالْحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ فِي الْمَسْجِدِ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتُرُنِى بِرِدَائِهِ، أَنْظُرُ إِلَى لَعِبِهِمْ. أطرافه 455، 950، 988، 2906، 3529، 5190، 5236 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: ما وجه ذكر روح القدس في هذا الموطن؟ قلت: روح القدس هو جبريل وهو مظهر العلم والحكمة فيلهم المعاني المرادة. فإن قلت: كان الظاهر أن يقول أجب عني، فلم عدل عنه؟ قلت: لفظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه مخافة توجب القيام بأمره، والسعي في طاعته من حيث إنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخلاف الضمير فإنه خال عنه. وفقه الحديث جواز إنشاد الشعر في المساجد إذا كان مدح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو علماء الدين، واستحباب الانتصار لأهل الفضل، وأن لا يخاطب السفيه ابتداءً، وجواز إطلاق الشهادة على الخبر والرواية. فإن قلت: ليس في الحديث ما يدل على إنشاد الشعر في المسجد كما ترجم له؟ قلت: قيل: اختصره البخاري لشهرته. قلت: هذا لا يصح؛ إذ لو اشتهر لم يخف على عمر وأمثاله؛ بل الجواب أنه أشار على دأبه [في] الترجمة إلى حديث آخر خارج الباب، وهو ما رواه في بدء الخلق أن ذلك القول كان ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسجد. باب أصحاب الحراب في المسجد أي بيان حكم أصحاب الحراب -بكسر الحاء- جمع حربة، كقطاع في قطعة. 454 - (إبراهيم بن سعد) بفتح السين وسكون العين (أن عائشة قالت: لقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومًا على باب حجرتي والحبشة يلعبون) الحبشة: طائفة من السودان معروفون (ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسترني بردائه أنظر إلى لعبهم) -بفتح اللام وكسر العين- الحاصل بالمصدر، وبكسر اللام وسكون العين: المصدر، واللعب كل شيء يُجْلَبُ به السرور، كما أن اللهو ما يدفع به الهموم والغموم.

455 - زَادَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَالْحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ بِحِرَابِهِمْ. طرفه 454 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: كيف أباح لهم اللعب في المسجد مع قوله للأعرابي: "إنما بنيت هذه المساجد لذكر الله والصلاة"؟ قلت: اللعب بالحراب فيه تمرين الجوارح والحذق في آلة الجهاد. فإن قلت: كيف جاز لعائشة النظر إلى الأجانب مع ما روى أبو داود والترمذي والنسائي عن أم سلمة: أنها كانت هي وميمونة غند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأقبل ابن أم مكتوم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "احتجبا منه" قلنا: إنه أعمى، فقال: "أفعمياوان أنتما"؟ قلت: أجيب بأنّه إنما مكنها لتضبط حركاتهم وترويها لغيرها. وليس بشيء؛ إذ ليس في رواية عائشة شيء من كيفية اللعب، وإنما ساقت الحديث لبيان حسن أخلاق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. والصواب في الجواب: أن عائشة كانت صغيرة كما صرحت بذلك في الرواية الأخرى من قولها: "فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن، وأيضًا ليس في الحديث أنها نظرت إليهم؛ بل قولها: أنظر إلى لعبهم، صريح في أنها لم تنظر الرّجال، وبهذا التقرير والتحقيق سقط ما قال بعضهم: إن في الحديث دلالة على جواز نظر النساء إلى الرّجال. 455 - (وزاد إبراهيم [بن] المنذر) إبراهيم بن المنذر شيخ البخاري، هو الذي تقدم في الإسناد الأول؛ فلا تعليق كما ظُنَّ، والذي زاده هو لفظ: (بحرابهم) فإن روايته عن صالح كانت خالية عنه.

70 - باب ذكر البيع والشراء على المنبر فى المسجد

70 - باب ذِكْرِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ عَلَى الْمِنْبَرِ فِي الْمَسْجِدِ 456 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ أَتَتْهَا بَرِيرَةُ تَسْأَلُهَا فِي كِتَابَتِهَا فَقَالَتْ إِنْ شِئْتِ أَعْطَيْتُ أَهْلَكِ وَيَكُونُ الْوَلاَءُ لِى. وَقَالَ أَهْلُهَا إِنْ شِئْتِ أَعْطَيْتِهَا مَا بَقِىَ - وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً إِنْ شِئْتِ أَعْتَقْتِهَا وَيَكُونُ الْوَلاَءُ لَنَا - فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ذَكَّرَتْهُ ذَلِكَ فَقَالَ «ابْتَاعِيهَا فَأَعْتِقِيهَا، فَإِنَّ الْوَلاَءَ لِمَنْ أَعْتَقَ». ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الْمِنْبَرِ - وَقَالَ سُفْيَانُ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: ذكر البيع والشراء على المنبر في المسجد 456 - (علي بن عبد الله) المديني (يحيى) هو القطّان (عَمْرَة) -بفتح العين وسكون الميم- بنت عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة الأنصارية، هي الراوية عن عائشة حيث وقع لفظة عمرة. (عن عائشة قالت: "أتتها بريرة تسألها في كتابتها) بريرة -بفتح الباء وراء مكررة مهملة، على وزن حليمة- بنت صفوان القبطية، جاءت تسأل في الاستعانة على أداء الكتابة، من سأله الشيء لا من سأله عن الشيء، والكتابة: شراءُ العبد أو الأمة نفسه، وسُمِّيَ هذا العقد كتابة؛ لأنه مما يكتب، لأنه يكون منجمًا إمّا وجوبًا كما قاله الشافعي والإمام أحمد، وهو المنصوص عن مالك؛ أو لأنَّ العبد لا يقدر على الوفاء في الحال. (قال أهلها: إن شئت أعتقتها ويكون الولاء لنا) الولاء ميراث المعتق، اشتقاقه من الولاية؛ لأنه أمر حكمي ليس لأجل النسب، إلا أنه لازم لزوم النسب، لا يجوز أن يكون لغير المعتق؛ كالمواريث المقدرة لا يجوز نفيها وإثباتها للغير. (فلما جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكرته ذلك) أي: ذكرت له، حُذف الجار وأوصل الضمير، ويروى بالتشديد بناء على سبق علم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بذلك مجملًا، فلا حاجة إلى التقدير. (فقال: ابتاعيها فأعتقيها فإنما الولاء لمن أعتق) أي: قال لها: "اشترطي لهم الولاء" كما جاء في سائر الروايات، فإن البخاري أورد الحديث في مواضع بأطول من هذا، واتفق العلماء على غزارة المسائل في حديث بريرة، وأفرده بعض العلماء بالتصنيف حتى ذكروا أن فيه ثلاثمئة حكم شرعي، ونحن نذكر في كل موضع ما قصد البخاري من الاستدلال به. قوله: (إنما) يفيد القصر إما حقيقيًّا وإما إضافيًّا، وهنا إضافي، أي: الولاء لمن أعتق لا لمن

مَرَّةً فَصَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الْمِنْبَرِ - فَقَالَ «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ، مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَلَيْسَ لَهُ، وَإِنِ اشْتَرَطَ مِائَةَ مَرَّةٍ». قَالَ عَلِىٌّ قَالَ يَحْيَى وَعَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَمْرَةَ. وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ عَنْ يَحْيَى قَالَ سَمِعْتُ عَمْرَةَ قَالَتْ سَمِعْتُ عَائِشَةَ. رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَمْرَةَ أَنَّ بَرِيرَةَ. وَلَمْ يَذْكُرْ صَعِدَ الْمِنْبَرَ. أطرافه 1493، 2155، 2168، 2536، 2560، 2561، 2563، 2564، 2565، 2578، 2717، 2726، 2729، 2735، 5097، 5279، 5284، 5430، 6717، 6751، 6754، 6758، 6760 ـــــــــــــــــــــــــــــ باعَهُ، فلا ينافي ولاء التاجر. فإن قلت: اللام في قوله: "لمن أعتق، تدل على الاختصاص، فكيف جاز لغيره أخذه؟ قلت: هو مختص به عند وجوده وعدم وارث من النسب، وإذا لم يكن موجودًا فقد قال الشارع: فهو لأولى عصبة ذكر. (من اشترط شرطًا ليس في كتاب الله فليس له، وإن اشترط مائة مرة) المراد من كتاب الله: هو القرآن؛ لأنه علم له في عرف الشرع، والمراد بكون الحكم في كتاب الله: أن يكون منصوصًا أو مأخوذًا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقوله: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} [الحشر: 7]، ومن قال: يحتمل أن يكون المراد بكتاب الله اللّوح المحفوظ فقد أفسد معنى الحديث؛ لأن كل كائن في اللوح، سواء كان حقًّا أو باطلًا. وقوله: "وإن اشترط مائة مَرة" الغرض منه التكثير؛ لأنه لو زاد على المائة [لم] يتغير الحكم (قال عليٌّ: قال يحيى وعبد الوهاب عن يحيى عن عمرة) أشار بهذا إلى أن الحديث من طريق يحيى وعبد الوهاب موقوف على عمرة؛ ذكره لقوته لما قدمه من السند المرفوع، [ويحيى] الأول هو القطّان، والثاني هو ابن سعيد (وقال جعفر بن عون عن يحيى: سمعت عمرة، سمعت عائشة) أي: في رواية جعفر عن يحيى لفظ سمعت بينه وبين عمرة، وكذا بينه وبين عائشة، بخلاف رواية سفيان عن يحيى، وسفيان يدلس، ففي هذا الطريق ارتفع وَهْمُ التدليس والانقطاع. وفقه الحديث جواز عقد الكتابة، وقال به الإمام أحمد في رواية وجوبًا إذا طلب العبد، وفيه دلالة أيضًا على جواز بيع المكاتب إن رضي. فإن قلت: روى أبو هريرة مرفوعًا: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا رأيتم الرجل يبيع

71 - باب التقاضى والملازمة فى المسجد

71 - باب التَّقَاضِى وَالْمُلاَزَمَةِ فِي الْمَسْجِدِ 457 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ كَعْبٍ أَنَّهُ تَقَاضَى ابْنَ أَبِى حَدْرَدٍ دَيْنًا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ، فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا حَتَّى سَمِعَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ فِي بَيْتِهِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا حَتَّى كَشَفَ سِجْفَ حُجْرَتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ ويشتري في المسجد فقولوا لا أربح الله بيعك" فكيف ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - البيع والشراء في المسجد؟. قلت: المنهي عنه نفس البيع والشراء، لا ذكر اللفظ الدّال عليها، والذي وقع من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو الثاني في ضمن تعليم الأحكام، وروى مالك عن عطاء بن يسار: أنّه كان: إذا رأى من يبيع أو يشتري في المسجد يقول: عليك بالسوق؛ فإن المسجد سوق الآخرة. ومن آداب الواعظ أن لا يواجه الإنسان بما يكره، بل يطلق القول؛ كما كان يفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قوله: "ما بال أقوام يفعلون كذا". باب التقاضي والملازمة في المسجد 457 - (كعب بن مالك): بن أبي كعب بن كعب بن سواد الخزرجي السلمي أحد الشعراء، وأحد الثلاثة الذين خلفوا في غزوة تبوك، وسيأتي حديثه بطوله. (تقاضى ابن أبي حدرد دينًا كان له عليه) أي: طلب منه قضاء دين له عليه، وابن أبي حدرد اسمه: عبد الله، وأبو حدرد -بالحاء المهملة ودال كذلك- اسمه سلمة، وقيل: عبد الله وقيل: أسيد صحابي أيضًا، ذكره ابن الجوزي، وروى الطبراني في المعجم: أن قدر الدَّين كان أوقيتين (فخرج إليهما) أي: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (حتى كشف سجف حجرته) -

72 - باب كنس المسجد والتقاط الخرق والقذى والعيدان

فَنَادَى «يَا كَعْبُ». قَالَ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «ضَعْ مِنْ دَيْنِكَ هَذَا». وَأَوْمَأَ إِلَيْهِ أَىِ الشَّطْرَ قَالَ لَقَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «قُمْ فَاقْضِهِ». أطرافه 471، 2418، 2424، 2706، 2710 72 - باب كَنْسِ الْمَسْجِدِ وَالْتِقَاطِ الْخِرَقِ وَالْقَذَى وَالْعِيدَانِ ـــــــــــــــــــــــــــــ بكسر السين وسكون الجيم- هو الستر، وقيل: بشرط أن يكون رقيقًا، قيل: لا يكون سجفًا إلا إذا كان وسطه مشقوقًا، يكون على الباب. فإن قلت: جاء في بعض الرّوايات: مرّ بهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقيل: المرور محمول على المرور المعنوي لا الحسّي، وهذا كما ترى شيءٌ لا ضرورة إليه؟ قلت: لا منافاة، مرّ بهما وهو يتقاضاه، فلما ارتفعت أصواتهما خرج إليهما ثانيًا. (فنادى: يا كعب. قال: لبيك يا رسول الله، قال: ضع من دينك هذا، وأومأ إليه. أي: الشطر) قد سبق أنّ لبيك أصله: إلبابين تثنية مصدر ألبّ بالمكان، إذا أقام به، ثم أضيف فسقطت النون بالإضافة، ثم حذفت الهمزة تخفيفًا. وفقه الحديث: جواز مطالبة الدّين في المسجد، وأنّ الأولى عدمه، واستحباب التوسط بين الغريمين، والسعي في أن يصلح بينهما، وأن الإشارة إذا كانت مفهمة يجوز الاعتماد عليها. فإن قلت: ليس في الباب ما يدّل على الملازمة. قلت: قيل تعلم من الشفاعة وليس كذلك، بل أشار كما هو دأبه إلى حديث رواه في كتاب الصلح: أن كعب بن مالك لقي عبد الله بن عبد الرداني ابن حدرد فلزمه. باب كنس المسجد والتقاط الخرق والقذى والعيدان الخرق -بكسر الخاء- جمع خرقة، كرِيَب في ريبة، والقذى جمع قذات، وهي ما يقع في الشراب والماء من تراب أو تبن أو نحوه.

458 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَبِى رَافِعٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلاً أَسْوَدَ - أَوِ امْرَأَةً سَوْدَاءَ - كَانَ يَقُمُّ الْمَسْجِدَ، فَمَاتَ، فَسَأَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْهُ فَقَالُوا مَاتَ. قَالَ «أَفَلاَ كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِى بِهِ دُلُّونِى عَلَى قَبْرِهِ». - أَوْ قَالَ قَبْرِهَا - فَأَتَى قَبْرَهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ. طرفاه 460، 1337 ـــــــــــــــــــــــــــــ 458 - (سليمان بن حرب) ضد الصلح (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم (عن أبي رافع) اسمه نقيع، بضم النون على وزن المصغّر. (عن أبي هريرة: أن رجلًا أسود أو امرأة سوداءَ كان يقُمُّ المسجد) ذكَّر الضمير في كان باعتبار الشخص وذكر في باب الخدم في المسجد: ولا أراه إلا امرأة، وفي بعض الرّوايات امرأة من غير شك. قال البيهقي: امرأة اسمها أم محجن، وروى الدارقطني: رجلًا من غير شك. والقم -بفتح القاف وتشديد الميم-: كنس القمامة، وهي الكناسة. وفي الحديث: أن طائفة من الصحابة كانوا يقمون شواربهم. أي: يحلقونها، وأصلُّ القم استئصال الشيء (فسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه. فقالوا: مات. فقال: أفلا كنتم آذنتموني؟) بفتح الهمزة والمدّ: أي أعلمتموني موته (فأتى قبره أو قبرها، فصلى عليه أو عليهما) دلّ على تكرار الصلاة على الميت، وعلى الصلاة عليه بعد الدّفن، وإليه ذهب الشافعي وأحمد. وفيه دلالة على استحباب كنس المسجد وحمل القذى منه، والترغيب في اتباع الجنائز لا سيما الفقراء والصالحين، وفيه الدلالة على محاسن أخلاق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والرّأفة بالضعفاء والفقراء. وروى ابن أبي شيبة: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يتبع غبار المسجد بجريدة. فإن قلت: ليس في الباب ما يدل على التقاط الخرق والقذى والعيدان. قلت: جاء في

73 - باب تحريم تجارة الخمر فى المسجد

73 - باب تَحْرِيمِ تِجَارَةِ الْخَمْرِ فِي الْمَسْجِدِ 459 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِى حَمْزَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَمَّا أُنْزِلَ الآيَاتُ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي الرِّبَا، خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الْمَسْجِدِ، فَقَرَأَهُنَّ عَلَى النَّاسِ، ثُمَّ حَرَّمَ تِجَارَةَ الْخَمْرِ. أطرافه 2084، 2226، 4540، 4541، 4542، 4543 ـــــــــــــــــــــــــــــ رواية: أنها كانت تلتقط الخرق والعيدان من المسجد. وفي رواية أخرى: يلتقط القذى. فأحاله عليه كما هو دأبه. باب تحريم تجارة الخمر في المسجد فيه مضاف مقدر، أي: باب ذكر تحريم، وبه يتعلق الجار في المسجد. 459 - (عبدان) على وزن شعبان، اسمه عبد الله (عن أبي حمزة) -بالحاء المهملة- محمد بن ميمون (عن الأعمثس) سلمان بن مهران (لما نزلت الآيات في سورة البقرة في الرّبا فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المسجد فقرأهنَّ على الناس، وحرّم تجارة الخمر) الآية التي في شأن الرّبا قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275]. قال القاضي عياض: تحريم الخمر في سورة المائدة، وآية الربا في أواخر ما نزل، فبينهما مدّة متطاولة، فيحتمل أن يكون النهي عن تجارة الخمر متأخرًا عن تحريمها، ويحتمل أن يكون أخبر بتحريم تجارة الخمر حين حرمت، ثمّ لما نزلت تحريم الربا فذكر ثانيًا تحريم التجارة في الخمر ليسمع من لم يُبلغ. قلت: هذا الاحتمال هو الصّواب لِمَا روى أنس: أنه لما حُرِّمت الخمر أراقوها حتّى جرت في الأزقة. ولو كانت التجارة فيها جائزة لما أراقوها، وأيضًا لمّا هُدِيَ إلى رسول

74 - باب الخدم للمسجد

74 - باب الْخَدَمِ لِلْمَسْجِدِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِى مُحَرَّرًا) لِلْمَسْجِدِ يَخْدُمُهُ. 460 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ وَاقِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَبِى رَافِعٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ امْرَأَةً - أَوْ رَجُلاً - كَانَتْ تَقُمُّ الْمَسْجِدَ - وَلاَ أُرَاهُ إِلاَّ امْرَأَةً - فَذَكَرَ حَدِيثَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ صَلَّى عَلَى قَبْرِهِ. طرفه 458 ـــــــــــــــــــــــــــــ الله - صلى الله عليه وسلم - راوية من الخمر، وأخبر أنها حرمت فقال الرّجل: أبيعها يا رسول الله؟ فقال: "الذي حرَّم شربها حرَّم بيعها" وروى الترمذي عن أنس: لما حرمت الخمر كان عندنا خمر ليتيم فقلت: يا رسول الله عندنا خمر ليتيم فقال: "أريقوها". باب الخدم في المسجد الخدم -بفتح الخاء والدال- جمع خادم، كغيب في غائب، والخادم يطلق على الذكر والأنثى (وقال ابن عباس: {إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا} [آل عمران: 35] للمسجد يخدمه) أشار ابن عباس إلى ما أرادت منه أم مريم من لفظ التحرير، وهو الخدمة لا المعنى المتعارف وهو إعتاق الرّقيق. 460 - (أحمد بن واقد) بالقاف (حمّاد) بفتح الحاء وتشديد الميم (عن أبي رافع) اسمه نفيع على وزن المصغر. (فذكر حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي: أبو هريرة، هذا من كلام أبي رافع (أنه صلّى على قبره) بدل من حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - بدل بعض؛ لأن الحديث فيه غير الصلاة، من كيفية السؤال والجواب، وقد استوفينا الكلام في معنى الحديث في باب كنس المسجد. وفي الحديث دلالة جواز خدمة المساجد لتقرير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك، مع كونه شرعًا قديمًا.

75 - باب الأسير أو الغريم يربط فى المسجد

75 - باب الأَسِيرِ أَوِ الْغَرِيمِ يُرْبَطُ فِي الْمَسْجِدِ 461 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنَا رَوْحٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ عِفْرِيتًا مِنَ الْجِنِّ تَفَلَّتَ عَلَىَّ الْبَارِحَةَ - أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا - لِيَقْطَعَ عَلَىَّ الصَّلاَةَ، فَأَمْكَنَنِى اللَّهُ مِنْهُ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَرْبِطَهُ إِلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِى الْمَسْجِدِ، حَتَّى تُصْبِحُوا وَتَنْظُرُوا إِلَيْهِ كُلُّكُمْ، فَذَكَرْتُ قَوْلَ أَخِى سُلَيْمَانَ رَبِّ هَبْ لِى مُلْكًا لاَ يَنْبَغِى لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِى». قَالَ رَوْحٌ فَرَدَّهُ خَاسِئًا. أطرافه 1210، 3284، 3423، 4808 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الأسير والغريم يربط في المسجد الأسير: فعيل بمعنى المفعول من الإسار -بكسر الهمزة- وهو القيد الذي يربط به الأسير، ثم اتسع فيه فأطلق على كل مأخوذ وإن لم يكن مربوطًا به. 461 - (إسحاق بن إبراهيم) الحنظلي المعروف بابن راهويه (روح) بفتح الراء وسكون الواو. (محمد بن زياد) بكسر الزاي بعدها ياء. (عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: إنّ عفريتًا تفلَّت علي البارحة) العفريت -بكسر العين- من العفر -بفتح العين والفاء- وهو التراب، يطلق على كلّ شرير من الإنس والجن؛ ولذلك قيد في القرآن الكريم والحديث بالجن. ومعنى "تفلت" تعرض فجأةً من الفلتة؛ وهي كل فعل وقع بغتة، ومنه قول عمر في بيعة الصدّيق: كانت فلتة. والبارحة: الليلة التي أنت في يومها، من البراح، وهو الزّوال؛ لأنها خلت ومضت (أو كلمة نحوها) أي: تؤدي هذا المعنى وإن لم يكن اللفظ هذا (فأردت أن أربطه إلى سارية) صلة الربط الباء، وإنما عداه بإلى لتضمين معنى الإسناد (فذكرت قول أخي سليمان) أي: ابن داود عليه وعليهما الصلاة والسلام {قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} [ص: 35] ومن ذلك الملك: تسخير الجن، فاحترمه ليكون دعاؤه مقبولًا عند الله. وفي الحديث دليل على جواز رؤية الجن، وأمّا قوله تعالى في حق الجن: {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ} [الأعراف: 27] فلا دلالة فيه على عدم الجواز؛ لأنّ مساق الآية الكريمة التحذير من شرّهم لخفاء كيدهم، واستدلال ابن بطال بالآية -على أن رؤية العفريت

76 - باب الاغتسال إذا أسلم، وربط الأسير أيضا فى المسجد

76 - باب الاِغْتِسَالِ إِذَا أَسْلَمَ، وَرَبْطِ الأَسِيرِ أَيْضًا فِي الْمَسْجِدِ وَكَانَ شُرَيْحٌ يَأْمُرُ الْغَرِيمَ أَنْ يُحْبَسَ إِلَى سَارِيَةِ الْمَسْجِدِ. 462 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى سَعِيدٍ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ بَعَثَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَيْلاً قِبَلَ نَجْدٍ، فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِى حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ خُصَّ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما خصّ برؤية جبريل على صورته، وكذا رؤية الشيطان على صورته لم يقع لأحد غير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يتمُّ كما أشرنا إليه، وقد نقل عن السلف رؤية الجن، وحديث أبي هريرة في البخاري أنه رأى إبليس وخاطبه ثلاث ليال على الولاء، كما يأتي في أبواب الزكاة. باب الاغتسال إذا أسلم وربط الأسير أيضًا في المسجد في بعض النسخ: وكان شريح يأمر أن يحبس الغريم إلى سارية المسجد، والظاهر أن هذا سهو من الكتاب؛ لأن هذا يناسب الباب الذي قبله: ربط الغريم في المسجد. وشريح: هو ابن الحارث الكندي، ولاّه عمرُ قضاء الكوفة، واستمر قاضيًا ستين سنة. 462 - (بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيلًا قبل نجد) أي فرسان خيل، مجاز مشهور. قال ابن الأثير: قِبَل -بكسر القاف وفتح الباء- الجهة، وكل ما ارتفع من الأرض فهو نجد، إلا أنّه غلب على ما دون الحجاز من أرض العراق (فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له: ثمامة بن أثال)

فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِى الْمَسْجِدِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ». فَانْطَلَقَ إِلَى نَخْلٍ قَرِيبٍ مِنَ الْمَسْجِدِ، فَاغْتَسَلَ ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. أطرافه 469، 2422، 2423، 4372 ـــــــــــــــــــــــــــــ قال الجوهري: وبنو حنيفة أولاد حنيفة بن لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل، وثمامة -بضم الثاء، وأثال -بضم الألف بعده ثاء مثلثة- سيد أهل اليمامة، وسيأتي أنه كان معتمرًا (فربطوه في سارية من سواري المسجد، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: أطلقوا ثمامة) سيأتي مرارًا أنه ربطه ثلاثة أيام، وكل يوم يقول له: "ما عندك يا ثمامة؟ " وهو يقول: عندي ما أقول لك، إن تقتل تقتل ذا دم، وإن تمنن تمنن على شاكر، وان ترد مالًا فاسأل تُعط ما شئت. والحكمة في ربطه في المسجد ثلاثة أيام يسمع القرآن والذكر ويشاهد محاسن الإسلام. (فانطلق إلى نخل قريب من المسجد) أي: إلى حديقة من الحدائق، وفي بعضها بالجيم والنخل: الماء القليل (فاغتسل ثم دخل المسجد فقال: أشهد أن لا إله إلا الله) وفي رواية ابن خزيمة وابن حبان: أنه لما أُطلق أسلم، فبعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى حائط أبي طلحة فأمره أن يغتسل. وقال بوجوب الغسل الإمام أحمد إذا أسلم الكافر، وأبو حنيفة باستحبابه، وكذلك الشافعي، إلا أن تكون به جنابة بناء على أن الكافر يخاطب بالفروع. فإن قلت: أيُّ تعلق للاغتسال بعد الإسلام بأبواب الصلاة؟ قلت: تحيّر فيه الناظرون في هذا الكتاب [منهم] من خطأ المصنف، ومنهم من أجاب بما لا يجوز ذكره. والصواب في الجواب: أن البخاري لما كان بصدد أحكام المساجد، وثمامة كان في

77 - باب الخيمة فى المسجد للمرضى وغيرهم

77 - باب الْخَيْمَةِ فِي الْمَسْجِدِ لِلْمَرْضَى وَغَيْرِهِمْ 463 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ أُصِيبَ سَعْدٌ يَوْمَ الْخَنْدَقِ فِي الأَكْحَلِ، فَضَرَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَيْمَةً فِي الْمَسْجِدِ لِيَعُودَهُ مِنْ قَرِيبٍ، فَلَمْ يَرُعْهُمْ - وَفِى الْمَسْجِدِ خَيْمَةٌ مِنْ بَنِى غِفَارٍ - إِلاَّ الدَّمُ يَسِيلُ إِلَيْهِمْ فَقَالُوا يَا أَهْلَ الْخَيْمَةِ، مَا هَذَا الَّذِى يَأْتِينَا مِنْ قِبَلِكُمْ فَإِذَا سَعْدٌ يَغْذُو جُرْحُهُ دَمًا، فَمَاتَ فِيهَا. أطرافه 2813، 3901، 4117، 4122 ـــــــــــــــــــــــــــــ المسجد ثلاثة أيام وهو كافر، فأشار البخاري إلى أن غسله لم يكن لدخول المسجد بل للإسلام، فيدل على جواز دخول الكافر المسجد. وفقه الحديث: جواز دخول الكافر المسجد، واستثنى الشافعي المسجد الحرام؛ لقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} [التوبة: 28]، وجوّز أبو حنيفة دخول الكتابي دون غيره. باب الخيمة في المسجد للمرضى وغيرهم 463 - (زكرياء بن يحيى) بالمدّ والقصر (عبد الله بن نمير) بضم النون على وزن المصغر. (أصيب سعد يوْم الخندق في الأكحل) هو سعد بن معاذ سيد الأوس، عظيم القدر عند الله، اهتزّ عرش الرحمن لموته فرحًا بقدوم روحه، ونزل جبريل معه سبعون ألف ملك لم يطؤوا الأرض تشيعًا لجنازته. والأكحل: على وزن الأحمر، عرق في العضد، يفصد منه، ويقال له نهر البدن؛ لأن له إلى كل عضو شعبة، فإذا قطع لم يرقَأ دمه (فلم يرعهم -وفي المسجد خيمة لبني غفار- إلا الدم) الضمير في يرعهم لبني غفار، والكلام على تقدير التقديم والتأخير، أي: وكان في المسجد خيمة لبني غفار فلم يرعهم، وبنو غفار رهط أبي ذر. والرّوع -بفتح الراء- الخوف، كأنه مأخوذ من الرّوع -بضم الراء- وهو القلب لأنه محل الخوف، فاشتق له من اسمه (فإذا صعد يغذو جرحه) إذا للمفاجأة، ويغذو -بالغين المعجمة، وذال كذلك- أي: يسيل (فمات فيها) أي: في تلك الجراحة، وقيل: الضمير

78 - باب إدخال البعير فى المسجد للعلة

78 - باب إِدْخَالِ الْبَعِيرِ فِي الْمَسْجِدِ لِلْعِلَّةِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ طَافَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى بَعِيرٍ. 464 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ شَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنِّى أَشْتَكِى. قَالَ «طُوفِى مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ». فَطُفْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــ للخيمة وليس بشيء، وسيأتي حديثه بأطول من هذا. وفي الحديث دلالة على جواز كون المريض في المسجد، وللسلطان والحاكم أن ينقل المريض إلى موضع يَخِف الترداد إليه. باب: إدخال البعير في المسجد للعلّة البعير اسم الجنس يقع على الذكر والأنثى من الإبل (وقال ابن عباس: طاف النبي على بعير). سيأتي في كتاب الحج مسندًا من رواية عكرمة. 464 - (عن محمد بن عبد الرّحمن بن نوفل) بفتح النون وسكون الواو وفتح الفاء (عن أم سلمة قالت: شكوت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أني أشتكي) الشكوى: الإخبار عن مكروه أصاب الإنسان، والإشكاء افتعال من الشكاية، وهي المرض، قاله ابن الأثير (قال: طوفي من وراء الناس وأنت راكبة) هذا موضع الاستدلال، فإنها كانت راكبة البعير (يقرأ بالطّور) أي: بالسورة المسماة بهذا الاسم، ولذلك لم يذكر الواو. فإن قلت: فأيّ حاجة إلى قولها: {كِتَابٍ مَسْطُورٍ (2)} [الطور: 2]؟ قلت: لئلا يتوهم آية أخرى مما ذكر فيها الطور، كما تقول: زيد العالم أيضًا جاء حذرًا من اللبس. واختلف العلماء في جواز إدخال الدّواب المسجد، فقال مالك: يجوز في مأكول اللحم بناءً على طهارة بوله وروثه، وأما الطواف راكبًا فالجمهور على كراهته للقادر، وقال مالك وأبو حنيفة: يعيده ما لم يبعد إلى مثل الكوفة، فإن بعد صحّ وعليه دم

79 - باب

وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى إِلَى جَنْبِ الْبَيْتِ، يَقْرَأُ بِالطُّورِ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ. أطرافه 1619، 1626، 1633، 4853 79 - بابٌ 465 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ قَتَادَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَنَسٌ أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَا مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ، وَمَعَهُمَا مِثْلُ الْمِصْبَاحَيْنِ يُضِيآنِ بَيْنَ أَيْدِيهِمَا، فَلَمَّا افْتَرَقَا صَارَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَاحِدٌ حَتَّى أَتَى أَهْلَهُ. طرفاه 3639، 3805 ـــــــــــــــــــــــــــــ (ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي إلى جنب البيت) أي: واصلًا إليه؛ لأنّ مقام إبراهيم كان هناك وإنما نقله عمر إلى المكان الذي الآن به لما ذهب به السيل. فإن قلت: حديث أم سلمة ظاهر الدلالة على الترجمة؛ لأنها كانت مريضة فأي وجهة لتعلق حديث ابن عباس بالترجمة؟ قلت: العلة لا تنحصر في المرض وقد قال جابر: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طاف راكبًا ليراه الناس ويسألوه، ويجوز أن يكون إشارة إلى ما رواه أبو داود: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قدم مكة وهو يشتكي فطاف على راحلته. باب كذا وقع من غير ترجمة، قال ابن بطّال: كان المناسب أن يترجم له: باب {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} [النور: 40] وأنا أقول: كان المناسب أن يقول: باب فضل من مشى إلى المساجد في الظلام، فإن الحديث الذي أورده في الباب من إضاءة المصباحين إنما كان بعد انصراف الرجلين من صلاة العشاء. 465 - (محمد بن المثنى) بضم الميم وتشديد النون (معاذ بن هشام) بضم الميم آخره ذال معجمة. (أنّ رجلين خرجا من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ليلة مظلمة ومعهما مثل المصباحين) الرجلان: أسيد بن حضير وعبّاد بن بِشْر، جاء ذكرهما صريحًا في رواية أنس، وقيل: عباد وعوير، والأول هو الصّواب (يضيئان) أضاء: جاء لازمًا ومتعديًا. وما في الحديث

80 - باب الخوخة والممر فى المسجد

80 - باب الْخَوْخَةِ وَالْمَمَرِّ فِي الْمَسْجِدِ 466 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ خَطَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «إِنَّ اللَّهَ خَيَّرَ عَبْدًا بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ، فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ اللَّهِ». فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - فَقُلْتُ فِي نَفْسِى مَا يُبْكِى هَذَا الشَّيْخَ ـــــــــــــــــــــــــــــ يحتملهما، وفي الحديث دلالة ظاهرة على كرامات الأولياء كما قال به أهل الحق. باب الخوخة والممر في المسجد الخوخة -بفتح الخاء المعجمة أولًا وثانيًا- هو الباب الصغير، وكان الصحابة كلّ من كان قريب الدّار فتح له بابًا بجانبه إلى مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليكون أهون عليه الحضور إلى الصلاة. 466 - (فليح) بضم الفاء على وزن المصغر (أبو النضر) -بضاد معجمة- اسمه سالم (عبيد بن حُنَيْن) بضم المهملتين فيهما على وزن المصغر (عن بسر بن سعيد) -بالباء الموحدة وسين مهملة- كذا وقع في بعض النسخ، قال الغساني: نقل ابن السّكن عن الفربري عن البخاري: أن هذا خطأ، والصواب "وعن" بالواو العاطفة. قال الغساني: والصواب ثلاثة أوجه: وبسر بالواو العاطفة، وطي ذكر عبيد أو بسر على التناوب. قلت: الكلام إنما هو في وجود الاسمين لاتفاق النسخ كلها مع الاختلاف في الواو، فالوجه ما قاله ابن السكن، على أنه يجوز تصحيح تلك الرّوايات بأنّ حرف العطف محذوف منها، وهو كثير، إلا أن فيه التباسًا مخلًا، وفي رواية مسلم بالواو، وفي رواية: فليح عن سالم بن أبي النضر، وبحذف بشر في رواية فليح عن أبي النضر، ورأيت في حاشية عن أبي ذر الحافظ عن الفربري أن بسرًا في كتاب البخاري مضروب عليه، وهذا يوافق رواية مسلم، وعليه التعويل. (إنّ الله خيرّ عبدًا بين الدنيا وبين ما عند الله، فاختار ما عند الله، فبكى أبو بكر، فقلت في نفسي: ما يبكي هذا الشيخ؟) هذا كلام أبي سعيد الخدري، وقوله: هذا الشيخ، لم يذكره

إِنْ يَكُنِ اللَّهُ خَيَّرَ عَبْدًا بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ اللَّهِ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - هُوَ الْعَبْدَ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا. قَالَ «يَا أَبَا بَكْرٍ لاَ تَبْكِ، إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَىَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبُو بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلاً مِنْ أُمَّتِى لاَتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الإِسْلاَمِ وَمَوَدَّتُهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ باسمه؛ لأنه قاله على طريق الإنكار (إن يكن الله خير عبدًا) شرط حذف جزاؤه، لدلالة ما قبله عليه، ويحكى فتحُ أنْ والجزم على الشذوذ، أو على توهم إن الشرطية (إن مِنْ أمِّنّ الناس عليَّ في صحبته وماله أبو بكر) وفي بعض النسخ: "إن أمن الناس" بدون من، وهذه الرّواية أبلغ؛ فإنّ الأُولى يجوز اشتراك غيره معه، ويحتاج إلى تقديرا ضمير الشأن، أو جعل اسم إن منْ؛ لأنه بمعنى البعض. قال ابن الأثير: الأَمَنّ أفعل التفضيل من المنّ وهو العطاء لا مِنَ المنة وهو الاعتداد بالإحسان والتفضّل؛ لأنه مذموم. قلت: لفظ المنّ أيضًا مشترك، قال تعالى: {لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى} [البقرة: 264]. (ولو كنت متخذًا من أُمتي خليلًا لاتخذت أبا بكر خليلًا) الخليل: فعيل بمعنى الفاعل، كالجليس بمعنى الجالس، وقد يكون بمعنى المفعول، والذي في الحديث هو الثاني لأن المعنى: من أُخَاللُهُ، وتمام الحديث: "ولكن صاحبكم خليل الله" يريد نفسه - صلى الله عليه وسلم -. فإن قلت: معنى كونه خليل الله: أنّ الله اتخذه خليلًا، كقوله تعالى في إبراهيم: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [النساء: 125] وإذا كان خليلًا لله بهذا المعنى يجوز أن يكون: له خليل في الناس. قلت: أراد أنه بعدما تفضّل الله عليَّ بذلك لا ينبغي لي أن أتوجه إلى غيره بنوع من الخلة. واشتقاقه من الخلة -بضم الخاء- وهي: المحبة السّارية في خلل القلب وأعماقه بحيث لا يبقى للغير فيه مجال. فإن قلت: هذا إنما يكون من طرف العبد، وإلا فقد اتخذ الله إبراهيم خليلًا. قلت: الأمر كذلك؛ لأن الله تعالى لا يشغله شأن عن شأن. (ولكن أخوة الإسلام ومودته) أي: موجودة بيني وبينه.

لاَ يَبْقَيَنَّ فِي الْمَسْجِدِ بَابٌ إِلاَّ سُدَّ إِلاَّ بَابُ أَبِى بَكْرٍ». طرفاه 3654، 3904 467 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِى قَالَ سَمِعْتُ يَعْلَى بْنَ حَكِيمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي مَرَضِهِ الَّذِى مَاتَ فِيهِ عَاصِبٌ رَأْسَهُ بِخِرْقَةٍ، فَقَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ «إِنَّهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ أَمَنَّ عَلَىَّ فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ مِنْ أَبِى بَكْرِ بْنِ أَبِى قُحَافَةَ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنَ النَّاسِ خَلِيلاً لاَتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلاً، وَلَكِنْ خُلَّةُ الإِسْلاَمِ أَفْضَلُ، سُدُّوا عَنِّى كُلَّ خَوْخَةٍ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ غَيْرَ خَوْخَةِ أَبِى بَكْرٍ». أطرافه 3656، 3657، 6738 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: كيف تجتمع المودة مع نفي الخلة؟ قلت: الخلة أخص من المودة كما أشرنا إليه. فإن قلت: سيأتي في بعض الرّوايات: "ولكن أخوة الإسلام أفضل". قلت: ليس معناه أنها أفضل من الخلة، بل أفضل شيءٍ يوجد بعد فوات الخلة. (لا يبقين في المسجد باب إلا سُدَّ إلاّ باب أبي بكر) "لا يبقين" -بفتح الياء ونون التأكيد- لأنه نهي، وتوجيهه إلى الباب توجيه إلى صاحب الباب على طريق الكناية، وقد يروى بضم الياء على بناء المجهول. 467 - (عبد الله بن محمد الجعفي) -بضم الجيم وسكون العين- قال الجوهري جعفي: أبو قبيلة من اليمن، وهو جعفي بن سَعْدِ العشيرة، قال: والنسبة إليه كذلك (وهب بن جرير) بفتح الجيم على وزن كريم (يعلى بن حكيم) على وزن يحيى (ابن أبي قحافة) -بضم القاف- كنية أبيه، واسمه عثمان، أسلم يوم فتح مكة، وعاش بعد الصديق أيضًا، وليس في الصحابة من يشارك أبا بكر في الأصول والفروع بين أربعة أبطن كلهم صحابيون، فإنه صحابي، وأبوه صحابي، وأولاده وأولاد أولاده. فإن قلت: قوله: (ليس من الناس أمن علي من أبي بكر) لا ينافي مساواة غيره مع أنه

81 - باب الأبواب والغلق للكعبة والمساجد

81 - باب الأَبْوَابِ وَالْغَلَقِ لِلْكَعْبَةِ وَالْمَسَاجِدِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَقَالَ لِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ قَالَ لِى ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ يَا عَبْدَ الْمَلِكِ، لَوْ رَأَيْتَ مَسَاجِدَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبْوَابَهَا. 468 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ وَقُتَيْبَةُ قَالاَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَدِمَ مَكَّةَ، فَدَعَا عُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ، فَفَتَحَ الْبَابَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ ليس مراده ذلك. قلت: هو كذلك لغةً، إلا أنّ في العرف إذا قيل: ليس في البلد أعلم من زيد، يتبادر إلى الفهم أنه أعلم البلد، على أنّه فسّرَه الرواية الأخرى "إن أمن الناس علي أبو بكر" وفي سد سائر الأبواب دون أبي بكر إشارة إلى أنه الخليفة بعده؛ لئلا يشق عليه الدخول والخروج. باب الأبواب والغلق للكعبة والمساجد الغلق -بفتح الغين المعجمة واللام- ما تغلق به الأبواب، أصله ضيق الصدر، والإغليق على وزن القِنديل: ما يفتح به الغلق (وقال لي عبد الله بن محمد) هو الجعفي (سفيان) هو ابن عيينة (عن ابن جريج) -بضم الجيم على وزن المصغر: عبد الله بن عبد العزيز بن جريج (ابن أبي مليكة) عبد الله، وأبو مليكة جدّ أبيه، وإنما رواه بلفظ: قال، لأنه سمعه مذاكرة لا تحميلًا. (لو رأيت مساجد ابن عباس وأبوابها) أي: لرأيت أمرًا عجيبًا، أو نحوه، ويحتمل الهمزة أيضًا. 468 - (أبو النعمان) -بضم النون- محمد بن الفضل (قتيبة) بضم القاف: على وزن المصغر (حمّاد) بفتح الحاء وتشديد الميم. (عن ابن عمر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قدم مكة -يريد يوم فتح مكة- فدعا عثمان بن طلحة الجهني ففتح الباب) وكانت حجابة الكعبة في هؤلاء العبدريين، وكان لعثمان هذا إخوة أربعة قتلوا كلهم كفارًا يوم أحد، وهاجر عثمان في هدنة الحديبية مع خالد بن الوليد، فلقيا في الطريق عمرو بن العاص مهاجرًا أيضًا، فإنه هاجر من عند النجاشي، فلما قدموا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه: "رمتكم مكة بأفلاذ كبدها" يشير إلى أنهم وجوه القوم ورؤساؤهم،

فَدَخَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَبِلاَلٌ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ، ثُمَّ أُغْلِقَ الْبَابُ، فَلَبِثَ فِيهِ سَاعَةً ثُمَّ خَرَجُوا. قَالَ ابْنُ عُمَرَ فَبَدَرْتُ فَسَأَلْتُ بِلاَلاً فَقَالَ صَلَّى فِيهِ. فَقُلْتُ فِي أَىٍّ قَالَ بَيْنَ الأُسْطُوَانَتَيْنِ. قَالَ ابْنُ عُمَرَ فَذَهَبَ عَلَىَّ أَنْ أَسْأَلَهُ كَمْ صَلَّى. طرفه 397 ـــــــــــــــــــــــــــــ وكان عثمان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في فتح مكة، فلما فتح الباب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - دفع إليه وإلى شيبة بن عثمان بن أبي طلحة مفتاح البيت وقال: "خذوها بني طلحة خالدةً تالدةً لا ينتزعها منكم إلّا ظالم". (فدخل النبي - صلى الله عليه وسلم - وبلال وأسامة وعثمان) قال ابن بطال: إنما أدخل هؤلاء دون غيرهم لأمور اقتضت ذلك، أما عثمان فلئلا يظن الناس أنه معزول عن سدانة البيت، وأمّا بلال فلأنه مؤذنه وخادمه، وأمَّا أسامة فلأنه كان يتولى خدمة ما يحتاج إليه. وهذا الذي قاله وهم منه؛ بل لم يكن معه غير هؤلاء، لما يأتي في غزوة الفتح أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقبل من أعلى مكة مردفًا أسامة ومعه بلال وعثمان بن طلحة حتى أناخ في المسجد. وساق باقي الحديث. إذ لو كان معه غيرهم لم يكن لذكر هؤلاء معنى، بل كان يخصّهم من بينهم بالدخول، على أنه لو كان تخصيص أسامة؛ لأنه يتولى خدمته، كان ابن مسعود أولى بذلك؛ فإنه صاحب الطهور والنعلين، وصاحب الوسادة والسواد. وقال شارح آخر: أقول زيادة على قول ابن بطال: ولئلا يقع الازدحام. وهذا الذي قاله ليس فيه ما يدل على وجه خصوصية هؤلاء، بل ذلك يصلح علة غلق الباب. (ثم أُغلق الباب) على بناء المجهول، هو الرواية، وإنما أغلق لئلا يزدحم الخلق فيقع له التشويش في الصلاة والدعاء، لما سيأتي أنه صلى فيه ودعا في نواحيه. قال ابن بطال: إنما أغلق الباب لئلا يظن الناس أن الصلاة في البيت سنة. ولا يخفى بُعْدَ هذا الكلام عن الحق؛ فإن الذين معه رووا أنّه صلى فيه وصار بذلك سنة، وقال به العلماء لكل من دخل البيت، إلا ما ذهب إليه مالك من عدم جواز الفرض فيه.

82 - باب دخول المشرك المسجد

82 - باب دُخُولِ الْمُشْرِكِ الْمَسْجِدَ 469 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَيْلاً قِبَلَ نَجْدٍ، فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِى حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ، فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِى الْمَسْجِدِ. طرفه 462 83 - باب رَفْعِ الصَّوْتِ فِي الْمَسَاجِدِ 470 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْجُعَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنِى يَزِيدُ بْنُ خُصَيْفَةَ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ كُنْتُ قَائِمًا فِي الْمَسْجِدِ فَحَصَبَنِى رَجُلٌ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ اذْهَبْ فَأْتِنِى بِهَذَيْنِ. فَجِئْتُهُ بِهِمَا. قَالَ مَنْ أَنْتُمَا - أَوْ مِنْ أَيْنَ أَنْتُمَا قَالاَ مِنْ أَهْلِ الطَّائِفِ. قَالَ لَوْ كُنْتُمَا مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ لأَوْجَعْتُكُمَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب دخول المشرك المسجد 469 - (قتيبة) بضم القاف على وزن المصغر (بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيلًا قِبلَ نجد) أي: فرسان خيل، مجاز مشهور، وقيل -بكسر القاف وفتح الباء- الجهة. ونجد: ما ارتفع من أرض الحجاز إلى جانب العراق. (ثمامة بن أثال) بضم الثاء والهمزة تقدم الحديث بشرحه في باب الاغتسال إذا أسلم، وإنما أفرد له الباب على دأبه في استنباط الأحكام من الأحاديث وجعلها تراجم الأبواب. باب رفع الصوت في المسجد 470 - (يحيى بن سعيد) القطان (الجعيد) -بضم الجيم على وزن المصغر- ويقال فيه الجعد أيضًا (خصيفة) بضم المعجمة وصاد مهملة على وزن المصغر (السائب بن يريد) من الزيادة الصحابي المعروف. (كنت قائمًا في المسجد فحصبني رجل) أي: رماني بالحصبان وهي دقاق الحصى. (فإذا عمر بن الخطاب) أي: الذي رماني بالحصبان (فقال: اذهب فأتني بهذين) أي: الرجلين، لم يعرف اسم الرجلين، إلا أن في رواية عبد الرزاق أنهما ثقيفيان (فقال: من أنتما، أو من أين أنتما؟) الشك من السائب (لو كنتما من أهل البلد لأوجعتكما) أي: من

تَرْفَعَانِ أَصْوَاتَكُمَا فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. 471 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ تَقَاضَى ابْنَ أَبِى حَدْرَدٍ دَيْنًا لَهُ عَلَيْهِ، فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْمَسْجِدِ، فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا حَتَّى سَمِعَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ فِي بَيْتِهِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى كَشَفَ سِجْفَ حُجْرَتِهِ وَنَادَى «يَا كَعْبُ بْنَ مَالِكٍ، يَا كَعْبُ». قَالَ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَنْ ضَعِ الشَّطْرَ مِنْ دَيْنِكَ. قَالَ كَعْبٌ قَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «قُمْ فَاقْضِهِ». طرفه 457 ـــــــــــــــــــــــــــــ أهل المدينة وذلك لأنّ أهل المدينة يعرفون وجوب احترام مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو لأنّ الغريب يُحترم لغرابته. (ترفعان أصواتكما) استئناف جار مجرى العلة، وجمع الأصوات كراهية اجتماع التثنيتين كقوله تعالى: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4]. 471 - (أحمد) كذا وقع غير منسوب، قال الغساني نقلًا عن ابن منده الأصفهاني: كلّ موضع يقول البخاري: حدثنا أحمد عن ابن وهب، هو أحمد بن صالح المصري، وما يقال: إنه أحمد بن أخي ابن وهب فليس كذلك؛ إذ لا رواية له في الكتاب، وقيل: هو أحمد بن عيسى، وليس كذلك؛ فإن البخاري إذا روى عنه نسبه، و (ابن وهب) هو عبد الله العالم المعروف (يونس بن يزيد) من الزيادة. (أن كعب بن مالك تقاضى دينًا له على ابن أبي حدرد) بالحاء والدال المهملتين، واسم الابن عبد الله، والأب سلام، كلاهما صحابي، وحديث كعب هذا تقدم مع شرحه في باب التقاضي والملازمة في المساجد، واستدل به هنا على رفع الصوت في المسجد، وقد أورد حديثين أحدهما: وهو حديث عمر، دل على عدم الجواز، والآخر: حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دلّ على الجواز، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يعاتبهما على رفع الصوت. والتوفيق أنه يجوز للضرورة، ويكره بدونها، وأمّا رفع الأصوات في المناظرات العلمية كرهه مالك، وأباحه أبو حنيفة، قال سفيان بن عيينة: رأيت أبا حنيفة وأصحابه في المسجد وقد ارتفعت أصواتهم

84 - باب الحلق والجلوس فى المسجد

84 - باب الْحِلَقِ وَالْجُلُوسِ فِي الْمَسْجِدِ 472 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ عَلَى الْمِنْبَرِ مَا تَرَى فِي صَلاَةِ اللَّيْلِ قَالَ «مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِىَ الصُّبْحَ صَلَّى وَاحِدَةً، فَأَوْتَرَتْ لَهُ مَا صَلَّى». وَإِنَّهُ كَانَ يَقُولُ ـــــــــــــــــــــــــــــ بالعلم، فقلت له، فقال: دعهم فإنهم لا يفقهون إلا كذلك. باب الحِلَق والجلوس في المسجد الحلق -بكسر الحاء وفتح اللام- جمع الحلقة -بفتح الحاء وسكون اللام- كقِصَع في قَصْعَة، كذا قاله ابن الأثير. وقال الجوهري: الحلق -بفتح الحاء وسكون اللام- على غير القياس، قال: وحُكي عن أبي عمرو: أن الواحد حلَقة -بفتح اللام- والجمع حلق كذلك، وقال الشيباني: ليس في الكلام حلقة -بتحريك اللام- إلا جمع حالق. 472 - (مسدد) بضم الميم وتشديد الدال المفتوحة (بشر بن المفضل) بكسر الموحدة وشين معجمة، والمفضل بضم الميم وتشديد الضاد المفتوحة (عبيد) بضم العين على وزن المصغر. (عن ابن عمر: سألَ رجلٌ النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو على المنبر: ما ترى في صلاة الليل؟) من الرأي، وهو الحكم والإفتاء، لا من الرؤية بمعنى العلم، فإن السائل عالم بأنه عالم بالمسألة. (قال: مثنى مثنى) من غير تنوين؛ لأنه غير منصرف للعدل والوصفية (فإذا خشي الصبح صلّى واحدة فأوترت له) أي: تلك الركعة. قال بعضهم: الإسناد فيه مجاز؛ لأن الموتر هو المصلي. وهذا سهو منه؛ فإن الموتر حقيقة بمعنى: مصلي الوتر، هو الرجل، وأما بمعنى: جعل الشفع وترًا فهى الركعة لأن العدد إنما يصير شفعًا أو وترًا بانضمام عدد آخر، وقال بظاهر الحديث أبو حنيفة، وقال: نوافل النهار أربع ركعات بتسليم، وإن شاء ستًّا، وإن شاء ثمانيًا، ولا يزيد على هذا، والوتر ثلاث ركعات بتسليم واحد. وذهب مالك والشافعي وأحمد: إلى أن نوافل النهار أيضًا مثنى مثنى؛ لِمَا روى أبو داود والترمذي:

اجْعَلُوا آخِرَ صَلاَتِكُمْ وِتْرًا، فَإِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ بِهِ. أطرافه 473، 990، 993، 995، 1137 473 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلاً جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ يَخْطُبُ فَقَالَ كَيْفَ صَلاَةُ اللَّيْلِ فَقَالَ «مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيتَ الصُّبْحَ فَأَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ، تُوتِرُ لَكَ مَا قَدْ صَلَّيْتَ». قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ حَدَّثَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُمْ أَنَّ رَجُلاً نَادَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ. طرفه 472 ـــــــــــــــــــــــــــــ "صلاة الليل والنهار مثنى مثنى". وقوله في صلاة الليل: "مثنى مثنى" إنما وقع في جواب السائل: ما ترى في صلاة الليل؟ وأمّا الوتر فعند أبي حنيفة ثلاث ركعات بتسليم واحد، وكذا عند مالك لكن يسلم في الثنتين، وقال الشافعي وأحمد: أقلُّه ركعة، وأكثَرُه إحدى عشرة ركعة. (اجعلوا آخر صلاتكم وترًا) أي: صلاتكم بالليل، سواء كان في أول الليل، أو بعد التهجد، والأولى تأخيره لمن يثق بالانتباه، وإلا فأول الليل؛ لما في حديث أبي هريرة: أوصاني خليلي بثلاث، وعدّ منها الوتر قبل النوم. 473 - (نادى رجل النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في المسجد) أي: وسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ليوافقَ الحديثَ الأول، وأبعد من قال: الضمير للنداء (وقال الوليد بن كثير) ضد القليل، هذا التعليق عن الوليد رواه عنه مسلم مسندًا.

85 - باب الاستلقاء فى المسجد ومد الرجل

474 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ أَنَّ أَبَا مُرَّةَ مَوْلَى عَقِيلِ بْنِ أَبِى طَالِبٍ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِى وَاقِدٍ اللَّيْثِىِّ قَالَ بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْمَسْجِدِ فَأَقْبَلَ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ، فَأَقْبَلَ اثْنَانِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَذَهَبَ وَاحِدٌ، فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَرَأَى فُرْجَةً فَجَلَسَ، وَأَمَّا الآخَرُ فَجَلَسَ خَلْفَهُمْ، فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَلاَ أُخْبِرُكُمْ عَنِ الثَّلاَثَةِ أَمَّا أَحَدُهُمْ فَأَوَى إِلَى اللَّهِ، فَآوَاهُ اللَّهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَاسْتَحْيَا، فَاسْتَحْيَا اللَّهُ مِنْهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَأَعْرَضَ، فَأَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ». طرفه 66 85 - باب الاِسْتِلْقَاءِ فِي الْمَسْجِدِ وَمَدِّ الرِّجْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــ 474 - (أن أبا مُرّة مولى عقيل) بضم الميم، وعقيل: بفتح العين وكسر القاف (ابن أبي طالب)، واسمُ أبي مرّة يزيد، وقيل: عبد الرحمن. ودلالة هذا الحديث على الشق الأول من الترجمة، وأما الحديثان الأولان فإنما يدلان على الشق الثاني، وهو الجلوس في المسجد، وما يقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كان على المنبر فأصحابه حول المنبر حلقة، فلا وجه له، لأنَّ الحلق لا تصدق إلا إذا كانوا على شكل الدّائرة، وذا لا يمكن هنا؛ لأنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - مستندٌ إلى الحائط والناش صفوف قُدامّه. وفقه الباب: أنّ الخطيب إذا تكلم في أثناء الخطبة بأمر ديني لا تبطل خطبته، وفيه مدح الحياء وذم الإعراض عن مجالس العلم. وقد استوفينا الكلام عليه في باب: من قعد حيث ينتهي به المجلس من كتاب العلم. وقوله: (فأوى) أولًا مقصور، وقوله: (فأواه الله) ثانيًا ممدود. باب الاستلقاء في المسجد ومَدُّ الرِجل الاستلقاء: النوم على القفاء بحيث يكون وجهه إلى السماء، يقال: سلقه إذا ألقاه على قفاه، قاله ابن الأثير. قال الغزالي: النوم مستلقيًا نوم الأنبياء، يتفكرون في خلق السموات والأرض.

475 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُسْتَلْقِيًا فِي الْمَسْجِدِ، وَاضِعًا إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الأُخْرَى. وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ كَانَ عُمَرُ وَعُثْمَانُ يَفْعَلاَنِ ذَلِكَ. طرفاه 5969، 6287 ـــــــــــــــــــــــــــــ 475 - (عن عباد بن تميم) بفتح العين وتشديد الباء، وتميم: بتاء مثناة فوق على وزن عليم (عن عَمِّه) عَمُّ عباد، واسمه عبد الله بن زيد. (رأى رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - مستلقيًا في المسجد واضعًا إحدى رجليه على الأخرى) مستلقيًا وواضعًا: حالان مترادفان أو متداخلان. فإن قلت: روى مسلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن ينام الإنسان مستلقيًا واضعًا إحدى رجليه على الأخرى. قلت: ذكروا أنّ ذلك الحديث منسوخ. وعندي: دعوى النسخ رَجْمٌ بالغيب؛ فإنه يحتاج إلى معرفة التاريخ، وأنّى لهم ذلك، بل محمول على ما إذا لم يكن على عورته ساتر، وهذا على ما إذا كان السّاتر موجودًا. وأمَّا أنّ عمر وعثمان كانا يفعلان ذلك فلا دلالة فيه على النسخ وهو ظاهر، بل محمول على ما ذكرنا من وجود الساتر، وإذا جاز النوم مستلقيًا في المسجد جاز على سائر الأوضاع: إلا النوم على الوجه؛ فإنّ أبا داود وابن ماجه رويا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "هذه ضجعة يبغضها الله". (وعن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب: أن عمر وعثمان كانا يفعلان ذلك) عطف على قوله: عن ابن شهاب، داخل تحت الإسناد، ويحتمل أن يكون تعليقًا، كذا قيل، والصواب الأوّل، كذا وقع في أبي داود والموطأ، وسعيد بن المسيب ليس له رواية عن عمر، فإن

86 - باب المسجد يكون فى الطريق من غير ضرر بالناس

86 - باب الْمَسْجِدِ يَكُونُ فِي الطَّرِيقِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ بِالنَّاسِ وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ وَأَيُّوبُ وَمَالِكٌ. 476 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَىَّ إِلاَّ وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ، وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إِلاَّ يَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - طَرَفَىِ النَّهَارِ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً، ثُمَّ بَدَا لأَبِى بَكْرٍ فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ، فَكَانَ يُصَلِّى فِيهِ وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ، فَيَقِفُ عَلَيْهِ نِسَاءُ الْمُشْرِكِينَ، وَأَبْنَاؤُهُمْ يَعْجَبُونَ مِنْهُ وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلاً بَكَّاءً لاَ يَمْلِكُ عَيْنَيْهِ إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ، فَأَفْزَعَ ذَلِكَ أَشْرَافَ قُرَيْشٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ. أطرافه 2138، 2263، 2264، 2297، 3905، 4093، 5807، 6079 ـــــــــــــــــــــــــــــ عُمَرَ مات وعُمرُ سعيد ثلاث سنين، قاله مالك بن أنس، فالحديث فيه انقطاع. باب المسجد يكون في الطريق من غير ضرر 476 - (يحيى بن بُكير) على وزن المصغر وكذا (عقيل). (عن عائشة: لم أعقل أبويَّ) أرادت الأب والأم، ففيه تغليب الذكر على الأنثى لشرفه (إلا وهما يدينان الدين) أي: يتعبدان بدين الإسلام، اللام فيه للعهد، ونصب الدين على أنه مفعول به إذ لم يرد منه المعنى المصدري (ثم بدا لأبي بكر فابتنى مسجدًا بفناء داره) أي: ظهر له، من البُدوّ بضم الباء وتشديد الواو، يقال: ابتنى إذا بنى لنفسه. وفناء الدّار -بكسر الفاء والمد- ما امتدّ من جوانب الدّار (فيقف عليه نساء المشركين وأولادهم يعجبون منه) أي: لبكائه، أو لتلاوة القرآن، فإنهم يتفهَّمون معناه سليقةً (فأفزعَ ذلك أشراف قريش) لئلا يتبعه نساؤهم وأبناؤهم. سيأتي في البخاري أن هذا كان بعد رجوعه مع ابن الدَّغِنَة من برك الغماد. ودلالة الحديث على الترجمة ظاهرة؛ لأن مسجد الصّديق كان على الطريق، ولذلك كان يقف عليه نساء المشركين وأولادهم، فدلّ على جواز ذلك لكل أحدٍ، وفيه من فضائل

87 - باب الصلاة فى مسجد السوق

87 - باب الصَّلاَةِ فِي مَسْجِدِ السُّوقِ وَصَلَّى ابْنُ عَوْنٍ فِي مَسْجِدٍ فِي دَارٍ يُغْلَقُ عَلَيْهِمُ الْبَابُ. 477 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «صَلاَةُ الْجَمِيعِ تَزِيدُ عَلَى صَلاَتِهِ فِي بَيْتِهِ، وَصَلاَتِهِ فِي سُوقِهِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً، ـــــــــــــــــــــــــــــ الصديق تردد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليه طرفي النهار؛ فإنه دال على كمال الاتحاد وارتفاع التكلف، وفيه أيضًا اتخاذ المسجد، وإظهار التلاوة والصلاة بين المشركين، وبكاؤه ورقته وهو في الصلاة خشية من الله و {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28]. باب الصلاة في مساجد السوق (وصلى ابن عون في مسجد في دار يغلق عليهم) ابن عون هذا: عبد الله بن عون الفقيه المعروف، ووقع لبعضهم ابن عمرو ولا شك أنه مصحَّف. 477 - (مسدّد): بضم الميم وتشديد الدّال المفتوحة (عن أبي معاوية) هو الضرير محمد بن خازم (عن أبي صالح) هو السمان ذكوان. (إن صلاة الجمع) أي: صلاة الجماعة (تزيد على صلاته في بيته وصلاته في سوقه خمسًا وعشرين درجة). فإن قلت: ستأتي الرواية: "سبعًا وعشرين درجة"؟ قلت: لا تنافي، أخذ أولًا بالأقل ثم بالأكثر ترقيًا في الترغيب، أو اطّلع على القليل، ثم اطّلع على أزيد منه، ومثله كثير. وقيل: التفاوت إنما هو باعتبار حال المصلّي وكثرة الجماعة وشرف البقعة، وعلى حسب الخشوع والخضوع. وفيه نظر؛ لأن ذلك التفاوت لا ينحصر في عدد، بل يصل إلى مرتبة لا يعلمها غير الله لقوله: {وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ} [البقرة: 261]. فالصّواب: أن سبعًا وعشرين لكل من صفى بالجماعة حيث كان، سواء كانت الجماعة قليلًا أو كثيرًا، وأما تلك الزيادات مفوّضة إلى علم الله تعالى.

فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ وَأَتَى الْمَسْجِدَ، لاَ يُرِيدُ إِلاَّ الصَّلاَةَ، لَمْ يَخْطُ خُطْوَةً إِلاَّ رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً، وَحَطَّ عَنْهُ خَطِيئَةً، حَتَّى يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ، وَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ كَانَ فِي صَلاَةٍ مَا كَانَتْ تَحْبِسُهُ، وَتُصَلِّى - يَعْنِى عَلَيْهِ - الْمَلاَئِكَةُ مَا دَامَ فِي مَجْلِسِهِ الَّذِى يُصَلِّى فِيهِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ». طرفه 176 ـــــــــــــــــــــــــــــ (فإن أحدكم إذا توضأ فأحسن وأتى المسجد لا يريد إلا الصلاة لم يخط خطوة إلا رفعه الله بها درجة وحطّ عنه بها خطيئة) إحسان الوضوء: إسباغه، وغسل الأعضاء على وجه الكمال، وقد يكون مجيئه لا يكون إلا للصلاة، لكونه لوجه الله إذا كان خالصًا. والخطوة -بفتح الخاء- مرة من الخطو، وبضم الخاء: ما بين القدمين من المشي (وإذا دخل المسجد كان في الصلاة) أي: باعتبار الثواب؛ لأنه ينتظر الصلاة، وإنما نُكِّر لأنه لا يحصل له ثواب الفريضة، بل نوع من الصلاة، ويحتمل أن يكون المراد تلك الصلاة التي أتى لأجلها، وفضل الله أوسع لكنَّ الأولَ أوفق بالقانون؛ لأن الجلوس نافلة، وثواب النفل دون ثواب الفرض (وتصلي عليه الملائكة) وقد فسر صلاة الملائكة بقولهم: (اللهم اغفر له اللهم ارحمه، ما لم يؤذ يُحْدِثْ) بالجزم بدل من يؤذ، وروي بالباء الجارة؛ أي: يؤذي الملائكة بخروج الريح، فإن الملائكة تتأذى كما يتأذى البشر، وقيل: ما لم يؤذ أحدًا من الناس. وفي بعضها: "ما لم يحدث" ويؤول على الوجهين. فإن قلت: ثواب الخطوات وصلاة الملائكةِ عليه هو من سبع وعشرين أو شيء غيرها. قلت: هذا شيء وراء ذلك. فإن قلت: قوله: "فإن أحدكم إذا توضأ ... " إلى آخره. بعد ذكر سبع وعشرين على وجه التعليل يشعر بأنه منه؟ قلتُ: تلك الزيادة الحاصلة من الخطوات لا حصر فيها، وإنما أورد الكلام في صورة التعليل دلالة على أن من كان شأنه هذا خليقٌ بتلك الدرجات؛ لأنه من الكرامة عند الله بهذه المثابة. فإن قلت: وضع الباب للصلاة في مساجد السوق ولم يرو فيه حديثًا. قلت: إطلاق المسجد يشمله ولا يدخل في عموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "شر البقاع الأسواق" لأنه صار بذلك من خير البقاع.

88 - باب تشبيك الأصابع فى المسجد وغيره

88 - باب تَشْبِيكِ الأَصَابِعِ فِي الْمَسْجِدِ وَغَيْرِه 478 و 479 - حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ بِشْرٍ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ حَدَّثَنَا وَاقِدٌ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَوِ ابْنِ عَمْرٍو شَبَّكَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَصَابِعَهُ. طرفه في 480 480 - وَقَالَ عَاصِمُ بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ سَمِعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ أَبِى فَلَمْ أَحْفَظْهُ، فَقَوَّمَهُ لِى وَاقِدٌ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى وَهُوَ يَقُولُ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو، كَيْفَ بِكَ إِذَا بَقِيتَ فِي حُثَالَةٍ مِنَ النَّاسِ بِهَذَا». ـــــــــــــــــــــــــــــ باب تشبيك الأصابع في المسجد وغيره 478 - 479 - (حامد بن عمر) هو البكراوي (بشر) -بكسر الموحدة وشين معجمة- هو ابن المفضل (عاصم) هو ابن علي الواسطي (واقد) بالقاف (عن أبيه) اسمه محمد (عن ابن عمر أو ابن عمرو) على الشك، وكذا رواه الحميدي في "الجمع"، إلا أن خلفًا رواه في الأطراف في مسند ابن عمر، وليس هذا الحديث موجودًا في أكثر نسخ البخاري. 480 - (يا عبد الله بن عمرو كيف بك إذا بقيت في حثالة من الناس؟) الباء في: "بك" للتعدية، أو للملابسة، أي: كيف تفعل بها، أو كيف تعيش معها؟ والحثالة: -بضم الحاء والثاء المثلثة- رديء كل شيء. فإن قلت: فعلى تقدير وجود هذا الحديث، أين موضع الدلالة؟ قلت: تمام الحديث لم يورده كأنّه لم يكن على شرطه، وقد رواه الحميدي كذا: "كيف بك إذا بقيت في حثالة من الناس قد مرجت عهودهم وأماناتهم، واختلفوا فصاروا هكذا" فقوله: "هكذا" الظاهر أنه إشارة إلى تشبيك الأصابع. قال: فكيف أفعل يا رسول الله؟ قال: "تأخذ ما تعرف وتدع ما تنكر، وَتُقْبِل على حاجتك وتدعهم وعوامهم".

481 - حَدَّثَنَا خَلاَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِى مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ، يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا». وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ. طرفاه 2446، 6026 482 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ شُمَيْلٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِحْدَى صَلاَتَىِ الْعَشِىِّ - قَالَ ابْنُ سِيرِينَ سَمَّاهَا أَبُو هُرَيْرَةَ وَلَكِنْ نَسِيتُ أَنَا - قَالَ فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ، فَقَامَ إِلَى خَشَبَةٍ مَعْرُوضَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَاتَّكَأَ عَلَيْهَا، كَأَنَّهُ غَضْبَانُ، وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــ 481 - (خلاد بن يحيى) بتشديد اللام (عن بشر) بكسر الموحدة وسكون الشين (سفيان) هو الثوري (عن أبي بردة) بضم الباء وسكون الراء، واسمه بريد مصغر برد (عن جدّه) هو أبو بردة بن أبي موسى، واسمه عامر. (المؤمن للمؤمن كالبنيان) -بضم الباء- مصدر بمعنى المفعول، وفيه تشبيه المعقول بالمحسوس، وموضع الدلالة قوله: (شبك أصابعه). 482 - (إسحاق) كذا وقع غير منسوب، هو إسحاق بن منصور بن بهرام الكوسج، هو الرّاوي عن النضر بن شُميل (ابن عون) بفتح العين وسكون الواو آخره نون. (صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إحدى صلاتي العَشِيّ) قال ابن الأثير: العشي -بفتح العين وكسر الشين وتشديد الياء- ما بعد الزوال (قال ابن سيرين: قد سماها أبو هريرة ولكن نسيت) سيأتي في رواية عن ابن سيرين: أكثر ظني العصر. (فقام إلى خشبة معروضة) أي موضوعة إلى عُرض -بضم العين- الجانب (فاتكأ عليها، كأنه غضبان) وذلك لأنّه لَمّا وقع منه خلل في الصَّلاة ظهرت عليه آثارهُ كالماء الصافي يتكدَّر بأدنى شيء.

الْيُسْرَى، وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، وَوَضَعَ خَدَّهُ الأَيْمَنَ عَلَى ظَهْرِ كَفِّهِ الْيُسْرَى، وَخَرَجَتِ السَّرَعَانُ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ فَقَالُوا قَصُرَتِ الصَّلاَةُ. وَفِى الْقَوْمِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَهَابَا أَنْ يُكَلِّمَاهُ، وَفِى الْقَوْمِ رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ طُولٌ يُقَالُ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَسِيتَ أَمْ قَصُرَتِ الصَّلاَةُ قَالَ «لَمْ أَنْسَ، وَلَمْ تُقْصَرْ». فَقَالَ «أَكَمَا يَقُولُ ذُو الْيَدَيْنِ». فَقَالُوا نَعَمْ. فَتَقَدَّمَ فَصَلَّى مَا تَرَكَ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَكَبَّرَ، ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَكَبَّرَ. فَرُبَّمَا سَأَلُوهُ ثُمَّ سَلَّمَ فَيَقُولُ نُبِّئْتُ أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ قَالَ ثُمَّ سَلَّمَ. أطرافه 714، 715، 1227، 1228، 1229، 6051، 7250 ـــــــــــــــــــــــــــــ (وخرجت السَرَعان) -بفتح السين والرّاء- قال ابن الأثير: هم أوائل الناس الذين يتسارعون إلى الشيء، ويجوز إسكان الراء فيه. وقال الجوهري: سرعان الناس -بالتحريك- أوائلهم (وفي القوم رجل في يديه طول، يقال له: ذو اليدين) غلب عليه هذا الاسم لطول في يديه، واسمه خرباق -بكسر المعجمة وسكون الرّاء وباء موحدة آخره قاف (أنسيت أم قصرت الصلاة؟ قال: لم أنسَ ولم تقصر) قصرت: بضم القاف علي بناء المجهول؛ وكذا: لم تقصر (فقال: كما قال ذو اليدين؟ فقالوا: نعم، فتقدم فصلى ما ترك). وفي الحديث فوائد جمة نشير إلى بعضها: منها: جواز وقوع السهو منه، وقد صرّح به في قوله: "إنما أنا بشر أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني". والفرق بينه وبين غيره أنه لا يقرر على ذلك بل ينبه عليه، ومنه أنه قال: "لم أنس، ولم تقصر" وكان النسيان واقعًا، ولا يلزم منه الكذب؛ لأن هذا الإخبار كان بناء على ظنه، فهو خبر مقيد، كما إذا قلت: لم أضرب زيدًا في الدّار، وقد ضربته خارج الدّار، لا يكون كذبًا، وإياك أن تظن أن هذا مذهب من يقول: صدق الخبر مطابقته لاعتقاد المخبر، فإن ذاك معناه أنه صدق وإن خالف الواقع، وهذا معناه مطلق للواقع في اعتقادي فافترقا. ومنها: وقوع الكلام منه - صلى الله عليه وسلم - في أثناء الصلاة ولم يعدها، فمن قال: إن الكلام نسيانًا لا يبطل الصّلاة، فلا إشكال عليه، وهو مذهب الجمهور. وقال أبو حنيفة: تبطل به الصلاة. فالحديث يشكل عليه، وأجاب أصحابه بأن هذا الحديث منسوخ بحديث ابن مسعود، وردّه

89 - باب المساجد التى على طرق المدينة والمواضع التى صلى فيها النبى - صلى الله عليه وسلم -

89 - باب الْمَسَاجِدِ الَّتِى عَلَى طُرُقِ الْمَدِينَةِ وَالْمَوَاضِعِ الَّتِى صَلَّى فِيهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - 483 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ الْمُقَدَّمِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ أهلُ الحديث بأن دعوى النسخ بحديث ابن مسعود لا تصح؛ لأن ذلك كان بمكة حين رجعوا من الحبشة، وهذا بعد فتح خيبر، فإن أبا هريرة راوي الحديث أسلم ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - على فتح خيبر. وأجاب بعضهم: بأنه ربما رواه أبو هريرة عن غيره، فلا يَضُرُّ تأخُرُ إسلامه، وليس بشيء؛ لأن أبا هريرة يقول: صلى لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فلا احتمال لذلك. فإن قلت: كيف رجع إلى قولهم، ولا يجوز للمصلي أن يعمل بقول غيره إمامًا كان أو مأمومًا؟ قلت: لم يرجع إلى قولهم، بل تذكر القضيّة. فإن قلت: ذهابه إلى الخشبة، واتكاؤه عليها، وفي رواية: دخل البيت ثم خرج، أفعال كثيرة. قلت: قال النووي: استدل بهذا الحديث بعض العلماء على أن الفعل الكثير لا يبطل، وأما أبو حنيفة والشافعي وغيرهما من الذين يقولون ببطلانه فالحديث مشكل عندهم، وأنا أقول: إنما يدفع الإشكال بأن يقال: هذا من خواصه التي لا يشاركه فيه أحد كسائر خواصه. فإن قلت: قد ورد في أحاديث النهي عن تشبيك الأصابع. قلت: تلك الأحاديث ضعيفة وعلى تقدير ثبوتها مصروف إلى وجه العبث، وأما إذا أريد به التشبيه والدلالة على معنى مطلوب فلا [استدلال] بحديث الباب. باب المساجد على طريق المدينه والمواضع التي صلّى فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة: حيث أطلقت مدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. 483 - (عن محمد بن أبي بكر المقدمي) -بضم الميم وفتح الدّال المشددة- اسم مفعول من التقديم (فضيل) بضم الفاء على وزن المصغر.

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ قَالَ رَأَيْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَتَحَرَّى أَمَاكِنَ مِنَ الطَّرِيقِ فَيُصَلِّى فِيهَا، وَيُحَدِّثُ أَنَّ أَبَاهُ كَانَ يُصَلِّى فِيهَا، وَأَنَّهُ رَأَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى فِي تِلْكَ الأَمْكِنَةِ. وَحَدَّثَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّى فِي تِلْكَ الأَمْكِنَةِ. وَسَأَلْتُ سَالِمًا، فَلاَ أَعْلَمُهُ إِلاَّ وَافَقَ نَافِعًا فِي الأَمْكِنَةِ كُلِّهَا إِلاَّ أَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي مَسْجِدٍ بِشَرَفِ الرَّوْحَاءِ. أطرافه 1535، 2336، 7345 484 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَنْزِلُ بِذِى الْحُلَيْفَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ ([رأيت] سالم بن عبد الله يتحرى أماكن من الطريق يصلي فيها) التحري: الاجتهاد وبذل الوِسع في تحصيل الشيء. فإن قلت: فعل ابن عمر في تحري أماكن النبي - صلى الله عليه وسلم -، صلى فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينافي ما روي عن عمر أنه كان ينهى عن تتبع مواضع صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قلت: كأنه خاف أن يؤدي ذلك بمرور الزمان إلى وقوع بعض الجهال في الفتنة، وإلا فالتبرك بآثار الصالحين لا سيما سيد المرسلين لا يشك أحد في حسنه، ألا ترى أنّ الوقوف بعرفات الأفضل أن يكون في موقفه. ولما دخل ابن عمر البيت سأل بلالًا: أين صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟. (شرف الرّوحاء) شرف كل شيء أعلاه، والرّوحاء -بفتح الراء والحاء مع المد- قرية بينها وبين المدينة واحد وأربعون ميلًا، وقيل: ستة وثلاثون ميلًا. 484 - (إبراهيم بن المنذر) بضم الميم وكسر الذال (أنس بن عياض) بكسر العين وضاد معجمة. (أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان ينزل بذي الحليفة) -بضم الحاء على وزن المصغر- هو ميقات أهل المدينة.

حِينَ يَعْتَمِرُ، وَفِى حَجَّتِهِ حِينَ حَجَّ، تَحْتَ سَمُرَةٍ فِي مَوْضِعِ الْمَسْجِدِ الَّذِى بِذِى الْحُلَيْفَةِ، وَكَانَ إِذَا رَجَعَ مِنْ غَزْوٍ كَانَ فِي تِلْكَ الطَّرِيقِ أَوْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ هَبَطَ مِنْ بَطْنِ وَادٍ، فَإِذَا ظَهَرَ مِنْ بَطْنِ وَادٍ أَنَاخَ بِالْبَطْحَاءِ الَّتِى عَلَى شَفِيرِ الْوَادِى الشَّرْقِيَّةِ، فَعَرَّسَ ثَمَّ حَتَّى يُصْبِحَ، لَيْسَ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الَّذِى بِحِجَارَةٍ، وَلاَ عَلَى الأَكَمَةِ الَّتِى عَلَيْهَا الْمَسْجِدُ، كَانَ ثَمَّ خَلِيجٌ يُصَلِّى عَبْدُ اللَّهِ عِنْدَهُ، فِي بَطْنِهِ كُثُبٌ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثَمَّ يُصَلِّى، فَدَحَا السَّيْلُ فِيهِ بِالْبَطْحَاءِ حَتَّى دَفَنَ ذَلِكَ الْمَكَانَ الَّذِى كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُصَلِّى فِيهِ. أطرافه 1532، 1533، 1799 485 - وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى حَيْثُ الْمَسْجِدُ الصَّغِيرُ الَّذِى دُونَ الْمَسْجِدِ الَّذِى بِشَرَفِ الرَّوْحَاءِ، وَقَدْ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَعْلَمُ الْمَكَانَ الَّذِى كَانَ صَلَّى فِيهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ ثَمَّ عَنْ يَمِينِكَ حِينَ تَقُومُ فِي الْمَسْجِدِ تُصَلِّى، وَذَلِكَ الْمَسْجِدُ عَلَى حَافَةِ الطَّرِيقِ الْيُمْنَى، وَأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى مَكَّةَ، بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَسْجِدِ الأَكْبَرِ رَمْيَةٌ بِحَجَرٍ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ. 486 - وَأَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُصَلِّى إِلَى الْعِرْقِ الَّذِى عِنْدَ مُنْصَرَفِ الرَّوْحَاءِ، وَذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــ وإنما قال في العمرة: (حين يَعتمر) بلفظ المضارع، والحج: (حين حج) بلفظ الماضي؛ لأن إحرام العمرة تكرر منه سنة الحديبية وفي عمرة القضاء، بخلاف الحج (أحرم مرة تحت سمرة) -بفتح السين وضم الميم- شجر الطلح، ويقال له: العضاه (أناخ بالبطحاء) المكان الواسع وقيل: سبيل الماء الذي فيه دقاق الحصى (على شفير الوادي) أي: جانبه الأعلى (فعرّس) التعريس: نزول المسافر في آخر الليل، وقيل: أي وقت كان من الليل (على الأكمة) هي التل والرابية (ثم خليج) -بفتح الثاء والخاء وكسر اللام- النهر الواسع (وفي بطنه كثب) -بضم الكاف وفتح الثاء، جمع كثيب- الرّمل المجتمع وقيل: الرّمل المستطيل. 485 - (يعلم المكان) يروى بضم الياء من الإعلام وبفتحها من العلم (يقول: ثم عن يمينك حين تقوم) كذا في جميع النسخ، وقال القاضي: فيه تصحيف والصواب: بعواسج عن يمينك. وفي كتاب "الجمع" للحميدي: "سترك عن يمينك" (حافة الطريق) -بتشديد الفاء- أي: جانبه. 486 - (ابن عمر كان يصلي إلى العِرق الذي عند منصرف الرّوحاء) العرف -بكسر العين والقاف- الجبل الصغير، وقيل: الجبل الرقيق من الرمل.

الْعِرْقُ انْتِهَاءُ طَرَفِهِ عَلَى حَافَةِ الطَّرِيقِ، دُونَ الْمَسْجِدِ الَّذِى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُنْصَرَفِ، وَأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى مَكَّةَ. وَقَدِ ابْتُنِىَ ثَمَّ مَسْجِدٌ، فَلَمْ يَكُنْ عَبْدُ اللَّهِ يُصَلِّى فِي ذَلِكَ الْمَسْجِدِ، كَانَ يَتْرُكُهُ عَنْ يَسَارِهِ وَوَرَاءَهُ، وَيُصَلِّى أَمَامَهُ إِلَى الْعِرْقِ نَفْسِهِ، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَرُوحُ مِنَ الرَّوْحَاءِ، فَلاَ يُصَلِّى الظُّهْرَ حَتَّى يَأْتِىَ ذَلِكَ الْمَكَانَ فَيُصَلِّى فِيهِ الظُّهْرَ، وَإِذَا أَقْبَلَ مِنْ مَكَّةَ فَإِنْ مَرَّ بِهِ قَبْلَ الصُّبْحِ بِسَاعَةٍ أَوْ مِنْ آخِرِ السَّحَرِ عَرَّسَ حَتَّى يُصَلِّىَ بِهَا الصُّبْحَ. 487 - وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَنْزِلُ تَحْتَ سَرْحَةٍ ضَخْمَةٍ دُونَ الرُّوَيْثَةِ عَنْ يَمِينِ الطَّرِيقِ، وَوِجَاهَ الطَّرِيقِ فِي مَكَانٍ بَطْحٍ سَهْلٍ، حَتَّى يُفْضِىَ مِنْ أَكَمَةٍ دُوَيْنَ بَرِيدِ الرُّوَيْثَةِ بِمِيلَيْنِ، وَقَدِ انْكَسَرَ أَعْلاَهَا، فَانْثَنَى فِي جَوْفِهَا، وَهِىَ قَائِمَةٌ عَلَى سَاقٍ، وَفِى سَاقِهَا كُثُبٌ كَثِيرَةٌ. 488 - وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى فِي طَرَفِ تَلْعَةٍ مِنْ وَرَاءِ الْعَرْجِ وَأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى هَضْبَةٍ عِنْدَ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ قَبْرَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــ 487 - (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ينزل تحت سرحة ضخمة) قال ابن الأثير: السرحة الشجرة العظيمة لها ثمر، وقيل: هي شجر الدقل. (دون الرويثة) -بضم الرّاء على وزن المصغر بثاء مثلثة- اسم موضع، وقيل قرية في رسم العقيق، بينها وبين المدينة سبعة عشر فرسخًا (وجاه الطريق) -بضم الواو وكسرها- في مقابله (في مكان بطح) -بسكون الطاء ويجوز كسرها- أي: واسع سهل (حين يفضي من أكمه دوين بريد الرويثة) كذا في النسخ، وصحف بعضهم وبريد -بالباء الموحدة- وصحفه بعضهم بلفظ: يريد فعل المضارع من الإرادة. 488 - (في طرف تلعة) -بفتح التاء وسكون اللام-: سبيل الماء من فوق إلى أسفل، وقيل: هو من الأضداد، ما ارتفع من الأرض وما اتخفض (يروح من العرج) -بفتح العين وراء ساكنة-: منزل بطريق مكة، وقيل: قرية بينها وبين الروثة أربعة عشر ميلًا (إلى هضبة) -بهاء مفتوحة وضاد معجمة ساكنة ثم باء موحدة-: ما ارتفع من الأرض، أكبر من الكثيب، وأصغر من الجبل، قال الجوهري: هو الجبل المنبسط على الأرض، وقيل: الصخرة العظيمة

عَلَى الْقُبُورِ رَضْمٌ مِنْ حِجَارَةٍ عَنْ يَمِينِ الطَّرِيقِ، عِنْدَ سَلِمَاتِ الطَّرِيقِ، بَيْنَ أُولَئِكَ السَّلِمَاتِ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَرُوحُ مِنَ الْعَرْجِ بَعْدَ أَنْ تَمِيلَ الشَّمْسُ بِالْهَاجِرَةِ، فَيُصَلِّى الظُّهْرَ فِي ذَلِكَ الْمَسْجِدِ. 489 - وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَزَلَ عِنْدَ سَرَحَاتٍ عَنْ يَسَارِ الطَّرِيقِ، فِي مَسِيلٍ دُونَ هَرْشَى، ذَلِكَ الْمَسِيلُ لاَصِقٌ بِكُرَاعِ هَرْشَى، بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّرِيقِ قَرِيبٌ مِنْ غَلْوَةٍ، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُصَلِّى إِلَى سَرْحَةٍ، هِىَ أَقْرَبُ السَّرَحَاتِ إِلَى الطَّرِيقِ وَهْىَ أَطْوَلُهُنَّ. 490 - وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَنْزِلُ فِي الْمَسِيلِ الَّذِى فِي أَدْنَى مَرِّ الظَّهْرَانِ، قِبَلَ الْمَدِينَةِ حِينَ يَهْبِطُ مِنَ الصَّفْرَاوَاتِ يَنْزِلُ فِي بَطْنِ ذَلِكَ الْمَسِيلِ عَنْ يَسَارِ الطَّرِيقِ، وَأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى مَكَّةَ، لَيْسَ بَيْنَ مَنْزِلِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَبَيْنَ الطَّرِيقِ إِلاَّ رَمْيَةٌ بِحَجَرٍ. 491 - وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَنْزِلُ بِذِى طُوًى وَيَبِيتُ حَتَّى يُصْبِحَ، يُصَلِّى الصُّبْحَ حِينَ يَقْدَمُ مَكَّةَ، وَمُصَلَّى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ذَلِكَ عَلَى أَكَمَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ (على القبور رضم من الحجارة) الرضم -بضاد معجمة-: الحجارة البيض الكبار، وقيل: أحجار مجتمعة (عند سلمات الطريق) -بفتح السين وكسر اللام-: جمع سلمة وهي الشجر الذي ورقه القرظ الذي يدبغ به، وقيل: بفتح اللام الشجرة؛ وبكسرها: الصخرة. 489 - (دون هرشى) -بفتح الهاء-: على وزن فعلى بالقصر، عقبة على ملتقى طريق الشام والمدينة، بقرب الجحفة (قريب من غلوة) -بفتح الغين- مقدار رمية سهم، وقيل: ثلثي ميل، وقيل: مائة باع (أقرب السرحات) بفتح السين والراء. 490 - (في وادي مرّ الظهران) هو الذي الآن يعرف ببطن مرو، بينه وبين مكة ستة عشر ميلًا (الصفراوات) اسم مكان، قيل: هي الأودية والجبال. وفي بعضها: "وادي الصفراوات بذي طوى" وادٍ بمكة، بضم الطاء وكسرها.

90 - باب سترة الإمام سترة من خلفه

غَلِيظَةٍ، لَيْسَ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِى بُنِىَ ثَمَّ، وَلَكِنْ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَكَمَةٍ غَلِيظَةٍ. طرفاه 1767، 1769 492 - وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - اسْتَقْبَلَ فُرْضَتَىِ الْجَبَلِ الَّذِى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَبَلِ الطَّوِيلِ نَحْوَ الْكَعْبَةِ، فَجَعَلَ الْمَسْجِدَ الَّذِى بُنِىَ ثَمَّ يَسَارَ الْمَسْجِدِ بِطَرَفِ الأَكَمَةِ، وَمُصَلَّى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَسْفَلَ مِنْهُ عَلَى الأَكَمَةِ السَّوْدَاءِ، تَدَعُ مِنَ الأَكَمَةِ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ أَوْ نَحْوَهَا، ثُمَّ تُصَلِّى مُسْتَقْبِلَ الْفُرْضَتَيْنِ مِنَ الْجَبَلِ الَّذِى بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْكَعْبَةِ. 90 - باب سُتْرَةُ الإِمَامِ سُتْرَةُ مَنْ خَلْفَهُ 493 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ أَقْبَلْتُ رَاكِبًا عَلَى حِمَارٍ أَتَانٍ، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ قَدْ نَاهَزْتُ الاِحْتِلاَمَ، وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى بِالنَّاسِ بِمِنًى إِلَى غَيْرِ جِدَارٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ 492 - (فُرضتي الجبل) -بضم الفاء وضاد معجمة-: تثنية فرضة، وهي الطريق المدخل إلى الجبل (الأكمة) بفتح الهمزة والكاف. باب سترة الإمام سترة من خلفه السترة -بضم السين- ما يستر به، والمراد به هنا ما يدل على ما استحقه المصلي إذا صلى إليها. 493 - (عبيد الله بن عبد الله) الأول مصغر والثاني مكبر (عن ابن عباس قال: أقبلت راكبًا على حمار أتان) الأتان بفتح الهمزة الأنثى من الحمار (قَدْ ناهزت الاحتلام) أي: قاربت، قال الإمام أحمد: الصّواب أن عُمْر ابن عباس كان خمس عشرة سنة حين انتقل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى دار البقاء (فمررت بين يدي بعض الصّف) جُوز حمله على جزء من أجزاء صف واحد، وعلى صف من الصفوف (فلم ينكر ذلك عليّ أحد) إنما لم ينكروا عليه؛ لأنّه مرّ وراء سترة الإمام، وسترته سترة المأموم. فإن قلت: ليس في حديثه أن هناك سترة؟ قلت: قوله: (يصلي إلى غير جدار) يدل على أنه كان يصلي إلى شيء غير الجدار، لأنّ مِنى فيه الأبنية فلا يترك التوجه إلى البناء إلا إذا

فَمَرَرْتُ بَيْنَ يَدَىْ بَعْضِ الصَّفِّ، فَنَزَلْتُ وَأَرْسَلْتُ الأَتَانَ تَرْتَعُ، وَدَخَلْتُ فِي الصَّفِّ، فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَىَّ أَحَدٌ. طرفه 76 494 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا خَرَجَ يَوْمَ الْعِيدِ أَمَرَ بِالْحَرْبَةِ فَتُوضَعُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَيُصَلِّى إِلَيْهَا وَالنَّاسُ وَرَاءَهُ، وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السَّفَرِ، فَمِنْ ثَمَّ اتَّخَذَهَا الأُمَرَاءُ. أطرافه 498، 972، 973 ـــــــــــــــــــــــــــــ كان لسترة أخرى، وأيضًا في حديث ابن عمر: كان تركز له الحربة لفظ "كان" يدل على الاستمرار على ذلك. فإن قلت: هب أنّه دل على أن له سترة فكيف دلّ على أن سترته ستره من خلفه؟ قلت: دل عليه مرور ابن عباس بين يدي بعض الصف؛ إذ لو كان هناك سترة كان مروره بين يدي السترة لا بين يدي الصف، كما سيأتي في الحديث: والناس يمرون بين يدي العنزة (2) ومنهم من استدّل على عدم سترتهم بقوله: (يصلي بالناس) قال: لأن الباء تدل على المصاحبة، وقال: وكذا لفظ: (الناس وراءه) إذ لو كان للناس سترة لم يكونوا وراءه؛ بل وراءها، وكذا لفظ: (بين يديه) في الحديث الثالث. وكل هذا خبط وعجز عن تحقيق المقام، وذلك أن باء المصاحبة تدل على أنه إمامٌ لهم لا غير، وكذا لفظ (الناس وراءه) لا يمنع وجود السترة لهم، إذ لو كان كذلك لزم أن الذي يكون قدامه عمود أو حائط أن لا يكون وراءه الإمام، وكذا لفظ: بين يديه، لم يقل أحد من أهل العربية إنه يدل على الحصر، فالتعويل على ما شيدنا أركانه. 494 - (إسحاق) كذا وقع غير منسوب، قال الغساني: لم أجد أحدًا نسبه، ولم ينسب أبو نصر إسحاق عن عبد الله بن نمير. قلت: نسبه خلف في الأطراف، وأبو نعيم في مستخرجه إسحاق بن المنصور الكوسج. (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا خرج يوم العيد أمر بالحربة فتوضع بين يديه) الحربة أقصر

495 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِى جُحَيْفَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى بِهِمْ بِالْبَطْحَاءِ - وَبَيْنَ يَدَيْهِ عَنَزَةٌ - الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ، وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ، تَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ الْمَرْأَةُ وَالْحِمَارُ. طرفه 187 ـــــــــــــــــــــــــــــ من الرمح، وقوله: توضع بين يديه، يحتمل أن تكون ملقاة على الأرض، وأن تكون مركوزة، وهذا هو الظاهر لما في سائر الروايات: فنركز له العنزة. 495 - (أبو الوليد) هشام الطيالسي (عون) بفتح العين وسكون الواو (أبو جحيفة) -بضم الجيم- على وزن المصغر وهب بن عبد الله الصحابي المعروف من أخصاء علي بن أبي طالب. (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى بهم بالبطحاء) يريد بطحاء مكة، كان في حجة الوداع صلاة الظهر كما سيأتي (يمر بين يديه المرأة والحمار) أي: بين يدي العنزة؛ لما روي في باب الصلاة: "إن العنزة والمرأة والحمار يمرون من ورائها" واتفق العلماء على أن السترة مندوبة مطلقًا؛ إلا إذا كان في البناء قال النووي: وأقله مقدار ثلثي ذراع من أي شيء كان. وشَرَطَ مالكٌ أن يكون في غلظ الرمح؛ ويكون مقوسًا كالمحراب، وقيل: قائمًا بين يديه، وقيل: إلى جانبه الأيمن والأيسر. وفائدته جمع الخاطر، وكف البصر عما وراءها، ومنع من يجتاز على مصلّاه. فإن قلت: في رواية مسلم عن أبي الدرداء: أن مرور الكلب الأسود والحمار والمرأة يقطع الصلاة؟ قلت: منسوخ بهذا الحديث، وحديث عائشة.

91 - باب قدر كم ينبغى أن يكون بين المصلى والسترة

91 - باب قَدْرِ كَمْ يَنْبَغِى أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْمُصَلِّى وَالسُّتْرَةِ 496 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلٍ قَالَ كَانَ بَيْنَ مُصَلَّى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَبَيْنَ الْجِدَارِ مَمَرُّ الشَّاةِ. طرفه 7334 497 - حَدَّثَنَا الْمَكِّىُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِى عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ قَالَ كَانَ جِدَارُ الْمَسْجِدِ عِنْدَ الْمِنْبَرِ مَا كَادَتِ الشَّاةُ تَجُوزُهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب كم ينبغي أن يكون بين المصلي والسترة 496 - (عمرو بن زُرارة) بضم المعجمة بعدها مهملة (أبي حازم) سلمة بن دينار. (كان بين مصلّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين الجدار ممر الشاة) أي: بين موضع سجوده والجدار. قال النووي: الأولى أن لا يزيد ما بين المصلى والسترة على ثلاثة أذرع. 497 - (يزيد) من الزيادة (أبي عبيد) بضم العين على وزن المصغر. (كان جدار المسجد عند المنبر) صفة جدار بتقدير الموصول؛ أي: الذي عند الجدار (ما كادت الشاة تجوزها) أي: لم يكن مرور الشاة قريبًا من الوقوع؛ فضلًا عن الوقوع، وذلك أن كاد حكمه حكم سائر الأفعال بعد دخول النفي عليه، وفي بعض النسخ: أن تجوز وجه ذلك الحمل على عسى كما حملت عسى عليها في حذف أن في قوله: عسى الهم الذي أمسيت فيه ... يكون وراءه فرج قريب لاشتراكهما في معنى القرب. فإن قلت: كيف دل الحديث على الترجمة؟ قلت: دل من حيث إن المسافة بين المنبر وبين الجدار هي المسافة بين موقفه في الصلاة؛ لأنه كان يصلي بجنب المنبر، وما يقال: إن البخاري أشار في الترجمة إلى حديث أبي سعيد الخدري: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلّى على

92 - باب الصلاة إلى الحربة

92 - باب الصَّلاَةِ إِلَى الْحَرْبَةِ 498 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنِى نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُرْكَزُ لَهُ الْحَرْبَةُ فَيُصَلِّى إِلَيْهَا. طرفه 494 93 - باب الصَّلاَةِ إِلَى الْعَنَزَةِ 499 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا عَوْنُ بْنُ أَبِى جُحَيْفَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْهَاجِرَةِ، فَأُتِىَ بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ فَصَلَّى بِنَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَبَيْنَ يَدَيْهِ عَنَزَةٌ، وَالْمَرْأَةُ وَالْحِمَارُ يَمُرُّونَ مِنْ وَرَائِهَا. طرفه 187 ـــــــــــــــــــــــــــــ المنبر، ولما سجد نزل فسجد على الأرض فكانت درجة المنبر سترة له. ففيه نظر من وجهين: الأول: أن قيامه على المنبر لا يدل على مقدار معلوم. وأما ثانيًا: فلأنّ السترة لا يُحتاج إليها في البنيان. باب الصلاة إلى الحربة 498 - (مسدد) بضم الميم وتشديد الدال المفتوحة. (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان تركز له الحربة فيصلي إليها) أي: متوجهًا إليها، ولفظ: "كان" دلّ على: أنّ هذا كان دأبه. باب الصلاة [إلى] العنزة العَنَزَة -بثلاث فتحات-: أطول من العصا، وأقصر من الرمح، في عقبه زج. 499 - (عون) بفتح العين وسكون الواو آخره نون (أبي جحيفة) -بضم الجيم وبفتح الحاء على وزن المصغر- وهب بن عبد الله. (فأُتي بوضوء) -بفتح الواو على الأشهر- الماء المُعَدّ للطهارة والوضوء (بين يديه عنزة والمرأة والحمار يمرون من ورائها).

500 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ بَزِيعٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَاذَانُ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِى مَيْمُونَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا خَرَجَ لِحَاجَتِهِ تَبِعْتُهُ أَنَا وَغُلاَمٌ وَمَعَنَا عُكَّازَةٌ أَوْ عَصًا أَوْ عَنَزَةٌ وَمَعَنَا إِدَاوَةٌ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ حَاجَتِهِ نَاوَلْنَاهُ الإِدَاوَةَ. طرفه 150 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: يمرون: صيغة جمع الذكر العاقل، والمذكور قبله المرأة والحمار؟ قلت: نُقل عن ابن مالك في توجيهه: أن راكب الحمار حذف لدلالة الحمار عليه، ثم غلب الراكب على المرأة؛ هذا وأنت خبير أن مرور الحمار لا يستلزم أن يكون مع الراكب؛ بل حديث عائشة صريح في أن المراد الحمار لما قالوا: المرأة والحمار تقطع الصلاة: بئس ما عدلتمونا بالحمار، وهب أنه ارتكب هذا؛ فما وجه ضمير الجمع، والمذكور شيئان؟ والصواب: أن ضمير الجمع على لغة من يقول: أقل الجمع اثنان، وعليه طائفة من أهل اللغة والعربية، وأمّا الواو مع النون مثلهما في أرضون وسنون؛ أعني من قبيل الشاذ المستعملة في كلام العرب، أو هذا من تصرّف الرّاوي، فحذف لفظ الناس، كما تقدم الناس والدّواب يمرون، ففيه تغليب الناس. 500 - (محمد بن حاتم بن بزيع) بفتح الباء وكسر الزاي المعجمة. (ومعنا عكازة أو عنزة أو عصا) العكازة -بضم العين وتشديد الكاف- قال الجوهري: عصا فيه زج. والعنزة: قد ذكرنا مرارًا أنها أطول من العصا وأقصر من الرمح (ومعنا إداوة) -بكسر الهمزة-: قال ابن الأثير: إناء صغير يتخذ من الجلد. فإن قلت: الإدواة وَجْه حمله إلى موضع الحاجة ظاهر؛ فما وجه حمل العكازة ونحوها؟ قلت: كان بين المنافقين واليهود، وهو نوع سلاح، وأيضًا ربما كان المكان الصّلب، لا يؤمن منه الرشاش فيدمث به المكان، وقيل لأنه إذا توضأ يصلي فيكون سترة، ولا وجه له لأنه لا يمكن بقرب موضع الحاجة وكونه يصلي بعد الوضوء دائمًا لا يستلزم أن يكون هناك.

94 - باب السترة بمكة وغيرها

94 - باب السُّتْرَةِ بِمَكَّةَ وَغَيْرِهَا 501 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِى جُحَيْفَةَ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْهَاجِرَةِ فَصَلَّى بِالْبَطْحَاءِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ، وَنَصَبَ بَيْنَ يَدَيْهِ عَنَزَةً، وَتَوَضَّأَ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَتَمَسَّحُونَ بِوَضُوئِهِ. طرفه 187 95 - باب الصَّلاَةِ إِلَى الأُسْطُوَانَةِ وَقَالَ عُمَرُ الْمُصَلُّونَ أَحَقُّ بِالسَّوَارِى مِنَ الْمُتَحَدِّثِينَ إِلَيْهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: السترة بمكة وغيرها أشار إلى الرد على من زعم أن السترة قبلة، فلا يجوز أن تكون بمكة قبلة سوى الكعبة. 501 - (سليمان بن حرب) ضد الصلح (عن الحكم) بفتح الحاء والكاف (أبي جحيفة) بضم الجيم على وزن المصغر. (رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالهاجرة) قال ابن الأثير: الهاجرة وقت اشتداد الحر نصف النهار. قلت: اشتقاقها من الهجرة؛ لأن الناس يتركون فيه العمل والحركة، كأنها هجرتهم. (فصلى بالبطحاء الظهر والعصر ركعتين) فيه دليل للشافعي وأحمد في جواز الجمع بين الظهر والعصر في السفر، وكذا بين المغرب والعشاء كما سيأتي. فإن قلت: الوضوء مقدم على الصلاة فلم أخّره؟ قلت: الواو لا تدل على الترتيب، فإنه قدمه في الباب الذي قبله، وكأنه إنما أخره هنا اهتمامًا ببيان الجمع بين الظهر والعصر؛ لأنه حكم غير متعارف فبادر إلى إفادته؛ بخلاف الوضوء؛ لأنه أمر ثابت مقدر. فإن قلت: أين ذكر مكة كما ترجم عليها؟ قلت: قدّمنا أن البطحاء هي بطحاء مكة؛ فإنه عَلَمٌ لها بالغلبة، فَذِكْرُها ذِكْرُ مكة. باب الصلاة إلى الأسطوانة وزنها أفعوالة، وقيل: فعلوانة وقيل: أفعلانة. والأول هو الصّواب؛ لجمعه على أساطين، وهو قياس جمع أفعوالة. (وقال عمر: المصلّون أحق بالسواري من المتحدثين إليها) لأن المتعارف أن المتحدثين في المساجد يكونون في الأكثر عند السواري فقال عمر: المتحدث لا يتفاوت

وَرَأَى عُمَرُ رَجُلاً يُصَلِّى بَيْنَ أُسْطُوَانَتَيْنِ فَأَدْنَاهُ إِلَى سَارِيَةٍ فَقَالَ صَلِّ إِلَيْهَا. 502 - حَدَّثَنَا الْمَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِى عُبَيْدٍ قَالَ كُنْتُ آتِى مَعَ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ فَيُصَلِّى عِنْدَ الأُسْطُوَانَةِ الَّتِى عِنْدَ الْمُصْحَفِ. فَقُلْتُ يَا أَبَا مُسْلِمٍ أَرَاكَ تَتَحَرَّى الصَّلاَةَ عِنْدَ هَذِهِ الأُسْطُوَانَةِ. قَالَ فَإِنِّى رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَحَرَّى الصَّلاَةَ عِنْدَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ حاله سواء كان عند السارية أو لا؛ بخلاف المصلي، فإنه بالتوجه إلى السارية ينكفُّ بصره عن رُؤية الأشياء، فإن رؤية الأشياء في حال الصلاة توقع في النفس الأفكار، وناهيك حديث خميصة أبي جهم (ورأى ابن عمر رجلًا يصلي بين أسطوانتين) وروي بلفظ: عمر، بدون ابن، ووجه الجمع بينهما ظاهر (فأدناه إلى سارية، فقال: صلِّ اليها) لما ذكرنا من فوائد، وابن عمر كان مطّلعًا على تلك الفوائد وذلك الرّجل كان ذاهلًا. 502 - (يزيد) من الزّيادة (أبو عبيد) بضم العين: على وزن المصغر. (كنت آتي مع سلمة بن الأكوع) آتي بفتح الهمزة والمد (قلت: يا أبا مسلم) كنية سلمة (أراك تتحرى الصلاة عند هذه الأسطوانة؟ قال: فإني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتحرى عندها) ففي الصلاة إليها مع تلك الفوائد زيادة شرف لأنها موضعُ عبادةِ أشرف الناس. قيل: هذه الأسطوانة هي التي في وسط الرّوضة الشريفة، وتُعرف بأسطوانة المهاجرين، والمصحف في قوله: (الأسطوانة التي عند المصحف) هو المصحف الذي كتبه عثمان لأهل المدينة ووضعه عند الأسطوانة؛ وليس هو الذي يقال له الإمام؛ فإن ذاك مصحف آخر، هو المصحف الذي كان سلبوه حين قتل. قال الإمام مالك: ضاع ذلك فلم نجد خبره. وفي الحديث دلالة على أن آثار الصالحين يتبرك بها، وله شواهد غير هذا، وهذا الحديث من الثلاثيات.

96 - باب الصلاة بين السوارى فى غير جماعة

503 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ لَقَدْ رَأَيْتُ كِبَارَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَبْتَدِرُونَ السَّوَارِىَ عِنْدَ الْمَغْرِبِ. وَزَادَ شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَنَسٍ حَتَّى يَخْرُجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 625 96 - باب الصَّلاَةِ بَيْنَ السَّوَارِى فِي غَيْرِ جَمَاعَةٍ 504 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ دَخَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْبَيْتَ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ وَبِلاَلٌ، فَأَطَالَ ثُمَّ خَرَجَ، وَكُنْتُ أَوَّلَ النَّاسِ دَخَلَ عَلَى أَثَرِهِ فَسَأَلْتُ بِلاَلاً أَيْنَ صَلَّى قَالَ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ الْمُقَدَّمَيْنِ. طرفه 397 ـــــــــــــــــــــــــــــ 503 - (قبيصة) بفتح القاف وكسر الموحدة (سفيان) هو ابن عيينة. (عن أنس: رأيت كبار أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يبتدرون السواري عند المغرب) ابتدارهم إلى السواري كان للركعتين قبل المغرب؛ كما رواه مسلم عن أنس: كنا بالمدينة إذا أذن لصلاة المغرب ابتدروا السواري، فركعوا ركعتين حتى إن الرجل ليدخل المسجد فيحسب أن الصلاة قد صليت. فإن قلت: روى ابن الأثير: أنه نَهى عن الصلاة بين السواري؛ ما الحكمة من ذلك؟ قلت: بيّن ذلك ابن الأثير: بأن ذلك في صلاة الجماعة، لئلا تكون السارية مانعة عن اتصال الصفوف. باب الصلاة بين السواري في غير جماعة 504 - (جويرية) بضم الجيم على وزن المصغر. (دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - البيت) هو الكعبة الشريفة علم لها بالغلبة (وأسامة بن زيد، وعثمان بن طلحة، وبلال) قد أشرنا سابقًا إلى أن ليس لاختصاص هؤلاء في الدخول معنى سوى أنهم كانوا معه دون غيرهم، كما جاء ذلك في غزوة الفتح (فكنت أوّل الناس دخل على إثره) بكسر الهمزة، وسكون الثاء، ويروى بفتحها (فسألت بلالًا أين صلى؟ فقال: بين العمودين المقدمين) والظاهر أنه اختار المقدمين ليكون أقرب إلى الجدار.

97 - باب

505 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ الْكَعْبَةَ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَبِلاَلٌ وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ الْحَجَبِىُّ فَأَغْلَقَهَا عَلَيْهِ وَمَكَثَ فِيهَا، فَسَأَلْتُ بِلاَلاً حِينَ خَرَجَ مَا صَنَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ جَعَلَ عَمُودًا عَنْ يَسَارِهِ، وَعَمُودًا عَنْ يَمِينِهِ، وَثَلاَثَةَ أَعْمِدَةٍ وَرَاءَهُ، وَكَانَ الْبَيْتُ يَوْمَئِذٍ عَلَى سِتَّةِ أَعْمِدَةٍ، ثُمَّ صَلَّى. وَقَالَ لَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ وَقَالَ عَمُودَيْنِ عَنْ يَمِينِهِ. طرفه 397 97 - بابٌ 506 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ كَانَ إِذَا دَخَلَ الْكَعْبَةَ مَشَى قِبَلَ وَجْهِهِ حِينَ يَدْخُلُ، وَجَعَلَ الْبَابَ قِبَلَ ظَهْرِهِ، فَمَشَى حَتَّى يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِدَارِ الَّذِى ـــــــــــــــــــــــــــــ 505 - (عثمان بن طلحة الحجبي) -بفتح الحاء والجيم-: نسبة إلى الحجابة والتغيير للنسبة وهو كثير (فأغلقها عليه) أي: أغلقها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقيل: عثمان، وفيه تفكيك الضمائر، وإنما أغلقها لئلا يزدحم عليه الناس؛ لأنه مكث فيها نهارًا طويلًا، صلّى فيها ودعا في نواحي البيت كلها (قال لنا إسماعيل: حدثني مالك وقال: عمودين عن يمينه) إسماعيل هذا هو ابن إدريس؛ شيخ البخاري، ولعل الرواية عنه بقال لأنه سمعه محاورة ومذاكرة. فإن قلت: القضية واحدة، كيف الجمع بينه وبين الرواية الأولى: عمودًا عن يمينه؟ قلت: ذكر الواحد لا يدل على نفي الغير، ولعله اقتصر على الواحد لأنّه المتصل به، فهو في الحقيقة إنما صلى بين العمودين، ولو فرض أن هناك عمدًا كثيرة، وما يقال: لفظ العمود جنس يشمل ما فوق الواحد، ليس بشيء؛ لأن النكرة إنما تدل على فرد من الماهية، وإلا لجاز أن يكون قولك: رأيت رجلًا في الدّار. محتملًا لما فوق الواحد، وكذا ما يقال: ربما كان العمودان مساند دون الثالث؛ لأنه يخالف رواية مالك، ودلالة الحديث على الترجمة ظاهرة. باب كذا وقع بلا ترجمة؛ لأن الحديث الذي فيه قريب من الحديث الذي في الباب قبله. 506 - (إبراهيم بن المنذر) بضم الميم وكسر الذال (أبو ضمرة) -بفتح المعجمة وسكون الميم-: أنس بن عياض.

98 - باب الصلاة إلى الراحلة والبعير والشجر والرحل

قِبَلَ وَجْهِهِ قَرِيبًا مِنْ ثَلاَثَةِ أَذْرُعٍ، صَلَّى يَتَوَخَّى الْمَكَانَ الَّذِى أَخْبَرَهُ بِهِ بِلاَلٌ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى فِيهِ. قَالَ وَلَيْسَ عَلَى أَحَدِنَا بَأْسٌ إِنْ صَلَّى فِي أَىِّ نَوَاحِى الْبَيْتِ شَاءَ. طرفه 397 98 - باب الصَّلاَةِ إِلَى الرَّاحِلَةِ وَالْبَعِيرِ وَالشَّجَرِ وَالرَّحْلِ 507 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ الْمُقَدَّمِىُّ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ كَانَ يُعَرِّضُ رَاحِلَتَهُ فَيُصَلِّى إِلَيْهَا. قُلْتُ أَفَرَأَيْتَ إِذَا هَبَّتِ الرِّكَابُ ـــــــــــــــــــــــــــــ (قبل وجهه) بكسر القاف وفتح الباء (يتوخى) -بالخاء المعجمة-: على وزن يتفعل؛ أي: يطلب (قال: وليس على أحدنا بأس أن يصلي في أي نواحي البيت شاء) هذا من كلام ابن عمر؛ دفع به وهم من يتوهم أنه لا يصلي إلا في المكان الذي صلى فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. باب الصلاة إلى الراحلة والبعير والشجر والرحل 507 - (محمد بن أبي بكر المقدمي) بضم الميم وتشديد الدّال المفتوحة (معتمر) على وزن اسم الفاعل من الاعتمار (عبيد الله) على وزن المصغر. (عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يعرض راحلته فيصلي إليها) يعرض -بفتح الياء- من عرضت العود على الإناء؛ أي: جعلته على عرضه، ويروى بضم الياء، قال القاضي: والفتح أوجه؛ وأمّا تشديد الرّاء فسهو. والراحلة: قال ابن الأثير: البعير القوي ذكرًا كان أو أنثى، والتاء فيه للمبالغة، كما في علّامة، قال: والرحل للراحلة كالسرج للفرس، ومنه قول ابن مسعود: إنما هو رحل وسرج، فرحل إلى بيت الله؛ وسرج في سبيل الله. (قلت: أفرأيت إذا هبَّت الرّكاب) أي: كان يصلي إلى الراحلة إذا كانت مناخة، فَأخبرني عن حاله إذا هبت الرّكاب؛ أي: قامت، من هب النائم إذا استيقظ. السائلُ نافع؛ والمؤول ابن عمر، وفي رواية الإسماعيلي: السائل عبيد الله؛ والسؤول نافع، فالحديث على

99 - باب الصلاة إلى السرير

قَالَ كَانَ يَأْخُذُ هَذَا الرَّحْلَ فَيُعَدِّلُهُ فَيُصَلِّى إِلَى آخِرَتِهِ - أَوْ قَالَ مُؤَخَّرِهِ - وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنه - يَفْعَلُهُ. 99 - باب الصَّلاَةِ إِلَى السَّرِيرِ 508 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ أَعَدَلْتُمُونَا بِالْكَلْبِ وَالْحِمَارِ لَقَدْ رَأَيْتُنِى مُضْطَجِعَةً عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا مرسل؛ لأن فاعل: يأخذ الرحل فيُعَدِّلُهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على كلّ حال قال الجوهري: الرّكاب -بكسر الراء- الإبل التي يسار عليها، لا واحد له من لفظه، واحدها: راحلة (قال يأخذ هذا الرحل فيعدله) -بضم الياء وتشديد الدال- أي: يقوِّمه حتى يرتفع فيكون سترته (فيصلي إلى آخرته، أو قال: مؤخره) الشك من نافع. قال ابن الأثير: الآخرة بالمد: الخشبة التي يستند الراكب إليها من الكور؛ والكور -بضم الكاف- وهو الرّحل، والمؤخرة -بضم الميم وسكون الهمزة- لغة في الآخرة، ولا يجوز تشديده، وهذا في قوله: هذا الرحل، إلى الجنس، كقوله في الذهب والحرير: "هذان حرامان على ذكور أمتي حل لإناثها". فإن قلت: في ترجمة الباب ذكر الشجر، وليس في الحديث ذكره؟ قلت: إما لم يجد حديثًا بشرطه، أو اكتفى بالرحل، فإنه يلزم منه الجواز في الشجر من باب الأولى. باب الصلاة إلى السرير السرير: معروف. 508 - (عثمان بن أبي شيبة) -بفتح المعجمة- من الشيب (جرير) بالجيم على وزن فعيل (إبراهيم) أي: النخعي (الأسود) هو خال إبراهيم. (أعدَلتمونا بالكلب والحمار): قال الجوهري نقلًا عن الفرّاء: العَدلُ: بالفتح ما عادل الشيء من غير جنسه، وبالكسر: المثل الذي يعادلك في الوزن والقدر. والهمزة فيه للإنكار، أنكرت بهذا على ابن عباس، على ما روى أبو داود بإسناده إليه أنه قال: "إذا صلى أحدكم

100 - باب يرد المصلى من مر بين يديه

السَّرِيرِ، فَيَجِئُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَيَتَوَسَّطُ السَّرِيرَ فَيُصَلِّى، فَأَكْرَهُ أَنْ أُسَنِّحَهُ فَأَنْسَلُّ مِنْ قِبَلِ رِجْلَىِ السَّرِيرِ حَتَّى أَنْسَلَّ مِنْ لِحَافِى. طرفه 382 100 - باب يَرُدُّ الْمُصَلِّى مَنْ مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَرَدَّ ابْنُ عُمَرَ فِي التَّشَهُّدِ وَفِى الْكَعْبَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ إلى غير السترة فإنه يقطع صلاته الحمار والخنزير واليهود والمجوسي والمرأة"، قال النووي: وأوَّلَ العلماء حديثَ ابن عباس بأن المراد بالقطع: النقص؛ لاشتغال خاطر المصلي به. قال: وادعى بعضهم النسخ، لكن دعوى النسخ مشكلة؛ للجهل بالتاريخ، ولأنهم قالوا: الحديث الناسخ لحديث ابن عباس هو قوله: "لا يقطع صلاة المرء شيء" وهو حديث ضعيف (فيجيء النبي - صلى الله عليه وسلم - فيتوسط السرير) أي: يتوجه في الصلاة إلى وسط السرير (فكره أن أُسحنه) أي: أظهر له (فانسل من قبل رجلي السرير) أَنْسَكُّ بالرفع عطف على أكره. قال بعضهم: فإن قلت: الحديث لا يدل على الصلاة إلى السرير ولا على السرير؟ قلت: حروف الجر يقام بعضها مقام بعض وهذا كلام غريب؛ إذ ليس بعد: يتوسط، شيءٌ من حروف الجر، ولا أن: توسط، يحتاج إلى حرف من حروف الجر، ومعنى قولها: يتوسط السرير، متوجهًا إليه، وسيأتي من رواية مسروق أنها كانت على السرير، فيجيء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيتوجه إليه، وترجمة البخاري بقوله: باب الصلاة إلى السرير دليل على أن قولها في الحديث: يتوسط السرير معناه إلى السرير، لا على السرير. باب يرد المصلي من مرّ بين يديه (ورد ابن عمر في التشهد وفي الركعة) يجوز أن يريد بالركعة الركوع، وأن يريد قبل الركوع وبعده؛ فإنه حقيقة الركعة ومحصله في كل جزء من أجزاء الصلاة، وفي بعضها: وفي الكعبة، قال شيخ الإسلام: وهي رواية الجمهور. وعليها اقتصر أبو نعيم، وفائدة ذكر

وَقَالَ إِنْ أَبَى إِلاَّ أَنْ تُقَاتِلَهُ فَقَاتِلْهُ. 509 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَحَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ قَالَ حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ هِلاَلٍ الْعَدَوِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ قَالَ رَأَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ يُصَلِّى إِلَى شَىْءٍ يَسْتُرُهُ مِنَ النَّاسِ، فَأَرَادَ شَابٌّ مِنْ بَنِى أَبِى مُعَيْطٍ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَدَفَعَ أَبُو سَعِيدٍ فِي صَدْرِهِ، فَنَظَرَ الشَّابُّ فَلَمْ يَجِدْ مَسَاغًا إِلاَّ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَعَادَ لِيَجْتَازَ فَدَفَعَهُ أَبُو سَعِيدٍ أَشَدَّ مِنَ الأُولَى، فَنَالَ مِنْ أَبِى سَعِيدٍ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَى مَرْوَانَ فَشَكَا إِلَيْهِ مَا لَقِىَ ـــــــــــــــــــــــــــــ الكعبة أن لا يتوهم جواز المرور لكونها محلّ المزاحمة. وفيه نظر؛ فإن قوله: في الكعبة، يريد داخل الكعبة، فالوجه أن يقال: لئلا يتوهم جواز المرور؛ لأن أجزاء الكعبة كلها قبلة حتى الهواء (رد المارّ) قيل: هو وليد بن عقبة بن أبي معيط؛ به صرّح أبو نعيم وفي النسائي: ابن لمروان والظاهر تعدد الواقعة. (وقال: إن أبى إلا أن تقاتله فقاتله) وإن أدت تلك المقاتلة التي قتله فهدر بالإجماع؛ إذ الأحاديث الواردة فيه لا معارض لها بالإجماع. 509 - (أبو معمر) -بفتح الميمين بينهما عين ساكنة- عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج (حميد بن هلال) على وزن المصغر. (أن أبا سعيد الخدري) بضم الخاء ودال مهملة (قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ح) (آدم بن أبي إياس) بكسر الهمزة. (رأيتُ أبا سعيد في يوم جمعة) أي: جمعة من الجمعات (يصلي فأراد شاب من بني معيط أن يجتاز بين يديه) أي: بينه وبين سترته؛ لما ذكر أنه كان يصلي إلى شيء يستره، ومعيط -بضم الميم-: على وزن المصغر (فنال من أبي سعيد) أصاب عرضه، وشتمه، وقيل: معناه أن ذلك الشاب تألم من أبي سعيد؛ وهذا ليس معنى هذا التركيب لغة ولا هو يصح أن يكون غرضًا (ثم دخل على مروان فشكى إليه) مروان بن

101 - باب إثم المار بين يدى المصلى

مِنْ أَبِى سَعِيدٍ، وَدَخَلَ أَبُو سَعِيدٍ خَلْفَهُ عَلَى مَرْوَانَ فَقَالَ مَا لَكَ وَلاِبْنِ أَخِيكَ يَا أَبَا سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى شَىْءٍ يَسْتُرُهُ مِنَ النَّاسِ، فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلْيَدْفَعْهُ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ». طرفه 3274 101 - باب إِثْمِ الْمَارِّ بَيْنَ يَدَىِ الْمُصَلِّى 510 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ الحكم، كان إذ ذاك بالمدينة وهو أول خلفاء بني الحكم. (مالك ولابن أخيك) أي: ما عرض لكما في النزاع، وفي قوله: ابن أخيك، استعطاف بأنه وإن استحق النزاع يجوز في المروءة تركه (قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إذا صلّى أحدكم إلى شيء يستره من الناس؛ فإذا أراد أن يجتاز بين يديه فليدفعه؛ فإن أبى فليقاتله، فإنه شيطان) من قبيل التشبيه البليغ؛ بحذف الأداة؛ لأن الشيطان جبلته على الشر، فمن استمر في الضلالة وعدم الرّجوع إلى الحق، كأنه صار شيطانًا، قال النووي: إنما يرده إذا مشى قريبًا منه، وكان له سترة؛ وأما إذا مشى بعيدًا منه بحيث لا تصل يده إليه فلا يقدم لدفعه؛ لأنّ المفسدة في ذلك أعظم، وكذا إذا لم يكن له سترة، والذفع بالأسهل ثم بالأشد فالأشد؛ حتى لو قتله لا شيء عليه؛ لأن القتل المباح لا ضمان فيه، فإن مرّ بين يديه وتجاوز هل يجره ويردهُ؟ قال: الأصح لا؛ لأنه يصير المرور مرتين، وهو أشغل وأشغل. وفي الحديث دلالة ظاهرة على قبول خبر الواحد العدل في الفروع. باب إثم المارِّ بين يدي المصلّى 510 - (أبو النضر) -بالضاد المعجمة-: اسمه سالم (عن بسر بن سعيد) بالباء الموحدة وسين مهملة.

أَنَّ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ أَرْسَلَهُ إِلَى أَبِى جُهَيْمٍ يَسْأَلُهُ مَاذَا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْمَارِّ بَيْنَ يَدَىِ الْمُصَلِّى فَقَالَ أَبُو جُهَيْمٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ يَعْلَمُ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَىِ الْمُصَلِّى مَاذَا عَلَيْهِ لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ». قَالَ أَبُو النَّضْرِ لاَ أَدْرِى أَقَالَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَوْ شَهْرًا أَوْ سَنَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ (أنّ زيد بن خالد أرسله إلى أبي جهيم) -بضم الجيم على وزن المصغر-: قال النووي: هو عبد الله بن الحارث الأنصاري، وأمّا صاحب الأنبجانية عامر بن حذيفة فهو بفتح الجيم وسكون الهاء (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لو يعلم المارّ بين يدي المصلي ما عليه من الإثم لكان أن يقف أربعين خيرًا له من أن يمر بين يديه، قال أبو النضر: لا أدري: أقال: أربعين يومًا، أو شهرًا، أو سنة) قوله: قال [أبو] النضر، من كلام مالك، وليس بتعليق، وقوله: أقال أربعين يومًا، فاعل قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لما روى ابن حبّان في صحيحه من دون قول أبي النضر، قال بعضهم: الحكمة في عدد أربعين أنّ كمال كل طور من كونه نطفة، ثم علقة؛ وكمال عقل الإنسان في أربعين، والأربعة أصل الأعداد. هذا كلامه، وقد أتى بما لا طائل تحته؛ وذلك أن ابن ماجه وابن حبّان رويا عن أبي هريرة مائة عام بدل أربعين، والعمدة عليه؛ لأن زيادة الثقة مقبولة، على أن التحقيق أن المراد بذكر الأربعين والمائة التكثير لا المفهوم من العدد، وحديث أبي هريرة دلّ على أن الأربعين في هذا الحديث هي الأعوام، وقال أيضًا: الإثم إنما هو على المار إذا كان عالمًا بورود النهي. وهذا أيضًا غلط منه؛ لأن الجهل ليس بعذر، ولو كان الأمر كما قال لم يجز لأحد دفع المار ومقاتلته ما لم يعلم أنه عالم بورود النهي، ولما دفع أبو سعيد الرجل الذي شكاه إلى مروان، وقال له مروان: لم دفعته؟ فروى له أبو سعيد الحديث كان على مروان أن يسأل الرّجل: هل كنت عالمًا بالنهي أم لا؟ ثم يبني الحكم على وفق ذلك.

102 - باب استقبال الرجل صاحبه أو غيره فى صلاته وهو يصلى

102 - باب اسْتِقْبَالِ الرَّجُلِ صَاحِبَهُ أَوْ غَيْرَهُ فِي صَلاَتِهِ وَهُوَ يُصَلِّى وَكَرِهَ عُثْمَانُ أَنْ يُسْتَقْبَلَ الرَّجُلُ وَهُوَ يُصَلِّى، وَإِنَّمَا هَذَا إِذَا اشْتَغَلَ بِهِ، فَأَمَّا إِذَا لَمْ يَشْتَغِلْ فَقَدْ قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ مَا بَالَيْتُ إِنَّ الرَّجُلَ لاَ يَقْطَعُ صَلاَةَ الرَّجُلِ. 511 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيلٍ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمٍ - يَعْنِى ابْنَ صُبَيْحٍ - عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ ذُكِرَ عِنْدَهَا مَا يَقْطَعُ الصَّلاَةَ فَقَالُوا يَقْطَعُهَا الْكَلْبُ وَالْحِمَارُ وَالْمَرْأَةُ. قَالَتْ قَدْ جَعَلْتُمُونَا كِلاَبًا، لَقَدْ رَأَيْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب استقبال الرجل صاحبه وهو يصلي (وكره عثمان أن يُستقبل الرجل وهو يصلي) عثمان: هو أمير المؤمنين عثمان بن عفان، ويستقبل على بناء الفاعل ونصب الرجل، وقوله: وهو يصلي، حالٌ من فاعل يستقبل (وإنما هذا إذا اشتغل به) كلام البخاري، يرد به على أبي حنيفة في إطلاق القول بذلك، واستدل على أن قول عثمان محمول على هذا بقول زيد بن ثابت (ما باليت أن الرجل لا يقطع صلاة الرجل) قال ابن الأثير: يقال: ما باليت وما باليته، أي: لم أكثرت، ومنه قوله تعالى في الحديث القدسي: "هؤلاء للجنة ولا أبالي وهؤلاء للنار ولا أبالي" وعن الأزهري معناه: لا أكره. 511 - (علي بن مسهر) بضم الميم وكسر المهملة (عن مسلم) ضدُّ الكافر (يعني ابن صبيح) -بضم الصاد على وزن المصغر- قال شيخ الإسلام: ومن ظن أنه مسلم بطين فقد أخطا في ظنه، ولا أدري لِمَ ذلك؟ فإن الأعمش يروي عنهما، وهما يرويان عن مسروق (عن عائشة أنه ذُكر عندها ما يقطع الصلاة، قالوا: يقطعها الكلب والحمار والمرأة، قالت: لقد جعلتمونا كلابًا) قد سبق في باب الصلاة إلى السرير أنها ردَّت بهذا الكلام على ابن عباس، ونقلنا عن النووي أن القطع في حديث ابن عباس معناه شغل القلب، وأن دعوى النسخ لا تصح لعدم العلم بالتاريخ، ولأن الحديث الذي جعلوه ناسخًا ضعيف.

103 - باب الصلاة خلف النائم

النَّبِىَّ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - يُصَلِّى، وَإِنِّى لَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ، وَأَنَا مُضْطَجِعَةٌ عَلَى السَّرِيرِ، فَتَكُونُ لِى الْحَاجَةُ، فَأَكْرَهُ أَنْ أَسْتَقْبِلَهُ فَأَنْسَلُّ انْسِلاَلاً. وَعَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ نَحْوَهُ. طرفه 382 103 - باب الصَّلاَةِ خَلْفَ النَّائِمِ 512 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى وَأَنَا رَاقِدَةٌ مُعْتَرِضَةٌ عَلَى فِرَاشِهِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُوتِرَ أَيْقَظَنِى فَأَوْتَرْتُ. طرفه 382 ـــــــــــــــــــــــــــــ (وعن الأعمش) يجوز أن يكون عطفًا على: عن الأعمش داخلًا تحت السند، وأن يكون تعليقًا، كذا قيل والصواب الأول. باب الصلاة خلف النائم 512 - (مسدد) بضم الميم وتشديد الدّال المفتوحة (عن عائشة: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي وأنا راقدة معترضة): صفة راقدة (فإذا أراد أن يوتر أيقظني لأوتر أيضًا) لقولها: (فأوترت) وقد سلف مباحث الحديث، ولقد كان يدل على كثرة الوقوع، وفيه أفضلية تأخير الوتر لمن وثق بالاستيقاظ، وفيه استحباب إيقاظ الرّجل أهله للصّلاة بالليل. فإن قُلت: قد روى ابن ماجه وأبو داود مرفوعًا النهي عن الصَّلاة خلف النائم. قلت: نبَّه أبو داود على ضعف الحديث. باب التطوع خلف المرأة فإن قلت: في الباب الذي قبله أطلق الصلاة وهي: تشمل الفرض والنفل، فأي فائدة في إفراد التطوع؟ قلت: صرح بالنفل لئلا يتوهم أن تلك الصلاة خلف المرأة كانت فرضًا؛ فصلاها للضرورة. فإن قلت: ليس في الحديث أنه كان يصلي التطوع. قلت: معلوم أنّه كان يؤم الصلاة بالصحابة، ثم ينام، وكان يكره النوم قبل العشاء.

104 - باب التطوع خلف المرأة

104 - باب التَّطَوُّعِ خَلْفَ الْمَرْأَةِ 513 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهَا قَالَتْ كُنْتُ أَنَامُ بَيْنَ يَدَىْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَرِجْلاَىَ فِي قِبْلَتِهِ، فَإِذَا سَجَدَ غَمَزَنِى فَقَبَضْتُ رِجْلَىَّ، فَإِذَا قَامَ بَسَطْتُهُمَا. قَالَتْ وَالْبُيُوتُ يَوْمَئِذٍ لَيْسَ فِيهَا مَصَابِيحُ. طرفه 382 105 - باب مَنْ قَالَ لاَ يَقْطَعُ الصَّلاَةَ شَىْءٌ 514 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِى قَالَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ. قَالَ الأَعْمَشُ وَحَدَّثَنِى مُسْلِمٌ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ ذُكِرَ عِنْدَهَا مَا يَقْطَعُ الصَّلاَةَ الْكَلْبُ وَالْحِمَارُ وَالْمَرْأَةُ فَقَالَتْ شَبَّهْتُمُونَا بِالْحُمُرِ وَالْكِلاَبِ، وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى، وَإِنِّى عَلَى السَّرِيرِ - بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ - مُضْطَجِعَةً فَتَبْدُو لِى الْحَاجَةُ، فَأَكْرَهُ أَنْ أَجْلِسَ فَأُوذِىَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَنْسَلُّ مِنْ عِنْدِ رِجْلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 513 - (فإذا سجد غمزني) أي: إذا أراد أن يسجد يغمزها؛ ليكون موضع السجود خاليًا؛ والغمز: هو الضرب باليد والإصبع. وقيل: الإشارة. ولا معنى لعدم شعور النائم؛ لا سيما والبيت مظلم (والبيوت يومئذ ليس فيها مصابيح) اعتذار منها في بسط الرّجل في قبلته وهو يصلي؛ والمراد: بخلف المرأة أن تكون في قبلته؛ سواء كان ظهرها إليه، أو لا، فسقط بأن السنة أن ينام الإنسان مستقبل القبلة، على أنّ ذلك إنما يُسن في أوّل الاضطجاع. باب من قال: لا يقطع الصلاة شيء 514 - (عمر بن حفص) بضم العين (غياث) بغين معجمة مكسورة (ح قال الأعمش) بعد حاء التحويل الظاهر أنه عطف على حدثنا الأعمش: بحذف الواو، ويحتمل أن يكون تعليقًا؛ وبالأوّل جزم شيخ الإسلام (فأوذِيَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -) بالنصب عطف على: (أن أجلس) (فأنسلُّ): بالرفع عطف على أكره (من عند رجليه) السرير على طريقة الاستعارة المكنية المتخيلة.

515 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ أَخِى ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ سَأَلَ عَمَّهُ عَنِ الصَّلاَةِ يَقْطَعُهَا شَىْءٌ فَقَالَ لاَ يَقْطَعُهَا شَىْءٌ، أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ لَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُومُ فَيُصَلِّى مِنَ اللَّيْلِ، وَإِنِّى لَمُعْتَرِضَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ عَلَى فِرَاشِ أَهْلِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 515 - (إسحاق): كذا وقع غير منسوب. قال الكلاباذي: يحتمل أن يكون إسحاق بن راهويه، وأن يكون ابن منصور؛ لأن كلًّا منهما يروي عن يعقوب (حدثني ابن أخي ابن شهاب) هو محمد بن عبد الله بن مسلم (سأل عمه) هو ابن شهاب الزهري (عن الصلاة يقطعها شيءٌ؟ فقال) استدلَّ على ذلك بما رواه عن عروة بن الزبير عن عائشة: (أنها كانت تكون معترضة بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين القبلة) الحديث الذي تقدم مرارًا. فإن قلت: الدليل الذي استدل به خاص، وهو كون المرأة أمام المصلي، والسؤال: إنما هو عن أي شيء كان؟ قلت: قاسَ سائر الأشياء على المرأة لأن قطع الصلاة معلل بشغل القلب ولا شك أنه في المرأة أكثر وقد ذكرنا: أن عائشة ردت بقولها على ابن عباس: أنّه قال بذلك في الحديث الذي رواه أبو داود عن ابن عباس. ونقلنا عن النووي أنّ حديثه مؤول بشغل القلب، لا أنه يقطع الصلاة الحقيقية. ومن الشارحين من لم يقف على هذا الحديث فقال: فإن قلت: القائلون بأن هذه الأشياء تقطع من أين قالوه؟ قلت: إما من اجتهادهم؛ أو من قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ثم قال: فإن قلت: إذا كان من قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم لم تحكم عائشة بالقطع. قلت: رجحت خبرها على خبرهم. وهذا كله خبط أمّا الاجتهاد فقد نقلنا الحديث. وأما عائشة فلم تُسَلّم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكون قد قال ذلك؛ لأن عدم القطع عندها يقيني؛ وما قاله ابن عباس ظني يحتمل السهو والنسيان (على فراش أهله) وفي رواية: "على فراشي" يحتمل أنها أرادت بأهله نفسها، وأن تكون الواقعة متعددة وفي الحقيقة الفراش لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والإضافة إلى الأهل وإليها لأدنى ملابسة.

106 - باب إذا حمل جارية صغيرة على عنقه فى الصلاة

106 - باب إِذَا حَمَلَ جَارِيَةً صَغِيرَةً عَلَى عُنُقِهِ فِي الصَّلاَةِ 516 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِىِّ عَنْ أَبِى قَتَادَةَ الأَنْصَارِىِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصَلِّى وَهْوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ بِنْتَ زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلأَبِى الْعَاصِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إذا حمل جارية صغيرة على عنقه في الصلاة 516 - (عامر) ابن عبد الله بن الزبير بن العوام (عمرو بن سُلَيم) بفتح العين وضم السين، على وزن المصغر (الزرقي) بفتح المعجمة وفتح المهملة (عن أبي قتادة الأنصاري) السلمي فارس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واسمه الحارث، أو النعمان أو غيرهما (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي وهو حاملٌ أُمامةَ) بضم الهمزة بنت زينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هي أكبر بناته على الأصح (ولأبي العاص) أي: أبو أمامة أبو العاص؛ عطف على زينب؛ وإنما أظهر اللام إشارة إلى أن إضافة "بنت" إلى "زينب" بمعنى اللام، قيل: إنما أضافها أولًا إلى زينب، ثم عطف أبا العاصي، وإن كان الأولى خلاف ذلك؛ لأن النسب إلى الآباء، إلا أنها كانت مؤمنة، وأبو العاص كافر إذ ذاك، وهذه نكتة في هذه الرِّوايات؛ وإلا فقد جاء في غيرها بتقديم أبي العاص، كذا رواه مسلم وأحمد، و"حامل": يروى بالإضافة وبدونها ونصب ما بعده، وإنما عمل -وإن كان واقعًا في الماضي لأنّه حكاية عن تلك الحال. وأبو العاص: هو ابن عبد العزيز بن عبد الشمس، واسمه لقيط، أو مهتم، أو هشيم، ويلقب بجرو البطحاء، وفي بعض النسخ ربيعة بدل الربيع بن عبد الشمس، وهو خلاف ما ذكره ابن عبد البر في "الاستيعاب"، وأُسر مع المشركين في بدر، ثم جاء أخوه وجاء بقلادة كانت خديجة أخرجت زينب بها عروسًا؛ فلما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القلادة رقّ لذلك؛ فقال لأصحابه لو شئتم أطلقتم أسيرها ورددتم القلادة فقالوا: نفعل ذلك. وسيأتي الكلام في مناقبه بأطول

107 - باب إذا صلى إلى فراش فيه حائض

فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا، وَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا. طرفه 5996 107 - باب إِذَا صَلَّى إِلَى فِرَاشٍ فِيهِ حَائِضٌ 517 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ عَنِ الشَّيْبَانِىِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ ـــــــــــــــــــــــــــــ من هذا إن شاء الله تعالى (فإذا سجد وضعها وإذا قام حملها) أي: إذا أراد السجود وأراد القيام. فإن قلت: من أين علم أنها كانت على العنق؟ قلت: حال القيام لا يمكن حمل الصغير إلا كذلك. وقيل: لأنها لو كانت على كتفه لم يكن الرّكوع معها وليس بشيء؛ لأنه إذا أمكن الركوع وهي على العنق فعلى الكتف من باب الأولى، على أن في رواية مسلم والنسائي وأحمد: "إذا أراد أن يركع وضعها". قال ابن بطال: اختلفوا هل كان ذلك في الفرض أو النفل؟ قلت: رواية مسلم: "حاملٌ أمامةَ في المسجد يصلي بالناس" يرفع الخلاف. فإن قلت: كيف صلّى وهو حاملها، وذلك شاغل ظاهر؟ قلت: فعل ذلك بيانًا للجواز؛ ليروي الحاضرون الجمُّ الغفير وقيل: بل تعلقت به والتزمته. وظاهر الحديث وهو قوله: "إذا سجد وضعها، وإذا قام حملها" يردّ هذا التأويل. فإن قلت: الوضع والحمل فعل كثير. قلت: لا نسلم ولو سلم لكان على وجه التفريق لا التوالي. وفي الحديث دلالة على أنَّ ما غلب نجاسة مثله يحكم بطهارته؛ لأن الصغار لا يقدرون على الاحتراز منه. باب إذا صلى على فراش حائض 517 - (عمرو بن زُرارة) بضم المعجمة بعدهما مهملة (هشيم) بضم الهاء، على وزن المصغر (عن الشيباني) -بفتح المعجمة- هو: أبو إسحاق سليمان (عن شَداد بن الهاد) بفتح

108 - باب هل يغمز الرجل امرأته عند السجود لكى يسجد

قَالَ أَخْبَرَتْنِى خَالَتِى مَيْمُونَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ قَالَتْ كَانَ فِرَاشِى حِيَالَ مُصَلَّى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَرُبَّمَا وَقَعَ ثَوْبُهُ عَلَىَّ وَأَنَا عَلَى فِرَاشِى. طرفه 333 518 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِىُّ سُلَيْمَانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ قَالَ سَمِعْتُ مَيْمُونَةَ تَقُولُ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى وَأَنَا إِلَى جَنْبِهِ نَائِمَةٌ، فَإِذَا سَجَدَ أَصَابَنِى ثَوْبُهُ، وَأَنَا حَائِضٌ. وَزَادَ مُسَدَّدٌ عَنْ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الشَّيْبَانِىُّ، وَأَنَا حَائِضٌ. طرفه 333 108 - باب هَلْ يَغْمِزُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ عِنْدَ السُّجُودِ لِكَىْ يَسْجُدَ 519 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ بِئْسَمَا عَدَلْتُمُونَا بِالْكَلْبِ وَالْحِمَارِ، لَقَدْ ـــــــــــــــــــــــــــــ المعجمة بعدها دال مهملة مشدّدة (أخبرتني خالتي ميمونة قالت: كانَ فراشي حيال مصلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فربما وقع ثوبه عليَّ وأنا على فراشي) قال ابن الأثير: حيال الفراش: أي تلقاء وجهه، فقد دلّ على الترجمة. فإن قلت: ليس في الحديث ذكر الحيض. قلت: أحاله على الحديث بعده فإن فيه ذكر الحائض من رواية الشيباني راوي الحديث الأول. 518 - (أبو النعمان) -بضم النون- محمد بن الفضل (فإذا سجد أصابني ثوبه وأنا حائض). فإن قلت: القياس الحائضة لأنها ذات حيض بالفعل. قلت: لم يفرق الجوهري، ومن فرق جعل الحائض أعم، إنما منع إطلاق الحائضة بالتاء على من لم تكن ذات حيض؛ كما في قوله: "لا تصح صلاة الحائض من غير خمار". باب هل يغمز الرجل امرأته عند السجود لكي يسجد؟ 519 - (عمرو بن علي) بفتح العين وسكون الميم (بئسما عدلتمونا بالكلب والحمار)

109 - باب المرأة تطرح عن المصلى شيئا من الأذى

رَأَيْتُنِى وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى، وَأَنَا مُضْطَجِعَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ غَمَزَ رِجْلَىَّ فَقَبَضْتُهُمَا. طرفه 382 109 - باب الْمَرْأَةِ تَطْرَحُ عَنِ الْمُصَلِّى شَيْئًا مِنَ الأَذَى 520 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ السُّرْمَارِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَائِمٌ يُصَلِّى عِنْدَ الْكَعْبَةِ، وَجَمْعُ قُرَيْشٍ فِي مَجَالِسِهِمْ إِذْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ أَلاَ تَنْظُرُونَ إِلَى هَذَا الْمُرَائِى أَيُّكُمْ يَقُومُ إِلَى جَزُورِ آلِ فُلاَنٍ، فَيَعْمِدُ إِلَى فَرْثِهَا وَدَمِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــ أي: في حكمهما ما: نكرة تمييز فاعل بئس، والمخصوص بالذم محذوف لدلالة "عدلتمونا" عليه أي: عدْلكم. (لقد رَأيتني) من الرؤية بمعنى العلم، والمفعول الثاني محذوف، أي: نائمة ونحوها. فإن قلت: ذكر النحاة أن حذف أحد مفعولي باب علمت لا يجوز. قلته: قال ابن مالك: يجوز إذا دلت عليه قرنية. وهذا الذي قاله هو الصواب، لأنّ مفعولي باب علمت مبتدأ وخبر في الأصل، فإذا جاز حذف المبتدأ والخبر لوجود القرينة فأي مانع من حذفه في باب علمت مع تلك القرينة؟ وقيل: هو من رؤية البصر. وليس بصواب؛ لأنها أخبرت أن البيت كان مظلمًا، ولما ورد عليه أن المفعول الثاني محذوف بدليل سائر الروايات؛ أجاب: بأن رؤية البصر أعطيت حكم رؤية القلب. ثمَّ افتخر بأن هذا من دقائق النحو؛ وليس للنحو خبر بما قاله. وأحكام الحديث ومباحثه تقدمت مرارًا. باب المرأة تطرح عن المصلي شيئًا من الأذى قال ابن الأثير: الأذى: كل شيء يؤذي من الشوك والشجر والنجاسة. 520 - (أحمد بن إسحاق السُّورماري) -بفتح السين وكسرها- قرية من قرى بخارى (عبيد الله بن موسى) على وزن المصغر (عن عبد الله) هو ابن مسعود (بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائم يصلي عند الكعبة) بين: ظرف زمان للمفاجأة، وألفه للإشباع، وما زائدة (إذ قال قائل منهم ألا تنظرون إلى هذا المرائي) بدل من بينما، و "إذ" فجائية، والمرائي لغة: من

وَسَلاَهَا فَيَجِئُ بِهِ، ثُمَّ يُمْهِلُهُ حَتَّى إِذَا سَجَدَ وَضَعَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ فَانْبَعَثَ أَشْقَاهُمْ، فَلَمَّا سَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَضَعَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، وَثَبَتَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - سَاجِدًا، فَضَحِكُوا حَتَّى مَالَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ مِنَ الضَّحِكِ، فَانْطَلَقَ مُنْطَلِقٌ إِلَى فَاطِمَةَ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ - وَهْىَ جُوَيْرِيَةٌ، فَأَقْبَلَتْ تَسْعَى وَثَبَتَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - سَاجِدًا حَتَّى أَلْقَتْهُ عَنْهُ، وَأَقْبَلَتْ عَلَيْهِمْ تَسُبُّهُمْ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الصَّلاَةَ قَالَ «اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ - ثُمَّ سَمَّى - اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِعَمْرِو بْنِ هِشَامٍ، وَعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ، وَأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، وَعُقْبَةَ بْنِ أَبِى مُعَيْطٍ، وَعُمَارَةَ بْنِ الْوَلِيدِ». قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَوَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُهُمْ صَرْعَى يَوْمَ بَدْرٍ، ثُمَّ سُحِبُوا إِلَى الْقَلِيبِ قَلِيبِ بَدْرٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ يري الناس ما عنده من الأشياء؛ مثل: الإرادة إلا أن زنة المفاعلة تفيد المبالغة. وفي العرف: هو الذي يعمل عمل الآخرة لا لقصد الآخرة (أيكم يقوم إلى جزور بني فلان) الجزور: البعير الذي نحر يُطلق على الذكر والأنثى. قال الزمخشري في "الفائق": الجزور قبل النحر بفتح الجيم وبعده بالضم. قال ابن الأثير: إن اللفظ مؤنث؛ تقول: هذه جزور (إلى فرثها ودمها وسلاها): -بفتح السين مقصور- وعاء الولد. وقيل: كالمشيمة للمرأة (فانبعث أشقاهم): هو عقبة بن أبي معيط لعنه الله (فلما سجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وضعه بين كتفيه، وثبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ساجدًا) إما لعدم إمكان رفع الرأس معه، أو أنه كان في مقام القرب ذاهلًا عن الكونين، كما نُقل عن بعض الصالحين أنه كان يصلي فسقط جانب من المسجد فلم يدره إلا بعد السلام (فلما قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصَّلاة) أي: أتمها (اللهم عليك بقريش) عليك: اسم فعل أمر، يُقال: عليك بكذا، أي: ألزمه، والباء فيه للإلصاق، أي: مالك إهلاكِهم، أو نحوه (اللهم عليك بعمرو بن هشام) هو سيد الأشقياء أبو جهل (قال عبد الله: فوالله لقد رأيتهم صرعى يوم بدر) أي: مقتولين، جمع صريع، كقتيل (ثم سحبوا إلى القليب قليب بدر) بالجر بدل من الأول: والقليب: البئر قبل أن تطوى. اتفق أهل الحديث والسير على أنّ هذا وهم؛ وذلك أن عمارة بن الوليد مات بعد بدر بالحبشة؛ وأما عقبة بن أبي معيط فقتله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في وادي بني سالم بعرق الظبية قتله علي بن أبي طالب بأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فإن قلت: يمكن دفع الوهم بأنه لم يرد الكل بل الأكثر وهذا كثير في عبارة البلغاء. قلت: قيّده في سائر الروايات بما يفيد الكل، والقضية واحدة بلا ريب.

ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «وَأُتْبِعَ أَصْحَابُ الْقَلِيبِ لَعْنَةً». طرفه 240 ـــــــــــــــــــــــــــــ قال بعض الشارحين: لما دعا عليهم أجاب الله دعاءه، ونزل فيهم {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} [الحجر: 95]. وهذا الذي قاله لا سند له، لما في الكشاف من أن المستهزئين كانوا خمسةَ نفر ذوي أسنان وشرف؛ الوليد بن المغيرة، والعاص بن وائل، والأسود بن يغوث، والأسود بن عبد المطلب، والحارث بن الطلاطلة. وروى ابن عباس: أن هؤلاء كلهم ماتوا قبل بدر (ثم قال: وأتبع أصحاب القليب لعنة) أي: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي: بعد أن سحبوا إلى القليب قال هذا الكلام. "وأتْبعْ": على صيغة الأمر بهمزة القطع، دعا عليهم أحياءً وأمواتًا ويروى على صيغة الماضي، على بناء الفاعل والمفعول على أنه إخبارٌ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما فعل الله بهم. فإن قلت: كيف مضى في صلاته مع النجاسة؟ قلت: قيل: لم يثبت أنه نجس أو لم يدر ما هو. وهذا هو الوجه؛ لأن ذبيحة المشركين نجسة لأنهم يذبحونها باسم الأصنام. واستدل الكوفيون به على أنه إذا كان عليه ثوب نجس وألقاه في الصلاة صحت صلاته وفيه نظر؛ لأن ذلك موقوف على أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين مضى في صلاته يعلم أن الذي أُلقيَ على ظهره كان نجسًا.

9 - كتاب مواقيت الصلاة

9 - كتاب مواقيت الصلاة 1 - باب مَوَاقِيتِ الصَّلاَةِ وَفَضْلِهَا وَقَوْلِهِ (إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا) وَقَّتَهُ عَلَيْهِمْ. 521 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَخَّرَ الصَّلاَةَ يَوْمًا، فَدَخَلَ عَلَيْهِ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ أَخَّرَ الصَّلاَةَ يَوْمًا وَهْوَ بِالْعِرَاقِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو مَسْعُودٍ الأَنْصَارِىُّ فَقَالَ مَا هَذَا يَا مُغِيرَةُ أَلَيْسَ ـــــــــــــــــــــــــــــ [كتاب مواقيت الصلاة] باب مواقيت الصلاة وفضلها وقوله تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103] أي: مؤقتًا، تفسيره الموقوت المؤقت يدل على ترادفهما، لكن كلام الجوهري يشعر بالفرق فإنه قال في تفسير الآية "كتابًا موقوتًا": أي: مفروضًا عليهم في الأوقات بقوله: وقته فهو موقوت؛ إذا بَيّن للفعل وقتًا يَفعل فيه، ثم قال: والتوقيت تجديد الأوقات، وقّته ليوم كذا؛ مثل أجله. ومثله قول ابن الأثير، قال: التوقيت والتأقيت بيان مقدار المدَّة. 521 - (عبد الله بن مسلمة) بفتح الميم واللّام (أن عمر بن عبد العزيز أخر الصلاة يومًا) أي آخرها عن أول الوقت. والعراق: عراق العرب، من عَبادان إلى الموصل طولًا، ومن العادية إلى حَلْوان عرضًا (أن المغيرة بن شعبة) كان أميرًا بالعراق في خلافة عمر (فدخل عليه أبو مسعود الأنصاري) هو المعروف بالبدري من الخزرج (فقال: ما هذا يا مغيرة، أليس

قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ جِبْرِيلَ نَزَلَ فَصَلَّى، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ صَلَّى فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ صَلَّى فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ صَلَّى فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ صَلَّى فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قَالَ «بِهَذَا أُمِرْتُ». فَقَالَ عُمَرُ لِعُرْوَةَ اعْلَمْ مَا تُحَدِّثُ أَوَإِنَّ جِبْرِيلَ هُوَ أَقَامَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقْتَ الصَّلاَةِ. قَالَ عُرْوَةُ كَذَلِكَ كَانَ بَشِيرُ بْنُ أَبِى مَسْعُودٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ. طرفاه 3221، 4007 ـــــــــــــــــــــــــــــ قد علمت أن جبريل نزل فصلى، [فصلى] رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) كذا وقع هنا أليس؛ والظاهر أليست، وقد رواه في غزوة بدر لقد علمت، وليس معنى قوله "صلى جبريل" لما فرغ من الصلاة شرع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ بل اقتدى به في الصلاة، لما روى أبو داود والترمذي والحاكم عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أمني جبريل عند البيت مرتين". ولفظ ثم في صلاة جبريل للتراخي الزماني؛ لأنه صلى الصلوات الخمس واحدة بعد واحدة (ثم قال: بهذا أمرت) -بتاء الخطاب- لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - من جبرائيل، ويروى بضم التاء على أن جبريل أُمر بذلك، وكلاهما وجه حسن. قال ابن إسحاق: أول يوم أصبح فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد ليلة الإسراء نزل جبريل ليعلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأوقات، أول صلاة صلاها صلاة الظهر (فقال عمر لعروة: اعلم ما تحدث به، أو أن جبريل أقام لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقت الصلاة) قوله: "اعلم": حمل له على التثبت فإن هذه المسألة مما عمّت بها البلوى، وقد خفيت على عمر مع كثرة علمه وجلالة قدره، وكونه بين أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فلما رأى ذلك عروة أسند الحديث بقوله: (كذلك كان بشير بن أبي مسعود يحدث عن أبيه) بفتح الباء الموحدة وكسر الشين. فإن قلت: كيف وُجِّه اعتراض عمر على عروة مع ما تقدم من رواية ابن عباس: أن جبريل صلى برسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرّتين؟ قلت: أجاب النووي بأنه كان أخر العصر، عن الوقت الثاني، وهو مصير ظل كل شيء مثليه. وفيه نظر، بل اعتراضه إنما كان لتأخيره عن أول الوقت، ألا ترى أنه بعد ما روى عن أبي مسعود كيف أردفه بحديث عائشة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي العصر، والشمس في حجرتها قبل أن تظهر وذلك هو أول وقت العصر،

2 - باب (منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين)

522 - قَالَ عُرْوَةُ وَلَقَدْ حَدَّثَتْنِى عَائِشَةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصَلِّى الْعَصْرَ، وَالشَّمْسُ فِي حُجْرَتِهَا قَبْلَ أَنْ تَظْهَرَ. أطرافه 544، 545، 546، 3103 2 - باب (مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَلاَ تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) 523 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبَّادٌ - هُوَ ابْنُ عَبَّادٍ - عَنْ أَبِى جَمْرَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا إِنَّا مِنْ هَذَا الْحَىِّ مِنْ رَبِيعَةَ، وَلَسْنَا نَصِلُ إِلَيْكَ إِلاَّ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ، فَمُرْنَا بِشَىْءٍ نَأْخُذْهُ عَنْكَ، وَنَدْعُو إِلَيْهِ مَنْ وَرَاءَنَا. فَقَالَ «آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ، وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ الإِيمَانِ بِاللَّهِ - ثُمَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ كما سيأتي في باب وقت العصر. وكذا قول عمر أو أن جبريل أقام وقت الصّلاة يدل عليه، وأيضًا يُبْعد عن عمر بن عبد العزيز أن يؤخر الصلاة عن الوقت الأخير. فإن قلت: حديث أبي مسعود مرسل. قلت: مرسل الصحابي حجة بلا خلاف، على أن البخاري وصله من رواية الليث. باب {مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [الروم: 31] 523 - (قُتيبة) بضم القاف، على وزن المصغر (عَبّاد) بفتح العين وتشديد الباء (عن أبي جمرة) -بفتح الجيم- نضر بن عمران الضبعي (عن ابن عباس: قدم وفد عبد القيس) الوفد؛ جمع وافد، وهو من يرد على الملوك لأمر مهم لمن وراءه. وعبد القيس: قبيلة من أسد، أولاد عبد القيس بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان؛ والنسبة إليه عبقسي وعبدي، قاله الجوهري (قالوا: إنَّا هذا الحي من ربيعة) بنصب الحي، بتقدير أعني، وربيعة بن نزار كما قدمنا نُسب عبد القيس إليه. قال صاحب "المطالع": الحي اسم الموضع الذي تنزل فيه القبيلة، ثمّ أطلق على القبيلة؛ لأن بعضهم يحيي بعضًا (فمرنا بشيء نأخذه عنك) يرفع على الاستئناف بدليل قوله وندعوا بالواو، وأرادوا بالشهر الحرام الجنس الشامل للأربعة (فقال: آمركم بأربع وأنهاكم عن أربع) أي: أربع خصال.

3 - باب البيعة على إقامة الصلاة

فَسَّرَهَا لَهُمْ شَهَادَةُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَنِّى رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامُ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَأَنْ تُؤَدُّوا إِلَىَّ خُمُسَ مَا غَنِمْتُمْ، وَأَنْهَى عَنِ الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالْمُقَيَّرِ وَالنَّقِيرِ». طرفه 53 3 - باب الْبَيْعَةِ عَلَى إِقَامَةِ الصَّلاَةِ 524 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنَا قَيْسٌ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى إِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ. [انظر: 57] ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: تقدم في باب أداء الخمس من الإيمان ذكر الصوم؟ قلت: تَرْكه هنا من إغفال الرّاوي. فإن قلت: فيكون المفضل خمسًا، والمجمل أربع. قلت: ذكرنا هناك أن المذكور أصالة أربع، وإنما ضَمَّ إليها أداء الخمس؛ لأنهم كانوا مجاورين كفار مضر، وكانوا أهل الجهاد؛ فأعلمهم حكم الغنيمة. وأما النهي عن الشرب في الدُّباء والنقير والحنتم والمقيَّر فقد سبق أنه منسوخ، كذا ذكره النووي وغيره، والذي عندي أن ذكر كلمة التوحيد لم تكن للتعليم، بل لكونها الأصل، والدليل رواية البخاري في كتاب الآداب ذكر الأربع بدون كلمة الشهادة. باب البيعة على إقامة الصلاة وفي بعضها: "إقام" بحذف التاء؛ كقوله تعالى: {وَأَقَامَ الصَّلَاةَ} [النور: 37]. 524 - (محمد بن المثنى) بضم الميم وتشديد النون (قيس) بفتح القاف وسكون المثناة تحت (عن جرير بن عبد الله) البجلي الصّاحب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال ابن عبد البر: أسلم قبل موت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأربعين يومًا. وأشرنا في أبواب العلم أنّ هذا لا يصح؛ لأنه الذي استنصت الناس يوم العيد لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة في حجة الوداع؛ كما سيأتي. (قال: بايعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم) المبايعة هنا تمثيل أو

4 - باب الصلاة كفارة

4 - باب الصَّلاَةُ كَفَّارَةٌ 525 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ حَدَّثَنِى شَقِيقٌ قَالَ سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ قَالَ كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ عُمَرَ - رضى الله عنه - فَقَالَ أَيُّكُمْ يَحْفَظُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْفِتْنَةِ قُلْتُ أَنَا، كَمَا قَالَهُ. قَالَ إِنَّكَ عَلَيْهِ - أَوْ عَلَيْهَا - لَجَرِئٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ استعارة تبعية، شبّه التزام المؤمن طاعة الله ورسوله، والتزام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - له بالجنة؛ بمبادلة المال بالمال على التأبيد. فإن قلت: لم اقتصر على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، مع أن سائر الأركان مشروعة عند إسلامه. قلت: اكتفى بهما لأنهما أما العبادات، كما اكتفى بهما في أوَّل سورة البقرة. قال ابن الأثير: النصح لغة: هو الخلوص، يقال: نصحته ونصحت له. وفي عرف الشرع: كلمة جامعة يعني بها عن إرادة الخير، ولا يوجد كلمة تقوم مقامها. قال ابن بطال: ذِكر النصح يدلّ على أنّ قوم جرير كانوا أهل غدر. ولا أدري من أين له هذا؛ فإن جريرًا من أهل اليمن، ولم أر أحدًا ذكر عن أهل اليمن ما فيه شَيْنٌ، والنصح لكل مسلم ليس مخصوصًا بجرير؛ بل عام في كل مسلم، وأما جرير فقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "على جرير مسحة من الملك". باب الصلاة كفارة 525 - (مسدد) بضم الميم وتشديد الذال المفتوحة (يحيى) هو القطّان (الأعمش) الإمامُ المعروف علمًا وقراءة سليمان بن مهران (شقيق بن سلمة) أبو وائل (كنا جلوسًا عند عمر، فقال: أيكم يحفظ قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الفتنة؟ قلت: أنا كما قاله) هذا كلام حذيفة قيل: الكاف في قوله: كما قال زائدةٌ؛ الأصلُ أنا يقول: أحفظ ما قاله أو نقله كلامه بالمعنى. وهذا وهم؛ فإن الذي يحفظه حذيفة هو مثل الذي قال، لا عينَ مقالته؛ لأن

قُلْتُ «فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلاَةُ وَالصَّوْمُ وَالصَّدَقَةُ وَالأَمْرُ وَالنَّهْىُ». قَالَ لَيْسَ هَذَا أُرِيدُ، وَلَكِنِ الْفِتْنَةُ الَّتِى تَمُوجُ كَمَا يَمُوجُ الْبَحْرُ. قَالَ لَيْسَ عَلَيْكَ مِنْهَا بَأْسٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا. قَالَ أَيُكْسَرُ أَمْ يُفْتَحُ قَالَ يُكْسَرُ. قَالَ إِذًا لاَ يُغْلَقَ أَبَدًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ العرض لا يكون تعينه إلَّا بتعين المحلّ. والصّواب: أن الكاف للتشبيه، والمراد من الفتنة: الابتلاء. وفهم حذيفة أنه يسأل عن الابتلاء بالذنوب (فقال: فتنة الرّجل في ماله وولده وجاره، تكفرها الصلاة) أي: ما يحصل للإنسان من الإثم مما يتعلق بهؤلاء المذكورات من المال والولد والجار ستدفع وتذهب أثره بهذه العبادات من الصَّلاة والصوم والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. والمعنى: أن كل واحدة من هذه يصلح أن تكون مكفرة، ولا يشترط الاجتماع في واحد؛ وما يقال إن فيه لفًّا ونشرًا، مثلًا: الصلاة مكفرة لفتنة الأهل، والصوم للفتنة في المال، وكذا المذكور بعده شيءٌ لا دليل عليه، وينافيه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الصلوات الخمس مكفرات لما بينهن" من غير تخصيص بذنب بإجماع السلف والخلف. (فقال: ليس هذا أريد؛ ولكن أريد الفتنة التي تموج كما يموج البحر) كان عالمًا بأنه ستكون الفتنة؛ لأنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخبر أن الله جعل بأس أمته بينهم، أراد أن يعلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد ذكر لذلك علامة أو لا. وأراد بموج البحر عظم الفتنة وشدتها على طريق الاستعارة أو تشبيهه المعقول بالمحسوس (يا أمير المؤمنين! إن بينك وبينها بابًا مغلقًا. قال: أيكسر أم يفتح؟ [قال: يكسر]، قال: إذًا لا يغلق أبدًا) محصلة أنه كلمه رمزًا، وفهم عمر رمزه، أنَّ الباب عمر؛ فإن وجوده مانعٌ من الفساد في الأمة، والناس في أيامه آمنين كالباب المغلق الذي لا يمكن مع كونه مغلقًا أن يدخل الدار أحدٌ؛ فمن أراد الدخول لا بدّ من أحد الأمرين: إما الكسر؛ وإما الفتح، فاستعار كسر الباب لقتل عمر؛ والوجه ظاهر؛ فلذلك

قُلْنَا أَكَانَ عُمَرُ يَعْلَمُ الْبَابَ قَالَ نَعَمْ، كَمَا أَنَّ دُونَ الْغَدِ اللَّيْلَةَ، إِنِّى حَدَّثْتُهُ بِحَدِيثٍ لَيْسَ بِالأَغَالِيطِ. فَهِبْنَا أَنْ نَسْأَلَ حُذَيْفَةَ، فَأَمَرْنَا مَسْرُوقًا فَسَأَلَهُ فَقَالَ الْبَابُ عُمَرُ. أطرافه 1435، 1895، 3586، 7096 526 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِىِّ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ النَّهْدِىِّ ـــــــــــــــــــــــــــــ قال: إن عمر علم ما قلته، كما يعلم أنَّ دون غد الليلة، فإنّ الأمور البديهية لا تتوقف على فكر (إني حدثته بحديث ليس بالأغاليط) جمع أغلوطة، أو غلوطة، المسألة التي يغالط فيها الإنسان؛ وإنما نشأ علم هذه المسألة منه إما لأنّه صاحب سر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي لا يعلمه من الناس إلا هو؛ لما روى أبو داود عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما ترك من قائد فتنة إلى قيام الساعة إلا سمّاه لنا باسمه، واسم أبيه، واسم قبيلته قال حذيفة: لكن حفظه من حفظه، ونسيه من نسيه. فهذا يدل على أنه ضبط ذلك المجلس حقّ الضبط فيتحدث عن يقين تام، ولذلك قال له عمر: إنك عليه لجريءٌ، يعرف أن عنده من هذا العلم ما ليس عند غيره. وليس في الحديث ما يدل على أنه خصَّ حذيفة بعلم، حتى يقال: حديث علي بن أبي طالب يدل على أنه لم يخص أحدًا بعلم، غايته أنه ضبط وغيره لم يحفظ، كما صرّح به حذيفة في الحديث الذي رواه عنه أبو داود. قال بعضهم: فإن قلت: هل عُلم من هذا السياق أن الحديث مسند إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلت: الظاهر أنه مسند بقرينة السؤال والجواب؛ ولأن قول حذيفة: حدثته بحديث، مطلق، ومطلق الحديث ينصرف إلى حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. هذا كلامه. وهو تطويل بلا معنى، وذلك أن قول حذيفة -بعد قول عمر: أيكم يحفظ قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.-: أنا، ثم إيراده الحديثَ؛ صريحٌ في الإسناد بحيث لا يتصور غيره. 526 - (قتيبة) بضم القاف، على وزن المصغر (يزيد بن زريع) بضم المعجمة على وزن المصغر (عن أبي عثمان النهْدي) بفتح النون وسكون الهاء قبيلة من قبائل اليمن، واسمه: عبد الرحمن بن مِلّ: بكسر الميم، وتشديد اللاّم؛ كذا وقع في نسخ البخاري: التصريح بالنهدي لكن ذكر شيخ الإسلام، شيخنا ابن حجر: أنّ الذي يروي عنه سليمان التيمي ليس أبا عثمان النهدي؛ بل آخر اسمه سعد؛ قال: سليمان التيمي وليس بالنهدي. فالتوفيق بين الكلامين أنّه

5 - باب فضل الصلاة لوقتها

عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَجُلاً أَصَابَ مِنَ امْرَأَةٍ قُبْلَةً، فَأَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ (أَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَىِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ). فَقَالَ الرَّجُلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلِى هَذَا قَالَ «لِجَمِيعِ أُمَّتِى كُلِّهِمْ». طرفه 4687 5 - باب فَضْلِ الصَّلاَةِ لِوَقْتِهَا 527 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ الْعَيْزَارِ ـــــــــــــــــــــــــــــ يروي عن كل واحد منهما، فقوله: ليس بالنهدي تمييز بين الشخصين (أن رجلًا أصاب من امرأة قبلة) هذا الرجل هو أبو اليَسَرِ -بفتح الياء والسين- واسمه كعب، أنصاري بدري، وهو الذي أسر عباس بن عبد المطلب، وكان قصيرَ القامة، والعبّاس في غاية الطول، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما أعانك عليه ملك كريم". وقصَّته أنّ امرأة جاءت إليه تشتري منه تمرًا، فقال: عندي في البيت أحسن منه؛ فذهبت معه إلى البيت، فلما دخلت البيت ضمَّها إلى نفسه وقبلها. {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: 114] فقال الرجل: أَلي خاصة؟ قال: لجميع أمتي كلِّهم) وذلك أنّ العبرة بعموم اللفظ؛ لا بخصوص السبب. فإن قيل: ما المراد بالسيئات؟ قلت: قيل: المراد الصغائر، وعندي أنّه عام، غايته أن الكبائر تذهب بالتوبة، ولا شك أن التوبة من أصل الحسنات فيدخل فيها، ولا كبيرة مع التوبة. فإن قلت: حق الغير لا يسقط بالتوبة. قلت: لا نسلم، غايته أن التوبة عن المظالم لا تكون إلا بالرّد أو الاستحلال. باب فضل الصَّلاة لوقتها 527 - (قال الوليد بن العيزار) بفتح العين وسكون الياء، بعدها زاي معجمة آخره راء

أَخْبَرَنِى قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو الشَّيْبَانِىَّ يَقُولُ حَدَّثَنَا صَاحِبُ هَذِهِ الدَّارِ وَأَشَارَ إِلَى دَارِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَأَلْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَىُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ قَالَ «الصَّلاَةُ عَلَى وَقْتِهَا». قَالَ ثُمَّ أَىُّ قَالَ «ثُمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ». قَالَ ثُمَّ أَىُّ قَالَ «الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ». قَالَ حَدَّثَنِى بِهِنَّ وَلَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِى. أطرافه 2782، 5970، 7534 ـــــــــــــــــــــــــــــ مهملة (أخبرني، قال: سمعت أبا عمرو الشيباني) كذا وقع [في] كل النسخ. قال بعض الشارحين: توجيهه أن الوليد مبتدأ وأخبرني خبره وقال بدل عنه، والمجموع خبر المبتدأ، والأحسن أن يقال: أخبرني خبر المبتدأ، وقوله: قال: سمعت أبا عمرو .. إلى آخره استئناف على تقدير سؤال؛ وهو أن يقال: بماذا أخبرك صاحب هذه الدار؟ (وأشار إلى دار عبد الله) هو ابن مسعود (سألت النبي - صلى الله عليه وسلم -: أيّ العملِ أحبُّ إلى الله) محبة الله عملَ العبد قبولُه، وإعطاءُ الثواب عليه وكلما كان العمل أفضل كانَ الثوابُ عليه أجزلَ (قال: الصّلاة على وقتها). فإن قلت: الترجمة: الصلاة لوقتها باللام، وفي الحديث بـ على؟ قلت: كلاهما حسن، "اللَّام" تفيد الاختصاص، و"على" تدل على الاستعلاء وكمال التمكن؛ والمراد: أول الوقت، كما جاء في رواية أبي داود وغيره "أفضل الأعمال الصَّلاة في أول وقتها" لكنّ على أدل على ذلك. (ثمّ أيٌّ): بالتنوين، عوضًا عن المضاف إليه، و"ثم" للتراخي في الشرف. فإن قلت: سبق في كتاب الإيمان أن أفضلَ خصال الإيمان أن تطعم الطعام؟ قلت: أشرنا هناك إلى الجواب، بأنّ الاختلاف في الجواب باعتبار حال السَّائل. (ولو استزذتُّه لزادني) هذا من كلام ابن مسعود، أي: لو سألته عن مراتب سائر الأعمال لذكرها؛ لكونه عالمًا بمراتب الكل.

6 - باب الصلوات الخمس كفارة

6 - باب الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ كَفَّارَةٌ 528 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ أَبِى حَازِمٍ وَالدَّرَاوَرْدِىُّ عَنْ يَزِيدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهَرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ، يَغْتَسِلُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسًا، مَا تَقُولُ ذَلِكَ يُبْقِى مِنْ دَرَنِهِ». قَالُوا لاَ يُبْقِى مِنْ دَرَنِهِ شَيْئًا. قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الصلوات الخمس كفارة للخطايا إذا صلاهن لوقتهن في الجماعة وغيرها 528 - (إبراهيم بن حمزة) بالحاء المهملة (ابن أبي حازم والدراورديُّ) ابنُ أبي حازم: عبدُ العزيز، والدراوردي -بدال وراء مهملتين مكررتين-: نسبةً إلى دراورد، قرية من أعمال خراسان، وقيل: نسبة إلى دار الجرد؛ مدينةٌ بناها "دارا" ملكُ الفرس، والتعبير للنسبة، واسمه عبد العزيز بن محمد (يزيد) من الزيادة (سلمة) بفتح السين واللّام (عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: أرأيتم لو أنّ نهرًا بباب أحدكم) أي: أخبروني؛ لأنّ الرَّؤية سبب الإخبار، سواء كان بمعنى العلم أو رُؤية البصر، والنّهر، بفتح الهاء وإسكانها، والفتح أفصح، به ورد القرآن. والتقييد: "بباب أحدكم" ليكون أسهل عليه خمس مرات (ما تقول، ذلك يُبقي من درنه؟ قالوا: لا يُبقي من درنه شيئًا) الدّرن -بالدال المهملة وراء كذلك- الوسخ. قال ابن مالك: القول هنا بمعنى الظن، والشرط أن يكون فعلًا مضارعًا مسندًا إلى المخاطب متصلًا بالاستفهام، كما في الحديث، ولفظ ذلك مفعول أوّل، ويبقي مفعول ثان، و"ما" منصوب المحل مفعول يُبقي. هذا كلامه، وعندي أنّ هذا تكلف لا طائل تحته؛ بل القول هو الكلام اللفظي؛ ولذلك قالوا: لا يبقي جوابًا عن قوله: "ما تقول" ولو كان "تقول" معناه تظن لم يقع: قالوا: لا يبقي من درنه جوابًا له؛ لأنّ هذا قول لفظيٌ بلا ريب. وقال بعضهم: الدّرن في الحديث كنايةٌ عن الآثام. وهو سهو، بل الدّرن: هو الوسخ، وكذلك شَبَّه به الإثم.

7 - باب تضييع الصلاة عن وقتها

«فَذَلِكَ مِثْلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، يَمْحُو اللَّهُ بِهَا الْخَطَايَا». 7 - باب تَضْيِيعِ الصَّلاَةِ عَنْ وَقْتِهَا 529 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا مَهْدِىٌّ عَنْ غَيْلاَنَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ مَا أَعْرِفُ شَيْئًا مِمَّا كَانَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. قِيلَ الصَّلاَةُ. قَالَ أَلَيْسَ ضَيَّعْتُمْ مَا ضَيَّعْتُمْ فِيهَا. 530 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ وَاصِلٍ أَبُو عُبَيْدَةَ الْحَدَّادُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِى رَوَّادٍ أَخِى عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِىَّ يَقُولُ دَخَلْتُ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ بِدِمَشْقَ وَهُوَ يَبْكِى فَقُلْتُ مَا يُبْكِيكَ فَقَالَ لاَ أَعْرِفُ شَيْئًا مِمَّا أَدْرَكْتُ إِلاَّ هَذِهِ الصَّلاَةَ، وَهَذِهِ الصَّلاَةُ قَدْ ضُيِّعَتْ. وَقَالَ بَكْرٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ الْبُرْسَانِىُّ أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى رَوَّادٍ نَحْوَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يقول: (فذلك مثل الصلوات الخمس) و (الخطايا): جمع خطيئة؛ وهي: الذنب، من خطِئ بالكسر، والمراد: الصغائر؛ لأن الكبائر لا تسقط إلا بالحدود أو التوبة، ومظالم العباد بالأداء والاستحلال. باب تضييع الصلاة عن وقتها 529 - (غيلان) بغين معجمة (عن أنس قال: ما أعرف شيئًا مما كان على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي: ما أجد، من إطلاق المسبب وإرادة [السبب] (قيل: الصلاة) بالرفع؛ أي: الصلاة موجودة. نقض عليه دعوى الكلية؛ لأنه فهم أنه نفى الوجود مطلقًا، فقال: (أليس قد ضيعتم ما ضيعتم فيها؟) -بالضاد المعجمة- ويروى بالصّاد المهملة والنون، من الصنع فردّ قول القائل: بأنه يريد العبادات على وجه الكمال؛ كما كانت في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ابن سعد: كان سبب هذا القول من أنس أن الحجّاج أخر الصلاة يومًا. قيل: كان بنو أمية يؤخرون الصلاة إلى آخر الوقت. ونقل شيخ الإسلام من طرق أنهم كانوا يخرجونها من الوقت. 530 - (عمرو بن زرارة) بالزّاي المعجمة بعدها مهملة (عن عثمان بن أبي رَوَّاد) بفتح الراء وتشديد الواو (دخلت على أنس بدمشق) -بكسر الدال- المدينة المعروفة بالشام (وقال بكر بن خلف) تعليق من البخاري؛ لأنه وإن كان معاصرًا للبخاري إلاّ أنّه لا روايةَ له عنه؛ إنما روى عنه أبو داود وابن ماجه (محمد بن بُكير) بضم الباء على وزن المصغر (البرساني) -

8 - باب المصلى يناجى ربه عز وجل

8 - باب الْمُصَلِّى يُنَاجِى رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ 531 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا صَلَّى يُنَاجِى رَبَّهُ فَلاَ يَتْفِلَنَّ عَنْ يَمِينِهِ، وَلَكِنْ تَحْتَ قَدَمِهِ الْيُسْرَى». وَقَالَ سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ لاَ يَتْفِلُ قُدَّامَهُ أَوْ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمَيْهِ. وَقَالَ شُعْبَةُ لاَ يَبْزُقُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلاَ عَنْ يَمِينِهِ، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ. وَقَالَ حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَبْزُقْ فِي الْقِبْلَةِ وَلاَ عَنْ يَمِينِهِ، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ». طرفه 241 532 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «اعْتَدِلُوا فِي السُّجُودِ، وَلاَ يَبْسُطْ ذِرَاعَيْهِ كَالْكَلْبِ، وَإِذَا بَزَقَ ـــــــــــــــــــــــــــــ بضم الباء- قال الغساني: بنو بُرسان بطن من الأزد، وقال ابن دريد: برسان فعلان، من البرس وهو: القطن. باب المصلي يناجي ربّه 531 - (عن أنس قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إن أحدكم إذا صلّى يناجي ربّه) المناجاة: من النجوى؛ وهو: الكلام الذي يُسرُّ به إلى الغير؛ ولا يشترط أن يكون من الطّرفين (فلا يتفلنّ عن يمينه؛ ولكن تحت قدمه اليسرى) قد نقلنا عن النووي سابقًا أنّ هذا في غير المسجد؛ وأمَّا في المسجد فيأخذه بردائه ونحوه، وكذا عن الإمام أحمد (وقال سعيد) هو ابن أبي عروبة (وقال شعبة) يحتمل التعليق والدّخول تحت الإسناد المذكور؛ بأن يروي مسلم عن سعيد وشعبة، وهما يرويان عن قتادة. كذا قيل، وهذا صحيح في شعبة دون سعيد؛ إذ لا رواية لمسلم بن إبراهيم عن سعيد. 532 - (حفص بن عمر) بضم العين (يزيد) من الزيادة (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اعتدلوا في السجود) المرادُ من الاعتدال الطمأنينةُ، والسجود ليس بقيد، بل الركوع وغيره، كما صرّح به في تعليم المسِيء صلاته، وكأنه اقتصر على السجود لأنه أشق، ولتكرره في كل ركعة (ولا يبسط ذراعيه كالكلب) الذراع: هو الساعد، وإنما نهى عنه لئلا يكون شبيهًا بأخس

9 - باب الإبراد بالظهر فى شدة الحر

فَلاَ يَبْزُقَنَّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلاَ عَنْ يَمِينِهِ، فَإِنَّهُ يُنَاجِى رَبَّهُ». طرفه 241 والمناجاة من كل مصل إنما تكون في صلاة المنفرد؛ كما يشعر به. 9 - باب الإِبْرَادِ بِالظُّهْرِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ 533، 534 - حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَنْ سُلَيْمَانَ قَالَ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ حَدَّثَنَا الأَعْرَجُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ. وَنَافِعٌ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُمَا حَدَّثَاهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ «إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا عَنِ الصَّلاَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الحيوانات، ولأنه لا يتمكن من السجود حَقّ التمكن، ولأنه يُشعر بالكسالة التي هي صفة المنافق. وتمام الكمالية فيه أنْ يضع يديه حذو منكبيه، ويرفع بطنه عن فخذيه، ويجافي يديه عن جنبيه. (وقال حميد) تعليق. وحميد: على وزن المصغر، هو: الطويل، ورواه عنه مسندًا من رواية قتيبة في باب حك البزاق (وإذا بزق فلا يبزق بين يديه، ولا عن يمينه؛ فإنه يناجي ربّه). فإن قلت: مناجاة الرّب تلائم عدم البزاق بين يديه، فما وجه اليمين؟ قلت: جاء في الرواية الأُخرى: "فإن عن يمينه ملكًا" كما تقدم، فهذا المطلق محمول على ذلك المقيد وأشرنا هناك إلى أن اليسار مان كان فيه ملك أيضًا؛ إلا أنّ ملك اليمين أفضل وأشرف. ويجوز أن يقال: لما كان مناجيًا ربّه فعليه رعاية الآداب، واليمين أشرف الجانبين. باب الإبراد بالظهر في شدّة الحر 533 - 534 - (أبو بكر) هو عبد الحميد بن أبي أويس (عن صالح بن كَيسان) بفتح الكاف وسكون الياء و (نافع) بالرفع عطفٌ على غيره (أنهما حدثاه) أي: أبو هريرة وابن عمر، حدثا نافعًا، قيل: ويحتمل أن يعود الضمير في أنهما إلى الأعرج ونافع أي: إن الأعرج ونافعًا حدثا صالح بن كيسان؛ وهذا سهو؛ لأن قوله: عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متعلق بحدثاه؛ فيصير الحديث بذلك مرسلًا (إذا اشتدّ الحر فأبردوا بالصلاة) وفي بعضها: "عن الصلاة" قال ابن الأثير: بمعنى دخل في البرد: فالياء للمصاحبة. وقال صاحب "الكشّاف": الباء للتعدية، أي: أَدْخِلوا الصلاة في البرد، وما ذكره ابن الأثير أظهر. ونقل

فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ». طرفه 536 535 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْمُهَاجِرِ أَبِى الْحَسَنِ سَمِعَ زَيْدَ بْنَ وَهْبٍ عَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ أَذَّنَ مُؤَذِّنُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - الظُّهْرَ فَقَالَ «أَبْرِدْ أَبْرِدْ - أَوْ قَالَ - انْتَظِرِ انْتَظِرْ». وَقَالَ «شِدَّةُ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، فَإِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا عَنِ الصَّلاَةِ». حَتَّى رَأَيْنَا فَىْءَ التُّلُولِ. أطرافه 539، 629، 3258 ـــــــــــــــــــــــــــــ ابن الأثير عن بعضهم أنه قال: "أبردوا" أي: صلوها في أوّل الوقت، والأحاديث المذكورة بعده تنافيه. فإن قلت: رواية الباء على ما ذكَرْتَ؛ فما وجه رواية عن؟ قلت: قال بعضهم: عن زائدة. وقيل: بمعنى الباء؛ فإن حروف الجر بعضُها يقومُ مقامَ بعض. وقال بعضهم: عن بمعنى الباء؛ كما في قولك: رميت عن القوس. وهذا غلط؛ فإنّ "عن" معناها المجاوزة، واتفاق النحاةُ على أن "عن" في قولك: رميت عن القوس على معنى المجاوزة. وعندي أن معنى الحديث: أبردوا عن الصلاة؛ أي: ادخلوا في البرد مجاوزين عن الصلاة؛ أي: لا تصلوها في أوّل الوقت؛ لأن حقيقة أبرد: دخل في البرد، فَضُمِّنَ معنى المجاوزة (فإنّ شِدَّة الحر من فيح جهنم) الفيح والفوح: سطوع الحرّ وفورانه. وجهنم غير منصرف, لأنه علم عجمي، أو لأنه علمٌ مؤنث. فإن قلت: تعليل ترك الصّلاة في شدّة الحر بأنه من فيح جهنم؛ ما وجهه؟ قلت: وجه ذلك أنه لا يلائم العبادة؛ فإنّ الإنسان لم يكن في ذلك الوقت على نشاطٍ وأريحية. 535 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (غُندر) بضم الغين المعجمة وفتح الدال المهملة (عن المهاجر) على وزن اسم الفاعل (عن أبي ذر قال: أذَّنَ مؤذن النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أبرد أبرد، أو قال: انتظر، انتظر) الشك من أبي ذر. والمراد: تأخير الإقامة إلى أن يبرد الوقت، (فإذا اشتد الحرّ فأبردوا عن الصلاة حتى رأينا فيء التلول) قوله: "حتى" غاية لفعل مقدر؛ أي: لما قال: أبردوا، أخرّ المؤذن الإقامة إلى أن رأينا فيء التلول. الفَيء لغة الرجوع،

536 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَفِظْنَاهُ مِنَ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلاَةِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ». طرفه 533 537 - «وَاشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا فَقَالَتْ يَا رَبِّ أَكَلَ بَعْضِى بَعْضًا. فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ، وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ، فَهُوَ أَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الْحَرِّ، وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الزَّمْهَرِيرِ». طرفه 3260 ـــــــــــــــــــــــــــــ قال ابن الأثير: سُمّيَ الظل الذي يكون بعد الزّوال فيئًا؛ لأنه يرجع من جانب المغرب إلى جانب المشرق. والتلول: بضم التاء جمع التل، وهو: الرّابية؛ وأراد بالفيء الزائد على ما يبقى عند الزوال؛ فإنّ الذي بالمدينة ما يُرى في التلول إلا إذا زاد على ذلك القدر. 537 - 538 - (اشتكت النار إلى ربها؛ فقالت: يا رب أكل بعضي بعضًا) الاشتكاء: رفع الشكوى على من يقدر على الإزالة؛ واشتكاء النار قيل: مجاز عن فرط الكثرة والغليان. والحقّ أنه محمول على ظاهره؛ كما في قوله تعالى: {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (30)} [ق: 30] وسيأتي في البخاري: أنها تقول: هل من مزيد حتى يضع الجبار فيها قدمه فتقول: قط قط. وسيأتي أيضًا مخاصمة الجنة والنار عند ربهما. وقد تقرر في علم الكلام أنّ قدرته تعالى نسبتها إلى كل الممكنات على السواء؛ فأيُّ وجه لصرف الكلام عن الحقيقة والمعنى الجِزْل الدال على كمال القدرة إلى تلفيق التأويلات الركيكة؟! وإنما يصرف الكلام عن ظاهره إذا لم يستقم، أو كان في الصرف نكتةٌ (فأذن لها بِنَفَسين؛ نَفَس في الشتاء، ونَفسٌ في الصيف) النَفَسُ: ما يستروح به الحيوان من إخراج الهواء المكدّر بواسطة الرّئة، فإنها بمثابة المروحة، تُخرج الهواء المكدَّر، وتجذب الطيب؛ وأصل النفس السّعة. وفيه دليل على بطلان قول من قال: إن الحرارة لازمة للناس؛ بل الحرّ والبرد بإيجاد الفاعل المختار.

10 - باب الإبراد بالظهر فى السفر

538 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِى قَالَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَبْرِدُوا بِالظُّهْرِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ». تَابَعَهُ سُفْيَانُ وَيَحْيَى وَأَبُو عَوَانَةَ عَنِ الأَعْمَشِ. طرفه 3259 10 - باب الإِبْرَادِ بِالظُّهْرِ فِي السَّفَرِ 539 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا مُهَاجِرٌ أَبُو الْحَسَنِ مَوْلًى لِبَنِى تَيْمِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ وَهْبٍ عَنْ أَبِى ذَرٍّ الْغِفَارِىِّ قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: هذه الأحاديث دلت على أفضلية الإبراد؛ وحديث خباب: شكونا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حرّ الرمضاء فلم يشكنا دلّ على أن المختار أوّل الوقت. قلت: قال النووي: ذهب قوم إلى أن أول الوقت أفضل بحديث خباب، والحق أنّ التأخير في شدة الحر أفضل؛ للأحاديث الكثيرة، وحديث خباب محمول على أنهم سالوا التأخير زائدًا على قدر الإبراد؛ هو أن يؤخر إلى أن يقع للحيطان ظل يمشون فيه. ونقل عن شرح السنة: أنهم كانوا يريدون تأخير الصلاة من الوقت، فلا ينافي حديث الإبراد. وهذا في غاية البعد، وقد سبق منّا أن ابن الأثير قال: معنى حديث خباب: شكونا حرّ الرمضاء فلم يشكنا، حمله الشافعي على أنهم أرادوا أن يسجدوا على ثيابهم فلم يجوز لهم (تابعه سفيان ويحيى وأبو عوانة) -بفتح العين- الوضاع الواسطي، والضمير لأبي عمر بن حفص؛ رووا كلهم عن الأعمش وسفيان: هو الثوري، سيأتي حديثه موصولًا في بدء الخلق في باب صفة النار. باب الإبراد بالظهر في السفر 539 - (مهاجر) بضم الميم وكسر الجيم (مولى بني تيم الله) -بفتح التاء وسكون الياء- قال الجوهري: معناه عبد الله، من تيمه الحب أي: عبده، قال: وهو تيم الله بن ثعلبة بن عكابة، وتيم الله بن النمر بن قاسط أيضًا كنا في سفر مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فأراد المؤذن أن يؤذن فقال له: أبرد) المراد بالأذان الإقامة؛ لما تقدم من قوله: فأذّن ثم أراد الإقامة. وتسمية

11 - باب وقت الظهر عند الزوال

كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي سَفَرٍ، فَأَرَادَ الْمُؤَذِّنُ أَنْ يُؤَذِّنَ لِلظُّهْرِ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَبْرِدْ». ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُؤَذِّنَ فَقَالَ لَهُ «أَبْرِدْ». حَتَّى رَأَيْنَا فَىْءَ التُّلُولِ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، فَإِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلاَةِ». وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ تَتَفَيَّأُ تَتَمَيَّلُ. طرفه 535 11 - باب وَقْتِ الظُّهْرِ عِنْدَ الزَّوَالِ وَقَالَ جَابِرٌ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى بِالْهَاجِرَةِ. 540 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ فَصَلَّى ـــــــــــــــــــــــــــــ الإقامة بالأذان شائع، وأيضًا تأخير الأذان عن الوقت لا موجب له، وقد جاء بلفظ الإقامة في رواية أبي داود، والتصريح بلفظ بلال بدل المؤذن. واعترض الترمذي على الشافعي في اشتراطه الإبراد لمن يأتي الجماعة من بعيد بهذا الحديث. واعتراضه ساقط؛ لأنّ البعد عن الإمام في السفر أكثر من المدن والقرى لاتصال البيوت عادة، وأيضًا شرط الشافعي في الإبراد أن لا يجد في طريقه شيئًا يقيه من حرّ الشمس، ولا شك أن هذا في السفر لا يوجد إلا قليلًا، بخلاف المدن والقرى، لوجود الحيطان والأجنحة. (فقال له: أبرد حتى رأينا فيء التلول) قد أشرنا أنه غاية لمقدر، أي: أخَّر الإقامة، وقيل: يتعلق بقال أو بأبرد ولا معنى له. باب وقت الظهر عند الزوال (وقال جابر: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي بالهاجرة) هي الساعة الأولى من أول وقت الظهر. فإن قلت: ما التوفيق بين هذا وبين ما تقدم من الأمر بالإبراد؟ قلت: لا ينافي؛ فإن هذا الأصل، وذلك هو الأفضل. والحقّ أنه باعتبار الفصول؛ ففي وقتِ اشتداد الحرّ ذاك أفضل، وفي خيره أول الوقت. وأما قول البيضاوي: لا ينافي لأن الهاجرة تطلق إلى قريب العصر من أوّل الوقت؛ فغير مسلم لغة، قال ابن الأثير: الهاجرة: اشتداد الحرّ نصف النهار، وأيضًا لا يدفع الإشكال فإن غرض البخاري أول الوقت ولذلك قال عند الزوال؛ وأحاديث الباب كلها دالة على ما أراد. 540 - (أبو اليمان) -بتخفيف النون- الحكم بن نافع (أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج فصلى

الظُّهْرَ، فَقَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَذَكَرَ السَّاعَةَ، فَذَكَرَ أَنَّ فِيهَا أُمُورًا عِظَامًا ثُمَّ قَالَ «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ شَىْءٍ فَلْيَسْأَلْ، فَلاَ تَسْأَلُونِى عَنْ شَىْءٍ إِلاَّ أَخْبَرْتُكُمْ مَا دُمْتُ فِي مَقَامِى هَذَا». فَأَكْثَرَ النَّاسُ فِي الْبُكَاءِ، وَأَكْثَرَ أَنْ يَقُولَ «سَلُونِى». فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ السَّهْمِىُّ فَقَالَ مَنْ أَبِى قَالَ «أَبُوكَ حُذَافَةُ». ثُمَّ أَكْثَرَ أَنْ يَقُولَ «سَلُونِى». فَبَرَكَ عُمَرُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا. فَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ «عُرِضَتْ عَلَىَّ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ آنِفًا فِي عُرْضِ هَذَا الْحَائِطِ فَلَمْ أَرَ كَالْخَيْرِ وَالشَّرِّ». طرفه 93 ـــــــــــــــــــــــــــــ الظهر حين زاغت الشمس) أي: مالت عن كبد السماء؛ هذا موضع الدلالة على ما ترجم (فذكر الساعة) أي: قيامها (وذكر فيها أمورًا عظامًا من أهوالها، ثم قال: من أحبّ أن يسأل عن شيء فليسأل، فلا تسألوني عن شيء إلا أخبرتكم به ما دمت في مقامي هذا) أي: أن الله كشف عن عالم الملك والملكوت له (فأكثر الناس في البكاء خوفًا من هول تلك الأمور) وروى أنس في تفسير سورة المائدة أنه خطب خطبة ما سمعت مثلها قطُّ؛ وقال: "لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلًا، ولبكيتم كثيرًا"، فغطى الأصحاب وجوههم ولهم حنين. وقوله "فلا تسألوني" نفي حذف منه [نون الرفع] اكتفاءً بنون [الوقاية] وإنما أكثر من قول [سلوني] لما روى ابن عباس [...] قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ} [المائدة: 101] أنهم كانوا يسألون استهزاءً؛ يقول الرّجل منهم: من أبي؟ والآخر إذا ضلّت ناقته يقول: أين ناقتي؟ ولذلك غضب وأكثر من قوله: "سلوني" (فبرك عمر على ركبتيه) البروك: حقيقة في الإبل مجاز في غيره (فقال: رضينا بالله ربًّا وبالإسلام دينًا وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - نبيًّا فسكت) عن القول، وسكن غضبه؛ (ثم قال: عرضت عليّ الجنة والنار آنفًا) أي: قريبًا بفتح الهمزة والمدّ والقصر لغتان (في عُرض هذا الحائط) بضم العين؛ أي: الجانب (فلم أر كالخير والشر) أي: مثل الخير والشر من الأسباب الموصلة إلى الجنة والنار، ويجوز أن يريد بالخير والشر نفس الجنة والنار.

541 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى الْمِنْهَالِ عَنْ أَبِى بَرْزَةَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى الصُّبْحَ وَأَحَدُنَا يَعْرِفُ جَلِيسَهُ، وَيَقْرَأُ فِيهَا مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى الْمِائَةِ، وَيُصَلِّى الظُّهْرَ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ، وَالْعَصْرَ وَأَحَدُنَا يَذْهَبُ إِلَى أَقْصَى الْمَدِينَةِ ثُمَّ يَرْجِعُ وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ، وَنَسِيتُ مَا قَالَ فِي الْمَغْرِبِ، وَلاَ يُبَالِى بِتَأْخِيرِ الْعِشَاءِ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ. ثُمَّ قَالَ إِلَى شَطْرِ اللَّيْلِ. وَقَالَ مُعَاذٌ قَالَ شُعْبَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــ 541 - (عن أبي المِنهال) -بكسر الميم- سيار بن سلامة (عن أبي بَرْزة الأسلمي) -بفتح الباء وسكون الراء بعدها زاي معجمة- واسمه: نضلة بفتح النون وسكون الضاد المعجمة (ويصلي الظهر إذا زالت الشمس) هذا موضع الدلالة؛ فإنه يدل على أنه كان يصليها في أول الوقت (والعصر وأحدنا يذهب إلى أقصى المدينة رجع والشمس حية) أي: لم تصفر بل على نورها الكامل، الكلام على طريقة الاستعارة التبعية. فإن قلت: ما موقع رجع؟ قلت: حال من فاعل يذهب، أي: يذهب إلى أقصى المدينة بعدما صلى راجعًا، أي: إلى رحله، كما صرّح به في الرواية الأخرى. فإن قلت: في بعضها بالواو وفي بعضها بلفظ ثم. قلت: معنى ذلك أنه يذهب إلى أقصى المدينة، ثم يرجع إلى رحله بدليل تلك الرواية، وسيأتي في باب وقت العصر بلفظ: ثم ما يوافق هذا في المعنى. (ولا يبالي بتأخير العشاء إلى ثلث الليل؛ [ثم] قال إلى شطر الليل) قال الجوهري: الشطر النصف. وعلى الرّوايتين للشافعي قولان، الأصح أن لا يؤخرها عن الثلث. وقد روى الحاكم عن أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لولا أشق على أمتي لأخرت العشاء إلى نصف الليل"، ولولا لانتفاء الثاني لوجود الأول؛ فلا أمر بالتأخير إلى النصف (قال شعبة:

12 - باب تأخير الظهر إلى العصر

ثُمَّ لَقِيتُهُ مَرَّةً فَقَالَ أَوْ ثُلُثِ اللَّيْلِ. أطرافه 547، 568، 599، 771 542 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ - يَعْنِى ابْنَ مُقَاتِلٍ - قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنِى غَالِبٌ الْقَطَّانُ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِىِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كُنَّا إِذَا صَلَّيْنَا خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالظَّهَائِرِ فَسَجَدْنَا عَلَى ثِيَابِنَا اتِّقَاءَ الْحَرِّ. طرفه 385 12 - باب تَأْخِيرِ الظُّهْرِ إِلَى الْعَصْرِ 543 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ - هُوَ ابْنُ زَيْدٍ - عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى بِالْمَدِينَةِ سَبْعًا وَثَمَانِيًا ـــــــــــــــــــــــــــــ تمّ لقيته مرّة أخرى، قال: أو ثلث الليل) أي: لقيت أبا المنهال. ومحصله أنه شاك في القضية، وأكثر ميله إلى الثلث. 542 - (محمد بن مُقاتِل) بضم الميم وكسر التاء (عن بكر بن عبد الله المزني) -بضم الميم وفتح الزاي المعجمة- نسبة إلى مزينة على وزن المصغر، قال الجوهري: قبيلة من مضر أولاد مزينة بن أدّ بن طالحة (عن أنس بن مالك قال: كنا إذا صلينا بالظهائر سجدنا على ثيابنا اتقاءَ الحرّ) الظهائر: جمع ظهيرة. قال ابن الأثير: وهي شدة الحر نصف النهار، ولذلك لا يقال في الشتاء: الظهيرة. فإن قلت: ما جواب الشافعي عن حديث أنس؟ قلت: جوابه حديث خباب: شكونا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حرّ الرمضاء فلم يشكنا، وأنس لم يروه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا في حديثه ما يدل على أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علم بذلك. باب تأخير الظهر إلى العصر 543 - (أبو النعمان) بضم النون محمد بن الفضل (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم (جابر بن زيد) يكنى أبا الشعثاء (عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلّى بالمدينة سبعًا وثمانيًا؛

13 - باب وقت العصر

الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ. فَقَالَ أَيُّوبُ لَعَلَّهُ فِي لَيْلَةٍ مَطِيرَةٍ. قَالَ عَسَى. طرفاه 562، 1174 13 - باب وَقْتِ الْعَصْرِ وقال أبو أسامة عن هشام: من قعر حجرتها. 544 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ لَمْ تَخْرُجْ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ الظهر والعصر والمغرب والعشاء) لف ونشر غير مرتب (فقال أيوب: لعله في ليلة مطيرة؟ فقال: عسى) المطيرة: ذات المطر. وقوله: لعله في ليلة مطيرة: خاص بالمغرب والعشاء، ولم يذكر النهار لأنه يعلم من الليلة بالطريق الأولى. واعلم أنّ حديث ابن عباس رواه مسلم أيضًا، وقد أولوه بتأويلات لا يصح منها شيء، أمّا تأويل أيوب بأنّه كان في الليلة المطيرة يردُّه رواية مسلم: "من غير خوف ولا مطر" وفي رواية أخرى منه: "من غير خوف ولا سفر" وأما تأويل غيره بأنه أخرهما إلى آخر الوقت فيردّه لفظ: "جميعًا" في رواية لهما. والصواب: أنه منسوخ؛ لإجماع الأمة على عدم الجواز؛ والإجماع وإن لم يصلح ناسخًا؛ لأنه لا نسخ بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إلا أنه يدلّ على أن له ناسخًا هو سند الإجماع. فإن قلت: من أين علم الإجماع على ترك العمل به؟ قلت: من قول الثقة الترمذي؛ فإنه قال: ليس في كتابي حديث أجمعت الأمة على ترك العمل به إلا حديث ابن عباس هذا، وحديث قتل شارب الخمر. باب وقت العصر 544 - (إبراهيم بن المنذر) بضم الميم وكسر الذال (أنس بن عِياض) بكسر العين وضاد معجمة (عن عائشة: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي العصرَ والشمس لم تخرج من

حُجْرَتِهَا. طرفه 522 545 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ فِي حُجْرَتِهَا، لَمْ يَظْهَرِ الْفَىْءُ مِنْ حُجْرَتِهَا. 546 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى صَلاَةَ الْعَصْرِ وَالشَّمْسُ طَالِعَةٌ فِي حُجْرَتِى لَمْ يَظْهَرِ الْفَىْءُ بَعْدُ. وَقَالَ مَالِكٌ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَشُعَيْبٌ وَابْنُ أَبِى حَفْصَةَ وَالشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ تَظْهَرَ. طرفه 522 547 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا عَوْفٌ عَنْ سَيَّارِ بْنِ سَلاَمَةَ قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ حجرتها) أي: شعاع الشمس، فدلّ على أنه كان يصليها في أول الوقت. 545 - (قتيبة) بضم القاف، على وزن المصغر (والشمس في حجرتها لم يظهر الفيءُ من حجرتها) الفيء: الظلُّ بعد الزوال، وإذا كانت الشمس في الحجرة لم يمكن ظهور الفيء من الحجرة. 546 - (أبو نعيم) -بضم النون، على وزن المصغر- فضل بن دكين (عن ابن عيينة) -بضم العين، على وزن المصغر- سفيان (قال مالك ويحيى بن سعيد وشعيب وابن أبي حفصة) محمد بن ميسرة يكنى بأبي سلمة؛ كذا ضبطه بعض الشّراح، والذي قاله المقدسي وشيخ الإسلام ابن حجر: أبو حفصة، اسمه نابت -بالنون- وله بنون ثلاث: محمد وسالم وعمارة، هو الراوي عن شعبة، روى عنه البخاري في غزوة خيبر. روى هؤلاء كلهم عن الزهري. 547 - (محمد بن مقاتل) بضم الميم على وزن اسم الفاعل (عبد الله) هو ابن المبارك (عوف) بفتح العين آخره فاء (سيار بن سلامة) بفتح السين فيهما وتشديد الياء وتخفيف اللام

دَخَلْتُ أَنَا وَأَبِى عَلَى أَبِى بَرْزَةَ الأَسْلَمِىِّ، فَقَالَ لَهُ أَبِى كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى الْمَكْتُوبَةَ فَقَالَ كَانَ يُصَلِّى الْهَجِيرَ الَّتِى تَدْعُونَهَا الأُولَى حِينَ تَدْحَضُ الشَّمْسُ، وَيُصَلِّى الْعَصْرَ، ثُمَّ يَرْجِعُ أَحَدُنَا إِلَى رَحْلِهِ فِي أَقْصَى الْمَدِينَةِ وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ - وَنَسِيتُ مَا قَالَ فِي الْمَغْرِبِ - وَكَانَ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُؤَخِّرَ الْعِشَاءَ الَّتِى تَدْعُونَهَا الْعَتَمَةَ، وَكَانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَهَا وَالْحَدِيثَ بَعْدَهَا، وَكَانَ يَنْفَتِلُ مِنْ صَلاَةِ الْغَدَاةِ حِينَ يَعْرِفُ الرَّجُلُ جَلِيسَهُ، وَيَقْرَأُ بِالسِّتِّينَ إِلَى الْمِائَةِ. طرفه 541 548 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كُنَّا نُصَلِّى الْعَصْرَ ثُمَّ يَخْرُجُ الإِنْسَانُ إِلَى بَنِى عَمْرِو بْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ (دخلت أنا وأبي على أبي برزة الأسلمي) بفتح الباء وتقديم المهملة: اسمه نضلة بالنون وبضاد معجمة (كان يصلي الهجير التي يدعونها الأولى) قال الجوهري: الهجير والهاجرة: نصف النهار. فعلى هذا يقدر مضاف؛ أي: صلاة الهجير (حين تدحض الشمس) أي: تزول من كبد السماء، أصله: الزلق، قال ابن الأثير: كأنها تزلق (وكان يستحب أن يؤخر من العشاء التي يدعونها العَتَمَة) -ثلاثُ فتحات- الظلمة في الليل، وأصله التأخير، يقال: أعتم بكذا: أخَّرَهُ؛ وإنما قال: التي يدعونها؛ لأن النهي ورد عن تسمية العشاء عتمة (وكان يكره النومَ قبلها والحديثَ بعدها) أي: الحديث الذي لا يتعلق بالدّين، كما يفعله أكثر السُّمَّار، وإلا فقد سبق في باب السَّمر بالعلم حديثُه بعد العشاء في أمور الدين (وكان ينفتل من صلاة الغداة حين يعرف الرّجل جليسه) أي: ينصرف من فتلت الشيء دورته. فإن قلت: قد سبق أنه كان يصلي الغداة بالغلس؟ قلت: سبق أيضًا أنه كان يجلس في موضعه حتى تذهب النساء فلا يقع الاختلاط بالرّجال. 548 - (عن أنس بن مالك: كنا نصلي العصر ثم يخرج الإنسان إلى بني عمرو بن

14 - باب وقت العصر

عَوْفٍ فَنَجِدُهُمْ يُصَلُّونَ الْعَصْرَ. أطرافه 550، 551، 7329 549 - حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ يَقُولُ صَلَّيْنَا مَعَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الظُّهْرَ، ثُمَّ خَرَجْنَا حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَوَجَدْنَاهُ يُصَلِّى الْعَصْرَ فَقُلْتُ يَا عَمِّ، مَا هَذِهِ الصَّلاَةُ الَّتِى صَلَّيْتَ قَالَ الْعَصْرُ، وَهَذِهِ صَلاَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الَّتِى كُنَّا نُصَلِّى مَعَهُ. 14 - باب وَقْتِ الْعَصْرِ 550 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ حَيَّةٌ، فَيَذْهَبُ الذَّاهِبُ إِلَى الْعَوَالِى فَيَأْتِيهِمْ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ، وَبَعْضُ الْعَوَالِى مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ أَوْ نَحْوِهِ. طرفه 548 ـــــــــــــــــــــــــــــ عوف فيجدهم يصلّون العصر) بنو عمرو هم أهل قباء؛ وبين قباء والمدينة مسافة فرسخ. قال النووي: إنما كان يقع من بني عمرو بعضُ تأخير لأنهم كانوا أهل عمل. 549 - (ابن مقاتل) بضم الميم وكسر التاء (أبو بكر بن عثمان سهل بن حنيف) بفتح السين وسكون الهاء، وحنيف بضم الحاء: على وزن المصغر (سمعت أبا أمامة) بضم الهمزة؛ قال ابن عبد البر: هو أسعد بن سهل، ولد في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسمّاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسعد باسم جدّه أسعد بن زرارة. قال بعضهم: صحابي على الأصح. قلت: ليس بصحابي على الأصح. قاله ابن عبد البر في "الإستيعاب" قال: إنه معدود في كبار التابعين (يقول: صلينا مع عمر بن عبد العزيز الظهر؛ ثم خرجنا حتى دخلنا على أنس بن مالك فوجدناه يصلي العصر؛ فقلت: يا عم ما هذه الصلاة؟!) سمّاه عمًا لأنه صحابي من أقران أبيه (قال: العصر؛ وهذه صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: كصلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حيثُ إنها في أول الوقت. باب وقت العصر 550 - (كان يصلي العصر والشمس مرتفعة فيذهب الذاهب [إلى] العوالي) جمع العالية، قال ابن الأثير: العوالي أماكن باعلى المدينة، والنسبة إليها: علوي، على غير

15 - باب إثم من فاتته العصر

551 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كُنَّا نُصَلِّى الْعَصْرَ ثُمَّ يَذْهَبُ الذَّاهِبُ مِنَّا إِلَى قُبَاءٍ، فَيَأْتِيهِمْ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ. طرفه 548 15 - باب إِثْمِ مَنْ فَاتَتْهُ الْعَصْرُ 552 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الَّذِى تَفُوتُهُ صَلاَةُ الْعَصْرِ كَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: {يَتِرَكُمْ} [محمد: 35] «وَتَرْتُ الرَّجُلَ إِذَا قَتَلْتَ لَهُ قَتِيلًا أَوْ أَخَذْتَ لَهُ مَالًا». ـــــــــــــــــــــــــــــ القياس، أقربها إلى المدينة أربعة أميال، وأبعدها ثمانية أميال. هذا والأحاديث المُوْرَدة في هذه الأبواب دلت على أنه كان يصلي الصلوات الخمس في أوّل الوقت، غير الظهر في اشتداد الحر، وغير العشاء؛ فإنه كان يؤخرها لتكون في وقت لا يشاركهم فيها أهل سائر الأديان؛ كما ستأتي الإشارة إليه. باب إثم من فاتته العصر 552 - (عن عبد الله بن عمر: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: الذي تفوته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله) بنصب أهله وماله على المفعولية؛ والمفعول الأول الضمير المستتر في وتر على أنه المفعول الأوّل القائم مقام الفاعل. قال النووي: رواية الجمهور النصب. قلت: لأنه من وتر حقه أي: نقصه؛ قاله الجوهري، ومنه قوله تعالى {وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ (35)} [محمد: 35]، فالمعروف المختار عند النحاة أن المفعول الأول منه يقام مقام لفاعل. وأفا الرفع فالوجه فيه أنه من وتره: جعله وترًا، أي: منفردًا. فإن قلت: لفظ تفوته أعم من أن يكون نومًا أو نسيانًا؟ قلت: أخرج بدليل آخر، وهو: "ليس في النوم والنسيان تفريط، من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها".

16 - باب فضل صلاة العصر

16 - باب فَضْلِ صَلاَةِ الْعَصْرِ 553 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَبِى الْمَلِيحِ قَالَ كُنَّا مَعَ بُرَيْدَةَ فِي غَزْوَةٍ فِي يَوْمٍ ذِى غَيْمٍ فَقَالَ بَكِّرُوا بِصَلاَةِ الْعَصْرِ فَإِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ تَرَكَ صَلاَةَ الْعَصْرِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ». طرفه 594 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: هل حكم سائر الصلوات حكم العصر أم لا؟ قلت: الظاهر أن هذا مخصوص بالعصر؛ لأنها الصلاة الوسطى، وإن شاركتها سائر الصلوات في مطلق الوعيد. فإن قلت: من لم يجعلها الوسطى فما الوجه عنده؟ قلت: يقول: إن وقت العصر آخر النهار، وازدحام الشغل، فكان مظنة الغفلة، بالغَ في الوعيد إيقاظًا لهم. وسيأتي الكلام على هذا مستوفى في شرح قوله: "من حلف على يمين بعد العصر" إن شاء الله تعالى. باب من ترك العصر أي: حكم من ترك العصر. 553 - (مسلم بن ابراهيم) ضدّ الكافر (يحيى بن أبي كثير) ضد القليل (عن أبي قلابة) -بكسر القاف- عبد الله بن زيد الجرمي (عن أبي المليح) -بفتح الميم وكسر اللام- عامر بن أسامة الهذلي، وقيل: اسمه زياد، وقيل: زيد (بكروا بصلاة العصر؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله). فإن قلت: حبوط العمل بالمعاصي ليس مذهبَ أهل الحق؟ قلت: هذا كلام وارد على طريقة التهديد، كما في قوله: "من ترك الصلاة فقد كفر". وقيل: المراد حبوط ذلك العمل الذي تركه، وليس بشيء؛ لأنّ المتبادر من العمل هو الموجود؛ الذي يكون ترك الصلاة مبطلًا له. وقيل: إذا كان مستحلًا. وهذا أيضًا ليس بغرض الشارع، لأن غرضه الحث والإقبال عليه ممن يعتقد وجوبه. وقيل: العمل الذي يشغل عن الصلاة، بمعنى عدم البركة

17 - باب فضل صلاة العصر

17 - باب فَضْلِ صَلاَةِ الْعَصْرِ 554 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ قَيْسٍ عَنْ جَرِيرٍ قَالَ كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَنَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ لَيْلَةً - يَعْنِى الْبَدْرَ - فَقَالَ «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْقَمَرَ لاَ تُضَامُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ فيه. وهذا أيضًا لا يدل عليه اللفظ؛ لأن الكلام في الترك سواء كان بواسطة الاشتغال بشيء آخر أم لا، فالوجه ما قدمناه. فإن قلت: هل فرق بين الترجمة في الباب قبله وهذه الترجمة؟ قلت: ليس الفرق إلا في المفهوم؛ لما قدمنا من أن الفوت الذي توعد عليه الشارع هو الفوت قصدًا، لا نومًا ولا نسيانًا، إلا أن لفظ الفوت يدل بظاهره على أن ذلك باشتغاله بشيء آخر، حتّى فاته العصر، ولفظ الترك يدلّ أن الفوت كان من عدم المبالاة وعلته الكسل وهذا أقبح؛ ولذلك رتب عليه حبوط العمل، وعلى الأول نقص المال والأهل. باب فضل صلاة العصر 554 - (الحميدي) بضم الحاء، على وزن المنسوب المصغر، عبد الله بن زبير شيخ البخاري، نسب إلى جده الأعلى (مروان بن معاوية) بفتح الميم في الأول، وضمه مع الثاني (إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر، لا تضامون فيه) أي: تظلمون، بأن يراه أحد دون آخر -بضم التاء وتخفيف الميم- من الضيم، وهو الظلم، وبتشديد الميم أيضًا، من الضّم؛ أي: ترونه مكشوفًا، كلٌّ في مكانه، لا كرؤية الهلال توى الناس تنضم بعضهم إلى بعض عند رؤيته. وفي بعض الروايات تضاهون، من المضاهاة، وهي: المشابهة والمحاكاة، وسيأتي في التفسير رواية البخاري: أنه نظر إلى القمر ليلة أربع عشرة، ثم قال هذا الكلام. قال النووي: حديث الرؤية رواه عشرون صحابيًّا. قلت: وبعد الصحابة أمة لا يُحْصون. قال: وعليه إجماع السلف قبل ظهور أهل البدع؛ ولما كانت الرؤية بخلق الله تعالى من غير اشتراط

فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لاَ تُغْلَبُوا عَلَى صَلاَةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا». ثُمَّ قَرَأَ (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ). قَالَ إِسْمَاعِيلُ افْعَلُوا لاَ تَفُوتَنَّكُمْ. أطرافه 573، 4851، 7434، 7435، 7436 555 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلاَئِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلاَةِ الْفَجْرِ وَصَلاَةِ الْعَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ، فَيَسْأَلُهُمْ وَهْوَ أَعْلَمُ ـــــــــــــــــــــــــــــ جهة ولا مقابلة؛ والحديث رواه الجمُّ الغفير فلا يمنعه إلا من رمي بسهم الشقاء. وأنا أقول: خاضعًا لجناب قدسه تعالى: إني آمنت بما قال رسولك الصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم -، فبحرمته لديك أن تجعلني من الفائزين برؤية جمالك، إنك على ذلك قدير، وأنت الذي لا ترد سائِلك خائبًا. (فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها؛ فافعلوا ثمّ قرأ: {فَسَبِّحْ} الواقع في النسخ "قبل الغروب" فالضواب {وَسَبِّحْ} بالواو كذلك هو القرآن الكريم. (وقال إسماعيل: افعلوا لا تفوتنكم) من قول إسماعيل، شرح كقوله في الحديث "فافعلوا". قلت: هو كذلك من قول إسماعيل، ولكن ليس تفسيرًا لقوله "فافعلوا" بدليل عدم أيّ والفاء؛ بل هو كلام يحث به على الفعل نوعًا من الوعظ والإيقاظ. فإن قلتَ: كيف دلّ الحديث على فضل صلاة العصر؟ قلت: لما ذكر رؤية الله الذي هو أعظم المقاصد، وأردفه بذكر الحث على صلاة العصر والفجر، دلّ دلالة ظاهرة على أنهما بمكان عند الله، تصلحان وسيلة لذلك القصد العظيم. 555 - (عن أبي الزناد) -بكسر الزاي المعجمة، بعدها نون- عبد الله بن ذكوان (أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: يتعاقبون فيكلم ملائكة بالليل، وملائكة بالنهار) كان الظاهر أن يقول: يتعاقب بالإفراد، إلا أنه أتى بضمير الجمع مع الفاعل المظهر، وهي لغة بني الحارث، مذهب الأخفش جوازه، وقيل: الوجه فيه أن يكون المظهر بدلًا من المضمر. وتنكير الملائكة لأن الطائفة الثانية غير الأولى (ثم بعرج الذين باتوا فيكم؛ فيسألهم ربهم وهو أعلم

18 - باب من أدرك ركعة من العصر قبل الغروب

بِهِمْ كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِى فَيَقُولُونَ تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ». أطرافه 3223، 7429، 7486 18 - باب مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ الْغُرُوبِ 556 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا أَدْرَكَ أَحَدُكُمْ سَجْدَةً مِنْ صَلاَةِ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَلْيُتِمَّ صَلاَتَهُ، وَإِذَا أَدْرَكَ سَجْدَةً مِنْ صَلاَةِ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ بهم) بشأنهم، وما علموا من حال عباده؛ فليس السؤال للاستعلام بل لإقرار الملائكة بقيام عباده بأشرف الطاعات، وهي: صلاة العصر، وصلاة الصبح. ومعنى قوله: "باتوا فيكم" إقامتهم فيهم؛ لأنّ الملائكة لا نوم عندهم، يسبحون الليل والنهار. والاكتفاء بملائكة الليل للعلم منه بملائكة النهار؛ كقوله تعالى: {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} [النحل: 81]، وقيل: في الرواية اختصار، وقد جاء في رواية النسائي: "ثم يعرج الذين كانوا فيكم"، وفي رواية ابن خزيمة التصريح بالسؤال لكل منهما. وقد سلف منّا أنّ الاقتصار على ملائكة الليل لأنهم شاهدوا أربع صلوات، فهم أعرف بحالهم (تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون) السؤال إنما كان عن تركهم؛ وإنما زادوا على قدر الجواب ثناءً على المؤمنين، وسعيًا في طلب عفو الله عنهم واسترضائه، وكيف لا وحملة العرش والكَرُوْبِيُّون يستغفرون للمؤمنين. وبما قررنا سقط ما يقال: إنما سألهم ليكون إقرارهم ردًا لمقالتهم: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} [البقرة: 30] إذ لو كان المقام مقام ذلك لاكتفوا بما هو مقتضى الجواب من غير زيادة. باب من أدرك ركعة من العصر قبل الغروب 556 - (أبو نعيم) -بضم النون على وزن المصغر- فضل بن دكين (شيبان) بفتح الشين المعجمة بعدها ياء ساكنة (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إذا أدرك أحدكم سجدة من صلاة العصر قبل أن تغرب [الشمس] فليتم صلاته، وإذا أدرك سجدة من صلاة الصبح قبل أن

تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَلْيُتِمَّ صَلاَتَهُ». طرفاه 579، 580 557 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّمَا بَقَاؤُكُمْ فِيمَا سَلَفَ قَبْلَكُمْ مِنَ الأُمَمِ كَمَا بَيْنَ صَلاَةِ الْعَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، أُوتِىَ أَهْلُ التَّوْرَاةِ التَّوْرَاةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ تطلع الشمس فليتم صلاته) إنما حصرها بين الصلاتين بالذكر، لوقوع الصلاة في وقت الكراهة وفرّق أبو حنيفة بين العصر والصبح، وقال: صلاة الصبح تبطل بطلوع الشمس، بخلاف العصر؛ لأن صلاة الصبح بخروج الوقت اتصلت بوقت غير صالح. قال النووي: وهذا الحديث حجة عليه. والمراد من إدراك السجدة: إدراك مقدار الركعة؛ واطلاق السجدة على الركعة من إطلاق الجزء على الكلّ شائع. فإن قلت: ما دون الركعة أيضًا كذلك؟ قلت: ذكر الركعة خارج مخرج الغالب. فإن قلت: تلك الصلاة، وهي قوله: "فقد أدرك الصلاة" كلها أداء أو قضاء؟ قلت: أداء وفي رواية لمسلم إشارة إليه. 557 - (إنما بقاؤكم فيما سلف من الأمم كما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس) أي: كما بين أول وقت العصر إلى آخرة هذا غرض البخاري الدال على الترجمة والذي يدل على أن الكل وقت العصر عدم الواو العاطفة إذ لو لم يكن كذلك كان حق العبارة أن يقول كما بين العصر وبين الغروب. وأجاب بعضهم بأن مناسبة الترجمة مأخوذة من قوله: إلى غروب الشمس، إذ لم يفرق بين الغروب وقبله؛ وهذا شيء لا أفهمه؛ لأنّ الغروب هو انتهاء المدّة، فأيّ معنى لما قاربه، وأيّ دلالة للفظ على ذلك؟ وأجاب آخرون بأنهم لما عملوا أقلّ من عمل غيرهم وأثيبوا لأكثر من ثوابهم، فكأنه نبه على أنّ حكم البعض في الإدراك حكم الكل، وليس بشيء؛ إذ زيادة الثواب محض فضل الله؛ فأي رابطة بينهما؟ أو أيَّة دلالة نسمي هذه الدلالة؟ والمراد من قوله: "بقاؤكم فيما سلف قبلكم من الأمم": قرب الساعة؛ وأن ما مضى نسبته إلى الباقي من الزمان كنسبة ما بقي من أوّل العصر إلى الغروب بالنسبة إلى ما مضى من النّهار؛ فلا يرد أن بين عيسى وبين محمد - صلى الله عليه وسلم - ستمائة سنة؛ لأنّ النسبة إلى ما مضى من أوّل الدنيا إلى وقت - صلى الله عليه وسلم -. (أوتى أهل التوراة التوراة) وهذا كلام مستأنف ليس له تعلق بالترجمة، غايته أن الراوي رواه كما رقع. ولعلّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما ذكر وقت العصر أردفه بحديث أهل

فَعَمِلُوا حَتَّى إِذَا انْتَصَفَ النَّهَارُ عَجَزُوا، فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا، ثُمَّ أُوتِىَ أَهْلُ الإِنْجِيلِ الإِنْجِيلَ فَعَمِلُوا إِلَى صَلاَةِ الْعَصْرِ، ثُمَّ عَجَزُوا، فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا، ثُمَّ أُوتِينَا الْقُرْآنَ فَعَمِلْنَا إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَأُعْطِينَا قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ، فَقَالَ أَهْلُ الْكِتَابَيْنِ أَىْ رَبَّنَا أَعْطَيْتَ هَؤُلاَءِ قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ، وَأَعْطَيْتَنَا قِيرَاطًا قِيرَاطًا، وَنَحْنُ كُنَّا أَكْثَرَ عَمَلاً، قَالَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَلْ ظَلَمْتُكُمْ مِنْ أَجْرِكُمْ مِنْ شَىْءٍ قَالُوا لاَ، قَالَ فَهْوَ فَضْلِى أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ». أطرافه 2268، 2269، 3459، 5021، 7467 ـــــــــــــــــــــــــــــ الكتابين لذكر وقت العصر في قصتهم (فعملوا بها) أي بالتوراة (حتى إذا انتصف النهار عجزوا فأعطوا قيراطًا قيراطًا) أي: كل واحد منهم، والعجز: كناية عن الموت، والقيراط: أصله قرّاط بتشديد الرّاء فأبدلت الأولى ياءً تخفيفًا كما في تقضى البازي. قال ابن الأثير: والقيراط: نصف عشر الدينار في أكثر البلاد، وأهل الشام يجعلونه جزءًا من أربعة وعشرين جزءًا، وليس ما في الحديث ذلك المصطلح بأحد الاصطلاحين، بل نصيب ما من الثواب لا يعلمه غيره تعالى، كما قال في الحديث الآخر: "كلّ قيراطٍ مثل أحد". (فقال أهل الكتابين: أي ربنا) أي: حرف النداء (أَعطيتَ هولاء قيراطين قيراطين، وأعطيتنا قيراطًا قيراطًا، ونحن أكثر عملًا) استدل به أبو حنيفة على أن أوّل وقت العصر إذا صار ظل كلّ شيء مثليه، وإلا لم يكن عمل النصارى أكثر من عمل المسلمين؟ وأجاب عنه بعضهم بأن هذا مقول أهل الكتابين، فنسبة وقت العصر إنما هو إلى ما مضى من النهار كلّه، وليس بشيء؛ لأنّ كلّ طائفة تزعم أنهم أكثر عملًا بانفرادها، ومنهم من منع عدم الزيادة؛ وإن قلنا: إن أول وقت العصر مصير ظل كل شيء مثله وانه يقطع الشبهة، وقد سألت من هو علم في علم الميقات؛ فرأيته جازمًا به؛ فلا حاجة إلى ما قيل. أحسن ما يقال: إن كلام أهل الكتابين ليس إلا في كثرة العمل، ويجوز أن يكون العمل كثيرًا، وإن كان الزمان أقل. (قال: هل ظلمتكم من أجركم من شيء؟ قالوا: لا، قال: فهو فضلي أوتيه من أشاء) إشارة إلى زائد على الأجر، والضمير له، وقيل: إلى المجموع. وفيه أن الكل وإن كان فضلًا من الله إلا أنه بعدما سمّاه أجرًا فلا وجه لإدخاله في الفضل.

19 - باب وقت المغرب

558 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «مَثَلُ الْمُسْلِمِينَ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ قَوْمًا يَعْمَلُونَ لَهُ عَمَلاً إِلَى اللَّيْلِ، فَعَمِلُوا إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ، فَقَالُوا لاَ حَاجَةَ لَنَا إِلَى أَجْرِكَ، فَاسْتَأْجَرَ آخَرِينَ فَقَالَ أَكْمِلُوا بَقِيَّةَ يَوْمِكُمْ، وَلَكُمُ الَّذِى شَرَطْتُ، فَعَمِلُوا حَتَّى إِذَا كَانَ حِينَ صَلاَةِ الْعَصْرِ قَالُوا لَكَ مَا عَمِلْنَا. فَاسْتَأْجَرَ قَوْمًا فَعَمِلُوا بَقِيَّةَ يَوْمِهِمْ حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ، وَاسْتَكْمَلُوا أَجْرَ الْفَرِيقَيْنِ». طرفه 2271 19 - باب وَقْتِ الْمَغْرِبِ وَقَالَ عَطَاءٌ يَجْمَعُ الْمَرِيضُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ. 559 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ قَالَ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 558 - (أبو كريب) -بضم الكاف: على وزن المصغر- محمد بن العلاء (أبو أسامة) -بضم الهمزة - حمّاد بن أسامة (بريد) مصغر البرد؛ هو ابن عبد الله بن أبي بردة بضم الباء عامر بن أبي موسى (مثل المسلمين واليهود والنصارى كمثل رجل استأجر قومًا يعملون عملًا إلى الليل، فعملوا إلى نصف النهار؛ فقالوا: لا حاجة لنا إلى أجرك). فإن قلت: قد تقدم أنهم أخذوا قيراطًا قيراطًا؛ فما وجه التوفيق؟ قلت: أولئك هم الذين كانوا على الدين القويم قبل البعث؛ وهؤلاء الذين كفروا بعيسى بعد موسى، وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - بعد نسخ شرع عيسى، ولو آمنوا بمحمد - صلى الله عليه وسلم - ودخلوا في زمرة خير الأمم كان لهم الأجر ضعفين كما قال الله تعالى: {أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ} [القصص: 54]. باب من أدرك وقت المغرب (وقال عطاء: يجمع المريض بين المغرب والعشاء) هذا الأثر عن عطاء، اتفق الأئمة على خلافه إلا أحمد في المرض المشق؛ إلا أنّه لم يخصّه بالعشاء. 559 - (محمد بن مهران) بكسر الميم (الوليد) هو ابن مسلم الأموي (الأوزاعي) -

حَدَّثَنَا أَبُو النَّجَاشِىِّ صُهَيْبٌ مَوْلَى رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ سَمِعْتُ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ يَقُولُ كُنَّا نُصَلِّى الْمَغْرِبَ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَيَنْصَرِفُ أَحَدُنَا وَإِنَّهُ لَيُبْصِرُ مَوَاقِعَ نَبْلِهِ. 560 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِىٍّ قَالَ قَدِمَ الْحَجَّاجُ فَسَأَلْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى الظُّهْرَ بِالْهَاجِرَةِ، وَالْعَصْرَ وَالشَّمْسُ نَقِيَّةٌ، وَالْمَغْرِبَ إِذَا وَجَبَتْ، وَالْعِشَاءَ أَحْيَانًا وَأَحْيَانًا، إِذَا رَآهُمُ اجْتَمَعُوا عَجَّلَ، وَإِذَا رَآهُمْ أَبْطَوْا أَخَّرَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ بفتح الهمزة وسكون المعجمة- إمام أهل الشّام في وقته، عبد الرحمن بن عمرو (أبو النجاشي) عطاء بن صهيب تابعي معروف (رافع بن خديج) بفتح الخاء، على وزن كريم كنّا نصلي المغرب مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فينصرف أحدُنا وإنه ليبصر مواقع نبله) -بفتح النون وسكون الباء - السهم العربي. عُلم أنه كان يصلي المغرب أوّل الوقت، وكان دلّ على أنّه كان هذا دأبه على الاستمرار. فإن قلت: في رواية مسلم: "لا صلاة بعد العصر حتى يطلع الشاهد، والشاهد النجم". قلت: لا تنافي، لأنّ المراد به تحقق الوقت، وإذا غربت الشمس يطلع الشاهد، وكذا ما رواه أبو داود مرسلًا: "أخروا المغرب في يوم غيم". وأمّا الأحاديث الدالة على التأخير في الجملة لبيان الجواز، والكلام في الأفضلية. 560 - (محمد بن بشار) بفتح الميم وتشديد المعجمة (قدم الحجاج) فإنه كان واليًا على العراق والحجاز، وكان يؤخر الصلاة، وكان جاهلًا يدّعي العلم، فأرادوا بسؤالهم جابرًا عن أوقات الصلاة إيقاظه عن غفلته؛ فإن جابرًا صحابي معروف بالعلم، لا يقدر على المكابرة معه (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي الظهر بالهاجرة) أي في أول الوقت؛ سميت ساعة اشتداد الحرّ بالهاجرة؛ لأنّ الناس يتركون فيها العمل على طريقة المجاز؛ مثل: عيشة راضية (والعصر والشمس نقية) أي: لم يخالط شعاعها الصفرة. (والمغرب إذا وجبت) أي: غابت

20 - باب من كره أن يقال للمغرب العشاء

وَالصُّبْحَ كَانُوا - أَوْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّيهَا بِغَلَسٍ. طرفه 565 561 - حَدَّثَنَا الْمَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِى عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ قَالَ كُنَّا نُصَلِّى مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - الْمَغْرِبَ إِذَا تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ. 562 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ صَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - سَبْعًا جَمِيعًا وَثَمَانِيًا جَمِيعًا. طرفه 543 20 - باب مَنْ كَرِهَ أَنْ يُقَالَ لِلْمَغْرِبِ الْعِشَاءُ 563 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ - هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو - قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ الشمس، وأصل الوجوب السقوط (والصبح كانوا أو كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصليها بغلس) أي سواء كانوا مجتمعين أو كان النبي - صلى الله عليه وسلم - وحده؛ محصله أنه لم ينتظر في الصبح كما في العشاء. من قال إنه شك من جابر فقد وَهِم؛ كيف ولو كان الشك من جابر لكان الظاهر أن يقول: كانوا أو كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي أو يصلون. قال ابن الأثير: الغلس -بفتح الغين واللام-: ظلمة آخر الليل؛ إذا اختلط ببياض النهار. 561 - (يزيد بن أبي عبيد) بضم العين: على وزن المصغر كنا نصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - المغرب إذا توارت بالحجاب) أي: إذا غابت الشمس، واقتبس اللفظ من القرآن الكريم هذا الحديث من الثلاثيات. 562 - (عن ابن عباس [صلى النبي]- صلى الله عليه وسلم - سبعًا جميعًا وثمانيًا جميعًا) يريد أنه قدم المتأخرة، وهذا جائز عند الشافعي وأحمد، إلا أنه خصه بالعشاء في وجه، وعمه في آخر، لكن تقدم أنه في بعض الروايات قيده من غير خوف ومطر، واتفقت الأئمة على خلافه. باب من كره أن يقال للمغرب العشاء 563 - (أبو معمر) -بفتح الميمين بينهما عين ساكنة- عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج

21 - باب ذكر العشاء والعتمة ومن رآه واسعا

الْحُسَيْنِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ الْمُزَنِىُّ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَغْلِبَنَّكُمُ الأَعْرَابُ عَلَى اسْمِ صَلاَتِكُمُ الْمَغْرِبِ». قَالَ الأَعْرَابُ وَتَقُولُ هِىَ الْعِشَاءُ. 21 - باب ذِكْرِ الْعِشَاءِ وَالْعَتَمَةِ وَمَنْ رَآهُ وَاسِعًا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «أَثْقَلُ الصَّلاَةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ الْعِشَاءُ وَالْفَجْرُ». وَقَالَ «لَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالْفَجْرِ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَالاِخْتِيَارُ أَنْ يَقُولَ الْعِشَاءُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى (وَمِنْ بَعْدِ صَلاَةِ الْعِشَاءِ). وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ كُنَّا نَتَنَاوَبُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ صَلاَةِ الْعِشَاءِ فَأَعْتَمَ بِهَا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــ المنقري المعروف بالمقعد (بريدة) بضم الباء، مصغر بردة (عبد الله المزني) -بضم الميم وفتح الزاي- نسبة إلى مزينة (لا تغلبنكم الأعراب على صلاتكم المغرب؛ فإن الأعراب تقول: هي العشاء) الأعراب: سكان البادية، والنهي إنما هو للمخاطبين؛ إلا أنه أسنده إلى الأعراب مبالغة، كأنه سرى من المخاطبين إليهم. وإنما كره تسميته عشاءً؛ لأنّ الله وضعه لغير المغرب؛ ولأنه يصير لفظًا مشتركًا يخلُّ بالتفاهم عند الإطلاق. باب ذكر العشاء والعتمة ومن رآه واسعًا (قال أبو هريرة: أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر) هذا التعليق أسنده في باب فضل العشاء جماعة (وقال: ولو يعلمون ما في العتمة والفجر) لم يذكر الجواب؛ وهو قوله "لأتوهما ولو حبوًا"؛ لأنّ غرضه لم يتعلق بالجواب؛ بل ذكر العتمة هو الغرض. وهذا التعليق أسنده في باب الأذان. فإن قلت: روى مسلم عن ابن عمر: "لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم؛ ألا إنها العشاء، وهم يعتمون بالإبل" فكيف أطلق عليها العتمة؟ قلت: إما أن يكون هذا قبل النهي، أو النهي للتنزيه؛ أراد بهذا بيان الجواز، وبهذا يشعر كلام البخاري من قوله: "ومن رآه واسعًا" وقوله: والاختيار أن يقول: والعشاء. (ويذكر عن أبي موسى كنا نتناوب النبي - صلى الله عليه وسلم - عند صلاة العشاء) تعليق أبي

أَعْتَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْعِشَاءِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ عَنْ عَائِشَةَ أَعْتَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْعَتَمَةِ. وَقَالَ جَابِرٌ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى الْعِشَاءَ. وَقَالَ أَبُو بَرْزَةَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُؤَخِّرُ الْعِشَاءَ. وَقَالَ أَنَسٌ أَخَّرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْعِشَاءَ الآخِرَةَ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو أَيُّوبَ وَابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهم - صَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ موسى أسنده في باب فضل العشاء، وأسنده مسلم عنه أيضًا، فدلّ على أن ما يذكر مسندًا بصيغة التمريض على بناء المجهول لا يلزم أن يكون ضعيفًا عنده؛ بل ذاك أكثر (وقال ابن عبّاس وعائشة: أعتم النبي - صلى الله عليه وسلم - بالعشاء) وهذا التعليق قد أسنده فيما بعد في باب النوم قبل العشاء وكذا قوله: (وقال بعضهم عن عائشة) أسنده في باب فضل العشاء، وأسنده مسلم أيضًا والنسائي وتعليق جابر وأبي برزة تقدما مُسْنَدَيْن، وأسند تعليق جابر في الباب الذي بعده (وقال أنس أخرّ النبي - صلى الله عليه وسلم - العشاء الآخرة) أسنده في باب وقت العشاء إلى نصف الليل (وقال ابن عمر وأبو أيوب وابن عباس: صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - المغرب والعشاء) وهذا التعليق عن هؤلاء أسنده البخاري وأبو داود.

22 - باب وقت العشاء إذا اجتمع الناس أو تأخروا

564 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ سَالِمٌ أَخْبَرَنِى عَبْدُ اللَّهِ قَالَ صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةً صَلاَةَ الْعِشَاءِ - وَهْىَ الَّتِى يَدْعُو النَّاسُ الْعَتَمَةَ - ثُمَّ انْصَرَفَ فَأَقْبَلَ عَلَيْنَا فَقَالَ «أَرَأَيْتُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ فَإِنَّ رَأْسَ مِائَةِ سَنَةٍ مِنْهَا لاَ يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَحَدٌ». طرفه 116 22 - باب وَقْتِ الْعِشَاءِ إِذَا اجْتَمَعَ النَّاسُ أَوْ تَأَخَّرُوا 565 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو - هُوَ ابْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِىٍّ - قَالَ سَأَلْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ صَلاَةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ كَانَ يُصَلِّى الظُّهْرَ بِالْهَاجِرَةِ، وَالْعَصْرَ وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ، وَالْمَغْرِبَ إِذَا وَجَبَتْ، وَالْعِشَاءَ إِذَا كَثُرَ النَّاسُ عَجَّلَ، وَإِذَا قَلُّوا أَخَّرَ، وَالصُّبْحَ بِغَلَسٍ. طرفه 560 ـــــــــــــــــــــــــــــ 564 - (عبدان) -على وزن شعبان- عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي رواد المروزي، عبدان لقب له (أرأيتم ليلتكم هذه فإن على رأس مائة سنة منها لا ببقى ممن هو على [ظهر] الأرص أحد) ليس الاستفهام على أصله، بل هو جارٍ مجرى التنبيه؛ والمعنى: أخبروني؛ لأنّ الرؤية سبب الإخبار؛ والإخبار منهم أيضًا ليس بمراد؛ لأنه لا علم لهم، بل المراد التوجه إليه. وقد سبق في باب السّمر بالعلم أن الغرض بيان قصر الأعمار وأنّ كل موجود في تلك الليلة لا يجاوز عن مائة سنة، وأنّ القائلين بوجود الخضر، قالوا: إنه لم يكن على وجه الأرض حينئذ بل كان في البحر. باب وقت العشاء إذا اجتمع الناس أو تأخروا 565 - (مسلم) ضد الكافر. روى في الباب حديث جابر: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي الظهر بالهاجرة) أي: في أول الوقت؛ حين اشتداد الحر (والعصر والشمس حبة) مجاز عن عدم تغير أشعتها (والمغرب إذا وجبت) أي: غابت الشمس، الضمير في وجبت للشمس وأصل الوجوب السقوط (والعشاء إذا اجتمعوا عليها في أوّل الوقت وإلا أخرها، والصبح بغلس) -بفتح الغين واللام- سواد الليل يختلط ببياض الصبح، وقد سبق الكلام عليه في باب وقت المغرب.

23 - باب فضل العشاء

23 - باب فَضْلِ الْعِشَاءِ 566 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ قَالَتْ أَعْتَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةً بِالْعِشَاءِ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَفْشُوَ الإِسْلاَمُ، فَلَمْ يَخْرُجْ حَتَّى قَالَ عُمَرُ نَامَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ. فَخَرَجَ فَقَالَ لأَهْلِ الْمَسْجِدِ «مَا يَنْتَظِرُهَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ غَيْرُكُمْ». أطرافه 569، 862، 864 567 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ كُنْتُ أَنَا وَأَصْحَابِى الَّذِينَ قَدِمُوا مَعِى فِي السَّفِينَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب فضل العشاء أي: فضل تأخير العشاء. 566 - (يحيى بن بكير) بضم الباء، على وزن المصغر، وكذا (عقيل). (أعتم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة بالعشاء) أي: أدخلها في العتمة؛ وهي: الظلام. ومحصله أخرها عن أوّل الوقت (فخرج؛ فقال لأهل المسجد: ما ينظرها أحد من أهل الأرض غيركم). فإن قلت: أين في الحديث ما يدل على فضل العشاء؟ قلت: قوله: "ما ينظرها أحد غيركم" يدل على ذلك؛ لأنهم انفردوا بالعبادة، وقد صرّح به في الحديث الذي بعده من رواية أبي موسى من قوله: أبشروا. فإن قلت: في رواية مسلم إنه لوقتها: "لولا أن أشق على أمتي". قلت: أراد تفضيل تحسين أجزاء الوقت على بعض. 567 - (محمد بن العلاء) بفتح العين والمد (أبو أسامة) -بضم الهمزة- حماد بن أسامة (عن بُريد) بضم الباء مصغر برد (عن أبي بردة) -بضم الباء وسكون الراء- عامر بن أبي موسى (كنت أنا وأصحابي الذين قدموا معي في السفينة) أي: من عند النجاشي إلى

24 - باب ما يكره من النوم قبل العشاء

نُزُولاً فِي بَقِيعِ بُطْحَانَ، وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْمَدِينَةِ، فَكَانَ يَتَنَاوَبُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ صَلاَةِ الْعِشَاءِ كُلَّ لَيْلَةٍ نَفَرٌ مِنْهُمْ، فَوَافَقْنَا النَّبِىَّ - عليه السلام - أَنَا وَأَصْحَابِى وَلَهُ بَعْضُ الشُّغْلِ فِي بَعْضِ أَمْرِهِ فَأَعْتَمَ بِالصَّلاَةِ حَتَّى ابْهَارَّ اللَّيْلُ، ثُمَّ خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَصَلَّى بِهِمْ، فَلَمَّا قَضَى صَلاَتَهُ قَالَ لِمَنْ حَضَرَهُ «عَلَى رِسْلِكُمْ، أَبْشِرُوا إِنَّ مِنْ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْكُمْ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ يُصَلِّى هَذِهِ السَّاعَةَ غَيْرُكُمْ». أَوْ قَالَ «مَا صَلَّى هَذِهِ السَّاعَةَ أَحَدٌ غَيْرُكُمْ». لاَ يَدْرِى أَىَّ الْكَلِمَتَيْنِ قَالَ. قَالَ أَبُو مُوسَى فَرَجَعْنَا فَفَرِحْنَا بِمَا سَمِعْنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. 24 - باب مَا يُكْرَهُ مِنَ النَّوْمِ قَبْلَ الْعِشَاءِ 568 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِىُّ قَالَ: ـــــــــــــــــــــــــــــ المدينة (نزولًا في بقيع بطحان) قال ابن الأثير: البقيع بفتح الباء كل مكان متسع، ولا يسمى بذلك إلا إذا كان فيه الشجر، أو أصوله، قال: وبطحان بفتح الباء: واد بالمدينة وأكثرهم يضمون الباء؛ ولعله الأصح (فكان يتناوب النبي - صلى الله عليه وسلم - عند صلاة العشاء كل ليلة نفر منهم) النفر: جماعة الرّجال خاصة؛ من الثلاثة إلى العشرة (فأعتم بالصلاة حتى ابهارّ الليل) قال الأزهري: أعتم دخل في العتمة وهي الظلام؛ والباء في أعتم بها للمصاحبة ومعنى ابهار الليل: انتصف. قال ابن الأثير: وبهرة كل شيء وسطه (على رسلكم) أي: اتئدوا ولا تعجلوا (أبشروا؛ إنّ من نعم الله عليكم أنه ليس من الناس من صلّى هذه الساعة غيركم) من: تبعيضية؛ أي من بعض نعم الله (فرجعنا ففرحنا) وفي بعضها: "فرحى" جمع فرح، على غير القياس، وفي بعضها: "فرحًا" على أنه مصدر في موضع الحال. اعلم أنه قد اختُلف في أن الأولى تقديم العشاء في أول الوقت أم تأخيرها؛ والجمهور على أنه إن كان منفردًا، أو كان المأمومون يرضون بالتأخير، والأفضل تأخيرها إلى ثلث الليل. باب ما يكره [من] النوم قبل العشاء 568 - (محمد) كذا وقع غير منسوب قال الغساني: نسبه ابن السكن محمد بن سلام، وقد صرّح به البخاري في باب الأضاحي أيضًا. وقال أبو نصر: يروي البخاري عن محمد بن سلام، وعن محمد بن المثنى ومحمد بن عبد الله بن حوشب؛ كل هؤلاء عن عبد الوهّاب

25 - باب النوم قبل العشاء لمن غلب

حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ أَبِى الْمِنْهَالِ عَنْ أَبِى بَرْزَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَ الْعِشَاءِ وَالْحَدِيثَ بَعْدَهَا. طرفه 541 25 - باب النَّوْمِ قَبْلَ الْعِشَاءِ لِمَنْ غُلِبَ 569 - حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو بَكْرٍ عَنْ سُلَيْمَانَ قَالَ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ أَخْبَرَنِى ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ أَعْتَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْعِشَاءِ حَتَّى نَادَاهُ عُمَرُ الصَّلاَةَ، نَامَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ. فَخَرَجَ فَقَالَ «مَا يَنْتَظِرُهَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ غَيْرُكُمْ». قَالَ وَلاَ يُصَلَّى يَوْمَئِذٍ إِلاَّ بِالْمَدِينَةِ، وَكَانُوا يُصَلُّونَ فِيمَا بَيْنَ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ الأَوَّلِ. طرفه 566 570 - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ (خالد الحذّاء) بالذال المعجمة مشددة مع المد (عن أبي المنهال) -بكسر الميم- سيار بن سلامة (عن أبي بردة) هو نضلة بن عبيد الأسلمي (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يكره النوم قبل العشاء والحديث بعدها) كراهة النوم لأنه ربما لم ينتبه، أو يموت الإنسان في تلك النومة. وأما الحديث فقد سبق في باب السّمر بالعلم أنّ المراد منه حديث الدنيا. باب النوم قبل العشاء لمن غُلِب على بناء المجهول؛ أي: غلبه النوم. 569 - (أبو بكر) هو ابن عبد الحميد بن أبي أويس (عن صالح بن كيسان) بفتح الكاف (أعتم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالعشاء) أي: دخل بها في العتمة، ومحصّله أخّرها (حتى ناداه عمر الصلاة) قوله الصلاة تفسير لناداه؛ لئلا يتوهم أنه نادى باسمه، وانتصابه على الإغراء (نام النساء والصبيان) هذا محلّ الدلالة على ما ترجم (وكانوا يصلون فيما بين أن يغيب الشفق إلى ثلث الليل الأول) قال ابن الأثير: الشفق يطلق على الأحمر والأبيض، فهو من الأضداد، ولم يذكر الجوهري إلا الأحمر، وعن أبي حنيفة أنه البياض بعد الحمرة؛ والفتوى على خلافه. 570 - (ابن جريج) -بضم الجيم، على وزن المصغر- عبد الملك بن عبد العزيز الفقيه

أَخْبَرَنِى نَافِعٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شُغِلَ عَنْهَا لَيْلَةً، فَأَخَّرَهَا حَتَّى رَقَدْنَا فِي الْمَسْجِدِ، ثُمَّ اسْتَيْقَظْنَا ثُمَّ رَقَدْنَا ثُمَّ اسْتَيْقَظْنَا، ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قَالَ «لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ يَنْتَظِرُ الصَّلاَةَ غَيْرُكُمْ». وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ لاَ يُبَالِى أَقَدَّمَهَا أَمْ أَخَّرَهَا إِذَا كَانَ لاَ يَخْشَى أَنْ يَغْلِبَهُ النَّوْمُ عَنْ وَقْتِهَا، وَكَانَ يَرْقُدُ قَبْلَهَا. قال ابن جريج: قلت لعطاء. 571 - قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ قُلْتُ لِعَطَاءٍ وَقَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ أَعْتَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةً بِالْعِشَاءِ حَتَّى رَقَدَ النَّاسُ وَاسْتَيْقَظُوا، وَرَقَدُوا وَاسْتَيْقَظُوا، فَقَامَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ الصَّلاَةَ. قَالَ عَطَاءٌ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَخَرَجَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَيْهِ الآنَ، يَقْطُرُ رَأْسُهُ مَاءً، وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ فَقَالَ «لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِى لأَمَرْتُهُمْ أَنْ يُصَلُّوهَا هَكَذَا». فَاسْتَثْبَتُّ عَطَاءً كَيْفَ وَضَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى رَأْسِهِ يَدَهُ كَمَا أَنْبَأَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، فَبَدَّدَ لِى ـــــــــــــــــــــــــــــ المعروف (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شُغل عنها ليلة) أي: عن الخروج إلى العشاء. قال الجوهري: يقال: شغل وأشغل؛ والثاني لغة رديئة. وقد جاء في بعض الروايات: أنه كان في أمر الجيش (حتى رقدنا في المسجد، ثم استيقظنا، ثم رقدنا، ثم استيقظنا) وهذا يدل على غلبة النوم واستغراقهم فيه عند من له ذوق في درك خواص التراكيب. وقال بعضهم: قوله: ثم استيقظوا لا يدل على أنهم استغرقوا في النوم الذي يزيل العقل؛ لأنّ العرب تقول: استيقظ من سنته وغفلته. وهذا كلام في غاية السقوط، إذ الاستدلال على الاستغراق ليس بلفظ الاستيقاظ وحده؛ بل من قوله "رقدنا واستيقظنا"، على أنّ قوله: النوم يزيل العقل، ليس بصواب؛ لأنّ النوم إنما يبطل الإدراكات بالحواس الظاهرة؛ ولذلك قال بعض الحنفية: قراءة النائم تقوم مقام القراءة (قال ابن جريج: قلت لعطاء) هو ابن [أبي] رباح؛ أي قلت له: ما سمعته من نافع عن ابن عمر؟ 571 - (قال: سمعت ابن عباس) أي: مثل ما سمعت أنت من نافع عن ابن عمر: أنّ الناس [رقدوا] ثمّ استيقظوا ثم رقدوا ثم استيقظوا (قال: ابن عباس: فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كأني أنظر إليه الآن يقطر رأسه ماءً، واضعًا يده على رأسه؛ فقال: لولا أن أشقّ على أمتي لأمرتهم أن يصلوها هكذا فاستثبت عطاءً كيف وضع يده) أي: استبينت، من الثبت: بسكون

26 - باب وقت العشاء إلى نصف الليل

عَطَاءٌ بَيْنَ أَصَابِعِهِ شَيْئًا مِنْ تَبْدِيدٍ، ثُمَّ وَضَعَ أَطْرَافَ أَصَابِعِهِ عَلَى قَرْنِ الرَّأْسِ ثُمَّ ضَمَّهَا، يُمِرُّهَا كَذَلِكَ عَلَى الرَّأْسِ حَتَّى مَسَّتْ إِبْهَامُهُ طَرَفَ الأُذُنِ مِمَّا يَلِى الْوَجْهَ عَلَى الصُّدْغِ، وَنَاحِيَةِ اللِّحْيَةِ، لاَ يُقَصِّرُ وَلاَ يَبْطُشُ إِلاَّ كَذَلِكَ وَقَالَ «لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِى لأَمَرْتُهُمْ أَنْ يُصَلُّوا هَكَذَا». طرفه 7239 26 - باب وَقْتِ الْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ وَقَالَ أَبُو بَرْزَةَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتَحِبُّ تَأْخِيرَهَا. 572 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ الْمُحَارِبِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ أَخَّرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - صَلاَةَ الْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ، ثُمَّ صَلَّى ثُمَّ قَالَ «قَدْ صَلَّى النَّاسُ وَنَامُوا، أَمَا إِنَّكُمْ فِي صَلاَةٍ مَا انْتَظَرْتُمُوهَا». ـــــــــــــــــــــــــــــ الباء البينة. قال الجوهري: يقال: رجل ثبت إذا لم يَزِلَّ لسانه عند الخصومات؛ وأمَّا الثَبت -بفتح الباء- البينة والحجة (فبدد عطاء بين أصابعه) بالتشديد من [التبديد] وهو التفريق (على قرن الرأس) أي: على طرفه (لا يقصر) -بضم الياء وفتح القاف وتشديد الصّاد- وفي بعضه: بفتح الياء وكسر العين من القصر (ولا يبطش) أي: بين بين. وفي رواية مسلم: "لا يُقَصِّر ولا يبطش" (فبدّد بين أصابعه) بالتشديد من التبديد؛ المعنى واحد (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم) فيه دلالة على أنّ الأمر الخالي عن القرائن يكون للوجوب. باب وقت العشاء إلى نصف الليل (وقال أبو برزة كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يستحب تأخيرها) هذا التعليق تقدم مسندًا في باب وقت العصر. 572 - (عبد الرحيم المحاربي) -بضم الميم والباء الموحدة- ليس له في البخاري سوى هذا الحديث (زائدة) من الزيادة (حميد) بضم الحاء على وزن المصغر، روى عن أنس حديث تأخير العشاء، وقد سبق في روايات كثيرة (أخّر النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة العشاء إلى نصف الليل). فإن قلت: قول البخاري: وقت العشاء إلى نصف الليل والحديث يدلان على انتهاء

27 - باب فضل صلاة الفجر

وَزَادَ ابْنُ أَبِى مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنِى حُمَيْدٌ سَمِعَ أَنَسًا كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ خَاتَمِهِ لَيْلَتَئِذٍ. أطرافه 600، 661، 847، 5869 27 - باب فَضْلِ صَلاَةِ الْفَجْرِ 573 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا قَيْسٌ قَالَ لِى جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ نَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ فَقَالَ «أَمَا إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا، لاَ تُضَامُّونَ - أَوْ لاَ تُضَاهُونَ - فِي رُؤْيَتِهِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لاَ تُغْلَبُوا عَلَى صَلاَةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا». ثُمَّ قَالَ «فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا». طرفه 554 ـــــــــــــــــــــــــــــ وقت العشاء إذا انتصف الليل. قلت: الحديث لا دلالة فيه على ذلك، غايته أنه وقع ذلك اتفاقًا، وأما قول البخاري فمحمول على أنّه الوقت المختار؛ كما هو مذهب الفقهاء، وأخذ بظاهر الحديث الثوري. قال النووي: آخِرُ كل وقت صلاة متّصل بأول وقت الأخرى؛ إلا في صلاة الصبح مع الظهر. و (ابن أبي مريم) واسمه سعيد وقوله: زاد، ليس تعليقًا؛ لأنه شيخ البخاري، وشرط التعليق حذف واحد من الإسناد أو أكثر (كأني أنظر إلى وبيص خاتمه ليلتئذٍ) الوبيص -بالصاد المهملة- اللمعان والتنوين عوض عن المضاف إليه؛ أي: ليلة إذ كان كذا. باب فضل صلاة الفجر 573 - (مسدد) بضم الميم، وتشديد الدّال المفتوحة (أما إنكم سترون ربكم كما ترون هذا) -أي: القمر- (ليلة البدر لا تضامون) -بتخفيف الميم- أي: لا يظلم أحد منكم بعدم رؤيته من الضيم، وهو الظلم، وبتشديد الميم وفتح التاء من الضَّمْ؛ أي: ترونه مكشوفًا من غير أن ينضمَّ بعضكم إلى بعض كما يفعله الناس عند ترائي الهلال (أو لا تضاهون) الشك من جرير، من المضاهاة؛ وهو المشابهة أي: لا يلتبس عليكم، أنه ربكم لأنه يُرى من غير كيف وجهةٍ. يجوز فيه الهمزة، وكسر الهاء قراءة عاصم (ثم قال فـ {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا} [طه: 130]) قد سبق أن الصواب {وَسَبِّحْ} بالواو، وكذا القرآن الكريم. فإن قلت: أي وجه لإيراد الآية؟ قلت: استدل به على فضل صلاة الصبح والعصر؛

574 - حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنِى أَبُو جَمْرَةَ عَنْ أَبِى بَكْرِ بْنِ أَبِى مُوسَى عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ صَلَّى الْبَرْدَيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ». وَقَالَ ابْنُ رَجَاءٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ أَبِى جَمْرَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ أَخْبَرَهُ بِهَذَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ لأنّ الله تعالى خصّهما بالذكر من بين سائر الصلوات، وإذا كانتا بهذه المثابة فهما جديران بأن يكونا وسيلة رؤية ربّ العالمين. 574 - (هدبة بن خالد) بضم الهاء وسكون الدال المهملة (همام) بفتح الهاء وتشديد الميم (أبو جمرة) -بالجيم- نضر بن عمران الضيعي (عن أبي بكر بن أبي موسى الأشعري) واسمه عمرو أو عامر. فإن قلت: ذكر الدَّارقطني أن هذا الحديث محفوظ عن أبي بكر بن عمارة؟ قلت: لا منافاة؛ والبخاري أجَلُّ من الدارقطني وأمثاله. (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: مش صلّى البردين دخل الجنة) يريد الفجر والعصر، وعبّر بالبردين إشارة إلى بعض موجبات الفضل؛ فإن إسباغ الوضوء في البرد، ورعاية أركان الصّلاة وآدابها في ذينك الوقتين لا يقوم بها إلا أفراد من الرّجال الذين يعبدون الله كأنهم يرونه، لا يحسون بالمشقة، ألا ترى أن أهل مصر مصطلحون على أن سموا مشقة طريق الحجاز الشفاء المحبوب. وقد سبق أنّ في هاتين الصلاتين تجتمع ملائكته الليل وملائكة النهار. فإن قلت: قد قيل: إن المراد دخول الجنة مع السابقين الأولين. وعندي أن هذا شيء لا يُفهم من اللفظ، ولا ضرورة تدعو إليه؛ وذلك أنّ دخول الجنة على أي وجه كان كافٍ في الترغيب، ألا ترى إلى قول إبراهيم {وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ (85)} [الشعراء: 85]. (وقال ابن رجاء) -بفتح الراء والجيم مع المد- فائدة هذا التعليق تقوية [ما] أسنده أولًا (إسحاق) كذا وقع غير منسوب، وهو إسحاق بن منصور الكوسج؛ لأنّ مسلمًا روى عنه

28 - باب وقت الفجر

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ عَنْ حَبَّانَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا أَبُو جَمْرَةَ عَنْ أَبِى بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَهُ. 28 - باب وَقْتِ الْفَجْرِ 575 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ حَدَّثَهُ أَنَّهُمْ تَسَحَّرُوا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قَامُوا إِلَى الصَّلاَةِ. قُلْتُ كَمْ بَيْنَهُمَا قَالَ قَدْرُ خَمْسِينَ أَوْ سِتِّينَ - يَعْنِى آيَةً - ح. طرفه 1921 576 - حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ صَبَّاحٍ سَمِعَ رَوْحًا حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ تَسَحَّرَا، فَلَمَّا فَرَغَا مِنْ سَحُورِهِمَا قَامَ ـــــــــــــــــــــــــــــ عن حبان بن هلال -بفتح الحاء- قال الغساني: لم أجد أحدًا في هذا الموضع نسبه إلاّ مسلمٌ. باب وقت الفجر 575 - (عن أنس: أن زيد بن ثابت أخبره أنّهم تسحروا مع النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ ثم قاموا إلى الصلاة قلت: كم كان بينهما؟) أي: بين الفراغ من السحور وبين القيام إلى الصلاة (قال: قدر خمسين أو ستين) أي: قدر قراءة هذا القدر من القرآن. قال أنس: (يعني آية) يريد أنّ زيدًا لم يذكر لفظ الآية مع العدد. 576 - (الحسن بن الصَّباح) بصاد مهملة وتشديد الباء (رَوْح بن عُبادة) بفتح الراء، وسكون الواو، وضم العين، وتخفيف الباء (فلما فرغا من سحورهما) بضم السين والفتح روايتان: الضمُّ مصدر؛ والفتح ما يُتَسَحّر من الطعام والشراب. قال ابن الأثير: أكثر ما يُروى بالفتح. قيل: الصواب الضمُّ، لأنه يريد أنّ في ذلك الفعل بركة، وهو يقوي الصائمَ على قيام سائر العبادة، لا البركة في الطعام. قلت: ليس في الحديث البركة، وحيث يكون

نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الصَّلاَةِ فَصَلَّى. قُلْنَا لأَنَسٍ كَمْ كَانَ بَيْنَ فَرَاغِهِمَا مِنْ سَحُورِهِمَا وَدُخُولِهِمَا فِي الصَّلاَةِ قَالَ قَدْرُ مَا يَقْرَأُ الرَّجُلُ خَمْسِينَ آيَةً. طرفه 1134 577 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِى أُوَيْسٍ عَنْ أَخِيهِ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِى حَازِمٍ أَنَّهُ سَمِعَ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ يَقُولُ كُنْتُ أَتَسَحَّرُ فِي أَهْلِى ثُمَّ يَكُونُ سُرْعَةٌ بِى أَنْ أُدْرِكَ صَلاَةَ الْفَجْرِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 1920 ـــــــــــــــــــــــــــــ ذلك يقدر مضافٌ؛ أي: أكل السحور، ولا ترد الرواية الصحيحة. (فلما فرغا من سحورهما قام نبي الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى، قلنا لأنس: كم كان بين فراغهما من سحورهما ودخولهما في الصّلاة؟ قال: قدر خمسين آية) أسند الحديث أولًا عن زيد، ثم رواه مرسلًا عن أنس؛ تقويةً لما أسنده أولًا، ومن قال: الحديث أولًا من مسانيد زيد، وهذا من مسانيد أنس؛ فقد التبس عليه، إذ لو كان أنس حاضمرًا لم يكن لقوله: حدثني زيد وجه. فإن قلت: ربما تعددت [القضية؟ قلت:] القضية واحدة، والدليل على ذلك أن لو كانت متعددة لقدم المسند على المرسل؛ وأما رواية النسائي عن أنس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لي:"ادع لي من يتسحر معي"، فدعوت زيد بن ثابت، فلا دلالة فيه أنه كان حاضرًا معهما في الأكل، ولم يكن لقول أنس لزيد: كم كان بين السحور والقيام إلى الصلاة؟ وجه. 577 - (إسماعيل بن أبي أويس) بضم الهمزة، على وزن المصغو (عن أخيه) هو عبد الحميد (عن أبي حازم) -بالحاء المهملة- سلمة بن دينار (كنت أتسحر في أهلي، ثم يكون سرعةٌ بي أن أدرك صلاة الفجر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) برفع سرعة على أنه اسم كان، وبي خبر، وأن أدرك بحذف اللام المفعول له؛ وقيل: بالنصب على أنَّ في كان ضميرًا راجعًا إلى ما دلّ عليه السرعة؛ وتقديره: وتكون السرعة سرعة حاصلة بي، وهذا مع أن الرواية بالرفع معنى ركيك، ولو كان النصب رواية لكان وجه ذلك أن يكون في يكون ضمير القصة أو ضمير مبهم، يفسره ما بعده. 578 - (يحيى بن بكير) بضم الباء، على وزن المصغر؛ وكذا (عقيل) (كن نساء

578 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ قَالَتْ كُنَّ نِسَاءُ الْمُؤْمِنَاتِ يَشْهَدْنَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلاَةَ الْفَجْرِ مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ، ثُمَّ يَنْقَلِبْنَ إِلَى بُيُوتِهِنَّ حِينَ يَقْضِينَ الصَّلاَةَ، لاَ يَعْرِفُهُنَّ أَحَدٌ مِنَ الْغَلَسِ. طرفه 372 ـــــــــــــــــــــــــــــ المؤمنات يشهدن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متلفعات بمروطهنّ) يجري في إعراب النساء المؤمنات ما ذكرنا في قوله: "يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار" وقد ذكرنا أن المختار هو البدل نقلًا عن سيبويه، وإضافة النساء إلى المؤمنات من إضافة العام إلى الخاص، تفيد التمييز، مثل قوله: خاتم فضة. ومعنى متلفعات: متلففات؛ كما جاء في بعض الروايات. فإن قلت: ترجم الباب على وقت الفجر وليس في الأحاديث ذكر الوقت؟ قلت: دلت الأحاديث كلها على أنّه كان يصلي الفجر في أول الطلوع وفيه بيان الوقت مع الدلالة على أفضلية أول الوقت. فإن قلت: ما قولك في قوله: "أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر"؟ رواه الترمذي وأبو داود وغيرهما؟ قلت: أولوه بأن يشرع في أول الوقت، ثم يطول القراءة إلى الإسفار توفيقًا بين الأحاديث؛ إذ لا يمكن الجمع: إلا بهذا الطريق ونقل عن الإمام أحمد أن معنى قوله: "أسفروا" تيقنوا الفجر ولا تصلوا وأنتم شاكّون. وفيه نظر؛ إذ مع الشك لا يجوز الشروع في الصلاة، فلا يستقيم قوله: "فإنه أعظم للأجر"؛ لدلالته على أنّ غيره فيه أجر ما. باب من أدرك من الفجر ركعة

29 - باب من أدرك من الفجر ركعة

29 - باب مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الْفَجْرِ رَكْعَةً 579 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ وَعَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ وَعَنِ الأَعْرَجِ يُحَدِّثُونَهُ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الصُّبْحِ رَكْعَةً قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ، وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ». طرفه 556 ـــــــــــــــــــــــــــــ 579 - (عبد الله بن مسلمة) بفتح الميم واللام (أسلم) على وزن الماضي (يسار) ضد اليمين (بُسر بن سعيد) بضم الموحدة وسين مهملة (من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح). فإن قلت: هذا الحديث عن أبي هريرة تقدم في باب من أدرك من العصر ركعة؛ فأي فائدة في إفراد باب له؟ قلت: في ذلك الحديث كان العصر مقدمًا فبوب عليه، وهنا ذكر الصبح مقدم فبَوّب عليه؛ لأنّ صدور هذا الكلام من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تارة بتقديم العصر وأخرى بتقديم الصبح دلّ على الاهتمام بكل واحدة استقلالًا. فإن قلت: قال هناك: "من أدرك سجدة"، وهنا: "ركعة"؟ قلت: أشرنا هناك إلى أن المراد من السجدة الركعة. فإن قلت: قال هناك: "من أدرك سجدة" وهنا: "ركعة"؟ قلت: محصلهما واحد؛ لأنّ المدرِك مأمور بالإتمام، لا مخالف في المسألة إلا أبا حنيفة فإنه قال ببطلان صلاة الصبح. قال النووي: والحديث حجة عليه؛ وأمّا دعوى أن النهي ناسخ لهذا الحديث فدعوى بلا دليل؛ لتوقفه على تأخره، وأنى لهم ذلك، وعلى تقدير تأخره مؤولٌ بأن يقصد الشروع في ذلك الوقت؛ لأنّ قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فليتتم" نص قاطع. باب من أدرك من الصلاة ركعة

30 - باب من أدرك من الصلاة ركعة

30 - باب مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الصَّلاَةِ رَكْعَةً 580 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلاَةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلاَةَ». طرفه 556 ـــــــــــــــــــــــــــــ قال بعض الشارحين: فإن قلت: ما الفرق بين هذا الباب والذي قبله؟ قلت: الأول فيمن أدرك من الوقت قدر ركعة، وهذا فيمن أدرك من الصلاة ركعة. قلت: وصوابه العكس؛ وذلك أنه روى ذلك الحديث في باب من أدرك من العصر سجدة فليتمه، وذلك صريح في أنه شارع في الصلاة؛ إذ لا معنى للإتمام إلا إذا كان شارعًا فيها. والتحقيق أنّ المراد هنا إدراك الوقت على ما ذكره الفقهاء من أنّ الكافر إذا أسلم، والمجنون إذا أفاق، والحائض إذا طهرت، والصبي إذا بلغ؛ وقد بقي من الوقت قدر ركعة، يجب عليه قضاء تلك الصلاة. فإن قلت: قول الفقهاء في هؤلاء: إن الصلاة تجب وإن بقي من الوقت قدر تكبيرة؟ قلت: أشرنا في باب إدراك العصر: أن ذكر الركعة باعتبار أنها الغالب؛ إذ ما دونها يعسر ضبطه. قيل: الظاهر أنّ هذا أعم من قوله: من أدرك من العصر سجدة والأولى أن تكون اللاّم هنا للعهد، ويؤيده أنّ كلًّا منهما من رواية أبي هريرة. قلت: هذا لا يصح؛ لأنه يخص هذا الحكم بصلاة العصر، فلا يعلم حكم سائر الصلوات، وإنما أفرد الشارعُ العصرَ والصبح بالذكر لاتصالهما بالوقت المكروه، ثم عمم الحكم، فليس هذا من قبيل المطلق والمقيد. قال بعض الشارحين: قال أبو حنيفة: من أدرك الإمام في الجمعة قبل السلام صلّى ركعتين؛ قيل: لقوله: "إذا أُقيمت الصلاة فلا تأتوها تَسْعَون؛ وأتوها وأنتم تمشون، فما أدركتم فصلّوا، وما فاتكم فأتموا" فما جواب الشافعي حيث قال: إذا لم يدركه في الركوعِ يصلي أربعًا؟ قلت: حجة الشافعي أنه إذا لم يدرك ركعة من الجمعة لم يدرك شيئا منها، ومن لم يدرك شيئًا منها صلى أربعًا. وقال الآخر: الفرق للشافعي بين الجمعة وسائر الصلوات أنّ الجماعة شرط في الجمعة دون غيرها؛ فتأمل وتعجب! والحق أن الشافعي إنما

31 - باب الصلاة بعد الفجر حتى ترتفع الشمس

31 - باب الصَّلاَةِ بَعْدَ الْفَجْرِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ 581 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِى الْعَالِيَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ شَهِدَ عِنْدِى رِجَالٌ مَرْضِيُّونَ وَأَرْضَاهُمْ عِنْدِى عُمَرُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الصَّلاَةِ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَشْرُقَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ استدل على ذلك بحديث ابن عمر: "من أدرك ركعة من الجمعة فليضف إليها أخرى"؟؛ فإنّه يدل بمفهومه على أنَّ مدرك ما دون الركعة لا يضيف إليها أخرى، وروى مثله الحاكم وابن السَّكن عن أبي هريرة. باب الصلاة بعد الفجر حتى ترتفع الشمس أي: باب النهي عن الصلاة. 581 - (عن أبي العالية) واسمه رفيع (عن ابن عباس قال: شهد عندي رجال مرضيّون -وأرضاهم عندي عمر- أنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الصلاة بعد الصبح حتى تشرق الشمس؛ وبعد العصر حتى تغرب) أرضاهم: أفعل تفضيل من بناء المجهول أي: أشدّ رضًا. وفي رواية الترمذي: أحب وهو بمعناه، وعبّر عن إخبارهم بالشهادة مبالغة في تصديقهم؛ لأنّ أمر الشهادة أوكد، والمراد من صلاة الصبح والعصر فعلهما، وتشرق بضم التاء وبفتحها، يقال: شرقت الشمس إذا طلعت، وأشرقت: أضاءت، منه قوله تعالى: {وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا} [الزمر: 69] وهذا هو الرّاجح؛ لأنّ الكراهة لا ترتفع بنفس الطلوع بل بالارتفاع؛ كما قيده في الترجمة بالارتفاع. فإن قلت: قد جاء حتى تطلع الشمس؟ قلت: قيده رواية مسلم بقوله: "حتى تطلع الشمس، حتى ترتفع بازغة" والحديث الذي بعد هذا؛ "إذا اطلع حاجب الشمس فأخروا

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ سَمِعْتُ أَبَا الْعَالِيَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ حَدَّثَنِى نَاسٌ بِهَذَا. 582 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ هِشَامٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَحَرَّوْا بِصَلاَتِكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلاَ غُرُوبَهَا». أطرافه 585، 589، 1192، 1629، 3273 583 - وَقَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا طَلَعَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَأَخِّرُوا الصَّلاَةَ حَتَّى تَرْتَفِعَ، وَإِذَا غَابَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَأَخِّرُوا الصَّلاَةَ حَتَّى تَغِيبَ». تَابَعَهُ عَبْدَةُ. طرفه 3272 ـــــــــــــــــــــــــــــ الصلاة حتى ترتفع". 582 - 583 - (مُسدّد) بضم الميم وتشديد الدال المفتوحة (لا تحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها) تحروا -بفتح التاء- من التحرّي، حدّف منه إحدى التاءين تخفيفًا. قال ابن الأثير: التحري: الطلب والاجتهاد قولًا وفعلًا (إذا غاب حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى تغيب) الحاجب: لغة: هو المانع، وطرف الشمس الذي يبدو أولًا عند الطلوع هو الحاجب؛ لأنه يمنع رؤية ما بعده، وبذلك الاعتبار قال: إذا غاب الطرف المقدم الذي يغرب أولًا لا تصلوا حتى يغيب الطرف الأخير، وبغروبه يدخل وقت المغرب بلا فصل وتأخر. (تَابعه عَبْدَةُ) -بفتح العين وسكون الباء- لقب أبي محمد بن عبد الرحمن بن سليمان الكوفي؛ قال الغساني: غلب عليه هذا اللقب، إمامٌ في الحديث. والضمير في تابعه ليحيى، لأن كلًّا منهما رواه عن هشام، ومتابعته هذه رواها البخاري في بدء الخلق مسندًا. 584 - (عبيد بن إسماعيل) على وزن المصغر (عن أبي أسامة) -بضم الهمزة- حمّاد بن أسامة (خبيب) بالخاء المعجمة، على وزن المصغر (أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيعتين،

584 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِى أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ بَيْعَتَيْنِ وَعَنْ لِبْسَتَيْنِ وَعَنْ صَلاَتَيْنِ نَهَى عَنِ الصَّلاَةِ بَعْدَ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، وَعَنِ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ وَعَنْ الاِحْتِبَاءِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ يُفْضِى بِفَرْجِهِ إِلَى السَّمَاءِ، وَعَنِ الْمُنَابَذَةِ وَالْمُلاَمَسَةِ. طرفه 368 ـــــــــــــــــــــــــــــ وعن لبستين، وعن صلاتين) وقد فسر كل واحدة من المذكورات في نفس الحديث؛ إلا المنابذة والملامسة، هذان نوعان من البيع؛ كانا موجودين في الجاهلية، المنابذة: جعل نبذ الثوب وإلقائه إلى المشتري بيعًا؛ والملامسة: جعل نفس اللمس بيعًا من غير خيارِ الرؤية؛ نهى عنهما لظهور معنى الغرر ولحوق الضرر وتحقيق هذا المقام هو أنّ ما تتعلق به الكراهة إما الفعل أو الوقت؛ فالفعل بعد صلاة العصر وصلاة الصبح في أي وقت صلاهما؛ وأي جزء كان؛ وأما الوقت عند الطلوع والغروب، وفي سائر الأحاديث وقت الاستواء أيضًا، ذهب الشافعي وطائفة إلى أنّ الذي وقع النهي عنه صلاة لا سبب لها، ليس فيه تحر وأيضًا قد قال - صلى الله عليه وسلم - "من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها" من غير استثناء وقت؛ مع أنه بصدد البيان لا يطلق في موضع التقييد؛ ولما سيأتي في البخاري: أنه - صلى الله عليه وسلم - قضى سنة الظهر بعد العصر؛ لأنّ القضاء من الأسباب الرافعة للكراهة، وأبو حنيفة أجراه على عمومه ولم يقل [.....] الأسباب، وجوز مالك الفرائض دون النوافل، وكذا قال أحمد سوى ركعتي الطواف. ومما يجب التنبه له أنّ السبب أيضًا على ثلاثة أقسام: سبب مقارن؛ كدخول المسجد، وسبب متقدم كالوضوء، وسبب متأخر كركعتي الطواف، فالمؤثر هما القسمان الأوّلان لا الثالث، واستثني أيضًا استواء يوم الجمعة لما رواه أبو داود في ذلك: حديثًا مرسلًا، وكذا استثني المسجد الحرام في أي وقت كان؛ لما روى الترمذي والحاكم وابن حبّان عن جبير بن

32 - باب لا يتحرى الصلاة قبل غروب الشمس

32 - باب لاَ يَتَحَرَّى الصَّلاَةَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ 585 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَتَحَرَّى أَحَدُكُمْ فَيُصَلِّى عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَلاَ عِنْدَ غُرُوبِهَا». طرفه 582 586 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ الْجُنْدَعِىُّ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ صَلاَةَ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ، وَلاَ صَلاَةَ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ». أطرافه 1188، 1197، 1864، 1992، 1995 ـــــــــــــــــــــــــــــ مطعم: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحدًا طاف بهذا البيت وصلّى أية ساعة شاء من ليل أو نهار". باب لا يتحرى الصلاة قبل غروب الشمس 585 - (عن ابن عمر قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا يتحرى أحدكم فيصلي عند طلوع الشمس، ولا عند غروبها) قوله: "فيصلي": بالنصب على معنى نفي الجمع، أو نفي الصلاة وحدها، ويجوز الرفع على تقدير مبتدأ؛ أي: فهو يصلي، وجوَّز الجزم عطفًا على "لا يتحرى"؛ لأنّ النفي بمعنى النهي. 586 - (عطاء بن يزيد الجندعي) -بضم الجيم وسكون النون- نسبة إلى جندع بن ليث الكناني. 587 - (أبان) -بفتح الهمزة- يجوز صرفه عدم صرفه (عن أبي التياح) -بفتح التاء وتشديد التحتانية- يزيد بن حميد (حمران) بضم الحاء على وزن سبحان (إنكم لتصلون صلاة

587 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانَ قَالَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى التَّيَّاحِ قَالَ سَمِعْتُ حُمْرَانَ بْنَ أَبَانَ يُحَدِّثُ عَنْ مُعَاوِيَةَ قَالَ إِنَّكُمْ لَتُصَلُّونَ صَلاَةً، لَقَدْ صَحِبْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَمَا رَأَيْنَاهُ يُصَلِّيهَا، وَلَقَدْ نَهَى عَنْهُمَا، يَعْنِى الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ. طرفه 3766 588 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ خُبَيْبٍ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ صَلاَتَيْنِ بَعْدَ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ لقد صحبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما رأيناه يصليها) وفي بعْضِهما "يصليهما" باعتبار الركعتين (ولقد نهى عنهما) يعني: الركعتين بعد العصر. فإن قلت: سيأتي عن أم سلمة أنه كان يصليهما، فكيف نفى عنه؟ قلت: لم يطلع عليه؛ وكذلك قال: "ما رأيناه". فإن قلت: سيأتي أنه لم يتركهما؛ فكيف التوفيق بين قوله وفعله؛ قلت: كانتا سنة الظهر شغل عنهما، وكان إذا عمل عملًا داوم عليه، فتلك من خواصّه - صلى الله عليه وسلم - لا يقاس عليه. 588 - (محمد بن سلام) بتخفيف اللام ويجوز أنّ تشدد (عبدة) -بفتح العين وسكون الباء- تقدم أنّ اسمه عبد الرحمن (عن عبيد الله عن خبيب) كلاهما على وزن المصغر. وشرح الأحاديث تقدم مرارًا. باب من لم يكره الصلاة إلا بعد العصر والفجر (رواه عمر، وابن عمر، وأبو سعيد) الخدري (وأبو هريرة) تقدمت رواياتهم

33 - باب من لم يكره الصلاة إلا بعد العصر والفجر

33 - باب مَنْ لَمْ يَكْرَهِ الصَّلاَةَ إِلاَّ بَعْدَ الْعَصْرِ وَالْفَجْرِ رَوَاهُ عُمَرُ وَابْنُ عُمَرَ وَأَبُو سَعِيدٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ. 589 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ أُصَلِّى كَمَا رَأَيْتُ أَصْحَابِى يُصَلُّونَ، لاَ أَنْهَى أَحَدًا يُصَلِّى بِلَيْلٍ وَلاَ نَهَارٍ مَا شَاءَ، غَيْرَ أَنْ لاَ تَحَرَّوْا طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلاَ غُرُوبَهَا. طرفه 582 ـــــــــــــــــــــــــــــ مسندة؛ إلا أنها ليست على طريقة الحصر فلا يمنع الكراهة في غيرهما؛ كالصلاة عند الاستواء. 589 - (أبو النعمان) -بضم النون- محمد بن الفضل (حماد) بفتح الحاء وتشديد [الميم] استدل على أن لا كراهة إلا بعد العصر والفجر بقول ابن عمر: (لا أنهى أحدًا يصلي بليل ولا نهار ما شاء؛ غير أن لا يتحرى طلوع الشمس ولا غروبها) وقال بحصر الكراهة في هذين الوقتين مالك والأوزاعي والليث. واعلم أن الكراهة لا تنحصر. وذهب الشافعي وأبو حنيفة إلى الكراهة بعد صلاة العصر، وبعد صلاة الصبح، وعند الاستواء؛ لما روينا من الأحاديث آنفًا في باب الصلاة بعد الفجر حتى ترتفع الشمس. وأمًا حصر ابن عمر في الوقتين فليس فيه دليل؛ لأنه لم يروه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. واعلم أن الكراهة لا تنحصر فيما ذكر؛ بل منها ما اتفق عليه الأئمة؛ كالصلاة عند صعود الخطيب المنبر، وعند الإقامة للمكتوبة، وعند الحنفية قبل المغرب، وعند المالكية بعد الجمعة حتى ينصرف الناس. باب ما يصلَّى بعد العصر من الفوائت ونحوها (وقال كريب عن أم سلمة: [صلى النبي]- صلى الله عليه وسلم - بعد العصر ركعتين) هذا التعليق رواه عن

34 - باب ما يصلى بعد العصر من الفوائت ونحوها

34 - باب مَا يُصَلَّى بَعْدَ الْعَصْرِ مِنَ الْفَوَائِتِ وَنَحْوِهَا وَقَالَ كُرَيْبٌ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ صَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ وَقَالَ «شَغَلَنِى نَاسٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ». 590 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ قَالَتْ وَالَّذِى ذَهَبَ بِهِ مَا تَرَكَهُمَا حَتَّى لَقِىَ اللَّهَ، وَمَا لَقِىَ اللَّهَ تَعَالَى حَتَّى ثَقُلَ عَنِ الصَّلاَةِ، وَكَانَ يُصَلِّى كَثِيرًا مِنْ صَلاَتِهِ قَاعِدًا - تَعْنِى الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ - وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّيهِمَا، وَلاَ يُصَلِّيهِمَا فِي الْمَسْجِدِ مَخَافَةَ أَنْ يُثَقِّلَ عَلَى أُمَّتِهِ، وَكَانَ يُحِبُّ مَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ. أطرافه 591، 592، 593، 1631 591 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى قَالَتْ عَائِشَةُ ابْنَ أُخْتِى ـــــــــــــــــــــــــــــ كريب في كتاب المغازي مسندًا (وقال: شغلني ناس من عبد القيس) قبيلة من أولاد ربيعة بن نزار. وفي سنن البيهقي وفد بني تميم، ويصح كل منهما؛ لجواز الاجتماع. 590 - (أبو نعيم) على وزن المصغر (أيمن) بفتح الهمزة (والذي ذهب به) أي: برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قسم بالله تعالى (ما تركهما حتى لقي الله)، يريد: الركعتين بعد العصر وقد ذكرنا وجه مداومته عليهما مع نهيه عنهما في باب: لا يتحرى الصلاة قبل غروب الشمس قريبًا (وكان لا يصليهما في المسجد مخافة أن يثقل على أمته) بضم الياء وتشديد القاف ويروى بفتح الياء وضم القاف مخففة (وكان يحبُّ ما يخفف عنهم) ما: مصدرية أو موصولة؛ أي: الشيء الذي فيه التخفيف. 591 - (مسدد) بضم الميم وتشديد الدّال المفتوحة (يا بن أختي) هو: عروة بن الزبير (ما ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - السجدتين بعد العصر) أي: الركعتين، من إطلاق الجزء على الكل مجازًا (قطّ) بفتح القاف وتشديدها هو المشهور وفيه لغات أخر؛ ظرف للزمان الماضي، يؤكد به

مَا تَرَكَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - السَّجْدَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ عِنْدِى قَطُّ. طرفه 590 592 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ رَكْعَتَانِ لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَعُهُمَا سِرًّا وَلاَ عَلاَنِيَةً رَكْعَتَانِ قَبْلَ صَلاَةِ الصُّبْحِ، وَرَكْعَتَانِ بَعْدَ الْعَصْرِ. طرفه 590 ـــــــــــــــــــــــــــــ النفي. 592 - (الشيباني) -بفتح المعجمة- أبو إسحاق، سليمان [بن] أبي سليمان (عن عائشة رضي الله عنها: ركعتان لم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعهما سرًّا ولا علانية؛ ركعتان قبل الصبح، وركعتان بعد العصر) قوله: "ركعتان" بدل من ركعتان. فإن قلت: كيف جاز تفسير الركعتين بأربع؟ قلت: صحّ ذلك على طريق البدل؛ ومحصله لم يدع الركعتين في هذين الوقتين. قال بعضهم: تفسير الركعتين بأربع من إطلاق الجزء على الكل: أو يقدر: وكذا ركعتان بعد العصر؛ والإضمار والمجاز متساويان، والمراد بالركعتين الجنس الشامل للقليل والكثير. هذا كلامه، وفساده لائح. أمّا قوله: من إطلاق الجزء على الكل؛ فلأنه ليس هنا جزء وكلٌّ، وذلك أنّ الركعتين قبل الصبح والركعتين بعد العصر، والجزء والكل إنّما يتصور إذا كان تأليف وضم بعض الأشياء إلى البعض عقلًا أو حسًا. وأمّا قوله: أريد بالركعتين الجنس الشامل للقليل والكثير، فإن أراد أنه يطلق على ما فوق التثنية وما دونه فليس كذلك؛ لأنّ المثنى نصٌّ في مدلوله، وإن أراد أنه يتناول كل ركعتين وليس كذلك؛ لأن ركعتان نكرة، فلا يتناول إلا على سبيل البدل؛ كما أشرنا إليه. 593 - (محمد بن عرعرة) بعين وراء مهملتين مكررتين (عن أبي إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي (قال: رأيت الأسود ومسروقًا شهدا على عائشة أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يأت عائشة

35 - باب التبكير بالصلاة فى يوم غيم

593 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ رَأَيْتُ الأَسْوَدَ وَمَسْرُوقًا شَهِدَا عَلَى عَائِشَةَ قَالَتْ مَا كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَأْتِينِى فِي يَوْمٍ بَعْدَ الْعَصْرِ إِلاَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ. طرفه 590 35 - باب التَّبْكِيرِ بِالصَّلاَةِ فِي يَوْمِ غَيْمٍ 594 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى - هُوَ ابْنُ أَبِى كَثِيرٍ - عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ أَنَّ أَبَا الْمَلِيحِ حَدَّثَهُ قَالَ كُنَّا مَعَ بُرَيْدَةَ فِي يَوْمٍ ذِى غَيْمٍ فَقَالَ بَكِّرُوا بِالصَّلاَةِ فَإِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ تَرَكَ صَلاَةَ الْعَصْرِ حَبِطَ عَمَلُهُ». طرفه 553 ـــــــــــــــــــــــــــــ بعد العصر إلا صلّى ركلعتين) وعبّر [عن] إخبارهما بالشهادة مبالغة في تحقيق سماعهما، لأنّ باب الشهادة أضيق من باب الإخبار. وقد أسلفنا أنّ هذه الرّوايات محمولة على أنهما ركعتان من سنة الظهر، وأنه كان يداوم على ما فعل من العبادة، وأنّ هذا من خواصه - صلى الله عليه وسلم - فلا يصلي أحد بعد العصر تطوعًا لا سبب له. باب التبكير في الصلاة في يوم الغيم 594 - (معاذ بن فضالة) بفتح الفاء (عن أبي قلابة) -بكسر القاف- عبد الله بن زيد الجرمي (عن أبي المليح) عمر أو عامر الهذلي (بريدة) -بضم الباء مصغر بردة- هو بريدة بن الحصيب بالمهملتين أبو سهل الأسلمي من السّابقين الأولين، أسلم قبل بدر (بكروا بالصلاة) أي: صلوها في أول الوقت، باكورة كل شيء أوله (من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله) قد سبق أن الحق أنه أراد الحث على صلاة العصر؛ فإنَّ وقتها وقت الأشغال، ولم يرد حقيقة الحبوط؛ مثله: "من ترك الصلاة عمدًا فقد كفر" وقد أشبعنا الكلام فيه في باب من ترك العصر. وقد روي عن عمر أنه قال: أخروا الظهر، وعجلوا العصر في يوم ذي غيم.

36 - باب الأذان بعد ذهاب الوقت

36 - باب الأَذَانِ بَعْدَ ذَهَابِ الْوَقْتِ 595 - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ قَالَ حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سِرْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةً فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ لَوْ عَرَّسْتَ بِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «أَخَافُ أَنْ تَنَامُوا عَنِ الصَّلاَةِ». قَالَ بِلاَلٌ أَنَا أُوقِظُكُمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وذلك لئلا يقع العصر في وقت الكراهة. وقال أبو حنيفة: يستحب في يوم الغيم في الفجر والظهر والمغرب تأخيرهما؛ وفي العصر والعشاء تقديمهما، أما العصر فلئلا يقع في وقت الكراهة؛ وأما العشاء فلئلا تقل الجماعة باعتبار المطر. فإن قلت: ليس في الحديث ذكر الغيم كما ترجم له. قلت: هذا على دأبه أشار إلى ما ورد فيه ولم يكن على شرطه، وقد جاء في سنن سعيد بن منصور: "عجلوا العصر في يوم الغيم". باب الأذان بعد ذهاب الوقت 595 - (عمران بن ميسرة) ضد الميمنة (محمد بن الفُضيل) بضم الفاء: على وزن المصغر وكذا (حصين)، (عن عبد الله بن أبي قتادة) فارس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأنصاري السلمي بفتح السين واللام: واسمه نعمان، وقيل: غيره (سرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة) كان هذا من رجوعه من خيبر؛ صرّح به في الرواية مسلم (فقال بعض القوم: لو عرست بنا يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) التعريس: النزول آخر الليل للاستراحة، ويقال فيه: أعرست أيضًا ولو: ظاهر في التمني، ويحتمل الشرطَ، والجوابُ محذوف؛ أي: لكان حسنًا (فقال بلال: أنا أُوقظكم، فاضْطَجَعوا) على صيغة الماضي بفتح الجيم، أو الأمر بكسر الجيم (فغلبنه عيناه فنام) قوله: فنام تفسير لقوله: غلبته عيناه (فاستيقظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحاجب الشمس قد طلع) أي: طرفه

فَاضْطَجَعُوا وَأَسْنَدَ بِلاَلٌ ظَهْرَهُ إِلَى رَاحِلَتِهِ، فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ فَنَامَ، فَاسْتَيْقَظَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ طَلَعَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَقَالَ «يَا بِلاَلُ أَيْنَ مَا قُلْتَ». قَالَ مَا أُلْقِيَتْ عَلَىَّ نَوْمَةٌ مِثْلُهَا قَطُّ. قَالَ «إِنَّ اللَّهَ قَبَضَ أَرْوَاحَكُمْ حِينَ شَاءَ، وَرَدَّهَا عَلَيْكُمْ حِينَ شَاءَ، يَا بِلاَلُ قُمْ فَأَذِّنْ بِالنَّاسِ بِالصَّلاَةِ». فَتَوَضَّأَ فَلَمَّا ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ وَابْيَاضَّتْ قَامَ فَصَلَّى. طرفه 7471 ـــــــــــــــــــــــــــــ المقدم (فقال: أين ما قلت يا بلال) فإنه ضمن أن يوقظهم في وقت الصلاة (قال: ما ألقيت عليَّ نومة مثلها) اعتذار حسن، لأنّ النوم أمر غير اختياري، وليس لأحد قدرةٌ على دفعه. (قال: إن الله قبض أرواحكم حين شاء) فإن النوم أخو الموت قال الله تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا} [الزمر: 42] (يا بلال قم فأذن بالناس) أذن: بالتشديد. استدل بظاهره أحمد؛ فقال بالأذان في الفائتة؛ وهو قول قديم للشافعي، وقوله الجديد: أنْ لا أذان؛ استدلا بما سيأتي: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلّى الخمس يوم الخندق بأذان واحد. (للمغرب) فإنها صاحبة الوقت، ولم يؤذن بغيرها، فالتأذين هنا معناه الإعلام، أو الإقامة، ويؤيده الرواية: آذن بالمد مخففًا. (فلما ارتفعت الشمس وابياضت قام فصلى) قال فقهاء الكوفة: إنما آخّر الصلاة إلى ارتفاع الشمس، لأنّ قبله وقت الكراهة. وأجاب الشافعي: بأن التأخير لم يكن لذلك، بل لأنه ارتحل من ذلك المكان؛ لأنه كره الإقامة في موضع فاتته الصلاةُ فيه؛ وسيأتي أنه قال: "هذا وادٍ حضر فيه الشيطان. فإن قلت: كيف نام عن الصّلاة؛ وقد قال: "تنام عيني ولا ينام قلبي"؟ قلت: أجاب النووي: بأنه يدرك بالقلب ما شأنه أنّ يُدرك بالقلب؛ وطلوع الفجر ليس مما يدرك بالقلب؛ بل إنما يدرك بالباصرة، وتحقيق هذا أنّ الحواس الظاهرة كلها باطلة في حالة النوم؛ كالذوق والشَّمِّ والسماع وانما خصّ العين في قوله: "تنام عيناي"؛ لأنّ أثر النوم يظهر في العين دون سائر الحواس، فلا فرق بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيره في عدم الإدراك بالحواس، وانّ الذي اختص به دون غيره هو إدراك القلب، ولذلك كان رؤياه وحيًا. باب من صلَّى بالناس جماعة بعد ذهاب الوقت

37 - باب من صلى بالناس جماعة بعد ذهاب الوقت

37 - باب مَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ جَمَاعَةً بَعْدَ ذَهَابِ الْوَقْتِ 596 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ جَاءَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَجَعَلَ يَسُبُّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كِدْتُ أُصَلِّى الْعَصْرَ حَتَّى كَادَتِ الشَّمْسُ تَغْرُبُ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «وَاللَّهِ مَا صَلَّيْتُهَا». فَقُمْنَا إِلَى بُطْحَانَ، فَتَوَضَّأَ لِلصَّلاَةِ، وَتَوَضَّأْنَا لَهَا فَصَلَّى الْعَصْرَ بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا الْمَغْرِبَ. أطرافه 598، 641، 945، 4112 ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: بعد ذهاب الوقت، إشارةٌ إلى عدم دخول وقت صلاة أخرى. 596 - (معاذ بن فضالة) بضم الميم وفتح الفاء (أن عمر بن الخطّاب جاء يوم الخندق) أي: يوم حفر الخندق، وكان في وقعة الأحزاب سنة أربع من الهجرة (قال: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما كدتُّ أصلي العصر حتى كادت الشمس تغرب) أي: ما قاربت الصلاة حتى قارب غروب الشمس؛ ولا دلالة فيه على أنه صلاها قبل الغروب؛ لأنّ عدم مقاربة الصلاة إلى قريب غروب الشمس دلّ على أنه حين الغروب قارب الصلاة، وقد أوضحته الرواية الأخرى في باب قضاء الفوائت: ما كدت أصلي العصر حتى غربت الشمس؛ فإنه صريح في أنّه لم يصل قبل الغروب، ومن قال غير هذا فقد ذهل عن هذه الرواية (فقمنا إلى بطحان) -تُفتح باؤه وتُضَمَّ؛ والضم أكثر وأشهر- وادٍ بالمدينة الشريفة على ساكنها أفضل الصلوات وأكمل التسليم (فصلّى العصر بعدما غربت الشمس، ثم صلى بعدها المغرب) وفيه دلالة على أنّ الفائتة تقدم على الوقتية؛ إلا أن يخاف فوت الوقتية، وقال أبو حنيفة ومالك: يجب تقديم الفائتة. وفي موطأ مالك: أنه صلى الظهر والعصر، وفي ابن حبان كذلك، وفي الترمذي ومسند أحمد المغرب مع العصر والظهر؛ ووجه الجمع أن قضية الخندق كانت أيامًا؛ فيجوز تعدد الواقعة. فإن قلت: أين موضع الدلالة على الترجمة؟ قلت: قول جابر: قمنا إلى بطحان.

38 - باب من نسى صلاة فليصل إذا ذكرها ولا يعيد إلا تلك الصلاة

38 - باب مَنْ نَسِىَ صَلاَةً فَلْيُصَلِّ إِذَا ذَكَرَهَا وَلاَ يُعِيدُ إِلاَّ تِلْكَ الصَّلاَةَ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ مَنْ تَرَكَ صَلاَةً وَاحِدَةً عِشْرِينَ سَنَةً لَمْ يُعِدْ إِلاَّ تِلْكَ الصَّلاَةَ الْوَاحِدَةَ. 597 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالاَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ نَسِىَ صَلاَةً فَلْيُصَلِّ إِذَا ذَكَرَهَا، لاَ كَفَّارَةَ لَهَا إِلاَّ ذَلِكَ». (وَأَقِمِ الصَّلاَةَ لِذِكْرِى) قَالَ مُوسَى قَالَ هَمَّامٌ سَمِعْتُهُ يَقُولُ بَعْدُ (وَأَقِمِ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها ولا يعيد إلا تلك الصلاة الواحدة 597 - (أبو نعيم) بضم النون، على وزن المصغر (هَمام) بفتح الهاء وتشديد الميم (من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [طه: 14]) أشار إلى أنّ الحديث تفسير للآية، وأنّ المراد بذكري الصلاة؛ لأنّ ذكر الله من لوازمه. واعلم أنّ قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فليصلها إذا ذكرها" من ترتيب الحكم على الوصف المشعر بالعلية، ولا يلزم منه انحصار القضاء في التذكر بعد النسيان؛ كقولك: الذي جاء من الغائط، فمن سئل وأجاب: بأنّ ذكر النسيان لأنه الغالب؛ أو وارد على سبب خاص؛ مثل سؤال السائل أو تنبيه بالأدنى على الأعلى؛ فقد خاضَ في شيءٍ لا طائل تحته. والكفارة: صيغةُ مبالغةٍ من الكفر؛ وهو الستر؛ أي: الخصلة التي تستر الخطيئة. استدلّ الشافعي بالحديث على أنّ لا ترتيب بين الوقتية وبين الفوائت؛ فإنه أطلق القول فيه. وقال أبو حنيفة وأحمد: يقضي مرتبًا، يقدم الفائتة على الوقتية؛ ثم يصلي بعد الوقتية الفوائت على الترتيب؛ إلا أنْ تزيد الفوائت على الخمس، فإنه يسقط الترتيب عضد أبي حنيفة وأحمد، وقال الإمام أحمد: إذا نسي الترتيب سقط؛ واستدلوا على وجوب الترتيب بفعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في يوم الخندق، وقد قال: "صلّوا كما رأيتموني أصلّي". والجواب للشافعي: أنّ قضية الخندق لم تدل على الوجوب؛ بل الأولوية؛ فإنه لا يفعل -في أغلب الأحوال- إلا الأولى؛ وأمّا قوله - صلى الله عليه وسلم -: "صلوا كما رأيتموني أصلي" إنما قاله في غير شأن القضاء، قاله لمالك بن الحويرث وأصحابه حين

39 - باب قضاء الصلوات الأولى فالأولى

الصَّلاَةَ لِذِكْرِى). وَقَالَ حَبَّانُ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، حَدَّثَنَا أَنَسٌ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ. 39 - باب قَضَاءِ الصَّلَوَاتِ الأُولَى فَالأُولَى 598 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى - هُوَ ابْنُ أَبِى كَثِيرٍ - عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ جَعَلَ عُمَرُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ يَسُبُّ كُفَّارَهُمْ وَقَالَ مَا كِدْتُ أُصَلِّى الْعَصْرَ حَتَّى غَرَبَتْ. قَالَ فَنَزَلْنَا بُطْحَانَ، فَصَلَّى بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ. طرفه 596 ـــــــــــــــــــــــــــــ رجعوا إلى بلادهم؛ فقال: "ليؤذن لكم أحدكم، وليؤمكم أكبركم، وصلوا كما رأيتموني أصلي". قال بعضهم: قوله: "لا كفارة لها غير ذلك" يحتمل الوجهين: أحدهما: أن لا يكفرها غير قضائها، والآخر: لا يلزمه غرامة، ولا صدقة، ولا زيادة على تلك الصلاة، فعلى الأول قصر قلب؛ وعلى الثاني: قصرُ إفراد. وقد وَهِمَ فيما قال؛ وذلك أن قوله: "لا يكفرها غير قضائها؛ لا يلزم أنّ يكون قلبًا؛ لجواز أنّ يكون اعتقاد المخاطب أنّ قضاءها والصدقة بالمال مثلًا كل منهما كفارة، فإنما اختار سقط الإثم كما كان في الصوم أوّل ما فرض التخيير بين الصوم والإطعام، فردّه الشارع بإفراد القضاء بالحكم، ومثله قصر إفراد عند صاحب "المفتاح"؛ وسماه صاحب "التلخيص" قصر تعيين. (وقال حَبان) -بفتح الحاء وباء موحدة- هو ابن هلال. تعليق من البخاري فائدته دفع وهم التدليس من قتادة لأنه رواه بلفظ حدثنا بخلاف المسند قبله، فإنه بلفظ عن والله [أعلم]. فإن قلت: قوله: (ولا يعيد الا تلك الصلاة) ما فائدته؟ قلت: أشار إلى ما ورد في النسائي أنهم قالوا: يا رسول الله: ألا نصليها غدًا أيضًا في وقتها قال: "لا ينهاكم الله عن الربا، ويأخذه منكم".

40 - باب ما يكره من السمر بعد العشاء

40 - باب مَا يُكْرَهُ مِنَ السَّمَرِ بَعْدَ الْعِشَاءِ 599 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا عَوْفٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْمِنْهَالِ قَالَ انْطَلَقْتُ مَعَ أَبِى إِلَى أَبِى بَرْزَةَ الأَسْلَمِىِّ فَقَالَ لَهُ أَبِى حَدِّثْنَا كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى الْمَكْتُوبَةَ قَالَ كَانَ يُصَلِّى الْهَجِيرَ وَهْىَ الَّتِى تَدْعُونَهَا الأُولَى حِينَ تَدْحَضُ الشَّمْسُ، وَيُصَلِّى الْعَصْرَ، ثُمَّ يَرْجِعُ أَحَدُنَا إِلَى أَهْلِهِ فِي أَقْصَى الْمَدِينَةِ وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ، وَنَسِيتُ مَا قَالَ فِي الْمَغْرِبِ. قَالَ وَكَانَ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُؤَخِّرَ الْعِشَاءَ. قَالَ وَكَانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَهَا وَالْحَدِيثَ بَعْدَهَا، وَكَانَ يَنْفَتِلُ مِنْ صَلاَةِ الْغَدَاةِ حِينَ يَعْرِفُ أَحَدُنَا جَلِيسَهُ، وَيَقْرَأُ مِنَ السِّتِّينَ إِلَى الْمِائَةِ. طرفه 541 41 - باب السَّمَرِ فِي الْفِقْهِ وَالْخَيْرِ بَعْدَ الْعِشَاءِ 600 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَلِىٍّ الْحَنَفِىُّ حَدَّثَنَا ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ما يكره من السمر بعد العشاء السمر: بفتح السين والميم: حديث الليل، قال ابن الأثير: أصل السمر ضوء القمر، فينهم كانوا يتحدثون في الليالي المقمرة، فاتسع فيه فأطلق على حديث الليل، سواء كان في ضوء القمر أو لا. 599 - (مسدد) بضم الميم وفتح الدال المشددة (عوف) بفتح العين وسكون الواو (أبو المنهال) -بكسر الميم- سلمة بن يسار (أبي برزة الأسلمي) -بفتح الباء وراء ساكنة بعدها زاي معجمة- نضلة بن عبيد (كان يصلي الهجير) أي: صلاة الظهر، الهجير والهاجرة: وقت اشتداد الحر نصف النهار، أطلق على الصلاة الواقعة فيه مجازًا (حين تدحض الشمس) أي: تزول (والشمس حية) أي: لم ينصرف نورها على طريق الاستعارة (وكان يستحب أن يؤخر العشاء، وكان يكره النوم قبلها والحديث بعدها) قد سبق في كتاب العلم، والحكمة في ذلك ليكون آخر نوم، والنوم العبادة إذ ربما فاجأه الموت، ومن قال: لئلا تفوته صلاة الصبح يرد عليه السمر بالعلم، وما فيه عبادة من سائر الأذكار. وقد سبق في باب السمر بالعلم أن المكروه هو الحديث الذي يتعلق بالدنيا، ولذلك أردفه بقوله: باب السمر في الفقه والخير بعد العشاء 600 - (عبد الله بن الصباح) بالصاد المهملة والباء الموحدة (أبو علي الحنفي) عبيد الله

قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ انْتَظَرْنَا الْحَسَنَ وَرَاثَ عَلَيْنَا حَتَّى قَرُبْنَا مِنْ وَقْتِ قِيَامِهِ، فَجَاءَ فَقَالَ دَعَانَا جِيرَانُنَا هَؤُلاَءِ. ثُمَّ قَالَ قَالَ أَنَسٌ نَظَرْنَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ لَيْلَةٍ حَتَّى كَانَ شَطْرُ اللَّيْلِ يَبْلُغُهُ، فَجَاءَ فَصَلَّى لَنَا، ثُمَّ خَطَبَنَا فَقَالَ «أَلاَ إِنَّ النَّاسَ قَدْ صَلَّوْا ثُمَّ رَقَدُوا، وَإِنَّكُمْ لَمْ تَزَالُوا فِي صَلاَةٍ مَا انْتَظَرْتُمُ الصَّلاَةَ». قَالَ الْحَسَنُ وَإِنَّ الْقَوْمَ لاَ يَزَالُونَ بِخَيْرٍ مَا انْتَظَرُوا الْخَيْرَ. قَالَ قُرَّةُ هُوَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 572 601 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى حَثْمَةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ صَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - صَلاَةَ الْعِشَاءِ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «أَرَأَيْتَكُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ فَإِنَّ رَأْسَ مِائَةٍ لاَ يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ الْيَوْمَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَحَدٌ». فَوَهِلَ النَّاسُ فِي مَقَالَةِ رَسُولِ اللَّهِ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - إِلَى مَا يَتَحَدَّثُونَ مِنْ هَذِهِ الأَحَادِيثِ عَنْ مِائَةِ سَنَةٍ، وَإِنَّمَا قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ ابن عبد الله (قرة بن خالد) بضم القاف (قال: انتظرنا الحسن) هو الحسن البصري الإمام المعروف (وراث علينا) بالثاء المثلثة. أي: أبطأ (حتى قربنا من وقت قيامه) أي: للتهجد (قال أنس: نظرنا النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي: انتظرنا قال تعالى: {انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ} [الحديد: 13] (ذات ليلة) لفظ الذات معجم، وقيل: من إضافة المسمى إلى الاسم (حتى كان شطر الليل يبلغه) يجوز في كان الأوجه الثلاثة أن تكون زائدة وتامة. أي: وجد شطر الليل، وناقصة، ويبلغه خبرها، والرواية في شطر الليل الرفع أي: يبلغ شطر الليل ذلك الوقت الذي صلى فيه، ويجوز النصب على أن في كان ضمير الانتظار، أي: يبلغ الانتظار شطر الليل (قال الحسن: وإن القوم لا يزالون بخير ما انتظروا الخير. قال قرة: هو من حديث أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -). فإن قلت: أين موضع الدلالة على ما ترجمه من السمو في الفقه والخير؟ قلت: هو قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعدما صلى العشاء: (إنكم في صلاة ما انتظرتم الصلاة). وقيل: موضع الدلالة هو حديث الحسن مع الجيران بعد العشاء، وهذا وهم؛ فإن الحسن لم يكن صلى العشاء ولذلك انتظر القوم. 601 - (أبو اليمان) -بتخفيف النون- الحكم بن نافع (وأبو بكر بن أبي حثمة) بالحاء المهملة بعدها ثاء مثلثة، اسم أبي بكر: عبد الله، وأبو حثمة جده، وأبوه سليمان (أرأيتكم ليلتكم هذه فإن رأس مئة لا يبقى ممن هو على ظهر الأرض أحد. فوهل الناس في مقالة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) قد سبق أن معنى أرأيتكم: أخبروني، لأن الرؤية من أسباب الإخبار، وأن

42 - باب السمر مع الضيف والأهل

النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ الْيَوْمَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ» يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنَّهَا تَخْرِمُ ذَلِكَ الْقَرْنَ. طرفاه 116 42 - باب السَّمَرِ مَعَ الضَّيْفِ وَالأَهْلِ 602 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ أَنَّ أَصْحَابَ الصُّفَّةِ كَانُوا أُنَاسًا فُقَرَاءَ، وَأَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ اثْنَيْنِ فَلْيَذْهَبْ بِثَالِثٍ، وَإِنْ أَرْبَعٌ فَخَامِسٌ أَوْ سَادِسٌ». وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ جَاءَ بِثَلاَثَةٍ فَانْطَلَقَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِعَشَرَةٍ، قَالَ فَهْوَ أَنَا وَأَبِى وَأُمِّى، فَلاَ أَدْرِى قَالَ وَامْرَأَتِى وَخَادِمٌ بَيْنَنَا وَبَيْنَ بَيْتِ أَبِى بَكْرٍ. وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ تَعَشَّى عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ لَبِثَ حَيْثُ صُلِّيَتِ الْعِشَاءُ، ثُمَّ رَجَعَ فَلَبِثَ حَتَّى تَعَشَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَجَاءَ بَعْدَ مَا مَضَى مِنَ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللَّهُ، قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ وَمَا حَبَسَكَ عَنْ أَضْيَافِكَ - أَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــ الإخبار ليس هو مرادًا من الغرض منه التنبيه والإقبال إليه ليحفظوا ما يلقيه إليهم، ويقال: وَهل بفتح الواو والهاء أي: وهم. وغرض ابن عمر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما أراد أن ذلك القرن ينخرم، وأشار بذلك إلى قلة الأعمار، فظن بعض الناس أنه أراد قيام الساعة، وقد سلف أن القائلين بوجود الخضر أنه كان إذ ذاك في البحر. باب السمر مع الضيف والأهل 602 - (أبو النعمان) هو محمد بن الفضل [(معتمر)] بضم الميم الأول وكسر الثاني (أبو عثمان) النهدي عبد الرحمن، ونهد من قبائل اليمن (أن أصحاب الصفّة) اللام للعهد، صفّة مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما قال النووي: كانوا يقلون ويكثرون، وعدَّ في "الحلية" مئة ونيفًا منهم قال: (فهو أنا وأبي وأمي) هو ضمير الشأن، والقائل: عبد الرحمن بن أبي بكر (وإن أبا بكر تعشى عند النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم لبث حيث صليت العشاء، ثم رجع فلبث حتى تعشى النبي - صلى الله عليه وسلم - فجاء بعدما مضى من الليل ما شاء الله). قال بعض الشارحين: ثم لبث أي: في داره ثم رجع أبو بكر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. هذا كلامه، وليس كما فهمه؛ لأنه لما جاء أبو بكر بالأضياف لم يلبث في بيته، إذ لو لبث كان

قَالَتْ ضَيْفِكَ - قَالَ أَوَمَا عَشَّيْتِيهِمْ قَالَتْ أَبَوْا حَتَّى تَجِئَ، قَدْ عُرِضُوا فَأَبَوْا. قَالَ فَذَهَبْتُ أَنَا فَاخْتَبَأْتُ فَقَالَ يَا غُنْثَرُ، فَجَدَّعَ وَسَبَّ، وَقَالَ كُلُوا لاَ هَنِيئًا. فَقَالَ وَاللَّهِ لاَ أَطْعَمُهُ أَبَدًا، وَايْمُ اللَّهِ مَا كُنَّا نَأْخُذُ مِنْ لُقْمَةٍ إِلاَّ رَبَا مِنْ أَسْفَلِهَا أَكْثَرُ مِنْهَا. قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ يعشي الأضياف، فالصواب أن لبثه كان عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي معه العشاء، ولما صلى معه العشاء في المسجد رجع معه من المسجد إلى بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليتعشى معه. وأما قوله: أبي بكر تعشى ليس معناه أنه تعشى في بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحده، ثم تعشى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحده ببيته. رواية مسلم هكذا: "وإن أبا بكر تعشى عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم لبث حتى صليت العشاء، ثم رجع فلبث حتى نعس رسول الله" من النعاس، وفي رواية: "تعشى" أي: أبو بكر معه، إنما قدم ذكر عشاء أبي بكر إشارة إلى وجه تأخره عن أضيافه. (أو ما عشيتيهم) كذا بالياء بعد التاء، والوجه أنها تولدت من الإشباع، وفي بعضها بلا ياء، وهو الظاهر (قد عرضوا فابوا) بضم العين وتشديد الراء على بناء المجهول، وضبطه صاحب "المطالع" مخففًا. قال ابن الأثير: من العراضة وهي الميرة، ومعناه: أنهم عرض عليهم الطعام فلم يأكلوا (فذهبت أنا فاختبأت) -بالخاء- أي: اختفيت عنه، علم أنه سيغضب (فقال: يا غنثر) بضم الغين المعجمة ثم النون ثم الثاء المثلثة المفتوحة أو المضمومة لغتان، ومعناه: الثقيل أو الجاهل، وقيل: هو الذباب الأزرق حقَّرَه بهذا الكلام وقيل: اللئيم، وحكي فتح المعجمة مع المثناة، ورواه الخطابي بالعين المهملة، والتاء المثناة (فجدع) بالجيم وتشديد الدال. أي: دعا علي بالجدع وهو قطع الأطراف. قال ابن الأثير: استعماله في الأنف أكثر، وقال جاع خاصم (كلو [لا] هنيئًا) الخطاب لمن كان في البيت من أهله والأضياف لأنه تكلم في حالة الغضب، وقيل: خطاب للأضياف على طريق الإخبار لا الدعاء، أي: الأكل في هذا الوقت ليس أكلًا هنيئًا (وايم الله ما تأخذ من لقمة إلا رَبَا من أسفلها أكثر منها) وايم الله -بهمزة القطع- أصله أيمن جمع يمين، خفف بحذف النون لكثرة الاستعمال، وقد تحذف همزته في الوصل، ويجيء على الأصل وأيمن الله، وقد عدوا فيه إلى تسع لغات. ولفظ أكثر هو الرواية، وقد يروى بالباء الموحدة.

يَعْنِى حَتَّى شَبِعُوا وَصَارَتْ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ، فَنَظَرَ إِلَيْهَا أَبُو بَكْرٍ فَإِذَا هِىَ كَمَا هِىَ أَوْ أَكْثَرُ مِنْهَا. فَقَالَ لاِمْرَأَتِهِ يَا أُخْتَ بَنِى فِرَاسٍ مَا هَذَا قَالَتْ لاَ وَقُرَّةِ عَيْنِى لَهِىَ الآنَ أَكْثَرُ مِنْهَا قَبْلَ ذَلِكَ بِثَلاَثِ مَرَّاتٍ. فَأَكَلَ مِنْهَا أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ - يَعْنِى يَمِينَهُ - ثُمَّ أَكَلَ مِنْهَا لُقْمَةً، ثُمَّ حَمَلَهَا إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَصْبَحَتْ عِنْدَهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ (قال: يا أخت بني فراس ما هذه؟) -بكسر الفاء وسين مهملة- يخاطب زوجته، وبنو فراس قبيلة، وامرأته هي أم رومان، واسمها زينب، وقيل: دعد، وقوله: ما هذه إشارة إلى تلك الزيادة في الطعام (قالت: لا وقرة عيني لهي الآن أكثر منها قبل ذلك بثلاث مرات) عدوا لا زائدة في القسم كما في قوله {لَا أُقسِمُ بِهذَا اَلبَلَد} [البلد: 1]. قيل: أرادت بقرة عيني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقيل: أبا بكر. أصل القرة من القرار؛ لأن العين إذا نظرت المنظر الحسن استقرت فلا تنظر إلى غيره، منه قوله: {مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17)} [النجم: 17]. وقيل: من القر -بضم القاف- وهو البرد لأن العين في السرور تدمع دمعًا باردًا. (فأكل منها أبو بكر وقال: إنما كان ذلك من الشيطان) يعني يمينه (ثم أكل منها لقمة ثم حملها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأصبحت عنده) ظاهر قوله: فأكل أبو بكر أنه إنما كان بعدما رأى تلك الزيادة بعد أكل الأضياف وقوله: ثم أكل لقمة أيضًا، يشعر به قوله ثم حملها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ظاهره أنه حملها إليه بالليل لقوله: فأصبحت عنده، وليس كذلك بل إنما أكل أبو بكر مع الأضياف، وإنما حملها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما أصبح، بينه. رواية مسلم: لما أبوا أن يأكلوا إلا أن يأكل أبو بكر "أما الأولى فمن الشيطان" يريد بذلك يمينه، فقال: هلموا قِراكم، فجيء بالطعام فسمى فأكل وأكلوا، فلما أصبح غدا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: يا رسول الله بروا وحنثت، قال: "بل أنت أبرهم وأخيرهم". فإن قلت: فما معنى قوله: فأصبحت إن لم يذهب بها بالليل؟ قلت: معناه كانت عند الصباح عنده كما تقول: أصبحت عند فلان ليس معناه أنك بن عنده. هذا ويمكن أن يكون حملها إليه بالليل، وفيه بعد لما في رواية مسلم أن أبا بكر إنما [...] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما نعس.

وَكَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمٍ عَقْدٌ، فَمَضَى الأَجَلُ، فَفَرَّقَنَا اثْنَا عَشَرَ رَجُلاً، مَعَ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ أُنَاسٌ، اللَّهُ أَعْلَمُ كَمْ مَعَ كُلِّ رَجُلٍ فَأَكَلُوا مِنْهَا أَجْمَعُونَ، أَوْ كَمَا قَالَ. أطرافه 3581، 6140، 6141 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: إذا أكل أبو بكر معهم كما في رواية مسلم فما معنى قوله: ثم أكل منها لقمة؟ قلت: معناه حين حملها إليه وقت الصباح أكل لقمة أخرى. فإن قلت: ما وجه حملها إلى تلك الحضرة العلية وهي فضلة طعام فضلت عن طوائف؟ قلت: كان أمرها خارقًا للعادة أهديت إلى من هو أصل في خرق العادات ومظهر المعجزات وسيأتي أنه أكل منها. (وكان بيننا وبين قوم عقد) العقد: العهد الموثق قيل: معناه عقد مهادنة، وعندي أنه عقد إجارة أو نحوه لقوله: (فمضى الأجل ففرقنا اثني عشر رجلًا مع كل رجل أناس) -بالفاء والقاف- من التفريق. أي: جعلنا كل رجل منهم ممتازًا معه أناس، وفي بعض نسخ البخاري وأكثر نسخ مسلم "عريفًا" بالعين أي: جعل كل واحد من اثني عشر عريفًا له أناس يتبعونه، وقد يروى: فقرينا من القرى. وفي الحديث فوائد دينًا ومروءة جواز السمر مع الأهل والضيف، وأن للرئيس والملك أن يفرق الفقراء على الأغنياء في وقت الضرورة، وجواز سب الوالد الولد إذا بدى منه شين في الدين أو المروءة، وجواز الحنث في اليمين إذا رأى غيره خيرًا منه، وفيه فوائد أخر تظهر بالتأمل. فإن قلت: (قوله من كان عنده طعام اثنين فليذهب بثالث) كان القياس أن يقول: ومن كان عنده طعام أربعة فليذهب بستة، وكذلك الخامس. لم يزد إلا واحدًا في كل عدد؟ قلت: محافظة على العيال؛ لأنهم عند الحاجة أهم من الأجانب.

10 - كتاب الأذان

10 - كتاب الأذان 1 - باب بَدْءُ الأَذَانِ وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ (وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَ يَعْقِلُونَ) وَقَوْلُهُ (إِذَا نُودِىَ لِلصَّلاَةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ). ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الأذان بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ باب بدء الأذان (وقول الله: {وإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا} [المائدة: 58] وقوله تعالى: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} [الجمعة: 9]). بدء الأذان من إضافة المصدر إلى المفعول من بدء الشيء ألازمًا، وإلى الفاعل بمعنى الابتداء لأنه جاء لازمًا، والأذان اسم من التأذين كالسلام من التسليم. قال ابن الأثير: يقال: اذن بالمد أي: أعلم، وأذن بالتشديد مثله، إلا أنه خص بإعلام وقت الصلاة. فإن قلت: ترجم على بدء الأذان والآيتان ليس فيهما دلالة على البدء؟ قلت: فيهما دلالة على المشروعية، وذلك يستلزم البدء لا محالة كما ذكر في بدء الوحي: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ} [النساء: 163]. فإن قلت: على النداء في الآية الأولى بإلى، وفي الثانية باللام؟ قلت: المراد بالنداء في الآية الأولى مطلق الدعاء إلى أي صلاة كانت بخلاف النداء يوم الجمعة فإنه مختص، واللام تدل على الاختصاص.

603 - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ ذَكَرُوا النَّارَ وَالنَّاقُوسَ، فَذَكَرُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى، فَأُمِرَ بِلاَلٌ أَنْ يَشْفَعَ الأَذَانَ وَأَنْ يُوتِرَ الإِقَامَةَ. أطرافه 605، 606، 607، 3457 ـــــــــــــــــــــــــــــ 603 - (عمران بن ميسرة) ضد الميمنة (خالد الحذاء) بالذال المعجمة مع التشديد والمد (عن أبي قلابة) بكسر القاف عبد الله بن زيد الجرمي (عن أنس قال: ذكروا النار والناقوس) أي: الإعلام وقت الصلاة (فذكروا اليهود والنصارى) أي: كرهوا أن يكونوا موافقين لهم (فأُمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة) أي: يجعل كلمات الأذان شفعًا والإقامة وترًا، والحكمة في ذلك أن الأذان لإعلام كافة الناس مع بعد بعضهم فكررت كلماته لئلا يفوت سماع طائفة. ألا ترى أنهم قالوا: يستحب أن يكون المؤذن صيتًا واقفًا على مكان عالٍ، وقوله: أن يشفع الأذان فيه تسامح؛ فإن آخره لا إله إلا الله ليس بشفع، فالوجه أنه باعتبار الغالب، وكذا القول بأن الإقامة وتر، فإن قد قامت الصلاة شفع، وأسقط مالك التكرار من الله أكبر الله أكبر يقول هذا القدر مرة، وكذا تكرار قد قامت الصلاة، وزاد الشافعي الترجيع وهو أن يقول كلمات الأذان سرًّا ثم يرفع بهما صوته لما رواه مسلم عن أبي محذورة، ولا معارض له، والأذان والإقامة سنتان عند أبي حنيفة والشافعي في أظهر الوجهين، فرض كفاية عند أحمد، وكذا عند مالك في المساجد والجماعات. واعلم أن البخاري لم يرو حديث رؤيا عبد الله بن زيد بن عبد ربه الخزرجي من أنه رأى ملكًا نزل من السماء وعلمه كلمات الأذان لأنه لم يقع على الشرط الذي التزمه. قال أبو عيسى قال البخاري: لا نعرف لعبد الله بن زيد حديثًا إلا حديث الأذان. هذا وأما ما رواه البخاري عن عبد الله بن زيد فهو ليس صاحب الأذان بل هو عبد الله بن زيد بن عاصم الأنصاري المازني وهو الذي قتله مسيلمة الكذاب.

604 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلاَنَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى نَافِعٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ كَانَ الْمُسْلِمُونَ حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ يَجْتَمِعُونَ فَيَتَحَيَّنُونَ الصَّلاَةَ، لَيْسَ يُنَادَى لَهَا، فَتَكَلَّمُوا يَوْمًا فِي ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ اتَّخِذُوا نَاقُوسًا مِثْلَ نَاقُوسِ النَّصَارَى. وَقَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ بُوقًا مِثْلَ قَرْنِ الْيَهُودِ. فَقَالَ عُمَرُ أَوَلاَ تَبْعَثُونَ رَجُلاً يُنَادِى بِالصَّلاَةِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَا بِلاَلُ قُمْ فَنَادِ بِالصَّلاَةِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ روى أبو داود وابن ماجه وابن حبان أن عبد الله بن زيد لما ذكر الرؤيا لـ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له: قم ألقه إلى بلال فإنه أندى منك صوتًا". وفي رواية الترمذي "أمد منك صوتًا". وفي "الأوسط" للطبراني أن أبا بكر أيضًا رأى الأذان في المنام. قال الغزالي: رأى نصف عشر، وقيل: أربعة عشر قال شيخ الإسلام: ولا يصح من ذلك إلا عبد الله بن زيد، وأقوى من الباقي قصة عمر، والأصح أنه شرع في السنة الأولى من الهجرة. وأما ما روي من طرق أنه شرع بمكة، وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سمعه ليلة الإسراء فلا يصح منها شيء. 604 - (محمود بن غيلان) بفتح المعجمة (ابن جريج) -بضم الجيم، على وزن المصغر- عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون فيتحينون الصلاة) مأخوذ من الحين وهو الزمان أي: يقدرون وقتها تخمينًا، ويحضرون ذلك الوقت المسجد (بوقًا) بضم الباء (فقال عمر: أولا تبعثون رجلًا ينادي بالصلاة) إما أن يكون بعد ما ذكر صاحب الرؤيا رؤياه، أو قبله قاله اجتهادًا فوافق الصواب، وقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (قم يا بلال فناد) إن كان بعد سماع الرؤيا فذلك، وأما إن كان قبله، فيما أن يكون قاله وحيًا، أو وافق اجتهاده اجتهاد عمر.

2 - باب الأذان مثنى مثنى

2 - باب الأَذَانُ مَثْنَى مَثْنَى 605 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ سِمَاكِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ أُمِرَ بِلاَلٌ أَنْ يَشْفَعَ الأَذَانَ وَأَنْ يُوتِرَ الإِقَامَةَ إِلاَّ الإِقَامَةَ. طرفه 603 606 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ أَخْبَرَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ لَمَّا كَثُرَ النَّاسُ قَالَ - ذَكَرُوا - أَنْ يَعْلَمُوا وَقْتَ الصَّلاَةِ بِشَىْءٍ يَعْرِفُونَهُ، فَذَكَرُوا أَنْ يُورُوا نَارًا أَوْ يَضْرِبُوا نَاقُوسًا، فَأُمِرَ بِلاَلٌ أَنْ يَشْفَعَ الأَذَانَ وَأَنْ يُوتِرَ الإِقَامَةَ. طرفه 603 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الأذان مثنى مثنى فإن قلت: اتفق النحاة على أن مثنى معدول عن العدد المكرر أي: اثنين اثنين، وإذا كان كذلك فأي حاجة إلى ذكر مثنى مرتين؟ قلت: معنى قوله مثنى مثنى أي: كل كلمة مثنى بخلاف ما لو اقتصر على ذكره مرة فإنه لا يفهم الشمول في جميع كلماته. وقال بعضهم: الأول لكلمات الأذان، والثاني لنفس الأذان، فالأول تثنية الأجزاء، والثاني تثنية الجزئيات أو هو لمجرد التأكيد، أو هو بمعنى الاثنين من غير تكرار. هذا كلامه والكل فاسد. وأما الأول: فلأنه لو كان الثاني لنفس الأذان لزم أن يكون كل أذان مرتين وأما التأكيد فلأنه لا موجب له ولا هو من مظان التأكيد، وأما قوله: أو يكون بمعنى التثنية من غير تكرار فلأنه مخالف لإجماع أهل اللغة والنحو والتفسير، فإنه على ذلك اتفقوا في قوله تعالى: {مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: 3]. وأيضًا يجب أن يكون منصرفًا لأن منع صرفه إنما هو للوصفية، وهي التكرار. 605 - (سليمان بن حرب) ضد الصلح (حماد بن زيد) بفتح الحاء وتشديد الميم (عن أبي قلابة) -بكسر القاف- عبد الله بن زيد الجرمي (وأن يوتر الإقامة إلا الإقامة) أي: إلا قول: قد قامت الصلاة، فإنه يشفعها لئلا يفوت الحاضرين تكبيرة الإمام. 606 - (محمد) كذا وقع غير منسوب. قال الغساني: ذكر أبو نصر أن البخاري يروي في كتابه عن محمد بن سلام، وعن ابن المثنى، وعن محمد بن بشار، وعن محمد بن عبد الله بن حوشب، لكن هنا ينسبه ابن السكن محمد بن سلام (فذكروا أن يوروا نارًا أو يضربوا ناقوسًا) يوروا بضم الياء أي: يوقدوا، يقال: أوريت النار ووريت بتشديد الراء من الوري وهو خروج النار من الزند، يقال: وري الزند -بكسر الزاي- خرجت ناره. وأحاديث الباب

3 - باب الإقامة واحدة، إلا قوله قد قامت الصلاة

3 - باب الإِقَامَةُ وَاحِدَةٌ، إِلاَّ قَوْلَهُ قَدْ قَامَتِ الصَّلاَةُ 607 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ أُمِرَ بِلاَلٌ أَنْ يَشْفَعَ الأَذَانَ، وَأَنْ يُوتِرَ الإِقَامَةَ. قَالَ إِسْمَاعِيلُ فَذَكَرْتُ لأَيُّوبَ فَقَالَ إِلاَّ الإِقَامَةَ. طرفه 603 4 - باب فَضْلِ التَّأْذِينِ 608 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا نُودِىَ لِلصَّلاَةِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ وَلَهُ ضُرَاطٌ حَتَّى لاَ يَسْمَعَ التَّأْذِينَ، فَإِذَا قَضَى النِّدَاءَ أَقْبَلَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ حجة على مالك وأبي حنيفة، فإن مالكًا لا [يقول] بتكرار التكبير في الأذان، وأبا حنيفة يشفع الإقامة. باب الإقامة واحدة إلا قوله: قد قامت الصلاة أي: كلمات الإقامة مرة مرة. 607 - (قال إسماعيل: فذكرت لأيوب فقال: إلا الإقامة) إسماعيل هو ابن علية، وأيوب هو السختياني، والذي ذكره له قول خالد، وأن يوتر الإقامة من غير زيادة فرد عليه أيوب بأنه ترك قوله: إلا الإقامة، فإن أيوب وخالدًا الحذاء كل منهما يروي عن أبي قلابة. باب: فضل التأذين أي: فعل الأذان. 608 - (عن أبي الزناد) -بكسر الزاي بعدها نون- عبد الله بن ذكوان (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا نودي للصلاة) أي: أذن لها (أدبر الشيطان وله ضراط) قال ابن الأثير: يقال ضراط وضريط مثل نهاق ونهيق، والظاهر أنه محمول على حقيقته لأنه جسم الخبيث، ويمكن أن يكون تصويتًا بشفتيه كما يفعل الأجلاف. قال ابن الأثير: يقال: أظرط إذا فعل بشفتيه ذلك الفعل الشبيه بالضراط.

حَتَّى إِذَا ثُوِّبَ بِالصَّلاَةِ أَدْبَرَ، حَتَّى إِذَا قَضَى التَّثْوِيبَ أَقْبَلَ حَتَّى يَخْطُرَ بَيْنَ الْمَرْءِ وَنَفْسِهِ، يَقُولُ اذْكُرْ كَذَا، اذْكُرْ كَذَا. لِمَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ، حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ لاَ يَدْرِى كَمْ صَلَّى». أطرافه 1222، 1231، 1232، 3285 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: ما السبب في ذلك الفعل؟ قلت: الظاهر أنه يفعل ذلك لئلا يسمع الأذان لما سيأتي من أن كل شيء يسمعه يشهد للمؤذن يوم القيامة فكره ذلك، ولذلك لا يفر من تلاوة القرآن، وقيل: لأن الأذان من شعائر الإسلام، وكلا الوجهين حسن. وفي رواية مسلم: "يذهب حتى يكون بالروحاء" والروحاء من المدينة على ستة وثلاثين ميلًا. قيل: الظاهر هذا الشيطان هو إبليس. قلت: لو كان إبليس لم يوسوس إلا إنسانًا واحدًا بل الواجب حمله على الجنس الشامل له ولذريته (فإذا قضي النداء) بضم القاف على بناء المجهول، ويروى على بناء الفاعل ونصب النداء، وعلى الروايتين معناه إتمام النداء (فإذا ثوب بالصلاة) أي: أقيمت الصلاة، التثويب في عرف الشرع يطلق على أمرين أحدهما: الإقامة، والآخر: قول المؤذن في صلاة الصبح: الصلاة خير من النوم. قيل: مأخوذ من الثوب وذلك أن البعيد من القوم إذا أراد إعلامهم يلوح بالثوب فشبه به الإقامة لاشتراكهما في معنى الإعلام، وكذا قوله: الصلاة خير من النوم، وقيل: هو من ثاب إذا رجع لأنه رجوع إلى الإعلام (اقبل حتى يخطر بين المرء ونفسه) بكسر الطاء وضمها، ومعناه التردد من خطر البعير ذنبه إذا رفعه ثم وضعه نشاطًا. فإن قلت: بين المرء يدل على الشيئين والمرء ونفسه شيء واحد؟ قلت: توهم التعدد كاف في ذلك لما ذكره المحققون في قوله تعالى: {وَمَا يَخْدَعونَ إلا أَنفُسَهمْ} [البقرة: 9] وأجاب بعضهم أن المراد بالنفس الروح. قلت: الروح والنفس شيء واحد، ولا يندفع الإشكال إلا بما ذكرنا. (حتى يظل الرجل لا يدري كم صلى) -بفتح الياء- من الظلول. قال الجوهري: يقال ظل يفعل كذا إذا عمل بالنهار دون الليل، وعلى هذا فهو من إطلاق المقيد على المطلق إذ الحكم لا يختص بالنهار، ويجوز أن يكون ظل بمعنى صار من الأفعال الناقصة، ورواه بعضهم: "ضل" بالضاد من الضلال.

5 - باب رفع الصوت بالنداء

5 - باب رَفْعِ الصَّوْتِ بِالنِّدَاءِ 609 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى صَعْصَعَةَ الأَنْصَارِىِّ ثُمَّ الْمَازِنِىِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ قَالَ لَهُ «إِنِّى أَرَاكَ تُحِبُّ الْغَنَمَ وَالْبَادِيَةَ، فَإِذَا كُنْتَ فِي غَنَمِكَ أَوْ بَادِيَتِكَ فَأَذَّنْتَ بِالصَّلاَةِ فَارْفَعْ صَوْتَكَ بِالنِّدَاءِ، فَإِنَّهُ لاَ يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلاَ إِنْسٌ وَلاَ شَىْءٌ إِلاَّ شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». قَالَ أَبُو سَعِيدٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفاه 3296، 7548 6 - باب مَا يُحْقَنُ بِالأَذَانِ مِنَ الدِّمَاءِ 610 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب رفع الصوت بالنداء أي: بالأذان (وقال عمر بن عبد العزيز: أذن لنا أذانًا سمحًا وإلا فاعتزلنا) أراد بالسمح: رفع الصوت، مأخوذ من السماحة وهو السخاء والجود، وقيل: كان يطول في أذانه وأشار إلى تركه. 609 - (عبد الرحمن بن أبي صعصعة) بصاد وعين مهملتين مكررتين (أن أبا سعيد الخدري) بضم الخاء وقال مهملة (فإذا كنت في غنمك أو باديتك) البادية والبدو: الفضاء الخالي عن العمارة (لا يسمع مد صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء) من عطف العام على الخاص (إلا شهد له يوم القيامة) الشهادة محمولة على الحقيقة لشمول القدرة لكل ممكن، والحكمة في هذا إظهار كرامة المؤذن في ذلك المحشر، وفي الحديث دلالة ظاهرة على فضل التأذين، ورجحه النووي على الإمامة، وأنه مشروع للرجل المنفرد. باب ما يحقن بالأذان من الدماء 610 - (قتيبة) بضم القاف على وزن المصغر، وكذا (حميد)، (عن

7 - باب ما يقول إذا سمع المنادى

أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا غَزَا بِنَا قَوْمًا لَمْ يَكُنْ يَغْزُو بِنَا حَتَّى يُصْبِحَ وَيَنْظُرَ، فَإِنْ سَمِعَ أَذَانًا كَفَّ عَنْهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ أَذَانًا أَغَارَ عَلَيْهِمْ، قَالَ فَخَرَجْنَا إِلَى خَيْبَرَ فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِمْ لَيْلاً، فَلَمَّا أَصْبَحَ وَلَمْ يَسْمَعْ أَذَانًا رَكِبَ وَرَكِبْتُ خَلْفَ أَبِى طَلْحَةَ، وَإِنَّ قَدَمِى لَتَمَسُّ قَدَمَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ فَخَرَجُوا إِلَيْنَا بِمَكَاتِلِهِمْ وَمَسَاحِيهِمْ فَلَمَّا رَأَوُا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالُوا مُحَمَّدٌ وَاللَّهِ، مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ. قَالَ فَلَمَّا رَآهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ». طرفه 371 7 - باب مَا يَقُولُ إِذَا سَمِعَ الْمُنَادِى ـــــــــــــــــــــــــــــ أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا غزا بنا) أي: سافر بنا إلى غزوة (لم يكن يغر بنا حتى يصبح) أي: لم يغر من الإغارة كذا في بعض النسخ، وفي بعضها: لم يغر -بضم الياء وسكون الغين- من الإغراء، وفي بعضها: لم يغزو بإثبات الواو من الغزو على لغة من قال: ألم يأتيك والأبناء تنمي (قالوا: محمد والخميس) الخميص: الجيش لاشتماله على خمسة أجزاء الميمنة والميسرة والقلب والساقة والمقدمة (خربت خيبر) الظاهر أنه خبر، ويحتمل الدعاء، ومباحث الحديث مستوفاة تقدمت في باب ما يذكر في الفخذ. باب ما يقول إذا سمع المنادي أي: نداء المنادي وهو الأذان.

611 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِىِّ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا سَمِعْتُمُ النِّدَاءَ فَقُولُوا مِثْلَ ما يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ». 612 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ حَدَّثَنِى عِيسَى بْنُ طَلْحَةَ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ يَوْمًا فَقَالَ مِثْلَهُ إِلَى قَوْلِهِ «وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ 611 - (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن) أي: قولوا تلك الألفاظ إلا في الحيعلة كما ذكره في الحديث بعده من قوله: 612 - (إلى قوله: وأشهد أن محمدًا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -). وفي رواية النسائي: قال معاوية كما قال المؤذن حتى إذا قال: حي على الصلاة، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله،، وكذا رواية مسلم عن عمر. فإن قلت: إذا أذن للظهر مثلًا مرتبًا مؤذنان أو ثلاثة، فهل يقول لكل مؤذن أو يكتفي بواحد؟ قلت: يقول لكل واحد. فإن قلت: لفظة إذا لا تدل على التكرار؟ قلت: الأمر كذلك وضعًا، ولكن قد تعطى حكم كلما كما في قوله: {فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [النور: 61] فإنهم اتفقوا على أنه كما دخل سن له أن يسلم. وقوله تعالى: {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1]، وأيضًا قد جعل الشارع المسبب سماع الأذان، والحكم يتكرر بتكرر سببه. فإن قلت: الأصل في الأمر الوجوب فلم لم يقولوا به؟ قلت: قال به طائفة، ودليل الندب ما رواه مسلم: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سمع مؤذنًا لما قال: الله أكبر قال: على الفطرة، فلما شهد قال: خرج عن النار". فتركه كان بيانًا للجواز. (معاذ بن فضالة) بضم الميم وفتح الفاء.

8 - باب الدعاء عند النداء

613 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى نَحْوَهُ. طرفه 613، 914. قَالَ يَحْيَى وَحَدَّثَنِى بَعْضُ إِخْوَانِنَا أَنَّهُ قَالَ لَمَّا قَالَ حَىَّ عَلَى الصَّلاَةِ. قَالَ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ. وَقَالَ هَكَذَا سَمِعْنَا نَبِيَّكُمْ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ. طرفه 612 8 - باب الدُّعَاءِ عِنْدَ النِّدَاءِ 614 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَيَّاشٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِى حَمْزَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ 613 - (إسحاق) كذا وقع غير منسوب في بعض النسخ وهو إسحاق بن راهويه. قال أبو نصر: حيث يقول عن إسحاق عن وهب بن جرير فهو إسحاق بن راهويه (قال يحيى) فائدة هذه الرواية: التصريح بلا حول ولا قوة إلا بالله. فإن قلت: ما الحكم في قوله: لا حول ولا [قوة إلا بالله] بعد قول المؤذن حي على الصلاة؟ قلت: سائر كلمات الأذان ذكرو شهادة بوحدانية الله، فإذا شارك المؤذن فيه يحصل له من الأجر ما لا يعلمه إلا الله، وأما حي على الصلاة دعاء إلى الصلاة إذ حي بمعنى أسرع إلى الصلاة، فلا وجه لأن يقوله السامه فدعى الشارع إلى كلمة هي كنز من كنوز الجنة، مع مناسبة المعنى بجواب المؤذن إذ معناه لا انتقال من مكان إلى مكان، أو من حال إلى حال إلا بقوة من الله، وقيل: معناه لا حول عن معصية الله إلا بعصمة الله، ولا قوة على طاعة الله إلا بتوفيق الله. وهذا معنى حسن إلا أنه لا يدل عليه التركيب، مع أن الذي أشرنا إليه أشمل، وللنحاة في قوله: لا حول ولا قوة إلا بالله خمسة أوجه من الإعراب بعضها أحسن من بعض لم نطول بذكرها. باب الدعاء عند النداء 614 - (عياش) بمثناة تحت وشين معجمة (شعيب بن أبي حمزة) -بالحاء المهملة وزاي معجمة- اسمه: دينار الأموي (المنكدر) بضم الميم وكسر الدال (من قال حين يسمع النداء) أي: بعد الفراغ منه فإن سماعه إنما يتحقق بعد الفراغ (اللهم رب هذه الدعوة التامة،

وَالصَّلاَةِ الْقَائِمَةِ آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِى وَعَدْتَهُ، حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِى يَوْمَ الْقِيَامَةِ». طرفه 4719 ـــــــــــــــــــــــــــــ والصلاة القائمة، آت محمدًا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدته حلت له شفاعتي) الدعوة هي الأذان، وإنما كانت تامة لاشتمالها على الإقرار بالوحدانية والرسالة، والدعاء إلى ما هو عماد الدين، والصلاة القائمة إشارة إلى عدم تطرق النسخ، والوسيلة لغة: القربة والمراد به في الحديث منزلة معينة، والوسيلة علم لها لما روى مسلم عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "المنزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا" أي: ذلك العبد، ومقامًا محمودًا علم لمقام الشفاعة العظمى، ولذلك وصفه بالمعرفة، وقد جاء في رواية النسائي وغيره المقام المحمود معرفًا، وهذا مثل العباس والحسن، ثم وصف المقام بالمحمود مجاز حكمي وصف بوصف صاحبه. فإن قلت: إذا كان علمًا لمكان معين كان قياس استعماله بـ (في) كما في سائر الأماكن المعينة؟ قلت: الأمر كذلك إلا أنه اتسع فيه، أو ضمن البعث معنى الإعطاء، أو يقدر مضاف فيكون حالًا من فاعل ابعثه أي: ذا مقام. فإن قلت: الذي وعدته يدل على وعد سابق في آية وعده؟ قلت: وعده في قوله: أكرم الأكرمين، مع سيد المرسلين. فإن قلت: إذا كان المقام موعودًا له ممن لا يخلف الميعاد، فأي فائدة في سؤال أمته له؟ قلت: الفائدة السعي في واجب إعلاء قدره وإثبات حق الشفاعة عليه، ألا ترى قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ} [الأحزاب: 56]. فإن قلت: ما معنى قوله: "حلت له شفاعتي"؟ قلت: إن كان من الحل ضد الحرمة فكأن الذي سمع هذا الحديث ولم يدع ولم يسأل له تلك المنزلة حرام عليه، مجاز عن عدم الاستحقاق، كان كان من الحلول فكأن من لم يسأل لم يصلح أن يكون محل الحلول.

9 - باب الاستهام فى الأذان

9 - باب الاِسْتِهَامِ فِي الأَذَانِ وَيُذْكَرُ أَنَّ أَقْوَامًا اخْتَلَفُوا فِي الأَذَانِ فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ سَعْدٌ. 615 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ سُمَىٍّ مَوْلَى أَبِى بَكْرٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلاَّ أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لاَسْتَهَمُوا، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لاَسْتَبَقُوا إِلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الاستهام في الأذان الاستهام: افتعال من السهم، وهو أحد أقداح الميسر قال ابن الأثير: ثم أكثر حتى أطلق على كل نصيب، والمراد به هنا: الاقتراع لطلب ذلك النصيب من الثواب. (ويذكر أن قومًا اختلفوا في الأذان فأقرع بينهم سعد) هو سعد بن أبي وقاص روى البيهقي بإسناده أن ذلك كان بالقادسية، وعن الطبري أن ذلك كان في صلاة الظهر. 615 - (عن سمي) بضم السين، على وزن المصغر (عن أبي صالح) هو ذكوان السمان (لو يعلمون ما في النداء والصف الأول) فضل الأذان ظاهر، وأما الصف الأول فلأنه يدل على الاهتمام، وفيه سماع قراءة الإمام وتأمينه (ولو يعلمون ما في التهجير) أي: البتكير [و] المبادرة إلى صلاة الظهر، وحمل التهجير على مطلقه أي صلاة كانت لا يلائم المقام، وأيضًا لا يصح في صلاة العشاء. فإن قلت: تقدم أن الأولى في الظهر الإبراد؟ قلت: محمول على وقت اشتداد الحر، وهذا على عدمه. ومن وفق بين الحديثين بأن المراد بالإبراد أدنى تأخير، وأن الهاجرة تطلق على أول الوقت إلى قرب العصر فقد أبعد عن الصواب لغة وفقهًا. أما لغة: فلما قال الجوهري

10 - باب الكلام فى الأذان

لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا». أطرافه 654، 721، 2689 10 - باب الْكَلاَمِ فِي الأَذَانِ وَتَكَلَّمَ سُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدٍ فِي أَذَانِهِ. وَقَالَ الْحَسَنُ لاَ بَأْسَ أَنْ يَضْحَكَ وَهْوَ يُؤَذِّنُ أَوْ يُقِيمُ. 616 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ وَعَبْدِ ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيره: إن التهجير هو السير في الهاجرة، والهاجرة نصف النهار. وأما فقهًا: فلأن غرض الحديث إيقاع الصلاة في أول الوقت، على أن قوله: أدنى تأخير مخالف لحديث البخاري الآتي في باب الأذان للمسافر، فإن عبارة الحديث: "أراد المؤذن أن يؤذن فقال له: أبرد، ثم أراد أن يؤذن فقال: أبرد، ثم أراد أن يؤذن فقال: أبرد حتى ساوى الظل التلول". (ولو حبوًا) الحبو: المشي على الوركين والزحف عليهما كما يفعله المقعد والصغير، وقيل: المشي على اليدين والركبتين. فإن قلت: (لو) إنما تدخل على الماضي، فلم اختار المضارع؟ قلت: إشارة إلى استمرار العلم، وأن الأمر مما يجب الاهتمام به، ونقل عن الطيبي أنه قال: ثم للدلالة على تراخي رتبة الاستباق عن رتبة العلم، وهذا سهو لأن ثم لم يذكر مع الاستباق بل مع الاستهام، وليس معنى ثم التراخي في الرتبة، بل المعنى أن ذلك أجر الأسباب الموصلة إلى الأذان والصف الأول. وقال أيضًا: إنما أبهم المفعول بلفظ ما ليفيد ضربًا من المبالغة. قلت: قد جاء منا في رواية أبي هريرة "من الخير والبركة". باب الكلام في الأذان (وتكلم سليمان بن صرد في الأذان) بضم الصاد وفتح الراء والدال المهملة. 616 - (مسدد) بضم الميم وفتح الدال المشددة (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم (عبد

11 - باب أذان الأعمى إذا كان له من يخبره

الْحَمِيدِ صَاحِبِ الزِّيَادِىِّ وَعَاصِمٍ الأَحْوَلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ خَطَبَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ فِي يَوْمٍ رَدْغٍ، فَلَمَّا بَلَغَ الْمُؤَذِّنُ حَىَّ عَلَى الصَّلاَةِ. فَأَمَرَهُ أَنْ يُنَادِىَ الصَّلاَةُ فِي الرِّحَالِ. فَنَظَرَ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ فَقَالَ فَعَلَ هَذَا مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ وَإِنَّهَا عَزْمَةٌ. طرفاه 668، 901 11 - باب أَذَانِ الأَعْمَى إِذَا كَانَ لَهُ مَنْ يُخْبِرُهُ 617 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ بِلاَلاً يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِىَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ». ـــــــــــــــــــــــــــــ الحميد صاحب الزيادي) بكسر الزاي بعدها ياء مثناة (خطبنا ابن عباس في يوم رزغ) بتقديم الراء المهملة بعدها معجمة آخرها غين مثلها، وروي بدل الزاي الدال المهملة، والمعنى واحد وهو الماء والوحل على الوجهين، وفي يوم الإضافة وعدمها (فلما بلغ المؤذن حي على الصلاة، فأمره أن يقول: الصلاة في الرحال) أي: بدل قوله: حي على الصلاة، ويجوز في الصلاة الرفع والنصب، وأكثر الروايات بالنصب على تقدير: صلوا (فنظر القوم بعضهم إلى بعض) أي: نظر إنكار (فعل هذا من هو خير مني) يريد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (وإنها عزمة) أي: الجمعة يريد أن لو قال المؤذن حي على الصلاة وجب عليهم المجيء لأنها فرض عين. فإن قلت: أين موضع الدلالة على الترجمة؟ قلت: قول المؤذن (الصلاة في الرحال) فإنه كلام في أثناء الأذان. فإن قلت: هل هو مشروع الآن؟ قلت: ليس له معارض، فالظاهر أنه مشروع لكن فيما عدا هذا من الكلام كرهه الأئمة وقالوا: إن أراد أن يقول ما قاله ابن عباس فليقل في آخر الأذان كما جاء من رواية ابن عمر. قال النووي: وفيه دليل على تخفيف أمر الجماعة في المطر وغيره. باب أذان الأعمى إذا كان له من يخبره 617 - (عبد الله بن مسلمة) بفتح الميم واللام (إن بلالًا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حنى ينادي ابن أم مكتوم) هو عبد الله بن قيس بن زائدة، وقيل: اسمه عمرو وأم مكتوم اسمها

12 - باب الأذان بعد الفجر

ثُمَّ قَالَ وَكَانَ رَجُلاً أَعْمَى لاَ يُنَادِى حَتَّى يُقَالَ لَهُ أَصْبَحْتَ أَصْبَحْتَ. أطرافه 620، 623، 1918، 2656، 7248 12 - باب الأَذَانِ بَعْدَ الْفَجْرِ 618 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ أَخْبَرَتْنِى حَفْصَةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا اعْتَكَفَ الْمُؤَذِّنُ لِلصُّبْحِ وَبَدَا الصُّبْحُ صَلَّى ـــــــــــــــــــــــــــــ عاتكة، والقول بأنها كنية أم مكتوم لكتمان عيني ابنها شيء ركيك لا سند له، على أنه إنما عمي بعد بدر بسنتين، وكان الاسم أم مكتوم قبل ذلك (وكان رجلًا أعمى لا ينادي حتى يقال له: أصبحت أصبحت) قيل: معناه إياك والصباح. والصواب أن معناه: دخلت في الصباح، فإن الأكل والشرب إنما يحرم بطلوع الفجر. قال تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: 187]، ولا إشكال فيه فإن أذانه يقارن طلوع الفجر، فلا يلزم منه أكل الناس بعد الفجر ولا وقوع أذانه قبل الفجر، ولا حاجة إلى تقدير: قاربت الصباح. وفي الحديث دليل على جواز أذان الأعمى إذا كان له من يخبره لأمن الغلط، وكرهه أبو حنيفة بكل حال. وفيه دليل أيضًا على جواز أذان الصبح قبل الوقت، وأشار إلى الحكمة في الرواية الأخرى بقوله: "إنما يؤذن بلال بليل يوقظ نائمكم ويرجع قائمكم". وإذا أذن بليل هل يعاد الأذان؟ فيه خلف، قال به. عادته أبو حنيفة والثوري. باب الأذان بعد الفجر 618 - (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا سكت للصبح) كذا رواية الموطأ ومسلم، وفي بعضها: "إذا اعتكف"، و"أذن المؤذن" مكان سكت، وليس بصواب، وفي بعض آخر: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا اعتكف وأذن المؤذن للصبح". وهذا أيضًا ليس بصواب (وبدا الصبح صلى

13 - باب الأذان قبل الفجر

رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ تُقَامَ الصَّلاَةُ. طرفاه 1173، 1181 619 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ بَيْنَ النِّدَاءِ وَالإِقَامَةِ مِنْ صَلاَةِ الصُّبْحِ. طرفه 1159 620 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ بِلاَلاً يُنَادِى بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِىَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ». 13 - باب الأَذَانِ قَبْلَ الْفَجْرِ 621 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِىُّ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ النَّهْدِىِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ ركعتين خفيفتين) بدا فعل ماضي من البُدُو، والركعتان هما سنة الفجر، وإنما صلاهما ليقع الفجر في أول الوقت ليكون على نشاط في الفرض. 619 - (أبو نعيم) بضم النون على وزن المصغر (شيبان) بفتح المعجمة وسكون المثناة تحت (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي ركعتين خفيفتين بين النداء والإقامة) هذا موضع الدلالة على الترجمة، وهو أن الأذان بعد الفجر. فإن قلت: يجوز أن يكون الأذان قبل الفجر ويصلي ركعتين بين الأذان والإقامة بعد طلوع الفجر؟ قلت: لفظ بين الشامل لجميع أجزاء ما دخل عليه فيجب أن يكون الأذان بعد الفجر لتقع سنة الفجر بعد دخول الوقت. باب الأذان قبل الفجر 621 - (زهير) بضم الزاي على وزن المصغر (عن أبي عثمان النهدي) -بفتح النون

«لاَ يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ - أَوْ أَحَدًا مِنْكُمْ - أَذَانُ بِلاَلٍ مِنْ سَحُورِهِ، فَإِنَّهُ يُؤَذِّنُ - أَوْ يُنَادِى - بِلَيْلٍ، لِيَرْجِعَ قَائِمَكُمْ وَلِيُنَبِّهَ نَائِمَكُمْ، وَلَيْسَ أَنْ يَقُولَ الْفَجْرُ أَوِ الصُّبْحُ». وَقَالَ بِأَصَابِعِهِ وَرَفَعَهَا إِلَى فَوْقُ وَطَأْطَأَ إِلَى أَسْفَلُ حَتَّى يَقُولَ هَكَذَا. وَقَالَ زُهَيْرٌ بِسَبَّابَتَيْهِ إِحْدَاهُمَا فَوْقَ الأُخْرَى ثُمَّ مَدَّهَا عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ. طرفاه 5298، 7247 622 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ. وَعَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: وَحَدَّثَنِى يُوسُفُ بْنُ عِيسَى الْمَرْوَزِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ «إِنَّ بِلاَلاً يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ». طرفه 617 ـــــــــــــــــــــــــــــ وسكون الهاء- نسبة إلى نهد قبيلة من عرب اليمن (لا يمنعن أحدكم أو أحدًا منكم) الشك من زهير؛ فإن ما رواه عن سليمان غير زهير روى أحدكم من غير شك، ولا خلاف في أن كلًّا منهما يفيد العموم (من سُحوره) -بضم السين- هو الأكل في ذلك الوقت، وبالفتح وهو الطعام الذي يؤكل، فيقدر مُضَاف أي: أكل سحوره أو نحوه (فإنه يوذن أو ينادي بليل ليرجع قائمكم ولينبه نائمكم) أي: ليرجع إلى فراشه للنوم والراحة من كان قائمًا للتهجد، وليوقظ قائمكم من كان نائمًا ليتوضأ للصلاة (وليس أن يقول: الفجر) أن مع مدخوله اسم ليس، والخبر محذوف أي هكذا، دل عليه السياق، وإطلاق القول على كل فعل شائع، وقيل: الفجر اسم ليس، وأن يقول هو الخبر. وهذا مع مخالفته الظاهر ليس يفيد إلا بما قدرناه (وقال زهير بسبابتيه) هما المسبحتان. ومحصل الكلام أن الصبح الذي هو مناط الأحكام هو الصبح الصادق في المتفرق في الآفاق لا المستطيل المشبه ذنب السرحان في وسط السماء. (إلى أسفل) بضم اللام؛ لأنه مبني لقطعه عن الإضافة المنوية ومعنى (طأطأ) خفض. 622 - 623 - (إسحاق) كذا وقع غير منسوب، يحتمل أن يكون إسحاق بن راهويه، وابن منصور وابن سعد، فإن هؤلاء الثلاثة يروون عن أبى أسامة، وجزم المزني بابن راهويه.

14 - باب كم بين الأذان والإقامة ومن ينتظر الإقامة

14 - باب كَمْ بَيْنَ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ وَمَنْ يَنْتَظِرُ الإِقَامَةَ 624 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْوَاسِطِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنِ الْجُرَيْرِىِّ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ الْمُزَنِىِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلاَةٌ - ثَلاَثًا - لِمَنْ شَاءَ». طرفه 627 ـــــــــــــــــــــــــــــ وأيده شيخ الإسلام بأن لفظ أخبرنا دون حدثنا شأنه إذ لم يقل قط إلا أخبرنا، وأما قول الدمياطي: إن إسحاق هذا هو الواسطي فليس بصواب؛ لأنه لا رواية له عن أبي أسامة. باب كم بين الأذان والإقامة، ومن ينتظر الإقامة مميز (كم) محذوف أي: كم زمان. 624 - (إسحاق) هو ابن شاهين الواسطيّ، وكذا جاء منسوبًا في بعض النسخ (خالد) هو الحذاء (الجريري) -بضم الجيم- سعد بن إياس (عن ابن بريدة) بضم الباء مصغر بردة واسمه عبد الله (عن عبد الله بن منفل المزني) مغفل بضم الميم وتشديد الفاء المفتوحة (بين كل أذانين صلاة) فيه تغليب، يريد الأذان والإقامة. قال بعضهم: إطلاق الأذان على الإقامة إما تغليب، وإما حقيقة لغوية. وقد غلط فيما قال؛ لأن الإطلاق إنما هو باعتبار المعنى الشرعي وهو الذي قصده الشارع، فكيف يتصور اعتبار المعنى اللغوي؟! (ثلاثًا) أي: قال بين كل أذانين صلاة ثلاث مرات، ثم قال: (لمن شاء) دفعًا لتوهم الوجوب، إذ ليست من الرواتب. فإن قلت: سيأتي في البخاري أنه إنما قال: "لمن شاء" كراهية أن يتخذها الناس سنة؟ قلت: معناه الطريق وهو لا ينافي الوجوب. قال شيخ الإسلام: الأذان لغة الإعلام، وشرعًا خاص بالإعلام بوقت الصلوات الخمس بألفاظ مخصوصة، فكيف يطلق على الإقامة لغة، أو كيف يعقل في هذا المقام. وفي رواية مسلم: قال في الرابعة: "لمن يشاء". فإن قلت: فقبل المغرب سنة؟ قلت: ظاهر الحديث ذلك وقد أكده الحديث الذي

625 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ عَامِرٍ الأَنْصَارِىَّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ الْمُؤَذِّنُ إِذَا أَذَّنَ قَامَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَبْتَدِرُونَ السَّوَارِىَ حَتَّى يَخْرُجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُمْ كَذَلِكَ يُصَلُّونَ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ، وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ شَىْءٌ. قَالَ عُثْمَانُ بْنُ جَبَلَةَ وَأَبُو دَاوُدَ عَنْ شُعْبَةَ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا إِلاَّ قَلِيلٌ. طرفه 503 ـــــــــــــــــــــــــــــ بعده، وفي رواية الدارقطني عن ابن عمر: "ما من صلاة مفروضة إلا وبين يديها ركعتان". قال ابن حبان: حديث صحيح. 625 - (محمد بن بشار) بفتح الباء وتشديد الشين المعجمة (غندر) بضم الغين (عن أنس بن مالك. قال: كان إذا أذن الموذنون قام ناس من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يبتدرون السواري) جمع سارية هي العمود. أي: كانوا يبتدرونها ليصلوا إليها الركعتين (ولم يكن بين الأذان والإقامة شيء) أي: زمان طويل بدليل الرواية بعده (إلا قليل) أي: بقدر ما تسع فيه الركعتان. وقيل: أراد بقوله: (بين كل أذانين صلاة) ما عدا المغربين، فإن الخاص إذا عارض العام يخصصه وهذا لغو من الكلام. وأي خاص هنا حتى يعارض العام؟! إذ لم يرد قط إخراج المغرب من ذلك العموم، وإنما توهم هذا القائل من قول أنس: لم يكن بين الأذان والإقامة شيء، وأول الحديث وآخره يرد عليه فإن أنسًا صرح بأنهم كانوا يصلون قبل المغرب، وإنما توهم هذا القائل من قول أنس: لم يكن، وقد روينا عن ابن عمر في رواية الدارقطني وابن حبان: "ما من صلاة مفروضة إلا وبين يديها ركعتان"، وأما رواية البزار: "إلا المغرب" فهي رواية شاذة. حتى قال ابن الجوزي: إنه من الموضوعات. (جبلة) بفتح الجيم والباء الموحدة (وأبو داود) هو عمر بن سعد الحفري.

15 - باب من انتظر الإقامة

15 - باب مَنِ انْتَظَرَ الإِقَامَةَ 626 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُ بِالأُولَى مِنْ صَلاَةِ الْفَجْرِ قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ قَبْلَ صَلاَةِ الْفَجْرِ بَعْدَ أَنْ يَسْتَبِينَ الْفَجْرُ، ثُمَّ اضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَنِ حَتَّى يَأْتِيَهُ الْمُؤَذِّنُ لِلإِقَامَةِ. أطرافه 994، 1123، 1160، 1170، 6310 16 - باب بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلاَةٌ لِمَنْ شَاءَ 627 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا كَهْمَسُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلاَةٌ بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلاَةٌ - ثُمَّ قَالَ فِي الثَّالِثَةِ - لِمَنْ شَاءَ». ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من انتظر الإقامة 626 - (أبو اليمان) -بتخفيف النون- الحكم بن نافع (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سكت الموذن بالأولى) أي: المناداة الأولى، وهي الأذان. قال تعالى: {وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} [المائدة: 58] الباء في قوله: (بالأولى) تتعلق بالمؤذن، قال الصنعاني: صوابه سكب بالباء الموحدة، مستعار للفراغ من الأذان، فعلى هذا الباء بمعنى من، وتتعلق بسكب (حتى يستبين الفجر) بالرفع أي: يظهر غاية الظهور، وبالنصب أي: استيقظ وسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكذا جاء في رواية، وفي أخرى: "ثم اضجع على شقه الأيمن". فإن قلت: سيأتي في باب الوتر أنه كان يضجع بعد الوتر؟ قلت: لا منافاة يفعل هذا وذاك، وأما اختيار الشق الأيمن، فإنه أشرف، ولأن النوم أخو الموت فيذكره به، وقد يقال لأن القلب في الجانب الأيسر فينفلق فلا يستغرق الإنسان في النوم. باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء 627 - (عبد الله بن يزيد) من الزيادة (كهمس) على وزن جعفر.

17 - باب من قال ليؤذن فى السفر مؤذن واحد

17 - باب مَنْ قَالَ لِيُؤَذِّنْ فِي السَّفَرِ مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ 628 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ أَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِى فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً، وَكَانَ رَحِيمًا رَفِيقًا، فَلَمَّا رَأَى شَوْقَنَا إِلَى أَهَالِينَا قَالَ «ارْجِعُوا فَكُونُوا فِيهِمْ وَعَلِّمُوهُمْ وَصَلُّوا، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ». أطرافه 630، 631، 658، 685، 819، 2848، 6008، 7246 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: أورد حديث عبد الله بن مغفل بعينه، وقد علم الحكم، فأي فائدة في إفراد الباب؟ قلت: فائدته استنباط الحكم الشرعي، هناك استدل به على كمية الزمان بين الأذان والإقامة، وهنا استدل على أن بين كل أذانين صلاة. فإن قلت: لم يكن في رواية عبد الله هناك بيان الكمية؟ قلت: بينه برواية بعدها على دأبه من الاستدلال بالخفي. باب ليؤذن في السفر مؤذن واحد فإن قلت: ما فائدة قيد السفر مع عدم الفرق بين السفر والحضر، وأيضًا ما فائدة قيد الوحدة مع مشروعية التعدد فيهما؟ قلت: السفر مظنة ترك الأذان بواسطة الاشتغال، والواحد تنصيص على الأقل فلا مفهوم للكلام. 628 - (معلى بن أسد) بضم الميم وتشديد اللام (وهيب) بضم الواو، على وزن المصغر (عن أبي فلابة) عبد الله بن زيد الجرمي (عن مالك بن الحويرث) بضم الحاء، على وزن المصغر، آخره شاء المثلثة (أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في نفر من قومي) كانوا ثلاثة عشر نفسًا، وكان قدومهم ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتجهز لتبوك (وكان رحيمًا رقيقًا) -بقافين- أي: شفوقًا رقيق القلب، ويروى بالفاء من الرفق (فلما رأى شوقنا إلى أهلينا) جمع الأهل بالواو والنون على طريقة الشذوذ، ويروى "أهالينا"، وقد يجمع الأهل على الآهال على وزن الآجال (فليوذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم) هذا موضع الدلالة. فإن قلت: الأفقه مقدم على الأكبر. قلت: كانوا متساوين في القراءة دل عليه رواية

18 - باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة، والإقامة، وكذلك بعرفة وجمع وقول المؤذن الصلاة فى الرحال فى الليلة الباردة أو المطيرة

18 - باب الأَذَانِ لِلْمُسَافِرِ إِذَا كَانُوا جَمَاعَةً، وَالإِقَامَةِ، وَكَذَلِكَ بِعَرَفَةَ وَجَمْعٍ وَقَوْلِ الْمُؤَذِّنِ الصَّلاَةُ فِي الرِّحَالِ. فِي اللَّيْلَةِ الْبَارِدَةِ أَوِ الْمَطِيرَةِ 629 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْمُهَاجِرِ أَبِى الْحَسَنِ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي سَفَرٍ فَأَرَادَ الْمُؤَذِّنُ أَنْ يُؤَذِّنَ فَقَالَ لَهُ «أَبْرِدْ». ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُؤَذِّنَ فَقَالَ لَهُ «أَبْرِدْ». ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُؤَذِّنَ. فَقَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ مسلم: كنا متقاربين في القراءة، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عالمًا بذلك لأن الشيخ لا يخفى عليه حال الطالب فضلًا عمن ينظر بنور الله، وقيل: المراد بالأكبر قدرًا وهو الأفقه، واستدل بالحديث على أن الإمامة أفضل من الأذان لأنه في الأذان اكتفى بواحد، وقيد الإمام بالأكبر، وليس له مفهوم لما تقدم من حديث أبي سعيد الخدري، وإنما قيده لأن أحاديث الباب كذلك، أشار إلى أن ما حكي عن مالك من عدم الأذان للجنود في السفر أخذه من ظاهر هذه الأحاديث وبعرفة: أشار إلى ما سيأتي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بلالًا بالأذان بعرفة، وكذا ليلة جمع. باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامة وكذلك بعرفة وجمع، وقول المؤذن: الصلاة في الرحال في الليلة الباردة أو المطيرة عرفة وعرفات اسم لتلك البقعة الشريفة، وقولهم: يوم عرفة معناه يوم الوقوف بعرفة، وقد غلط من جعله اسمًا لليوم التاسع من ذي الحجة، وفي تسميته وجوه، الأظهر أن آدم وحواء تلاقيا هناك فتعارفا، وجمع -بفتح الجيم وسكون الميم- علم المزدلفة. قال ابن الأثير: وتسميته جمعًا لاجتماع آدم وحواء فيه، أو لاجتماع الناس فيه، ومزدلفة لأن الناس يتقربون فيه إلى الله، أو لأن آدم ازدلف إلى حواء. 629 - (مسلم) ضد الكافر (عن المهاجر) بضم الميم، على وزن الفاعل (عن أبي ذر) الصحابي المعروف، اسمه جندب (فأراد الموذن أن يوذن فقال: أبرد) بفتح الهمزة. قال ابن الأثير: يقال: أبرز إذا دخل في البرد، ومعنى قوله: "أبردوا بالظهر" الباء للمصاحبة.

لَهُ «أَبْرِدْ». حَتَّى سَاوَى الظِّلُّ التُّلُولَ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ». طرفه 535 630 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ قَالَ أَتَى رَجُلاَنِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يُرِيدَانِ السَّفَرَ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا أَنْتُمَا خَرَجْتُمَا فَأَذِّنَا ثُمَّ أَقِيمَا ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا». طرفه 628 631 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ أَتَيْنَا إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ شَبَبَةٌ مُتَقَارِبُونَ، فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ يَوْمًا وَلَيْلَةً، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَحِيمًا رَفِيقًا، فَلَمَّا ظَنَّ أَنَّا قَدِ اشْتَهَيْنَا أَهْلَنَا أَوْ قَدِ اشْتَقْنَا سَأَلَنَا عَمَّنْ تَرَكْنَا بَعْدَنَا ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: هذا الحديث يدل على أن الإبراد قبل الأذان، وقال البيهقي: رواه جماعة عن شعبة أن المؤذن لما أذن قال له: "أبرد"؟ قلت: الأصل هو الذي قاله البيهقي، وإنما هذا كان في السفر ربما كان لعارض، أو لبيان الجوار في الجملة. 630 - (عن خالد الحذاء) بفتح الخاء وتشديد الذال المعجمة مع المد (عن أبي قلابة) -بكسر القاف- عبد الله بن زيد الجرمي (عن مالك بن الحويرث) بضم الحاء، مصغر الحارث (قال: أتى رجلان النبي - صلى الله عليه وسلم - يريدان السفر) يجوز أن يكون الرجلان مالك بن الحويرث وآخر معه لما جاء في رواية: "أتيت أنا وابن عم لي"، وفي أخرى: "وصاحب لي". (فأذنا) أي: أحدكما لما تقدم من الرواية وإنما أسنده إليهما لوقوع الفعل بينهما كقولهم: بنو فلان فعلوا كذا. 631 - (مالك قال: أتينا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ونحن شببة متقاربون) -بثلاث فتحات- جمع شاب كفسقة في فاسق والملائم لقوله شببة أن التقارب في السن، لكن رواية مسلم. "متقاربون في القراءة". فالوجه اجتماع الأمرين (وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رحيمًا رقيقًا) بالقافين أي: شفوقًا، وبالفاء من الرفق (سألنا عمن تركنا بعدنا) إنما سألهم لأنه رأى شوقهم مع

فَأَخْبَرْنَاهُ قَالَ «ارْجِعُوا إِلَى أَهْلِيكُمْ فَأَقِيمُوا فِيهِمْ وَعَلِّمُوهُمْ وَمُرُوهُمْ - وَذَكَرَ أَشْيَاءَ أَحْفَظُهَا أَوْ لاَ أَحْفَظُهَا - وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِى أُصَلِّى، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ». طرفه 628 632 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنِى نَافِعٌ قَالَ أَذَّنَ ابْنُ عُمَرَ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ بِضَجْنَانَ ثُمَّ قَالَ صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ، فَأَخْبَرَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَأْمُرُ مُؤَذِّنًا يُؤَذِّنُ، ثُمَّ يَقُولُ عَلَى إِثْرِهِ، أَلاَ صَلُّوا فِي الرِّحَالِ. فِي اللَّيْلَةِ الْبَارِدَةِ أَوِ الْمَطِيرَةِ فِي السَّفَرِ. طرفه 666 633 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْعُمَيْسِ عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِى جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالأَبْطَحِ فَجَاءَهُ بِلاَلٌ فَآذَنَهُ بِالصَّلاَةِ، ثُمَّ خَرَجَ بِلاَلٌ بِالْعَنَزَةِ حَتَّى رَكَزَهَا بَيْنَ يَدَىْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالأَبْطَحِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ. طرفه 187 ـــــــــــــــــــــــــــــ فوزهم بتلك الصحبة الشريفة فلما ظهر له عذرهم أذن لهم في الانصراف (وذكر أشياء أحفظها أو لا أحفظها) أي: أحفظ بعضًا دون بعض، أو لست على يقين منها (صلوا كما رأيتموني أصلي) أي: في الأوقات والشرائط والأركان. 632 - (مسدد) بضم الميم وتشديد الدال المفتوحة (أذن ابن عمر في ليلة باردة بضجنان) -بضاد معجمة وجيم- جبل بناحية مكة على مرحلتين، غير منصرف لأنه علم البقعة (ثم قال: صلوا في رحالكم) تقدم الكلام عليه في حديث ابن عباس، والفرق بين رواية ابن عباس، ورواية ابن عمر أن ذلك قال في وسط الأذان، وابن عمر في آخره (في الليلة الباردة والمطيرة) أي: ذات البرد والمطر على طريقة المجاز لوقوع المطر فيها. 633 - (إسحاق) كذا وقع غير منسوب. قال ابن خلف في "الأطراف": هو إسحاق بن منصور، وكذا جاء في مسلم، وقال أبو نصر. يحتمل أن يكون ابن راهويه وأن يكون ابن منصور، فإن كل واحد منهما يروي عن جعفر بن عون (أبو العميس) بضم العين على وزن المصغر، واسمه عتبة بن عبد الله المسعودي (عن أبي جحيفة) -بضم الجيم وفتح الحاء على وزن المصغر- وهب بن عبد الله (بالأبطح) يريد بطحاء مكة، والأبطح: كل مسيل للماء واسع و (العنزة) -بثلاث فتحات- أطول من العصا، وأقصر من الرمح فيه زجّ.

19 - باب هل يتتبع المؤذن فاه ها هنا وها هنا، وهل يلتفت فى الأذان؟

19 - باب هَلْ يَتَتَبَّعُ الْمُؤَذِّنُ فَاهُ هَا هُنَا وَهَا هُنَا، وَهَلْ يَلْتَفِتُ فِي الأَذَانِ؟ وَيُذْكَرُ عَنْ بِلاَلٍ أَنَّهُ جَعَلَ إِصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ لاَ يَجْعَلُ إِصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ لاَ بَأْسَ أَنْ يُؤَذِّنَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ. وَقَالَ عَطَاءٌ الْوُضُوءُ حَقٌّ وَسُنَّةٌ. وَقَالَتْ عَائِشَةُ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ. 634 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِى جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ رَأَى بِلاَلاً يُؤَذِّنُ فَجَعَلْتُ أَتَتَبَّعُ فَاهُ هَا هُنَا وَهَا هُنَا بِالأَذَانِ. طرفه 187 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب هل يتتبع المؤذن فاه ههنا وها هنا وهل يلتفت في الأذان وخفي عليه الفعل، هذا تابع لفعل بلال (ويذكر عن بلال أنه جعل أصبعيه في أذنيه) هذا التعليق رواه ابن ماجه مسندًا: (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمره بذلك، وقال له: إنه أرفع لصوتك" (وقالت عائشة: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يذكر الله على كل أحيانه) أي: سواء كان على وضوء أو لا. استدل به على جواز الأذان من غير وضوء لأن الأذان ذكر من الأذكار، وهذا الذي رواه عن عائشة تعليقًا رواه مسلم مسندًا، والجمهور على جوازه مع الكراهة. 634 - برفع المؤذن على أنه فاعل على يتتبع. قال الجوهري: تتبعت الشيء تطلبته تبعًا إياه والمعنى هنا: أن المؤذن يجعل فاه في: حي على الصلاة وحي على الفلاح يمينًا وشمالًا، ويلوي عنقه معه كأنه يتطلب فاه. في رواية أبي داود والنسائي والطبراني: "فلما بلغ بلال حي على الصلاة لوى عنقه"، وفي الترمذي: "رأيت بلالًا يتتبع فاه". وضبطه بعضهم بنصب المؤذن على أنه مفعول، والفاعل شخص آخر مستتر في الفعل، وهذا غلط مخالف لغرض البخاري؛ لأن مراده: هل يفعل المؤذن ذلك أو لا؟ وإنما التبس عليه من قول أبي جحيفة: (فجعلت أتتبع فاه ههنا وها هنا بالأذان). فإن قلت: أي وجه لذكر الإصبع في الأذن، وذكر جواز الأذان بغير وضوء في هذا الباب؟ قلت: أشار إلى أن هذه الأمور مما لا يلائم الأذان لما أن الالتفات كلذلك، ولا

20 - باب قول الرجل فاتتنا الصلاة

20 - باب قَوْلِ الرَّجُلِ فَاتَتْنَا الصَّلاَةُ وَكَرِهَ ابْنُ سِيرِينَ أَنْ يَقُولَ فَاتَتْنَا الصَّلاَةُ وَلَكِنْ لِيَقُلْ لَمْ نُدْرِكْ. وَقَوْلُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَصَحُّ. 635 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ نُصَلِّى مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ سَمِعَ جَلَبَةَ رِجَالٍ فَلَمَّا صَلَّى قَالَ «مَا شَأْنُكُمْ». قَالُوا اسْتَعْجَلْنَا إِلَى الصَّلاَةِ. قَالَ «فَلاَ تَفْعَلُوا، إِذَا أَتَيْتُمُ الصَّلاَةَ فَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا». ـــــــــــــــــــــــــــــ يقدح في صحة الأذان إلا أن وضع الإصبع والالتفات مستحبان، وعدم الوضوء مكروه. باب قول الرجل فاتتنا الصلاة (وكره ابن سيرين أن يقول: فاتتنا، وليقل لم ندرك، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - أصح). فإن قلت: كيف يصح أن يكره ابن سيرين ما قاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قلت: إما أنه لم يبلغه الحديث، أو حمله على أن صدوره من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لبيان الجواز في الجملة. 635 - (أبو نعيم) بضم النون، على وزن المصغر (شيبان) بفتح المعجمة بعدها مثناة بعدها موحدة (بينما نحن نصلي) بين ظرف زمان وما زائدة (إذ سمع جلبة الرحال) وفي بعضها الرجال، وجلبة -بالجيم وثلاث فتحات-: الأصوات المختلفة (إذا أتيتم الصلاة فعليكم السكينة) بالرفع لأنه مبتدأ، وعليكم خبره، وبالنصب على الإغراء أي: الزموا، ويروى بالباء على تضمين معنى اللصوق. والسكينة من السكون وهي الوقار. والحكمة في ذلك أنه لو استعجل ربما وقع في الطريق وحصل له مرض مانع من الطاعة أيامًا، وأيضًا إذا دخل في الصلاة لا يجتمع خاطره ولا يدري ما يقول، وأمثال هذا (ومما فاتكم فأتموا) قيل: فيه دلالة على ما ذهب إليه الشافعي من أن ما يدركه المأموم المسبوق مع الإمام أولى صلاته؛ لأن الإتمام إنما يكون بآخر الشيء وفيه نظر؛ إذ لقائل أن يقول: الفائت هو الأول بلا ريب، ويؤيده ما رواه الإمام أي: "ما فاتكم فاقضوا" لكن اتفاقهم على أن المأموم إذا أدرك الإمام في الركعة الأخيرة من المغرب بعد سلام الإمام يضيف إليها أخرى ويتشهد يدل على ما ذهب إليه الشافعي.

21 - باب لا يسعى إلى الصلاة، وليأت بالسكينة والوقار

21 - باب لاَ يَسْعَى إِلَى الصَّلاَةِ، وَلْيَأْتِ بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ وَقَالَ «مَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا». قَالَهُ أَبُو قَتَادَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 636 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَعَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا سَمِعْتُمُ الإِقَامَةَ فَامْشُوا إِلَى الصَّلاَةِ، وَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ وَلاَ تُسْرِعُوا، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا». طرفه 908 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: هل لهذا الخلاف ثمرة؟ قلت: نعم ضم السورة بعد سلام الإمام إن أدركه في الركعة الأخيرة عند أبي حنيفة، وإعادة القنوت عند الشافعي، والمسألة خلافية بين الصحابة ومن بعدهم. فإن قلت: ترجم على قول الرجل: فاتتنا الصلاة، وليس في الباب منه شيء؟ قلت: هذا على دأبه أشار إلى ما رواه الإمام أحمد عن أبي قتادة: "فاتتنا الصلاة يا رسول الله" ولم ينكر عليه. فإن قلت: أي وجه لإيراده في أبواب الأذان؟ قلت: قال شيخ الإسلام: لأن من يسمع الأذان ربما لم يدرك بعض الصلاة، والأحسن يقال: لأن الأذان يتعلق بالوقت ودخوله، والفوات بخروج الوقت. باب ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا (قاله أبو قتادة) هو الحديث الذي رواه في الباب الذي قبله، واستنبط منه هناك جواز قول الإنسان: فاتتنا الصلاة، وهنا على أن ما فات المسبوق يأتي به بعد سلام الإمام. 636 - (ابن أبي ذئب) -هو [بلفظ] الحيوان المعروف- محمد بن عبد الرحمن (عن سعيد بن المسيب) بفتح الياء المشددة وكسرها، والفتح أشهر (وعن الزهريّ) عطف على حدثنا الزهريّ، إشارة إلى أن رواية ابن أبي ذئب عن الزهريّ تارة بطريق التحديث، وتارة بطريق العنعنة (قال: إذا سمعتم الإقامة فامشوا وعليكم السكينة والوقار) ظاهر كلامهم أنهما مترادفان، وأن الوقار كالتفسير للسكينة، وقد يقال: إن السكينة في المشي والحركات، والوقار في الوضع مثل خفض البصر والصوت، وإنما خص الإقامة بالذكر لأن أكثر ما يكون الإسراع عند سماع الإقامة لإدراك التحريم، والإقامة الركعة، ويعلم منه حكم الأذان من باب الأولى، ويجوز رفع السكينة والنصب على الابتداء والإغراء.

22 - باب متى يقوم الناس إذا رأوا الإمام عند الإقامة

22 - باب مَتَى يَقُومُ النَّاسُ إِذَا رَأَوُا الإِمَامَ عِنْدَ الإِقَامَةِ 637 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ كَتَبَ إِلَىَّ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَلاَ تَقُومُوا حَتَّى تَرَوْنِى». طرفاه 638، 909 23 - باب لاَ يَسْعَى إِلَى الصَّلاَةِ مُسْتَعْجِلاً، وَلْيَقُمْ بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ 638 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَلاَ تَقُومُوا حَتَّى ـــــــــــــــــــــــــــــ باب متى يقوم الناس إذا رأوا الإمام عند الإقامة 637 - (مسلم) ضد الكافر (هشام) هو الدستوائي (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني) كان في الحجرة فقال: "لا تقوموا حتى تروني خرجت" وصرح به في رواية مسلم إذ لو قاموا قبل رؤيته ربما عرض له أمر فيطول قيامهم أو يقعدوا ثانيًا، واختلف في قيام الناس عند الإقامة. قال أبو حنيفة: يقوم إذا قال المؤذن قد قامت الصلاة. وقال الشافعي: يقوم عند فراغ المؤذن. وقال مالك وجمع من العلماء: لا توقيت فيه. واستحب كثير منهم القيام عند الشروع في الإقامة. باب لا يسعى إلى الصلاة 638 - (أبو نعيم) بضم النون على وزن المصغر (شيبان) بشين معجمة بعدها مثناة بعدها موحدة. فإن قلت: كيف نفى السعي إلى الصلاة وقد قال تعالى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9] وقال: {وسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [آل عمران: 133]، وأيضًا ليس في حديث الباب النهي عن السعي؟ قلت: المنفي الإسراع المفرط الذي يخاف منه لحوق الضرر، وما في الآية أريد به المتعارف، وأما عدم ذكره في حديث الباب فقد تقدم من رواية أبي قتادة: هذا

24 - باب هل يخرج من المسجد لعلة

تَرَوْنِى وَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ». تَابَعَهُ عَلِىُّ بْنُ الْمُبَارَكِ. طرفه 637 24 - باب هَلْ يَخْرُجُ مِنَ الْمَسْجِدِ لِعِلَّةٍ 639 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ وَقَدْ أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ وَعُدِّلَتِ الصُّفُوفُ، حَتَّى إِذَا قَامَ فِي مُصَلاَّهُ انْتَظَرْنَا أَنْ يُكَبِّرَ انْصَرَفَ قَالَ «عَلَى مَكَانِكُمْ». فَمَكَثْنَا عَلَى هَيْئَتِنَا حَتَّى خَرَجَ إِلَيْنَا يَنْطُفُ رَأْسُهُ مَاءً وَقَدِ اغْتَسَلَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فامشوا إلى الصلاة وعليكم السكينة، ولا تسرعوا. (تابعه علي بن المبارك) أي: تابع شيبان في الرواية عن يحيى بن كثير. باب هل يخرج من المسجد لعلة أشار بهذا إلى ما رواه الطبراني: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا يسمع النداء أحد في مسجدي ثم يخرج منه إلا لحاجة ثم لا يرجع إليه إلا منافق". 639 - (عن صالح بن كيسان) بفتح الكاف وسكون الياء (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج وقد أقيمت الصلاة وعدلت الصفوف). فإن قلت: قد تقدم أنه قال: "لا تقوموا حتى تروني"؟ قلت: الواو للحال، والحال قيد للعامل مقارن له في الوجود، أو رؤيته قبل خروجه. والأولى حمله على أن النهي كان بعد هذا لما روى في الباب بعده: أقيمت الصلاة فسوّى الصفوف فخرج بالفاء (على مكانكم) أي: اثبتوا على ما أنتم عليه، وهذا القول إنما وقع صريحًا أو إشارة قال شيخ الإسلام: ربما كان هذا سببًا للنهي (خرج إلينا ينطف رأسه ماء) أي: يقطر كما في الرواية بعده.

25 - باب إذا قال الإمام مكانكم حتى رجع انتظروه

25 - باب إِذَا قَالَ الإِمَامُ مَكَانَكُمْ. حَتَّى رَجَعَ انْتَظَرُوهُ 640 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَسَوَّى النَّاسُ صُفُوفَهُمْ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَتَقَدَّمَ وَهْوَ جُنُبٌ ثُمَّ قَالَ «عَلَى مَكَانِكُمْ». فَرَجَعَ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ خَرَجَ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ مَاءً فَصَلَّى بِهِمْ. 26 - باب قَوْلِ الرَّجُلِ مَا صَلَّيْنَا 641 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ يَقُولُ أَخْبَرَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - جَاءَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ مَا كِدْتُ أَنْ أُصَلِّىَ حَتَّى كَادَتِ الشَّمْسُ تَغْرُبُ، وَذَلِكَ بَعْدَ مَا أَفْطَرَ الصَّائِمُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إذا قال الإمام: مكانكم انتظروه 640 - (إسحاق) كذا وقع غير منسوب، وقد نسبه مسلم إسحاق بن منصور، وكذا قال الغساني، ولا زيادة على الباب الذي قبله سوى أنه استدل بالحديث على وجوب انتظار الإمام. باب قول الرجل: ما صلينا 641 - (أخبرنا جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جاءه عمر يوم الخندق فقال: يا رسول الله والله [ما] كدت أن أصلي العصر حتى كادت الشمس تغرب، وذلك بعدما أفطر الصائم) كناية عن دخول وقت المغرب. فإن قلت: بعد الغروب هي ليلة الخندق لا يوم؟ قلت: هذا متعارف يريد به غزوة الخندق، وكما يقولون: أيام العرب لوقائعها. فإن قلت: هل في قول عمر دليل على أنه ما كان صلى العصر حتى غربت؟ قلت: هذه

27 - باب الإمام تعرض له الحاجة بعد الإقامة

فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «وَاللَّهِ مَا صَلَّيْتُهَا» فَنَزَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى بُطْحَانَ وَأَنَا مَعَهُ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ صَلَّى - يَعْنِى الْعَصْرَ - بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا الْمَغْرِبَ. طرفه 596 27 - باب الإِمَامِ تَعْرِضُ لَهُ الْحَاجَةُ بَعْدَ الإِقَامَةِ 642 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُنَاجِى رَجُلاً فِي جَانِبِ الْمَسْجِدِ، فَمَا قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ حَتَّى نَامَ الْقَوْمُ. طرفاه 643، 6292 ـــــــــــــــــــــــــــــ العبارة لا دلالة فيها إلا أنه تقدم في باب قضاء الفوائت الأولى فالأولى أنه قال: ما كدت أصلي العصر حتى غربت الشمس، وهذا صريح في أنه لم يكن صلاها. (وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - والله ما صليتها) هذا موضع الدلالة على الترجمة فلا ضرورة إلى أن يقال: هو قول عمر: (ما كدت أن أصلي) بحسب عرف الاستعمال (فنزل النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى بطحان) -بضم الباء، وأهل اللغة يقولونه بفتحها- واد بالمدينة. باب الإمام تعرض له الحاجة بعد الإقامة 642 - (أبو معمر) -بفتح الميمين بينهما عين ساكنة- عبد الله بن أبي الحجاج المنقري (عبد العزيز بن صهيب) بضم الصاد، على وزن المصغر (أقيمت الصلاة ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يناجي رجلًا) أي: يكلمه سرًّا (حتى نام القوم) أي: الذين في المسجد، وقد سلف أن نوم القاعد لا ينقض الوضوء، فلا وجه لما يقال: معناه: نعس فإنه صرف على الحقيقة من غير داعية، كيف وفي مسلم: "كانوا ينامون ولا يتوضؤون" وفي رواية أبي داود "ينامون حتى تخفق رؤوسهم".

28 - باب الكلام إذا أقيمت الصلاة

28 - باب الْكَلاَمِ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ 643 - حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ قَالَ سَأَلْتُ ثَابِتًا الْبُنَانِىَّ عَنِ الرَّجُلِ يَتَكَلَّمُ بَعْدَ مَا تُقَامُ الصَّلاَةُ فَحَدَّثَنِى عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَعَرَضَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ فَحَبَسَهُ بَعْدَ مَا أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ. طرفه 642 29 - باب وُجُوبِ صَلاَةِ الْجَمَاعَةِ وَقَالَ الْحَسَنُ إِنْ مَنَعَتْهُ أُمُّهُ عَنِ الْعِشَاءِ فِي الْجَمَاعَةِ شَفَقَةً لَمْ يُطِعْهَا. 644 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِحَطَبٍ فَيُحْطَبَ، ثُمَّ آمُرَ بِالصَّلاَةِ فَيُؤَذَّنَ لَهَا، ثُمَّ آمُرَ رَجُلاً فَيَؤُمَّ النَّاسَ، ثُمَّ أُخَالِفَ إِلَى رِجَالٍ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ، وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ يَجِدُ عَرْقًا سَمِينًا أَوْ مِرْمَاتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ لَشَهِدَ الْعِشَاءَ». أطرافه 657، 2420، 7224 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الكلام إذا أقيمت الصلاة 643 - (عياش) بالياء المثناة بعدها شين معجمة (حميد) -على وزن المصغر- هو الطويل، ذكر فيه حديث أنس الذي في الباب قبله. وفيه دلالة على عدم وجوب اتصال الصلاة بالإقامة وإن كان ذاك هو الأولى والأحب. باب وجوب صلاة الجماعة 644 - (عن أبي الزناد) -بكسر الزاي بعدها نون- عبد الله بن ذكوان (والذي نفسي بيده) أي: في قدرته (لقد هممت أن آمر بحطب فيحتطب) أي: يجمع قاله الجوهري، ويروى ليحتطب نصبًا وجوبًا على أنها لام كي، أو لام الأمر (ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم) قال صاحب "الكشاف" يقال: خالفني إلى كذا إذا قصدته وأنت مولّ عنه، ومعنى الحديث: أترك الصلاة فأرجع إلى بيوت الذين لم يحضروا (لو يعلم أحدهم أنه يجد عرقًا سمينًا أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء) العرق -بفتح العين وسكون الراء- العظم الذي عليه

30 - باب فضل صلاة الجماعة

30 - باب فَضْلِ صَلاَةِ الْجَمَاعَةِ وَكَانَ الأَسْوَدُ إِذَا فَاتَتْهُ الْجَمَاعَةُ ذَهَبَ إِلَى مَسْجِدٍ آخَرَ. وَجَاءَ أَنَسٌ إِلَى مَسْجِدٍ قَدْ صُلِّىَ فِيهِ، فَأَذَّنَ وَأَقَامَ وَصَلَّى جَمَاعَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ بقية اللحم، وجمعه عراق بضم العين. قال ابن الأثير: وهو جمع عَرق، والمرماة -بكسر الميم- ظلف الشاة، وقيل: ما بين الظلفين، وقيل: سهم صغير أرذل السهام يتعلم به الرمي، والوجه الأول المناسب للعرق. استدل بالحديث على وجوب صلاة الجماعة أحمد وداود وآخرون، وهو ظاهر كلام المصنف ولا دليل لهم فيه لأن هؤلاء كانوا منافقين لأن الصحابي المؤمن حقًّا لا يختار على الصلاة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عرقًا أو مرماتين وأما القول بأن المراد نفاق المعصية لا نفاق الكفر ففيه نسبة الصحابي إلى مثل هذه الكبيرة، وإنما ألجأه إلى هذا ما في الرواية الأخرى: وهم يصلون في بيوتهم" فقال: "إن المنافق لا يصلي في بيته" وهو ممنوع إذ لو ترك الصلاة رأسًا كان ظاهر الكفر، ورواية مسلم عن ابن مسعود: لقد رأيتنا وما يتخلف عن الجماعة إلا منافق، وما سيأتي في البخاري: "أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء والفجر" يدل على ما قلنا. ومنهم من قال: المراد رجال كانوا يتركون نفس الصلاة ولا يصلونها رأسًا، وليس بشيء لما في أبي داود: "لقد هممت أن آمر فتيتي أن يجمعوا حطبًا ثم آتي قومًا يصلون في بيوتهم ليست بهم علة"، وسيأتي في باب فضل صلاة العشاء "فأحرق على من لم يخرج بعد" وأيضًا هذا إنما يظهر فيمن ترك الجماعة وما ترك الصلاة فلا وقوف عليه، ولا يستحق هذه العقوبة. فإن قلت: قد نهى عن الإحراق بالنار؟ قلت: إن كان بأمر الله فلا إشكال فيه، وإلا فإن تأخر النهي كان ناسخًا لهذا أو كان واردًا على طريق التهديد. باب فضل صلاة الجماعة (وكان الأسود إذا فاتته الجماعة ذهب إلى مسجد آخر) قيده مالك بما إذا لم يكن المسجد الذي صلى فيه المسجد الحرام، ولا مسجد المدينة لأن فضل صلاة الجماعة سبع

645 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «صَلاَةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلاَةَ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً». طرفه 649 646 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنِى ابْنُ الْهَادِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «صَلاَةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلاَةَ الْفَذِّ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً». ـــــــــــــــــــــــــــــ وعشرون درجة والصلاة في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بألف صلاة، وفي المسجد الحرام بمئة ألف. قلت: وينبغي أن يضاف إليها المسجد الأقصى؛ لأنه أحد الثلاث التي تشد إليها الرحال. 645 - (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين) الفذ -بالذال المعجمة المشددة- المنفرد سواء كان في البيت أو في المسجد لما روى أبو داود والترمذي "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا يصلي وحده في المسجد فقال: أيكم يتصدق على هذا فيصلي معه"، ولفظ الفذ دل على أن ما فوقه جماعة كما سيروي: "الاثنان فما فوقهما جماعة". 646 - (يزيد بن الهاد) من الزيادة (خباب) بفتح الخاء المعجمة وتشديد الموحدة (عن أبي سعيد الخدري) بالدال المهملة (صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بخمس وعشرين درجة). فإن قلت: ما التوفيق بينه وبين ما تقدم من سبع وعشرين؟ قلت: لا ينافي أخبر أولًا بالأقل، ثم أطلعه الله على الأكثر، وقد يقال: التفاوت إنما هو باعتبار حال المصلي والزمان والمكان، وفيه نظر لأن ذلك لا ينحصر في عدد.

647 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «صَلاَةُ الرَّجُلِ فِي الْجَمَاعَةِ تُضَعَّفُ عَلَى صَلاَتِهِ فِي بَيْتِهِ وَفِى سُوقِهِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ ضِعْفًا، وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ لاَ يُخْرِجُهُ إِلاَّ الصَّلاَةُ، لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إِلاَّ رُفِعَتْ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ، وَحُطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ، فَإِذَا صَلَّى لَمْ تَزَلِ الْمَلاَئِكَةُ تُصَلِّى عَلَيْهِ مَا دَامَ فِي مُصَلاَّهُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ. وَلاَ يَزَالُ أَحَدُكُمْ فِي صَلاَةٍ مَا انْتَظَرَ الصَّلاَةَ». طرفه 176 ـــــــــــــــــــــــــــــ قال شيخ الإسلام: القول بأنه أطلعه الله على الزيادة إنما يصح عند من لم يعتبر مفهوم العدد. هذا كلامه. قلت: مفهوم العدد عند من يقول به إنما يقال به إذا لم يعارضه نص. ألا ترى إلى أن رواية الراوي: "الإيمان بضع وسبعون شعبة" تقدم على رواية "بضع وستون". 647 - (صلاة الرجل في الجماعة تُضعّف على صلاته في بيته) بضم الباء والعين المفتوحة (وذلك أنه إذا توضأ) أي: أراد الوضوء أو شرع فيه (فاحسن) أي: أسبغه (لم يخط خطوة) -بفتح الخاء- الواحدة من الخطو، وأما بالضم فهو ما بين القدمين في المشي. فإن قلت: هل هذه الدرجات التي رفع بها في الطريق هي من تلك الدرجات السبع والعشرين؟ قلت: لا، كيف يذهب الوهم إلى ذلك وربما كانت الخطوات مئة أو أكثر. فإن قلت: فكيف أوقعه تعليلًا؟ قلت: أشار إلى أن الآتي إلى المسجد إذا كان بهذه المشيات فلا يستبعد وقوع تلك الدرجات في مقابلة صلاته. فإن قلت: لفظ الجماعة بإطلاقه يتناول النساء؟ قلت: إمامة المرأة للرجال لا تجوز إجماعًا، وأما للنساء قال به أحمد والشافعي، ومنعه مالك وأبو حنيفة قال الشافعي: والتي تكون إمامًا تقف في وسطهن ولا تقدم. (ولا يزال أحدكم في صلاة ما انتظر الصلاة). فإن قلت: لمَ نكر الصلاة أولًا؟ قلت: لأن الذي ينتظر صلاة الفجر مثلًا إنما يحصل له

31 - باب فضل صلاة الفجر فى جماعة

31 - باب فَضْلِ صَلاَةِ الْفَجْرِ فِي جَمَاعَةٍ 648 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «تَفْضُلُ صَلاَةُ الْجَمِيعِ صَلاَةَ أَحَدِكُمْ وَحْدَهُ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا، وَتَجْتَمِعُ مَلاَئِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةُ النَّهَارِ فِي صَلاَةِ الْفَجْرِ». ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ (إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا). طرفه 176 649 - قَالَ شُعَيْبٌ وَحَدَّثَنِى نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ تَفْضُلُهَا بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً. طرفه 645 650 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِى قَالَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ سَمِعْتُ سَالِمًا قَالَ سَمِعْتُ أُمَّ الدَّرْدَاءِ تَقُولُ دَخَلَ عَلَىَّ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَهْوَ مُغْضَبٌ فَقُلْتُ مَا أَغْضَبَكَ فَقَالَ وَاللَّهِ مَا أَعْرِفُ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - شَيْئًا إِلاَّ أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ جَمِيعًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ ثواب الصلاة في الجملة لا ثواب تلك الصلاة، ويجوز أن تكون النكرة المعرّفة معناها ثواب تلك الصلاة وذلك فضل الله. باب فضل صلاة الفجر جماعة 648 - (أبو اليمان) الحكم بن نافع (تفضل صلاة الجميع صلاة أحدكم وحده بخمسة وعشرين جزءًا) أي: درجة للرواية الأخرى، وفي الرواية بعده (سبع وعشرين) وقد تقدمت الروايتان قبل هذا الباب في باب فضل الجماعة. 650 - (سمعت أم الدرداء تقول: دخل علي أبو الدرداء وهو مغضب) أي: ذو غضب أغضبه غيره. أم الدرداء هذه اسمها هجمية، وقيل جهيمة الدمشقية، تسمى أم الدرداء الصغرى، والكبرى أيضًا زوجة أبي الدرداء. قال شيخ الإسلام شيخنا أبو الفضل ابن حجر: لا رواية للكبرى في الحديث، الرواية إنما هي للصغرى ثقة فقهية. هذا كلامه. وقد غلط فيها بعض الشارحين هنا فسماها خيرة وخيرة قد ذكرنا أن لا رواية لها.

651 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَعْظَمُ النَّاسِ أَجْرًا فِي الصَّلاَةِ أَبْعَدُهُمْ فَأَبْعَدُهُمْ مَمْشًى، وَالَّذِى يَنْتَظِرُ الصَّلاَةَ حَتَّى يُصَلِّيَهَا مَعَ الإِمَامِ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنَ الَّذِى يُصَلِّى ثُمَّ يَنَامُ». ـــــــــــــــــــــــــــــ 651 - (محمد بن العلاء) بفتح العين والمد (عن بريد بن عبد الله) بضم الباء، مصغر برد (عن أبي بردة) -بضم الباء- هو عامر بن أبي موسى. فإن قلت: أين موضع الدلالة على الترجمة وهي فضيلة صلاة الفجر في الجماعة؟ قلت: كون صلاة الفجر تشارك سائر الصلوات، وزادت باجتماع الملائكة فيها، وإن شاركتها العصر في اجتماع الملائكة إلا أنها منفردة بقوله تعالى: {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78]. فإن قلت: أيُّ وجه للحديث الأخير وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: (أعظم الناس أجرًا أبعدهم فأبعدهم ممشىً)؟ قلت: دل هذا على فضل المشي إلى الجماعة ومن جملتها صلاة الفجر، ولم يترجم على أفضلية الفجر بل على الفضل، ففي كل أحاديث [الباب] دلالة ظاهرة على ذلك. فإن قلت: كون الإنسان ينتظر الإمام ليصلي به جماعة أفضل من صلاة المنفرد بلا ريب معلوم بالبديهة فلماذا ذكره؟ قلت: أشار إلى أن كون أول الوقت رضوان الله ليس على الإطلاق. قال بعضهم: فإن قلت: هذا التفضيل أمر ظاهر فما معناه؟ قلت: معناه أن الذي يصليها آخر الوقت مع الإمام أفضل من الذي يصليها وحده في وقت الاختيار، أو الذي يصليها منتظرًا مع الإمام أفضل من الذي يصليها أيضًا مع الإمام بدون الانتظار. وهذا غلط في الموضعين؛ فإن الكلام إنما هو فيما إذا لم يجاوز وقت الاختيار، دل عليه حديث أبي ذر في مسلم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يميتون الصلاة"؟ قلت: فما تأمرني؟ قال: "صل الصلاة لوقتها، فإن أدركتها معهم فصل فإنها لك نافلة".

32 - باب فضل التهجير إلى الظهر

32 - باب فَضْلِ التَّهْجِيرِ إِلَى الظُّهْرِ 652 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سُمَىٍّ مَوْلَى أَبِى بَكْرٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِى بِطَرِيقٍ وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ عَلَى الطَّرِيقِ فَأَخَّرَهُ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ، فَغَفَرَ لَهُ». طرفه 2472 653 - ثُمَّ قَالَ «الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ الْمَطْعُونُ، وَالْمَبْطُونُ، وَالْغَرِيقُ، وَصَاحِبُ الْهَدْمِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وأما قوله: الذي يصليها مع الإمام منتظرًا أفضل من الذي يصلي مع الإمام بدون الانتظار يرده قوله: "حتى يصلها مع الإمام" فإنه صريح في أنه صلاها منفردًا، وأما الذي صلاها مع الإمام في أول الوقت فلا شك أنه أفضل. باب فضل التهجير إلى الظهر قال ابن الأثير: التهجير التبكير إلى كل شيء، ولذلك قيده بالظهر، فسقط ما قيل: إن التقييد بالظهر تأكيد، وأي محل للتأكيد. 652 - 653 - (قتيبة) بضم القاف، على وزن المصغر، وكذا (سُمي) (عن أبي صالح) هو ذكوان السمان (بينما رجل يمشي في الطريق وجد غصن شوك فأخَّرَه فشكر الله له فغفر له) بين ظرف زمان للمفاجآت، وألفه للإشباع وما زائدة، ومعنى الشكر من الله قبول طاعة العبد وتضعيف الأجر إذ من أسمائه الشكور، وهو صيغة مبالغة. (الشهداء خمسة) وفي بعضها "خمس" باعتبار النفس، جمع شهيد. قال ابن الأثير: سمي بذلك لأن الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - شهدا له بالجنة، وقيل: لأنه لم يمت كأنه حاضر، وقيل: لأن ملائكة الرحمة شهدته، وقيل: القيام بشهادة الحق لأمر الله حتى قيل: لأنه شهد ما أعد له من الكرامة، فهو فعيل إما بمعنى المفعول أو الفاعل باعتبار المعاني المذكورة. (المطعون) من أصابه الطاعون وهو مرض معروف (والمبطون) الذي أصاب بطنه وجع كالإسهال والاستسقاء والنفاس (وصاحب الهدم) -بسكون الدال وضبطه بعضهم بفتح الدال- معناه: ما انهدم عليه، والأول مصدر، وأما الهدم -بكسر الدال- فهو الذي مات تحت الهدم

33 - باب احتساب الآثار

وَالشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ». وَقَالَ «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلاَّ أَنْ يَسْتَهِمُوا لاَسْتَهَمُوا عَلَيْهِ». أطرافه 720، 2829، 5733 654 - «وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لاَسْتَبَقُوا إِلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا». طرفه 615 33 - باب احْتِسَابِ الآثَارِ 655 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَا بَنِى سَلِمَةَ أَلاَ تَحْتَسِبُونَ آثَارَكُمْ». ـــــــــــــــــــــــــــــ (والشهيد في سبيل الله) أي: الذي قتل في سبيل الله. فإن قلت: تقديره الشهيد في سبيل الله شهيد كقولك: المبطون شهيد ولا فائدة فيه؟ قلت: تقديره الشهيد في سبيل الله هو الشهيد الحقيقي كقول أبي النجم: أنا أبو النجم وشعري شعري. قال ابن الأثير: الشهيد من قتل مجاهدًا في سبيل الله، ثم اتسع فيه، وإذا قدر لكل واحد من المذكورات خبر فلا يكون من عموم المجاز في شيء. وباقي الحديث تقدم في الاستهام في الأذان مع شرحه، وأشرنا هناك إلى أن فضل التهجير إنما هو إذا لم يكن الحر شديدًا. باب احتساب الآثار افتعال من الحساب، والمراد به ما يفعل لوجه الله لأن المراد فاعله يعده وسيلة إلى رحمة الله وغفرانه. 655 - 656 - (حوشب) بفتح الحاء وسكون الواو على وزن فوعل (حميد) بضم الحاء، على وزن المصغر (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا بني سَلِمة) -بفتح السين وكسر اللام- بطن

34 - باب فضل العشاء فى الجماعة

وَقَالَ مُجَاهِدٌ فِي قَوْلِهِ (وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ) قَالَ خُطَاهُمْ. طرفاه 656، 1887 656 - وَقَالَ ابْنُ أَبِى مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنِى حُمَيْدٌ حَدَّثَنِى أَنَسٌ أَنَّ بَنِى سَلِمَةَ أَرَادُوا أَنْ يَتَحَوَّلُوا عَنْ مَنَازِلِهِمْ فَيَنْزِلُوا قَرِيبًا مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُعْرُوا {الْمَدِينَةَ} فَقَالَ «أَلاَ تَحْتَسِبُونَ آثَارَكُمْ». قَالَ مُجَاهِدٌ خُطَاهُمْ آثَارُهُمْ أَنْ يُمْشَى فِي الأَرْضِ بِأَرْجُلِهِمْ. طرفه 655 34 - باب فَضْلِ الْعِشَاءِ فِي الْجَمَاعَةِ 657 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِى قَالَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَيْسَ صَلاَةٌ أَثْقَلَ عَلَى الْمُنَافِقِينَ مِنَ الْفَجْرِ وَالْعِشَاءِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لأَتَوْهُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــ من الأنصار، كانت منازلهم بعيدة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأرادوا الانتقال إلى مكان قريب منه فمنعهم من ذلك لأمرين أحدهما كثرة الأجر، والآخر بقاء المدينة على ما كانت من الاتساع فإنه أعظم هيبة في عين العدو (وزاد ابن أبي مريم) شيخ البخاري، اسمه سعيد وليس مثله تعليقًا لأن شرطه أن يحذف من الإسناد واحد أو أكثر، وفائدة هذه الطريق التصريح بالسماع من حميد فإنه يدلس. قال شيخ الإسلام: في بعض النسخ حدثنا، وفي بعضها قال، والصواب لفظ زاد لأن يحيى بن أيوب ليس على شرط البخاري في الأصول (فينزلوا قريبًا) أي: مكانًا قريبًا (فكره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تعرى المدينة) -بضم التاء على بناء المجهول- من العراء -بفتح العين والمد- وهو الفضاء، كره أن تكون أطراف المدينة خالية. وفي الحديث دلالة على أن تقارب الخطا في المثي إلى المساجد أفضل من توسيعها، وأن الذهاب إلى المسجد الأبعد أفضل إلا أن يتعطل الأقرب أو يقل جمعه بذهابه. باب فضل صلاة العشاء في الجماعة 657 - (قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ليس صلاة على المنافقين أثقل من العشاء والفجر) لكونهما في وقت الراحة والظلمة. فإن قلت: هذا مشترك بين المؤمن والكافر؟ قلت: المؤمن يرجو الثواب فلا يثقل عليه، بل ليس عنده أحلى من القيام لطاعة الله، وفي لفظ أثقل دلالة على أن جميع الصلوات

35 - باب اثنان فما فوقهما جماعة

وَلَوْ حَبْوًا، لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ الْمُؤَذِّنَ فَيُقِيمَ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلاً يَؤُمُّ النَّاسَ، ثُمَّ آخُذَ شُعَلاً مِنْ نَارٍ فَأُحَرِّقَ عَلَى مَنْ لاَ يَخْرُجُ إِلَى الصَّلاَةِ بَعْدُ». طرفه 644 35 - باب اثْنَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا جَمَاعَةٌ 658 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَأَذِّنَا وَأَقِيمَا، ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا». طرفه 628 ـــــــــــــــــــــــــــــ ثقيلة عليهم (ولو حبوًا) الحبو: المشي على اليدين والركبتين كما يفعله الصغار (آخذ شُعلًا من نار) بضم الشين وفتح العين، جمع شعلة (فأحرق على من لم يخرج إلى الصلاة) أي بيته، تقدر جملة حالية. أي: حال كونه قادرًا على الخروج. وفي رواية "بعد" بضم على أنه بني لقطعه عن الإضافة، ورواه الداودي: "لا لعذر"، وفي رواية أبي داود "ليس لهم علة". وتمام الكلام تقدم في باب وجوب الجماعة. باب اثنان فما فوقهما جماعة هذه الترجمة حديث رواه غيره ولم يكن على شرطه أشار إليه كما هو دأبه. 658 - (مسدد) بضم الميم وفتح الدال المشددة (يزيد بن زريع) مصغر الزرع (عن أبي قلابة) -بكسر القاف- عبد الله بن زيد الجرمي (عن مالك بن الحويرث) بضم الحاء، على وزن المصغر (إذا حضرت الصلاة فأذنا وأقيما وليؤمكما أكبركما) لفظ الإمام دل على أن الاثنين جماعة، وسائر المباحث تقدمت في باب أذان المسافر. فإن قلت: الذي تقدم من الحديث أنهم كانوا جماعة؟ قلت: هما قضيتان كما تقدم أنا وابن عم.

36 - باب من جلس فى المسجد ينتظر الصلاة، وفضل المساجد

36 - باب مَنْ جَلَسَ فِي الْمَسْجِدِ يَنْتَظِرُ الصَّلاَةَ، وَفَضْلِ الْمَسَاجِدِ 659 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْمَلاَئِكَةُ تُصَلِّى عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مُصَلاَّهُ مَا لَمْ يُحْدِثْ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ. لاَ يَزَالُ أَحَدُكُمْ فِي صَلاَةٍ مَا دَامَتِ الصَّلاَةُ تَحْبِسُهُ، لاَ يَمْنَعُهُ أَنْ يَنْقَلِبَ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ الصَّلاَةُ». طرفه 176 660 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة وفضل المساجد 659 - (مسلمة) بفتح الميم واللام (عن أبي الزناد) بالزاي المعجمة بعدها نون (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إن الملائكة نصلي على أحدكم ما دام في مصلاه ما لم يحدث) بضم الياء [وكسر] الدال أي لم ينقض وضوءه، وقيل: ما لم يؤذ أحدًا، والأول هو الوجه (لا يزال أحدكم في صلاة) أي: في ثوابها (لا يمنعه أن ينقلب إلى أهله إلا الصلاة) كناية عن كون جلوسه لوجه الله خالصًا. 660 - (محمد بن بشار) يفتح الباء وتشديد المعجمة (عن عبيد الله قال: حدثني خبيب) بالخاء المعجمة، كلاهما على وزن المصغر (عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: [سبعة] يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله) الظل معروف، وهو من خواص الأجسام تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا، فالمراد ظل عرشه، وبه صرح في وواية، وهو كناية، أو مستعار لحفظ الله ووقايته، والمراد باليوم يوم القيامة، ولا مفهوم لهذا الكلام فإن شيخ الإسلام زاد سبعة أخرى بإسناد جيد،

الإِمَامُ الْعَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ، وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّى أَخَافُ اللَّهَ. وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ أَخْفَى حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وسبعة أخرى بأسانيد ضعاف (الإمام العادل) وفي رواية الموطأ "العدل" وهو أبلغ، والمراد من الإمام: السلطان، والعدل: الحكم على موجب الشرع. (وشاب نشأ في عبادة ربه) وفي بعضها: "في عبادة الله"، وقيد الشباب لأن النفس في حالة الشباب نارها مشتعلة، فالرجل من قدر على قهرها بخلاف الشيخ. (ورجل قلبه معلق في المساجد) أي: بالمسجد وانما اختار في لدلالته على التمكن مبالغة. (واجتمعا عليه وتفرقا عليه) إنما ذكر التفرق لأن مناط الحب في الله حال الغيبة وحفظ الود فيها شأن الصادقين في المحبة. (ورجل طلبته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله) وإذا انضم إلى الجمال الحسب [و] المفاخرة زادت موجبات الميل ودواعي الهوى. (ورجل تصدق أخفى) وفي رواية البخاري في أبواب الزكاة "فأخفى" فدل على أن الراوي حذف الفاء هنا، وفي رواية الأصيلي: "إخفاء" بصيغة المصدر (حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه) كلام على طريقة المثل أي: يكون إخفاؤها بحيث لو كانت شماله ذات عقل وفهم لم تعلم بذلك، واتفق أهل العلم على أن هذا إنما هو في التطوع، وأما الصدقة الواجبة فالأفضل فيها الإظهار إذ لا رياء في الفرائض، وربما اقتدى به غيره، ولئلا يتهم بمنع الزكاة وقد منع [.......] قولهم: لا رياء في الفرائض وهو كما قال، وفي رواية مسلم: "حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله". قال القاضي: هذا وهم وليس هو من مسلم بل هو من راويه، والحق أنه لا دليل على كونه وهمًا سوى أن الإعطاء باليمين لأنه أشرف، وليس الكلام إلا ضرب مثل كناية عن غاية الإخفاء، يجوز ثبوت الروايتين.

37 - باب فضل من غدا إلى المسجد ومن راح

وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ». أطرافه 1423، 6479، 6806 661 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ سُئِلَ أَنَسٌ هَلِ اتَّخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَاتَمًا فَقَالَ نَعَمْ، أَخَّرَ لَيْلَةً صَلاَةَ الْعِشَاءِ إِلَى شَطْرِ اللَّيْلِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ بَعْدَ مَا صَلَّى فَقَالَ «صَلَّى النَّاسُ وَرَقَدُوا وَلَمْ تَزَالُوا فِي صَلاَةٍ مُنْذُ انْتَظَرْتُمُوهَا». قَالَ فَكَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ خَاتَمِهِ. أطرافه 572 37 - باب فَضْلِ مَنْ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ وَمَنْ رَاحَ 662 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ وَرَاحَ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ نُزُلَهُ مِنَ الْجَنَّةِ كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاحَ». ـــــــــــــــــــــــــــــ (ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه) سألت دموعه بكثرة، من فاض الماء إذا سال من جوانب الحوض؛ وقيد الخلو لأنه يدل على كمال خشيته من الله لعدم إمكان الرياء، وزاد الحاكم: "من خشية الله". 661 - (قتيبة) بضم القاف، على وزن المصغر، وكذا (حميد) والحديث بعده تقدم مرارًا، والوبيص -بالصاد المهملة- اللمعان. باب فضل من غدا إلى المسجد ومن راح الغدو والغداة: من طلوع الفجر إلى الزوال، والزواح من الزوال إلى الغروب، والظاهر أن المراد الأوقات كلها لأن الذهاب بالليل أشق ونظيره في إرادة الدوام قوله تعالى: {وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا} [مريم: 62]. 662 - (يزيد بن هارون) من الزيادة (محمد بن مطرف) بكسر الراء المشددة (أسلم) على وزن الماضي (يسار) ضد اليمين (من غدا إلى المسجد أو راح) وفي بعضها "وراح" الواو بمعنى أو (أعد الله له نزله كما غدا أو راح) النزل -بضم النون- ما يعد للنازل من

38 - باب إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة

38 - باب إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَلاَ صَلاَةَ إِلاَّ الْمَكْتُوبَةَ 663 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ ابْنِ بُحَيْنَةَ قَالَ مَرَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِرَجُلٍ. 663 م - قَالَ وَحَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا بَهْزُ بْنُ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ سَمِعْتُ حَفْصَ بْنَ عَاصِمٍ قَالَ سَمِعْتُ رَجُلاً مِنَ الأَزْدِ يُقَالُ لَهُ مَالِكٌ ابْنُ بُحَيْنَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى رَجُلاً وَقَدْ أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ يُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لاَثَ بِهِ النَّاسُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ القرى والضيافة حال نزوله، وقيل: -بضم النون والزاي- المكان الذي ينزل فيه، ولم يذكره ابن الأثير، وقال: بضم النون وسكون الزاي وتحريكها: ما يهيأ للضيف حال نزوله، وفي رواية الطبراني عن سلمان: "من توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى المسجد فهو زائر الله، وحق على المزور أن يكرم الزائر". باب إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة هذه الترجمة حديث أسنده مسلم عن أبي هريرة. 663 - (بهز بن أسد) بفتح الباء وزاي معجمة (سمعت رجلًا من الأزد) قبيلة من عرب اليمن أولاد أزد بن الغوث، قال الجوهري: ويقال: أزد شنوءة وأزد عمان وأزد السراة يقال له (مالك بن بحينة) بتنوين مالك وألف ابن لأنه ليس صفة لمالك بل لعبد الله لأنه ابن مالك، وابن بحينة وهي أمه، واسمها عبدة وبحينة لقب لها، واتفق العلماء على أن هذا وهم فإن راوي الحديث هو عبد الله لا مالك وإن كان له صحبة أيضًا كما ذكره ابن عساكر وابن عبد البر في "الاستيعاب"، فمن قال: لا صحبة لمالك فقد وهم (رأى رجلًا وقد أقيمت الصلاة يصلي ركعتين، فلما انصرف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لاث به الناس) أي: أحاطوا به، يقال: ألاث

39 - باب حد المريض أن يشهد الجماعة

وَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «الصُّبْحَ أَرْبَعًا، الصُّبْحَ أَرْبَعًا». تَابَعَهُ غُنْدَرٌ وَمُعَاذٌ عَنْ شُعْبَةَ فِي مَالِكٍ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ سَعْدٍ عَنْ حَفْصٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ بُحَيْنَةَ. وَقَالَ حَمَّادٌ أَخْبَرَنَا سَعْدٌ عَنْ حَفْصٍ عَنْ مَالِكٍ. 39 - باب حَدِّ الْمَرِيضِ أَنْ يَشْهَدَ الْجَمَاعَةَ 664 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى قَالَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ الأَسْوَدُ قَالَ كُنَّا عِنْدَ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - ـــــــــــــــــــــــــــــ النبات إذا التف بعضه ببعض (فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: آلصبح أربعًا؟) بهمزة الاستفهام والمد أي: تصلي الصبح أربعًا؟ إنما أنكر عليه لأنه صلى سنة الفجر بعد الإقامة للفريضة فكأنه جعل الصبح أربعًا، وبه استدل الشافعي وأحمد على كراهة ركعتي الفجر بعد الإقامة. وقال أبو حنيفة: لا بأس أن يصليهما خارج المسجد. قال الطحاوي: إنما كره ذلك لأنه وصلهما بالفرض. قلت: رواية مسلم: "إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة" تعم الوصل والفصل، فالوجه ما قاله الشافعي. (تابعه غندر) بضم المعجمة وفتح الدال (ومعاذ) -بضم الميم- أي: تابعًا بهزًا في الرواية عن شعبة (وقال ابن إسحاق) تعليق من البخاري، وكذا قوله: (قال حماد) والفرق بينهما أن ابن إسحاق رواه على الصواب عن عبد الله بن مالك، وحماد بخلاف الصواب. وفي رواية أبي عدي: قيل: يا رسول الله ولا ركعتي الفجر؟ قال: "ولا ركعتي الفجر". باب حد المريض أن يشهد الجماعة قيل: الحد هنا أريد به الحدة والحرص على حضور الجماعة، ويؤيد رواية الجيم جد المريض بمعنى الاجتهاد، ويجوز أن يكون بمعنى النهاية أي: الغاية التي يصل إليها المريض في الذهاب إلى الجماعة. 664 - (حفص بن غياث) بالغين المعجمة وثاء مثلثة (قال الأسود كنا [عند] عائشة

فَذَكَرْنَا الْمُوَاظَبَةَ عَلَى الصَّلاَةِ وَالتَّعْظِيمَ لَهَا، قَالَتْ لَمَّا مَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَرَضَهُ الَّذِى مَاتَ فِيهِ، فَحَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَأُذِّنَ، فَقَالَ «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ». فَقِيلَ لَهُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ، إِذَا قَامَ فِي مَقَامِكَ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُصَلِّىَ بِالنَّاسِ، وَأَعَادَ فَأَعَادُوا لَهُ، فَأَعَادَ الثَّالِثَةَ فَقَالَ «إِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ، مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ». فَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ فَصَلَّى، فَوَجَدَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ نَفْسِهِ خِفَّةً، فَخَرَجَ يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ كَأَنِّى أَنْظُرُ رِجْلَيْهِ تَخُطَّانِ مِنَ الْوَجَعِ، فَأَرَادَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَتَأَخَّرَ، فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ مَكَانَكَ، ثُمَّ أُتِىَ بِهِ حَتَّى جَلَسَ إِلَى جَنْبِهِ. قِيلَ لِلأَعْمَشِ وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّى بِصَلاَتِهِ، وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلاَةِ أَبِى بَكْرٍ فَقَالَ بِرَأْسِهِ نَعَمْ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ شُعْبَةَ عَنِ الأَعْمَشِ بَعْضَهُ. وَزَادَ أَبُو مُعَاوِيَةَ جَلَسَ عَنْ يَسَارِ أَبِى بَكْرٍ فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّى قَائِمًا. طرفه 198 ـــــــــــــــــــــــــــــ فذكرنا المواظبة على الصلاة) أي: المداومة عليها ورعاية وقتها (مروا أبا بكر فليصل بالناس: فقيل له: إن أبا بكر رجل أسيف) القائل حفصة بنت عمر كما سيأتي صريحًا، والأسيف: شديد الحزن والبكاء (إذا قام مقامك) لا يقدر على القراءة وإسماع الناس من البكاء (قال: إنكن صواحب يوسف) أي: مثلهن تشبيه بليغ يحذف منه أداة التشبيه، والوجه فيهما الدعاء إلى الباطل. فإن قلت: من كان صواحب يوسف؟ وإلى أي باطل دعونه؟ قلت: صواحب يوسف اللاتي قلن له: أطع مولاتك، ولهذا قال: {قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ} [يوسف: 33] وقيل: لما عاتب النسوة امرأة العزيز أردن بذلك أنها إذا تركته يدعونه لأنفسهن، وهذا خلاف ما في الآية الكريمة (فوجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خفة في نفسه فخرج يهادى بين رجلين) هذا موضع الدلالة على ما ترجم. التهادي: التمايل، يهادى: يمشي مع التمايل من شدة الضعف (كأني أنظر إلى رجليه تخطان الأرض) لعدم قدرته على رفعهما (أن مكانك) نصب على الإغراء أي: الزم مكانك، وأن مفسرة لأومأ (أتي به حتى جلس إلى جنبه) أي: الأيسر كما في الرواية بعده (والناس يصلون بصلاة أبي بكر) ليس معناه أنه كان إمامًا لهم بل كان مبلغًا لصلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأنه كان جالسًا لم يره أكثر الناس (رواه أبو داود) الطيالسي (وأبو معاوية) أي: الضرير محمد بن خازم.

665 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى قَالَ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ لَمَّا ثَقُلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَاشْتَدَّ وَجَعُهُ اسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِى فَأَذِنَّ لَهُ، فَخَرَجَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ تَخُطُّ رِجْلاَهُ الأَرْضَ، وَكَانَ بَيْنَ الْعَبَّاسِ وَرَجُلٍ آخَرَ. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لاِبْنِ عَبَّاسٍ مَا قَالَتْ عَائِشَةُ فَقَالَ لِى وَهَلْ تَدْرِى مَنِ الرَّجُلُ الَّذِى لَمْ تُسَمِّ عَائِشَةُ قُلْتُ لاَ. قَالَ هُوَ عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ. طرفه 198 ـــــــــــــــــــــــــــــ 665 - (استأذن أزواجه في أن يمرض في بيتي فأذِنَّ له) بكسر الذال وتشديد النون، والتمريض: القيام بأمر المريض وما يحتاج إليه كان بين عباس ورجل آخر) قال ابن عباس: (وهل تدري من الرجل الآخر؟ قلت: لا قال: هو علي بن أبي طالب). قال النووي: إحدى يديه الكريمتين تناوب عليها أسامة والفضل وعلي فلذلك لم تُسم الرجل الآخر لا لأنها تركت ذكر علي للعداوة بينهما. قلت: قول ابن عباس: وهل سمت لك الرجل الآخر؟ صريح في أنها إنما تركت ذكر علي لما كان بينهما. وزاد الإسماعيلي في رواية معمر عن ابن عباس "أن عائشة لا تطيب نفسًا له" أي لعلي. وفي رواية ابن إسحاق في "المغازي" عن الزهري: ولكن عائشة لا تقدر أن تذكر عليًّا. قال شيخنا ابن حجر: ومن قال غير [هذا] فقد وهم؛ لأن ابن عباس جازم في جميع رواياته بأن الرجل المبهم هو علي. قلت: وإن صح خلافه يحمل على تعداد الواقعة فإن مرضه كان أيامًا، وهب أنهم تكلفوا هنا ما تكلفوا فما قولهم في وقعة الجمل رضي الله عنها أم المؤمنين وعن علي والصحابة أجمعين.

40 - باب الرخصة فى المطر والعلة أن يصلى فى رحله

40 - باب الرُّخْصَةِ فِي الْمَطَرِ وَالْعِلَّةِ أَنْ يُصَلِّىَ فِي رَحْلِهِ 666 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَذَّنَ بِالصَّلاَةِ فِي لَيْلَةٍ ذَاتِ بَرْدٍ وَرِيحٍ ثُمَّ قَالَ أَلاَ صَلُّوا فِي الرِّحَالِ. ثُمَّ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَأْمُرُ الْمُؤَذِّنَ إِذَا كَانَتْ لَيْلَةٌ ذَاتُ بَرْدٍ وَمَطَرٍ يَقُولُ أَلاَ صَلُّوا فِي الرِّحَالِ. طرفه 632 667 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِىِّ أَنَّ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ كَانَ يَؤُمُّ قَوْمَهُ وَهْوَ أَعْمَى، وَأَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهَا تَكُونُ الظُّلْمَةُ وَالسَّيْلُ وَأَنَا رَجُلٌ ضَرِيرُ الْبَصَرِ، فَصَلِّ يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي بَيْتِى مَكَانًا أَتَّخِذُهُ مُصَلًّى، فَجَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الرخصة في المطر والعلة أن يصلي في رحله 666 - (أن ابن عمر أذن بالصلاة في ليلة ذات برد وريح ثم قال: ألا صلوا في الرحال) هذه الرواية عن ابن عمر تدل على أن هذا القول يكون بعد الفراغ من الأذان، وتقدمت رواية ابن عباس أنه يقول المؤذن بدل حي على الصلاة وهو الظاهر إذ لا معنى للدعاء إلى الصلاة ثم الأمر بالإقامة في الرحال، ويحمل قول ابن عمر على أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فعل ذلك بيانًا للجواز في الجملة ويلحق بالريح والمطر سائر الأعذار كالظلمة والوحل. 667 - (محمود بن الربيع) ضد الخريف (أن عتبان بن مالك) بكسر العين (الأنصاري)، (كان يؤم قومه وهو أعمى) قومه بنو سالم، وقوله: أعمى فيه تجوز لقوله في الرواية الأخرى: "أنا رجل ضرير البصر" وفي أخرى: "وفي بصري بعض الشيء" وفي أخرى: "أنكرت بصري" فلا دلالة فيه على جواز إمامة الأعمى كما ظن (أنها تكون الظلمة والسيل) الضمير للقصة، وكان تامة (فصل يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم - في بيتي مكانًا) أي: في مكان (أتخذه مصلى)

41 - باب هل يصلى الإمام بمن حضر وهل يخطب يوم الجمعة فى المطر

أُصَلِّىَ». فَأَشَارَ إِلَى مَكَانٍ مِنَ الْبَيْتِ، فَصَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 424 41 - باب هَلْ يُصَلِّى الإِمَامُ بِمَنْ حَضَرَ وَهَلْ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي الْمَطَرِ 668 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ صَاحِبُ الزِّيَادِىِّ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ قَالَ خَطَبَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ فِي يَوْمٍ ذِى رَدْغٍ، فَأَمَرَ الْمُؤَذِّنَ لَمَّا بَلَغَ حَىَّ عَلَى الصَّلاَةِ. قَالَ قُلِ الصَّلاَةُ فِي الرِّحَالِ، فَنَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، فَكَأَنَّهُمْ أَنْكَرُوا فَقَالَ كَأَنَّكُمْ أَنْكَرْتُمْ هَذَا إِنَّ هَذَا فَعَلَهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّى - يَعْنِى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّهَا عَزْمَةٌ، وَإِنِّى كَرِهْتُ أَنْ أُحْرِجَكُمْ. وَعَنْ حَمَّادٍ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ كَرِهْتُ أَنْ أُؤَثِّمَكُمْ، فَتَجِيئُونَ تَدُوسُونَ الطِّينَ إِلَى رُكَبِكُمْ. طرفه 616 ـــــــــــــــــــــــــــــ مرفوع صفة مكانًا، وقد سلف شرح الحديث في باب المساجد في البيوت مستوفى. باب هل يصلي الإمام بمن حضر، وهل يخطب يوم الجمعة في المطر 668 - (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم (عبد الحميد صاحب الزيادي) بالزاي بعدها ياء (خطبنا ابن عباس في يوم ذي ردغ) بالدال المهملة وغين معجمة، وفي بعضها: "رزغ" بالزاي المعجمة موضع الدال، وهو الطين والوحل، ويجوز في لفظ يوم الإضافة وعدمها (وإني كرهت أن أُخرجكم) -بضم الهمزة- من أخرجه، أوقعه في الحرج وهو المشقة. ويجوز في لفظ يوم الإضافة وعدمها، ويجوز في رواية التخفيف والتشديد، وفي بعضها "أخرجكم" بالخاء المعجمة أي: من بيوتكم لقوله: (تدوسون الطين إلى ركبكم). فإن قلت: في رواية (أن أؤثمكم) بالثاء من الإثم؟ قلت: محمول على المشقة لما ذكرنا من سائر الروايات. أو يكون مذهب ابن عباس أن كل من سمع النداء يجب عليه الحضور، فلو لم يقل: (الصلاة في الرحال) لأوقعه في الإثم.

669 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ فَقَالَ جَاءَتْ سَحَابَةٌ فَمَطَرَتْ حَتَّى سَالَ السَّقْفُ، وَكَانَ مِنْ جَرِيدِ النَّخْلِ، فَأُقِيمَتِ الصَّلاَةُ، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَسْجُدُ فِي الْمَاءِ وَالطِّينِ، حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ الطِّينِ فِي جَبْهَتِهِ. أطرافه 813، 836، 2016، 2018، 2027، 2036، 2040 670 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ سِيرِينَ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ قَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ إِنِّى لاَ أَسْتَطِيعُ الصَّلاَةَ مَعَكَ. وَكَانَ رَجُلاً ضَخْمًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ 669 - (مسلم) ضد الكافر (سألت أبا سعيد الخدري) بضم الخاء المعجمة والدال المهملة (فقال: جاءت سحابة فمطرت حتى سال السقف فرأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسجد في الماء والطين). فإن قلت: [عن] أيّ شيء سأله حتى قال له هذا الكلام؟ قلت: سأله عن ليلة القدر كما سيأتي حديثه بطوله في باب الاعتكاف. يقال: مطرت وأمطرت بمعنى، إلا أن المزيد أكثر ما يستعمل في العذاب. فإن قلت: أيّ وجه لإيراد هذا الحديث؟ قلت: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمن حضر معه سواء كان كل الصحابة أو بعضهم، على أن الغالب تخلف بعض في المطر. قال بعضهم: إن صح أن ما رواه أبو سعيد الخدري كان يوم الجمعة فدلالته على الجزء الأخير ظاهرة. وهذا ليس بشيء؛ إذ ليس فيه ذكر الخطبة، والترجمة مقيدة بالخطبة على أنه سيأتي في باب الاعتكاف أن هذا كان في صلاة الصبح صبيحة ليلة أحد وعشرين، والدلالة على الجزء الأخير إنما هو في قول عبد الله بن الحارث (خطبنا ابن عباس). 670 - (عن أنس بن سيرين) أخو محمد بن سيرين (سمعت أنسًا يقول: قال رجل من الأنصار: إني لا أستطيع الصلاة معك، وكان رجلًا ضخمًا) قال الجوهري: الضخم الغليظ

42 - باب إذا حضر الطعام وأقيمت الصلاة

فَصَنَعَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - طَعَامًا فَدَعَاهُ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَبَسَطَ لَهُ حَصِيرًا وَنَضَحَ طَرَفَ الْحَصِيرِ، صَلَّى عَلَيْهِ رَكْعَتَيْنِ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ آلِ الْجَارُودِ لأَنَسٍ أَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى الضُّحَى قَالَ مَا رَأَيْتُهُ صَلاَّهَا إِلاَّ يَوْمَئِذٍ. طرفاه 1179، 6080 42 - باب إِذَا حَضَرَ الطَّعَامُ وَأُقِيمَتِ الصَّلاَةُ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَبْدَأُ بِالْعَشَاءِ. وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ مِنْ فِقْهِ الْمَرْءِ إِقْبَالُهُ عَلَى حَاجَتِهِ حَتَّى يُقْبِلَ عَلَى صَلاَتِهِ وَقَلْبُهُ فَارِغٌ. 671 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى قَالَ سَمِعْتُ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ «إِذَا وُضِعَ الْعَشَاءُ وَأُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَابْدَءُوا بِالْعَشَاءِ». طرفه 5465 ـــــــــــــــــــــــــــــ من كل شيء، وهذا ليس عتبان بن مالك؛ لأن ذلك كان إمام قومه، وهذا إنما شكا عدم استطاعته الصلاة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعلله أنس بأن ذلك كان لكونه ضخمًا لا يقدر على التردد، وعلة عتبان كونه أعمى، ويجوز أن يكون هو عتبان، وشكايته تكون من وجهين: أحدهما: عدم الاستطاعة معه وإذا سال الوادي لا يقدر على الذهاب إلى مسجد قومه. ودلالة الحديث على الترجمة ظاهرة لأنه صلى بمن حضر معه في ذلك الدار، ودل الحديث على مشروعية الجماعة في النفل. (فقال رجل من آل الجارود) هو عبد الحميد بن المنذر بن الجارود، وفيه أن السمن المفرط مذموم ألا ترى كيف صار سببًا للحرمان عن الصلاة مع سيد الأولين والآخرين. باب إذا حضر الطعام وأقيمت العشاء (وكان ابن عمر يبدأ بالعشاء) أي: قبل المغرب، والعشاء -بفتح العين والمد- طعام يؤكل بعد الزوال (وقال أبو الدرداء: من فقه المرء إقباله على حاجته حتى يقبل على الصلاة وقلبه فارغ) أبو الدرداء اسمه: عويمر -على وزن المصغر آخره راء- علي بن عامر بن مالك الخزرجي، وهذا الذي قاله أبو الدرداء يشمل كل حاجة سواء كانت إلى الطعام أو إلى غيره. 671 - (عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: إذا وضع العشاء وأقيمت الصلاة فابدؤوا بالعشاء) الظاهر من ذكر العشاء أن الصلاة هي المغرب، وقد صرح به فيما بعد، وإذا كان في المغرب هكذا مع ضيق الوقت، ففي غير المغرب من باب الأولى لاتساع الوقت. وحمله أهل الظاهر على

672 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا قُدِّمَ الْعَشَاءُ فَابْدَءُوا بِهِ قَبْلَ أَنْ تُصَلُّوا صَلاَةَ الْمَغْرِبِ، وَلاَ تَعْجَلُوا عَنْ عَشَائِكُمْ». طرفه 5463 673 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِى أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا وُضِعَ عَشَاءُ أَحَدِكُمْ وَأُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَابْدَءُوا بِالْعَشَاءِ، وَلاَ يَعْجَلْ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُ». وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُوضَعُ لَهُ الطَّعَامُ وَتُقَامُ الصَّلاَةُ فَلاَ يَأْتِيهَا حَتَّى يَفْرُغَ، وَإِنَّهُ لَيَسْمَعُ قِرَاءَةَ الإِمَامِ. أطرافه 674، 5464 ـــــــــــــــــــــــــــــ الوجوب والحق أنه مكروه، والكراهة مقيدة بما إذا كان له توقان إلى الطعام بحيث لا يقدر على أداء الصلاة بحضور القلب، وهذا إذا كان في الوقت سعة، وأما إذا خاف خروج الصلاة من الوقت فلا يجوز الشروع في الأكل، وشذ بعض الشافعية فقال بخلافه. 672 - (بكير) بضم الباء، على وزن المصغر، وكذا (عقيل)، (إذا قدم العشاء فابدؤوا به قبل أن تصلوا صلاة المغرب) أشرنا إلى حكم قيد المغرب بضيق الوقت، ولأن عادة الكرام تأخير العشاء لأن الضيف قد يصل لبعد المنزل آخر النهار فيجد العشاء حاضرًا. 673 - (إذا وضع عشاء أحدكم وأقيمت الصلاة فابدوؤا بالعشاء). فإن قلت: ظاهر قوله: إذا وضع عشاء أحدكم أن يقول: فليبدأ بالعشاء أي: ذلك الأحد فما وجه قوله: فابدؤوا؟ قلت: لفظ أحدكم يتناول المخاطبين أيضًا فأجري الكلام على ذلك السنن، كأن لفظ أحد ليس مذكورًا وتعين قوله تعالى: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} ثم قال: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: 43]. ومن الشارحين من تحير في توجيه الكلام وقال: تقديره إذا وضع عشاء أحدكم فابدؤوا أنتم بالعشاء ولا يعجل ذلك الرجل حتى يفرغ معكم من الأكل، وهذا كلام من عنده فاسد المعنى في نفسه، وليس من معنى التركيب؛ لأن العشاء إنما وضع لذلك الأحد لا للمخاطبين إن أجرى الكلام على ظاهره فأي معنى لقوله: ابدؤوا أنتم بالعشاء والله الموفق للحق. (إذا كان أحدكم على الطعام فلا يعجل حتى يقضي حاجته منه وإن أقيمت الصلاة) هذه الرواية

43 - باب إذا دعى الإمام إلى الصلاة وبيده ما يأكل

674 - وَقَالَ زُهَيْرٌ وَوَهْبُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ عَلَى الطَّعَامِ فَلاَ يَعْجَلْ حَتَّى يَقْضِىَ حَاجَتَهُ مِنْهُ، وَإِنْ أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ». رَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ وَهْبِ بْنِ عُثْمَانَ، وَوَهْبٌ مَدِينِىٌّ. 43 - باب إِذَا دُعِىَ الإِمَامُ إِلَى الصَّلاَةِ وَبِيَدِهِ مَا يَأْكُلُ 675 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى جَعْفَرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّ أَبَاهُ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَأْكُلُ ذِرَاعًا يَحْتَزُّ مِنْهَا، فَدُعِىَ إِلَى الصَّلاَةِ فَقَامَ فَطَرَحَ السِّكِّينَ، فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. طرفه 208 ـــــــــــــــــــــــــــــ أعم من الأولى تشمل كل صلاة، وفيه دلالة على عدم وجوب الجماعة والجواب بأن هذا عذر يجوز ترك الواجب به، فلا يخفى ما فيه. قال شيخنا ابن حجر: ما وقع في كتب الفقه: "إذا حضر العشاء والعشاء فابدؤوا بالعشاء" لم توجد هذه العبارة في كتاب الحديث. 674 - (زهير) بضم الزاي على وزن المصغر (قال أبو عبد الله وحدثني إبراهيم بن المنذر عن وهب بن عثمان، ووهب مديني) ووهب بن عثمان بن بشر مخزومي، ولم يظهر لي فائدة قوله: مديني سوى أن الجوهري ذكر أن النسبة إلى مدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مدني، وإلى غيرها مديني. باب إذا دعى الإمام إلى الصلاة وبيده ما يأكل 675 - (عمرو بن أمية) بضم الهمزة وكسر الميم وتشديد الياء (رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأكل ذراعًا يحتز منها) يقال: حز اللحم: قطعه، واحتزه: قطعه لنفسه (فقام فطرح السكين فصلى ولم يتوضأ) وفي الحديث دلالة على أن الأمر بتقديم الأكل للندب عند التوقان، وفيه خلاف الإمام أحمد في لحم الجزور وخلاف داود. وفيه دلالة على أن أكل ما مسته النار لا يوجب الوضوء، وقيل: هذا خاص برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإن حاله في الصلاة لا يتفاوت جوعًا وشبعًا.

44 - باب من كان فى حاجة أهله فأقيمت الصلاة فخرج

44 - باب مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَهْلِهِ فَأُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَخَرَجَ 676 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ مَا كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ قَالَتْ كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ - تَعْنِى خِدْمَةَ أَهْلِهِ - فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ خَرَجَ إِلَى الصَّلاَةِ. طرفاه 5363، 6039 45 - باب مَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ وَهْوَ لاَ يُرِيدُ إِلاَّ أَنْ يُعَلِّمَهُمْ صَلاَةَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَسُنَّتَهُ 677 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِى ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من كان في حاجة أهله فأقيمت الصلاة فخرج 676 - (الحكم) بفتح الحاء والكاف (عن الأسود سألت عائشة ما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصنع في بيته؟ قالت: كان يكون في مهنة أهله) -بفتح الميم وكسرها- الخدمة، وأنكر الأصمعي الكسر. قال صاحب "المحكم": بفتح الميم والكسر الحذق في العمل. فإن قلت: ما وجه الجمع بين كان ويكون؟ قلت: كان ناقصة، ويكون تامة، ومحصله: كان مستمرًا على خدمة أهله وفسرتها عائشة في رواية الترمذي: "كان يخصف نعله ويحلب شاته ويخيط ثوبه فإذا حضرت الصلاة خرج". فإن قلت: في الترجمة فإذا أقيمت الصلاة فخرج، ولفظ الحديث أعم، وأيضًا قد سلف أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تقوموا للصلاة حتى تروني"؟ قلت: كان له حالتان حالة يخرج فيها على الناس من غير إعلام، وحالة من المؤذن، وتارة يأتيه المؤذن ويعلم بالوقت وباجتماع الناس كما تقدم في باب من انتظر الإقامة، وحديث الباب محمول على الثاني، وفيه دلالة على أن أهل الفضل والكمال ينبغي أن يأخذوا بهديه -صلى الله عليه وسلم -. باب من صلى بالناس وهو لا يريد إلا أن يعلّمهم صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- وسنته 677 - (وهيب) بضم الواو، على وزن المصغر (أيوب) هو ابن أبي تميم (عن أبي

46 - باب أهل العلم والفضل أحق بالإمامة

قِلاَبَةَ قَالَ جَاءَنَا مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ فِي مَسْجِدِنَا هَذَا فَقَالَ إِنِّى لأُصَلِّى بِكُمْ، وَمَا أُرِيدُ الصَّلاَةَ، أُصَلِّى كَيْفَ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى. فَقُلْتُ لأَبِى قِلاَبَةَ كَيْفَ كَانَ يُصَلِّى قَالَ مِثْلَ شَيْخِنَا هَذَا. قَالَ وَكَانَ شَيْخًا يَجْلِسُ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ قَبْلَ أَنْ يَنْهَضَ فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى. أطرافه 802، 818، 824 46 - باب أَهْلُ الْعِلْمِ وَالْفَضْلِ أَحَقُّ بِالإِمَامَةِ 678 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ مَرِضَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَاشْتَدَّ مَرَضُهُ فَقَالَ «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ». قَالَتْ عَائِشَةُ إِنَّهُ رَجُلٌ رَقِيقٌ، إِذَا قَامَ مَقَامَكَ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُصَلِّىَ بِالنَّاسِ. قَالَ «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ» فَعَادَتْ فَقَالَ «مُرِى ـــــــــــــــــــــــــــــ قلابة) -بكسر القاف- عبد الله بن زيد الجرمي (جاء مالك بن الحويرث في مسجدنا هذا) بضم الحاء على وزن المصغر. قيل: هذا المسجد كان ببصرة (أصلي كيف رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي) كلام مستأنف كأنه قيل: إذا لم ترد الصلاة فلم تصلي؟ قال: أصلي لأعلمكم. فإن قلت: ما حكم هذه الصلاة؟ قلت: قيل هي مباحة وليس بشيء لأن المباح لا يثاب عليه بل هي نافلة (قلت لأبي قلابة: كيف كان يصلي؟ قال: مثل شيخنا هذا) هو عمر بن مسلمة بكسر اللام (وكان الشيخ يجلس فإذا رفع رأسه من السجود قبل أن ينهض في الركعة) الجار يتعلق بيجلس أو ينهض وفي بمعنى من، وهذه الجلسة جلسة استراحة قال بها الشافعي والإمام أحمد في رواية وقد جاءت في حديث المسيء صلاته. باب أهل العلم والفضل أحق بالإمامة 678 - 679 - (عن عمير) بضم العين، على وزن المصغر (عن أبي بردة) بضم الباء، عامر بن أبي موسى (مرض النبي -صلى الله عليه وسلم- فاشتد مرضه) بحيث لم يقدر على الخروج. روى حديث إمامة أبي بكر في الباب بطرق مختلفة وقد تقدم مع شرحه في باب حد المريض. لكن نشير إلى بعض المواضيع:

أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ، فَإِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ». فَأَتَاهُ الرَّسُولُ فَصَلَّى بِالنَّاسِ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 3385 679 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا قَالَتْ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ فِي مَرَضِهِ «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّى بِالنَّاسِ». قَالَتْ عَائِشَةُ قُلْتُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ إِذَا قَامَ فِي مَقَامِكَ لَمْ يُسْمِعِ النَّاسَ مِنَ الْبُكَاءِ، فَمُرْ عُمَرَ فَلْيُصَلِّ لِلنَّاسِ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ فَقُلْتُ لِحَفْصَةَ قُولِى لَهُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ إِذَا قَامَ فِي مَقَامِكَ لَمْ يُسْمِعِ النَّاسَ مِنَ الْبُكَاءِ، فَمُرْ عُمَرَ فَلْيُصَلِّ لِلنَّاسِ. فَفَعَلَتْ حَفْصَةُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَهْ، إِنَّكُنَّ لأَنْتُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ، مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ لِلنَّاسِ». فَقَالَتْ حَفْصَةُ لِعَائِشَةَ مَا كُنْتُ لأُصِيبَ مِنْكِ خَيْرًا. طرفه 198 680 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ الأَنْصَارِىُّ - وَكَانَ تَبِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَخَدَمَهُ وَصَحِبَهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يُصَلِّى لَهُمْ فِي وَجَعِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - الَّذِى تُوُفِّىَ فِيهِ، حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ الاِثْنَيْنِ وَهُمْ صُفُوفٌ فِي الصَّلاَةِ، فَكَشَفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - سِتْرَ الْحُجْرَةِ يَنْظُرُ إِلَيْنَا، وَهْوَ قَائِمٌ كَأَنَّ وَجْهَهُ وَرَقَةُ مُصْحَفٍ، ثُمَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ (فقلت لحفصة: قولي له: ان أبا بكر إذا قام في مقامك لم يسمع الناس من البكاء). فإن قلت: ما وجه أمرها حفصة أن تقول ما قالته هي بنفسها؟ قلت: استعانت بها فإن اتفاق الأقوال والآراء أقوى وأشد تأثيرًا (إنكن لأنتن صواحب يوسف) تشبيه بليغ، والوجه الدعاء إلى الباطل: فإن قلت: تقدم في حديث عائشة: "إنكن" وهنا زاد لفظ: (لأنتن). قلت: لما أعادت عليه بعد الأمر أولًا زاد في الإنكار. 680 - (إذا كان يوم الإثنين) كان تامة ويوم فاعلها (وهم صفوف) جمع صف ككفوف في جمع كف (فكشف سجف الحجرة) -بكسر السين بعده جيم- الستر الذي على الباب (ثم تبسم يضحك) أي: حال كونه ضاحكًا فإن ضحكه - صلى الله عليه وسلم - كان تبسمًا، وكذا ضحك الأنبياء قال الله تعالى في شأن سليمان: {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا} [النمل: 19]. فإن قلت: ما وجه الشبه في قوله: (كأن وجهه ورقة مصحف)؟ قلت: البياض الصافي فإن لونه كان بياضًا مشربًا بالحمرة، ولأجل الضعف زالت الحمرة.

تَبَسَّمَ يَضْحَكُ، فَهَمَمْنَا أَنْ نَفْتَتِنَ مِنَ الْفَرَحِ بِرُؤْيَةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَنَكَصَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى عَقِبَيْهِ لِيَصِلَ الصَّفَّ، وَظَنَّ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - خَارِجٌ إِلَى الصَّلاَةِ، فَأَشَارَ إِلَيْنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ أَتِمُّوا صَلاَتَكُمْ، وَأَرْخَى السِّتْرَ، فَتُوُفِّىَ مِنْ يَوْمِهِ. أطرافه 681، 754، 1205، 4448 681 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ لَمْ يَخْرُجِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ثَلاَثًا، فَأُقِيمَتِ الصَّلاَةُ، فَذَهَبَ أَبُو بَكْرٍ يَتَقَدَّمُ فَقَالَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْحِجَابِ فَرَفَعَهُ، فَلَمَّا وَضَحَ وَجْهُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مَا نَظَرْنَا مَنْظَرًا كَانَ أَعْجَبَ إِلَيْنَا مِنْ وَجْهِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ وَضَحَ لَنَا، فَأَوْمَأَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِهِ إِلَى أَبِى بَكْرٍ أَنْ يَتَقَدَّمَ، وَأَرْخَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْحِجَابَ، فَلَمْ يُقْدَرْ عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ. طرفه 680 682 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَمَّا اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَجَعُهُ قِيلَ لَهُ فِي الصَّلاَةِ فَقَالَ «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ». قَالَتْ عَائِشَةُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ رَقِيقٌ، إِذَا قَرَأَ غَلَبَهُ الْبُكَاءُ. قَالَ «مُرُوهُ فَيُصَلِّى» فَعَاوَدَتْهُ. قَالَ «مُرُوهُ فَيُصَلِّى، إِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ». تَابَعَهُ الزُّبَيْدِىُّ وَابْنُ أَخِى الزُّهْرِىِّ وَإِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى الْكَلْبِىُّ عَنِ الزُّهْرِىِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 681 - (أبو معمر) -بفتح الميمين وسكون العين- عبد الله بن عمرو المنقري (أقيمت الصلاة فذهب أبو بكر يتقدم فقال نبي الله - صلى الله عليه وسلم - بالحجاب) فأخذ بالحجاب فإن قال تطلق على سائر الأفعال (فرفعه). فإن قلت: تقدم في الحديث قبله أنهم كانوا صفوفًا في الصلاة فنكص أبو بكر، وذكر هنا أنه أراد أن يتقدم للصلاة؟ قلت: مرضه كان أيامًا متعددة، فالوجه أنه محمول على تعدد القضية، والدليل عليه أن هناك قال: فتوفي من يومه، وقال هنا: فلم يقدر عليه حتى مات فإنه يدل على امتداد الزمان في الجملة. 682 - (تابعه الزبيدي) -بضم الزاي- محمد بن الوليد (وابن أخي الزهري وإسحاق بن يحيى الكلبي عن الزهري) أي: تابع هؤلاء يونس، وفي بعضها: تابعه الزهري بدل الزبيدي، فالضمير لحمزة بن عبد الله.

47 - باب من قام إلى جنب الإمام لعلة

وَقَالَ عُقَيْلٌ وَمَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ حَمْزَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 47 - باب مَنْ قَامَ إِلَى جَنْبِ الإِمَامِ لِعِلَّةٍ 683 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّىَ بِالنَّاسِ فِي مَرَضِهِ، فَكَانَ يُصَلِّى بِهِمْ. قَالَ عُرْوَةُ فَوَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي نَفْسِهِ خِفَّةً، فَخَرَجَ فَإِذَا أَبُو بَكْرٍ يَؤُمُّ النَّاسَ، فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بَكْرٍ اسْتَأْخَرَ، فَأَشَارَ إِلَيْهِ أَنْ كَمَا أَنْتَ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِذَاءَ أَبِى بَكْرٍ إِلَى جَنْبِهِ، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّى بِصَلاَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلاَةِ أَبِى بَكْرٍ. طرفه 198 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: الزهري إنما روى في باب حد المريض عن حمزة بن عبد الله فكيف يتابعه؟ قلت: روى عن حمزة ثم سمع ابن عمر، فإنه روى عن معمر أن الزهري سمع من ابن عمر حديثين (وقال عقيل) بضم العين على وزن المصغر. الفرق بين متابعة عقيل ومعمر وبين ما تقدم من متابعة الزبيدي وغيره ممن ذكر معه أن هذا مرفوع إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وإن كان مرسلًا، وذاك موقوف على الزهري كذا قيل. والصواب أن ليس هنا وقف بل في السياق حذف يظهر من الرواية السابقة وأما إفراد عقيل ومعمر فلأن الرواية عنهما مرسلة. عن الزبيدي ومن عطف عليه موصولة، وما يقال: إن الأولى متابعة والثانية: مقاولة فليس له أصل عند المحدثين، وإنما أخذه من لفظ قال. وفي أحاديث الباب دلالة على فضل الصديق وأنه أفقه وأقرأ، وإذا قدمه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عليهم في إمامة الصلاة فهو مقدم في الإمارة من باب الأولى. باب من قام إلى جنب الإمام لعلة 683 - (زكريا) يمد ويقصر (ابن نمير) -بضم النون على وزن المصغر- عبد الله (قال عروة) داخل تحت الإسناد كما رواه الأسود عن عائشة (فلما رآه أبو بكر استأخر) أي: طلب التأخر (فأشار إليه أن كما كانت) الكاف زائدة لما تقدم في باب حد المريض أن مكانك أو للتشبيه أي: ليكن حالك في المستقبل مثل حالك في الماضي وقد يقال: معناه كن إمامًا كما

48 - باب من دخل ليؤم الناس فجاء الإمام الأول فتأخر الأول أو لم يتأخر جازت صلاته فيه

48 - باب مَنْ دَخَلَ لِيَؤُمَّ النَّاسَ فَجَاءَ الإِمَامُ الأَوَّلُ فَتَأَخَّرَ الأَوَّلُ أَوْ لَمْ يَتَأَخَّرْ جَازَتْ صَلاَتُهُ فِيهِ عَائِشَةُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 684 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى حَازِمِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِىِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ذَهَبَ إِلَى بَنِى ـــــــــــــــــــــــــــــ كنت وليس بشيء؛ لأن أبا بكر تأخر وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو الإمام. فإن قلت: يجوز أن يكون أشار إليه. فلم يرض بذلك كما في قضية [...] بن عمرو بن عوف حين غاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصلى أبو بكر بالناس فجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يصلي. قلت: لو أشار إليه لذلك لذكر له عدم امتثاله كما ذكره هنا، وسيأتي في باب إنما جعل الإمام ليؤتم به التصريح بأنه أشار إليه أن لا يتأخر. باب من دخل ليؤم الناس، فجاء الإمام الأول، فتأخر الأول أو لم يتأخر، جازت صلاته قال الطبري: إنما وقف أبو بكر بجنب النبي -صلى الله عليه وسلم- ليشاهد أفعاله وليس للمالكية دليل على جواز تقدم المأموم على الإمام في الموقف لأن العبرة في المتقدم إنما هو بالعقب. الإمام الأول هو الإمام الراتب، الأول في قوله: فتأخر الأول هو غير الراتب الذي كان يصلي. فإن قلت: المعرفة المعادة عين الأول؟ قلت: أكثريٌّ قال الله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ} [المائدة: 48]. (فيه عن عائشة) هذا التعليق أسنده في باب مرض النبي -صلى الله عليه وسلم-. 684 - (عن أبي حازم) -بالحاء- سلمة بن دينار (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذهب إلى بني

عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ لِيُصْلِحَ بَيْنَهُمْ فَحَانَتِ الصَّلاَةُ فَجَاءَ الْمُؤَذِّنُ إِلَى أَبِى بَكْرٍ فَقَالَ أَتُصَلِّى لِلنَّاسِ فَأُقِيمَ قَالَ نَعَمْ. فَصَلَّى أَبُو بَكْرٍ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالنَّاسُ فِي الصَّلاَةِ، فَتَخَلَّصَ حَتَّى وَقَفَ فِي الصَّفِّ، فَصَفَّقَ النَّاسُ - وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ لاَ يَلْتَفِتُ فِي صَلاَتِهِ - فَلَمَّا أَكْثَرَ النَّاسُ التَّصْفِيقَ الْتَفَتَ فَرَأَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَأَشَارَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنِ امْكُثْ مَكَانَكَ، فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - يَدَيْهِ، فَحَمِدَ اللَّهَ عَلَى مَا أَمَرَهُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ اسْتَأْخَرَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى اسْتَوَى فِي الصَّفِّ، وَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَصَلَّى، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ «يَا أَبَا بَكْرٍ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَثْبُتَ إِذْ أَمَرْتُكَ». فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ مَا كَانَ لاِبْنِ أَبِى قُحَافَةَ أَنْ يُصَلِّىَ بَيْنَ يَدَىْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا لِى رَأَيْتُكُمْ أَكْثَرْتُمُ التَّصْفِيقَ مَنْ رَابَهُ شَىْءٌ فِي صَلاَتِهِ فَلْيُسَبِّحْ، فَإِنَّهُ إِذَا ـــــــــــــــــــــــــــــ عمرو بن عوف) بطن من الأوس كانوا بقباء وقع بينهم شر (فذهب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلح بينهم فحانت الصلاة) أي: جاء حينها الذي تصلى فيه (فجاء الموذن) هو بلال (فأقيم) -بالنصب- جواب الاستفهام (فجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والناس في الصلاة) أي: خلف أبي بكر (وكان أبو بكر لا يلتفت) في الصلاة، فلما أكثر الناس التصفيق قال ابن الأثير: التصفيق والتصفيح: ضرب صفحة إحدى اليدين على الأخرى بحيث يحصل منه الصوت (فأشار إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن امكث مكانك، فرفع أبو بكر يديه فحمد الله على ما أمره به رسول الله -صلى الله عليه وسلم-) فإن إشارته بأن يكون إمامًا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة من أجل النعم، وهذا الحمد يمكن أن يكون باللسان، وأن يكون بالإشارة من رفع اليدين (ما كان لابن أبي قحافة) -بضم القاف- أبوه واسمه عثمان أسلم يوم الفتح وعاش بعد الصديق، مات في خلافة عمر (ما لي رأيتكم أكثرتم التصفيق) أصله ما لكم أكثرتم، وإنما نسب إلى نفسه ما كان حقه أن ينسبه إليهم مثل قوله تعالى حكاية: {وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي} [يس: 22] وهذا من محاسن الكلام. قال صاحب "الكشاف": إنما فعل ذلك لأنه أدخل في إمحاض النصح حيث لا يريد لهم إلا ما يريد لنفسه. قيل: أكثرتم التصفيق ظاهره أن الإنكار إنما هو على الناس التصفيق. قلت: إنما التصفيق للناس بطريق الحصر يدل على أن الإنكار إنما هو لمجرد التصفيق. فإن قلت: روى موسى بن عقبة في "المغازي" أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلى خلف أبي بكر

49 - باب إذا استووا فى القراءة فليؤمهم أكبرهم

سَبَّحَ الْتُفِتَ إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ». أطرافه 1201، 1204، 1218، 1234، 2690، 2693، 7190 49 - باب إِذَا اسْتَوَوْا فِي الْقِرَاءَةِ فَلْيَؤُمَّهُمْ أَكْبَرُهُمْ 685 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ قَالَ قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ شَبَبَةٌ، فَلَبِثْنَا عِنْدَهُ نَحْوًا مِنْ عِشْرِينَ لَيْلَةً، وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - رَحِيمًا فَقَالَ «لَوْ رَجَعْتُمْ إِلَى بِلاَدِكُمْ فَعَلَّمْتُمُوهُمْ، مُرُوهُمْ فَلْيُصَلُّوا صَلاَةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا، وَصَلاَةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا، وَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ». طرفه 628 ـــــــــــــــــــــــــــــ الركعة الثانية من الصبح؟ قلت: محمول على أن الصديق لم يدر بمجيئه أو لم يأت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الصف الأول. وما يقال: إن الصديق إنما لم يتأخر هنا لأنه كان مضى معظم صلاته يرده قول أبي بكر: (ما كان لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-). (من نابه شيء في صلاته فليسبح) نابه أصابه، ومنه نوائب الدهر (إنما التصفيق للنساء) لأن صوتهن [فتنة]، ومن فوائد الحديث جواز إمامة المفضول بحضور الفاضل، وجواز مخالفة الكبير إذا فهم أنه يريد بأمره إكرام الصغير لا صدور الفعل عنه حتمًا، وجواز الالتفات لأمر عرض، وجواز الاقتداء بإمام آخر في أثناء الصلاة من غير تجديد التحريمة، وجواز التسبيح لكل نائبة. وخصه أبو حنيفة بما إذا سها إمامه، ولفظ الحديث أعم، وفيه فوائد أخرى تظهر بالتأمل فتأمل. باب إذا استووا في القراءة فليؤمهم أكبرهم 685 - (سليمان بن حرب) ضد الصلح (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم (عن أبي قلابة) -بكسر القاف- عبد الله بن زيد الجرمي (عن مالك بن الحويرث) مصغر الحارث (ونحن شَبَبَة) -بثلاث فتحات- جمع شاب، كفسقة في فاسق (صلوا صلاة كذا في حين كذا) كناية عن الأوقات، تقدم الحديث في باب الأذان، وإنما أورده هنا دلالة على أن فتيان القوم إذا استووا في القراءة يؤمهم أكبرهم.

50 - باب إذا زار الإمام قوما فأمهم

50 - باب إِذَا زَارَ الإِمَامُ قَومًا فَأَمَّهُمْ 686 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ أَسَدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ قَالَ سَمِعْتُ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ الأَنْصَارِىَّ قَالَ اسْتَأْذَنَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَذِنْتُ لَهُ فَقَالَ «أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّىَ مِنْ بَيْتِكَ». فَأَشَرْتُ لَهُ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِى أُحِبُّ، فَقَامَ وَصَفَفْنَا خَلْفَهُ ثُمَّ سَلَّمَ وَسَلَّمْنَا. طرفه 424 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: أين موضع الدلالة على ذلك؟ قلت: قيل: دل على تساويهم في القراءة كونهم هاجروا معًا ولازموا معًا واستووا في الأخذ، وليس بشيء لأن هذه الأمور لا تدل على التساوي لتفاوت القابليات. قال أبو الطيب: ولكن تأخذ الأذهان منها ... على قدر القرائح والفهوم بل الدليل على التساوي، ما قدمنا في باب الأذان من رواية مالك: "كنا متقاربين في القراءة" وأيضًا دل على ذلك "ليؤم القوم أقرؤهم" جمعًا بين الحديثين، رواه مسلم. باب إذا زار الإمام قومًا فأمهم 686 - (معاذ بن أسد) بضم الميم وذال معجمة (معمر) بفتح الميمين وعين ساكنة (عتبان) بكسر العين، تقدم حديثه مع شرحه في باب المساجد في البيوت بأطول من هذا. فإن قلت: كيف التوفيق بين هذا وبين ما رواه مسلم: "لا يؤمن الرجل في سلطانه" وفي رواية أبي داود: "في بيته ولا سلطانه"؟ قلت: ذاك إذا لم يأذن له، وقيل: الإمام مقدم على المالك وهو المراد بالسلطان، وبه قال الشافعي وأحمد.

51 - باب إنما جعل الإمام ليؤتم به

51 - باب إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ وَصَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي مَرَضِهِ الَّذِى تُوُفِّىَ فِيهِ بِالنَّاسِ وَهْوَ جَالِسٌ. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ إِذَا رَفَعَ قَبْلَ الإِمَامِ يَعُودُ فَيَمْكُثُ بِقَدْرِ مَا رَفَعَ ثُمَّ يَتْبَعُ الإِمَامَ. وَقَالَ الْحَسَنُ فِيمَنْ يَرْكَعُ مَعَ الإِمَامِ رَكْعَتَيْنِ وَلاَ يَقْدِرُ عَلَى السُّجُودِ يَسْجُدُ لِلرَّكْعَةِ الآخِرَةِ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ يَقْضِى الرَّكْعَةَ الأُولَى بِسُجُودِهَا. وَفِيمَنْ نَسِىَ سَجْدَةً حَتَّى قَامَ يَسْجُدُ. 687 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِى عَائِشَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَقُلْتُ أَلاَ تُحَدِّثِينِى عَنْ مَرَضِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ بَلَى، ثَقُلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «أَصَلَّى النَّاسُ». قُلْنَا لاَ، هُمْ يَنْتَظِرُونَكَ. قَالَ «ضَعُوا لِى مَاءً فِي الْمِخْضَبِ». قَالَتْ فَفَعَلْنَا فَاغْتَسَلَ فَذَهَبَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إنما جعل الإمام ليؤتم به أي: ليقتدى به في أفعاله ويتابع، والمفعول الثاني محذوف أي: إنما جعل الإمام إمامًا لأن جعل بمعنى سير (وصلى النبي -صلى الله عليه وسلم- في مرضه الذي توفي فيه وهو جالس) هذا التعليق تقدم مرارًا مسندًا (وقال ابن مسعود: إذا رفع قبل الإمام يعود فيمكث بقدر ما رفع ثم يتبع الإمام) أخذ بقول ابن مسعود الإمام أحمد وقال: إن لم يفعل بطلت صلاته. ونقل عن مالك: إذا لم يكن رفع رأسه يعود وإن رفع فلا، وما نقله عن الحسن وجه للشافعي والمذهب عندهم أن السجدة في الركعة الأخيرة سجدة الركعة الأولى قال الرافعي: ولا بأس بانتظام الركعة من هذه السجدة وذلك الركوع. 687 - روى في الباب حديث عائشة في مرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد تقدم مرارًا، وإيراده هنا للدلالة على أنه إذا صلى الإمام وهو جالس يجوز ويقتدي به الناس قيامًا، وأن هذا الحديث ناسخ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وإذا صلى الإمام جالسًا فصلوا جلوسًا" هذا ونشير إلى حل بعض الألفاظ: (ضعوا لي ماء في المخضب) تقديره: ضعوني في ماء في المخضب، وقيل: ما تمييز عن المخضب قدم عليه، ولا يخفى إذ لا إبهام في المخضب، وقيل: من معنى

لِيَنُوءَ فَأُغْمِىَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ - صلى الله عليه وسلم - «أَصَلَّى النَّاسُ». قُلْنَا لاَ، هُمْ يَنْتَظِرُونَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «ضَعُوا لِى مَاءً فِي الْمِخْضَبِ». قَالَتْ فَقَعَدَ فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ ذَهَبَ لِيَنُوءَ فَأُغْمِىَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ «أَصَلَّى النَّاسُ». قُلْنَا لاَ، هُمْ يَنْتَظِرُونَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ «ضَعُوا لِى مَاءً فِي الْمِخْضَبِ»، فَقَعَدَ فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ ذَهَبَ لِيَنُوءَ فَأُغْمِىَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ «أَصَلَّى النَّاسُ». فَقُلْنَا لاَ، هُمْ يَنْتَظِرُونَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ - وَالنَّاسُ عُكُوفٌ فِي الْمَسْجِدِ يَنْتَظِرُونَ النَّبِىَّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لِصَلاَةِ الْعِشَاءِ الآخِرَةِ - فَأَرْسَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى أَبِى بَكْرٍ بِأَنْ يُصَلِّىَ بِالنَّاسِ، فَأَتَاهُ الرَّسُولُ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَأْمُرُكَ أَنْ تُصَلِّىَ بِالنَّاسِ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ - وَكَانَ رَجُلاً رَقِيقًا - يَا عُمَرُ صَلِّ بِالنَّاسِ. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ أَنْتَ أَحَقُّ بِذَلِكَ. فَصَلَّى أَبُو بَكْرٍ تِلْكَ الأَيَّامَ، ثُمَّ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَجَدَ مِنْ نَفْسِهِ خِفَّةً فَخَرَجَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا الْعَبَّاسُ لِصَلاَةِ الظُّهْرِ، وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّى بِالنَّاسِ، فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بَكْرٍ ذَهَبَ لِيَتَأَخَّرَ فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِأَنْ لاَ يَتَأَخَّرَ. قَالَ «أَجْلِسَانِى إِلَى جَنْبِهِ». فَأَجْلَسَاهُ إِلَى جَنْبِ أَبِى بَكْرٍ. قَالَ فَجَعَلَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّى وَهْوَ يَأْتَمُّ بِصَلاَةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَالنَّاسُ بِصَلاَةِ أَبِى بَكْرٍ، وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَاعِدٌ. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ فَدَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ فَقُلْتُ لَهُ أَلاَ أَعْرِضُ عَلَيْكَ مَا حَدَّثَتْنِى عَائِشَةُ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ الإغماء ولا تخفى ركاكته وفي بعضها "ضعوني" بالنون بدل اللام، قيل: إنه تصحيف. قلت: ليس كذلك لقول عائشة: فأجلسناه في مخضب لحفصة. والمخضب -بكسر الميم وخاء معجمة- المرْكَن والإجَّانة. (فذهب لينوء) أي: ليقوم بمشقة وجهد قاله الجوهري (فأغمي عليه) الإغماء: مرض من الأمراض يجوز على الأنبياء، وليس كالجنون فإنه يزول معه العقل فلا يجوز عليهم (والناس عكوف في المسجد) أي: جالسون منتظرين. (فقال أبو بكر -وكان رجلًا رقيقًا- يا عمر صل بالناس). فإن قلت: كيف خالف قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قلت: ظن أنه لا يقدر على القراءة لغلبة البكاء عليه.

مَرَضِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ هَاتِ. فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ حَدِيثَهَا، فَمَا أَنْكَرَ مِنْهُ شَيْئًا، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ أَسَمَّتْ لَكَ الرَّجُلَ الَّذِى كَانَ مَعَ الْعَبَّاسِ قُلْتُ لاَ. قَالَ هُوَ عَلِىٌّ. طرفه 198 688 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي بَيْتِهِ وَهْوَ شَاكٍ، فَصَلَّى جَالِسًا وَصَلَّى وَرَاءَهُ قَوْمٌ قِيَامًا، فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنِ اجْلِسُوا، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ «إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا، وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا». أطرافه 1113، 1236، 5658 689 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَكِبَ فَرَسًا فَصُرِعَ عَنْهُ، فَجُحِشَ شِقُّهُ الأَيْمَنُ، فَصَلَّى صَلاَةً مِنَ الصَّلَوَاتِ وَهْوَ قَاعِدٌ، فَصَلَّيْنَا وَرَاءَهُ قُعُودًا، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ «إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا، فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا، ـــــــــــــــــــــــــــــ (هاتِ) بكسر التاء أي: اذكره، أصله الإعطاء يقال: هات الشيء أي: أعطنيه (قال: أَسمت لك الرجل الآخر الذي كان مع العباس؟ قلت: لا، قال: هو علي بن أبي طالب) قد ذكرنا في باب حد المريض عن النووي أن إحدى يديه الكريمتين تناوب عليها أسامة والفضل وعلي فلذلك لم تسم، وأشرنا إلى أن هذا ليس بوجه بل إنما لم تسم لما كان بينهما، وقول ابن عباس صريح في ذلك، وهب أنهم وجهوا هنا فما قولهم في قضية الجمل؟! 688 - (صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بيته وهو شاك) من الشكاية وهو المرض. 689 - (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ركب فرسًا فصرع منه) أي: سقط كذا جاء في رواية (فجُحِش شقه الأيمن) -بضم الجيم بعدها حاء -أي: خدش كذا جاء في رواية، وشقه: طرفه، وفسرته الرواية الأخرى ساقه، وفي رواية أبي داود: "انفكت قدمه"، ولا تنافي

52 - باب متى يسجد من خلف الإمام

وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. فَقُولُوا رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ. وَإِذَا صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا، وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ الْحُمَيْدِىُّ قَوْلُهُ «إِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا». هُوَ فِي مَرَضِهِ الْقَدِيمِ، ثُمَّ صَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - جَالِسًا وَالنَّاسُ خَلْفَهُ قِيَامًا، لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالْقُعُودِ، وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ بِالآخِرِ فَالآخِرِ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 378 52 - باب مَتَى يَسْجُدُ مَنْ خَلْفَ الإِمَامِ قَالَ أَنَسٌ فَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا. 690 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنِى الْبَرَاءُ - وَهْوَ غَيْرُ كَذُوبٍ - قَالَ كَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــ لجواز الجمع. (قال الحميدي) هذا منسوخ، واستدل عليه بأنه صلى في مرضه الذي انتقل فيه إلى الله جالسًا والناس قيام خلفه وقرره ولم ينكر عليه. باب متى يسجد من خلف الإمام (وقال أنس عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: وإذا سجد فاسجدوا) أي: إذا سجد الإمام، وهذا التعليق تقدم في الباب قبله مسندًا. 690 - (مسدد) بضم الميم وتشديد الدال المفتوحة (سفيان) هو الثوري (أبو إسحاق) هو السبيعي عمرو بن عبد الله (ابن زيد) من الزيادة (حدثني البراء وهو غير كذوب) هذا قول عبد الله في شأن البراء. قال ابن معين: هذا من كلام أبي إسحاق في حق عبد الله؛ لأن البراء صحابي لا يحتاج هذه التزكية، ورده النووي بأن عبد الله بن يزيد الخطمي أيضًا صحابي. فإن قلت: لو كان في شأن عبد الله كما قاله ابن معين لم يتأخر عن البراء لكونه يوجب إلباسًا. قال شيخ الإسلام شيخنا ابن حجر: ما أورد على ابن معين لا يرد لأن ابن معين لم يعد عبد الله بن يزيد من الصحابة. قلت: قال الذهبي: صحابي من أصحاب الحديبية، وكذا

رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. لَمْ يَحْنِ أَحَدٌ مِنَّا ظَهْرَهُ حَتَّى يَقَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - سَاجِدًا، ثُمَّ نَقَعُ سُجُودًا بَعْدَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قاله ابن عبد البر في "الاستيعاب"، وقال: كان عمره في الحديبية سبع عشرة سنة. فإن قلت: سواء كان هذا أو ذاك وكل منهما غني عن التزكية فما وجه القول بأنه غير كذوب؟ قلت: أجاب الخطابي بأن هذا ليس من تزكية المشكوك في صدقه بل إنما يذكر مثله ليتمكن في النفس مبالغة في تحقيق العلم، نظيره قول أبي هريرة: سمعت خليلي الصادق المصدوق. فإن قلت: كان المناسب أن يقول: ليس بكاذب لأن نفيه يستلزم نفي الكذوب دون العكس؟ قلت: أجاب بعضهم بأن من كذب في حكم من أحكام الشرع الباقية إلى يوم القيامة فهو كذوب بشيء، لأن قوله: ليس بكذوب نفي للكذب عنه مطلقًا سواء كان في الحكم الشرعي أو غيره ولأن الكذوب معناه لغة كثير الكذب لا من كذبه ذنب عظيم. والحق في الجواب أن الكذب عند أهل الحق: الكلام الذي لا يكون واقعًا في نفس الأمر، والإنسان لا يخلو عن الكذب وإن كان من غير قصد فإذًا لا يصح نفي الكذب عنه رأسًا بل إنما نفى عنه كونه كذوبًا. وعندي له وجه أحسن وهو أن الكذب قد جاء بمعنى الخطأ في الكلام، قاله ابن الأثير وأنشد قول ذي الرمة: ما في سمعه كذب أي: ما أخطأ سمعه، ومثله في صلاة الوتر: كذب أبو محمد مسعود بن زيد قال بوجوب الوتر اجتهادًا فمعنى كذب أخطأ، وقول عروة لما قيل له: إن ابن عباس يقول: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لبث بمكة بضع عشرة سنة كذب أي: أخطأ فعلى هذا قوله: غير كذوب معناه قليل الخطأ في الرواية، وهذا مناسب للمقام غاية المناسبة رافع لكل ما يتكلفون له. (إذا قال: سمع الله لمن حمده لم يحن أحد منا ظهره) -بضم النون وكسرها- يقال: حنوت وحنيت بمعنى، ومعناه إمالة الظهر إلى نحو السجود وفي رواية مسلم: "لا يحنو أحدكم ولا يعني".

53 - باب إثم من رفع رأسه قبل الإمام

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ نَحْوَهُ بِهَذَا. طرفاه 747، 811 53 - باب إِثْمِ مَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الإِمَامِ 691 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَمَا يَخْشَى أَحَدُكُمْ - أَوْ لاَ يَخْشَى أَحَدُكُمْ - إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الإِمَامِ أَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ صُورَتَهُ صُورَةَ حِمَارٍ». ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إثم من رفع رأسه قبل الإمام 691 - (حجاج بن منهال) بفتح الحاء وتشديد الجيم وكسر الميم (زياد) بكسر الزاي بعدها ياء (أما يخشى أحدكم) وفي بعضها: "أو لا يخشى"، وفي بعضها: "لا يخشى" وهذه النسخة بتقدير حرف الاستفهام (إذا رفع قبل الإمام أن يجعل الله رأسه رأس حمار) يحتمل أن يكون المراد الرفع في الركوع والسجود للإطلاق أما الرواية المقيدة بالسجود لا تنافي هذه لأن تخصيص الشيء بالذكر لا ينافي وجود الغير. غايته أنه أفرد السجود بالذكر لأنه أشق على الإنسان فيبادر برفع الرأس كما تراه من كثير من العوام. والذي يدل عليه ما رواه البزار مرفوعًا: "الذي يخفض ويرفع قبل الإمام إنما ناصيته بيد الشيطان". فإن قلت: ما وجه خصوصية الحمار؟ قلت: لأن ذلك الفعل ناشئ من الجهل بالسنة، والحمار معدن الجهل الذي به يضرب المثل في البلادة. فإن قلت: هذا محمول على الحقيقة أو مجاز عن تبديل حاله وسلب العقل منه ليكون في معنى الحمار، وخص الرأس بالذكر لقول العرب: العقل في الرأس؟ قلت: محمول على الحقيقة لأنه أمر ممكن ولا نص بخلافه حتى يؤول ويصرف عن ظاهره، وأيضًا لو كان الغرض البلادة والجهل لم يكن لقوله: "أو لا يخشى أحدكم أن يجعل الله رأسه رأس حمار" وجه لأن البلادة حاصلة في الحال، وقوله: (أو صورته) الشك من شعبة، وما يقال من أن وجه المجاز بناء على أن المسخ لا يكون في هذه الأمة مردود بما رواه أبو داود والترمذي

54 - باب إمامة العبد والمولى

54 - باب إِمَامَةِ الْعَبْدِ وَالْمَوْلَى وَكَانَتْ عَائِشَةُ يَؤُمُّهَا عَبْدُهَا ذَكْوَانُ مِنَ الْمُصْحَفِ. وَوَلَدِ الْبَغِىِّ وَالأَعْرَابِىِّ وَالْغُلاَمِ الَّذِى لَمْ يَحْتَلِمْ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «يَؤُمُّهُمْ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ». ولا يمنع العبد من الجماعة بغير علة. 692 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ لَمَّا قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ الأَوَّلُونَ الْعُصْبَةَ - مَوْضِعٌ بِقُبَاءٍ - قَبْلَ ـــــــــــــــــــــــــــــ مرفوعًا: "يكون في أمتي مسخ وخسف وذلك في المكذبين بالقدر". هذا وقد نص شيخ زمانه وفريد أوانه محمد المعروف ببارسا في كتابه "فصل الخطاب" أن شيخًا من شيوخ الحديث كان وقع منه رفع رأسه قبل الإمام ومسخ رأسه رأس حمار، وكان يقرأ عليه الحديث وهو وراء الستر. باب إمامة العبد والمولي لفظ المولى يطلق على معان لا تناسب المقام إلا المعتق (وولد البغي) بفتح الباء وغين مكسورة وتشديد الياء أي: ولد الزانية، ويروى بسكون العين على المصدر (والغلام الذي لم يحتلم) أي: لم يبلغ مبلغ الرجال سواء كان بالحلم أو السن، لكن المتعارف في الاحتلام الحلم. (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله) استدل به على جواز إمامة العبد والمولى وسائر المذكورين معهما، وجه الدلالة إطلاق الإقراء من غير تقييد فيشمل الكل لأنه كان بصدد البيان لو كان قد أشار إليه. 692 - (لما قدم المهاجرون الأولون العصبة موضع بقباء) المهاجرون الأولون هم الذين قدموا المدينة قبل مقدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والعصبة بضم العين وسكون الصاد، وقال بعضهم: بفتح العين والصاد، وقد فسره بأنه موضع بقباء كان منزلًا ومأوىً لأولئك

55 - باب إذا لم يتم الإمام وأتم من خلفه

مَقْدَمِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَؤُمُّهُمْ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِى حُذَيْفَةَ، وَكَانَ أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا. طرفه 7175 693 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو التَّيَّاحِ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا، وَإِنِ اسْتُعْمِلَ حَبَشِىٌّ كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ». طرفاه 696، 7142 55 - باب إِذَا لَمْ يُتِمَّ الإِمَامُ وَأَتَمَّ مَنْ خَلْفَهُ 694 - حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الأَشْيَبُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يُصَلُّونَ لَكُمْ، فَإِنْ أَصَابُوا فَلَكُمْ، وَإِنْ أَخْطَئُوا فَلَكُمْ وَعَلَيْهِمْ». ـــــــــــــــــــــــــــــ المهاجرين كان يؤمهم سالم مولى أبي حذيفة) وسيأتي في الأحكام وكان فيهم أبو بكر وعمر فدل على جواز إمامة الرقيق، ويلزم جوازه من المعتق من باب الأولى. 693 - (قال: اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل حبشي كان رأسه زبيبة) كناية عن غاية الحقارة والدناءة، والمراد بالاستعمال الإمارة لا الخلافة، اللهم إلا أن يغلب بشوكته ويقهر الناس، ودلالته على الترجمة في غاية الظهور لأنه إذا صلح للإمارة فهو صالح لإمامة الصلاة من باب الأولى، على أن في ذلك الزمان الأمير هو الذي كان إمامًا وخطيبًا، وهذا معروف، وكذا كان في بني أمية وبني العباس. باب إذا لم يتم الإمام وأتم من خلفه 694 - (الفضل بن السهل) بالضاد المعجمة (الحسن بن موسى الأشيب) أفعل من الشيب (يسار) ضد اليمين (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: يصلون لكم فإن أصابوا فلكم، وإن أخطؤوا فلكم وعليهم) الضمير في يصلون للأئمة وإن لم يسبق ذكرهم لدلالة المقام، ومعنى قوله: أخطؤوا تعمدوا خلاف الصواب لا الخطأ الذي هو ضد العمد فإنه رفع عن فاعله الإثم كالسهو. قال ابن الأثير: يقال: أخطأ إذا سلك سبيل الخطأ عمدًا، وقيل: المراد بالخطأ هنا

56 - باب إمامة المفتون والمبتدع

56 - باب إِمَامَةِ الْمَفْتُونِ وَالْمُبْتَدِعِ وَقَالَ الْحَسَنُ صَلِّ وَعَلَيْهِ بِدْعَتُهُ. 695 - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَقَالَ لَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِىِّ بْنِ خِيَارٍ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ - رضى الله عنه - وَهْوَ مَحْصُورٌ فَقَالَ إِنَّكَ إِمَامُ عَامَّةٍ، وَنَزَلَ بِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــ التأخير الشديد، ويؤيده ما رواه ابن ماجه بسنده إلى ابن مسعود مرفوعًا "ستدركون أقوامًا يصلون الصلاة لغير وقتها، فإن أدركتموهم فصلوا في بيوتكم للوقت الذي تعرفون ثم صلوا معهم". وفي سنن أبي داود: "يؤخرون الصلاة فهي لكم وهي عليهم فصلوا معهم ما صلوا إلى القبلة". باب إمامة المفتون والمبتدع (قال الحسن: صل وعليه بدعته) أول حديثه لا يضر المؤمن صلاته خلف المنافق، صل وعليه بدعته. 695 - (وقال لنا محمد بن يوسف) هو الفريابي، نقل عنه بلفظ قال لأنه سمعه مذاكرة (الأوزاعي) -بفتح الهمزة- إمام أهل الشام في زمانه واسمه عبد الرحمن (عن عبيد الله) على وزن المصغر (خيار) بالخاء المعجمة وياء مثناة (دخل على عثمان بن عفان وهو محصور) أي: في بيته تحزب عليه طائفة من أهل مصر وطائفة من أهل كوفة لأشياء أنكروها، فأجاب عنها بأجوبة شافية فلم يقبلوها فخيروه بين أن يعزل من الخلافة أو يقتلوه فلم يعزل نفسه لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال له: "قد قمصك الله قميصًا فإن أرادوك على خلعه فلا تخلعه". وكان يخرج ويصلي بالناس إلى أن مضى أربعون يومًا، ثم يومًا صعد المنبر فرموه بالحصباء، فوقع عن المنبر فلم يقدر على الصلاة فصلى بالناس أبو أمامة سهل بن حنيف.

57 - باب يقوم عن يمين الإمام بحذائه سواء إذا كانا اثنين

مَا تَرَى وَيُصَلِّى لَنَا إِمَامُ فِتْنَةٍ وَنَتَحَرَّجُ. فَقَالَ الصَّلاَةُ أَحْسَنُ مَا يَعْمَلُ النَّاسُ، فَإِذَا أَحْسَنَ النَّاسُ فَأَحْسِنْ مَعَهُمْ، وَإِذَا أَسَاءُوا فَاجْتَنِبْ إِسَاءَتَهُمْ. وَقَالَ الزُّبَيْدِىُّ قَالَ الزُّهْرِىُّ لاَ نَرَى أَنْ يُصَلَّى خَلْفَ الْمُخَنَّثِ إِلاَّ مِنْ ضَرُورَةٍ لاَ بُدَّ مِنْهَا. 696 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِى التَّيَّاحِ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لأَبِى ذَرٍّ «اسْمَعْ وَأَطِعْ، وَلَوْ لِحَبَشِىٍّ كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ». طرفه 693 57 - باب يَقُومُ عَنْ يَمِينِ الإِمَامِ بِحِذَائِهِ سَوَاءً إِذَا كَانَا اثْنَيْنِ 697 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ (ويصلي لنا إمام فتنة ونتحرج) أي: نعد الاقتداء به حرجًا. قيل: كان يصلي بهم عبد الرحمن بن عديس المصري، وكان يصلي تارة سهل بن حنيف، وتارة أبو أيوب، والمراد بالفتنة الضلالة. قال الجوهري: الفاتن المضل، فعلى هذا المفتون هو الضال. (الزبيدي) بضم الزاي محمد بن الوليد (لا نرى أن يصلي خلف المخنث إلا من ضرورة) المخنث -بكسر النون وتشديده، والمشهور فتح النون- هو الذي يمايل ويكسر أعضاءه في مشيه وكلامه كالنساء. قال الجوهري: خنثته عطفته ومنه المخنث، وقيل بالفتح: الذي يمكن الرجال من غشيانه. 696 - (محمد بن أبان) يجوز صرف أبان وعدم صرفه (غندر) بضم الغين وفتح الدال (أبو التياح) -بفتح الفوقانية وتشديد التحتانية- يزيد بن حميد، وتمام الكلام تقدم في باب إمامة العبد. باب يقوم عن يمين الإمام بحذائه بكسر المهملة وذال معجمة مع المد، قيل: أخرج به من كان متعديًا أو مائلًا عنه، وبقوله سواء أخرج المتقدم والمتأخر ومن كان بعيدًا عنه وإن كان بجنبه، وفيه نظر فإن المحاذاة من حذوت النعل بالنعل إذا قدرته به سواء، فالحق أن سواء تأكيد، سواء إذا كانا اثنين. 697 - (حرب) ضد الصلح (عن الحكم) بفتح الكاف (جبير) بضم الجيم على وزن المصغر. روى حديث ابن عباس حين بات في بيت ميمونة، وقد تقدم مع شرحه في باب

58 - باب إذا قام الرجل عن يسار الإمام، فحوله الإمام إلى يمينه لم تفسد صلاتهما

سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ بِتُّ فِي بَيْتِ خَالَتِى مَيْمُونَةَ فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْعِشَاءَ، ثُمَّ جَاءَ فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ ثُمَّ نَامَ، ثُمَّ قَامَ فَجِئْتُ فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ، فَجَعَلَنِى عَنْ يَمِينِهِ، فَصَلَّى خَمْسَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ نَامَ حَتَّى سَمِعْتُ غَطِيطَهُ - أَوْ قَالَ خَطِيطَهُ - ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلاَةِ. طرفه 117 58 - باب إِذَا قَامَ الرَّجُلُ عَنْ يَسَارِ الإِمَامِ، فَحَوَّلَهُ الإِمَامُ إِلَى يَمِينِهِ لَمْ تَفْسُدْ صَلاَتُهُمَا 698 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرٌو عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ نِمْتُ عِنْدَ مَيْمُونَةَ وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَهَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَتَوَضَّأَ ثُمَّ قَامَ يُصَلِّى، ـــــــــــــــــــــــــــــ السمر بالعلم، وأشرنا إلى أن قوله: "فصلى خمس ركعات هو بعد ما اقتدى به ابن عباس لأن سائر الروايات أنه صلى ثلاث عشرة ركعة، والقصة واحدة، وأما الركعتان هما سنة الفجر (سمعت غطيطه أو خطيطه) الشك من ابن جبير. قال ابن الأثير: الغطيط والخطيط قريبان معنى، وهو صوت النيام، والعين والخاء متقاربان، واعلم أن قول البخاري بحذائه سواء، يريد به عدم تقدم الإمام، ولكن لا دلالة في الحديث على التساوي؛ لأن العبرة في ذلك بالعقب ولم يعلم ذلك. باب إذا قام الرجل عن يسار الإمام فحوله إلى يمينه لم تفسد صلاتهما 698 - (أحمد) كذا وقع غير منسوب، وقد نسبه ابن السكن قال: هو ابن صالح، وكذا قال ابن منده أبو نعيم، وقيل: ابن وهب، وقيل: هو ابن عيسى (عن مخرمة) بفتح الميم وخاء معجمة (كريب) بضم الكاف على وزن المصغر. روى حديث ابن عباس أنه بات في بيت ميمونة، وقد مر مرارًا، واستدل به هنا على أن الإنسان إذا قام عن يسار الإمام وحوله الإمام إلى اليمين لم تفسد صلاتهما فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فعله مع ابن عباس فصلى ثلاث عشرة ركعة.

59 - باب إذا لم ينو الإمام أن يؤم ثم جاء قوم فأمهم

فَقُمْتُ عَلَى يَسَارِهِ، فَأَخَذَنِى فَجَعَلَنِى عَنْ يَمِينِهِ، فَصَلَّى ثَلاَثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، ثُمَّ نَامَ حَتَّى نَفَخَ - وَكَانَ إِذَا نَامَ نَفَخَ - ثُمَّ أَتَاهُ الْمُؤَذِّنُ، فَخَرَجَ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. قَالَ عَمْرٌو فَحَدَّثْتُ بِهِ بُكَيْرًا فَقَالَ حَدَّثَنِى كُرَيْبٌ بِذَلِكَ. طرفه 117 59 - باب إِذَا لَمْ يَنْوِ الإِمَامُ أَنْ يَؤُمَّ ثُمَّ جَاءَ قَوْمٌ فَأَمَّهُمْ 699 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ بِتُّ عِنْدَ خَالَتِى فَقَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى مِنَ اللَّيْلِ، فَقُمْتُ أُصَلِّى مَعَهُ فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ، فَأَخَذَ بِرَأْسِى فَأَقَامَنِى عَنْ يَمِينِهِ. طرفه 117 60 - باب إِذَا طَوَّلَ الإِمَامُ وَكَانَ لِلرَّجُلِ حَاجَةٌ فَخَرَجَ فَصَلَّى 700 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ وفي الباب الذي قبله فصلى خمس ركعات فقد أشرنا إلى الجواب بأن الخمس إنما كانت بعد اقتداء ابن عباس وهذه الثلاث عشرة منها سنة الفجر لأنه لما جاء المؤذن خرج للفرض وما يقال: إن الخمس كانت في ليلة أخرى فليس بشيء لاتفاقهم على اتحاد القضية صرح به النووي في "شرح مسلم". (قال عمرو) وهو ابن الحارث المذكور داخل تحت الإسناد: ومن قال: تعليق فقد وهم وفائدته علو إسناد عمرو بدرجة. باب إذا لم ينوه الإمام [أن يؤم] ثم جاء قوم فأمهم 699 - روى في الباب حديث ابن عباس المذكور في الباب قبله استدلالًا على جواز الاقتداء بمن لم ينوه الإمام. ولم يخالف فيه إلا أبو حنيفة في إمامة النساء. باب إذا طول الإمام وكان للرجل حاجة فخرج فصلى 700 - (مسلم) ضد الكافر.

مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ كَانَ يُصَلِّى مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ يَرْجِعُ فَيَؤُمُّ قَوْمَهُ. أطرافه فى 701، 705، 711، 6106 701 - وَحَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كَانَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ يُصَلِّى مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ يَرْجِعُ فَيَؤُمُّ قَوْمَهُ، فَصَلَّى الْعِشَاءَ فَقَرَأَ بِالْبَقَرَةِ، فَانْصَرَفَ الرَّجُلُ، فَكَأَنَّ مُعَاذًا تَنَاوَلَ مِنْهُ، فَبَلَغَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «فَتَّانٌ فَتَّانٌ فَتَّانٌ» ثَلاَثَ مِرَارٍ أَوْ قَالَ «فَاتِنًا فَاتِنًا فَاتِنٌ» وَأَمَرَهُ بِسُورَتَيْنِ مِنْ أَوْسَطِ الْمُفَصَّلِ. قَالَ عَمْرٌو لاَ أَحْفَظُهُمَا. طرفه 700 ـــــــــــــــــــــــــــــ 701 - (محمد بن بشار) بفتح الباء وتشديد المعجمة (غندر) بضم الغين وفتح الدال (معاذ بن جبل) بضم الميم آخره ذال معجمة (يصلي مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم يرجع فيؤم قومه فصلى العشاء فقرأ بالبقرة) وفي مسند أحمد: فقرأ اقتربت الساعة، وفي رواية عن أنس: صلى المغرب، فالوجه تعدد الواقعة (فانصرف رجل) قيل: اسم هذا الرجل حازم وقيل سليم وفي رواية أبي داود: حزم بن أبي كعب (فكان معاذ ينال منه) أي: يسبه وقد جاء صريحًا أنه قال: منافق، وفي بعضها: تناول منه بصيغة الماضي (فبلغ النبي -صلى الله عليه وسلم-) أي: خبر الرجل مع معاذ، وسيأتي أن الرجل شكا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن معاذًا قال له: منافق (فتّان أو فاتنٌ) الشك من جابر، خبر مبتدأ أي: أنت إن كان حاضرًا، أو هو إن كان غائبًا وكرر الكلام ثلاثًا مبالغة في الزجر (وأمره بسورتين من أوسط المفصل) المفصل من الحجرات إلى آخر القرآن، أطوله إلى المرسلات وأوسطه إلى الضحى، وقصاره إلى آخر القرآن (قال عمر: ولا أحفظهما) وقد جاء في رواية أنه قال له: اقرأ والشمس والليل وسبح اسم ربك الأعلى ونحو هذا. وفي الحديث دلالة على جواز اقتداء المفترض بالمنتفل، وقال بعدمه أبو حنيفة، الحديث حجة عليه، وزاد ابن جريج: "هي له تطوع ولهم فريضة"، والقول بأنه منسوخ

61 - باب تخفيف الإمام فى القيام وإتمام الركوع والسجود

61 - باب تَخْفِيفِ الإِمَامِ فِي الْقِيَامِ وَإِتْمَامِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ 702 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ سَمِعْتُ قَيْسًا قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو مَسْعُودٍ أَنَّ رَجُلاً قَالَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى لأَتَأَخَّرُ عَنْ صَلاَةِ الْغَدَاةِ مِنْ أَجْلِ فُلاَنٍ مِمَّا يُطِيلُ بِنَا. فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي مَوْعِظَةٍ أَشَدَّ غَضَبًا مِنْهُ يَوْمَئِذٍ ثُمَّ قَالَ «إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ، فَأَيُّكُمْ مَا صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيَتَجَوَّزْ، فَإِنَّ فِيهِمُ الضَّعِيفَ وَالْكَبِيرَ وَذَا الْحَاجَةِ». طرفه 90 62 - باب إِذَا صَلَّى لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ ـــــــــــــــــــــــــــــ مجرد دعوى، وإن من صلى بجماعة له أن يصلي إمامًا لقوم آخرين، وأن الإمام يخفف في الصلاة من غير أن يترك شيئًا من الأركان والواجبات والآداب. باب تخفيف الإمام وإتمام الركوع والسجود 702 - (زهير) بضم الزاي، على وزن المصغر (أبو مسعود) عقبة [بن] عمرو الأنصاري (أن رجلًا قال يا رسول الله: إني لأتأخر عن صلاة الغداة مما يطيل بنا فلان) أي: لأجل إطالته. مِن بمعنى اللام وما مصدرية، هذا الرجل أُبيّ بن كعب، صرح به أبو يعلى وكان بمسجد قباء، وكانت الصلاة صلاة الصبح، وأما قضية معاذ كانت في مسجد بني سلمة والصلاة العشاء، وسبب الغضب إما لأن هذا كان معلومًا من حال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما دل عليه حديث أنس أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يؤخر في الصلاة، وإما لتقدم إعلام بذلك وإما لتقصير الرجل في التعلم أو اهتمامًا لئلا يقع مثله من آخر (فما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أشد غضبًا منه يومئذٍ) تفضيل للشيء على نفسه باعتبار الحالين (فأيكم ما صلى بالناس فليتجوز) ما زائدة لتوكيد معنى العموم، والتجوز من الجواز بمعنى العبور وعدم اللبس كناية عن التخفيف في القراءة. فإن قلت: ليس في الحديث ذكر إتمام الركوع والسجود؟ قلت: شكاية الرجل في صلاة الغداة من التطويل إنما كان من طول القراءة وليس في الركوع والسجود من التطويل الذي يوجب الشكاية.

63 - باب من شكا إمامه إذا طول

703 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِلنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ، فَإِنَّ مِنْهُمُ الضَّعِيفَ وَالسَّقِيمَ وَالْكَبِيرَ، وَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ». 63 - باب مَنْ شَكَا إِمَامَهُ إِذَا طَوَّلَ وَقَالَ أَبُو أُسَيْدٍ طَوَّلْتَ بِنَا يَا بُنَىَّ. 704 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِى خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى لأَتَأَخَّرُ عَنِ الصَّلاَةِ فِي الْفَجْرِ مِمَّا يُطِيلُ بِنَا فُلاَنٌ فِيهَا. فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا رَأَيْتُهُ غَضِبَ فِي مَوْضِعٍ كَانَ أَشَدَّ غَضَبًا مِنْهُ يَوْمَئِذٍ ثُمَّ قَالَ «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ، فَمَنْ أَمَّ النَّاسَ فَلْيَتَجَوَّزْ، فَإِنَّ خَلْفَهُ الضَّعِيفَ وَالْكَبِيرَ وَذَا الْحَاجَةِ». طرفه 90 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إذا صلى لنفسه فليطول ما شاء أي: فيما شأنه التطويل، فلا دلالة فيه على تطويل الاعتدال والجلوس بين السجدتين، ومعلوم أن ذلك التطويل ما لم يؤد إلى خروج الصلاة عن الوقت. 703 - (عن أبي الزناد) -بكسر الزاي بعدها نون- عبد الله بن ذكوان (إذا صلى أحدكم لنفسه) أي: إمامًا لنفسه قاله على طريق المشاكلة. باب من شكا إمامه إذا طول (وقال أبو أسيد: طولت بنا يا بني) بضم الهمزة على وزن المصغر مالك بن ربيعة الأنصاري، ولفظة بني مصغر واسمه منذر. روى ابن أبي شيبة بإسناده إليه أنه قال: كنت أصلي وأبي ورائي فربما قال: طولت بنا يا بني. 704 - (قيس بن أبي حازم) بالحاء المهملة، روى حديث أبي مسعود شكاية الرجل إمامه في صلاة الفجر، وقد تقدم مع شرحه في الباب قبله.

705 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِىَّ قَالَ أَقْبَلَ رَجُلٌ بِنَاضِحَيْنِ وَقَدْ جَنَحَ اللَّيْلُ، فَوَافَقَ مُعَاذًا يُصَلِّى، فَتَرَكَ نَاضِحَهُ وَأَقْبَلَ إِلَى مُعَاذٍ، فَقَرَأَ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ أَوِ النِّسَاءِ، فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ، وَبَلَغَهُ أَنَّ مُعَاذًا نَالَ مِنْهُ، فَأَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَشَكَا إِلَيْهِ مُعَاذًا، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَا مُعَاذُ أَفَتَّانٌ أَنْتَ - أَوْ فَاتِنٌ ثَلاَثَ مِرَارٍ - فَلَوْلاَ صَلَّيْتَ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ، وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا، وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى، فَإِنَّهُ يُصَلِّى وَرَاءَكَ الْكَبِيرُ وَالضَّعِيفُ وَذُو الْحَاجَةِ». أَحْسِبُ هَذَا فِي الْحَدِيثِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَتَابَعَهُ سَعِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ وَمِسْعَرٌ وَالشَّيْبَانِىُّ. قَالَ عَمْرٌو وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ ـــــــــــــــــــــــــــــ 705 - (آدم بن أبي إياس) بكسر الهمزة (محارب) -بضم الميم- اسم فاعل من المحاربة (دثار) بكسر الدال بعدها ثاء مثلثة (أقبل رجل بناضحين وقد جنح الليل فوافق معاذًا يصلي فترك ناضحيه) والناضح: البعير الذي يسقى به الحرث وغيره بالسانية (جنح الليل) أوله إلى نصفه بضم الجيم، ومعنى قوله: جنح الليل: أقبل (يا معاذ أفتان أنت) يجوز فيه الوجهان أن يكون أنت مبتدأ، وفتان خبره، وأن يكون فتان مبتدأ وأنت فاعل ساد مسد الخبر (أو قال: أفاتن أنت) الشك من جابر وقد تقدم أن معنى الفتنة التنفير عن الصلاة بالتطويل فيها الزائد (أحسب هذا في الحديث) من كلام محارب أو أحد الرواة. قال بعضهم: فإن قلت: لم خاطب معاذًا في بعض المواضع وعمم بقوله: (إن منكم منفرين) في بعضها؟ قلت: حيث بلغه أن معاذًا نال منه خاطبه، وحيث لم يبلغه عمم للتقرير بتضعيف الجريمة. هذا كلامه وليس بشيء إذ لو لم يبلغه أنه نال منه لم يكن كلامه واردًا على طريق الزجر، على أن قوله: عمم للتقرير بتضعيف الجريمة، مما لا معنى له، بل الصواب أنه لما بلغه عن معاذ حين شكاه الرجل عمم الخطاب على طريقه في تبليغ الأحكام، وحيث حضر معاذ خاطبه لأنه صاحب الجريمة. (وتابعه سعيد بن مسروق) هذا والد الثوري (ومسعر والشيباني) مسعر بكسر الميم، والشيباني سليمان، والضمير لشعبة، أي: تابع هؤلاء في الرواية عن محارب. (قال عمرو: وعبيد الله بن مقسم) بكسر الميم (وأبو الزبير) محمد بن مسلم

64 - باب الإيجاز فى الصلاة وإكمالها

مِقْسَمٍ وَأَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَرَأَ مُعَاذٌ فِي الْعِشَاءِ بِالْبَقَرَةِ. وَتَابَعَهُ الأَعْمَشُ عَنْ مُحَارِبٍ. طرفه 700 64 - باب الإِيجَازِ فِي الصَّلاَةِ وَإِكْمَالِهَا 706 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُوجِزُ الصَّلاَةَ وَيُكْمِلُهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ (وتابعه الأعمش عن محارب). فإن قلت: أي فرق بين المتابعة السابقة واللاحقة؛ قلت: كلاهما متابعة ناقصة. غايته أنَّه سمى المتابع عليه في اللاحقة. وقال بعضهم: الأولى ناقصة، واللاحقة تامة لأنه سمى المتابع عليه دون الأولى، وهذا الذي قاله اصطلاح من عنده. قال العراقي: إن روى الحديث الذي رواه راو آخر إن تابع شيخه فهي متابعة، وكذا إن تابع شيخ شيخه إلى آخر الإسناد حتى إلى الصحابي، فإن لم يوافقه في ذلك الحديث أحد من المذكورين، فإن رواه أحد بمعناه فذاك يسمى شاهدًا. باب الإيجاز في الصلاة وإكمالها 706 - (أبو معمر) -بفتح الميمين وسكون العين- عبد الله المنقري (عن أنس كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يوجز الصلاة ويكملها) إشارة إلى أن الإيجاز لا ينافي الكمال فإنَّه يأتي بالركوع والسجود على أتم الأحوال، وإنما الإيجاز في القيام المفرط، وإلى هذا أشار البخاري في ترجمة الباب الذي سلف آنفًا بقوله: باب تخفيف الإمام في القيام وإتمام الركوع والسجود.

65 - باب من أخف الصلاة عند بكاء الصبى

65 - باب مَنْ أَخَفَّ الصَّلاَةَ عِنْدَ بُكَاءِ الصَّبِىِّ 707 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى قَالَ أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ قَالَ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ أَبِى قَتَادَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنِّى لأَقُومُ فِي الصَّلاَةِ أُرِيدُ أَنْ أُطَوِّلَ فِيهَا، فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِىِّ، فَأَتَجَوَّزُ فِي صَلاَتِى كَرَاهِيَةَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمِّهِ». تَابَعَهُ بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَبَقِيَّةُ عَنِ الأَوْزَاعِىِّ. طرفه 868 708 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ مَا صَلَّيْتُ وَرَاءَ إِمَامٍ قَطُّ أَخَفَّ صَلاَةً وَلاَ أَتَمَّ مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من أخف الصلاة عند بكاء الصبي 707 - (الأوزاعي) -بفتح الهمزة- إمام الشام في زمانه من الأطوار علمًا وزهدًا، اسمه عبد الرحمن (أبي قتادة الأنصاري) فارس رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، اسمه الحارث، وقيل غيره (أسمع بكاء الصبي) قال الجوهري: البكاء يمد ويقصر، فإن مد فهو الصوت، وإن قصر فهو الدمع وخروجه (تابعه بشر بن بكر) بكسر الموحدة وشين معجمة (وبقية) بفتح الياء والقاف وتشديد الياء تحت، والضمير المنصوب في تابعه للوليد. 708 - (خالد بن مخلد) بفتح الميم وسكون الخاء (ما صليت وراء أحد قط أخف صلاة ولا أتم من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-) قد أشرنا إلى أن ذلك منشؤه عدم القيام المفرط، وإلا فسائر الأركان على حالها، وأيضًا من يصلي وراءه لا يتعب في قيامه يجزم على الاقتداء به، وبفيضان أنواره على المأمومين فلا يحسون بتعب. ألا ترى إلى قوله: "أرحنا [بها] يا بلال" يريد إقامة الصلاة التي فيها قرة عينه، وقط فيه لغات أشهرها فتح القاف وتشديد

وَإِنْ كَانَ لَيَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِىِّ فَيُخَفِّفُ مَخَافَةَ أَنْ تُفْتَنَ أُمُّهُ. 709 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنِّى لأَدْخُلُ فِي الصَّلاَةِ وَأَنَا أُرِيدُ إِطَالَتَهَا، فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِىِّ، فَأَتَجَوَّزُ فِي صَلاَتِى مِمَّا أَعْلَمُ مِنْ شِدَّةِ وَجْدِ أُمِّهِ مِنْ بُكَائِهِ». طرفه 710 710 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنِّى لأَدْخُلُ فِي الصَّلاَةِ فَأُرِيدُ إِطَالَتَهَا، فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِىِّ، فَأَتَجَوَّزُ مِمَّا أَعْلَمُ مِنْ شِدَّةِ وَجْدِ أُمِّهِ مِنْ بُكَائِهِ» 710 م - وَقَالَ مُوسَى حَدَّثَنَا أَبَانُ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ حَدَّثَنَا أَنَسٌ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَهُ. طرفه 709 ـــــــــــــــــــــــــــــ الطاء (فيخفف مخافة أن تفتن أمه) فتنة أمه إنما هو باشتغالها بالها وذهولها عن العبادة، والله لا يقبل العمل ممن قلبه لاه غافل. 709 - (من شدة وجد أمه من بكائه) قال ابن الأثير: يقال: وجدت بفلان وجدًا إذا أحببته حبًا شديدًا، وقال صاحب "المحكم": وجد أي: حزن وهذا أليق بالمقام. 710 - (محمد بن بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (ابن أبي عدي) -بفتح العين وكسر الدال وتشديد الياء- محمد بن إبراهيم (وقال موسى: حدثنا أبان حدثنا قتادة) موسى هو ابن إسماعيل شيخ البخاري، وإنما روى عنه بلفظ قال لأنه سمعه مذاكرة، وفائدة هذه الرواية التصريح بالسماع من قتادة، وفيه دفع التدليس، وفقه الحديث وجوب مراعاة الإمام من خلفه. وجواز حضور النساء الجماعات والولدان، وقيل: يؤخذ منه أن الإمام إذا كان في الركوع وأحسَّ بداخل يطول له الركوع لأنه جاز الإيجاز لمصلحة، فيجوز التطويل لمصلحة أخرى وهي إدراك الداخل الركعة مع الإمام لأن الركوع هو مناط الإدراك وقال [به] الشافعي وأحمد، وكرهه مالك وأبو حنيفة.

66 - باب إذا صلى ثم أم قوما

66 - باب إِذَا صَلَّى ثُمَّ أَمَّ قَوْمًا 711 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ وَأَبُو النُّعْمَانِ قَالاَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ كَانَ مُعَاذٌ يُصَلِّى مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ يَأْتِى قَوْمَهُ فَيُصَلِّى بِهِمْ. طرفه 700 67 - باب مَنْ أَسْمَعَ النَّاسَ تَكْبِيرَ الإِمَامِ 712 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ لَمَّا مَرِضَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَرَضَهُ الَّذِى مَاتَ فِيهِ أَتَاهُ بِلاَلٌ يُؤْذِنُهُ بِالصَّلاَةِ فَقَالَ «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ». قُلْتُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ، إِنْ يَقُمْ مَقَامَكَ يَبْكِى فَلاَ يَقْدِرُ عَلَى الْقِرَاءَةِ. قَالَ «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ». فَقُلْتُ مِثْلَهُ فَقَالَ فِي الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ «إِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ، مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ». فَصَلَّى وَخَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ، كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَخُطُّ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إذا صلى ثمَّ أم قومًا 711 - (سليمان بن حرب) ضد الصلح (أبو النعمان) بضم النون محمد بن الفضل (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم (كان معاذ يصلي مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم يأتي قومه فيصلي بهم) منع ذلك مالك وأبو حنيفة. قال الطحاوي: لم يطلع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على ما فعل. قلت: كيف لم يطلع والرجل الذي شكا منه إنما صلى بهم بعد الصلاة مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكان دأبه إذا صلى بهم أقبل عليهم بوجهه، وأيضًا لفظ كان دل على أن ذلك كان دأبه على الاستمرار، وقيل: هذا كان في أول الإسلام. قلت: معاذ بن جبل من صغار الأنصار، كيف يعقل كونه في أول الإِسلام؟!. باب من أسمع الناس تكبير الإمام 712 - روى في الباب حديث عائشة في مرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأمره أبا بكر أن يصلي بالناس، وردت عليه عائشة بأن أبا بكر رجل أسيف، والأسيف شديد الحزن وقد سلف، وأن قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (إنكن صواحب يوسف) تشبيه بليغ، والوجه كون كل من عائشة وصواحب

68 - باب الرجل يأتم بالإمام ويأتم الناس بالمأموم

بِرِجْلَيْهِ الأَرْضَ، فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بَكْرٍ ذَهَبَ يَتَأَخَّرُ، فَأَشَارَ إِلَيْهِ أَنْ صَلِّ، فَتَأَخَّرَ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - وَقَعَدَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى جَنْبِهِ، وَأَبُو بَكْرٍ يُسْمِعُ النَّاسَ التَّكْبِيرَ. تَابَعَهُ مُحَاضِرٌ عَنِ الأَعْمَشِ. طرفه 198 68 - باب الرَّجُلُ يَأْتَمُّ بِالإِمَامِ وَيَأْتَمُّ النَّاسُ بِالْمَأْمُومِ وَيُذْكَرُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «ائْتَمُّوا بِى وَلْيَأْتَمَّ بِكُمْ مَنْ بَعْدَكُمْ». 713 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جَاءَ بِلاَلٌ يُؤْذِنُهُ بِالصَّلاَةِ فَقَالَ «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّىَ بِالنَّاسِ». فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ، وَإِنَّهُ مَتَى مَا يَقُمْ مَقَامَكَ لاَ يُسْمِعُ النَّاسَ، فَلَوْ أَمَرْتَ عُمَرَ. فَقَالَ «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّى بِالنَّاسِ». فَقُلْتُ لِحَفْصَةَ قُولِى لَهُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ، وَإِنَّهُ مَتَى يَقُمْ مَقَامَكَ لاَ يُسْمِعِ النَّاسَ، فَلَوْ أَمَرْتَ عُمَرَ. قَالَ «إِنَّكُنَّ لأَنْتُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ، مُرُوا أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّىَ بِالنَّاسِ». فَلَمَّا دَخَلَ فِي الصَّلاَةِ وَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي نَفْسِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ يوسف يدعو إلى الباطل فأُمر أبو بكر بذلك ثم خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو في الصلاة فجلس بجنب أبي بكر فصلى بالناس إمامًا وأبو بكر يبلغ له يُسمِع تكبيره (تابعه محاضر عن الأعمش) أي: تابع عبد الله بن داود. باب الرجل يأتم بالإمام ويأتم الناس بالمأموم (ويذكر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ائتموا بي، وليأتم من بعدكم) هذا التعليق رواه مسلم مسندًا وأصحاب السنن. ومعناه أن الذي يشاهدونه يصلون كما يصلي، والذي يراه يتبع الذي قدامه وإن كان الإمام للكل في نفس الأمر هو رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وروى في الباب حديث عائشة في مرضه وأمره بإقامة أبي بكر، وقد كشفنا الغطاء عنه في الباب الذي قبله (إنه متى يقم) وفي بعضها يقوم، والوجه حمله على إذا في عدم الجزم لأن كل

69 - باب هل يأخذ الإمام إذا شك بقول الناس

خِفَّةً، فَقَامَ يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ، وَرِجْلاَهُ يَخُطَّانِ فِي الأَرْضِ حَتَّى دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَلَمَّا سَمِعَ أَبُو بَكْرٍ حِسَّهُ ذَهَبَ أَبُو بَكْرٍ يَتَأَخَّرُ، فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى جَلَسَ عَنْ يَسَارِ أَبِى بَكْرٍ، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّى قَائِمًا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى قَاعِدًا، يَقْتَدِى أَبُو بَكْرٍ بِصَلاَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالنَّاسُ مُقْتَدُونَ بِصَلاَةِ أَبِى بَكْرٍ رضى الله عنه. طرفه 198 69 - باب هَلْ يَأْخُذُ الإِمَامُ إِذَا شَكَّ بِقَوْلِ النَّاسِ 714 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ أَبِى تَمِيمَةَ السَّخْتِيَانِىِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - انْصَرَفَ مِنَ اثْنَتَيْنِ، فَقَالَ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ أَقَصُرَتِ الصَّلاَةُ أَمْ نَسِيتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ». فَقَالَ النَّاسُ نَعَمْ. فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَصَلَّى اثْنَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ كَبَّرَ فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ. طرفه 482 ـــــــــــــــــــــــــــــ واحد منهما من أداة الشرط (والناس مقتدون بصلاة أبي بكر) لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان جالسًا، ومعنى الاقتداء مشاهدة أفعال المبلغ، وذهب السبيعي ومسروق إلى ظاهره وقالا: إن الصفوف بعضها يؤم بعضًا حتى لو أحرم بالصلاة قبل أن يرفع الصف الذي يليه رؤوسهم من الركوع كان مدركًا للركعة وإن رفع الإمام رأسه. باب هل يأخذ الإمام إذا شك بقول الناس 714 - (عبد الله بن مسلمة) بفتح الميم واللام (عن أيوب بن أبي تميمة) بفتح التاء (السختياني) نسبة إلى صنعته (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- انصرف من اثنتين) أي: سقم من الركعتين في الصلاة الرباعية (فقال له ذو اليدين) لقب به لطول في يده، واسمه خرباق بكسر الخاء المعجمة وباء موحدة (أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟) بضم القاف، على وزن بناء المجهول (فقال: أصدق ذو اليدين؟). فإن قلت: كلام ذو اليدين إنشاء لا يوصف بالصدق والكذب؟ قلت: قد أجاب بعضهم

70 - باب إذا بكى الإمام فى الصلاة

715 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ صَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ، فَقِيلَ صَلَّيْتَ رَكْعَتَيْنِ. فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ. طرفه 482 70 - باب إِذَا بَكَى الإِمَامُ فِي الصَّلاَةِ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ سَمِعْتُ نَشِيجَ عُمَرَ وَأَنَا فِي آخِرِ الصُّفُوفِ يَقْرَأُ (إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّى وَحُزْنِى إِلَى اللَّهِ). ـــــــــــــــــــــــــــــ بأن التصديق راجع إلى سبب السؤال تقديره: أصدق في النقص الذي هو سبب السؤال. وهذا تكلف بارد ومعنى ركيك. والصواب أن هذه الرواية مختصرة، وقد تقدم أنه لما قال له ذو اليدين هذا الكلام وقال: "لم تقصر ولم أنس"، فقال: بعض ذلك قد كان، فقوله: "أصدق" راجع إلى هذا القول. فإن قلت: كيف رجع إلى قولهم وبنى على ذلك صلاته؟ قلت: المسألة فيها خلاف، ومن لم يجوز يقول: إنه تذكر لما قيل له. فإن قلت: كيف بنى على صلاته بعد ما تكلم؟ قلت: تقدمت عنه أجوبة في باب توجيه القبلة والذي عندي أن هذه القضية من خواصه، فإنه قام من موضعه ومشى إلى الجذع واتكأ عليه زمانًا وفي بعض الروايات: دخل البيت فخرج. 715 - (وصلى ركعتين ثم سلم ثم سجد سجدتين) هذا موافق لما ذهب إليه أبو حنيفة، وقد سلف أن الخلاف إنما هو في الأفضلية، والأحاديث واردة في كل واحد من التقديم والتأخير. باب إذا بكى الإمام في الصلاة (وقال عبد الله بن شداد) بفتح الشين وتشديد الدال (سمعت نشيج عمر وأنا في آخر الصفوف) النشيج -على وزن فعيل- قال ابن الأثير: صوت معه توجع مثل بكاء الصغير، وقال صاحب "المحكم": هو أشد البكاء، وهذا أوفق بقصة عمر.

71 - باب تسوية الصفوف عند الإقامة وبعدها

716 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ فِي مَرَضِهِ «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّى بِالنَّاسِ». قَالَتْ عَائِشَةُ قُلْتُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ إِذَا قَامَ فِي مَقَامِكَ لَمْ يُسْمِعِ النَّاسَ مِنَ الْبُكَاءِ، فَمُرْ عُمَرَ فَلْيُصَلِّ. فَقَالَ «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ لِلنَّاسِ». قَالَتْ عَائِشَةُ لِحَفْصَةَ قُولِى لَهُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ إِذَا قَامَ فِي مَقَامِكَ لَمْ يُسْمِعِ النَّاسَ مِنَ الْبُكَاءِ، فَمُرْ عُمَرَ فَلْيُصَلِّ لِلنَّاسِ. فَفَعَلَتْ حَفْصَةُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَهْ، إِنَّكُنَّ لأَنْتُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ، مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ لِلنَّاسِ». قَالَتْ حَفْصَةُ لِعَائِشَةَ مَا كُنْتُ لأُصِيبَ مِنْكِ خَيْرًا. طرفه 198 71 - باب تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ عِنْدَ الإِقَامَةِ وَبَعْدَهَا 717 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ قَالَ سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ أَبِى الْجَعْدِ قَالَ سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ يَقُولُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ». ـــــــــــــــــــــــــــــ واختلف العلماء في جواز البكاء في الصلاة. قال أبو حنيفة: إن كان من خوف الله فلا بأس به، وكذا قاله مالك، وقال الشافعي: إن بان [من] بكائه حرفان بطلت صلاته. 716 - ثم روى في الباب حديث عائشة في مرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأمره أبا بكر بالإمامة، فردت عائشة عليه (بأن أبا بكر إذا قام في مقامك لم يُسمع الناس من البكاء) وهذا محلّ الدلالة على الترجمة، فإنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذلك ولم يعدل عن أبي بكر، فدل على أن البكاء لا يخل بالصلاة (ما كنت لأصيب منك خيرًا) هذه اللام لام الجحود حيث وقعت بعد كان المنفي. باب تسوية الصفوف عند الإقامة وبعدها 717 - (عمرو بن مرة) بضم الميم وتشديد الراء (سالم بن أبي الجعد) بفتح الجيم وسكون العين واسمه رافع (النعمان بن بشير) بضم النون (لتسون الصفوف أو ليخالفن الله بين وجوهكم. المراد بالوجوه القلوب، دل عليه رواية أبي داود: "بين قلوبكم"،

718 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَقِيمُوا الصُّفُوفَ فَإِنِّى أَرَاكُمْ خَلْفَ ظَهْرِى». طرفاه 719، 725 ـــــــــــــــــــــــــــــ وهذا متعارف، يقال: لفلان وجه عند الأمير، أي: قبول، ومحل في قلبه. وقيل: معناه المسخ، كما قال فيمن يرفع رأسه قبل الإمام: "يجعل رأسه رأس حمار" وقيل: معناه تحول على أدبارها. ولفظ "بين" يدفع الوجهين. 718 - (أبو معمر) -بفتح الميمين بينهما عين ساكنة- عبد الله بن عمرو المنقري. (أقيموا الصفوف فإني أراكم خلف ظهري) إقامتها تسويتها. المحققون على أن هذا الكلام على ظاهره؛ لأن الرؤية بخلق الله تعالى لا يشترط فيها المقابلة، فهي معجزة من معجزاته الخارقة، وقد روي أنه كان له عينان بين كتفيه مثل سمّ الخِياط، وهذا لو صحّ كان عائدًا إلى المعجزة أيضًا. أخذ طائفة بظاهر الحديث، وقالوا: إن تسوية الصف واجبة؛ لأن وعيد الشارع لا يكون إلا على ترك الواجب، والجمهور على أنه سنة، لما سيأتي من أن تسوية الصف من تمام الصلاة، أي من كماله، وقالوا: هذا التهديد حث على الإتيان به كما في نظائره. فإن قلت: ذكر في الترجمة بعد الإقامة وقبلها، وليس لهما ذكر في الحديث؟ قلت: هذا على دأبه من الإشارة إلى ما لم يثبت عنده؛ وإن كان حديثًا؛ أو ثابت عنده لكن ذَكَرَه في موضع آخر، وحديث قبل الإقامة رواه مسلم، وبعد الإقامة في الباب بعده.

72 - باب إقبال الإمام على الناس عند تسوية الصفوف

72 - باب إِقْبَالِ الإِمَامِ عَلَى النَّاسِ عِنْدَ تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ 719 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِى رَجَاءٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ حَدَّثَنَا أَنَسٌ قَالَ أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَأَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِوَجْهِهِ فَقَالَ «أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ وَتَرَاصُّوا، فَإِنِّى أَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِى». طرفه 718 73 - باب الصَّفِّ الأَوَّلِ. 720 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سُمَىٍّ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إقبال الإمام على الناس عند تسوية الصفوف 719 - (أحمد بن أبي رجاء) بفتح الراء والمد (زائدة بن قدامة) بفتح الزاي وضم القاف (حميد) -بضم الحاء-: على وزن المصغر. (أقيموا صفوفكم وتراصوا) -بصاد مهملة مشددة-: أي: تلاصقوا، أصله: رصّ البناء؛ وهو إلصاق بعض أجزائه إلى بعض، وفي أبي داود: "رصوا صفوفكم وقاربوا بينها، فوالذي نفسي بيده إني لأرى الشيطان يدخل من خلل الصف كأنه الحذف" -بالحاء المهملة والذال المعجمة-: ولد الغنم الحجازي؛ لا أذن له ولا ذنب، يؤتى بها من جُرَش اليمن؛ قاله ابن الأثير. وفي رواية مسلم: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمسح مناكبنا، ويقول: "استووا". باب الصف الأول هو الذي يلي الإمام، وقيل: أول من يحضر المسجد؛ وإن كان في الصّف الأخير، وقيل أول صف. ثم قال النووي: الأول هو الصواب، وهو كما قال، دل عليه المقدم من لفظ الحديث. 720 - (أبو عاصم) الضحاك بن مخلد (سُمَيّ) -بضم السين- على وزن المصغر (عن أبي صالح) ذكوان السمّان.

74 - باب إقامة الصف من تمام الصلاة

قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الشُّهَدَاءُ الْغَرِقُ وَالْمَطْعُونُ وَالْمَبْطُونُ وَالْهَدْمُ». طرفه 653 721 - وَقَالَ «وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لاَسْتَبَقُوا {إِلَيْهِ} وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الصَّفِّ الْمُقَدَّمِ لاَسْتَهَمُوا». طرفه 615 74 - باب إِقَامَةِ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلاَةِ 722 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ (الشهيد الغَرِق) لغة في الغريق (والهدم) -بكسر الدال- ويروى بسكون الدال الذي مات تحت الهدم ويقدر مضاف؛ أي صاحب الهدم كما جاء في بعض الروايات، قال ابن الأثير: والهدم -بفتح الدال- البناء المهدوم. 721 - (لو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه) قال ابن الأثير: التهجير التبكير إلى كل شيء. والمراد به في الحديث المشي إلى الظهر في أول الوقت، وقد تقدم منا أن هذا إنما هو إذا لم يكن الحر شديدًا، فإن فيه الإبراد أفضل. (ولَوْ حَبوًا) أي: مشيًا على الركب واليدين (ولو يعلمون ما في الصف المقدّم) أي: الصف الأول؛ لما تقدم في سائر الروايات، وقيل: المراد الأول النسبي أي كل صف إذا نُسِب إلى ما بعده مقدم، وهذا وإن صح لغة فليس موافقًا للترجمة ولا لحديث الباب؛ لأن الاستهام إنما يكون في الواحد المعين. وتمام الكلام تقدم في باب الاستهام في الأذان. باب إقامة الصف من تمام الصلاة 722 - (معمر) بفتح الميمين وعين ساكنة (همام) بفتح الهاء وتشديد الميم.

75 - باب إثم من لم يتم الصفوف

«إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلاَ تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ، فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. فَقُولُوا رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ. وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا، وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ، وَأَقِيمُوا الصَّفَّ فِي الصَّلاَةِ، فَإِنَّ إِقَامَةَ الصَّفِّ مِنْ حُسْنِ الصَّلاَةِ». طرفه 734 723 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «سَوُّوا صُفُوفَكُمْ فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصُّفُوفِ مِنْ إِقَامَةِ الصَّلاَةِ». 75 - باب إِثْمِ مَنْ لَمْ يُتِمَّ الصُّفُوفَ 724 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ أَسَدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى قَالَ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّائِىُّ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ الأَنْصَارِىِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَقِيلَ ـــــــــــــــــــــــــــــ (إنما جعل الإمام) أي: إمامًا؛ حذف مفعُولُه الثاني (ليؤتم به فلا تختلفوا عليه) بالتقديم، والتخلف الفاحش لدلالته على الاستقلال. (وإذا صلّى جالسًا فصلوا جلوسًا) تقدم الكلام على أنه منسوخ بأنه صلّى في آخر حياته جالسًا والقوم قيام (فإن إقامة الصف من حسن الصلاة) صريح في أنه سنة؛ وهذه الرواية مفسرة لرواية مسلم وغيره: "من تمام الصلاة" فلا وجه لما يقال إن لفظ التمام قد يطلق على ما يدخل في حقيقة الشيء. 723 - (سووا صفوفكم فإن تسوية الصفوف من إقامة الصلاة) أي: بعض ما يوجب كمالها، فإنّ كمالها بأدائها مشتملة على الأركان والشرائط والسنن والآداب؛ وهذا أحد الوجوه في تفسير قوله تعالى: {وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [البقرة: 3].

76 - باب إلزاق المنكب بالمنكب والقدم بالقدم فى الصف

لَهُ مَا أَنْكَرْتَ مِنَّا مُنْذُ يَوْمِ عَهِدْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ مَا أَنْكَرْتُ شَيْئًا إِلاَّ أَنَّكُمْ لاَ تُقِيمُونَ الصُّفُوفَ. وَقَالَ عُقْبَةُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ قَدِمَ عَلَيْنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ الْمَدِينَةَ بِهَذَا. 76 - باب إِلْزَاقِ الْمَنْكِبِ بِالْمَنْكِبِ وَالْقَدَمِ بِالْقَدَمِ فِي الصَّفِّ وَقَالَ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ رَأَيْتُ الرَّجُلَ مِنَّا يُلْزِقُ كَعْبَهُ بِكَعْبِ صَاحِبِهِ. 725 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ فَإِنِّى أَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِى». وَكَانَ أَحَدُنَا يُلْزِقُ مَنْكِبَهُ بِمَنْكِبِ صَاحِبِهِ وَقَدَمَهُ بِقَدَمِهِ. طرفه 718 77 - باب إِذَا قَامَ الرَّجُلُ عَنْ يَسَارِ الإِمَامِ، وَحَوَّلَهُ الإِمَامُ خَلْفَهُ إِلَى يَمِينِهِ، تَمَّتْ صَلاَتُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إلزاق المنكب بالمنكب والقدم بالقدم في الصف (وقال النعمان بن بشير: رأيت الرجل منا يلزق كعبه بكعب صاحبه) هذا التعليق رواه أبو داود مسندًا عنه. 725 - (زهير): -بضم الزاي- على وزن المصغر، وكذا (حميد). (وكان أحدنا يلزق منكبه بمنكب صاحبه) المنكب ما بين الكتف والعنق. والإلزاق والإلصاق من واد واحد، وباقي الحديث تقدم مرارًا. باب إذا قام الرجل عن يسار الإمام فحوَّله الإمام خلفه تمت الصلاة أي: صلاة المأمومين فإنها كانت ناقصة؛ لكونه عن يسار الإمام، ويحتمل أن يكون الضمير للإمام؛ أي بذلك الفعل لم يقع نقصان في صلاته؛ لأنه من أعمال الصّلاة ومتعلقاتها، كذا قيل. قال شيخنا شيخ الإسلام ابن حجر: [تقدم أكثر لفظ هذه الترجمة قبلُ بنحو من عشرين

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بابًا، لكن ليس هناك لفظ: خلفه، وقال هناك: لم تفسد صلاتهما، بدل قوله: تمت صلاته] أي: الإمام والمأموم، ولم يذكر أحد من الشراح الحكمة، وهذه الإعادة مع تفسير الفساد إلى التمام. قال: والذي يظهر أنه أشار إلى أن وقوف المأموم عن يسار الإمام أوّلًا لم يقع بذلك نقصان في صلاته لعدم علمه؛ وإن عاد الضمير إلى الإمام فلأن تحويله المأموم تقع الشناعة منه، فأشار إلى أنه لا يوجب نقصانًا. هذا كلامه ولا يعني شيئًا؛ لأن الحديث واحد، فالواجب بيان تفسير الترجمة، فإنها عبارة عن الحكم المستدل عليه. والصواب في الجواب أن هناك لم يقع لفظ الحلف في الترجمة، ولا لفظ الوراء في الحديث، فأشار إلى أنه كيف ما حوله، سواء كان من ورائه؛ أو قدامه، لا فساد، وإن كان أحد الاحتمالين نقصان؛ وأمّا هنا لما حوله من ورائه لم يقع نقصان بوجه في صلاة واحد منهما. هذا وأما قوله: أشار إلى أن وقوف المأموم عن يسار الإمام أولًا لَم يقع بذلك نقصان في صلاته لعدم علمه، يردّه لفظ: تمت، فإنه يدل على نقصان سابق على التحويل، وكذا قوله في الإمام يحوله يقع منه التفات ممنوع، ألا ترى إلى قول ابن عباس: أخذ برأسي من ورائي، فأي ملازمة هنا؟. ثم روى في الباب حديث ابن عباس ليلة بات في بيت ميمونة، وجاء ووقف إلى يساره فحوله خلفه إلى يمينه، وقوله: فصلى، أي ثلاث عشرة ركعة، كما في سائر الروايات، وقد مرّ مرارًا.

78 - باب المرأة وحدها تكون صفا

726 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ لَيْلَةٍ فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِرَأْسِى مِنْ وَرَائِى، فَجَعَلَنِى عَنْ يَمِينِهِ، فَصَلَّى وَرَقَدَ فَجَاءَهُ الْمُؤَذِّنُ، فَقَامَ وَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. طرفه 117 78 - باب الْمَرْأَةُ وَحْدَهَا تَكُونُ صَفًّا 727 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ إِسْحَاقَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ صَلَّيْتُ أَنَا وَيَتِيمٌ فِي بَيْتِنَا خَلْفَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأُمِّى أُمُّ سُلَيْمٍ خَلْفَنَا. طرفه 380 79 - باب مَيْمَنَةِ الْمَسْجِدِ وَالإِمَامِ 728 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قُمْتُ لَيْلَةً أُصَلِّى عَنْ يَسَارِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ـــــــــــــــــــــــــــــ باب المرأة تكون وحدها 727 - (عن أنس قال: صليت أنا ويتيم في بيتنا خلف النبي -صلى الله عليه وسلم- وأمي [أم] سليم خلفنا) اليتيم هو أبو عمير -بضم العين على وزن المصغر-: الذي كان يقول له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أبو عمير ما فعل النغير" لطائر كان يلعب به، وأمُّ سليم أمُّ أنس؛ واسمها إما سهلة أو رملة، أو غيرهما. والحديث دلّ على جواز الاقتداء في النافلة، وأن المرأة تكون صفًا واحدًا إن كانت واحدة؛ ولو حاذت الرجل بطلت صلاة الرجل عند أبي حنيفة. باب ميمنة المسجد والإمام 728 - (الشعبي) -بفتح الشين- أبو عمرو؛ عامر الكوفي التابعي الجليل.

80 - باب إذا كان بين الإمام وبين القوم حائط أو سترة

فَأَخَذَ بِيَدِى أَوْ بِعَضُدِى حَتَّى أَقَامَنِى عَنْ يَمِينِهِ، وَقَالَ بِيَدِهِ مِنْ وَرَائِى. طرفه 117 80 - باب إِذَا كَانَ بَيْنَ الإِمَامِ وَبَيْنَ الْقَوْمِ حَائِطٌ أَوْ سُتْرَةٌ وَقَالَ الْحَسَنُ لاَ بَأْسَ أَنْ تُصَلِّىَ وَبَيْنَكَ وَبَيْنَهُ نَهْرٌ. وَقَالَ أَبُو مِجْلَزٍ يَأْتَمُّ بِالإِمَامِ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا طَرِيقٌ أَوْ جِدَارٌ إِذَا سَمِعَ تَكْبِيرَ الإِمَامِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ روى في الباب حديث ابن عباس حين بات في بيت ميمونة ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - عندها. (فأخذ بيدي أو بعضدي) الشك منه (أقامني عن يمينه، وقال بيده من ورائي) أي: أشار إليه أن يتحول إلى اليمين من ورائه، لئلا يمر بين يدي المصلي، وفي رواية: من ورائه، فسقط ما يقال: يجوز أن يكون: من ورائي، وراء ابن عباس، على أنه لا يعقل إتيان ابن عباس من وراء نفسه. والحديث دل على فضل ميمنة الإمام، ويفهم منه ميمنة المسجد كما ترجم، وأصرح منه ما وراه أبو داود عن البراء مرفوعًا: "إن الله وملائكته يصلون على ميامن الصفوف"، وهذا حث على الأفضل، وشرطه أن لا تتعطل الميسرة؛ لما روى ابن ماجه عن ابن عمر مرفوعًا: أنه شكا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ميسرة المسجد تعطلت، قال - صلى الله عليه وسلم -: "من عمّر ميسرة المسجد فله كِفْلان من الأجر". فإن قلت: فقد زاد أجر الميسرة؟ قلت: ليس كذلك بل له كفلان من الأجر الذي يستحقه الذي في الميسرة؛ لولا تعطل الميسرة. باب إذا كان بين الإمام وبين القوم حائط أو سترة السترة -بضم السين وسكون التاء-: ما يستر به (أبو مجلز) -بكسر الميم وسكون الجيم آخره زاي معجمة-: لاحق بن حميد.

729 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِىِّ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى مِنَ اللَّيْلِ فِي حُجْرَتِهِ، وَجِدَارُ الْحُجْرَةِ قَصِيرٌ، فَرَأَى النَّاسُ شَخْصَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَامَ أُنَاسٌ يُصَلُّونَ بِصَلاَتِهِ، فَأَصْبَحُوا فَتَحَدَّثُوا بِذَلِكَ، فَقَامَ لَيْلَةَ الثَّانِيَةِ، فَقَامَ مَعَهُ أُنَاسٌ يُصَلُّونَ بِصَلاَتِهِ، صَنَعُوا ذَلِكَ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً، حَتَّى إِذَا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يَخْرُجْ، فَلَمَّا أَصْبَحَ ذَكَرَ ذَلِكَ النَّاسُ فَقَالَ «إِنِّى خَشِيتُ أَنْ تُكْتَبَ عَلَيْكُمْ صَلاَةُ اللَّيْلِ». أطرافه 730، 924، 1129، 2011، 2012، 8561 ـــــــــــــــــــــــــــــ 729 - (محمد بن سلام) بتخفيف اللام وقد تشدد (عبدة) بفتح العين وسكون الموحدة (عن عمرة) بفتح العين وسكون الميم. كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي من الليل في حجرته، وجدار الحجرة قصير) سيأتي أنه كان له حصير يبسطه بالنهار، ويحتجره بالليل. وقيل: الظاهر أنه أراد بالحجرة بيته؛ تؤيده رواية أبي نعيم: حجرة من حجر نسائه. قلت: قول عائشة في أبواب التهجد: صلى في المسجد، يقطع الاحتمال، فضلًا عن الظهور؛ وأما رواية أبي نعيم فغلط؛ أو قضية أخرى. (فرأى الناس شخص النبي - صلى الله عليه وسلم -) قال الجوهري: الشخص ما يُرى من بعيد من سواد الإنسان وغيره (فقام الليلة الثانية) وفي بعضها: "ليلة الثانية" بالإضافة؛ إما إضافة الموصوف إلى الصفة، أو يقدر مضاف؛ أي: ليلة صبيحة الثانية. (فلما أصبح ذكر للناس) أي: عدم خروجه (فقال: إني خشيت أن تكتب عليكم صلاة الليل). فإن قلت: كيف تكتب بعد تقرر الخمس؟ قلت: لا منافاة؛ ألا ترى أن علماء الأصول قالوا: زيادة الصلاة سادسة ليس نسخًا؛ والكوفيون قالوا بوجوب الوتر.

81 - باب صلاة الليل

81 - باب صَلاَةِ اللَّيْلِ 730 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى فُدَيْكٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: قوله تعالى ليلة المعراج: لا يبدل القول لدي؟ قلت: قوله لما نسخ الخمسين بخمس، وأوّله بأن الحسنة بعشر أمثالها؛ فالخمسون باقية حكمًا وإن نسخت حدًّا. أجاب بعضهم: بأنّ المراد بقوله ليلة المعراج: "لا يبدل القول" السياق يدل على أن المراد لا ينقص من الخمس شيء آخر. قلت: هذا الوهم ناشئ عن الغفلة عن السياق؛ لأن آخر الحديث "هي خمس، وهي خمسون، الحسنة بعشرة أمثالها" كما سيجيء في البخاري، إشارة إلى ما ذكرنا، ولو كان المراد من قوله "لا يبدل" لا ينقص من الخمس شيء لم يكن لقوله: "هي خمس وهي خمسون" وجه، وقال آخر: إن صلاة الليل كانت واجبة عليه؛ وأصحابه كانوا يقتدون به، فإذا ما واظب على شيء يرونه واجبًا، فخاف أن تكتب عليهم من طريق الاقتداء به. وهذا كلام مزيف: أمّا أولًا: فإن اقتداء الأمة إنما هو فيما عدا خواصّه، وما كان من الخواص لا اقتداء فيه. وأمّا ثانيًا: فلأن مواظبته على شيء لا يجعله واجبًا عليهم، ألا ترى أنه واظب على الرواية مع أنه لا وجوب لا عليه ولا عليهم. قال ابن الحاجب: فعله - صلى الله عليه وسلم - إن كان من أمر الجبلة كالقيام والقعود، أو خاصًا به كالتهجد فلا اقتداء فيه للأمة، وما سواهما إن علمت صفته فأمته مثله. باب صلاة الليل 730 - (إبراهيم بن المنذر) بكسر الذال (ابن أبي فديك) -بضم الفاء- على وزن

ذِئْبٍ عَنِ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ لَهُ حَصِيرٌ يَبْسُطُهُ بِالنَّهَارِ، وَيَحْتَجِرُهُ بِاللَّيْلِ، فَثَابَ إِلَيْهِ نَاسٌ، فَصَلَّوْا وَرَاءَهُ. طرفه 729 731 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمٍ أَبِى النَّضْرِ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اتَّخَذَ حُجْرَةً - قَالَ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ - مِنْ حَصِيرٍ فِي رَمَضَانَ فَصَلَّى فِيهَا لَيَالِىَ، فَصَلَّى بِصَلاَتِهِ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا عَلِمَ بِهِمْ جَعَلَ يَقْعُدُ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ «قَدْ عَرَفْتُ الَّذِى رَأَيْتُ مِنْ صَنِيعِكُمْ، فَصَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ، فَإِنَّ أَفْضَلَ الصَّلاَةِ صَلاَةُ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلاَّ الْمَكْتُوبَةَ». 731 م - قَالَ عَفَّانُ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا مُوسَى سَمِعْتُ أَبَا النَّضْرِ عَنْ بُسْرٍ عَنْ زَيْدٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفاه 6113، 7290 ـــــــــــــــــــــــــــــ المصغر: محمد بن إسماعيل (ابن أبي ذئب) [بلفظ] الحيوان المعروف محمد بن عبد الرحمن (عن المقبري) بضم الباء وفتحها (عن أبي سلمة) بفتح اللام (فثاب إليه الناس فصفوا وراءه) أي: اجتمع إليه. 731 - (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم (وهيب) بضم الواو على وزن المصغر (أبي النضر) بضاد معجمة (بسر بن سعيد) بضم الباء بعدها سين مهملة. (قال: حسبت أنه قال: من حصير): فاعل قال الأول بُسْر، وقال الثاني زيد بن ثابت (فصلوا أيها الناس في بيوتكم، فإن أفضل صلاة المرء في بيته، إلا المكتوبة) خرج به المنذورة، واتفقوا على أن المراد نافلة لم تشرع فيها الجماعة، والحكمة في ذلك أن تحصل بركة الصلاة في البيت، ويفر عنه الشيطان، ولأنه أبعد عن الرّياء. وعن مالك: إن النفل عندي في البيت أفضل من النفل في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

82 - باب إيجاب التكبير وافتتاح الصلاة

82 - باب إِيجَابِ التَّكْبِيرِ وَافْتِتَاحِ الصَّلاَةِ 732 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ الأَنْصَارِىُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَكِبَ فَرَسًا، فَجُحِشَ شِقُّهُ الأَيْمَنُ، قَالَ أَنَسٌ - رضى الله عنه - فَصَلَّى لَنَا يَوْمَئِذٍ صَلاَةً مِنَ الصَّلَوَاتِ وَهْوَ قَاعِدٌ، فَصَلَّيْنَا وَرَاءَهُ قُعُودًا، ثُمَّ قَالَ لَمَّا سَلَّمَ «إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا، وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. فَقُولُوا رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ». طرفه 378 ـــــــــــــــــــــــــــــ واختلف العلماء في الاقتداء بالإمام إذا كان بينهما حاجب أو سترة؛ فإن كان في المسجد فاتفقوا على جوازه مطلقًا؛ وإن كان في غير مسجد جاز، كالمسجد عند أبي حنيفة، وقال الشافعي: يجوز إذا اتصلت الصفوف ولم يكن هناك باب مغلق، والاتصال بمن خلفه يعتبر بثلاثة أذرع، وإن كان في الصحراء بثلاثمائة ذراع. باب: إيجاب التكبير وافتتاح الصلاة أي: كيفية الافتتاح، أشار إلى خلاف أبي حنيفة في عدم وجوب لفظ التكبير؛ بل كل لفظ فيه تعظيم. قيل: ذكر الإيجاب والمراد الوجوب تجوزًا. قلت: الإيجاب والوجوب يتحدان ذاتًا؛ بالنسبة إلى الله إيجاب، وبالنسبة إلى المكلف وجوب، كذا أفاده المحقق مولانا عضد، واقتدى به مَنْ بعده. 732 - (أبو اليمان) -بتخفيف النون- الحكم بن نافع. (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركب فرسًا فَجُحِشَ شقُّه الأيمن) أي: فسقط فجحش -بضم الجيم بعده حاء- أي: خدش (فصلّى لنا قاعدًا، وصلينا معه قعودًا) قد سلف أنه منسوخ، لأنه صلّى في آخر حياته جالسًا والقومُ وراءه قيام. (فإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد) ويروى "لك الحمد" بدون

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الواو. وقال النووي: لا ترجيح لإحدى الروايتين على الأخرى. وأنا أقول: إن أراد من حيث الصحةُ فكذلك؛ وإن أراد باعتبار المعنى ففيه نظر؛ لأن الجملة الحالية مع الواو والضمير أقوى من الضمير وحده. قال: ويقوله الإمام والمأموم لما ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقولهما، وقد قال: "صلوا كما رأيتموني أصلي" وقال أبو حنيفة ومالك: لا يقوله الإمام؛ بل يقتصر على: سمع الله لمن حمده. فإن قلت: ليس في الحديث ذكر التكبير الذي ترجم له؟ قلت: هذا على دأبه في الاستدلال بالخفي؛ فإن الحديث الذي بعده من رواية أنس أيضًا فيه ذكر التكبير، أخّر ذلك الطريق ليكون مشتملًا على زيادةِ فائدة، وفي الطريق الأول رواية الزّهري عن أنس بلفظ: أخبرني؛ وفي الثانية بلفظ: عن، والأول أقوى؛ قُدِّمَ لذلك أيضًا، هذا ويجوز أن يكون مذهب البخاري عدم إيجاب التكبير، كما هو مذهب الزهري، وأبي حنيفة، وابن المسيب، وغيرهما. فإن قلت: ما الدليل على الوجوب؟ قلت: صيغة الأمر؛ فإنها تدل على الوجوب عند عدم الصّارف. فإن قلت: ليس في الحديث أمر بالتكبير؟ قلت: أمر المأموم بالتكبير بعد الإمام يدل على وجوبه على الإمام من باب الأَوْلى، وأما الدلالة على وجوبه على المنفرد فلما سيأتي من حديث المسيء صلاته. هذا محصل كلامهم في هذا المقام، وفيه نظر؛ إذ لو كان أمر المأموم بشيء مستلزمًا لوجوبه على الإمام لكان قوله: "ولك الحمد" واجبًا عليهما؛ لكون الماموم مأمورًا به في نفس الحديث. والصواب: أنّ هذا على دأبه من الإشارة إلى الدليل في الترجمة لتفحص عنه، والدليل

733 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ خَرَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ فَرَسٍ فَجُحِشَ فَصَلَّى لَنَا قَاعِدًا فَصَلَّيْنَا مَعَهُ قُعُودًا، ثُمَّ انْصَرَفَ فَقَالَ «إِنَّمَا الإِمَامُ - أَوْ إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ - لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا، وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. فَقُولُوا رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ. وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا». طرفه 378 734 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. فَقُولُوا رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ. وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا، وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ». طرفه 722 ـــــــــــــــــــــــــــــ على الإيجاب الأمر به في حديث المسيء صلاته، كما سيأتي عن قريب. فإن قلت: بعد الوجوب هل هو ركن أو شرط؟ قلت: قال أبو حنيفة شرط؛ وغيره على أنه ركن. فإن قلت: ما الدليل على كونه ركنًا؟ قلت: إجماع السلف على أنّ الصلاة افتتاحها التكبير، واختتامها التسليم. فإن قلت: الركن والشرط واجبان؛ فهل للخلاف ثمرة؟ قلت: نعم، ذكروا أنه إذا كان في يده نجاسة فكبر، ثم رماها، أو كبر قبل الزوال، فدخل في الصلاة وقد زالت الشمس، أو كان مكشوف العورة فسترها بعد التكبير، فالصلاة في الصور المذكورة صحيحة عند القائل بالشرط دون القائل بالركن. فإن قلت: إذا كان الأمر للوجوب فقوله: "قولوا: ربنا ولك الحمد" يجب أن يكون للوجوب أيضًا؟ قلت: القران في الذكر لا يوجب القران في الحكم، والمسألة معروفة، على أن الإمام أحمد أخذ بظاهر الأمر قائلًا بوجوبه، وكذا ابن راهويه، وحجة الجمهور حديث المسيء كما سيأتي؛ إذ ليس فيه هذا، مع أنه ذكر سائر الواجبات.

83 - باب رفع اليدين فى التكبيرة الأولى مع الافتتاح سواء

83 - باب رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي التَّكْبِيرَةِ الأُولَى مَعَ الاِفْتِتَاحِ سَوَاءً 735 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلاَةَ، وَإِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ رَفَعَهُمَا كَذَلِكَ أَيْضًا وَقَالَ «سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ». وَكَانَ لاَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السُّجُودِ. أطرافه 736، 738، 739 84 - باب رَفْعِ الْيَدَيْنِ إِذَا كَبَّرَ وَإِذَا رَكَعَ وَإِذَا رَفَعَ 736 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضى الله عنهما قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب رفع اليدين في التكبيرة الأولى مع الافتتاح سواء نصب على الحال من رفع اليدين. فإن قلت: الحال لا يكون عن المبتدأ؟ قلت: ممنوع، ذكر ابن مالك والرّضي جوازه. فإن قلت: سيأتي في الكتاب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنكر عليهم رفع الأيدي؟ قلت: ذلك عند السّلام فإنهم كانوا يشيرون بها؛ وأما الرفع في الافتتاح لم يخالف فيه أحد من الأئمة، والخلاف إنما هو فيما عدا ذلك، وأحاديث الباب والذي بعده حجة على المانع. فإن قلت: قد رووا: لا ترفع الأيدي إلا في سبعة مواضع؟ قلت: على تقدير صحة ذلك، رواية البخاري مقدّمة، لا تعادلها رواية أخرى. 735 - (حذو منكبيه) أي: في موزاتها، والمنكب ما بين الكتف والعنق. باب رفع اليدين إذا كبر وإذا ركع وإذا رفع أي: رفع رأسه من الركوع. 736 - (محمد بن مقاتل) بضم الميم، وكسر التاء.

رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا قَامَ فِي الصَّلاَةِ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يَكُونَا حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ حِينَ يُكَبِّرُ لِلرُّكُوعِ، وَيَفْعَلُ ذَلِكَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ وَيَقُولُ «سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ». وَلاَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السُّجُودِ. طرفه 735 737 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْوَاسِطِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ خَالِدٍ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ أَنَّهُ رَأَى مَالِكَ بْنَ الْحُوَيْرِثِ إِذَا صَلَّى كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَحَدَّثَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَنَعَ هَكَذَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ (رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام في الصلاة رفع يديه حتى يكونا حذو منكبيه) قال علي بن عبد الله شيخ البخاري: وإنما نقل كلامه بلفظ: قال؛ لأنّه قال من عنده لا رواية (حَقٌّ على المسلمين أن يرفعوا أيديهم) الحق بمعنى المشروع، ردًّا على المنكر، أو الوجوب إن كان مذهبه أن الرفع واجب. قال النووي: أجمعوا على استحباب رفع اليدين في الافتتاح. قيل: الحكمة في ذلك نفي الكبرياء عن غير الله. وقيل: إشارة إلى طرح الدنيا، والإقبال إلى الله، أو إلى رفع الحجاب عند المناجاة مع الله. وعندي أنه لما قال بلسانه: الله أكبر، أعلم بيديه أن لا شبهة الأكبرية جمعًا بين النطق حالًا ومقالًا. 737 - (إسحاق) هو ابن شاهين الواسطي (خالد [بن عبد الله، عن خالد]) الأول: خالد الطحان؛ والثاني خالد الحذّاء (عن أبي قلابة) -بكسر القاف-: عبد الله بن زيد الجرمي (مالك بن الحويرث) بضم الحاء مصغر الحارث. (إذا أراد أن يركع) زاد هنا لفظ الإرادة دون ما قبله وما بعده؛ لأن نفس الركوع لا يعقل فيه الرفع، بخلاف سائر المواطن، ومالك بن الحويرث رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعل ذلك؛ وقد قال له ولأصحابه: "صلّوا كما رأيتموني أصلي" وعليه تحمل رواية ابن عمر: كان يرفع يديه حين يركع.

85 - باب إلى أين يرفع يديه

85 - باب إِلَى أَيْنَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ وَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ فِي أَصْحَابِهِ رَفَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ. 738 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنَا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - افْتَتَحَ التَّكْبِيرَ فِي الصَّلاَةِ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ حِينَ يُكَبِّرُ حَتَّى يَجْعَلَهُمَا حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، وَإِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ فَعَلَ مِثْلَهُ، وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. فَعَلَ مِثْلَهُ وَقَالَ «رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ». وَلاَ يَفْعَلُ ذَلِكَ حِينَ يَسْجُدُ وَلاَ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ. طرفه 735 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إلى أين يرفع يديه؟ (وقال أبو حميد في أصحابه: رفع النبي - صلى الله عليه وسلم - حذو منكبيه). أبو حميد -بضم الحاء- على وزن المصغّر: اسمه منذر، وقيل: عبد الرّحمن، وقيل: عمرو السّاعدي؛ الصحابي المعروف. وقوله: في أصحابه، يحتمل وجهين؛ الأول: أن يكون قاله وهو جالس بين أصحابه حين قاله. الثاني: أن يكون: في، بمعنى مع أصحاب الذين روى من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رفع اليد كما رآه. واعلم أنه روى في رفع اليدين هذه الرواية: حذو المنكبين، وفي رواية أخرى لمالك بن الحويرث: يحاذي بهما أذنيه، وفي رواية أخرى: فروع أذنيه أي أعلى الأذنين، وفي رواية لأبي داود وحاذى بإبهاميه أذنيه، وأخرى له أيضًا: يرفع إبهاميه إلى شحمة أُذنيه. والجمع بين الرّوايات أن يكون كفّاه بحذاء المنكبين، وإبهاماه بحذاء شحمة الأذنين؛

86 - باب رفع اليدين إذا قام من الركعتين

86 - باب رَفْعِ الْيَدَيْنِ إِذَا قَامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ 739 - حَدَّثَنَا عَيَّاشٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا دَخَلَ فِي الصَّلاَةِ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا رَكَعَ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. رَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا قَامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ رَفَعَ يَدَيْهِ. وَرَفَعَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ إِلَى نَبِىِّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَرَوَاهُ ابْنُ طَهْمَانَ عَنْ أَيُّوبَ وَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ مُخْتَصَرًا. طرفه 735 ـــــــــــــــــــــــــــــ ورؤوس الأصابع على فروع الأذنين، هذا الطريق من الجميع منقول عن الشافعي رضي الله عنه وأرضاه. فإن قلت: ما الحكمة في رفع اليد، ومبنى الصلاة على الخشوع؟ قلت: الحسن هو الذي حسّنه الشارع، ولعل السِّرَّ في ذلك الإشارة إلى نفي ما سوى الله وإنما لم يرفع مع الرّفع من السجود؛ لأن السجدة حالة التقرب من الله، فلا يخطر بالبال غيره تعالى وتقدس. ونقل عن بعض الحنفية أن المرأة في تكبيرة الافتتاح ترفع اليدين إلى المنكبين، والرجل إلى الأذنين. باب رفع اليدين إذا قام من الركعتين 739 - (عياش بن الوليد) بفتح العين وتشديد المثناة تحت آخره الشين معجمة. (وإذا قام من الركعتين رفع يديه) هذا يؤيده القيام من الركعتين بعد التشهد؛ لما تقدم أنه لم يرفع من القيام من السجود. قال النووي: نصّ عليه الشافعي. قال البخاري: رواه عشرة من الصحابة. وقال الخطابي: يلزمه الأخذ به. يريد الشافعي؛ لأنه إذا صحّ الحديث فهو مذهبه. (رواه حماد)، (ورواه ابن طهمان) واسمه إبراهيم، هذان التعليقان رواهما البيهقي مسندين.

87 - باب وضع اليمنى على اليسرى

87 - باب وَضْعِ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى 740 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ كَانَ النَّاسُ يُؤْمَرُونَ أَنْ يَضَعَ الرَّجُلُ الْيَدَ الْيُمْنَى عَلَى ذِرَاعِهِ الْيُسْرَى فِي الصَّلاَةِ. قَالَ أَبُو حَازِمٍ لاَ أَعْلَمُهُ إِلاَّ يَنْمِى ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ إِسْمَاعِيلُ يُنْمَى ذَلِكَ. وَلَمْ يَقُلْ يَنْمِى. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة 740 - (عبد الله بن مسلمة) بفتح الميم واللام (عن أبي حازم) -بالحاء المهملة-: سلمة بن دينار. (كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة) تقرر في الأصول أن الصحابي إذا قال: كانوا يُؤمرون، أو كنا نُؤمر فالآمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (قال أبو حازم: لا أعلمه إلا ينمي ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -) أبو حازم: سلمة بن دينار؛ أي لا أعلم سهلًا إلا أنه يرفع الحديث. (قال إسماعيل: ينمي ذلك، ولم يقل ينْمِي) إسماعيل هذا هو ابن إسحاق؛ قاله البيهقي، وقال شيخ الإسلام: هو ابن أبي أوس، ولا رواية للبخاري عن ابن [....] أي: ينمى على بناء المجهول؛ لا على بناء الفاعل، ولا فرق في رفع الحديث، إلا أن بناء المجهول لا يلزم منه أن يكون رافع الحديث سهلًا، وقد روى مسلم عن وائل بن حجر: أنه رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وضع يده اليمنى على اليسرى. ورواه الترمذي عن هُلْب الطائي. فإن قلت: كيف يضعهما؟ قلت: اختلف العلماء في ذلك؛ فذهب الشافعي إلى أنه يضعهما تحت الصدر وفوق السّرة؛ لما جاء ذلك في حديث وائل، ولما نقل في تفسير قوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2] عن علي بن أبي طالب معناه وضع يدك على النحر والنحر هو الصدر. رواه الدّارقطني.

88 - باب الخشوع فى الصلاة

88 - باب الْخُشُوعِ فِي الصَّلاَةِ 741 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «هَلْ تَرَوْنَ قِبْلَتِى هَا هُنَا وَاللَّهِ مَا يَخْفَى عَلَىَّ رُكُوعُكُمْ وَلاَ خُشُوعُكُمْ، وَإِنِّى لأَرَاكُمْ وَرَاءَ ظَهْرِى». طرفه 418 ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال أبو حنيفة وأحمد: يَضعهما تحت السّرة؛ لحديث رواه الدّارقطني، ولأنه أقرب إلى التواضع، وخيّر بعض العلماء بين الأمرين للحديثين. وقال مالك: يرسلهما على طريق الخلقة، والأظهر عنده وضع اليمنى على اليسرى استحبابًا. واتفقوا على أنه يضع بطن كفه اليمنى على ظهر كفه اليسرى، قابضًا على الكوع مع بعض الرسغ. باب الخشوع في الصلاة الخشوع: فعل الجوارح؛ لما في الحديث: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا يعبث في الصلاة، فقال: "لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه" وقد يطلق مرادفًا للخضوع، وبه يشعر تفسير ابن عباس قوله تعالى: {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون: 2]. 741 - (عن أبي الزناد) -بكسر الزاي المعجمة بعدها نون- عبد الله بن ذكوان. (قال: هل ترون ههنا قبلتي والله ما يخفى عليَّ ركوعكم ولا خشوعكم) الاستفهام للتقرير والتحقيق فإنهم يرون قبلته مشاهدة رأي عين. قال بعضهم: الاستفهام للإنكار، والمراد من القبلة إما المقابلة؛ وهي المواجهة، أي لا تظنون مواجهتي ههنا فقط، وإمّا فيه إضمار، أي: لا ترون بصري أو رؤيتي في طرف القبلة، وركاكةُ عبارته تدل على فساد ما تخيله في معنى الحديث، مع أنه غلط، إذ لو سلم أن الاستفهام للإنكار قوله: "لا تظنون مواجهتي" هنا فقط غلط؛ لأن أحدًا لم يخالف في أن مواجهتي إنما هي إلى ذلك الصوب، غايته أنه يراهم من ورائه كما يراهم من قدام بخرق العادة لا بالمواجهة. وأما قوله: (لا ترون بصري أو رؤيتي في طرف القبلة) إن أراد نفي ذلك فهو معلومٌ

89 - باب ما يقول بعد التكبير

742 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَقِيمُوا الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ، فَوَاللَّهِ إِنِّى لأَرَاكُمْ مِنْ بَعْدِى - وَرُبَّمَا قَالَ مِنْ بَعْدِ ظَهْرِى - إِذَا رَكَعْتُمْ وَسَجَدْتُمْ». طرفه 419 89 - باب مَا يَقُولُ بَعْدَ التَّكْبِير 743 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ - رضى الله عنهما - كَانُوا يَفْتَتِحُونَ الصَّلاَةَ بِـ (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ). ـــــــــــــــــــــــــــــ لكل أحد أن في الصلاة لا يرى أحد بصره، وإن أراد أنهم لا يرون بصره في تلك الجهة وحدها بل حاصل في الجهتين، فكلامٌ فاسدٌ، لا معنى له أبدًا. ملخص الكلام وسرّ الحديث أنه يراهم من ورائه كما يرى قبلته في الصلاة؛ لا فرق بين الرؤيتين، وبذلك يحصل لهم الخوف والحذر من أن يوجد منهم شيء في الصلاة مما لا يليق. قيل نبه برؤية الله كما تقدم في كتاب الإيمان "اعبد الله كأنك تراه" وعندي أنه لم يرد ذلك؛ فإن الإنسان المؤمن يعلم ذلك بل رؤية نفسه، فإن الإنسان إنما هو ينزجر عن فعل القبيح إذا رآه. 742 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (غندر) بضم الغين وفتح الدّال. باب ما يقرؤه بعد التكبير 743 - (إن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر كانوا يفتتحون الصلاة بـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ}) أي: يقدمون من أفعال الصلاة بعد الدخول فيها بالنية، القراءة، ويجوز أن يراد بالصلاة القراءة، أي: يفتتحون القراءة بالحمد لله، وإطلاق الصلاة على القراءة التي هي جزء منها مجاز مشهور، قال الله تعالى وتقدس: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: 110]، وكذا رواه ابن المنذر والبخاري خارج الصحيح.

744 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ الْقَعْقَاعِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَسْكُتُ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَبَيْنَ الْقِرَاءَةِ إِسْكَاتَةً - قَالَ أَحْسِبُهُ قَالَ هُنَيَّةً - فَقُلْتُ بِأَبِى وَأُمِّى يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِسْكَاتُكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ مَا تَقُولُ قَالَ «أَقُولُ اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِى وَبَيْنَ خَطَايَاىَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ استدل بهذا الحديث من لم يقل بالجهر بالبسملة في الصلاة الجهرية؛ وهم أبو حنيفة وصاحباه، والإمام أحمد. فأجاب الشافعي بأن معنى الحديث: أنه بعد الدخول في الصلاة يقرأ سورة الحمد، لا غيرها من السور. وهذا شائع في الاستعمال، يطلق اللفظ الذي في أول السورة على السورة يقولون: قرأ: {آلم} أي: السورة التي هذا مستهلها؛ فإن البسملة وإن كانت آية من كل سورة إلا أنها مشتركة بين السور، لا يحصل بها التمييز، وإنما يجب المصير إلى هذا لأن رواة الجهر عشرون، أو قريب منه، من جملتهم علي بن أبى طالب وابن عباس وأم سلمة، وأبو هريرة؛ وأما مالك بن أنس لا يقول بالبسملة لا في الفاتحة ولا في سورة من السور، ولا يقرؤها لا سرًّا ولا جهرًا. 744 - (زياد) -بكسر المعجمة بعدها ياء مثناة من تحت (ابن القعقاع) بفتح القافين بينهما عين مهملة وكذا آخره (أبو زرعة) بضم المعجمة بعدها مهملة الصممه عمرو، وقيل: هرم، وقيل غير هذا. (يُسكِت) -بضم الياء وكسر الكاف- إسكاتًا مفعوله المطلق (بأبي أنت وأمي) أي: أنت مفدي بأبي وأمي (إسكاتك) أي: أسألك إسكاتك، بتقدير مضاف؛ أي عن وجه سكاتك. (هنية) -بضم الهاء وفتح النون وتشديد الياء- قال النووي: ومن همزه فقد غلط. قال ابن الأثير: مصغر هنة، يريد قليلًا من الزمان (اللهم باعد بيني وبين خطاياي) أخرج الفعل على صيغة المفاعلة، مبالغة في طلب البعد، وأعاد لفظ بين أيضًا، ولئلا يعطف على المجرور بدون إعادة الجار، ولم يعده في قوله: (كما باعدت بين المشرق والمغرب) إشارة للجواز كما هو رأي الكوفيين.

90 - باب

اللَّهُمَّ نَقِّنِى مِنَ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَاىَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ». 745 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى مَرْيَمَ قَالَ أَخْبَرَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى صَلاَةَ الْكُسُوفِ، فَقَامَ فَأَطَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: قد غفر له ما تقدم وما تأخر، فلم يكن له ذنب يسأل مغفرته؟. قلت: الدعاء مخ العبادة، وأيضًا بحسب البشرية ربما يصدر منه خلاف الأولى {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ} [التوبة: 43] {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: 1] فيعد معظمًا بالنسبة إلى مقام قربه. وقوله: "باعد" ناظر إلى ما يتوهم في المستقبل، كما أن قوله: "نقني" ناظر إلى ما يتوهم من جانب الماضي لأن سؤال التنقية إنما يكون عند توهم سابقة تلوث. (اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد) كلام على طريقة الاستعارة، تشبيهًا للخطايا بالدرن والوسخ، ولفظ الغسل تحيل، والماء والثلج والبرد ترشيح للاستعارة، وقد بالغ بذكر الترشيح من الأشياء الثلاثة؛ لأن إزالة الدرن تمكن بسائر المائعات، إلا أن الماء أقوى، والماء أيضًا أعم من أن يكون من الأرض أو من السماء؛ والذي من السماء أنقى وأصفى، وذاك أيضًا إما على صورة الماء أو بالقوة، كالثلج والبرد، وهذا أشد لطافة وكلما كان أشدّ تأثيرًا في التطهير زادنا الله اطلاعًا على أسرار كلام أفصح البشر، من أهل الوبر والمدر. باب كذا وقع من غير ترجمة، وقد أشرنا مرارًا أنه بوب أولًا، ثم ألحق التراجم، فربما لم يتفق له حديث يوافق وترك الباب لعله يظفر بالحديث، هذا وأكثر النسخ ليس فيه الباب موجودًا. 745 - (ابن أبي مريم) اسمه سعيد (ابن أبي ملكية) -بضم الميم- على وزن المصغر عبد الله، وأبو مليكة كنيته، زهير بن عبد الله بن جدعان. روى عن أسماء: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلّى صلاة الكسوف وقد سلف الحديث مع شرحه في كتاب العلم في باب الفتيا بالإشارة، ونشير إلى بعض الألفاظ هنا.

الْقِيَامَ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ، ثُمَّ قَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ ثُمَّ رَفَعَ، ثُمَّ سَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ، ثُمَّ رَفَعَ، ثُمَّ سَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ، ثُمَّ قَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ ثُمَّ رَفَعَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ ثُمَّ رَفَعَ فَسَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ، ثُمَّ رَفَعَ، ثُمَّ سَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ ثُمَّ انْصَرَفَ فَقَالَ «قَدْ دَنَتْ مِنِّى الْجَنَّةُ حَتَّى لَوِ اجْتَرَأْتُ عَلَيْهَا لَجِئْتُكُمْ بِقِطَافٍ مِنْ قِطَافِهَا، وَدَنَتْ مِنِّى النَّارُ حَتَّى قُلْتُ أَىْ رَبِّ وَأَنَا مَعَهُمْ فَإِذَا امْرَأَةٌ - حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ - تَخْدِشُهَا هِرَّةٌ قُلْتُ مَا شَأْنُ هَذِهِ قَالُوا حَبَسَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا، لاَ أَطْعَمَتْهَا، وَلاَ أَرْسَلَتْهَا تَأْكُلُ». قَالَ نَافِعٌ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ «مِنْ خَشِيشِ أَوْ خُشَاشِ الأَرْضِ». طرفه 2364 ـــــــــــــــــــــــــــــ (ثم انصرف) أي: من الصلاة (فقال: دنت مني الجنة حتى لو اجترأت عليها لجئتكم بقطاف من قطافها) اجترأت -بالهمزة- من الجراءة وهي: الجسارة، وفي رواية مسلم: "قصرت يدي" وفيه إشارة إلى أنه لم يكن مأذونًا في ذلك، وفي بعض الرّوايات: "رأيناك تناولت شيئًا" أي: مددت اليد لأخذ شيء، والقطات -بكسر القاف- جمع قطف بكسر القاف. قال ابن الأثير: والمحدثون يفتحون القاف، وإنما هو بالكسر، وهو العنقود منه. وسيأتي في أبواب الكسوف بلفظ: "العنقود". (ودنت مني النار حتى قلت: أي رب، أوأنا معهم؟): عطف على مقدر؛ وهو مدخول حرف الاستفهام؛ أي: أتدخلهم النار وأنا معهم، وفي رواية: "وأنا معهم" بتقدير حرف الاستفهام. وفي رواية ابن ماجه: "وأنا فيهم". (فإذا امرأة) في بعض الرّوايات: "حميرية" (حسبت أنه قال تخدشها هرة) الخدش: قشر الجلد (قال نافع: حسبت أنه قال): أي: ابن أبي مليكة (خشيش الأرض أو خشاش الأرض) قال ابن الأثير: يروى الأول بضم الخاء على وزن المصغر بتشديد الياء وتخفيفهما

91 - باب رفع البصر إلى الإمام فى الصلاة

91 - باب رَفْعِ الْبَصَرِ إِلَى الإِمَامِ فِي الصَّلاَةِ وَقَالَتْ عَائِشَةُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي صَلاَةِ الْكُسُوفِ «فَرَأَيْتُ جَهَنَّمَ يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا حِينَ رَأَيْتُمُونِى تَأَخَّرْتُ». ـــــــــــــــــــــــــــــ باعتبار حذف ألف خشاش وعدم حذفها؛ وبفتح الخاء فيهما أيضًا، وبالحاء المهملة. وهذا وهم، وعلى كل رواية هو حشرات الأرض وهوامها. فإن قلت: أي مناسبة لهذا الحديث مع الترجمة أعني ما يقوله بعد التكبير؟ قلت: استشكلوه حتى حذف ابن بطال هذا الباب، ورواه الإسماعيلي بالباب بلا ترجمة؛ فلا إشكال حينئذ؟. وأجاب بعضهم: بأن المناسبة هي أن دعاء الاستفتاح يستلزم التطويل في القيام، وهذا أيضًا تطويل القيام. وليس بشيء؛ إذ ليس في الباب ذكر دعاء الاستفتاح؛ ولا بعد قراءة دعاء الاستفتاح تطويل. والصواب: أن وجه المناسبة طول القراءة، فإن وضع الباب فيما يقرأ بعد التكبير أيّ قراءة كانت، وأما رواية حديث الكسوف فإشارة منه إلى أن القراءة أعم من أن تكون مع فاصلة عن التكبير؛ فإن الركوع فيها بعده القراءة. فإن قلت: ليس في الحديث ذكر طول القراءة؟ قك: طول القيام مستلزم لطول القراءة؛ إذ معلوم أنه لم يطول القيام خاليًا عن القراءة، وقد دلّ على ما قلنا ما رواه في أبواب الكسوف: فأطال القراءة، بدل القيام والله الموفق. وفي الحديث دلالة على ما ذهب إليه مالك والشافعي وأحمد من تكرار القيام والركوع في الكسوف والخسوف، وعلى أنّ الجنة والنار مخلوقتان، وعلى أن تعذيب الحيوان من غير موجب من الكبائر، وتمام الكلام تقدم في باب جواب الفتيا بالإشارة في كتاب العلم. باب رفع البصر إلى الامام في الصلاة (وقالت عائشة: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: رأيت جهنم يحطم بعضها بعضًا) الحطم: الكسر من الازدحام، وهذا التعليق سيأتي مسندًا في باب إذا انفلتت الدابة في الصلاة.

746 - حَدَّثَنَا مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِى مَعْمَرٍ قَالَ قُلْنَا لِخَبَّابٍ أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ قَالَ نَعَمْ. قُلْنَا بِمَ كُنْتُمْ تَعْرِفُونَ ذَاكَ قَالَ بِاضْطِرَابِ لِحْيَتِهِ. أطرافه 760، 761، 777 747 - حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ يَخْطُبُ قَالَ حَدَّثَنَا الْبَرَاءُ وَكَانَ غَيْرَ كَذُوبٍ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا صَلَّوْا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَرَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَامُوا قِيَامًا حَتَّى يَرَوْنَهُ قَدْ سَجَدَ. طرفه 690 ـــــــــــــــــــــــــــــ 746 - (عمارة) بضم العين وتخفيف الميم (عمير) بضم العين على وزن المصغر (عن أبي معمر) -بفتح الميمين وعين ساكِنة- عبد الله بن سخبرة. (قلنا لخباب) -بفتح الخاء وتشديد الباء- هو ابن الأرت -بالتّاء المشددة- من الأرقاء، أعتقته امرأة من خُزاعة، من السابقين الأولين إلى الإسلام، ومن الذين عُذِّبوا في الله. (أكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في الظهر والعصر؟ قال: نعم، قلنا: بما كنتم تعرفون ذلك؟ قال: باضطراب لحيته) هذا موضع الدلالة على الترجمة، فإنهم لو لم يرفعوا البصر إليه لم يشاهدوا اضطراب لحيته. قيل: مرادهم بالقراءة غير الفاتحة إذ لا بد من قراءتها، وفيه نظر لعدم دلالة اللفظ عليه، وكيف يسلم هذا من لم [يوجب] قراءة الفاتحة. 747 - (حجاج) بفتح الحاء وتشديد الجيم (أبو إسحاق) هو السبيعي -بفتح السين وكسر الباء- عمرو بن عبد الله. (حدثنا البراء وكان غير كذوب) ذكرنا فائدة قوله غير كذوب في باب متى يسجد من خلف الإمام مع فوائد مهمة فراجعه. (كانوا إذا صلوا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فرفع رأسه من الرّكوع قاموا قيامًا حتى يروه قد سجد) وفي بعضها: يرونه، على أنّ حتى ابتدائية كما في قوله: سرت حتى أدخلُ البلد أمس. وجه الدلالة على الترجمة ظاهر فيه.

748 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما قَالَ خَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَصَلَّى، قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَأَيْنَاكَ تَنَاوَلُ شَيْئًا فِي مَقَامِكَ، ثُمَّ رَأَيْنَاكَ تَكَعْكَعْتَ. قَالَ «إِنِّى أُرِيتُ الْجَنَّةَ، فَتَنَاوَلْتُ مِنْهَا عُنْقُودًا، وَلَوْ أَخَذْتُهُ لأَكَلْتُمْ مِنْهُ مَا بَقِيَتِ الدُّنْيَا». طرفه 29 749 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ قَالَ حَدَّثَنَا هِلاَلُ بْنُ عَلِىٍّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ صَلَّى لَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ رَقَا الْمِنْبَرَ، فَأَشَارَ بِيَدَيْهِ قِبَلَ قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ ثُمَّ قَالَ «لَقَدْ رَأَيْتُ الآنَ مُنْذُ صَلَّيْتُ لَكُمُ الصَّلاَةَ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ مُمَثَّلَتَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ 748 - (زيد بن أسلم) على وزن الماضي (يسار) ضد اليمين. (خسفت الشمس) قال ابن الأثير: المعروف في الشمس الكسوف، واستعمال الخسوف في القمر، فإذا أسند ما لكل واحد منهما إلى الآخر فلاشتراكهما في ذهاب النور. (تكعكعت) التكعكع: لغة: الخوف والجبن، قاله الجوهري. قال ابن الأثير: والمراد به في الحديث التأخر مع الخوف والحذر. (رأيت الجنة فتناولت منها عنقودًا). فإن قلت: التناول هو الأخذ باليد فما معنى قوله بعده: (لو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا)؟ قلت: التناول مَدُّ اليد لا الأخذ، ولو سلم فالمعنى: أخذته بيدي في مكانه، ولو أخذته من مكانه لأكلتم منه. فإن قلت: كيف يعقل أكل أهل الدنيا إلى آخر الدهر من عنقود؟ قلت: بإيجاد البدل في مكان ما يؤكل، كما هو شأن ثمار الجنة. 749 - (فليح) بضم الفاء على وزن المصغر. (عن أنس رقي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المنبر) -بكسر الميم من النبر- وهو الرفع، ورقي بكسر القاف وفتح الراء على الأفصح، وفتحها لغة طي. (لقد رأيت الآن منذ صليت لكم الصلاة الجنة والنار ممثلتين) أي: مشخصتين، كشف له عن الحجاب فشاهدهما، والحمل على أنه رأى صورتهما لا الحقيقة باطل؛ لأنه تناول عنقودًا وأخبر أنه لو قطعه لأكل الناس منه، والمراد بـ "الآن" الزّمان القريب، وهذا متعارف عندهم، لا الآن الذي هو جزء الزمان الحاضر.

92 - باب رفع البصر إلى السماء فى الصلاة

فِي قِبْلَةِ هَذَا الْجِدَارِ، فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ» ثَلاَثًا. طرفه 93 92 - باب رَفْعِ الْبَصَرِ إِلَى السَّمَاءِ فِي الصَّلاَةِ 750 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَرُوبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ (فلم أرَ كاليوم في الخير والثر) أي: لم أر في شأن الخير والشر في يوم من الأيام مثل ما رأيت في هذا اليوم؛ لأنه رأى جزاء الخير الجنة وجزاء الشر النار. (ثلاثًا) أي: أعاد هذا الكلام ثلاث مرات؛ كما هو دأبه في تبليغ الأحكام إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثًا. قال بعض الشارحين: فإن قلت: ما وجه دلالته على الترجمة؟ قلت: فيه بيان رفع بصر الإمام إلى الشيء فناسب بيان رفع البصر إلى الإمام من جهة كونهما مشتركين في رفع البصر في الصلاة. هذا كلامُه وفيه خبط من وجوه: الأول: أن ليس في هذا الحديث رفع بصر الإمام، غير أنه لما كان على المنبر أشار إلى جدار القبلة. الثاني: أن قوله ناسب بيان رفع البصر. وقيل: وجه الدلالة مأخوذ من قوله: فأشار بيده قبل القبلة، فإن رؤيتهم الإشارة تقتضي أنهم كانوا يراقبون أقواله. وفيه نظر؛ لأن الإشارة وقعت بعد الفراغ من الصلاة، على أن الكلام إنما هو في رؤية أفعال الإمام؛ لأنه المحتاج إلى رفع البصر. والصواب: أن حديث أنس مختصر من حديث ابن عباس وحديث عائشة؛ لاتحاد الوجه بلا خلاف، وفي حديثهما أنهم رأوا تأخره وتقدمه، فأشار في حديثه إلى ذلك كما هو دأبه من الإشارة والاستدلال بالخفي لله دره، في الصّلاة مجرد دعوى لا يفيده لفظ الحديث؛ وذلك هو سبب السؤال إلى الإمام ممنوع، ومن أين يلزم أن الإمام إذا رفع أن يرفع المأموم وقوله من جهة كونهما مشتركين في رفع البصر. باب رفع البصر إلى السماء في الصلاة 750 - (ابن أبي عروبة) -بفتح العين- اسمه سعيد.

93 - باب الالتفات فى الصلاة

قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ فِي صَلاَتِهِمْ». فَاشْتَدَّ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ حَتَّى قَالَ «لَيَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ». 93 - باب الاِلْتِفَاتِ فِي الصَّلاَةِ 751 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ قَالَ حَدَّثَنَا أَشْعَثُ بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ الاِلْتِفَاتِ فِي الصَّلاَةِ فَقَالَ «هُوَ اخْتِلاَسٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ (قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم) زاد مسلم "عند الدعاء" وإذا كُره عند الدعاء ففي غيره أولى. قوله "ما بال أقوام" على دأبه في المواعظ لم يعين المخاطب؛ لئلا يخجل بين الناس مع كونه أعم فائدة. (فاشتد في ذلك قوله) لم ينقل مقالته إما لأنه لم يحفظها؛ أو نبه بلفظ اشتد على أنه بالغ في الإنكار (حتى قال: لينتهن عن ذلك أو لتخطفن أبصارهم) على بناء المجهول، هذا كلام على سبيل منع الخلق؛ أي أحد الأمرين لازم، إما الانتهاء أو الخطف، ولا تخفى دلالته، على شدة الكراهة في الصلاة. وأمّا الدعاء خارج الصلاة فالجمهور على أن رفع البصر مستحب فيها؛ لأن السماء قبلة الدّعاء، كما أن الكعبة قبلة الصلاة، وذلك لقوله تعالى: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22)} [الذاريات: 22]. باب الالتفات في الصلاة 751 - (مسدد) بضم الميم وتشديد الدال المفتوحة (أبو الأحوص) -بالصاد المهملة- سلام بن سليم -بتشديد اللام في الأول والثاني- مصغر (أشعث بن سليم) -بفتح الهمزة آخره ثاء مثلثة- وسليم مصغر. (سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الالتفات في الصلاة) أي: عن حكمه (فقال: هو اختلاس

يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلاَةِ الْعَبْدِ». طرفه 3291 752 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى فِي خَمِيصَةٍ لَهَا أَعْلاَمٌ فَقَالَ «شَغَلَتْنِى أَعْلاَمُ هَذِهِ، اذْهَبُوا بِهَا إِلَى أَبِى جَهْمٍ وَأْتُونِى بِأَنْبِجَانِيَّةٍ». طرفه 373 ـــــــــــــــــــــــــــــ يختلسه الشيطان من صلاة العبد) افتعال من الخلسة -بضم الخاء- وهي خطف الشيء خفية ومكابرة. فإن قلت: هذا بيان السبب الموجب وكان السؤال عن الحكم؛ قلت: يعلم منه الحكم، وهو عدم الإثم؛ لأنه لم يقصد، بل نشأ عن عدم السقط والحذر من الشيطان، هذا إذا وقع منه من غير قصد، وأما إذا كان ذاكرًا أنه في الصلاة والتفت قصدًا وذلك مكروه، إلا أن يكون لأمر نزل، كالتفات أبي بكر حين صَفَّق الناس لمجيء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فإن قلت: روى أبو داود والنسائي والحاكم عن أبي ذر مرفوعًا: "لا يزال الله مقبلًا على العبد في صلاته ما لم يلتفت؛ فإذا التفت انصرف عنه"؟ قلت: محمول على الالتفات من غير ضرورة قصدًا، جمعًا بين الأدلة. 752 - (قتيبة) بضم القاف على وزن المصغر. (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى في خميصة لها أعلام) الخميصة -بفتح الخاء المعجمة- كساء أسود لها أعلام. (شغلتني أعلام هذه) كان ذلك من غير قصد، فخاف بمرور الزمان أن يعتاد النظر إليها (أذهبوا بها إلى أبي جهم) بفتح الجيم وسكون الهاء. (وأتوني بأنبجانية) -بفتح الهمزة وسكون النون وفتح الموحدة والجيم وتشديد

94 - باب هل يلتفت لأمر ينزل به أو يرى شيئا أو بصاقا فى القبلة

94 - باب هَلْ يَلْتَفِتُ لأَمْرٍ يَنْزِلُ بِهِ أَوْ يَرَى شَيْئًا أَوْ بُصَاقًا فِي الْقِبْلَةِ وَقَالَ سَهْلٌ الْتَفَتَ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - فَرَأَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -. 753 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ رَأَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - نُخَامَةً فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ، وَهْوَ يُصَلِّى بَيْنَ يَدَىِ النَّاسِ، فَحَتَّهَا ثُمَّ قَالَ حِينَ انْصَرَفَ «إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا كَانَ فِي الصَّلاَةِ فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ، فَلاَ يَتَنَخَّمَنَّ أَحَدٌ قِبَلَ ـــــــــــــــــــــــــــــ الياء- كساء لا علم لها، وقد تقدم الكلام وافيًا في باب إذا صلى في ثوب له أعلام. باب هل يلتفت لأمر نزل به أو يرى شيئًا أو بصاقًا (البصاق) -بضم الباء- ما يلقيه الإنسان من فيه، ويقال بالزاي والسين أيضًا، وعطفه من قبيل عطف الخاص على العام؛ اهتمامًا به، لكونه كثير الوقوع. (وقال سهل: التفت أبو بكر فرأى النبي - صلى الله عليه وسلم -) تقدم هذا التعليق مسندًا في باب إمامة أبي بكر. 753 - (قتيبة) بضم القاف على وزن المصغر. (رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نخامة في قبلة المسجد وهو يصلي بين يدي الناس فحتها) النخامة -بضم النون وفتحها وخاء معجمة- قال ابن الأثير: هي ما يخرج من الحلق. والحتّ -بتشديد المثناة فوق- الحك. فإن قلت: قد سلف في آخر أبواب القبلة الحديث من رواية عائشة وأنس بطرق: أن الحك كان خارج الصلاة. قلت: محمول على تعدد الواقعة. (إن أحدكم إذا كان في الصلاة فإن الله قبِلَ وجهه) أي: أمداد رحمته وألطافه متوجهة إليه من تلك الجهة، فيجب إكرامها.

وَجْهِهِ فِي الصَّلاَةِ». رَوَاهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَابْنُ أَبِى رَوَّادٍ عَنْ نَافِعٍ. طرفه 406 754 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَنَسٌ قَالَ بَيْنَمَا الْمُسْلِمُونَ فِي صَلاَةِ الْفَجْرِ لَمْ يَفْجَأْهُمْ إِلاَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَشَفَ سِتْرَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ وَهُمْ صُفُوفٌ، فَتَبَسَّمَ يَضْحَكُ، وَنَكَصَ أَبُو بَكْرٍ رضى الله عنه عَلَى عَقِبَيْهِ لِيَصِلَ لَهُ الصَّفَّ فَظَنَّ أَنَّهُ يُرِيدُ الْخُرُوجَ، وَهَمَّ الْمُسْلِمُونَ أَنْ يَفْتَتِنُوا فِي صَلاَتِهِمْ، فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَتِمُّوا صَلاَتَكُمْ، فَأَرْخَى السِّتْرَ، وَتُوُفِّىَ مِنْ آخِرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ. طرفه 680 ـــــــــــــــــــــــــــــ (رواه موسى بن عقبة وابن أبي روَّاد عن نافع) -بفتح الراء وتشديد الواو- واسمه عبد العزيز، واسم الأب عبد المجيد. فإن قلت: أين موضع الدلالة على الترجمة؟ قلت: لو لم يلتفت لم ير النخامة. فإن قلت: النخامة كانت في صوب قبلته. قلت: كذلك، ولكن في الصلاة إنما كان ينظر موضع السجود. فإن قلت: الترجمة دلت على [أن] رؤية البصاق هي سبب الالتفات. قلت: وقع نظره عليه في رفع الرأس من السجود أو الركوع، ثم التفت إليها قصدًا للحك. 754 - (بكير) بضم الباء على وزن المصغر، وكذا (عقيل). روى عن أنس: أن الناس كانوا في الصلاة، فكشف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سجف الحجرة ثم أرخاه. وموضع الدلالة قوله: (وهمّ المسلمون أن يفتتنوا) حين رأوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وحجرته في ميسرة القبلة، فلو لم يلتفتوا لم يمكنهم رؤيته، وقد مرّ الحديث مرارًا. (وتوفي - صلى الله عليه وسلم - من آخر ذلك اليوم) هذا مخالف لرواية الجمهور، قال ابن عبد البر: توفي يوم الإثنين ضحىً في مثل الوقت الذي دخل فيه المدينة.

95 - باب وجوب القراءة للإمام والمأموم فى الصلوات كلها فى الحضر والسفر وما يجهر فيها وما يخافت

95 - باب وُجُوبِ الْقِرَاءَةِ لِلإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ وَمَا يُجْهَرُ فِيهَا وَمَا يُخَافَتُ 755 - حَدَّثَنَا مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ شَكَا أَهْلُ الْكُوفَةِ سَعْدًا إِلَى عُمَرَ - رضى الله عنه - فَعَزَلَهُ وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ عَمَّارًا، فَشَكَوْا حَتَّى ذَكَرُوا أَنَّهُ لاَ يُحْسِنُ يُصَلِّى، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَقَالَ يَا أَبَا إِسْحَاقَ إِنَّ هَؤُلاَءِ يَزْعُمُونَ أَنَّكَ لاَ تُحْسِنُ تُصَلِّى قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ أَمَّا أَنَا وَاللَّهِ فَإِنِّى كُنْتُ أُصَلِّى بِهِمْ صَلاَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا أَخْرِمُ عَنْهَا، أُصَلِّى صَلاَةَ الْعِشَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب وجوب القراءة على الإمام والمأموم في الصلوات كلها في الحضر والسفر وما يجهر بها وما يخافت المخافتة: القراءة سرًّا؛ قال تعالى: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: 110]. 755 - (أبو عوانة) -بفتح العين- الوضاح الواسطي (عمير) بضم العين على وزن المصغر (سمرة) بفتح السين وضم الميم. (شكى أهل الكوفة سعدًا إلى عمر) هذا سعد بن مالك، ومالك هو الذي يكنى بأبي وقاص الزهري من أخوال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المبشرين بالجنة، أول من رمى سهمًا في سبيل الله، كان عاملًا لعمر في خلافته على الكوفة، وهو الذي أسس بناء الكوفة بعدما فتح العراق سنة سبع عشرة. (فشكو حتى ذكروا أنه لا يحسن يصلي) هذا تفسير لقوله: شكا أهل الكوفة سعدًا (أمّا أنا، والله فإني كنت أصلي بهم صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أخرم عنها) أمّا بفتح الهمزة والتشديد، [وما أخرم] أي: لا أنقص (أصلي صلاة العشاء) استئناف على تقدير سؤال لما زعم أنه كان يصلي صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ظهر وجه السؤال. فإن قلت: لم ذكر صلاة العشاء دون غيرها؟ قلت: في الباب الذي بعده صلاتي العشي يريد الظهر والعصر، ولعله خصها بالذكر لأن العشاء وقت الاستراحة والظهر والعصر وقت الاشتغال، فإذا حافظ على السنة فيها ففي غيرها من باب الأولى.

فَأَرْكُدُ فِي الأُولَيَيْنِ وَأُخِفُّ فِي الأُخْرَيَيْنِ. قَالَ ذَاكَ الظَّنُّ بِكَ يَا أَبَا إِسْحَاقَ. فَأَرْسَلَ مَعَهُ رَجُلاً أَوْ رِجَالاً إِلَى الْكُوفَةِ، فَسَأَلَ عَنْهُ أَهْلَ الْكُوفَةِ، وَلَمْ يَدَعْ مَسْجِدًا إِلاَّ سَأَلَ عَنْهُ، وَيُثْنُونَ مَعْرُوفًا، حَتَّى دَخَلَ مَسْجِدًا لِبَنِى عَبْسٍ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ أُسَامَةُ بْنُ قَتَادَةَ يُكْنَى أَبَا سَعْدَةَ قَالَ أَمَّا إِذْ نَشَدْتَنَا فَإِنَّ سَعْدًا كَانَ لاَ يَسِيرُ بِالسَّرِيَّةِ، وَلاَ يَقْسِمُ بِالسَّوِيَّةِ، وَلاَ يَعْدِلُ فِي الْقَضِيَّةِ. قَالَ سَعْدٌ أَمَا وَاللَّهِ لأَدْعُوَنَّ بِثَلاَثٍ، اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ عَبْدُكَ هَذَا كَاذِبًا، قَامَ رِيَاءً وَسُمْعَةً فَأَطِلْ عُمْرَهُ، وَأَطِلْ فَقْرَهُ، وَعَرِّضْهُ بِالْفِتَنِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ (فأركد في الأوليين): الركود: السكون أراد لازمه، وهو التطويل، كما سيأتي. مدّ في الأوليين. (فأرسل معه رجلًا أو رجالًا إلى الكوفة يسأل عنه) الشك من جابر. (دخل مسجدًا لبني عبس) بالباء الموحدة الساكنة، أبو قبيلة وهو عبس بن بغيض بن ريث بن غطفان. (فقام رجل منهم يقال له: أسامة بن قتادة [قال] أمّا إذ نشدتنا) بفتح الهمزة وتشديد الميم، والنشدة: لغة الطلب، والمراد به السؤال، أو القسم (فإن سعدًا كان لا يسير بالسرية، ولا يقسم بالسوية، ولا يعدل في القضية) السرية من الجيش: ما دون أربعمائة، طعن في شجاعته وديانته، والقضية: الحكم. (قال سعد: أما والله) بفتح الهمزة وتخفيف الميم (لأدعون بثلاث) أي: ثلاث دعوات (اللهم إن كان عبدك هذا كاذبًا قام رياء وسمعةً) أي: يعمل عمل الآخرة ليراه الناس أو يسمعونه، لا لوجه الله (فأطل عمره، وأطل فقره، وعرضه للفتن) قابل كل كذبة منه بدعوة، وأراد بطول العمر الطول المفرط، وهو أرذل العُمر الذي استعاذ منه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والفقر مع ذلك العمر من أشد المصائب. فإن قلت: كيف دعا على المسلم؟ قلت: قال الله تعالى: {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ

وَكَانَ بَعْدُ إِذَا سُئِلَ يَقُولُ شَيْخٌ كَبِيرٌ مَفْتُونٌ، أَصَابَتْنِى دَعْوَةُ سَعْدٍ. قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ فَأَنَا رَأَيْتُهُ بَعْدُ قَدْ سَقَطَ حَاجِبَاهُ عَلَى عَيْنَيْهِ مِنَ الْكِبَرِ، وَإِنَّهُ لَيَتَعَرَّضُ لِلْجَوَارِى فِي الطُّرُقِ يَغْمِزُهُنَّ. طرفاه 758، 770 756 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ صَلاَةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (41)} [الشورى: 41]، على أنه لم يدع عليه إنشاءً من عند نفسه؛ بل علق على قيامه رياء وسمعة. (قال عبد الملك: أنا رأيته بعد ذلك قد سقط حاجباه على عينيه من الكبر، وإنه ليتعرض للجواري في الطرق يغمزهن) الغمز يكون باليد وبالعين، وهذا الثاني هو المراد، وقيل يعصر أصابعهن بالأصابع، وهذا يتعذر وقوعه في الطرق. حديث سعد إنما دلّ على قراءة الإمام، وهو أحد شقي الترجمة، وهؤلاء الذين شكوه كانوا أجلاف الأعراب، لا علم لهم بالسنة، دلّ عليه رواية مسلم من قول سعد: أيعلمني الأعراب الصلاة، وكانوا يطلبون منه التسوية بين الركعات. 756 - (محمود بن الربيع) ضد الخريف. (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) استدل به الشافعي على وجوب قراءة الفاتحة على الإمام والمأموم؛ لعمومِ لفظ: "من" وحمله أبو حنيفة على نفي الكمال في غير المأموم؛ وأما المأموم فلا يقرؤها رأسًا، لما روي "أن من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة". قال شيخنا شيخ الإسلام ابن حجر: هذا حديث ضعيف عند الحفاظ، استوعب طرقه وعلّله الدّارقطني وغيره.

757 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ أَبِى سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَدَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَرَدَّ وَقَالَ «ارْجِعْ فَصَلِّ، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ». فَرَجَعَ يُصَلِّى كَمَا صَلَّى ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ» ثَلاَثًا. فَقَالَ وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أُحْسِنُ غَيْرَهُ فَعَلِّمْنِى. فَقَالَ «إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاَةِ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، وَافْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلاَتِكَ كُلِّهَا». أطرافه 793، 6251، 6252، 6667 ـــــــــــــــــــــــــــــ 757 - (دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - المسجد، فدخل رجل فصلّى وسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ارجع فصل؛ فإنك لم تصل، ثلاثًا) أي: صلى ثلاث مرات، أو جاء وذهب ثلاث مرات. (إذا قمت إلى الصلاة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن) قال النووي: ما تيسر هو الفاتحة؛ لقوله تعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ} [القمر: 17]، وقوله: "لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب". بيان لذلك المجمل. ويؤيد ما قاله ما رواه ابن حبان في هذا الحديث: "ثم اقرأ بأم القرآن". وفي الحديث دلالة على وجوب الطمأنينة في الأركان، وهو مذهب الشافعي وأبي يوسف، الوجوب الذي قال به أبو يوسف بمعنى الفرض قطعًا، وأمّا الشافعي فلا فرق عنده بين الوجوب والفرض. فإن قلت: لِمَ لَمْ يدله على الصواب أولًا حتى تركه صلّى ثلاث مرات؟ قلت: ظن أنه

96 - باب القراءة في الظهر

96 - بَابُ القِرَاءَةِ فِي الظُّهْرِ 758 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ قَالَ سَعْدٌ كُنْتُ أُصَلِّى بِهِمْ صَلاَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلاَتَىِ الْعَشِىِّ لاَ أَخْرِمُ عَنْهَا، أَرْكُدُ فِي الأُولَيَيْنِ وَأَحْذِفُ فِي الأُخْرَيَيْنِ. فَقَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه - ذَلِكَ الظَّنُّ بِكَ. طرفه 755 759 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى ـــــــــــــــــــــــــــــ يأتي بها على وجه الكمال، وذلك أن السائل لم يقل لا أعلم غير ذلك، ولم ينكشف، فكان مظنة أنه عالم بذلك، وإنما فعل ما فعل ذاهلًا. فإن قلت: أين وجه الدلالة على الترجمة في الأحاديث؟ قلت: حديث سعد دل على قراءة الإمام، ولم يذكر ما يدل على الجهر والمخافتة لأنه معلوم مجمع عليه. فإن قلت: قوله: أركد في الأوليين، دل على أنها من حيث الجملة أطول من الأخريين، ولم يعلم حال الركعة الأولى مع الثانية. قلت: لم يشر إلى ذلك في الترجمة لكن سيأتي في الباب الذي بعده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يطول في الأولى من الظهر والعصر والصبح؛ وأمّا تطويل الثانية على الأولى، ففيه كراهة إلا عند مالك، وحديث: "من لم يقرأ بفاتحة الكتاب" دلّ على وجوبها على الإمام والمأموم. 758 - وفي قول عمر: (ذاك الظن بك يا أبا إسحاق) دلالة على جواز مدح الإنسان مواجهة إذا أمن منه الاغترار، وبذلك يحصل الجمع بينه وبين الأحاديث الواردة في النهي عنه (أبو النعمان) -بضم النون- محمد بن الفضل. باب القراءة في الظهر 759 - (أبو نعيم) بضم النون على وزن المصغر (شيبان) على وزن شعبان، من الشيب.

قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ مِنْ صَلاَةِ الظُّهْرِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَتَيْنِ، يُطَوِّلُ فِي الأُولَى، وَيُقَصِّرُ فِي الثَّانِيَةِ، وَيُسْمِعُ الآيَةَ أَحْيَانًا، وَكَانَ يَقْرَأُ فِي الْعَصْرِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَتَيْنِ، وَكَانَ يُطَوِّلُ فِي الأُولَى، وَكَانَ يُطَوِّلُ فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى مِنْ صَلاَةِ الصُّبْحِ، وَيُقَصِّرُ فِي الثَّانِيَةِ. أطرافه 762، 776، 778، 779 760 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِى قَالَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنِى عُمَارَةُ عَنْ أَبِى مَعْمَرٍ قَالَ سَأَلْنَا خَبَّابًا أَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــ (يطول في الأولى ويقصّر في الثانية) قال النووي: وهذا يخالف ما هو المشهور من مذهب الشافعي من التسوية، ولعله لم يبلغه الحديث، إذ لا معارض له، وأما حديث سعد: فأركد في الأوليين، فلا دلالة فيه على التساوي. قلت: دليل الشافعي رواية مسلم: كان يقرأ في كل ركعة من الظهر قدر ثلاثين آية. (ويسمع الآية أحيانًا) قيل: إنما كان يسمع لاستغراقه في التدبر، فيقع منه ذلك من غير قصد. قلت: قوله: يسمع، وفي الباب بعده يسمعنا، وسيأتي قول البخاري: باب إذا سمّع الإمام الآية -بالتشديد- صريح في أن ذلك كان قصدًا منه، فالوجه فيه أنه كان يفعل ذلك لأمرين، أحدهما: إعلامهم بأنه في قيامه يقرأ القرآن، لا أنه مشتغل بذكر آخر. والثاني: الدلالة على الجواز في الجملة، وأنه لا يفسد الصلاة. فإن قلت: ذكر أنه كان يطول في الأولى في الظهر والعصر والصبح، فهل في ذلك الطول تفاوت؟ قلت: تفاوت ظاهر، وسيأتي مفصّلًا. 760 - (عمارة) بضم العين وتخفيف الميم (عن أبي معمر) -بفتح الميمين بينهما عين ساكنة- إسماعيل بن إبراهيم الهذلي. (سألنا خبابًا) بفتح المعجمة وتشديد الباء وحديثه في باب رفع البصر إلى الإمام في الصلاة.

97 - باب القراءة فى العصر

وَالْعَصْرِ قَالَ نَعَمْ. قُلْنَا بِأَىِّ شَىْءٍ كُنْتُمْ تَعْرِفُونَ قَالَ بِاضْطِرَابِ لِحْيَتِهِ. طرفه 746 97 - باب الْقِرَاءَةِ فِي الْعَصْرِ 761 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِى مَعْمَرٍ قَالَ قُلْتُ لِخَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ أَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ قَالَ نَعَمْ. قَالَ قُلْتُ بِأَىِّ شَىْءٍ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ قِرَاءَتَهُ قَالَ بِاضْطِرَابِ لِحْيَتِهِ. طرفه 746 762 - حَدَّثَنَا الْمَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَسُورَةٍ سُورَةٍ، وَيُسْمِعُنَا الآيَةَ أَحْيَانًا. طرفه 759 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب القراءة في العصر 761 - (سفيان) هو الثوري، صرح به أبو نعيم (عن عمارة بن عمير) بضم العين فيهما، والثاني مصغر. 762 - (يحيى بن أبي كثير) ضد القليل (عن أبي قتادة) اسمه حارث، أو عمرو، أو نعمان. (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في الركعتين من الظهر والعصر بفاتحة الكتاب وسورة سورة) أي: في كل ركعة من الأوليين بسورة، لما سيأتي من رواية أبي قتادة: أنه كان يقرأ في الأخريين بأم القرآن. واستدل به على أنّ قراءة السورة أفضل من قراءة بعض السورة، وإن كان البعض أطول، لدلالة لفظ (كان) على مداومته عليه.

98 - باب القراءة فى المغرب

98 - باب الْقِرَاءَةِ فِي الْمَغْرِبِ 763 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ قَالَ إِنَّ أُمَّ الْفَضْلِ سَمِعَتْهُ وَهُوَ يَقْرَأُ (وَالْمُرْسَلاَتِ عُرْفًا) فَقَالَتْ يَا بُنَىَّ وَاللَّهِ لَقَدْ ذَكَّرْتَنِى بِقِرَاءَتِكَ هَذِهِ السُّورَةَ، إِنَّهَا لآخِرُ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ بِهَا فِي الْمَغْرِبِ. طرفه 4429 764 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب القراءة في المغرب 763 - (عبيد الله بن عبد الله) الأول مصغر. (أن أم الفضل سمعته يقرأ {وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا} [المرسلات: 1]) أي سمعت ابنها، وأم الفضل هذه لبابَة بنت الحارث زوجة العباس، أي: كميَّة القراءة؛ لأن نفس القراءة معلومة من الجهر، وحديث الباب يدل على هذا. (يا بني لقد ذكرتني بقراءة هذه السورة) -بتشديد الكاف- من الذُكر، بضم الذال (إنها آخر ما سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ بها في المغرب) وسيأتي في [كتاب] المغازي: ثم ما صلى بعدها حتى قبضه الله، وكذا في مسلم والترمذي. قيل: في سمعته التفات؛ لأن أصله سمعتني. قلت: ليس فيه التفات لتقدم قال، وفيه ضمير ابن عباس. 764 - (أبو عاصم) هو النبيل الضحاك بن مخلد (ابن جريج) -بضم الجيم- على وزن المصغر- عبد الملك بن عبد العزيز (عن ابن أبي مليكة) بضم الميم على وزن المصغر، اسم

99 - باب الجهر فى المغرب

الزُّبَيْرِ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ قَالَ لِى زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ مَا لَكَ تَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِقِصَارٍ، وَقَدْ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ بِطُولِ الطُّولَيَيْنِ؟! 99 - باب الْجَهْرِ فِي الْمَغْرِبِ 765 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ـــــــــــــــــــــــــــــ الابن عبد الله، وأبو مليكة: زهير بن عبد الله بن جذعان. (عن مروان بن الحكم قال: قال لي زيد بن ثابت: ما لك تقرأ في المغرب بقصارٍ) بالتنوين، وفي بعضها: بقصار المفصّل. (وقد سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ بطولى الطولَيين) سمعت بضم التاء، زيد بن ثابت يخبر عن سماع نفسه؛ لأن مروان لم يسمع [من] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئًا. وطُولى -بضم الطاء- مؤنث أطول أفعل التفضيل. وفي أبي داود قال مروان: قلت: ما طولى الطوليين؟ قال: الأعراف. وفي البيهقي: الأنعام والأعراف. فيه دفع الإشكال، وهو أن البقرة أطول السور، وأنّ النساء أطول من المائدة، وفي بعض الرّوايات: بطول الطولين على لفظ المصدر. قال الخطابي: المراد بقراءة الأعراف قدر ما أدرك به الوقت، ثم قراءة الباقي في الركعة الثانية خارج الوقت. وهو بناء على أن وقت المغرب لا يمتدّ إلى غروب الشفق الأحمر؛ وهو القول الجديد للشافعي، وليس عليه العمل. باب الجهر في المغرب 765 - (عن محمد بن جبير بن مطعم، [عن أبيه قال]: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في

100 - باب الجهر فى العشاء

قَرَأَ فِي الْمَغْرِبِ بِالطُّورِ. أطرافه 3050، 4023، 4854 100 - باب الْجَهْرِ فِي الْعِشَاءِ 766 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ بَكْرٍ عَنْ أَبِى رَافِعٍ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ أَبِى هُرَيْرَةَ الْعَتَمَةَ فَقَرَأَ (إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ) فَسَجَدَ فَقُلْتُ لَهُ قَالَ سَجَدْتُ خَلْفَ أَبِى الْقَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم - فَلاَ أَزَالُ أَسْجُدُ بِهَا حَتَّى أَلْقَاهُ. أطرافه 768، 1074، 1078 ـــــــــــــــــــــــــــــ المغرب بالطّور) جبير -بضم الجيم- على وزن المصغر، ومطعم اسم الفاعل. روى البخاري في تفسير سورة الطور: فلما بلغ هذه الآية: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35)} [الطور: 35] كاد قلبي أن يطير. أي: خوفًا من الله. وكان جبير إذ ذاك مشركًا، جاء في فداء أسارى بدر. وفي رواية الطبراني: يومئذ أول ما دخل الإسلام في قلبي. فإن قلت: إذا كانت رواية البخاري عن زيد بن ثابت -وهو من علماء الصحابة- على هذا الوجه، فلم اتفق الأئمة على أنه يقرأ في المغرب بالقصَار؟ قلت: لما في النسائي وغيره: أنّه كان يقرأ في المغرب بالقصار. ولفظ كان يفيد الاستمرار، وما عداه محمول على بيان الجواز. باب الجهر في العشاء 766 - (أبو النعمان) -بضم النون- محمد بن الفضل (معتمر) بضم الميم الأول، وكسر الثاني (بكر) بفتح الباء وسكون الكاف، بكر بن عبد الله المزني (عن أبي رافع) اسمه نفيع على وزن المصغر. (صليت مع أبي هريرة العتمة) لعله لم يبلغه النهي عن تسمية العشاء عتمة (فقرأ: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} [الانشقاق: 1] فسجد، فقلت له) أي: قلت: ما هذه السجدة؟.

767 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِىٍّ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ فِي سَفَرٍ فَقَرَأَ فِي الْعِشَاءِ فِي إِحْدَى الرَّكْعَتَيْنِ بِالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ. أطرافه 769، 4952، 7546 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: في رواية عائشة كما تقدم أنّ آخر صلاة صلاها بالناس الظهر، وفي رواية ابن إسحاق أيضًا المغرب؟ قلت: محمول على أنه [في] المغرب كان في بيته؛ كما رواه النسائي، والظهر كان في المسجد. فإن قلت: ليس في الحديث ذكر الجهر على ما ترجم. قلت: قوله: قرأ أبو هريرة {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} صريح في الجهر، ولو لم يكن سمع رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يفعل ذلك لم يفعله، وهذا حجة على مالك حيث كره السجدة في الفريضة. فإن قلت: لم يرفعه أبو هريرة، غايته أنه أخبر عن فعل نفسه؟ قلت: قوله: (خلف أبي القاسم) صريح في أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سجد، على أنه جاء في رواية ابن خزيمة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سجد بها. 767 - (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان في سفر فقرأ في العشاء في إحدى الركعتين بالتين والزيتون) كان فَعَلَ هذا لعارض، وإلا فالمستحب في العشاء أوسط المفصّل، وأَجْمَلَ في قوله: إحدى الركعتين، وفي رواية النسائي أنها الأُولى.

101 - باب القراءة فى العشاء بالسجدة

101 - باب الْقِرَاءَةِ فِي الْعِشَاءِ بِالسَّجْدَةِ 768 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ حَدَّثَنِى التَّيْمِىُّ عَنْ بَكْرٍ عَنْ أَبِى رَافِعٍ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ أَبِى هُرَيْرَةَ الْعَتَمَةَ فَقَرَأَ (إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ) فَسَجَدَ فَقُلْتُ مَا هَذِهِ قَالَ سَجَدْتُ بِهَا خَلْفَ أَبِى الْقَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم - فَلاَ أَزَالُ أَسْجُدُ بِهَا حَتَّى أَلْقَاهُ. طرفه 766 102 - باب الْقِرَاءَةِ فِي الْعِشَاءِ 769 - حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَدِىُّ بْنُ ثَابِتٍ سَمِعَ الْبَرَاءَ رضى الله عنه قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ) فِي الْعِشَاءِ، وَمَا سَمِعْتُ أَحَدًا أَحْسَنَ صَوْتًا مِنْهُ أَوْ قِرَاءَةً. طرفه 767 103 - باب يُطَوِّلُ فِي الأُولَيَيْنِ وَيَحْذِفُ فِي الأُخْرَيَيْنِ 770 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى عَوْنٍ قَالَ سَمِعْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب القراءة في العشاء بالسجدة أي: بسورة السجدة، أو بآية السجدة. 768 - (مسدد) بضم الميم وتشديد الدّال المفتوحة (يزيد) من الزيادة (زريع) مصغر الزرع (التيمي) -بفتح التاء وإسكان الياء- سليمان بن طرخان. روى في الباب الحديث المتقدم عن أبي رافع: أن أبا هريرة قرأ {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} في العشاء، فسجد فيها. فدل على أنّ للإمام أن يقرأ آية السجدة ويسجد فيها. قال مالك بكراهيته، وأبو حنيفة في السرية، وأطلق الشافعي لما روى أبو داود عن ابن عمر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سجد في صلاة الظهر، فرأينا أنه قرأ: {آلم} السجدة. باب القراءة في العشاء 769 - (خلَّاد) بفتح المعجمة وتشديد اللام (مسعر) بكسر الميم. باب يطول في الأوليين ويحذف في الأخريين 770 - (سليمان بن حرب) ضد الصلح (أبي عون) بفتح العين وسكون الواو،

104 - باب القراءة فى الفجر

جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ قَالَ قَالَ عُمَرُ لِسَعْدٍ لَقَدْ شَكَوْكَ فِي كُلِّ شَىْءٍ حَتَّى الصَّلاَةِ. قَالَ أَمَّا أَنَا فَأَمُدُّ فِي الأُولَيَيْنِ، وَأَحْذِفُ فِي الأُخْرَيَيْنِ، وَلاَ آلُو مَا اقْتَدَيْتُ بِهِ مِنْ صَلاَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ صَدَقْتَ، ذَاكَ الظَّنُّ بِكَ، أَوْ ظَنِّى بِكَ. طرفه 755 104 - باب الْقِرَاءَةِ فِي الْفَجْرِ وَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ قَرَأَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالطُّورِ. 771 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا سَيَّارُ بْنُ سَلاَمَةَ قَالَ دَخَلْتُ أَنَا وَأَبِى عَلَى أَبِى بَرْزَةَ الأَسْلَمِىِّ فَسَأَلْنَاهُ عَنْ وَقْتِ الصَّلَوَاتِ فَقَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى الظُّهْرَ حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ، وَالْعَصْرَ وَيَرْجِعُ الرَّجُلُ إِلَى أَقْصَى الْمَدِينَةِ وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ، وَنَسِيتُ مَا قَالَ فِي الْمَغْرِبِ، وَلاَ يُبَالِى بِتَأْخِيرِ الْعِشَاءِ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ وَلاَ يُحِبُّ النَّوْمَ قَبْلَهَا، وَلاَ الْحَدِيثَ بَعْدَهَا، وَيُصَلِّى الصُّبْحَ فَيَنْصَرِفُ الرَّجُلُ فَيَعْرِفُ جَلِيسَهُ، وَكَانَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ أَوْ إِحْدَاهُمَا مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى الْمِائَةِ. طرفه 541 ـــــــــــــــــــــــــــــ و (عبيد الله) الفقيه المعروف. روى في الباب حديث سعد المتقدم في باب وجوب القراءة على الإمام، وقد سلف شرحه هناك (أمّا أنا) بتشديد الميم (أمدّ في الأوليين) أي: أطوّل (وأحذف في الأخريين) أي: أنقص، مجاز عن الترك. (ذاك الظن بك، أو ظني بك)، الشك من جابر، وقد رواه هناك من غير شك. باب القراءة في الفجر (وقالت أم سلمة: قرأ النبي - صلى الله عليه وسلم - بالطّور) أي: في صلاة الصبح. أسند هذا التعليق في باب الحج مع التصريح بالصبح. 771 - (سيّار بن سلامة) بتشديد الياء وتخفيف اللام. (دخلت أنا وأبي على أبي برزة الأسلمي) -بالراء المهملة ثم المعجمة- نضلة بن عبيد (وكان يقرأ في الركعتين، أو إحداهما ما بين الستين إلى المائة) ليس هذا من قبيل الشك،

105 - باب الجهر بقراءة صلاة الفجر

772 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَطَاءٌ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ فِي كُلِّ صَلاَةٍ يُقْرَأُ، فَمَا أَسْمَعَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَسْمَعْنَاكُمْ، وَمَا أَخْفَى عَنَّا أَخْفَيْنَا عَنْكُمْ، وَإِنْ لَمْ تَزِدْ عَلَى أُمِّ الْقُرْآنِ أَجْزَأَتْ، وَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ. 105 - باب الْجَهْرِ بِقِرَاءَةِ صَلاَةِ الْفَجْرِ وَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ طُفْتُ وَرَاءَ النَّاسِ وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى وَيَقْرَأُ بِالطُّورِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أي: تارة كذا، وتارة كذا، لما روى أبو داود: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ في صلاة الصبح سورة الحج وسجد فيها سجدتين، وقرأ الصافات أيضًا. وعن أبي حنيفة في قراءة الفجر روايات، في رواية: يقرأ أربعين، وفي أخرى: خمسين وفي أخرى: من الستين إلى المائة. وهذه أظهر الرّوايات عنه. وفرّق بعضهم فقال: في الصيف يقرأ أربعين، وفي الشتاء مائة. 772 - (وإن لم تزد على أم القرآن أجزأت) يقال: جزى وأجزأ لغتان، المهموز والمعتل. واختلف الفقهاء والمتكلمون في معنى الإجزاء، قال الفقهاء: هو الأداء المسقط للقضاء. وقال المتكلمون: هو امتثال أمر الشارع. وثمرة الخلاف أن من صلى ظانًا أنه على وضوء ولو لم يكن كذلك فصلاتُهُ تجزئه عند المتكلمين دون الفقهاء. وذكره البيضاوي في منهاج الأصول: قيل: قول أبي هريرة: وإن زدت فهو خير، يدل على استحباب ضم السورة أو قدرها في كل ركعة. وفيه نظر؛ لأن قوله: كل صلاة يقرأ فيها، معناه: كل فرد من أفراد الصلاة، لا كل ركعة. باب الجهر في صلاة الفجر (وقالت أم سلمة: قرأ النبي - صلى الله عليه وسلم - بالطور) أي: في صلاة الفجر. ذكرنا في الباب قبله أنه أسنده في باب الحج.

773 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ انْطَلَقَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ، وَقَدْ حِيلَ بَيْنَ الشَّيَاطِينِ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، وَأُرْسِلَتْ عَلَيْهِمُ الشُّهُبُ، فَرَجَعَتِ الشَّيَاطِينُ إِلَى قَوْمِهِمْ. فَقَالُوا مَا لَكُمْ فَقَالُوا حِيلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، وَأُرْسِلَتْ عَلَيْنَا الشُّهُبُ. قَالُوا مَا حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ إِلاَّ شَىْءٌ حَدَثَ، فَاضْرِبُوا مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا، فَانْظُرُوا مَا هَذَا الَّذِى حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ فَانْصَرَفَ أُولَئِكَ الَّذِينَ تَوَجَّهُوا نَحْوَ تِهَامَةَ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ بِنَخْلَةَ، عَامِدِينَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 773 - (أبو عوانة) -بفتح العين- الوضاح الواسطي (عن أبي بشر) -بكسر الموحدة وشين معجمة- جعفر بن أبي وحشية (جبير) بضم الجيم على وزن المصغر. (عن ابن عباس: انطلق النبي - صلى الله عليه وسلم - في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ) يسمى مكان البيع والشراء سوقًا؛ لأن المتاع يُساق إليه، أو لأن الناس يقفون فيه على الساق. وعُكاظ -بضم العين آخره ظاء معجمة- موضع بناحية مكة، يجوز صرفه وعدم صرفه باعتبار البقعة والمكان، والرواية عدم الصرف. (وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء، وأرسلت عليهم الشُهُب) -جمع شهاب- شعلة النار، ولعله استعارةٌ للكواكب؛ لقوله تعالى: {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ} [الملك: 5] والضمير للكواكب، أو تنفصل منها قطعة من النار. وظاهر رواية ابن عبّاس: أن الشياطين إنما حجبوا بعد البعثة، وليس كذلك، لما روي عنه أيضًا: أنه لما ولد عيسى بن مريم حجبت عن ثلاث سماوات، ولما ولد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حجبت عن سائر السموات، فلما بعث منعت عن الاستراق إلا نادرًا. (فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها) انتصابهما على الظرفية، أي: اذهبوا فيها، وعبّر عنه بالضرب؛ لأن الماشي يضرب الأرض برجله. (فانصرف أولئك الذين توجهوا نحو تهامة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -) الجار يتعلق بانصرف (وهو بنخلة) أرض الحجاز قسمان: نجد وتهامة. قال ابن الأثير: النجد ما بين

إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ وَهْوَ يُصَلِّى بِأَصْحَابِهِ صَلاَةَ الْفَجْرِ، فَلَمَّا سَمِعُوا الْقُرْآنَ اسْتَمَعُوا لَهُ فَقَالُوا هَذَا وَاللَّهِ الَّذِى حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ. فَهُنَالِكَ حِينَ رَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ وَقَالُوا يَا قَوْمَنَا (إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا * يَهْدِى إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا) فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - (قُلْ أُوحِىَ إِلَىَّ) وَإِنَّمَا أُوحِىَ إِلَيْهِ قَوْلُ الْجِنِّ. طرفه 4921 774 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَرَأَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِيمَا أُمِرَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ العذيب، إلى ذات عرق، إلى اليمامة؛ إلى جبل طيء، وإلى وجرة، وإلى اليمن، وذات عرق أول تهامة إلى البحر، وإلى جدة. وقيل: تهامة ما بين ذات عرق إلى مرحلتين من وراء مكة، وما عدا ذلك فهو غور، والمدينة لا تهامية ولا نجدية؛ لأنها دون نجد وفوق الغور (وبنخلة). وفي مسلم: بدون الباء، موضع بقرب مكة. فإن قلت: الشياطين مجبولون على الشر فكيف آمنوا؟ قلت: هؤلاء كانوا من الجن كالإنسان، منهم الكافر ومنهم المؤمن، والكفار هم الشياطين. فإن قلت: مؤمن الإنس يدخلون الجنة فما حال مؤمن الجن؟ قلت: كذلك، لقوله تعالى: {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا} [الأنعام: 132] بعد ذكر الإنس والجن. وعن أبي حنيفة: أن حَظّ المؤمن من الجن النجاةُ من العذاب. وليس له في ذلك دليل. 774 - (قرأ النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما أُمر وسكت فيما أمر) أي: جهر فيما أمر بالجهر، وأسر فيما أمر بالسر؛ وإلا فالقراءة لا بدّ منها، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن" ولقول خباب: كان يقرأ في السرية. والأَولى أن يكون هذا مجملًا؛ فصّله الحديث الذي قبله؛ لأنه من رواية ابن عباس:

106 - باب الجمع بين السورتين فى الركعة

وَسَكَتَ فِيمَا أُمِرَ (وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا) (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ). 106 - باب الْجَمْعِ بَيْنَ السُّورَتَيْنِ فِي الرَّكْعَةِ وَالْقِرَاءَةِ بِالْخَوَاتِيمِ، وَبِسُورَةٍ قَبْلَ سُورَةٍ، وَبِأَوَّلِ سُورَةٍ. وَيُذْكَرُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ قَرَأَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمُؤْمِنُونَ فِي الصُّبْحِ حَتَّى إِذَا جَاءَ ذِكْرُ مُوسَى وَهَارُونَ أَوْ ذِكْرُ عِيسَى، أَخَذَتْهُ سَعْلَةٌ فَرَكَعَ. وَقَرَأَ عُمَرُ فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى بِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ آيَةً مِنَ الْبَقَرَةِ، وَفِى الثَّانِيَةِ بِسُورَةٍ مِنَ الْمَثَانِى. وَقَرَأَ الأَحْنَفُ ـــــــــــــــــــــــــــــ كان لا يرى القراءة في السريّة؛ كما رواه أبو داود، وروي عنه أيضًا أنه كان شاكًا، وروى الطحاوي عنه أنه كان يرى القراءة فيها. ({وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: 64]): أي: لو كان هناك أمر آخر لأمَرَ رسولَهَ به. باب الجمع بين السورتين في الركعة والقراءة بالخواتيم وبسورة قبل سورة وبأول سورة (ويذكر عند عبد الله بن السائب: قرأ النبي - صلى الله عليه وسلم - المؤمنون في الصبح) هذا التعليق رواه مسلم مسندًا (ذِكر موسى وهارون، أو ذكر عيسى) في رواية ابن ماجه جزم بعيسى، وفي رواية الطبراني أن ذلك كان بمكة يوم الفتح (أخذته سعلة) -بفتح السين وضمها- من السعال. وفيه دلالة على أن الاقتصار على أوائل السور جائز بلا كراهة بعذر؛ وكذا بلا عذر، إلا أنه خلاف الأولى. (وفي الثانية بسورة من المثاني) هي السور التي لم تبلغ مائة آية، سميت بذلك لأنها

بِالْكَهْفِ فِي الأُولَى، وَفِى الثَّانِيَةِ بِيُوسُفَ أَوْ يُونُسَ، وَذَكَرَ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ عُمَرَ - رضى الله عنه - الصُّبْحَ بِهِمَا. وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ بِأَرْبَعِينَ آيَةً مِنَ الأَنْفَالِ، وَفِى الثَّانِيَةِ بِسُورَةٍ مِنَ الْمُفَصَّلِ. وَقَالَ قَتَادَةُ فِيمَنْ يَقْرَأُ سُورَةً وَاحِدَةً فِي رَكْعَتَيْنِ أَوْ يُرَدِّدُ سُورَةً وَاحِدَةً فِي رَكْعَتَيْنِ كُلٌّ كِتَابُ اللَّهِ. 774 م - وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - كَانَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يَؤُمُّهُمْ فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ، وَكَانَ كُلَّمَا افْتَتَحَ سُورَةً يَقْرَأُ بِهَا لَهُمْ فِي الصَّلاَةِ مِمَّا يَقْرَأُ بِهِ افْتَتَحَ بِـ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهَا، ثُمَّ يَقْرَأُ سُورَةً أُخْرَى مَعَهَا، وَكَانَ يَصْنَعُ ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، فَكَلَّمَهُ أَصْحَابُهُ فَقَالُوا إِنَّكَ تَفْتَتِحُ بِهَذِهِ السُّورَةِ، ثُمَّ لاَ تَرَى أَنَّهَا تُجْزِئُكَ حَتَّى تَقْرَأَ بِأُخْرَى، فَإِمَّا أَنْ تَقْرَأَ بِهَا وَإِمَّا أَنْ تَدَعَهَا وَتَقْرَأَ بِأُخْرَى. فَقَالَ مَا أَنَا بِتَارِكِهَا، إِنْ أَحْبَبْتُمْ أَنْ أَؤُمَّكُمْ بِذَلِكَ فَعَلْتُ، وَإِنْ كَرِهْتُمْ تَرَكْتُكُمْ. وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ مِنْ أَفْضَلِهِمْ، وَكَرِهُوا أَنْ يَؤُمَّهُمْ غَيْرُهُ، فَلَمَّا أَتَاهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرُوهُ الْخَبَرَ فَقَالَ «يَا فُلاَنُ مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَفْعَلَ مَا يَأْمُرُكَ بِهِ أَصْحَابُكَ ـــــــــــــــــــــــــــــ تأتي بعد المِئين، وعن ابن مسعود أن المِئين إحدى عشرة سورة؛ والمثاني عشرون. وقيل: المثاني هي التي تكررت أوائلها؛ كالحواميم. (عن أنس: أنّ رجلًا من الأنصار كان يؤمهم في مسجد قباء) قيل: هذا الرجل هو كلثوم بن الهدم بكسر الهاء. فإن قلت: روى البخاري عن عائشة في كتاب التوحيد، وفي رواية مسلم في أبواب الصلاة: أن هذا وقع من أمير السرية، وكلثوم مات بعد مقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - بأيام قبل بناء المسجد؟ قلت: قصة الأمير غير هذه والدليل على المغايرة أنه كان يختم بها، وهذا كان يقرؤها قبل. ومن تأمل في السياق ظهر له آخر. (يا فلان ما يمنعك أن تفعل ما يأمرك به أصحابك؟) قال بعض الشارحين: كيف ذكر الأمر ولا علو هنا ولا استعلاء؟ قلت: العلو والاستعلاء ليسا بشرط في الأمر. وهذا الذي

وَمَا يَحْمِلُكَ عَلَى لُزُومِ هَذِهِ السُّورَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ». فَقَالَ إِنِّى أُحِبُّهَا. فَقَالَ «حُبُّكَ إِيَّاهَا أَدْخَلَكَ الْجَنَّةَ». 775 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ قَرَأْتُ الْمُفَصَّلَ اللَّيْلَةَ فِي رَكْعَةٍ. فَقَالَ هَذًّا كَهَذِّ الشِّعْرِ لَقَدْ عَرَفْتُ النَّظَائِرَ الَّتِى كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرِنُ بَيْنَهُنَّ فَذَكَرَ عِشْرِينَ سُورَةً مِنَ الْمُفَصَّلِ سُورَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ. طرفاه 4996، 5043 ـــــــــــــــــــــــــــــ قاله مخالف لما اختاره المحققون من شرط الاستعلاء؛ قال ابن الحاجب: الأمر اقتضاء فعل غير كف؛ على جهة الاستعلاء. وارتضاه المحققون بعده. والجواب: أن فيه استعلاء من حيث إن الإمام ضامن لصلاة المأمومين، ولا يفعل شيئًا إلا برضاهم. (ما يحملك على لزوم هذه السورة؟ قال: إني أحبها، قال: حبك إياها أدخلك الجنة) آثر الماضي دلالة على تحقق الوقوع؛ كقوله تعالى: {وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ} [الأعراف: 44]. 775 - (عمرو بن مرة) بضم الميم وتشديد الرّاء. (سمعت أبا وائل) شقيق بن سلمة (قرأت المفصل الليلة [في ركعة، فقال:] قال: هذًّا كهذّ الشعر) نصب على المصدر، والهذّ -بفتح الهاء وتشديد الذّال المعجمة- الإسراع، وإنما شبهه بقراءة الشعر لأنه ينشد من غير تأمل، هذا الرجل نهيك بن سنان -بفتح النون وكسر الهاء-، وفي رواية لمسلم: قرأت المفصل في ركعة (لقد عرفت النظائر التي كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرن بينهن) -بفتح الياء وكسر الراء- أي: يجمع، ومنه قِران الحج، وسمّاها النظائر لتقاربها في الطول والقصر.

107 - باب يقرأ فى الأخريين بفاتحة الكتاب

107 - باب يَقْرَأُ فِي الأُخْرَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ 776 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ فِي الأُولَيَيْنِ بِأُمِّ الْكِتَابِ وَسُورَتَيْنِ، وَفِى الرَّكْعَتَيْنِ الأُخْرَيَيْنِ بِأُمِّ الْكِتَابِ، وَيُسْمِعُنَا الآيَةَ، وَيُطَوِّلُ فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى مَا لاَ يُطَوِّلُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ، وَهَكَذَا فِي الْعَصْرِ وَهَكَذَا فِي الصُّبْحِ. طرفه 759 108 - باب مَنْ خَافَتَ الْقِرَاءَةَ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ 777 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِى مَعْمَرٍ قُلْتُ لِخَبَّابٍ أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ قَالَ نَعَمْ. قُلْنَا مِنْ أَيْنَ عَلِمْتَ قَالَ بِاضْطِرَابِ لِحْيَتِهِ. طرفه 746 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب يقرأ في الأخريين بفاتحه الكتاب 776 - (همام) بفتح الهاء وتشديد الميم (أبي قتادة) اسمه الحارث أو عمرو. (وفي الركعتين الأخريين بأم الكتاب) أي: الفاتحة؛ سميت أم الكتاب؛ لأنه أجمَلَ فيها ما فصل في القرآن (وبطول في الركعة الأولى ما لا يطيل في الثانية) ما: موصولة أو مصدرية، وهذا مخالف لما هو المشهور من مذهب الشافعي من التسوية في الركعتين، وقد أشرنا إلى دليل الشافعي في باب وجوب القراءة على الإمام والمأموم. (وهكذا في العصر، وهكذا في الصبح) أي: يطيل الأولى على الثانية. باب من خافت القراءة أي: بالقراءة كما في بعض النسخ. (في الظهر والعصر). 777 - (قتيبة) بضم القاف مصغر (عمارة بن عمير) بضم العين فيهما، والثاني مصغر (عن أبي معمر) -بفتح الميمين بينهما عين ساكنة- عبد الله بن سخبرة. تقدم الحديث مع شرحه في باب رفع البصر إلى الإمام.

109 - باب إذا أسمع الإمام الآية

109 - باب إِذَا أَسْمَعَ الإِمَامُ الآيَةَ 778 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ أَبِى كَثِيرٍ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقْرَأُ بِأُمِّ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ مَعَهَا فِي الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ مِنْ صَلاَةِ الظُّهْرِ وَصَلاَةِ الْعَصْرِ، وَيُسْمِعُنَا الآيَةَ أَحْيَانًا، وَكَانَ يُطِيلُ فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى. طرفه 759 110 - باب يُطَوِّلُ فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى 779 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُطَوِّلُ فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى مِنْ صَلاَةِ الظُّهْرِ، وَيُقَصِّرُ فِي الثَّانِيَةِ، وَيَفْعَلُ ذَلِكَ فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ. طرفه 759 111 - باب جَهْرِ الإِمَامِ بِالتَّأْمِينِ وَقَالَ عَطَاءٌ آمِينَ دُعَاءٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إذا أسمع الإمام الآية أي: سمّع بالتشديد وفي، بعضها: باب إذا أسمع. 778 - (الأوزاعي) -بفتح الهمزة- إمام الشام في زمانه، واسمه عبد الرحمن. الحديث مع شرحه سلف آنفًا في باب ما يقرأ في الأخريين. باب يطول في الرّكعة الأولى 779 - ذكر في الباب حديث أبي قتادة، وقد أشرنا مرارًا إلى أن إيراد الحديث الواحد في أبواب كثيرة غَرَضُه استنباط الأحكام التي دل عليها الحديث، يشير إلى تلك الأحكام في التراجم. باب جهر الإمام والناس بالتأمين في لفظ آمين لغتان: المدُّ والقصرُ، والتشديدُ لحنٌ. (وقال عطاء: آمين دعاء) ذلك أن آمين اسم فعل بمعنى استجب.

أَمَّنَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَمَنْ وَرَاءَهُ حَتَّى إِنَّ لِلْمَسْجِدِ لَلَجَّةً. وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُنَادِى الإِمَامَ لاَ تَفُتْنِى بِآمِينَ. وَقَالَ نَافِعٌ كَانَ ابْنُ عُمَرَ لاَ يَدَعُهُ وَيَحُضُّهُمْ، وَسَمِعْتُ مِنْهُ فِي ذَلِكَ خَيْرًا. 780 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُمَا أَخْبَرَاهُ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا أَمَّنَ الإِمَامُ فَأَمِّنُوا فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلاَئِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ (وقال نافع: أَمّن ابن الزبير ومَنْ خلفه حتى إن للمسجد لَجَّة) -بفتح اللام وتشديد الجيم-: ويروى: جلبة، وفي رواية: رجّة -بالراء- والمعنى واحد؛ وهو الأصوات المختلفة. (وكان أبو هريرة ينادي الإمام لا تَفُتْني بآمين) وروى البيهقي أن أبا هريرة كان يؤذن لمروان، فشرط عليه أن لا يسبقه بآمين. 780 - (عن سعيد بن المسيب) بفتح الياء المشددة على الأكثر. (إذا أمَّن الإمام فأمِّنوا؛ فإن من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه) فيه دليل للشافعي ومن وافقه في أن الإمام يجهر بالتأمين وإلا لم يمكن وقوف المأموم على ذلك. وقال الكوفيون: يُسِرُّ؛ لأنه دعاء، ودعاء السّر أقرب إلى الإجابة. والمراد بالملائكة: الكرام الحفظة، وبعض ملائكة السماء، أو هم والسيّاحون في الأرض لسماع الذكر؛ كما جاء في الأحاديث: "إن لله ملائكة سياحين يلتمسون حِلق الذكر". والأول هو الوجه؛ لما رواه بعد باب: "قالت الملائكة في السماء: آمين" والحديث حجة على مالك في قوله: لا يقوله الإمام في رواية عنه، وحمله على الاستغراق بعيد؛ لا لأنه يعظم ذلك لأن حملة العرش ومن حوله يستغفرون للذين آمنوا، بل لأن طائفة منهم ساجدون

112 - باب فضل التأمين

وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «آمِينَ». طرفه 6402 112 - باب فَضْلِ التَّأْمِينِ 781 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا قَالَ أَحَدُكُمْ آمِينَ. وَقَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ فِي السَّمَاءِ آمِينَ. فَوَافَقَتْ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ أبدًا، وأخرى كذلك راكعون، وأخرى مستغرقون في أنوار جلاله وجماله، وهم المهَيَّمون. وقيل: المراد بالموافقة الموافقة في الإخلاص؛ لا في القول وحده، وترده الرواية الأخرى: "من وافق قوله [قول] الملائكة". والمراد بالذنب الصغائر قطعًا، وما عدا حقوق العباد على الاحتمال. (قال ابن شهاب: وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: آمين) قال شيخنا ابن حجر: هذا متصل إليه برواية مالك عنه، وأخطأ من زعم أنه تعليق. قلت: رواه مالك في الموطأ؛ كما رواه البخاري موصولًا إلى أبي هريرة مرفوعًا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم قال ابن شهاب: وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "آمين" من غير زيادة من أين يلزم الجزم بتخطئة من قال إنه تعليق؛ إلا أنه مرسل وإن كان مرفوعًا؟. باب فضل التأمين 781 - (عن أبي الزناد) -بكسر الزاي بعدها نون- عبد الله بن ذكوان. (إذا قال أحدكم: آمين، وقالت الملائكة في السماء: آمين فوافقت إحداهما على الأخرى) التأنيث باعتبار الكلمة، والموافقة حصولهما معًا في زمان واحد، وإفرادُ الملائكة التي في السماء بالذكر ليس قيدًا؛ بل دلالة بالأبعد على الأقرب.

113 - باب جهر المأموم بالتأمين

113 - باب جَهْرِ الْمَأْمُومِ بِالتَّأْمِينِ 782 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سُمَىٍّ مَوْلَى أَبِى بَكْرٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا قَالَ الإِمَامُ (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ) فَقُولُوا آمِينَ. فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلاَئِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». تَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَنُعَيْمٌ الْمُجْمِرُ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه. طرفه 4475 114 - باب إِذَا رَكَعَ دُونَ الصَّفِّ 783 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنِ الأَعْلَمِ - وَهْوَ زِيَادٌ - ـــــــــــــــــــــــــــــ باب جهر المأموم بالتأمين 782 - (سمي) بضم السين على وزن المصغر (عن أبي صالح) ذكوان السمان. (إذا قال الإمام: ولا الضالين قولوا: آمين) قال النووي: في هذا دلالة ظاهرة أن تأمين المأموم يكون مع تأمين الإمام، وما تقدم من قوله: "إذا أمَّن الإمام فأمِّنوا" معناه: إذا أراد أن يؤمن. وفيما قاله بحث لأن أفعال المأموم تابعة لأفعال الإمام في أفعال الصلاة كلها، والتقدير خلاف الأصل؛ وأمّا قوله: "إذا قال الإمام: ولا الضالين قولوا: آمين" حثٌّ عن المحافظة على تأمين الإمام لئلا يفوته. فإن قلت: ليس في الحديث ذكر الجهر كما ترجم له؟ قلت: المأموم تابع للإمام، ولا شك أنه يجهر به في الجهرية، وإلا لم يمكن الاطلاع عليه؛ كما أشير إليه في الباب الذي قبله. (تابعه) أي: تابع مالكًا (محمد بن عمرو عن أبي سلمة) (ونعيم المجمر) -بضم النون- على وزن المصغر، والمجمر اسم فاعل من الإجمار. باب إذا ركع دون الصف 783 - (همام) بفتح الهاء وتشديد الميم (عن الأعلم وهو زياد) فزاد لفظة هو لأنه لم

115 - باب إتمام التكبير فى الركوع

عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِى بَكْرَةَ أَنَّهُ انْتَهَى إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ رَاكِعٌ، فَرَكَعَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَى الصَّفِّ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «زَادَكَ اللَّهُ حِرْصًا وَلاَ تَعُدْ». 115 - باب إِتْمَامِ التَّكْبِيرِ فِي الرُّكُوعِ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. فِيهِ مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يسمعه من شيخه، قيل: زياد هذا هو ابن حسّان بالسين، وقال خليفة بن خياط: هو ابن حبّان بالموحدة. (زادك الله حرصًا) على الطاعة فإن مبادرته إلى الركوع دون الصف منشؤه الحرص على الطاعة. ومعنى قوله: (لا تعد) أي: لا تركع قبل الوصول إلى الصف، وهو الظاهر، والمروي عن الشافعي وقيل: لا تعد إلى الإسراع بحيث يضيق عليك النفس؛ لأنه روي أنه جاء وهو يلهث، وقيل: لا تعد إلى الإبطاء حتى تحتاج السعي؛ ويرده قوله: "زادك الله حرصًا" وقيل: لا تعد إلى مثل ما فعلت؛ فإنه روي أنه ركع دون الصف، ومشى إلى الصف على هيئة البهائم. وقال أحمد وابن راهويه وأهل الظاهر: إن ركع قبل وصوله إلى الصف بطلت صلاته. والحديث حجة عليهم؛ لأنه لم يأمره بالإعادة. قيل: كان اللائق بهذه الترجمة أبواب الإمامة. قلت: هذه المسألة من عوارض المأموم؛ لأنه ترك متابعة الإمام لإدراك الركعة، وكان عليه أن يوافقه في أي جزء كان من الصلاة. باب إتمام التكبير في الركوع (قاله ابن عباس) هذا التعليق أسنده في الباب الذي بعده (ومالك بن الحويرث) هذا التعليق سبق في باب الإمامة مسندًا.

784 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْوَاسِطِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنِ الْجُرَيْرِىِّ عَنْ أَبِى الْعَلاَءِ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ صَلَّى مَعَ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - بِالْبَصْرَةِ فَقَالَ ذَكَّرَنَا هَذَا الرَّجُلُ صَلاَةً كُنَّا نُصَلِّيهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ كُلَّمَا رَفَعَ وَكُلَّمَا وَضَعَ. طرفاه 786، 826 785 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّى بِهِمْ، فَيُكَبِّرُ كُلَّمَا خَفَضَ وَرَفَعَ، فَإِذَا انْصَرَفَ قَالَ إِنِّى لأَشْبَهُكُمْ صَلاَةً بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 789، 795، 803 ـــــــــــــــــــــــــــــ 784 - (خالد) هو ابن عبد الله الطحان (الجريري) -بضم الجيم- على وزن المصغر أبو مسعود: سعيد بن أبي إياس (عن أبي العلاء) يزيد بن عبد الله (مطرف) بضم الميم وكسر الراء المشددة (عمران بن حصين) بضم الحاء على وزن المصغر. (صلى مع علي بالبصرة) بفتح الباء وكسرها البلدة المعروفة بالعراق (فقال) أي عمران بن حصين (ذكَّرنا هذا الرجل) يريد عليًّا، وذكَّر بتشديد الكاف من التذكير (صلاة كنا نصليها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَ) بتخفيف الكاف أي عمران (أنَّه كان يكبر كلما رفع، وكلما وضع) أي: خفص؛ كما في الرواية الثانية. فإن قلت: ما معنى إتمام التكبير في الركوع؟ قلت: معناه أن يمد التكبير إذا أراد الركوع في هويهِ إلى أن يصل إلى الركوع؛ وكذا في كل انتقال لئلا يخلو شيء من صلاته عن الذكر، وأشار بلفظ الإتمام في الترجمة إلى رد ما رواه أبو داود عن ابن أبزى: صليت خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يتم التكبير. والمحققون على أنَّه حديث باطل، وعلى تقدير صحته يكون بيانًا للجواز، وقيل: أشار بلفظ الإمام إلى تمام عدد تكبيرات الصلاة ويرد عليه قوله باب التكبير إذا قام من السجود بدون لفظ: التمام. فإن قلت: ليس في الحديث تكبير الركوع؟ قلت: داخل في قوله: كل رفع وخفض. فإن قلت: فالرفع من الركوع ليس فيه تكبير؟. قلت: خرج عنه بالأحاديث التي سبقت وسيأتي أن عدد التكبير اثنان وعشرون.

116 - باب إتمام التكبير فى السجود

116 - باب إِتْمَامِ التَّكْبِيرِ فِي السُّجُودِ 786 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ غَيْلاَنَ بْنِ جَرِيرٍ عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ صَلَّيْتُ خَلْفَ عَلِىِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ - رضى الله عنه - أَنَا وَعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، فَكَانَ إِذَا سَجَدَ كَبَّرَ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ كَبَّرَ، وَإِذَا نَهَضَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ كَبَّرَ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلاَةَ أَخَذَ بِيَدِى عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ فَقَالَ قَدْ ذَكَّرَنِى هَذَا صَلاَةَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -. أَوْ قَالَ لَقَدْ صَلَّى بِنَا صَلاَةَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 784 787 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ رَأَيْتُ رَجُلاً عِنْدَ الْمَقَامِ يُكَبِّرُ فِي كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ وَإِذَا قَامَ وَإِذَا وَضَعَ، فَأَخْبَرْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنه - قَالَ أَوَلَيْسَ تِلْكَ صَلاَةَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إتمام التكبير في السجود تقدم في الباب الَّذي قبله فائدة لفظ الإتمام. 786 - (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم (غيلان) بفتح الغين المعجمة ومثناة تحت ساكنة (مطرف) بضم الميم وتشديد الراء المكسورة (عمران بن حصين) بضم الحاء على وزن المصغر. (قد ذكَّرنا هذا) يريد عليًّا (أو لقد صلى بنا صلاة محمد - صلى الله عليه وسلم -) الشك من مطرف. وتمام الكلام في الباب قبله. 787 - (عمرو بن عون) بفتح العين آخره نون (هُشيم) بضم الهاء مصغر (عن أبي بشر) -بكسر الموحدة وسكون المعجمة- جعفر بن أبي وحشية. قيل: إنما كانت هذه الصلاة بالبصرة بعد وقعة الجمل، وقيل: بالكوفة، وجواز الجمع ظاهر. (وإذا وضع رأسه في السجود) صرح به، وإن كان داخلًا في الخفض؛ لأن الباب موضوع له. تقدم أن المراد بالوضع الخفض بدليل رواية الخفض، فإنه أعم من الوضع (فأخبرت ابن عباس، فقال: أو ليس تلك صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟) عطف على مقدر، هو مدخول الهمزة؛ أي: تقول ذلك، وفي ليس ضمير الشأن، والاستفهام للإنكار؛ دخل النفي فأفاد الثبوت.

117 - باب التكبير إذا قام من السجود

لاَ أُمَّ لَكَ. طرفه 788 117 - باب التَّكْبِيرِ إِذَا قَامَ مِنَ السُّجُودِ 788 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ صَلَّيْتُ خَلْفَ شَيْخٍ بِمَكَّةَ فَكَبَّرَ ثِنْتَيْنِ وَعِشْرِينَ تَكْبِيرَةً، فَقُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ إِنَّهُ أَحْمَقُ. فَقَالَ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، سُنَّةُ أَبِى الْقَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ مُوسَى حَدَّثَنَا أَبَانُ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ. طرفه 787 789 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ كَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــ (لا أم لك) كلام لم يرد به معناه؛ وإنما يقال لمن جهل أمرًا ظاهرًا، كأنه يقول: هذا من الأمور التي يتعلم الأطفال من أمهاتهم. باب التكبير إذا قام من السجود 788 - (همام) بفتح الهاء وتشديد الميم. (عن عكرمة: قال: صليت خلف شيخ بمكة فكبر ثنتين وعشرين تكبيرة) هذا إنما يكون في الصلاة الرباعية (فقلت لابن عبَّاس: إنه أحمق) الحمق وضع الشيء من غير موضعه؛ قاله ابن الأثير (قال: ثكلتك أمك) الثكل -بضم المثلثة- فقد المرأة ولدها، وليس بمراد، فقيل: معناه الدعاء بالموت الَّذي لا بدَّ منه لكل أحد. وقيل: معناه إذا كنت بهذه المثابة من الجهل فالموت خير لك. والظاهر أن هذا لفظ يُعاتب به؛ كقولهم: تربت يمينك، ونظائره (سنة أبي القاسم) بالرفع على أنَّه خبر مبتدأ محذوف. (أبان) -بفتح الهمزة- هو أبان بن يزيد العطار، يجوز صرفه وعدم صرفه. (حدثنا قتادة: قال: حدثنا عكرمة) فائدة هذا الإسناد التصريح بلفظ التحديث من عكرمة؛ فإنه يدفع وهم التدليس من قتادة. 789 - (بكير) بضم الباء على وزن المصغر، وكذا (عقيل).

118 - باب وضع الأكف على الركب فى الركوع

رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ يُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْكَعُ، ثُمَّ يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لَمِنْ حَمِدَهُ. حِينَ يَرْفَعُ صُلْبَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ، ثُمَّ يَقُولُ وَهُوَ قَائِمٌ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ - قَالَ عَبْدُ اللَّهِ {بْنُ صَالِحٍ عَنِ اللَّيْثِ} وَلَكَ الْحَمْدُ - ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَهْوِى، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَسْجُدُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ، ثُمَّ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي الصَّلاَةِ كُلِّهَا حَتَّى يَقْضِيَهَا، وَيُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ مِنَ الثِّنْتَيْنِ بَعْدَ الْجُلُوسِ. طرفه 785 118 - باب وَضْعِ الأَكُفِّ عَلَى الرُّكَبِ فِي الرُّكُوعِ وَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ فِي أَصْحَابِهِ أَمْكَنَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ (يكبر حين يهوي) أي: إلى السجود. قال ابن الأثير: يقال: هوى يهوي كرمى يرمي هويًا على وزن جنى إذا هبط؛ وبضم الهاء على وزن صلي إذا صعد، وقيل بالعكس، والأول هو المراد من الحديث، وقول الجوهري نقلًا عن الأصمعي: هوى سقط فيه تسامح، لأن السقوط فعل غير اختياري. واعلم أنَّ الخلفاء الأربعة كانوا على هذا النمط من التكبيرات. روى الطبراني عن أبي هريرة: أن أول من ترك التكبير إذا رفع، وإذا وضع معاوية. (قال عبد الله بن صالح: ولك الحمد) قد أشرنا سابقًا أن هذه الرواية أرجح؛ لأن الجملة الحالية بالواو والضمير آكد، وقيل: الواو زائدة؛ وليس بشيء، وقيل: عاطفة. باب وضع الكف على الرَّكَب في الركوع (وقال أبو حميد في أصحابه: أمكن النبي - صلى الله عليه وسلم - يديه من ركبتيه) اسم أبو حميد عبد الرحمن، ومعنى قوله: "في أصحابه" أنَّه لما حدث بهذا كان بين أصحابه، ويحتمل أن تكون: في بمعنى مع، فيكون هذا القول صادرًا عن الكل. وهذا التعليق أسنده البخاري في باب سنة الجلوس في التشهد.

119 - باب إذا لم يتم الركوع

790 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى يَعْفُورٍ قَالَ سَمِعْتُ مُصْعَبَ بْنَ سَعْدٍ يَقُولُ صَلَّيْتُ إِلَى جَنْبِ أَبِى فَطَبَّقْتُ بَيْنَ كَفَّىَّ ثُمَّ وَضَعْتُهُمَا بَيْنَ فَخِذَىَّ، فَنَهَانِى أَبِى وَقَالَ كُنَّا نَفْعَلُهُ فَنُهِينَا عَنْهُ، وَأُمِرْنَا أَنْ نَضَعَ أَيْدِيَنَا عَلَى الرُّكَبِ. 119 - باب إِذَا لَمْ يُتِمَّ الرُّكُوعَ 791 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ وَهْبٍ قَالَ رَأَى حُذَيْفَةُ رَجُلاً لاَ يُتِمُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ قَالَ مَا صَلَّيْتَ، وَلَوْ مُتَّ مُتَّ عَلَى غَيْرِ الْفِطْرَةِ الَّتِى فَطَرَ اللَّهُ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 389 ـــــــــــــــــــــــــــــ 790 - (أبو الوليد) هشام الطيالسي (عن أبي يَعْفُور) -بفتح الياء وسكون العين وضم الفاء- اسمه واقد -بالقاف والدال المهملة- ولقبه وقدان، كذلك بالقاف والدال (مصعب) -بضم الميم وصاد مهملة- اسم مفعول. (فطبقت بين يدي) أي: جعلت إحدى كفي على الأخرى في الركوع (ثم وضعتهما بين فخذي [فنهاني أبي وقال:] كنا نفعله فنهينا، وأمرنا أن نضع أيدينا على الركب) قد ذكرنا مرارًا أن الصحابي إذا قال: أُمرنا أو نهينا، الآمر والناهي هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وما يروى عن ابن مسعود: أنَّه كان يأمر بالوضع بين الفخذين. قال الترمذي: والطحاوي: إن صح ذلك منسوخ بهذا الحديث، وانعقد عليه الإجماع. والنهي للتنزيه كراهةً؛ ولذلك لم يأمر فاعله بالإعادة. باب إذا لم يتم الرُّكوع بضم الياء: من الإتمام. 791 - (رأى حذيفة رجلًا لا يتم الرُّكوع والسجود، قال: ما صليت، ولو متَّ مِتَّ على غير الفطرة التي فطر الله محمدًا - صلى الله عليه وسلم - عليها) الفطرة -بكسر الفاء- الحالة التي فطر عليها

120 - باب استواء الظهر فى الركوع

120 - باب اسْتِوَاءِ الظَّهْرِ فِي الرُّكُوعِ وَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ فِي أَصْحَابِهِ رَكَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ هَصَرَ ظَهْرَهُ. 121 - باب حَدِّ إِتْمَامِ الرُّكُوعِ وَالاِعْتِدَالِ فِيهِ وَالاِطْمَأْنِينَةِ 792 - حَدَّثَنَا بَدَلُ بْنُ الْمُحَبَّرِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى الْحَكَمُ عَنِ ابْنِ أَبِى لَيْلَى عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: ـــــــــــــــــــــــــــــ الإنسان أي: خلق من التهيؤ لقبول الإيمان، ويطلق على الملةِ، وسنَّةِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وطريقته؛ كما جاء: "عشر من الفطرة "، وهو المراد في الحديث، لما روى أبو وائل بدل الفطرة السنة. وروى ابن الجوزي عن ابن عمر:"ما من مصل إلا وعن يمينه ملك وعن يساره ملك، فإذا لم يتم الركوع والسجود ضربا صلاته ووجهه" وفيه دليل على وجوب الطمأنينة. (هصر ظهره) -بالصاد المهملة- أي: ثناه، ومنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان مع أبي طالب تحت شجرة، فهصرت أغصان الشجرة عليه. باب حد إتمام الركوع 792 - (بدل بن محبَّر) بتشديد الباء الموحدة المفتوحة (الحكم) بفتح الحاء والكاف (عن ابن أبي ليلى) عبد الرحمن، وأبوه أبو ليلى الأنصاري؛ صحابي، واسمه داود، أو يسار، أو أوس.

122 - باب أمر النبى - صلى الله عليه وسلم - الذى لا يتم ركوعه بالإعادة

كَانَ رُكُوعُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَسُجُودُهُ وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَإِذَا رَفَعَ مِنَ الرُّكُوعِ، مَا خَلاَ الْقِيَامَ وَالْقُعُودَ، قَرِيبًا مِنَ السَّوَاءِ. طرفاه 801، 820 122 - باب أَمْرِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - الَّذِى لاَ يُتِمُّ رُكُوعَهُ بِالإِعَادَةِ 793 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ أَخْبَرَنِى يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْمَقْبُرِىُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَدَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى ـــــــــــــــــــــــــــــ (كان ركوع النبي - صلى الله عليه وسلم - وسجوده وبين السجدتين، وإذا رفع رأسه من الركوع ما خلا القيام والقعود) أي: القيام للقراءة والقعود للتشهد، ومن قال المراد بالقيام الاعتدال؛ وبالقعود الجلوس بين السجدتين فقد أتى بمنكر، أمَّا أولًا: فلأنه لا دلالة في اللفظ عليه؛ وأما ثانيًا: فلأنه سيروي الحديث بدون الاستثناء، ولحديث أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -كان يمكث في الاعتدال وبين السجدتين حتَّى يقول القائل: قد نَسِيَ (قريبًا من السواء) أي: يقرب بعضها من بعض. وهذا يشكل على الشافعي؛ حيث جعل الركوع ركنًا طويلًا، وما عداه ركنًا قصيرًا. والجواب عنه: أنَّه سيأتي في باب المكث بين السجدتين أنَّه كان إذا رفع رأسه من الركوع قام هنية، وكذا إذا رفع رأسه من السجدة الأولى. وروايته مقدمة على رواية أنس؛ لأن رواية مالك بن الحويرث وهو الَّذي قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولأصحابه: "صلوا كما رأيتموني أصلي"؛ وأنس كان صغيرًا في الصف الأخير. باب أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - الَّذي لا يتم ركوعه بالإعادة 793 - (مسدد) بتشديد الدال المفتوحة (المقبري) بضم الباء وفتحها. روى في الباب حديث المصلي الَّذي لم يحسن الصلاة، وقد تقدم مع شرحه بما لا مزيد في باب وجوب القراءة للإمام. فإن قلت: الرجل أساء في الأركان كلها، فلما اختصر البخاري في الترجمة على

123 - باب الدعاء فى الركوع

ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَرَدَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَيْهِ السَّلاَمَ فَقَالَ «ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ» فَصَلَّى، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ». ثَلاَثًا. فَقَالَ وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ فَمَا أُحْسِنُ غَيْرَهُ فَعَلِّمْنِى. قَالَ «إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاَةِ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلاَتِكَ كُلِّهَا». طرفه 757 123 - باب الدُّعَاءِ فِي الرُّكُوعِ 794 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى». أطرافه 817، 4293، 4967، 4968 ـــــــــــــــــــــــــــــ الركوع؟ قلت: أشار إلى ما ورد في بعض طرقه أنَّ الرَّجل لم يتم الرَّكوع. فإن قلت: فلم لم يذكر من الواجبات النية والقعدة الأخيرة؟ قلت: كانتا معلومتين. وهذا الرجل خلاد بن رافع، صرح به ابن أبي شيبة، وقد سبق منا أنَّه إنما لم يعلم أولًا لأنَّهُ ظنَّ أنَّه عالم بها، وإنما وقع منه تساهلًا، وقد قيل غير هذا. باب الدعاء في الركوع 794 - (عن أبي الضحى) -بالضاد المعجمة- مسلم بن صبيح. (عن عائشة: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم وبحمدك اللهم اغفر لي) سبحان: علم التسبيح، وانتصابه على المصدر، والمعنى: أُقَدِّسُكَ، والحال أني ملتبس بحمدك. فإن قلت: لم يكن له ذنب ليسأل مغفرته؟. قلت: ربما صدر منه خلاف الأَولى؛ {عَفَا

124 - باب ما يقول الإمام ومن خلفه إذا رفع رأسه من الركوع

124 - باب مَا يَقُولُ الإِمَامُ وَمَنْ خَلْفَهُ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ 795 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا قَالَ «سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ». قَالَ «اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ». وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا رَكَعَ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ يُكَبِّرُ، وَإِذَا قَامَ مِنَ السَّجْدَتَيْنِ قَالَ «اللَّهُ أَكْبَرُ». طرفه 785 ـــــــــــــــــــــــــــــ اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ} [التوبة: 43] {لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: 1] على أنَّ الاستغفار نوع من العبادات. فإن قلت: روى أبو داود وابن ماجة: لما نزل قوله تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى: 1] قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اجعلوها في سجودكم"؛ ولما نزل: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (74)} [الواقعة: 74] فقال:"اجعلوها في ركوعكم" وقد جاء أنَّه كان يقول: "سبوح قدوس". قلت: لا تعارض؛ قال النووي: إن قدر المصلي على الجمع فذاك؛ وإلا فعلى التفريق في الصلوات تارة هذا، وتارة ذاك؛ لينال بركة الكل. باب ما يقوله الإمام إذا رفع رأسه من الركوع 795 - (ابن أبي ذئب) [بلفظ] الحيوان المعروف محمد بن عبد الرحمن (المقبري) بضم الباء وفتحها. (إذا قال: سمع الله لمن حمده قال: اللهم ربنا ولك الحمد) أي: استجاب الله منَّا. ثم استأنف بقوله: اللهم ولك الحمد. في موضع الحال. وفيه دليل للشافعي ومالك وأحمد في أنَّ الإمام يقول: لك الحمد. (وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا ركع وإذا رفع رأسه يكبر، وإذا قام من السجدتين قال: الله أكبر) قال بعض الشارحين: فإن قلت: لم قال أولًا: يكبر؛ وثانيًا: الله أكبر؟ - قلت: المضارع يفيد الاستمرار، والمراد شمول أزمنة صدور الفعل، أي: كان تكبيره ممدودًا من أول الركوع والرَّفع إلى آخرهما؛ بخلاف التكبير للقيام فإنه لم يكن مستمرًا؛ ولهذا قال مالك: لا يكبر للقيام من الركعتين حتَّى يستوي قائمًا.

125 - باب فضل اللهم ربنا لك الحمد

125 - باب فَضْلِ اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ 796 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ سُمَىٍّ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا كلامه وخبطه من وجوه: الأول: أن مدَّ التكبير سنة في كل انتقال؛ قاله النووي. الثاني: أن لفظ المضارع لا دلالة فيه على مدَّ التكبير؛ بل على أنَّه كان يكبر دائمًا في كل صلاة، مثله قولك: كان يقرأ الفاتحة في كل ركعة، ولئن سلم لا يجديه؛ لأن في رواية مسلم: ويكبر حين يقوم بعد الجلوس، فقد جاء فيه لفظ المضارع بدل الله أكبر. الثالث: استدلاله بقول مالك فاسد؛ لأن مالكًا لم يقل بعدم مد التكبير، بل قال موضعه إذا قام مستويًا، لقوله: إذا قام من السجدتين فإنه ظاهر في أن القول يكون وقت القيام. والجمهور على أنَّ الإرادة مقدرة؛ أي إذا أراد القيام؛ وذلك لما أشرنا إليه من أن لا يخلو شيء من صلاته عن الذكر والدعاء والقراءة. فإن قلت: ليس في الحديث ذكر المأموم كما ترجم له؟ قلت: علم مما تقدم من قوله: "إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا قال: سمع الله لمن حمدهُ فقولوا: ربنا ولك الحمد" استدل بالحديث مالك وأبو حنيفة على أن الإمام يقتصر على سمع الله لمن حمده؛ والمأموم على قوله: لك الحمد. قال شيخنا ابن حجر لا دليل لهما فيه؛ لما صح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يجمع بينهما؛ وأما المأموم فلم يصح فيه حديث، وقد قال به الشافعي. باب فضل اللهم ربنا ولك الحمد 796 - (سمي) بضم السين على وزن المصغر (عن أبي صالح) هو السمان، واسمه ذكوان.

126 - باب

796 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ سُمَىٍّ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا قَالَ الإِمَامُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. فَقُولُوا اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ. فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلاَئِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». طرفه 3228 126 - باب 797 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ لأُقَرِّبَنَّ صَلاَةَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقْنُتُ فِي الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ مِنْ صَلاَةِ الظُّهْرِ وَصَلاَةِ الْعِشَاءِ، وَصَلاَةِ الصُّبْحِ، بَعْدَ مَا يَقُولُ سَمِعَ ـــــــــــــــــــــــــــــ (إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمدهُ قولوا: ربنا ولك الحمد) وفي رواية: "لك الحمد". استدل به أبو حنيفة على أن المأموم يقتصر عليه ولا يشارك الإمام في سمع الله. وأجاب الشافعي وأحمد وغيرهما بأن هذا لا يدل على المنع من سمع الله؛ لأن تخصيص الشيء بالذكر لا يدل على نفي ما عداه، والمأموم يأتم بالإمام؛ إلا فيما نُهي عنه، وإنما أفرده بالذكر لأن الإمام يسر به بخلاف سمع الله. قوله: "ربنا": نداء ثان، "ولك الحمد": جملة حالية (ففر له ما تقدم من ذنبه) أي: الصغائر، بدليل سائر النصوص. باب القنوت 797 - (معاذ بن فضالة) بضم الميم وفتح الفاء. (عن أبي هريرة قال: لأقربن صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) وفي بعضها لأقربن بكم، ولأقربن: على الروايتين -بضم الهمزة وكسر الراء المشددة ونون كذلك- قال ابن الأثير: معناه: لآتينكم بصلاة تشبه صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتقاربها. (وكان أبو هريرة يقنت في الرَّكعة الآخرة من الظهر والعشاء) انعقد الإجماع على تركه فيما عدا صلاة الصبح؛ إلا أنَّ الشافعي قال: إذا أنزلت نازلة؛ كالقحط والطاعون يُشرع القنوت في جميع الصلوات.

اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. فَيَدْعُو لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَلْعَنُ الْكُفَّارَ. أطرافه 804، 1006، 2932، 3386، 4560، 4598، 6200، 6393، 6940 798 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى الأَسْوَدِ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ الْقُنُوتُ فِي الْمَغْرِبِ وَالْفَجْرِ. طرفه 1004 ـــــــــــــــــــــــــــــ وأمَّا صلاة الصبح فالشافعي ومالك قالا بالقنوت فيها؛ فالشافعي بعد الركوع، وعند مالك يخيَّر المصلي؛ استدَّلا على ذلك بحديث أنس: ما زال يقنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الصبح حتَّى فارق الدنيا رواه عنه الإمام أحمد، والدَّارقطني، والحاكم. قال ابن الصلاح: هذا حديث قد حكم بصحته كثير من الحفاظ. ولا شك أن المثبت مقدم على النافي. (فيدعو للمؤمنين ويلعن الكفار) قال بعض الشارحين: فإن قلت: كيف جاز اللعن، وفيه تعيين الكفار وإرادة بقائهم على الكفر؟ قلت: هذا كان قبل نزول قوله تعالى: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران: 128]. هذا كلامه، وقد غلط في ذلك؛ لأن لعن الكفار على العموم قد ورد به لفظ القرآن الكريم، والذي كان يفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل نزول الآية هو لعن أشخاص بأعيانهم؛ كما سيأتي في تفسير آل عمران: "اللهم العن فلانًا وفلانًا" والحكم كذلك لا يجوز لعن كافر معين ما دام حيًّا، والعجب أنَّه نقل عن النووي: لا يجوز لعن أعيان الكفار إلا من علمنا أنَّه مات كافرًا. ولم يتنبَّه له. (عن خالد الحذاء) -بفتح الحاء وتشديد الذال المعجمة والمد-، (عن أبي قلابة) -بكسر القاف- عبد الله بن زيد الجرمي. 798 - (كان القنوت في المغرب والفجر) تقدم أنَّه منسوخ.

799 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُجْمِرِ عَنْ عَلِىِّ بْنِ يَحْيَى بْنِ خَلاَّدٍ الزُّرَقِىِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِىِّ قَالَ كُنَّا يَوْمًا نُصَلِّى وَرَاءَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ قَالَ «سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ». قَالَ رَجُلٌ وَرَاءَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ «مَنِ الْمُتَكَلِّمُ». قَالَ أَنَا. قَالَ «رَأَيْتُ بِضْعَةً وَثَلاَثِينَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا، أَيُّهُمْ يَكْتُبُهَا أَوَّلُ». ـــــــــــــــــــــــــــــ 799 - (عبد الله بن مسلمة) بفتح الميم واللام (عن نعيم بن عبد الله المجمر) نعيم: بضم النون مصغر، والمجمر اسم فاعل من الإجمار، وهو صفة المجامر (خلاد الزرقي) بفتح المعجمة وتشديد اللام، وتقديم الزاي المضمومة المعجمة، بعدها مهملة: على وزن المصغر، نسبة إلى زريق، على وزن المصغر، جده الأعلى. (كنا نصلي وراء النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما رفع رأسه من الركوع قال: سمع الله لمن حمدهُ، قال رجل وراءه: ربنا ولك الحمد حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه) الطيب: الخالص عن شوب الرياء. والمبارك: ما فيه ثواب كثير. (رأيت بضعة وثلاثين ملكًا يبتدرونها) قيل: خصوص هذا العدد من الملائكة لأن حروف هذه الكلمات ثلاث وثلاثون حرفًا. وفي رواية الطبراني "ثلاثة عشر" باعتبار الكلمات (أيهم يكتب أولُ) بالضم على البناء على أنَّه ظرف مقطوع عن الإضافة المنوية؛ وبالنصب على الإعراب على أن الإضافة غير منوية. قال ابن الأثير: البضع والبضعة بفتح الباء وكسرها ما بين الثلاث إلى التسع. وقال الجوهري: يقال: بضع عشرة، فإذا تجاوز فلا يقال: بضع وعشرون. وقد غلط، والحديث حجة عليه. وفيه دلالة على أنَّ غير الحفظة تكتب أعمَال المؤمنين، وأنهم يبادرون الأعمال الصالحة، وفيه دلالة على جواز زيادة ما فيه ثناء على الله. وهذا الرَّجل هو رفاعة، راوي الحديث صرَّح به النسائي وغيره.

127 - باب الاطمأنينة حين يرفع رأسه من الركوع

127 - باب الاِطْمَأْنِينَةِ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَالَ أَبُو حُمَيْدٍ رَفَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَاسْتَوَى جَالِسًا حَتَّى يَعُودَ كُلُّ فَقَارٍ مَكَانَهُ. 800 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ ثَابِتٍ قَالَ كَانَ أَنَسٌ يَنْعَتُ لَنَا صَلاَةَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَكَانَ يُصَلِّى وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَامَ حَتَّى نَقُولَ قَدْ نَسِىَ. طرفه 821 801 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنِ ابْنِ أَبِى لَيْلَى عَنِ الْبَرَاءِ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ رُكُوعُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَسُجُودُهُ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ قَرِيبًا مِنَ السَّوَاءِ. طرفه 792 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: في رواية النسائي قال: "عطست فقلت: الحمد لله" هذا السياق يخالفه؟ قلت: لا يخالفه؛ لإمكان أنَّه عطس، فوافق قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سمع الله، فأردفه بذلك القول؛ أعني: ولك الحمد. باب الطمأنينة حين يرفع رأسه من الركوع يقال: اطمأن إذا سكن، والتاء في المصدر للوحدة. (وقال أبو حميد: رفع النبي - صلى الله عليه وسلم - واستوى جالسًا حتَّى يعود كل فقار مكانه) هذا التعليق سيأتي في سنة الجلوس مسندًا، قال ابن الأثير: الفقار -بفتح الفاء-: جمع فقارة، خرزات الظهر، وما في الحديث مفرد، حذف منه التاء تخفيفًا بدليل قوله: مكانه، ودخول لفظ: "كل". 800 - (كان أنس ينعت لنا صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) قال ابن الأثير: النعت: وصف الشيء بما فيه حسن، والوصف أعمَّ. (فإذا رفع رأسه من الركوع قام حتَّى نقول) أي: نحن (قد نسي) من كثرة وقوفه. 801 - (عن ابن أبي ليلى) عبد الرحمن. (كان ركوع النبي - صلى الله عليه وسلم - وسجوده وإذا رفع رأسه من الركوع وبين السجدتين قريبًا من السَّواء) تقدم شرح الحديث في باب استواء الظهر، وأشرنا إلى أن هذا الحديث مشكل

802 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ قَالَ كَانَ مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ يُرِينَا كَيْفَ كَانَ صَلاَةُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَذَاكَ فِي غَيْرِ وَقْتِ صَلاَةٍ، فَقَامَ فَأَمْكَنَ الْقِيَامَ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَمْكَنَ الرُّكُوعَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَأَنْصَتَ هُنَيَّةً، قَالَ فَصَلَّى بِنَا صَلاَةَ شَيْخِنَا هَذَا أَبِى بُرَيْدٍ. وَكَانَ أَبُو بُرَيْدٍ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ الآخِرَةِ اسْتَوَى قَاعِدًا ثُمَّ نَهَضَ. طرفه 677 ـــــــــــــــــــــــــــــ عند من جعل الركوع والسجود ركنًا طويلًا دون الاعتدال والجلوس بين السجدتين؛ اللهم إلا أن يقول: ليس في الحديث المساواة، بل قريب المساواة وفيه ما فيه. والجواب الحق عنه ما قدمنا في باب حدِّ إتمام الركوع أن مالك بن الحويرث كان إذا رفع رأسه من الركوع قام هنية وكذا إذا رفع رأسه من السجدة الأولى، ولم يذكر ذلك في الركوع، وقد روي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له: "صلُّوا كما رأيتموني أصلي". 802 - (سليمان بن الحرب) ضد الصلح (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم (عن أبي قلابة) -بكسر القاف- عبد الله بن زيد (مالك بن الحويرث) بضم الحاء على وزن المصغر. (يرينا كيف كان صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) كيف مفعول يرينا؛ أي: كيفية ذلك، جرد عن معنى الاستفهام (فقام فأمكن القيام) أي: قام قيامًا تامًا، كأنه جعل له مكانًا يستقر فيه، ومنه قول النحاة: الاسم المتمكن للمنصرف (فأنصَب هنيَّة) -بفتح الهمزة وضم الهاء وفتح النون وتشديد الياء-: مصغر هنة: وهو القليل من الزَّمان، يقال فيه: هنيهة بالهاء أيضًا (فصلى بنا صلاة شيخنا هذا أبي يزيد) من الزيادة (أبو يزيد) بالموحدة مصغر برد، عمر بن سلمة بن قيس الجرمي من صغار الصحابة، نزل بصرة، وفي رواية الحموي، وكذا ضبطه مسلم، يزيد من الزيادة. وأنصت بهمزة القطع آخره تاء مثناة فوق ورواه بعضهم بهمزة الوصل آخره باء موحدة مشددة وكلاهما كناية عن الاستواء والطمأنينة. (إذا رفع رأسه من السجدة استوى قاعدًا، ثم نهض) هذه جلسة الاستراحة التي قال بها الشافعي.

128 - باب يهوى بالتكبير حين يسجد

128 - باب يَهْوِى بِالتَّكْبِيرِ حِينَ يَسْجُدُ وَقَالَ نَافِعٌ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَضَعُ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ. 803 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يُكَبِّرُ فِي كُلِّ صَلاَةٍ مِنَ الْمَكْتُوبَةِ وَغَيْرِهَا فِي رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ، فَيُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْكَعُ، ثُمَّ يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. ثُمَّ يَقُولُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ. قَبْلَ أَنْ يَسْجُدَ، ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ. حِينَ يَهْوِى سَاجِدًا، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَسْجُدُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب يهوي بالتكبير حين يسجد قال ابن الأثير: يقال: هوى يهوي هويًا بفتح الهاء إذا هبط، وبالضم إذا رفع، وقيل: بالعكس. (وكان ابن عمر يضع يديه قبل ركبتيه) هذا التعليق أسنده الحاكم، وبه قال مالكٌ، والأئمةُ الثلاثةُ على تقديم وضع الركبتين؛ لأنها أقرب إلى الأرض، ولما روى أصحاب السنن عن وائل بن حجر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يضع الركبتين قبل اليدين. وكذلك رواه ابن خزيمة عن سعد بن أبي وقاص. وقال: إنه ناسخ لتقديم اليدين. واستشكل أثر ابن عمر؛ فإن الكلام في الهوي بالتكبير لا كيفية الهوي. وأجاب شيخنا ابن حجر بأن أثر ابن عمر من أجزاء الترجمة مفسر لمجمل الحديث. وفيه نظر، لأن المفسر عين المجمل في نفس الأمر، وليس يوجد ذلك هنا، والحق أنَّه لما أشار إلى كيفية الهوي قولًا؛ أشار إلى هيئته فعلًا.

يَقُومُ مِنَ الْجُلُوسِ فِي الاِثْنَتَيْنِ، وَيَفْعَلُ ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ حَتَّى يَفْرُغَ مِنَ الصَّلاَةِ، ثُمَّ يَقُولُ حِينَ يَنْصَرِفُ وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ إِنِّى لأَقْرَبُكُمْ شَبَهًا بِصَلاَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِنْ كَانَتْ هَذِهِ لَصَلاَتَهُ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا. طرفه 785 804 - قَالاَ وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ. يَدْعُو لِرِجَالٍ فَيُسَمِّيهِمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَيَقُولُ «اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِى رَبِيعَةَ، وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، وَاجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِى يُوسُفَ». وَأَهْلُ الْمَشْرِقِ يَوْمَئِذٍ مِنْ مُضَرَ مُخَالِفُونَ لَهُ. طرفه 797 805 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ غَيْرَ مَرَّةٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ سَقَطَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ فَرَسٍ - وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ مِنْ فَرَسٍ - فَجُحِشَ شِقُّهُ الأَيْمَنُ، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ نَعُودُهُ، فَحَضَرَتِ الصَّلاَةُ، فَصَلَّى بِنَا قَاعِدًا وَقَعَدْنَا - وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً صَلَّيْنَا قُعُودًا - فَلَمَّا قَضَى الصَّلاَةَ قَالَ «إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا، وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ 804 - (يدعو لِرجال من المؤمنين فيسميهم بأسمائهم فيقول: اللهم أنج الوليد بن الوليد) بهمزة القطع (وعياش بن أبي ربيعة) بفتح العين وياء مثناة تحت آخره شين معجمة (والمستضعفين من المؤمنين) من عطف العام على الخاص؛ كان جمع من المسلمين أسلموا ولم يقدروا على الهجرة، وكانوا يعذبون في الله، وكان هذا الدعاء لهم في القنوت. (اللهم اشدد وطأتك على مضر) -بضم الميم- غير منصرف؛ لأنه صار علمًا للقبيلة، وهو في الأصل مضر بن نزار بن معد بن عدنان. والوطأة: دوس الشيء بالرِّجل، وهنا كناية عن شدة العذاب؛ لأن من جعل شيئًا تحت رجله فقد أبلغ في إفساده. 805 - (سقط رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن فرس فجُحِش شقة الأيمن) أي: خدش -بضم الجيم-: على بناء المفعول (قال سفيان: هكذا جاء به معمر؟ قلت: نعم) قائل نعم هو علي بن عبد الله، فإنه روى الحديث عن معمر عن الزهري، وكذا عن سفيان عن الزهري، فقول سفيان:

129 - باب فضل السجود

لِمَنْ حَمِدَهُ. فَقُولُوا رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ. وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا». قَالَ سُفْيَانُ كَذَا جَاءَ بِهِ مَعْمَرٌ قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ لَقَدْ حَفِظَ، كَذَا قَالَ الزُّهْرِىُّ وَلَكَ الْحَمْدُ. حَفِظْتُ مِنْ شِقِّهِ الأَيْمَنِ. فَلَمَّا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ الزُّهْرِىِّ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ - وَأَنَا عِنْدَهُ - فَجُحِشَ سَاقُهُ الأَيْمَنُ. طرفه 378 129 - باب فَضْلِ السُّجُودِ 806 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَعَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِىُّ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُمَا أَنَّ النَّاسَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ «هَلْ تُمَارُونَ فِي الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لَيْسَ دُونَهُ سَحَابٌ». قَالُوا لاَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «فَهَلْ تُمَارُونَ فِي الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ». قَالُوا لاَ. قَالَ «فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ كَذَلِكَ، يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَقُولُ مَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ هكذا جاء به معمر على طريق الاستفهام، فأشار إلى وجوده حفظ معمر بقوله: (لقد حفظ). (فلما خرجنا من عنده) أي: من عند الزهري (قال ابن جريج وأنا عنده: ساقه الأيمن) أي: بدل شقه، فقوله: وأنا عنده، من كلام سفيان، والجملة حال من ابن جريج وضمير عنده له، ومن قال: وأنا عنده الضمير للزهري فقد غلط؛ لقول سفيان: فلما خرجنا من عند الزهري؛ فتأمَّل. قال شيخ الإسلام ابن حجر: هذا يحمل على أنَّ ابن جريج سمع مرة أخرى من الزهري ساقه، وإلا كيف يعقل أن ينسى ابن جريج ما قاله الزهري بمجرد الخروج. باب فضل السجود 806 - (سعيد بن المسيب) بفتح الياء المشددة على الأشهر (عطاء بن يزيد) من الزيادة (هل نرى ربنا؟) أي: رؤيةً بالأبصار (قال: هل تمارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب) بضم التاء من باب المفاعلة من المرية؛ وهو الشك. ورواه الأصيلي والخطابي بفتح التاء، على حذف إحدى التاءين ولا يلزم من الرؤية التشبيه؛ لأنها رؤية من غير كيف، والمسألة معروفة.

كَانَ يَعْبُدُ شَيْئًا فَلْيَتَّبِعْ. فَمِنْهُمْ مَنْ يَتَّبِعُ الشَّمْسَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَّبِعُ الْقَمَرَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَّبِعُ الطَّوَاغِيتَ، وَتَبْقَى هَذِهِ الأُمَّةُ فِيهَا مُنَافِقُوهَا، فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ فَيَقُولُونَ هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا، فَإِذَا جَاءَ رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ. فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ. فَيَقُولُونَ أَنْتَ رَبُّنَا. فَيَدْعُوهُمْ فَيُضْرَبُ الصِّرَاطُ ـــــــــــــــــــــــــــــ (ومنهم من يتبع الطواغيت) جمع طاغوت فاعول من الطغيان. قال ابن الأثير: هو الشيطان. وقال الجوهري: كل رأس ضلالة طاغوت وفي الغريبين إنه الصنم. وهذا هو المراد في الحديث؛ لكونه جمع مع ذكر الشمس والقمر (وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها) الحكم في بقاء المنافقين بين المؤمنين كونهم كانوا معهم ظاهرًا، فأرادوا أن يستروا على ذلك النمط الَّذي كانوا يسترون في الدنيا. (فيأتيهم الله فيقول: أنا ربكم، فيقولون: هذا مكاننا حتَّى يأتينا ربنا) الإتيان نوع من الانتقال وهو محال عليه تعالى، فالمراد الظهور؛ لأنه من لوازمه. (فيأتيهم الله فيقولون أنت ربنا) إنما أنكروا أولًا لأنه لم يكن على النعت الَّذي آمنوا به، فلما تجلى لهم على ذلك النعت من غير كيف وجهة؛ ليس كمثله شيءٌ عرفوه. فإن قلت: من القائل أولًا: أنا ربكم؟ قلت: قيل: ملك من الملائكة، أو جسم آخر ينطقه الله تعالى. فإن قلت: كيف يقول الملك: أنا ربكم؟ قلت: إذا كان ذلك القول بأمر الله تعالى فلا إشكال؛ لأن مدار الحسن والقبح على أمره ونهيه، وما يقال إن هذه صغيرة، والملائكة ليسوا معصومين من الصغائر ممنوع بمقدمته؛ لأن هذا الكلام كفر لو لم يكن بأمر الله. الثاني: أن الملائكة معصومون من الصغائر؛ لا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون. قال العلماء: وهذا آخر ما يمتحن به المؤمنون. (فيضرب الصراط) هو الجسر الممدود على متن جهنم، عافانا الله منها "أحدُّ من السيف، وأدقُّ من الشعر" كذا رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري، قال بعض المحققين: هو الشرع المطهر، يجعله الله في صورة الجسم كما يجعل الأعمال في صور الأجسام في الميزان، ودقته إشارة إلى دقة أمر الشرع، ولذلك قال سيد الرسل - صلى الله عليه وسلم -: "شيبتني هود

بَيْنَ ظَهْرَانَىْ جَهَنَّمَ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يَجُوزُ مِنَ الرُّسُلِ بِأُمَّتِهِ، وَلاَ يَتَكَلَّمُ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ إِلاَّ الرُّسُلُ، وَكَلاَمُ الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ. وَفِى جَهَنَّمَ كَلاَلِيبُ مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ، هَلْ رَأَيْتُمْ شَوْكَ السَّعْدَانِ». قَالُوا نَعَمْ. قَالَ «فَإِنَّهَا مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ كأضرابها"؛ إشارة إلى قوله تعالى: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ} [هود: 112]. (ظهراني جهنم) تثنية الظهر، والنون زائدة على خلاف القياس. فإن قلت: الشيء له ظهر واحد، فأيَّ معنى للتثنية؟. قلت: قيل: كناية عن اتِّساع جهنم، وقيل: باعتبار جانبيه. (فأكون أول من يجوز بأمته من الرسل) وفى رواية "يجيز". يقال جاز المكان إذا عبره وأجازه إذا خلفه. وفيه منقبة لهذه الأمة ظاهرة (ولا يتكلم يومئذ) المراد باليوم هو ذلك الحين؛ وإلا فالكلام واقع من غير الأنبياء في غير ذلك الحين (وكلام الرسل يومئذ: رب سلِّم) يدعون لأمتهم بالنجاة من ذلك الهول. (وفي جهنم كلاليب مثل شوك السعدان) جمع كلوب -بفتح الكاف-: حديدة معوجة الرأس، يعلق عليها اللحم. والسعدان نبت معروفٌ، أحسنُ مراعي الإبل، وفي المثل: "مرعى ولا كالسعدان".

غَيْرَ أَنَّهُ لاَ يَعْلَمُ قَدْرَ عِظَمِهَا إِلاَّ اللَّهُ، تَخْطَفُ النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ يُوبَقُ بِعَمَلِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُخَرْدَلُ ثُمَّ يَنْجُو، حَتَّى إِذَا أَرَادَ اللَّهُ رَحْمَةَ مَنْ أَرَادَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، أَمَرَ اللَّهُ الْمَلاَئِكَةَ أَنْ يُخْرِجُوا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ، فَيُخْرِجُونَهُمْ وَيَعْرِفُونَهُمْ بِآثَارِ السُّجُودِ، وَحَرَّمَ اللَّهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ أَثَرَ السُّجُودِ فَيَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ، فَكُلُّ ابْنِ آدَمَ تَأْكُلُهُ النَّارُ إِلاَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ (يخطف الناس بأعمالهم) -بفتح الطاء-: ويروى بالكسر، والخطف أخذ الشيء بسُرعة، والباء في "بأعمالهم " للسببية (فمنهم من يوبق بعمله، ومنهم من يخردل) كلا الفعلين على بناء المجهول، يقال: أوبقه أهلكه، ويروى بالثاء المثلثة من أوثقه قيده. ويخردل -بالخاء المعجمة-: فعن الخليل: خردله ألقاه وطرحه. وقيل: قطعة قِطعًا صغارًا كحب الخردل الَّذي هو مَثَلٌ في الصغر. وهذا أوفق بالكلاليب. (حتَّى إذا أراد الله رحمة من أراد من أهل النار) أي المؤمنين؛ فإن الكافر مخلد بسائر النصوص. (حرَّم الله على النار أن تأكل أثر السجود) أي العضو الَّذي عليه أثر السجود. قال النووي: وهي الأعضاء السبعة التي عليها سجد الساجد: القدمان، واليدان، والركبتان، والوجه. وأمَّا ما جاء في رواية مسلم: "يحرقون إلَّا دارات وجوههم" فهم قوم مخصوصون. قال: ولعل الحكمة أولئك لم يستعملوا سائر الأعضاء في السجود، على ما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أمرت أن أسجد على سبعة أعضاء" (فيخرجون من النار قد امتحشوا) على بناء

أَثَرَ السُّجُودِ، فَيَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ قَدِ امْتَحَشُوا، فَيُصَبُّ عَلَيْهِمْ مَاءُ الْحَيَاةِ، فَيَنْبُتُونَ كَمَا تَنْبُتُ الْحِبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ، ثُمَّ يَفْرُغُ اللَّهُ مِنَ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْعِبَادِ، وَيَبْقَى رَجُلٌ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَهْوَ آخِرُ أَهْلِ النَّارِ دُخُولاً الْجَنَّةَ، مُقْبِلٌ بِوَجْهِهِ قِبَلَ النَّارِ فَيَقُولُ يَا رَبِّ اصْرِفْ وَجْهِى عَنِ النَّارِ، قَدْ قَشَبَنِى رِيحُهَا، وَأَحْرَقَنِى ذَكَاؤُهَا. فَيَقُولُ هَلْ عَسَيْتَ إِنْ فُعِلَ ذَلِكَ بِكَ أَنْ تَسْأَلَ غَيْرَ ذَلِكَ فَيَقُولُ لاَ وَعِزَّتِكَ. فَيُعْطِى اللَّهَ مَا يَشَاءُ مِنْ عَهْدٍ وَمِيثَاقٍ، فَيَصْرِفُ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ، فَإِذَا أَقْبَلَ بِهِ عَلَى الْجَنَّةِ رَأَى بَهْجَتَهَا سَكَتَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْكُتَ، ثُمَّ قَالَ يَا رَبِّ قَدِّمْنِى عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ. فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ أَلَيْسَ قَدْ أَعْطَيْتَ الْعُهُودَ وَالْمَوَاثِيقَ أَنْ لاَ تَسْأَلَ غَيْرَ الَّذِى كُنْتَ سَأَلْتَ فَيَقُولُ يَا رَبِّ لاَ أَكُونُ أَشْقَى خَلْقِكَ. فَيَقُولُ فَمَا عَسَيْتَ إِنْ أُعْطِيتَ ذَلِكَ أَنْ لاَ تَسْأَلَ غَيْرَهُ فَيَقُولُ لاَ وَعِزَّتِكَ لاَ أَسْأَلُ غَيْرَ ذَلِكَ. فَيُعْطِى رَبَّهُ مَا شَاءَ مِنْ عَهْدٍ وَمِيثَاقٍ، فَيُقَدِّمُهُ إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ، فَإِذَا بَلَغَ بَابَهَا، فَرَأَى زَهْرَتَهَا وَمَا فِيهَا مِنَ النَّضْرَةِ وَالسُّرُورِ، فَيَسْكُتُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْكُتَ، فَيَقُولُ يَا رَبِّ أَدْخِلْنِى الْجَنَّةَ. فَيَقُولُ اللَّهُ وَيْحَكَ يَا ابْنَ آدَمَ مَا ـــــــــــــــــــــــــــــ المجهول، ويروى على بناء الفاعل أي احترقوا (فيصب عليهم ماء الحياة) ماء الجنَّة؛ لأنه مخلوق في دار البقاء مَن أصابه أو شربه لا يموت وإن كان ميتًا حتَّى يأذن الله. (فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل) الحبة -بكسر الحاء-: البقلة المعروفة وهي أسرع الحبات نباتًا، والكلام على طريقة المثل؛ أي يسرع فيهم زوال أثر الاحتراق، ويحيون سريعًا. (ثم يفرغ الله من القضاء) كناية عن الحكم بين العباد؛ لأن الفراغ لا يعقل في حقه، إذ لا يشغله شأن عن شأن. (يا رب اصرف وجهي عن النار قد قشبني ريحها) أي: آذاني، من القشب -بالقاف والشين المعجمة-: وهو السم (وأحرقني ذكاها) -بالمد والقصر في بعضها- قال ابن الأثير: هو شدة وهج النار. (هل عسيت إن فعل ذلك بك أن تسأل غير ذلك) عسيت -بفتح السين وكسرها لغتان- أي: هل تقرب من السؤال غيره (فرأى زهرتها وما فيها من النضرة) أي: من الحسن والرونق، ظاهر كلام الجوهري أنهما لفظان مترادفان (أليس قد أعطيت العهود والمواثيق)

أَغْدَرَكَ، أَلَيْسَ قَدْ أَعْطَيْتَ الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ أَنْ لاَ تَسْأَلَ غَيْرَ الَّذِى أُعْطِيتَ فَيَقُولُ يَا رَبِّ لاَ تَجْعَلْنِى أَشْقَى خَلْقِكَ. فَيَضْحَكُ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - مِنْهُ، ثُمَّ يَأْذَنُ لَهُ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ فَيَقُولُ تَمَنَّ. فَيَتَمَنَّى حَتَّى إِذَا انْقَطَعَتْ أُمْنِيَّتُهُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ تَمَنَّ كَذَا وَكَذَا. أَقْبَلَ يُذَكِّرُهُ رَبُّهُ، حَتَّى إِذَا انْتَهَتْ بِهِ الأَمَانِىُّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَكَ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ». قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِىُّ لأَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنهما - إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «قَالَ اللَّهُ لَكَ ذَلِكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ». قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ لَمْ أَحْفَظْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلاَّ قَوْلَهُ «لَكَ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ». قَالَ أَبُو سَعِيدٍ إِنِّى سَمِعْتُهُ يَقُولُ «ذَلِكَ لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ». طرفاه 6573، 7437 ـــــــــــــــــــــــــــــ قال ابن الأثير: العهد الميثاق. فعلى هذا العطفُ باعتبار تغاير المفهوم. (يا رب لا تجعلني أشقى خلقك) أي: أشقى المؤمنين؛ لأنه يعلم أن من في النار أشقى منه (فيضحك الله منه) أي: يرضى عنه؛ لأن المعنى الحقيقي محال عليه تعالى، فيراد لازمه عادة؛ لأن من استحسن شيئًا ضحك منه. (قال الله: لمن كذا وكذا أقبل يذكره) أي: شرع يذكره الأشياء التي نسيها من شدة الفرح، وفيه دليل على أن التمني يكون في الممكنات. (أيضًا لك ذلك وعشرة أمثاله). فإن قلت: ما وجه التوفيق بين قول أبي هريرة: "لك مثله" وبين رواية أبي سعيد: "وعشرة أمثاله"؟ قلت: ربما غفل أبو هريرة عن لفظ العشرة، أو حين أخبر أبا هريرة لم يكن مطلعًا على الزيادة، ثم أطلعه الله عليها، ومثله كثير، وفي رواية مسلم: "أن هذا الرجل آخر من يخرج من النار". قال السهيلي: واسمه: هنَّاد. وذكر أبو نعيم: "أنَّه ينادي ألف سنة يا حنان يا منان، فيبعث الله ملكًا يخوض في النار سبعين سنة؛ فلا يعرف مكانه حتَّى يدله عليه أرحم الراحمين".

130 - باب يبدى ضبعيه ويجافى فى السجود

130 - باب يُبْدِى ضَبْعَيْهِ وَيُجَافِى فِي السُّجُودِ 807 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى بَكْرُ بْنُ مُضَرَ عَنْ جَعْفَرٍ عَنِ ابْنِ هُرْمُزَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ ابْنِ بُحَيْنَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا صَلَّى فَرَّجَ بَيْنَ يَدَيْهِ حَتَّى يَبْدُوَ بَيَاضُ إِبْطَيْهِ. وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ نَحْوَهُ. طرفه 390 131 - باب يَسْتَقْبِلُ بِأَطْرَافِ رِجْلَيْهِ الْقِبْلَةَ قَالَهُ أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِىُّ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 132 - باب إِذَا لَمْ يُتِمَّ السُّجُودَ 808 - حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَهْدِىٌّ عَنْ وَاصِلٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب يبدي ضبعيه ويجافي في السجود 807 - (يحيى بن بكير) بضم الباء على وزن المصغر (بكر بن مضر) بضم الميم وضاد معجمة (عن عبد الله بن مالك ابن بُحينة) لفظ الابن يكتب بالألف، لأنه صفة عبد الله لا مالك بن بحينة؛ لأن عبد الله ابن مالك، وابن بحينة مالك أبوه وبحينة أمه. قال ابن الأثير: الضبع -بضاد معجمة مفتوحة وسكون الباء-: وسط العضد. وقيل: ما تحت الإبط، وهذا هو الملائم لقوله: (كان) أي: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (إذا صلَّى فرج بين يديه حتَّى يبدو بياض إبطيه) وهذا مخصوص بالرجال لا النساء؛ لأن بناء شأنهن على الستر والانكسار. والحكمة في مشروعيته للرجال الدلالة على كمال الاهتمام والتشمُّر ويبعد عن هيئة الكسلان، ويكون كل عضو فيه ساجدًا كان إنسانًا واحدًا صار متعددًا في العبادة، ويحفزه ذلك عن وقوع ثقل البدن على الجبهة، فلو أطال السجود لم يتعب. وفي بعض النسخ هنا باب يستقبل بأطراف رجليه القبلة. وعلَّق فيه حديث أبي حميد، وقد تقدم في باب فضل استقبال القبلة. باب إذا لم يتم السجود 808 - (الصلت) بصاد مهملة وسكون اللام (أبو وائل) شقيق بن سلمة.

133 - باب السجود على سبعة أعظم

عَنْ حُذَيْفَةَ رَأَى رَجُلاً لاَ يُتِمُّ رُكُوعَهُ وَلاَ سُجُودَهُ، فَلَمَّا قَضَى صَلاَتَهُ قَالَ لَهُ حُذَيْفَةُ مَا صَلَّيْتَ - قَالَ وَأَحْسِبُهُ قَالَ - وَلَوْ مُتَّ مُتَّ عَلَى غَيْرِ سُنَّةِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 389 133 - باب السُّجُودِ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ 809 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أُمِرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَسْجُدَ ـــــــــــــــــــــــــــــ روي في الباب حديث حذيفة (أنه رأى رجلًا لا يتم الركوع والسجود، فقال له: لو متَّ متَّ على غير سنة محمد) وقد سلف في باب إذا لم يتم الركوع. باب السجود على سبعة أعظم 809 - (عن ابن عباس: أُمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يَسجد على سبعة أعظم) إذا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُمرت، أو قال الصحابي أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على بناء المجهول فالآمر هو الله تعالى. قال بعض الشارحين: فإن قلت: قول ابن عباس: أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - هل هو متصل أو مرسل؟ قلت: ظاهره الإرسال. ثم قال: فإن قلت: فبم عرف ابن عباس أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بذلك؟ قلت: إما بإخباره له أو لغيره؛ أو باجتهاده لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا ينطق عن الهوى. هذا كلامه وخبطه من وجوه: الأول: أن هذا الحديث أسنده البخاري في هذا الباب عن ابن عباس عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفي الباب بعده عن ابن عباس: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأيَّ مجال بعد هذا للإرسال؟ وإنما يعقل في قضية لم يمكن إدراكها كبدء الوحي مثلًا. الثاني: أن قوله: عرفه ابن عباس بإخبار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد أن بنى الكلام على الإرسال فيه تناقض ظاهر.

عَلَى سَبْعَةِ أَعْضَاءٍ، وَلاَ يَكُفَّ شَعَرًا وَلاَ ثَوْبًا الْجَبْهَةِ وَالْيَدَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ. أطرافه 810، 812، 815، 816 810 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أُمِرْنَا أَنْ نَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ وَلاَ نَكُفَّ ثَوْبًا وَلاَ شَعَرًا». طرفه 809 ـــــــــــــــــــــــــــــ الثالث: قوله: أو باجتهاده، الضمير إن كان لابن عباس -وهو الظاهر من سياق كلامه- فإنه قال: عرفه بإخبار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو غيره؛ أو باجتهاده، فإنه طريق المعرفة أيضًا؛ وإذا كان الاجتهاد من ابن عباس فأي معنى لتعليله بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا ينطق عن الهوى؟ لأن اجتهاده إنما يكون عند عدم سماعه؛ وإن كان الاجتهاد لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأي وجه لذكره هنا؟ إذ ليس الكلام في جواز اجتهاده. (على سبعة أعظم) أي أعضاء، في بعض النسخ؛ فهو من إطلاق الجزء وإرادة الكل، وقد فسر الأعضاء في الحديث (ولا يكف ثوبًا ولا شعرًا) بالنصب عطف على أن يسجد، داخل تحت الأمر. وقوله: (الرَّجلين) يريد به القدمين؛ كما صرح به في الرّواية الأخرى. ذهب الشافعي في أظهر القولين إلى أن وضع الجبهة كافٍ في إسقاط الفرض بدون الأنف، وكذا قال مالك وأبو يوسف ومحمد، وأن السجدة على الأنف وحده غير كاف. وقال أبو حنيفة رحمه الله كاف مع الكراهة. وقال: ذهب الإمام أحمد واسحاق بن راهويه والشافعي في أصح قوليه على ما اختاره المتأخرون إلى أن السجود على الأعضاء السبعة واجب؛ أخذًا بظاهر الأمر. 810 - (مسلم) ضد الكافر. (أمرنا أن نسجد على سبعة أعظم ولا نكف ثوبًا ولا شعرًا) هذه الرواية دفعت وهم اختصاصه بالحكم. فإن قلت: عدم كف الثوب والشعر سنة، فكيف يكون الأمر ببعض الأشياء وجوبًا وبعضها ندبًا؟ قلت: من جاز عنده الجمع بين الحقيقة والمجاز فالأمر عنده ظاهر، ومن لم يجوز قدر في المعطوف الأمرَ بمعنى آخر.

134 - باب السجود على الأنف

811 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْخَطْمِىِّ حَدَّثَنَا الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ - وَهْوَ غَيْرُ كَذُوبٍ - قَالَ كُنَّا نُصَلِّى خَلْفَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. لَمْ يَحْنِ أَحَدٌ مِنَّا ظَهْرَهُ حَتَّى يَضَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - جَبْهَتَهُ عَلَى الأَرْضِ. طرفه 690 134 - باب السُّجُودِ عَلَى الأَنْفِ 812 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ عَلَى الْجَبْهَةِ - وَأَشَارَ ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: ما الَّذي صرف الأمر عن الوجوب في كف الثوب والشعر؟ قلت: إجماع الأئمة على ذلك، إذ لا بدَّ له من سند وإن لم يطلع عليه. 811 - (عبد الله بن يزيد حدثنا البراء بن عازب وهو غير كذوب) قد ذكرنا فيما مضى في باب متى يسجد من خلف الإمام فائدةَ قوله غير كذوب، وأن الأحسن في توجيهه أن الكذب بمعنى الخطأ، أي: لم يكن يخطئ في الرواية. (لم يحنِ أحد منَّا ظهره) -بفتح الياء وسكون الحاء وكسر النون- أي: لم يمل (حتَّى يضع جبهته على الأرض). فإن قلت: كيف دلَّ هذا على أن السجود يكون على الأعضاء السبعة؟ قلت: لا يشترط أن يكون كل حديث في الباب دالًا على كل الترجمة، على أن العادة جارية بأن يكون وضع الجبهة مع سائر الأعضاء. باب السجود على الأنف 812 - (معلى بن أسد) بضم الميم وتشديد اللام (وهيب) بضم الواو على وزن المصغر. (عن ابن عباس: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أمرت أن أسجد على سبعة أعظم، على الجبهة وأشار

135 - باب السجود على الأنف والسجود على الطين

بِيَدِهِ عَلَى أَنْفِهِ - وَالْيَدَيْنِ، وَالرُّكْبَتَيْنِ وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ، وَلاَ نَكْفِتَ الثِّيَابَ وَالشَّعَرَ». طرفه 809 135 - باب السُّجُودِ عَلَى الأَنْفِ وَالسُّجُودِ عَلَى الطِّينِ 813 - حَدَّثَنَا مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ قَالَ انْطَلَقْتُ إِلَى أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ فَقُلْتُ أَلاَ تَخْرُجُ بِنَا إِلَى النَّخْلِ نَتَحَدَّثْ فَخَرَجَ. فَقَالَ قُلْتُ حَدِّثْنِى مَا سَمِعْتَ مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ. قَالَ اعْتَكَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ـــــــــــــــــــــــــــــ إلى أنفه) قال بعض الشارحين: "على" الثانية بدل من الأولى، والأولى متعلقة بنحو حاصلًا؛ أي: أسجد على الجبهة حال كونه على سبعة أعظم. وفيه خبط من وجهين: الأول: أن (على) ليست وحدها بدلًا، بل مع [ما] في سياقها. الثاني: أن التقدير عكس ما في الواقع، فإن الواقع حالًا هو على الجبهة، ومحصله: سجودي على السبعة تبدأ بالجبهة والأنف؛ أو حالًا للأنف في آخر السبعة. فإن قلت: فعلى هذا في التفصيل ثمانية، وفي الإجمال سبعة. قلت: معناه بعد ذكر الجبهة أشار إلى أن الأنف من بعض أجزاء الجبهة. قال بعضهم: وجدنا التابعين على قولين: وجوب السجود على الجبهة والأنف؛ وجواز الاقتصار على الجبهة، فمن قال بجواز الاقتصار على الأنف فقد خرج عن الإجماع، وهذا ليس بشيء؛ لأن أبا حنيفة من التابعين وقد قال بجواز الاقتصار على الأنف. على أن ذلك القول فيه تفصيل؛ فالصحيح على ما قاله ابن الحاجب: شرطه أن يكون رافعًا لما اتفقا عليه، وأبو حنيفة إنما أجاز ذلك لأن عظم الأنف جزء من عظم الجبهة. باب السجود على الأنف في الطين 813 - (همام) بفتح الهاء وتشديد الميم (عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن بن عوف، اسمه عبد الله، وقيل إسماعيل. (ألا تخرج بنا إلى النخل؟) -بالخاء المعجمة- أي: أرض بها النخل.

عَشْرَ الأُوَلِ مِنْ رَمَضَانَ، وَاعْتَكَفْنَا مَعَهُ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ إِنَّ الَّذِى تَطْلُبُ أَمَامَكَ. فَاعْتَكَفَ الْعَشْرَ الأَوْسَطَ، فَاعْتَكَفْنَا مَعَهُ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ إِنَّ الَّذِى تَطْلُبُ أَمَامَكَ. فَقَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَطِيبًا صَبِيحَةَ عِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ فَقَالَ «مَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلْيَرْجِعْ، فَإِنِّى أُرِيتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، وَإِنِّى نُسِّيتُهَا، وَإِنَّهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ فِي وِتْرٍ، وَإِنِّى رَأَيْتُ كَأَنِّى أَسْجُدُ فِي طِينٍ وَمَاءٍ». وَكَانَ سَقْفُ الْمَسْجِدِ جَرِيدَ النَّخْلِ وَمَا نَرَى فِي السَّمَاءِ شَيْئًا، فَجَاءَتْ قَزْعَةٌ فَأُمْطِرْنَا، فَصَلَّى بِنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ الطِّينِ وَالْمَاءِ عَلَى جَبْهَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَرْنَبَتِهِ تَصْدِيقَ رُؤْيَاهُ. قال أبو عبد الله: كان الحميدي يحتج بهذا الحديث يقول: لا يمسح. طرفه 669 ـــــــــــــــــــــــــــــ (إن الَّذي تطلب أمامك) -بفتح الهمزة- أي: قدامك. (من كان اعتكف مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فليرجع، فإني أريت ليلة القدر) كان الظاهر أن يقول معي؛ وإنما التفت إلى لفظ "النبي" لأنه يلائم الإخبار عن المغيبات. وفي رواية: "فإني رأيت" وعلى الوجهين من الرؤية بمعنى العلم؛ لأن رؤية الشيء بالبصر قبل وجوده محال. (وإني نسيتها) بفتح النون وكسر السين مخففًا، وبضم النون وكسر السين مشددًا وفي رواية "أنسيتها" وهاتان الروايتان أحسن؛ لورود النهي عن قول الإنسان: نسيت كذا. (وإنها في العشر الأواخر في وتر) الجار والمجرور بدل من الجار والمجرور. فإن قلت: تقدم العشر الأول والأوسط بلفظ المفرد. قلت: أراد هنا بالعشر: الليالي، فإن ليلة القدر واحدة من تلك الليالي، بخلاف العشر الأول والأوسط، فإنه أراد الزمان الماضي الَّذي اعتكف فيه. (وإني رأيت كأني أسجد في ماء وطين) هذه كانت رؤيا منام (وكان سقف المسجد جريد النخل) الجريد: السعف الَّذي جرد عن الخوص (فجاءت قزعة) -بفتح القاف وزاء معجمة كذلك- القطعة من السحاب (رأيت الطين والماء على جبهته وأرنبته) -بفتح الهمزة وسكون الراء وفتح الموحدة- طرف الأنف (تصديق روياه) بالنصب على العلة، أو مرفوع خبر مبتدأ، فإن رؤياه وحي لا بد من وقوعه. إما على ظاهره؛ أو مؤولًا. كما أنَّه رأى أبا جهل في الجنَّة قال: "قلت: ما لأبي جهل والجنَّة"؟ فكان تأويله إسلام عكرمة ابنه، وكذا مثله في أُسيد، وكان تأويله إسلام ابنه عتاب.

136 - باب عقد الثياب وشدها ومن ضم إليه ثوبه إذا خاف أن تنكشف عورته

136 - باب عَقْدِ الثِّيَابِ وَشَدِّهَا وَمَنْ ضَمَّ إِلَيْهِ ثَوْبَهُ إِذَا خَافَ أَنْ تَنْكَشِفَ عَوْرَتُهُ 814 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ كَانَ النَّاسُ يُصَلُّونَ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُمْ عَاقِدُو أُزْرِهِمْ مِنَ الصِّغَرِ عَلَى رِقَابِهِمْ فَقِيلَ لِلنِّسَاءِ لاَ تَرْفَعْنَ رُءُوسَكُنَّ حَتَّى يَسْتَوِىَ الرِّجَالُ جُلُوسًا. طرفه 362 137 - باب لاَ يَكُفُّ شَعَرًا 815 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ - وَهْوَ ابْنُ زَيْدٍ - عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أُمِرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ، وَلاَ يَكُفَّ ثَوْبَهُ وَلاَ شَعَرَهُ. طرفه 809 ـــــــــــــــــــــــــــــ وفي الحديث دلالة على جواز السجود في الطين إذا تمكن من السجدة، وأن ليلة القدر تكون في العشر الأخير من رمضان، والحكمه في الإخفاء تعظيم سائر الليالي، وتكثير العبادة. وفيه استحباب إبقاء أثر الطين والغبار الَّذي يكون في السجدة. فإن قلت: ترجم الأولى على السجود على الأنف، وثانيًا على الأنف في الطين، فأي فائدة في هذا؟ قلت: فائدته الإشارة إلى الوجوب ولذلك لم يتركه مع الطين. باب عقد الثياب وشدها ومن ضم إليه ثوبه إذا خاف أن تنكشف عورته 814 - (محمد بن كثير) ضد القليل (سفيان) يجوز أن يكون ابن عيينة، وأن يكون الثوري (عن أبي حازم) -بالحاء المهملة- سلمة بن دينار. (كان الناس يصلون مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وهم عاقدوا أُزرهم) جمع إزار، وفي بعضها: "وهم عاقدي أزرهم"، على أن الخبر محذوف لقيام الحال مقامه. وفي الحديث دلالة على تأخير صف النساء وأن انكشاف العورة مما يلي الأرض لا تفسد الصلاة. باب [لا] يكف ثوبه في الصلاة 815 - (أبو عوانة) -بفتح العين- الوضاح اليشكري. (لا أكف شعرًا) وفي رواية "لا أكفت" بالتاء بعد الفاء.

138 - باب لا يكف ثوبه فى الصلاة

138 - باب لاَ يَكُفُّ ثَوْبَهُ فِي الصَّلاَةِ 816 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةٍ، لاَ أَكُفُّ شَعَرًا وَلاَ ثَوْبًا». طرفه 809 139 - باب التَّسْبِيحِ وَالدُّعَاءِ فِي السُّجُودِ 817 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِى مَنْصُورٌ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى» يَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ. طرفه 794 ـــــــــــــــــــــــــــــ وهذا الحديث قد سلف في أوائل أبواب الصلاة، وإنما ذكره في أبواب السجود، إشارة إلى أن النهي عن كف الثياب إنما هو عند عدم الضرورة. [قال] الجوهري: الكفت الضم، ومنه قوله تعالى: {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا (25)} [المرسلات: 25]. فإن قلت: تكرر هذا منه فما الحكمة فيه؟ قلت: أن لا يشغل قلبه به، وأن يكون شعره وثوبه ساجدًا معه، وفيه كثرة الثواب بكثرة الساجد. باب التسبيح والدعاء في السجود 817 - (مسدد) اسم مفعول (مسلم بن صبيح) بضم الصاد على وزن المصغر. (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي يتأوَّل القرآن) التأويل تفسير الشيء بما يؤول ويصير إليه، فإنه تعالى قال له: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} [النصر: 3] وقدم التسبيح على التحميد تقديمًا للتحلية على التخلية، ولما قدم الوسيلة طلب الحاجة وهي المغفرة، كما هو دأب أرباب الحاجات في أبواب الملوك، ولا حصر في هذا القدر من الدعاء، فقد جاء في رواية مسلم وأبي داود: "فاجتهدوا في الدعاء في السجود؛ فإنه قَمِنٌ أن يستجاب لكم" وأشار إلى علته في رواية

140 - باب المكث بين السجدتين

140 - باب الْمُكْثِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ 818 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ أَنَّ مَالِكَ بْنَ الْحُوَيْرِثِ قَالَ لأَصْحَابِهِ أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ صَلاَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ وَذَاكَ فِي غَيْرِ حِينِ صَلاَةٍ، فَقَامَ، ثُمَّ رَكَعَ فَكَبَّرَ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَامَ هُنَيَّةً، ثُمَّ سَجَدَ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ هُنَيَّةً، فَصَلَّى صَلاَةَ عَمْرِو بْنِ سَلِمَةَ شَيْخِنَا هَذَا. قَالَ أَيُّوبُ كَانَ يَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ أَرَهُمْ يَفْعَلُونَهُ، كَانَ يَقْعُدُ فِي الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ. طرفه 677 ـــــــــــــــــــــــــــــ مسلم وأبي داود: "أقرب ما يكون العبد من الله وهو ساجد". باب المكث بين السجدتين 818 - (أبو النعمان) -بضم النون- محمد بن الفضل (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم (عن أبي قلابة) -بكسر القاف- عبد الله بن زيد الجرمي (مالك بن الحويرث) بضم الحاء على وزن المصغر. (قال لأصحابه) الضمير لمالك (ثم رفع رأسه فقام هنية) -بضم الهاء وفتح النون وتشديد الياء- مصغر هنة أي: زمانًا قليلًا. (عمرو بن سلمة) بكسر اللام (قال أيوب: كان يفعل شيئًا لم أرهم يفعلونه، كان يقعد في الثالثة والرابعة) هذه جلسة الاستراحة. فإن قلت: الرابعة موضع الجلوس للتشهد فأي وجه لذكره؟ قلت: ذكر الرابعة لتحقيق الجلوس في الثالثة، كان جلوس يشبه ذلك الجلوس، وفي بعضها: "أو الرابعة" فالوجه فيه حمل (أو) على الواو. قال بعضهم في التوجيه: المراد منها واحد، وذلك أن المراد من الثالثة انتهاؤها ومن الرابعة ابتداؤها. وهذا شيء لا يعقل؛ فإن الجلوس في الرابعة إنما يكون بعد تمام الرابعة، ولا يقول أحد: إن الجلوس بعد الثالثة يطلق عليه الجلوس في الرابعة؛ لأن بعدها

819 - قَالَ فَأَتَيْنَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ فَقَالَ «لَوْ رَجَعْتُمْ إِلَى أَهْلِيكُمْ صَلُّوا صَلاَةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا، صَلُّوا صَلاَةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ» طرفه 628 820 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى لَيْلَى عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ كَانَ سُجُودُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَرُكُوعُهُ، وَقُعُودُهُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ قَرِيبًا مِنَ السَّوَاءِ. طرفه 792 821 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ إِنِّى لاَ آلُو أَنْ أُصَلِّىَ بِكُمْ كَمَا رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى بِنَا. قَالَ ثَابِتٌ كَانَ أَنَسٌ يَصْنَعُ شَيْئًا لَمْ أَرَكُمْ تَصْنَعُونَهُ، كَانَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَامَ حَتَّى يَقُولَ الْقَائِلُ قَدْ نَسِىَ. وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ حَتَّى يَقُولَ الْقَائِلُ قَدْ نَسِىَ. طرفه 800 ـــــــــــــــــــــــــــــ رابعة، وكذا الجواب بأن هذا شك من الراوي؛ لأنه يشكل عليه رواية الواو، وأيضًا الجلوس في الرابعة قطعي؛ فكيف يقع فيه الشك؟ وأيضًا قد تقدم في باب الطمأنينة من رواية أيوب عن أبي قلابة عن مالك بن الحويرث الجزم بالجلوس بعد الثالثة. 819 - (لو رجعتم إلى أهلكم) لو للتمني، ويجوز أن يَكون شرطًا جوابه محذوف؛ أي: لكان أسهل عليكم. وقوله (صلوا صلاة كذا) إلى آخره، كلام مستأنف للتعليم. 820 - (مسعر) بكسر الميم وسين مهملة. (كان سجود النبي - صلى الله عليه وسلم - وركوعه وقعوده بين السجدتين قريبًا من السواء): تقدم في باب الطمأنينة بزيادة: وإذا رفع رأسه من الركوع. وقد استوفي الكلام عليه هناك. 821 - (سليمان بن حرب) ضد الصلح (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم. (عن أنس قال: إني لا آلو بكم أن أصلي كما رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي بنا) لا آلو -بفتح

141 - باب لا يفترش ذراعيه فى السجود

141 - باب لاَ يَفْتَرِشُ ذِرَاعَيْهِ فِي السُّجُودِ وَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ سَجَدَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَوَضَعَ يَدَيْهِ غَيْرَ مُفْتَرِشٍ وَلاَ قَابِضِهِمَا. 822 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «اعْتَدِلُوا فِي السُّجُودِ، وَلاَ يَبْسُطْ أَحَدُكُمْ ذِرَاعَيْهِ انْبِسَاطَ الْكَلْبِ». طرفه 241 ـــــــــــــــــــــــــــــ الهمزة والمد- من الألو، وهو التقصير، وفعل أنس موافق لفعل مالك بن الحويرث في أن الركوع والاعتدال والجلوس بين السجدتين قريب من السواء. باب لا يفترش ذراعيه في السجود (وقال أبو حميد) بضم الحاء على وزن المصغر، اسمه المنذر، أو عمرو، أو عبد الرحمن. (سجد النبي - صلى الله عليه وسلم - ووضع يديه غير مفترش ولا قابضهما) أي: لم يفترش ذراعيه على الأرض، ولم يلحقهما بجنبه، هذا هو الغرض من الترجمة، والموافق لقانون الفقه. وقال الخطابي: معنى قوله: ولا قابضهما: أنَّه يبسط كفيه ولا يضم أصابعهما. هذا صحيح، ولكن لا يوافق الترجمة، وقيل: يحتمل أن يريد ضمَّ الساعدين إلى بطنه، وأن يجافي المرفقين عن جنبيه، وهذا مع ركاكته تردُّهُ رواية مسلم عن ميمونة: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سجد لو شاءت بهمة أن تمر بين يديه لمرت. 822 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين. (اعتدلوا في السجود) الاعتدال: الطمأنينة (ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساطَ الكلب)

142 - باب من استوى قاعدا فى وتر من صلاته ثم نهض

142 - باب مَنِ اسْتَوَى قَاعِدًا فِي وِتْرٍ مِنْ صَلاَتِهِ ثُمَّ نَهَضَ 823 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ قَالَ أَخْبَرَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ اللَّيْثِىُّ أَنَّهُ رَأَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى، فَإِذَا كَانَ فِي وِتْرٍ مِنْ صَلاَتِهِ لَمْ يَنْهَضْ حَتَّى يَسْتَوِىَ قَاعِدًا. 143 - باب كَيْفَ يَعْتَمِدُ عَلَى الأَرْضِ إِذَا قَامَ مِنَ الرَّكْعَةِ 824 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ وفي رواية الحاكم:"انبساط السبع "، ويروى "لا ينبسط" من الافتعال، وعلى التقادير انتصابه على أنَّه مفعول مطلق، مثل أنبتكم نباتًا، وقد أشرنا إلى أن الحكمة في هذا: كونه دالًّا على الاهتمام؛ بعيدًا عن التشابه بأخس الحيوانات. باب من استوى قاعدًا في وترٍ من صلاته ثمَّ نهض 823 - (محمد بن الصَّباح) بفتح المهملة بعدها باء موحدة (هشيم) بضم الهاء على وزن المصغر (خالد الحذاء) بفتح الحاء وتشديد الذال المعجمة مع المد. (فإذا كان في وتر من صلاته لم ينهض حتَّى يستوي قاعدًا) هذا جلسة الاستراحة، قال بها الشافعي وأحمد في رواية، وقد تكرر في الحديث، وهو حجة على الغير ولا معارض للحديث، وحديث أبي حميد في باب سنة الجلوس ساكت عنه، وقد روى أبو داود عنه بإثباتها؛ فسقط قول الطحاوي: إن الروايات عن أبي حميد اتفقت على نفيها، ولو صح كان محمولًا على بيان الجواز. باب كيف يعتمد على الأرض إذا قام من الركعة 824 - (معلَّى بن أسد) بضم الميم وتشديد اللام (وهيب) بضم [الواو] مصغر.

144 - باب يكبر وهو ينهض من السجدتين

جَاءَنَا مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ فَصَلَّى بِنَا فِي مَسْجِدِنَا هَذَا فَقَالَ إِنِّى لأُصَلِّى بِكُمْ، وَمَا أُرِيدُ الصَّلاَةَ، وَلَكِنْ أُرِيدُ أَنْ أُرِيَكُمْ كَيْفَ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى. قَالَ أَيُّوبُ فَقُلْتُ لأَبِى قِلاَبَةَ وَكَيْفَ كَانَتْ صَلاَتُهُ قَالَ مِثْلَ صَلاَةِ شَيْخِنَا هَذَا - يَعْنِى عَمْرَو بْنَ سَلِمَةَ - قَالَ أَيُّوبُ وَكَانَ ذَلِكَ الشَّيْخُ يُتِمُّ التَّكْبِيرَ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ عَنِ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ جَلَسَ وَاعْتَمَدَ عَلَى الأَرْضِ، ثُمَّ قَامَ. طرفه 677 144 - باب يُكَبِّرُ وَهْوَ يَنْهَضُ مِنَ السَّجْدَتَيْنِ وَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يُكَبِّرُ فِي نَهْضَتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ روى في الباب حديث مالك بن الحويرث، وقد مرَّ مرارًا، وموضع الدلالة على الترجمة هنا قوله: (إذا رفع رأسه عن سجدة الثانية جلس واعتمد [على] الأرض ثم قام) وقد أشرنا إلى أنَّ هذه جلسة الاستراحة. (عمرو بن سلمة) بفتح السين وكسر اللام. فإن قلت: ترجم على كيفية الاعتماد، وليس في الحديث إلا بيان أصل الاعتماد؟ قلت: لم يجد حديثًا على شرطه، وقد روى ابن الأثير في "النهاية" عن ابن عمر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يعجن في الصلاة، وفسره ابن الأثير: بأنه يعتمد على الأرض عند القيام؛ كأنه يعجن العجين. وقد تكلفوا بأشياء لا ضرورة إليها، وأشار البخاري بهذا إلى رد ما روي عن أبي هريرة أو ابن مسعود: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقوم على صدور قدميه. باب يكبر وهو ينهض من السجدتين المراد بالسجدتين الركعتان، كما صرح به في الحديث. (وكان ابن الزبير): هو عبد الله حيث أُطلق من بين سائر بنيه.

145 - باب سنة الجلوس فى التشهد

825 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ صَلَّى لَنَا أَبُو سَعِيدٍ فَجَهَرَ بِالتَّكْبِيرِ حِينَ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ، وَحِينَ سَجَدَ، وَحِينَ رَفَعَ، وَحِينَ قَامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ وَقَالَ هَكَذَا رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -. 826 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا غَيْلاَنُ بْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُطَرِّفٍ قَالَ صَلَّيْتُ أَنَا وَعِمْرَانُ صَلاَةً خَلْفَ عَلِىِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ - رضى الله عنه - فَكَانَ إِذَا سَجَدَ كَبَّرَ، وَإِذَا رَفَعَ كَبَّرَ، وَإِذَا نَهَضَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ كَبَّرَ، فَلَمَّا سَلَّمَ أَخَذَ عِمْرَانُ بِيَدِى فَقَالَ لَقَدْ صَلَّى بِنَا هَذَا صَلاَةَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -. أَوْ قَالَ لَقَدْ ذَكَّرَنِى هَذَا صَلاَةَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 784 145 - باب سُنَّةِ الْجُلُوسِ فِي التَّشَهُّدِ ـــــــــــــــــــــــــــــ 825 - (فليح) بضم الفاء على وزن المصغر. (صلى لنا أبو سعيد) هو الخدري (فجهر بالتكبير حين رفع رأسه من السجود، وحين قام من الركعتين) هذا موضع الدلالة على الترجمة. 826 - (سليمان بن حرب) ضد الصلح (حمّاد) بفتح الحاء (غيلان) بفتح المعجمة بعدها ياء ساكنة (عن مُطرِّف) بضم الميم وتشديد الراء المكسورة. (أو [قال]، لَقَدْ ذكرنا هذا صلاة محمد - صلى الله عليه وسلم -) الشك من مُطرِّف. وهذا الحديث تقدم في باب إتمام التكبير مع شرحه، وموضع الدلالة هنا قوله: (وإذا نهض من الركعتين كبَّر). باب سنة الجلوس في التشهد قال بعض الشارحين: فإن قلت: الجلوس قد يكون واجبًا. قلت: المراد من السنة الطريقة المحمدية، وهي أعم من المندوب. هذا كلامه، وقد غلط فيه؛ لأن الكلام ليس في نفس الجلوس حتَّى يكون واجبًا ومندوبًا؛ بل في كيفية الجلوس، وتلك الكيفية سنة سواء كان الجلوس فرضًا أو سنة، وأحاديث الباب صريحة فيما قلنا.

وَكَانَتْ أُمُّ الدَّرْدَاءِ تَجْلِسُ فِي صَلاَتِهَا جِلْسَةَ الرَّجُلِ، وَكَانَتْ فَقِيهَةً. 827 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ كَانَ يَرَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَتَرَبَّعُ فِي الصَّلاَةِ إِذَا جَلَسَ، فَفَعَلْتُهُ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ حَدِيثُ السِّنِّ، فَنَهَانِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَقَالَ إِنَّمَا سُنَّةُ الصَّلاَةِ أَنْ تَنْصِبَ رِجْلَكَ الْيُمْنَى وَتَثْنِىَ الْيُسْرَى. فَقُلْتُ إِنَّكَ تَفْعَلُ ذَلِكَ. فَقَالَ إِنَّ رِجْلَىَّ لاَ تَحْمِلاَنِى. 828 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ خَالِدٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ. وَحَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى حَبِيبٍ وَيَزِيدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ (وكانت أم الدرداء تجلس في الصلاة جلسة الرجل) بكسر الجيم (وكانت فقيهة) جزم بعض الشراح أنَّ قوله: وكانت فقيهة، من قول البخاري. قال شيخنا ابن حجر: ليس كذلك؛ بل هو من قول مكحول. كذا في مسند الفريابي. لأبي الدرداء زوجتان كل منهما تكنى أمَّ الدرداء، الكبرى واسمها خيرة صحابية، والصغرى اسمها: هجيمة، وقيل: جهيمة الأوصابية الدمشقية؛ تابعية ثقة. قال شيخ الإسلام شيخنا ابن حجر رحمه الله: الكبرى لا رواية لها في الكتب. 827 - (إنما سنة الصلاة أن تنصِبَ رجلك اليمنى وتَثْني اليسرى) -بفتح التاء وسكون المثلثة- أي: تعطف. وهذه الجلسة سنة في التشهد الأول، وأما التشهد الأخير فالسنة فيه تقديم الرِّجل اليسرى ونصب اليمنى، والجلوس على المقعد، كما رواه أبو حميد في الحديث الَّذي بعده، وقد روى مالك في الموطأ عن ابن عمر ما يوافق رواية أبي حميد، فتكون روايته مفصلة؛ كرواية أبي حميد، وكأنه لم تقع للبخاري كذلك. 828 - (يزيد بن أبي حبيب) من الزيادة، أبي حبيب: ضد البغيض.

عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا مَعَ نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرْنَا صَلاَةَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِىُّ أَنَا كُنْتُ أَحْفَظَكُمْ لِصَلاَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَأَيْتُهُ إِذَا كَبَّرَ جَعَلَ يَدَيْهِ حِذَاءَ مَنْكِبَيْهِ، وَإِذَا رَكَعَ أَمْكَنَ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ، ثُمَّ هَصَرَ ظَهْرَهُ، فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ اسْتَوَى حَتَّى يَعُودَ كُلُّ فَقَارٍ مَكَانَهُ، فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَ يَدَيْهِ غَيْرَ مُفْتَرِشٍ وَلاَ قَابِضِهِمَا، وَاسْتَقْبَلَ بِأَطْرَافِ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ الْقِبْلَةَ، فَإِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ جَلَسَ عَلَى رِجْلِهِ الْيُسْرَى وَنَصَبَ الْيُمْنَى، وَإِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ قَدَّمَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَنَصَبَ الأُخْرَى وَقَعَدَ عَلَى مَقْعَدَتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ (حلحلة) بحاء مهملة مكررة. (هصر ظهره) أي: أماله (فَقَار) -بفتح الفاء والقاف- جمع فقارة. قال ابن الأثير: هي خرزات الظهر. (فإذا سجد وضع يديه غير مفترش ولا قابضهما) أي: غير لاحقهما على جنبيه. وقد استوفينا الكلام عليه في باب لا يفترش ذراعيه. (قعد على مقعدته) وفي رواية مسلم: الإقعاء، وهو هذا الَّذي ذكره؛ وأمَّا الإقعاء المنهي عنه الَّذي سماه عقبة الشيطان: هو الجلوس على الوركين ناصبًا ركبتيه. وقال أبو حنيفة والثوري: السنة في التشهدين افتراش الرِّجل اليسرى لما روى وائل بن حجر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا جلس فرش رجله اليسرى. والحق أن حديث أبي حميد لا يقاومه حديث؛ فإنه رغم أنَّه أحفظ الناس لصلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ ولأن الافتراش في التشهد الأول أعون على القيام، والتورك في التشهد الأخير أسهل وأكثر راحة. وقال مالك: يتورك في الأول والأخير. وحديث أبي حميد حجة عليه أيضًا.

146 - باب من لم ير التشهد الأول واجبا لأن النبى - صلى الله عليه وسلم - قام من الركعتين ولم يرجع

وَسَمِعَ اللَّيْثُ يَزِيدَ بْنَ أَبِى حَبِيبٍ وَيَزِيدُ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَلْحَلَةَ وَابْنُ حَلْحَلَةَ مِنَ ابْنِ عَطَاءٍ. قَالَ أَبُو صَالِحٍ عَنِ اللَّيْثِ كُلُّ فَقَارٍ. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنِى يَزِيدُ بْنُ أَبِى حَبِيبٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرٍو حَدَّثَهُ كُلُّ فَقَارٍ. 146 - باب مَنْ لَمْ يَرَ التَّشَهُّدَ الأَوَّلَ وَاجِبًا لأَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ وَلَمْ يَرْجِعْ 829 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ هُرْمُزَ مَوْلَى بَنِى عَبْدِ الْمُطَّلِبِ - وَقَالَ مَرَّةً مَوْلَى رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ - أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ ابْنَ بُحَيْنَةَ - وَهْوَ مِنْ أَزْدِ شَنُوءَةَ وَهْوَ حَلِيفٌ لِبَنِى عَبْدِ مَنَافٍ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ ـــــــــــــــــــــــــــــ (سمع الليث يزيد بن أبي حبيبة) أراد بهذا رفع وهم التدليس؛ لأن السند أولًا كان معنعنًا. باب من لم ير التشهد الأول واجبًا لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قام من الركعتين ولم يرجع صرح بنفي الوجوب في الترجمة مع دليله لقوة الخلاف؛ فإن أحمد، والشافعي في قول، وأبو حنيفة ذهبوا إلى وجوبه، بدليل قوله في الباب بعده: قام وعليه جلوس؛ فإن على تدل على الوجوب. 829 - (أبو اليمان) -بتخفيف النون- الحكم بن نافع. (عبد الرحمن بن هومز مولى بني عبد المطلب، وقال مرَّة: مولى ربيعة بن الحارث) أي: نسبه الزهري تارة إلى بني عبد المطلب، وتارة إلى ربيعة بن الحارث، وكلاهما صواب؛ لأن ربيعة هو ابن الحارث بن عبد المطلب، لكن قال أبو الفضل المقدسي: هو مولى عمر بن ربيعة. (أن عبد الله بن بحينة) -بضم الباء مصغر- أم عبد الله (وهو من أزد شنوءة) أزد -بزاي

النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى بِهِمُ الظُّهْرَ فَقَامَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ لَمْ يَجْلِسْ، فَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ حَتَّى إِذَا قَضَى الصَّلاَةَ، وَانْتَظَرَ النَّاسُ تَسْلِيمَهُ، كَبَّرَ وَهْوَ جَالِسٌ، فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ ثُمَّ سَلَّمَ. أطرافه 830، 1224، 1225، 1230، 6670 ـــــــــــــــــــــــــــــ معجمة- على وزن عبد، وشنوءة: بفتح الشين وضم النون بعدها همزة مفتوحة. وقال ابن السكيت: ربما قالوا بواو مشددة. وأزد في الأصل عَلَم، وهو أزد بن يغوث، وإنما أضيف إلى شنوءة؛ لأنه طلق على ثلاث أحياء: أزد شنوءة، وأزد عُمان، وأزد شراة. (وهو حليف لبني عبد مناف) قال شيخنا ابن حجر: حالف جده المطلب بن عبد مناف. الحلف -بكسر الحاء- في العرب عبارة عن المعاهدة على التناصر، وكان هذا معروفًا في الجاهلية، فلما جاء الإسلام قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا حِلف في الإسلام". فإن قلت: قد جاء في الأحاديث: "أي حلف كان في الجاهلية فإن الإسلام يزيده"، وسيأتي من رواية أنس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حالف بين أصحابه. قلت: المنهي هو الحلف على الفتن والشرور؛ كما كان يفعله المشركون، والذي أثبت هو التناصر على الحق. (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلَّى بهم الظهر فقام في الرَّكعتين ولم يجلس) هذا موضع الدلالة على الترجمة، إذ لو كان التشهد الأول واجبًا لعاد إليه بعد القيام (حتَّى إذا قضى الصلاة) أي: أتمها (فسجد سجدتين قبل أن يسلم) أخذ به الشافعي وأحمد وقالا: محله قبل السلام. وقال أبو حنيفة: بعده؛ لحديث ذي اليدين. وقال مالك: إن كان السهو بالنقصان فقبل السلام؛

147 - باب التشهد فى الأولى

147 - باب التَّشَهُّدِ فِي الأُولَى 830 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرٌ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ ابْنِ بُحَيْنَةَ قَالَ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الظُّهْرَ فَقَامَ وَعَلَيْهِ جُلُوسٌ، فَلَمَّا كَانَ فِي آخِرِ صَلاَتِهِ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَهْوَ جَالِسٌ. طرفه 829 148 - باب التَّشَهُّدِ فِي الآخِرَةِ 831 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ وإن كان بالزيادة فبعده، وإن جمع بين الزيادة والنقصان فقبل السلام. قال النووي: واختلاف الأئمة إنما هو في الأفضل لا في الجواز، إذ الكل جائز عند الكل. باب التشهد في الأولى 830 - (قتيبة) بضم القاف وفتح التاء على وزن المصغر (عبد الله [بن] مالكِ بن بحينة) بتنوين مالك وألف ابن بعده، لأنه صفة عبد الله، لأن بحينة أمَّه، كذا ينسب إلى الأب والأم. روي في الباب حديثه (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام من الركعتين ولم يشهد، ثم سجد سجدتين) كما تقدم في الباب قبله، إلا أن هناك قبل السلام وهنا أطلقه. باب التشهد في الآخرة أي: في الركعة الآخرة. فإن قلت: هذا ظاهر؛ فإنَّ التشهد يقع في الركعة الآخرة، فما معنى قوله: باب التشهد في الأولى، مع أن التشهد إنما هو في الرَّكعة الثانية؟ قلت: الأولى صفة الجلسة؛ أو الشفعة، فلا إشكال. 831 - (أبو نعيم) بضم النون على وزن المصغر (عن شقيق بن سلمة) بفتح السين واللام (قال عبد الله) هو ابن مسعود حيث أطلق.

كُنَّا إِذَا صَلَّيْنَا خَلْفَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قُلْنَا السَّلاَمُ عَلَى جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ، السَّلاَمُ عَلَى فُلاَنٍ وَفُلاَنٍ. فَالْتَفَتَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلاَمُ، فَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلِ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِىُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلاَمُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ (كنا إذا صلينا خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلنا: السلام على فلان وفلان، فالتفت فقال: إن الله هو السلام) إنما قال لهم هذا لأنهم كانوا يقولون: السلام على الله، وليس له ذكر في هذا الطريق، وسيأتي في مواضع، وهذا على دأبه من الاستدلال بالخفي، والسلام في الأصل اسم التسليم؛ كالكلام للتكليم؛ وهو من أسمائه تعالى، ومعناه أنَّه سالم من كل ما [لا]، يليق بجَلال جبروته تعالى وتقدس، وفي رواية ابن ماجة: أنهم كانوا يعنون بفلان وفلان الملائكة. وفي رواية الإسماعيلي: نعد الملائكة. وقوله: "فالتفت" ظاهره يشعر بأنه كان في أثناء الصلاة. لكن رواية حفص بن غياث: "فلما انصرف". (التحيات لله والصلوات والطيبات) قال الجوهري: [..... التحية] المُلك. قال زهير: ولكل ما نال الغنى ... قد نلته إلا التحية ويقال: حيَّاك الله ملكك، والمعنى: الملك والملكوت لله، وقيل: إنما جُمع لأن الملوك كانت لهم تحيات مختلفة؛ كان لبعضهم: أبيت اللَّعن، ولبعض أنعم الله صباحك ومساك، ولبعض: عشت ألف سنة. وهذه المعاني لا تليق به تعالى، وكان الغرض من هذه الألفاظ التعظيم، فأُخذ ذلك الغرض منها، فالمعنى: الملك والبقاء والعظمة له تعالى. و"الصلوات" الفرائض والنوافل، وأنواع الدعوات.

فَإِنَّكُمْ إِذَا قُلْتُمُوهَا أَصَابَتْ كُلَّ عَبْدٍ لِلَّهِ صَالِحٍ فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ». أطرافه 835، 1202، 6230، 6265، 6328، 7381 ـــــــــــــــــــــــــــــ و"الطيبات" الأعمال الزكية، وقيل: الصلوات: الصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فيقدر له خبر على أنَّه من عطف الجملة على الجملة؛ والثانية لعطف المفرد. ولا وجه له؛ لأن الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ستأتي بعده، على أنَّ قوله: "والطيبات" من عطف المفرد على المفرد وليس بظاهر؛ فتأمل، وأيضًا يحتاج إلى تقدير العاطف في السلام عليك. (فإنكم إذا قلتموها) أي: هذه الجملة وهي: السلام علينا وعلى عبَّاد الله الصالحين (أصابتْ كلَّ عبد صالح) تعليلٌ لردِّ قولهم: السلام على فلان وفلان. (وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله) فيه ردٌّ لمن قال: لا يجوز الضمير، بل لا بدَّ من قوله: رسول الله، هو النووي، والعجب أنَّه استدل عليه برواية مسلم: "أن محمدًا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" ولا تنافي بين الروايتين، ولا تنافي [.....] البخاري. واعلم أن العلماء اختلفوا في اختيار التشهد؛ فاختار أبو حنيفة وأحمد رواية ابن مسعود هذه، قال أهل الحديث: هذا أصح حديث في التشهد. واختار الشافعي رواية ابن عباس، ومالك تشهد عمر. وقد ضبط بعض العلماء عدد التشهدات؛ فبلغت ثلاث عشرة، والاختلاف إنما هو في الأفضلية؛ لا الجواز، والتشهد في القعدة الأخيرة واجبة اتفاقًا، وفي الأولى سنة عند الشافعي، واستدلّ بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا صلى أحدكم فليقل: التحيات لله" وهذا إنما يصدق على التشهد الأخير؛ لأنه في الأول لا يصدق عليه أنَّه صلَّى؛ وبما رواه الدَّارقطني والبيهقي عن ابن مسعود: "كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد: السلام على الله" وقد تقدم في باب من لم ير التشهد الأول واجبًا أنَّه ترك التشهد ولم يعد إليه، وقال بوجوب الصلاة على

149 - باب الدعاء قبل السلام

149 - باب الدُّعَاءِ قَبْلَ السَّلاَمِ 832 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنَا عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلاَةِ «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَفِتْنَةِ الْمَمَاتِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه؛ لما روى الدارقطني والحاكم عن أبي مسعود الأنصاري: أنَّ رجلًا قال: يا رسول الله، أمَّا السلام عليك فقد عرفنا، فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا عليك في الصَّلاة؛ فقال: "قولوا: اللهم صل على محمد .... إلى آخره". قال النووي: وقد نسب الشافعي في إيجاب الصلاة عليه في الصلاة إلى مخالفة الإجماع. وليس كذلك؛ لأنه قول الشعبي من التابعين. وعند الحنفية وأحمد: التشهد الأول والثاني واجبان. وعند مالك: ليسا بواجبين. باب الدُّعاء قبل السَّلام 832 - (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو: اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر) قدمه [.....] إنما سيأتي من أن عائشة أنكرت على اليهودية حين قالت لها: أعاذك الله من عذاب القبر. (وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال) الدجال صيغة مبالغة من الدجل، وهو اللبس والخلط؛ والمسيح: فعيل بمعنى المفعول: لأنه ممسوح العين، أو ممسوح البركة؛ أو بمعنى الفاعل؛ لأنه يمسح الأرض، وقد ذكر صاحب "القاموس": في وجه هذه التسمية خمسين وجهًا. وفتنته ابتلاؤه، وهو الأعور الَّذي يدعي الألوهية، ومعه مثال الجنَّة والنار. (وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات) أي زمان الحياة وزمان الموت، ويجوز أن يكونا مصدرين.

اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ». فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ مَا أَكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ مِنَ الْمَغْرَمِ فَقَالَ «إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَرِمَ حَدَّثَ فَكَذَبَ، وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ». أطرافه 833، 2397، 6368، 6375، 6376، 6377، 7129 833 - وَعَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتَعِيذُ فِي صَلاَتِهِ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ. طرفه 832 ـــــــــــــــــــــــــــــ (اللهم إني أعوذ بك من المأثم) أي: الإثم وهو الذنب، قاله الجوهري، وانما أعاد النداء لأنَّ هذا نوع آخر (والمغرم) قال ابن الأثير: مصدر وضع موضع الاسم، وأصل الغرم اللزوم. استعاذ مما يلزمه فيما يكرهه الله، أو مما يعجز عن الوفاء، دل عليه قوله: (إن الرجل إذا غرم حدث فكذب، ووعد فأخلف) وهذا الدعاء موضعه بعد التشهد قبل السلام؛ لما روى مسلم عن أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير فليتعوذ بالله من أربع: من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدَّجال". 833 - (وعن الزهري: أخبرني عروة أن عائشة قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستعيذ في صلاته من فتنة الدَّجال) هذا التعليق رواه مسلم مسندًا. فإن قلت: قول البخاري في الترجمة: قبل السلام، أراد به بعد التشهد، وليس في أحاديث الباب ما يدل عليه؟ قلت: أجاب بعضهم بأن لكل مقام ذكرًا مخصوصًا، فتعين أن يكون هذا بعد التشهد، وَيرِدُ عليه السجود؛ لأنه أمر بالدعاء فيه، وقال: إنه مقمن الإجابة، ولا شك أنَّه قبل التسليم. والصواب في الجواب: أن هذا على دأب البخاري من الإشارة، وقد جاء في رواية مسلم: "إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير فليتخير من الدُّعاء ما شاء".

150 - باب ما يتخير من الدعاء بعد التشهد وليس بواجب

834 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى حَبِيبٍ عَنْ أَبِى الْخَيْرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رضى الله عنه -. أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلِّمْنِى دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلاَتِى. قَالَ «قُلِ اللَّهُمَّ إِنِّى ظَلَمْتُ نَفْسِى ظُلْمًا كَثِيرًا وَلاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ، فَاغْفِرْ لِى مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ، وَارْحَمْنِى إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ». طرفاه 6326، 7388 150 - باب مَا يُتَخَيَّرُ مِنَ الدُّعَاءِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ 835 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنِ الأَعْمَشِ حَدَّثَنِى شَقِيقٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنَّا إِذَا كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي الصَّلاَةِ قُلْنَا السَّلاَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْ عِبَادِهِ، السَّلاَمُ عَلَى فُلاَنٍ وَفُلاَنٍ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَقُولُوا السَّلاَمُ عَلَى اللَّهِ. فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 834 - (قتيبة) بضم القاف مصغر (عن أبي الخير) هو مرثد بن عبد الله. (فاغفر لي مغفرة من عندك) أي: مغفرة لا يقدر عليها غيرك، كقوله: من لدنك رحمة أو مغفرة تفضلًا منك؛ وإن لم أستحقه. (وارحمني) أي: تفضَّل عليَّ من خزائن نعمك، يسأل الإحسان بعد سؤال التجوز والعفو ترقيًا. باب ما يتخير من الدعاء بعد التشهد وليس بواجب 835 - (مسدد) بضم الميم وفتح الدال المشددة. روى في الباب حديث ابن مسعود أنهم كانوا يقولون: السلام على الله، فنهاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعلمهم التشهد: وقد تقدم آنفًا في باب التشهد الآخر.

السَّلاَمُ، وَلَكِنْ قُولُوا التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِىُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلاَمُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ. فَإِنَّكُمْ إِذَا قُلْتُمْ أَصَابَ كُلَّ عَبْدٍ فِي السَّمَاءِ أَوْ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، ثُمَّ يَتَخَيَّرُ مِنَ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إِلَيْهِ فَيَدْعُو». طرفه 831 ـــــــــــــــــــــــــــــ (وإذا قلتُم أصاب كل عبد في السماء، أو بين السماء والأرض) الشك من عبد الله هل قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "في السماء والأرض"؛ أو "بين السماء والأرض" وقد رواه في باب التشهد "في السماء والأرض" من غير شك. قال بعض الشارحين: فإن قلت: لم عدل عن لفظ: "في الأرض" كما في الحديث السابق، قلت: ليعم مَنْ بَيْنَهُما؛ كالجن. هذا كلامه، وفسادُهُ ظاهر؛ لأنَّ الجن في الأرض كالإنس، إذ لا يقول أحد بأن الجنَّ في الهواء، فالصَّواب أن قوله: "في السماء والأرض" أعمُّ؛ لأنه يشمل ملائكة السماء والأرض. (ثم ليختر من الدعاء أعجبه إليه) هذا موضع الدلالة على الترجمة، وهو لعمومه حجة على الحنفية، حيث قالوا: يدعو بما يشبه ألفاظ القرآن، والظاهر أن ذلك من باب الأولى؛ لأنهم استدلوا بهذا الحديث، وقد تقدم في باب الدعاء قبل السلام من رواية عائشة ما كان يدعو به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وروى مسلم عن علي بن أبي طالب: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو بين التشهد والسلام: "اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت". فإن قلت: لفظ "ليختر" يدل على الوجوب لأنه أمر؛ فما صَرفه عن الوجوب؟. قلت: لما فوض الأمر إلى اختيار دلَّ على أنَّه غير واجب وعليه الإجماع، وقد التبس هذا على بعض الشراح، حتَّى قال بعضهم: لفظ التخير لا يدل على عدم الوجوب لجواز التخير في الأشباح وجوب واحد فيها. وأجاب بعضهم بأن هذه الصيغة وإن كانت صيغة الأمر إلا أنها هنا للندب. وكلُّ هذا ذهول عن الغرض؛ فإن الشارع لما ذكر الواجب من التشهد فصَّل الكلام

151 - باب من لم يمسح جبهته وأنفه حتى صلى

151 - باب مَنْ لَمْ يَمْسَحْ جَبْهَتَهُ وَأَنْفَهُ حَتَّى صَلَّى قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: رَأَيْتُ الحُمَيْدِيَّ: يَحْتَجُّ بِهَذَا الحَدِيثِ «أَنْ لاَ يَمْسَحَ الجَبْهَةَ فِي الصَّلاَةِ». 836 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ فَقَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَسْجُدُ فِي الْمَاءِ وَالطِّينِ حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ الطِّينِ فِي جَبْهَتِهِ. طرفه 669 152 - باب التَّسْلِيمِ 837 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ عَنْ هِنْدٍ بِنْتِ الْحَارِثِ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا سَلَّمَ قَامَ النِّسَاءُ حِينَ يَقْضِى تَسْلِيمَهُ، وَمَكَثَ يَسِيرًا قَبْلَ أَنْ يَقُومَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بلفظ ثم ليدل على أن ليس هناك وجوب ولا نوع تقرب؛ ولذلك لو دعا بأمر الدنيا، كالمرأة الصالحة والرزق الحلال كان جائزًا بلا ريب. باب من لم يمسح جبهته وأنفه حتَّى صلى في بعض النسخ (قال أبو عبد الله: رأيت الحميدي يحتج بهذا الحديث أن لا يمسح جبهته في الصلاة) يريد به حديث الباب، حديث أبي سعيد الخدري. 836 - (رأيت أثر الطين في جبهة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) وقد سبق شرح الحديث في باب السجود على الأنف، وقد أشرنا هناك إلى أن هذا إنما هو إذا تمكن من السجود. باب التسليم 837 - (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سلم قام النساء حين يقضي) أي: يفرغ منه (ومكث يسيرًا) أي: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد جاء تفسير قوله: "يسيرًا" في حديث عائشة قالت: "كان

153 - باب يسلم حين يسلم الإمام

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَأُرَى - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ مُكْثَهُ لِكَىْ يَنْفُذَ النِّسَاءُ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُنَّ مَنِ انْصَرَفَ مِنَ الْقَوْمِ. طرفاه 849، 850 153 - باب يُسَلِّمُ حِينَ يُسَلِّمُ الإِمَامُ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَسْتَحِبُّ إِذَا سَلَّمَ الإِمَامُ أَنْ يُسَلِّمَ مَنْ خَلْفَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يقعد مقدار ما يقول: وأنت السلام ومنك السلام، تباركت ربنا يا ذا الجلال والإكرام". (قال ابن شهاب: فأرى) -بضم الهمزة وفتح الراء- أي: أظن (أنَّ مكثه كان لكي تنفذ النساء قبل أن يدركهن من انصرف من القوم) وذلك لئلا يختلط الرجال بالنساء، فإنه مظنة الفتنة. واعلم أن الأئمة مختلفون في وجوب السلام؛ وندبه: قال الشافعي ومالك وأحمد وآخرون بالوجوب استدلالًا بما رواه الطبري عن ابن مسعود: "مفتاح الصلاة التكبير، وانقضاؤها التسليم" ولدلالة كان على الاستمرار، ولم ينقل عنه خلافه، ولو كان جائزًا لنبّه عليه؛ كما في نظائره، ولم ينقل عن الخلفاء؛ ولَا عن أحد من الصحابة رواية ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وذهب أبو حنيفة والثوري والأوزاعي إلى أنَّه مندوب إليه استدلالًا بما روي عن ابن مسعود: "إذا قعدت وقلت هذا فقد تمت صلاتك" واتفق الحفاظ من أهل الحديث على أنَّ هذا الكلام مدرج في الحديث؛ وليس من كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. والقائلون بالوجوب اتفقوا على أنَّ الواجب سلام واحد، ولو أتى به منكَّرًا فالصحيح جوازه؛ كذا نقل الرافعي، وقال النووي: لفظ المعرف متعين، وبه قال سائر الأئمة. باب يسلم حين يسلم الإمام

154 - باب من لم ير رد السلام على الإمام واكتفى بتسليم الصلاة

838 - حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ عِتْبَانَ قَالَ صَلَّيْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَلَّمْنَا حِينَ سَلَّمَ. طرفه 424 154 - باب مَنْ لَمْ يَرَ رَدَّ السَّلاَمِ عَلَى الإِمَامِ وَاكْتَفَى بِتَسْلِيمِ الصَّلاَة 839 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ، وَزَعَمَ أَنَّهُ عَقَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَعَقَلَ مَجَّةً مَجَّهَا مِنْ دَلْوٍ كَانَ فِي دَارِهِمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 838 - (حبان بن موسى) بكسر الحاء وتشديد الموحدة (محمود هو ابن الربيع) زاد لفظ هو؛ لأنه لم يسمع من شيخه، وصفه بابن الربيع (عتبان بن مالك) بكسر العين بعده مثناة فوق. (صلينا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فسلَّم، فسلَّمنا حين سلم) هذا سنة، ولو سلم معه جاز. قيل: قوله في الترجمة يسلم المأموم حين يسلم الإمام يحتمل أن يكون ابتدأ بالسلام بعد ابتداءِ الإمام؛ ويحتمل أن يكون بعد فراغ الإمام. قال شيخنا ابن حجر: أشار بلفظ: حين، إلى أن المندوب أن لا يتأخر عن الإمام. قلت: كونه بعد فراغ الإمام مبتدأ به معنى؛ لأن سلام المأموم رد السلام الإمام؛ فلا يشرع إلا بعد فراغه؛ بخلاف سائر الأركان، فإن الابتداء والفراغ كلاهما متأخران عن الإمام. باب من لم يرد السلام على الإمام واكتفى بتسليم الصلاة 839 - (عبدان) عبد الله بن عثمان بن جبلة المروزي، وعبدان على وزن شعبان لقبه (معمر) بفتح الميمين بينهما عين ساكنة (محمود بن الربيع) ضد الخريف. (وزعم أنه عقل مجة) -بفتح الميم وتشيد الجيم- مرَّة من المج، وهو إلقاء الماء أو الرِّيق من الفم (مجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) ضمير المجة مفعول مطلق، لأنه عبارة عنها.

840 - قَالَ سَمِعْتُ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ الأَنْصَارِىَّ ثُمَّ أَحَدَ بَنِى سَالِمٍ قَالَ كُنْتُ أُصَلِّى لِقَوْمِى بَنِى سَالِمٍ، فَأَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ إِنِّى أَنْكَرْتُ بَصَرِى، وَإِنَّ السُّيُولَ تَحُولُ بَيْنِى وَبَيْنَ مَسْجِدِ قَوْمِى، فَلَوَدِدْتُ أَنَّكَ جِئْتَ فَصَلَّيْتَ فِي بَيْتِى مَكَانًا، حَتَّى أَتَّخِذَهُ مَسْجِدًا فَقَالَ «أَفْعَلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ». فَغَدَا عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بَكْرٍ مَعَهُ بَعْدَ مَا اشْتَدَّ النَّهَارُ، فَاسْتَأْذَنَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَذِنْتُ لَهُ، فَلَمْ يَجْلِسْ حَتَّى قَالَ «أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّىَ مِنْ بَيْتِكَ». فَأَشَارَ إِلَيْهِ مِنَ الْمَكَانِ الَّذِى أَحَبَّ أَنْ يُصَلِّىَ فِيهِ، فَقَامَ فَصَفَفْنَا ـــــــــــــــــــــــــــــ 840 - (عتبان [بن] مالك الأنصاري ثم أحد بني سالم) عتبان -بكسر العين- وقد سلف حديثه مرارًا، لكن نشير إلى بعض المواضع والغرض من إيراده الحديث هنا. قال بعض الشارحين: قوله: ثم أحد بني سالم. عطف على عتبان، والمعنى، أن محمود بن الربيع كما سمع الحديث من عتبان سمعه من رجل آخر من بني سالم. وهذا غلط، فإن أحد بني سالم هو عتبان، وهذا طريقهم في النسبة، يأتون بلفظ ثَّم ترقيًا؛ كما سيأتي في البخاري في نسبة صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني، وفيه أيضًا: ثم أحد بني نبهان؛ وكيف يصح على ما قال قوله: (قال: كنت أصلي لقومي) فإن ضمير قال لأحد بني سالم فيكون هو الذي صلى لقومه، والحديث: إنما هو في إمامة عتبان كما تقدم مرارًا. قال شيخنا ابن حجر: هذا الذي من له أدنى ممارسة يجب أن يقطع به. (فغدا عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) بتشديد الياء (بعدما اشتدَّ النهار) كناية عن ارتفاعه (فلم يجلس حتى قال: أين تحب أن أصلي من بيتك؟ فأشار إليه من المكان الذي أحب) هذا كلام محمود بن الربيع، حكى كلام [عتبان بن] مالك بعبارة نفسه. "وقد تقدم [قول عتبان بن] مالك فأشرت، وقال الشارح المذكور: فأشار، أي: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المكان المحبوب لي. وهذا غلط فاحش؛ فإن "أحب" على بناء الفاعل في الروايات كلها، وفاعله أشار، فأشار هو جواب قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أين تحب أن أصلي" فأشار عتبان إلى المكان الذي كان يصلي فيه، وحمله شيخنا على اللالتفات، والضمير لعتبان، وفيه أنه خلاف الظاهر؛ لأن سياق الحديث لمحمود بن الربيع، وإنما ارتكب الشَّيخ

155 - باب الذكر بعد الصلاة

خَلْفَهُ ثُمَّ سَلَّمَ، وَسَلَّمْنَا حِينَ سَلَّمَ. طرفه 424 155 - باب الذِّكْرِ بَعْدَ الصَّلاَةِ 841 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرٌو أَنَّ أَبَا مَعْبَدٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ أَنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ بِالذِّكْرِ حِينَ يَنْصَرِفُ النَّاسُ مِنَ الْمَكْتُوبَةِ كَانَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ طريق الالتفات لما في الرواية الأخرى من لفظ: أشرت وعلى الوجهين؛ المشير عتبان ولما ورد عليه أنه تقدم من كلام مالك فأشرت، أجاب: بأنه يجوز وقوع الإشارتين. وليت شعري إذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو المشير أولًا، فما معنى قوله: (أين تحب أن أصلي من بيتك؟ ". (ثم سلم وسلمنا حين سلم) هذا موضع الدلالة، فإن غرض البخاري أن سلام الصلاة كان كما قال في الترجمة واكتفى بتسليم الصلاة. وهذا الذي استدل به هو قول الأئمة، قال الشافعي: ينوي الإمام السلام على المأموم، والمأموم ينوي إمامه في أي جهة كان، وإن كان بحذائه نواه فيهما، والإمام ينوي من تلك الجهة من الملائكة والحاضرين والمنفرد ينوي الملائكة فقط. وقال مالك: الإمام والمنفرد يسلم تسليمة واحدة قبالة وجهه، والمأموم يتيامى بها قليلًا، ويرد الأخرى على الإمام قبالته؛ يشير بها إليه، ويرد على من كان سلم عليه عن يساره. وقال الإمام أحمد: ينوي بسلامه الخروج عن الصلاة. باب الذكر بعد الصلاة 841 - (إسحاق بن نصر) بصاد مهملة (ابن جريج) على وزن المصغّر عبد الملك بن عبد العزيز أبو معبد: اسمه نافذ -بالفاء والذال المعجمة- مولى ابن عباس. (أن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) قيل: إنما قال ابن عباس هذا الكلام لأنهم تركوه مخافة أن يظن وجوبه، فنبه على أنهم تركوا سنة من السنن.

كُنْتُ أَعْلَمُ إِذَا انْصَرَفُوا بِذَلِكَ إِذَا سَمِعْتُهُ. طرفه 842 842 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ {عَنْ عَمْرٍو} قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو مَعْبَدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كُنْتُ أَعْرِفُ انْقِضَاءَ صَلاَةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِالتَّكْبِيرِ. طرفه 841 قَالَ عَلِيٌّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، قَالَ: كَانَ أَبُو مَعْبَدٍ أَصْدَقَ مَوَالِي ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ عَلِيٌّ: وَاسْمُهُ نَافِذٌ. 843 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سُمَىٍّ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ جَاءَ الْفُقَرَاءُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ مِنَ الأَمْوَالِ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلاَ وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ، يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّى، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَلَهُمْ فَضْلٌ مِنْ أَمْوَالٍ يَحُجُّونَ بِهَا، وَيَعْتَمِرُونَ، وَيُجَاهِدُونَ، وَيَتَصَدَّقُونَ قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ وعندي أنه إنما قال ردًّا على من زعم أنه محدث؛ كما نقل عن مالك وعبيدة. (كنت أعلم إذا انصرفوا إذا سمعت) لأنه كان صغيرًا لم يحضر الجماعة، ولفظ إذا الأولى مفعول به، وثانيًا: ظرف؛ أي كلنت أعلم ذلك الوقت في وقت سماعي. (كان أبو معبد أصدق موالي ابن عباس) الصدق عند أهل الحق مطابقة الخبر للواقع، وإذا وصف به المخبر معناه إتيانه بالخبر المطابق، وأبو معبد هذا اسمه نافذ -بالفاء والذال المعجمة-. 843 - (معتمر) بكسر التاء (عن عبيد الله عن سمي) كلاهما مصغر. (جاء الفقراء النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: ذهب أهل الدثور من الأموال بالدرجات العُلا والنعيم المقيم (الدثور: جمع الدثر -بفتح الدال وسكون المثلثة وقد تفتح- المال الكثير. والعلا: جمع العليا، مؤنث الأعلى، أفعل التفضيل، والمراد درجات الجنة ونعيمها؛ لأنها في مقابلة الأعمال؛ كما صرحوا به في قولهم: (يحجون ويتصدقون).

«أَلاَ أُحَدِّثُكُمْ بِأَمْرٍ إِنْ أَخَذْتُمْ بِهِ أَدْرَكْتُمْ مَنْ سَبَقَكُمْ وَلَمْ يُدْرِكْكُمْ أَحَدٌ بَعْدَكُمْ، وَكُنْتُمْ خَيْرَ مَنْ أَنْتُمْ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِ، إِلاَّ مَنْ عَمِلَ مِثْلَهُ تُسَبِّحُونَ وَتَحْمَدُونَ، وَتُكَبِّرُونَ خَلْفَ كُلِّ صَلاَةٍ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ». فَاخْتَلَفْنَا بَيْنَنَا فَقَالَ بَعْضُنَا نُسَبِّحُ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَنَحْمَدُ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَنُكَبِّرُ أَرْبَعًا وَثَلاَثِينَ. فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ «تَقُولُ سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، حَتَّى يَكُونَ مِنْهُنَّ كُلِّهِنَّ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ». طرفه 6329 ـــــــــــــــــــــــــــــ (ألا أحدثكم) ألا حرف تنبيه ينبه به المخاطب في صدر الكلام لئلا يفوته المقصود بعده. (إن أخذتم به أدركتم من سبقكم) يريد السبق في الطاعة لا الزمان (ولم يدرككم أحد بعدكم) إن لم يعمل بما عملتموه، لقوله (إلا من عمل مثله) (وكنتم خير من أنتم بين ظهرانيهم) لفظ الظهر مقحم، والتثنية للتأكيد، والنون زائدة على خلاف القياس، وهذا جار مجرى التفسير لما تقدمه، فلا وجه لحمل الكلام على مذهب الشافعي من رجوع الاستثناء إلى الجملة المتقدمة. فإن قلت: قوله: "أدركتم من سبقكم" يدل على المساواة، وقوله: "كنتم خير من أنتم بين ظهرانيهم" يدل على الأفضلية، فما وجه هذا الكلام؟ قلت: معناه: أنكم بإحداث هذا تدركون ما فعلوا في الأزمنة المتطاولة وباستمراركم تفضلونهم. (تسبحون وتحمدون ونكبرون خلف كل صلاة ثلاثًا وثلاثين، فاختلفنا) هذا كلام أبي صالح هذا كلام سُمُي، صرح به رواية مسلم، وفي رواية سهيل "من كل واحدة إحدى عشرة". قال النووي: الزيادة من الثقات مقبولة، فحافظ على ثلاث وثلاثين من كل واحدة، ويكون التكبير أربعًا وثلاثين؛ لأنه جاء كذلك في رواية، ويقول في آخره: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، فإن فيه الجمع بين الرّوايات (تسبحون عشرًا، وتحمدون عشرًا، وتكبرون عشرًا) فالحق أن ذلك باعتبار الأوقات تارةً وتارة، وفي الحديث دليل على أن الغني الشاكر أفضل من الفقير الضابر، وأن العمل القليل كالذكر يفضل العمل الكثير

844 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ وَرَّادٍ كَاتِبِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ أَمْلَى عَلَىَّ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ فِي كِتَابٍ إِلَى مُعَاوِيَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ مَكْتُوبَةٍ «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهْوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلاَ مُعْطِىَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلاَ يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ». وَقَالَ شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بِهَذَا، وَعَنِ الْحَكَمِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ عَنْ وَرَّادٍ بِهَذَا. وَقَالَ الْحَسَنُ الْجَدُّ غِنًى. أطرافه 1477، 2408، 5975، 6330، 6473، 6615، 7292 ـــــــــــــــــــــــــــــ كالجهاد مثلًا، ولا يرد عليه قوله: "أفضل الأعمال أحمزها" لأن ذلك عند اتحاد النوع؛ كالوضوء في البرد مثلًا أفضل من الوضوء في الصيف. 844 - (عبد الملك بن عمير) بضم العين مصغر (عن وراد) بفتح الواو والرَّاء المشددة. (أملى علي المغيرة) أي: ألقى علي، أصله أملَلْتُ بَلاْمَيْن، قلبت إحداهما ياء تخفيفًا. (ولا ينفع ذا الجد منك الجد) الجد -بفتح الجيم- الحظ والغنى، والمعنى: لا ينفع ذا الغنى غناه؛ وإنما ينفعه الإيمان والطاعة، واللام في الجد ثانيًا عوض عن المضاف إليه، ومن: بدلية؛ فيقدر مضاف كما قدرناه، ورواه بعضهم بكسر الجيم، ومعناه الاجتهاد، أي لا ينفعه اجتهاده في أمر الدنيا، فهو عائد إلى الأول. (وقال شعبة عن عبد الملك) أي: تابع شعبة سفيان في رواية الحديث عن عبد الملك (وعن الحكم) -بفتح الحاء والكاف- هو أبو اليمان، شيخ البخاري، عطف على أوّل السند. (مخيمرة) بضم الميم وفتح الخاء وسكون الياء.

156 - باب يستقبل الإمام الناس إذا سلم

156 - باب يَسْتَقْبِلُ الإِمَامُ النَّاسَ إِذَا سَلَّمَ 845 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا صَلَّى صَلاَةً أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ. أطرافه 1143، 1386، 2085، 2791، 3236، 3354، 4674، 6096، 7047 846 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِىِّ أَنَّهُ قَالَ صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلاَةَ الصُّبْحِ بِالْحُدَيْبِيَةِ عَلَى إِثْرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنَ اللَّيْلَةِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ «هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ». قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ «أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِى ـــــــــــــــــــــــــــــ باب يستقبل الإمام الناس إذا سلّم 845 - (جرير بن حازم) بالحاء المهملة (أبو رجاء) -بفتح الزاء والجيم والمد- عمران بن ملحان العطاردي (جندب) بضم الجيم والدال، ويروى بفتح الدّال. (كان إذا صلّى أقبل علينا بوجهه) إنما كان يفعل ذلك لأمرين: أحدهما: أن لا يظن الداخل أنه في الصلاة. الثاني: أن يسأله من له مسألة، وأيضًا استدباره إنَّما كان للإمامة، فإذا فرغ فالأولى استقبال الناس لبعده عن ثوب الكبر. 846 - (عبد الله بن مسلمة) بفتح الميم واللام (كيسان) بفتح الكاف وإسكان الياء. (صلى لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الصبح بالحديبية إثر سماء) الحديبية -بضم الحاء وفتح الدال مخفف- قال ابن الأثير: وكثير من المحدثين يشددونها، قرية قريبة من مكة، سميت باسم بئر هناك. والإثر -بكسر الهمزة المثلثة وبفتحها- اسم الشيء وعلامته. والمراد من السّماء المطر، مجاز متعارف. (فلما انصرف أقبل على الناس) هذا موضع الدلالة على الترجمة (أصبح من عبادي

مُؤْمِنٌ بِى وَكَافِرٌ، فَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِى وَكَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا فَذَلِكَ كَافِرٌ بِى وَمُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ». أطرافه 1038، 4147، 7503 847 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ سَمِعَ يَزِيدَ قَالَ أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ أَخَّرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الصَّلاَةَ ذَاتَ لَيْلَةٍ إِلَى شَطْرِ اللَّيْلِ ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا، فَلَمَّا صَلَّى أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ «إِنَّ النَّاسَ قَدْ صَلَّوْا وَرَقَدُوا، وَإِنَّكُمْ لَنْ تَزَالُوا فِي صَلاَةٍ مَا انْتَظَرْتُمُ الصَّلاَةَ». طرفه 572 ـــــــــــــــــــــــــــــ مؤمن بي وكافر) وشرح ذلك بأن من قال المطر من فضل الله فهو مؤمن؛ ومن قال المطر من النوء فهو كافر بالله تعالى. قال ابن الأثير: النوء -بفتح النون وسكون الواو- من الأضداد، يطلق على الغروب والطلوع. وأصل هذا الكلام أن منازل القمر التي أشير إليها في القرآن الكريم ثمان وعشرون منزلًا ففي كل ثلاث عشرة ليلة يسقط كوكب في الغرب، وله مقابل يطلع في الأفق الشرقي، فيتم ذلك في تمام السنة، وهذا إنما يكون كفرًا إذا اعتقد التأثير من الكوكب؛ وأمَّا إذا كان اعتقاده أن التأثير من الله وتلك علامات فلا عليه. 847 - (عبد الله بن منير) بضم الميم وكسر النون (حميد) بضم الحاء مصغر. روى حديث أنس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخّر صلاة العشاء إلى آخر شطر الليل. أي: نصفه، وقد تقدم الحديث بشرحه في باب: تأخير العشاء إلى نصف الليل، وموضع الدلالة هنا قوله: (فلما صلى أقبل علينا بوجهه) وقد أشرنا هنالك إلى أن قوله: "إنكم في صلاة ما انتظرتم الصلاة": أن المعرفة ليست عين النكرة، لأن من انتظر صلاة الصبح مثلًا لم يحصل له ثوابها؛ بل ثواب صلاة في الجملة، ويحتمل أن يكون عينها، وذلك فضل الله.

157 - باب مكث الإمام فى مصلاه بعد السلام

157 - باب مُكْثِ الإِمَامِ فِي مُصَلاَّهُ بَعْدَ السَّلاَمِ 848 - وَقَالَ لَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُصَلِّى فِي مَكَانِهِ الَّذِى صَلَّى فِيهِ الْفَرِيضَةَ. وَفَعَلَهُ الْقَاسِمُ. وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ لاَ يَتَطَوَّعُ الإِمَامُ فِي مَكَانِهِ. وَلَمْ يَصِحَّ. 849 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ عَنْ هِنْدٍ بِنْتِ الْحَارِثِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا سَلَّمَ يَمْكُثُ فِي مَكَانِهِ يَسِيرًا. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَنُرَى - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - لِكَىْ يَنْفُذَ مَنْ يَنْصَرِفُ مِنَ النِّسَاءِ. طرفه 837 850 - وَقَالَ ابْنُ أَبِى مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ أَخْبَرَنِى جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ كَتَبَ إِلَيْهِ قَالَ حَدَّثَتْنِى هِنْدُ بِنْتُ الْحَارِثِ الْفِرَاسِيَّةُ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب مكث الإمام في مصلاه بعد السلام 848 - (وقال لنا آدم) هو ابن أبي إياس -بكسر الهمزة- شيخ البخاري، روى عنه بلفظ: قال؛ لأنه سمعه مذاكرة (كان ابن عمر يصلي في المكان الذي صلى فيه الفريضة) استدل به على ما ترجم. (ويُذكَرُ عن أبي هريرةَ رَفْعهُ) بلفظ الفعل، وبلفظ المصدر -بضم العين- على أنه قائم مقام فاعل يذكر. وقوله: (أن لا يتطوع) بدل منه، قال البخاري: وما ذُكر عن أبي هريرة من أن الإمام لا يصلي في مكان التطوع لم يصح إسناده. والحديث رواه أبو داود والدارقطني والبيهقي وكلهم نبهوا على ضعف سنده. وقال بكراهته الإمام أحمد الإمام؛ بل ينتقل إلى مكان آخر. 849 - (قال ابن شهاب: فنُرى) -بضم النون- أي نظن أن مكث رسول الله - صلى الله عليه وسلم-. في مكانه إنما كان لكي ينفذ من ينصرف من النساء؛ لئلا يختلط الرجال والنساء في الطرقات. 850 - (وقال ابن أبي مريم (واسمه سعيد، شيخ البخاري، والنقل عنه بقال لأنه رواه مذاكرة (نافع بن يزيد) من الزيادة (وهند بنت الحارث الفراسية) -بكسر الفاء-

عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَتْ مِنْ صَوَاحِبَاتِهَا قَالَتْ كَانَ يُسَلِّمُ فَيَنْصَرِفُ النِّسَاءُ، فَيَدْخُلْنَ بُيُوتَهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَنْصَرِفَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَتْنِى هِنْدُ الْفِرَاسِيَّةُ. وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَتْنِى هِنْدُ الْفِرَاسِيَّةُ. وَقَالَ الزُّبَيْدِىُّ أَخْبَرَنِى الزُّهْرِىُّ أَنَّ هِنْدَ بِنْتَ الْحَارِثِ الْقُرَشِيَّةَ أَخْبَرَتْهُ، وَكَانَتْ تَحْتَ مَعْبَدِ بْنِ الْمِقْدَادِ - وَهْوَ حَلِيفُ بَنِى زُهْرَةَ - وَكَانَتْ تَدْخُلُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَتْنِى هِنْدُ الْقُرَشِيَّةُ. وَقَالَ ابْنُ أَبِى عَتِيقٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ هِنْدٍ الْفِرَاسِيَّةِ. وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ امْرَأَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ حَدَّثَتْهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 837 ـــــــــــــــــــــــــــــ قبيلة من قبائل العرب (عن أم سلمة وكانت من صواحباتها) جمع صواحب، جمع صاحبة (يونس عن الزهري هند القرشية) -بالقاف المضمومة- نسبة إلى قريش القبيلة المعروفة، أورد ست طرق: في ثلاث نسبها إلى فراس، وفي ثلاث إلى قريش؛ إشارة إلى كمال حفظه وإحاطته بالطرق لله دره، ووجه الجمع جواز أن يكون أحد آبائها من فراس؛ وآخر من قريش. وقال شيخنا ابن حجر: الفراس بطن من كنانة، فمن قال: إن جماع قريش كنانة فلا اختلاف في النسبة؛ ومن قال: جماعها مالك فيحمل إحدى النسبتين على الأصالة والأخرى على الخلف. قلت: الخلاف إنما هو في فهر بن مالك والنضر بن كنانة. كذا نقله ابن أصبغ؛ وأمَّا ابن هشام فلم يقل إلا النضر. وتعليق ابن وهب وصله النسائي، وتعليق عثمان يأتي موصولًا قريبًا، وتعليق الزبيدي وصله الطبراني.

158 - باب من صلى بالناس فذكر حاجة فتخطاهم

158 - باب مَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ فَذَكَرَ حَاجَةً فَتَخَطَّاهُمْ 851 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عُقْبَةَ قَالَ صَلَّيْتُ وَرَاءَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْمَدِينَةِ الْعَصْرَ فَسَلَّمَ ثُمَّ قَامَ مُسْرِعًا، فَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ إِلَى بَعْضِ حُجَرِ نِسَائِهِ، فَفَزِعَ النَّاسُ مِنْ سُرْعَتِهِ فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ، فَرَأَى أَنَّهُمْ عَجِبُوا مِنْ سُرْعَتِهِ فَقَالَ «ذَكَرْتُ شَيْئًا مِنْ تِبْرٍ عِنْدَنَا فَكَرِهْتُ أَنْ يَحْبِسَنِى، فَأَمَرْتُ بِقِسْمَتِهِ». أطرافه 1221، 1430، 6275 159 - باب الاِنْفِتَالِ وَالاِنْصِرَافِ عَنِ الْيَمِينِ وَالشِّمَالِ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من صلى بالناس فذكر حاجة فتخطاهم 851 - (عبيد) مصغر (ابن أبي مليكة) -بضم الميم- مصغر اسم الابن عبد الله، وأبو مليكة زهير بن عبد الله بن جذعان. (قام مسرعًا فتخطى رقاب الناس) وقد نَهى عنه، أي: تكلف في الخطو من ازدحام الناس. فإن قلت: كيف تخطى رقاب الناس وقد نهى عنه؟ قلت: ذاك حيث لا ضرورة. (ففزع الناس من سرعته، ظنوا أنه نزل في شأنهم شيء) أو عرض له في ذاته عارض (فلما رأى اشتغال بالهم قال: ذكرت شيئًا من تبر عندنا فكرهت أن يحبسني) التبر قطع الذهب قبل أن يحصل، من التبر وهو القطع. وقيل: كل ما لم يُصفَّ ويُحَصَّلُ يطلق عليه التبر من الفضة وسائر الجواهر. وفي الحديث دلالة على أن مكث الإمام في مصلّاه إنما يكون إذا لم يقع ضرورة. وأراد بالحبس: حبس فكره في جلال الله وآياته، وفيه ما يدلك على علو قدره وبعده عن الدنيا، عليه من الصلاة أفضلها، ومن التحيات أزكاها. باب الانفتال والانصراف من اليمين والشمال الانفتال: الانصراف كما دل عليه حديث الباب في الفتل وهو الدور، ومنه الفتيلة؛

وَكَانَ أَنَسٌ يَنْفَتِلُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ، وَيَعِيبُ عَلَى مَنْ يَتَوَخَّى، أَوْ مَنْ يَعْمِدُ الاِنْفِتَالَ عَنْ يَمِينِهِ. 852 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ عَنِ الأَسْوَدِ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ لاَ يَجْعَلْ أَحَدُكُمْ لِلشَّيْطَانِ شَيْئًا مِنْ صَلاَتِهِ، يَرَى أَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ لأنها تفتل بين الأصابع، وما يقال: إنه مقلوب لفت وهم ليس له أصل. والانصراف في الترجمة عطف تفسيري، وقيل: أشار بالانفتال إلى التوجه إلى المأمومين؛ وهذا لا أصل له في اللغة. قال الجوهري: الانفتال الانصراف، ولا دليل عليه في الحديث، وأيضًا الكلام في مطلق المصلي إمامًا كان أو مأمومًا أو منفردًا. (وكان أنسٌ ينفتل عن يمينه وبساره، وبعيب على من يتوخى) ردّ على ابن المنير -بالخاء المعجمة- أي: يطلب (أو يعمد) أي: يقصد الانفتال عن يمينه. 852 - (أبو الوليد) هشام الطيالسي (عمارة بن عمير) بضم العين فيهما وتخفيف الميم في الأول والثاني مصغر. (لا يجعل أحدكم للشيطان شيئًا من صلاته) وذلك بأن يرى أنه يجب الانصراف من الأيمن؛ لأنه اعتقاد أمر باطل غير مشروع وذلك مطلوب الشيطان. فإن قلت: حقًّا اسم إن، وإن لا ينصرف خبره. تقديره إنّ حقًّا عليه عدم الانصراف، فالاسم نكرة، والخبر معرفة. قلت: يقدّر في أن ضمير الشأن. وحقًّا مفعول مطلق لفعل مقدر، أو هو مما انتصب فيه الجزآن؛ كقوله: إن حراسنا أسدًا وقيل: هو من باب أفعل، وفيه أن القلب إنما يقبل إذا كان فيه مبالغة.

160 - باب ما جاء فى الثوم النى والبصل والكراث

حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ لاَ يَنْصَرِفَ إِلاَّ عَنْ يَمِينِهِ، لَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَثِيرًا يَنْصَرِفُ عَنْ يَسَارِهِ. 160 - باب مَا جَاءَ فِي الثُّومِ النَّىِّ وَالْبَصَلِ وَالْكُرَّاثِ وَقَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ أَكَلَ الثُّومَ أَوِ الْبَصَلَ مِنَ الْجُوعِ أَوْ غَيْرِهِ فَلاَ يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا». 853 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ «مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ - يَعْنِى الثُّومَ - فَلاَ يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا». أطرافه 4215، 4217، 4218، 5521، 5522 ـــــــــــــــــــــــــــــ (رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كثيرًا ينصرف عن يساره) يريد الكثرة في نفس الأمر، لا بالقياس إلى اليمين، فإنه أكثر من اليسار بلا شك فيه. قال النووي: حديث عبد الله: أكثر ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينصرف عن شماله، وحديث أنس: "أكثر ما رأيت عن يمينه" فيرجع إلى ترجيح اليمين، لورود الأحاديث في فضله من باب المكارم. قلت: حديث البراء في مسلم: كنا نحب أن نكون عن يمينه، لأنه يقبل علينا بوجهه ترجح رواية أنس؛ إذ لو استوى الأمران لم يكن لهذا الكلام وجه. باب ما جاء في الثوم الني والبصل والكراث وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من أكل البصل والثوم من الجوع أو غيره فلا يقربن مسجدنا" الثوم -بضم المثلثة- هو الثوم المذكور في القرآن، والني -بكسر النون وتشديد الياء- وقوله: "فلا يقربن مسجدنا" قاله زجرًا، ومنعًا عن أكله، وكذا قوله في آخر الحديث: "فلا يصلين معنا" فلا يجعل من أعذار ترك الجماعة. 853 - (أبو عاصم) هو النبيل الضحاك بن مخلد (ابن جريج) بضم الجيم مصغر عبد الملك بن عبد العزيز.

854 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَطَاءٌ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ - يُرِيدُ الثُّومَ - فَلاَ يَغْشَانَا فِي مَسَاجِدِنَا». قُلْتُ مَا يَعْنِى بِهِ قَالَ مَا أُرَاهُ يَعْنِى إِلاَّ نِيئَهُ. وَقَالَ مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ إِلاَّ نَتْنَهُ. أطرافه 855، 5452، 7359 ـــــــــــــــــــــــــــــ 854 - (من أكل من هذه الشجرة -يريد الثوم-). فإن قلت: فرق أهل اللغة بين النجم والشجر؛ بأن الشجر ماله ساق، والنجم ما ليس له ساق؟ قلت: إذا ثبت من أفصح البشر، فلا التفات إلى أهل اللغة؛ لكن. قلت: روى البخاري في باب الدعوات الأولى حملة على استعمال أحد الضدين في الآخر؛ لقوله تعالى: {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ (6)} [الرحمن: 6]. (فلا يغشانا) وفي بعضها: "فلا يغشنا" وإثبات الألف أحسن؛ لأنه خبر في معنى النهي، وهو أبلغ من صريح النهي (قلت: ما يعني به قال: ما أراه يعني إلا نيِّئه). قائل: قلت ابن جريج سأل عطاء عن مراد جابر؛ فأجاب بأنه أراد النيء؛ لأن المطبوخ لا رائحة له؛ كما في رواية "فليمتهما طبخًا". (وقال مخلد بن يزيد) بفتح الميم (عن ابن جريج إلا نتنه) -بفتح النون وسكون الفوقانية- أي: الرائحة الكريهة.

855 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ زَعَمَ عَطَاءٌ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ زَعَمَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ أَكَلَ ثُومًا أَوْ بَصَلاً فَلْيَعْتَزِلْنَا - أَوْ قَالَ - فَلْيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا، وَلْيَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ». وَأَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أُتِىَ بِقِدْرٍ فِيهِ خَضِرَاتٌ مِنْ بُقُولٍ، فَوَجَدَ لَهَا رِيحًا فَسَأَلَ فَأُخْبِرَ بِمَا فِيهَا مِنَ الْبُقُولِ فَقَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 855 - (سعيد بن عفير) بضم العين: مصغر. (زعم عطاء أن جابرًا زعم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: من أكل ثومًا أو بصلًا فليعتزلنا) الزعم يستعمل في القول المحقق والاعتقاد الجازم. (وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أُتِيَ بقدر فيه خضرات) قال شيخنا ابن حجر: آخر عطف على الأول تقديره: وحدثنا سعيد بن عفير بإسناده قال: وهذا الحديث الثاني وقع قبل الأول بست سنين لما نزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيت أبى أيوب، والحديث الأول كان بخيبر. قال الخطابي: لما كان هذا أمرًا مختلفًا جعل الحكاية عنه بلفظ الزعم الذي لا يكون إلا في أمر يرتاب فيه. قال: ولعل القدر مصحف إنما هو بدر -بالباء الموحدة- وهو الطبق الذي يشبه البدر في الاستدارة. وأنا أقول: هذا شيء لا يعتد به؛ أما أولًا: فلأن جابرًا رواه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في السند الأول بلفظ "قال"، وكيف يعقل فيه الارتياب؛ وأما القدر مصحف فقد سبقه إليه صاحب "المطالع"، والحامل لهما على هذا القول باقي رواية مسلم: "من أكلهما فليمتهما طبخًا". والجواب عنه أن ما في القدر لا يلزم أن يكون مطبوخًا؛ ولئن سلم لا يلزم أن يكون الطبخ على وجه يذهب نتنه، على أن لفظ: بدر لم تأت به رواية يعتد بها. قال شيخنا: ورواية القدر أصح. (خضرات) بفتح الخاء وكسر الضاد وبضمهما، وضمّ الضاد.

«قَرِّبُوهَا» إِلَى بَعْضِ أَصْحَابِهِ كَانَ مَعَهُ، فَلَمَّا رَآهُ كَرِهَ أَكْلَهَا قَالَ «كُلْ فَإِنِّى أُنَاجِى مَنْ لاَ تُنَاجِى». وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ: عَنْ ابْنِ وَهْبٍ أُتِيَ بِبَدْرٍ - وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: يَعْنِي طَبَقًا فِيهِ خَضِرَاتٌ - وَلَمْ يَذْكُرِ اللَّيْثُ، وَأَبُو صَفْوَانَ، عَنْ يُونُسَ، قِصَّةَ القِدْرِ فَلاَ أَدْرِي هُوَ مِنْ قَوْلِ الزُّهْرِيِّ أَوْ فِي الحَدِيثِ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ بَعْدَ حَدِيثِ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، وَهْوَ يُثْبِتُ قَوْلَ يُونُسَ. 856 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ أَنَسًا مَا سَمِعْتَ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي الثُّومِ فَقَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَلاَ يَقْرَبْنَا، أَوْ لاَ يُصَلِّيَنَّ مَعَنَا». طرفه 5451 ـــــــــــــــــــــــــــــ كُل فإني أناجي من لا تناجي) يريد الملائكة؛ فإنه كُلَّ ساعة بصدد مجيء جبريل. ولم يذكر الليث وأبو صفوان قصة القدر. أبو صفوان: هو عبد الله بن سعيد الأموي. 856 - (أبو معمر) -بفتح الميمين بينهما عين ساكنة-: عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج. (فلا يقربنا، ولا يصلين معنا) هذه الرواية أعم؛ لأنها تشمل حالة الصلاة وغيرها، والمسجد وغيره، وقد توهم بعضهم من قوله: "مسجدنا" أن هذا مخصوص بمسجده - صلى الله عليه وسلم -؛ وليس كذلك بل عام في المساجد كلها؛ لأنها موطن الملائكة، ففي رواية مسلم وأحمد: "فلا يقربن المساجد"؛ بل سائر المجامع، كمصلى العيد. فإن قلت: ليس في الحديث ذكر الجوع ولا ذكر الكراث؟ قلت: أمَّا الجوع فقد جاء في رواية مسلم، ولم يورده لأنه لم يكن على شرطه؛ وأمَّا الكراث فيعلم حكمه من الثوم، ويحتمل أن يكون في حديث أنس: "هذه الشجرة" إشارة إلى جنس الشجر المنتن، أو يدخل في عموم الخضرات.

161 - باب وضوء الصبيان ومتى يجب عليهم الغسل والطهور وحضورهم الجماعة والعيدين والجنائز وصفوفهم

161 - باب وُضُوءِ الصِّبْيَانِ وَمَتَى يَجِبُ عَلَيْهِمُ الْغَسْلُ وَالطُّهُورُ وَحُضُورِهِمِ الْجَمَاعَةَ وَالْعِيدَيْنِ وَالْجَنَائِزَ وَصُفُوفِهِمْ 857 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنِى غُنْدَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ الشَّيْبَانِىَّ قَالَ سَمِعْتُ الشَّعْبِىَّ قَالَ أَخْبَرَنِى مَنْ مَرَّ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى قَبْرٍ مَنْبُوذٍ، فَأَمَّهُمْ وَصَفُّوا عَلَيْهِ. فَقُلْتُ يَا أَبَا عَمْرٍو مَنْ حَدَّثَكَ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ. أطرافه 1247، 1319، 1321، 1322، 1326، 1336، 1340 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب وضوء الصبيان ومتى يجب عليهم الغسل والطهور وحضور الجماعة والعيدين والجنائز وصفوفهم أي: باب صحة وضوء الصبيان دل عليه وضوء ابن عباس في بيت ميمونة. 857 - (محمد بن المثنى) بضم الميم وتشديد النون (غندر) بضم الغين وفتح الدال. (أخبرني من مرَّ مع النبي - صلى الله عليه وسلم - على قبرِ منبوذٍ) بالإضافة استدل على أن اللقيط إذا وجد في دار الإسلام يحكم بإسلامه، ويروى بقطع الإضافة؛ ومعناه: قبر بعيد عن العمران، أو عن سائر المقابر، ويؤيده ما جاء في رواية: "فرأى قبرًا منبوذًا". (فقلت: يا أبا عمرو من حدثك؟ قال: ابن عباس) القائل هو الشيباني؛ وأبو عمرو كنية الشعبي، واسمه عامر. فإن قلت: ليس في الحديث أن ابن عباس: صلى على القبر؟ قلت: الأمر كذلك، وموضع الدلالة هو قوله: (وصفوا عليه)؛ فإنه يدل على بعض الترجمة، على أنه جاء في كتاب الجنائز: أن ابن عباس قال: فصفَّنا وراءه يجوز أن يكون أشار إلى ذلك كما هو دأبه.

858 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنِى صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْغُسْلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ». أطرافه 879، 880، 895، 2665 859 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو قَالَ أَخْبَرَنِى كُرَيْبٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ بِتُّ عِنْدَ خَالَتِى مَيْمُونَةَ لَيْلَةً، فَنَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَتَوَضَّأَ مِنْ شَنٍّ مُعَلَّقٍ وُضُوءًا خَفِيفًا - يُخَفِّفُهُ عَمْرٌو وَيُقَلِّلُهُ جِدًّا - ثُمَّ قَامَ يُصَلِّى، فَقُمْتُ فَتَوَضَّأْتُ نَحْوًا مِمَّا تَوَضَّأَ، ثُمَّ جِئْتُ فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ، فَحَوَّلَنِى فَجَعَلَنِى عَنْ يَمِينِهِ، ثُمَّ صَلَّى مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ اضْطَجَعَ فَنَامَ حَتَّى نَفَخَ، فَأَتَاهُ الْمُنَادِى يُؤْذِنُهُ بِالصَّلاَةِ فَقَامَ مَعَهُ إِلَى الصَّلاَةِ، فَصَلَّى ـــــــــــــــــــــــــــــ 858 - (سفيان) هو ابن عيينة (صفوان بن سليم) بضم السين مصغر (عن عطاء بن يسار) ضد اليمين. (الغسل يوم الجمعة واجب على كل مسلم محتلم) أي: ثابت، وتمام الكلام يأتي عليه في كتاب الجمعة إن شاء الله تعالى، والاحتلام كناية عن البلوغ بأي طريق كان. 859 - (كريب) بضم الكاف مصغر. (قام النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى شَنّ معلق) -بفتح الشين وتشديد النون- القربة العتيقة (فتوضأ وضوءًا خفيفًا يخففه عمرو ويقلله) أي: أسبغ الوضوء، ولم يبالغ فيه، فكأنه لقلة الماء (فقمت فتوضأت نحوًا مما توضأ) أي: مثل وضوئه في التقليل والتخفيف (فقمت عن يساره فحولني فجعلني عن يمينه) قد دل على أن هذا القدر من الفعل لا يكره في الصلاة (فصلى ما شاء الله) ثلاث عشرة ركعة كما صرح به في باب التهجد (فأتاه المؤذن فآذنه بالصلاة) -بالمد وتخفيف الدَّال- أي: أعلمه.

وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. قُلْنَا لِعَمْرٍو إِنَّ نَاسًا يَقُولُونَ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - تَنَامُ عَيْنُهُ وَلاَ يَنَامُ قَلْبُهُ. قَالَ عَمْرٌو سَمِعْتُ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ يَقُولُ إِنَّ رُؤْيَا الأَنْبِيَاءِ وَحْىٌ ثُمَّ قَرَأَ (إِنِّى أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّى أَذْبَحُكَ). طرفه 117 860 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ جَدَّتَهُ مُلَيْكَةَ دَعَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِطَعَامٍ صَنَعَتْهُ، فَأَكَلَ مِنْهُ فَقَالَ «قُومُوا فَلأُصَلِّىَ بِكُمْ». فَقُمْتُ إِلَى حَصِيرٍ لَنَا قَدِ اسْوَدَّ مِنْ طُولِ مَا لُبِسَ، فَنَضَحْتُهُ بِمَاءٍ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالْيَتِيمُ مَعِى، وَالْعَجُوزُ مِنْ وَرَائِنَا، فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ. طرفه 380 ـــــــــــــــــــــــــــــ (عبيد بن عمير) كلاهما مصغر. (رؤيا الأنبياء وحي) استدل به على أن نومه ليس بناقض للوضوء؛ لأن الوحي يلزم كمال التيقظ والضبط. 860 - (عن إسحاق بن عبد الله عن أنس أن جدته مليكة) الضمير في جدته إنما يرجع إلى إسحاق؛ لأن مليكة -بضم الميم- على وزن المصغر اسم أم سليم أم أنس، قال ابن عبد البر: قيل: مليكة اسم أم حرام أم أم سليم. ولم يصح. (قوموا فلأصلي بكم) أي: إمامًا؛ الباء للملابسة (فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واليتيم معي صفًا واحدًا) هذا موضع الدلالة؛ فإن اليتيم هو الصغير؛ إذ لا يتم بعد البلوغ، وهذا اليتيم هو أبو عمير؛ الذي قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"يا أبا عمير ما فعل النغير" والنغير -بضم النون وفتح الغين المعجمة-: على وزن المصغر. طائر (والعجوز) هي مليكة.

861 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ قَالَ أَقْبَلْتُ رَاكِبًا عَلَى حِمَارٍ أَتَانٍ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ قَدْ نَاهَزْتُ الاِحْتِلاَمَ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى بِالنَّاسِ بِمِنًى إِلَى غَيْرِ جِدَارٍ، فَمَرَرْتُ بَيْنَ يَدَىْ بَعْضِ الصَّفِّ، فَنَزَلْتُ وَأَرْسَلْتُ الأَتَانَ تَرْتَعُ وَدَخَلْتُ فِي الصَّفِّ، فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَىَّ أَحَدٌ. طرفه 76 862 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ أَعْتَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ عَيَّاشٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ أَعْتَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْعِشَاءِ حَتَّى نَادَاهُ عُمَرُ قَدْ نَامَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ. فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «إِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ يُصَلِّى هَذِهِ الصَّلاَةَ غَيْرُكُمْ». وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَوْمَئِذٍ يُصَلِّى غَيْرَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ. طرفه 566 ـــــــــــــــــــــــــــــ 861 - (عبد الله بن مسلمة) بفتح الميم واللام. (عن ابن عباس قال: أقبلت راكبًا [على] حمار أتانٍ) الأتان -بفتح الهمزة- الأنثى من الحمير (وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام) أي: قاربت؛ كان هذا في حجة الوداع ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بالناس، وقد تقدم شرح الحديث في باب سترة الإمام. 862 - (أبو اليمان) بتخفيف النون (عن عائشة قالت: أعتم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في العشاء) أدخلها في العتمة على خلاف عادته (حتى ناداه عمر: قد نام النساء والصبيان) قوله: نام النساء، هو تفسير ناداه؛ لا أنه ناداه يا رسول الله؛ لأنه منهي عنه، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (4)} [الحجرات: 4]. فإن قلت: ربما كان قبل نزول الآية؟ قلت: جاء في الرواية الأخرى أن هذا التأخير كان في آخر حياته. (ليس أحد يصلي من أهل الأرض يصلي هذه الصلاة غيركم) بشارة لهم بأنهم مفردون بتلك العبادة، وإن شق عليهم التأخير فإن الأجر فيه أوفر؛ كما أشار إليه في الرواية الأخرى:

863 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَابِسٍ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ لَهُ رَجُلٌ شَهِدْتَ الْخُرُوجَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ نَعَمْ، وَلَوْلاَ مَكَانِى مِنْهُ مَا شَهِدْتُهُ - يَعْنِى مِنْ صِغَرِهِ - أَتَى الْعَلَمَ الَّذِى عِنْدَ دَارِ كَثِيرِ بْنِ الصَّلْتِ، ثُمَّ خَطَبَ ثُمَّ أَتَى النِّسَاءَ فَوَعَظَهُنَّ وَذَكَّرَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ أَنْ يَتَصَدَّقْنَ فَجَعَلَتِ الْمَرْأَةُ تُهْوِى بِيَدِهَا إِلَى حَلْقِهَا تُلْقِى فِي ثَوْبِ بِلاَلٍ، ثُمَّ أَتَى هُوَ وَبِلاَلٌ الْبَيْتَ. طرفه 98 ـــــــــــــــــــــــــــــ "لولا أن أشق على أمتي لأخرت العشاء إلى ثلث الليل". ولم يكن يومئذٍ أحد يصلي غير أهل المدينة. فيه إشكال؛ فإن أهل مكة وما حول المدينة كانوا يصلون؛ اللهم إلا أن يحمل على الجماعة، أو على ذلك الوقت، فإن غيرهم كانوا يصلون أوّل الوقت، وهذا أظهر لقوله في الباب بعده: "وكانوا يصلون العتمة فيما بين أن يغيب الشفق" كذا قيل. والحق أنه لا إشكال؛ لما في رواية مسلم من قول عائشة: وذلك قبل أن يفشو الإسلام"، أيضًا رواه مسلم عن أبي موسى حين قدم في السفينة، وذلك حين فتح خيبر، ولم تكن مكة شرّفها الله فتحت: "بعد ثلث الليل الأول". 863 - (سفيان) هو الثوري. (لولا مكاني منه ما شهدت) هذا كلام ابن عباس في جواب من قال له (شهدت الخروج مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟) يريد يوم العيد إلى المصلى، وقوله: لولا مكاني منه ما شهدت، هو موضع الدلالة؛ فإنه كان صغيرًا وإنما شهد لقربه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (أتى العَلَمَ الذي عند دار كثير بن الصلت) -بالثاء المثلثة والصاد المهملة- وتمام

162 - باب خروج النساء إلى المساجد بالليل والغلس

162 - باب خُرُوجِ النِّسَاءِ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِاللَّيْلِ وَالْغَلَسِ 864 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ أَعْتَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْعَتَمَةِ حَتَّى نَادَاهُ عُمَرُ نَامَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ. فَخَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مَا يَنْتَظِرُهَا أَحَدٌ غَيْرُكُمْ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ». وَلاَ يُصَلَّى يَوْمَئِذٍ إِلاَّ بِالْمَدِينَةِ، وَكَانُوا يُصَلُّونَ الْعَتَمَةَ فِيمَا بَيْنَ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ الأَوَّلِ. أطرافه 566 865 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ حَنْظَلَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا اسْتَأْذَنَكُمْ نِسَاؤُكُمْ بِاللَّيْلِ إِلَى الْمَسْجِدِ فَأْذَنُوا لَهُنَّ». تَابَعَهُ شُعْبَةُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 873، 899، 900، 5238 ـــــــــــــــــــــــــــــ الكلام على الحديث مرَّ في باب عظة الإمام في كتاب العلم. باب خروج النساء إلى المساجد في الليل والغلس 864 - روى في الباب حديث عائشة في تأخير العشاء حتى ناداه عمر، وقد تقدم في الباب قبله، وموضع الدلالة خروج النساء إلى المسجد في الليل. (وكانوا يصلون العتمة) أي: العشاء، والظاهر أن الرّاوي لم يبلغه النهي عن تسمية العشاء العتمة. (فيما بين أن يغيب الشفق إلى ثلث الليل الأول) المراد بالشفق: الأحمر؛ كما جاء صريحًا في الرواية الأخرى. 865 - (عن حنظلة) بالحاء المهملة والظاء المعجمة. (إذا استأذن نساؤكم بالليل إلى المسجد فأذنوا لهن) قيّده بالليل؛ لأنه أستر؛ وأمَّا الرواية الأخرى: "إذا استأذنت امرأة أحدكم المسجد فلا يمنعها" محمولة على ظاهرها عند عدم خوف الفتنة.

163 - باب انتظار الناس قيام الإمام العالم

163 - باب انْتِظَارِ النَّاسِ قِيَامَ الإِمَامِ الْعَالِمِ 866 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَتْنِى هِنْدُ بِنْتُ الْحَارِثِ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرَتْهَا أَنَّ النِّسَاءَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كُنَّ إِذَا سَلَّمْنَ مِنَ الْمَكْتُوبَةِ قُمْنَ، وَثَبَتَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَنْ صَلَّى مِنَ الرِّجَالِ مَا شَاءَ اللَّهُ، فَإِذَا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَامَ الرِّجَالُ. 867 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ ح وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيُصَلِّى ـــــــــــــــــــــــــــــ وعند أبي حنيفة يكره للشواب الحضور مطلقًا، ويباح للعجائز الخروج إلى العيدين والجمعة والفجر والمغرب والعشاء. وقال محمد: تخرج العجائز في الصلوات كلها؛ لأمن الفتنة. واتفق الأئمة كلهم على أن الأولى في المرأة عدم الخروج؛ لما روى أبو داود، وأحمد، وابن خزيمة: "لا تمنعوا نساءكم المساجد، وبيوتهن خير لهن"، وحديث عائشة في الباب: "لو أدرك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أحدث النساء لمنعهن المساجد" دليلٌ ظاهر في عدم الأولوية هذا زمن الصحابة؛ وأمّا الآن فالواجبُ المنعُ مطلقًا. 163 - باب انتظار الناس قيام الإمام العالم 866 - ثم روى عن أم سلمة (أن النساء في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - كُنّ إذا سلمنَ من المكتوبة قُمْنَ؛ وثَبَتَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) قد تقدم في باب مكث الإمام في مصلاه مقدار ثباته؛ وهو: قدر أن تنفذ النساء من الطرقات؛ لئلا يقع الاختلاط بالرجال. 867 - (عن عمرة) بفتح العين والزاء (عن عائشة: إن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليصلي

الصُّبْحَ، فَيَنْصَرِفُ النِّسَاءُ مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ، مَا يُعْرَفْنَ مِنَ الْغَلَسِ. طرفه 372 868 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرٌ أَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِىُّ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى قَتَادَةَ الأَنْصَارِىِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنِّى لأَقُومُ إِلَى الصَّلاَةِ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُطَوِّلَ فِيهَا، فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِىِّ، فَأَتَجَوَّزُ فِي صَلاَتِى كَرَاهِيَةَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمِّهِ». طرفه 707 869 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ لَوْ أَدْرَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ لَمَنَعَهُنَّ كَمَا مُنِعَتْ نِسَاءُ بَنِى إِسْرَائِيلَ. قُلْتُ لِعَمْرَةَ أَوَ مُنِعْنَ قَالَتْ نَعَمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الصبح، فينصرف النساء متلفعات بمروطهن؛ ما يعرفن من الغلس) متلفعات أي: متلففات؛ كما جاء في الرواية الأخرى، قال ابن الأثير: اللفاع: ثوب يجلل به الجسد كله، كساءً كان؛ أو غيره. والمروط: جمع مرط؛ وهو كساء من خز، أو صوف. والغلس -بفتح الغين واللام-: ظلام آخر الليل. 868 - (بشر بن بكر) بالباء الموحدة وشين معجمة (الأوزاعي) -بفتح الهمزة- اسمه عبد الرحمن إمام أهل الشام. (إني لأقوم إلى الصلاة وأنا أريد أن أُطول فيها فأسمع بكاء الصبي فأتجوز في صلاتي كراهية أن أشق [على] أمه) هذا موضع الدلالة، فإنه دل على حضور النساء المساجد. 869 - (عن عائشة: لو أدرك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أحدث النساء) من أنواع التجمل، وأسباب الفساد، وقلة الحياء.

164 - باب صلاة النساء خلف الرجال

164 - باب صَلاَةِ النِّسَاءِ خَلْفَ الرِّجَالِ 870 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ هِنْدٍ بِنْتِ الْحَارِثِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا سَلَّمَ قَامَ النِّسَاءُ حِينَ يَقْضِى تَسْلِيمَهُ، وَيَمْكُثُ هُوَ فِي مَقَامِهِ يَسِيرًا قَبْلَ أَنْ يَقُومَ. قَالَ نَرَى - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ ذَلِكَ كَانَ لِكَىْ يَنْصَرِفَ النِّسَاءُ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُنَّ أَحَدٌ مِنَ الرِّجَالِ. 871، 872 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ إِسْحَاقَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ صَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي بَيْتِ أُمِّ سُلَيْمٍ، فَقُمْتُ وَيَتِيمٌ خَلْفَهُ، وَأُمُّ سُلَيْمٍ خَلْفَنَا. طرفه 380 165 - باب سُرْعَةِ انْصِرَافِ النِّسَاءِ مِنَ الصُّبْحِ، وَقِلَّةِ مَقَامِهِنَّ فِي الْمَسْجِدِ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب صلاة النساء خلف الرّجال 870 - (يحيى بن قزعة) بثلاث فتحات وزاي معجمة. روى في الباب حديث أم سلمة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا سلم من المكتوبة لبث في مقامه يسيرًا حتى ينصرف النساء، وقد تقدم في الباب قبله وبينا الحكم في ذلك. 871 - 872 - (أبو نعيم) بضم النون مصغر. روى أيضًا حديث أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى في بيت أم سليم؛ فقام أنس واليتيم وراءه، وأم سليم وراءهما. فإن قلت: حديث أنس ظاهر في الدلالة على الترجمة، فما وجه دلالة حديث أم سلمة؟. قلت؛ لبثه في مقامه لئلا يختلط الرّجال والنساء في الطريق يدل على عدم جواز تقدمهن في الصف من باب الأولى. باب سرعه انصراف النساء من الصبح، وقلة مقامهنّ في المسجد (مقام) -بضم الميم- المراد به اللبث (فليح) بضم الفاء مصغر.

166 - باب استئذان المرأة زوجها بالخروج إلى المسجد

873، 874 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصَلِّى الصُّبْحَ بِغَلَسٍ فَيَنْصَرِفْنَ نِسَاءُ الْمُؤْمِنِينَ، لاَ يُعْرَفْنَ مِنَ الْغَلَسِ، أَوْ لاَ يَعْرِفُ بَعْضُهُنَّ بَعْضًا. طرفه 372 166 - باب اسْتِئْذَانِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا بِالْخُرُوجِ إِلَى الْمَسْجِدِ 875 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. «إِذَا اسْتَأْذَنَتِ امْرَأَةُ أَحَدِكُمْ فَلاَ يَمْنَعْهَا». طرفه 865 ـــــــــــــــــــــــــــــ 873 - 874 - روى حديث عائشة الذي في الباب قبله: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي الصبح بغلس، فتنصرف نساء المومنين لا يعرفن من الغلس) وفي بعض النسخ نساء المؤمنات، فالإضافة بيانية وقد يقال: نساء الأنفس المؤمنات، ولا تخفى ركاكته. باب استئذان المرأة بالخروج إلى المسجد 875 - (يزيد بن زريع) يزيد: من الزيادة، وزريع: مصغر الزرع (عن معمر) بفتح الميمين وسكون العين. (إذا استأذنت امرأة أحدكم فلا يمنعها). فإن قلت: الترجمة مقيدة بالاستئذان للصلاة في المسجد؟ قلت: هذا على دأبه من الاستدلال بالخفي، وهذا المطلق مقيد بسائر الأحاديث. وقيل: إذا [كان] لا يمنعها من غير المسجد؛ فالمسجد من باب الأولى. وهذا ليس بشيء؛ لأنه لا يلزمه أن يأذن لها في غير المسجد، فلا بدّ من ذلك القيد الذي تقدم من رواية ابن عمر: "إذا استأذنكم نساؤكم بالليل إلى المسجد".

الْكَوْثَرُ الْجَارِي إلى رِيَاض أحَادِيثِ البُخَارِيّ [3]

حُقُوق الطَّبْع مَحْفُوظَة الطبعة الأولى 1429 هـ - 2008 م مؤسسة التَّارِيخ الْعَرَبِيّ للطباعة والنشر والتوزيع العنوان الْجَدِيد بيروت - طَرِيق المطار - خلف غولدن بلازا هَاتِف: 540000/ 01 - 455559/ 01 فاكس: 850717 - ص. ب: 7957/ 11

11 - كتاب الجمعة

11 - كتاب الجمعة 1 - باب فَرْضِ الْجُمُعَةِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (إِذَا نُودِىَ لِلصَّلاَةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ). 876 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ هُرْمُزَ الأَعْرَجَ مَوْلَى رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، بَيْدَ أَنَّهُمْ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الجمعة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ باب فرض الجمعة لقوله عزَّ وجل: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: 9]. لفظ الجمعة -بضم الميم، وقد تسكن- وهو اسم فاعل؛ كالهمزة، وعلى تقدير سكون الميم فُعْله بمعنى المفعول؛ كالأكلة، لكون الناس يجتمعون فيه، وعلى الأول الإسناد فيه مجاز؛ لأنه سبب الاجتماع، وهو اسم إسلامي، وكان في الجاهلية يسمى يوم العروبة. وروي عن ثعلب: إنما سمي يوم الجمعة لأن قريشًا كانت تجتمع في دار الندوة في زمان قصي، وكان يقوم فيهم خطيبًا يذكرهم بخروج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقيل: في زمان كعب بن لؤي. قال أبو حامد: فرضت الجمعة بمكة. وليس بظاهر، والاستدلال على الفرضية بالآية، وبإجماع الأمة، والآية مدنية اتفاقًا. 876 - (أبو اليمان) بتخفيف النون (أبو الزناد) -بالزاي المعجمة، بعدها نون- عبد الله بن ذكوان. (نحن الآخرون السابقون يوم القيامة؛ بيد أنهم أعطوا الكتاب من قبلنا) أي: الآخرون

ثُمَّ هَذَا يَوْمُهُمُ الَّذِى فُرِضَ عَلَيْهِمْ فَاخْتَلَفُوا فِيهِ، فَهَدَانَا اللَّهُ، فَالنَّاسُ لَنَا فِيهِ تَبَعٌ، الْيَهُودُ غَدًا وَالنَّصَارَى بَعْدَ غَدٍ». طرفه 238 ـــــــــــــــــــــــــــــ زمانًا، والسابقون يوم القيامة في الحساب ودخول الجنة، وفي رواية مسلم: "نحن الآخرون من أهل الدنيا، والأولون يوم القيامة، المقضي لهم بين الخلائق". و (بَيْدَ) -بفتح الموحدة وسكون المثناة- بمعنى غير، والضمير في (أوتوا) لأهل الكتاب، وإن لم يجر لهم ذكر؛ لدلالة المقام عليهم. (ثم هذا اليوم الذي فرض عليهم فاختلفوا فيه) قيل: أُمروا باختيار يوم على الإجمال؛ فقالت اليهود: السبت أولى بذلك؛ لأنّ الله تعالى لم يخلق فيه شيئًا فهو للراحة وأولى بالتعظيم، وقد عموا ولم يدروا أنه خال. واختارت النصارى يوم الأحد؛ لأنه بُدِئ فيه الخلق، ولم يدروا أن آدم الذي هو الكون الجامع، والذي خلق له ما في الأرض جميعًا قد خلق في الجمعة، وآدمُ إنما خلق للعبادة، فكان خليقًا بالاختيار للقرب إليه تعالى. وقيل: بل عيّن لهم موسى يوم الجمعة فتركوه عنادًا. وظاهر الحديث يدل على الأول؛ لقوله: (فهَدانا الله له؛ فاليهود غدًا) أي: اليهود تعظم غدًا (والنصارى بعد غد) وإنما نكر "غدًا" لأنه لم يرد به يومًا معنيًا؛ بل ما من شأنه أن يكون غدًا إلى يوم القيامة. وفي لفظ: "هدانا إشارة إلى أنْ لم يكن نصٌّ من الله فيه؛ بل وقع باجتهاد، وقد دل عليه حديث كعب بن مالك: "أن المسلمين ذكروا أن لليهود يومًا، وللنصارى يومًا، فاختاروا يوم العروبة، فجمع بهم أسعد بن زرارة قبل مجيء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". وأمَّا رواية الطبراني في "الأوسط": أن جبريل جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكفه كالمرآة البيضاء، وفي وسطها كالنكتة السوداء، فقال: "ما هذا [يا] جبريل" قال: هذه الجمعة يعرضها عليك لتكون لك عيدًا ولقومك ولمن بعدك فلا تنافيه؛ لموافقة اجتهادهم الوحي.

2 - باب فضل الغسل يوم الجمعة، وهل على الصبى شهود يوم الجمعة أو على النساء

2 - باب فَضْلِ الْغُسْلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَهَلْ عَلَى الصَّبِىِّ شُهُودُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَوْ عَلَى النِّسَاءِ 877 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمُ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ». طرفاه 894، 919 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب فضل الغسل يوم الجمعة، وهل على الصبي شهود يوم الجمعة، وعلى النساء؟ 877 - (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل) هذا يدل على أن الغسل إنما هو لمن حضر؛ لا لليوم، وسيأتي في حديث عائشة ما هو أصرح منه. وذهب أهل الظاهر إلى أنه لليوم؛ حتى لو اغتسل بعد العصر كان آتيًا بالمراد. قال بعض الشارحين: لفظ أحد عام في الرجال والصّبيان والنساء، ثم قال: فإن قلت: ما وجه الدلالة على شهود الصبي والمرأة؟ قلت: لفظ إذا لا يدخل إلا على ما يُجزم بوقوعه. هذا كلامه؛ وفساده بيّن؛ وذلك أن غرض البخاري الاستدلال على عدم لزوم شهود الصبي والمرأة؛ ولذلك أتى بلفظ على" في الترجمة - الدالة على اللزوم، واستدل به على فضل الغسل وهو الشق الأول من الترجمة بالحديث الأول؛ وعلى الشق الثاني -وهو عدم اللزوم على المرأة والصبي- بالحديث الثاني؛ وهو "غسل الجمعة واجب على كل محتلم" فخرج الصبي والمرأة بهذا القيد، فلو كأن حضور الصبي والمرأة لازمًا لدل الحديث على نقيض المراد. فإن قلت: لفظ الاستفهام يدل على الوجوب، فكأنه يحتمل الوجوب عنده؟ قلت: إشارة إلى احتمال دخولهما في لفظ: "أحدكم"، أما الصبي فظاهر؛ وأما المرأة وان لم تدخل في مفهوم أحدكم إلا أنه ربما يتوهم دخولها تبعًا؛ كما في كثير من الأحكام التي يُخاطب بها الرّجال، وهذا شأنه في المحتمل، ثم يقيم الدليل على المختار عنده، وقد روى أبو داود: "الجمعة حق إلا على أربعة: المملوك، والمريض، والصبي، والمرأة".

878 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ قَالَ أَخْبَرَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بَيْنَمَا هُوَ قَائِمٌ فِي الْخُطْبَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَنَادَاهُ عُمَرُ أَيَّةُ سَاعَةٍ هَذِهِ قَالَ إِنِّى شُغِلْتُ فَلَمْ أَنْقَلِبْ إِلَى أَهْلِى حَتَّى سَمِعْتُ التَّأْذِينَ، فَلَمْ أَزِدْ أَنْ تَوَضَّأْتُ. فَقَالَ وَالْوُضُوءُ أَيْضًا وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَأْمُرُ بِالْغُسْلِ. طرفه 882 879 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ». طرفه 858 ـــــــــــــــــــــــــــــ 878 - (جويرية) بضم الجيم (أن عمر بن الخطاب بينا هو قائم في الخطبة إذ دخل رجل) وفي بعضها: "إذا" وكلاهما للمفاجأة (من المهاجرين الأولين) هو عثمان بن عفان جاء صريحًا في رواية مسلم. والمهاجرون الأولون من صلّى القبلتين، وقيل: من حضر البيعة تحت الشجرة (فناداه عمر: أية ساعة هذه؟) الاستفهام للتوبيخ؛ لأنه حضر حين طوى الملائكة صحفهم (قال: شغلت فلم أنقلب إلى أهلي حتى سمعت التأذين، فلم أزد أن توضأتُ قال: والوضوء أيضًا) روي الوضوء بالرفع؛ أي: الوضوء وحده؛ وبالنصب؛ أي: وتذكر الوضوء وحده بدون الغسل (وقد علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يأمر بالغسل) والذنب من العالم أشد قبحًا، وحيث لم يأمره عمر بالغسل دلّ على أن لومه إنما كان على ترك الأفضل؛ فهذا يدل على أن الواجب في الحديث الغسلُ؛ واجب على كل محتلم؛ معناه: الثابت، وقد جاء صريحًا في رواية أبي داود والترمذي والنسائي: أن الوضوء كاف، والغسل أفضل. وفيه دليل على أن الأمر بالمعروف في أثناء الخطبة لا يقطعها؛ لأن الخطبة أيضًا نوع من الوعظ والتذكير. 879 - (عن صفوان بن سليم) بضم السين على وزن المصغر.

3 - باب الطيب للجمعة

3 - باب الطِّيبِ لِلْجُمُعَةِ 880 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ قَالَ حَدَّثَنَا حَرَمِىُّ بْنُ عُمَارَةَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى بَكْرِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ سُلَيْمٍ الأَنْصَارِىُّ قَالَ أَشْهَدُ عَلَى أَبِى سَعِيدٍ قَالَ أَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْغُسْلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ، وَأَنْ يَسْتَنَّ وَأَنْ يَمَسَّ طِيبًا إِنْ وَجَدَ». قَالَ عَمْرٌو أَمَّا الْغُسْلُ فَأَشْهَدُ أَنَّهُ وَاجِبٌ، وَأَمَّا الاِسْتِنَانُ وَالطِّيبُ فَاللَّهُ أَعْلَمُ أَوَاجِبٌ هُوَ أَمْ لاَ، وَلَكِنْ هَكَذَا فِي الْحَدِيثِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ هُوَ أَخُو مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ وَلَمْ يُسَمَّ أَبُو بَكْرٍ هَذَا. رَوَاهُ عَنْهُ بُكَيْرُ بْنُ الأَشَجِّ وَسَعِيدُ بْنُ أَبِى هِلاَلٍ وَعِدَّةٌ. وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ يُكْنَى بِأَبِى بَكْرٍ وَأَبِى عَبْدِ اللَّهِ. طرفه 858 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الطيب للجمعة 880 - (حَرَمِيّ بن عمارة) بفتح الحاء والراء وتشديد الياء وضم العين وتخفيف الميم (عن أبي بكر بن المنكدر) بكسر الدال (عن عمرو بن سليم) بضم السين مصغر. (قال: أشهد على أبي سعيد) لفظ: أشهد في موضع أخبرني للمبالغة في السماع والضبط، فإن الشهادة لا تكون إلا بعد التيقن (الغسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم، وأن يستن، وأن يمس طيبًا إن وجد) الاستنان إمرار السّواك على السن. قال الخطابي: قِران الاستنان والطيب بالغسل دلّ على عدم وجوب الغسل. قلت: القران في الذكر لا يدل على اتحاد الحكم، ألا ترى إلى قوله تعالى: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ} [النور: 33]، فإن إيتاء المال واجب؛ والكتابة ليست واجبة، والمسألة معروفة؛ بل الدّال على عدم الوجوب ما قدمناه في الباب قبله في قضية عثمان. (ولم يُسَم أبو بكر) أي: ليس له اسم سوى كنيته، وعادةُ أهل الحديث أن يقولوا في مثله اسمه [و] كنيته (ومحمد بن المنكدر يكنى بأبي بكر) يريد أن كل واحد من محمد وأخيه يكنى أبا بكر؛ لكن هذا له اسم دون ذاك.

4 - باب فضل الجمعة

4 - باب فَضْلِ الْجُمُعَةِ 881 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ سُمَىٍّ مَوْلَى أَبِى بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب فضل الجمعة 881 - (سمي) بضم السين مصغر. (من اغتسل يوم الجمعة غُسْل الجنابة ثم راح فكأنما قرب بدنة) أي: غسلًا كاملًا؛ كأنه غسل الجنابة، وقيل: أريد غسل الجنابة؛ لحديث أوس: "من غسل يوم الجمعة" -بتشديد السين- أي: حمل غيره على الغسل، واغتسل هو بنفسه. والرواح: هو السير بعد الزوال؛ قاله الجوهري. وإطلاقهُ على التبكير من إطلاق المقيد على المطلق مجازًا. وكره مالك التبكير، وحمل ما في الحديث من الساعات على شيء يسير في وقت الهاجرة، وقال في تفسير قوله تعالى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9]: السعي عبارة عن العمل والفعل، وكذا كل سعي في القرآن. والجمهور على فضل التبكير بعد طلوع الفجر. والمراد بالسّاعات الأجزاء العرفية، لا الأجزاء الأربعة والعشرون التي قُسِّم الليل والنهار عليها؛ لأن العرب لا تعرف ذلك. قال الخطابي: الرَّواح: هو الذهاب بعد طلوع الفجر، فردَّ عليه بعض الشارحين بأن الساعات من طلوع الشمس إلى الزوال ست لا خمس؛ فتبقى السادسة، ولا شك أن خروج الإمام إنما هو في السابعة وهذا غلط من وجهين: الأول: أن الساعات في الحديث ليست هي الساعات المتعارفة؛ وهي أربع وعشرون في الليل والنهار.

5 - باب

وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً، فَإِذَا خَرَجَ الإِمَامُ حَضَرَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ». 5 - بابٌ 882 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى ـــــــــــــــــــــــــــــ والثاني: أن قوله: خروج الإمام يكون في الساعة السابعة إنما يكون عند اعتدال الليل والنهار، وأمَّا إذا كان ثماني تسعًا فلا يعقل ما قاله، ويؤيد ما ذكرنا ما وقع في رواية النسائي من ذكر البط بين الشاة والدجاجة، وبين الدجاجة والبيضة من ذكر العصفور. (فكأنما قرب بدنة) البدنة تطلق على البعير والبقر، والمراد البعير؛ لأنه ذكر في مقابلة البقر، والتاء فيه لدلالته على الوحدة، يتناول الناقة والجمل. (ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشًا أقرن) قيده بالأقران لأنه أحسن منظرًا، ولأن قرنه أيضًا ينتفع به. (دجاجة) في دالها الحركات الثلاث (فإذا خرج الإمام) وفي رواية: "فإذا جلس الإمام على المنبر حضرت الملائكة" أي: الذين كانوا يكتبون الأول فالأول على باب المسجد؛ لقوله في الرواية الأخرى: "طووا الصحف" وهؤلاء الملائكة غير الحفظة. باب كذا وقع من غير ترجمة. 882 - روى فيه حديث إنكار عمر على عثمان عدم تبكيره، ومناسبته كونه دالًّا على فضل الجمعة. قال شيخنا ابن حجر: إنما لم يترجم له؛ لأنه بمثابة الفصل من الباب قبله.

6 - باب الدهن للجمعة

هُرَيْرَةَ أَنَّ عُمَرَ - رضى الله عنه - بَيْنَمَا هُوَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ فَقَالَ عُمَرُ لِمَ تَحْتَبِسُونَ عَنِ الصَّلاَةِ فَقَالَ الرَّجُلُ مَا هُوَ إِلاَّ سَمِعْتُ النِّدَاءَ تَوَضَّأْتُ. فَقَالَ أَلَمْ تَسْمَعُوا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا رَاحَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْجُمُعَةِ فَلْيَغْتَسِلْ». طرفه 878 6 - باب الدُّهْنِ لِلْجُمُعَةِ 883 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنِ ابْنِ وَدِيعَةَ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِىِّ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَيَتَطَهَّرُ مَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْرٍ، وَيَدَّهِنُ مِنْ دُهْنِهِ، أَوْ يَمَسُّ مِنْ طِيبِ بَيْتِهِ ثُمَّ يَخْرُجُ، فَلاَ يُفَرِّقُ بَيْنَ اثْنَيْنِ، ثُمَّ يُصَلِّى مَا كُتِبَ لَهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الدّهن للجمعة -بضم الدال الاسم؛ وبالفتح المصدر-، ويجوز الوجهان، والأول هو الرواية فالتقدير: باب استعمال الدّهن. 883 - (عن ابن أبي ذئب) محمد بن عبد الرحمن (المقبري) بضم الباء وفتحها. (أخبرني أبي) أبوه اسمه كيسان (عن أبي وديعة) -بفتح الواو وكسر الدال- واسمه عبد الله، لم يقع في البخاري ذكره إلا في هذا الحديث. (سلمان الفارسي) مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أحد الذين اشتاقت لهم الجنة، عاش مائتين وخمسين اتفاقًا، وقيل ثلاثمائة وخمسين سنة، وأدرك وحي عيسى. (ويتطهر ما استطاع) مثل: قلم الأظفار، ونتف الإبط، وقصّ الشارب (ويدهن من دهنه، أو يمس من طيب بيته) أي: امرأته؛ كذا في رواية عن مسلم، ولفظ المس يُبنى على القلة؛ لأنّ طيب النساء له لون، وذاك مكروه للرجال، فإذا احتاج إليه يأخذه قليلًا، لئلا يظهر لونه. (ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين) من الذين سبقوه، فإنه يقع كثيرًا؛ لازدحام الناس (ثم يصلي ما كتب له) أي: ما قدر له في اللوح؛ إذ ليس في ذلك حد؛ كالرواتب والضحى،

ثُمَّ يُنْصِتُ إِذَا تَكَلَّمَ الإِمَامُ، إِلاَّ غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الأُخْرَى». طرفه 910 ـــــــــــــــــــــــــــــ وحمله على فرض الجمعة غلط؛ لقوله: (ثم ينصت إذا تكلم الإمام) أي: خطب، يقال: نصت وأنصت بمعنى؛ أي استمع، والرواية بضم الياء (إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى) وفي رواية مسلم: "وفضل ثلاثة أيام". قال بعض الشارحين: فإن قلت: ما المراد بالأخرى؛ هي المستقبلة أو الماضية؟ قلت: يحتملهما. وليس كما قال؛ بل المراد الجمعة التي بعدها؛ لما روى أبو داود وابن خزيمة: "كفارة الجمعة التي تليها وفضل ثلاثة أيام". والعجب أنه استدل على الاحتمال بأن الأخرى -بفتح الخاء- فلا يلزم أن تكون متأخرة ولم يدر أن هذا صريح في خلاف مراده؛ لأن الآخر -بفتح الخاء- معناه: أشد تأخرًا، فيلزم أن تكون الأخرى هي المتأخرة قطعًا، ألا ترى إلى قوله تعالى: {وَقَالَتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ} [الأعراف: 39]. فإن قلت: إذا كانت هي المتأخرة، فإذا مات بينهما لا سّيما وفضل ثلاثة أيام؛ كما في رواية مسلم؟ قلت: يجري عليه الثواب كما لو كان حيًّا. ألا ترى أنه جاء في البخاري: "يوم عرفة كفارة للسنة التي قبلها، والصّلوات الخمس مكفرات لما بينهن" فإذا اجتمعن في رجل تقع الكفارة بواحدة؛ والبواقي فضل ثواب من الله. فإن قلت: في رواية أبي داود: "التي قبلها"؛ قلت: مُعَارَضَةٌ برواية أحمد التي

884 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ طَاوُسٌ قُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ ذَكَرُوا أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «اغْتَسِلُوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاغْسِلُوا رُءُوسَكُمْ وَإِنْ لَمْ تَكُونُوا جُنُبًا، وَأَصِيبُوا مِنَ الطِّيبِ». قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَمَّا الْغُسْلُ فَنَعَمْ، وَأَمَّا الطِّيبُ فَلاَ أَدْرِى. طرفه 885 885 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى قَالَ أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ أَخْبَرَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ ذَكَرَ قَوْلَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْغُسْلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ أَيَمَسُّ طِيبًا أَوْ دُهْنًا إِنْ كَانَ عِنْدَ أَهْلِهِ فَقَالَ لاَ أَعْلَمُهُ. طرفه 884 ـــــــــــــــــــــــــــــ تليها ورواية مسلم: "بينه وبين الجمعة الأخرى، وفضل ثلاثة أيام" ظاهرٌ في الجمعة الآتية، وأظهر منه رواية ابن خزيمة: "من الجمعة إلى الجمعة وفضل ثلاثة أيام". 884 - (أن النبي - صلى الله عليه وسلم -[قال]: اغتسلوا واغسلوا رؤوسكم؛ وإن لم تكونوا جنبًا) فإن قلت: الغسل لا يكون بدون غسل الرأس؛ فأي فائدة في ذكره؟ قلت: غسل الرأس يحتاج إلى زيادة الماء، ولا سيما ورؤوسهم كانت شعورها غير محلوقة، والماء في تلك البلاد قليلة، فأكد بذكرها لئلا يبخلوا به، ويحمل الغسل على غسل سائر البدن. ولفظ الجنب يستوي فيه المفرد والجمع؛ ولذلك وقع خبر "تكونوا". (قال ابن عباس: أمَّا الغسل فنعم؛ وأما الطيب فلا أدري) وقد تقدم في رواية سلمان الأمر بمسّ الطيب؛ وكذا في رواية ابن عباس عند ابن ماجه، فكأنه نسي ثم تذكر أو بالعكس. 885 - (ابن جريج) -بضم الجيم مصغر- عبد الملك بن عبد العزيز (ميسرة) ضد الميمنة.

7 - باب يلبس أحسن ما يجد

7 - باب يَلْبَسُ أَحْسَنَ مَا يَجِدُ 886 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَأَى حُلَّةَ سِيَرَاءَ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوِ اشْتَرَيْتَ هَذِهِ فَلَبِسْتَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلِلْوَفْدِ إِذَا قَدِمُوا عَلَيْكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذِهِ مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ فِي الآخِرَةِ». ثُمَّ جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْهَا حُلَلٌ، فَأَعْطَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - مِنْهَا حُلَّةً فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَسَوْتَنِيهَا وَقَدْ قُلْتَ فِي حُلَّةِ عُطَارِدٍ مَا قُلْتَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنِّى لَمْ أَكْسُكَهَا لِتَلْبَسَهَا». ـــــــــــــــــــــــــــــ باب يلبس أحسن ما يجد 886 - (أن عمر بن الخطاب رأى حلّة سيراء) الحلة -بضم الحاء وتشديد اللام - ثوبان من جنس أحدهما فوق الآخر، أو أحدهما رداء، والآخر إزار. والسيراء -بكسر السين وفتح الياء المثناة تحت والراء مع المدّ- ما فيه سيور، أي: خطوط، سواء كان حريرًا أو غيره، إلا أن ما رآها عمر كانت حريرًا. (يا رسول الله، لو اشتريت هذه فلبستها يوم الجمعة وللوفد) الوفد: اسم جمع للوافد، والوافد: هو الذي يقصد الملوك لمهم. وقال الجوهري: هو الرّسول. (فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنما يلبس هذه من لا خلاق له في الآخرة) أي: لا نصيب له من الخلاقة، وهي: الملاسة، ولفظ "من" وإن كان شاملًا للإناث إلا أن سائر الأحاديث خصّه بالرجال. (ثم أعطى عمر بن الخطاب حلّة؛ فقال عمر: كسوتنيها وقد قلت في حلة عطارد ما قلت؟) أي: إنما يلبسها من لا خلاق له في الآخرة. وعطارد -بضم العين- هو ابن زرارة التميمي؛ سيد قومه، وهو الذي أهدى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - العباءة من الحرير، الذي تعجب الناس من حسنه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مناديل سعد في الجنة خير من هذا" فمن قال: إنه كان

8 - باب السواك يوم الجمعة

فَكَسَاهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - أَخًا لَهُ بِمَكَّةَ مُشْرِكًا. أطرافه 948، 2104، 2612، 2619، 3054، 5841، 5981، 6081 8 - باب السِّوَاكِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتَنُّ. 887 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِى - أَوْ عَلَى النَّاسِ - لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ ـــــــــــــــــــــــــــــ سمسارًا بالسوق؛ فلذلك أضيفت الحلة إليه بتلك الملابسة فقد قال ما لا علم له به، وإنما التبس عليه من رواية مسلم: رأى عمر عطاردًا التميمي يقيم بالسوق حلة سيراء فعير، وقال: كان يقيم الحلل ويعرضها للبيع. (فكساها عمرُ أخًا له بمكة مشركًا) قيل: كان أخًا من أمه، وقيل: رضاعًا، وسيأتي في البخاري: فكساها أخاله مشركًا قبل أن يسلم، وظاهرُهُ يدل على أنه أسلم. وفي الحديث دلالة على جواز إهداء المسلم للمشرك ما يحرم عليه، واستحباب لبس أحسن الثياب في الجمع والأعياد؛ فإن الإنكار إلى جهة الحرير، فكان تقريره دالًّا على أنّ لبس أحسن الثياب والتجمل في الجمع والأعياد حسن حيث لا مانع. باب السواك يوم الجمعة (وقال أبو سعيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - يستنّ) أي: يستاك يوم الجمعة. هذا التعليق تقدم عن أبي سعيد الخدري في الطيب يوم الجمعة. 887 - (عن أبي الزناد) بكسر الزاي بعدها نون. (لولا أن أشق على أمتي أو على الناس) الشك من أبي هريرة (لأمرتهم بالسواك

مَعَ كُلِّ صَلاَةٍ». طرفه 7240 888 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ الْحَبْحَابِ حَدَّثَنَا أَنَسٌ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَكْثَرْتُ عَلَيْكُمْ فِي السِّوَاكِ». 889 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ وَحُصَيْنٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَشُوصُ فَاهُ. طرفه 245 ـــــــــــــــــــــــــــــ مع كل صلاة). وفيه دليل على أن الأمر إذا خلا عن القرائن يكون للوجوب، فإن الأمر ندبًا، قد تقدم في باب يوم الجمعة، وقد جاء صريحًا في مسند البزار: "لولا أن أشق على أمتي لفرضت عليهم السواك". 888 - (أبو معمر) -بفتح الميمين وسكون العين- عبد الله بن عمرو المنقري. (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أكثرت عليكم [في] السواك) كناية عن بيان كثرة فضل السواك بعبارات شتى، قيل: وروي: "أُكثرت" على بناء المجهول؛ على معنى أن الله أمره بذاك كثيرًا. قال شيخنا ابن حجر: هذه الرواية وقعت عليها. قلت: ولا يصح لغة؛ إذ لو كان المراد ذلك لكان حق العبارة والتركيب أن يقول: أُكثر علىّ. 889 - (محمد بن كثير) ضد القليل (حُصَيْن) -بضم الحاء-: مصغر مجرور، معطوف على منصور (عن أبي وائل) شقيق [بن] سلمة. (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام من الليل يَشُوصُ فاه) أي: يدلك أسنانه، وأصل الشوص: الغسل. فإن قلت: أي دلالة لهذا على السواك يوم الجمعة؛ قلت: لا يلزم دلالة كل حديث على الترجمة، ويمكن أن يقال: استياكه بالليل إنما كان لتلاوة القرآن والصلاة؛ ولا شك أن يوم الجمعة أولى بذلك. والأحسن أن يقال: قد تقدم مرارًا أنه [أمر] باستعمال الطيب ولو أن يمس طيب امرأته، والغرض ألا يتأذى أحد منه بنوع رائحة، ولا شك أن السواك مطهرة الفم، ويزيل بخر الأسنان، فهو نوع من التطيب؛ بل أولى من كل طيب.

9 - باب من تسوك بسواك غيره

9 - باب مَنْ تَسَوَّكَ بِسِوَاكِ غَيْرِهِ 890 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ قَالَ قَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى بَكْرٍ، وَمَعَهُ سِوَاكٌ يَسْتَنُّ بِهِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ لَهُ أَعْطِنِى هَذَا السِّوَاكَ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ. فَأَعْطَانِيهِ فَقَصَمْتُهُ ثُمَّ مَضَغْتُهُ، فَأَعْطَيْتُهُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتَنَّ بِهِ وَهْوَ مُسْتَسْنِدٌ إِلَى صَدْرِى. أطرافه 1389، 3100، 3774، 4438، 4446، 4449، 4450، 4451، 5217، 6510 10 - باب مَا يُقْرَأُ فِي صَلاَةِ الْفَجْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ 891 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ - هُوَ ابْنُ هُرْمُزَ - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من تسوَّك بسواك غيره 890 - (عن عائشة: قالت: دخل عبد الرحمن بن أبي بكر ومعه سواك يستن به، فنظر إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (وفي رواية: فأمده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصره، وسيأتي في باب مرض النبي - صلى الله عليه وسلم -: فأبده -بالباء- والمعنى واحد، يقال: أمدَّه وأبدَّه. (فقلت: أعطني هذا السواك، فأخذته فقصمته) -بالصّاد المهملة والقاف- كذا لأكثرهم؛ ولابن السكن وآخرين بالضاد المعجمة، والقضم: الأكل بأطراف الأسنان. وهذا أحسن؛ لأن القَصْم -بالمهملة والقاف- الكسر مع الإبانة. (فاستنّ به وهو مستند إلى صدري) وفي رواية: مستسند، والمعنى متقارب. وفي الحديث دلالة على عدم كراهة الاستياك بسواك الغير برضاه، وعلى طهارة الريق وإن كان من الغير. باب ما يقرأ في صلاة الفجر يوم الجمعة 891 - (أبو نعيم) بضم النون مصغر (هرمز) بضم الهاء آخره زاي معجمة.

11 - باب الجمعة فى القرى والمدن

كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ فِي الْجُمُعَةِ فِي صَلاَةِ الْفَجْرِ (الم * تَنْزِيلُ) السَّجْدَةَ وَ (هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ) طرفه 1068 11 - باب الْجُمُعَةِ فِي الْقُرَى وَالْمُدْنِ 892 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ أَبِى جَمْرَةَ الضُّبَعِىِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ أَوَّلَ جُمُعَةٍ جُمِّعَتْ بَعْدَ جُمُعَةٍ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي مَسْجِدِ عَبْدِ الْقَيْسِ بِجُوَاثَى مِنَ الْبَحْرَيْنِ. طرفه 4371 893 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ ـــــــــــــــــــــــــــــ (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في الفجر يوم الجمعة: {الم تَنْزِيلُ} [السجدة 1، 2] السجدة و {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ} [الإنسان: 1] استدل به الشافعي على استحبابه فإن لفظ كان ليدل على الاستمرار؛ ولفظ الطبراني: يديم ذلك بدل: يقرأ، وكرهه الكوفيون على وجه المداومة، وكره مالك قراءة السجدة في الصلاة مطلقًا في رواية عنه، والحديث حجة عليهما. باب الجمعة في القرى والمدن اشتقاق القرية من قَرَيْتُ الماء في الحوض إذا جمعته. والمدينة: من مَدَنَ بالمكان إذا أقام. 892 - (محمد بن المثنى) بضم الميم وتشديد النون (أبو عامر العقدي) -بفتح العين والقاف- نسبة إلى عقد، قبيلة باليمن، اسمه عبد الملك (إبراهيم بن طهمان) بفتح الطاء وسكون الهاء (عن أبي جمرة) -بالجيم- نصر بن عمران (الضبعي) -بضم الضاد- نسبة إلى جده الأعلى ضبعة بن قيس بن ثعلبة من بني وائل. (أن أول جمعة جمعت) بضم الجيم والتشديد (بعد مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مسجد عبد القيس بجواثى من البحرين) -بضم الجيم بعدها همزة مفتوحة- قال ابن الأثيرة حصن بالبحرين. وقيل: قرية. استدل به الشافعي على مشروعية الجمعة في القرى، واستدل الحنفية على عدم جوازه

عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنَا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «كُلُّكُمْ رَاعٍ». وَزَادَ اللَّيْثُ قَالَ يُونُسُ كَتَبَ رُزَيْقُ بْنُ حُكَيْمٍ إِلَى ابْنِ شِهَابٍ - وَأَنَا مَعَهُ يَوْمَئِذٍ بِوَادِى الْقُرَى - هَلْ تَرَى أَنْ أُجَمِّعَ. وَرُزَيْقٌ عَامِلٌ عَلَى أَرْضٍ يَعْمَلُهَا، وَفِيهَا جَمَاعَةٌ مِنَ السُّودَانِ وَغَيْرِهِمْ، وَرُزَيْقٌ يَوْمَئِذٍ عَلَى أَيْلَةَ، فَكَتَبَ ابْنُ شِهَابٍ - وَأَنَا أَسْمَعُ - يَأْمُرُهُ أَنْ يُجَمِّعَ، يُخْبِرُهُ أَنَّ سَالِمًا حَدَّثَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ بما رواه ابن أبي شيبة: "لا جمعة ولا تشريق إلا في مِصْر جامع" رواه عن علي بن أبي طالب، قالوا: والقرية تطلق على المصر، قال تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا} [يوسف: 82] يريدون به مصر؛ وهو من أعاظم المدن. قال النووي: حديث: "لا جمعة ولا تشريق" اتفق أهل الحديث على ضعفه، قال: والذي يدل على ما ذهب إليه الشافعي أن أول جمعة صلّاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بني سالم؛ وهي قرية بين قباءَ والمدينة. 893 - (بشر بن محمد) بكسر الموحدة وشين معجمة (زريق بن حُكيم) -بتقديم المهملة، وضم الحاء- كلاهما مصغر، وقيل: حكيم مكبر. (بوادي القرى) بلدة بأرض الحجاز (وزريق يومئذ على أيلة) -بفتح الهمزة وسكون المثناة تحت-: بلدة على ساحل القلزم مما يلي مصر؛ وهي التي أخبر الله عن أهلها {تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا} [الأعراف: 163]. (سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: كلكم راع وكلكم مسوول عن رعيئه) استدل به ابن شهاب على وجوب إقامة الجمعة على الأمير؛ لأن الرعاية هي المحافظة على أمر الدين والدنيا. (فكتب ابن شهاب وأنا أسمع يأمرُه أن يجمِّع يخبره أن سالمًا حدثه ...) إلى آخره. قال بعض الشارحين: فإن قلت: ما المكتوب والمسموع؟ قلت؟ المكتوب هو الحديث؛ والمسموع هو المأمور به. وليس كما قال؛ فإن الحديث أيضًا مسموع، وكيف يروي حديثًا لم يسمعه.

12 - باب هل على من لم يشهد الجمعة غسل من النساء والصبيان وغيرهم

الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ - قَالَ وَحَسِبْتُ أَنْ قَدْ قَالَ - وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ». أطرافه 2409، 2554، 2558، 2751، 5188، 5200، 7138 12 - باب هَلْ عَلَى مَنْ لَمْ يَشْهَدِ الْجُمُعَةَ غُسْلٌ مِنَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَغَيْرِهِمْ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ إِنَّمَا الْغُسْلُ عَلَى مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ. 894 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَنْ جَاءَ مِنْكُمُ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ». طرفه 877 ـــــــــــــــــــــــــــــ ثم قال قوله (وحسبت أن قد قال: والرجل راع في مال أبيه) قال: فاعل قال هو يونس. وليس كذلك؛ فإن فاعل قال هو ابن عمر؛ كما رواه البخاري عنه في آخر كتاب الاستقراض (قال: وأحسب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: والرجل راع في مال أبيه). فإن قلت: "كلكم راع" يشمل كل فرد من أفراد الإنسان فكيف بمن ليس تحت يده أحد؟ قلت: ذاك نادر لا عبرة به، وقد يقال: من ليس تحت يده؛ فهو راع على حواسّه وقواه ليصرفها فيما خلق له. باب هل على من لم يشهد الجمعة غسل من النساء والصبيان وغيرهم (وقال ابن عمر: إنما الغسل على من تجب عليه الجمعة) هذا الحصر يدل على عدم الغسل على الصبيان والنساء وغيرهما ممن لم يأت الجمعة. 894 - (من جاء منكم الجمعة فليغتسل) دلّ بمفهومه على أنّ من لم يأت الجمعة لا يغتسل.

895 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ». طرفه 858 896 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا، وَأُوتِينَاهُ مِنْ بَعْدِهِمْ، فَهَذَا الْيَوْمُ الَّذِى اخْتَلَفُوا فِيهِ فَهَدَانَا اللَّهُ، فَغَدًا لِلْيَهُودِ وَبَعْدَ غَدٍ لِلنَّصَارَى». فَسَكَتَ. 897 - ثُمَّ قَالَ «حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَغْتَسِلَ فِي كُلِّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ يَوْمًا يَغْسِلُ فِيهِ رَأْسَهُ وَجَسَدَهُ». طرفاه 898، 3487 898 - رَوَاهُ أَبَانُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ حَقٌّ أَنْ يَغْتَسِلَ فِي كُلِّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ يَوْمًا». طرفه 897 ـــــــــــــــــــــــــــــ 895 - (عن صفوان بن سليم) بضم السين مصغر (عطاء بن يسار) ضد اليمين. (عن أبي سعيد الخدري) بالدال المهملة (غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم (قد يخصون الجمعة لأنها واجبة عليه. 896 - (مسلم) ضد الكافر. (نحن الآخرون السّابقون يوم القيامة) أي: الآخرون زمانًا؛ والسَّابقون حسابًا ودخولًا الجنة. وقد تقدم شرحه في أوّل كتاب الجمعة بتمامه. 898 - (حق على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام يومًا) هو يوم الجمعة، بينه سائر الروايات. والحق: الثبوت والندب المؤكد؛ كما أشرنا إليه جمعًا بين الرّوايات، وقوله: "كل مسلم" يريد به من يحضر الجمعة.

13 - باب

13 - بابٌ 899 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «ائْذَنُوا لِلنِّسَاءِ بِاللَّيْلِ إِلَى الْمَسَاجِدِ». طرفه 865 900 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كَانَتِ امْرَأَةٌ لِعُمَرَ تَشْهَدُ صَلاَةَ الصُّبْحِ وَالْعِشَاءِ فِي الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ، فَقِيلَ لَهَا لِمَ تَخْرُجِينَ وَقَدْ تَعْلَمِينَ أَنَّ عُمَرَ يَكْرَهُ ذَلِكَ وَيَغَارُ قَالَتْ وَمَا يَمْنَعُهُ أَنْ يَنْهَانِى قَالَ يَمْنَعُهُ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ». طرفه 865 ـــــــــــــــــــــــــــــ 899 - (شيبان) بفتح المعجمة والباء الموحدة (ورقاء) بفتح الواو والقاف مع المد. (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ائذنوا للنساء بالليل إلى المساجد) فدل على أن لا جمعة عليهن، وإذا لم يشهدن الجمعة؛ لا غسل عليهن. 900 - (أبو أسامة) -بضم الهمزة- حمَّاد بن أسامة. (كانت امرأة عمر تشهد صلاة الصبح والعشاء في الجماعة) دل على أن لا جمعة عليهنّ؛ وإلا كان أولى بالذكر. ولبعض الشارحين هنا كلام: وذلك أنه سأل أنّ قوله: "ائذنوا للنساء بالليل" هل يدل على عدمه في النهار؛ فأجاب بالمنع؛ وأنه إذا جاز في الليل ففي النهار أولى وأيّدَ ما ذكره بأنه تقرر في الأصول أن مفهوم الموافقة يُقدم على مفهوم المخالفة إذا كان لقبًا لا صفة. ثم قال: هذا الحديث وحديث امرأة عمر إنما ذكرهما البخاري ليبين بهما أن النساء لهن شهود الجمعة. هذا محصل ما طوله، وبيان فساده أن قوله: "ائذنوا للنساء بالليل" ليس هو من قِبل مفهوم اللقب، بل من القيود التي هي بمثابة الأوصاف؛ كقوله:"صلاة الليل مثنى" "وقيام

14 - باب الرخصة إن لم يحضر الجمعة فى المطر

14 - باب الرُّخْصَةِ إِنْ لَمْ يَحْضُرِ الْجُمُعَةَ فِي الْمَطَرِ 901 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ الْحَمِيدِ صَاحِبُ الزِّيَادِىِّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ ابْنُ عَمِّ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِمُؤَذِّنِهِ فِي يَوْمٍ مَطِيرٍ إِذَا قُلْتَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. فَلاَ ـــــــــــــــــــــــــــــ ليلة القدر يوجب الغفران"، و"صوم يوم عرفة كفارة سنتين"، ولهذا قال به من لا يقول بالمفهوم، ألا ترى أنّ أبا حنيفة جوز خروج العجائز بالليل دون النهار، وهو ممن لا يقول بالمفهوم. ومنع الشافعي خروج النساء مطلقًا؛ فسقط قوله: إنه إذا جاز ليلًا ففي النهار أولى. وأما قوله: هذا الحديث وحديث امرأة عمر استدل به البخاري على أن للنساء شهود الجمعة. فالبخاري عنه بريء، كيف وقد تقدم أوّل الباب أن غسل الجمعة إنما هو على من يجب عليه الجمعة، والإجماع على أن لا وجوب على النساء!. وفي قوله: "ائذنوا للنساء بالليل" وشهود امرأة عمر صلاة الصبح والعشاء دليل للبخاري على أن لا شهود لهن الجمعة؛ وأيّ فائدة في قيد صلاة الصبح والعشاء؛ إذ لو كان النهار أولى لعمري إن التعرض لإبطال أمثال هذا كاد أن يكون عبثًا، إلا أنّا نفند حججه لكل مسلم فنخاف أن يقربه القاصرون. باب الرخصة إن لم يحضر الجمعة في المطر 901 - (مسدد) بفتح الدال المشددة (الزيادي) بكسر المعجمة بعدها ياء. (قال ابن عباس لمؤذِّنه في يوم مطر إذا قلت أشهد أن محمدًا رسول الله فلا

15 - باب من أين تؤتى الجمعة وعلى من تجب

تَقُلْ حَىَّ عَلَى الصَّلاَةِ. قُلْ صَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ. فَكَأَنَّ النَّاسَ اسْتَنْكَرُوا، قَالَ فَعَلَهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّى، إِنَّ الْجُمُعَةَ عَزْمَةٌ، وَإِنِّى كَرِهْتُ أَنْ أُخْرِجَكُمْ، فَتَمْشُونَ فِي الطِّينِ وَالدَّحْضِ. طرفه 616 15 - باب مِنْ أَيْنَ تُؤْتَى الْجُمُعَةُ وَعَلَى مَنْ تَجِبُ لِقَوْلِ اللَّهِ - جَلَّ وَعَزَّ - (إِذَا نُودِىَ لِلصَّلاَةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ). ـــــــــــــــــــــــــــــ تقل: حَيّ على الصلاة؛ وقل: صلّوا في رحالكم) تقدم هذا الحديث في باب الأذان، وأن ابن عمر كان يفعله في آخر الأذان، وأشرنا هناك إلى أن ما فعله ابن عباس أولى؛ إذ لا وجه لقوله: حي على الصلاة، ثم الأمر بالصلاة في الرّحال. (إن الجمعة عزمة) أي: واجبة (وإني كرهت أن أُحرجكم) -بضم الهمزة والحاء المهملة- أي: أوقعكم في الحرج، ويروى -بالخاء- من الإخراج، ويؤيد الأول ما في الرّواية الأخرى: أؤثمكم (فتمشون في الطين والدّحض) -بفتح الدال والحاء وقد تسكن الحاء-: وهو الزلق. وفي الحديث دليل على أنّ المطر والطين من أعذار ترك الجماعة؛ وبه قال الشافعي والإمام أحمد. وقول مالك: إن قول ابن عباس لمؤذنه أن يقول: صلوا في بيوتكم، يريد صلاة العصر؛ يردّه كون الأذان للجمعة. فإن قلت: كيف خاطبهم وكانوا قد حضروا؛ فيلزم منه أن يرجعوا إلى بيوتهم؛ ولا يقول به أحد؟ قلت: لا يلزم أن يكون خاطبهم وهم في المسجد؛ بل أعلم مؤذنه أن يقول ذلك إذا أذن، ولا حاجة إلى أن يقال: جمعهم ليعلمهم، ولا أن الخطاب للحاضرين، والمراد من لم يحضر، وتعليله بكراهة الخروج عليهم في المشي في الدحض، صريحٌ في ذلك. باب من أين تؤتى الجمعة؟ وعلى من تجب؟ استدل على وجوب الجمعة بقوله تعالى: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9] وغرضه أن الوجوب إنما هو على من سمع النداء؛ وهو مذهب الشافعي

وَقَالَ عَطَاءٌ إِذَا كُنْتَ فِي قَرْيَةٍ جَامِعَةٍ، فَنُودِىَ بِالصَّلاَةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، فَحَقٌّ عَلَيْكَ أَنْ تَشْهَدَهَا، سَمِعْتَ النِّدَاءَ أَوْ لَمْ تَسْمَعْهُ. وَكَانَ أَنَسٌ - رضى الله عنه - فِي قَصْرِهِ أَحْيَانًا يُجَمِّعُ وَأَحْيَانًا لاَ يُجَمِّعُ، وَهْوَ بِالزَّاوِيَةِ عَلَى فَرْسَخَيْنِ. 902 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى جَعْفَرٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ حَدَّثَهُ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ كَانَ النَّاسُ يَنْتَابُونَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مِنْ مَنَازِلِهِمْ وَالْعَوَالِى، فَيَأْتُونَ فِي الْغُبَارِ، يُصِيبُهُمُ الْغُبَارُ وَالْعَرَقُ، فَيَخْرُجُ مِنْهُمُ الْعَرَقُ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِنْسَانٌ مِنْهُمْ وَهْوَ عِنْدِى، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ أَنَّكُمْ تَطَهَّرْتُمْ لِيَوْمِكُمْ هَذَا». ـــــــــــــــــــــــــــــ لمن هو خارج البلد؛ وأما من في البلد تجب عليه وإن لم يسمع النداء باتفاق الأئمة. وقال مالك: خارج البلد يجب عليه إن كان على ثلاثة أميال ودونها. وقال الإمام أحمد: على فرسخ. من كان خارج البلد لا يجب عليه عند أبي حنيفة، وما نقله عن عطاء هو مذهب الأئمة. (وكان أنس في قصره تارة يجمع وأخرى لا يجمع وهو بالزاوية) الزاوية -بالزاي المعجمة-: مكان لأنسٍ بالمدينة (على فرسخين) وله أخرى بالبصرة على فرسخين أيضًا. فاشتبه على بعضهم فقال: يريد التي بالمدينة. وليس كذلك؛ فإنه قيد في كثير من الروايات بالبصرة. 902 - (عن عائشة: كان الناس ينتابون من منازلهم والعوالي) ينتابون -بنون بعدها مثناة من فوق- قال ابن الأثير: افتعال من النوب؛ وهو: القصد؛ أي: يقصدون. وفي الرواية الأخرى: يأتون. والعوالي: جمع العالية. وهي: القرى حول المدينة الشريفة أبعدها على ثمانية أميال. (قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لو أنكم تطهرتم ليومكم هذا) لو: للتمني، ويجوز أن يكون شرطًا، ويقدر له الجواب، والمراد: الغسل؛ لأنه المزيل للعرق والروائح، ولأن الوضوء كان معلومًا لهم.

16 - باب وقت الجمعة إذا زالت الشمس

16 - باب وَقْتُ الْجُمُعَةِ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ وَكَذَلِكَ يُرْوَى عَنْ عُمَرَ وَعَلِىٍّ وَالنُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ وَعَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ رضى الله عنهم. 903 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ أَنَّهُ سَأَلَ عَمْرَةَ عَنِ الْغُسْلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَتْ قَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - كَانَ النَّاسُ مَهَنَةَ أَنْفُسِهِمْ، وَكَانُوا إِذَا رَاحُوا إِلَى الْجُمُعَةِ رَاحُوا فِي هَيْئَتِهِمْ فَقِيلَ لَهُمْ لَوِ اغْتَسَلْتُمْ. طرفه 2071 ـــــــــــــــــــــــــــــ وفي الحديث دليل للشافعي في أن الجمعة على السامع مهما كان؛ لأن بعض العوالي على ثمانية أميال. باب وقت الجمعة إذا زالت الشمس (وكذلك يذكر عن عمر وعلي ونعمان بن بشير وعمير بن حريث) بضم الحاء مصغر الحرث -بالثاء المثلثة- هذه التعليقات رواها ابن أبي شيبة مسندة، وإنما أوردها البخاري ردًّا على من زعم أن أبا بكر وعمر كانا يصليان الجمعة قبل الزوال. 903 - (عبدان) على وزن شعبان، عبد الله بن عثمان بن جبلة المروزي، وعبدان لقبه. (عمرة) بفتح العين وسكون الميم. (قالت عائشة: كان الناس مهنة أنفسهم) -بفتح الميم والهاء والنون، جمع ماهن- والماهن: الخادم، ويروى بسكون الهاء على أنه المصدر، فيقدر مضاف، وفي رواية أبي داود: مُهّان -بضم الميم وتشديد الهاء- جمع أيضًا، وللبيهقي: أعمال بدل: مهنة. (وكانوا إذا راحوا إلى الجمعة راحوا في هيئتهم، فقيل لهم: لو اغتسلتم) القائل

904 - حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ التَّيْمِىِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضى الله عنه أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصَلِّى الْجُمُعَةَ حِينَ تَمِيلُ الشَّمْسُ. 905 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كُنَّا نُبَكِّرُ بِالْجُمُعَةِ، وَنَقِيلُ بَعْدَ الْجُمُعَةِ. طرفه 940 ـــــــــــــــــــــــــــــ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صرح به أولًا، وهذا موضع الدلالة على وقت الجمعة؛ لأنّ الرواح إنما يكون بعد الزوال. 904 - (سريح بن النعمان) سريح: مصغر سرح -بالسين المهملة-، والنعمان بضم النون. (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي الجمعة حين تميل الشمس) هذا ظاهر في الدلالة على الترجمة. 905 - (عن أنس: كنا نبكر بالجمعة ونقيل بعد الجمعة) أي: كنا نذهب إلى الجمعة في باكر النهار وتكون القيلولة بعد الجمعة. قال ابن الأثير: القيلولة الاستراحة نصف النهار وإن لم يكن معها نوم. فدل على أن وقت الجمعة بعد نصف النهار؛ وأما إطلاق القيلولة على ما بعد الجمعة للمشاكلة أو إطلاق أحد الضدين على الآخر، ولا مخالف في المسألة إلا الإمام أحمد؛ فإنه قال: أول وقت الجمعة وقت صلاة العيد إذا ارتفعت الشمس مقدار رمح. ولم يصح في ذلك حديث سالم يقاوم هذه النصوص. والعجب أنه قال في قوله: نبكر بالجمعة، معناه: أنهم كانوا يصلونها بكرة النهار؛ كالعيد. وأبعد منه ما استدل به بعض الحنابلة بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سماه عيدًا؛ فيكون وقت صلاته وقت صلاة العيد.

17 - باب إذا اشتد الحر يوم الجمعة

17 - باب إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ 906 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ الْمُقَدَّمِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا حَرَمِىُّ بْنُ عُمَارَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو خَلْدَةَ - هُوَ خَالِدُ بْنُ دِينَارٍ - قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا اشْتَدَّ الْبَرْدُ بَكَّرَ بِالصَّلاَةِ، وَإِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ أَبْرَدَ بِالصَّلاَةِ، يَعْنِى الْجُمُعَةَ. قَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ أَخْبَرَنَا أَبُو خَلْدَةَ فَقَالَ بِالصَّلاَةِ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْجُمُعَةَ. وَقَالَ بِشْرُ بْنُ ثَابِتٍ حَدَّثَنَا أَبُو خَلْدَةَ قَالَ صَلَّى بِنَا أَمِيرٌ الْجُمُعَةَ ثُمَّ قَالَ لأَنَسٍ - رضى الله عنه - كَيْفَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى الظُّهْرَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إذا اشتد الحرّ يوم الجمعة 906 - (المقدمي) بضم الميم وتشديد الدال المفتوحة (حرمي بن عمارة) بفتح الحاء والراء وتشديد الياء وضم العين وتخفيف الميم (أبو خلدة) -بفتح الخاء المعجمة وسكون اللام- هو خالد بن دينار. (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا اشتد البرد بكّرَ بالجمعة وإذا اشتد الحر أبرد بالصلاة، يعني الجمعة): فاعل يعني أنس، هذه الرواية لم يعمل بها أحد من الأئمة لما تقدم من رواية أنس: كنا نبكر بالجمعة ونقيل بعدها، ولما رواه أيضًا: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي الجمعة حين تميل الشمس وكذا رواه مسلم عن جابر، وأيده البخاري أيضًا بما رواه عن يونس بن بكير عن أنس من غير ذكر الجمعة. (قال بشر بن ثابت: حدثنا أبو خلدة: صلّى بنا أميرٌ الجمعة، فقال لأنس: كيف كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي الظهر؟). فإن قلت: أي وجه لإيراد هذا التعليق هنا؟ قلت: للدلالة على أن الأمير صلّى الجمعة في أول الوقت؛ ولذلك سأل كيفية الظهر دون الجمعة لتعيّن أول الوقت.

18 - باب المشى إلى الجمعة

18 - باب الْمَشْىِ إِلَى الْجُمُعَةِ وَقَوْلِ اللَّهِ - جَلَّ ذِكْرُهُ - (فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ). وَمَنْ قَالَ السَّعْىُ الْعَمَلُ وَالذَّهَابُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى (وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا). وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - يَحْرُمُ الْبَيْعُ حِينَئِذٍ. وَقَالَ عَطَاءٌ تَحْرُمُ الصِّنَاعَاتُ كُلُّهَا. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ إِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهْوَ مُسَافِرٌ فَعَلَيْهِ أَنْ يَشْهَدَ. 907 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبَايَةُ بْنُ رِفَاعَةَ قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب المشي إلى الجمعة (وقوله تعالى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9] ومن قال: السعي: العمل والذهاب؛ لقوله تعالى: {وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا} [الإسراء: 19]. قال ابن الأثير: السعي العَدْوُ، وقد يكون مشيًا، ويكون عملًا وقصدًا وتصرفًا فينزل في كل مورد على ما يلائم. وغرض البخاري أن السعي في الآية أريد به المشي بحديث أبي هريرة في الباب: "إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون وأتوها تمشون" ولقراءة عمر بن الخطاب: فامضوا إلى ذكر الله، بدلَ قوله تعالى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9]. (قال ابن عباس: يحرم البيع حينئذٍ): أي: حين النداء الثاني؛ فإنه الموجود وقت نزول الآية، والنداء الأول أحدثه عثمان بن عفان. (وقال عطاء: تحرم الصناعات كلها) هذا هو الحق الذي عليه الإجماع، وذكر البيع لأنه الأكثر، وكان المهاجرون تجارًا، وسائر الصناعات تعلم بدلالة النص وفحوى الخطاب. (عن الزهري: إذا أذن المؤذن يوم الجمعة وهو مسافر فعليه أن يشهد الجمعة) لم يأخذ به أحد من الأئمة، ونقل عن الزهري مثل قول الأئمة، والتزم بعضهم التوفيق بأن يفيد وجوب الجمعة على المسافر إذا حضر الجامع ولا عذر له. 907 - (مسلم) ضد الكافر (يزيد بن أبي مريم) من الزيادة (عباية بن رفاعة) بفتح العين

أَدْرَكَنِى أَبُو عَبْسٍ وَأَنَا أَذْهَبُ إِلَى الْجُمُعَةِ فَقَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَنِ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ». طرفه 2811 908 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ قَالَ الزُّهْرِىُّ عَنْ سَعِيدٍ وَأَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَحَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَلاَ تَأْتُوهَا تَسْعَوْنَ، وَأْتُوهَا تَمْشُونَ عَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا». طرفه 636 ـــــــــــــــــــــــــــــ بعدها موحدة وراء مكسورة (أبو عبس) -بفتح العين وسكون الباء الموحدة- عبد الرحمن بن جبر -بالجيم بعدها موحدة- الأنصاري الأوسي البدري. (من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمه الله على النار) سبيل الله: كل طريق خير، ومنه المشي إلى الجمعة، والمراد من التحريم إما ابتداءً؛ أو خلودًا كما في نظائره. فإن قلت: أين وجه الدلالة في حديث عبَاية؟ قلت: قيل: موضع الدلالة هو قوله: أدركني أبو عبس إذ لو كان يعدو لما أمكن المكالمة، وأيضًا حكم الجمعة حكم الجهاد في هذا الحديث، وليس العَدْوُ من أحوال الجهاد. قلت: هذا كله تكلف لا تدعو إليه ضرورة؛ فإن قوله: وأنا ذاهب، كافٍ فإنه يرادف المشي. 908 - (ابن أبي ذئب) بلفظ الحيوان المعروف، محمد بن عبد الرحمن. (إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون) المراد بالسعي: العدو؛ لقوله: (وائتوها تمشون) هذا موضع الدلالة على الترجمة. (فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا) وقد تقدم في باب قول الرجل: فاتتنا الصلاة الرواية الأخرى عن الإمام أحمد "وما فاتكم فاقضوا" وأشرنا إلى أن الخلاف في أن ما أدركه المسبوق أول صلاته أو آخرها بناء [على] الروايتين، وذكرنا ثمرة الخلاف، فراجعه فإنه مهم.

19 - باب لا يفرق بين اثنين يوم الجمعة

909 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو قُتَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى قَتَادَةَ - لاَ أَعْلَمُهُ إِلاَّ عَنْ أَبِيهِ - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَقُومُوا حَتَّى تَرَوْنِى، وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ». طرفه 637 19 - باب لاَ يُفَرَّقُ بَيْنَ اثْنَيْنِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ 910 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ وَدِيعَةَ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِىِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَتَطَهَّرَ بِمَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْرٍ، ثُمَّ ادَّهَنَ أَوْ مَسَّ مِنْ طِيبٍ، ثُمَّ رَاحَ فَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ اثْنَيْنِ، فَصَلَّى مَا كُتِبَ لَهُ، ثُمَّ إِذَا خَرَجَ الإِمَامُ أَنْصَتَ، غُفِرَ لَهُ مَا ـــــــــــــــــــــــــــــ 909 - (أبو قتيبة) -بضم القاف- مصغر، واسمه سلمة بفتح السين وسكون اللام الشعري -بفتح المعجمة وسكون المهملة- (عن أبي قتادة الأنصاري) فارس رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، واسمه الحارث، أو عمرو. (لا تقوموا حتى تروني) أي: خارجًا من البيت؛ إذ ربما عرض له أمر فيكون قيامهم ضائعًا؛ أو يطول عليهم. (وعليكم السكينة) برفع السكينة، الجملة في موضع الحال، ويجوز النصب؛ على أن عليكم اسم فعل، عطف على "لا تقوموا". وجه تعلق هذا الحديث بالترجمة أن القيام [مع] السكينة يناسب المشي من غير عدو. باب لا يفرق بين اثنين يوم الجمعة 910 - (عبدان) على وزن شعبان عبد الله المروزي (ابن أبي ذئب) -بلفظ الحيوان المعروف- محمد بن عبد الرحمن المقبري بضم الباء (عن ابن وديعة) -بفتح الواو وكسر الدال- اسمه عبد الله. تقدم الحديث في باب الدهن يوم الجمعة، وموضع الدلالة هنا قوله: (فلم يفرق بين اثنين) بأن يجلس بينهما، ويضيق عليهما. والأصح أن المراد تخطي الرقاب، بان يأتي متأخرًا، ويقصد الصف الأول؛ لكن هذا إذا لم يكن في الصف الأول موضع خال؛ لأن التقصير منهم، حيث لم يتقدموا، وتركوا الأفضل.

20 - باب لا يقيم الرجل أخاه يوم الجمعة ويقعد فى مكانه

بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الأُخْرَى». طرفه 883 20 - باب لاَ يُقِيمُ الرَّجُلُ أَخَاهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَيَقْعُدُ فِي مَكَانِهِ 911 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ أَخْبَرَنَا مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ سَمِعْتُ نَافِعًا يَقُولُ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَقُولُ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُقِيمَ الرَّجُلُ أَخَاهُ مِنْ مَقْعَدِهِ وَيَجْلِسَ فِيهِ. قُلْتُ لِنَافِعٍ الْجُمُعَةَ قَالَ الْجُمُعَةَ وَغَيْرَهَا. طرفاه 6269، 6270 ـــــــــــــــــــــــــــــ وعن مالك أن التخطي إنما يكره إذا كان الإمام على المنبر؛ وأما قبله فلا كراهة. وفي الحديث حث على التبكير لئلا يقع هذا، فسقط المحذور. (بين الجمعة الأخرى) أي: التي تليها؛ لا الماضية كما تُوهم، وقد أوضحنا ذلك في باب الدهن يوم الجمعة فراجعه قريبًا. باب لا يقيم الرجل أخاه يوم الجمعة ويقعد مكانه بالنصب أي: لا يجمع بين هذين الأمرين، لا على أنه يجوز كل واحد على حدة؛ بل بيان الواقع، فإنه إنما يقيمه لذلك فسقط ما يقال: ولو أقامه ولم يقعد مكانه لم يكن مرتكبًا للنهي عنه؛ كيف لا والضرر إنما هو في إقامته، ويؤيدُ ما ذكرنا ما رواه السكسكي: أن ابن عمر إذا قام له شخص لم يجلس في مكانه. وبالرفع: عطف على يقيم، فيفيد نفي كل واحد صريحًا، ولا الجمعة لازدحام الناس. دل عليه حديث جابر: "لا يقيم أحدكم أخاه من مجلسه ثم يخالف إلى مقعده؛ بل ليقل: افسحوا". قال العلماء: يجوز إقامته في ثلاثة مواضع: أن يكون جالسًا موضع الإمام؛ أو في طريق يمنع الناس من التقدم، أو يجلس قدام الصّف. 911 - (قلت لنافع: الجمعة؟) أي: في الجمعة هذا الحكم (قال: الجمعة وغيرها)

21 - باب الأذان يوم الجمعة

21 - باب الأَذَانِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ 912 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ كَانَ النِّدَاءُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوَّلُهُ إِذَا جَلَسَ الإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ - رضى الله عنهما - فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ - رضى الله عنه - وَكَثُرَ النَّاسُ زَادَ النِّدَاءَ الثَّالِثَ عَلَى الزَّوْرَاءِ. أطرافه 913، 915، 916 ـــــــــــــــــــــــــــــ بالرفع فيهما؛ أي: هما سواء؛ والنصب؛ أي: هذا الحكم عام فيهما. فإن قلت: إذا كان عاما صرح به في الحديث، فلم قيده البخاري في الترجمة بالجمعة؛. قلت: قد أشرنا أن ذلك يقع في الجمعة أكثر. باب] الأذان يوم الجمعة 912 - (ابن أبي ذئب) -بلفظ الحيوان المعروف- محمد بن عبد الرحمن (عن السائب بن يزيد) من الزيادة. (كان النداء يوم الجمعة إذا جلس الإمام على المنبر) النداء لغة: رفع الصوت؛ والمراد به: الأذان؛ لاشتماله عليه، وهذا النداء هو الذي أشير إليه في القرآن الكريم: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ} [الجمعة: 9]، وهو الذي يحرم البيع وسائر الصناعات عنده (فلما كان عثمان) أي: أميرًا، على أن كان ناقصة؛ أو زمن عثمان، فكان تامّة (زاد النداء الثالث على الزوراء) -بفتح المعجمة بعدها مهملة مع المدّ- موضع بسوق المدينة، وقيل: حجر مرتفع. وكان الظاهر أن يقول: النداء الثاني؛ إلا أنه سماه ثالثًا باعتبار الإقامة؛ فإنها نداء أيضًا. فإن قلت: في رواية ابن خزيمة: أمر عثمان بالنداء الأوّل؟ قلت: هوَ أول وجودًا، وثالثٌ في المشروعية؛ لأنه حدث زمن عثمان بعد الأوَّلَين. فإن قلت: إذا شرع أذانًا لإعلام الناس على ما هو الأصل في مشروعية الأذان؛ فهلا اكتفي به؟ قلت: أجيب بأن فائدة الثاني إعلام الناس بالإنصات. والظاهر أنه بقي؛ لأنه وضعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، نظيره الرّمل في الطواف.

22 - باب المؤذن الواحد يوم الجمعة

22 - باب الْمُؤَذِّنِ الْوَاحِدِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ 913 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى سَلَمَةَ الْمَاجِشُونُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّ الَّذِى زَادَ التَّأْذِينَ الثَّالِثَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ - رضى الله عنه - حِينَ كَثُرَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ، وَلَمْ يَكُنْ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مُؤَذِّنٌ غَيْرَ وَاحِدٍ، وَكَانَ التَّأْذِينُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حِينَ يَجْلِسُ الإِمَامُ، يَعْنِى عَلَى الْمِنْبَرِ. أطرافه 912 23 - باب يُؤَذِّنُ الإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ إِذَا سَمِعَ النِّدَاءَ 914 - حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ عَنْ أَبِى أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ قَالَ سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِى سُفْيَانَ، وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى الْمِنْبَرِ، أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ. قَالَ مُعَاوِيَةُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ. قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. فَقَالَ مُعَاوِيَةُ وَأَنَا. فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا ـــــــــــــــــــــــــــــ باب المؤذن الواحد يوم الجمعة 913 - (أبو نعيم) بضم النون مصغر (الماجشون) بكسر الجيم بعدها معجمة مُعَرب: ماه كون؛ أي: يشبه القمر. روى في الباب حديث (السائب أن عثمان زاد النداء الثالث) وموضع الدلالة قوله: (ولم يكن للنبي - صلى الله عليه وسلم - مؤذن فير واحد) أي: يوم الجمعة، وإلا كان له مؤذنان معروفان بلال وابن أم مكتوم، ورد البخاري بهذا الحديث ما ورد من أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -كان إذا جلس على المنبر أذن المؤذنون؛ وهم ثلاثة، فإذا فرغ الثالث قام. باب ما يجيب الإمام على المنبر إذا سمع النداء 914 - (ابن مقاتل) -بضم الميم وكسر التاء- محمد المروزي (أبو بكر بن عثمان بن سهل بن حنيف) بضم الحاء مصغر (أبي أمامة بن سهل بن حنيف) -بضم الهمزة- اسمه أسعد؛ وقيل: سعد (سمعت معاوية على المنبر) اللام للعهد، هو منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ كان هذا بالمدينة، حين حجّ معاوية في إمارته.

24 - باب الجلوس على المنبر عند التأذين

رَسُولُ اللَّهِ. فَقَالَ مُعَاوِيَةُ وَأَنَا. فَلَمَّا أَنْ قَضَى التَّأْذِينَ قَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى هَذَا الْمَجْلِسِ حِينَ أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ يَقُولُ مَا سَمِعْتُمْ مِنِّى مِنْ مَقَالَتِى. طرفه 612 24 - باب الْجُلُوسِ عَلَى الْمِنْبَرِ عِنْدَ التَّأْذِينِ 915 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ أَخْبَرَهُ أَنَّ التَّأْذِينَ الثَّانِىَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَمَرَ بِهِ عُثْمَانُ حِينَ كَثُرَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ، وَكَانَ التَّأْذِينُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حِينَ يَجْلِسُ الإِمَامُ. طرفه 912 25 - باب التَّأْذِينِ عِنْدَ الْخُطْبَةِ 916 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ سَمِعْتُ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ يَقُولُ إِنَّ الأَذَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ كَانَ أَوَّلُهُ حِينَ يَجْلِسُ الإِمَامُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ - رضى الله عنهما - فَلَمَّا كَانَ فِي خِلاَفَةِ عُثْمَانَ - رضى الله عنه - وَكَثُرُوا، أَمَرَ عُثْمَانُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِالأَذَانِ الثَّالِثِ، فَأُذِّنَ بِهِ عَلَى الزَّوْرَاءِ، فَثَبَتَ الأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ. طرفه 912 26 - باب الْخُطْبَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَقَالَ أَنَسٌ - رضى الله عنه - خَطَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الْمِنْبَرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ (فلما أن قضى التأذين) أي: أتمه: وفرغ منه. وقد سبق في كتاب الأذان أن السامع يقول [مثلما يقول] المؤذن سواء كان خطيبًا، أو غيره. باب الخطبة على المنبر بكسر الميم، من النبر؛ وهو: الرفع، اسم آلة له. (وقال أنس: خطب النبي - صلى الله عليه وسلم - على المنبر) هذا التعليق سيذكره مسندًا في حنين الجذع.

917 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِىُّ الْقُرَشِىُّ الإِسْكَنْدَرَانِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمِ بْنُ دِينَارٍ أَنَّ رِجَالاً أَتَوْا سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِىَّ، وَقَدِ امْتَرَوْا فِي الْمِنْبَرِ مِمَّ عُودُهُ فَسَأَلُوهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ وَاللَّهِ إِنِّى لأَعْرِفُ مِمَّا هُوَ، وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ أَوَّلَ يَوْمٍ وُضِعَ، وَأَوَّلَ يَوْمٍ جَلَسَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى فُلاَنَةَ - امْرَأَةٍ قَدْ سَمَّاهَا سَهْلٌ - «مُرِى غُلاَمَكِ النَّجَّارَ أَنْ يَعْمَلَ لِى أَعْوَادًا أَجْلِسُ عَلَيْهِنَّ إِذَا كَلَّمْتُ النَّاسَ». ـــــــــــــــــــــــــــــ 917 - (يعقوب بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن عبد القاري القرشي الإسكندراني) نسبة إلى القارة؛ وهي: قبيلة. قال الجوهري: وهو عضل والديش، ابنا الهون بن خريمة، سموا قارة لاجتماعهم واتفاقهم لما أراد ابن الشداخ أن يفرقهم؛ ونسبَهُ إلى قريش لأنه كان حليفًا لهم، ونسبه إلى الإسكندرية لأنه كان واليًا عليها، ومات بها. (أبو حازم) -بالحاء المهملة- سلمة بن دينار (امتروا في المنبر مم عوده) من المرية؛ وهو: الشك، أو من المراء؛ وهو: الجدال (لقد رأيته يوم وضع، وأول يوم جلس عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) هذا مما لا دخل له في الجواب، وإنما ذكره لدلالته على كمال علمه ليقوي جوابه (أرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى فلانة؛ امرأة من الأنصار، قد سماها سهل، مري غلامك النجار أن يعمل لي أعوادًا أجلس عليهن إذا كلمت الناس). تقدم الحديث في باب الصلاة على المنبر مع شرحه، وذكرنا أن اسم المرأة عائشة، وقيل: مينا، واسم الغلام: باقوم، وقيل: باقول -باللام- وقيل غيره. قال شيخنا ابن حجر: الأصح أن أسمه ميمون. وقال: كان هذا المنبر موجودًا إلى إمارة معاوية، فأرسل إلى مروان؛ وهو أميره في المدينة، أن احمل إلي منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما فعله مروان أظلمت المدينة؛ فندم، وقال: إنما فعلته لأزيد فيه، فزاد فيه ست درج، فلما كان عام أربع وخمسين وستمئة احترقت المدينة؛ فاحترق المسجد والمنبر.

فَأَمَرَتْهُ فَعَمِلَهَا مِنْ طَرْفَاءِ الْغَابَةِ ثُمَّ جَاءَ بِهَا، فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَمَرَ بِهَا فَوُضِعَتْ هَا هُنَا، ثُمَّ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى عَلَيْهَا، وَكَبَّرَ وَهْوَ عَلَيْهَا، ثُمَّ رَكَعَ وَهْوَ عَلَيْهَا، ثُمَّ نَزَلَ الْقَهْقَرَى فَسَجَدَ فِي أَصْلِ الْمِنْبَرِ ثُمَّ عَادَ، فَلَمَّا فَرَغَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ «أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا صَنَعْتُ هَذَا لِتَأْتَمُّوا وَلِتَعَلَّمُوا صَلاَتِى». أطرافه 377 918 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ أَخْبَرَنِى يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ أَنَسٍ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كَانَ جِذْعٌ يَقُومُ إِلَيْهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا وُضِعَ لَهُ الْمِنْبَرُ سَمِعْنَا لِلْجِذْعِ مِثْلَ أَصْوَاتِ الْعِشَارِ حَتَّى نَزَلَ ـــــــــــــــــــــــــــــ (من طرفاء الغابة) الطَرفاء -بفتح الطاء والمدّ- نوع من الشجر معروف. والغابة: الأجمة (فوضعت هنا) على بناء المجهول، وهنا: إشارة إلى مكانه الذي كان يخطب عليه. (نزل القهقرى) -بفتح القافين وسكون الهاء- المشي معكوسًا إلى الخلف. (إنما صنعت هذا لتأتموا بي) أي تفعلوا في هذه الصلاة مثل ما فعلت (ولتعلَّموا) -بفتح التاء وتشديد اللام- حذف منه إحدى التاءين؛ أي: لتكونوا عالمين بذلك، فتفعلوا في سائر الصلوات ما تعلمتم. فإن قلت: النزول والصعود فعل كثير؟ قلت: ليس بكثير؛ لوجود الفاصل، وهو السجود. 918 - 919 - (ابن أنس) هو حفص بن عبد الله بن أنس بن مالك. وقيل: عبد الله. قال شيخنا شيخ الإسلام: لا يصح ذلك. قال الحميدي: وليس لابن أنس حديث في البخاري غيره (كان جذع يقوم عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -) الجذع -بكسر الجيم وسكون الذال- أصل النخل وساقه. ومعنى قيامه عليه: اعتماده عليه في قيامه، واتكاؤه؛ وفي الرواية الأخرى: يقوم إليه. (سمعنا للجذع مثل أصوات العشار) -بكسر العين- جمع عشراء -بضم العين والمد- الناقة التي أتى على حملها عشرة أشهر، وقال الداودي: التي معها أولادها. وإنما جمع العشار والأصوات مبالغة في الصياح؛ كما يفعله المصاب باختلاف الأصوات؛ وهذا من عظائم معجزاته، على ذاته المطهرة أفضل الصلوات وأكمل التحيات.

27 - باب الخطبة قائما

النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ. قَالَ سُلَيْمَانُ عَنْ يَحْيَى أَخْبَرَنِى حَفْصُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا. طرفه 449 919 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ «مَنْ جَاءَ إِلَى الْجُمُعَةِ فَلْيَغْتَسِلْ». طرفه 877 27 - باب الْخُطْبَةِ قَائِمًا وَقَالَ أَنَسٌ بَيْنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ قَائِمًا. 920 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ (فوضع يده عليه) وفي الرواية الأخرى: فمسحه: وفي أخرى: فالتزمه. (قال سليمان) هو ابن بلال. تعليق من البخاري، يروي عن مشايخه. و (يحيى) هو ابن سعيد؛ قال الدارقطني: رواه سليمان بن كثير، وكذا رواه أبو مسعود في الأطراف. وفي الحديث دلالة على استحباب الخطبة على الموضع المرتفع؛ سواء كان منبرًا وغيره، ويكون على ميمنة المحراب؛ كما كان منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. باب الخطبة قائمًا (قال أنس: بينا النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب قائمًا) هذا التعليق رواه في باب الاستسقاء مسندًا. 920 - (عبيد الله) بضم العين مصغر (القواريري) -بالقاف- جمع قارورة، نسبة إلى

28 - باب يستقبل الإمام القوم واستقبال الناس الإمام إذا خطب

كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ قَائِمًا ثُمَّ يَقْعُدُ ثُمَّ يَقُومُ، كَمَا تَفْعَلُونَ الآنَ. طرفه 928 28 - باب يَسْتَقْبِلُ الإِمَامُ الْقَوْمَ وَاسْتِقْبَالِ النَّاسِ الإِمَامَ إِذَا خَطَبَ وَاسْتَقْبَلَ ابْنُ عُمَرَ وَأَنَسٌ رضى الله عنهم الإِمَامَ. 921 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ هِلاَلِ بْنِ أَبِى مَيْمُونَةَ حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ قَالَ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - جَلَسَ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى الْمِنْبَرِ وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ. أطرافه 1465، 2842، 6427 ـــــــــــــــــــــــــــــ حرفته (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب قائمًا، ثم يقعد ثم يقوم). استدل به مالك والشافعي وأحمد على القيام والجلوس بين الخطبتين؛ فإن لفظ: كان يدل على الاستمرار، وكان على ذلك عمل الخلفاء الراشدين. قال الشعبي: أول من خطب قاعدًا معاوية؛ فإنه كَثُر شحمُ بطنه. وكذا رواه ابن أبي شيبة وعبد الرزاق. واتفق الأئمة على وجوب القيام إلا ما نقل عن أبي حنيفة ومالك. باب استقبال الإمام الناس إذا خطب 921 - (مُعَاذ بن فضالة) بضم الميم وفتح الفاء (هلال) بكسر الهاء (أبي ميمونة) سليم أو سلمان (عن عطاء بن يسار) ضد اليمين (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جلس ذات يوم على المنبر وجلسنا حوله) اقتصر الحديث هنا، ورواه في كتاب الزكاة. فإن قلت: كيف دلّ على الترجمة؟ قلت: جلوسه على المنبر، وجلوسهم حوله لا يكون إلا وهو مستقبل لهم، لأن الخطبة وعظ ونصح، لا يمكن أن يكون مع الاستدبار، ولو خطب مستدبرًا جاز مع الكراهية.

29 - باب من قال فى الخطبة بعد الثناء أما بعد

29 - باب مَنْ قَالَ فِي الْخُطْبَةِ بَعْدَ الثَّنَاءِ أَمَّا بَعْدُ رَوَاهُ عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 922 - وَقَالَ مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ قَالَ أَخْبَرَتْنِى فَاطِمَةُ بِنْتُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ قَالَتْ دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ - رضى الله عنها - وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ قُلْتُ مَا شَأْنُ النَّاسِ فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا إِلَى السَّمَاءِ. فَقُلْتُ آيَةٌ فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا أَىْ نَعَمْ. قَالَتْ فَأَطَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جِدًّا حَتَّى تَجَلاَّنِى الْغَشْىُ وَإِلَى جَنْبِى قِرْبَةٌ فِيهَا مَاءٌ فَفَتَحْتُهَا فَجَعَلْتُ أَصُبُّ مِنْهَا عَلَى رَأْسِى، فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ، فَخَطَبَ النَّاسَ، وَحَمِدَ اللَّهَ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ». قَالَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من قال في الخطبة بعد الثناء: أمّا بعد (رواه عكرمة عن ابن عباس) رواه البخاري مسندًا في آخر الباب (وقال محمود) هو ابن غيلان شيخ البخاري، روى عنه بلفظ: قال؛ لأنه سمعه منه مذاكرة. وهذا الحديث بطوله سبق مع شرحه في باب الفتيا بإشارة اليد، في كتاب العلم، ونشير هنا إلى بعض المواضع: 922 - (أبو أسامة) -بضم الهمزة- حمّاد بن أسامة (فاطمة بنت المنذر) بكسر الذال (حتى تجلاني الغشي) أي: تجللني، قلبت الثانية ياء؛ كما في: تقضَّى البازي (فجعلت أصب على رأسي) أي: الماء. فإن قلت: فتح القربة، وصبّ الماء على الرأس فعال كثيرة. قلت: ليس في الحديث أنها كانت تصلي معهم؛ وإنما وقفت لتسمع ما يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد الصلاة من الخطبة، ولئن سلم ربما لم تدر أن الفعل الكثير يبطل، أو فعلت على غير التوالي؛ كنزول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المنبر في الصلاة، وصعوده. (ثم قال: أما بعد) هذا موضع الدلالة على ما ترجم، ولفظ "بعدُ" مبني على الضم؛ "وأمّا" تكون للتفصيل، مثل أمّا زيد فكذا؛ وأمّا عمرو فكذا، والمحققون من النحاة على عدم وجوب التكرر؛ لا لفظًا ولا تقديرًا.

وَلَغِطَ نِسْوَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَانْكَفَأْتُ إِلَيْهِنَّ لأُسَكِّتَهُنَّ فَقُلْتُ لِعَائِشَةَ مَا قَالَ قَالَتْ قَالَ «مَا مِنْ شَىْءٍ لَمْ أَكُنْ أُرِيتُهُ إِلاَّ قَدْ رَأَيْتُهُ فِي مَقَامِى هَذَا حَتَّى الْجَنَّةَ وَالنَّارَ، وَإِنَّهُ قَدْ أُوحِىَ إِلَىَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي الْقُبُورِ مِثْلَ - أَوْ قَرِيبَ مِنْ - فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، يُؤْتَى أَحَدُكُمْ، فَيُقَالُ لَهُ مَا عِلْمُكَ بِهَذَا الرَّجُلِ فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ - أَوْ قَالَ الْمُوقِنُ شَكَّ هِشَامٌ - فَيَقُولُ هُوَ رَسُولُ اللَّهِ، هُوَ مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى فَآمَنَّا وَأَجَبْنَا وَاتَّبَعْنَا وَصَدَّقْنَا. فَيُقَالُ لَهُ نَمْ صَالِحًا، قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ إِنْ كُنْتَ لَتُؤْمِنُ بِهِ. وَأَمَّا الْمُنَافِقُ - أَوْ قَالَ الْمُرْتَابُ شَكَّ هِشَامٌ - فَيُقَالُ لَهُ مَا عِلْمُكَ بِهَذَا الرَّجُلِ فَيَقُولُ لاَ أَدْرِى، سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلْتُهُ». قَالَ هِشَامٌ فَلَقَدْ قَالَتْ لِى فَاطِمَةُ فَأَوْعَيْتُهُ، غَيْرَ أَنَّهَا ذَكَرَتْ مَا يُغَلِّظُ عَلَيْهِ. طرفه 86 923 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ قَالَ سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أُتِىَ بِمَالٍ أَوْ سَبْىٍ فَقَسَمَهُ، فَأَعْطَى رِجَالاً وَتَرَكَ رِجَالاً فَبَلَغَهُ أَنَّ الَّذِينَ تَرَكَ ـــــــــــــــــــــــــــــ (ولغط نسوة) اللغط -بالغين المعجمة- اختلاط الأصوات (فانكفأتُ إليهن) أي: انقلبت (ما من شيء لم أكن أُريته) على بناء المجهول (إلا وقد رأيته في مقامي؛ حتى الجنة والنار) -يجوز فيها الحركات الثلاث- والمراد بالشيء ما تعارف رؤيته؛ فالله خارج عنه اتفاقًا؛ كما في قوله تعالى: {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} [النمل: 23] (يؤتى أحدكم) الآتي في القبر المنكر والنكير (شك هشام). فإن قلت: قد تقدم هناك أن الشاك فاطمة بنت المنذر؟ قلت: الشك من فاطمة مستلزمٌ لشك هشام؛ لأنه الراوي عها. (جاءنا بالبينات) المعجزات (والهدى) والدلالة على دين الإسلام (قالت لي فاطمة فما وعيته؛ غير أنها قالت: يغلظ عليه) قال ابن الأثير: يقال أوعيته؛ أي: جعلته في وعاء قلبي، من وعيت الحديث حفظته؛ وكذا في بعض النسخ. ومحصل هذا الكلام أن ما قالته فاطمة: حفظت غاية الحفظ، إلا ما يتعلق بعذاب المنافق، فإني لم أحفظ تفصيْلَهُ؛ ومجمَلُهُ أنه يغلظ عليه في العذاب. 923 - (معمر) بفتح الميمين بينهما عين ساكنة (أبو عاصم) الضحاك بن مخلد النبيل (جرير بن حازم) بالحاء المهملة (عمرو بن تغلب) بالتاء الفوقانية آخره الباء الموحدة (أتي بمال أو بسبي) وفي بعضها: بشيء، بالمعجمة (فأعطى رجالًا وترك رجالًا) أي: لم يعطه

عَتَبُوا، فَحَمِدَ اللَّهَ ثُمَّ أَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ، فَوَاللَّهِ إِنِّى لأُعْطِى الرَّجُلَ، وَأَدَعُ الرَّجُلَ، وَالَّذِى أَدَعُ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنَ الَّذِى أُعْطِى وَلَكِنْ أُعْطِى أَقْوَامًا لِمَا أَرَى فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الْجَزَعِ وَالْهَلَعِ، وَأَكِلُ أَقْوَامًا إِلَى مَا جَعَلَ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الْغِنَى وَالْخَيْرِ، فِيهِمْ عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ». فَوَاللَّهِ مَا أُحِبُّ أَنَّ لِى بِكَلِمَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حُمْرَ النَّعَمِ. تَابَعَهُ يُونُسُ. طرفاه 3145، 7535 ـــــــــــــــــــــــــــــ الكلّ (فعتبوا) عليه ورأوا أن الأولى استيعاب الكل. (قال: أما بعد) هذا موضع الدلالة على الترجمة لأنه ذكر "أمّا بعد" بعد الحمد والثناء. (أُعطي أقوامًا لما أَرَى في قلوبهم من الجزع والهلع) قال أهل اللغة: الهلع -بفتح الهاء واللام-: أشدّ الجزع؛ فهو من عطف الخاص على العام، أما قوله تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19)} [المعارج: 19] ثم فسره بقوله {إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21)} [المعارج: 20، 21] فهو أخص مما ذكره أهل اللغة. (وأَكِلُ أقوامًا إلى ما جَعَلَ الله في قلوبهم من الغنى والخير؛ فيهم عمرو بن تغلب) الخير أعم من الغنى؛ وهو: الإيمان وطلب ثواب الآخرة. فهو قسيم له، وإيثار "في" على "من" في قوله: "فيهم" كما هو في أكثر النسخ مبالغة؛ كان عمرًا تمكن في تلك الطائفة. (فوالله ما أحب أنّ لي بكلمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حمر النعم) أي: بدل تلك الكلمة، وتخصيص حمر النعم بالذكر؛ لأنها أعز أموال العرب. قال النووي: وما يقال: إن البخاري إنما يروي الحديث إذا كان له راويان في كل طبقة، فليس ذلك من شرطه؛ ألا ترى أنه روى حديث عمرو بن تغلب وليس له راو إلا الحسن، فرذ عليه بعض الشارحين: بأن الضمير في له ليس للحديث؛ بل للراوي، وعمرو بن تغلب قد روى عنه غير الحسن؛ ذكره صاحب "جامع الأصول". هذا كلامه، وقد أساء في الرّد؛ أما الأول: فلأن النووي لم يقل: إن الضمير للحديث، ولا يتعلق غرضه به، ولا يتفاوت المعنى؛ سواء كان الضمير للراوي أو للحديث؛ فإنهما متلازمان. وأمّا ثانيًا: فإن غرض النووي الردّ على من زعم أن كل حديث يرويه يكون له راويان عنده في كل طبقة على شرطه؛ لا مطلق الراوي على ما فهمه، على أن ابن عبد البر قال في "الإستيعاب": يروي عن عمرو بن تغلب الحسن والحكم بن الأعرج، ثم روى هذا الحديث من طريق الحسن وحده. فصحّ ما قاله النووي قُدسَ روحُهُ.

924 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ ذَاتَ لَيْلَةٍ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ، فَصَلَّى فِي الْمَسْجِدِ، فَصَلَّى رِجَالٌ بِصَلاَتِهِ فَأَصْبَحَ النَّاسُ فَتَحَدَّثُوا، فَاجْتَمَعَ أَكْثَرُ مِنْهُمْ فَصَلَّوْا مَعَهُ، فَأَصْبَحَ النَّاسُ فَتَحَدَّثُوا فَكَثُرَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَصَلَّوْا بِصَلاَتِهِ، فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الرَّابِعَةُ عَجَزَ الْمَسْجِدُ عَنْ أَهْلِهِ حَتَّى خَرَجَ لِصَلاَةِ الصُّبْحِ، فَلَمَّا قَضَى الْفَجْرَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَتَشَهَّدَ ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ لَمْ يَخْفَ عَلَىَّ مَكَانُكُمْ، لَكِنِّى خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ فَتَعْجِزُوا عَنْهَا». تَابَعَهُ يُونُسُ. طرفه 729 925 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ عَنْ أَبِى حُمَيْدٍ السَّاعِدِىِّ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَامَ عَشِيَّةً بَعْدَ الصَّلاَةِ، فَتَشَهَّدَ وَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ». تَابَعَهُ أَبُو مُعَاوِيَةَ وَأَبُو أُسَامَةَ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ 924 - (بكير) بضم الباء مصغر، وكذا عقيل (إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج ليلة في جوف الليل) أي: أثنائه (فصلى في المسجد) أي: صلاة التراويح؛ كما سيأتي من رواية الزهري في كتاب الصيام (فصلى رجال بصلانه) أي: اقتدوا به (فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله) كناية من شدّة امتلاء المسجد (حتى خرج لصَلاة الصبح) أي: لم يخرج تلك الليلة حتّى أصبح (أقبل على الناس بوجهه؛ ثم قال: أمّا بعد: فإنه [لم] يخف عليَّ مكانكم) أي: وجودكم في المسجد؛ مصدر بمعنى الكون والمكان؛ لأنه لازم للتمكن (تابعه يونس) أي: تابع عقيلًا في روايته عن الزهري. 925 - (عن أبي حميد الساعدي) -بضم الحاء مصغر- اسمه عمرو، أو منذر، أو عبد الرحمن. (أبو معاوية) محمد بن خازم بالخاء المعجمة (وأبو أسامة) بضم الهمزة، حماد بن أسامة.

هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى حُمَيْدٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَمَّا بَعْدُ». تَابَعَهُ الْعَدَنِىُّ عَنْ سُفْيَانَ فِي أَمَّا بَعْدُ. أطرافه 1500، 2597، 6636، 6979، 7174، 7197 926 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى عَلِىُّ بْنُ حُسَيْنٍ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَمِعْتُهُ حِينَ تَشَهَّدَ يَقُولُ «أَمَّا بَعْدُ». تَابَعَهُ الزُّبَيْدِىُّ عَنِ الزُّهْرِىِّ. أطرافه 3110، 3714، 3729، 3767، 5230، 5278 927 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْغَسِيلِ قَالَ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ عَنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ (تابعه العدني عن سفيان) العدني -بفتح العين والدّال- محمد بن أبي عمرو؛ وقال أبو حاتم: ثقة؛ ولكن كان به غفلة. وسفيان هو ابن عيينة (في: أمّا بعد) أي: تابعه في هذه الكلمة، لا في باقي الحديث وقد وقع متابعته لمسلم والنسائي في تمام الحديث. قال الغساني: العدني من شيوخ مسلم، ليس للبخاري عنه رواية. وكأنه أراد أصالة؛ لا متابعة. 926 - (علي بن الحسين) هو الإمام زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين (المسور بن مخرمة) بفتح الميم في الثاني وكسرها في الأول (تابعه الزبيدي) -بضم المعجمة- محمد بن الوليد. والضميرُ لشعيب بن أبان -بفتح الهمزة- ويجوز صرفه وعدمه؛ بناءً على زيادة الألف والنون وعدمها. 927 - (ابن الغسيل) عبد الرحمن بن سليمان بن عبد الله بن حنظلة بن أبى عامر الراهب، وغسيل الملائكة، هو حنظلة، استشهد يوم أحد، وكان به جنابة، رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الملائكة تغسله، فَسُئِلت؛ أي: امرأته، فقالت: خرج مسرعًا إلى الوقعة وبه جنابة. وقيل مثله في حمزة بن عبد المطلب، وعبد الله بن عمرو، وجابر. ولم يذكره الثقات؛ والله أعلم بذلك.

30 - باب القعدة بين الخطبتين يوم الجمعة

ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ صَعِدَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمِنْبَرَ وَكَانَ آخِرَ مَجْلِسٍ جَلَسَهُ مُتَعَطِّفًا مِلْحَفَةً عَلَى مَنْكِبَيْهِ، قَدْ عَصَبَ رَأْسَهُ بِعِصَابَةٍ دَسِمَةٍ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ «أَيُّهَا النَّاسُ إِلَىَّ». فَثَابُوا إِلَيْهِ ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ هَذَا الْحَىَّ مِنَ الأَنْصَارِ يَقِلُّونَ، وَيَكْثُرُ النَّاسُ، فَمَنْ وَلِىَ شَيْئًا مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتَطَاعَ أَنْ يَضُرَّ فِيهِ أَحَدًا أَوْ يَنْفَعَ فِيهِ أَحَدًا، فَلْيَقْبَلْ مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَيَتَجَاوَزْ عَنْ مُسِيِّهِمْ». طرفاه 3628، 3800 30 - باب الْقَعْدَةِ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ 928 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ يَقْعُدُ بَيْنَهُمَا. طرفه 920 ـــــــــــــــــــــــــــــ (صعد النبي - صلى الله عليه وسلم - المنبر، وكان أخر مجلس جلسهُ منعطفًا ملحفةً على منكبيه) أي: مرتديًا بها، من العطاف -بكسر العين- وهو الرداء (قد عَصَبَ رأسه) بتخفيف الصاد (بعصابة دسمة) -بكسر العين- ما يعصبه؛ أي: يشده، ومنه: العصب والعصبة. والدسمة: -بكسر السين- والدسماء -بالمد- أي: الوسخة العتيقة؛ كذا في كلام الجوهري. وقال ابن الأثير: السوداء. ويجوز الجمع. وأمّا قول التميمي: أراد بالعصابة العمامة فبعيد، والظاهر أنه التبس عليه، فإنه جاء في حديث آخر: أنه خطب وعليه عمامة دسماء، رواه ابن الأثير في "النهاية" مع حديث العصابة. باب القعدة بين الخطبتين 928 - (مسدد) بفتح الدال المشددة (بشر) بكسر الموحدة وشين معجمة (المفضل) بفتح الضاد المشددة كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب خطبتين يقعد بينهما) تقدم الكلام عليه في باب الخطبة قائمًا، واستدل الشافعي على وجوب جلسة بين الخطبتين بمواظبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع قوله: "صلوا كما رأيتموني أصلي". وحُكي الوجوب عن مالك وأحمد.

31 - باب الاستماع إلى الخطبة

31 - باب الاِسْتِمَاعِ إِلَى الْخُطْبَةِ 929 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى عَبْدِ اللَّهِ الأَغَرِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، وَقَفَتِ الْمَلاَئِكَةُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ يَكْتُبُونَ الأَوَّلَ فَالأَوَّلَ، وَمَثَلُ الْمُهَجِّرِ كَمَثَلِ الَّذِى يُهْدِى بَدَنَةً، ثُمَّ كَالَّذِى يُهْدِى بَقَرَةً، ثُمَّ كَبْشًا، ثُمَّ دَجَاجَةً، ثُمَّ بَيْضَةً، فَإِذَا خَرَجَ الإِمَامُ طَوَوْا صُحُفَهُمْ، وَيَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ». طرفه 3211 32 - باب إِذَا رَأَى الإِمَامُ رَجُلاً جَاءَ وَهْوَ يَخْطُبُ أَمَرَهُ أَنْ يُصَلِّىَ رَكْعَتَيْنِ 930 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الاستماع إلى الخطبة 929 - (ابن أبي ذئب) بلفظ الحيوان المعروف (عن أبي عبد الله الأغر) بالغين المعجمة وتشديد الرَّاء. (مَثَلُ المهجّر) -بتشديد الجيم المكسورة- قال ابن الأثير: التهجير: التبكير إلى كل شيء، ثم ذكر الحديث (كالذي يهدي بدنة) البدنة تطلق على [البعير و] البقرة؛ إلا أنه أريد به البعير؛ لذكر البقرة بعده، والتاء فيه للوحدة؛ فيشمل الناقة والجمل (فإذا خرج الإمام) أي للخطبة (طووا صحفهم) التي كانوا يكتبون فيها الأول فالأول (ويستمعون الذكر) أي: الخطبة؛ لأن الغرض من الخطبة الذكر؛ وإذا كانت الملائكة تستمع الذكر فالناس من باب الأولى. والجمهور على وجوب الاستماع وإن بَعد؛ بحيث لم يسمع؛ لقوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: 204] فالإنصات: هو السكوت لقصد السماع؛ سواء سمع أو لا، ولا يُسلم على أحد، ولا يرد السلام، ولا يشمت العاطس. باب إذا رأى الإمام رجلًا جاء وهو يخطب أمره أن يصلي ركعتين 930 - (أبو النعمان) -بضم النون- محمد بن الفضل (حمّاد) بفتح الحاء وتشديد الميم.

33 - باب من جاء والإمام يخطب صلى ركعتين خفيفتين

جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ النَّاسَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ «أَصَلَّيْتَ يَا فُلاَنُ». قَالَ لاَ. قَالَ «قُمْ فَارْكَعْ». طرفاه 931، 1166 33 - باب مَنْ جَاءَ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ 931 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو سَمِعَ جَابِرًا قَالَ دَخَلَ رَجُلٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ فَقَالَ «أَصَلَّيْتَ». قَالَ لاَ. قَالَ «فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ». طرفه 930 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من جاء والإمام يخطب صلى ركعتين خفيفتين 931 - (دخل رجل والنبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب) هذا الرّجل هو سُليك الغطفاني -بضم السين- مصغر. قاله المنذري، وصرح به أبو داود في السنن. (فقال: صليت؟ فقال: لا، قال: فصل ركعتين). استدل به الشافعي وأحمد على أن الدّاخل والإمامُ يخطب تسن له تحية المسجد، ومنعه مالك وأبو حنيفة. والحديث حجة عليهما، وأصرح منه حديث مسلم: "إذا جاء أحدكم والإمام يخطب فليركع ركعتين". قال النووي: هذا نصٌّ لا يتطرقُ إليه تأويل بوجه. وفيه دلالة على أن تحية المسجد مشروعة في الأوقات المكروهة؛ لأنها إذا لم تسق في حال الخطبة مع الأمر بالإنصات ففي غيرها بطريق الأولى.

34 - باب رفع اليدين فى الخطبة

34 - باب رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الْخُطْبَةِ 932 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ. وَعَنْ يُونُسَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ بَيْنَمَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِذْ قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكَ الْكُرَاعُ، وَهَلَكَ الشَّاءُ، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَسْقِيَنَا. فَمَدَّ يَدَيْهِ وَدَعَا. أطرافه 933، 1013، 1014، 1015، 1016، 1017، 1018، 1019، 1021، 1029، 1033، 3582، 6093، 6342 35 - باب الاِسْتِسْقَاءِ فِي الْخُطْبَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ 933 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ أَصَابَتِ النَّاسَ سَنَةٌ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَبَيْنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ قَامَ أَعْرَابِىٌّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَ الْمَالُ وَجَاعَ الْعِيَالُ، فَادْعُ اللَّهَ لَنَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب رفع اليدين في الخطبة 932 - (مسدد) بضم الميم وتشديد الدّال المفتوحة (حمّاد) بفتح الحاء وتشديد الميم (وعن يونس) عطف على عبد العزيز؛ لأنّ حمادًا يروي عن كل واحد منهما (بينما النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب يومًا، إذ قام رجل؛ فقال: يا رسول الله! هلك الكُرَاع) -بضم الكاف وفتح الراء- قال الجوهري: اسم يجمع الخيل و (الشاء) جمع شاة. فمدّ يديه أي: رفعهما؛ كما صرح به في الباب بعده. باب الاستقساء في الخطبة يوم الجمعة 933 - (إبراهيم بن المنذر) بكسر الذال (أبو عمرو الأوزاعي) -بفتح الهمزة- إمام الشام في زمانه، واسمه عبد الرَّحمن (أصابت الناس سنة) أي: قحط؛ علمٌ له بالغلبة (قام أعرابي) نسبة إلى الأعراب؛ وهم: سكان البوادي، لا مفرد له، والعربُ سكانُ المدن (فقال: يا رسول الله! هلك المال، وضاع العيال) المال: الزرع والدواب؛ بقرينة المقام،

فَرَفَعَ يَدَيْهِ، وَمَا نَرَى فِي السَّمَاءِ قَزَعَةً، فَوَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ مَا وَضَعَهَا حَتَّى ثَارَ السَّحَابُ أَمْثَالَ الْجِبَالِ، ثُمَّ لَمْ يَنْزِلْ عَنْ مِنْبَرِهِ حَتَّى رَأَيْتُ الْمَطَرَ يَتَحَادَرُ عَلَى لِحْيَتِهِ - صلى الله عليه وسلم - فَمُطِرْنَا يَوْمَنَا ذَلِكَ، وَمِنَ الْغَدِ، وَبَعْدَ الْغَدِ وَالَّذِى يَلِيهِ، حَتَّى الْجُمُعَةِ الأُخْرَى، وَقَامَ ذَلِكَ الأَعْرَابِىُّ - أَوْ قَالَ غَيْرُهُ - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَهَدَّمَ الْبِنَاءُ وَغَرِقَ الْمَالُ، فَادْعُ اللَّهَ لَنَا. فَرَفَعَ يَدَيْهِ، فَقَالَ «اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا، وَلاَ عَلَيْنَا». فَمَا يُشِيرُ بِيَدِهِ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ السَّحَابِ إِلاَّ انْفَرَجَتْ، وَصَارَتِ الْمَدِينَةُ مِثْلَ الْجَوْبَةِ، وَسَالَ الْوَادِى قَنَاةُ شَهْرًا، وَلَمْ يَجِئْ أَحَدٌ مِنْ نَاحِيَةٍ إِلاَّ حَدَّثَ بِالْجَوْدِ. طرفه 932 ـــــــــــــــــــــــــــــ وإن كان أعمّ (فرفع يديه، وما نرى في السماء قَزَعَة) -بالقاف والزَّاي المعجمة وثلاث فتحات- القطعة من السّحاب (ثار السحاب) أي: ظهر، وقام من كل جانب (مطرنا ذلك اليوم، ومن الغد) أي: في الغد، و"من" زائدة؛ كما قاله الأخفش (حتى الجمعة الأخرى) بالجرّ أي: للجمعة. فإن قلت: سيأتي في باب الاستقساء من رواية أنس: ما رأينا الشمس سبتًا بالباء الموحدة؟ قلت: عدم رؤية الشمس لا يستلزم وجود المطر، والأحاديث متعاضدة على أنه انقطع المطر يوم الجمعة. (اللهم حَوَالينا ولا علينا) -بفتح الحاء- يقال: حَوله وحَواله وحَواليه؛ ولا يقال: حِواله بكسر الحاء (وصارت المدينة مثل الجوبة) -بفتح الجيم والباء الموحدة- هي الحفرة من الأرض (وسال الوادي قناة) -برفع التاء بلا تنوين- لأنه علم البقعة؛ واد من أودية المدينة، ويروى "قناه" بهاء الضمير؛ فعلى الأوّل بدل الكل من الوادي؛ وعلى الثاني: بدل بعض. (ولم يجئ أحد من ناحية إلا حدث بالجَوْد) -بفتح الجيم وسكون الواو- المطر الغزير. وفي الحديث معجزتان ظاهرتان له - صلى الله عليه وسلم -، وفيه أن الاستقساء في خطبة الجمعة جائز، ويكتفى فيه بصلاة الجمعة، وفيه أنه يجوز الدعاء لرفع المطر إذا أفرط وتجاوز عن حدّ النفع.

36 - باب الإنصات يوم الجمعة والإمام يخطب

36 - باب الإِنْصَاتِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ وَإِذَا قَالَ لِصَاحِبِهِ أَنْصِتْ. فَقَدْ لَغَا. وَقَالَ سَلْمَانُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يُنْصِتُ إِذَا تَكَلَّمَ الإِمَامُ. 934 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَنْصِتْ. وَالإِمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْتَ». 37 - باب السَّاعَةِ الَّتِى فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ 935 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: الإنصات يوم الجمعة والإمام يخطب (وإذا قال لصاحبه أنصت فقد لغا، وقال سلمان عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ينصت إذا تكلم الإمام) هذا التعليق رواه مسندًا في باب لا يفرق بين اثنين. 934 - (بُكَير) -بضم الباء- مصغر؛ وكذا عقيل (إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة أنصت) أي: من بجانبك (والإمام يخطب فقد لغوت) ويروى: "لغت" أي: أتيت باللغو؛ وهو: الرَّفَثْ؛ أو الباطل، أو: عدلت عن الصواب. والأظهر أنه فعل محرم، وردت الأحاديث بلفظ الإثم بمعناه، وأمّا ما وقع من سؤال الأعرابي فقضية خاصة للضرورة، فلا يعول عليها، والطريق في إسكاته الإشارة. وقوله: (والإمام يخطب) دلّ على أن الكلام [قبل] شروعه في الخطبة جائز، وهو الذي يفهم من قوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ} [الأعراف: 204]. باب الساعة التي في يوم الجمعة 935 - (مسلمة) بفتح الميم واللام (عن أبي الزناد) -بكسر الزاي بعدها نون- عبد الله بن

38 - باب إذا نفر الناس عن الإمام فى صلاة الجمعة فصلاة الإمام ومن بقى جائزة

أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ذَكَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ «فِيهِ سَاعَةٌ لاَ يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ، وَهْوَ قَائِمٌ يُصَلِّى، يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى شَيْئًا إِلاَّ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ». وَأَشَارَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا. طرفاه 5294، 6400 38 - باب إِذَا نَفَرَ النَّاسُ عَنِ الإِمَامِ فِي صَلاَةِ الْجُمُعَةِ فَصَلاَةُ الإِمَامِ وَمَنْ بَقِىَ جَائِزَةٌ 936 - حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِى الْجَعْدِ قَالَ حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ نُصَلِّى مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ أَقْبَلَتْ عِيرٌ تَحْمِلُ طَعَامًا، فَالْتَفَتُوا إِلَيْهَا حَتَّى ـــــــــــــــــــــــــــــ ذكوان (يوم الجمعة فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي). اختلف العلماء في وقتها؛ قال النووي: والصحيح رواية مسلم: "ما بين جلوس الإمام على المنبر إلى الفراغ من الصلاة". فإن قلت: قوله: "وهو قائم يصلي" ينافي كون الإمام على المنبر؛ إذ لا يشرع هناك صلاة؟ قلت: قيام الإمام من لوازمه الدّعاءُ للمؤمنين، فدل على أنه يستجاب منه؛ وأمّا الصلاة فإنّ كل واحد يدعو فيها ما اختاره؛ لأن قوله: "قائم يصلي "لم يرد به نفس القيام؛ لأن السجود بالدعاء أولى من القيام؛ بل أراد القيام بالطاعة على أي كيفية كانت. وقد نقل شيخنا أبو الفضل ابن حجر اثنين وأربعين قولًا في تعيين هذه الساعة. باب إذا نفر الناس عن الإمام في صلاة الجمعة فصلاة الإمام ومن بقي جائزة 936 - (زائدة) من الزيادة (حصين) بضم الحاء مصغر (عن سالم بن أبي الجعد) -بفتح الجيم، وسكون العين- نافع الغطفاني (بينما نحن نصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ أقبلت عيرٌ تحمل طعامًا) قال ابن الأثير: العير -بكسر العين- الإبل بأحمالها؛ مِنْ: عار يعير: إذا سار. وقيل: هي قافلة الحمير؛ ثم اتسع فيها، فأطلقت على كل قافلة. اختلفت الروايات هل كان العير

39 - باب الصلاة بعد الجمعة وقبلها

مَا بَقِىَ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِلاَّ اثْنَا عَشَرَ رَجُلاً، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا). أطرافه 2058، 2064، 4899 39 - باب الصَّلاَةِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ وَقَبْلَهَا 937 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصَلِّى قَبْلَ الظُّهْرِ رَكْعَتَيْنِ، وَبَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ، وَبَعْدَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ، وَبَعْدَ الْعِشَاءِ رَكْعَتَيْنِ وَكَانَ لاَ يُصَلِّى بَعْدَ الْجُمُعَةِ حَتَّى يَنْصَرِفَ فَيُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ. أطرافه 1165، 1172، 1180 ـــــــــــــــــــــــــــــ لدحية أم لعبد الرحمن بن عوف؟ والتوفيق أن التجارة كانت لعبد الرحمن؛ والعير لدحية. (ما بقي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا اثنا عشر رجلًا) مرفوع؛ لأن الاستثناء المفرغ يعرب بحسب العوامل، وتقدير الضمير في بقي تكلف بارد. وفي رواية لمسلم: اثنا عشر رجلًا، فيهم أبو بكر وعمر، وفي رواية للبخاري: بينما نحن نصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم -. والظاهر حمله على الخطبة؛ لحديث كعب بن عجرة: لما دخل المسجد وعبد الرحمن بن الحكم يخطب قاعدًا؛ فقال: انظروا إلى هذا الخبيث يخطب قاعدًا؛ والله يقول: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} [الجمعة: 11]. واستدل به مالك على أن اثنى عشر رجلًا كاف في الجمعة، ومن لا يجوز كالشافعي وأحمد أجابوا: بأنهم عادوا سريعًا. وقد نقل شيخنا أبو الفضل ابن حجر خمسة عشر قولًا في اشتراط كمية من يبقى. باب الصلاة بعد الجمعة وقبلها 937 - (كان يصلي قبل الظهر ركعتين، وبعد الظهر ركعتين، وبعد المغرب ركعتين في بيته) قيدٌ لكل ما تقدم (لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف فيصلي ركعتين) أي: في بيته.

40 - باب قول الله تعالى (فإذا قضيت الصلاة فانتشروا فى الأرض وابتغوا من فضل الله)

40 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاَةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ) 938 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلٍ قَالَ كَانَتْ فِينَا امْرَأَةٌ تَجْعَلُ عَلَى أَرْبِعَاءَ فِي مَزْرَعَةٍ لَهَا سِلْقًا، فَكَانَتْ إِذَا كَانَ يَوْمُ جُمُعَةٍ تَنْزِعُ أُصُولَ السِّلْقِ فَتَجْعَلُهُ فِي قِدْرٍ، ثُمَّ تَجْعَلُ عَلَيْهِ قَبْضَةً مِنْ شَعِيرٍ تَطْحَنُهَا، فَتَكُونُ أُصُولُ السِّلْقِ عَرْقَهُ، وَكُنَّا نَنْصَرِفُ مِنْ صَلاَةِ الْجُمُعَةِ فَنُسَلِّمُ عَلَيْهَا، فَتُقَرِّبُ ذَلِكَ الطَّعَامَ إِلَيْنَا فَنَلْعَقُهُ، وَكُنَّا نَتَمَنَّى يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِطَعَامِهَا ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: لم يذكر قبل الجمعة؛ كما ترجم له؛ قلت: قوله: لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف، دل على أنه كان يصلي قبلها، ولا شك أن حكم الجمعة حكم الظهر. فإن قلت: لِمَ لَمْ يصل بعد الجمعة في المسجد؛ قلت: تقدم فضل صلاة المرء في بيته ما عدا الفرض؛ وأيضًا لما حذف من الجمعة ركعتان فلو صلاهما في المسجد لظُن أنهما بدل ما حذف؛ بخلاف الركعتين قبل فإن الخطبة فاصلة، ولما لم يُثبت الأحاديث الواردة في الركعتين قبلُ قدّم لفظ: بعد الجمعة، على: قبلها، في الترجمة؛ كما هو دأبه في الإشارة. باب قوله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [الجمعة: 10] 938 - (أبو غسان) -بفتح المعجمة وتشديد المهملة- مالك بن عبد الواحد (أبو حازم) -بالحاء المهملة- سلمة بن دينار (كانت فينا امرأة) وفي رواية "عجوز"؛ وهي: المرأة المسنة. قال الجوهري: من عجُز يعجُز، بضم الجيم (تجعل على أَربِعاء) -بفتح الهمزة وكسر الباء مع المد- جمع ربيع؛ وهو: الجدول؛ أي: النهر الصغير (في المزرعة لها سلقًا) -بكسر السين- بقل معروف. وفي بعضها: سلقٌ بالرفع على أنه مفعول ما لم يسم فاعله لتجعل على بناء المجهول، أو على أنه استئناف جواب سائل (إذا كان يوم الجمعة تنزع أصول السلق، فتجعله في قدر، ثم تجعل عليه قبضة من شعير تطبخها، فتكون أصول السّلق عَرْقَهُ) القُبضة -بضم القاف-: ما يقبض باليد. والعَرْق -بفتح العين وسكون الراء آخره قاف- العظم الذي عليه بقية لحم، شُبهت أصولُ السلقِ بذاكَ العظم لقيامها مقامه. وفي بعضها: غرفة -بالغين المعجمة والفاء والتاء- على وزن ضربة. وفي بعضها: "غرافه" -بضم الغين المعجمة والفاء وهاء الضمير- ولم أقف على المعنى الصحيح لهما (وكنّا نتمنى يوم الجمعة لطعامها ذلك) فيه دليل على أن التمني يكون في الأمر الممكن.

41 - باب القائلة بعد الجمعة

أطرافه 939، 941، 2349، 5403، 6248، 6279 939 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلٍ بِهَذَا وَقَالَ مَا كُنَّا نَقِيلُ وَلاَ نَتَغَدَّى إِلاَّ بَعْدَ الْجُمُعَةِ. طرفه 938 41 - باب الْقَائِلَةِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ 940 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُقْبَةَ الشَّيْبَانِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِىُّ عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ كُنَّا نُبَكِّرُ إِلَى الْجُمُعَةِ ثُمَّ نَقِيلُ. طرفه 905 941 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلٍ قَالَ كُنَّا نُصَلِّى مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - الْجُمُعَةَ ثُمَّ تَكُونُ الْقَائِلَةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 939 - (عبد الله بن مسلمة) بفتح الميم واللام (أبي حازم) بالحاء المهملة والزاي (ما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة) قد سلف أن القيلولة: الاستراحة قبل الزوال، وإطلاقها على ما بعد الزوال للمشاكلة. فإن قلت: كيف دل الحديث على الترجمة؛ وهي الانتشار لابتغاء فضل الله؟ قلت: أشار إلى أن الأمر بالابتغاء من فضل الله للإباحة؛ لأنهم لم يشتغلوا بذلك؛ لأن انصرافهم كان للغداء. وقيل غير هذا. والحق أنه أشار إلى أن أبتغاء فضل الله لا ينحصر في البيع واكاء، بل انصرافهم لطلب ذلك الطعام فيه أيضًا. باب القائلة بعد الجمعة قال الجوهري: القائلة: الظهيرة، ويكون مصدرًا كالعافية. وهذا هو المراد من الحديث. 940 - (أبو إسحاق الفزاري) هو إبراهبم بن محمد بن الحارث (حميد) بضم الحاء مصغر (أبو غسان) -بفتح المعجمة وتشديد المهملة- محمد بن مطرف (أبو حازم) -بالحاء المهملة- سلمة بن دينار.

12 - كتاب الخوف

12 - كتاب الخوف 1 - باب صَلاَةِ الْخَوْفِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا * وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا). 942 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ سَأَلْتُهُ هَلْ صَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَعْنِى صَلاَةَ الْخَوْفِ قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمٌ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قِبَلَ نَجْدٍ، فَوَازَيْنَا الْعَدُوَّ فَصَافَفْنَا لَهُمْ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى لَنَا فَقَامَتْ طَائِفَةٌ مَعَهُ تُصَلِّى، وَأَقْبَلَتْ طَائِفَةٌ عَلَى الْعَدُوِّ وَرَكَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِمَنْ مَعَهُ، وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ انْصَرَفُوا مَكَانَ الطَّائِفَةِ الَّتِى لَمْ تُصَلِّ، فَجَاءُوا، فَرَكَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِهِمْ رَكْعَةً، وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ أبواب صلاة الخوف (وقول الله عز وجل) -بالرفع- أي: دليله قول الله، ويجوز الجرّ على الجوار. 942 - (شعيب عن الزهري، قال: سألته) أي: سألت الزهري (عبد الله بن عمر قال: غزوت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل نجد) -بكسر القاف وفتح الباء- الجهة. قال ابن الأثير: النجد: هو ما ارتفع من الأرض دون الحجاز مما يلي العراق (فوازينا العدو) أي: قابلناهم. (فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي لنا) أي: إمامًا (فقامت طائفة معه) أي: تصلي معه (فركع بمن معه وسجد سجدتين، ثم انصرفوا مكان الطائفة التي لم تصل فجاؤوا فركع بهم، وسجد سجدتين

2 - باب صلاة الخوف رجالا وركبانا

فَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَرَكَعَ لِنَفْسِهِ رَكْعَةً وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ. أطرافه 943، 4132، 4133، 4535 2 - باب صَلاَةِ الْخَوْفِ رِجَالاً وَرُكْبَانًا رَاجِلٌ قَائِمٌ. 943 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقُرَشِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ نَحْوًا ـــــــــــــــــــــــــــــ فقام كل واحد فركع لنفسه، وسجد سجدتين). قال بعض الشارحين: ما في هذا الحديث هو مذهب أبي حنيفة؛ وليس كما قال؛ لأن أبا حنيفة يقول: بعدما صلّى بالطائفة الثانية ركعةً تعود الطائفةُ الأولى إلى الإمام بعد سلامه. وليس في الحديث ذلك العود، وفي "الهداية" أنّ تلك الطريقة هي رواية ابن مسعود، وهذه الطريقة لم يقل بها أحد من الأئمة الأربعة. واعلم أنه روي عنه في كيفية صلاة الخوف كيفيات مختلفة حتى بلغ بعضهم أربعًا وعشرين وجهًا. قال النووي: والذي صحّ من تلك الروايات ستة عشر نوعًا. واختلفوا ههنا في نزول الآية الكريمة؛ والصحيح أنها نزلت في هذه الغزوة غزوة نجد، سنة خمس بعد الخندق، وسيذكر البخاري أنها نزلت بعد خيبر. ومنع أبو يوسف والمزني من الشافعية مشروعيتها بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تمسكًا بقوله تعالى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ} [النساء: 102]. والجواب: أن مفهوم الشرط إنما يقيد به إذا لم يعارضه دليل أقوى، وقد قام الإجماع على خلافه، وذلك أنه مع وجوده إذا كانت مشروعة فبعده من باب الأولى. والتحقيق أنّ الشرط هنا ليس قيدًا للجواز؛ بل للتعليم، عرف كيف يصلي بهم؛ ليقتدي به من جاء بعده؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "صلوا كما رأيتموني أصلي". باب صلاة الخوف رجالًا وركبانًا 943 - (ابن جريج) -بضم الجيم مصغر- عبد الملك بن عبد العزيز (عن ابن عمر نحوًا

3 - باب يحرس بعضهم بعضا فى صلاة الخوف

مِنْ قَوْلِ مُجَاهِدٍ إِذَا اخْتَلَطُوا قِيَامًا. وَزَادَ ابْنُ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «وَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَلْيُصَلُّوا قِيَامًا وَرُكْبَانًا». طرفه 942 3 - باب يَحْرُسُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِي صَلاَةِ الْخَوْفِ 944 - حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ عَنِ الزُّبَيْدِىِّ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ، فَكَبَّرَ وَكَبَّرُوا مَعَهُ، وَرَكَعَ وَرَكَعَ نَاسٌ مِنْهُمْ، ثُمَّ سَجَدَ ـــــــــــــــــــــــــــــ من قول مجاهد) في تفسير الآية (إذا اختلطوا) يصلون بالإيماء والذكر أراد البخاري أن ابن عمر وافق مجاهدًا في تلك المقالة مع زيادة؛ وهي: أنهم إذا كانوا أكثر من ذلك فليصلوا قيامًا وركبانًا. ومعنى هذه العبارة: أن العدو إذا كان أكثر من أن تمكن معه الصلاة بإتمام الركوع والسجود يصلون قيامًا وركبانًا. وفي رواية مسلم أظهر؛ وهي: إذا كان خوف أكثر من ذلك فصل راكبًا أو قائمًا تومئُ الماء. وهذه الصلاة تسمى: صلاة المسايفة، قال بها الأئمة إلا أبا حنيفة، فإنه قال: يصلون فرادى، رجالًا وركبانًا؛ إلا في حال القتال، واستدل بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ترك أربع صلوات يوم الأحزاب. والجواب عنه: أن صلاة الخوف لم تكن مشروعة باتفاق العلماء، وأيضًا لم يكن في الأحزاب قتال باتفاق أهل السير. باب يحرس بعضهم بعضًا في صلاة الخوف 944 - (حيوة بن شريح) -بفتح الحاء وسكون المثناة تحت وفتح الواو- وشريح بضم الشين مصغر الشرح (محمد بن حرب) ضد الصلح (عن الزبيدي) -بضم الزاي- مصغر منسوب محمد بن الوليد (عبيد الله بن عبد الله) الأول مصغر؛ والثاني مكبر. (قام النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقام الناس معه) هذه طريقة في صلاة الخوف؛ وهي: أنهم يدخلون معه في الصلاة كلهم، ولا يزالون كذلك إلى وقت الركوع، فيركع بطائفة، وتحرسُ طائفة، فإذا أتتم لهؤلاء الركعة حرسوا، وصلّى بالطائفة الحارسة أولًا، وحرس الذين ركعوا معه

4 - باب الصلاة عند مناهضة الحصون ولقاء العدو

وَسَجَدُوا مَعَهُ، ثُمَّ قَامَ لِلثَّانِيَةِ فَقَامَ الَّذِينَ سَجَدُوا وَحَرَسُوا إِخْوَانَهُمْ، وَأَتَتِ الطَّائِفَةُ الأُخْرَى فَرَكَعُوا وَسَجَدُوا مَعَهُ، وَالنَّاسُ كُلُّهُمْ فِي صَلاَةٍ، وَلَكِنْ يَحْرُسُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. 4 - باب الصَّلاَةِ عِنْدَ مُنَاهَضَةِ الْحُصُونِ وَلِقَاءِ الْعَدُوِّ وَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ: «إِنْ كَانَ تَهَيَّأَ الفَتْحُ وَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى الصَّلاَةِ صَلَّوْا إِيمَاءً كُلُّ امْرِئٍ لِنَفْسِهِ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى الإِيمَاءِ أَخَّرُوا الصَّلاَةَ حَتَّى يَنْكَشِفَ القِتَالُ أَوْ يَأْمَنُوا، فَيُصَلُّوا رَكْعَتَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرُوا صَلَّوْا رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرُوا لاَ ـــــــــــــــــــــــــــــ أولًا؛ فالناس كلهم في الصلاة، وهذا إنما يتأتى إذا كان العدو من ناحية القبلة، وقد جاء عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى كذلك في غزوة ذي قرد. وقال بها الشافعي وأحمد دون مالك وأبي حنيفة؛ لأنها تخالف قوله تعالى: {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ} [النساء: 102] وليس لهما دليل في ذلك؛ لأن ذلك إذا لم يكن العدو في جهة القبلة، وكان ذلك سبب النزول فتبين فيه كيفية الصلاة في تلك الواقعة، فلا ينافي هذه الكيفية، إذ لا تعرض الآية لها لا نفيًا ولا إثباتًا، وهذه الصلاة صلاها بعسفان. رواه أبو داود والنسائي والحاكم وغيرهم. فإن قلت: إذا دخل الناس كلهم معه في الصلاة، وحرست طائفة، وصلى بطائفة ركعة؛ ثم حرسوا، وصلى بالطائفة الأخرى الركعة الأخرى؛ فما معنى قوله: وأتت الطائفة الأخرى؟ قلت: معناه: تتقدم الطائفة المتأخرة؛ وتتأخر الطائفة المقدمة؛ فهذا معنى قوله: أتت. باب الصلاة عند مناهضة الحصون النهوض القيام. قال الجوهري: المناهضة: المقاومة، تناهض القوم في الحرب إذا نهض كل فريق إلى صاحبه (وقال الأوزاعي) بفتح الهمزة (إن كان تهيأ الفتح) أي: قرب (صلوا إيماءً) في حال القتال (فإن لم يقدروا صلّوا ركعة وسجدتين) لم ياخذ بهذا [أحد] من الأئمة.

5 - باب صلاة الطالب والمطلوب راكبا وإيماء

يُجْزِئُهُمُ التَّكْبِيرُ، وَيُؤَخِّرُوهَا حَتَّى يَأْمَنُوا» وَبِهِ قَالَ مَكْحُولٌ " وَقَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: " حَضَرْتُ عِنْدَ مُنَاهَضَةِ حِصْنِ تُسْتَرَ عِنْدَ إِضَاءَةِ الفَجْرِ، وَاشْتَدَّ اشْتِعَالُ القِتَالِ، فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى الصَّلاَةِ، فَلَمْ نُصَلِّ إِلَّا بَعْدَ ارْتِفَاعِ النَّهَارِ، فَصَلَّيْنَاهَا وَنَحْنُ مَعَ أَبِي مُوسَى فَفُتِحَ لَنَا، وَقَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: وَمَا يَسُرُّنِي بِتِلْكَ الصَّلاَةِ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا. 945 - حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ عَلِىِّ بْنِ مُبَارَكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ جَاءَ عُمَرُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، فَجَعَلَ يَسُبُّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ وَيَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا صَلَّيْتُ الْعَصْرَ حَتَّى كَادَتِ الشَّمْسُ أَنْ تَغِيبَ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «وَأَنَا وَاللَّهِ مَا صَلَّيْتُهَا بَعْدُ». قَالَ فَنَزَلَ إِلَى بُطْحَانَ فَتَوَضَّأَ، وَصَلَّى الْعَصْرَ بَعْدَ مَا غَابَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ بَعْدَهَا. طرفه 596 5 - باب صَلاَةِ الطَّالِبِ وَالْمَطْلُوبِ رَاكِبًا وَإِيمَاءً وَقَالَ الْوَلِيدُ ذَكَرْتُ لِلأَوْزَاعِىِّ صَلاَةَ شُرَحْبِيلَ بْنِ السِّمْطِ وَأَصْحَابِهِ عَلَى ظَهْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــ (وقال أنس: حضرت عند مناهضة حصن تُستَر) -بضم التاء الأولى وفتح الثانية- مُعَرَّب ششتر -بمعجمتين- بلدة بكور أهواز، بها قبر عبد الله بن سهل العبد الصَّالح. قال خليفة بن الخياط: كان سنة عشرين. (وما يسرني بتلك الصلاة الدنيا وما فيها) الباء: للمقابلة الداخلة على البدل؛ أي: لو كان لي بدل تلك الصلاة الدنيا وما فيها لم أرضَ بذلك. 945 - (يحيى) كذلك وقع في بعض النسخ غير منسوب، وفي بعضها: يحيى بن جعفر، ولابن السكن: يحيى بن موسى. وكل منهما يروي عن وكيع. قال شيخنا أبو الفضل ابن حجر: المعتمد يحيى بن جعفر (يوم الخندق) أي: يوم حفر الخندق (فنزل إلى بُطحان) -بضم الباء والفتح أيضًا والأول أكثر- واد بالمدينة. ودلالته على الترجمة من حيث إن الخندق يشبه الحصن؛ وأما عَدم أداء الصلاة لم يكن للقتال؛ إذ لم يكن بالخندق قتال، فتركه إمّا نسيان منه؛ أو للاشتغال، ألا ترى أنه لما تذكر صلاها على وجه الكمال جماعة. باب صلاة الطَالب والمطلوب راكبًا وإيماءً (وقال الوليد: ذكرت للأوزاعي صلاة شرحبيل بن السمط) شُرحبيل: -بضم الشين

الدَّابَّةِ فَقَالَ كَذَلِكَ الأَمْرُ عِنْدَنَا إِذَا تُخُوِّفَ الْفَوْتُ، وَاحْتَجَّ الْوَلِيدُ بِقَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الْعَصْرَ إِلاَّ فِي بَنِى قُرَيْظَةَ». 946 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ قَالَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لَنَا لَمَّا رَجَعَ مِنَ الأَحْزَابِ «لاَ يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الْعَصْرَ إِلاَّ فِي بَنِى قُرَيْظَةَ». فَأَدْرَكَ بَعْضُهُمُ الْعَصْرَ فِي الطَّرِيقِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لاَ نُصَلِّى حَتَّى نَأْتِيَهَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ نُصَلِّى لَمْ يُرَدْ مِنَّا ذَلِكَ. فَذُكِرَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يُعَنِّفْ وَاحِدًا مِنْهُمْ. طرفه 4119 ـــــــــــــــــــــــــــــ وكسر الموحدة، بعدها مثناة- والسمط: قال الغساني: بفتح المهملة وكسر الميم. وقال ابن الأثير: بسكون الميم. وكلاهما صواب؛ كما في: كتف وفخذ، وما على هذا الوزن. وشرحبيل هذا صحابي، وكان هذا في فتح حمص، فإنه كان أمير الجيش، وهو الذي فتح حمص، وصلاته هذه قال بها الأئمة؛ وهو نص القرآن {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: 239]. 946 - (لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة) -بضم القاف مصغر- قبيلة معروفة من اليهود. فإن قلت: في رواية مسلم: الظهر بدل العصر؛ والقصة واحدة؟ قلت: كان بعضهم صلّى الظهر، وبعضهم لم يصل، فقيل لمن لم يصل الظهر: لا يصلي الظهر، وقيل لمن صلاها: لا يصلين العصر؛ أو قيل لمن ذهب في وقت الظهر: لا يصلي العصر، ولمن لم يقدر على الخروج إلا وقت العصر. (فلم يُعنِّف واحدًا منهم) ليس فيه دليل على أن كل مجتهد يصيب؛ لأن المجتهد المخطِئ أيضًا لا يُعنّف. فإن قلت: كيف خالفوا صريح أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قلت: علموا أن غرضه سرعة الخروج؛ لا أن تكون الصلاة في بني قريظة؛ إذ لا وجه له. فإن قلت: الكلام في صلاة الطالب والمطلوب راكبًا وإيماءً؛ فأي وجهٍ لاحتجاج الوليد

6 - باب التبكير والغلس بالصبح والصلاة عند الإغارة والحرب

6 - باب التَّبْكِيرِ وَالْغَلَسِ بِالصُّبْحِ وَالصَّلاَةِ عِنْدَ الإِغَارَةِ وَالْحَرْبِ 947 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ وَثَابِتٍ الْبُنَانِىِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى الصُّبْحَ بِغَلَسٍ ثُمَّ رَكِبَ فَقَالَ «اللَّهُ أَكْبَرُ خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ». فَخَرَجُوا يَسْعَوْنَ فِي السِّكَكِ وَيَقُولُونَ مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ - قَالَ وَالْخَمِيسُ الْجَيْشُ - فَظَهَرَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَتَلَ الْمُقَاتِلَةَ وَسَبَى الذَّرَارِىَّ، ـــــــــــــــــــــــــــــ بالحديث، وأي دلالة له على ذلك؟ قلت: احتجاجه إنما هو على الشق الأول؛ وهو: صلاة الطالب؟. فإن قلت: فأي دلالة في ذلك؟ قلت: كونهم أخروا الصلاة حتى خرج الوقت لأمر يتعلق بالجهاد؛ فإذا صلوا مع عدم الإتمام كان أولى بالجواز. فإن قلت: هذا في الطالب؟ قلت: إذا صحّ في الطالبِ فالمطلوبُ من باب الأولى؛ ولهذا اتفقوا على الجواز في كل هزيمة بحق؛ كالفرار من العدو، والسَّبعُ، والسيل، والحريق، والغريم إذا كان معسرًا. باب التبكير والغلس بالصبح، والصلاة عند الإغارة والحرب عطفُ الغلسِ على التبكير عطف تفسيري وفي بعضها "التكبير" وهذا أحسن لقوله: (الله أكبر خربت خيبر) فيستفاد منه استحباب التكبير عند لقاء العدو. 947 - (مسدد) بفتح الدال المشددة (حمّاد) بفتح الحاء وتشديد الميم (صهيب) بضم الصاد مصغر (إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلّى الصبح بغلس) -بفتح الغين واللام- ظلام آخر الليل (فخرجوا يسعون في السكك) -جمع سكة بكسر السين فيهما- وهي: الزقاق. قال ابن الأثير: أصله النخل المصطف، وإنما قال: الزقاق؛ لاصطفاف الدّور فيها (محمد والخميس) أي: هذا محمد والخميس؛ أي: هذا محمد، وإنما سمي الجيش خميسًا لاشتماله على خمسة أجزاء: القلب، والميمنة، والميسرة، والمقدمة، والساقة (فقتل المقاتلة) أي: الرِّجال (وسبى الذراري) -بتشديد الياء- قال ابن الأثير: جمع ذرية؛ تشمل الذكر والأنثى، من نسل

فَصَارَتْ صَفِيَّةُ لِدِحْيَةَ الْكَلْبِىِّ، وَصَارَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَجَعَلَ صَدَاقَهَا عِتْقَهَا. فَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ لِثَابِتٍ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، أَنْتَ سَأَلْتَ أَنَسًا مَا أَمْهَرَهَا قَالَ أَمْهَرَهَا نَفْسَهَا. فَتَبَسَّمَ. طرفه 371 ـــــــــــــــــــــــــــــ الإنسان أصله الهمزة؛ لكن لم يستعمل مهموزًا. وقيل: من الذّر، وجمع على الذريات؛ كما في القرآن الكريم، والمراد به في الحديث النساء والصبيان، وإطلاقه على النساء شائع. وفي حديث عمر "حجّوا بالذرية" أراد بالنساء. (فصارت صفية لدحية، وصارت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -) اشتراها منه بسبعة من السبي؛ كما سيأتي حديثه مطولًا في غزوة خيبر (جعل صداقها عتقها) اتفق الأئمة على أن هذا من خواصه - صلى الله عليه وسلم -، وليس لأحد غيره. فإن قلت: ما وجه تعلق هذا بباب الخوف؟ قلت: كون الإغارة عند الحرب ظاهر في المناسبة: وأيضًا إشارة إلى أن الصلاة في الحروب تارة تؤخر؛ وتارة تقدم كما يقتضيه الحال.

13 - كتاب العيدين

13 - كتاب العيدين 1 - باب فِي الْعِيدَيْنِ وَالتَّجَمُّلِ فِيهِ 948 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ أَخَذَ عُمَرُ جُبَّةً مِنْ إِسْتَبْرَقٍ تُبَاعُ فِي السُّوقِ، فَأَخَذَهَا فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْتَعْ هَذِهِ تَجَمَّلْ بِهَا لِلْعِيدِ وَالْوُفُودِ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ـــــــــــــــــــــــــــــ أبواب العيدين باب ما جاء في العيدين والتجمل فيهما اشتقاق العيد من عاد يعود، وأصله: عِود -بكسر العين وسكون الواو- قلبت واوه ياءً؛ كما في نظائره. وسمي اليوم المعروف عيدًا؛ لعوده كل عام. قال الجوهري: وإنما جُمع على أعياد؛ للزوم الياء في واحدِه؛ وللفرق بينه وبين جمع عود. قيل: أول عيد صلاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الفطر، السنة الثانية من الهجرة. وفيه نظر؛ لأن الصوم إنما فرض سنة ستة؛ اللهم إلا أن يكون العيد بدون الصوم. ويدل عليه ما روى أبو داود والنسائي عن أنس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قدم ولهم يومان يلعبون فيهما. فقال: "ما هذان اليومان"؟ قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، قال: "قد أبدلكما الله خيرًا منهما؛ الأضحى والفطر". وقد وقفت على نقل أن الصوم والزكاة فرضا في الثانية من الهجرة. قال النووي: نزلت فريضة الصوم في شعبان، فصَام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تسع سنين. 948 - (أخذ عمر جبة من إستبرق تباع في السوق فأخذها، فأتى بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله! ابتع هذه تجمل بها للعيد والوفود) وتقدم في باب الجمعة: تجمل بها

2 - باب الحراب والدرق يوم العيد

«إِنَّمَا هَذِهِ لِبَاسُ مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ». فَلَبِثَ عُمَرُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَلْبَثَ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِجُبَّةِ دِيبَاجٍ، فَأَقْبَلَ بِهَا عُمَرُ، فَأَتَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ قُلْتَ «إِنَّمَا هَذِهِ لِبَاسُ مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ». وَأَرْسَلْتَ إِلَىَّ بِهَذِهِ الْجُبَّةِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «تَبِيعُهَا أَوْ تُصِيبُ بِهَا حَاجَتَكَ». طرفه 886 2 - باب الْحِرَابِ وَالدَّرَقِ يَوْمَ الْعِيدِ 949 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَمْرٌو أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ ـــــــــــــــــــــــــــــ للجمعة والوفود، ويجوز صدورهما من عمر، وتفاوت الرواية لتفاوت حفظ الرواة؛ كما في نظائره. فإن قلت: ما معنى قوله: أخذ عمر جبة، ثم قال: فأخذها؟ قلت: أجاب بعضهم: بأنه أراد بالأخذ أولًا ملزومه؛ وهو: الشراء؛ وهذا خلاف الواقع إذ لم يقع ضراء. والجواب: أنه أخذها فنظرها، ثم أخذها، فأتى بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو الفاء تفسيرية، وفي بعضها: فوجدها، بدل: أخذها، ولا إشكال فيه. (إنما هذه لباسُ مَنْ لا خلاق له) أي: في الآخرة. الخلاق: النصيب من الخلاقة؛ وهي الملاسة (ثم أرسل إلى عمر بجبة ديباج) الرفيع من الحرير، أصله ديباه مُعَرَّب (فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: تبيعها، أو تصيب بها حاجتك) بأن يلبسها من يحل له لبسه، ولهذا كساها أخًا له مشركًا في مكة. فإن قلت: "من لا خلاق له"، لفظ "مَنْ" يشمل كل العقلاء؟ قلت: النساء والصبيان خارجة بسائر النصوص. باب الحراب والدَّرَق يوم العيد الحراب: جمع الحربة. والدَّرق -بفتح الدَال والراء- جمع درقة: ترس من الجلود، لا خشب فيه، ولا عقب. 949 - (أحمد) كذا وقع غير منسوب؛ هو: أحمد بن صالح المصري، وقيل: أحمد بن

الرَّحْمَنِ الأَسَدِىَّ حَدَّثَهُ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ دَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَعِنْدِى جَارِيَتَانِ تُغَنِّيَانِ بِغِنَاءِ بُعَاثَ، فَاضْطَجَعَ عَلَى الْفِرَاشِ وَحَوَّلَ وَجْهَهُ، وَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَانْتَهَرَنِى وَقَالَ مِزْمَارَةُ الشَّيْطَانِ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - فَقَالَ «دَعْهُمَا» فَلَمَّا غَفَلَ غَمَزْتُهُمَا فَخَرَجَتَا. أطرافه 952، 987، 2907، 3530، 3931 ـــــــــــــــــــــــــــــ عيسى بن أخي ابن وهب. قال ابن مندة: وهذا وهم لأن البخاري إذا أطلق أحمد إنما يريد به أحمد بن صالح (عن عائشة قالت: وعندي جاريتان تغنيان بغناء بُعَاث) الجارية: كالغلام؛ تطلق على من دون البلوغ. والغناء -بكسر الغين والمدّ- رفع الصوت وتزيينه، ومنه: "ليس منّا من لم يتغن بالقرآن" وبعاث -بضم الباء وعين مهملة، وثاء مثلثة- حصن للأوس، كانت بها حرب بين الأوس والخزرج، وكان قبل الهجرة بثلاث سنين، وقيل: بست، دلّ عليه كلام ابن عبد البر في "الإستيعاب" عند ترجمة زيد بن ثابت. والأشهر عدم صرفه، قال ابن الأثير: وقد يروى بالغين المعجمة، وهو تصحيف. (دخل أبو بكر فانتهرني، وقال: مزمارة الشيطان عند النبي - صلى الله عليه وسلم -) الانتهار مع الكثرة اللوم، وتركيب ن هـ ر يدلّ على الاتساع. والمزمارة ويقال مزمورة: ما يزمر به، والزّمر: رفع الصوت بالغناء (فقال: دعهما) لأن ما كانتا فيه لم يكن فيه شيء محرم؛ بل وصف القتال، وهو مما يورث الشجاعة، وعلله أيضًا بأنه يوم عيد؛ فيقع فيه التسامح (فأقامني وراءه خدّي على خدّه) جملة حالية عن المفعول، والنحاة حيث قالوا: الاسمية إذا وقعت حالًا بالضمير وحده ضعيف، إنما ذلك إذا لم يكن الضمير في صدر الجملة، صرّح به المحققون، واستشهدوا له بقول الشاعر: نصف النهار الماءُ غامِرُهُ أو مؤول بالمفرد؛ كقوله: {بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} [البقرة: 36] أي: متعادين، ذكره صاحب "الكشاف".

3 - باب سنة العيدين لأهل الإسلام

950 - وَكَانَ يَوْمَ عِيدٍ يَلْعَبُ السُّودَانُ بِالدَّرَقِ وَالْحِرَابِ، فَإِمَّا سَأَلْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَإِمَّا قَالَ «تَشْتَهِينَ تَنْظُرِينَ». فَقُلْتُ نَعَمْ. فَأَقَامَنِى وَرَاءَهُ خَدِّى عَلَى خَدِّهِ، وَهُوَ يَقُولُ «دُونَكُمْ يَا بَنِى أَرْفِدَةَ». حَتَّى إِذَا مَلِلْتُ قَالَ «حَسْبُكِ». قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «فَاذْهَبِى». طرفه 454 3 - باب سُنَّةِ الْعِيدَيْنِ لأَهْلِ الإِسْلاَمِ 951 - حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى زُبَيْدٌ قَالَ سَمِعْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: كيف أباح لعائشة النظر إلى الرجال، وقد قال لأم سلمة وأم حبيبة حين نظرتا ابن أم مكتوم: "احتجبا عنه" قالتا: رجل أعمى، قال: "أفعمياوان أنتما".؟ قلت: أجابوا بأنه ليس في الحديث أنها نظرتهم بل نظرت لعبهم. وقيل: كان هذا قبل نزول قوله تعالى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} [النور: 31]، وقيل: كانت صغيرة بعدُ؛ لم يجر عليها القلم. وهذا أظهر. 950 - (دونكم يا بني أرفدة) دون: أصله أدنى مكان من الشيء؛ والمراد به: هنا خذوا اسم فعل، وأرفدة -بفتح الهمزة، وكسر الفاء- قال أبو عبيد: هو أب الحبشة الذين يرقصون؛ وقيل: اسم أمهم. (مللت) بكسر اللام (قال: حسبك) أي: كفاك ما طلبت (قلت: نعم). وفي الحديث دلالة على حسن المعاشرة مع الأزواج، وأيّام الأعياد يتسامح فيها بأنواع القعب ولا يعد بطرًا. باب سنة العيدين لأهل الإسلام 951 - (حجاج) بفتح الحاء وتشديد الجيم (زبيد) -بضم الزاي مصغر- هو اليامي؛

الشَّعْبِىَّ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ فَقَالَ «إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ مِنْ يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّىَ، ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ، فَمَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا». أطرافه 955، 965، 968، 976، 983، 5545، 5556، 5557، 5560، 5563، 6673 ـــــــــــــــــــــــــــــ ويام: بطن من همدان (الشعبي) -بفتح الشين- أبو عمرو، عامر الكوفي (عن البراء) بفتح الباء والزاء المخففة. (إن أول ما نبدأ به في يومنا) من العبادات (أن نصلي، ثم نرجع) بالنصب، عطف على "أن نصلي، ويروى بالرفع؛ أي: ثم شأننا الرجوع (فننحر) فيه الرفع والنصبُ بناءً على الوجهين في نرجع (فمن فعل فقد أصاب سنتنا) أي: طريقتنا، فلا دليل فيه على أن الذبح سنة، وسيأتي: أنه من نحر قبل الصلاة فإنما هو لحم عجله لأهله وليس من النسك في شيء. قال ابن بطال: دلّ الحديث على أنّ النحر بعد الصلاة؛ وكذا الخطبة. فردّ عليه بعض الشارحين بأن لا دلالة على أن الخطبة بعد الصلاة ممنوعةٌ؛ بل يدل على أن الخطبة مقدمة على الصلاة. وهذا شيء غريب؛ فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن أول ما نبدأ به في يومنا الصلاة" ولا ذكر للخطبة في الحديث رأسًا، فكيف غفل عن هذا، على أن ما قاله خلاف الإجماع. فإن قلت: يدعي أن قوله: "أول ما نبدأ به الصلاة، هي الخطبة، أو من الخطبة فتكون مقدمة؟ قلت: هذا شيء لا يعقل، فإن الخطبة مصدرة بالتحميد وهب أنه خفي عليه ذلك؛ فما يقول في رواية البخاري ورواية مسلم: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر كانوا يصلون العيدين قبل الخطبة وإنما التبس عليه من قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أثناء الخطبة: "أول ما نبدأ به أن نصلي" بصيغة المضارع، ولم يدر أن ذلك كان بعد الصلاة، ولفظ المضارع إشارة إلى الاستمرار، وسيأتي في باب استقبال الإمام من رواية البراء التصريح بأنه صلى قبل الخطبة، ثم قال: "إن أول ما نبدأ به الصلاة".

4 - باب الأكل يوم الفطر قبل الخروج

952 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعِنْدِى جَارِيَتَانِ مِنْ جَوَارِى الأَنْصَارِ تُغَنِّيَانِ بِمَا تَقَاوَلَتِ الأَنْصَارُ يَوْمَ بُعَاثَ - قَالَتْ وَلَيْسَتَا بِمُغَنِّيَتَيْنِ - فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَمَزَامِيرُ الشَّيْطَانِ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَذَلِكَ فِي يَوْمِ عِيدٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَا أَبَا بَكْرٍ إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا، وَهَذَا عِيدُنَا». طرفه 949 4 - باب الأَكْلِ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ الْخُرُوجِ 953 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لاَ يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ. وَقَالَ مُرَجَّى بْنُ رَجَاءٍ حَدَّثَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى أَنَسٌ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَيَأْكُلُهُنَّ وِتْرًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ 952 - (عبيد بن إسماعيل) مصغر (أبو أسامة) -بضم الهمزة- حماد بن أسامة. (عندي جاريتان من جواري الأنصار) أي: بنتان من بناتهم (تغنيان بما تقاولت الأنصار يوم بعاث) التقاول: القول من الطرفين على طريق المعارضة. وبعاث -بضم الباء وعين مهملة- حصن للأوس (وليستا بمغنيتين) أي: ليس الغناء شأنهما؛ ولكن ذلك لكون اليوم يوم عيد تغني فيه سائر النساء. وتمام الكلام في الباب الذي قبله (مزامير الشيطان) جمع مزمار؛ آلة الزمر (إن لكل قوم عيدًا، وهذا عيدنا) فلا بأس بأشياء تجلب السرور. باب الأكل يوم الفطر قبل الخروج 953 - (هشيم) بضم الهاء مصغر وكذا (عبيد الله)، كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يغدو يوم الفطر) أي: لا يذهب إلى المصلى (حتى يأكل تمرات) والحكم فيه المبادرة إلى امتثال أمر الله؛ فإنه عكس اليوم الذي قبله، وكون أكله تمرًا؛ لأنه كل شيء حلو يتفاءل به، وأيضًا هو سنة الإفطار، وكونها وترًا؛ لأن الله يحب الوتر (مُرَجَّأ بن رجاء) بضم الميم وتشديد الجيم في الأول وفتح الراء والمد في الثاني.

5 - باب الأكل يوم النحر

5 - باب الأَكْلِ يَوْمَ النَّحْرِ 954 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلاَةِ فَلْيُعِدْ». فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ هَذَا يَوْمٌ يُشْتَهَى فِيهِ اللَّحْمُ. وَذَكَرَ مِنْ جِيرَانِهِ فَكَأَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَدَّقَهُ، قَالَ وَعِنْدِى جَذَعَةٌ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ شَاتَىْ لَحْمٍ، فَرَخَّصَ لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَلاَ أَدْرِى أَبَلَغَتِ الرُّخْصَةُ مَنْ سِوَاهُ أَمْ لاَ. أطرافه 984، 5546، 5549، 5561 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الأكل يوم النحر فإن قلت: لم يقل الأكل يوم النحر بعد الصلاة؛ بخلاف الفطر، فإنّه قيده؟ قلت: قيل: أشار إلى أن ما ورد فيه من الأحاديث لا تسلم عن ضعف والذي عندي أنه وجد في الفطر حديثًا على شرطه؛ بخلافه هنا، فإنه دل عليه التزامًا؛ لأن السنة في هذا اليوم الإفطار على لحم الأضحية؛ ولا بد أن يكون الذبح بعد الصلاة، ويلزمه الأكل بعدها. والاستدلال على استحباب البداء بالأكل من لحم الأضحية بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقر ابن نيار على أكله فليس بشيء؛ لأن تقريره دل على حل الأكل لا على أنه أتى بالسنة، ولا تلك الشاة كانت أضحية، ألا ترى أنه ذبح مكانها غيرها. 954 - (مسدد) بضم الميم وفتح الدال المشددة (قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: من ذبح قبل الصلاة فليعد، فقام رجل) هو أبو بردة بن نيار (فقال: هذا يوم يشتهى فيه اللحم) لأنه يوم فرح وسرور (وذكر من جيرانه) أي: فقرهم واحتياجهم (فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - صَدَّقه) بتشديد النون ونصب النبي (وعندي جذعة خير من شاتي لحم) لغاية سمنها (فرخص له) أي: ذبحها (فلا أدري؛ أبلغت الرخصة من سواه، أم لا؟) سيأتي مرارًا أنه قال: "لا تجزئ عن أحد بعدك". فإن قلت: ما الجذعة؟ قلت: من الإبل ما دخلت في السنة الخامسة، ومن البقر ما دخل في الثانية ومن الضأن ماله ستة أشهر أو سبعَة، ومن المعز ما دخل في السنة الثانية.

955 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ - رضى الله عنهما - قَالَ خَطَبَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الأَضْحَى بَعْدَ الصَّلاَةِ فَقَالَ «مَنْ صَلَّى صَلاَتَنَا وَنَسَكَ نُسُكَنَا فَقَدْ أَصَابَ النُّسُكَ، وَمَنْ نَسَكَ قَبْلَ الصَّلاَةِ فَإِنَّهُ قَبْلَ الصَّلاَةِ، وَلاَ نُسُكَ لَهُ». فَقَالَ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ خَالُ الْبَرَاءِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنِّى نَسَكْتُ شَاتِى قَبْلَ الصَّلاَةِ، وَعَرَفْتُ أَنَّ الْيَوْمَ يَوْمُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ، وَأَحْبَبْتُ أَنْ تَكُونَ شَاتِى أَوَّلَ مَا يُذْبَحُ فِي بَيْتِى، فَذَبَحْتُ شَاتِى وَتَغَدَّيْتُ قَبْلَ أَنْ آتِىَ الصَّلاَةَ. قَالَ «شَاتُكَ شَاةُ لَحْمٍ». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّ عِنْدَنَا عَنَاقًا لَنَا جَذَعَةً هِىَ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ شَاتَيْنِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: في الحديث أن الجذعة يجوز التضحية بها؟ قلت: جذعة ابن نيار كانت من المعز. فإن قلت: فالثني في المعز؛ وهو ما تم له حول يجوز عند أبي حنيفة؟ قلت: الظاهر أن هذه لم تكن بلغت ذلك الحدّ؛ ولذلك قال ابن الأثير: لما ذَكرَ ما ذكرنا قال بعض الناس: يخالف في هذا التقدير، ويدل على هذا ما في بعض الروايات، قال: عندي جذعة عناق والعناق -بفتح العين: من أولاد المعز ما لم يتم سنة. قاله ابن الأثير. وعند الشافعي: الجذعة من الإبل ما دخل في السادسة، ومن المعز والبقر: ما دخل في الثالثة، ومن الضأن ما دخل في الثانية. 955 - (من صلى صلاتنا ونسك نسكنا) أي: ذبح؛ أصل النسك: الطاعة، وإذا ذكر في أبواب العيد أريد به نحر القربان، وإذا ذكر في أبواب الحج يراد به شعائر الحج. (ومن نسك قبل الصلاة فإنه قبل الصلاة). فإن قلت: الشرط والجزاء واحد؟ قلت: معناه فإن نسك لا يعتد به؛ بقرينة المقام، وقد سلف نظيره في قوله: "فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله". (وقال أبو بردة بن نيار) -بضم الباء في الأول وكسر النون في الثاني بعده مثناة من تحت- البلوي، حليف الأنصار، واسمه الحارث، أو الهاني، أو غيرهما. (قال: شاتك شاة لحم) أي: ليس فيها من القربة شيء؛ بل إنما هي للأكل كسائر

6 - باب الخروج إلى المصلى بغير منبر

أَفَتَجْزِى عَنِّى قَالَ «نَعَمْ، وَلَنْ تَجْزِىَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ». طرفه 951 6 - باب الْخُرُوجِ إِلَى الْمُصَلَّى بِغَيْرِ مِنْبَرٍ 956 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ أَخْبَرَنِى زَيْدٌ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى سَرْحٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَالأَضْحَى إِلَى الْمُصَلَّى، فَأَوَّلُ شَىْءٍ يَبْدَأُ بِهِ الصَّلاَةُ ثُمَّ يَنْصَرِفُ، فَيَقُومُ مُقَابِلَ النَّاسِ، وَالنَّاسُ جُلُوسٌ عَلَى صُفُوفِهِمْ، فَيَعِظُهُمْ وَيُوصِيهِمْ وَيَأْمُرُهُمْ، فَإِنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَقْطَعَ بَعْثًا قَطَعَهُ، أَوْ يَأْمُرَ بِشَىْءٍ أَمَرَ بِهِ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ. قَالَ أَبُو سَعِيدٍ فَلَمْ يَزَلِ النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى خَرَجْتُ مَعَ مَرْوَانَ وَهْوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ فِي أَضْحًى أَوْ فِطْرٍ، فَلَمَّا أَتَيْنَا الْمُصَلَّى إِذَا مِنْبَرٌ بَنَاهُ كَثِيرُ بْنُ الصَّلْتِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الأيام (أفتجزي عني؟ قال: نعم؛ ولن تجزي عن أحد بعدك) -بفتح التاء آخره ياء- من جزى يجزي، يقال: جزى عنه؛ أي: قضى، قال تعالى: {لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا} [لقمان: 33] ويروى بضم التاء مهموزًا من أجزأ بمعناه؛ إلا أن الأول أفصحُ، وأصحُ روايةً، قال الجوهري: والهمز لغة بني تميم. واستدل به مالك وأبو حنيفة على الوجوب لأنه أمره بالإعادة. باب الخروج إلى المصلى بغير منبر 956 - (زيد بن عياض) بكسر المهملة وضاد معجمة (أبي سَرْح) بسين مفتوحة مهملة وحاءٍ كذلك كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى) إنما كان يخرج لئلا يزدحم الناس، لصغر المسجد (فأول شيء يبدأ به الصلاة) لأنها أهم، ولا يرد الجمعة؛ لأن الخطبتين بدل الركعتين (والناس جلوس على صفوفهم فيعظهم) فيما يتعلق بأمر الآخرة (ويوصيهم) يعهد إليهم (ويأمرهم) أي: بالمعروف (فإن كان يريد أن يقطع بعثًا) أي: جيشًا أو سرية -مصدر بمعنى المفعول- (أو يأمر الشيء) مما يتعلق به، والأمر الأول كان فيما يتعلق بالناس (حتى خرجت مع مروان) وهو: أمير المدينة من قبل معاوية (إذا منبرٌ بناه كَثيرُ بن الصَلْت) -بالصاد المهملة- قيل: ولد كثير في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فسماه أبوه قليلًا، فغيّره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسماه كثيرًا. فإن قلت: هذا صريح في أن المقاولة جرت بين أبي سعيد وبين مروان، ورواية مسلم: أنه قال رجل، ولما سمع أبو سعيد مقالة مروان ولم يرضه قال: أما هذا فقد قضى ما

فَإِذَا مَرْوَانُ يُرِيدُ أَنْ يَرْتَقِيَهُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّىَ، فَجَبَذْتُ بِثَوْبِهِ فَجَبَذَنِى فَارْتَفَعَ، فَخَطَبَ قَبْلَ الصَّلاَةِ، فَقُلْتُ لَهُ غَيَّرْتُمْ وَاللَّهِ. فَقَالَ أَبَا سَعِيدٍ، قَدْ ذَهَبَ مَا تَعْلَمُ. فَقُلْتُ مَا أَعْلَمُ وَاللَّهِ خَيْرٌ مِمَّا لاَ أَعْلَمُ. فَقَالَ إِنَّ النَّاسَ لَمْ يَكُونُوا يَجْلِسُونَ لَنَا بَعْدَ الصَّلاَةِ فَجَعَلْتُهَا قَبْلَ الصَّلاَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه. يريد: الأمر بالمعروف. قلت: لم يَبْعُدْ أن يكون قد وقع من رجل آخر ما وقع من أبي سعيد، فاستحسنه أبو سعيد. وهذا موضع الدلالة على الترجمة؛ فإنه دلّ على أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من بعده كانوا يخرجون من غير منبر، قيل: بناه بأمر عثمان لما زاد في المسجد (فخطب قبل الصلاة فقلت: غَيَّرتم والله) أي: سنةَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والخلفاءَ الراشدين، يريدُ: مروان (فقال: إن الناس لم يكونوا يجلسون لنا، فجعلتها قبل الصلاة) قيل: إنما تركوا الجلوس لهم لأنهم كانوا يذكرون عليًّا بما لا يليق به، ويعرضون ببعض الحاضرين. فإن قلت: جعلتها قبل الصلاة، يدل على أنه هو الذي بدأ بذلك، وقد روى الشافعي بسنده: أن أول من قدم الخطبة على الصلاة معاوية؟ قلت: معناه جعلتها في المدينة؛ إذ لو لم يفعل معاوية لم يقدر على ذلك مروان. هذا وقول ابن بطال: أول من قدمها عثمان [بن] عفان. باطل؛ لما روى البخاري عن ابن عباس في باب الخطبة بعد العيد: أنه شاهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر وعثمان كلهم يصلون قبل الخطبة. وفي الحديث دلالة على أن للرعية الأمر بالمعروف إذا رأوا منكرًا من الأمراء بما قدروا عليه، وفيه فضل التمسك بالسنة، وجواز الخطبة بدون المنبر، واستحباب الخروج إلى المصلى. والحديث حجة على الشافعي في قوله: المسجد أولى. وعند الإمام أحمد يُكره في المساجد إلا لعذر.

7 - باب المشى والركوب إلى العيد بغير أذان ولا إقامة

7 - باب الْمَشْىِ وَالرُّكُوبِ إِلَى الْعِيدِ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلاَ إِقَامَةٍ 957 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنَا أَنَسٌ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ. أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصَلِّى فِي الأَضْحَى وَالْفِطْرِ، ثُمَّ يَخْطُبُ بَعْدَ الصَّلاَةِ. طرفه 963 958 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى قَالَ أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ أَخْبَرَنِى عَطَاءٌ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ يَوْمَ الْفِطْرِ، فَبَدَأَ بِالصَّلاَةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ. طرفاه 961، 978 959 - قَالَ وَأَخْبَرَنِى عَطَاءٌ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَرْسَلَ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فِي أَوَّلِ مَا بُويِعَ لَهُ إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُؤَذَّنُ بِالصَّلاَةِ يَوْمَ الْفِطْرِ، إِنَّمَا الْخُطْبَةُ بَعْدَ الصَّلاَةِ. 960 - وَأَخْبَرَنِى عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالاَ لَمْ يَكُنْ يُؤَذَّنُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَلاَ يَوْمَ الأَضْحَى. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب المشي والركوب إلى العيد والصلاة قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة 957 - (إبراهيم بن المنذر) -بكسر الذال- الحِزامي -بكسر الحاء- (أنس) ابن عياض بكسر العين آخره ضاد معجمة (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي في الأضحى والفطر ثم يخطب) تقدم الكلام عليه مستوفى في الباب قبله. أول [من] أحدث في الخطبته ثلاث بدع هو [...] من خطب جالسًا وأول من قدم الخطبة على الصلاة، وأول من أذن لصلاة العيد. نقله شيخنا أبو الفضل ابن حجر من طرق عديدة عن ابن عباس. 960 - (وعن جابر قال: لم يكن يؤذن يوم الفطر ولا يوم الأضحى) قال القرطبي: أوّل

961 - وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَامَ فَبَدَأَ بِالصَّلاَةِ، ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ بَعْدُ، فَلَّمَا فَرَغَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَزَلَ فَأَتَى النِّسَاءَ، فَذَكَّرَهُنَّ وَهْوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى يَدِ بِلاَلٍ، وَبِلاَلٌ بَاسِطٌ ثَوْبَهُ، يُلْقِى فِيهِ النِّسَاءُ صَدَقَةً. قُلْتُ لِعَطَاءٍ أَتَرَى حَقًّا عَلَى الإِمَامِ الآنَ أَنْ يَأْتِىَ النِّسَاءَ فَيُذَكِّرَهُنَّ حِينَ يَفْرُغُ قَالَ إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ عَلَيْهِمْ، وَمَا لَهُمْ أَنْ لاَ يَفْعَلُوا. ـــــــــــــــــــــــــــــ من أذن يوم العيد معاوية يخطب. وقال المنذري: أوّل من فعل ابن الزبير؛ فلذلك أرسل إليه ابن عباس. والظاهر: قول القرطبي؛ لأن ابن عباس إنما أرسل إلى ابن الزبير أوّل ما بويع له، فإنه نهاه عما كان أحدثه معاوية. 961 - (فلما فرغ نبي الله - صلى الله عليه وسلم - نزل فأتى النساء). فإن قلت: تقدم أن أول من بنى المنبر عثمان؛ فما معنى قوله: نزل. قلت: كان يقف على مكان مرتفع بارز. (فذكّرهنّ) -بالتشديد- أي: وعظهن (وهو يتوكأ على يد بلال) إنما كان يتوكأ عليه لازدحام الناس، لما في الرواية الأخرى: (رأيته يشقُّ الناس وبلال باسط ثوبه، يُلقي فيه الصدقة) استدل به أبو حنيفة على وجوب الزكاة في الحلي، ولا دلالة فيه؛ لأن هذا كان تطوعًا. (قلت لعطاء: أترى حقًّا على الإمام الآن أن يأتي النساء فيذكرهن؟ قال: إن ذلك لحق) قوله: ترى -بفتح التاء- معناه: تعلم، وحقًّا، مفعوله الثاني، قدم اهتمامًا، وأن يأتي، مفعوله الأول، وإنما كان حقًّا على الإمام؛ لأن تعليم الجاهل أمور الدين فرض كفاية، وأولى من قام به الإمامُ. فإن قلت: لم يذكر في الحديث ما يدل على المشيء أو الرّكوب؟ قلت: إطلاق الحضور إلى المصلى يشمل الأمرين؛ لكن روى الترمذي، عن علي بن أبي طالب: من السنة أن تخرج إلى العيد ماشيًا وروى ابن ماجه عن أبي رافع: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يأتي العيد ماشيًا.

8 - باب الخطبة بعد العيد

8 - باب الْخُطْبَةِ بَعْدَ الْعِيدِ 962 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ - رضى الله عنهم - فَكُلُّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ قَبْلَ الْخُطْبَةِ. طرفه 98 963 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ - رضى الله عنهما - يُصَلُّونَ الْعِيدَيْنِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ. طرفه 958 964 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِىِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى يَوْمَ الْفِطْرِ رَكْعَتَيْنِ، لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا وَلاَ بَعْدَهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الخطبة بعد العيد أي: بعد صلاة العيد. 962 - (أبو عاصم) الضحاك بن مخلد (ابن جريج) -بضم الجيم مصغر- عبد الملك بن عبد العزيز (الحسن بن مسلم) ضد الكافر. حديث ابن عباس دل على بطلان قول من قال: إن عثمان أول من قدم الخطبة. 964 - (سليمان بن حرب) ضد الصلح (عن عَديّ) بفتح العين وتشديد الياء (جبير) بضم الجيم مصغر (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلّى يوم الفطر ركعتين، لم يصل قبلها ولا بعدها) والأمر على ذلك عند الأئمة.

9 - باب ما يكره من حمل السلاح فى العيد والحرم

ثُمَّ أَتَى النِّسَاءَ وَمَعَهُ بِلاَلٌ، فَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ، فَجَعَلْنَ يُلْقِينَ، تُلْقِى الْمَرْأَةُ خُرْصَهَا وَسِخَابَهَا. طرفه 98 965 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا زُبَيْدٌ قَالَ سَمِعْتُ الشَّعْبِىَّ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّىَ، ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ نَحَرَ قَبْلَ الصَّلاَةِ فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ قَدَّمَهُ لأَهْلِهِ، لَيْسَ مِنَ النُّسْكِ فِي شَىْءٍ». فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَبَحْتُ وَعِنْدِى جَذَعَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُسِنَّةٍ. فَقَالَ «اجْعَلْهُ مَكَانَهُ، وَلَنْ تُوفِىَ أَوْ تَجْزِىَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ». طرفه 951 9 - باب مَا يُكْرَهُ مِنْ حَمْلِ السِّلاَحِ فِي الْعِيدِ وَالْحَرَمِ وَقَالَ الْحَسَنُ نُهُوا أَنْ يَحْمِلُوا السِّلاَحَ يَوْمَ عِيدٍ إِلاَّ أَنْ يَخَافُوا عَدُوًّا. 966 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى أَبُو السُّكَيْنِ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُحَارِبِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: ليس في هذا الحديث أن الخطبة بعد صلاة العيد؟ قلت: قوله: ثم أتى النساء، إنما كان بعد الخطبة، لما تقدم في الباب قبله: نزل فأتى النساء، وحديث ابن نيار شرحه تقدم في باب الأكل يوم النحر؛ وإنما استدل به هنا على أن الخطبة بعد الصلاة. فإن قلت: ليس في الحديث الصلاة؟ قلت: قوله: "أول ما نبدأ به الصلاة" صريح في ذلك. باب ما يكره من حمل السلاح في العيد والحرم (قال الحسن: نهوا أن يحملوا سلاحًا يوم عيد إلا أن يخافوا عدوًّا) الضمير في: نهوا، لأصحابه، والناهي هو: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، دلّ عليه حديث ابن عمر بعده. فإن قلت: قد سلف أن الحبشة كانوا يوم عيد يلعبون بالحراب؟ قلت: محمول على أن ذلك كان في المسجد؛ ولم يكن ازدحام ولا خوفُ ضررٍ. 966 - (زكرياء بن يحيى أبو السكين) بضم السين وفتح الكاف (المُحَاربي) -بضم

مُحَمَّدُ بْنُ سُوقَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ كُنْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ حِينَ أَصَابَهُ سِنَانُ الرُّمْحِ فِي أَخْمَصِ قَدَمِهِ، فَلَزِقَتْ قَدَمُهُ بِالرِّكَابِ، فَنَزَلْتُ فَنَزَعْتُهَا وَذَلِكَ بِمِنًى، فَبَلَغَ الْحَجَّاجَ فَجَعَلَ يَعُودُهُ فَقَالَ الْحَجَّاجُ لَوْ نَعْلَمُ مَنْ أَصَابَكَ. فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ أَنْتَ أَصَبْتَنِى. قَالَ وَكَيْفَ قَالَ حَمَلْتَ السِّلاَحَ فِي يَوْمٍ لَمْ يَكُنْ يُحْمَلُ فِيهِ، وَأَدْخَلْتَ السِّلاَحَ الْحَرَمَ وَلَمْ يَكُنِ السِّلاَحُ يُدْخَلُ الْحَرَمَ. طرفه 967 967 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ دَخَلَ الْحَجَّاجُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ وَأَنَا عِنْدَهُ فَقَالَ كَيْفَ هُوَ فَقَالَ صَالِحٌ. فَقَالَ مَنْ أَصَابَكَ قَالَ أَصَابَنِى مَنْ أَمَرَ بِحَمْلِ السِّلاَحِ فِي يَوْمٍ لاَ يَحِلُّ فِيهِ حَمْلُهُ، يَعْنِى الْحَجَّاجَ. طرفه 966 ـــــــــــــــــــــــــــــ الميم والحاء، والباء الموحدة- هو محمد بن عبد الرحمن (محمد بن سُوقة) بضم السين وفتح القاف (كنت مع ابن عمر حين أصابه سنان الرّمح في أخمص قدمه) هو: الحفرة تحت القدم (فنزعها) أنت الضمير باعتبار الحديدة، أو الآلة، وجعلُه من قبيل القلب -أي: نزع قدمه- غيرُ مرض، لأن القلب عند المحققين إنما يجوز في موضع المبالغة لنكتة. (فقال الحجاج لو نعلم من أصابك) لو للتمني، أو للشرط؛ أي: لجازيناه؛ والثاني أرجح؛ لما في الزواية الأخرى: ضربت عنقه (فقال ابن عمر: أنت أصبتني) الإسناد مجازي باعتبار السببيّة، قال بعض الشارحين: أصاب، في الحديث متعد إلى مفعولين؛ أي: أنت أصبتني بسنانه، وليس بشيء؛ لأن التعدي إلى مفعولين إنما يراد به صريحًا؛ لا الجار والمجرور، وإلا لكان دخل في قولك: دخلت دار زيد بفرسي متعديًا إلى مفعولين؛ ولم يقل به أحد. 967 - (دخل الحجاج على ابن عمر، فقال: كيف هو؟ فقال: صالح) هذا نقل الكلام بالمعنى؛ لأن الحجاج يخاطب ابن عمر؛ وهو يخاطبه (أصابني من [أَمَرَ] بحمل السلاح في يوم لا يحل حمله). بيّن في الحديث الأول شرف المكان والزمان، واقتصر في الثاني على الزمان لأنه الأصل في ذلك؛ لازدحام الناس فيه. وفي الحديث دلالة على عدم مبالاة ابن عمر بالظلمة؛

10 - باب التبكير إلى العيد

10 - باب التَّبْكِيرِ إِلَى الْعِيدِ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُسْرٍ إِنْ كُنَّا فَرَغْنَا فِي هَذِهِ السَّاعَةِ، وَذَلِكَ حِينَ التَّسْبِيحِ. 968 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ زُبَيْدٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ خَطَبَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ النَّحْرِ قَالَ «إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّىَ ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّىَ ـــــــــــــــــــــــــــــ ولذلك شدد الكلام على مثل ذلك الظالم، ونقلَ كثير من الناس أن الحجاج كان قد أمر إنسانًا بذلك؛ لشدته عليه، وكان عبد الملك بن مروان كتب إلى الحجاج أَنه يقتدي بابن عمر في كل ما أمره به بشأن الحج. وفي الحديث دلالة على كراهة حمله في المجامع والمشاهد، لأنه مظنة الضرر، ولذلك أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المارَّ بين الناس بأن يمسك على نصال سهامه. باب التبكير في العيد التبكير -بتقديم الموحدة- الذهاب في أول النهار، والباكورة: أول كل شيء. (وقال عبد الله بن بُسر) -بضم الموحدة وسين مهملة- أبو صفوان السلمي؛ صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (إنْ كنا فرغنا هذه الساعة) أي: في مثل هذه الساعة من الصلاة في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إنْ: مخففة من المثقلة، حُذف منها ضمير الشأن (وذلك حين التسبيح) أي: تلك الساعة كانت وقت الضحى، وإنما ذكر اسم الإشارة باعتبار الوقت، وهذا التعليق أسنده عنه أبو داود وابن ماجه. وغرض عبد الله من هذا الكلام الإنكار على الإمام في التأخير؛ فإنه حضر في وقت كانوا في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد فرغوا من الصلاة، وعلى هذا كان دأب السلف إذا صلوا الصبح توجهوا. 968 - (سليمان بن حرب) ضد الصلح (زبيد) -بضم الزّاي- هو الياميّ (عن براء) بفتح الباء وتخفيف الراء (إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلي) هذا موضع الدلالة على الترجمة فإنه كان يصلي إذا ارتفعت الشمس؛ وعليه الأئمة. وحديث جذعة ابن نيار تقدم مرارًا في باب الأكل يوم النحر وغيره.

11 - باب فضل العمل فى أيام التشريق

فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ عَجَّلَهُ لأَهْلِهِ، لَيْسَ مِنَ النُّسُكِ فِي شَىْءٍ». فَقَامَ خَالِى أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا ذَبَحْتُ قَبْلَ أَنْ أُصَلِّىَ وَعِنْدِى جَذَعَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُسِنَّةٍ. قَالَ «اجْعَلْهَا مَكَانَهَا - أَوْ قَالَ اذْبَحْهَا - وَلَنْ تَجْزِىَ جَذَعَةٌ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ». طرفه 951 11 - باب فَضْلِ الْعَمَلِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ أَيَّامُ الْعَشْرِ، وَالأَيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ يُكَبِّرَانِ، وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا. وَكَبَّرَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِىٍّ خَلْفَ النَّافِلَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: ليس فيه ذكر الوقت؟ قلت: قوله: "أول ما نبدأ به" يدلّ على أنه كان يصلي بعد وقت الكراهة. باب فضل العمل أيام التشريق (وقال ابن عباس: واذكر الله في أيام معلومات) وفي بعضها: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ} [الحج: 28] وهذا لفظ القرآن الكريم، ولكن أكثر النسخ على الأول، فالوجه فيه أنه اقتبس من الآية الأمر بالذكر وخاطب الحاضرين بذلك، وفيه ما فيه (أيام العشر) -بالرفع- أي: هي أيام العشر (والأيام المعدودات أيام التشريق) أي: الأيام المذكورة في قوله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 203] وإنما سميت أيام التشريق لتشريق الناس فيها لحوم الأضاحي. وقيل: لأنّ القرابين لا تذبح حتى تشرق الشمس. وهي ثلاثة أيام؛ الثاني يوم النحر؛ ويسمى: يوم القرّ -بفتح القاف- لقرار الناس فيه بمنى، لفراغهم من أكثر أعمال الحج؛ واليوم الذي بعده يوم النفر الأول -بسكون الفاء- لأنّ الناس ينفرون فيه. (وكان ابن عمر وأبو هريرة يخرجان إلى السوق في أيام العشر) وفي بعضها: في الأيام العشر، على الوصف؛ أو البدل. هذا الذي رواه عنهما ليس عليه عمل الأمصار؛ قال أبو حنيفة: يبدأ بالتكبير فجر يوم عرفة إلى عصر العيد، وقال صاحباه: إلى عصر آخر أيام التشريق؛ وإليه ميل الشافعي، وكذا قال أحمدُ ومالك؛ إلا أن عند مالك ابتداؤه من ظهر النحر. (وكبر محمد بن علي خلف النافلة) هو ابن علي بن الحسين؛ زين العابدين، المعروف بالباقر، وبه قال الشافعي، وقال أبو حنيفة: بعد فرض صُلّي جماعة، وبه قال أحمد؛ إلا أنّ التكبيرات واجبة عند أبي حنيفة مسنونة عنده، وقال مالك: يكبر بعد الفرض؛ ولم يقيده بالجماعة.

12 - باب التكبير أيام منى وإذا غدا إلى عرفة

969 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ «مَا الْعَمَلُ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ أَفْضَلَ مِنَ الْعَمَلِ فِي هَذِهِ». قَالُوا وَلاَ الْجِهَادُ قَالَ «وَلاَ الْجِهَادُ، إِلاَّ رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَىْءٍ». 12 - باب التَّكْبِيرِ أَيَّامَ مِنًى وَإِذَا غَدَا إِلَى عَرَفَةَ وَكَانَ عُمَرُ - رضى الله عنه - يُكَبِّرُ فِي قُبَّتِهِ بِمِنًى فَيَسْمَعُهُ أَهْلُ الْمَسْجِدِ، فَيُكَبِّرُونَ وَيُكَبِّرُ أَهْلُ الأَسْوَاقِ، حَتَّى تَرْتَجَّ مِنًى تَكْبِيرًا. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُكَبِّرُ بِمِنًى تِلْكَ الأَيَّامَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 969 - (محمد بن عرعرة) بعين مكررة مهملة وراء كذلك (عن سلمان) هو ابن مهران الأعمش (عن مسلم البَطِين) بفتح الباء وكسر الطاء (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما العمل في أيام أفضل منها في هذه) ظاهر السياق يدل على أن هذه إشارة إلى أيام التشريق؛ لأنه ترجم الباب على فضلها؛ لكن روى الترمذي وأبو داود وابن ماجه عن ابن عباس: "ما من أيام العمل الصالح فيهنّ أحب إلى الله من هذه الأيام العشر". واختلفت كلمة الشراح في ذلك، والحق أن ميل البخاري إلى تفضيل أيام التشريق لأنه ترجم عليها على سائر الأيام؛ وقوله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 203]، ولقوله: {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} [العنكبوت: 45] ولا ينافي هذا تفضيل العشر عل سائر أيام السنة. (قالوا: ولا الجهاد؟ قال: ولا الجهاد؟ إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله ولم يرجع بشيء) أي: من النفس والمال؛ لأنه نكرة في سياق النفي بعد ذكر الشيء فمن قال صدقه بأحد الأمرين: بأن لا يرجع بشيء من النفس والمال؛ أو يرجع بالنفس دون المال؛ فقد عدل عن الصواب. باب التكبير أيام منى، وإذا غدا إلى عرفة (وكان ابن عمر يكبّر في قبَّته بمنى، فيسمعه أهل المسجد فيكبرون ويكبر الناس في الأسواق، حتى تَرْتَجَّ منى تكبيرًا) نصبه على التمييز، ومنى: موضع بالحرم على فرسخ من

وَخَلْفَ الصَّلَوَاتِ، وَعَلَى فِرَاشِهِ وَفِى فُسْطَاطِهِ، وَمَجْلِسِهِ وَمَمْشَاهُ تِلْكَ الأَيَّامَ جَمِيعًا. وَكَانَتْ مَيْمُونَةُ تُكَبِّرُ يَوْمَ النَّحْرِ. وَكُنَّ النِّسَاءُ يُكَبِّرْنَ خَلْفَ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزَ لَيَالِىَ التَّشْرِيقِ مَعَ الرِّجَالِ فِي الْمَسْجِدِ. 970 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ قَالَ حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ الثَّقَفِىُّ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسًا وَنَحْنُ غَادِيَانِ مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَاتٍ عَنِ التَّلْبِيَةِ كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ كَانَ يُلَبِّى الْمُلَبِّى لاَ يُنْكَرُ عَلَيْهِ، وَيُكَبِّرُ الْمُكَبِّرُ فَلاَ يُنْكَرُ عَلَيْهِ. طرفه 1659 971 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ مكة إلى نحو عرفات. والقبّة: بيت صغير من الخيام، من بيوت العرب. والمسجد: مسجد الخيف. والارتجاج: الاضطراب. قال الله تعالى: {إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا} [الواقعة: 4] (وفسطاطه) قيل: بيت من الشعر؛ قاله الجوهري؛ وفيه ست لغات (وكان النساء يكبرن خلف أبان بن عثمان) يجوز صرفه وعدم صرفه بناء على زيادة الألف والنون وعدمها. فإن قلت: صوت النساء عورة؟ قلت: ممنوع؛ ولو سلم لا يلزم منه الجهر بحيث يسمع الرّجال. 970 - (أبو نعيم) بضم النون مصغر (محمد بن أبي بكر الثقفي) -بفتح القاف- نسبة إلى ثقيف، القبيلة المعروفة (قلت لأنس: كيف كنتم تصنعون مع النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي: وأنتم ذاهبون من منى إلى عرفات (قال: كان يلبي الملبي لا ينكر عليه، ويكبر المكبر لا يُنكر عليه) والظاهر أنهم كانوا يجمعون بينهما؛ لأن التلبية مخصوصة بذلك الوقت، لا ينكر -بضم الياء وفتح الكاف- على بناء المجهول، عدم الإنكار في التلبية ظاهر؛ لأنه من أشرف أذكار المحرم إلى أن يرمي الجمرة الكبرى يوم العيد؛ وأما التكبير فلأنه ذكر شريف لا سيما في تلك الأيام. 971 - (حدثنا محمد) كذا وقع غير منسوب؛ وهو: محمد بن يحيى بن عبد الله بن

13 - باب الصلاة إلى الحربة يوم العيد

حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ عَاصِمٍ عَنْ حَفْصَةَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ كُنَّا نُؤْمَرُ أَنْ نَخْرُجَ يَوْمَ الْعِيدِ، حَتَّى نُخْرِجَ الْبِكْرَ مِنْ خِدْرِهَا، حَتَّى نُخْرِجَ الْحُيَّضَ فَيَكُنَّ خَلْفَ النَّاسِ، فَيُكَبِّرْنَ بِتَكْبِيرِهِمْ، وَيَدْعُونَ بِدُعَائِهِمْ يَرْجُونَ بَرَكَةَ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَطُهْرَتَهُ. طرفه 324 13 - باب الصَّلاَةِ إِلَى الْحَرْبَةِ يَوْمَ الْعِيدِ 972 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ تُرْكَزُ الْحَرْبَةُ قُدَّامَهُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَالنَّحْرِ ثُمَّ يُصَلِّى. طرفه 494 ـــــــــــــــــــــــــــــ خالد بن فارس الذّهلي -بذال معجمة- نسبة إلى ذهل؛ وهو: حي من ربيعة؛ قاله الغساني، وهو من شيوخ المسلمين، وكان معاصر البخاري، وهو الذي أخرج البخاري من نيسابور لما قال لفظ القرآن حادث. وفي رواية أبي زيد وابن السكن. (حدثنا عمر بن حفص) بدون ذكر محمد، وكلاهما صحيح؛ لأن البخاري يروي عن عمر بن حفص تارة بواسطة، ورواية الأصيلي محمد البخاري يدل على أن محمدًا غير منسوب هو البخاري. (عن أم عطية قالت: كنا نؤمر أن نَخرج يوم العيد؛ حتى نُخرج البكر من خدرها) نخرج -بضم النون- مضارع أخرج. الصحابي إذا قال: كنا نؤمر، فالآمر هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. والخدر -بكسر المعجمة ودال مهملة- قال: ابن الأثير: هو جانب من البيت يكون عليه الستر وراءه الجارية (حتى نخرج الحُيَّضَ) -بضم الحاء وفتح المشددة- جمع حائض (يرجون بركة ذلك اليوم وطهرته) الطهرة -بضم الطاء- اسم من الطهارة؛ كالأكلة من الأكل؛ والمراد به: طهرة من حضر من الذنوب، وإضافته إلى اليوم إضافة إلى السبب، وكيفية التكبير عند مالك والشافعي: الله أكبر، ثلاث مرات؛ وعند أبي حنيفة وأحمد مرَّتين. باب الصلاة إلى الحربة يوم العيد الحربة -بفتح الحاء وسكون الراء- رمح قصير، ويقال له: المِزْراق بكسر الميم وتقديم المعجمة. 972 - (محمد بن بشار) بفتح الموحدة وتشديد المعجمة (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت تركز له الحربة يوم الفطر والنحر يصلي إليها) أي: تكون سترة له، لأنّ المصلى لم يكن له جدار.

14 - باب حمل العنزة أو الحربة بين يدى الإمام يوم العيد

14 - باب حَمْلِ الْعَنَزَةِ أَوِ الْحَرْبَةِ بَيْنَ يَدَىِ الإِمَامِ يَوْمَ الْعِيدِ 973 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو قَالَ أَخْبَرَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَغْدُو إِلَى الْمُصَلَّى، وَالْعَنَزَةُ بَيْنَ يَدَيْهِ، تُحْمَلُ وَتُنْصَبُ بِالْمُصَلَّى بَيْنَ يَدَيْهِ فَيُصَلِّى إِلَيْهَا. طرفه 494 15 - باب خُرُوجِ النِّسَاءِ وَالْحُيَّضِ إِلَى الْمُصَلَّى 974 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ أُمِرْنَا أَنْ نُخْرِجَ الْعَوَاتِقَ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ [باب حمل العَنَزة أو الحربة بين يدي الإمام يوم العيد] 973 - (إبراهيم بن المنذر) اسم الفاعل من الإنذار (أبو عمرو) هو: الإمام الأوزاعي (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يغدو إلى المصلى والعنزة تحمل بين يديه) العزة -بالعين المهملة والزاي المعجمة- أطول من العصا، وأقصر من الرّمح، في عقبه زج، وإنما كانت تحمل بين يديه لأنها نوع سلاح، وإذا حضرت الصلاة تكون سترة له. وضع الباب لحمل العنزة ولم يرو فيه سوى حديث ابن عمر في الباب قبله؛ إشارة إلى أن حمل العنزة بين يديه ليس من حمل السلاح المنهي عنه؛ لأمن الضرر هنا. باب خروج النساء والحيض إلى المصلى 974 - (حمّاد) بفتح الحاء وتشديد الميم (عن أم عطية) -بفتح العين وكسر الطاء، وتشديد الياء- نسيبة الأنصارية (نخرج العواتق، وذوات الخدور) العواتق: جمع عاتق؛ وهي: البكر أول ما تدرك. قال ابن الأثير: كل شيء بلغ غايته فهو عاتق. قلت: العتق لغة: القوة، فذلك هو سبب التسمية. والخدر -بكسر المعجمة ودال مهملة- جانب البيت عليه ستر، يكون وراءه البنات والنساء الحسان. وقد تقدم حديثها في باب التبكير إلى منى مع

16 - باب خروج الصبيان إلى المصلى

وَعَنْ أَيُّوبَ عَنْ حَفْصَةَ بِنَحْوِهِ. وَزَادَ فِي حَدِيثِ حَفْصَةَ قَالَ أَوْ قَالَتِ الْعَوَاتِقَ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ، وَيَعْتَزِلْنَ الْحُيَّضُ الْمُصَلَّى. طرفه 324 16 - باب خُرُوجِ الصِّبْيَانِ إِلَى الْمُصَلَّى 975 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ فِطْرٍ أَوْ أَضْحَى، فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ، ثُمَّ أَتَى النِّسَاءَ فَوَعَظَهُنَّ وَذَكَّرَهُنَّ، وَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ. طرفه 98 17 - باب اسْتِقْبَالِ الإِمَامِ النَّاسَ فِي خُطْبَةِ الْعِيدِ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ قَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مُقَابِلَ النَّاسِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ شرحه مستوفى. (وعن أيوب) عطف على الإسناد الأول المذكور. محصله أن حمادًا روى عن أيوب عن محمد عن أم عطية؛ وعنه عن حفصة عن أم عطية؛ وفي هذه الرواية زيادة الواو. باب خروج الصبيان إلى المصلّى 975 - (عمرو بن عباس) بالباء الموحدة، وسين مهملة، وكذا (عابس) (خرجت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في فطر أو أضحى) الشك من ابن عباس (ثم أتى النساء فوعظهن وذكرهنّ، وأمرهنّ بالصدقة) قال الجوهري: الوعظ: النصح والتذكير. والظاهر أن التذكير أخصّ؛ لأنه إحضار بعد الذهول أو النسيان. وأمّا قوله: أمرهن بالصدقة، فمن عطف الخاص على العام، وقد سلف الحديث في باب المشي والرّكوب إلى العيد. باب استقبال الإمام الناس في خطبة العيد (قال أبو سعيد: قام النبي - صلى الله عليه وسلم - مقابل الناس) تقدم هذا التعليق مسندًا في باب الخروج إلى المصلى.

976 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ عَنْ زُبَيْدٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ أَضْحًى إِلَى الْبَقِيعِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ وَقَالَ «إِنَّ أَوَّلَ نُسُكِنَا فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نَبْدَأَ بِالصَّلاَةِ، ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ وَافَقَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنَّمَا هُوَ شَىْءٌ عَجَّلَهُ لأَهْلِهِ، لَيْسَ مِنَ النُّسُكِ فِي شَىْءٍ». فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّى ذَبَحْتُ وَعِنْدِى جَذَعَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُسِنَّةٍ. قَالَ «اذْبَحْهَا، وَلاَ تَفِى عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ». طرفه 951 ـــــــــــــــــــــــــــــ 976 - (زبيد) بضم الزاي مصغر (عن الشعبي) -بفتح الشين وسكون العين- أبو عمرو عامر الكوفي (عن البراء) بفتح الباء وتخفيف الراء (خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الأضحى، فصلى ركعتين، ثم أقبل علينا بوجهه، وقال: إن أول نسكنا في يومنا هذا أن نبدأ بالصلاة). فإن قلت: هذا يدل على أن الخطبة قبل الصلاة؟ قلت: قوله: "فصلى ركعتين" يدفع هذا الوهم. فإن قلت: الركعتان لا يلزم أن تكونا صلاة العيد؛ بدليل قوله: "نبدأ بالصلاة" بلفظ المضارع؟ قلت: المضارع فيه بمعنى الماضي؛ والدليل عليه رواية البخاري في باب موعظة الإمام: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر كانوا يصلون قبل الخطبة؛ وكذا رواية مسلم عن أبي سعيد: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا صلى صلاة العيد وسلم قام فأقبل على الناس. وقد أسلفنا أيضًا من رواية مسلم عن ابن عمر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر كانوا يصلون قبل الخطبة فلا تك في مرية، وحديث ابن نيار والجذعة تقدم مرارًا. فإن قلت: قد سبق في أبواب الجمعة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام مقابل الناس؟ قلت: إنما أعاد تلك الترجمة لئلا يتوهم أن ذلك مخصوص بالجمعة؛ أو بمن يخطب على المنبر.

18 - باب العلم الذى بالمصلى

18 - باب الْعَلَمِ الَّذِى بِالْمُصَلَّى 977 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَابِسٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ قِيلَ لَهُ أَشَهِدْتَ الْعِيدَ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ نَعَمْ، وَلَوْلاَ مَكَانِى مِنَ الصِّغَرِ مَا شَهِدْتُهُ، حَتَّى أَتَى الْعَلَمَ الَّذِى عِنْدَ دَارِ كَثِيرِ بْنِ الصَّلْتِ فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ ثُمَّ أَتَى النِّسَاءَ، وَمَعَهُ بِلاَلٌ، فَوَعَظَهُنَّ وَذَكَّرَهُنَّ، وَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ، فَرَأَيْتُهُنَّ يُهْوِينَ بِأَيْدِيهِنَّ يَقْذِفْنَهُ فِي ثَوْبِ بِلاَلٍ، ثُمَّ انْطَلَقَ هُوَ وَبِلاَلٌ إِلَى بَيْتِهِ. طرفه 98 19 - باب مَوْعِظَةِ الإِمَامِ النِّسَاءَ يَوْمَ الْعِيدِ 978 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَطَاءٌ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ قَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الْفِطْرِ، فَصَلَّى فَبَدَأَ بِالصَّلاَةِ ثُمَّ خَطَبَ، فَلَمَّا فَرَغَ نَزَلَ فَأَتَى النِّسَاءَ، فَذَكَّرَهُنَّ وَهْوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى يَدِ بِلاَلٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب العلم الذي بالمصلى 977 - (مسدد) بضم الميم وتشديد الذال المفتوحة (عابس) بالباء الموحدة وسين مهملة (سمعت ابن عباس قيل له: شهدت العيد) أي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - (قال: نعم؛ ولولا مكاني من الصغر ما شهدت) قوله: من الصغر، متعلق بقوله: ما شهدت وتقدير الكلام: ولولا مكاني وقربي من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم أشهد؛ لأن أمثاله من الصغار لم يكونوا يشهدون (حتى أتى العلم الذي عند دار كثير بن الصلت) العلم: ما يكون علامة؛ كالمنار ونحوه. والكثير: ضد القليل، والصلت: بالصاد المهملة (فرأيتهن يهوين) -بضم الياء- قال الأصمعي: أهوى بيده: أشار. والمراد به في الحديث الأخذ باليد (يقذفنه في ثوب بلال) أي: يلقينه؛ كما في الرواية الأخرى، وذلك لئلا تقع يَدَهُنّ على يده، والضمير للمقذوف وإن لم يجر ذكره؛ لقرينةِ المقام. فإن قلت: أي فائدة من ترجمة الباب بالعلم بالمصلَّى؟ قلت: فائدته الإشارة إلى أن العلامة للمصلى ونحوه شائع لا بدعة فيه. باب موعظه الإمامِ النساءَ يوم العيد 978 - (ابن جريج) -بضم الجيم مصغر- عبد الملك بن عبد العزيز (قام النبي - صلى الله عليه وسلم - فبدأ بالصلاة، ثم خطب، فلما فرغ نزل) أي من المكان المرتفع الذي خطب عليه؛ لما تقدم أن المنبر بناه عثمان بن عفان (وهو يتوكّأُ على يد بلال) لازدحام الناس؛ لما في الروايات

وَبِلاَلٌ بَاسِطٌ ثَوْبَهُ، يُلْقِى فِيهِ النِّسَاءُ الصَّدَقَةَ. قُلْتُ لِعَطَاءٍ زَكَاةَ يَوْمِ الْفِطْرِ قَالَ لاَ وَلَكِنْ صَدَقَةً يَتَصَدَّقْنَ حِينَئِذٍ، تُلْقِى فَتَخَهَا وَيُلْقِينَ. قُلْتُ أَتُرَى حَقًّا عَلَى الإِمَامِ ذَلِكَ وَيُذَكِّرُهُنَّ قَالَ إِنَّهُ لَحَقٌّ عَلَيْهِمْ، وَمَا لَهُمْ لاَ يَفْعَلُونَهُ طرفه 958 979 - قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَأَخْبَرَنِى الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ شَهِدْتُ الْفِطْرَ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ - رضى الله عنهم - يُصَلُّونَهَا قَبْلَ الْخُطْبَةِ، ثُمَّ يُخْطَبُ بَعْدُ، خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَيْهِ حِينَ يُجْلِسُ بِيَدِهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ يَشُقُّهُمْ حَتَّى جَاءَ النِّسَاءَ مَعَهُ بِلاَلٌ فَقَالَ (يَا أَيُّهَا النَّبِىُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ) الآيَةَ ثُمَّ قَالَ حِينَ فَرَغَ مِنْهَا «آنْتُنَّ عَلَى ذَلِكَ». قَالَتِ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ لَمْ يُجِبْهُ غَيْرُهَا نَعَمْ. لاَ يَدْرِى حَسَنٌ مَنْ هِىَ. قَالَ «فَتَصَدَّقْنَ» فَبَسَطَ بِلاَلٌ ثَوْبَهُ ثُمَّ قَالَ هَلُمَّ لَكُنَّ فِدَاءٌ أَبِى وَأُمِّى، فَيُلْقِينَ الْفَتَخَ وَالْخَوَاتِيمَ فِي ثَوْبِ ـــــــــــــــــــــــــــــ الأخرى: رأيته يشق الناس (وبلال باسط ثوبه يلقين فيه الصدقة، قلت لعطاء؛ الزكاة ليوم الفطر؟ قال: لا؛ ولكن يتصدقن) والدليل على ذلك: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يبين لهن مقدار صدقة الفطر. قال بعضهم: لا يمكن هذا أن يكون زكاة الفطر؛ لأنه صاع من القوت. وهذا الجواب إنما يستقيم على مذهب من يشترط القوت. 979 - (وكأني أنظر إليه حين يجلس بيده) -بضم الياء وتشديد اللام- ويروى تخفيفها من: الإجلاس (حتى جاء النساء، فقال: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ} [الممتحنة: 12] إلى آخر الآية، ثم قال حين فرغ منها: آنتن على ذلك) أي: على ما دلت عليه الآية (قالت امرأة واحدة لم يُجِبْهُ غيرها نعم لا يدري حسن من هي) هذا كلام ابن جريج، والحسنُ بن مسلم شيخه الذي تقدم، وفي رواية الطبري والبيهقي: أن هذه أسماء بنت يزيد بن السكن (قال: هَلم) -بفتح الهاء وضم اللام وتشديد الميم- يكون لازمًا ومتعديًا، ويحتمل الأمرين هنا؛ وإن كان متعديًا معناه: قربن الصدقة، وإن كان لازمًا معناه: تعالين بالصدقة، ويستوي فيه المفرد والجمع عند أهل الحجاز، ويفرد ويجمع عند أهل الكوفة (لَكُنَّ فداء أبي وأمي) الجار يتعلق بفداء، قدّم اهتمامًا، أو اختصاصًا، قال ابن الأثير: الفداء يقصر ويمد إذا كسر الفاء مُد؛ وإن فتح قصر. وقال الجوهري وغيره: إذا كسر فيه المد والقصر؛ وإذا فتح ليس إلا القصر (فليلقين [الفتخ] والخواتيم) الفتخ -بفتح الفاء والتاء وخاء معجمة جمع فتخة بفتحها أيضًا. الخواتم: العظام؛ هذا قول عبد الرزاق، وكذا قاله ابن الأثير، لكن قال الجوهري:

20 - باب إذا لم يكن لها جلباب فى العيد

بِلاَلٍ. قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ الْفَتَخُ الْخَوَاتِيمُ الْعِظَامُ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. طرفه 98 20 - باب إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا جِلْبَابٌ فِي الْعِيدِ 980 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ قَالَتْ كُنَّا نَمْنَعُ جَوَارِيَنَا أَنْ يَخْرُجْنَ يَوْمَ الْعِيدِ، فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ فَنَزَلَتْ قَصْرَ بَنِى خَلَفٍ فَأَتَيْتُهَا فَحَدَّثَتْ أَنَّ زَوْجَ أُخْتِهَا غَزَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ثِنْتَىْ عَشْرَةَ غَزْوَةً فَكَانَتْ أُخْتُهَا مَعَهُ فِي سِتِّ غَزَوَاتٍ. فَقَالَتْ فَكُنَّا نَقُومُ عَلَى الْمَرْضَى وَنُدَاوِى الْكَلْمَى، فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلَى إِحْدَانَا بَأْسٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا جِلْبَابٌ أَنْ لاَ تَخْرُجَ فَقَالَ «لِتُلْبِسْهَا صَاحِبَتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا فَلْيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُؤْمِنِينَ». قَالَتْ حَفْصَةُ فَلَمَّا قَدِمَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ أَتَيْتُهَا، فَسَأَلْتُهَا أَسَمِعْتِ فِي كَذَا وَكَذَا قَالَتْ نَعَمْ، بِأَبِى - وَقَلَّمَا ذَكَرَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - إِلاَّ قَالَتْ بِأَبِى - قَالَ «لِيَخْرُجِ الْعَوَاتِقُ ذَوَاتُ الْخُدُورِ - أَوْ قَالَ الْعَوَاتِقُ وَذَوَاتُ الْخُدُورِ شَكَّ أَيُّوبُ - وَالْحُيَّضُ، وَيَعْتَزِلُ الْحُيَّضُ الْمُصَلَّى، وَلْيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُؤْمِنِينَ». قَالَتْ فَقُلْتُ لَهَا آلْحُيَّضُ قَالَتْ نَعَمْ، أَلَيْسَ الْحَائِضُ تَشْهَدُ عَرَفَاتٍ وَتَشْهَدُ كَذَا وَتَشْهَدُ كَذَا طرفه 324 ـــــــــــــــــــــــــــــ الفتخة حلقة من فضّة لا فصَّ لها؛ فإذا كان لها فصٌّ فهو خاتم. وقال ثعلب: الفتخ ما يلبس في أصابع الرّجل. باب إذا لم يكن لها جلباب في العيد 980 - (أبو معمر) -بفتح الميمين بينهما عين ساكنة- عبد الله بن عمرو المنقري (عن بنت سيرين قالت: كنا نمنع جوارينا أن يخرجن يوم العيد) أي: بناتنا (فجاءت امرأة فنزلت قصر بني خلف) موضع بالبصرة، هذه المرأة أخت أم عطية؛ قاله شيخنا ابن حجر (نقوم على المرضى) أي: مشرفين على أحوالهم (ونداوي الكلمى) جمع كليم، كجرحى في جريح، وهو بمعناه (يا رسول الله هل على إحدانا بأس) أي: عتاب؛ إذ لا وجوب عليهن (إذا لم يكن لها جلباب) -بكسر الجيم- الملحفة، وقيل: الخمار، وقيل: كل ما غطَّى الرأس (لتلبسها صاحبتها من جلبابها) إذا كان لها جلبابان، أو بعض جلبابها الذي عليها، وهذا أبلغ في الحثّ على الحضور، وتؤيده رواية أبي داود: "طائفة من ثوبها" وعلى هذا الأئمة في

21 - باب اعتزال الحيض المصلى

21 - باب اعْتِزَالِ الْحُيَّضِ الْمُصَلَّى 981 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ قَالَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ أُمِرْنَا أَنْ نَخْرُجَ فَنُخْرِجَ الْحُيَّضَ وَالْعَوَاتِقَ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ. قَالَ ابْنُ عَوْنٍ أَوِ الْعَوَاتِقَ ذَوَاتِ الْخُدُورِ، فَأَمَّا الْحُيَّضُ فَيَشْهَدْنَ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَدَعْوَتَهُمْ، وَيَعْتَزِلْنَ مُصَلاَّهُمْ. طرفه 324 22 - باب النَّحْرِ وَالذَّبْحِ يَوْمَ النَّحْرِ بِالْمُصَلَّى 982 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى كَثِيرُ بْنُ فَرْقَدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَنْحَرُ أَوْ يَذْبَحُ بِالْمُصَلَّى. أطرافه 1710، 1711، 5551، 5552 ـــــــــــــــــــــــــــــ الأعياد إلا أبا حنيفة، قال الطحاوي: هذا كان في أول الإسلام، والمسلمون قليلون، فأريد التكثير ترهيبًا للعدو. وَرُدَّ عليه بأنه لو كان كذلك لكان الأمر بالخروج إلى الجهاد أولى، وهذا لا معارض له. باب اعتزال الحيض المصلي 981 - (محمد بن المثنى) بضم الميم وتشديد النون (ابن أبي عدي) -بفتح العين وكسر الدّال وتشديد الياء- محمد بن إبراهيم (عن ابن عون) عبد الله. روى في الباب حديث أم عطية في إخراج ذوات الخدور والعواتق في الأعياد إلى المصلّى، وقد مرّ مرارًا. باب النحر والذبح بالمصلى يوم النحر 982 - (كثير بن فرقد) بالفاء والقاف (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ينحر أو يذبح بالمصلّى) الشكُّ من نافع، والحكمة في الذبح في المصلّى، لكون الفقراء حضورًا، ويتعلم الناس

23 - باب كلام الإمام والناس في خطبة العيد، وإذا سئل الإمام عن شئ وهو يخطب

23 - باب كَلاَمِ الإِمَامِ وَالنَّاسِ فِي خُطْبَةِ الْعِيدِ، وَإِذَا سُئِلَ الإِمَامُ عَنْ شَىْءٍ وَهْوَ يَخْطُبُ 983 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ قَالَ حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ النَّحْرِ بَعْدَ الصَّلاَةِ فَقَالَ «مَنْ صَلَّى صَلاَتَنَا وَنَسَكَ نُسْكَنَا فَقَدْ أَصَابَ النُّسُكَ، وَمَنْ نَسَكَ قَبْلَ الصَّلاَةِ فَتِلْكَ شَاةُ لَحْمٍ». فَقَامَ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ لَقَدْ نَسَكْتُ قَبْلَ أَنْ أَخْرُجَ إِلَى الصَّلاَةِ، وَعَرَفْتُ أَنَّ الْيَوْمَ يَوْمُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ فَتَعَجَّلْتُ وَأَكَلْتُ وَأَطْعَمْتُ أَهْلِى وَجِيرَانِى. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «تِلْكَ شَاةُ لَحْمٍ». قَالَ فَإِنَّ عِنْدِى عَنَاقَ جَذَعَةٍ، هِىَ خَيْرٌ مِنْ شَاتَىْ لَحْمٍ، فَهَلْ تَجْزِى عَنِّى قَالَ «نَعَمْ، وَلَنْ تَجْزِىَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ». طرفه 951 ـــــــــــــــــــــــــــــ كيفية النحر والذبح، ألا ترى أن عبد الله بن عمر لما رأى الذي يذبح البدنة باركةً فقال: ويحك انحرها قائمة، سنة أبي القاسم. باب كلام الإمام والناس في خطبة العيد، وإذا سئل الإمام عن شيء وهو يخطب فإن قلت: ظاهر الترجمة فيه تكرار؟ قلت: ليس كذلك؛ فإن كلام الإمام أعم من أن يكون بعد سؤال أم بدونه، ولم يذكر جواب الإمام اكتفاءً بما في الحديث. 983 - (أبو الأحوص) الحنفي سلام بن سليم (عن الشعبي) بفتح الشين وسكون العين -أبو عمرو عامر الكوفي (من صلّى صلاتنا ونسك نسكنا فقد أصاب) النسك لغة: الطاعة؛ والمراد به في أبواب العيد: ذبح القرابين، والنسيكة: الذبيحة؛ والمعنى: من ذبح على الوصف الذي أصفه فقد أصاب موصوف الطاعة الموصوفة. ثمّ روى حديث ابن نيار والجذعة، وقد مرّ مرارًا (فإن عندي عناقًا جذعة) بفتح العين والنون، ويروى: بالإضافة: عناقُ جذعة، وهو من إضافة الموصوف إلى الصفة (فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: شاتك شاة لحم)

984 - حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى يَوْمَ النَّحْرِ، ثُمَّ خَطَبَ فَأَمَرَ مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلاَةِ أَنْ يُعِيدَ ذَبْحَهُ فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، جِيرَانٌ لِى - إِمَّا قَالَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ، وَإِمَّا قَالَ بِهِمْ فَقْرٌ - وَإِنِّى ذَبَحْتُ قَبْلَ الصَّلاَةِ وَعِنْدِى عَنَاقٌ لِى أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ شَاتَىْ لَحْمٍ. فَرَخَّصَ لَهُ فِيهَا. 985 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ جُنْدَبٍ قَالَ صَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ النَّحْرِ ثُمَّ خَطَبَ، ثُمَّ ذَبَحَ فَقَالَ «مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّىَ فَلْيَذْبَحْ أُخْرَى مَكَانَهَا، وَمَنْ لَمْ يَذْبَحْ فَلْيَذْبَحْ بِاسْمِ اللَّهِ». أطرافه 5500، 5562، 6674، 7400 ـــــــــــــــــــــــــــــ أي: ليست من النسك في شيء؛ لأنها ذُبحت قبل الوقت. هذا موضع الدلالة على الترجمة؛ لأنه تكلم في أثناء الخطبة. 984 - (قام رجل من الأنصار) هو أبو بردة بن نيار، ليس من الأنصار، بلوي، حليف الأنصار، قال ابن عبد البر: حليف بني حارثة بدري عقبي (فقال يا رسول الله: جيرانٌ لي، إمّا قال: بهم خصاصته أو فقر) الخصاصة -بفتح الخاء المعجمة وصاد مهملة- قال ابن الأثير: هو الجوع والضعف. 985 - (مسلم) ضد الكافر (شعبة عن الأسود) هو ابن قيس لأن شعبة لم يلق الأسود (عن جندب) بضم الجيم والدّال (ومن لم يذبح فليذبح باسم الله) استدل به من قال متروك التسمية عمدًا نجس؛ فإن الأمر للوجوب، ومن لم يقل به قال: الأمر للندب، أو باسم الله، احتراز عمّا كان يفعله المشركون من الذبح بأسماء آلهتهم. واستدل به أيضًا من أوجب الأضحية؛ وقال بالوجوب أبو حنيفة؛ ومن لم يوجب استدل بحديث رواه مسلم: "إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره" فإنّ تفويضه على

24 - باب من خالف الطريق إذا رجع يوم العيد

24 - باب مَنْ خَالَفَ الطَّرِيقَ إِذَا رَجَعَ يَوْمَ الْعِيدِ 986 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو تُمَيْلَةَ يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ عَنْ فُلَيْحِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ. تَابَعَهُ يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ فُلَيْحٍ. وَحَدِيثُ جَابِرٍ أَصَحُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ إرادته دليل على عدم الوجوب. وقد دلّ الحديث على أن كلام الإمام وغيره جائز في أثناء الخطبة إذا كان لأمر ديني. باب من خالف الطريق إذا رجع يوم العيد 986 - (محمد) كذا وقع غير منسوب. قال أبو نصر وأبو علي بن السكن: هو محمد بن سلام (أبو تميلة) -بضم المثناة فوق مصغر- يحيى بن واضح (فليح) بضم الفاء مصغر (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كان يوم عيد خالف الطريق) قيل في توجيه ذلك: كان يمشي في الطريق الأعظم ويرجع في الأقصر. رواه البخاري في "تاريخه"، والبيهقي. والحكمة في ذلك أنّ في الذهاب سعيه إلى العبادة فيكون أكثر أجرًا. وقيل: كان قصده في خلاف الطريق أن تعم بركته الطريقين والناس فيهما. وقيل: كان القصد أن يُسأل في أمور الدين، فإنه يوم الاجتماع وقيل: ليتصدّق على الناس المحتاجين في الموضعين ولا تَنَافي بين الوجوه، يجوز أن يكون الكل غرضًا، وقد أكثروا فيه حتّى ذكروا عشرين وجهًا (تابعه يونس بن محمد عن فليح، وقال محمد بن الصلت عن فليح عن سعيد عن أبي هريرة: وحديث جابر أصح). قوله: تابعه يونس، أي: تابع أبا تميلة. قال الغساني: محمد بن الصلت هذا هو الثوري، يروي عن فليح؛ وهو: شيخ البخاري، وللبخاري شيخ آخر، ومحمد بن الصلت يروي عن ابن المبارك. وقوله: وحديث جابر أصح من رواية يونس. أي: أصحّ من رواية محمد بن الصّلت عن أبي هريرة، فالمفضّل عليه حديث أبي هريرة من طريق محمد بن الصّلت.

25 - باب إذا فاته العيد يصلى ركعتين وكذلك النساء، ومن كان فى البيوت والقرى

25 - باب إِذَا فَاتَهُ الْعِيدُ يُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ وَكَذَلِكَ النِّسَاءُ، وَمَنْ كَانَ فِي الْبُيُوتِ وَالْقُرَى لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «هَذَا عِيدُنَا أَهْلَ الإِسْلاَمِ». وَأَمَرَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ مَوْلاَهُمُ ابْنَ أَبِى عُتْبَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إذا فاته العيد صلّى ركعتين وكذا النساء ومن كان في البيوت والقرى (لقول النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: هذا عيدنا أهلَ الإسلام) -بالنصب على الاختصاص- ويروى بالنداء "يا أهل الإسلام" وهذا حديث رواه أصحاب السنن. استدل به على شمول الصلاة للنساء، وأهل القرى، وكلِّ مكلفٍ صدق عليه أنه مسلم. وفي استدلاله خفاءٌ؛ لأنّ هذا القول إنما قاله لأبي بكر لما نهى الجاريتين عن الغناء؛ كما تقدم صريحًا: "إن لكل قوم عيدًا، وهذا عيدنا". ونقل بعض الشارحين عن ابن بطّال أنه قال: من فاتته صلاة العيد يصليها ركعتين عند مالك والشافعي، وقال أبو حنيفة: إن شاء صلى أربعًا، وإن شاء ركعتين، وقال أحمد: يصليها أربعًا. وأوجه الأقوال ما استدل عليه البخاري بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "هذا عيدنا" إشارة إلى الصلاة. هذا كلامه، وفيه خلل من وجوه: الأول: أن قوله: قال أبو حنيفة: إن شاء صلى ركعتين، وإن شاء أربعًا. ليس في الأربع رواية عندهم. الثاني: أن قوله: قال أحمد: يصلي أربعًا. ليس كذلك؛ بل عنده مثل ما قال مالك والشافعي، وفي رواية: يصليها أربعًا، وفي أخرى: يخيّر. الثالث: قوله: "هذا عيدنا" إشارة إلى الصلاة ليس بصواب؛ لما تقدم من أن قوله هذا لأبي [بكر] في بيت عائشة لا ذكر للصلاة ولا قرينة. (وأمر أنس مولاهم ابن أبي عتبة) بضم العين وسكون المثناة فوق بعدهما موحدة

بِالزَّاوِيَةِ، فَجَمَعَ أَهْلَهُ وَبَنِيهِ، وَصَلَّى كَصَلاَةِ أَهْلِ الْمِصْرِ وَتَكْبِيرِهِمْ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ أَهْلُ السَّوَادِ يَجْتَمِعُونَ فِي الْعِيدِ يُصَلُّونَ رَكْعَتَيْنِ كَمَا يَصْنَعُ الإِمَامُ. وَقَالَ عَطَاءٌ إِذَا فَاتَهُ الْعِيدُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ. 987 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رضى الله عنه - دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا جَارِيَتَانِ فِي أَيَّامِ مِنًى تُدَفِّفَانِ وَتَضْرِبَانِ، وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مُتَغَشٍّ بِثَوْبِهِ، فَانْتَهَرَهُمَا أَبُو بَكْرٍ فَكَشَفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ وَجْهِهِ فَقَالَ «دَعْهُمَا يَا أَبَا بَكْرٍ فَإِنَّهَا أَيَّامُ عِيدٍ». وَتِلْكَ الأَيَّامُ أَيَّامُ مِنًى. طرفه 949 ـــــــــــــــــــــــــــــ (بالزّاوية) موضع على فرسخين من البصرة استدل بأثر أنس وعكرمة على أنّ النساء وأهل السّواد عليهم العيد، وبه قال الأئمة إلا أبا حنيفة، والدليل له ما ذكرنا في صلاة الجمعة مع ما عليه. 987 - (بكير) بضم الباء مصغر وكذا (عقيل) روى حديث عائشة: (أن أبا بكر دخل عليها وعندها جاريتان تدفِّفان وتضربان) يجوز أن يكون "وتضربان" تفسير "تدففان"، وأن يكون معناه تغنيان؛ لأن غناءهما كان وقائع أوس وخزرج، وهي كضرب الأمثال (فانتهرهما أبو بكر) أي زجرهما، التركيب من النون والهاء والراء، ومنهُ النهار، والنهر يدل على السعة (دعهما يا أبا بكر، فإنها أيام عبد) يتسامح فيها ما لا يتسامح في غيرها (وأنا أنظر إلى الحبشة وهم يلعبون في المسجد، فزجرهم عمر فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: دعهم). فإن قلت: أي تعلق لهذا بالترجمة؟ قلت: كونها نظرت إلى لعبهم, دلّ على اشتراك النساء والرّجال في العيد وليس له اختصاص بالرجال. (أمنًا بني أرفدة) -بفتح الهمزة وكسر الفاء- اسم أبيهم أو أمهم كما تقدم (يعني من الأمن). هذا كلام البخاري؛ يريد أن قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لهم: "أمنًا" ليس من الأمان، ولا من الإيمان، إنما هو من الأمن؛ ضد الخوف. قال الجوهري: تقول: أمنت غيري، من الأمن والأمان والإيمان فأشار البخاري إلى أن المناسب للمقام هو الأمن؛ لأن عمر لما زجرهم كان مظنة الخوف، وتحير بعضهم فيه فقال: فإن قلت: ما المراد بقوله: يعني من الأمن؟ قلت: بيان أن التنوين في "أمنًا" للتقليل؛

26 - باب الصلاة قبل العيد وبعدها

988 - وَقَالَتْ عَائِشَةُ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتُرُنِى، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى الْحَبَشَةِ وَهُمْ يَلْعَبُونَ فِي الْمَسْجِدِ، فَزَجَرَهُمْ عُمَرُ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «دَعْهُمْ، أَمْنًا بَنِى أَرْفِدَةَ». يَعْنِى مِنَ الأَمْنِ. طرفه 454 26 - باب الصَّلاَةِ قَبْلَ الْعِيدِ وَبَعْدَهَا وَقَالَ أَبُو الْمُعَلَّى سَمِعْتُ سَعِيدًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَرِهَ الصَّلاَةَ قَبْلَ الْعِيدِ. 989 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنِى عَدِىُّ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ يَوْمَ الْفِطْرِ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا وَلاَ بَعْدَهَا وَمَعَهُ بِلاَلٌ. طرفه 98 ـــــــــــــــــــــــــــــ كما قال في "الكشاف" في التنوين في ليلًا في {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا} [الإسراء: 1] أو بيان أنه مفعول له، أو تمييز، أو أنه مشتق من الأمن؛ لا مصدر، هذه الأشياء الركيكة لا يقدر على تعقلها غيره. باب الصلاة قبل العيد وبعدها أنث الضمير لأنه أراد بالعيد صلاة العيد (وقال أبو المعلى: سمعت سعيدًا عن ابن [عباس] كره الصلاة قبل العيد) أبو المعلى -بضم الميم وتشديد اللام- يحيى بن ميمون، سماه الحاكم، قال: أبو الفضل المقدسي يحيى بن ميمون: استشهد به البخاري في العيدين؛ فالقول بأنه يحيى بن دينار ليس بصواب. 989 - (أبو الوليد) هشام الطيالسي (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج يوم الفطر، فصلى ركعتين لم يصل قبلها ولا بعدها) أخذ بظاهره مالك، وقال أحمد: يكره قبلها وبعدها في موضعها، وأبو حنيفة كره قبلها لا بعدها، والشافعي لا قبلها ولا بعدها؛ إلا أن يكون وقت الكراهة كما في سائر الأيام، هذا ما قاله النووي في شرح مسلم؛ لكن نقل البيهقي أن نصّ الشافعي إنما هو في المأموم، وأما الإمام فيكره له قبل وبعد.

14 - كتاب الوتر

14 - كتاب الوتر 1 - باب مَا جَاءَ فِي الْوِتْرِ 990 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ صَلاَةِ اللَّيْلِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «صَلاَةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، ـــــــــــــــــــــــــــــ أبواب الوتر باب ما جاء في الوتر 990 - (عن ابن عمر أن رجلًا سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صلاة الليل، فقال: صلاة الليل مثنى مثنى) -بفتح الميم من غير تنوين- لأنه غير منصرف للعدل والوصف. فإن قلت: ما معنى الوصفية وهو اسم العدد؟ قلت: معناه ليس مرادفًا للاثنين؛ بل معناه العدد المكرر؛ أي: اثنين اثنين. فإن قلت: إذا كان دالًا على العدد المكرر فأيّ معنى لقوله: "مثنى مثنى"؟ قلت: لو اقتصر على مثنى. مرة لتوهم أنه يريد ركعتين لا غير؛ لأنه أول ما يقع به التكرار. فإن قلت: تقييده بالليل هل يدل على أن صلاة النهار ليست كذلك؟ قلت: يدل عند من يقول بالمفهوم. وقد روي عن ابن [عمر] مرفوعًا: "صلاة الليل مثنى وصلاة النهار أربعًا" وبه قال أبو حنيفة، واستدل غيره على أن النهارية أيضًا ركعتان؛ لما في البخاري وغيره: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلّى قبل الظهر وبعده أيضًا ركعتين" وروى أبو داود والنسائي: "صلاة

فَإِذَا خَشِىَ أَحَدُكُمُ الصُّبْحَ صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً، تُوتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى». أطرافه 472 991 - وَعَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُسَلِّمُ بَيْنَ الرَّكْعَةِ وَالرَّكْعَتَيْنِ فِي الْوِتْرِ، حَتَّى يَأْمُرَ بِبَعْضِ حَاجَتِهِ. 992 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ كُرَيْبٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ الليل والنهار مثنى" والمفهوم إنما يعتد به إذا لم يعارضه دليل أقوى، قال مالك: وقوله: "صلاة الليل مثنى" مقتصرًا عليه؛ إنما كان جوابًا للسائل عن صلاة الليل. (فإذا خشي أحدكم الصبح صلّى ركعة توتر له ما قد صلى) استدل به الشافعي ومالك وأحمد على أن أقل الوتر ركعة إلى إحدى عشرة ركعة، ومنعَ أبو حنيفة الإيتار بركعة، لما روي عن ابن مسعود النهي عن البتر. والجواب عن ذلك أن ابن مسعود لم يرفعه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال ابن الأثير: رأى ابن مسعود سعدًا أوتر بواحدة، فقال له: ما هذه البتر. فإن قلت: ما حكم الوتر واجب هو؛ أم هو سنة؟ قلت: قال أبو حنيفة بوجوبه، لما روى أبو داود والترمذي: "إن الله أمركم بصلاة هي خير لكم من حمر النعم؛ وهي: الوتر". قال البخاري: لا يعرف له إسناد فيه سماع لكن قال الحاكم: الحديث صحيح الإسناد. وأما عند سائر العلماء سنة مؤكدة، استدلوا عليه بأنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرسل في آخر حياته معاذًا إلى اليمن، وقال: "أخبرهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات" ولو كان الوتر واجبًا لذكره. وهذا الاستدلال فيه نظر؛ إذ ربما كان وجوبه بعد معاذ. والذي يدل على عدم وجوبه ما رواه البخاري عن ابن عمر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يوتر على الدّابة. 991 - (وعن نافع) عطف على الإسناد الأول، صرح به في الموطأ. 992 - (مسلمة) بفتح الميم واللام وكذا (مخرمة) (كريب) بضم الكاف مصغر.

أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ بَاتَ عِنْدَ مَيْمُونَةَ، وَهْىَ خَالَتُهُ، فَاضْطَجَعْتُ فِي عَرْضِ وِسَادَةٍ، وَاضْطَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَهْلُهُ فِي طُولِهَا، فَنَامَ حَتَّى انْتَصَفَ اللَّيْلُ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ، فَاسْتَيْقَظَ يَمْسَحُ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ، ثُمَّ قَرَأَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ آلِ عِمْرَانَ، ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى شَنٍّ مُعَلَّقَةٍ، فَتَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّى فَصَنَعْتُ مِثْلَهُ فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ، فَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى رَأْسِى، وَأَخَذَ بِأُذُنِى يَفْتِلُهَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَوْتَرَ، ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى جَاءَهُ الْمُؤَذِّنُ فَقَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ، خَرَجَ فَصَلَّى الصُّبْحَ. طرفه 117 ـــــــــــــــــــــــــــــ روى في الباب حديث ابن عباس حين بات في بيت ميمونة ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - عندها، وقد تقدم الحديث بشرحه في باب السمر بعد العشاء، ونشير هنا إلى بعض مواضعه: (فنام حتّى انتصف الليل، أو قريبًا منه) أي: من النصف الذي دلّ عليه انتصف. فإن قلت: في رواية شريك بن أبي نمر ثلث الليل؟ قلت: قام في تلك الليلة قومتين صرّح به مسلم على أن رواية شريك قدح فيها العلماء صرّح به النووي في شرح مسلم. (فاستيقظ يمسح النوم عن وجهه) فيه تسامح؛ أي: مسح وجهه ليزول عنه الفتور (ثم قرأ عشر آيات من آل عمران) أي من آخره كما سيأتي صريحًا من قوله: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [البقرة: 164]، والظاهر أنه اختارها لاشتمالها على بيان اختلاف الليل والنهار، وفيها الدعوات (ثم قام إلى شنّ معلقة) القربة العتيقة (فقمت إلى جنبه) أي الأيسر (فوضع يده اليمنى على رأسي، فأخذ بأذني يفتلها) إنما فعل ذلك تلطفًا به، وليذهب عنه النوم (ثم صلى ركعتين) عدّ ركعتين، والمجموع اثنتا عشرة ركعة سوى الوتر. هذا نهاية ما روي عنه، فالقول بأنه تارة صلى خمس عشرة سهو أو عدّ معه ركعتي الفجر (ثم أوتر) صريح في أنه أوتر بواحدة؛ ولذلك اقتصر عليه، وإلا لذكر كمية العدد (ثم اضطجع حتى جاءه المؤذن فصلى ركعتين) هما سنة الفجر، واضطجاعه قبل السنة لا ينافي الاضطجاع بعده كما سيأتي، فإنه جمع بينهما.

993 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرٌو أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «صَلاَةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَنْصَرِفَ فَارْكَعْ رَكْعَةً تُوتِرُ لَكَ مَا صَلَّيْتَ». قَالَ الْقَاسِمُ وَرَأَيْنَا أُنَاسًا مُنْذُ أَدْرَكْنَا يُوتِرُونَ بِثَلاَثٍ، وَإِنَّ كُلاًّ لَوَاسِعٌ أَرْجُو أَنْ لاَ يَكُونَ بِشَىْءٍ مِنْهُ بَأْسٌ. طرفه 472 994 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصَلِّى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، كَانَتْ تِلْكَ صَلاَتَهُ - تَعْنِى بِاللَّيْلِ - فَيَسْجُدُ السَّجْدَةَ مِنْ ذَلِكَ قَدْرَ مَا يَقْرَأُ أَحَدُكُمْ خَمْسِينَ آيَةً قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ، وَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلاَةِ الْفَجْرِ، ثُمَّ يَضْطَجِعُ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَنِ حَتَّى يَأْتِيَهُ الْمُؤَذِّنُ لِلصَّلاَةِ. طرفه 626 ـــــــــــــــــــــــــــــ 993 - (فإذا أردت أن تنصرف فاركع ركعة توتر لك ما قد صلّيت) هذا أيضًا صريح في أن الوتر يكون بركعة (قال القاسم: ورأينا أناسًا منذ أدركنا يوترون بثلاث وإن كلًّا لواسع) هذا أيضًا بالإسناد الأول وليس بتعليق، كذا أخرجه أبو نعيم. 994 - (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي إحدى عشرة ركعة، كانت تلك صلاته) يعني بالليل. فإن قلت: هذا يدل على أنه لم يزد على إحدى عشرة، وقد تقدم رواية ابن عباس أنه صلى ثلاث عشرة؟ قلت: أجابوا بأنّ الركعتين في رواية ابن عباس سنة العشاء. وليس بشيء؛ بل الصواب أن هذا كان أكثر؛ لما روى مالك في الموطأ عن عائشة: أنه كان يصلي ثلاث عشرة ركعة. (ثم يضطجع على شقه الأيمن) لأنه أشرف، ولأن النوم أخو الموت، وقيل: لأنه أعون على الاستيقاظ؛ لأن القلب في الجانب الأيسر، فينغلق فلا يستغرق الإنسان في النوم.

2 - باب ساعات الوتر

2 - باب سَاعَاتِ الْوِتْرِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَوْصَانِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْوِتْرِ قَبْلَ النَّوْمِ. 995 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ سِيرِينَ قَالَ قُلْتُ لاِبْنِ عُمَرَ أَرَأَيْتَ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلاَةِ الْغَدَاةِ أُطِيلُ فِيهِمَا الْقِرَاءَةَ فَقَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى مِنَ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، وَيُوتِرُ بِرَكْعَةٍ وَيُصَلِّى الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلاَةِ الْغَدَاةِ وَكَأَنَّ الأَذَانَ بِأُذُنَيْهِ. قَالَ حَمَّادٌ أَىْ سُرْعَةً. طرفه 472 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ساعات الوتر (قال أبو هريرة: أوصاني النبي - صلى الله عليه وسلم - بالوتر قبل النوم) هذا التعليق تقدم مسندًا وسيأتي أيضًا، وإنما وصاه به قبل النوم لأنه علم منه عدم الوثوق في الانتباه؛ وإلا فالأفضل تأخيره؛ لسائر الروايات، رواه مسلم وغيره، وعلله بأن صلاة آخر الليل مشهودة. وروى أبو داود عن أبي قتادة: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سأل الصديق: "متى توتر من الليل؟ " فقال: أوتر في أوله، وقال للفاروق "متى توتر"؟ قال: أوتر آخر الليل. فقال: "أمّا أبو بكر فقد أخذ بالحزم" وهو الاحتياط؛ إذ ربما جاءه الموت فتفوته "وأمّا القوي فقد فعل فعله" يشير إلى أن شأنه الأخذ بالأقوى. 995 - (أبو النعمان) -بضم النون- محمد بن الفضل (حمّاد) بفتح الحاء وتشديد الميم (قلت لابن عمر: أرأيت الركعتين قبل صلاة الغداة) يريد: الفجر (أطيل القراءة؟) -بضم الهمزة- صيغة التكلم، وفي بعضها بضم الهمزة وفتح اللام على بناء المجهول، وفي بعضها: يطيل فعل المضارع الغائب: أي: المطيل فيها. لم يجبه ابن عمر من عند نفسه؛ بل نقل له (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي الركعتين قبل صلاة الفجر، وكان الأذان بأُذُنِيهِ) كناية عن غاية السرعة؛ أي: كأنه يسمع الإقامة، هو المراد بالأذان.

3 - باب إيقاظ النبى - صلى الله عليه وسلم - أهله بالوتر

996 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِى قَالَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِى مُسْلِمٌ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كُلَّ اللَّيْلِ أَوْتَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَانْتَهَى وِتْرُهُ إِلَى السَّحَرِ. 3 - باب إِيقَاظِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَهْلَهُ بِالْوِتْرِ 997 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى، وَأَنَا رَاقِدَةٌ مُعْتَرِضَةً عَلَى فِرَاشِهِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُوتِرَ أَيْقَظَنِى فَأَوْتَرْتُ. طرفه 382 ـــــــــــــــــــــــــــــ 996 - (عن عائشة: كل الليلة أوتر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) -بالنصب على الظرفية- أي: في كل ساعاته، في أوله، وأثنائه، وأخر ما انتهى إليه السّحر، هذا معنى الحديث الذي استدل به البخاري، فمن قال: المراد أنه أوتر في جميع الليالي فقد عدل عن الصواب، وأيّ فائدة في بيان أنه أوتر في جميع الليالي؟ إذ من خواصّه - صلى الله عليه وسلم - وجوب التهجد، أو كيف يرتبط بما قاله قول عائشة؟ (وانتهى وتره إلى السحر) قال الجوهري: السحر قبل الصبح. قال الماوردي: السحر السدس الأخير من الليل. باب إيقاظ النبي - صلى الله عليه وسلم - أهله بالوتر أي: سبب الوتر. 997 - (مسدد) بضم الميم وتشديد الذال المفتوحة (عن عائشة قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي وأنا راقدةٌ) جملة حالية (معترضةٌ) صفة راقدة؛ أي: في عرض قبلته (فإذا أراد أن يوتر أيقظني فأوترت) الفاء فيه فصيحة؛ أي: فإذا استيقظت أوترت. وفي الحديث أن الإنسان يجب عليه تفقد أهله في العبادات؛ لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} [التحريم: 6] ولقوله تعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ} [طه: 132]؛ وأن الإنسان إذا وثق بإيقاظ غيره إياه الأفضل في حقه تأخير الوتر إلى آخر الليل، وفيه أنّ النساء كالرّجال في شأن الوتر.

4 - باب ليجعل آخر صلاته وترا

4 - باب لِيَجْعَلْ آخِرَ صَلاَتِهِ وِتْرًا 998 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِى نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «اجْعَلُوا آخِرَ صَلاَتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا». ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ليجعل آخر صلاته وترًا 998 - (عن النبي - صلى الله عليه وسلم - اجعلوا آخر صلاتكم وترًا) اختلف العلماء فيمن صلّى الوتر، ثم قام يتهجد؛ هل يوتر ثانيًا؟ نقل عن ابن عمر أنه كان إذا قام بعد الوتر يصلي ركعة واحدة؛ ليجعل الوتر شفعًا، ثم يوتر بعده إذا فرغ من تهجده. واستدل أبو حنيفة بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا" على وجوب الوتر؛ استدلالًا بظاهر الأمر، ورَدَّهُ بعضهم بأن صلاة الليل ليست واجبة فكذا الوتر. وهذا كلام فاسد؛ لأن المأمور به في الحديث هو الوتر؛ لا الصلاة. ثم قال: فإن قلت: ما دليل غيره على عدم الوجوب؟ قلت: الأصل عدم الوجوب، وأيضًا لهم دليل، وليس هذا موضعه، وأنا أقول: أيّ موضع له غير هذا، فإن الخصم استدل على الوجوب بالحديث، والدليل لهم ما قدمنا من حديث معاذ حيث لم يأمره بأن يبلغ عنه غير الصلوات الخمس، وحديث السائل عن شرائع الإسلام؛ حيث لم يزد في جوابه على الصلوات الخمس، وقد أشرنا إلى عدم تمام دليلهم؛ يجوز أن يكون وجوب الوتر بعد ذلك. فإن قلت: قد روى مسلم عن عائشة: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي بعد الوتر ركعتين وهو جالس قلت: أجاب النووي: بأنه فعله بيانًا للجواز. وفيما قاله بحث؛ لأن لفظ كان يدل على الاستمرار.

5 - باب الوتر على الدابة

5 - باب الْوِتْرِ عَلَى الدَّابَّةِ 999 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَبِى بَكْرِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ قَالَ كُنْتُ أَسِيرُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بِطَرِيقِ مَكَّةَ فَقَالَ سَعِيدٌ فَلَمَّا خَشِيتُ الصُّبْحَ نَزَلْتُ فَأَوْتَرْتُ، ثُمَّ لَحِقْتُهُ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَيْنَ كُنْتَ فَقُلْتُ خَشِيتُ الصُّبْحَ، فَنَزَلْتُ فَأَوْتَرْتُ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ أَلَيْسَ لَكَ فِي رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فَقُلْتُ بَلَى وَاللَّهِ. قَالَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُوتِرُ عَلَى الْبَعِيرِ. أطرافه 1000، 1095، 1096، 1098، 1105 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الوتر على الدّابة 999 - (عن أبي بكر بن عمر بن عبد الرحمن) لم يذكر أحد اسمه، قال المقدسي: اسمه كنيته. قال المقدسي: ليس لأبي بكر هذا حديث في البخاري غير هذا الحديث (عن سعيد بن يسار) ضد اليمين (كنت مع عبد الله بن عمر [بن] الخطاب في طريق مكة، فلما خشبت الصبح نزلت فأوترت) فيه دليل على أن الوتر لا يكون بعد الصبح (فقال لي عبد الله: أليس لك في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُسوة؟) -بضم الهمزة وكسرها- لغتان قرِئ بهما (إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يوتر على البعير) هذا ظاهر عند القائل بأنه سنة؛ وأمّا القائل بوجوبه يشكل عليه، ولذلك قال الطحاوي: قال الكوفيون: لا يُصلي الوتر على الراحلة. وهو خلاف السنة وأشرنا إلى أن الدليل ما رواه البخاري أن ابن عمر: أنه صلى الوتر على الدّابة. فإن قلت: ترجم على الدابة، وذكر في الحديث البعير؟ قلت: البعير دابة لغة، أو أشار إلى ما سيأتي في أبواب القصر بلفظ: الدابة.

6 - باب الوتر فى السفر

6 - باب الْوِتْرِ فِي السَّفَرِ 1000 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى فِي السَّفَرِ عَلَى رَاحِلَتِهِ، حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ، يُومِئُ إِيمَاءً، صَلاَةَ اللَّيْلِ إِلاَّ الْفَرَائِضَ، وَيُوتِرُ عَلَى رَاحِلَتِهِ. طرفه 999 7 - باب الْقُنُوتِ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَبَعْدَهُ 1001 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ سُئِلَ أَنَسٌ أَقَنَتَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي الصُّبْحِ قَالَ نَعَمْ. فَقِيلَ لَهُ أَوَقَنَتَ قَبْلَ الرُّكُوعِ قَالَ بَعْدَ الرُّكُوعِ يَسِيرًا. أطرافه 1002، 1003، 1300، 2801، 2814، 3064، 3170، 4088، 4089، 4090، 4091، 4092، 4094، 4095، 4096، 6394، 7341 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الوتر في السّفر 1000 - (جويرية) -بضم الجيم مصغر- روى في الباب حديث ابن عمر في الباب قبله (أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي الوتر على الرّاحلة صلاة الليل) مفعول يصلي تقديره العاطف؛ أي: وصلاة الليل أيضًا (إلا الفرائض) استثناء من كلّ ما تقدم (ويوتر على راحلته) ردّ على من قال: لا يوتر في السفر. باب القنوت قبل الركوع وبعده قال ابن الأثير: القنوت جاء في الحدبث بمعنى الطاعة، والخشوع، والصلاة، والدعاء، والعبادة، والقيام، والسكون، فيحمل في كل موضع على ما يلائم، والمراد به هنا الدعاء. 1001 - (مسدد) بضم الميم وتشديد الدّال المفتوحة (سئل أنس: أقنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الصبح؟ قال: نعم) وفي بعضها: "أوقنت" عطفًا على مقدر؛ هو مدخل الاستفهام (قلت: قبل الركوع أو بعد الركوع؟ قال: بعد الركوع يسيرًا) وقد فسره في رواية أحمد بن يونس عن

1002 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنِ الْقُنُوتِ. فَقَالَ قَدْ كَانَ الْقُنُوتُ. قُلْتُ قَبْلَ الرُّكُوعِ أَوْ بَعْدَهُ قَالَ قَبْلَهُ. قَالَ فَإِنَّ فُلاَنًا أَخْبَرَنِى عَنْكَ أَنَّكَ قُلْتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ. فَقَالَ كَذَبَ، إِنَّمَا قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ الرُّكُوعِ شَهْرًا - أُرَاهُ - كَانَ بَعَثَ قَوْمًا يُقَالُ لَهُمُ الْقُرَّاءُ زُهَاءَ سَبْعِينَ رَجُلاً إِلَى قَوْمٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ دُونَ أُولَئِكَ، وَكَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَهْدٌ فَقَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَهْرًا يَدْعُو عَلَيْهِمْ. طرفه 1001 ـــــــــــــــــــــــــــــ أنس: بشهر، وقد غلط فيه من قال معنى يسيرًا: أي زمانًا قليلًا بعد الاعتدال، على أنه بعد الاعتدال غلط؛ فإنه يقرأ القنوت في اعتداله. قال الرافعي: ويستحب القنوت في الاعتدال في الركعة الثانية. 1002 - (إنما قنت بعد الركوع شهرًا). فإن قلت: ما جواب الشافعي عن هذا الحصر؟ قلت: محمول على الصلوات الخمس؛ لما روى الإمام أحمد والحاكم والدارقطني، واتفقوا على صحته: ما زال يقنت حتى فارق الدّنيا، رواه أنس، وروى البيهقي عن الخلفاء الأربعة أنهم كانوا يقنتون. (أراه كان بعث قومًا يقال لهم: القراء، زهاءَ سبعين رجلًا) الزهاء -بفتح الزاي المعجمة والمد- المقدار. لما مضى من مهاجره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سنة وثلاثون شهرًا جاء ملاعب الأسنة -وكان على شركه- وسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يرسل معه أناسًا من أصحابه إلى أهل نجد يدعونهم إلى الإسلام فبعث معه سبعين رجلًا من الأنصار؛ وهم القراء، وأمَّر عليهم المنذر بن عمير الساعدي، فخرج عليهم عامر بن الطفيل لعنه الله في مسيرهم، ومعه قبيلتان: رعل وذكوان، وانضاف إليهم عصية، وقاتلوا حتى قتلوا؛ إلا رجلًا من عليَّة وجز ناصيته زعم أنّ على أمه كفارة عتق رقبة.

1003 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنِ التَّيْمِىِّ عَنْ أَبِى مِجْلَزٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَنَتَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - شَهْرًا يَدْعُو عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ. طرفه 1001 1004 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ الْقُنُوتُ فِي الْمَغْرِبِ وَالْفَجْرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 1003 - (زائدة) من الزيادة (عن التيمي) -بفتح الفوقافية- سلمان بن طرخان (عن [أبي] مجلز) بكسر الميم بعده جيم واسمه لاحق (يدعو على رِعل، وذكوان) بكسر الرّاء وذال معجمة. 1004 - (عن أبي قلابة) -بكسر القاف- عبد الله بن زيد الجرمي (كان القنوت في المغرب والفجر) وروى أبو داود، والإمام أحمد: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قنت شهرًا متتابعًا في الصلوات الخمس يدعو على رعل وذكوان. فإن قلت: ذكر القنوت في أبواب الوتر ولا ذكر له في الحديث؟ قلت: أشار إلى ما رواه أصحاب السنن ولم يكن على شرطه. فإن قلت: ما دليل الشافعي على أنه خاص بالوتر آخر نصف من رمضان؟ قلت: حديث رواه أبو داود عن أبي بن كعب.

15 - كتاب الاستسقاء

15 - كتاب الاستسقاء 1 - باب الاِسْتِسْقَاءِ وَخُرُوجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي الاِسْتِسْقَاءِ 1005 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ قَالَ خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتَسْقِى وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ. أطرافه 1011، 1012، 1023، 1024، 1025، 1026، 1027، 1028، 6343 ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الاستقساء باب الاستقساء وخروج النبي - صلى الله عليه وسلم - الاستقساء -بالمدّ- مصدر استسقى؛ أي: طلب السقيا. 1005 - (أبو نعيم) بضم النون مصغر (عن عبّاد بن تميم) -بفتح العين وتشديد الموحدة- وتميم -بفتح الفوقانية- على وزن كريم (عن عمّه عبد الله بن زيد قَالَ: خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - يستسقي وحوّل رداءه) أي: جعل أسفله أعلاه، وما على اليمين على اليسار؛ وبالعكس، تفاؤلًا بتحويل الحال، وليس في حديثه أنه صلّى، وبه استدّل أبو حنيفة على أن لا صلاة، والجمهور على أنّ الإمام يصلي بالناس ويخطب كما في العيد، واستدلّوا على ذلك بأحاديث الباب، وليس في حديث عبّاد نفي الصلاة غايته السكوت عنها، على أنّ عبادًا روى في باب تحويل الرّداء عن عبد الله بن زيد: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلّى الاستقساء ركعتين. باب دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اجعلها سنين كسني يوسف" هذه الترجمة بعض حديث الباب.

2 - باب دعاء النبى - صلى الله عليه وسلم - «اجعلها عليهم سنين كسنى يوسف»

2 - باب دُعَاءِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «اجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِى يُوسُفَ» 1006 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ يَقُولُ «اللَّهُمَّ أَنْجِ عَيَّاشَ بْنَ أَبِى رَبِيعَةَ، اللَّهُمَّ أَنْجِ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ، اللَّهُمَّ أَنْجِ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا سِنِينَ كَسِنِى يُوسُفَ». وَأَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «غِفَارُ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا، وَأَسْلَمُ سَالَمَهَا اللَّهُ». قَالَ ابْنُ أَبِى الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ هَذَا كُلُّهُ فِي الصُّبْحِ. طرفه 797 1007 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ كُنَّا ـــــــــــــــــــــــــــــ 1006 - (قتيبة) بضم القاف مصغر (عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان (اللهم أنج عياش بن أبي ربيعة) بهمزة القطع وعياش -بالمثناة تحت وشين معجمة- وعياش هذا أخو أبي جهل لأمه، كان هو وسلمة بن هشام ابن عمّ خالد بن الوليد، والوليد بن الوليد موثقين بمكة، لا يُمكنون من الخروج إلى رسول - صلى الله عليه وسلم -، فخصّهم، ثم عمهم بقوله: (أنج المتضعفين) وسيأتي عن قريب عن ابن عباس: كنت أنا وأمي من المستضعفين (اللهم اشدد وطأتك على مضر) أي: على الكفار منهم. ومضر -بضم الميم- وهو: ابن نزار بن معد بن عدنان، وعدم صرفه لكونه صار علم القبيلة. والوطأة فعلة من الوطء؛ وهو: الدوس بالرّجل، كناية عن غاية الإذلال؛ لأن من جعل شيئًا تحت رجله فقد بالغ في إذلاله وإفساده (اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف) وجه الشبه القحط والجوع؛ إذ لا عذاب بعد الموت أشد منه، وفي لفظ: "سنين" شذوذان؛ الجمع [بالياء] والنون، وكسر السين (غِفار غفر الله لها) -بالغين المعجمة المكسورة- دعاء لهم (ولأسْلَمْ) لأنهم بادروا إلى الإسلام من غير قتال. 1007 - (الحميدي) -بضم الحاء-: عبد الله بن الزبير (عن أبي الضحى) مسلم بن صبيح -بضم المهملة- مصغر صبح (عثمان بن أبي شيبة) -بفتح المعجمة-[....] (كنا

عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا رَأَى مِنَ النَّاسِ إِدْبَارًا قَالَ «اللَّهُمَّ سَبْعٌ كَسَبْعِ يُوسُفَ». فَأَخَذَتْهُمْ سَنَةٌ حَصَّتْ كُلَّ شَىْءٍ حَتَّى أَكَلُوا الْجُلُودَ وَالْمَيْتَةَ وَالْجِيَفَ، وَيَنْظُرَ أَحَدُهُمْ إِلَى السَّمَاءِ فَيَرَى الدُّخَانَ مِنَ الْجُوعِ، فَأَتَاهُ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّكَ تَأْمُرُ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَبِصِلَةِ الرَّحِمِ وَإِنَّ قَوْمَكَ قَدْ هَلَكُوا، فَادْعُ اللَّهَ لَهُمْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِى السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ) إِلَى قَوْلِهِ (عَائِدُونَ * يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى) فَالْبَطْشَةُ يَوْمَ بَدْرٍ، وَقَدْ مَضَتِ الدُّخَانُ وَالْبَطْشَةُ وَاللِّزَامُ وَآيَةُ الرُّومِ. أطرافه 1020، 4693، 4767، 4774، 4809، 4820، 4821، 4822، 4823، 4824، 4825 ـــــــــــــــــــــــــــــ عند عبد الله) هو ابن مسعود حيث أُطلق (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما [من] رأى الناس) أي: أهل مكة، (إدبارًا) أو هذه اللام للعهد بدلالة الحال دعا عليهم (اللهم سبعًا كسبع يوسف) أي: اجعل عليهم، أو سلط سبعًا (فأخذتهم سنة) أي: قحط؛ علم بالغلبة (حصت كلّ شيء) أي: أذهبت بأصله وفرعه (حتى أكلوا الجلود، والميتة، والجيف) والجيف جمع جيفة؛ وهي: جثة الميت؛ إذا أنتنت من عطف الخاص على العام (فأتاه أبو سفيان) ابن حرب أبو معاوية، هذا كلّ العجب، يكذبونه ثم في الشدائد يرْغبون إليه (فالبطشة يوم بدر وقد مضت الدّخان) وهو الذي كان يراه واحد منهم بين السماء والأرض يشبه الدخان لغاية الجوع (والبطشة واللزام) كلاهما يوم بدر، البطشة: قتل صناديدهم. واللزام: لما أُلقوا في القليب بعضهم على بعض. (وآية الرّوم) غلبت الروم على فارس؛ كما أخبر الله {غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ} [الروم: 2 - 4]. حديث عبد الله صريح في أن هذا الدعاء عليهم كان ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة، وحديث أبي هريرة ودعاؤه للمستضعفين صريح في أنه كان ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة، فيجب حمله على أنه دعا عليهم مرّتين. وفي الحديث دلالة على جواز الدعاء على الكفرة والظلمة إذا حصل اليأس من رجوعهم، وذكر بعض الشارحين أن عبد الرحمن بن أبي بكر كان في صف المشركين يوم بدر، فإذا أقبل على القتال دعا عليه أبو بكر وامرأته؛ وإذا أدبر دعوا له. ولا أظن لهذا صحة؛ لأنّ أهل بدر مضبطون، ولم يذكر أحد فيهم المرأة، والذي صحّ من حديثه أن الصديق دعاه إلى المبارزة، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "متعنا بنفسك يا أبا بكر".

3 - باب سؤال الناس الإمام الاستسقاء إذا قحطوا

3 - باب سُؤَالِ النَّاسِ الإِمَامَ الاِسْتِسْقَاءَ إِذَا قَحَطُوا 1008 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو قُتَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَتَمَثَّلُ بِشِعْرِ أَبِى طَالِبٍ: وَأَبْيَضَ يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِوَجْهِهِ ... ثِمَالُ الْيَتَامَى عِصْمَةٌ لِلأَرَامِلِ 1009 - وَقَالَ عُمَرُ بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنَا سَالِمٌ عَنْ أَبِيهِ رُبَّمَا ذَكَرْتُ قَوْلَ الشَّاعِرِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى وَجْهِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتَسْقِى، فَمَا يَنْزِلُ حَتَّى يَجِيشَ كُلُّ مِيزَابٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب سؤال الناس الإمام الاستقساء إذا قحطوا السؤال هنا من سألته الشيء إذا طلبته؛ لا من سألته عن الشيء إذا استعلمته. قال الجوهري: قحط المطر يقحط على وزن ينصر؛ قحوطًا إذا احتبس. وحكى الفراء: كسر الحاء في الماضي، وأقحط القوم وقحطوا على بناء ما لم يسم فاعله؛ أي: أصابهم القحط. وقال ابن الأثير: قحط المطر -بكسر الحاء وفتحها- احتبس وانقطع، وأقحط الناس إذا لم يمطروا. فليس في كلامهما أن قحط على بناء الفاعل يسند إلى الناس، حتى يُدَّعَى أنه من باب القلب؛ فإن المطر إذا احتبس عنهم فقد احتبسوا عنه. 1008 - (أبو قتيبة) -بضم القاف- مصغر سالم بن قتيبة الخراساني. (سمعت ابن عمر تمثّل بشعر أبي طالب) قال الجوهري: تمثل بشعر فلان احتذاه. (وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ... ثمال اليتامى عصمة للأرامل) بنصب أبيض على المدح، وقد يروى بالرفع، وهو أيضًا رفع على المدح. والغمام: السحاب ومعنى استقساء الغمام بوجهه: أنه إذا توجه نحو الغمام نزل المطر. والثمال -بكسر المثلثة- الملجأ والغياث. وقيل: المُطعِمُ في الشدة. والعصمة: الحفظ عن ارتكاب المعاصي وما يكره. والأرامل: المساكين من الرّجال والنّساء، كأنهم من غاية الفقر لصقوا بالرّمل، ويقال للرجل الذي ماتت زوجته: أرمل، وكذا للمرأة التي مات زوجها؛ والمعنى الأول هو المراد. 1009 - (فما ينزل حتى يجيشَ كل ميزاب) أي: يهيج؛ يقال: هاج البحر وجاش بمعنى.

4 - باب تحويل الرداء فى الاستسقاء

1010 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُثَنَّى عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - كَانَ إِذَا قَحَطُوا اسْتَسْقَى بِالْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِينَا وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا. قَالَ فَيُسْقَوْنَ. طرفه 3710 4 - باب تَحْوِيلِ الرِّدَاءِ فِي الاِسْتِسْقَاءِ 1011 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبٌ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - اسْتَسْقَى فَقَلَبَ رِدَاءَهُ. طرفه 1005 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: ليس في الحديث أن الناس سألوا؟ قلت: رواه مختصرًا، وقد تقدم في كتاب الجمعة أن أعرابيًّا سأله وهو يخطب، وسَيعِيدُ ذلك الحديث في الأبواب بعده. 1010 - (عن ثُمامة بن عبد الله) بضم المثلثة (أن عمر بن الخطاب كان إذا قحطوا) على بناء المجهول (قال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبيك فتسقينا) هذا موضع الدلالة على ما ترجم؛ لأن التوسل صريح في السؤال (وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا فيسقون). فإن قلت: أين موضع الدلالة في حديث ابن عمر؟ قلت: قد اضطربوا فيه؛ فقالوا أقوالًا لا تفيد شيئًا، والصواب أن موضع الدلالة شعر أبي طالب، فإنه قال لما طلب منه المشركون أن يستسقي. ونقل البلاذري أن قضية عباس كانت في خلافة عمر سنة ثماني عشرة، سنة الرمادة، ولم يكن نزل المطر تسعة أشهر، ونقل ابن هشام الأبيات التي مدح بها العباس لما سُقوا باستقسائه، هذا ولفظ أنس: كانوا إذا قحطوا استسقى عمر بالعباس، يدل على وقوعه مرارًا. باب تحويل الرداء في الاستقساء 1011 - (إسحاق) كذا في بعضها غير منسوب، وفي بعضها إسحاق بن إبراهيم.

5 - باب الاستسقاء فى المسجد الجامع

1012 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى بَكْرٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَبَّادَ بْنَ تَمِيمٍ يُحَدِّثُ أَبَاهُ عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ إِلَى الْمُصَلَّى فَاسْتَسْقَى، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، وَقَلَبَ رِدَاءَهُ، وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ كَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ يَقُولُ هُوَ صَاحِبُ الأَذَانِ، وَلَكِنَّهُ وَهْمٌ، لأَنَّ هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ الْمَازِنِىُّ، مَازِنُ الأَنْصَارِ. طرفه 1005 5 - باب الاِسْتِسْقَاءِ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ ـــــــــــــــــــــــــــــ 1012 - (عن عباد بن تميم) بفتح العين وتشديد الموحدة (أراه عن عمه عبد الله بن زيد) -بضم الهمزة- أي: أظن (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج إلى المصلّى فاستسقى فاستقبل القبلة) أي: بعد صدر الخطبة الثانية (وقلب رداءه) هذا موضع الدلالة على الترجمة، قال به الأئمة إلا أبا حنيفة، ولم يقل به ولا بالصلاة، والحديث حجة عليه والظاهر أنه لم يبلغه الحديث؛ وإلا فالحديث لا معارض له. فإن قلت: هل يقلب المأموم أم لا؟ قلت: الحديث لا يدل عليه؛ إلا أن الإمام أحمد روى أنه لما قلب رداءه قلبه المأمومون، وهذا هو القياس. (قال أبو عبد الله كان ابن عيينة يقول هو صاحب الأذان) أي: عبد الله بن زيد (ولكن وَهِمَ فيه لأن هذا عبد الله بن زيد بن عاصم المازني؛ مازن الأنصار) قيد المازن بالأنصار ليميزه عن مازن بني صعصعة، ومازن شيبان، وإنما التبس على ابن عيينة، لأن كل واحد منهما أنصاري، وهذا عم تميم عبد الله بن زيد بن عاصم له رواية وصف وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما تقدم؛ وأمّا عبد الله بن زيد بن عبد ربه ليس له في البخاري، ولا في مسلم رواية (وصلى ركعتين) أي: كسائر الصلوات إلاّ أنه يقرأ في الركعة الثانية: {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا} [نوح: 1]. باب الاستقساء في المسجد الجامع قد يوجد في بعض النسخ قبل هذا الباب: انتقام الربّ عز وجل من خلقه بالقحط؛ وليس فيه حديث، قال بعض الأفاضل: وكأنه أراد أن يورد فيه حديث ابن مسعود: "اجعلها سنين كسني يوسف" بتغير شيء من السند، فعاقه عن ذلك عائق.

1013 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو ضَمْرَةَ أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى نَمِرٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَذْكُرُ أَنَّ رَجُلاً دَخَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مِنْ بَابٍ كَانَ وُجَاهَ الْمِنْبَرِ، وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَائِمٌ يَخْطُبُ فَاسْتَقْبَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَائِمًا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكَتِ الْمَوَاشِى وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ يُغِيثُنَا. قَالَ فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَيْهِ فَقَالَ «اللَّهُمَّ اسْقِنَا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا». قَالَ أَنَسٌ وَلاَ وَاللَّهِ مَا نَرَى فِي السَّمَاءِ مِنْ سَحَابٍ وَلاَ قَزَعَةً وَلاَ شَيْئًا، وَمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ سَلْعٍ مِنْ بَيْتٍ وَلاَ دَارٍ، قَالَ فَطَلَعَتْ مِنْ وَرَائِهِ سَحَابَةٌ مِثْلُ التُّرْسِ، فَلَمَّا تَوَسَّطَتِ السَّمَاءَ انْتَشَرَتْ ثُمَّ أَمْطَرَتْ. قَالَ وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا الشَّمْسَ سِتًّا، ـــــــــــــــــــــــــــــ 1013 - (محمد بن سلام) بتخفيف اللام على الأشهر (أبو ضمرة) -بفتح الضاد المعجمة- أنس بن عياض (أبي نمِر) بفتح النون وكسر الميم (أن رجلًا دخل يوم الجمعة من باب كان وجاه المنبر) -بضم الواو- أي: مقابله (فاستقبل رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قائمًا) حال من الفاعل؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان على المنبر، ومعنى قوله: استقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أي: توجه إليه؛ لأنه عين دخوله وجاه المنبر، أيضًا كان مستقبلًا (فقال: يا رسول الله، هلكت المواشي، وانقطعت السبل) لعدم الماء والعلف، فلا يمكن سلوكها (فادع الله أن يغيثنا) -بفتح الياء- من الغيث. قال الجوهري: يقال: غاث الغيث الأرض، وغاث الله البلاد، وكذا قال ابن الأثير، ويروى بضم الياء من الغوث يقال: استفثته فأغاثني، وأما جعله من الغيث فليس بشيء لأن أغاث لم يجئ منه، إنما جاء من الغوث (اللهم اسقنا) -بهمزة القطع والوصل- قرئ بهما (قال أنس: ولا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة ولا شيء) عطف على محلّ: من السحاب، ولا: مزيدة لتوكيد القسم؛ كما في {لَا أُقْسِمُ} [القيامة: 1]، وإعادتها في المعطوف لتأكيد معنى النفي، ولئلا يتوهم نفي المجموع من حيث المجموع. والقزعة -بثلاث فتحات- القطعة من السحاب (ولا بيننا وبين سلع من بيت ولا دار) السلع -بفتح السين وسكون اللام- جبل بالمدينة. والدار: المحلّة. وغرض أنس من هذا الكلام دفع وهم من يتوهم أنه ربما كان سحاب لم يره أنس لوجود مانع من الرؤية (والله ما رأينا الشمس سبتًا) -بالباء الموحدة-

ثُمَّ دَخَلَ رَجُلٌ مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ فِي الْجُمُعَةِ الْمُقْبِلَةِ، وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَائِمٌ يَخْطُبُ، فَاسْتَقْبَلَهُ قَائِمًا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكَتِ الأَمْوَالُ وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ يُمْسِكْهَا، قَالَ فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ «اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ عَلَى الآكَامِ وَالْجِبَالِ وَالآجَامِ وَالظِّرَابِ وَالأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ». قَالَ فَانْقَطَعَتْ وَخَرَجْنَا نَمْشِى فِي الشَّمْسِ. قَالَ شَرِيكٌ فَسَأَلْتُ أَنَسًا أَهُوَ الرَّجُلُ الأَوَّلُ قَالَ لاَ أَدْرِى. طرفه 932 ـــــــــــــــــــــــــــــ ويروى: ستًّا، -بالتاء- من العدد. فإن قلت: رواية ستًّا ظاهرة؛ لأن من الجمعة إلى الجمعة ستة أيام كوامل، وأما رواية: سبتًا، -بالباء الموحدة- فليست بظاهرة؟ قلت: أجاب ابن الأثير: بأنه أراد قطعة من الزمان؛ لأن السبت لغة هو القطع، أو أراد أسبوعًا كما يقال: عشرون خريفًا؛ أي: سنة. قلت: هذا هو الظاهر الموافق لسائر الروايات، وإيثار السبت لأنه أول الأسبوع أو آخره. (ثم دخل من ذلك الباب) قيل: يحتمل أن يكون الرّجل الأول. قلت: هو الرجل الأول؛ لما جاء في رواية: فقام أعرابي (ثم قال في الجمعة الأخرى ذلك الأعرابي: هلكت الأموال) أي: الزرع والمواشي [....] مياه (اللهم حوالينا) أي: اجعله حوالينا -بفتح الحاء- يقال: حوله وحواله وحواليه بفتح اللام في الكل (على الآكام والجبال والظراب والأودية ومنابت الشجر) بدل من حوالينا، والآكام -بفتح الهمزة والمدّ- هو الرواية. قال ابن الأثير: الإكام -بكسر الهمزة- جمع أكمة -بفتح الهمزة- وهي الرابية، والإكمام -بكسر الهمزة- يجمع على أكم -بفتح الهمزة وضم الكاف- والأكم على الآكام -بفتح الهمزة مع المد-، والظراب: الجبال الصغار جمع ظرب على وزن كتف؛ جمع المواضع التي هي محل الانتفاع، ولم يسأل رفع المطر، لأنه رحمة، فلا يلائم الدعاء الرفع، وأيضًا علم أن المقدر كائن (قلت لأنس: أهو الرّجل الأول؟ قال: لا أدري) قد أشرنا أنه ذلك الرجل. وفي الحديث دليل على جواز الاستقساء بدون الخروج إلى الصحراء، وبدون قلب الرداء، واستقبال القبلة، وفي الحديث معجزتان ظاهرتان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

6 - باب الاستسقاء فى خطبة الجمعة غير مستقبل القبلة

6 - باب الاِسْتِسْقَاءِ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ غَيْرَ مُسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةِ 1014 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَجُلاً دَخَلَ الْمَسْجِدَ يَوْمَ جُمُعَةٍ مِنْ بَابٍ كَانَ نَحْوَ دَارِ الْقَضَاءِ، وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَائِمٌ يَخْطُبُ، فَاسْتَقْبَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَائِمًا ثُمَّ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَتِ الأَمْوَالُ وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ يُغِيثُنَا فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ «اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا». قَالَ أَنَسٌ وَلاَ وَاللَّهِ مَا نَرَى فِي السَّمَاءِ مِنْ سَحَابٍ، وَلاَ قَزَعَةً، وَمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ سَلْعٍ مِنْ بَيْتٍ وَلاَ دَارٍ. قَالَ فَطَلَعَتْ مِنْ وَرَائِهِ سَحَابَةٌ مِثْلُ التُّرْسِ، فَلَمَّا تَوَسَّطَتِ السَّمَاءَ انْتَشَرَتْ ثُمَّ أَمْطَرَتْ، فَلاَ وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا الشَّمْسَ سِتًّا، ثُمَّ دَخَلَ رَجُلٌ مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ فِي الْجُمُعَةِ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَائِمٌ يَخْطُبُ، فَاسْتَقْبَلَهُ قَائِمًا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَتِ الأَمْوَالُ وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ يُمْسِكْهَا عَنَّا. قَالَ فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ «اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ عَلَى الآكَامِ وَالظِّرَابِ وَبُطُونِ الأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ». قَالَ فَأَقْلَعَتْ وَخَرَجْنَا نَمْشِى فِي الشَّمْسِ. قَالَ شَرِيكٌ سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ أَهُوَ الرَّجُلُ الأَوَّلُ فَقَالَ مَا أَدْرِى. طرفه 932 7 - باب الاِسْتِسْقَاءِ عَلَى الْمِنْبَرِ 1015 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الاستقساء في خطبة الجمعة غير مستقبل القبلة 1014 - (قتيبة) بضم القاف مصغر (أن رجلًا دخل المسجد يوم جمعة من باب كان نحو دار القضاء) هذه دار كانت لعمر بن الخطاب، بيعت بعد موته؛ لوفاء دينه، فإنه مات وعليه ستة وثمانون ألف درهم. ثم روى في الباب حديث أنس ودخول الرّجل ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب بلا زيادة، وتقدم شرحه مستوفى في الباب الذي قبله. باب الاستقساء على المنبر 1015 - (مسدد) بضم الميم وتشديد الدال المفتوحة (أبو عوانة) -بفتح العين- الوضاح الواسطي (بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب) بين: ظرف زمان للمفاجأة، وألفه للإشباع، وتارة يزاد

8 - باب من اكتفى بصلاة الجمعة فى الاستسقاء

إِذْ جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَحَطَ الْمَطَرُ فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَسْقِيَنَا. فَدَعَا فَمُطِرْنَا، فَمَا كِدْنَا أَنْ نَصِلَ إِلَى مَنَازِلِنَا فَمَا زِلْنَا نُمْطَرُ إِلَى الْجُمُعَةِ الْمُقْبِلَةِ. قَالَ فَقَامَ ذَلِكَ الرَّجُلُ أَوْ غَيْرُهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَصْرِفَهُ عَنَّا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا». قَالَ فَلَقَدْ رَأَيْتُ السَّحَابَ يَتَقَطَّعُ يَمِينًا وَشِمَالاً يُمْطَرُونَ وَلاَ يُمْطَرُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ. طرفه 932 8 - باب مَنِ اكْتَفَى بِصَلاَةِ الْجُمُعَةِ فِي الاِسْتِسْقَاءِ 1016 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ هَلَكَتِ الْمَوَاشِى وَتَقَطَّعَتِ السُّبُلُ. فَدَعَا، فَمُطِرْنَا مِنَ الْجُمُعَةِ إِلَى الْجُمُعَةِ، ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ تَهَدَّمَتِ الْبُيُوتُ وَتَقَطَّعَتِ السُّبُلُ، وَهَلَكَتِ الْمَوَاشِى فَادْعُ اللَّهَ يُمْسِكْهَا. فَقَامَ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «اللَّهُمَّ عَلَى الآكَامِ وَالظِّرَابِ وَالأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ». فَانْجَابَتْ عَنِ الْمَدِينَةِ انْجِيَابَ الثَّوْبِ. طرفه 932 9 - باب الدُّعَاءِ إِذَا تَقَطَّعَتِ السُّبُلُ مِنْ كَثْرَةِ الْمَطَرِ 1017 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى نَمِرٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكَتِ الْمَوَاشِى وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَمُطِرُوا مِنْ جُمُعَةٍ إِلَى جُمُعَةٍ، فَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَهَدَّمَتِ ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه ما (فقال: يا رسول الله! قحط المطر) قد تقدم أنه يقال: قحط المطر -بفتح القاف والحاء وقد تكسر الحاء- أي: احتبس (فقام ذلك الرجل؛ أو غيره) قد تقدم أنه ذلك الرجل، وتمام الحديث شرحه سلف قريبًا [في] باب الاستقساء في المسجد الجامع. باب من اكتفى بصلاة الجمعة في الاستقساء 1016 - (عبد الله بن مسلمة) بفتح الميم واللاّم (تهدّمت البيوت) خربت (وتقطعت السبل) لكثرة السيول في الأودية (وهلكت المواشي) لعدم إمكان الخروج إلى المراعي (فانجابت عن المدينة) -بالنون والجيم والباء الموحدة- أي: انكشفت (انجياب الثوب) انتصابه على المصدر.

10 - باب ما قيل إن النبى - صلى الله عليه وسلم - لم يحول رداءه فى الاستسقاء يوم الجمعة

الْبُيُوتُ وَتَقَطَّعَتِ السُّبُلُ وَهَلَكَتِ الْمَوَاشِى. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اللَّهُمَّ عَلَى رُءُوسِ الْجِبَالِ وَالآكَامِ وَبُطُونِ الأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ». فَانْجَابَتْ عَنِ الْمَدِينَةِ انْجِيَابَ الثَّوْبِ. طرفه 932 10 - باب مَا قِيلَ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يُحَوِّلْ رِدَاءَهُ فِي الاِسْتِسْقَاءِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ 1018 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ بِشْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَافَى بْنُ عِمْرَانَ عَنِ الأَوْزَاعِىِّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَجُلاً شَكَا إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - هَلاَكَ الْمَالِ وَجَهْدَ الْعِيَالِ، فَدَعَا اللَّهَ يَسْتَسْقِى، وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ حَوَّلَ رِدَاءَهُ وَلاَ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ. طرفه 932 11 - باب إِذَا اسْتَشْفَعُوا إِلَى الإِمَامِ لِيَسْتَسْقِىَ لَهُمْ لَمْ يَرُدُّهُمْ 1019 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى نَمِرٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَتِ الْمَوَاشِى، وَتَقَطَّعَتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ. فَدَعَا اللَّهَ، فَمُطِرْنَا مِنَ الْجُمُعَةِ إِلَى الْجُمُعَةِ، فَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَهَدَّمَتِ الْبُيُوتُ وَتَقَطَّعَتِ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ما قيل إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يحول رداءه في الاستقساء يوم الجمعة 1018 - (الحسن بن بشر) بالباء الموحدة، وشين معجمة (معافى بن عمران) بضم الميم وفتح الفاء (عن الأوزاعي) -بفتح الهمزة- إمام الشام في زمانه، عبد الرحمن. روى حديث أنس المتقدم مختصرًا، وموضع الدلالة (هلاك المال) أي: الزرع، والضرع (وجهد العيال) -بفتح الجيم-: المشقة. (أنه استقسى ولم يقلب رداءه، ولم يستقبل القبلة) وقد تقدم كل ذلك. باب [إذا] استشفعوا إلى الإمام ليستسقي لهم لم يردَّهم 1019 - روى في الباب حديث أنس المتقدم، وقوله: (فجاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -)

12 - باب إذا استشفع المشركون بالمسلمين عند القحط

السُّبُلُ وَهَلَكَتِ الْمَوَاشِى. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اللَّهُمَّ عَلَى ظُهُورِ الْجِبَالِ وَالآكَامِ وَبُطُونِ الأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ». فَانْجَابَتْ عَنِ الْمَدِينَةِ انْجِيَابَ الثَّوْبِ. أطرافه 932 12 - باب إِذَا اسْتَشْفَعَ الْمُشْرِكُونَ بِالْمُسْلِمِينَ عِنْدَ الْقَحْطِ 1020 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ وَالأَعْمَشُ عَنْ أَبِى الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ أَتَيْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ فَقَالَ إِنَّ قُرَيْشًا أَبْطَئُوا عَنِ الإِسْلاَمِ، فَدَعَا عَلَيْهِمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخَذَتْهُمْ سَنَةٌ حَتَّى هَلَكُوا فِيهَا وَأَكَلُوا الْمَيْتَةَ وَالْعِظَامَ، فَجَاءَهُ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ، جِئْتَ تَأْمُرُ بِصِلَةِ الرَّحِمِ، وَإِنَّ قَوْمَكَ هَلَكُوا، فَادْعُ اللَّهَ. فَقَرَأَ (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِى السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ) ثُمَّ عَادُوا إِلَى كُفْرِهِمْ فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى (يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى) يَوْمَ بَدْرٍ. قَالَ وَزَادَ أَسْبَاطٌ عَنْ مَنْصُورٍ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَسُقُوا الْغَيْثَ، فَأَطْبَقَتْ عَلَيْهِمْ سَبْعًا، وَشَكَا النَّاسُ كَثْرَةَ الْمَطَرِ فَقَالَ «اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا». فَانْحَدَرَتِ السَّحَابَةُ عَنْ رَأْسِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قد ذكرنا أنه الرجل الأول الذي سأل منه الدعاء بالمطر. باب إذا استشفع المشركون بالمسلمين عند القحط 1020 - (محمد بن كثير) ضد القليل (عن أبي الضحى) مسلم بن صبيح (فأخذتهم سنة) أي: قحط، علم له بالغلبة. روى في الباب حديث ابن مسعود أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما رأى إبطاء قريش عن الإسلام دعا عليهم، ثم جاء أبو سفيان فسأله أن يدعو لهم بالكشف، فدعا، فكشف عنهم، وقد مرّ الحديث في أول كتاب الاستقساء مطولًا، وإنما رواه هنا مختصرًا؛ لأنّ غرضه الدعاء بالكشف عن المشركي؛ كما ترجم له (وزاد أسباط) إنما أوردها تعليقًا (منصور: فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسقوا الغيث، فأطبقت عليهم سبعًا) أي: سبع ليال، وفاعل أطبقت ضمير السماء. اتفق العلماء على أن هذا وهم من أسباط، وذلك أنه ركب متن حديث أنس: أطبقت عليهم سبعًا، على سند ابن مسعود، وقضية ابن مسعود كانت بمكة وسؤال المشركين، وقصة أنس بالمدينة بسؤال الأعرابي.

13 - باب الدعاء إذا كثر المطر حوالينا ولا علينا

فَسُقُوا النَّاسُ حَوْلَهُمْ. طرفه 1007 13 - باب الدُّعَاءِ إِذَا كَثُرَ الْمَطَرُ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا 1021 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ يَوْمَ جُمُعَةٍ، فَقَامَ النَّاسُ فَصَاحُوا فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَحَطَ الْمَطَرُ وَاحْمَرَّتِ الشَّجَرُ وَهَلَكَتِ الْبَهَائِمُ، فَادْعُ اللَّهَ يَسْقِينَا. فَقَالَ «اللَّهُمَّ اسْقِنَا». مَرَّتَيْنِ، وَايْمُ اللَّهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قال بعض الشارحين: ترجمة هذا الباب وهم؛ لإنشائه على الوهم. وليس كما قال، فإن الاستدلال للبخاري قد تمّ برواية سفيان عن منصور، ورواية أسباط هذا -بفتح الهمزة وسين مهملة وباء موحدة- ابن محمد القرشي، مولاهم، قال شيخ الإسلام ابن حجر: ضعيف. قلت: والبخاري كثيرًا يذكر الضعيف في المتابعة. (فسقوا الناس حولهم) على لغة: أكلوني البراغيث؛ بإبدال الناس عن الضمير. قال شيخنا أبو الفضل ابن حجر: قد وقع لكفار قريش ما وقع بالمدينة، فإنه لما دعا الله لهم كثر المطر فشكوا إليه. باب الدّعاء إذا كثر المطر: "حوالينا ولا علينا" قيل: الدعاء مجرور بإضافة الباب إليه، وهو العامل قوله: "حوالينا"، وقد غلط فيه، لأن "حوالينا" هو نفس الدّعاء؛ فالصواب أنه بيان؛ أو بدل منه، وإذا قطع عن الإضافة يجوز أن يكون خبره، وأن يكون خبره مبتدأ محذوف، أو خبرًا بعد خبر إن جعل "إذا كثر المطر" خبرًا أول. 1021 - (معتمر) بفتح التاء وكسر الميم (عن أنس: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب يوم الجمعة فقام الناس فصاحوا؛ فقالوا: يا رسول الله! قحط المطر). فإن قلت: قد تقدم أن الذي سأله هو الأعرابي؟ قلت: لا منافاة؛ فإنه لما سأله الأعرابي وافقه سائر الناس. (واحمرت الشجر) لأنّ خضرتها من المطر (وقد رأيت وأيم الله) بهمزة القطع أو

14 - باب الدعاء فى الاستسقاء قائما

مَا نَرَى فِي السَّمَاءِ قَزَعَةً مِنْ سَحَابٍ، فَنَشَأَتْ سَحَابَةٌ وَأَمْطَرَتْ، وَنَزَلَ عَنِ الْمِنْبَرِ فَصَلَّى، فَلَمَّا انْصَرَفَ لَمْ تَزَلْ تُمْطِرُ إِلَى الْجُمُعَةِ الَّتِى تَلِيهَا، فَلَمَّا قَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ صَاحُوا إِلَيْهِ تَهَدَّمَتِ الْبُيُوتُ وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ يَحْبِسُهَا عَنَّا. فَتَبَسَّمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قَالَ «اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا». فَكُشِطَتِ الْمَدِينَةُ، فَجَعَلَتْ تُمْطِرُ حَوْلَهَا وَلاَ تَمْطُرُ بِالْمَدِينَةِ قَطْرَةً، فَنَظَرْتُ إِلَى الْمَدِينَةِ وَإِنَّهَا لَفِى مِثْلِ الإِكْلِيلِ. طرفه 932 14 - باب الدُّعَاءِ فِي الاِسْتِسْقَاءِ قَائِمًا 1022 - وَقَالَ لَنَا أَبُو نُعَيْمٍ عَنْ زُهَيْرٍ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ خَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الأَنْصَارِىُّ وَخَرَجَ مَعَهُ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ وَزَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ رضى الله عنهم فَاسْتَسْقَى، فَقَامَ بِهِمْ عَلَى رِجْلَيْهِ عَلَى غَيْرِ مِنْبَرٍ فَاسْتَغْفَرَ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ يَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ وَلَمْ يُؤَذِّنْ، وَلَمْ يُقِمْ. قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ وَرَأَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -. ـــــــــــــــــــــــــــــ الوصل (ما نرى في السماء قزعة) -بثلاث فتحات- أي: قطعة (فادع الله يسقنا) بالجزم على الجواب؛ هو: الرواية ويجوز الرّفع (فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) إنما تبسم لسرعة جزعهم، وعدم صبرهم (وتكشطت المدينة) ويقال: -تقشطت بالقاف أيضًا - أي: تكشفت (فنظرت إلى المدينة وإنها لفي مثل الإكليل) قال ابن الأثير: كل شيء أحاط، وحف بآخر فهو إكليل -بكسر الهمزة-. ومحصله أن الغيم ارتفع عن المدينة، وأحاط بجوانبها. باب الدعاء في الاستقساء 1022 - (وقال لنا أبو نعيم) -بضم النون مصغر- هو فضل بن دكين. إنما روى عنه بلفظ قال؛ لأنه سمع الحديث منه مذاكرة. قال شيخنا أبو الفضل ابن حجر: لا ينحصر لفظ قال في هذا؛ بل يذكر لفظ قال فيما ظاهره الوقف أو المتابعة (عن زهير) بضم الزّاي مصغر (عن أبي إسحاق) هو عمرو بن عبد الله السبيعي (عبد الله بن يزيد) هو الخطمي الأنصاري؛ كان أميرًا بالكوفة (وخرج معه البراء) بفتح الباء والراء المخففة (فاستغفر) أي: في خطبته؛ وذلك لقوله تعالى: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} [نوح: 10، 11] ثم صلّى ركعتين يجهر بالقراءة) لما روى في الباب الذي بعده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جهر بالقراءة، ثم صلى، ظاهره أنه صلى بعد الاستقساء، وفي رواية مسلم في هذا

15 - باب الجهر بالقراءة فى الاستسقاء

1023 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى عَبَّادُ بْنُ تَمِيمٍ أَنَّ عَمَّهُ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرَهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ بِالنَّاسِ يَسْتَسْقِى لَهُمْ، فَقَامَ فَدَعَا اللَّهَ قَائِمًا، ثُمَّ تَوَجَّهَ قِبَلَ الْقِبْلَةِ، وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ فَأُسْقُوا. طرفه 1005 15 - باب الْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ فِي الاِسْتِسْقَاءِ 1024 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ قَالَ خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتَسْقِى فَتَوَجَّهَ إِلَى الْقِبْلَةِ يَدْعُو، وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ جَهَرَ فِيهِمَا بِالْقِرَاءَةِ. طرفه 1005 16 - باب كَيْفَ حَوَّلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ظَهْرَهُ إِلَى النَّاسِ 1025 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ الحديث: فصلى ثم استسقى، وهذا هو المعتمد، وقال أبو إسحاق: إنما فعل عبد الله بن يزيد ما فعل رواية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإنما ذكر أبو إسحاق هذا الكلام نصًّا على أنه صحابي؛ فإن الناس اختلفوا في ذلك قال أبو داود: سمعت مصعبًا يقول: ليس بصحابي. قال شيخ الإسلام ابن حجر: صحابي صغير. قلت: لم يذكره ابن عبد البر في "الإستيعاب". 1023 - (عباد بن تميم) -بفتح العين وتشديد الموحدة- وتميم: على وزن كريم (عن عَمه) هو عبد الله بن زيد بن عاصم، الذي روى صفة وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (قبل القبلة) -بكسر القاف وفتح الباء- أي: جهة القبلة. باب الجهر بالقراءة [في] الاستسقاء 1024 - روى في الباب حديث عم عباد الذي في الباب قبله، وموضع الدلالة قوله: (جهر فيهما بالقراءة). باب كيف حول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ظهره إلى الناس 1025 - روى في الباب الحديث المتقدم عن عمّ عباد، وموضع الدلالة قوله:

17 - باب صلاة الاستسقاء ركعتين

عَنْ عَمِّهِ قَالَ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ خَرَجَ يَسْتَسْقِى قَالَ فَحَوَّلَ إِلَى النَّاسِ ظَهْرَهُ، وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ يَدْعُو، ثُمَّ حَوَّلَ رِدَاءَهُ، ثُمَّ صَلَّى لَنَا رَكْعَتَيْنِ جَهَرَ فِيهِمَا بِالْقِرَاءَةِ. أطرافه 1005 17 - باب صَلاَةِ الاِسْتِسْقَاءِ رَكْعَتَيْنِ 1026 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - اسْتَسْقَى فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَقَلَبَ رِدَاءَهُ. أطرافه 1005 18 - باب الاِسْتِسْقَاءِ فِي الْمُصَلَّى 1027 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ سَمِعَ عَبَّادَ بْنَ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ قَالَ خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ـــــــــــــــــــــــــــــ (فحول إلى الناس ظهره). فإن قلت: الباب موضوع لكيفية تحويل الظهر؛ لا لنفس التحويل؟ قلت: قوله: حول ظهره أي: إلينا. (واستقبل القبلة يدعو، ثم حوّل رداءه) كلّ هذا دال على الكيفية. فإن قلت: لم يعلم متى يحول ظهره؟ قلت: يحول في الخطبة الثانية؛ لما رواه أبو داود عن عائشة. باب صلاة الاستسقاء ركعتين قيل: ركعتين مجرور بدل أو بيان، والأظهر أنه نصب على الحال. 1026 - (قتيبة بن سعيد) بضم القاف مصغر، روى فيه حديث عمّ عباد أيضًا، وموضع الدلالة قوله: (صلى ركعتين). باب الاستسقاء في المصلّى 1027 - وفي الباب أيضًا حديث عمّ عباد، وموضع الدلالة: (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج

19 - باب استقبال القبلة فى الاستسقاء

إِلَى الْمُصَلَّى يَسْتَسْقِى، وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَقَلَبَ رِدَاءَهُ. قَالَ سُفْيَانُ فَأَخْبَرَنِى الْمَسْعُودِىُّ عَنْ أَبِى بَكْرٍ قَالَ جَعَلَ الْيَمِينَ عَلَى الشِّمَالِ. أطرافه 1005 19 - باب اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ فِي الاِسْتِسْقَاءِ 1028 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدٍ أَنَّ عَبَّادَ بْنَ تَمِيمٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ الأَنْصَارِىَّ أَخْبَرَهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ إِلَى الْمُصَلَّى يُصَلِّى، وَأَنَّهُ لَمَّا دَعَا - أَوْ أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ - اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ابْنُ زَيْدٍ هَذَا مَازِنِىٌّ، وَالأَوَّلُ كُوفِىٌّ هُوَ ابْنُ يَزِيدَ. أطرافه 1005 ـــــــــــــــــــــــــــــ إلى المصلى)، (قال سفيان: وأخبرني المسعودي) هو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن مسعود (عن أبي بكر: أنه جعل اليمين على الشمال) وفي رواية أبي داود: جعل عطافه الأيمن على عاتقه الأيسر؛ وعطافه الأيسر على عاتقه الأيمن، وللإمام أحمد: حوّل رداءه وقلب ظهرًا لبطن، فجمع الشافعي بين الروايتين، كما هو المسطور في فروعه. باب استقبال القبلة في الاستسقاء 1028 - (محمد) كذا وقع غير منسوب. قال أبو نصر: يروي البخاري عن محمد بن سلام، وعن محمد بن يسار، وعن ابن المثنى، وابن موسى عن عبد الوهاب، فيحتمل عند الإطلاق هؤلاء. إلا أن في بعضها هنا صرح بابن سلام. روى في الباب حديث عم عباد المتقدم، وموضع الدلالة قوله: (لما أراد أن يدعو استقبل القبلة) هذا، وبجب حمل هذا الكلام على أنه لمّا أراد ختم الدّعاء؛ لما في رواية أبي داود عن عائشة: أنه لما دعا رافعًا يديه وطول فيه، حوّل ظهره إلى الناس.

20 - باب رفع الناس أيديهم مع الإمام فى الاستسقاء

20 - باب رَفْعِ النَّاسِ أَيْدِيَهُمْ مَعَ الإِمَامِ فِي الاِسْتِسْقَاءِ 1029 - قَالَ أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنِى أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى أُوَيْسٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلاَلٍ قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ أَتَى رَجُلٌ أَعْرَابِىٌّ مِنْ أَهْلِ الْبَدْوِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكَتِ الْمَاشِيَةُ هَلَكَ الْعِيَالُ هَلَكَ النَّاسُ. فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَيْهِ يَدْعُو، وَرَفَعَ النَّاسُ أَيْدِيَهُمْ مَعَهُ يَدْعُونَ، قَالَ فَمَا خَرَجْنَا مِنَ الْمَسْجِدِ حَتَّى مُطِرْنَا، فَمَا زِلْنَا نُمْطَرُ حَتَّى كَانَتِ الْجُمُعَةُ الأُخْرَى، فَأَتَى الرَّجُلُ إِلَى نَبِىِّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَشِقَ الْمُسَافِرُ، وَمُنِعَ الطَّرِيقُ. طرفه 932 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب رفع الناس أيديهم مع الإمام في الاستسقاء 1029 - (وقال أيوب بن سليمان) هو شيخ البخاري، وإنما روى عنه بلفظ قال لأنه سمع مذاكرة (أبو بكر بن أبي أويس) -بضم الهمزة- مصغر أوس، وأبو بكر اسمه عبد الحميد (هلكت الماشية، هلك العيال، هلك الناس) يجوز أن تكون بتقدير حرف العطف، وأن تكون كذا مسرودة على نمط التعداد (فما زلنا نمطر حتى كانت الجمعة الأخرى، فأتى الرجل) هو ذاك الذي جاء في الجمعة الماضية؛ لأن النكرة إذا أُعيدت معرفةً كانت عين الأول (فقال: يا رسول الله! بشِقَ المسافر) -بالباء الموحدة وستين معجمة آخره قاف- فسره البخاري في بعض النسخ: بشق: حل، وهذا معنى ملائم للمقام. وقال ابن الأثير: بشق مثل بشك بمعنى: أسرع. وقيل: معناه تأخر، وقيل: جلس، وقيل: ضعف؛ وكلها متقاربة، وقال الخطابي: بشق ليس بشيء؛ إنما هو لثق -باللام والثاء المثلثة- قال الجوهري: لثق -بالكسر- من اللثق بالتحريك: ابتل. وقد جاء في حديث عائشة في الاستقساء: "أنه لما استسقى وجاء المطر، فلما رأى لثق الثياب على الناس ضحك حتى بدت نواجده". وهذا الذي قاله الخطابي رد لرواية الثقاتِ من غير ضرورة؛ لا سيما والبخاري فسره وغيره. مع أن المعاني كلها ملائمة، وقال غيره: يشق مصحف؛ إنما هو مشق، قال: ومعناه: زل وزلق، وقيل: مصحف نشق -بالنون- من نشق الظبي إذا علقت في الحبالة؛ وكل هذه أوهام.

21 - باب رفع الإمام يده فى الاستسقاء

1030 - وَقَالَ الأُوَيْسِىُّ حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَشَرِيكٍ سَمِعَا أَنَسًا عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ. 21 - باب رَفْعِ الإِمَامِ يَدَهُ فِي الاِسْتِسْقَاءِ 1031 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى وَابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لاَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَىْءٍ مِنْ دُعَائِهِ إِلاَّ فِي الاِسْتِسْقَاءِ، وَإِنَّهُ يَرْفَعُ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إِبْطَيْهِ. طرفاه 4565، 6341 ـــــــــــــــــــــــــــــ 1030 - (فرفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يديه ورفع الناس) هذا موضع الدلالة (وقال الأويسي) هو عبد العزيز بن عبد الله بن عمرو من شيوخ البخاري، والزيادة في روايته هي قوله: (حتى رأيت بياض إبطيه) كناية عن غاية الرفع، وبياض الإبط خاص به؛ فإن تحت الإبط من غيره كدر اللون. 1031 - (محمَّد بن بشار) بفتح الباء وتشديد المعجمة (ابن أبي عدي) -بفتح العين وكسر الدال وتشديد الياء- محمَّد بن إبراهيم. (عن أنس: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يرفع يديه في شيء من دعاء إلا في الاستسقاء) محمول على أنه لم يره، أو أراد أنه لم يبالغ في الرّفع إلا في الاستسقاء، هذا وأما حمله على صفة الرفع كما روى مسلم عن أنس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رفع يديه وأشار بظهر كفيه إلى السماء، فلا دلالة للفظ عليه.

22 - باب ما يقال إذا أمطرت

22 - باب مَا يُقَالُ إِذَا أَمْطَرَتْ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (كَصَيِّبٍ) الْمَطَرُ. وَقَالَ غَيْرُهُ صَابَ وَأَصَابَ يَصُوبُ. 1032 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ - هُوَ ابْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الْحَسَنِ الْمَرْوَزِىُّ - قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا رَأَى الْمَطَرَ قَالَ «صَيِّبًا نَافِعًا». تَابَعَهُ الْقَاسِمُ بْنُ يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ. وَرَوَاهُ الأَوْزَاعِىُّ وَعُقَيْلٌ عَنْ نَافِعٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ على أن رواية مسلم عن أنس رفع يديه جعل ظهر كفيه إلى السماء ليس فيه كيفية رفع اليد بل رفع اليد مطلقًا. باب ما يقال إذا أمطرت يقال: مطرف وأمطرت بمعنى، إلا أن المجرد أكثر ما يقال في الخير؛ والمزيد في الشر (وقال ابن عباس: {كَصَيِّبٍ} المطر وقال غيره: الصيب السحاب، صاب وأصاب) يريد أنهما لغتان. 1032 - (محمَّد بن مقاتل) -بكسر التاء- أبو الحسن المروزي. (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا رأى المطر قال: صيبًا نافعًا) وفي رواية ابن ماجه والنسائي: "سيبًا" بالسين. قال ابن الأثير: أي عطاءً. ويجوز أن يراد مطرًا سايبًا؛ أي: جاريًا (تابعه القاسم بن يحيى بن عبيد الله، ورواه الأوزاعي وعقيل عن نافع) وإنما قال أولًا: تابعه؟ وثانيًا: رواه؛ تفننًا في العبارة، وقيل: إما لأن الرواية أعم من المتابعة؛ وإما لأنهما لم يرويا -عنى الأوزاعي وعقيلًا- عن نافع بواسطة عبيد الله. وهذا كلام فاسد: أما أولًا: فلأن الكلام ليس مفهوم الرواية, والمتابعة حتى يقال: أحدهما أعم، إنما الكلام في الحديث المروي سواء عبر عنه بلفظ الرواية أو المتابعة. وأما ثانيا: فلأن قوله: فلأن الأوزاعي وعقيلًا لم يرويا عن نافع بواسطة عبيد الله. كلام

23 - باب من تمطر فى المطر حتى يتحادر على لحيته

23 - باب مَنْ تَمَطَّرَ فِي الْمَطَرِ حَتَّى يَتَحَادَرَ عَلَى لِحْيَتِه 1033 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ أَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ الأَنْصَارِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ أَصَابَتِ النَّاسَ سَنَةٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَبَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَامَ أَعْرَابِىٌّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكَ الْمَالُ وَجَاعَ الْعِيَالُ، فَادْعُ اللَّهَ لَنَا أَنْ يَسْقِيَنَا. قَالَ فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَيْهِ، وَمَا فِي السَّمَاءِ قَزَعَةٌ، قَالَ فَثَارَ سَحَابٌ أَمْثَالُ الْجِبَالِ، ثُمَّ لَمْ يَنْزِلْ عَنْ مِنْبَرِهِ حَتَّى رَأَيْتُ الْمَطَرَ يَتَحَادَرُ عَلَى لِحْيَتِهِ، قَالَ فَمُطِرْنَا يَوْمَنَا ذَلِكَ، وَفِى الْغَدِ وَمِنْ بَعْدِ الْغَدِ وَالَّذِى يَلِيهِ إِلَى الْجُمُعَةِ الأُخْرَى، فَقَامَ ذَلِكَ الأَعْرَابِىُّ أَوْ رَجُلٌ غَيْرُهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَهَدَّمَ الْبِنَاءُ وَغَرِقَ الْمَالُ، فَادْعُ اللَّهَ لَنَا. فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَيْهِ وَقَالَ «اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا». قَالَ فَمَا جَعَلَ يُشِيرُ بِيَدِهِ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ السَّمَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــ مخترع، ليس له تعلق بالمقام أبدًا، وذلك أن المتابعة كما ذكرنا مرارًا هي: أن تنظر في الحديث؛ هل رواه عن شيخه أحد غيره؟ فإن رواه فهذه متابعة في شيخ شيخه، ثم شيخ شيخه إلى الصحابي، فإن وجدت أحدًا وافق أحد المشايخ في مرتبة من تلك المراتب فهي متابعة ناقصة؛ ولا مزيد على هذا باتفاق المحدثين. إلا أن هنا نكتة؛ وهي أن متابعة القاسم أقرب من متابعة الأوزاعي وعقيل؛ لأنه روى عن عبيد، وهما عن شيخه، فلا يبعد أن يكون تفننه لهذه النكتة. باب من تمطّر حتى تحادَرَ على لحيته تمطر -على وزن تكلم -أي: تعرض للمطر قصدًا حتى يصيبه وسيجيءُ أنه كان يفعله قصدًا، فقيل له في ذلك فقال: "حديث عهد بربه". 1033 - روى في الباب حديث أنس (أن أعرابيًّا قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - هلك المال، وجاع العيال) وقد سلف مرارًا، وموضع الدلالة هنا قوله: (لم ينزل عن منبره حتى رأيت المطر يتحادر على لحيته) أي: يتساقط بعضه إثر بعض؛ من الحدور؛ وهي: السرعة (فقام ذلك الأعرابي، أو رجل غيره) تقدم أنه ذلك الأعرابي (فما جعل يشير بيده إلى ناحية) أي:

24 - باب إذا هبت الريح

إِلاَّ تَفَرَّجَتْ حَتَّى صَارَتِ الْمَدِينَةُ فِي مِثْلِ الْجَوْبَةِ، حَتَّى سَالَ الْوَادِى - وَادِى قَنَاةَ - شَهْرًا. قَالَ فَلَمْ يَجِئْ أَحَدٌ مِنْ نَاحِيَةٍ إِلاَّ حَدَّثَ بِالْجَوْدِ. طرفه 932 24 - باب إِذَا هَبَّتِ الرِّيحُ 1034 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ أَخْبَرَنِى حُمَيْدٌ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا يَقُولُ كَانَتِ الرِّيحُ الشَّدِيدَةُ إِذَا هَبَّتْ عُرِفَ ذَلِكَ فِي وَجْهِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 25 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «نُصِرْتُ بِالصَّبَا» 1035 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - ـــــــــــــــــــــــــــــ فما شرع (إلا تفرجت) أي: تكشفت (حتى صارت المدينة في مثل الجوبة) -بفتح الجيم وسكون الواو، والباء الموحدة- قال ابن الأثير: هي الحفرة المستديرة (حتى سال الوادي وادي قناة) بإضافة وادي إلى قناة؛ من غير تنوين؛ لأنه غير منصرف باعتبار البقعة، علم موضع بالمدينة، ويروى قناة -بالضم- على أنه بدل بعض، ونكره بعض المشايخ؛ إذ ليس هناك قناة في الوادي. باب إذا هبت الريح 1034 - (حميد) بضم الحاء مصغر (عن أنس: أن الريح كانت إذا هبت عرف ذلك في وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم -) أي: أثر الخوف والحزن، وسيجيء من رواية عائشة صريحًا أنها سألته عن ذلك، قال: "إن قومًا أهلكوا بالريح" وهم قوم عاد، فخاف أن يصيب من كذبه مثله، وكان يرجو أن يوحد الله منهم واحدٌ، أو يولد من يوحد؛ كما صرح بذلك في الأحاديث، وفي رواية أبي داود: "إن الريح من روح الله، تأتي بالرحمة والعذاب". باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "نصرت بالصبا" 1035 - (مسلم) ضد الكافر (الحاكم) بفتح الحاء والكاف (عن ابن عباس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم -

26 - باب ما قيل فى الزلازل والآيات

قَالَ «نُصِرْتُ بِالصَّبَا، وَأُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ». أطرافه 3205، 3343، 4105 26 - باب مَا قِيلَ فِي الزَّلاَزِلِ وَالآيَاتِ 1036 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقْبَضَ الْعِلْمُ، وَتَكْثُرَ الزَّلاَزِلُ، وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قال: نصرت بالصبا، وأهلكت عاد بالدبور) قال الجوهري: الصبا ريح مهبها المستوي مطلع الشمس؛ إذا تساوى الليل والنهار. والدَّبُور -بفتح الدال- ما يقابل الصبا، قيل: سميت بذلك لأنها تهب من دبرِ الكعبة، قال ابن الأثير: وهذا ليس بشيء. قلت: هذا صواب؛ لأن الدبور ضد الصبا في الجهة، وإذا كان الصبا من المشرق فهي تهب على باب الكعبة، وباب البيت قبل الكعبة؛ كما سيأتي في أبواب الحج. وفي هذه الترجمة تخصيص لعموم حديث أنس المتقدم، ولحتمل أن يكون باقيًا على عمومه؛ إذ لا يلزم من كونه منصورًا بالصبا ألا يكون فيه ضرر لأمته. باب ما قيل في الزلازل والآيات 1036 - (أبو الزناد) -بكسر الزاي بعدها نون- عبد الله بن ذكوان (لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم) أي يقبض أهله؛ كما سلف في كتاب الإيمان (وتكثر الزلازل) جمع الزلزلة؛ هي: التحريك العنيف؛ والمراد: تحريك الأرض (ويتقارب الزمان) وقد جاء مفسرًا في رواية الترمذي: "تكون السنة كالشهر، والشهر كالجمعة، والجمعة كاليوم، واليوم كالساعة". فإن قلت: ما وجه ذلك والشمس لم تفارق مشارقها ومغاربها؟ قلت: المراد رفع البركة عنها، أو الناس يعرضون عن العبادات، ويشتغلون باللهوِ؛ وأيامُ السرورِ قِصارٌ. قال النووي: معنى: "يتقارب الزمان" يقرب الزمان من الساعة؛ لأن قصر الزمان مستلزم لقرب الساعة. فمن قال محصل كلامه ولا تقوم القيامة حتى تقترب القيامة. وهذا كلام مهمل؛ فالمهمل ما تخيله.

وَتَظْهَرَ الْفِتَنُ، وَيَكْثُرَ الْهَرْجُ - وَهْوَ الْقَتْلُ الْقَتْلُ - حَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمُ الْمَالُ فَيَفِيضُ». طرفه 85 1037 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَامِنَا وَفِى يَمَنِنَا. قَالَ قَالُوا وَفِى نَجْدِنَا قَالَ قَالَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَامِنَا وَفِى يَمَنِنَا. قَالَ قَالُوا وَفِى نَجْدِنَا قَالَ قَالَ هُنَاكَ الزَّلاَزِلُ وَالْفِتَنُ، وَبِهَا يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ. طرفه 7094 ـــــــــــــــــــــــــــــ (وتظهر الفتن) أنواع الضلالة والبدع، أو المصائب والآفات (ويكثر الهرج) وهو القتل بلسان الحبشة؛ كما سيأتي، ولذلك كرر في تفسيره بقوله: (وهو القتل القتل)، (حتى يكثر فيكم المال فيفيض) -بالنصب- عطف على يكثر، ويحتمل الرفع على أنه تفسير للكثرة، وأصل الفيض في الماء؛ يقال: فاض الماء إذا سال عن جوانب الحوض، ففيه استعارة تبعية. فإن قلت: "حتى يكثر المال" غاية لماذا؟ قلت: غاية للقتل؛ فإنه إذا أكثر في الناس بقيت الأموال من دون الرجال. 1037 - (محمَّد بن المثنى) بضم الميم وتشديد النون (ابن عون) -بفتح العين وسكون الواو آخره نون- عبد الله (اللهم بارك لنا في شامنا ويمننا). فإن قلت: ما المراد بالشام واليمن؟ قلت: بلاد الشام، وبلاد اليمن؛ وذلك أن الشام وإن لم تكن بعد مفتوحة إلا أنه كان يعلم أنها ملك أمته، ويحتمل أن يريد مكة والمدينة؛ فإن مكة من أعمال يمن، والمدينة من أعمال الشام. (قالوا: وفي نجدنا) أي: قل: وفي نجدنا، ومثله يسمى عطفًا تلقينيًّا. والنجد لغة: المكان المرتفع، قال ابن الأثيرة وهو ما دون الحجاز مما يلي العراق (قال: هنالك الزلازل والفتن، وبها يطلع قرن الشيطان) مجاز عن كثرة الفساد والشرور؛ لأن قرن الحيوان سلاحه والذي به يفسد، وإنما لم يدع لهم لأنه تقوية لمادة الفساد، ألا ترى كيف دعا على أهل مكة بالقحط؛ ليقل شرهم.

27 - باب قول الله تعالى (وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون)

27 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ شُكْرَكُمْ. 1038 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِىِّ أَنَّهُ قَالَ صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلاَةَ الصُّبْحِ بِالْحُدَيْبِيَةِ عَلَى إِثْرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنَ اللَّيْلَةِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ «هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ». قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ «أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِى مُؤْمِنٌ بِى وَكَافِرٌ، فَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ. فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِى كَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا. فَذَلِكَ كَافِرٌ بِى مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ». طرفه 846 ـــــــــــــــــــــــــــــ وفي بعض النسخ وقع هذا الحديث موقوفًا عن ابن عمر. قال القابسي: هذا محمول على سقوط لفظ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأن مثله لا يمكن إدراكه بالرأي. قلت: سيأتي في كتاب الفتن من رواية أزهر السمان التصريح برفعه. باب قوله: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (82)} [الواقعة: 82] (وقال ابن عباس: شكركم) وهذا لأن الشكر من أسباب الرزق، قال تعالى: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: 7] وعن ابن جبير أنَّ ابن عباس قرأ كذلك. وقرأ علي بن أبي طالب وتجعلون شكركم أنكم تكذبون، بفتح التاء وتخفيف الذال. 1038 - (صالح بن كيسان) بفتح الكاف وسكون الياء (عن زيد بن خالد الجهني) -بضم الجيم وفتح الهاء- نسبة إلى جهينة؛ قبيلة معروفة (صلى لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الصبح بالحديبية) -بضم الحاء وتشديد الياء الثانية، وقد تخفف- اسم بئر بقرب مكة (على إثر سماء) أي: مطر؛ مجاز مشهور. والإثر -بكسر الهمزة وسكون المثلثة- أي: بعده، ويجوز الفتح وتحريك الثاء (ومن قال: مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب). والنوء: منزل من منازل القمر، وهي ثمانية وعشرون، كلما غاب كوكب طلع مقابله آخر، هذا معنى النوء. قيل: من ناء إذا سقط، وقيل: من ناء إذا نهض ينظر إلى النجم الغارب

28 - باب لا يدرى متى يجئ المطر إلا الله

28 - باب لاَ يَدْرِى مَتَى يَجِئُ الْمَطَرُ إِلاَّ اللَّهُ وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «خَمْسٌ لاَ يَعْلَمُهُنَّ إِلاَّ اللَّهُ». 1039 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مِفْتَاحُ الْغَيْبِ خَمْسٌ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ اللَّهُ لاَ يَعْلَمُ أَحَدٌ مَا يَكُونُ فِي غَدٍ، وَلاَ يَعْلَمُ أَحَدٌ مَا يَكُونُ فِي الأَرْحَامِ، وَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا، وَمَا تَدْرِى نَفْسٌ بِأَىِّ أَرْضٍ تَمُوتُ، وَمَا يَدْرِى أَحَدٌ مَتَى يَجِئُ الْمَطَرُ». أطرافه 4627، 4697، 4778، 7379 ـــــــــــــــــــــــــــــ والطالع، فإن اللفظ من الأضداد، وقد أشرنا مرارًا إلى أن هذا إذا اعتقد تأثير الكواكب على زعم الجاهلية؛ وأما إذا قاله اعتمادًا على جري عادة الله بذلك فلا عليه، واستوفينا الكلام عليه في باب استقبال الإِمام الناس بعد السلام. باب لا يدري متى يجيء المطرُ إلا الله (وقال أبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: خمس لا يعلمنهن إلا الله) هذا التعليق تقدم مسندًا في باب سؤال جبريل عن الإيمان. 1039 - (عن ابن عمر [قال:] قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: مفتاح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله) كذا وقع بلفظ المفرد، ولفظ القرآن الكريم {مَفَاتِحُ الْغَيْبِ} [الأنعام: 59] وكأنه نظر إلى المعنى لأنه مضاف، ثم شرع يفصلها بقوله: (لا يعلم أحد ما يكون في غد) وهذا التفصيل نطق به القرآن الكريم، وهذا الكلام على طريق الاستعارة المكنية، وذلك أنه شبه ما غاب عن الخلق بنفائس عليها الأغاليق، ثم حذف المشبه به، وأضاف إلى المشبه ما هو من لوازم المشبه؛ وهو: المفاتيح تخييلا، أو شبه ما يتوسل به إلى تلك المغيبات بالمفتاح وأضافه إلى الغيب، فتكون الاستعارة تصريحية. فإن قلت: معلوماته تعالى غير متناهية، فما وجه إفراد هذه الخمس بالذكر؟ قلت: أراد بالغيب الغيب الخاص الذي لا يطلع عليه غيره؛ بخلاف سائر الغيوب، فإنه يطلع عليها الأولياء والأنبياء إذا تعلقت به إرادته، ألا ترى إلى قوله: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ} [الأنعام: 59] وإلى قوله: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رَسُولٍ} [الجن: 26، 27]. والحكمة في عدم إطلاعه أحدًا على شيء من هذه الأمور الخمسة أنها من أحوال الإنسان العارضة له، فإذا كان الرسل الذين هم أقرب الخلق إليه لا يعلمون منها شيئًا مع أنها من عوارضهم؛ فيستدل به على أن إخبارهم بسائر المغيبات إنما هو بإعلام الله. هذا؛ وأما التعبير تارة بالعلم، وتارة بالدراية، وتارة بالذكر وأخرى بذكر النفس؛ فتفننٌ في العبارات، واقتداء بالقرآن الكريم، وما يقال: إن الدراية أخصّ من العلم، فإنها علم بنوع حيلة؟ فليس بشيء، قال الجوهري: دريته، ودريت به: علمته، وأنشد قول الشاعر: لا هم لا أدري وأنت الداري فلو كانت دالة على نوع احتيال لم يصح إسناده إليه تعالى، وكذا ما يقال في إيثار النفس مع الموت والكسب: إن النفس هي الكاسبة والمائتة؛ وذلك أنّ المراد بالنفس هو الشخص، ألا ترى إلى قوله تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30)} [الزمر: 30] فإن النفس باقية بعد الموت؛ لأن حقيقة الموت مفارقةُ النفس البدن. ومعنى قوله تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} [الزمر: 42] يأخذها من البدن وافية كاملة، ألا ترى إلى ما بعده من قوله تعالى: {وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى} [الزمر: 42]. ولولا خوف الإطالة لأرخينا عنان القلم في مضمار التدقيق، ومن أراد الوقوف على فوائد محجوبة عن الأغيار فعليه بمطالعة آخر سورة لقمان في تفسيرنا: "غاية الأماني"، والله الموفق، له الفضل والمنّة.

16 - كتاب الكسوف

16 - كتاب الكسوف 1 - باب الصَّلاَةِ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ 1040 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِى بَكْرَةَ قَالَ كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَانْكَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَقَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَجُرُّ رِدَاءَهُ حَتَّى دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَدَخَلْنَا فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ، حَتَّى انْجَلَتِ الشَّمْسُ فَقَالَ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لاَ يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَصَلُّوا، وَادْعُوا، حَتَّى يُكْشَفَ مَا بِكُمْ». أطرافه 1048، 1062، 1063، 5785 ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الكسوف باب الصلاة في كسوف الشمس قال الجوهري: كسفت الشمس وكسفها الله، يتعدى ولا يتعدى، والعامة تقول: انكسفت الشمس، ثم قال: خسوف القمر كُسُوفه؛ إلا أن الأجود فيه أن يقال: خسف القمر. هذا كلامه، وقوله العامة تقول: انكسفت؛ مردود، فإن لفظ الحديث انكسفت، ومن أفصح من أولئك؟ وقال ابن الأثير: الأكثر في اللغة الكسوف للشمس والخسوف للقمر، وكل منهما لازم ومتعد، قال: وأَصْلُ الكسوف التغيير إلى السواد، وأصل الخسف النقصان والذهاب. 1040 - (عمرو بن عون) بفتح العين وسكون الواو آخره نون (عن أبي بكرة) نفيع بن الحارث (انكسفت الشمس، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجرُّ رداءه) من غاية سرعته وخوفه، وفيه أن جر الرداء إذا لم يكن خيلاء وكبرًا لا بأس به (فصلى بنا ركعتين حتى انجلت الشمس) سيأتي أنه طوّل فيهما تطويلًا. (إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد) وكذا لحياته كما في الرواية الأخرى، إنما قاله ردًّا لما كانت أهل الجاهلية يزعمون؛ ولذلك لما مات ابنه إبراهيم كسفت الشمس، فقالوا: إنما كسفت لموته، فقال حينئذٍ مثل مقالته هذه.

1041 - حَدَّثَنَا شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا مَسْعُودٍ يَقُولُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لاَ يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ، وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَقُومُوا فَصَلُّوا». طرفاه 1057، 3204 1042 - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرٌو عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ كَانَ يُخْبِرُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لاَ يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فَصَلُّوا». طرفه 3201 1043 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلاَقَةَ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ كَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ مَاتَ إِبْرَاهِيمُ، فَقَالَ النَّاسُ كَسَفَتِ الشَّمْسُ لِمَوْتِ إِبْرَاهِيمَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 1041 - (شهاب بن عباد العبدي) بكسر الشين وفتح العين وتشديد الباء (حميد) بضم الحاء مصغر (آيتان من آيات الله) الدالة على وحدانيته، وتفرده في التصرف في العالم العلوي والسفلي، وإنما أمرهم بالصلاة لعل الله أن يكشف عنهم لأجلها؛ فإن أقرب ما يكون العبد من الله وهو ساجد، فلا وسيلة أعظم منها؛ ولذلك كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أحزَبَه أمر فزع إلى الصلاة. 1042 - (أَصبغ) بفتح الهمزة وغين معجمة (شيبان) بفتح المعجمة وسكون المثناة بعدها موحدة. 1043 - (عن زياد بن علاقة) بكسر الزاي والعين وفتح القاف.

2 - باب الصدقة فى الكسوف

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لاَ يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ فَصَلُّوا وَادْعُوا اللَّهَ». طرفاه 1060، 6199 2 - باب الصَّدَقَةِ فِي الْكُسُوفِ 1044 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ خَسَفَتِ الشَّمْسُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالنَّاسِ، فَقَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ، ثُمَّ قَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ وَهْوَ دُونَ الْقِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ، وَهْوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ سَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ، ثُمَّ فَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ مَا فَعَلَ فِي الأُولَى، ثُمَّ انْصَرَفَ وَقَدِ انْجَلَتِ الشَّمْسُ، فَخَطَبَ النَّاسَ، فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ (فإذا رأيتم فصلوا وادعو الله) وإنما أضاف الدُّعاء إلى الصلاة إشارة إلى أنه إذا فرغ من الصلاة ولم تنجل بعدُ يشرع في الدعاء. باب الصدقة في الكسوف 1044 - (عبد الله بن مسلمة) بفتح الميم والسلام (فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقام قيامًا طويلًا) قال العلماء: يقرأ في القيام الأول سورة البقرة؛ وفي القيام الثاني قدر مائتي آية منها، وفي القيام الثالث قدر مائة وخمسين آية منها، وفي الرابع قدر مائة، وفي الركوع الأول يسبح بقدر مائة آية من البقرة، وفي الركوع الثاني بقدر ثمانين منها، وفي الثالث بقدر سبعين منها، وفي الرابع بقدر خمسين، والصلاة على هذه الكيفية؛ قال به الأئمة الثلاثة ما عدا أبي حنيفة، وأحاديث الباب حجة عليه، وجوابه بأن رواية عائشة للشافعي، وفي رواية ابن عمر لنا، والحال على الرجال أكشف، لا يتم؛ لأن ابن عباس رواه في مسلم مثل رواية عائشة في البخاري، وأيضًا مثل هذا التطويل لا يلتبس على أحد. (فخطب الناس) هذا دليل الشافعي على أن الإِمام بعد الصلاة يخطب. فإن قلت: في القيام الثاني يعيد الفاتحة أم لا؟ قلت: يعيدها؛ إلا عند مالك في رواية" وقال الإمام أحمد: لو زاد ركوعًا ثالثًا ورابعًا لا بأس به، واتفقوا على أنها ندب،

3 - باب النداء بالصلاة جامعة فى الكسوف

آيَاتِ اللَّهِ، لاَ يَنْخَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَادْعُوا اللَّهَ وَكَبِّرُوا، وَصَلُّوا وَتَصَدَّقُوا». ثُمَّ قَالَ «يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، وَاللَّهِ مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ أَنْ يَزْنِىَ عَبْدُهُ أَوْ تَزْنِىَ أَمَتُهُ، يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا». أطرافه 1046، 1047، 1050، 1056، 1058، 1064، 1065، 1066، 1212، 3203، 4624، 5221، 6631 3 - باب النِّدَاءِ بِالصَّلاَةُ جَامِعَةٌ فِي الْكُسُوفِ 1045 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ وأجراها مالك مجرى الجمعة، كذا نقل، وقد تتبعت كتب فروعه فلم أجد له أثرًا. (فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا، وصلّوا وتصدقوا) هذا موضع الدلالة، وإنما حث على الصدقة؛ لأنها تدفع البلاء، وتطفِئ غضب الرب تعالى (ما من أحد أغير من الله) "أغير" يُروى مرفوعًا على أن "ما" غير عاملة عمل ليس، ومنصوبًا على أنها عاملة، وفي رواية مسلم "أن" بدل "ما". قال ابن الأثير: المغيرة: الأنفة والحمية، فلا تُسند إليه تعالى إلا مجازًا عن إظهار آثار الغضب والكراهية (لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلًا ولبكيتم كثيرًا) لأن الخشية على قدر العلم، كذلك {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28] وإنما خص الزنا بالذكر من بين الذنوب لأنها أفحشها، وإن كان القتل والسرقة أعظم جرمًا. وقال (يا أمة محمَّد) لأن فيه زيادة تقبيح لمخالفتهم، لا يوجد في ياء الإضافة. باب النداء بالصلاة جامعة بالنصب على الحكاية، أي: احضروا الصلاة، وجامعةً؛ نصب على الحال. 1045 - (إسحاق) كذا وقع غير منسوب، قال الغساني: لم ينسبه أحد في الكسوف عند البخاري؛ ولكن يشبه أن يكون إسحاق بن منصور؛ لأن مسلمًا روى عن إسحاق بن منصور عن يحيى بن صالح، وأنا قد وقفت في بعض النسخ على إسحاق منسوبًا إسحاق بن

4 - باب خطبة الإمام فى الكسوف

حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلاَّمِ بْنِ أَبِى سَلاَّمٍ الْحَبَشِىُّ الدِّمَشْقِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِى كَثِيرٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِىُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا كَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نُودِىَ إِنَّ الصَّلاَةَ جَامِعَةٌ. طرفه 1051 4 - باب خُطْبَةِ الإِمَامِ فِي الْكُسُوفِ وَقَالَتْ عَائِشَةُ وَأَسْمَاءُ خَطَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. 1046 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ح وَحَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِى عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ خَسَفَتِ الشَّمْسُ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَخَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَصَفَّ النَّاسُ وَرَاءَهُ، فَكَبَّرَ فَاقْتَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قِرَاءَةً طَوِيلَةً، ثُمَّ كَبَّرَ فَرَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً، ثُمَّ قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. فَقَامَ وَلَمْ يَسْجُدْ، وَقَرَأَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً، هِىَ أَدْنَى مِنَ الْقِرَاءَةِ الأُولَى، ثُمَّ كَبَّرَ وَرَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً، وَهْوَ أَدْنَى مِنَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ. ثُمَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ منصور (معاوية بن سلام بن أبي سلام) بتشديد اللام فيهما (الحبشي) نسبة أإلى، الحبشة (لما كسفت الشمس في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - نودي: أن الصلاة جامعة) وفي بعضها: بالصلاة، أي: بهذا اللفظ، والمقصود منه الإعلام، وإسناد الجمع إلى الصلاة مجاز باعتبار السبب. باب خطبة الإِمام في الكسوف (وقالت عائشة وأسماء: خطب النبي - صلى الله عليه وسلم -) هذا التعليق تقدم في كتاب العلم في باب الفتيا بالإشارة مسندًا. 1046 - (يحيى بن بكير) بضم الباء مصغر، وكذا عقيل (فخرج إلى المسجد فصف الناس وراءه) برفع الناس ونصبه؛ لأن - صلى الله عليه وسلم - جاء لازمًا ومتعديًا (فاقترأ) افتعال من القراءة

سَجَدَ، ثُمَّ قَالَ فِي الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ مِثْلَ ذَلِكَ، فَاسْتَكْمَلَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ، وَانْجَلَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَنْصَرِفَ، ثُمَّ قَامَ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ «هُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لاَ يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَافْزَعُوا إِلَى الصَّلاَةِ». وَكَانَ يُحَدِّثُ كَثِيرُ بْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - كَانَ يُحَدِّثُ يَوْمَ خَسَفَتِ الشَّمْسُ بِمِثْلِ حَدِيثِ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ. فَقُلْتُ لِعُرْوَةَ إِنَّ أَخَاكَ يَوْمَ خَسَفَتْ بِالْمَدِينَةِ لَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ مِثْلَ الصُّبْحِ. قَالَ أَجَلْ لأَنَّهُ أَخْطَأَ السُّنَّةَ. أطرافه 1044 ـــــــــــــــــــــــــــــ وإيثاره لأنه أدل على طول القراءة؛ لأن زيادة المباني لزيادة المعاني (فاستكمل أربع ركعات في أربع سجدات) بخلاف سائر الصلوات، فإنها تكون أربع سجدات في الركعتين، فإنه زاد ركوعين (وتجلت الشمس قبل أن ينصرف) فيه دلالة على أنه يكمل الصلاة بعد الانجلاء (ثم قام فأثنى على الله بما هو أهله) هذا موضع الدلالة على الترجمة، وهي الخطبة (فافزعوا إلى الصلاة (قال الجوهري: الفزع: الذعر، والمفزع: الملجأ؛ والمعنى: التجئوا إلى الله مسرعين إلى الصلاة. (كثير بن عباس) الكثير ضد القليل، والعباس: هو عباس بن عبد المطلب، وابنه كثير هذا صحابي صغير، مات بالمدينة أيام عبد الملك. قال ابن [عبد] البر: ليس له صحبة؛ فإنه ولد قبل انتقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى دار البقاء بأشهر، يكنى أبا تمام، وكان فقيهًا فاضلًا، وقد غلط فيه من قال عياش -بالياء المثناة والشين المعجمة- (قلت لعروة: إن أخاك يوم خسفت الشمس بالمدينة لم يزد على ركعتين مثل الصبح؟ قال أجل إنه أخطأ السنة) [أخوه] عبد الله بن الزبير ما فعله ابن الزبير جائز كما هو مذهب أبي حنيفة؛ إلا أنه خلاف الأولى، والسنة إذا أطلقت تكون سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قيل: عروة تابعي وأخوه صحابي، فالأولى تقديم قوله. قلت: عروة روى مرفوعًا ولا رواية لأخيه. فإن قلت: ليس في الباب ذكر الخطبة؟ قلت: كذلك، وكذلك لم يقل بالخطبة غير الشافعي، ودليل قوله: أثنى على الله، وسيأتي قوله: حمد الله.

5 - باب هل يقول كسفت الشمس أو خسفت

5 - باب هَلْ يَقُولُ كَسَفَتِ الشَّمْسُ أَوْ خَسَفَتْ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى (وَخَسَفَ الْقَمَرُ). 1047 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرَتْهُ. أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى يَوْمَ خَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَقَامَ فَكَبَّرَ، فَقَرَأَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. وَقَامَ كَمَا هُوَ، ثُمَّ قَرَأَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً، وَهْىَ أَدْنَى مِنَ الْقِرَاءَةِ الأُولَى، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً، وَهْىَ أَدْنَى مِنَ الرَّكْعَةِ الأُولَى، ثُمَّ سَجَدَ سُجُودًا طَوِيلاً، ثُمَّ فَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ سَلَّمَ وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ، فَخَطَبَ النَّاسَ، فَقَالَ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ «إِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لاَ يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَافْزَعُوا إِلَى الصَّلاَةِ». طرفه 1044 6 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «يُخَوِّفُ اللَّهُ عِبَادَهُ بِالْكُسُوفِ» قَالَهُ أَبُو مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 1048 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب هل يقول: كسفت [الشمس] أو خسفت (قال الله تعالى: {وَخَسَفَ الْقَمَرُ (8)} [القيامة: 8]) لما وقع في الحديث: خسفت الشمس، أشار إلى ما وقع في القرآن من إسناده إلى القمر، وفي بعضها كسفت الشمس. 1047 - (سعيد بن عفير) بضم العين مصغر، وكذا (عقيل)، (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم خسفت الشمس) هذا موضع الدلالة على الترجمة، وباقي الكلام تقدم مع شرحه. باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يخوف الله عباده بالكسوف" يأتي قريبًا مسندًا في باب الذكر في الكسوف. 1048 - (قتيبة بن سعيد) بضم القاف مصغر (حمّاد بن زيد) بفتح الحاء وتشديد الميم

7 - باب التعوذ من عذاب القبر فى الكسوف

الْحَسَنِ عَنْ أَبِى بَكْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لاَ يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ، وَلَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُخَوِّفُ بِهَا عِبَادَهُ». وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لَمْ يَذْكُرْ عَبْدُ الْوَارِثِ وَشُعْبَةُ وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ يُونُسَ «يُخَوِّفُ بِهَا عِبَادَهُ». وَتَابَعَهُ مُوسَى عَنْ مُبَارَكٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو بَكْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُخَوِّفُ بِهِمَا عِبَادَهُ». وَتَابَعَهُ أَشْعَثُ عَنِ الْحَسَنِ. طرفه 1040 7 - باب التَّعَوُّذِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ فِي الْكُسُوفِ 1049 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ (عن أبي بكرة) نفيع بن الحارث (إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكن الله يخوف بهما عباده) هذا موضع الدلالة على الترجمة (لم يذكر عبد الوارث وشعبة وخالد بن عبد الله) هو الطحان (وحماد بن سلمة عن يونس يخوف بهما عباده) غرض البخاري من هذا الكلام أن هؤلاء المذكورين من رواة يونس، ولم يرو عنه أحد منهم (يخوف الله بهما عباده) كما رواه حماد، والتبس على بعضهم فقال: غرضه أن في رواية هؤلاء لم يقع ضمير المثنى؛ بل ضمير المؤنث. ولو كان الأمر على ما توهم لم يُعد الجملة؛ بل الضمير وحده (وتابعه موسى) وابن إسماعيل التبوذكي، قال المزني: هو الذي يروي عن المبارك، وقيل: هو ابن داود. قال شيخنا أبو الفضل ابن حجر: الأول أرجح، قال: والصواب تقديم متابعة وأشعث؛ لأنه ليس فيها زيادة "يخوف الله بهما عباده" (عن الحسن: أخبرني أبو بكرة) هذه فائدة المتابعة، فإنه بلفظ أخبرني دفع وَهم التدليس؛ بخلاف الإسناد الأول بلفظ: عن، ومصداق هذا الحديث قوله تعالى: {وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا} [الإسراء: 59]. باب التعوذ من عذاب القبر في الكسوف 1049 - 1055 - (عبد الله بن مسلمة) بفتح الميم واللام (عمرة) بفتح العين وسكون

8 - باب طول السجود فى الكسوف

بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ يَهُودِيَّةً جَاءَتْ تَسْأَلُهَا فَقَالَتْ لَهَا أَعَاذَكِ اللَّهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ. فَسَأَلَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَيُعَذَّبُ النَّاسُ فِي قُبُورِهِمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَائِذًا بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ. أطرافه 1055، 1372، 6366 1050 - ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ غَدَاةٍ مَرْكَبًا، فَخَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَرَجَعَ ضُحًى، فَمَرَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ ظَهْرَانَىِ الْحُجَرِ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّى، وَقَامَ النَّاسُ وَرَاءَهُ، فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلاً، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً، ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلاً، وَهْوَ دُونَ الْقِيَامِ الأَوَّلِ ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً، وَهْوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ فَسَجَدَ، ثُمَّ قَامَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلاً، وَهْوَ دُونَ الْقِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً وَهْوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ قَامَ قِيَامًا طَوِيلاً وَهْوَ دُونَ الْقِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً وَهْوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ فَسَجَدَ وَانْصَرَفَ، فَقَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ، ثُمَّ أَمَرَهُمْ أَنْ يَتَعَوَّذُوا مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ. طرفه 1044 8 - باب طُولِ السُّجُودِ فِي الْكُسُوفِ 1051 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ ـــــــــــــــــــــــــــــ الميم (عن عائشة: أن يهودية جاءت تسألها) أي: شيئًا من متاع الدنيا (فقالت: أعاذك الله من عذاب القبر، فأنكرت عليها عائشة، ثم سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أيعذب الناس في قبورهم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عائذًا بالله) مقول القول محذوف؛ أي: قال: نعم، أو نحوه، وعائذًا حال من فاعل قال، وقد يقال مصدر؛ إما مفعول قال؛ لأنه يستعمل في سائر الأفعال، أو يقدر له فعل (فمر بين ظهراني الحجر) أي: بيوت نسائه، والنون في ظهراني مقحمة خلاف القياس، وقد مر الحديث مرارًا، وموضع الدلالة قوله: (أمرهم أن يتعوذوا من عذاب القبر) وكأنه لما رأى أن عائشة وهي أقرب الناس إليه خفي عليها أظهره للناس، وقد يقال في وجه إيراده في باب الكسوف: فكما أن الكسوف فيه ظلمة فكذلك القبر. ولا تخفى ركاكته. باب طول السجود في الكسوف 1051 - (أبو نعيم) بضم النون مصغر (شيبان) بفتح الشين وسكون المثناة، وباء موحدة

9 - باب صلاة الكسوف جماعة

اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ قَالَ لَمَّا كَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نُودِىَ إِنَّ الصَّلاَةَ جَامِعَةٌ فَرَكَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - رَكْعَتَيْنِ فِي سَجْدَةٍ ثُمَّ قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ فِي سَجْدَةٍ، ثُمَّ جَلَسَ، ثُمَّ جُلِّىَ عَنِ الشَّمْسِ. قَالَ وَقَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - مَا سَجَدْتُ سُجُودًا قَطُّ كَانَ أَطْوَلَ مِنْهَا. طرفه 1045 9 - باب صَلاَةِ الْكُسُوفِ جَمَاعَةً وَصَلَّى ابْنُ عَبَّاسٍ لَهُمْ فِي صُفَّةِ زَمْزَمَ. وَجَمَعَ عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ. وَصَلَّى ابْنُ عُمَرَ. 1052 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ (فركع النبي - صلى الله عليه وسلم - ركعتين في سجدة) أي: ركوعين في ركعة؛ وإطلاق السجدة على الركعة مجاز شائع (قالت عائشة ما سجدت سجودًا كان أطول منه) وفي بعضها: أطول منها، باعتبار السجدة. وهذا هو موضع الدلالة على الترجمة، وقال به الإِمام أحمد، والأظهرُ عند الشافعي عدم التطويل في السجود، والحديث حجة عليه، وكذا قال مالك وأبو حنيفة، وأظهر من حديث عائشة ما رواه النسائي عن ابن عمر: فأطال السجود حتى قيل: لا يرفع، والحديث حجة على الثلاثة. باب صلاة الكسوف في جماعة (وصلى ابن عباس لهم) أي: للناس، وإن لم يجر ذكرهم بقرينة الحال (في صفة زمزم) الصفة: المكان المرتفع، وفي بعض الروايات: على ظهر زمزم، أي: على سطح البناء عليه (وجمع علي بن عبد الله بن عباس) قيل: ولد هذا وعلى بن أبي طالب حسن، فذهب إلى ابن عباس وهنأه بالولد، وقال: أسميته باسمي، وقال له: أبو الملوك، أو أبو الملاك إلى آخر الزمان، وهو أبو الخلفاء إلى يومنا وإلى آخر الزمان إن شاء الله؛ لما في الحديث الصحيح: "إن الخلافة في أولاد العباس إلى يوم القيامة" ذكره النووي في شرح مسلم. 1052 - (عبد الله بن مسلمة) بفتح الميم والسلام (أسلم) على وزن الماضي (عطاء بن

يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ انْخَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلاً نَحْوًا مِنْ قِرَاءَةِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً، ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلاً، وَهْوَ دُونَ الْقِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً، وَهْوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ قَامَ قِيَامًا طَوِيلاً وَهْوَ دُونَ الْقِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً، وَهْوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلاً، وَهْوَ دُونَ الْقِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً، وَهْوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ انْصَرَفَ وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ، فَقَالَ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لاَ يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَأَيْنَاكَ تَنَاوَلْتَ شَيْئًا فِي مَقَامِكَ، ثُمَّ رَأَيْنَاكَ كَعْكَعْتَ. قَالَ - صلى الله عليه وسلم - «إِنِّى رَأَيْتُ الْجَنَّةَ، فَتَنَاوَلْتُ عُنْقُودًا، وَلَوْ أَصَبْتُهُ لأَكَلْتُمْ مِنْهُ مَا بَقِيَتِ الدُّنْيَا، وَأُرِيتُ النَّارَ، فَلَمْ أَرَ مَنْظَرًا كَالْيَوْمِ قَطُّ أَفْظَعَ، وَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ». قَالُوا بِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «بِكُفْرِهِنَّ». قِيلَ يَكْفُرْنَ بِاللَّهِ قَالَ «يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ، وَيَكْفُرْنَ الإِحْسَانَ، لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ كُلَّهُ، ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا قَالَتْ مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ». طرفه 29 ـــــــــــــــــــــــــــــ يسار) ضد اليمين روى عن ابن عباس كيفية صلاة الكسوف على الوجه الذي رواه سابقًا عن عائشة: في كل ركعة ركوعين، وقد سلف شرحه؛ ولكن نشير إلى بعض ألفاظه: (قالوا: يا رسول الله! رأيناك تناولت شيئًا) وفي بعضها: "تناولُ -برفع اللام صيغة المضارع- والتناول: مدّ اليد لأخذ الشيء (ثم رأيناك تكعكعت) وفي بعضها: كعكعت، والمعنى واحد؛ وهو: التأخر وفي رواية مسلم: كففت -بفاءين- أي: نفسك. ثم شرح لهم الحال بأنه حين مد اليد رأى الجنة فمد يده إلى عنقود من ثماره (قال: ولو أصبته لأكلتم ما بقيت الدنيا) لأن نعيم الجنة لا يفنى، وفي رواية سعيد بن منصور: أن رؤيته كانت في قيام الركعة الثانية، وكانت رؤية النار قبل. فإن قلت: كيف يعقل بقاء عنقود إلى آخر الزمان مع كثرة الآكلين؟ قلت: معناه كما أخذ منه شيء أوجد الله بدله؛ كما يكون في الجنة كذلك. فإن قلت: لم لم يأخذه؟ قلت: لأن ثمار الجنة لا تؤكل في الدنيا.

10 - باب صلاة النساء مع الرجال فى الكسوف

10 - باب صَلاَةِ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ فِي الْكُسُوفِ 1053 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنِ امْرَأَتِهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما - أَنَّهَا قَالَتْ أَتَيْتُ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ خَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَإِذَا النَّاسُ قِيَامٌ يُصَلُّونَ، وَإِذَا هِىَ قَائِمَةٌ تُصَلِّى فَقُلْتُ مَا لِلنَّاسِ فَأَشَارَتْ بِيَدِهَا إِلَى السَّمَاءِ، وَقَالَتْ سُبْحَانَ اللَّهِ. فَقُلْتُ آيَةٌ فَأَشَارَتْ أَىْ نَعَمْ. قَالَتْ فَقُمْتُ حَتَّى تَجَلاَّنِى الْغَشْىُ، فَجَعَلْتُ أَصُبُّ فَوْقَ رَأْسِى الْمَاءَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ «مَا مِنْ شَىْءٍ كُنْتُ لَمْ أَرَهُ إِلاَّ قَدْ رَأَيْتُهُ فِي مَقَامِى هَذَا حَتَّى الْجَنَّةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا؛ وما يقال لو أخذه لم يبق الإيمان بالغيب، ولو شاهد الناس ذلك، فلا ينفع نفسًا في إيمانها؛ فشيء لا يعتد به؛ لأن عدم الإيمان مقيد بطلوع الشمس من مغربها بالأحاديث والإجماع على ذلك، ولو أخذه كان أمرًا خارقًا معجزة؟ كسائر معجزاته - صلى الله عليه وسلم -. وفي الحديث دلالة على أن الجنة والنار مخلوقتان، وأنّ الفعل القليل لا يبطل الصّلاة. باب صلاة النساء مع الرجال في الكسوف أشار إلى الرد على من منع ذلك؛ وهو: الثوري وبعض الكوفيين. 1053 - روى في الباب حديث أسماء أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى الكسوف وطول فيها وقد تقدم الحديث بشرحه في كتاب العلم، في باب الفتيا بالإشارة، وفي باب الوضوء من الغشي المثقل وليس فيه زيادة تحتاج إلى الشرح سوى بعض الألفاظ: (فقمت حتى تجللني الغشي) -بفتح الغين المعجمة وسكون الشين- قال ابن الأثير: يقال: غشي عليه؛ أي: أغمي عليه، وأصل تجلى تجلل، أبدلت إحدى اللامين ياء؛ كما في تقضى البازي (فجعلت أصبُّ فوق رأسي الماء) أي: شرعت.

11 - باب من أحب العتاقة فى كسوف الشمس

وَالنَّارَ، وَلَقَدْ أُوحِىَ إِلَىَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي الْقُبُورِ مِثْلَ - أَوْ قَرِيبًا مِنْ - فِتْنَةِ الدَّجَّالِ - لاَ أَدْرِى أَيَّتَهُمَا قَالَتْ أَسْمَاءُ - يُؤْتَى أَحَدُكُمْ فَيُقَالُ لَهُ مَا عِلْمُكَ بِهَذَا الرَّجُلِ فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ - أَوِ الْمُوقِنُ لاَ أَدْرِى أَىَّ ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاءُ - فَيَقُولُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى، فَأَجَبْنَا وَآمَنَّا وَاتَّبَعْنَا. فَيُقَالُ لَهُ نَمْ صَالِحًا، فَقَدْ عَلِمْنَا إِنْ كُنْتَ لَمُوقِنًا. وَأَمَّا الْمُنَافِقُ - أَوِ الْمُرْتَابُ لاَ أَدْرِى أَيَّتَهُمَا قَالَتْ أَسْمَاءُ - فَيَقُولُ لاَ أَدْرِى، سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلْتُهُ». طرفه 86 11 - باب مَنْ أَحَبَّ الْعَتَاقَةَ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ 1054 - حَدَّثَنَا رَبِيعُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ فَاطِمَةَ عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ لَقَدْ أَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْعَتَاقَةِ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ. طرفه 86 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: هذا فعل كثير؟ قلت: أجابوا بأنه فعل قليل. وعندي أنه فعل كثير؛ لكن ليس في الحديث أنها كانت تصلي، بل إنما وقفت حتى تسمع خطبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولئن سلم لا دليل على أنها كانت تعلم أن ذلك الفعل مبطل؛ ولا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علم بذلك وقرره. (سمعت الناس يقولون شيئًا فقلته) هذا يدل على أنه منافق، ويدل على أن الإيمان فعل القلب، وإن كان كافرًا فهذا كذب منه كما كان الكذب في الدنيا. باب من أحب العتاقة في كسوف الشمس العتاقة -بفتح العين- اسم بمعنى الإعتاق. قال ابن الأثير: يقال: أعتقت إعتاقًا وعتقًا وعتاقة. 1054 - (عن أسماء قالت: أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالعتاقة في كسوف الشمس) هذا موضع الدلالة على الترجمة. فإن قلت: الأمر لا يستلزم الإرادة عند أهل الحق؛ فضلًا عن المحبة، والمسألة معروفة؟ قلت: ذاك أمر الله تعالى، فإنه أمر من مات على الكفر ولم يرد إيمانه، وأمّا أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالعبادة؛ فلا يكون إلا مع الإرادة.

12 - باب صلاة الكسوف فى المسجد

12 - باب صَلاَةِ الْكُسُوفِ فِي الْمَسْجِدِ 1055 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها أَنَّ يَهُودِيَّةً جَاءَتْ تَسْأَلُهَا فَقَالَتْ أَعَاذَكِ اللَّهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ. فَسَأَلَتْ عَائِشَةُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَيُعَذَّبُ النَّاسُ فِي قُبُورِهِمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَائِذًا بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ. طرفه 1049 1056 - ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ غَدَاةٍ مَرْكَبًا، فَكَسَفَتِ الشَّمْسُ فَرَجَعَ ضُحًى، فَمَرَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ ظَهْرَانَىِ الْحُجَرِ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى، وَقَامَ النَّاسُ وَرَاءَهُ، فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلاً، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً، ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلاً، وَهْوَ دُونَ الْقِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً، وَهْوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ فَسَجَدَ سُجُودًا طَوِيلاً ثُمَّ قَامَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلاً، وَهْوَ دُونَ الْقِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً، وَهْوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ قَامَ قِيَامًا طَوِيلاً، وَهْوَ دُونَ الْقِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً، وَهْوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ سَجَدَ وَهْوَ دُونَ السُّجُودِ الأَوَّلِ، ثُمَّ انْصَرَفَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ، ثُمَّ أَمَرَهُمْ أَنْ يَتَعَوَّذُوا مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ طرفه 1044 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب صلاة الكسوف في المسجد 1055 - 1056 - روى في الباب حديث عائشة حين قالت لها اليهودية: أعاذك الله من عذاب القبر، وركوبُ النبي - صلى الله عليه وسلم - وصلاته بالناس للكسوف، وقد تقدم كل ذلك مشروحًا في باب التعوذ من عذاب القبر. فإن قلت: ليس في الحديث أنّه صلى في المسجد كما ترجم عليه؟ قلت: قوله: مرّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين ظهراني حجر نسائه، ثم قام فصلّى، دل عليه؛ لأن حجر نسائه كانت متصلة بالمسجد، والظاهر أنه أشار إلى ما في رواية مسلم؛ فإنه صرّح بأنه صلاها في مصلاه الذي كان يصلي فيه.

13 - باب لا تنكسف الشمس لموت أحد ولا لحياته

13 - باب لاَ تَنْكَسِفُ الشَّمْسُ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ رَوَاهُ أَبُو بَكْرَةَ وَالْمُغِيرَةُ وَأَبُو مُوسَى وَابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهم. 1057 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنِى قَيْسٌ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لاَ يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَصَلُّوا». طرفه 1041 1058 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَصَلَّى بِالنَّاسِ، فَأَطَالَ الْقِرَاءَةَ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَأَطَالَ الْقِرَاءَةَ، وَهْىَ دُونَ قِرَاءَتِهِ الأُولَى، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ دُونَ رُكُوعِهِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ قَامَ فَصَنَعَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ قَامَ فَقَالَ «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لاَ يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ يُرِيهِمَا عِبَادَهُ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَافْزَعُوا إِلَى الصَّلاَةِ». طرفه 1044 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب لا تنكسف الشمس لموت أحد ولا لحياته (رواه أبو بكرة، والمفيرة وأبو موسى، وابن عباس، وابن عمر) تعليق أبي بكرة والمغيرة تقدما في أول صلاة الكسوف، وتعليق أبي موسى سيأتي في الباب الذي بعده، وتعليق ابن عباس وابن عمر تقدما مسندين أيضًا. 1057 - وموضع الدلالة هنا على ما ترجم قوله: ("الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته) وقد سلف كل ذلك مع شرحه.

14 - باب الذكر فى الكسوف

14 - باب الذِّكْرِ فِي الْكُسُوفِ رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما -. 1059 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ خَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَقَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَزِعًا، يَخْشَى أَنْ تَكُونَ السَّاعَةُ، فَأَتَى الْمَسْجِدَ، فَصَلَّى بِأَطْوَلِ قِيَامٍ وَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ رَأَيْتُهُ قَطُّ يَفْعَلُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الذكر في الكسوف 1059 - (محمَّد بن العلاء) بفتح العين والمد (أبو أسامة) -بضم الهمزة- حماد بن أسامة (عن بريد بن عبد الله) بضم الباء مصغر (عن أبي بردة) -بضم الباء وسكون الرّاء- عامر بن أبي موسى (خسفت الشمس، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فزعًا) -بكسر الزاي- نصبه على الحال ويروى بفتح الزاي على المصدر، على أنه علته، أو في موضع الحال (يخشى أن تكون الساعة) أي: القيامة؛ علم لها بالغلبة، وسميت بها لسرعة قيامها؛ أو لسرعة وقوع الحساب فيها. فإن قلت: قد أخبر أنه قبل قيام الساعة عشر آيات؟ قلت: إما أن هذا كان قبل اطلاعه على تلك الآيات، أو أخبر الزاوي على حسب ظنه؛ إذ ليس في كلامه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخبر أنه خاف أن تكون الساعة، أو أنه من شدة الخوف نسي ما قاله من وقوع الآيات؛ كما أنه نسي أن الصلاة أربع ركعات فسلم في الركعتين، وقد قيل غير هذا. (فأتى المسجد فصلى بأطول قيام وركوع وسجود رأيته قط يفعله) -بفتح القاف وتشديد الطاء- هو الرواية, وقد سلف أن فيه ست لغات، وهو من الظروف المبنية؛ يؤكد به الماضي المنفي، واتفقت الرواية هنا على الإثبات، فالوجه فيه أن كلامه لما أفاد الحصر، والحصر يشتمل على معنى النفي والإثبات، اكتفى به عن صريح حرف النفي، أو يقدر فيه حرف النفي؛ ومثله كثير، وقيل: معنى قطّ: حسبي، وهذا مع ركاكته وهم؛ لأن قط بمعنى كفاني؛ وحسبي من أسماء الأفعال، إنما هو بفتح القاف وسكون الطاء، والرواية هنا بضم الطاء المشددة.

15 - باب الدعاء فى الخسوف

وَقَالَ «هَذِهِ الآيَاتُ الَّتِى يُرْسِلُ اللَّهُ لاَ تَكُونُ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنْ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَافْزَعُوا إِلَى ذِكْرِهِ وَدُعَائِهِ وَاسْتِغْفَارِهِ». 15 - باب الدُّعَاءِ فِي الْخُسُوفِ قَالَهُ أَبُو مُوسَى وَعَائِشَةُ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 1060 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ قَالَ حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ عِلاَقَةَ قَالَ سَمِعْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ يَقُولُ انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ يَوْمَ مَاتَ إِبْرَاهِيمُ، فَقَالَ النَّاسُ انْكَسَفَتْ لِمَوْتِ إِبْرَاهِيمَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لاَ يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَادْعُوا اللَّهَ وَصَلُّوا حَتَّى يَنْجَلِىَ». طرفه 1043 16 - باب قَوْلِ الإِمَامِ فِي خُطْبَةِ الْكُسُوفِ أَمَّا بَعْدُ 1061 - وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ أَخْبَرَتْنِى فَاطِمَةُ بِنْتُ الْمُنْذِرِ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ (وقال: هذه الآيات) أي: التي تقع في الدنيا من الكسوف والخسوف والزلازل والصواعق (فإذا رأيتم شيئًا من ذلك فافزعوا إلى ذكره ودعائه واستغفاره) الضمائر لله وفي بعضها لفظ الله. باب الدعاء في الخسوف (قاله: أبو موسى وعائشة) تعليق أبو موسى تقدم في الباب الذي قبله، وحديث عائشة أسنده في باب الصدقة في الكسوف. 1060 - (زائدة) بالزاي المعجمة (زيادة بن علاقة) بكسر الزاي والعين وإنما ذكر في الترجمة الخسوفَ ولفظُ الحديث الكسوفُ إشارة إلى جواز استعمال كل منهما مكان الآخر؛ كما أشرنا إليه في أول كتاب الكسوف (فادعوا الله وصلوا حتى تنجلي) أي: اجمعوا بينهما إلى وقت الانجلاء، فلا يُظن أنه يطول الصلاة إلى الانجلاء. باب قول الإِمام في خطبة الكسوف: أما بعد 1061 - (وقال أبو أسامة) -بضم الهمزة- حمّاد بن أسامة. روى في الباب حديث

17 - باب الصلاة فى كسوف القمر

أَسْمَاءَ قَالَتْ فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ فَخَطَبَ، فَحَمِدَ اللَّهَ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ». طرفه 86 17 - باب الصَّلاَةِ فِي كُسُوفِ الْقَمَرِ 1062 - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِى بَكْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ. طرفه 1040 1063 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِى بَكْرَةَ قَالَ خَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَخَرَجَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْمَسْجِدِ، وَثَابَ النَّاسُ إِلَيْهِ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ، فَانْجَلَتِ الشَّمْسُ فَقَالَ «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، وَإِنَّهُمَا لاَ يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ، وَإِذَا كَانَ ذَاكَ فَصَلُّوا وَادْعُوا حَتَّى يُكْشَفَ مَا بِكُمْ». ـــــــــــــــــــــــــــــ أسماء تقدم بطوله مسندًا مرارًا، وإنما أورده هنا تعليقًا مختصرًا لأن غرضه إثبات أن للخطيب أن يقول: أما بعد، وهذا القدر كاف في غرضه. قال الغساني: وقع في رواية ابن السكن رجل بين هشام وفاطمة؛ والصواب: هشام عن فاطمة. قلت: كلاهما صواب؛ لأن هشامًا ربما سمع رجلًا عن فاطمة ثم سمع فاطمة، ومثله في الروايات يقع كثيرًا. وقال شيخنا أبو الفضل ابن حجر: الرجل هو عروة، فيحتمل أن يكون هكذا هشام بن عروة؛ فصَحّف الكاتب ابن معن. وهذا يؤيد ما ذكرناه؛ ولكن في غاية البعد, لأنه وإن احتمل تصحيف ابن معن لكن لا معنى؛ لأن النُّسَخ متفقة على ما قاله هشام: أخبرتني فاطمة. باب الصلاة في كسوف القمر ترجم على خلاف المشهور، فإن المشهور في القمر الخسوف. 1062 - (محمود) هو ابن غيلان (انكسفت الشمس) تقدم الكلام على أن الجوهري قال: انكسفت لغة عامية، وما في الحديث يردّ ما قاله. 1063 - (أبو معمر) -بفتح الميم وسكون العين- عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج المنقري (عن أبي بكرة) نفيع بن الحارث (قال: خسفت الشمس فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجر رداءه) من غاية سرعته وخوفه (وثاب إليه الناس)، (فإذا كان ذلك) وفي بعضها: "ذاك" أي:

18 - باب الركعة الأولى فى الكسوف أطول

وَذَاكَ أَنَّ ابْنًا لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مَاتَ، يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ، فَقَالَ النَّاسُ فِي ذَاكَ. طرفه 1040 18 - باب الرَّكْعَةُ الأُولَى فِي الْكُسُوفِ أَطْوَلُ 1064 - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى بِهِمْ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي سَجْدَتَيْنِ، الأَوَّلُ الأَوَّلُ أَطْوَلُ. طرفه 1044 19 - باب الْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ فِي الْكُسُوفِ 1065 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَمِرٍ سَمِعَ ـــــــــــــــــــــــــــــ الكسوف (وذلك أن ابنًا للنبي - صلى الله عليه وسلم - مات، يقال له: إبراهيم؛ فقال الناس في ذلك) هذا كلام أبي بكرة مدرج في الحديث، وذلك أولًا علة لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن الشمس والقمر آيتان) وذلك ثانيًا إشارة إلى قول الناس: إنما خسفت الشمس لموت إبراهيم. ومحصله أنه إنما قال: "الشمس والقمر آيتان" ردًّا لمقالة الناس. ويوجد في أكثر النسخ هنا: باب عن المرأة الماء على رأسها من غير حديث. باب الركعة الأولى في الكسوف أطول 1064 - (أبو أحمد) هو محمَّد بن عبد الله الزبيدي (سفيان) هو الثوري. روى في الباب حديث عائشة، ومحل الدلالة قولها: (صلى بهم أربع ركعات في سجدتين، الأولى أطول) أي: السجدة الأولى، وقد أشرنا إلى أن المراد بالسجدة الركعة، وبالركعة الركوع، وفي بعضها: الأولى في الأولى أطول وفي بعضها: الأول فالأول أطول، يعني: كلما كان من القيام والركوع والسجود قبل أطول مما كان بعده من نوعه والأمر كذلك؛ كما ذكرنا مفصلًا في أول كتاب الكسوف. باب الجهر بالقراءة في الكسوف 1065 - (محمَّد بن مهران) بكسر الميم (ابن نمر) -بفتح الأول وكسر الثانية-

ابْنَ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - جَهَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي صَلاَةِ الْخُسُوفِ بِقِرَاءَتِهِ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَتِهِ كَبَّرَ فَرَكَعَ، وَإِذَا رَفَعَ مِنَ الرَّكْعَةِ قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ. ثُمَّ يُعَاوِدُ الْقِرَاءَةَ فِي صَلاَةِ الْكُسُوفِ، أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ. طرفه 1044 1066 - وَقَالَ الأَوْزَاعِىُّ وَغَيْرُهُ سَمِعْتُ الزُّهْرِىَّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ الشَّمْسَ خَسَفَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَبَعَثَ مُنَادِيًا بِالصَّلاَةُ جَامِعَةٌ، فَتَقَدَّمَ فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ. وَأَخْبَرَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ نَمِرٍ سَمِعَ ابْنَ شِهَابٍ مِثْلَهُ. قَالَ الزُّهْرِىُّ فَقُلْتُ مَا صَنَعَ أَخُوكَ ذَلِكَ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ مَا صَلَّى إِلاَّ رَكْعَتَيْنِ مِثْلَ الصُّبْحِ إِذْ صَلَّى بِالْمَدِينَةِ. قَالَ أَجَلْ، إِنَّهُ أَخْطَأَ السُّنَّةَ. تَابَعَهُ سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ فِي الْجَهْرِ. طرفه 1044 ـــــــــــــــــــــــــــــ عبد الرحمن، روى الباب حديث عائشة: (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى صلاة الكسوف وجهر بالقراءة فيها) وبه قام الإِمام أحمد وابن راهويه، وغيره من الأئمة قال: يجهر في خسوف القمر، ويُسرُّ في كسوف الشمس؟ لقول ابن عباس: قرأ نحوًا من سورة البقرة، ولو جهر لم يكن لقوله: نحوًا، معنى. قال البيهقي: وحديث الجهر عن عائشة تفرد به الزهريّ من طريق سليمان بن كثير، وسفيان بن حسين. (تابعه سليمان بن كثير وسفيان بن حسين) متابعة سليمان وصلها الإِمام أحمد ومتابعة حسين وصلها الترمذي. قال شيخنا أبو الفضل بن حجرة المثبت مقدم، لا سيما الأحاديث الواردة في عدم الجهر في كسوف الشمس واهية.

17 - كتاب سجود القرآن

17 - كتاب سجود القرآن 1 - باب مَا جَاءَ فِي سُجُودِ الْقُرْآنِ وَسُنَّتِهَا 1067 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الأَسْوَدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ قَرَأَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - النَّجْمَ بِمَكَّةَ فَسَجَدَ فِيهَا، وَسَجَدَ مَنْ مَعَهُ، غَيْرَ شَيْخٍ أَخَذَ كَفًّا مِنْ حَصًى أَوْ تُرَابٍ فَرَفَعَهُ إِلَى جَبْهَتِهِ وَقَالَ يَكْفِينِى هَذَا. فَرَأَيْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ قُتِلَ كَافِرًا. أطرافه 1070، 3853، 3972، 4863 ـــــــــــــــــــــــــــــ أبواب سجود القرآن باب ما جاء في سجود القرآن وسنتها 1067 - (محمَّد بن بشار) بفتح الباء وتشديد المعجمة (غندر) بضم الغين وفتح المهملة (عن عبد الله) وابن مسعود (قرأ النبي - صلى الله عليه وسلم - النجم بمكة) أي: سورة النجم (فسجد فيها، وسجد من معه) أي: من المسلمين والمشركين (غير شيخ) هو: أمية بن خلف؛ صرح به البخاري في سورة النجم (فرأيته بعد قتل كافرًا) قتل يوم بدر بلا خلاف. اختلفوا في موجب سجدة المشركين؛ والصواب: أنه جرى ذكر اللات ومناة والعزى؛ وهي: آلهتهم، فسجدوا لها لما جرى ذكرها. وما يقع في بعض التفاسير من حديث الغرانيق وأنه جرى على لسانه مدح آلهتهم فافتراء عليه؛ حاشاهُ {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3، 4] وهو منزه معصوم عن الصغائر؛ فكيف يمدح الآلهة، ومدحها كفر بالإجماع. هذا، وقول "الكشاف": سبق لسانه على سبيل السهو، فالغلط ما أتى به فالله يغفر له.

2 - باب سجدة تنزيل السجدة

2 - باب سَجْدَةِ تَنْزِيلُ السَّجْدَةُ 1068 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ فِي الْجُمُعَةِ فِي صَلاَةِ الْفَجْرِ (الم * تَنْزِيلُ) السَّجْدَةَ وَ (هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ) طرفه 891 3 - باب سَجْدَةِ ص 1069 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ وَأَبُو النُّعْمَانِ قَالاَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: فما معنى قوله: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} [الحج: 52]. قلت: قوله: {أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} صريح في أنه لم يصدر عنه شيء، وإنما خلط الشيطان صوته بصوته ابتلاءً من الله؛ ليعلم الصادق في الإيمان, ألا ترى إلى قوله: {لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} [الحج: 53] ثم قال: {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ} [الحج: 54] ثم قال: {فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ} [الحج: 52] وهل ترى بيانًا أوضح من هذا لمن كان له قلب؟ باب [سجدة] {تَنزِيلٌ} السجدة 1068 - (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في الجمعة في صلاة الصبح: {أَلَم تَنرِيلٌ} السجدة و {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ}). فإن قلت: ليس في الحديث أنه سجد فيها؟ قلت: تسمية أبي هريرة ألم السجدة يدل على أنه صار علمًا لها، بحيث لم يخف على أحد، على أنه جاء في رواية أبي داود أنه سجد فيها. قال ابن بطال: أجمعوا على السجود فيها. وإنما الخلاف في أثناء الصلاة. باب سجدة ص 1069 - (سليمان بن حرب) ضد الصلح (أبو النعمان) محمَّد بن الفضل (حمّاد) بفتح

4 - باب سجدة النجم

عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ (ص) لَيْسَ مِنْ عَزَائِمِ السُّجُودِ، وَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَسْجُدُ فِيهَا. طرفه 3422 4 - باب سَجْدَةِ النَّجْمِ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 1070 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَرَأَ سُورَةَ النَّجْمِ فَسَجَدَ بِهَا، فَمَا بَقِىَ أَحَدٌ مِنَ الْقَوْمِ إِلاَّ سَجَدَ، فَأَخَذَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ كَفًّا مِنْ حَصًى أَوْ تُرَابٍ، فَرَفَعَهُ إِلَى وَجْهِهِ وَقَالَ يَكْفِينِى هَذَا، فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ بَعْدُ قُتِلَ كَافِرًا. طرفه 1067 ـــــــــــــــــــــــــــــ الحاء وتشديد الميم (عن ابن عباس: قال: ص ليس من عزائم السور) العزائم: جمع العزيمة؛ وهي: الفريضة، وهذا يدل على أن سجدة التلاوة واجبة؛ كما قاله مالك وأبو حنيفة، وهي سنة عند الشافعي ومالك ومحمد، وعلى الوجهين هي على القاريء والسامع، وقيده أحمد بالمستمع حتى لا يسجد عنده السامع، وسيأتي في التفسير إن شاء الله تمام الكلام. وأمّا سجدة ص قال الشافعي: ليست سجدة التلاوة. بل حكى الله تعالى عن داود أنه سجد شكرًا لله؛ لكن تستحب خارج الصلاة؛ فلو سجد في الصلاة بطلت صلاته، والمستمع لا يسجد إلا إذا سجد القاري، وقال مالك؛ سنة للمستمع سواء سجد القاري أو لا. باب سجدة النجم (قاله ابن عباس) سيروى عنه مسندًا بعد هذا الباب. 1070 - ثم روى حديث عبد الله بن مسعود: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سجد في النجم، وسجد القوم معه، وقد تقدم مع شرحه في باب ما جاء في سجود القرآن.

5 - باب سجود المسلمين مع المشركين، والمشرك نجس ليس له وضوء

5 - باب سُجُودِ الْمُسْلِمِينَ مَعَ الْمُشْرِكِينَ، وَالْمُشْرِكُ نَجَسٌ لَيْسَ لَهُ وُضُوءٌ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَسْجُدُ عَلَى وُضُوءٍ. 1071 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - سَجَدَ بِالنَّجْمِ وَسَجَدَ مَعَهُ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَالْجِنُّ وَالإِنْسُ. وَرَوَاهُ ابْنُ طَهْمَانَ عَنْ أَيُّوبَ. طرفه 4862 6 - باب مَنْ قَرَأَ السَّجْدَةَ وَلَمْ يَسْجُدْ 1072 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو الرَّبِيعِ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ خُصَيْفَةَ عَنِ ابْنِ قُسَيْطٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب سجود المسلمين مع المشركين (والمشرك نجس ليس له وضوء) النجس -بفتح الجيم- مصدر، -وبكسرها- صفة، وبالفتح ورد في القرآن الكريم (وكان ابن عمر يسجد على غير وضوء) إن أراد تقوية مذهب ابن عمر بسجود المشركين فليس فيه دليل؛ لأن سجود المشركين لم يكن على وجه العبادة؛ وإن أراد الرد على ابن عمر بأن استدلاله بسجود المشركين على جواز السجود بدون الوضوء ليس بتام؛ فكلام تام. 1071 - (رواه إبراهيم بن طهمان عن أيوب) كما رواه عبد الوارث. فإن قلت: من أين علم ابن عباس سجود الجن معه؟ قلت: إما بإخبار رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ أو رأى بنفسه، فإنه أمر ممكن، والأول هو الظاهر؛ لأن ابن عباس لم يكن حاضرًا، بل ربما لم يكن مولودًا بعد. باب من قرأ السجدة ولم يسجد 1072 - (يزيد بن خصيفة) بضم المعجمة وصاد مهملة مصغر (ابن قسيط) -بضم القاف

7 - باب سجدة (إذا السماء انشقت)

عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ سَأَلَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ - رضى الله عنه - فَزَعَمَ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - (وَالنَّجْمِ) فَلَمْ يَسْجُدْ فِيهَا. طرفه 1073 1073 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ قَرَأْتُ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - (وَالنَّجْمِ) فَلَمْ يَسْجُدْ فِيهَا. طرفه 1072 7 - باب سَجْدَةِ (إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ) 1074 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ وَمُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ قَالاَ أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ قَالَ رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَرَأَ (إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ) فَسَجَدَ بِهَا فَقُلْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، أَلَمْ أَرَكَ تَسْجُدُ قَالَ لَوْ لَمْ أَرَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَسْجُدُ لَمْ أَسْجُدْ. طرفه 766 ـــــــــــــــــــــــــــــ وسين مهملة- قال شيخ الإِسلام: لم يعرف له اسم؛ كذا قال في أسماء الرجال، وذكر في شرحه أن اسمه مرثد بن عبد الله بن قسيط (عن عطاء بن يسار) ضد اليمين (سئل زيد بن ثابت، فزعم أنه قرأ على النبي - صلى الله عليه وسلم - والنجم؛ فلم يسجد فيها) الزعم بمعنى اليقين، استدل به من لم يوجب سجدة التلاوة، وأوله من قال بوجوبه بأنه ربما كان على غير وضوء، أو كان الوقت من الأوقات المكروهة، واستدل به مشايخ القرآن بأن من كان جالسًا للإقراء لا يسن له السجود ولا لمن في مجلسه من القاري وغيره. باب سجدة {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} [الانشقاق: 1] 1074 - (مسلم) ضد الكافر و (معاذ) بضم الميم وذال معجمة (فضالة) بفتح الفاء وضاد (عن أبي سلمة قال: رأيت أبا هريرة قرأ {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} فسجد فيها؛ فقلت: يا أبا هريرة ألم أرك تسجد؟) استفهام إنكار دخل النفي فأفاد الإثبات، الحديث حجة على مالك وعلى من قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يسجد بعد الهجرة في المفصل.

8 - باب من سجد لسجود القارئ

8 - باب مَنْ سَجَدَ لِسُجُودِ الْقَارِئِ وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ لِتَمِيمِ بْنِ حَذْلَمٍ - وَهْوَ غُلاَمٌ - فَقَرَأَ عَلَيْهِ سَجْدَةً، فَقَالَ اسْجُدْ فَإِنَّكَ إِمَامُنَا فِيهَا. 1075 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ عَلَيْنَا السُّورَةَ فِيهَا السَّجْدَةُ، فَيَسْجُدُ وَنَسْجُدُ، حَتَّى مَا يَجِدُ أَحَدُنَا مَوْضِعَ جَبْهَتِهِ. طرفاه 1076، 1079 9 - باب ازْدِحَامِ النَّاسِ إِذَا قَرَأَ الإِمَامُ السَّجْدَةَ 1076 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ آدَمَ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ السَّجْدَةَ وَنَحْنُ عِنْدَهُ فَيَسْجُدُ وَنَسْجُدُ مَعَهُ فَنَزْدَحِمُ حَتَّى مَا يَجِدُ أَحَدُنَا لِجَبْهَتِهِ مَوْضِعًا يَسْجُدُ عَلَيْهِ. طرفه 1075 10 - باب مَنْ رَأَى أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يُوجِبِ السُّجُودَ وَقِيلَ لِعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ الرَّجُلُ يَسْمَعُ السَّجْدَةَ وَلَمْ يَجْلِسْ لَهَا قَالَ أَرَأَيْتَ لَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من سجد لسجود القاريء (قال ابن مسعود لتميم بن حذلم) بالحاء المهملة وذال معجمة (اسجد فإنك إمامنا) استدل به الشافعي على سنيته؛ فإن الحال في الواجب لا يتفاوت، وعنده تتأكد السنية بسجود القارئ على السامع، وفيه دلالة على أن قراءة الصبي كقراءة الكبير، وللشافعي في قراءة الكافر قولان. 1076 - (فيسجد ونسجد معه لا يجد أحدنا موضع جبهته) أي: من الأرض، كناية عن الازدحام، وفي مثله إن أمكن على الأرض فذاك؛ وإن لم يمكن وأمكن على ظهر إنسان، أو على رجله فعل، وإلا فلا يومئُ على الأصح؛ بل ينتظر إلى وقت الإمكان. باب من رأى أن الله لم يوجب السجود (وقيل لعمران بن حصين) بضم الحاء مصغر (قال: أرأيت لو قعد لها) أي: خبرني عن

قَعَدَ لَهَا كَأَنَّهُ لاَ يُوجِبُهُ عَلَيْهِ. وَقَالَ سَلْمَانُ مَا لِهَذَا غَدَوْنَا. وَقَالَ عُثْمَانُ - رضى الله عنه - إِنَّمَا السَّجْدَةُ عَلَى مَنِ اسْتَمَعَهَا. وَقَالَ الزُّهْرِىُّ لاَ يَسْجُدُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ طَاهِرًا، فَإِذَا سَجَدْتَ وَأَنْتَ فِي حَضَرٍ فَاسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ، فَإِنْ كُنْتَ رَاكِبًا فَلاَ عَلَيْكَ حَيْثُ كَانَ وَجْهُكَ. وَكَانَ السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ لاَ يَسْجُدُ لِسُجُودِ الْقَاصِّ. 1077 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى قَالَ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّيْمِىِّ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهُدَيْرِ التَّيْمِىِّ - قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَكَانَ رَبِيعَةُ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ عَمَّا حَضَرَ رَبِيعَةُ مِنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - قَرَأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ بِسُورَةِ النَّحْلِ حَتَّى إِذَا جَاءَ السَّجْدَةَ نَزَلَ فَسَجَدَ وَسَجَدَ النَّاسُ، حَتَّى إِذَا كَانَتِ الْجُمُعَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــ حال القاعد للسجدة، والغرض إنكار الوجوب ولو قعد للسجدة؛ ولهذا قال البخاري (وكأنه لا يوجبه عليه) (وقال سلمان: ما لهذا غدونا) روى البيهقي بأثاره: أن سلمان الفارسي مرّ بقوم يقرؤون السجدة، فقالوا: نسجد؟ فقال: ليس لهذا غدونا (وقال عثمان: إنما السجدة على من استمعها) الاستماع أخصُّ من السماع؛ لأنه سماع بعد الإنصاف له، وبهذا قال الإِمام أحمد ومالك، وما قاله الزهريّ من شرط الطهارة قال به الأئمة الأربعة (وكان السائب بن يزيد لا يسجد لسجود القاص) السائب هذا صحابي صغير، آخر من مات من الصحابة بالمدينة، وهو الذي ذهبت به خالته إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقالت: إن ابنَ أختي وَجِع. وصبَّ عليه من فضل وَضُوئه. والقاصّ: هو الواعظ؛ والمراد: بسجوده التلاوة آية السجدة. 1077 - (ابن جريج) -بضم الجيم مصغر- اسمه عبد الملك (أبو بكر بن أبي مليكة) -بضم الميم مصغر ملكه- واسمه زهير بن عبد الرحمن التيمي -بتقديم الفوقانية- (عبد الله بن الهدير) بضم الهاء وقال مهملة مصغر (قال أبو بكر: وكان ربيعة من خيار الناس عما حضر ربيعة) قوله: عما حضر ربيعة: بدل اشتمال من قوله: من ربيعة، وما: مصدرية؛ أي: عن حضوره من مجلس عمر. وقيل: عما حضر يتعلق بأخبرني من مقول ابن جريج وعلى

11 - باب من قرأ السجدة فى الصلاة فسجد بها

الْقَابِلَةُ قَرَأَ بِهَا حَتَّى إِذَا جَاءَ السَّجْدَةَ قَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا نَمُرُّ بِالسُّجُودِ فَمَنْ سَجَدَ فَقَدْ أَصَابَ، وَمَنْ لَمْ يَسْجُدْ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ. وَلَمْ يَسْجُدْ عُمَرُ - رضى الله عنه. وَزَادَ نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَفْرِضِ السُّجُودَ إِلاَّ أَنْ نَشَاءَ. 11 - باب مَنْ قَرَأَ السَّجْدَةَ فِي الصَّلاَةِ فَسَجَدَ بِهَا 1078 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى قَالَ حَدَّثَنِى بَكْرٌ عَنْ أَبِى رَافِعٍ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ أَبِى هُرَيْرَةَ الْعَتَمَةَ فَقَرَأَ (إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ) فَسَجَدَ فَقُلْتُ مَا هَذِهِ قَالَ سَجَدْتُ بِهَا خَلْفَ أَبِى الْقَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم - فَلاَ أَزَالُ أَسْجُدُ فِيهَا حَتَّى أَلْقَاهُ. طرفه 766 12 - باب مَنْ لَمْ يَجِدْ مَوْضِعًا لِلسُّجُودِ مِنَ الزِّحَامِ 1079 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ قَالَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ السُّورَةَ الَّتِى فِيهَا السَّجْدَةُ فَيَسْجُدُ وَنَسْجُدُ حَتَّى مَا يَجِدُ أَحَدُنَا مَكَانًا لِمَوْضِعِ جَبْهَتِهِ. طرفه 1075 ـــــــــــــــــــــــــــــ الوجهين قال أبو بكر: وكان ربيعة من خيار الناس، جملة معترضة (وزاد نافع عن ابن عمر: إن الله لم يفرض علينا السجود إلا أن نشاء) الاستثناء منقطع، أي: لكن إن نشأ سجدنا، وهذا نص قاطع فيما ذهب إليه الشافعي وأحمد ومالك من كونه سنة. باب من قرأ السجدة في الصلاة فسجد بها 1078 - (مسدد) بضم الميم وتشديد الدال المفتوحة (معتمر) بفتح التاء وكسر الميم (عن أبي رافع) اسمه نفيع (قال: صليت مع أبي هريرة العتمة) -بفتح العين والتاء- أي: العشاء، وقد تقدم النهي عن تسميتها عتمة، ولعله لم يبلغه النهي عنها، وحديثه سلف مع شرحه في باب سجدة: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ}. باب من لم يجد موضعًا للسجود من الزحام 1079 - (صدقة) -بثلاث فتحات- أخت الزكاة. حديث ابن عمر في عدم الإمكان من السجود على الأرض من الزحام تقدم في باب ازدحام الناس إذا قرأ الإِمام السجدة.

18 - كتاب تقصير الصلاة

18 - كتاب تقصير الصلاة 1 - باب مَا جَاءَ فِي التَّقْصِيرِ وَكَمْ يُقِيمُ حَتَّى يَقْصُرَ 1080 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَاصِمٍ وَحُصَيْنٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ أَقَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - تِسْعَةَ عَشَرَ يَقْصُرُ، فَنَحْنُ إِذَا سَافَرْنَا تِسْعَةَ عَشَرَ قَصَرْنَا، وَإِنْ زِدْنَا أَتْمَمْنَا. طرفاه 4298، 4299 ـــــــــــــــــــــــــــــ أبواب التقصير باب ما جاء في التقصير، وكم يقيم حتى يقصر يقال: قصر -بالتشديد والتخفيف- وأقصر. قال ابن الأثير: أقصرت لغة شاذة. فإن قلت: حتى يقصر غاية ماذا؟ قلت: معناه كم الإقامة حتى ينتهي القصر فيها. كانت الصلاة الرّباعية بعد الهجرة تؤدى كاملة سفرًا وحضرًا إلى السنة الرابعة من الهجرة. 1080 - (أبو عوانة) -بفتح العين- الوضاح اليشكري و (حصين) بضم الحاء مصغر (عن ابن عباس: أقام النبي - صلى الله عليه وسلم - تسعة عشر يقصر) كان هذا سنة الفتح بمكة، وبه قال الشافعي لمن كان بصدد الخروج كل يوم، وإن نوى الإقامة أربعة أيام غير يوم الدخول والخروج أتمّ؛ وكذا قال مالك. وقال أحمد: إن نوى الإقامة أكثر من إحدى وعشرين صلاة أتم. قال أبو حنيفة: إن نوى الإقامة خمسة عشر يومًا، وإذا لم ينو الإقامة صلى أبدًا إلى أن يرجع إلى وطنه؛ وكذا قال أحمد، وعند الشافعي لا يزيد على تسعة عشر كما تقدم. والقصر واجب عند مالك وأبي حنيفة، جائز عند غيرهما، هذا قول بعض أصحاب مالك، والمذهب أنه سنة. فإن قلت: ما دليل الشافعي ومالك في الإقامة أربعة أيام؟ قلت: فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في

1081 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ، فَكَانَ يُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ. قُلْتُ أَقَمْتُمْ بِمَكَّةَ شَيْئًا قَالَ أَقَمْنَا بِهَا عَشْرًا. طرفه 4297 ـــــــــــــــــــــــــــــ حجة الوداع، فإنه دخل اليوم الرابع من الشهر وقت الصبح، وخرج يوم التروية بعد الظهر. فإن قلت: فما دليل الإِمام أحمد؟ قلت: ما استدل به الشافعي ومالك، فإنه صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تلك الأيام عشرين صلاة. فإن قلت: فما دليل أبي حنيفة على خمسة عشر يومًا؟ قلت: حديث رواه النسائي عن ابن عباس وابن عمر: إذا قدمت بلدًا وفي نفسك أن تقيم خمسة عشرًا يومًا فأكمل الصلاة. فإن قلت: فما دليله ودليل الإِمام أحمد على أنه إذا لم ينو الإقامة ولو أقام دهرًا يصلي قصرًا؟ قلت: لم يرد حديث في تعيين المدة، والصحابة كانوا يقيمون على فتح الحصون مدة مديدة وكانوا يقصرون؛ حتى حكى الترمذي إجماعهم على هذا؛ ولكن في دعوى الإجماع نظر، فإن ابن عباس لم يقل بما فوق تسعة عشر يومًا. هذا والأئمة على أن شرط السفر أن لا يكون سفر معصية [إلا أبا حنيفة] وشرط بعضهم أن يكون السفر [.............] نقله في الأشراف. 1081 - (أبو معمر) بفتح الميمين بينهما عين ساكنة (روى عن أنس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قصر في طريق مكة وبمكة أيضًا مدّة إقامته عشرًا).

2 - باب الصلاة بمنى

2 - باب الصَّلاَةِ بِمِنًى 1082 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِى نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ، وَأَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَمَعَ عُثْمَانَ صَدْرًا مِنْ إِمَارَتِهِ ثُمَّ أَتَمَّهَا. طرفه 1655 1083 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ حَارِثَةَ بْنَ وَهْبٍ قَالَ صَلَّى بِنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - آمَنَ مَا كَانَ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ. طرفه 1656 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: هنا يخالف ما تقدم من استدلال الشافعي بأنه أقام بها أربعًا؟ قلت: لا مخالفة؛ فإن أنسًا أراد مدّة مكثه بمكة وخارج مكة أيام منى، ويوم عرفة، إلى أن ارتحل من المحصب، فإنها من توابع مكة، قال شيخ الإِسلام: أرجح الروايات تسعة عشر وأكثرها. باب الصلاة بمنى 1082 - روى عن عبد الله بن عمر أنه صلى بمنى ركعتين أي: في الرباعية بمنى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر وصدرًا من خلافة عثمان أي: أول إمارته، قيل: مدة ثمان سنين. ثم أتم؛ قيل: لأنه كان تأهل بمكة، وقيل: لأنه كان لا يرى القصر واجبًا؛ وهذا هو الصواب؛ لما روى البخاري بعد هذا الحديث، إذ لو كان مقيمًا لم يكن لاعتراض [ابن] مسعود وجه. 1083 - (أبو الوليد) هشام و (أبو إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي (صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آمن ما كان بمنى ركعتين) آمن: أفعل التفضيل وأشار إلى أن الشرط في قوله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ} [النساء: 101] ليس بمعتبر. فإن قلت: يشكل على من يقول بالمفهوم؟ قلت: لا يشكل لأنه إنما يقول به إذا لم

3 - باب كم أقام النبى - صلى الله عليه وسلم - فى حجته

1084 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ يَقُولُ صَلَّى بِنَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ - رضى الله عنه - بِمِنًى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، فَقِيلَ ذَلِكَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - فَاسْتَرْجَعَ ثُمَّ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ، وَصَلَّيْتُ مَعَ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنه - بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ، وَصَلَّيْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ، فَلَيْتَ حَظِّى مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ رَكْعَتَانِ مُتَقَبَّلَتَانِ. طرفه 1657 3 - باب كَمْ أَقَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي حَجَّتِهِ 1085 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِى الْعَالِيَةِ الْبَرَّاءِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ يعارضه دليل أقوى، وفي رواية مسلم أن عمر سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فقال: "صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته". 1084 - (قتيبة) بضم القاف مصغر (صلى بنا عثمان بمكة أربعًا بمنى، فقيل في ذلك لعبد الله بن مسعود فاسترجع) أي: قال: إنا لله وإنا إليه راجعون؛ عدَّ ما فعله عثمان مصيبة؛ لكونه خالف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والشيخين بعده (فليت حظي من أربع ركعات ركعتان متقبلتان) تأسف على ما فاته من فضيلة القصر، وأن هذه الأربعة دون تيك الركعتين، وإنما لم يخالف عثمان كراهة مخالفة الإِمام؛ لكن فيه دليل عدم الوجوب، إذا لو كان عنده واجبًا لم يسعه تركه، وإنما تأسف على ترك الأفضل، والشافعي قائل بالأفضلية إذا بلغ سفره ثلاث مراحل فإن سفر القصر عنده مسافته مرحلتان، وعند مالك وأحمد أيضًا؛ وثلاث مراحل عند أبي حنيفة. باب كم أقام النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجته؟ 1085 - (عن أبي العالية البراء) -بفتح الباء وتشديد الراء- قيل: كان يبري النشاب،

4 - باب فى كم يقصر الصلاة

قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ لِصُبْحِ رَابِعَةٍ يُلَبُّونَ بِالْحَجِّ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً إِلاَّ مَنْ مَعَهُ الْهَدْىُ. تَابَعَهُ عَطَاءٌ عَنْ جَابِرٍ. أطرافه 1564، 2505، 3832 4 - باب فِي كَمْ يَقْصُرُ الصَّلاَةَ وَسَمَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمًا وَلَيْلَةً سَفَرًا. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهم - يَقْصُرَانِ وَيُفْطِرَانِ فِي أَرْبَعَةِ بُرُدٍ وَهْىَ سِتَّةَ عَشَرَ فَرْسَخًا. 1086 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِىُّ قَالَ قُلْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: كان يبري القصب؛ واسمه زياد بن فيروز، وبالبراء يمتاز عن أبي العالية الرّياحي، فإن كلًّا منهما يروي عن ابن عباس (قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه لصبح رابعة) أي من ذي الحجة (يلبون بالحج فأمرهم أن يجعلوها عمرة) لما سيأتي أنهم في الجاهلية كانوا يعدون العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور. فأراد رفع سُنَّة الجاهلية (تابعه عطاء عن جابر) أي: تابع أبا العالية لكن عن جابر. باب في كم تقصر الصلاة؟ (وسمى النبي - صلى الله عليه وسلم - السفر يومًا وليلة) هذا أسنده عن أبي هريرة في آخر هذا الباب (وكان ابن عباس وابن عمر يقصران ويفطران في أربعة برد، وهي: ستة عشر فرسخًا) ما نقله تعليقًا عنه رواه البيهقي مسندًا، والبرد -بضم الباء وسكون الراء- جمع البريد، على وزن فعيل؛ وهي كلمة معربة أصلها بريدة دم؛ أي: مقطوع الذنب، وذلك أن الخيول المعدة في الطرق لقصاد الملوك كانت محذوفة الأذناب لتكون أخف، ثم أطلق اللفظ على راكبها، ثم على المسافة مجازًا في المرتبة الثانية. نقل شيخنا عن المنذري في مسافة القصر نحوًا من عشرين قولًا. 1086 - (إسحاق) كذا في بعضها غير منسوب، والراوي عن أسامة إسحاق الحنظلي، وإسحاق بن نصر، وإسحاق بن منصور؛ إلا أن في بعضها إسحاق بن إبراهيم الحنظلي (قلتُ

لأَبِى أُسَامَةَ حَدَّثَكُمْ عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ مَعَ ذِى مَحْرَمٍ». طرفه 1087 1087 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ ثَلاَثًا إِلاَّ مَعَ ذِى مَحْرَمٍ». تَابَعَهُ أَحْمَدُ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 1086 1088 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْمَقْبُرِىُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لَيْسَ مَعَهَا حُرْمَةٌ». ـــــــــــــــــــــــــــــ لأبي أسامة) -بضم الهمزة- حماد بن أسامة (حدثكم عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لا تسافر المرأة [ثلاثة] أيام إلا مع ذي محرم). فإن قلت: سأل إسحاق أبا أسامة عن حديث ابن عمر. هل حدثكم به عبيد الله؟ فلم يجبه بشيء، فكيف صحّ الاستدلال به؟ قلت: الجمهور على أن الشيخ إذا سكت ولم ينكر يصح السماع والاحتجاج بحديثه على جزم بالسماع في رواية مسدد بعده. 1087 - (تابعه أحمد عن ابن المبارك عن عبيد الله) أحمد هذا هو: أحمد بن موسى المروزي كذا نسبه الغساني، قال: ولقبه مردويه. وقال الدارقطني: الراوي عن ابن المبارك هو أحمد بن محمَّد بن ثابت. والضمير في تابعه: لمسدد. 1088 - (ابن أبي ذئب) بلفظ الحيوان المعروف محمَّد بن عبد الرحمن (لا يحل لامرأة تؤمن باللهِ واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها حرمة) أي: ذي حرمة، أي: محرم.

5 - باب يقصر إذا خرج من موضعه

تَابَعَهُ يَحْيَى بْنُ أَبِى كَثِيرٍ وَسُهَيْلٌ وَمَالِكٌ عَنِ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه. 5 - باب يَقْصُرُ إِذَا خَرَجَ مِنْ مَوْضِعِهِ وَخَرَجَ عَلِىٌّ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - فَقَصَرَ وَهْوَ يَرَى الْبُيُوتَ فَلَمَّا رَجَعَ قِيلَ لَهُ هَذِهِ الْكُوفَةُ. قَالَ لاَ حَتَّى نَدْخُلَهَا. 1089 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ صَلَّيْتُ الظُّهْرَ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا، وَبِذِى الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ. أطرافه 1546، 1547، 1548، 1551، 1712، 1714، 1715، 2951، 2986 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: ما وجه التوفيق بين رواية أبي هريرة هذه وبين رواية ابن عمر ثلاثة أيام؟ قلت: الرواية في هذا المعنى كثيرة، جاءت بيوم ويومين ومطلق السفر، وفي أبي داود بريدًا والكل صحيح؛ لأن ذكر الأقل لا ينافي الأكثر، واختلاف الأجوبة على قدر سؤال السائل، والأصل المعول عليه عدم جواز سفرها مطلقًا إلا مع محرم، أو زوج، أو نسوة ثقات؛ على ما قاله الشافعي، وقال أبو حنيفة: يجوز لها الخروج من غير محرم إذا كان بينها وبين مكة ما دون مسافة القصر، وأما زمن الهجرة كان الخروج واجبًا عليها ولو كانت مفردة. (تابعه يحيى بن أبي كثير وسهيل ومالك) أي: تابع هؤلاء ابن أبي ذئب. قال شيخنا أبو الفضل ابن حجر: نقل ابن المنذر في مسافة القصر نحوًا من عشرين قولًا. باب يقصر الصلاة إذا خرج من موضعه يريد بموضعه البلد الذي هو فيها، بدليل أحاديث الباب (وخرج علي بن أبي طالب فقصر وهو يرى البيوت) أسند البيهقي عنه أن هذا كان عند خروجه لقتال معاوية. 1089 - (أبو نعيم) بضم النون مصغر (عن محمَّد بن المنكدر) بكسر الدال (ميسرة) ضد الميمنة (والعصر بذي الحليفة) -بضم الحاء مصغر- من المدينة على ستة أميال، أو على

1090 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتِ الصَّلاَةُ أَوَّلُ مَا فُرِضَتْ رَكْعَتَيْنِ فَأُقِرَّتْ صَلاَةُ السَّفَرِ، وَأُتِمَّتْ صَلاَةُ الْحَضَرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ سبعة. قال الشافعي: إن كان البلد مسورًا لا يقصر حتى يخرج منه، وإن كان وراء السور عمران. وقال سائر الأئمة: لا يقصر حتى يجاوز العمران كله. 1090 - (عن عائشة قالت: الصلاة أول ما فرضت ركعتان، فأقرت صلاة السفر، وأتمت صلاة الحضر) يجوز رفع أول على أنه مبتدأ ثان، أو بدل، والنصب على أنه ظرف، هذا الحكم مخصوص بالرباعية بالإجماع، وهذا الحديث ظَاهر لمن يقول بوجوب القصر، كأبي حنيفة ومالك. وأراد بعضهم القدح في هذا الحديث، قال ابن عبد البر هذا الحديث في غاية الصحة، فلا مجال للقدح فيه، والجواب لمن أجاز الإتمام أن معنى قولها: وأقرت صلاة السفر لمن شاء، بدليل أنها كانت تصلى أربعًا، وروى الدارقطني عنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتم ويقصر، ويصوم ويفطر. فإن قلت: روى أحمد والنسائي، وابن ماجه؛ عن عمر: صلاة السفر ركعتان تمام غير قصر على لسان نبيكم؟ قلت: لا بد من تأويله، فإن نص القرآن ناطق بالقصر، فلا بد أن يكون معنى قوله: إن الصلاة في السفر وإن كانت قصرًا في الصورة فهي تامة في المعنى. قال بعض الشارحين في الجواب عن حديث عائشة: هذا الحديث خبر واحد لا يعارض القرآن، وهو قوله تعالى: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} [النساء: 101] فإن القصر إنما يكون بعد الزيادة، فلو كانت صلاة السفر ركعتين لم يكن للقصر معنى، وأيضًا العام؛ أي حديث عائشة خمق منه البعض؛ وهو: الصبح والمغرب، والعام المخصص مختلف في حجته، وهذا الذي قاله لا فائدة فيه؛ لأنا قدمنا أن حديث عائشة لا ريبة في

6 - باب يصلى المغرب ثلاثا فى السفر

قَالَ الزُّهْرِىُّ فَقُلْتُ لِعُرْوَةَ مَا بَالُ عَائِشَةَ تُتِمُّ قَالَ تَأَوَّلَتْ مَا تَأَوَّلَ عُثْمَانُ. طرفه 350 6 - باب يُصَلِّى الْمَغْرِبَ ثَلاَثًا فِي السَّفَرِ 1091 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَعْجَلَهُ السَّيْرُ فِي السَّفَرِ يُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ حَتَّى يَجْمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعِشَاءِ. قَالَ سَالِمٌ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَفْعَلُهُ إِذَا أَعْجَلَهُ السَّيْرُ. أطرافه 1092، 1106، 1109، 1668، 1673، 1805، 3000 ـــــــــــــــــــــــــــــ صحته، فلا بدّ من التأويل الذي قدمنا، وأمّا قوله: العام المخصص مختلف في حجتِهِ؛ قال الآمدي: العام بعد التخصيص حجة بالإجماع. (قال الزهريّ: قلت لعروة: فما بال عائشة، تتم؟ قال: تأولت ما تأول عثمان) يعني كانت تقول بجواز الأمرين القصر والإتمام؛ كما قدمنا عنها أنها كانت تصلي في الأسفار أربعًا، وقيل: كانت نوت الإقامة. ولا يصح هذا، وأجاب بعضهم: بأنه لا يجوز التأويل بنية الإقامة لا من عثمان، ولا من عائشة؛ لأن إقامة المهاجر بعد ثلاث لا تجوز بمكة. وهذا وهم منه؛ فإن هذا كان قبل فتح مكة؛ وأما بعده فقد انتسخ هذا الحكم، وكم من مهاجر مات بها؛ منهم أبو موسى الأشعري، وأقام ابن عباس، وابن الزبير. باب يصلي المغرب ثلاثًا في السفر 1091 - (أبو اليمان) بتخفيف النون (عن عبد الله بن عمر: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أعجله السير آخر المغرب حتى يجمع بينها، وبين العشاء) يقال: أعجله وعجله بمعنى واحد. والكلام في السفر الذي يجوز فيه القصر. واستدل بالحديث الشافعي وأحمد على جواز الجمع بين المغرب والعشاء، وسيأتي الحديث في الظهر والعصر أيضًا إن شاء الله؛ إلا أن الشافعي فيد السفر بأن لا يكون سفر معصيتة، أي: لا يكون أنشأ سفره للمعصية، لا أنه لا تقع منه معصية بعد الشروع فيه، ودليله

1092 - وَزَادَ اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ سَالِمٌ كَانَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَجْمَعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِالْمُزْدَلِفَةِ. قَالَ سَالِمٌ وَأَخَّرَ ابْنُ عُمَرَ الْمَغْرِبَ، وَكَانَ اسْتُصْرِخَ عَلَى امْرَأَتِهِ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِى عُبَيْدٍ فَقُلْتُ لَهُ الصَّلاَةُ. فَقَالَ سِرْ. فَقُلْتُ الصَّلاَةُ. فَقَالَ سِرْ. حَتَّى سَارَ مِيلَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى ثُمَّ قَالَ هَكَذَا رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى إِذَا أَعْجَلَهُ السَّيْرُ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَعْجَلَهُ السَّيْرُ يُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ، فَيُصَلِّيهَا ثَلاَثًا ثُمَّ يُسَلِّمُ، ثُمَّ قَلَّمَا يَلْبَثُ حَتَّى يُقِيمَ الْعِشَاءَ فَيُصَلِّيَهَا رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يُسَلِّمُ، وَلاَ يُسَبِّحُ بَعْدَ الْعِشَاءِ حَتَّى يَقُومَ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ. طرفه 1091 ـــــــــــــــــــــــــــــ على ذلك أن القصر رخصة، والرخص لا تُنَاط بالمعاصي؛ وكذا قال مالك وأحمد. 1092 - (قال سالم: وأخر ابن عمر المغرب، وكان استصرخ على امرأته صفية بنت أبي عبيد) الاستصراخ: الاستغاثة؛ من الصراخ -بضم الصاد- وهو: رفع الصوت. روى النسائي: أن ابن عمر كان في زراعة له، فكتبت إليه امرأته؛ وهي صفية بنت أبي عبيد، أخت المختار للجد، وكانت من الصالحات، أني في آخر يوم من أيام الدنيا، فكانت سرعة ابن عمر لعل أن يدركها، فمن قال: استصرخ عليها؛ أي: أُخبر بموتها، فقد غلط لغة ونقلًا. (وقال عبد الله) عطف على قال رأيت؛ فإن فيه ضمير ابن عمر وبقوله: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يُتم المغرب فيصليها ثلاثًا، يتم الاستدلال على الترجمة؛ فإنه ترجم على أن المغرب ثلاث في السفر، وهذا حكم مجمع عليه. (ولا يُسَبحُ بعد العشاء) أي: لا يصلي سنة العشاء حتى يقوم من جوف الليل إما لأن قيام الليل كان واجبًا عليه، أو يتطوع.

7 - باب صلاة التطوع على الدواب وحيثما توجهت به

7 - باب صَلاَةِ التَّطَوُّعِ عَلَى الدَّوَابِّ وَحَيْثُمَا تَوَجَّهَتْ بِهِ 1093 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى عَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ. طرفاه 1097، 1104 1094 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصَلِّى التَّطَوُّعَ وَهْوَ رَاكِبٌ فِي غَيْرِ الْقِبْلَةِ. 1095 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يُصَلِّى عَلَى رَاحِلَتِهِ وَيُوتِرُ عَلَيْهَا، وَيُخْبِرُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَفْعَلُهُ. طرفاه 400، 999 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب صلاة التطوع على الدّابة حيثما توجهت 1093 - (معمر) بفتح الميمين بينهما عين ساكنة (رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي على راحلته حيث توجهت به) اتفق الأئمة على جواز التطوع على الدابة؛ أيَّ تطوع كان، رواتب وغيرها، وكذا الوتر عند من لم يقل بوجوبه، وقال مالك: يجوز الفرض أيضًا للمسافر إذا لم يقدر على النزول؛ وكذا قال أحمد: إن كان هناك وحل لا يمكنه النزول، وقال مالك: لا يجوز للراكب أن يعدل عن صوب الطريق؛ وإن كان عدوله إلى القبلة. وقال الشافعي وأحمد: يجب عليه استقبال القبلة في افتتاح الصلاة؛ لما روى أبو داود عن أنس: [أن] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يتوجه القبلة في الافتتاح، ثم يتوجه الطريق. 1094 - 1095 - (أبو نعيم) بضم النون وهو مصغر (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم (وهيب) بضم الواو مصغر (كان ابن عمر يصلي على راحلته، ويوتر عليها) إما أنه لم يكن عنده واجبًا؛ أو كان واجبًا إلا أنه كان مذهبه ذلك. فإن قلت: في رواية الإِمام أحمد: كان ابن عمر إذا أراد الوتر نزل؟ قلت: لا تعارض، أراد بذلك الأفضل.

8 - باب الإيماء على الدابة

8 - باب الإِيمَاءِ عَلَى الدَّابَّةِ 1096 - حَدَّثَنَا مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ قَالَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يُصَلِّى فِي السَّفَرِ عَلَى رَاحِلَتِهِ، أَيْنَمَا تَوَجَّهَتْ يُومِئُ. وَذَكَرَ عَبْدُ اللَّهِ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَفْعَلُهُ. طرفه 999 9 - باب يَنْزِلُ لِلْمَكْتُوبَةِ 1097 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ أَنَّ عَامِرَ بْنَ رَبِيعَةَ أَخْبَرَهُ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ عَلَى الرَّاحِلَةِ يُسَبِّحُ، يُومِئُ بِرَأْسِهِ قِبَلَ أَىِّ وَجْهٍ تَوَجَّهَ، وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَصْنَعُ ذَلِكَ فِي الصَّلاَةِ الْمَكْتُوبَةِ. طرفه 1093 1098 - وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ قَالَ سَالِمٌ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُصَلِّى عَلَى دَابَّتِهِ مِنَ اللَّيْلِ وَهْوَ مُسَافِرٌ، مَا يُبَالِى حَيْثُ مَا كَانَ وَجْهُهُ. قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُسَبِّحُ عَلَى الرَّاحِلَةِ قِبَلَ أَىِّ وَجْهٍ تَوَجَّهَ، وَيُوتِرُ عَلَيْهَا، غَيْرَ أَنَّهُ لاَ يُصَلِّى عَلَيْهَا الْمَكْتُوبَةَ. طرفه 999 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الإيماء على الدابة 1096 - روى في الباب حديث ابن عمر الذي في الباب قبله: أنه كان يصلي على راحلته. وزاد في هذه؛ (أنه كان يوميء) وهو موضع الدلالة. باب: ينزل للمكتوبة 1097 - 1098 - (بكر) بضم الباء مصغر، وكذا (عقيل)، (رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو على الرّاحلة يسبح) أي: يصلي النافلة قال ابن الأثير: التسبيح في الفرائض سنة، فأطلق على صلاة النافلة لاشتراكهما في النفلية (ويومئ برأسه قِبَلَ أي وجهة توجه) -بكسر القاف وفتح الباء- بمعنى الجهة (ويوتر عليها).

10 - باب صلاة التطوع على الحمار

1099 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ قَالَ حَدَّثَنِى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصَلِّى عَلَى رَاحِلَتِهِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّىَ الْمَكْتُوبَةَ نَزَلَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ. طرفه 400 10 - باب صَلاَةِ التَّطَوُّعِ عَلَى الْحِمَارِ 1100 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَبَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ سِيرِينَ قَالَ اسْتَقْبَلْنَا أَنَسًا حِينَ قَدِمَ مِنَ الشَّأْمِ، فَلَقِينَاهُ بِعَيْنِ التَّمْرِ، فَرَأَيْتُهُ يُصَلِّى عَلَى حِمَارٍ وَوَجْهُهُ مِنْ ذَا الْجَانِبِ، يَعْنِى عَنْ يَسَارِ الْقِبْلَةِ. فَقُلْتُ رَأَيْتُكَ تُصَلِّى لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ. فَقَالَ لَوْلاَ أَنِّى رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَعَلَهُ لَمْ أَفْعَلْهُ. رَوَاهُ ابْنُ طَهْمَانَ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. ـــــــــــــــــــــــــــــ قال النووي: فإن قيل: كان الوتر واجبًا عليه؟ فالجواب: أن هذا لا يجديكم لأنه صلى على الدّابة، ويمكن أن يقال هذا كان قبل وجوب الوتر جمعًا بين الأدلة. 1099 - (معاذ بن فضالة) بضم الميم وفتح الفاء (ثوبان) بفتح المثلثة (وكان يصلي نحو المشرق) حكاية حال؛ لا أن للمشرق في ذلك مدخلًا. وهذه الأحاديث تخصّ قوله تعالى: {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: 142] وفي رواية التِّرْمِذِيّ: يومئُ للسجود أخفض. والسفر عام إلَّا عند مالك، فإنَّه يخصه بسفر القصر، وبالراكب دون الماشي. باب صلاة التطوع على الحمار 1100 - (حبان) -بفتح الحاء وتشديد الموحدة- أبو حبيب بن هلال (همام) بفتح الهاء وتشديد الميم (استقبلنا أنس بن مالك حين قدم من الشَّام، فلقيناه بعين التمر) -بالتاء المثناة فوق- قرية من قرى العراق مما يلي الشَّام، وبها كانت وقعة بين خالد والفرس ومنها كان حمران مولى عثمان (يصلي على حمار ووجهُه من ذا الجانب) أي: في غير القبلة، فإن الكلام في العدول عن القبلة. اتفق الأئمة على ألا فرق بين الحمار وغيره، وقد روى النَّسائيّ

11 - باب من لم يتطوع فى السفر دبر الصلاة وقبلها

11 - باب مَنْ لَمْ يَتَطَوَّعْ فِي السَّفَرِ دُبُرَ الصَّلاَةِ وَقَبْلَهَا 1101 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِى عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَنَّ حَفْصَ بْنَ عَاصِمٍ حَدَّثَهُ قَالَ سَافَرَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - فَقَالَ صَحِبْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ أَرَهُ يُسَبِّحُ فِي السَّفَرِ، وَقَالَ اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ). طرفه 1102 1102 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عِيسَى بْنِ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَكَانَ لاَ يَزِيدُ فِي السَّفَرِ عَلَى رَكْعَتَيْنِ، وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ كَذَلِكَ - رضى الله عنهم. طرفه 1101 ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيره: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى على الحمار حين توجه إلى خيبر. باب من لم يتطوع في السفر دبر الصلوات وقبلها 1101 - 1102 - (ابن وهب) لوهب ثلاثة بنين؛ عبد الله، وأيوب، وعبد الرَّحْمَن، كلهم رواة الحديث، إلَّا أن الأكثر عند الإطلاق هو عبد الله سأَلتُ ابن عمر عن السنن في السفر فأجابه بأنه صحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الأسفار فلم يجده يصليها، وقد قال تعالى: {لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ} [الأحزاب: 21] وقوله: فلم أره يسبح في السفر. يريد الرواتب؛ كما أشرنا إليه؛ لأنه تقدم من رواية ابن عمر: أنَّه رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي على دابته. قال النووي: اتفقوا على استحباب النوافل المطلقة في السفر، واختلفوا في الرواتب. قال: والجمهور على استحبابها، وعدم رؤية ابن عمر لا يصح دليلًا على العدم، فلعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي في البيت فإِنَّه أفضل، أو ترك الأوقات ليعلم النَّاس أنها لا تتأكد في السفر.

12 - باب من تطوع فى السفر فى غير دبر الصلوات وقبلها

12 - باب مَنْ تَطَوَّعَ فِي السَّفَرِ فِي غَيْرِ دُبُرِ الصَّلَوَاتِ وَقَبْلَهَا وَرَكَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - رَكْعَتَىِ الْفَجْرِ فِي السَّفَرِ. 1103 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو عَنِ ابْنِ أَبِى لَيْلَى قَالَ مَا أَنْبَأَ أَحَدٌ أَنَّهُ رَأَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى الضُّحَى غَيْرُ أُمِّ هَانِئٍ ذَكَرَتْ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: قوله: كان عثمان لا يزيد على الركعتين، يناقض ما تقدم من أن عثمان أتم بمكة؟ قلت: لا يناقض؛ فإنَّه أخبر عن رؤيته. باب من تطوع في السفر في غير قبل الصلاة ودبرها فإن قلت: أيُّ فرق بين هذه الترجمة وبين التي قبلها؟ قلت: الأولى أعم؛ لأن عدم تطوعه قبل الصلاة ودبرها لا يستلزم التطوع في غيرها؛ بخلاف هذه، فإنَّها أثبتت التطوع في غيرها. (وركع النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - ركعتي الفجر في السفر) رواه مسلم مسندًا عن [أبي] قتادة أن هذا كان حين ناموا في الوادي فاتتهم الصلاة. 1103 - (مرّة) بضم الميم وتشديد الراء (عن ابن أبي ليلى) عبد الرَّحْمَن، وأبوه أبو ليلى؛ اسمه بلال، أو بليل -مصغر- صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معروف من الْأَنصار. فإن قلت: كيف يوافق هذا ما ترجم؟ قلت: قال شيخ الإِسلام: لفظ قبل هنا وفي الباب قبله إنما وقع في رواية الحموي، والأرجح رواية الأكثر. فعلى هذا إيراده للإشعار بذلك، هذا الذي قاله مشكل؛ لأنه لو حذف لفظ قبل من الباب الأول لدلّ على أنَّه كان يتطوع قبل الفرض، وكذا في الباب الثاني, لأنه على ذلك التقدير قوله: من تطوع في غير دبر الصلاة شامل لقبل، وليس الغرض، إلَّا أنَّه لا قبل ولا بعد، وسياق الحديث دال على ذلك؛ فالصواب أن ذكره لركعتي الفجر في الباب للدلالة على مشروعية ذلك في الجملةِ؛ كما فعله في أمثاله. (ما أخبرنا أحد أنَّه رأى النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - صلى الضحى غير أم هانئ) واسمها عاتكة،

يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ اغْتَسَلَ فِي بَيْتِهَا، فَصَلَّى ثَمَانِ رَكَعَاتٍ، فَمَا رَأَيْتُهُ صَلَّى صَلاَةً أَخَفَّ مِنْهَا، غَيْرَ أَنَّهُ يُتِمُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ. طرفاه 1176، 4292 1104 - وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ رَأَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى السُّبْحَةَ بِاللَّيْلِ فِي السَّفَرِ عَلَى ظَهْرِ رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ. طرفه 1093 1105 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُسَبِّحُ عَلَى ظَهْرِ رَاحِلَتِهِ حَيْثُ كَانَ وَجْهُهُ، يُومِئُ بِرَأْسِهِ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُهُ. طرفه 1091 ـــــــــــــــــــــــــــــ واستدل على التطوع في السفر بحديثها؛ لأن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حين صلى الضحى في بيتها كان يوم الفتح، ولا شكَ أنَّه كان مسافرًا؛ وأمّا قوله: ما أخبرنا غير أم هانئ أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلى الضحى إخبارٌ عن عدم علمه، فلا يلزم منه عدمٌ، فقد روى غير أم هانئ من الصَّحَابَة؛ رواه أبو ذر في مسلم، وأبو الدَّرداء، وبريدة، وأنس، وغير واحد في السنن. 1104 - (وقال الليث: حَدَّثني يونس عن ابن شهاب) هذا التعليق تقدم مسندًا في باب نزل للمكتوبة، وزاد هنا أن تلك الصلاة كانت بالليل، وحديث ابن عمر تقدم مرارًا.

13 - باب الجمع فى السفر بين المغرب والعشاء

13 - باب الْجَمْعِ فِي السَّفَرِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ 1106 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِىَّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَجْمَعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ إِذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ. 1107 - وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنِ الْحُسَيْنِ الْمُعَلِّمِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَجْمَعُ بَيْنَ صَلاَةِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ إِذَا كَانَ عَلَى ظَهْرِ سَيْرٍ، وَيَجْمَعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الجمع في السفر بين المغرب والعشاء 1106 - روى في الباب حديث ابن عمر: (أنَّه كان إذا أعجله السير آخر المغرب إلى العشاء) وأن ابن عمر رأى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يفعل ذلك، وقد تقدم كله مشروحًا في باب يصلي المغرب ثلاثًا. 1107 - (وقال إبراهيم بن طهمان) بفتح الطاء وسكون الهاء كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجمع بين صلاة الظهر والعصر إذا كان على ظهر سير) لفظ الظهر مقحمة، قال ابن الأثير: لفظ الظهر في أمثاله يفيد إشباع الكلام، والإسناد إلى [....] قلت: هو يفيد ما يفيده لفظ أعجله وجدّ به. وهذا التعليق رواه مسلم وغيره مسندًا. استدل الشَّافعيّ وأَحمد بأحاديث الباب على جواز الجمع في المغرب والعشاء، والظهر والعصر، وقيده مالك بما إذا جدّ بالسير، ومنعه أبو حنيفة في غير عرفات ومزدلفة، واستدلّ بأن الصلوات قد تقررت، والأحاديث آحاد، فلا يترك بها، ويرد عليه تجويزه بمزدلفة وعرفات، فإنَّه أَيضًا آحاد، ولو سلم يكفي ذلك مقيسًا عليه بعلة الاشتغال. وقولهم: المراد بالجمع تأخيرها إلى آخر الوقت؛ تدفعه رواية أنس بعده: أخر الظهر إلى آخر وقت العصر.

14 - باب هل يؤذن أو يقيم إذا جمع بين المغرب والعشاء

1108 - وَعَنْ حُسَيْنٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ حَفْصِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَجْمَعُ بَيْنَ صَلاَةِ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي السَّفَرِ. وَتَابَعَهُ عَلِىُّ بْنُ الْمُبَارَكِ وَحَرْبٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ حَفْصٍ عَنْ أَنَسٍ جَمَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 1110 14 - باب هَلْ يُؤَذِّنُ أَوْ يُقِيمُ إِذَا جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ 1109 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَعْجَلَهُ السَّيْرُ فِي السَّفَرِ يُؤَخِّرُ صَلاَةَ الْمَغْرِبِ، حَتَّى يَجْمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعِشَاءِ. قَالَ سَالِمٌ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَفْعَلُهُ إِذَا أَعْجَلَهُ السَّيْرُ، وَيُقِيمُ الْمَغْرِبَ فَيُصَلِّيهَا ثَلاَثًا، ثُمَّ يُسَلِّمُ، ثُمَّ قَلَّمَا يَلْبَثُ حَتَّى يُقِيمَ الْعِشَاءَ، فَيُصَلِّيهَا رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يُسَلِّمُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قال شيخنا أبو الفضل: ويرد عليهم الجمع بالتقديم الآتي بعد باب. ولم أر هذا في البُخَارِيّ؛ بل إنما وقع في أبي داود والتِّرمذيّ. باب هل يؤذن ويقيم إذا جمع بين المغرب والعشاء 1109 - روى في الباب حديث عبد الله بن عمر (أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا أعجله السير أخّر المغرب إلى العشاء) وقد تقدم مرارًا، وموضع الدلالة هنا قوله: (يقيم المغرب)، و (يقيم العشاء). فإن قلت: ليس في الباب ذكر الأذان كما ترجم عليه؟ قلت: أجاب بعضهم: بأنه أراد أنَّه يُؤخذ من إطلاق الصلاة اشتمالها على الأركان والشرائط والسنن. قلت: فعلى هذا لا حاجة إلى ذكر الإقامة؛ بل هذا على دأبه من الاستدلال بما فيه خفاء؛ وقد روى عن ابن عمر في كتاب الحج أن ابن عمر أذن لهما، وبه استدل مالك أنَّه يؤذن لكل واحدة، وقال الشَّافعيّ: إن جمع في وقت الأولى أذن لها فأقام لكل واحدة؛ وإن جمع في وقت الثَّانية؛ فإن قدمها أذن لها وأقام لكل واحدة، وإن قدم الأولى فلا يؤذن لها، ويقيم لكل واحدة، وأبو حنيفة حيث جوز الجمع بمزدلفة وعرفات قال: يؤذن للأول ويقيم لهما.

15 - باب يؤخر الظهر إلى العصر إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس

وَلاَ يُسَبِّحُ بَيْنَهَا بِرَكْعَةٍ، وَلاَ بَعْدَ الْعِشَاءِ بِسَجْدَةٍ حَتَّى يَقُومَ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ. طرفه 1091 1110 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا حَرْبٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنِى حَفْصُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ أَنَّ أَنَسًا - رضى الله عنه - حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ هَاتَيْنِ الصَّلاَتَيْنِ فِي السَّفَرِ. يَعْنِى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ. طرفه 1108 15 - باب يُؤَخِّرُ الظُّهْرَ إِلَى الْعَصْرِ إِذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ فِيهِ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 1111 - حَدَّثَنَا حَسَّانُ الْوَاسِطِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ (ولا يسبح بينهما بركعة ولا بعد العشاء بسجدة) فيه دليل للشافعي ومالك وأَحمد على جواز الركعة الواحدة؛ وإلا لم يكن للنفي فائدة. 1110 - (إسحاق) كذا وقع غير منسوب؛ وهو إسحاق بن منصور، ذكره البُخَارِيّ في باب مقدم النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - عن عبد الصمد، وكذا رواه عنه مسلم في باب الحج، وقال أبو نصر: إسحاق بن إبراهيم، وإسحاق بن منصور يرويان عن عبد الصمد، فحيث وقع غير منسوب يحتمل كلًّا منهما. (حرب) ضد الصلح. باب يؤخر الظهر إلى العصر إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشَّمس (فيه ابن عباس عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -) حديث ابن عباس تقدم في باب الجمع في السفر بين المغرب والعشاء. 1111 - (حسان) -بالسين المشددة- يجوز صرفه وعدم صرفه بناء على جواز زيادة الألف والنون (المفضل) بفتح الضاد المعجمة المشددة (فضالة عن عقيل) بضم العين مصغر

16 - باب إذا ارتحل بعد ما زاغت الشمس صلى الظهر ثم ركب

ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ أَخَّرَ الظُّهْرَ إِلَى وَقْتِ الْعَصْرِ، ثُمَّ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا، وَإِذَا زَاغَتْ صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ رَكِبَ. طرفه 1112 16 - باب إِذَا ارْتَحَلَ بَعْدَ مَا زَاغَتِ الشَّمْسُ صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ رَكِبَ 1112 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ أَخَّرَ الظُّهْرَ إِلَى وَقْتِ الْعَصْرِ، ثُمَّ نَزَلَ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ زَاغَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ رَكِبَ. طرفه 1111 17 - باب صَلاَةِ الْقَاعِدِ 1113 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا قَالَتْ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي بَيْتِهِ وَهْوَ شَاكٍ، فَصَلَّى جَالِسًا وَصَلَّى وَرَاءَهُ قَوْمٌ قِيَامًا، فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنِ اجْلِسُوا، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ «إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا». طرفه 688 ـــــــــــــــــــــــــــــ (كان النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - إذا ارتحل قبل أن تريغ الشَّمس أخر الظهر إلى وقت العصر) تقدم الكلام عليه في باب الجمع في السفر بين المغرب والعشاء، وهذا صريح من أن قوله في سائر الروايات: أو جد به السير؛ ليس قيدًا في جواز الجمع. باب صلاة القاعد بالإيماء 1113 - (قتيبة) بضم القاف مصغر (عن عائشة قالت: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيته وهو شَاكٍ) أي: مريض، تقدم الحديث بشرحه في باب إنما جعل الإِمام ليؤتم به، وأشرنا هناك إلى أن هذا الحديث منسوخ، فإنَّه صلى في آخر حياته جالسًا والقوم وراءه قيامًا؛ وقال الإِمام أَحْمد: إن كان الإِمام مرجوًا زوال علته وهو إمام الحي يجوز أن يصلوا وراءه جلوسًا.

1114 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ سَقَطَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ فَرَسٍ فَخُدِشَ - أَوْ فَجُحِشَ - شِقُّهُ الأَيْمَنُ، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ نَعُودُهُ، فَحَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَصَلَّى قَاعِدًا فَصَلَّيْنَا قُعُودًا وَقَالَ «إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا، وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. فَقُولُوا رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ». طرفه 378 1115 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ أَخْبَرَنَا حُسَيْنٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ - رضى الله عنه - أَنَّهُ سَأَلَ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ قَالَ حَدَّثَنِى عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ - وَكَانَ مَبْسُورًا - قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ صَلاَةِ الرَّجُلِ قَاعِدًا فَقَالَ «إِنْ صَلَّى قَائِمًا فَهْوَ أَفْضَلُ، وَمَنْ صَلَّى قَاعِدًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَائِمِ، وَمَنْ صَلَّى نَائِمًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَاعِدِ». طرفاه 1116، 1117 ـــــــــــــــــــــــــــــ 1114 - (أبو نعيم) بضم النُّون مصغر (خُدش) -بضم المعجمة- على بناء المجهول (أو جحش شقه الأيمن) -بالجيم والحاء- على بناء المجهول والمعنى واحد، وهو: انكشاف الجلد عن اللحم، وفي رواية: ساقه. 1115 - (رَوْح) بضم الراء وسكون الواو، (عبادة) بضم العين وتخفيف الباء (بريدة) بضم الباء مصغر بردة (عمران بن حصين) بضم الحاء مصغر (وكان مبسورًا) أي: به بواسير، قال الجوهري: اللفظ جمع، واحدة باسور -بالباء الموحدة وبالنون- ويكون في المقعد والأنف (من صلى قائمًا فهو أفضل) هذا في النوافل، وقد جاء صريحًا أن أجر القاعد نصف أجر القائم وذلك أن الأجر على قدر المشقة، وهذا إذا كان صحيحًا؛ لما روى البُخَارِيّ في أبواب الجهاد: أنَّه إذا كان مريضًا يكتب له صالح ما كان صحيحًا، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - حالتاه سواء في كمال الأجر.

18 - باب صلاة القاعد بالإيماء

18 - باب صَلاَةِ الْقَاعِدِ بِالإِيمَاءِ 1116 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ - وَكَانَ رَجُلاً مَبْسُورًا - وَقَالَ أَبُو مَعْمَرٍ مَرَّةً عَنْ عِمْرَانَ قَالَ سَأَلْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ صَلاَةِ الرَّجُلِ وَهْوَ قَاعِدٌ فَقَالَ «مَنْ صَلَّى قَائِمًا فَهْوَ أَفْضَلُ، وَمَنْ صَلَّى قَاعِدًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَائِمِ، وَمَنْ صَلَّى نَائِمًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَاعِدِ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ نَائِمًا عِنْدِى مُضْطَجِعًا هَا هُنَا. طرفه 1115 19 - باب إِذَا لَمْ يُطِقْ قَاعِدًا صَلَّى عَلَى جَنْبٍ وَقَالَ عَطَاءٌ إِنْ لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَتَحَوَّلَ إِلَى الْقِبْلَةِ صَلَّى حَيْثُ كَانَ وَجْهُهُ. 1117 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب صلاة القاعد بالإيماء 1116 - (أبو معمر) -بفتح الميمين- عبد الله بن عمرو المنقري (حسين المعلم) هو المكتب، تارة يعتبر عنه بهذا؛ وتارة بذاك على قدر ما سمعه من شيخه يحافظ عليه (ومن صلى نائمًا فله نصف أجر القاعد) النائم حقيقة لا يمكنه الإتيان بالأفعال ولا يعقل منه صدور الصلاة، ولذلك فسّره البُخَارِيّ بالمضطجع، إشارة إلى أن الكلام على الاستعارة، وفيه الدلالة على الترجمة؛ لأن النائم لا يمكنه الصلاة إلَّا إيماء. فإن قلت: الإشكال باق؛ إذ لا فائدة في لفظ القعود في الترجمة؟ قلت: أجاب شيخنا: بأن البُخَارِيّ مال إلى ما ذهب إليه مالك من أن القاعد يجوز له الإيماء بالركوع والسجود؛ وفيه نظر, لأنه منافٍ لقول البُخَارِيّ نائمًا؛ أي: مضطجعًا، فإنَّه حصر الإيماء في حال الاضطجاع؛ بل مراد البُخَارِيّ أن القادر على القعود له أن يصلي مضطجعًا؛ كما ذهب إليه الشَّافعيّ، والدليل على ما قلنا قوله بعده: باب إذا لم يُطق قاعدًا صلى على جنب؛ فالتقدير باب صلاة القادر مضطجعًا. باب إذا لم يطق قاعدًا صلى على جنب أي: أي جنب قدر؛ ولذلك استدل على ذلك بقول عطاء. وكذا لفظ الحديث (فإن لم تستطع فعلى جنب) أي: أيَّ جنب كان إن لم يقدر أن يتحول صلّى حيث كان وجهه. 1117 - (عبدان) -على وزن شعبان- هو عبد الله المروزي، وعبدان لقبه (إبراهيم بن

20 - باب إذا صلى قاعدا ثم صح أو وجد خفة تمم ما بقى

طَهْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِى الْحُسَيْنُ الْمُكْتِبُ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَتْ بِى بَوَاسِيرُ فَسَأَلْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الصَّلاَةِ فَقَالَ «صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ». 20 - باب إِذَا صَلَّى قَاعِدًا ثُمَّ صَحَّ أَوْ وَجَدَ خِفَّةً تَمَّمَ مَا بَقِىَ وَقَالَ الْحَسَنُ إِنْ شَاءَ الْمَرِيضُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ قَائِمًا وَرَكْعَتَيْنِ قَاعِدًا. 1118 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا لَمْ تَرَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى صَلاَةَ اللَّيْلِ قَاعِدًا قَطُّ حَتَّى أَسَنَّ، فَكَانَ يَقْرَأُ قَاعِدًا حَتَّى إِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ قَامَ، فَقَرَأَ نَحْوًا مِنْ ثَلاَثِينَ آيَةً أَوْ أَرْبَعِينَ آيَةً، ثُمَّ رَكَعَ. أطرافه 1119، 1148، 1161، 1168، 4837 ـــــــــــــــــــــــــــــ طهمان) بفتح الطاء وسكون الهاء (عن ابن بريدة) -مصغر بردة- عبد الله. روى في الباب حديث عمران بن حصين المتقدم في الباب قبله. باب إذا صلى قاعدًا ثمّ صحَّ، أو وَجَدَ خفةً تمم ما بقي (وقال الحسن: إنْ شاء المريض صلى قاعدًا ركعتين، وركعتين قائمًا): أي: إذا شق عليه القيام، وإلا كيف يصح أداء الفرض قاعدًا مع القدرة على القيام مخالفًا لصريح الأحاديث؟ 1118 - ثم روى: (عن عائشة: أنها لم تر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلّى صلاة الليل قاعدًا حتَّى أسنّ) أي: دخل في السنن كناية عن الكبر (فكان يقرأ قاعدًا) أي: في الصلاة؛ لقولها: (فهذا أراد أن يركع).

1119 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ وَأَبِى النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ - رضى الله عنها - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصَلِّى جَالِسًا فَيَقْرَأُ وَهْوَ جَالِسٌ، فَإِذَا بَقِىَ مِنْ قِرَاءَتِهِ نَحْوٌ مِنْ ثَلاَثِينَ أَوْ أَرْبَعِينَ آيَةً قَامَ فَقَرَأَهَا وَهْوَ قَائِمٌ، ثُمَّ يَرْكَعُ ثُمَّ يَسْجُدُ، يَفْعَلُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ ذَلِكَ، فَإِذَا قَضَى صَلاَتَهُ نَظَرَ، فَإِنْ كُنْتُ يَقْظَى تَحَدَّثَ مَعِى، وَإِنْ كُنْتُ نَائِمَةً اضْطَجَعَ. طرفه 1118 ـــــــــــــــــــــــــــــ 1119 - (عن عبد الله بن يزيد): من الزيادة كان يصلي جالسًا فيقرأ وهو جالس، فهذا بقي من قراءته نحوًا من ثلاثين آية، أو أربعين، قام فقرأها ثم ركع) لفظ: "بقي" يدل على أنَّه كان يقرأ في الركعة قراءة طويلة؛ لأنه إنما يقال: بقي إذا مضى من الشيء أكثره. فإن قلت: ما الحكمة في قيامه في آخرها؟ قلت: لتكون الركعة كاملة؛ لأنّ العبرة إنما هي بالخاتمة. فإن قلت: ترجمة الباب أعمّ من الفرض والنفل؛ والحديث إنما دل على النفل؟ قلت: إذا وجد الخفة وقام إلى النفل والفرض من باب الأولى؛ لأن النفل يجوز قاعدًا مع القدرة على القيام لا الفرض. فإن قلت: إذا افتتح الفرض قاعدًا؛ ثم قدر على القيام، هل يستأنف أم لا؟ قلت: لا يستأنف، إليه أشار في الترجمة بقوله: تمم ما بقي. وعليه الأئمة الأربعة؛ إلاّ ما حُكي عن محمَّد بن الحسن.

19 - كتاب التهجد

19 - كتاب التهجد 1 - باب التَّهَجُّدِ بِاللَّيْلِ وَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ). 1120 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِى مُسْلِمٍ عَنْ طَاوُسٍ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَتَهَجَّدُ قَالَ «اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ وَلَكَ ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب التهجد باب التهجد بالليل (وقوله عَزَّ وَجَلَّ: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} [الإسراء: 79]) استدل عليه بالآية الكريمة، النافلة: الزائدة؛ أي: عبادة واجبة عليك خاصة، كذا قاله ابن عباس، وإليه ذهب الشَّافعيّ، وقيل: زائدة على الغير في الثواب؛ لأن غيره يُكفر به ذنُوبه؛ وأما هو فلا ذنب له. والهجود: النَّوم واليقظة؛ من الأضداد، وحَمَلَه البُخَارِيّ على الثاني؛ ولذلك فسّره بقوله: أي: اسهر، وكذا قاله الجوهري، ويجوز أن يكون بالمعنى الأول؛ وهو: النَّوم، ويكون معناه: اترك الهجود؛ كما قالوا في تَحَنّثَ: معناه تجنّب الحنث؛ كما تقدم في حديث غار حراء. 1120 - (كان النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- إذا قام من الليل يتهجّد) أي: يريد التهجد، وقيل: كان يقول بعد التحريم (قال: اللهمَّ أنتَ قيّم السموات والأرض) وفي رواية: "قيَّام"، وفي أخرى:

الْحَمْدُ، لَكَ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ الْحَقُّ، وَوَعْدُكَ الْحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَقَوْلُكَ حَقٌّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ، وَمُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِى مَا قَدَّمْتُ وَمَا ـــــــــــــــــــــــــــــ "قيوم"؛ أي: القائم بأمور السموات والأرض إيجادًا وإبقاءً، هذه الألفاظ الثلاثة وإن اشتركت في هذا المعنى إلَّا أنها تتفاوت؛ فالقيوم أبلغ، وبعده القيام، وبعده القيم. (وأنت نورُ السمواتِ) الظاهرُ المظهر للكائنات، والمرشد والهادي لأهلها (أنتَ ملكُ السمواتِ والأرضِ) السلطان الذي بيده تدبير العالم. وسائرُ الملوك أسماء عرفية (أنت الحقُّ) الثابت الذي لا أوَّل لأزليته، ولا نهاية لسرمَدِيَّتِهِ، أو أَنْتَ الثابت ألوهيته وما سواك باطل، قال تعالى: {وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} [الحج: 62] (ووعدك الحق) لأنّ خلفَ الوعد إما لسهو ونسيان؛ وإمّا لخوف نقصان، وأنت منزه عن مثل هذا الشأن، والسلام في وعدك الحق للاستغراق؛ كأنّ ما عداه ليس بحق ونظيره كل القوم هم القوم ادعاء، ثم فصّل الوعد المجمل ببعض أمهات الأمور، فقال: (ولقاؤك حق) أي: رؤية المُؤْمنين إياك، قال تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا} [الكهف: 110] , أو البعث والنشور، وهذا أوفق وأعم (وقولك حق) يشمل الموعود وغيره (ومحمَّد حق) أي: رسالته، أفرده بالذكر بعد دخوله في عموم النبيين؛ لأنَّ القائلين بسائر النبيين كانوا ينكرون نبوته. وقيل: لكونه أفضل منهم؛ كعطف جبريل على الملائكة ولا يلائم المقام. (اللهمَّ لك أسلمت) أطعت (وبِكَ آمنت) صدّقت بأنك الإله (وعليك توكلت) لا على غيرك؛ إذ لا تأثير [إلَّا] لقدرتك (وإليك أنبت) بالتوبة (وبك خاصمت) إذ النصر من عندك (وإليك حاكمت) فيمن كذَّبني يوم القيامة (فاغفر لي ما قدّمت وما أخّرت) كان قد أخبره الله بأنه مغفور له؛ ولكن كان يحافظ على مقام العبودية، ويرى نفسه قاصرة عما يليق بكبريائه تعالى.

2 - باب فضل قيام الليل

أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ - أَوْ لاَ إِلَهَ غَيْرُكَ -». قَالَ سُفْيَانُ وَزَادَ عَبْدُ الْكَرِيمِ أَبُو أُمَيَّةَ «وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ». قَالَ سُفْيَانُ قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِى مُسْلِمٍ سَمِعَهُ مِنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 6317، 7385، 7442، 7499 2 - باب فَضْلِ قِيَامِ اللَّيْلِ 1121 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ. وَحَدَّثَنِى مَحْمُودٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ الرَّجُلُ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا رَأَى رُؤْيَا قَصَّهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَتَمَنَّيْتُ أَنْ أَرَى رُؤْيَا فَأَقُصَّهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَكُنْتُ غُلاَمًا شَابًّا، وَكُنْتُ أَنَامُ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَرَأَيْتُ فِي النَّوْمِ كَأَنَّ مَلَكَيْنِ أَخَذَانِى فَذَهَبَا بِى إِلَى النَّارِ فَإِذَا هِىَ مَطْوِيَّةٌ كَطَىِّ الْبِئْرِ، وَإِذَا لَهَا قَرْنَانِ، وَإِذَا فِيهَا أُنَاسٌ قَدْ ـــــــــــــــــــــــــــــ (قال سفيان: قال سليمان بن [أبي] مسلم: سمعه من طاوس) فائدة هذا الكلام دفع التدليس بصريح لفظ السماع؛ فإن ما تقدم من رواية سليمان بن [أبي] مسلم كان بلفظ عن. وإذا تأملت إلى هذه الكلمات وجدتها لم تترك من أمر المبدأ والمعاد شيئًا، وكيف لا وقد خُصَّ بجوامع الكلم. باب فضل قيام الليل 1121 - (محمود) هو ابن غيلان (معمر) بفتح الميمين وعين ساكنة. (كان الرَّجل في حياة النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- إذا رأى رُؤيا) مصدر رأيت، قال الجوهري: يختص بالرؤية في المنام. وقال غيره: أعم. وهذا هو الصواب (قصّها) أي: ذكرها، من قصصت الشيء إذا تتبعته (فرأيت في النَّوم كان ملكين أخذاني) لم يجزم بأنهما ملكان؛ لأن حالة النَّوم لا يمكنُ الضبطُ فيها (فذهبا بي إلى النَّار، فإذا هي مطوية كطي البئر) أي: جوانبها مبنية؛ فإنَّها قبل البناء تسمى قليبًا (وإذا لها قرنان) هما: الخشبتان اللتان على البئر، تكون عليهما البكرة (وإذا أُناس قد عرفتهم) لم يسمهم؛ لأنه نسي بعد ذلك؛ أو لم يرد إظهار ذلك (فلقينا

3 - باب طول السجود فى قيام الليل

عَرَفْتُهُمْ فَجَعَلْتُ أَقُولُ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ - قَالَ - فَلَقِيَنَا مَلَكٌ آخَرُ فَقَالَ لِى لَمْ تُرَعْ. طرفه 440 1122 - فَقَصَصْتُهَا عَلَى حَفْصَةَ فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ، لَوْ كَانَ يُصَلِّى مِنَ اللَّيْلِ». فَكَانَ بَعْدُ لاَ يَنَامُ مِنَ اللَّيْلِ إِلاَّ قَلِيلاً. أطرافه 1157، 3739، 3741، 7016، 7029، 7031 3 - باب طُولِ السُّجُودِ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ 1123 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصَلِّى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، كَانَتْ تِلْكَ صَلاَتَهُ، يَسْجُدُ السَّجْدَةَ مِنْ ذَلِكَ قَدْرَ مَا يَقْرَأُ أَحَدُكُمْ خَمْسِينَ آيَةً قَبْلَ ـــــــــــــــــــــــــــــ ملك آخر، فقال: لم تُرَع) من الروع -بفتح الراء وسكون الواو- الخوف، وكان الظاهر: لا ترع بصيغة النهي؛ إلَّا أنَّه عدل إلى "لم" لدلالته على المضي مبالغةً في تسكين روعه، وفي رواية القابسي: "لن ترع" بالجزم، على لغة من يجزم بلن. 1122 - (فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: نعم الرَّجل عبد الله لو كان يصلي بالليل) الظاهر في "لو" التمني، ويجوز أن يكون شرطًا وجوابه محذوف؛ أي: لو كان يصلي بالليل لم يكن يرى ما يوجب الخوف والرعب؛ فإن صلاة الليل تكون حرزًا له؛ لأن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر عن اللذينِ هما من مقدمات النَّار وطلابها. ودلالة الحديث على ما ترجم من فضل قيام الليل ظاهرة، وأنه دافع لعذاب النَّار إن شاء الله، وفي رواية مسلم: "أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل"، كذا قاله شيخ الإِسلام، ولم أجده إلَّا في رواية الإِمام أَحْمد. باب طول السجود في قيام الليل 1123 - (أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي إحدى عشرة ركعة كانت تلك صلاته) أي: في تهجده؛ أي: الغالب هذا؛ لما تقدم من رواية ثلاث عشرة (يسجد السجدة من ذلك قَدْرَ ما

4 - باب ترك القيام للمريض

أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ، وَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلاَةِ الْفَجْرِ، ثُمَّ يَضْطَجِعُ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَنِ حَتَّى يَأْتِيَهُ الْمُنَادِى لِلصَّلاَةِ. طرفه 626 4 - باب تَرْكِ الْقِيَامِ لِلْمَرِيضِ 1124 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَسْوَدِ قَالَ سَمِعْتُ جُنْدَبًا يَقُولُ اشْتَكَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يَقُمْ لَيْلَةً أَوْ لَيْلَتَيْنِ. أطرافه 1125، 4950، 4951، 4983 1125 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ احْتَبَسَ جِبْرِيلُ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ أَبْطَأَ عَلَيْهِ شَيْطَانُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يقرأ أحدكم خمسين آية) أي: كل سجدة منه كان هذا القدر، وأسند القراءة كانت مرتلة غاية الترتيل يستلزم زمانًا أطول، أو لأن يسهل عليهم ضبطه إذا أرادوا فعل ذلك، وإنما كان يطول هذا القدر لأنه في مقام القرب "أقرب ما يكون العبد من الله وهو ساجد"، فذلك أعلى مقاماته في المناجاة؛ لا سيما في الليل، في آخره، حين ينزل ربنا إلى السماء الدنيا فلا شيء عنده ألذُّ من تلك السجدة. باب ترك القيام للمريض 1124 - (أبو نعيم) بضم النُّون مصغر (جندب) بضم الجيم وفتح الدّال. (اشتكى النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فلم يَقُم ليلة أو ليلتين) الشك من الراوي، والاشتكاء: افتعال من الشكوى: وهو المرض، قال ابن الأثير: الشكو والشكوى والشكاة والشكاية المرض. 1125 - (محمَّد بن كثير) ضد القليل. (احتبس جبريل عن النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم-، فقالت امرأة من قريش: أبطأ عليه شيطانه) الجمهور على أنّ هذه المرأة هي العوراء حمّالة الحطب، امرأةُ أبي لهب، عليها لعنه الله

5 - باب تحريض النبى - صلى الله عليه وسلم - على صلاة الليل والنوافل من غير إيجاب

فَنَزَلَتْ (وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى). طرفه 1124 5 - باب تَحْرِيضِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى صَلاَةِ اللَّيْلِ وَالنَّوَافِلِ مِنْ غَيْرِ إِيجَابٍ وَطَرَقَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَاطِمَةَ وَعَلِيًّا - عليهما السلام - لَيْلَةً لِلصَّلاَةِ. 1126 - حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ هِنْدٍ بِنْتِ الْحَارِثِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - رضى الله عنها -: ـــــــــــــــــــــــــــــ وملائكته والناس أجمعين، وقيل: إحدى عمَّاته، ولا منافاة؛ لأنّ حمالة الحطب أختُ أبي سفيان بن حرب من عماته؛ لاجتماع النسب في عبد مناف، ونقل عن ابن بطال أنّ هذه القائلة هي خديجة، ونقل ابن ملقن عن بعضهم أنها عائشة، وأنا أتعجب من هؤلاء كيف يسطرون مثل هذه المهملات التي لا يجوز ذكرها، وهل يقول عاقل إن خديجة وعائشة تقول لجبريل شيطان؟! فإن قلت: ما وجه مناسبة هذا الحديث للترجمة؟ قلت: أشار إلى أن احتباس جبريل كان مقارنًا لمرضه، هذا وقول تلك المشركة: أبطأ عليه شيطانه؛ إنما كانت استدلت على ذلك بعدم قيامه وتلاوته؛ لأنها علمت احتباس جبريل. (فنزلت {وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى} [الضحى: 1، 2]): الضحى من أسماء الشَّمس، وسجى الليل؛ أي: أظلم، قال الجوهري: سجو يسجو، أي: دام وسكن ({مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} [الضحى: 3]) أي: ما تركك وما أبغضك من القلى؛ وهو: البغض -بكسر القاف والفتح-، قال الجوهري: وإذا فتحته مددته. باب تحريض النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- على صلاة الليل من غير إيجاب (وطرق النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فاطمةَ وعليًّا ليلةً للصلاة) هذا التعليق سيأتي مسندًا. والطارق: الآتي بالليل، قال ابن الأثير: إنما سمي بذلك لأنه يحتاج إلى طرق الباب. 1126 - (ابن مقاتل) -بكسر التاء- محمَّد بن مقاتل المروزي (معمر) بفتح الميمين وعين ساكنة (عن أم سلمة) -بفتح اللام- حرم رسول الله- صلى الله عليه وسلم -.

أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - اسْتَيْقَظَ لَيْلَةً فَقَالَ «سُبْحَانَ اللَّهِ مَاذَا أُنْزِلَ اللَّيْلَةَ مِنَ الْفِتْنَةِ، مَاذَا أُنْزِلَ مِنَ الْخَزَائِنِ مَنْ يُوقِظُ صَوَاحِبَ الْحُجُرَاتِ، يَا رُبَّ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٍ فِي الآخِرَةِ». طرفه 115 1127 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عَلِىُّ بْنُ حُسَيْنٍ أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِىٍّ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِىَّ بْنَ أَبِى طَالِبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - طَرَقَهُ وَفَاطِمَةَ بِنْتَ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - لَيْلَةً فَقَالَ «أَلاَ تُصَلِّيَانِ». فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْفُسُنَا بِيَدِ اللَّهِ، فَإِذَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَنَا بَعَثَنَا. فَانْصَرَفَ حِينَ قُلْنَا ذَلِكَ وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَىَّ شَيْئًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ (استيقظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة، فقال: سبحان الله) قاله تعجبًا، أو تنزيهًا له عن عدم القدرة على ما يشاء (ماذا أنزلت الليلة من الفتنة، ماذا أنزل من الخزائن) هي الفتن التي وقعت بعده في أمته، والخزائن التي فتحت لهم أطلعه الله على ذلك، وفيه إشارة إلى أن الفتن مقرونة بمتاع الدنيا، فمن أراد النجاة عليه بالاقتصار على قدر الضرورة. (من يوقظ صواحب الحجرات؟) يريد: أزواجه الطاهرات. (يَا رب كاسية في الدّنيا عارية في الآخرة) لعدم تحصيلها لباس التقوى؛ الذي هو لباس الآخرة، وإنما خصّ أزواجه لقوله تعالى: {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} [التحريم: 6]. قال بعضهم: الحديث وإن صدر في حق أزواجه لكن العبرة بعموم اللفظ، فالتقدير: رب نفس كاسية. هذا كلامه، وليس بشيء؛ إذ قوله: "من يوقظ صواحب الحجرات؟ " لا يتناول غير أزواجه قطعًا، وقوله: "يَا رب كاسية" كلام مستأنف لم يرد به أزواجه؛ بل ضرب المثل مطلقًا، فأي لفظ عام صار في حق أزواجه. 1127 - (علي بن حسين) هو الإِمام زين العابدين (عن علي بن أبي طالب) هذا من أصح الإسناد، وأشرف التراجم الواردة فيمن روى عن أَبيه عن جده. (أنّ رسول الله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- طرقه وفاطمة ليلةً) تقدم أن الطروق لا يكون إلَّا ليلًا، فذكر الليلة معه؛ إما تأكيد أو بيان أن ذلك كان ليلة من الليالي لا أكثر. (فقال ألا تصليان؟ فقلت: يَا رسول الله إن نفوسنا بيد الله) أخذه من قوله تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} [الزمر: 42].

ثُمَّ سَمِعْتُهُ وَهْوَ مُوَلٍّ يَضْرِبُ فَخِذَهُ وَهْوَ يَقُولُ «(وَكَانَ الإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَىْءٍ جَدَلاً)». أطرافه 4724، 7347، 7465 1128 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيَدَعُ الْعَمَلَ وَهْوَ يُحِبُّ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ خَشْيَةَ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ النَّاسُ فَيُفْرَضَ عَلَيْهِمْ، وَمَا سَبَّحَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سُبْحَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ (ثُمَّ سمعته وهو مولٍّ يضرب فخذه وهو يقول: {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} [الكهف: 54]) إذ لم يكن لعلي أن يناظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شيء هو معلوم له، بل كان عليه السعي والمبادرة إلى ما أشار إليه، ولم يكن ما ذكره علي صوابًا؛ لأن أفعال العباد وإن كانت مخلوقة لله إلَّا أن على الإنسان الإتيان بالطاعات، والعدول عن المعاصي؛ ولذلك سمى مقالته جدلًا. قال ابن بطال: وفي الحديث دلالة على أن ليس للإمام أن يشدد في النوافل؛ ولذلك قنع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقول علي: أنفسنا بيد الله، من العذر ولا يقنع بمثله في الفرض. هذا كلامه، وأنا أقول: لو كان قنع بقوله لم يولّ معرضًا وهو يتلو: {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} [الكهف: 54] وهل يكون توبيخ أشدّ منه. وقوله: إنما ضرب يده على فخذه موليًا، ندمًا على ما فعله من إيقاظ علي وفاطمة؛ فمما لا يلتفت إليه. 1128 - (إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليدع العمل وهو يحب أن يعمل به خشية أن يعمل به النَّاس فيفرض عليهم) هذا كناية عن رأفته؛ ولذلك ترك التراويح، وإلا فهو يعلم أن المقدر كائن. وقولهم: كيف يمكن الوجوب مع قوله ليلة الإسراء: "هن خمس وهن خمسون" {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ} [ق: 29] ليس بشيء؛ إذ لا دلالة فيه على عدم جواز الزيادة، ألا ترى أن

الضُّحَى قَطُّ، وَإِنِّى لأُسَبِّحُهَا. طرفه 1177 1129 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ - رضى الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى ذَاتَ لَيْلَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَصَلَّى بِصَلاَتِهِ نَاسٌ، ثُمَّ صَلَّى مِنَ الْقَابِلَةِ فَكَثُرَ النَّاسُ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ، فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ «قَدْ رَأَيْتُ الَّذِى صَنَعْتُمْ وَلَمْ يَمْنَعْنِى مِنَ الْخُرُوجِ إِلَيْكُمْ إِلاَّ أَنِّى خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ»، وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ. طرفه 729 ـــــــــــــــــــــــــــــ علماء الأصول اتفقوا على جواز زيادة صلاة سادسة، وإنما اختلافهم في أن ذلك هل يكون نسخًا أم لا؟ (وإني لأسَبّحها) أي: صلاة الضحى، وفي رواية الموطأ: "وإني لأستحبها" من الاستحباب، وقد قدمنا أن صلاة الضحى مروية عن عدة من الصَّحَابَة، فلا يلزم من عَدمِ رؤية عائشة العدم. 1129 - (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلى ذات ليلة، فصلى ناس بصلاته) أي: اقتدوا به، وكان هذا في رمضان، وكانت الصلاةُ التراويح (ثم اجتمعوا في الليلة الثالثة والرابعة فلم يخرج إليهم) الشك من الراوي، وقد علّل عدم خروجه في الحديث. فإن قلت: ترجمة الباب الحث على صلاة الليل، والحديث دلّ على المنع؟ قلت: لم يمنعهم من القيام؛ بل على وجه آخر؛ ولهذا قال: "صلوا في بيوتكم، فإن أفضل صلاة المرء في بيته" ما عدا الفرض.

6 - باب قيام النبى - صلى الله عليه وسلم - حتى ترم قدماه

6 - باب قِيَامِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى تَرِمَ قَدَمَاهُ وَقَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - حَتَّى تَفَطَّرَ قَدَمَاهُ. وَالْفُطُورُ الشُّقُوقُ، (انْفَطَرَتْ) انْشَقَّتْ. 1130 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ عَنْ زِيَادٍ قَالَ سَمِعْتُ الْمُغِيرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ إِنْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لَيَقُومُ لِيُصَلِّىَ حَتَّى تَرِمُ قَدَمَاهُ أَوْ سَاقَاهُ، فَيُقَالُ لَهُ فَيَقُولُ «أَفَلاَ أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا». طرفاه 4836، 6471 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قيام النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- حتَّى تَرِمَ قدماه -بكسر الراء- مضارع ورم، من الورم؛ وهو: الانتفاخ. (وقالت عائشة: كان يقوم حتّى تفطّر قدماه) على وزن تفعّل بالتشديد من الفطر وهو الشرق (والفطور: الشقوق) وهذا التعليق عن عائشة أسنده مسلم. 1130 - (أبو نعيم) بضم النُّون مصغر (مِسعر) بكسر الميم (عن زياد) بكسر الزاي بعدها ياء مثناة- هو زياد بن علاقة. (إن النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- كان ليقوم حتَّى ترم قدماه، أو ساقاه) هذا الشكُّ من زياد (فيقال له) أي: لم تفعل ذلك وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ (فيقول: أفلا أكون عبدًا شكورًا) فإن الثمن على قدر المثمن. الهمزة للإنكار، داخلة على مقدر؛ أي: إذا كان الأمر كذلك يلزمني شكر تلك النعمة. فإن قلت: قد نهى عن التشديد في الدين فكيف ارتكبه؟ قلت: علل ذلك بأنه يورث الملالة، وهو منزه عن عروض السَّآمة عليه في عبادة ربه؛ ومحصله أن حالة مستثناة.

7 - باب من نام عند السحر

7 - باب مَنْ نَامَ عِنْدَ السَّحَرِ 1131 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ أَنَّ عَمْرَو بْنَ أَوْسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَهُ «أَحَبُّ الصَّلاَةِ إِلَى اللَّهِ صَلاَةُ دَاوُدَ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - وَأَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ، وَكَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ وَيَنَامُ سُدُسَهُ، وَيَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا». أطرافه 1152، 1153، 1974، 1975، 1976، 1977، 1978، 1979، 1980، 3418، 3419، 3420، 5052، 5053، 5054، 5199، 6134، 6277 1132 - حَدَّثَنِى عَبْدَانُ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَشْعَثَ سَمِعْتُ أَبِى قَالَ سَمِعْتُ مَسْرُوقًا قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَىُّ الْعَمَلِ كَانَ أَحَبَّ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتِ الدَّائِمُ. قُلْتُ مَتَى كَانَ يَقُومُ قَالَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من نام عند السحر 1131 - (سفيان) هو ابن عيينة (أوس) بفتح الهمزة. (أحبّ الصلاة إلى الله صلاة داود) أي: أشدّ محبوبية أفعل التفضيل، من بناء المجهول، وفيه شذوذ؛ أي: صلاة داود، ومن صلى نحو صلاته، لأنه بصدد الترغيب فيه، وفسّره بأنه كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه؛ والحاصل: أنَّه كان ينام ثلثي الليل، وإنما كان يفرق هذا التفريق ليكون في صلاة الصبح على نشاط؛ وكذا كان دأب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. 1132 - (عبدان) -على وزن شعبان- عبد الله المروزي. (أي العمل كان أحب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قالت: الدائم): أي: الذي يواظب عليه صاحبه ولا يتركه وإن كان قليلًا؛ لأن الغرض من العبادة ذكرُ المعبود، وملاحظةُ جلاله، وهذا إنما يكون بالمداومةِ عليه؛ لا بكثرة العمل، وأيضًا القليل بالمداومة عليه كثيرٌ، والكثيرُ

8 - باب من تسحر، ثم قام إلى الصلاة فلم ينم حتى صلى الصبح

يَقُومُ إِذَا سَمِعَ الصَّارِخَ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنِ الأَشْعَثِ قَالَ إِذَا سَمِعَ الصَّارِخَ قَامَ فَصَلَّى. طرفاه 6461، 6462 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنِ الأَشْعَثِ، قَالَ: «إِذَا سَمِعَ الصَّارِخَ قَامَ فَصَلَّى». 1133 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ذَكَرَ أَبِي، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «مَا أَلْفَاهُ السَّحَرُ عِنْدِي إِلَّا نَائِمًا» تَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 8 - بَابُ مَنْ تَسَحَّرَ، ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ فَلَمْ يَنَمْ حَتَّى صَلَّى الصُّبْحَ 1134 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، «أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تَسَحَّرَا، فَلَمَّا فَرَغَا مِنْ سَحُورِهِمَا، قَامَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الصَّلاَةِ، فَصَلَّى»، فَقُلْنَا لِأَنَسٍ: كَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــ بالقطع يقل مع كونه مضعفًا مورثًا للسآمة الموجبة لعدم القبول. (وكان يقوم إذا سمع الصّارخ) أي: الديك، من الصراخ؛ وهو: رفع الصوت، وصار كالعلم للديك؛ لأن في ذلك الوقت لا يصرخ غيره. (محمَّد) كذا وقع غير منسوب، قال الغساني: نسبه ابن السكن وغيره محمَّد بن سلام، قال: ووقع في نسخة الحموي محمَّد بن سالم؛ وهو وهمٌ. (أبو الأحوص) -بالصاد المهملة- سلمة بن سلام. 1133 - (قالت عائشة: ما ألفاه السحر عندي إلَّا نائمًا) أي: رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ وذلك ليكون في صلاة الصبح على نشاط، فإنَّه يقرأ فيها قراءة طويلة. باب من تسحّر فلم ينم حتَّى صلى الصبح تسحّر -على وزن تفعل -أي: أكل السحور -بفتح السين- الطعام الذي يؤكل وقت السحر. 1134 - (فلما فرغا من سحورهما) -بفتح السين- أي: أكله، ويروى -بالضم- على

9 - باب طول القيام في صلاة الليل

كَانَ بَيْنَ فَرَاغِهِمَا مِنْ سَحُورِهِمَا وَدُخُولِهِمَا فِي الصَّلاَةِ؟ قَالَ: كَقَدْرِ مَا يَقْرَأُ الرَّجُلُ خَمْسِينَ آيَةً. طرفه 756 9 - باب طول القيام في صلاة الليل 1135 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً، فَلَمْ يَزَلْ قَائِمًا حَتَّى هَمَمْتُ بِأَمْرِ سَوْءٍ»، قُلْنَا: وَمَا هَمَمْتَ؟ قَالَ: هَمَمْتُ أَنْ أَقْعُدَ وَأَذَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 1136 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا قَامَ لِلتَّهَجُّدِ مِنَ اللَّيْلِ يَشُوصُ فَاهُ بِالسِّوَاكِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّه مصدر؛ والحديث بشرحه تقدم في باب وقت الفجر. باب طول القيام في صلاة الليل (حرب) ضد الصلح (عن أبي وائل) شَقِيق بن سلمة. (لقد هممت بأمرِ سَوءٍ) -بالإضافة وفتح السين- هي الرواية, ويجوز قطع الإضافة على الوصف، وإنما عَدَّهُ سوءًا لأنه ترك الأدب، وإلا المفارقة عند الإضافة جائزة. 1135 - (عن حصين) بضم الحاء مصغر. 1136 - (أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قام للتهجد من الليل يشوص فاه) أي: يدلك أسنانه به، قاله ابن الآثير. وقال غيره: يستاك من الأسفل، قال: وأصل الشوص الغسل. فإن قلت: حديث حذيفة ليس فيه ما يدل على طول القيام؟ قلت: حديث حذيفة رواه مسلم مطولًا فيه ذكر القيام، فأورد البُخَارِيّ أصل الحديث ولعله لم يثبت عنده بقية الحديث.

10 - باب: كيف كان صلاة النبي صلى الله عليه وسلم؟ وكم كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل؟

10 - بَابٌ: كَيْفَ كَانَ صَلاَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ وَكَمْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ؟ 1137 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ إِنَّ رَجُلاً قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ صَلاَةُ اللَّيْلِ قَالَ «مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خِفْتَ الصُّبْحَ فَأَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ». طرفه 472 1138 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو جَمْرَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ صَلاَةُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ثَلاَثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً. يَعْنِى بِاللَّيْلِ. 1139 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى حَصِينٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - عَنْ صَلاَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِاللَّيْلِ. فَقَالَتْ سَبْعٌ وَتِسْعٌ وَإِحْدَى عَشْرَةَ سِوَى رَكْعَتَىِ الْفَجْرِ. 1140 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ أَخْبَرَنَا حَنْظَلَةُ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى مِنَ اللَّيْلِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً مِنْهَا الْوِتْرُ وَرَكْعَتَا الْفَجْرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب صلاة الليل، وكم كان النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - يصلي بالليل 1137 - (إنّ رجلًا قال: كيف صلاة الليل يَا رسول الله؟ قال: مثنى مثنى) دل على الشق الأول من الترجمة، والحديث تقدم مع شرحه في أبواب الوتر، وأشرنا إلى أن مثنى يدل على التكرار، وفائدة ذكره مرتين ألا يتوهم فيه الاقتصار على أول مراتب التكرار. 1138 - 1139 - (مسدد) بضم الميم وفتح الدّال المشددة (أبو حمزة) -بفتح الجيم- نصر بن عمران. 1140 - (كانت صلاة النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - ثلاثةَ عشرة) أي: أكثر أوقاته؛ لما في رواية عائشة

11 - باب قيام النبى - صلى الله عليه وسلم - بالليل ونومه وما نسخ من قيام الليل (488) وقوله تعالى (يا أيها المزمل * قم الليل إلا قليلا * نصفه أو انقص منه قليلا * أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا * إنا سنلقى عليك قولا ثقيلا * إن ناشئة الليل هى أشد وطاء وأقوم قيلا * إن لك فى النهار سبحا طويلا) وقوله (علم أن لن تحصوه فتاب عليكم فاقرءوا ما تيسر من القرآن علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون فى الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون فى سبيل الله فاقرءوا ما تيسر منه وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأقرضوا الله قرضا حسنا وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا) قال ابن

11 - باب قِيَامِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِاللَّيْلِ وَنَوْمِهِ وَمَا نُسِخَ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ. (488) وَقَوْلِهِ تَعَالَى (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً * إِنَّا سَنُلْقِى عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً * إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِىَ أَشَدُّ وِطَاءً وَأَقْوَمُ قِيلاً * إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلاً) وَقَوْلِهِ (عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا). قَالَ ابْنُ ـــــــــــــــــــــــــــــ بعده: إحدى عشرة، وكل هذا تقدم في أبواب الوتر مشروحًا. ورواية عائشة: أنَّه كان يصلي ثلاث عشرة منها الوتر، وركعتا الفجر، محمول على أنَّه كان يفعل ذلك في بعض الأحيان، فإنَّها وردت أَيضًا ثلاث عشرة؛ كرواية ابن عباس، وقد سلف كل ذلك هناك. قال شيخنا أبو الفضل بن حجر: الحكمة في إيثار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تهجده تارة إحدى عشرة ركعة، وتارة ثلاث عشرة ركعة؛ أن فرائض النهار الظهر والعصر وصلاة المغرب إحدى عشرة، وإن ضم إليها الصبح صارت ثلاث عشرة، فأراد أن تكون صلاته بالليل على قدر ذلك. وفيه نظر؛ لأن صلاة المغرب ليست نهارية. وأيضًا لا معنى لترك صلاة تارة وضمّها أخرى، فالأحرى أنَّه جعل تهجده بقدر الرواتب؛ أو اثنا عشرة إن ضمّ إليها ركعتان قبل المغرب، رواه مسلم، واختاره النووي، وأما الوتر فليس من التهجد في شيء. باب كيف كان قيام النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - بالليل ونومه وما نسخ من قيام الليل وقوله: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا} [المزمل: 1، 2]. استدل بالآية على وجوب قيام الليل عليه، وبحديث أنس على نسخه، فإن نومه أيَّ وقت شاء، وقيامه كذلك. دل على نسخه، وقد صحّ عن ابن عباس أن مدة الوجوب كانت سنة.

عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - نَشَأَ قَامَ بِالْحَبَشِيَّةِ، وِطَاءً قَالَ مُوَاطَأَةَ الْقُرْآنِ أَشَدُّ مُوَافَقَةً لِسَمْعِهِ وَبَصَرِهِ وَقَلْبِهِ (لِيُوَاطِئُوا) لِيُوَافِقُوا. 1141 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ حُمَيْدٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا - رضى الله عنه - يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُفْطِرُ مِنَ الشَّهْرِ حَتَّى نَظُنَّ أَنْ لاَ يَصُومَ مِنْهُ، وَيَصُومُ حَتَّى نَظُنَّ أَنْ لاَ يُفْطِرَ مِنْهُ شَيْئًا، وَكَانَ لاَ تَشَاءُ أَنْ تَرَاهُ مِنَ اللَّيْلِ مُصَلِّيًا إِلاَّ رَأَيْتَهُ وَلاَ نَائِمًا إِلاَّ رَأَيْتَهُ. تَابَعَهُ سُلَيْمَانُ وَأَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ عَنْ حُمَيْدٍ. أطرافه 1972، 1973، 3561 ـــــــــــــــــــــــــــــ (نَشَأَ: قام بالحبشية) فعلى هذا الناشئة: القيام، مصدر كالعافية. ({أَشَدُّ وَطْئًا} [المزمل: 6] مواطأة: أي: موافقة) هذا على قراءة أبي عمرو وابن عامر -بكسر الواو- وأما على قراءة الباقين -بفتح الواو وسكون الطاء- من وَطِيء الأرض؛ فمعناه: أثبت قيامًا. ({وَأَقْوَمُ قِيلًا} [المزمل: 6]) أصح قراءة؛ لاجتماع الحواس وعدم الشاغل. 1141 - (كان رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يفطر من الشهر حتَّى نظن أنَّه لا يصوم) محصّل ما قاله في الصلاة والصوم أنَّه كان يستوعب الأوقات ويوقع العبادة في الكل تارة وتارة، لكن يداوم على الأفضل، وغيره كان بيَانًا للجواز والتشريع. (تابعه سليمان) ابن بلال (وأبو خالد) سليمان بن حيان. صرّح به المزني، والتبس على بعضهم، فجعل الأول سليمان أبو خالد، ثم قال: وفي بعض النسخ وأبو خالد بالواو، فلا بد أن يكون سليمان المذكور ليس أَبا خالد ولولاه لكان شخصًا واحدًا مذكورًا بالاسم والكنية والصفة، وقد أطلعناك على جلية الحال. قال شيخنا أبو الفضل بن حجر: اتفقت الروايات على الواو، ثم قال: يحتمل أن تكون الواو زائدة، فيكون سليمان هو أَبا خالد. قلت: روى الحديث في كتاب الصوم أوّلًا عن سليمان تعليقًا، وأردفه بالرواية عن أبي خالد مسندًا، وذلك دليل على تغايرهما، على أن زيادة الواو شيء لا يقبله ذوق في أمثال هذه المواضع.

12 - باب عقد الشيطان على قافية الرأس إذا لم يصل بالليل

12 - باب عَقْدِ الشَّيْطَانِ عَلَى قَافِيَةِ الرَّأْسِ إِذَا لَمْ يُصَلِّ بِاللَّيْلِ 1142 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلاَثَ عُقَدٍ، يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ، فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب عقد الشيطان على قافية الرأس إذا لم ليصلّ هذا العقد يحتمل أن يكون حقيقة؛ وأن يكون مجازًا عن مبالغته في الوسوسة [أشار] إليه بقوله: 1142 - (عليك ليل طويل) إذا همّ بالقيام، ويؤيد الأول رواية ابن ماجه "يعقده بحبل". فإن قلت: ما معنى القول بالحقيقة وكيفية ذلك الحبل؟ قلت: هو نظير ما تفعله النفاثات في العقد، والقافية كالقفا: مؤخر الرأس، وعبارة الجوهري: مؤخر العنق، وفيه تسامح. فإن قلت: ما وجه التخصيص بالقافية؟ قلت: لأنه محلّ القوة العاقلة، ألا ترى أن العقل يختل باختلاله، أو هو على دأب الفُتّاك، وقطاع الطريق؛ فإنَّه إنما يقصد من وراء الإنسان. فإن قلت: لفظ الترجمة يدل على أنّ هذا العقد إنما هو على من لم يصل، ولفظ الحديث يدل على عمومه في المصلي وغيره؟ قلت: هذا أورده المازري في شرح مسلم، والجواب عنه: أن الضرب على كل أحد في الحديث، وما في الترجمة أراد به دوامه على من لم يصل. (يضرب على كل عقدة: عليك ليل طويل) ويروى "عند كل عقدة". فإن قلت: ما معنى الضرب؟ قلت: هو من ضرب المثل إذا بينه أي: بوسوسته يخيل إليه، ويصف له طول الليل، أو هو من ضرب الدهر، قضى أن يقضى عليه بذلك، وهو يقرب من الأول. (فإن صلى انحلت عقدة) هي آخر العقد، ويروى "عُقده" -بضم العين وفتح القاف- والضمير أي: جميع عُقَدِه، وهو معنى ما رواه في باب بدء الخلق (انحلت العقد كلها) وفي

فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ، وَإِلاَّ أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلاَنَ». طرفه 3269 1143 - حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنَا عَوْفٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَمُرَةُ بْنُ جُنْدَبٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي الرُّؤْيَا قَالَ «أَمَّا الَّذِى يُثْلَغُ رَأْسُهُ بِالْحَجَرِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الْقُرْآنَ فَيَرْفِضُهُ وَيَنَامُ عَنِ الصَّلاَةِ الْمَكْتُوبَةِ». طرفه 845 ـــــــــــــــــــــــــــــ رواية مسلم: "في الأول عقدة، وفي الثاني عقدتان، وفي الثالث انحلت العقد". (فأصبح نشيطًا طيب النفس) لانجلاء النفس بنور الطاعة. فإن قلت: نهى أن يقول الإنسان: خبثت نفسي، فكيف أطلقه؟ قلت: هذا إخبار عن سوء حال ذلك في مقام التنفير فلا ترى أشد ملاءمة منه. 1143 - (مؤمل) بضم الميم الأولى وتشديد الثَّانية مع الفتح (أبو رجاء) -بفتح الراء مع المد- عمران بن ملحان العطاردي (جندب) بفتح الجيم وفتح الدال و (سمرة) بفتح السين وضم الميم. (عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - في الرؤيا) اللام للعهد يريد رؤياه الذي سيأتي بطوله. (قال: أما الذي يثلغ رأسه بالحجر) -بضم الياء، والثاء المثلثة على بناء المجهول- أي: يشق. (فإنَّه يأخذ القرآن فيرفضه) -بفتح الياء، والضاد المعجمة- أي: يتركه بحيث ينساه، لما روى أبو داود والتِّرمذيّ عنه - صلى الله عليه وسلم -: "عُرضت عليَّ ذنوب أمتي فلم أَرَ ذنبًا أعظم من سورة من القرآن أو آية أوتيها رجل ثم نسيها" وفي أبي داود: "من تعلم القرآن ثم نسيه لقي الله أجذم". فإن قلت: الكلام في صلاة الليل، فأي وجه لإيراد هذا الحديث؟ قلت: قيل أورده

13 - باب إذا نام ولم يصل بال الشيطان فى أذنه

13 - باب إِذَا نَامَ وَلَمْ يُصَلِّ بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنِهِ 1144 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ قَالَ حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ فَقِيلَ مَا زَالَ نَائِمًا حَتَّى أَصْبَحَ مَا قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ. فَقَالَ «بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنِهِ». طرفه 3270 ـــــــــــــــــــــــــــــ ليدل على أن الصلاة أعمُّ من الفرض والنفل؛ ولذلك قيد الصلاة بالمكتوبة، وأيضًا العقاب إنما يكون على ترك الواجب. وفيه نظر؛ أمّا أَولًا: فلأن قول البُخَارِيّ: باب الصلاة بالليل وإيراده هنا صريح في أنَّه يريد النفل. وأما ثانيًا: فلأن قوله: العقاب إنما يكون على ترك الواجب؛ ممنوع, لأنّ المجرم يعاقب على ارتكابه. وقد نقلنا آنفًا أن نسيان سورة من أعظم الذنوب، وإذا علم ذلك مناسبة الحديث للباب لأن رفض القرآن يستلزم عدم الصلاة في الليل؛ لأنّ من ترك القرآن حتَّى نسيه معلوم أنَّه لا يترك الفراش للصلاة تطوعًا؛ وأما ذكر المكتوبة فإنما وقع بالعرض في ذلك الشخص المعين. باب إذا نام ولم يصل بال الشيطان في أذنه 1144 - (مسدد) بفتح الدال المشددة (أبو الأحوص) سلام بن سليم. (ذكر عند النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- رجل ما زال نائمًا حتَّى أصبح، فقال: بال الشيطان في أذنه) محمول على الحقيقة؛ أو شبه وسوسة الشيطان بالبول من حيث إن كلًّا منهما مثقل مانع عن القيام. فإن قلت: العين مظهر النَّوم ألا ترى إلى قوله: "تنام عيني"، فلم بال في أذنه؟ قلت: الأذن آلة الانتباه، ألا ترى إلى قول عائشة: كان يقوم إذا سمع الصارخ.

14 - باب الدعاء والصلاة من آخر الليل

14 - باب الدُّعَاءِ وَالصَّلاَةِ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ وَقَالَ (كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ) أَىْ مَا يَنَامُونَ (وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ). 1145 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ وَأَبِى عَبْدِ اللَّهِ الأَغَرِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ مَنْ يَدْعُونِى فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِى فَأُعْطِيَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِى فَأَغْفِرَ لَهُ». طرفاه 6321، 7494 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الدعاء والصلاة من آخر الليل (وقال الله عَزَّ وَجَلَّ: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17)} [الذاريات: 17]) الهجوع: نوم الليل خاصة، مدح الله طائفة كانوا يتعبدون بالليل؛ {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18)} [الذاريات: 18] بعد العبادة كأنهم يعدون العبادة ذنبًا استقصارًا لأنفسهم. وما: زائدة، أو مصدرية. 1145 - (عن أبي سلمة وأبي عبد الله الأغر) -بالغين المعجمة وتشديد الراء-: سلمان. (أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ينزل ربنا كل ليلة إلى السّماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر) النزول: هو الانتقال من فوق إلى أسفل، وهو عليه تعالى محال؛ فالناس فيه ثلاث فرق: حمله على ظاهره فضلوا، وسلم طائفة أن له معنى لا يعلم، وهم السلف، وقالت طائفة: المراد دنو رحمته، وهبوب نسيم غفرانه في وقت السحر للذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع، اللهمَّ احشرنا في زمرتهم، وامح عنا سيئاتنا. (من يدعوني فأستجيب له) بالنصب، وكذا فيما عطف عليه؛ لأنه جواب الاستفهام، ويجوز الرفع، والاستفهام فيه ليس على ظاهره؛ بل المراد منه طلب الإقبال عليه تعالى، وقد

15 - باب من نام أول الليل وأحيا آخره

15 - باب مَنْ نَامَ أَوَّلَ اللَّيْلِ وَأَحْيَا آخِرَهُ وَقَالَ سَلْمَانُ لأَبِى الدَّرْدَاءِ - رضى الله عنهما - نَمْ. فَلَمَّا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ قَالَ قُمْ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «صَدَقَ سَلْمَانُ». 1146 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. وَحَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الأَسْوَدِ قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - كَيْفَ صَلاَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــ جاء في بعض الروايات "الثلث الأول" و"النصف الأول" و"النصف الأخير" ولا تنافي لجواز الكل، وفيه حث على العبادة في آناء الليل كلها، ومن حمل النزول على نزول الملك، وأشكل عليه قوله: "من يدعوني"؛ وأمّا ما رواه النَّسائيّ: "من أنّ الله يُنزِلُ ملكًا فينادي هل من داع فيستجاب له" فلا مُنافاة بينهما بجواز الجمع. باب من نام أول الليل وأحيا آخره جعل قيام الليل إحياء له، كأنه بدون العبادة في حكم الميت. (وقال سلمان لأبي الدَّرداء: ثم، فلما كان من آخر الليل قال: قم) هذا التعليق سيأتي في مواضع مسندًا؛ وأبو الدَّرداء من علماء الصَّحَابَة واسمه عويمر -بضم العين- مصغر عامر. (قال النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- صدق سلمان) أي: ذكر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما جرى، فصدَّق سلمان؛ أي: في قوله ذاك لأبي الدَّرداء، وإنما حذف للعلم لا للعموم؛ كما توهم، إذ معلوم أنَّه لم يصدقه في كل ما قاله، فإن ذلك خاص برسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصادق المصدوق. 1146 - (أبو الوليد) هشام الطَّيالِسيّ (سليمان) ابن حرب ضد الصلح (عن أبي إسحاق) هو السبيعي عبد الله بن عمرو. روى حديث عائشة في تهجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد سلف، وموضع الدلالة هنا قولها:

16 - باب قيام النبى - صلى الله عليه وسلم - بالليل فى رمضان وغيره

النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِاللَّيْلِ قَالَتْ كَانَ يَنَامُ أَوَّلَهُ وَيَقُومُ آخِرَهُ، فَيُصَلِّى ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى فِرَاشِهِ، فَإِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ وَثَبَ، فَإِنْ كَانَ بِهِ حَاجَةٌ اغْتَسَلَ، وَإِلاَّ تَوَضَّأَ وَخَرَجَ. 16 - باب قِيَامِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِاللَّيْلِ فِي رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ 1147 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - كَيْفَ كَانَتْ صَلاَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي رَمَضَانَ فَقَالَتْ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلاَ فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُصَلِّى أَرْبَعًا فَلاَ تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّى أَرْبَعًا فَلاَ تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّى ثَلاَثًا، قَالَتْ عَائِشَةُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ. فَقَالَ «يَا عَائِشَةُ، إِنَّ عَيْنَىَّ تَنَامَانِ وَلاَ يَنَامُ قَلْبِى». طرفاه 2013، 3569 ـــــــــــــــــــــــــــــ (كان ينام أوّل الليل ويقوم آخره). (وثب) أي: قام سريعًا (فإن كانت به حاجة اغتسل) وفيه دلالة على أنَّه ربما نام مع الجنابة بيانًا للجواز. باب قيام النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - في رمضان وغيره 1147 - (المقبري) بفتح الميم وضم الباء وفتحها. (ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يزيد في رمضان وغيره على إحدى عشرة ركعة). فإن قلت: هذا كيف يستقيم مع التراويح في رمضان، وهي عشرون ركعة؟ قلت: الكلام إنما هو في القيام بعد النَّوم؛ وأمّا التراويح فإنما هو قبل النَّوم. فإن قلت: الحصر في إحدى عشرة كيف يجتمع مع رواية ابن عباس ثلاث عشرة؟ قلت: روى عنها أَيضًا ثلاث عشرة، وقد قدمنا ذلك في أبواب الوتر، فالوجه في هذا الحصر أنها أرادت ما عدا الركعتين الخفيفتين اللتين كان يفتتح بهما الصلاة؛ والدليل على ذلك قولها: كان يصلي أربعًا فلا تسأل عن حُسْنِهِنَّ وطُولِهِنَّ، إلى أن عدت إحدى عشرة، فإن هذه بعد الركعتين الخفيفتين (إن عيني تنامان ولا ينام قلبي).

17 - باب فضل الطهور بالليل والنهار وفضل الصلاة بعد الوضوء بالليل والنهار

1148 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ هِشَامٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ مَا رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ فِي شَىْءٍ مِنْ صَلاَةِ اللَّيْلِ جَالِسًا، حَتَّى إِذَا كَبِرَ قَرَأَ جَالِسًا، فَإِذَا بَقِىَ عَلَيْهِ مِنَ السُّورَةِ ثَلاَثُونَ أَوْ أَرْبَعُونَ آيَةً قَامَ فَقَرَأَهُنَّ ثُمَّ رَكَعَ. طرفه 1118 17 - باب فَضْلِ الطُّهُورِ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَفَضْلِ الصَّلاَةِ بَعْدَ الْوُضُوءِ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ 1149 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ أَبِى حَيَّانَ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: فكيف فاتته الصلاة حتَّى طلعت الشَّمس؟ قلت: أجابوا عنه بأن طلوع الشَّمس مدرك بالعين، وقد أخبر بأن عينه تنام، وهذا لا تعلق له بالمقام؛ لأن سؤال عائشة إنما كان عن انتقاض وضوئه، فأجاب بأن ذلك يتعلق بالقلب، والقلب منه يقظان، ولذلك كانت رؤياه وحيًا؛ لكمال تيقظه؛ وأمّا فوات صلاته بالوادي فذلك لا يتعلق بالقلب، فإن طلوع الشَّمس مدرك بالبصر. فإن قلت: تقدم أنَّه لما سئل عن صلاة الليل قال: "مثنى مثنى" فكيف أخبرت عائشة أنَّه صلى أربعًا أربعًا؟ قلت: ليس في حديث عائشة أنَّه كان يصلي أربعًا بتسليم. فإن قلت: إذا لم تكن أربعًا بتسليم كان القياس أن يقول: ثمانيًا بدل أربعًا أربعًا؟ قلت: إنما فصلت بـ (ثم) دلالة على مزية حسن الأربع الأُوَل، ولو سلم فربما فعل هذا بيانًا للجواز كما أنَّه يصلي تسعًا لم يجلس إلَّا في الثامنة وسلم في التاسعة. باب فضل الطهور بالليل والنهار والصلاة بعد الوضوء 1149 - (أبو أسامة) -بضم الهمزة- حمّاد بن أسامة (عن أبي حيان) -بفتح الحاء وياء مثناة تحت- يحيى بن سعيد بن حيان (عن أبي زرعة) -بضم المعجمة بعدها مهملة- هرم بن عمرو بن جرير.

أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لِبِلاَلٍ عِنْدَ صَلاَةِ الْفَجْرِ «يَا بِلاَلُ حَدِّثْنِى بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ فِي الإِسْلاَمِ، فَإِنِّى سَمِعْتُ دَفَّ نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَىَّ فِي الْجَنَّةِ». قَالَ مَا عَمِلْتُ عَمَلاً أَرْجَى عِنْدِى أَنِّى لَمْ أَتَطَهَّرْ طُهُورًا فِي سَاعَةِ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ إِلاَّ صَلَّيْتُ بِذَلِكَ الطُّهُورِ مَا كُتِبَ لِى أَنْ أُصَلِّىَ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ دَفَّ نَعْلَيْكَ يَعْنِى تَحْرِيكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ (أن النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- قال لبلال عند صلاة الفجر: حَدَّثني بأرجى عمل عملته) أفعل تفضيل من رجوة والرجاء -بفتح الراء والمد- توقع أمر محبوب. (فإنِّي سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة) كما يتقدم الخدم بين يدي الموالي، والدف -بفتح الدال وتشديد الفاء- وكذا الدفيف: السير اللين، وفي رواية: "دوي نعليك" -بفتح الدال وكسر الواو وتشديد الياء- وفي أخرى: "خشخشة نعليك" وفي رواية مسلم: "خشفة" -بالشين والخاء المعجمتين- الصوت الخفي. قال بعض الشارحين: فإن قلت: لا بد أن يكون في اليقظة، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخلها ليلة المعراج، وأما بلال فلا يلزم أن يكون في الجنة؛ لأن الظرف؛ أعني "في الجنة" متعلق بالسماع. هذا كلامه وخبطه ظاهر؛ لأن قوله "بين يدي" نصّ قاطع في أنَّه في الجنة، وأيضًا إذا لم يكن في الجنة فأيّ فضيلة في أن يسمع دُف نعليه خارج الجنة، وسيأتي في حديث بريدة هذا أنَّه قال: "بم سبقتني إلى الجنة يَا بلال". وفي الحديث دلالة على فضل الوضوء، ودليل للشافعي في أن الصلاة إذا كان لهما سبب متقدم تجوز في الأوقات المكروهة. والتحقيق أن هذا كان في النَّوم، كما نرى نحن الإنسان راكبًا يسوق الفرس ويخاطب بكذا وكذا. فإن قلت: من أين علم أن أرجى عمله ذلك؟ قلت: كان بلالٌ رجلًا فقيرًا ليس له مال يتصدق به وسائر النَّاس كانوا يشاركونه في سائر الفرائض، بنى الكلام على ظنه.

18 - باب ما يكره من التشديد فى العبادة

18 - باب مَا يُكْرَهُ مِنَ التَّشْدِيدِ فِي الْعِبَادَةِ 1150 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ دَخَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَإِذَا حَبْلٌ مَمْدُودٌ بَيْنَ السَّارِيَتَيْنِ فَقَالَ «مَا هَذَا الْحَبْلُ». قَالُوا هَذَا حَبْلٌ لِزَيْنَبَ فَإِذَا فَتَرَتْ تَعَلَّقَتْ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ، حُلُّوهُ، لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ، فَإِذَا فَتَرَ فَلْيَقْعُدْ». 1151 - قَالَ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَتْ عِنْدِى امْرَأَةٌ مِنْ بَنِى أَسَدٍ فَدَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مَنْ هَذِهِ». قُلْتُ فُلاَنَةُ لاَ تَنَامُ بِاللَّيْلِ. فَذُكِرَ مِنْ صَلاَتِهَا فَقَالَ «مَهْ عَلَيْكُمْ مَا تُطِيقُونَ مِنَ الأَعْمَالِ، فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا». طرفه 43 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ما يكره من التشديد في العبادة 1150 - (أبو معمر) -بفتح الميمين وعين ساكنة- عبد الله بن عمرو المنقري (صهيب) بضم الصاد مصغر. (دخل النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- فهذا حبل ممدود بين الساريتين) أي: العمودين (فقال: ما هذا؟ قالوا: حبل لزينب، فإذا فترت تعلّقت) زينب هذه حَرَمُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أم المُؤْمنين، ومعنى تعقلت: أنها إذا تعبت من القيام اعتمدت عليه. (قال: لا) أي: لا تفعل (حُلُّوه ليصل أحدكم نشاطه) -بفتح النُّون- ضد السآمة، من نشطه لكذا إذا اشتدّ. 1151 - (عن عائشة قالت: كانت عندي امرأة من بني أسد) قال ابن الجوزي: هذه حمنة بنت جحش أخت زينب، وقيل: أم المُؤْمنين ميمونة وليس بشيء؛ لأن ميمونة ليست من بني أسد، بل هي هلالية. (قال: من هذه؟ قلت: فلانة نذكر من صلاتها) وفي بعضها "تذكر" أي: كثرة صلاتهما (فقال: مه) -بفتح الميم وسكون الهاء- اسم فعل بمعنى كف (عليكم ما تطيقون من الأعمال) أي: الزموا ما في وسعكم ولا تجاوزوا عنه (فإنّ الله لا يملُّ حتَّى تملّوا) الملال من الله محال؛

19 - باب ما يكره من ترك قيام الليل لمن كان يقومه

19 - باب مَا يُكْرَهُ مِنْ تَرْكِ قِيَامِ اللَّيْلِ لِمَنْ كَانَ يَقُومُهُ 1152 - حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ الْحُسَيْنِ حَدَّثَنَا مُبَشِّرٌ عَنِ الأَوْزَاعِىِّ. وَحَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الْحَسَنِ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ أَبِى كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَا عَبْدَ اللَّهِ، لاَ تَكُنْ مِثْلَ فُلاَنٍ، كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ». وَقَالَ هِشَامٌ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى الْعِشْرِينَ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى يَحْيَى عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ ثَوْبَانَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ مِثْلَهُ. وَتَابَعَهُ عَمْرُو بْنُ أَبِى سَلَمَةَ عَنِ الأَوْزَاعِىِّ. أطرافه 1131 ـــــــــــــــــــــــــــــ لأنها من الأعراض النفسانية. فالمراد ما يلزمها؛ وهو: الإعراض، فإن من ملّ شيئًا أعرض عنه، وقد استوفينا الكلام عليه في باب أحب الدين إلى الله في كتاب الإيمان. وفي الحديث دلالة على كراهة التشديد والتعمق في العبادات بحيث يؤدي إلى السآمة، وأن العالِمَ بقبح الشيء يجب عليه النهي عنه. باب ما يكره من ترك قيام الليل لمن كان يقومه 1152 - (عباس بن الحسين) بفتح الموحدة المشددة (مبشر) بكسر الشين المشددة (الأَوْزَاعِيّ) -بفتح الهمزة- عبد الرَّحْمَن شيخ بلاد الشَّام في زمانه (محمَّد بن مقاتل) بكسر التاء. (يَا عبد الله لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل فترك قيام الليل) فلان: كناية عن علم معين؛ فإما أن يكون هذا لفظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما هو دأبه في المواعظ من الإبهام، أو سمّاه ولم يحفظه الراوي، وأما حمله على أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يقصد بقوله: "فلان" شخصًا معينًا؛ ففيه نظر، لما قلنا إنه كناية عن علم معين. (ابن أبي العشرين) -بكسر العين- لفظ العدد؛ هو عمرو بن الحكم، كاتب الأَوْزَاعِيّ. (وتابعه عمرو بن أبي سلمة عن الأَوْزَاعِيّ) أي تابع عبد الله (وقال هشام) هو ابن

20 - باب

20 - بابٌ 1153 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبِى الْعَبَّاسِ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو - رضى الله عنهما - قَالَ لِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَقُومُ اللَّيْلَ وَتَصُومُ النَّهَارَ» قُلْتُ إِنِّى أَفْعَلُ ذَلِكَ. قَالَ «فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ هَجَمَتْ عَيْنُكَ وَنَفِهَتْ نَفْسُكَ، وَإِنَّ لِنَفْسِكَ حَقٌّ، وَلأَهْلِكَ حَقٌّ، فَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ». طرفه 1131 21 - باب فَضْلِ مَنْ تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى ـــــــــــــــــــــــــــــ عمار، روى الحديث مسندًا بأعلى ما وقع له، ثم رواه تعليقًا بأنزل منه درجة. وقال شيخ الإِسلام: أي تابع ابن أبي العشرين، متابعةُ هشام أسندها الإسماعيلي، ومتابعة عمرو أسندها مسلم. باب كذا من غير ترجمة. 1153 - روى فيه حديثًا عن عبد الله بن عمرو بن العاص: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بلغه أنَّه يقوم الليل، ويصوم النهار فنهاه، وعلل بأنه إذا فعل ذلك هجمت عينه أي: غارت، من هجم على القوم، ونفهت نفسه -بفتح النُّون وكسر الفاء -أي: عيَّت وكلت وضيع حقَّ النفس والأهل، فإن إبقاء المهجة واجبة، وكذا مؤانسة الأهل. باب فضل من تعارَّ من الليل فصلى -بفتح التاء وتشديد الرّاء- تفاعل أصل عرار الظليم؛ أي صوته، والظليم: النعام، ومعنى تعارى: استيقظ مع صوت من ذكر واستغفار، وإنما يقع هذا ممن تعود لسانه بالذكر وتلاوة القرآن والاستغفار، فإن النَّوم أخو الموت، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تموتون كما تعيشون وتبعثون كما تموتون".

1154 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ عَنِ الأَوْزَاعِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى عُمَيْرُ بْنُ هَانِئٍ قَالَ حَدَّثَنِى جُنَادَةُ بْنُ أَبِى أُمَيَّةَ حَدَّثَنِى عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ. الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ، وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ. ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى. أَوْ دَعَا اسْتُجِيبَ، فَإِنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى قُبِلَتْ صَلاَتُهُ». 1155 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى الْهَيْثَمُ بْنُ أَبِى سِنَانٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - وَهُوَ يَقْصُصُ فِي قَصَصِهِ وَهُوَ يَذْكُرُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّ أَخًا لَكُمْ لاَ يَقُولُ الرَّفَثَ. يَعْنِى بِذَلِكَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 1154 - (صدقة) أخت الصلاة (عمير بن هانئ) بضم العين مصغر (جنادة) بضم الجيم بعده نون (أبي أُمية) بضم الهمزة وتشديد الياء (عبادة) بضم العين وتخفيف الباء. (من تعار من الليل فقال: اللهمَّ لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، الحمد لله وسبحان الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلَّا باللهِ، ثم قال: اللهمَّ اغفر لي، أو دعا) أي: بدعاء غيره (استجيب له، فإن توضأ وصلى قبلت صلاته). فإن قلت: كم من يفعل ذلك، ويسأل أشياء لا تحصل له؟ قلت: الأمور مرهونة بأوقاتها، وسيأتي في أواخر الكتاب أنَّه يُعطي ما يُسأل؛ أو يُدَّخَرُ له عند الله ما هو خير له مما يسأل. 1155 - (بكير) بضم الباء مصغر (الهيثم) بفتح الهاء وسكون الياء بعدها شاء مثلثة. (سمع أَبا هريرة وهو يقص في قصصه) -بفتح القاف والصادين-: مصدر قصّ وبكسر القاف: جمع القصة (إن أخًا لكم لا يقول الرفث، يريد بذلك عبد الله بن رواحة) أي: الأخ

وَفِينَا رَسُولُ اللَّهِ يَتْلُو كِتَابَهُ ... إِذَا انْشَقَّ مَعْرُوفٌ مِنَ الْفَجْرِ سَاطِعُ أَرَانَا الْهُدَى بَعْدَ الْعَمَى فَقُلُوبُنَا ... بِهِ مُوقِنَاتٌ أَنَّ مَا قَالَ وَاقِعُ يَبِيتُ يُجَافِى جَنْبَهُ عَنْ فِرَاشِهِ ... إِذَا اسْتَثْقَلَتْ بِالْمُشْرِكِينَ الْمَضَاجِعُ تَابَعَهُ عُقَيْلٌ. وَقَالَ الزُّبَيْدِىُّ أَخْبَرَنِى الزُّهْرِىُّ عَنْ سَعِيدٍ وَالأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه. 1156 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ المنكر، هو عبد الله بن رواحة سيد الغزاة استشهد بمؤتة، ولما ركب متوجهًا إلى تلك الغزوة قيل له: ردّك الله سالمًا قال: لكنني أسأل الرَّحْمَن مغفرة ... وضربة ذات فرغ تقذف الزبدا إلى آخر أبيات له. بدري عقيبي، كان أحد النقباء. قال الأزهري: الرفث كلمة جامعة لكل ما يراد من المرأة، والمراد به في الحديث اللغو والباطل، مدحه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أبياته التي أوردها البُخَارِيّ. وموضع الدلالةِ قوله: (يجافي جنبه عن فراشه) فإنَّه يريد القيام للتهجد، قيل إن قوله: (إن أخًا لكم لا يقول) من كلام أبي هريرة، والظاهر خلافه، وعبارة الحديث في كتاب الأدب: سمع أَبا هريرة يقول يذكر النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن أخًا لكم"، فإن الضمير في يقول للنبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه أقرب مذكور. (تابعه عقيل) أي: تابع يونس (وقال الزبيدي) -بضم الزاي- والنسبة- محمَّد بن الوليد؛ وإنما لم يعطفه على عقيل لاختلاف شيخ الزُّهْرِيّ فيهما. 1156 - (أبو النُّعمان) -بضم النُّون- محمَّد بن الفضل (حمّاد) بفتح الحاء وتشديد الميم.

ابْنِ عُمَرَ رضى الله عنهما قَالَ رَأَيْتُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - كَأَنَّ بِيَدِى قِطْعَةَ إِسْتَبْرَقٍ، فَكَأَنِّى لاَ أُرِيدُ مَكَانًا مِنَ الْجَنَّةِ إِلاَّ طَارَتْ إِلَيْهِ، وَرَأَيْتُ كَأَنَّ اثْنَيْنِ أَتَيَانِى أَرَادَا أَنْ يَذْهَبَا بِى إِلَى النَّارِ فَتَلَقَّاهُمَا مَلَكٌ فَقَالَ لَمْ تُرَعْ خَلِّيَا عَنْهُ. طرفه 440 1157 - فَقَصَّتْ حَفْصَةُ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِحْدَى رُؤْيَاىَ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ لَوْ كَانَ يُصَلِّى مِنَ اللَّيْلِ». فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ - رضى الله عنه - يُصَلِّى مِنَ اللَّيْلِ. طرفه 1122 1158 - وَكَانُوا لاَ يَزَالُونَ يَقُصُّونَ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - الرُّؤْيَا أَنَّهَا فِي اللَّيْلَةِ السَّابِعَةِ مِنَ الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَتْ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ، فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيْهَا فَلْيَتَحَرَّهَا مِنَ الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ». طرفاه 2015، 6991 ـــــــــــــــــــــــــــــ روى حديث ابن عمر: (أنَّه رأى في النَّوم كأن ملكين أخذاه وذهبا به إلى النَّار) وقد سلف بشرحه في باب فضل قيام الليل، وموضع الدلالة هنا قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - له: 1157 - (نعم الرَّجل عبد الله لو كان يصلي بالليل). (واستبرق) -بكسر الهمزة- الغليظ من الحرير، معربُ إستبرك (إحدى رؤياي) هي هذه الرؤيا، صرّح بها في باب فضل قيام الليل. 1158 - (وكانوا لا يزالون يقصّون على النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- الرؤيا أنها في الليلة السابعة من العشر الأواخر) هذا كلام ابن عمر. فإن قلت: إذا اتفقوا على أنها في الليلة السابعة، فما معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: (إني أرى رؤياكم قد تواطأت في العشر الأواخر؟) قلت: معنى قولهم: في الليلة السابعة أي: في السبع الأواخر من العشر؛ كما جاء صريحًا في باب فضل ليلة القدر؛ من رواية ابن عمر، فإنَّه قال هناك: إن رجالًا من أصحاب النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أُروا ليلة القدر في السبع الأواخر. (فمن كان متحريها) أي: مجتهدًا في طلبها.

22 - باب المداومة على ركعتى الفجر

22 - باب الْمُدَاوَمَةِ عَلَى رَكْعَتَىِ الْفَجْرِ 1159 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ - هُوَ ابْنُ أَبِى أَيُّوبَ - قَالَ حَدَّثَنِى جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ صَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْعِشَاءَ ثُمَّ صَلَّى ثَمَانَ رَكَعَاتٍ وَرَكْعَتَيْنِ جَالِسًا وَرَكْعَتَيْنِ بَيْنَ النِّدَاءَيْنِ، وَلَمْ يَكُنْ يَدَعُهُمَا أَبَدًا. طرفه 619 23 - باب الضِّجْعَةِ عَلَى الشِّقِّ الأَيْمَنِ بَعْدَ رَكْعَتَىِ الْفَجْرِ 1160 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو الأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا صَلَّى رَكْعَتَىِ الْفَجْرِ اضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَنِ. طرفه 626 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب المداومة على ركعتي الفجر 1159 - (عبد الله بن يزيد) من الزيادة (سعيد) هو ابن أبي أَيُّوب، وأبو أَيُّوب اسمه مقلاص -بكسر الميم وسكون القاف وصاد مهملة-. (صلى ثماني ركعات، وركعتين جالسًا، وركعتين بين النداءين، ولم يكن يدعهما أبدًا) هذا موضع الدلالة، ولم يذكر في هذه الرواية الوتر، فإنَّه معلوم، وفي أبي داود وأَحمد: "لا تدعوا ركعتي الفجر ولو طردتكم الخيل" وقال بوجوبهما أبو حنيفة في رواية, والحسن البَصْرِيّ، ولفظ "أبدًا" يؤكد به المستقبل؛ وقد أكد به هنا الماضي، كأنه مستعار لمعنى: قط. باب الضجعة على الشق الأيمن بعد ركعتي الفجر يروي بكسر الضاد على أنَّه نوع؛ لأنه قيد بالشق الأيمن، وبالفتح على إرادة المرة. 1160 - (أبو الأسود) هو محمَّد بن عبد الرَّحْمَن. (عن عائشة قالت: كان النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- إذا صلى صلاة الفجر اضطجع على شِقه الأيمن) -بكسر الشين- والحكمة في الشق الأيمن؛ لأنه أشرف، ويذكِّر بالموت، وفائدة الضجعة: أن يكون على نشاط في أداء الفرض.

24 - باب من تحدث بعد الركعتين ولم يضطجع

24 - باب مَنْ تَحَدَّثَ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ وَلَمْ يَضْطَجِعْ 1161 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْحَكَمِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنِى سَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا صَلَّى {سُنَّةَ الْفَجْرِ} فَإِنْ كُنْتُ مُسْتَيْقِظَةً حَدَّثَنِى وَإِلاَّ اضْطَجَعَ حَتَّى يُؤْذَنَ بِالصَّلاَةِ. طرفه 1118 25 - باب مَا جَاءَ فِي التَّطَوُّعِ مَثْنَى مَثْنَى وَيُذْكَرُ ذَلِكَ عَنْ عَمَّارٍ وَأَبِى ذَرٍّ وَأَنَسٍ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَعِكْرِمَةَ وَالزُّهْرِىِّ - رضى الله عنهم -. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِىُّ مَا أَدْرَكْتُ فُقَهَاءَ أَرْضِنَا ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من تحدث بعد الركعتين ولم يضطجع 1161 - (بشر بن الحكم) بكسر الموحدة بعدها شين معجمة (أبو النضر) بضاد معجمة. (عن عائشة أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - كان إذا صلى فإذا كنت مستيقظة حَدَّثني وإلا اضطجع) المراد بهذه الصلاة سنة الفجر؛ بدليل ما ذكرت في الباب قبله، هذا يدل على أن الأمر بالاضطجاع؛ كما رواه أبو داود والتِّرمذيّ: "إذا صلى أحدكم ركعتي الفجر فليضطجع" للندب، وقال ابن حزم: تجب وإن لم يضطجع لا تصح صلاته للصبح. باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى (ويذكر عن عمار) وفي بعضها قال محمَّد وهو البُخَارِيّ، وقد سلف أن لفظ يذكر لا يدل على الضعف (وقال يحيى بن سعيد: أدركت فقهاءنا) وفي بعضها: فقهاء أرضنا؛ أي: أرض المدينة أو الحجاز.

إِلاَّ يُسَلِّمُونَ فِي كُلِّ اثْنَتَيْنِ مِنَ النَّهَارِ. 1162 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى الْمَوَالِى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُعَلِّمُنَا الاِسْتِخَارَةَ فِي الأُمُورِ كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ يَقُولُ «إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ لِيَقُلِ اللَّهُمَّ إِنِّى أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلاَ أَقْدِرُ وَتَعْلَمُ وَلاَ أَعْلَمُ وَأَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ خَيْرٌ لِى فِي دِينِى وَمَعَاشِى وَعَاقِبَةِ أَمْرِى - أَوْ قَالَ عَاجِلِ أَمْرِى وَآجِلِهِ - فَاقْدُرْهُ لِى وَيَسِّرْهُ لِى ثُمَّ بَارِكْ لِى فِيهِ، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ شَرٌّ لِى فِي دِينِى وَمَعَاشِى وَعَاقِبَةِ أَمْرِى - أَوْ قَالَ فِي عَاجِلِ أَمْرِى وَآجِلِهِ - فَاصْرِفْهُ عَنِّى وَاصْرِفْنِى عَنْهُ، وَاقْدُرْ لِى الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ (إلا يسلمون في كل اثنين من النهار) إنما ذكر النهار, لأن صلاة الليل لا نزاع فيه أنها مثنى مثنى، وقد رواه البُخَارِيّ لما سئل - صلى الله عليه وسلم - عن صلاة الليل قال: "مثنى مثنى". 1162 - (قتيبة) بضم القاف مصغر (محمَّد بن المنكدر) بكسر الدال. (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعلمنا الاستخارة) أي: دعاء الاستخارة، أو صلاة الاستخارة (كما يعلمنا السورة من القرآن) كناية عن غاية الاهتمام (من غير الفريضة) دلّ على جواز الرواتب، وسائر [...] كالضحى والعيدين. (اللهمَّ إني أستخيرك بعلمك): أي: أطلب منك الخير مستعينًا عليه بعلمك، وكذا حال "الباء" في (بقدرتك)، وقيل: الباء للقسم، وفيه بعد يدفعه قوله: (إن كنت تعلم) (أو قال: عاجل أمري) أي: شأني، الشك من جابر، فالوجه أن يجمع بين العبارتين (فاصرفه عني واصرفني عنه) قدم صرفه عنه لأنه مناط الشر. فإن قلت: إذا صرفه عنه فأي حاجة إلى قوله "اصرفني عنه"؟ قلت: المراد بصرفه عنه

أَرْضِنِى - قَالَ - وَيُسَمِّى حَاجَتَهُ». طرفاه 6382، 7390 1163 - حَدَّثَنَا الْمَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِىِّ سَمِعَ أَبَا قَتَادَةَ بْنَ رِبْعِىٍّ الأَنْصَارِىَّ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلاَ يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّىَ رَكْعَتَيْنِ». طرفه 444 1164 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ انْصَرَفَ. طرفه 380 1165 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ. طرفه 937 1166 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يَخْطُبُ «إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ - أَوْ قَدْ خَرَجَ - فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ». طرفه 930 ـــــــــــــــــــــــــــــ عدم وقوعه فيه ويصرفه عن ذلك عدم التردد فيه، وفراغ قلبه. (ويسمي حاجته) كالحج والنكاح وأمثالهما لأنهما مصبُّ الغرض. 1163 - (سليم) -بضم السين- مصغر (الزُّرَقيّ) بتقديم المعجمة (عن أبي قتادة) واسمه عمرو أو نعمان. 1165 - (بكير) بضم الباء مصغر، وكذا: (عُقيل). 1166 - (قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يخطبنا: إذا جاء أحدكم والإمام بخطب أو قد خرج فليصل ركعتين) حجة للشافعي فيما ذهب إليه، استدل البُخَارِيّ بأحاديث الباب على أن

26 - باب الحديث، يعنى بعد ركعتى الفجر

1167 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَيْفُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمَكِّىُّ سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يَقُولُ أُتِىَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - فِي مَنْزِلِهِ فَقِيلَ لَهُ هَذَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ دَخَلَ الْكَعْبَةَ قَالَ فَأَقْبَلْتُ فَأَجِدُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ خَرَجَ، وَأَجِدُ بِلاَلاً عِنْدَ الْبَابِ قَائِمًا فَقُلْتُ يَا بِلاَلُ، صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْكَعْبَةِ قَالَ نَعَمْ. قُلْتُ فَأَيْنَ قَالَ بَيْنَ هَاتَيْنِ الأُسْطُوَانَتَيْنِ. ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فِي وَجْهِ الْكَعْبَةِ. طرفه 1167 26 - باب الْحَدِيثِ، يَعْنِى بَعْدَ رَكْعَتَىِ الْفَجْرِ 1168 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ أَبُو النَّضْرِ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ فَإِنْ كُنْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــ التطوع بالصلاة سواء كان ليلًا أو نهارًا مثنى، وقد تقدم الكلام على ذلك في الأبواب السابقة، واختلاف العلماء إنما هو في الأفضلية بعد الاتفاق على الجواز على أي وجه كان إلَّا أَبا حنيفة كره الزيادة على ثماني ركعات بالليل، واختار في النهار أربعًا، وكره الزيادة عليها. فإن قلت: إذا لم يكن فرق بين الليل والنهار، فأي فائدة في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "صلاة الليل مثنى"؟. قلت: لأن صلاة الليل آخرها الوتر؛ لئلا يظن أنها أوتار، ولذلك أردفه بقوله "ثم يوتر". باب الحديث بعد ركعتي الفجر 1168 - (سفيان) هو ابن عيينة، قال المقدسيّ: ابن عيينة والثوري كُل منهما يروي عن أبي النضر سالم بن أمية؛ إلَّا أن البُخَارِيّ لم تقع له رواية الثَّوريّ عنه. روى في الباب حديث عائشة: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد ركعتي الفجر فإن كنت مستيقظة حدثني؛ وإلا اضطجع، وقد تقدم الحديث في باب الضجعة على الشق الأيمن.

27 - باب تعاهد ركعتى الفجر ومن سماهما تطوعا

مُسْتَيْقِظَةً حَدَّثَنِى وَإِلاَّ اضْطَجَعَ. قُلْتُ لِسُفْيَانَ فَإِنَّ بَعْضَهُمْ يَرْوِيهِ رَكْعَتَىِ الْفَجْرِ. قَالَ سُفْيَانُ هُوَ ذَاكَ. طرفه 1118 27 - باب تَعَاهُدِ رَكْعَتَىِ الْفَجْرِ وَمَنْ سَمَّاهُمَا تَطَوُّعًا 1169 - حَدَّثَنَا بَيَانُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ لَمْ يَكُنِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى شَىْءٍ مِنَ النَّوَافِلِ أَشَدَّ مِنْهُ تَعَاهُدًا عَلَى رَكْعَتَىِ الْفَجْرِ. 28 - باب مَا يُقْرَأُ فِي رَكْعَتَىِ الْفَجْرِ 1170 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى بِاللَّيْلِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، ـــــــــــــــــــــــــــــ (قلت لسفيان: إن بعضهم يرويه عن ركعتي الفجر؟ قال: هو ذاك) القائل هو علي بن عبد الله، وإنما سأل سفيانَ لأنه لم يقع له من روايته عن سفيان ذكر الفجر، وذلك البعض هو مالك؛ كذا قاله الدَّارقطني. قال شيخنا أبو الفضل بن حجر: يقع في بعض النسخ قال أبو النضر: حَدَّثني أبي؛ وهو خطأ، وليس لأبيه رواية لا هنا ولا في سائر كتب الحديث. باب تعاهد ركعتي الفجر ومن سماهما تطوعًا 1169 - (بيان بن عمرو) بفتح الباء الموحدة بعدها مثناة (ابن جريج) -بضم الجيم- عبد الملك بن عبد العزيز (عن عُبيد بن عُمير) -بضم العين فيهما- كلاهما مصغر. روى حديث عائشة في ركعتي الفجر، وموضع الدلالة قولها: (لم يكن النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- من النوافل أشدّ تعاهدًا منه على ركعتي الفجر) فإن النفل والتطوع مترادفان. باب ما يقرأ في ركعتي الفجر 1170 - (عن عائشة قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي بالليل ثلاث عشر ركعة) قال

ثُمَّ يُصَلِّى إِذَا سَمِعَ النِّدَاءَ بِالصُّبْحِ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ. طرفه 626 1171 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَمَّتِهِ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ح وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى - هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ - عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُخَفِّفُ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَبْلَ صَلاَةِ الصُّبْحِ حَتَّى إِنِّى لأَقُولُ هَلْ قَرَأَ بِأُمِّ الْكِتَابِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ النووي: وجه هذا مع ما تقدم منها أنَّه لم يصل بالليل إلَّا إحدى عشرة هو أن يجعل على أنّ تفاوت الرواة في الحفظ، أو ذلك باعتبار الأغلب، ولا يخفى بعده، والأحسن ما ذكرناه نحن هناك أن الحصر إنما هو باعتبار التطويل في القراءة، فإنَّه أول ما كان يقوم يصلي ركعتين خفيفتين والدليل على هذا أنها حين حَصَرت في إحدى عشرة وصفت صلاته بالطول والحسن؛ وحين روت ثلاثةَ عشرة أطلقت. وحمل بعضهم هنا الركعتين على سنة العشاء، وقولها: يصلي بالليل، يأباه مع مخالفته رواية ابن عباس؛ يعني مخالفة الترجمة؛ يعني: سنة العشاء ليست من التهجد في شيء، وأما عد ركعتي الفجر منها فمحال؛ لأن ذكرهما بعد ثلاث عشرة. 1171 - (بَشّار) بفتح الباء وتشديد الشين (غُنْدر) بضم العين وفتح الدال (عَمْرة) -بفتح العين وسكون الميم- بنت عبد الرَّحْمَن بن سعد بن زرارة. (كان النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- يخفف الركعتين اللتين قبل الصبح حتَّى إِني لأقول هل قرأ فيهما بأم القرآن) ذهبت طائفة إلى أنَّه لا يقرأ في ركعتي الفجر؛ لرواية عائشة هذه، وقال مالك: يقرأ فيهما بأم القرآن لا غير؛ لأن قول عائشة كنايةٌ عن غاية التَّخفيف مع القراءة. وقال الشَّافعيّ: يضم إلى الفاتحة سورة قصيرة؛ لما روى مسلم والتِّرمذيّ عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في ركعتي الفجر بـ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1] و {قُلْ هُو

29 - باب التطوع بعد المكتوبة

29 - باب التَّطَوُّعِ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ 1172 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَسَجْدَتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ، وَسَجْدَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَسَجْدَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ، وَسَجْدَتَيْنِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ، فَأَمَّا الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ فَفِى بَيْتِهِ. قَالَ ابْنُ أَبِى الزِّنَادِ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ بَعْدَ الْعِشَاءِ فِي أَهْلِهِ. تَابَعَهُ كَثِيرُ بْنُ فَرْقَدٍ وَأَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ. طرفه 937 1173 - وَحَدَّثَتْنِى أُخْتِى حَفْصَةُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصَلِّى سَجْدَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ بَعْدَ مَا يَطْلُعُ الْفَجْرُ، وَكَانَتْ سَاعَةً لاَ أَدْخُلُ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِيهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1]. وقال أبو حنيفة: الأفضل تطويل القراءة فيهما؛ لأنهما أفضل من سائر الرواتب. باب التطوع بعد المكتوبة 1172 - (مُسَدَّد) -بضم الميم وتشديد الدال المفتوحة- استدل على ما ترجم بحديث ابن عمر: (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى بعد الظهر والمغرب والعشاء ركعتين) هما المراد من السجدتين؛ من إطلاق الجزء على الكل، مجاز متعارف. فإن قلت: تقدم في كتاب الجمعة من رواية ابن عمر: ما كان النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - يصلي بعد الجمعة حتَّى ينصرف، وهنا قال: صليت مع النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - بعد الجمعة، قلت: ليس في روايته هنا أنَّه كان في المسجد، ولو سلم أنهما، كان ذلك دأبه، وقد فعل هذا مرة بيانًا للجواز. 1173 - (وكانت ساعة لا أدخل على النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- فيها) هذا كلام ابن عمر، ولذلك روى في ركعتي الفجر عن أخته حفصة؛ وإنما لم يدخل لاشتغاله بالعبادة.

30 - باب من لم يتطوع بعد المكتوبة

تَابَعَهُ كَثِيرُ بْنُ فَرْقَدٍ وَأَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ. وَقَالَ ابْنُ أَبِى الزِّنَادِ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ بَعْدَ الْعِشَاءِ فِي أَهْلِهِ. طرفاه 618 30 - باب مَنْ لَمْ يَتَطَوَّعْ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ 1174 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الشَّعْثَاءِ جَابِرًا قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنه - قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثَمَانِيًا جَمِيعًا وَسَبْعًا جَمِيعًا. قُلْتُ يَا أَبَا الشَّعْثَاءِ أَظُنُّهُ أَخَّرَ الظُّهْرَ وَعَجَّلَ الْعَصْرَ وَعَجَّلَ الْعِشَاءَ وَأَخَّرَ الْمَغْرِبَ. قَالَ وَأَنَا أَظُنُّهُ. طرفه 543 ـــــــــــــــــــــــــــــ (تابعه كثير بن فرقد) الكثير ضد القليل، وفرقد بالفاء والقاف (وقال ابن أبي زناد) -بكسر الزاي بعدها نون- عبد الله بن ذكوان، وابنه عبد الرحمن. وقوله: تابع أولًا؛ ثم قوله: قال ثانيًا ليتفنن في العبارة. باب من لم يتطوع بعد المكتوبة 1174 - (سمعت أبا الشعثاء جابرًا) بالشين المعجمة والثاء المثلثة (عن ابن عباس قال: صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثمانيًا جميعًا وسبعًا جميعًا) وفي رواية مسلم: من غير خوف ولا مطر. قال البيهقي: جمهور الرواة من غير خوف ولا سفر. وهذه الرواية أخذ بها الشافعي وأحمد إذا كان مطرًا؛ وأما الرواية الأولى: من غير خوف ولا مطر، غير متروكة بالإجماع. فإن قلت: ليس في الحديث أنه لم يتطوع بعد المكتوبة كما ترجم عليه؟ قلت: عدم تعرضه دليل على العدم؛ لأنه بصدد البيان لما يشاهده. قال بعضهم: لو تطوع لم يجز الجمع. وهذا وهم؛ لأن القائلين بالجمع يؤخرون السنة إلى الفراغ منهما؛ مسطور في فروع الشافعية، وفي رواية عن الإمام أحمد: يجوز أداء السنة بينهما، وإطلاقهُ المكتوبة في الترجمة يتناول الأولى والثانية؛ فلا وجه للتخصيص بالأُولى.

31 - باب صلاة الضحى فى السفر

31 - باب صَلاَةِ الضُّحَى فِي السَّفَرِ 1175 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ تَوْبَةَ عَنْ مُوَرِّقٍ قَالَ قُلْتُ لاِبْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَتُصَلِّى الضُّحَى قَالَ لاَ. قُلْتُ فَعُمَرُ. قَالَ لاَ. قُلْتُ فَأَبُو بَكْرٍ. قَالَ لاَ. قُلْتُ فَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لاَ إِخَالُهُ. 1176 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِى لَيْلَى يَقُولُ مَا حَدَّثَنَا أَحَدٌ أَنَّهُ رَأَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى الضُّحَى غَيْرَ أُمِّ هَانِئٍ فَإِنَّهَا قَالَتْ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ بَيْتَهَا يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ فَاغْتَسَلَ وَصَلَّى ثَمَانِىَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب صلاة الضحى في السفر 1175 - (مُسَدَّد) بضم الميم وتشديد الدال المفتوحة (توبة) -بالمثناة فوق والموحدة بعد الواو- يكنى أبا مُورّع -بضم الميم وتشديد الراء المكسورة- (عن مورّق) بضم الميم وتشديد الراء المكسورة. (قلت: فالنبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لا إخاله) الرواية بكسر الهمزة على لغة من يقول تِعلم بكسر التاء، ومعناه: لا أظنه؛ من خاله: ظنّه. فإن قلت: ليس في حديثه ذكر السفر؟ قلت: نفيه مطلقًا يشمل السفر والحضر، والتبس هذا على بعضهم فقال: هذا الحديث إنما يليق بالباب بعده، وخفي عليه أن النفى هناك أيضًا غير مقيد استوى السفر والحضر، فالوجه ما أشرنا إليه. 1176 - (عمرو بن مرة) بضم الميم وتشديد الراء (عبد الرحمن بن أبي ليلى) واسم أبي ليلى بلال أو بليل. (ما حدثنا أحد أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى الضحى غير أم هانئ) تقدم الكلام على الحديث في باب من تطوع في السفر، وأنّ حديث صلاة الضحى رواه أبو ذَر وأبو الدرداء، وجماعة كثيرون، غايته أنّ ابن أبي ليلى لم يسمع من غيرها، وإنما أطلق الترجمة وروى أولًا حديث النفي؛ وثانيًا حديث الإثبات إشارة إلى أن لا اعتماد على المثبت. فإن قلت: ليس في حديث أمّ هانئ أنه صلاة الضحى؟. قلت: صرحت به في رواية مسلم.

32 - باب من لم يصل الضحى ورآه واسعا

رَكَعَاتٍ فَلَمْ أَرَ صَلاَةً قَطُّ أَخَفَّ مِنْهَا، غَيْرَ أَنَّهُ يُتِمُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ. طرفاه 670، 1103 32 - باب مَنْ لَمْ يُصَلِّ الضُّحَى وَرَآهُ وَاسِعًا 1177 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَبَّحَ سُبْحَةَ الضُّحَى، وَإِنِّى لأُسَبِّحُهَا. طرفه 1128 33 - باب صَلاَةِ الضُّحَى فِي الْحَضَرِ قَالَهُ عِتْبَانُ بْنُ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: سلم في كل ركعتين أم سلم في آخرها؟ قلت: سلم في كل ركعتين، رواه ابن خزيمة. فإن قلت: قال هنا: دخل بيت أم هانئ، وفي رواية الموطأ، وسيأتي في البخاري أنها قالت: ذهبت إليه؟ قلت: الظاهر تعدد القضية، وقيل: كان لها بيت في أعلى مكة [...]، القصة. باب من لم يصل الضحى ورآهُ واسعًا 1177 - (ابن أبي ذئب) -بلفظ الحيوان المعروف- محمد بن عبد الرحمن. روى حديث عائشة: (أنها ما رأت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي سبحة الضحى) أي: صلاة الضحى، قال ابن الأثير: إنما سميت النوافل سبحة؛ لأنها تطوعات كالتسبيحات. وقد سبق الكلام في أنّ عدم رؤيتها لا يستلزم العدم؛ وإنما لم تره يصليها لأنه في وقت الضحى يكون خارج البيت. باب صلاة الضحى في الحضر (قاله عتبان بن مالك) بكسر العين وسكون التاء، بعدها موحدة.

1178 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ الْجُرَيْرِىُّ - هُوَ ابْنُ فَرُّوخَ - عَنْ أَبِى عُثْمَانَ النَّهْدِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ أَوْصَانِى خَلِيلِى بِثَلاَثٍ لاَ أَدَعُهُنَّ حَتَّى أَمُوتَ صَوْمِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَصَلاَةِ الضُّحَى، وَنَوْمٍ عَلَى وِتْرٍ. طرفه 1981 1179 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ الْجَعْدِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ الأَنْصَارِىَّ قَالَ قَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ - وَكَانَ ضَخْمًا - لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِنِّى لاَ أَسْتَطِيعُ الصَّلاَةَ مَعَكَ. فَصَنَعَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - طَعَامًا، فَدَعَاهُ إِلَى بَيْتِهِ، وَنَضَحَ لَهُ طَرَفَ حَصِيرٍ بِمَاءٍ فَصَلَّى عَلَيْهِ رَكْعَتَيْنِ. وَقَالَ فُلاَنُ بْنُ فُلاَنِ بْنِ جَارُودٍ لأَنَسٍ - رضى الله عنه - أَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى الضُّحَى فَقَالَ مَا رَأَيْتُهُ صَلَّى غَيْرَ ذَلِكَ الْيَوْمِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 1178 - (عن أبي هريرة، قال: أوصاني خليلي). فإن قلت: في الحديث "لو كنت متخذًا أحدًا من الناس خليلًا لاتخذت أبا بكر خليلًا"؟ قلت: الممتنع اتخاذه أحدًا من الناس خليلًا؛ لأنه اتخذ اللهَ خليلًا، وهذا لا يمنع أن يتخذه الناس خليلًا. 1179 - (علي بن الجعد) بفتح الجيم وسكون العين. (قال رجل من الأنصار، وكان ضخمًا) -بالضاد والخاء المعجمتين- قال الجوهري: هو الغليظ. هذا هو عتبان المذكور. (فلان بن فلان بن جارود) قيل: هو عبد المجيد بن المنذر، والجارود بالجيم، وسائر مباحثه تقدمت. فإن قلت: ليس في حديث عتبان أنها صلاة الضحى، ولا في حديث أبي هريرة ذكر الحضر؟ قلت: أمّا حديث عتبان فأشار به إلى ما وقع في رواية أحمد، ولم يكن على شرطه،

34 - باب الركعتين قبل الظهر

34 - باب الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ 1180 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ حَفِظْتُ مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - عَشْرَ رَكَعَاتٍ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ فِي بَيْتِهِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ فِي بَيْتِهِ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلاَةِ الصُّبْحِ، وَكَانَتْ سَاعَةً لاَ يُدْخَلُ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِيهَا. طرفه 937 1181 - حَدَّثَتْنِى حَفْصَةُ أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ وَطَلَعَ الْفَجْرُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ. طرفه 618 1182 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ لاَ يَدَعُ أَرْبَعًا قَبْلَ ـــــــــــــــــــــــــــــ وأمّا حديث أبي هريرة وإن كان بظاهره يشمل السفر والحضر؛ إلا أنه لما قدم حديث أم هانئ المخصوص بالسفر وترجم عليه كذلك، ذكر ترجمة تقابلها، واستدل عليه بحديث عتبان الذي هو نص فيه، وأتبعه بحديث أبي هريرة الذي هو ظاهر فيه؛ فإن السفر مظنة التخفيف. باب الركعتين قبل الظهر 1180 - (سليمان بن حرب) -ضد الصلح- روى عن ابن عمر حديث الرواتب عشر ركعات. 1181 - (وكانت ساعة لا يُدخل على النبي - صلى الله عليه وسلم -) على بناء المجهول (كان إذا أذّن المؤذن وطلع الفجر) قيدت طلوع الفجر بعد الأذان؛ لما في الحديث "إنّ بلالًا يؤذن بليل". 1182 - (مسدد) بضم الميم وتشديد الدال المفتوحة (المنتشر) بكسر التاء وشين معجمة.

35 - باب الصلاة قبل المغرب

الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْغَدَاةِ. تَابَعَهُ ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ وَعَمْرٌو عَنْ شُعْبَةَ. 35 - باب الصَّلاَةِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ 1183 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنِ الْحُسَيْنِ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ الْمُزَنِىُّ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «صَلُّوا قَبْلَ صَلاَةِ الْمَغْرِبِ». - قَالَ فِي الثَّالِثَةِ - لِمَنْ شَاءَ كَرَاهِيَةَ أَنْ يَتَّخِذَهَا النَّاسُ سُنَّةً. طرفه 7368 ـــــــــــــــــــــــــــــ (عن عائشة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يدع أربعًا قبل الظهر) ولا تنافي هذه رواية ابن عمر: أنه صلى ركعتين قبل الظهر، لأن قولها: لا يدع، إخبار بحسب ما رأت منه. (تابعه ابن أبي عدي) -بفتح العين وكسر الدال وتشديد الياء- محمد بن إبراهيم (وعمرو) هو أبو عثمان بن مرزوق الباهلي. فإن قلت: حديث ابن عمر صريح في الترجمة، فأي وجه لحديث عائشة؟. قلت: ذكروا أشياء لا وجه لها، والظاهر أنه أشار إلى أن ابن عمر وعائشة اتفقا على الركعتين؛ ولذا كانتا سنة مؤكدة دون الأربع. باب الصلاة قبل المغرب 1183 - (أبو معمر) -بفتح الميمين وسكون العين- عبد الله بن عمرو المنقري (بريدة) بضم الباء مصغر بردة (عبد الله المزني) -بضم الميم وفتح الزاي- نسبة إلى مزينة: قبيلة من قبائل العرب معروفة؛ هو: ابن معفَّل -بتشديد الفاء المفتوحة-. (قال: صلوا قبل المغرب، قال في الثالثة: لمن شاء) كراهية أن يتخذها سنة مؤكدة كسائر الرواتب. والحكم من ذلك أن وقت المغرب فيه ضيق؛ فرأى الأَولى المبادرة إلى الفرض وعليه استمرار الناس في سائر الأقطار والأمصار، واستحب بعض أصحاب الشافعي أداء الركعتين قبل المغرب، لما تقدم في أبواب الصلاة: أن الصحابة كانوا يواظبون عليه، ويبتدرون السواري إذا سمعوا أذان المغرب حتى إذا دخل الرجل الغريب يظن أن المغرب قد صُلي. رواه مسلم، وألحقهما النووي بسائر الرواتب في كونهما سنة غير مؤكدة.

36 - باب صلاة النوافل جماعة

1184 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنِى يَزِيدُ بْنُ أَبِى حَبِيبٍ قَالَ سَمِعْتُ مَرْثَدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْيَزَنِىَّ قَالَ أَتَيْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ الْجُهَنِىَّ فَقُلْتُ أَلاَ أُعْجِبُكَ مِنْ أَبِى تَمِيمٍ يَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلاَةِ الْمَغْرِبِ. فَقَالَ عُقْبَةُ إِنَّا كُنَّا نَفْعَلُهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. قُلْتُ فَمَا يَمْنَعُكَ الآنَ قَالَ الشُّغْلُ. 36 - باب صَلاَةِ النَّوَافِلِ جَمَاعَةً ذَكَرَهُ أَنَسٌ وَعَائِشَةُ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 1185 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبِى عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى ـــــــــــــــــــــــــــــ 1184 - (يزيد بن أبي حبيب) من الزيادة، وفتح الحاء، وكسر الباء (مرثد) بفتح الميم والثاء المثلثة (اليزني) -بالياء المثناة تحت والزاي المعجمة بعدها نون- نسبة إلى يزن ملك من ملوك حمير، قال الجوهري: النسبة إليه يزني، وأزني ويزاني، وأزاني (عقبة بن عامر الجهني) -بضم الجيم وفتح الهاء- نسبة إلى جهينة معروفة. (ألا أعجبك) بضم الهمزة وتشديد الجيم (من أبي تميم) -بفتح التاء- على وزن كريم، هو عبد الله بن مالك الجيشاني -بالجيم- نسبه إلى ناحية باليمن (الشغل) بضم الغين وسكونها لغتان. باب صلاة النوافل جماعة (ذكره أنس وعائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -) حديث أنس تقدم في أبواب الصلاة في باب الصلاة على الحصير، وحديث عائشة في صلاة الكسوف. 1185 - (إسحاق أخبرنا يعقوب) كذا وقع غير منسوب، يجوز أن يكون ابن راهويه، وأن يكون ابن منصور؛ فإن كل واحد منهما يروي عن يعقوب، قال الغساني: نسبه ابن السكن في بعض المواضع ابن راهويه، والأصيلي ابن منصور. قال شيخنا أبو الفضل بن حجر: قوله: أخبرنا دليل على أنه ابن راهويه؛ لأنه لا يعبر إلا بأخبرنا قلت: وغيره أيضًا قد يعبر بأخبرنا.

مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِىُّ أَنَّهُ عَقَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَعَقَلَ مَجَّةً مَجَّهَا فِي وَجْهِهِ مِنْ بِئْرٍ كَانَتْ فِي دَارِهِمْ. طرفه 77 1186 - فَزَعَمَ مَحْمُودٌ أَنَّهُ سَمِعَ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ الأَنْصَارِىَّ - رضى الله عنه - وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ كُنْتُ أُصَلِّى لِقَوْمِى بِبَنِى سَالِمٍ، وَكَانَ يَحُولُ بَيْنِى وَبَيْنَهُمْ وَادٍ إِذَا جَاءَتِ الأَمْطَارُ فَيَشُقُّ عَلَىَّ اجْتِيَازُهُ قِبَلَ مَسْجِدِهِمْ، فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ لَهُ إِنِّى أَنْكَرْتُ بَصَرِى، وَإِنَّ الْوَادِىَ الَّذِى بَيْنِى وَبَيْنَ قَوْمِى يَسِيلُ إِذَا جَاءَتِ الأَمْطَارُ فَيَشُقُّ عَلَىَّ اجْتِيَازُهُ، فَوَدِدْتُ أَنَّكَ تَأْتِى فَتُصَلِّى مِنْ بَيْتِى مَكَانًا أَتَّخِذُهُ مُصَلًّى. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «سَأَفْعَلُ». فَغَدَا عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - بَعْدَ مَا اشْتَدَّ النَّهَارُ فَاسْتَأْذَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَذِنْتُ لَهُ فَلَمْ يَجْلِسْ حَتَّى قَالَ «أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّىَ مِنْ بَيْتِكَ». فَأَشَرْتُ لَهُ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِى أُحِبُّ أَنْ أُصَلِّىَ فِيهِ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَكَبَّرَ وَصَفَفْنَا وَرَاءَهُ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ وَسَلَّمْنَا حِينَ سَلَّمَ، فَحَبَسْتُهُ عَلَى خَزِيرٍ يُصْنَعُ لَهُ فَسَمِعَ أَهْلُ الدَّارِ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي بَيْتِى ـــــــــــــــــــــــــــــ (محمود بن الربيع) ضد الخريف. (عقل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: تصوره، وعرف أنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كان ابن خمس سنين، روى عنه حديث عتبان بن مالك الأنصاري. وقد مرّ في باب المساجد في البيوت وبعده، ومحصّله أنه كان إمام قوم، ثم ضَعُفَ بصره، فشكا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن في الأمطار لا يقدر على الذهاب إلى المسجد، فسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يأتي بيته فيصلي في مكان ليتخذه مسجدًا، ففعل هذا، ونشير إلى بعض الألفاظ: (وعقل مجةً مجها في وجهه) المجّ: إلقاء الماء أو الريق من الفم. 1186 - (أنكرت بصري) لضعف رؤيته، كأنه ليس بصره الأول. (فغدا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر عليّ بعدما اشتدّ النهار) أي: ارتفع، لأنّ بارتفاعه يقوى نوره (فحبسته على خزيرة) قال الجوهري: والخزيرة: بالخاء المعجمة وزاي كذلك: قطع

فَثَابَ رِجَالٌ مِنْهُمْ حَتَّى كَثُرَ الرِّجَالُ فِي الْبَيْتِ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ مَا فَعَلَ مَالِكٌ لاَ أَرَاهُ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ ذَاكَ مُنَافِقٌ لاَ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَقُلْ ذَاكَ أَلاَ تَرَاهُ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. يَبْتَغِى بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ». فَقَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. أَمَّا نَحْنُ فَوَاللَّهِ لاَ نَرَى وُدَّهُ وَلاَ حَدِيثَهُ إِلاَّ إِلَى الْمُنَافِقِينَ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. يَبْتَغِى بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ». قَالَ مَحْمُودٌ فَحَدَّثْتُهَا قَوْمًا فِيهِمْ أَبُو أَيُّوبَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي غَزْوَتِهِ الَّتِى تُوُفِّىَ فِيهَا وَيَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَلَيْهِمْ بِأَرْضِ الرُّومِ، فَأَنْكَرَهَا عَلَىَّ أَبُو أَيُّوبَ ـــــــــــــــــــــــــــــ صغار من اللحم في الماء الكثير، فإذا نضج اللحم ذر عليه الدقيق (فثاب رجال) -بالثاء المثلثة- أي: اجتمع. (ما فعله مالك) هو مالك بن الدُّخْشُم -بضم الدال، وخاء معجمة، وشين كذلك، آخره ميم- ويروى مصغرًا، ويروى بالنون بدل الميم. (فقال رجل منهم: ذلك منافق) قال ابن عبد البر: هذا القائل هو عتبان بن مالك صاحب البيت، قال: ومالك عقبي عند الواقدي، وموسى بن عقبة بدري بالاتفاق، ولم يصح النفاق منه (فإن الله قد حرّم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله) أي: خالصًا من قلبه؛ إما ابتداءً، أو بعد عقاب أراده الله. (قال محمود: فحدثتها) أي: هذه القصة (قومًا فيهم أبو أيوب صاحبُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) هو أبو أيوب الأنصاري (ويزيدُ بن معاوية عليهم بأرض الروم) أي: كان على العسكر في إمارة معاوية، كانوا بالقسطنطينية، وبها استشهد أبو أيوب، والآن له مشهد معروف بها. (فأنكرها عليَّ أبو أيوب) إنما أنكرها لأن محمودًا كان صغير السن، وعتبان بن مالك أنصاري، ومالك بن الدُخشم وأبو أيوب من كبار الأنصار، فاستبعد أن يكون شيء من هذا، أو لم يكن له خبر منه، وكثيرًا ما كانوا يفعلون مثله، مثلها قضية أبي موسى الأشعري مع عمر في الاستئذان وقضية أبي هريرة مع ابن عمر في القيراط في دفن

قَالَ وَاللَّهِ مَا أَظُنُّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ مَا قُلْتَ قَطُّ. فَكَبُرَ ذَلِكَ عَلَىَّ فَجَعَلْتُ لِلَّهِ عَلَىَّ إِنْ سَلَّمَنِى حَتَّى أَقْفُلَ مِنْ غَزْوَتِى أَنْ أَسْأَلَ عَنْهَا عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - إِنْ وَجَدْتُهُ حَيًّا فِي مَسْجِدِ قَوْمِهِ، فَقَفَلْتُ فَأَهْلَلْتُ بِحَجَّةٍ أَوْ بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ سِرْتُ حَتَّى قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَأَتَيْتُ بَنِى سَالِمٍ، فَإِذَا عِتْبَانُ شَيْخٌ أَعْمَى يُصَلِّى لِقَوْمِهِ فَلَمَّا سَلَّمَ مِنَ الصَّلاَةِ سَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَأَخْبَرْتُهُ مَنْ أَنَا، ثُمَّ سَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ الْحَدِيثِ فَحَدَّثَنِيهِ كَمَا حَدَّثَنِيهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ. طرفه 424 ـــــــــــــــــــــــــــــ الميت، يريدون التيقن والجزم فلا دلالة فيه على أن خبر الواحد لا يقبل. وقيل: إنما أنكر عليه؛ لأن قوله: "من قال لا إله إلا الله حرمه الله على النار" يخالف آيات كثيرة، وأحاديث شهيرة. وفيه نظر؛ لأن مثله قد ورد في أحاديث كثيرة؛ منها حديث معاذ، وحديث أبي هريرة. (فجعلت لله) أي: نذرت والتزمت (إن سلمني الله حتى أقفل) أي: أرجع، ومنه القافلة؛ لأنها تذهب لترجع.

37 - باب التطوع فى البيت

37 - باب التَّطَوُّعِ فِي الْبَيْتِ 1187 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ أَيُّوبَ وَعُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اجْعَلُوا فى بُيُوتِكُمْ مِنْ صَلاَتِكُمْ وَلاَ تَتَّخِذُوهَا قُبُورًا». تَابَعَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ أَيُّوبَ. طرفه 432 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب التطوع في البيت 1187 - (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم (وهيب) بضم الهاء مصغر، وكذا (عبيد الله). (اجعلوا في بيوتكم من صلاتكم) "من" تبعيضية؛ أي: شيئًا منها. (ولا تتخذوها قبورًا) أي: كالقبور لا يُصلّى فيها، والمراد النوافل، صرح به في سائر الأحاديث.

20 - كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة

20 - كِتَابُ فَضْلِ الصَّلَاةِ في مَسْجِدِ مَكَّةَ وَالمدِينَةِ 1 - باب فَضْلِ الصَّلاَةِ فِي مَسْجِدِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ 1188 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ عَنْ قَزَعَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ - رضى الله عنه - أَرْبَعًا قَالَ سَمِعْتُ مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَ غَزَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ثِنْتَىْ عَشْرَةَ غَزْوَةً ح. طرفه 586 1189 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلاَّ إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ ـــــــــــــــــــــــــــــ [كِتَابُ فَضْلِ الصَّلَاةِ في مَسْجِدِ مَكَّةَ وَالمدِينَةِ] باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة 1188 - (عن قزعة) بالقاف والزاي المعجمة وثلاث فتحات. (سمعت أبا سعيد) أي: الخدري (أربعًا) لم يذكر من الأربع شيئًا، وقد ذكرها في باب مسجد بيت المقدس "لا تسافر المرأة يومين إلا ومعها محرم، ولا صوم في يوم الفطر والأضحى، ولا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس ولا بعد العصر حتى تغرب، ولا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد". فإن قلت: لم ذكرًا أربعًا مجملًا ولم يفصل وفصّل هناك؟ قلت: شيخه هنا حفص بن عمر، وهناك أبو الوليد، فحدث على قدر ما سمع من شيخه، فلعل شيخه لم يسمع إلا مجملًا، أو نسي، وهذا أولى مما يقال: رواه مختصرًا لأن البخاري يجوز اختصار الحديث. 1189 - (لا تشدّ الرحال لا إلى ثلاثة مساجد) أي: إلى مسجد من المساجد؛ معناه:

الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَسْجِدِ الأَقْصَى». 1190 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ رَبَاحٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى عَبْدِ اللَّهِ الأَغَرِّ عَنْ أَبِى عَبْدِ اللَّهِ الأَغَرِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «صَلاَةٌ فِي مَسْجِدِى هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلاَةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلاَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ». ـــــــــــــــــــــــــــــ إن نذر أن يصلي في مسجد بني أمية له أن يصلي في غيره؛ إلا هذه الثلاث، فإنها تتعين، فلا يدل على عدم جواز السفر إلى زيارة الصالحين؛ لا سيما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا على عدم السفر للتجارة؛ لأن شرط المستثنى أن يكون من جنس المستثنى منه. 1190 - (زيد بن رباح) بفتح الراء وباء موحدة (الأغرّ) بالغين المعجمة وتشديد الرّاء. (صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلاّ المسجد الحرام) وزاد في الموطأ وغيره: "لأني آخر الأنبياء، ومسجدي آخر المساجد" أي؛ آخر مساجد الأنبياء. وروى عمر بن الخطاب: "صلاة في المسجد الحرام خير من مائة صلاة فيما سواه". ويدخل فيما سواه مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فيلزم منه أن تكون صلاة في المسجد الحرام خيرًا من مائة في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومن ألف صلاة في غيره. وفي سنن ابن ماجه "صلاة في مسجدي أفضل من ألف صلاة فيما سواه، إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام [أفضل] من ألف صلاة فيما سواه". ومثله عن أحمد وابن حبان. وتنكير الصلاة يشمل الفرض والنفل، ولفظ المسجد الحرام ظاهر في نفس المسجد، وقال النووي: يعم الحرم كله.

2 - باب مسجد قباء

2 - باب مَسْجِدِ قُبَاءٍ 1191 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ - هُوَ الدَّوْرَقِىُّ - حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - كَانَ لاَ يُصَلِّى مِنَ الضُّحَى إِلاَّ فِي يَوْمَيْنِ يَوْمَ يَقْدَمُ بِمَكَّةَ، فَإِنَّهُ كَانَ يَقْدَمُهَا ضُحًى، فَيَطُوفُ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ يُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ خَلْفَ الْمَقَامِ، وَيَوْمَ يَأْتِى مَسْجِدَ قُبَاءٍ، فَإِنَّهُ كَانَ يَأْتِيهِ كُلَّ سَبْتٍ، فَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ كَرِهَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ حَتَّى يُصَلِّىَ فِيهِ. قَالَ وَكَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَزُورُهُ رَاكِبًا وَمَاشِيًا. أطرافه 1193، 1194، 7326 1192 - قَالَ وَكَانَ يَقُولُ إِنَّمَا أَصْنَعُ كَمَا رَأَيْتُ أَصْحَابِى يَصْنَعُونَ، وَلاَ أَمْنَعُ أَحَدًا أَنْ يُصَلِّىَ فِي أَىِّ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ، غَيْرَ أَنْ لاَ تَتَحَرَّوْا طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلاَ غُرُوبَهَا. طرفه 582 ـــــــــــــــــــــــــــــ وقد ذكر أبو بكر النقاش في تفسيره: أن صلاةً واحدة في المسجد الحرام توفي صلوات عمره خمسًا وخمسين سنة وستة أشهر، وعشرين ليلة، وهذا باعتبار الأجر؛ وإلا من فاتته صلاة في بيته أو صلوات لا بدّ من قضائها على قدر ما فات في أي مكان صلاّها. باب مسجد قباء -بضم القاف يمد ويقصر- ويصرف ولا يصرف باعتبار البقعة والمكان؛ وهي: قرية من العوالي، بينها وبين المدينة مسافة فرسخ، ومسجدها أول مسجد أسس على التقوى، وأول من وضع الحجر فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم أبو بكر، ثم عمر. 1191 - (ابن عُلية) -بضم العين وتشديد الياء- أم إسماعيل. (أن ابن عمر كان لا يصلي الضحى إلا في يومين) فإن قلت: تقدم في باب صلاة الضحى في السفر أن ابن عمر ما كان يصلي الضحى؟ قلت: هاتان الصلاتان في الحقيقة ليستا للضحى، أما مسجد قباء فكانت تحية المسجد، وأما بعد الطوات فهما ركعتا الطواف. (كان يأتيه كل سبت) لما روي بعد: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يأتيه كل سبت راكبًا

3 - باب من أتى مسجد قباء كل سبت

3 - باب مَنْ أَتَى مَسْجِدَ قُبَاءٍ كُلَّ سَبْتٍ 1193 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَأْتِى مَسْجِدَ قُبَاءٍ كُلَّ سَبْتٍ مَاشِيًا وَرَاكِبًا. وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ - رضى الله عنهما - يَفْعَلُهُ. طرفه 1191 4 - باب إِتْيَانِ مَسْجِدِ قُبَاءٍ مَاشِيًا وَرَاكِبًا 1194 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَأْتِى قُبَاءً رَاكِبًا وَمَاشِيًا. زَادَ ابْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ فَيُصَلِّى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ. طرفه 1191 5 - باب فَضْلِ مَا بَيْنَ الْقَبْرِ وَالْمِنْبَرِ 1195 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الْمَازِنِىِّ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ وماشيًا، ولعل اختياره ليكون هديه مخالفًا لهدي اليهود، فإنهم لا يتحركون في السبت، ولا يركبون، ويجوز أن يكون غرضه اتصاله بالجمعة؛ فإنه عبادة فوق عبادة، وإحياء للمسجدين اللذين أسسا على التقوى. وما يقال: إنما خصّ السبت ليتفقد حال من تخلف عن الجمعة من الأنصار، فمما لا يعول عليه، على أنه يدفعه لفظ: يزوره ولفظ: كل سبت. باب إتيان مسجد قباء ماشيا وراكبًا 1194 - (وزاد ابن النمير) -بضم النون- مصغر نمر الحيوان المعروف. وفي الأحاديث دلالة على استحباب زيارة الأماكن الشريفة، وتخصيص بعض الأيّام بذلك، والأَولى يوم السبت اقتداءً بسيّد الخلق عليه صلوات الله وسلامه كل صباح ومساء. باب فضل ما بين القبر والمنبر 1195 - (عَبّاد) بفتح العين وتشديد الباء (المازني) -بالزاي المعجمة- قبيلة، قال الجوهري: المازن ثلاث؛ مازن تميم، ومازن بني صعصعة، ومازن بني شيبان.

«مَا بَيْنَ بَيْتِى وَمِنْبَرِى رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ». 1196 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا بَيْنَ بَيْتِى وَمِنْبَرِى رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، وَمِنْبَرِى عَلَى حَوْضِى». أطرافه 1888، 6588، 7335 ـــــــــــــــــــــــــــــ 1196 - (ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة) ترجم على القبر، وأورد الحديث بلفظ "البيت" إشارة إلى الاتحاد معنى. قال القرطبي: رواية البيت رواية صحيحة، ورواية القبر رواية بالمعنى. قلت: لا يلزم ذلك؛ لأنه علم أنّ هناك قبره؛ كما قال للأنصار: "فيكم أحيا، وفيكم الممات". الروضة: المكان الذي فيه الأنهار والأشجار، من الروض، وهو الاتِّساع، والحوض لغة: الاجتماع، غلب على المكان الذي يجتمع فيه الماء، والكلام محمول على الحقيقة عند المحققين، فإن الجنة مخلوقة، وسيأتي في البخاري: "إني أنظر إلى حوضي الآن" ومعناه: أن لو أزيل حاجز الأرض كان منبره على جنب حوضه؛ كما دل عليه قوله: "إني لأنظر إلى حوضي" أو يجعل ذلك التراب الذي بين بيته ومنبره روضته. وذهب بعض العلماء إلى أن الكلام مجاز؛ والمعنى: أن العبادة في ذلك المكان موصلة إلى رياض الجنة. ومنبره هذا الذي كان يخطب عليه ينصب له يوم القيامة على جانب الحوض، ويجلس عليه حتى ترد عليه أُمته، غايته أن الله يزيد في ذلك المنبر ما يليق بجلالة قدر صاحب المنبر - صلى الله عليه وسلم -. (خُبيب) بضم المعجمة مصغر.

6 - باب مسجد بيت المقدس

6 - باب مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ 1197 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ سَمِعْتُ قَزَعَةَ مَوْلَى زِيَادٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ - رضى الله عنه - يُحَدِّثُ بِأَرْبَعٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَعْجَبْنَنِى وَآنَقْنَنِى قَالَ «لاَ تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ يَوْمَيْنِ إِلاَّ مَعَهَا زَوْجُهَا أَوْ ذُو مَحْرَمٍ. وَلاَ صَوْمَ فِي يَوْمَيْنِ الْفِطْرِ وَالأَضْحَى، وَلاَ صَلاَةَ بَعْدَ صَلاَتَيْنِ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ، وَلاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلاَّ إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ مَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الأَقْصَى وَمَسْجِدِى». طرفه 586 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب مسجد بيت المقدس إضافة المسجد إلى بيت من إضافة العام إلى الخاص. قال ابن الأثير: القدس: الطهارة، وسمي ذلك المسجد بيت المقدس لأنّه الموضع الذي يتقدس فيه من الذنوب، ويقال له: البيت المقدّس -بضم الميم وتشديد الدال المفتوحة- وبيت القدس أيضًا -بضم الدال وسكونها-. 1197 - (قزعة) بفتح القاف والزّاي المعجمة (مولى زياد) بالزاي والياء. (سمعت أبا سعيد الخدري) بضم الخاء المعجمة ودال مهملة (يحدث بأربع) أي: أربع خصال (فَأَعْجَبْنَنِي وَآنَقْنَني) قال الجوهري: آنق: أعجب، وكذا قاله ابن الأثير، وعلى هذا فيه تكرار، والصواب: أن آنق أخص لأنه مشتق من الأنق -بفتح الهمزة والنون- وهو: الفرح والسرور (مسجد الحرام ومسجد الأقصى): كلاهما من إضافة الموصوف إلى الصفة، ويروى: "المسجد الحرام والمسجد الأقصى". قال صاحب "الكشاف": سمي الأقصى لأنه لم يكن وراءه مسجد، وقيل: لأنه أبعد من مسجد المدينة، وفيه نظر؛ لأنه حين نزول الآية لم يكن بالمدينة مسجد.

21 - كتاب العمل في الصلاة

21 - كِتَابُ العَمَلِ فِي الصَّلَاةِ 1 - باب اسْتِعَانَةِ الْيَدِ فِي الصَّلاَةِ إِذَا كَانَ مِنْ أَمْرِ الصَّلاَةِ. (521) وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - يَسْتَعِينُ الرَّجُلُ فِي صَلاَتِهِ مِنْ جَسَدِهِ بِمَا شَاءَ. وَوَضَعَ أَبُو إِسْحَاقَ قَلَنْسُوَتَهُ فِي الصَّلاَةِ وَرَفَعَهَا. وَوَضَعَ عَلِىٌّ - رضى الله عنه - كَفَّهُ عَلَى رُصْغِهِ الأَيْسَرِ، إِلاَّ أَنْ يَحُكَّ جِلْدًا أَوْ يُصْلِحَ ثَوْبًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ [كِتَابُ العَمَلِ فِي الصَّلَاةِ] باب استعانة اليد في الصلاة إذا كان من أمر الصلاة (وقال ابن عباس: يستعين الرجل في صلاته من جسده بما شاء، ووضع أبو إسحاق قلنسوته في الصلاة ورفعها، ووضع عليّ كفه على رُصْغه الأيسر) -بالصاد- وفي بعضها -بالسين- مفصل الساعد والكف. استدل بهذه الآثار على عدم بطلان الصلاة. ثم قال البخاري: (إلا أن يحك جلدًا أو يصلح ثوبا) أراد أنه يكره في ذلك كله إلا أن يكون لحاجة، واستدل على ذلك بحديث ابن عباس حين نام في بيت ميمونة ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - عندها، فلما قام ابن عباس فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأذنه يفتلها؛ ليذهب عنه النوم، وإذا جاز ذلك لحاجة الغير فلحاجة المصلي أولى؛ كذا قاله أكثر الشراح. وقال شيخنا أبو الفضل بن حجر: هو من تتمة علي رواه عن جرير الضبي أن عليًّا كان إذا وضع كفه اليمنى على رسغه الأيسر فلا يزال كذلك حتى يركع؛ إلا أن يصلح ثوبه، أو يحك جلده. قلت: فعلى هذا نقل البخاري كلامه بالمعنى مع الاختصار.

2 - باب ما ينهى عنه من الكلام فى الصلاة

1198 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ بَاتَ عِنْدَ مَيْمُونَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ - رضى الله عنها - وَهْىَ خَالَتُهُ - قَالَ فَاضْطَجَعْتُ عَلَى عَرْضِ الْوِسَادَةِ، وَاضْطَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَهْلُهُ فِي طُولِهَا، فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى انْتَصَفَ اللَّيْلُ أَوْ قَبْلَهُ بِقَلِيلٍ أَوْ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَجَلَسَ، فَمَسَحَ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَرَأَ الْعَشْرَ آيَاتٍ خَوَاتِيمَ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ، ثُمَّ قَامَ إِلَى شَنٍّ مُعَلَّقَةٍ فَتَوَضَّأَ مِنْهَا، فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّى. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - فَقُمْتُ فَصَنَعْتُ مِثْلَ مَا صَنَعَ، ثُمَّ ذَهَبْتُ فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى رَأْسِى، وَأَخَذَ بِأُذُنِى الْيُمْنَى يَفْتِلُهَا بِيَدِهِ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَوْتَرَ، ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى جَاءَهُ الْمُؤَذِّنُ، فَقَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الصُّبْحَ. طرفه 117 2 - باب مَا يُنْهَى عَنْهُ مِنَ الْكَلاَمِ فِي الصَّلاَةِ 1199 - حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ 1198 - (مخرمة) بفتح الميم وخاء معجمة (كريب) بضم الكاف مصغر. (فاضطجعت في عرض الوسادة) العرض: أقصر الامتدادين، والوسادة: قال الجوهري: المخدّة، وحملها على الفراش لا ضرورة تدعو إليه (إلى شن معلقة) القربة العتيقة (وأخذ بأذني يفتلها) هذا موضع الدلالة، وتمام الكلام مرّ في باب قراءة القرآن بعد الحدث. باب ما ينهى من الكلام في الصلاة 1199 - (ابن نمير) -بضم النون- مصغر، هو محمد بن عبد الله بن نمير نسْبةً إلى جده، والذي تقدم في باب الإتيان إلى مسجد قباء، هو عبد الله بن نمير أبو هشام

إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ فِي الصَّلاَةِ فَيَرُدُّ عَلَيْنَا، فَلَمَّا رَجَعْنَا مِنْ عِنْدِ النَّجَاشِىِّ سَلَّمْنَا عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْنَا وَقَالَ «إِنَّ فِي الصَّلاَةِ شُغْلاً». طرفاه 1216، 3875 حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا هُرَيْمُ بْنُ سُفْيَانَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - نَحْوَهُ. 1200 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عِيسَى - هُوَ ابْنُ يُونُسَ - عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ شُبَيْلٍ عَنْ أَبِى عَمْرٍو الشَّيْبَانِىِّ قَالَ قَالَ لِى زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ إِنْ كُنَّا لَنَتَكَلَّمُ فِي الصَّلاَةِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، يُكَلِّمُ أَحَدُنَا صَاحِبَهُ بِحَاجَتِهِ حَتَّى نَزَلَتْ (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ) الآيَةَ، فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ. طرفه 4534 ـــــــــــــــــــــــــــــ الهمداني، من شيوخ شيوخ البخاري والأول شيخ البخاري أبو عبد الرحمن الكوفي (ابن الفضيل) -بضم الفاء- مصغر، اسمه محمد (عن عبد الله) هو ابن مسعود. (كنا نسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في الصلاة) هذا كان خاصًّا برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، دلّ عليه الحديث بعده: كنا نتكلم في الصلاة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (فلما رجعنا من عند النجاشي، سلمنا عليه، فلم يرد علينا، وقال: إن في الصلاة شغلًا) أي: بالله وبمناجاته، فلا يصلح كلام البشر. (هريم) بضم الهاء مصغر، وكذا (شبيل) بضم المعجمة والموحدة. 1200 - (قال لي زيد بن أرقم: إنْ كنا نتكلم في الصلاة) إن: هي المخففة، واللام الفارقة. فإن قلت: الآية التي ذكرها زيد بن أرقم {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] مدنية من أواخر القران نزولًا في سورة البقرة، ورجوع ابن مسعود من عند النجاشي كان بمكة حين سجد المشركون مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سورة النجم؟ قلت: أجابوا عنه بوجهين:

3 - باب ما يجوز من التسبيح والحمد فى الصلاة للرجال

3 - باب مَا يَجُوزُ مِنَ التَّسْبِيحِ وَالْحَمْدِ فِي الصَّلاَةِ لِلرِّجَالِ 1201 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلٍ - رضى الله عنه - قَالَ خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصْلِحُ بَيْنَ بَنِى عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وَحَانَتِ الصَّلاَةُ، فَجَاءَ بِلاَلٌ أَبَا بَكْرٍ - رضى الله عنهما - فَقَالَ حُبِسَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَتَؤُمُّ النَّاسَ قَالَ نَعَمْ إِنْ شِئْتُمْ. فَأَقَامَ بِلاَلٌ الصَّلاَةَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الأول: أن ابن مسعود له هجرتان: الأولى إلى النجاشي، والثانية إلى المدينة، جاء ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتجهز لغزاة بدر، فقوله: رجعنا من عند النجاشي محمول على هجرته إلى المدينة. والثاني: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى في المنام دار الهجرة، فسافر إلى المدينة من الصحابةِ خلقٌ كثير؛ فمن الجائز أنه لما حرم الكلام بمكة فأخبر بذلك من كان بالمدينة. وكلا الجوابين ليسا بشيء؛ أمّا الأول: فلأن قول ابن مسعود: فلما رجعنا من عند النجاشي، صريح في أن ذلك كان بمكة؛ لأن الهجرة من مكة إلى المدينة هجرة أخرى لا تعلق لها بالرجوع من عند النجاشي، وقد صرح ابن إسحاق بأن ابن مسعود إنما هاجر إلى المدينة من مكة بعد رجوعه من عند النجاشي. وأمّا الثاني: فلأن قول زيد بن أرقم: كنا نتكلم إلى نزول الآية، صريح في أنّ ذلك كان ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة؛ لا سيما ورواية الترمذي: كنا نتكلم خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فالصواب حمل كلام ابن مسعود على السلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاصة، وإنما علّل بأن اشتغاله بالعبادة منعه على الرد لم يأمرهم بالسكوت، ولو كان الحكم عامًّا لنهاهم كما فعل في نظائره. باب [ما] يجوز من التسبيح والحمد في الصّلاة (عبد الله بن مسلمة) بفتح الميم واللام (عن عبد العزيز بن أبي حازم) بالحاء المهملة. 1201 - (خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلح بين بني عمرو بن عوف) هم أهل قباء (وحانت الصلاة) أي: جاء حين أدائها (فجاء بلالٌ أبا بكر فقال: حبس النبي - صلى الله عليه وسلم -) بضم الحاء على

4 - باب من سمى قوما أو سلم فى الصلاة على غيره مواجهة وهو لا يعلم

فَتَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - فَصَلَّى، فَجَاءَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَمْشِى فِي الصُّفُوفِ يَشُقُّهَا شَقًّا حَتَّى قَامَ فِي الصَّفِّ الأَوَّلِ، فَأَخَذَ النَّاسُ بِالتَّصْفِيحِ. قَالَ سَهْلٌ هَلْ تَدْرُونَ مَا التَّصْفِيحُ هُوَ التَّصْفِيقُ. وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - لاَ يَلْتَفِتُ فِي صَلاَتِهِ، فَلَمَّا أَكْثَرُوا الْتَفَتَ فَإِذَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي الصَّفِّ، فَأَشَارَ إِلَيْهِ مَكَانَكَ. فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ يَدَيْهِ، فَحَمِدَ اللَّهَ، ثُمَّ رَجَعَ الْقَهْقَرَى وَرَاءَهُ وَتَقَدَّمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَصَلَّى. طرفه 684 4 - باب مَنْ سَمَّى قَوْمًا أَوْ سَلَّمَ فِي الصَّلاَةِ عَلَى غَيْرِهِ مُوَاجَهَةً وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ 1202 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الصَّمَدِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا نَقُولُ التَّحِيَّةُ فِي الصَّلاَةِ وَنُسَمِّى، وَيُسَلِّمُ بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ بناء المجهول (فَتَؤُمُ الناس): بتقدير الاستفهام؛ ولذلك قال: (نعم) في جوابه (فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - يمشي في الصفوف يشقها شقًّا) أي: يمشي على الاستقامة لئلا يمر بين يدي المصلي؛ وإنما تخطى الناس لأنّ ذلك الموضع كان خاليًا. (قال سهل: هل تدون ما التصفيح؟ هو التصفيق) والتصفيق: هو ضرب صفحة إحدى اليدين على ظهر الكف الأخرى (رجع القهقرى) -بفتح القافين وسكون الهاء- على العقبين. فإن قلت: ليس في الحديث ذكر التسبيح كما ترجم عليه؟ قلت: هذا على دأبه [من] الاستدلال بالخفي، وقد تقدم في باب من دخل لِيَؤمَّ فجاء الإمام الأول: أنه لما صلى فقال: "ما بالكم أكثرتم التصفيح، التصفيح للنساء، من نابه شيء في الصلاة فليسبحّ" ورواه في الباب الذي بعده أيضًا عن سهل وعن أبي هريرة. باب من سمى قومًا أو سلم في الصلاة على غير مواجهة وهو لا يعلم 1202 - (حصين) بضم الحاء مصغر (عن أبي وائل) شقيق بن سلمة (عن عبد الله) هو ابن مسعود. روى في الباب حديث عبد الله (أنهم كانوا يقولون التحية في الصلاة) أي: كانوا

5 - باب التصفيق للنساء

فَسَمِعَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «قُولُوا التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِىُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلاَمُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَإِنَّكُمْ إِذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ فَقَدْ سَلَّمْتُمْ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ لِلَّهِ صَالِحٍ فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ». طرفه 831 5 - باب التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ 1203 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «التَّسْبِيحُ لِلرِّجَالِ وَالتَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ». 1204 - حَدَّثَنَا يَحْيَى أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «التَّسْبِيحُ لِلرِّجَالِ وَالتَّصْفِيحُ لِلنِّسَاءِ». طرفه 684 ـــــــــــــــــــــــــــــ يقولون: السلام على الله، السلام على جبريل، السلام على ميكائيل، كما سلف في باب التشهد مع سائر مباحثه. وقوله: (كنا نقول التحية) الرواية الرفع على الحكاية، ويجوز فيه النصب على أن معنى نقول نتلفظ، أو التحية عبارة عن قولهم: السلام على فلان، فهي في الحقيقة جملة. وهذا التشهد المروي عن ابن مسعود أخذ به أبو حنيفة وأحمد، وهو أصح طريق في التشهد، وأخذ الشافعي بما رواه ابن عباس، ومالكٌ بما رواه عمر بن الخطاب؛ رواه عن عمر في الموطأ، ثم كل الأئمة قائلون بجواز الكل، وإنما الكلام في الأفضلية. باب التصفيق للنساء 1203 - 1204 - (سفيان) أولًا هو: ابن عيينة، وثانيًا: هو الثوري و (يحيى) هو: ابن جعفر. (التسبيح للرجال) يدل على عدم جوازه للنساء؛ لدلالة اللام على الاختصاص. وقوله: (التصفيق للنساء) تصريح بما علم ضمنًا، قال مالك وطائفة: معناه أن التصفيق

6 - باب من رجع القهقرى فى صلاته، أو تقدم بأمر ينزل به

6 - باب مَنْ رَجَعَ الْقَهْقَرَى فِي صَلاَتِهِ، أَوْ تَقَدَّمَ بِأَمْرٍ يَنْزِلُ بِهِ رَوَاهُ سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 1205 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ يُونُسُ قَالَ الزُّهْرِىُّ أَخْبَرَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ بَيْنَا هُمْ فِي الْفَجْرِ يَوْمَ الاِثْنَيْنِ، وَأَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - يُصَلِّى بِهِمْ فَفَجَأَهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ كَشَفَ سِتْرَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ، وَهُمْ صُفُوفٌ، فَتَبَسَّمَ يَضْحَكُ، فَنَكَصَ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - عَلَى عَقِبَيْهِ، وَظَنَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُرِيدُ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الصَّلاَةِ، وَهَمَّ الْمُسْلِمُونَ أَنْ يَفْتَتِنُوا فِي صَلاَتِهِمْ فَرَحًا بِالنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ رَأَوْهُ، فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَنْ أَتِمُّوا، ثُمَّ دَخَلَ الْحُجْرَةَ وَأَرْخَى السِّتْرَ، وَتُوُفِّىَ ذَلِكَ الْيَوْمَ. طرفه 680 ـــــــــــــــــــــــــــــ شأن النساء خارج الصلاة. ويرد عليهم ما ورد في رواية أبي حازم: "التسبيح للرجال والتصفيق للنساء". باب من رجع القهقرى في الصلاة، أو تقدم لأمر نزل به (رواه سهل بن سعد) تقدم مسندًا قريبًا في باب ما يجوز من التسبيح. 1205 - (بشر) بالباء الموحدة وشين معجمة. (أنَّ المسلمين بينا هم في الفجر) أي: في صلاة الفجر (يؤمهم أبو بكر، فَجَأهُم النبي - صلى الله عليه وسلم -) قال ابن الأثير: يقال: فَجَأَهُ الأمر، وفَجِئهُ -بالفتح والكسر- أي: جاءه بغتة، والمصدر: فُجاءة -بضم الفاء والمد- (قد كشف ستر حجرة عائشة) أي: الذي كان على الباب (فتبسم يضحك). فإن قلت: يضحك، حال عن فاعل: تبسّم، والحال قيد العامل، والتبسم متقدم الضحك؟ قلت: ضحك عبارة عن التبسم، وقد جاء في الحديث أنه ضحك الأنبياء كلهم. (نكص أبو بكر) أي: رجع القهقري، كما ذكره في الترجمة (وهمّ المسلمون أن يفتتنوا) أي: هموا أن يقطعوا الصلاة من شدة فرحهم برؤية رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

7 - باب إذا دعت الأم ولدها فى الصلاة

7 - باب إِذَا دَعَتِ الأُمُّ وَلَدَهَا فِي الصَّلاَةِ 1206 - وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى جَعْفَرٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ قَالَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «نَادَتِ امْرَأَةٌ ابْنَهَا، وَهْوَ فِي صَوْمَعَةٍ قَالَتْ يَا جُرَيْجُ. قَالَ اللَّهُمَّ أُمِّى وَصَلاَتِى. قَالَتْ يَا جُرَيْجُ. قَالَ اللَّهُمَّ أُمِّى وَصَلاَتِى. قَالَتْ يَا جُرَيْجُ. قَالَ اللَّهُمَّ أُمِّى وَصَلاَتِى. قَالَتِ اللَّهُمَّ لاَ يَمُوتُ جُرَيْجٌ حَتَّى يَنْظُرَ فِي وَجْهِ الْمَيَامِيسِ. وَكَانَتْ تَأْوِى إِلَى صَوْمَعَتِهِ رَاعِيَةٌ تَرْعَى الْغَنَمَ فَوَلَدَتْ فَقِيلَ لَهَا مِمَّنْ هَذَا الْوَلَدُ قَالَتْ مِنْ جُرَيْجٍ نَزَلَ مِنْ صَوْمَعَتِهِ. قَالَ جُرَيْجٌ أَيْنَ هَذِهِ الَّتِى تَزْعُمُ أَنَّ وَلَدَهَا لِى ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: لم تبسم حين رآهم يصلون وهم صفوف؟ قلت: فرحًا بما استقرت عليه أمته من إقامة الصلاة التي هي عماد الدين. باب إذا دعت الأم ولدها في الصلاة أي: فهو في الصلاة، الجار والمجرور حال من المفعول. 1206 - (وقال الليث) هذا تعليق لأن الليث ليس من مشايخه، وما رواه عنه تعليقًا أسنده في باب المظالم. (هرمز) -بضم الهاء- غير منصرف؛ لأنه علم عجمي. (نادت امرأة ابنها وهو في صومعة) قال الجوهري: الصمعة لغة: الدقة، ومنه صومعة النصارى، على وزن فوعلة؛ لأنها دقيقة الرأس (قالت: يا جريج) بضم الجيم: مصغر (قال: اللهم أُمّي وصلاتي) الظاهر أنه قاله في نفسه، أو كان التكلُّم جائزًا عنده في الصلاة، يؤيده ما رواه الدمياطي عن الليث مرفوعًا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لو كان جريج فقيهًا لَعَلِم أن الإجابة كانت أولى" ومعنى قوله: أمي وصلاتي، أنهما تعارضا وترجح عنده المحافظة على الصلاة. (اللهم لا يموت جريج حتى ينظر في وجوه المياميس) من جمع مومسة على غير قياس، اشتقاق من الومس؛ وهو: الفجور.

8 - باب مسح الحصى فى الصلاة

قَالَ يَا بَابُوسُ مَنْ أَبُوكَ قَالَ رَاعِى الْغَنَمِ». أطرافه 2482، 3436، 3466 8 - باب مَسْحِ الْحَصَى فِي الصَّلاَةِ 1207 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنِى مُعَيْقِيبٌ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ فِي الرَّجُلِ يُسَوِّى التُّرَابَ حَيْثُ يَسْجُدُ قَالَ «إِنْ كُنْتَ فَاعِلاً فَوَاحِدَةً». ـــــــــــــــــــــــــــــ (قال: يا بابوس من أبوك؟ قال: راعي الغنم) -بفتح الباء الأولى وضم الثانية- لفظ عجمي معناه يا طفل. وفي الحديث دلالة على كرامات الأولياء، وفضيلة برّ الوالدين، وأن عقوقهما جالب الآفات. باب من مسّ الحصى في الصّلاة 1207 - (أبو نعيم) بضم النون مصغر (شيبان) فعلان من الشيب (معيقيب) -بضم الميم بعده ياء ساكنة بعدها قاف آخره باء موحدة- أسلم قديمًا بمكة، واتفقوا على أنه كان به الجذام، وكان على بيت المال في خلافة عمر، وكان عمر يُؤاكله. (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لرجل يسوي التراب حيث يسجد: إن كنت فاعلًا فواحدة). فإن قلت: ترجم على الحصى، والحديث جاء في التراب؟ قلت: يدل على الحصى بالفحوى، وأيضًا قلّما يخلو التراب عن الحصى، والأليق أنه أشار إلى ما في أبي داود من لفظ الحصى. فإن قلت: الفقهاء على جواز فوق الواحدة، وذاك مخالف لهذا؟ قلت: لم يمنع الزيادة في الحديث؛ بل أشار إلى أن الصلاة لا يصلح فيها الأفعال التي ليست منها إلا للضرورة، وتسوية التراب تمكن بفعلة واحدة، وقد نقل النووي الإجماع على كراهته.

9 - باب بسط الثوب فى الصلاة للسجود

9 - باب بَسْطِ الثَّوْبِ فِي الصَّلاَةِ لِلسُّجُودِ 1208 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا بِشْرٌ حَدَّثَنَا غَالِبٌ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا نُصَلِّى مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي شِدَّةِ الْحَرِّ، فَإِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدُنَا أَنْ يُمَكِّنَ وَجْهَهُ مِنَ الأَرْضِ بَسَطَ ثَوْبَهُ فَسَجَدَ عَلَيْهِ. طرفه 385 10 - باب مَا يَجُوزُ مِنَ الْعَمَلِ فِي الصَّلاَةِ 1209 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى النَّضْرِ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كُنْتُ أَمُدُّ رِجْلِى فِي قِبْلَةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يُصَلِّى، فَإِذَا سَجَدَ غَمَزَنِى فَرَفَعْتُهَا، فَإِذَا قَامَ مَدَدْتُهَا. طرفه 382 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب بسط الثوب في الصلاة للسجود الجار والمجرور حال عن الفاعل؛ أي: حال كون الباسط في الصلاة. 1208 - (مسدد) بضم الميم وتشديد الدال المفتوحة (بشر) بالموحدة بعدها شين معجمة. روى في الباب حديث أنس: (كانوا يصلّون مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شدّة الحر، فإذا أراد المصلي السجود بسط الثوب الذي عليه موضع سجوده ليتمكن من السجود) والحديث مع شرحه مستوفى تقدم في باب السجود على الثوب في شدة الحر. باب ما يجوز من العمل في الصلاة 1209 - (مسلمة) بفتح السين واللام: (عن أبي النضر) بالضاد المعجمة. روى في الباب حديث عائشة (أنها قالت: كنت أمد رجلي في قبلة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي، فإذا سجد غمزني) وهذا موضع الدلالة، لأنه فعل من الأفعال، والغمز: العصر، وتمام الكلام تقدم في باب الصلاة على الفراش.

11 - باب إذا انفلتت الدابة فى الصلاة

1210 - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ صَلَّى صَلاَةً قَالَ «إِنَّ الشَّيْطَانَ عَرَضَ لِى، فَشَدَّ عَلَىَّ لِيَقْطَعَ الصَّلاَةَ عَلَىَّ، فَأَمْكَنَنِى اللَّهُ مِنْهُ، فَذَعَتُّهُ، وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أُوثِقَهُ إِلَى سَارِيَةٍ حَتَّى تُصْبِحُوا فَتَنْظُرُوا إِلَيْهِ فَذَكَرْتُ قَوْلَ سُلَيْمَانَ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - رَبِّ هَبْ لِى مُلْكًا لاَ يَنْبَغِى لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِى. فَرَدَّهُ اللَّهُ خَاسِيًا». ثُمَّ قَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ فَذَعَتُّهُ بِالذَّالِ أَىْ خَنَقْتُهُ وَفَدَعَّتُّهُ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ (يَوْمَ يُدَعُّونَ) أَىْ يُدْفَعُونَ وَالصَّوَابُ، فَدَعَتُّهُ إِلاَّ أَنَّهُ كَذَا قَالَ بِتَشْدِيدِ الْعَيْنِ وَالتَّاءِ. طرفه 461 11 - باب إِذَا انْفَلَتَتِ الدَّابَّةُ فِي الصَّلاَةِ وَقَالَ قَتَادَةُ إِنْ أُخِذَ ثَوْبُهُ يَتْبَعُ السَّارِقَ وَيَدَعُ الصَّلاَةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 1210 - (شبابة) بفتح الشين المعجمة بعدها موحدتان (زياد) بكسر الزاي بعدها ياء مثناة. (إن الشيطان عرض لي) أي: ظهر (فاشتد علي) أي: حمل عليّ (فَذَعَتُّهُ) -بالذال المعجمة- قال ابن الأثير: هو من الذَّعْتَ؛ وهو: الدفع؛ أي: خفته، ويروى بتشديد الدّال المهملة، من الدع؛ وهو: الدفع أيضًا. ({وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} [ص: 35]) وتسخير الجن من ذلك الملك وقد سلف شرح الحديث في باب ربط الأسير في المسجد، لفظه هنا (إنّ الشيطان) ولفظه هناك: "عفريت من الجن" فدلّ على أنه ليس إبليس بالجان. باب إذا انفلتت الدّابة في الصلاة الانفلات: الذهاب من غير اختيار، من الفلتة؛ وهي وقوع الأمر فجأة. (وقال قتادة: إن أُخذ ثوبه يتبع السارق ويدع الصلاة) يجوز في يتبع الجزم والرفع بناءً على أن الشرط إذا كان ماضيًا يجوز في الجزاء الأمران.

1211 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا الأَزْرَقُ بْنُ قَيْسٍ قَالَ كُنَّا بِالأَهْوَازِ نُقَاتِلُ الْحَرُورِيَّةَ، فَبَيْنَا أَنَا عَلَى جُرُفِ نَهَرٍ إِذَا رَجُلٌ يُصَلِّى، وَإِذَا لِجَامُ دَابَّتِهِ بِيَدِهِ فَجَعَلَتِ الدَّابَّةُ تُنَازِعُهُ، وَجَعَلَ يَتْبَعُهَا - قَالَ شُعْبَةُ - هُوَ أَبُو بَرْزَةَ الأَسْلَمِىُّ - فَجَعَلَ رَجُلٌ مِنَ الْخَوَارِجِ يَقُولُ اللَّهُمَّ افْعَلْ بِهَذَا الشَّيْخِ. فَلَمَّا انْصَرَفَ الشَّيْخُ قَالَ إِنِّى سَمِعْتُ قَوْلَكُمْ، وَإِنِّى غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سِتَّ غَزَوَاتٍ أَوْ سَبْعَ غَزَوَاتٍ وَثَمَانِيًا، وَشَهِدْتُ تَيْسِيرَهُ، وَإِنِّى أَنْ كُنْتُ أَنْ أُرَاجِعَ مَعَ دَابَّتِى أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ أَنْ أَدَعَهَا تَرْجِعُ إِلَى مَأْلَفِهَا فَيَشُقَّ عَلَىَّ. طرفه 6127 1212 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ ـــــــــــــــــــــــــــــ 1211 - (كنّا بالأهواز) -بفتح الهمزة- قال الخليل: هي بلاد بين بصرة وفارس، وهي سبع كور، فاللفظ جمع لا مفرد له. (نقاتل الحرورية) -بفتح الحاء- هم الخوارج، وإنما قيل لهم حرورية لأن أول اجتماعهم كان بحرورى؛ قرية من أعمال البصرة (فبينا أنا على جرف نهر) -بضم الجيم والراء وإسكان الراء أيضًا- لغتان: جانبه، وذلك النهر اسمه دجيل. (إذا رجل يصلي) هو: أبو برزة الأسلمي قال شعبة: واسم أبي برزة نضلة بن عبيد وفي رواية الإسماعيلي عن الأزرق بن قيس: كنا نقاتل الأزارقة بالأهواز مع المهلب بن أبي صفرة، فذهبت الدابة وانطلق أبو برزة حتى أخذها، وكان ذلك سنة خمس وستين في خلافة ابن الزبير (أو ثماني) -بفتح الثاء من غير تنوين- لأنه في نيَّة الإضافة. وفي بعضها "ثمانيًا". والحديث دلّ على جواز قطع الصلاة إذا عرض فيها عارض يشق على الإنسان تداركه إذا مضى في صلاته. فإن قلت: ظاهر الحديث يدل على أنّ أبا برزة لم يقطع صلاته، ويؤيده رواية ابن مرزوق: فأخذها فرجع القهقرى؟ قلت: قوله: فأخذها، يدل على انفلاتها، وهو الذي ترجم له. 1212 - (محمد بن مقاتل) بكسر التاء. روى عن عائشة حديث كسوف الشمس، وقد مرّ في باب الكسوف، وموضع الدلالة

عَنْ عُرْوَةَ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ خَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَقَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَرَأَ سُورَةً طَوِيلَةً، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، ثُمَّ اسْتَفْتَحَ بِسُورَةٍ أُخْرَى، ثُمَّ رَكَعَ حَتَّى قَضَاهَا وَسَجَدَ، ثُمَّ فَعَلَ ذَلِكَ فِي الثَّانِيَةِ، ثُمَّ قَالَ «إِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَصَلُّوا حَتَّى يُفْرَجَ عَنْكُمْ، لَقَدْ رَأَيْتُ فِي مَقَامِى هَذَا كُلَّ شَىْءٍ وُعِدْتُهُ، حَتَّى لَقَدْ رَأَيْتُنِى أُرِيدُ أَنْ آخُذَ قِطْفًا مِنَ الْجَنَّةِ حِينَ رَأَيْتُمُونِى جَعَلْتُ أَتَقَدَّمُ، وَلَقَدْ رَأَيْتُ جَهَنَّمَ يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا حِينَ رَأَيْتُمُونِى تَأَخَّرْتُ، وَرَأَيْتُ فِيهَا عَمْرَو بْنَ لُحَىٍّ وَهُوَ الَّذِى سَيَّبَ السَّوَائِبَ». طرفه 1044 ـــــــــــــــــــــــــــــ هنا أنه رأى عمرو بن لحي بضم اللام- على وزن المصغر في النار؛ لأنه أوّل من سيَّب السوائب. فإن قلت: ما السوائب؟ قلت: كانت أهل الجاهلية يسيِّبون الدواب لا تركب، ولا يحمل عليها نذرًا لآلهتهم، وكان أول من وضع هذه البدعة عمرو بن لحي الخزاعي. فإن قلت: ترجمة الباب الانفلات، فأي مناسبة لهذا الحديث للترجمة؟ قلت: أجابوا بأن كل حديث في الباب لا يجب أن يكون دالًّا على الترجمة، ويكفي المناسبة في الجملة. وعندي هذا ليس بشيء، فإن الأحاديث الموردة في الباب أدلة على الترجمة؛ بل الجواب أن حديث السوائب دل من طريق مفهوم المخالفة، فإن تسييب السوائب لما كان أمرًا مذمومًا فالانفلات لا يكون مثله، فإنه ليس للإنسان فيه اختيار، فلو تفلتت الدابة وتوحشت بحيث لا يقدر عليها لا إثم في ذلك. وقال بعض الشارحين: فإن قلت: ما وجه تعلق الحديث بالترجمة؟ قلت: فيه مذمة تسييب الدواب مطلقًا؛ سواء كان في الصلاة أم لا. هذا كلامه، وفساده من وجوه: الأوّل: أن الترجمة هي الانفلات؛ وهو ذهاب من غير اختيار؛ والتسييب فعل اختياري. الثاني: أن التسييب الذي في الحديث الذي ذمة الشارع، هو ما ذكرناه من فعل أهل الجاهلية لآلهتهم، فكيف يتصور أن يكون في الصلاة. الثالث: أنه يلزم هذا القائل أن الإنسان إذا سيّب الدّابة لترعى إنه يكون آثمًا سواءٌ سيبها في الصلاة؛ أو خارج الصلاة، ولا يقول به عاقل. ثم قال في توجيه قوله - صلى الله عليه وسلم - (أريد أَنْ آخذ قِطْفًا من الجنّة حين رأيتموني جعلت أتقدم، ولقد رأيت جهنّمَ يَحْطِمُ بعضُها ببعضٍ حين رأيتموني تأخرت) فإن قلت: لم قال في الجنة:

12 - باب ما يجوز من البصاق والنفخ فى الصلاة

12 - باب مَا يَجُوزُ مِنَ الْبُصَاقِ وَالنَّفْخِ فِي الصَّلاَةِ وَيُذْكَرُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو نَفَخَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي سُجُودِهِ فِي كُسُوفٍ. 1213 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - ـــــــــــــــــــــــــــــ "جعلت أتقدم" وفي النار "تأخرت"؟ قلت: لأن التقدم كاد أن يقع، والتأخر قد وقع. هذا كلامه، وقد التبس عليه الأمر، وذلك أنه لما سمع أن جعل من أفعال المقاربة ظن أنه مثل عسى لدنو الخبر من الوقوع، وخفي عليه أن أفعال المقاربة ثلاثة أقسام: قسم لدنو الخبر رجاء كعسى، أو حصولًا مثل: كاد، أو شروعًا مثل: طفق وجعل {فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ} [ص: 33] وقال: {وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ} [الأعراف: 22] أي: شرعا في الخصف، وقالت أسماء في حديث الكسوف: جعلت أصبّ على رأسي الماء، أي: شرعت في الصب. على أنه جاءَ في سائر الروايات: "أخذت قطفًا، ولو أصبته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا" فأي معنى لقوله التقدم كاد أن يقع؟! والصواب أنه إنما قال: "جعلت أتقدم" في رؤية الجنة؛ لأن تقدمه كان شيئًا فشيئًا، بخلاف رؤية النار فإنه تأخر منها دفعة خوفًا منها، دلّ عليه الرواية الأخرى: "قلت: أي رب وأنا معهم؟ " وتفسره الرواية الأخرى: "تكعكعت" قال الجوهري: التكعكع الجبن. باب ما يجوز من البصاق والنفخ في الصلاة (ويذكر عن عبد الله بن عمرو نفخ النبي - صلى الله عليه وسلم - في سجوده في كسوف) هذا التعليق عن عبد الله بن عمرو، رواه أبو داود والترمذي والنسائي مسندًا، ولفظه: جعل ينفخ في الأرض ويبكي وهو ساجد وهو في الركعة الثانية. 1213 - (سليمان بن حرب) ضد الصلح (حمّاد) بفتح الحاء وتشديد الميم.

13 - باب من صفق جاهلا من الرجال فى صلاته لم تفسد صلاته

أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى نُخَامَةً فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ، فَتَغَيَّظَ عَلَى أَهْلِ الْمَسْجِدِ وَقَالَ «إِنَّ اللَّهَ قِبَلَ أَحَدِكُمْ، فَإِذَا كَانَ فِي صَلاَتِهِ، فَلاَ يَبْزُقَنَّ - أَوْ قَالَ - لاَ يَتَنَخَّمَنَّ». ثُمَّ نَزَلَ فَحَتَّهَا بِيَدِهِ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - إِذَا بَزَقَ أَحَدُكُمْ فَلْيَبْزُقْ عَلَى يَسَارِهِ. طرفه 406 1214 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا كَانَ فِي الصَّلاَةِ فَإِنَّهُ يُنَاجِى رَبَّهُ، فَلاَ يَبْزُقَنَّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلاَ عَنْ يَمِينِهِ، وَلَكِنْ عَنْ شِمَالِهِ تَحْتَ قَدَمِهِ الْيُسْرَى». طرفه 241 13 - باب مَنْ صَفَّقَ جَاهِلاً مِنَ الرِّجَالِ فِي صَلاَتِهِ لَمْ تَفْسُدْ صَلاَتُهُ فِيهِ سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. ـــــــــــــــــــــــــــــ (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى نخامة في قبلة المسجد) النخامة -بضم النون- وكذا نخاعة، ماء غليظ ينزل من الدماغ، أو يصعد من الصدر (فتغيظ) أي: بالغ في إظهار الغيظ (إن الله قبل أحدكم إذا كان في صلاته): -بكسر القاف وفتح الباء- أي: جهته، والمراد به بيان شرف القبلة، وأن تلك الجهة مهب نسيم الغفران، ومدخل نفس الرحمن، فيجب إكرامها. (فلا يبزقن) يقال: بزق وبصق وبسق بمعنى (فنزل فحتها): والظاهر أنه كان على المنبر، والحتّ -بتشديد المثناة- هو الحك. 1214 - (محمد) كذا وقع غير منسوب، قال أبو نصر: يحتمل أن يكون بندارًا وابن المثنى، ومحمد بن الوليد، لأنّ كل واحد منهم يروي عن غندر في البخاري. وقال الغساني: الظاهر أنه محمد بن بشار. (لكن عن شماله تحت قدمه اليسرى) قد تقدم في باب حك البزاق أن هذا إنما يكون إذا لم يكن في المسجد، وإذا كان في المسجد فليأخذه بطرف ثوبه؛ كما جاء في الرواية الأخرى، واستدلاله على جواز النفخ والبصاق ظاهر؛ إلا أن الشافعي قيده بما إذا لم يظهر منه حرفان؛ وإلا بطلت صلاته، وإطلاق الحديث يخالفه.

14 - باب إذا قيل للمصلى تقدم أو انتظر فانتظر فلا بأس

14 - باب إِذَا قِيلَ لِلْمُصَلِّى تَقَدَّمْ أَوِ انْتَظِرْ فَانْتَظَرَ فَلاَ بَأْسَ 1215 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ النَّاسُ يُصَلُّونَ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُمْ عَاقِدُو أُزْرِهِمْ مِنَ الصِّغَرِ عَلَى رِقَابِهِمْ، فَقِيلَ لِلنِّسَاءِ «لاَ تَرْفَعْنَ رُءُوسَكُنَّ حَتَّى يَسْتَوِىَ الرِّجَالُ جُلُوسًا». طرفه 362 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إذا قيل للمصلي تقدم أو انتظر فانتظر فلا بأس 1215 - (محمد بن كثير) ضد القليل (عن أبي حازم) -بالحاء المهملة- سلمة بن دينار. (كان الناس يصلون مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وهم عاقدو أزرهم من الصغر على رقابهم) الجار يتعلق بعاقدو أزرهم فقيل للنساء: لا ترفعن رؤوسكن حتى يستوي الرجال جلوسًا؛ لئلا يقع بصرهن على عورة الرّجال. فإن قلت: الحديث دلّ على الشق الثاني دلالة ظاهرة، وهو أن يقال للمصلي انتظر، وليس فيه ما يدل على الشق الأول؛ وهو أن يقال للمصلي تقدم؟ قلت: أجاب ابن بطال: بأن التقدم هو تقدم الرجال على النساء في السجود؛ لأن النساء إذا لم يرفعن رؤوسهن إلا بعد الرجال فقد تقدم الرجال. وفيه نظر؛ لأنّ التقدم إنما يعتبر في الابتداء لا في الانتهاء، ألا ترى إذا قيل: لا يتقدم المأموم على الإمام في الأفعال إنما يراد عدم سبقه إلى الفعل في الابتداء لا في الانتهاء. والحق في الجواب أن أمر النساء بالانتظار مستلزم لأمر الرّجال بالتقدم في رفع رؤوسهم. فإن قلت: هذا القول إنما قيل للنساء خارج الصلاة فكيف يوافق الترجمة في قوله: إذا قيل للمصلي؟ قلت: معناه إذا قيل له خارج الصلاة انتظر في الصلاة، فأطلق عليه المصلي باعتبار وقوع ذلك في الصلاة، وتمام الكلام تقدم في باب إذا كان الثوب ضيقًا.

15 - باب لا يرد السلام فى الصلاة

15 - باب لاَ يَرُدُّ السَّلاَمَ فِي الصَّلاَةِ 1216 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنْتُ أُسَلِّمُ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ فِي الصَّلاَةِ فَيَرُدُّ عَلَىَّ، فَلَمَّا رَجَعْنَا سَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَىَّ وَقَالَ «إِنَّ فِي الصَّلاَةِ شُغْلاً». طرفه 1199 1217 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ شِنْظِيرٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِى رَبَاحٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ بَعَثَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي حَاجَةٍ لَهُ فَانْطَلَقْتُ، ثُمَّ رَجَعْتُ وَقَدْ قَضَيْتُهَا، فَأَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَىَّ، فَوَقَعَ فِي قَلْبِى مَا اللَّهُ أَعْلَمُ بِهِ فَقُلْتُ فِي ـــــــــــــــــــــــــــــ 15 - بابٌ لاَ يَرُدُّ السَّلاَمَ في الصَّلاَةِ 1216 - (عبد الله بن أبي شيبة) بفتح الشين وسكون الياء بعدها موحدة (ابن فضيل) -بضم الفاء - مصغر اسمه: محمد (عن عبد الله) هو ابن مسعود. روى عنه أنه كان يسلم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في الصلاة فيردّ عليه، قال: (فلما رجعنا من عند النجاشي فسلمت عليه فلم يردّ [عليّ]؛ وقال: إنّ في الصلاة شُغلًا) أي: بالله. وقد سلف الحديث بشرحه في باب ما ينهى من الكلام في الصلاة، وأشرنا إلى التوفيق بينه وبين ما رواه زيد بن أرقم: كنا نتكلم في الصلاة إلى أن نزل قوله تعالى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] فراجعه فإنه مهم. 1217 - (أبو معمر) -بفتح الميمين وعين ساكنة- عبد الله المنقري (كَثِير بن الشِنْظير) على وزن القنديل، بالشين والظاء المعجمتين (عن عطاء بن أبي رياح) بفتح الراء وباء موحدة. روى عن جابر (أنه أرسله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أمر، فلما قضاه أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسلم عليه فلم يرد عليه، قال: قد وقع في قلبي ما الله أعلم به) أي: من شدة الحزن (فقلت في

16 - باب رفع الأيدى فى الصلاة لأمر ينزل به

نَفْسِى لَعَلَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَجَدَ عَلَىَّ أَنِّى أَبْطَأْتُ عَلَيْهِ، ثُمَّ سَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَىَّ، فَوَقَعَ فِي قَلْبِى أَشَدُّ مِنَ الْمَرَّةِ الأُولَى، ثُمَّ سَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَىَّ فَقَالَ «إِنَّمَا مَنَعَنِى أَنْ أَرُدَّ عَلَيْكَ أَنِّى كُنْتُ أُصَلِّى». وَكَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ مُتَوَجِّهًا إِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ. 16 - باب رَفْعِ الأَيْدِى فِي الصَّلاَةِ لأَمْرٍ يَنْزِلُ بِهِ 1218 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ - رضى الله عنه - قَالَ بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ بَنِى عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ بِقُبَاءٍ كَانَ بَيْنَهُمْ شَىْءٌ، فَخَرَجَ يُصْلِحُ بَيْنَهُمْ فِي أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَحُبِسَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَحَانَتِ الصَّلاَةُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ نفسي: لعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجد عليّ) أي: غضب (أني أبطأت ثم سلمت عليه فلم يردّ، فوقع في قلبي أشدّ من المرّة الأولى) فلما قضى صلاته اعتذر إلى جابر أنه كان يصلي فذلك الذي منعه. وفي الحديث ردّ على من يقول بردّ السلام بإشارةِ اليدِ، وردٌّ أيضًا على من يقول بردّ السلام بعد الفراغ؛ لأنه لم يستحق الردّ لكونه إتيانه بفعل مكروه. فإن قلت: في رواية مسلم أنه أشار إليه؟ قلت: إشارته إشارة إلى أنه لا يقدر على الردّ، وفي مسلم أيضًا: أن ذلك كان في غزوة بني المصطلق. باب رفع الأيدي في الصلاة لأمر ينزل به 1218 - (قتيبة) بضم القاف مصغر (عن أبي حازم) -بالحاء المهملة- سلمة بن دينار. روى في الباب حديث سهل أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذهب إلى قباء ليصلح بين بني عمرو بن عوف، وحانت الصلاة أي: دخل حين أدائها فشرع أبو بكر يؤم الناس، جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتأخر أبو بكر، فلما أمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألا يتأخّر رفع يديه حامدًا الله على أن أمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك. وقد سلف الحديث بشرحه في كتاب الصلاة في باب من دخل ليؤم فجاء الإمام الأول.

17 - باب الخصر فى الصلاة

فَجَاءَ بِلاَلٌ إِلَى أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما - فَقَالَ يَا أَبَا بَكْرٍ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ حُبِسَ وَقَدْ حَانَتِ الصَّلاَةُ، فَهَلْ لَكَ أَنْ تَؤُمَّ النَّاسَ قَالَ نَعَمْ إِنْ شِئْتَ. فَأَقَامَ بِلاَلٌ الصَّلاَةَ، وَتَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - فَكَبَّرَ لِلنَّاسِ، وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَمْشِى فِي الصُّفُوفِ يَشُقُّهَا شَقًّا، حَتَّى قَامَ فِي الصَّفِّ، فَأَخَذَ النَّاسُ فِي التَّصْفِيحِ. قَالَ سَهْلٌ التَّصْفِيحُ هُوَ التَّصْفِيقُ. قَالَ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - لاَ يَلْتَفِتُ فِي صَلاَتِهِ، فَلَمَّا أَكْثَرَ النَّاسُ الْتَفَتَ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَشَارَ إِلَيْهِ، يَأْمُرُهُ أَنْ يُصَلِّىَ، فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - يَدَهُ، فَحَمِدَ اللَّهَ، ثُمَّ رَجَعَ الْقَهْقَرَى وَرَاءَهُ حَتَّى قَامَ فِي الصَّفِّ، وَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَصَلَّى لِلنَّاسِ، فَلَمَّا فَرَغَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ «يَا أَيُّهَا النَّاسُ مَا لَكُمْ حِينَ نَابَكُمْ شَىْءٌ فِي الصَّلاَةِ أَخَذْتُمْ بِالتَّصْفِيحِ إِنَّمَا التَّصْفِيحُ لِلنِّسَاءِ، مَنْ نَابَهُ شَىْءٌ فِي صَلاَتِهِ فَلْيَقُلْ سُبْحَانَ اللَّهِ». ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنه - فَقَالَ «يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّىَ لِلنَّاسِ حِينَ أَشَرْتُ إِلَيْكَ». قَالَ أَبُو بَكْرٍ مَا كَانَ يَنْبَغِى لاِبْنِ أَبِى قُحَافَةَ أَنْ يُصَلِّىَ بَيْنَ يَدَىْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 684 17 - باب الْخَصْرِ فِي الصَّلاَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: (وجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يثق الصفوف شقًّا) لئلا يمشي قدام المصلي، فمشى على الاستقامة (حتى قام في الصف) أي: في الصف الأول، اللام: للعهد بقرينة الحال (فأخذ الناس في التصفيح) هو التصفيق، ضرب الكف اليمنى على ظهر الكف اليسرى (ورجع القهقرى) أي: مشى إلى خلفه معكوسًا؛ لئلا ينصرف وجهه عن القبلة (من نابه شيءٌ) أي: عرض له وأصابه، ومنه نوائب الدهر (ما كان لابن أبي قحافة) -بضم القاف- كنية أبيه واسمه عثمان. استدل بالحديث على أنّ رفع الأيدي في الصلاة للدعاء لا بخصوص جائز؛ لعدم إنكار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على فعل أبي بكر. باب الخصْر في الصلاة أي: وضع اليد على الخاصرة. وفي بعضها: الخاصرة، وروي أنه استراحة أهل

1219 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ نُهِىَ عَنِ الْخَصْرِ فِي الصَّلاَةِ. وَقَالَ هِشَامٌ وَأَبُو هِلاَلٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 1220 1220 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ نُهِىَ أَنْ يُصَلِّىَ الرَّجُلُ مُخْتَصِرًا. طرفه 1219 ـــــــــــــــــــــــــــــ النار، قال ابن الأثير: معناه أنه فعل اليهود في صلاتهم، وهم أهل النار؛ لا أنّ في النار راحة لأحد. 1219 - (أبو النعمان) -بضم النون- محمد بن الفضل (حَماد) بفتح الحاء وتشديد الميم. (عن أبي هريرة قال: نُهِيَ عن الخَصْر في الصلاة) ذكرنا مرارًا أن الصحابي إذا قال: نُهي أو نهينا أو أمرنا، الآمر والناهي هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والحديث في مثله مرفوع؛ ذكره ابن الصلاح والعراقي، فمن قال هذا الحديث موقوف على أبي هريرة فقد زلت به القدم، والعجب أنه قال: الناهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: موقوف عن أبي هريرة. 1220 - (قال: نُهِيَ الرجل أن يصليَ مختصرًا) أي: واضعًا يده على الخاصرة، وقد أشرنا إلى أنه فعل اليهود، وقيل: لأنّه فعل الكُسَالى والمتكبرين، أو لأنّ إبليس نزل من الجنة على تلك الهيئة. وقيل: أن يصلي وبيده مخصرة يتوكأ عليها، والمخصرة -بكسر الميم- العصا. وقيل: الاختصار في الركوع والسجود. وروي عن أبي هريرة: هو أن يقرأ في الصلاة أواخر السور. وقيل: أن يقرأ القرآن ويترك مواضع السجود. (وقال هشام) هو ابن الحسن الأزدي مولاهم، قال الذهبي: يروي عن الحسن وابن سيرين (وأبو هلال) محمد بن سليم الرّاسبي. وراسب حيّ من أحياء العرب -بالراء والباء الموحدة- قاله الجوهري. تعليق هشام تقدم في الباب موصولًا بلفظ المجهول، وتعليق أبي هلال وصله الدّارقطني.

18 - باب تفكر الرجل الشئ في الصلاة

18 - باب تَفَكُّرِ الرَّجُلِ الشَّىْءَ فِي الصَّلاَةِ وَقَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه - إِنِّى لأُجَهِّزُ جَيْشِى وَأَنَا فِي الصَّلاَةِ. 1221 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا رَوْحٌ حَدَّثَنَا عُمَرُ - هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ - قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ - رضى الله عنه - قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - الْعَصْرَ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ سَرِيعًا دَخَلَ عَلَى بَعْضِ نِسَائِهِ، ثُمَّ خَرَجَ وَرَأَى مَا فِي وُجُوهِ الْقَوْمِ مِنْ تَعَجُّبِهِمْ لِسُرْعَتِهِ فَقَالَ «ذَكَرْتُ وَأَنَا فِي الصَّلاَةِ تِبْرًا عِنْدَنَا، فَكَرِهْتُ أَنْ يُمْسِىَ أَوْ يَبِيتَ عِنْدَنَا فَأَمَرْتُ بِقِسْمَتِهِ». طرفه 851 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب يُفْكِر الرجلُ الشيءَ في الصلاة (وقال عمر: إني لأجهز جيشي وأنا في الصلاة) رواه عنه مسندًا ابن أبي شيبة، وروى هشام بن عروة عن أبيه عن عمر أنه قال: إني لأحسب جزية البحرين وأنا في الصلاة. 1221 - (روح) بفتح الراء وسكون الواو (ابن أبي مليكة) -بضم الميم- مصغر، واسم [أبي] مليكة زهير جد عبد الله. (ذكرت وأنا في الصلاة تبرًا عندنا فكرهت أن يمسي أو يبيت عندنا فأمرت بقسمته) التبر -بكسر التاء-: الذهب مع التراب قبل تحصيله. قوله: ذكرت؛ أي: تذكرت، والمراد به ذكر القلب. فإن قلت: ترجم على التفكر؛ وهو: ترتيب أمور معلومة ليؤدي إلى العلم لمجهول، والتذكر والتفكر التفات النفس إلى المعنى الحاصل؟ قلت: هذا اصطلاح جديد لأهل الميزانِ، وأهلُ اللغةِ يتسامحون في أمثاله، قال الجوهري: التذكّرُ ضد النّسيان، والتفكر: التأمل، وما في الحديث ضدّ النسيان.

1222 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ جَعْفَرٍ عَنِ الأَعْرَجِ قَالَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا أُذِّنَ بِالصَّلاَةِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ لَهُ ضُرَاطٌ حَتَّى لاَ يَسْمَعَ التَّأْذِينَ، فَإِذَا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُ أَقْبَلَ، فَإِذَا ثُوِّبَ أَدْبَرَ فَإِذَا سَكَتَ أَقْبَلَ، فَلاَ يَزَالُ بِالْمَرْءِ يَقُولُ لَهُ اذْكُرْ مَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ حَتَّى لاَ يَدْرِى كَمْ صَلَّى». قَالَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِذَا فَعَلَ أَحَدُكُمْ ذَلِكَ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ قَاعِدٌ. وَسَمِعَهُ أَبُو سَلَمَةَ مِنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه. 1223 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ قَالَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ النَّاسُ أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ، فَلَقِيتُ رَجُلاً فَقُلْتُ بِمَ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْبَارِحَةَ فِي الْعَتَمَةِ فَقَالَ لاَ أَدْرِى. ـــــــــــــــــــــــــــــ 1222 - (يحيى بن بكير) بضم الباء مصغر. (إذا أُذِّنَ بالصلاة) أي للصلاة (أدبر الشيطان وله ضُراط) إما حقيقةً؛ لأنه جسم من الأجسام الخبيثة يأكل ويشرب، أو كناية عن مذمته لئلا يسمع الأذان، فشبّه بالضراط تقبيحًا وتشويهًا (فإذا ثُوِّب أدبر) أي: إذا شرع المؤذن في الإقامة؛ من ثاب إذا رجع؛ لأنه رجوع إلى الإعلام ثانيًا. (قال أبو سلمة: إذا فعل ذلك أحدكم فليسجد سجدتين) هذا التعليق سيأتي مسندًا مرفوعًا. (وسمعه أبو سلمة من أبي هريرة) رفع به وهم التدليس. 1223 - (محمد بن المثنى) بضم الميم وفتح الثاء والنون المشددة (ابن أبي ذئب) -بلفظ الحيوان المعروف- محمد بن عبد الرحمن (المقبري) بضم الباء وفتحها. (يقول الناس: [أكثر] أبو هريرة) أي: في الرواية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (فلقيت رجلًا، فقلت: بم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - البارحة في العتمة؟) أي: العشاء، وإطلاق العتمة عليها مكروهٌ نُهي عنه، ولعله لم يبلغ أبا هريرة، أو كان هذا قبل النهي.

فَقُلْتُ لَمْ تَشْهَدْهَا قَالَ بَلَى. قُلْتُ لَكِنْ أَنَا أَدْرِى، قَرَأَ سُورَةَ كَذَا وَكَذَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ (فقال: لا أدري. فقلت: لكن أنا أدري قرأ سورة كذا وكذا) كانوا يتهمونه؛ لأن إسلامه متأخر، وأكثر في الرواية، ولذلك قال في بعض الروايات: يقولون: أكثر أبو هريرة والله الموعد. فإن قلت: أي مناسبة لحديثه بالترجمة؟ قلت: قول الرجل: لا أدري ماذا قرأ مع كونه صلى وراءه دليلٌ على أنه كان فكره في شيء آخر، وما يقال هو ضبط أبي هريرة قراءة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فليس بشيء، لأنّ ضبط قراءة الإمام من أهم مصالح الصلاة، والشيء في الترجمة هو الذي لا تعلق له بالصلاة. ومحصل الأحاديث أن الإنسان قلّما ينفك عن نوع فكر في الصلاة؛ لأن الشيطان بمرصد، فعلى الإنسان أن يجمع الخواطر في الصلاة، ويحذر منه غاية الحذر.

22 - كتاب السهو

22 - كِتَابُ السَّهْوِ 1 - باب مَا جَاءَ فِي السَّهْوِ إِذَا قَامَ مِنْ رَكْعَتَىِ الْفَرِيضَةِ 1224 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ بُحَيْنَةَ - رضى الله عنه - أَنَّهُ قَالَ صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَكْعَتَيْنِ مِنْ بَعْضِ الصَّلَوَاتِ ثُمَّ قَامَ فَلَمْ يَجْلِسْ، فَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ، فَلَمَّا قَضَى صَلاَتَهُ وَنَظَرْنَا تَسْلِيمَهُ كَبَّرَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ ثُمَّ سَلَّمَ. طرفه 829 1225 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ بُحَيْنَةَ - رضى الله عنه - أَنَّهُ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَامَ مِنِ اثْنَتَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ لَمْ يَجْلِسْ بَيْنَهُمَا، فَلَمَّا قَضَى صَلاَتَهُ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ. طرفه 829 2 - باب إِذَا صَلَّى خَمْسًا 1226 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا فَقِيلَ لَهُ أَزِيدَ فِي ـــــــــــــــــــــــــــــ [كِتَابُ السَّهْوِ] باب ما جاء في السهو إذا قام من ركعتي الفرض 1224 - (عبد الله بن بُحينة) -بضم الباء- مصغر، اسمُ أمِّ عبدِ اللهِ بن مالكٍ، تارةً يُنسب إليهِ، وتارة إليها، وتارة إليهما. (صلى لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من بعض الصلوات) صرّح به في الطريق الذي بعده أنها الظهر (فسجد سجدتين وهو جالس ثم سلم). فإن قلت: السجود لا يمكن إلا أن يكون الرجل جالسًا؟ قلت: أراد أنه لم يقم للسجدة؛ كما ذهب إليه بعض العلماء في سجدة التلاوة. 1226 - (عن الحكم) روى عن ابن مسعود (أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلّى الظهر خمسًا) ثم

3 - باب إذا سلم فى ركعتين أو ثلاث فسجد سجدتين مثل سجود الصلاة أو أطول

الصَّلاَةِ فَقَالَ «وَمَا ذَاكَ». قَالَ صَلَّيْتَ خَمْسًا. فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَ مَا سَلَّمَ. طرفه 401 3 - باب إِذَا سَلَّمَ فِي رَكْعَتَيْنِ أَوْ ثَلاَثٍ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ مِثْلَ سُجُودِ الصَّلاَةِ أَوْ أَطْوَلَ 1227 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ صَلَّى بِنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الظُّهْرَ أَوِ الْعَصْرَ فَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ الصَّلاَةُ يَا رَسُولَ اللَّهَ أَنَقَصَتْ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لأَصْحَابِهِ «أَحَقٌّ مَا يَقُولُ». قَالُوا نَعَمْ. فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ. قَالَ سَعْدٌ وَرَأَيْتُ عُرْوَةَ بْنَ ـــــــــــــــــــــــــــــ بعد السلام قيل له في الزيادة سجد سجدتين، هذا الحديث اختيار أبي حنيفة في سجدة السهو، فإنها بعد السلام؛ إلا أن عليه إشكالًا، وهو أنه قال: إذا صلى ركعة خامسة وكان قد قعد في الرابعة يضيف إليها أخرى؛ لأنّ فرضه قد تمّ بالقعود في الرابعة، وأما كونه - صلى الله عليه وسلم - سجد قبل السلام تارة وبعده أخرى، فقد سلف أن الأمرين جائزان، والخلاف إنما هو في الأفضلية. (فلما قضى صلاته سجد سجدتين ثم سلم) استدل به من قال إن السلام ليس من أركان الصلاة؛ ولا واجباته؛ لأن قَضَى معناه فرغ، والجواب ما رواه ابن ماجه عن الثقات: "أن يسلم" فعلم أن حرف الاستثناء من بعض الروات. باب إذا سلم في الركعتين أو في ثلاث فسجد سجدتين مكل سجود الصلاة أو أطول 1227 - (عن أبي هريرة قال: صلى بنا النبي - صلى الله عليه وسلم - الظهر أو العصر) رواه في باب الأدب الجزم بالظهر، ورواه مالك في الموطأ الجزم بالعصر (فقال له ذو اليدين) لقب له؛ لطول في يديه، واسمه خرباق -بكسر المعجمة وباء موحدة- (أَنُقَصت الصلاة) بضم النون -على بناء المجهول من النقص، وهو متعد (أحقّ ما يقول) أحق: مبتدأ، وما يقول: فاعل سادٌّ مسد الخبر، أو ما يقول مبتدأ، وأحق: خبره (فصلى أخراويين ثم سجد سجدتين) قال

4 - باب من لم يتشهد فى سجدتى السهو

الزُّبَيْرِ صَلَّى مِنَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ فَسَلَّمَ وَتَكَلَّمَ ثُمَّ صَلَّى مَا بَقِىَ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَقَالَ هَكَذَا فَعَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 482 4 - باب مَنْ لَمْ يَتَشَهَّدْ فِي سَجْدَتَىِ السَّهْوِ وَسَلَّمَ أَنَسٌ وَالْحَسَنُ وَلَمْ يَتَشَهَّدَا. وَقَالَ قَتَادَةُ لاَ يَتَشَهَّدُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ النووي: هذا عند من يقول كلام الناس لا يبطل وإن كان كثيرًا، أو الفعل الكثير؛ فلا إشكال عنده، وهو أحد الوجهين عند الشافعية، والمشهور في المذهب أن الصلاة تبطل بذلك، وتأويل الحديث على هذا مشكل لأنه جاء في رواية: أنه دخل البيت وخرج. وأنا أقول: لا بدّ وأن يقال: هذا من خواصه - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن الفعل الكثير إذا لم يكن من مصالح الصلاة لم يقل أحد بجوازه؛ لا سيما مع استدبار القبلة. فإن قلت: ذكر في الترجمة مثل سجود الصلاة أو أطول، وليس لذلك ذكر في الحديث، وكذا ذكر الثلاث، وليس له ذكر؟ قلت: أما السجود بأطول فقد ذكره في الباب بعده والذي بعده، وأمّا الثلاثُ فحكمها معلوم من الركعتين، والأحسن أنه أشار إلى ما رواه مسلم عن عمران بن حصين: أنه سلم في ثلاث ركعات. فإن قلت: كيف وجه الجمع بينه وبين رواية أبي هريرة مع أن كلًّا منهما يرويه أنّ القائل ذو اليدين؟ قلت: الذي يجب المصير إليه تعدد القضية وذلك أن مسلمًا ساق حديث أبي هريرة أن الصلاة هي الظهر، وأن التسليم في الركعتين، وساق حديث عمران أن الصلاة هي العصر، وأن التسليم في الثلاث، وأنه دخل منزله ثم خرج، وليس بشيءٍ من ذلك ذِكْرٌ في رواية أبي هريرة. وأما تأويلهم بأن المراد بقول عمران: سلم في ثلاث؛ أي: في ابتداء الثالثة، وقولهم: معنى قوله: دخل وخرج أن الجذع الذي اتكأ عليه في رواية أبي هريرة كان قدام البيت، فمّا لا يلتفت إليه، ولا يقوله من له أدنى ذوق في دركه خواص التراكيب، كيف وأبو هريرة يقول: فصلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ركعتين وسلم، وعمران يقول فصلّى الركعة التي ترك. باب من [لم] يتشهد في سجدتي السهو روى في الباب حديث ذي اليدين وفيه: أنه سجد مثل سجوده أو أطول وبدّل لفظ "حق" بلفظ "صدق" وهما متحدتان ذاتًا مختلفان اعتبارًا.

5 - باب من يكبر فى سجدتى السهو

1228 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ أَبِى تَمِيمَةَ السَّخْتِيَانِىِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه -. أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - انْصَرَفَ مِنِ اثْنَتَيْنِ فَقَالَ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ أَقُصِرَتِ الصَّلاَةُ أَمْ نَسِيتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ». فَقَالَ النَّاسُ نَعَمْ. فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَصَلَّى اثْنَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ كَبَّرَ فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ ثُمَّ رَفَعَ. حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ عَلْقَمَةَ قَالَ قُلْتُ لِمُحَمَّدٍ فِي سَجْدَتَىِ السَّهْوِ تَشَهُّدٌ قَالَ لَيْسَ فِي حَدِيثِ أَبِى هُرَيْرَةَ. طرفه 482 5 - باب مَنْ يُكَبِّرُ فِي سَجْدَتَىِ السَّهْوِ 1229 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ صَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِحْدَى صَلاَتَىِ الْعَشِىِّ - قَالَ مُحَمَّدٌ وَأَكْثَرُ ظَنِّى الْعَصْرَ - رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ قَامَ إِلَى خَشَبَةٍ فِي مُقَدَّمِ الْمَسْجِدِ فَوَضَعَ يَدَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ 1228 - (عن أيوب بن أبي تميمة) -بفتح التاء المثناة- على وزن نميمة، طريف بن مجالد (سليمان بن حرب) ضد الصلح (حمّاد) بفتح الحاء وتشديد الميم. (قلت لمحمد: في سجدتي السهو تشهد؟ قال: ليس في حديث [أبي هريرة]) محمد هو ابن سيرين وإلى هذا ذهب الشافعي وأحمد إن سجد قبل السلام، وإن سجد بعده تشهد، وذهب مالك إلى التشهد بعد السلام؛ وكذا أبو حنيفة، لما روى أبو داود أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سجد سجدتين ثم تشهد. باب يكبر في سجدتي السهو 1229 - (يزيد بن إبراهيم) من الزيادة. (صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - إحدى صلاتي العشي) تقدم في باب إذا سلم من الركعتين أنها في رواية البخاري الظهر، وفي رواية الموطّأ هي العصر، وروى في الباب حديث ذي اليدين وقد سلف شرحه مرارًا.

6 - باب إذا لم يدر كم صلى ثلاثا أو أربعا، سجد سجدتين وهو جالس

عَلَيْهَا وَفِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ - رضى الله عنهما - فَهَابَا أَنْ يُكَلِّمَاهُ وَخَرَجَ سَرَعَانُ النَّاسِ فَقَالُوا أَقَصُرَتِ الصَّلاَةُ وَرَجُلٌ يَدْعُوهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ذُو الْيَدَيْنِ فَقَالَ أَنَسِيتَ أَمْ قَصُرَتْ فَقَالَ «لَمْ أَنْسَ وَلَمْ تُقْصَرْ». قَالَ بَلَى قَدْ نَسِيتَ. فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ كَبَّرَ فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَكَبَّرَ، ثُمَّ وَضَعَ رَأْسَهُ فَكَبَّرَ فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَكَبَّرَ. طرفه 482 1230 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ بُحَيْنَةَ الأَسْدِىِّ حَلِيفِ بَنِى عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَامَ فِي صَلاَةِ الظُّهْرِ وَعَلَيْهِ جُلُوسٌ، فَلَمَّا أَتَمَّ صَلاَتَهُ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ فَكَبَّرَ فِي كُلِّ سَجْدَةٍ وَهُوَ جَالِسٌ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ، وَسَجَدَهُمَا النَّاسُ مَعَهُ مَكَانَ مَا نَسِىَ مِنَ الْجُلُوسِ. تَابَعَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فِي التَّكْبِيرِ. طرفه 829 6 - باب إِذَا لَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى ثَلاَثًا أَوْ أَرْبَعًا، سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَهْوَ جَالِسٌ 1231 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ أَبِى عَبْدِ اللَّهِ الدَّسْتَوَائِىُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا نُودِىَ بِالصَّلاَةِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ وَلَهُ ضُرَاطٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ 1230 - وروى بعده حديث عبد الله بن بحينة -بضم الموحدة-: مصغر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام من الركعتين في الظهر وعليه جلوس فلما أتمّ صلاته سجد سجدتين ثم سلم وقد تقدم قريبًا في باب ما جاء في السهو إذا قام من ركعتي الفرض. باب إذا لم يدر كم صلى ثلاثًا أو أربعًا سجد سجدتين وهو جالس 1231 - (معاذ بن فَضالة) بضم الميم وذال معجمة وفتح الفاء وضاد معجمة (هشام بن عبد الله الدّستوائيُّ) -بفتح الدال وسين مهملة ومثناة فوق- ناحية من نواحي الأهواز. روى في الباب حديث أبي هريرة (إذا نودي بالصلاة أدبر الشيطان وله ضراط) وقد

7 - باب السهو فى الفرض والتطوع

حَتَّى لاَ يَسْمَعَ الأَذَانَ، فَإِذَا قُضِىَ الأَذَانُ أَقْبَلَ، فَإِذَا ثُوِّبَ بِهَا أَدْبَرَ فَإِذَا قُضِىَ التَّثْوِيبُ أَقْبَلَ حَتَّى يَخْطِرَ بَيْنَ الْمَرْءِ وَنَفْسِهِ يَقُولُ اذْكُرْ كَذَا وَكَذَا مَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ إِنْ يَدْرِى كَمْ صَلَّى، فَإِذَا لَمْ يَدْرِ أَحَدُكُمْ كَمْ صَلَّى ثَلاَثًا أَوْ أَرْبَعًا فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهْوَ جَالِسٌ». طرفه 608 7 - باب السَّهْوِ فِي الْفَرْضِ وَالتَّطَوُّعِ وَسَجَدَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - سَجْدَتَيْنِ بَعْدَ وِتْرِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ سلف مرارًا، آخرها آنفًا في باب تفكر الرجل الشيء في الصلاة (حتى يَظَلَّ الرجل إن يدري كم صلى) أي: لا يدري؛ إن: نافيةَ، ويظل -بفتح الياء والظاء- من الأفعال الناقصة، ومعناه لغةً: اقتران العمل بالنهار؛ قال الشاعر: أظلُّ أرعى وأبيت أطحن وما في الحديث أُريد به مطلق الوقت؛ ومحصله: يصير بهذه الصفة، قال تعالى: {ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا} [النحل: 58] أي: صار، وقد سلف مرارًا فإذا لم يدر كم صلّى. فإن قلت: في رواية الشك: "وليَبْنِ" لا ينافي "فليسجد سجدتين وهو جالس" مسلم عن أبي سعيد: فليطرح. في رواية مسلم: ما استيقن ثم يسجد سجدتين؟ قلت: بل هو شرح لحديث أبي هريرة؛ لأن السجدتين في روايته إنما هما لوجود ذلك الشك، والا فالإتيان بالمتيقن واجب. هذا وقد تحيروا في الجمع حتى رجح بعضهم حديث أبي هريرة، وجعل بعضهم وهو جالس متعلقًا بشك لا بسجد، ويلزم أن يكون في الرواية الأخرى متعلقًا بنسي في قوله: "إذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين وهو جالس" فيحصر النسيان في حال السجود. باب إذا كُلِّمَ وهو يصلي فأشار بيده واستمع كُلّمَ على بناء المجهول.

8 - باب إذا كلم وهو يصلى فأشار بيده واستمع

1232 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ يُصَلِّى جَاءَ الشَّيْطَانُ فَلَبَسَ عَلَيْهِ حَتَّى لاَ يَدْرِىَ كَمْ صَلَّى، فَإِذَا وَجَدَ ذَلِكَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ». طرفه 608 8 - باب إِذَا كُلِّمَ وَهُوَ يُصَلِّى فَأَشَارَ بِيَدِهِ وَاسْتَمَعَ 1233 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرٌو عَنْ بُكَيْرٍ عَنْ كُرَيْبٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَزْهَرَ - رضى الله عنهم - أَرْسَلُوهُ إِلَى عَائِشَةَ - رضى الله عنها - فَقَالُوا اقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلاَمَ مِنَّا جَمِيعًا وَسَلْهَا عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ صَلاَةِ الْعَصْرِ وَقُلْ لَهَا إِنَّا أُخْبِرْنَا أَنَّكِ تُصَلِّينَهُمَا وَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْهَا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَكُنْتُ أَضْرِبُ النَّاسَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْهُمَا. فَقَالَ كُرَيْبٌ فَدَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ - رضى الله عنها - فَبَلَّغْتُهَا مَا أَرْسَلُونِى. فَقَالَتْ سَلْ أُمَّ سَلَمَةَ. فَخَرَجْتُ إِلَيْهِمْ فَأَخْبَرْتُهُمْ بِقَوْلِهَا فَرَدُّونِى إِلَى أُمِّ ـــــــــــــــــــــــــــــ 1233 - (بكير عن كريب) كلاهما مصغر و (المسور بن مخرمة) بكسر الميم في الأول وفتحها في الثاني (عبد الرحمن بن أزهر) بفتح [الهمزة] وزاي معجمة. (وقال ابن عباس: كنت أضرب الناس مع عمر بن الخطاب عنها) أي عن الركعتين بعد العصر؛ أنّثَ الضمير باعتبار الصلاة، وفي غير البخاري: أصرف عنها -بالصاد المهملة والفاء-. (قال كريب: فدخلت على عائشة فبلغتها ما أرسلوني) أي: به (فقالت: سلْ أمّ سلمة) إنما أحالت على أم سلمة لأنها كانت تدري سبب ذلك، وإن كانت عائشة أيضًا تعلم القضية، فإنّ المروي عنها: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما تركهما قطّ، إلا أنه لم يكن يصليهما في المسجد مخافة أن يثقل على أمته.

سَلَمَةَ بِمِثْلِ مَا أَرْسَلُونِى بِهِ إِلَى عَائِشَةَ. فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ - رضى الله عنها - سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَنْهَى عَنْهَا ثُمَّ رَأَيْتُهُ يُصَلِّيهِمَا حِينَ صَلَّى الْعَصْرَ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَىَّ وَعِنْدِى نِسْوَةٌ مِنْ بَنِى حَرَامٍ مِنَ الأَنْصَارِ فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهِ الْجَارِيَةَ فَقُلْتُ قُومِى بِجَنْبِهِ قُولِى لَهُ تَقُولُ لَكَ أُمُّ سَلَمَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ سَمِعْتُكَ تَنْهَى عَنْ هَاتَيْنِ وَأَرَاكَ تُصَلِّيهِمَا. فَإِنْ أَشَارَ بِيَدِهِ فَاسْتَأْخِرِى عَنْهُ. فَفَعَلَتِ الْجَارِيَةُ فَأَشَارَ بِيَدِهِ فَاسْتَأْخَرَتْ عَنْهُ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ «يَا بِنْتَ أَبِى أُمَيَّةَ سَأَلْتِ عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَإِنَّهُ أَتَانِى نَاسٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ فَشَغَلُونِى عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ فَهُمَا هَاتَانِ». طرفه 4370 ـــــــــــــــــــــــــــــ (فقالت أم سلمة: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - ينهى عنهما ثم رأيته يصليهما حين صلى العصر وعندي نسوة من بني حرام، فأرسَلْتُ إليه الجارية، قال: يا ابنة أبي أمية سألتِ عن الركعتين بعد العصر، وإنه أتاني ناس من عبد القيس فشغلوني عن الركعتين بعد الظهر هما هاتان). فإن قلت: حديث أم سلمة دل على أن هذا كان مرة؛ لأنه قضى ما فاته، وحديث عائشة دلّ على استمراره عليها إلى أن فارق الدنيا؟ قلت: أجابوا بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا عمل عملًا داوم عليه. وفي الحديث دلالة على أنّ النوافل تقضى، وموضع الدلالة على الترجمة: فأشار إليها، فإنه أشار وهو في الصلاة لقول أم سلمة: فلما انصرف، أي: فرغ من صلاته. فإن قلت: كيف كانت عائشة تصليهما مع أنّ ابن عباس وعمر كانا يضربان الناس عليهما؟ قلت: لم تدر أن ذلك من خواصّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فإن قلت: ما الدليل على كونهما من خواصّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قلت: قول أم سلمة: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - ينهى عنها، ولم كان ضرب عمر الناس وابن عباس لو لم يكن من الخواصّ؟ وقد سلف في المواقيت حديث ابن عباس: شهد عندي ناس مرضيون وأرضاهم عمر" الحديث.

9 - باب الإشارة فى الصلاة

9 - باب الإِشَارَةِ فِي الصَّلاَةِ قَالَهُ كُرَيْبٌ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - رضى الله عنها - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 1234 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِىِّ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَلَغَهُ أَنَّ بَنِى عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ كَانَ بَيْنَهُمْ شَىْءٌ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصْلِحُ بَيْنَهُمْ فِي أُنَاسٍ مَعَهُ، فَحُبِسَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَحَانَتِ الصَّلاَةُ فَجَاءَ بِلاَلٌ إِلَى أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنه - فَقَالَ يَا أَبَا بَكْرٍ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ حُبِسَ وَقَدْ حَانَتِ الصَّلاَةُ فَهَلْ لَكَ أَنْ تَؤُمَّ النَّاسَ قَالَ نَعَمْ إِنْ شِئْتَ. فَأَقَامَ بِلاَلٌ وَتَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - فَكَبَّرَ لِلنَّاسِ وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَمْشِى فِي الصُّفُوفِ حَتَّى قَامَ فِي الصَّفِّ، فَأَخَذَ النَّاسُ فِي التَّصْفِيقِ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - لاَ يَلْتَفِتُ فِي صَلاَتِهِ، فَلَمَّا أَكْثَرَ النَّاسُ الْتَفَتَ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَشَارَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَأْمُرُهُ أَنْ يُصَلِّىَ، فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - يَدَيْهِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَرَجَعَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الإشارة في الصلاة (قاله كريب عن أم سلمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي: عن فعله، الإشارة في الصلاة، تقدم حديثه في الباب الذي قبله. 1234 - (قتيبة بن سعيد) بضم القاف مصغر (عن أبي حازم) -بالحاء المهملة- سلمة بن دينار. روى في الباب حديث سهل بن سعد الساعدي: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذهب إلى قباء ليصلح بين بني عمرو بن عوف، فحانت الصلاة، قام أبو بكر إمامًا للناس، ثم جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما رآه أبو بكر تأخّر، فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالناس والحديث مرّ مرارًا وموضع الدلالة قوله: (فأشار إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمره أن يصلي) وهذا يدل على أن البخاري استدل به على أن إشارة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أبي بكر إنما كانت ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة مقتديًا بأبي بكر، وليس في طرق هذا الحديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اقتدى بأبي بكر، ظاهرُ

الْقَهْقَرَى وَرَاءَهُ حَتَّى قَامَ فِي الصَّفِّ، فَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَصَلَّى لِلنَّاسِ فَلَمَّا فَرَغَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ «يَا أَيُّهَا النَّاسُ مَا لَكُمْ حِينَ نَابَكُمْ شَىْءٌ فِي الصَّلاَةِ أَخَذْتُمْ فِي التَّصْفِيقِ، إِنَّمَا التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ، مَنْ نَابَهُ شَىْءٌ فِي صَلاَتِهِ فَلْيَقُلْ سُبْحَانَ اللَّهِ. فَإِنَّهُ لاَ يَسْمَعُهُ أَحَدٌ حِينَ يَقُولُ سُبْحَانَ اللَّهِ إِلاَّ الْتَفَتَ، يَا أَبَا بَكْرٍ مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّىَ لِلنَّاسِ حِينَ أَشَرْتُ إِلَيْكَ». فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - مَا كَانَ يَنْبَغِى لاِبْنِ أَبِى قُحَافَةَ أَنْ يُصَلِّىَ بَيْنَ يَدَىْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 684 ـــــــــــــــــــــــــــــ الأحاديث أنه لما قام في الصف فأخذ الناس في التصفيق فالتفت أبو بكر فرآه، فتقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والظاهر أنه فهم من قوله: قام في الصف أنه كان اقتدى بأبي بكر؛ فإن أبا بكر لم يلتفت إلا بعد أن أكثروا التصفيق، ويبعد أن يقف ذلك الزمان المديد من غير اقتداء. (ما كان لابن أبي قحافة) -بضم القاف- كنية أبيه، واسمه عثمان، أسلم في فتح مكة، وعاش بعد الصديق. قال الخطابي: امتناع أبي بكر عن الاستمرار في الإمامة إمّا للتواضع؛ أو لأنه استدل بشق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصفوف أنه لم يرد التقدم، إذ لو أراد لصلى وراء الناس، وهذا الشق الثاني من كلامه ليس بشيء؛ إذ لو كان مراده ذلك لم يشر إليه أن مكانك، ولا عاتبه بعد الصلاة، ولا يجوز من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يشير إلى شيء وهو يريد خلافه؛ لأنه خيانة، وهو منزه عنها. ثم روى حديث أسماء حين صلّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الكسوف، فسألت عائشة، فأشارت برأسها، وموضع الدلالة: (فقالت برأسها) أي: أشارت؛ لأن القول يطلق على كل فعل. ثم روى عن عائشة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى جالسًا، والقوم وراءه قيامًا، فأشار إليهم أن اجلسوا. وقد سلف أن هذا الحديث منسوخ، لأنه صلى آخر صلاة صلاها إمامًا جالسًا والقوم وراءه قيامًا. ومن فوائد الحديث المبادرة إلى الصلاة في أول الوقت، وجواز بعض الصلاة إمامًا وبعضها مأمومًا، وأن العمل القليل لا يفسد الصلاة، ومنها جواز صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خلف آحاد أمته، وقد صلى صلاة خلف عبد الرحمن بن عوف، وغير هذا مما يعلم بالتأمل، هذا آخر كتاب الصلاة، ونسأل الله التوفيق لإكمال الباقي من فضله الواسع.

1235 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنَا الثَّوْرِىُّ عَنْ هِشَامٍ عَنْ فَاطِمَةَ عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ - رضى الله عنها - وَهِىَ تُصَلِّى قَائِمَةً وَالنَّاسُ قِيَامٌ فَقُلْتُ مَا شَأْنُ النَّاسِ فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا إِلَى السَّمَاءِ. فَقُلْتُ آيَةٌ. فَقَالَتْ بِرَأْسِهَا أَىْ نَعَمْ. طرفه 86 1236 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهَا قَالَتْ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي بَيْتِهِ وَهُوَ شَاكٍ جَالِسًا، وَصَلَّى وَرَاءَهُ قَوْمٌ قِيَامًا فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنِ اجْلِسُوا فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ «إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا». طرفه 688

23 - كتاب الجنائز

23 - كتاب الجنائز 1 - باب فِي الْجَنَائِزِ، وَمَنْ كَانَ آخِرُ كَلاَمِهِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَقِيلَ لِوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ أَلَيْسَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ مِفْتَاحُ الْجَنَّةِ قَالَ بَلَى، وَلَكِنْ لَيْسَ مِفْتَاحٌ إِلاَّ لَهُ أَسْنَانٌ، فَإِنْ جِئْتَ بِمِفْتَاحٍ لَهُ أَسْنَانٌ فُتِحَ لَكَ، وَإِلاَّ لَمْ يُفْتَحْ لَكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الجنائز باب من كان آخر كلامه لا إله إلا الله هذه الترجمة بعضُ حديث اتفق أئمة الحديث على صحته. (وقيل لوهب بن منبّه: أليس لا إله إلا الله مفتاح الجنّة؟) الاستفهام للتقرير بما يعلمه المخاطب لا لمفهوم الكلام، مثله قوله تعالى: {أَلَيْسَ اللهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} [الزمر: 36]. (قال: بلى ولكن ليس مفتاح إلا وله أسنان) أشار إلى أن لا إله إلا الله وإن كان أصل الكل في باب النجاة إلا أنَّه لا يكتفى به؛ ولذلك قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "بني الإسلام على خمس". فإن قلت: أليس قد قال: "من قال لا إله إلا الله دخل الجنّة"؟ قلت: إن المفتاح إذا كان له أسنان يدخل الجنّة مع السابقين الفائزين؛ وأما من قال لا إله إلا الله مجردًا وإن كان آخره الجنّة إلا أنَّه في مشيئة الله؛ إن شاء عاقبه، وإن شاء عفا عنه، وهذا معنى قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48]. فإن قلت: لا بدّ من انضمام محمد رسول الله؟ قلت: معلوم من القواعد؛ ولذلك يكتفى به في أكثر المواضع، وكأن صدر الكلام صار لقبًا للمجموع. فإن قلت: قد تفتح الباب من غير مفتاح؟ قلت: ذلك لا يتأتى في باب الجنّة.

1237 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا مَهْدِىُّ بْنُ مَيْمُونٍ حَدَّثَنَا وَاصِلٌ الأَحْدَبُ عَنِ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ أَبِى ذَرٍّ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَتَانِى آتٍ مِنْ رَبِّى فَأَخْبَرَنِى - أَوْ قَالَ بَشَّرَنِى - أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِى لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ». قُلْتُ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ قَالَ «وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ». أطرافه 1408، 2388، 3222، 5827، 6268، 6443، 6444، 7487 1238 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا شَقِيقٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ مَاتَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ النَّارَ». وَقُلْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــ واعلم أن هذا الأثر الَّذي رواه عن وهب رواه البيهقي حديثًا مسندًا مرفوعًا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لكن قال شيخنا: يحتمل أن يكون مدرجًا من معاذ. 1237 - (واصل الأحدب) بفتح الهمزة آخره باء موحدة (عن المعرور بن سويد) بعين مهملة وضم السين مصغر. (عن أبي ذر قال: [قال] رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أتاني آتٍ من ربي فأخبرني، أو قال: بشرني أنَّه من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنّة) هذا الآتي هو جبريل، جاء صريحًا في رواية في كتاب التوحيد، والأمةُ: أمة الدعوة. قوله: (وإن زنا وإن سرق) جمع بين حق الله وحق العباد، وهذا التكرار الَّذي وقع من أبي ذر وقع من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيضًا حين أخبره جبريل، والجملة في محل الحال؛ فلا يحتاج الشرط إلى الجواب؛ أي: يدخل الجنّة والحالُ أنَّه كذا من الزنا والسرقة، ولا ضرورة إلى أن يقال: هو من قبيل قوله: "نعم العبد صهيب، لو لم يخف الله لم يعصه". 1238 - (عن عبد الله قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من مات لا يشرك بالله دخل الجنّة، وقلت:

2 - باب الأمر باتباع الجنائز

أَنَا مَنْ مَاتَ لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ. طرفاه 4497، 6683 2 - باب الأَمْرِ بِاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ 1239 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَشْعَثِ قَالَ سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ عَنِ الْبَرَاءِ - رضى الله عنه - قَالَ أَمَرَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِسَبْعٍ، وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ أَمَرَنَا بِاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ، وَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ، وَإِجَابَةِ الدَّاعِى، وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ من مات يشرك بالله دخل النار) وفي رواية مسلم وقع بالعكس؛ كذا نقله، والصواب أنّ رواية مسلم موافقة للبخاري؛ والعكس إنما وقع لأبي عوانة، وإنما أخذه ابن مسعود من قوله تعالى: {فَريقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَريِقٌ فِي السَّعِيرِ} [الشورى: 7]. فلزم من معرفة أحد الفريقين معرفة الفريق الآخر. فإن قلت: أسباب الخلود في النار لا تحصر في الشرك، بل أنواع الكفر كلها كذلك؟ قلت: معلوم من القواعد أن الكفر في أنواعه ملّة واحدة، وإنما وقع في القرآن والحديث بلفظ الشرك لأن المخاطبين كانوا مشركين. باب الأمر باتباع الجنائز 1239 - (الأشعث) بفتح الهمزة آخره ثاء مثلثة (سويد) بضم السين مصغر (مقرِّن) بكسر الراء المشددة (عن البراء) بفتح الباء وتخفيف الراء. (أمرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - بسبع ونهانا عن سبع). فإن قلت: المأمور بها بعضها واجبات كردّ السلام، ونصر المظلوم، وإجابة الداعي، فيلزم الجمع بين الحقيقة والمجاز؟ قلت: ليس معناه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عدّ هذه الأشياء مرّة واحدة وقال أمرتكم بها؛ وإنما حكى الراوي عنه، ولو سلم يحمل على عموم المجاز وهو مطلق الطلب عند من لم يجوز الجمع ببن الحقيقة والمجاز.

وَإِبْرَارِ الْقَسَمِ، وَرَدِّ السَّلاَمِ، وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ. وَنَهَانَا عَنْ آنِيَةِ الْفِضَّةِ، وَخَاتَمِ الذَّهَبِ، وَالْحَرِيرِ، وَالدِّيبَاجِ، وَالْقَسِّىِّ، وَالإِسْتَبْرَقِ. أطرافه 2445، 5175، 5635، 5650، 5838، 5849، 5863، 6222، 6235، 6654 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: المنهيات في التفصيل ست وفي الإجمال سبع؟ قلت: السابع ركوب المياثر لم يقع له في هذا الطريق، وقد رواه في الاستئذان. (إبرار القسم): ويروى: "إبرار المقسِم" وهو أن يحلف صاحبك عليك أن تفعل كذا مندوب إليه (وتشميت العاطس) -بالمعجمة-: قال ابن الأثير: من الشوامت؛ وهي: القوائم، كأنّه يدعو له بالثبات، وقيل: من شماتة الأعداء، كأنه يقول له: أبعدك الله من شماتة الأعداء، ويروى من السّمت -بالمهملة- كأنه يدعو له بالبقاء على حسن الحال. (أنيةِ الفضة، وخاتمِ الذهب) أي: للرجال بنصوص أُخر (والحرير والدّيباج) معرب ديباه، وهو الرفيع من ثياب الحرير (والقَسِّيّ) -بفتح القاف وتشديد السين والياء- نسبة إلى قس، بلدة من بلاد مصر على ساحل البحر، والثوب المنهي عنه هو الَّذي كله حرير أو أكثره (والإستبرق) الثوب الغليظ من الحرير، قال الله تعالى: {بَطَائِنُهَا مِنْ إسْتَبْرَاقٍ} [الرحمن: 54] معرّب إستبرك. قال بعض الشارحين: فإن قلت: المجاز عند الأصولية أعم مما عند أهل المعاني، فكما جاز عندهم في الكناية نحو: كثير الرماد إرادة المعنى الأصلي وارادة غيره أيضًا في استعمال واحد، كذلك المجاز؟ قلت: حاصله أنَّه لا بدّ في المجاز من قرينة دالة على إرادة غير الحقيقة أعم من أن تكون صارفة من إرادة الحقيقة أم لا، فافهم. هذا كلامه، وفيه خلل من وجوه: الأول: أن ما قاله في الجواب هو عين السؤال، فأي فائدة في التطويل. الثاني: قوله: المجاز عند الأصولية أعم مما عند أهل المعاني غلط ظاهر؛ إنما ذلك في الكناية، صرّح به صدر الشريعة، وصاحب التلويح، وفرعوا على هذا كون الطلاق في

1240 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِى سَلَمَةَ عَنِ الأَوْزَاعِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ خَمْسٌ رَدُّ السَّلاَمِ، وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ». تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ. وَرَوَاهُ سَلاَمَةُ عَنْ عُقَيْلٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: أنتِ بائن، رجعيًّا على اصطلاح أهل المعاني، بائنًا على اصطلاح أهل الأصول، وأمّا المجاز فلا خلاف فيه. الثالث: أن قوله: لا بدّ في المجاز من قرينة دالة على إرادة غير الحقيقة أعم من أن تكون صارفة عن الحقيقة أم لا، ليس كذلك، وكيف ينتقل الذهن إلى المعنى المجازي بدون القرينة الصارفة؟ وهذا الَّذي ذكره لا يصدق لا على المجاز، و [لا] على الكناية. والتحقيق في هذا المقام أن من جوز استعمال اللفظ في إطلاق واحد في المعنى المجازي والحقيقي؛ كقولك: ارم الأسد وأنت تريد الحيوان المفترس والرّجل الشجاع اللفظ عنده مجاز؛ لأنه استعمله فيما وضع له، فلا بدّ من قرينة دالّة على هذا، قال التفتازاني: وهذا في الحقيقة فرع استعمال المشترك في معنييه؛ وذلك أن اللفظ في المجاز موضوع بوضع نوعي. 1240 - (عمرو بن أبي سلمة) بفتح اللام. (حق المسلم على المسلم خمس) أي: خمس خصال، لا ينافي ما تقدم "سبع"؛ لأنّ زيادة الثقة مقبولة والمفهوم إنما يقول به من يقول بمفهوم العدد إذا لم يعارضه منطوق. (تابعه عبد الرزاق) أي: تابع عمرو بن [أبي] سلمة (عن معمر وسلامة بن روح) بتخفيف اللّام (عن عقيل) بضم العين مصغر. قوله: (حق المسلم) أي: الأولى والأليق؛ ليشمل ما ذكره بعده من الواجب والمندوب، وحمله على الوجوب كناية يرد عليه عيادة المريض، وإجابة الدعوة طردًا وعكسًا.

3 - باب الدخول على الميت بعد الموت إذا أدرج فى كفنه

3 - باب الدُّخُولِ عَلَى الْمَيِّتِ بَعْدَ الْمَوْتِ إِذَا أُدْرِجَ فِي كَفَنِهِ 1241 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِى مَعْمَرٌ وَيُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرَتْهُ قَالَتْ أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - عَلَى فَرَسِهِ مِنْ مَسْكَنِهِ بِالسُّنْحِ حَتَّى نَزَلَ، فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَلَمْ يُكَلِّمِ النَّاسَ، حَتَّى نَزَلَ فَدَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ - رضى الله عنها - فَتَيَمَّمَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ مُسَجًّى بِبُرْدِ حِبَرَةٍ، فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ، ثُمَّ أَكَبَّ عَلَيْهِ فَقَبَّلَهُ ثُمَّ بَكَى فَقَالَ بِأَبِى أَنْتَ يَا نَبِىَّ اللَّهِ، لاَ يَجْمَعُ اللَّهُ عَلَيْكَ مَوْتَتَيْنِ، أَمَّا الْمَوْتَةُ الَّتِى كُتِبَتْ عَلَيْكَ فَقَدْ مُتَّهَا. قَالَ أَبُو سَلَمَةَ فَأَخْبَرَنِى ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رضى الله عنه - خَرَجَ وَعُمَرُ - رضى الله عنه - يُكَلِّمُ النَّاسَ. فَقَالَ اجْلِسْ. فَأَبَى. فَقَالَ اجْلِسْ. فَأَبَى، فَتَشَهَّدَ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - فَمَالَ إِلَيْهِ النَّاسُ، وَتَرَكُوا عُمَرَ فَقَالَ أَمَّا بَعْدُ، فَمَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الدخول على الميت بعد الموت إذا أُدرج في كفانه 1241 - 1242 - (بشر) بكسر الموحدة وشين معجمة (معمر) بفتح الميمين وعين ساكنة. (أقبل أبو بكر على فرسه بالسُّنح) قال ابن الأثير: -بضم السين والنون، وقد تُسكن النون- منازل بني حارثة من العوالي. وكان الصديق تزوج منهم امرأة. (فتيمم النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وهو مسجى ببرد حِبَرَة) تيمم: أي قصد مسجى -بتشديد الجيم- أي: مغطى. وحبرة: على وزن عنبة. قال الجوهري: برد يماني. فعلى هذا إضافة البرد إليه إضافة الموصوف إلى الصفة. (أما الموتة التي كتبت عليك فقد متها) أي: في قوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [آل عمران: 185] هذا، وقوله: (لا يجمع الله عليك موتتين) إشارة إلى تحقق موته الَّذي أنكره عمر، فلا إشكال فيه، وقد ذكروا أشياء ركيكة، حتَّى قالوا ذلك من أبي بكر إشارة إلى قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ} [البقرة: 243].

كَانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - فَإِنَّ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَىٌّ لاَ يَمُوتُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ) إِلَى (الشَّاكِرِينَ) وَاللَّهِ لَكَأَنَّ النَّاسَ لَمْ يَكُونُوا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الآيَةَ حَتَّى تَلاَهَا أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - فَتَلَقَّاهَا مِنْهُ النَّاسُ، فَمَا يُسْمَعُ بَشَرٌ إِلاَّ يَتْلُوهَا. أطرافه 3668، 3670، 4453، 4454، 4457، 5711 1243 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ أُمَّ الْعَلاَءِ - امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ - بَايَعَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرَتْهُ أَنَّهُ اقْتُسِمَ الْمُهَاجِرُونَ قُرْعَةً فَطَارَ لَنَا عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ، فَأَنْزَلْنَاهُ فِي أَبْيَاتِنَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ (والله لكأنّ الناس لا يعلمون أنّ الله أنزلها حتَّى تلاها) كأنّ -بتشديد النون-، إنما نسوها من شدة المصيبة، وانضم إلى ذلك قول عمر: من قال: مات محمد ضربت عنقه. قال ابن عباس: قال لي عمر: هل تدري لم قلت تلك المقالة؟ قلت: لا. قال: كنت أنا أقول إنما يموت بعد أصحابه؛ لقوله تعالى: {وَيَكُوْنَ الْرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 143]. 1243 - (يحيى بن بكير) بضم الباء مصغر وكذا (عقيل)، (خارجة بن زيد) بالخاء المعجمة والجيم. (أنّ أمّ العلاء) -بفتح العين والمدّ- بنت الحارث الأنصارية، قال أبو عيسى الترمذي: أمّ العلاء هذه هي أم خارجة بن زيد. قال بعض الشارحين: فعلى هذا ذكر خارجة إياها مبهمةً لا يخلو عن غرض أو أغراض؟ قلت: هذا وهم؛ فان أنسًا كثيرًا ما يقول: قالت أم سليم، أرسلتني أمّ سليم فأيّ غرض له في ذلك؟. قال الذهبي: أم العلاء زوجة زيد بن ثابت، روى عنها خارجة بن زيد وكأنه ابنها. فقوله: كأنه ابنها يدلّ على أنَّه لم يثبت عند الذهبي أنَّه ابنها، فعلى هذا يظهر وجه قوله: أم العلاء؛ إذ لو كانت [أمه] كان الظاهر أن يقول أمي أم العلاء، ويحتمل قول الترمذي: إنها أم خارجة على أنها زوجة أبيه، فهي بمثابة الأم. (عثمان بن مظعون) -بالظاء المعجمة- هاجر إلى المدينة، وكان هاجر إلى الحبشة،

فَوَجِعَ وَجَعَهُ الَّذِى تُوُفِّىَ فِيهِ، فَلَمَّا تُوُفِّىَ وَغُسِّلَ وَكُفِّنَ فِي أَثْوَابِهِ، دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ أَبَا السَّائِبِ، فَشَهَادَتِى عَلَيْكَ لَقَدْ أَكْرَمَكَ اللَّهُ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «وَمَا يُدْرِيكِ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَكْرَمَهُ». فَقُلْتُ بِأَبِى أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَنْ يُكْرِمُهُ اللَّهُ فَقَالَ «أَمَّا هُوَ فَقَدْ جَاءَهُ الْيَقِينُ، وَاللَّهِ إِنِّى لأَرْجُو لَهُ الْخَيْرَ، وَاللَّهِ مَا أَدْرِى - وَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ - مَا يُفْعَلُ بِى». قَالَتْ فَوَاللَّهِ لاَ أُزَكِّى أَحَدًا بَعْدَهُ أَبَدًا. أطرافه 2687، 3929، 7003، 7004، 7018 حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ مِثْلَهُ. وَقَالَ نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ عُقَيْلٍ مَا يُفْعَلُ بِهِ وَتَابَعَهُ شُعَيْبٌ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَمَعْمَرٌ. 1244 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــ ومات بعد مقدمه المدينة بستة أشهر، بدري وأول من دُفن بالبقيع من المهاجرين، وقَبّلَهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو ميت، وبكى عليه بكاءً شديدًا، فلما دفنه أخذ حجرًا فوضعه عند رأسه، وقال: "سَلَفُنَا أدفن إليه موتانا". (والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي) لم يشك في أنَّه من الناجين وهو سيد النبيين - صلى الله عليه وسلم -؛ وإنما نفى العلم التفصيلي بأحواله، ويدل عليه قوله تعالى: {وَمَا أَدْرِى مَا يُفْعَلُ بِى وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ} [الأحقاف: 9] وقيل: كان هذا قبل اطلاعه على أنَّه غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وما يقال إنه منسوخ بقوله: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنَبِكَ} [الفتح: 2] فليس بشيء؛ لأن النسخ لا يجري في مثله؛ لأنه رفع حكم شرعي ثبت بخطاب سابق، وما: موصولة، أو موصوفة، ولا معنى للاستفهام. (عُفير) بضم العين مصغر (وقال نافع بن يزيد عن عقيل: ما يفعل به) أي: بعثمان، واستصوبه بعضهم لعدم ذلك الإشكال، أقول: فيه إشكال آخر، وهو: أن عثمان من أهل بدر، وقد أخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أهل بدر مغفور لهم، وعليه الإجماع، فالعمدة على ما شيدنا أركانه بتوفيق من الله. 1244 - (محمد بن بشار) بفتح الباء وتشديد المعجمة (غندر) بضم الغين المعجمة

مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا قُتِلَ أَبِى جَعَلْتُ أَكْشِفُ الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ أَبْكِى، وَيَنْهَوْنِى عَنْهُ وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لاَ يَنْهَانِى، فَجَعَلَتْ عَمَّتِى فَاطِمَةُ تَبْكِى، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «تَبْكِينَ أَوْ لاَ تَبْكِينَ، مَا زَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا حَتَّى رَفَعْتُمُوهُ». تَابَعَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِى ابْنُ الْمُنْكَدِرِ سَمِعَ جَابِرًا - رضى الله عنه -. أطرافه 1293، 2816، 4080 ـــــــــــــــــــــــــــــ وفتح الدّال (محمد بن المنكدر) -بضم الميم وكسر الدّال. (عن جابر: لما قتل) أي: أبوه عبد الله بن عمرو، قتل يوم أحد (فجعلت عمتي فاطمة تبكي) أي: شرعت في البكاء (فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: تبكين أو لا تبكين، ما زالت الملائكة تُظِلُّه بأجنحتها حتَّى رفعتموه) أشار بهذا الكلام إلى أن الميت إنما يبكى عليه إذا لم يُعلم حاله، ومن كان من الكرامة عند الله بهذه المثابة فلا وجه للبكاء عليه. (تابعه ابنُ جريج) بضم الجيم مصغر، أي: تابع شعبة. فإن قلت: ترجم على الدخول على الميت بعد إدراجه في الكفن، وحين دخولِ أبي بكر لم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه في الكفن؟ قلت: أشار إلى أن حكم المسجّى حكم المكفن؛ لوجود الجامع. باب الرّجل ينعي إلى أهل الميت بنفسه ينعَى -بفتح العين في المضارع وكسرها في الماضي- من النعي على وزن القتل أصله العيب، يقال: نعى على فلان فعله أي: عابه، ثم اشتهر في الإخبار عن الموت. فإن قلت: ما معنى قوله ينعى إلى أهل الميت بنفسه؟ قلت: معناه أن يخبر أهل الميت بموته من غير سماع من أحد. فإن قلت: أين في الإخبار بموت النجاشي إخبار أهل الميت؟ قلت: هم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما المؤمنون إخوة، ألا ترى أنَّه جاء في رواية: أنَّه قال: "صلوا على أخيكم الرجل الصالح" وما يقال ربما كان فيمن قدم مع جعفر أحد من قرابته؛ فشيء لا ضرورة إليه، ويرده قول أبي هريرة فيما بعد: نعى لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النجاشي، والمشهور في لفظ

4 - باب الرجل ينعى إلى أهل الميت بنفسه

4 - باب الرَّجُلِ يَنْعَى إِلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ بِنَفْسِهِ 1245 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَعَى النَّجَاشِىَّ فِي الْيَوْمِ الَّذِى مَاتَ فِيهِ، خَرَجَ إِلَى الْمُصَلَّى، فَصَفَّ بِهِمْ وَكَبَّرَ أَرْبَعًا. أطرافه 1318، 1327، 1328، 1333، 3880، 3881 1246 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ - وَإِنَّ عَيْنَىْ ـــــــــــــــــــــــــــــ النجاشي فتح النون وسكون الياء؛ وهو اسم كل من ملك الحبشة، كتبع لمن ملك العرب، وكسرى لمن ملك الفرس، وكان علمه أصحمة. واستدل بالحديث في الصلاة على الغائب الشافعي وأحمد، ومنعه أبو حنيفة ومالك، وظاهر الحديث يرد عليهما، وقولهما: كشف لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنه فلم يكن غائبًا، لا دليل عليه. 1245 - (فخرج بهم إلى المصلى): ليكثر الجمع، ولأنّه الموضع المتعارف في صلاة الجنازة. 1246 - (أبو معمر) -بفتح الميمين وسكون العين- عبد الله بن عمرو (حميد بن هلال) بضم الحاء مصغر. (أخذ الراية زيد فأصيب) أي: بمصيبة الموت هو: زيد بن حارثة مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كان أمير الجيش في غزوة مؤتة (وإن عيني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لتذرفان) -بالذال المعجمة- أي: تسيلان دمعًا، السيلان إنما هو للدمع، وإسناده إلى العين مجاز، مثل: سال الوادي مبالغة في كثرة الدمع.

5 - باب الإذن بالجنازة

رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَتَذْرِفَانِ - ثُمَّ أَخَذَهَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ مِنْ غَيْرِ إِمْرَةٍ فَفُتِحَ لَهُ» أطرافه 2798، 3063، 3630، 3757، 6242 5 - باب الإِذْنِ بِالْجَنَازَةِ وَقَالَ أَبُو رَافِعٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَلاَ آذَنْتُمُونِى». 1247 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِىِّ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ مَاتَ إِنْسَانٌ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ـــــــــــــــــــــــــــــ (فأخذها خالد بن الوليد من غير إمرة) -بكسر الهمزة وسكون الميم- من غير إمارة، وذلك أنَّه لما أصيب الَّذي عيّنهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للإمارة، فإنه لما أرسل الجيش أمّر عليهم زيد بن حارثة مولاه، وقال: "إن أصيب زيد فالأمير جعفر بن أبي طالب، فإن أصيب جعفر فالأمير عبد الله بن رواحة الأنصاري" ولم يزد على هذا فلما قتل هؤلاء اصطلح القوم على إمارة خالد، وكان الفتح على يديه، وسمّاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سيف الله في هذه القضية. وفي الحديث معجزتان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إخباره بالغيب عن موت النجاشي، وعن موت الأمراء في هذه الغزوة. باب الإذن بالجنازة (وقال أبو رافع عن أبي هريرة: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ألا آذنتموني) ألا -بتخفيف اللام- حرف تحضيض، إذا دخل الماضي أفاد اللوم على الترك، و"آذنتموني" -بالمد- أي: هلا أعلمتنوني. وهذا التعليق تقدم مسندًا في باب كنس المسجد. 1247 - (محمد) كذا وقع غير منسوب، ويحتمل أن يكون ابن سلام وابن المثنى؛ فإن كل واحد منهما يروي عن أبي معاوية، لكن وجدت في بعضها ابن سلام. (مات إنسان) في رواية أبي هريرة: أسود رجل أو امرأة، وفي رواية أبي أمامة:

6 - باب فضل من مات له ولد فاحتسب

يَعُودُهُ فَمَاتَ بِاللَّيْلِ فَدَفَنُوهُ لَيْلاً، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَخْبَرُوهُ فَقَالَ «مَا مَنَعَكُمْ أَنْ تُعْلِمُونِى». قَالُوا كَانَ اللَّيْلُ فَكَرِهْنَا - وَكَانَتْ ظُلْمَةٌ - أَنْ نَشُقَّ عَلَيْكَ. فَأَتَى قَبْرَهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ. طرفه 857 6 - باب فَضْلِ مَنْ مَاتَ لَهُ وَلَدٌ فَاحْتَسَبَ وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) 1248 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ مسكينة (ما منعكم أن تعلموني؟ قالوا: كان الليل، وكانت ظلمة) كان: في الموضعين تامّة (أن يَشق عليك) -بفتح الياء- علي بناء الفاعل، مفعول كرهنا، وفاعله الإتيان أو الحضور (فأتى قبره فصلّى عليه) فيه دليل للشافعي وأحمد في جواز الصلاة على الميت بعد الدّقن، وقيَّده الشافعي بمن يكون بالغًا يوم موته، وقيّد الإمام أحمد الجواز إلى شهر، وفيه دليل على استحباب الإعلام؛ لأن فيه الاجتماع، وكثرة المصلين، وليس هذا من النعي الَّذي ورد النهي عنه، فإنّ ذاك على طريق الجاهلية، كما عليه أهل المصر الآن من دوران النساء في الأسواق كاشفات الرؤوس. فإن قلت: أي فرق بين هذه الترجمة والتي قبلها؟ قلت: المراد بهذا الإعلام للصلاة على الميت، والأولى للإعلام بالموت. واعلم أنَّه قد وقع لبعض الشراح أن الَّذي في حديث ابن عباس هو الَّذي في حديث أبي هريرة، وهو وهم؛ فإن من في حديث أبي هريرة المرأة اسمها أم محجن، والذي في حديث ابن عباس رجل وهو طلحة بن عمرو البلوي، قاله شيخنا أبو الفضل بن حجر. باب فضل من مات له ولد فاحتسب (وقول الله تعالى: {وَبَشِّرِ الْصَّابِرينَ} [البقرة: 155]). 1248 - (أبو معمر) -بفتح الميمين وسكون العين-: عبد الله بن عمرو.

- رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَا مِنَ النَّاسِ مِنْ مُسْلِمٍ يُتَوَفَّى لَهُ ثَلاَثٌ لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ، إِلاَّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ إِيَّاهُمْ». طرفه 1381 1249 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَصْبَهَانِىِّ عَنْ ذَكْوَانَ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ رضى الله عنه أَنَّ النِّسَاءَ قُلْنَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - اجْعَلْ لَنَا يَوْمًا. فَوَعَظَهُنَّ، وَقَالَ «أَيُّمَا امْرَأَةٍ مَاتَ لَهَا ثَلاَثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ كَانُوا حِجَابًا مِنَ النَّارِ». قَالَتِ امْرَأَةٌ وَاثْنَانِ. قَالَ «وَاثْنَانِ». طرفه 101 1250 - وَقَالَ شَرِيكٌ عَنِ ابْنِ الأَصْبَهَانِىِّ حَدَّثَنِى أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ وَأَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ «لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ». طرفه 102 ـــــــــــــــــــــــــــــ (ما من مسلم يموت له ثلاث لم ببلغوا الحنث إلّا أدخله الله الجنّة بفضل رحمته إيّاهم) الحنث: الإثم كناية عن البلوغ فإنه إذا بلغ يكتب عليه الإثم. فإن قلت: ليس في الحديث ذكر الاحتساب؟ قلت: جاء في سائر الروايات، وهذا على دأبه من الاستدلال بما فيه خفاء. 1249 - (مسلم): ضد الكافر. (أيما امرأة مات لها ثلاثة من الولد كنّ لها حجابًا من النار) أنّث الضمير في: كنّ، باعتبار معنى الثلاثة، وهو: الجماعة، وفي بعضها كان باعتبار الموت والاحتساب، وما يقال: كان القياس: كانوا، مكان "كن" فليس بشيء؛ لأن الواو لذكور العقلاء، ولفظ الولد أعم. (قالت امرأة: واثنان؟ قال: واثنان) أي: وان مات اثنان، وفي رواية الترمذي: وواحد قال: "وواحد". وفي بعضها: "كانوا" وفيه تغليب للذكر، والمرأة السائلة أمّ سليم، صرح بها الطبراني.

1251 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِىَّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَمُوتُ لِمُسْلِمٍ ثَلاَثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ، فَيَلِجَ النَّارَ إِلاَّ تَحِلَّةَ الْقَسَمِ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا). طرفه 6656 ـــــــــــــــــــــــــــــ 1251 - (لا يموت لمسلم ثلاث من الولد فيلجَ النّارَ إلَّا تحِلّة القسم) يروى بالنصب والرفع، قال الطيبي: الفاء بمعنى الواو وذلك أن عدم الموت لا يصلح سببًا فالمعنى: لا يجتمع موت الأولاد ودخول النار، والأولى عندي أن الفاء للسببية والتعقيب، ولما امتنع السببية جردت عنها التعقيب خاصة، كما جردت الهمزة عن الاستفهام في {أَأنْذَرْتَهُمْ} [البقرة: 6] للتساوي إبقاءً لمعنى الكلمة بقدر الإمكان، والرفع بالعطف، والمعنى عليه ظاهر، أي: لا يكون بعد الموت ولوج النار إلا تحلة القسم، قال الجوهري: التحلة صدر حللته تحليلًا، ومعناه في الحديث: إلا قدر ما يبر الله به قسمه بقوله: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُّهَا} [مريم: 71]. هذا كلام الجوهري، وقال غيره: الكلام على التشبيه، وليس هناك قسم، بل قوله: {كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مْقْضِيًا} [مريم: 71] جارٍ مجرى القسم. والحق أن قوله: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُّهَا} عطف على جواب القسم قبله، وهو قوله: {فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ} [مريم: 68]؛ فهو أيضًا قَسَم. فإن قلت: الورود لا يستلزم المسّ، قال تعالى: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ} [القصص: 23] ومن المعلوم أنَّه لم يدخل الماء، فما معنى قوله: "لا تمسّه النار إلا تحلّة القسم" أو "فلا يلج النار إلا تحلّة القسم"؟ قلت: المسّ والولوج كلناية عن المرور عليها، ألا ترى إلى قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (101) لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا} [الأنبياء: 101، 102] وإذا كان البعد بهذه الرتبة فمن وصول النار إليهم بمراحل، وهذا الَّذي ذكرناه لا يجوز غيره؛ لأن الخطاب في قوله: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُّهَا} عام لكافة البشر، وفيهم الأنبياء والرّسل. فإن قلت: روى أحمد والحاكم والنسائي: "لا يبقى برٌّ ولا فاجرٌ إلَّا دخلها"؟ قلت:

7 - باب قول الرجل للمرأة عند القبر اصبرى

7 - باب قَوْلِ الرَّجُلِ لِلْمَرْأَةِ عِنْدَ الْقَبْرِ اصْبِرِى 1252 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ مَرَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِامْرَأَةٍ عِنْدَ قَبْرٍ وَهِىَ تَبْكِى فَقَالَ «اتَّقِى اللَّهَ وَاصْبِرِى». أطرافه 1283، 1302، 7154 ـــــــــــــــــــــــــــــ مجاز عن المرور، ألا ترى إلى ما رواه مسلم: "لا يدخل النار أحد شهد الحديبية". وسيأتي في حديث الشفاعة أن من المؤمنين من يمرُّ على الصراط كالبرق الخاطف؛ فأيّ معنى للدخول هنا، وعلم أن البخاري كما هو دأبه أشار في الترجمة بلفظ الولد مفردًا إلى ما رواه في الرقائق من الحديث القدسي: "ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من الدنيا ثم احتسبه إلا الجنّة". وهذا أعظم حديث في هذا الباب وأصح. باب قول الرجل للمرأة عند القبر: اصبري 1252 - (مرّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بامرأة عند قبر وهي تبكي، فقال: اتقي الله واصبري) الصبر: حبس النفس على المكروه، أرشدها إلى ما تنال به أجرًا بغير حساب، مع أن الجزع يؤدي إلى العذاب (قالت: فإنك لم تصب بمصيبتي) -بضم التاء- على بناء المجهول والمراد: مثل مصيبتي (فقيل لها: إنه النبي - صلى الله عليه وسلم -) نبهوها على خطئها، فأتت باب النبي - صلى الله عليه وسلم - للاعتذار. فقال: (إِنّ الصبر عند الصدمة الأولى) فإن الجرح بمرور الزمان يندمل، وينسى المألوف والمحبوب. والصدم لغة: ضرب جسم على آخر بشدة، استعارة لإصابة المصيبة الهائلة. وفي الحديث دلالة على حسن أخلاقه ورأفته بامته، وأنّ للنساء زيارة القبور، إلا أنَّه ورد في أحاديث كثيرة مع النساء منها. فإن قلت: في الحديث وقع لفظ التقوى والصبر معًا، واقتصر في الترجمة على الصبر وحده؟ قلت: إشارة إلى أنَّه ملاك الأجر في هذا الموضع، ولمّا قدم في الباب قبل بيان أجر من مات لها ولد أردفه ببيان ما يُنال به ذلك الأجر؛ وهو الصبر على فقد ذلك الولد.

8 - باب غسل الميت ووضوئه بالماء والسدر

8 - باب غُسْلِ الْمَيِّتِ وَوُضُوئِهِ بِالْمَاءِ وَالسِّدْرِ وَحَنَّطَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - ابْنًا لِسَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، وَحَمَلَهُ وَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - الْمُسْلِمُ لاَ يَنْجُسُ حَيًّا وَلاَ مَيِّتًا. وَقَالَ سَعْدٌ لَوْ كَانَ نَجِسًا مَا مَسِسْتُهُ. وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الْمُؤْمِنُ لاَ يَنْجُسُ». 1253 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِىِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ الأَنْصَارِيَّةِ - رضى الله عنها - قَالَتْ دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ تُوُفِّيَتِ ابْنَتُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب غسل الميت ووضوئه بالماء والسّدر (وحنط ابن عمر ابنًا لسعيد بن زيد) -بتشديد النون- أي: استعمل في غسله الحنوط -بفتح الحاء- والحناط -بكسر الحاء- طيب مخلوط برسم الأكفان. (المؤمن لا ينجس حيًّا وميتًا) هذا الأثر عن ابن عباس رواه الحاكم مسندًا مرفوعًا، وكذا رواه الدارقطني (وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: المؤمن لا ينجس) تقدم مسندًا في باب كينونة الجنب. استدل بالآية والأحاديث على أن غسل الميت ليس من حيث إنه نجس، بل لأنه نوع إكرام، ليكون ذهابه إلى بين يدي الله على أكمل أحواله، كالغسل ليوم العيد والجمعة. 1253 - (عن أيوب: السّختياني) -بالخاء المعجمة- نسبة إلى صنعته (عن أم عطية الأنصارية) واسمها نسيبة -بضم النون- مصغر. (دخل علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن نغسل ابنته) هي: زينب، جاء صريحًا في رواية مسلم، وفي رواية الترمذي أنها أم كلثوم، والصواب ما في مسلم كذا قيل، لكن في

فَقَالَ «اغْسِلْنَهَا ثَلاَثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ أَكْثَرَ مَنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَاجْعَلْنَ فِي الآخِرَةِ كَافُورًا أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِى». فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ فَأَعْطَانَا حِقْوَهُ فَقَالَ «أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ». تَعْنِى إِزَارَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ رواية ابن ماجة أنها أم كلثوم، ورجاله على شرط الشيخين، فالوجه جواز الجمع؛ لأن أمّ عطية كانت غسّالة الموتى، كذا ما قاله ابن عبد البر في ترجمتها. فإن قلت: أصل الغسل واجب، وقيد ثلاث وما بعده ندب، فيجمع الحقيقة والمجاز؟ قلت: ندب عند من يقول بجواز الجمع، واجب عند من لا يقول به، وهم الكوفيون، فلا إشكال. (فقال: اغسلنها ثلاثًا أو خمسًا أو أكثر) أي: من العدد الوتر، ولذلك لم يذكر الأربع (بماء وسدر) مبالغة في التنظيف؛ ولأنه دأب النساء عند الاغتسال (واجعلن في الآخِرة) -بكسر الخاء- أي: في المرّة الآخرة (كافورًا) لأنه يصلب الجسم، ويطرد الهوام وله رائحة طيبة، إكرامًا للملائكة الذين يسألونه. (فإذا فرغْتُنَّ فآذِنّني) -بكسر الذال والمدّ- أي: أعلمنني (فأعطانا حقْوهُ) -بفتح الحاء وسكون القاف- فسّره البخاري بإزاره، وأصله لغة: معقد الإزار، فإطلاقه عليه مجاز، وسيطلقه على معقد الإزار فيما بعد (فقال: أشْعرنها إياه) -بفتح الهمزة- أي: اجعلنه شعارًا وهو: الثوب الَّذي يلي جلد الإنسان، والدّثار ما فوقه، ولذلك قال في مدح الأنصار: " [الأنصار] شعار والناس دثار". فإن قلت: ليس في الحديث ذكر الوضوء؟ قلت: ذكره في الباب الَّذي بعده من رواية أمّ عطية، وهذا دأبه من الاستدلال بالخفي، وليس في الباب بعده من الزيادة إلَّا ذكر الوضوء، وزيادة سبع بدل قوله هنا: "أو أكثر"، وقد أشكل على بعضهم حتَّى زعم أن الضمير في قوله: وضوئه في الترجمة عائد إلى الغاسل.

9 - باب ما يستحب أن يغسل وترا

9 - باب مَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يُغْسَلَ وِتْرًا 1254 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِىُّ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ نَغْسِلُ ابْنَتَهُ فَقَالَ «اغْسِلْنَهَا ثَلاَثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَاجْعَلْنَ فِي الآخِرَةِ كَافُورًا، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِى». فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ، فَأَلْقَى إِلَيْنَا حِقْوَهُ فَقَالَ «أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ». فَقَالَ أَيُّوبُ وَحَدَّثَتْنِى حَفْصَةُ بِمِثْلِ حَدِيثِ مُحَمَّدٍ وَكَانَ فِي حَدِيثِ حَفْصَةَ «اغْسِلْنَهَا وِتْرًا». وَكَانَ فِيهِ: «ثَلاَثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا». وَكَانَ فِيهِ أَنَّهُ قَالَ «ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا وَمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنْهَا». وَكَانَ فِيهِ أَنَّ أُمَّ عَطِيَّةَ قَالَتْ وَمَشَطْنَاهَا ثَلاَثَةَ قُرُونٍ. 10 - باب يُبْدَأُ بِمَيَامِنِ الْمَيِّتِ 1255 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي غَسْلِ ابْنَتِهِ «ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا وَمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنْهَا». ـــــــــــــــــــــــــــــ باب يبدأ بميامن الميت 1255 - ذكر في الباب حديث أم عطية في غسل زينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأعاده في الباب الَّذي بعده، وقال: باب مواضع الوضوء، وبعده: باب هل تكفن المرأة في إزار الرجل، وبعده: في باب يجعل الكافور في آخره، وبعده: باب نقض شعر المرأة، وقال فيه وفي الباب بعده (حدثنا أحمد)، كذا وقع غير منسوب، قال الغساني: قيل: هو أحمد بن صالح، يُكنى أبا جعفر، وقيل: أحمد بن عيسى السّدي؛ فإن كل واحد يروي عن عبد الله بن وهب. وقيل: هو أحمد بن عبد الرحمن أخي ابن وهب، وردّ هذا الحاكم وأبو نصر، وقالا: ليس للبخاري عنه رواية. ثمّ أعاد [حديث] أم عطية في مواضع، بقدر ما استنبط منه الأحكام ترجم لها. ومدار الحديث في هذه الأبواب على محمد بن سيرين وعلى أخته حفصة وذكر

11 - باب مواضع الوضوء من الميت

11 - باب مَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنَ الْمَيِّتِ 1256 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ لَمَّا غَسَّلْنَا بِنْتَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَنَا وَنَحْنُ نَغْسِلُهَا «ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا وَمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ». 12 - باب هَلْ تُكَفَّنُ الْمَرْأَةُ فِي إِزَارِ الرَّجُلِ 1257 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَمَّادٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ تُوُفِّيَتْ بِنْتُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لَنَا «اغْسِلْنَهَا ثَلاَثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِى». فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ فَنَزَعَ مِنْ حِقْوِهِ إِزَارَهُ وَقَالَ «أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ». 13 - باب يَجْعَلُ الْكَافُورَ فِي آخِرِهِ 1258 - حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ تُوُفِّيَتْ إِحْدَى بَنَاتِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَخَرَجَ، فَقَالَ «اغْسِلْنَهَا ثَلاَثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَاجْعَلْنَ فِي الآخِرَةِ كَافُورًا أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِى». قَالَتْ فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ، فَأَلْقَى إِلَيْنَا حِقْوَهُ فَقَالَ «أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ». وَعَنْ أَيُّوبَ عَنْ حَفْصَةَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ - رضى الله عنهما - بِنَحْوِهِ. 1259 - وَقَالَتْ إِنَّهُ قَالَ «اغْسِلْنَهَا ثَلاَثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ». قَالَتْ حَفْصَةُ قَالَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ - رضى الله عنها - وَجَعَلْنَا رَأْسَهَا ثَلاَثَةَ قُرُونٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الميامن، ومواضع الوضوء إنما وقع في رواية حفصة، وكذا ذكر المشط والضفر. فإن قلت: قال: أولًا يبدأ بميامن الميت، ثم قال: باب مواضع الوضوء، ولفظ الحديث واحد؛ فأي فائدة في ذلك؟ قلت: أدخل بقوله: مواضع الوضوء المضمضة والاستنشاق، فإن لفظ الميامن لا يتناولهما.

14 - باب نقض شعر المرأة

14 - باب نَقْضِ شَعَرِ الْمَرْأَةِ وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ لاَ بَأْسَ أَنْ يُنْقَضَ شَعَرُ الْمَيِّتِ. 1260 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَيُّوبُ وَسَمِعْتُ حَفْصَةَ بِنْتَ سِيرِينَ قَالَتْ حَدَّثَتْنَا أُمُّ عَطِيَّةَ - رضى الله عنها - أَنَّهُنَّ جَعَلْنَ رَأْسَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثَلاَثَةَ قُرُونٍ نَقَضْنَهُ ثُمَّ غَسَلْنَهُ ثُمَّ جَعَلْنَهُ ثَلاَثَةَ قُرُونٍ. 15 - باب كَيْفَ الإِشْعَارُ لِلْمَيِّتِ وَقَالَ الْحَسَنُ الْخِرْقَةُ الْخَامِسَةُ تَشُدُّ بِهَا الْفَخِذَيْنِ وَالْوَرِكَيْنِ تَحْتَ الدِّرْعِ. 1261 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَنَّ أَيُّوبَ أَخْبَرَهُ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ سِيرِينَ يَقُولُ جَاءَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ - رضى الله عنها - امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ مِنَ اللاَّتِى بَايَعْنَ، قَدِمَتِ الْبِصْرَةَ، تُبَادِرُ ابْنًا لَهَا فَلَمْ تُدْرِكْهُ - فَحَدَّثَتْنَا قَالَتْ دَخَلَ عَلَيْنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ نَغْسِلُ ابْنَتَهُ فَقَالَ «اغْسِلْنَهَا ثَلاَثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَاجْعَلْنَ فِي الآخِرَةِ كَافُورًا، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِى». قَالَتْ فَلَمَّا فَرَغْنَا أَلْقَى إِلَيْنَا حَقْوَهُ فَقَالَ «أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ». وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ، وَلاَ أَدْرِى أَىُّ بَنَاتِهِ. وَزَعَمَ أَنَّ الإِشْعَارَ الْفُفْنَهَا فِيهِ، وَكَذَلِكَ كَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَأْمُرُ بِالْمَرْأَةِ أَنْ تُشْعَرَ وَلاَ تُؤْزَرَ. 16 - باب هَلْ يُجْعَلُ شَعَرُ الْمَرْأَةِ ثَلاَثَةَ قُرُونٍ 1262 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أُمِّ الْهُذَيْلِ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ ضَفَرْنَا شَعَرَ بِنْتِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. تَعْنِى ثَلاَثَةَ قُرُونٍ. وَقَالَ وَكِيعٌ قَالَ سُفْيَانُ نَاصِيَتَهَا وَقَرْنَيْهَا. 17 - باب يُلْقَى شَعَرُ الْمَرْأَةِ خَلْفَهَا 1263 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ قَالَ حَدَّثَتْنَا

18 - باب الثياب البيض للكفن

حَفْصَةُ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ تُوُفِّيَتْ إِحْدَى بَنَاتِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَتَانَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «اغْسِلْنَهَا بِالسِّدْرِ وِتْرًا ثَلاَثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ، وَاجْعَلْنَ فِي الآخِرَةِ كَافُورًا أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِى». فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ، فَأَلْقَى إِلَيْنَا حِقْوَهُ، فَضَفَرْنَا شَعَرَهَا ثَلاَثَةَ قُرُونٍ وَأَلْقَيْنَاهَا خَلْفَهَا. 18 - باب الثِّيَابِ الْبِيضِ لِلْكَفَنِ 1264 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كُفِّنَ فِي ثَلاَثَةِ أَثْوَابٍ يَمَانِيَةٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ مِنْ كُرْسُفٍ، لَيْسَ فِيهِنَّ قَمِيصٌ وَلاَ عِمَامَةٌ. أطرافه 1271، 1272، 1273، 1387 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الثياب البيض للكفن 1264 - (محمد بن مقاتل) بضم الميم وكسر التاء. (عن عائشة: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كُفن في ثلاثة أثواب يمانية بيض سحولية من كُرْسفٍ ليس فيها قميص ولا عمامة) اليمانية: نسبة إلى يمن، الألف زائِدة، والياء مخففة. والسحولية -بفتح السين وضمها- قال النووي: والفتح أشهر. قال ابن الأثير: نسبة إلى سحول، وهو: القصار؛ لأنه يسحلها، أي: يغسلها، والسحل هو الغسل أو نسبته إلى قرية بيمن، قال: وأما الضّمُ فلأنهُ جمع سحل، وهو: الثوب الأبيض. وردّه ابن عبد البر وقال: لو كان السحل هو الثوب الأبيض لاستُغني بذكره عن ذكر الأبيض معه، فعلى هذا تعين أنَّه نسبة إلى القصار أو البلد. وفي رواية أبي داود: كفن في ثوبين وبرد حبرة وفي رواية الترمذي: في حلّة وقميصه الَّذي كان عليه. والصّواب ما في البخاري؛ لما روى مسلم: أن الحلّة اشتريت له، ولكن لم يكفن فيها، وكذا قالت عائشة. أو برد، ولكن ردّوه.

19 - باب الكفن فى ثوبين

19 - باب الْكَفَنِ فِي ثَوْبَيْنِ 1265 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهم - قَالَ بَيْنَمَا رَجُلٌ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ إِذْ وَقَعَ عَنْ رَاحِلَتِهِ فَوَقَصَتْهُ - أَوْ قَالَ فَأَوْقَصَتْهُ - قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ، وَلاَ تُحَنِّطُوهُ وَلاَ تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا». أطرافه 1266، 1267، 1268، 1839، 1849، 1850، 1851 ـــــــــــــــــــــــــــــ والكرسف -بضم الكاف وسكون الراء- القطن، وقوله: ليس فيها قميص ولا عمامة معناه اقتصروا على هذه الثلاثة، بدليل قوله فيما بعد: باب الكفن بغير قميص، وإليه ذهب الشافعي وأحمد، قالا: يكفن في ثلاث لفائف. وقال مالك وأبو حنيفة: معناه أن القميص والعمامة لم يكونا من جملة هذه الثلاث. ويؤيد قولهما ما رواه البزار: كفن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ثلاثة أثواب وقميصه وعمامته. باب التكفين في الثوبين 1265 - (أبو النعمان) -بضم النون- محمد بن الفضل (حمّاد) بفتح الحاء وتشديد الميم. قال ابن عباس: بينما رجل واقف بعرفة إذ وقع عن ناقته فوقصته) أي: كسرت عنقه، ويروى: قصعته، وأقعصته، أي: قتلته سريعًا. (قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبين) الإزار والرِّداء؛ لأنهما لبس المحرم (ولا تحنطوه) لأنه طيب، والطيب يحرم على المحرم (ولا تخمروا رأسه) -بضم التاء وكسر الميم المشددة-: أي: لا تسْتُروه، فإن إحرام الرّجل في رأسه، وعلله بقوله: (فإنه يبعث يوم القيامة ملبيًّا) واستدل به الشافعي على أن كل محرم مات هذا شأنه، وقال أبو حنيفة ومالك: كان ذلك خاصًّا بذلك الرّجل، ولا يخفى بعد هذا، وأيّ فرق بين محرم ومحرم؟

20 - باب الحنوط للميت

20 - باب الْحَنُوطِ لِلْمَيِّتِ 1266 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ بَيْنَمَا رَجُلٌ وَاقِفٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِعَرَفَةَ إِذْ وَقَعَ مِنْ رَاحِلَتِهِ فَأَقْصَعَتْهُ - أَوْ قَالَ فَأَقْعَصَتْهُ - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ، وَلاَ تُحَنِّطُوهُ وَلاَ تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا». طرفه 1265 21 - باب كَيْفَ يُكَفَّنُ الْمُحْرِمُ 1267 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهم - أَنَّ رَجُلاً وَقَصَهُ بَعِيرُهُ، وَنَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الحنوط للميت 1266 - (قتيبة) بضم القاف مصغر (حمّاد) بفتح الحاء وتشديد الميم. روى في الباب حديث ابن عباس: أن رجلًا كان واقفًا بعرفة فأقعصته دابته، أو فأقصعته وقد تقدم في الباب قبله. باب كيف يُكَفَّنُ المحرم 1267 - (أبو النعمان) -بضم النون- محمد بن الفضل (أبو عَوانة) -بفتح العين- الوضّاح الواسطي (عن أبي بشر) -بكسر الموحدة بعدها شين معجمة- جعفر بن أبي وحشية. وروى في الباب حديث الواقف بعرفة فوقصته ناقته، وقد تقدم شرحه في باب التكفين في ثوبين، وقال هنا "ملبدًا" بدل قول: "ملبيًّا"، والتلبيد: جمع الشعر، ولطخه بالصمغ؛ لئلا يدخله الغبار.

22 - باب الكفن فى القميص الذى يكف أو لا يكف

وَهْوَ مُحْرِمٌ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ، وَلاَ تُمِسُّوهُ طِيبًا، وَلاَ تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّدًا». طرفه 1265 1268 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرٍو وَأَيُّوبَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهم - قَالَ كَانَ رَجُلٌ وَاقِفٌ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِعَرَفَةَ فَوَقَعَ عَنْ رَاحِلَتِهِ - قَالَ أَيُّوبُ فَوَقَصَتْهُ، وَقَالَ عَمْرٌو فَأَقْصَعَتْهُ - فَمَاتَ فَقَالَ «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ، وَلاَ تُحَنِّطُوهُ وَلاَ تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ - قَالَ أَيُّوبُ يُلَبِّى، وَقَالَ عَمْرٌو - مُلَبِّيًا». طرفه 1265 22 - باب الْكَفَنِ فِي الْقَمِيصِ الَّذِى يُكَفُّ أَوْ لاَ يُكَفُّ 1269 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَىٍّ لَمَّا تُوُفِّىَ جَاءَ ابْنُهُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ واعلم أن إطلاقه المحرم في هذه الأبواب إشارة فيه إلى أن كل محرم كذلك، ولا يُخصُّ الحكم بذلك المحرم، وقد أصاب في ذلك، ومن خص الحكم بذلك الرجل فليخصّ الرجم بماعز، فإن رجمه معلل بالزنا، كما أن تكفين هذا بهذه الكيفية معلل بالإحرام. باب الكفن في القميص الَّذي يُكف أو لا يكف أي: المخيط وغير المخيط، قال ابن بطال: والصواب في الترجمة القميص الَّذي يكفي والذي لا يكفي، وليس ما قاله بصواب؛ وذلك أن غرض البخاري أنّ المخيط وغير المخيط سواء، وذلك أنَّه لما قدَّم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كفن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص. أشار إلى أن فعله دل على الجواز، على أنَّه على قول ابن بطال يلزم أن تكون الياء محذوفة من غير موجب، ورواه بعضهم بفتح الياء وضم الكاف على أنّ معناه: سواء كف العذاب أو لا نظرًا إلى إعطاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القميص لذلك المنافق، وهذا كله خلاف الصواب، والله الموفق، على أن في الكف أيضًا معنى الكفاية. قال ابن الأثير والجوهري: الكفة -بالضَّم- كل ثوب مستطيل. 1269 - (عن ابن عمر أن عبد الله بن أُبي لما توفي جاء ابنه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال:

يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْطِنِى قَمِيصَكَ أُكَفِّنْهُ فِيهِ، وَصَلِّ عَلَيْهِ وَاسْتَغْفِرْ لَهُ، فَأَعْطَاهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَمِيصَهُ فَقَالَ «آذِنِّى أُصَلِّى عَلَيْهِ». فَآذَنَهُ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّىَ عَلَيْهِ جَذَبَهُ عُمَرُ - رضى الله عنه - فَقَالَ أَلَيْسَ اللَّهُ نَهَاكَ أَنْ تُصَلِّىَ عَلَى الْمُنَافِقِينَ فَقَالَ «أَنَا بَيْنَ خِيرَتَيْنِ قَالَ (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ)». فَصَلَّى عَلَيْهِ فَنَزَلَتْ (وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا). أطرافه 4670، 4672، 5796 ـــــــــــــــــــــــــــــ أعطني قميصك أكفنه فيه) عبد الله بن أبي هذا خزرجي، رأس الكفر والنفاق، وهو الَّذي تولى كبره من حديث الإفك في حق أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق، حبيبة سيّد الأولين والآخرين. (وصَلِّ عليه واستغفر له) إما أن يغفر له، أو يدفع بذلك العار (فأعطاه قميصه) الَّذي كان يلبسه (فلما أراد أن يصلي عليه جذبه عمر وقال: أليس الله نهاك أن تصلي على المنافقين؟). فإن قلت: آخر الحديث وهو قوله: {فصلى عليه، فنزلت {وَلَا تُصَلِ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا} [التوبة: 84]) صريح في أن النهي عن الصلاة عليهم كان بعدما صلَّى على ابن أبي سلول وقول ابن عمر يدل على العكس؟. قلت: قول ابن عمر إشارة إلى قوله تعالى: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسَتَغفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ} [التوبة: 80]، فإن الصلاة على الميت استغفار له، ألا ترى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ردّ على عمر بهذه الآية، وأشار إلى أنَّه ليس فيه نهي، بل مخير بين أمرين. فإن قلت: في حديث ابن عمر أنَّه لما سأله ابنُه القميص أعطاه، وفي حديث جابر أنَّه ألبسه القميص بعد إخراجه؟ قلت: ظاهر كلام الحاكم في "الإكليل" أنَّه ألبسه قميصين، وأجاب بعضهم: بأن حديث جابر ليس فيه أنَّه ألبسه بعد إخراجه، فإن الواو لا تدل على الترتيب، وسيأتي في سورة براءة مزيد تحقيق إن شاء الله تعالى، وزعم صاحب "الكشاف" في تفسيره أنَّه لم يصل عليه، والحديث حجّة عليه.

23 - باب الكفن بغير قميص

1270 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو سَمِعَ جَابِرًا - رضى الله عنه - قَالَ أَتَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَىٍّ بَعْدَ مَا دُفِنَ فَأَخْرَجَهُ، فَنَفَثَ فِيهِ مِنْ رِيقِهِ وَأَلْبَسَهُ قَمِيصَهُ. أطرافه 1350، 3008، 5795 23 - باب الْكَفَنِ بِغَيْرِ قَمِيصٍ 1271 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كُفِّنَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي ثَلاَثَةِ أَثْوَابِ سَحُولَ كُرْسُفٍ، لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلاَ عِمَامَةٌ. طرفه 1264 1272 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كُفِّنَ فِي ثَلاَثَةِ أَثْوَابٍ، لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلاَ عِمَامَةٌ. طرفه 1264 ـــــــــــــــــــــــــــــ 1270 - (عن عمرو: سمع جابرًا قال: أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن أبي بعد ما دفن فأخرجه فنفث فيه من ريقه، وألبسه قميصه). فإن قلت: تقدم في الحديث قبله أنَّه صلى عليه وهذا يدل على أنَّه إنما جاء بعد ما دفن؟ قلت: هذا لا يدل على عدم الصلاة عليه فربما عاد إليه بعد الدفن، وفعل ما فعل رعاية لابنه، فإنه من سادات الصحابة. باب الكفن بغير قميص 1271 - (عن عائشة: كُفن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ثلاثة أثواب سحول) -بالتنوين - في أثواب، على أن سحول فعول بمعنى مفعول أي: مسحولة، والسحل: هو الغسل على أنَّه وصف، وبالاضافة إمّا إلى القصار، أو البلد، كما تقدم، وبضم السين: جمع سُحل، وهو الثوب من القطن، و"كرسف" بعده بدل، وفي بعض النسح: قال أبو عبد الله: أبو نعيم لا يقول ثلاثة، وعبد الله بن الوليد يقول ثلاثة عن سفيان. وغرضه من هذا الكلام أن عبد الله حفظ من سفيان ما لم يحفظ أبو نعيم منه.

24 - باب الكفن ولا عمامة

24 - باب الْكَفَنِ وَلاَ عِمَامَةٌ 1273 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كُفِّنَ فِي ثَلاَثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ، لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلاَ عِمَامَةٌ. طرفه 1264 خالف فيه مالكًا رحمه الله ونفى العمامة. 25 - باب الْكَفَنِ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ وَالزُّهْرِىُّ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَقَتَادَةُ. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ الْحَنُوطُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ يُبْدَأُ بِالْكَفَنِ ثُمَّ بِالدَّيْنِ ثُمَّ بِالْوَصِيَّةِ. وَقَالَ سُفْيَانُ أَجْرُ الْقَبْرِ وَالْغَسْلِ هُوَ مِنَ الْكَفَنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الكفن من جميع المال (وبه قال عطاء والزهري وعمرو بن دينار وقتادة، وقال عمرو بن دينار: الحنوط من جميع المال. وقال إبراهيم) أي: النخعي (يبدأ بالكفن، ثم بالدِّين، ثم بالوصية. وقال سفيان: أجر القبر والغسل من الكفن) هذه الآثار مما اتفق عليه أئمة الفتوى. 1274 - (أُتي عبد الرحمن بن عوف يومًا بطعامه فقال: قُتِل مصعب بن عمير وكان خيرًا مني) مصعب بن عمير -بضم العين وفتح الميم- مصغر، قتل يوم أحد. قال ابن عبد البر: لم يخالف أحد في أن راية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانت بيده يوم بدر ويوم أحد، قال: وأسلم ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في دار الأرقم، وكان قبل إسلامه فتى مكة شبابًا وجمالًا وتيهًا. فإن قلت: عبد الرحمن بن عوف من المبشرين بالجنّة، فكيف يكون مصعب خيرًا منه؟ قلت: كونه مبشرًا بالجنّة لا يستلزم أن يكون خيرًا من غيره، كيف وشُهداء أحدٍ سادة الشهداء. وقيل: قاله هضمًا لنفسه. والوجه ما قدمنا. (فلم يوجد له ما يكفن فيه إلا بردة) -بضم الباء وسكون الراء- الشملة المخططة، وقيل: كساء مربع يلبسه الأعراب، هذا موضع الدلالة من الحديث؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كفنه في البردة، ولم يسأل عن دينه، ولا عن وصيته. فإن قلت: كان مبشرًا بالجنّة، فكيف خاف أن يكون من الذين عجلت لهم طيّباتهم في الحياة الدنيا؟ قلت: لم يخش من سوء العاقبة، إنما خاف على نقصان الرتبة وانحطاط الدرجة.

26 - باب إذا لم يوجد إلا ثوب واحد

1274 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَكِّىُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أُتِىَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ - رضى الله عنه - يَوْمًا بِطَعَامِهِ فَقَالَ قُتِلَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ - وَكَانَ خَيْرًا مِنِّى - فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ مَا يُكَفَّنُ فِيهِ إِلاَّ بُرْدَةٌ، وَقُتِلَ حَمْزَةُ أَوْ رَجُلٌ آخَرُ خَيْرٌ مِنِّى فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ مَا يُكَفَّنُ فِيهِ إِلاَّ بُرْدَةٌ، لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ قَدْ عُجِّلَتْ لَنَا طَيِّبَاتُنَا فِي حَيَاتِنَا الدُّنْيَا، ثُمَّ جَعَلَ يَبْكِى. طرفاه 1275، 4045 26 - باب إِذَا لَمْ يُوجَدْ إِلاَّ ثَوْبٌ وَاحِدٌ 1275 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ - رضى الله عنه - أُتِىَ بِطَعَامٍ وَكَانَ صَائِمًا فَقَالَ قُتِلَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَهُوَ خَيْرٌ مِنِّى، كُفِّنَ فِي بُرْدَةٍ، إِنْ غُطِّىَ رَأْسُهُ بَدَتْ رِجْلاَهُ، وَإِنْ غُطِّىَ رِجْلاَهُ بَدَا رَأْسُهُ - وَأُرَاهُ قَالَ - وَقُتِلَ حَمْزَةُ وَهُوَ خَيْرٌ مِنِّى، ثُمَّ بُسِطَ لَنَا مِنَ الدُّنْيَا مَا بُسِطَ - أَوْ قَالَ أُعْطِينَا مِنَ الدُّنْيَا مَا أُعْطِينَا - وَقَدْ خَشِينَا أَنْ تَكُونَ حَسَنَاتُنَا عُجِّلَتْ لَنَا، ثُمَّ جَعَلَ يَبْكِى حَتَّى تَرَكَ الطَّعَامَ. طرفه 1274 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إذا لم يوجد إلا ثوب واحد ذكر في الباب حديث عبد الرحمن بن عوف، وقد تقدم، وفيه من الزيادة أنَّه لما أتي بطعامه كان صائمًا، وفيه من الزيادة أيضًا: أن بردته كانت من الصغر بحيث لو غُطي بها رأسه بدت رجلاه، وإذا غطي بها رجلاه بدا رأسه. 1275 - (بسط لنا من الدنيا، أو قال: أعطينا) الشك من ابن عبد الرحمن، وفيه من الزيادة أنَّه بكى حتَّى ترك الطعام. فإن قلت: ذكر حمزةَ ولم يذكر أنَّه كفن في ثوب واحد؟ قلت: هو حديث واحد، وذِكْرُ حمزة إنما وقع تمامًا للحديث، وقد نقل شيخنا أبو الفضل بن حجر عن مستدرك الحاكم من رواية أنس: أن كفن حمزة أيضًا كان كذلك، فعلى هذا أشار إليه البخاري في الترجمة، ولم يورده لأنه لم يكن على شرطه. وفي الحديث دلالة على أن الإنسان وإن كان موقنًا بحسن العاقبة، فعليه الحذر والوجل من هيبة الله.

27 - باب إذا لم يجد كفنا إلا ما يوارى رأسه أو قدميه غطى رأسه

27 - باب إِذَا لَمْ يَجِدْ كَفَنًا إِلاَّ مَا يُوَارِى رَأْسَهُ أَوْ قَدَمَيْهِ غَطَّى رَأْسَهُ 1276 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا شَقِيقٌ حَدَّثَنَا خَبَّابٌ - رضى الله عنه - قَالَ هَاجَرْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - نَلْتَمِسُ وَجْهَ اللَّهِ، فَوَقَعَ أَجْرُنَا عَلَى اللَّهِ، فَمِنَّا مَنْ مَاتَ لَمْ يَأْكُلْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَمِنَّا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهُوَ يَهْدِبُهَا. قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَلَمْ نَجِدْ مَا نُكَفِّنُهُ إِلاَّ بُرْدَةً إِذَا غَطَّيْنَا بِهَا رَأْسَهُ خَرَجَتْ رِجْلاَهُ، وَإِذَا غَطَّيْنَا رِجْلَيْهِ خَرَجَ رَأْسُهُ، فَأَمَرَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ نُغَطِّىَ رَأْسَهُ، وَأَنْ نَجْعَلَ عَلَى رِجْلَيْهِ مِنَ الإِذْخِرِ. أطرافه 3897، 3913، 3914، 4047، 4082، 6432، 6448 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إذا لم يجد من الكفن إلَّا ما يواري به رأسه أو قدميه غُطّي به رأسه 1276 - (غياث) بكسر المعجمة آخره ثاء مثلثة (شقيق) على وزن عليم (خباب) -بفتح الخاء المعجمه وتشديد الموحدة أولًا- هو ابن الأرتّ -بفتح الهمزة ومثناة مشددة- الخزاعي، وقيل: التميمي، أحد السابقين إلى الإسلام. (قال: هاجرنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - نلتمس وجه الله) أي: دينه والجهة التي ارتضاها، وتفسير الوجه بالذات هنا مما لا وجه له. (فمنّا مَنْ مات لم يأكل من أجره شيئًا). فإن قلت: أجر الأعمال إنما هو في الدّار الآخرة؟ قلت: وما أصاب من نعم الله في الدنيا أيضًا إنما هو من أجره؛ ولذلك يتقدم فقراءُ المهاجر على الأغنياء بخمسمائة عام، ثم ذكر قضية مصعب بن عمير كما تقدم في حديث عبد الرحمن بن عوف. (ومنا من أينعت ثمرته فهو يَهْدِبُها) قال الجوهري: ينع الثمر إذا نضج، وأينع مثله، وهدب الثمر إذا اجتناها. (فأمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نغطي رأسه، ونجعل على رجليه الإذخر) لأن الرأس أشرف، ولكن هذا إذا كان يستر عورته أيضًا، وإلا فالعورة مقدمة.

28 - باب من استعد الكفن فى زمن النبى - صلى الله عليه وسلم - فلم ينكر عليه

28 - باب مَنِ اسْتَعَدَّ الْكَفَنَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ 1277 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلٍ - رضى الله عنه - أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بِبُرْدَةٍ مَنْسُوجَةٍ فِيهَا حَاشِيَتُهَا - أَتَدْرُونَ مَا الْبُرْدَةُ قَالُوا الشَّمْلَةُ. قَالَ نَعَمْ. قَالَتْ نَسَجْتُهَا بِيَدِى، فَجِئْتُ لأَكْسُوَكَهَا. فَأَخَذَهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مُحْتَاجًا إِلَيْهَا، فَخَرَجَ إِلَيْنَا وَإِنَّهَا إِزَارُهُ، فَحَسَّنَهَا فُلاَنٌ فَقَالَ اكْسُنِيهَا، مَا أَحْسَنَهَا. قَالَ الْقَوْمُ مَا أَحْسَنْتَ، لَبِسَهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مُحْتَاجًا إِلَيْهَا، ثُمَّ سَأَلْتَهُ وَعَلِمْتَ أَنَّهُ لاَ يَرُدُّ. قَالَ إِنِّى وَاللَّهِ مَا سَأَلْتُهُ لأَلْبَسَهَا إِنَّمَا سَأَلْتُهُ لِتَكُونَ كَفَنِى. قَالَ سَهْلٌ فَكَانَتْ كَفَنَهُ. أطرافه 2093، 5810، 6036 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من استعدَّ الكفَنَ في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم ينكر عليه -بكسر الكاف- أي النبي - صلى الله عليه وسلم -. 1277 - (ابن أبي حازم) -بالحاء المهملة- سلمة بن دينار، وابنه عبد العزيز. (أن امرأة جاءت النبي - صلى الله عليه وسلم - ببردة منسوجةٍ فيها حاشيتها) كانت جديدة، كما نسجت عليها الحاشية، وهي: الأهداب التي تكون على الثوب قبل أن يُفصل (فأخذها النبي - صلى الله عليه وسلم - محتاجًا إليها، فخرج إلينا، وهي إزارُه فحسّنها فلان) -بتشديد السين- أي: نسبها إلى الحسن والجمال، وفي رواية البخاري في أبواب اللباس -بالجيم وتشديد السين-: وفلان المذكور قيل: هو عبد الرحمن بن عوف، وقيل: سعد بن أبي وقاص، وقيل: أعرابي. (قال: اكسنيها) بهمزة الوصل وضم السين (وقد علمت أنَّه لا يرد) أي: السائل، ولقد صدق القائل فيه - صلى الله عليه وسلم -: ما قال لا قطٌّ إلا في تشهده ... لولا التشهد لم تسمع له لاء (إنما سألته لتكون كفني) لما عابوه على فعله قال لم أطلبه للدنيا، بل رجاء بركتها، فإنها مست جسده الشريف، فيكون سببًا لدفع العذاب (قال سهل: وكانت كفنه) وحصل مقصوده.

29 - باب اتباع النساء الجنائز

29 - باب اتِّبَاعِ النِّسَاءِ الْجَنَائِزَ 1278 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أُمِّ الْهُذَيْلِ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ نُهِينَا عَنِ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ، وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنَا. طرفه 313 30 - باب إِحْدَادِ الْمَرْأَةِ عَلَى غَيْرِ زَوْجِهَا 1279 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ تُوُفِّىَ ابْنٌ لأُمِّ عَطِيَّةَ - رضى الله عنها - فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ دَعَتْ بِصُفْرَةٍ، فَتَمَسَّحَتْ بِهِ وَقَالَتْ نُهِينَا أَنْ نُحِدَّ أَكْثَرَ مِنْ ثَلاَثٍ إِلاَّ بِزَوْجٍ. طرفه 313 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: شأنه كان قبول الهدية، ولكن يثيب عليها؟ قلت: عدم ذكر الثواب في الحديث لا يستلزم العدم في نفس الأمر وقد يمكن أنها تقربت بها إلى الله، فلذلك لم يثب عليها؛ ليكون لها الأجر موفورًا. باب اتباع النساء الجنائز 1278 - (قبيصة) بفتح القاف وكسر الموحدة وصاد مهملة (عن خالد الحذاء) بفتح المهملة وذال معجمة (أم الهذيل) -بذال معجمة- على وزن المصغر، هي: حفصة بنت سيرين (عن أم عطية) هي نسيبة الأنصارية. (نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا) قد أشرنا مرارًا أن الصحابي إذا قال: أمرنا أو نهينا، الآمر والناهي هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد رواه الإسماعيلي بلفظ نهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (ولم يعزم علينا) أي: لم يكن النهي تحريمًا. باب إحداد المرأة على غير زوجها الإحداء من الحدّ، وهو: المنع، قال ابن الأثير: يقال: أحدّت المرأة على زوجها، وحدت تَحُد وتُحِدُّ -بالضم والكسر- فهي حَادّ إذا أحدّت عليه وتركت الزينة. 1279 - (مسدد) بضم الميم وتشديد المفتوحة (بشر بن المفضل) -بكسر الموحدة بعدها شين معجمة- والمفضل: اسم المفعول من التفضيل. (توفي ابن لأم عطية، فلما كان اليوم الثالث) ويروى: يوم الثالث، بإضافة الموصوف إلى الصفة. (قالت: نهينا أن نحد أكثر من ثلاث إلا على زوج) هذا موضع الدلالة، وأسقط التاء من الثلاث باعتبار الليالي.

1280 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ مُوسَى قَالَ أَخْبَرَنِى حُمَيْدُ بْنُ نَافِعٍ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أَبِى سَلَمَةَ قَالَتْ لَمَّا جَاءَ نَعْىُ أَبِى سُفْيَانَ مِنَ الشَّأْمِ دَعَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ - رضى الله عنها - بِصُفْرَةٍ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ، فَمَسَحَتْ عَارِضَيْهَا وَذِرَاعَيْهَا وَقَالَتْ إِنِّى كُنْتُ عَنْ هَذَا لَغَنِيَّةً، لَوْلاَ أَنِّى سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاَثٍ، إِلاَّ عَلَى زَوْجٍ، فَإِنَّهَا تُحِدُّ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا». أطرافه 1281، 5334، 5339، 5345 1281 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ 1280 - (الحميدي) بضم الحاء. (نَعْي أبي سفيان من الشام) النعي -بفتح النون وسكون العين وبكسر العين وتشديد الياء- خبر الموت، أصله العيب. (دعت أم حبيبة بصفرة في اليوم الثالث) أم حبيبة هذه بنت أبي سفيان، أم المؤمنين، واسمها رملة، كذا في جميع النسخ، والظاهر أن لفظ: الشام، وهم من سفيان بن عيينة؛ لاتفاقهم على أن أبا سفيان مات بالمدينة، أو لفظ ابن ساقط من أبي سفيان، فإنّ يزيد مات بالشّام، وقد روي هذا الحديث من طريق مالك والثوري في أبواب العدة، وليس فيه ذكر الشام، وهذا هو الظاهر؛ فإن روايتها في العدّة حين توفي أبوها أبو سفيان فيبعد حذف الابن والله أعلم، وعلى هذا لفظ: جاء، أيضًا ليس في موضعه. (فمسحت عارضيها) أي: صفحتي خديها (لا يحلّ لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحدّ على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرًا) احترامًا له، ورعاية لحقه؛ لا سيما عند الشافعي، فإنه يوجب نفقة العدة، والنهي للتحريم عند الأئمة كلهم، وتفصيل الإحداد مذكور في كتب الفروع.

31 - باب زيارة القبور

عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ نَافِعٍ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِى سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ قَالَتْ دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ حَبِيبَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ تُحِدُّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاَثٍ، إِلاَّ عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا». طرفه 1280 1282 - ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَى زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ حِينَ تُوُفِّىَ أَخُوهَا، فَدَعَتْ بِطِيبٍ فَمَسَّتْ ثُمَّ قَالَتْ مَا لِى بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ، غَيْرَ أَنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ «لاَ يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ تُحِدُّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاَثٍ، إِلاَّ عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا». طرفه 5335 31 - باب زِيَارَةِ الْقُبُورِ 1283 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ مَرَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِامْرَأَةٍ تَبْكِى عِنْدَ قَبْرٍ فَقَالَ «اتَّقِى اللَّهَ وَاصْبِرِى». قَالَتْ إِلَيْكَ عَنِّى، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَبْ بِمُصِيبَتِى، وَلَمْ تَعْرِفْهُ. فَقِيلَ لَهَا إِنَّهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. فَأَتَتْ بَابَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب زيارة القبور 1283 - روى في الباب حديث أنس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر على امرأة تبكي عند قبر، فقال لها: "اتقي الله واصبري"، فقالت: إليك عني -أي: تنحَّ- فإنك لم تصب بمصيبتي، واستدل به على جواز زيارة القبور للنساء، لكن ورد النهي في أحاديث كثيرة، وقد سلف الحديث مع شرحه في باب قول الرجل للمرأة عند القبر: اصبري. والصوابُ أن الأمر بزيارة القبور كما رواه مسلم وأبو داود والنسائي مخصوص

32 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - «يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه» إذا كان النوح من سنته

النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ تَجِدْ عِنْدَهُ بَوَّابِينَ فَقَالَتْ لَمْ أَعْرِفْكَ. فَقَالَ «إِنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى». أطرافه 1252، 1302، 7154 32 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «يُعَذَّبُ الْمَيِّتُ بِبَعْضِ بُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ» إِذَا كَانَ النَّوْحُ مِنْ سُنَّتِهِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا). وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ». فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ سُنَّتِهِ، فَهُوَ كَمَا قَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - (لاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى). وَهُوَ كَقَوْلِهِ (وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ) ذُنُوبًا (إِلَى حِمْلِهَا لاَ يُحْمَلْ مِنْهُ شَىْءٌ) وَمَا يُرَخَّصُ مِنَ الْبُكَاءِ فِي غَيْرِ نَوْحٍ. وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمًا إِلاَّ كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا». وَذَلِكَ لأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بالرجال، لما روى الترمذي وصححه "لعن الله زائرات القبور". باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه" هذه الترجمة بعض حديث سيأتي مسندًا. قال البخاري: إنما يعذب إذا كان البكاء من سنّته أي: أوصى به، كما كان يفعله أهل الجاهلية، ذكر أهل التواريخ أن عبد المطلب حين حضره الموت دعا بناته، وقال اعرضن عليَّ كيف نوحكنَّ علي، فعرضت كل واحدة ما نظمته في ذلك، نقل ابن هشام تلك الأشعار في السيرة. وذكر صاحب "الكشاف" في "الفائق" أن معاوية لما احتضر قال لزوجته بنت قرظة: اندبيني، فقالت: ألا أبكيه ألا أبكيه ... ألا كل الفتى فيه فإن قلت: ما وجه دلالة قتل ابن آدم الأول على الترجمة؟ قلت: صرّح بأنّه أول من

1284 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ وَمُحَمَّدٌ قَالاَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِى أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ - رضى الله عنهما - قَالَ أَرْسَلَتِ ابْنَةُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَيْهِ إِنَّ ابْنًا لِى قُبِضَ فَائْتِنَا. فَأَرْسَلَ يُقْرِئُ السَّلاَمَ وَيَقُولُ «إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ وَلَهُ مَا أَعْطَى وَكُلٌّ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى، فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ». فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ تُقْسِمُ عَلَيْهِ لَيَأْتِيَنَّهَا، فَقَامَ وَمَعَهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَأُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَرِجَالٌ، فَرُفِعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الصَّبِىُّ وَنَفْسُهُ تَتَقَعْقَعُ - قَالَ حَسِبْتُهُ أَنَّهُ قَالَ - كَأَنَّهَا ـــــــــــــــــــــــــــــ سنّ أصل لكل من سن [.....................] واستدل البخاري على ذلك بالآية والحديث والأثر، والأمر كما ذكره. 1284 - (عبدان) -على وزن شعبان- لقب عبد الله المروزي (عن أبي عثمان) هو عبد الرحمن النهدي. (أرسلت بنت النبي - صلى الله عليه وسلم -: أن ابنًا لي قُبض فائننا) أي: هو بصدد القبض؛ لقوله في آخر الحديث: (رفع إليه الصبي ونفسه تقعقع) التقعقع: صوت الجلد اليابس، وبنته هذه هي زينب. فإن قلت: في رواية الإمام أحمد: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتي بأمامة أو بأُميمة بنت زينب ونفسها تقعقع؟ قلت: يحمل على تعدد الواقعة، إلا أنّ فيه إشكالًا، وذلك أن أمامة عاشت وتزوجها علي بن أبي طالب، اللهم إلا إن لم تكن ماتت في ذلك المرض، وقال شيخنا أبو الفضل بن حجر: الصواب قول من قال: ابنتي لا ابني. قلت: كيف يكون صوابًا وقد اتفق البخاري ومسلم على لفظ الابن تارة، وعلى لفظ الصبي أخرى؟ (فلتصبر ولتحتسب) الاحتساب: الإتيان بالعمل لوجه الله تعالى، من الحساب، كأنه

شَنٌّ. فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ. فَقَالَ سَعْدٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذَا فَقَالَ «هَذِهِ رَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ، وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ». أطرافه 5655، 6602، 6655، 7377، 7448 1285 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ هِلاَلِ بْنِ عَلِىٍّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ شَهِدْنَا بِنْتًا لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جَالِسٌ عَلَى الْقَبْرِ - قَالَ فَرَأَيْتُ عَيْنَيْهِ تَدْمَعَانِ قَالَ - فَقَالَ «هَلْ مِنْكُمْ رَجُلٌ لَمْ يُقَارِفِ اللَّيْلَةَ». فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ أَنَا. قَالَ «فَانْزِلْ». قَالَ فَنَزَلَ فِي قَبْرِهَا. طرفه 1342 ـــــــــــــــــــــــــــــ يعد ثوابه على الله تعالى (ففاضت عيناه) أي: فاض دمع عينيه أي: سال بكثرة، وإسناده إلى العين مجاز من قبيل: سال الوادي، وجرى النهر. 1285 - (أبو عامر العقدي) -بفتح العين والقاف- قبيلة من يمن، وقال ابن عبد البر: بطن من قيس. واسم أبي عامر عبد الملك (فليح) بضم الفاء على وزن المصغر. (شهدنا بنتًا للنبي - صلى الله عليه وسلم -) هي رقية، كذا قاله البخاري في "تاريخه"، وقيل: أم كلثوم قاله الطبري وابن الأثير والسهيلي، قالوا: ورقية ماتت ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة بدر وهذا هو الصواب؛ لأن ابن عبد البر قال: لم يختلفوا في أن عثمان إنما تزوج أمّ كلثوم بعد رقيةَ، قال: وكان وفاتها سنة تسع من الهجرة. (قال: هل منكم أحدٌ لم يقارف الليلة) أي: لم يجامع، من القراف، وهو: الجماع. قال الجوهري وابن الأثير: ومنه حديث عائشة: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصبح جنبًا من القراف. والحكمة في هذا أنّ من يكون قريب العهد بالمباشرة فكرته مشغولة بذلك، وهذا أمر وجداني، قد يلائم إدخال المرأة في القبر، وقيل: لم يقارف الذنب، وليس بشيء؛ لأنّ أحدًا لا يقدر على نفي الذنب عن نفسه ولا يتفاوت في ذلك أيضًا دفن الرجل والمرأة، وأبعد من هذا ما قاله الطحاوي إن القراف هو المقاولة، لأنه كان يكره الحديث بعد العشاء، ودلالة الحديثين على الترجمة من حيث إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكى، فعُلم أن البكاء المذموم إنما هو إذا كان من سنته.

1286 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ قَالَ تُوُفِّيَتِ ابْنَةٌ لِعُثْمَانَ - رضى الله عنه - بِمَكَّةَ وَجِئْنَا لِنَشْهَدَهَا، وَحَضَرَهَا ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهم - وَإِنِّى لَجَالِسٌ بَيْنَهُمَا - أَوْ قَالَ جَلَسْتُ إِلَى أَحَدِهِمَا. ثُمَّ جَاءَ الآخَرُ، فَجَلَسَ إِلَى جَنْبِى فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمَرَ - رضى الله عنهما - لِعَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ أَلاَ تَنْهَى عَنِ الْبُكَاءِ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ 1286 - (ابن جريج) -بضم الجيم- مصغر، اسمه عبد الملك ([عبد الله بن] عبيد الله بن أبي مليكة) الأول مكبر، والثاني مصغر، وكذا مليكة. واسم أبي مليكة زهير (توفيت بنتٌ لعثمان بمكة) أي: بعد موت عثمان. واسم هذه البنت أم أبان (فقال عبد الله بن عمر لعمرو بن عثمان: ألا تنهى عن البكاء) ألا: حرف تحضيض معناه الحث على النهي (فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه) فقال ابن عباس: قد كان يقول عمر بعض ذلك في كلام ابن عباس إشارةٌ إلى أن ذلك ليس بمرضى، ثم ذكر مقالة عمر في ذلك لما بكى عليه صهيب، ثم ذكر لعائشة مقالة عمر. وإنكار عائشة عليه في ذلك، وحلفتْ أنَّه لم يقل ذلك. وإنما قال: إن الله ليزيد الكافر عذابًا ببكاء أهله عليه؛ ولما كان لقائل أن يقول: ربما سمع عمر ما لم تسمع عائشة. استدلتْ بالآية وهي قوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164]. فإن قلت: إذا لم يؤاخذ أحدٌ بذنب الآخر، فكيف قال: "إن الكافر ليعذب ببكاء أهله"؟ قلت: ذكرنا أنَّه كان من دأبهم الوصية بذلك. وإليه أشار في الترجمة بقوله: إذا كان من سنته. واستدل ابنُ عباس أيضًا على ذلك بقوله: والله أضحك وأبكى. فليس للإنسان فيهما اختيار إلا ما كان من أمر الجاهلية. قال بعض الشارحين في توجيه كلام ابن عباس: فإن قلت: ما غرضُ ابن عباس من قوله: والله أضحك وأبكى في هذا المقام؟ قلتُ: لعل غرضه أن الكل بخلق الله. فله أن يعذبه من غير ذنب، ويكون البكاء عليه علامةً لذلك، أو له أن

1287 - فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَدْ كَانَ عُمَرُ - رضى الله عنه - يَقُولُ بَعْضَ ذَلِكَ، ثُمَّ حَدَّثَ قَالَ صَدَرْتُ مَعَ عُمَرَ - رضى الله عنه - مِنْ مَكَّةَ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ، إِذَا هُوَ بِرَكْبٍ تَحْتَ ظِلِّ سَمُرَةٍ فَقَالَ اذْهَبْ، فَانْظُرْ مَنْ هَؤُلاَءِ الرَّكْبُ قَالَ فَنَظَرْتُ فَإِذَا صُهَيْبٌ، فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ ادْعُهُ لِى. فَرَجَعْتُ إِلَى صُهَيْبٍ فَقُلْتُ ارْتَحِلْ فَالْحَقْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. فَلَمَّا أُصِيبَ عُمَرُ دَخَلَ صُهَيْبٌ يَبْكِى يَقُولُ وَاأَخَاهُ، وَاصَاحِبَاهُ. فَقَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه - يَا صُهَيْبُ أَتَبْكِى عَلَىَّ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبَعْضِ بُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ». طرفاه 1290، 1292 1288 - قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما فَلَمَّا مَاتَ عُمَرُ - رضى الله عنه - ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ - رضى الله عنها - فَقَالَتْ رَحِمَ اللَّهُ عُمَرَ، وَاللَّهِ مَا حَدَّثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّ اللَّهَ لَيُعَذِّبُ الْمُؤْمِنَ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ. وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ اللَّهَ لَيَزِيدُ الْكَافِرَ عَذَابًا بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ». وَقَالَتْ حَسْبُكُمُ الْقُرْآنُ (وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى). قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عِنْدَ ذَلِكَ وَاللَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى. قَالَ ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ وَاللَّهِ مَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - شَيْئًا. طرفاه 1289، 3978 ـــــــــــــــــــــــــــــ يعذبه بذنب غيره. وأما قوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164] يكون يوم القيامة. هذا كلامه. وفسادُهُ وخروجه عن قانون الشرع بحيث لا يخفى على أحد كيف وهو ينكر على عمر وابنه مقالتهما في ذلك؟ واللهُ الموفق. 1287 - (إذا هو بركب) اسم جمع للراكب، ويطلق على ما فوق عشرة (من الإبل تحت ظل السمُرة) -بفتح السين وضم الميم- شجر الطلح (فنظرتُ فإذا صُهيب) -بضم المهملة مصغر- هو ابن سنان الرومي، أصله من أرض الموصل، سَبَاه الرومُ ثم اشتراه عبد الله بن جَدْعَان فأعتقه، وكان مؤاخيًا لعمر.

33 - باب ما يكره من النياحة على الميت

1289 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا سَمِعَتْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ إِنَّمَا مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى يَهُودِيَّةٍ يَبْكِى عَلَيْهَا أَهْلُهَا فَقَالَ «إِنَّهُمْ لَيَبْكُونَ عَلَيْهَا، وَإِنَّهَا لَتُعَذَّبُ فِي قَبْرِهَا». طرفه 1288 1290 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيلٍ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ - وَهْوَ الشَّيْبَانِىُّ - عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَمَّا أُصِيبَ عُمَرُ - رضى الله عنه - جَعَلَ صُهَيْبٌ يَقُولُ وَاأَخَاهُ. فَقَالَ عُمَرُ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الْحَىِّ». طرفه 1287 33 - باب مَا يُكْرَهُ مِنَ النِّيَاحَةِ عَلَى الْمَيِّتِ وَقَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه - دَعْهُنَّ يَبْكِينَ عَلَى أَبِى سُلَيْمَانَ مَا لَمْ يَكُنْ نَقْعٌ أَوْ لَقْلَقَةٌ. وَالنَّقْعُ التُّرَابُ عَلَى الرَّأْسِ، وَاللَّقْلَقَةُ الصَّوْتُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 1290 - (علي بن مسهر) بضم الميم وكسر الهاء (أبو إسحاق الشيباني) -بفتح الشين وسكون المثناة تحت- هو سليمان بن أبي سليمان (عن أبي بُرْدة) -بضم الباء وسكون الراء- عبد الله بن أبي موسى الأشعري. باب: ما يكره من النياحة أصل النياحة الواو قلبت ياءً لانكسار ما قبلها. والنياحةُ: عَدُّ شمائل الميت، وذاك حرام قطعًا، فقول البخاري يكره محمول على كراهة التحريم. (وقال عمر: دعهُنّ يَبْكين على أبي سليمان ما لم يكن نقع أو لقلقة [و] النقع: التراب على الرأس، واللقلقةُ: الصوت) هذا الأثر رواه البيهقي مسندًا عن عمر. وأبو سليمان هو خالد بن الوليد. مات بحمص سنة إحدى وعشرين، ولما جاء نعيه اجتمع نسوة من بني المغيرة يبكين عليه، فزجرهُنّ إنسانٌ. فقال عمر هذه المقالةَ. فسّر البخاري اللقلقة بالصوت،

1291 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ عَلِىِّ بْنِ رَبِيعَةَ عَنِ الْمُغِيرَةِ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّ كَذِبًا عَلَىَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ، مَنْ كَذَبَ عَلَىَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ». سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَنْ نِيحَ عَلَيْهِ يُعَذَّبُ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ والنقع بوضع التراب على الرأس. وقال ابن الأثير: النقع رفع الصوت. وقيل: شق الجيوب. وقيل: وضع التراب على الرأس. قلت: حمله على الصوت بعيدٌ، لأنه مذكور في مقابلة اللقلقة. فإن قيل: كيف منع عمر صهيبًا حين بكى عليه وأذن لهؤلاء النسوة؟ قلتُ: بكاء صهيب كان على وجه النياحة واأخاه واصاحباه وإذنه للنسوة إنما كان في مجرد البكاء لا غير. والذي يدل عليه ما في رواية البخاري ومسلم من قول عمر: يعذّب ببعض بكاء أهله. قال أبو الفضل بن حجر: النهي عن النياحة كان بعد أحد، واستدل عليه بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرَّ على نساء بني الأشهل بعد أحد وهُنّ يبكين هلكاهن فقال: "لكن حمزة لا بواكى له" فجاءت النسوة يبكين فنهاهُنّ قلت: لم يكن في بكائهن نياحة. وقد روى ابن عبد البر في "الاستيعاب" عن الواقدي: لم تبك امرأةٌ على ميت بعد قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لكن حمزة لا بواكي له"، إلا بدأت بالبكاء على حمزة، ثم بكتْ على ميتها. 1291 - (أبو نُعيم) بضم النون مصغر (عن المغيرة بن شعبة قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إن كذبًا علي ليس ككذبٍ على أحد) لأن قوله وفعله شرعٌ إلى يوم القيامة. فكيف يساوي الكذب على غيره؟ وقد استوفينا الكلامَ عليه في باب الإيمان. وقال بعضهم في الفرق: إن الكذب عليه كبيرة وعلى غيره صغيرة، وهذا كلام باطل، كيف ومن الكذب على غيره شهادة الزور، وقد عدَّ الله ورسوله البهتان من أكبر الكبائر (من نيح عليه يُعَذَّبُ بما نيح عليه) أي: بقدر ذلك، فإن جزاء السيئة مثلها، وقد سبق أن هذا محمول على ما إذا أوصى به على دأب الجاهلية.

34 - باب

1292 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْمَيِّتُ يُعَذَّبُ فِي قَبْرِهِ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ». تَابَعَهُ عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ. وَقَالَ آدَمُ عَنْ شُعْبَةَ «الْمَيِّتُ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الْحَىِّ عَلَيْهِ». طرفه 1287 34 - بابٌ 1293 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُنْكَدِرِ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ جِئَ بِأَبِى يَوْمَ أُحُدٍ، قَدْ مُثِّلَ بِهِ حَتَّى وُضِعَ بَيْنَ يَدَىْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ سُجِّىَ ثَوْبًا فَذَهَبْتُ أُرِيدُ أَنْ أَكْشِفَ عَنْهُ فَنَهَانِى ـــــــــــــــــــــــــــــ 1292 - (عبدان) -على وزن شعبان- عبد الله المروزي (سعيد بن المسيب) -بفتح الياء على الأشهر- (عن ابن عمر عن أبيه [عن النبي - صلى الله عليه وسلم -]: أن الميت يعذب في قبره بما نيح عليه) قد تقدم إنكار ابن عباس وعائشة على ابن عمر وأبيه في هذا الكلام، وأن عمر سها في هذا الكلام، لكن في التحقق السهو إنما هو من عبد الله بن عمر لا من عمر. قال مسلم: عبد الله أرسلها مرسلة. وأما عمر فقال ببعض وذلك البعض أن يكون أوصى به الميت، أو يراه ولا ينهى عنه كما نهى عمر صهيبًا. (تابعه عبد الأعلى) أي: تابع عبدان (وقال آدم عن شعبة) بدل لفظ المتابعة بقال لاختلاف المروي، أو تفننًا في العبارة. باب كذا وُجد من غير ترجمة. وقد أشرنا مرارًا أن مثله بمنزلة الفصل من الباب قبله. 1293 - (ابن المنكدر) -بكسر الدال- محمد (قال جابر: جيء بأبي يوم أحد وقد مُثّل به) على بناء المجهول. أي: قطعت أطرافه أو شيء منها. وإذا شُدّد أُريدَ به المبالغة. كذا

35 - باب ليس منا من شق الجيوب

قَوْمِى، ثُمَّ ذَهَبْتُ أَكْشِفُ عَنْهُ فَنَهَانِى قَوْمِى، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَرُفِعَ فَسَمِعَ صَوْتَ صَائِحَةٍ فَقَالَ «مَنْ هَذِهِ». فَقَالُوا ابْنَةُ عَمْرٍو أَوْ أُخْتُ عَمْرٍو. قَالَ «فَلِمَ تَبْكِى أَوْ لاَ تَبْكِى فَمَا زَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا حَتَّى رُفِعَ». طرفه 1244 35 - باب لَيْسَ مِنَّا مَنْ شَقَّ الْجُيُوبَ 1294 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا زُبَيْدٌ الْيَامِىُّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَطَمَ الْخُدُودَ، وَشَقَّ الْجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ». أطرافه 1297، 1298، 3519 ـــــــــــــــــــــــــــــ قاله ابن الأثير (فسمع صائحة. فقال: من هذه؟ فقالوا: بنت عمرو أو أخت عمرو). فإن قلتَ: تقدم في باب الدخول على الميت من رواية جابر أنَّه قال: فجعلت عمتي فاطمة تبكي. فهي بنت عمرو، لأن أباه عبد الله بن عمرو؟ قلت: يجوزُ أن تكون كل من بنت عمرو وأخت عمرو اسمها فاطمة، وعمة أبيه عمة له أيضًا. أو شك هنا وتذكر هناك. والذي يدل على التعدّد ما وقع للحاكم في "الإكليل" من تسمية هند قال: لِمَ تبكي؟ أو لا تبكي). فإن قلتَ: تقدم هناك تبكين أو لا تبكين بصيغة الخطاب، وهنا بصيغة الغيبة مع اتحاد المجلس؟ قلتُ: لا منافاة. خاطبها أولًا ثم توجه إلى الحاضرين وأخبرهم أن بكاءها وعدم بكائها سواء، لأن البكاء على الميت إنما يكون خوفًا من سوء حاله، وآخرها (ما زالت الملائكة تظلله بأجنحتها إلى أن رفع). باب: ليس منا من شقَّ الجيوب 1294 - (أبو نُعيم) بضم النون مصغر (زُبيد) كذلك (اليامي) نسبة إلى يام؛ قبيلة من عرب اليمن (عن عبد الله) هو ابن مسعود اليس منا من لَطَمَ الخدود وشَقَّ الجيوبَ ودعا بدعوى الجاهلية) الواو هنا بمعنى أو. قال شيخنا أبو الفضل بن حجر: وبلفظ أو وقع في

36 - باب رثاء النبى - صلى الله عليه وسلم - سعد ابن خولة

36 - باب رِثَاءِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - سَعْدَ ابْنَ خَوْلَةَ 1295 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَعُودُنِى عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ مِنْ وَجَعٍ اشْتَدَّ بِى فَقُلْتُ إِنِّى قَدْ بَلَغَ بِى مِنَ الْوَجَعِ وَأَنَا ذُو مَالٍ، وَلاَ يَرِثُنِى إِلاَّ ابْنَةٌ، أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَىْ مَالِى قَالَ «لاَ». فَقُلْتُ بِالشَّطْرِ فَقَالَ «لاَ» ثُمَّ قَالَ «الثُّلُثُ وَالثُّلْثُ كَبِيرٌ - أَوْ كَثِيرٌ - إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ، وَإِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِى بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلاَّ أُجِرْتَ بِهَا، حَتَّى مَا ـــــــــــــــــــــــــــــ مسلم. وقد تتبعتُ نُسَخًا من مسلم فلم أجدْ هذا الحديث في مسلم رأسًا. أي: ليس على طريقنا وهدينا، أو ليس مؤمنًا إن اعتقد حلَّ ذلك. واللطم: ضربُ الخدّ بباطن الكف، قاله الجوهري. وإنما جمع الخد والإنسان له خدان ليطابق لفظ الجيوب. فإن قلتَ: شق جيب واحد كافٍ في العصيان؟ قلت: الجمع باعتبار إفراد المخاطبين، أو كان هذا دأبهم فنصّ عليه كقوله تعالى: {لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً} [آل عمران: 130]. ودعوى الجاهلية الدعاء بالويل والثبور. وقولهم: يا لَفَلان عند الخصومة. باب: رثاء النبي - صلى الله عليه وسلم - سعيد بن خولة 1295 - (سعد بن أبي وقاص) -بتشديد القاف- واسمه مالك (عام حجة الوداع) -بفتح الحاء والواو- كذا الضبط والرواية. وقال الجوهري: الحِجة -بالكسر- المرة الواحدة. وهو من الشواذ، لأن القياس فيه الفتحُ، وإنما سمي حج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المدينة حج الوداع، لأنه ودّع فيها الناس. وقال "لعَلي لا أحُج بعد هذا العام". (فقلت: إني قد بلغني من الوجع وأنا ذو ما ولا يرثني إلا ابنة) أي: من ذوي الفروض، فإنه كان له عصباتٌ دلَّ عليه قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (إنك أن تذر ورثتك أغنياء) وهذا

تَجْعَلُ فِي فِي امْرَأَتِكَ». فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُخَلَّفُ بَعْدَ أَصْحَابِى قَالَ «إِنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ فَتَعْمَلَ عَمَلاً صَالِحًا إِلاَّ ازْدَدْتَ بِهِ دَرَجَةً وَرِفْعَةً، ثُمَّ لَعَلَّكَ أَنْ تُخَلَّفَ حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ، اللَّهُمَّ أَمْضِ لأَصْحَابِى هِجْرَتَهُمْ، وَلاَ تَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ، لَكِنِ الْبَائِسُ سَعْدُ ابْنُ خَوْلَةَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ كان في ذلك الحال. وإلا فبعد ذلك وُلد له أولاد منهم عامر هذا رواي الحديث (قلتُ: فالشطر) أي: النصف وهو في الأصل: قطعة من الشيء (قال: الثلث، والثلث كبير أو كثير) الشك إما من سعد وهو الظاهر، أو من ابنه (إنك أن تذر) بفتح أن (وَرَثتَك أغنياءَ خيرٌ من أن تذرهم عالةً) جمع عائل وهو الفقير، من العيلة وهي الفقر (يتكففون الناس) أي: يمدون أكفهم إلى الغير حين السؤال (وإنك لن تنفق نفقة تطلب بها وجه الله) أي: من غير رياء وسمعة (إلا أُجرْتَ بها حتَّى ما تجعل في [في] امرأتك) وهذا أبعدُ ما يتصور من الأشياء التي يترتب عليها الأجر، لأن هذا إنما يفعله من يَهْوَى امرأته غاية المحبة، فنُبَّهَ على أنَّه إن قصد بذلك وجه الله، وقَصَر المحبة عليها دون النظر إلى المحرمات يؤجر عليه. ومن هذا قال بعضُ العارفين: يجب على العاقل أن يجعل مباحاته كلها طاعات بقرينة النية الصالحة. (فقلت: يا رسول الله أخلف بعد أصحابي) كأنه فهم من قوله: "لن تنفق نفقةً تبتغي بها وجه الله" أنَّه يعيش زمانًا وظن أن ذلك نقصان، وأن أصحابه المتقدمين يحوزون الفضيلة فردّ عليه. بأنك في ذلك التخلف تنال درجات عالية. وقد صَرَّح بذلك في قوله: "خير الناس من طال عمره وحَسُن عمله" (لعلك أن تخلف حتَّى ينتفع بك أقوام ويُضَرَّ بك آخرون) -بضم الياء- على بناء المجهول، وكذا جرى، قال ابن عبد البر: هو الَّذي كوف الكوفة ونفى الأعاجم، وعلى يديه كان فتح أكثر بلاد فارس وفتح القادسية. (اللهم أمضِ لأصحابي هجرتَهم) أي: أكمل [لهم] ثوابها (لكن البائس سعد بن خولة) قال الجوهري: البائس من اشتدت حاجته. قال ابن عبد البر: سعد بن خولة من بني عامر بن لؤي. وقيل: مولى لهم. وقيل: حليف لهم. وهو من هجر. وقيل: كان من عجم الفرس وهو من مهاجرة الحبشة، ومن أصحاب بدر، مات في حجة الوداع بمكة، ولذلك رثى له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنهم كانوا يكرهون الموت بمكة، لأنها دار هجروها لله

37 - باب ما ينهى من الحلق عند المصيبة

يَرْثِى لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ مَاتَ بِمَكَّةَ». طرفه 56 37 - باب مَا يُنْهَى مِنَ الْحَلْقِ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ 1296 - وَقَالَ الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَابِرٍ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُخَيْمِرَةَ حَدَّثَهُ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو بُرْدَةَ بْنُ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - ـــــــــــــــــــــــــــــ تعالى (يرثي له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن توفي بمكة) قال شيخنا أبو الفضل بن حجر: قائل هذا هو الزهري كما أفاد الطيالسي قال: وتؤيده رواية هاشم بن هاشم، وسعد بن إبراهيم في كتاب الوصايا بدون هذا الكلام. قلت: بل هذا من كلام سعد بن أبي وقاص صرَّح به البخاري في كتاب الدعوات في باب الدعاء برفع الوباء. فإن قلتَ: كيف رَثَى له وقد نهى عن الرثاء كما رواه الحاكم وحكم بصحته؟ قلت: الَّذي نهى عنه الرثاء على طريقة عَدّ الشمائل الَّذي هو نوع من النياحة. وهذا كان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نوع تَوَجُّع له حيث فاته الفضل الَّذي كان يرومه. باب: ما ينهى من الحلق عند المصيبة قال شيخنا أبو الفضل بن حجر: إنما أفرد الحلق بباب، لأن حكمه مقصور على حال المصيبة كما قيده به، قلت: وكلذلك شق الجيب ولطم الخد، والأحسن أن يقال: أفرده لأنه خاص بالنساء. 1296 - (وقال الحكم بن موسى) هذا من مشايخ البخاري، قيل: إنما نقل عنه بقال، لأن قاسم بن المخيمرة -بفتح المعجمة- ضعيف عند البخاري. وقيل: الحكم أيضًا ضعيف. قلتُ: قال الذهبي: الحكم بن موسى وثقه ابن معين، والقاسم بن المخيمرة وثقه ابن حنبل. قال شيخنا ابن حجر: تعليق إذ لا رواية للبخاري عن الحكم. وما وقع في رواية أبي الوقت حدثنا الحاكم خطأ (أبو بردة بن أبي موسى) -بضم الباء وسكون الراء- اسمه الحارث أو

38 - باب ليس منا من ضرب الخدود

قَالَ وَجِعَ أَبُو مُوسَى وَجَعًا فَغُشِىَ عَلَيْهِ، وَرَأْسُهُ فِي حَجْرِ امْرَأَةٍ مِنْ أَهْلِهِ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهَا شَيْئًا، فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ أَنَا بَرِئٌ مِمَّنْ بَرِئَ مِنْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَرِئَ مِنَ الصَّالِقَةِ وَالْحَالِقَةِ وَالشَّاقَّةِ. 38 - باب لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ 1297 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ، وَشَقَّ الْجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ». طرفه 1294 39 - باب مَا يُنْهَى مِنَ الْوَيْلِ وَدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ 1298 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ، وَشَقَّ الْجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ». طرفه 1294 ـــــــــــــــــــــــــــــ عامر (وَجِع أبو موسى) بكسر الجيم (فغشي عليه ورأسه في حجر امرأة من أهله) قال النسائي: هذه المرأة امرأة أبي موسى أم عبد الله بنت أبي دومة (أنا بريء [ممن برئ] منه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برئ من الصالقة والحالقة والشاقة) يقال: برئ من فلان -بفتح الباء وكسر الراء- إذا لم يرضَ فعلَهُ. والصالقة -بالصاد والسين- من ترفع صوتها. والحالقة: التي تحلق شعرها، والشاقة: التي تشق الجيب والأكمام على طريقة الجاهلية. قال ابن الأثير: والصلق أيضًا: صكّ الوجه. باب: ما ينهى من الويل ودعوى الجاهلية 1298 - روى في الباب الحديث الَّذي رواه في الباب قبله من غير زيادة سوى اختلاف شيخه، وذكر لفظ الضرب بدل اللطم.

40 - باب من جلس عند المصيبة يعرف فيه الحزن

40 - باب مَنْ جَلَسَ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ يُعْرَفُ فِيهِ الْحُزْنُ 1299 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى قَالَ أَخْبَرَتْنِى عَمْرَةُ قَالَتْ سَمِعْتُ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ لَمَّا جَاءَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَتْلُ ابْنِ حَارِثَةَ وَجَعْفَرٍ وَابْنِ رَوَاحَةَ جَلَسَ يُعْرَفُ فِيهِ الْحُزْنُ، وَأَنَا أَنْظُرُ مِنْ صَائِرِ الْبَابِ - شَقِّ الْبَابِ - فَأَتَاهُ رَجُلٌ، فَقَالَ إِنَّ نِسَاءَ جَعْفَرٍ، وَذَكَرَ بُكَاءَهُنَّ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَنْهَاهُنَّ، فَذَهَبَ ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ، لَمْ يُطِعْنَهُ فَقَالَ انْهَهُنَّ. فَأَتَاهُ الثَّالِثَةَ قَالَ وَاللَّهِ غَلَبْنَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَزَعَمَتْ أَنَّهُ قَالَ «فَاحْثُ فِي أَفْوَاهِهِنَّ التُّرَابَ». فَقُلْتُ أَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفَكَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: ذكر الويل في الترجمة وليس له ذكرٌ في الحديث؟ قلتُ: أشار إلى ما رواه ابن ماجة وابن حبان بلفظ الويل، ولم يكن على شرطه. باب: من جلس عند المصيبة يُعرف فيه الحزنُ 1299 - (محمد بن المثنى) بضم الميم وتشديد النون (عَمرة) بفتح العين (لما جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - قتل ابن حارثة) هو زيدٌ المذكور في القرآن باسمه، وهو مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، تبناه قبل النبوة ومجيءُ خبر قتله كان بإعلام الله كما سيأتي في غزوة مؤتة الكلامُ عليه مستوفى إن شاء الله (وجعفر بن أبي طالب وابن رواحة) عبد الله الأنصاري، أحد النقباء ليلة العقبة (جلس يعرف فيه الحزن، وأنا أنظر من صائِر الباب شق الباب) -بفتح الشين- وأهل اللغة يقولون: صِير الباب -بكسر الصاد- (فأتاه رجل فقال: إن نساء جعفر، وذكر بكاءهن) خبر إن محذوف. أي: كذا وكذا، وذكر من جملة ما ذكر بكاءهن على الوجه المحرم. وإلا نفس البكاء ليس يُنهى عنه، لأنه أمر غير اختياري (فزعمت أنَّه قال: فاحث في أفواههن التراب) -بضم الثاء وكسرها- يقال: حثا يحثو ويحثي (فقلت: أركم الله أنفَكَ) الظاهر أنها قالت

41 - باب من لم يظهر حزنه عند المصيبة

لَمْ تَفْعَلْ مَا أَمَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلَمْ تَتْرُكْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْعَنَاءِ. طرفاه 1305، 4263 1300 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الأَحْوَلُ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَهْرًا حِينَ قُتِلَ الْقُرَّاءُ، فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَزِنَ حُزْنًا قَطُّ أَشَدَّ مِنْهُ. طرفه 1001 41 - باب مَنْ لَمْ يُظْهِرْ حُزْنَهُ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِىُّ الْجَزَعُ الْقَوْلُ السَّيِّئُ وَالظَّنُّ السَّيِّئُ. وَقَالَ يَعْقُوبُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - (إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّى وَحُزْنِى إِلَى اللَّهِ). ـــــــــــــــــــــــــــــ ذلك في نفسها كما يقول الإنسان مثله كثيرًا إذا رأى من أحدٍ منكرًا (لم تفعل ما أمرك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -). فإن قلت: قد فعل ما أمره به مرارًا؟ قلتُ: لما لم يترتب على فعله ما هو المطلوب، جعلت فعله كلا فعل. ومثله كثير في كلام البلغاء. وقال بعضُهم: أرادت أنَّه لم يفعل حثو التراب كما أمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المرة الآخرة. وهذا سهو منه، لأنها قالت هذا الكلام حين عاد إليه في المرة الثالثة حين قال له: "احثُ في أفواههن التراب"، ولم يعُد بعد ذلك (ولم تترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من العناء) -بفتح العين والمدّ- وهو المشقة. وفي رواية مسلم: من العي -بفتح العين المهملة وتشديد الياء-. 1300 - (محمد بن فُضَيل) بضم الفاء مصغر روى حديث أنس (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَنَتَ شهرًا) يدعو على أحياء من العرب (حين قتل القراء) وموضع الدلالة هنا قوله: (ما رأيتُه حزن حزنًا قطُ أشد منه) فإنه بإطلاقه يشمل حالة الجلوس وغيرها. وقد دل الحديث على أن الجلوس بالوقار للعزاء جائز. وأما ظهور الحزن فليس لإنسان فيه اختيار. باب: من لم يظهر حزنه عند المصيبة (وقال محمد بن كعب القرظي: الجزع القول السيء والظن [السيء]) لا الحزن الَّذي في القلب، فإن ذلك لا اختيار فيه لأحد. (وقال يعقوب) صلى الله على نبينا وعليه: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} [يوسف: 86]) يريد أن إظهار الحزن والشكوى إليه تعالى ليس

1301 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْحَكَمِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - يَقُولُ اشْتَكَى ابْنٌ لأَبِى طَلْحَةَ - قَالَ - فَمَاتَ وَأَبُو طَلْحَةَ خَارِجٌ، فَلَمَّا رَأَتِ امْرَأَتُهُ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ هَيَّأَتْ شَيْئًا وَنَحَّتْهُ فِي جَانِبِ الْبَيْتِ، فَلَمَّا جَاءَ أَبُو طَلْحَةَ قَالَ كَيْفَ الْغُلاَمُ قَالَتْ قَدْ هَدَأَتْ نَفْسُهُ، وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ قَدِ اسْتَرَاحَ. وَظَنَّ أَبُو طَلْحَةَ أَنَّهَا صَادِقَةٌ، قَالَ فَبَاتَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ اغْتَسَلَ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ، أَعْلَمَتْهُ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ، فَصَلَّى مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ أَخْبَرَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بِمَا كَانَ مِنْهُمَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُبَارِكَ لَكُمَا فِي لَيْلَتِكُمَا». قَالَ سُفْيَانُ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَرَأَيْتُ لَهُمَا تِسْعَةَ أَوْلاَدٍ كُلُّهُمْ قَدْ قَرَأَ الْقُرْآنَ. طرفه 5470 ـــــــــــــــــــــــــــــ بمذموم، لأنه الَّذي يجيب المضطر إذا دعاه، وإنما المذموم إظهاره للخلق. 1301 - (بشر بن الحكم) بكسر الموحدة وشين معجمة (اتشكى ابن لأبي طلحة) أي: مرض (فمات) وأبو طلحة: هو زيد بن سهل الأنصاري (فلما رأت امرأته [أنه قد مات] هيأت شيئًا) أي: أعدت طعامًا لأبي طلحة، فإنه كان صائمًا. وفي رواية ابن سيرين: صنعت له عشاء. وحمله على غسل الابن وتكفينه لا يفيده هذا اللفظ، وإن صح أنها غسلته وكفنته. وهذا الغلام هو أبو عمير الَّذي كان يقول له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا أبا عُمير ما فَعَل النغير" (ونحته في جانب البيت) هي وأم سُليم أم أنس (فلما جاء أبو طلحة. فقال: كيف الغلام: قالت: هَدَأَت نفسُه) -بثلاث فتحات- أي: سكنتْ. وفيه تورية يحتمل أنَّه خفَّ مرضُه، وأنه مات ولم يفهم أبو طلحة إلا خفة المرض (وظن أبو طلحة أنها صادقةٌ) أي: فيما فهم أبو طلحة، وإلا فهي صادقة في نفس الأمر (فلما أصبح اغتسل) كناية عن سبق الوقاع (أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بما كان منهما) أولًا وآخرًا، ومنه قضية الوقاع (فقال: لعل [الله] أن يبارك لهما في ليلتهما) أي: قال هذا الكلام لمن كان حاضرًا. وفي روايةٍ: جاء على طريق الخطاب تغليبًا، لأن أم سليم لم تكن حاضرة (قال سفيان) هو ابن عيينة، والرجل من الأنصار هو عباية بن رفاعة ذكره البيهقي في "الدلائل" (فقال رجل من الأنصار: فرأيت [لهما] تسعة أولاد كلهم قد قرؤوا القرآن) استجاب الله دعاء رسوله - صلى الله عليه وسلم -، حملت تلك الليلة بولد ذكر اسمه عبد الله،

42 - باب الصبر عند الصدمة الأولى

42 - باب الصَّبْرِ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى وَقَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه - نِعْمَ الْعِدْلاَنِ، وَنِعْمَ الْعِلاَوَةُ (الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ). وَقَوْلُهُ تَعَالَى (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ). 1302 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ ثَابِتٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى». أطرافه 1252، 1283، 7154 ـــــــــــــــــــــــــــــ وهذه التسعة أولاده. وروى ابن الجوزي اثنا عشر، وهذه أسماؤهم: القاسم، عمير، زيد، إسماعيل، يعقوب، إسحاق، محمد، إبراهيم، معمر، عمارة، عمر، عبد الله. وأربع بنات وسيأتي الحديث بأطولَ من هذا، دالًّا على كمال إيمان أم سُليم وقوة قلبها وشدة صبرها. باب: الصبرُ عند الصدمة الأولى قد ذكرنا أن الصدم ضرب جسمٍ على آخر بشدة، فاستعاره لإصابة المصيبة. والوجه التأثر الشامل للعقل والحس (وقال عمر: نعم العدلان ونعم العِلاوة) العدل -بالكسر- ما يعادل الآخر ويماثله في القدر، وبالفتح: مثل الشيء من جنسه. وقيل: بالعكس فجاز الفتح والكسر إلا أن الرواية إنما هي بالكسر. والعِلاوة -بكسر العين- ما يكون بين العدلين فوق الحمل، فالعدلان في الآية الكريمة: الصلاة والرحمة، والعلاوة: الوصف بالاهتداء. كذا رواه الطبراني مرفوعًا. فسقط ما قيل: العدلان إنا لله وإنا إليه راجعون. والعلاوة: الثواب المذكور بعدهما فقوله: العدلان، والعلاوة فاعل نعم. و {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ} ... [البقرة: 156] إلى آخر الآية مخصوص بالمدح، وزائد قبل العدلان، إنا لله وإنا إليه راجعون، والعلاوة الثواب، وفيه بُعدٌ. 1302 - (بشار) بفتح الباء وتشديد المعجمة (غندر) بضم الغين وفتح الدال والحديث بشرحه تقدم في باب زيارة القبور.

43 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - «إنا بك لمحزونون»

43 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّا بِكَ لَمَحْزُونُونَ» وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «تَدْمَعُ الْعَيْنُ وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ». 1303 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ حَدَّثَنَا قُرَيْشٌ - هُوَ ابْنُ حَيَّانَ - عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ دَخَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى أَبِى سَيْفٍ الْقَيْنِ - وَكَانَ ظِئْرًا لإِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِبْرَاهِيمَ فَقَبَّلَهُ وَشَمَّهُ، ثُمَّ دَخَلْنَا عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِبْرَاهِيمُ يَجُودُ بِنَفْسِهِ، فَجَعَلَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَذْرِفَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنا بك لمحزونون" هذه الترجمة بعض من حديث الباب (وقال ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: تدمع العين ويحزن القلب) هذا التعليق عن ابن عمر يأتي مسندًا في الباب الذي بعده، وكأنه رواه بالمعنى. قال هذا الكلام حين ذهب إلى عيادة سعد بن عبادة. 1303 - (يحيى بن حسان) يجوزُ صرفه وعدم صرفه بناءً على جواز زيادة الألف والنون وعدم الزيادة ((قريش بن حيان) -بضم القاف وفتح الراء- مصغر قرش، وحَيّان بحاء مهملة ومثناة تحت (عن أنس: دخلنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أبي سيف القين) بفتح القاف وسكون الياء (وكان ظئرًا لإبراهيم) -بكسر الظاء- أم الطفل من الرضاع هذا أصله. قال ابن الأثير: ويطلق على زوجها أيضًا، لأنه أبوه رضاعًا، ولد إبراهيم ابن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سنة ثمان من الهجرة، ولما ولد تنازعت فيه نساء الأنصار، فاختار له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خولة بنت المنذر امرأة أبي سيف القين -بفتح القاف وسكون الياء- الحداد. اسمها خولة، تكنى أم بردة. عاش عندهم ستة عشر شهرًا. وقيل: ثمانية عشر. وقيل: سبعة عشر. وقيل: سنتان. قال ابن حزم: مات قبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بثلاثة أشهر. وروى الزهريّ مرسلًا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لو عاش وضعتُ الجزية عن كل قبطي" لأن أمه مارية من القبط، أهداها له مقوقس صاحب الإسكندرية مع أختها سيرين، فوهب سيرين لحسان، وأمسك مارية سريةً له، فولدت إبراهيم، وكان أحبَّ أولاده إليه فأضاف الله له أجر المصيبة إلى أجر الرسالة، ليكون له من كل نوع طاعة لربه. (وإبراهيم يجود بنفسه) أي: في سياق الموت (فجعلت عينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تذرفان)

44 - باب البكاء عند المريض

فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ - رضى الله عنه - وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ «يَا ابْنَ عَوْفٍ إِنَّهَا رَحْمَةٌ». ثُمَّ أَتْبَعَهَا بِأُخْرَى فَقَالَ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ الْعَيْنَ تَدْمَعُ، وَالْقَلْبَ يَحْزَنُ، وَلاَ نَقُولُ إِلاَّ مَا يَرْضَى رَبُّنَا، وَإِنَّا بِفِرَاقِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ». رَوَاهُ مُوسَى عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 44 - باب الْبُكَاءِ عِنْدَ الْمَرِيضِ 1304 - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرٌو عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ الأَنْصَارِىِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ اشْتَكَى سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ شَكْوَى لَهُ فَأَتَاهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَعُودُهُ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَسَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنهم - فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ فَوَجَدَهُ فِي غَاشِيَةِ أَهْلِهِ فَقَالَ «قَدْ ـــــــــــــــــــــــــــــ أي: شرعت في السيلان، من ذَرَف -بذال معجمة- أي: سال (فقال له عبد الرحمن بن عوف: وأنت يا رسول الله؟!) ظن أن في البكاء من الجزع الذي لا يليق به، فردّ ظنه بأن دمع العين ليس من ذلك، بل رحمة جعلها الله في قلب خواص عباده الذين له معهم عناية، ولذلك قال على طريقة الحصر: "إنما يرحم الله من عباده الرحماء". (رواه موسى) ذكره غير منسوب، قال أبو الفضل المقدسي: هو موسى بن إسماعيل التبوذكي. أشار إلى أنه يروي الحديث بهذا السياق عن كل واحدٍ من الحسن بن عبد العزيز وموسى، إلا أن هذا الطريق أعلى سندًا من الأول. ففيه زيادة. باب: البكاء عند المريض 1304 - (أصبغ) بصاد مهملة وغين معجمة (ابن وهب) عبد الله (اشتكى سعد بن عبادة شكوى) أي: مرض، مصدر كالرجعى. غير منون، لأنه غير منصرف (فأتاه النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما دخل عليه وجده في غاشية أهله). قال ابن الأثير: الغاشية: الذاهبة. فيجوزُ أن يريد غشية من غشيات الموت، أو من

45 - باب ما ينهى عن النوح والبكاء والزجر عن ذلك

قَضَى». قَالُوا لاَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَبَكَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا رَأَى الْقَوْمُ بُكَاءَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بَكَوْا فَقَالَ «أَلاَ تَسْمَعُونَ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُعَذِّبُ بِدَمْعِ الْعَيْنِ، وَلاَ بِحُزْنِ الْقَلْبِ، وَلَكِنْ يُعَذِّبُ بِهَذَا - وَأَشَارَ إِلَى لِسَانِهِ - أَوْ يَرْحَمُ وَإِنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ». وَكَانَ عُمَرُ - رضى الله عنه - يَضْرِبُ فِيهِ بِالْعَصَا، وَيَرْمِى بِالْحِجَارَةِ وَيَحْثِى بِالتُّرَابِ. 45 - باب مَا يُنْهَى عَنِ النَّوْحِ وَالْبُكَاءِ وَالزَّجْرِ عَنْ ذَلِكَ 1305 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ ـــــــــــــــــــــــــــــ غشيات الكرب، أو القوم الحاضرون. وكذا قاله غيره. قلت: الاحتمال الأخير هو المراد بدليل قوله: وجده في غاشية أهله. على أن الاحتمال الأول محال لأنه عاش بعد ذلك دهرًا طويلًا (قال: قد قضى) بتقدير الاستفهام، وفي رواية: مضى -بالميم- والمعنى واحد (فقال: ألا تسمعون؟ إن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا وأشار إلى لسانه) أي: إن ناح وسلك في ذلك طريق الجاهلية يعذب. وإن حمد الله وصبر أثابه أجر الصابرين. قال بعض الشارحين: لو صحت الرواية بالنصب كان المعنى: إلى أن يرحم، لأن المؤمن لا يخلد في العذاب. وهذا -مع عدم رواية النصب- خروجٌ عن غرض الشارع، لأن غرضه الحث على الصبر والحمد والاسترجاع، كما جاء ذلك في أحاديث. ثم قال: فإن قلت: قوله: "فإن الميت يعذب ببكاء [أهله عليه" فكيف بكى] رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قلت: لم يبكِ على الميتِ، وإنما بكى على الحي. وهذا خبط؛ فإنه قد بكى على ابنه إبراهيم وعلى زيد بن حارثة، وعلى جعفر وعلى ابن رواحة كما تقدم [....... ...]. والصواب ما قدمنا من أن المنهي البكاء مع النوح على طريق أهل الجاهلية. ألا ترى أن النساء لما بكَيْنَ خالد بن الوليد، فقال عمر: دعهم يبكين على أبي سليمان. وقال هنا: (وكان عمر يضرب فيه بالعصا ويرمي بالحجارة ويحثي بالتراب). باب: ما ينهى عن النوح والبكاء والزجر عن نلك 1305 - روى في الباب حديث عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما جاءه قتلُ زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة، وقد تقدم الحديث بشرحه في باب: من جَلَسَ عند

سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَتْنِى عَمْرَةُ قَالَتْ سَمِعْتُ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - تَقُولُ لَمَّا جَاءَ قَتْلُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَجَعْفَرٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ، جَلَسَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُعْرَفُ فِيهِ الْحُزْنُ، وَأَنَا أَطَّلِعُ مِنْ شَقِّ الْبَابِ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ نِسَاءَ جَعْفَرٍ وَذَكَرَ بُكَاءَهُنَّ فَأَمَرَهُ بِأَنْ يَنْهَاهُنَّ، فَذَهَبَ الرَّجُلُ ثُمَّ أَتَى فَقَالَ قَدْ نَهَيْتُهُنَّ، وَذَكَرَ أَنَّهُنَّ لَمْ يُطِعْنَهُ، فَأَمَرَهُ الثَّانِيَةَ أَنْ يَنْهَاهُنَّ، فَذَهَبَ، ثُمَّ أَتَى، فَقَالَ وَاللَّهِ لَقَدْ غَلَبْنَنِى أَوْ غَلَبْنَنَا الشَّكُّ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَوْشَبٍ - فَزَعَمَتْ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «فَاحْثُ فِي أَفْوَاهِهِنَّ التُّرَابَ». فَقُلْتُ أَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفَكَ، فَوَاللَّهِ مَا أَنْتَ بِفَاعِلٍ وَمَا تَرَكْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْعَنَاءِ. طرفه 1299 1306 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ أَخَذَ عَلَيْنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ الْبَيْعَةِ أَنْ لاَ نَنُوحَ، فَمَا وَفَتْ مِنَّا امْرَأَةٌ غَيْرَ خَمْسِ نِسْوَةٍ أُمِّ سُلَيْمٍ وَأُمِّ الْعَلاَءِ وَابْنَةِ أَبِى سَبْرَةَ امْرَأَةِ مُعَاذٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوِ ابْنَةِ أَبِى سَبْرَةَ وَامْرَأَةِ مُعَاذٍ وَامْرَأَةٍ أُخْرَى. طرفاه 4892، 7215 ـــــــــــــــــــــــــــــ المصيبة يعرف فيه الحزن. وأشرنا إلى أن نهيه عن البكاء، إنما كان عن النوح. وما كان على دأب الجاهلية لا عن نفس البكاء. (محمد بن حوشب) نسبةً إلى جذه، هو محمد بن عبد الله بن حوشب -بفتح الحاء وشين معجمة- قال الأصيلي: ليس لمحمد بن حوشب ذكرٌ في الكتب الستة إلا في البخاري. 1306 - (حمّاد) بفتح الحاء وتشديد الميم (أم عطية) هي نسيبة (أخذ علينا النبي - صلى الله عليه وسلم - عند البيعة ألاّ ننوحَ إلا على الميت) النوح: عدّ شمائل الميت وهو محرّمٌ إجماعًا (وابنة أبي سَبْرة) بفتح السين وسكون الموحدة (وامرأة معاذ وامرأتان، وابنة أبي سبرة) قال شيخنا أبو الفضل ابن حجر: رواية الواو أصح، لأن امرأة معاذ اسمها أم عمرو بنت خَلاد، وابنة أبي سَبْرة اسمها أم كلثوم (وامرأة أخرى) هي أم عطية راوية الحديث ذكرها الطبراني.

46 - باب القيام للجنازة

46 - باب الْقِيَامِ لِلْجَنَازَةِ 1307 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا رَأَيْتُمُ الْجَنَازَةَ فَقُومُوا حَتَّى تُخَلِّفَكُمْ». قَالَ سُفْيَانُ قَالَ الزُّهْرِىُّ أَخْبَرَنِى سَالِمٌ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَخْبَرَنَا عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. زَادَ الْحُمَيْدِىُّ «حَتَّى تُخَلِّفَكُمْ أَوْ تُوضَعَ». طرفه 1308 47 - باب مَتَى يَقْعُدُ إِذَا قَامَ لِلْجَنَازَةِ 1308 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ جَنَازَةً فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَاشِيًا مَعَهَا فَلْيَقُمْ حَتَّى يُخَلِّفَهَا، أَوْ تُخَلِّفَهُ أَوْ تُوضَعَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُخَلِّفَهُ». طرفه 1307 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: القيام للجنازة قال ابن الأثير: الجنازة -بكسر الجيم والفتح- الميت بسريره. وقيل: بالكسر الميت، وبالفتح: السرير. 1307 - (إذا رأيتم الجنازة فقوموا حتى تخلفكم) بضم التاء وكسر اللام المشددة (قال الزهري: أخبرني سالم) فائدة هذا النقلِ التصريحُ بسماع الزهريّ من سالم مع زيادة قوله: (أو توضع) أي: الجنازة على الأرض. باب: متى يقعد إذا قام للجنازة 1308 - (قتيبة) بضم القاف مصغر. روى في الباب حديث عامر الذي في الباب قبله. وفيه من الزيادة: (فإن لم يكن ماشيًا معها، فليقم حتى يخلفها، أو تخلفه أو توضع) الشكُ من البخاري، لأن مسلمًا رواه عن قُتيبة من غير شك.

48 - باب من تبع جنازة فلا يقعد حتى توضع عن مناكب الرجال فإن قعد أمر بالقيام

1309 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنَّا فِي جَنَازَةٍ فَأَخَذَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - بِيَدِ مَرْوَانَ فَجَلَسَا قَبْلَ أَنْ تُوضَعَ، فَجَاءَ أَبُو سَعِيدٍ - رضى الله عنه - فَأَخَذَ بِيَدِ مَرْوَانَ فَقَالَ قُمْ فَوَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمَ هَذَا أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَانَا عَنْ ذَلِكَ. فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ صَدَقَ. طرفه 1310 48 - باب مَنْ تَبِعَ جَنَازَةً فَلاَ يَقْعُدُ حَتَّى تُوضَعَ عَنْ مَنَاكِبِ الرِّجَالِ فَإِنْ قَعَدَ أُمِرَ بِالْقِيَامِ 1310 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ - يَعْنِى ابْنَ إِبْرَاهِيمَ - حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا رَأَيْتُمُ الْجَنَازَةَ فَقُومُوا، فَمَنْ تَبِعَهَا فَلاَ يَقْعُدْ حَتَّى تُوضَعَ». طرفه 1309 ـــــــــــــــــــــــــــــ 1309 - (ابن أبي ذئب) -بلفظ الحيوان المعروف- محمد بن عبد الرحمن (عن سعيد المقبري) بفتح الميم وضم الباء وفتحها (كنا في جنازة، فأخذ أبو هريرة بيد مروان فجلسا قبل أن توضع، فجاء أبو سعيد فأخذ بيد مروان. وقال: قم فوالله لقد علم هذا) أشار إلى أبي هريرة (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهانا عند ذلك. فقال أبو هريرة: صدق). فإن قلت: فكيف خالف أبو هريرة مقالة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قلت: النهي للتنزيه ربما كان قعودةٌ موافقة لمروان أو نسي ثم تذكر. فإن قلت: في حديث أبي هريرة أنه لم ينس شيئًا بعدما بسط نمرته لمقالة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قلتُ: ذاك محمول على أنه لم ينس بحيث لا يقدر على تذكره، وإلا فمعلوم أنه لم يكن مشاهدًا لجميع معلوماته. والأول أرجح لما روى الحاكم أن مروان لما قال لأبي هريرة: ما منعك أن تخبرني؟ قال: كنتُ إمامًا صليتُ فجلست. باب: من تبع جنازة فلا يقعد حتى توضع عن مناكب الرجال، فإن قعد يؤمر بالقيام 1310 - وضع ثلاث تراجم. الأول لبيان القيام للجنازة. الثاني: لبيان القعود بعد

49 - باب من قام لجنازة يهودى

49 - باب مَنْ قَامَ لِجَنَازَةِ يَهُودِىٍّ 1311 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِقْسَمٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ مَرَّ بِنَا جَنَازَةٌ فَقَامَ لَهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَقُمْنَا بِهِ. فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهَا جَنَازَةُ يَهُودِىٍّ. قَالَ «إِذَا رَأَيْتُمُ الْجَنَازَةَ فَقُومُوا». 1312 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِى لَيْلَى قَالَ كَانَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ وَقَيْسُ بْنُ سَعْدٍ قَاعِدَيْنِ بِالْقَادِسِيَّةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ القيام وهو وضعُها. ولما كان الوضع يحتمل أن يكون المراد منه الوضع في اللحد، كما وقع في رواية أبي معاوية على ما رواه عنه أبو داود، أشار بلفظ المناكب إلى ترجيح ما رواه. لله دَرُّه ما أعرفه!! باب: من قام لجنازة يهودي 1311 - (معاذ بن فَضَالة) بضم الميم وفتح الفاء (مزت بنا جنازة، فقام لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقلنا: إنها جنازة يهودي؟ قال: فإذا رأيتم الجنازة فقوموا) وعلّله في رواية مسلم أن الموت فزع، فالقيام إنما هو لذلك. فإن قلت: فقد قال في حديث سهل بعده: "أليستْ نفسًا"؛ هذا يدل على أن العلة كونها نفسًا؟. قلت: لا تزاحم في العلل يجوزُ كون كل واحد علةً، وقد جاء في رواية أحمد "إنما قمنا للملائكة". وفي رواية عنه عن الحاكم: "إعظامًا لمن يقبض الأرواح". 1312 - (عمرو بن مرة) بضم الميم وتشديد الراء (سهل بن حنيف) بضم الحاء مصغر (بالقادسية) -بفتح القاف وكسر الدال- أول مرحلة لمن خرج من الكوفة قاصدًا المدينة

50 - باب حمل الرجال الجنازة دون النساء

فَمَرُّوا عَلَيْهِمَا بِجَنَازَةٍ فَقَامَا. فَقِيلَ لَهُمَا إِنَّهَا مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ، أَىْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَقَالاَ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - مَرَّتْ بِهِ جَنَازَةٌ فَقَامَ فَقِيلَ لَهُ إِنَّهَا جَنَازَةُ يَهُودِىٍّ. فَقَالَ «أَلَيْسَتْ نَفْسًا». 1313 - وَقَالَ أَبُو حَمْزَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ عَمْرٍو عَنِ ابْنِ أَبِى لَيْلَى قَالَ كُنْتُ مَعَ قَيْسٍ وَسَهْلٍ - رضى الله عنهما - فَقَالاَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ زَكَرِيَّاءُ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنِ ابْنِ أَبِى لَيْلَى كَانَ أَبُو مَسْعُودٍ وَقَيْسٌ يَقُومَانِ لِلْجِنَازَةِ. 50 - باب حَمْلِ الرِّجَالِ الْجِنَازَةَ دُونَ النِّسَاءِ 1314 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا وُضِعَتِ الْجِنَازَةُ وَاحْتَمَلَهَا الرِّجَالُ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الشريفة، وبها كانت حرب المسلمين مع الفرس في خلافة عُمر، وأمير الجيش سعد بن أبي وقاص (أبو حمزة) -بالحاء المهملة- محمد بن ميمونة السكري، وفائدة هذا التعليق دفع وهمِ الإرسال من سهل وقيس لأنهما قال: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بخلاف السند الأول. 1313 - هذه الأحاديث والآثار كلها دالة على أن القيام مندوب للجنازة مطلقًا، إلا أن مسلمًا روى عن علي بن أبي طالب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقوم للجنازة ثم جلس. وفي صحيح ابن حبان: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرنا بالقيام للجنازة، ثم أمرنا بالجلوس. فدلَّ على أن القيام منسوخ. كذا قاله القاضي عياض. قال النووي: لا دليل على النسخ. فالمختار أنه يستحب، وأمره بالجلوس إنما يدل على عدم الوجوب. باب: حمل الرجال الجنازة دون النساء 1314 - (سمع أبا سعيد الخدري) بضم المعجمة والدال المهملة (إذا وضعت الجنازة واحتملها الرجال على أعناقهم) هذا موضع الدلالة على الترجمة، وليس فيه نهي عن حمله

51 - باب السرعة بالجنازة

فَإِنْ كَانَتْ صَالِحَةً قَالَتْ قَدِّمُونِى. وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ صَالِحَةٍ قَالَتْ يَا وَيْلَهَا أَيْنَ يَذْهَبُونَ بِهَا يَسْمَعُ صَوْتَهَا كُلُّ شَىْءٍ إِلاَّ الإِنْسَانَ، وَلَوْ سَمِعَهُ صَعِقَ». طرفاه 1316، 1380 51 - باب السُّرْعَةِ بِالْجِنَازَةِ وَقَالَ أَنَسٌ - رضى الله عنه - أَنْتُمْ مُشَيِّعُونَ، وَامْشِ بَيْنَ يَدَيْهَا، وَخَلْفَهَا وَعَنْ يَمِينِهَا، وَعَنْ شِمَالِهَا. وَقَالَ غَيْرُهُ قَرِيبًا مِنْهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ للنساء، إلا أن فيه إشارةً إلى أنه من وظائف الرجال. وقد رَوَى أبو يعلى عن أنس مرفوعًا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهاهُن (فإن كانت صالحة قالت: قدموني) لأنها شاهدت القبر الذي هو روضة من رياض الجنان (وإن كانت غير صالحة قالت: يا ويلها) الويل هو الهلاك، وهذه الكلمة يقولها كل من وقع في بلية، كان لم يقصد معناها، وكان الظاهر: يا ويلتي. ولكن تحاشا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن إضافة الويل إلى نفسه بياء الإضافة، وإن كان في نفس الأمر الإضافة إلى الميت إلا أن في الصورة إضافة إلى المتكلم. وقيل في توجيه ذلك: لما أبصَرَ الميت نفسَه غير صالحة نفر منها، فجعلها كأنها غيره. وأنت خبير بأن هذا شيء لم يخطر بخاطر الميت، وهو في شغل شاغل عن هذا التدقيق على أن الله تعالى قد حكى عن الكفار: {يَاوَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ} [الكهف: 49] و {يَاوَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28)} [الفرقان: 28]. (ولو سمعه الإنسان لصعق) قال ابن الأثير: الصعقُ: الغشي ويطلق على الموت، وهذا من ذلك. باب: السرعة بالجنازة (وقال أنس: أنتم مشيعون فامشوا بين يديها وخلفها وعن يمينها وشمالها) العلماءُ في المشي مع الجنازة ثلاث فِرَق: فرقة قالوا بما قاله أنس. وقال آخرون: يمشي أمامها. وهم مالك والشافعي وأحمد، المشاة أمامها والركبان خلفها. وجه ذلك أن من مشى مع الجنازة كالشافع له. ودأبُ الشافعي أن يتقدم المذنبَ. وقال أبو حنيفة ومن وافقه: يمشي خلفها لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من تبع جنازة" ولأن النظر إلى الجنازة عبرة. والكلام في الأفضلية لا الجواز. وفي فتوى قاضي خان: الركوب أمامها مكروه.

52 - باب قول الميت وهو على الجنازة قدمونى

1315 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَفِظْنَاهُ مِنَ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَسْرِعُوا بِالْجِنَازَةِ، فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا {إِلَيْهِ}، وَإِنْ يَكُ سِوَى ذَلِكَ فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ». 52 - باب قَوْلِ الْمَيِّتِ وَهُوَ عَلَى الْجِنَازَةِ قَدِّمُونِى 1316 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِذَا وُضِعَتِ الْجِنَازَةُ فَاحْتَمَلَهَا الرِّجَالُ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ، فَإِنْ كَانَتْ صَالِحَةً قَالَتْ قَدِّمُونِى. وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ صَالِحَةٍ قَالَتْ لأَهْلِهَا يَا وَيْلَهَا أَيْنَ يَذْهَبُونَ بِهَا يَسْمَعُ صَوْتَهَا كُلُّ شَىْءٍ إِلاَّ الإِنْسَانَ، وَلَوْ سَمِعَ الإِنْسَانُ لَصَعِقَ». طرفه 1314 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلتَ: ما وجه تعلق أثر أنس بالإسراع الذي ترجم عليه؟ قلتُ: لأنهم إذا تفرقوا كان أمكن لهم في المشي. 1315 - (عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أسرعوا بالجنازة) يريد الإسراع المعتدل بحيث لا يَخْشى على سقوط الميت ولا سقوط الحامل، وقد جاء في رواية: "إذا حملتم الجنازة فالقصد القصد، (وإن كان سوى ذلك) أي: غير ذلك صالحة، وإنما آثَرَ فيه الإبهام تحاشيًا عن لفظ يوحش الأسماع. باب: قول الميت وهو على الجنازة قَدّمُوني 1316 - روي في الباب حديث أبي سعيد الخدري الذي في الباب قبله من غير زيادة. فإنْ قلت: من القائل قدموني؟ قلتُ: قيل هو الروح فإنه جسم لطيف. وقيل: يخلق الله في الجسد النطق. وقيل مجاز، والصواب أنه الجسد مع الروح. دل عليه قوله: "قالت". فإن الضمير عائد إلى الجنازة والعذاب إنما هو على الروح مع الجسد.

53 - باب من صف صفين أو ثلاثة على الجنازة خلف الإمام

53 - باب مَنْ صَفَّ صَفَّيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً عَلَى الْجِنَازَةِ خَلْفَ الإِمَامِ 1317 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ أَبِى عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى عَلَى النَّجَاشِىِّ، فَكُنْتُ فِي الصَّفِّ الثَّانِى أَوِ الثَّالِثِ. أطرافه 1320، 1334، 3877، 3878، 3879 1318 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ نَعَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى أَصْحَابِهِ النَّجَاشِىَّ، ثُمَّ تَقَدَّمَ فَصَفُّوا خَلْفَهُ فَكَبَّرَ أَرْبَعًا. طرفه 1245 1319 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِىُّ عَنِ الشَّعْبِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى مَنْ شَهِدَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ أَتَى عَلَى قَبْرٍ مَنْبُوذٍ فَصَفَّهُمْ وَكَبَّرَ أَرْبَعًا. قُلْتُ مَنْ حَدَّثَكَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما. طرفه 857 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: من صَفَّ صفين أو ثلاثة على الجنازة خلف الإمام 1317 - (مسدّد) بضم الميم وتشديد الدال المفتوحة (عن أبى عوانة) -بفتح العين- الوضّاح اليشكري (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلّى على النجاشي) تخفيف الياء عند الأكثر (فكنت في الصف الثاني أو الثالث) هذا موضعُ الدلالة. فإن قلت: ليس في الحديث ذكر الخلف ولا ما يدل على عدم الزيادة على الثلاثة. قلتُ: أشار على دأبه إلى ما يأتي في هجرة الحبشة من ذكر الخلف وما في رواية مسلم: صفين. فإنه نصٌّ فيه، إنما الشك في الثالث. باب: الصفوف على الجنائز 1318 - (يزيد بن زُريع) بضم الزاي مصغر الزرع (معمر) بفتح الميمين بينهما عين ساكنة. 1319 - (مسلم) ضد الكافر (الشيباني) -من الشيب- سليمان بن أبي سليمان (عن الشعبي) -بفتح الشين المعجمة وسكون العين- أبو عمرو عامر الكوفي (أتى على قبر منبوذٍ) -بالإضافة- أي لقيط. وبدون الإضافة أي بعيد عن المقابر (فصَفَّهم وكبّر أربعًا).

55 - باب صفوف الصبيان مع الرجال على الجنائز

1320 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ أَخْبَرَنِى عَطَاءٌ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - يَقُولُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «قَدْ تُوُفِّىَ الْيَوْمَ رَجُلٌ صَالِحٌ مِنَ الْحَبَشِ فَهَلُمَّ فَصَلُّوا عَلَيْهِ». قَالَ فَصَفَفْنَا فَصَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَيْهِ وَنَحْنُ صُفُوفٌ. قَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ كُنْتُ فِي الصَّفِّ الثَّانِى. طرفه 1317 55 - باب صُفُوفِ الصِّبْيَانِ مَعَ الرِّجَالِ عَلَى الْجَنَائِزِ 1321 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِىُّ عَنْ عَامِرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَرَّ بِقَبْرٍ قَدْ دُفِنَ لَيْلاً فَقَالَ «مَتَى دُفِنَ هَذَا». قَالُوا الْبَارِحَةَ. قَالَ «أَفَلاَ آذَنْتُمُونِى». قَالُوا دَفَنَّاهُ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ فَكَرِهْنَا أَنْ نُوقِظَكَ. فَقَامَ فَصَفَفْنَا خَلْفَهُ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ 1320 - (ابن جريج) -بضم الجيم مصغر- عبد الملك بن عبد العزيز. فإن قلت: ليس في الحديث ذكر الصفوف كما ترجم عليه؟ قلتُ: هذا على دأبه من الاستدلال بالخفي. وقد روى في باب صفوف الصبيان عن ابن عباس: فصففنا خلفه، وإذا كان للصبيان صف لزم أن يكون هناك صفوف. ثم روى عن جابر صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على النجاشي. وموضع الدلالة قوله: (فصففنا، فصلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ونحن صفوف، وقال أبو الزبير) هو محمد بن مسلم عن جابر: (كنتُ في الصف الثاني). وفائدة هذا التعليق النص على الصف الثاني. باب: صفوف الصبيان مع الرجال على الجنائز 1321 - (الشيباني) -بفتح المعجمة- سليمان [بن]، أبي سليمان (عامر) هو أبو عمرو الشعبي (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرَّ بقبرٍ دفن ليلًا. فقال: متى دُفن هذا؟ قالوا: البارحةَ) قال الجوهري: البارحة أقرب ليلة مضت، من برح (قال: أفلا آذنتموني) -بفتح الهمزة والمدّ-

56 - باب سنة الصلاة على الجنائز

وَأَنَا فِيهِمْ فَصَلَّى عَلَيْهِ. طرفه 857 56 - باب سُنَّةِ الصَّلاَةِ عَلَى الْجَنَائِزِ وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ صَلَّى عَلَى الْجَنَازَةِ». وَقَالَ «صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ». وَقَالَ «صَلُّوا عَلَى النَّجَاشِىِّ». سَمَّاهَا صَلاَةً، لَيْسَ فِيهَا رُكُوعٌ وَلاَ سُجُودٌ، وَلاَ يُتَكَلَّمُ فِيهَا، وَفِيهَا تَكْبِيرٌ وَتَسْلِيمٌ. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ لاَ يُصَلِّى إِلاَّ طَاهِرًا. وَلاَ يُصَلِّى عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَلاَ غُرُوبِهَا، وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ، وَقَالَ الْحَسَنُ أَدْرَكْتُ النَّاسَ وَأَحَقُّهُمْ عَلَى جَنَائِزِهِمْ مَنْ رَضُوهُمْ لِفَرَائِضِهِمْ. وَإِذَا أَحْدَثَ يَوْمَ الْعِيدِ أَوْ عِنْدَ الْجَنَازَةِ يَطْلُبُ الْمَاءَ وَلاَ يَتَيَمَّمُ، وَإِذَا انْتَهَى إِلَى الْجَنَازَةِ وَهُمْ يُصَلُّونَ يَدْخُلُ مَعَهُمْ بِتَكْبِيرَةٍ. وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ يُكَبِّرُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالسَّفَرِ وَالْحَضَرِ أَرْبَعًا. وَقَالَ أَنَسٌ - رضى الله عنه - التَّكْبِيرَةُ الْوَاحِدَةُ اسْتِفْتَاحُ الصَّلاَةِ. وَقَالَ (وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا) وَفِيهِ صُفُوفٌ وَإِمَامٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أي: أعلمتموني. وقد تقدم الحديث مرارًا. وموضع الدلالة قول ابن عباس (وأنا فيهم) فإن ابن عباس كان صبيًّا، انتقل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى دار البقاء وابنُ عباس ابن ثلاث عشرةَ سنةً. باب: سنة الصلاة على الجنازة لم يرد بالسنة ما يقابل الفرض، بل ما شرعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، من إطلاق لفظ الصلاة وشرائطها من الوضوء وغيره. يرد على من جوَّز صلاة الجنازة بغير وضوء كالطبري والشيعة، ونقله في "الإشراف" عن الشعبي قائلين: إنه دعاء مجرد. واستدل على ذلك بالأحاديث والآثار. (وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: من صلى على الجنازة) هذا بعضُ حديثٍ رواه أبو هريرة ولم يذكر جزاء الشرط وهو: "فله قيراط" لعدم تعلق غرضه بذلك (وقال: صلوا على صاحبكم) بعض حديث أبي سلمة. قاله في الذي مات وعليه ثلائة دنانير. ولم يترك وفاءً، والغرضُ أنه أطلق عليها لفظ الصلاة. فيشترط فيها ما يشترط في الصلاة.

57 - باب فضل اتباع الجنائز

1322 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الشَّيْبَانِىِّ عَنِ الشَّعْبِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى مَنْ مَرَّ مَعَ نَبِيِّكُمْ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى قَبْرٍ مَنْبُوذٍ فَأَمَّنَا فَصَفَفْنَا خَلْفَهُ. فَقُلْنَا يَا أَبَا عَمْرٍو مَنْ حَدَّثَكَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما. 57 - باب فَضْلِ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ وَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ - رضى الله عنه - إِذَا صَلَّيْتَ فَقَدْ قَضَيْتَ الَّذِى عَلَيْكَ. وَقَالَ حُمَيْدُ بْنُ هِلاَلٍ مَا عَلِمْنَا عَلَى الْجَنَازَةِ إِذْنًا، وَلَكِنْ مَنْ صَلَّى ثُمَّ رَجَعَ فَلَهُ قِيرَاطٌ. 1323 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ قَالَ سَمِعْتُ نَافِعًا يَقُولُ حُدِّثَ ابْنُ عُمَرَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنهم - يَقُولُ مَنْ تَبِعَ جَنَازَةً فَلَهُ قِيرَاطٌ. فَقَالَ أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَلَيْنَا. طرفه 47 ـــــــــــــــــــــــــــــ 1322 - ثم روى حديث الشعبي عن ابن عباس: (مَرَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - على قبر منبوذٍ) وقد مرَّ مرارًا. وموضعُ الدلالة قوله: (فصلينا) ولا يخفى عليك خفاء الاستدلال إذ لو كانت صلاة حقيقة لكان كان أركانها الركوع والسجود. والأحسنُ أن يقال: عبادة يؤجر عليها. فلا بُدَّ أن يكون على أكمل الأحوال لوجوبه في سجدة التلاوة وسجدة الشكر. باب: فضل اتباع الجنائز 1323 - (وقال زيد بن ثابت: إذا صليت فقد قَضَيْتَ الذي عليك) أي: حق المسلم لما تقدم: "حق المسلم على المسلم ستٌّ ... " منها: اتباع جنازته، والمراد من الحق أعم من الواجب. وهذا حديث رواه عن زيد بن ثابت مسندًا (وقال حميد بن هلال: ما علمنا على الجنازة إذنًا) يريد أن من اتبع جنازة ثم أراد أن يرجع ليس عليه أن يستاذن في الرجوع. أشار

58 - باب من انتظر حتى تدفن

1324 - فَصَدَّقَتْ - يَعْنِى عَائِشَةَ - أَبَا هُرَيْرَةَ وَقَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُهُ. فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - لَقَدْ فَرَّطْنَا فِي قَرَارِيطَ كَثِيرَةٍ. (فَرَّطْتُ) ضَيَّعْتُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ. 58 - باب مَنِ انْتَظَرَ حَتَّى تُدْفَنَ 1325 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَ قَرَأْتُ عَلَى ابْنِ أَبِى ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - فَقَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى حَدَّثَنَا يُونُسُ ـــــــــــــــــــــــــــــ به إلى رد ما رواه أحمد مرفوعًا: أن الأجر موقوف على الإذن، لكنه حديث ضعيف. 1324 - (أبو النعمان) -بضم النون- محمد بن الفضل (جرير بن حازم) -بالحاء المهملة- (حُدِّثَ ابن عمر) -بضم الحاء وكسر الدال- على بناء المجهول (أن أبا هريرة يقول: من تبع جنازة فله قيراط) أي: نصيب من الثواب. وقد جاء في رواية "قيراط مثل أحد". وعن أبي هريرة في الباب الذي بعده: "من صلى وحضر دفنه فله قيراطان مثل الجبلين العظيمين". (فقال:) أي: ابن عمر (أكثر علينا أبو هريرة) أي في الرواية، قيل: لم يتهمه بل خاف أن يكون قد اشتبه عليه. وهذا تكلف منهم فإنهم كانوا يتهمونه. قال أبو هريرة: يقولون ما يقولون والله الموعد، ولولا آيتان في كتاب الله ما حدثتكم بشيء حتى قال له رجل لما حدث بحديث: هذا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: لا. بل من كيس أبي هريرة (فقال ابنُ عمر: لقد فرطنا في قراريط كثيرة) التفريط: التقصير. والإفراط: التجاوز عن المتعارف. باب: من انتظر حتى تدفنَ 1325 - (عبد الله بن مَسْلَمة) بفتح الميم واللام (ابن أبي ذئب) بلفظ الحيوان المعروف (محمد بن عبد الرحمن المقبري) بفتح الميم وضم الباء وفتحها (أحمد بن شبيب) بفتح

59 - باب صلاة الصبيان مع الناس على الجنائز

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَحَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ شَهِدَ الْجَنَازَةَ حَتَّى يُصَلِّىَ عَلَيْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ، وَمَنْ شَهِدَ حَتَّى تُدْفَنَ كَانَ لَهُ قِيرَاطَانِ». قِيلَ وَمَا الْقِيرَاطَانِ قَالَ «مِثْلُ الْجَبَلَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ». طرفه 47 59 - باب صَلاَةِ الصِّبْيَانِ مَعَ النَّاسِ عَلَى الْجَنَائِزِ 1326 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِى بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِىُّ عَنْ عَامِرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ أَتَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَبْرًا، فَقَالُوا هَذَا دُفِنَ، أَوْ دُفِنَتِ الْبَارِحَةَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - فَصَفَّنَا خَلْفَهُ ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا. أطرافه 857، 1247، 1319، 1321، 1322، 1336، 1340 60 - باب الصَّلاَةِ عَلَى الْجَنَائِزِ بِالْمُصَلَّى وَالْمَسْجِدِ 1327 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِى سَلَمَةَ أَنَّهُمَا حَدَّثَاهُ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ نَعَى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - النَّجَاشِىَّ صَاحِبَ الْحَبَشَةِ، يَوْمَ الَّذِى مَاتَ فِيهِ فَقَالَ «اسْتَغْفِرُوا لأَخِيكُمْ». طرفه 1245 ـــــــــــــــــــــــــــــ المعجمة بعدها موحدة مكسورة (قال ابن شهاب: وحدثني عبد الرحمن الأعرج) عطف على مقدر تقديره: حدثني أبو هريرة وحدثني عبد الرحمن عنه. فإن قلتَ: إذا حدَّثه أبو هريرة فأي فائدة في ذكر عبد الرحمن، وهلا أسنده عنه؟ قلتُ: لم يقع للبخاري عنه مسندًا، قال الذهبي: حديث ابن شهاب عن أبي هريرة في الترمذي. (ومن شهد حتى تدفن كان له قيراطان) قال النووي: هذا مقيد بما إذا مشى مع الجنازة غير بعيد. وأمّا إذا بَعُدَ بحيث لم يعد تابعًا لها فليس له قيراطان. أي: يريد القيراطين الموعودين، وإن كان له الأجر أيضًا بمقدار علم الله.

1328 - وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَفَّ بِهِمْ بِالْمُصَلَّى فَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا. طرفه 1245 1329 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ الْيَهُودَ جَاءُوا إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِرَجُلٍ مِنْهُمْ وَامْرَأَةٍ زَنَيَا، فَأَمَرَ بِهِمَا فَرُجِمَا قَرِيبًا مِنْ مَوْضِعِ الْجَنَائِزِ عِنْدَ الْمَسْجِدِ. أطرافه 3635، 4556، 6819، 6841، 7332، 7543 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: الصلاة على الجنازة بالمصلى والمسجد 1328 - (يحيى بن بُكير) بضم الباء مصغر، وكذا (عقيل)، (سعيد بن المسيب) -بضم الميم وفتح الباء المشددة- روى في الباب حديث أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى على النجاشي يوم مات (صف بهم بالمصلى وكبر عليه أربعًا). هذا موضع الدلالة على الترجمة. 1329 - (إبراهيم بن المنذر) -بضم الميم وكسر الذال- الحِزامي -بكسر الحاء المهملة وزاي معجمة- نسبة إلى صفته (أبو ضَمْرة) -بفتح الضاد المعجمة وسكون الميم- أنس بن عياض (أن اليهود جاؤوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - برجل وامرأةٍ منهم زنيا فأمر بهما فرجما قريبًا من موضع الجنائز عند المسجد). فإن قلت: لم يورد في الباب ما يدل على الشق الثاني وهو الصلاة على الميت في المسجد؟ قلتُ: رواه مسلم عن عائشة ولم يكن على شرطه، وكم له من هذا النمط وسعى بعضُهم في استخراجه من الحديث، فقال: لفظ: عند، في قوله: عند المسجد، بمعنى في، وخفي عليه أنه يلزم أن يكون المسجد موضع الجنائز فإن: عند المسجد، بدل من قوله: موضع الجنائز. على أن لفظ: عند، لم يجز أن يكون بمعنى في؛ لأنه اسم، و (في) حرف [...] أحدهما من الآخر. وسيأتي في قصة ماعز أنه رُجم بالمصلى. وقال: بجواز الصلاة الشافعيُّ وأحمد، وفي الرواية الأخرى الفسطاط.

61 - باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور

61 - باب مَا يُكْرَهُ مِنِ اتِّخَاذِ الْمَسَاجِدِ عَلَى الْقُبُورِ وَلَمَّا مَاتَ الْحَسَنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِىٍّ - رضى الله عنهم - ضَرَبَتِ امْرَأَتُهُ الْقُبَّةَ عَلَى قَبْرِهِ سَنَةً، ثُمَّ رُفِعَتْ، فَسَمِعُوا صَائِحًا يَقُولُ أَلاَ هَلْ وَجَدُوا مَا فَقَدُوا. فَأَجَابَهُ الآخَرُ بَلْ يَئِسُوا فَانْقَلَبُوا. 1330 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ شَيْبَانَ عَنْ هِلاَلٍ - هُوَ الْوَزَّانُ - عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ فِي مَرَضِهِ الَّذِى مَاتَ فِيهِ «لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسْجِدًا». قَالَتْ وَلَوْلاَ ذَلِكَ لأَبْرَزُوا قَبْرَهُ غَيْرَ أَنِّى أَخْشَى أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا. طرفه 436 62 - باب الصَّلاَةِ عَلَى النُّفَسَاءِ إِذَا مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا 1331 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور (ولما مات الحسن بن حسن بن علي بن أبي طالب، ضربتْ امرأته قبةً على قبره سنةً، ثم رفعت فسمعوا صائحًا يقول: أَلا هل وجدوا ما فقدوا؟ فأجابه آخر: بل يئسوا فانقلبوا) قال ابن الأثير: القبة بيت صغير من بيوت العرب. وفي الرواية الأخرى: الفسطاط وامرأته: فاطمة بنت الحسين بنت عمه. 1330 - (شيبان) بفتح المعجمة (هلال الوزان) بتشديد الزاي (لعين الله اليهود والنصارى) يحتمل الخبر والدعاء (ولولا ذلك لأبرز قبره). فإن قلتَ: فكيف أبرز بعد ذلك؟ قلت: ليس قبره بارزًا للناس، ولا يُصلى إليه، بل عليه بناء فاصل بينه وبين المسجد. باب الصلاة على النفساء المرأة ذات النفاس، قال الجوهري: والنفاس ولاد المرأة إذا ولدت، والفعل من نفست -بضم النون وكسر الفاء، وبفتح النون أيضًا- وأما في الحيض فلا يقال إلا بالفتح. 1331 - (مسدد) بضم الميم وتشديد الدال المفتوحة (يزيد بن زريع) بضم الزاي مصغر

63 - باب أين يقوم من المرأة والرجل

بُرَيْدَةَ عَنْ سَمُرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ صَلَّيْتُ وَرَاءَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى امْرَأَةٍ مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا، فَقَامَ عَلَيْهَا وَسَطَهَا. طرفاه 332، 1332 63 - باب أَيْنَ يَقُومُ مِنَ الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ 1332 - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ حَدَّثَنَا سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ - رضى الله عنه - قَالَ صَلَّيْتُ وَرَاءَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى امْرَأَةٍ مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا فَقَامَ عَلَيْهَا وَسَطَهَا. طرفه 332 64 - باب التَّكْبِيرِ عَلَى الْجَنَازَةِ أَرْبَعًا وَقَالَ حُمَيْدٌ صَلَّى بِنَا أَنَسٌ - رضى الله عنه - فَكَبَّرَ ثَلاَثًا ثُمَّ سَلَّمَ، فَقِيلَ لَهُ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، ثُمَّ كَبَّرَ الرَّابِعَةَ ثُمَّ سَلَّمَ. 1333 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَعَى النَّجَاشِىَّ فِي الْيَوْمِ الَّذِى مَاتَ فِيهِ، وَخَرَجَ بِهِمْ إِلَى الْمُصَلَّى فَصَفَّ بِهِمْ، وَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ. طرفه 1245 ـــــــــــــــــــــــــــــ زرع (بريدة) (سمرة) بفتح السين وضم الميم (قال: صليت وراء النبي - صلى الله عليه وسلم - على امرأة ماتت في نفاسها فقام وسطها) بسكون السين. وبه تمسك الشافعي والإمام أحمد، وعكس مالك فقال: يقف في وسط الرجل، ويحاذي منكبي المرأة، والرجل حذاء صدره. باب التكبير علي الجنازة أربعًا (وقال حُميد) -بضم الحاء مصغر- هو الطويل (صلى بنا أنس فكبر ثلاثًا) أي سهوًا. ولذلك لما قيل له استقبل القبلة وكبر الرابعة (ثم سلَّم). 1333 - ثم روى في الباب حديث أبي هريرة وحديث جابر في صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على النجاشي. وقد سلف شرحه مرارًا. وموضع الدلالة هنا أنه كبر عليه أربع تكبيرات.

65 - باب قراءة فاتحة الكتاب على الجنازة

1334 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا سَلِيمُ بْنُ حَيَّانَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى عَلَى أَصْحَمَةَ النَّجَاشِىِّ فَكَبَّرَ أَرْبَعًا. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَعَبْدُ الصَّمَدِ عَنْ سَلِيمٍ أَصْحَمَةَ. وَتَابَعَهُ عَبْدُ الصَّمَدِ. طرفه 1317 65 - باب قِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ عَلَى الْجَنَازَةِ وَقَالَ الْحَسَنُ يَقْرَأُ عَلَى الطِّفْلِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَيَقُولُ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لَنَا فَرَطًا وَسَلَفًا وَأَجْرًا. 1335 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدٍ عَنْ طَلْحَةَ قَالَ صَلَّيْتُ خَلْفَ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما -. ـــــــــــــــــــــــــــــ وعليه الأئمة في الأمصار والأقطار إلا رواية عن أحمد له أن يكبر سبعًا. وعن أبي يوسف خمسًا. نقل في المبسوط. 1334 - (سعيد بن ميناء) بكسر الميم والمدّ (وقال يزيد بن هارون عن سُليم) هو ابن حبان -بفتح السين- قال الغساني: ليس في الأسماء سليم غيره (أصحمة) وعبد الصمد عن سليم (أصحمة) يريد أن في رواية هؤلاء عن سليم بالميم بخلاف رواية محمد بن سنان عنه أصحبة بالباء موضع الميم. وفي رواية بحذف الألف وفتح الصاد والحاء. باب: قراءة فاتحة الكتاب على الجنازة (وقال الحسن) هو أبو سعيد البصري عند الإطلاق (يُقرأ على الطفل بفاتحة الكتاب ويقول: اللهم اجعله لنا فَرَطًا) -بفتح الفاء والراء- من يتقدم في السفر إلى المنزل لطلب الماء وما يحتاج إليه (وسلفًا) قال ابن الأثير: مأخوذ من سلف المال كأنه جعله ثمنًا للأجر والثواب على الصبر. 1335 - (محمد بن بشَّار) بفتح الباء، وتشديد المعجمة (غندر) بضم الغين، وفتح

66 - باب الصلاة على القبر بعد ما يدفن

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ صَلَّيْتُ خَلْفَ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَلَى جَنَازَةٍ فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ قَالَ لِيَعْلَمُوا أَنَّهَا سُنَّةٌ. 66 - باب الصَّلاَةِ عَلَى الْقَبْرِ بَعْدَ مَا يُدْفَنُ 1336 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ الشَّيْبَانِىُّ قَالَ سَمِعْتُ الشَّعْبِىَّ قَالَ أَخْبَرَنِى مَنْ مَرَّ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى قَبْرٍ مَنْبُوذٍ فَأَمَّهُمْ وَصَلَّوْا خَلْفَهُ. قُلْتُ مَنْ حَدَّثَكَ هَذَا يَا أَبَا عَمْرٍو قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما -. أطرافه 857، 1247، 1319، 1321، 1322، 1326، 1340 1337 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَبِى رَافِعٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ أَسْوَدَ - رَجُلاً أَوِ امْرَأَةً ـــــــــــــــــــــــــــــ الدال المهملة (عن طلحة بن عبد الله بن عوف، قال: صليتُ خلف ابن عباس على جنازه فقرأ بفاتحة الكتاب وقال: لتعلموا أنها سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) فإنه عند الإطلاق تنصرف إليها لا سيما إذا كان القائل صحابيًّا، فهو في حكم المرفوع. وقد رواه الحاكم عن ابن عباس مرفوعًا: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى على الجنازة بالأبواء وقرأ الفاتحة جهرًا، وبه تمسك الشافعي وأحمد، وقال: يقرأ الفاتحة بعد التكبيرة الأولى، وقال مالك وأبو حنيفة: الصلاة على الميت دعاء، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "استغفروا لأخيكم". باب: الصلاة على القبر بعد ما يدفن 1336 - (حجاج بن مِنْهال) بفتح الحاء وتشديد الجيم وسكون المثناة بعدها موحدة (الشيباني) بفتح الشين وسكون المثناة بعدها موحدة (الشعبي) -بفتح الشين- أبو عمرو، روى عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى على قبر منبوذٍ بالإضافة وبدونها. فعلى الإضافة قبر لقيط. وبدون الإضافة القبر البعيد عن المقابر. وموضع الدلالة هنا أنه صلى عليها بعد الدفن. 1337 - (عن أبي هريرة أن أسود رجلًا أو امرأة) بالنصب على الإبدال. ويروى بالرفع

67 - باب الميت يسمع خفق النعال

كَانَ يَقُمُّ الْمَسْجِدَ فَمَاتَ، وَلَمْ يَعْلَمِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِمَوْتِهِ فَذَكَرَهُ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ «مَا فَعَلَ ذَلِكَ الإِنْسَانُ». قَالُوا مَاتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «أَفَلاَ آذَنْتُمُونِى». فَقَالُوا إِنَّهُ كَانَ كَذَا وَكَذَا قِصَّتَهُ. قَالَ فَحَقَرُوا شَأْنَهُ. قَالَ «فَدُلُّونِى عَلَى قَبْرِهِ». فَأَتَى قَبْرَهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ. أطرافه 857، 1247، 1319، 1321، 1322، 1326، 1340 67 - باب الْمَيِّتُ يَسْمَعُ خَفْقَ النِّعَالِ 1338 - حَدَّثَنَا عَيَّاشٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا سَعِيدٌ قَالَ وَقَالَ لِى خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا ابْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ على الخبر كان يكون في المسجد يقم المسجد) أي: يكنسه. والقمامة -بضم القاف-: الكناسة وأصل القم: استئصال الشيء. فإن قلت: لفظ يكون دلَّ به على أنه ما معنى قوله كان يكون في المسجد؟ وهلاّ اكتفى بلفظ كان؟ قلتُ: لفظ يكون دل به على أنه مجاور في المسجد لا منزل له ومن لم يهتد إلى هذا كان زعم أن لفظ كان أو يكون زائدة (فذكره ذات يوم) لفظ الذات مقحم ولا ينافي هذا ما تقدم من قوله: مات البارحة (قال: أفلا آذنتموني) -بالمد- أي: أعلمتموني (فقالوا: إنه كان كذا وكذا قصته فحقروا شأنه). فإن قلت: قد سلَفَ أنهم قالوا إنما لم نعلمك لأنه كان ليلًا وظلمة؟ قلتُ: لا ينافي ذكروا الأمرين. واستدل بالحديث الشافعي وأحمد على جواز الصلاة بعد الدفن. قال الإمام أحمد: يصلى عليه إلى شهر. وأطلقه الشافعي، لكنه قَيّده بمن كان بالغًا يوم موت الميت. وعند أبي حنيفة: قبل أن ينتفخ، وعن مالك: روايتان يُصلى عليه، وعنه يخرج ويصلى عليه. بابٌ: الميت يسمع خَفْقَ النِّعال الخفق -بفتح الخاء المعجمة-: الصوت. وأصله الحركة، ومنه خَفَقَان القلب. 1338 - (عيّاش) بفتح العين، وتشديد المثناة تحت، وشين معجمة (يزيد بن زُرَيع)

«الْعَبْدُ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ، وَتُوُلِّىَ وَذَهَبَ أَصْحَابُهُ حَتَّى إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ، أَتَاهُ مَلَكَانِ فَأَقْعَدَاهُ فَيَقُولاَنِ لَهُ مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - فَيَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ. فَيُقَالُ انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ مِنَ النَّارِ، أَبْدَلَكَ اللَّهُ بِهِ مَقْعَدًا مِنَ الْجَنَّةِ - قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا - وَأَمَّا الْكَافِرُ - أَوِ الْمُنَافِقُ - فَيَقُولُ لاَ أَدْرِى، كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ. فَيُقَالُ لاَ دَرَيْتَ وَلاَ تَلَيْتَ. ثُمَّ يُضْرَبُ بِمِطْرَقَةٍ مِنْ حَدِيدٍ ضَرْبَةً بَيْنَ أُذُنَيْهِ، فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا مَنْ يَلِيهِ إِلاَّ الثَّقَلَيْنِ». طرفه 1374 ـــــــــــــــــــــــــــــ مصغر زرع (العبدُ إذا وضع في قبره وتولى وذَهبَ أصحابه) تنازع الفعلان في الفاعل، فأيهما أعمل أضمر في الآخر (إنه يسمع قرع نعالهم، أتاه ملكان) وفي رواية الترمذي: "أسودان أزرقان يقال لأحدهما: المنكر وللآخر: النكير، أعينهما كالفدور، وأنيابهما مثل صياصي البقر" (وأما الكافر والمنافق يقول: لا أدري كنتُ أقول ما يقول الناس فيقال: لا دريتَ ولا تليت) كان القياس: تلوت؛ لأنه من التلاوة، إلا أنه أبدل الواو ياءً لازدواج مع دريت. قال الخطابي: هكذا رواه المحدثون والصواب: آليت من الألو وهو القدرة والاستطاعة. وكذا قاله ابن الأثير. قلتُ: لا وجه لتخطئة روايةٍ اتفق عليه المحدثون. والتلاوة مع الدراية أوفق مما قالاه. والمعنى لا أنك دريت ما قاله العلماء، ولا كنت منهم. والكلام يحتمل الخبر والإنشاء. وفي الحديث دلالة صريحةٌ على عذاب القبر. والروح عند أهل الحق جسم لطيف هو المعذَّب حقيقةً ولا ينافي تفريق الأجزاء. وقد يقال: إنه يتعلق بالجزء الأصلي الذي بقي معه من أول العمر إلى آخره، وهو الذي يركب منه الجسم في النشاة الأولى. ومنه يركب في النشأة الأخرى. وفي رواية البخاري ومسلم: أن ذلك عجب الذنب. وقيل: تعلقُ الروح بالجسم تعلق عقلي، فإن النفس الناطقة مجردة ليست بحاتة في البدن. وهذا مختار الغزالي والراغب والقاضي أبي زيد. (ثم يضرب بمطرقة بين أُذنيه فيصيح صيحةً يسمعها من يليه إلا الثقلين) هما الجن

68 - باب من أحب الدفن فى الأرض المقدسة أو نحوها

68 - باب مَنْ أَحَبَّ الدَّفْنَ فِي الأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ أَوْ نَحْوِهَا 1339 - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ «أُرْسِلَ مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى مُوسَى - عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ - فَلَمَّا جَاءَهُ صَكَّهُ فَرَجَعَ إِلَى رَبِّهِ فَقَالَ أَرْسَلْتَنِى إِلَى عَبْدٍ لاَ يُرِيدُ الْمَوْتَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والإنس. قال تعالى: {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ (31)} [الرحمن: 31] لثقلهما على وجه الأرض. والثَقَل -بفتح الثاء والقاف- أثاث البيت ومن يليه يتناول الجهات إلى انقطاع الأرض، لما في رواية أبي داود وأحمد: يسمعها ما بين المشرق والمغرب إلا الثقلين. والحكمة في عدم سماع الثقلين بتنها رواية مسلم: "لولا أن لا تدافنوا لدعوتُ الله أن يسمعكم" يريد: أنه من خوف ذلك الصياح لم يقدروا على الدفن. أو أنَّ أهل البيت يخافون الخزي والعار إذا سمع ذلك من مَيِّتهم، وما يقال: لو سمعه الثقلان لارتفع التكليف، وصار الإيمان ضروريًّا مع كونه مخالفًا لتعليل الشارع -كما في مسلم- لغو في نفسه وذلك أن لو وقع كان من معجزاته - صلى الله عليه وسلم - والمعجزات وخوارق العادات على أيدي الأولياء لا توجب رفع التكليف، إنما يرتفع التكليف إذا طلعت الشمس من مغربها لا عند سائر الآيات. باب من أحبّ الدفن في الأرض المقدسة أو نحوها الأرض المقدسة: بلاد الشام من الفرات إلى وادي العريش طولًا. 1339 - (محمود) هو ابن غيلان (معمر) بفتح الميمين وسكون العين (عن أبي طاوس) اسمه عبد الله (عن أبي هريرة قال: أُرسل ملك الموت إلى موسى) أي: لقبض روحه (فصكه موسى ففقأ عينه) الصك هو الضرب بشدة. فإن قلت: كيف صدر هذا الفعل من موسى؟ قلت: ذكروا أنه كان دخل عليه بغير إذن، ومن نظر في بيت إنسان له أن يفعل به ذلك، وقيل: بل إنما فعل لأنه لم يخيره، والأنبياء يخيرون عند الموت، وكلا الوجهين يردهما قوله: (أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت)

69 - باب الدفن بالليل

فَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ عَيْنَهُ وَقَالَ ارْجِعْ فَقُلْ لَهُ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى مَتْنِ ثَوْرٍ، فَلَهُ بِكُلِّ مَا غَطَّتْ بِهِ يَدُهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ سَنَةٌ. قَالَ أَىْ رَبِّ، ثُمَّ مَاذَا قَالَ ثُمَّ الْمَوْتُ. قَالَ فَالآنَ. فَسَأَلَ اللَّهَ أَنْ يُدْنِيَهُ مِنَ الأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بِحَجَرٍ». قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «فَلَوْ كُنْتُ ثَمَّ لأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ إِلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ عِنْدَ الْكَثِيبِ الأَحْمَرِ». طرفه 3407 69 - باب الدَّفْنِ بِاللَّيْلِ وَدُفِنَ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - لَيْلاً. 1340 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الشَّيْبَانِىِّ عَنِ الشَّعْبِىِّ ـــــــــــــــــــــــــــــ والصواب: أنه لما سمع ذكر الموت بدر منه ذلك الفعل، وكان غضوبًا مشهورًا بالحدّة، يروى أنه كان إذا غضب اشتعلت قلنسوته نارًا. (فسأل الله أن يدنيه إلى الأرض المقدسة رمية بحجر) أي يكون بينه وبين الأرض المقدسة هذا المقدار من المسافة؛ إنما لم يسأله أن يميته في الأرض المقدسة؛ لأنه كان بدا منه ذلك الفعل مع ملك الموت فاستحى أن يطلب مدّة يذهب فيها إلى الأرض المقدسة. وقيل: لأن الأرض المقدسة كانت في يد الجبابرة. وقبره الآن عند الكثيب الأحمر زرناه، من المسجد الأقصى على أربع فراسخ أو أكثر تقريبًا، وعلى قبره لائح الغضب الموسوي وجلالة قدره، على نبينا وعليه أفضل الصلوات والتسليم. باب الدفن بالليل (ودفن أبو بكر ليلًا) كان الأحسن أن يستدل بدفن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلًا، فإنه بإجماع الصحابة بلا خلاف ولا إنكار من أحد في ذلك. وللعلماء في الدفن ليلًا اختلاف، كرهه الشافعي لما في رواية مسلم: زجر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يدفن الميت ليلًا، إلا أن يضطر إلى ذلك، وأجازه من غير كراهة الإمام مالك وأحمد وأبو حنيفة. 1340 - ثم روى في الباب حديث الأسود الذي مات وجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى قبره بعد دفنه فصلّى عليه.

70 - باب بناء المسجد على القبر

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ صَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى رَجُلٍ بَعْدَ مَا دُفِنَ بِلَيْلَةٍ قَامَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، وَكَانَ سَأَلَ عَنْهُ فَقَالَ «مَنْ هَذَا». فَقَالُوا فُلاَنٌ، دُفِنَ الْبَارِحَةَ. فَصَلَّوْا عَلَيْهِ. طرفه 857 70 - باب بِنَاءِ الْمَسْجِدِ عَلَى الْقَبْرِ 1341 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ لَمَّا اشْتَكَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ذَكَرَتْ بَعْضُ نِسَائِهِ كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ، يُقَالُ لَهَا مَارِيَةُ، وَكَانَتْ أُمُّ سَلَمَةَ وَأُمُّ حَبِيبَةَ - رضى الله عنهما - أَتَتَا أَرْضَ الْحَبَشَةِ، فَذَكَرَتَا مِنْ حُسْنِهَا وَتَصَاوِيرَ فِيهَا، فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ «أُولَئِكَ إِذَا مَاتَ مِنْهُمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا، ثُمَّ صَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّورَةَ، أُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ». طرفه 427 71 - باب مَنْ يَدْخُلُ قَبْرَ الْمَرْأَةِ 1342 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا هِلاَلُ بْنُ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب بناء المسجد على القبر 1341 - (عن عائشة: لما اشتكى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: مَرِضَ مَرَضَهُ الذي مات فيه. قال ابن الأثير: الشكو والشكوى والشكاة والشكاية: المرض. (ذكر بعض نسائه كنيسة رأينها بأرض الحبشة، يقال لها: ماريّة) علم تلك الكنيسة، وبعض نسائه: أم سلمة وأم حبيبة؛ إذ ليس من أزواجه من هاجر إلى الحبشة غيرهما، وقد جاء في رواية أخرى صريح ذلك (أولئك شرار الخلق عند الله): إما لعبادتهم القبور كالأوثان، أو لتصويرهم الصور. وسيأتي في البخاري: "أن المصورين أشدّ الناس عذابًا يوم القيامة"، أو للمجموع، وتمام الكلام سلف في باب هل تنبش قبور المشركين في كتاب الصلاة. باب من يدخل قبر المرأة 1342 - (فليح) بضم الفاء على وزن المصغّر.

72 - باب الصلاة على الشهيد

عَلِىٍّ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ شَهِدْنَا بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جَالِسٌ عَلَى الْقَبْرِ، فَرَأَيْتُ عَيْنَيْهِ تَدْمَعَانِ فَقَالَ «هَلْ فِيكُمْ مِنْ أَحَدٍ لَمْ يُقَارِفِ اللَّيْلَةَ». فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ أَنَا. قَالَ «فَانْزِلْ فِي قَبْرِهَا». فَنَزَلَ فِي قَبْرِهَا فَقَبَرَهَا. قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ فُلَيْحٌ أُرَاهُ يَعْنِى الذَّنْبَ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (لِيَقْتَرِفُوا) أَىْ لِيَكْتَسِبُوا. طرفه 1285 72 - باب الصَّلاَةِ عَلَى الشَّهِيدِ 1343 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ ثُمَّ يَقُولُ «أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا ـــــــــــــــــــــــــــــ (عن أنس: شهدنا بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: دفنها، قد سلف الكلام على الحديث في قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الميت يعذب ببكاء أهله" وذكرنا هناك أن هذه البنت هي أم كلثوم، وأنّ المقارفة في قوله: (هل فيكم من أحد لم يقارف) هي الوقاع، والحكم في ذلك أن من يكون قريب العهد بالوقاع فكرته تكون مشغولة؛ فلا يلائم دخوله قبر المرأة وذكرنا أن القراف من أسماء الوقاع (قال ابن المبارك: قال فليح: أُراه الذنب) -بضم الهمزة- أي: أظن أن المقارفة في الحديث: أريد به الذنب، وقد أشرنا هناك إلى أن هذا التأويل ضعيف؛ إذ لو كان المراد ذلك لم يكن فرق بين قبر المرأة وغيرها، وأيضًا لا يقدر على نفي الذنب عن نفس أحد. باب الصلاة على الشهيد المراد بالشهيد هنا من قتل في معركة الكفار لا غير، وإن كان الشهداء كثيرة. 1343 - (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب واحد) قيل: يريد

لِلْقُرْآنِ». فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى أَحَدِهِمَا قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ وَقَالَ «أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلاَءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». وَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ فِي دِمَائِهِمْ، وَلَمْ يُغَسَّلُوا وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِمْ. أطرافه 1345، 1346، 1347، 1348، 1353، 4079 1344 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يَزِيدُ بْنُ أَبِى حَبِيبٍ عَنْ أَبِى الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ يَوْمًا فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلاَتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ «إِنِّى فَرَطٌ لَكُمْ، وَأَنَا شَهِيدٌ عَلَيْكُمْ، وَإِنِّى وَاللَّهِ لأَنْظُرُ إِلَى حَوْضِى الآنَ، وَإِنِّى أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الأَرْضِ - أَوْ مَفَاتِيحَ ـــــــــــــــــــــــــــــ بالثوب القبر. وفيه نظر؛ لأنه سيذكر القبر في باب بعده، والصواب أنه أراد أنه كان يجعل ثوبًا واحدًا كفن اثنين منهم لعدم الكفن التام؛ وأما أنه يجعل اثنين في ثوب بحيث يلصق أحدهما بالآخر فلا، ألا ترى إلى قوله - صلى الله عليه وسلم - بعد التكفين: (أيّهما أكثر أخذًا للقران) فإذا أشير إليه قدمه، فإن هذا التقديم إنما يتصور إذا كان كل واحد في ثوب على حدة. فإن قلت: الشهيد يدفن بثيابه فأي حاجة به إلى الكفن؟ قلت: هذا إنما يكون فيمن عليه الدرع وجعبة القتال، أو ما عليه حديد لا يصلح كفنًا. (لم يغسلوا ولم يصلَّ عليهم) عدم الغسل اتفق عليه الأئمة؛ وأما عدم الصلاة ففيه خلاف أبي حنيفة، استدل الجمهور بحديث جابر هذا، واستدل أبو حنيفة بحديث عقبة في هذا الباب: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج يومًا فصلى على قتلى أحُد صلاته على الميت. أجاب الأولون بأن معناه أنه دعا لهم دعاءه على الميت حين يصلي عليه، والدليل على هذا، أن هذا كان في آخر حياته، وفي رواية: كان بعد ثمان سنين. 1344 - (يزيد بن أبي حبيب) ضد العدو (عن أبي الخير) مرثد بن عبد الله (ألا وإني أُعطيت مفاتيح خزائن الأرض) هي ما فتح الله على أمته (وإني ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي) قيل: معناه لا أخاف على مجموعكم كان وقع الشرك من بعضهم. وليس بصواب؛ فإن

73 - باب دفن الرجلين والثلاثة فى قبر واحد

الأَرْضِ - وَإِنِّى وَاللَّهِ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا بَعْدِى، وَلَكِنْ أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنَافَسُوا فِيهَا». أطرافه 3596، 4042، 4085، 6426، 6590 73 - باب دَفْنِ الرَّجُلَيْنِ وَالثَّلاَثَةِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ 1345 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ. طرفه 1343 74 - باب مَنْ لَمْ يَرَ غَسْلَ الشُّهَدَاءِ 1346 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «ادْفِنُوهُمْ فِي دِمَائِهِمْ». - يَعْنِى يَوْمَ أُحُدٍ - وَلَمْ يُغَسِّلْهُمْ. طرفه 1343 ـــــــــــــــــــــــــــــ من خاطبهم لم يشرك منهم أحد؛ وإنما وقع ذلك من بعض أجلاف الأعراب (ولكن أخاف عليكم أن تنافسوا فيها) أي: في الدنيا؛ أو في تلك الخزائن. قال ابن الأثير: التنافس: الرغبة في الشيء بحيث يوجب التنازع في نفس الشيء -بضم الفاء- إذا صار مرغوبًا فيه. باب دفن الرجلين والثلاثة في قبر واحد 1345 - (عن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد) أي: في ثوب. فإن قلت: الجمع في ثوب لا يستلزم الجمع في قبر؟ قلت: حديث جابر رواه مختصرًا على دأبه بالاستدلال بالخفي، وقد رواه مطولًا في الباب قبله هكذا: ثم يسأل أيهم أكثر أخذًا للقرآن، فإذا أشير إليه قدم، وبهذا تتم الدلالة على الترجمة، ومن الشارحين من ظنّ أن معنى الجمع في ثوب واحد أنه يلصق أحدهما بالآخر في كفن، فأجاب: بأن الجمع في ثوب يستلزم الجمع في قبر، وقد بينا بطلان هذا في الباب قبله، والله الموفق. باب من لم ير غسل الشهيد 1346 - روى في الباب حديث جابر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في قتلى أحد: (ادفنوهم في دمائهم) لكن هذا إنما يستقيم على رواية أيهم، والأكثر أيهما، فالأظهر أنه أشار إلى ما

75 - باب من يقدم فى اللحد

75 - باب مَنْ يُقَدَّمُ فِي اللَّحْدِ وَسُمِّىَ اللَّحْدَ لأَنَّهُ فِي نَاحِيَةٍ، وَكُلُّ جَائِرٍ مُلْحِدٌ. (مُلْتَحَدًا) مَعْدِلاً، وَلَوْ كَانَ مُسْتَقِيمًا كَانَ ضَرِيحًا. 1347 - حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنِى ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ ثُمَّ يَقُولُ «أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ». فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى أَحَدِهِمَا قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ وَقَالَ «أَنَا ـــــــــــــــــــــــــــــ رواه أصحاب السنن من صريح لفظ الثلاثة، وقد ذكرنا غسل الشهيد لم يقل به أحد من الأئمة، والشهيد من مات في معركة الكفار، وألحقَ به أبو حنيفة كلّ من قُتل ظلمًا بحديدة بشرط أن لا يأكل ولا يشرب، ولا يمضي عليه وقت صلاة وهو حي يعقل، ولا يكون جنبًا. باب من يقدم في اللحد اللحد: أن يحفر القبر؛ ثم يحفر في قبلة القبر بقدر ما يسع الميت، ثم يدخل فيه، ثم يُنصب عليه اللبن أو الحجارة، وقد أشار البخاري إلى وجه التسمية. 1347 - (ابن مقاتل) أبو الحسن، محمد المروزي، روى في الباب حديث جابر: (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يجمع رجلين في ثوب واحد، ومن كان أكثر أخذًا للقرآن قدّمه) وقد بينا أن معنى الجمع في ثوب واحد أنه يجعل ثوبًا واحدًا كفنَ رجلين، لا أنه يجعلهما في ثوب واحد، والدليل على هذا أنه بعد ذلك إذا أشير إلى أيهما كان أكثر قرآنًا قدمه ولو كانا في ثوب واحد كما توهم لم يعقل ذلك، وأيضًا قول جابر: (دفن أبي وعمي في نمرة واحدة) دليل على ذلك؛ فإن جابرًا ذكر أنه دفن مع رجل آخر غيره، فكيف يتصور أن يكون مع عمه في ثوب واحد، وسيذكر عن جابر أنه أخرج أباه بعد ستة أشهر، وترك الرجل الآخر، وقال ابن عبد البر: الرجل الآخر هو عُم جابر، وعلى كل تقدير إخراج أبيه وتركه الآخر دليل

76 - باب الإذخر والحشيش فى القبر

شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلاَءِ». وَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ بِدِمَائِهِمْ، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يُغَسِّلْهُمْ. طرفه 1343 1348 - وَأَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِىُّ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ لِقَتْلَى أُحُدٍ «أَىُّ هَؤُلاَءِ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ». فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى رَجُلٍ قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ قَبْلَ صَاحِبِهِ. وَقَالَ جَابِرٌ فَكُفِّنَ أَبِى وَعَمِّى فِي نَمِرَةٍ وَاحِدَةٍ. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ حَدَّثَنِى الزُّهْرِىُّ حَدَّثَنَا مَنْ سَمِعَ جَابِرًا - رضى الله عنه. طرفه 1343 76 - باب الإِذْخِرِ وَالْحَشِيشِ فِي الْقَبْرِ 1349 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «حَرَّمَ اللَّهُ مَكَّةَ، فَلَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ قَبْلِى وَلاَ لأَحَدٍ بَعْدِى، أُحِلَّتْ لِى سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ على أنهما لم يكونا في ثوب واحد. وإنما أطنبت في هذا المقام لأنّه غلط فيه أُناسٌ، وعمُّ جابر هذا هو عمرو بن الجموح بن يزيد بن حرام؛ فهو ابن عمّه؛ إلا أن العرب تطلق العم على ابن العم تعظيمًا. 1348 - (وقال سليمان بن كثير: حدثني الزهريّ قال: حدثني من سمع جابرًا) فائدة هذا التعليق التصريح بالسماع، وفيه دفعُ وهم التدليس. باب الإذخر والحشيش في القبر 1349 - روى في الباب حديث ابن عباس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال يوم فتح مكة: (إنَّ الله حرّم مكة فلم تحلَّ لأحد قبلي، ولا لأحد بعدي، أُحلّت لي ساعة من نهار) وقد سلف الحديثُ مع شرحه في كتاب العلم، في باب كتابة العلم، ونشير هنا إلى بعض ألفاظه:

77 - باب هل يخرج الميت من القبر واللحد لعلة

لاَ يُخْتَلَى خَلاَهَا، وَلاَ يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلاَ تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا إِلاَّ لِمُعَرِّفٍ». فَقَالَ الْعَبَّاسُ - رضى الله عنه - إِلاَّ الإِذْخِرَ لِصَاغَتِنَا وَقُبُورِنَا. فَقَالَ «إِلاَّ الإِذْخِرَ». وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «لِقُبُورِنَا وَبُيُوتِنَا». وَقَالَ أَبَانُ بْنُ صَالِحٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَهُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - لِقَيْنِهِمْ وَبُيُوتِهِمْ. أطرافه 1587، 1833، 1834، 2090، 2433، 2783، 2825، 3077، 3189، 4313 77 - باب هَلْ يُخْرَجُ الْمَيِّتُ مِنَ الْقَبْرِ وَاللَّحْدِ لِعِلَّةٍ 1350 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌو سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ أَتَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَىٍّ بَعْدَ مَا أُدْخِلَ حُفْرَتَهُ فَأَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ، فَوَضَعَهُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَنَفَثَ عَلَيْهِ مِنْ رِيقِهِ، وَأَلْبَسَهُ قَمِيصَهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ (لا يختلى خلاها) أي: لا يقطع نباتها، والخلا -بالقصر- النبات الرطب، والحشيش: ما يبس منه، والكلا: على وزن فرس، يعم الرّطب واليابس (ولا تلتقط لقطتها: إلا لمعرف) أي: على الدّوام، بخلاف لقطة سائر البلاد، ضُمِّن الفعل معنى الجواز فعدَّاه باللام (فقال العباس: إلا الإذخر) -بكسر الهمزة وذال معجمة- نبات معروف (فينه لصاغتنا) -بالغين المعجمة- جمع صائغ، وهو الذي يصوغ الحُلي. واعلم أنهم اتفقوا على أنّ هذا الحكم مخصوص بالرطب من الشجر والنبات، وأيضًا هذا فيما نبت بنفسه، لا الذي زُرع (وقال مجاهد عن طاوس: لقَيْنهم) -بالقاف- الحدّاد، هذا التعليق سيأتي في أبواب موصولًا، وتعليق أبان وصله ابن ماجه. باب هل يُخرج الميت من القبر واللحد لعلة؟ 1350 - (أتى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن أُبي بعدما أُدخل حُفرته) -بضم الحاء وسكون الفاء- فُعلة بمعنى المفعول؛ أي: ما حفر له، وابن أبي هذا رئيس المنافقين عليه لعنة اللهِ والملائكة والناس أجمعين (فأمر به فاُخرج فوضعه على ركبتيه ونفث فيه من ريقه وألبسه قميصه).

فَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَكَانَ كَسَا عَبَّاسًا قَمِيصًا. قَالَ سُفْيَانُ وَقَالَ أَبُو هَارُونَ وَكَانَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَمِيصَانِ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلْبِسْ أَبِى قَمِيصَكَ الَّذِى يَلِى جِلْدَكَ. قَالَ سُفْيَانُ فَيُرَوْنَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَلْبَسَ عَبْدَ اللَّهِ قَمِيصَهُ مُكَافَأَةً لِمَا صَنَعَ. طرفه 1270 1351 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا حَضَرَ أُحُدٌ دَعَانِى أَبِى مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ مَا أُرَانِى إِلاَّ مَقْتُولاً فِي أَوَّلِ مَنْ يُقْتَلُ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَإِنِّى لاَ أَتْرُكُ بَعْدِى أَعَزَّ عَلَىَّ مِنْكَ، غَيْرَ نَفْسِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَإِنَّ عَلَىَّ دَيْنًا فَاقْضِ، وَاسْتَوْصِ بِأَخَوَاتِكَ خَيْرًا. فَأَصْبَحْنَا فَكَانَ أَوَّلَ قَتِيلٍ، وَدُفِنَ مَعَهُ آخَرُ فِي ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: تقدم أنه صلّى عليه، ولا يمكن الصلاة عليه إلا بعد ما كفن في قميصه؟ قلت: ليس في الحديث أن ألبسه قميصه بعد الإخراج، غايته أن الراوي حكى أفعالًا صدرت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شأنه أولًا وآخرًا. (وكان كسا عباسًا قميصًا) قيل كساه يوم بدر لما أسر ولم يوجد بطول القياس قميص غيره، اتفق النقلة على هذا، وعندي لا يصح هذا؛ فإن ابن أبي كان مشركًا لم يظهر الإيمان حين غزا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غزوة بدر، باتفاق أهل السير، ولم يكن حاضرًا هناك، وحمله على أنه بعد ما جاء المدينة كساه في غاية البعد، فالصواب أنه إنما أعطي القميص رعاية لابنه كما جاء في الرواية الأخرى. وإن صح أمر القميص فإنما يتوجه [........] فإنه بدري رضي الله عنه [........] عبد الله مثل اسم الله [........] إلا أنه مما يشكل عليهم أيضًا ما جاء في الرواية الأخرى: إنما كساه [.........] منافق [.........] بعد موته شيء [.................]. (وقال أبو هارون) هو موسى بن عيسى المدني المعروف بالحناط -بالحاء المهملة وتشديد النون- وفي بعضها أبو هريرة وهو مصحف (فَيُرَوْنَ) -بضم الياء- على بناء المجهول، أي: يظنون. 1351 - (مسدد) بضم الميم، وتشديد الدّال المفتوحة (بشر بن المفضل) -بالباء الموحدة وشين معجمة- والمفضل -بفتح الضاد المشددة- (حسين المعلم) بكسر اللام المشددة (لما حضر أحد) أي: غزاة أحد (قال جابر: فكان أبي أوّل قتيل فدفنت معه آخرًا في

78 - باب اللحد والشق فى القبر

قَبْرٍ، ثُمَّ لَمْ تَطِبْ نَفْسِى أَنْ أَتْرُكَهُ مَعَ الآخَرِ فَاسْتَخْرَجْتُهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَإِذَا هُوَ كَيَوْمِ وَضَعْتُهُ هُنَيَّةً غَيْرَ أُذُنِهِ. طرفه 1352 1352 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنِ ابْنِ أَبِى نَجِيحٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ دُفِنَ مَعَ أَبِى رَجُلٌ فَلَمْ تَطِبْ نَفْسِى حَتَّى أَخْرَجْتُهُ فَجَعَلْتُهُ فِي قَبْرٍ عَلَى حِدَةٍ. طرفه 1351 78 - باب اللَّحْدِ وَالشَّقِّ فِي الْقَبْرِ 1353 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَجْمَعُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ ثُمَّ يَقُولُ «أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ». فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى أَحَدِهِمَا قَدَّمَهُ فِي ـــــــــــــــــــــــــــــ قبر) قال ابن عبد البر: الرجل الآخر هو ابن عم جابر عمرو بن الجموح بن زيد بن حرام (ثم لم تطب نفسي أن أتركه مع آخر، فاستخرجته بعد ستة أشهر). فإن قلت: في رواية الموطّأ: أن السيل حفر عن أبي جابر ومن دفن معه وهو عمرو بن الجموح بعد ست وأربعين سنة؟ قلت: لا منافاة؛ فإن جابرًا لما نقل أباه لم ينقل بعيدًا، فجاء السيل فكشف عنهما. قال مالك: فوجدا بعد ست وأربعين سنة كأنهما ماتا بالأمس. (فإذا هو كيوم وضعته) بتاء المتكلم (هيئة) بفتح الهاء وسكون الياء، بعدها همزة أي صفته، نصب بأعني (غير أذنه) فإنه كان به بعض تغير، وفي بعضها: هُنَيّة -بضم الهاء وفتح النون وتشديد الياء- مصغر هنة في الشيء الحقير، ففي اللفظ تقديم وتأخير، أي غير هنية في أذنه، أي أدنى تغير. وفي الحديث دلالة على جواز تأخير إخراج الميت لغرض يتعلق بالميت أو بالحي. باب اللحد والشق في القبر 1353 - روى في الباب حديث جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جمع بين الرّجلين من قتلى أحد في قبر واحد. وقد من مرارًا. وموضع الدلالة هنا قوله: (فإذا أشير إلى أحدهما قدمه في

79 - باب إذا أسلم الصبى فمات هل يصلى عليه وهل يعرض على الصبى الإسلام

اللَّحْدِ فَقَالَ «أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلاَءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». فَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ بِدِمَائِهِمْ وَلَمْ يُغَسِّلْهُمْ. طرفه 1343 79 - باب إِذَا أَسْلَمَ الصَّبِىُّ فَمَاتَ هَلْ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَهَلْ يُعْرَضُ عَلَى الصَّبِىِّ الإِسْلاَمُ وَقَالَ الْحَسَنُ وَشُرَيْحٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَقَتَادَةُ إِذَا أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا فَالْوَلَدُ مَعَ الْمُسْلِمِ. وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - مَعَ أُمِّهِ مِنَ الْمُسْتَضْعَفِينَ، وَلَمْ يَكُنْ مَعَ أَبِيهِ عَلَى دِينِ قَوْمِهِ. وَقَالَ الإِسْلاَمُ يَعْلُو وَلاَ يُعْلَى. ـــــــــــــــــــــــــــــ اللحد) فدل على أنه لم يكن هناك شق، وقد روى أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه: "اللحد لنا والشق لغيرنا" واتفق عليه الأئمة إذا كانت الأرض قابلة. وفي الأحاديث دلالة على أن حامل القرآن أفضل من غيره، شابًّا كان أو شيخًا، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يميز في ذلك بين شيخ وشاب. باب إذا أسلم الصبي فمات هل يُصلى عليه (وقال الحسن وشريح وإبراهيم) شريح -بضم المعجمة مصغر شرح- القاضي المعروف، وإبراهيم: هو النخعي (إذا أسلم أبواه أو أحدهما فالولد مع المسلم) هذا ما عليه أئمة الفتوى، إلا رواية عن مالك أن الاعتبار إنما هو بإسلام الأب (وكان ابن عباس مع أمه من المستضعفين ولم يكن مع أبيه على دين قومه) استدل به على أن إسلام الصبي كان باعتبار إسلام أمه هذا ولكن فيه شيء، وهو أن ابن عبد البر ذكر أنه كان عباس أسلم قبل وقعة بدر، ولذلك قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من لقي عباسًا فلا يقتله فينه خرج مكرهًا"، وكان إسلامهُ قبل بدر، وكان قد كتب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأنه يريد القدوم عليه، فكتب إليه أن مقامك بمكة خير لنا؛ فإنه كان يطلعه على أحوال المشركين، ولا يصح هذا فينه أخذ منه الفداء، ولو كان مسلمًا لم يأخذ منه، فالصحيح أنه أسلم قبل خيبر (وقال: الإسلام يعلو ولا يعلى) هذا

1354 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ أَنَّ عُمَرَ انْطَلَقَ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي رَهْطٍ قِبَلَ ابْنِ صَيَّادٍ، حَتَّى وَجَدُوهُ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ عِنْدَ أُطُمِ بَنِى مَغَالَةَ، وَقَدْ قَارَبَ ابْنُ صَيَّادٍ الْحُلُمَ فَلَمْ يَشْعُرْ حَتَّى ضَرَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ لاِبْنِ صَيَّادٍ «تَشْهَدُ أَنِّى رَسُولُ اللَّهِ». فَنَظَرَ إِلَيْهِ ابْنُ صَيَّادٍ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ الأُمِّيِّينَ. فَقَالَ ابْنُ صَيَّادٍ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَتَشْهَدُ أَنِّى رَسُولُ اللَّهِ فَرَفَضَهُ وَقَالَ آمَنْتُ بِاللَّهِ وَبِرُسُلِهِ. فَقَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ التعليق رواه الدّارقطني مسندًا مرفوعًا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. 1354 - (عبدان) -على وزن شعبان- عبد الله المروزي (أن عمر انطلق مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في رهط) ما دون العشرة من الرّجال خاصة (قِبَل ابن صياد) -بكسر القاف وفتح الباء- أي: نحوه، وابن صياد سيأتي أن اسمه صافي، قال الواقدي: هو من بني النجار. والصواب: أنه يهودي؛ وكان أبوه حليف الأنصار من بني النجار. قال ابن الأثير: وقيل دخل في اليهود وليس منهم، قال: ومات في المدينة، وقيل: فُقد يوم الحرّة (عند أطم بني مغالة) -بضم الهمزة والطاء- ومغالة -بفتح الميم وغين معجمة- قيل: إذا وقفت في آخر البلاطة مستقبل مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما كان عن يمينك فهو لبني: مغالة، وما كان على يسارك فلبني جديلة -بفتح الجيم- (وقد قارب ابن صياد الحلم) أي: البلوغ؛ لأن الحلم أحد أسبابه (قال لابن صياد: أتشهد أني رسول الله) هذا موضع الدلالة، فإنه عرض عليه الإسلام، وهو دون البلوغ. واستدل به مالك وأبو حنيفة على صحة إسلام الصغير، وأجاب الشافعي بأنّ الخطاب موضوع عن الصغار، وهذا كان نوع امتحان، فإنه كان يظن به أنّه الدجال (فقال: أشهد أنك رسول الأميين) هذه مقالة طائفة من أهل الكتاب، يقولون إنه مبعوث إلى العرب خاصة (فرفضه) -بالضاد المعجمة- أي تركه، ويروى -بالصاد المهملة- والمعنى واحد، وقيل: رفضه مثل رفسه أي: ضربه برجله (وقال آمنت بالله وبرسله). فإن قلت: دعوى الرسالة من ابن صيّاد كذب، فما وجه دلالة هذا الكلام على تكذيبه؟

لَهُ «مَاذَا تَرَى». قَالَ ابْنُ صَيَّادٍ يَأْتِينِى صَادِقٌ وَكَاذِبٌ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «خُلِّطَ عَلَيْكَ الأَمْرُ» ثُمَّ قَالَ لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنِّى قَدْ خَبَأْتُ لَكَ خَبِيئًا». فَقَالَ ابْنُ صَيَّادٍ هُوَ الدُّخُّ. فَقَالَ «اخْسَأْ، فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ». فَقَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه - دَعْنِى يَا رَسُولَ اللَّهِ أَضْرِبْ عُنُقَهُ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنْ يَكُنْهُ فَلَنْ تُسَلَّطَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْهُ فَلاَ خَيْرَ لَكَ فِي قَتْلِهِ». أطرافه 3055، 6173، 6618 ـــــــــــــــــــــــــــــ قلت: كذبه بطريق الكتابة التي هي أبلغ من التصريح، فإنه خاتم الرسل، ويعلم أن لا رسول بعده، فشهد برسالة نفسه ورسالة كل رسول تقدمه، ومن شنيع القول ما يقال: أخرج الكلام على أسلوب الإنصاف، أي: إن كانتَ رسولًا فقد آمنت بك، وإن كانت كاذبًا فلا. (قال ابن صياد: يأتبني صادق وكاذب، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - خلط عليك الأمر) -بضم الخاء- على بناء المجهول، أشار إلى أن هذا شأن الكهان. (ثم قال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: إني قد خبات لك خبيًا) أي: أضمرت في خاطري شيئًا، كما يضمر للكهان (فقال ابن صياد: هو الدُّخُّ) -بضم الدال وتشديد الخاء- لغة في الدخان، وأنشد ابن الأثير: وعند رِوَاقِ البيتِ يَغْشَى الدُّخَّا وقيل: الدخ هو الموضع الذي يَقْتُلُ فيه عيسى ابن مريم الدّجال، والصواب الأول، لما روى الطبراني: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال للأصحاب: "كنت أضمرت له سورة الدخان" ولعله إنما خص سورة الدخان لقوله تعالى: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} [الدخان: 10]، فإنه أيضًا من أشراط الساعة. قال: (اخسأ) كلمة يزجر بها الكلب (فلن تعدو قدرك) أراد أنك من الكهان الذين يضمون إلى كلمة صادقة أكاذيب. (فقال عمر: دعني يا رسول الله أضرب عنقه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إن يكن هو فلن تُسلط عليه) أي: إن يكن دجالًا فلست قاتله، فإن قاتله عيسى، الضمير المرفوع وقع خبر كان؛ لأن

1355 - وَقَالَ سَالِمٌ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَقُولُ انْطَلَقَ بَعْدَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ إِلَى النَّخْلِ الَّتِى فِيهَا ابْنُ صَيَّادٍ وَهُوَ يَخْتِلُ أَنْ يَسْمَعَ مِنِ ابْنِ صَيَّادٍ شَيْئًا قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ ابْنُ صَيَّادٍ فَرَآهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ مُضْطَجِعٌ، يَعْنِى فِي قَطِيفَةٍ لَهُ فِيهَا رَمْزَةٌ أَوْ زَمْرَةٌ، فَرَأَتْ أُمُّ ابْنِ صَيَّادٍ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يَتَّقِى بِجُذُوعِ النَّخْلِ فَقَالَتْ لاِبْنِ صَيَّادٍ يَا صَافِ - وَهْوَ اسْمُ ابْنِ صَيَّادٍ - هَذَا مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم -. فَثَارَ ابْنُ صَيَّادٍ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ تَرَكَتْهُ بَيَّنَ». وَقَالَ شُعَيْبٌ فِي حَدِيثِهِ فَرَفَصَهُ رَمْرَمَةٌ، أَوْ زَمْزَمَةٌ. وَقَالَ إِسْحَاقُ الْكَلْبِىُّ وَعُقَيْلٌ رَمْرَمَةٌ. وَقَالَ مَعْمَرٌ رَمْزَةٌ. أطرافه 2638، 3033، 3056، 6174 1356 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ - وَهْوَ ابْنُ زَيْدٍ - عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ غُلاَمٌ يَهُودِىٌّ يَخْدُمُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَمَرِضَ، فَأَتَاهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَعُودُهُ، فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَ لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ الضمائر يقع بعضها موقع بعض، وقيل: كان تامة، وفيه ضمير الدّجال، وهو تأكيد للمستتر، وليس بشيء الفساد المعنى، إذ التقدير: إن يوجد الدجال فلن تسلط عليه، وليس بغرض؛ بل الغرض: إن كان هذا ذاك الدجال فلست قاتله. على أنها لو كانت تامة لوجب استتار الضمير فيها، وفي بعض الروايات: "إن يكنه" باتصال الضمير المنصوب، واستشهد به النحاة على جواز اتصال خبر كان. 1355 - (وقال سالم: سمعت عمر) عطف على قوله وأخبرني سالم (ثم انطلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بن كعب إلى النخل التي فيها ابن صياد وهو يختل) -بفتح الياء والخاء المعجمة- أي: يختال (أن يسمع منه شيئًا، وهو مضطجع في قطيفة له فيها رَمْزة) -بتقديم المهملة- أو رمرة -بتكرير المهملة- وفي بعضها: زمرة -بتقديم المعجمة- ومحصّل الكل واحد وهو الكلام الذي لا يعلم منه المعنى بل إنما يسمع منه الصوت. (فقالت أم ابن صياد: يا صاف) -بصاد مهملة وكسر الفاء- وهو اسم ابن صياد (قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لو تركته لبيَّن) أي: بين الباطل من الحق، فإنه أخبر أنه يأتيه صادق وكاذب. 1356 - (سليمان بن حرب) ضد الصلح (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم. كان غلام يهودي يخدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فمرض، فعاده رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال له:

«أَسْلِمْ». فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهْوَ عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُ أَطِعْ أَبَا الْقَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم -. فَأَسْلَمَ، فَخَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ يَقُولُ «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى أَنْقَذَهُ مِنَ النَّارِ». طرفه 5657 1357 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - يَقُولُ كُنْتُ أَنَا وَأُمِّى مِنَ الْمُسْتَضْعَفِينَ أَنَا مِنَ الْوِلْدَانِ، وَأُمِّى مِنَ النِّسَاءِ. أطرافه 4587، 4588، 4597 1358 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ يُصَلَّى عَلَى كُلِّ مَوْلُودٍ مُتَوَفًّى وَإِنْ كَانَ لِغَيَّةٍ، مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِطْرَةِ الإِسْلاَمِ، يَدَّعِى أَبَوَاهُ الإِسْلاَمَ أَوْ أَبُوهُ خَاصَّةً، وَإِنْ كَانَتْ أُمُّهُ عَلَى غَيْرِ الإِسْلاَمِ، إِذَا اسْتَهَلَّ صَارِخًا صُلِّىَ عَلَيْهِ، وَلاَ يُصَلَّى عَلَى مَنْ لاَ يَسْتَهِلُّ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ سِقْطٌ، فَإِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - كَانَ يُحَدِّثُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلاَّ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ أسلم، فنظر إلى أبيه، فقال: أطع أبا القاسم، فأسلم). وفي الحديث دلالة على صحة إسلام الصبي كما قاله أبو حنيفة ومالك، وليس للشافعي عنه جواب شافٍ اللهم إلا أن يكون كان بالغًا بدليل قوله: (الحمد لله الذي أنقذه من النار) لأن أولاد المشركين قبل البلوغ في الجنة، كما سيأتي في البخاري. 1357 - (سمعت ابن عباس يقول: كنت وأنا وأمي من المستضعفين) ليس فيه دليل على صحة إسلام الصبي؛ لأنه كان تابعًا لأمه إلا على مذهب الزهريّ ومالك. 1358 - (قال ابن شهاب: يصلى على كل مولود متوفى وإن كان لغية) -بفتح الغين المعجمة وتشديد الياء، ويروى بكسر الغين والمراد به ولد الزنا، وولد النكاح يسمى ولد الرشدة (من أجل أنه ولد على فطرة الإسلام، يدير أبواه الإسلام أو أبوه خاصة) هذا مذهب الزهريّ لا يعتد بإسلام الأم، وهو أحد قولي مالك (فإن أبا هريرة كان يحدث: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ما من مولود إلا يولد على الفطرة) هذا ظاهر في أن ابن شهاب سمع هذا الكلام

فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ، كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ». ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - (فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِى فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا) الآيَةَ. أطرافه 1359، 1385، 4775، 6599 1359 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلاَّ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ، كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ، هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ». ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه (فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِى فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ). طرفه 1358 ـــــــــــــــــــــــــــــ من أبي هريرة، إلا أن الذهبي قال: حديثه عن أبي هريرة في الترمذي فالحديث منقطع، إلا أنه وصل بعده عن أبي سلمة. الفطرة -بكسر الفاء- النوع والحالة من الفطر، وهو الخلق، والمراد به الحالة التي ولد عليها من التهيؤ لقبول الإسلام، بحيث لو خلا من مانع لما اختار غير الاسلام (كما تُنتج البهيمة بهيمة جمعاء) -بضم التاء الأولى على بناء المجهول-، قال الجوهري: نتجت الناقة على بناء المفعول، نتج كذلك، وقد نتجها أهلها. قال ابن الأثير: الناتج للإبل كالقابلة للنساء، وحاصله أن من يقوم عليها حين الولادة، فهو الناتج، وانتصابُ بهيمة على أنه مفعول ثان، وجمعاء تأكيد معنوي، أي: سالمة من العيوب (هل تُحسّون) -بضم التاء وفتحها- يقال: حسّ وأحسَّ إذا أبصر (من جدعاء) -بدال مهملة- من الجدع، وهو قطع طرف من الأطراف (ثم قرأ أبو هريرة: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} [الروم: 30]. فإن قلت: إذا كان أبواه يهودانه أو يمجسانه فما معنى قوله: {لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} [الروم: 30]؟ قلت: معناه لا ينبغي تبديله، ولذلك أشار في آخر الآية إلى ذلك بقوله: {ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} [الروم: 30]، ودل عليه أيضًا تقدير حب فطرة الله؛ أي: الزموا فطرة الله، كذا قدره صاحب الكشاف؛ إذ المعنى فعل الأبوين نوع دلالة، والمقدر هو الكائن، فلا قدرة لأحد على شيء من تبديل ما أراده.

80 - باب إذا قال المشرك عند الموت لا إله إلا الله

80 - باب إِذَا قَالَ الْمُشْرِكُ عِنْدَ الْمَوْتِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ 1360 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ جَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَوَجَدَ عِنْدَهُ أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِى أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لأَبِى طَالِبٍ «يَا عَمِّ، قُلْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، كَلِمَةً أَشْهَدُ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ». فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى أُمَيَّةَ يَا أَبَا طَالِبٍ، أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَعْرِضُهَا عَلَيْهِ، وَيَعُودَانِ بِتِلْكَ الْمَقَالَةِ، حَتَّى قَالَ أَبُو طَالِبٍ آخِرَ مَا كَلَّمَهُمْ هُوَ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَأَبَى أَنْ يَقُولَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَمَا وَاللَّهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ، مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ». فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ (مَا كَانَ لِلنَّبِىِّ) الآيَةَ. أطرافه 3884، 4675، 4772، 6681 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إذا قال المشرك عند موته: لا إله إلا الله 1360 - (إسحاق) كذا وقع غير منسوب. قال الغساني: إذا قال البخاري حدثنا إسحاق عن يعقوب فهو إمّا ابن راهويه أو ابن منصور؛ فإن كل واحد منهما يروي عن يعقوب ابن إبراهيم الزهريّ (لما حضر أبا طالب الوفاة) اسم أبي طالب عبد مناف (جاءه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوجد عنده أبا جهل بن هشام) اسمه عمرو، وكان يكنى أبا الحكم، فكناه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا جهل (وعبد الله بن أبي أمية) بضم الهمزة وتشديد الياء (أي عم) -بفتح الهمزة- حرف نداء (قل: لا إله إلا الله كلمة) بدل من لا إله إلا الله؛ إذ ليس المراد من الكلمة متعارف النحاة (ولم يزل يعرضها عليه حتى آخر ما كلمهم هو على ملة عبد المطلب) لفظ هو إما من كلام أبي طالب، أو من كلام الراوي، أورده بدل لفظ أتاه، لوقوعه على المتكلم الحاكي، وهذا من محاسن الكلام (أما والله لأستغفرن لك ما لم أُنْهَ عنك) كأنه كان يشعر بأنه سينهى عنه؛ لأنه مشرك، والله لا يغفر لمن أشرك (فأنزل الله فيه: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 113] هذا وقد أشكل، فإن هذه الآية في سورة براءة، وهي من

81 - باب الجريد على القبر (81) وأوصى بريدة الأسلمى أن يجعل فى قبره جريدان ورأى ابن عمر - رضى الله عنهما - فسطاطا على قبر عبد الرحمن فقال انزعه يا غلام، فإنما يظله عمله

81 - باب الْجَرِيدِ عَلَى الْقَبْرِ. (81) وَأَوْصَى بُرَيْدَةُ الأَسْلَمِىُّ أَنْ يُجْعَلَ فِي قَبْرِهِ جَرِيدَانِ. وَرَأَى ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - فُسْطَاطًا عَلَى قَبْرِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ انْزِعْهُ يَا غُلاَمُ، فَإِنَّمَا يُظِلُّهُ عَمَلُهُ. وَقَالَ خَارِجَةُ بْنُ زَيْدٍ رَأَيْتُنِى وَنَحْنُ شُبَّانٌ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ - رضى الله عنه - وَإِنَّ أَشَدَّنَا وَثْبَةً الَّذِى يَثِبُ قَبْرَ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ حَتَّى يُجَاوِزَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أواخر القرآن نزولًا، وأبو طالب مات قبل الهجرة بثلاث سنين. وأجاب بعض الفضلاء أنه كان مستمرًا على الاستغفار إلى نزول الآية. وقد ظهر لك من هذا أن ما ذكره القرطبي في تذكرته من إيمان أبي طالب لا يجوز اعتقاده، كيف وسيأتي في البخاري: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أخرجته من قعر النار إلى ضحضاخ منه". واعلم أن الحديث من مراسيل الصحابي، لأن المسيب رواه عن أبيه، وهما من مسلمة الفتح، قال مصعب: هذا مما لم يختلف فيه علماؤنا. لكن ذكر ابن عبد البر أنه هاجر وشهد بيعة الرّضوان مع أبيه، وعلى هذا يدل لفظ البخاري في قضية الشجرة كما سيأتي إن شاء الله. باب الجريد على القبر الجريد -على وزن فعيل- غصن النخل، جرد عن الخوص. (ووصى بريدة الأسلمي) بضم الباء مصغر (أن يجعل على قبره جريدتان) اقتداء بما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالقبرين كما تقدم في كتاب الإيمان وذكره هنا بعد هذا الحديث (ورأى ابن عمر فسطاطًا على قبر عبد الرحمن بن أبي بكر (قال الجوهري: الفسطاط -بضم الفاء- بيت من الشعر. وقال صاحب الكشاف: ضرب من الأبنية في السفر دون السُرادق (وقال خارجة بن زيد: رأيتُنِي ونحن شبان في زمن عثمان وإن أشدّنا وثبة الذي يثب قبر عثمان بن مظعون) هذا إنما أحدثوه بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإلا فرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما وضع حجرًا واحدًا من جهة رأسه ليُعرف به، والبناء على القبور مكروه، بل محرم في هذا الزمان؛ لأنهم يتباهون به.

وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ أَخَذَ بِيَدِى خَارِجَةُ فَأَجْلَسَنِى عَلَى قَبْرٍ، وَأَخْبَرَنِى عَنْ عَمِّهِ يَزِيدَ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ إِنَّمَا كُرِهَ ذَلِكَ لِمَنْ أَحْدَثَ عَلَيْهِ. وَقَالَ نَافِعٌ كَانَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَجْلِسُ عَلَى الْقُبُورِ. 1361 - حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ مَرَّ بِقَبْرَيْنِ يُعَذَّبَانِ فَقَالَ «إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لاَ يَسْتَتِرُ مِنَ الْبَوْلِ، وَأَمَّا الآخَرُ فَكَانَ يَمْشِى بِالنَّمِيمَةِ». ثُمَّ أَخَذَ جَرِيدَةً رَطْبَةً فَشَقَّهَا بِنِصْفَيْنِ، ثُمَّ غَرَزَ فِي كُلِّ قَبْرٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ (وقال عثمان بن حكيم: أخذ بيدي خارجة بن زيد بن ثابت فأجلسني على قبر، وأخبرني عن عمه يزيد بن ثابت، قال: إنما كره ذلك لمن أحدث عليه) أي: تغوط، وهذا تأويل باطل، لما روى مسلم وأصحاب السنن غير الترمذي: "لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر" وفي السنن أيضًا غير الترمذي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المشي بين القبور بالنعلين. 1361 - (يحيى) كذا وقع غير منسوب، يحتمل أن يكون ابن موسى وابن جعفر؛ لأن كل واحد منهما يروى عن أبي معاوية. قال شيخنا ابن حجر: وقيل هو يحيى بن يحيى، والمعتمد يحيى بن موسى و (أبو معاوية) هو محمد بن خازم بالخاء المعجمة. روى عن ابن عباس حديث الرجلين اللذين كانا يعذبان، وقد أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جريدة فشقها شقتين، وغرز في كل قبر قطعة، وقد سلف الحديث في كتاب الإيمان في باب من الكبائر أن لا يستتر من بوله، ونقلنا هناك عن رواية مسلم أنه إنما فعل ذلك لأنّ الله حدّ له

82 - باب موعظة المحدث عند القبر، وقعود أصحابه حوله

وَاحِدَةً. فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، لِمَ صَنَعْتَ هَذَا فَقَالَ «لَعَلَّهُ أَنْ يُخَفَّفَ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا». طرفه 216 82 - باب مَوْعِظَةِ الْمُحَدِّثِ عِنْدَ الْقَبْرِ، وَقُعُودِ أَصْحَابِهِ حَوْلَهُ (يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ) الأَجْدَاثُ الْقُبُورُ. (بُعْثِرَتْ) أُثِيرَتْ. بَعْثَرْتُ حَوْضِى أَىْ جَعَلْتُ أَسْفَلَهُ أَعْلاَهُ، الإِيفَاضُ الإِسْرَاعُ. وَقَرَأَ الأَعْمَشُ (إِلَى نَصْبٍ) إِلَى شَىْءٍ مَنْصُوبٍ يَسْتَبِقُونَ إِلَيْهِ، وَالنُّصْبُ وَاحِدٌ وَالنَّصْبُ مَصْدَرٌ يَوْمُ الْخُرُوجِ مِنَ الْقُبُورِ. (يَنْسِلُونَ) يَخْرُجُونَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أن يخفف عنهما ما لم ييبسا، ونقلنا وجوهًا أخر مما ذكروه، والعمدة على ما في مسلم. قيل: إنما أخذ جريد النخل لأنه أطول الثمار، ولأن النخل خلق من بقية طين آدم. باب موعظة المحدِّث عند القبر، وجلوس أصحابه عنده حوله {يخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ} [المعارج: 43] جمع جدث، كأفراس في فرس، وهو القبر. قال الشاعر: سقى جدثًا أمسى بدومة ثاويًا (وقرأ الأعمش إلى نصب) -بضم النون والضاد- وهي قراءة ابن عامر وعاصم من رواية حفص، والباقون بفتح النون وسكون الصاد، قال الجعبري: النصب -بضمتين- جمع نصب -بفتح النون وسكون الصاد- كسقف في سقف، وهذا مخالف لتفسير البخاري؛ اللهم إلا أن لا يريد القراءة، بل بيان اللغة، لأنّ إسراعهم إنما كان إلى ذلك الشيء المنصوب، وعن الحسن في تفسير الآية: أن الكفار كانوا يبتدرون عند طلوع الفجر إلى عبادة الأصنام، فحشروا على ذلك الوصف تموتون كما تعيشون، وتبعثون كما تموتون.

1362 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ قَالَ حَدَّثَنِى جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا فِي جَنَازَةٍ فِي بَقِيعِ الْغَرْقَدِ، فَأَتَانَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَعَدَ وَقَعَدْنَا حَوْلَهُ، وَمَعَهُ مِخْصَرَةٌ فَنَكَّسَ، فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِمِخْصَرَتِهِ ثُمَّ قَالَ «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ، مَا مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ إِلاَّ كُتِبَ مَكَانُهَا مِنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَإِلاَّ قَدْ كُتِبَ شَقِيَّةً أَوْ سَعِيدَةً». فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلاَ نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابِنَا وَنَدَعُ الْعَمَلَ، فَمَنْ كَانَ مِنَّا مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَسَيَصِيرُ إِلَى عَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنَّا مِنْ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ فَسَيَصِيرُ إِلَى عَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ قَالَ «أَمَّا أَهْلُ السَّعَادَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ 1362 - (عبيدة) بضم العين مصغر (عن أبي عبد الرحمن) هو عبد الله بن حبيب السلمي (عن علي قال: كنا في جنازة في بقيع الغرقد) -بفتح الباء وكسر القاف- والغرقد -بالغين المعجمة- شجر اليهود (فأتانا النبي - صلى الله عليه وسلم - فقعد، وقعدنا حوله، ومعه مخصرة) -بكسر الميم وسكون الخاء المعجمة- العصا، أو القضيب الذي كان يأخذه في يده، وتوارثه الخلفاء بعده (فنكس) أي: خفض رأسه (فجعل ينكث) أي شرع، والنكت -بالتاء المثناة- الضرب في الأرض بالعود أو الإصبع عند التفكر (ما من نفس منفوسة) أي: مخلوقة (إلا كُتب مكانها من الجنة والنار. فقال رجل: يا رسول الله أفلا نتكل؟) إذ من سبقت له السعادة فهو السعيد، فأي حاجة إلى العمل؛ فهذا تعلق بالسبب الحقيقي: فأجابه بقوله: (أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة) فهذا سبب مجازي جُعل علامة على السبب الحقيقي، وعلى هذا بني التكليف، وأرسلت الرسل فكيف يجوز ترك العمل، وبهذا الطريق يجمع بين قوله تعالى: {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (72)} [الزخرف: 72]، بالباء الدالة على السببية؛ وبين قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يدخل أحدكم الجنة بعمله. قالوا: ولا أنت؟ قال: ولا أنا" فإنه أشار إلى السبب المؤثر، والآية دلت على السبب المجازي. ومن الفضلاء من قال: أصل دخول الجنة بفضل الله، والمراتب بالأعمال. وهذا وإن

83 - باب ما جاء فى قاتل النفس

فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ السَّعَادَةِ، وَأَمَّا أَهْلُ الشَّقَاوَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ الشَّقَاوَةِ»، ثُمَّ قَرَأَ (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى) الآيَةَ. أطرافه 4945، 4946، 4947، 4948، 4949، 6217، 6605، 7552 83 - باب مَا جَاءَ فِي قَاتِلِ النَّفْسِ 1363 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ غَيْرِ الإِسْلاَمِ كَاذِبًا مُتَعَمِّدًا فَهُوَ كَمَا قَالَ، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ عُذِّبَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ». أطرافه 4171، 4843، 6047، 6105، 6652 ـــــــــــــــــــــــــــــ كان كلامًا صادقًا في نفس الأمر: إلا أنه أخرج الباء عن معناه؛ لأن الواقع في مقابلة الباء إنما هو نفس الجنة، لا المراتب، فالتعويل على ما أشرنا إليه لا يجوز غيره. (ثم قرأ {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى} [الليل: 5]) أيد بالآية الكريمة مقالته، فإن الحديث شرح لما تضمنته الآية، هذا وليعلم أن هذه مسألة القدر التي لا يجوز الخوض فيها لأحد من الأنبياء والرّسل، فعليك العمل لمولاك سواء منعك أو أعطاك. باب ما جاء في قاتل النفس 1363 - (مسدد) بضم الميم وتشديد الدال المفتوحة (يزيد بن زريع) مصغر زرع (عن أبي قلابة) بكسر القاف (من حلف بملة غير الإسلام كاذبًا متعمدًا فهو كما قال، ومن قتل نفسه بحديدة عذب بها في نار جهنم). صورة المسألة الأولى أن يقول: إن فعل الشيء الفلاني فيكون يهوديًّا، قال مالك والشافعي: لا ينعقد به نذر ويمين، بل لغو من الكلام، كان فعل ذلك. وقال أبو حنيفة: عليه كفارة اليمين كالمظاهر؛ لأنه أتى منكرًا من القول وزورًا.

1364 - وَقَالَ حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنِ الْحَسَنِ حَدَّثَنَا جُنْدَبٌ - رضى الله عنه - فِي هَذَا الْمَسْجِدِ فَمَا نَسِينَا، وَمَا نَخَافُ أَنْ يَكْذِبَ جُنْدَبٌ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «كَانَ بِرَجُلٍ جِرَاحٌ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَقَالَ اللَّهُ بَدَرَنِى عَبْدِى بِنَفْسِهِ حَرَّمْتُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ». طرفه 3463 1365 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الَّذِى يَخْنُقُ نَفْسَهُ يَخْنُقُهَا فِي النَّارِ، وَالَّذِى يَطْعُنُهَا يَطْعُنُهَا فِي النَّارِ». طرفه 5778 ـــــــــــــــــــــــــــــ وأمّا قتل النفس وإن القاتل يعذب بما قتل به نفسه، فلأن الجزاء من جنس العمل؛ مثل قطع السارق؛ لأن خيانة السرقة تكون باليد، لكن هذا إذا لم يغفر الله ذنبه؛ أو كان مستحلًا، والا فالله يغفر ما دون الشرك لمن يشاء. 1364 - (وقال الحجاج بن منهال) بفتح الحاء وتشديد الجيم وكسر الميم (جرير بن حازم) بالحاء المهملة (جندب) بضم الجيم والدّال ويفتح (بدرني عبدي بنفسه حرمت عليه الجنة) لأن قبض الأرواح حقها أن يكون ممن أعطاها، فأتى بما يناقض شأن الربوبية، وهذا أيضًا محمول على أن لا يغفر له أو كان معتقدًا جوازه، فإن من أنكر حكمًا قطعيًّا فهو كافر بالشرعة. ومن الشارحين من قال: معناه حرمت الجنة؛ أي: جنة مخصوصة لأن الجنان كثيرة. وهذا الذي قاله لا يجوز قطعًا؛ لأن هذا الكلام إنما يبقى في مقام التحذير، وإن مرتكبه من أهل النار على التأبيد، ولذلك عبر عنه بلفظ التحريم الدال على حكم الله بذلك في الأذى، فأي وجه لذلك الذي قاله، أو كيف يلائم هذا الغرض الذي سيق له الكلام؟ وسيأتي في المغازي قوله فيمن قتل نفسه أنه من أهلُ النَّار. فإن قلت: ترجم على قاتل النفس مطلقًا، وروى حديث "من قتل نفسه"؟ قلت: يعلم منه حكمه من باب الأولى، أو المراد نفس القاتل؛ لأن الباب باب الجنائز، والله الموفق. 1365 - (أبو الزناد) -بكسر الزاي بعدها نون- عبد الله بن ذكوان (عن أبي هريرة قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: الذي يخنق نفسه يخنقها في النار، والذي يطعن نفسه يطعنها في النار) جزاء من

84 - باب ما يكره من الصلاة على المنافقين والاستغفار للمشركين

84 - باب مَا يُكْرَهُ مِنَ الصَّلاَةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ وَالاِسْتِغْفَارِ لِلْمُشْرِكِينَ رَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 1366 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضى الله عنهم - أَنَّهُ قَالَ لَمَّا مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ ابْنُ سَلُولَ دُعِىَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِيُصَلِّىَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَثَبْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتُصَلِّى عَلَى ابْنِ أُبَىٍّ وَقَدْ قَالَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا - أُعَدِّدُ عَلَيْهِ قَوْلَهُ - فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ جنس عمله وقد عرفت أن هذا إذا لم تنله مغفرة الله خير الغافرين. قال الجوهري: يقال طعنه بالرمح، وطعن في السن يطعن -بالضم- وطعن فيه بالقول يطعن أيضًا. وقال ابن الأثير: طعن فيه وعليه -بالقول- يطعن بالفتح والضم. باب ما يكره من الصلاة على المنافقين والاستغفار للمشركين قيل: إنما لم يقل باب كراهية الصلاة دلالة على أن الامتناع من طلب المغفرة إنما هو لمن لا يستحقها، لا لأجل العبادة. قلت: (من) بيانية، فالمكروه هو نفس الصلاة، مع أن اللفظ لا دلالة له على ما قاله، والحكمة في العدول شناعة إيقاع لفظ الكراهة على الصلاة صريحًا، وهذا باب معروف في البلاغة. 1366 - (يحيى بن بكير) بضم الباء مصغر، وكذا (عقيل) و (عبيد الله) روى حديث ابن عباس عن عمر بن الخطاب (لما مات عبد الله بن أبي ابن سلول) بتنوين أُبي وزيادة ألف ابن لأنه ليس صفة أُبي بل صفة عبد الله؛ لأنّ أباه أُبي، وسلول أمه ولذلك لم يُصرف، وقد سلف حديثه في باب الكفن في القميص (فلما قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وثبت إليه) الوثوب: القيام إلى الشيء دفعة بسرعة. قال ابن الأثير: هذا في غير لغة حمير. هذا كلامه. قلت: معناه في لغة حمير القعود؛ وهو ضد القيام (أخر عني با عمر) أي: تأخر، فعل

85 - باب ثناء الناس على الميت

«أَخِّرْ عَنِّى يَا عُمَرُ». فَلَمَّا أَكْثَرْتُ عَلَيْهِ قَالَ «إِنِّى خُيِّرْتُ فَاخْتَرْتُ، لَوْ أَعْلَمُ أَنِّى إِنْ زِدْتُ عَلَى السَّبْعِينَ فَغُفِرَ لَهُ لَزِدْتُ عَلَيْهَا». قَالَ فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ انْصَرَفَ، فَلَمْ يَمْكُثْ إِلاَّ يَسِيرًا حَتَّى نَزَلَتِ الآيَتَانِ مِنْ (بَرَاءَةٌ) (وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا) إِلَى (وَهُمْ فَاسِقُونَ) قَالَ فَعَجِبْتُ بَعْدُ مِنْ جُرْأَتِى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَئِذٍ، وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. طرفه 4671 85 - باب ثَنَاءِ النَّاسِ عَلَى الْمَيِّتِ 1367 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - يَقُولُ مَرُّوا بِجَنَازَةٍ فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْرًا، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «وَجَبَتْ». ثُمَّ مَرُّوا بِأُخْرَى فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا شَرًّا فَقَالَ «وَجَبَتْ». فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - مَا وَجَبَتْ قَالَ «هَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْرًا فَوَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ، وَهَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرًّا فَوَجَبَتْ لَهُ النَّارُ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الأَرْضِ». طرفه 2642 ـــــــــــــــــــــــــــــ بمعنى تفعل، أو أخر نفسك (لو علمت أني إن زدت على السبعين ينفر له لزدت عليها) وهذا يدل على أن مفهوم العدد ليس معتبرًا؛ لأن قوله تعالى: {إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [التوبة: 80] [لو كان قيد الزيادة]. ولقائل أن يقول: إنما لم يعد ما فوق السبعين لأنه لم يرد به معناه، بل أريد الكثرة كناية. وفي الحديث ردّ على صاحب "الكشاف" حيث ذكر أنه لم يصل عليه. باب ثناء الناس على الميت 1367 - (صهيب) بضم الصاد مصغر (سمعت أنس بن مالك يقول: مُرّ بجنازة) -بضم الميم- على بناء المجهول (فأثنوا عليها خيرًا فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: وجبت) أي وجبت له الجنة كما شرحه بعد. فإن قلت: مذهب أهل الحق أن لا وجوب على الله. قلت: معناه اللزوم وعدم التخلف بموجب وعده. (أنتم شهداء الله في أرضه) لأنهم الذين اعتقدوا منه التوحيد ونفي الولد والإشراك الذي قاله اليهود والنصارى والمشركون ولأنهم الذين يشهدون للرسل يوم القيامة بأنهم بلغوا عن

1368 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِى الْفُرَاتِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِى الأَسْوَدِ قَالَ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ وَقَدْ وَقَعَ بِهَا مَرَضٌ، فَجَلَسْتُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - فَمَرَّتْ بِهِمْ جَنَازَةٌ فَأُثْنِىَ عَلَى صَاحِبِهَا خَيْرًا فَقَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه - وَجَبَتْ. ثُمَّ مُرَّ بِأُخْرَى فَأُثْنِىَ عَلَى صَاحِبِهَا خَيْرًا، فَقَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه - وَجَبَتْ. ثُمَّ مُرَّ بِالثَّالِثَةِ، فَأُثْنِىَ عَلَى صَاحِبِهَا شَرًّا فَقَالَ وَجَبَتْ. فَقَالَ أَبُو الأَسْوَدِ فَقُلْتُ وَمَا وَجَبَتْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ قُلْتُ كَمَا قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَيُّمَا مُسْلِمٍ شَهِدَ لَهُ أَرْبَعَةٌ بِخَيْرٍ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ». فَقُلْنَا وَثَلاَثَةٌ قَالَ «وَثَلاَثَةٌ». فَقُلْنَا وَاثْنَانِ قَالَ «وَاثْنَانِ». ثُمَّ لَمْ نَسْأَلْهُ عَنِ الْوَاحِدِ. طرفه 2643 ـــــــــــــــــــــــــــــ الله ما أُمروا بتبليغه. 1368 - (عَفّان بن مسلم) بفتح العين وتشديد الفاء (أبي الفرات) بضم الفاء (بريدة) بضم الباء مصغر بردة (عن أبي الأسود) الدؤلي التابعي المشهور أوّل من دون علم النحو، واسمه ظالم بن عمرو (فأُثني على صاحبها خير) -بضم الهمزة- على بناء المجهول. وفي بعضها "خيرًا" بالنصب. قال النووي: انتصابه بنزع الخافض، فيكون هو القائم مقام الفاعل (أيما مسلم شهد له أربعة بخير أدخله الله الجنة. فقلنا وثلاثة؟ قال: وثلاثة، فقلنا: واثنان؟ قال: واثنان، ولم نسأله عن الواحد) لعل تخصيص الأربعة لأنها آخر عدد يثبت به حكم شرعي، واثنان أول عدد كذلك. قال النووي: سواء كانوا عدولًا، أو غير عدول، وسواء كانوا صادقين في ذاك الثناء أو كاذبين، ولذلك أطلقه في الحديث. قلت: ويؤيده ما رواه الإمام أحمد والحاكم عن أنس مرفوعًا "ما من مسلم يصوت فيشهد له أربعة من جيرانه الأدنين أنهم لا يعلمون منه إلا خيرًا إلا قال الله: قبلت قولكم وغفرت له" ولله الحمد، اللهم اجعلنا من أولئك بفضلك وكرمك. واعلم أن لفظ الثناء أصله في المدح واستعماله [في] الشر للازدواج والمشاكلة. باب ما جاء في عذاب القبر

86 - باب ما جاء فى عذاب القبر

86 - باب مَا جَاءَ فِي عَذَابِ الْقَبْرِ وَقَوْلُهُ تَعَالَى (إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلاَئِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ) هُوَ الْهَوَانُ، وَالْهَوْنُ الرِّفْقُ، وَقَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ (سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ) وَقَوْلُهُ تَعَالَى (وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ * النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ). 1369 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا أُقْعِدَ الْمُؤْمِنُ ـــــــــــــــــــــــــــــ (وقوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ} [الأنعام: 93] جمع غمرة، والغمر: هو الستر، والمراد سكرات الموت هوّنها الله علينا برحمته الواسعة. وجواب لو في الآية محذوف؛ أي: لرأيت أمرًا عظيمًا، وموضع الدلالة قوله: {الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ} [الأنعام: 93]) فإن اليوم أريد به الوقت الممتد بعد الموت إلى آخر الأبد ({سَنُعَذِبُهُم مَّرَّتَيْنِ} [التوبة: 101]) قيل: المرة الأولى القتل؛ والأخرى عذاب القبر. وقيل: الأول أخذ الزكاة، والثاني: عذاب القبر، أو الأول: سكرات الموت التي أشير إليها في الآية الأولى بالغمرات. فإن قلت: النفس ليس في قدرة الكفار، فما معنى قوله: {أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ} [الأنعام: 93]؟ قلت: لم يرد بالأمر معناه، بل المقصود تغليظ العذاب بإسماعه أشدّ ما يكرهه زيادة في العذاب. {(ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ} [التوبة: 101]) لا يعلم كنهه إلا الله، وهو عذاب الآخرة. وقوله: {وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ} [غافر: 45] هو عذاب القبر؛ لقوله: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر: 46] عذاب جهنم. 1369 - (مرثد) بفتح الميم وثاء مثلثة (عبيدة) بضم العين (إذا أقعد المؤمن في قبره) أقعد على بناء المجهول، وكذا أُتي (فذلك قوله: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ

فِي قَبْرِهِ أُتِىَ، ثُمَّ شَهِدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ)». طرفه 4699 1369 م - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ بِهَذَا وَزَادَ (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا) نَزَلَتْ فِي عَذَابِ الْقَبْرِ. 1370 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ صَالِحٍ حَدَّثَنِى نَافِعٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ قَالَ اطَّلَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى أَهْلِ الْقَلِيبِ فَقَالَ «وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا». فَقِيلَ لَهُ تَدْعُو أَمْوَاتًا فَقَالَ «مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لاَ يُجِيبُونَ». طرفاه 3980، 4026 1371 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ إِنَّمَا قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّهُمْ لَيَعْلَمُونَ الآنَ أَنَّ مَا كُنْتُ أَقُولُ حَقٌّ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَى)». طرفاه 3979، 3981 ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [إبراهيم: 27]) أي: يلقنه ويلهمه في الدّارين. فإن قلت: ليس فيه ذكر عذاب القبر الذي ترجم له؟ قلت: رواه مختصرًا على دأبه من الاستدلال بالخفي، وله تتمة ذكر فيها عذاب الكافر. هذا والحق أن الآية دالة عليه؛ لقوله تعالى: {وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ} [إبراهيم: 27] فإنه في مقابلة قوله: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [إبراهيم: 27] ولذلك قال: الآية نزلت في عذاب القبر. 1370 - (اطلع النبي - صلى الله عليه وسلم - على القليب) القليب: بئر لم توطأ، فعيل بمعنى المفعول، والمراد قليب بدر، اللام فيه للعهد، بل صار كالعلم بالغلبة حتى لا يفهم غيره عند الإطلاق. (فقال: وجدتم ما وعد ربكم حقًّا فقيل: أتدعو أمواتًا؟) أي: تخاطب، والقائل عمر، جاء في الرواية الأخرى صريحًا. 1371 - (عن عائشة: إنما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إنهم ليعلمون) أن الذي قلت لهم كان حقًّا (وقد قال الله تعالى: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} [النمل: 80]) هذا الرّد من عائشة ليس بمسلم لأن المثبت مقدم على النافي، والآية التي استدلت بها لا دلالة فيها؛ لأن صدرها {إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ} [فاطر: 22]، وأما قوله: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [فاطر: 22] كلام جار على

1372 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ شُعْبَةَ سَمِعْتُ الأَشْعَثَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ يَهُودِيَّةً دَخَلَتْ عَلَيْهَا، فَذَكَرَتْ عَذَابَ الْقَبْرِ، فَقَالَتْ لَهَا أَعَاذَكِ اللَّهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ. فَسَأَلَتْ عَائِشَةُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ عَذَابِ الْقَبْرِ فَقَالَ «نَعَمْ عَذَابُ الْقَبْرِ». قَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدُ صَلَّى صَلاَةً إِلاَّ تَعَوَّذَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ. زَادَ غُنْدَرٌ «عَذَابُ الْقَبْرِ حَقٌّ». طرفه 1049 ـــــــــــــــــــــــــــــ المتعارف تمثيلًا للكفار بأصحاب القبور، كيف وقد تقدم أن الميت يسمع قرع النعال. 1372 - (عبدان) -على وزن شعبان- عبد الله المروزي (الأشعث) بالشين المعجمة آخره ثاء مثلثة (أن يهودية دخلت عليها فذكرت عذاب القبر) أي: (قالت لها: أعاذك الله من عذاب القبر) وكانت عائشة لم تعلم ذلك (فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: نعم عذاب القبر) ثم لازم على الاستعاذة من عذاب القبر، لأنه رأى أنه خفي على أقرب الناس إليه، فأراد إشهاره. قال الطحاوي: أوحي إليه بعد كلام اليهودية: إن عذاب القبر حق. ولفظ الحديث لا يساعده؛ فإن جوابه حين سؤال عائشة على الفور من غير انتظار وحي، وأيضًا آية عذاب آل فرعون في القبر مكية، وسؤال عائشة بالمدينة بعد كلام اليهودية. فإن قلت: في رواية مسلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لليهودية: "إنما تفتن اليهود" وهذا يخالف قوله: "أوحي إليّ أنكم تفتنون". قلت: أوحي إليه بعد ذلك القول أن بعض الموحدين يُعذّب. (زاد غندر: عذاب القبر حق) أي زاد على رواية عبدان لفظ حق، وهو خبر المبتدأ، وفي رواية عبدان محذوف. 1373 - ثم روى حديث أسماء: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلّى صلاة الكسوف ثم قام

1373 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما - تَقُولُ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَطِيبًا فَذَكَرَ فِتْنَةَ الْقَبْرِ الَّتِى يَفْتَتِنُ فِيهَا الْمَرْءُ، فَلَمَّا ذَكَرَ ذَلِكَ ضَجَّ الْمُسْلِمُونَ ضَجَّةً. طرفه 86 1374 - حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ، وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ، وَإِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ، أَتَاهُ مَلَكَانِ فَيُقْعِدَانِهِ فَيَقُولاَنِ مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي الرَّجُلِ لِمُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -. فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَيَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ. فَيُقَالُ لَهُ انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ مِنَ النَّارِ، قَدْ أَبْدَلَكَ اللَّهُ بِهِ مَقْعَدًا مِنَ الْجَنَّةِ، فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا». قَالَ قَتَادَةُ وَذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ يُفْسَحُ فِي قَبْرِهِ. ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ «وَأَمَّا الْمُنَافِقُ وَالْكَافِرُ فَيُقَالُ لَهُ مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ فَيَقُولُ لاَ أَدْرِى، كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ. فَيُقَالُ لاَ دَرَيْتَ وَلاَ تَلَيْتَ. وَيُضْرَبُ بِمَطَارِقَ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ خطيبًا. وموضع الدلالة قولها: (فذكر فتنة القبر) وقد تقدم الحديث بطوله في باب الفتيا بإشارة الرأس في كتاب العلم (فلما ذكر ذلك ضج المسلمون ضجة) -بفتح الضاد- مرّة من الضج. قال ابن الأثير: هو رفع الصوت عند إصابة المكروه. 1374 - (عياش) بفتح العين والياء المثناة تحت وشين معجمة. روى عن أنس حديث المنكر والنكير، وإن الميت ليسمع قرع نعال الحاضرين حين يجيئه الملكان، والحديث بشرحه تقدم في باب الميت يسمع قرع النعال، وزاد قتادة: أن أنسًا ذكر لهم أنه يفسح في قبره. وقد جاء في رواية "مدّ بصره" وذكر أن الكافر يضرب بمطارق ولفظ الجمع باعتبار أجزاء المطرقة كأنها لعظمها كل جزء منها مطرقة [إمّا أن يكون وإما أن

87 - باب التعوذ من عذاب القبر

حَدِيدٍ ضَرْبَةً، فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا مَنْ يَلِيهِ، غَيْرَ الثَّقَلَيْنِ». 87 - باب التَّعَوُّذِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ 1375 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنِى عَوْنُ بْنُ أَبِى جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ عَنْ أَبِى أَيُّوبَ - رضى الله عنهم - قَالَ خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ وَجَبَتِ الشَّمْسُ، فَسَمِعَ صَوْتًا فَقَالَ «يَهُودُ تُعَذَّبُ فِي قُبُورِهَا». ـــــــــــــــــــــــــــــ يكون] بيد كل واحد منهما مطرقة، وإطلاق لفظ الجمع على الإثنين كثير (يسمعها كل من يليه) أي: ما بين المشرق والمغرب كما جاء في الرّواية الأخرى (غير الثقلين) -بفتح الثاء والقاف- أي الجن والإنس، وقد جاء في رواية مسلم تعليله من قوله: "لولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم". واعلم أن الحديث دلّ على سؤال المؤمن والكافر، واختلف في الصغار والأنبياء، والذي يظهر عدم السؤال، أما الصغار فلعدم الفائدة؛ إذ لا عذاب عليهم، وأما الأنبياء فلأنهم أجل رتبة من ذلك. باب التعوذ من عذاب القبر 1375 - (محمد بن المثنى) بضم الميم وتشديد النون المفتوحة (عون بن أبي جحيفة) بفتح العين وسكون الواو آخره نون، وأبو جحيفة -بضم الجبم مصغر- وهب بن عبد الله الصحابي المكرّم، راوي الحديث (عن البراء) بفتح الباء والزاء المخففة، وهو أيضًا صحابي، ورواه البراء عن (أبي أيوب) وهو أيضًا صحابي. (خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد وجبت الشمس) أي: غابت (فسمع صوتًا، ففال: يهود تعذب في قبورها) يهود علم تلك الطائفة غير منصرف. فإن قلت: قد سلف أنّ الذي يعذب يسمعه في القبر غير الثقلين. قلت: سماع

وَقَالَ النَّضْرُ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَوْنٌ سَمِعْتُ أَبِى سَمِعْتُ الْبَرَاءَ عَنْ أَبِى أَيُّوبَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 1376 - حَدَّثَنَا مُعَلًّى حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ قَالَ حَدَّثَتْنِى ابْنَةُ خَالِدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يَتَعَوَّذُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ. طرفه 6364 1377 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدْعُو «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ عَذَابِ النَّارِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما هو بطريق خرق العادة، فلا ينافي، وكذا ما يسمعه الأولياء. (وقال النضر) -بالضاد المعجمة- هو ابن شميل، من مشايخ البخاري. وفائدة هذا التعليق التصريح بالسماع من عون بن أبي جحيفة، وفيه دفع وهم التدليس بخلاف السند الأول. فإن قلت: ليس في الحديث ذكر التعوذ من عذاب القبر كما ترجم عليه. قلت: عذاب القبر لا بدّ وأن يستعيذَ منه عادة، لا سيما ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان ملازمًا على الاستعاذة بدون السّماع، كما روت عائشة، أو كان في الحديث ذكر التعوذ، ولكن لم يكن على شرطه، فأشار إلى أصل الحديث كما هو دأبه. 1376 - 1377 - (معلى) بضم الميم وتشديد اللام المفتوحة (وهيب) بضم الواو مصغر (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو: اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، ومن عذاب النار، ومن فتنة المحيا والممات) أسماء الزمان من الحياة والموت، والفتنة: الابتلاء، ويجوز أن يكون بمعنى الإضلال، فقد جاء في دعائه "أعوذ بك أن أضل". فإن قلت: كان مصونًا عن فتنة الدّارين، معلوم له، فما وجه استعاذته؟ قلت: الدعاء

88 - باب عذاب القبر من الغيبة والبول

88 - باب عَذَابِ الْقَبْرِ مِنَ الْغِيبَةِ وَالْبَوْلِ 1378 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ طَاوُسٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - مَرَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى قَبْرَيْنِ فَقَالَ «إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ مِنْ كَبِيرٍ - ثُمَّ قَالَ - بَلَى أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ يَسْعَى بِالنَّمِيمَةِ، وَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لاَ يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ». قَالَ ثُمَّ أَخَذَ عُودًا رَطْبًا فَكَسَرَهُ بِاثْنَتَيْنِ ثُمَّ غَرَزَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى قَبْرٍ، ثُمَّ قَالَ «لَعَلَّهُ يُخَفَّفُ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا». طرفه 216 ـــــــــــــــــــــــــــــ مخُّ العبادة، فكما أن سائر طاعته كان شكرًا لما أنعم الله؛ فكذا الدّعاء، وفيه أيضًا إرشاد لأمته، وتعليم لهم تلك الدعوات. وذكر فتنة الممات بعد ذكر عذاب القبر تعميم بعد التخصيص، كما أن ذكر المسيح الدّجال بعد فتنة المحيا تخصيص بعد التعميم. باب عذاب القبر من الغيبة والبول 1378 - (قتيبة) بضم القاف مصغر. روى في الباب حديث ابن عباس: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرّ على رجلين يعذبان في قبورهما، فأخذ عودًا رطبًا، فغرز على كل قبر منه قطعة، وقال: (لعله أن يخفف عنهما لم ييبسا) وقد سلف الحديث في باب من الكبائر أن لا يستتر من بوله، وبعده مرارًا. وموضع الدلالة هنا: (أما أحدهما فكان يسعى بالنميمة). فإن قلت: ترجم على الغيبة وأورد في الحديث النميمة. قلت: الغيبة -بكسر الغين- فعلة من غابه إذا ذكره غائبًا عنه بما فيه مما يتأذى من ذكره، وأما إذا لم يكن فيه فذلك بهتان. والنميمة: نقل كلام الرجل عند غيره على وجه الإفساد، فهي أخص من الغيبة، فلذلك أوردها لوجود الغيبة في ضمنها، ولا يستلزم وجود الخاص وجود العام. وفيه نظر؛ لأن الوعيد على الخاص بخصوصه لا يستلزم الوعيد على العام بعمومه، والحق أنه أشار على دأبه إلى ما رواه الطبراني بلفظ الغيبة.

89 - باب الميت يعرض عليه بالغداة والعشى

89 - باب الْمَيِّتِ يُعْرَضُ عَلَيْهِ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِىِّ 1379 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا مَاتَ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِىِّ، إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَيُقَالُ هَذَا مَقْعَدُكَ حَتَّى يَبْعَثَكَ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». طرفاه 3240، 6515 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الميت يعرض عليه مقعده بالغداة والعشي الغداة والغدو: من طلوع الفجر إلى الزوال، والعشي: ما بعد الزوال إلى الغروب. 1379 - (إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده) أي: مكانين [في] الجنة والنار، والتعبير بلفظ المقعد إشارة إلى الدوام وعدم الزّوال عنه (إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة) أي: فهو من الفائزين الذين بلغك حالهم فلا يتوهم عدم الفائدة من اتحاد الشرط والجزاء، وقد سبق نظيره في قوله: "من كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله". فإن قلت: الجسم البالي كيف يعرض عليه؟ قلت: العرض إنما هو للأرواح؛ فإنها أجسام لطيفة لا تفنى بفناء البدن. فإن قلت: ما معنى قوله: (هذا مقدك حتى يبعثك الله يوم القيامة)؟ قلت: قيل معناه ترى بعد البعث من الكرامة ما تنسى هذا المقعد؛ وليس بشيء، فإن "هذا مقعدك" إشارة إلى منزله في الجنة. والصواب: أن المعنى هذا حالك في عرض منزلك من غير دخول إلى البعث، فإذا بعثت دخلت منزلك، يدل عليه رواية مسلم: "هذا مقعدك الذي تبعث إليه يوم القيامة".

90 - باب كلام الميت على الجنازة

90 - باب كَلاَمِ الْمَيِّتِ عَلَى الْجَنَازَةِ 1380 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا وُضِعَتِ الْجَنَازَةُ فَاحْتَمَلَهَا الرِّجَالُ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ، فَإِنْ كَانَتْ صَالِحَةً قَالَتْ قَدِّمُونِى قَدِّمُونِى. وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ صَالِحَةٍ قَالَتْ يَا وَيْلَهَا أَيْنَ يَذْهَبُونَ بِهَا. يَسْمَعُ صَوْتَهَا كُلُّ شَىْءٍ إِلاَّ الإِنْسَانَ، وَلَوْ سَمِعَهَا الإِنْسَانُ لَصَعِقَ». طرفه 1314 91 - باب مَا قِيلَ فِي أَوْلاَدِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ مَاتَ لَهُ ثَلاَثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ كَانَ لَهُ حِجَابًا مِنَ النَّارِ، أَوْ دَخَلَ الْجَنَّةَ». 1381 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا مِنَ النَّاسِ مُسْلِمٌ يَمُوتُ لَهُ ثَلاَثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ إِلاَّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ بِفَضْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب كلام الميت على الجنازة 1380 - (قتيبة) بضم القاف مصغر (أبا سعيد الخدري) بضم الخاء المعجمة ودال مهملة (إذا وضعت الجنازة) قد تقدم أن الجنازة -بفتح الجيم وكسرها- تطلق على الميت والسرير، والحديث مع شرحه سلف في باب حمل الجنازة. باب ما قيل في أولاد المسلمين (وقال أبو هريرة: من مات له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث كان له حجابًا من النار) تقدم هذا عن أبي هريرة مسندًا في باب من مات له ولد فاحتسب. والحنث: كناية عن البلوغ؛ لأنه يكتب عليه الحنث حينئذٍ أي: الإثم، وضمير كان للموت الذي دل عليه السّياق. 1381 - (ابن علية) -بضم العين وفتح اللام وتشديد الياء- إسماعيل بن إبراهيم، وعليّة أمه، لم يذكر أحدٌ لها اسمًا غير عليّة (صهيب) بضم الصّاد مصغر (عن أنس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ما من مسلم يموت له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا أدخله [الله] الجنة بفضل

92 - باب ما قيل فى أولاد المشركين

رَحْمَتِهِ إِيَّاهُمْ». طرفه 1248 1382 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِىِّ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ سَمِعَ الْبَرَاءَ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا تُوُفِّىَ إِبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ لَهُ مُرْضِعًا فِي الْجَنَّةِ». طرفاه 3255، 6195 92 - باب مَا قِيلَ فِي أَوْلاَدِ الْمُشْرِكِينَ 1383 - حَدَّثَنَا حِبَّانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهم - قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ أَوْلاَدِ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ «اللَّهُ إِذْ خَلَقَهُمْ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ». طرفه 6597 ـــــــــــــــــــــــــــــ رحمته) تقدم الحديث بأطول منه في باب من مات له ولد. 1382 - (لما توفي إبراهيم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن له مرضعًا) أي: امرأة شأنها الإرضاع، قال الجوهري: يقال امرأة مرضع إذا كان لها ولد ترضِعه، فإن وصفتها بإرضاع الولد قلت: مُرْضِعَة، قال الخطابي: ورواه بعضهم مرضعًا -بفتح الميم- إما مصدر أو مكان، والمعنيان متلازمان. اعلم أنه ترجم على ما قيل في أولاد المسلمين؛ وغرضه أنهم من أهل الجنة، ولم يذكر ما يدل عليه صريحًا. لأنهم إذا كانوا سبب دخول آبائهم يعلم ضرورة أنهم أولى بذلك. باب ما قيل في أولاد المشركين 1383 - (حبّان) -بكسر الحاء وتشديد الموحدة- حبّان بن موسى (أبي بشر) -بكسر الموحدة وشين معجمة- جعفر بن إياس اليشكري (سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أولاد المشركين) أي: عن حالهم في الآخرة (قال: الله أعلم بما كانوا عاملين) في الجواب إجمالٌ، وفيه تفويض إلى علمه؛ أي: من علم الله أنه لو عاش كان مؤمنًا فهو من أهل الجنة؛ ومن عمل عمل أهل النار فهو من أهل النار، وهذا كلام صادق في نفس الأمر.

1384 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِىُّ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ سُئِلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ ذَرَارِىِّ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ «اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ». طرفاه 6598، 6600 1385 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ، كَمَثَلِ الْبَهِيمَةِ تُنْتَجُ الْبَهِيمَةَ، هَلْ تَرَى فِيهَا جَدْعَاءَ». طرفه 1358 ـــــــــــــــــــــــــــــ قال النووي: الناس في أولاد المشركين ثلاث فرق: الأكثرون أنهم من أهل النار؛ لقوله في الحديث الآخر لما سئل قال: "هم من آبائهم" وتوقفت طائفة. والحقُّ المذهب الثالث؛ وهو أنهم كلهم من أهل الجنة، لما سيأتي في حديث المعراج: أنه رأى إبراهيم وحوله أولاد الناس، قيل: يا رسول الله: وأولاد المشركين؟ قال: "وأولاد المشركين". وحديث "من آبائهم" محمول على أحكام الدنيا من جواز الاسترقاق، وعدم الصلاة عليهم. وهذا الذي قاله هو الحق المؤيد بالدلائل، الأول: الحديث الذي في الباب: "كل مولود يولد على الفطرة"، الثاني قوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164]. الثالث: أنه لما قال: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: 172] فهم باقون على ذلك الإقرار، وما رواه الإمام أحمد: أن خديجة سألته عن ولدين لها ماتا في الجاهلية قال: "هما في النار" لا يقابل ولا يعادل هذه الدلائل، وعلى تقدير صحنه يحمل على أنه قال ظنًّا واجتهادًا ثم بان له خلافه. 1385 - (كل مولود يولد على الفطرة) على قابلية الإيمان والتّهيؤ بحيث لو تُرك لما اختار غيره، فأبواه هما اللذان يغيران تلك الفطرة، كصبغ الثوب الأبيض أسود (كمثل البهيمة تنتج البهيمة) بنصب البهيمة وتنتج -على بناء المفعول- فيه ضمير قائم مقام الفاعل، فالبهيمة

93 - باب

93 - بابٌ 1386 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا صَلَّى صَلاَةً أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ «مَنْ رَأَى مِنْكُمُ اللَّيْلَةَ رُؤْيَا». قَالَ فَإِنْ رَأَى أَحَدٌ قَصَّهَا، فَيَقُولُ مَا شَاءَ اللَّهُ، فَسَأَلَنَا يَوْمًا، فَقَالَ «هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ رُؤْيَا». قُلْنَا لاَ. قَالَ «لَكِنِّى رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِى فَأَخَذَا بِيَدِى، فَأَخْرَجَانِى إِلَى الأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ، فَإِذَا رَجُلٌ جَالِسٌ، وَرَجُلٌ قَائِمٌ بِيَدِهِ كَلُّوبٌ مِنْ حَدِيدٍ - قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ مُوسَى ـــــــــــــــــــــــــــــ منتوجة، وربّ البهيمة ناتج، وهذا تمثيل للمعقول بالمحسوس وقد مرّ مرارًا. باب كذا وقع من غير ترجمة. 1386 - (جرير بن حازم) بالحاء المهملة (أبو رجاء) -بفتح الراء والمدّ- عمران العطاردي (عن سَمُرَة بن جُنْدَب) بفتح السين وضم الميم وضم الجيم وفتح الدال (من رأى منكم الليلة رؤيا) غير منون؛ لأنه غير منصرف كرجعى ونظائره من المصادر (فإذا رجل جالس) ويروى "جالسًا". (قال بعض أصحابنا عن موسى: كلوب من حديد) -بفتح الكاف وتشديد اللام، ويقال: كلاب أيضًا- حديدة معوجة، يعلق به اللحم، ويخرج به من القدر. فإن قلت: قوله: قال بعض أصحابنا، رواية عن المجهول. قلت: هذا لا يقدح، فإنه روى الحديث عن مؤمل بن هشام في كتاب التعبير عن موسى، وكذا في آخر بدء الخلق، وفي أخبار الأنبياء. قال بعض الشارحين: فإن قلت: هلّا ذكره باسمه حتى لا يلزم التدليس؟ قلت: نسي اسمه، أو لغرض آخر. وهذا لغو في هذا المقام؛ وذلك أن التدليس إمّا أن يكون في الإسناد بأن يقول: قال فلان كذا، موهمًا أنه سمعه منه؛ وإمّا في شيخه بأن يذكره باسم أو كنية أو وصف لم يكن معروفًا به؛ ليتوهم منه علو الإسناد، وليس من هذين الأمرين شيء في

إِنَّهُ - يُدْخِلُ ذَلِكَ الْكَلُّوبَ فِي شِدْقِهِ، حَتَّى يَبْلُغَ قَفَاهُ، ثُمَّ يَفْعَلُ بِشِدْقِهِ الآخَرِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَيَلْتَئِمُ شِدْقُهُ هَذَا، فَيَعُودُ فَيَصْنَعُ مِثْلَهُ. قُلْتُ مَا هَذَا قَالاَ انْطَلِقْ. فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ عَلَى قَفَاهُ، وَرَجُلٌ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِهِ بِفِهْرٍ أَوْ صَخْرَةٍ، فَيَشْدَخُ بِهِ رَأْسَهُ، فَإِذَا ضَرَبَهُ تَدَهْدَهَ الْحَجَرُ، فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ لِيَأْخُذَهُ، فَلاَ يَرْجِعُ إِلَى هَذَا حَتَّى يَلْتَئِمَ رَأْسُهُ، وَعَادَ رَأْسُهُ كَمَا هُوَ، فَعَادَ إِلَيْهِ فَضَرَبَهُ، قُلْتُ مَنْ هَذَا قَالاَ انْطَلِقْ. فَانْطَلَقْنَا إِلَى ثَقْبٍ مِثْلِ التَّنُّورِ، أَعْلاَهُ ضَيِّقٌ وَأَسْفَلُهُ وَاسِعٌ، يَتَوَقَّدُ تَحْتَهُ نَارًا، فَإِذَا اقْتَرَبَ ارْتَفَعُوا حَتَّى كَادَ أَنْ يَخْرُجُوا، فَإِذَا خَمَدَتْ رَجَعُوا فِيهَا، وَفِيهَا رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ. فَقُلْتُ مَنْ هَذَا قَالاَ انْطَلِقْ. فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ مِنْ دَمٍ، فِيهِ رَجُلٌ قَائِمٌ عَلَى وَسَطِ النَّهَرِ رَجُلٌ بَيْنَ يَدَيْهِ حِجَارَةٌ، فَأَقْبَلَ الرَّجُلُ الَّذِى فِي النَّهَرِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ رَمَى الرَّجُلُ بِحَجَرٍ فِي فِيهِ، فَرَدَّهُ حَيْثُ كَانَ، فَجَعَلَ كُلَّمَا جَاءَ لِيَخْرُجَ رَمَى فِي فِيهِ بِحَجَرٍ، فَيَرْجِعُ كَمَا كَانَ. فَقُلْتُ مَا هَذَا قَالاَ انْطَلِقْ. فَانْطَلَقْنَا حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ، فِيهَا شَجَرَةٌ عَظِيمَةٌ، وَفِى أَصْلِهَا شَيْخٌ وَصِبْيَانٌ، وَإِذَا رَجُلٌ قَرِيبٌ مِنَ الشَّجَرَةِ بَيْنَ يَدَيْهِ نَارٌ يُوقِدُهَا، فَصَعِدَا بِى فِي الشَّجَرَةِ، وَأَدْخَلاَنِى دَارًا لَمْ أَرَ قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهَا، فِيهَا رِجَالٌ شُيُوخٌ وَشَبَابٌ، وَنِسَاءٌ وَصِبْيَانٌ، ثُمَّ أَخْرَجَانِى مِنْهَا فَصَعِدَا بِى الشَّجَرَةَ فَأَدْخَلاَنِى دَارًا هِىَ أَحْسَنُ ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا الموضع؛ لأن الذي روى عنه ذلك البعض هو موسى بن إسماعيل شيخه، فكيف يعقل التدليس، وأي فائدة فيه؟ (يدخله في شدقه) -بكسر المعجمة والقاف- أحد جانبي الفم (ورجل قائم على رأسه بفهر) -بكسر الفاء- الحجر ملئ الكف (يشدخ) -بفتح الياء والخاء المعجمة- كسر الشيء الأجوف؛ كالكوز ونحوه (تدهده الحجر) مثل تدحرج وزنًا ومعنى (إلى نقب مثل التنور) -بفتح النون وسكون القاف- ويروى بثاء مثثة بدل النون (فإذا اقترب ارتفعوا) وفي رواية "قرب" ولأبي ذر "فترت" بالفاء والصواب: القاف، عليه المعنى. (قال يزيد بن هارون ووهب بن جرير عن جرير بن حازم: وعلى شطّ النهر رجل بين يديه حجارة) أي: في روايته الشطّ بدل الوسط، وكذا رواه في باب التعبير، وهو الملائم؛ لأن الشط هو الجانب فيكون فيه جمع الحجارة (فصعدا بي الشجرة فأدخلاني دارًا هي أحسن

94 - باب موت يوم الاثنين

وَأَفْضَلُ، فِيهَا شُيُوخٌ وَشَبَابٌ. قُلْتُ طَوَّفْتُمَانِى اللَّيْلَةَ، فَأَخْبِرَانِى عَمَّا رَأَيْتُ. قَالاَ نَعَمْ، أَمَّا الَّذِى رَأَيْتَهُ يُشَقُّ شِدْقُهُ فَكَذَّابٌ يُحَدِّثُ بِالْكَذْبَةِ، فَتُحْمَلُ عَنْهُ حَتَّى تَبْلُغَ الآفَاقَ، فَيُصْنَعُ بِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَالَّذِى رَأَيْتَهُ يُشْدَخُ رَأْسُهُ فَرَجُلٌ عَلَّمَهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ، فَنَامَ عَنْهُ بِاللَّيْلِ، وَلَمْ يَعْمَلْ فِيهِ بِالنَّهَارِ، يُفْعَلُ بِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَالَّذِى رَأَيْتَهُ فِي الثَّقْبِ فَهُمُ الزُّنَاةُ. وَالَّذِى رَأَيْتَهُ فِي النَّهَرِ آكِلُو الرِّبَا. وَالشَّيْخُ فِي أَصْلِ الشَّجَرَةِ إِبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - وَالصِّبْيَانُ حَوْلَهُ فَأَوْلاَدُ النَّاسِ، وَالَّذِى يُوقِدُ النَّارَ مَالِكٌ خَازِنُ النَّارِ. وَالدَّارُ الأُولَى الَّتِى دَخَلْتَ دَارُ عَامَّةِ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَمَّا هَذِهِ الدَّارُ فَدَارُ الشُّهَدَاءِ، وَأَنَا جِبْرِيلُ، وَهَذَا مِيكَائِيلُ، فَارْفَعْ رَأْسَكَ، فَرَفَعْتُ رَأْسِى فَإِذَا فَوْقِى مِثْلُ السَّحَابِ. قَالاَ ذَاكَ مَنْزِلُكَ. قُلْتُ دَعَانِى أَدْخُلْ مَنْزِلِى. قَالاَ إِنَّهُ بَقِىَ لَكَ عُمْرٌ لَمْ تَسْتَكْمِلْهُ، فَلَوِ اسْتَكْمَلْتَ أَتَيْتَ مَنْزِلَكَ». طرفه 845 94 - باب مَوْتِ يَوْمِ الاِثْنَيْنِ 1387 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ دَخَلْتُ عَلَى أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنه - فَقَالَ فِي كَمْ كَفَّنْتُمُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ فِي ثَلاَثَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ وأفضل فيها شيوخ وشباب) لم يذكر هنا النساء لأن هذه دار الشهداء، وقلما يكون النساء والصبيان من الشهداء (يحدث بالكذبة) -بفتح الكاف- المرّة من الكذب (فالشيخ الذي في أصل الشجرة إبراهيم والصبيان حوله أولاد الناس) هذا موضع الدلالة؛ فإن أولاد الناس يشمل أولاد المشركين، وقد رآهم مع إبراهيم في الجنة. فإن قلت: منزل إبراهيم فوق الشهداء، فكيف وجده في أصل الجنة، ودار الشهداء فوقه؟ قلت: لم يقل: إنه كان في منزله ولهم سير في عالم الملكوت وجده هناك، وليلة المعراج وجده في السّماء السادسة تارة؛ وأخرى في السابعة مسندًا ظهره إلى البيت المعمور، وكان مع الأنبياء في بيت المقدس لما صلّى أمام الأنبياء. باب الموت يوم الإثنين 1387 - (معلى بن أسد) بضم الميم وتشديد اللام (وهيب) بضم الواو مصغر (في كم كفنتم رسول الله؟) أي: في كم ثوب؟ (قالت) هذا كلام عروة يحكي عن عائشة (في ثلاثة

أَثْوَابٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ، لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلاَ عِمَامَةٌ. وَقَالَ لَهَا فِي أَىِّ يَوْمٍ تُوُفِّىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ يَوْمَ الاِثْنَيْنِ. قَالَ فَأَىُّ يَوْمٍ هَذَا قَالَتْ يَوْمُ الاِثْنَيْنِ. قَالَ أَرْجُو فِيمَا بَيْنِى وَبَيْنَ اللَّيْلِ. فَنَظَرَ إِلَى ثَوْبٍ عَلَيْهِ كَانَ يُمَرَّضُ فِيهِ، بِهِ رَدْعٌ مِنْ زَعْفَرَانٍ فَقَالَ اغْسِلُوا ثَوْبِى هَذَا، وَزِيدُوا عَلَيْهِ ثَوْبَيْنِ فَكَفِّنُونِى فِيهَا. قُلْتُ إِنَّ هَذَا خَلَقٌ. قَالَ إِنَّ الْحَىَّ أَحَقُّ بِالْجَدِيدِ مِنَ الْمَيِّتِ، إِنَّمَا هُوَ لِلْمُهْلَةِ. فَلَمْ يُتَوَفَّ حَتَّى أَمْسَى مِنْ لَيْلَةِ الثُّلاَثَاءِ وَدُفِنَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ. طرفه 1264 ـــــــــــــــــــــــــــــ أثواب بيض سحولية) -بفتح السين- نسبة إلى القصار، أو قرية بيمن، وبالضم أيضًا قيل: اسم تلك القرية، قال ابن الأثير: بالضم جمع سحل؛ وهو: الثوب الأبيض النقي (قال: في أي يوم توفي رسول الله؟. قالت: يوم الإثنين) سؤاله عن كمية كفنه وموته في أيّ يوم دل على أنه كان في شدّة من المرض (قال: أرجو فيما بيني وبين الليلة) أي: أرجو الموت؛ أي: بين هذه الساعة وبين الليل، رجاء أن يكون موته موافقًا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مثل ذلك اليوم، ولم يكن مقدرًا وفق رجائه. قال ابن عبد البر: الأكثرون على أنه مات يوم الثلاثاء. ونقل شيخنا أبو الفضل ابن حجر عن ابن المنير: أن الحكم في تأخر موته عن يوم موت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قام بالأمر بعده. قلت: وكذلك اتفق لعمر فإنه مات يوم الأربعاء، ذكره ابن عبد البر، وفيه رمز إلى مراتبهم أيضًا. (فنظر إلى ثوب عليه كان يمرض فيه) -بضم الياء وتشديد الراء- من التمريض؛ وهو: تعاهد المريض والقيام عليه به (ردع من زعفران) أي: أثر ولطخ (اغسلوا أثري هذا) إمّا لإزالة ذلك الردع؛ أو مبالغة في التنظيف (إن الحي أحق بالجديد إنما هو للمهلة) -بضم الميم- الصديد وكذا بكسر الميم والفتح. وقيل: يعود الضمير إلى الجديد، والمهلة: البقاء؛ أي: إنما هو للبقاء، والكفن للتراب والبلى. فإن قلت: في رواية مسلم: "إذا كفَّن أحدكم أخاه فليحسن كفنه"؟ قلت: ليس فيه دلالة على أن شرطه أن يكون أحسن موجود، ولا شك أن قميص الصديق كان حسنًا، وربما كان معه في بعض الغزوات والحروب.

95 - باب موت الفجأة البغتة

95 - باب مَوْتِ الْفَجْأَةِ الْبَغْتَةِ 1388 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ أَخْبَرَنِى هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها -. أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّ أُمِّى افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا، وَأَظُنُّهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ، فَهَلْ لَهَا أَجْرٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ عَنْهَا قَالَ «نَعَمْ». طرفه 2760 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب موت الفجاءة بغتة قال ابن الأثير: يقال: فجئه الأمر، وفجاه فُجاءة -بضم الفاء والمدّ- وفاجأه بغته؛ وكذا قاله الجوهري. 1388 - (أن رجلًا قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إن أُمّي افتلتت نفسها وأظنها لو تكلمت تصدقت) قال ابن عبد البر: هذا الرجل هو سعد بن عبادة. وسيأتي ذكره كما قاله في باب الصدقة عن الميت، واسم أمه عمرة بنت مسعود. وافتلتت: افتعال من الفلتة؛ وهي: البغتة، قال ابن الأثير: يروى بنصب النفس ورفعها، فالنصب على أن الفعل تعدى إلى مفعولين مثل: أختلسه الشيء فالمفعول الأول مضمر قائم مقام الفاعل؛ وأمّا الرفع فعلى تقدير أن يعدى الفعل إلى مفعول واحد تقديرُهُ: أخذت نفسها، وإذا كان الفعل جاء متعديًا فلا ضرورة إلى القول بالنصب على التميز، على أن التميز في المعارف لا يرتضيه المحققون من النحاة. فإن قلت: لم يذكر حكم موت الفجأة؟ قلت: ذكر أن الصدقة عنه تنفعه، وروى ابن أبي الدنيا مرفوعًا: "على أن موتة الفجاءة راحة المؤمن، وأسف الفاجر" وأما ما يروى من كراهة السلف الموت بغتة فلا دليل لهم فيه؛ وانما قالوا ذلك لعدم تمكنه من الوصية وأداء الحقوق. قال النووي: مات بعض الأنبياء فجاءة والصالحين، وكرهه بعضهم، قال: ويجمع بين القولين بأنه محبوب لمن كان مراقبًا للموت دون غيره. (فهل لها أجر إن تصدقت عنها؟ قال: نعم) حذف جواب الشرط؛ لأن ما تقدم الشرط يدلّ عليه.

96 - باب ما جاء فى قبر النبى - صلى الله عليه وسلم - وأبى بكر وعمر - رضى الله عنهما

96 - باب مَا جَاءَ فِي قَبْرِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ - رضى الله عنهما (فَأَقْبَرَهُ) أَقْبَرْتُ الرَّجُلَ إِذَا جَعَلْتَ لَهُ قَبْرًا، وَقَبَرْتُهُ دَفَنْتُهُ. (كِفَاتًا) يَكُونُونَ فِيهَا أَحْيَاءً، وَيُدْفَنُونَ فِيهَا أَمْوَاتًا. 1389 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ عَنْ هِشَامٍ وَحَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ يَحْيَى بْنُ أَبِى زَكَرِيَّاءَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيَتَعَذَّرُ فِي مَرَضِهِ «أَيْنَ أَنَا الْيَوْمَ أَيْنَ أَنَا غَدًا» اسْتِبْطَاءً لِيَوْمِ عَائِشَةَ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمِى قَبَضَهُ اللَّهُ بَيْنَ سَحْرِى وَنَحْرِى، وَدُفِنَ فِي بَيْتِى. أطرافه 890 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ما جاء في قبر رسول الله وأبي بكر وعمر ({فَأَقْبَرَهُ} [عبس: 21]: جعل له قبرًا) أشار إلى تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ (21)} [عبس:21] ذكره من النعم التي أنعم بها على الإنسان بأن أكرمه بعد الموت؛ بخلاف سائر الحيوانات، فإنها تلقى على المزابل للكلاب ({كِفَاتًا}) -بكسر الكاف- أشار إلى قوله تعالى: {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا (25) أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا} [المرسلات: 25، 26] قال الجوهري: الكفات: الموضع الذي يكفت فيه الشيء؛ أي: يضم من الكفت؛ وهو: الضم. 1389 - (عن عائشة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يتعذر في مرضه) قال ابن الأثير: أي يمتنع ويتعسّر عليه، من تعذر عليه الأمر إذا صعب. وفي بعضها "يقدر" بالقاف أي: يحسب قدر الأيام التي يدور فيها على نسائه. (أين أنا اليوم، أين أنا غدًا) يقول ذلك لعل أن يفطن نساؤه أنه يريد يوم عائشة ففطِن له فأذنّ له، فلما كان اليوم الذي هو دور نوبتها انتقل إلى جوار الله (فلما كان يومي) كان تامة (قبضه الله بين سحري ونحري) -بفتح السين والنون وسكون الحاء فيهما- والسّحر: الرئة، والنحر: الصدر (ودفن في بيتي) هذه فضيلة فوق كل فضيلة، وسيأتي في البخاري أن ابتداء مرضه أيضًا كان في بيتها، إلا أن ظهوره كان في بيت ميمونة.

1390 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ هِلاَلٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي مَرَضِهِ الَّذِى لَمْ يَقُمْ مِنْهُ «لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ». لَوْلاَ ذَلِكَ أُبْرِزَ قَبْرُهُ، غَيْرَ أَنَّهُ خَشِىَ أَوْ خُشِىَ أَنَّ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا. وَعَنْ هِلاَلٍ قَالَ كَنَّانِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَلَمْ يُولَدْ لِى. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ سُفْيَانَ التَّمَّارِ أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ رَأَى قَبْرَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مُسَنَّمًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ 1390 - (أبو عوانة) -بفتح العين-: الوضاح الواسطي (قال في مرضه الذي لم يقم منه: لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد لولا ذلك أبرز قبره). فإن قلت: قد أُبرز أعظم ما يكون؟ قلت: ليس إبرازه على وجه يمكن أن يكون مسجدًا؛ بل بني على وجه لا يصلي إليه أحد. (وعن هلال قال: كَنَّانِي عروة ابن الزبير ولم يولد لي) قيل: كناه أبا أمية، وقيل: أبا عمرو، وقيل: أبا الجهم. وغرض البخاري أن هلالًا لقي عروة؛ فإن روايته في السند معنعن، واتفق العلماء على سماعه من عروة. (محمد قال: أخبرنا عبد الله) كذا وقع غير منسوب، قال الغساني: نسبه ابن السكن في بعض المواضع محمد بن مقاتل، وعبد الله الذي يروي عنه هو ابن المبارك، قال الغساني: وكذا نسبه البخاري في مواضع (أبو بكر بن عياش) بفتح العين وتشديد المثناة تحت (عن سفيان التمّار) -بفتح المثناة- الذي يبيع التمر (رأي قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - مُسنمًّا) -بضم الميم وتشديد النون- أي: مرفوعًا كسنام الإبل، وأخذ بذلك أبو حنيفة ومالك وأحمد وكثير من الشافعية لقبور المسلمين؛ وقال الشافعي: يسطح؛ لما روى أبو داود عن القاسم بن محمد: رأيت قبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصاحبيه لا مشرفة ولا لاطئة مبطوحة ببطحاء الحمراء. قال الشافعي: وبلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سطح قبر ابنه إبراهيم. وفي رواية مسلم: أن

حَدَّثَنَا فَرْوَةُ حَدَّثَنَا عَلِىٌّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ لَمَّا سَقَطَ عَلَيْهِمُ الْحَائِطُ فِي زَمَانِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ أَخَذُوا فِي بِنَائِهِ، فَبَدَتْ لَهُمْ قَدَمٌ فَفَزِعُوا، وَظَنُّوا أَنَّهَا قَدَمُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَمَا وَجَدُوا أَحَدًا يَعْلَمُ ذَلِكَ حَتَّى قَالَ لَهُمْ عُرْوَةُ لاَ وَاللَّهِ مَا هِىَ قَدَمُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مَا هِىَ إِلاَّ قَدَمُ عُمَرَ - رضى الله عنه -. طرفه 436 1391 - وَعَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا أَوْصَتْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ - رضى الله عنهما - لاَ تَدْفِنِّى مَعَهُمْ وَادْفِنِّى مَعَ صَوَاحِبِى بِالْبَقِيعِ، لاَ أُزَكَّى بِهِ أَبَدًا. طرفه 7327 1392 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ حَدَّثَنَا حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الأَوْدِىِّ قَالَ رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - ـــــــــــــــــــــــــــــ علي بن أبي طالب قال: أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لا أدع قبرًا مشرفًا إلا سويته. وقبور الأنصار والمهاجرين كانت مسطحة. وأجاب عن رواية سفيان التمّار بأنه إنما رآه مسنمًا بعدما سقط الحائط في إمارة الوليد بن عبد الملك، وكان الأمير على المدينة عمر بن عبد العزيز فأمر بأن يحفر موضع الحائط إلى أساس، وهذه الحجرة من سقف المسجد إلى الأرض هو الذي بناها. (فروة بن أبي المغراء) بفتح الميم والغين المعجمة والمد (علي بن مسهر) بفتح الميم وكسر الهاء. 1391 - (عن عائشة: أنها أوصت عبد الله بن الزبير لا تدفني معهم) أي: مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وصاحبيه (وادفني مع صواحبي بالبقيع) بين مقابر المسلمين (لا أزكى به أبدًا) -بضم الهمزة وفتح الكاف على بناء المجهول- أي: لأن لا أزكى بالدفن معهم أن يذكر الناس أن عائشة مدفونة عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهذا نهاية التقوى. ويروي "لا أزكي" -بكسر الكاف- أي: لا أزكي بذلك نفسي أبدًا على أنه قيد للنفي. 1392 - (قتيبة) أيضًا بضم القاف مصغر، وكذا (حصين)، (عن عمرو بن عوف بن ميمون الأودي) -بفتح الهمزة ودال مهملة- نسبة إلى جدّه، قال الأفوه الأودي: ملكنا مُلكٌ لَقاحٌ أوَّلٌ ... وأبونا من بني أَوْدٍ خيارُ

قَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، اذْهَبْ إِلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - فَقُلْ يَقْرَأُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَيْكِ السَّلاَمَ، ثُمَّ سَلْهَا أَنْ أُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَىَّ. قَالَتْ كُنْتُ أُرِيدُهُ لِنَفْسِى، فَلأُوثِرَنَّهُ الْيَوْمَ عَلَى نَفْسِى. فَلَمَّا أَقْبَلَ قَالَ لَهُ مَا لَدَيْكَ قَالَ أَذِنَتْ لَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ مَا كَانَ شَىْءٌ أَهَمَّ إِلَىَّ مِنْ ذَلِكَ الْمَضْجَعِ، فَإِذَا قُبِضْتُ فَاحْمِلُونِى ثُمَّ سَلِّمُوا ثُمَّ قُلْ يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ. فَإِنْ أَذِنَتْ لِى فَادْفِنُونِى، وَإِلاَّ فَرُدُّونِى إِلَى مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ، إِنِّى لاَ أَعْلَمُ أَحَدًا أَحَقَّ بِهَذَا الأَمْرِ مِنْ هَؤُلاَءِ النَّفَرِ الَّذِينَ تُوُفِّىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ، فَمَنِ اسْتَخْلَفُوا بَعْدِى فَهُوَ الْخَلِيفَةُ، فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا. فَسَمَّى عُثْمَانَ وَعَلِيًّا وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَسَعْدَ بْنَ أَبِى وَقَّاصٍ، وَوَلَجَ عَلَيْهِ شَابٌّ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ أَبْشِرْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِبُشْرَى اللَّهِ، كَانَ لَكَ مِنَ الْقَدَمِ فِي الإِسْلاَمِ مَا قَدْ عَلِمْتَ، ثُمَّ اسْتُخْلِفْتَ فَعَدَلْتَ، ثُمَّ الشَّهَادَةُ بَعْدَ ـــــــــــــــــــــــــــــ (يا عبد الله اذهب إلى عائشة أم المؤمنين وقل: إن عمر يقرأ عليك السلام ثم سلها أدفن مع صاحبي) هما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر (فإذا قُبضت) على بناء المجهول (فاحملوني ثم سلموا، ثم قل: يستأذن عمر بن الخطاب، فإن أذنت فادفنوني، وإلا ردوني إلى مقابر المسلمين). فإن قلت: فأي حاجة إلى هذا الإذن بعد أن أذنت في حياته؟ قلت: من غاية تقواه خاف أن يكون ذلك الإذن حياءً منه؛ إذ كان حيًّا، أو يكون بدا لها بعد ذلك الإذن. (إني لا أعلم أحدًا أحق بهذا الأمر) يريد الإمارة على المؤمنين والخليفة بعده (وولج عليه شاب من الأنصار، فقال: أبشر يا أمير المؤمنين ببشرى من الله) سيأتي في المناقب أن قائل هذا الكلام هو ابن عباس، ويجوز الجمع بين القولين بصدوره من كل واحد منهما (ثم الشهادة بعد هذا كله) لأنه قتل ظلمًا؛ فهو شهيد عند الله ثوابًا وإن كان في أحكام الدنيا يغسل ويصلى عليه، وسيأتي بيان قاتله، وكيفية القتل في البخاري إن شاء الله (وقدم في الإسلام) -بفتح القاف والدال- قال ابن الأثير: يقال: لفلان قدم في الخير والشر؛ أي:

97 - باب ما ينهى من سب الأموات

هَذَا كُلِّهِ. فَقَالَ لَيْتَنِى يَا ابْنَ أَخِى وَذَلِكَ كَفَافًا لاَ عَلَىَّ وَلاَ لِى أُوصِى الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِى بِالْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ خَيْرًا، أَنْ يَعْرِفَ لَهُمْ حَقَّهُمْ، وَأَنْ يَحْفَظَ لَهُمْ حُرْمَتَهُمْ، وَأُوصِيهِ بِالأَنْصَارِ خَيْرًا الَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ أَنْ يُقْبَلَ مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَيُعْفَى عَنْ مُسِيئِهِمْ، وَأُوصِيهِ بِذِمَّةِ اللَّهِ وَذِمَّةِ رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُوفَى لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ، وَأَنْ يُقَاتَلَ مِنْ وَرَائِهِمْ، وَأَنْ لاَ يُكَلَّفُوا فَوْقَ طَاقَتِهِمْ. أطرافه 3052، 3162، 3700، 4888، 7207 97 - باب مَا يُنْهَى مِنْ سَبِّ الأَمْوَاتِ 1393 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَسُبُّوا الأَمْوَاتَ فَإِنَّهُمْ قَدْ أَفْضَوْا إِلَى مَا قَدَّمُوا». وَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْقُدُّوسِ عَنِ الأَعْمَشِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ الأَعْمَشِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تقدم وسابقة، قال تعالى: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [يونس: 2]. (أوصي الخليفة من بعدي بالمهاجرين الأولين) هم الذين صلوا إلى القبلتين (وأوصي بالأنصار خيرًا، الذي تبوؤوا الدار والإيمان) أي: دار الهجرة ودار الإيمان، حذف المضاف الثاني لدلالة الكلام عليه، أو تبوؤوا الدار وأظهروا الإيمان، يقال: بوأت المنزل إذا هيأته. باب ما ينهى من سب الأموات السبّ: هو الشتم، ونسبة الشخص إلى العار. 1393 - (قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا تسبّوا الموتى فإنهم قد أفضوا إلى ما قدّموا) أي: لا خير في ذلك فإنه قد وصل إلى ما قدم من العمل، وفائدة سب الحي أن يرجع إلى الحق ويترك ما كان فيه إذا سمع ما يكره. فإن قلت: قد سلف أنهم أثنوا على جنازة شرًّا ولم ينه عنه؟ قلت: كان ذلك منافقًا، والحقُّ أن الظلمة من المؤمنين أيضًا يجوز سبُّهم، وقد روي عن الحسن البصري لما بلغه موت الحجاج بالغ في سبّه، وقول البخاري في الباب بعده سبّ الشرار دون الكفار يدل على هذا.

98 - باب ذكر شرار الموتى

تَابَعَهُ عَلِىُّ بْنُ الْجَعْدِ وَابْنُ عَرْعَرَةَ وَابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنْ شُعْبَةَ. طرفه 5616 98 - باب ذِكْرِ شِرَارِ الْمَوْتَى 1394 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ أَبُو لَهَبٍ - عَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ - لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - تَبًّا لَكَ سَائِرَ الْيَوْمِ. فَنَزَلَتْ (تَبَّتْ يَدَا أَبِى لَهَبٍ وَتَبَّ) أطرافه 3525، 3526، 4770، 4801، 4971، 4972، 4973 ـــــــــــــــــــــــــــــ (تابعه علي بن الجعد) بفتح الجيم وسكون العين (ومحمد بن عرعرة) بعين وراء مكررتين مهملتين (وابن أبي عدي) -بفتح العين وكسر الدال-: محمد بن إبراهيم (ورواه عبد الله بن عبد القدوس ومحمد بن أنس عن الأعمش) الأولى متابعة تامة والثانية ناقصة، والتعبير أولّا بالمتابعة وثانيًا برواه تفنن في العبارة. واعلم أن النهي عن سب الأموات إنما هو فيمن مات مؤمنًا لما سيأتي في الباب بعده. باب ذكر شرار الموتى شرار جمع شر، صفة مشبهة؛ كخيار في خير. 1394 - (غياث) بكسر المعجمة آخره ثاء مثلثة (عمرو بن مرة) بضم الميم وتشديد الراء (قال أبو لهب للنبي - صلى الله عليه وسلم -: تبًّا لك سائر اليوم، فنزلت: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} [المسد: 1]) التب والتباب هو الهلاك، وسائر اليوم جميعه؛ قاله الجوهري، وقد يطلق على بقية الشيء. فإن قلت: الآية نزلت وأبو لهب حيّ، فأين ذكر شرار الناس؟ قلت: قراءة سورة تبت إلى آخر الدهر ذكرٌ لأبي لهب بكل شر، وسيأتي الحديث بطوله في سورة الشعراء وفي سورة تبت إن شاء الله تعالى، والله الموفق.

24 - كتاب الزكاة

24 - كتاب الزكاة 1 - باب وُجُوبِ الزَّكَاةِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ) وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - حَدَّثَنِى أَبُو سُفْيَانَ - رضى الله عنه - فَذَكَرَ حَدِيثَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَأْمُرُنَا بِالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّلَةِ وَالْعَفَافِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الزكاة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ باب وجوب الزكاة (قول الله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43] وقال ابن عباس: حدثني أبو سفيان، فذكر حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي: في إرساله إلى هرقل بكتابه، والحديث بطوله سلف [في] باب بدء الوحي، وموضع الدلالة هنا قوله: (يأمرنا بالصلاة والزكاة) قال ابن الأثير: الزكاة الطهارة والنماء والبركة والمدح وبكل ذلك قد جاء في القرآن والحديث. وفي عرف الفقهاء: هو المال المخرج بشرائط معلومة في كتب الفروع، ويطلق على إخراج ذلك المال أيضًا، فعلة بمعنى التزكية، فهي طهرة للأموال وسبب نمائها، وهي أول واجب بعد التوحيد، لكن بيان المقادير كان بالمدينة، قال الله تعالى في آخر المزمل: {وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} [الحديد: 18] وقال في [فُصِّلَت]: {وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (6) الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} [فصلت: 6، 7] وهاتان السورتان من أوائل القران نزولًا، والمقاديرُ تقررت بالمدينة، والزكاة أحد أركان الإسلام التي بني عليها الإسلام، من أنكر وجوبها كفر.

1395 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ زَكَرِيَّاءَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِىٍّ عَنْ أَبِى مَعْبَدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ مُعَاذًا - رضى الله عنه - إِلَى الْيَمَنِ فَقَالَ «ادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَنِّى رَسُولُ اللَّهِ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدِ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ، تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ». أطرافه 1458، 1496، 2448، 4347، 7371، 7372 ـــــــــــــــــــــــــــــ 1395 - (أبو عاصم الضحاك بن مخلد) بفتح الميم وسكون الخاء المعجمة (عن يحيى بن عبد الله بن صيفي) نسبة إلى الصيف ضد الشتاء (عن أبي معبد) بفتح الميم وسكون العين بعدها باء موحدة (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث معاذًا إلى اليمن) قال الحاكم: كان إرساله بعد مقدمه من غزوة تبوك، بعثه وأبا موسى الأشعري كل واحد منهما على مخلاف، والمخلاف -بكسر الميم والخاء المعجمة- الرستاق في عرف أهل العراق والريف في عرف أهل مصر (فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عيهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد في فقرائهم). فإن قلت: الزكاة وجوبها كان مقدمًا على الصلاة، فلم أخره في هذه القصة؟ قلت: الصلاة عامة في كل مكلف، والزكاة إنما تجب على الأغنياء، وأيضًا الصلاة عماد الدين، وأظهر شعائر الاسلام. واستدل الشافعي ومالك بالحديث على عدم جواز نقل الزكاة من بلد إلى بلد؛ اللهم إلا أن لا يوجد المستحق في ذلك البلد؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ترد في فقرائهم". فإن قلت: مصارف الزكاة ثمانية بنص القرآن، فكيف وقع الاقتصار على الفقراء؟ قلت: آية المصارف محكمة، والاقتصار على الفقراء في الحديث لكون الفقراء أعم وجودًا. فإن قلت: لم يذكر في الحديث الصوم والحج مع كونهما واجبين؟ قلت: الحج في

1396 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ ابْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أَبِى أَيُّوبَ رضى الله عنه أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبِرْنِى بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِى الْجَنَّةَ. قَالَ مَا لَهُ مَا لَهُ وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَرَبٌ مَا لَهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ العمر مرة على من استطاع سبيلًا، والصوم في السنة مرّة وأيضًا القائم بالصلاة والزكلاة الأكثر أنه لا يخل بهما، ألا ترى إلى قوله تعالى: {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [الأنفال: 3] كيف اقتصر عليهما. 1396 - (عبد الله بن موهب) بفتح الميم والهاء (عن أبي أيوب الأنصاري) خالد بن زيد (أن رجلًا قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرني بعمل يدخلني الجنة؟ قال: مَا لَهُ؟ وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:أرب ما له). هذا الرجل ذكروا أنه لقيط بن صبرة العنسي، وقال ابن قتيبة: هذا القائل أبو أيوب، وقد وهم في ذلك، فإن أبا أيوب راوي الحديث، والجواب عنه بانه يجوز أن يبهم الراوي نفسه، يرده رواية مسلم عن أبي أيوب، أن أعرابيًّا سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقوله: "ما له ما لهُ" من كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإنما كرر الاستفهام تعجبًا من سؤاله، وماذا حمله على هذا السؤال، ثم أعرض عن ذلك وقال: "أرب ما له" قال ابن الأثير وغيره: هذه الكلمة تروى على ثلاثة أوجه: الأول: أرب فعلًا ماضيًا على وزن علم؛ ومعناه: الدّعاء عليه أي: أجبت آرابهُ: أي: أعضاؤه، ولا يراد وقوع ذلك، بل هو مثل تربت يداه ونحوه، وفي تأويل هذا الدعاء قولان: الأول: التعجب من حرصه. والثاني: كراهته؛ لذلك السؤال والأول هو الملائم؛ لقوله: "ما له ما له". وقيل: هو من أرب الرجل إذا احتاج كأنه لما قال: "ما له" ثم قال: "أرب" أي: احتاج إلى السؤال "ما له"، أي: أيُّ شيء يريد، وفيه بُعْد لأنه تقدم منه قوله: أخبرني عن عمل يدخلني الجنة. والوجه الثاني: أَرَبْ على وزن فَرَسْ وما زائدة؛ أي: له حاجة. والوجه الثالث: أرب على وزن كَتِف -بفتح الأول وكسر الثاني- والأرب: العاقل الحاذق، أي: السائل كامل العقل، فإنه سأل عن أمر مهم له، وتعجب منه كيف اهتدى إلى

تَعْبُدُ اللَّهَ، وَلاَ تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلاَةَ، وَتُؤْتِى الزَّكَاةَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ». وَقَالَ بَهْزٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ وَأَبُوهُ عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُمَا سَمِعَا مُوسَى بْنَ طَلْحَةَ عَنْ أَبِى أَيُّوبَ بِهَذَا. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَخْشَى أَنْ يَكُونَ مُحَمَّدٌ غَيْرَ مَحْفُوظٍ إِنَّمَا هُوَ عَمْرٌو .. طرفاه 5982، 5983 1397 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ حَيَّانَ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ دُلَّنِى عَلَى عَمَلٍ إِذَا عَمِلْتُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا المطلب العزيز مع غفلة أكثر الناس عنه، وتقديره: هذا رجل حاذق، وهذا أحسن الوجوه، قال ابن الأثير: ورواه الهروي بكسر الهمزة وسكون الراء ومعناه الخبرة والعلم، وهذا أيضًا يؤيد الوجه الأخير. (تعبد الله ولا تشرك به شيئًا) استئناف على الجواب، واقتصر فيه على الصلاة والزكاة؛ إما لأن الصوم والحج لم يكونا واجبين حين السؤال، أو لأن الآتي بالصلاة والزكاة لا يُخل بغيرهما، فاقتصر عليهما لأنهما أُمّا العبادات كما اقتصر عليهما في مواضع من القرآن الكريم. (وقال بهز) -بفتح الباء وسكون الهاء آخره زاي معجمة- هذا تعليق؛ لأنّ بهزًا شيخ شيوخه، وسيأتي في كتاب الأدب موصولًا عطف المعلق على المسند، وغرضه أنّ في الطريقين وهم شعبة في تسمية عمرو بن عثمان، قال الدارقطني والغساني والكلاباذي: إن شعبة وهم في قوله: محمد بن عثمان، فإن راوي الحديث إنما هو عمرو بن عثمان، وفي رواية النسائي أيضًا عن محمد بن عثمان، وروى البخاري في كتاب الأدب عن شعبة عن ابن عثمان من غير تعيين. 1397 - (عفان بن مسلم) بفتح العين وتشديد الفاء (وهيب) بضم الواو مصغر (سعيد بن حيان) بفتح الحاء ومثناة تحت (أن أعرابيًّا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: دلني على عمل إذا عملته

دَخَلْتُ الْجَنَّةَ. قَالَ «تَعْبُدُ اللَّهَ لاَ تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلاَةَ الْمَكْتُوبَةَ، وَتُؤَدِّى الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ». قَالَ وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لاَ أَزِيدُ عَلَى هَذَا. فَلَمَّا وَلَّى قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا». حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى حَيَّانَ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو زُرْعَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِهَذَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ دخلت الجنة؟ قال: تعبد الله ولا تشرك به شيئًا، وتقيم الصلاة، وتؤدي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان). فإن قلت: لم يذكر في جواب السائل الأول قيد الفرض والكتابة وذكره هنا؟ قلت: هذا السائل أعرابي يحتاج إلى زيادة بيان؛ بخلاف الأوّل فإنه مخالط يعرف الفرائض وسائر الأحكام، أو ذكره ولكن لم يحفظ الراوي. (قال: والذي نفسي بيده لا أزيد على هذا) في رواية "ولا أنقص". فإن قلت: كيف حلف على عدم زيادة الخير؟ قلت: أجابوا بأنه كان وافد قومه، أراد أنه لا يزيد في إخبارهم به على ما سمع ولا ينقص، أو اليمين مصروفة إلى الفرض؛ أي: لا أزيد؛ أي: فرضًا آخر على ما سمعت. (فلما ولى قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: من سرَّه أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا). فإن قلت: جاء في الرواية الأخرى أنه قال - صلى الله عليه وسلم - أفلح: إن صدق"؟ قلت: إما أن يكون ذلك غير هذا، أو قال في وجهه: "أفلح إن صدق" ترغيبًا له، ولئلا ينفر فلما ولّى قال في شأنه هذا، أو لا يكون علم بكونه من أهل الجنة ثم أعلم بذلك. (عن ابن حيان) -بفتح الحاء وتشديد المثناة تحت- هو يحيى بن سعيد بن حيان الذي تقدم ذكرهُ آنفًا، ذكره هناك باسمه وهنا بكنيته (عن أبي زرعة) -بضم المعجمة وسكون المهملة- اسمه هرم، وقيل: عمرو، وقيل: عبد الله، وقيل غير هذا. قال بعض الشارحين: الحديث في هذا الطريق مرسل؛ لأن أبا زرعة تابعي، فليس له أن يقول عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا على طريق الإرسال، والظاهر أنه وقع في نسخته سقط، وإلا في جميع النسخ عن أبي هريرة.

1398 - حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا أَبُو جَمْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - يَقُولُ قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذَا الْحَىَّ مِنْ رَبِيعَةَ قَدْ حَالَتْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ كُفَّارُ مُضَرَ، وَلَسْنَا نَخْلُصُ إِلَيْكَ إِلاَّ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ، فَمُرْنَا بِشَىْءٍ نَأْخُذُهُ عَنْكَ، وَنَدْعُو إِلَيْهِ مَنْ وَرَاءَنَا. قَالَ «آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ، وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ الإِيمَانِ بِاللَّهِ وَشَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ - وَعَقَدَ بِيَدِهِ هَكَذَا - وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَأَنْ تُؤَدُّوا خُمُسَ مَا غَنِمْتُمْ، وَأَنْهَاكُمْ عَنِ الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالنَّقِيرِ وَالْمُزَفَّتِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ 1398 - (حجاج بن منهال) بفتح الحاء وتشديد الجيم وكسر الميم (حمّاد) بفتح الحاء وتشديد الميم (أبو جمرة) -بالجيم- نصر بن عمران الضبعي. روى في هذا السند حديث وفد عبد القيس، وقد سلف بشرحه في كتاب الإيمان، في باب أداء الخمس، ونشير هنا إلى بعض ألفاظه: قال الجوهري: الوفد جمع وافد، والوافد من يرد إلى الملوك لِمُهِمٍّ يتعلق بمن وراءه من قومه. وعبد القيس قبيلة من أسد، أولاد عبد القيس بن أقصى بن دُعمي جديلة، وربيعة ومضر ابنا نزار بن عدنان. ونقل بعضهم عن ابن بطال أن عبد القيس قبيلة وربيعة بطن منهم ومضر وقريش. وفيه خبط؛ لأن قولهم: إن هذا الحي من ربيعة يدل على أن عبد القيس بطن من ربيعة؛ لا العكس. وقوله مضر وقريش أيضًا؛ لأن قريشًا أولاد النضر بن كنانة. قال الجوهري وغيره: وبين كنانة ومضر مسافة بعيدة. (إنا هذا الحي) بالنصب على الاختصاص، وفي بعضها: "أنّ هذا الحي" (ولسنا نخلص إليك إلا في الشهر الحرام) أرادوا الأشهر الحرم، فاللام للجنس (فمرنا بشيء نأخذه عنك) بالرفع صفة الشيء (آمركم بأربع وأنهاكم عن أربع) والكلام على أن المأمور بها في الإجمال أربع والتفصيل خمس، تقدم في باب أداء الخمس، وملخصه أن المأمور به أصالة هي الأربع، وذكر أداء الخمس وقع استطرادًا؛ لأنهم كانوا أهل جهاد، فالمعدود أصالة هي أركان الإسلام. فإن قلت: تقدم هناك ذكر الصوم وأنه من الأربع؟ قلت: تَرْكُهُ ذهول من بعض الرواة؛ لأن القصة متحدة.

وَقَالَ سُلَيْمَانُ وَأَبُو النُّعْمَانِ عَنْ حَمَّادٍ «الإِيمَانِ بِاللَّهِ شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ». طرفه 53 1399 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِى حَمْزَةَ عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا تُوُفِّىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ الْعَرَبِ فَقَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. فَمَنْ قَالَهَا فَقَدْ عَصَمَ مِنِّى مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلاَّ بِحَقِّهِ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ». أطرافه 1457، 6924، 7284 ـــــــــــــــــــــــــــــ (قال سليمان وأبو النعمان) هو سليمان بن حرب، وأبو النعمان -بضم النون- محمد بن الفضل، كلاهما شيخ البخاري، والرواية عنهما بقال لأنه سمع منهما مذاكرة (الإيمان بالله شهادة أن لا إله إلا الله) بدون الواو، وهذه الرواية ظاهرة؛ وأما رواية الواو باعتبار المغايرة باعتبار الإجمال والتفصيل. 1399 - (الحكم) بفتح الحاء والكاف (أبي حمزة) بالحاء المهملة (وكان أبو بكر) أي: بعده خليفة (فقال عمر: كيف تقاتل الناس؟) في الرواية اختصار؛ أي: أراد أبو بكر قتال مانعي الزكاة، فاعترض بأن قتالك لهم منافٍ لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأجاب الصديق بأن الذي أفعله مقتضى قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو قوله: "إلا بحق الإسلام" والزكاة من حق الإسلام (والله لو منعوني عقالًا) وفي رواية: عناقًا -بفتح العين- ولد المعز لم يكمل له سنة. فإن قلت: ليس في العناق ولا في العقال زكاة؟ قلت: لم يرد به ذلك حقيقة الكلام؛ أي: لو فرض أن لو فيهما زكاة ومنعوني هذا الشيء الحقير لقاتلتهم، وقد يتكلف بأن زكاة الأولاد في النتاج تابعة لأصولها في الحول، فلو ماتت الأصول يؤخذ العناق في هذه الصورة، وأما العقال: وهو الحبل، فقالوا: أراد الحبل الذي تربط به إبل الصدقة، أو الذي يساوي نصابًا، وهذا تكلف.

2 - باب البيعة على إيتاء الزكاة

1400 - فَقَالَ وَاللَّهِ لأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ، وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِى عَنَاقًا كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهَا. قَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه - فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلاَّ أَنْ قَدْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنه - فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ. أطرافه 1456، 6925، 7285 2 - باب الْبَيْعَةِ عَلَى إِيتَاءِ الزَّكَاةِ (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ). ـــــــــــــــــــــــــــــ واعلم أن الخطابي وغيره عدّوا هذا الحديث مشكلًا، لأن التفرقة بين الصلاة والزكاة دلت على أنهم كانوا مؤمنين، غايته أنهم كانوا مؤولين، وقالوا إنما كان يجب دفع الزكاة إلى من تكون صلاته سكنًا لهم. قلت: هذا الذي عدّوه مشكلًا ليس بمشكل؛ لأن الزكاة أحد أركان الإسلام، ومن أنكر ركنًا من أركان الإسلام يكفر، وأما قولهم: إنما كان يجب علينا دفعه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأن صلاته كانت سكنًا لنا، فلا اعتبار به؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان أرسل لأخذ الصدقات إلى جميع الأقطار، فليس الأداء إليه واجبًا، ولا الدعاء واجب على أخذ الصدقة، وهذا كان معروفًا بين الصحابة. فإن قلت: غاية الأمر أنهم كانوا مرتدين، فكيف سبى ذراريهم وولد المرتد لا يُسبى إجماعًا؟ قلت: كان ذلك اجتهادًا منه، ووافق اجتهاد بعض الصحابة؛ ولذلك أخذ عليّ خولة الحنفية من ذلك السبي، ومنها ولده محمد بن الحنفية، ثم انعقد الإجماع على خلافه، وما يقال: إن من فرق بين الزكاة والصلاة اليوم يكفر لظهور شعائر الإسلام، وتقرر الأحكام؛ بخلاف ذلك الزمان، فليس بشيء، إذ كان هذا بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأخذه الزكوات من كل قطر. فإن قلت: كيف قلد عُمر أبا بكر مع أن المجتهد لا يجوز له التقليد؟ قلت: لم يقلده بل وافق اجتهاده اجتهاد الصديق بعد التأمل في الدليل الذي أقامه الصديق، وفي الحديث دلالة ظاهرة على وفور علم الصديق، وكمال رسوخ قدمه. باب البيعة على إيتاء الزكاة {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ} [التوبة: 11]) ترتيب الأخوة على هذه الجملة يدل على انتفائها بانتفاء كل واحد.

3 - باب إثم مانع الزكاة

1401 - حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ قَيْسٍ قَالَ قَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بَايَعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى إِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ. طرفاه 57، 524 3 - باب إِثْمِ مَانِعِ الزَّكَاةِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأِنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ). 1402 - حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ هُرْمُزَ الأَعْرَجَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «تَأْتِى الإِبِلُ عَلَى صَاحِبِهَا، عَلَى خَيْرِ مَا كَانَتْ، إِذَا هُوَ لَمْ يُعْطِ فِيهَا حَقَّهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ 1401 - (ابن نمير) -بضم النون- مصغر نمر، الحيوان المعروف (قال جرير بن عبد الله: بايعت النبي - صلى الله عليه وسلم - على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم) سلف الحديث بشرحه في آخر كتاب الإيمان، وموضع الدلالة هنا إيتاء الزكاة، قال ابن الأثير: النصح: إرادة الخير للمنصوح له، وليس في كلام العرب كلمة تقوم مقامها في هذا المعنى. باب إثم مانع الزكاة (وقوله عز وجل: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} [التوبة: 34] استدل بالآية على إثم مانع الزكاة، وفيه دلالة على أن المال إذا زكي لا يطلق عليه الكنز، وسيُصرح فيما بعد بقوله: "ما أُدي زكاته ليس بكنز" يريد به الكنز الذي رتب عليه العذاب في الآية، وإن سمي المال المخزون كنزًا فذاك عرف آخر. 1402 - (الحكم بن نافع) بفتح الحاء والكاف (أبو الزناد) -بكسر الزاي بعدها نون- عبد الله بن ذكوان (هرمز) -بضم الهاء آخره زاي معجمة- غير منصرف؛ لأنه علم عجمي (قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: تأتي الإبل على صاحبها على خير ما كانت إذا لم يعط فيها حقها) إنما أتت

تَطَؤُهُ بِأَخْفَافِهَا، وَتَأْتِى الْغَنَمُ عَلَى صَاحِبِهَا عَلَى خَيْرِ مَا كَانَتْ، إِذَا لَمْ يُعْطِ فِيهَا حَقَّهَا، تَطَؤُهُ بِأَظْلاَفِهَا، وَتَنْطَحُهُ بِقُرُونِهَا». وَقَالَ «وَمِنْ حَقِّهَا أَنْ تُحْلَبَ عَلَى الْمَاءِ». قَالَ «وَلاَ يَأْتِى أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِشَاةٍ يَحْمِلُهَا عَلَى رَقَبَتِهِ لَهَا يُعَارٌ، فَيَقُولُ يَا مُحَمَّدُ. فَأَقُولُ لاَ أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ بَلَّغْتُ. وَلاَ يَأْتِى بِبَعِيرٍ، يَحْمِلُهُ عَلَى رَقَبَتِهِ لَهُ رُغَاءٌ، فَيَقُولُ يَا مُحَمَّدُ. فَأَقُولُ لاَ أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ بَلَّغْتُ». أطرافه 2378، 3073، 6958 1403 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ آتَاهُ اللَّهُ مَالاً، فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ مُثِّلَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه على خير ما كانت من السّمن لأنه كان يجتهد على ذلك الوصف زيادة في عقوبته؛ لأنّ الشرّ إذا جاء من مظان الخير كان أشقَّ على النفس. فإن قلت: أيّ فائدة من زيادة "فيها" وهلّا قال: إذا لم يؤد حقها؟ قلت: الدلالة على زيادة المبالغة في ثبوت الحق لدلالة في على الاستقرار. (تطؤه بأخفافها) جمع خف؛ وهي للإبل كالحافر للفرس (ومن حقها أن تحلب على الماء) لينال المساكين من ألبانها، وليكون أرفق بالماشية، وهذا يدل على أن الحق أعمّ من الواجب، وأن في الأموال حقوقًا سوى الزكاة (تنطحه بقرونها) بكسر الطاء وفتحها لغتان (ولا يأتي أحدكم يوم القيامة بشاة يحملها على رقبته لها ثغاء) -[بضم] المثلثة وغين معجمة-: صياح الغنم، وفي بعضها: "يُعار" بالمثناة تحت وعين مهملة. (فيقول: يا محمد، فأقول: لا أملك لك شيئًا). فإن قلت: شفاعته - صلى الله عليه وسلم - عامة في كل كبيرة؟ قلت: هذا الكلام عند مجيئه قبل الإذن في الشفاعة. 1403 - (عن أبي صالح) هو السّمان، واسمه ذكوان (من آتاه الله مالًا) أي: الذهب والفضة، وما يُقَوّم بهما (مُثّل له يوم القيامة شجاعًا أقرع) يقال: مثل -بالتشديد والتخفيف- أي: صوّر، والشجاع: الذكر من الحيّة، والأقرع: الذي ليس على رأسه شعر من شدة سمّه، والكلام على التشبيه؛ لأن الحية لا شعر لها، بل إذا كبرت وزاد سمها يقع في رأسها نقط

4 - باب ما أدى زكاته فليس بكنز

لَهُ زَبِيبَتَانِ، يُطَوَّقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ يَأْخُذُ بِلِهْزِمَتَيْهِ - يَعْنِى شِدْقَيْهِ - ثُمَّ يَقُولُ أَنَا مَالُكَ، أَنَا كَنْزُكَ» ثُمَّ تَلاَ (لاَ يَحْسِبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ) الآيَةَ. أطرافه 4565، 4659، 4957 4 - باب مَا أُدِّىَ زَكَاتُهُ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ». 1404 - وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - فَقَالَ أَعْرَابِىٌّ أَخْبِرْنِى قَوْلَ اللَّهِ (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ) قَالَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - مَنْ كَنَزَهَا فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهَا فَوَيْلٌ لَهُ، إِنَّمَا كَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ تُنْزَلَ الزَّكَاةُ فَلَمَّا أُنْزِلَتْ جَعَلَهَا اللَّهُ طُهْرًا لِلأَمْوَالِ. طرفه 4661 ـــــــــــــــــــــــــــــ بيض؛ كأنه أقرع، وتخصيص الذكَرْ لأنه أشد قوة، عافانا الله منها بمنه وكرمه (له زبيبتان) أي: نكتتان سوداوان فوق عينيه، وقيل: نابان خارجان من فيه كالفيل (يأخذ بلهزمتيه) وقد فسره البخاري بالشدقين، وقال الجوهري: -بكسر اللام- العظمان الناتئان تحت الأذنين. (فيقول: أنا مالك، أنا كنزك) وفائدة هذا القول زيادة العذاب؛ لأنه كان يُحفظ في الدنيا لدفع المضار والنوائب، وأيضًا سائر القوى والحواس تتألم بسمِّه فيأخذ سمعه أيضًا حظه بهذا القول. باب: ما أدي زكاته فليس بكنز 1404 - قال ابن الأثير: الكنز في الأصل المال المدفون تحت الأرض، وما أدي زكاته فليس بكنز وإن كان مدفونًا، واستدل البخاري على ذلك (لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ليس فيما دون خمس أواق صدقة) قال ابن الأثير: الأواق يجوز فيه تشديد الياء وتخفيفها جمع أوقية، ويقال: وقية؛ وهي لغة عاميّة! وهي اسم ما يوزن أربعين درهمًا. فإن قلت: كيف دل قوله: "ليس فيما دون خمس أواق صدقة" على أن ما أدي زكاته

1405 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يَزِيدَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ الأَوْزَاعِىُّ أَخْبَرَنِى يَحْيَى بْنُ أَبِى كَثِيرٍ أَنَّ عَمْرَو بْنَ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِيهِ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ بْنِ أَبِى الْحَسَنِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ». أطرافه 1447، 1459، 1484 1406 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ سَمِعَ هُشَيْمًا أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ مَرَرْتُ بِالرَّبَذَةِ فَإِذَا أَنَا بِأَبِى ذَرٍّ - رضى الله عنه - فَقُلْتُ لَهُ مَا أَنْزَلَكَ مَنْزِلَكَ هَذَا ـــــــــــــــــــــــــــــ ليس بكنز؟ قلت: قبل وجوب الزكاة كان الواجب صرف ما فضل عن الحاجة في سبيل الله، فلما قال: "ليس في أقل من خمس أواق صدقة" دل على جواز إبقائه لعدم تعلق حق أحد به، وعلم منه أن القدر الذي أُدّي زكاته يجوز إمساكه لعدم تعلق حق به، فلا يصدق عليه اسم الكنز الذي ذمه الله تعالى. 1405 - (إسحاق بن يزيد) من الزيادة (الأوزاعي) -بفتح الهمزة- عبد الرحمن شيخ الشام في زمانه (عمارة) بضم العين وتخفيف الميم (ولا فيما دون خمس ذود صدقة) الذود -بفتح المعجمة آخره مهملة- ما بين الثلاث إلى العشر من الإبل خاصة. قال أبو عبيد: للإناث دون الذكور، قال ابن الأثير: ما في الحديث أعم من الذكور والإناث لوجوب الزكاة فيها (وليس فيما دون خمسة أوسق صدقة) الأوسق -بفتح الهمزة وسكون الواو- جمع وسق -بفتح الواو- الوسق: ستون صاعًا، والصاع: أربعة أمداد، والمدّ: رطل وثلث، والرطل: مائة وثلاثون درهمًا تقريبًا. 1406 - (هشيمًا) -بضم الهاء- مصغر، وكذا (حصين)، (مررت بالربذة) -بفتح الزاء والباء الموحدة وذال معجمة-: قرية بقرب المدينة، بها قبر أبي ذر الغفاري (فإذا أنا بأبي ذر، فقلت: ما أنزلك هذا المكان) يعجب أن يكون مثله بقرية تاركًا الصلاة في

قَالَ كُنْتُ بِالشَّأْمِ، فَاخْتَلَفْتُ أَنَا وَمُعَاوِيَةُ فِي الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ. قَالَ مُعَاوِيَةُ نَزَلَتْ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ. فَقُلْتُ نَزَلَتْ فِينَا وَفِيهِمْ. فَكَانَ بَيْنِى وَبَيْنَهُ فِي ذَاكَ، وَكَتَبَ إِلَى عُثْمَانَ - رضى الله عنه - يَشْكُونِى، فَكَتَبَ إِلَىَّ عُثْمَانُ أَنِ اقْدَمِ الْمَدِينَةَ. فَقَدِمْتُهَا فَكَثُرَ عَلَىَّ النَّاسُ حَتَّى كَأَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْنِى قَبْلَ ذَلِكَ، فَذَكَرْتُ ذَاكَ لِعُثْمَانَ فَقَالَ لِى إِنْ شِئْتَ تَنَحَّيْتَ فَكُنْتَ قَرِيبًا. فَذَاكَ الَّذِى أَنْزَلَنِى هَذَا الْمَنْزِلَ، وَلَوْ أَمَّرُوا عَلَىَّ حَبَشِيًّا لَسَمِعْتُ وَأَطَعْتُ. طرفه 4660 1407 - حَدَّثَنَا عَيَّاشٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِىُّ ـــــــــــــــــــــــــــــ مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فإن صلاةٌ فيه بألف صلاة في غيره (قال: كنت بالشام فاختلفت أنا ومعاوية في الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله، قال معاوية: نزلت في أهل الكتاب، فقلت: نزلت فينا وفيهم) شبهة معاوية أن الآية متصلة بقصة أهل الكتاب: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ} [التوبة: 34] ونظر أبو ذر إلى أنها قصة عطفت على قصة أهل الكتاب، فلا بدّ من المغايرة؛ وأيضًا {الَّذِينَ} لفظ عام، وإن سلم أن الآية نزلت في أهل الكتاب فإن أكثر العمومات نزلت لأسباب خاصة. (فكتب إليّ عثمانُ: أنْ أقدم) أن مفسرة؛ لأن الكتابة فيها معنى القول، وأقدم -بفتح الدال- أمر من قدم -بكسر الدال- (فقال لي: إن شئت تنحيت فكنت قريبًا، فذاك الذي أنزلني هذا المنزل) خاف عثمان أن تقع فتنة بسببه، وأن يقع له ما وقع لمعاوية، فأمر بخروجه بنوع لطف؛ وإن كان كارهًا للخروج، ولذلك قال أبو ذر: (ولو أمّروا علي حبشيًّا لسمعت وأطعت) أخذه من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "اسمعوا وأطيعوا ولو وُلِّيَ عليكم عبد حبشي". 1407 - (عياش) بفتح العين وتشديد المثناة آخره معجمة (الجريري) -بضم الجيم-

عَنْ أَبِى الْعَلاَءِ عَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ جَلَسْتُ. وَحَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِىُّ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَلاَءِ بْنُ الشِّخِّيرِ أَنَّ الأَحْنَفَ بْنَ قَيْسٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ جَلَسْتُ إِلَى مَلإٍ مِنْ قُرَيْشٍ، فَجَاءَ رَجُلٌ خَشِنُ الشَّعَرِ وَالثِّيَابِ وَالْهَيْئَةِ حَتَّى قَامَ عَلَيْهِمْ فَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ بَشِّرِ الْكَانِزِينَ بِرَضْفٍ يُحْمَى عَلَيْهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، ثُمَّ يُوضَعُ عَلَى حَلَمَةِ ثَدْىِ أَحَدِهِمْ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ نُغْضِ كَتِفِهِ، وَيُوضَعُ عَلَى نُغْضِ كَتِفِهِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ حَلَمَةِ ثَدْيِهِ يَتَزَلْزَلُ، ثُمَّ وَلَّى فَجَلَسَ إِلَى سَارِيَةٍ، وَتَبِعْتُهُ وَجَلَسْتُ إِلَيْهِ، وَأَنَا لاَ أَدْرِى مَنْ هُوَ فَقُلْتُ لَهُ لاَ أُرَى الْقَوْمَ إِلاَّ قَدْ كَرِهُوا الَّذِى قُلْتَ. قَالَ إِنَّهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ مصغر منسوب سعيد بن إياس (عن أبي العلاء) بفتح العين والمدّ (ابن الشخيّر) -بكسر المعجمة وتشديد الخاء المكسورة- يزيد بن عبد الله (عن الأحنف بن قيس) -بفتح الهمزة- لقبه، واسمه صخر أو ضحاك، تابعي جليل القدر، أدرك أيام الرسالة، ولم ير رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان من أجلّ أصحاب عليّ، قال معاوية يومًا: يا أحنف، ما أذكر يوم الصفين إلا وفي قلبي حزازات؟ قال: يا معاوية، والله إن القلوب التي أبغضناك بها لفي صدورنا، وإن السيوف التي قاتلناك بها لفي أغمادها، فلما ولى قالت أخت معاوية: من هذا؟! قال معاوية: هذا رجل إذا غضب يغضب لغضبه مائة ألف لا يدرون فيما غضب. (قال جلست إلى ملإٍ من قريش) أي: إلى أشراف منهم (فجاء رجل خشن الشعر) -بخاء معجمة وشين كذلك- وفي مسلم "أخشن" وللقابسي "حسن" بالحاء المهملة وسين كذلك. وفي هذا الحديث دليل على أن الكفار يخاطبون بالفروع (والثياب والهيئة). (بشر الكنازين) وفي رواية "الكانزين" وفي رواية الطبري "الكاثرين" (برضف) -بفتح الراء وسكون الضاد المعجمة- الحجارة المحماة بالنار (يوضع على حلمة ثدي أحدهم) - بثلاث فتحات- رأس الثدي (حتى يخرج من نغض كتفه) -بضم النون وسكون الغين المعجمة وضاد كذلك- رأس عظم الكتف (يتزلزل) أي: يضطرب ويتحرك من شدّة الألم، أو ذلك الرضف يضطرب من الشدّة.

5 - باب إنفاق المال فى حقه

1408 - قَالَ لِى خَلِيلِى - قَالَ قُلْتُ مَنْ خَلِيلُكَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَا أَبَا ذَرٍّ أَتُبْصِرُ أُحُدًا». قَالَ فَنَظَرْتُ إِلَى الشَّمْسِ مَا بَقِىَ مِنَ النَّهَارِ وَأَنَا أُرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُرْسِلُنِى فِي حَاجَةٍ لَهُ، قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «مَا أُحِبُّ أَنَّ لِى مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا أُنْفِقُهُ كُلَّهُ إِلاَّ ثَلاَثَةَ دَنَانِيرَ». وَإِنَّ هَؤُلاَءِ لاَ يَعْقِلُونَ، إِنَّمَا يَجْمَعُونَ الدُّنْيَا. لاَ وَاللَّهِ لاَ أَسْأَلُهُمْ دُنْيَا، وَلاَ أَسْتَفْتِيهِمْ عَنْ دِينٍ حَتَّى أَلْقَى اللَّهَ. طرفه 1237 5 - باب إِنْفَاقِ الْمَالِ فِي حَقِّهِ 1409 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنِى قَيْسٌ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ حَسَدَ إِلاَّ فِي اثْنَتَيْنِ: ـــــــــــــــــــــــــــــ 1408 - (قال: يا أبا ذر أتبصر أحدًا؟ فنظرت إلى الشمس ما بقي من النهار) ما: استفهامية جردت عن معنى الاستفهام، أي لأعرف الباقي من النهار (وإني أُرى) -بضم الهمزة- أي: أظن (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرسلني في حاجة له قلت: نعم، قال: ما أحب أن لي [مثل] أحد ذهبًا أنفقه كله إلا ثلاثة دنانير). قيل: دينار لأهله، ودينار لأضيافه، ودينار لدينه، والظاهر أن الثلاثة للدين؛ لما في الرواية الأخرى: "ما أحب أن لي مثل أحد ذهبًا تَمُرّ علي ثلاث وعندي منه شيء إلا شيء أرصده لدين" استدل به بعض العلماء على أن الإقبال على العبادة أفضل من الاشتغال بكسب الحلال، وصرفه في طرق الخيرات؛ فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نفى المحبة مع صرفه في الخيرات، وأجاب آخرون بأن نفي المحبة مصروفة إلى بقاء شيء منه، وهذا هو الحق بدليل الحديث الذي في الباب بعده، وقيل: هذا خاص به؛ فإن اشتغاله بتبليغ الأحكام أهم من الاشتغال بكسب المال. باب إنفاق المال في حقه 1409 - (محمد بن المثنى) بضم الميم وتشديد النون (عن ابن مسعود سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: لا حسد إلا في اثنتين) أي: في خصلتين، وفي بعضها بدون التاء؛ أي: في رجلين

6 - باب الرياء فى الصدقة

رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالاً فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْحَقِّ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ حِكْمَةً فَهْوَ يَقْضِى بِهَا وَيُعَلِّمُهَا». طرفه 73 قوله: (لا حسد) ... إلخ. وتأويله مشهورٌ قلتُ: ولا أجد شيئًا أربى وأنمى من العلم، فإنه يحمل إلى الآفاق في زمن يسيرٍ. 6 - باب الرِّيَاءِ فِي الصَّدَقَةِ لِقَوْلِهِ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى) إِلَى قَوْلِهِ (الْكَافِرِينَ). وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - (صَلْدًا) لَيْسَ عَلَيْهِ شَىْءٌ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ (وَابِلٌ) مَطَرٌ شَدِيدٌ، وَالطَّلُّ النَّدَى. ـــــــــــــــــــــــــــــ (رجل آتاه الله مالًا فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله حكمةً فهو يقضي بها ويعلمها) قد سلف الحديث في كتاب العلم، في باب الاغتباط في العلم أن المراد بالحسد الغبطة، والفرق أن الغبطة تمني أن يكون له مثل ما لغيره، والحسد: تمني حصوله له وزواله عن غيره، واختيار لفظ الحسد للمبالغة في ذلك، كانه من غاية شوقه إلى ذلك يقارب به الحسد. باب الرّياء في الصّدقة (لقوله تعالى: {لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى} [البقرة: 264]). فإن قلت: أي دلالة للآية على الترجمة، وهي الرياء في الصدقة؟ قلت: المن أن يقول لمن تصدق عليه أعطيتك كذا، والأذى أن يذكره لغيره، وكلاهما يدل على أنه لم يعطه لوجه الله. ثم قال: {كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ} [البقرة: 264]) شبه ذلك بالرّياء في الوزر والقباحة، فدلّ على أن الرياء أشدّ؛ لأن المشبه به أقوى في وجه الشبه من المشبه في أمثاله، ولم يذكر في الباب حديثًا، ولو ذكر حديث "إنما الأعمال بالنيات" وحديث سعد: "إنك

7 - باب لا يقبل الله صدقة من غلول ولا يقبل إلا من كسب طيب

7 - باب لاَ يَقْبَلُ اللَّهُ صَدَقَةً مِنْ غُلُولٍ وَلاَ يَقْبَلُ إِلاَّ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ لِقَوْلِهِ (قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِىٌّ حَلِيمٌ). 8 - باب الصَّدَقَةِ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ لِقَوْلِهِ (وَيُرْبِى الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ) إِلَى قَوْلِهِ (وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ). 1410 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ سَمِعَ أَبَا النَّضْرِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ - هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ - عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ - وَلاَ يَقْبَلُ اللَّهُ إِلاَّ الطَّيِّبَ - وَإِنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها" لكان مناسبًا. بابٌ لا يقبل الله صدقة من الغلول الغلول في الأصل: الخيانة في الغنيمة، أراد به مطلق الخيانة، واستدل على ذلك بقوله تعالى: {قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى} [البقرة: 263]). ووجه الدلالة أن الأذى وذكر الصدقة إذا كان مبطلًا، فالخيانة من باب الأولى؛ لأنه تصدق بمال حرام، وهو أذى وزيادة، وأمّا القول بأن غرض البخاري أن المُتَصَدَّق عليه بالحرام يتأذى، فلا مساس له بالمقام. باب الصدقة من كسب طيب استدل على فضله بقوله: ({وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} [البقرة: 276]). فإن قلت: كان الظاهر أن يستدل بقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} [البقرة: 267] قلت: دأبه الاستدلال بما فيه خفاء، ووجه الدلالة أن اللام للعهد؛ أي: الصدقات من الأموال الطيبة؛ لأن الله لا يقبل الخبيث. 1410 - (أبا النضر) -بالضاد المعجمة- اسمه سالم (عن أبي صالح) هو السمان،

9 - باب الصدقة قبل الرد

اللَّهَ يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ كَمَا يُرَبِّى أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ». تَابَعَهُ سُلَيْمَانُ عَنِ ابْنِ دِينَارٍ. وَقَالَ وَرْقَاءُ عَنِ ابْنِ دِينَارٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَرَوَاهُ مُسْلِمُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَسُهَيْلٌ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 7430 باب الصدقة من كسب 9 - باب الصَّدَقَةِ قَبْلَ الرَّدِّ 1411 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا مَعْبَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ سَمِعْتُ حَارِثَةَ بْنَ وَهْبٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «تَصَدَّقُوا فَإِنَّهُ يَأْتِى عَلَيْكُمْ زَمَانٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ واسمه ذكوان (فإن الله يتقبلها بيمينه ثم يربيها كما يربي أحدكم فلوه) اليمين أقوى جانبي الأغنياء، والله منزه عن مثله، فالكلام على التمثيل، والدلالة على شدة الأغنياء، ولأن اليمين تستعمل في الأمور الشريفة. والفلو: ولد الخيل بعد الفطام، قال الجوهري: إن فتحت الفاء شدّدت الواو؛ وإن كسرت خففت. وفي رواية مسلم "فلوه، أو قلوصه" والقلوص -بفتح القاف وصاد مهملة-: الناقة السائمة، والتمثيل بهما لأنهما أعزّ أموال العرب وأكثرها، والمراد بالتربية تضعيف الثواب، كما دل عليه لفظ "الجبل". (وقال ورقاء) -بفتح الواو والقاف والمد- عبّر عن بعض المتابعات بلفظها، وفي بعضها بقال، وفي بعضها يروى؛ تفننًا في العبارة، والدليل عليه أنه قال في كتاب التوحيد: تابعه خالد بن مخلد عن سليمان، ومن يشرط في المتابعة لفظ: تابعه، فقد قال ما لا علم له به. باب الصدقة قبل الرد 1411 - (معبد بن خالد) بفتح الميم وسكون العين (تصدقوا فإنه يأتي عليكم زمان

يَمْشِى الرَّجُلُ بِصَدَقَتِهِ، فَلاَ يَجِدُ مَنْ يَقْبَلُهَا يَقُولُ الرَّجُلُ لَوْ جِئْتَ بِهَا بِالأَمْسِ لَقَبِلْتُهَا، فَأَمَّا الْيَوْمَ فَلاَ حَاجَةَ لِى بِهَا». طرفاه 1424، 7120 1412 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمُ الْمَالُ فَيَفِيضَ، حَتَّى يُهِمَّ رَبَّ الْمَالِ مَنْ يَقْبَلُ صَدَقَتَهُ، وَحَتَّى يَعْرِضَهُ فَيَقُولَ الَّذِى يَعْرِضُهُ عَلَيْهِ لاَ أَرَبَ لِى». طرفه 85 1413 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ أَخْبَرَنَا سَعْدَانُ بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُجَاهِدٍ حَدَّثَنَا مُحِلُّ بْنُ خَلِيفَةَ الطَّائِىُّ قَالَ سَمِعْتُ عَدِىَّ بْنَ حَاتِمٍ - رضى الله عنه - يَقُولُ كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَجَاءَهُ رَجُلاَنِ أَحَدُهُمَا يَشْكُو الْعَيْلَةَ، وَالآخَرُ يَشْكُو قَطْعَ السَّبِيلِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ـــــــــــــــــــــــــــــ يمشي أحدكم بصدقته فلا يجد من يقبلها) الظاهر أن هذا يكون بعد قتل الدّجال، وموت يأجوج ومأجوج، حين لا يبقى على وجه الأرض غير المسلمين فعند ذلك ينزل الله بركات السماء، ويأمر الأرض بإخراج كنوزها، وإلقاء أفلاذ كبدها، كل ذلك جاء في الروايات الصحيحة. 1412 - (عن أبي هريرة قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا تقوم الساعة حتى يكثر فيكم المال حتى يهم رب المال من يقبل صدقته) -بضم الياء- على أن من فاعل، ورب المال مفعول، ومعناه يدخل الهم والحزن قلبه؛ لعدم وجدان من يقبله، ويروى بفتح الياء على أن رب المال هو الفاعل؛ أي: يقصد من يقبل صدقته فلا يجده، والفيضُ مستعارٌ للكثرة؛ من فاض الماء إذا سال عن جوانب الحوض. 1413 - (أبو عاصم) الضحاك بن مخلد (بشر) بكسر الموحدة (أبو مجاهد) -بضم الميم- السعد الطائي (مُحِلُّ بن خليفة) بضم [الميم] وكسر الحاء (عدي بن حاتم) بفتح العين وكسر الدال وتشديد الياء (كنت عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاءه رجلان، أحدهما يشكو العيلة) -بفتح العين وسكون المثناة تحت- الفقر، يقال: عال الرجل إذا افتقر، قال الله تعالى: {ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} [النساء: 3] (والآخر يشكو قطع السبيل) من إضافة المصدر إلى

«أَمَّا قَطْعُ السَّبِيلِ فَإِنَّهُ لاَ يَأْتِى عَلَيْكَ إِلاَّ قَلِيلٌ حَتَّى تَخْرُجَ الْعِيرُ إِلَى مَكَّةَ بِغَيْرِ خَفِيرٍ، وَأَمَّا الْعَيْلَةُ فَإِنَّ السَّاعَةَ لاَ تَقُومُ حَتَّى يَطُوفَ أَحَدُكُمْ بِصَدَقَتِهِ لاَ يَجِدُ مَنْ يَقْبَلُهَا مِنْهُ، ثُمَّ لَيَقِفَنَّ أَحَدُكُمْ بَيْنَ يَدَىِ اللَّهِ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ حِجَابٌ وَلاَ تُرْجُمَانٌ يُتَرْجِمُ لَهُ، ثُمَّ لَيَقُولَنَّ لَهُ أَلَمْ أُوتِكَ مَالاً فَلَيَقُولَنَّ بَلَى. ثُمَّ لَيَقُولَنَّ أَلَمْ أُرْسِلْ إِلَيْكَ رَسُولاً فَلَيَقُولَنَّ بَلَى. فَيَنْظُرُ عَنْ يَمِينِهِ فَلاَ يَرَى إِلاَّ النَّارَ، ثُمَّ يَنْظُرُ عَنْ شِمَالِهِ فَلاَ يَرَى إِلاَّ النَّارَ، فَلْيَتَّقِيَنَّ أَحَدُكُمُ النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ». أطرافه 1417، 3595، 6023، 6539، 6540، 6563، 7443، 7512 1414 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَطُوفُ الرَّجُلُ فِيهِ بِالصَّدَقَةِ مِنَ الذَّهَبِ ثُمَّ لاَ يَجِدُ أَحَدًا يَأْخُذُهَا مِنْهُ، وَيُرَى الرَّجُلُ الْوَاحِدُ يَتْبَعُهُ أَرْبَعُونَ امْرَأَةً، يَلُذْنَ بِهِ مِنْ قِلَّةِ الرِّجَالِ وَكَثْرَةِ النِّسَاءِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ المفعول (أما قطع السبيل فإنه لا يأتي عليك إلا قليل حتى تخرج العير من مكة من غير خفير) قال ابن الأثير: العير من عار يعير إذا جاء وذهب، أصله في قافلة الحمير، ثم أطلقت على الإبل بأحمالها، ثم أتبع فيها حتى أطلقت على كل قافلة. والخفير: من يضمن القافلة من قطاع الطريق؛ من الخفرة -بضم الخاء- وهي: الذمة، قاله الجوهري (ثم لقفن أحدكم بين يدي الله ليس بينه وبينه ترجمان) أي: بحضرته، وإطلاق اليد تخيل للاستعارة، والترجمان -بضم التاء وفتحها- من يُعبّر عن الإنسان عند الحاكم، أصله نقل كلام الغير بلسان آخر (فَلْيتقين أحدكم النار ولو بشق تمرة) -بكسر الشين- أي: أحد جانبيها (فإن لم يجد فبكلمة طيبة) مثل: يفتح الله ويسر الله؛ فإنها صدقة أيضًا، صرح به في الحديث الآخر. 1414 - (محمد بن العلاء) بفتح العين والمد (أبو أسامة) حماد بن أسامة (عن بُرَيد) بضم الباء مصغر برد (عن أبي بردة) بضم الباء (عن أبي موسى) واسمه الحارث أو عامر (ليأتين على الناس زمان يطوف فيه الرّجل بالصدقة من الذهب) هذه الزيادة وهي لفظ: "الذهب" لم توجد فيما تقدم من الرّوايات، وفيه مبالغة؛ فإنه إذا لم يوجد من يقبل الذهب فغيره من باب الأولى (ويُرى الرجلُ) -بضم الياء- على بناء المجهول (يتبعه أربعون امرأة يلذن به) من ألاذ به إذا استعان به وتستر، وذلك (من قلّة الرجال) بوقوع الحروب والفتن.

10 - باب اتقوا النار ولو بشق تمرة والقليل من الصدقة

10 - باب اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ وَالْقَلِيلِ مِنَ الصَّدَقَةِ (وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ) الآيَةَ وَإِلَى قَوْلِهِ (مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ). 1415 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ الْحَكَمُ - هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِىُّ - حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ الصَّدَقَةِ كُنَّا نُحَامِلُ، فَجَاءَ رَجُلٌ فَتَصَدَّقَ بِشَىْءٍ كَثِيرٍ فَقَالُوا مُرَائِى. وَجَاءَ رَجُلٌ فَتَصَدَّقَ بِصَاعٍ فَقَالُوا إِنَّ اللَّهَ لَغَنِىٌّ عَنْ صَاعِ هَذَا. فَنَزَلَتِ (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ) الآيَةَ. أطرافه 1416، 2273، 4668، 4669 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: سبق في كتاب العلم خمسون امرأة؟ قلت: ذكر الأقل لا يدل على نفي الأكثر؛ فالتفاوت من حفظ الرواة، أو ذكر تارة الأقل وأخرى الأكثر بحسب ما أعلمه الله. باب اتقوا النار ولو بشق تمرة والقليل من الصدقة {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [البقرة: 261]. الظاهر أنه من تمام الترجمة، ويحتمل أن يكون دليلًا؛ وذلك أنّ الحبة وإن كانت في غاية القلة فإذا وقعت في أرض طيبة جاءت بسبع سنابل، وكل سنبلة مائة حبة؛ فكذا القليل من الصدقة إذا أريد به وجه [الله]. 1415 - (أبو قدامة) بضم القاف وتخفيف الدال (عبيد الله) بضم العين مصغر (أبو النعمان) -بضم النون- الحكم بن عبد الله -بفتح الحاء والكاف (عن أبي وائل) شقيق بن سلمة الكوفي (عن أبي مسعود) عقبة بن عمرو الأنصاري (لما نزلت آية الصدقة كنا نحامل) الآية هي قوله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ} [البقرة: 261] قال ابن الأثير: معنى نحامل؛ أي: يحمل لنا، من المفاعلة، أو حامل؛ بمعنى تحامل.

1416 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ الأَنْصَارِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَمَرَنَا بِالصَّدَقَةِ انْطَلَقَ أَحَدُنَا إِلَى السُّوقِ فَتَحَامَلَ فَيُصِيبُ الْمُدَّ، وَإِنَّ لِبَعْضِهِمُ الْيَوْمَ لَمِائَةَ أَلْفٍ. طرفه 1415 1417 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَعْقِلٍ قَالَ سَمِعْتُ عَدِىَّ بْنَ حَاتِمٍ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ». طرفه 1413 1418 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - ـــــــــــــــــــــــــــــ قلت: الظاهر هو الثاني، بدليل الرواية الأخرى: كان - صلى الله عليه وسلم - إذا أمرنا بالصدقة انطلق أحدنا إلى السّوق فتحامل. أي: تكلف الحمل بالأجرة؛ أي: يحمله على مشقة، قاله الخطابي وابن الأثير. (فجاء رجل فتصدق بشيء كثير) هو عبد الرحمن بن عوف (فجاء رجل فتصدق بصاع) هذا الرجل أبو عقيل، سيأتي صريحًا. (فنزلت: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ} [التوبة: 79]) قال الجوهري: اللمزة: العيب والوقوع في عرض الناس. وقيل إذا كان مواجهة فهو لمز؛ وإن كان في الغيبة فهو الهمزة بالهاء. 1416 - (وإن لبعضهم اليوم لمائة ألف) قال شقيق: فرأيت أن ذلك البعض يريد به نفسه. 1417 - (سليمان بن حرب) ضد الصلح (عن أبي اسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي (عبد الله بن مَعْقِل) بفتح الميم وكسر القاف (اتقوا النار ولو بشق تمرة) بكسر الشين. 1418 - (بشر بن محمد) بكسر الموحدة (معمر) بفتح الميمين وسكون العين (أبي بكر بن حزم) بفتح الحاء وسكون الزاي المعجمة.

11 - باب أى الصدقة أفضل

قَالَتْ دَخَلَتِ امْرَأَةٌ مَعَهَا ابْنَتَانِ لَهَا تَسْأَلُ، فَلَمْ تَجِدْ عِنْدِى شَيْئًا غَيْرَ تَمْرَةٍ فَأَعْطَيْتُهَا إِيَّاهَا، فَقَسَمَتْهَا بَيْنَ ابْنَتَيْهَا وَلَمْ تَأْكُلْ مِنْهَا، ثُمَّ قَامَتْ فَخَرَجَتْ، فَدَخَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَيْنَا، فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ «مَنِ ابْتُلِىَ مِنْ هَذِهِ الْبَنَاتِ بِشَىْءٍ كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنَ النَّارِ». طرفه 5995 11 - باب أَىُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ وَصَدَقَةُ الشَّحِيحِ الصَّحِيحِ لِقَوْلِهِ (وَأَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِىَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ) الآيَةَ. وَقَوْلِهِ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِىَ يَوْمٌ لاَ بَيْعٌ فِيهِ) الآيَةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ (من ابتلي من هذه البنات بشيء كن له حجابًا من النار) الإشارة في هذه إلى الجنس، وهذا إذا أحسن إليهن؛ كلما جاء مقيدًا في الروايات الأخرى، وحديث عائشة دل على الشق الثاني من الترجمة؛ وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استحسن منها إعطاء تمرة، كذا قيل، والأحسن أنه أشار إلى حديث آخر لعائشة ولم يكن على شرطه؛ وذلك الحديث ما رواه مالك في الموطأ: أن سائلًا سأل عائشة فأعطته حبّة من عنب فتعجب إنسان من ذلك، فقالت: كم في هذه من ذرّة، إشارة إلى قوله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7)} [الزلزلة: 7]. باب فضل صدقة الشحيح الصحيح استدل على ذلك بالآية، ودلالة الأولى ظاهرة؛ إذ المعنى أنفقوا من قبل أن يأتي الموت علامته وأسبابه من الأمراض، وأما الآية الثانية وهي قوله تعالى: {أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ} [البقرة: 254]) وهو يوم القيامة، فالوجه فيه أن أوله عند الموت؛ فإن من مات فقد قامت قيامته، كما جاء في الأحاديث، فيوافق الآية الأولى.

12 - باب

1419 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ الْقَعْقَاعِ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَىُّ الصَّدَقَةِ أَعْظَمُ أَجْرًا قَالَ «أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ، تَخْشَى الْفَقْرَ وَتَأْمُلُ الْغِنَى، وَلاَ تُمْهِلُ حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ قُلْتَ لِفُلاَنٍ كَذَا، وَلِفُلاَنٍ كَذَا، وَقَدْ كَانَ لِفُلاَنٍ». طرفه 2748 12 - بابٌ 1420 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ فِرَاسٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ 1419 - (عمارة) بضم العين وتخفيف الميم (ابن القعقاع) بقاف وعين مكررة (أبو زرعة) بضم المعجمة وسكون المهملة (البجلي) قيل اسمه: هرم، وقيل: عمرو، وقيل: عبد الله (جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، أيّ الصدقة أعظم؟) سأل عن عِظَمِ الأجر؛ لا عن الكثرة في الصدقة؛ لأنه معلوم أنه كلما كان أكثر كان أعظم أجرًا (قال: أَن تصدق) أي: تتصدق، حذف منه إحدى التائين (وأنت صحيح شحيح) الشح: البخل مع الحرص، وقيل: أشد البخل، وقيل: الشح أعم من البخل؛ فإن البخل في المال لا غير، والشح في المال والجاه، وكل معروف وهذا إنما هو باعتبار الأكثر، وباعتبار الجبلة. فلا يلزم وجوده في كل فرد ألا ترى إلى قوله تعالى: {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر: 9]. (ولا تُمْهِل حنى إذا بلغت الحلقوم قلت: لفلان كذا، ولفلان كذا، وقد كان لفلان). فإن قلت: إذا بلغت الحلقوم لا يصح منه تصرف، ولا يقبل حينئذ إيمان ولا توبة؟ قلت: قيل: إنه أراد ذلك؛ ولذلك قال في آخر الحديث: "وقد كان لفلان" أي: لوارث. والحق أنه أراد قرب ذلك من شدة المرض وغلبة ظنه. وقوله: "وقد كان لفلان" مجاز، فإنه أراد بالوصية أن لا يبقى للوارث؛ فإنه جعله صدقة ولكن لا فضل فيها، ولكن ولو كان كما قالوه لم يكن صدقة رأسًا. باب كذا وقع من غير ترجمة. 1420 - (أبو عوانة) -بفتح العين- الوضّاح اليشكري (عن فراس) بكسر الفاء آخره

عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها أَنَّ بَعْضَ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قُلْنَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَيُّنَا أَسْرَعُ بِكَ لُحُوقًا قَالَ «أَطْوَلُكُنَّ يَدًا». فَأَخَذُوا قَصَبَةً يَذْرَعُونَهَا، فَكَانَتْ سَوْدَةُ أَطْوَلَهُنَّ يَدًا، فَعَلِمْنَا بَعْدُ أَنَّمَا كَانَتْ طُولَ يَدِهَا الصَّدَقَةُ، وَكَانَتْ أَسْرَعَنَا لُحُوقًا بِهِ وَكَانَتْ تُحِبُّ الصَّدَقَةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ سين مهملة (عن الشعبي) -بفتح الشين- أبو عمرو، عامر الكوفي (عن عائشة: أن بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - قُلن للنبي - صلى الله عليه وسلم -: أيتنا أسرع لحوقًا بك) أي: في الموت (قال: أطولكن يدًا) أراد بطول اليد الصدقة؛ من إطلاق المحل وإرادة الحال، أو على طريق الاستعارة التصريحية، والطول ترشيح، وإطلاق اليد لعطاء الصدقة مشهور، يقال: لفلان عليَّ يد، ولبني فلان علينا أياد. (فأخذن قصبة يذرعنها) وفي رواية: فأخذوا، من إطلاق أحد الضدين على الآخر؛ لأن ذرع الأشياء من أفعال الرّجال، فهمن من قوله - صلى الله عليه وسلم - طول اليد حقيقته (فكانت سودة أطولهن يدًا، فعلمنا بَعْدُ أن طول يدها الصدقة) في لفظ الحديث بعض خفاء؛ فإن المتبادر أنَّ أول من ماتت سودة؛ وليس كذلك اتفاقًا بين أهل الحديث والسير، فإنّ أول من مات منهن زينب، فإنها ماتت في خلافة عمر، وأما سودة فإنها ماتت في إمارة معاوية. فالصواب أنّ الضمير في: طول يدها الصدقة، رجع إلى المصدقة، وكذا في قولها: (وكانت أسرعنا لحوقًا به) أي: المصدقة. وفي لفظ الحديث دلالة على هذا لمن تأمله؛ إذ لو كان الضمير لسودة لكان حق العبارة أن يقال: كانت سودة أطولهن يدًا، فكانت أسرع لحوقًا به، فقولها: فعلمنا بعد أن طول يدها الصدقة، صريح في أنّ اللاحقة ليست سودة، فسقط ما تكلفه بعضهم من أن الحاضرات في هذه الروايات كانت بعض نسائه، وسودة أولاهنّ موتًا؛ على أنه مخالف لسائر الروايات. قال النووي في تهذيب الأسماء عن عائشة، قالت: قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أسرعكن لحوقًا بي أطولكن باعًا" فكنا إذا اجتمعنا نمد أيدينا في الجدار نتطاول حتى توفيت زينب ولفظ مسلم جاء على ظاهره من غير خفاء.

13 - باب صدقة العلانية

13 - باب صَدَقَةِ الْعَلاَنِيَةِ وَقَوْلِهِ (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً) إِلَى قَوْلِهِ (وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ). 14 - باب صَدَقَةِ السِّرِّ وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا صَنَعَتْ يَمِينُهُ». وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى (وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ). ـــــــــــــــــــــــــــــ باب صدقة العلانية استدل على أن فضل صدقة العلانية بقوله تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً} [البقرة: 274]) في معرض المدح. باب صدقة السر استدل على أن صدقة السر أفضل من صدقة العلانية بما رواه عن أبي هريرة تعليقًا، وسيرويه مسندًا في مواضع: (ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه) عطفه على ما تقدم؛ فإنه قطعة من حديث: "سبعة يظلهم الله في ظله" والكلام على التشبيه؛ أي: لو كانت شماله ذات عقل يخفى عليها ما أنفقت يمينه، واتفق العلماء على أن هذا إنما هو في صدقة التطوع حذرًا من وقوع الرياء؛ وأمّا الفرائض فلا يمكن فيها الرّياء لبنائها على الشهرة، ونقل الطبري الإجماع على هذا، وقد روي عن ابن عباس: "أنّ صدقة التطوع سرها يفضل علانيتها سبعين ضعفًا؛ وصدقة الفرض تفضل علانيتها سرها خمسة وعشرين"، ومثله في حكم المرفوع؛ إذ لا مجال للرأي فيه. والحكمة في إظهار الفرض إعلام المستحقين ولعل غيره يقتدي به في ذلك من أرباب الأموال، وأيضًا ينفي بذلك ظن السوء به من النّاس.

15 - باب إذا تصدق على غنى وهو لا يعلم

15 - باب إِذَا تَصَدَّقَ عَلَى غَنِىٍّ وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ 1421 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «قَالَ رَجُلٌ لأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ. فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا فِي يَدِ سَارِقٍ فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ تُصُدِّقَ عَلَى سَارِقٍ. فَقَالَ اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ لأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ. فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا فِي يَدَىْ زَانِيَةٍ، فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ تُصُدِّقَ اللَّيْلَةَ عَلَى زَانِيَةٍ. فَقَالَ اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى زَانِيَةٍ، لأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ. فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا فِي يَدَىْ غَنِىٍّ فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ تُصُدِّقَ عَلَى غَنِىٍّ فَقَالَ اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ، عَلَى سَارِقٍ وَعَلَى زَانِيَةٍ وَعَلَى غَنِىٍّ. فَأُتِىَ فَقِيلَ لَهُ أَمَّا صَدَقَتُكَ عَلَى سَارِقٍ فَلَعَلَّهُ أَنْ يَسْتَعِفَّ عَنْ سَرِقَتِهِ، وَأَمَّا الزَّانِيَةُ فَلَعَلَّهَا أَنْ تَسْتَعِفَّ عَنْ زِنَاهَا، وَأَمَّا الْغَنِىُّ فَلَعَلَّهُ يَعْتَبِرُ فَيُنْفِقُ مِمَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ». ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إذا تصدق على غني وهو لا يعلم 1421 - (أبو اليمان) -بتخفيف النون- الحكم بن نافع (أبو الزناد) -بكسر الزاي بعدها نون- عبد الله بن ذكوان (قال رجل: لأتصدقن) جواب قسم مقدر، وفي رواية أحمد: أن هذا الرجل كان من بني إسرائيل (فخرج بصدقته، فوضعها في يد سارق) ظنه فقيرًا؛ لأنّه تصدق به ليلًا لئلا يكون رياء؛ بدليل قوله: (فأصبحوا يتحدثون، فقال: لك الحمد) أي: على كل حال؛ فإن أفعالك كلها جميلة، وإن خفي على اللبيب الفطن، وقيل: إنما حمد وقدم الجار ليفيد الاختصاص؛ أي: لك الحمد على الزانية، لا لي حيث كانت الصدقة عليها بإرادتك لا بإرادتي، وهذا مع ركاكته نوع من الوعظ جار في جميع أفعاله تعالى؛ فإنه ما أراد هو الواقع في نفس الأمر، وليس لما قاله تعلق بالمقام؛ لأنّ غرض القائل المتصدق هو التأسف على عدم وقوع ما قصده من الفقراء والمساكين ولذلك أزال الله الغم عن قلبه بأن ما قصدت وإن كان ظاهره خيرًا فإن وقوعه في يد الغني والسارق والزانية أبلغ في باب الخير، فلا تحزن، وذلك ظاهر من لفظ الحديث، ونظير هذا قول أمّ مريم: {رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى} [آل عمران: 36] فإنها أظهرت الحزن على خلاف رجائها، ويظهر لك من هذا التقرير أن ما قيل إنما حمد على عدم وقوع صدقته على أسوأ من الغني والسارق

16 - باب إذا تصدق على ابنه وهو لا يشعر

16 - باب إِذَا تَصَدَّقَ عَلَى ابْنِهِ وَهُوَ لاَ يَشْعُرُ 1422 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ حَدَّثَنَا أَبُو الْجُوَيْرِيَةِ أَنَّ مَعْنَ بْنَ يَزِيدَ - رضى الله عنه - حَدَّثَهُ قَالَ بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَا وَأَبِى وَجَدِّى وَخَطَبَ عَلَىَّ فَأَنْكَحَنِى وَخَاصَمْتُ إِلَيْهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ والزانية والله الموفق، وإنما هذا في صدقة التطوع، وبيان حكم الله وأما الفرض فلو أعطي لغني لا يسقط به الفرض عند الشافعي وأبي يوسف حتى لو ظهر له الأمر بعد ذلك يجب إعادته ثانيًا. وفي الحديث دلالة على أنَّ ثواب الأعمال إنما هو بالنية، وأنَّ المجتهد وإن كان مخطئًا يؤجر. وقوله: (فأُتي) على بناء المجهول؛ أي: في المنام، جاء صريحًا في رواية الطبراني وأبي نعيم، فسقط ما قيل إنما سمع هاتفًا أو ملكًا، أو قال له نبي، أو أوصاه عالم. باب إذا تصدق على ابنه وهو لا يشعر 1422 - (أبو الجويرية) -مصغر الجارية- اسمه حطان -بكسر الحاء وتشديد الطاء- الجرمي (معن بن يزيد) بفتح الميم وسكون العين (بايعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا وأبي وجدي) اسم جده أخنس السلمي، واتفق أهل السير أن ليس في الصحابة أب وابن وجد يروون الحديث عنه - صلى الله عليه وسلم -، وإن كان أبو بكر الصديق يروي [عن] أولاد فيهم عبد الرحمن ابنه؛ إلا أنه رده شيخنا أبو الفضل ابن حجر بما رواه أحمد: أنه تخلفت عن الإسلام امرأة منهم، فنزلت: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: 10]. قلت: وكذا قال ابن عبد البر آجرًا إنه لم يصح كونهم بدريين، هذا؛ وأمَّا ما استدل به بما رواه ففيه نظر؛ لأن تخلف المرأة ونزول الآية لا دلالة فيه على ذلك، ألا ترى أن ما رواه البخاري من أن الآية لما نزلت طلق عمر امرأته قريبة وأم كلثوم؛ وعمر بدري. (وخطب عليَّ فأنكحني) فاعل خطب: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يقال: خطب المرأة عليه إذا

17 - باب الصدقة باليمين

- وَ- كَانَ أَبِى يَزِيدُ أَخْرَجَ دَنَانِيرَ يَتَصَدَّقُ بِهَا فَوَضَعَهَا عِنْدَ رَجُلٍ فِي الْمَسْجِدِ، فَجِئْتُ فَأَخَذْتُهَا فَأَتَيْتُهُ بِهَا فَقَالَ وَاللَّهِ مَا إِيَّاكَ أَرَدْتُ. فَخَاصَمْتُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «لَكَ مَا نَوَيْتَ يَا يَزِيدُ، وَلَكَ مَا أَخَذْتَ يَا مَعْنُ». 17 - باب الصَّدَقَةِ بِالْيَمِينِ 1423 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ إِمَامٌ عَدْلٌ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ طلبها له، ويقال: خطب زيد إلى فلان؛ أي: طلب منه المرأة لنفسه، كل منهما من الخِطبة -بكسر الخاء-: وهي طلب المرأة نكاحًا، وخُطبة النكاح -بالضم- ما يتقدم الإيجاب والقبول من حمد الله والصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (وكان أبي يزيد أخرج دراهم فوضعها عند رجل في المسجد) يتصدق بها إذا وجد محلَّ الصدقة (فجئت فأخذتها، فقال: والله ما إياك أردت) خاف أن يكون في ذلك عليه إثم؛ لأنه أخرج الدَّراهم للخير لا لأمر آخر (فخاصمته إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: لك ما نويت يا يزيد، ولك ما أخذت يا معن) أي: حصل لك أجر الصدقة، فإن الصدقة على الأقارب صلة وصدقة، وهذا إنما يكون في صدقة التطوع؛ فإن صرف الزكاة لا يجوز على من يجب عليه نفقته، وقال الشافعي: يجوز صرفه على ابنه إذا كان غارمًا. فإن قلت: قال في الباب قبله: إذا تصدَّق على غني وهو لا يعلم، وقال هنا: لا يشعر؛ هل في ذلك حكمة؟ قلت: الشعور علم يستفاد من المشاعر، ولا ينافي وجود العلم مطلقًا؛ كما وقع لأبي معن، هذا بخلاف الصدقة على الغني؛ فإنه لم يعلم به مطلقًا. باب الصدقة باليمين 1423 - (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظلَّ إلا ظلَّه) الظلُّ: مجاز عن وقاية الله عن الحرِّ والوهج؛ كما يقي الظل في الدنيا عن حرِّ الشمس (إمام عادل) قدمه في الحديث؛ لأنه أقرب الناس عند الله بعد الأنبياء والكلام على هذا الحديث تقدم في باب من جلس ينتظر الصلاة، وموضع الدلالة هنا قوله:

18 - باب من أمر خادمه بالصدقة ولم يناول بنفسه

اللَّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ، وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّى أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ». طرفه 660 1424 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ الْجَعْدِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى مَعْبَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ سَمِعْتُ حَارِثَةَ بْنَ وَهْبٍ الْخُزَاعِىَّ - رضى الله عنه - يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «تَصَدَّقُوا، فَسَيَأْتِى عَلَيْكُمْ زَمَانٌ يَمْشِى الرَّجُلُ بِصَدَقَتِهِ فَيَقُولُ الرَّجُلُ لَوْ جِئْتَ بِهَا بِالأَمْسِ لَقَبِلْتُهَا مِنْكَ، فَأَمَّا الْيَوْمَ فَلاَ حَاجَةَ لِى فِيهَا». طرفه 1411 18 - باب مَنْ أَمَرَ خَادِمَهُ بِالصَّدَقَةِ وَلَمْ يُنَاوِلْ بِنَفْسِهِ وَقَالَ أَبُو مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «هُوَ أَحَدُ الْمُتَصَدِّقِينَ». ـــــــــــــــــــــــــــــ (ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه) والكلام على هذا تقدم في باب صدقة السر. 1424 - (عن علي بن الجعد) بفتح الجيم وسكون العين (معبد) بفتح الميم وسكون العين (تصدقوا فإنه سيأتي زمان يمشي الرَّجل بصدقته، فيقول الرجل: لو جِئْتَ بها بالأمس لَقَبلْتُهَا، وأمَّا اليوم فلا حاجة لي) تقدم الحديث في باب الصدقة قبل الردِّ. فإن قلت: ما وجه مناسبة الحديث للباب؟ قلت: الصدقة من أشرف الأمور، فتكون مباشرتها باليمين؛ فإن اليمين لمحاسن الأمور، ألا ترى أنه كيف أطلق في قوله: "لا تعلم شماله ما تنفق يمينه" بناءً على ما قلنا. باب من أمر خادمه بالصدقة ولم يناوله بنفسه (وقال أبو موسى عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: هو أحد المتصدقين) على صيغة المثنى -بفتح القاف- وهذا التعليق يرويه عن قريب مسندًا، والضمير في قوله: "هو أحد المتصدقين" للخادم.

1425 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا أَنْفَقَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ طَعَامِ بَيْتِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ كَانَ لَهَا أَجْرُهَا بِمَا أَنْفَقَتْ وَلِزَوْجِهَا أَجْرُهُ بِمَا كَسَبَ، وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ، لاَ يَنْقُصُ بَعْضُهُمْ أَجْرَ بَعْضٍ شَيْئًا». أطرافه 1437، 1439، 1440، 1441، 2065 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: روى ابن أبي شيبة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يناول السائل والفقير بنفسه؟ قلت: لا شك أن عند حضوره الأفضل ذاك، وهذا خلاف الأولى وعند عدم حضوره. 1425 - (إذا أنفقت المرأة طعام بيتها غير مفسدة) قال النووي: اعلم أنه لا بدَّ في العامل والخازن والمرأة من الإذن، وإلَّا يكون آثمًا. قال: والإذن ضربان؟ صريح، ومفهوم من اطراد العرف (لا ينقص بعضهم أجر بعض شيئًا) نصبه على أنه مفعول به، أو مطلق؛ لأنَّ النقص جاء متعديًا. ومعنى الحديث المشاركة في مطلق الأجر قال النووي: قد يكون ثواب المالك أكثر؛ بأن يكون المال كثيرًا ولم يكن للخادم زيادة مشقة فيه، وقد يكون بالعكس؛ بأن يكون المال قليلًا، وقد أرسل به الخادم إلى مسافة بعيدة، وقد يستويان إذا اعتدل الحال من السعي والمال. فإن قلت: فقد جاء في رواية: الأجر بينهما نصفان؟ قلت: قال النووي: معناه قسمان. وأنا أقول: يجوز حمله على ما إذا اعتدل الحال بين المال ومشقة الخادم، ويحمل ذلك المطلق على هذا، وذلك أن أجر الخازن ليس في مقابلة السعي وحده؛ بل لذلك ولأمانته وإعطائه ما أمر به موفرًا طيبة به نفسه؛ كما جاء كل ذلك في الروايات الصحيحة. فإن قلت: ما وجه تخصيص الطعام بالذكر؟ قلت: أكثر تصرف النساء يكون في الطعام، ويعلم منه حكم غير الطعام، أو ذكره لعزِّة الطعام عندهم.

19 - باب لا صدقة إلا عن ظهر غنى

19 - باب لاَ صَدَقَةَ إِلاَّ عَنْ ظَهْرِ غِنًى وَمَنْ تَصَدَّقَ وَهْوَ مُحْتَاجٌ، أَوْ أَهْلُهُ مُحْتَاجٌ، أَوْ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَالدَّيْنُ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى مِنَ الصَّدَقَةِ وَالْعِتْقِ وَالْهِبَةِ، وَهْوَ رَدٌّ عَلَيْهِ، لَيْسَ لَهُ أَنْ يُتْلِفَ أَمْوَالَ النَّاسِ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ إِتْلاَفَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ». إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَعْرُوفًا بِالصَّبْرِ فَيُؤْثِرَ عَلَى نَفْسِهِ وَلَوْ كَانَ بِهِ خَصَاصَةٌ كَفِعْلِ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنه - حِينَ تَصَدَّقَ بِمَالِهِ، وَكَذَلِكَ آثَرَ الأَنْصَارُ الْمُهَاجِرِينَ، وَنَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَيِّعَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِعِلَّةِ الصَّدَقَةِ. وَقَالَ كَعْبٌ - رضى الله عنه - قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ مِنْ تَوْبَتِى أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِى صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: لا صدقة إلا عن ظهر غنى هذه الترجمة قطعة من الحديث الذي رواه في الباب، المراد نفي الفضل والكمال، دل عليه لفظ الحديث: (خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى) ولفظ:"الظهْر" مقحم كما في نظائره (ومن تصدق وهو محتاج أو أهله محتاج أو عليه دين ينفذ تصرفه فالدين أحق أن يقضى من الصدقة والعتق والهبة، وهو ردٌّ عليه) أي: وهو أحق، وأهله أحق. فإن قلت: إذا أعتق أو تصدق بماله وهو محتاج، أو عليه دين ينفذ تصرفه؟ فما معنى قوله: وهو رد عليه؟ قلت: مراده أنه أثم فيما فعله، داخل تحت الوعيد، أو يكون مذهب البخاري أن هذه التصرفات غير نافذة منه إلا أن يكون معروفًا بالصبر استثناء من قوله: وهو محتاج، واستدل على جواز ذلك؛ بل على فضله بقصة الصديق خرج عن جميع ماله في سبيل الله، رواه أحمد والترمذي. وقد أثنى الله على الأنصار بقوله: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: 9] أي: حاجة شديدة، وسيأتي في سبب نزول الآية تمام الكلام إن شاء الله تعالى. (وقال كعب: قلت: يا رسول الله إنَّ من تمام توبتي أن أنخلع من مالي) سيأتي حديثه.

«أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ، فَهْوَ خَيْرٌ لَكَ». قُلْتُ فَإِنِّى أُمْسِكُ سَهْمِى الَّذِى بِخَيْبَرَ. 1426 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ». أطرافه 1427، 1428، 5355، 5356 1427 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ، وَخَيْرُ الصَّدَقَةِ عَنْ ظَهْرِ غِنًى، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ». 1428 - وَعَنْ وُهَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - بِهَذَا. طرفه 1426 1429 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ بطوله في سورة التوبة، وموضع الدلالة هنا قوله: (أمسك عليك بعض مالك). فإن قلت: كيف جوز لأبي بكر الخروج عن جميع ماله، ومنع كعبًا؟ قلت: الجواب يؤخذ من قول البخاري: إلا أن يكون معروفًا بالصبر؛ كفعل أبي بكر، وأين مقام الصديق من كعب، بينهما بون بقدرٍ بعيد. 1426 - 1427 - (عبدان) -على وزن شعبان- عبد الله المروزي (خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى، وابدأ بمن تعول) قال الجوهري: عاله يعوله إذا قاته وأنفق عليه؟ لما كان من الإنفاق على العيال توهم عدم ثواب الصدقة نبه عليه الشارع بأنه مقدم على سائر الصدقات؛ لأنه صدقة وصلة، فهي أقرب القربات. 1428 - 1429 - (وهيب) بضم الواو مصغر (حَكيم بن حِزام) بفتح الحاء المهملة

20 - باب المنان بما أعطى

ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - ح. وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَذَكَرَ الصَّدَقَةَ وَالتَّعَفُّفَ وَالْمَسْأَلَةَ «الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى، فَالْيَدُ الْعُلْيَا هِىَ الْمُنْفِقَةُ، وَالسُّفْلَى هِىَ السَّائِلَةُ». 20 - باب الْمَنَّانِ بِمَا أَعْطَى لِقَوْلِهِ (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا) الآيَةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وزاي معجمة (اليد العليا خير من اليد السفلى) يأتي في الحديث أن اليد العليا هي المنفقة، والسفلى اليد السائلة، وفيه دلالة على أن الغني الشاكر أفضل من الفقير الصابر، وقيل: العليا المتعففة، وقيل: العليا المنفقة، والسفلى المانعة، وقيل: العليا هي الآخذة، والسفلى هي المعطية، وهذه الأقوال الثلاثة إنما تستقيم إذا لم يكن ما في البخاري من أن العليا هي المنفقة من كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ بل مدرجًا من الراوي، والا فلا يعارض نصَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيء، لكن تضافرت الروايات المرفوعة على أنَّ العليا هي المنفقة؛ رواه أحمد وغيره، حتى كادت أن تتواتر، وأما قوله: "الصدقة تفوح ويد الرحمن أولًا". فلا يرد؛ لأنه مجاز عن القول، إنما الكرم في يد الآخذ، قال مشايخنا: الأعلى على الإطلاق المنفقة، ثم المتعففة، ثم الآخذ من غير سؤال، وأسفل الأيدي السائلة والمانعة. قلت: المانعة أسفل من السائلة إن كان السؤال لحاجة. (عن وهيب: حدثنا هشام) هذا تعليق روى الحديث فيه عن أبي هريرة، نقله تقوية لما رواه مسندًا عن حكيم، ويجوز أن يكون عطفًا على قوله: حدثنا وهيب داخلًا تحت الإسناد. باب المنان بما أعطى أورد الآية الكريمة ({الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى} [البقرة: 262]، ودلالتها ظاهرة؛ إنه لم يجد حديثًا بشرطه، وقد روى مسلم عن أبي ذر

21 - باب من أحب تعجيل الصدقة من يومها

21 - باب مَنْ أَحَبَّ تَعْجِيلَ الصَّدَقَةِ مِنْ يَوْمِهَا 1430 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ الْحَارِثِ - رضى الله عنه - حَدَّثَهُ قَالَ صَلَّى بِنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْعَصْرَ، فَأَسْرَعَ ثُمَّ دَخَلَ الْبَيْتَ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ خَرَجَ، فَقُلْتُ أَوْ قِيلَ لَهُ فَقَالَ «كُنْتُ خَلَّفْتُ فِي الْبَيْتِ تِبْرًا مِنَ الصَّدَقَةِ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُبَيِّتَهُ فَقَسَمْتُهُ». طرفه 851 22 - باب التَّحْرِيضِ عَلَى الصَّدَقَةِ وَالشَّفَاعَةِ فِيهَا 1431 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَدِىٌّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ عِيدٍ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَمْ يُصَلِّ قَبْلُ وَلاَ بَعْدُ، ثُمَّ مَالَ عَلَى النِّسَاءِ وَمَعَهُ بِلاَلٌ، فَوَعَظَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ أَنْ يَتَصَدَّقْنَ، فَجَعَلَتِ الْمَرْأَةُ تُلْقِى الْقُلْبَ وَالْخُرْصَ. طرفه 98 ـــــــــــــــــــــــــــــ مرفوعًا: "ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة؛ المنَّان بالصدقة، والمسبل إزاره، والمنفق سلعته باليمين الكاذبة". باب من أحب تعجيل الصدقة من يومها 1430 - (أبو عاصم) الضحاك بن مخلد (ابن أبي مليكة) -بضم الميم مصغر- عبيد الله بن عبد الله، واسم أبي مليكة زهيرٌ (صلَّى بنا النبي - صلى الله عليه وسلم - العصر فأسرع في الصلاة، ثم دخل البيت، فقلت، أو قيل له) في سبب ذلك الشك من عقبة (فقال: كنت خلفت في البيت تبرًا من الصدقة) -بكسر التاء وسكون الباء- الذهب الذي لم يحصل من ترابه، قال الجوهري: ويقال للفضة أيضًا. وإنما أسرع في إخراجه، وكره أن يبات عنده لأنه تسويف في الخير، ومنع المال عن المستحق المحتاج. باب التحريض على الصدقة والشفاعة فيها التحريض -بالضاد المعجمة- الحث على الشيء. 1431 - (مسلم) ضد الكافر (عَدي) بفتح العين وكسر الدال وتشديد الياء. روى في الباب حديث وعظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النساء يوم العيد في المصلى، وأمره إياهن بالصدقة، وهذه الصدقة هي صدقة التطوع (فجعلت المرأة تلقي القُلْب والخرص) أي:

1432 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بُرْدَةَ حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ بْنُ أَبِى مُوسَى عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا جَاءَهُ السَّائِلُ، أَوْ طُلِبَتْ إِلَيْهِ حَاجَةٌ قَالَ «اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا، وَيَقْضِى اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا شَاءَ». أطرافه 6027، 6028، 7476 1433 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ فَاطِمَةَ عَنْ أَسْمَاءَ - رضى الله عنها - قَالَتْ قَالَ لِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تُوكِى فَيُوكَى عَلَيْكِ». أطرافه 1434، 2590، 2591 ـــــــــــــــــــــــــــــ شرعت، القلب: -بضم القاف وسكون اللام- السوار الخرص -بضم الخاء المعجمة وصاد مهملة- حلقة صغيرة من حلي الآذان. 1432 - (أبو بردة) -بضم الباء وسكون الراء- واسمه بريد -بضم الباء- مصغر، وأما أبو بردة بن أبي موسى فاسمه عمرو أو الحارث (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا جاءه السائل، أو طلبت إليه حاجة؛ قال: اشفعوا تؤجروا) لقوله تعالى: {مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا} [النساء: 85] (ويقضي الله على لسان نبيه ما شاء) أي: سواء قضيت الحاجة أو لا، فالشفيع حائز ثواب شفاعته. 1433 - (صدقة) الصدقة أخت الزكاة (عبدة) بفتح العين وسكون الباء (عن أسماء قالت: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا توكي) أصله لا توكين، حذف النون بلا الناهية؛ أي: لا تحفظي ما حصل لك من الدنيا، وأنفقيه في مصارف البر؛ أصله من الوكاء؛ وهو: الخيط الذي يربط به الكيس وغيره (فيوكى عليك) -بفتح الكاف وكسرها- يمنع عنك الرزق، وهذا بعض من حديث رواه مسلم عن أسماء أنها قالت: يا رسول الله! ما لي إلا ما أدخله الزبير أفأصدق؟ قال: "نعم تصدقي ولا توكي" إلى آخر الحديث.

23 - باب الصدقة فيما استطاع

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ عَنْ عَبْدَةَ وَقَالَ «لاَ تُحْصِى فَيُحْصِىَ اللَّهُ عَلَيْكِ». 23 - باب الصَّدَقَةِ فِيمَا اسْتَطَاعَ 1434 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَحَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما - أَنَّهَا جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «لاَ تُوعِى فَيُوعِىَ اللَّهُ عَلَيْكِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ (حدثنا عثمان بن أبي شيبة عن عبدة: لا تحصي فيحصي الله عليك) الإحصاء: هو الحفظ؛ كما في الحديث: "كل القرآن أحصيته" وهو أحد الوجوه في شرح قوله - صلى الله عليه وسلم - "إن لله تسعة وتسعين اسمًا من أحصاها دخل الجنة" فرجع إلى معنى "ولا توكي" ويحتمل أن يكون معناه العد، ومن لم يكن له ثقة بالله كلَّ حين يعدُّ ماله ليعرف كميته من شدة الهلع وخشية الفقر، فيرفع الله عنه البركة. باب الصدقة فيما استطاع 1434 - (أبو عاصم) النبيل، الضحاك بن مخلد (عن ابن جريج) -بضم الجيم مصغر- عبد الملك بن عبد العزيز (ابن أبي مليكة) عبيد الله بن عبد الله، وأبو مليكة -بضم الميم مصغر- اسمه زهير. روى حديث أسماء في الباب الذي قبله، وليس فيه أي تبديل، فإنَّه قال لها: (لا توعي فيوعي الله عليك) يقال: أوعيت الطعام إذا جعلته في الوعاء، مجاز عن الحفظ. فإن قلت: قد جاء في الحديث "كيلو طعامكم يبارك لكم في " قلت: ذاك معنا آخر وهو إذا عرف مقداره نقف فيه على القناعة، وسيأتي الكلام عليه في حديث عائشة في أبواب الهبة.

24 - باب الصدقة تكفر الخطيئة

ارْضَخِى مَا اسْتَطَعْتِ». طرفه 1433 24 - باب الصَّدَقَةُ تُكَفِّرُ الْخَطِيئَةَ 1435 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه - أَيُّكُمْ يَحْفَظُ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْفِتْنَةِ قَالَ قُلْتُ أَنَا أَحْفَظُهُ كَمَا قَالَ. قَالَ إِنَّكَ عَلَيْهِ لَجَرِئٌ فَكَيْفَ قَالَ قُلْتُ فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلاَةُ وَالصَّدَقَةُ وَالْمَعْرُوفُ. قَالَ سُلَيْمَانُ قَدْ كَانَ يَقُولُ «الصَّلاَةُ وَالصَّدَقَةُ، وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْىُ عَنِ الْمُنْكَرِ». قَالَ لَيْسَ هَذِهِ أُرِيدُ، وَلَكِنِّى أُرِيدُ الَّتِى تَمُوجُ كَمَوْجِ الْبَحْرِ. قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ (ارضخي ما استطعت) -بكسر الهمزة وضاد معجمة- العطاء القليل، وإنما قيده به لتكون نفس المتصدقة بذلك طيبة بخلاف الكثير؛ فإن الشيطان ربما وسوس إليه، وهذا أيضًا يختلف باختلاف الأشخاص، ولذلك قيَّده بالاستطاعة. باب الصدقة تكفر الخطيئة أي: الذنب، من خطئ بالكسر، خِطاء -بكسر الخاء- مدًّا وقصرًا، وبفتحها قصرًا أي: أذنب. 1435 - (قتيبة) بضم القاف مصغر (عن أبي وائل) شقيق بن سلمة، روى في الباب حديث (حذيفة: أن عمر بن الخطاب قال يومًا: أيكم يحفظ حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الفتنة؟) والحديث بطوله سلف في أول كتاب المواقيت، في باب الصلاة كفارة، وسنذكره في كتاب الصوم وغيره، ونشير إلى بعض مواضعه: (قال حذيفة: أنا أحفظه كما قال) أي: بلفظه وحروفه (فقال: إنك عليه لجريء) حيث تزعم أنك تحفظه بلفظه، والجريء: فعيل من الجرأة؛ وهى: الإقدام على الشيء من غير مبالاة (قلت: فتنة الرجل في أهله وولده وجاره يكفرها الصلاة والصدقة والمعروف) أي: الأمر بالمعروف، فَهِمَ حذيفةُ أن الَّلام في الفتنة للجنس، وكانت اللام للعهد؛ فلذلك لم يرتض عمر ما قاله؛ ولذلك (قال: ليس هذا أريد؛ ولكن أريد التي تموج كموج البحر) كناية

25 - باب من تصدق فى الشرك ثم أسلم

قُلْتُ لَيْسَ عَلَيْكَ بِهَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بَأْسٌ، بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابٌ مُغْلَقٌ. قَالَ فَيُكْسَرُ الْبَابُ أَوْ يُفْتَحُ. قَالَ قُلْتُ لاَ. بَلْ يُكْسَرُ. قَالَ فَإِنَّهُ إِذَا كُسِرَ لَمْ يُغْلَقْ أَبَدًا. قَالَ قُلْتُ أَجَلْ. فَهِبْنَا أَنْ نَسْأَلَهُ مَنِ الْبَابُ فَقُلْنَا لِمَسْرُوقٍ سَلْهُ. قَالَ فَسَأَلَهُ. فَقَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه -. قَالَ قُلْنَا فَعَلِمَ عُمَرُ مَنْ تَعْنِى قَالَ نَعَمْ، كَمَا أَنَّ دُونَ غَدٍ لَيْلَةً، وَذَلِكَ أَنِّى حَدَّثْتُهُ حَدِيثًا لَيْسَ بِالأَغَالِيطِ. طرفه 525 25 - باب مَنْ تَصَدَّقَ فِي الشِّرْكِ ثُمَّ أَسْلَمَ 1436 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ - رضى الله عنه - قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ أَشْيَاءَ كُنْتُ أَتَحَنَّثُ بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ صَدَقَةٍ أَوْ عَتَاقَةٍ وَصِلَةِ رَحِمٍ فَهَلْ فِيهَا مِنْ أَجْرٍ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْ خَيْرٍ». أطرافه 2220، 2538، 5992 ـــــــــــــــــــــــــــــ عن عظم شرها؛ فإن قتل الإمام، وتفرقة الكلمة لا يمكن أن يكون فتنة أعظم منها (قلت: ليس عليك منها بأس). فإن قلت: كيف قال: ليس عليك منها بأس وقد قتل عمر؟ قلت: أراد أن أيام خلافته لا يقع منها شيء؛ وأما قتله فإنه ليس من الفتنة؟ فإنه قتل شهيدًا، أو قتله كان فتح باب الفتنة إلى آخر الدهر، فإنهم خرجوا على عثمان، وبعده على عليّ، واستمرت إلى آخره؛ أي: آخر الدهر (إني حدثته حديثًا ليس بالأغاليط) جمع أغلوطة وهي المسائل التي يغلطه فيها؛ كالألغاز، وجاء في الحديث: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الأغلوطات. باب من تصدق في الشرك ثم أسلم 1436 - (عن معمر عن الزهري عن عروة عن حكيم بن حزام) بكسر الحاء وزاي معجمة (قال: قلت: يا رسول الله! أرأيت أشياء كنت أتحنث بها في الجاهلية؟) أي اجتنب الحنث بها؛ أي: الإثم، أي: أخبرني هل لي فيه أجر (فقال: أسلمت على ما سلف من خير). فإن قلت: ما معنى هذا الكلام؟ قلت: العلماء فيه طائفتان؛ قال طائفة معناه أن دأبك

26 - باب أجر الخادم إذا تصدق بأمر صاحبه غير مفسد

(والمعروف) ... إلخ، واعلم أن المعروف والمنكر لم يحددها الشارع، وتركها على العرف، فالمعروف [بهلا ما نسى]، والمنكر [إيذادهي]. 26 - باب أَجْرِ الْخَادِمِ إِذَا تَصَدَّقَ بِأَمْرِ صَاحِبِهِ غَيْرَ مُفْسِدٍ 1437 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا تَصَدَّقَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ طَعَامِ زَوْجِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ كَانَ لَهَا أَجْرُهَا، وَلِزَوْجِهَا بِمَا كَسَبَ، وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ». طرفه 1425 1438 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْخَازِنُ الْمُسْلِمُ الأَمِينُ الَّذِى يُنْفِذُ - وَرُبَّمَا قَالَ يُعْطِى - مَا أُمِرَ بِهِ كَامِلاً مُوَفَّرًا ـــــــــــــــــــــــــــــ على الخير هو الذي جرَّك إلى الإسلام؛ وذلك لأن الكافر بدون الإيمان لا يعتد بحسناته. وذهب آخرون إلى أن تلك الحسنات مُعتد بها، وحسنات الكافر إنما لم يعتد بها إذا مات على الكفر، وهذا هو الصوابُ، والذي يصح أن يكون جوابًا بالحكم؛ لأنه قال: هل فيها من أجر؟ وقد سلف في باب حسن إسلام المرء تعليقًا عن مالك، ورواه الدارقطني مسندًا: "إن الكافر إذا حسن إسلامه كتبت له حسناته في الكفر". باب أجر الخادم إذا تصدق بأمر صاحبه غير مفسد تقدم في باب من أمر خادمه أنَّ الإذن إما صريح؛ وإما باعتبار العرف. 1438 - (محمد بن العلاء) بفتح العين والمد (أبو أسامة) -بضم الهمزة- حماد بن أسامة (الخازن المسلم الأمين الذي يُنْفِذ) -بضم الياء وكسر الفاء مع التشديد والتخفيف وذال معجمة- معناه: (يعطي ما أمر به كاملًا موفرًا) وإنما قيده بالمسلم؛ إذ الكافر لا ثواب له إلا

27 - باب أجر المرأة إذا تصدقت أو أطعمت من بيت زوجها غير مفسدة

طَيِّبٌ بِهِ نَفْسُهُ، فَيَدْفَعُهُ إِلَى الَّذِى أُمِرَ لَهُ بِهِ، أَحَدُ الْمُتَصَدِّقَيْنِ». طرفاه 2260، 2319 27 - باب أَجْرِ الْمَرْأَةِ إِذَا تَصَدَّقَتْ أَوْ أَطْعَمَتْ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ 1439 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ وَالأَعْمَشُ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - تَعْنِى إِذَا تَصَدَّقَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا. 1440 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا أَطْعَمَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ، لَهَا أَجْرُهَا، وَلَهُ مِثْلُهُ، وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ، لَهُ بِمَا اكْتَسَبَ، وَلَهَا بِمَا أَنْفَقَتْ». طرفه 1425 1441 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا أَنْفَقَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ طَعَامِ بَيْتِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ فَلَهَا أَجْرُهَا، وَلِلزَّوْجِ بِمَا اكْتَسَبَ، وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ». طرفه 1425 ـــــــــــــــــــــــــــــ أن يسلم بعده؛ كما تقدم في الباب قبله (طيبًا به نفسه) لا يحسده على ما أعطاه، ولا يؤخر العطاء، ولا يعبس في وجهه، كل هذه الأمور معتبرة (فهو أحد المتصدقين) -بفتح القاف- إما على التساوي والتشارك بقدر كده وسعيه؛ كما سلف هناك تحقيقه. باب أجر المرأة إذا تصدقت أو أطمعت من بيت زوجها غير مفسدة 1440 - روى في الباب حديث عائشة مرفوعًا: (إذا أطعمت المرأة من بيت زوجها غير مفسدة) والمراد بالإفساد الزيادة على المتعارف، وقد سلف الحديث مرارًا، وليس فيه زيادة إلا قيد المثلية في الأجر، وقد تقدم وجهه بان يكون السعي في ذلك والمال متماثلين، أو يعطي الله من خزائن فضله لكل منهما مثل الآخر سواء.

28 - باب قول الله تعالى (فأما من أعطى واتقى * وصدق بالحسنى * فسنيسره لليسرى * وأما من بخل واستغنى * وكذب بالحسنى * فسنيسره للعسرى)

28 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى) «اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقَ مَالٍ خَلَفًا». 1442 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى أَخِى عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِى مُزَرِّدٍ عَنْ أَبِى الْحُبَابِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلاَّ مَلَكَانِ يَنْزِلاَنِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الآخَرُ اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا». ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قول الله عزَّ وجل: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6)} [الليل: 5 - 8] أكثر النقلة على أنها نزلت في الصديق؛ حيث اشترى بلالًا وأعتقه. 1442 - (إسماعيل) هو ابن أُويس ابن أخت مالك (حدثني أخي) أخوه عبد الحميد (أبي مزرد) بضم الميم وفتح المعجمة وكسر المهملة المشددة واسمه عبد الرحمن (عن أبي الحباب) -بضم الحاء وتخفيف الباء- هو سعيد بن يسار (ما من يوم يصبح العباد فيه) أي: إلى يوم القيامة، وزيادة: من، أفادت الاستغراق (إلا ملكان ينزلان فيه). فإن قلت: ما المستثنى منه؟ قلت: قيل: خبر ما محذوف؛ وهو: ينزل أحد؛ أي: ليس يوم موصوف بكذا ينزل فيه أحد إلا ملكان، وهذا تقدير فاسد؛ إذ لا يلزم أن لا ينزل فيه إلا الملكان؛ بل ربما نزل فيه جبريل مرارًا، والصواب أن: "ملكان" فاعل فعل يفسره ما بعده، وتقديره: ما من يوم موصوف بكذا إلا مقيدًا بنزول الملكين فيه، فالجملة الواقعة بعد إلا في موضع الحال. (فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقًا [خَلَفًا]-بفتح الخاء واللام- العوض (ويقول الآخر: اللهم اعط ممسكًا تلفًا) أي: هلاك المال، وهذان الملكان نزولهما بإذن الله، ومقالتهما كذلك، فكيف لا يستجاب لهما منهما؟ بل هذا مُشاهد محسوس؛ فإن المنفق دائمًا

29 - باب مثل المتصدق والبخيل

29 - باب مَثَلِ الْمُتَصَدِّقِ وَالْبَخِيلِ 1443 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَثَلُ الْبَخِيلِ وَالْمُتَصَدِّقِ كَمَثَلِ رَجُلَيْنِ، عَلَيْهِمَا جُبَّتَانِ مِنْ حَدِيدٍ». وَحَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَثَلُ الْبَخِيلِ وَالْمُنْفِقِ كَمَثَلِ رَجُلَيْنِ، عَلَيْهِمَا جُبَّتَانِ مِنْ حَدِيدٍ، مِنْ ثُدِيِّهِمَا إِلَى تَرَاقِيهِمَا، فَأَمَّا الْمُنْفِقُ فَلاَ يُنْفِقُ إِلاَّ سَبَغَتْ - أَوْ وَفَرَتْ - عَلَى جِلْدِهِ حَتَّى تُخْفِىَ بَنَانَهُ وَتَعْفُوَ أَثَرَهُ، وَأَمَّا ـــــــــــــــــــــــــــــ مرزوق، والممسك محروم، ومصداقه الآية الكريمة {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ} [سبأ: 39]. فإن قلت: ما وجه ارتباط الحديث بالآية؟ قلت: المراد باليسرى الطاعة؛ ومنها الإنفاق في وجوه البر. باب مثل المتصدق والبخيل 1443 - (وهيب) بضم الواو مصغر (ابن طاوس) اسمه عبد الله (أبو الزناد) -بكسر الزاي بعدها نون-: عبد الله بن ذكوان (مثل البخيل والمنفق كمثل رجلين عليهما جبتان من حديد من ثُدِيِّهما إلى تراقيهما) المراد بالمثل الحال والصفة الغريبة، ففيه تشبيه الحال بالحال، والجبتان -بالباء الموحدة- ويروى "جنتان" -بالنون- أي: درعان، ورجح بعضهم هذه الرواية بذكر الحديث فإنه يناسب الدرع لا الجبة، وهذا وهم، فإن الرواية إنما هي بالباء في البخاري، والجبة أُريد بها جبة القتال، ولذلك ذكر معها الحديث، ولو كان جنة -بالنون- لم يحتج إلى ذكر الحديد. والتراقي: جمع ترقوة، قال الخليل: الترقوة ما بين ثعرة النحر والعاتق. والثُّدِيُّ -بضم الثاء وكسر الدال وتشديد الياء- جمع ثَدْي بفتح الثاء وسكون الدال. (فأما المنفق فلا ينفق إلا سبغت) أي: كملت؛ من السبوغ؛ وهو التمام (أو وفرت) أي: زادت على ما كانت -الشك من الراوي- (حتى تُخفي بنانه وتعفو أثره) أي: تستر

30 - باب صدقة الكسب والتجارة

الْبَخِيلُ فَلاَ يُرِيدُ أَنْ يُنْفِقَ شَيْئًا إِلاَّ لَزِقَتْ كُلُّ حَلْقَةٍ مَكَانَهَا، فَهُوَ يُوَسِّعُهَا وَلاَ تَتَّسِعُ». تَابَعَهُ الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ طَاوُسٍ فِي الْجُبَّتَيْنِ. أطرافه 1444، 2917، 5299، 5797 1444 - وَقَالَ حَنْظَلَةُ عَنْ طَاوُسٍ «جُنَّتَانِ». وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى جَعْفَرٌ عَنِ ابْنِ هُرْمُزٍ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «جُنَّتَانِ». طرفه 1443 30 - باب صَدَقَةِ الْكَسْبِ وَالتِّجَارَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ) إِلَى قَوْلِهِ (أَنَّ اللَّهَ غَنِىٌّ حَمِيدٌ). ـــــــــــــــــــــــــــــ أصابعه، وتمحو أثر البنان، يقال: عفا الشيء إذا كثر، وعفوته كثرته، لازم ومتعد (وأمَّا البخيل فلا يريد أن ينفق شيئًا إلا لزقت كل حلقة مكانها) أي: لا يقصد إخراج الشيء في سبيل الله إلا تخلف عن قصده ولم يساعده قلبه على ذلك، كمن عليه جبة لا يقدر على فك حلقها. واعلم أن المثلين من تشبيه المعقول بالمحسوس الذي يشاهدونه كل حين؛ من أن الدرع حين اللبس ينزل إلى التراقي والثدي، ثم بعد ذلك يوسع حتى ينزل إلى سائر البدن، وفيه إشارة إلى أن إيمان البخيل لا ينزل من تراقيه إلى صدره لينشرح به. فإن قلت: ما وجه الشبه القائم بالطرفين؟ قلت: نماء المال في المتصدق وعدمه في البخيل كالخير. وقيل: ستر العورة في المتصدق في الدنيا والآخرة، وعدمه في البخيل. والأظهر أن المشاركة بينهما سهولة الفعل، وازدياده شيئًا فشيئًا. باب صدقة الكسب والتجارة عطف التجارة على الكسب من الخاص على العام، لم يورد في الباب حديثًا واكتفى بقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} [البقرة: 267] وأهل التفسير على أن الآية نزلت في الأنصار، كان كل واحد منهم يعمد على قنو أردإ القنوات ويعلقه في المسجد لأصحاب الصفة صدقة، فنعى الله عليهم فعلهم ذلك، وصوره بأن لو كان لكم عند إنسان حق وأتى به في مثل الذي تجعلونه لله في الرداءة ما كنتم تقبلون إلا على وجه الكراهة، فإذا كان هذا حالكم فيما بينكم في المتاع الفاني، فكيف تعاملون به الذي خولكم النعم الفاخرة، أو كيف ترضون أن يكون مثله مدخرًا ليوم لا ينفع مال ولا بنون.

31 - باب على كل مسلم صدقة، فمن لم يجد فليعمل بالمعروف

31 - باب عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَعْمَلْ بِالْمَعْرُوفِ 1445 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ». فَقَالُوا يَا نَبِىَّ اللَّهِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ قَالَ «يَعْمَلُ بِيَدِهِ فَيَنْفَعُ نَفْسَهُ وَيَتَصَدَّقُ». قَالُوا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ قَالَ «يُعِينُ ذَا الْحَاجَةِ الْمَلْهُوفَ». قَالُوا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ. قَالَ «فَلْيَعْمَلْ بِالْمَعْرُوفِ، وَلْيُمْسِكْ عَنِ الشَّرِّ فَإِنَّهَا لَهُ صَدَقَةٌ». طرفه 6022 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب على كل مسلم صدقة فمن لم يجد فليعمل بالمعروف 1445 - (مسلم) ضد الكافر (عن أبي بردة) -بضم الباء وسكون الراء- ابن أبي موسى، واسمه عامر أو الحارث (على كل مسلم صدقة) أي: في كل يوم يصبح فيه، و: "على" تدل على اللزوم، ولذلك سألوا من حال عن لم يجد (يعين ذا الحاجة الملهوف) أي: المضطر، فإن الملهوف يطلق على المتحسر والمظلوم، إلا أن الأوفق بالمقام هو المضطر لذلك الحاجة معه. (فإن لم يجد فليعمل بالمعروف وليمسك عن الشر فإنها له صدقة) أي: هذه الفعلة؛ إمَّا فعل المعروف؛ وإما الإمساك عن الشر، فإن كف النفس عن المعاصي حسنة؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من همَّ بسيئة ثم تركها كتبت له حسنة"، ولقوله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41)} [النازعات:40،41]} وهذا محصل ما يروى الشفقة على خلق الله، والتعظيم لأمر الله. فإن قلت: في رواية مسلم: "وتجزئ عن ذلك كله ركعتا الضحى" فكيف النافلة تجزئ عن الفرائض؟. قلت: ذلك في مقابلة قوله: "في الإنسان ثلاثمائة وستون مفصلًا، يجب عليه التصدق بعددها" فأشار إلى أن من لم يقدر على شيء ركعتا الضحى تقوم مقامه؛ لأن فيها الجسد كله عامل.

32 - باب قدر كم يعطى من الزكاة والصدقة ومن أعطى شاة

32 - باب قَدْرُ كَمْ يُعْطَى مِنَ الزَّكَاةِ وَالصَّدَقَةِ وَمَنْ أَعْطَى شَاةً 1446 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ بُعِثَ إِلَى نُسَيْبَةَ الأَنْصَارِيَّةِ بِشَاةٍ فَأَرْسَلَتْ إِلَى عَائِشَةَ - رضى الله عنها - مِنْهَا فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «عِنْدَكُمْ شَىْءٌ». فَقُلْتُ لاَ إِلاَّ مَا أَرْسَلَتْ بِهِ نُسَيْبَةُ مِنْ تِلْكَ الشَّاةِ فَقَالَ «هَاتِ فَقَدْ بَلَغَتْ مَحِلَّهَا». طرفاه 1494، 2579 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قدر كم يعطي من الزكاة؟ ومن أعطى شاة 1446 - (أبو شهاب) عبد ربه بن نافع المدائني الحناط الأصغر. قال الغساني: وأمَّا أبو شهاب الأكبر واسمه: موسى بن نافع من أهل الكوفة الحناط أيضًا، ليس للبخاري عنه رواية إلا حديثًا واحدًا في كتاب الحج (خالد الحذاء) بفتح الحاء وتشديد الذَّال المعجمة (عن أم عطية قالت: بُعث إلى نسيبة الأنصارية بشاة) أي: من الصدقة، ونسيبة -بضم النون- مصغر: هي أم عطية راوية الحديث، ففي الكلام التفات من التكلم إلى الغيبة، فأرسلت أم عطية شيئًا من لحمها على طريق الهدية، فلما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنهم قدموا لهم من إدام البيت مع وجود اللحم الذي هو أشرف أنواع الأدم مع أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يحب اللحم وهنَّ عارفات بذلك، فسأل عن موجب تخلفهم عن ذلك، فقالوا: إنها صدقة، أنت لا تأكل الصدقة، فأجاب: بأن الصدقة إنما كانت على نسيبة (فقد بلغت محِلها) بكسر الحاء أي: مكان حلولها، أو مكان الحل ضد الحرمة. وتحقيق هذا: أن الأحكام الإلهية منوطة بالأشياء باعتبار أحوالها، لا بذواتها من حيث هي كالأحكام المنوطة بالرِّق والحرية وإن كان الكل أولاد آدم، والخمر والدبس والعصير؛ وإن كان الكل ماء العنب. فإن قلت: الصدقة أوساخ، ولا شكَّ أن المعنى موجود في لحم الشاة؟ قلت: زال عنه ذلك بعد وصف الهدية ألا ترى أن الذكاة تحلل اللحم والخنق يحرمهُ؛ مع أن الشاة بعينها فتأمل.

33 - باب زكاة الورق

33 - باب زَكَاةِ الْوَرِقِ 1447 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِىِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ مِنَ الإِبِلِ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ». حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرٌو سَمِعَ أَبَاهُ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ - رضى الله عنه - سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بِهَذَا. طرفه 1405 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب زكاة الورق فيه لغتان: بفتح الواو وكسر الراء، وفتح الواو وسكون الراء. 1447 - (المازني) -بكسر الزاي المعجمة- نسبة إلى مازن، اسم قبيلة (ليس فيما دون خمس ذود صدقة) الذود من الثلاثة إلى العشرة، خاصَّ بالإبل للتأكيد؛ كقوله: ابنُ لبون ذكر (وليس فيما دون خمس أواق) جمع أوقية -بضم الهمزة- أو وقية، وهي: وزن أربعين درهمًا، هذا موضع الاستدلال على الترجمة (وليس فيما دون خمسة أوسق صدقة) جمع وسق -بفتح الواو- والوسق: ستون صاعًا، والصاع: أربعة أمداد، وكل مدّ رطل وثلث، وكل رطل، مائة وثلاثون درهمًا تقريبًا، فما زاد فبحسابه عند الشافعي والإمامين أبي يوسف ومحمد، واعتبر أبو حنيفة [...] كما في السائمة، وسنذكر الأدلة في زكاة الإبل إن شاء الله تعالى. (حدثنا يحيى بن سعيد أخبرني عمرو، سمع أباه، عن أبي سعيد: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم -) فائدة هذا الطريق ذكر لفظ السَّماع والتحديث؛ فإنه يدفع وهم التدليس.

34 - باب العرض فى الزكاة

34 - باب الْعَرْضِ فِي الزَّكَاةِ وَقَالَ طَاوُسٌ قَالَ مُعَاذٌ - رضى الله عنه - لأَهْلِ الْيَمَنِ ائْتُونِى بِعَرْضٍ ثِيَابٍ خَمِيصٍ أَوْ لَبِيسٍ فِي الصَّدَقَةِ، مَكَانَ الشَّعِيرِ وَالذُّرَةِ أَهْوَنُ عَلَيْكُمْ، وَخَيْرٌ لأَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْمَدِينَةِ. وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «وَأَمَّا خَالِدٌ احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ وَأَعْتُدَهُ فِي سَبِيلِ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب زكاة العروض -بفتح العين وسكون الراء- ما عدا الدنانير والدراهم، والحيوان من المتاع، -وبفتح الراء- متاع الدنيا، والمراد هو الأول. (قال طاوس: قال معاذ لأهل اليمن: ائتوني بعرضٍ ثيابٍ خميصٍ) بتنوين ثياب وعرض، قال ابن الأثير: وغيره الثوب الخميس -بالسين والصاد- ثوب طوله خمسة أذرع. قالوا: وإنما سمي بهذا الاسم لأن من صنعه ملك باليمن يقال له خمسًا -بالكسر- وغرض البخاري إن كان الاستدلال على جواز أخذ القيمة في العروض؛ وبالعكس، كما ذهب إليه أبو حنيفة فلا يتم له؛ الآن طاوسًا لم يدرك معاذًا، ذكره الدارقطني. وقد روى مسلم والبخاري عن معاذ "إن الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم" فكيف يصح أن يقول معاذ الثياب خير لأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد أن أمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برد الزكاة بعد الأخذ من الأغنياء في الفقراء؟ والصواب ما رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه: أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن آخذ من كل حالم دينارًا أو عدله من الثياب على أنه جزية لا زكاة أموال المسلمين، فالذي رواه طاوس وقع فيه السهو في إبدال لفظ الصدقة، والصواب لفظ الجزية؛ ليوافق ما رواه عنه أرباب السنن كما نقلت. (وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: وأما خالد فقد احتبس أدراعه وأعتده) الأدراع جمع درع؛ والدرع: معروف، والأعتاد -بفتح الهمزة بعد العين مثناة من فوق- ويقال: الأعتد أيضًا جمع عتاد

اللَّهِ». وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «تَصَدَّقْنَ وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ». فَلَمْ يَسْتَثْنِ صَدَقَةَ الْفَرْضِ مِنْ غَيْرِهَا، فَجَعَلَتِ الْمَرْأَةُ تُلْقِى خُرْصَهَا وَسِخَابَهَا، وَلَمْ يَخُصَّ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ مِنَ الْعُرُوضِ. 1448 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى قَالَ حَدَّثَنِى ثُمَامَةُ أَنَّ أَنَسًا - رضى الله عنه - حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رضى الله عنه - كَتَبَ لَهُ الَّتِى أَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ - صلى الله عليه وسلم - «وَمَنْ بَلَغَتْ صَدَقَتُهُ بِنْتَ مَخَاضٍ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُ بِنْتُ لَبُونٍ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ، وَيُعْطِيهِ الْمُصَدِّقُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ شَاتَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ بِنْتُ مَخَاضٍ عَلَى وَجْهِهَا، وَعِنْدَهُ ابْنُ لَبُونٍ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ وَلَيْسَ مَعَهُ شَىْءٌ». أطرافه 1450، 1451، 1453، 1454، 1455، 2487، 3106، 5878، 6955 ـــــــــــــــــــــــــــــ -بفتح العين- وهو كل ما يُعد آلة للحرب. طلبوا من خالد الزكاة في دروعه وآلات حربه، فلم يؤد زكاتها، فشكوه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ليس عليه في ذلك زكاة، وفيه دليل على صحة وقف المنقول. (وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: تصدقن ولو من حليكن) هذا التعليق تقدم مسندًا في أبواب العيدين، وموضع الدلالة على ما أشار إليه البخاري أنه أوجب الزكاة في الحلي، وهذا الاستدلال لا يتم له؛ لأن الصدقة هنا صدقة التطوع، لا المقدارُ الواجب في الأموال، ألا ترى أنهن ألقين الحلي إليه من غير تقدير؟ وأجاب بعضهم: بأن مراد البخاري أنَّ ما كان مصروفًا في صدقة التطوع يجب الزكاة في جنسه؛ بجامع سدِّ حاجة المستحق (فجعلت المرأة تلقي خرصها وسخابها) الخرص -بضم الخاء وكسرها- الحلقة الصغيرة في الأُذن. والسخاب -بكسر السين-: القلادة. 1448 - (ثمامة) بضم الثاء المثلثة (بنت مخاض) -بفتح الميم- قال الجوهري: المخاض: الحوامل من النوق، ولا واحد له من لفظه، قال: والواحد الخلفة بكسر اللام (بنت لبون) ما كمل لها سنتان، وأمها ذات لبون؛ لأنها ولدت غيرها، والذكر ابن لبون (والمصدق) -بتخفيف الصاد وتشديد الدال الثاني- الذي يأخذ الصدقة من أرباب الأموال،

35 - باب لا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع

1449 - حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِى رَبَاحٍ قَالَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَصَلَّى قَبْلَ الْخُطْبَةِ، فَرَأَى أَنَّهُ لَمْ يُسْمِعِ النِّسَاءَ، فَأَتَاهُنَّ وَمَعَهُ بِلاَلٌ نَاشِرَ ثَوْبِهِ فَوَعَظَهُنَّ، وَأَمَرَهُنَّ أَنْ يَتَصَدَّقْنَ، فَجَعَلَتِ الْمَرْأَةُ تُلْقِى، وَأَشَارَ أَيُّوبُ إِلَى أُذُنِهِ وَإِلَى حَلْقِهِ. طرفه 98 35 - باب لاَ يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ وَلاَ يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ وَيُذْكَرُ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلُهُ. 1450 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى قَالَ حَدَّثَنِى ثُمَامَةُ أَنَّ أَنَسًا - رضى الله عنه - حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رضى الله عنه - كَتَبَ لَهُ الَّتِى فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «وَلاَ يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ، وَلاَ يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ، خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ». طرفه 1448 ـــــــــــــــــــــــــــــ وما يعطيه المالك للمصدق، أو المصدق للمالك، يسمى جبرانًا -بضم الجيم- لأنه يجبر النقصان، وتقدير الشارع ذلك بعشرين درهمًا أو شاتين قطعًا لنزاع كما في إعطاء صاع من التمر في لبن المصراة. باب لا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع هذه الترجمة بعض حديث أسنده في الباب. (ويذكر عن سالم عن ابن عمر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثله) أي: مثل ما في الترجمة، وهذا التعليق عن ابن عمر رواه الترمذي مسندًا. 1450 - (ثمامة) بضم المثلثة. روى في الباب حديث أنس: (أن أبا بكر كتب له الصدقة التي فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) وموضع الدلالة: (ولا يجمع بين متفرق، ولا يفرق بين مجتمع، خشية الصدقة) نصب على المفعول له، وقد تنازع فيه الفعلان. اختلف العلماء في

36 - باب ما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية

36 - باب مَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ وَقَالَ طَاوُسٌ وَعَطَاءٌ إِذَا عَلِمَ الْخَلِيطَانِ أَمْوَالَهُمَا فَلاَ يُجْمَعُ مَالُهُمَا. وَقَالَ سُفْيَانُ لاَ يَجِبُ حَتَّى يَتِمَّ لِهَذَا أَرْبَعُونَ شَاةً، وَلِهَذَا أَرْبَعُونَ شَاةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ تأويل هذا الحديث؛ فقال مالك: مثاله أن يكون ثلاثة نفر لكل لك واحد أربعون شاة لو أبقوها على الانفراد كان على كل واحدة شاة، فإذا جمعوها كان على الكل شاة واحدة، وعكسه أن يكون لكل واحد مائة وأحد وعشرون شاة، فإذا جمعوها كان على كل واحد شاة، فإذا فرقوها على كل واحد شاتان. وقال الشافعي: نهى الساعي في الصورة الأولى أن يفرق ليأخذ من كل واحد شاة، ولا يجمع في الصورة الثانية ليأخذ ثلاث شياه، ولا خلاف في المعنى؛ إلا أن الشافعي وجَّه كأن النهي إلى الساعي؛ ومالك إلى المالك، وحجَّ بعضهم طريقة مالك لقوله: "خشية"، فإنَّ الذي يخشى هو المالك لئلا تكثر عليه الصدقة، وفيه نظر؛ لأنه كما يخشى المالك من كثرة الصدقة، كذلك يخشى الساعي من قلتها، والآخذ هو الساعي، فالنهي إنما يتوجه إليه؛ كما اختاره الشافعي، ألا ترى إلى قوله - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ: "إياك وكرائم الأموال"؛ وأما أبو حنيفة فلم يقل بخلطة الجوار، وأوَّل الحديث بأن يكون بين رجلين أربعون شاة شركة، فإذا فرقوها تسقط الزكاة. ومعنى "لا يفرق بين مجتمع" أن يكون للرجل مائة وعشرون شاة، فإن فرقها المصدق كان فيها ثلاث شياه، وسيأتي في الباب الذي بعده الإشكال على تأويله. باب ما كان خليطين فإنهما يتراجعان (وقال عطاء وطاوس إذا علم الخليطان أموالهما فلا يجمع مالهما) هذا إن حمل على عدم العلم بالمقدار، فلا يتصور التراجع الذي بعده في الحديث، فيجب حمله على عدم العلم بأعيانها بعد العلم بالمقدار (وقال سفيان: لا يثبت حتى يتم لهذا أربعون، ولهذا أربعون) وبه قال مالك تمسكًا بقوله: "ليس فيما دون أربعين زكاة" وحمله القائلون بالخلطة

37 - باب زكاة الإبل

1451 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى قَالَ حَدَّثَنِى ثُمَامَةُ أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رضى الله عنه - كَتَبَ لَهُ الَّتِى فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ». طرفه 1448 37 - باب زَكَاةِ الإِبِلِ ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ وَأَبُو ذَرٍّ وَأَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنهم - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 1452 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - أَنَّ أَعْرَابِيًّا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْهِجْرَةِ فَقَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ على ما إذا لم يخلط؛ فإن الخلط يجعل المال الواحد في حكم الزكاة. 1451 - ثم روى حديث أنس المتقدم في الباب قبله وموضع الدلالة قوله: (وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بالسوية) والمراد بالسوية: مقدار المالين؛ كالنصف والثلث، إذ ربما كان لأحدهما عشرة، ولآخر ثلاثين، وهذا نصٌّ في أن الخلطة خلطة جوار؛ إذ لو كانت شركة كما قاله أبو حنيفة لم يكن هناك تراجع؛ لأن الشاة المُخرجة بشركة على أي قدر كان فهي واقعة عنهما على قدر المالين؛ فتأمل، ولا تتم الخلطة إلا إذا اتحد المراح والمسرح والمشرب والمحلب والراعي والفحل. باب زكاة الإبل -بكسر الهمزة وسكون الباء وكسرها- جمع لا مفرد له من لفظه (ذكره أبو بكر وأبو ذر وأبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -) التعليق عن هؤلاء رواه البخاري مسندًا في مواضع. 1452 - (الأوزاعي) -بفتح الهمزة- عبد الرحمن، إمام أهل الشام في زمانه (عن عطاء بن يزيد) من الزيادة (الخدري) بدال مهملة وخاء معجمة (أن أعرابيًّا سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) الأعراب: سكان البوادي، لا مفرد له (عن الهجرة) أي: عن فضلها (فقال:

38 - باب من بلغت عنده صدقة بنت مخاض وليست عنده

«وَيْحَكَ، إِنَّ شَأْنَهَا شَدِيدٌ، فَهَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ تُؤَدِّى صَدَقَتَهَا». قَالَ نَعَمْ. قَالَ «فَاعْمَلْ مِنْ وَرَاءِ الْبِحَارِ فَإِنَّ اللَّهَ لَنْ يَتِرَكَ مِنْ عَمَلِكَ شَيْئًا». أطرافه 2633، 3923، 6165 38 - باب مَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ بِنْتِ مَخَاضٍ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ 1453 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى قَالَ حَدَّثَنِى ثُمَامَةُ أَنَّ أَنَسًا - رضى الله عنه - حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رضى الله عنه - كَتَبَ لَهُ فَرِيضَةَ الصَّدَقَةِ الَّتِى أَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ مِنَ الإِبِلِ صَدَقَةُ الْجَذَعَةِ، وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ جَذَعَةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ ويحك! إن شأنها شديد) لأنه ترك الوطن، ومفارقته الأصحاب والأحباب إلى دار الغربة، وقولهم: ويحك: كلمة زجر، وهذا إنما كان قبل الفتح؛ لأن بعد الفتح لا هجرة. فإن قلت: الهجرة قبل الفتح كانت واجبة؟ قلت: كانت واجبة على أهل مكة، وهي واجبة على من لا يمكنه إظهار دينه إلى يوم القيامة. وهذا السائل كان أعرابيًّا، وعلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّ سكناه بالمدينة تشق عليه، وسأل عن قدرته على إقامة دينه، فأجابه بأنه قادر، ولذلك قال له: (اعمل من وراء البحار؛ فإن الله لن يترك من عملك شيئًا) البحار: جمع البحر والبحر البلد، وقد جاء في الحديث ذكره في هذا المعنى في البخاري وغيره، قال ابن الأثير: العرب تسمي المدن والقرى البحار، ومن لم يقف على هذا سأل، وأشكل عليه أن وراء البحار لا يسكن أحد، وتكلف في الجواب بما لا ضرورة فيه، ومعنى "لا يترك " لا ينقصك، قال تعالى: {وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 35] ويروى بسكون التاء من الترك. باب من بلغت عنده صدقة بنت مخاض وليست عنده 1453 - روى في الباب حديث أنس ([أن] أبا بكر كتب له فريضة الصدقة التي أمر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) وقد سلف آنفًا بشرحه، لكن نشير إلى بعض ألفاظه. تقدم في الأبواب السَّابقة: "الصدقة التي فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) وهنا قال: (فرض الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -)، والتحقيق: أن لا حكم إلا الله، وإسناد أمثاله إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حيث إنه مبلغ أحكامه، والواسطة بين الله وبين عباده (الجذعة) -بفتح الجيم والذال والعين- من الإبل ما كملت لها أربع سنين وطعنت في الخامسة من الجذع؛ وهو القوة، وحداثة السن، قال الجوهري:

وَعِنْدَهُ حِقَّةٌ، فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ الْحِقَّةُ وَيَجْعَلُ مَعَهَا شَاتَيْنِ إِنِ اسْتَيْسَرَتَا لَهُ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا، وَمَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ الْحِقَّةِ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ الْحِقَّةُ وَعِنْدَهُ الْجَذَعَةُ، فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ الْجَذَعَةُ، وَيُعْطِيهِ الْمُصَدِّقُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ شَاتَيْنِ، وَمَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ الْحِقَّةِ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ إِلاَّ بِنْتُ لَبُونٍ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ بِنْتُ لَبُونٍ، وَيُعْطِى شَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا، وَمَنْ بَلَغَتْ صَدَقَتُهُ بِنْتَ لَبُونٍ وَعِنْدَهُ حِقَّةٌ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ الْحِقَّةُ وَيُعْطِيهِ الْمُصَدِّقُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ شَاتَيْنِ، وَمَنْ بَلَغَتْ صَدَقَتُهُ بِنْتَ لَبُونٍ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُ بِنْتُ مَخَاضٍ، فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ بِنْتُ مَخَاضٍ وَيُعْطِى مَعَهَا عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ شَاتَيْنِ». طرفه 1448 ـــــــــــــــــــــــــــــ الجذعة: اسم لها في زمن لا ينبت فيه سن ولا يسقط، وبه سقط ما يقال: إنما سميت بذلك لسقوط أسنانها، والظاهر أنه اشتبه عليه بالدال المهملة؛ فإن الجذع سقوط الأطراف؛ كما في الحديث: "اسمعوا وأطيعوا وإن ولي عليكم عبد مجذع الأطراف". (وعنده حقة) -بكسر الحاء- التي تمت لها ثلاث سنين وطعنت في الرابعة، سميت بذلك إمَّا لأنها استحقت طروق الفحل؛ أو لأنها استحقت الركوب والحمل، والأول هو الظاهر؛ لما في بعض الروايات "حقة طروقه الجمل" وبنت لبون، وبنت مخاض، قد سبقت الإشارة إلى وجه التسوية. فإن قلت: وضع الباب فيمن بلغت صدقته بنت مخاض وليست عنده، وليس لذلك ذكر في الحديث؟ قلت: قد أشرنا مرارًا إلى أنَّ دأبه الاستدلال بما في دلالته خفاء، وقد ذكر في الحديث أن من وجبت عليه بنت لبون ولم يوجد عنده يُؤخذ منه بنت مخاض مع عشرين درهمًا جبرانًا فعلم منه حكم العكس؛ وهو أنَّ من عليه بنت مخاض ولم توجد عنده تؤخذ منه بنت لبون، ويعطى السَّاعي عشرين درهمًا جبرانًا، وكذا عكس المراتب المقدمة، يعلم من الأمثلة المذكورة فكما ينزل من الجذعة إلى الحقة فكذلك يصعد منها إلى الجذعة، فمن نسب الغفلة إلى البخاري فقد غفل عن دقة نظره، وإذا علم الصعود والنزول بدرجة يقاس عليه الأكثر.

39 - باب زكاة الغنم

39 - باب زَكَاةِ الْغَنَمِ 1454 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُثَنَّى الأَنْصَارِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى قَالَ حَدَّثَنِى ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رضى الله عنه - كَتَبَ لَهُ هَذَا الْكِتَابَ لَمَّا وَجَّهَهُ إِلَى الْبَحْرَيْنِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ «هَذِهِ فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ الَّتِى فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَالَّتِى أَمَرَ اللَّهُ بِهَا رَسُولَهُ، فَمَنْ سُئِلَهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى وَجْهِهَا فَلْيُعْطِهَا، وَمَنْ سُئِلَ فَوْقَهَا فَلاَ يُعْطِ فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الإِبِلِ فَمَا دُونَهَا مِنَ الْغَنَمِ مِنْ كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ، إِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ إِلَى خَمْسٍ وَثَلاَثِينَ فَفِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ أُنْثَى، فَإِذَا بَلَغَتْ سِتًّا وَثَلاَثِينَ إِلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ فَفِيهَا بِنْتُ لَبُونٍ أُنْثَى، فَإِذَا بَلَغَتْ سِتًّا وَأَرْبَعِينَ إِلَى سِتِّينَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب زكاة الغنم فإن قلت: السوم واقع في الحديث، فلم لم يذكره في الترجمة؟ قلت: لعدم المخالف؛ فإن أبا حنيفة وإن لم يقل بمفهوم الصفة؛ إلا أنه قائل به؛ بمعنى أن العلوفة باقية على عدم الوجوب بحسب الأصل، وهو العدم الأصلي، واتفقت الأئمة على السوم سوى مالك. 1454 - [روى] في الباب حديث أنس المتقدم، لكن بأطول طرقه (أنَّ أبا بكر كتب له الكتاب حين وجهه إلى البحرين) -بفتح الراء وكسر النون- بلد بين بحر فارس والهند (هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المسلمين، والتي أمر الله بها رسوله - صلى الله عليه وسلم -). فإن قلت: هل في إسناد الفرض إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والأمر إلى الله من نكتة؟ قلت: الأمر حقيقة هو الله؛ إذ هو الحاكم، ومعنى الفرض التقدير، وبيان المقادير إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (فمن سئلها على وجهها) أي: على ما بينه الشارع (في خمس وعشرين من الإبل فما دونها من الغنم) أي: زكاة الإبل فيما دون خمس وعشرين إنما يخرج من جنس الغنم، ففي كل خمس من الإبل شاة (بنت مخاض أنثى). فإن قلت: بنت مخاض لا تكون إلا أنثى؟ قلت: قيل إنه للتأكيد، وفيه بعد؛ إذ ليس الموضع يقتضي ذلك، وقيل: احتراز من الخنثى، وقيل: لئلا يتوهم أنه يطلق على الذكر أيضًا، مثل بنت طبق وهي السلحفاة، وهذا أقرب، فإن الجوهري ذكر أن ابن مخاض وابن لبون يجمعان على بنات مخاض وبنات لبون، ومنه يظهر الاشتباه.

فَفِيهَا حِقَّةٌ طَرُوقَةُ الْجَمَلِ، فَإِذَا بَلَغَتْ وَاحِدَةً وَسِتِّينَ إِلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ فَفِيهَا جَذَعَةٌ، فَإِذَا بَلَغَتْ - يَعْنِى - سِتًّا وَسَبْعِينَ إِلَى تِسْعِينَ فَفِيهَا بِنْتَا لَبُونٍ، فَإِذَا بَلَغَتْ إِحْدَى وَتِسْعِينَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِيهَا حِقَّتَانِ طَرُوقَتَا الْجَمَلِ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِى كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ، وَفِى كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ إِلاَّ أَرْبَعٌ مِنَ الإِبِلِ فَلَيْسَ فِيهَا صَدَقَةٌ، إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا، فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا مِنَ الإِبِلِ فَفِيهَا شَاةٌ، وَفِى صَدَقَةِ الْغَنَمِ فِي سَائِمَتِهَا إِذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ شَاةٌ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ إِلَى مِائَتَيْنِ شَاتَانِ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى مِائَتَيْنِ إِلَى ثَلاَثِمِائَةٍ فَفِيهَا ثَلاَثُ شياه، ـــــــــــــــــــــــــــــ (طروقة الجمل) وفي رواية أبي داود: "طروقة الفحل" فعول بمعنى المفعول، التي ضربها الفحل (فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة) وعند أبي حنيفة إذا زادت على عشرين ومائة يستأنف الفريضة، ففي كل خمس شاة مع الحقتين إلى أن يبلغ إلى أربع وعشرين ففيه بنت مخاض مع ما كان من الحقتين إلى مائة وخمسين، ثم يستأنف الفريضة وهكذا، وهو مخالف لحديث أنس، واستدل على ما ذهب إليه بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتب في آخر كتاب ابن حزم: "فما كان أقل من ذلك ففي كل خمس شاة". قال الطبري: وحديث أنس عليه العمل؛ لأنه موافق لرواية الزهري عن سالم عن ابن عمر عن كتاب عمر. (إلا أن يشاء ربها) استثناء منقطع؛ أي: لكن إن شاء ربها أن يتصدق تبرعًا لا حجر عليه في ذلك (وفي صدقة الغنم في سائمها). فإن قلت: ما السَّوم؟ قلت: أن تريع الماشية في الصحراء، يقال: سامت الماشية وأسَمْتُها، إلا أن الشافعي اعتبر جميع الحول، وأبو حنيفة وأحمد أكثر الحول، ولو علفها فوق السوم لا يقدح إذا كانت تقدر أن تعيش بدونه، وأوجب مالك الزكاة على المعلوفة أيضًا، ودليل الجمهور ما رواه الدَّارقطني: "ليس في الحوامل والعوامل والعلوفة صدقة". فإن قلت: أبو حنيفة لا يقول بمفهوم الصفة، فكيف قال باشتراط السوم؟ قلت: استدل به عليه بالعمومات، وأخرج العوامل والمعلوفة بالحديث المتقدم.

40 - باب لا تؤخذ فى الصدقة هرمة ولا ذات عوار ولا تيس إلا ما شاء المصدق

فَإِذَا زَادَتْ عَلَى ثَلاَثِمِائَةٍ فَفِى كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ، فَإِذَا كَانَتْ سَائِمَةُ الرَّجُلِ نَاقِصَةً مِنْ أَرْبَعِينَ شَاةً وَاحِدَةً فَلَيْسَ فِيهَا صَدَقَةٌ، إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا، وَفِى الرِّقَةِ رُبْعُ الْعُشْرِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ إِلاَّ تِسْعِينَ وَمِائَةً فَلَيْسَ فِيهَا شَىْءٌ، إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا». طرفه 1448 40 - باب لاَ تُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ هَرِمَةٌ وَلاَ ذَاتُ عَوَارٍ وَلاَ تَيْسٌ إِلاَّ مَا شَاءَ الْمُصَدِّقُ 1455 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى قَالَ حَدَّثَنِى ثُمَامَةُ أَنَّ أَنَسًا - رضى الله عنه - حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رضى الله عنه - كَتَبَ لَهُ {الصَّدَقَةَ} الَّتِى أَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ - صلى الله عليه وسلم - «وَلاَ يُخْرَجُ فِي الصَّدَقَةِ هَرِمَةٌ، وَلاَ ذَاتُ عَوَارٍ، وَلاَ تَيْسٌ، إِلاَّ مَا شَاءَ الْمُصَدِّقُ». طرفه 1448 41 - باب أَخْذِ الْعَنَاقِ فِي الصَّدَقَةِ 1456 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ ح وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ (وفي الرقة) -بكسر الراء وتخفيف القاف- الفضة؛ أصله: ورقة، حذفت منه الواو؛ كما في عدَّة. باب لا تؤخذ في الصدقة هرمة، ولا ذات عوار، ولا تيس، إلا ما شاء المصدق 1455 - روى حديث أنس المتقدم مختصرًا (والهرمة) التي بلغت غاية السن (ولا ذات عور) بفتح العين وحكى فيه الجوهري الضم: العيب. والتيس: الفحل من المعز، ولم يذكر الكبش فيجوز أن يكون إطلاق التيس مُتناولًا له، من إطلاق المقيد على المطلق، وهذه القيود إنما لم تعتبر إذا لم تكن الشياه كلها من هذا القبيل؛ وأمَّا إذا كان الكل على هذا النمط فلا يكلف تحصيل ما فوقه (إلا ما شاء المصدق) بتخفيف الصاد أي: الساعي، والعيوب المذكورة هي التي تمنع التضحية. باب أخذ العناق في الصدقة 1457 - روى في الباب حديث أبي هريرة في قتال أبي بكر مانعي الزكاة، وقد سلف الحديث في أول باب الزكاة، وموضع الدلالة هنا قول الصديق:

42 - باب لا تؤخذ كرائم أموال الناس فى الصدقة

مَسْعُودٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِى عَنَاقًا كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهَا. طرفه 1400 1457 - قَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه - فَمَا هُوَ إِلاَّ أَنْ رَأَيْتُ أَنَّ اللَّهَ شَرَحَ صَدْرَ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنه - بِالْقِتَالِ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ. طرفه 1399 42 - باب لاَ تُؤْخَذُ كَرَائِمُ أَمْوَالِ النَّاسِ فِي الصَّدَقَةِ 1458 - حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِىٍّ عَنْ أَبِى مَعْبَدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا بَعَثَ مُعَاذًا - رضى الله عنه - عَلَى الْيَمَنِ قَالَ «إِنَّكَ تَقْدَمُ عَلَى قَوْمٍ أَهْلِ كِتَابٍ، فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ عِبَادَةُ اللَّهِ، فَإِذَا عَرَفُوا اللَّهَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي يَوْمِهِمْ ـــــــــــــــــــــــــــــ (لو منعوني عناقًا كانوا يؤدونها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلتهم) العناق -بفتح العين- ولد المعز إذا أتى عليه أربعة أشهر، قيل: إنما هو على وجه المبالغة وإلا حولان، الحول شرط فكيف يمكن أن يكون العناق مأخوذًا، وهذا يرده ظاهر لفظ: عناقًا كانوا يؤدونها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال الشافعي: حول النتاج تابع لحول الأصول، فإذا ماتت الأمهات بعد تمام الحول تؤخذ الزكاة من الصغار. باب لا تؤخذ كرائم أموال الناس في الصدقة 1458 - (أمية) بضم الهمزة وتشديد الياء المفتوحة (بسطام) بكسر الباء وفتحها (يزيد بن زريع) مصغر زرع (روح) بفتح الراء وسكون الواو (صيفي) بصاد مهملة (عن أبي معبد) بفتح الميم وسكون العين: مولى ابن عباس، واسمه نافذ بالنون والفاء والذال المعجمة (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما بعث معاذًا على اليمن) ضُمن البعث معنى الولاية، فعداه بعلى (فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله) أي: معرفته بصفاته، وأفعاله اللائقة بجلاله، بدليل قوله: (فإذا عرفوا الله). وهذا الحديث قد سلف في أول كتاب الزكاة، وموضع الدلالة هنا قوله:

43 - باب ليس فيما دون خمس ذود صدقة

وَلَيْلَتِهِمْ، فَإِذَا فَعَلُوا، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْهُمْ زَكَاةً {تُؤْخَذُ} مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، فَإِذَا أَطَاعُوا بِهَا فَخُذْ مِنْهُمْ، وَتَوَقَّ كَرَائِمَ أَمْوَالِ النَّاسِ». طرفه 1395 43 - باب لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ 1459 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى صَعْصَعَةَ الْمَازِنِىِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنَ التَّمْرِ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنَ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ مِنَ الإِبِلِ صَدَقَةٌ». طرفه 1405 44 - باب زَكَاةِ الْبَقَرِ وَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لأَعْرِفَنَّ مَا جَاءَ اللَّهَ رَجُلٌ بِبَقَرَةٍ لَهَا خُوَارٌ». ـــــــــــــــــــــــــــــ (توق كرائم أموالهم) قال ابن الأثير: الكرم جمع صفات الكمال، والمراد به في الحديث النفائس التي تتعلق بها نفس مالكها بجمعها الكمال الممكن في حقها جمع كريمة، ومحصله أن المالك يتضرر بأخذها. باب ليس فيما دون خمس ذود صدقة قد سلف الحديث في باب ما أدي زكاته ليس بكنز. أن الذود -بالذال المعجمة- ما بين الثلاث إلى العشر في الإبل خاصة. 1459 - (صعصعة) بصاد وعين مكررتين. باب زكاة البقر (أبو حميد) -بضم الحاء- مصغر، الساعدي الصحابي المكرم، واسمه المنذر، وقيل: عمرو، وقيل: عبد الرَّحمن (أعرف) وفي بعضها "لأعرفن" (ما جاء رجل ببقرة لها خوار)

وَيُقَالَ جُؤَارٌ (تَجْأَرُونَ) تَرْفَعُونَ أَصْوَاتَكُمْ كَمَا تَجْأَرُ الْبَقَرَةُ. 1460 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنِ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ أَبِى ذَرٍّ - رضى الله عنه - قَالَ انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ - أَوْ وَالَّذِى لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ، أَوْ كَمَا حَلَفَ - مَا مِنْ رَجُلٍ تَكُونُ لَهُ إِبِلٌ أَوْ بَقَرٌ أَوْ غَنَمٌ لاَ يُؤَدِّى حَقَّهَا إِلاَّ أُتِىَ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْظَمَ مَا تَكُونُ وَأَسْمَنَهُ، تَطَؤُهُ بِأَخْفَافِهَا، وَتَنْطَحُهُ بِقُرُونِهَا، كُلَّمَا جَازَتْ أُخْرَاهَا رُدَّتْ عَلَيْهِ أُولاَهَا، حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ». رَوَاهُ بُكَيْرٌ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 6638 ـــــــــــــــــــــــــــــ -بالخاء- ويروى: (جؤار) بالجيم، الأول: صوت البقر؛ والثاني: أعم؛ كل صوت ارتفع، و"ما" في "ما جاء" مصدرية؛ والمعنى: على النهي؛ أي: لا يكون أحد بهذه الصفة، وعلى الرواية الأخرى قسم؛ أي: ليكونن هذا لا بدَّ منه في أمته. 1460 - (غياث) بكسر الغين آخره ثاء مثلثة (عن المعرور بن سويد) بالغين المهملة (قال: انتهيت إليه، قال: والذي نفسي بيده، أو والذي لا إله غيره، أو كما حلف) أي: لم يضبط كيفية يمينه؛ القائل: أبو ذر، والحالف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفي رواية مسلم أظهر، ووقع في شرح شيخنا ابن حجر أن القائل معرور؛ والحالف أبو ذر، وهو سهو ظاهر (ما من رجل يكون له إبل، أو بقر، أو غنم لا يؤدي حقها) أعم من الزكاة؛ ولذلك جاء في رواية مسلم: "ومن حقها حلبها يوم وردها" أي: وقت ورودها على الماء، قال ابن الأثير: أي: يصيب الفقراء والمستحقون من لبنها أعظم ما يكون (وأسمنها) جمع بين الوصفين؛ دلالة على الكمال كمًّا وكيفًا (حتى يقضى بين العباد) في رواية مسلم "في يوم مقداره خمسون ألف سنة".

45 - باب الزكاة على الأقارب

45 - باب الزَّكَاةِ عَلَى الأَقَارِبِ وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَهُ أَجْرَانِ أَجْرُ الْقَرَابَةِ وَالصَّدَقَةِ». 1461 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - يَقُولُ كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ الأَنْصَارِ بِالْمَدِينَةِ مَالاً مِنْ نَخْلٍ، وَكَانَ أَحَبَّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرُحَاءَ وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ الْمَسْجِدِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ قَالَ أَنَسٌ فَلَمَّا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) قَامَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: لم يذكر مقدار زكاة البقر ولا السوم؟ قلت: لم يقع له، وقد رواه أصحاب السنن عن معاذ: "في كل ثلاثين تبيع، وفي كل أربعين مسنة" وأما السوم حكمه فقد علم من الغنم، وقد روينا عن الدارقطني: "لا زكاة في العوامل والعلوفة". باب الزكاة على الأقارب (وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: له أجران؛ القرابة والصدقة) أي: أجر القرابة، وأجر الصدقة، رواه مسندًا في موضع آخر، وفي آخر الباب ما هو بمعناه. 1461 - (كان أبو طلحة أكثر الأنصار مالًا من نخل) انتصاب مالًا على التمييز، ومن نخل: بيان له (وكان أحب أمواله إليه بيرحاء) بانتصاب أحب على أنه خبر كان، ويروى بالرفع، والنصبُ أحسن؛ لأن الغرض الإخبار عن بيرحاء بالأحبية اسم تفضيل من بناء المفعول؛ أي: أشد محبوبية. قال ابن الأثير: اختلفوا في ضبط بيرحاء رووها بفتح الباء وكسرها، وفتح الراء وضمها والمد فيها، وبفتحها والقصر؛ وهى: حديقة من حدائق المدينة (وكانت مستقبلة مسجد رسول لله - صلى الله عليه وسلم -، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب) بالجر صفة ماء، وقع الفصل بينهما بالظرف، ولعلَّ النكتة في التقديم الاهتمام بوجود

اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِى إِلَىَّ بَيْرُحَاءَ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ، فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ. قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «بَخْ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، وَقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ وَإِنِّى أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الأَقْرَبِينَ». فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِى عَمِّهِ. تَابَعَهُ رَوْحٌ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَإِسْمَاعِيلُ عَنْ مَالِكٍ رَايِحٌ. أطرافه 2318، 2752، 2758، 2769، 4554، 4555، 5611 ـــــــــــــــــــــــــــــ الماء؛ فإنه أعزُّ شيء عندهم في الحدائق (أرجو برَّها) أي: ثوابها، من إطلاق السبب على المسبب (وذخرها) -بضم الذال المعجمة- هو مصدر ذخر، في الأصل أطلق على المال المدخر لوقت الحاجة. (بخ) -بفتح الباء وسكون الحاء المعجمة- قال ابن الأثير: كلمة تقال عند مدح الشيء، والرضى به، مبنية على السكون، فإذا وصلت بما بعدها جرت ونونت، وربما شددت (ذلك مالٌ رابح، ذلك مال رابح) -بالباء الموحدة- أي: ذو ربح، بشره بثواب الآخرة الذي قصده، ويروى بالياء المثناة، من الرواح؛ أي: يروح عليك نفعه (فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه). فإن قلت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (اجعلها في الأقربين) فكيف صرفها إلى بني عمه؟ قلت: الأقربية أمر نسبي كان بنو عمه الذين أعطاهم أقرب ممن بعدهم، وسيأتي عن أنس: لم يعطني منه شيئًا؛ مع أنه من بني عمه، أويجعل عطف بني عمه تفسيريًّا. فإن قلت: سيأتي في البخاري: أن أبا طلحة أعطاها ذوي رحمه، وبنو عمه ليسوا ذوي المحارم؟ قلت: سيأتي أيضًا أنه قسمها في أبي بن كعب، وحسان، وهما من بني عمه، والتحقيق في هذا المقام أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ذكر الأقربين أولًا، ثم عمم، ولذلك جاء في رواية أنه قال: "اجعلها في فقراء قرابتك". (روح) بفتح الراء وسكون الواو.

1462 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ أَخْبَرَنِى زَيْدٌ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي أَضْحًى أَوْ فِطْرٍ إِلَى الْمُصَلَّى ثُمَّ انْصَرَفَ فَوَعَظَ النَّاسَ وَأَمَرَهُمْ بِالصَّدَقَةِ فَقَالَ «أَيُّهَا النَّاسُ تَصَدَّقُوا». فَمَرَّ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ «يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ، فَإِنِّى رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ». فَقُلْنَ وَبِمَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ، مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الْحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ». ثُمَّ انْصَرَفَ فَلَمَّا صَارَ إِلَى مَنْزِلِهِ جَاءَتْ زَيْنَبُ امْرَأَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ تَسْتَأْذِنُ عَلَيْهِ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذِهِ زَيْنَبُ فَقَالَ «أَىُّ الزَّيَانِبِ». فَقِيلَ امْرَأَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ. قَالَ «نَعَمِ ائْذَنُوا لَهَا». فَأُذِنَ لَهَا قَالَتْ يَا نَبِىَّ اللَّهِ إِنَّكَ أَمَرْتَ الْيَوْمَ بِالصَّدَقَةِ، وَكَانَ عِنْدِى حُلِىٌّ لِى، فَأَرَدْتُ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهِ، فَزَعَمَ ابْنُ مَسْعُودٍ أَنَّهُ وَوَلَدَهُ أَحَقُّ مَنْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَلَيْهِمْ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «صَدَقَ ابْنُ مَسْعُودٍ، زَوْجُكِ وَوَلَدُكِ أَحَقُّ مَنْ تَصَدَّقْتِ بِهِ عَلَيْهِمْ». طرفه 304 ـــــــــــــــــــــــــــــ 1462 - (ابن أبي مريم) اسمه سعيد (عياض) بكسر العين وضاد معجمة (عن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج إلى المصلى في فطر أو أضحى بعدما انصرف من الصلاة، وعظ النساء، وأمرهن بالصدقة) وقد سلف الحديث في أبواب العيدين مع شرحه مستوفى (وتكفرن العشير) أي: إحسانه؛ هو: الزوج، فعيل بمعنى المفاعل؛ كالجليس بمعنى المجالس (أذْهَبُ للبِّ الرجل الحازم) أي: أشدُّ ذهابًا، اسم تفضيل من المزيد، وهو قياس عند سيبويه، شاذ عند غيره، واللبُّ: العقل، ولبُّ كل شيء: خلاصته. فإن قلت: ليس في الباب ذكر الزكاة، ولا يمكن حمل أحاديث الباب عليه، أمَّا الحديقة فظاهر؛ وأما صدقة النساء بالحلي فكذلك؛ لأن الصدقة به غير مقدر؛ بل تصدق بعينه؟ قلت: الوجه حمل الزكاة في الترجمة على الصدقة تطوعًا، أو على أعم من الفرض والتطوع، علته أنه لم يصح عنده في صرف الزكاة على الأقارب، والأحسن أنه على دأبه من الاستدلال بالخفي، وهو أن صدقة التطوع على الأقارب إذا كانت أفضل؛ فالواجبة من باب الأولى، وأما الأقارب الذين يجب على الإنسان نفقتهم فهم خارجون؛ لأن العلَّة في إعطاء الزكاة إغناء المحتاج.

46 - باب ليس على المسلم فى فرسه صدقة

46 - باب لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي فَرَسِهِ صَدَقَةٌ 1463 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي فَرَسِهِ وَغُلاَمِهِ صَدَقَةٌ». طرفه 1464 47 - باب لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ صَدَقَةٌ 1464 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ خُثَيْمِ بْنِ عِرَاكٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا خُثَيْمُ بْنُ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ صَدَقَةٌ فِي عَبْدِهِ وَلاَ فَرَسِهِ». طرفه 1463 ـــــــــــــــــــــــــــــ قال بعض الشارحين: فإن قلت: كيف دل على الترجمة؟ قلت: لفظ الصدقة يتناول الفرض والنَّفل؛ وليس بشيء، وذلك أن ليس الكلام في جواز إطلاق لفظ الصدقة، بل في أن ليس في أحاديث الباب ما وقع التصدق من الزكاة المفروضة في شيء. بابٌ ليس على المسلم في فرسه صدقة 1463 - 1464 - (يسار) ضد اليمين (وهيب) بضم الواو مصغر، كذا (خُثيم) بالخاء المعجمة (عراك) بكسر العين (ليس على المسلم صدقة في عبده ولا فرسه) وهذا إذا لم يكونا من مال التجارة اتفاقًا، وفي العبد يريد ما عدا صدقة الفطر، وأما إذا لم يقصد التجارة فلا شيء في العبد أيضًا، وأمَّا الفرس إذا كانت سائمة يجب عند أبي حنيفة في كل فرس دينار أو ربع العشر، الخيار إلى المالك إذا كانت ذكرانًا وإناثًا للنسل؛ وإذا انفردت فعنه روايتان،

48 - باب الصدقة على اليتامى

48 - باب الصَّدَقَةِ عَلَى الْيَتَامَى 1465 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ هِلاَلِ بْنِ أَبِى مَيْمُونَةَ حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ - رضى الله عنه - يُحَدِّثُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - جَلَسَ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى الْمِنْبَرِ وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ فَقَالَ «إِنِّى مِمَّا أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِى مَا يُفْتَحُ عَلَيْكُمْ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا وَزِينَتِهَا». فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَيَأْتِى ـــــــــــــــــــــــــــــ وروى في ذلك حديثًا؛ وهو: "على كل فرس سائمة دينار" وهذا الحديث ينكره أهل الحديث ليس له أصل، وسعى الطحاوي في ترويجه فلم يأت بشيء. فإن قلت: فقد روى الإمام أحمد: أنَّ عمرَ أخذها من أهل الشام؟ قلت: لم يأخذها على وجه الزكاة؛ وذلك أنَّ الإمام أحمد روى: أن أهل الشام سألوا عمر أن يأخذ منهم الزكاة في الخيل والرقيق، فقال: لا أفعل شيئًا لم يفعله صاحباي، يريد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر، فقال: علي: أخذها حسن إن لم تكن جزية راتبة. فإن قلت: فحديث أبي هريرة مرفوعًا: إن الخيل للثلاثة، وذكر من الثلاثة من ربطها تعففًا ولم ينس حق الله؟ قلت: لم يرد بالحق الزكاة؛ بل ما يتعلق بمكارم الأخلاق، ولذلك قال: "لم ينس حق الله في ظهورها وبطونها". باب الصدقة على اليتامي 1465 - (معاذ بن فضالة) بضم الميم وفتح الفاء (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جلس ذات يوم على المنبر) لفظ الذَّات مقحم (إن مما أخاف علبكم) من: تبعيضية؛ أي: بعض ما أخاف، والضمير العائد إلى ما محذوفٌ؛ أي: أخافه (من زهرة الدنيا وزينتها) من: بيان لـ"ما" في قوله:"ما يفتح" وعطف الزينة على الزهرة كالتفسير. (فقال رجل: يا رسول الله! أويأتي

الْخَيْرُ بِالشَّرِّ فَسَكَتَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقِيلَ لَهُ مَا شَأْنُكَ تُكَلِّمُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَلاَ يُكَلِّمُكَ فَرَأَيْنَا أَنَّهُ يُنْزَلُ عَلَيْهِ. قَالَ - فَمَسَحَ عَنْهُ الرُّحَضَاءَ فَقَالَ «أَيْنَ السَّائِلُ» وَكَأَنَّهُ حَمِدَهُ. فَقَالَ «إِنَّهُ لاَ يَأْتِى الْخَيْرُ بِالشَّرِّ، وَإِنَّ مِمَّا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ يَقْتُلُ أَوْ يُلِمُّ إِلاَّ آكِلَةَ الْخَضْرَاءِ، أَكَلَتْ حَتَّى إِذَا امْتَدَّتْ خَاصِرَتَاهَا اسْتَقْبَلَتْ عَيْنَ الشَّمْسِ، فَثَلَطَتْ وَبَالَتْ وَرَتَعَتْ، وَإِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، فَنِعْمَ صَاحِبُ الْمُسْلِمِ مَا أَعْطَى مِنْهُ الْمِسْكِينَ وَالْيَتِيمَ وَابْنَ السَّبِيلِ - أَوْ كَمَا قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَإِنَّهُ مَنْ يَأْخُذُهُ بِغَيْرِ حَقِّهِ كَالَّذِى يَأْكُلُ وَلاَ يَشْبَعُ، وَيَكُونُ شَهِيدًا عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». طرفه 921 ـــــــــــــــــــــــــــــ الخير بالشرِّ) -بفتح الهمزة والواو العاطفة على مقدر هو: مدخول الهمزة؛ أي: أقول هذا، ويأتي الخير بالشر: ظن أن ما أنعم الله به على المؤمنين من الدنيا لا يكون سببًا للشرِّ، وغفل عن وجه صرفه في الحق والباطل. (إن مما ينبت الربيع يقتل أو يلم) ضرب له مثلًا يشاهده هو وغيره، يقال: ألَمَّ بكذا: نزل به (إلا آكله الخضر) أي: الدابة التي تريع في الصحراء، والخضر: -بفتح الخاء وكسر الضاد- نوع من البقول، ليس من جيدها ومختارها، فلا تأكل منه الدابة فوق العادة (أكلت حتى إذا امتدَّت خاصرتاها) الخاصرة: الموضع المنخفض من آخر الأضلاع (ثلطت) - بالثاء المثلثة- أي: ألقت السرقين الرقيق؛ كما هو المتعارف أيام الربيع (ورتعت) أي: اتسعت في المرعى (وأن هذا المال) إشارة إلى الجنس (خضرة حلوة) وصفه بأحسن الألوان والطعوم؛ على طريق الاستعارة المكنية المخيلة، والتأنيث باعتبار أنواع المال، واعلم أنه ضرب مثلين في هذا الحديث بما هو معروف عندهم مشاهد؛ كشفًا عن المال المحمود والمذموم فالمفرط في جمع الدنيا المانع من صرفها في حقها؛ كالدابة التي أفرطت، فإما أن تموت؛ أو تشارف على الموت، وأما الذي يأخذ من الدنيا بقدر الحاجة، وما فضل من حاجته قدمه لآخرته؛ فهو كآكلة الخضر، التي تمتعت بالربيع أحسن تمتع من غير آفة (ويكون عليه شهيدًا يوم القيامة) بأنه لم يصرفه في حقه كما تقدم في مانع الزكاة؛ يكون ماله شجاعًا أقرعَ يقول: أنا مالك، أنا كنزك.

49 - باب الزكاة على الزوج والأيتام فى الحجر

49 - باب الزَّكَاةِ عَلَى الزَّوْجِ وَالأَيْتَامِ فِي الْحَجْرِ قَالَهُ أَبُو سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 1466 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِى شَقِيقٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ فَذَكَرْتُهُ لإِبْرَاهِيمَ فَحَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ عَنْ أَبِى عُبَيْدَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ بِمِثْلِهِ سَوَاءً، قَالَتْ كُنْتُ فِي الْمَسْجِدِ فَرَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «تَصَدَّقْنَ وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ». وَكَانَتْ زَيْنَبُ تُنْفِقُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ وَأَيْتَامٍ فِي حَجْرِهَا، قَالَ فَقَالَتْ لِعَبْدِ اللَّهِ سَلْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَيَجْزِى عَنِّى أَنْ أُنْفِقَ عَلَيْكَ وَعَلَى أَيْتَامِى فِي ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الزكاة على الزوج واليتامى في الحجر (قال أبو سعيد: عن النبي - صلى الله عليه وسلم -) أبو سعيد: هو الخدري، وهذا التعليق عنه تقدم في الباب قبله. 1466 - (عن زينب امرأة عبد الله) أي: ابن مسعود (قال: فذكرته لإبراهيم) القائل هو: الأعمش، قال: ذكرت حديث زينب لإبراهيم النخعي كما سمعت من شقيق (فحدثني إبراهيم أنه يرويه أيضًا عن أبي عبيدة عن عمرو بن الحارث عن زينب) فاتفق للأعمش رواية الحديث من طريقين، إلا أن الطريق الأول أعلى سندًا؛ ولذلك قدمه البخاري، وأردفه بالثاني كالتابع المؤكد (قالت): أي: زينب (كنت في المسجد، فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم -) وفي رواية مسلم: رآني النبي - صلى الله عليه وسلم -، (فقال: تصدقن ولو من حليكن) -بضم الحاء وتشديد الياء- جمع حلي -بفتح الحاء وسكون اللام- مثل ثدي في ثدي، وحديث زينب تقدم في باب الزكاة على الأقارب، وذكرنا هناك أن الوجه حمل الزكاة على صدقة التطوع؛ لما تقدم هناك من قولها: وكان عندي حلي، فأردت أن أتصدق به، فلا دلالة في الحديث على جواز صرف الزكاة على الزوج والأولاد، ولا على وجوبه في الحلي. فإن قلت: قولها: (أيجزي عني) يدل على الزكاة؟ قلت: معناه يغني عني شيئًا،

حَجْرِى مِنَ الصَّدَقَةِ فَقَالَ سَلِى أَنْتِ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَانْطَلَقْتُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. فَوَجَدْتُ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ عَلَى الْبَابِ، حَاجَتُهَا مِثْلُ حَاجَتِى، فَمَرَّ عَلَيْنَا بِلاَلٌ فَقُلْنَا سَلِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَيَجْزِى عَنِّى أَنْ أُنْفِقَ عَلَى زَوْجِى وَأَيْتَامٍ لِى فِي حَجْرِى وَقُلْنَا لاَ تُخْبِرْ بِنَا. فَدَخَلَ فَسَأَلَهُ فَقَالَ «مَنْ هُمَا». قَالَ زَيْنَبُ قَالَ «أَىُّ الزَّيَانِبِ». قَالَ امْرَأَةُ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ «نَعَمْ لَهَا أَجْرَانِ أَجْرُ الْقَرَابَةِ وَأَجْرُ الصَّدَقَةِ». 1467 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أُمِّ سَلَمَةَ {عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ} قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلِىَ أَجْرٌ أَنْ أُنْفِقَ عَلَى بَنِى أَبِى سَلَمَةَ إِنَّمَا هُمْ بَنِىَّ. فَقَالَ «أَنْفِقِى عَلَيْهِمْ، فَلَكِ أَجْرُ مَا أَنْفَقْتِ عَلَيْهِمْ». طرفه 5369 ـــــــــــــــــــــــــــــ وينفعني، قال تعالى: {لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ} [لقمان: 33] ويقال: أجزأ يجزئُ بمعناه أيضًا. وقولها: (أن أنفق عليك وعلي يتامى في حجري من الصدقة) أيضًا صريح في أنه صدقة تطوع؛ إذ في الزكاة يكون صرف النقد إلى المستحق؛ لا الإنفاق عليه؟ قلت: هذا الحديث دل على أن بلالًا هو الذي سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفي باب الصدقة على الأقارب هي التي سألت، قالت: قلت: يا نبي الله. قلت: أجاب شيخنا أبو الفضل ابن حجر بأن قولها: يا نبي الله مجاز، تريد على لسان بلال. قلت: بعده لا يخفى، بل محمول على أنها بعد جواب بلال دخلت عليه وشافهته، وقوله في باب الصدقة على الأقارب: "أيَّ الزيانب"؟ فقال: امرأة ابن مسعود، قال: "نعم ائذنوا لها" فأذن لها، قالت: يا نبي الله! إنك أمرت؟ بالصدقة فأي مجاز يُعقل هنا؟. 1467 - (عبدة) بفتح العين وسكون الباء (عن أم سلمة) هي أم المؤمنين كانت أولًا عند أبي سلمة (أليَ أجر أن أنفق على بني) هذا صريح في أن المراد صدقة التطوع لا الزكاة المفروضة.

50 - باب قول الله تعالى (وفى الرقاب) (وفى سبيل الله)

50 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَفِى الرِّقَابِ) (وَفِى سَبِيلِ اللَّهِ) وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - يُعْتِقُ مِنْ زَكَاةِ مَالِهِ وَيُعْطِى فِي الْحَجِّ. وَقَالَ الْحَسَنُ إِنِ اشْتَرَى أَبَاهُ مِنَ الزَّكَاةِ جَازَ وَيُعْطِى فِي الْمُجَاهِدِينَ وَالَّذِى لَمْ يَحُجَّ. ثُمَّ تَلاَ (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ) الآيَةَ فِي أَيِّهَا أَعْطَيْتَ أَجْزَأَتْ. وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ خَالِدًا احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ». وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِى لاَسٍ حَمَلَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى إِبِلِ الصَّدَقَةِ لِلْحَجِّ. 1468 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالصَّدَقَةِ فَقِيلَ مَنَعَ ابْنُ جَمِيلٍ وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَا يَنْقِمُ ابْنُ جَمِيلٍ إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ فَقِيرًا فَأَغْنَاهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَأَمَّا خَالِدٌ فَإِنَّكُمْ تَظْلِمُونَ خَالِدًا، قَدِ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله تعالى: {وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: 60] (ويذكر عن ابن عباس يعتق من زكاة ماله ويعطي في الحج) هذا الذي نقله لم يوافق عليه أحد من الأئمة سوى مالك؛ وإلا رواية عن الإمام أحمد في الإعتاق، وفي رواية عنه يشتري به الأسير، والظاهر أن ابن عباس حمل قوله: {وَفِي الرِّقَابِ} على العموم، والأئمة على أن المراد المكاتبون، وحمل {سَبِيلِ اللَّهِ} على الحج أيضًا، والجمهور على أن المراد به الجهاد. (وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - إن خالدًا قد احتبس أدراعه في سبيل الله) استدل به على أنَّ سبيل الله هو الجهاد. (ويذكر عن أبي لاسٍ) -بالسين المهملة- اسمه زياد، وقيل: عبد الله، أخرج حديثه هذا الإمام أحمد. 1468 - (أبو اليمان) -بتخفيف النون- الحكم بن نافع (أبو الزناد) بكسر الزاي بعدها نون (أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصدقة) أي بزكاة فرض الله (فقيل: منع ابن جميل، وخالد بن الوليد، وعباس بن عبد المطلب، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ما ينقم ابن جميل، إلا أنه كان فقيرًا فأغناه الله) اسم ابن جميل ثعلبة، ذكره ابن عبد البر، وذكر القاضي حسين والروياني أن

احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ وَأَعْتُدَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَأَمَّا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَعَمُّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَهْىَ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ وَمِثْلُهَا مَعَهَا». تَابَعَهُ ابْنُ أَبِى الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ هِىَ عَلَيْهِ وَمِثْلُهَا مَعَهَا. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ حُدِّثْتُ عَنِ الأَعْرَجِ بِمِثْلِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ اسمه عبد الله، وقيل: اسمه جميل، وهو الذي نزل فيه قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ (75)} [التوبة: 75]، ولقد أوردنا قصته في تفسيرنا "غاية الأماني"، فليطالع. ثم أجاب عن شكواهم عن خالد بأنه وقف أدراعه وأعتده، ويروى: أعتده بفتح الهمزة وضم التاء- جمع عتاد: آلة الحرب، بأنه قد وقف الذي تطلبون زكاته منه، وقيل: معناه أن خالدًا إذا كان قد وقف آلات حربه في سبيل الله كيف يتصور منه منع الزكاة؛ وقيل: معناه أن خالدًا من الغزاة وله في سهم الغزاة هذا الذي صرفه من ماله على نفسه. هذان الوجهان ذكرهما الخطابي، ولا يخفى ضعفهما. (وأما العباس بن عبد المطلب فهي عليه صدقة) وفي بعضها: "عليَّ ومثلها معها" اختلفوا في معنى هذا الكلام، قال البيهقي: كيف تكون الصدقة على العباس وهو هاشمي؟. قال المنذري: ربما كان ذلك قبل حرمة الصدقة على بني هاشم. والصواب: أن المراد من هذا الكلام أنَّ العباس كان قد أدى زكاة تلك السنة والتي بعدها، قدم قبل الوقت، فالجار متعلق بالوجوب؛ لا بصدقة، والدليل على هذا هو الذي رواه الترمذي وأبو داود عن علي بن أبي طالب أن عباسًا سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يأخذ منه زكاة العامين تعجيلًا دفعًا لحاجة المساكين. ويؤيدها الرِّواية الأخرى؛ فهي على أنه كان قد أخذها وصرفها في المصارف. وقيل: كان العباس من الغارمين؛ لأنه كان قد استدان لفدائه وفداء عقيل يوم بدر، وهذا شيء لا يصح؛ لأن شرط الغارم أن [لا] يكون هاشميًّا، قال الرافعي: ويشترط فيمن تصرف إليه الزكاة أن لا يكون هاشميًّا، أيَّ صنف كان، وقولهم: إنه كان قد استدان يوم بدر أيضًا ليس له صحة، ذكر أهل السير أنه قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ليس لي مال إن كنت مكرهًا

51 - باب الاستعفاف عن المسألة

51 - باب الاِسْتِعْفَافِ عَنِ الْمَسْأَلَةِ 1469 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِىِّ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - أَنَّ نَاسًا مِنَ الأَنْصَارِ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَعْطَاهُمْ، ثُمَّ سَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ، حَتَّى نَفِدَ مَا عِنْدَهُ فَقَالَ «مَا يَكُونُ عِنْدِى مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ أَدَّخِرَهُ عَنْكُمْ، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ، وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ، وَمَا أُعْطِىَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ». طرفه 6470 ـــــــــــــــــــــــــــــ قال: "أمّا قولك: كنت مكرهًا فلا يجديك، فإنك كنت علينا ظاهرًا؛ وأمَّا قولك ليس لي مال، فأين المال الذي قلت لأم الفضل ليلة سافرتم أنا ذاهب في هذا الوجه، فإن أصابني شيء فاعلمي أني قد وضعت في الموضع الفلاني كذا مالًا". قال: والله إن هذا لخبر السماء، فإنِّي قلت لها هذا الكلام وليس هناك مخبر. باب الاستعفاف عن المسألة المسألة هنا من سألته الشيء؛ لا من سألته عن الشيء فلا حاجة إلى تقييدها بغير أمور الدين، الاستعفاف: طلب العفاف، والعفاف كف النفس عن السؤال. 1469 - (أنَّ [ناسًا من الأنصار] سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: سألوه العطاء (حتى نفد ما عنده) -بفتح النون وسكون الفاء- أي: فرغ ولم يبق منه شيء (فقال: ما يكون عندي من الخير فلن أدَّخره) ما: موصولة؛ أي: الشيء الذي يكون عندي فلن أمنعه عنكم، ومن الناس من توهم أنها شرطية، فقال: كان الظاهر يكن بدل يكون (ومن يستعفف يعفه الله) أي: يجعله سببًا من عنده يغنيه عن السؤال (ومن استغنى يغنه الله) أي: بالمال، أو يغني القلب (وما أُعطي أحد عطاء خيرًا وأوسعَ من الصبر). فإن قلت: الصبرُ: حبسُ النفس على المكروه؛ ولذلك يؤجر الصابر عليه، فكيف يكون عطاء خير عطاء وأوسع؟ قلت: سماه عطاء بالنظر إلى الأجر؛ ولذلك سمَّاه خيرًا؛ فإنَّ المال

1470 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ فَيَحْتَطِبَ عَلَى ظَهْرِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْتِىَ رَجُلاً، فَيَسْأَلَهُ، أَعْطَاهُ أَوْ مَنَعَهُ». أطرافه 1480، 2074، 2374 1471 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ فَيَأْتِىَ بِحُزْمَةِ الْحَطَبِ عَلَى ظَهْرِهِ فَيَبِيعَهَا فَيَكُفَّ اللَّهُ بِهَا وَجْهَهُ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ أَعْطَوْهُ أَوْ مَنَعُوهُ». طرفاه 2075، 2373 1472 - وَحَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ - رضى الله عنه - قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَعْطَانِى، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِى، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِى ثُمَّ قَالَ «يَا حَكِيمُ إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــ يفنى، وأجر الصبر باق، وأما كونه أوسع فإنه يدوم دوام العمر، والمال يفنى سريعًا، والجار في "من الصبر" يتعلق بأحد الفعلين على طريق التنازع. 1470 - (لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب على ظهره، خير له من أن يأتي رجلًا فيسأله منعه أو أعطاه) لأنه إن منعه فقد أراق ماء وجهه بلا فائدة؛ وإن أعطاه فكان وسخًا من الأوساخ، واحتطابه حفظٌ عن ذلك كله، وكسب للحلال الذي هو دأب الأنبياء والأولياء. 1471 - (وهيب) بضم الواو مصغر (بحزمة حطب) -بضم الحاء وسكون الزاي- مقدار ما يربط بالحبل. 1472 - (أنَّ حكيم بن حزام) بكسر الحاء وزاي معجمة (قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأعطاني، ثم سألته، فأعطاني، ثم سألته، فأعطاني، ثم قال: يا حكيم إنَّ هذا المال حلوة خضرة) الإشارة إلى الجنس، وذكر أحسن الطعوم والألوان؛ اللذان هما يجذبان النفس،

فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ كَالَّذِى يَأْكُلُ وَلاَ يَشْبَعُ، الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى». قَالَ حَكِيمٌ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لاَ أَرْزَأُ أَحَدًا بَعْدَكَ شَيْئًا حَتَّى أُفَارِقَ الدُّنْيَا، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - يَدْعُو حَكِيمًا إِلَى الْعَطَاءِ فَيَأْبَى أَنْ يَقْبَلَهُ مِنْهُ، ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ - رضى الله عنه - دَعَاهُ لِيُعْطِيَهُ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ شَيْئًا. فَقَالَ عُمَرُ إِنِّى أُشْهِدُكُمْ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى حَكِيمٍ، أَنِّى أَعْرِضُ عَلَيْهِ حَقَّهُ مِنْ هَذَا الْفَىْءِ فَيَأْبَى أَنْ يَأْخُذَهُ. فَلَمْ يَرْزَأْ حَكِيمٌ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى تُوُفِّىَ. أطرافه 2750، 3143، 6441 ـــــــــــــــــــــــــــــ ويحثانه على الطلب، والثانية باعتبار الأنواع، وذكَّر الضمير في قوله: (فمن أخذه) باعتبار اللفظ (بسخاوة نفس بورك له فيه) أي: بسهولة وعدم تكلف؛ من السخو؛ وهو: السهولة، قاله الجوهري. (ومن أخذه بإشراف نفس) الإشراف: الاطلاع على الشيء طمعًا وحرصًا؛ من الشرف، وهو المكان العالي، ونفس السائل أشرنا إليه، وقد صرح بذلك في الرواية الأخرى: "وأنت غير مشرف" فقول القاضي: يجوز أن يكون نفس المعطي، في غاية السقوط. (وكان كالذي يأكل ولا يشبع) تشبيه المعقول بالمحسوس، والذي يأكل ولا يشبع من به جوع الكلب؛ مرض معروف، قيل: يشبه الحطب مع النار، كلما كثر الحطب ازدادت النار اشتعالًا (اليد العليا خير من اليد السفلى) صريح في أنَّ اليد العليا هي المعطية والأوفق للمقام أن يراد بها المتعفف؛ لأنه بصدد المنع عن السؤال، والحث على الكسب. (فقلت: يا رسول الله! والذي بعثك بالحق لا أزرأ بعدك شيئًا) بتقديم الزاي المعجمة [أعلى] المهملة، أي: لا أسأل ولا أقبل من أحدٍ، وأصل الرزء: النقص، كما في حديث صاحب المزادتين، قال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"اعلمي أنَّا ما رزئنا من مائك شيئًا".

52 - باب من أعطاه الله شيئا من غير مسألة ولا إشراف نفس

52 - باب مَنْ أَعْطَاهُ اللَّهُ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ وَلاَ إِشْرَافِ نَفْسٍ 1473 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُعْطِينِى الْعَطَاءَ فَأَقُولُ أَعْطِهِ مَنْ هُوَ أَفْقَرُ إِلَيْهِ مِنِّى فَقَالَ «خُذْهُ، إِذَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا الْمَالِ شَىْءٌ، وَأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ وَلاَ سَائِلٍ، فَخُذْهُ، وَمَا لاَ فَلاَ تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ». طرفاه 7163، 7164 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25)} [المعارج: 24 - 25] ومن أعطاه الله شيئًا من غير مسألة، ولا إشراف نفس 1473 - روى في الباب عن عمر: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يعطيه العطاء فيقول: أعطه من هو أفقر مني إليه (فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما جاءك من مال الدنيا من غير طلب ولا إشراف نفس لا تردَّه) لأنك تصرفه في وجوه الخير يبقى لك أجره واستدل البخاري بالآية الكريمة؛ لأن الله ساقها في معرض المدح على الذين يعطون من أموالهم المحتاجين. قال النووي: اختلف العلماء فيمن جاءه مال من غير طلب ولا إشراف نفس، هل يجب عليه قبوله؟ قال: والحق أنه لا وجوب بل يستحب إذا كان حله معلومًا؛ وأمَّا عطية السلطان إن كان الغالب على ما تحت يده الحرمة فالأخذ حرام؛ وإلا فمباح. وقال طائفة: الأخذ واجب من السلطان وغيره، وآخرون مندوب من السلطان وغيره، والمراد بالمحروم المتعفف؛ ولذلك أوقعه في مقابلة السائل، وبه وفق حديث عمر. فإن قلت: إعطاؤه لعمر لم يكن من الزكاة؟ قلت: أشار إلى عدم الفرق، وأن الفقير إذا أعطي من الزكاة من غير طلب، فيندب له قبوله، أما أن ينفق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على نفسه؛ أو يعطيه لآخر فيحصل له الأجر.

53 - باب من سأل الناس تكثرا

53 - باب مَنْ سَأَلَ النَّاسَ تَكَثُّرًا 1474 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى جَعْفَرٍ قَالَ سَمِعْتُ حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ النَّاسَ حَتَّى يَأْتِىَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ». 1475 - وَقَالَ إِنَّ الشَّمْسَ تَدْنُو يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يَبْلُغَ الْعَرَقُ نِصْفَ الأُذُنِ، فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ اسْتَغَاثُوا بِآدَمَ، ثُمَّ بِمُوسَى، ثُمَّ بِمُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -». وَزَادَ عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ حَدَّثَنِى ابْنُ أَبِى جَعْفَرٍ «فَيَشْفَعُ لِيُقْضَى بَيْنَ الْخَلْقِ، فَيَمْشِى حَتَّى يَأْخُذَ بِحَلْقَةِ الْبَابِ، فَيَوْمَئِذٍ يَبْعَثُهُ اللَّهُ مَقَامًا مَحْمُودًا، يَحْمَدُهُ أَهْلُ الْجَمْعِ كُلُّهُمْ». ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من يسأل الناس تكثرًا 1474 - (يحيى بن بكير) بضم الباء (قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يزال الرَّجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة، وليس في وجهه مزعة لحم) -بضم الميم وزاي معجمة وعين مهملة- أي: قطعة، محمول على الحقيقة، يفعل الله ما يشاء، أو مجاز عن الذلة، يقال: فلان ليس له وجه عند الناس؛ أي: قدر، وهذا متعارف بين الناس (وقال: إن الشمس تدنو يوم القيامة حتى يبلغ العرق نصف الآذان). فإن قلت: أي مناسبة لهذا الكلام بما قبله؟ قلت: هذا حديث مستقل عطفه على الحديث قبله، كأنه سمع الحديثين في مجلس واحد فنقل كما سمع، وهذا الذي يبلغ العرق آذانه هو الكافر، وفي رواية مسلم: "تكون الشمس على مقدار ميل، والناس في العرق على قدر أعمالهم، آخرهم من يلجمه العرق إلجامًا". 1475 - (فبينما هم كذلك استغاثوا بآدم) للشفاعة (فيشفع ليقضى بين الخلق) على بناء المجهول، هذه الشفاعة العظمى ليقضي الله بين العباد كافة، المؤمن والكافر (فيمشي حتى يأخذ بحلقة الباب) أي: باب الجنة فيفتح له، فإذا دخل الجنة رأى ربه، فخرَّ له ساجدًا، فهناك تقع الشفاعة، وبه يظهر أن لا وجه لحمل حلق الباب على كونه مجازًا عن القرب. فإن قلت: ليس في الباب ما يدل على التكثر كما ترجم له؟ قلت: قيل أشار إلى ما

54 - باب قول الله تعالى (لا يسألون الناس إلحافا) وكم الغنى

وَقَالَ مُعَلًّى حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ أَخِى الزُّهْرِىِّ عَنْ حَمْزَةَ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْمَسْأَلَةِ. طرفه 4718 54 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا) وَكَمِ الْغِنَى ـــــــــــــــــــــــــــــ رواه مسلم: "من سأل الناس تكثرًا" ولا حاجة إلى ذلك فإن قوله: "ما يزال الرجل يسأل" دال عليه، ولذلك لم يبق في وجهه مزعة لحم. فإن قلت: ما الحكمة في ذلك، وهلا شفع في الموقف؟ قلت: الحكمة -والله أعلم- أنَّ الجنة دار الرحمة، فخرج من موضع الغضب، وأيضًا من يشفع لأحد عند ملك يذهب إلى بابه ليكون له حرمة الدخول في حريمه، وإليه أشار في الرواية الأخرى: "فأستاذن على ربي في داره". (وقال: معلَّى) -بضم الميم وتشديد اللام- هو معلى بن أسد شيخ البخاري والرواية عنه بقال لأنه سمعه منه ذاكرة لا تحملًا (في المسألة) أي: متابعته لابن بكير إنما هو في المسألة، أي: في سؤال الناس لا في الزيادة بعدها، وهذا القدر هو الذي ترجم الباب عليه، واعلم أن بكون السؤال تكثرًا كثرة توعد عليها الشارع؛ وأما إذا لم يكن تكثرًا فتارة يكون واجبًا ومباحًا ومندوبًا باعتبار الأحوال والأوقات. باب قول الله عز وجل: {لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} [البقرة: 273] وكم الغنى الإلحاف: المبالغة، قال ابن الأثير: منه ألحف شاربَهُ؛ أي: استأصله، وللمفسرين في معنى الآية قولان: الأول: أن النفي متوجه نحو القيد، أي: يسألون، لكن لا على وجه الإلحاف، كقولك في ضرب الغلام: ما ضربته عبثًا. والثاني: نفي أصل الكلام القيد مع المقيد؛ أي: يسألون رأسًا، وهذا هو الظاهر؛ لأن الآية نزلت في أصحاب الصفة، ولم ينقل عن أحد منهم السؤال.

وَقَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «وَلاَ يَجِدُ غِنًى يُغْنِيهِ». (لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ) إِلَى قَوُلِهِ (فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ). 1476 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنِى مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَيْسَ الْمِسْكِينُ الَّذِى تَرُدُّهُ الأُكْلَةُ وَالأُكْلَتَانِ، وَلَكِنِ الْمِسْكِينُ الَّذِى لَيْسَ لَهُ غِنًى وَيَسْتَحْيِى أَوْ لاَ يَسْأَلُ النَّاسَ إِلْحَافًا». طرفاه 1479، 4539 ـــــــــــــــــــــــــــــ وأمَّا قوله: وكم الغنى فلم يورد له حديثًا، كأنه لم يجده بشرطه، قال ابن الأثير في "النهاية": من سأل وله أربعون درهمًا فقد سأل إلحافًا. وعن ابن مسعود: خمسون درهمًا. وروي: قدر ما يغديه ويعشيه. والغِنى -بكسر الغين مقصورًا- هو اليسار، ويكتب بالياء، وعليه اتفقت الروايات، قال بعض الشارحين: لو صحت الرواية بفتح الغين والمد كان معناه الكفاية، وهذا سهو؛ لأن الكفاية هي معنى الإغناء، وأمَّا الغناء -بالفتح والمد- هو: النفع، ولا معنى له في الحديث. (وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ولم يجد غنى يغنيه) هذا بعض حديث أبي هريرة في الباب: "ليس المسكين الذي يطوف على الناس؛ ولكن المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه، ولا يُفْطَن له". (لقوله: {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [البقرة: 273] دليل عليه؛ لأن الآية شرح له، ولذلك أعاد الآية بعد أن صدَّر الترجمة بآخرها، لأنه الحكم الذي استدل عليه بصدر الآية، وما يقال: إن قوله: تعالى علةٌ لقوله: وكم الغنى، فليس كذلك؛ إذ يلزم منه أن تكون الصدقة منحصرة فيمن يكون بهذه الصفة، وليس كذلك؛ بل الآية مسوقة لبيان الأولوية، وأيضًا ليس فيها ما يدل على كمية الغنى. 1476 - (حجاج بن منهال) بفتح الحاء وتشديد الجيم وكسر الميم (محمد بن زياد) بكسر الزاي بعدها ياء (لكن المسكين الذي لا يجد غنى ويستحيي، أو لا يسأل الناس إلحافًا) يجوز أن يكون شكًّا من الراوي، أو لفظ "أو" بمعنى الواو، وهذا أظهرُ لرواية أبي هريرة "ولا يقوم فيسأل الناس" واعلم أن نفي المسكنة عن غيره نفي الكمال؛ أي: ليس كاملًا في المسكنة؛ للإجماع على جواز صرف الزكاة إليه.

1477 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنِ ابْنِ أَشْوَعَ عَنِ الشَّعْبِىِّ حَدَّثَنِى كَاتِبُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنِ اكْتُبْ إِلَىَّ بِشَىْءٍ سَمِعْتَهُ مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. فَكَتَبَ إِلَيْهِ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلاَثًا قِيلَ وَقَالَ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ». طرفه 844 1478 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غُرَيْرٍ الزُّهْرِىُّ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ 1477 - (ابن علية) -بضم العين وتشديد الياء مصغر- اسم أمه، وأبوه إبراهيم (ابن أشوع) -بفتح الهمزة وشين معجمة- نسبته إلى جده؟ وهو: سعيد بن عمرو بن أشوع قاضي الكوفة (الشعبي) -بفتح الشين- أبو عمرو، عامر الكوفي (كاتب المغيرة) اسمه ورّاد (إن الله كره لكم ثلاثًا: قيل وقال، واضاعة المال، وكثرة السؤال) قيل وقال: فعلان، الأول على بناء المفعول؟ والثاني على بناء الفاعل، والمعنى: لا يتحدث بكل ما سمع حتى يعلم صدقه، ولا يكتفي بقال فلان، ولا بقيل، كذا لما في الحديث: "كفى بالمرء كذبًا أن يحدث بكل ما سمع" وقال الجوهري: هما اسمان منونان، والمعنى: النهي عن كثرة الكلام، وهذا بين الناس متعارف، يقال: دعني من القيل والقال. فإن قلت: لو كانا اسمين كان الظاهر تعريفهما قلت: التنوين للتقليل مبالغة في النهي عن أدنى ما يصدق عليه هذا المعنى، وأما قول صاحب المحكم: القيل يستعمل في الخير، والقال في الشر، فليس بشيء؛ لقراءة ابن مسعود: ذلك عيسى ابن مريم قال الحق. فإن قلت: ما إضاعة المال؟ قلت: الإسراف والتبذير، وصرفه في المحرمات، وعدم رعاية العبيد والإماء وسائر الرقاب. وكثرةُ السؤال الظاهر منه أنه النهي عن الأمور الغير المهمة، والتعمق في طلب الحلال، وأن لا يعتمد على قول الناس، ويبالغَ في الفحص؛ فإنه يوجب تضييع العمر في غير طاعة الله، والوسوسة في الدين، والبخاري حمله على سؤال الناس إلحافًا. 1478 - (محمد بن غرير) بضم المعجمة مصغر.

صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَهْطًا وَأَنَا جَالِسٌ فِيهِمْ قَالَ فَتَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْهُمْ رَجُلاً لَمْ يُعْطِهِ، وَهُوَ أَعْجَبُهُمْ إِلَىَّ، فَقُمْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَارَرْتُهُ فَقُلْتُ مَا لَكَ عَنْ فُلاَنٍ وَاللَّهِ إِنِّى لأُرَاهُ مُؤْمِنًا. قَالَ «أَوْ مُسْلِمًا» قَالَ فَسَكَتُّ قَلِيلاً ثُمَّ غَلَبَنِى مَا أَعْلَمُ فِيهِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. مَا لَكَ عَنْ فُلاَنٍ وَاللَّهِ إِنِّى لأُرَاهُ مُؤْمِنًا. قَالَ «أَوْ مُسْلِمًا». قَالَ فَسَكَتُّ قَلِيلاً ثُمَّ غَلَبَنِى مَا أَعْلَمُ فِيهِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَكَ عَنْ فُلاَنٍ وَاللَّهِ إِنِّى لأُرَاهُ مُؤْمِنًا. قَالَ «أَوْ مُسْلِمًا - يَعْنِى فَقَالَ - إِنِّى لأُعْطِى الرَّجُلَ وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْهُ، خَشْيَةَ أَنْ يُكَبَّ فِي النَّارِ عَلَى وَجْهِهِ». وَعَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى يُحَدِّثُ هَذَا فَقَالَ فِي حَدِيثِهِ فَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِهِ فَجَمَعَ بَيْنَ عُنُقِى وَكَتِفِى ـــــــــــــــــــــــــــــ روى حديث سعد بن أبي وقاص: (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعطى رهطًا وأنا جالس وترك رجلًا هو أعجبهم إليّ) مع شرحه سلف في كتاب الإيمان، في باب إذا لم يكن الإسلام على الحقيقة، ونشير هنا إلى بعض مواضعه: (الرّهط) من الثلاثة إلى العشرة في الرجال خاصة (مالك عن فلان، والله إني لأراه مومنًا؟) قال النووي: بفتح الهمزة معناه العلم؛ لقوله: (ثم غلبني ما أعلم فيه)، (قال: أو مسلمًا) أو تراه مسلمًا، لقنه الصواب في الحكم عليه؛ لأن الإسلام يتعلق به ظاهرًا، وأمّا الإيمان فمحله القلب، ولا اطلاع لأحد على ذلك، ولا دلالة فيه على أن المسلم عند الله قد لا يكون مؤمنًا؛ بل كل مسلم عند الله فهو مؤمن؛ وبالعكس (إني لأعطي الرجل وغيره أحبُّ إلي خشية أن يكب في النار) أي: لضعف إيمانه إذا لم يعط ينكر ذلك الفعل، ولا شك أن الاعتراض على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أحكام كفر، ويكب -على بناء المجهول- أي: يلقى في النار على وجهه معكوسًا. (وعن أبيه) عطف على أبيه في قوله: حدثنا يعقوب عن أبيه (سمعت أبي يحدث) أبوه محمد بن سعد، رواه مرسلًا تقوية لما أسنده أولًا (فضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجمع بين عنقي وكتفي) أي: وقع ضربه على الموضعين، وفي بعضها: بجمع -بالباء الموحدة وضم الجيم

ثُمَّ قَالَ «أَقْبِلْ أَىْ سَعْدُ إِنِّى لأُعْطِى الرَّجُلَ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (فَكُبْكِبُوا) قُلِبُوا (مُكِبًّا) أَكَبَّ الرَّجُلُ إِذَا كَانَ فِعْلُهُ غَيْرَ وَاقِعٍ عَلَى أَحَدٍ، فَإِذَا وَقَعَ الْفِعْلُ قُلْتَ كَبَّهُ اللَّهُ لِوَجْهِهِ، وَكَبَبْتُهُ أَنَا. طرفه 27 1479 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَيْسَ الْمِسْكِينُ الَّذِى يَطُوفُ عَلَى النَّاسِ تَرُدُّهُ اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ وَالتَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ، وَلَكِنِ الْمِسْكِينُ الَّذِى لاَ يَجِدُ غِنًى يُغْنِيهِ، وَلاَ يُفْطَنُ بِهِ فَيُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ، وَلاَ يَقُومُ فَيَسْأَلُ النَّاسَ». طرفه 1476 ـــــــــــــــــــــــــــــ وسكون الميم- أي: بمجموع يده، والمعنى على هذا أن ضربه هذا وقع بين العنق والكتف، وجعله على هذه الرواية من قبيل قوله تعالى: {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} [الأنعام: 94] سهو؛ لأن البينَ في قراءة الرفع: الوصلُ؛ ضد الفراق. (ثم قال: أقبل) -بهمزة القطع- من الإقبال، ويروى بالوصل؛ من القبول، وفي رواية مسلم: "أقتالًا يا سعد" وهذه الروأية تلائم الضرب أشدّ ملائمة. (أكب الرجل إذا كان فعله غير واقع على أحد) أي: هو فعل لازم؛ لا يتجاوز عن فاعله (فإذا وقع قلت: كبه الله على وجهه) أي: الثلاثي متعد عكس المزيد، وهذا معدود من النوادر؛ لأن القاعدة أن الثلاثي إذا كان لازمًا ونقل إلى المزيد يصير متعديًا، هذا كلام الجمهور، ولم يرتضه صاحب الكشاف، قال: الهمزة في أكب ليست للمطاوعة؛ بل مطاوع كبّه انكبَّ، ومعنى أكب صار ذا كب؛ مثل أغدّ إذا صار ذا غدّة، قال: وأمّا قوله تعالى: {فَكُبْكِبُوا} [الشعراء: 94] إنما كرر ليدل على تكرار المعنى؛ أي: كبَّا بعد كبّ في النار، أعاذنا الله منها بحرمة نبيه نبي الرحمة - صلى الله عليه وسلم -. 1479 - (عن أبي الزناد) -بكسر الزاي بعدها نون- عبد الله بن ذكوان (ليس المسكين الذي يطوف على الناس ترده اللقمة واللقمتان) -بضم اللام- اسم ما يلقم في الفم؛ كالأكلة لفظًا ومعنى.

55 - باب خرص التمر

1480 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ، ثُمَّ يَغْدُوَ - أَحْسِبُهُ قَالَ - إِلَى الْجَبَلِ فَيَحْتَطِبَ، فَيَبِيعَ فَيَأْكُلَ وَيَتَصَدَّقَ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ أَكْبَرُ مِنَ الزُّهْرِىِّ، وَهُوَ قَدْ أَدْرَكَ ابْنَ عُمَرَ. 55 - باب خَرْصِ التَّمْرِ 1481 - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى عَنْ عَبَّاسٍ السَّاعِدِىِّ عَنْ أَبِى حُمَيْدٍ السَّاعِدِىِّ قَالَ غَزَوْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - غَزْوَةَ تَبُوكَ فَلَمَّا جَاءَ وَادِىَ الْقُرَى إِذَا امْرَأَةٌ فِي حَدِيقَةٍ لَهَا فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لأَصْحَابِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ 1480 - (غياث) بكسر المعجمة آخره ثاء مثلثة. وحديث أبي هريرة: (لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب) تقدم في باب الاستعفاف قريبًا. باب خرص التمر الخرص -بالخاء المعجمة والضاد المهملة- الظن والتخمين قال الله تعالى في حق الكافرين: {إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ} [الزخرف: 20]. 1481 - (بكار) بفتح الباء وتشديد الكاف (وهيب) بضم الواو مصغر (عن أبي حميد الساعدي) اسمه عبد الرحمن، وقيل: المنذر (غزوت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غزوة تبوك) -بفتح التاء غير منصرف- علم بقعة بينه وبين المدينة أربع عشرة مرحلة، وبين الشام إحدى عشر، قال الجوهري: إنما سمي ذلك المكان تبوك؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى قومًا يبوكون عينًا هناك؛ أي: يدخلون فيه القدح؛ لإخراج الماء، فقال: "ما زلتم تبوكونها بوكًا" فسميت تبوك، وأضيفت تلك الغزوة إليها (فلما جاء وادي القرى) قال السمعاني: مدينة قديمة بأرض الحجاز تلي الشام، وهي من أعمال المدينة (إذا امرأة في حديقة) الحديقة: أرض ذات أشجار، لها حائط حولها، وقيل: تخص بالنخل. فإن قلت: النكرة المحضة لا تقع مبتدأ، وامرأة هناك كذلك؛ قلت: المحققون من

«اخْرُصُوا». وَخَرَصَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَشَرَةَ أَوْسُقٍ فَقَالَ لَهَا «أَحْصِى مَا يَخْرُجُ مِنْهَا». فَلَمَّا أَتَيْنَا تَبُوكَ قَالَ «أَمَا إِنَّهَا سَتَهُبُّ اللَّيْلَةَ رِيحٌ شَدِيدَةٌ فَلاَ يَقُومَنَّ أَحَدٌ، وَمَنْ كَانَ مَعَهُ بَعِيرٌ فَلْيَعْقِلْهُ». فَعَقَلْنَاهَا وَهَبَّتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ فَقَامَ رَجُلٌ فَأَلْقَتْهُ بِجَبَلِ طَيِّئٍ - وَأَهْدَى مَلِكُ أَيْلَةَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بَغْلَةً بَيْضَاءَ، وَكَسَاهُ بُرْدًا وَكَتَبَ لَهُ بِبَحْرِهِمْ - فَلَمَّا أَتَى وَادِىَ الْقُرَى قَالَ لِلْمَرْأَةِ «كَمْ جَاءَ حَدِيقَتُكِ». قَالَتْ عَشَرَةَ أَوْسُقٍ خَرْصَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنِّى مُتَعَجِّلٌ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَمَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَعَجَّلَ مَعِى فَلْيَتَعَجَّلْ». فَلَمَّا - قَالَ ابْنُ بَكَّارٍ كَلِمَةً مَعْنَاهَا - أَشْرَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ قَالَ «هَذِهِ طَابَةُ». فَلَمَّا رَأَى أُحُدًا قَالَ «هَذَا جُبَيْلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ، أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ دُورِ الأَنْصَارِ». قَالُوا ـــــــــــــــــــــــــــــ النحاة أن المدار صحة المعنى، فإذا صحّ أخبر بما شئت عمّا شئت. (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بتبوك: أمَا إنّه سَيهُبّ الليلة ريح شديدة، فلا يقومن أحد فقام رجل فألقته بجبلي طيء) هما جبلان ببلاد طيء، أجأ -بفتح الهمزة بعدها جيم وآخره همزة أيضًا على وزن فرس- وسلمى، ذكر الكلبي أنهما اسمان لرجل وامرأة من قوم عاد، وأورد قصة أعرضنا عنها، فالله أعلم بصحتها. (وأهدى ملك أيلة للنبي - صلى الله عليه وسلم - بغلة بيضاء) أيلة -بفتح الهمزة- مدينة بين مصر ومكة على شاطئ البحر، واسم ذلك الملك قيل: يوحنا -بضم الياء وفتح الحاء وتشديد النون- ابن رؤبة، وفي رواية الإسماعيلي وابن إسحاق: [يحنة بن رؤبة] بضم الراء وفتح الباء الموحدة (وكساه بردًا وكتب له ببحرهم) فاعل كسا وكتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والبحر: البلد، كان كتاب أمان؛ فإنه لم يسلم (خرص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بدل من عشرة أوسق (إني متعجل إلى المدينة فمن أراد منكم أن يتعجل فليتعجل) إنما أذن لهم في ذلك لئلا يظن أن له غرضًا في الإنفراد (قال: هذه طابة) من أسماء المدينة الشريفة، مثل طيبة وكان اسمها في الجاهلية يثرب، فكرهه - صلى الله عليه وسلم - ونهى عن ذكرها بذلك الاسم (فلما رأى أحدًا قال: هذا جبل يحبّنا ونحبّه) قيل: أراد أهل أحد؛ أي: أهل المدينة، والحق أنه محمول على الحقيقة؛ كتسليم الحجر، وإنما خصّه بالذكر وإن كانت الجمادات في حقه سواء إزالة للتشاؤم به لما قتل به أصحابه (خير دور الأنصار) الدور جمع الدار، وهي المحلة؛ لأنها تدور على طائفة من الناس، وهو من إطلاق المحل وإرادة الحالّ؛ إذ لا ريب في أن الخيرية هي لأصحاب الحال.

56 - باب العشر فيما يسقى من ماء السماء وبالماء الجارى

بَلَى. قَالَ «دُورُ بَنِى النَّجَّارِ، ثُمَّ دُورُ بَنِى عَبْدِ الأَشْهَلِ، ثُمَّ دُورُ بَنِى سَاعِدَةَ، أَوْ دُورُ بَنِى الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، وَفِى كُلِّ دُورِ الأَنْصَارِ - يَعْنِى - خَيْرًا». أطرافه 1872، 3161، 3791، 4422 1482 - وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ حَدَّثَنِى عَمْرٌو «ثُمَّ دَارُ بَنِى الْحَارِثِ، ثُمَّ بَنِى سَاعِدَةَ». وَقَالَ سُلَيْمَانُ عَنْ سَعْدِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ عَنْ عَبَّاسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أُحُدٌ جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ كُلُّ بُسْتَانٍ عَلَيْهِ حَائِطٌ فَهْوَ حَدِيقَةٌ، وَمَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَائِطٌ لَمْ يَقُلْ حَدِيقَةٌ. 56 - باب الْعُشْرِ فِيمَا يُسْقَى مِنْ مَاءِ السَّمَاءِ وَبِالْمَاءِ الْجَارِى وَلَمْ يَرَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي الْعَسَلِ شَيْئًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ 1482 - (وقال سليمان بن بلال: ثم دور بني الحارث) سليمان بن بلال شيخ البخاري أراد أنّ في روايته جزم بتقديم دور بني الحارث (عمارة بن غزية) بالعين المهملة في الأول، وتخفيف الميم والغين المعجمة في الثاني وكسر الزاي وتشديد الياء (عن عبّاس) بالباء الموحدة (عن أبيه) أبوه أبو حميد الساعدي. أراد أن في رواية "أحد يحبنا ويحبه" وفي رواية ابن بكار: "جبل يحبنا ونحبه" ولا فرق في المعنى لاتحاد المقصود. وموضع الدلالة في الحديقة هو خرصها، وقال باستحباب الخرص الأئمة إلا أبا حنيفة، وفائدة الخرص اننقال حق المصارف إلى ذمة المالك؛ إلا أنه إذا تلف بسبب من الأسباب لا يضمن. فإن قلت: فأي فائدة في الخرص؟ قلت: معرفة حق المستحقين، ونفاذ تصرف المالك في الثمر كله بيعًا وأكلًا وغيرهما من التصرفات. باب العشر فيما يسقى من ماء السماء والماء الجاري لفظ الحديث "العيون"، أبدله بلفظ الجاري ليشمل الأنهار؛ إشارة إلى ما رواه أبو داود بلفظ "الأنهار والعيون". (ولم ير عمر بن عبد العزيز في العسل شيئًا) وبه قال مالك والشافعي، وقال أحمد:

1483 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا الْعُشْرُ، وَمَا سُقِىَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ هَذَا تَفْسِيرُ الأَوَّلِ لأَنَّهُ لَمْ يُوَقِّتْ فِي الأَوَّلِ - يَعْنِى حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ - وَفِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ الْعُشْرُ وَبَيَّنَ فِي هَذَا وَوَقَّتَ، وَالزِّيَادَةُ مَقْبُولَةٌ، وَالْمُفَسَّرُ يَقْضِى عَلَى الْمُبْهَمِ إِذَا رَوَاهُ أَهْلُ الثَّبَتِ، كَمَا رَوَى الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يُصَلِّ فِي الْكَعْبَةِ. وَقَالَ بِلاَلٌ قَدْ صَلَّى. فَأُخِذَ بِقَوْلِ بِلاَلٍ وَتُرِكَ قَوْلُ الْفَضْلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يؤخذ منه العشر سواء كان في موات أو ملك إذا بلغ نصابه عشرة أفراق، قال: وكل فرق ستون رطلًا. وقال أبو حنيفة: يؤخذ منه العشر إذا لم يكن في أرض خراجية بأن كان في الجبل أو في أرض عشرية. (كان عثريًّا العشر) قال الترمذي: لم يصح في العسل حديث، ولم يقدر له نصابًا. 1483 - (عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: فيما سقت السماء أو العيون أو [كان عثريًّا] العشر) -بفتح العين والثاء المثلثة- ما يشرب بعروقه؛ لقربه من الماء، قال ابن الأثير: مأخوذ من العثار؛ وهو الوقوع في الماء (وما سقي بالنضح نصف العشر) النضح لغة: الرش؛ والمراد به ما يسقي الدواب من الدوالي والسوان؛ الدوالي: جمع دالية؛ وهي جذع في رأسه مغرفة يسقى بها، والسانية: البعير، وإنما كان فيه نصف العشر لكثرة العمل فيه تخفيفًا، ألا ترى أن الركاز لما كان حاصلًا من غير تعب كيف أوجب فيه الخمس (قال أبو عبد الله: هذا تفسير الأول؛ لأنه لم يوقت في الأول، يعني حديث ابن عمر: فيما سقت السماء العشر، وبيّن [في] هذا ووقَّت، والزبادة مقبولة، والمُفَسر يقضي على المبهم إذا رواه أهل الثبت). قلت: هذا غلط من الناسخ؛ فإن هذا الكلام في نسخة الفربري هو في الباب

57 - باب ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة

57 - باب لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ 1484 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا مَالِكٌ قَالَ حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى صَعْصَعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَيْسَ فِيمَا أَقَلُّ مِنْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ، وَلاَ فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةٍ مِنَ الإِبِلِ الذَّوْدِ صَدَقَةٌ، وَلاَ فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنَ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ هَذَا تَفْسِيرُ الأَوَّلِ إِذَا قَالَ «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ». وَيُؤْخَذُ أَبَدًا فِي الْعِلْمِ بِمَا زَادَ أَهْلُ الثَّبَتِ أَوْ بَيَّنُوا. طرفه 1405 ـــــــــــــــــــــــــــــ الذي بعده، فإنه روى أولًا حديث ابن عمر المبهم، ثمّ حديث أبي سعيد تفسير له، قال بعض الشارحين: لو كان هناك أيضًا لم يكن غلطًا؛ لأنه تقدم في باب ما أدي زكاته ليس بكنز، وفي باب فيما دون [خمس] ذود صدقة، وقد غلط فيما قال؛ لأن المذكور هناك في الباب حديث أبي سعيد المفسر، فكيف يمكن جعل الأول هو المبهم ثم قال: المفسر -بفتح السين- الخاص، والمبهم العام، والمبهم لم يحمل على المجمل لأنه واضح الدلالة هنا، والمجمل: ما لم تتضح دلالته، وهذا أيضًا غلط المفسر -بكسر السين- لأن عبارة البخاري: هذا تفسير الأول؛ أي: بيان له؛ لقولك. جاءني رجل؛ أي: زيد. باب ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة 1484 - ([ابن] أبي صعصعة) بصاد وعين مهملتين مكررتين (ليس فيما أقل من خمسة أوسق صدقة) ما: زائدة، وشرح الحديث في الباب قبله. قال ابن بطال: أوجب أبو حنيفة في قليل ما أخرجته الأرض وكثيره الزكاة، وفد خالف في ذلك الإجماع، وكان في المدينة البقول وأنواع الرياحين ولم ينقل أحد أنه أخذ منه زكاة. قلت: دليل أبي حنيفة حديث ابن عمر: "فيما سقت السماء العشر" ولفظ: "ما" عامّ، وأجاب عن حديث الأوسق بأنه محمول على مال التجارة؛ فإنهم كانوا يتبايعون بالأوساق، وكل وسق قيمته أربعون درهمًا.

58 - باب أخذ صدقة التمر عند صرام النخل وهل يترك الصبى فيمس تمر الصدقة

58 - باب أَخْذِ صَدَقَةِ التَّمْرِ عِنْدَ صِرَامِ النَّخْلِ وَهَلْ يُتْرَكُ الصَّبِىُّ فَيَمَسُّ تَمْرَ الصَّدَقَةِ 1485 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الأَسَدِىُّ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُؤْتَى بِالتَّمْرِ عِنْدَ صِرَامِ النَّخْلِ فَيَجِئُ هَذَا بِتَمْرِهِ وَهَذَا مِنْ تَمْرِهِ حَتَّى يَصِيرَ عِنْدَهُ كَوْمًا مِنْ تَمْرٍ، فَجَعَلَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ - رضى الله عنهما - يَلْعَبَانِ بِذَلِكَ التَّمْرِ، فَأَخَذَ أَحَدُهُمَا تَمْرَةً، فَجَعَلَهَا فِي فِيهِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْرَجَهَا مِنْ فِيهِ فَقَالَ «أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ آلَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - لاَ يَأْكُلُونَ الصَّدَقَةَ». ـــــــــــــــــــــــــــــ باب أخذ صدقة التمر عند صرام النخل وهل يترك الصبي فيمس تمر الصّدقة الصرام -بفتح الصاد وكسرها- قطاف التمر، وفي لفظ: "عند" تسامح، لأن أخذ الصدقة يكون بعد الصرام إذا يبس. 1485 - (إبراهيم بن طهمان) بفتح الطاء (محمد بن زياد) بزاي معجمة بعدها ياء (فيجيء هذا بتمره وهذا من تمره) أي: بصدقة تمره، و [من] تبعيضية، ويجوز أن يكون المراد من قوله: بتمره؛ أي: جميع تمره تبرعًا؛ ولذلك عبّر أولًا بالباء؛ وثانيًا بمن (فيصير عنده كومًا) قال ابن الأثير: الكوم -بضم الكاف وفتحها- مثل الصبرة، وقيل بالضم اسم لما كُوّم، وبالفتح المصدر (فجعل الحسين والحسن يلعبان بذلك التمر) أي: شرعا في ذلك (فأخذ أحدهما تمرة فجعلها في فيه) الآخذ هو الحسن، جزم به في رواية مسلم (أما علمت أن آل محمد - صلى الله عليه وسلم - لا يأكلون الصدقة؟) آل محمد - صلى الله عليه وسلم - بنو هاشم وبنو المطلب؛ قاله الشافعي، وقال أبو حنيفة والإمام أحمد: بنو هاشم، وعن مالك قولان: بنو هاشم، وقوله الآخر: إلى غالب بن لؤي ومواليهم على اختلافهم المذاهب ملحقة بهم؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مولى القوم منهم" والمحرّم على الآل الزكاة لا صدقة التطوع، وفي رواية عن مالك العكس، ومطلقه حرام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاصة.

59 - باب من باع ثماره أو نخله أو أرضه أو زرعه، وقد وجب فيه العشر أو الصدقة فأدى الزكاة من غيره أو باع ثماره ولم تجب فيه الصدقة

59 - باب مَنْ بَاعَ ثِمَارَهُ أَوْ نَخْلَهُ أَوْ أَرْضَهُ أَوْ زَرْعَهُ، وَقَدْ وَجَبَ فِيهِ الْعُشْرُ أَوِ الصَّدَقَةُ فَأَدَّى الزَّكَاةَ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ بَاعَ ثِمَارَهُ وَلَمْ تَجِبْ فِيهِ الصَّدَقَةُ وَقَوْلُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَبِيعُوا الثَّمَرَةَ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُهَا». فَلَمْ يَحْظُرِ الْبَيْعَ بَعْدَ الصَّلاَحِ عَلَى أَحَدٍ وَلَمْ يَخُصَّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ مِمَّنْ لَمْ تَجِبْ. 1486 - حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ حَتَّى يَبْدُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من باع ثماره، أو نخله، أو أرضه، أو زرعه، وقد وجب فيه العشر أو الصدقة، فأدى الزكاة من غيره قلت: فإن قلت: لا زكاة في النخل والأرض إجماعًا؛ قلت: أراد بيعهما بما فيهما من الثمر والزرع. (أو باع ثماره ولم تجب فيه الصدقة) إما لقلته؛ أو لعدم بدو الصلاح. (وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا تبيعوا الثمرة حتى يبدو صلاحها. فلم يحظر البيع بعد بدو الصلاح على أحد) يحظر -بالظاء المعجمة- أي: لم يمنع، واعترض بهذا الكلام على الشافعي؛ فإن عنده بعد بدو الصلاح لا يصح بيع قدر الزكاة، وفي الباقي قولان تفريق الصّفقة، وهذا إذا لم يكن خرص على المالك؛ وإلا فبالخرص ينتقل الحق من العين إلى ذمة المالك، فهذا يصلح أن يكون دليلًا للشافعي؛ فإنه يقول: عام مخصص بالخرص، وأي فائدة للخرص سوى هذا؟ قال بعض من الشارحين مجيبًا للشافعي: إن قوله: "لا تبيعوا الثمرة حتى يبدو صلاحها" إنما يدل على الجواز بعد بدو الصلاح بالمفهوم، والمفهوم لا عموم له، وهذا غلط في أصل المسألة، قال ابن الحاجب: الخلاف في أن المفهوم لا عموم له لا يتحقق؛ لأن مفهوم الموافقة والمخالفة عام فيما سوى المنطوق به لا يختلفون فيه، ثمّ أشار إلى منشأ الغلط، فقال: وأمّا القائلون بأن المفهوم لا عموم له؛ كالغزالي، يريدون أن اللفظ بمنطوقه لم يدل عليه؛ بل بمفهومه؛ كالضرب من قوله تعالى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: 23]. فإن الدال عليه هو المفهوم من نفي الأذى مطلقًا، وهذا أيضًا مما لا خلاف فيه، فالخلاف أيضًا غير متصور، إذ لا ثالث يكون محل الخلاف. 1486 - (حجاج) بفتح الحاء وتشديد الجيم (نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الثمرة حتى يبدو

60 - باب هل يشترى صدقته

صَلاَحُهَا. وَكَانَ إِذَا سُئِلَ عَنْ صَلاَحِهَا قَالَ حَتَّى تَذْهَبَ عَاهَتُهُ. أطرافه 2183، 2194، 2199، 2247، 2249 1487 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ حَدَّثَنِى خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِى رَبَاحٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما -. نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُهَا. أطرافه 2189، 2196، 2381 1488 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تُزْهِىَ، قَالَ حَتَّى تَحْمَارَّ. أطرافه 2195، 2197، 2198، 2208 60 - باب هَلْ يَشْتَرِى صَدَقَتَهُ وَلاَ بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِىَ صَدَقَتَهُ غَيْرُهُ لأَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّمَا نَهَى الْمُتَصَدِّقَ خَاصَّةً عَنِ الشِّرَاءِ وَلَمْ يَنْهَ غَيْرَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ صلاحها، وتذهب عنها العاهة) أي: الآفة، من الدود، والريح، والبرد واعلم أنّ هذا قال به الأئمة إلا أبا حنيفة، ولا جواب له عن هذا الحديث؛ إذ لا معارض له، إلا أن فيه قيدين. أحدهما: أن لا يكون بيع الثمر من الشجر. والثاني: أن لا يكون بشرط القطع فإن الخوف من وصول الآفة مع القطع منتف. 1487 - (خالد بن يزيد) من الزيادة (أبي رباح) بالباء الموحدة. 1488 - (قتيبة) بضم القاف مصغر (نهى عن بع الثمار حتى تزهي) -بضم التاء- قال ابن الأثير: يقال: زها يزهو إذا ظهرت ثمرته، وأزهى؛ أي: احمر أو اصفر. وقيل: هما بمعنى، ومن هؤلاء من منع تزهو، وآخرون أنكروا تزهي، وألفاظ الحديث تارة تزهو، وأخرى في معنى إدراك الثمرة يرد على الطائفتين، وظاهره في الترادف. باب هل يشتري صدقته ولا بأس بأن يشتري صدقة غيره استدل على الشق الأخير من الترجمة بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما نهى المتصدق خاصةً لا غير، وهذا الذي قاله مما لا خلاف فيه بين الأئمة.

1489 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ تَصَدَّقَ بِفَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَوَجَدَهُ يُبَاعُ، فَأَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَهُ، ثُمَّ أَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتَأْمَرَهُ فَقَالَ «لاَ تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ» فَبِذَلِكَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - لاَ يَتْرُكُ أَنْ يَبْتَاعَ شَيْئًا تَصَدَّقَ بِهِ إِلاَّ جَعَلَهُ صَدَقَةً. أطرافه 2775، 2971، 3002 1490 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ - رضى الله عنه - يَقُولُ حَمَلْتُ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَضَاعَهُ الَّذِى كَانَ عِنْدَهُ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِيَهُ، وَظَنَنْتُ أَنَّهُ يَبِيعُهُ بِرُخْصٍ، فَسَأَلْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «لاَ تَشْتَرِ وَلاَ تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ، وَإِنْ أَعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ، فَإِنَّ الْعَائِدَ فِي صَدَقَتِهِ كَالْعَائِدِ فِي قَيْئِهِ». أطرافه 2623، 2636، 2970، 3003 ـــــــــــــــــــــــــــــ 1489 - 1490 - (بكير) -بضم الباء- مصغر، وكذا (عُقيل)، (أن عمر بن الخطاب تصدق بفرس، فوجده يباع، فاراد أن يشتريه، ثم أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فاستأمره) أي: استشاره، كأنّه يطلب منه أن يأمُرُه (فقال: لا تعد في صدقتك) وعلله بأن (العائد في صدقته كالكلب العائد في قيئه) وأكثر الأئمة كأبي حنيفة والشافعي ومالك أن هذا النهي تنزيه؛ لأنه شبهه بمستقذر غير محرم، قال العلماء: الحكم في المنع من الشراء أن ذلك الرجل يسامحه في الثمن؛ لأنه هو الذي تصدق به، فيستحي أن يماكسه، وفيه نظر؛ لأن قوله: (ولو أعطاك بدرهم) ينافي هذا الذي قالوه، إذ الملائم في أن يقول: ولو أعطاك بأعلى ثمن وأرفعه، فالصواب أنه كره أن يعود إلى ملكه شيء خرج عنه لله تعالى، وهذا المعنى لا يوجد في شراء صدقة غيره، فاستقام استدلال البخاري على عدم كراهة شراء صدقة الغير. فإن قلت: إذا كان النهي مطلقًا فأيُّ وجه لقوله: "ولو أعطاكه بدرهم"؟ قلت: هذا ورد على سبب خاص، وذلك أن عمر قال في الرواية الأخرى: ظننت أن بائعه يرخص.

61 - باب ما يذكر فى الصدقة للنبى - صلى الله عليه وسلم -

61 - باب مَا يُذْكَرُ فِي الصَّدَقَةِ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - 1491 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ أَخَذَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِىٍّ - رضى الله عنهما - تَمْرَةً مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ، فَجَعَلَهَا فِي فِيهِ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «كِخٍ كِخٍ - لِيَطْرَحَهَا ثُمَّ قَالَ - أَمَا شَعَرْتَ أَنَّا لاَ نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ». طرفه 1485 62 - باب الصَّدَقَةِ عَلَى مَوَالِى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - 1492 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبِّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ وَجَدَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - شَاةً مَيِّتَةً أُعْطِيَتْهَا مَوْلاَةٌ لِمَيْمُونَةَ مِنَ الصَّدَقَةِ، قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ما يذكر في صدقة النبي - صلى الله عليه وسلم - وآله 1491 - روى في الباب (أخذ حسن بن علي تمرة من الصدقة لجعلها في فيه، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: كخ كخ) قال ابن الأثير: بفتح الكاف وكسرها وخاء معجمة ساكنة أو مكسورة منونة وغير منونة: كلمة يُزجر بها الصغير، وقد تقال عند التقذر من الشيء، وقال: وهي كلمة عجمية عُرِّبت. (أما شعرت أنا لا نأكل الصدقة؟) أي: الزكاة فإن آله - صلى الله عليه وسلم - يجوز لهم أكل صدقة التطوع، وهو منفرد بحرمتها مختصة. [فإن] قلت: إذا حمل الصدقة وهنا على الزكاة فائدتان دليل حرمة مطلقها عليه؟ قلت: سيأتي في أبواب اللقطة، وهو ما رواه أبو هريرة؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إني لأنقلب إلى أهلي فأجد التمرة ساقطة على فراشي، فأرفعها لآكلها، ثم أخشى أن تكون صدقة فألقيها". باب الصدقة على موالي أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - 1492 - (عفير) بضم العين مصغر (وجد شاة ميتة أُعطيتها مولاة لميمونة) بنت الحارث

«هَلاَّ انْتَفَعْتُمْ بِجِلْدِهَا». قَالُوا إِنَّهَا مَيْتَةٌ. قَالَ «إِنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهَا». أطرافه 2221، 5531، 5532 1493 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِىَ بَرِيرَةَ لِلْعِتْقِ، وَأَرَادَ مَوَالِيهَا أَنْ يَشْتَرِطُوا وَلاَءَهَا، فَذَكَرَتْ عَائِشَةُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لَهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اشْتَرِيهَا، فَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». قَالَتْ وَأُتِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِلَحْمٍ فَقُلْتُ هَذَا مَا تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ فَقَالَ «هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ، وَلَنَا هَدِيَّةٌ». طرفه 456 ـــــــــــــــــــــــــــــ زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - (هلا انتفعتم بجلدها) أي: بالدباغ فإنه طهور؛ لقوله في الرواية الأخرى: "دباغها طهورها" اتفق الأئمة سوى الإمام أحمد على طهارة الجلد بالدباغ، فعند مالك كل جلد حتى الخنزير طاهر، جلده دون باطنه، وعند أبي حنيفة: سوى الخنزير، وعند الشافعي: سوى الكلب والخنزير. 1493 - ثم روى حديث بريرة، أنه تصدق عليها بشاة، ثم أكل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من لحمها، وقال: (عليها صدقة وعلينا هدية). ومدار الأحكام إنما هي الأوصاف لا الذوات. وحديث بريرة هذا رواه فيما سلف وسيرويه مرارًا بعدُ، وموضع الدلالة في الحديثين جواز الصدقة على موالي أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -، لكن الشرط لا تكون السيدة هاشمية، ولا مطلبية، وميمونة هلالية، وعائشة شمسية ليستا من بني هاشم ولا بني المطلب، وإنما لم يذكر حكم أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعدم دخولهن في الأول، وما روي عن عائشة: "إنّا آل محمد لا يحل لنا الصدقة" فلم ترفعه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فإن قلت: من أزواجه زينب بنت جحش وهي بنت أميمة بنت عبد المطلب بن هاشم؛ قلت: النسبة إلى الآباء لا الأمهات. وأما الإشكال بأن قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لها: "اشتريها واشترطي" كيف يجوز أن تشترط،

63 - باب إذا تحولت الصدقة

63 - باب إِذَا تَحَوَّلَتِ الصَّدَقَةُ 1494 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ الأَنْصَارِيَّةِ - رضى الله عنها - قَالَتْ دَخَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى عَائِشَةَ - رضى الله عنها - فَقَالَ «هَلْ عِنْدَكُمْ شَىْءٌ». فَقَالَتْ لاَ. إِلاَّ شَىْءٌ بَعَثَتْ بِهِ إِلَيْنَا نُسَيْبَةُ مِنَ الشَّاةِ الَّتِى بَعَثْتَ بِهَا مِنَ الصَّدَقَةِ. فَقَالَ «إِنَّهَا قَدْ بَلَغَتْ مَحِلَّهَا». طرفه 1446 1495 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أُتِىَ بِلَحْمٍ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ فَقَالَ «هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ، وَهُوَ لَنَا هَدِيَّةٌ». 1495 م - وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ سَمِعَ أَنَسًا عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 2577 ـــــــــــــــــــــــــــــ أو يأمر بشرط باطل مع أن صورته المخادعة؟ فالجواب عنه تقدم أن أمره به؛ ثم إبطاله أوقعُ في الزجر من أن يقول أولًا لا يجوز فإنما الولاء لمن أعتق علة لبطلان الشرط، وفي الحديث: "لحمة كلحمة النسب" وفي رواية "شجنة" -بالشين والجيم- وكما لا يجوز للإنسان الخروج والإخراج من النسب كذلك عن الولاء. باب إذا تحولت الصدقة 1494 - (يزيد بن زريع) مصغر زرع (أم عطية) هي نسيبة المذكورة بعد (إنها قد بلغت محلها) -بكسر اللام- أي: مكان حلولها، أو مكان الحل؛ ضد الحرمة لما قدمنا أن مدار الأحكام إنما هو الأوصاف، وبزوال الصدقة وتبدله باسم الهبة انتقل الحكم من الحرمة إلى الحل. 1495 - (وقال أبو داود) هو سليمان الطيالسي. وفائدة هذا التعليق تصريح السماع من قتادة، فإنه يدلس، فيؤمن من التدليس.

64 - باب أخذ الصدقة من الأغنياء وترد فى الفقراء حيث كانوا

64 - باب أَخْذِ الصَّدَقَةِ مِنَ الأَغْنِيَاءِ وَتُرَدَّ فِي الْفُقَرَاءِ حَيْثُ كَانُوا 1496 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِىٍّ عَنْ أَبِى مَعْبَدٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ «إِنَّكَ سَتَأْتِى قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ، فَإِذَا جِئْتَهُمْ فَادْعُهُمْ إِلَى أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ». طرفه 1395 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب أخذ الصدقة من الأغنياء وترد في الفقراء 1496 - (ابن صيفي) ضد الشتاء (عن أبي معبد مولى ابن عباس) واسمه نافذ -بالنون والفاء- روى حديث بعثة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معاذًا لأخذ الزكاة من أهل اليمن، وقد سلف حديثه في أول الكتاب، وموضع الدلالة على ما ترجم قوله: (قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم) قد سلف في باب زكاة العروض بيان اختلاف العلماء في جواز نقل الزكاة من بلد إلى آخر مع الأدلة من الطرفين، فراجعه، ودليل المانع؛ وهو الشافعي ومن وافقه حديث الباب، وأشرنا هناك إلى أن الاختصار على الفقراء دون ذكر سائر الأصناف لكثرة الوجود في كل بلد، قال الشافعي: يجب استيعاب الأصناف الثمانية، من كل صنف ثلاثة أشخاص. وقال غيره: يجوز دفعه إلى صنف واحد؛ ولو اقتصر من ذلك الصنف على واحد أجزأه. قال الإمام أحمد: لكن يستحب الاستيعاب. وهذا الخلاف إنما هو عند وجود جميع الأصناف؛ وأما إذا لم يوجد فعلى الاقتصار على الموجود للإجماع، قال الشافعي اعتراضًا على من لم يقل بالاستيعاب: لو أوصى إنسان لهؤلاء الأصناف يجب الاستيعاب عندكم، فما الفرق بين المسألتين؟ (واتق دعوة المظلوم؛ فإنه ليس بينها وبين الله حجاب) أي: مقبولة لا محالة. فإن قلت: كم مظلومٍ تراه في يد الظالم، ويدعو عليه بكل دعوة، ولا ترى يصيبه شيء؟

65 - باب صلاة الإمام ودعائه لصاحب الصدقة

65 - باب صَلاَةِ الإِمَامِ وَدُعَائِهِ لِصَاحِبِ الصَّدَقَةِ وَقَوْلِهِ (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ). 1497 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى أَوْفَى قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَتَاهُ قَوْمٌ بِصَدَقَتِهِمْ قَالَ «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ فُلاَنٍ». فَأَتَاهُ أَبِى بِصَدَقَتِهِ، فَقَالَ «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِى أَوْفَى». أطرافه 4166، 6332، 6359 ـــــــــــــــــــــــــــــ قلت: الأمور مرهونة بأوقاتها، وفي بعض الروايات إمّا أن يجيب دعوته؛ أو يدخر له ما هو خير مما سأل، وإطلاقُه المظلوم يشمل المؤمن والكافر. فإن قلت: إرسال معاذ إلى يمن كان سنة ثلاثة قبل حج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان الحج والصوم واجبين، فلِمَ لَمْ يذكرهما في الحديث؟ قلت: الغرض هنا الدعاء إلى الإسلام، وقد ذكرنا مرارًا أن الصلاة والزكاة أُمَّا العبادات، فمن قام بهما لم يُخل بشيء من الأركان، ألا ترى كيف اكتفى بهما في صدر سورة البقرة. باب صلاة الإمام ودعائه لصاحب الصدقة ({خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوية: 103]) هذه الآية نزلت في أبي أوفى، واسمه علقمة بن الحارث، تخلف هو وستةُ نفرٍ عن غزوة تبوك، فربطوا أنفسهم في السواري فأنزل الله فيهم: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا} [التوبة: 102]، فقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توبتهم، فأتوا بصدقاتهم، فتوقف في أخذ الصدقة، فأنزل الله: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} أي: من .... الآثام {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 103]: ادع لهم. 1497 - (اللهم صلِّ على آل فلان) إقحام الآل للتعظيم؛ فإنه يضاف إلى ذوي الشرف والخطر، والصلاة مستلزمة للصلاة على ذي المال من باب الأولى. واستحب العلماء لأخذ الزكاة أن يدعو للمالك؛ إلا أنه لا يأتي بلفظ الصلاة؛ لأن هذا اللفظ خاص برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإن كان معناه الدعاء، كما أن "جل جلاله" مخصوص بالله؛ وإن كانت الأنبياء والرسل أعزة

66 - باب ما يستخرج من البحر

66 - باب مَا يُسْتَخْرَجُ مِنَ الْبَحْرِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - لَيْسَ الْعَنْبَرُ بِرِكَازٍ هُوَ شَىْءٌ دَسَرَهُ الْبَحْرُ. وَقَالَ الْحَسَنُ فِي الْعَنْبَرِ وَاللُّؤْلُؤِ الْخُمُسُ، فَإِنَّمَا جَعَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي الرِّكَازِ الْخُمُسَ، لَيْسَ فِي الَّذِى يُصَابُ فِي الْمَاءِ. 1498 - وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «أَنَّ رَجُلاً مِنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ سَأَلَ بَعْضَ بَنِى إِسْرَائِيلَ بِأَنْ يُسْلِفَهُ أَلْفَ دِينَارٍ، فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ، فَخَرَجَ فِي الْبَحْرِ، فَلَمْ يَجِدْ مَرْكَبًا، فَأَخَذَ خَشَبَةً فَنَقَرَهَا فَأَدْخَلَ فِيهَا أَلْفَ دِينَارٍ، فَرَمَى بِهَا فِي الْبَحْرِ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ الَّذِى كَانَ أَسْلَفَهُ، فَإِذَا بِالْخَشَبَةِ فَأَخَذَهَا لأَهْلِهِ حَطَبًا - فَذَكَرَ الْحَدِيثَ - فَلَمَّا نَشَرَهَا وَجَدَ الْمَالَ». أطرافه 2063، 2291، 2404، 2430، 2734، 6261 ـــــــــــــــــــــــــــــ أجلاء؛ ولذلك ذكر لفظ الصلاة في الترجمة وعطف عليها لفظ الدعاء، وذكر لفظ الإمام إشارة إلى بطلان شبهة أهل الرّدة كون أخذ الزكاة خاصًّا برسول الله - صلى الله عليه وسلم -[لله] درّ البخاري ما أدق نظره، جمعنا الله وإياه في دار كرامته. باب ما يستخرج من البحر (وقال ابن عباس: ليس العنبر بركاز هو شيء دسره البحر) أي: دفعه وفي تكونه وحصوله أقوال لا يتعلق بها حكم. قيل: نبات ينبت في البحر، وقال ابن سينا: عين في البحر كالمعادن في البرّ (وقال الحسن: في العنبر واللولو الخمس) استدل البخاري على عدم استقامة قول الحسن بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (في الركاز الخمس) بتقديم الجار المفيد للحصر، وليس العنبر واللؤلؤ من الركاز في شيء. 1498 - ثُمَّ روى عن أبي هريرة تعليقًا: (أنّ رجلًا من بني إسرائيل أسلف رجلًا ألف دينار) وهذا حديث سيأتي بطوله، وموضع الدلالة أنه وجد هذا المال في البحر، ولم يكن من الركاز الذي تجب فيه الركاة. وأُورد على البخاري بأنَّ هذا الحديث لا تَعَلُّقَ له بهذا الباب؛ لأن رجلًا أقرض رجلًا مالًا ثم وجده. والجواب عنه: أنه لما وجد المال لم يزكِّ عنه زكاة الرِّكاز، فلو وجد إنسان

67 - باب فى الركاز الخمس

67 - باب فِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ وَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ إِدْرِيسَ الرِّكَازُ دِفْنُ الْجَاهِلِيَّةِ، فِي قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ الْخُمُسُ. وَلَيْسَ الْمَعْدِنُ بِرِكَازٍ، وَقَدْ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْمَعْدِنِ «جُبَارٌ، وَفِى الرِّكَازِ الْخُمُسُ». وَأَخَذَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ مِنَ الْمَعَادِنِ مِنْ كُلِّ مِائَتَيْنِ خَمْسَةً. وَقَالَ الْحَسَنُ مَا كَانَ مِنْ رِكَازٍ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ فَفِيهِ الْخُمُسُ، وَمَا كَانَ مِنْ أَرْضِ السِّلْمِ فَفِيهِ الزَّكَاةُ، وَإِنْ وَجَدْتَ اللُّقَطَةَ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ فَعَرِّفْهَا، وَإِنْ كَانَتْ مِنَ الْعَدُوِّ فَفِيهَا الْخُمُسُ. وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ الْمَعْدِنُ رِكَازٌ مِثْلُ دِفْنِ الْجَاهِلِيَّةِ لأَنَّهُ يُقَالُ أَرْكَزَ الْمَعْدِنُ. إِذَا خَرَجَ مِنْهُ شَىْءٌ. قِيلَ لَهُ قَدْ يُقَالُ لِمَنْ وُهِبَ لَهُ شَىْءٌ، أَوْ رَبِحَ رِبْحًا كَثِيرًا، أَوْ كَثُرَ ثَمَرُهُ أَرْكَزْتَ. ثُمَّ نَاقَضَ وَقَالَ لاَ بَأْسَ أَنْ يَكْتُمَهُ فَلاَ يُؤَدِّىَ الْخُمُسَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مثله يكون حكمه حكم ذلك، إلا أن فيه شبهة؛ وذلك أن الخشبة كان فيها ورقة باسم الرجل الذي اقترض، اللهم إلا أن يقال تلك الورقة لا يُعتَدُّ بها؛ لأنها لم تكن حجة شرعية. باب في الركاز الخمس (وقال مالك وابن إدريس: الرّكاز دفن الجاهلية، ففي قليله وكثيره الخمس) وابن إدريس هذا هو الشافعي، وعليه الأكثرون، وقيل: هو عبد الله بن إدريس الأودي. وقال أحمد بما قاله مالك والشافعي. فليس في المسألة مخالف إلا أبو حنيفة، وعليه نبّه البخاري بقوله: (وقال بعض الناس: الرّكاز: المعدن) واستدل على بطلان هذا بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (المعدن جبار، وفي الرّكاز الخمس) جعل المعدن جبارًا، وفي الرِّكاز الخمس أي: جعل المعدن مقابلًا للرِّكاز. (وقال الحسن: ما كان من ركاز في أرض الحرب فيه الخمس، وما كان من أرض السلم) -بكسر السين وفتحها- الصلح (ففيه الزكاة، وإن وجدت لُقطة في أرض العدو فعَرَّفها سنة، إن كانت من العدو ففيها الخمس) وبه قال أبو حنيفة، وعند غيره حكمها حكم سائر الأموال إذا حال الحول أخرج زكاته (ثمّ ناقض وقال: لا بأس أن يكتمه ولا يؤدِّ الخمس) وجه النقض أنه أوجب زكاته وجوز تركه؛ والوجوب والجواز متناقضان. والجواب لأبي حنيفة ما قال ابن الأثير: أن الركاز عند أهل الحجاز كنوز الجاهلية المدفونة تحت الأرض، وعند أهل العراق المعادن. قال: واللغة تحتملها، وإذا احتمل اللفظ، وحمله أبو حنيفة على أحد المحملين فقط سقط الاعتراض. وأما المناقضة فقد أجاب الطحاوي: بأن قول الإمام إنما هو فيما إذا كان مستحقًا لو أخذه لنفسه جاز له ذلك.

68 - باب قول الله تعالى (والعاملين عليها) ومحاسبة المصدقين مع الإمام

1499 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ، وَالْبِئْرُ جُبَارٌ، وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ، وَفِى الرِّكَازِ الْخُمُسُ». أطرافه 2355، 6912، 6913 68 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا) وَمُحَاسَبَةِ الْمُصَدِّقِينَ مَعَ الإِمَامِ 1500 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى حُمَيْدٍ السَّاعِدِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 1499 - (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: العجماء جبار، والبئر والمعدن جبار) العجماء: الدابة من المعجمة: وهو عدم النطق. والجبار -بضم الجيم وفتح الباء- الهدر الذي لا ضمان فيه، وهو في الأصل ما طال من النخل، بحيث لا تصل إليه اليد. أخذ بظاهر الحديث أهل الظاهر فلم يوجبوا الضمان بوجه. وقال القاضي عياض: أجمع العلماء على أن لا ضمان في جناية البهيمة في النهار إذا لم يكن معها أحد، وإذا كان معها مالكها أو غيره من المستعير ونحوه فعند الشافعي يجب الضمان على كل حال على كل وجه. وقال مالك: لا ضمان فيما أصابته بيدها أو رجلها. وعن أبي حنيفة: يضمن السائق والقائد والراكب ما أصابت الذابة بيدها أو رجلها أو رأسها، أو كدمت أو خبطت؛ لا ما خربت برجلها أو ذنبها، أو تلف شيءٌ من بولها أو روثها إذا بالت أو راثت وهي سائرة إذا وقفها لذلك، وإن أوقفها لغيره ضمن. وجبار البئر: إذا حفرها في ملكه، أو في موات، أو استأجر ليحفر البئر فوقع عليه، وكذلك حافر المعدن إذا وقع عليه. باب قول الله تعالى: {وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ} [التوبة: 60] ومحاسبة الإمام مع المصدقين -بفتح الصّاد المخففة، وتشديد الدّال- السعاة الذين يأخذون الزكاة من أربابها. 1500 - (أبو أسامة) -بضم الهمزة- حماد بن أسامة (عن أبي حميد الساعدي) -بضم

69 - باب استعمال إبل الصدقة وألبانها لأبناء السبيل

اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلاً مِنَ الأَسْدِ عَلَى صَدَقَاتِ بَنِى سُلَيْمٍ يُدْعَى ابْنَ اللُّتْبِيَّةِ، فَلَمَّا جَاءَ حَاسَبَهُ. طرفه 925 69 - باب اسْتِعْمَالِ إِبِلِ الصَّدَقَةِ وَأَلْبَانِهَا لأَبْنَاءِ السَّبِيلِ 1501 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ نَاسًا مِنْ عُرَيْنَةَ اجْتَوَوُا الْمَدِينَةَ، فَرَخَّصَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَأْتُوا إِبِلَ الصَّدَقَةِ فَيَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا، فَقَتَلُوا الرَّاعِىَ وَاسْتَاقُوا الذَّوْدَ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأُتِىَ بِهِمْ، فَقَطَّعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الحاء- واسمه المنذر أو عبد الرحمن. (استعمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلًا من الأسد) -بفتح الهمزة وسكون السين- وفي بعضها بالزاي (على صدقات بني سليم، يدعى ابن اللتبية، فلما جاء حاسبه) سليم -بضم السين- مصغر. وابن اللتبية -بضم اللام وسكون الفوقانية بعدها موحدةٌ مكسورة، بعدها تحتانية مشدّدة مفتوحة، ويروى -بضم الهمزة وفتح التاء- قال ابن دريد: بنو ليث بطن من الأزد، وهذا الرجل اسمه عبد الله. وفقه الحديث جواز نصب السّعاة، وجواز محاسبتهم. وسيروي حديثه بأطولَ من هذا مرارًا. باب استعمال إبل الصدقة وألبانها لأبناء السبيل 1501 - (عن أنس: أن ناسًا من عرينة اجتووا المدينة، فرخص لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يأتوا إبل الصدقة فيشربوا من أبوالها وألبانها) عرينة: -بضم العين وفتح الراء- مصغر بعد الباء نون والاجتواء: -بالجيم- من الجوا. قال ابن الأثير: هو داء في الجوف إذا تطاول. ويقال أيضًا: اجتويت البلد: كرهتها. والمعنى على الأول: أي مرضوا في المدينة؛ لقوله في بعض الروايات: فلما صحوا. وليس في الحديث دلالة على طهارة الأبوال؛ لأنه كان للتداوي، ألا ترى إلى قول أنس: فرخص لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (فاستاقوا الذود) -بفتح الذال وسكون الواو- الإبل من الثلاثة إلى العشرة، والظاهر أنه من إطلاق المقيد على المطلق (سمر أعينهم) -بفتح الميم المخففة- أي: كحل أعينهم

70 - باب وسم الإمام إبل الصدقة بيده

وَتَرَكَهُمْ بِالْحَرَّةِ يَعَضُّونَ الْحِجَارَةَ. تَابَعَهُ أَبُو قِلاَبَةَ وَحُمَيْدٌ وَثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ. طرفه 233 70 - باب وَسْمِ الإِمَامِ إِبِلَ الصَّدَقَةِ بِيَدِهِ 1502 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو الأَوْزَاعِىُّ حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ حَدَّثَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ غَدَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ لِيُحَنِّكَهُ، فَوَافَيْتُهُ فِي يَدِهِ الْمِيسَمُ ـــــــــــــــــــــــــــــ بمسامير محماة، وفي رواية: "سمل". والسمل: قلع العين يجوز وقوع الأمرين، أو أحدهما حقيقة والآخر مجاز. (وتركهم بالحرّة) الحرّة لغة: كل أرض ذات حجارة سود، والمراد: حرة المدينة الشريفة؛ فاللام للعهد (يعضون الحجارة) من العطش: لقوله: "يستقون فلا يسقون". (تابعه أبو قلابة) -بكسر القاف- عبد الله الجرمي، أي: تابع قتادة، وكذا ثابت وحميد. وليس في الحديث دلالة على اختصاص أبناء السبيل بذلك؛ فللإمام أن يعطي كل صنف من الأصناف، وإنما وضع الترجمة في ذلك ليطابق الحديث، وقاسَ الاستعمال على شرب اللبن. باب وسم الإمام إبل الصدقة 1502 - (إبراهيم بن المنذر) بكسر الذال (أبو عمرو) هو الأوزاعي. (عن أنس قال: غدوت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعبد الله بن أبي طلحة ليحنكه) -بضم الياء وتشديد النون المكسورة- تحنيك الولد: أن يجعل في فم الطفل حين يولد قبل أن يدخل جوفه شيءٌ تمرةً بعد أن يمضغه، ثم يحركه بأصبعه على حنكه ليكون تفاؤلًا بحلاوة الإيمان، وطيب العيش، والأَولى في ذلك العلماء والصالحون (فوافيته) -بالفاء- أي: وصلت إليه (وفي يده الميسم) -بكسر الميم- آلة الوسم، وهو: العلامة يسم به إبل الصدقة. وفقه الحديث: جواز وسم النعم وإن كان فيه نوع تعذيب، كما شعار الهدي؛ لأنّ الحسن ما استحسنه الشرع، وليس فيه مخالف سوى أبي حنيفة وقال: إنه مثلة.

71 - باب فرض صدقة الفطر

يَسِمُ إِبِلَ الصَّدَقَةِ. طرفاه 5542، 5824 71 - باب فَرْضِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ وَرَأَى أَبُو الْعَالِيَةِ وَعَطَاءٌ وَابْنُ سِيرِينَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ فَرِيضَةً. 1503 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّكَنِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَهْضَمٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ، وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى، وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلاَةِ. أطرافه 1504، 1507، 1509، 1511، 1512 72 - باب صَدَقَةِ الْفِطْرِ عَلَى الْعَبْدِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ 1504 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ، ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، مِنَ الْمُسْلِمِينَ. طرفه 1503 73 - بابٌ صَدَقَةِ الْفِطْرِ صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ 1505 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا نُطْعِمُ الصَّدَقَةَ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ. أطرافه 1506، 1508، 1510

74 - باب صدقة الفطر صاعا من طعام

74 - باب صَدَقَةِ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ 1506 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِى سَرْحٍ الْعَامِرِىِّ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ - رضى الله عنه - يَقُولُ كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ. طرفه 1505 75 - باب صَدَقَةِ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ 1507 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ قَالَ أَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِزَكَاةِ الْفِطْرِ، صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ - رضى الله عنه - فَجَعَلَ النَّاسُ عِدْلَهُ مُدَّيْنِ مِنْ حِنْطَةٍ. طرفه 1503 76 - باب صَاعٍ مِنْ زَبِيبٍ 1508 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ سَمِعَ يَزِيدَ الْعَدَنِىَّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ حَدَّثَنِى عِيَاضُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى سَرْحٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا نُعْطِيهَا فِي زَمَانِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ، فَلَمَّا جَاءَ مُعَاوِيَةُ وَجَاءَتِ السَّمْرَاءُ قَالَ أُرَى مُدًّا مِنْ هَذَا يَعْدِلُ مُدَّيْنِ. طرفه 1505 77 - باب الصَّدَقَةِ قَبْلَ الْعِيدِ 1509 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلاَةِ. طرفه 1503

78 - باب صدقة الفطر على الحر والمملوك

1510 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ عَنْ زَيْدٍ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا نُخْرِجُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ. وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ وَكَانَ طَعَامَنَا الشَّعِيرُ وَالزَّبِيبُ وَالأَقِطُ وَالتَّمْرُ. طرفه 1505 78 - باب صَدَقَةِ الْفِطْرِ عَلَى الْحُرِّ وَالْمَمْلُوكِ وَقَالَ الزُّهْرِىُّ فِي الْمَمْلُوكِينَ لِلتِّجَارَةِ يُزَكَّى فِي التِّجَارَةِ، وَيُزَكَّى فِي الْفِطْرِ. 1511 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ فَرَضَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - صَدَقَةَ الْفِطْرِ - أَوْ قَالَ رَمَضَانَ - عَلَى الذَّكَرِ وَالأُنْثَى، وَالْحُرِّ وَالْمَمْلُوكِ، صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، فَعَدَلَ النَّاسُ بِهِ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ. فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يُعْطِى التَّمْرَ، فَأَعْوَزَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنَ التَّمْرِ فَأَعْطَى شَعِيرًا، فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُعْطِى عَنِ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ، حَتَّى إِنْ كَانَ يُعْطِى عَنْ بَنِىَّ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يُعْطِيهَا الَّذِينَ يَقْبَلُونَهَا، وَكَانُوا يُعْطُونَ قَبْلَ الْفِطْرِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ. طرفه 1503 79 - باب صَدَقَةِ الْفِطْرِ عَلَى الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ 1512 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنه - قَالَ فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَدَقَةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ عَلَى الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَالْحُرِّ وَالْمَمْلُوكِ. طرفه 1503

الْكَوْثَرُ الْجَارِي إلى رِيَاض أحَادِيثِ البُخَارِيّ [4]

حُقُوق الطَّبْع مَحْفُوظَة الطبعة الأولى 1429 هـ - 2008 م مؤسسة التَّارِيخ الْعَرَبِيّ للطباعة والنشر والتوزيع العنوان الْجَدِيد بيروت - طَرِيق المطار - خلف غولدن بلازا هَاتِف: 540000/ 01 - 455559/ 01 فاكس: 850717 - ص. ب: 7957/ 11

25 - كتاب الحج

25 - كتاب الحج 1 - باب وُجُوبِ الْحَجِّ وَفَضْلِهِ (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حَجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِىٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ). ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب المناسك المناسك: جمع نسك -بفتح السين وكسرها- اشتقاقه من النسك، وهو: العبادة. قال ابن الأثير: المنسك يكون مصدرًا ومكانًا وزمانًا؛ لكن اشْتُهر في أفعال الحج واجبًا كان أو ندبًا. باب وجوب الحج وفضله (وقول الله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97]) وقول الله بالرفع؛ لأنه دليل الترجمة، وأكثرُ الرِّوايات بالجرِّ على الجوار. والحج لغة: القصد. وفي عرف الشرع: قصد مخصوص بأعمال مخصوصة. وقرئ بفتح الحاء وكسرها، وكلاهما مصدر، الفتح لغة أسد والكسر لغة تميم، وقال الكسائي: الفتح لأهل العالية، والكسر لنجد. وقال الزجاج: بالفتح المصدر، وبالكسر الاسم منه. اتفقت الأئمة على أنّ الحج أحد أركان الإسلام؛ وأنه واجب في العمر مرّة على من استطاع، والاستطاعة: الزاد والراحلة، ولم يشترط مالك الراحلة؛ بل إما الراحلة أو قوة المشي راجلًا ويجب على الأعمى إذا وجد قائدًا. وعبّر في الآية الكريمة عن ترك الحج بالكفر؛ إما تغليظًا في مقام الترهيب كقوله - صلى الله عليه وسلم -:"من ترك الصلاة عامدًا فقد كفر"، أو محمول على الاستحلال كما في نظائره.

2 - باب قول الله تعالى (يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق * ليشهدوا منافع لهم)

1513 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ الْفَضْلُ رَدِيفَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ، فَجَعَلَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ، وَجَعَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَصْرِفُ وَجْهَ الْفَضْلِ إِلَى الشِّقِّ الآخَرِ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِى شَيْخًا كَبِيرًا، لاَ يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ قَالَ «نَعَمْ». وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ. 2 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ) (فِجَاجًا) الطُّرُقُ الْوَاسِعَةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 1513 - (كان الفضل رديف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) فعيل بمعنى الفاعل، يقال: ردفه إذا ركب وراءه على دابة (فجاءت امرأةٌ من خثعم) -بفتح الخاء المعجمة وسكون الثاء المثلثة- حيّ من بجيلة -بفتح الباء وكسر الجيم- قال الجوهري: حي بيمن (فقالت يا رسول الله: إن فريضة الله على عباده، أدركت أبي شيخًا كبيرًا لا يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال: نعم، وذلك في حجة الوداع) شيخًا، وكبيرًا، ولا يثبت: أحوالٌ مترادفة، أي: متداخلة، والفاء في: فأحج عنه عاطفة على مقدَّرٍ هو مدخول الهمزة. وحجة الوداع: هي حجة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المدينة، لم يحج غيرها، وسميت حجةَ الوداع لأنه ودع فيها الناس. قيل: هذه الإضافة ليست للتقييد لأنّه لم يحج من المدينة غيرها، وهو لغو من الكلام؛ لأن مفهوم الحج أعمُّ من حجة الوداع؛ سواء كان له حج غيرها أو لم يكن. باب قول الله عزّ وجل: {يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} [الحج: 27] الخطاب لإبراهيم خليل الله على نبينا وعليه أفضل الصلوات. والضامر: المركب النحيف من بعد الطريق ومشقته. والفج: الطريق الواسع. والعميق: البعيد.

3 - باب الحج على الرحل

1514 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَرْكَبُ رَاحِلَتَهُ بِذِى الْحُلَيْفَةِ ثُمَّ يُهِلُّ حَتَّى تَسْتَوِىَ بِهِ قَائِمَةً. طرفه 166 1515 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ سَمِعَ عَطَاءً يُحَدِّثُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَنَّ إِهْلاَلَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ ذِى الْحُلَيْفَةِ حِينَ اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ. رَوَاهُ أَنَسٌ وَابْنُ عَبَّاسٍ رضى الله عنهم. 3 - باب الْحَجِّ عَلَى الرَّحْلِ 1516 - وَقَالَ أَبَانُ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ مَعَهَا أَخَاهَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، فَأَعْمَرَهَا مِنَ التَّنْعِيمِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ 1514 - (رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يركب راحلته) رأيت: من رؤية البصر، ويركب: نصب على الحال (يهل بذي الحُليفة) أي: يرفع صوته بالتلبية. وذو الحليفة -بضم الحاء- مصغر، من المدينة على ستة أميال، ومن مكة على عشرة مراحل. 1515 - (الأوزاعي) -بفتح الهمزة- أبو عمرو، شيخُ الشام في زمانه. (رواه أنس وابن عباس) أي: كما رواه جابر، وسيأتي موصولًا فيما بعد. وفي لفظ {يَأْتُوكَ رِجَالًا} دليل لمالك في عدم اشتراط الرّحلة. وفي ركوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دليل الجمهور على أنَّ الركوبَ أفضلُ من المشي. باب الحج على الرحل قال ابن الأثير: الرحل: هو الكور؛ وهو للبعير كالسرج للفرس. 1516 - (وقال أبان) يجوز صرفه وعدم صرفه بناءً على جواز زيادة الألف والنون وعدم زيادتهما وهو أبان بن يزيد (عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث معها أخاها عبد الرحمن فأعمرها من التنعيم) هو من مواقيت إحرام العمرة على طريق الشام من مكة على بعد

4 - باب فضل الحج المبرور

وَحَمَلَهَا عَلَى قَتَبٍ. وَقَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه - شُدُّوا الرِّحَالَ فِي الْحَجِّ، فَإِنَّهُ أَحَدُ الْجِهَادَيْنِ. طرفه 294 1517 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا عَزْرَةُ بْنُ ثَابِتٍ عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ حَجَّ أَنَسٌ عَلَى رَحْلٍ، وَلَمْ يَكُنْ شَحِيحًا، وَحَدَّثَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَجَّ عَلَى رَحْلٍ وَكَانَتْ زَامِلَتَهُ. 1518 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ حَدَّثَنَا أَيْمَنُ بْنُ نَابِلٍ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، اعْتَمَرْتُمْ وَلَمْ أَعْتَمِرْ. فَقَالَ «يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ اذْهَبْ بِأُخْتِكَ فَأَعْمِرْهَا مِنَ التَّنْعِيمِ». فَأَحْقَبَهَا عَلَى نَاقَةٍ فَاعْتَمَرَتْ. طرفه 294 4 - باب فَضْلِ الْحَجِّ الْمَبْرُورِ ـــــــــــــــــــــــــــــ فرسخ (وحملها على قَتب) -بفتح القاف والتاء الفوقانية- هو كالإكاف للحمار، ولقربه من الرحل، ذكره في بابه. 1517 - (وقال محمد بن أبي بكر المقدمي) بضم الميم وفتح القاف (يزيد بن زريع) مصغر زرع (ثُمامة) بضم المثلثة وتخفيف الميم. (حج أنس على رحل ولم يكن شحيحًا) الشح: البخل والحرص؛ وإنما وصفه لئلا يُظن أنّ حج أنس بذلك الوصف كان لشحه (وكانت زاملته) أنث: ضمير كان باعتبار الراحلة التي دل عليها الرحل، واشتقاق الزاملة من الزمل -بكسر الزاي- وهو: الحمل؛ أي كان متاعُه وآلةُ سفرة تحتَه على الراحلة؛ وإنما فعل ذلك اقتداءً برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنه حجّ كذلك تواضعًا لله. 1518 - (أيمن) بفتح الهمزة (نابل) بالنون والباء الموحدة. (فأعمرها) بهمزة القطع، أي: جعلها ذات عمرة (فأحقبها) أي: أركبها على حقيبة الرّحل. قال ابن الأثير: حقيبة الرحل: الزيادة التي تكون في مؤخرة الرّحل. باب فضل الحج المبرور وهو الذي لا يخالطه شيء من الإثم. وقيل: هو المقابلة بالبرِّ، وهو: الثواب. والأول أرجح، ورجحه النووي. يقال: بَرَّ حجه، وبُرَّ حجه، وبُرَّ على بناء الفاعل والمفعول.

1519 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ سُئِلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَىُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ قَالَ «إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ». قِيلَ ثُمَّ مَاذَا قَالَ «جِهَادٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ». قِيلَ ثُمَّ مَاذَا قَالَ «حَجٌّ مَبْرُورٌ». طرفه 26 1520 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ أَخْبَرَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِى عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَرَى الْجِهَادَ أَفْضَلَ الْعَمَلِ، أَفَلاَ نُجَاهِدُ قَالَ «لاَ، لَكِنَّ أَفْضَلَ الْجِهَادِ حَجٌّ مَبْرُورٌ». أطرافه 1861، 2784، 2875، 2876 1521 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا سَيَّارٌ أَبُو الْحَكَمِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا حَازِمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ». طرفاه 1819، 1820 ـــــــــــــــــــــــــــــ 1519 - (أي الأعمال أفضل) أي: أكثر ثوابًا. (إيمان بالله) نكَّره تعظيمًا له؛ إيمان لا يشوبه شك ولا شبهة. 1520 - (حبيب) ضد العدو. (عن عائشة يا رسول الله نرى الجهاد أفضل الأعمال) نرى: بالنون (لَكُنَّ أفضل الجهاد) -بفتح اللام وضم الكاف وتشديد النون- أي: يا معشر النساء، عمَّم الخطاب تغليبًا للمُخاطب على الغائب، وهذا من فنون البلاغة عزيز الفوائد. وفي رواية الحموي: لكن -بكسر الكاف- حرف الاستدراك (حج مبرور فإنه أحد الجهادين) كما تقدم من كلام عمر في الباب قبله أو أطلق عليه مشاكلة لوقوعه في كلام عائشة. 1521 - (من حج لله) أي: خالصًا لوجه الله من غير رياء (فلم يرفث ولم يفسق) قال ابن الأثير: الرَّفث: كلمة جامعة لكل ما يراد من النّساء. وقال ابن عباس: إنما يكون رفثًا إذا خاطب به النساء (رجع كيومَ ولدته أمه) -بفتح الميم- لكونه مبنيًّا لإضافية إلى الجملة؛ أي:

5 - باب فرض مواقيت الحج والعمرة

5 - باب فَرْضِ مَوَاقِيتِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ 1522 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ قَالَ حَدَّثَنِى زَيْدُ بْنُ جُبَيْرٍ أَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ بريئًا من الذنوب؛ وهذا إنما هو فيما يكون حق الله معلوم من القواعد. وقد روى ابن ماجه عن عبد الله بن كنانة بن عباس بن مرداس عن أبيه، وكذا البيهقي: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سأل في حجة الوداع بعرفة ربه تعالى غفران ذنوب أُمَّته، فأجابه فيما بينه وبين الله، فألحَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في السؤال، فقال: "يا ربّ أنت قادرٌ على إرضاء خصومهم" فلم يجبه تلك الليلة، فلما وقف يوم العيد بمزدلفة بالمشعر الحرام أجابه الله إلى ذلك السؤال، فتبسَّم، فسألوه عن ذلك، فأخبرهم، وأن تبسُّمَه إنما هو لكون إبليس لما علم بذلك حث التراب على رأسه، ودعا بالويل. وهذا إن شاء الله تعالى واقع؛ لأنه داخل تحت المشيئة التي شملت دون الشرك رأفة من الله بعباده، وقد سلف منا تحقيقُ هذه المسالة؛ وهو: أنَّ حقوق العباد لا بدّ من الوفاء بها، وإيصالها إلى المظلوم لا محالة، ولكن لا يلزم أن يكون من حسنات الظالم؛ بل من خزائن رحمته يوصل إليه مقدار ما كان يستحقُّه في ذمة الظالم، ولكن هذا إذا تعلقت مشيئته، ألا ترى إلى سؤال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرَّب -تعالى وتقدَّس- في أن يُرضي خصومه. هذا الذي يجب اعتقاده على كل مسلم. وله شواهد من الأحاديث في البخاري، منها ذلك الذي قتل تسعة وتسعين، ثم قتل تمام مئة، ثم تاب إلى الله فتاب الله عليه. قال شيخنا أبو الفضل ابن حجر: حديث الباب من أقوى الشواهد لحديث عباس بن المرداس. وههنا نكتة، وهي: أن الآية فيها ذكر الفسوق والرَّفث والجدال، وحُذِفَ في الحديث ذكرُ الجدال؛ لأن الإنسان قلَّما يسلم على نوعِ جدال، لا سيما مع الخدم والحمّال، وهذا أيضًا من ألطاف الله بعباده. باب فرض مواقيت الحج والعمرة 1522 - (زهير) بضم الزاي مصغر، وكذا (جبير).

6 - باب قول الله تعالى (وتزودوا فإن خير الزاد التقوى)

أَتَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - فِي مَنْزِلِهِ وَلَهُ فُسْطَاطٌ وَسُرَادِقٌ، فَسَأَلْتُهُ مِنْ أَيْنَ يَجُوزُ أَنْ أَعْتَمِرَ قَالَ فَرَضَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا، وَلأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلأَهْلِ الشَّأْمِ الْجُحْفَةَ. طرفه 133 6 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى) 1523 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ عَنْ وَرْقَاءَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ أَهْلُ الْيَمَنِ يَحُجُّونَ وَلاَ يَتَزَوَّدُونَ وَيَقُولُونَ نَحْنُ الْمُتَوَكِّلُونَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ (أتى عبد الله بن عمر في منزله وله فسطاط وسرادق). الضمير في أتى لزيد بن جبير، وعبد الله نصب على المفعول. قال جارُ الله: الفسطاط -بضم الفاء- من أبنية السّفر. والسرادق: معرب سرا برده (قال: فرضها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: المواقيت؛ أي: بينها لكم كما في قوله: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: 2]، أو بتقدير مضاف، أي: فرض الإحرام على الناس بها (لأهل نجد من قرن) النجد لغة: كل ما ارتفع من الأرض، وما في الحديث ما ارتفع من تهامة إلى أرض العراق (ولأهل الشام الجحفة) -بضم الجيم وسكون الحاء- مكان بين مكة والشام، سمي بهذا الاسم لأن السيل جحفه ويقال له: المهيعة، كانت قرية بها اليهود، فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الله أن ينقل حمى المدينة إليها، فانتقلت، وهلكوا حتى بلغنا أن الآن من بات بها ليلة يحصل له الحمّى إثر تلك المعجزة الباهرة على صاحبها أفضل الصلوات وأكمل التحيات والتسليمات. باب قول الله عز وجل: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة: 197] 1523 - (يحيى بن بشير) بكسر الموحدة وشين معجمة (شبابة) بفتح الشين وتخفيف الباء الموحدة (ورقاء) بالقاف والمدّ. (كان أهل اليمن يحجون ولا يتزودون، وبقولون: نحن نحج بيت الله أولا يطعمنا) ومعنى قوله: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة: 197] أي: تزودوا للحج وخير الزاد للآخرة التقوى، من الإيذاء للناس بسؤالك. الظاهر أن هذا كان فعل بعضهم، أو لا يمكن أن يكون

7 - باب مهل أهل مكة للحج والعمرة

فَإِذَا قَدِمُوا مَكَّةَ سَأَلُوا النَّاسَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى). رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عِكْرِمَةَ مُرْسَلاً. 7 - باب مُهَلِّ أَهْلِ مَكَّةَ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ 1524 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَّتَ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلأَهْلِ الشَّأْمِ الْجُحْفَةَ، وَلأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ، وَلأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ، هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِنَّ، مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قافلة من إقليم عظيم لا يكون مع أحد مؤونة السفر، ويدل عليه آخر الحديث؛ وهو قوله: (وإذا قدموا مكة سألوا الناس) إذ معلوم أن أرباب المال والمروءة لا يسألون الناس الطعام؛ فأنزل الله الآية تخطِئةً لأهل اليمن؛ وأن التوكل: أن الإنسان يجمع ما يحتاج إليه في السفر، ثم يفوض أمره إلى الله تعالى. (رواه ابن عيينة) أي: سفيان (مرسلًا) فائدته تقوية المسند؛ وإن كان دونه؛ لأنه يصلح مقويًا. باب مهل أهل مكة للحج والعمرة المهل -بضم الميم وفتح الهاء- مكان الإهلال؛ والإهلال: رفع الصوت مطلقًا، إلا أن في أبواب الحج يراد به رفع الصوت بالتلبية لا غير، والمراد به مكان الإحرام؛ لأن التلبية منه تشرع؛ فأطلق عليه مجازًا. 1524 - (وهيب) بضم الواو مصغر (ابن طاوس) عبد الله. (هنّ لهنّ ولمن أتى عليهنّ من غيرهنّ) يعني كونه ميقاتًا للبلد الفلاني لا يلزم أن يكون مخصوصًا بهم؛ بل كل من جاء من تلك الناحية هو ميقاتها؛ سواء كان من ذلك البلد ومن غيره، ونقل شيخنا أبو الفضل ابن حجر عن المالكية والحنفية أن الشاميَّ مثلًا إذا أتى المدينة له أن يجاوز ذا الحليفة إلى ميقات أهل الشام. ولم أقف على هذا المنقول. (ممن أراد الحج والعمرة) فإنه ميقات لكل واحد منهما، لا يجوز التجاوز عنه؛ وإنما

وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ، حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ. أطرافه 1526، 1529، 1530، 1845 ـــــــــــــــــــــــــــــ قيل له الميقات مع أنه لتعيين المكان لا الوقت -وهو الزمان- لأن الحوادث أكثر ما تضبط بالأوقات (حثى أهلُ مكة من مكة) لا يجب عليهم الخروج إلى ميقات آخر، إلاّ أن من لم يكن طريقه على أحد هذه المواقيت يكفيه محاذاةُ أحدها بمقدار مسافته. باب ميقات أهل المدينة ولا يهلون قبل ذي الحليفة فإن قُلْتَ: الإحرام من دويرة أهله جائز بلا خلاف؛ بل هو أفضله، فما وجه قوله: لا تهلوا قبل ذي الحليفة، بصيغة الحصر؟ قُلْتُ: معناه لا يجب عليهم بدليل حديث الباب؛ فإنه دليل الترجمة ولا حصر فيه. فإن قلت: معلوم أنه لا يجب الإحرام قبل الميقات كما في سائر البلاد، فأيُّ فائدة في هذا الحصر في أهل المدينة خاصة؟. قلت: لما قدّم أن أهل مكة يهلون من نفس مكة؛ كان مظنة أن يُظن أن المدينة مثل مكة، فدفع ذلك. وقيل: ربما كان مذهب البخاري عدم جواز الإحرام قبل الميقات، أو معنى قوله: قبل ذي الحليفة، قُدّام ذي الحليفة؛ أي: لا يتجاوز، أو النهي للتنزيه، والكل فاسد؛ أمّا كونه مذهب البخاري؛ فلأن الحديث لا يدل على ذلك، فكيف يكون مستدلًا بما لا دلالة فيه؛ وكون معنى: قبل ذي الحليفة، قُدَّام ذي الحليفة شيء لا يدل عليه اللفظ؛ فإن القبلية إنما تكون من طرف سالك الطريق لا من مقابله؛ وأما كونه تنزيهًا؛ فلأن الأئمة على أن الإحرام من دويرة أهله أفضل. هذا، وقد روى ابن ماجه بسند صحيح وابن حبان في صحيحه: "من أهلّ من المسجد الأقصى غفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر" ومثله عن أبي داود والبيهقي. ولا ريب أن البخاري واقف على هذه الأحاديث وإن لم تكن على شرطه، وقد نقل ابن المنذر الإجماع على الجواز.

8 - باب ميقات أهل المدينة ولا يهلوا قبل ذى الحليفة

8 - باب مِيقَاتِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَلاَ يُهِلُّوا قَبْلَ ذِى الْحُلَيْفَةِ 1525 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يُهِلُّ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِى الْحُلَيْفَةِ، وَأَهْلُ الشَّأْمِ مِنَ الْجُحْفَةِ، وَأَهْلُ نَجْدٍ مِنْ قَرْنٍ». قَالَ عَبْدُ اللَّهِ وَبَلَغَنِى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «وَيُهِلُّ أَهْلُ الْيَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمَ». طرفه 133 9 - باب مُهَلِّ أَهْلِ الشَّأْمِ 1526 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ وَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلأَهْلِ الشَّأْمِ الْجُحْفَةَ، وَلأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ، وَلأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ، فَهُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ، لِمَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، فَمَنْ كَانَ دُونَهُنَّ فَمُهَلُّهُ مِنْ أَهْلِهِ، وَكَذَاكَ حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ يُهِلُّونَ مِنْهَا. طرفه 1524 ـــــــــــــــــــــــــــــ 1525 - (قال عبد الله: وبلغني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: وأهل اليمن من يلملم) وفي رواية أخرى: وزعموا، فإنه لم يسمع ذلك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد تقدّم من رواية ابن عباس الجزم به. باب مهل أهل الشام 1526 - (مسدد) بضم الميم وتشديد الدال (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم. روى في الباب حديث ابن عباس: وقت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المواقيت، ولا زيادة فيه إلا قوله: (فمن كان دونهن فمهله من أهله) أي: مكان إحرامه منه، ولا يلزم الذهاب إلى الميقات. وقوله: (وكذاك حتى أهل مكة يهلون منها) أي: من كان دون الميقات إلى أن يبلغ مكة، وفائدته أن لا يتوهم أنه إذا بعد عن الميقات يقدح ذلك البعد.

10 - باب مهل أهل نجد

10 - باب مُهَلِّ أَهْلِ نَجْدٍ 1527 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَفِظْنَاهُ مِنَ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ وَقَّتَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. 1528 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مُهَلُّ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ذُو الْحُلَيْفَةِ، وَمُهَلُّ أَهْلِ الشَّأْمِ مَهْيَعَةُ وَهِىَ الْجُحْفَةُ، وَأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنٌ». قَالَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - زَعَمُوا أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ وَلَمْ أَسْمَعْهُ «وَمُهَلُّ أَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمُ». طرفه 133 11 - باب مُهَلِّ مَنْ كَانَ دُونَ الْمَوَاقِيتِ 1529 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ عَمْرٍو عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَّتَ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلأَهْلِ الشَّأْمِ الْجُحْفَةَ، وَلأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ، وَلأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا، فَهُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ، مِمَّنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَمَنْ كَانَ دُونَهُنَّ فَمِنْ أَهْلِهِ حَتَّى إِنَّ أَهْلَ مَكَّةَ يُهِلُّونَ مِنْهَا. طرفه 1524 12 - باب مُهَلِّ أَهْلِ الْيَمَنِ 1530 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَّتَ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلأَهْلِ الشَّأْمِ الْجُحْفَةَ، وَلأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ، وَلأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ، هُنَّ لأَهْلِهِنَّ وَلِكُلِّ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب مهلّ أهل نجد 1527 - روي في الباب حديث ابن عمر في المواقيت، وقد تقدَّم، إلا أن فيه لفظة: زعموا، وبدلُ: الجحفةِ، مهيعة، بفتح الميم وسكون الهاء.

13 - باب ذات عرق لأهل العراق

آتٍ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِمْ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ، فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ. طرفه 1524 13 - باب ذَاتُ عِرْقٍ لأَهْلِ الْعِرَاقِ 1531 - حَدَّثَنِى عَلِىُّ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا فُتِحَ هَذَانِ الْمِصْرَانِ أَتَوْا عُمَرَ فَقَالُوا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَدَّ لأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا، وَهُوَ جَوْرٌ عَنْ طَرِيقِنَا، وَإِنَّا إِنْ أَرَدْنَا قَرْنًا شَقَّ عَلَيْنَا. قَالَ فَانْظُرُوا حَذْوَهَا مِنْ طَرِيقِكُمْ. فَحَدَّ لَهُمْ ذَاتَ عِرْقٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ذات عرق لأهل العراق 1531 - (عبد الله بن نمير) بضم النون مصغر نمر (لما فتح هذان المصران). فإن قلت: يريد بالمصرين بصرة وكوفة؛ وهما إنما بنيا في خلافة عمر، فما معنى فتحهما؛ قلت: كانت هناك بلد وقرى، إلا أن هذا الموضع كان من عمر، أو أراد فتح العراق. (أتوا عمر) أي: أهل المصرين (فقالوا: يا أمير المؤمنين إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حدّ لأهل نجد قرن) غير منصرف؛ لأنه علم بقعة، أو حذف منه آخره؛ لأنه قرن المنازل، ويروى منصرفًا باعتبار المكان (وهو جور عن طريقنا) أي: مائل يشق علينا العدول إليه (قال: فانظروا حذوها) أي: مقابلها، الحذو والحذاء -بالذال المعجمة- مقابل الشيء، ذكَر الضمير أولًا باعتبار المكان، وأنَّثه ثانيًا باعتبار البقعة (فحدَّ لهم ذات عرق). فإن قلت: هذا صريح في أن تعيين ذات عرق إنما كان من عمر، وقد روى أبو داود والنسائي عن عائشة: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقّت لأهل العراق ذات عرق؟ قلت: لم يصح عند البخاري حديث عائشة؛ قال شيخنا أبو الفضل ابن حجر: دلّت الأحاديث على أنَّ ذات عرق منصوص عليه، فلعل من قال غير منصوص لم يبلغه. قلت: يجب القول بذلك؛ لأن رواية مسلم جازمة بذلك من رواية جابر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

14 - باب

14 - بابٌ 1532 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَاخَ بِالْبَطْحَاءِ بِذِى الْحُلَيْفَةِ فَصَلَّى بِهَا. وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَفْعَلُ ذَلِكَ. طرفه 484 15 - باب خُرُوجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى طَرِيقِ الشَّجَرَةِ 1533 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَخْرُجُ مِنْ طَرِيقِ ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: فقد روى الترمذي: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقّتَ لأهل المشرق العقيق، قال ابن الأثير: العقيق قبل ذات عرق بمرحلة أو مرحلتين. قلت: قال النووي: انعقد الإجماع على ذات عرق؛ ولكن لو أحرم من العقيق كان أفضل. وهذا الذي قاله عامٌّ في كل ميقات؛ فإنه كلَّ ما كان أبعد كان أفضل. باب الصَّلاة بذي الحليفة 1532 - (أناخ بالبطحاء) بذي الحليفة، البطحاء في الأصل: واد فيه دِقاق الحصى، والمراد به هنا: واد بذي الحليفة (فصفى بها) الظاهر أنها صلاة العصر لما سيأتي من رواية أنس، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر أربعًا بالمدينة والعصر بذي الحليفة ركعتين، ويحتمل أن يكون صلاة الإحرام، قال شيخنا: ويحتمل أن يكون هذا النزول في الرُّجوع. قلت: قول ابن عمر في رواية مسلم [...] قطع الاحتمال. 1533 - (إبراهيم بن المنذر) بكسر الذّال (عياض) بكسر العين وضاد معجمة.

16 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - «العقيق واد مبارك»

الشَّجَرَةِ، وَيَدْخُلُ مِنْ طَرِيقِ الْمُعَرَّسِ، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ يُصَلِّى فِي مَسْجِدِ الشَّجَرَةِ، وَإِذَا رَجَعَ صَلَّى بِذِى الْحُلَيْفَةِ بِبَطْنِ الْوَادِى، وَبَاتَ حَتَّى يُصْبِحَ. طرفه 484 16 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «الْعَقِيقُ وَادٍ مُبَارَكٌ» 1534 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ وَبِشْرُ بْنُ بَكْرٍ التِّنِّيسِىُّ قَالاَ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنِى عِكْرِمَةُ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - يَقُولُ إِنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ - رضى الله عنه - يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بِوَادِى الْعَقِيقِ يَقُولُ «أَتَانِى اللَّيْلَةَ آتٍ مِنْ رَبِّى فَقَالَ صَلِّ فِي هَذَا الْوَادِى الْمُبَارَكِ وَقُلْ عُمْرَةً فِي حَجَّةٍ». طرفاه 2337، 7343 ـــــــــــــــــــــــــــــ (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يخرج من طريق الشجرة ويدخل من طريق المعرَّس) - بضم الميم وتشديد الرَّاء- موضعان بذي الحليفة والشجرة أقرب إلى المدينة (وبات حتى يصبح) لئلا يطرق الناس أهلهم بالليل؛ فإنه مكروه. باب قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - "العقيق واد مبارك" 1534 - (الحميدي) -بضم الحاء- مصغرٌ منسوب عبد الله بن الزبير (بشر) بكسر الموحدة وشين معجمة (التنيسي) بفتح التَّاء وكسر النون المشدّدة (الأوزاعى) -بفتح الواو- أبو عمرو عبد الرحمن، إمامُ أهل الشام في زمانه. (سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بوادي العقيق يقول: أتاني الليلة آتٍ من ربِّي وقال: صلِّ في هذا الوادي المبارك، وقل: عمرة في حجة) بالرفع أي: قل: هذه عمرة في حجَّة، وبالنصب، أي: جعلت. ومعنى هذا الكلام: أهل الجاهلية كانوا يقولون: العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور، فأرادَ اللهُ رفع ذلك. قيل: هذا يدل على أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قارنًا. قلت: ويجوز أن يكون غرضه أن العمرة واقعة في أشهر الحجِّ كما أمر به أصحابه فتمتعوا، ويؤيده ما سيأتي في الاعتصام: "وقل عمرة وحجة".

1535 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ رُئِىَ وَهُوَ فِي مُعَرَّسٍ بِذِى الْحُلَيْفَةِ بِبَطْنِ الْوَادِى قِيلَ لَهُ إِنَّكَ بِبَطْحَاءَ مُبَارَكَةٍ. وَقَدْ أَنَاخَ بِنَا سَالِمٌ، يَتَوَخَّى بِالْمُنَاخِ الَّذِى كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُنِيخُ، يَتَحَرَّى مُعَرَّسَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ أَسْفَلُ مِنَ الْمَسْجِدِ الَّذِى بِبَطْنِ الْوَادِى، بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الطَّرِيقِ وَسَطٌ مِنْ ذَلِكَ. طرفه 483 ـــــــــــــــــــــــــــــ 1535 - (فضيل) بضم الفاء مصغر. (وقد أناخ بنا سالم يتوخى المناخ الذي يُنيخ عبد الله) أي: يطلب ذلك (فإنه معرس رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) والتعريس: نزول المسافر آخر الليل (وهو أسفل من المسجد الذي ببطن الوادي بينه وبين الطريق الذي وسط من ذلك). فإن قلت: ما معنى هذا التركيب؟ قلت: قيل: هو مبتدأ وأسفل خبره، وبينه وبين الطريق خبر ثان ووسط خبر ثالث، أو بدل. هذا ظاهر، إلا أن النُّسخ المعول عليها قد ضبط فيها بالنصب، ووجهه أنه ظرف في محل الخبر. قاله بعض الشارحين: فإن قلت: ما وجه تعلق هذا الحديث بالترجمة؛ والعقيق إنما هو بقرب مكة، وذو الحليفة بقرب المدينة؟ قلت: لعل الوادي يمتدُّ من هنا إلى مكة؛ أو المراد بالعقيق ما قاله الجوهري. قلت: الذي قاله الجوهري: أن العقيق وادٍ بظاهر المدينة؛ وإذا كان واديًا بالمدينة لم يبق إشكالٌ حتى يقال: الوادي ممتدٌ من المدينة إلى مكة؛ فإنه كان كالمحال، وكم جبل وبلاد في الوسط، وأي منافاة في أن يكون العقيق بالمدينة وبمكة؟؛ قال ابن الأثير: في بلاد العرب مواضع كثيرة تسمى بالعقيق. فإن قلت: قال في الترجمة: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "العقيق واد مبارك" وليس له ذكر في الحديث؟ قلت: أشار إلى ما روي عن عائشة مرفوعًا ولم يكن على شرطه.

17 - باب غسل الخلوق ثلاث مرات من الثياب

17 - باب غَسْلِ الْخَلُوقِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ مِنَ الثِّيَابِ 1536 - قَالَ أَبُو عَاصِمٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِى عَطَاءٌ أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ يَعْلَى أَخْبَرَهُ أَنَّ يَعْلَى قَالَ لِعُمَرَ - رضى الله عنه - أَرِنِى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ يُوحَى إِلَيْهِ قَالَ فَبَيْنَمَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْجِعْرَانَةِ، وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَرَى فِي رَجُلٍ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ، وَهْوَ مُتَضَمِّخٌ بِطِيبٍ فَسَكَتَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - سَاعَةً فَجَاءَهُ الْوَحْىُ، فَأَشَارَ عُمَرُ - رضى الله عنه - إِلَى يَعْلَى، فَجَاءَ يَعْلَى، وَعَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثَوْبٌ قَدْ أُظِلَّ بِهِ فَأَدْخَلَ رَأْسَهُ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُحْمَرُّ الْوَجْهِ، وَهُوَ يَغِطُّ ثُمَّ سُرِّىَ عَنْهُ فَقَالَ «أَيْنَ الَّذِى سَأَلَ عَنِ الْعُمْرَةِ» فَأُتِىَ بِرَجُلٍ فَقَالَ «اغْسِلِ الطِّيبَ الَّذِى بِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب غسل الخلوق ثلاث مرات من الثياب 1536 - (وقال أبو عاصم) النبيل الضحاك بن مخلد، وفي بعضها محمد عن أبي عاصم، كذا غير منسوب يحتمل أن يكون ابن المثنى، وابن بشار، وابن معمر البحراني (ابن جريج) -بضم الجيم- مصغر، عبد الملك بن عبد العزيز (يعلى) بفتح الياء على وزن يحيى. (فبينما النبي - صلى الله عليه وسلم - بالجعرانة) -بكسر الجيم والعين وراء مشدَّدة، وقد يخفف- موضعٌ بقرب مكة بالحل، ميقاتٌ من مواقيت العمرة. وبين: ظرف زمان معناه المفاجأة، وألفه للإشباع. وربَّما زيد عليه ما. (جاءه رجل فقال: يا رسول الله، ما ترى في رجل أحرمَ بعمرة وهو متضمِّخ طيبًا) -بالضَّاد المعجمة وخاء كذلك- أي متلطخ بكثرة (وعلى رسول - صلى الله عليه وسلم - ثوبٌ قد أُظِلَّ به) على بناء المجهول؛ أي: جعل عليه ظلة (فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - محمر الوجه، وهو يغطُّ) -بكسر الغين المعجمة- من الغطيط؛ وهو: صوت النائم، وكان يعرض له إذا ما جاء الوحي من شدَّة الأمر عليه (ثمّ سري عنه) أي: كشف عنه شيئًا فشيئًا، مِنْ سروت الشيءَ كشفته، وفي الحديث "الحساء يسري عن فؤاد السقيم" أي: يكشف (فقال: اغسل الطيب الذي بكَ

18 - باب الطيب عند الإحرام وما يلبس إذا أراد أن يحرم ويترجل ويدهن

ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، وَانْزِعْ عَنْكَ الْجُبَّةَ، وَاصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ كَمَا تَصْنَعُ فِي حَجَّتِكَ». قُلْتُ لِعَطَاءٍ أَرَادَ الإِنْقَاءَ حِينَ أَمَرَهُ أَنْ يَغْسِلَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ قَالَ نَعَمْ. أطرافه 1789، 1847، 4329، 4985 18 - باب الطِّيبِ عِنْدَ الإِحْرَامِ وَمَا يَلْبَسُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ وَيَتَرَجَّلَ وَيَدَّهِنَ ـــــــــــــــــــــــــــــ ثلاثَ مرات) وماء الثلاث مبالغة في إزالة، كما أشار إليه عطاءٌ في آخر الحديث، ويحتمل أن يكون قيدًا لقال بناءً على ما روى أنس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثًا قال النووي: والصواب هو الأول. (وانزع عنك الجبة) لأنها مخيط، لا يجوز للمحرم لبسها. (واصنع في عمرتك كما تصنع في حجك) سؤاله عن العمرة كان دالًّا على علمه بحال الحج؛ ولذلك أحاله في باقي أعمال العمرة إلى ما يعرف في الحج. فإن قلت: ليس في الحديث ذكر الخلوف كما ترجم عليه؟ قلت؛ الخلوف -بفتح الخاء- طيب مخلوط، قد ذكر الطيب على أنه سيأتي في بعض الرّوايات، ذكره صريحًا. فإن قلت: فهذا دليل لمالك؛ حيث قال: لا يجوز للمحرم استدامة الطيب. قلت: هذه القضية كانت قبل حجة الوداع سنة ثمان؛ ورواية عائشة بعده في حخة الوداع، وإنما يؤخذ بالآخر على أن الأمر بعد الخلوف، وفيه الزعفران؛ وذلك محرم. فإن قلت: نزعه الجبة كان كافيًا؛ فما وجه الأمر بالغسل؟ قلت: الغسل إنما كان لما لصق بدنه ألا ترى إلى قوله "بك"؟. باب الطيب عند الإحرام، وما يلبس المحرم إذا أراد أن يحرم، ويترجل ويدهن الترجيل: تسريح الشعر. ويدِّهن -بتشديد الدّال- من الادِّهان، ويروى -بفتح الياء وسكون الدَّال- وهذا محمول عند الجمهور على ما إذا كان فيه نوع رائحة من الطيب، وحمله الشَّافعي على إطلاقه.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - يَشَمُّ الْمُحْرِمُ الرَّيْحَانَ وَيَنْظُرُ فِي الْمِرْآةِ، وَيَتَدَاوَى بِمَا يَأْكُلُ الزَّيْتَ وَالسَّمْنَ. وَقَالَ عَطَاءٌ يَتَخَتَّمُ وَيَلْبَسُ الْهِمْيَانَ. وَطَافَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَقَدْ حَزَمَ عَلَى بَطْنِهِ بِثَوْبٍ. وَلَمْ تَرَ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - بِالتُّبَّانِ بَأْسًا لِلَّذِينَ يَرْحَلُونَ هَوْدَجَهَا. 1537 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَدَّهِنُ بِالزَّيْتِ. فَذَكَرْتُهُ لإِبْرَاهِيمَ قَالَ مَا تَصْنَعُ بِقَوْلِهِ: 538 - حَدَّثَنِى الأَسْوَدُ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ الطِّيبِ فِي مَفَارِقِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ مُحْرِمٌ. طرفه 271 ـــــــــــــــــــــــــــــ (وقال ابن عباس: يشمّ المحرم الريحان) -بفتح الياء والشين- من شمم -بكسر الميم، ويروى بضم الشين- من شَم يشم مثل نصر ينصر، نقلها الجوهري (ويتداوى بما يكل: الزيت والسمنِ) بالجرِّ على البدل من ما، ويجوز النصب والرفع (ولم تر عائشة بالتُّبَّانٍ بأسًا) قال ابن الأثير: -بضم وتشديد الباء- وهو شيء يستر العورة الغليظة، أكثر ما يلبسه الملاحون. وما في الحديث يراد به السراويل الصغير، لا ذلك المعنى، لما تقدم في أبواب الصلاة (يرحلون هودجها) -بضم الياء وكلسر الحاء المشدَّدة، وقد تفتح الياء وتخفف الحاء- والهودج: على وزن الكوثر؛ مركبٌ من مراكب النساء (ويلبس الهميان) -بكسر الهاء- معروف. 1537 - 1538 - (كان ابن عمر يدهن بالزيت) فإنه ما كان يرى استعمال الطيب قبل الإحرام (فذكرت لإبراهيم). الذاكر سعيد بن جبير، وابراهيم هو النخعي (قال: ما تصنع بقوله) أي: لا تلتفت إليه. واستدل على بطلانه بما روت عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصبح محرمًا ينضح طيبًا، وقد أصاب فيما قال، فإنَّ الاجتهاد في مقابلة النصِّ باطل و (الوبيص) -بفتح الواو، وكسر الموحدة- اللمعان. (في مفارق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) جمع مفرق؛ وهو وسط

19 - باب من أهل ملبدا

1539 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لإِحْرَامِهِ حِينَ يُحْرِمُ، وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ. أطرافه 1754، 5922، 5928، 5930 19 - باب مَنْ أَهَلَّ مُلَبِّدًا 1540 - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُهِلُّ مُلَبِّدًا. أطرافه 1549، 5914، 5915 ـــــــــــــــــــــــــــــ الرأس؛ لأنه يُفرق فيه الشَعْر، والجمع باعتبار الأجزاء. 1539 - (كنت أطيب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأحرامه حين يحرم، ولحلِّه حين يحل قبل أن يطوف) يقال: حلَّ وأحلّ لغتان، وهذا هو الحل الأول؛ فإن الحجّ له محللان، الأول: وهو يحصل بالإثنين من الثلاثة، الحلق والرمي والطواف من غير ترتيب، ويباح به كل شيءٍ كان حرامًا عليه سوى الجماع؛ والثاني: يحصل بالثالث. 1540 - (التلبيد) أن يجمع شعره ويلطخ عليه الصمغ؛ لئلا يدخله الغبار. فإن قلت: ذكر في الترجمة الترجل والإدّهان؛ ولا ذكر لهما في الحديث. قلت: يقاس أمرها إلى الطيب من باب الأولى، أو أشار إلى ما يأتي في باب لبس المحرم من رواية ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ترجَّل وادهن.

20 - باب الإهلال عند مسجد ذى الحليفة

20 - باب الإِهْلاَلِ عِنْدَ مَسْجِدِ ذِى الْحُلَيْفَةِ 1541 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما -. وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يَقُولُ مَا أَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلاَّ مِنْ عِنْدِ الْمَسْجِدِ يَعْنِى مَسْجِدَ ذِى الْحُلَيْفَةِ. 21 - باب مَا لاَ يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ 1542 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَجُلاً قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَلْبَسُ الْقُمُصَ وَلاَ الْعَمَائِمَ وَلاَ السَّرَاوِيلاَتِ وَلاَ الْبَرَانِسَ وَلاَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الإهلال عند مسجد ذي الحليفة مسجد ذي الحليفة هو مسجد الشجرة، وقد سلف مرارًا أنّ ذا الحليفة ميقات أهل المدينة. 1541 - وروى في الباب حديث ابن عمر المتقدم هناك. باب ما لا يلبس المحرم من الثياب يلبس -بفتح الباء- مضارع لبس بكسرها. 1542 - (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا يلبس القُمُصَ). فإن قلت: سؤال الرَّجلِ إنما كان عما يجوز لبسه وأجابه بما لا يجوز؟ قلت: أشرنا

22 - باب الركوب والارتداف فى الحج

الْخِفَافَ، إِلاَّ أَحَدٌ لاَ يَجِدُ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ، وَلاَ تَلْبَسُوا مِنَ الثِّيَابِ شَيْئًا مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ أَوْ وَرْسٌ». طرفه 134 22 - باب الرُّكُوبِ وَالاِرْتِدَافِ فِي الْحَجِّ 1543، 1544 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ يُونُسَ الأَيْلِىِّ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ أُسَامَةَ - رضى الله عنه - كَانَ رِدْفَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ عَرَفَةَ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ، ثُمَّ أَرْدَفَ الْفَضْلَ مِنَ ـــــــــــــــــــــــــــــ سابقًا أن هذا النوع من الكلام يعبر عنه بالأُسلوب الحكيم؛ وذلك أن ما يجوز لبسه أشياء كثيرة يعسر تعدادها؛ بخلاف المحرمات، فعدل عن مقتضى الظاهر لهذه النكتة، وكان في العدول تنبيه للسائل على أن اللائق به السؤال عما لا يلبس لعارض الإحرام. فإن قلت: إفراد القميص وجمع سائر المذكورات بعده ما وجهه؟ قلت: القميص لا يتفاوت، بخلاف العمائم والسراويلات والبرانس جمع برنس -بضم الباء- على وزن زخرف، قال ابن الأثير: هو كلُّ ثوب رأسه منه ملتزق من ذراعه أو جُبَّة أو مِمْطرٍ أو غيرها، واشتقاقه من البرس: وهو القطن، والنون فيه زائدة. وقال الجوهري: هو قلنسوة طويلة كان يلبسها النساك. قلت: وإلى الآن يكثر لبسه أهلُ المغرب. (ولا تلبسوا من الثياب شيئًا مسه زعفران ولا ورس) قال الجوهري: الورس: نبت أصفر يكون باليمن. وإنما نهي عنه لأنه لباس الزينة. فإن قلت: لم غيَّر الأسلوب عما تقدمه؟ قلت: لعموم حرمته على الرِّجال والنساء بخلاف ما تقدم؛ فإنه خاصٌّ بالرِّجال، وقال شيخنا: إنما غيَّر ليدل على حرمته مطلقًا في الإحرام وغيره. وفيما قاله نظرٌ؛ لأن الكلام جواب عما يجوز للمحرم، وإلا فالأشياء المحرمة مطلقًا كثيرة. باب الرُّكوب والارتداف في الحج 1543 - 1544 - (وَهب بن جرير) بفتح الواو وسكون الهاء (الأيلي) -بفتح الهمزة وسكون الياء- نسبة إلى أيلة؛ بلدٌ على ساحل قلزم. (أنَّ أسامةَ كان ردف النبي - صلى الله عليه وسلم -) الرِّدف -بكسر الراء وسكون الدّال- فعل بمعنى

23 - باب ما يلبس المحرم من الثياب والأردية والأزر

الْمُزْدَلِفَةِ إِلَى مِنًى. قَالَ فَكِلاَهُمَا قَالَ لَمْ يَزَلِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُلَبِّى، حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ. حديث 1543 طرفه 1686 - تحفة 5852 أحديث 1544 أطرافه 1670، 1685، 1687 23 - باب مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ وَالأَرْدِيَةِ وَالأُزُرِ وَلَبِسَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - الثِّيَابَ الْمُعَصْفَرَةَ وَهْىَ مُحْرِمَةٌ وَقَالَتْ لاَ تَلَثَّمْ وَلاَ تَتَبَرْقَعْ وَلاَ تَلْبَسْ ثَوْبًا بِوَرْسٍ وَلاَ زَعْفَرَانٍ. وَقَالَ جَابِرٌ لاَ أَرَى الْمُعَصْفَرَ طِيبًا. وَلَمْ تَرَ عَائِشَةُ بَأْسًا بِالْحُلِىِّ وَالثَّوْبِ الأَسْوَدِ وَالْمُوَرَّدِ وَالْخُفِّ لِلْمَرْأَةِ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ لاَ بَأْسَ أَنْ يُبْدِلَ ثِيَابَهُ. 1545 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ الْمُقَدَّمِىُّ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِى مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ قَالَ أَخْبَرَنِى كُرَيْبٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - ـــــــــــــــــــــــــــــ المفعول؛ كالذبح، أو بمعنى الفاعل (لم يزل النبي-صلى الله عليه وسلم-يلبّي حتّى رمى جمرة العقبة) يقال: لبّى إذا قال: أُلبيك؛ مِنْ أَلبَّ بالمكان إذا أقام؛ وجمرة العقبة: هي الجمرة العظمى، والأُولى للذاهب من مكة، إنما سميت بذلك لأنها ترمى بالجمار، وهي الحصباء، وقيل: لاجتماع الأحجار فيها من الجمرة؛ وهي اجتماع القبيلة. ترجم على الركوب والارتداف، وفي الحديث الارتداف وحده؛ لاستلزامه جواز الرُّكوب. باب ما يلبس المحرم من الثياب والأردية والأُزر عطف الأردية والأُزر على الثياب من عطف الخاص على العام؛ والرداء: ما يُستر به أعالي البدن، والإزار: أسافله. (ولبست عائشة الثياب المعصفرة وهي محرمة) أي: المصبوغة بالعصفر؛ وهي: نوع من الصبغ، وقال بالجواز مالكٌ والشافعي وأحمد، ومنعه أبو حنيفة، ومداره على الزِّينة، من قال فيه زينة منعه (وقالت: لا تَلَثَّمُ ولا تبرقع) بحذف أحد التائين، واللثام: -بكسر اللام- ثوب يُستر به الفم والشفة؛ والبرقع -بضم الباء والقاف- ثوب يستر به الوجه (ولم تر عائشة بأسًا بالحلي والثوب الأسود والمُورَّد) -بضم الميم وتشديد الرّاء- الذي لونه يشبه لون الورد. 1545 - (المقدمي) بضم الميم وتشديد الدال (فضيل) بضم الفاء مصغر، وكذا (كريب).

قَالَ انْطَلَقَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْمَدِينَةِ، بَعْدَ مَا تَرَجَّلَ وَادَّهَنَ وَلَبِسَ إِزَارَهُ وَرِدَاءَهُ، هُوَ وَأَصْحَابُهُ، فَلَمْ يَنْهَ عَنْ شَىْءٍ مِنَ الأَرْدِيَةِ وَالأُزْرِ تُلْبَسُ إِلاَّ الْمُزَعْفَرَةَ الَّتِى تَرْدَعُ عَلَى الْجِلْدِ، فَأَصْبَحَ بِذِى الْحُلَيْفَةِ، رَكِبَ رَاحِلَتَهُ حَتَّى اسْتَوَى عَلَى الْبَيْدَاءِ، أَهَلَّ هُوَ وَأَصْحَابُهُ وَقَلَّدَ بَدَنَتَهُ، وَذَلِكَ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ ذِى الْقَعْدَةِ، فَقَدِمَ مَكَّةَ لأَرْبَعِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ ذِى الْحَجَّةِ، فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَلَمْ يَحِلَّ مِنْ أَجْلِ بُدْنِهِ لأَنَّهُ قَلَّدَهَا، ثُمَّ نَزَلَ بِأَعْلَى مَكَّةَ عِنْدَ الْحَجُونِ، وَهْوَ مُهِلٌّ بِالْحَجِّ، وَلَمْ يَقْرَبِ الْكَعْبَةَ بَعْدَ طَوَافِهِ بِهَا حَتَّى رَجَعَ مِنْ عَرَفَةَ، وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ يُقَصِّرُوا مِنْ رُءُوسِهِمْ ثُمَّ يَحِلُّوا، وَذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ بَدَنَةٌ قَلَّدَهَا، وَمَنْ كَانَتْ مَعَهُ امْرَأَتُهُ فَهِىَ لَهُ حَلاَلٌ، وَالطِّيبُ وَالثِّيَابُ. طرفاه 1625، 1731 ـــــــــــــــــــــــــــــ (انطلق النبي -صلى الله عليه وسلم- من المدينة بعد ما ترَجّل وادَّهن) أي: سرح شعره، يقال: رجل شعره فهو مترجل. قيل: كان خروجه يوم الخميس، وقيل: يوم الجمعة، والأكثرون على أنه يوم السبت (فلم ينه عن شيءِ من الأردية والأُزر إلا المزعفرة) أي: المصبوغ بالزعفران (التي تَردع على الجلد) أي: ينقص -بفتح الياء والدّال، وبضم الياء وكسر الدّال لغتان- قال الجوهري: ويروى بالغين المعجمة أيضًا بمعناه. وفي هذا القيد إشارة إلى أن القليل لا بأس به. (استوى على البيداء) أي: استعلى؛ وهو الشرف الذي أمام ذي الحليفة، وهو في الأصل الفضاء مطلقًا، فاللام فيه للعهد (وقلّد بُدْنه) -بضم الباء وسكون الدال- جمع بدنة، ويُروى بلفظ الجمع المفرد. قال ابن الأثير: يطلق على البعير ذكرًا كان أو أُنثى، وعلى البقرة؛ لكن بالإبل أشبه. قلت: الآن لا يفهم أحدٌ منه إلا الإبل، وإنما غلب هذا الاسم على ما ساق للهدي؛ لأنهم كانوا يسمنون الهدي، فاشتق له من البدانة وهي: الجسامة اسم. وتقليدها: جعل القلائد في عنقها إشعارًا بأنها هديٌ. (ولم يحل لأجل بدنه، لأنه قلَّدها) أي: جعل عليها علامة الهدي، ومن ساق الهدي لا يحل إلا بعد بلوغ الهدي محله (وأمر أصحابه أن يطوفوا بالبيت، وبين الصفا والمروة، ثم يقصروا، ثم يحلوا) أي: أصحابه الذين لم يكن معهم الهدي (ومن كانت معه امرأة فهي له حلال) لأنه فرغ من أعمال العمرة، وهذا شأن كل متمتع إلى يوم القيامة.

24 - باب من بات بذى الحليفة حتى أصبح

24 - باب مَنْ بَاتَ بِذِى الْحُلَيْفَةِ حَتَّى أَصْبَحَ قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 1546 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ صَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا، وَبِذِى الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ بَاتَ حَتَّى أَصْبَحَ بِذِى الْحُلَيْفَةِ، فَلَمَّا رَكِبَ رَاحِلَتَهُ وَاسْتَوَتْ بِهِ أَهَلَّ. طرفه 1089 1547 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى الظُّهْرَ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا، وَصَلَّى الْعَصْرَ بِذِى الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، قَالَ وَأَحْسِبُهُ بَاتَ بِهَا حَتَّى أَصْبَحَ. طرفه 1089 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من بات بذي الحليفة حتى يصبح (قاله ابن عمر عن النبي-صلى الله عليه وسلم-) تقدم عن ابن عمر مسندًا في باب خروج النبي -صلى الله عليه وسلم- من طريق الشجرة. 1546 - (ابن جريج) بضم الجيم مصغر (ابن المُنْكدِر) بضم الميم وكسر الدال. (ثم بات بذي الحليفة حتى أصبح) قد تقدم أنه يستحب لأهل المدينة البيتوتة بها ذهابًا وإيابًا. 1547 - (قتيبة) بضم القاف مصغر (أبو قلابة) -بكسر القاف- عبد الله الجرمي. فإن قلت: سيأتي من رواية عائشة: ما كنا نرى إلا الحج حتى كنا بسرف فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"من شاء أن يجعلها عمرة فليفعل" فما وجه قول أنس: سمعتهم يصرخون بهما؟. قلت: الواو لا تدل إلا على مطلق الجمع؛ فينصرف إلى ما بعد سرف فلا إشكال.

25 - باب رفع الصوت بالإهلال

25 - باب رَفْعِ الصَّوْتِ بِالإِهْلاَلِ 1548 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ صَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْمَدِينَةِ الظُّهْرَ أَرْبَعًا، وَالْعَصْرَ بِذِى الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، وَسَمِعْتُهُمْ يَصْرُخُونَ بِهِمَا جَمِيعًا. طرفه 1089 26 - باب التَّلْبِيَةِ 1549 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ تَلْبِيَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لاَ شَرِيكَ لَكَ. طرفه 1540 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب التلبية أي: قول الرجل: لبيك، قال سيبويه: يقال: لبّى يلبي من لبيك؛ كقولهم: حسبل، إذا قال: سبحان الله. وقال يونس: أصل لبيك لبب على وزن فعلل، من لبَّ بالمكان أقام؛ قلبت الباء الأخيرة ياءً ثم قلبت ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها، ثمَّ ثني، وقلبت الألف ياءً في حالة النصب؛ لأنه مفعول مطلق. والمراد من لبّى التكثير؛ كقوله تعالى: {ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ} [الملك: 4]، وإنما جعلت التثنية دالة على التكثير لأنها أول عدد يقع فيه التضعيف. وهذا جواب لقول إبراهيم خليل الله حيث نادى: عبادَ الله حجوا بيت الله. بعد أن قال الله له: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ} [الحج:27]. فإن قلت: إذا كان جوابًا لنداء الخليل؛ فما معنى قوله: "اللهم لبيك"؟ قلت: الداعي في الحقيقة هو الله تعالى، وإنما الخليل واسطة ومبلغ. 1549 - وقوله: (لا شريك لك) جملة معترضة؛ ردّ لما كان يقوله المشركون من قولهم: إلا شريكًا هو لك. (إن الحمد والنعمة لك) -بالكسر والفتح، والكسر أحسن- لأنه استغراق مثبت للحمد والنعمة مطلقًا، والفتح يفيد الغلبة؛ أي: لبيك لكون الحمد والنعمة لك. وقوله: "لك" خبر المعطوف؛ وخبر المعطوف عليه محذوف إِنْ رُويَ "والنعمة" بالرفع؛ لأنَّ العطف على محل

27 - باب التحميد والتسبيح والتكبير قبل الإهلال عند الركوب على الدابة

1550 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ عُمَارَةَ عَنْ أَبِى عَطِيَّةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ إِنِّى لأَعْلَمُ كَيْفَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُلَبِّى لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ. تَابَعَهُ أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ. وَقَالَ شُعْبَةُ أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ سَمِعْتُ خَيْثَمَةَ عَنْ أَبِى عَطِيَّةَ سَمِعْتُ عَائِشَةَ - رضى الله عنها -. 27 - باب التَّحْمِيدِ وَالتَّسْبِيحِ وَالتَّكْبِيرِ قَبْلَ الإِهْلاَلِ عِنْدَ الرُّكُوبِ عَلَى الدَّابَّةِ 1551 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ مَعَهُ بِالْمَدِينَةِ الظُّهْرَ أَرْبَعًا، وَالْعَصْرَ بِذِى الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ بَاتَ بِهَا حَتَّى أَصْبَحَ، ثُمَّ رَكِبَ حَتَّى اسْتَوَتْ بِهِ عَلَى الْبَيْدَاءِ، حَمِدَ اللَّهَ وَسَبَّحَ وَكَبَّرَ، ثُمَّ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ، وَأَهَلَّ النَّاسُ بِهِمَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ اسم إن لا يجوز إلا بعد تقدم الخبر. 1550 - (تابعه أبو معاوية) هو محمد بن الفضل؛ أي تابع عبد الله بن يوسف؛ لكن عن الأعمش، لا عن سفيان (وقال شعبة) قد ذكرنا مرارًا أن قوله تارة: تابعه وأخرى: قال فلان تفنن. (خيثمة) بفتح الخاء المعجمة، وثاء مثلثة (عن أبي عطية) هو الوداعي مالك بن عمرو الهمداني. واختلقت الأئمة في التلبية، فقال الشافعي وأحمد: سنة؛ لا يوجب تركها شيئًا. وقال مالك: من تركها لزمه دم، وقال أبو حنيفة: لا يصير شارعًا بدونها؛ كالتكبير في افتتاح الصلاة، لكن يصير شارعًا بأي ذكر كان بدل التلبية. باب التحميد والتسبيح والتكبير قبل الإهلال عند الركوب على الدابة أراد بهذه الترجمة الرَّد على أبي حنيفة في قوله بعدم ذكر آخر مقام تلبية لأنّ إهلاله بالحج إنما كان معه هذه الأذكار. 1551 - (وهيب) بضم الواو مصغر (عن أبي قلابة) -بكسر القاف- عبد الله بن زيد الجرمي. (حمد الله وسبح وكبر ثم أهلَّ بحج وعمرة) هذا إنما كان آخر الأمر؛ فإنه أوّلًا مفردًا

28 - باب من أهل حين استوت به راحلته

فَلَمَّا قَدِمْنَا أَمَرَ النَّاسَ فَحَلُّوا، حَتَّى كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ أَهَلُّوا بِالْحَجِّ قَالَ وَنَحَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَدَنَاتٍ بِيَدِهِ قِيَامًا، وَذَبَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْمَدِينَةِ كَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ بَعْضُهُمْ هَذَا عَنْ أَيُّوبَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَنَسٍ. طرفه 1089 28 - باب مَنْ أَهَلَّ حِينَ اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ 1552 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــ لما كان رفع السنة الجاهلية، وهي: ما كانوا عليه من أنّ العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور. (فلما قدمنا) أي: مكة (أمر الناس فحلّوا) أي: أمر الذين لم يكن معهم الهدي. فإن قلت: سيأتي أنه أمرهم قبل قدوم مكة؟ قلت: أولًا لم يعزم عليهم؛ بل فوّضه إلى المشيئة، فلما أبوا جزم وحتّم عليهم. (حتى كان يوم التروية) برفع "يوم"، و"كان" تامّة، التروية: هو الثامن من ذي الحجة؛ لأنّ النّاس يُروون فيه الدّواب ويسقون ليوم عرفة، فاشتقاقه من الرَّي؛ لأن إبراهيم رأى رؤيا ذبح ولده في ليلته. وقيل: من الرأي، لأنه تروى في ذلك اليوم، والأول هو الظاهر. (ونحر النبي -صلى الله عليه وسلم- بدنات بيده قيامًا) سيأتي أنه نحر ثلاثًا وستين بدنة، ووكّلَ عليًّا في نحر البواقي، فعلى هذا استعمل جمع القلّة في موضع الكثرة (وذبح كبشين أملحين) قال ابن الأثير: الأملح ما يكون لونه بياضًا يخالطه بعض سواد. وقيل: الأبيض الخالص. والأول هو الصواب؛ لما في الرواية الأخرى: ينظران في سواد، ويمشيان في سواد". باب من أهلّ حين استوت به راحلته 1552 - روى في الباب حديث ابن عمر، وقد سلف متنًا وشرحًا.

29 - باب الإهلال مستقبل القبلة

عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ أَهَلَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ قَائِمَةً. طرفه 166 29 - باب الإِهْلاَلِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ 1553 - وَقَالَ أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ قَالَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - إِذَا صَلَّى بِالْغَدَاةِ بِذِى الْحُلَيْفَةِ أَمَرَ بِرَاحِلَتِهِ فَرُحِلَتْ ثُمَّ رَكِبَ، فَإِذَا اسْتَوَتْ بِهِ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ قَائِمًا، ثُمَّ يُلَبِّى حَتَّى يَبْلُغَ الْمَحْرَمَ، ثُمَّ يُمْسِكُ حَتَّى إِذَا جَاءَ ذَا طُوًى بَاتَ بِهِ حَتَّى يُصْبِحَ، فَإِذَا صَلَّى الْغَدَاةَ اغْتَسَلَ، وَزَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَعَلَ ذَلِكَ. تَابَعَهُ إِسْمَاعِيلُ عَنْ أَيُّوبَ فِي الْغَسْلِ. أطرافه 1554، 1573، 1574 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الإهلال مستقبل القبلة 1553 - (وقال أبو معمر) -بفتح الميمين وسكون العين- عبد الله بن عمرو؛ شيخ البخاري، والرواية عنه، بقال: لأنه سمعه مذاكرة (كان ابن عمر إذا بات بذي الحليفة إذا صلّى الغداة أمر براحلته فرحلت) -بضم الرّاء، وتخفيف اللام- على بناء المفعول (فإذا استوت به استقبل القبلة قائمًا) أي: واقفًا على الركابين، أو مجاز عن قيام راحلته؛ كما في الحديث الذي بعده: فإذا استوت به راحلته قائمة، وهو موضع الدّلالة في الموضعين (ثم يلبي حتى يبلغ الحرم ثم يمسك) إمساكه عن التلبية لم يكن لانقطاع وقت التلبية؛ بل لاشتغاله بأذكار أُخر، وإنما قلنا ذلك؛ لأن وقت التلبية مستمر إلى أن يرمي جمرة العقبة، ومن قال المراد بالحرم منى فقد ابتعد عن الصواب، وليت شعري كيف غفل عن قوله: (حتّى إذا جاء ذا طوى بات به) فإنه قبل دخول مكة بلا خلاف، وغسله في الصباح لدخول مكة: وسيأتي من رواية ابن علية في باب الاغتسال لدخول مكة "كان إذا دخل أدنى الحرم أمسك"، وبه سقط أيضًا ما قيل من أنّ المراد بالحرم المسجد الحرام. وفي طاءِ"طوى" الحركات الثلاث، ويصرف؛ ولا يصرف باعتبار البقعة المكان. وقال بعض الشارحين: حتى إذا جاء ذي طوى، غاية لماذا؟ قلت: لقول: استقبل القبلة. وهذا شيء لا يعقل؛ فإن استقبال القبلة كان بالمدينة حين الإحرام؛ وبين المدينة وبين

30 - باب التلبية إذا انحدر فى الوادى

1554 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ عَنْ نَافِعٍ قَالَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - إِذَا أَرَادَ الْخُرُوجَ إِلَى مَكَّةَ ادَّهَنَ بِدُهْنٍ لَيْسَ لَهُ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ، ثُمَّ يَأْتِى مَسْجِدَ الْحُلَيْفَةِ فَيُصَلِّى ثُمَّ يَرْكَبُ، وَإِذَا اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ قَائِمَةً أَحْرَمَ، ثُمَّ قَالَ هَكَذَا رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَفْعَلُ. أطرافه 1553 30 - باب التَّلْبِيَةِ إِذَا انْحَدَرَ فِي الْوَادِى 1555 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ كُنَّا عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - فَذَكَرُوا الدَّجَّالَ أَنَّهُ قَالَ «مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ». فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَمْ أَسْمَعْهُ وَلَكِنَّهُ قَالَ «أَمَّا مُوسَى كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَيْهِ إِذِ انْحَدَرَ فِي الْوَادِى يُلَبِّى». طرفاه 3355، 5913 ـــــــــــــــــــــــــــــ ذي طوى عشر مراحل، وكم بين الموضِعَين من جبال وأودية يقع فيها الاستدبار للقبلة؛ والصَّواب: أنه غاية لمقدر؛ أي: استمرارية السير إلى ذي طوى. 1554 - (فليح) بضم الفاء مصغر. (كان ابن عمر إذا أراد الخروج إلى مكة ادَّهن بدهن ليس فيه رائحة) قد سلف وسيأتي أنه كان ينكر الطيب قبل الإحرام، وخطأته عائشة في ذلك فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يصبح محرمًا ووبيض الطيب في مفارقه. باب التلبية إذا انحدر في الوادي الوادي الذي في الحديث هو الوادي قدام ثنية هرشى. 1555 - (محمد بن المثنى) بضم الميم وتشديد النون (ابن أبي عدي) -بفتح العين وكسر الدال وتشديد الياء- محمدُ بن إبراهيم (ابن عون) -بفتح العين وسكون الواو- عبد الله. (أما موسى فكأني أنظر إليه إذا انحدر في الوادي يلبي) قال المهلب: ذِكْرُ موسى وهم.

31 - باب كيف تهل الحائض والنفساء

31 - باب كَيْفَ تُهِلُّ الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ أَهَلَّ تَكَلَّمَ بِهِ، وَاسْتَهْلَلْنَا وَأَهْلَلْنَا الْهِلاَلَ كُلُّهُ مِنَ الظُّهُورِ، وَاسْتَهَلَّ الْمَطَرُ خَرَجَ مِنَ السَّحَابِ. (وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ) وَهْوَ مِنِ اسْتِهْلاَلِ الصَّبِىِّ. 1556 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَأَهْلَلْنَا بِعُمْرَةٍ ثُمَّ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْىٌ فَلْيُهِلَّ بِالْحَجِّ مَعَ ـــــــــــــــــــــــــــــ وأيّده بعضهم بأنّ الملائم لذكر الدّجال هو عيسى، وسينزل ويحج البيت؟ وأما موسى فإنه ميت؛ كيف يحج؟! وأنا أقول اتفقت الروايات في البخاري ومسلم على موسى، ولا ضرورة إلى نسبة الثقات إلى الوهم، وسيأتي أنه رأى إبراهيم ويونس. قال النووي: والجواب عن الإشكال من وجوه: الأول: أنّ الأنبياء أفضل من الشهداء؛ والشهداء أحياءٌ يرزقون بنصِّ القرآن، وإذا كانوا أحياء فلا مانع من الحج وسائر العبادات. الثاني: أنه كان في المنام؛ كما رأى الدّجال يطوف بالبيت. الثالث: أوحى إليه أحوالهم التي كانوا عليها وهم أحياء؛ هذا الجواب ينبو عنه قوله: كأني أنظر إليه؛ فإنه يقال في شيءٍ قد رُئي أو سيرى، والأظهر أنه كان في المنام؛ كرؤية الدجال وهو يطوف بالبيت. وفي الحديث دلالة على تأكيد استحباب التلبية في الأودية. باب كيف تهِلُّ الحائض (أهلّ تكلم به، واستهللنا وأهللنا الهلال) تنازع الفعلان في المفعول، كله من الظهور، كان الأولى تأخيره عن قوله: (واستهلَّ المطر: خرح من السحاب {وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [المائدة: 3]) فإنّ هذا أيضًا من الظهور. والحاصل أنَّ هذه المادة في تصاريفها لا تخلو عن معنى الظهور. 1556 - (خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع فأهللنا بعمرة) هذا كان آخر الأمر

32 - باب من أهل فى زمن النبى - صلى الله عليه وسلم - كإهلال النبى - صلى الله عليه وسلم -

الْعُمْرَةِ، ثُمَّ لاَ يَحِلَّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا» فَقَدِمْتُ مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ، وَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ وَلاَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «انْقُضِى رَأْسَكِ وَامْتَشِطِى، وَأَهِلِّى بِالْحَجِّ، وَدَعِى الْعُمْرَةَ». فَفَعَلْتُ فَلَمَّا قَضَيْنَا الْحَجَّ أَرْسَلَنِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ إِلَى التَّنْعِيمِ فَاعْتَمَرْتُ فَقَالَ «هَذِهِ مَكَانَ عُمْرَتِكِ». قَالَتْ فَطَافَ الَّذِينَ كَانُوا أَهَلُّوا بِالْعُمْرَةِ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ حَلُّوا، ثُمَّ طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا مِنْ مِنًى، وَأَمَّا الَّذِينَ جَمَعُوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَإِنَّمَا طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا. طرفه 294 32 - باب مَنْ أَهَلَّ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - كَإِهْلاَلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. ـــــــــــــــــــــــــــــ (فقدمت مكة وأنا حائض فشكوت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: انقضي رأسك وامتشطي، وأهلي بالحج ودعي العمرة) قال الخطابي: في الحديث إشكال؛ لأنّ فسخ العمرة وكذا الحج لا يجوز، ولا يجوز الخروج عن واحد منهما إلا بعد الفراغ من أعماله. قال النووي: ليس فيه إشكال؛ إذ ليس في الحديث ما يدل على الفسخ، بل لما تعذّر عليها أعمال العمرة أمرها بالإمساك عنها؛ وكانت قارنة، وليس في الأمر بنقض الرأس والامتشاط ما يدل على الفسخ؛ فإنهما جائزان في كلّ إحرام. قال: وأما إرسالها بعد فراغ الحج والعمرة مع أخيها إلى التنعيم وإتيانها بعمرة؛ إنما كان تطييبًا لخاطرها بعمرة مستقلة كما لسائر أزواجه؛ والذي يدل على هذا قطعًا رواية مسلم: حتى إذا طهرت وطافت بالكعبة وبالصفا والمروة قال: "قد حللت من حجك وعمرتك جميعًا". وهذا الذي قاله رحمه الله عناية التّقصّي عن الإشكال. قال: ودلّ الحديث على أن نقض الرأس والامتشاط جائزان في الإحرام، وأن القارن يكفيه طواف واحد؛ وهو حجة على أبي حنيفة. (مكان عمرتك بالرفع على الخبر، والنصب على الظرف. باب من أهلَّ في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- كإهلال النبي (قاله ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم-) ما علَّقه عن ابن عمر يجوز أن يكونَ حديث عليٍّ، أو أبي

1557 - حَدَّثَنَا الْمَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ عَطَاءٌ قَالَ جَابِرٌ - رضى الله عنه - أَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلِيًّا - رضى الله عنه - أَنْ يُقِيمَ عَلَى إِحْرَامِهِ، وَذَكَرَ قَوْلَ سُرَاقَةَ. أطرافه 1568، 1570، 1651، 1785، 2506، 4352، 7230، 7367 1558 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِىٍّ الْخَلاَّلُ الْهُذَلِىُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا سَلِيمُ بْنُ حَيَّانَ قَالَ سَمِعْتُ مَرْوَانَ الأَصْفَرَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَدِمَ عَلِىٌّ - رضى الله عنه - عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْيَمَنِ فَقَالَ «بِمَا أَهْلَلْتَ». قَالَ بِمَا أَهَلَّ بِهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. فَقَالَ «لَوْلاَ أَنَّ مَعِى الْهَدْىَ لأَحْلَلْتُ». وَزَادَ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «بِمَا أَهْلَلْتَ يَا عَلِىُّ». قَالَ بِمَا أَهَلَّ بِهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «فَأَهْدِ وَامْكُثْ حَرَامًا كَمَا أَنْتَ». 1559 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ بَعَثَنِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى قَوْمٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ موسى المذكور في الباب، أو حديث آخر لم يثبت عنده. 1557 - (عن ابن جريج) -بضم الجيم- مصغر عبد الملك بن عبد العزيز. (وزاد محمد بن بكر عن ابن جريج قال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: بما أهللت يا علي؟) إذ لم تكن هذه الزيادة في رواية المكِّي عن ابن جريج؛ وبهذه الزيادة يتمُّ الدلالة على التّرجمة. 1558 - (الحسن بن علي الخلّال) -بالخاء المعجمة- نسبة إلى صنعته (سليم بن حيان) -بفتح السين وكسر اللام- وحيّان: -بفتح الحاء وتشديد المثناة تحت-. (فقال: لولا أنّ معي الهدي لأحللت) هذا كلام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعلم به عليًّا؛ أن المانع من الإحلال هو الهدي. قال ابن الأثير: يقال: حلّ وأَحلَّ: خرج من الإحرام بالفراغ من أعمال الحجِّ والعمرة. 1559 - (عن أبي موسى قال: بعثني النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى قومي باليمن) إنما بعثه لأخذ

بِالْيَمَنِ فَجِئْتُ وَهْوَ بِالْبَطْحَاءِ فَقَالَ «بِمَا أَهْلَلْتَ». قُلْتُ أَهْلَلْتُ كَإِهْلاَلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «هَلْ مَعَكَ مِنْ هَدْىٍ». قُلْتُ لاَ. فَأَمَرَنِى فَطُفْتُ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ أَمَرَنِى فَأَحْلَلْتُ فَأَتَيْتُ امْرَأَةً مِنْ قَوْمِى فَمَشَطَتْنِى، أَوْ غَسَلَتْ رَأْسِى، فَقَدِمَ عُمَرُ - رضى الله عنه - فَقَالَ إِنْ نَأْخُذْ بِكِتَابِ اللَّهِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُنَا بِالتَّمَامِ قَالَ اللَّهُ (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ) وَإِنْ نَأْخُذْ بِسُنَّةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَإِنَّهُ لَمْ يَحِلَّ حَتَّى نَحَرَ الْهَدْىَ. أطرافه 1565، 1724، 1795، 4346، 4397 ـــــــــــــــــــــــــــــ صدقاتهم (فجئت وهو بالبطحاء) يريد بطحاء مكة؛ وهو الوادي الذي بين مكة ومنى (فقال: بما أهللت؟ فقلت: أهللت كإهلال النبي -صلى الله عليه وسلم-) ولم يكن معه الهدي؛ فَأمره أن يُحِلَّ كما أمرَ بذلك سائر أصحابه (فقدم عمر فقال: إن نأخذ بكتاب الله فإنه يأمرنا بالتمام؛ قال الله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196]؛ وإن نأخذ بسنَّة النبي -صلى الله عليه وسلم- فإنه لم يُحلَّ حتّى نحر البُدن) سيأتي بعد هذا أنّ أبا موسى قال: كنت أُفتي بالتمتع إلى أن قدم عمرُ حاجًّا في خلافته فمنعني عمر، استدلالًا بما ذكره هنا. قال بعض الشارحين: فإن قلت: ما وجه دلالة الآية على ذلك؟ قلت: لأن من إتمام الحج الإحرام من الميقات؛ والمتمتع إنما يحرم من مكة، وهذا الذي قال يرده استدلال عمر بالحديث لأنّه أبطله بفعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ لا بأنه تجاوز عن الميقات. وقال: إنما كان عمر نهى عن فسخ الحج إلى العمرة. وهذا الذي قاله يخالفه حديث أبي موسى. قال النووي: والمختار أن عمرَ وعثمان كانا يكرهان التمتع، ثم انعقد الإجماع على عدم الكراهة. وفقه الحديث: جواز تعليق الإحرام على إحرام رجل آخر؛ فإن كان محرمًا فيكون إحرامُه كإحرامِه؛ وإن لم يكن ما يصرف إحرامه على ما شاء، وإن مات -قبل الوقوف- على حاله يجعل نفسه قارنًا [أجازه] الشافعي ومنعه المالكية والكوفيون. قيل: الظاهر أنه مذهب البخاري؛ ولذلك قيَّده بزمن النبي -صلى الله عليه وسلم- في الترجمة. قلت: على العكس أدَلّ؛ فإنه إذا جاز في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- وقرره كان شرعًا لأمَّته، وإلا لأشار إليه كما أشار في جذعة ابن نيار.

33 - باب قول الله تعالى (الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال فى الحج)

33 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ) (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِىَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ) وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَشْهُرُ الْحَجِّ شَوَّالٌ وَذُو الْقَعْدَةِ وَعَشْرٌ مِنْ ذِى الْحَجَّةِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - مِنَ السُّنَّةِ أَنْ لاَ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ إِلاَّ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ. وَكَرِهَ عُثْمَانُ - رضى الله عنه - أَنْ يُحْرِمَ مِنْ خُرَاسَانَ أَوْ كَرْمَانَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قول الله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: 197] أي وقت الحج؛ للحج ميقات مكاني وميقات زماني، وفي هذه الباب بيان الميقات الزّماني. (وقال ابن عمر: أشهر الحج) أي: المذكورة في الآية (شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة) قال بعضهم: هذا الذي قاله ابن عمر مذهب أبي حنيفة. وعند الشافعي ذي الحجة وليلة يوم النحر. وهذا سهو منه؛ فإن العشر في قول ابن عمر صفة الليالي؛ أي: عشر ليالٍ لاتفاق النسخ على عدم التاء في عشر، يقال: عشرة أيام وعشر ليال. فإن قلت: كيف جوّز أبو حنيفة الإحرام في جميع السنة مع مخالفته للآية والحديث؟. قلت: حمل هذا على الكمال. فإن قلت: كيف حمل مالك الأشهر على الثلاث، وقال: وقت الحج شوال وذو القعدة وذو الحجة، وكيف يُعقل أن يكون ذو الحجة كله وقتًا؟. قلت: أراد بالوقت وقت أعمال الحج؛ لا وقت الإحرام. قال ابن الحاجب: وفائدته وجوب الدَّم إن أخَّر طواف الإفاضة إلى أن خرج الشهر. (وقال ابن عباس: من السنّة أن لا يحرم بالحج إلا في أشهر الحج) هذا يدل على أنّه كان يجوز الإحرام في سائر الأشهر؛ كما قاله أبو حنيفة (وكره عثمان أن يحرم من خراسان أو كرمان) -بكسر الكاف وسكون الراء- لأنه بعيد يشق عليه، وأيضًا اقتداءً برسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ وهذا أحدُ قولي الشافعي، واختاره النووي، وبه قال مالك وأحمد، واختار أبو حنيفة أنَّ دويرة أهله أفضل لكونه أكثر مشقة؛ وهو أحد قولي الشافعي، واختاره الرّافعي.

1560 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِىُّ حَدَّثَنَا أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَلَيَالِى الْحَجِّ وَحُرُمِ الْحَجِّ، فَنَزَلْنَا بِسَرِفَ قَالَتْ فَخَرَجَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ «مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْكُمْ مَعَهُ هَدْىٌ فَأَحَبَّ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْىُ فَلاَ». قَالَتْ فَالآخِذُ بِهَا وَالتَّارِكُ لَهَا مِنْ أَصْحَابِهِ قَالَتْ فَأَمَّا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَرِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَكَانُوا أَهْلَ قُوَّةٍ، وَكَانَ مَعَهُمُ الْهَدْىُ، فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى الْعُمْرَةِ قَالَتْ فَدَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا أَبْكِى فَقَالَ «مَا يُبْكِيكِ يَا هَنْتَاهْ». قُلْتُ سَمِعْتُ قَوْلَكَ لأَصْحَابِكَ فَمُنِعْتُ الْعُمْرَةَ. قَالَ «وَمَا شَأْنُكِ». قُلْتُ لاَ أُصَلِّى. قَالَ «فَلاَ يَضِيرُكِ، إِنَّمَا أَنْتِ امْرَأَةٌ مِنْ بَنَاتِ آدَمَ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْكِ مَا كَتَبَ عَلَيْهِنَّ، فَكُونِى فِي حَجَّتِكِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: الكلام في زمن الإحرام، فأي دخل لخراسان فيه؟ قلت: أشار إلى أنّ المكان بعيد؛ فلا بدّ أن يكون إحرامه قبل أشهر الحج. 1560 - (محمد بن بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (حميد) بضم الحاء مصغر. (خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أشهر الحجّ وليالي الحج). فإن قلت: ما وجه ذكر ليالي الحج بعد ذكر أشهر الحج؟ قلت: أرادت قرب وقت الحج والزمان الذي تقع فيه أعمال الحج، وإطلاق الليالي لأنها غرر الأيام. (وحُرُم الحجِّ) -بضم الحاء والرّاء- جمع حرام؛ أي: في زمان يحرم على الحاج الصيد ونحوه، وضبطه الأصيلي بفتح الرّاء على أنه جمع حرمه؛ وهي محرمات الإحرام. قال الجوهري: الحرمة ما لا يجوز انتهاكه. (فنزلنا بسرف) -بفتح السين وكسر الرّاء- يصرف، ولا يصرف باعتبار البقعة والمكان، والرواية عدم الانصراف؛ وهو مكان بينه وبين مكة عشرة أميال تقريبًا (والآخذ بها) -بفتح الهمزة والمد- والضمير يحمله ما قاله، أو للمذكور باعتبار الكلمة. (فدخل عليَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنا أبكي فقال: ما يبكيك يا هَنْتَاه؟) مؤنث هن؛ كناية عن النكرة كشيء، والمراد: يا غافلة عن جيل النساء. وقيل معناه: يا هذه، والنون فيه ساكنة، وقد تفتح، والهاء فيه للسكت (قلت: لا أُصلّي) كناية حسنةٌ عن الحيض (فقال: لا يضيرك) -بكسر الضاد بعدها ياء ساكنة- مرادف الضر (كوني في حجك) هذا صريح في أنها كانت

34 - باب التمتع والإقران والإفراد بالحج، وفسخ الحج لمن لم يكن معه هدى

فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَرْزُقَكِيهَا». قَالَتْ فَخَرَجْنَا فِي حَجَّتِهِ حَتَّى قَدِمْنَا مِنًى فَطَهَرْتُ، ثُمَّ خَرَجْتُ مِنْ مِنًى فَأَفَضْتُ بِالْبَيْتِ قَالَتْ ثُمَّ خَرَجَتْ مَعَهُ فِي النَّفْرِ الآخِرِ حَتَّى نَزَلَ الْمُحَصَّبَ، وَنَزَلْنَا مَعَهُ فَدَعَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِى بَكْرٍ فَقَالَ «اخْرُجْ بِأُخْتِكَ مِنَ الْحَرَمِ، فَلْتُهِلَّ بِعُمْرَةٍ ثُمَّ افْرُغَا، ثُمَّ ائْتِيَا هَا هُنَا، فَإِنِّى أَنْظُرُكُمَا حَتَّى تَأْتِيَانِى». - قَالَتْ - فَخَرَجْنَا حَتَّى إِذَا فَرَغْتُ، وَفَرَغْتُ مِنَ الطَّوَافِ ثُمَّ جِئْتُهُ بِسَحَرَ فَقَالَ «هَلْ فَرَغْتُمْ». فَقُلْتُ نَعَمْ. فَآذَنَ بِالرَّحِيلِ فِي أَصْحَابِهِ، فَارْتَحَلَ النَّاسُ فَمَرَّ مُتَوَجِّهًا إِلَى الْمَدِينَةِ. ضَيْرُ مِنْ ضَارَ يَضِيرُ ضَيْرًا، وَيُقَالُ ضَارَ يَضُورُ ضَوْرًا وَضَرَّ يَضُرُّ ضَرًّا. طرفه 294 34 - باب التَّمَتُّعِ وَالإِقْرَانِ وَالإِفْرَادِ بِالْحَجِّ، وَفَسْخِ الْحَجِّ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْىٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ قارنةً (فعسى الله أن يرْزقكيها) بياء بعد الكاف تولِّدتْ من الإشباع، وإنما لم يجزم لحصول الحج؛ إما لاستمرار الحيض أو لاحتمال الموت (ثم خرجت معه في النفر الآخر) -بالمد- ضد الأول؛ فإنّ للحج نفرين، الأول: وهو الانصراف من منى في ثاني يوم التشريق. والثاني: في اليوم الثالث. (حتى نزل المحصب) -بضم الميم وفتح الحاء والصّاد المشدّدة- قال ابن الأثير: هو الشعب الذي بين مكة ومنى. وقال الجوهري: هو موضع الجمار بمنى. وما في الحديث يخالفه؛ إلا أن يقال: إنه يمتد من مكة إلى هناك (فدعا عبد الرحمن بن أبي بكر؛ فقال: اخرج بأختك من الحرم فلتهلَّ بعمرة ثم افرغا ثم ائتيا هاهنا فإني أنظركما) -بفتح-: أي: أنتظركما. (ثم جئته بسحر) غير منصرف للعدل والعلمية؛ علم لذلك الوقت. (قال: هل فرغتم؟) بصيغة الجمع؛ إما لأنه كان معها غير عبد الرحمن من الخدم؛ أو لأن الجمع كثيرًا ما يطلق على الإثنين. (فآذن بالرحيل) -بفتح الهمزة والمد- أي: أعلم. باب التمتع والأقران والإفراد في الحج، وفسخ الحج لمن لم يكن معه هدي أراد في هذا الباب حصر وجوه الإحرام في الثلاثة؛ فالتمتع: أن يحرم الآفاقيُّ بالعمرة في أشهر الحج، فإذا فرغ من أعمالها أنشأ الحجّ من مكة وأتى بأعماله.

1561 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَلاَ نُرَى إِلاَّ أَنَّهُ الْحَجُّ، فَلَمَّا قَدِمْنَا تَطَوَّفْنَا بِالْبَيْتِ، فَأَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَنْ لَمْ يَكُنْ سَاقَ الْهَدْىَ أَنْ يَحِلَّ، فَحَلَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ سَاقَ الْهَدْىَ، وَنِسَاؤُهُ لَمْ يَسُقْنَ فَأَحْلَلْنَ، قَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - فَحِضْتُ فَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ، فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ الْحَصْبَةِ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَرْجِعُ النَّاسُ بِعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ وَأَرْجِعُ أَنَا بِحَجَّةٍ قَالَ «وَمَا طُفْتِ لَيَالِىَ قَدِمْنَا مَكَّةَ». قُلْتُ لاَ. قَالَ «فَاذْهَبِى مَعَ أَخِيكِ إِلَى التَّنْعِيمِ، فَأَهِلِّى بِعُمْرَةٍ ثُمَّ مَوْعِدُكِ كَذَا وَكَذَا». قَالَتْ صَفِيَّةُ مَا أُرَانِى إِلاَّ حَابِسَتَهُمْ. قَالَ «عَقْرَى حَلْقَى، أَوَمَا طُفْتِ يَوْمَ النَّحْرِ». قَالَتْ قُلْتُ بَلَى. ـــــــــــــــــــــــــــــ والقران: أن ينوي الحج والعمرة معًا؛ ويأتي بأعمال النسكين إما معًا كما قاله الأئمة الثلاثة؛ أو يطوف طوافين ويسعى سعيين كما قاله أبو حنيفة. ووقع في البخاري: الإقران؛ وصوابه: القران بحذف الألف. قال النووي: فلو أحرم بالعمرة ثم بالحج قبل الطواف فهو قارن وبالعكس. فيه خلاف، والصحيح عدم جوازه، وهذا بناءً على أنّ ما فعله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه مخصوص بتلك السَّنة، رفعًا لِسُنّة أهل الجاهلية. والإفراد: إنشاءُ الحجّ أولًا من ميقات الحج؛ ثم بعد الفراغ من أعماله إنشاء العمرة من ميقاته. 1561 - ثم ساق حديث عائشة في الباب مع أحاديث أخر (قالت: خرجنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- وما نرى إلا الحجَّ فلما تطوفنا بالبيت) أرادت الأصحاب ممن لم يكن معه الهدي؛ لأنها ذكرت في آخر الحديث أنها لم تكن طافت لوجود العذر (فلما كانت ليلة الحصبة) برفع ليلة؛ لأن كانت تامة، والحصبة: -بفتح الحاء وسكون الصاد- هو المحصب؛ وليلة الحصبة هي الليلة التي نزل فيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-[بعد] الرجوع من منى (وقالت صفية: ما أراني إلا حابستهم) وفي بعضها: "حابستكم؛ لأنها حاضت بعد طواف الإفاضة، وكانت تظن أن طواف الوداع واجب عليها، فلما أخبرت بأنها طافت طواف الإفاضة أذن لها في الرجوع، وكان ذلك رفعًا عن كل حائض إلى آخر الدّهر (عَقْرَى حلقَى) مصدران كالشكوى بلا تنوين؛ لأنهما غير منصرفين، وقال أبو عبيد: ينونان. والرواية من غير تنوين، نصبها على المصدر؛

قَالَ «لاَ بَأْسَ، انْفِرِى». قَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - فَلَقِيَنِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ مُصْعِدٌ مِنْ مَكَّةَ، وَأَنَا مُنْهَبِطَةٌ عَلَيْهَا، أَوْ أَنَا مُصْعِدَةٌ وَهْوَ مُنْهَبِطٌ مِنْهَا. طرفه 294 1562 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الأَسْوَدِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ وَأَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْحَجِّ، فَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ أَوْ جَمَعَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لَمْ يَحِلُّوا حَتَّى كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ. طرفه 294 1563 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ عَلِىِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ شَهِدْتُ عُثْمَانَ وَعَلِيًّا - رضى الله عنهما - وَعُثْمَانُ يَنْهَى عَنِ الْمُتْعَةِ وَأَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــ مثل: سقيا ورعيا، أو معناهم الدّعاء بإصابة المرض في الحلق، والعقر في الجسد، لكن لم يرد هذا المعنى؛ بل العتاب اللطيف، كما في: تربت يداه، ورغم أنفه. (فلقيني وهو مصعد) لا يخالف قوله: "فإني أنظركما هنا"؛ لأنهما لما فرغا وجداه هناك. 1562 - (فمنّا من أهلَّ بعمرة) أي: بعد فسخ الحج لما تقدم من قولها: خرجنا وما نرى إلا الحج. (وأهلَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالحج). فإن قلت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قارنًا؟ قلت: أولًا كان مفردًا فلم تشعر عائشة بأنّه جمع بينهما إلّا آخر الأمر حيث لم يأت بعمرة مستقلة. 1563 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين. (وعثمان ينهى عن المتعة وأن يجمع بينهما) تقدم أن عمرَ وعثمان كانا يكرهان المتعة؛ وأمّا استدلالُ عمر بالآية والحديث يدل على أنه كان يرى القِران، ثم انعقد

فَلَمَّا رَأَى عَلِىٌّ، أَهَلَّ بِهِمَا لَبَّيْكَ بِعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ قَالَ مَا كُنْتُ لأَدَعَ سُنَّةَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لِقَوْلِ أَحَدٍ. طرفه 1569 1564 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ أَفْجَرِ الْفُجُورِ فِي الأَرْضِ، وَيَجْعَلُونَ الْمُحَرَّمَ صَفَرًا وَيَقُولُونَ إِذَا بَرَأَ الدَّبَرْ، وَعَفَا الأَثَرْ، وَانْسَلَخَ صَفَرْ، حَلَّتِ الْعُمْرَةُ لِمَنِ اعْتَمَرْ. قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ صَبِيحَةَ رَابِعَةٍ مُهِلِّينَ ـــــــــــــــــــــــــــــ الإجماع على عدم الكراهة. (فلما رأى علي) منع عثمان (أهلّ بهما)، (ما كنت لأدع سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-). 1564 - (وهيب) بضم الواو مصغر (ابن طاوس) عبد الله (ويجعلون المحرم صفرًا) أي: يؤخرون المحرم ويقدمون صفرًا؟ لأنهم كانوا أصحاب غارات وحروب كرهوا توالي ثلاثة أشهر حرم؛ فقالوا: إنما علينا تحريم ثلاثة أشهر فلا يلزم أن تكون متوالية؛ وأخطَؤوا وبدلوا، وإلى هذا يشير قوله تعالى {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ} [التوبة: 37] (إذا برئ الدبر) -بفتح الدال والباء- الجرح في ظهر الدابة؛ وبرؤه اندماله بترك الركوب، وتلك الأشهر الحرم (وعفا الأثر) أي: أثر المسير في الطرقات. أي: انطمس لعدم الرّكوب والسير (وانسلخ صفر حلت العمرة لمن اعتمر). قال بعض الشارحينَ: فإن قلت: ما وجه تعلق انسلاخ صفر بالاعتمار في أشهر الحج؛ الذي هو المقصود من الباب؟. قلت: لما سموا المحرم صفرًا، وكان من جملة تصرفاتهم جعلُ السَّنة ثلاثة عشر شهرًا صار صفر على هذا التقدير آخر السنة وآخر أشهر الحج؛ إذ لا براء في أقلَّ من هذه المدّة. وأمّا ذكر انسلاخ صفر الذي هو من الأشهر الحرم على زعمهم؛ فلأنه لو وقع قتاله في الطريق وفي مكة لقدروا عليه. ويراد بالصفر المحرمُ؛ فإن الغالب أن البرء لا يجعل من أثر سفر الحج إلا في حج هذه المدة؛ وهي ما بين أربعين يومًا إلى خمسين. وهذا أظهر؛ ولكن بشرط أن يراد من حرمة الاعتمار في أشهر الحج أشهُرُه والزمان آخر بعده. هذا كلامه، ونحن نشير إلى ما فيه من الخلل؛ ثم إلى ما هو الحق بتوفيق الله وتأييده:

بِالْحَجِّ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً فَتَعَاظَمَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَىُّ الْحِلِّ قَالَ «حِلٌّ كُلُّهُ». طرفه 1085 ـــــــــــــــــــــــــــــ الأول: قوله: جعل الصفر آخر السنة. ليس كذلك؛ بل في كل عامين مرة، وكانا خمسة وعشرين شهرًا؛ أحد العامين ثلاثة عشر، والآخر اثني عشر، وعليه يدل قوله تعالى: {يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا} [التوبة: 37] قال صاحب "الكشاف": وربما جعلوها أربع عشر ليسع لهم الوقت. الثاني: قوله: فيصير صفر آخر السنة، وآخر أشهر الحج. غلطٌ صريحٌ؛ فإن أشهر الحج: شوال، وذو القعدة، وعشر ذي الحجة؛ ومالك وإن قال بتمام ذي الحجة إنما قال باعتبار أعمال الحج، وكيف التبس عليه والمراد بصفر هو المحرم المؤخر؟ والظاهرُ أنه فهم أن الأشهر الحرم الثلاثة أشهر الحج. الثالث: قوله: إذ لا برء في أقل من هذه المدة. يشير به إلى أشهر الحج، وليس كذلك؛ إذ مرادهم من قولهم: إذا برِئ الدبر؛ إنما يريدون به في شهر صفر؛ وهو المحرم الذي آخروه لقولهم: إذا انسلخ صفر. الرابع: قوله: وإنما ذكر انسلاخ الصفر؛ الذي هو من الأشهر الحرم على زعمهم، فلأنه لو وقع قتال في مكة أو في الطريق لقدَّروا [عليه]؛ يدل على أنه فهم أن تركهم العمرة إنما كان لعدم تمكنهم من القتال. وهذا غلط؛ ألا ترى أنهم كانوا في تلك الأشهر يحجون البيت، وكان من يرى قاتل أبيه أو أخيه لا يتعرض له إكرامًا للأشهر الحرم؛ بل إنما لم يعتمروا في الأشهر الحرم لأنهم كانوا يرونه من أفجر الفجور؛ كما صرَّحَ به الحديث. الخامس: قوله: أو يراد بالصفر المُحَرَّم. غلطٌ؛ لأنه لا يمكن أن يكون قسيمًا للأوّل؛ لأن المراد بصفر قولهم: إذا انسلخ صفر، هو المحرم المؤخر قطعًا. والصواب: أنهم كانوا يحجون في الأشهر الثلاثة، فاذا رجعوا وكانوا محتاجين أخَّروا المحرم وقدَّموا صفر فتقع لهم الغارة فيه على دأبهم، فإذا رجعوا وقد عفا بعد أيام دبر ليلهم إذ نوي في الاعتمار. (فأمرهم أن يجعلوها عمرة فتعاظم ذلك عليهم) لأنهم كرهوا مواقعة النساء في تلك

1565 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. فَأَمَرَهُ بِالْحِلِّ. طرفه 1559 1566 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ. وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ حَفْصَةَ - رضى الله عنهم - زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهَا قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا بِعُمْرَةٍ وَلَمْ تَحْلِلْ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِكَ قَالَ «إِنِّى لَبَّدْتُ رَأْسِى، وَقَلَّدْتُ هَدْيِى فَلاَ أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ». أطرافه 1697، 1725، 4398، 5916 1567 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنَا أَبُو جَمْرَةَ نَصْرُ بْنُ عِمْرَانَ الضُّبَعِىُّ ـــــــــــــــــــــــــــــ الأيام؛ كما جاء في سائر الروايات: يذهب أحدنا إلى عرفات وذَكَرُه يَقْطُر منيًّا. 1565 - (محمد بن المثنى) بضم الميم وتشديد النون (غندر) بضم المعجمة ودال مهملة. (عن أبي موسى: قدمت على النبي -صلى الله عليه وسلم- فأمرني بالحل) إنما أمره بالحل لأنه لم يكن معه هديٌ كما تقدم صريحًا. 1566 - (إني لبدت رأسي وقلدت هديي). فإن قلت: المانع من الحلِّ هو سوق الهدي؛ فأي دخل لتلبيد الرأس في الجواب؟ قلت: التلبيد إشارةٌ إلى طول مدَّةِ الإحرام، فيه إشارةٌ إلى عدم الحل، وإن لم يكن سببًا لعدم الجواز. 1567 - (أبو جمرة) بالجيم (نصر بن عمران الضبعي).

قَالَ تَمَتَّعْتُ فَنَهَانِى نَاسٌ، فَسَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - فَأَمَرَنِى، فَرَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ رَجُلاً يَقُولُ لِى حَجٌّ مَبْرُورٌ وَعُمْرَةٌ مُتَقَبَّلَةٌ، فَأَخْبَرْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ سُنَّةَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لِى أَقِمْ عِنْدِى، فَأَجْعَلَ لَكَ سَهْمًا مِنْ مَالِى. قَالَ شُعْبَةُ فَقُلْتُ لِمَ فَقَالَ لِلرُّؤْيَا الَّتِى رَأَيْتُ. طرفه 1688 1568 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ قَالَ قَدِمْتُ مُتَمَتِّعًا مَكَّةَ بِعُمْرَةٍ فَدَخَلْنَا قَبْلَ التَّرْوِيَةِ بِثَلاَثَةِ أَيَّامٍ، فَقَالَ لِى أُنَاسٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ تَصِيرُ الآنَ حَجَّتُكَ مَكِّيَّةً. فَدَخَلْتُ عَلَى عَطَاءٍ أَسْتَفْتِيهِ فَقَالَ حَدَّثَنِى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ حَجَّ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ سَاقَ الْبُدْنَ مَعَهُ، وَقَدْ أَهَلُّوا بِالْحَجِّ مُفْرَدًا، فَقَالَ لَهُمْ «أَحِلُّوا مِنْ إِحْرَامِكُمْ بِطَوَافِ الْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَقَصِّرُوا ثُمَّ أَقِيمُوا حَلاَلاً، حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ فَأَهِلُّوا بِالْحَجِّ، وَاجْعَلُوا الَّتِى قَدِمْتُمْ بِهَا مُتْعَةً». فَقَالُوا كَيْفَ نَجْعَلُهَا مُتْعَةً وَقَدْ سَمَّيْنَا الْحَجَّ فَقَالَ «افْعَلُوا مَا أَمَرْتُكُمْ، فَلَوْلاَ أَنِّى سُقْتُ الْهَدْىَ لَفَعَلْتُ مِثْلَ الَّذِى أَمَرْتُكُمْ، وَلَكِنْ لاَ يَحِلُّ مِنِّى حَرَامٌ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْىُ مَحِلَّهُ». فَفَعَلُوا. طرفه 1557 ـــــــــــــــــــــــــــــ (قال: تمتعت فنهاني ناس) من الذين لا يرون التمتع؛ كعمر وعثمان ومن وافقهما (فقال: سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-) خبر مبتدأ؛ أي: ما فعلته مبتدأ خبره محذوف (وقال لي؛ أقم عندي وأجعل لك سهمًا من مالي) لأن رؤياه وافقت فتواه. 1568 - (أبو نعيم) بضم النون: مصغر (أبو شهاب) -بفتح الحاء وتشدبد النون- موسى بن نافع الكوفي. قال الغساني: هذا أبو شهاب الأكبر ليس له في البخاري إلا هذا الحديث؛ وأما أبو شهاب الأصغر الحناط أيضًا له أحاديث؛ واسمه عبد ربه بن نافع المدائني. (قدمت متمتعًا، قال لي أناس من أهل مكة: تصير الآن حجتك مكية) لأنّ إنشاء الحجّ بعد العمرة من مكة؛ وهؤلاء هم الذين لا يرون التمتع كما تقدم مفصّلًا.

35 - باب من لبى بالحج وسماه

1569 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَعْوَرُ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ اخْتَلَفَ عَلِىٌّ وَعُثْمَانُ - رضى الله عنهما - وَهُمَا بِعُسْفَانَ فِي الْمُتْعَةِ، فَقَالَ عَلِىٌّ مَا تُرِيدُ إِلاَّ أَنْ تَنْهَى عَنْ أَمْرٍ فَعَلَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عَلِىٌّ أَهَلَّ بِهِمَا جَمِيعًا. طرفه 1563 35 - باب مَنْ لَبَّى بِالْحَجِّ وَسَمَّاهُ 1570 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يَقُولُ حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَدِمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ نَقُولُ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ بِالْحَجِّ. فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَجَعَلْنَاهَا عُمْرَةً. طرفه 1557 36 - باب التَّمَتُّعِ 1571 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ حَدَّثَنِى مُطَرِّفٌ عَنْ عِمْرَانَ - رضى الله عنه - قَالَ تَمَتَّعْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَنَزَلَ الْقُرْآنُ قَالَ رَجُلٌ بِرَأْيِهِ مَا شَاءَ. طرفه 4518 ـــــــــــــــــــــــــــــ 1569 - 1570 - (قتيبة) بضم القاف مصغر (مُرة) بضم الميم وتشديد الرّاء (مُسدَّد) بضم الميم وتشديد الدال المفتوحة (حَمَّاد) بفتح الحاء وتشديد الميم (همّام) بفتح الهاء وتشديد الميم (مُطرِف) بضم الميم وكسر الرّاء. باب التمتع 1571 - (تمتعنا على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونزل القرآن، قال رجل برأيه ما شاء) يريد عمر وعثمان ومن رأى رأيهما في منع التمتع.

37 - باب قول الله تعالى (ذلك لمن لم يكن أهله حاضرى المسجد الحرام)

37 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) 1572 - وَقَالَ أَبُو كَامِلٍ فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْنٍ الْبَصْرِىُّ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ مُتْعَةِ الْحَجِّ فَقَالَ أَهَلَّ الْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ وَأَزْوَاجُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَأَهْلَلْنَا، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اجْعَلُوا إِهْلاَلَكُمْ بِالْحَجِّ عُمْرَةً إِلاَّ مَنْ قَلَّدَ الْهَدْىَ». فَطُفْنَا بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَأَتَيْنَا النِّسَاءَ، وَلَبِسْنَا الثِّيَابَ وَقَالَ «مَنْ قَلَّدَ الْهَدْىَ فَإِنَّهُ لاَ يَحِلُّ لَهُ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْىُ مَحِلَّهُ». ثُمَّ أَمَرَنَا عَشِيَّةَ التَّرْوِيَةِ أَنْ نُهِلَّ بِالْحَجِّ، فَإِذَا فَرَغْنَا مِنَ الْمَنَاسِكِ جِئْنَا فَطُفْنَا بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَقَدْ تَمَّ حَجُّنَا، وَعَلَيْنَا الْهَدْىُ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْىِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ) إِلَى أَمْصَارِكُمْ. الشَّاةُ تَجْزِى، فَجَمَعُوا نُسُكَيْنِ فِي عَامٍ بَيْنَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قول الله عزّ وجل: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 196] 1572 - (أبو كامل الجحدري) واسمه فُضيل، بضم الفاء مصغر (أبو معشر البراء) -بفتح الباء وتشديد الرّاء- يوسف بن يزيد (عثمان بن غِياث) بكسر المعجمة آخره ثاءٌ مثلثة. (فلمّا قدمنا مكة قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: اجعلوا إهلالكم بالحجّ عمرة). فإن قلت: الغرض من فسخ الحج إلى العمرة رفع سنة الجاهلية، كانت ارتفعت سنة الحديبية؛ فإنه كان اعتمر في ذي القعدة، وكذا عمرة القضاء؟ قلت: لم يكن هناك هذا الخَلْق الكثير، وكانت مكة في يد المشركين. فإن قلت: قال لهم هذا القول قبل قدوم مكة. قلت: ذلك القول لم يكن جازمًا على طريق الإلزام، بل على طريق المشاورة، فلما توقفوا ألزمهم رفعًا لسنة أهل الأوثان. (فإذا فرغنا من المناسك جئنا فطفنا بالبيت) فإن قلت: هذا يدل على أن الطواف آخر المناسك، وقد تقدم أنه لا ترتيب بين الطوّاف والحلق والرمي؟ قلت: هذا حكاية الحال، لا دلالة فيه، على أنه قد صرّح بعدم الترتيب في الحديث الآخر.

الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْزَلَهُ فِي كِتَابِهِ وَسَنَّهُ نَبِيُّهُ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبَاحَهُ لِلنَّاسِ غَيْرَ أَهْلِ مَكَّةَ، قَالَ اللَّهُ (ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) وَأَشْهُرُ الْحَجِّ الَّتِى ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى شَوَّالٌ وَذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحَجَّةِ، فَمَنْ تَمَتَّعَ فِي هَذِهِ الأَشْهُرِ فَعَلَيْهِ دَمٌ أَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــ (فإنّ الله أنزله في كتابه) قوله تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196]، وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- سنة للناس غير أهل مكة، قال الله تعالى: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 196]). هذا الحديث ظاهر فيما ذهب إليه أبو حنيفة مِنْ أن أهلَ مكة لا متعة لهم ولا قِران؛ وليس ذلك منقولًا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ بل استدل عليه ابن عباس بقوله تعالى: {لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 196] والأئمة الثلاثة أن ذلك إشارة إلى وجوب الهدي وظاهر الآية مع الأئمة الثلاثة؛ لأن سوقَ الكلام إنّما هو في تفضيل الواجب على التمتع من الهدي والصلاة. فإن قلت: ذلك، يُشار به إلى البعيد، فهو ظاهر فيما قاله ابن عباس؟ قلت: لا دلالة في ذلك؛ لأن: تلك، أيضًا يشار به إلى البعيد، وقد يشير به إلى الصوم الذي هو أحد الواجِبَيْن على المتمتعين، وذكر: ذلك، إنما هو بعد: تلك. والمرادُ بـ: {حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} مَنْ بمكةَ ودونَ مسافةِ القصر منها من كل جانب. هذا مذهب الشافعي وأحمد. وقال مالك: أهل مكة. قال الطحاوي: وعن مالك مكة وما حولها من غير المناهل. قال النووي: التمتع: أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج، ويفرغ من أعمالها، ثم يحج في ذلك العام؛ ولذلك قال في هذه الأشهر. قال بعض الشارحين: فإن قلت: ما فائدة هذا القيد؟ وهل يقال لمن أحرم بالعمرة قبل أشهر الحج، ثم حج في أشهره: إنه تمتع؟. قلت: نعم؛ وهذا الذي قاله لا يساعده فقه ولا لغة؛ أمّا الفقه فقد نقلناه؛ وأما اللغة قال الجوهري: متعة الحج الانتفاع بها. وقال ابن الأثير: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} أي: التنفع بها، بأن حلّ منها قبل الإحرام بالحج، وإذا كان خارج أشهر الحج أي انتفاع يكون فيه؟!. قال أبو الفضل ابن حجر: قوله: فمَن تمتع في هذه الأشهر، ليس للقيد؛ لأنّ العمرة

38 - باب الاغتسال عند دخول مكة

صَوْمٌ، وَالرَّفَثُ الْجِمَاعُ، وَالْفُسُوقُ الْمَعَاصِى، وَالْجِدَالُ الْمِرَاءُ. 38 - باب الاِغْتِسَالِ عِنْدَ دُخُولِ مَكَّةَ 1573 - حَدَّثَنِى يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ قَالَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - إِذَا دَخَلَ أَدْنَى الْحَرَمِ أَمْسَكَ عَنِ التَّلْبِيَةِ، ثُمَّ يَبِيتُ بِذِى طُوًى، ثُمَّ يُصَلِّى بِهِ الصُّبْحَ وَيَغْتَسِلُ، وَيُحَدِّثُ أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ. طرفه 1553 39 - باب دُخُولِ مَكَّةَ نَهَارًا أَوْ لَيْلاً بَاتَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِذِى طُوًى حَتَّى أَصْبَحَ ثُمَّ دَخَلَ مَكَّةَ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنه - يَفْعَلُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ في غيرها لا يسمى متمتعًا. (الفسوق المعاصي) الفسوق: مصدر فسق. قال الجوهري: وفسره البخاري بالمعاصي ملائمة مع المعنى. باب الاغتسال عند دخول مكة 1573 - (ابن علية) -بضم العين وفتح اللام وتشديد الياء- اسم أمّه، هو: إسماعيل بن إبراهيم. روى في الباب (أنّ ابن عمر كان إذا دخل الحرم أمسك عن التلبية وبات بذي طوى ويغتسل لدخول مكة، وأنه رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يفعل ذلك) قوله: ذلك، إشارة إلى جميع [ما] ذكر، أو الاغتسال وحده؛ كما في الترجمة. فإن قلت: الإشارة بـ: ذلك إلى المجموع كيف يستقيم ومن جملته الإمساك عن التلبية؛ وقد روى أسامة والفضل ابن عباس أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يزل يلبي حتى رمى الجمرة يوم العيد؟ قلت: إمساكه عند دخول الحرم لا دلالة فيه على استمراره عليه؛ بل ربما كان لذكر آخر، أو دلالةً على الجواز. قال الشافعي: يُستحبُّ التيمم عند فقد الماء. باب دخول مكة ليلًا أو نهارًا

40 - باب من أين يدخل مكة

1574 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ بَاتَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِذِى طُوًى حَتَّى أَصْبَحَ ثُمَّ دَخَلَ مَكَّةَ. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَفْعَلُهُ. طرفه 1553 40 - باب مِنْ أَيْنَ يَدْخُلُ مَكَّةَ 1575 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنِى مَعْنٌ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدْخُلُ مِنَ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا، وَيَخْرُجُ مِنَ الثَّنِيَّةِ السُّفْلَى. طرفه 1576 ـــــــــــــــــــــــــــــ 1574 - روى في الباب حديث ابن عمر: أنه بات بذي طوى حتى أصبح، ثم دخل مكة، وروى أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان فعل ذلك. قال بعض الشارحين: فإن قلت: هذا صريح في أنه دخل مكة نهارًا وذكر في الترجمة ليلًا أيضًا. قلت: ثمَّ للتراخي، فهو أعم من أن يدخل نهار تلك الليلة، أو ليلتَهُ التي بعدها. وهذا شيء غريب؛ وذلك أن ابن عمر أخبر أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بات بذي طوى إلى الصباح، ثم دخل مكة، ومعلومٌ لكل أحد أنه لم يقم هناك إلى يوم آخر بعد الليلة الآتية؛ ولو فرض ذلك فهو لا يدفع السؤال فإنه إنما استشكل بأنّ في الترجمة ذكر الدخول ليلًا وليس في الحديث ما يدل عليه. والصواب في الجواب: أنّ حديث الباب دلّ على سنة الدخول نهارًا، والدخول ليلًا بقي على الإباحة؛ إذ لا يمكن أن يكون حرامًا ولا واجبًا. هذا، والأحسن أن يكون إشارة إلى ما رواه مسلم: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما اعتمر من الجعرانة دخل ليلًا، وعاد فأصبح بالجعرانة. باب من أين يدخل مكة؟ 1575 - (إبراهيم بن المُنذِر) بضم الميم وكسر الذال (مَعْن) بفتح الميم وسكون العين. (أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يدخل مكة من الثنية العليا ويخرج من الثنية السفلى) الثنية: -بفتح المثلثة وكسر النون وتشديد الياء- مثل: العقبة؛ والثنية العليا بمكة مما يلي المقابر وهو

41 - باب من أين يخرج من مكة

41 - باب مِنْ أَيْنَ يَخْرُجُ مِنْ مَكَّةَ 1576 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ الْبَصْرِىُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ مَكَّةَ مِنْ كَدَاءٍ مِنَ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا الَّتِى بِالْبَطْحَاءِ، وَيَخْرُجُ مِنَ الثَّنِيَّةِ السُّفْلَى. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ كَانَ يُقَالُ هُوَ مُسَدَّدٌ كَاسْمِهِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ لَوْ أَنَّ مُسَدَّدًا أَتَيْتُهُ فِي بَيْتِهِ فَحَدَّثْتُهُ لاَسْتَحَقَّ ذَلِكَ، وَمَا أُبَالِى كُتُبِى كَانَتْ عِنْدِى أَوْ عِنْدَ مُسَدَّدٍ. طرفه 1575 1577 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالاَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا جَاءَ إِلَى مَكَّةَ دَخَلَ مِنْ أَعْلاَهَا وَخَرَجَ مِنْ أَسْفَلِهَا. أطرافه 1578، 1579، 1580، 1581، 4290، 4291 ـــــــــــــــــــــــــــــ المعلى؛ والثنية السفلى مما يلي باب العمرة. قال الرافعي: وهذا يسن لمن يأتي من طريق المدينة. وقال النووي: بل يسن مطلقًا من أيِّ طريق جاء. لأن الغرض الاقتداء برسول الله -صلى الله عليه وسلم- , والحكمة في فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما تقدم في نظير يوم العيد. باب من أين يخرج من مكة؟ 1576 - (مُسدَّد) بضم الميم وتشديد الدّال المفتوحة. (عن ابن عمرا أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل مكة من كَداء) -بفتح الكاف والدّال والمدّ- هي الثنية العليا مما يلي المقابر، كما تقدم. 1577 - (الحميدي) بضم الحاء منسوب.

1578 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلاَنَ الْمَرْوَزِىُّ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَامَ الْفَتْحِ مِنْ كَدَاءٍ، وَخَرَجَ مِنْ كُدًا مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ. طرفه 1577 1579 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنَا عَمْرٌو عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَامَ الْفَتْحِ مِنْ كَدَاءٍ أَعْلَى مَكَّةَ. قَالَ هِشَامٌ وَكَانَ عُرْوَةُ يَدْخُلُ عَلَى كِلْتَيْهِمَا مِنْ كَدَاءٍ وَكُدًا، وَأَكْثَرُ مَا يَدْخُلُ مِنْ كَدَاءٍ، وَكَانَتْ أَقْرَبَهُمَا إِلَى مَنْزِلِهِ. طرفه 1577 ـــــــــــــــــــــــــــــ 1578 - (محمود) هو ابن غيلان. (عن عائشة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دخل عام الفتح من كداء وخرج من كدي) تقدم ضبط كداءُ آنفًا؛ وأمّا كدي فهو بضم الكاف والقصر، فقد ضبط بعضهم بصيغة المصغر بتشديد الياء؛ وهو غلط في هذا المقام، فإنّ المقابلَ لكداء بالفتح والمد هو كدي؛ هو الثنية السفلى؛ وأمّا كدي مصغر. قال ابن الأثير: هو موضع آخر بأسفل مكة. فإن قلت: قولها: من أعلى مكة بعد كداء وكدي، تناقض؛ لأن أحدهما أعلى والآخر أسفل؟ قلت: من أعلاها قيدٌ لدخل، وإنما وقع التأخير ليكون الدخول والخروج معتبرين مع عدم اللبس. وهذا توجيه حسن، وقال شيخنا: هذا وهم؛ والصّوابُ: رواية عمر. وبما ذكرنا يندفع نسبة الوهم إلى الثقة. 1579 - (أحمد) كذا وقع غير منسوب. قال الغساني رواية عن أبي نصر الكلاباذي، عن ابن مرة الأصبهاني: كلما قال البخاري: عن أحمد عن ابن وهب، هو أحمد بن صالح المصري. قال شيخنا أبو الفضل ابن حجر: هو أحمد بن عيسى. ولم أره منسوبًا عند أحد. قلت: قال ابن منده: كلما قال البخاري: عن أحمد عن ابن وهب: هو أحمد بن صالح المصري.

42 - باب فضل مكة وبنيانها

1580 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا حَاتِمٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ عُرْوَةَ دَخَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ الْفَتْحِ مِنْ كَدَاءٍ مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ. وَكَانَ عُرْوَةُ أَكْثَرَ مَا يَدْخُلُ مِنْ كَدَاءٍ وَكَانَ أَقْرَبَهُمَا إِلَى مَنْزِلِهِ. طرفه 1577 1581 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ دَخَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ الْفَتْحِ مِنْ كَدَاءٍ. وَكَانَ عُرْوَةُ يَدْخُلُ مِنْهُمَا كِلَيْهِمَا وَأَكْثَرُ مَا يَدْخُلُ مِنْ كَدَاءٍ أَقْرَبِهِمَا إِلَى مَنْزِلِهِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ كَدَاءٌ وَكُدًا مَوْضِعَانِ. طرفه 1577 42 - باب فَضْلِ مَكَّةَ وَبُنْيَانِهَا وَقَوْلِهِ تَعَالَى (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِىَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ * وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ * وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ). ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال أبو ذر: أحمد بن عيسى في البخاري في ثلاث مواضع: في الحج في باب قوله تعالى: {يَأْتُوكَ رِجَالًا} [الحج: 27]؛ وفي باب: مهل أهل نجد وفي باب: الطواف على وضوء. باب فضل مكة وبنيانها (وقوله تعالى: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا} [البقرة: 125]) استدل على فضل دور مكة وبنيانها بالآية؛ فإنها تدل على شرف البيت الحرام؛ وهو من بنيانها. واستدل أيضًا بحديث بناء المشركين البيت؛ ووجه الدلالة أنهم مع شركهم كانوا يعظمونه.

1582 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا بُنِيَتِ الْكَعْبَةُ ذَهَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَعَبَّاسٌ يَنْقُلاَنِ الْحِجَارَةَ فَقَالَ الْعَبَّاسُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - اجْعَلْ إِزَارَكَ عَلَى رَقَبَتِكَ. فَخَرَّ إِلَى الأَرْضِ، وَطَمَحَتْ عَيْنَاهُ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ «أَرِنِى إِزَارِى». فَشَدَّهُ عَلَيْهِ. طرفه 364 1583 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ أَخْبَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنهم - زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَهَا «أَلَمْ تَرَىْ أَنَّ قَوْمَكِ لَمَّا بَنَوُا الْكَعْبَةَ اقْتَصَرُوا عَنْ قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ». فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلاَ تَرُدُّهَا عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ. قَالَ «لَوْلاَ حِدْثَانُ قَوْمِكِ بِالْكُفْرِ لَفَعَلْتُ». فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ - رضى الله عنه - لَئِنْ كَانَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - سَمِعَتْ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا أُرَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَرَكَ اسْتِلاَمَ الرُّكْنَيْنِ اللَّذَيْنِ يَلِيَانِ الْحِجْرَ، إِلاَّ أَنَّ الْبَيْتَ لَمْ يُتَمَّمْ عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ. طرفه 126 1584 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ حَدَّثَنَا أَشْعَثُ عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ سَأَلْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْجَدْرِ أَمِنَ الْبَيْتِ هُوَ قَالَ «نَعَمْ». قُلْتُ فَمَا لَهُمْ لَمْ يُدْخِلُوهُ فِي الْبَيْتِ قَالَ «إِنَّ قَوْمَكِ قَصَّرَتْ بِهِمُ النَّفَقَةُ». قُلْتُ فَمَا شَأْنُ بَابِهِ مُرْتَفِعًا قَالَ «فَعَلَ ذَلِكِ قَوْمُكِ لِيُدْخِلُوا مَنْ شَاءُوا وَيَمْنَعُوا مَنْ شَاءُوا، وَلَوْلاَ أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ بِالْجَاهِلِيَّةِ فَأَخَافُ أَنْ تُنْكِرَ قُلُوبُهُمْ أَنْ أُدْخِلَ الْجَدْرَ فِي الْبَيْتِ وَأَنْ أُلْصِقَ بَابَهُ بِالأَرْضِ». طرفه 126 ـــــــــــــــــــــــــــــ 1582 - ذهب النبي -صلى الله عليه وسلم- والعباس ينقلان الحجارة) وكان سنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذ ذاك خمسًا وثلاثين سنة (فقال عباس):.

43 - باب فضل الحرم

1585 - حدّثنا عُبَيدُ بْنُ إِسْماعِيلَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالَتْ: قالَ لِي رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "لَوْلَا حَدَاثَةُ قَوْمِكِ بِالكُفرِ، لَنَقَضْتُ البَيتَ، ثُمَّ لَبَنَيتُهُ عَلَى أَسَاسِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيهِ الصلاة والسَّلَامُ، فَإِنَّ قُرَيشًا اسْتَقْصَرَتْ بِنَاءَهُ، وَجَعَلتُ لَهُ خَلفًا". قالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ: خَلفًا، يَعْنِي: بَابًا. [طرفه في: 126]. 1586 - حَدَّثَنَا بَيَانُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا يَزِيدُ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَهَا «يَا عَائِشَةُ لَوْلاَ أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ لأَمَرْتُ بِالْبَيْتِ فَهُدِمَ، فَأَدْخَلْتُ فِيهِ مَا أُخْرِجَ مِنْهُ وَأَلْزَقْتُهُ بِالأَرْضِ، وَجَعَلْتُ لَهُ بَابَيْنِ بَابًا شَرْقِيًّا وَبَابًا غَرْبِيًّا، فَبَلَغْتُ بِهِ أَسَاسَ إِبْرَاهِيمَ». فَذَلِكَ الَّذِى حَمَلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ - رضى الله عنهما - عَلَى هَدْمِهِ. قَالَ يَزِيدُ وَشَهِدْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ حِينَ هَدَمَهُ وَبَنَاهُ وَأَدْخَلَ فِيهِ مِنَ الْحِجْرِ، وَقَدْ رَأَيْتُ أَسَاسَ إِبْرَاهِيمَ حِجَارَةً كَأَسْنِمَةِ الإِبِلِ. قَالَ جَرِيرٌ فَقُلْتُ لَهُ أَيْنَ مَوْضِعُهُ قَالَ أُرِيكَهُ الآنَ. فَدَخَلْتُ مَعَهُ الْحِجْرَ فَأَشَارَ إِلَى مَكَانٍ فَقَالَ هَا هُنَا. قَالَ جَرِيرٌ فَحَزَرْتُ مِنَ الْحِجْرِ سِتَّةَ أَذْرُعٍ أَوْ نَحْوَهَا. [طرفه في: 126]. 43 - بابُ فَضْلِ الحَرَمِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [النمل: 91]. وَقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْر: {أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [القصص: 57]. 1587 - حدّثنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ: حَدَّثنَا جرِيرُ بْنُ عَبْدِ الحَمِيدِ، عَنْ مَنْصورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قالَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: "إِنَّ هذا البَلَدَ حَرَّمَهُ اللهُ، لَا يُعْضَدُ شَوْكُهُ، وَلَا يُنَفَّرُ صَيدُهُ، وَلَا يَلتَقِطُ لُقَطَتَهُ إِلا مَنْ عَرَّفَهَا". [طرفه في: 1349].

44 - باب توريث دور مكة وبيعها وشرائها وأن الناس فى مسجد الحرام سواء خاصة

44 - باب تَوْرِيثِ دُورِ مَكَّةَ وَبَيْعِهَا وَشِرَائِهَا وَأَنَّ النَّاسَ فِي مَسْجِدِ الْحَرَامِ سَوَاءٌ خَاصَّةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِى جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ). الْبَادِى الطَّارِى، مَعْكُوفًا مَحْبُوسًا. 1588 - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِىِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيْنَ تَنْزِلُ فِي دَارِكَ بِمَكَّةَ. فَقَالَ «وَهَلْ تَرَكَ عَقِيلٌ مِنْ رِبَاعٍ أَوْ دُورٍ». وَكَانَ عَقِيلٌ وَرِثَ أَبَا طَالِبٍ هُوَ وَطَالِبٌ وَلَمْ يَرِثْهُ جَعْفَرٌ وَلاَ عَلِىٌّ - رضى الله عنهما - شَيْئًا لأَنَّهُمَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ، وَكَانَ عَقِيلٌ وَطَالِبٌ كَافِرَيْنِ، فَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - يَقُولُ لاَ يَرِثُ الْمُؤْمِنُ الْكَافِرَ. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَكَانُوا يَتَأَوَّلُونَ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) الآيَةَ. 45 - باب نُزُولِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مَكَّةَ 1589 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 1588 - {أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا} [الأنفال: 72]) فإنهم حملوا الولاية على الوارث ووجه إيراد الآية الدلالة على عدم توارث الكافر والمؤمن من باب الأوْلَى. باب نزول النبي -صلى الله عليه وسلم- مكة 1589 - (أبو اليمان) -بتخفيف النون- الحكم بن نافع.

أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ أَرَادَ قُدُومَ مَكَّةَ «مَنْزِلُنَا غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِخَيْفِ بَنِى كِنَانَةَ حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الْكُفْرِ». أطرافه 1590، 3882، 4284، 4285، 7479 1590 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى الزُّهْرِىُّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْغَدِ يَوْمَ النَّحْرِ وَهُوَ بِمِنًى «نَحْنُ نَازِلُونَ غَدًا بِخَيْفِ بَنِى كِنَانَةَ حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الْكُفْرِ». يَعْنِى ذَلِكَ الْمُحَصَّبَ، وَذَلِكَ أَنَّ قُرَيْشًا وَكِنَانَةَ تَحَالَفَتْ عَلَى بَنِى هَاشِمٍ وَبَنِى عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أَوْ بَنِى الْمُطَّلِبِ أَنْ لاَ يُنَاكِحُوهُمْ، وَلاَ يُبَايِعُوهُمْ حَتَّى يُسْلِمُوا إِلَيْهِمُ ـــــــــــــــــــــــــــــ (قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: حين أراد قدوم [مكة]: منزلنا غدًا إن شاء الله بخيف بني كنانة) قال ابن الأثير: الخيف -بفتح الخاء وسكون الياء- ما ارتفع من مسيل الماء وانحدر من غِلَظ الجبل، قال: وخيف بني كنانة هو المحصب الذي نزل به حيث تقاسموا على الكفر. اتفقت بنو كنانة وقريش على مقاطعة بني هاشم وبني المطلب إلى أن يسلموا إليهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وله قصة تذكر في غير هذا الموضع إن شاء الله. 1590 - (الحميدي) بضم الحاء مصغر منسوب. (الأوزاعي) بفتح الهمزة. (قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: من الغد يوم النحر) مِن: بمعنى في، ويوم: نصب على الظرف، قال الجوهري: أصلُ الغد غدو، حذف واوه بلا عوض، ومحصله أن الغدو، وهو الصباح، أي: قال في صباح يوم النحر وهو بمنى. (نحن نازلون غدًا بخيف بني كنانة)، لم يرد بالغد اليوم الذي بعد يوم النحر؛ بل أراد المستقبل من الزمان إذا فرغ من أعمال الحج؛ واستعمال الغد في هذا المعنى شائع؛ قال تعالى: {سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الْكَذَّابُ} [القمر: 26]. وإنما حُمل على هذا لأنه نزل ذلك المكان في اليوم الثالث من أيام التشريق، كذا قاله الجوهري. والظاهر أن كنانة له عقيب غير النضر.

46 - باب قول الله تعالى {وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا}

النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ سَلاَمَةُ عَنْ عُقَيْلٍ وَيَحْيَى بْنُ الضَّحَّاكِ عَنِ الأَوْزَاعِىِّ أَخْبَرَنِى ابْنُ شِهَابٍ وَقَالاَ بَنِى هَاشِمٍ وَبَنِى الْمُطَّلِبِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بَنِى الْمُطَّلِبِ أَشْبَهُ. طرفه 1589 46 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِى وَبَنِىَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ * رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِى فَإِنَّهُ مِنِّى وَمَنْ عَصَانِى فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * رَبَّنَا إِنِّى أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِى بِوَادٍ غَيْرِ ذِى زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِى إِلَيْهِمْ) الآيَةَ. 47 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْىَ وَالْقَلاَئِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمٌ). ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: قريش أولاد النضر بن كنانة، فما معنى نزوله قريش وكنانة؟ قلت: كنانة لفظ مشترك؛ وأولاد هؤلاء أولاد تغلب بن وائل لما تقدم أنه نفر من منى في النفر الأول. (قال أبو عبد الله: بني المطلب أشبه) أي: بالصواب؛ لأن بني عبد المطلب هم بنو هاشم؛ فيقع تكرار. وهذا باب ترجم عليه: بابُ قوله: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا} [البقرة: 35]، ولم يُورد فيه حديث؛ والظاهر أنه لم يظفر به على شرطه. باب قوله تعالى: {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ} [المائدة: 97] يريد بيان فضل الكعبة المعظَّمة. ومعنى كونها قيامًا للناس: أنها موضع حط أوزارهم وسبب معايشهم من الربح في التجارات؛ ولا فضل فوق هذا. ثم استدلّ عليه بالأحاديث.

1591 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يُخَرِّبُ الْكَعْبَةَ ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ مِنَ الْحَبَشَةِ». طرفه 1596 1592 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها -. وَحَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ اللَّهِ - هُوَ ابْنُ الْمُبَارَكِ - قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى حَفْصَةَ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانُوا يَصُومُونَ عَاشُورَاءَ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ رَمَضَانُ، وَكَانَ يَوْمًا تُسْتَرُ فِيهِ الْكَعْبَةُ، فَلَمَّا فَرَضَ اللَّهُ رَمَضَانَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ شَاءَ أَنْ يَصُومَهُ فَلْيَصُمْهُ، وَمَنْ شَاءَ أَنْ يَتْرُكَهُ فَلْيَتْرُكْهُ». أطرافه 1893، 2001، 2002، 3831، 4502، 4504 1593 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ حَجَّاجٍ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ 1591 - (قال) - أي: رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة) بضم السين: مصغر الساق. فإن قلت: ما وجه دلالة هذا على فضل الكعبة؟ قلت: من حيث أنّ أحدًا من المسلمين والمشركين لم يتعرض له إلى آخر الزمان سوى ذلك الخبيث. 1592 - (يحيى بن بكير): بضم الباء مصغر (مقاتل) بضم الميم وكسر التاء. (كانوا يصومون عاشوراء) قال ابن الأثير: عاشوراء لفظ إسلامي؛ وهو اليوم العاشر، وليس في كلام العرب فاعولاء غيره، وتاسوعاء ملحق به. قلت: العاشوراء والتاسوعاء صفة الليلة واليوم، مضاف إلى يوم ليلة عاشوراء. (وكان يومًا تستر فيه الكعبة) هذا موضع الدلالة على الترجمة؛ فإنه يدل على أن ستر الكعبة كان في الجاهلية أيضًا موجود. 1593 - (الحجاج بن الحجاج) بفتح الحاء وتشديد الجيم فيهما.

48 - باب كسوة الكعبة

قَتَادَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى عُتْبَةَ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَيُحَجَّنَّ الْبَيْتُ وَلَيُعْتَمَرَنَّ بَعْدَ خُرُوجِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ». تَابَعَهُ أَبَانُ وَعِمْرَانُ عَنْ قَتَادَةَ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ شُعْبَةَ قَالَ «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى لاَ يُحَجَّ الْبَيْتُ». وَالأَوَّلُ أَكْثَرُ، سَمِعَ قَتَادَةُ عَبْدَ اللَّهِ وَعَبْدُ اللَّهِ أَبَا سَعِيدٍ. 48 - باب كِسْوَةِ الْكَعْبَةِ 1594 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا وَاصِلٌ الأَحْدَبُ عَنْ أَبِى وَائِلٍ قَالَ جِئْتُ إِلَى شَيْبَةَ. وَحَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ وَاصِلٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ قَالَ جَلَسْتُ مَعَ شَيْبَةَ عَلَى الْكُرْسِىِّ ـــــــــــــــــــــــــــــ (عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: ليحجن البيت وليُعتمرن) -بضم الياء- على بناء المجهول فيهما (بعد خروج يأجوج ومأجوج) اسمان علمان للقبيلة لا يصرفان، يهمزان ولا يهمزان؛ إما عربيًّا أو عجميًّا؛ وهؤلاء طائفة من الترك من أولاد يافث بن نوح. والحج بعد هلاكهم إنما يكون في أيام عيسى على نبينا وعليه أفضل الصلوات. وفي حج الناس بعد هلاك يأجوج ومأجوج دلالة على شرف الكعبة. (وقال عبد الرحمن عن شعبة: لا تقوم الساعة حتى لا يُحجَّ البيتُ، والأول أكثر) هذا قول البخاري؛ فإن أراد ترجيح رواية حجاج على رواية شعبة عن قتادة فَمُسلّمٌ؛ وإن أراد بيان تعارض الروايتين وترجيح إحداهما على الأخرى بكثير الرواة فلا وجه له، لا تعارض بين الحديثين؛ لأن وجود الحج والاعتمار بعد يأجوج ومأجوج في زمن عيسى لا ينافي عدمهما عند قيام الساعة. (قال أبو عبد الله سمع قتادة عبد الله) أراد دفع وهم التدليس، فإن قتادة مدلس، والرواية السّابقة بعن نحتمل التدليس بخلاف السماع. باب كسوة الكعبة 1594 - (خالد بن الحارث) بالثاء المثلثة (واصل الأحدب) بفتح الهمزة آخره باء موحدة (قبيصة) بفتح القاف والباء الموحدة (شيبة) -بفتح الشين وسكون المثناة بعدها موحدة-

فِي الْكَعْبَةِ فَقَالَ لَقَدْ جَلَسَ هَذَا الْمَجْلِسَ عُمَرُ - رضى الله عنه - فَقَالَ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ لاَ أَدَعَ فِيهَا صَفْرَاءَ وَلاَ بَيْضَاءَ إِلاَّ قَسَمْتُهُ. قُلْتُ إِنَّ صَاحِبَيْكَ لَمْ يَفْعَلاَ. قَالَ هُمَا الْمَرْآنِ أَقْتَدِى بِهِمَا. طرفه 7275 ـــــــــــــــــــــــــــــ هو ابن عثمان بن أبي طلحة العبدري الجمحي. قال ابن عبد البر: ابن عثمان خرج مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى حنين وهو مشرك، يريد غرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فرآه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "هلم" فقذف اللهُ الرعبَ في قلبه، فوضع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يده على صدره، وقال: "أخسأ عنك الشيطان" فأسلم وحَسُن إسلامه. وكان ممن ثبت يوم حنين ولم يفر. (لقد جلس عمر هذا المجلس) أي: على هذا الكرسي (فقال: لقد هممت أن لا أدع فيها) أي: في الكعبة (لا صفراء ولا بيضاء) أي: لا ذهب ولا فضة من كنز الكعبة. (قلتُ: إن صاحبيك لم يفعلا) أي: رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والصدّيق (قال: هما المرآنِ أقتدي بهما) أي: الكاملان بين الرجال. فإن قلت: لم توقف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في إنفاقه؟ قلتُ: جاء في رواية مسلم عن عائشة: "لولا قومك حديثو عهد بكفر، لأنفقتُ كنز الكعبة في سبيل الله". فإن قلت: من أين كان هذا الكنز؟ قلتُ: من النُذُورات. فإن قلت: أيُّ دلالة في الحديث على الكسوة للكعبة؟ قلتُ: الكنز الذي كان للكعبة كان يكسى منه البيت مع سائر ما يحتاج إليه، ولما فتح البلاد وقوي الإسلام وكنز المال رأى عُمر، أن ادخار ذلك المال مما لا ضرورة إليه. قال بعض الشارحين: وجه مناسبة الحديث للترجمة أن الكعبة رُبّما كانت حين جلوس عمر مكسوة فلم ينكر، فلما قرره دلّ على جوازه، وليس بشيء؛ لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان قرر ذلك كما تقدم في الباب قبله: أن يوم عاشوراء كان يومًا يكسى فيه البيت، وأيضًا تقرير عمر ليس فيه دليل الجواز. ثم قال: أو المراد من الكسوة تمويهها بالذهب والفضة، وهذا أشد نكرًا من جوابه الأول للإجماع على أنه لم يقع تمويهه بالذهب والفضة قط لا في الجاهلية ولا في الإسلام على أنه لو وقع فلا يقال: التمويه الكسوة لا لغةً ولا عرفًا.

49 - باب هدم الكعبة

49 - باب هَدْمِ الْكَعْبَةِ قَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَغْزُو جَيْشٌ الْكَعْبَةَ، فَيُخْسَفُ بِهِمْ». 1595 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الأَخْنَسِ حَدَّثَنِى ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «كَأَنِّى بِهِ أَسْوَدَ أَفْحَجَ، يَقْلَعُهَا حَجَرًا حَجَرًا». 1596 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يُخَرِّبُ الْكَعْبَةَ ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ مِنَ الْحَبَشَةِ». طرفه 1591 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: هدم الكعبة (قالت عائشة قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: يغزو جيشٌ الكعبة فيخسف بهم) هذا التعليق قطعة من حديث سيأتي مسندًا. ووجهُ تعلقه بالترجمة أن قصدهم هدم البيت، فيخسف الله بهم قبل الوصول إليه، وهم بالبيداء. 1595 - (الأخنس) بفتح الهمزة والخاء المعجمة. (ابن أبى مليكة) عُبَيد الله بن عبد الله، الأول مصغر، وأبو مليكة اسمه زُهَير نسبةً إلى جده. (كأني به أسود أفحج يقلعها حجرًا حجرًا) أي: الكعبة، والأفحج -بالفاء وتقديم الحاء على الجيم- من يقارب قَدَمَاهُ ويباعد فخذاه. وانتصاب حجرًا حجرًا على الحال، وقد استشكل هذا؛ لقوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا} [العنكبوت: 67]، ولا إشكال؛ لأنّ هذا إنما يقع عند قيام الساعة وعدم الإسلام، وما وقع في أيام القرامطة، وقلع الحجر، فذلك كان على أيدي المسلمين، وقد جاء في رواية الإمام أحمد: "إن هذا البيت لا يستحله إلّا أهله".

50 - باب ما ذكر فى الحجر الأسود

50 - باب مَا ذُكِرَ فِي الْحَجَرِ الأَسْوَدِ 1597 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَابِسِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ عُمَرَ - رضى الله عنه - أَنَّهُ جَاءَ إِلَى الْحَجَرِ الأَسْوَدِ فَقَبَّلَهُ، فَقَالَ إِنِّى أَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لاَ تَضُرُّ وَلاَ تَنْفَعُ، وَلَوْلاَ أَنِّى رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ. طرفاه 1605، 1610 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ما ذكر في الحجر الأسود 1597 - (محمد بن كثير) ضد القليل (عابس) بالعين والباء الموحّدة آخره سين مهملة. (عن عمر: أنه جاء الحجر الأسود فقبله، فقال: إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقبلك ما قبلتك) قال النووي: إنما قال عمر هذه المقالة؛ لأنّ الناس كانوا قريبي العهد بعبادة الأوثان، ولينقل هذا الكلام في سائر البلاد والأقطار، وأنه قد جاء في الرواية مرفوعًا: "إن الحجر يوم القيامة يشهد لمن استلمه بحق" قال: واتفق الأئمة على استحباب تقبيله والسجدة عليه إلا مالك في السجدة، وقد روى الحاكم عن ابن عباس: أن عمر قبله وسجد عليه، ولعل الحكمة في هذا أنه من الجنة كما رواه الترمذي، وكان أبيض من الثلج، سودته خطايا بني آدم، وفيه دليل على أن الحسن ما حسن الشارع لا درك للعقل في أحكام الدين.

51 - باب إغلاق البيت، ويصلى فى أى نواحى البيت شاء

51 - باب إِغْلاَقِ الْبَيْتِ، وَيُصَلِّى فِي أَىِّ نَوَاحِى الْبَيْتِ شَاءَ 1598 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْبَيْتَ هُوَ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَبِلاَلٌ، وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ، فَأَغْلَقُوا عَلَيْهِمْ فَلَمَّا فَتَحُوا، كُنْتُ أَوَّلَ مَنْ وَلَجَ، فَلَقِيتُ بِلاَلاً فَسَأَلْتُهُ هَلْ صَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ نَعَمْ، بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ. طرفه 397 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إغلاق البيت، ويصلي في أي نواحي البيت شاء إغلاق -بكسر الهمزة- قال الجوهري: يقال: أغلقت الباب فهو مغلق، والاسم منه الغلق، قال: وأما غلق على وزن ضرب فلغة رديئة؛ وإن شذّ لأبي الأسود: ولا أقول لقدر القوم فد غليت ... ولا أقول لباب الدار مغلوق 1598 - (قتيبة) بضم القاف مصغر قتب. (دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- البيت) أي: الكعبة، عَلَمٌ لها بالغلبة؛ كالكتاب للقرآن في عرف الشرع، ولكتاب سيبويه عند أهل العربية. (فأغلقوا عليهم) لئلا يزدحم عليهم الناس (فلما فتحوا كنت أول من ولج) أي: دخل (فلقيت بلالًا، فسألته هل صلّى فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: نعم، بين العمودين اليمانيين) -بتخفيف الياء- وعن سيبويه جواز التشديد. قلت: هو الأصل، إلا أن الرواية على التخفيف. فإن قلت: صلاته بين العمودين كيف دل على جواز الصلاة في أي ناحية؟ قلت: قالوا: لما لم تكن صلاته بين العمودين عن قصد دل على الجواز في أي ناحية كانت، والأحسن أنه لما بين العمودين ولم يعين جهة، فكان تأخير البيان عن وقت الحاجة غير جائز، دل على تساوي النواحي، ولو صح أن الذين كانوا معه صلوا أيضًا لارتفع الإشكال من أصله؛ إلا أن الأفضل الصلاة بين العمودين تبركًا بمكانه -صلى الله عليه وسلم-؛ كالوقوف بعرفات عند الصخرات؛ لأنه موقفه.

52 - باب الصلاة فى الكعبة

52 - باب الصَّلاَةِ فِي الْكَعْبَةِ 1599 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ كَانَ إِذَا دَخَلَ الْكَعْبَةَ مَشَى قِبَلَ الْوَجْهِ حِينَ يَدْخُلُ، وَيَجْعَلُ الْبَابَ قِبَلَ الظَّهْرِ، يَمْشِى حَتَّى يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِدَارِ الَّذِى قِبَلَ وَجْهِهِ قَرِيبًا مِنْ ثَلاَثِ أَذْرُعٍ، فَيُصَلِّى يَتَوَخَّى الْمَكَانَ الَّذِى أَخْبَرَهُ بِلاَلٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى فِيهِ، وَلَيْسَ عَلَى أَحَدٍ بَأْسٌ أَنْ يُصَلِّىَ فِي أَىِّ نَوَاحِى الْبَيْتِ شَاءَ. طرفه 506 53 - باب مَنْ لَمْ يَدْخُلِ الْكَعْبَةَ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَحُجُّ كَثِيرًا وَلاَ يَدْخُلُ. 1600 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِى خَالِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى أَوْفَى قَالَ اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَصَلَّى خَلْفَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ، وَمَعَهُ مَنْ يَسْتُرُهُ مِنَ النَّاسِ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ أَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْكَعْبَةَ قَالَ لاَ. أطرافه 1791، 4188، 4255 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الصلاة في الكعبة 1599 - (عن ابن عمر: أنه كان إذا دخل البيت مشى قبل وجهه) -بكسر القاف وفتح الباء- الجهة (يتوخى المكان الذي أخبره بلال أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلى فيه) التوخي -بالخاء المعجمة- شِدَّة الطلبِ. وتمامُ الكلام تقدم في أبواب الصلاة؛ في باب الصلاة بين السواري. باب من لم يدخل الكعبة 1600 - (مسدد) بضم الميم وتشديد الدال المفتوحة. (عن عبد الله بن أبي أَوْفَى) -بفتح الهمزة وسكون الواو- اسمه علقمة (قال له رجل: أَدَخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الكعبة؟ قال: لا) هذا كان في عمرة القضاء، قبل فتح مكة، وكان البيت فيه الأوثان، أو لم يُمكنه المشركون، أو دلالة على الجواز.

54 - باب من كبر فى نواحى الكعبة

54 - باب مَنْ كَبَّرَ فِي نَوَاحِى الْكَعْبَةِ 1601 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا قَدِمَ أَبَى أَنْ يَدْخُلَ الْبَيْتَ وَفِيهِ الآلِهَةُ فَأَمَرَ بِهَا فَأُخْرِجَتْ فَأَخْرَجُوا صُورَةَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ فِي أَيْدِيهِمَا الأَزْلاَمُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَمَا وَاللَّهِ قَدْ عَلِمُوا أَنَّهُمَا لَمْ يَسْتَقْسِمَا بِهَا قَطُّ». فَدَخَلَ الْبَيْتَ، فَكَبَّرَ فِي نَوَاحِيهِ، وَلَمْ يُصَلِّ فِيهِ. طرفه 398 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من كبر في نواحي الكعبة 1601 - (أبو معمر) -بفتح الميم وسكون العين- عبد الله بن عمرو. (عن ابن عباس: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما قدم) أي: سنة الفتح (أبى أن يدخل البيت وفيه الآلهة) أي: الأصنام التي كانوا يعبدونها (فأخرجوا صورة إبراهيم واسماعيل، وفي أيديهما الأزلام) جمع زلم بفتح اللام، وأنشد له الجوهري: بات يقاسيها غلام كالزلم ... ليس براع إبل ولا غنم وهي سهام كانوا يستقسمون بها، قال ابن الأثير: كان مكتوبًا عليه الأمر والنهي؛ افعل ولا تفعل، يجعلونها في وعاء، فإذا أراد واحد منهم أمرًا، من سفر، أو زواج، أدخل يده فيه، فإن خرج الآمر مضى؛ وإن خرج الناهي انتهى. (أما والله لقد علموا أنهما لم يستقسما بهما قط) أما: مخففة. فإن قلت: إذا علموا أنهما لم يستقسما، فكيف جعلوها في يديهما؟. قلت: كان مدار أمورهم عليها جعلوها في أيديهما تيمنًا وتعظيمًا لها؛ كسائر أباطيلهم. (فدخل البيت فكبر في نواحيه ولم يصل فيه). فإن قلت: قد تقدم من رواية ابن عمر أنه صلى فيه؟ قلت: إن تعددت الواقعة فلا إشكال، وإلا يقدم المثبت على النافي، وأيضًا ابن عباس لم يكن معه في البيت بلا خلاف، وإنما أسند في ذلك تارة إلى أخيه الفضل؛ وتارة إلى أسامة، على أنّ الفضل لم يكن معهم،

55 - باب كيف كان بدء الرمل

55 - باب كَيْفَ كَانَ بَدْءُ الرَّمَلِ 1602 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ - هُوَ ابْنُ زَيْدٍ - عَنْ أَيُّوبَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ إِنَّهُ يَقْدَمُ عَلَيْكُمْ، وَقَدْ وَهَنَهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ. فَأَمَرَهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَرْمُلُوا الأَشْوَاطَ الثَّلاَثَةَ، وَأَنْ يَمْشُوا مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ، وَلَمْ يَمْنَعْهُ أَنْ يَأْمُرَهُمْ أَنْ يَرْمُلُوا الأَشْوَاطَ كُلَّهَا إِلاَّ الإِبْقَاءُ عَلَيْهِمْ. طرفه 4256 ـــــــــــــــــــــــــــــ وأسامة قال: أرسلني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بدلو، فأتيته بماء محا به صورًا هناك، هذا، وقد تقدم منّا كلام في باب الصلاة بين السواري، محصّله يجب الجزم بتعدد الواقعة، فراجعه؛ فإنه لم يحم حوله غيرنا، والله أعلم. باب كيف كان بدء الرّمل الرمل بفتح الرّاء والميم، قال الجوهري: هو الهرولة، وفي عبارة الفقهاء: الإسراع في المسير مع تقارب الخُطا. 1602 - (حرب) ضد الصلح (حمّاد) بفتح الحاء وتشديد الميم. (قَدِم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه) كان هذا في عمرة القضاء (فقال المشركون: يقدم عليكم وفد) -بفتح الواو وسكون الفاء- جمع وافد، وهو من يَقدم على الملوك لأمر مهم ثم اتسع فيه (وهنتهم حمى يثرب) أي: ضعفتهم بتخفيف النون، ويروى بتشديده، ويثرب اسم المدينة الشريفة على ساكنها أفضل الصلوات، وهو اسم جاهلي، ورد النهي عنه، سماها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طيبة وطابة (فأمرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يرملوا الأشواط الثلاثة) -بفتح الهمزة-

56 - باب استلام الحجر الأسود حين يقدم مكة أول ما يطوف ويرمل ثلاثا

56 - باب اسْتِلاَمِ الْحَجَرِ الأَسْوَدِ حِينَ يَقْدَمُ مَكَّةَ أَوَّلَ مَا يَطُوفُ وَيَرْمُلُ ثَلاَثًا 1603 - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ أَخْبَرَنِى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ يَقْدَمُ مَكَّةَ، إِذَا اسْتَلَمَ الرُّكْنَ الأَسْوَدَ أَوَّلَ مَا يَطُوفُ يَخُبُّ ثَلاَثَةَ أَطْوَافٍ مِنَ السَّبْعِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ جمع شوط؛ وهو في الأصل مقدار مسافة عدو الفرس، والمراد به دورة واحدة حول البيت. (ولم يمنعه أن يأمرهم أن يرملوا الأشواط كلها إلا الإبقاء عليهم) الإبقاء بالرفع فاعل لم يمنعه. الإبقاء: الرفق، وقيل: يجوز نصبه على الغلبة، وفاعل يمنعه ضمير رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وليس بشيء؛ لأنّ الضمير المنصوب لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولا يجوز الجمع بين الضمير الفاعل والمفعول إلا في أفعال القلوب. باب استلام الحجر الأسود حين يقدم مكة أوّل ما يطوف ويرمل ثلاثًا 1603 - (حدثنا أصبغ) بفتح الهمزة وصاد مهملة وغين معجمة. (رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا استلم الركن الأسود يخب ثلاثة أطواف من السبع) الاستلام: المس باليد واشتقاقه من السّلام؛ وهو التحية، ولذلك يقول أهل مكة للركن المحيّا؛ أو من السِّلام -بكسر السين- وهي الحجارة، والمراد من الركن الأسود الحجر الأسود، ففيه تسامح وَيخُبُّ -بفتح الياء وضم الخاء وتشديد الباء- من الخب؛ وهو: الإسراع في المشي؛ والمراد منه: الرّمل.

57 - باب الرمل فى الحج والعمرة

57 - باب الرَّمَلِ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ 1604 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ سَعَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ثَلاَثَةَ أَشْوَاطٍ وَمَشَى أَرْبَعَةً فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ. تَابَعَهُ اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى كَثِيرُ بْنُ فَرْقَدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -.طرفه 1603 1605 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ أَخْبَرَنِى زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - قَالَ لِلرُّكْنِ أَمَا وَاللَّهِ إِنِّى لأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لاَ تَضُرُّ وَلاَ تَنْفَعُ، وَلَوْلاَ أَنِّى رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - اسْتَلَمَكَ مَا اسْتَلَمْتُكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الرّمل في الحج والعمرة 1604 - (محمد) كذا وقع غير منسوب، قال الغساني: قال الحاكم: هو محمد بن يحيى الذهلي، قال الغساني: إنه محمد بن رافع؛ لأن البخاري روى في باب عمرة القضاء عن محمد بن رافع عن سريح بن النعمان وقال ابن السكن: هو محمد بن سلام، والأظهر ما قاله الغساني (سريح بن النعمان) بضم السين المهملة وبضم النون (فليح) بضم الفاء مصغر. (فرقد) -بالفاء والقاف-. فإن قلت: تقدم في حديث ابن عبّاس في الرمل أنه يمشي بين الركنين اليمانيين، ولم يقيده ابن عمر؟ قلت: قال النووي: حديث ابن عبّاس كان في عمرة القضاء والمشركون كانوا جلوسًا عند الركن الأسود، والغرض كان إراءة المشركين، فاقتصر على موضع يرى المشركون من يطوف، وحديث ابن عمر كان في حجة الوداع ناسخ له. 1605 - (أن عمر بن الخطاب قال للركن: إنك حجر) إطلاق الركن على الحجر من

58 - باب استلام الركن بالمحجن

فَاسْتَلَمَهُ، ثُمَّ قَالَ فَمَا لَنَا وَلِلرَّمَلِ إِنَّمَا كُنَّا رَاءَيْنَا بِهِ الْمُشْرِكِينَ، وَقَدْ أَهْلَكَهُمُ اللَّهُ. ثُمَّ قَالَ شَىْءٌ صَنَعَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَلاَ نُحِبُّ أَنْ نَتْرُكَهُ. طرفاه 1597 1606 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ مَا تَرَكْتُ اسْتِلاَمَ هَذَيْنِ الرُّكْنَيْنِ فِي شِدَّةٍ وَلاَ رَخَاءٍ، مُنْذُ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتَلِمُهُمَا. قُلْتُ لِنَافِعٍ أَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَمْشِى بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ قَالَ إِنَّمَا كَانَ يَمْشِى لِيَكُونَ أَيْسَرَ لاِسْتِلاَمِهِ. طرفه 1611 58 - باب اسْتِلاَمِ الرُّكْنِ بِالْمِحْجَنِ 1607 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ وَيَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالاَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ إطلاق المحل على الحال (إنما كنا رَاءَيْنا به المشركين). فإن قلت: الرّياء في العمل من الكبائر، فكيف أمر به رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قلت: الرّياء المذموم أن يراد بالعمل غير وجه الله، والرّياء كان هنا إظهارًا لشوكة أهل الإيمان غيظًا للمشركين، ومثله من أفضل العبادات، ألا ترى أن الخيلاء من الكبائر، ولما مشى أبو دجانة يوم أحد بين الصفين مشية المختال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "هذه المشية يبغضها الله إلا في هذا الموطن". (ثم قال: شيء صنعه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلا نحب أن نتركه) وعليه اتفاق الأئمة، وهو خلاف القياس؛ لأن القياس انتهاء الحكم بانتهاء علّته. باب استلام الركن بالمحجن المحجن -بكسر الميم وتقديم الحاء على الجيم- عصا معوجة الرأس كالصولجان.

59 - باب من لم يستلم إلا الركنين اليمانيين

أَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ طَافَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ عَلَى بَعِيرٍ، يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ بِمِحْجَنٍ. تَابَعَهُ الدَّرَاوَرْدِىُّ عَنِ ابْنِ أَخِى الزُّهْرِىِّ عَنْ عَمِّهِ. أطرافه 1612، 1613، 1632، 5293 59 - باب مَنْ لَمْ يَسْتَلِمْ إِلاَّ الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ 1608 - وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِى عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ أَبِى الشَّعْثَاءِ أَنَّهُ قَالَ وَمَنْ يَتَّقِى شَيْئًا مِنَ الْبَيْتِ، وَكَانَ مُعَاوِيَةُ يَسْتَلِمُ الأَرْكَانَ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - إِنَّهُ لاَ يُسْتَلَمُ هَذَانِ الرُّكْنَانِ. فَقَالَ لَيْسَ شَىْءٌ مِنَ الْبَيْتِ مَهْجُورًا، وَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ - رضى الله عنهما - يَسْتَلِمُهُنَّ كُلَّهُنَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 1607 - (طاف النبي -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع يستلم الركن بالمحجن). فإن قلت: كيف أدخل البعير المسجد، ولا يؤمن من تلويثه؟ قلت: أراد بيان الجواز، وليُري الناس كيفية طوافه، وإطلاق الاستلام على إصابة المحجن مجاز على طريقة الاستعارة. (تابعه الدراوردي) أي: تابع ابن وهب، والدراوردي -بفتح الدال والراء بعدها ألف- اسمه عبد العزيز. 1608 - (وقال محمد بن بكر) هذا تعليق؛ لأن محمد بن بكر من شيوخ البخاري، روى عنه موسى، وأبو واقد. (عن أبي الشعثاء) واسمه أشعث -بالشين المعجمة والثاء المثلثة فيهما- (قال: ومن يتقى شيئًا من البيت؟) استفهام إنكار؛ أي: لا يتقي (وكان معاوية يستلم الأركان) وكذا رواه عن ابن الزبير، الأثير: وانعقد الاجماع على خلاف ما فعلاه، ولم يكن ما فعلاه رواية عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. قال النووي: البيت على أربعة أركان؛ ركن الحجر، والذي يليه من صوب اليمن،

60 - باب تقبيل الحجر

1609 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمْ أَرَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتَلِمُ مِنَ الْبَيْتِ إِلاَّ الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ. طرفه 166 60 - باب تَقْبِيلِ الْحَجَرِ 1610 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا وَرْقَاءُ أَخْبَرَنَا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - قَبَّلَ الْحَجَرَ وَقَالَ لَوْلاَ أَنِّى رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَبَّلَكَ مَا قَبَّلْتُكَ. طرفه 1597 1611 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَرَبِىٍّ قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ اسْتِلاَمِ الْحَجَرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وكونهم محل الحجر، ولذلك فإنه يقبله ويستلمه، والركن اليمان فيه فضيلة واحدة؛ كونه على قواعد إبراهيم، ولذلك اقتصر على استلامه، والشاميان خاليان عنهما، ولذلك لم يقبل ولم يستلم. قال الشافعي: وفي هذا إعطاء كل ذي حق حقه، وتنزيل كلٍّ منزلتَهُ. باب تقبيل الحجر 1610 - (يزيد بن هارون) من الزيادة (ورقاء) بالقاف والمد. وقول عمر في الحجر: (لولا أني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبلك ما قبلتك) تقدم في باب الرّمل في الحج. 1611 - (مسدد) بضم الميم وتشديد الدّال المفتوحة (حمّاد) بفتح الحاء وتشديد الميم (عن الزبير بن عربي) نسبة إلى عرب ضد العجم. (سأل رجل ابن عمر عن استلام الحجر) السائل هو راوي الحديث؛ والزبير بن عربي، بيّنه رواية أبي داود الطيالسي قال: سألت ابن عمر.

61 - باب من أشار إلى الركن إذا أتى عليه

فَقَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتَلِمُهُ وَيُقَبِّلُهُ. قَالَ قُلْتُ أَرَأَيْتَ إِنْ زُحِمْتُ أَرَأَيْتَ إِنْ غُلِبْتُ قَالَ اجْعَلْ أَرَأَيْتَ بِالْيَمَنِ، رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتَلِمُهُ وَيُقَبِّلُهُ. 61 - باب مَنْ أَشَارَ إِلَى الرُّكْنِ إِذَا أَتَى عَلَيْهِ 1612 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ طَافَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْبَيْتِ عَلَى بَعِيرٍ، كُلَّمَا أَتَى عَلَى الرُّكْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ (قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يستلمه ويقبله. قال: أرأيت إن زُحمت؟) وفي رواية: زوحمت أي: غلبت ولم أقدر من كثرة الناس (قال: اجعل أرأيت باليمن) أنكر عليه كونه لم يبادر إلى قبول ما سمعه من فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والظّاهر أن الرجل كان من اليمن، أو كنّى باليمن عن البعد. (قال: أبو عبد الله الزبير بن عربي بصري؛ والزبير بن عدي كوفي) الأول بالراء، والثاني بالدال. قلت: كلاهما تابعي والأول روى عن ابن عمر، والرّاوي عنه حمّاد ومعتمر، والثاني يروي عن أنس وطارق بن شهاب، والراوي عنه مسعر والثوري. قال شيخ الإسلام: وابن عدي بالدّال أوثق من ابن عربي. باب من أشار إلى الرّكن إذا أتى عليه 1612 - (طاف النبي -صلى الله عليه وسلم- على بعير كلما أتى الركن) أي: الذي فيه الحجر، صار علمًا

62 - باب التكبير عند الركن

أَشَارَ إِلَيْهِ. طرفه 1607 62 - باب التَّكْبِيرِ عِنْدَ الرُّكْنِ 1613 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ طَافَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْبَيْتِ عَلَى بَعِيرٍ، كُلَّمَا أَتَى الرُّكْنَ أَشَارَ إِلَيْهِ بِشَىْءٍ كَانَ عِنْدَهُ وَكَبَّرَ. تَابَعَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ. طرفه 1607 63 - باب مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ إِذَا قَدِمَ مَكَّةَ، قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى بَيْتِهِ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّفَا 1614 و 1615 - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ أَخْبَرَنِى عَمْرٌو عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ذَكَرْتُ لِعُرْوَةَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ له بالغلبة (أشار إليه بشيء) قد تقدم من رواية ابن عباس أنه كان يستلم الركن بمحجن بيده، وهنا ذكر أنه كان يشير، فإما أن يكون في وقتين في طوافين، أو في طواف واحد، في بعض أشواطه كذا، وفي بعضها كذا، إمّا للازدحام، أو ليعلم أنّ الإشارة كافية في أداء السنة، وإنْ كانَ التقبيل والاستلام أفضل. باب التكبير عن الرّكن 1613 - (خالد بن عبد الله) الطّحان (عن خالد الحذّاء). روى في الباب الحديث الذي في الباب قبله، وزاد فيه: (أنه كان يكبر عند الإشارة إلى الرّكن)، (تابعه إبراهيم بن طَهمان) بفتح الطاء وسكون الهاء. باب من طاف بالبيت إذا قدم مكة قبل أن يرجع إلى بيته كم صلى ركعتين ثم خرج إلى الصّفا 1614 - (أصبغ) بصاد مهملة وغين معجمة (عن محمد بن عبد الرحمن قال: ذكرت لعروة) أي: عن الحاج إذا طاف بالبيت هل يحل من حجه؟ صرّح به في رواية مسلم،

قَالَ فَأَخْبَرَتْنِى عَائِشَةُ - رضى الله عنها - أَنَّ أَوَّلَ شَىْءٍ بَدَأَ بِهِ حِينَ قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ تَوَضَّأَ، ثُمَّ طَافَ، ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةً، ثُمَّ حَجَّ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ - رضى الله عنهما - مِثْلَهُ، ثُمَّ حَجَجْتُ مَعَ أَبِى الزُّبَيْرِ - رضى الله عنه - فَأَوَّلُ شَىْءٍ بَدَأَ بِهِ الطَّوَافُ، ثُمَّ رَأَيْتُ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارَ يَفْعَلُونَهُ، وَقَدْ أَخْبَرَتْنِى أُمِّى أَنَّهَا أَهَلَّتْ هِىَ وَأُخْتُهَا وَالزُّبَيْرُ وَفُلاَنٌ وَفُلاَنٌ بِعُمْرَةٍ، فَلَمَّا مَسَحُوا الرُّكْنَ حَلُّوا. حديث 1614 طرفه 1641، حديث 1615 طرفاه 1642، 1796 ـــــــــــــــــــــــــــــ ومنشأ هذا السؤال أن ابن عباس كان يقول بذلك لمن لم يسق الهدي، وإنما أخد ذلك من أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصحابه بذلك، وأجاب غيره بأن ذلك إنما كان بعد فسخ الحج إلى العمرة. وقوله: (قال: أخبرتني عائشة أن أول شيء بدأ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قدم الطواف، ثم لم تكن عمرة) قد ذكرنا سالفًا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان قارنًا، والقارن: هو الَّذي يجمع النسكين في إحرام واحد وطواف واحد (فلما مسحوا الرُّكن حلّوا) قال النووي: لا بدّ من تأويل هذا الكلام؛ لأنّ مسح الرُّكن يصدق على أول الطواف؛ ولا بدّ من السعي والحلق، وإنما صدقت هذه الأشياء للعلم بها. قال بعض الشارحين: أقول لا حاجة إلى التأويل؛ لأن مسح الرُّكن كناية عن الطواف، وأمّا السعي والحلق فليسا بركنين عند بعض العلماء. وليس ما قاله بشيء، لأن المسح يصدق على أول مسحه، فلا بدَّ من التأويل قطعًا؛ وأما قوله: الحلق والسعي ليسا بركنين، فلا وجه له، لأن الكلام في فعل المهاجرين والأنصار، ومعلوم أنهم لم يكونوا قبل الحلق والسعي يحلون، وقد سلف قبل هذا من روايات عديدة عن الذين [......] بين الصّفا والمروة [...] على أن الكلام ليس في الأركان. والسعي والحلق إما واجبان؛ أو ركنان عند الأئمة الأربعة، وكذا حمل المسح على مسح الركن بعد ركعتي الطواف؛ لما روى مسلم عن جابر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك في حجة الوداع، ثم خرج إلى الصفا؛ لأن الكلام فيمن حل بعد السعي، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يحل، لأنه كان قارنًا، وأمّا هؤلاء الذين حفوا استلموا بعد ركعتي الطواف فلم تأت به رواية قط.

64 - باب طواف النساء مع الرجال

1616 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ أَنَسٌ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا طَافَ فِي الْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ أَوَّلَ مَا يَقْدَمُ سَعَى ثَلاَثَةَ أَطْوَافٍ، وَمَشَى أَرْبَعَةً، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ يَطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. طرفه 1603 1617 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ الطَّوَافَ الأَوَّلَ يَخُبُّ ثَلاَثَةَ أَطْوَافٍ، وَيَمْشِى أَرْبَعَةً، وَأَنَّهُ كَانَ يَسْعَى بَطْنَ الْمَسِيلِ إِذَا طَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. طرفه 1603 64 - باب طَوَافِ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ 1618 - وَقَالَ لِى عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنَا قَالَ أَخْبَرَنِى عَطَاءٌ إِذْ مَنَعَ ابْنُ هِشَامٍ النِّسَاءَ الطَّوَافَ مَعَ الرِّجَالِ قَالَ كَيْفَ يَمْنَعُهُنَّ، ـــــــــــــــــــــــــــــ 1616 - (أبو ضمرة) -بفتح الضاد المعجمة وسكون الميم- أنس بن عياض. (ثم يطوف بين الصفا والمروة) استدل به الشافعي [على] وجوب وقوع السعي بعد طواف القدوم، أو بعد الطواف الإفاضة. 1617 - (وكان يسعى بطن المسيل) مكان معروف بين الصفا والمروة، ومحصله أنَّه يمشي على سليقته ابتداءً وانتهاءً، ويسرع في الوسط. باب طواف النساء مع الرِّجال 1618 - (وقال لي عمرو بن علي) الفلاس شيخه، وإنما روى عنه بقال، لأنه سمعه مذاكرة (أبو عاصم) الضحاك بن مخلد شيخ البخاري أيضًا يروي عنه تارة بالواسطة (ابن جريج) بضم الجيم - عبد الملك. (إذ منع ابن هشام النساء الطواف مع الرِّجال) إذ: ظرف لقوله: (قال: كيف يمنعهن؟) وفاعل قال عطاءُ بن أبي رباح، وابن هشام هذا هو محمد بن هشام إسماعيل المخزومي أخو

وَقَدْ طَافَ نِسَاءُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مَعَ الرِّجَالِ قُلْتُ أَبَعْدَ الْحِجَابِ أَوْ قَبْلُ قَالَ إِى لَعَمْرِى لَقَدْ أَدْرَكْتُهُ بَعْدَ الْحِجَابِ. قُلْتُ كَيْفَ يُخَالِطْنَ الرِّجَالَ قَالَ لَمْ يَكُنَّ يُخَالِطْنَ كَانَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - تَطُوفُ حَجْرَةً مِنَ الرِّجَالِ لاَ تُخَالِطُهُمْ، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ انْطَلِقِى نَسْتَلِمْ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَتْ {انْطَلِقِى} عَنْكِ. وَأَبَتْ. {وَكُنَّ} يَخْرُجْنَ مُتَنَكِّرَاتٍ بِاللَّيْلِ، فَيَطُفْنَ مَعَ الرِّجَالِ، وَلَكِنَّهُنَّ كُنَّ إِذَا دَخَلْنَ الْبَيْتَ قُمْنَ حَتَّى يَدْخُلْنَ وَأُخْرِجَ الرِّجَالُ، وَكُنْتُ آتِى عَائِشَةَ أَنَا وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ وَهِىَ مُجَاوِرَةٌ فِي جَوْفِ ثَبِيرٍ. قُلْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــ هشام بن عبد الملك؛ لأنّه ولاه إمارة مكة (وقد طاف نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - مع الرِّجال) هذا علة الإنكار عليه (بعد الحجاب أو قبل) بالضم على البناء (قال: إي لعمري) بكسر الهمزة، مرادف نعم في الجواب كانت عائشة تطوف حَجْرة من الرجال) بفتح الحاء وسكون الجيم وراء مهملة وقد فسره بقوله: (لا تخالطهم) وفي الحديث: "النساء حجرة الطريق"، ويروى في البخاري بالزاي المعجمة أيضًا "محجوزة" أي بينها وبين الرجال حاجز، ومحصل الروايتين أنها كانت تتعدى في ناحية من الرجال. ومن الشارحين من قال: معناه أنها كانت تجعل بينها وبين الرجال ثوبًا، وهذا معنى فاسد ينافي قوله: لم تخالط الرجال، وأيضًا وجود الثوب معلوم من قوله: بعد الحجاب، وأيضًا لو كان الحاجز هو الثوب لم يكن ينكر على من قالت: انطلقي نستلم الحجر، وفي بعضها: تستملي بتاء الخطاب وسقوط النون بالجازم. (انطلقي عنك) ليس المراد أمرها بذلك؛ بل كلام على طريق الزجر، مثله غير في مقام الإنكار؛ إذ معلوم أنها لا تدل غيرها على ما لا ترضاه لنفسها. (كن يخرجن متنكرات) هذا كلام عطاء يشرح حالهن في الدخول والخروج (إذا دخلن البيت) أي: أردن الدخول استدرك بقوله: "لكن"، فأوهم كلامه من طوافهن مع الرجال أن دخول البيت مثله، والفرق أن الرجال لو منعوا من الطواف مع النساء يحرموا من عبادة شريفة؛ بل واجبة في أكثر الأوقات؛ بخلاف دخول البيت، فإنه مستحب في أي وقت كان. (وكنت آتي عائشة أنا وعبيد بن عمير) بضم العين وتصغير الاسمين (وهي مجاورة في جوف ثبير) بفتح المثلثة وكسر الموحدة، جبل معروف بمكة على يمين الذاهب من منى إلى عرفات

65 - باب الكلام فى الطواف

وَمَا حِجَابُهَا قَالَ هِىَ فِي قُبَّةٍ تُرْكِيَّةٍ لَهَا غِشَاءٌ، وَمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَهَا غَيْرُ ذَلِكَ، وَرَأَيْتُ عَلَيْهَا دِرْعًا مُوَرَّدًا. 1619 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - رضى الله عنها - زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ شَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنِّى أَشْتَكِى. فَقَالَ «طُوفِى مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ، وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ». فَطُفْتُ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَئِذٍ يُصَلِّى إِلَى جَنْبِ الْبَيْتِ، وَهْوَ يَقْرَأُ (وَالطُّورِ * وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ). طرفه 464 65 - باب الْكَلاَمِ فِي الطَّوَافِ 1620 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ أَخْبَرَنِى سُلَيْمَانُ الأَحْوَلُ أَنَّ طَاوُسًا أَخْبَرَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - مَرَّ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ بِإِنْسَانٍ رَبَطَ يَدَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ (في قبة تركية) قبة صغيرة (لها غشاء) أي: غطاء من اللباد ونحوه، غرض عطاء من هذا الكلام توكيد الاعتراض على ابن هشام من حيث إن نساء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع كونهن في غاية الحجاب حتَّى المعتبرين من العلماء المترددين إليها لم يدخلوا بيتًا هي فيها، بل كان من وراء حجاب؛ كما قال الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الأحزاب: 53] كن يطفن مع الرجال، فكيف يمنع غيرهن (ورأيت عليها درعًا موردًا) الدرع: قميص المرأة خاصة، والمورد: الأحمر على لون الورد. 1619 - (عن أم سلمة قالت: شكوت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أني أشتكي) الشكوى: عرض الضرورة إلى من يقدر على إزالتها أو لم يقدر. والاشتكاء: المرض (فقال: طوفي من وراء الناس) هذا موضع الدلالة؛ فإنها طافت مع الرِّجال (ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - حينئذٍ يصلي إلى جنب البيت) إنما طافت في ذلك الوقت ليكون أخلى وأستر. باب الكلام في الطواف 1620 - (عن ابن عباس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرَّ وهو يطوف بالكعبة بإنسان ربط يده

66 - باب إذا رأى سيرا أو شيئا يكره فى الطواف قطعه

إِلَى إِنْسَانٍ بِسَيْرٍ، أَوْ بِخَيْطٍ، أَوْ بِشَىْءٍ غَيْرِ ذَلِكَ، فَقَطَعَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ «قُدْهُ بِيَدِهِ». أطرافه 1621، 6702، 6703 66 - باب إِذَا رَأَى سَيْرًا أَوْ شَيْئًا يُكْرَهُ فِي الطَّوَافِ قَطَعَهُ 1621 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ سُلَيْمَانَ الأَحْوَلِ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى رَجُلاً يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ بِزِمَامٍ أَوْ غَيْرِهِ فَقَطَعَهُ. طرفه 1620 ـــــــــــــــــــــــــــــ إلى إنسان بِسَيْر) بفتح السين وسكون الياء: ما يقطع من الجلد في طوله، ويقال له: القدّ أيضًا. (أو بخيط، أو بشيء غير ذلك) لم يقدر على معرفته بخصوصه، فلم يجزم إلا بأصل الربط. (فقال: قده بيدك) لأن المتعارف في الإعانة بخلاف الربط بالسير ونحوه، فإنه يشبه سائر الحيوانات، وهذا موضع الدلالة على الترجمة؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تكلم في الطواف حين قال للرجل: "قده بيدك"، ومنهم من اعترض على البخاري بأنه ليس في الحديث على الترجمة دليل؛ لأن قال محمول على مطلق الفعل، وهذا كلام فاسد؛ لأن الكلام ليس في قال، إنما هو في المقول؛ وهو: "قده بيدك" فإنه كلام في الطواف، على أنَّه لو كان الاستدلال بقال لم يكن لذلك الاعتراض وجه؛ لأن قال حقيقة في القول، فما معنى حمله على مطلق الفعل من غير ضرورة ولا صارف؟ وفي الحديث دلالة على حسن الأمر بالمعروف في الطواف، ولا بأس بالكلام المباح أيضًا؛ إلا أنّ مالكًا كرهه في الطواف الواجب، كذا قيل، ولم أجده. باب إذا رأى سيرًا أو شيئًا يكره في الطواف قطعه قوله: في الطواف يتعلق بقوله: رأى؛ أي: رآه وهو يطوف، سواء كان ذلك المكروه في الطواف، أو خارجه، ويجوز تعلقه بيكره، أي: يكره في الطواف، والأول أشمل. 1621 - روى في الباب الحديث الَّذي في الباب قبله، إلا لفظ الزمام؛ وهو بكسر المعجمة: ما يكون في أنف الناقة، ويجوز أن يكون المراد به حقيقة، وفيه بُعد، والأظهر أنَّه يكون في يده؛ كما دل عليه الحديث في الباب قبله.

67 - باب لا يطوف بالبيت عريان ولا يحج مشرك

67 - باب لاَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ وَلاَ يَحُجُّ مُشْرِكٌ 1622 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ يُونُسُ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ حَدَّثَنِى حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ - رضى الله عنه - بَعَثَهُ فِي الْحَجَّةِ الَّتِى أَمَّرَهُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَبْلَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ يَوْمَ النَّحْرِ فِي رَهْطٍ يُؤَذِّنُ فِي النَّاسِ «أَلاَ لاَ يَحُجُّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَلاَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ». طرفه 369 68 - باب إِذَا وَقَفَ فِي الطَّوَافِ وَقَالَ عَطَاءٌ فِيمَنْ يَطُوفُ فَتُقَامُ الصَّلاَةُ، أَوْ يُدْفَعُ عَنْ مَكَانِهِ إِذَا سَلَّمَ يَرْجِعُ إِلَى حَيْثُ قُطِعَ عَلَيْهِ. وَيُذْكَرُ نَحْوُهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ رضى الله عنهم. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب لا يطوف بالبيت عريان ولا يحج مشرك 1622 - (يحيى بن بكير) بضم الباء مصغر، وكذا (حميد). (أن أبا هريرة أخبره أن أبا بكر أرسله في الحجة التي أمَّرَهُ فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) بتشديد الميم: أي: صيّره أميرًا فيها. (في رهط) أي: في جماعة من الرِّجال خاصة، من الثلاثة إلى العشرة (يؤذن في الناس) الضمير في يؤذن لأبي هريرة؛ لأنه رئيس، والرهط أتباعه. قال بعض الشارحين: الضمير للرهط باعتبار اللفظ، ويجوز أن يكون لأبي هريرة على طريق الالتفات، وليس بشيء؛ لأنّ ضمير بعثه المنصوب لأبي هريرة قطعًا، فالأسلوب إنما هو أسلوب الغيبة، على أن أبا هريرة إنما حكى عن نفسه لأنه مُرسل أصالة، والرهط أتباعه. قال ابن إسحاق: مما اخترعه كفار مكة أن الآفاقي يأخذ من أهل الحرم ثيابًا يطوف فيها، وإن لم يجد طاف عريانًا؛ وإن طاف في ثيابه يلقيها ولا ينفع بها نذر. باب إذا وقف في الطواف (وقال عطاء فيمن يطوف فتقام الصلاة، أو يدفع عن مكانه: إذا سلّم) أي: المصلي. (يرجع إلى مكانه) أي: الَّذي دفع، أو المصلي بعد السلام (فيبني) إلا عند أحمد إذا طال الفصل يجب الاستئناف، وهذا بناء على أنَّه اشترط الموالاة، وعند غيره سنة.

69 - باب صلى النبى - صلى الله عليه وسلم - لسبوعه ركعتين

69 - باب صَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِسُبُوعِهِ رَكْعَتَيْنِ وَقَالَ نَافِعٌ كَانَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يُصَلِّى لِكُلِّ سُبُوعٍ رَكْعَتَيْنِ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ قُلْتُ لِلزُّهْرِىِّ إِنَّ عَطَاءً يَقُولُ تُجْزِئُهُ الْمَكْتُوبَةُ مِنْ رَكْعَتَىِ الطَّوَافِ. فَقَالَ السُّنَّةُ أَفْضَلُ، لَمْ يَطُفِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - سُبُوعًا قَطُّ إِلاَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ. 1623 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو سَأَلْنَا ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَيَقَعُ الرَّجُلُ عَلَى امْرَأَتِهِ فِي الْعُمْرَةِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ قَالَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَطَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا، ثُمَّ صَلَّى خَلْفَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ، وَطَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَقَالَ (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ). ـــــــــــــــــــــــــــــ باب صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - لسبوعه ركعتين قال ابن الأثير: السبوع بدون الألف لغة قليلة، وقيل: جمع سُبع -بضم السين وسكون الباء- كبرد وبرود، أو جمع سَبع -بفتح السين وسكون الباء - كضرب وضروب. والمعنى إنما هو على ما قاله ابن الأثير؛ لأن المراد أنَّه صلى بعد سبعة أشواط. (عن إسماعيل بن أمية قلت للزهري: إن عطاء يقول تجزئه المكتوبة، فقال: السنة أفضل) لا تخالف بين القولين، إلَّا أنّ الزهري نبه على الأفضل، وإن كان غيره جائزًا. قال بعض الشارحين: دعوى الزهري الأفضل أن يصلي ركعتين للطواف نفلًا لا يساعده دليل؛ لأن الركعتين اللتين صلاهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد الطواف أعم من أن يكون نفلًا كصلاة الصبح مثلًا. وهذا اعتراض ساقط؛ لأنّ الزهري استدل بقضية كلية؛ وهي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يطف قط إلا وصلّى ركعتين بعده، فكيف يتصور أن يكونا دائمًا من الفرض؟، ثم قال: وعند الشافعي: ركعتا الطواف يتأديان بالفرض، نواها أولم ينو، وهذا الَّذي قاله فالشافعي عنه بريء. قال النووي وغيره: الأفضل أن يصليهما خلف المقام، ثم في الحجر، ثم في المسجد الحرام، ثم حيث كان، ما دام حيًّا. فلو أُديتا بفرض آخر -كما زعم- نوى أو لم ينو لما كان

70 - باب من لم يقرب الكعبة، ولم يطف حتى يخرج إلى عرفة، ويرجع بعد الطواف الأول

1624 - قَالَ وَسَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - فَقَالَ لاَ يَقْرَبِ امْرَأَتَهُ حَتَّى يَطُوفَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. طرفه 396 70 - باب مَنْ لَمْ يَقْرَبِ الْكَعْبَةَ، وَلَمْ يَطُفْ حَتَّى يَخْرُجَ إِلَى عَرَفَةَ، وَيَرْجِعَ بَعْدَ الطَّوَافِ الأَوَّلِ 1625 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ حَدَّثَنَا فُضَيْلٌ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ أَخْبَرَنِى كُرَيْبٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَكَّةَ، فَطَافَ وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَلَمْ يَقْرَبِ الْكَعْبَةَ بَعْدَ طَوَافِهِ بِهَا حَتَّى رَجَعَ مِنْ عَرَفَةَ. طرفه 1545 ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا الترتيب والتراخي معقولًا، وإنما نشا غلطه من تحية المسجد؛ فإن الشافعي قال: إن تحية المسجد تتأدى بفرض أو سنة أخرى. 1624 - (وسألت جابر بن عبد الله، فقال: لا يقرب امرأة حتَّى يطوف بين الصّفا والمروة) لأن طواف المتمتع لا يحصل به التحلل، السائل عمرو بن دينار. فإن قلت: ما وجه تعلق هذا بالترجمة؟ قلت: وجهه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلّى خلف المقام ركعتين، رواه مسلم، ولما لم يكن سؤال عمرو إلا عن إتيان المرأة بعد الطواف اقتصر عليه مشيرًا إليه؛ كما هو دأبه من الإشارات الخفية. باب من لم يقرب الكعبة ولم يطف حتَّى يخرج إلى عرفات، ويرجع بعد الطواف الأول قوله: بعد الطواف الأول يتعلق بقوله: لم يقرب ولم يطف، عطف تفسير له. 1625 - (فضيل) بضم الفاء مصغر، وكذا كريب. (قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - مكة فطاف وسعى ولم يقرب الكعبة حتَّى رجع من عرفة) إنما فعل هذا تخفيفًا على أمته، وإنه كافٍ في تمام الحج والعمرة، وأمَّا حمله على أن الحاج لا يطوف بعد طواف القدوم فليس بشيء؛ لأن الطواف لا سيما في تلك الأيّام من أقرب القربات.

71 - باب من صلى ركعتى الطواف خارجا من المسجد

71 - باب مَنْ صَلَّى رَكْعَتَىِ الطَّوَافِ خَارِجًا مِنَ الْمَسْجِدِ وَصَلَّى عُمَرُ - رضى الله عنه - خَارِجًا مِنَ الْحَرَمِ. 1626 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ زَيْنَبَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - رضى الله عنها - شَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. وَحَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ يَحْيَى بْنُ أَبِى زَكَرِيَّاءَ الْغَسَّانِىُّ عَنْ هِشَامٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - رضى الله عنها - زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ وَهْوَ بِمَكَّةَ، وَأَرَادَ الْخُرُوجَ، وَلَمْ تَكُنْ أُمُّ سَلَمَةَ طَافَتْ بِالْبَيْتِ وَأَرَادَتِ الْخُرُوجَ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا أُقِيمَتْ صَلاَةُ الصُّبْحِ فَطُوفِى عَلَى بَعِيرِكِ، وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ». فَفَعَلَتْ ذَلِكَ، فَلَمْ تُصَلِّ حَتَّى خَرَجَتْ. طرفه 464 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من صلَّى ركعتي الطواف خارجًا من المسجد 1626 - (محمد بن حرب) ضد الصلح. (الغساني) -بفتح الغين المعجمة وسين مهملة مشددة قبله- من عرب اليمن، قال الجوهري: إن كان من غسّ فهو فعلان؛ وإن كان من غسن بالنون فهو فعّال. روى في الباب حديث أم سلمة أنها كانت مريضة فشكت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال لها: (طوفي من وراء الناس) وقد سلف الحديث بشرحه في باب طواف النساء مع الرجال، وموضع الدلالة هنا قوله: فلم تصل حتَّى خرجت، فإن مفهوم الكلام أنها بعد الخروج: صلت، فلا وجه لما يقال، الاستدلال إنما يتم بما رواه الإسماعيلي من قولها بعد الخروج صليت واعلم أن في تحويل الإسناد هنا فائدة؛ وهي أن في السند الأول روى عروة عن أم سلمة الحديث بواسطة زينب، وهنا رواه بلا واسطة وأخره عن الأول ليكون من الترقي.

72 - باب من صلى ركعتى الطواف خلف المقام

72 - باب مَنْ صَلَّى رَكْعَتَىِ الطَّوَافِ خَلْفَ الْمَقَامِ 1627 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَقُولُ قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَطَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا وَصَلَّى خَلْفَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّفَا، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ). أطرافه 395، 1623، 1645، 1647، 1793 73 - باب الطَّوَافِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يُصَلِّى رَكْعَتَىِ الطَّوَافِ مَا لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ. وَطَافَ عُمَرُ بَعْدَ الصُّبْحِ، فَرَكِبَ حَتَّى صَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ بِذِى طُوًى. 1628 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُمَرَ الْبَصْرِىُّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ حَبِيبٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ نَاسًا طَافُوا بِالْبَيْتِ بَعْدَ صَلاَةِ الصُّبْحِ، ثُمَّ قَعَدُوا إِلَى الْمُذَكِّرِ، حَتَّى إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ قَامُوا يُصَلُّونَ فَقَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - قَعَدُوا حَتَّى إِذَا كَانَتِ السَّاعَةُ الَّتِى تُكْرَهُ فِيهَا الصَّلاَةُ قَامُوا يُصَلُّونَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من صلى ركعتي الطواف خلف المقام 1627 - روى في الباب حديث ابن عمر (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طاف سبعًا، وصلّى خلف المقام) وقد تقدم حديثه بأطول من هذا. باب الطواف بعد الصبح والعصر 1628 - استدل على جوازه بفعل عمر، وابن عمر، وبما رواه (عن عروة عن عائشة: أن ناسًا طافوا بالبيت بعد صلاة الصبح، فلما طلعت الشمس قاموا إلى الصلاة) ووجه الدلالة: أنها أنكرت عليهم الصلاة في وقت الكراهة ولم تنكر عليهم في الطواف. والحديث دلَّ على أن مذهب عائشة أن المسجد الحرام كسائر المساجد يكره فيه الصلاة في أوقات الكراهة، واستثنى الشافعي حرم مكة؛ لما روى أبو داود والترمذي

1629 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَنْهَى عَنِ الصَّلاَةِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَعِنْدَ غُرُوبِهَا. طرفه 582 1630 - حَدَّثَنِى الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ - هُوَ الزَّعْفَرَانِىُّ - حَدَّثَنَا عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ حَدَّثَنِى عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رُفَيْعٍ قَالَ رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ - رضى الله عنهما - يَطُوفُ بَعْدَ الْفَجْرِ، وَيُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ. 1631 - قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ وَرَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ يُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ، وَيُخْبِرُ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - حَدَّثَتْهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَدْخُلْ بَيْتَهَا إِلاَّ صَلاَّهُمَا. طرفه 590 ـــــــــــــــــــــــــــــ والنسائي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحدًا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار". 1630 - 1631 - (عبيدة) بفتح العين وكسر الموحدة، على وزن فُعيلة. (حميد) بضم الحاء مصغر. (ورأيت ابن الزبير يصلي ركعتين بعد العصر) واستدل ابن زبير على ذلك بأن عائشة قالت: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصليهما. وقد أسلفنا أنهما مخصوصان برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأنهما سنة الظهر قضاهما كما صرح به حين سألته أم سلمة، واستمراره عليهما؛ لأنه كان إذا عمل في وقت داوم عليه [....] واستدل به البخاري على جواز الطواف في ذلك الوقت؛ لأن حكمه حكم الصلوات، واستدل بقول [ابن] عمر: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند الغروب ووجه دلالته أنَّه اقتصر على الصلاة، فعلم منه جواز الطواف.

74 - باب المريض يطوف راكبا

74 - باب الْمَرِيضِ يَطُوفُ رَاكِبًا 1632 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ الْوَاسِطِىُّ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - طَافَ بِالْبَيْتِ، وَهْوَ عَلَى بَعِيرٍ، كُلَّمَا أَتَى عَلَى الرُّكْنِ أَشَارَ إِلَيْهِ بِشَىْءٍ فِي يَدِهِ وَكَبَّرَ. طرفه 1607 1633 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ شَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنِّى أَشْتَكِى. فَقَالَ «طُوفِى مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ». فَطُفْتُ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى إِلَى جَنْبِ الْبَيْتِ، وَهْوَ يَقْرَأُ بِالطُّورِ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ. طرفه 464 ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ المَرِيضِ يَطُوفُ رَاكِبًا 1632 - (خالد عن خالد) الأول: هو الطحان، والثاني: هو الحذَّاء. روى في الباب حديثين؛ أحدهما: حديث ابن عباس: (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طاف راكبًا) وقد سلف في باب استلام الركن بالمحجن. 1633 - والثاني: أم سلمة أنها شكت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنها مريضة، فأمرها بالطواف راكبة، وتقدم حديثها أيضًا في باب طواف النساء مع الرِّجال. فإن قلت: حديث أم سلمة ظاهر الدلالة على الترجمة؛ فما وجه دلالة طواف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قلت: دلالته أظهر من حديث أم سلمة وذلك أنَّه إذا طاف راكبًا وهو سليم؛ فالضعيف من باب الأَوْلى، أو أشار إلى ما رواه أبو داود عن ابن عباس: قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة وهو يشتكي، فطاف على راحلته لكن في رواية مسلم عن جابر إنما فعل ذلك ليراه الناس.

75 - باب سقاية الحاج

75 - باب سِقَايَةِ الْحَاجِّ 1634 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى الأَسْوَدِ حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ اسْتَأْذَنَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ - رضى الله عنه - رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَبِيتَ بِمَكَّةَ لَيَالِىَ مِنًى مِنْ أَجْلِ سِقَايَتِهِ، فَأَذِنَ لَهُ. أطرافه 1743، 1744، 1745 ـــــــــــــــــــــــــــــ 1635 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جَاءَ إِلَى السِّقَايَةِ، فَاسْتَسْقَى، فَقَالَ الْعَبَّاسُ يَا فَضْلُ اذْهَبْ إِلَى أُمِّكَ، فَأْتِ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِشَرَابٍ مِنْ عِنْدِهَا. فَقَالَ «اسْقِنِى». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُمْ يَجْعَلُونَ أَيْدِيَهُمْ فِيهِ. قَالَ «اسْقِنِى». فَشَرِبَ مِنْهُ، ثُمَّ أَتَى ـــــــــــــــــــــــــــــ باب سقاية الحاج السقاية مصدر في الأصل، وسقاية الحاج كانت في الجاهلية، روى ابن الأثير: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "كل مأثرة من مآثر الجاهلية تحت قدمي إلا سقاية الحاج، وسدانة البيت". والسقاية: عبارة عما كانت قريش تنبذ التمر والزبيب في الماء أيام الموسم وتسقيه الحجاج تقربًا إلى الله تعالى، وكانت في يد عباس وهو على دين قومه، فلما أسلم قررها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في يده. 1634 - (أبو ضمرة) -بضاد معجمة- أنس بن عياض. (استأذن عباس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبيت بمكة ليالي منى) هي ثلاث ليالي التشريق، فإن البيتوتة بها واجبة، إلا عند أبي حنيفة فإنها مستحبة. (من أجل سقايته) لئلا يفوته ذلك الخير، وهو جائز لكل من تولى السقاية. 1635 - (إسحاق) هو ابن شاهين الواسطي. (خالد عن خالد) الأول هو الطحان، والثاني الحذّاء. (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جاء إلى السقاية) أي: إلى موضع فيه أواني السقاية. (فقال: اسقني) الخطاب للعباس (قال: يا رسول الله، إنهم يجعلون أيديهم فيه؟ قال: اسقني فشرب منه) قال النووي: سن للحاج الشرب من ذلك النبيذ.

76 - باب ما جاء فى زمزم

زَمْزَمَ، وَهُمْ يَسْقُونَ وَيَعْمَلُونَ فِيهَا، فَقَالَ «اعْمَلُوا، فَإِنَّكُمْ عَلَى عَمَلٍ صَالِحٍ - ثُمَّ قَالَ - لَوْلاَ أَنْ تُغْلَبُوا لَنَزَلْتُ حَتَّى أَضَعَ الْحَبْلَ عَلَى هَذِهِ». - يَعْنِى عَاتِقَهُ - وَأَشَارَ إِلَى عَاتِقِهِ. 76 - باب مَا جَاءَ فِي زَمْزَمَ 1636 - وَقَالَ عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ كَانَ أَبُو ذَرٍّ - رضى الله عنه - يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «فُرِجَ سَقْفِى وَأَنَا بِمَكَّةَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قال بعض الشارحين: الفاء فصيحة؛ أي: فذهب الفضلُ فأتى بشراب، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اسقني"، وهذا غلط فاحش، فإن الضمير في قوله؛ "فشرب منه" عائد إلى ذلك النبيذ الَّذي كان يسقي منه العباس، ولذلك صار سنة لكل حاج الشرب منه، كما قاله النووي، وأَصْرَحُ من هذا رواية مسلم: فأتيناه بإناء من نبيذ فشرب، استسقى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسقى فضله أسامة، وقال: "أحسنتم وأجملتم، هكذا فاصنعوا" وفي رواية الطبري: "لا أشرب إلا منه". قال العلماء: إنما شرب منه لأنه ليس من الصدقة؛ بل من الخير العام للناس كلهم؛ الغني والفقير (ثم أتى زمزم) غير منصرف للعلمية والتأنيث (وهم يسقون) أي: آل عباس يسقون الناس (لولا أن تُغلبوا) على بناء المجهول؛ أي: يغلبكم الناس ويزاحمونكم على إخراج الماء من البئر (لنزلت حتَّى أضع الحبل على هذه) وأشار إلى عاتقه. لأنها فضيلة يجب السعي في تحصيلها بكل ما أمكن. باب ما جاء في زمزم بئر معروف في المسجد الحرام، لا يشاركها في هذا الاسم شيء، وذكروا في وجه التسمية أشياء، والظاهر أنَّه من زمزمة الرَّعد وهو صوته؛ لأنها من كثرة الماء لها صوت مثله. 1636 - (وقال عبدان) على وزن شعبان، عبد الله المروزي. (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فرج سقفي) بضم الفاء وتخفيف الراء أي: كشف.

77 - باب طواف القارن

فَنَزَلَ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - فَفَرَجَ صَدْرِى، ثُمَّ غَسَلَهُ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ جَاءَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وَإِيمَانًا، فَأَفْرَغَهَا فِي صَدْرِى، ثُمَّ أَطْبَقَهُ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِى فَعَرَجَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا. قَالَ جِبْرِيلُ لِخَازِنِ السَّمَاءِ الدُّنْيَا افْتَحْ. قَالَ مَنْ هَذَا قَالَ جِبْرِيلُ». طرفه 163 1637 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ - هُوَ ابْنُ سَلاَمٍ - أَخْبَرَنَا الْفَزَارِىُّ عَنْ عَاصِمٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - حَدَّثَهُ قَالَ سَقَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ زَمْزَمَ فَشَرِبَ وَهُوَ قَائِمٌ. قَالَ عَاصِمٌ فَحَلَفَ عِكْرِمَةُ مَا كَانَ يَوْمَئِذٍ إِلاَّ عَلَى بَعِيرٍ. طرفه 5617 77 - باب طَوَافِ الْقَارِنِ 1638 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَأَهْلَلْنَا بِعُمْرَةٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ (فنزل جبريل ففرج صدري) بفتح الفاء: على بناء الفاعل أي: شقه (ثم جاء بطست) أصله طسّ، أبدلت السين الثانية تاء (ملئت حكمة وإيمانًا) جعلهما الله في صدره، وقد سلف الحديث بشرحه في أول كتاب الصلاة، وسيتكرر في مواضع بأطول وأطول. 1637 - (محمد بن سلام) بتخفيف اللام على الأشهر (الفزاري) -بفتح الفاء وزاي معجمة - مروان بن معاوية (الشعبي) -بفتح الشين وسكون العين - أبو عمرو عامر الكوفي. (عن ابن عباس أنَّه قال: سقيت النبي - صلى الله عليه وسلم - من زمزم فشربه وهو قائم) وبذلك جرت السنة أن يشرب منه كل أحد قائمًا. باب طواف القارن 1638 - (عن عائشة قالت: خرجنا في حجة الوداع فأهللنا بعمرة) أي: بعد فسخ

ثُمَّ قَالَ «مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْىٌ فَلْيُهِلَّ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ ثُمَّ لاَ يَحِلُّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا». فَقَدِمْتُ مَكَّةَ، وَأَنَا حَائِضٌ، فَلَمَّا قَضَيْنَا حَجَّنَا أَرْسَلَنِى مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِلَى التَّنْعِيمِ، فَاعْتَمَرْتُ، فَقَالَ - صلى الله عليه وسلم - «هَذِهِ مَكَانَ عُمْرَتِكِ». فَطَافَ الَّذِينَ أَهَلُّوا بِالْعُمْرَةِ، ثُمَّ حَلُّوا، ثُمَّ طَافُوا طَوَافًا آخَرَ، بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا مِنْ مِنًى، وَأَمَّا الَّذِينَ جَمَعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا. طرفه 294 1639 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - دَخَلَ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَظَهْرُهُ فِي الدَّارِ، فَقَالَ إِنِّى لاَ آمَنُ أَنْ يَكُونَ الْعَامَ بَيْنَ النَّاسِ قِتَالٌ، فَيَصُدُّوكَ عَنِ الْبَيْتِ، فَلَوْ أَقَمْتَ. فَقَالَ قَدْ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَحَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ، فَإِنْ حِيلَ بَيْنِى وَبَيْنَهُ أَفْعَلُ كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) ثُمَّ قَالَ أُشْهِدُكُمْ أَنِّى قَدْ أَوْجَبْتُ مَعَ عُمْرَتِى حَجًّا. قَالَ ثُمَّ قَدِمَ فَطَافَ لَهُمَا طَوَافًا وَاحِدًا. أطرافه 1640، 1693، 1708، 1729، 1806، 1807، 1808، 1810، 1812، 1813، 4183، 4184، 4185 ـــــــــــــــــــــــــــــ الحج؛ لما تقدم من قولها: ما نرى إلا الحج (أرسلني مع عبد الرحمن إلى التنعيم) أحد مواقيت العمرة (فقال: هذا مكان عمرتك) قد أسلفنا أنها كانت قارنة، وكان نسكها تامًّا كما كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إلا أن صواحبها كنّ متمتعات، فأرادت أن يكون لها عمرة كاملة مستقلة (وأما الذين جمعوا الحج والعمرة إنما طافوا طوافًا واحدًا) هذا حجة على أبي حنيفة في إيجابه طوافين على القارن، وهذا هو الغرض من الترجمة. 1639 - (ابن علية) بضم العين وفتح اللام وتشديد الياء: إسماعيل بن إبراهيم. (أنّ ابن عمر دخل ابنه عبد الله بن عبد الله وظهره في الدار) جملة حالية، والظهر: حمال الجمل، يعبر عنها بالظهر؛ لأنها تُحمل على ظهرها، فأطلق عليها مجازًا. (فقال إني لا إيمن) بكسر الهمزة: على لغة من يكسر حرف المضارعة، وفي بعضها "لا آمن" -بالفتح والمد- وهو ظاهر (أن يكون العام بين الناس قتال) بالنصب على الظرف (ثم قال: أشهدكم أني قد أوجبت مع عمرتي حجًّا).

78 - باب الطواف على وضوء

1640 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَرَادَ الْحَجَّ عَامَ نَزَلَ الْحَجَّاجُ بِابْنِ الزُّبَيْرِ. فَقِيلَ لَهُ إِنَّ النَّاسَ كَائِنٌ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ، وَإِنَّا نَخَافُ أَنْ يَصُدُّوكَ. فَقَالَ (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) إِذًا أَصْنَعَ كَمَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، إِنِّى أُشْهِدُكُمْ أَنِّى قَدْ أَوْجَبْتُ عُمْرَةً. ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِظَاهِرِ الْبَيْدَاءِ قَالَ مَا شَأْنُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ إِلاَّ وَاحِدٌ، أُشْهِدُكُمْ أَنِّى قَدْ أَوْجَبْتُ حَجًّا مَعَ عُمْرَتِى. وَأَهْدَى هَدْيًا اشْتَرَاهُ بِقُدَيْدٍ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ، فَلَمْ يَنْحَرْ، وَلَمْ يَحِلَّ مِنْ شَىْءٍ حَرُمَ مِنْهُ، وَلَمْ يَحْلِقْ وَلَمْ يُقَصِّرْ حَتَّى كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ، فَنَحَرَ وَحَلَقَ، وَرَأَى أَنْ قَدْ قَضَى طَوَافَ الْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ بِطَوَافِهِ الأَوَّلِ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - كَذَلِكَ فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. 78 - باب الطَّوَافِ عَلَى وُضُوءٍ 1641 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ الْقُرَشِىِّ أَنَّهُ سَأَلَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ فَقَالَ قَدْ حَجَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: أيّ فائدة في هذا الكلام؟ قلت: فائدة الإشهاد: الجزم والقطع؛ فإن الإنسان إذا أشهد على نفسه في قضية لا يقدر على الإنكار، وأمّا الإيجابُ ففائدته ظاهرة؛ إذ بعد الإيجاب لا يجوز الخروج قبل إتمام النسك. 1640 - (وأهدى هديًا اشتراه بقديد) بضم القات: مصغر، اسم ماء بطريق المدينة، ويطلق على الموضع أيضًا، وهو المراد، وموضع الدلالة قوله: (ورأى أن قد قضى طواف الحج والعمرة بطوافه الأول). باب الطواف على وضوء 1641 - 1642 - (أحمد) كذا وقع غير منسوب، ونسبه أبو ذر وغيره أحمد بن عيسى (عن محمد بن عبد الرحمن بن نوفل أنَّه سأل عروة بن الزبير فقال: قد حج النبي - صلى الله عليه وسلم -،

فَأَخْبَرَتْنِى عَائِشَةُ - رضى الله عنها - أَنَّهُ أَوَّلُ شَىْءٍ بَدَأَ بِهِ حِينَ قَدِمَ أَنَّهُ تَوَضَّأَ ثُمَّ طَافَ بِالْبَيْتِ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةً، ثُمَّ حَجَّ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - فَكَانَ أَوَّلَ شَىْءٍ بَدَأَ بِهِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةً. ثُمَّ عُمَرُ - رضى الله عنه - مِثْلُ ذَلِكَ. ثُمَّ حَجَّ عُثْمَانُ - رضى الله عنه - فَرَأَيْتُهُ أَوَّلُ شَىْءٍ بَدَأَ بِهِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةٌ، ثُمَّ مُعَاوِيَةُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، ثُمَّ حَجَجْتُ مَعَ أَبِى الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ، فَكَانَ أَوَّلَ شَىْءٍ بَدَأَ بِهِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةٌ، ثُمَّ رَأَيْتُ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارَ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ، ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةٌ، ثُمَّ آخِرُ مَنْ رَأَيْتُ فَعَلَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُضْهَا عُمْرَةً، وَهَذَا ابْنُ عُمَرَ عِنْدَهُمْ فَلاَ يَسْأَلُونَهُ، وَلاَ أَحَدٌ مِمَّنْ مَضَى، مَا كَانُوا يَبْدَءُونَ بِشَىْءٍ حَتَّى يَضَعُوا أَقْدَامَهُمْ مِنَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ لاَ يَحِلُّونَ، وَقَدْ رَأَيْتُ أُمِّى وَخَالَتِى، حِينَ تَقْدَمَانِ لاَ تَبْتَدِئَانِ بِشَىْءٍ أَوَّلَ مِنَ الْبَيْتِ، تَطُوفَانِ بِهِ، ثُمَّ لاَ تَحِلاَّنِ. طرفه 1614 1642 - وَقَدْ أَخْبَرَتْنِى أُمِّى أَنَّهَا أَهَلَّتْ هِىَ وَأُخْتُهَا وَالزُّبَيْرُ وَفُلاَنٌ وَفُلاَنٌ بِعُمْرَةٍ، فَلَمَّا مَسَحُوا الرُّكْنَ حَلُّوا. طرفاه 1615 ـــــــــــــــــــــــــــــ فأخبرتني عائشة أنَّ أول شيء بدأ به حين قدم أنَّه توضَّأ ثم طاف بالبيت) هذا موضع الدلالة على الترجمة، استدل به على اشتراط الوضوء في الطواف (ثم لم تكن عمرة) سؤال محمد بن [نوفل] ولا دلالة فيه على الوجوب، إلا إذا لوحظ قوله - صلى الله عليه وسلم -: "خذوا عني مناسككم" وقوله: "طوافكم بالبيت صلاة، إلا أنكم تتكلمون" وقال بوجوبه غير الكوفيين (ثم لم تكن عمرة) سؤال محمد بن نوفل إنما كان عن جواز فسخ الحج إلى العمرة، فأجاب عروة بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء الراشدين حجوا ولم يكن في ذلك فسخ الحج إلى العمرة، وهذا الَّذي قاله عروة هو مذهب الجمهور من عدم جواز فسخ الحج، وإنّ ذلك خاص بتلك السنة؛ لرفع سنة أهل الجاهلية. (ثم أبو بكر) إلى آخره من كلام عروة. (وأخبرتني أمي أنها أهلت هي وأختها) تريد عائشة (والزبير وفلان وفلان بعمرة فلما مسحوا الركن حلوا) هذا

79 - باب وجوب الصفا والمروة وجعل من شعائر الله

79 - باب وُجُوبِ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَجُعِلَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ 1643 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ عُرْوَةُ سَأَلْتُ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - فَقُلْتُ لَهَا أَرَأَيْتِ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا) فَوَاللَّهِ مَا عَلَى أَحَدٍ جُنَاحٌ أَنْ لاَ يَطُوفَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. قَالَتْ بِئْسَ مَا قُلْتَ يَا ابْنَ أُخْتِى إِنَّ هَذِهِ لَوْ كَانَتْ كَمَا أَوَّلْتَهَا عَلَيْهِ كَانَتْ لاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لاَ يَتَطَوَّفَ بِهِمَا، وَلَكِنَّهَا أُنْزِلَتْ فِي الأَنْصَارِ، كَانُوا قَبْلَ أَنْ يُسْلِمُوا يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ الطَّاغِيَةِ الَّتِى كَانُوا يَعْبُدُونَهَا عِنْدَ الْمُشَلَّلِ، فَكَانَ مَنْ أَهَلَّ يَتَحَرَّجُ أَنْ يَطُوفَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَلَمَّا أَسْلَمُوا سَأَلُوا ـــــــــــــــــــــــــــــ القدر زائد على جواب السائل، وإنما ذكره إشارة إلى أن هذا الطريق حق، وليس فيها ما يكره؛ كما كان يرى عمر وعثمان وأمّا قوله: فلما مسحوا الركن حلّوا لا بدّ من تأويله بأنهم طافوا، وسعوا، وحلقوا أو قصروا، وإنما لم يذكرها لأنه معلوم أنها من أعمال العمرة، والغرض أنهم حلوا قبل الوقوف بعرفة. باب الصّفا والمروة وجُعل من شعائر الله وفي بعضها: وجعلا من شعائر الله، وهذا ظاهر، والأول معناه: جعل السعي من شعائر الله بقرينة المقام؛ لأن الوجوب إنما يتعلق بفعل المكلف. 1643 - (قال عروة: سألت عائشة فقلت: أرأيت قول الله تعالى) بالنصب؛ أي: أخبريني عن معنى قوله تعالى: ({إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: 158]). سأل عائشة ثم ذكر قبل جوابها ما عنده من تأويل الآية، وظن أنَّه مصيب في ذلك، فإذا وافقها ظهر له مزية في العلم (فوالله ما على أحد جناح ألا يطوف بالصفا والمروة) فهم هذا من قوله تعالى: (فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: 185]، وقد أخطأ في ذلك؛ فإن الآية تدل على أن لا حرج على من سعى؛ لا على من لم يسع؛ إذ لو كان المراد ذلك لقال: أن لا يطوف بزيادة "لا"، هذا محصل جواب عائشة. ثم ذكرت سبب النزول، وهو أنّ الأنصار قبل الإسلام كانوا يُهلّون لمناة الطّاغية، وهي صنم كان لهم بالمشلل -بضم الميم وتشديد اللّام المفتوحة- مكان بقرب قُديد، وإضافة مناة

رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ ذَلِكَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا كُنَّا نَتَحَرَّجُ أَنْ نَطُوفَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ) الآيَةَ. قَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - وَقَدْ سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الطَّوَافَ بَيْنَهُمَا، فَلَيْسَ لأَحَدٍ أَنْ يَتْرُكَ الطَّوَافَ بَيْنَهُمَا. ثُمَّ أَخْبَرْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ إِنَّ هَذَا لَعِلْمٌ مَا كُنْتُ سَمِعْتُهُ، وَلَقَدْ سَمِعْتُ رِجَالاً مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، يَذْكُرُونَ أَنَّ النَّاسَ إِلاَّ مَنْ ذَكَرَتْ عَائِشَةُ مِمَّنْ كَانَ يُهِلُّ ـــــــــــــــــــــــــــــ إلى الطاغية إمّا من إضافة الموصوف إلى الصفة إن كان وصفًا لها، ويجوز أن يكون وصفًا لمن عبدها، أي: الطائفة الطّاغية، من الطغيان، وهو التجاوز عن الحد. (وسن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الطّواف بينهما) أي: شرعه؛ لا أنَّه سنة تقابل الوجوب، لقولها: (فليس لأحد تركه) فإن ما لا يجوز تركه إمّا ركن كما قاله مالك والشافعي والإمام أحمد، وواجب كما قاله أبو حنيفة. فإن قلت: رفع الجناح أعم من الوجوب، من أين استفادت عائشة الوجوب؟ قلت: قد قيل إنها استفادت من فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قوله: "خذوا عني مناسككم"، أو من القرائن، والكلّ ضعيف، أمّا الفعل فلأنه لا يدل على الوجوب، وأمّا: "خذوا عني مناسككم" فلأنّ المناسك تشمل على الواجب والمندوب. والحق أن الوجوب إنما استفيد من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "اسعوا فإن اللهَ كتب عليكم السعي" رواه شارح السنة، والإمام أحمد، والشافعي والطبراني، والأمر للوجوب، وأما الاستدلال بقول عائشة كما رواه مسلم: لعمري ما أتم الله حج امرئ لم يطف بين الصّفا والمروة فلا يتم؛ لأنها لم ترفعه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولو كان ذلك دليلًا لكان قولها هنا: ليس لأحد تركه كافيًا؛ لأن الَّذي لا يجوز لأحد تركه هو الواجب لا غير (قال عروة: ثم أخبرت أبا بكر بن عبد الرحمن) أي: ما قالت عائشة (فقال: إن هذا العلم ما كنت سمعته) بضم التاء، ثم ذكر أبو بكر ما كان عنده من العلم، وذلك أن غير الأنصار كانوا في الجاهلية يطوفون بين الصفا والمروة، فلما ذكرَ اللهُ في كتابه الطوافَ ولم يذكِر الصفا والمروةُ تحرجوا لا أنَّه كان من

80 - باب ما جاء فى السعى بين الصفا والمروة

بِمَنَاةَ، كَانُوا يَطُوفُونَ كُلُّهُمْ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَلَمَّا ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ، وَلَمْ يَذْكُرِ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ فِي الْقُرْآنِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كُنَّا نَطُوفُ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَإِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ، فَلَمْ يَذْكُرِ الصَّفَا فَهَلْ عَلَيْنَا مِنْ حَرَجٍ أَنْ نَطَّوَّفَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ) الآيَةَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ فَأَسْمَعُ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِي الْفَرِيقَيْنِ كِلَيْهِمَا فِي الَّذِينَ كَانُوا يَتَحَرَّجُونَ أَنْ يَطُوفُوا بِالْجَاهِلِيَّةِ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَالَّذِينَ يَطُوفُونَ ثُمَّ تَحَرَّجُوا أَنْ يَطُوفُوا بِهِمَا فِي الإِسْلاَمِ مِنْ أَجْلِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِالطَّوَافِ بِالْبَيْتِ، وَلَمْ يَذْكُرِ الصَّفَا حَتَّى ذَكَرَ ذَلِكَ بَعْدَ مَا ذَكَرَ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ. أطرافه 1790، 4495، 4861 80 - باب مَا جَاءَ فِي السَّعْىِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - السَّعْىُ مِنْ دَارِ بَنِى عَبَّادٍ إِلَى زُقَاقِ بَنِى أَبِى حُسَيْنِ. 1644 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ مَيْمُونٍ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا طَافَ الطَّوَافَ الأَوَّلَ خَبَّ ثَلاَثًا وَمَشَى أَرْبَعًا، وَكَانَ يَسْعَى بَطْنَ الْمَسِيلِ إِذَا طَافَ بَيْنَ ـــــــــــــــــــــــــــــ عمل أهل الجاهلية، فأنزل الله الآية رفعًا للحرج (قال أبو بكر: فأسمع هذه الآية نزلت في الفريقين). فإن قلت: ذكر أبو بكر آنفًا أنَّه لم يكن سمع ما قال عروة، فكيف قال سمعت أنها نزلت في الفريقين؟ قلت: لم يقل سمعت، بل قال: أسمع؛ يريد أنَّه كان سمع أنها كانت نازلة في قوم، فلما سمع عروة قال: أسمع؛ أي: الآن، والأمر كذلك أنها نزلت في الفريقين، إذ لا تزاحم في أسباب النزول، يجوز أن يكون السبب متعددًا. باب ما جاء في السعي بين الصفا والمروة (وقال ابن عمر: السعي من دار [بني] عباد إلى زقاق بني أبي حسين) موضعان معلومان هناك، والمراد بالسعي الإسراع في المشي لا المصطلح. 1644 - كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا طاف الأول) أي: طواف القدوم (خبّ ثلاثًا) بفتح المعجمة وتشديد الموحدة: أي: أسرع؛ وهو الرّمل الَّذي تقدم بيانه (وكان يسعى بطن المسيل)

الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. فَقُلْتُ لِنَافِعٍ أَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَمْشِى إِذَا بَلَغَ الرُّكْنَ الْيَمَانِىَ قَالَ لاَ. إِلاَّ أَنْ يُزَاحَمَ عَلَى الرُّكْنِ فَإِنَّهُ كَانَ لاَ يَدَعُهُ حَتَّى يَسْتَلِمَهُ. أطرافه 1603 1645 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ سَأَلْنَا ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنه - عَنْ رَجُلٍ طَافَ بِالْبَيْتِ فِي عُمْرَةٍ، وَلَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَيَأْتِى امْرَأَتَهُ فَقَالَ قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَطَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا، وَصَلَّى خَلْفَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ، فَطَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ سَبْعًا (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ). 1646 - وَسَأَلْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - فَقَالَ لاَ يَقْرَبَنَّهَا حَتَّى يَطُوفَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. طرفه 396 1647 - حَدَّثَنَا الْمَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَكَّةَ، فَطَافَ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ تَلاَ (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ). 1648 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ قَالَ قُلْتُ لأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَكُنْتُمْ تَكْرَهُونَ السَّعْىَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ قَالَ نَعَمْ. لأَنَّهَا كَانَتْ مِنْ شَعَائِرِ الْجَاهِلِيَّةِ، حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ أي: يسرع هناك إذا سعى بين الصفا والمروة، وهو من دار عباد إلى زقاق بني أبي حسين. 1645 - (عن عمرو بن دينار قال: سألنا ابن عمر عن رجل طاف بالبيت في عمرة ولم يطف بين الصفا والمروة، أيأتي امرأته؟) كان ظاهر جواب ابن عمر أن يقول: يأتي، أو لا يأتي، وإنما حكى له فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليكون أشفى له، وأثلج لصدره (وسألنا جابر بن عبد الله) فإنه كان أعلم الناس بالمناسك، لا سيّما حج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. 1648 - (قلت لأنس بن مالك: أكنتم تكرهون السعي بين الصفا والمروة؟ قال: نعم؛ لأنهما من شعائر الجاهلية) وفي بعضها: من شعار.

81 - باب تقضى الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت، وإذا سعى على غير وضوء بين الصفا والمروة

حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا). طرفه 4496 1649 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ إِنَّمَا سَعَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِيُرِىَ الْمُشْرِكِينَ قُوَّتَهُ. زَادَ الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرٌو سَمِعْتُ عَطَاءً عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ. طرفه 4257 81 - باب تَقْضِى الْحَائِضُ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا إِلاَّ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ، وَإِذَا سَعَى عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ 1650 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا قَالَتْ قَدِمْتُ مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ، وَلَمْ أَطُفْ ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: أنس من الأنصار، وقد تقدم أن ذلك إنما كان لأنهم كانوا يهلون لمناة، لا لأن الصفا والمروة من شعائر الجاهلية؟ قلت: هذه الكراهية غير ذلك؛ فإنهم كانوا يتحرجون ذلك في الجاهلية احترامًا لمناة، وهذه الكراهة بعد الإسلام قبل نزول الآية. فإن قلت: الطواف أيضًا من شعار الجاهلية؛ فإنهم كانوا نصبوا حول البيت أصنامًا. قلت: الطواف بالبيت كان لتعظيم البيت، بخلاف الطواف بين الصفا والمروة؛ فإنّه كان لصنمين هناك على الصفا إساف، وعلى المروة نائلة. قيل: كان إساف رجلًا، هو ابن عمر، ونائلة امرأة، هي بنت سهيل من جرهم، زنيا في الكعبة، فمسخا، فَوُضع أحدهما على الصفا، والآخر على المروة، عبرة لمن يرى، وبعد مرور الزمان عبدا من دون الله. قيل: المروة أفضل من الصفا؛ لأنها تقصد أربع مرات. قلت: هذا ذهول عن سر القصد بالابتداء لا لابتداء في الطواف بالحجر الأسود. باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت، وإذا سعى علي غير وضوء بين الصفا والمروة 1650 - روى في الباب حديث عائشة أنها حاضت وهي محرمة، وقد سلف حديثها

بِالْبَيْتِ، وَلاَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، قَالَتْ فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «افْعَلِى كَمَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لاَ تَطُوفِى بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِى». طرفه 294 1651 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ. قَالَ وَقَالَ لِى خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا حَبِيبٌ الْمُعَلِّمُ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ أَهَلَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - هُوَ وَأَصْحَابُهُ بِالْحَجِّ، وَلَيْسَ مَعَ أَحَدٍ مِنْهُمْ هَدْىٌ، غَيْرَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَطَلْحَةَ، وَقَدِمَ عَلِىٌّ مِنَ الْيَمَنِ، وَمَعَهُ هَدْىٌ فَقَالَ أَهْلَلْتُ بِمَا أَهَلَّ بِهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. فَأَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَصْحَابَهُ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً، وَيَطُوفُوا، ثُمَّ يُقَصِّرُوا وَيَحِلُّوا، إِلاَّ مَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْىُ، فَقَالُوا نَنْطَلِقُ إِلَى مِنًى، وَذَكَرُ أَحَدِنَا يَقْطُرُ، فَبَلَغَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِى مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا أَهْدَيْتُ، وَلَوْلاَ أَنَّ مَعِى الْهَدْىَ ـــــــــــــــــــــــــــــ مرارًا، وموضع الدلالة هنا قوله: (غير أن لا تطوفي بالبيت) فإنه يدل على جواز السعي. 1651 - (عن جابر: أهلّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بالحج وليس مع أحد منهم هدي غير النبي - صلى الله عليه وسلم - وطلحة). فإن قلت: تقدم من قول عائشة أن طائفة ذوي يسار كان معهم الهدي، منهم أبو بكر، فكيف جاز لجابر الحصر في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وطلحة؟ قلت: أخبر كل منهما على قدر علمه. (فأمر أصحابه أن يجعلوها عمرة) أي: حجتهم التي أحرموا لها؛ رفعًا لسنة الجاهلية من عدم جواز العمرة في أشهر الحج (فقالوا: ننطلق إلى منى وذكر أحدنا يقطر منيًّا؟) كناية عن قرب العهد بالجماع، وهذا غاية الإنكار منهم، ولم يكن ردًّا لأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بل رجاءَ أن يُوحى إليه في ذلك، ولما عزم عليهم فعلوه وأطاعوا لذلك (لو استقبلت من أمري ما استدبرت) أي: لو ظهر لي من الرأي فيما مضى ما ظهر لي الآن (لما سقت الهدي). استدل به من قال: التمتع أفضل من الإفراد والقران، وهو مذهب الإمام أحمد والشافعي ومالك: الإفراد أفضل، وأبو حنيفة: القران أفضل، والجواب لهم عن هذا الحديث أنَّه إنما قاله تطييبًا لخاطر أصحابه، وأيضًا كان مخصوصًا بتلك السنة لرفع تلك القاعدة الجاهلية.

لأَحْلَلْتُ». وَحَاضَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - فَنَسَكَتِ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا، غَيْرَ أَنَّهَا لَمْ تَطُفْ بِالْبَيْتِ، فَلَمَّا طَهُرَتْ طَافَتْ بِالْبَيْتِ. قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَنْطَلِقُونَ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ، وَأَنْطَلِقُ بِحَجٍّ فَأَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِى بَكْرٍ أَنْ يَخْرُجَ مَعَهَا إِلَى التَّنْعِيمِ، فَاعْتَمَرَتْ بَعْدَ الْحَجِّ. طرفه 1557 1652 - حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ حَفْصَةَ قَالَتْ كُنَّا نَمْنَعُ عَوَاتِقَنَا أَنْ يَخْرُجْنَ، فَقَدِمَتِ امْرَأَةٌ فَنَزَلَتْ قَصْرَ بَنِى خَلَفٍ، فَحَدَّثَتْ أَنْ أُخْتَهَا كَانَتْ تَحْتَ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثِنْتَىْ عَشْرَةَ غَزْوَةً، وَكَانَتْ أُخْتِى مَعَهُ فِي سِتِّ غَزَوَاتٍ، قَالَتْ كُنَّا نُدَاوِى الْكَلْمَى وَنَقُومُ عَلَى الْمَرْضَى. فَسَأَلَتْ أُخْتِى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ هَلْ عَلَى إِحْدَانَا بَأْسٌ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا جِلْبَابٌ أَنْ لاَ تَخْرُجَ قَالَ «لِتُلْبِسْهَا صَاحِبَتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا، وَلْتَشْهَدِ الْخَيْرَ، وَدَعْوَةَ الْمُؤْمِنِينَ». فَلَمَّا قَدِمَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ - رضى الله عنها - سَأَلْنَهَا - أَوْ قَالَتْ سَأَلْنَاهَا - فَقَالَتْ وَكَانَتْ لاَ تَذْكُرُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلاَّ قَالَتْ بِأَبِى. فَقُلْنَا أَسَمِعْتِ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ كَذَا وَكَذَا قَالَتْ نَعَمْ بِأَبِى. فَقَالَ «لِتَخْرُجِ الْعَوَاتِقُ ذَوَاتُ الْخُدُورِ - أَوِ الْعَوَاتِقُ وَذَوَاتُ الْخُدُورِ - وَالْحُيَّضُ، فَيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ، وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ، وَيَعْتَزِلُ الْحُيَّضُ الْمُصَلَّى». فَقُلْتُ الْحَائِضُ. فَقَالَتْ أَوَ لَيْسَ تَشْهَدُ عَرَفَةَ، وَتَشْهَدُ كَذَا وَتَشْهَدُ كَذَا طرفه 324 ـــــــــــــــــــــــــــــ (فلما طهرت) بفتح الحاء وضمها لغتان (قالت: يا رسول الله، تنطلقون بحجة وعمرة، وأنطلق بحج) هذا الكلام فيه تسامح، لما تقدم من أنها قارنة مثل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فليس لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمرة مستقلة، وإنما خاطبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأرادت أزواجه اللاتي كن متمتعات. 1652 - (مؤمل) بضم الميم الأول وفتح الثاني مع التشديد. (قدمت امرأة فنزلت قصر بني خلف) موضع بقرب البصرة كنا نداوي الكلمى) جمع كلم، كليم، المجروح (فلما قدمت أم عطية سألناها، وكانت لا تذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا قالت: بيبي) -بفتح الموحدة بعدها مثناة، آخره ألف- أصله: بأبي كما في بعض النسخ، قلبت الهمزة ياء، وياء الإضافة في آخره ألفًا (أو ليس تشهد عرفة وكذا وكذا؟) في ليس ضمير

82 - باب الإهلال من البطحاء، وغيرها للمكى وللحاج إذا خرج إلى منى

82 - باب الإِهْلاَلِ مِنَ الْبَطْحَاءِ، وَغَيْرِهَا لِلْمَكِّىِّ وَلِلْحَاجِّ إِذَا خَرَجَ إِلَى مِنًى وَسُئِلَ عَطَاءٌ عَنِ الْمُجَاوِرِ يُلَبِّى بِالْحَجِّ، قَالَ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يُلَبِّى يَوْمَ التَّرْوِيَةِ إِذَا صَلَّى الظُّهْرَ، وَاسْتَوَى عَلَى رَاحِلَتِهِ. وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - قَدِمْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَحْلَلْنَا حَتَّى يَوْمِ التَّرْوِيَةِ وَجَعَلْنَا مَكَّةَ بِظَهْرٍ لَبَّيْنَا بِالْحَجِّ. تحفة 2437 وَقَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَهْلَلْنَا مِنَ الْبَطْحَاءِ. تحفة 2844، 3005 وَقَالَ عُبَيْدُ بْنُ جُرَيْجٍ لاِبْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - رَأَيْتُكَ إِذَا كُنْتَ بِمَكَّةَ أَهَلَّ النَّاسُ إِذَا رَأَوُا الْهِلاَلَ وَلَمْ تُهِلَّ أَنْتَ حَتَّى يَوْمَ التَّرْوِيَةِ. فَقَالَ لَمْ أَرَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يُهِلُّ حَتَّى تَنْبَعِثَ بِهِ رَاحِلَتُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الشأن، وهذا الحديث تقدم في باب شهود الحائض المصلى في أبواب الصلاة، وموضع الدلالة قوله: "تشهد كذا وكذا" فإنه يدخل فيها السعي وغيره، وقوله في الحديث الأوّل "غير أن لا تطوفا في البيت" نصّ في الجواز، ورافع لما في "كذا" من الإبهام. باب الإهلال من البطحاء وغيرها للمكي وللحاج إذا خرج إلى منى (وكان ابن عمر يلبي يوم التروية) هو اليوم الثامن من ذي الحجة، وهذا شأن المتمتع فإنه ينشأ الحج من مكة بعد فراغه من أعمال العمرة، واستدل على ذلك بفعل الصحابة وهم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومحصّله: أنّ الآفاقي المتمتع ومن كان مقيمًا بمكة يحرم بالحج في الحرم، ولا يجوز له الخروج إلى الحل، والأفضل أن يحرم من باب داره، ثم المسجد الحرام، ثم سائر أجزاء الحرم (أبو الزبير) هو محمد بن مسلم (عبيد بن جريج) كلاهما مصغر (لم أر النبي - صلى الله عليه وسلم - يهلُّ حتَّى بلغت به راحلته) أي: حيث كان يحرم حاجًا، أو معتمرًا، وإنما قلنا ذلك لأنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يهل بمكة لا في حج ولا عمرة.

83 - باب أين يصلى الظهر يوم التروية

83 - باب أَيْنَ يُصَلِّى الظُّهْرَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ 1653 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الأَزْرَقُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قُلْتُ أَخْبِرْنِى بِشَىْءٍ عَقَلْتَهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَيْنَ صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ قَالَ بِمِنًى. قُلْتُ فَأَيْنَ صَلَّى الْعَصْرَ يَوْمَ النَّفْرِ قَالَ بِالأَبْطَحِ. ثُمَّ قَالَ افْعَلْ كَمَا يَفْعَلُ أُمَرَاؤُكَ. طرفاه 1654، 1763 1654 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ سَمِعَ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَيَّاشٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ لَقِيتُ أَنَسًا. وَحَدَّثَنِى إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ خَرَجْتُ إِلَى مِنًى يَوْمَ التَّرْوِيَةِ فَلَقِيتُ أَنَسًا - رضى الله عنه - ذَاهِبًا عَلَى حِمَارٍ فَقُلْتُ أَيْنَ صَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - هَذَا الْيَوْمَ الظُّهْرَ فَقَالَ انْظُرْ حَيْثُ يُصَلِّى أُمَرَاؤُكَ فَصَلِّ. طرفه 1653 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب أين يصلي الظهر يوم التروية 1653 - (أين صلّى الظهر والعصر يوم التروية؟ قال: بمنى، قلت: فأين صلى العصر يوم النفر؟) -بفتح النون وسكون الفاء- هو الرجوع من منى إلى مكة بعد الرّمي (قال: بالأبطح) هو: المحصّب وهو البطحاء، واد بين مكة ومنى. 1654 - (سمع أبا بكر بن عياش) -بفتح العين وتشديد المثناة تحت وشين معجمة- هو شعبة الراوي عن عاصم في القراءة. (فقلت) أي: لأنس (أين صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا اليوم؟) أي: في مثله؛ وهو: يوم التروية. (قال: انظر حيث يصلي أُمراؤك فصل) لأنهم كانوا يعرفون ذلك، فيسقط عنه مؤونة السؤال، وقيل: خاف عليه إن اشتغل بذلك تفوته صلاة الجماعة؛ فإن الأمراء لم يكونوا يواظبون على ذلك، والذي اتفق عليه رواية مسلم عن جابر، ورواية الإمام أحمد والحاكم والترمذي: أن

84 - باب الصلاة بمنى

84 - باب الصَّلاَةِ بِمِنًى 1655 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ، وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ صَدْرًا مِنْ خِلاَفَتِهِ. طرفه 1082 1656 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِىِّ عَنْ حَارِثَةَ بْنِ وَهْبٍ الْخُزَاعِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ صَلَّى بِنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ أَكْثَرُ مَا كُنَّا قَطُّ وَآمَنُهُ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ. طرفه 1083 ـــــــــــــــــــــــــــــ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى بمنى الظهر إلى فجر عرفة خمس صلوات. باب الصلاة بمنى 1655 - (المنذر) بضم الميم وكذا الذال. (صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمنى ركعتين، وأبو بكر وعمر وعثمان صدرًا من خلافته) قيل: صلّى كذلك ست سنين ثم أتم؛ لأنه كان تزوج بمكة، والأظهر كان ذلك اجتهادًا، وقولًا بجواز الأمرين؛ كما قاله الشافعي وأحمد، إذ لو كان إتمامه لإقامته بمكة لم يكن لاعتراض ابن مسعود وجه. 1656 - (عن أبي إسحاق الهمداني) -بفتح الهاء وسكون الميم ودال مهملة- قال الجوهري قبيلة من العرب بيمن، وأبو إسحاق هذا هو السبيعي -بفتح السين وكسر الموحدة، بعدها مثناة- بطن من همدان، واسمه: عمرو بن عبد الله الخزاعي -بضم الخاء المعجمة، وزاي كذلك- قبيلة من الأزد، سميت بذلك لأنها تخزعت؛ أي: تخلفت بمكة لما تفرق الأزد في البلاد. (صلى بنا النبي - صلى الله عليه وسلم - ونحن أكثر ما كنا وآمنه) -بفتح الهمزة والمد- أفعل تفضيل من الأمن، دفع توهم الخوف المذكور في قوله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء: 101].

85 - باب صوم يوم عرفة

1657 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - رَكْعَتَيْنِ، وَمَعَ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنه - رَكْعَتَيْنِ وَمَعَ عُمَرَ - رضى الله عنه - رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ تَفَرَّقَتْ بِكُمُ الطُّرُقُ، فَيَا لَيْتَ حَظِّى مِنْ أَرْبَعٍ رَكْعَتَانِ مُتَقَبَّلَتَانِ. طرفه 1084 85 - باب صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ 1658 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَنَا سَالِمٌ قَالَ سَمِعْتُ عُمَيْرًا مَوْلَى أُمِّ الْفَضْلِ عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ شَكَّ النَّاسُ يَوْمَ عَرَفَةَ فِي صَوْمِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَبَعَثْتُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِشَرَابٍ فَشَرِبَهُ. أطرافه 1661، 1988، 5604، 5618، 5636 ـــــــــــــــــــــــــــــ 1657 - (ثم تفرقت بكم الطرق) مجاز عن الاختلاف، واعترض بهذا على عثمان حين أتمّ (فيا ليت حظي من أربع ركعتان متقبلتان) أي: يا قومي ليت، قوله: حظي من أربع اسم وخبر، وقوله: ركعتان بدل بعض من كل من أربع، أو من أربع حال من ركعتان، تقدم لكون ذي الحال نكرة. فإن قلت: كيف قلد عبد الله بن مسعود عثمان، والمجتهد لا يقلد مجتهدًا مثله؟ قلت: لم يقلد في ذلك، كان خليفة، وفي الموسم أطراف الناس ورعاعهم من الأقطار، لم يرد مشاقته، واقتداء القاصر بالمتم جائز، وإذا اقتدى به يلزم الإتمام. باب صوم يوم عرفة 1658 - (سفيان عن الزهري) وفي بعضها: سفيان عن عمرو، وكلاهما صحيح؛ فإن ابن عيينة يروي عن كل منهما (عمير) بضم العين مصغر (مولى أم الفضل) بنت الحارث، زوجة عبّاس. (شك الناس في صوم النبي - صلى الله عليه وسلم -، فبعثت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بشراب) سيأتي أنَّه كان قدح لبن (فشربه وهو واقف على ناقته في الموقف) ليري الناس عدم صومه، ولهذا لم يسن للواقف بعرفة الصوم، والحكمة في ذلك أن يقوم بالأدعية والأذكار.

86 - باب التلبية والتكبير إذا غدا من منى إلى عرفة

86 - باب التَّلْبِيَةِ وَالتَّكْبِيرِ إِذَا غَدَا مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَةَ 1659 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ الثَّقَفِىِّ أَنَّهُ سَأَلَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَهُمَا غَادِيَانِ مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَةَ كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ فِي هَذَا الْيَوْمِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ كَانَ يُهِلُّ مِنَّا الْمُهِلُّ فَلاَ يُنْكِرُ عَلَيْهِ، وَيُكَبِّرُ مِنَّا الْمُكَبِّرُ فَلاَ يُنْكِرُ عَلَيْهِ. 87 - باب التَّهْجِيرِ بِالرَّوَاحِ يَوْمَ عَرَفَةَ 1660 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ قَالَ كَتَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى الْحَجَّاجِ أَنْ لاَ يُخَالِفَ ابْنَ عُمَرَ فِي الْحَجِّ، فَجَاءَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنه - وَأَنَا مَعَهُ يَوْمَ عَرَفَةَ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ، فَصَاحَ عِنْدَ سُرَادِقِ الْحَجَّاجِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب التلبية والتكبير إذا غدا من منى إلى عرفة 1659 - (محمد بن أبي بكر الثقفي) -بفتح المثلثة- نسبة إلى ثقيف، قبيلة عظيمة، كانوا بطائف، قال الجوهري: وثقيفٌ أبو قبيلةٍ من هوازن، واسمه قسي وثقيف لقب له، من الثقافة؛ وهي الحذق والخفة، وليس لمحمد هذا حديث في الصحيح إلا هذا الحديث. (سأل أنس بن مالك وهما غاديان من منى إلى عرفات: كيف كنتم تصنعون في هذا اليوم؟) أي: في مثله (قال: كان يُهِلُّ مِنّا المُهِلُّ فلم يُنكر عليه، ويُكبر المكبر فلم يُنكر عليه) ينكر: على بناء المجهول، قال الخطابي: ولعلّ ذلكَ التكبير كان ذكرًا يُدْخلونه في أثناء التلبية. ولا حاجة إلى هذا التكلّف؛ فإن التكبير مشروع، إلّا أنّ التلبية أفضل. باب التهجير بالرواح يوم عرفة 1660 - (كتب عبد الملك إلى الحجاج: أنْ لا تخالف ابن عمر في الحج) أي في معرفة شرائطه وآدابه، وعبد الملك هو ابن مروان الخليفة (فجاء ابن عمر وأنا معه) هذا كلام سالم (حين زالت الشمس عند سرادق الحجاج) معرب سرا برده، وهو ما يمد قدّام الخيمة،

88 - باب الوقوف على الدابة بعرفة

فَخَرَجَ وَعَلَيْهِ مِلْحَفَةٌ مُعَصْفَرَةٌ فَقَالَ مَا لَكَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ الرَّوَاحَ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ السُّنَّةَ. قَالَ هَذِهِ السَّاعَةَ قَالَ نَعَمْ. قَالَ فَأَنْظِرْنِى حَتَّى أُفِيضَ عَلَى رَأْسِى ثُمَّ أَخْرُجَ. فَنَزَلَ حَتَّى خَرَجَ الْحَجَّاجُ، فَسَارَ بَيْنِى وَبَيْنَ أَبِى، فَقُلْتُ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ السُّنَّةَ فَاقْصُرِ الْخُطْبَةَ وَعَجِّلِ الْوُقُوفَ. فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ صَدَقَ. طرفاه 1662، 1663 88 - باب الْوُقُوفِ عَلَى الدَّابَّةِ بِعَرَفَةَ 1661 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِى النَّضْرِ عَنْ عُمَيْرٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ بِنْتِ الْحَارِثِ أَنَّ نَاسًا اخْتَلَفُوا عِنْدَهَا يَوْمَ عَرَفَةَ فِي صَوْمِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ صَائِمٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَيْسَ بِصَائِمٍ. فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ بِقَدَحِ لَبَنٍ وَهْوَ وَاقِفٌ عَلَى بَعِيرِهِ فَشَرِبَهُ. طرفه 1658 89 - باب الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلاَتَيْنِ بِعَرَفَةَ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - إِذَا فَاتَتْهُ الصَّلاَةُ مَعَ الإِمَامِ جَمَعَ بَيْنَهُمَا. 1662 - وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمٌ أَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ كالحائط في البيوت (فخرج وعليه ملحفة معصفرة) أي: مصبوغة بالعصفر (فقال: الرّواح إن كنت تريد السنة) نصب على الإغراء؛ أي: الزم الرواح إنْ كنت تريد العمل بالسنة (قال: فَأَنظرني) بهمزة القطع، ويجوز الوصل: أي: أمهلني (حتَّى أفيض على رأسي) أي: أَغتسل. فإن قلت: تقدم أنّ لبس المعصفر لا يجوز؟ قلت: أجابوا بأن الحجاج لم يبال بالمعاصي، وابن عمر لم ينهه لعلمه بأنه لا يرتاع. باب الوقوف على الدّابة بعرفة 1661 - روى الحديث الَّذي رواه في باب صوم يوم عرفة: أن الناس اختلفوا في صوم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبعثت أم الفضل بقدح لبن وهو واقف على ناقته بالموقف فشربه. باب الجمع بين الصلاتين بعرفة 1662 - (عقيل) بضم العين مصغر.

90 - باب قصر الخطبة بعرفة

الْحَجَّاجَ بْنَ يُوسُفَ عَامَ نَزَلَ بِابْنِ الزُّبَيْرِ - رضى الله عنهما - سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ - رضى الله عنه - كَيْفَ تَصْنَعُ فِي الْمَوْقِفِ يَوْمَ عَرَفَةَ فَقَالَ سَالِمٌ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ السُّنَّةَ فَهَجِّرْ بِالصَّلاَةِ يَوْمَ عَرَفَةَ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ صَدَقَ. إِنَّهُمْ كَانُوا يَجْمَعُونَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي السُّنَّةِ. فَقُلْتُ لِسَالِمٍ أَفَعَلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ سَالِمٌ وَهَلْ تَتَّبِعُونَ فِي ذَلِكَ إِلاَّ سُنَّتَهُ طرفه 1660 90 - باب قَصْرِ الْخُطْبَةِ بِعَرَفَةَ 1663 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ كَتَبَ إِلَى الْحَجَّاجِ أَنْ يَأْتَمَّ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فِي الْحَجِّ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ جَاءَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - وَأَنَا مَعَهُ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ أَوْ زَالَتْ، فَصَاحَ عِنْدَ فُسْطَاطِهِ أَيْنَ هَذَا فَخَرَحَ إِلَيْهِ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ الرَّوَاحَ. فَقَالَ الآنَ قَالَ نَعَمْ. قَالَ أَنْظِرْنِى أُفِيضُ عَلَىَّ مَاءً. فَنَزَلَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - حَتَّى خَرَجَ، فَسَارَ بَيْنِى وَبَيْنَ أَبِى. فَقُلْتُ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ أَنْ تُصِيبَ السُّنَّةَ الْيَوْمَ فَاقْصُرِ الْخُطْبَةَ وَعَجِّلِ الْوُقُوفَ. فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ صَدَقَ. طرفه 1660 ـــــــــــــــــــــــــــــ روى في الباب حديث ابن عمر الَّذي حث فيه الحجاج على الرواح (فَهجِّر) أي: بكر الصلاة في أول وقت الظهر، وفيه كانوا يجمعون بَين الظهر والعصر في النفر) وفي بعضها: "في السنة" وكلاهما حسن، وهذا موضع الدلالة على ما ترجم (عام نزل بابن الزبير) أي: محاربًا له (فقال وهل تتبعون في ذلك إلا سنته) هذا جواب سالم للزهري، وقد سلف قوله للحجاج: إن كنت تريد السنة فهجر بالصلاة، فإن السنة إذا أطلقت هي سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والجمع بعرفة، ومنى عند الجمهور للمسافر، وقال مالك والأوزاعي: للنسك، فجمع أهل مكة أيضًا. باب قصر الخطبة بعرفة 1663 - روى في الباب حديث عبد الله [بن] عمر مع الحجاج، وقد رواه آنفًا وموضع الدلالة على الترجمة قول سالم: (إن كنت تريد أن تصيب السنة اليوم فاقصر الخطبة وعجل الوقوف) وصدقه في ذلك ابن عمر.

91 - باب التعجيل إلى الموقف

91 - باب التَّعْجِيلِ إِلَى الْمَوْقِفِ 92 - باب الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ 1664 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرٌو حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ كُنْتُ أَطْلُبُ بَعِيرًا لِى. وَحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ أَضْلَلْتُ بَعِيرًا لِى، فَذَهَبْتُ أَطْلُبُهُ يَوْمَ عَرَفَةَ، فَرَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَاقِفًا بِعَرَفَةَ، فَقُلْتُ هَذَا وَاللَّهِ مِنَ الْحُمْسِ فَمَا شَأْنُهُ هَا هُنَا؟ ـــــــــــــــــــــــــــــ 1664 - (جبير) بضم الجيم مصغر. (مطعم) بضم الميم وكسر العين. (قال: أضللت بعيرًا فذهبت أطلبه يوم عرفة، فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - واقفًا بعرفة، فقلت: هذا والله من الحُمْس فما شأنه هنا؟) الحمس: جمع الأحمس؛ من الحماسة؛ وهي: الشجاعة، قال الجوهري: الحمس: قريش وكنانة، وإنما سميت حمسًا [.....] على دينهم كانوا لا يستظلون في الإحرام، ولا يدخلون البيوت من أبوابها، وإنما أنكر أن يكون الحمس بعرفات لأنهم كانوا يقفون بالمزدلفة، ويقولون: نحن أهل الحرم لا نخرج منه، وإلى رفع ذلك يشير قوله: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} [البقرة: 199] أي: الواقفون بعرفة من غير الحمس. قال بعض الشارحين: فإن قلت: جبير بن مطعم أسلم يوم فتح مكة، وقبل يوم خيبر، وحَجُّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد الفتح، فكيف خفي على جبير أن الموقف عرفة؟ قلت: لم يكن بَلَغَه قوله تعالى: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} أو لم يكن سؤاله سؤال إنكار؛ بل سؤالٌ عن الحكم، فكل هذا ليس بشيء؛ فإن هذا كان قبل البعثة، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحده من الحمس كان يخالف قومه في الوقوف بمزدلفة، هداه الله إلى الصَّواب، فكذلك أنكره، ولو كان بعد رسالته لم يكن للإنكار وجه؛ لأنه كان يخالف في هديه كله المشركين، والذي يدل على ما قلنا قول جبير: أضللت بعيرًا فذهبت في طلبه، فإنه صرح في أنَّه لم يكن حاجًّا، وإنما صادف ذلك اتفاقًا، وقد جاء في مسند إسحاق بن راهويه: رأيته في الجاهلية واقفًا

1665 - حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِى الْمَغْرَاءِ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ عُرْوَةُ كَانَ النَّاسُ يَطُوفُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ عُرَاةً إِلاَّ الْحُمْسَ، وَالْحُمْسُ قُرَيْشٌ وَمَا وَلَدَتْ، وَكَانَتِ الْحُمْسُ يَحْتَسِبُونَ عَلَى النَّاسِ يُعْطِى الرَّجُلُ الرَّجُلَ الثِّيَابَ يَطُوفُ فِيهَا، وَتُعْطِى الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ الثِّيَابَ تَطُوفُ فِيهَا، فَمَنْ لَمْ يُعْطِهِ الْحُمْسُ طَافَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانًا، وَكَانَ يُفِيضُ جَمَاعَةُ النَّاسِ مِنْ عَرَفَاتٍ، وَيُفِيضُ الْحُمْسُ مِنْ جَمْعٍ. قَالَ وَأَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِي الْحُمْسِ (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ) قَالَ كَانُوا يُفِيضُونَ مِنْ جَمْعٍ فَدُفِعُوا إِلَى عَرَفَاتٍ. طرفه 4520 ـــــــــــــــــــــــــــــ بعرفة، ويا ليت شعري كيف يقول في حج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا حجة الوداع؟ وكان معه جميع المهاجرين والأنصار، وكنت أتعجب من هذا، ثم رأيت الزمخشري قد قال مثله في "الفائق". 1665 - (فروة بن أبي المغراءِ) [بفتح الميم] وسكون الغين المعجمة والمد. (إلا الحمس، والحمس قريش وما ولدت) أي: ما ولدته قريش، أي: ذريته، وقريش أولاد نضر بن كنانة، وتفسير ما ولدَت بكنانة غلطٌ؛ لأن كنانة والد النضر لم يُطلق عليه قريش ولا الحمس. فإن قلت: قد ذكرت عن الجوهري أنَّ كنانة أيضًا من الحمس؟ قلت: كنانة التي قال الجوهري إنها من الحمس كنانة من تغلب بن وائل، وكنانة والد النضر هو كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن أد بن معد بن عدنان. (وكان الحمس يحتسبون على الناس) الاحتساب: العمل الَّذي يتقرب به إلى الله؛ كأنه يعد ثوابه عليه تعالى (يعطي الرجل الرجل الثياب يطوف فيها، وتعطي المرأة المرأة الثياب تطوف فيها). فإن قلت: لأي معنى كانوا يطوفون في ثياب الحمس ولا يطوفون في ثيابهم؟ قلت: هذا كان من أباطيلهم؛ فإنهم كانوا يدّعون أن الحمس سكان الحرم لم يكتب عليهم ذنب، فثيابهم لم تلوث بالذنوب بخلاف ثيابهم.

93 - باب السير إذا دفع من عرفة

93 - باب السَّيْرِ إِذَا دَفَعَ مِنْ عَرَفَةَ 1666 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ سُئِلَ أُسَامَةُ وَأَنَا جَالِسٌ كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَسِيرُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ حِينَ دَفَعَ قَالَ كَانَ يَسِيرُ الْعَنَقَ، فَإِذَا وَجَدَ فَجْوَةً نَصَّ. قَالَ هِشَامٌ وَالنَّصُّ فَوْقَ الْعَنَقِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فَجْوَةٌ مُتَّسَعٌ، وَالْجَمِيعُ فَجَوَاتٌ وَفِجَاءٌ، وَكَذَلِكَ رَكْوَةٌ وَرِكَاءٌ. مَنَاصٌ لَيْسَ حِينَ فِرَارٍ. طرفاه 2999، 4413 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب السير إذا دفع من عرفة أي: باب بيان كيفية السير عن عرفة. 1666 - (سئل أسامةُ وأنا جالس؛ كيف كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسير في حجة الوداع حين دفع؟) إنما سئل أسامة من بين الناس لأنّه كان ردف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين دفع، والرواية في دفع بفتح الدال علي بناء الفاعل، وكلام الجوهري يدل على أنَّه متعد، أي: دفع ناقته مسرعًا، قال الجوهري: اندفع الفرس؛ أي: أسرع (كان يسير العنق) -بفتح العين والنون- السير السريع، وانتصابه على المصدر من غير فعله، كقعدت جلوسًا. (فإذا وجد فجوة نص) فسر الفجوة بالمكان المتسع، والنصّ: فوق العَنَق، قال الجوهري: نص كل شيء منتهاه. فإن قلت: في رواية ابن خزيمة عن أسامة: ما رأيت ناقته رافعة يدها حتَّى أتى جمعًا؛ قلت: محمول على حالة الزحام. (ليس حين فرار) هذا كلام البخاري يشير إلى ما في آخر سورة ص. فإن قلت: هذا اسم زمان من ناص ينوص، وما في الحديث مضاعف من نص ينص؟ قلت: قيل: أراد دفع وهم من يتوهم أن أحدهما اشتق من الآخر، وهذا في غاية البعد؛ لأن أحدهما مخفف والآخر مشدد، والظاهر أنَّه أشار إلى أن بينهما الاشتقاق الأكبر؛ لاتحاد المعنى، وأكثر الحروف.

94 - باب النزول بين عرفة وجمع

94 - باب النُّزُولِ بَيْنَ عَرَفَةَ وَجَمْعٍ 1667 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - حَيْثُ أَفَاضَ مِنْ عَرَفَةَ مَالَ إِلَى الشِّعْبِ فَقَضَى حَاجَتَهُ فَتَوَضَّأَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُصَلِّى فَقَالَ «الصَّلاَةُ أَمَامَكَ». أطرافه 139، 181، 1669، 1672 1668 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ قَالَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَجْمَعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِجَمْعٍ، غَيْرَ أَنَّهُ يَمُرُّ بِالشِّعْبِ الَّذِى أَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَيَدْخُلُ فَيَنْتَفِضُ وَيَتَوَضَّأُ، وَلاَ يُصَلِّى حَتَّى يُصَلِّىَ بِجَمْعٍ. طرفه 1091 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب النزول بين عرفة وجمع بفتح الجيم وسكون الميم: اسم مزدلفة، قال ابن الأثير: إنما سمي به لأن آدم حين أُهبط اجتمع بحواء هناك. 1667 - (مسدد) بضم الميم وتشديد الدال المفتوحة (حمّاد) بفتح الحاء وتشديد الميم (كريب) بفتح الكاف مصغر. (عن أسامة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث أفاض من عرفة) أي: رجع، وحيث حقيقة في المكان، واستعماله في الزمان قليل على مذهب الأخفش (مال إلى الشعب) بكسر الشين: كل طريق بين الجبلين، والمراد: الشعب الأيسر الَّذي دون المزدلفة، كما صرح به في الحديث بعده. (الصلاة أمامك) بنصب الصلاة، أي: لتصلي، وبالرفع، أي: تصلي، أو تكون، وأمامكَ بفتح الهمزة. فإن قلت: سيأتي بعد باب أنَّه لما أتى المزدلفة توضأ، فدل على أن الوضوء هنا لم يكن وضوءًا شرعيًّا. قلت: لم يكن أسبغ الوضوء هناك، فلما أراد الصلاة أسبغه؛ لتكون العبادة على أكمل حال بخلاف الوضوء الأول، لأنه كان لاستدامة الطهارة. 1668 - (جويرية) بضم الجيم مصغر. (فيدخل فينتفض) -بالفاء- أي: يستنجي، وهذا الَّذي فعله ابن عمر من غاية تتبعه لأفعال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإلا فالنزول هناك ليس من النُّسك في شيء.

95 - باب أمر النبى - صلى الله عليه وسلم - بالسكينة عند الإفاضة، وإشارته إليهم بالسوط

1669 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى حَرْمَلَةَ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ قَالَ رَدِفْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ عَرَفَاتٍ فَلَمَّا بَلَغَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الشِّعْبَ الأَيْسَرَ الَّذِى دُونَ الْمُزْدَلِفَةِ أَنَاخَ، فَبَالَ ثُمَّ جَاءَ فَصَبَبْتُ عَلَيْهِ الْوَضُوءَ، فَتَوَضَّأَ وُضُوءًا خَفِيفًا. فَقُلْتُ الصَّلاَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «الصَّلاَةُ أَمَامَكَ». فَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ، فَصَلَّى ثُمَّ رَدِفَ الْفَضْلُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - غَدَاةَ جَمْعٍ. طرفه 139 1670 - قَالَ كُرَيْبٌ فَأَخْبَرَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ الْفَضْلِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَزَلْ يُلَبِّى حَتَّى بَلَغَ الْجَمْرَةَ. طرفه 1544 95 - باب أَمْرِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِالسَّكِينَةِ عِنْدَ الإِفَاضَةِ، وَإِشَارَتِهِ إِلَيْهِمْ بِالسَّوْطِ 1671 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُوَيْدٍ حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ أَبِى عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ مَوْلَى وَالِبَةَ الْكُوفِىُّ حَدَّثَنِى ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ دَفَعَ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ عَرَفَةَ فَسَمِعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَرَاءَهُ زَجْرًا شَدِيدًا وَضَرْبًا وَصَوْتًا لِلإِبِلِ فَأَشَارَ بِسَوْطِهِ إِلَيْهِمْ ـــــــــــــــــــــــــــــ 1669 - 1670 - (فتوضأ وضوءًا خفيفًا) إما باعتبار الكمية بأن توضأ مرة مرة، أو باعتبار الكيفية بأن لم يصب الماء على عادتِه (ثم ردف الفضل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غداة جَمع) أي: في الصباح من مزدلفة بعد الوقوف بالمشعر إلى أن جاء إلى منى (ولم يزل يلبي حتَّى رمى الجمرة) أي: جمرة العقبة، هي العظمى، وعليه العمل إذا رمى الحاج الجمرة يقطع التلبية. باب أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالسكينة عند الإفاضة، وإشارته إليهم بالسوط 1671 - (إبراهيم بن سويد) بضم السين مصغر (مولى والبة) -بالباء الموحدة- ابن الحارث الكوفي الأسدي. (سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - وراءه زجرًا شديدًا) أي: سوقًا للإبل عنيفًا (فأشار إليهم بسوط) إنما

96 - باب الجمع بين الصلاتين بالمزدلفة

وَقَالَ «أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ، فَإِنَّ الْبِرَّ لَيْسَ بِالإِيضَاعِ». أَوْضَعُوا أَسْرَعُوا. خِلاَلَكُمْ مِنَ التَّخَلُّلِ بَيْنَكُمْ، وَفَجَّرْنَا خِلاَلَهُمَا. بَيْنَهُمَا. 96 - باب الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلاَتَيْنِ بِالْمُزْدَلِفَةِ 1672 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ كُرَيْبٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ دَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ عَرَفَةَ، فَنَزَلَ الشِّعْبَ، فَبَالَ ثُمَّ تَوَضَّأَ، وَلَمْ يُسْبِغِ الْوُضُوءَ. فَقُلْتُ لَهُ الصَّلاَةُ. فَقَالَ «الصَّلاَةُ أَمَامَكَ». فَجَاءَ الْمُزْدَلِفَةَ، فَتَوَضَّأَ، فَأَسْبَغَ، ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ، فَصَلَّى الْمَغْرِبَ، ثُمَّ أَنَاخَ كُلُّ إِنْسَانٍ بَعِيرَهُ فِي مَنْزِلِهِ، ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَصَلَّى، وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا. طرفه 139 ـــــــــــــــــــــــــــــ أشار إليهم بالسّوط لأنهم كانوا وراء يعلمون أن الكلام معهم (وقال: أيها الناس إن البرّ) أي: الثواب (ليس بالإيضاع) -بالياء المثناة وضاد معجمة- قال ابن الأثير: يقال: وضح البعير إذا أسرع وأوضعه راكبه حمله على سرعة السير. باب [الجمع بين] الصلاتين بالمزدلفة 1672 - روى في الباب حديث أسامة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما دفع من عرفة إلى الشعب، ثم توضأ ولم يصل، فلما جاء مزدلفة جمع بين الصلاتين المغرب والعشاء، جواز الجمع بمزدلفة لا خلاف فيه بين الأئمة، فجاء مزدلفة فتوضأ فأسبغ الوضوء أي: توضأ وضوءًا كاملًا، فإن وضوءه في الشعب لم يكن كاملًا (فصلى المغرب) أي: في وقت العشاء؛ لأن وقت المغرب دخل وهو بالشعب (ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله) لأنه بات هناك إلى الصباح (ثم أقيمت الصلاة) أي: صلاة العشاء، وإنما لم يصل العشاء مع المغرب لأن وقت العشاء ممتد، وهذا في كل تأخير الأولى إلى الثانية. باب من جمع بينهما ولم يتطوع 1673 - (ابن أبي ذئب) محمد بن عبد الرحمن. (جمع النبي - صلى الله عليه وسلم - المغرب والعشاء بجمع) أي: بالمزدلفة (لم يسبح بينهما) أي: لم يصل السنة بين الصلاتين (ولا على إثر كل واحدة).

97 - باب من جمع بينهما ولم يتطوع

97 - باب مَنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا وَلَمْ يَتَطَوَّعْ 1673 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ جَمَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِجَمْعٍ، كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِإِقَامَةٍ، وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا وَلاَ عَلَى إِثْرِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا. طرفه 1091 1674 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَدِىُّ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْخَطْمِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو أَيُّوبَ الأَنْصَارِىُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جَمَعَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِالْمُزْدَلِفَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قال بعض الشارحين: قوله: ولا على إثر كل واحدة، لا دلالة فيه على أنَّه لم يصل مطلقًا؛ إذ ربما صلى بعدهما معًا، أو لم يصل على الإثر، لكن بعد التراخي، والجوابان مردودان؛ أمّا الأول: فلأنّه مخالف للترجمة؛ فإنه أطلق بقوله: لم يتطوع؛ وأمّا الثاني: فلأن الإثر بكسر الهمزة وسكون الثاء، وبفتح الهمزة والثاء يعتبر في مفهوم عدم التراخي فيشمل الأوقات، ومخالف للترجمة. فإن قلت: فكيف جوز الفقهاء السنة، أمّا الشافعي وأحمد ومالك فمطلقًا، وأمّا أبو حنيفة إذا كان المسافر نازلًا؟ قلت: دليل الفقهاء حديث رواه الترمذي عن ابن عمر: صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الظهر ركعتين فصلّى بعدها ركعتين. 1674 - (مخلد) بضم الميم وسكون الخاء (عبد الله بن يزيد الخطمي) -بفتح الخاء وسكون الطاء- نسبة إلى خطمة، بطن من الأنصار، وهم بنو عبد الله بن مالك بن أنس، قال شيخنا أبو الفضل: هو صحابي صغير، ولي لابن الزبير الكوفة. (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جمع في حجة الوداع المغرب والعشاء بمزدلفة).

98 - باب من أذن وأقام لكل واحدة منهما

98 - باب مَنْ أَذَّنَ وَأَقَامَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا 1675 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ يَقُولُ حَجَّ عَبْدُ اللَّهِ - رضى الله عنه - فَأَتَيْنَا الْمُزْدَلِفَةَ حِينَ الأَذَانِ بِالْعَتَمَةِ، أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ، فَأَمَرَ رَجُلاً فَأَذَّنَ وَأَقَامَ، ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ، وَصَلَّى بَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ دَعَا بِعَشَائِهِ فَتَعَشَّى، ثُمَّ أَمَرَ - أُرَى رَجُلاً - فَأَذَّنَ وَأَقَامَ - قَالَ عَمْرٌو لاَ أَعْلَمُ الشَّكَّ إِلاَّ مِنْ زُهَيْرٍ - ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاءَ رَكْعَتَيْنِ، فَلَمَّا طَلَعَ الْفَجْرُ قَالَ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ لاَ يُصَلِّى هَذِهِ السَّاعَةَ إِلاَّ هَذِهِ الصَّلاَةَ، فِي هَذَا الْمَكَانِ، مِنْ هَذَا الْيَوْمِ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ هُمَا صَلاَتَانِ تُحَوَّلاَنِ عَنْ وَقْتِهِمَا صَلاَةُ الْمَغْرِبِ بَعْدَ مَا يَأْتِى النَّاسُ الْمُزْدَلِفَةَ، وَالْفَجْرُ حِينَ يَبْزُغُ الْفَجْرُ. قَالَ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَفْعَلُهُ. طرفاه 1682، 1683 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: لا دلالة فيه على عدم التطوع، كما ترجم عليه. قلت: قيده بحجة الوداع، دل عليه كما تقدم في رواية ابن عمر والقصة واحدة، وهذا على دأب البخاري من الاستدلال بالخص. باب من أَذّن وأقام لكل واحدة منهما 1675 - (زهير) بضم الزاي مصغر. (حج عبد الله) هو ابن مسعود حيثُ أُطلق (حين الأذان بالعتمة) أي: وقت العشاء، وقد ورد النهي عن تسمية العشاء بالعتمة، ولعل الرّاوي لم يبلغه (قال عمرو: ولا أعلم الشك إلا من زهير) أي: في قوله: أو قريبًا. (قال عبد الله: هما صلاتان تُحَوَّلَان عن وقتهما، صلاة المغرب بعدما يأتي الناس المزدلفة، والفجر حين يبزغ الفجر) -بزاي معجمة وغين كذلك- من بزغت الشمس إذا طلعت. فإن قلت: إذا بزغ الفجر فهو أول وقت الفجر الَّذي أشار به إليه بأنه رضوان الله، فأين التحويل؟ قلت: كان في سائر الأيام يتوقف بعد بزوغ الفجر إلى أن ينتشر الضوء في الآفاق، وأما ذلك اليوم صلّى لما طلع الفجر، ذلك لأنه بادر إلى الوقوف بالمشعر، وأول الوقت الَّذي هو رضوان شامل لهما. والحديث دليل لمالك في أنَّه يؤذن لكل واحدة، ويقيم لها، وقال الشافعي وأحمد:

99 - باب من قدم ضعفة أهله بليل، فيقفون بالمزدلفة ويدعون ويقدم إذا غاب القمر

99 - باب مَنْ قَدَّمَ ضَعَفَةَ أَهْلِهِ بِلَيْلٍ، فَيَقِفُونَ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَيَدْعُونَ وَيُقَدِّمُ إِذَا غَابَ الْقَمَرُ 1676 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ سَالِمٌ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يُقَدِّمُ ضَعَفَةَ أَهْلِهِ، فَيَقِفُونَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ بِالْمُزْدَلِفَةِ بِلَيْلٍ، فَيَذْكُرُونَ اللَّهَ مَا بَدَا لَهُمْ، ثُمَّ يَرْجِعُونَ قَبْلَ أَنْ يَقِفَ الإِمَامُ، وَقَبْلَ أَنْ يَدْفَعَ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقْدَمُ مِنًى لِصَلاَةِ الْفَجْرِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقْدَمُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِذَا قَدِمُوا رَمَوُا الْجَمْرَةَ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَقُولُ أَرْخَصَ فِي أُولَئِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. ـــــــــــــــــــــــــــــ يؤذن للأولى ويقيم لكل واحدة؛ لما رواه مسلم من فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن جابر، وقال أبو حنيفة: يصلي بالمزدلفة بأذان وإقامة للصلاتين، وأما الظهر والعصر في عرفات بأذان واحد وإقامتين، قال في الهداية: وذلك للنقل المستفيض. فإن قلت: فما الجواب لهم عن هذا الحديث؟ قلت: عبد الله لم يروه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قد سلف من رواية ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى المغرب والعشاء بجمع كل واحدة بإقامة، ولو كان هناك أذان لكل واحدة لم يكن يترك ذكره. فإن قلت: كلام ابن مسعود: صلاتان تحولان يدل على أن لا جمع في غيرهما. قلت: لا دلالة فيه، ولو سلم كان من قبل المفهوم، وأجمعوا على أنَّه جمع الظهر والعصر في عرفات. باب من قدم ضعفة أهله فيقفون بالمزدلفة ويدعون ويقدِّم إذا غاب القمر الضَّعَفَة -بثلاث فتحات- جمع ضعيف؛ والمراد به النساء والصبيان. 1676 - (وكان عبد الله بن عمر يقدم ضعفة أهله فيقفون عند المشعر الحرام بليل) قال الجوهري: المشاعر: المناسك، والمشعر الحرام واحد منها، وذكروا في أسماء الأماكن أن اسم المشعر قُزَح بضم القاف وزاي معجمة (فمنهم من يقدم منى لصلاة الفجر) أي: لوقتها؛ أي: في وقتها، اللام فيه للتوقيت، كقوله تعالى: {أَقِمِ الْصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الْشَّمْسِ} [الإسراء: 78].

1677 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ بَعَثَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ جَمْعٍ بِلَيْلٍ. طرفاه 1678، 1856 1678 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى يَزِيدَ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - يَقُولُ أَنَا مِمَّنْ قَدَّمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ فِي ضَعَفَةِ أَهْلِهِ. طرفاه 1677 1679 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ يَحْيَى عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ مَوْلَى أَسْمَاءَ عَنْ أَسْمَاءَ أَنَّهَا نَزَلَتْ لَيْلَةَ جَمْعٍ عِنْدَ الْمُزْدَلِفَةِ، فَقَامَتْ تُصَلِّى، فَصَلَّتْ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَتْ يَا بُنَىَّ هَلْ غَابَ الْقَمَرُ قُلْتُ لاَ. فَصَلَّتْ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَتْ هَلْ غَابَ الْقَمَرُ قُلْتُ نَعَمْ. قَالَتْ فَارْتَحِلُوا. فَارْتَحَلْنَا، وَمَضَيْنَا حَتَّى رَمَتِ الْجَمْرَةَ، ثُمَّ رَجَعَتْ فَصَلَّتِ الصُّبْحَ فِي مَنْزِلِهَا. فَقُلْتُ لَهَا يَا هَنْتَاهْ مَا أُرَانَا إِلاَّ قَدْ غَلَّسْنَا. قَالَتْ يَا بُنَىَّ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَذِنَ لِلظُّعُنِ. 1680 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ - هُوَ ابْنُ الْقَاسِمِ - عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتِ ـــــــــــــــــــــــــــــ 1679 - (فقلت: يا هَنْتاه) بفتح الهاء وسكون النون أي: يا هذه، أو يا غافل، أو يا بلهاء (ما أُرانا إلا قد غلَّسنا) أي: رحلنا من المزدلفة بليل، وفاتنا الوقت في الوقوف بالمشعر. (قالت: يا بني إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أذن للظعن) بضم الظاء وسكون العين قال الجوهري: جمع ظعينة، والظعينة: الهودج، سواء كان فيه المرأة أو لا، وقال ابن الأثير: الظعينة المرأة في الهودج، ثم قيل للهودج وللمرأة بلا هودج، قال: وأصل الظعينة الراحلة التي يظعن عليها؛ أي: يرحل ويسار. 1680 - (محمد بن كثير) ضد القليل.

100 - باب من يصلى الفجر بجمع

اسْتَأْذَنَتْ سَوْدَةُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةَ جَمْعٍ وَكَانَتْ ثَقِيلَةً ثَبْطَةً فَأَذِنَ لَهَا. طرفه 1681 1681 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ نَزَلْنَا الْمُزْدَلِفَةَ فَاسْتَأْذَنَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - سَوْدَةُ أَنْ تَدْفَعَ قَبْلَ حَطْمَةِ النَّاسِ، وَكَانَتِ امْرَأَةً بَطِيئَةً، فَأَذِنَ لَهَا، فَدَفَعَتْ قَبْلَ حَطْمَةِ النَّاسِ، وَأَقَمْنَا حَتَّى أَصْبَحْنَا نَحْنُ، ثُمَّ دَفَعْنَا بِدَفْعِهِ، فَلأَنْ أَكُونَ اسْتَأْذَنْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَمَا اسْتَأْذَنَتْ سَوْدَةُ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ مَفْرُوحٍ بِهِ. طرفه 1680 100 - باب مَنْ يُصَلِّى الْفَجْرَ بِجَمْعٍ 1682 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِى عُمَارَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــ (استأذَنتْ سودة النبي - صلى الله عليه وسلم - وكانت ثقيلة ثبطة) بالثاء المثلثة، وهو قريب من الأول؛ من الثباطة، وهي التشبث بالأرض. 1681 - (أبو نعيم) بضم النون مصغر وكذا (حميد) بضم الحاء كذلك. (عن عائشة: نزلنا المزدلفة فاستأذنت النبي - صلى الله عليه وسلم - سودة أن تدفع قبل حطمة الناس) أي: قبل الازدحام، وأصل الحطم الكسر. قالت عائشة: (فَلَأن أكون) اللام للقسم (استأذنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي: في التقدم مع الضعفة (أحب إليَّ من مفروح به) أي: من شيء يفرح به، وتلك لما نالها من المشقة بالازدحام. وأحاديث الباب دلت على وجوب البيتوتة بمزدلفة، قال أبو حنيفة: واجب على الأقوياء إلى طلوع الفجر. وظاهر الأحاديث معه، وقال الشافعي وأحمد: إلى نصف الليل. وعن مالك: كل الليل، وعنه: معظم الليل، وعنه: أقل زمان. باب متى يصلي الفجر بجمع 1682 - (غياث) بكسر الغين المعجمة. (عمارة) بضم العين وتخفيف الميم.

عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ مَا رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى صَلاَةً بِغَيْرِ مِيقَاتِهَا إِلاَّ صَلاَتَيْنِ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، وَصَلَّى الْفَجْرَ قَبْلَ مِيقَاتِهَا. طرفه 1675 1683 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - إِلَى مَكَّةَ، ثُمَّ قَدِمْنَا جَمْعًا، فَصَلَّى الصَّلاَتَيْنِ، كُلَّ صَلاَةٍ وَحْدَهَا بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ، وَالْعَشَاءُ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ صَلَّى الْفَجْرَ حِينَ طَلَعَ الْفَجْرُ، قَائِلٌ يَقُولُ طَلَعَ الْفَجْرُ. وَقَائِلٌ يَقُولُ لَمْ يَطْلُعِ الْفَجْرُ. ثُمَّ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ هَاتَيْنِ الصَّلاَتَيْنِ حُوِّلَتَا عَنْ وَقْتِهِمَا فِي هَذَا الْمَكَانِ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ، فَلاَ يَقْدَمُ النَّاسُ جَمْعًا حَتَّى يُعْتِمُوا، وَصَلاَةَ الْفَجْرِ هَذِهِ السَّاعَةَ». ثُمَّ وَقَفَ حَتَّى أَسْفَرَ، ثُمَّ قَالَ لَوْ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَفَاضَ الآنَ أَصَابَ السُّنَّةَ. فَمَا أَدْرِى أَقَوْلُهُ كَانَ أَسْرَعَ أَمْ دَفْعُ عُثْمَانَ - رضى الله عنه - فَلَمْ يَزَلْ يُلَبِّى حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ. طرفه 1675 ـــــــــــــــــــــــــــــ (عن عبد الله) هو ابن مسعود (ما رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى صلاة لغير ميقاتها إلَّا صلاتين جمع بين المغرب والعشاء، وصلّى الفجر قبل ميقاتها) أي: قبل وقتها المتعارف، لا قبل دخول الوقت؛ فإنه خلاف الإجماع. 1683 - (عبد الله بن رجاء) بفتح الراء والمدّ (أبو إسحاق السبيعي) -[بفتح] السين وكسر الموحدة- عمرو بن عبد الله. (كل صلاة بأذان وإقامة والعَشاء بينهما) بفتح العين: أي: تعشى بين الصلاتين. (إن هاتين الصلاتين حولتا عن وقتهما في هذا المكان المغرب) بالنصب بدل من اسم إنّ. اعلم أن تقديم الفجر على الوقت المتعارف متفق عليه في المزدلفة لا غير، وأما قول ابن مسعود بالحصر في هاتين الصلاتين في هذا المكان. قال النووي: هذا المفهوم لا اعتداد به؛ لأن من يقول بالمفهوم إنما يقول إذا لم يعارضه نص. هذا كلامه، وأنا أقول: ليس في كلام ابن مسعود ما يدل على الحصر حتَّى يحتاج إلى ذلك الجواب، غايته بين الحكم في تحويلها في ذلك المكان بقوله: "فلا يقدم الناس جمعًا حتَّى يعتموا" نظيره ما إذا قلت: أعط زيدًا درهمًا لفقره، فلا يدل على حصر العطاء فيه، ولا علة العطاء في الفقر، وهذا ظاهر. فإن قلت: تقدم في أول الباب: ما رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى صلاة لغير ميقاتها إلا صلاتين، بطريق الحصر. قلت: لا يلزم من عدم الرؤية العدم في نفس الأمر.

101 - باب متى يدفع من جمع

101 - باب مَتَى يُدْفَعُ مِنْ جَمْعٍ 1684 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ يَقُولُ شَهِدْتُ عُمَرَ - رضى الله عنه - صَلَّى بِجَمْعٍ الصُّبْحَ، ثُمَّ وَقَفَ فَقَالَ إِنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا لاَ يُفِيضُونَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَيَقُولُونَ أَشْرِقْ ثَبِيرُ. وَأَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - خَالَفَهُمْ، ثُمَّ أَفَاضَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ. طرفه 3838 102 - باب التَّلْبِيَةِ وَالتَّكْبِيرِ غَدَاةَ النَّحْرِ، حِينَ يَرْمِى الْجَمْرَةَ، وَالاِرْتِدَافِ فِي السَّيْرِ 1685 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب متى يدفع من جمع؟ 1684 - (حجاج بن منهال) بفتح الحاء وكسر الميم (عن أبي إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي. (أن المشركين كانوا لا يفيضون) أي: من جمع إلى منى. (حتَّى تطلع الشمس، ويقولون أَشرق ثبيرُ) بصيغة الأمر وضم الراء، لأنه منادى على طريقة العرب في نداء الأطلال والمنازل من أشرق الشيء أضاء، قال تعالى: (وَأَشْرَقَتِ الأَرَضُ بِنُورِ رَبِّهَا} [الزمر: 69] وإنما كانوا ينادون لأن إفاضتهم كانت موقوفة عليه، وثبير على وزن فعيل: جبل معروف بمكة، وإنما دفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل طلوع الشمس ليكون هديه مخالفًا لهدي أهل الأوثان، كما فعل بعرفة فإن المشركين كانوا يفيضون قبل الغروب، فأفاض بعد الغروب. باب التلبية والتكبير غداة النحر حتَّى يرمي الجمرة والارتداف في السير 1685 - (مخلد) بفتح الميم وسكون الخاء (ابن جريج) -بضم الجيم- عبد الملك بن عبد العزيز.

ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَرْدَفَ الْفَضْلَ، فَأَخْبَرَ الْفَضْلُ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ يُلَبِّى حَتَّى رَمَى الْجَمْرَةَ. طرفه 1544 1686 و 1687 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ يُونُسَ الأَيْلِىِّ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ - رضى الله عنهما - كَانَ رِدْفَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ عَرَفَةَ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ، ثُمَّ أَرْدَفَ الْفَضْلَ مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ إِلَى مِنًى - قَالَ - فَكِلاَهُمَا قَالاَ لَمْ يَزَلِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُلَبِّى حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ. طرفه 1544 ـــــــــــــــــــــــــــــ 1686 - 1687 - (زهير بن حرب) -بضم الزاي- مصغر، وحرب: ضد الصلح. (أن أسامة بن زيد كان ردف النبي - صلى الله عليه وسلم -) الردف والرديف: من يركب وراء السرج، أو الرجل مع الراكب (فكلاهما) أي: الفضل وأسامة (قالا: لم يزل النبي - صلى الله عليه وسلم - يلبي حتَّى رمى الجمرة). فإن قلت: دلت هذه الأحاديث على أنَّه يلبي إلى أن يفرغ من الرّمي، وعند الفقهاء إذا أراد الرمي يترك التلبية. قلت: أجابوا بأن معنى قوله: حتَّى رمى الجمرة حتَّى شرع في الرّمي؛ بدليل ما تقدم رواية الفضل في باب النزول بين عرفة وجمع: لم يزل يلبي حتَّى بلغ الجمرة، والأظهر ما رواه البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسعود: أنَّه لما انتهى إلى الجمرة الكبرى رماها بسبع حصيات، يكبر مع كل حصاة، وقال: هكذا رمى من أُنزلت عليه سورة البقرة. وقد اتفقت الأئمة على أن لا تلبية مع التكبير، وبه سقط الإشكال الَّذي أورده بعضهم على البخاري في أنَّه ذكر التكبير في الترجمة، وليس له في الحديث ذكر، أو أراد أن يشير إلى عدم مشروعية التكبير، وهذا من جملة دقائق البخاري، نوّرَ الله مضجعه وحشرنا وإياه تحت لواء نبيه محمد عليه أفضل الصلوات، وأكمل التسليمات.

103 - باب (فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدى فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام فى الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضرى المسجد الحرام)

103 - باب (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْىِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ). 1688 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا النَّضْرُ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو جَمْرَةَ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ الْمُتْعَةِ فَأَمَرَنِى بِهَا، وَسَأَلْتُهُ عَنِ الْهَدْىِ فَقَالَ فِيهَا جَزُورٌ أَوْ بَقَرَةٌ أَوْ شَاةٌ أَوْ شِرْكٌ فِي دَمٍ قَالَ وَكَأَنَّ نَاسًا كَرِهُوهَا، فَنِمْتُ فَرَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ إِنْسَانًا يُنَادِى حَجٌّ مَبْرُورٌ، وَمُتْعَةٌ مُتَقَبَّلَةٌ. فَأَتَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - فَحَدَّثْتُهُ فَقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ سُنَّةُ أَبِى الْقَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ وَقَالَ آدَمُ وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ وَغُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ عُمْرَةٌ مُتَقَبَّلَةٌ، وَحَجٌّ مَبْرُورٌ. طرفه 1567 104 - باب رُكُوبِ الْبُدْنِ لِقَوْلِهِ (وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من تمتع بالعمرة إلى الحج 1688 - (النضر) -بفتح النون وضاد معجمة- هو ابن شميل. (أبو جمرة) بفتح الجيم نضر بن عمران الضّبعي. (سألت ابن عبّاس عن المتعة) أي: التمتع (فأمرني بها) وكان يخالف عمر وعثمان في ذلك؛ ولذلك قال: (وكأن ناسًا كرهوها، فرأيت في المنام كان إنسانًا ينادي: حج مقبول، ومتعة متقبلة، فأتيت ابن عباس فأخبرته، فقال: الله أكبر) فرحًا بذلك (سنة أبي القاسم) بالرفع على الابتداء والخبر (وسألته عن الهدي، فقال: جزور، أو بقرة، أو شاة، أو شرك في دم بدنة) رواية مسلم عن جابر: كل سبعة في بدنة أو بقرة سواء أراد كلهم القرب أو أراد بعضهم اللحم. وقال أبو حنيفة اشترط أن يكون كلهم مقربين، ولا يجوز عند مالك مطلقًا، وحديث مسلم حجة عليه (وقال آدم ووهب بن جرير وغندر عن شعبة: عمرة متقبلة وحج مبرور) أي: في رواية هؤلاء بدل المتعة العمرة، مع تقديمها على الحج. باب ركوب البدن البُدْن -بضم الباء وسكون الدّال- جمع بدنة، إبلًا كان أو بقرًا، وقد كثر في الإبل،

صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ). قَالَ مُجَاهِدٌ سُمِّيَتِ الْبُدْنَ لِبُدْنِهَا. وَالْقَانِعُ السَّائِلُ، وَالْمُعْتَرُّ الَّذِى يَعْتَرُّ بِالْبُدْنِ مِنْ غَنِىٍّ أَوْ فَقِيرٍ، وَشَعَائِرُ اسْتِعْظَامُ الْبُدْنِ وَاسْتِحْسَانُهَا، وَالْعَتِيقُ عِتْقُهُ مِنَ الْجَبَابِرَةِ، وَيُقَالُ وَجَبَتْ سَقَطَتْ إِلَى الأَرْضِ وَمِنْهُ وَجَبَتِ الشَّمْسُ. 1689 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى رَجُلاً يَسُوقُ بَدَنَةً فَقَالَ «ارْكَبْهَا». فَقَالَ إِنَّهَا بَدَنَةٌ. فَقَالَ «ارْكَبْهَا». قَالَ إِنَّهَا بَدَنَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وهنا هو المراد، بقرينة الركوب، واشتقاق اللفظ من البدانة، وهي: الجسامة؛ لأنهم كانوا يسمنون الضحايا والهدايا. (وقول مجاهد: سميت البُدْن لبُدْنها) كلاهما بضم الباء وسكون الدَّال، الأول جمع بدنة، والثاني مصدر، قاله الجوهري. فإن قلت: استدل بالآية على جواز ركوب البدن، فأين وجه الدلالة؟ قلت: موضع الدلالة قوله: {لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ} [الحج: 36] فإنه يشمل الرّكوب وغيره؛ لكونه مذكورًا قبل النحر. (والمعتر الَّذي يعتر بالبدن من غني أو فقير) أي: يتعرض لها من غير سؤال وطلب صريح. والقانع: الَّذي يرضى بما عنده، ولا يطلب، ولا يتعرض، من قنع بالكسر، وقيل: هو السائل، من قنع بالفتح. 1689 - (وعن أبي الزناد) بكسر الزاي بعدها نون. (رأى رجلًا يسوق بدنة، فقال: اركبها. قال: إنها بدنة) ظن أن كونها بدنة يقصد بها التقريب إلى الله مانع من الرُّكوب، فلما أعاد عليه الكلام بعد علمه بأنه بدنة فلم يطعه فيما أَمر

105 - باب من ساق البدن معه

قَالَ «ارْكَبْهَا، وَيْلَكَ». فِي الثَّالِثَةِ أَوْ فِي الثَّانِيَةِ. أطرافه 1706، 2755، 6160 1690 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ وَشُعْبَةُ قَالاَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى رَجُلاً يَسُوقُ بَدَنَةً، فَقَالَ «ارْكَبْهَا». قَالَ إِنَّهَا بَدَنَةٌ. قَالَ «ارْكَبْهَا». قَالَ إِنَّهَا بَدَنَةٌ. قَالَ «ارْكَبْهَا». ثَلاَثًا. طرفاه 2754، 6159 105 - باب مَنْ سَاقَ الْبُدْنَ مَعَهُ 1691 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، وَأَهْدَى فَسَاقَ مَعَهُ الْهَدْىَ مِنْ ذِى الْحُلَيْفَةِ، وَبَدَأَ رَسُولُ ـــــــــــــــــــــــــــــ به (قال: اركبها ويلك) الويل لغة: هو الهلاك، ولم يقصده، بل لفظ يقال في العتاب من غير قصد إلى معناه، واختلف العلماء في ركوب البدن. قال أهل الظاهر بوجوبه؛ للأمر به. وقال أبو حنيفة والشافعي يجوز الركوب عند الحاجة. وأحمد ومالك: يجوز من غير حاجة. عن مالك: لا يركب إلا للضرورة. قال شيخنا: وإذا ركب للضرورة قدر ما استراح لا يلزمه النزول عنها. قلت: عليه نص ابن الحاجب، وقيده بالمشهور من مذهب مالك، والدليل على عدم الوجوب أنَّه لم يُنقل عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا عن أحد من الصحابة ركوب البدن، وإنما أمر بالركوب مخالفة لأهل الأوثان من عدم ركوب الحام والسوائب. باب من ساق البدن معه 1691 - (بكير) بضم الباء مصغر، وكذا (عقيل). (تمتع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالعمرة إلى الحج) أي: جمع بينهما؛ فإن القران فيه نوع تمتع، لأنه يسقط النسكان بطواف واحد، وسعي واحد، وإنما لم يُحمل على التمتع الَّذي هو ضد

اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ، ثُمَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ، فَتَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، فَكَانَ مِنَ النَّاسِ مَنْ أَهْدَى فَسَاقَ الْهَدْىَ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُهْدِ، فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَكَّةَ، قَالَ لِلنَّاسِ «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ أَهْدَى فَإِنَّهُ لاَ يَحِلُّ لِشَىْءٍ حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى يَقْضِىَ حَجَّهُ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَهْدَى فَلْيَطُفْ بِالْبَيْتِ، وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَلْيُقَصِّرْ، وَلْيَحْلِلْ، ثُمَّ لِيُهِلَّ بِالْحَجِّ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا فَلْيَصُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةً إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ». فَطَافَ حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ، وَاسْتَلَمَ الرُّكْنَ أَوَّلَ شَىْءٍ، ثُمَّ خَبَّ ثَلاَثَةَ أَطْوَافٍ، وَمَشَى أَرْبَعًا، فَرَكَعَ حِينَ قَضَى طَوَافَهُ بِالْبَيْتِ عِنْدَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، فَانْصَرَفَ فَأَتَى الصَّفَا فَطَافَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ سَبْعَةَ أَطْوَافٍ، ثُمَّ لَمْ يَحْلِلْ مِنْ شَىْءٍ حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى قَضَى حَجَّهُ وَنَحَرَ هَدْيَهُ يَوْمَ النَّحْرِ، وَأَفَاضَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ حَلَّ مِنْ كُلِّ شَىْءٍ حَرُمَ مِنْهُ، وَفَعَلَ مِثْلَ مَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَنْ أَهْدَى وَسَاقَ الْهَدْىَ مِنَ النَّاسِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ القِران الَّذي أشير إليه في قوله تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} [البقرة: 196] لأنه ذكر في الحديث بعد ذِكر التمتع أنَّه أهل بالعمرة ثم أهلَّ بالحج. فإن قلت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أوّلًا مفردًا لما تقدم من رواية عائشة: خرجنا وما نرى إلا الحج، فكيف صح قوله: فأهَلَّ بالعمرة ثم بالحج؟ قلت: مراده أنَّه بعد إدخال العمرة على الحجّ أهل أولًا بالعمرة؛ اهتمامًا بشأنها، ترغيمًا للمشركين الذين كانوا يرون العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور. (وليقصر) -بضم الياء وتشديد الصاد- وإنما لم يذكر الحلق لأن التقصير في التحلل. (فمن لم يجد هديًا فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله) وهذا حجة على أبي حنيفة في حمله قوله تعالى: {وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} [البقرة: 196] على الرجوع من عرفات (فطاف بالصفا سبعة أطواف، ثم لم يحلل من شيء حرم منه حتَّى قضى حجه ونحر هديه يوم النحر، وأفاض بالبيت). فإن قلت: كيف قضى حجه ولم يكن طاف بالبيت؟ قلت: أجاب بعضهم بأن معنى قوله: قضى حجه، أي: وقف بعرفة، قال: وإنما قلنا ذلك لأنّ الطَّواف من أركانه، وقد عطف عليه. هذا كلامه، وليس بشيء؛ فإن قوله: ولم يحلل من شيء حرم منه حتى قضى

106 - باب من اشترى الهدى من الطريق

1692 - وَعَنْ عُرْوَةَ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَخْبَرَتْهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي تَمَتُّعِهِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَتَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَهُ بِمِثْلِ الَّذِى أَخْبَرَنِى سَالِمٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. 106 - باب مَنِ اشْتَرَى الْهَدْىَ مِنَ الطَّرِيقِ 1693 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهم - لأَبِيهِ أَقِمْ، فَإِنِّى لاَ آمَنُهَا أَنْ سَتُصَدُّ عَنِ الْبَيْتِ. قَالَ إِذًا أَفْعَلَ كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ قَالَ اللَّهُ (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) فَأَنَا أُشْهِدُكُمْ أَنِّى قَدْ أَوْجَبْتُ عَلَى نَفْسِى الْعُمْرَةَ. فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ، قَالَ ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالْبَيْدَاءِ أَهَلَّ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَقَالَ مَا شَأْنُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ إِلاَّ وَاحِدٌ. ثُمَّ اشْتَرَى الْهَدْىَ مِنْ قُدَيْدٍ، ثُمَّ قَدِمَ فَطَافَ لَهُمَا طَوَافًا وَاحِدًا، فَلَمْ يَحِلَّ حَتَّى حَلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا. طرفه 1639 ـــــــــــــــــــــــــــــ حجه، جملة معترضة، وقوله: ونحر وطاف، عطف على ما تقدمه، وإنما أتى بالجملة المعترضة دفعًا لوهم من يتوهم أن القارن كالمتمتع يتحلل بعد الطّواف بالصّفا والمروة. باب من اشترى الهدي من الطريق 1693 - (أبو النعمان) -بضم النون- محمد بن الفضل (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم. (قال عبد الله بن عمر لأبيه: أقم فإني لا إيمنها) -بكسر الهمزة- على لغة من كسر حرف المضارعة، ولما كسرت الهمزة الأولى قلبت الثانية ياء لسكونها وانكسار ما قبلها، والضمير مبهم فسّره قوله: أن تصد، وأن: مخففة من الثقيلة. والحديث تقدم شرحه في باب طواف القارن، وموضع الدلالة هنا قوله: (ثم اشترى الهدي بقُديد) -بضم القاف- مصغر، قال الجوهري: قديد ماء بالحجاز.

107 - باب من أشعر وقلد بذى الحليفة ثم أحرم

107 - باب مَنْ أَشْعَرَ وَقَلَّدَ بِذِى الْحُلَيْفَةِ ثُمَّ أَحْرَمَ. وَقَالَ نَافِعٌ كَانَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - إِذَا أَهْدَى مِنَ الْمَدِينَةِ قَلَّدَهُ وَأَشْعَرَهُ بِذِى الْحُلَيْفَةِ، يَطْعُنُ فِي شِقِّ سَنَامِهِ الأَيْمَنِ بِالشَّفْرَةِ، وَوَجْهُهَا قِبَلَ الْقِبْلَةِ بَارِكَةً. 1694 و 1695 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَمَرْوَانَ قَالاَ خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْمَدِينَةِ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي بِضْعَ عَشْرَةَ مِائَةً مِنْ أَصْحَابِهِ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِذِى الْحُلَيْفَةِ قَلَّدَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْهَدْىَ وَأَشْعَرَ وَأَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ. حديث 1694 أطرافه 1811، 2712، 2731، 4158، 4178، 4181، حديث 1695 أطرافه 2711، 2732، 4157، 4179، 4180 ـــــــــــــــــــــــــــــ وفي الحديث دليل للشافعي على أن القارن يطوف طوافًا واحدًا، وغرضُ البخاري من الترجمة أن سوق الهدي لا يلزم أن يكون من منزله، وأنه يجوز الإحرام من دويرة أهله. باب من أشعر وقلد بذي الحليفة ثم أحرم (كان ابن عمر إذا أهدى قلّد وأشعر بذي الحليفة) التقليد جعل القلادة في عنق البدنة، والإشعار: الإعلام، وفسره في الحديث بأنه طعن في شق سنامه -بكسر الشين- أي: في جانب منه (بالشفرة) -بفتح الشين- قال ابن الأثير: هي السكينة العريضة، والظاهر أنه أراد أسنان الرّمح، من استعمال المقيد في المطلق (ووجْهها قبل القبلة) -بكسر القاف وفتح الباء- مبتدأ وخبره، وفي بعضها: "ووجّهها" بتشديد الجيم، قال الشافعي وأبو حنيفة وأحمد في روايته: يشعرها في الجانب الأيمن، وقال مالك: في الأيسر، وكذا رواه في الموطأ عن ابن عمر. 1694 - 1695 - (معمر) بفتح الميمين وسكون العين. (خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - من المدينة في بضع عشرة مائة) البضع بكسر الباء وفتحها: من الثلاث إلى التسع. وسيأتي أنهم كانوا ألفًا وأربعمائة، هذا كان سنة الحديبية (قلد الهدي وأشعره) تقدم معناهما آنفًا، وقالت الأئمة بالإشعار إلا أبا حنيفة؛ فإنه قال: الإشعار مُثْلة. وقد نهى

108 - باب فتل القلائد للبدن والبقر

1696 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا أَفْلَحُ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ فَتَلْتُ قَلاَئِدَ بُدْنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدَىَّ، ثُمَّ قَلَّدَهَا وَأَشْعَرَهَا وَأَهْدَاهَا، فَمَا حَرُمَ عَلَيْهِ شَىْءٌ كَانَ أُحِلَّ لَهُ. أطرافه 1698، 1699، 1700، 1701، 1702، 1703، 1704، 1705، 2317، 5566 108 - باب فَتْلِ الْقَلاَئِدِ لِلْبُدْنِ وَالْبَقَرِ 1697 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ حَفْصَةَ رضى الله عنهم قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا وَلَمْ تَحْلِلْ أَنْتَ قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ الشافعي رضي الله عنه، قال النووي: الحسن ما حسنه الشرع، وهذا مثل الختان، ومن فوائده أنها لا تسرق؛ فإن السارق لا يقدم على سرقة الهدي، كان أقدم يُعرف بالإشعار. وفي الهداية أن أبا حنيفة إنما كره ذلك لأهل زمانه فإنهم كانوا يفرطون فيه؛ بحيث يخاف منه السراية، وأما الحديث فعنده مسلّم. 1696 - (أبو نعيم) بضم النون على وزن المصغر (أفلح) بفتح الهمزة على وزن أحمد. (عن عائشة قالت: فتلت قلائد هدي بدن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيدي ثم قلدها وأشعرها وأهداها، فما حرم عليه شيء كان أُحل له) ردت بهذا الكلام على ابن عباس؛ فإنه كان أفتى بأنّ من أرسل هديًا مع غيره يحرم عليه ما يحرم على الحاج حتى يبلغ الهدي محله. فإن قلت: ترجم على الإشعار قبل الإحرام دل عليه بلفظ ثمّ، ولا دلالة في الأحاديث على ذلك؟ قلت: أشار على دأبه إلى ما وقع في الموطأ ومسلم بلفظ "ثمّ". باب فتل القلائد للبدن والبقر 1697 - (عن حفصة قلت: يا رسول الله، ما شأنُ الناس حلّوا ولم تحل؟) أنكرت على

109 - باب إشعار البدن

«إِنِّى لَبَّدْتُ رَأْسِى، وَقَلَّدْتُ هَدْيِى، فَلاَ أَحِلُّ حَتَّى أَحِلَّ مِنَ الْحَجِّ». طرفه 1566 1698 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ وَعَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُهْدِى مِنَ الْمَدِينَةِ، فَأَفْتِلُ قَلاَئِدَ هَدْيِهِ، ثُمَّ لاَ يَجْتَنِبُ شَيْئًا مِمَّا يَجْتَنِبُهُ الْمُحْرِمُ. طرفه 1696 109 - باب إِشْعَارِ الْبُدْنِ وَقَالَ عُرْوَةُ عَنِ الْمِسْوَرِ - رضى الله عنه - قَلَّدَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْهَدْىَ وَأَشْعَرَهُ وَأَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ. 1699 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ فَتَلْتُ قَلاَئِدَ هَدْىِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ أَشْعَرَهَا وَقَلَّدَهَا - أَوْ قَلَّدْتُهَا - ثُمَّ بَعَثَ بِهَا إِلَى الْبَيْتِ، وَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ، فَمَا حَرُمَ عَلَيْهِ شَىْءٌ كَانَ لَهُ حِلٌّ. طرفه 1696 ـــــــــــــــــــــــــــــ الناس فعلهم المخالف لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأجاب بأن المانع إنما هو من جهة بقوله: (إني لبدت رأسي، وقلّدت هديي) ولا يجوز له أن يحل حتى يبلغ الهدي محله، وقد أشرنا سابقًا إلى أن المانع من الإحلال إنما هو سوق الهدي، وأمّا التلبيد إنما هو علامة عدم الحل؛ فإنه يعمل إذا طالت مدة الإحرام، وموضع الدلالة هو قوله: "قلدت هديي" فإن التقليد جعل القلادة في عنق البعير، ولا يكون إلا بعد الفتل، وحديث عائشة صرحت فيه بالفتل، وقد تقدم في الباب قبله أيضًا. باب إشعار البدن 1698 - 1699 - روى في الباب حديث عائشة المتقدم أنها فتلت قلائد هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيدها، ثم بعثها، فلم يحرم عليه شيء.

110 - باب من قلد القلائد بيده

110 - باب مَنْ قَلَّدَ الْقَلاَئِدَ بِيَدِهِ 1700 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّ زِيَادَ بْنَ أَبِى سُفْيَانَ كَتَبَ إِلَى عَائِشَةَ - رضى الله عنها - إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ مَنْ أَهْدَى هَدْيًا حَرُمَ عَلَيْهِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْحَاجِّ حَتَّى يُنْحَرَ هَدْيُهُ. قَالَتْ عَمْرَةُ فَقَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - لَيْسَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، أَنَا فَتَلْتُ قَلاَئِدَ هَدْىِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدَىَّ، ثُمَّ قَلَّدَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدَيْهِ، ثُمَّ بَعَثَ بِهَا مَعَ أَبِى فَلَمْ يَحْرُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَىْءٌ أَحَلَّهُ اللَّهُ حَتَّى نُحِرَ الْهَدْىُ. طرفه 1696 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من قلد القلائد بيده 1700 - (أبي بكر بن حزم) بالحاء المهملة وزاي معجمة. (أن زياد بن أبيه) الذي استلحقه معاوية بأبي سفيان، زاعمًا أن أبا سفيان زنى بأم زياد في الجاهلية، فولدت منه. (كتب إلى عائشة: إن ابن عباس قال: من أهدى هديًا حرم عليه ما يحرم على الحاج حتى ينحر هديه) وقد سلف أن عائشة في قولها: وأنا فتلت قلائد هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إنما ذكرته ردًّا على ابن عباس، وقد نقل عن غير ابن عباس، وروى مرفوعًا ما ذهب إليه، ولم يصح، والظاهر أن الذي قالوا به قالوه قياسًا للنيابة على المباشرة، ولا قياس مع قيام نص عائشة.

111 - باب تقليد الغنم

111 - باب تَقْلِيدِ الْغَنَمِ 1701 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ أَهْدَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَرَّةً غَنَمًا. طرفه 1696 1702 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كُنْتُ أَفْتِلُ الْقَلاَئِدَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَيُقَلِّدُ الْغَنَمَ، وَيُقِيمُ فِي أَهْلِهِ حَلاَلاً. طرفه 1696 1703 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ. وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كُنْتُ أَفْتِلُ قَلاَئِدَ الْغَنَمِ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَيَبْعَثُ بِهَا، ثُمَّ يَمْكُثُ حَلاَلاً. طرفه 1696 1704 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ عَنْ عَامِرٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ فَتَلْتُ لِهَدْىِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - تَعْنِى الْقَلاَئِدَ - قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ. طرفه 1696 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب تقليد الغنم 1701 - 1702 - 1703 - 1704 - روى في الباب عن عائشة أنها كانت تفتل قلائد الغنم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتقَلدها ويرسلها إلى مكة ويقيم في أهله حلالًا، وقد تقدم الحديث مرارًا، إلا أنه لم يكن مقيدًا بالغنم. (أبو نعيم) بضم النون مصغر (أبو النعمان) -بضم النون- محمد بن الفضل (حمّاد) بفتح الحاء وتشديد الميم.

112 - باب القلائد من العهن

112 - باب الْقَلاَئِدِ مِنَ الْعِهْنِ 1705 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ - رضى الله عنها - قَالَتْ فَتَلْتُ قَلاَئِدَهَا مِنْ عِهْنٍ كَانَ عِنْدِى. طرفه 1696 113 - باب تَقْلِيدِ النَّعْلِ 1706 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى رَجُلاً يَسُوقُ بَدَنَةً، قَالَ «ارْكَبْهَا». قَالَ إِنَّهَا بَدَنَةٌ. قَالَ «ارْكَبْهَا». قَالَ فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: في روايته عن أبي نعيم آخرًا لم يذكر الغنم. قلت: بإطلاقه يشمل الغنم وغيره، على أنه في الرواية الأولى قيده فالمطلق محمول عليه، والحديث حجة على مالك في تقليد الغنم، وعلى أبي حنيفة في قوله: ليس الغنم من جنس الهدي. باب القلائد من العهن 1705 - (معاذ بن [معاذ]) بضم الميم فيهما وذال معجمة (عن أبي عون) اسمه عبد الله. روى في الباب حديث عائشة أنها فتلت قلائد هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وزاد فيه قيد العهن، وهو الصّوف الملون. باب تقليد النعل 1706 - (محمد) كذا وقع غير منسوب، قال الغساني: نسبه ابن السكن محمد بن سلام، قال الغساني، ولعله محمد بن المثنى؛ لأن البخاري روى في الباب الذبح قبل الحلق عن محمد بن المثنى عن عبد الأعلى (معمر) بفتح الميمين وسكون العين. روى في الباب حديث أبي هريرة: (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا يسوق بدنة، فقال: اركبها) وقد سلف الحديث في باب ركوب البدن، وموضع الدلالة هنا قوله: (رأيته

114 - باب الجلال للبدن

رَاكِبَهَا يُسَايِرُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَالنَّعْلُ فِي عُنُقِهَا. تَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ أَخْبَرَنَا عَلِىُّ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 1689 114 - باب الْجِلاَلِ لِلْبُدْنِ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - لاَ يَشُقُّ مِنَ الْجِلاَلِ إِلاَّ مَوْضِعَ السَّنَامِ، وَإِذَا نَحَرَهَا نَزَعَ جِلاَلَهَا، مَخَافَةَ أَنْ يُفْسِدَهَا الدَّمُ، ثُمَّ يَتَصَدَّقُ بِهَا. 1707 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ أَبِى نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى لَيْلَى عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - قَالَ أَمَرَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ أَتَصَدَّقَ بِجِلاَلِ الْبُدْنِ الَّتِى نَحَرْتُ وَبِجُلُودِهَا. أطرافه 1716، 1716 م، 1717، 1718، 2299 ـــــــــــــــــــــــــــــ يساير النبي - صلى الله عليه وسلم - والنعل في عنقها) وفي بعضها: رأيته راكبها، على أنه حال، وقيل: بدل من مفعول رأيته، والمعنى على الحال أوفق. قيل: الحكمة في تعليق النعل في عنقها: التجرد عن كل ما يلبس؛ فإنه تجرد للإحرام عن الثياب، فلم يُبق إلا نعله. باب الجلال للبدن الجلال -بكسر الجيم- جمع جل بضم الجيم (وكان ابن عمر لا يشق من الجلال إلا موضع السنّام) وإنما كان يشق ذلك الموضع منه ليظهر الإشعار. 1707 - (قبيصة) [بفتح] القاف وكسر الباء (عن ابن أبي نجيح) -بضم النون وكسر الجيم- اسم الابن عبد الله، واسم الأب يسار. (عن علي رضي الله عنه قال: أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أتصدق بجلال البدن وجلودها) إنما أمره بذلك لئلا يعود إليه منها شيء؛ لأنه خرج عنه لله.

115 - باب من اشترى هديه من الطريق وقلدها

115 - باب مَنِ اشْتَرَى هَدْيَهُ مِنَ الطَّرِيقِ وَقَلَّدَهَا 1708 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ أَرَادَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - الْحَجَّ عَامَ حَجَّةِ الْحَرُورِيَّةِ فِي عَهْدِ ابْنِ الزُّبَيْرِ - رضى الله عنهما - فَقِيلَ لَهُ إِنَّ النَّاسَ كَائِنٌ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ، وَنَخَافُ أَنْ يَصُدُّوكَ. فَقَالَ (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) إِذًا أَصْنَعَ كَمَا صَنَعَ، أُشْهِدُكُمْ أَنِّى أَوْجَبْتُ عُمْرَةً. حَتَّى كَانَ بِظَاهِرِ الْبَيْدَاءِ قَالَ مَا شَأْنُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ إِلاَّ وَاحِدٌ، أُشْهِدُكُمْ أَنِّى جَمَعْتُ حَجَّةً مَعَ عُمْرَةٍ. وَأَهْدَى هَدْيًا مُقَلَّدًا اشْتَرَاهُ حَتَّى قَدِمَ، فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ، وَلَمْ يَحْلِلْ مِنْ شَىْءٍ حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى يَوْمِ النَّحْرِ، فَحَلَقَ وَنَحَرَ وَرَأَى أَنْ قَدْ قَضَى طَوَافَهُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ بِطَوَافِهِ الأَوَّلِ، ثُمَّ قَالَ كَذَلِكَ صَنَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 1639 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من اشترى هديه من الطريق وقلدها 1708 - (إبراهيم بن المنذر) بضم الميم وكسر الذال (أبو ضمرة) -بفتح الضاد وسكون الميم- أنس بن عياض. (عام حجة الحرورية) بفتح الحاء: نسبة إلى حرورى؛ قرية من أعمال بصرة، أول ما اجتمع فيها الخوارج فنسبت إليها. فإن قلت: حج الحرورية كان سنة فيها يزيد، وقد تقدم في باب طواف القارن أن قضية ابن عمر كانت عام نزل الحجاج بابن الزبير، وبينهما تسع سنين.؟ قلت: ابن عمر كثير الحج، محمول على تعدد القصة، وأما حمل الحرورية على أن المراد بها الحَجّاج لاشتراكهما في الفساد فلا يخفى بعده، ثم تحققت أنّه هو الصواب؛ لأنّ ابن عبد البر ذكر أنّه مات بمكة في تلك السنة، وصلّى عليه الحُجّاج. (إذًا أصنعَ كما صنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) بفتح العين في أصنع لكونه منصوبًا بإذًا، وما صنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحلل لما بهذه المشركون سنة الحديبية، ونحر هديه، إمّا في الحل على ما قاله الشافعي أو في الحرم، كما قاله أبو حنيفة، وقد سلف الحديث مرارًا، وموضع الدلالة هنا: أنه اشترى هديًا في الطريق وقلدَه.

116 - باب ذبح الرجل البقر عن نسائه من غير أمرهن

116 - باب ذَبْحِ الرَّجُلِ الْبَقَرَ عَنْ نِسَائِهِ مِنْ غَيْرِ أَمْرِهِنَّ 1709 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَتْ سَمِعْتُ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - تَقُولُ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ ذِى الْقَعْدَةِ، لاَ نُرَى إِلاَّ الْحَجَّ، فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنْ مَكَّةَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْىٌ، إِذَا طَافَ وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَنْ يَحِلَّ، قَالَتْ فَدُخِلَ عَلَيْنَا يَوْمَ النَّحْرِ بِلَحْمِ بَقَرٍ. فَقُلْتُ مَا هَذَا قَالَ نَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ أَزْوَاجِهِ. قَالَ يَحْيَى فَذَكَرْتُهُ لِلْقَاسِمِ، فَقَالَ أَتَتْكَ بِالْحَدِيثِ عَلَى وَجْهِهِ. طرفه 294 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: تقدم في باب من اشترى الهدي من الطريق أنه اشتراه بقُدَيد، وهنا قال: اشتراه حين قدم والقضية واحدة. قلت: حين قدم ليس ظرفًا لاشتراه؛ بل لقوله: أهدى. فإن قلت: لم يهد حين قدم؛ بل إنما أهدى يوم النحر. قلت: الأمر كذلك، ولا يقدح؛ فإنه بين ذلك المجمل بأنه طاف بالبيت، وبالصفا والمروة، وبقي محرمًا إلى يوم النحر، ثم نحر. باب ذبح الرجل البقر عن نسائه من غير أمرهنّ 1709 - (خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لخمس بقين) أي: لخمس ليال (من ذي القَعدة) بفتح القاف وسكون العين (لا نُرى إلا الحج) بضم النون، أي: لا نظن (فلما دَنونا [من] مكة) قد تقدم أنهم كانوا بسرف (فدخل علينا بلحم بقر) على بناء المجهول (فقلت: ما هذا؟ قال) أي: قائل (نحر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أزواجه) قال النووي: هذا محمول على أنّه كان استأذنهن؛ لأن تضحية الإنسان عن غيره لا تجوز بدون إذنه. وهذا الذي قال خلاف الظاهر، وخلاف ما ترجم له البخاري؛ فإنه قال: باب ذبح الرجل عن نسائه بغير أمرهن، والظاهر أن مذهب البخاري جواز ذلك، كما ذهب إليه أبو حنيفة، أو يحمل ما في الحديث على أنه كان عرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الإذن منهن، كان لم يقع صريحًا (فذكرت الحديث للقاسم، فقال: أتتك بالحديث على وجهه) الذاكر يحيى بن سعيد [........] إنما قال ذلك القاسم؛ لأن

117 - باب النحر فى منحر النبى - صلى الله عليه وسلم - بمنى

117 - باب النَّحْرِ فِي مَنْحَرِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِمِنًى 1710 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ سَمِعَ خَالِدَ بْنَ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ - رضى الله عنه - كَانَ يَنْحَرُ فِي الْمَنْحَرِ. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ مَنْحَرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 982 1711 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - كَانَ يَبْعَثُ بِهَدْيِهِ مِنْ جَمْعٍ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، حَتَّى يُدْخَلَ بِهِ مَنْحَرُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مَعَ حُجَّاجٍ فِيهِمُ الْحُرُّ وَالْمَمْلُوكُ. طرفه 982 118 - باب مَنْ نَحَرَ بِيَدِهِ 1712 - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ - وَذَكَرَ الْحَدِيثَ - قَالَ وَنَحَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِهِ سَبْعَ بُدْنٍ قِيَامًا، وَضَحَّى بِالْمَدِينَةِ كَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ. مُخْتَصَرًا. طرفه 1089 ـــــــــــــــــــــــــــــ في رواية القاسم هذا الحديث وقع مختصرًا، وفيه سهو، بل الأمر بالعكس؛ لأن رواية القاسم لم تقع في البخاري، وقد روى مسلم بطريقين، وطريق القاسم أطول من طريق يحيى، وأيضًا إنما يستقيم هذا الكلام إذا كان القاسم محيطًا بجوانب الحديث. باب النحر في منحر النبي - صلى الله عليه وسلم - بمنى 1711 - (عن نافع: أن عبد الله كان ينحر في المنحر) اللام فيه للعهد؛ لقول عبيد الله (منحر النبي - صلى الله عليه وسلم -) بالجر تفسيرًا له، أراد بذلك زيادة الفضيلة؛ وإلا فمنى كلها منحر. باب من نحر هديه بيده 1712 - (وهيب) بضم الواو مصغر (عن أبي قلابة) -بكسر القاف- عبد الله بن زيد الجرمي. (عن أنس: نحر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده سبعة بدن) هذا في غير حجة الوداع؛ لأنه نحر فيها ثلاثًا وستين بيده، ويحتمل أن يكون في حجة الوداع، ولم يشهد أنس إلا في سبعة، وفيه

119 - باب نحر الإبل مقيدة

119 - باب نَحْرِ الإِبِلِ مُقَيَّدَةً 1713 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَتَى عَلَى رَجُلٍ، قَدْ أَنَاخَ بَدَنَتَهُ يَنْحَرُهَا، قَالَ ابْعَثْهَا قِيَامًا مُقَيَّدَةً، سُنَّةَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ شُعْبَةُ عَنْ يُونُسَ أَخْبَرَنِى زِيَادٌ. 120 - باب نَحْرِ الْبُدْنِ قَائِمَةً وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - سُنَّةَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما (صَوَافَّ) قِيَامًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ فضيلة النحر مباشرة، ويجوز توكيل الغير؛ كما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكَّل عليًّا في نحر باقي بدنه، ولكن السنة أن يحضر النحر. باب نحر الإبل المقيدة 1713 - (يزيد بن زريع) بضم الزاي مصغر (زياد بن جبير) بكسر الزاي بعدها ياء، وبضم الجيم مصغر. (رأيت ابن عمر أتى على رجل قد أناخ بدنته ينحرها، قال: ابعثها قيامًا مقيدة) نصب على المصدر من غير لفظ، أو حال، ومقيدةً: حال أخرى، وكيفية تقييدها: ربط إحدى يديها معقولة (سنة) وفي رواية أبي داود عن جابر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه كانوا ينحرونها معقولة اليسرى (سنة محمد - صلى الله عليه وسلم -) نصب بأعني أو نحوه، أو رفع خبر مبتدأ (وقال شعبة عن يونس أخبرني زياد) فائدةُ هذا: التصريحُ بالسماع [من] زياد؛ فإنه يدفع وهم التدليس. باب نحر البدن قائمة (وقال ابن عباس {صَوَاف} [الحج: 36] قيامًا) جمع صافة، قال الجوهري: يقال صفت الإبل قوائمها.

121 - باب لا يعطى الجزار من الهدى شيئا

1714 - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ صَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الظُّهْرَ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا، وَالْعَصْرَ بِذِى الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، فَبَاتَ بِهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ، فَجَعَلَ يُهَلِّلُ وَيُسَبِّحُ، فَلَمَّا عَلاَ عَلَى الْبَيْدَاءِ لَبَّى بِهِمَا جَمِيعًا، فَلَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَحِلُّوا. وَنَحَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِهِ سَبْعَ بُدْنٍ قِيَامًا، وَضَحَّى بِالْمَدِينَةِ كَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ. طرفه 1089 1715 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ صَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الظُّهْرَ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا، وَالْعَصْرَ بِذِى الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ. وَعَنْ أَيُّوبَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - ثُمَّ بَاتَ حَتَّى أَصْبَحَ، فَصَلَّى الصُّبْحَ، ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ حَتَّى إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ الْبَيْدَاءَ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ. طرفه 1089 121 - باب لاَ يُعْطَى الْجَزَّارُ مِنَ الْهَدْىِ شَيْئًا ـــــــــــــــــــــــــــــ 1714 - 1715 - (بكار) بفتح الباء وتشديد الكاف (وهيب) بضم الواو مصغر (عن أبي قلابة) بكسر القاف. (فلما على على البيداء) بالمد، الفضاء الذي أمام ذي الحليفة (ونحر النبي - صلى الله عليه وسلم - سبعة بدن ذكر). فإن قلت: ذكرت في الباب قبله أنّه نحر ثلاثًا وستين. قلت: قد صحت الرواية بذلك، غايته أن أنسًا لم يكن شاهدًا إلا سبعة، على أن أنسًا لم يقل نحر سبعة في تلك الحجة؛ بل أطلق، فيحمل على غيرها، وموضع الدلالة أنه نحرها قائمة. فإن قلت: ليس في الحديث الثاني ذكر النحر. قلت: رواه مختصرًا، وروى الحديث أنس، وقد تقدم عنه أنه نحرها قائمة. باب لا يعطى الجزار في الهدي شيئًا يعطى: على بناء الفاعل، وفاعله مستتر، وهو: صاحب الهدي؛ لدلالة المقام عليه، لا أنه محذوف، لأن الفاعل لا يجوز حذفه، ونظيره قول الشاعر:

122 - باب يتصدق بجلود الهدى

1716 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ أَبِى نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى لَيْلَى عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - قَالَ بَعَثَنِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُمْتُ عَلَى الْبُدْنِ، فَأَمَرَنِى فَقَسَمْتُ لُحُومَهَا، ثُمَّ أَمَرَنِى فَقَسَمْتُ جِلاَلَهَا وَجُلُودَهَا. طرفه 1707 1716 م - قَالَ سُفْيَانُ وَحَدَّثَنِى عَبْدُ الْكَرِيمِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى لَيْلَى عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - قَالَ أَمَرَنِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ أَقُومَ عَلَى الْبُدْنِ، وَلاَ أُعْطِىَ عَلَيْهَا شَيْئًا فِي جِزَارَتِهَا. طرفه 1707 122 - باب يُتَصَدَّقُ بِجُلُودِ الْهَدْىِ 1717 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ وَعَبْدُ الْكَرِيمِ الْجَزَرِىُّ أَنَّ مُجَاهِدًا أَخْبَرَهُمَا أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِى لَيْلَى أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِيًّا - رضى الله عنه - أَخْبَرَهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَهُ أَنْ يَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ، وَأَنْ يَقْسِمَ بُدْنَهُ كُلَّهَا، لُحُومَهَا وَجُلُودَهَا وَجِلاَلَهَا، وَلاَ يُعْطِىَ فِي جِزَارَتِهَا شَيْئًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ زارت عليها للظلام رواق وقوله تعالى: {إنا أَنزَلناهُ فِي ليلةَ القَدْرِ} [القدر: 1]. الجزار: القصّاب، من الجزر؛ وهو القطع. 1716 - (عن ابن أبي نجيح) بفتح النون وكسر الجيم:. عبد الله بن يسار. (قال سفيان، وحدثني عبد الكريم) عطف على حدثنا سفيان بتقدير حرف العطف. (عن علي: أمرني النبي - صلى الله عليه وسلم - أن أقوم على البدن) أي: وكلني في نحرها، والتصدق بها (ولا أعطي عليها شيئًا) فيه تقديم وتأخير؛ أي: لا أعطي الجزار شيئًا مما على البدن من اللحم والجلد (في جُزارتها) -بضم الجيم- كالعمالة، أي: أجرة الجزار توفيرًا للأجر، وهذا بخلاف الأكل منها؛ لأنه سنة ضيافة من الله لعباده، ويروى بالكسر اسم الفعل.

123 - باب يتصدق بجلال البدن

123 - باب يُتَصَدَّقُ بِجِلاَلِ الْبُدْنِ 1718 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سَيْفُ بْنُ أَبِى سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يَقُولُ حَدَّثَنِى ابْنُ أَبِى لَيْلَى أَنَّ عَلِيًّا - رضى الله عنه - حَدَّثَهُ قَالَ أَهْدَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِائَةَ بَدَنَةٍ، فَأَمَرَنِى بِلُحُومِهَا فَقَسَمْتُهَا، ثُمَّ أَمَرَنِى بِجِلاَلِهَا فَقَسَمْتُهَا، ثُمَّ بِجُلُودِهَا فَقَسَمْتُهَا. طرفه 1707 124 - بابٌ (وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لاَ تُشْرِكْ بِى شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِىَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ * وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ * ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ * ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ). 125 - باب مَا يَأْكُلُ مِنَ الْبُدْنِ وَمَا يُتَصَدَّقُ وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - لاَ يُؤْكَلُ مِنْ جَزَاءِ الصَّيْدِ وَالنَّذْرِ، وَيُؤْكَلُ مِمَّا سِوَى ذَلِكَ. تحفة 8228 وَقَالَ عَطَاءٌ يَأْكُلُ وَيُطْعِمُ مِنَ الْمُتْعَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب يتصدق بجلال البدن 1718 - (أبو نعبم) -بضم النون- مصغر (عن ابن أبي ليلى) محمد بن عبد الرحمن. (أهدى النبي - صلى الله عليه وسلم - مائة بدنة) في رواية الترمذي: أن ثلاثًا وستين كانت معه وتمام المائة قدم بها عليّ من اليمن. باب ما يأكل من البدن وما يتصدق (وقال ابن عمر: لا يُؤكل من جزاء الصيد والنذور) وعليه اتفاق الأئمة؛ لأنه حق المساكين (وقال عطاء: يأكل ويطعم من المتعة) وبه قال أحمد ومالك.

1719 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ حَدَّثَنَا عَطَاءٌ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - يَقُولُ كُنَّا لاَ نَأْكُلُ مِنْ لُحُومِ بُدْنِنَا فَوْقَ ثَلاَثِ مِنًى، فَرَخَّصَ لَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «كُلُوا وَتَزَوَّدُوا». فَأَكَلْنَا وَتَزَوَّدْنَا. قُلْتُ لِعَطَاءٍ أَقَالَ حَتَّى جِئْنَا الْمَدِينَةَ قَالَ لاَ. أطرافه 2980، 5424، 5567 1720 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ قَالَ حَدَّثَنِى يَحْيَى قَالَ حَدَّثَتْنِى عَمْرَةُ قَالَتْ سَمِعْتُ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - تَقُولُ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ ذِى الْقَعْدَةِ، وَلاَ نَرَى إِلاَّ الْحَجَّ، حَتَّى إِذَا دَنَوْنَا مِنْ مَكَّةَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْىٌ إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ ثُمَّ يَحِلُّ. قَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - فَدُخِلَ عَلَيْنَا يَوْمَ النَّحْرِ بِلَحْمِ بَقَرٍ فَقُلْتُ مَا هَذَا فَقِيلَ ذَبَحَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ أَزْوَاجِهِ. قَالَ يَحْيَى فَذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ لِلْقَاسِمِ. فَقَالَ أَتَتْكَ بِالْحَدِيثِ عَلَى وَجْهِهِ. طرفه 294 ـــــــــــــــــــــــــــــ 1719 - (عن جابر: كنا لا نأكل من لحوم بدننا فوق ثلاث، فرخص لنا النبي - صلى الله عليه وسلم -. فقال: كلوا وتزودوا). روى سلمة بن الأكوع أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من ضحى فلا يصبحن بعد ثالثة في البيت منه شيء" فلما كان العام المقبل قالوا: يا رسول الله، نفعل كما فعلنا في العام الماضي؟ قال: "كلوا، وأطعموا، وادّخروا؛ فإن ذلك العام كان بالناس جهد". 1720 - (خالد بن مخلد) روى حديث عائشة الذي تقدم مرارًا، وموضع الدلالة قولها: (فدخل علينا يوم النحر بلحم بقر، فقالوا: ذبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن نسائه) وقد شرحناه في باب ذبح الرجل البقر عن نسائه. فإن قلت: ما معنى "ثم" في قولها: من لم يكن معه هدي إذا طاف بالبيت ثم يحل؟

126 - باب الذبح قبل الحلق

126 - باب الذَّبْحِ قَبْلَ الْحَلْقِ 1721 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا مَنْصُورٌ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ سُئِلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَمَّنْ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ وَنَحْوِهِ. فَقَالَ «لاَ حَرَجَ، لاَ حَرَجَ». طرفه 84 1722 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - زُرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِىَ. قَالَ «لاَ حَرَجَ». قَالَ حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ. قَالَ «لاَ حَرَجَ». قَالَ ذَبَحْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِىَ. قَالَ «لاَ حَرَجَ». وَقَالَ عَبْدُ الرَّحِيمِ الرَّازِىُّ عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ أَخْبَرَنِى عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنِى ابْنُ خُثَيْمٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ عَفَّانُ أُرَاهُ عَنْ وُهَيْبٍ حَدَّثَنَا ابْنُ خُثَيْمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ حَمَّادٌ عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ وَعَبَّادِ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 84 ـــــــــــــــــــــــــــــ قلت: قيل: ثم خطأ من الراوي؛ لأن في رواية مسلم: "أن يحل" وزاد فيه "وطاف بين الصفا والمروة". قلت: لثم وجه؛ وذلك أنه لما لم يذكر الصفا والمروة كما وقع لمسلم أشار بلفظ: "ثم" إلى أنه بمجرّد الطواف لا يحل له؛ بل لا بدّ من السعي، وقد تقدم نظيره، وهذا وجه وجيه. باب الذبح قبل الحلق 1721 - 1722 - (حوشب) بفتح الحاء وسكون الواو آخره باء موحدة (هشيم) بضم الهاء: مصغر (ابن زاذان) بزاي وذال معجمتين (وعياش) بفتح العين وياء مثناة وشين معجمة (عبد العزيز بن رفيع) بضم الراء مصغر (عن أبي خثيم) بضم الخاء المعجمة وثاء مثلثة مصغر، هو: عبد الله بن عثمان بن خثيم (وقال حمّاد) بفتح الحاء وتشديد الميم. وكذا (عباد) بفتح العين وتشديد الباء.

1723 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ سُئِلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ رَمَيْتُ بَعْدَ مَا أَمْسَيْتُ. فَقَالَ «لاَ حَرَجَ». قَالَ حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَنْحَرَ. قَالَ «لاَ حَرَجَ». طرفه 84 1724 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ بِالْبَطْحَاءِ. فَقَالَ «أَحَجَجْتَ». قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «بِمَا أَهْلَلْتَ». قُلْتُ لَبَّيْكَ بِإِهْلاَلٍ كَإِهْلاَلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ «أَحْسَنْتَ، انْطَلِقْ فَطُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ». ثُمَّ أَتَيْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــ 1723 - روى عن ابن عباس مسندًا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: سئل عن الحلق قبل الرّمي، أو زار أي: طاف طواف الإفاضة قبل الرمي، أو حلق قبل الذبح أو عكس فقال في الكل: (لا حرج) وفي رواية: ما سئل يومئذ عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: "افعل ولا حرج". واتفق الأئمة على عدم الترتيب بين هذه الأمور، إلَّا أن السنة الرمي، ثم الذبح، ثم الحلق، ثم الطواف، وفي روايةٍ عن الإمام أحمد أنه يجب تأخير الحلق عن الرمي والنحر، فلو قدمه عالمًا بوجوب الترتيب يجب عليه دم. ثم روى هذا الحديث تعليقًا بثلاث طرق تقوية لما أسنده أوّلًا. فإن قلت: إذا كان الأمر ما ذكرت من عدم الترتيب؛ فلِم خصّ البخاري الترجمة بالذبح قبل الحلق دون العكس. ودون الطواف والرمي؟ قلت: لما كان السؤال في حديث ابن عباس عمن حلق قبل أن يذبح دالًّا على أنهم كانوا يعتقدون أن الواجب هو الذبح قبل الحلق ترجم على ذلك الأصل، ثم دل بالأحاديث على سائر الأحكام. 1724 - (عبدان) -على وزن شعبان- عبد الله المروزي، وأبوه عثمان بن جبلة (عن أبي موسى: قدمت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: من اليمن (وهو بالبطحاء) واد بين مكة ومنى (فقال: أحججت) -بفتح الهمزة والحاء- استفهام، أي: أنويت الحج (قلت: نعم، قال: بما أهللت؟) أي: بالحج يكون مفردًا، أو بالعمرة يكون متمتعًا (قلت: لبيك بإهلال كإهلال النبي - صلى الله عليه وسلم -) ولما لم يكن معه هدي أمره فحل كسانر الأصحاب الذين لم يكن معهم هدي

127 - باب من لبد رأسه عند الإحرام وحلق

امْرَأَةً مِنْ نِسَاءِ بَنِى قَيْسٍ، فَفَلَتْ رَأْسِى، ثُمَّ أَهْلَلْتُ بِالْحَجِّ، فَكُنْتُ أُفْتِى بِهِ النَّاسَ، حَتَّى خِلاَفَةِ عُمَرَ - رضى الله عنه - فَذَكَرْتُهُ لَهُ. فَقَالَ إِنْ نَأْخُذْ بِكِتَابِ اللَّهِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُنَا بِالتَّمَامِ، وَإِنْ نَأْخُذْ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَحِلَّ حَتَّى بَلَغَ الْهَدْىُ مَحِلَّهُ. طرفاه 1559، 1795 127 - باب مَنْ لَبَّدَ رَأْسَهُ عِنْدَ الإِحْرَامِ وَحَلَقَ 1725 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ حَفْصَةَ - رضى الله عنهم - أَنَّهَا قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا بِعُمْرَةٍ وَلَمْ تَحْلِلْ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِكَ قَالَ «إِنِّى لَبَّدْتُ رَأْسِى، وَقَلَّدْتُ هَدْيِى، فَلاَ أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ». طرفه 1566 128 - باب الْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ عِنْدَ الإِحْلاَلِ 1726 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِى حَمْزَةَ قَالَ نَافِعٌ كَانَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَقُولُ حَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي حَجَّتِهِ. طرفاه 4410، 4411 1727 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «اللَّهُمَّ ارْحَمِ الْمُحَلِّقِينَ». قَالُوا وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «اللَّهُمَّ ارْحَمِ الْمُحَلِّقِينَ». قَالُوا وَالْمُقَصِّرِينَ يَا ـــــــــــــــــــــــــــــ (فكنت أفتي به الناس حتى خلافة عمر) فإنه منعه، ومنع سائر الناس عن المتعة، وكذا عثمان، وقد تقدم الكلام على الحديث مستوفى في باب من أهل في زمن النبي. باب الحلق والتقصير عند الإحلال 1725 - 1726 - (شعيب بن أبي حمزة) بالحاء المهملة. (حلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجته) أي: في حجة الوداع، ليس له حج غيره بعد الهجرة.

رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «وَالْمُقَصِّرِينَ». وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى نَافِعٌ «رَحِمَ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ» مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ. قَالَ وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِى نَافِعٌ وَقَالَ فِي الرَّابِعَةِ «وَالْمُقَصِّرِينَ». 1728 - حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ». قَالُوا وَلِلْمُقَصِّرِينَ. قَالَ «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ». قَالُوا وَلِلْمُقَصِّرِينَ. قَالَهَا ثَلاَثًا. قَالَ «وَلِلْمُقَصِّرِينَ». 1729 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ قَالَ حَلَقَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَطَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَقَصَّرَ بَعْضُهُمْ. طرفه 1639 1730 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ - رضى الله عنهم - قَالَ قَصَّرْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِمِشْقَصٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 1728 - (عياش بن وليد) بفتح العين وتشديد الياء المثناة تحت وشين معجمة. (فضيل) بضم الفاء مصغر (عمارة) بضم العَين وتخفيف الميم (القعقاع) بقاف وعين مكررتين (عن أبي زرعة) هو ابن عمرو بن جرير، واسمه: هرم، وقيل: عمرو، أو عبد الله، أو جرير، أو غير ذلك. 1730 - (أبو عاصم) ضحاك بن مخلد (ابن جريج) -بضم الجيم- مصغر، عبد الملك بن عبد العزيز. (عن معاوية قال: قصرت عن رأس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمشقص) قال الجوهري: المشقص بكسر الميم نصل طويل عريض، وأنشد:

129 - باب تقصير المتمتع بعد العمرة

129 - باب تَقْصِيرِ الْمُتَمَتِّعِ بَعْدَ الْعُمْرَةِ 1731 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ أَخْبَرَنِى كُرَيْبٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَكَّةَ أَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَطُوفُوا بِالْبَيْتِ، وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ يَحِلُّوا، وَيَحْلِقُوا أَوْ يُقَصِّرُوا. طرفه 1545 ـــــــــــــــــــــــــــــ سِهامٌ مشاقصها كالحراب وهذا الذي قاله معاوية كان سنة الفتح، حين اعتمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الجعرانة، فإنه لم يكن معه في سائر العمر، وفي حجته قد تقدم أنه حلق رأسه. فإن قلت: اختلفت الروايات في قولهم: "اللهم ارحم المحلقين" رواه نافع مرة أو مرتين، وفي رواية أخرى عن نافع: "قالها ثلاثًا وفي الرابعة قال: "وللمقصرين" وفي رواية أبي هريرة أنه قال في الثالثة: "وللمقصرين"؟ قلت: إن كانت القصّة متعددة فالأمر ظاهر، كان كانت متحدة الرواة، فالاختلاف من تفاوت ضبط الرواة، وزيادة الثقة مقبولة. فإن قلت: لم بالغ في شأن المحلقين بالدعاء مرارًا، ومتى كان هذا؟ قلت: قد تظاهرت الروايات على أن هذا الكلام قاله في الحديبية، وهي حجة الوداع وكانت العرب تحب التزين بالشعر، وأيضًا كان الحلق مشقًا عليهم في الوضعين، أما الحديبية فلأنهم عادوا ولم تحصل لهم العمرة، وأما حجة الوداع فلأنه أمرهم أن يحلوا من العمرة والذين حلقوا بادروا إلى الامتثال بما أمكن؛ فلذلك بالغ في الدُّعاء لهم. باب تقصير المتمتع [بعد] العمرة 1731 - (فضيل) بضم الفاء مصغر، وكذا (كريب). روى عن ابن عبّاس أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لمن تمتع بعد الطواف والسعي: (ليحلوا وبحلقوا، أو يقصروا) واقتصر على التقصير في الترجمة لأنه يعلم حكم الحلق منه.

130 - باب الزيارة يوم النحر

130 - باب الزِّيَارَةِ يَوْمَ النَّحْرِ وَقَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهم - أَخَّرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الزِّيَارَةَ إِلَى اللَّيْلِ. وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِى حَسَّانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَزُورُ الْبَيْتَ أَيَّامَ مِنًى. 1732 - وَقَالَ لَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ طَافَ طَوَافًا وَاحِدًا، ثُمَّ يَقِيلُ ثُمَّ يَأْتِى مِنًى - يَعْنِى يَوْمَ النَّحْرِ -. وَرَفَعَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ. 1733 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنِ الأَعْرَجِ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ حَجَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَفَضْنَا يَوْمَ النَّحْرِ، فَحَاضَتْ صَفِيَّةُ، فَأَرَادَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْهَا مَا يُرِيدُ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِهِ. فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا حَائِضٌ. قَالَ «حَابِسَتُنَا هِىَ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الزيارة يوم النحر المراد بالزيارة الطواف بعد الوقوف بعرفة، وهو الركن في الحج. وأما قول ابن عباس: (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يزور البيت أيام منى) فهو معنى آخر (وأبو الزبير) محمد بن مسلم (أبو حسان) يجوز صرفهُ وعدم صرفه، هو مسلم بن عبد الله. 1732 - (قال لنا أبو نعيم) -بضم النون مصغر- فضل بن دكين، هو شيخ البخاري، وإنما روى عنه بلفظ قال؛ لأنه سمع الحديث منه مذاكرة. (عن ابن عمر: أنَّه طاف طوافًا واحدًا) أي: بعد الوقوف (ثم يَقِيل) -بفتح الياء وكسر القاف- من القيلولة (ورفعه عبد الرزاق) هو ابن هشام، أبو بكر الصنعاني، أي: رفع الحديث إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنه مطلق الرفع عليه يحمل، وفي رواية سفيان كان موقوفًا على ابن عمر. 1733 - روى عن عائشة: أن صفية زوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاضت بمنى، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: حابستنا لأنه ظن أنها ما طافت فلما أخبر [أنها] أفاضت يوم النحر أذن لها

131 - باب إذا رمى بعد ما أمسى أو حلق قبل أن يذبح ناسيا أو جاهلا

أَفَاضَتْ يَوْمَ النَّحْرِ. قَالَ «اخْرُجُوا». وَيُذْكَرُ عَنِ الْقَاسِمِ وَعُرْوَةَ وَالأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَفَاضَتْ صَفِيَّةُ يَوْمَ النَّحْرِ. طرفه 294 131 - باب إِذَا رَمَى بَعْدَ مَا أَمْسَى أَوْ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا 1734 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قِيلَ لَهُ فِي الذَّبْحِ وَالْحَلْقِ وَالرَّمْىِ وَالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ فَقَالَ «لاَ حَرَجَ». طرفه 84 1735 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُسْأَلُ يَوْمَ النَّحْرِ بِمِنًى، فَيَقُولُ «لاَ حَرَجَ». فَسَأَلَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ. قَالَ «اذْبَحْ، وَلاَ حَرَجَ». وَقَالَ رَمَيْتُ بَعْدَ مَا أَمْسَيْتُ. فَقَالَ «لاَ حَرَجَ». طرفه 84 ـــــــــــــــــــــــــــــ بالنفر، وقد تقدم الحديث. باب إذا رمى بعدما أمسي أو حلق قبل أن يذبح ناسيًا أو جاهلًا 1734 - (وهيب) بضم الواو مصغر (ابن طاوس) عبد الله. (عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قيل له في الذبح، والحلق، والرمي، في التقديم والتأخير: [فقال]: لا حرج) قد تقدم أن لا ترتيب بين الطواف والثلاث المذكورة، إلا أن السنة الرمي ثم الذبح، ثم الحلق ثم الطواف. 1735 - (يزيد بن زريع) مصغر. (رميت بعدما أمسيت) أي: دخلت في المساء وهو الليل، وفيه الدلالة على الشق الأول من الترجمة.

132 - باب الفتيا على الدابة عند الجمرة

132 - باب الْفُتْيَا عَلَى الدَّابَّةِ عِنْدَ الْجَمْرَةِ 1736 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَفَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَجَعَلُوا يَسْأَلُونَهُ، فَقَالَ رَجُلٌ لَمْ أَشْعُرْ فَحَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ. قَالَ «اذْبَحْ وَلاَ حَرَجَ». فَجَاءَ آخَرُ فَقَالَ لَمْ أَشْعُرْ فَنَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِىَ. قَالَ «ارْمِ وَلاَ حَرَجَ». فَمَا سُئِلَ يَوْمَئِذٍ عَنْ شَىْءٍ قُدِّمَ وَلاَ أُخِّرَ إِلاَّ قَالَ افْعَلْ وَلاَ حَرَجَ. طرفه 83 1737 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ حَدَّثَنِى الزُّهْرِىُّ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رضى الله عنه - حَدَّثَهُ أَنَّهُ شَهِدَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ يَوْمَ النَّحْرِ، فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ، فَقَالَ كُنْتُ أَحْسِبُ أَنَّ كَذَا قَبْلَ كَذَا. ثُمَّ قَامَ آخَرُ فَقَالَ كُنْتُ أَحْسِبُ أَنَّ كَذَا قَبْلَ كَذَا حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَنْحَرَ، نَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِىَ. وَأَشْبَاهَ ذَلِكَ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «افْعَلْ وَلاَ حَرَجَ». لَهُنَّ كُلِّهِنَّ، فَمَا سُئِلَ يَوْمَئِذٍ عَنْ شَىْءٍ إِلاَّ قَالَ افْعَلْ وَلاَ حَرَجَ. طرفه 83 1738 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ أَخْبَرَنَا ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الفتيا على الدابة 1736 - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطب يوم الجمعة كما ذكره بعد في حجة الوداع (فجعلوا يسألونه) أي: شرعوا في السؤال (فقال: لم أُشعر) أي: نسيت، أو كنت جاهلًا. (حلقتُ قبلَ أن أذبح). (لا حرج) أي: لا كفارة، لا إثم (فما سئل يومئذ عن شيء قدم ولا آخر إلا قال: افعل ولا حرج) الظاهر أنه كان بالوحي، وقد من شرح الحديث مرارًا. فإن قلت: ليس في الحديث ذكر الدابة. قلت: في الحديث آخر الباب أنه كان على ناقته، والقضية واحدة. 1737 - (كنت أحسب أنَّ كذا قبل كذا) أي: كان الحلق قبل الرمي، وهذا كان جهلًا منه (لهن كلهن) بالجر، والضمير للأمور التي دلّ عليها المقام. 1738 - (إسحاق) كذا وقع غير منسوب، ورواه ابن السكن والأصيلي: إسحاق بن

133 - باب الخطبة أيام منى

يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِى عِيسَى بْنُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رضى الله عنهما - قَالَ وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى نَاقَتِهِ. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. تَابَعَهُ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ. طرفه 83 133 - باب الْخُطْبَةِ أَيَّامَ مِنًى 1739 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ غَزْوَانَ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَطَبَ النَّاسَ يَوْمَ النَّحْرِ فَقَالَ «يَا أَيُّهَا النَّاسُ. أَىُّ يَوْمٍ هَذَا». قَالُوا يَوْمٌ حَرَامٌ. قَالَ «فَأَىُّ بَلَدٍ هَذَا». قَالُوا بَلَدٌ حَرَامٌ. قَالَ «فَأَىُّ شَهْرٍ هَذَا». قَالُوا شَهْرٌ حَرَامٌ. قَالَ «فَإِنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ منصور. (يعقوب بن إبراهيم) قال الغساني: كل من ابن منصور وابن راهويه يروي عن يعقوب بن إبراهيم، فإذا أطلقت احتملهما. قال شيخ الإسلام: والراجح ابن راهويه؛ لقوله: أخبرنا، فإنه لا يقول عن أحد من مشايخه حدثنا، فذكر الحديث، أي الحديث المتقدم (تابعه معمر عن الزهريّ) أي: تابع أبا صالح، متابعته رواها مسلم موصولة. باب الخطبة أيام منى 1739 - (فضيل) بضم الفاء مصغر (غزوان) بفتح الغين المعجمة بعدها زاي مثلها. (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خطب الناس يوم النحر) أي: بمنى كما ترجم له (فقال: يا أيها الناس ...) إلى آخر الحديث، بدل كل من خطب (أيّ يوم هذا؟ قالوا: يوم حرام). فإن قلت: في سائر الروايات أنهم قالوا: الله ورسوله أعلم. قلت: اختصر الراوي، أو قال بعضهم هذا، وبعضهم ذاك. فإن قلت: كان ظاهر الجواب يوم النحر. قلت: علموا أن السؤال إنما هو عن وصفه؛ لأن كونه يوم النحر معلوم عند كل أحد. فإن قلت: قولهم: "يوم حرام" معلوم أنه في شهر حرام، فأي فائدة في السؤال عن الشهر؟ قلت: إنما بسط الكلام ليتوجهوا إليه كمال التوجه ولأن المبالغة في وصف المشبه به في الحرمة يدل على مثله في المشبه.

دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا». فَأَعَادَهَا مِرَارًا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ «اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ». قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - فَوَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ إِنَّهَا لَوَصِيَّتُهُ إِلَى أُمَّتِهِ - «فَلْيُبْلِغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِى كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ». طرفه 7079 1740 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرٌو قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ زَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ بِعَرَفَاتٍ. تَابَعَهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو. أطرافه 1841، 1843، 5804، 5853 1741 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ حَدَّثَنَا قُرَّةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى بَكْرَةَ عَنْ أَبِى بَكْرَةَ، وَرَجُلٌ أَفْضَلُ فِي نَفْسِى مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى بَكْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ خَطَبَنَا ـــــــــــــــــــــــــــــ (فأعادها مرارًا) أي: هذه الكلمات، على دأبه إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثًا. (ثم رفع رأسه فقال: اللهم هل بلغت) أي: رفع رأسه إلى السماء؛ لأنها قبلة الدعاء، والاستفهام للتقرير، أي: قد بلغت ما أمرتني به (لا ترجعوا بعدي) أي: بعد هذه الخطبة، أو بعد انتقالي من الدنيا (كفارًا) بأن تستحلوا ما حرم من الدماء، والأموال، والأعراض، أو مشبهين بالكفار، وبيّنه بقوله: (يضرب بعضكم رقاب بعض) فإن هذه أفعال من لم يؤمن بالآخرة. 1740 - (وسمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب بعرفات). فإن قلت: الباب إنما هو في الخطبة أيّام منى. قلت: تسامح فأورد في هذا الباب ما وقع بعرفات لقرب المسافة، وقد خطب أيضًا بعرفة، فلا وجه للحمل على غلط الراوي. 1741 - (أبو عامر) هو العقدي، واسمه عبد الملك (قرة) بضم القاف وتشديد الرّاء.

النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ النَّحْرِ، قَالَ «أَتَدْرُونَ أَىُّ يَوْمٍ هَذَا». قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ. قَالَ «أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ». قُلْنَا بَلَى. قَالَ «أَىُّ شَهْرٍ هَذَا». قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ. فَقَالَ «أَلَيْسَ ذُو الْحَجَّةِ». قُلْنَا بَلَى. قَالَ «أَىُّ بَلَدٍ هَذَا». قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ. قَالَ «أَلَيْسَتْ بِالْبَلْدَةِ الْحَرَامِ». قُلْنَا بَلَى. قَالَ «فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، إِلَى يَوْمِ تَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ. أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ». قَالُوا نَعَمْ. قَالَ «اللَّهُمَّ اشْهَدْ، فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ، فَلاَ تَرْجِعُوا بَعْدِى كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ». طرفه 67 1742 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِمِنًى «أَتَدْرُونَ أَىُّ يَوْمٍ هَذَا». قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَقَالَ «فَإِنَّ هَذَا يَوْمٌ حَرَامٌ، أَفَتَدْرُونَ أَىُّ بَلَدٍ هَذَا». قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ «بَلَدٌ حَرَامٌ، أَفَتَدْرُونَ أَىُّ شَهْرٍ هَذَا». قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ «شَهْرٌ حَرَامٌ - قَالَ - فَإِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا». وَقَالَ هِشَامُ بْنُ الْغَازِ أَخْبَرَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - وَقَفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ ـــــــــــــــــــــــــــــ (رب مبلغ) -بفتح اللام المشددة- أصل وضع ربّ للتقليل، والمراد هنا الكثرة، وكذلك رغَّب في التبليغ، وحمْلُهُ على القلة وهم، والاستدلال عليه بأنه جاء في روايةٍ: "عسى" بدل "ربّ" لا يتم؛ لأن عسى لدنو وقوع الخبر رجاء، فلا دلالة فيه على القلة، بل أدل على الكثرة، وقول ابن عباس: (فوالذي نفسي بيده إنها لوصية إلى أمته) الضمير راجع إلى ما ذكر من الحرمة في الأشياء المذكورة، وجَعْلُ الضمير لقول: "ليبلغ الشاهد الغائب" المذكور بعد قول ابن عباس مما لا وجه له. 1742 - (محمد بن المثنى)، (هشام بن الغاز) بالغين المعجمة وزاي كذلك ولا ياء بعد

134 - باب هل يبيت أصحاب السقاية أو غيرهم بمكة ليالى منى

النَّحْرِ بَيْنَ الْجَمَرَاتِ فِي الْحَجَّةِ الَّتِى حَجَّ بِهَذَا، وَقَالَ «هَذَا يَوْمُ الْحَجِّ الأَكْبَرِ»، فَطَفِقَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «اللَّهُمَّ اشْهَدْ». وَوَدَّعَ النَّاسَ. فَقَالُوا هَذِهِ حَجَّةُ الْوَدَاعِ. أطرافه 4403، 6043، 6166، 6785، 6868، 7077 134 - باب هَلْ يَبِيتُ أَصْحَابُ السِّقَايَةِ أَوْ غَيْرُهُمْ بِمَكَّةَ لَيَالِىَ مِنًى 1743 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ مَيْمُونٍ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - رَخَّصَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. 1744 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَذِنَ. 1745 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ الْعَبَّاسَ - رضى الله عنه - اسْتَأْذَنَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لِيَبِيتَ بِمَكَّةَ لَيَالِىَ مِنًى، ـــــــــــــــــــــــــــــ الزاي، كذا في النسخ المعول عليها، هو ابن ربيعة الجرشي، ليس له رواية في البخاري ومسلم سوى ما علقه عنه البخاري (وقال: هذا يوم الحج الأكبر) سماه أكبر لأنه في مقابلة العمرة، وهي حج أصغر، وقيل: هذا الاسم مخصوص بذلك الحج؛ والمتعارف بين الناس كل يوم عرفة كان يوم الجمعة (وودع الناس) إنما ودعهم بتلك الخطبة التي قال فيها: "لا ترجعوا بعدي كفارًا" وفي بعض الروايات: "لعلي لا أحج بعد عامي هذا". باب [هل] يبيت أصحاب السقاية وغيرهم بمنى بمكه ليالي منى 1743 - 1744 - (عبيد بن ميمون) بضم العين على وزن المصغر، وكذا ابن جريج، وابن نمير عبد الله. 1745 - (عن ابن عمر: أن العباس استأذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليبيت بمكة ليالي منى؛

135 - باب رمى الجمار

مِنْ أَجْلِ سِقَايَتِهِ، فَأَذِنَ لَهُ. تَابَعَهُ أَبُو أُسَامَةَ وَعُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ وَأَبُو ضَمْرَةَ. طرفه 1634 135 - باب رَمْىِ الْجِمَارِ وَقَالَ جَابِرٌ رَمَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ النَّحْرِ ضُحًى، وَرَمَى بَعْدَ ذَلِكَ بَعْدَ الزَّوَالِ. 1746 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ عَنْ وَبَرَةَ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - مَتَى أَرْمِى الْجِمَارَ قَالَ إِذَا رَمَى إِمَامُكَ فَارْمِهْ. فَأَعَدْتُ عَلَيْهِ الْمَسْأَلَةَ، قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ لأجل السقاية، فأذن له) قد أشرنا إلى معنى السقاية أنهم كانوا ينبذون التمر والزبيب ويسقونه الحاج تقربًا إلى الله، فلما جاء الإسلام وفتحت مكة كان في يد عبّاس، فقررها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في يده. والبيتوتة بمنى واجبة فأذن في تركها للعباس للسقاية. فإن قلت: ذكر في الترجمة غير أصحاب السقاية ولم يذكرهم في الحديث؟ قلت: علم من إذن العباس للضرورة أن الغير لا يجوز له، وأراد بالغبر أصحاب الأعذار، كالرعاء والمرضى، والحديث دل على وجوبه، وإلا لم يحتج إلى الإذن، وعليه الأئمة إلا أبا حنيفة، ووجوب الدم بتركه يبنى على الوجوب. (تابعه أبو أسامة) -بضم الهمزة- حماد بن أسامة (وعقبة بن خالد، وأبو ضمرة) -بفتح الضاد وسكون الميم- أنس بن عياض، أي تابع هؤلاء عبد الله بن نمير في الرواية عن عبيد الله بن عمير عن ابن عمر. باب رمي الجمار بكسر الجيم، جمع جمرة؛ وهى: الحصا الصغار. قال الجوهري: الجمرات يرمين بالجمار. وعُلم من عبارته أن تسمية الجمرة بذلك لكونها محل الجمار. 1746 - (أبو نعيم) بضم النون مصغر (مِسعر) بكسر الميم (وبرة) -على وزن سحرة- هو ابن عبد الرحمن السلمي. (سألت ابن عمر متى أرمي الجمار؟ قال: إذا رمى إمامك فارم، فأعدت عليه، قال:

136 - باب رمى الجمار من بطن الوادى

كُنَّا نَتَحَيَّنُ، فَإِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ رَمَيْنَا. 136 - باب رَمْىِ الْجِمَارِ مِنْ بَطْنِ الْوَادِى 1747 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ رَمَى عَبْدُ اللَّهِ مِنْ بَطْنِ الْوَادِى، فَقُلْتُ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِنَّ نَاسًا يَرْمُونَهَا مِنْ فَوْقِهَا، فَقَالَ وَالَّذِى لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ هَذَا مَقَامُ الَّذِى أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ بِهَذَا. أطرافه 1748، 1749، 1750 137 - باب رَمْىِ الْجِمَارِ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ ذَكَرَهُ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. ـــــــــــــــــــــــــــــ كنا نتحيّن) أي: نتربص الوقت، وهو: الحين (فإذا زالت الشمس رمينا) هذا في أيام التشريق؛ لما تقدم من رواية جابر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رمى جمرة العقبة يوم النحر وقت الضحى، وكذا تقدم من رواية الفضل بن عباس. باب [رمي] الجمار [من] بطن الوادي 1747 - (محمد بن كثير) ضد القليل. (رمى عبد الله من بطن الوادي) عبد الله بن مسعود، وهذا مخصوص بجمرة العقبة (هذا مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة) تخصيص سورة البقرة لاشتمالها على بيان المناسك. باب رمي الجمار بسبع حصيات (ذكره ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -) هذا التعليق أسنده فيما بعد، في باب رفع اليدين.

138 - باب من رمى جمرة العقبة فجعل البيت عن يساره

1748 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - أَنَّهُ انْتَهَى إِلَى الْجَمْرَةِ الْكُبْرَى جَعَلَ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ، وَمِنًى عَنْ يَمِينِهِ، وَرَمَى بِسَبْعٍ، وَقَالَ هَكَذَا رَمَى الَّذِى أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 1747 138 - باب مَنْ رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَجَعَلَ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ 1749 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّهُ حَجَّ مَعَ ابْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - فَرَآهُ يَرْمِى الْجَمْرَةَ الْكُبْرَى بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، فَجَعَلَ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ، وَمِنًى عَنْ يَمِينِهِ، ثُمَّ قَالَ هَذَا مَقَامُ الَّذِى أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ. طرفه 1747 139 - باب يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 1750 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ سَمِعْتُ الْحَجَّاجَ يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ السُّورَةُ الَّتِى يُذْكَرُ فِيهَا الْبَقَرَةُ، وَالسُّورَةُ الَّتِى يُذْكَرُ فِيهَا آلُ عِمْرَانَ، وَالسُّورَةُ الَّتِى يُذْكَرُ فِيهَا النِّسَاءُ. قَالَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لإِبْرَاهِيمَ، فَقَالَ حَدَّثَنِى ـــــــــــــــــــــــــــــ 1748 - (عن عبد الله: انتهى إلى الجمرة الكبرى) هيَ التي على العقبة (جعل البيت عن يساره ومنى عن يمينه) هذا الذي ذكره في الباب قبله أنه رمى من بطن الوادي، وأشار في الترجمة بعيد الوادي إلى ردّ ما رواه ابن أبي شيبة عن عطاء: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يعلو إذا رمى الجمرة. باب يكبر مع كل حصاة (قاله ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -) سيأتي ذكره مسندًا. 1750 - (سمعت الحجاج) هو الظالم المشهور (يقول: السورة التي يذكر فيها البقرة) لم يقل سورة البقرة كراهة إضافة السورة إلى البقرة، وهذا جهل منه؛ لأن الإضافة إنما يُقصد بها التمييز وأدنى ملابسة كاف في ذلك (فذكرت ذلك لإبراهيم) فاستدل إبراهيم على بطلان

140 - باب من رمى جمرة العقبة ولم يقف

عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ أَنَّهُ كَانَ مَعَ ابْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - حِينَ رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ، فَاسْتَبْطَنَ الْوَادِىَ، حَتَّى إِذَا حَاذَى بِالشَّجَرَةِ اعْتَرَضَهَا، فَرَمَى بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ، ثُمَّ قَالَ مِنْ هَا هُنَا وَالَّذِى لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ قَامَ الَّذِى أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 1747 140 - باب مَنْ رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ وَلَمْ يَقِفْ قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 141 - باب إِذَا رَمَى الْجَمْرَتَيْنِ يَقُومُ وَيُسْهِلُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ 1751 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا طَلْحَةُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ كَانَ يَرْمِى الْجَمْرَةَ الدُّنْيَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ عَلَى إِثْرِ كُلِّ حَصَاةٍ، ثُمَّ يَتَقَدَّمُ حَتَّى يُسْهِلَ فَيَقُومَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ فَيَقُومُ طَوِيلاً، وَيَدْعُو وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَرْمِى الْوُسْطَى، ثُمَّ يَأْخُذُ ذَاتَ الشِّمَالِ فَيَسْتَهِلُ وَيَقُومُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ فَيَقُومُ طَوِيلاً وَيَدْعُو وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ، وَيَقُومُ طَوِيلاً، ثُمَّ يَرْمِى جَمْرَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله بقول ابن مسعود: (هذا مكان الذي أنزلت عليه سورة البقرة) قوله (يكبر مع كل حصاة) دل على أنه يجب الرّمي حجرًا بعد حجر، وأنه لو رمى السبع مرة واحدة لا يجوز، وهنا فائدة، وهي أن جمرة العقبة ليست من منى، بل نهايتها. باب إذا رمي الجمرتين يقوم مستقبل القبلة ويسهل 1751 - (عن عثمان بن أبي شيبة) بفتح الشين وسكون الياء. (عن ابن عمر أنه كان يرمي الجمرة الدنيا) من الدنو؛ وهو: القرب، واعتبر الدنو باعتبار الرجوع من عرفات (سبع حصيات يكبر مع كل واحدة، ثم يأخذ بذات الشمال) أي: يميل إلى جانب اليسار (فيسهل) أي: فيدخل في المكان السهل ضد الوعر (ثم يرمي الجمرة

142 - باب رفع اليدين عند جمرة الدنيا والوسطى

ذَاتِ الْعَقَبَةِ مِنْ بَطْنِ الْوَادِى، وَلاَ يَقِفُ عِنْدَهَا ثُمَّ يَنْصَرِفُ فَيَقُولُ هَكَذَا رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَفْعَلُهُ. طرفاه 1752، 1753 142 - باب رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ جَمْرَةِ الدُّنْيَا وَالْوُسْطَى 1752 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى أَخِى عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - كَانَ يَرْمِى الْجَمْرَةَ الدُّنْيَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، ثُمَّ يُكَبِّرُ عَلَى إِثْرِ كُلِّ حَصَاةٍ، ثُمَّ يَتَقَدَّمُ فَيُسْهِلُ، فَيَقُومُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ قِيَامًا طَوِيلاً، فَيَدْعُو وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَرْمِى الْجَمْرَةَ الْوُسْطَى كَذَلِكَ، فَيَأْخُذُ ذَاتَ الشِّمَالِ فَيُسْهِلُ، وَيَقُومُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ قِيَامًا طَوِيلاً، فَيَدْعُو وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَرْمِى الْجَمْرَةَ ذَاتَ الْعَقَبَةِ مِنْ بَطْنِ الْوَادِى، وَلاَ يَقِفُ عِنْدَهَا، وَيَقُولُ هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَفْعَلُ. طرفه 1751 143 - باب الدُّعَاءِ عِنْدَ الْجَمْرَتَيْنِ 1753 - وَقَالَ مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا رَمَى الْجَمْرَةَ الَّتِى تَلِى مَسْجِدَ مِنًى يَرْمِيهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ كُلَّمَا رَمَى بِحَصَاةٍ، ثُمَّ تَقَدَّمَ أَمَامَهَا فَوَقَفَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ رَافِعًا يَدَيْهِ يَدْعُو، وَكَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــ ذات العقبة من بطن الوادي، ولا يقف عندها، وبقول: هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعل) ولعله إنما لم يقف عندها، لأنه بوقوفه الطويل عند الجمرتين، وكثرة الدعاء، يكل المخاطر، وإنما لم يعكس لأنّ المخاطر في الابتداء أنشط، وآخر الأمر يلائم الاختصار أيضًا. باب رفع اليدين عند الجمرة الدنيا والوسطى 1752 - روى في الباب حديث ابن عمر في الباب الذي قبله، وقد تقدم شرحه، وقال: برفع اليدين للدعاء هنا الأئمة إلا مالك، ومن اعتذر له بانه لو كان سنة لما خفي على أهل المدينة، فقد خفي عليه أن الزهريّ من أفضل علماء المدينة. باب الدعاء عند الجمرتين 1753 - (وقال محمد) كذا وقع غير منسوب، قال الغساني: نسبه لنا ابن السكن محمد بن بشار عن عثمان. ثم نقل عن أبي نصر أن البخاري يروي عن محمد بن بشار، وعن محمد بن المثنى. عن عثمان بن عمر، روى في الباب حديث ابن عمر عن الزهريّ أن

144 - باب الطيب بعد رمى الجمار والحلق قبل الإفاضة

يُطِيلُ الْوُقُوفَ، ثُمَّ يَأْتِى الْجَمْرَةَ الثَّانِيَةَ، فَيَرْمِيهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ كُلَّمَا رَمَى بِحَصَاةٍ، ثُمَّ يَنْحَدِرُ ذَاتَ الْيَسَارِ مِمَّا يَلِى الْوَادِىَ، فَيَقِفُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ رَافِعًا يَدَيْهِ يَدْعُو، ثُمَّ يَأْتِى الْجَمْرَةَ الَّتِى عِنْدَ الْعَقَبَةِ فَيَرْمِيهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ عِنْدَ كُلِّ حَصَاةٍ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ وَلاَ يَقِفُ عِنْدَهَا. قَالَ الزُّهْرِىُّ سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يُحَدِّثُ مِثْلَ هَذَا عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُهُ. طرفه 1751 144 - باب الطِّيبِ بَعْدَ رَمْىِ الْجِمَارِ وَالْحَلْقِ قَبْلَ الإِفَاضَةِ 1754 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ - وَكَانَ أَفْضَلَ أَهْلِ زَمَانِهِ - يَقُولُ سَمِعْتُ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - تَقُولُ طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدَىَّ هَاتَيْنِ حِينَ أَحْرَمَ، وَلِحِلِّهِ حِينَ أَحَلَّ، قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ. وَبَسَطَتْ يَدَيْهَا. طرفه 1539 ـــــــــــــــــــــــــــــ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يرمي الجمرة الدنيا والوسطى ويقف بعد الرمي وقوفًا طويلًا رافعًا يديه، ولا يقف عند جمرة العقبة وقد أشرنا إلى الحكم في ذلك في الباب الذي قبله، وروى الحديث أولًا مرسلًا، ثم مسندًا فصار الأول أيضًا في حكم المسند، وليس مثله من المرسل الذي اختلف فيه هل يقبل أو لا يقبل؟ لأن المرسل الذي اختلف فيه هو الذي أرسله تابعي ثم أسنده غيره، وقد التبس هذا على بعضهم، فزعم أنه مرسل الزهريّ، ولا يصير مسندًا بما ذكره بعده؛ لأنه قال بمثله لا نفسه، وقد خفي عليه أن المحدث إذا قال: رواه فلان بمثل ما روى فلان يريد ذلك المتن، وكذا إذا رواه بإسناد ثم أردفه بإسناد آخر وقال في آخره مثله، يريد ذلك المتن بعينه؛ نبه عليه شيخنا أبو الفضل بن حجر. باب الطيب بعد رمي الجمار والحلق قبل الإفاضة 1754 - (طيبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين أحرم) أي: أراد الإحرام (ولحله حين أحل قبل أن يطوف) هذا هو التحلل الأول، وقانونه: أن من أتى من الطواف والرمي والحلق باثنين حصل له هذا التحلل، ويستباح به غير الجماع (وبَسَطت يديها) مبالغة في الوقوع، ردًّا على من أنكر ذلك؛ فإن ابن عمر كان ينكر التطيب قبل الإحرام، ونظير هذا قولك: رأيته بعيني. فإن قلت: ليس في الباب ما يدل على [أن] ذلك كان بعد الرمي والحلق كما ترجم له.

145 - باب طواف الوداع

145 - باب طَوَافِ الْوَدَاعِ 1755 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ، إِلاَّ أَنَّهُ خُفِّفَ عَنِ الْحَائِضِ. طرفه 329 1756 - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ، ثُمَّ رَقَدَ رَقْدَةً بِالْمُحَصَّبِ، ثُمَّ رَكِبَ إِلَى الْبَيْتِ فَطَافَ بِهِ. تَابَعَهُ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى خَالِدٌ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - حَدَّثَهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 1764 146 - باب إِذَا حَاضَتِ الْمَرْأَةُ بَعْدَ مَا أَفَاضَتْ 1757 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَىٍّ زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حَاضَتْ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ـــــــــــــــــــــــــــــ قلت: أشار إلى ما رواه مسلم أنه لما رمى الجمرة يوم النحر نحرَ هديه، وحلق رأسه. باب طواف الوداع 1756 - (مسدد) بضم الميم وتشديد الدّال (عن ابن طاوس) اسمه عبد الله. (عن ابن عباس قال: أُمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت) إذا قال الصحابي: أمرنا أو أمر الناس، الآمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والأمر للوجوب؛ إلا أنه مخفف عن الحائض، وكذا عن النفساء، وغيرهما، إن تركه يجب عليه دم، والسنة أن لا يتوقف بعده في الخروج، بل كما طاف يخرج ليكون فيه معنى الوداع، وعند الإمام أحمد: إذا اشتغل بعده بتجارة يعيد الطواف. باب إذا حاضت المرأة بعد ما أفاضت 1757 - (صفية بنت حيي) بضم الحاء مصغر حي (حاضت فذكروا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -

فَقَالَ «أَحَابِسَتُنَا هِىَ». قَالُوا إِنَّهَا قَدْ أَفَاضَتْ. قَالَ «فَلاَ إِذًا». أطرافه 294 1758 و 1759 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ سَأَلُوا ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ امْرَأَةٍ طَافَتْ ثُمَّ حَاضَتْ، قَالَ لَهُمْ تَنْفِرُ. قَالُوا لاَ نَأْخُذُ بِقَوْلِكَ وَنَدَعَ قَوْلَ زَيْدٍ. قَالَ إِذَا قَدِمْتُمُ الْمَدِينَةَ فَسَلُوا. فَقَدِمُوا الْمَدِينَةَ فَسَأَلُوا، فَكَانَ فِيمَنْ سَأَلُوا أُمُّ سُلَيْمٍ، فَذَكَرَتْ حَدِيثَ صَفِيَّةَ. رَوَاهُ خَالِدٌ وَقَتَادَةُ عَنْ عِكْرِمَةَ. 1760 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ رُخِّصَ لِلْحَائِضِ أَنْ تَنْفِرَ إِذَا أَفَاضَتْ. طرفه 329 1761 - قَالَ وَسَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ إِنَّهَا لاَ تَنْفِرُ. ثُمَّ سَمِعْتُهُ يَقُولُ بَعْدُ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - رَخَّصَ لَهُنَّ. طرفه 330 1762 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَلاَ نُرَى إِلاَّ الْحَجَّ، ـــــــــــــــــــــــــــــ ذلك، فقال أحابستنا؟) استفهام تقرير، ولذلك لما أخبر أنها طافت قال: (فلا إذًا). 1758 - 1759 - (أبو النعمان) -بضم النون- محمد بن الفضل. (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم. 1760 - (مسلم) ضد الكافر (وهيب) بضم الواو مصغر (ابن طاوس) عبد الله. ساق الحديث عن ابن عمر: أنه كان لا يرى خروج الحائض بدون طواف الوداع، ثم رأى ذلك. 1762 - (أبو النعمان) بضم النون محمد بن الفضل. (أبو عوانة) -بفتح العين- الوضاح اليشكري. ثم روى عن عائشة حديث طريان الحيض عليها في أثناء الإحرام، وقد سلف الحديث مرارًا، وموضع الدلالة قضية صفية أنها حاضت بعد طواف الإفاضة، فأذن لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

147 - باب من صلى العصر يوم النفر بالأبطح

فَقَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَلَمْ يَحِلَّ وَكَانَ مَعَهُ الْهَدْىُ، فَطَافَ مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ نِسَائِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَحَلَّ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ الْهَدْىُ، فَحَاضَتْ هِىَ، فَنَسَكْنَا مَنَاسِكَنَا مِنْ حَجِّنَا، فَلَمَّا كَانَ لَيْلَةُ الْحَصْبَةِ لَيْلَةُ النَّفْرِ، قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ كُلُّ أَصْحَابِكَ يَرْجِعُ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ غَيْرِى. قَالَ «مَا كُنْتِ تَطُوفِى بِالْبَيْتِ لَيَالِىَ قَدِمْنَا». قُلْتُ لاَ. قَالَ «فَاخْرُجِى مَعَ أَخِيكِ إِلَى التَّنْعِيمِ فَأَهِلِّى بِعُمْرَةٍ، وَمَوْعِدُكِ مَكَانَ كَذَا وَكَذَا». فَخَرَجْتُ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِلَى التَّنْعِيمِ، فَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ، وَحَاضَتْ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَىٍّ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «عَقْرَى حَلْقَى، إِنَّكِ لَحَابِسَتُنَا، أَمَا كُنْتِ طُفْتِ يَوْمَ النَّحْرِ». قَالَتْ بَلَى. قَالَ «فَلاَ بَأْسَ. انْفِرِى». فَلَقِيتُهُ مُصْعِدًا عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ، وَأَنَا مُنْهَبِطَةٌ، أَوْ أَنَا مُصْعِدَةٌ، وَهُوَ مُنْهَبِطٌ. وَقَالَ مُسَدَّدٌ قُلْتُ لاَ. تَابَعَهُ جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ فِي قَوْلِهِ لاَ. طرفه 294 147 - باب مَنْ صَلَّى الْعَصْرَ يَوْمَ النَّفْرِ بِالأَبْطَحِ 1763 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِىُّ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ أَخْبِرْنِى بِشَىْءٍ عَقَلْتَهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَيْنَ صَلَّى الظُّهْرَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ قَالَ بِمِنًى. ـــــــــــــــــــــــــــــ في الخروج بدون طواف الوداع، وقول عائشة إخبارًا عن نفسها فحاضت بلفظ الغائب النفات في غاية الحسن (عقرى حلقى) قد تقدم أنها في الأصل دعاء بإصابة الداء في حلقها وجسدها، ولكن لم يرد ذلك، وانما هي ألفاظ تجري في المعاتبات؛ مثل: تربت يمينك، ونحوه، وفيه إشكال، وهو أنه إن لم يكن عالمًا بأنها طافت لم يكن له أن يريد منها ما أراد، وإن كان عالمًا فما وجه هذا الاستفهام؟ والجواب: أنه لما أذن لنسائه في الطواف طلب منها بناءً على أنها طافت، فلما قيل: إنها حائض خاف أنها لم تكن طافت ساعته. باب من صلى العصر يوم النفر بالأبطح 1763 - (محمد بن المثنى) بضم الميم وتشديد النون (الثوري) بالثاء المثلثة (رفيع) بضم الراء مصغر. (يوم التروية) هو اليوم الثامن من ذي الحجة؛ لأن الناس يروون الدّواب

148 - باب المحصب

قُلْتُ فَأَيْنَ صَلَّى الْعَصْرَ يَوْمَ النَّفْرِ قَالَ بِالأَبْطَحِ. افْعَلْ كَمَا يَفْعَلُ أُمَرَاؤُكَ. طرفه 1653 1764 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمُتَعَالِ بْنُ طَالِبٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ قَتَادَةَ حَدَّثَهُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - حَدَّثَهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ، وَرَقَدَ رَقْدَةً بِالْمُحَصَّبِ، ثُمَّ رَكِبَ إِلَى الْبَيْتِ فَطَافَ بِهِ. طرفه 1756 148 - باب الْمُحَصَّبِ 1765 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ إِنَّمَا كَانَ مَنْزِلٌ يَنْزِلُهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِيَكُونَ أَسْمَحَ لِخُرُوجِهِ. يَعْنِى بِالأَبْطَحِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فيه (قلت: فأين صلّى العصر يوم النفر؟ قال: بالأبطح) هو الوادي بين مكة ومنى، وهو المحصب والبطحاء أيضًا. 1764 - (أنه) أي: النبي - صلى الله عليه وسلم - (صلّى الظهر والعصر والمغرب والعشاء ورقد رقدة بالمحصب) تنازعَ صلّى ورقد في الجار والمجرور، أعني بالمحصب. باب المحصب 1765 - (أبو نُعيم) بضم النون مصغر. (عن عائشة قالت: إنما كان منزل ينزله النبي - صلى الله عليه وسلم -) في كان ضمير الشأن، وفي بعضها منزلًا على أن فيه ضمير المحصب، وهو مذهب، والمبتدأ محذوف ضمير عائد إلى المحصب، وقيل: ما موصولة، وفي كان ضمير المحصب، والخبر محذوف أي الذي كان المحصب إياه، مع كثرة الحذف والتقدير لا تخفى ركاكته، وقيل: ما كافة، ومنزل اسم كان، على أن الخبر ضمير المحصب محذوف، ولما توجه أن الاسم نكرة والخبر معرفة، وهذا لا يجوز، أجاب بأنه من باب القلب، وليس بشيء؛ لأن القلب إنما يقبل إذا كان المقام مقام المبالغة، ولا معنى له هنا بوجه، وردّت عائشة بهذا الكلام على من زعم أن نزول المحصب من المناسك، وهو مذهب أبي حنيفة.

149 - باب النزول بذى طوى قبل أن يدخل مكة، والنزول بالبطحاء التى بذى الحليفة إذا رجع من مكة

1766 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌو عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - لَيْسَ التَّحْصِيبُ بِشَىْءٍ، إِنَّمَا هُوَ مَنْزِلٌ نَزَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. 149 - باب النُّزُولِ بِذِى طُوًى قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ، وَالنُّزُولِ بِالْبَطْحَاءِ الَّتِى بِذِى الْحُلَيْفَةِ إِذَا رَجَعَ مِنْ مَكَّةَ 1767 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - كَانَ يَبِيتُ بِذِى طُوًى بَيْنَ الثَّنِيَّتَيْنِ، ثُمَّ يَدْخُلُ مِنَ الثَّنِيَّةِ الَّتِى بِأَعْلَى مَكَّةَ، وَكَانَ إِذَا قَدِمَ مَكَّةَ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا لَمْ يُنِخْ نَاقَتَهُ إِلاَّ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ، ثُمَّ يَدْخُلُ فَيَأْتِى الرُّكْنَ الأَسْوَدَ فَيَبْدَأُ بِهِ، ثُمَّ يَطُوفُ سَبْعًا ثَلاَثًا سَعْيًا، وَأَرْبَعًا مَشْيًا، ثُمَّ يَنْصَرِفُ فَيُصَلِّى سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ يَنْطَلِقُ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَيَطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَكَانَ إِذَا صَدَرَ عَنِ الْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ أَنَاخَ بِالْبَطْحَاءِ الَّتِى بِذِى الْحُلَيْفَةِ الَّتِى كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُنِيخُ بِهَا. طرفه 491 1768 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ قَالَ سُئِلَ عُبَيْدُ اللَّهِ عَنِ الْمُحَصَّبِ فَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ، قَالَ نَزَلَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَعُمَرُ وَابْنُ عُمَرَ. وَعَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - كَانَ يُصَلِّى بِهَا - يَعْنِى ـــــــــــــــــــــــــــــ باب النزول بذي طوى قبل أن يدخل مكة ونزول البطحاء الذي بذي الحليفة إذا رجع من مكة 1767 - (إبراهيم بن المنذر) بضم الميم وكسر الذال (أبو ضمرة) -بفتح الضاد وسكون الميم- أنس بن عياض. (أن ابن عمر كان يبيت بذي طوى) في طائه الحركات الثلاث، يُنون ولا يَنون، قُرِيء بهما في السبع (بين الثنيتين) كذا وكذا. 1768 - (وعن نافع: أن ابن عمر كان يصلي بها) يعني: المحصب، أنثَ الضمير

150 - باب من نزل بذى طوى إذا رجع من مكة

الْمُحَصَّبَ - الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ - أَحْسِبُهُ قَالَ وَالْمَغْرِبَ. قَالَ خَالِدٌ لاَ أَشُكُّ فِي الْعِشَاءِ، وَيَهْجَعُ هَجْعَةً، وَيَذْكُرُ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 150 - باب مَنْ نَزَلَ بِذِى طُوًى إِذَا رَجَعَ مِنْ مَكَّةَ 1769 - وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَقْبَلَ بَاتَ بِذِى طُوًى، حَتَّى إِذَا أَصْبَحَ دَخَلَ، وَإِذَا نَفَرَ مَرَّ بِذِى طُوًى وَبَاتَ بِهَا حَتَّى يُصْبِحَ، وَكَانَ يَذْكُرُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ. طرفه 491 151 - باب التِّجَارَةِ أَيَّامَ الْمَوْسِمِ وَالْبَيْعِ فِي أَسْوَاقِ الْجَاهِلِيَّةِ 1770 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ ـــــــــــــــــــــــــــــ باعتبار البقعة، وأيضًا من أسمائه البطحاء (ويهجع هجعة) الهجوع النوم ليلًا، وكأنّه كان سنة عنده كما قاله بعضهم، أو كان يتبع أفعال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كل ما يأتي ويذر تبركًا، ولذلك كان ينزل بالبطحاء عند ذي الحليفة إذا أراد دخول المدينة مع أنه ليس من النسك في شيء. باب من نزل بذي طوى إذا وجع من مكة 1769 - (وقال محمد بن عيسى) شيخُ البخاري، والرواية عنه بقال لأنه سمع الحديث مذاكرة. روى في الباب أنّ ابن عمر كان يبيت بذي طوى ذهابًا وإيابًا، ورواه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يفعله، وقال الشافعي: البيتوتة سنة. باب التجارة أيام الموسم والبيع في أسواق الجاهلية المواسم: جمع الموسم، واشتقاقه من الوسم؛ وهو: العلامة؛ لأنها أيام معلومة، وأماكن معروفة، زاد في البيوع: مجنة -بفتح الميم والجيم وتشديد النون- قال الزبير بن بكار: كانوا يقفون في أول ذي القعدة إلى عشرين منه بعكاظ، وباقي الشهر بمجنة، وثمانية أيام بذي المجاز. 1770 - (عثمان بن الهيثم) بفتح الهاء وسكون الياء بعدها شاء مثلثة

152 - باب الإدلاج من المحصب

أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - كَانَ ذُو الْمَجَازِ وَعُكَاظٌ مَتْجَرَ النَّاسِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا جَاءَ الإِسْلاَمُ كَأَنَّهُمْ كَرِهُوا ذَلِكَ حَتَّى نَزَلَتْ (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ) فِي مَوَاسِمِ الْحَجِّ. أطرافه 2050، 2098، 4519 152 - باب الإِدْلاَجِ مِنَ الْمُحَصَّبِ 1771 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ حَاضَتْ صَفِيَّةُ لَيْلَةَ النَّفْرِ، فَقَالَتْ مَا أُرَانِى إِلاَّ حَابِسَتَكُمْ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «عَقْرَى حَلْقَى أَطَافَتْ يَوْمَ النَّحْرِ». قِيلَ نَعَمْ. قَالَ «فَانْفِرِى». طرفه 294 1772 - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَزَادَنِى مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا مُحَاضِرٌ حَدَّثَنَا ـــــــــــــــــــــــــــــ (ابن جريج) بضم الجيم مصغر. (كان ذو المجاز) -بفتح الميم- قال ابن الأثير: موضع عند عرفات (وعكاظ) بضم العين والظاء معجمة وكاف مخففة موضع بقرب مكة (متجر الناس) أي: مكان تجارتهم. {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: 198] في مواسم الحج) قوله: في مواسم الحج هو كلام ابن عباس في تفسير الآية، وبيان سبب النزول. باب الادلاج من المحصّب بتخفيف الدال: السير أول الليل، وبتشديدها السير آخر الليل، والرّواية بالأول، وكذا المعنى؛ لما سيأتي في باب المعتمر إذا طاف أنها اعتمرت، وفرغت من أعمال العمرة، وجاءت بعد الفراغ في جوف الليل، وتمام حديثها وحديث صفية قد مرّ مرارًا. 1772 - (وزادني محمد عن محاضر) قال الغساني هو محمد بن يحيى الذهلي. وقال ابن السكن: هو محمد بن سلام.

الأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لاَ نَذْكُرُ إِلاَّ الْحَجَّ، فَلَمَّا قَدِمْنَا أَمَرَنَا أَنْ نَحِلَّ، فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ النَّفْرِ حَاضَتْ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَىٍّ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «حَلْقَى عَقْرَى، مَا أُرَاهَا إِلاَّ حَابِسَتَكُمْ». ثُمَّ قَالَ «كُنْتِ طُفْتِ يَوْمَ النَّحْرِ». قَالَتْ نَعَمْ. قَالَ «فَانْفِرِى». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. إِنِّى لَمْ أَكُنْ حَلَلْتُ. قَالَ «فَاعْتَمِرِى مِنَ التَّنْعِيمِ». فَخَرَجَ مَعَهَا أَخُوهَا، فَلَقِينَاهُ مُدَّلِجًا. فَقَالَ «مَوْعِدُكِ مَكَانَ كَذَا وَكَذَا». طرفه 294

26 - كتاب العمرة

26 - كتاب العمرة 1 - باب وُجُوبِ الْعُمْرَةِ وَفَضْلِهَا وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - لَيْسَ أَحَدٌ إِلاَّ وَعَلَيْهِ حَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - إِنَّهَا لَقَرِينَتُهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ). ـــــــــــــــــــــــــــــ أبواب العمرة باب وجوب العمرة وفضلها (قال ابن عمر: ليس أحد إلا وعليه حجة وعمرة) أي: إن استطاع (وقال ابن عباس: إنها لقرينتها في كتاب الله {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196]) استدل على وجوب الحج والعمرة يقول ابن عمر وابن عباس، وهو مذهب الشافعي والإمام أحمد، والعمرة سنة عند أبي حنيفة ومالك، وأوَّلا الآية بأن المراد إتمام الحج والعمرة بعد الدّخول فيهما. والحق أنهما واجبان، ولو كان تأويل الآية ما قالوه لفهم ابن عباس؛ فإنه أعرف بلسان العرب، وأدرى بتأويل القرآن، كيف وهو الذي قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شأنه: "اللهم علمه التأويل". وقد روى أصحاب السنن أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال للسائل: "حج عن أبيك واعتمر". قال بعض الشارحين: لما كان الإتمام واجبًا فيكون الشروع أيضًا واجبًا؛ لأن مقدمة الواجب واجبة. وهذا الذي قاله فاسد؛ فإن الشافعي قائل بإتمام الحج وإن لم يكن الشروع واجبًا، أمّا قوله: فإن مقدمة الواجب واجبة إذا كانت مقدورة مسلَّم، ولكن هذا ليس من ذلك؛ لأن مقدمة الشيء خارجة عنه، مثل الوضوء، فإن الأمر بالصلاة أمر بالوضوء؛ فيكون

2 - باب من اعتمر قبل الحج

1773 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ سُمَىٍّ مَوْلَى أَبِى بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلاَّ الْجَنَّةُ». 2 - باب مَنِ اعْتَمَرَ قَبْلَ الْحَجِّ 1774 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَنَّ عِكْرِمَةَ بْنَ خَالِدٍ سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ الْعُمْرَةِ قَبْلَ الْحَجِّ فَقَالَ لاَ بَأْسَ. قَالَ عِكْرِمَةُ قَالَ ابْنُ عُمَرَ اعْتَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِى عِكْرِمَةُ بْنُ خَالِدٍ سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ مِثْلَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ إيجاب الصلاة إيجاب الوضوء؛ بخلاف الزكاة، فإن الأمر بإيتاء الزكاة ليس بأمر بتحصيل النصاب. 1773 - (سمي) بضم السين مصغر (عن أبي صالح السّمان) اسمه ذكوان. (عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما) الظاهر أنّه دليل على الشق الثاني من الترجمة، وفيه دليل على مشروعيتها جميع السنة، خلافًا لمالك، قال: لا تكون في السنة إلا مرة، ولأبي حنيفة: في يوم عرفة، والنحر، وأيام التشريق، ولأحمد: كراهتها إن لم يكن بين العمرتين عشرة أيام. باب من اعتمر قبل الحج 1774 - استدل على جواز الاعتمار قبل الحج بما رواه عن ابن عمر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اعتمر قبل الحج، وهي عمرة الحديبية، وفي هذا الاستدلال نظر؛ لأنه موقوف على أن يكون الحج فرضًا حين اعتمر، وقد نقلنا الخلاف في ذلك في أول كتاب الحج فراجعه، والحق في استدلال أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصحابه بفسخ الحج إلى العمرة؛ فإن التمتع عمرة متقدمة على الحج اتفاقًا.

3 - باب كم اعتمر النبى - صلى الله عليه وسلم -

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ عِكْرِمَةُ بْنُ خَالِدٍ سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنه - مِثْلَهُ. 3 - باب كَمِ اعْتَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - 1775 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ دَخَلْتُ أَنَا وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - جَالِسٌ إِلَى حُجْرَةِ عَائِشَةَ، وَإِذَا نَاسٌ يُصَلُّونَ فِي الْمَسْجِدِ صَلاَةَ الضُّحَى. قَالَ فَسَأَلْنَاهُ عَنْ صَلاَتِهِمْ. فَقَالَ بِدْعَةٌ. ثُمَّ قَالَ لَهُ كَمِ اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ أَرْبَعً إِحْدَاهُنَّ فِي رَجَبٍ، فَكَرِهْنَا أَنْ نَرُدَّ عَلَيْهِ. طرفه 4253 1776 - قَالَ وَسَمِعْنَا اسْتِنَانَ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْحُجْرَةِ، فَقَالَ عُرْوَةُ يَا أُمَّاهُ، يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ. أَلاَ تَسْمَعِينَ مَا يَقُولُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ. قَالَتْ مَا يَقُولُ قَالَ يَقُولُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اعْتَمَرَ أَرْبَعَ عُمَرَاتٍ إِحْدَاهُنَّ فِي رَجَبٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ (أبو عاصم) هو الضحاك بن مخلد (وابن جريج) بضم الجيم مصغر (عن ابن إسحاق) هو صاحب السير، محمد بن إسحاق. باب كم اعتمر النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ 1775 - روى عن عروة بن الزبير أن ابن عمر كان جالسًا إلى حجرة عائشة وأناس يصلون صلاة الضحى (فسألناه عن صلاتهم فقال: بدعة) أي: كونهم يصلونها جماعة بدعة، ويحتمل أن لم يكن بلغه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاها ولا أمر بها. 1776 - (وسمعنا استنان عائشة) أي: صوت سواكها حين استاكت (قال: كم اعتمر النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: أربعًا، إحداهن في رجب) اتفقوا على الأربع، وفي الحقيقة ليس له عمرة

قَالَتْ يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَا اعْتَمَرَ عُمْرَةً إِلاَّ وَهُوَ شَاهِدُهُ، وَمَا اعْتَمَرَ فِي رَجَبٍ قَطُّ. طرفاه 1777، 4254 1777 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَطَاءٌ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ مَا اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي رَجَبٍ. طرفاه 1776 1778 - حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ حَسَّانٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ سَأَلْتُ أَنَسًا - رضى الله عنه - كَمِ اعْتَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ أَرْبَعٌ عُمْرَةُ الْحُدَيْبِيَةِ فِي ذِى الْقَعْدَةِ، حَيْثُ صَدَّهُ الْمُشْرِكُونَ، وَعُمْرَةٌ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ فِي ذِى الْقَعْدَةِ، حَيْثُ صَالَحَهُمْ، وَعُمْرَةُ الْجِعْرَانَةِ إِذْ قَسَمَ غَنِيمَةَ أُرَاهُ حُنَيْنٍ. قُلْتُ كَمْ حَجَّ قَالَ وَاحِدَةً. أطرافه 1779، 1780، 3066، 4148 1779 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسًا - رضى الله عنه - فَقَالَ اعْتَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حَيْثُ رَدُّوهُ، وَمِنَ الْقَابِلِ عُمْرَةَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَعُمْرَةً فِي ذِى الْقَعْدَةِ وَعُمْرَةً مَعَ حَجَّتِهِ. طرفه 1778 ـــــــــــــــــــــــــــــ إلا مرتين؛ لأنهم عدّوا عمرة الحديبية حيث صده المشركون وعمرته مع الحج، وقد قدمنا أن الصحيح أنه كان قارنًا، والقارن أعمال عمرته مندرجة في أعمال حجه (قالت: يرحم الله أبا عبد الرّحمن، ما اعتمر عمرة إلا وهو شاهده، وما اعتمر في رجب قط). فإن قلت: من المصيب منهما؟ قلت: عائشة. فإن قلت: إذا تعارض النفي والإثبات فالمثبت مقدم؟ قلت: ذلك إذا لم يكن خطَؤه يقينًا من قبل كل أحد، وهذا كان كذلك؛ ألا نرى إلى قول عروة: كرهنا أنْ نردَ عليه، فإنه يدل على أنه كان مشهورًا معروفًا عندهم. 1778 - (حسان بن حسان) يجوز صرفه وعدم صرفه بناءً على جواز زيادة الألف والنون وعدم زيادتهما. (عمرة الجعرانة) بكسر الجيم والعين وتشديد الراء، ويروى بسكون العين وتخفيف الراء.

4 - باب عمرة فى رمضان

1780 - حَدَّثَنَا هُدْبَةُ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ وَقَالَ اعْتَمَرَ أَرْبَعَ عُمَرٍ فِي ذِى الْقَعْدَةِ إِلاَّ الَّتِى اعْتَمَرَ مَعَ حَجَّتِهِ عُمْرَتَهُ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَمِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ، وَمِنَ الْجِعْرَانَةِ، حَيْثُ قَسَمَ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ، وَعُمْرَةً مَعَ حَجَّتِهِ. طرفه 1778 1781 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ سَأَلْتُ مَسْرُوقًا وَعَطَاءً وَمُجَاهِدًا. فَقَالُوا اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي ذِى الْقَعْدَةِ قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ. وَقَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ - رضى الله عنهما - يَقُولُ اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي ذِى الْقَعْدَةِ، قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ مَرَّتَيْنِ. أطرافه 1844، 2698، 2699، 2700، 3184، 4251 4 - باب عُمْرَةٍ فِي رَمَضَانَ 1782 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - يُخْبِرُنَا يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لاِمْرَأَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ سَمَّاهَا ابْنُ ـــــــــــــــــــــــــــــ 1780 - (هدبة) بضم الهاء وسكون الدال بعده باء موحدة (همام) بفتح الهاء وتشديد الميم. (اعتمر أربع عمر في ذي القعدة إلا التي مع حجته). فإن قلت: ما وجه الاستثناء، فإن عمرته التي مع حجته أيضًا في ذي القعدة؟ قلت: هذا ظاهر على قول من يقول كان مفردًا، فإن عمرته تكون في ذي الحجة، وأما عند من يقول كان قارنًا، وهو الحق، فالاستثناء باعتبار الانتهاء؛ فإن تمامها كان في ذي الحجة. قال النووي: له أربع عمر، إحداها التي صدّه المشركون، كانت في سنة ست، وحسبت له عمرة، والثانية عمرة القضاء في السّنة السابعة، والثالثة عمرة الجعرانة سنة الفتح سنة ثمان. والرّابعة عمرته مع حجته. وأمّا قول البراء: اعتمر قبل حجّه مرتين، فلم يعد عمرة الحديبية التي صدّه المشركون عنها، وفيه دلالة على أن من صدّ عن البيت لا يجب عليه القضاء، وإلا لم تكن عمرة الحديبية معدودة برأسها، وفيه خلف أبي حنيفة. باب عمرة في رمضان 1782 - (مسدد) بضم الميم وفتح الدال المشددة (ابن جريج) بضم الجيم مصغر.

5 - باب العمرة ليلة الحصبة وغيرها

عَبَّاسٍ، فَنَسِيتُ اسْمَهَا «مَا مَنَعَكِ أَنْ تَحُجِّى مَعَنَا». قَالَتْ كَانَ لَنَا نَاضِحٌ فَرَكِبَهُ أَبُو فُلاَنٍ وَابْنُهُ - لِزَوْجِهَا وَابْنِهَا - وَتَرَكَ نَاضِحًا نَنْضَحُ عَلَيْهِ قَالَ «فَإِذَا كَانَ رَمَضَانُ اعْتَمِرِى فِيهِ فَإِنَّ عُمْرَةً فِي رَمَضَانَ حَجَّةٌ». أَوْ نَحْوًا مِمَّا قَالَ. طرفه 1863 5 - باب الْعُمْرَةِ لَيْلَةَ الْحَصْبَةِ وَغَيْرِهَا 1783 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُوَافِينَ لِهِلاَلِ ذِى الْحَجَّةِ فَقَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ (قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لامرأة من الأنصار، سمّاها ابن عباس) قيل: اسمها أم سنان، وفي الترمذي: أم معقل، وقيل: أم طليق (ما منعك أن تحجي معنا؟) وفي بعضها "تحجين" على لغة من لم يحذف النون بالناصب (كان لنا ناضح فركبه أبو فلان) الناضح: البعير الذي يُسقى عليه الزرع (فإذا كان رمضان فاعتمري؛ فإن عمرة في رمضان حجة، أو نحوًا مما قال) وروى الحاكم وقال: إنه على شرط الشيخين: "حجة معي" وذلك لشرف رمضان. باب العمرة ليلة الحصبة وغيرها 1783 - (محمد) كذا وقع غير منسوب، قال الغساني: نسبه ابن السكن في بعض المواضع محمد بن سلام، وقد صرح البخاري برواية ابن سلام عن أبي معاوية في كتاب النكاح؛ لكن روي في كتاب الوضوء عن محمد بن المثنى عن محمد بن خازم بالخاء المعجمة؛ وهو: أبو معاوية، فعلى هذا يحتمل كل واحد منهما. (عن عائشة، قالت: خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - موافين لهلال ذي الحجة). فإن قلت: تقدم من رواية عائشة: خرجنا لخمس بقين من ذي القعدة. قلت: معنى موافين أي: مشرفين من فَاعل بمعنى أفعل، قال الجوهري: أوفى على كذا أشرف وإثبات

6 - باب عمرة التنعيم

لَنَا «مَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُهِلَّ بِالْحَجِّ فَلْيُهِلَّ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيُهِلَّ بِعُمْرَةٍ، فَلَوْلاَ أَنِّى أَهْدَيْتُ لأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ». قَالَتْ فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ، وَكُنْتُ مِمَّنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، فَأَظَلَّنِى يَوْمُ عَرَفَةَ، وَأَنَا حَائِضٌ، فَشَكَوْتُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «ارْفُضِى عُمْرَتَكِ، وَانْقُضِى رَأْسَكِ وَامْتَشِطِى، وَأَهِلِّى بِالْحَجِّ». فَلَمَّا كَانَ لَيْلَةُ الْحَصْبَةِ أَرْسَلَ مَعِى عَبْدَ الرَّحْمَنِ إِلَى التَّنْعِيمِ، فَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ مَكَانَ عُمْرَتِى. طرفه 294 6 - باب عُمْرَةِ التَّنْعِيمِ 1784 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو سَمِعَ عَمْرَو بْنَ أَوْسٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَهُ أَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ اللام لإرادته الاختصاص، وتفسيره بمكملين ذي القعدة مستقبلين ذي الحجة من قول الجوهري: وافى فلان إذا أتى لا يصح، أمّا أولًا: فلأنهم لم يكملوا ذا القعدة عند الخروج، وأمّا ثانيًا: فَلأَن وافى بمعنى أتى لا معنى له مع خرجنا، وأقي معنى لقولها: خرجنا موافين لهلال ذي الحجة: أي آتين. (وكنت ممن أهل بعمرة) أي: بعد أن أمر بالعمرة، لما تقدم من قولها: خرجنا ولا نرى إلا الحج. (ارفضي عمرتك) بالفاء؛ أي: اتركي أعمال العمرة من الطواف وغيره. (وانقضي رأسك وامتشطي) فينهما جائزان للمحرم، وقد سلف أنها كانت قارنة. وأما قولها: (فلما كان ليلة الحصبة) أي: الليلة التي نزل بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمحصب. (أرسل معي عبد الرّحمن فأهللت بعمرة مكان عمرتي) أرادت عمرة مستقلة كسائر أزواجه؛ تسلية لها، وإلاّ فالقارن يحصل له النسكان معًا. باب عمرة التنعيم 1784 - (عن عمرو) أي: عمرو بن دينار (سمع عمرو بن أويس) روى عن عبد الرحمن بن أبي بكر: أنه أعمر عائشة من التنعيم، أمره بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد تقدم

يُرْدِفَ عَائِشَةَ، وَيُعْمِرَهَا مِنَ التَّنْعِيمِ. قَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً سَمِعْتُ عَمْرًا، كَمْ سَمِعْتُهُ مِنْ عَمْرٍو. طرفه 2985 1785 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ عَنْ حَبِيبٍ الْمُعَلِّمِ عَنْ عَطَاءٍ حَدَّثَنِى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَهَلَّ وَأَصْحَابُهُ بِالْحَجِّ وَلَيْسَ مَعَ أَحَدٍ مِنْهُمْ هَدْىٌ، غَيْرَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَطَلْحَةَ، وَكَانَ عَلِىٌّ قَدِمَ مِنَ الْيَمَنِ، وَمَعَهُ الْهَدْىُ فَقَالَ أَهْلَلْتُ بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. وَإِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَذِنَ لأَصْحَابِهِ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً، يَطُوفُوا بِالْبَيْتِ، ثُمَّ يُقَصِّرُوا وَيَحِلُّوا، إِلاَّ مَنْ مَعَهُ الْهَدْىُ، فَقَالُوا نَنْطَلِقُ إِلَى مِنًى وَذَكَرُ أَحَدِنَا يَقْطُرُ فَبَلَغَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِى مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا أَهْدَيْتُ، وَلَوْلاَ أَنَّ مَعِى الْهَدْىَ لأَحْلَلْتُ». وَأَنَّ عَائِشَةَ حَاضَتْ فَنَسَكَتِ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا، غَيْرَ أَنَّهَا لَمْ تَطُفْ بِالْبَيْتِ قَالَ فَلَمَّا طَهُرَتْ وَطَافَتْ، قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَنْطَلِقُونَ بِعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ، وَأَنْطَلِقُ بِالْحَجِّ فَأَمَرَ عَبْدَ ـــــــــــــــــــــــــــــ مرارًا، وإنما خصّ التنعيم لكونه أقرب المواقيت (وقال سفيان: سمعت عمرًا، كم سمعته) إنما ذكر هذا الكلام لأن الرواية الأولى كانت بعن، وسفيان يدلس، فدفع وهم التدليس بلفظ السّماع. 1785 - (قال جابر: ولم يكن مع أحد منهم هدي غير النبي - صلى الله عليه وسلم - وطلحة) قد سلف من عائشة: كان مع النبي - صلى الله عليه وسلم - هدي وأبي بكر وناس آخرين، وعبّر جابر بصيغة الحصر في النبي - صلى الله عليه وسلم - وطلحة بحسب علمه (لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي) إنما قاله تسلية لأصحابه لما كرهوا التمتع، فلا دلالة فيه على أن التمتع أفضل من القرآن. فإن قلت: سيأتي أنه نهى عن قول لو: "فإنها تفتح عمل الشيطان" قلت: قيل: النهي إنما هو في أمر الدنيا، والتأسف على فواتها، والحق أنه عام، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - مخصوص من بين الناس؛ لأنه معصوم عن تطرق وسوسة الشيطان إليه.

7 - باب الاعتمار بعد الحج بغير هدى

الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِى بَكْرٍ أَنْ يَخْرُجَ مَعَهَا إِلَى التَّنْعِيمِ، فَاعْتَمَرَتْ بَعْدَ الْحَجِّ فِي ذِى الْحَجَّةِ، وَأَنَّ سُرَاقَةَ بْنَ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ لَقِىَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ بِالْعَقَبَةِ، وَهُوَ يَرْمِيهَا، فَقَالَ أَلَكُمْ هَذِهِ خَاصَّةً، يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «لاَ، بَلْ لِلأَبَدِ». طرفه 1557 7 - باب الاِعْتِمَارِ بَعْدَ الْحَجِّ بِغَيْرِ هَدْىٍ 1786 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى قَالَ أَخْبَرَتْنِى عَائِشَةُ - رضى الله عنها - قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُوَافِينَ لِهِلاَلِ ذِى الْحَجَّةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيُهِلَّ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُهِلَّ بِحَجَّةِ فَلْيُهِلَّ، وَلَوْلاَ أَنِّى أَهْدَيْتُ لأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ». فَمِنْهُمْ مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، وَمِنْهُمْ مِنْ أَهَلَّ بِحَجَّةٍ، وَكُنْتُ مِمَّنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، فَحِضْتُ قَبْلَ أَنْ أَدْخُلَ مَكَّةَ، فَأَدْرَكَنِى يَوْمُ عَرَفَةَ، وَأَنَا حَائِضٌ، فَشَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «دَعِى عُمْرَتَكِ، وَانْقُضِى رَأْسَكِ ـــــــــــــــــــــــــــــ (وأن سراقة بن جعشم) بضم الجيم، على وزن فلفل (لقي النبي - صلى الله عليه وسلم - بالعقبة وهو يرميها، قال: ألكم هذه خاصة يا رسول الله؟ قال: لا؛ بل للأبد) هذه إشارة إلى العمرة في أشهر الحج؛ سواء كان متمتعًا أو قارنًا، فإن العمرة في أشهر الحج كانت منكرة في الجاهلية، وجعل هذه إشارة إلى الفعل، بمعنى فسخ الحج إلى العمرة غلطٌ؛ لأن ذلك كان مخصوصًا بتلك السنة، لم يقل بالجواز أحد بعدها، فلا يصح الجواب بقوله: "بل للأبد". باب الاعتمار بعد الحج بغير هدي 1786 - روى في الباب حديث عائشة أنها حاضت، ثم طهرت فتم حجتها، ثم اعتمرت ولم يكن في عمرتها بعد الحج شيء من الهدي والصوم والصدقة. فإن قلت: قد سبق أنها كانت قارنة، والقارن عليه دم. قلت: الكلام في عمرتها بعد الحج، وعليه ترجم الباب، والظاهر أن مذهب البخاري أنها كانت مفردة؛ كما ذهب إليه بعض العلماء، وإلا معلوم عند كل أحد أن من اعتمر عمرة، وأتى بها مع شرائطها ليس عليه شيء، وقيل: قوله: فقضى الله حجتها وعمرتها، ولم يكن في ذلك هدي ولا صدقة ولا صوم، من كلام عروة، ولا يلزم من عدم علمه العدم؛ فإن مسلمًا روى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهدى عنها. وقيل: معناه لم يكن لتركها أعمال العمرة لما حاضت شيء من الهدي،

8 - باب أجر العمرة على قدر النصب

وَامْتَشِطِى، وَأَهِلِّى بِالْحَجِّ». فَفَعَلْتُ، فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ الْحَصْبَةِ أَرْسَلَ مَعِى عَبْدَ الرَّحْمَنِ إِلَى التَّنْعِيمِ، فَأَرْدَفَهَا، فَأَهَلَّتْ بِعُمْرَةٍ مَكَانَ عُمْرَتِهَا، فَقَضَى اللَّهُ حَجَّهَا وَعُمْرَتَهَا، وَلَمْ يَكُنْ فِي شَىْءٍ مِنْ ذَلِكَ هَدْىٌ، وَلاَ صَدَقَةٌ، وَلاَ صَوْمٌ. طرفه 294 8 - باب أَجْرِ الْعُمْرَةِ عَلَى قَدْرِ النَّصَبِ 1787 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَعَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ قَالاَ قَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - يَا رَسُولَ اللَّهِ يَصْدُرُ النَّاسُ بِنُسُكَيْنِ وَأَصْدُرُ بِنُسُكٍ فَقِيلَ لَهَا «انْتَظِرِى، فَإِذَا طَهُرْتِ فَاخْرُجِى إِلَى التَّنْعِيمِ، فَأَهِلِّى ثُمَّ ائْتِينَا بِمَكَانِ كَذَا، وَلَكِنَّهَا عَلَى قَدْرِ نَفَقَتِكِ، أَوْ نَصَبِكِ». طرفه 294 ـــــــــــــــــــــــــــــ وهذان الوجهان حسنان، إلا أن قول البخاري: باب الاعتمار بعد الحج بغير هدي لا يلائمها. باب أجر العمرة على قدر النصب 1787 - (يزيد بن زريع) مصغر زرع. روى في الباب حديث عائشة في عمرتها (قالت: يا رسول الله، يصدرُ الناس بنسكين وأصدر بنسك؟) الناس: هم المعهودون الذين لا هدي معهم، والمراد بالنسكين: الحج والعمرة مستقلتين؛ كما للمعتمر والمفرد، والقارنُ أعمال عمرته داخلة في أعمال الحج. (قال لها: إذا طهرت فاخرجي إلى التنعيم واعتمري، ولكن على قدر نفقتك أو نصبك) الشك من عائشة، والأَولى أن تكون أو بمعنى الواو؛ كما رواه الحاكم والدّارقطني بالواو، وأخرجا من وجه آخر: "على قدر نفقتك" وحده وهذا الذي أشار إليه في الحديث قانون كلي في سائر العبادات الأجر على قدر المشقة؛ لقوله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: 7] اللهم إلا أن يكون لشرف المكان فيه مدخل كالصلاة في المسجد الحرام؛ أو للزمان كليلة القدر.

9 - باب المعتمر إذا طاف طواف العمرة، ثم خرج، هل يجزئه من طواف الوداع

9 - باب الْمُعْتَمِرِ إِذَا طَافَ طَوَافَ الْعُمْرَةِ، ثُمَّ خَرَجَ، هَلْ يُجْزِئُهُ مِنْ طَوَافِ الْوَدَاعِ 1788 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ خَرَجْنَا مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَحُرُمِ الْحَجِّ، فَنَزَلْنَا سَرِفَ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لأَصْحَابِهِ «مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْىٌ، فَأَحَبَّ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً، فَلْيَفْعَلْ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْىٌ فَلاَ». وَكَانَ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَرِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِهِ ذَوِى قُوَّةٍ الْهَدْىُ، فَلَمْ تَكُنْ لَهُمْ عُمْرَةً، فَدَخَلَ عَلَىَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا أَبْكِى فَقَالَ «مَا يُبْكِيكِ». قُلْتُ سَمِعْتُكَ تَقُولُ لأَصْحَابِكَ مَا قُلْتَ فَمُنِعْتُ الْعُمْرَةَ. قَالَ «وَمَا شَأْنُكِ». قُلْتُ لاَ أُصَلِّى. قَالَ «فَلاَ يَضُرَّكِ أَنْتِ مِنْ بَنَاتِ آدَمَ، كُتِبَ عَلَيْكِ مَا كُتِبَ عَلَيْهِنَّ، فَكُونِى فِي حَجَّتِكِ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَرْزُقَكِهَا». قَالَتْ فَكُنْتُ حَتَّى نَفَرْنَا مِنْ مِنًى، فَنَزَلْنَا الْمُحَصَّبَ فَدَعَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ «اخْرُجْ بِأُخْتِكَ الْحَرَمَ، فَلْتُهِلَّ بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ افْرُغَا مِنْ طَوَافِكُمَا، أَنْتَظِرْكُمَا هَا هُنَا». فَأَتَيْنَا فِي جَوْفِ اللَّيْلِ. فَقَالَ «فَرَغْتُمَا». قُلْتُ نَعَمْ. فَنَادَى بِالرَّحِيلِ فِي أَصْحَابِهِ، فَارْتَحَلَ النَّاسُ، وَمَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ، قَبْلَ صَلاَةِ الصُّبْحِ، ثُمَّ خَرَجَ مُوَجِّهًا إِلَى الْمَدِينَةِ. طرفه 294 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب المعتمر إذا طاف طواف العمرة ثم خرج هل يجزئه عن طواف الوداع روى في الباب حديث عائشة وطريان حيضها، وقد مرّ مرارًا، وموضع الدلالة أنها لما طافت العمرة خرجت من غير طواف آخر، وهذا مما لا خلاف فيه بين العلماء، لكن لو أقام بعد طواف العمرة ولم يدخل سن له طواف الوداع. 1788 - (قال: وما شأنك؟ قُلْت: لا أصلي) كناية عن العذر (فنادى بالرحيل) بالجر ويجوز الرفع على الحكاية (فارتحل الناس) أي: المعهودون الذين كانوا متمتعين (والذين طافوا للعمرة) مثل عائشة، فليس من عطف الخاص على العام، ولا الواو هي التي تزاد بين الصفة والموصوف؛ كما في قوله تعالى: {سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ} [الكهف: 22] لأن ذلك إنما يكون في موضع يقصد المبالغة والتوكيد وشدة اللصوق (قبل صلاة الصبح) ظرف لقولها: فنادى بالرحيل، أو لقولها: فارتحل الناس. قال شيخنا أبو الفضل ابن حجر: والذي عندي أن "من" مصحف، والصواب ثم.

10 - باب يفعل فى العمرة ما يفعل فى الحج

10 - باب يَفْعَلُ فِي الْعُمْرَةِ مَا يَفْعَلُ فِي الْحَجِّ 1789 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا عَطَاءٌ قَالَ حَدَّثَنِى صَفْوَانُ بْنُ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ يَعْنِى عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ بِالْجِعْرَانَةِ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ وَعَلَيْهِ أَثَرُ الْخَلُوقِ أَوْ قَالَ صُفْرَةٍ فَقَالَ كَيْفَ تَأْمُرُنِى أَنْ أَصْنَعَ فِي عُمْرَتِى فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَسُتِرَ بِثَوْبٍ وَوَدِدْتُ أَنِّى قَدْ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْوَحْىُ. فَقَالَ عُمَرُ تَعَالَ أَيَسُرُّكَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ الْوَحْىَ قُلْتُ نَعَمْ. فَرَفَعَ طَرَفَ الثَّوْبِ، فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ لَهُ غَطِيطٌ وَأَحْسِبُهُ قَالَ كَغَطِيطِ الْبَكْرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وهذا الذي قاله في غاية البعد؛ لأنّ من معه واو، فكيف يصحف بثم؟ فإن قلت: قال هنا: "أنتظركما ههنا"، وفي رواية الأسود: "موعدكما كذا وكذا"؟ قلت: قال أولًا: ههنا، ثم بدا له فقال: "كذا وكذا". فإن قلت: قالت أتينا فنادى بالرحيل، وفي الرواية الأخرى: فبلغني وأنا مصعدة وهو مهبط، أو بالعكس؟ قلت: قولها: أتينا ليس مقيدًا بذلك المكان، ومثله يتسامح؛ لامتداد الزمان، والأظهر أن قولها: أتينا؛ أي: المكان الذي كان نازلًا فيه؛ لقولها: فنادى بالرحيل، ولقولها: قال: "فرغتما" ولا ينافي هذا قولها: بلغني وأنا مصعدة، فإنه لم يسألها عن الفراغ، هذا ما أبكى. باب يفعل في العمرة ما يفعل في الحج 1789 - (أبو نعيم) بضم النون (همام) بفتح الهاء وتشديد الميم (صفوان بن يعلى) بفتح الياء على وزن يحيى (أمية) بضم الهمزة وتشديد الياء. (أن رجلًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو بالجعرانة) بكسر الجيم والعين وتشديد الراء، ويروى بسكون العين وتخفيف الراء. (وعليه جبة وعليه أثر الخلوق) ذكّر ضمير الجبة باعتبار الثوب، والخلوق بفتح الخاء وضم اللام طيب مخلوط (أو صفرة) بدل الخلوق، الشك من صفوان (فأنزل الله على النبي - صلى الله عليه وسلم - فستر بثوب) إنما ستر بثوب لئلا يجتمع الناس (فقلت لعمر: وددت أني قد رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد نزل عليه) أي: كنت قلت لعمر فيما مضى أني أودّ ذلك. تقدم

فَلَمَّا سُرِّىَ عَنْهُ قَالَ «أَيْنَ السَّائِلُ عَنِ الْعُمْرَةِ اخْلَعْ عَنْكَ الْجُبَّةَ وَاغْسِلْ أَثَرَ الْخَلُوقِ عَنْكَ، وَأَنْقِ الصُّفْرَةَ، وَاصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ كَمَا تَصْنَعُ فِي حَجِّكِ». طرفه 1536 1790 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ قُلْتُ لِعَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا يَوْمَئِذٍ حَدِيثُ السِّنِّ أَرَأَيْتِ قَوْلَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا) فَلاَ أُرَى عَلَى أَحَدٍ شَيْئًا أَنْ لاَ يَطَّوَّفَ بِهِمَا. فَقَالَتْ عَائِشَةُ كَلاَّ، لَوْ كَانَتْ كَمَا تَقُولُ كَانَتْ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لاَ يَطَّوَّفَ بِهِمَا. إِنَّمَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي الأَنْصَارِ كَانُوا يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ، وَكَانَتْ مَنَاةُ حَذْوَ قُدَيْدٍ، وَكَانُوا يَتَحَرَّجُونَ أَنْ يَطُوفُوا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَلَمَّا جَاءَ الإِسْلاَمُ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ ـــــــــــــــــــــــــــــ صوت المخنوق، والبكر -بفتح الباء وسكون الكاف- الفتي من الإبل وإذا كان تحت الحمل له صوت يشبه ذلك (سري عنه) أي: كشف عنه ما به من الكرب، من ثقل الوحي، على بناء المجهول، يروى مشددًا ومخففًا (اخلع عنك الجبة) لأن المحرم لا يجوز له لبس المخيط (واغسل عنك الخلوق) لأنه نوع من الزينة (وانق الصفرة) بهمزة الوصل، افتعال من الوقاية، ويروى بهمزة القطع من الإنقاء -بالنون- وهو المبالغة في الإزالة. 1790 - (قال عروة: قلت لعائشة: رأيتِ قوله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: 158] التبس عليه الإثبات بالنفي، ظن أن معنى قوله: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: 158] أي: لا جناح على من لا يطوف بين الصفا والمروة فأجابت عائشة أن لو كان سوق الآية لما تقول من عدم الحرج على من لا يطوف كان القِران فلا جناح عليه أن لا يطوف، بزيادة لا، ثم ثبت سبب للنزول؛ وهو: أن الأنصار كانوا يهلون لمناة، وهي صنم لهم، وكانوا يتحرجون من الطواف بين الصفا والمروة، لذلك فأنزل الآية فيهم دفعًا لما كانوا يتوهمون من الحرج، وقد سلف تمام الكلام في باب وجوب (حذو قديد) بفتح الحاء وذال معجمة بمعنى المحاذي وقديد -بضم القاف مصغر- اسم ماء بقرب عسفان.

11 - باب متى يحل المعتمر

جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا). زَادَ سُفْيَانُ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامٍ مَا أَتَمَّ اللَّهُ حَجَّ امْرِئٍ وَلاَ عُمْرَتَهُ لَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. طرفه 1643 11 - باب مَتَى يَحِلُّ الْمُعْتَمِرُ وَقَالَ عَطَاءٌ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - أَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَصْحَابَهُ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً وَيَطُوفُوا ثُمَّ يُقَصِّرُوا وَيَحِلُّوا. 1791 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ جَرِيرٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى أَوْفَى قَالَ اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَاعْتَمَرْنَا مَعَهُ فَلَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ طَافَ وَطُفْنَا مَعَهُ، وَأَتَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ وَأَتَيْنَاهَا مَعَهُ، وَكُنَّا نَسْتُرُهُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ أَنْ يَرْمِيَهُ أَحَدٌ. فَقَالَ لَهُ صَاحِبٌ لِى أَكَانَ دَخَلَ الْكَعْبَةَ قَالَ لاَ. طرفه 1600 1792 - قَالَ فَحَدِّثْنَا مَا قَالَ لِخَدِيجَةَ. قَالَ «بَشِّرُوا خَدِيجَةَ بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ لاَ صَخَبَ فِيهِ وَلاَ نَصَبَ». طرفه 3819 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب متى يحل المعتمر (وقال عطاء عن جابر: أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه أن يجعلوها عمرة ثم يطوفوا ويقصروا ويحلوا) تقدم هذا مسندًا في باب تقضي الحائض المناسك إلا الطواف. 1791 - (اعتمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واعتمرنا معه) يريد عمرة القضاء بعد الحديبية، قبل فتح مكة، بدليل. (وكنا نستره من أهل مكة أن يرميه أحد) أي: مخافة أن يرميه أحد من المشركين. 1792 - (بشروا خديجة) بصيغة الجمع، يريد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن معه من المؤمنين (ببيت في الجنة من قصب) أي: من در مُجَوَّف، قال ابن الأثير: كلُّ ما استطال من الجوهر فهو قصب (لا صخب فيه ولا نصب) كسائر بيوت الدنيا، قيل: هذا الوصف بناءً على حالها في الدّنيا؛ فإنها آمنت من غير تكلف ومشقة. والصّخب: رفع الصوت، والنصب: التعب.

1793 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ سَأَلْنَا ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنْ رَجُلٍ طَافَ بِالْبَيْتِ فِي عُمْرَةٍ، وَلَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، أَيَأْتِى امْرَأَتَهُ فَقَالَ قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَطَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا، وَصَلَّى خَلْفَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ، وَطَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ سَبْعًا، وَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ. 1794 - قَالَ وَسَأَلْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - فَقَالَ لاَ يَقْرَبَنَّهَا حَتَّى يَطُوفَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. طرفه 396 1795 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْبَطْحَاءِ وَهُوَ مُنِيخٌ فَقَالَ «أَحَجَجْتَ». قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «بِمَا أَهْلَلْتَ». قُلْتُ لَبَّيْكَ بِإِهْلاَلٍ كَإِهْلاَلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَحْسَنْتَ. طُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ أَحِلَّ». فَطُفْتُ بِالْبَيْتِ، وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ أَتَيْتُ امْرَأَةً مِنْ قَيْسٍ، فَفَلَتْ رَأْسِى، ثُمَّ أَهْلَلْتُ بِالْحَجِّ. فَكُنْتُ أُفْتِى بِهِ، حَتَّى كَانَ فِي خِلاَفَةِ عُمَرَ فَقَالَ إِنْ أَخَذْنَا بِكِتَابِ اللَّهِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُنَا بِالتَّمَامِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ 1793 - (الحميدي) بضم الحاء مصغر منسوب. (سألنا ابن عمر عن رجل طاف بالبيت في عمرة، ولم يطف بين الصفا والمروة أتى امرأته) كان ظاهر الجواب أن يقول: ليس له ذلك، وإنما عدل عنه إلى إيراد ما فعلوا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليكون الجواب أقطع للشبهة، وأمّا جابر فقد أجرى الجواب على ظاهره بقوله: (لا يقربنها حتى يطوف بين الصفا والمروة). 1795 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (غندر) بضم الغين وفتح الدال. روى حديث أبي موسى أنه قدم من اليمن فسأله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أحججت؟) أي: نويت الحج (قلت: نعم) فسأله عن كيفية إحرامه، فذكر أنه أهلَّ بما أهلّ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستحسن منه ذلك، ولما لم يكن معه هدي أمره أن يأتي بأعمال العمرة ويحل. (أتيت امرأة من قيس) أي: من محارمه (ففلت رأسي) بالفاء وتخفيف اللام. أي: أخرجت ما فيه من القمل وغيره (فكنت أُفتي به) أي: بجواز العمرة والتمتع (حتى كان في خلافة عمر) في كان ضمير الإفتاء. (فقال: إن أخذنا بكتاب الله فإنه يأمر بالتمام) هو

وَإِنْ أَخَذْنَا بِقَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَإِنَّهُ لَمْ يَحِلَّ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْىُ مَحِلَّهُ. طرفه 1559 1796 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنَا عَمْرٌو عَنْ أَبِى الأَسْوَدِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ مَوْلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ حَدَّثَهُ أَنَّهُ كَانَ يَسْمَعُ أَسْمَاءَ تَقُولُ كُلَّمَا مَرَّتْ بِالْحَجُونِ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ لَقَدْ نَزَلْنَا مَعَهُ هَا هُنَا، وَنَحْنُ يَوْمَئِذٍ خِفَافٌ، قَلِيلٌ ظَهْرُنَا، قَلِيلَةٌ أَزْوَادُنَا، فَاعْتَمَرْتُ أَنَا وَأُخْتِى عَائِشَةُ وَالزُّبَيْرُ وَفُلاَنٌ وَفُلاَنٌ، فَلَمَّا مَسَحْنَا الْبَيْتَ أَحْلَلْنَا، ثُمَّ أَهْلَلْنَا مِنَ الْعَشِىِّ بِالْحَجِّ. طرفه 1615 ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ} [البقرة: 196] (وإن نأخذ بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنه لم يحل حتى بلغ الهدي محله). فإن قلت: هذا فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - لا قوله. قلت: مراده أن هذا فعله، فكيف يقول شيئًا يخالف فعله، وقد غفل عن قوله لأصحابه الذين لا هدي معهم، وأن فعله ذلك لكونه ساق الهدي. 1796 - (عن أبي الأسود) محمد بن عبد الرحمن المعروف بيتيم عروة كان يسمع أسماء كلما مرت بالحجون) -بفتح الحاء- موضع بأعلى مكة، فيه المقابر (صلى الله على محمد) هذا مقول أسماء (نزلنا ههنا معه ونحن يومئذٍ خفاف) بكسر الخاء جمع خفيف (قليل ظهرنا) أي: مراكبنا. وإطلاق الظهر عليها لأنه محل الحمل، وبه قوام الدّابة (فاعتمرت أنا وأختي والزّبير وفلان وفلان، فلما مسحنا البيت أحللنا) لا بدّ من السعي أيضًا؛ إلا أنها اقتصرت على ذكر الطواف دفعًا لتوهم الوقوف بعرفة (ثم أهللنا من العشي بالحج). فإن قلت: قد تقدم من كلامك أن عائشة قارنة، فكيف أخبرت عنها بالإحلال، ثم إنشاء الحج؟ قلت: محمول على غير الحج مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فإن قلت: سياق الكلام يدل على أنه كان في الحج مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قلت: لو سلم لم تكن أسماء عالمة بذلك بذلك، وتوهم مِنْ نقضِ عائشة رأسها أنّها أحلت. فإن قلت: في رواية مسلم عن صفية عن أسماء أن الزبير كان معه الهدي فلم يحل. قلت: قولها هنا: فأحللنا تريد من لم يكن معه الهدي وإنما لم يستثن الزبير لعلمهم بأنّ من ساق الهدي لا يحل.

12 - باب ما يقول إذا رجع من الحج أو العمرة أو الغزو

12 - باب مَا يَقُولُ إِذَا رَجَعَ مِنَ الْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ أَوِ الْغَزْو 1797 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا قَفَلَ مِنْ غَزْوٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ يُكَبِّرُ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ مِنَ الأَرْضِ ثَلاَثَ تَكْبِيرَاتٍ، ثُمَّ يَقُولُ «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ، آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ سَاجِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ، صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ». أطرافه 2995، 3084، 4116، 6385 13 - باب اسْتِقْبَالِ الْحَاجِّ الْقَادِمِينَ وَالثَّلاَثَةِ عَلَى الدَّابَّةِ 1798 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ما يقول إذا رجع من الحج أو العمرة أو الغزو 1797 - (عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قفل من غزو أو حج أو عمرة) قال ابن الأثير: يقال: قفل إذا رجع، وقد يطلق على الذهاب أيضًا (يكبر على كل شرف من الأرض) أي: على كل موضع عال، والحكم في ذلك الإشارة إلى أنه تعالى أعلى من كل عال؛ كما أنه كلما هبط واديًا سبح لله إشارة إلى تقدسه عن الانحطاط (آيبون) خبر مبتدأ، أي: نحن، وما بعده كلها أخبار، أو صفة، والأوب: الرجوع (ساجدون) أي: خاضعون (لربنا حامدون) قدم الجار في الحمد إرادة للحصر اقتداءً بكلام الله تعالى؛ وإن كانت سائر الأفعال المذكورة كلها لله، ويجوز أن يتعلق بساجدون، وأن يتعلق بجميع ما تقدم على طريق التنازع. (وهزم الأحزاب) جمع حزب -بكسر الحاء- الطوائف المختلفة، الذين اجتمعوا على حربه من قريش وسائر المشركين واليهود في وقعة الخندق، وقد ذكرهم الله في سورة الأحزاب بهذا اللفظ، ويجوز أن يريد أعم منهم ومن سائر الأحزاب على سائر الأنبياء (وحده) أي: حال كونه منفردًا بذلك دفع لما يتوهم من أن العدد والعدّة له تأثير في ذلك، وهذا مثل قوله: {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [آل عمران: 126] وتحقيقه على ما قاله الأشعري: لا تأثير في الكائنات إلا بقدرته الكاملة. باب استقبال الحاج القادِمِينَ والثلاثة على الدابة القادمين صفة الحاج؛ لأنه في معنى الجمع، فالمصدر مضاف إلى المفعول. 1798 - (معلى) بضم الميم وتشديد اللاّم (زريع) بضم الزاي مصغر زرع.

14 - باب القدوم بالغداة

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَكَّةَ اسْتَقْبَلَتْهُ أُغَيْلِمَةُ بَنِى عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَحَمَلَ وَاحِدًا بَيْنَ يَدَيْهِ وَآخَرَ خَلْفَهُ. طرفاه 5965، 5966 14 - باب الْقُدُومِ بِالْغَدَاةِ 1799 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَجَّاجِ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ يُصَلِّى فِي مَسْجِدِ الشَّجَرَةِ، وَإِذَا رَجَعَ صَلَّى بِذِى الْحُلَيْفَةِ بِبَطْنِ الْوَادِى وَبَاتَ حَتَّى يُصْبِحَ. طرفه 484 15 - باب الدُّخُولِ بِالْعَشِىِّ 1800 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لاَ يَطْرُقُ أَهْلَهُ، كَانَ لاَ يَدْخُلُ إِلاَّ غُدْوَةً أَوْ عَشِيَّةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ (أُغَيْلِمَةُ) جمع غلام، مصغر أغلمة على وزن أفئدة (فحمل واحدًا بين يديه وآخر خلفه) وفيه دلالة على جواز كون الثلاث على دابة، وما ورد من النهي -إن صح ذلك- محمول على أن لا تطيق الدابة، والله [أعلم]. باب القدوم بالغداة 1799 - (عياض) بكسر العين وضاد معجمة. روى في الباب أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا رجع من مكة صلّى العشاء بذي الحليفة، وبات إلى الصباح، وقوله: (ببطن الوادي) بدل من ذي الحليفة. باب الدخول بالعشي 1800 - (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يطرق أهله) الطروق: المجيء ليلًا؛ لأن الآتي يحتاج إلى طرق الباب (وكان لا يدخل إلا غدوة) بضم الغين (أو عشية) بفتح العين الغدوة من الصباح إلى الزوال، والعشية من الزّوال إلى الغروب.

16 - باب لا يطرق أهله إذا بلغ المدينة

16 - باب لاَ يَطْرُقُ أَهْلَهُ إِذَا بَلَغَ الْمَدِينَةَ 1801 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَارِبٍ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَطْرُقَ أَهْلَهُ لَيْلاً. طرفه 443 17 - باب مَنْ أَسْرَعَ نَاقَتَهُ إِذَا بَلَغَ الْمَدِينَةَ 1802 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ أَخْبَرَنِى حُمَيْدٌ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا - رضى الله عنه - يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ، فَأَبْصَرَ دَرَجَاتِ الْمَدِينَةِ أَوْضَعَ نَاقَتَهُ، وَإِنْ كَانَتْ دَابَّةً حَرَّكَهَا. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ زَادَ الْحَارِثُ بْنُ عُمَيْرٍ عَنْ حُمَيْدٍ حَرَّكَهَا مِنْ حُبِّهَا. حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ جُدُرَاتٍ. تَابَعَهُ الْحَارِثُ بْنُ عُمَيْرٍ. طرفه 1886 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: دخوله في الوقتين كان على طريق الاتفاق وكان لمعنى. قلت: الوقتان وقتا فرح ونشاط، فإذا نزل بقرب المدينة أول النهار وعرف الناس دخوله دخل آخر النهار، وإذا نزل آخر النهار [أخّر] الدخول إلى الصباح، وقد أشار في الرواية الأخرى إلى العلة بقوله: "لتمتشط الشعثة وتستحد المغيبة" قال ابن الأثير: المغيب والمغيبة امرأة غاب زوجها. باب من أسرع ناقته إذا بلغ المدينة أي: بلغ قرب المدينة للحديث المذكور في الباب. 1802 - (حميد) بضم الحاء مصغر، هو الطويل. (كان رسول - صلى الله عليه وسلم - إذا قدم من سفر فأبصر درجات المدينة) المواضع المرتفعة بقرب المدينة (أوضع ناقته) -بالضاد المعجمة- من الإيضاع؛ وهو إسراع الإبل خاصة، ولذلك قال فيما بعد: (وإن كانت دابة حركها) أي: ساقها سوقًا شديدًا، وفي الرواية الأخرى: جُدران بضم الجيم والذال جمع جدر جمع جدار. (عمير) بضم العين مصغر. (حركها من حبها) أي: لأجل حب المدينة يسرع.

18 - باب قول الله تعالى (وأتوا البيوت من أبوابها)

18 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا) 1803 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ - رضى الله عنه - يَقُولُ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِينَا، كَانَتِ الأَنْصَارُ إِذَا حَجُّوا فَجَاءُوا لَمْ يَدْخُلُوا مِنْ قِبَلِ أَبْوَابِ بُيُوتِهِمْ، وَلَكِنْ مِنْ ظُهُورِهَا، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَدَخَلَ مِنْ قِبَلِ بَابِهِ، فَكَأَنَّهُ عُيِّرَ بِذَلِكَ، فَنَزَلَتْ (وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا). طرفه 4512 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله تعالى: {وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا} [البقرة: 189] 1803 - (أبو الوليد) هشام الطيالسي (عن إسحاق) هو عمرو بن عبد الله السبيعي. (كانت الأنصار إذا حجوا فجاؤوا لم يدخلوا من قِبَل أبواب بيوتهم) بكسر القاف أي: من تلك الجهة، والظاهر أنهم كانوا يفعلون ذلك؛ لأنّ الباب الذي خرج منه كان معه الذنوب، وإذا رجع من غير ذنوب يكره دخوله من ذلك الباب (فجاء رجل فدخل من قبل بابه، فكأنّه عُيّر بذلك، فنزلت) قيل: هذا الرّجل رفاعة بن تابوت، وقيل: قطبة -بضم القاف وإسكان الطاء بعدها موحدة- ابن عامر السلمي. قال شيخنا أبو الفضل ابن حجر: يجوز تعدد القضية، إلا أن فيه إشكالًا؛ وهو أنّ رفاعة هذا منافق، وهو الذي هبت الريح العظيمة لموته. قلت: كونه من الأنصار لا يستلزم أن يكون مؤمنًا خالصًا، ألا ترى أنّ ابن أُبي من كبار الأنصار، وهو رأس النفاق. فإن قلت: روى جابر أن العرب كلهم كانوا لا يدخلون البيوت من أبوابها إلا الحمس. قلت: ليس في قول البراء ما يدل الحصر، إنما بين سبب النزول.

19 - باب السفر قطعة من العذاب

19 - باب السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ 1804 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ سُمَىٍّ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ، يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَنَوْمَهُ، فَإِذَا قَضَى نَهْمَتَهُ فَلْيُعَجِّلْ إِلَى أَهْلِهِ». طرفاه 3001، 5429 20 - باب الْمُسَافِرِ إِذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ يُعَجِّلُ إِلَى أَهْلِهِ 1805 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ أَخْبَرَنِى زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - بِطَرِيقِ مَكَّةَ، فَبَلَغَهُ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِى عُبَيْدٍ شِدَّةُ وَجَعٍ فَأَسْرَعَ السَّيْرَ، حَتَّى كَانَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّفَقِ نَزَلَ، فَصَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعَتَمَةَ، جَمَعَ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ قَالَ إِنِّى رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ أَخَّرَ الْمَغْرِبَ، وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا. طرفه 1091 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب السفر قطعة من العذاب 1804 - (مسلمة) بفتح الميم واللام (عن سمي) بضم السين مصغر (عن أبي صالح) هو ذكوان السّمان. (فإذا قضى نهمته) بفتح النون وسكون الهاء بلوغ الغرض من الشيء، وأصله الولع والحرص، ومنه في الحديث: "منهومان لا يشبعان، طالب العلم، وطالب الدنيا". باب المسافر إذا جدَّ به السير 1805 - (عن زيد بن أسلم: كنت مع عبد الله بن عمر بطريق مكة، فبلغه عن صفية بنت أبي عبيد شدة وجع) كانت زوجة ابن عمر (فصلّى المغرب والعتمة وجمع بينهما) هذا دليل الشافعي وأحمد في جواز الجمع في السفر، وقد سبق الحديث في أبواب الصلاة، وموضع الدلالة هنا قوله: (فأسرع السير).

27 - كتاب المحصر

27 - كتاب المحصر 1 - باب الْمُحْصَرِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْىِ وَلاَ تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْىُ مَحِلَّهُ) وَقَالَ عَطَاءٌ الإِحْصَارُ مِنْ كُلِّ شَىْءٍ يَحْبِسُهُ. قال أبو عبد الله: {وحصورا} لا يأتي النساء. ـــــــــــــــــــــــــــــ أبواب المحصر، وجزاء الصيد (وقوله تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196]). يقال: أحصره المرض وحصره منعه عن قصده (وقال عطاء: الإحصار من كل شيء يحبسه) وهذا الذي قاله عطاء هو قول ابن مسعود والكوفيين، وذهب سائر الأئمة إلى أن الإحصار عن الحج والعمرة مخصوص بالعدو، ولأنّ الآية نزلت في الحديبية لما صدَّ المشركون رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عن البيت، وأجاب الكوفيون بأن العبرة بعموم المعنى لا بخصوص السبب، وكل مانع منع فهو في حكم العدو لأن الغرض عدم الوصول، وهذا الذي قالوه كلام حسن لو لم يقم دليل على خلافه، وهو الحديث الذي رواه البخاري عن ضباعة بنت الزبير، لما اشتكت المرض قال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قولي: اللهم محلي حيث حبستني" إذ لو كان المرض من الإحصار لم يكن لهذا الشرط وجه، وقد روى ابن الأثير في النهاية: "المحصر بمرض لا يحل حتى يطوف" وكذا رواه مالك في الموطّأ (قال أبو عبد الله: حصورًا: لا يأتي النساء) يشير إلى ما في الآية في وصف يحيى صلوات الله [عليه]، قال ابن الأثير: فعول بمعنى المفعول؛ لأنه حبس عن الوقاع، وهذا سهو منه؛ فإنّ ذلك عيب يُصان عنه الأنبياء؛ بل هو فعول بمعنى الفاعل، أي: ترك النساء اختيارًا، واشتغالًا بالعبادة.

2 - باب إذا أحصر المعتمر

2 - باب إِذَا أُحْصِرَ الْمُعْتَمِرُ 1806 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - حِينَ خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ مُعْتَمِرًا فِي الْفِتْنَةِ قَالَ إِنْ صُدِدْتُ عَنِ الْبَيْتِ صَنَعْتُ كَمَا صَنَعْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَأَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، مِنْ أَجْلِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ. طرفه 1639 1807 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَسَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَاهُ أَنَّهُمَا كَلَّمَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - لَيَالِىَ نَزَلَ الْجَيْشُ بِابْنِ الزُّبَيْرِ فَقَالاَ لاَ يَضُرُّكَ أَنْ لاَ تَحُجَّ الْعَامَ، وَإِنَّا نَخَافُ أَنْ يُحَالَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْبَيْتِ. فَقَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَحَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ دُونَ الْبَيْتِ، فَنَحَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - هَدْيَهُ، وَحَلَقَ رَأْسَهُ، وَأُشْهِدُكُمْ أَنِّى قَدْ أَوْجَبْتُ الْعُمْرَةَ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْطَلِقُ، فَإِنْ خُلِّىَ بَيْنِى وَبَيْنَ الْبَيْتِ طُفْتُ، وَإِنْ حِيلَ بَيْنِى وَبَيْنَهُ فَعَلْتُ كَمَا فَعَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا مَعَهُ. فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ مِنْ ذِى الْحُلَيْفَةِ، ثُمَّ سَارَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ «إِنَّمَا شَأْنُهُمَا وَاحِدٌ، أُشْهِدُكُمْ أَنِّى قَدْ أَوْجَبْتُ حَجَّةً مَعَ عُمْرَتِى». فَلَمْ يَحِلَّ مِنْهُمَا حَتَّى حَلَّ يَوْمَ النَّحْرِ، وَأَهْدَى، وَكَانَ يَقُولُ لاَ يَحِلُّ حَتَّى يَطُوفَ طَوَافًا وَاحِدًا يَوْمَ يَدْخُلُ مَكَّةَ. طرفه 1639 ـــــــــــــــــــــــــــــ بابٌ إذا أُحصر المعتمر 1806 - روى في الباب عن ابن عمر: أنه لما أراد الحج عام نزل الحجاج بابن الزبير. فقيل له بذلك، فقال: إن منعت فعلت ما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من نحر الهدي والرجوع (فأهل بعمرة) لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الحديبية كان معتمرًا، هذا كان أوّل ما أهل، لما ذكر في الحديث الذي بعده أنه قال: "إنما شأنهما واحد، أشهدكم أني قد أوجبت حجة مع عمرتي". 1807 - (جويرية) -بضم الجيم مصغر. (فحال كفار قريش دون البيت، فنحر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هديه) استدل به الشافعي وأحمد على أن المحصر ينحر حيث حُبس، وقال أبو حنيفة: لا بد من أن ينحر في الحرم، وأجاب عن هذا بأن بعض الحديبية من الحرم، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي في الحرم ومضاربه كانت في الحل.

3 - باب الإحصار فى الحج

1808 - حَدَّثَنِى مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ بَعْضَ بَنِى عَبْدِ اللَّهِ قَالَ لَهُ لَوْ أَقَمْتَ. بِهَذَا. طرفه 1639 1809 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلاَّمٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَدْ أُحْصِرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَحَلَقَ رَأْسَهُ وَجَامَعَ نِسَاءَهُ، وَنَحَرَ هَدْيَهُ، حَتَّى اعْتَمَرَ عَامًا قَابِلاً. 3 - باب الإِحْصَارِ فِي الْحَجِّ 1810 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ ـــــــــــــــــــــــــــــ 1809 - (قال ابن عباس: أحصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحلق وجامع ونحر هديه حتى اعتمر عامًا قابلًا) أي: استمر حلالًا إلى تلك العمرة، وإذا تحلل المحصر فإن كان الحج واجبًا في ذمته يستمر الوجوب إلى وقت الإمكان؛ وإن كان تطوعًا فلا قضاء عليه عند الشافعي، وعند أحمد روايتان، ويجب القضاء عند أبي حنيفة، ولهذا سميت عمرةُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في العام القابل عمرةَ القضاء، وليس لهم في ذلك دليل؛ لأنّ التسمية ليست لكون تلك العمرة كانت قضاءً؛ بل لأنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاضى كفار قريش، أي: صالحهم. قال الشافعي: والدليل على عدم وجوب القضاء أنه لم يأمر أحدًا من الذين كانوا معه بالقضاء في العام القابل، بل تخلف عنه من الذين كانوا معه في الحديبية أُناس، وأمّا ما رواه أبو داود والترمذي عن ابن عباس "من عرج أو كسر أو حبس فليجزى مثلها" فلم يصح هذا عند البخاري؛ بل الذي صحّ عن ابن عباس عنده خلاف ذلك، كما ذكره في باب من قال: ليس على المحصر بدل. باب الإحصار في الحج 1810 - روى في الباب حديث ابن عمر المتقدم: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمّا حبس تحلل، وزاد هنا: أنّ عليه دمًا، فإن لم يجد دمًا فعليه الصوم، كما في التمتع (وعن عبد الله) هو ابن المبارك، عطف على الإسناد الأول.

4 - باب النحر قبل الحلق فى الحصر

قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمٌ قَالَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَقُولُ أَلَيْسَ حَسْبُكُمْ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، إِنْ حُبِسَ أَحَدُكُمْ عَنِ الْحَجِّ طَافَ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ حَلَّ مِنْ كُلِّ شَىْءٍ، حَتَّى يَحُجَّ عَامًا قَابِلاً، فَيُهْدِى أَوْ يَصُومُ، إِنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى سَالِمٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ نَحْوَهُ. طرفه 1639 4 - باب النَّحْرِ قَبْلَ الْحَلْقِ فِي الْحَصْرِ 1811 - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنِ الْمِسْوَرِ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَحَرَ قَبْلَ أَنْ يَحْلِقَ، وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ بِذَلِكَ. طرفه 1694 1812 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ أَخْبَرَنَا أَبُو بَدْرٍ شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعُمَرِىِّ قَالَ وَحَدَّثَ نَافِعٌ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ وَسَالِمًا كَلَّمَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - فَقَالَ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مُعْتَمِرِينَ، فَحَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ دُونَ الْبَيْتِ، فَنَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بُدْنَهُ، وَحَلَقَ رَأْسَهُ. طرفاه 1639، 1640 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: ما معنى قول ابن عمر: (أليس حسبكم سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -)؟ قلت: كان ابن عباس يعني بالاشتراط لمن أراد الحج أو العمرة استدلالًا بحديث ضباعة بنت الزبير، وقد رواه البخاري في كتاب النكاح أنها كانت شاكية، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "حجي واشترطي، وقولي: اللهم محلي حيث حبستني" ولم يكن بلغ هذا الحديث ابن عمر. باب النحر قبل الحلق في الحصر 1811 - 1812 - استدل على جوازه بفعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد تقدم في باب الفتيا على الدابة أنّه لا ترتيب، يجوز كل منهما قبل الآخر. (معمر) بفتح الميمين وسكون العين (عن المسور) بكسر الميم.

5 - باب من قال ليس على المحصر بدل

5 - باب مَنْ قَالَ لَيْسَ عَلَى الْمُحْصَرِ بَدَلٌ وَقَالَ رَوْحٌ عَنْ شِبْلٍ عَنِ ابْنِ أَبِى نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - إِنَّمَا الْبَدَلُ عَلَى مَنْ نَقَضَ حَجَّهُ بِالتَّلَذُّذِ، فَأَمَّا مَنْ حَبَسَهُ عُذْرٌ، أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَحِلُّ وَلاَ يَرْجِعُ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ هَدْىٌ وَهُوَ مُحْصَرٌ نَحَرَهُ، إِنْ كَانَ لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَبْعَثَ بِهِ، وَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَبْعَثَ بِهِ لَمْ يَحِلَّ، حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْىُ مَحِلَّهُ. وَقَالَ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ يَنْحَرُ هَدْيَهُ، وَيَحْلِقُ فِي أَىِّ مَوْضِعٍ كَانَ، وَلاَ قَضَاءَ عَلَيْهِ، لأَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابَهُ بِالْحُدَيْبِيَةِ نَحَرُوا وَحَلَقُوا وَحَلُّوا مِنْ كُلِّ شَىْءٍ، قَبْلَ الطَّوَافِ، وَقَبْلَ أَنْ يَصِلَ الْهَدْىُ إِلَى الْبَيْتِ، ثُمَّ لَمْ يُذْكَرْ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ أَحَدًا أَنْ يَقْضُوا شَيْئًا، وَلاَ يَعُودُوا لَهُ، وَالْحُدَيْبِيَةُ خَارِجٌ مِنَ الْحَرَمِ. 1813 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ حِينَ خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ مُعْتَمِرًا فِي الْفِتْنَةِ إِنْ صُدِدْتُ عَنِ الْبَيْتِ صَنَعْنَا كَمَا صَنَعْنَا مَعَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من قال: ليس على المحصر بدل المراد بالبدل القضاء (روح) بفتح الرّاء وسكون الواو (عن شبل) بكسر الشين وسكون الباء (عن [ابن] أبي نجيح) اسم الابن عبد الله، والأب يسار. (عن ابن عباس: إنما البدل على من نقض حجه بالتلذذ) أي: بالجماع، استدل البخاري على أن نحر هدي المحصر حيث حُصر بقول ابن عباس: (نحره إن لم يستطع أن يبعث به، فإن استطاع بعث ولا قضاء عليه) وكذا روي عن مالك، واستدل أيضًا بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر أصحابه الذين كانوا معه بالحديبية بالقضاء (والحديبية خارج عن الحرم) ردّ به على أبي حنيفة في اشتراطه كون نحر المحصر في الحرم، وقد ذكرنا جواب أبي حنيفة أن بعض الحديبية حرم. 1813 - ثم روى حديث ابن عمر المتقدم حيث قيل له: إن هذا العام فيه فتنة بين الحجاج وابن الزبير، وموضع الدلالة قوله: (إن صددت عن البيت أصنَعُ كما صنعنا مع

6 - باب قول الله تعالى (فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك)

رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، مِنْ أَجْلِ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ، ثُمَّ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ نَظَرَ فِي أَمْرِهِ فَقَالَ مَا أَمْرُهُمَا إِلاَّ وَاحِدٌ. فَالْتَفَتَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ مَا أَمْرُهُمَا إِلاَّ وَاحِدٌ، أُشْهِدُكُمْ أَنِّى قَدْ أَوْجَبْتُ الْحَجَّ مَعَ الْعُمْرَةِ، ثُمَّ طَافَ لَهُمَا طَوَافًا وَاحِدًا، وَرَأَى أَنَّ ذَلِكَ مُجْزِيًا عَنْهُ، وَأَهْدَى. طرفه 1639 6 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) وَهُوَ مُخَيَّرٌ، فَأَمَّا الصَّوْمُ فَثَلاَثَةُ أَيَّامٍ. 1814 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ - رضى الله عنه - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ «لَعَلَّكَ آذَاكَ هَوَامُّكَ». قَالَ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «احْلِقْ رَأْسَكَ وَصُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، أَوِ انْسُكْ بِشَاةٍ». أطرافه 1815، 1816، 1817، 1818، 4159، 4190، 4191، 4517، 5665، 5703، 6708 ـــــــــــــــــــــــــــــ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) فإنه لم يأمر أحدًا بالقضاء، فيدل على الترجمة؛ وهي: أن ليس على المحصر بدل. باب قوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ} [البقرة: 196] 1814 - (حميد) بضم الحاء (عبد الرحمن بن أبي ليلى) واسم أبي ليلى بلال، وقيل: أويس (كعب بن عجرة) بضم العين وسكون الجيم. (عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لعلك آذاك هَوَامُك) قال ابن الأثير: الهوام جمع هامة، والهامة: كلُّ ذي سُمّ. والمراد به في الحديث: القمل؛ لما في الروايات الأخرى في الباب بعده: وقف عليَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ورأسي يتهافت قملًا يتساقط، وفي أخرى: يتناثر. (صم ثلاثة أيام، أو تصدق بفرق بين ستّة مساكين، أو انسك) أي: بشاة؛ كما تقدم، والفرق -بفتح

7 - باب قول الله تعالى (أو صدقة) وهى إطعام ستة مساكين

7 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (أَوْ صَدَقَةٍ) وَهْىَ إِطْعَامُ سِتَّةِ مَسَاكِينَ 1815 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سَيْفٌ قَالَ حَدَّثَنِى مُجَاهِدٌ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِى لَيْلَى أَنَّ كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ حَدَّثَهُ قَالَ وَقَفَ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْحُدَيْبِيَةِ، وَرَأْسِى يَتَهَافَتُ قَمْلاً فَقَالَ «يُؤْذِيكَ هَوَامُّكَ». قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «فَاحْلِقْ رَأْسَكَ - أَوْ قَالَ - احْلِقْ». قَالَ فِىَّ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ) إِلَى آخِرِهَا. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «صُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ تَصَدَّقْ بِفَرَقٍ بَيْنَ سِتَّةٍ، أَوِ انْسُكْ بِمَا تَيَسَّرَ». طرفه 1814 8 - باب الإِطْعَامُ فِي الْفِدْيَةِ نِصْفُ صَاعٍ 1816 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَصْبِهَانِىِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ قَالَ جَلَسْتُ إِلَى كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ - رضى الله عنه - فَسَأَلْتُهُ عَنِ الْفِدْيَةِ فَقَالَ نَزَلَتْ فِىَّ خَاصَّةً، وَهْىَ لَكُمْ عَامَّةً، حُمِلْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِى فَقَالَ «مَا كُنْتُ أُرَى الْوَجَعَ بَلَغَ بِكَ مَا أَرَى أَوْ مَا كُنْتُ أُرَى الْجَهْدَ بَلَغَ بِكَ مَا أَرَى، تَجِدُ شَاةً». فَقُلْتُ لاَ. فَقَالَ «فَصُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ الفاء وتحريك الرّاء- قال ابن الأثير: ثلاثة آصع عند أهل الحجاز. وهو المراد بقوله في الباب بعده: "ولكل مسكين نصف صاع". (مما تيسر) متعلق بالأشياء الثلاثة. 1815 - (أبو نعيم) بضم النون مصغر. (عن عبد الرحمن بن الأصبهاني) بفتح الهمزة وكسرها والباء الموحدة ويقال بالفاء في موضع الباء (عن عبد الله بن مَعْقِل) بفتح الميم وسكون العين وكسر القاف. 1816 - (ما كنت أُرى الوجع بلغ بك) -بضم الهمزة- أي: أظن (أو ما كنت أرى الجهد بك) -بضم الجيم وفتحها- المشقة. والشكُّ إمّا من كعب؛ أو من بعض الرّواة (تجد شاة؟ فقلتُ: لا).

9 - باب النسك شاة

مَسَاكِينَ، لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفَ صَاعٍ». طرفه 1814 9 - باب النُّسُكُ شَاةٌ 1817 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا رَوْحٌ حَدَّثَنَا شِبْلٌ عَنِ ابْنِ أَبِى نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَآهُ وَأَنَّهُ يَسْقُطُ عَلَى وَجْهِهِ فَقَالَ «أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّكَ». قَالَ نَعَمْ. فَأَمَرَهُ أَنْ يَحْلِقَ وَهُوَ بِالْحُدَيْبِيَةِ، وَلَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُمْ أَنَّهُمْ يَحِلُّونَ بِهَا، وَهُمْ عَلَى طَمَعٍ أَنْ يَدْخُلُوا مَكَّةَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ الْفِدْيَةَ، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُطْعِمَ فَرَقًا بَيْنَ سِتَّةٍ، أَوْ يُهْدِىَ شَاةً، أَوْ يَصُومَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ. طرفه 1814 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: هذا يدل على تعيين الشاة إن قدر عليها. قلت: الرّوايات قبلها وبعدها صريحة في التخيير، والظاهر أنه سأله عن القدرة على الشاة لأنّها أيسر وأكثر. بابٌ النسكُ شاة أي: ما وقع في الحديث الفدية، وإلاّ فهو يطلق على كل عبادة؛ لا سيما مشاعر الحج، فإنها كلها مناسك. 1817 - (إسحاق قال: أخبرنا روح) قال الغساني: كذا وقع غير منسوب، لكن روى البخاري في تفسير سورة الأحزاب وسورة ص عن إسحاق بن إبراهيم عن روح بن عبادة، وفي غير موضع عن إسحاق بن منصور عن روح؛ فعلى هذا يحتمل كلًّا منهما بدل الآخر، لكن جزم أبو نعيم بابن راهويه، ولفظ أخبرنا يؤيده، فإنه لا يروي عن مشايخه إلا بلفظ الإخبار (عن شبل) بكسر الشين وسكون الباء (عن ابن أبي نجيح) هو عبد الله بن يسار. (عن كعب بن عجرة: رآه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإنه يسقط على وجهه) أي: القمل يسقط على وجه كعب؛ لما تقدم من قوله: والقمل يتهافت وفي موضع: يتناثر على وجهي. فالقول بأنه يجوز أن يكون كعبٌ يسقط على وجهه من شدّة القمل لا وجه له، فإن القصة واحدة، على أنه لا معنى للسقوط على الوجه من كثرة القمل (وهم على طمع أن يدخلوا مكة) إذ بعد ذلك لم يحتج أحد إلى الفدية، فإن الشارع أمرهم بالحلق.

10 - باب قول الله تعالى (فلا رفث)

1818 - وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ عَنِ ابْنِ أَبِى نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَآهُ، وَقَمْلُهُ يَسْقُطُ عَلَى وَجْهِهِ. مِثْلَهُ. طرفه 1814 10 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (فَلاَ رَفَثَ) 1819 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ، فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ». طرفه 1521 ـــــــــــــــــــــــــــــ 1818 - (وعن محمد بن يوسف) هو الفريابي، عطف [على] قوله حدثنا روح؛ فإنّ هذا شيخ إسحاق مثل روح، وبه يظهر أن إسحاق هو ابن منصور؛ فإن مسلمًا روى عن إسحاق بن منصور عن ورقاء، وفائدةُ هذه الرواية زيادة قوله: (وقمله يسقط على وجهه) ويسقط ما ذكره بعضهم من أن معنى تلك الرواية أنّ كعبًا سقط على وجهه. فإن قلت: الظاهر من رواية عبد الله بن معقل أن نزول الآية قبل الحكم، وفي رواية ابن أبى ليلى، ولو كان الحكم قبل النزول لم يكن لقوله: فأنزل الله ما أمره فائدة، بل كان الملائم أن يقول: فأنزل الله تصديقًا له. باب قول الله تعالى: {فَلَا رَفَثَ} [البقرة: 197] 1819 - (سليمان بن حرب) ضد الصلح (أبو حازم) بالحاء المهملة سلمان مولى عزة الأشجعية. (من حج هذا البيت ولم يرفث ولم يفسق) قال ابن الأثير: قال ابن عباس: الرّفث خطاب الرجل المرأة بأمر الوقاع. وقال الأزهري: الرّفث كلمة جامعة لكل ما يريده الرجل من المرأة. هذا، وحمل الرّفث في الحديث على الجماع غلطٌ، ونقله عن الجمهور غلطٌ آخر، لأن الجماع يُفسد الحجَّ بالإِجماع؛ فكيف يستقيم قوله: "من حج ولم يرفث". (كيوم ولدته أمه) بفتح يوم على البناء، والوجه في هذا التشبيه: التجرد عن الذنوب، لكن خص منه حق العبد بسائر النصوص، على أنّا قَدْ قدَّمنا رواية عن البيهقي وغيره ما يدل على العموم، وأيّدناه بحديث عباس بن مرداس.

11 - باب قول الله عز وجل (ولا فسوق ولا جدال فى الحج)

11 - باب قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ) 1820 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ، فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ». طرفه 1521

28 - كتاب جزاء الصيد

28 - كتاب جزاء الصيد 1 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (لاَ تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ). 2 - باب إِذَا صَادَ الْحَلاَلُ فَأَهْدَى لِلْمُحْرِمِ الصَّيْدَ أَكَلَهُ وَلَمْ يَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَنَسٌ بِالذَّبْحِ بَأْسًا وَهُوَ غَيْرُ الصَّيْدِ نَحْوُ الإِبِلِ وَالْغَنَمِ وَالْبَقَرِ وَالدَّجَاجِ وَالْخَيْلِ، يُقَالُ عَدْلُ ذَلِكَ مِثْلُ، فَإِذَا كُسِرَتْ عِدْلٌ فَهُوَ زِنَةُ ذَلِكَ. قِيَامًا قِوَامًا. يَعْدِلُونَ يَجْعَلُونَ عَدْلاً. 1821 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى قَتَادَةَ قَالَ انْطَلَقَ أَبِى عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ فَأَحْرَمَ أَصْحَابُهُ، وَلَمْ يُحْرِمْ، وَحُدِّثَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ [كِتَابُ جَزَاءِ الصَّيدِ] باب جزاء الصَّيد، وقول الله تعالى: {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: 95] جمع حرام، أي: وأنتم في إحرام (وإذا صاد الحلال فأهدى للمحرم الصيد أكله) هذا أيضًا من الترجمة، قال البخاري: (يقال عدل) بفتح العين (مثل، وإذا كسرت) العين (فهو زنة ذلك) وقال ابن الأثير: بالفتح والكسر بمعنى، وقيل: بالفتح ما عادل من جنسه، وبالكسر من غير جنس. وقيل: بالعكس. 1821 - (معاذ بن فَضالة) بضم الميم وفتح الفاء (عن أبي قتادة) فارس رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، واسمه الحارث، أو: النعمان، أو: عمرو.

عَدُوًّا يَغْزُوهُ، فَانْطَلَقَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَبَيْنَمَا أَنَا مَعَ أَصْحَابِهِ يَضْحَكُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا بِحِمَارِ وَحْشٍ، فَحَمَلْتُ عَلَيْهِ، فَطَعَنْتُهُ، فَأَثْبَتُّهُ، وَاسْتَعَنْتُ بِهِمْ، فَأَبَوْا أَنْ يُعِينُونِى، فَأَكَلْنَا مِنْ لَحْمِهِ، وَخَشِينَا أَنْ نُقْتَطَعَ، فَطَلَبْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَرْفَعُ فَرَسِى شَأْوًا، وَأَسِيرُ شَأْوًا، فَلَقِيتُ رَجُلاً مِنْ بَنِى غِفَارٍ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ قُلْتُ أَيْنَ تَرَكْتَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ تَرَكْتُهُ بِتَعْهِنَ، وَهُوَ قَائِلٌ السُّقْيَا. فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَهْلَكَ يَقْرَءُونَ عَلَيْكَ السَّلاَمَ وَرَحْمَةَ اللَّهِ، إِنَّهُمْ قَدْ خَشُوا أَنْ يُقْتَطَعُوا دُونَكَ، فَانْتَظِرْهُمْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَصَبْتُ حِمَارَ وَحْشٍ، وَعِنْدِى مِنْهُ فَاضِلَةٌ. فَقَالَ لِلْقَوْمِ «كُلُوا» وَهُمْ مُحْرِمُونَ. أطرافه 1822، 1823، 1824، 2570، 2854، 2914، 4149، 5406، 5407، 5490، 5491، 5492 ـــــــــــــــــــــــــــــ (فبينما أنا مع أصحابه يضحك بعضهم إلى بعض) ناظرًا إليه (فنظرت فإذا أنا بحمار وحش، فحملت عليه، فطعنته) أي: ضربته بالرمح (فأثبته) أي: قتلته، أو منعته عن الحركة. (فأبوا أن يعينوني) لأنهم كانوا محرمين، ولا يجوز لهم الإعانة (وخشينا أن نقتطع) بضم النون على بناء المجهول أي: يحول بيننا وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العدو (أرفع فرسي شأوًا) بضم الهمزة وكسر الراء وتشديد الفاء أي أسوقه فوق العادة، والشأو: مقدار من المسافة. (فقلت: أين تركت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: تركته بتعهن) بفتح التاء وسكون العين وكسر الهاء ومنهم من يضم التاء، ومنهم من يكسرها، والمشهور عند المحدثين كسر التاء وسكون العين وكسر الهاء، موضع بين مكة والمدينة، قال ابن الأثير: من المدينة على مسيرة يومين. وقال أبو موسى المديني: على ثلاثة مراحل من المدينة (وهو قائل السقيا) بضم السين مقصور. والقائل: اسم فاعل من القول، وسقيا: في موضع النصب؛ أي: اقصدوا السقيا، أو: الرفع، أي: منزلنا السقيا، وهو عن تعهن على مسافة ميل، [قال] النووي: الأصح أنه من القيلولة؛ أي: عازم أن يقيل بالسقيا. (قلت: يا رسول الله إن أهلك يقرؤون عليك السلام) المراد بالأهل من كان مع أبي قتادة، ولابن السكن: أصحابك وسيأتي لفظ الأصحاب أيضًا (قلت: يا رسول الله أصبت حمار وحش، وعندي منه فاضلة، فقال لأصحابه: كلوا، وهم محرمون). لأنه لم يكن قصد الصيد للمحرم، ولا أعانه عليه محرم، وهذا متفق عليه، وسيأتي تمام الكلام

3 - باب إذا رأى المحرمون صيدا فضحكوا ففطن الحلال

3 - باب إِذَا رَأَى الْمُحْرِمُونَ صَيْدًا فَضَحِكُوا فَفَطِنَ الْحَلاَلُ 1822 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى قَتَادَةَ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ قَالَ انْطَلَقْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ فَأَحْرَمَ أَصْحَابُهُ، وَلَمْ أُحْرِمْ، فَأُنْبِئْنَا بِعَدُوٍّ بِغَيْقَةَ فَتَوَجَّهْنَا نَحْوَهُمْ، فَبَصُرَ أَصْحَابِى بِحِمَارِ وَحْشٍ، فَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَضْحَكُ إِلَى بَعْضٍ، فَنَظَرْتُ فَرَأَيْتُهُ فَحَمَلْتُ عَلَيْهِ الْفَرَسَ، فَطَعَنْتُهُ، فَأَثْبَتُّهُ، فَاسْتَعَنْتُهُمْ، فَأَبَوْا أَنْ يُعِينُونِى، فَأَكَلْنَا مِنْهُ، ثُمَّ لَحِقْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَخَشِينَا أَنْ نُقْتَطَعَ، أَرْفَعُ فَرَسِى شَأْوًا، وَأَسِيرُ عَلَيْهِ شَأْوًا، فَلَقِيتُ رَجُلاً مِنْ بَنِى غِفَارٍ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ فَقُلْتُ أَيْنَ تَرَكْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ تَرَكْتُهُ بِتَعْهِنَ وَهُوَ قَائِلٌ السُّقْيَا. فَلَحِقْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى أَتَيْتُهُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَصْحَابَكَ أَرْسَلُوا يَقْرَءُونَ عَلَيْكَ السَّلاَمَ وَرَحْمَةَ اللَّهِ وَبَرَكَاتِهِ، وَإِنَّهُمْ قَدْ خَشُوا أَنْ يَقْتَطِعَهُمُ الْعُدُوُّ دُونَكَ، فَانْظُرْهُمْ، فَفَعَلَ ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه في حديث الصعب بن جثامة. فإن قلت: كيف جاز لأبي قتادة مجاوزة الميقات بغير إحرام؟ قلت: قيل: لم يكن إذ ذاك ميقات معين؛ لأن هذا كان سنة الحديبية، وقيل: بعث أهل المدينة خلف رسول - صلى الله عليه وسلم - بأنّ عدوًا يقصد المدينة، وقيل: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثه في مهمة، والصواب أنه لم يكن نهى عن مجاوزة الميقات بغير إحرام لما سيأتي من قول قتادة: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فمنّا المحرم ومنّا غير المحرم. باب إذا رأى المحرمون صيدًا فضحكوا ففطن الحلال 1822 - (عام الحديبية) بضم الحاء وفتح الدّال وتشديد الياء الأخيرة، ويروى بتخفيفها: اسم قرية بقرب مكة، وقيل: اسم بئر هناك (فأُنبئنا بعدو بغيقة) بفتح الغين المعجمة بعدها ياء بعدها قاف موضع بلاد غفار، وقال ابن الأثير: وقيل: ماء لبني ثعلبة. وليس في الحديث زيادة على ما رواه في الباب الذي قبله (انظرهم) بهمزة الوصل والقطع؛ أي: انتظرهم، واعلم أنه وقع في بعض روايات مسلم: فجعل بعضهم يضحك إليّ، بتشديد الياء ورده القاضي عياض، ووجه ذلك بأنه إذا ضحك إليه فكأنّه أشار إليه، قال النووي: هذا

4 - باب لا يعين المحرم الحلال فى قتل الصيد

فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا اصَّدْنَا حِمَارَ وَحْشٍ، وَإِنَّ عِنْدَنَا فَاضِلَةً. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لأَصْحَابِهِ «كُلُوا». وَهُمْ مُحْرِمُونَ. طرفه 1821 4 - باب لاَ يُعِينُ الْمُحْرِمُ الْحَلاَلَ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ 1823 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ عَنْ أَبِى مُحَمَّدٍ نَافِعٍ مَوْلَى أَبِى قَتَادَةَ سَمِعَ أَبَا قَتَادَةَ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْقَاحَةِ مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى ثَلاَثٍ ح. وَحَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ عَنْ أَبِى مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِى قَتَادَةَ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْقَاحَةِ، وَمِنَّا الْمُحْرِمُ، وَمِنَّا غَيْرُ الْمُحْرِمِ، فَرَأَيْتُ أَصْحَابِى يَتَرَاءَوْنَ شَيْئًا فَنَظَرْتُ، فَإِذَا حِمَارُ وَحْشٍ - يَعْنِى وَقَعَ سَوْطُهُ - فَقَالُوا لاَ نُعِينُكَ عَلَيْهِ بِشَىْءٍ، إِنَّا مُحْرِمُونَ. فَتَنَاوَلْتُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ رد للرواية الصحيحة من غير ضرورة، إذ ليس في الضحك إليه لا دلالة ولا إشارة، وناقشه شيخنا بأن الضحك إليه من غير باعث كالإشارة، والحق ما قاله النووي؛ لأنّ عدم ظهور الباعث لا يستلزم أن تكون رؤية الصيد هو الباعث، حتى لو مدوا النظر كلهم إلى الصيد ففطن له لم يكن عليهم في ذلك شيء لعدم نسبة الفعل إليهم. باب لا يعين المحرم الحلال في قتل الصيد 1823 - (عن صالح بن كيسان) بفتح الكاف. (عن أبي محمد) هو نافع بن عباس مولى أبي قتادة. روى في الباب حديث أبي قتادة الذي في الباب قبله، وليس فيه زيادة سوى ألفاظ نشير إليها. (كنّا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بالقاحة) بالقاف والحاء المهملة موضع على ثلاثة مراحل من المدينة، وضبطه القابسي بالفاء، وبعضهم بالفاء والجيم، كل ذلك تصحيف (فرأيت أصحابي يتراءون شيئًا) أي ينظر بعضهم إلى بعض في رؤية شيء (يعني وقع سوطه) كذا في كل النسخ، أصل الكلام قال: وقع مني شيء، فسّره الزاوي بأنه أراد سوطه (فتناولته) التناول مدّ اليد إلى

5 - باب لا يشير المحرم إلى الصيد لكى يصطاده الحلال

فَأَخَذْتُهُ، ثُمَّ أَتَيْتُ الْحِمَارَ مِنْ وَرَاءِ أَكَمَةٍ، فَعَقَرْتُهُ، فَأَتَيْتُ بِهِ أَصْحَابِى، فَقَالَ بَعْضُهُمْ كُلُوا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ لاَ تَأْكُلُوا. فَأَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ أَمَامَنَا، فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ «كُلُوهُ حَلاَلٌ». قَالَ لَنَا عَمْرٌو اذْهَبُوا إِلَى صَالِحٍ فَسَلُوهُ عَنْ هَذَا وَغَيْرِهِ، وَقَدِمَ عَلَيْنَا هَا هُنَا. طرفه 1821 5 - باب لاَ يُشِيرُ الْمُحْرِمُ إِلَى الصَّيْدِ لِكَىْ يَصْطَادَهُ الْحَلاَلُ 1824 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ - هُوَ ابْنُ مَوْهَبٍ - قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى قَتَادَةَ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ حَاجًّا، فَخَرَجُوا مَعَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ شيء لأخذه، سواء كان مع الأخذ أو بدونه، ولهذا عطف عليه قوله: "فأخذته" (ثم أتيت الحمار من وراء أكمة) بفتح الهمزة الجبل الصغير. (قال لنا عمرو: اذهبوا إلى صالح فاسألوه عن هذا وغيره وقدم علينا ها هنا) إشارة إلى مكة، هذا كلام سفيان، وعمرو هو ابن دينار شيخ سفيان، وكذا صالح، والظاهر أن عمرًا لم يكن له علم بهذه القضية، أو أراد زيادة اطمئنان إذا سمعوه من صالح، والحديث في الباب مروي عن صالح، فأشار سفيان إلى السماع، وأورده البخاري دفعًا لتوهم التدليس؛ فإن الحديث بالإسنادين مروي بعن، وقال شيخنا: حاصله أن سفيان إنما أخذ الحديث من صالح بدلالة عمرو. وفيما قاله نظر؛ وذلك أن سفيان لما روى الحديث لعلي بن عبد الله عن صالح قال: ثم قال لنا عمرو، فلفظة ثم نصّ في أنه لما ورد صالح مكة من المدينة أمر عمرو سفيان وغيره من تلاميذه أن يسمعوا منه هذا الحديث زيادة تأكيد ضبط وغيره من الأحاديث. باب لا يشير المحرم إلى الصيد لكي يصطاد الحلال 1824 - (أبو عوانة) -بفتح العين- الوضاح اليشكري. (موهب) بفتح الميم والهاء. روى في الباب حديث أبي قتادة المتقدم، وليس فيه سوى ألفاظ (قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج حاجًّا) أي: معتمرًا؛ فإن ذلك كان سنة الحديبية كما تقدم، والعمرة

6 - باب إذا أهدى للمحرم حمارا وحشيا حيا لم يقبل

فَصَرَفَ طَائِفَةً مِنْهُمْ، فِيهِمْ أَبُو قَتَادَةَ فَقَالَ خُذُوا سَاحِلَ الْبَحْرِ حَتَّى نَلْتَقِىَ. فَأَخَذُوا سَاحِلَ الْبَحْرِ، فَلَمَّا انْصَرَفُوا أَحْرَمُوا كُلُّهُمْ إِلاَّ أَبُو قَتَادَةَ لَمْ يُحْرِمْ، فَبَيْنَمَا هُمْ يَسِيرُونَ إِذْ رَأَوْا حُمُرَ وَحْشٍ، فَحَمَلَ أَبُو قَتَادَةَ عَلَى الْحُمُرِ، فَعَقَرَ مِنْهَا أَتَانًا، فَنَزَلُوا فَأَكَلُوا مِنْ لَحْمِهَا، وَقَالُوا أَنَأْكُلُ لَحْمَ صَيْدٍ وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ فَحَمَلْنَا مَا بَقِىَ مِنْ لَحْمِ الأَتَانِ، فَلَمَّا أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا كُنَّا أَحْرَمْنَا وَقَدْ كَانَ أَبُو قَتَادَةَ لَمْ يُحْرِمْ، فَرَأَيْنَا حُمُرَ وَحْشٍ فَحَمَلَ عَلَيْهَا أَبُو قَتَادَةَ، فَعَقَرَ مِنْهَا أَتَانًا، فَنَزَلْنَا فَأَكَلْنَا مِنْ لَحْمِهَا ثُمَّ قُلْنَا أَنَأْكُلُ لَحْمَ صَيْدٍ وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ فَحَمَلْنَا مَا بَقِىَ مِنْ لَحْمِهَا. قَالَ «مِنْكُمْ أَحَدٌ أَمَرَهُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا، أَوْ أَشَارَ إِلَيْهَا». قَالُوا لاَ. قَالَ «فَكُلُوا مَا بَقِىَ مِنْ لَحْمِهَا». طرفه 1821 6 - باب إِذَا أَهْدَى لِلْمُحْرِمِ حِمَارًا وَحْشِيًّا حَيًّا لَمْ يَقْبَلْ 1825 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ الحج الأصغر (فصرف طائفة منهم) إلى ساحل البحر، لأنه خاف عدوًا (أحرموا كلهم إلا أبو قتادة) هذا على لغة الكوفيين الذين يجوزون رفع المستثنى في الكلام الموجب، وفي بعضها: أبا قتادة، وهو ظاهر (فحمل أبو قتادة فعقر منها أتانًا) -بفتح الهمزة- الأنثى من الحمار. باب إذا أهدى للمحرم حمارًا وحشيًّا حيًّا لم يقبل 1825 - (عن الصعب بن جثامة) -بفتح الصّاد وسكون العين وفتح الجيم وثاء مثلثة- كلاهما لقب، اسم الصعب: يزيد، واسم جثامة: قيس.

اللَّيْثِىِّ أَنَّهُ أَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِمَارًا وَحْشِيًّا، وَهْوَ بِالأَبْوَاءِ أَوْ بِوَدَّانَ فَرَدَّهُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا رَأَى مَا فِي وَجْهِهِ قَالَ «إِنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إِلاَّ أَنَّا حُرُمٌ». طرفاه 2573، 2596 ـــــــــــــــــــــــــــــ (أهدى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حمارًا وحشيًّا) أي: حى، كما ترجم له (وهو بالأبواء) بفتح الهمزة والمد -مكان بينه وبين المدينة ثلاثة وعشرون ميلًا، وبه توفيت أم الرسول - صلى الله عليه وسلم - آمنة. (أو بودَّان) -بفتح الواو وتشديد الدّال- اسم موضع والشك من الراوي. (فردّه عليه، فلما رأى ما في وجهه من الكراهة قال: لم نرده عليك إلا أنّا حرم). فإن قلت: كيف قبله من أبي قتادة وأمر أصحابه المحرمين بأكله وردّه على الصّعب؟ قلت: أجاب النووي بأن أبا قتادة لم يصطد لهم، والصعب إنما اصطاده لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والأحسن أن يقال: إنما ردّه لأنّ الحمار كان حيًّا كما صرّح به في الترجمة، والإجماع على أن المحرم لا يجوز له ملك الصيد، لا شراء ولا هبة ولا إحداث الملك فيه بوجه. فإن قلت: فقد جاء في رواية مسلم: أنّ الصعب أهدى لرسول - صلى الله عليه وسلم - لحم حمار. قلت: قال ابن بطال: اختلاف الروايات في حديث صعب يدل على تعدد الواقعة؛ إذ في بعضها: أهدى له حمارًا. وفي بعضها: عضد حمار وفي بعضها: عجز حمار، وفي بعضها: رجله، ومثل هذا لا يمكن إلا بتعدد القضية، وعلى كل تقدير يشكل على أبي حنيفة؛ لأنه يجيز ما لم يصد بأمره، والذي يقطع مادة النزاع ما رواه الترمذي والنسائي من رواية جابر مرفوعًا: "صيد البرّ لكم حلال ما لم تصيدوه أو يصاد لكم".

7 - باب ما يقتل المحرم من الدواب

7 - باب مَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ مِنَ الدَّوَابِّ 1826 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ لَيْسَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي قَتْلِهِنَّ جُنَاحٌ». وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ. طرفه 3315 1827 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَقُولُ حَدَّثَتْنِى إِحْدَى نِسْوَةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ». طرفه 1828 1828 - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَتْ حَفْصَةُ قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ما يقتل المحرم من الدّواب جمع دابة وهى كل ما يدب على الأرض، والتاء فيه باعتبار النفس. 1826 - (خمس من الدّواب ليس على المحرم في قتلهنّ جناح) أي: إثم، أو كفارة، وفسر الخمس في حديث عائشة: (الغراب والحدأة والفأرة والعقرب والكلب العقور). 1827 - (أبو عوانة) بفتح العين (عن زيد بن جبير). 1828 - بضم الجيم مصغر (أَصبغ بن الفرج) بفتح الهمزة وصاد مهملة وغين معجمة. (قال عبد الله بن عمر: قالت حفصة) هذه الرواية بينت الرواية قبلها: إحدى نسوة النبي - صلى الله عليه وسلم -، على أن الصحابة كلهم عدول، فلا يقدح الرواية عن المجهول. فإن قلت: روى ابن عمر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحديث بلا واسطة أولًا، ثمّ رواه عنه بواسطة. قلت: لم يصرح أولًا بالسّماع، فيحتمل أن يكون مرسلًا، وأن يكون سمعه بعد

رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ لاَ حَرَجَ عَلَى مَنْ قَتَلَهُنَّ الْغُرَابُ وَالْحِدَأَةُ وَالْفَأْرَةُ وَالْعَقْرَبُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ». طرفه 1827 1829 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ كُلُّهُنَّ فَاسِقٌ، يَقْتُلُهُنَّ فِي الْحَرَمِ الْغُرَابُ وَالْحِدَأَةُ وَالْعَقْرَبُ وَالْفَأْرَةُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ». طرفه 3314 1830 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي غَارٍ بِمِنًى، إِذْ نَزَلَ عَلَيْهِ (وَالْمُرْسَلاَتِ) وَإِنَّهُ لَيَتْلُوهَا، وَإِنِّى لأَتَلَقَّاهَا مِنْ فِيهِ، وَإِنَّ فَاهُ لَرَطْبٌ بِهَا، إِذْ وَثَبَتْ عَلَيْنَا حَيَّةٌ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اقْتُلُوهَا». فَابْتَدَرْنَاهَا، فَذَهَبَتْ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «وُقِيَتْ شَرَّكُمْ كَمَا وُقِيتُمْ شَرَّهَا». أطرافه 3317، 4930، 4931، 4934 ـــــــــــــــــــــــــــــ سماعه من الواسطة، وهذا الذي يجب المصير إليه؛ لما في رواية مسلم من طريق نافع: أنّ ابن عمر قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومثله في رواية أحمد. 1829 - (خمس من الدّواب كلهنّ فاسق) مبتدأ وخبر، وإفراد الخبر باعتبار لفظ كلّ، والقول بأنّ فاسق صفة كل سهوٌ (يقتلن) خبر آخر، جمعه باعتبار الخمس، وألحق الشافعي ومالك وأحمد كل مؤذ بهؤلاء الخمس، لكن شرط الشافعي أن لا يكون متولدًا من مأكول. 1830 - (بينما نحن مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بغار بمنى إذ نزلت عليه {وَالْمُرْسَلَاتِ} إذ بدل من بينما (وإن فاه لرطب بها) كناية عن قرب نزولها، ورطوبة الفم عن كثرة ترداد تلاوتها لتحفظ (وقيت شركم كما وقيتم شرها) أي: ضرركم، وإنما عبّر بلفظ الشر للمشاكلة والازدواج.

8 - باب لا يعضد شجر الحرم

1831 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لِلْوَزَغِ «فُوَيْسِقٌ». وَلَمْ أَسْمَعْهُ أَمَرَ بِقَتْلِهِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: «إِنَّمَا أَرَدْنَا بِهَذَا أَنَّ مِنًى مِنَ الحَرَمِ وَأَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْا بِقَتْلِ الحَيَّةِ بَأْسًا». طرفه 3306 8 - باب لاَ يُعْضَدُ شَجَرُ الْحَرَمِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يُعْضَدُ شَوْكُهُ». 1832 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى شُرَيْحٍ الْعَدَوِىِّ أَنَّهُ قَالَ لِعَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، وَهُوَ يَبْعَثُ الْبُعُوثَ إِلَى مَكَّةَ ائْذَنْ لِى أَيُّهَا ـــــــــــــــــــــــــــــ 1831 - (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال للوزغ: فويسق، ولم أسمعه أمر بقتله) سيأتي في البخاري أنه أمر بقتله، وأن من قتله بأول ضربة له مائة حسنة، والتصغير فيه للتعظيم، كما في قولهم في الموت دويهة. باب لا يعضد شجر الحرم (وقال ابن عباس: لا يعضد شوكه) ورواه عنه مسندًا فيما بعد، قال النووي: قاسوا الشوك على الفواسق فأجازوا قطعه، فخصوا الحديث بالقياس. وليس بصحيح؛ بل يحرم قطع كل نبات لم ينبته الناس. 1832 - (المقبري) بضم الباء وفتحها (عن أبي شريح العدوي) -بالشين المعجمة- اسمه خويلد بن عمرو أو عمرو بن خويلد، وقيل غير هذا، أسلم قبل فتح مكة، وهو خزاعي، اللهم إلاّ أن يكون حليفًا لبني عدي. (قال لعمرو بن سعيد وهو يبعث البعوث إلى مكة) عمرو هذا هو ابن سعيد ابن القاضي المعروف بالأشدق، قيل: إنما سمي بالأشدق لأنه كان يشتم على بن أبي طالب على المنبر،

الأَمِيرُ أُحَدِّثْكَ قَوْلاً قَامَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِلْغَدِ مِنْ يَوْمِ الْفَتْحِ، فَسَمِعَتْهُ أُذُنَاىَ، وَوَعَاهُ قَلْبِى، وَأَبْصَرَتْهُ عَيْنَاىَ حِينَ تَكَلَّمَ بِهِ، إِنَّهُ حَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ «إِنَّ مَكَّةَ حَرَّمَهَا اللَّهُ وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ، فَلاَ يَحِلُّ لاِمْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ يَسْفِكَ بِهَا دَمًا وَلاَ يَعْضُدَ بِهَا شَجَرَةً، فَإِنْ أَحَدٌ تَرَخَّصَ لِقِتَالِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُولُوا لَهُ إِنَّ اللَّهَ أَذِنَ لِرَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلَمْ يَأْذَنْ لَكُمْ، وَإِنَّمَا أَذِنَ لِى سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، وَقَدْ عَادَتْ حُرْمَتُهَا الْيَوْمَ كَحُرْمَتِهَا بِالأَمْسِ، وَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ». فَقِيلَ لأَبِى شُرَيْحٍ مَا قَالَ لَكَ عَمْرٌو قَالَ أَنَا أَعْلَمُ بِذَلِكَ مِنْكَ يَا أَبَا شُرَيْحٍ، إِنَّ الْحَرَمَ لاَ يُعِيذُ عَاصِيًا، وَلاَ فَارًّا بِدَمٍ، وَلاَ فَارًّا بِخَرْبَةٍ. خَرْبَةٌ بَلِيَّةٌ. طرفه 104 ـــــــــــــــــــــــــــــ فأصابه الله بلقوة في شدقه، قتله عبد الملك بن مروان خديعة وكان واليًا من جهة يزيد بن معاوية على المدينة، فكتب إليه أن يوجه إلى ابن الزبير جيشًا، فهذا الذي يقال. (وهو يبعث البعوث) -بضم الباء- جمع بعث، فعل بمعنى المفعول (أحدثك قولًا قام به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: تلفظ به، القيام بالشيء الإتيان به، فإن أكثر الأفعال تكون حالة القيام. (سمعته أُذناي، ووعاه قلبي، وأبصرته عيناي). فإن قلت: القول ليس من المبصرات. قلت: تسامح لقوله حين تكلم، فإنه يرى حركة الفم. (فإن أحد) مرفوع فاعل فعل فسّره قوله: (ترخص) (إنما أذن لي ساعة من نهار) استدل به أبو حنيفة على أنّ مكة فتحت عنوة، قال الشافعي: لم يقع بها قتال والإذن لا يستلزم الوقوع، وقوله في الحديث الذي تقدم: "وهل ترك لنا عقيل من دار" يدل عليه، إذ لو فتحت عنوة لملكوا الدّور والرّبوع (إنّ الحرم لا يعيذ عاصيًا ولا فارًّا بدم، ولا فارًّا بخربة) بفتح الخاء المعجمة وقد يقال بالضم وسكون الرّاء فيهما. قال أبو عبد الله (الخربة: البلية) قال النووي: أصلها سرقة الإبل، ثم أطلقت على كل خيانة، وهذا يوافق تفسير البخاري بالبلية. واعلم أن العلماء بعد اتفاقهم على حرمة قطع شجر الحرم ونباته الرطب اختلفوا في جزائه؛ قال مالك: ليس عليه إلا الاستغفار؛ لأن الشارع لم يذكر له جزاء. وقال أبو حنيفة:.

9 - باب لا ينفر صيد الحرم

9 - باب لاَ يُنَفَّرُ صَيْدُ الْحَرَمِ 1833 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مَكَّةَ، فَلَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ قَبْلِى، وَلاَ تَحِلُّ لأَحَدٍ بَعْدِى، وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِى سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، لاَ يُخْتَلَى خَلاَهَا، وَلاَ يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلاَ تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا إِلاَّ لِمُعَرِّفٍ». وَقَالَ الْعَبَّاسُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. إِلاَّ الإِذْخِرَ لِصَاغَتِنَا وَقُبُورِنَا. فَقَالَ «إِلاَّ الإِذْخِرَ». وَعَنْ خَالِدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ هَلْ تَدْرِى مَا لاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهَا هُوَ أَنْ يُنَحِّيَهُ مِنَ الظِّلِّ، يَنْزِلُ مَكَانَهُ. طرفه 1349 ـــــــــــــــــــــــــــــ تلزم قيمته. وقال الشافعي والإمام أحمد: يجب في الشجرةِ الكبيرةِ البقرةُ أو البدنة، وفي الصغير شاة، لكن لم يبينوا مقدار الكبر، فكأنهم أحالوه على العرف، وقالوا: الصغيرة ما كانت قدر سبع الكبيرة. اعلم أن السّاعة المذكورة في الحديث من طلوع الشمس إلى وقت العصر، بينته رواية الإمام أحمد، وعلى هذا فلا إشكال في قتل ابن خطل وأضرابه. باب لا ينفر صيد الحرم 1833 - روى في الباب الحديث الذي في الباب قبله بزيادة قوله: (لا ينفر صيده) ثم فسر قوله: "لا ينفر صيده" بأن ينحيه من الظّل، بضم الياء وفتح النون وتشديد الحاء. (لا يختلى خلاها) الخلا بالقصر من النبات: الرطب منه، ونبه به على أن اليابس يجوز قطعه (ولا تلتقط لقطتها) أي: المتاع الساقط من مالكها. (إلا لمعرّف) أي: على الدوام، بخلاف سائر البلاد؛ لأنه بلد آمن كل آفة، هذا قول الشافعي، والحديث حجة له وعلى الغير. (إلا الإذخر) بكسر الهمزة وذال معجمة وخاء كذلك. (لصاغتنا) -بالصاد المهملة- جمع صائغ، من يصوغ الحلي. (وعن خالد) هو بالإسناد الأول.

10 - باب لا يحل القتال بمكة

10 - باب لاَ يَحِلُّ الْقِتَالُ بِمَكَّةَ وَقَالَ أَبُو شُرَيْحٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَسْفِكُ بِهَا دَمًا». 1834 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ افْتَتَحَ مَكَّةَ «لاَ هِجْرَةَ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا، فَإِنَّ هَذَا بَلَدٌ حَرَّمَ اللَّهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، وَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَإِنَّهُ لَمْ يَحِلَّ الْقِتَالُ فِيهِ لأَحَدٍ قَبْلِى، وَلَمْ يَحِلَّ لِى إِلاَّ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، لاَ يُعْضَدُ شَوْكُهُ، وَلاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهُ، وَلاَ يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهُ إِلاَّ مَنْ عَرَّفَهَا، وَلاَ يُخْتَلَى خَلاَهَا». قَالَ الْعَبَّاسُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. إِلاَّ الإِذْخِرَ، فَإِنَّهُ لِقَيْنِهِمْ وَلِبُيُوتِهِمْ. قَالَ قَالَ «إِلاَّ الإِذْخِرَ». طرفه 1349 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب لا يحل القتال بمكة (وقال أبو شريح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -) تقدم مسندًا عنه في باب لا يعضد شجر المحرم. 1834 - (عن ابن عباس: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم فتح مكة: لا هجرة ولكن جهاد ونية) كانت الهجرة قبل الفتح واجبة على كل قادر من مكة إلى المدينة، فالهجرة المعنية هي تلك الهجرة، وأمّا الهجرة من دار الكفار إلى دار الإسلام واجبة دائمًا، وكذا في كل موضع لا يقدر الإنسان على إقامة دينه. (فإنّ هذا بلد حرّمه الله لا يحل القتال فيه لأحد) ولا لأحد بعده؛ لقوله: (وهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة) استدل بظاهره بعضهم حتى قالوا: لو تحصن طائفة من الكفار لا يجوز قتالهم، وهذا غلط، قال النووي: والصواب ما قاله الشافعي: لو تحصن به الكفار أو البغاة ولم يمكن التوصل إليهم إلا بالقتال يجوز نصب القتال، وأول الحديث بما إذا أمكن بدون القتال. هذا شأن القتال، وأما القتل فقد نقل ابن الجوزي الإجماع على من قتل في الحرم يقتل فيه، وإنما الخلاف فيمن قتل خارج الحرم ثم التجأ إلى الحرم، فقال أبو حنيفة: يضيق عليه حتى يخرج إلى الحل، وقال غيره: يقتل؛ لأن الحرم لا يعيذ عاصيًا. (إلا الإذخر فإنه لقينهم) -بفتح القاف وسكون الياء- الحداء.

11 - باب الحجامة للمحرم

11 - باب الْحِجَامَةِ لِلْمُحْرِمِ وَكَوَى ابْنُ عُمَرَ ابْنَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ. وَيَتَدَاوَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ طِيبٌ. 1835 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ قَالَ عَمْرٌو أَوَّلُ شَىْءٍ سَمِعْتُ عَطَاءً يَقُولُ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - يَقُولُ احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ مُحْرِمٌ. ثُمَّ سَمِعْتُهُ يَقُولُ حَدَّثَنِى طَاوُسٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَقُلْتُ لَعَلَّهُ سَمِعَهُ مِنْهُمَا. أطرافه 1938، 1939، 2103، 2278، 2279، 5691، 5694، 5695، 5699، 5700، 5701 1836 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ أَبِى عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ عَنِ ابْنِ بُحَيْنَةَ - رضى الله عنه - قَالَ احْتَجَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ مُحْرِمٌ بِلَحْىِ جَمَلٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الحجامة للمحرم (وكوى ابن عمر ابنه وهو محرم) هذا مما لا خلاف فيه؛ لأن المنع إنما هو عن شيء فيه زينة (ويتداوى ما لم يكن فيه طيب) عطف على الترجمة داخل تحتها. 1835 - (سمعت ابن عباس يقول: احتجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو محرم) هذا موضع الدلالة على الترجمة. (فقلت: لعله سمعه منهما) وذلك أنه لما قال له عمرو: أول شيء سمعته من عطاء أنه عن ابن عباس، ثم سمعت عطاء يقول: سمعت طاوسًا يقول: سمعت ابن عباس. قال الحميدي: قال سفيان: قلت لعمرو: كنت تحدثنا عن عطاء والآن تحدثنا عن طاوس؟ قال: اسكت، كل منهما حدثني، لم أغلط. وبهذا ظهر أن من قال: إن عطاء، روى أولًا عن ابن عباس بدون الواسطة، ورواه ثانيًا عن طاوس عن ابن عباس، فقد التبس عليه. 1836 - (واحتجم النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو محرم بلحي) -بفتح اللام- قال ابن الأثير: موضع

12 - باب تزويج المحرم

فِي وَسَطِ رَأْسِهِ. طرفه 5698 12 - باب تَزْوِيجِ الْمُحْرِمِ 1837 - حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ الْحَجَّاجِ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ حَدَّثَنِى عَطَاءُ بْنُ أَبِى رَبَاحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ. أطرافه 4258، 4259، 5114 ـــــــــــــــــــــــــــــ بين مكة والمدينة، وقيل: عَقَبَة، وقيل: ماء، ولم يذكره الجوهري. (في وسط رأسه) الرواية بفتح السين، والفرق بين الساكن والمتحرك أن الساكن ما يكون داخل الدائرة في الجملة؛ وأما متحرك السين فهو ما يكون مركز الدائرة. 1837 - (عن ابن عباس: تزوج ميمونة وهو محرم) استدل به أبو حنيفة على جواز نكاح المحرم، وسائرُ الأئمة على عدم جوازه؛ لما روى مسلم عن عثمان "المحرم لا ينكح ولا ينكح" ولما روى البخاري ومسلم عن ميمونة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوجها وهو حلال، وكان في عمرة القضاء، وميمونة بمكة، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مولاهُ أبا رافع يخطبها له، فجعلت أمرها إلى العباس، ولما قضى نسكه أراد البناء بها بمكة فلم يمكنه المشركون؛ فإنّ الشرط كان أن لا يمكث بها فوق ثلاث، فرحل عنها، وبنى بها وهو بسرف، ومن عجب التقدير أنها ماتت بسرف، موضعًا كانت عروسًا بها مع أشرف الخلق: دارٌ متى ما أضحكت من يومها ... أبكت غدًا بُعْدًا لها من دار

13 - باب ما ينهى من الطيب للمحرم والمحرمة

13 - باب مَا يُنْهَى مِنَ الطِّيبِ لِلْمُحْرِمِ وَالْمُحْرِمَةِ وَقَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - لاَ تَلْبَسُ الْمُحْرِمَةُ ثَوْبًا بِوَرْسٍ أَوْ زَعْفَرَانٍ. 1838 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنَا نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَاذَا تَأْمُرُنَا أَنْ نَلْبَسَ مِنَ الثِّيَابِ فِي الإِحْرَامِ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَلْبَسُوا الْقَمِيصَ وَلاَ السَّرَاوِيلاَتِ وَلاَ الْعَمَائِمَ، وَلاَ الْبَرَانِسَ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ لَيْسَتْ لَهُ نَعْلاَنِ، فَلْيَلْبَسِ الْخُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْ أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ، وَلاَ تَلْبَسُوا شَيْئًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ، وَلاَ الْوَرْسُ، وَلاَ تَنْتَقِبِ الْمَرْأَةُ الْمُحْرِمَةُ وَلاَ تَلْبَسِ الْقُفَّازَيْنِ». تَابَعَهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ وَجُوَيْرِيَةُ وَابْنُ إِسْحَاقَ فِي النِّقَابِ وَالْقُفَّازَيْنِ. وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ وَلاَ وَرْسٌ وَكَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ما ينهى عن الطيب للمحرم والمحرمة (وقالت عائشة: لا تلبس المحرمة ثوبًا بورس أو زعفران) قال الجوهري: الورس نبت أصفر، يكون باليمن. وإنما نهى عنه لأنه نوع من الطيب، وفيه زينة. 1838 - (قال رجل: يا رسول الله، ماذا تأمرنا أن نلبس من الثياب في الإحرام؟ قال: لا تلبسوا القمص) قد تقدم أن سؤاله إنما كان عن شيء يجوز لبسه، فأجاب بما لا يجوز لبسه، وهذا من الأسلوب الحكيم؛ وذلك أن ما لا يجوز لبسه قليل بالنسبة إلى ما يجوز لبسه، فإذا علم حكمه فما عداه باق على حكمه كما كان (ولا تنتقب المرأة) أي: لا تتخذ نقابًا يستر وجهها (ولا تلبس القفازين) -بضم القاف وتشديد الفاء وزاي معجمة- قال ابن الأثير: هو شيء تلبسه نساء العرب، يغطي الأصابع والكفين والذراعين، ويحفظ عن البرد. وقيل: نوع حلي تلبسه في اليد (تابعه موسى بن عقبة، واسماعيل بن إبراهيم، وجويرية، وابن إسحاق في النقاب والقفازين) أي: تابع هؤلاء الليث في الرّواية عن نافع في هذين الشيئين، لا في تمام الحديث (وقال عبيد الله) -بضم العين مصغر- هو ابن عبد الله بن عمر، روى عن نافع أيضًا.

14 - باب الاغتسال للمحرم

يَقُولُ لاَ تَتَنَقَّبِ الْمُحْرِمَةُ، وَلاَ تَلْبَسِ الْقُفَّازَيْنِ. وَقَالَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ لاَ تَتَنَقَّبِ الْمُحْرِمَةُ. وَتَابَعَهُ لَيْثُ بْنُ أَبِى سُلَيْمٍ. طرفه 134 1839 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ وَقَصَتْ بِرَجُلٍ مُحْرِمٍ نَاقَتُهُ، فَقَتَلَتْهُ، فَأُتِىَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «اغْسِلُوهُ، وَكَفِّنُوهُ، وَلاَ تُغَطُّوا رَأْسَهُ، وَلاَ تُقَرِّبُوهُ طِيبًا، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يُهِلُّ». طرفه 1265 14 - باب الاِغْتِسَالِ لِلْمُحْرِمِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - يَدْخُلُ الْمُحْرِمُ الْحَمَّامَ. وَلَمْ يَرَ ابْنُ عُمَرَ وَعَائِشَةُ بِالْحَكِّ بَأْسًا. 1840 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْعَبَّاسِ وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ (تابعه ليث بن أبي سليم) أي: تابع ليث بن سعد. 1839 - (قتيبة) -بضم القاف وفتح التاء- مصغر. (عن ابن عباس قال: وقصت برجل محرم ناقته) قال ابن الأثير: الوقص دق العنق، يقال: وقصته ووقصت به، مثل: أخذ الخطام، وأخذ بالخطام، أي: هما بمعنى (فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كفنوه، ولا تقربوه طيبًا، ولا تغطوا رأسه؛ فإنه يُبعث يهل) قال الشافعي والإمام أحمد: هذا شأن كل محرم مات في إحرامه وقال أبو حنيفة: هذا مخصوص بذلك الرّجل. باب الاغتسال للمحرم (وقال ابن عبّاس: يدخل المحرم الحمام ولم ير ابن عمر وعائشة بالحكِّ بأسًا) هذا مختار الأئمة، لكن لو حصل بالحك قلع الشعر يجب في كل شعرة مدّ من الطعام، وأمّا دخول الحمام الذي نقله عن ابن عباس فالكل متفقون عليه، إلا رواية عن مالك. 1840 - (زيد بن أسلم) على وزن الماضي (المسور بن مخرمة) بكسر الميم في الأول،

اخْتَلَفَا بِالأَبْوَاءِ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ يَغْسِلُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ. وَقَالَ الْمِسْوَرُ لاَ يَغْسِلُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ. فَأَرْسَلَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ إِلَى أَبِى أَيُّوبَ الأَنْصَارِىِّ، فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ بَيْنَ الْقَرْنَيْنِ، وَهُوَ يُسْتَرُ بِثَوْبٍ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ مَنْ هَذَا فَقُلْتُ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُنَيْنٍ، أَرْسَلَنِى إِلَيْكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ، أَسْأَلُكَ كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَغْسِلُ رَأْسَهُ، وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَوَضَعَ أَبُو أَيُّوبَ يَدَهُ عَلَى الثَّوْبِ، فَطَأْطَأَهُ حَتَّى بَدَا لِى رَأْسُهُ ثُمَّ قَالَ لإِنْسَانٍ يَصُبُّ عَلَيْهِ اصْبُبْ. فَصَبَّ عَلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ حَرَّكَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ وَقَالَ هَكَذَا رَأَيْتُهُ - صلى الله عليه وسلم - يَفْعَلُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وفتحه في الثاني. (اختلفا بالأبواء) -بفتح الهمزة- مكان بين مكة والمدينة، إنما منع المسور دخوله الحمام؛ لأنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الحاجّ أشعث أغبر" ودخول الحمام يزيل الشعث، لكن النص ساعد ابن عباس، فكان ما قاله المسور محمولًا على الكمال. فإن قلت: إذا كان محمولًا على الكمال، فكيف ارتكب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خلاف الكمال؟. قلت: يفعل مثله لبيان الجواز، ولذلك كره مالك ذلك. (فأرسلني عبد الله بن عباس إلى أبي أيوب الأنصاري، فوجدته يغتسل بين القرنين) هما طرفا البئر اللذان عليهما البكرة (عبد الله بن حنين) -بضم الحاء مصغر- مولى ابن عباس، كذا قال الإمام أحمد (فوضع أبو أيوب يده على الثوب فطأطأه حتى بدا لي رأسه) إنما فعل ذلك ليحصل له عين اليقين، ويطلع على الكيفية. اعلم أن الخلاف إنما هو في غير الجنب، فإنه مجمع على وجوب الغسل عليه. فإن قلت: ترجم على الاغتسال، وحديث الباب إنما ورد على غسل الرأس. قلت: الرأس هو الذي يكون أشعث أغبر، والذي ينقلع شعره. فإن قلت: النزاع كان في أصل الغسل، والسائل سائل عن كيفيته. قلت: لما وجده يغتسل لم يكن للسؤال عن نفس الغسل وجه، فاستفاد به علمًا آخر.

15 - باب لبس الخفين للمحرم إذا لم يجد النعلين

15 - باب لُبْسِ الْخُفَّيْنِ لِلْمُحْرِمِ إِذَا لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ 1841 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ زَيْدٍ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ بِعَرَفَاتٍ «مَنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الْخُفَّيْنِ، وَمَنْ لَمْ يَجِدْ إِزَارًا فَلْيَلْبَسْ سَرَاوِيلَ». لِلْمُحْرِمِ. أطرافه 1740، 1843، 5804، 5853 1842 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ فَقَالَ «لاَ يَلْبَسِ الْقَمِيصَ، وَلاَ الْعَمَائِمَ، وَلاَ السَّرَاوِيلاَتِ، وَلاَ الْبُرْنُسَ، وَلاَ ثَوْبًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ وَلاَ وَرْسٌ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الْخُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْهُمَا حَتَّى يَكُونَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ». طرفه 134 16 - باب إِذَا لَمْ يَجِدِ الإِزَارَ فَلْيَلْبَسِ السَّرَاوِيلَ 1843 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ خَطَبَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِعَرَفَاتٍ فَقَالَ «مَنْ لَمْ يَجِدِ الإِزَارَ فَلْيَلْبَسِ السَّرَاوِيلَ، وَمَنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الْخُفَّيْنِ». طرفه 1740 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب لبس الخفين للمحرم إذا لم يجد النعلين 1842 - (لا يلبس القميص، ولا العمائم، ولا السراويلات، ولا البرنس) أفرد القميص والبرنس لأنهما نوع واحد؛ بخلاف العمامة والسراويل، وتمام الكلام تقدم مرارًا.

17 - باب لبس السلاح للمحرم

17 - باب لُبْسِ السِّلاَحِ لِلْمُحْرِمِ وَقَالَ عِكْرِمَةُ إِذَا خَشِىَ الْعَدُوَّ لَبِسَ السِّلاَحَ وَافْتَدَى. وَلَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ فِي الْفِدْيَةِ. 1844 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ - رضى الله عنه - اعْتَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي ذِى الْقَعْدَةِ، فَأَبَى أَهْلُ مَكَّةَ أَنْ يَدَعُوهُ يَدْخُلُ مَكَّةَ، حَتَّى قَاضَاهُمْ لاَ يُدْخِلُ مَكَّةَ سِلاَحًا إِلاَّ فِي الْقِرَابِ. طرفه 1781 18 - باب دُخُولِ الْحَرَمِ وَمَكَّةَ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ وَدَخَلَ ابْنُ عُمَرَ. وَإِنَّمَا أَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالإِهْلاَلِ لِمَنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، وَلَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: ليس في حديث ابن عباس ذكر قطع الخفين، وفيه جواز لبس السراويل؟ قلت: حديثه مطلق محمول على المقيد، وأخذ الإمام أحمد بظاهره. باب لبس السلاح للمحرم (وقال عكرمة: إذا خشي العدو لبس السلاح وافتدى، ولم يتابع عليه في الفدية). قال بعض الشارحين نقلًا عن النووي: لعل عكرمة أراد إن كان محرمًا فلا يكون مخالفًا للجماعة. هذا كلامه، وهذا كلام باطل؛ لأن الجماعة لا يوجبون الفدية، فكيف لا يكون مخالفًا، وليس ما نقله كلام النووي، بل قال النووي: لعل عكرمة أراد من السلاح الدرع والمغفر ونحوهما، فلا يكون مخالفًا للجماعة، وهذا كلام صحيح، لأن لبس المخيط بالبدن أو بعضو من أعضائه يوجب الفدية، فلم ينقل الكلام على أصله فجاء بما يخالف العقل والنقل. 1844 - (عن أبي إسحاق) هو عمر بن عبد الله السبيعي (قاضاهم) أي: صالح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع أهل مكة (لا يدخل مكة سلاحًا إلاّ في القراب) بكسر القاف: غلاف يجعل فيه الرّاكب السيف والسوط ونحوهما. فإن قلت: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن حمل السلاح في الحرم، فكيف دخل به؟ قلت: إنما نهى عن ذلك إذا لم يكن معه قراب مخافة الضرر. باب دخول الحرم ومكة من غير إحرام (ودخل ابن عمر حلالًا وإنما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالإهلال لمن أراد الحج والعمرة ولم

يَذْكُرْ لِلْحَطَّابِينَ وَغَيْرِهِمْ. 1845 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَّتَ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ، وَلأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ، هُنَّ لَهُنَّ وَلِكُلِّ آتٍ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِمْ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، فَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ، حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ. طرفه 1524 1846 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَامَ الْفَتْحِ، وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ، فَلَمَّا نَزَعَهُ جَاءَ رَجُلٌ، فَقَالَ إِنَّ ابْنَ خَطَلٍ مُتَعَلِّقٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ يذكر للحطّابين وغيرهم) هذا كلام البخاري، وهو موافق لما ذهب إليه الشافعي مطلقًا لمن لم يرد الحج والعمرة، ولما قاله أحمد في الحطّابين ونحوهم، وأما أبو حنيفة فلا يجيز لأحد مجاوزة الميقات بغير إحرام، وقال مالك: يستحب للمفرد أوّل مرة، والظاهر ما ذهب إليه الشافعي لما تقدم في باب المواقيت مرارًا، ورواه هنا أيضًا في الباب أيضًا من قوله: لمن أراد الحج والعمرة، فإن المفهوم إن لم يُرد واحدًا منهما ليس له ذلك. 1845 - (مسلم) ضد الكافر (وهيب) بضم الواو مصغر (ابن طاوس) اسمه عبد الله. 1846 - (دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الفتح وعلى رأسه المغفر) بكسر الميم: قلنسوة منسوجة من الزرد، وهذا موضع الدلالة، لأنه إنما لبس المغفر لأنه لم يكن قصد الحج والعمرة. فإن قلت: روي أنه كان يوم فتح مكة دخل وعلى رأسه عمامة سوداء أرخى طرفيها، رواه مسلم عن جابر. قلت: أجابوا بأنه أولًا كان عليه المغفر، ثم نزعه واعتمر بالعمامة، وعندي هذا ليس بصواب؛ لأن قوله: (فلما نزع المغفر جاء رجل فقال: إن ابن خطل متعلق

19 - باب إذا أحرم جاهلا وعليه قميص

بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ. فَقَالَ «اقْتُلُوهُ». أطرافه 3044، 4286، 5808 19 - باب إِذَا أَحْرَمَ جَاهِلاً وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ وَقَالَ عَطَاءٌ إِذَا تَطَيَّبَ أَوْ لَبِسَ جَاهِلاً أَوْ نَاسِيًا فَلاَ كَفَّارَةَ عَلَيْهِ. 1847 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا عَطَاءٌ قَالَ حَدَّثَنِى صَفْوَانُ بْنُ يَعْلَى عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَتَاهُ رَجُلٌ عَلَيْهِ جُبَّةٌ فِيهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ أَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــ بأستار الكعبة) صريح في أنه إنما نزع المغفر بعد الدخول، والحق أنه كان اعتم فوق المغفر، وهذا نحن نشاهده في الجيش في الناس، وقيل: أو تحت المغفر، وهذا مع بعده يدفعه إرخاء طرفيها. وابن خطل -بفتح الخاء المعجمة والطاء المهملة- اسمه عبد العزّى، وقيل: عبد الله، وقيل: غالب. فإن قلت: كيف أمر بقتله مع أنه قال: "من دخل المسجد الحرام فهو آمن"؟ قلت: قال النووي: استثناه لما قال ذلك، وقال: اقتلوه وإن تعلق بأستار الكعبة. وأنا أقول: لا ضرورة إلى دعوى الاستثناء، فإنّ ابن خطل كان قد ارتدّ بعد الإسلام، والمرتد يقتل لا محالة وإن لم يستثنه، وكان قد هجا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهذا أيضًا مما يوجب قتله حتمًا. واختلف في قاتله، قيل: الزبير بن العوام، وقيل: سعيد بن ذؤيب، والصحيح أنه أبو برزة الأسلمي. قال الواحدي: أمر بقتل عشرة وأهدر دمهم، ستة من الرّجال، وأربع من النسوة. وفي الحديث دلالة على جواز قتل من استحق القتل في الحرم، وقال به الأئمة إلا أبا حنيفة، وأجاب عن الحديث بأنه إنما أمر بقتله في الساعة التي أذن له في القتال، ولا يصح هذا الجواب؛ لأن الأمر بقتله كان بعد وضع المغفر، والساعة كانت إلى العصر، في الحديث أيضًا دليل للشافعي في جواز دخول الحرم بدون الإحرام؛ سواء كان هناك ضرورة أو لا، وسيأتي في فتح مكة تمام الكلام إن شاء الله تعالى. باب إذا أحرم جاهلًا وعليه قميص (وقال عطاء: إذا تطيب أو لبس جاهلًا أو ناسيًا فلا كفارة عليه) واستفاده عطاء من الحديث الذي في الباب؛ فإن عطاء رواه عن صفوان بن يعلى عن أبيه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر الرجل الذي عليه جبة عليها أثر الخلوق بأن ينزع الجبة ويغسل أثر الخلوق، ولم يأمر

20 - باب المحرم يموت بعرفة، ولم يأمر النبى - صلى الله عليه وسلم - أن يؤدى عنه بقية الحج

نَحْوُهُ، وَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ لِى تُحِبُّ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْىُ أَنْ تَرَاهُ فَنَزَلَ عَلَيْهِ ثُمَّ سُرِّىَ عَنْهُ فَقَالَ «اصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ مَا تَصْنَعُ فِي حَجِّكَ». طرفه 1536 1848 - وَعَضَّ رَجُلٌ يَدَ رَجُلٍ - يَعْنِى فَانْتَزَعَ ثَنِيَّتَهُ - فَأَبْطَلَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 2265، 2973، 4417، 6893 20 - باب الْمُحْرِمِ يَمُوتُ بِعَرَفَةَ، وَلَمْ يَأْمُرِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُؤَدَّى عَنْهُ بَقِيَّةُ الْحَجِّ 1849 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ بَيْنَا رَجُلٌ وَاقِفٌ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِعَرَفَةَ إِذْ وَقَعَ عَنْ رَاحِلَتِهِ، فَوَقَصَتْهُ - أَوْ قَالَ فَأَقْعَصَتْهُ - فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ - أَوْ قَالَ ثَوْبَيْهِ - وَلاَ تُحَنِّطُوهُ، وَلاَ تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُلَبِّى». طرفه 1265 ـــــــــــــــــــــــــــــ بالكفارة، ولا شك أنه لا يجوز تأخير الفتيتا عن وقت الحاجة اتفاقًا، وقال بهذا الحديث الأئمة غير مالك، وكأنه لم يبلغه الحديث. باب المحرم يموت بعرفة، ولم يأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يُؤدى عنه بقية الحج هذا مما لا خلاف فيه؛ لأنه قد بذل جهده. 1849 - ثم روى في الباب عن ابن عباس: (أنّ رجلًا بينما واقف بعرفة وقَصَتْه أو قال: أقعصته) يقال: وقصه أوقصه: إذا دق عنقه، وقعصه وأقعصه إذا قتله سريعًا، والشك من ابن جبير، وقد سلف هذا الحديث بشرحه في باب ما ينهى المحرم من الطيب (وكفنوه في ثوبيه) أي: في ثوبي الإحرام (ولا تحنطوه) الحنوط: طيب مخلوط يبخر به الكفن (ولا تخمروا رأسه) أي: لا تستروه (فإن الله يبعثه يوم القيامة يلبي) هذا علة النهي.

21 - باب سنة المحرم إذا مات

1850 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ بَيْنَا رَجُلٌ وَاقِفٌ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِعَرَفَةَ إِذْ وَقَعَ عَنْ رَاحِلَتِهِ فَوَقَصَتْهُ - أَوْ قَالَ فَأَوْقَصَتْهُ - فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ، وَلاَ تَمَسُّوهُ طِيبًا، وَلاَ تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، وَلاَ تُحَنِّطُوهُ، فَإِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا». طرفه 1265 21 - باب سُنَّةِ الْمُحْرِمِ إِذَا مَاتَ 1851 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَجُلاً كَانَ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَوَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ، وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَمَاتَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ، وَلاَ تَمَسُّوهُ بِطِيبٍ، وَلاَ تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا». طرفاه 1265، 1266 22 - باب الْحَجِّ وَالنُّذُورِ عَنِ الْمَيِّتِ، وَالرَّجُلُ يَحُجُّ عَنِ الْمَرْأَةِ 1852 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ [فإن قلت]: ما وجه مناسبة الحديث؟ قلت: موته بعرفة ولم يأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإتمام الحج عنه. باب سنه المحرم إذا مات 1851 - (هشيم) بضم الهاء، مصغر (أبو بشر) -بكسر الموحدة وشين معجمة-: جعفر بن إياس اليشكري. روى في الباب حديث الرجل الذي وقصته الناقة الذي تقدم في الباب قبله. باب الحج والنذر عن الميت والرّجل يحج عن المرأة 1852 - (أبو عوانة) -بفتح العين- الوضاح الواسطي (أبو بشر) بكسر الموحدة وشين معجمة.

23 - باب الحج عمن لا يستطيع الثبوت على الراحلة

جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ إِنَّ أُمِّى نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ، فَلَمْ تَحُجَّ حَتَّى مَاتَتْ أَفَأَحُجُّ عَنْهَا قَالَ «نَعَمْ. حُجِّى عَنْهَا، أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ أَكُنْتِ قَاضِيَةً اقْضُوا اللَّهَ، فَاللَّهُ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ». طرفاه 6699، 7315 23 - باب الْحَجِّ عَمَّنْ لاَ يَسْتَطِيعُ الثُّبُوتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ 1853 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهم - أَنَّ امْرَأَةً ح. ـــــــــــــــــــــــــــــ (أن امرأة من جهنية) بضم الجيم وفتح الهاء: مصغر، قبيلة من قبائل العرب في طريق مكة من جانب مصر (جاءت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت، أفأحج عنها؟ قال: حجي عنها، أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضية؟) وفي بعضها "قضيته" (اقضوا الله، فالله أحق بالوفاء) لأنه المعطي وهو المثيب. فإن قلت: في الترجمة حج عن المرأة، وفي الحديث حج المرأة عن المرأة، وفي الباب بعده حج المرأة عن الرجل عكسه. قلت: يدل على الترجمة من باب الأَولى، على أنّ قوله: "اقضوا الله" خطاب لكل أحد، فلا إشكال، والحديث حجة على أبي حنيفة في اشتراطه الوصية به، ونحوه عن مالك. فإن قلت: فقد روي عن ابن عمر بإسناد صحيح: "لا يحج أحد عن أحد"؟ قلت: محمول على ما إذا لم يكن عذر، على أنه موقوف على ابن عمر، وفيه دلالة على جواز القياس في الأحكام. باب الحج عمن لا يستطيع الثبوت على الراحلة 1853 - (أبو عاصم) الضحاك بن مخلد (ابن جريج) بضم الجيم: مصغر: عبد الملك بن عبد العزيز (يسار) ضد اليمين.

24 - باب حج المرأة عن الرجل

1854 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى سَلَمَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ، عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِى شَيْخًا كَبِيرًا، لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْتَوِىَ عَلَى الرَّاحِلَةِ فَهَلْ يَقْضِى عَنْهُ أَنْ أَحُجَّ عَنْهُ قَالَ «نَعَمْ». طرفه 1513 24 - باب حَجِّ الْمَرْأَةِ عَنِ الرَّجُلِ 1855 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ الْفَضْلُ رَدِيفَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمٍ، فَجَعَلَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا، وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ فَجَعَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَصْرِفُ وَجْهَ الْفَضْلِ إِلَى الشِّقِّ الآخَرِ، فَقَالَتْ إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ أَدْرَكَتْ أَبِى شَيْخًا كَبِيرًا، لاَ يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ قَالَ «نَعَمْ». وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ. طرفه 1513 ـــــــــــــــــــــــــــــ 1854 - (عن ابن عباس قال: جاءت امرأة من خثعم) -بفتح الخاء المعجمة وثاء مثلثة- قبيلة من عرب اليمن، أولاد خثعم بن أنمار (قالت: يا رسول الله! إنّ فريضة الله على عباده، أدركت أبي شيخًا كبيرًا فهل يقضي عنه أن أحج عنه؟ قال: نعم) يقضي: يجزئ. اتفق الأئمة على ما في هذا الحديث، إلا أن الإمام أحمد قال: إذا قدر بعد ذلك لا يجب عليه، والباقون على أنّه إذا قدر لا يسقط عنه؛ بل يجب عليه مباشرة. باب حج المرأة عن الرّجل 1855 - (مسلمة) بفتح الميم واللام (يسار) ضد اليمين. (كان الفضل رديف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: من المزدلفة إلى منى (فجاءت امرأة، فجعل الفضل ينظر إليها) أي: شرع (وتنظر إليه) كان الفضل أجمل الناس في زمانه (فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر) خوفًا من الفتنة. وفقه الحديث جواز كلام المرأة مع الرجل للضرورة، وحرمة النظر إليها، وإزالة المنكر باليد، قيل: وفيه جواز حج المرأة من غير محرم، وليس بشيء؛ إذ لا دلالة في الحديث مع سائر النصوص بالمنع، وفيه بذل الطاعة من الولد لوالده، وجواز النيابة في الحج.

25 - باب حج الصبيان

25 - باب حَجِّ الصِّبْيَانِ 1856 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى يَزِيدَ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - يَقُولُ بَعَثَنِى - أَوْ قَدَّمَنِى - النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي الثَّقَلِ مِنْ جَمْعٍ بِلَيْلٍ. طرفه 1677 1857 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِى ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمِّهِ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ أَقْبَلْتُ وَقَدْ نَاهَزْتُ الْحُلُمَ، أَسِيرُ عَلَى أَتَانٍ لِى، وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: الحديث بإطلاقه حجة لأبي حنيفة في تجويزه النيابة لمن لم يكن حَجَّ، وكذا قال مالك يصح مع الكراهة قلت: دليل الجمهور حديثٌ عن ابن عباس: "أنّ رجلًا قال: لبيك عن شبرمة، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "حججت عن نفسك؟ " قال: لا، قال: "حج عن نفسك، ثم عن شبرمة". باب حج الصبيان 1856 - (أبو النعمان) بضم النون: محمد بن الفضل (عبيد الله بن [أبي] يزيد): من الزيادة. (عن ابن عباس: قدَّمني النبي - صلى الله عليه وسلم - في الثقل) أي: من مزدلفة إلى منى، والثقل بفتح الثاء المثلثة والقاف: متاع البيت، وآلة المسافر. 1857 - (إسحاق) كذا وقع غير منسوب، قال الغساني: نسبه الأصيلي إسحاق بن منصور، وقال أبو نصر: إسحاق بن إبراهيم وإسحاق بن منصور كل منهما يروي عن يعقوب بن إبراهيم الزهري، إلا أن لفظ: حدثنا على أنه ابن منصور؛ لأنّ ابن إبراهيم -وهو المراد بابن راهويه- لا يعبر عن مشايخه إلا بأخبرنا، وقد نبهنا على هذا مرارًا. (عن ابن عباس: أقبلت وقد ناهزت الاحتلام) أي: قاربت (على أتان) بفتح الهمزة: الأنثى من الحمير. تقدم هذا الحديث في أبواب الصلاة، وموضع الدلالة هنا أن ابن عباس كان صبيًّا، وكان قد حج، فدل على صحة حج الصبي، وعليه الأئمة.

26 - باب حج النساء

قَائِمٌ يُصَلِّى بِمِنًى، حَتَّى سِرْتُ بَيْنَ يَدَىْ بَعْضِ الصَّفِّ الأَوَّلِ، ثُمَّ نَزَلْتُ عَنْهَا فَرَتَعَتْ، فَصَفَفْتُ مَعَ النَّاسِ وَرَاءَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ بِمِنًى فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ. طرفه 76 1858 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ حُجَّ بِى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ. 1859 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ أَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ عَنِ الْجُعَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقُولُ لِلسَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، وَكَانَ قَدْ حُجَّ بِهِ فِي ثَقَلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفاه 6712، 7330 26 - باب حَجِّ النِّسَاءِ 1860 - وَقَالَ لِى أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَذِنَ عُمَرُ - رضى الله عنه - لأَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي آخِرِ حَجَّةٍ حَجَّهَا، فَبَعَثَ مَعَهُنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 1858 - (حاتم) بفتح الحاء وكسر التاء (السائب بن يزيد) من الزّيادة. 1859 - (حُجَّ بي مع النبي - صلى الله عليه وسلم -) بضم الحاء: على بناء المجهول (وأنا ابن سبع سنين) وأظهر منه ما رواه مسلم: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقي ركبًا بالرّوحاء، [فرفعت إليه أمرأة صبيًّا فقالت:]-واتفقوا على أنه لا يقع عن حجة الإسلام-: ألهذا حج؟ قال: "نعم ولك أجره" قال الشافعي: إن كان الصبي مميزًا يباشر المناسك بنفسه؛ وإلا فيباشر عنه الولي، وكذا المجنون. باب حج النساء 1860 - (أذن عمرُ لأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - فبعث معهن عثمان بن عفّان، وعبد الرحمن بن عوف) قال الداودي: أذن لهنّ بالتقدم بالليل من مزدلفة فركبن في الهوادج، فنزلن بالشعب،

1861 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِى عَمْرَةَ قَالَ حَدَّثَتْنَا عَائِشَةُ بِنْتُ طَلْحَةَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ - رضى الله عنها - قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلاَ نَغْزُوا وَنُجَاهِدُ مَعَكُمْ فَقَالَ «لَكُنَّ أَحْسَنُ الْجِهَادِ وَأَجْمَلُهُ الْحَجُّ، حَجٌّ مَبْرُورٌ». فَقَالَتْ عَائِشَةُ فَلاَ أَدَعُ الْحَجَّ بَعْدَ إِذْ سَمِعْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 1520، 2784، 2875، 2876 1862 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبِى مَعْبَدٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ إِلاَّ مَعَ ذِى مَحْرَمٍ، وَلاَ يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إِلاَّ وَمَعَهَا مَحْرَمٌ». فَقَالَ رَجُلٌ يَا ـــــــــــــــــــــــــــــ وعثمان وعبد الرحمن أسفل من الشعب. والأظهر أن المراد الإذن لهن في الحج، فإن عمر كان متوقفًا فيه بقوله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب: 33] ثم استنبط من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لكن أفضل الجهاد الحج المبرور" الجواز، فأذن لهن، ووافقه على ذلك الصحابة. 1861 - (قالت عائشة: قلت: يا رسول الله! ألا تغزو أو نجاهد) الشك من مسدد، وأمّا ما يقال: الغزو هو القصد، والجهاد: بذل النفس؛ فمما لا يلتفت إليه، إذ قد جاء كل واحد في سائر الروايات بدون الآخر على أن هذه التفرقة لم يقل بها أحد (قال: لَكُنَّ) أي: يا معشر النساء (أحسن الجهاد وأجمله؛ الحج حج مبرور) بدل من الأول، أو خبر بعد خبر، والمبرور ما [لم] يخالطه إثم، أو المقبول المقابل بالبر؛ وهو الثواب. 1862 - (أبو النعمان) -بضم النون- محمد بن الفضل (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم (عن أبي معبد مولى ابن عباس) اسمه نافذ - بالفاء -. (لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم، ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها محرم) قال بظاهر الحديث أحمد وأبو حنيفة إلا أن يكون بينهما وبين مكة [أقل] من ثلاثة أيام عند أبي حنيفة، وقال الشافعي: الغرض من المَحْرَم الأمنُ من الفتنة، فإذا وجدت نسوة ثقات تحصل الغرض بذلك. والذي يدل على ذلك حج نساء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ إذ لم يكن لكل واحدة مَحْرَم، وأمّا اختلاف الروايات: ثلاثة أيام، ويومين، وفي مسلم: "يوم وليلة". فذلك باعتبار سؤال السائل، فمن سأله ثلاثة أيام أجاب بذلك، ومن سأله عن يومين فكذلك؛ ومحصله أن مطلق

رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ فِي جَيْشِ كَذَا وَكَذَا، وَامْرَأَتِى تُرِيدُ الْحَجَّ. فَقَالَ «اخْرُجْ مَعَهَا». أطرافه 3006، 3061، 5233 1863 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ أَخْبَرَنَا حَبِيبٌ الْمُعَلِّمُ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا رَجَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ حَجَّتِهِ قَالَ لأُمِّ سِنَانٍ الأَنْصَارِيَّةِ «مَا مَنَعَكِ مِنَ الْحَجِّ». قَالَتْ أَبُو فُلاَنٍ - تَعْنِى زَوْجَهَا - كَانَ لَهُ نَاضِحَانِ، حَجَّ عَلَى أَحَدِهِمَا، وَالآخَرُ يَسْقِى أَرْضًا لَنَا. قَالَ «فَإِنَّ عُمْرَةً فِي رَمَضَانَ تَقْضِى حَجَّةً مَعِى». رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 1782 1864 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ قَزَعَةَ مَوْلَى زِيَادٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ - وَقَدْ غَزَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ثِنْتَىْ عَشْرَةَ - غَزْوَةً - قَالَ أَرْبَعٌ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَوْ قَالَ يُحَدِّثُهُنَّ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَعْجَبْنَنِى وَآنَقْنَنِى ـــــــــــــــــــــــــــــ السفر حرام عليها إلا مع الزوج والمحرم، أو مع نسوة ثقات، وعن مالك: وكذا رفقة من الرّجال مأمونون. 1863 - (عبدان) على وزن شعبان: عبد الله بن عثمان المروزي (زريع) مصغر زرع (أم سنان الأنصارية) قد سبق في باب العمرة في رمضان أنّه قال بعضهم: اسمها أم طليق، وقيل: أم معقل، ولعل الكل صحيح؛ لأنّ العرب تكني شخصًا كنى مختلفة. (ناضحان) الناضح: البعير الذي يُسقى عليه (إن عمرةً في رمضان تقضي حجة) أي: تعدل (أو حجة معي) الشكُّ من الرّاوي (وقال عبيد الله) رواه أولًا مسندًا عن ابن عباس، وثانيًا تعليقًا عن جابر. 1864 - (سليمان بن حرب حدثنا شعبة عن عبد الملك بن عمير) بضم العين، مصغر (عن قزعة) بفتح القاف والزّاي المعجمة وثلاث فتحات (مولى زياد) بالزّاي بعدها ياء. (أربع سمعتهنّ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: أربع خصال، مبتدأ وخبر (فأعجبنني وآنقنني) -بفتح الهمزة والمد- قال النووي: معنى اللفظين واحد، والثاني توكيد للأول، قال ابن

27 - باب من نذر المشى إلى الكعبة

«أَنْ لاَ تُسَافِرَ امْرَأَةٌ مَسِيرَةَ يَوْمَيْنِ لَيْسَ مَعَهَا زَوْجُهَا أَوْ ذُو مَحْرَمٍ، وَلاَ صَوْمَ يَوْمَيْنِ الْفِطْرِ وَالأَضْحَى، وَلاَ صَلاَةَ بَعْدَ صَلاَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَلاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلاَّ إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ مَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِى، وَمَسْجِدِ الأَقْصَى». طرفه 586 27 - باب مَنْ نَذَرَ الْمَشْىَ إِلَى الْكَعْبَةِ 1865 - حَدَّثَنَا ابْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا الْفَزَارِىُّ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ قَالَ حَدَّثَنِى ـــــــــــــــــــــــــــــ الأثير: آنق بالمد من الأنق بفتح الهمزة قال: والأنق: السرور، كأنّه قال أعجبتني وسرتني، وهذا أحسن، لأنّ التأسيس خير من التأكيد. (ولا تشد الرّحال إلا إلى ثلاثة مساجد؛ المسجد الحرام) في بعضها: "مسجد الحرام" بإضافة الموصوف إلى الصفة (ومسجدي) هو مسجد المدينة الشريفة، وقد جاء مقيدًا في بعض الروايات: "مسجدي هذا". (والمسجد الأقصى) ويروى: "مسجد الأقصى" بإضافة الموصوف إلى الصفة. محصله أنه لو نذر في جامع دمشق أن يصلي فيه يقوم مقامه أي جامع كان بخلاف هذه الثلاثة، لكن مسجد الحرام يقوم مقام مسجد المدينة والمسجد الأقصى، وبدون العكس، وكذا مسجد المدينة يقوم مقام الأقصى بدون العكس، والمستثنى منه من جنس المساجد؛ كما إذا حلف: لا نأكل إلا العسل، فإن المستثنى منه جنس المأكول، فلا دلالة فيه على عدم جواز السفر لزيارة الأنبياء والأولياء كما توهمه من رمي بسهم الشقاء. باب من نذر المشي إلى الكعبة 1865 - (ابن سلام) بتخفيف اللام على الأشهر: محمد (الفزاري) -بفتح الفاء وزاي معجمة- مروان بن معاوية، وقيل: هو أبو إسحاق، وكلاهما ثقة، لكن روي لمسلم في باب النذور عن مروان.

ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى شَيْخًا يُهَادَى بَيْنَ ابْنَيْهِ قَالَ «مَا بَالُ هَذَا». قَالُوا نَذَرَ أَنْ يَمْشِىَ. قَالَ «إِنَّ اللَّهَ عَنْ تَعْذِيبِ هَذَا نَفْسَهُ لَغَنِىٌّ». وَأَمَرَهُ أَنْ يَرْكَبَ. طرفه 6701 1866 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ أَبِى أَيُّوبَ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ أَبِى حَبِيبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا الْخَيْرِ حَدَّثَهُ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ نَذَرَتْ أُخْتِى أَنْ تَمْشِىَ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ، وَأَمَرَتْنِى أَنْ أَسْتَفْتِىَ لَهَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتَفْتَيْتُهُ، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ «لِتَمْشِ وَلْتَرْكَبْ». قَالَ وَكَانَ أَبُو الْخَيْرِ لاَ يُفَارِقُ عُقْبَةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا يهادى) بضم الياء على وزن مصغر [.....] (بين ابنيه) قال الجوهري: يهادى بين الاثنين؛ أي: يعتمد عليهما في المشي لضعفه وتمايله. (إن الله لغني عن تعذيب هذا نفسه). فإن قلت: الوفاء بالنذر واجب، فكيف منعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الوفاء؛ قلت: العاجز يسقط عنه ما هو واجب عليه، وقيل: إنما أمره لأنّ الأفضل الرّكوب. فإن قلت: يلزم الكفارة. قلت: الأمر كذلك، إلا أنه لم يقع هنا له ذكر، وروى ابن ماجه وأبو داود والنسائي: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لأُخت عقبة: "لتركب ولتصم ثلاثة أيام" وفي رواية أبي داود وأحمد: "لتركب ولتهدي". واختلِفَ في اسم هذا الرجل، قال النووي: اسمه قيس، وقال ابن عبد البر: هو أبو إسرائيل رجل من الأنصار، واسمه نُسير -بضم النون وسين مهملة-. 1866 - (ابن جريج) بضم الجيم، مصغر (يزيد بن أبي حبيب) ضد العدو (أنّ أبا الخير حدثه) اسم أبي الخير مرثد (قال: وكان أبو الخير لا يفارق عقبة) فاعلُ قال يزيد، وأراد بهذا

حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنْ يَزِيدَ عَنْ أَبِى الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الكلام تحقيق الخبر (وحدثنا أبو عاصم) هو الضّحاك بن مخلد (فذكر الحديث) متن الحديث من غير زيادة على ما تقدم.

29 - كتاب فضائل المدينة

29 - كتاب فضائل المدينة 1 - باب حَرَمِ الْمَدِينَةِ 1867 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَحْوَلُ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْمَدِينَةُ حَرَمٌ، مِنْ كَذَا إِلَى كَذَا، لاَ يُقْطَعُ شَجَرُهَا، وَلاَ يُحْدَثُ فِيهَا حَدَثٌ، مَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ». طرفه 7306 ـــــــــــــــــــــــــــــ [كتاب] فضائل المدينة باب حرم المدينة 1867 - (أبو النعمان) بضم النون محمد بن الفضل (ثابت بن يزيد) من الزيادة (عاصم) هو ابن سليمان (أبو عبد الرحمن الأحول). (المدينة حرم من كذا إلى كذا) وفي رواية مسلم: "من عير إلى ثور" قيل: إنما لم يذكره بصريح لفظه كما في مسلم لأنه لم يصح عنده أن بالمدينة موضعًا يسمى ثورًا، وهذا لا وجه له، إذ لو وقع له صريح اللفظ رواه ونبّه عليه؛ بل الصواب أنه لم يقع له ذلك في هذا الطريق، وقد رواه مصرحًا به في أبواب الجزية. وقد اضطرب العلماء في هذا المقام، منهم من قال: هذا غلط؛ إذ لا عير ولا ثور بالمدينة، وإنما هما جبلان بمكة. وقال بعضهم: بناءً على هذا فالمراد مقدار ما بين عير وثور بمكة حرم المدينة، ونقل شيخنا أبو الفضل بن حجر من طريق صحيح أنهما جبلان بالمدينة، قال: والثور جبل صغير خلف أُحُد من جهة الشمال، وعير معروف عندهم، وذكره غير واحد، وله ذكر في الأشعار. (من أحدث فيه حدثًا) بفتح الحاء والدال أي: أمرًا منكرًا، اسم فاعل على وزن

1868 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ أَبِى التَّيَّاحِ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ فَأَمَرَ بِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ «يَا بَنِى النَّجَّارِ ثَامِنُونِى». فَقَالُوا لاَ نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلاَّ إِلَى اللَّهِ. فَأَمَرَ بِقُبُورِ الْمُشْرِكِينَ، فَنُبِشَتْ، ثُمَّ بِالْخِرَبِ فَسُوِّيَتْ، وَبِالنَّخْلِ فَقُطِعَ، فَصَفُّوا النَّخْلَ قِبْلَةَ الْمَسْجِدِ. طرفه 234 1869 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى أَخِى عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «حُرِّمَ مَا بَيْنَ لاَبَتَىِ الْمَدِينَةِ عَلَى لِسَانِى». قَالَ وَأَتَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَنِى حَارِثَةَ فَقَالَ «أَرَاكُمْ يَا بَنِى حَارِثَةَ قَدْ خَرَجْتُمْ مِنَ الْحَرَمِ». ثُمَّ الْتَفَتَ، فَقَالَ «بَلْ أَنْتُمْ فِيهِ». طرفه 1873 ـــــــــــــــــــــــــــــ حَسَن؛ وهو الأمر الحادث الذي ليس له أصل، ولا متعارف بين الصحابة، مِن قتل صيده، وقطع نباته، على ما تقدم في حرم مكة حرسهما الله. 1868 - (أبو معمر) -بفتح الميمين - عبد الله بن عمرو (أبو التياح) -بفتح التاء وتشديد المثناة تحت- يزيد بن حميد. (يا بني النجار) بطن من الأنصار من الأوس (أمر بقبور المشركين فنبشت وبالخرب فسويت) -بفتح الخاء وكسر الرّاء-: جمع خربة مثل نبقة ونبق، وبكسر الخاء وفتح الرّاء جمع خربة؛ كنقمة في نِقَم، ويروى: بالحاء المهملة وثاء مثلثة موضع الحراثة والزراعة. فإن قلت: ما وجه دلالة الحديث على الترجمة؟ قلت: الدلالة أن الشجر الذي استنبته النّاس كالنخل يجوز قطعه، كما في حرم مكة، وهذا إنما يظهر إذا كان هذا القول منه بعد تحريمها. 1869 - (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: حرم ما بين لابتي المدينة على لساني) أي: ما بين الحرتين، وقوله: "على لساني" إشارة إلى أنَّ الأنبياء وسائط، ولا حَكَمَ إلا الله العلي الكبير (وأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - بني حارثة) بطن من الأنصار (فقال: أراكم قد خرجتم من الحرم، ثم التفت، فقال: بل أنتم فيه) قال أولًا بلا تأمّل، ولذلك قال: "أراكم" -بضم الهمزة- أي: أظن، وموضع الدلالة أنّه سماه حرمًا.

1870 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِىِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - قَالَ مَا عِنْدَنَا شَىْءٌ إِلاَّ كِتَابُ اللَّهِ، وَهَذِهِ الصَّحِيفَةُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «الْمَدِينَةُ حَرَمٌ، مَا بَيْنَ عَائِرٍ إِلَى كَذَا، مَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا، أَوْ آوَى مُحْدِثًا، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلاَ عَدْلٌ». وَقَالَ «ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ، فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلاَ عَدْلٌ، وَمَنْ تَوَلَّى قَوْمًا بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلاَ عَدْلٌ». قال أبو عبد الله: عدل: فداء. ـــــــــــــــــــــــــــــ 1870 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين. (عن علي: ما عندنا شيءٌ إلا كتاب الله وهذه الصحيفة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان عنده علم غزير، ظن الناسُ أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خصّه به، فأجاب بأنه لم يخص أحدًا بشيء، ولكن من أعطاه الله فهمًا استخرج من كلامه بقدر فهمه (المدينة حرم ما بين عائر إلى كذا) أي: إلى ثور كما تقدم (لا يقبل منه صرف ولا عدل) الصّرف: التوبة، والعدل: الكفارة، قاله أبو عبيد عن مكحول، وقيل: الصرف: النافلة، والعدل: الفرض، وقد قيل غير هذا إلى عشرة أقوال، وعلى الوجهين الكلام يحتمل الخبر والدّعاء. (وقال: ذمة المسلمين واحدة) إذا أجار واحد منهم كافرًا نفذ أمانه على الكل، وسيأتي تمام الكلام في أبواب الموادعة (فمن أخفر مسلمًا) أي: نقض أمانه، يقال: خفرت الرجل إذا حفظت أمانه وعهده، وأخفرته إذا نقضت عهده (ومن تولى قومًا بغير إذن مواليه) قوله: "بغير إذن مواليه" ليس معناه أنّ الموالي إذا أذنوا يجوز له ذلك، بل معناهُ أنهم لا يأذنون إذا استأذن. قال النووي: غلظ التحريم فيه لأنّ الولاء شجنة كشجنة النسب، فكما لا يمكن الخروج من النسب، فكذلك عن الولاء، وفيه قطع الولاية والإرث، والعقوق وكفران النعم. فإن قلت: اتفق العلماء على أنّ لعن المؤمن لا يجوز؟ قلت: خص منه هذا ونظائره مما نصّ عليه الشارع.

2 - باب فضل المدينة، وأنها تنفى الناس

2 - باب فَضْلِ الْمَدِينَةِ، وَأَنَّهَا تَنْفِى النَّاسَ 1871 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْحُبَابِ سَعِيدَ بْنَ يَسَارٍ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. «أُمِرْتُ بِقَرْيَةٍ تَأْكُلُ الْقُرَى يَقُولُونَ يَثْرِبُ. وَهْىَ الْمَدِينَةُ، تَنْفِى النَّاسَ كَمَا يَنْفِى الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ واعلم أنّ جمهور العلماء على أن حرمة صيد حرم المدينة، وقطع شجره؛ إلا أبا حنيفة، وأحاديث الباب صريحة في الرّد عليه، قال النووي: واستدلّ أبو حنيفة بما رواه أنس: أن أبا عمير أخوه، كان له طير يقال له نغير. كما سيأتي في البخاري وكان يلعب به. قال النووي: وليس فيه دليل؛ لاحتمال أنّ ذلك كان قبل التحريم أو يكون قد دخل به من الخارج، وأمّا قول أبي حنيفة: ما دخل به من الخارج حكمه حكم صيد الحرم، فليس له في ذلك دليل. فإن قلت: إذا ثبت أنه حرم كحرم مكة، فالذين قالوا به كالشافعي فَلِمَ لَمْ يوجبوا فيه جزاء الصيد والشجر؟ قلت: أوجبه بعضهم مثل ابن أبي ليلى وطائفة، وابن أبي ذئب، وروايةٌ عن مالك، والذين لم يوجبوا كأنّهم اعتبروا التفاوت؛ فإنّ حرم مكة أشرف وأقدم. باب فضل المدينة وأنها تنفي خبيث الناس 1871 - (أبا الحباب) بضم الحاء وتخفيف الباء (يسار) ضد اليمين. (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أُمرت بقرية تأكل القرى يقال لها يثرب، تنفي الناس كما ينفي الكير خبث الحديد) هذا يدل على أن كل مدينة يطلق عليها اسم القرية، وأكلها عبارة عن غلبة أهلِها أهلَ سائر البلاد والتعبير بالأكل كناية عن غاية الإستيلاء، ونسب القول إلى الغير يثرب؛ لأنه كان يكره هذا الإسم؛ لأنّه من الثرب؛ وهو اللوم، قال يوسف الصديق لإخوته: {لَا تَثْرِيبَ} [يوسف: 92]، وسيأتي صريح النهي عن هذا الاسم. قوله: (وهي المدينة) يدل على أنه عَلَمٌ لها بالغلبة؛ كالبيت للكعبة الشريفة، والناس هم المنافقون ومن كان فيه ضعف في الإيمان؛ لأنّ الحديث ورد في الأعرابي الذي طلب إقالة

3 - باب المدينة طابة

3 - باب الْمَدِينَةُ طَابَةُ 1872 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ قَالَ حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ يَحْيَى عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِى حُمَيْدٍ - رضى الله عنه - أَقْبَلْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ تَبُوكَ حَتَّى أَشْرَفْنَا عَلَى الْمَدِينَةِ فَقَالَ «هَذِهِ طَابَةُ». طرفه 1481 4 - باب لاَبَتَىِ الْمَدِينَةِ 1873 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ـــــــــــــــــــــــــــــ البيعة، وكذلك الذين يخرجون إلى الدجال كما سيأتي، ولا بدّ من هذا التأويل، وإلا فقد خرج من المدينة علي وابن مسعود وغيرهما من سادات المؤمنين. والكير بكسر الكاف: قال ابن الأثير: هو المبني بالطين، يجعل الحداد فيه النار، وقيل: هو الزق الذي ينفخ به، والمبني بالطين هو الكور -بضم الكاف- وسيأتي أن سبب ورود الحديث أعرابي بايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم استقال بيعته. باب المدينة طابة 1872 - (خالد بن مَخلد) بفتح الميم (عن أبي حُميد) -بضم الحاء مصغر- اسمه عبد الرحمن. (أشرف على المدينة) أي: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (فقال: هذه طابة) تفاءل بهذا الإسم وكذا جرى طابت لأهلها دينًا ودنيا جلب إليها كنوز كسرى وقيصر، وفي الترمذي وغيره: أن لها عشرة أسماء، طيبة ومطابة، ومطيبة، والمسكينة، والمدر، والجابرة، والمجبورة، والمحبة، والمحبوبة والقاصية. باب لابتي المدينة قد سلف أن اللابة أرض ذات حجارة سود؛ وهي الحرة، ذكره ابن الأثير في باب لوب. 1873 - (عن سعيد بن المسيب) بفتح الياء المشددة.

5 - باب من رغب عن المدينة

عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لَوْ رَأَيْتُ الظِّبَاءَ بِالْمَدِينَةِ تَرْتَعُ مَا ذَعَرْتُهَا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا حَرَامٌ». طرفه 1869 5 - باب مَنْ رَغِبَ عَنِ الْمَدِينَةِ 1874 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «يَتْرُكُونَ الْمَدِينَةَ عَلَى خَيْرِ مَا كَانَتْ، لاَ يَغْشَاهَا إِلاَّ الْعَوَافِ - يُرِيدُ عَوَافِىَ السِّبَاعِ وَالطَّيْرِ - وَآخِرُ مَنْ يُحْشَرُ رَاعِيَانِ مِنْ مُزَيْنَةَ، يُرِيدَانِ الْمَدِينَةَ يَنْعِقَانِ بِغَنَمِهِمَا، فَيَجِدَانِهَا وَحْشًا، حَتَّى إِذَا بَلَغَا ثَنِيَّةَ الْوَدَاعِ خَرَّا عَلَى وُجُوهِهِمَا». 1875 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ أَبِى زُهَيْرٍ - رضى الله عنه - أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــ (عن أبي هريرة: لو رأيت الظباء ترتع بالمدينة ما ذعرتها) أي: ما خوفتها؛ لأنها ظباء الحرم؛ لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ما بين لابيتها حرم). باب من رغب عن المدينة 1874 - (عن أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: يتركون المدينة) بياء الغيبة، إخبار عما سيقع بعد فتح البلاد من الشام والعراق واليمن (على خير ما كانت) من الأمن، وكثرة الأرزاق؛ أي: لم يكن في الانتقال منها عذر يوجب الانتقال (لا يغشاها إلا العواف) جمع العافية، من عفوت الشيء طلبته، أي: السباع والوحوش، قال بعض أهل الأخبار: إن هذا وقع بعد انتقال الخلافة إلى الشام ثم إلى العراق وكذا قال القاضي عياض، والظاهر أن هذا يكون في آخر الزمان. وهو الملائم لقوله: (وآخر من يحشر راعيان من مزينة يريدان المدينة، ينعقان بغنمهما) النعق: صوت الرّاعي قال الله تعالى: {كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ} [البقرة: 171] (فيجدانها وحوشًا) وفي رواية: "وحشًا" قال ابن الأثير: الوحش المكان خاليًا أي: يجدانها خالية من سكانها، وقيل: الضمير للغنم بأن تتوحش وتنفر عن الرّاعي، كما تتوحش الآن بعض البهائم، وقيل: تنقلب ذواتها إلى حقيقة أخرى، كالذئب ونحوه، والظاهر ما قاله ابن الأثير. (ثنية الوداع) -بفتح الواو- عقبة معروفة بالمدينة، سميت بذلك لأن الخارج من المدينة يشيعه المشيعون إلى هناك، ثم يرجعون. 1875 - (أبي زهير) بضم الزاي مصغر.

6 - باب الإيمان يأرز إلى المدينة

رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «تُفْتَحُ الْيَمَنُ فَيَأْتِى قَوْمٌ يُبِسُّونَ، فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ، وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ، وَتُفْتَحُ الشَّأْمُ، فَيَأْتِى قَوْمٌ يُبِسُّونَ فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ، وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ، وَتُفْتَحُ الْعِرَاقُ، فَيَأْتِى قَوْمٌ يُبِسُّونَ فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ. وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ». 6 - باب الإِيمَانُ يَأْرِزُ إِلَى الْمَدِينَةِ 1876 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ قَالَ حَدَّثَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ الإِيمَانَ لَيَأْرِزُ إِلَى الْمَدِينَةِ كَمَا تَأْرِزُ الْحَيَّةُ إِلَى جُحْرِهَا». ـــــــــــــــــــــــــــــ (يبسون) -بفتح الياء، وضم الموحدة، وتشديد السين-: أي: يسوقون، قال تعالى: {وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا} [الواقعة: 5]: وقيل: يبسون: أي يسألون عن الأحوال، ورواه بعضهم عن مالك بضم الياء وكسر الموحدة من الإيباس؛ وهو: التزين؛ أي: يزينون لأهلهم ما يشاهدون من رخاء العيش (والمدينة خير لهم) لأنها مهبط الوحي، ومنزل الأنوار، ومظهر الكمال، والصّلاة في مسجدها بألف صلاة (لو كانوا يعلمون) كانوا عالمين بذلك، ولكن لما لم يعملوا بعلمهم نَزَّلهم منزلة الجاهل؛ لأنّ علمًا لا عمل معه كلا علم، وللتمني أيضًا وجه حسن لدلالته على غاية جهالة ممن يفعل ذلك. باب الإيمان يأرز إلى المدينة 1876 - (إبراهيم بن المنذر) بضم الميم وكسر الذال (عياض) بكسر العين وضاد معجمة (خبيب) بضم المعجمة، مصغر. (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها) وجه الشبه السرعة؛ لأن الحية ليس لها رِجل، فهي تسرع إلى المأمن، وفيه دلالة على استمرار أهل المدينة إلى آخر الزمان على الشريعة والدّين القويم، ولا دلالة فيه على أن إجماعهم حجة؛ لأنّ هذا إنما يدل على تمسكهم بالشريعة، وعدم دخول البدعة إليهم، والإجماع: اتفاق المجتهدين، ومن البَيِّن أن الأول لا يستلزمه.

7 - باب إثم من كاد أهل المدينة

7 - باب إِثْمِ مَنْ كَادَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ 1877 - حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ عَنْ جُعَيْدٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سَمِعْتُ سَعْدًا - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ يَكِيدُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ أَحَدٌ إِلاَّ انْمَاعَ كَمَا يَنْمَاعُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ». 8 - باب آطَامِ الْمَدِينَةِ 1878 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ سَمِعْتُ أُسَامَةَ - رضى الله عنه - قَالَ أَشْرَفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى أُطُمٍ مِنْ آطَامِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ «هَلْ تَرَوْنَ مَا أَرَى إِنِّى لأَرَى مَوَاقِعَ الْفِتَنِ خِلاَلَ بُيُوتِكُمْ كَمَوَاقِعِ الْقَطْرِ». تَابَعَهُ مَعْمَرٌ وَسُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ. أطرافه 2467، 3597، 7060 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إثم مَنْ كاد أهل المدينة 1877 - (حريث) بضم الحاء آخره ثاء مثلثة (عن جعيد) بضم الجيم، مصغر. (لا يكيد أحد أهل المدينة إلا انماع كما ينماع الملح في الماء) أي: ذاب وزال، وجه الشبه السرعة، كما جرى لمسلم بن عقبة فإنه بعدما خرب المدينة لم يعش عشرين يومًا، وكذا يزيد بن معاوية الذي أمره بذلك، مات بعد أيام مذمومًا إلى آخر الدهر، أو يراد به عذاب الآخرة، ويؤيده رواية مسلم: "أذابه الله في النار" فالعمدة على هذه الرواية، وفي رواية النسائي: "من أخاف أهل المدينة أخافه الله، وكانت عليه لعنة". باب آطام المدينة 1878 - (أشرف النبي - صلى الله عليه وسلم - على أطم من آطام المدينة) الأُطم -بضم الهمزة والطّاء-: يشبه القصر، بناء مرتفع، والآطام بفتح الهمزة والمد: جمعه، وقول الجوهري: جمع أطمة، لا ينافي هذا لجواز كل منهما (إني أرى مواقع الفتن خلال بيوتكم) جمع خَلَل، مثل جبال في جمع جَبَل، فهو: الفرجة بين الشيئين (كمواقع القطر) كناية عن الكثرة، وكذا جرى في وقعة الحرة على يد مسلم بن عقبة عليه من الله عذاب مضاعف.

9 - باب لا يدخل الدجال المدينة

9 - باب لاَ يَدْخُلُ الدَّجَّالُ الْمَدِينَةَ 1879 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِى بَكْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ رُعْبُ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، لَهَا يَوْمَئِذٍ سَبْعَةُ أَبْوَابٍ، عَلَى كُلِّ بَابٍ مَلَكَانِ». طرفاه 7125، 7126 1880 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُجْمِرِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. «عَلَى أَنْقَابِ الْمَدِينَةِ مَلاَئِكَةٌ، لاَ يَدْخُلُهَا الطَّاعُونُ وَلاَ الدَّجَّالُ». طرفاه 5731، 7133 1881 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَيْسَ مِنْ بَلَدٍ إِلاَّ سَيَطَؤُهُ الدَّجَّالُ، إِلاَّ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ، لَيْسَ لَهُ مِنْ نِقَابِهَا نَقْبٌ إِلاَّ عَلَيْهِ الْمَلاَئِكَةُ صَافِّينَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب لا يدخل الدّجال المدينة 1879 - (عن أبي بكرة) نفيع بن الحارث (لا يدخل المدينة رعب المسيح الدّجال) أي: لا يدخلها الدّجال؛ كما جاء في سائر الرّوايات، والتعبير بالرّعب لأنه الغرض من عدم دخوله. 1880 - (عن نعيم) بضم النون مصغر (المجمر) بضم الميم وإسكان الجيم. (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: على أنقاب المدينة ملائكة لا يدخلها الطاعون ولا الدجال) الأنقاب: -بفتح الهمزة- جمع نقب؛ كأوقات في جمع وقت؛ وهو: الطريق بين الجبلين، والكلام على التشبيه؛ فإن طرقات الحرة كالأنقاب. فإن قلت: منع الملائكة الدّجال أمر معقول فإنه رجل كافر، فما وجه منعهم الطاعون؛ قلت: الطاعون كما جاء في الحديث إنما هو من وخز الجن؛ أي: من طعنهم، فمنع الملائكة أولئك الجن كما يمنع الدّجال. 1881 - (ما من بلد إلا سيطؤه الدّجال) وقد جاء في رواية مسلم: "وذلك في أربعين

يَحْرُسُونَهَا، ثُمَّ تَرْجُفُ الْمَدِينَةُ بِأَهْلِهَا ثَلاَثَ رَجَفَاتٍ، فَيُخْرِجُ اللَّهُ كُلَّ كَافِرٍ وَمُنَافِقٍ». أطرافه 7124، 7134، 7473 1882 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ - رضى الله عنه - قَالَ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَدِيثًا طَوِيلاً عَنِ الدَّجَّالِ، فَكَانَ فِيمَا حَدَّثَنَا بِهِ أَنْ قَالَ «يَأْتِى الدَّجَّالُ - وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ أَنْ يَدْخُلَ نِقَابَ الْمَدِينَةِ - بَعْضَ السِّبَاخِ الَّتِى بِالْمَدِينَةِ، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ يَوْمَئِذٍ رَجُلٌ، هُوَ خَيْرُ النَّاسِ - أَوْ مِنْ خَيْرِ النَّاسِ - فَيَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّكَ الدَّجَّالُ، الَّذِى حَدَّثَنَا عَنْكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَدِيثَهُ، فَيَقُولُ الدَّجَّالُ أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلْتُ هَذَا ثُمَّ أَحْيَيْتُهُ، هَلْ تَشُكُّونَ فِي الأَمْرِ فَيَقُولُونَ لاَ. فَيَقْتُلُهُ، ثُمَّ يُحْيِيهِ فَيَقُولُ حِينَ يُحْيِيهِ وَاللَّهِ مَا كُنْتُ قَطُّ أَشَدَّ بَصِيرَةً مِنِّى الْيَوْمَ، فَيَقُولُ ـــــــــــــــــــــــــــــ يومًا وبعض أيامه مثل السنة، وبعضها مثل الشهر، وبعضها مثل الأسبوع" وأيضًا أمره مبني على خرق العادة، مع دورانه تدور الجنة والنار معه، فلا بُعد في أن يقطع في زمن يسير مسافة بعيدة. 1882 - (بكير) بضم الباء، مصغر (يأتي الدّجال وهو محرم عليه أن يدخل نقاب المدينة) التحريم مجاز عن المنع؛ لا الحكم الشرعي (فينزل بعض السِّباخ) بكسر السين: جمع سبخة بثلاث فتحات: وهي الأرض التي تعلوها الملوحة ولا تنبت شيئًا (فيخرج إليه رجل هو خير الناس، أو من خير الناس) الشك من الراوي، والناس هم المعهودون الذين بالمدينة في ذلك الزمان (أشهد أنك الدجال) بمنزلة القسم، دلالة على كمال علمه بأنّه الدّجال الذي أخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشأنه: "أعور العين، مكتوب على جبهته كافر، يقرؤه القارئ والأمي" (فيقول الدّجال: أرأيت إن قتلت هذا) الخطاب عام لكل أحد، ولذلك قال بعده: (هل تَشُكون في الأمر)، (فيقول حين يحييه: والله ما كنت قط أشد بصيرة مني اليوم) وذلك لإنضمام هذا الدليل على سائر الأدلة، فانجلى الأمر فوق ما كان (فيقول

10 - باب المدينة تنفى الخبث

الدَّجَّالُ أَقْتُلُهُ فَلاَ أُسَلَّطُ عَلَيْهِ». طرفه 7132 10 - باب الْمَدِينَةُ تَنْفِى الْخَبَثَ 1883 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - جَاءَ أَعْرَابِىٌّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَبَايَعَهُ عَلَى الإِسْلاَمِ، فَجَاءَ مِنَ الْغَدِ مَحْمُومًا، فَقَالَ أَقِلْنِى، فَأَبَى ثَلاَثَ مِرَارٍ، فَقَالَ «الْمَدِينَةُ كَالْكِيرِ، تَنْفِى خَبَثَهَا، وَيَنْصَعُ طَيِّبُهَا». أطرافه 7209، 7211، 7216، 7322 1884 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِىِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ - رضى الله عنه - يَقُولُ لَمَّا خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى أُحُدٍ رَجَعَ نَاسٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ الدجال: أقتله، فلا يسلط عليه) إما أن يقول ذلك صريحًا؛ أو القول مجاز عن القصد؛ فإنّ القول يطلق على سائر الأفعال. باب المدينة تنفي الخبث 1883 - (محمد بن المنكدر) بضم الميم وكسر [الدال] (جاء أعرابي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فبايعه على الإسلام فجاء من الغد محمومًا، فقال: أقلني) الظاهر أنه طلب الإقالة عن الإسلام لأنّه بايعه على الإسلام؛ فالإقالة منه، ويجوز أن يكون طلب الإقالة من الهجرة؛ لقوله: (إن المدينة كالكير تنفي خبثها) -بكسر الكاف- الموضع الذي يجعل فيه الحدّاد النّار، والمنفاخ: الذي ينفخ به النار، والخَبَث -بفتح الخاء والباء- النجس، فالكلام على التشبيه. فإن قلت: لو كان طلب الإقالة عن الإسلام كان مرتدًا يُقتل لا محالة؛ قلت: المرتد يُستتاب، وكان أعرابيًّا جلفًا لم يشدد عليه عسى أن يرجع عن قصده، وإِنْ حُمِلَ على الإقالة عن الهجرة زال الإشكال، والمختار هذا عندي. (ويَنصع طَيّبُها) -بفتح الياء ورفع طيبها- أي: يظهر، قال ابن الأثير: من نصع الشيء إذا ظهر؛ والمراد: ثبات المؤمن واستمراره ويروى: بضم التاء الفوقانية وكسر الصاد والنصب، على أنّ في الفعل ضمير المدينة، وضبطه الزمخشري بضم الياء وضاد معجمة وباء موحدة، من البضاعة، وأنكره أهل الحديث لعدم الرّوايات به. 1884 - (سليمان بن حرب) ضد الصلح (لما خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أُحد رجع ناس

11 - باب

مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَتْ فِرْقَةٌ نَقْتُلُهُمْ. وَقَالَتْ فِرْقَةٌ لاَ نَقْتُلُهُمْ. فَنَزَلَتْ (فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينِ فِئَتَيْنِ) وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّهَا تَنْفِى الرِّجَالَ كَمَا تَنْفِى النَّارُ خَبَثَ الْحَدِيدِ». طرفاه 4050، 4589 11 - بابٌ 1885 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا أَبِى سَمِعْتُ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «اللَّهُمَّ اجْعَلْ بِالْمَدِينَةِ ضِعْفَىْ مَا جَعَلْتَ بِمَكَّةَ مِنَ الْبَرَكَةِ». تَابَعَهُ عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ عَنْ يُونُسَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ من أصحابه) أي: ممن يدعي الصحبة؛ وهم المنافقون؛ عبد الله بن أُبَيّ رأسُ النفاق معه ثلاث مائة رجل من قرنائه (فقالت فرقة) أي: من المؤمنين (نقتلهم، وقالت فرقة: لا نقتلهم، فنزلت {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ} [النساء: 88]. فإن قلت: السياق يدل على أنّه قتلهم؟ قلت: ليس فيه الأمر بالقتل؛ بل الإشارة إلى استحقاقهم ذلك، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الإمتناع عن قتلهم: "لا يقول النّاسُ إنَّ محمدًا يقتل أصحابه". (إنها تنفي الرّجال) أي: المنافقين (كما تنفي النار خبث الحديد). فإن قلت: إذا لم يقتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحدًا منهم ولا أخرجه من المدينة، فما وجه هذا القول؟ قلت: أشار إلى الاستحقاق لولا المانع الذي ذكرنا. باب الدعاء للمدينة 1885 - (عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: اللهم اجعل بالمدينة ضعفي ما جعلت بمكة من البركة) قال ابن الأثير: ضعف الشيء مثلاه، يقول: أعطني درهمًا أعطيك ضعفه؛ أي: درهمين، وربما قالوا: فلك ضعفاه وقيل: ضعف الشيء مثله، وضعفاه مثلاه، وهذا الذي أراده في الحديث وعليه يدل كلام الأزهري: الضعف في كلام العرب المثل.

12 - باب كراهية النبى - صلى الله عليه وسلم - أن تعرى المدينة

1886 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ، فَنَظَرَ إِلَى جُدُرَاتِ الْمَدِينَةِ أَوْضَعَ رَاحِلَتَهُ، وَإِنْ كَانَ عَلَى دَابَّةٍ، حَرَّكَهَا مِنْ حُبِّهَا. 12 - باب كَرَاهِيَةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تُعْرَى الْمَدِينَةُ 1887 - حَدَّثَنَا ابْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا الْفَزَارِىُّ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ أَرَادَ بَنُو سَلِمَةَ أَنْ يَتَحَوَّلُوا إِلَى قُرْبِ الْمَسْجِدِ، فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تُعْرَى الْمَدِينَةُ، وَقَالَ «يَا بَنِى سَلِمَةَ. أَلاَ تَحْتَسِبُونَ آثَارَكُمْ». فَأَقَامُوا. طرفه 655 ـــــــــــــــــــــــــــــ 1886 - ثم روى عن أنس (أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قدم من سفر فنظر إلى جدرات المدينة أوضع راحلته). فإن قلت: كيف دلّ هذا على الترجمة، وهي الدّعاء للمدينة؟ قلت: إما أن يكون في الحديث ذكر الدّعاء ولم يَصِح عنده فأشار إليه؛ أو أنَّ حبّه إيّاه بمنزلة الدّعاء وإرادة الخير لأهلها، والظّاهر أنّه أشار إلى ما رواه مسلم عن أنس: أنه لما بدا له أُحُد قال: "هذا جبل يحبّنا ونُحبّه" ثم قال: "اللهم بارك لهم في صاعهم ومدّهم". باب كراهية النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تعرى المدينة بضم التاء على بناء المجهول أي: تخلى، من أعريت المكان أخليته، وفي بعضها: تعرو أي: تخلو، من العراء؛ وهو: الفضاء. 1887 - (ابن سلام) بتخفيف وتشديد اللام (الفزاري) مروان بن معاوية (أراد بنو سلمة) -بفتح السين وكسر اللام- بطن من الأنصار (أن يتحولوا إلى قرب المسجد، فكره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تعرى المدينة) أي: تخلى بعض الأماكن منها، لأنّ اتساعها أهيب في عين العدو (وقال: يا بني سلمة ألا تحتسبون آثاركم) أي: خطواتكم إلى المسجد، فإن كل خطوة بها حسنة، وفي بعضها: "ألا تحتسبوا" بحذف النون، كأنه لما كان الكلام مسوقًا للعرض ألحق بالنهي (فأقاموا) لما سمعوا ذلك، فإن قصدهم من الانتقال كان التقرب إلى الله بكونهم بقرب المسجد.

13 - باب

13 - بابٌ 1888 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنِى خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا بَيْنَ بَيْتِى وَمِنْبَرِى رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، وَمِنْبَرِى عَلَى حَوْضِى». طرفه 1196 1889 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ وُعِكَ أَبُو بَكْرٍ وَبِلاَلٌ، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا أَخَذَتْهُ الْحُمَّى يَقُولُ: كُلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحٌ فِي أَهْلِهِ ... وَالْمَوْتُ أَدْنَى مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب كذا وقع من غير ترجمة؛ لأنّه بمثابة فصل من الباب قبله؛ لدلالة أحاديثه على كراهة تعري المدينة. 1888 - (مسدد) بضم الميم ودَال مفتوحة مشددة (خُبيب) بضم الخاء المعجمة. (عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة) قيل: أراد بيان شرف ذلك المكان، إما بأن ينقل ذلك المكان إلى الجنة ويصيرَ روضة؛ أو مجاز بأن العبادة فيه توصل إلى الجنة. وفي رواية: "ما بين قبري ومنبري" وفي أخرى: "حجري" والمعنى واحد لإتحاد المكان (ومنبرى على حوضي) يريد منبره هذا الذي كان يخطب عليه، يؤتى به، وينصب على جانب الحوض، أو ينصب له منبر آخر هناك. قلت: الظاهر أنّه يريد أنّ منبره الآن على الحوض؛ لما في الرواية الأخرى: "وإنّي لأنظر حوضي الآن". 1889 - (عبيد) بضم العين، مصغر (أبو أسامة) -بضم الهمزة- حمّادُ بن أسامة. (عن عائشة: لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة وُعِك أبو بكر وبلال) -بضم الواو على بناء المجهول- أي: أصابه وعك، قال ابن الأثير: الوعك: الحمى وألمها.

وَكَانَ بِلاَلٌ إِذَا أُقْلِعَ عَنْهُ الْحُمَّى يَرْفَعُ عَقِيرَتَهُ يَقُولُ: أَلاَ لَيْتَ شِعْرِى هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً ... بِوَادٍ وَحَوْلِى إِذْخِرٌ وَجَلِيلُ وَهَلْ أَرِدَنْ يَوْمًا مِيَاهَ مَجَنَّةٍ ... وَهَلْ يَبْدُوَنْ لِى شَامَةٌ وَطَفِيلُ ـــــــــــــــــــــــــــــ (كل امرئ مصبح في أهله ..... والموت أدنى من شراك نعله) مصبح -بفتح الباء المشددة- أي: مأتي في الصباح، من صبحه إذا أتاه في الصّباح. قال ابن الأثير: معناه مأتي بالموت في الصباح، وعندي هذا لا يستقيم لقوله بعده: والموت أدنى من شراك نعله والصواب أن هذا على عادة العرب من قولهم: صبحك الله بخير أو بالسّلامة أو نحوها، والحال أنّ الموت أقربُ إليه من كل قريب. (وكان بلال إذا أقلع عنه الحمى) على بناء الفاعل، قال الجوهري: يقال: أقلع فلان عما كان عليه، وأقلعت عنه الحمى (يرفع عقيرته) -بفتح العين وكسر القاف- أي: صوته، وأصل هذا أن رجلًا قطعت رجله كان يرفعها على الأخرى، ويصيح من شدة الألم، ثم اتسع فيه، فأُطلق على كل صوت يرفع من ألم. (يقول: ألا ليت شعري هل أبيتنَّ ليلة ..... بوادٍ وحولي إِذخر وجليل وهل أَرِدَن يومًا مياه مجنة ........ وهل يبدون لي شامة وطفيل) البيت من بحر الطويل، وألا: حرف تنبيه؛ أي: ألا يا قومي، وإذخر -بكسر الهمزة وذال معجمة- نبت معروف. وجليل -بالجيم- هو الثمام إذا عظم. ومجنة -بفتح الميم وفتح الجيم وتشديد النّون- سوق من أسواق الجاهلية بقرب مكة. شامة وطفيل -بفتح الطاء وكسر الفاء- جبلان بمكة، وقيل: عينان. فإن قلت: ما هذه النون في أبيتن وأردن ويبدون؟ قلت: نون التأكيد. فإن قلت: نون التأكيد إنما تدخل الفعل إذا كان فيه معنى الطلب؟ قلت: الإستفهام هنا للتمني، وفيه معنى الطلب.

قَالَ اللَّهُمَّ الْعَنْ شَيْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَعُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَأُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ، كَمَا أَخْرَجُونَا مِنْ أَرْضِنَا إِلَى أَرْضِ الْوَبَاءِ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي صَاعِنَا، وَفِى مُدِّنَا، وَصَحِّحْهَا لَنَا وَانْقُلْ حُمَّاهَا إِلَى الْجُحْفَةِ». قَالَتْ وَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ، وَهْىَ أَوْبَأُ أَرْضِ اللَّهِ. قَالَتْ فَكَانَ بُطْحَانُ يَجْرِى نَجْلاً. تَعْنِى مَاءً آجِنًا. أطرافه 3926، 5654، 5677، 6372 1890 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى هِلاَلٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ - رضى الله عنه - قَالَ اللَّهُمَّ ارْزُقْنِى شَهَادَةً فِي سَبِيلِكَ، وَاجْعَلْ مَوْتِى فِي بَلَدِ رَسُولِكَ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ ابْنُ زُرَيْعٍ عَنْ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أُمِّهِ عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَتْ سَمِعْتُ عُمَرَ نَحْوَهُ. وَقَالَ هِشَامٌ عَنْ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَفْصَةَ سَمِعْتُ عُمَرَ رضى الله عنه. ـــــــــــــــــــــــــــــ (إلى أرض الوباء) -بالمد والقصر- قال ابن الأثير: هو الطاعون والمرض العام. قلت: لا يصح حمله على الطاعون؛ لما تقدم من أنّ الطاعون لا يدخل المدينة، اللهم إلاّ أن يكون الإخبار بعدم دخول الطاعون متأخرًا عن هذا. (وانقل حماها إلى الجحفة) بضم الجيم قرية في طريق الشام إلى مكة، كان اليهود يسكنها، فاستجاب الله دعاءه فخربت، وقيل: كل من يأتي بها إلى الآن تحصل له الحمى. (وكان بطحان يجري نجلًا، تعني: ماء آجنًا) أي: متغيرًا، وبطحان -بضم الباء- واد بالمدينة. قال القاضي: تفسير البخاري نجلًا بآجنًا فيه نظر؛ لأن النجل هو القليل. قلت: القليل لا سيما في تلك البلاد الحارة يلزم التغيير، وهو مراد عائشة، وتفسير الشيء بلازمه إذا دلت عليه قرينة شائعٌ في كلام العرب. 1890 - ([ابن] زريع عن روح بن القاسم عن زيد بن أسلم عن أمه)، (وقال هشام: عن زيد بن أسلم عن أبيه) روي أولًا مسندًا عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر وثانيًا تعليقًا عن زيد بن أسلم عن [أبيه] بواسطة حفصة عن عمر؛ وثالثًا تعليقًا عن زيد بن أسلم عن أبيه بواسطة حفصة أيضًا، والظاهر أنه سمع تارة بواسطة وأخرى بدونها، وقدم الذي بلا واسطة لأنه أقوى، وأتبعه برواية الواسطة تقوية. هذا آخر كتاب المناسك، وعلى الله التوفيق لإتمام الكتاب في عافية بلا محنة، إنه ولي التوفيق.

30 - كتاب الصوم

30 - كتاب الصوم 1 - باب وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ). 1891 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِى سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّ أَعْرَابِيًّا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثَائِرَ الرَّأْسِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِى مَاذَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَىَّ مِنَ الصَّلاَةِ فَقَالَ «الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ، إِلاَّ أَنْ تَطَّوَّعَ شَيْئًا». فَقَالَ أَخْبِرْنِى مَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَىَّ مِنَ الصِّيَامِ فَقَالَ «شَهْرَ رَمَضَانَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الصّوم الصوم لغة: الإمساك. وشرعًا: إمساك مخصوص، من شخص مخصوص، في وقت مخصوص. باب وجوب رمضان، وقول الله عزّ وجل: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183] للمفسرين في وجه الشبه قولان؛ الأول: العدد؛ أي: شهرًا كاملًا. الثاني: في الوجوب؛ أي: فرض عليكم كما فرض على الذين قبلكم. 1891 - (قتيبة) بضم القاف، مصغر (عن أبي سهيل) بضم السين، مصغر -نافع بن مالك. (أنّ أعرابيًّا جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثائر الرأس) بالنصب على الحال، أي: منتشر شعر رأسه (أخبرني ماذا فرض الله علي من الصلاة؟ فقال: الصلوات الخمس؛ إلا أن تطوع) حمل الاستثناء على الاتصال أبو حنيفة، فيلزم النفل بالشروع فيه، وعند غيره منقطع؛ أي: لكن إن تطوعت فلك من ذلك سنن، وهذا هو الظاهر؛ لأنّ سؤال الرجل عمّا فرض الله عليه، وهذا وإن قيل بوجوبه فليس مما فرض الله، فلا يصح فيه دعوى الاتصال.

إِلاَّ أَنْ تَطَّوَّعَ شَيْئًا». فَقَالَ أَخْبِرْنِى بِمَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَىَّ مِنَ الزَّكَاةِ فَقَالَ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَرَائِعَ الإِسْلاَمِ. قَالَ وَالَّذِى أَكْرَمَكَ لاَ أَتَطَوَّعُ شَيْئًا، وَلاَ أَنْقُصُ مِمَّا فَرَضَ اللَّهُ عَلَىَّ شَيْئًا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ، أَوْ دَخَلَ الْجَنَّةَ إِنْ صَدَقَ». طرفه 46 1892 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ صَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَاشُورَاءَ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ. فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ تُرِكَ. وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ لاَ يَصُومُهُ، إِلاَّ أَنْ يُوَافِقَ صَوْمَهُ. طرفاه 2000، 4501 1893 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى حَبِيبٍ أَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ (فأخبره بشرائع الإسلام) أي: فرائضه، لقوله: (والذي أكرمك لا أتطوع ولا أنقص مما فرضَ الله عليَّ شيئاً) ويجوز حمل الشرائع على أعم من الواجبات والسنن ويكون حلفه على الاقتصار على ما فرض الله. فإن قلت: كيف حلف على ترك الكثير من الخيرات؟ قلت: مثله غير مستبعد من الأعرابي فإنه جلف قريب العهد بالإسلام (قال: أفلح إن صدق، أو: دخل الجنة إن صدق) الشك من الراوي، وفي الحديث دلالة على أنّ الإتيان بالفرائض كاف في دخول الجنة؛ بل وقد تقدم في كتاب الإيمان ما يدل على أنّ التصديق كاف في ذلك. 1892 - (صام النبي - صلى الله عليه وسلم - عاشوراء وأمر بصيامه) عاشوراء بالمد غير منصرف صفة الليل؛ أي: صام يوم عاشوراء؛ وهو اليوم العاشر من شهر محرم، وقيل: هو التاسع، لأنّ العرب تسمِّي اليوم الخامس [من أيام] الورد رابعًا، ولا يصح هذا في الحديث؛ لما في الرواية الأخرى: أنه لما قيل له: إن اليهود تصوم هذا اليوم، قال: "لئن أعيش إلى العام القابل أصوم التاسع معه". (فلما فرض رمضان ترك) وفي الرّواية الأخرى: "من يشاء صامه، ومن لم يَشَأُ لم يصم"

2 - باب فضل الصوم

عِرَاكَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُ أَنَّ عُرْوَةَ أَخْبَرَهُ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ قُرَيْشًا كَانَتْ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِصِيَامِهِ حَتَّى فُرِضَ رَمَضَانُ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ شَاءَ فَلْيَصُمْهُ، وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ». طرفه 1592 2 - باب فَضْلِ الصَّوْمِ 1894 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الصِّيَامُ جُنَّةٌ، فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَجْهَلْ، وَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّى صَائِمٌ. مَرَّتَيْنِ، وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وهذا القول هو الذي ينسخ وجوبه، وعليه يحمل قول من قال: نُسخ وجوبه برمضان، وإنما وجب حمله على هذا لأنّ فرضية رمضان لا تنافي وجوب عاشوراء، والنسخ إنما يكون بالمعارض ليدل على رفع الأول؛ هذا إن قيل بوجوب صومه، كما قال به أبو حنيفة، وهو ظاهر الأمر هنا وسائر الأحاديث، وغيره قال: لم يكن قبل رمضان صوم واجب بحديث رواه معاوية. باب فضل الصوم 1894 - (مسلمة) بفتح الميم واللاّم (عن أبي الزناد) -بكسر الزاي بعدها نون- عبد الله بن ذكوان. (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: الصيام جنة) أي: من عذاب الله، أو من ارتكاب المعاصي، لأنّه يكسر القوى الباعثة إلى ارتكابها؛ ولذلك أمر من لم يقدر على النكاح بالصوم (فلا يرفث) أي: لا يقل ما فيه فحش؛ فإنه يورث نقصانًا في صومه قولًا وفعلًا، أصله حديث الرجل مع النساء فاتسع فيه (فلا يجهل) أي: لا يأتي بما فيه جهالة، من عطف العام على الخاص، ويجوز أن يراد: ولا يجهل قدر صومه؛ فإنه عند الله بمكان، ويؤيده قوله: (فإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل: إني صائم) أي: يقوله صريحًا ليرتدع الخصم، أو يقول ذلك في نفسه ليرتدع عن مقاتلته، والمفاعلة هنا بمعنى الفعل. يدل عليه الرواية الأخرى: "شتمه". (والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك) الخلوف بضم الخاء: الرائحة الكريهة التي تحصل من عدم الأكل والشرب، قال النووي: المختار في

يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِى، الصِّيَامُ لِى، وَأَنَا أَجْزِى بِهِ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا». أطرافه 1904، 5927، 7492، 7538 ـــــــــــــــــــــــــــــ توجيه معناه أنّ ثواب الخلوف أكثر من ثواب المسك في الأعياد والجمعات. وفيما قاله نظر؛ لأن ذلك معلوم لكل واحد، ويأباه لفظ "أطيب عند الله" بل الصواب أن هذا كلام على طريقة التمثيل بحال من يتلذذ بالروائح الطيبة، ولما كان المسك أطيب من كل طيب مثّله به، محصله غاية الرّضا بذلك العمل، وأجزل الثواب عليه (يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي) هذا قطع من الحديث القدسي؛ وهو الحديث الذي يرويه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الله تعالى، والفرق بين القرآن والحديث القدسي ليس لفظهُ معجزًا، وتقدير الكلام: قال الله تعالى، وإنما حذفه لأن المقام غير ملتبسٍ على أحد، ويناسب ما قبله في الفضيلة أردفه به (الصيام لي وأنا أجزي به). فإن قلت: العبادات كلها لله؟ قلت: الإضافة للتشريف؛ كقوله: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ} [الإسراء: 1]. فإن قلت: الصلاة أفضل من الصيام؟ قلت: الفضل في الصوم من وجه لا ينافي أفضلية الصلاة مطلقًا. فإن قلت: ما ذلك الوجه الذي استحق به الصوم هذه الإضافة؟ قلت: قيل لأن سائر العبادات يقع فيها الرياء؛ بخلاف الصوم، ويرد عليه الوضوء، وكثير من العبادات؛ على أنهم اتفقوا على أن الفرائض لا يجري فيها الرياء، فيخرج رمضان الذي هو الأصل في هذا الباب، وقيل: لأن الصوم إمساك عن الأكل والشرب وسائر الشهوات، وذلك من صفاته تعالى، ويرد عليه الصلاة؛ فإنها تشتمل على الإمساك عن المذكورات مع الزيادة، وقيل غيرها. وأحسن ما قيل فيه: إن الصوم لم يعبد به غيره تعالى في ملة من الملل؛ بخلاف الصلاة وسائر العبادات، فإنه وقع التقرب بها إلى المعبودات الباطلة، فهي عبادة خالصة له تعالى. فإن قلت: ما معنى قوله: "كل عمل ابن آدم له" فإن كان المراد النفع كما هو الظاهر من معنى الّلام فلا شك أنّ الصّوم لا نفع له، تعالى عن ذلك؟ قلت: معناه ما روى البيهقي: "إن أعمال العباد تؤخذ في المظالم إلاّ الصوم، فإنه يقال: لا يعطى ثوابه لأحد، بل يعطي المظلوم من خزائن فضله" وعلى هذا يظهر معنى اللام، فإن الذي كان للعبد قد أذهب عنه

3 - باب الصوم كفارة

3 - باب الصَّوْمُ كَفَّارَةٌ 1895 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا جَامِعٌ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ قَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه - مَنْ يَحْفَظُ حَدِيثًا عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْفِتْنَةِ قَالَ حُذَيْفَةُ أَنَا سَمِعْتُهُ يَقُولُ «فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَجَارِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلاَةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ». قَالَ لَيْسَ أَسْأَلُ عَنْ ذِهِ، إِنَّمَا أَسْأَلُ عَنِ الَّتِى تَمُوجُ كَمَا يَمُوجُ الْبَحْرُ. قَالَ وَإِنَّ دُونَ ذَلِكَ بَابًا مُغْلَقًا. قَالَ فَيُفْتَحُ أَوْ يُكْسَرُ قَالَ يُكْسَرُ. قَالَ ذَاكَ أَجْدَرُ أَنْ لاَ يُغْلَقَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. فَقُلْنَا لِمَسْرُوقٍ سَلْهُ أَكَانَ عُمَرُ يَعْلَمُ مَنِ الْبَابُ فَسَأَلَهُ فَقَالَ نَعَمْ، كَمَا يَعْلَمُ ـــــــــــــــــــــــــــــ ديونه، وما كان لله كان باقيًا، وهذا وجه أحسن من كل حسن، ويساعده عبارة الحديث: "من ترك لله شيئًا عوضه الله خيرًا" أو نص على العلة في حديث البخاري بقوله: "ترك شرابه وطعامه لأجلي، وأنا أجزي به" من غير اطلاع لملك على ذلك القدر من الجزاء، وكفى بذلك شرفًا، والحسنة بعشرة أمثالها؛ وإن كانت في أدنى المراتب، فما ظنك بحسنة يتولى الله جزاءها من غير اطلاع أحد عليه. باب الصَّوم كفارة 1895 - (جامع) بالجيم: هو ابن شداد (عن أبي وائل) شقيق بن سلمة. روى في الباب حديث حذيفة لما سأله عمر عن الفتنة، وقد تقدم في باب مواقيت الصَّلاة، وموضع الدّلالة هنا قوله: (فتنة الرَّجل في أهله وماله تكفرها الصلاة والصيام) وفتنة هذه الأشياء الإثم الحاصل بواسطتها، وفيه دلالة على فضل الصوم حيث كان كفارةً لها. (إنما أسأل عن التي تموج كموج البحر) كناية عن غاية العظم (قال: إن دون ذلك بابًا مغلقًا، قال: فيفتح أو يكسر؟ قال: يكسر، قال: ذاك أجدر أن لا يغلق إلى يوم القيامة) لأنّ العهد كلما بَعُدَ إزداد الشرّ؛ كما تقدم: "لا يأتي زمان إلاّ والذي بعده شَرٌّ منه". (كما يعلم

4 - باب الريان للصائمين

أَنَّ دُونَ غَدٍ اللَّيْلَةَ. طرفه 525 وفي هذا الحديث تصريح بأن الصوم أيضا يؤخذ في الكفارة، إلا أن الظاهر أن هذه حقوق العباد، فلعله لا يؤخذ في حقوق الله تعالى. 4 - باب الرَّيَّانُ لِلصَّائِمِينَ 1896 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ يُقَالُ أَيْنَ الصَّائِمُونَ فَيَقُومُونَ، لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ، فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ». طرفه 3257 ـــــــــــــــــــــــــــــ أنّ دون غدٍ الليلة) أي: ذاكَ من أجْلَى البديهيات عنده، وقد سلف تمام الكلام. فإن قلت: قد سلف أن: "رمضان إلى رمضان كفارة لما بينهما"؟ قلت: لا تنافي لأن ذكر الشيء لا يدل على نفي الحكم عمّا عداه، كما [في حديث] حذيفة: الفتنة في المال والأهل والجار. باب الرّيان للصائمين 1896 - (خالد بن مخلد) بفتح الميم (أبو حازم) بالحاء المهملة: سلمة بن دينار. (إن في الجنة بابًا) أي: في سور الجنة (يقال له: الرّيان) وصف الباب بالريّ وصفٌ له بوصف داخله ووجه المناسبة ظاهرة؛ لأنّ أهم الأمور عند الصائم الماء، وقد أخذ نصيبه من الكوثر، واختصاص الصّائمين بذلك الباب يَدلُّ على شرف الصّوم. فإن قلت: ما المراد بالصائمين؟ قلت: الذين يقومون بما فرض الله، ولفظ الصائم يدل عليه، فإنه يصدق على من صدر عنه الفعل في الجملة، ويمكن أن يكون محمولًا على من كان غالب حاله في العبادات زيادةَ الصوم؛ وإلا فالمؤمنون كلهم مشتركون في القيام

1897 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنِى مَعْنٌ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ نُودِىَ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ يَا عَبْدَ اللَّهِ، هَذَا خَيْرٌ. فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلاَةِ دُعِىَ مِنْ بَابِ الصَّلاَةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ دُعِىَ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ بالفرض؛ لأن القيام بالفرض من كل مؤمن ليس بمعلوم، والوجه هو الأول في الصوم، وفي غيره هو الثاني، لأنّ أدنى جهاد لا يصير الإنسان به من أهل الصدقة وأهل الجهاد؛ بل لا بد وأن يكون له في ذلك تقدم واشتهار. 1897 - (إبراهيم بن المنذر) بكسر الذال (مَعْن) بفتح الميم وسكون العين (حميد) على وزن المصغر. (من أنفق زوجين في سبيل الله) أي: لوجه الله وطريق الوصول إلى رحمته، والزّوج يطلق على قدر الشيء من جنسه وعلى كل صنف من أصناف المال، قيل: المراد هنا بأن ينفق الثوب مع الدرهم، والدينار مع الفرس مثلًا، لكن روى ابن الأثير في النهاية: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل ما الزّوجان؟ قال: "فرسان، أو عبدان، أو بعيران" وإذا كان هذا تفسيره من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا مجال لكلام آخر (فمن كان من أهل الصلاة دُعي من باب الصّلاة) هذا عطف قضية على أخرى إلى آخر الباب، وليس له تعلق بحديث الزوجين، وقد التبس على بعض، فأراد إثبات الزّوجين في الصَّلاة وغيرها، فارتكب أشياء ركيكة يُصان عنها كلامُ أفصح البشر، وأبلغ أهل المدر والوبر، حتى قال: الزوجان: النفس والمال، ولما توجه عليه أن الصلاة ليس بذل النفس والمال فيها، وكذلك الصوم؛ أجاب: بأنه لابدّ للمصلي من قوت يقيم به الرَّمق، وثوب يستر به عورته، تأمَّل! هل ينطبق قوله: "من أنفق زوجين في سبيل الله" على أكل الإنسان ولبسه؟ ثم قال: ذكر في أول الكلام الصدقة وفي عجزه، قلت: لا تكرار؛ لأن الأول نداء بأن الإنفاق وإن كان قليلًا فإنه من جملة الخيرات. وكل هذا خبط؛ أمَّا أولًا: فلأنَّ إنفاق الزوجين قد عممه في الصلاة والصيام كما تقدم، فلا وجه لتخصيص صدر الكلام وعجزه بالصدقة؛ وأما ثانيًا: فلأنَّ قوله: الأول نداء بأن الإنفاق وإن كان بالقليل فهو من الخير، ليس من معنى الحديث في شيء؛ لأنَّ معنى الحديث أن إنفاق الزَّوجين في سبيل الله من أعظم الأمور؛ ولذلك كان سببًا لأن يدعى من

5 - باب هل يقال رمضان أو شهر رمضان ومن رأى كله واسعا

بَابِ الْجِهَادِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِىَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِىَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ». فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - بِأَبِى أَنْتَ وَأُمِّى يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا عَلَى مَنْ دُعِىَ مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ، فَهَلْ يُدْعَى أَحَدٌ مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ كُلِّهَا قَالَ «نَعَمْ. وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ». أطرافه 2841، 3216، 3666 5 - باب هَلْ يُقَالُ رَمَضَانُ أَوْ شَهْرُ رَمَضَانَ وَمَنْ رَأَى كُلَّهُ وَاسِعًا وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ». وَقَالَ «لاَ تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ». ـــــــــــــــــــــــــــــ أبواب الجنة كلها، وهَبْ أنَّه فعل ما فعل، كيف خفي عليه أنَّ صاحب الزوجين يدعى من جميع الأبواب؛ وصاحب الصلاة وما ذكر بعدها إنما يدعى من باب واحد. (فقال أبو بكر: بأبي أنت وأمي يا رسول الله! ما على من دعي من تلك الأبواب من ضرورة؛) لأنَّ دخوله لا يمكن إلَّا من باب واحد (قال: نعم) يُدعى إكرامًا وإعظامًا له؛ ولهذا قال: (وأرجو أن تكون أنت منهم). فإن قلت: حديث من أنفق الزوجين دلَّ على أنَّ هناك من يُدعى من الأبواب كلها، فما وجه سؤال الصِّديق؟ قلت: أطلق الأبواب في حديث الزَّوجين، فاحتمل أن يراد جماعة من الأبواب من غير استغراق، فأكَّده الصِّدِّيق بلفظ: "كل" دفعًا لذلك الاحتمال، قال بعضهم: الجنة لها سبعة أسوار، والأبواب المذكورة هي أبواب تلك الأسوار، فمن الناس من يدعى من الباب الأول فقط، ومنهم من يتجاوز عنه، وهَلُمَّ جرا إلى آخر الأبواب، وهذا مع كونه مُخترعًا لم يتخيله أحد قبله مخالفٌ للقرآن؛ وهو قوله تعالى: {فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ} [الحديد: 13] ومخالف بهذا حديث الباب الذي هو بصدد شرحه؛ لأنَّه ذكر أنَّ باب الرَّيان لا يدخله إلَّا الصائمون، فيلزم أن لا يدخل الجنة غير الصائمين. باب هل يقال رمضان أو شهر رمضان، ومن رأى كله واسعًا اختلف العلماء في جواز إطلاق رمضان بدون ذكر الشهر معه، منعه أصحاب مالك؛ لما ورد في الحديث: أن رمضان اسم من أسمائه تعالى، والبخاري والمحققون على جواز

1898 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِى سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ». طرفاه 1899، 3277 1899 - حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ أَبِى أَنَسٍ مَوْلَى التَّيْمِيِّينَ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ، وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ». طرفه 1898 1900 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ الإطلاق مستدلين عليه بأحاديث الباب، والحديث الذي رواه المانعون حديث ضعيف. (قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: من صام رمضان)، و (لا تقدَّموا رمضان) -بفتح التاء- أصله: تتقدمون، حذف منه إحدى التاءين، وهذان الحديثان سيرويهما البخاري بالإسناد. 1898 - (قتيبة) بضم القاف، على وزن المصغر، وكذا (أبو سهيل) نافع بن مالك الأصبحي. (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة) -بضم الفاء بالتشديد والتخفيف- واختلف في معنى فتح الأبواب؛ قيل: هو على ظاهره، تعظيمًا لهذا الشهر، وقيل: محمول على كثرة الطَّاعات وعفو الله عن عباده المؤمنين؛ فإنها أسباب دخول الجنة. 1899 - (بكير) بضم الباء مصغر، وكذا (عقيل)، (ابن أبي أنس) هو أبو سهيل الذي تقدم. (غُلِّقت أبواب جهنم) -بضم الغين وتشديد اللَّام- إِمَّا حقيقة كما ذكرنا في فتح أبواب الجنة؛ وإمَّا مجاز عن قلة الذنوب وكثرة المغفرة. (وسلسلت الشياطين) كذلك محمول على الحقيقة، أو مجاز عن انقطاع القوى الشهوية والغضبية وغيرهما، التي هي جنود إبليس. فإن قلت: لو سلسلت الشياطين حقيقة لما وقع شَرٌّ في الدُّنيا؛ قلت: لا نسلم؛ لأنّ

6 - باب من صام رمضان إيمانا واحتسابا ونية

قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ». وَقَالَ غَيْرُهُ عَنِ اللَّيْثِ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ وَيُونُسُ لِهِلاَلِ رَمَضَانَ. طرفاه 1906، 1907 6 - باب مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا وَنِيَّةً وَقَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «يُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ». 1901 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ أسباب الشرور غير منحصرة فيهم؛ بل النفوس الخبيثة من البشر أشرُّ، ألا ترى إلى قوله تعالى: {الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6)} [الناس: 6،5]. باب رؤية الهلال 1900 - (بكير) بضم الباء، على وزن المصغر، وكذا (عقيل). (إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا) الضمير للهلال؛ كما صرَّح به في آخر الباب، والرؤية من عدل كافية عند الشافعي مطلقًا، وكذا عند أحمد، وقال أبو حنيفة: يكفي عدل واحد إذا كان بالسَّماء غيم؛ وإلَّا فلا بُدَّ من جمٌّ غفير، وعند مالك: لا بدَّ من عَدْلَين؛ كسائر الأشياء (فإن غم عليكم فاقدروا له) بضم [الدال]، أي: أكملوا به الشهر؛ سواء كان في الصوم أو في الفطر، وقال الإمام أحمد: فاقدروا أي: عدوه تحت السحاب إذا كان يوم غيم؛ ولذلك وجب الصوم إذا كان مطلع الهلال فيه غيم، وإذا صاموا لعلة الغيم ثلاثين يومًا ولم يروا الهلال صاموا واحدًا وثلاثين يومًا، ويشكل على مذهب سائر الروايات، مثل قوله: "أكملوا شعبان ثلاثين يومًا" وقوله: "فاقدروا ثلاثين يومًا". باب من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا ونية (وقالت عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: يبعثون على نياتهم) هذه قطعة من حديث يأتي، قاله في

7 - باب أجود ما كان النبى - صلى الله عليه وسلم - يكون فى رمضان

عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».أطرفه 35 7 - باب أَجْوَدُ مَا كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَكُونُ فِي رَمَضَانَ 1902 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَجْوَدَ النَّاسِ بِالْخَيْرِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ، حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ حق جيش يغزو الكعبة "فإذا كانوا بالبيداء يخسف بهم". قالت: قلت: كيف يخسف بهم وفيهم أسواقهم ومن لم يقصد الكعبة بسوء؟ فقال: "يخسف بكلهم ثم يبعثون على نياتهم". 1901 - ثم روى في الباب: (من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه) وكذا: (من صام رمضان) وقد تقدم معنى قيام ليلة القدر في كتاب الإيمان. والاحتسابُ: إفتعال من الحساب؛ وهو الإخلاص في العمل لوجه الله، كأنَّه بذلك الإخلاص يعد العمل وسيلة إلى رحمة الله وثوابه. فإن قلت: ذكر في الترجمة النية ولم يورد له ما يدل عليه؟ قلت: النية تفسير للاحتساب بدليل ما تقدم في كتاب الإيمان بدون ذكر النية، وحديث عائشة: "يبعثون على نياتهم" دالَّ عليه، وقيل: أشار إلى أن النية شرط، وفيه ما فيه. باب أجود ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يكون في رمضان ما: مصدرية؛ أي: أجود أكوانه يكون؛ أي: يوجد في رمضان، وفيه مبالغة، حيث جعل نفس كونه جوادًا. 1902 - (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان) رفع أجود على أنه اسم كان، ويجوز نصبه على أنَّ في كان ضمير النبي - صلى الله عليه وسلم - (حين يلقاه جبريل) بدل من قوله

8 - باب من لم يدع قول الزور والعمل به فى الصوم

وَكَانَ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - يَلْقَاهُ كُلَّ لَيْلَةٍ فِي رَمَضَانَ حَتَّى يَنْسَلِخَ، يَعْرِضُ عَلَيْهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْقُرْآنَ، فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - كَانَ أَجْوَدَ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ. طرفه 6 8 - باب مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فِي الصَّوْمِ 1903 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْمَقْبُرِىُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ». طرفه 6057 ـــــــــــــــــــــــــــــ في رمضان، وإنما كان أجود ذلك الوقت لأنه وقت نشاطه وكمال فرحه؛ لملاقاته جبريل كل ليلة، وهما مقدمتا البذل والجود. وتمامُ الكلام في باب بدء الوحي. باب من لم يدع قول الزّور والعمل به في الصوم 1903 - (ابن أبي ذئب) -بلفظ الحيوان المعروف- محمد بن عبد الرحمن (المقبري) بفتح الميم وضم الباء وفتحها (من لم يدع قول الزّور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه). فإن قلت: ما المراد بالعمل بقول الزور؟ قلت: العمل بمقتضاه، مثاله: يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كذا كذبًا ويقدم على العمل به. وقوله:"فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه" ليس معناه أنه إذا ترك قول الزّور لله حاجة إلى صومه، بل ذلك كناية عن عدم الرّضا والقبول؛ فإنَّ من لا يحتاج إلى شيء لا يقبله ولا يرضاه بخلاف ما إذا كان محتاجًا إليه. فإن قلت: قول الزور والعمل به منهي في كل حال، فأي وجه لذكره مع الصوم؟ قلت: إشارة إلى زيادة القبح، فإن ترك الأكل والشرب ليس غرضًا من الصوم؛ بل ليكون سببًا لسلامة الإنسان عن الرَّذائل، فإذا خلا عن الغرض فكان وجوده كالعدم.

9 - باب هل يقول إنى صائم إذا شتم

9 - باب هَلْ يَقُولُ إِنِّى صَائِمٌ. إِذَا شُتِمَ 1904 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَطَاءٌ عَنْ أَبِى صَالِحٍ الزَّيَّاتِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «قَالَ اللَّهُ كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلاَّ الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِى، وَأَنَا أَجْزِى بِهِ. وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ، فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَصْخَبْ، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب هل يقول: أنا صائم إذا شتم 1904 - (عن ابن جريج) -بضم الجيم، مصغر- عبد الملك (عن أبي صالح) ذكوان السَّمان. (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قال الله تعالى: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم؛ فإنه لي) تقدّم منا أن الإضافة إلى نفسه تعالى تشريف للصوم؛ فإنه لم يعبد به في ملة غيره تعالى، وإن كانت العبادات كلها له تعالى، وأمّا قوله: "كل عمل ابن آدم له" قال الخطابي: أي: له فيه حظ بأن يراه الناس أو يحكي، فيحصل له بذلك سرور، وليس ما قاله بشيء، لأنّ ذلك يؤول إلى ما يقال: إن الصوم لا يدخله الرَّياء؛ بخلاف سائر العبادات، وقد قدمنا أنه كسائر العبادات يمكن الرياء فيها، على أنَّ المراد بالرياء في النوافل، فإنهم متفقون على أنَّ الفرائض لا يدخلها الرياء. بل الحق أن معناه أن سائر العبادات لها أجور معلومة فهو يعمل لتلك الأجور؛ وأمَّا الصوم فلا تعيين لأجره؛ فهو إنما يعمله لله، مُفَوِّضًا قدر أجره إليه تعالى. وقد نقلت من رواية البيهقي: "إن الله لا يعطي من ثواب الصوم لمن له حق على الصائم؛ بل يعطي خصمه من خزائن فضله" بخلاف سائر الأعمال، وبه يظهر معنى الَّلام الدالّ على الاختصاص. (فلا يرفث) أي: لا يقل فحشًا (ولا يسْخَب) قال ابن الأثير: الصخب بالصاد والسين:

10 - باب الصوم لمن خاف على نفسه العزوبة

فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ، أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّى امْرُؤٌ صَائِمٌ. وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ، وَإِذَا لَقِىَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ». طرفه 1894 10 - باب الصَّوْمِ لِمَنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ الْعُزُوبَةَ 1905 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِى حَمْزَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ بَيْنَا أَنَا أَمْشِى مَعَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - فَقَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مَنِ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ». طرفاه 5065، 5066 ـــــــــــــــــــــــــــــ رفع الصوت بالخصومة، ولهذا أردفه بقوله: (فإن شاتمه أحد أو قاتله فليقل: إني صائم) وتمام الكلام تقدم في باب فضل الصوم (وإذا لقي ربه فرح بصومه) أي: بجزاء صومه، فإنه لا يُقَدر ثوابه الآن حتى يفرح به، وأمّا قوله: "إذا أفطر فرح" فله وجهان: إما الفرح بالأكل والشرب كما عليه أكثر الناس؛ أو الفرح بتوفيق الله لإكمال صوم ذلك اليوم كما عليه العارفون، وزاد مسلم: "إذا أفطر فرح بفطره" وهو يؤيد الوجه الأول. باب الصوم لمن خاف على نفسه العزوبة 1905 - (عبدان) على وزن شعبان: عبد الله بن عثمان المروزي (عن أبي حمزة) بالحاء المهملة محمد بن ميمون السكري. (من استطاع الباءة فليتزوج، فإنه أغضّ للبصر وأحصن للفرج). قال ابن الأثير: الباءة [بالتاء] وبدونها مع المدّ والقصر من المباءة على وزن المراءة، هو المنزل والاستطاعة على المنزل، كناية عن القدرة على مؤنة النكاح (ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء) بكسر الواو والجيم مع المد: هو دق خصية الحيوان؛ فالكلام على التشبيه، والوجه قطع أسباب

11 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - «إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا»

11 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا رَأَيْتُمُ الْهِلاَلَ فَصُومُوا وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا» وَقَالَ صِلَةُ عَنْ عَمَّارٍ مَنْ صَامَ يَوْمَ الشَّكِّ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم -. 1906 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ذَكَرَ رَمَضَانَ فَقَالَ «لاَ تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الْهِلاَلَ، وَلاَ تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ». طرفه 1900 ـــــــــــــــــــــــــــــ شهوة الوقاع، ودلالة الحديث على الترجمة ظاهرة، والمراد من خوف العزوبة خوف ما يترتب عليها. باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا رأيتم الهلال فصوموا" رواه مسلم مسندًا. (وقال صلة) -بكسر الصاد- هو ابن زفر، ومن قال ابن أشيم فقد غلط، قال الذهبي: هو الرّاوي عن عمار. وهذا التعليق أخرجه أصحاب السنن مسندًا. (من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم) هو اليوم الذي في آخر شعبان، وإنما يكون إذا وقع في ألسن الناس أن الهلال قد رُئي ولم يثبت، ووقع في الناس تردد، وحرمةُ صومه إنما هو من حيث إنه من رمضان، وأما لو صامه نفلًا، أو كان موافقًا لعادته في الصوم فلا كراهة فيه. 1906 - وأما حديث ابن عمر: (لا تصوموا حتى تروا الهلال) قد سبق شرحه في باب: هل يقال رمضان.

1907 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ لَيْلَةً، فَلاَ تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلاَثِينَ». طرفه 1900 1908 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ جَبَلَةَ بْنِ سُحَيْمٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَقُولُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا». وَخَنَسَ الإِبْهَامَ فِي الثَّالِثَةِ. طرفاه 1913، 5302 ـــــــــــــــــــــــــــــ 1907 - (الشهر تسع وعشرون) أي: جنس الشهر يكون تسعًا وعشرين تارة، وإنما أخبرهم لعدم علمهم بذلك، ألا ترى أنَّ عائشة في حديث الإيلاء قالت: يا رسول الله! آليت شهرًا، وهذا اليوم التاسع والعشرون؛ قال: "الشهر تسع وعشرون يريد بذلك الشهر الذي آلى فيه، وأما هنا لا يصح حمله على ذلك الشهر الذي كان فيه؛ لقوله: "فلا تصوموا حتَّى تروه" فإن هذا التفريع إنما يصح إذا أريد جنس الشهر. فإن قلت: الشهر تسع وعشرون في رواية ابن عمر ظاهرهُ الحصر؛ لا سيما رواية مسلم: "إنما الشهر تسع وعشرون". قلت: إشارة إلى أنه الأكثر؛ لما روى أبو داود عن ابن مسعود: أكثر ما صمنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[تسعًا وعشرين] أكثر مما صمنا ثلاثين يومًا. 1908 - (جبلة بن سحيم) بفتح الجيم والباء واللام وضم السين: على وزن المصغر. (الشهر هكذا وهكذا وخنس الإبهام في الثالثة) أي: أبعدها عن سائر الأصابع، إشارة إلى تسع وعشرين، وهذا أبلغ طريق في التعريف؛ لأنه أمر محسوس لا يقع فيه التجوز.

1909 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَوْ قَالَ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم - «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُبِّىَ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلاَثِينَ». 1910 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِىٍّ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - آلَى مِنْ نِسَائِهِ شَهْرًا، فَلَمَّا مَضَى تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا غَدَا أَوْ رَاحَ فَقِيلَ لَهُ إِنَّكَ حَلَفْتَ أَنْ لاَ تَدْخُلَ شَهْرًا. فَقَالَ «إِنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا». طرفه 5202 1911 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ آلَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ نِسَائِهِ، وَكَانَتِ انْفَكَّتْ رِجْلُهُ، فَأَقَامَ فِي مَشْرُبَةٍ تِسْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ نَزَلَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ آلَيْتَ شَهْرًا. فَقَالَ «إِنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ». طرفه 378 ـــــــــــــــــــــــــــــ 1909 - (محمد بن زياد) بكسر الزاي بعدها ياء (أبو عاصم) هو النبيل الضحاك بن مخلد. (عبد الله بن صيفي) نسبة إلى أمه، والصيف ضد الشتاء. 1910 - (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آلى من نسائه شهرًا) الإيلاء: من الألية على وزن الوصية واوي، ومعناه اليمين، وعند الفقهاء: يمين الزوج على عدم وطء الزوجة أربعة أشهر فما فوقها. وما في الحديث ليس من ذلك بل لما تألم من عتاب الله له بقوله: {لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ} [التحريم: 1] حلف أن لا يخالطهن شهرًا من شدة موجدته (غدا أوراح) الشك من الراوي، الغدو: من أول النهار إلى الظهر، والرواح: بعد الظهر إلى آخر النهار. 1911 - (وكانت انفكت رجله) أي: انخلعت من موضعها (فأقام في مشربة) -بفتح الميم وسكون الشين- الغرفة. فإن قلت: تقدم في الرواية "خدش ساقه"؟ قلت: وجه الجمع ظاهر.

12 - باب شهرا عيد لا ينقصان

12 - باب شَهْرَا عِيدٍ لاَ يَنْقُصَانِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ إِسْحَاقُ وَإِنْ كَانَ نَاقِصًا فَهْوَ تَمَامٌ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ لاَ يَجْتَمِعَانِ كِلاَهُمَا نَاقِصٌ. 1912 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ سَمِعْتُ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَحَدَّثَنِى مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «شَهْرَانِ لاَ يَنْقُصَانِ شَهْرَا عِيدٍ رَمَضَانُ وَذُو الْحَجَّةِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ باب شهرا عيد لا ينقصان 1912 - (مسدد) بضم الميم وتشديد الدال المفتوحة (معتمر) بفتح التاء وكسر الميم. (إسحاق) هو ابن سويد. (عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: شهران لا ينقصان، شهرا عيد رمضان وذو الحجة) إنما فسره لأن العيد ليس في شهر رمضان، بل في شوال، وفيه تسامح، (قال أبو عبد الله: قال إسحاق: تسعة وعشرون يومًا) إسحاق هو ابن سويد المذكور آنفًا، وقال أحمد: إن نقص رمضان تم ذو الحجة، وإن نقص ذو الحجة تم رمضان (وقال أبو الحسن: الظاهر أنه محمد بن مقاتل شيخ البخاري) (كان إسحاق بن راهويه يقول: لا ينقصان في الفضيلة). قال النووي هذا هو المختار بل الصواب؛ إذ غرضه أنَّ من صام رمضان غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، سواء كان تامًّا أو ناقصًا، وكذا ذو الحجة. فإن قلت: أعمال الحج إنما هي في العشر الأول، فأي دخل لنقصان الفضيلة. أو لتمامها بتمام الشهر أو نقصانه؟ قلت: قال بعضهم: قد يغمى هلال ذي القعدة، ويقع فيه نقصان أو زيادة، فيقف الحجاج اليوم الثامن بعرفة أو اليوم العاشر فلا ينقص أجر الواقفين غلطًا عن الواقفين صوابًا.

13 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - «لا نكتب ولا نحسب»

13 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ نَكْتُبُ وَلاَ نَحْسُبُ» 1913 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا الأَسْوَدُ بْنُ قَيْسٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ «إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ، لاَ نَكْتُبُ وَلاَ نَحْسُبُ الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا». يَعْنِى مَرَّةً تِسْعَةً وَعِشْرِينَ، وَمَرَّةً ثَلاَثِينَ. طرفه 1908 ـــــــــــــــــــــــــــــ وهذا ليس بشيء؛ أمَّا أولًا: فلأنه ليس الكلام مسوقًا بخطأ الواقف وبيان صحة حجته وفساده؛ بل الكلام إنما هو في نفس الشهر؛ وأما ثانيًا: فلأن الزيادة في الشهر بأن يقفوا اليوم العاشر ليس في الترجمة بها إشعار ولا في الحديث، والصواب أنه أراد أن شرف رمضان إنما هو بوقوع الصَّوم فيه، وليس للإنسان قدرة على الإتمام، فإذا صرف مقدوره حصل له الأجر كاملًا، وكذلك الحاج بعد ذي الحجة؛ فإن شرف هذا الشهر إنما هو بوقوع المناسك فيه، فإذا أتى بها الحاج على وجه الكمال حصل له ما وعد عليه من الأجر؛ سواء كان الشهر كاملًا أو ناقصًا. باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا نكتب ولا نحسب" وهذه الترجمة بعض حديث الباب؛ وهو قوله: 1913 - (إنا أمة أمية) يريد بالأمة العرب؛ لاشتهارهم بذلك، قال الشريف الجرجاني قدس الله روحه: الأمي من لا يحسن الكتابة، نسبة إلى أم القرى؛ وهي مكة شرفها الله؛ لاشتهار أهلها بذلك، أو إلى الأم؛ لأن من لا يكتب باق على الحالة التي ولدته أمه عليها. (لا نكتب ولا نحسب) -بضم السين- من الحساب، والمراد حساب النجوم الذي عليه مدار السنة الشمسية، ثم أشار إلى ضبط السنة القمرية بقوله. (الشهر هكذا وهكذا) يعني: مرة تسعة وعشرين ومرَّة ثلاثين. ليس معناه أنه إذا كان شهرٌ كاملٌ يكون بعده ناقص؛ بل يجوز وقوع ذلك، وقد تتوالى شهور كوامل وبالعكس.

14 - باب لا يتقدمن رمضان بصوم يوم ولا يومين

14 - باب لاَ يَتَقَدَّمَنَّ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلاَ يَوْمَيْنِ 1914 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمَهُ فَلْيَصُمْ ذَلِكَ الْيَوْمَ». 15 - باب قَوْلِ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ). ـــــــــــــــــــــــــــــ باب لا يتقدَّم رمضان بصوم يوم أو يومين 1914 - (لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين) والحكمة في ذلك أن يكون في دخوله على صوم رمضان على نشاط وكمال قوة، كما يستحب لمن يتهجد بالليل النوم وقت السحر، وذلك ليكون دخوله في صلاة الصبح على نشاط، وقيل: لئلا يخلط النفل بالفرض (إلا أن يكون رجل كان يصوم صومه) أي: صوم ذلك اليوم؛ بأن كان عادته صوم الاثنين فوافق ذلك اليوم، وليس الكلام إلا في التطوع؛ لا القضاء والنذر والكفارة؛ كما ظن، ولا اليوم محمول على يوم الشك بقرينة المقام. وما يقال: إن معنى الترجمة: لا يتقدم رمضان بيوم أو يومين؛ على أنه من رمضان احتياطًا، لأن الحكم علق بالرؤية، فمن حاول ذلك فقد طعن في ذلك الحكم، فليس مما يُعوَّل عليه؛ أمَّا أولًا: فلأنه لو كان المعنى ذلك لم يكن لاستثناء الرجل الذي له عادة أن يتقدم معنى. وأما ثانيًا: فلأن التقدم لأجل أنه من رمضان احتياطًا إنما يكون بيوم واحد. باب قول الله عزَّ وجل: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة: 187]

1915 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا كَانَ الرَّجُلُ صَائِمًا، فَحَضَرَ الإِفْطَارُ، فَنَامَ قَبْلَ أَنْ يُفْطِرَ لَمْ يَأْكُلْ لَيْلَتَهُ وَلاَ يَوْمَهُ، حَتَّى يُمْسِىَ، وَإِنَّ قَيْسَ بْنَ صِرْمَةَ الأَنْصَارِىَّ كَانَ صَائِمًا، فَلَمَّا حَضَرَ الإِفْطَارُ أَتَى امْرَأَتَهُ، فَقَالَ لَهَا أَعِنْدَكِ طَعَامٌ قَالَتْ لاَ وَلَكِنْ أَنْطَلِقُ، فَأَطْلُبُ لَكَ. وَكَانَ يَوْمَهُ يَعْمَلُ، فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ، فَجَاءَتْهُ امْرَأَتُهُ، فَلَمَّا رَأَتْهُ قَالَتْ خَيْبَةً لَكَ. فَلَمَّا انْتَصَفَ النَّهَارُ غُشِىَ عَلَيْهِ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ) فَفَرِحُوا بِهَا فَرَحًا شَدِيدًا، وَنَزَلَتْ (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ). طرفه 4508 ـــــــــــــــــــــــــــــ 1915 - (قيس بن صرمة) بكسر الصاد (فغلبته عيناه) أي: نام، وإنما عبّر عن النوم به لأنّ أثر النوم يظهر في العين (فلما رأته) أي: نائمًا (قالت: خيبةً لك) نصب على المصدر بفعل يجب حذفه؛ دعت عليه بالحرمان عن الأكل الذي كان طلبه، وهذا دليل على أنه لم يكن الأكل مشروعًا بعد النوم مطلقًا (فلما انتصف النهار غشي عليه، فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فنزلت الآية: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ}) الوقاع، وإذا جاز الوقاع جاز الأكل من باب الأَولى، (ونزلت: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} [البقرة: 187]) الآية الأولى دلت على رفع الإثم بعد النوم بإطلاق الليل، وهذه الآية إلى استمرار الحل إلى ذلك الوقت. وما يقال: لما كان دلالة الرَّفث على جواز الأكل والشرب من طريق المفهوم نزلت الآية الثانية، ليدل عليها بطريق المنطوق، ليس بشيء؛ لأن ذلك إنما يكون في مفهوم المخالفة؛ وأما مفهوم الموافقة فهو أولى بالحكم من المنطوق، فأي حاجة إلى ما يدل بالمنطوق، قال ابن الحاجب: مفهوم الموافقة: التنبيه بالأدنى على الأعلى؛ ولذلك كان في غير المنطوق أولى، وكذا ما يقال: المراد بالآية الثانية من قوله: {كُلُوا وَاشْرَبُوا} هو قوله: {مِنَ الْفَجْرِ} لا غير؛ لأنَّه إنما يصح لو كان نزل من الفجر معه، وسيأتي في الباب بعده أن نزول قوله تعالى: {كُلُوا وَاشْرَبُوا} كان مقدمًا على قوله: {مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: 187] بمدّة، فكيف يطلق ويراد به ما لم ينزل معه، قال شيخنا: كان بين نزول الآية ونزوله سنة.

16 - باب قول الله تعالى (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل)

16 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) فِيهِ الْبَرَاءُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 1916 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ أَخْبَرَنِى حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ) عَمَدْتُ إِلَى عِقَالٍ أَسْوَدَ وَإِلَى عِقَالٍ أَبْيَضَ، فَجَعَلْتُهُمَا تَحْتَ وِسَادَتِى، فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ فِي اللَّيْلِ، فَلاَ يَسْتَبِينُ لِى، فَغَدَوْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ «إِنَّمَا ذَلِكَ سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ». طرفاه 4509، 4510 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قول الله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا} [البقرة: 187] (فيه البراء عن النبي - صلى الله عليه وسلم -) هذا التعليق عن البراء رواه عنه مسندًا في الباب قبله، والعجب ممن شرح البخاري يقول: حديث البراء لم يكن على شرط البخاري؛ فلذلك لم يذكره. 1916 - (حجاج بن منهال) بفتح الحاء وتشديد الجيم وكسر الميم (هشيم) بضم الهاء: على وزن المصغر، وكذا (حصين)، (عن الشعبي) -بفتح الشين- أبو عمرو، عامر الكوفي. (عن عدي بن حاتم) المشهور بالجود. (عمدت إلى عقال أسود) بكسر العين الحبل، وهو في الأصل ما يربط البعير، ظاهره أنَّ عديَ بن حاتم كان حاضرًا عند نزول الآية؛ لقوله: لما نزلت عمدت إلى عقال وليس كذلك؛ فإن الآية نزلت حين فرض الصوم في أوائل الهجرة، و [عدي بن] حاتم أسلم بعد حنين بلا خلاف، وقد رواه عن البراء في سورة البقرة بدون ذكر النزول، وهو الصواب، وهذه الرواية مؤولة، أي: بعدما أسلم وسمع الآية فعل ما فعل، قال النووي: وقع قال عدي، وقال له عدي في رواية مسلم، الضمير فيه عائد إلى معلوم متقدم الذكر عند

1917 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ ح. حَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ أُنْزِلَتْ (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ) وَلَمْ يَنْزِلْ مِنَ الْفَجْرِ، فَكَانَ رِجَالٌ إِذَا أَرَادُوا الصَّوْمَ رَبَطَ أَحَدُهُمْ فِي رِجْلِهِ الْخَيْطَ الأَبْيَضَ وَالْخَيْطَ الأَسْوَدَ، وَلَمْ يَزَلْ يَأْكُلُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ رُؤْيَتُهُمَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ بَعْدُ (مِنَ الْفَجْرِ) فَعَلِمُوا أَنَّهُ إِنَّمَا يَعْنِى اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ. طرفه 4511 ـــــــــــــــــــــــــــــ المخاطب. ولا يصح ما قاله؛ بل الضمير لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، تقديره: قلت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا رسول الله، ولا مجال للغير، فتأمّل!. 1917 - (ابن أبي حازم) بالحاء المهملة: عبد العزيز بن سلمة بن دينار (أبو غسان) بفتح الغين المعجمة وتشديد السين (مطرف) بضم الميم وتشديد الراء المكسورة. (نزلت {كُلُوا وَاشْرَبُوا} ولم ينزل {مِنَ الْفَجْرِ} فكان [رجال] إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجليه الخيط الأبيض والخيط الأسود، فلا يزال يأكل حتى يتبين له رؤيتهما، فأنزل الله عز وجل {مِنَ الْفَجْرِ} فعلموا أن المراد بهما الليل والنهار). فإن قلت: تأخير البيان عن وقت الحاجة غير جائز فكيف تأخر هنا حتى وقعوا فيما وقعوا؟ قلت: قال النووي: هؤلاء طائفة من الأعراب ممن لا فقه له، ولم يكن ذكر الخيط عبارة عن الليل والنهار واقعًا في لغتهم. فإن قلت: فلم نزل {مِنَ الْفَجْرِ}؛ قلت: إيضاحًا للأمر على كل أحد. فإن قلت: ما معنى "من" في قوله: {مِنَ الْفَجْرِ}؟ قلت: معناه البيانُ إنْ جُعل الخيط الأبيض نفس الفجر؛ وتبعيضية إن جُعل بعضَ الفجر. فإن قلت: كيف وقع الخيط الأسود فاصلًا بين البيان والمبين؟ قلت: الصبح عبارة عن الخيطين؛ فلا فاصل، قال صاحب "المفتاح": الخيط الأبيض والخيط الأسود يُعدَّان من باب البينة، حيث بينا بقوله من الفجر.

17 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - «لا يمنعنكم من سحوركم أذان بلال»

17 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَمْنَعَنَّكُمْ مِنْ سَحُورِكُمْ أَذَانُ بِلاَلٍ» 1918، 1919 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِى أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ. وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ بِلاَلاً كَانَ يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَإِنَّهُ لاَ يُؤَذِّنُ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ». قَالَ الْقَاسِمُ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَ أَذَانِهِمَا إِلاَّ أَنْ يَرْقَى ذَا وَيَنْزِلَ ذَا. طرفه 617، 622 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: الفجر لفظ مشترك بين الصادق والكاذب، فكيف وقع بيان الصّادق؟ قلت: لفظ الخيط [...] على الطول، دلَّ على الانتشار الذي هو من أوصاف الصادق، أو بيَّن إجماله بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس الصبح أن تقول: هكذا"، وأشار بأصبعيه إلى الآفاق. باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يمنعنكم من سحوركم أذان بلال" 1918 - 1919 - (عبيد) بضم العين، مصغر (عن أبي أسامة) -بضم الهمزة- حمّاد بن أسامة. (أن بلالًا كان يؤذن بليل) أي: في بعض أجزاء الليل، وقد أشار إلى علّته في الرِّواية الأخرى بقوله: "ليوقظ نائمكم ويرجع قائمكم" (كلوا واشربوا حتى يؤذِّن ابن أمِّ مكتوم) تقدم هذا الحديث في باب الأذان مع شرحه. فإن قلت: قول القاسم: لم يكن بين أذانهما إلَّا أن يرقى هذا وينزل ذا؛ مشكلٌ؛ فإنَّ ذلك القدر من الزَّمان لا يحتمل الأكل والشرب؟ قلت: المنع من السحور إنما يكون بأول الأذان، فَبَعْدَ ابتداء أذان بلال وفراغه، ثم نزوله، ثم صعود ابن أم مكتوم وشروعه في الأذان زمانٌ جيد، على أنَّ المراد ليس إلا أن أذان بلال غير واقع، ولا يلزم أن يكون الشروع في الأكل مع أذانه، فلا إشكال.

18 - باب تأخير السحور

18 - باب تَأْخِيرِ السَّحُورِ 1920 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ - رضى الله عنه - قَالَ كُنْتُ أَتَسَحَّرُ فِي أَهْلِى، ثُمَّ تَكُونُ سُرْعَتِى أَنْ أُدْرِكَ السُّجُودَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. 19 - باب قَدْرِ كَمْ بَيْنَ السَّحُورِ وَصَلاَةِ الْفَجْرِ 1921 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ - رضى الله عنه - قَالَ تَسَحَّرْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ. قُلْتُ كَمْ كَانَ بَيْنَ الأَذَانِ وَالسَّحُورِ قَالَ قَدْرُ خَمْسِينَ آيَةً. طرفه 575 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب تعجيل السحور وفي بعضها: تأخير السحور، وهذا هو الظاهر من لفظ الحديث، ووجه الأوَّل أن يراد تعجيل الأكل لتأخره. 1920 - (كنت أتسحر في أهلي، ثم تكون سُرعتي) وفي بعضها: "سرعتي بي" (أن أدرك السحور مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) بفتح السين، وفي بعضها "السجود" بدل "السحور"، يريد به الرِّكوع الأول من الصلاة بقرينة أن إدراك الركعة إنما يكون بالركوع لا بالسجود، أو أراد نفس السجود، وهذا الذي يجب القول به؛ لما تقدم في المواقيت "ثم تكون سرعة بي أن أدرك صلاة الغداة". باب قدر كم بين السحور وصلاة الفجر السحور -بفتح السين-: الطعام الذي يتسحر به -وبالضم-: الفعل؛ أي: أكْلُ ذلك الطعام، وكلاهما مأخوذ من السحر. 1921 - (عن أنس عن زيد بن ثابت) هذه رواية الصحابي عن مثله (قال: تسحرنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قام إلى الصلاة، قلت: كم كان بين الأذان والسّحور؟ قال: قدر خمسين آية) أي: قِراءتها بالرفع، أي بين الفراغ من السحور والأذان هذا المقدار، قيل: ويجوز النصب بتقدير كان في كلام زيد في الجواب لا في كلام أنس في السؤال، وأنا أقول: لا يُعقل تقدير كان في كلام أنس، وهو السائل عن الكمية، وأمّا قوله: "ثم قام إلى الصلاة" لا مدخل له؛ لأن الغاية هي الأذان، والحكمة في هذا التأخير أن يظهر أثره في التقوَّي على الصوم.

20 - باب بركة السحور من غير إيجاب

20 - باب بَرَكَةِ السَّحُورِ مِنْ غَيْرِ إِيجَابٍ لأَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابَهُ وَاصَلُوا وَلَمْ يُذْكَرِ السَّحُورُ. 1922 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَاصَلَ فَوَاصَلَ النَّاسُ فَشَقَّ عَلَيْهِمْ، فَنَهَاهُمْ. قَالُوا إِنَّكَ تُوَاصِلُ. قَالَ «لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ، إِنِّى أَظَلُّ أُطْعَمُ وَأُسْقَى». طرفه 1962 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب بركة السحور من غير إيجاب استدل على عدم الوجوب بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه واصلوا مع عدم الإفطار فضلًا عن السحور. 1922 - (جويرية) بضم الجيم، مصغر. (إني لست كهيئتكم) شأني يباينُ شأنكم، ثم بيّن المُبَاين بقوله: (أظل أُطعم وأُسقى) على بناء المجهول، قال النووي: معناه إن الله يُفيض عليه من الأنوار ما ينسى بها ألم الجوع، وهذا أمر وجداني؛ فإنَّ من استغرق في أمر له به شغف لا يُحس بالألم، ولا يدري كيف مضى النهار. هذا كلامه، والأحسن أن يقال: يفيض عليه من القوى ما يقوى بها على تحمل مشاق الجوع؛ لأنَّ فضل الصوم أن يكون مع الجوع والعطش، وأيضًا كان يشد على بطنه الحجر لشدة الجوع، وسيأتي في حديث أبي طلحة أنه قال: رأيت في وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أثر الجوع. قال النووي: وهذا التأويل واجب، لأنَّ ظل مشتق من الظلول؛ وهو عمل النهار خاصة. بعض الشارحين يجوّز أن يراد الأكل والشرب حقيقة، كأنه قال: إني لست بمواصل؛ لأنَّ طعامي وشرابي ليس من جنس طعامكم وشرابكم. وهذا الذي قاله شيء لا يقوله عاقل؛ وذلك أنَّه أشار أولًا إلى أن شأنه يباين شأنهم، وأنه قادر على الوصال دونهم، فكيف يقال: إنه ليس بمواصل، والأكل والشرب لا يمكن وجودهما مع الصوم على أي وجه كان؛ سواء كان طعام الدنيا أو الجنة.

21 - باب إذا نوى بالنهار صوما

1923 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً». 21 - باب إِذَا نَوَى بِالنَّهَارِ صَوْمًا وَقَالَتْ أُمُّ الدَّرْدَاءِ كَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَقُولُ عِنْدَكُمْ طَعَامٌ فَإِنْ قُلْنَا لاَ. قَالَ فَإِنِّى صَائِمٌ يَوْمِى هَذَا. وَفَعَلَهُ أَبُو طَلْحَةَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَحُذَيْفَةُ - رضى الله عنهم. ـــــــــــــــــــــــــــــ 1923 - (تسحروا فإنَّه السحور بركة) البركة كلمة جامعة لأنواع الخير، ولا شكَّ أن من تسحر كان بالنهار ذا نشاط يقوم بسائر العبادات على وجه الكمال، وأيضًا في ذلك الوقت الشريف الذي هو مهبة ألطاف الرَّحمن يكون مستيقظًا مترصِّدًا صلاة الفجر في أول وقتها، وفيها مخالفة أهل الكتاب. فإن قلت: ليس في الحديث دلالة على عدم إيجاب السحور كما ترجم له. قلت: لما أجاز الوصال لهم دلَّ على عدم الوجوب. فإن قلت: قوله في الترجمة: باب بركة السحور من غير إيجاب، واستدل عليه بقوله: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه واصلوا ولم يذكر السحور، كيف يعقل الوصال مع السحور حتى نحتاج إلى الاحتراز عنه؟ قلت: سيروي بعد هذا أنه قال لأصحابه: "من أراد منكم الوصال فليواصل إلى السحر" دفع ذلك الوهم بأن وصالهم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن من ذلك، فإن ذلك ليس بوصال حقيقة، وإنما بين لهم نهاية الجواز لما واصل بهم، ولو كان السحور واجبًا لما أنكر الوصال. باب إذا نوى بالنهار صومًا (وقالت أمُّ الدرداء) هي الصغرى تابعية، واسمها هجيمة، والكبرى صحابية واسمها خيرة، قال شيخنا شيخ الإسلام: لا رواية للكبرى.

22 - باب الصائم يصبح جنبا

1924 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ رَجُلاً يُنَادِى فِي النَّاسِ، يَوْمَ عَاشُورَاءَ «أَنْ مَنْ أَكَلَ فَلْيُتِمَّ أَوْ فَلْيَصُمْ، وَمَنْ لَمْ يَأْكُلْ فَلاَ يَأْكُلْ». طرفاه 2007، 7265 22 - باب الصَّائِمِ يُصْبِحُ جُنُبًا 1925 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سُمَىٍّ مَوْلَى أَبِى بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ كُنْتُ أَنَا وَأَبِى حِينَ دَخَلْنَا عَلَى عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ ح. ـــــــــــــــــــــــــــــ 1924 - (أبو عاصم) الضحاك بن مخلد. (عن يزيد بن أبي عبيد) بضم العين، مصغر. (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث رجلًا ينادي في النَّاس يوم عاشوراء: إن من أكل فليتم، ومن لم يأكل فلا يأكل) استدلَّ به على أن نية الصوم بالنهار جائزة، وهذا في النفل متفق عليه، وقال أبو حنيفة في الفرض أيضًا، وقال الشافعي: الأمر بصوم عاشوراء كان ندبًا، وقد قال في الحديث الآخر: "لا صيام لمن لم يبيت بالصيام" إلا أن النفل خرج بما رواه مسلم وغيره عن عائشة: [قالت: قال لي] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم: "هل عندكم شيء"؟ قلنا: لا، قال: "فإني إذًا صائم". إلا أن مالكًا قال: إنْ كان يسرد الصوم تكفيه نية النهار، ومن لا يسرد لا يصح. باب الصائم يصبح جنبًا 1925 - (مسلمة) بفتح الميم واللام (سمي) بضم السين، مصغر.

1926 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ أَنَّ أَبَاهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَ مَرْوَانَ أَنَّ عَائِشَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ أَخْبَرَتَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُدْرِكُهُ الْفَجْرُ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ أَهْلِهِ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ وَيَصُومُ. وَقَالَ مَرْوَانُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ أُقْسِمُ بِاللَّهِ لَتُقَرِّعَنَّ بِهَا أَبَا هُرَيْرَةَ. وَمَرْوَانُ يَوْمَئِذٍ عَلَى الْمَدِينَةِ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ فَكَرِهَ ذَلِكَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثُمَّ قُدِّرَ لَنَا أَنْ نَجْتَمِعَ بِذِى الْحُلَيْفَةِ، وَكَانَتْ لأَبِى هُرَيْرَةَ هُنَالِكَ أَرْضٌ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ لأَبِى هُرَيْرَةَ إِنِّى ذَاكِرٌ لَكَ أَمْرًا، وَلَوْلاَ مَرْوَانُ أَقْسَمَ عَلَىَّ فِيهِ لَمْ أَذْكُرْهُ لَكَ. فَذَكَرَ قَوْلَ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ. فَقَالَ كَذَلِكَ حَدَّثَنِى الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ، وَهُنَّ أَعْلَمُ، وَقَالَ هَمَّامٌ وَابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَأْمُرُ بِالْفِطْرِ. وَالأَوَّلُ أَسْنَدُ. أطرافهما 1930، 1931، 1932 ـــــــــــــــــــــــــــــ 1926 - (أخبر مروان عن عائشة وأم سلمة أخبرتاه أن رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - كان يدركه الفجر وهو جنب من أهله) فائدة قوله: "من أهله" دفع احتمال الاحتلام (قال مروان لعبد [الرحمن] بن الحارث: أقسم بالله لتفزعن بها أبا هريرة) بضم التاء والفاء والزاي المعجمة من الفزع؛ وهو الخوف، وفي بعضها بالقاف والزاء المهملة: من التقريع؛ وهو التوبيخ، وفي بعضها: "لتعرفن" من التعريف. (فقال: كذلك أخبرني الفضل بن عباس) أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الصائم إذا أصبح جنبًا يفطر" اعتذر أبو هريرة بأنه لم يسمعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (وهو أعلم) أي: الفضل، يحتمل أن يكون ردًّا على مروان بأن الفضل أعلم من عائشة وأم سلمة، والظاهر أنَّه أراد التبرؤ من الغلط، وأن الغلط إنَّما هو من الفضل، يؤيده ما في بعضها: "هن أعلم" أي: أزواج النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وفي مسلم: "هما أعلم" أي: عائشةُ وأم سلمة، فإن قضية الجنابة من غير احتلام تتعلق بهما (وقال همام وابن عبد الله بن عمر عن أبي هريرة: كان النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يأمر بالفطر. والأولُ أسند) هذا كلام البُخاريّ، رجح رواية عائشة وأم سلمة على الذي رواه أبو هريرة، ويجوز أن يريد أن روايته عن الفضل أقوى سندًا من روايته عن رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - بلا واسطة.

23 - باب المباشرة للصائم

23 - باب الْمُبَاشَرَةِ لِلصَّائِمِ وَقَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - يَحْرُمُ عَلَيْهِ فَرْجُهَا. 1927 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ عَنْ شُعْبَةَ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُقَبِّلُ وَيُبَاشِرُ، وَهُوَ صَائِمٌ، وَكَانَ أَمْلَكَكُمْ لإِرْبِهِ. وَقَالَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (مَآرِبُ) حَاجَةٌ. قَالَ طَاوُسٌ (أُولِى الإِرْبَةِ) الأَحْمَقُ لاَ حَاجَةَ لَهُ فِي النِّسَاءِ. طرفه 1928 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب المباشرة للصائم المباشرة هنا: ملاقاة بشرة الرَّجل المرأة (قالت عائشة: يحرم عليه فرجها) هذا الذي قالت به قال به الأئمة. 1927 - (حرب) ضد الصلح (الحكم) بفتح الحاء والكاف. (كان النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يقبل ويباشر وهو صائم، وكان أملككم لإِربه) -بكسر الهمزة وسكون الراء- الحاجة؛ أي: شهوته تشير إلى أنَّه وإن كان يفعل ذلك فلا ينبغي لغيره فعله؛ لأنَّه كان معصومًا دون غيره، "ومن رعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه"، وبه قال الشَّافعي وأبو حنيفة وآخرون: يكره للشاب دون الشَّيخ، والأولى للكل تركه، إلَّا أنّه يشكل بما رواه مسلم عن عمر بن أبي سلمة أنَّه سأل عمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قبلة الصائم، فقال: سل هذه يشيرًا إلى أمه فأخبرته بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعل ذلك، فقال عمر: إن الله قد غفر لك يا رسول ما تقدم وما تأخر، فقال: "أما والله إنِّي لأتقاكم لله وأخشاكم" وعمر كان شابًا ولم يقيده في الجواب. (وقال طاوس: {غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ} [النور: 31] الأحمق الذي لا حاجة له للنساء) يشير إلى تفسير الإربة في الآية الكريمة.

24 - باب القبلة للصائم

24 - باب الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ وَقَالَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ إِنْ نَظَرَ فَأَمْنَى يُتِمُّ صَوْمَهُ. 1928 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ح وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيُقَبِّلُ بَعْضَ أَزْوَاجِهِ وَهُوَ صَائِمٌ. ثُمَّ ضَحِكَتْ. طرفه 1927 1929 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامِ بْنِ أَبِى عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّهَا - رضى الله عنهما - قَالَتْ بَيْنَمَا أَنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْخَمِيلَةِ إِذْ حِضْتُ فَانْسَلَلْتُ، فَأَخَذْتُ ثِيَابَ حِيضَتِى فَقَالَ «مَا لَكِ أَنُفِسْتِ». قُلْتُ نَعَمْ. فَدَخَلْتُ مَعَهُ فِي الْخَمِيلَةِ، وَكَانَتْ هِىَ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَغْتَسِلاَنِ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ، وَكَانَ يُقَبِّلُهَا وَهُوَ صَائِمٌ. طرفه 298 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب القبلة للصائم (وقال جابر بن زيد: إن نظر فأمنى) إن نزل منه بواسطة النظر (يتم صومه) وبه قالت الفقهاء إلَّا في رواية عن الإمام أحمد: أنَّه إن كرر النظر يفطر بالإمناء. 1928 - (عن عائشة: أن رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - كان يقبل بعض نسائه وهو صائم، ثم ضحكت) قيل: إنَّما ضحكت لأنها التي قبلها، وقيل: ضحكت تعجبًا من أن وجوب رواية الحديث ونشر العلم ألجأها إلى ذكر ما يُستحى منه، ومن رواية مسلم: "يقبلني". 1929 - ثم روى عن أم سلمة أنها كانت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في فراش، وأنها حاضت فأخذت ثياب الحيض، ثم دخلت معه في الخميلة؛ وهي كساء لها خَمْل، وقد سلف الحديث في أبواب الحيض. وموضع الدلالة قولها: (وكان يقبلها وهو صائم) وفي رواية أبي داود عن عائشة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يمصّ لسانها وهو صائم. قيل: هو حديث ضعيف.

25 - باب اغتسال الصائم

25 - باب اغْتِسَالِ الصَّائِمِ وَبَلَّ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - ثَوْبًا، فَأَلْقَاهُ عَلَيْهِ، وَهُوَ صَائِمٌ. وَدَخَلَ الشَّعْبِىُّ الْحَمَّامَ وَهُوَ صَائِمٌ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لاَ بَأْسَ أَنْ يَتَطَعَّمَ الْقِدْرَ، أَوِ الشَّىْءَ. وَقَالَ الْحَسَنُ لاَ بَأْسَ بِالْمَضْمَضَةِ وَالتَّبَرُّدِ لِلصَّائِمِ. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ إِذَا كَانَ صَوْمُ أَحَدِكُمْ فَلْيُصْبِحْ دَهِينًا مُتَرَجِّلاً. وَقَالَ أَنَسٌ إِنَّ لِى أَبْزَنَ أَتَقَحَّمُ فِيهِ وَأَنَا صَائِمٌ. وَيُذْكَرُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ اسْتَاكَ وَهُوَ صَائِمٌ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ يَسْتَاكُ أَوَّلَ النَّهَارِ وَآخِرَهُ، وَلاَ يَبْلَعُ رِيقَهُ. وَقَالَ عَطَاءٌ إِنِ ازْدَرَدَ رِيقَهُ لاَ أَقُولُ يُفْطِرُ. وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ لاَ بَأْسَ بِالسِّوَاكِ الرَّطْبِ. قِيلَ لَهُ طَعْمٌ. قَالَ وَالْمَاءُ لَهُ طَعْمٌ، وَأَنْتَ تُمَضْمِضُ بِهِ. وَلَمْ يَرَ أَنَسٌ وَالْحَسَنُ وَإِبْرَاهِيمُ بِالْكُحْلِ لِلصَّائِمِ بَأْسًا. 1930 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ وَأَبِى بَكْرٍ قَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُدْرِكُهُ الْفَجْرُ {جُنُبًا} فِي رَمَضَانَ، مِنْ غَيْرِ حُلُمٍ فَيَغْتَسِلُ وَيَصُومُ. طرفه 1925 ـــــــــــــــــــــــــــــ قلت: على تقدير صحته يحمل على أنَّه لم يبيع ريقه. باب اغتسال الصائم ما نقله الصّحابة والتابعون كله ممَّا اتفق على جوازه الأئمة إلَّا أن ذوق الطَّعام مكروه عند أحمد، ولو أحسّ بطعمه في حلقه يفطر. وقال الشَّافعي: يكره السواك بعد الزّوال (وقال أنس: إن لي أبزن) بفتح الهمزة وسكون الباء وزاي معجمة، لفظ عجمي مركب من آب بالمد؛ وهو الماء، وزَنْ؛ وهو: المكان، غير منصرف للعلمية والتركيب، قيل: هو حوض صغير، والتقحم: هو الدخول في الشيء عنفًا. 1930 - ثم روى في الباب طريقين عن عائشة (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يدركه الفجر وهو جنب من غير احتلام) وقد تقدم في باب الصائم يصبح جنبًا، وموضع الدلالة ذكر الاغتسال بعد الفجر، فدل على جوازه، وقد أشرنا أن فائدة قيد غير الاحتلام أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

26 - باب الصائم إذا أكل أو شرب ناسيا

1931 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ سُمَىٍّ مَوْلَى أَبِى بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ كُنْتُ أَنَا وَأَبِى، فَذَهَبْتُ مَعَهُ، حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ أَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِنْ كَانَ لَيُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ جِمَاعٍ غَيْرِ احْتِلاَمٍ، ثُمَّ يَصُومُهُ. 1932 - ثُمَّ دَخَلْنَا عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَقَالَتْ مِثْلَ ذَلِكَ. طرفاه 1925، 1926 26 - باب الصَّائِمِ إِذَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ نَاسِيًا وَقَالَ عَطَاءٌ إِنِ اسْتَنْثَرَ، فَدَخَلَ الْمَاءُ فِي حَلْقِهِ، لاَ بَأْسَ، إِنْ لَمْ يَمْلِكْ. وَقَالَ الْحَسَنُ إِنْ دَخَلَ حَلْقَهُ الذُّبَابُ فَلاَ شَىْءَ عَلَيْهِ. وَقَالَ الْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ إِنْ جَامَعَ نَاسِيًا فَلاَ شَىْءَ عَلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ منزه عن الاحتلام؛ لأنَّه من تلاعب الشَّيطان، وقيل: إشارة إلى أنَّه يفعل ذلك عمدًا، فيدل على الجواز في الاحتلام من باب الأولى. فإن قلت: أيّ مناسبة لذكر طعم القدر، والادّهان، والتوصيل، والاسْتياك، في باب الاغتسال؟ قلت: إشارة إلى أنّ المنع إما أن يكون لدخول ما له طعم في الفم أو لأنَّه زينة وترفه ولا يصلح شيء منهما مانعًا لهذه الأشياء. باب الصائم إذا أكل أو شرب ناسيًا (وقال عطاء: إن استنثر فدخل الماء في حلقه لا بأس إن لم يملك ردّهُ) قال الشَّافعي: إن بالغ فدخل الماء في حلقه أفطر. (وقال الحسن ومجاهد: إن جامع ناسيًا فلا شيء عليه) وعليه الأئمة إلَّا رواية عن الإمام أحمد: يجب عليه الكفارة.

27 - باب سواك الرطب واليابس للصائم

1933 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا ابْنُ سِيرِينَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا نَسِىَ فَأَكَلَ وَشَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ». طرفه 6669 27 - باب سِوَاكِ الرَّطْبِ وَالْيَابِسِ لِلصَّائِمِ وَيُذْكَرُ عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتَاكُ، وَهُوَ صَائِمٌ مَا لاَ أُحْصِى أَوْ أَعُدُّ. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِى لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ». وَيُرْوَى نَحْوُهُ عَنْ جَابِرٍ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَلَمْ يَخُصَّ الصَّائِمَ مِنْ غَيْرِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 1933 - (عبدان) على وزن شعبان، عبد الله بن عثمان المروزي (زريع) بضم الزَّاي مصغر. فإن قلت: ما وجه ذكر دخول الماء في الحلق؛ وكذا الذباب بأكل الناسي؟ قلت: الجامع عدم القدرة على الدفع. (إذا نسي فأكل أو شرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وأسقاه) وعليه الإجماع. فإن قلت: الإطعام والإسقاء من الله سواء كان ناسيًا أو عامدًا، فما وجه هذا الكلام؟ قلت: أراد أنَّه لا قصد له في ذلك، إنَّما هو كالأفعال الاضطرارية. باب السّواك الرّطب واليابس للصائم (ويذكر عن عامر بن ربيعة: رأيت النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يستاك وهو صائم ما لا أُحصي أو أعد) وعلى هذا الأئمة إلَّا الشَّافعي بعد الزَّوال، فإنَّه قال: يزيل خلوف فم الصائم؛ هذا إذا أفطر بالليل، وإن لم يفطر ففي أوّل النهار يكره. (وقال النَّبيُّ - صَلَّى الله عليه وسلم -: لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء) رواه تعليقًا، ورواه غير مسند، وهو حديث في غاية الشهرة، والمراد الأمر للوجوب، وإلا فأمر الندب متَّفقٌ عليه، والأحاديث في باب السّواك متواترة المعنى، وفي رواية الإمام أحمد:

وَقَالَتْ عَائِشَةُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ، مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ». وَقَالَ عَطَاءٌ وَقَتَادَةُ يَبْتَلِعُ رِيقَهُ. 1934 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ قَالَ حَدَّثَنِى الزُّهْرِىُّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ حُمْرَانَ رَأَيْتُ عُثْمَانَ - رضى الله عنه - تَوَضَّأَ، فَأَفْرَغَ عَلَى يَدَيْهِ ثَلاَثًا، ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاَثًا، ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى إِلَى الْمَرْفِقِ ثَلاَثًا، ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُسْرَى إِلَى الْمَرْفِقِ ثَلاَثًا، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى ثَلاَثًا، ثُمَّ الْيُسْرَى ثَلاَثًا، ثُمَّ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِى هَذَا، ثُمَّ قَالَ «مَنْ تَوَضَّأَ وُضُوئِى هَذَا، ثُمَّ يُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ، لاَ يُحَدِّثُ نَفْسَهُ فِيهِمَا بِشَىْءٍ، إِلاَّ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». طرفه 159 ـــــــــــــــــــــــــــــ "أُمرت بالسواك حتَّى ظننت أنَّه ينزل عليَّ فيه قرآن" (وقالت عائشة عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: السّواك مطهرة للفم، مرضاة للرّب) أي: سبب لهما كما في الحديث: "الولد مَجْبَنَة مبخلة" ما علقه عن عائشة أسنده أحمد والنَّسائيُّ. وما علقه أوّلًا عن عامر بن ربيعة أسنده أبو داود وأحمد، وتعليق أبي هريرة أسنده النَّسائيّ. فإن قلت: ما وجه دلالة هذا على الترجمة؟ قلت: هو بإطلاقه يشتمل الصائم وغيره، والسواك الرطب واليابس. 1934 - (عبدان) -على وزن شعبان- عبد الله بن عثمان المروزي (معمر) بفتح الميمين وعين ساكنة. روى حديث عثمان في الوضوء: (إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: من توضأ نحو وضوئي هذا، ثم يصلِّي ركعتين لا يحدث فيهما بشيء غفر له ما تقدم من ذنبه) وفي بعضها: "إلَّا غفر له".

28 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - «إذا توضأ فليستنشق بمنخره الماء» ولم يميز بين الصائم وغيره

28 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا تَوَضَّأَ فَلْيَسْتَنْشِقْ بِمَنْخِرِهِ الْمَاءَ». وَلَمْ يُمَيِّزْ بَيْنَ الصَّائِمِ وَغَيْرِهِ وَقَالَ الْحَسَنُ لاَ بَأْسَ بِالسَّعُوطِ لِلصَّائِمِ إِنْ لَمْ يَصِلْ إِلَى حَلْقِهِ، وَيَكْتَحِلُ. وَقَالَ عَطَاءٌ إِنْ تَمَضْمَضَ ثُمَّ أَفْرَغَ مَا فِي فِيهِ مِنَ الْمَاءِ لاَ يَضِيرُهُ، إِنْ لَمْ يَزْدَرِدْ رِيقَهُ، وَمَاذَا بَقِىَ فِي فِيهِ، وَلاَ يَمْضَغُ الْعِلْكَ، فَإِنِ ازْدَرَدَ رِيقَ الْعِلْكِ لاَ أَقُولُ إِنَّهُ يُفْطِرُ. وَلَكِنْ يُنْهَى عَنْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ والاستثناء من أعم الأحوال؛ أي: لا يأتي بالركعتين في حال من الأحوال إلَّا في حال غفران الذنوب. قال بعض الشارحين؛ فإن قلت: ما وجه الاستثناء؟ قلت: هو الاستفهام الإنكاري المفيد للنفي، ويحتمل أن يراد لا يحدث بشيء في شأن الرّكعتين؛ إلَّا في أنَّه قد غفر له. وهذا الذي قاله لا يحدث بشيء إلَّا بالغفران مناف لغرض الشارع؛ وذلك أن غرضه لا يحدث نفسه بشيء سوى ما يتعلق بالصلاة من رعاية الأركان والآداب ولو صرف فكره على الغفران كان ذاهلًا عن شأن الصَّلاة لغرض نفسه. فإن قلت: ما وجه دلالة الحديث على الترجمة؟ قلت: قوله: "نحو وضوئي" يدل على اشتماله على جميع الآداب والسنن، ومنها السواك، أو وقع ذكر السّواك في بعض طرق الحديث ولم يكن على شرطه؛ فأشار إليه كما هو دأبه. باب قول النَّبيِّ - صَلَّى الله عليه وسلم - "إذا توضأ فليستنشق بمنخره" بفتح الميم وكسر الخاء وقد تكسر الميم للإتباع: وهو داخل الأنف، قال ابن الأثير: ونخرتا الأنف -بضم النون- ثقباه؛ من النخير؛ وهو صوت الأنف. (ولم يُمَيِّز بين الصائم وغيره) فبإطلاقه يشمله، وفيه دلالة على أن ما يبلغه الماء من الأنف ليس يُعد من الجوف، ولكن إذا بالغ بحيث وصل الماء إلى دماغه أفطر اتفاقًا (قال الحسن: لا بأس بالسَّعوط) -بفتح السِّين- الدواء الذي يجعل في الأنف -وبالضم- الفعل، والرّواية على الأول؛ فيقدر مضاف؛ أي: استعماله. (وقال عطاء: إن مضمض ثم أفرغ ما فيه من الماء لا يضيره إنْ [لم] يزدرد ريقه) ويروى: "لا يضرّه" -بتشديد الرّاء- والمعنى واحد، يقال: ضرّه وضاره. وازدراد الطَّعام ابتلاعه. يقال: زرد وازدرد بتقديم المعجمة على المهملة بمعنى (ولا يمضغ العلك) -بكسر العين- ما يمضغ من العلك بفتح العين وسكون اللّام وهو المضغ، والعلك: جمع معروف (فإن ازدرد ريق العلك لا أقول: إنه يفطر، ولكن ينهى عنه) أي: نهي تنزيه، وعن مالك

29 - باب إذا جامع فى رمضان

فَإِنِ اسْتَنْثَرَ، فَدَخَلَ الْمَاءُ حَلْقَهُ، لاَ بَأْسَ، لَمْ يَمْلِكْ. 29 - باب إِذَا جَامَعَ فِي رَمَضَانَ وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ «مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ، مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَلاَ مَرَضٍ لَمْ يَقْضِهِ صِيَامُ الدَّهْرِ، وَإِنْ صَامَهُ». وَبِهِ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَالشَّعْبِىُّ وَابْنُ جُبَيْرٍ وَإِبْرَاهِيمُ وَقَتَادَةُ وَحَمَّادٌ يَقْضِى يَوْمًا مَكَانَهُ. 1935 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ سَمِعَ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ حَدَّثَنَا يَحْيَى - هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ - أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ أَخْبَرَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ بْنِ خُوَيْلِدٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - تَقُولُ إِنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ إِنَّهُ احْتَرَقَ. قَالَ «مَالَكَ». قَالَ أَصَبْتُ أَهْلِى فِي ـــــــــــــــــــــــــــــ يفطر، وإنَّما كره لأنَّه يجلب الرّيق ويكثره، ويزيل خلوف الفم؛ هذا إذا لم ينفصل شيء منه؛ وإن انفصل بطل صومه. باب إذا جامع في رمضان (ويذكر عن أبي هريرة رَفَعَه) -بفتح الفاء والعين على أنَّه فعل، وبرفع العين على أنَّه مصدر مضاف، والمرفوعُ هو قوله: (من أفطر يومًا من رمضان من غير عذر ولا مرض) من عطف الخاصِّ على العام (لم يقضه صيام الدهر وإن صامه) ليس معناه أنَّه يجب عليه الزيادة على يوم؛ بل أراد أنّ عند الله تعالى لا يعادل ثواب ذلك اليوم ثواب صوم الدهر؛ لعظم شأن رمضان، وهذا التعليق رواه أرباب السنن والبخاري في تاريخه، وإنَّما علق هنا لأنه لم يكن على شرطه (وقال سعيد بن المسيب والشعبي وابن جبير وحمّاد: يقضي يومًا مكانه) وعليه اتفاق الأئمة؛ لكن مع الكفارة عند أبي حنيفة. 1935 - (عبد الله بن منير) بضم الميم وكسر النون.

30 - باب إذا جامع في رمضان ولم يكن له شئ فتصدق عليه فليكفر

رَمَضَانَ. فَأُتِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِمِكْتَلٍ، يُدْعَى الْعَرَقَ فَقَالَ «أَيْنَ الْمُحْتَرِقُ». قَالَ أَنَا. قَالَ «تَصَدَّقْ بِهَذَا». طرفه 6822 30 - باب إِذَا جَامَعَ فِي رَمَضَانَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَىْءٌ فَتُصُدِّقَ عَلَيْهِ فَلْيُكَفِّرْ 1936 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكْتُ. قَالَ «مَا لَكَ». قَالَ وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِى وَأَنَا صَائِمٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا». قَالَ لاَ. قَالَ «فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ». قَالَ لاَ. فَقَالَ «فَهَلْ تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا». قَالَ لاَ. قَالَ فَمَكَثَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ أُتِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِعَرَقٍ فِيهَا تَمْرٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ (عن عباد بن عبد الله) بفتح العين وتشديد الباء. (أنّ رجلًا أتى النَّبيَّ - صَلَّى الله عليه وسلم - فقال إنه احترق) كناية من عظم جنايته (قال: مَا لَك؟ قال: أصبت أهلي في رمضان) أي: عامدًا؛ بدليل السّياق (فأتي النَّبيُّ - صَلَّى الله عليه وسلم - بمكتل) بكسر الميم فسره بالعرق، قال النووي: بفتح العين والرّاء زنبيل يسع خمسة عشر صاعًا؛ وهو ستون مدًّا، وهذا القدر هو كفارة صوم رمضان، واستدل مالك على أن من أفطر بالجماع عامدًا فعليه الإطعام لا غير، ولعلّه لم يبلغه تمام الحديث من ذكر الإعتاق وصيام شهرين. باب إذا جامع في رمضان ولم يكن له شيء فَتُصُدِّق عليه فليكفر روى في الباب حديث الرّجل الذي وقع على امرأته في رمضان بأطول ممَّا رواه في الباب قبله. 1936 - (حميد) بضم الحاء: مصغر (هل تجد رقبة تعتقها؟ قال: لا، قال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا، قال: فهل تجد إطعام ستين مسكينًا؟ قال: لا)

31 - باب المجامع فى رمضان هل يطعم أهله من الكفارة إذا كانوا محاويج؟

- وَالْعَرَقُ الْمِكْتَلُ - قَالَ «أَيْنَ السَّائِلُ». فَقَالَ أَنَا. قَالَ «خُذْهَا فَتَصَدَّقْ بِهِ». فَقَالَ الرَّجُلُ أَعَلَى أَفْقَرَ مِنِّى يَا رَسُولَ اللَّهِ فَوَاللَّهِ مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا - يُرِيدُ الْحَرَّتَيْنِ - أَهْلُ بَيْتٍ أَفْقَرُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِى، فَضَحِكَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ ثُمَّ قَالَ «أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ». أطرافه 1937، 2600، 5368، 6087، 6164، 6709، 6710، 6711، 6821 31 - باب الْمُجَامِعِ فِي رَمَضَانَ هَلْ يُطْعِمُ أَهْلَهُ مِنَ الْكَفَّارَةِ إِذَا كَانُوا مَحَاوِيجَ؟ 1937 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ إِنَّ الأَخِرَ وَقَعَ عَلَى امْرَأَتِهِ فِي رَمَضَانَ. فَقَالَ «أَتَجِدُ مَا تُحَرِّرُ رَقَبَةً». قَالَ لاَ. قَالَ «فَتَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ». قَالَ لاَ. قَالَ «أَفَتَجِدُ مَا تُطْعِمُ بِهِ سِتِّينَ مِسْكِينًا». قَالَ لاَ. قَالَ فَأُتِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ - وَهُوَ الزَّبِيلُ - قَالَ «أَطْعِمْ هَذَا عَنْكَ». قَالَ عَلَى أَحْوَجَ مِنَّا مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ مِنَّا. قَالَ «فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ». طرفه 1936 ـــــــــــــــــــــــــــــ اتفقت الأئمة على أن كفارة الصوم على هذا التَّرتيب الذي في الحديث، وأنها على العامد دون الناسي؛ إلَّا رواية عن أحمد (فقال: والله ما بين لابيتها) يريد الحرّتين (أهل بيت أفقر من أهل بيتي فضحك النَّبيُّ - صَلَّى الله عليه وسلم - حتَّى بدت أنيابه) هي آخر الأسنان، كناية عن كمال تبسّمه، وإنما تبسم لأنَّه واقع امرأته وحصّل لعياله ستين مدًّا من التمر مع سقوط الكفارة؛ وهي قصة غريبة (ثم قال: أطعمه أهلك) والرّقبة مؤمنة عند الشَّافعي حملًا للمطلق على المقيد به، على ما عرف من مذهبه. باب المجامع في رمضان هل يطعم أهله من الكفارة إذا كانوا محاويج 1937 - روى حديث أبي هريرة في الباب قبله بأخصر منه، مع زيادة بعض الألفاظ. (إن الآخر وقع على امرأته) قال ابن الأثير: الأخِر على وزن الكبد؛ هو الأبعد المتأخر عن الخير، كأَنّه لام نفسه على ما فعل. (أتي النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بعرق وهو الزبيل) -بفتح الزَّاي وكسر الباء- هو الزنبيل أيضًا، بزيادة النون. قال ابن دريد: هو القفة، سميت بذلك لأنها يحمل فيها الزّبل.

32 - باب الحجامة والقئ للصائم

32 - باب الْحِجَامَةِ وَالْقَىْءِ لِلصَّائِمِ وَقَالَ لِى يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلاَّمٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ ثَوْبَانَ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - إِذَا قَاءَ فَلاَ يُفْطِرُ، إِنَّمَا يُخْرِجُ وَلاَ يُولِجُ. وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّهُ يُفْطِرُ. وَالأَوَّلُ أَصَحُّ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةُ الصَّوْمُ مِمَّا دَخَلَ، وَلَيْسَ مِمَّا خَرَجَ. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَحْتَجِمُ، وَهُوَ صَائِمٌ، ثُمَّ تَرَكَهُ، فَكَانَ يَحْتَجِمُ بِاللَّيْلِ. وَاحْتَجَمَ أَبُو مُوسَى لَيْلاً. وَيُذْكَرُ عَنْ سَعْدٍ وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَأُمِّ سَلَمَةَ احْتَجَمُوا صِيَامًا. وَقَالَ بُكَيْرٌ عَنْ أُمِّ عَلْقَمَةَ كُنَّا نَحْتَجِمُ عِنْدَ عَائِشَةَ فَلاَ تَنْهَى. وَيُرْوَى عَنِ الْحَسَنِ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مَرْفُوعًا فَقَالَ أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ. وَقَالَ لِى عَيَّاشٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ الْحَسَنِ مِثْلَهُ. قِيلَ لَهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ نَعَمْ. ثُمَّ قَالَ اللَّهُ أَعْلَمُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الحجامة والقيء للصائم (معاوية بن سلام) بفتح السِّين وتشديد اللام (الحكم) بفتح الحاء والكاف (سمع أبا هريرة بقول: إذا قاء فلا يفطر إِنَّما يخرج ولا يولج) الأول على بناء الفاعل، والثاني على بناء المجهول، وهذا إنَّما يستقيم في غير الوقاع (ويذكر عن أبي هريرة أنَّه يفطر، والأوّل أصح) روى التِّرمذيُّ، وأبو داود، والحاكم، وابن حبان أن رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - قاء فأفطر وتأوّل العلماء أن معنى قاء: استقاء؛ لما روى أصحاب السنن عن أبي هريرة: أن رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - قال: "من ذرعه القيء وهو صائم فلا قضاء عليه" (ويروى عن الحسن عن غير واحد مرفوعًا: أفطر الحاجم والمحجوم) رواه مرفوعًا أبو داود، وابن ماجه، والإمام أحمد.

33 - باب الصوم فى السفر والإفطار

1938 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - احْتَجَمَ، وَهْوَ مُحْرِمٌ وَاحْتَجَمَ وَهْوَ صَائِمٌ. طرفه 1835 1939 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ احْتَجَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ صَائِمٌ. طرفه 1835 1940 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ ثَابِتًا الْبُنَانِىَّ يَسْأَلُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَكُنْتُمْ تَكْرَهُونَ الْحِجَامَةَ لِلصَّائِمِ قَالَ لاَ. إِلاَّ مِنْ أَجْلِ الضَّعْفِ. وَزَادَ شَبَابَةُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 33 - باب الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ وَالإِفْطَارِ 1941 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِىِّ ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: كيف الجمع مع حديث ابن عباس الذي رواه في الباب: أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - احتجم وهو صائم؟ قلت: أشار البُخاريّ إلى الجواب آخر الباب عن أنس: أن المنع إنَّما كان لأجل الضعف. فإن قلت: الضعف إنَّما يعقل من جانب المحجوم، فما بال الحاجم؟ قلت: كونه مَظنة أن يدخل جوفه شيء من الدَّم ممن يحجمه، وقيل: إنَّما قال: "أفطر الحاجم والمحجوم" في رجلين كان يغتابان رجلًا، ولا يخفى بعده. (عياش) بتشديد المثناة تحت وشين معجمة. 1938 - (معلى) بضم الميم وتشديد اللام. 1940 - (البُنانيّ) -بضم الباء بعده نون- نسبة إلى بنانة؛ قبيلة من عرب اليمن، قال الجوهري: اسم امرأة سعد بن لؤي بن غالب، وهم رهط ثابت البناني. باب الصوم في السَّفر والإفطار 1941 - (عن أبي إسحاق الشيباني) نسبة إلى شيبان، وهما قبيلتان: شببان ثعلبة،

سَمِعَ ابْنَ أَبِى أَوْفَى - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي سَفَرٍ فَقَالَ لِرَجُلٍ «انْزِلْ فَاجْدَحْ لِى». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ الشَّمْسُ. قَالَ «انْزِلْ فَاجْدَحْ لِى». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ الشَّمْسُ. قَالَ «انْزِلْ فَاجْدَحْ لِى». فَنَزَلَ، فَجَدَحَ لَهُ، فَشَرِبَ، ثُمَّ رَمَى بِيَدِهِ هَا هُنَا، ثُمَّ قَالَ «إِذَا رَأَيْتُمُ اللَّيْلَ أَقْبَلَ مِنْ هَا هُنَا فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ». تَابَعَهُ جَرِيرٌ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنِ الشَّيْبَانِىِّ عَنِ ابْنِ أَبِى أَوْفَى قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي سَفَرٍ. أطرافه 1955، 1956، 1958، 5297 1942 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو الأَسْلَمِىَّ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى أَسْرُدُ الصَّوْمَ. طرفه 1943 1943 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو الأَسْلَمِىَّ قَالَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَأَصُومُ فِي السَّفَرِ وَكَانَ كَثِيرَ الصِّيَامِ. فَقَالَ «إِنْ شِئْتَ فَصُمْ، وَإِنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ». طرفه 1942 ـــــــــــــــــــــــــــــ وشيبان ذهل، ومن قال إن نسبه إلى الشَّيب فقد زلت به المقدم، والشيباني هذا هو سليمان بن أبي سليمان (ابن أبي أوفى) عبد الله، واسم أبي أوفى علقمة. (قال: كنّا في سفر، فقال) أي: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (لرجل انزل فاجدح لي) بهمزة الوصل والجيم والحاء المهملة: من الجدح خلط السويق بالماء أو اللبن (فقال: يا رسول الله! الشَّمسُ) بالرفع؛ أي: باقية على الأفق أو عليك؛ كما جاء صريحًا في رواية قال: "اجدح لي" مرتين. فإن قلت: كيف جاز له مخالفة رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم -؟ قلت: ظنه نصحًا، وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعله يكون ذاهلًا عن الوقت، ومثله حسن من كل مأمور. (ثم رمى يده ههنا) قيل: الشرق، الرّمي مجاز عن الإشارة؛ وإنما أشار إلى نحو الشرق بيانًا لخطأ الرّجل، فإنَّه ظن أن معرفة دخول الليل يكون من طرف المغرب (إذا رأيتم الليل أقبل [من] ها هنا فقد أفطر الصائم) أي: حكمًا، لأنَّ محل الصوم هو النهار، أو مجاز عن وقت إفطاره. 1943 - (إن حمزة بن عمرو الأسلمي قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: أأَصوم في السَّفر؟ وكان كثير الصيام، فقال: إن شئت فصم، وإن شئت فأفطر).

34 - باب إذا صام أياما من رمضان ثم سافر

34 - باب إِذَا صَامَ أَيَّامًا مِنْ رَمَضَانَ ثُمَّ سَافَرَ 1944 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ الْكَدِيدَ أَفْطَرَ، فَأَفْطَرَ النَّاسُ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَالْكَدِيدُ مَاءٌ بَيْنَ عُسْفَانَ وَقُدَيْدٍ. أطرافه 1948، 2953، 4275، 4276، 4277، 4278، 4279 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: كيف التوفيق بينه وبين قوله: "ليس من البر الصيّام في السَّفر" رواه البُخاريّ ومسلم والنَّسائيُّ؟ قلت: ذلك لمن به ضعف؛ لأنَّه قال حين رأى رجلًا قد ظلل عليه، وسأل عنه، قيل: إنه صائم؟ وأمّا من به قوة فلا بأس به، فقد صام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في السَّفر، وصام أصحابه، وقد جاء في بعض الرِّوايات: أن حمزة بن عمرو قال: إنِّي أجد بي قوة. باب إذا صام من رمضان أيّامًا ثم سافر 1944 - (عن ابن عباس: أن رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - خرج إلى مكّة في رمضان حتَّى بلغ الكديد فأفطر) هذا الخروج كان سنة الفتح كما سيأتي إن شاء الله تعالى، والكديد بفتح الكاف. (قال البُخاريّ: ماء بين عسفان وقديد) بضم العين والقاف وكسر الدّال: اسم ماء، وقال صاحب "المطالع": عقبة تشرق على الجحفة، بينها وبين مكة اثنان وأربعون ميلًا، ويمكن الجمع بين القولين كما لا يخفى، وفي رواية مسلم: وكان ذلك بعد العصر، والحديث مرسل؛ لأنَّ ابن عباس كان إذ ذاك بمكة مع أُمّه.

35 - باب

35 - بابٌ 1945 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ أَنَّ إِسْمَاعِيلَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَهُ عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ عَنْ أَبِى الدَّرْدَاءِ - رضى الله عنه - قَالَ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ فِي يَوْمٍ حَارٍّ حَتَّى يَضَعَ الرَّجُلُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ، وَمَا فِينَا صَائِمٌ إِلاَّ مَا كَانَ مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَابْنِ رَوَاحَةَ. 36 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لِمَنْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ، وَاشْتَدَّ الْحَرُّ «لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ» 1946 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِىُّ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِىٍّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهم - قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي سَفَرٍ، فَرَأَى زِحَامًا، وَرَجُلاً قَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ «مَا هَذَا». فَقَالُوا صَائِمٌ. فَقَالَ «لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ 1945 - (عن يزيد بن جابر) من الزيادة (عن أم الدرداء) هي الصغرى؛ واسمها: هجيمة (عن أبي الدرداء) واسمه عويمر. روى عنه أنهم كانوا في سفر في يوم حار، ولم يكن صائمًا إلَّا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وابن رواحة عبد الله الأنصاري، قيل: كان هذا سنة الفتح، ولا يصح؛ لأنَّ ابن رواحة استشهد بمؤتة، وذاك قبل الفتح، وقيل: يوم بدر، ولا يصح؛ لأنَّ أبا الدرداء أسلم بعد بدر. باب قول النَّبيِّ - صَلَّى الله عليه وسلم - لمن ظلل عليه واشتد الحر: "ليس من البر الصوم في السَّفر" هذه الترجمة بعض حديث الباب، والرجل قيل: إنه أبو إسرائيل؛ واسمه: قيس، وفي

37 - باب لم يعب أصحاب النبى - صلى الله عليه وسلم - بعضهم بعضا فى الصوم والإفطار

37 - باب لَمْ يَعِبْ أَصْحَابُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِي الصَّوْمِ وَالإِفْطَارِ 1947 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كُنَّا نُسَافِرُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يَعِبِ الصَّائِمُ عَلَى الْمُفْطِرِ، وَلاَ الْمُفْطِرُ عَلَى الصَّائِمِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ رواية البيهقي: "ليس من أمبر امصيام في امسفر" وهي لغة من يبدل اللّام ميمًا، وقد ذكرنا آنفًا أن هذا فيمن يكون خفيفًا كما دل عليه الحديث جمعًا بين الأحاديث والله أعلم. 1947 - (عن أنس بن مالك). فإن قلت: روى مسلم: أن رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - لما أفطر فقيل له: إن ناسًا قد صاموا؟ فقال: "أولئك العصاة" وروى ابن ماجه مرفوعًا: "الصائم في السَّفر كالمفطر في الحضر"؟ قلت: حديث ابن ماجه سنده ضعيف، ولو صحّ لكان محمولًا على من يتضرَّرُ بالصوم؛ وأمّا قوله: "أولئك العصاة" فلأن ذلك كان عزيمة، حيث قال ليلة الفتح: "إنكم مصبحو عدوكم فأفطروا، فإن الفطر أقوى لكم" رواه مسلم عن أنس بن مالك. (كُنَّا نسافر مع النَّبيِّ - صَلَّى الله عليه وسلم - فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم) أعلم أنّ أحاديث هذه الأبواب موافقة للآية الكريمة دلت على جواز الإفطار والصوم في السَّفر، وللفقهاء على ذلك اتفاق أن الأفضل في حق من لم يتضرر الصومُ، أفضل لقوله تعالى: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 184]، ومن أنشأ السَّفر ليس له أن يفطر في ذلك اليوم إن خرج بعد طلوع الفجر؛ فإن أفطر لا كفارة عليه عندهم؛ إلَّا عند الشَّافعي إن أفطر بالجماع.

38 - باب من أفطر فى السفر ليراه الناس

38 - باب مَنْ أَفْطَرَ فِي السَّفَرِ لِيَرَاهُ النَّاسُ 1948 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ، فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ عُسْفَانَ، ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَرَفَعَهُ إِلَى يَدَيْهِ لِيُرِيَهُ النَّاسَ فَأَفْطَرَ، حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ، وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ قَدْ صَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَفْطَرَ، فَمَنْ شَاءَ صَامَ، وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ. طرفه 1944 39 - باب (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ) قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَسَلَمَةُ بْنُ الأَكْوَعِ نَسَخَتْهَا (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من أفطر في السَّفر ليراه النَّاس 1948 - (أبو عوانة) الوضّاح اليشكري. روى حديث ابن عبَّاس: أنّ رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - خرج من مكّة إلى المدينة، فلما بلغ عسفان أفطر، وقد تقدم عنه هذا الحديث في باب إذا صام من رمضان أيامًا ثم سافر، وموضع الدلالة هنا قوله: (ثم دعا بماء فرفعه إلى يده) قيل: فيه إشكال؛ لأنَّ الرفع إنَّما يكون باليد؛ لا إلى اليد، فأجاب بعضهم بأنه إلى أقصى يده، وقال بعضهم: فيه تصحيف، لما روى أبو داود: رفعه إلى فِيْهِ. قلت: حمل رواية الثقاة على التصحيف فيه بعدٌ، والأظهر أن تناوله ثم رفعه إلى فيه ليريه النَّاس، ليقتدى به في الإفطار؛ لئلا يشق عليهم، وفي رواية مسلم: أفطر لما كان بكراع الغميم قال النووي: وهو واد أمام عسفان بمقدار ميل، ورواية ابن عباس هذه من المراسيل؛ لأنَّ هذا كان سنة الفتح، ولم يكن معه، كان بمكة من المستضعفين. باب {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184] (وقال ابن عُمَر وَسَلمة بن الأكوع: نَسَخَتْها {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ})

هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ، يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ). وَقَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى لَيْلَى حَدَّثَنَا أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - نَزَلَ رَمَضَانُ فَشَقَّ عَلَيْهِمْ، فَكَانَ مَنْ أَطْعَمَ كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينًا تَرَكَ الصَّوْمَ مِمَّنْ يُطِيقُهُ، وَرُخِّصَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ فَنَسَخَتْهَا (وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ) فَأُمِرُوا بِالصَّوْمِ. 1949 - حَدَّثَنَا عَيَّاشٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ الناسخ قوله تعالى: ({فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185]). (وقال ابن نمير) بضم النون مصغر نمر: عبد الله (عمرو بن مرَّة) بضم الميم وتشديد الرّاء (ابن أبي ليلى) محمد بن عبد الرَّحمن (حدّثنا أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -) ليس هذا من الرّواية عن المجهول؛ لأنَّ الأصحاب كلهم عدول (نزل رمضان فشق عليهم) لأنهم لم يكونوا معتادين، مع كون البلاد حارة، وهم أهل عمل (فرخص لهم في ذلك) أي: في الإفطار مع القدرة على الصوم (فنسختها {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ}). فإن قلت: قد ذكرت أن الناسخ هو قوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}؟ قلت: الأمر كذلك، وفي هذا الكلام تسامح، ومن الشارحين من ذكر مثل ما ذكرنا، الناسخ هو قوله: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} ثم قال ثانيًا هنا: كيف نسختها والخيرية لا تقتضي الوجوب؟ وأجاب بأنّ معناه الصوم خير من التطوع بالفدية، والتطوع بها سنة؛ بدليل أنَّه خير، والخير من السنة لا يكون إلَّا واجبًا. هذا كلامه، وخبطه لا يخفى، وذلك أن قوله التطوع بالفدية سنة غلط؛ لأنَّ الفدية واجبة بعد الإفطار، ومنشأ وهمه قوله تعالى: {فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ} بعد ذكر الفدية، قال البيضاوي: من تطوع بالزيادة على الواجب من الفدية فهو خير. الثَّاني: أن قوله: الصوم خير من التطوع بالفدية مخالف لقول المفسرين؛ وذلك أن الخيرية صرفوها إلى الإفطار؛ ولذلك قال صاحب "الكشاف" و "البيضاوي": الآية تنتظم المريض والمسافر لا فدية عليهما. 1949 - (عياش) بفتح العين وتشديد المثناة تحت.

40 - باب متى يقضى قضاء رمضان

عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَرَأَ فِدْيَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ. قَالَ هِىَ مَنْسُوخَةٌ. طرفه 4506 40 - باب مَتَى يُقْضَى قَضَاءُ رَمَضَانَ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لاَ بَأْسَ أَنْ يُفَرَّقَ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ فِي صَوْمِ الْعَشْرِ لاَ يَصْلُحُ حَتَّى يَبْدَأَ بِرَمَضَانَ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ إِذَا فَرَّطَ حَتَّى جَاءَ رَمَضَانُ آخَرُ يَصُومُهُمَا، وَلَمْ يَرَ عَلَيْهِ طَعَامًا. وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ مُرْسَلاً، وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ يُطْعِمُ. وَلَمْ يَذْكُرِ اللَّهُ الإِطْعَامَ إِنَّمَا قَالَ (فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ). 1950 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ قَالَ سَمِعْتُ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - تَقُولُ كَانَ يَكُونُ عَلَىَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب متى يقضَى قضاء رمضان بضم الياء على بناء المجهول ورفع قضاء رمضان، ويروى على بناء الفاعل ونصب ما بعده؛ والمعنى: متى يصوم من فاته شيء من رمضان، وأتى بالاستفهام إشارة إلى اختلاف العلماء في ذلك. (وقال ابن عباس لا بأس أن يفرق لقول الله: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 185]). أي: من غير قيد التتابع، وروى الدّارقطنيّ عن ابن عمر مرفوعًا: "إن شاء تابع وإن شاء فرَّق". (وقال إبراهيم: إذا فرّط) بتشديد الرّاء أي: قصر (حتَّى جاء رمضان آخر يصومهما) بأن يقدم الأداء على القضاء، وفي بعضها: "يصومها" أي: تلك الأيَّام بعد أداء رمضان (ولم يَر عليه طعامًا ويذكر عن أبي هريرة وابن عباس أنَّه يطعم) وبه قال الشَّافعي والأئمة؛ إلَّا أبا حنيفة. فإن قلت: الشَّافعي إنَّما يعمل بالمرسل بشرائط كما علم من مذهبه؟ قلت: تلك الشرائط إنَّما تعتبر في مرسل التَّابعي؛ ومرسل الصحابى مقبول اتفاقًا. 1950 - (عن عائشة: كان يكون على الصوم) في كان ضمير الشأن، ويكون معناه يثبت

41 - باب الحائض تترك الصوم والصلاة

فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِىَ إِلاَّ فِي شَعْبَانَ. قَالَ يَحْيَى الشُّغْلُ مِنَ النَّبِيِّ أَوْ بِالنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 41 - باب الْحَائِضِ تَتْرُكُ الصَّوْمَ وَالصَّلاَةَ وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ إِنَّ السُّنَنَ وَوُجُوهَ الْحَقِّ لَتَأْتِى كَثِيرًا عَلَى خِلاَفِ الرَّأْىِ، فَمَا يَجِدُ الْمُسْلِمُونَ بُدًّا مِنِ اتِّبَاعِهَا، مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْحَائِضَ تَقْضِى الصِّيَامَ وَلاَ تَقْضِى الصَّلاَةَ. 1951 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنِى زَيْدٌ عَنْ عِيَاضٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ، وَلَمْ تَصُمْ فَذَلِكَ نُقْصَانُ دِينِهَا». طرفه 304 ـــــــــــــــــــــــــــــ من كان التَّامة (فما أستطيع أن أقضي إلّا في شعبان) وفسّره البُخاريّ ممَّا نقل عن يَحْيَى بن سعيد (الشّغْلُ من النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -) خبر مبتدأ؛ أي: المانع من الاستطاعةِ الاشتغالُ بخدمة رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم -، وهذا كان غاية الأدب منها؛ وإلا الفرض لا يحتاج في قضائه إذن الزّوج. فإن قلت: فإذا كان المانع الشغل بالنبي - صلى الله عليه وسلم - فأيُّ فرق بين شعبان وغيره؟ قلت: كان رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - يصوم أكثر شعبان، وأيضًا إذا ضاق عليها الوقت تعذر، واتفق العلماء على جواز تأخير القضاء إلى رمضان آخر، والأولى المبادرة إلى القضاء؛ وأمّا صوم التطوع فلا يجوز للمرأة بحضور الزوجين إلَّا بإذن الزوج، واتفقوا أيضًا على أن من مات في أثناء رمضان أو مات متصلًا موته بآخر رمضان بحيث لم يتمكن من الصوم ولا شيء عليه. باب الحائض تترك الصوم والصّلاة (وقال أبو الزناد) -بكسر الزَّاي بعدها نون- عبد الله بن ذكوان (إن السنن ووجوه الحق لتأتي كثيرًا على خلاف الرّأي) أي: القياس (منها أن الحائض تقضي الصوم ولا نقضي الصَّلاة) قال العلماء: قياس الصَّلاة على الصوم قياس مع الفارق؛ لأنَّ قضاء الصَّلاة فيه حرج، بخلاف الصَّوم؛ فإنَّه في السَّنة مرَّة. 1951 - (ابن أبي مريم) اسمه سعيد (عياض) بكسر العين وضاد معجمة. (قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم).

42 - باب من مات وعليه صوم

42 - باب مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمٌ وَقَالَ الْحَسَنُ إِنْ صَامَ عَنْهُ ثَلاَثُونَ رَجُلاً يَوْمًا وَاحِدًا جَازَ. 1952 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ أَعْيَنَ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى جَعْفَرٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جَعْفَرٍ حَدَّثَهُ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ». تَابَعَهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرٍو. وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ أَبِى جَعْفَرٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: كيف دلّ على الترجمة وليس فيها أنها تقضي الصوم ولا تقضي الصَّلاة؟ قلت: دل الحديث على الترك وعدمُ قضاء الصَّلاة وقضاء الصوم ممَّا لا خلاف فيه؛ كذا قيل، وفيه نظر؛ إذ ليس في الترجمة ولا في الحديث تعرض للقضاء وتركهما معًا؛ كما دل عليه الحديث صريحًا، وهو الذي ترجم عليه. باب من مات وعليه صوم (وقال الحسن: إن صام عنه ثلاثون رجلًا يومًا واحدًا جاز) يريد أن رجلًا كان عليه صوم شهر، صام عنه ذلك الشهر ثلاثون رجلًا في يوم واحد، سقط عنه ذلك الشهر؛ وإنَّما ذكره دفعًا لما يتوهم من وجوب التَّرتيب، ونظير هذا من مات وعليه حجٌّ استطاعةً، وآخرُ نذرًا، وآخرُ قضاءً، وحج عنه في عام ثلاثة رجال سقط الكلُّ. 1952 - (محمد بن خالد) قال الغساني: هو محمد بن يَحْيَى الذهلي، نسبة إلى جده (أعين) بفتح الهمزة على وزن أحمد. (من مات وعليه صوم صام عنه وليه) قال النووي: المراد بالولي القريب منه؛ سواء كان عصبة أو لا؛ وارثًا أو غير وارث. والمسألة فيها خلاف، وللشافعي فيها قولان؛ الصَّحيح أنَّه يصوم عنه وليه؛ لأنَّ هذه الأحاديث صريحة ولا معارض لها، وأمّا الحديث الذي يقول فيه: "من مات وعليه صوم يطعم عنه" فليس بثابت؛ ولئن سلم فيعمل بهما لعدم التعارض.

1953 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّى مَاتَتْ، وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ، أَفَأَقْضِيهِ عَنْهَا قَالَ «نَعَمْ - قَالَ - فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى». قَالَ سُلَيْمَانُ فَقَالَ الْحَكَمُ وَسَلَمَةُ، وَنَحْنُ جَمِيعًا جُلُوسٌ حِينَ حَدَّثَ مُسْلِمٌ بِهَذَا الْحَدِيثِ - قَالاَ - سَمِعْنَا مُجَاهِدًا يَذْكُرُ هَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِى خَالِدٍ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنِ الْحَكَمِ وَمُسْلِمٍ الْبَطِينِ وَسَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَتِ امْرَأَةٌ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّ أُخْتِى مَاتَتْ. وَقَالَ يَحْيَى وَأَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَتِ امْرَأَةٌ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّ أُمِّى مَاتَتْ. وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِى أُنَيْسَةَ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَتِ ـــــــــــــــــــــــــــــ 1953 - (عن مسلم البطين) بفتح الباء وكسر الطاء (وسلمة بن كهيل) بضم الكاف مصغر. (جاء رجل إلى النبي - صَلَّى الله عليه وسلم - وقال: إن أمي ماتت وعليها صوم شهر أَفأقضيه عنها؟ قال: نعم؛ فدين الله أحقُّ بالقضاء). فإن قلت: إذا تعارض حق العباد وحق الله يُقدم حقّ العباد؛ كما إذا ترك دينًا وأوصى ببناء مسجد مثلًا ولم يف المال بهما؛ يقدّم الدين؟ قلت: ذلك لا يدل على عدم أحقيته؛ وإنَّما قدم حق العباد في تلك الصورة لفقر العبد وغنى الله، إن الكلام فيما إذا أمكن، ولا شك أن الله هو المولى والمالك الحقيقي. (قال سليمان) هو الأعمش (الحكم) بفتح الحاء والكاف (ويذكر عن أبي خالد هذا) هو أبو خالد الأحمر، سليمان بن حيّان بفتح الحاء وتشديد المثناة تحت وفي هذا الطَّريق روى الأعمش عن ثلاثة؛ عن مسلم، وسلمة، والحكم، وهؤلاء الثلاثة عن ثلاثة؛ عن سعيد بن جبير، وعطاء، ومجاهد، عن ابن عباس (وقال يَحْيَى) يجوز أن يكون يَحْيَى بن موسى، وأن يكون يَحْيَى بن جعفر (وأبو معاوية) محمد بن خازم بالخاء المعجمة (يزيد بن أبي أُنيسة) بضم

43 - باب متى يحل فطر الصائم

امْرَأَةٌ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّ أُمِّى مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ نَذْرٍ. وَقَالَ أَبُو حَرِيزٍ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَتِ امْرَأَةٌ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مَاتَتْ أُمِّى وَعَلَيْهَا صَوْمُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا 43 - باب مَتَى يَحِلُّ فِطْرُ الصَّائِمِ وَأَفْطَرَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِىُّ حِينَ غَابَ قُرْصُ الشَّمْسِ. 1954 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى يَقُولُ سَمِعْتُ عَاصِمَ بْنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَا هُنَا، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَا هُنَا، وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ». ـــــــــــــــــــــــــــــ الهمزة على وزن المصغر (أبو حريز) بفتح الحاء ثم راء مهملة ثم معجمة عبد الله بن حسين، قاضي سجستان. فإن قلت: في الرّواية الأولى السائل رجل، ذكر أنّ أمه ماتت وعليها صوم شهر، وفي الرّواية الثَّانية السائل امرأة، وأن الميت أختها، ثم روى في ثلاث طرق أن السائل امرأة، وأنّ الميت أمها، وفي الرّواية الأخيرة: عليها صوم خمسة عشر يومًا، وفي رواية عن أبي خالد: صوم شهرين متتابعين؟ قلت: الكل صواب؛ حملًا [على] تعدد الواقعة. باب متى يحل فطر الصائم 1954 - (الحميدي) بضم [الحاء] مصغر منسوب. (إذا أقبل الليل من هاهنا) أي من المشرق (وأدبر النهار من ها هنا وغربت الشَّمس) جملة حالية تدفع توهم عدم الغروب من لفظة الإقبال (فقد أفطر الصائم) أي: حكمًا؛ وإن لم يأكل ولم يشرب؛ لأنَّ محل الصوم هو النهار، وقيل: معناه دخل في وقت الإفطار، ولا فائدة فيه؛ لأنَّه معلوم من قوله تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187].

44 - باب يفطر بما تيسر عليه بالماء وغيره

1955 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْوَاسِطِىُّ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنِ الشَّيْبَانِىِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى أَوْفَى - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي سَفَرٍ، وَهُوَ صَائِمٌ، فَلَمَّا غَرَبَتِ الشَّمْسُ قَالَ لِبَعْضِ الْقَوْمِ «يَا فُلاَنُ قُمْ، فَاجْدَحْ لَنَا». فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ أَمْسَيْتَ. قَالَ «انْزِلْ، فَاجْدَحْ لَنَا». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَلَوْ أَمْسَيْتَ. قَالَ «انْزِلْ، فَاجْدَحْ لَنَا». قَالَ إِنَّ عَلَيْكَ نَهَارًا. قَالَ «انْزِلْ، فَاجْدَحْ لَنَا». فَنَزَلَ فَجَدَحَ لَهُمْ، فَشَرِبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قَالَ «إِذَا رَأَيْتُمُ اللَّيْلَ قَدْ أَقْبَلَ مِنْ هَا هُنَا، فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ». طرفه 1941 44 - باب يُفْطِرُ بِمَا تَيَسَّرَ عَلَيْهِ بِالْمَاءِ وَغَيْرِهِ 1956 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِىُّ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِى أَوْفَى - رضى الله عنه - قَالَ سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ صَائِمٌ، فَلَمَّا غَرَبَتِ الشَّمْسُ قَالَ «انْزِلْ، فَاجْدَحْ لَنَا». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ أَمْسَيْتَ. قَالَ «انْزِلْ، فَاجْدَحْ ـــــــــــــــــــــــــــــ 1955 - (عن الشيباني) هو أبو إسحاق؛ سليمان بن أبي سليمان (عن عبد الله بن أبي أوفى) روى عنه: أنهم كانوا في سفر فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لرجل: (انزل فاجدح لنا) -بالجيم والحاء-: من الجدح؛ وهو خلط السويق بالماء أو اللبن، وقد تقدم هذا الحديث في باب الصوم والإفطار. قال بعض الشارحين: فاعلُ قال في قوله: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لو أمسيت" يجوز أن يكون عبد الله بن أبي أوفى، التفت إلى الغيبة، وأن يكون رجلًا آخر دل عليه السياق. وأنا أقول: قول ابن أبي أوفى: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لبعض القوم: "قم يا فلان" صريح في أنَّه خاطب غير ابن أبي أوفى، فلا التفات إلى ما زعم من التفات لأنَّه يوجب تفكيك الضمائر من غير داعية، على أن في رواية أبي داود: "يا بلال" بدل "يا فلان" وقد سلف أن مخالفة الرجل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان من باب النصح؛ لا ردًّا لقوله. باب يفطر بما تيسر من الماء وغيره 1956 - روى الحديث الذي في الباب قبله، حيث أمر الرجل بأن يجدح، ووجه الدلالة على الترجمة إفطاره على السويق؛ فإنَّه يدل على أنَّه يجوز بكلِّ ما تيسر؛ لأنَّه لم يفطر

45 - باب تعجيل الإفطار

لَنَا». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ عَلَيْكَ نَهَارًا. قَالَ «انْزِلْ، فَاجْدَحْ لَنَا». فَنَزَلَ، فَجَدَحَ، ثُمَّ قَالَ «إِذَا رَأَيْتُمُ اللَّيْلَ أَقْبَلَ مِنْ هَا هُنَا فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ». وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ قِبَلَ الْمَشْرِقِ. طرفه 1941 45 - باب تَعْجِيلِ الإِفْطَارِ 1957 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ». 1958 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنِ ابْنِ أَبِى أَوْفَى - رضى الله عنه - قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي سَفَرٍ، فَصَامَ حَتَّى أَمْسَى، قَالَ لِرَجُلٍ «انْزِلْ، فَاجْدَحْ لِى». قَالَ لَوِ انْتَظَرْتَ حَتَّى تُمْسِىَ. قَالَ «انْزِلْ، فَاجْدَحْ لِى، إِذَا رَأَيْتَ اللَّيْلَ ـــــــــــــــــــــــــــــ على الماء؛ وإن كان هو الأولى، بيانًا للجواز من الإفطار بغيره. باب تعجيل الإفطار 1957 - (عن أبي حازم) بالحاء المهملة: سلمة بن دينار. (أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا يزال النَّاس بخير ما عجلوا الفطر) يقال: أفطر وفطر بمعنى، والحكم في تعجيله أنَّه مبادرة إلى أمر الله، وأوفق وأرفق بالصائم، وروى الحاكم وابن حبَّان: أن اليهود والنصارى كانوا يؤخرون الفطر، وفيه تجاوز عن حد الشارع، فأمر رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك مخالفةً لأهل الكتاب. 1958 - ثم روى حديث ابن أبي أوفى (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في السَّفر لرجل: اجدح لنا) وقد تقدم آنفًا مرارًا، وفي رواية أبي داود عن مسدد "يا بلال" بدل "يا فلان".

46 - باب إذا أفطر فى رمضان ثم طلعت الشمس

قَدْ أَقْبَلَ مِنْ هَا هُنَا فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ». طرفه 1941 46 - باب إِذَا أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ ثُمَّ طَلَعَتِ الشَّمْسُ 1959 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ فَاطِمَةَ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما - قَالَتْ أَفْطَرْنَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ غَيْمٍ، ثُمَّ طَلَعَتِ الشَّمْسُ. قِيلَ لِهِشَامٍ فَأُمِرُوا بِالْقَضَاءِ قَالَ بُدٌّ مِنْ قَضَاءٍ. وَقَالَ مَعْمَرٌ سَمِعْتُ هِشَامًا لاَ أَدْرِى أَقْضَوْا أَمْ لاَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إذا أفطر في رمضان ثم طلعت الشَّمس 1959 - (عن أسماء بنت أبي بكر: أفطرنا على عهد النَّبيِّ - صَلَّى الله عليه وسلم - في يوم غيم، فطلعت الشَّمس قيل لهشام: فأُمِروا بالقضاء؟ قال: بدّ من القضاء) بتقدير حرف الاستفهام الإنكاري، وفي بعضها: لا بدّ من القضاء، وهذا ممَّا لا خلاف فيه؛ وكذا في أوّل النهار، وقال الشَّافعي: إن أكل في أوّل النهار ظانًا أنّه ليل، وكان قد طلع الفجر؛ إنْ لم يكن عن اجتهاد صحّ صومه، والفرقُ أنّ الأصل بقاء الليل. فإن قلت: فما الفرق عنده بين الاجتهاد وعدمه؟ قلت: لا أثر للاجتهاد الذي بأن خطؤه، ويخصصه أن خلافه كخلاف النصّ، ولم يفرق مالك وأبو حنيفة بين الاجتهاد وعدمه، وقالا بوجوب القضاء في الصّورتين. فإن قلت: رواية معمر عن هشام تعارض روايته الأولى من رواية أبي أسامة، فإنَّه صرح فيها بالقضاء، وشكّ في رواية معمر؟ قلت: أجاب شيخنا بأن جزم هشام مستند إلى دليل آخر غير الحديث. قلت: الأظهر أنَّه أخبر جازمًا ثم نسي أو بالعكس، ومثله كثير.

47 - باب صوم الصبيان

47 - باب صَوْمِ الصِّبْيَانِ وَقَالَ عُمَرَ - رضى الله عنه - لِنَشْوَانٍ فِي رَمَضَانَ وَيْلَكَ، وَصِبْيَانُنَا صِيَامٌ. فَضَرَبَهُ. 1960 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ ذَكْوَانَ عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ قَالَتْ أَرْسَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إِلَى قُرَى الأَنْصَارِ «مَنْ أَصْبَحَ مُفْطِرًا فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ، وَمَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا فَلْيَصُمْ». قَالَتْ فَكُنَّا نَصُومُهُ بَعْدُ، وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا، وَنَجْعَلُ لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَ الْعِهْنِ، فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهُ ذَاكَ، حَتَّى يَكُونَ عِنْدَ الإِفْطَارِ. قال: العهن: الصوف. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب صوم الصبيان (وقال عمر لنشوان: ويلك وصبياننا صيام) النشوان: فعلان من النشوة، وهي مبادئ السكر، وقال ابن الأثير: هي السكر. في رواية البغوي وسعيد بن منصور: كان ذلك في رمضان. 1960 - (بشر) بكسر الباء وشين معجمة (المفضّل) بفتح الفاء وضاد معجمة مشددة (عن الرُّبيع) -بضم الراء وكسر الياء المشددة-، مصغر ربيع (معوذ) بضم الميم وكسر الواو وقال معجمة. (أرسل رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - فداة عاشوراء) أي: في أوّل نهاره (إلى قرى الأنصار) من العوالي وغيرها (من أصبح مفطرًا فليتم بقية يومه) أي: ليمسك عن الأكل والشرب، وهذا يدل على أنَّه كان واجبًا كما في رمضان إذا ثبت في أثناء النهار أنّه من رمضان يجب إمساك بقية اليوم لمن كان مفطرًا كُنَّا نصومه ونُصَوِّم صبياننا) -بضم النون وكسر الواو المشددة- أي: نأمرهم بالصوم؛ ليعتادوا به؛ فإن الإجماع على أن فروع الشرع لا تجب إلَّا بالبلوغ. (ونجعل لهم اللعبة من العهن) -بضم اللام وسكون العين- ما يلعب به كالضحكة لمن يضحك منه، والعهن: الصوف الملون، وإنَّما جعلوا لهم ذلك ليذهل به عن الأكل والشرب (حتَّى يكون عند الإفطار) وفي رواية مسلم: "أعطيناه عند الإفطار" أي: عند إرادته الإفطار بالنّهار ليشغله عن ذلك، وهذا يقوي الوجوب.

48 - باب الوصال، ومن قال ليس فى الليل صيام

48 - باب الْوِصَالِ، وَمَنْ قَالَ لَيْسَ فِي اللَّيْلِ صِيَامٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) وَنَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْهُ رَحْمَةً لَهُمْ وَإِبْقَاءً عَلَيْهِمْ، وَمَا يُكْرَهُ مِنَ التَّعَمُّقِ. 1961 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنِى يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِى قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تُوَاصِلُوا». قَالُوا إِنَّكَ تُوَاصِلُ. قَالَ «لَسْتُ كَأَحَدٍ مِنْكُمْ، إِنِّى أُطْعَمُ وَأُسْقَى، أَوْ إِنِّى أَبِيتُ أُطْعَمُ وَأُسْقَى». طرفه 7241 1962 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْوِصَالِ. قَالُوا إِنَّكَ تُوَاصِلُ. قَالَ «إِنِّى لَسْتُ مِثْلَكُمْ، إِنِّى أُطْعَمُ وَأُسْقَى». طرفه 1922 1963 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنِى ابْنُ الْهَادِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ - رضى الله عنه - أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ تُوَاصِلُوا، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الوصال ومن قال: ليس في الليل صيام؛ لقوله تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187] وما يكره من التعمق [التعمق]: التكلّف في العمل والمبالغة فيه، كأنه يدخل في عمق البئر. 1961 - (قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لا تواصلوا قالوا: إنك تواصل) لو كان الوصال مذمومًا لم تفعله، فأجاب بقوله: (لست كأحد منكم) خطّأهم في القياس، بأنه قياس مع الفارق، وبيّنه بقوله: (إني أطعم وأسقى) وقد أشرنا في باب بركة السحور أن المراد من الطَّعام والشراب إفاضة القوى عليه بحيث يقاوم بها ألم الجوع، وأنّ حَمْلَهُ على الطَّعام والشراب اللذين ليسا من جنس طعام النَّاس وشرابهم على أنَّه يكون غير مواصل، غلط من قائله. 1963 - (يزيد بن الهاد) من الزيادة (خباب) بفتح المعجمة وتشديد الموحدة.

49 - باب التنكيل لمن أكثر الوصال

فَأَيُّكُمْ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُوَاصِلَ فَلْيُوَاصِلْ حَتَّى السَّحَرِ». قَالُوا فَإِنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «إِنِّى لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ، إِنِّى أَبِيتُ لِى مُطْعِمٌ يُطْعِمُنِى وَسَاقٍ يَسْقِينِ». طرفه 1967 1964 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَمُحَمَّدٌ قَالاَ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْوِصَالِ، رَحْمَةً لَهُمْ فَقَالُوا إِنَّكَ تُوَاصِلُ. قَالَ «إِنِّى لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ، إِنِّى يُطْعِمُنِى رَبِّى وَيَسْقِينِ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لَمْ يَذْكُرْ عُثْمَانُ رَحْمَةً لَهُمْ. 49 - باب التَّنْكِيلِ لِمَنْ أَكْثَرَ الْوِصَالَ رَوَاهُ أَنَسٌ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 1965 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْوِصَالِ فِي الصَّوْمِ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ (فأيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر) وهذا في الحقيقة ليس وصالًا، وإطلاق الوصال عليه للمشاكلة والازدواج. 1964 - (عثمان بن أبي شيبة ومحمد) كذا وقع غير منسوب، قال ابن السكن وأبو نصر: هو ابن سلام. (قالت عائشة: نهى النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن الوصال رحمة لهم) فَهِمَ منه بعضهم الجواز، قال النووي: الحق تحريم الوصال، وأنه من خواصه، وهذا الذي تمسك به من قال بالجواز ليس بشيء؛ بل هو بيان لعلة النَّهي. باب التنكيل لمن أكثر الوصال (رواه أنس عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -) تقدم في الباب قبله مسندًا عنه. 1965 - روى في الباب عن أبي هريرة (إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهاهم عن الوصال،

50 - باب الوصال إلى السحر

«وَأَيُّكُمْ مِثْلِى إِنِّى أَبِيتُ يُطْعِمُنِى رَبِّى وَيَسْقِينِ». فَلَمَّا أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا عَنِ الْوِصَالِ وَاصَلَ بِهِمْ يَوْمًا ثُمَّ يَوْمًا، ثُمَّ رَأَوُا الْهِلاَلَ، فَقَالَ «لَوْ تَأَخَّرَ لَزِدْتُكُمْ». كَالتَّنْكِيلِ لَهُمْ، حِينَ أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا. أطرافه 1966، 6851، 7242، 7299 1966 - حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِيَّاكُمْ وَالْوِصَالَ». مَرَّتَيْنِ قِيلَ إِنَّكَ تُوَاصِلُ. قَالَ «إِنِّى أَبِيتُ يُطْعِمُنِى رَبِّى وَيَسْقِينِ، فَاكْلَفُوا مِنَ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ». أطرافه 1965 50 - باب الْوِصَالِ إِلَى السَّحَرِ 1967 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنِى ابْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ تُوَاصِلُوا، فَأَيُّكُمْ أَرَادَ أَنْ يُوَاصِلَ فَلْيُوَاصِلْ حَتَّى السَّحَرِ». قَالُوا فَإِنَّكَ تُوَاصِلُ، يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ، إِنِّى أَبِيتُ لِى مُطْعِمٌ يُطْعِمُنِى وَسَاقٍ يَسْقِينِ». طرفه 1963 51 - باب مَنْ أَقْسَمَ عَلَى أَخِيهِ لِيُفْطِرَ فِي التَّطَوُّعِ وَلَمْ يَرَ عَلَيْهِ قَضَاءً، إِذَا كَانَ أَوْفَقَ لَهُ 1968 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْعُمَيْسِ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ فلما أبو [أن ينتهوا] عن الوصال) إنما أبوا لعلمهم بأنه نهاهم شفقة عليهم، وإلا لو علموا أنّ الأمر حتم لم يفعلوا ذلك (واصل بهم يومًا، ثم يومًا، ثم رأوا الهلال، فقال: لو تأخر لزدتكم كالتنكيل لهم) هو العقوبة، ضمنه معنى الزجر، فعدَّاه باللام. 1966 - (معمر) بفتح الميمين وسكون العين (همّام) بفتح الهاء وتشديد الميم. (فاكلفوا من الأعمال ما تطيقون) بفتح اللام احملوا منها ما يسهل عليكم، أصل الكلف الولوع بالشيء وحبه. باب من أقسم على أخيه ليفطر في التَّطوع ولم يَر عليه قضاء 1968 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (جعفر بن عون) بفتح العين وسكون الواو

عَوْنِ بْنِ أَبِى جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ آخَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ سَلْمَانَ، وَأَبِى الدَّرْدَاءِ، فَزَارَ سَلْمَانُ أَبَا الدَّرْدَاءِ، فَرَأَى أُمَّ الدَّرْدَاءِ مُتَبَذِّلَةً. فَقَالَ لَهَا مَا شَأْنُكِ قَالَتْ أَخُوكَ أَبُو الدَّرْدَاءِ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ فِي الدُّنْيَا. فَجَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ، فَصَنَعَ لَهُ طَعَامًا. فَقَالَ كُلْ. قَالَ فَإِنِّى صَائِمٌ. قَالَ مَا أَنَا بِآكِلٍ حَتَّى تَأْكُلَ. قَالَ فَأَكَلَ. فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ ذَهَبَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَقُومُ. قَالَ نَمْ. فَنَامَ، ثُمَّ ذَهَبَ يَقُومُ. فَقَالَ نَمْ. فَلَمَّا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ قَالَ سَلْمَانُ قُمِ الآنَ. فَصَلَّيَا، فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِى حَقٍّ حَقَّهُ. فَأَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «صَدَقَ سَلْمَانُ». طرفه 6139 ـــــــــــــــــــــــــــــ (أبو العميس) -بضم العين-: مصغر، هو عتبة بن عبد الله بن مسعود (عون بن أبي جحيفة) بضم الجيم: مصغر، وهب بن عبد الله السوائي. (آخى النَّبيُّ - صَلَّى الله عليه وسلم - بين سلمان وأبي الدرداء) واسمه عويمر بضم العين: مصغر (فرأى أم الدرداء مبتذلة) بتقديم الباء: من التبذّل، ويروى بتقديم الموحدة من الابتذال -بالذال المعجمة- كلاهما ترك الزينة ولبس العتيق، وأمُّ الدرداء هذه الكبرى، واسمها خيرة صحابية، ولا رواية لها؛ إنَّما الرّواية للصغرى هجيمة؛ تابعية، وهذا الحديث قد سبق في أبواب الصَّلاة في باب من نام أول الليل وأحيا آخره، وموضع الدلالة هنا قوله: "كُلْ فإني صائم، قال: ما أنا بآكل حتَّى تأكل". فإن قلت: ليس في الحديث أنَّه أقسم عليه؟ قلت: ربما لم يكن على شرطه فأشار في الترجمة على أن له أصلًا، أو جعل الحصر في ما أنا بآكل حتَّى تأكل كالقسم؛ فإنَّه في معنى القسم، وأمّا دعوى تقدير القسم قبل ما أنا بآكل، فلا يعتد به، ودلالة السياق عليه ممنوعة، لكن قد رواه البزار وابن خزيمة والدَّارقطنيُّ بلفظ: "أقسمت عليك لتفطرن" فأشار إليه البُخاريّ في الترجمة على دَأبه. فإن قلت: ليس في الحديث أنَّه لا قضاء؟ قلت: حيث ذكر للنبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يأمر بالقضاء، فكان تقريره دليلًا.

52 - باب صوم شعبان

52 - باب صَوْمِ شَعْبَانَ 1969 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى النَّضْرِ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ لاَ يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ لاَ يَصُومُ. فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إِلاَّ رَمَضَانَ، وَمَا رَأَيْتُهُ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ. طرفاه 1970، 6465 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب صوم شعبان 1969 - (عن أبي النضر) -بضاد معجمة- اسمه سالم. (كان رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - يصوم؛ حتى نقول: لا يفطر) أي: إلى آخر الشهر (وبفطر حتَّى نقول: لا يصوم) أي: من الشهر؛ أي: كان يوالي الصوم أيامًا، ويوالي الفطر أيامًا بحسب النشاط (وما رأيته أكثر صيامًا منه) تفضيل للشيء على نفسه باعتبارين. فإن قلت: قولها: ما رأيته استكمل شهرًا إلَّا رمضان، يخالف قول أم سلمة: ما رأيته صام شهرين متتابعين إلَّا شعبان ورمضان، وكذا رواية عائشة بعده: "كان يصوم شعبان كله". قلت: رواية الكل محمولة على أكثر الشهر؛ لما روى النَّسائيّ عن عائشة: "ما صام شهرًا كاملًا منذ قدم المدينة إلَّا رمضان". فإن قلت: لفظ كل إنَّما يؤتى به لدفع التجوز؟ قلت: قد يراد به المبالغة في الكثرة؛ لا فيما وقد صرّح به الراوي في الرّواية الأخرى. فإن قلت: فالحديث الذي رواه التِّرمذيُّ: "إذا انتصف شعبان لا صيام"؟ قلت: محمول على من لا يكون له عادة. فإن قلت: ما الحكمة في إكثاره صوم شعبان؟ قلت: قيل: كان يصوم من كل شهر ثلاثة أيَّام، فربما فاتَهُ ذلك في السَّفر، فيصوم بدله ما في شعبان، وقيل: موافقةً لنسائه فإنهنّ كُن يقضين صوم رمضان في شعبان؛ كما تقدم من رواية عائشة، والأحسن أنّه كان يُعَظِّمه لقربه من رمضان.

53 - باب ما يذكر من صوم النبى - صلى الله عليه وسلم - وإفطاره

1970 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - حَدَّثَتْهُ قَالَتْ لَمْ يَكُنِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَصُومُ شَهْرًا أَكْثَرَ مِنْ شَعْبَانَ، فَإِنَّهُ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ، وَكَانَ يَقُولُ «خُذُوا مِنَ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ، فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا، وَأَحَبُّ الصَّلاَةِ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مَا دُووِمَ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَلَّتْ» وَكَانَ إِذَا صَلَّى صَلاَةً دَاوَمَ عَلَيْهَا. طرفه 1969 53 - باب مَا يُذْكَرُ مِنْ صَوْمِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَإِفْطَارِهِ 1971 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ مَا صَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - شَهْرًا كَامِلاً قَطُّ غَيْرَ رَمَضَانَ، وَيَصُومُ حَتَّى يَقُولَ الْقَائِلُ لاَ وَاللَّهِ لاَ يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى يَقُولَ الْقَائِلُ لاَ وَاللَّهِ لاَ يَصُومُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 1970 - (معاذ بن فضالة) بضم الميم وفتح الفاء. (إنّ الله لا يملّ حتّى تملّوا) الملل على الله تعالى محال، والمراد منه الإعراض وعدم قبول عمل العبد؛ فإنّ من مَلَّ شيئًا أعرض عنه، وقد استوفينا الكلام عليه في أبواب الإيمان، في باب أحد؛ الدين إلى الله أدومه. باب ما يذكر من صوم النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وإفطاره 1971 - (أبو عوانة) -بفتح العين- الوضّاح الواسطيِّ (عن أبي بِشْر) بكسر الموحدة وسكون المعجمة: اسمه جعفر. (عن ابن عباس قال: ما صام النَّبيُّ - صَلَّى الله عليه وسلم - شهرًا كاملًا إلَّا رمضان). فإن قلت: ما التّوفيق بينه وبين رواية عائشة: كان يصوم شعبان كله؟ قلت: كل منهما أخبر على قدر علمه، أو الكل في روايتها محمول على الأكثر بدليل الرّواية الأولى عنها: ما رأيته استكمل شهرًا إلَّا رمضان.

54 - باب حق الضيف فى الصوم

1972 - حَدَّثَنِى عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ حُمَيْدٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا - رضى الله عنه - يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُفْطِرُ مِنَ الشَّهْرِ، حَتَّى نَظُنَّ أَنْ لاَ يَصُومَ مِنْهُ، وَيَصُومُ حَتَّى نَظُنَّ أَنْ لاَ يُفْطِرَ مِنْهُ شَيْئًا، وَكَانَ لاَ تَشَاءُ تَرَاهُ مِنَ اللَّيْلِ مُصَلِّيًا إِلاَّ رَأَيْتَهُ، وَلاَ نَائِمًا إِلاَّ رَأَيْتَهُ. وَقَالَ سُلَيْمَانُ عَنْ حُمَيْدٍ أَنَّهُ سَأَلَ أَنَسًا فِي الصَّوْمِ. طرفه 1141 1973 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسًا رضى الله عنه عَنْ صِيَامِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ مَا كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ أَرَاهُ مِنَ الشَّهْرِ صَائِمًا إِلاَّ رَأَيْتُهُ وَلاَ مُفْطِرًا إِلاَّ رَأَيْتُهُ، وَلاَ مِنَ اللَّيْلِ قَائِمًا إِلاَّ رَأَيْتُهُ، وَلاَ نَائِمًا إِلاَّ رَأَيْتُهُ، وَلاَ مَسِسْتُ خَزَّةً وَلاَ حَرِيرَةً أَلْيَنَ مِنْ كَفِّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَلاَ شَمِمْتُ مِسْكَةً وَلاَ عَبِيرَةً أَطْيَبَ رَائِحَةً مِنْ رَائِحَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 1141 54 - باب حَقِّ الضَّيْفِ فِي الصَّوْمِ 1974 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا يَحْيَى ـــــــــــــــــــــــــــــ 1972 - (حميد) بضم الحاء مصغر. 1973 - (أبو خالد الأحمر) واسمه سليمان بن حبَّان. (ولا مسست خزة) -بكسر السِّين- والخز بفتح المعجمة وتشديد الزَّاي المعجمة: مركب من الحرير والصوف، قال ابن الأثير: ويطلق على الحرير، والتأنيث باعتبار القطعة (ولا شممت) بكسر الميم (مسكة ولا عنبرة أطيب رائحة من رائحة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) هذه أمور خَصَّهُ الله بها جِبِلَّةً؛ ليكون الظاهر عنوانَ الباطن تكميلًا له من كل وجه. باب حق الضيف في الصوم 1974 - (إسحاق) قال الغساني: لم ينسبه أحد من شيوخنا، ولا نسبة أبو نصر. قلت:

55 - باب حق الجسم فى الصوم

قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رضى الله عنهما - قَالَ دَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَ الْحَدِيثَ يَعْنِى «إِنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا». فَقُلْتُ وَمَا صَوْمُ دَاوُدَ قَالَ «نِصْفُ الدَّهْرِ». طرفه 1131 55 - باب حَقِّ الْجِسْمِ فِي الصَّوْمِ 1975 - حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ أَبِى كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رضى الله عنهما - قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَا عَبْدَ اللَّهِ أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ». فَقُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «فَلاَ تَفْعَلْ، صُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ بِحَسْبِكَ أَنْ تَصُومَ كُلَّ شَهْرٍ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ نسبه أبو نعيم: إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، عن هارون. (عبد الله بن عمرو بن العاص: دخل عليَّ رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم -، فذكر الحديث) أي: الذي تقدم في أبواب الصَّلاة؛ وهو أنّ رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - بلغه أنّه يصوم النهار كله، ويقوم الليل؛ فنهاه عن ذلك، وأمره بصوم داود صوم يوم وفطر يوم، وصلاة داود ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه، ورواه في الباب بعده لكن بأخصر، وموضع الدلالة ههنا قوله: (لزورك عليك حقًّا) فإن الزور هو الزائر، وهو الضيف الذي ذكره في الترجمة. باب حق الجسم في الصوم 1975 - (ابن مقاتل) أبو الحسن محمد (الأوزاعي) بفتح الهمزة: عبد الرحمن شيخ أهل الشام في زمانه. روى في الباب حديث عبد الله بن عمرو بن العاص الذي في الباب قبله، وموضع الدلالة قوله: (فإن لجسدك عليك حقًّا) في ألا تكلفه فوق الطّاقة (ألم أخبر أنك تصوم النهار وتقوم الليل) استفهام إنكار، دخل النفي فأفاد الإثبات؛ أي: أخبرت، ولذلك صح قوله: بلى جوابًا له (وإن بحسبك أن تصوم من كل شهر ثلاثة) الباء زائدة؛ أي: إن كفايتك في صوم الدهر ثلاثة أيَّام في كل شهر؛ لأنَّ الحسنة بعشر أمثالها.

56 - باب صوم الدهر

لَكَ بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أَمْثَالِهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ». فَشَدَّدْتُ، فَشُدِّدَ عَلَىَّ، قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّى أَجِدُ قُوَّةً. قَالَ «فَصُمْ صِيَامَ نَبِىِّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَلاَ تَزِدْ عَلَيْهِ». قُلْتُ وَمَا كَانَ صِيَامُ نَبِىِّ اللَّهِ دَاوُدَ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - قَالَ «نِصْفَ الدَّهْرِ». فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَقُولُ بَعْدَ مَا كَبِرَ يَا لَيْتَنِى قَبِلْتُ رُخْصَةَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفاه 1131، 1152 56 - باب صَوْمِ الدَّهْرِ 1976 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو قَالَ أُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنِّى أَقُولُ وَاللَّهِ لأَصُومَنَّ النَّهَارَ، وَلأَقُومَنَّ اللَّيْلَ، مَا عِشْتُ. فَقُلْتُ لَهُ قَدْ قُلْتُهُ بِأَبِى أَنْتَ وَأُمِّى. قَالَ «فَإِنَّكَ لاَ تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ، فَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، وَصُمْ مِنَ الشَّهْرِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَذَلِكَ مِثْلُ صِيَامِ الدَّهْرِ». قُلْتُ إِنِّى أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ «فَصُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمَيْنِ». قُلْتُ إِنِّى أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ «فَصُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا، فَذَلِكَ صِيَامُ دَاوُدَ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - وَهْوَ أَفْضَلُ الصِّيَامِ». فَقُلْتُ إِنِّى أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ». طرفه 1131 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: كيف أطلق لجمرة بن عمرو الأسلمي أن يصوم الدهر ومنع عبد الله بن عمرو؟ قلت: علم من جمرة القوة على ذلك دون عبد الله، ألا ترى إلى قول عبد الله: يا ليتني قبلت رخصة النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. فإنَّه عجز عن القيام به، وكره ترك العبادة. باب صوم الدهر 1976 - (بأبي أنت وأمي) أي: مفدي بهما، روى حديث عبد الله المتقدم، وموضع الدلالة قوله: (ثلاثة أيَّام من كل شهر مثل صيام الدهر فقلت: إنِّي أطيق أفضل من ذلك؟ قال: لا أفضل من ذلك) خبره محذوف؛ أي: صوم. فإن قلت: فكيف قال العلماء باستحباب صوم الدهر؟ قلت: قيدوه إن لم يتضرر كما أشرنا إليه في سؤال عن جمرة بن عمرو الأسلمي.

57 - باب حق الأهل فى الصوم

57 - باب حَقِّ الأَهْلِ فِي الصَّوْمِ رَوَاهُ أَبُو جُحَيْفَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 1977 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ سَمِعْتُ عَطَاءً أَنَّ أَبَا الْعَبَّاسِ الشَّاعِرَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو - رضى الله عنهما - بَلَغَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَنِّى أَسْرُدُ الصَّوْمَ وَأُصَلِّى اللَّيْلَ، فَإِمَّا أَرْسَلَ إِلَىَّ، وَإِمَّا لَقِيتُهُ، فَقَالَ «أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ وَلاَ تُفْطِرُ، وَتُصَلِّى وَلاَ تَنَامُ، فَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، فَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَظًّا، وَإِنَّ لِنَفْسِكَ وَأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَظًّا». قَالَ إِنِّى لأَقْوَى لِذَلِكَ. قَالَ «فَصُمْ صِيَامَ دَاوُدَ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ -». قَالَ وَكَيْفَ قَالَ «كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا، وَلاَ يَفِرُّ إِذَا لاَقَى». قَالَ مَنْ لِى بِهَذِهِ يَا نَبِىَّ اللَّهِ قَالَ عَطَاءٌ لاَ أَدْرِى كَيْفَ ذَكَرَ صِيَامَ الأَبَدِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب حق الأهل في الصوم (رواه أبو جحيفة) بضم الجيم مصغر، وهب بن عبد الله، تقدم هذا التعليق عنه مسندًا قريبًا. 1977 - (أبو عاصم) هو الضَّحَّاك بن مخلد (ابن جريج) -بضم الجيم- مصغر، عبد الملك بن عبد العزيز (إن أبا العباس الشّاعر) هو السَّائب بن فروخ الأعمى. (بَلَغ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنِّي أسرد الصوم) أي: أصوم متواليًا من غير إفطار، من سرد الدرع إذا تابع بين الحلق (فإما أرسل إليّ وإمَّا لقيته). فإن قلت: قد تقدم أن عبد الله قال: جاءني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فألقيت له وسادة وذكره فيما بعد في باب صوم داود؟ قلت: محمول على تعدد القضية. (قال: فصم صيام داود قال: فكيف؟ قال: كان يصوم يومًا ويفطر يومًا، ولا يَفرُّ إذا لاقى العدو) لا يفر منه لبقاء قوته (قال: من لي بهذه يا نبي الله؟) أي: من يتكفل لي بهذه، إشارة إلى عدم الفرار، استبعاد منه أن يقدر عليه، لا الصوم فإنَّه زاد على صوم داود.

58 - باب صوم يوم وإفطار يوم

قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ صَامَ مَنْ صَامَ الأَبَدَ». مَرَّتَيْنِ. طرفه 1131 58 - باب صَوْمِ يَوْمٍ وَإِفْطَارِ يَوْمٍ 1978 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُغِيرَةَ قَالَ سَمِعْتُ مُجَاهِدًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «صُمْ مِنَ الشَّهْرِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ». قَالَ أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. فَمَا زَالَ حَتَّى قَالَ «صُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا» فَقَالَ «اقْرَإِ الْقُرْآنَ فِي شَهْرٍ». قَالَ إِنِّى أُطِيقُ أَكْثَرَ. فَمَا زَالَ حَتَّى قَالَ فِي ثَلاَثٍ. طرفه 1131 59 - باب صَوْمِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ 1979 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِى ثَابِتٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا ـــــــــــــــــــــــــــــ (لا صام من صام الأبد) هو الدوام من غير انقطاع، فيدخل فيه العيدان وأيَّام التشريق، كأنه قال: صوم الأبد ليس مقدورًا لأحد؛ لبطلان الصّوم في هذه الأيَّام ويحتمل أن يكون دعاء عليه زجرًا، وأن يكون أخبر عن عدم وقوعه من غير مشقة. باب صوم يوم وإفطار يوم 1978 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (غندر) بضم الغين وفتح الدال. روى في الباب حديث عبد الله، وقد مرّ مرارًا، وفيه زيادة قوله: (اقرأ القرآن في كل شهر قلت: إنِّي أطيق أكثر، فما زال حتَّى قال: في ثلاث) أي: في ثلاث ليال، ولعل ذكر الليالي لأنَّ أكثر التلاوة تكون فيها، أو لأنَّ الليالي غرر الأيَّام، والحديث دلّ على كراهة الختم في أقل من ثلاث، وبه قال أكثر السلف، قال النووي: وكانت للسّلف في ذلك عادات مختلفة؛ منهم من يختم في شهر، ومنهم في عشرين، ومنهم في سبعة، وأكثر ما بلغنا ثمان ختمات في يوم وليلة، ومدار هذا على النشاط، فعليه أن يقرأ ما كان على نشاط، "فإن الله لا يمل حتَّى تملّوا". باب صوم داود 1979 - (حبيب) مثل الصِّديق لفظًا ومعنى.

الْعَبَّاسِ الْمَكِّىَّ - وَكَانَ شَاعِرًا وَكَانَ لاَ يُتَّهَمُ فِي حَدِيثِهِ - قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ لِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّكَ لَتَصُومُ الدَّهْرَ، وَتَقُومُ اللَّيْلَ». فَقُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «إِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ هَجَمَتْ لَهُ الْعَيْنُ وَنَفِهَتْ لَهُ النَّفْسُ، لاَ صَامَ مَنْ صَامَ الدَّهْرَ، صَوْمُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ صَوْمُ الدَّهْرِ كُلِّهِ». قُلْتُ فَإِنِّى أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ «فَصُمْ صَوْمَ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا، وَلاَ يَفِرُّ إِذَا لاَقَى». طرفه 1131 1980 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْوَاسِطِىُّ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ خَالِدٍ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو الْمَلِيحِ قَالَ دَخَلْتُ مَعَ أَبِيكَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَحَدَّثَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ذُكِرَ لَهُ صَوْمِى فَدَخَلَ عَلَىَّ، فَأَلْقَيْتُ لَهُ وِسَادَةً مِنْ أَدَمٍ، حَشْوُهَا لِيفٌ، فَجَلَسَ عَلَى الأَرْضِ، وَصَارَتِ الْوِسَادَةُ بَيْنِى وَبَيْنَهُ. فَقَالَ «أَمَا يَكْفِيكَ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ». قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «خَمْسًا». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «سَبْعًا». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «تِسْعًا». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «إِحْدَى عَشْرَةَ». ثُمَّ قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ (سمعت أبا العباس المكيِّ، وكان شاعرًا، وكان لا يتهم في حديثه) إنما أردفه بهذا دلالة على أن كونه شاعرًا لا يقدح في روايته، والأمر كذلك؛ فإن كثيرًا من الصّحابة كانوا شعراء. (إذا فعلت ذلك هجمت له العين) أي: غارت ودخلت، ومنه هجمت على فلان دخلت عليه بغتة (ونفهت النَّفس) بفتح النون وكسر الفاء: أي: كلت وأعيت، ويروى "نثهت" ورواه بعضهم: "نهثت" من النهث بالثاء المثلثة بدل الفاء والظاهر أنَّه تصحيف، فإن هذه الكلمة ليس لها ذكر في كتب اللغة، وقيل: بالثاء المثلثة بدل عن المثناة وهو صوت يخرج كان المصدر يشبه الزّحير، ذكره ابن الأثير، وفي رواية أبي الهشيم: "نهكت" بالكاف، من النهك؛ وهو النقصان. 1980 - (خالد بن عبد الله عن خالد) الأول هو الطّحان؛ والثاني الحذّاء (عن أبي قلابة) -بكسر القاف- عبد الله بن زيد بن عمرو الجرمي (أبو المليح) عامر بن أسامة.

60 - باب صيام أيام البيض ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة

النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ صَوْمَ فَوْقَ صَوْمِ دَاوُدَ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - شَطْرَ الدَّهْرِ، صُمْ يَوْمًا، وَأَفْطِرْ يَوْمًا». طرفه 1131 60 - باب صِيَامِ أَيَّامِ الْبِيضِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ وَخَمْسَ عَشْرَةَ 1981 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَبُو التَّيَّاحِ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو عُثْمَانَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ أَوْصَانِى خَلِيلِى - صلى الله عليه وسلم - بِثَلاَثٍ صِيَامِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَىِ الضُّحَى، وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ. طرفه 1178 ـــــــــــــــــــــــــــــ (لا صوم فوق صوم داود شطرَ الدهر) نُصِب بتقدير أعني، وقد سبق أن هذا في حق من يتضرر بصوم الدّهر. باب صيام البيض ثلات عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة البيض: صفة الليالي؛ تقديره: صيام أيَّام الليالي البيض؛ وإنَّما سميت بذلك لوجود القمر فيها من أول الليالي إلى آخرها، وقوله: ثلاث عشرة إلى آخره، بيان الليالي، ولذلك أثبتت التاء في الجزء الأخير دون الأول، ويجوز في الشين السكون والكسر، والكسر أفصح. 1981 - (أبو معمر) -بفتح الميمين وسكون العين- عبد الله بن عمرو (أبو التياح) -بفتح الفوقانية وتشديد المثناة تحت- يزيد بن حميد (عن أبي عثمان) عبد الرَّحمن النَّهدي. (عن أبي هريرة: أوصاني خليلي - صلى الله عليه وسلم - بثلاثٍ) بالتنوين؛ أي: خصال، ثم فترها بقوله: (ثلاثة أيَّام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أُوتر قبل أن أنام) قد سبق في أبواب الوتر أنّ هذا إنَّما هو في حق من لا يثق بالانتباه. فإن قلت: ما في الحديث مطلق وما في الترجمة مقيد، فلا يدل عليه. قلت: لم يقع له مقيدًا، وقد رواه أصحاب السنن مقيدًا، فأشار في الترجمة إلى أنّ له أصلًا وإن لم يثبت عنده.

61 - باب من زار قوما فلم يفطر عندهم

61 - باب مَنْ زَارَ قَوْمًا فَلَمْ يُفْطِرْ عِنْدَهُمْ 1982 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنِى خَالِدٌ - هُوَ ابْنُ الْحَارِثِ - حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - دَخَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى أُمِّ سُلَيْمٍ، فَأَتَتْهُ بِتَمْرٍ وَسَمْنٍ، قَالَ «أَعِيدُوا سَمْنَكُمْ فِي سِقَائِهِ، وَتَمْرَكُمْ فِي وِعَائِهِ، فَإِنِّى صَائِمٌ». ثُمَّ قَامَ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ الْبَيْتِ، فَصَلَّى غَيْرَ الْمَكْتُوبَةِ، فَدَعَا لأُمِّ سُلَيْمٍ، وَأَهْلِ بَيْتِهَا، فَقَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِى خُوَيْصَةً، قَالَ «مَا هِىَ». قَالَتْ خَادِمُكَ أَنَسٌ. فَمَا تَرَكَ خَيْرَ آخِرَةٍ وَلاَ دُنْيَا إِلاَّ دَعَا لِى بِهِ قَالَ «اللَّهُمَّ ارْزُقْهُ مَالاً وَوَلَدًا وَبَارِكْ لَهُ». فَإِنِّى لَمِنْ أَكْثَرِ الأَنْصَارِ مَالاً. وَحَدَّثَتْنِى ابْنَتِى أُمَيْنَةُ أَنَّهُ دُفِنَ لِصُلْبِى مَقْدَمَ حَجَّاجٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من زار قومًا فلم يفطر عندهم 1982 - (محمد بن المثني) بضم الميم وتشديد النون المفتوحة (حميد) بضم الحاء، مصغر (سليم) بضم السِّين، مصغر (أم أنس) تقدم الاختلاف في اسمها. (أعيدوا سمنكم في سقائه) -بكسر السِّين- قال الجوهري: ظرف الماء واللبن، والرَطْب للبن خاصة، والقربة للماء خاصة، فعلى هذا استعماله في السمن من إطلاق المقيد على المطلق (إن لي خويصة) -بضم الخاء وتشديد الصاد- مصغر خاصته؛ وهي ما يكون في الشيء دون غيره؛ كالضحك في الإنسان، أرادت اختصاصه برسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم -؛ فإنَّه كان خادمه، ويجوز أن يريد خاصته نفسها، يؤيده قوله: "إن لي خويصة" ولم يقل لك (فما ترك خير آخرة ولا دنيا إلَّا دعا لي). فإن قلت: لم نكر الآخرة والدنيا؟ قلت: الدُّنيا علم لهذه الدار، والآخرة علم لتلك الدار، ولم يرد حقيقتهما، بل أراد المبالغة؛ أي: لم يترك شيئًا ممَّا يصدق عليه أنَّه متاع آخرة أو دنيا؛ سواء كان متعارفًا، أو غير متعارف، وقال صاحب الكشاف: إنَّما نكر لا لتنكير نفسه بل لتنكير المضاف؛ لأنَّه أراد أمرًا من أمور الآخرة، ولا يتأتى هذا المعنى إلَّا إذا كان المضاف إليه نكرة، وما ذكرناه أوفق بالعربية، وأبلغ معنى. (اللَّهم ارزقه مالًا وولدًا، وبارك له فيه) يجوز أن يكون بدلًا من قوله: "ما ترك من خير آخرة ودنيا" فإن المال والولد إذا بورك له فيهما لم يخرج عن أمر الدارين منهما شيء، ويجوز أن يكون هذا بعض ما دعا له به، وهذا هو الحق؛ فإنَّه جاء في سائر الروايات أنَّه دعا له بالمغفرة وطول العمر أيضًا. (وحدثتني أُمينة) بضم الهمزة وفتح الميم مصغر (أنّه دفن من صلبي مقدم الحجاج

62 - باب الصوم آخر الشهر

الْبَصْرَةَ بِضْعٌ وَعِشْرُونَ وَمِائَةٌ. حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنِى حُمَيْدٌ سَمِعَ أَنَسًا - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 6334، 6344، 6378، 6380 62 - باب الصَّوْمِ آخِرَ الشَّهْرِ 1983 - حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مَهْدِىٌّ عَنْ غَيْلاَنَ. وَحَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا مَهْدِىُّ بْنُ مَيْمُونٍ حَدَّثَنَا غَيْلاَنُ بْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. أَنَّهُ سَأَلَهُ - أَوْ سَأَلَ رَجُلًا وَعِمْرَانُ يَسْمَعُ - فَقَالَ «يَا أَبَا فُلاَنٍ أَمَا صُمْتَ سَرَرَ هَذَا الشَّهْرِ». قَالَ أَظُنُّهُ قَالَ يَعْنِى رَمَضَانَ. قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ البصرة) نصب بالمصدر؛ وهو مقدم، ولا بدّ من تقدير زمان؛ أي: زمن قدومه؛ كقولك: آتيك خفوق النّجم، وهذا لأن اسم الزّمان لا يعمل، ولا يجوز حمله عليه، ورواية أنس عن بنته من رواية الأكابر عن الأصاغر، ومن رواية الآباء عن البنات، ومن رواية الصّحابي عن التَّابعي، وفيه غرابة من ثلاثة أوجه (بضع وعشرون ومائة) البِضع -بكسر الباء- ما بين الثلاث إلى التسع، وفي رواية البيهقي: سبع وعشرون. باب: الصَّوم من آخر الشهر 1983 - (الصلت بن محمد) بصاد مهملة (مهدي) بفتح الميم (غيلان) -بغين معجمة- على وزن شعبان (أبو النُّعمان) -بضم النون- محمد بن الفضل (مطرِّف) بكسر الراء المشددة (عمران بن حصين) بضم الحاء مصغر. (يا أبا فلان أما صمت سَرَرَ هذا الشهر) بثلاث فتحات: قال الأزهري: سرر الشهر بفتح السِّين وضمها وكذا سراره بكسر السِّين وفتحها: آخر ليلة يستتر فيه القمر. وأورد عليه بأن هذا لا يستقيم؛ لأنَّه نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن تقدم رمضان بصوم يوم ويومين، وأجاب بعضهم: بأن ذلك الرجل كان من عادته صوم آخر الشهر، وقد تقدم أنّ النَّهي إنَّما هو لمن لم

63 - باب صوم يوم الجمعة

63 - باب صَوْمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَإِذَا أَصْبَحَ صَائِمًا يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُفْطِرَ. ولا يريد أن يصوم بعده. 1984 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادٍ قَالَ سَأَلْتُ جَابِرًا - رضى الله عنه - نَهَى ـــــــــــــــــــــــــــــ يكن له عادة، وقيل: سرار الشهر أوّله ومنتهاه، وقيل: وسطه، ويؤيّد هذا أنَّه جاء في رواية "سرته" -بالتاء- وسرة الشيء وسطه، ويوافق أيضًا رواية أيَّام البيض. (قال: أظنه قال يعني رمضان) هذا مقوله أبي النُّعمان، وفاعل قال الثَّاني شيخ أبي النُّعمان، وفاعل يعني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (لم يقل الصلت أظنه يعني) يريد أن هذه الزيادة إنَّما هي في طريق أبي النُّعمان (وقال ثابت عن مطرف عن عمران عن النَّبيِّ - صَلَّى الله عليه وسلم -: من سَرَرَ شعبان، قال أبو عبد الله: وشعبان أصح) أي: هو الصّواب، أراد المبالغة في صحته؛ لا أن ما يُقابله يمكن أن يكون صحيحًا؛ لأنَّ السرر بأي تفسير فُسِّر لا يصح في رمضان؛ لأنَّ كله فرض على كل أحد، فلا وجه للسؤال عن صومه، وما يقال: يجوز أن يكون رمضان ظرفًا لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ أي: قاله في رمضان، فلا يصح لأنَّ قوله الراوي: يعني رمضان تفسير للشهر الذي لم يصم منه المخاطب، وفاعل يعني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. باب صوم يوم الجمعة وإذا أصبح يوم الجمعة صائمًا فعليه أن يفطر يعني: إذا لم يصم قبله ولا يريد أن يصوم بعده. 1984 - (أبو عاصم) الضَّحَّاك بن مخلد (ابن جُريج) بضم الجيم مصغر (عباد) بفتح العين وتشديد الباء.

النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ قَالَ نَعَمْ. زَادَ غَيْرُ أَبِى عَاصِمٍ أَنْ يَنْفَرِدَ بِصَوْمٍ. 1985 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ يَصُومَنَّ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، إِلاَّ يَوْمًا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ». 1986 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ ح. وَحَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِى أَيُّوبَ عَنْ جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهْىَ صَائِمَةٌ فَقَالَ «أَصُمْتِ أَمْسِ». قَالَتْ لاَ. قَالَ «تُرِيدِينَ أَنْ تَصُومِى غَدًا». قَالَتْ لاَ. قَالَ «فَأَفْطِرِى». وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ الجَعْدِ: سَمِعَ قَتَادَةَ، حَدَّثَنِي أَبُو أَيُّوبَ، أَنَّ جُوَيْرِيَةَ، حَدَّثَتْهُ: فَأَمَرَهَا فَأَفْطَرَتْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 1985 - (غيّاث) بفتح المعجمة آخره شاء مثلثة (أبو صالح) ذكوان الكمان. (عن أبي هريرة: سمعت رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - يقول: لا يصومن أحدكم الجمعة إلَّا يومًا قبله أو يومًا بعده) نصب بنزع الخافض؛ أي: إلَّا مع يوم قبله. 1986 - (عن أبي أيوب) هو يَحْيَى بن مالك المراغي (جويرية) بضم الجيم مصغر: هي [بنت] الحارث، أم المؤمنين من سبي بني المصطلق، كانت في سهم ثابت بن قيس، كاتبها فاشتراها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأعتقها وتزوجها، وكانت [من أجمل] نساء زمانها، ماتت في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (قال حماد بن الجعد: سمع قتادة حدثني أبو أيوب) فائدة هذا الكلام دفع وهم التدليس من قتادة بلفظ حدثني، بخلاف السند الأول، فإن لفظة عن محتملة. واتفقت أحاديث الباب على كراهة إفراد الجمع بالصّوم، واختلف في تعليله، وقيل:

64 - باب هل يخص شيئا من الأيام

64 - باب هَلْ يَخُصُّ شَيْئًا مِنَ الأَيَّامِ 1987 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قُلْتُ لِعَائِشَةَ - رضى الله عنها - هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَخْتَصُّ مِنَ الأَيَّامِ شَيْئًا قَالَتْ لاَ، كَانَ عَمَلُهُ دِيمَةً، وَأَيُّكُمْ يُطِيقُ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُطِيقُ طرفه 6466. ـــــــــــــــــــــــــــــ لئلا يقعَ بتعظيمه فتنةٌ؛ كما وقع لليهود مع السبت، وليس بشيء؛ لأنَّ تعظيم الجمع بالاجتماع والسعي إليه أبلغ من صومه، وقيل: لئلا يُعتقد وجوبه، وهو من النمط الأول، على أنَّه منقوض بيوم الإثنين، قال النووي: والصحيح أن يوم الجمعة ذِكْرٌ وعبادة، فيكون للذاهب إليه نشاط وجلادة على العبادة. وأورد عليه بأنه ترتفع الكراهة بانضمام ما بعده أو ما قبله، فلا يصح ذلك التعليل أيضًا، وأجيب بأنّه ينجبر ذلك النقصان الذي وقع بانضمام اللاحق أو السابق، والإيراد عليه بأن الجبران لا ينحصر في الصوم ليس بشيء؛ لأنَّ النقصان لما كان ناشئًا من الصوم كان أولى بالجبران؛ كقطع يد السارق، وما رواه الحاكم: "يوم الجمعة يوم عيدكم فلا تصوموه إلا ن تصوموا يومًا قبله أو يومًا بعده" لا يصلح جوابًا إلَّا بما قاله النووي. وقول الإمام مالك: لم أر أحدًا من أهل العلم نهى عن صوم يوم الجمعة، محمولٌ على أن الحديث لم يبلغه، وفي السنن أيضًا كراهة إفراد السبت؛ لأنَّه لكونه موافقة لليهود، وأحاديث الباب دليل للشافعي ومن وافقة في جواز الإفطار في التطوع. باب هل يخص شيئًا من الأيَّام 1987 - (عن علقمة، قلت لعائشة: هل كان رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - يخصُّ من الأيّام شيئًا؟ قالت: لا، كان عمله ديمة) الديمة بكسر الدال: المطر الذي لا برق فيه ولا رعد؛ قاله

65 - باب صوم يوم عرفة

65 - باب صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ 1988 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنِى سَالِمٌ قَالَ حَدَّثَنِى عُمَيْرٌ مَوْلَى أُمِّ الْفَضْلِ أَنَّ أُمَّ الْفَضْلِ حَدَّثَتْهُ ح وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عُمَيْرٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ بِنْتِ الْحَارِثِ أَنَّ نَاسًا تَمَارَوْا عِنْدَهَا يَوْمَ عَرَفَةَ فِي صَوْمِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ صَائِمٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَيْسَ بِصَائِمٍ. فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ بِقَدَحِ لَبَنٍ وَهْوَ وَاقِفٌ عَلَى بَعِيرِهِ فَشَرِبَهُ. طرفه 1658 ـــــــــــــــــــــــــــــ الجوهري، وأقله ثلث يوم أو ليلة، ولا حدّ لأكثره، ومعناه في الحديث المداومة، وإذا داوم على العمل يشمل الأوقات فلم يكن لوقت خصوصية. فإن قلت: فقد روى أبو داود وغيره: أنَّه كان يتحرى صيام الإثنين والخميس؟ قلت: تخصيص اليوم بالصوم معناه ألا يصوم غيره، لأنَّ خاصة الشيء ما لا يوجد في غيره؛ كالكتابة في الإنسان، فلا ينافي تحريهما بالصوم الصومَ في غيرهما. وأمّا حمل سؤال السائل على أنَّه سأل عن ثلاثة أيَّام هل كان يخصها بالبيض، وحمل قول عائشة على أنّه كان لا يخصها؛ فبعده وعدم دلالة اللفظ والسّياق عليه لا يخفى. باب صوم يوم عرفة 1988 - (عُمير) مولى أم الفضل -بضم العين- مصغر (عن أبي النضر) -بضادٍ معجمة- اسمه سالم (عن عمير مولى عبد الله بن عبَّاس). فإن قلت: نسَبَهُ أوْلًا مولى أم الفضل، وثانيًا مولى ابن عبَّاس؟ قلت: هو في الأصل لأمّ الفضل؛ إمّا أن تكون وهبته له، أو صار إليه بعد موتها، أو كان يخدمه فَنُسِبَ إليه. (إن ناسًا تماروا في صوم رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - يوم عرفة) -بفتح الراء- من التماري؛ وهو التجادل، أصله: المِراء أو الشَّك؛ من: المرية (فأرسلتْ إليه بقدح لبن) - بسكون التاء- أي: أم الفضل، وفي بعضها: أرسلت إليه أم الفضل.

66 - باب صوم يوم الفطر

1989 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ - أَوْ قُرِئَ عَلَيْهِ - قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرٌو عَنْ بُكَيْرٍ عَنْ كُرَيْبٍ عَنْ مَيْمُونَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّاسَ شَكُّوا فِي صِيَامِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ عَرَفَةَ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ بِحِلاَبٍ وَهْوَ وَاقِفٌ فِي الْمَوْقِفِ، فَشَرِبَ مِنْهُ، وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ. 66 - باب صَوْمِ يَوْمِ الْفِطْرِ 1990 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى عُبَيْدٍ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ قَالَ شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - فَقَالَ هَذَانِ ـــــــــــــــــــــــــــــ 1989 - (عن بكير عن كريب) كلاهما مصغر. (عن ميمونة أن ناسًا شَكُّوا في صوم رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - يوم عرفة، فأرسلت إليه بحِلاب) بكسر الحاء: قال ابن الأثير: الحلاب والمحلب إناءٌ يُحلب فيه. وفي الحديث دلالة على أن الأفضل في حق المواقف بعرفة الفطر؛ فإنَّه أعون على القيام بالأذكار والأدعية، وتقدم الحديث مع شرحه في أبواب الحج، وقد روى النَّسائي وغيره عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[نهى] عن صوم يوم عرفة. والجمهور على أنّ النَّهي للحاج خاصةً؛ لما روى مسلم: أنَّ صوم يوم عرفة كفارة للسنة الماضية والآتية. باب صوم يوم الفطر 1990 - (عن أبي عبيد) -بضم العين- مصغر: مولى ابن أزهر: واسمه سعد، قال ابن عيينة من قال: مولى ابن أزهر فقد أصاب، وكذا من قال: عبد الرَّحمن؛ لأنَّ عبد الرَّحمن هو ابن أزهر بن عبد الرَّحمن بن عوف.

67 - باب الصوم يوم النحر

يَوْمَانِ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ صِيَامِهِمَا يَوْمُ فِطْرِكُمْ مِنْ صِيَامِكُمْ، وَالْيَوْمُ الآخَرُ تَأْكُلُونَ فِيهِ مِنْ نُسُكِكُمْ. طرفه 5571 1991 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ - رضى الله عنه - قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الْفِطْرِ وَالنَّحْرِ، وَعَنِ الصَّمَّاءِ، وَأَنْ يَحْتَبِىَ الرَّجُلُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ. طرفه 367 1992 - وَعَنْ صَلاَةٍ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ. طرفاه 368، 586 67 - باب الصَّوْمِ يَوْمَ النَّحْرِ 1993 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ مِينَا قَالَ سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ يُنْهَى عَنْ صِيَامَيْنِ وَبَيْعَتَيْنِ الْفِطْرِ وَالنَّحْرِ، وَالْمُلاَمَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ (نهى رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - عن صوم يوم الفطر والنّحر، وعن الصّماء، وأن يحتبي الرجل في ثوب واحد) أمّا صوم يوم الفطر فقد بيّن عمر علّة النَّهي بقوله: (يوم فطركم) وصوم يوم النحر بأنهم يأكلون من لحوم القرابين، وهو المراد من قوله: (تأكون فيه من نسككم) وتفسير الصماء والاحتباء تقدم في أبواب الصَّلاة. باب صوم يوم النحر 1993 - (ابن جريج) بضم الجيم مصغر (ميناء) بكسر الميم مع المد. (عن أبي هريرة قال: ينهى) على بناء المجهول، قد ذكرنا أن قول الصّحابي: أمر بكذا أو نهي، الآمر والناهي إنَّما يكون رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - (عن صيامين وعن بيعتبن؛ الفطر والنحر، والملامسة والمنابذة) نوعان من بيوع الجاهلية، الملامسة: أن يجعل لمس المبيع بيعة من غير

1994 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا مُعَاذٌ أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - فَقَالَ رَجُلٌ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ يَوْمًا، قَالَ أَظُنُّهُ قَالَ الاِثْنَيْنِ، فَوَافَقَ يَوْمَ عِيدٍ. فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ أَمَرَ اللَّهُ بِوَفَاءِ النَّذْرِ، وَنَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ صَوْمِ هَذَا الْيَوْمِ. طرفاه 6705، 6706 1995 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ قَزَعَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ - رضى الله عنه - وَكَانَ غَزَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ثِنْتَىْ عَشْرَةَ غَزْوَةً قَالَ سَمِعْتُ أَرْبَعًا مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَعْجَبْنَنِى قَالَ «لاَ تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ مَسِيرَةَ يَوْمَيْنِ إِلاَّ وَمَعَهَا زَوْجُهَا أَوْ ذُو مَحْرَمٍ، وَلاَ صَوْمَ فِي يَوْمَيْنِ الْفِطْرِ وَالأَضْحَى، وَلاَ صَلاَةَ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَلاَ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ، وَلاَ تُشَدُّ ـــــــــــــــــــــــــــــ رؤية ولا خيار. والمنابذة: كل منهما يرمي ثوبه إلى الآخر، على أن يكون نفس الرّمي بيعًا؛ لظهور الغرر نهى عنهما الشارع. 1994 - (محمد بن المثني) بضم الميم وتشديد النون (ابن عون) -بفتح [العين] وسكون الواو- عبد الله الفقيه المعروف (عن زياد) بكسر الزَّاي من الزيادة. (جاء رجل إلى ابن عمر فقال: رجل نذر أن يصوم يومًا، فوافق يوم العيد؟ فقال: أمَرَ اللهُ بوفاء النذر، ونهى النَّبيُّ - صَلَّى الله عليه وسلم - عن صوم هذا اليوم) اشتبه عليه جواب المسألة، كما اشتبه على عثمان الجمع بوطء ملك اليمين بين الأمتين فقال: أحقتهما آية يريد {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 3] وحرّمَتهما آية يريد قوله تعالى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} [النساء: 23]. واختلف العلماء في انعقاد هذا النذر؛ الجمهور على أنَّه لا ينعقد، وقال أبو حنيفة: ينعقد، وعليه القضاء. وعن الإمام أحمد روايتان؛ إحداهما: ينعقد، ويقضي ويكفر مع ذلك كفارة اليمين؛ والأخرى: عليه الكفارة دون القضاء، وهذا مذهبه. 1995 - (حَجّاج بن المِنهال) بفتح الحاء وتشديد الجيم وكسر الميم. وشرحُ الحديث تقدم مستوفى في باب فضل الصَّلاة في مسجد مكّة قريبًا في آخر أبواب الحج.

68 - باب صيام أيام التشريق

الرِّحَالُ إِلاَّ إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ مَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الأَقْصَى، وَمَسْجِدِى هَذَا». طرفه 586 68 - باب صِيَامِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ 1996 - وَقَالَ لِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى كَانَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - تَصُومُ أَيَّامَ مِنًى، وَكَانَ أَبُوهَا يَصُومُهَا. 1997 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عِيسَى عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ. وَعَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهم - قَالاَ لَمْ يُرَخَّصْ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَنْ يُصَمْنَ، إِلاَّ لِمَنْ لَمْ يَجِدِ الْهَدْىَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب صيام أيَّام التشريق هي: اليوم الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر، سميت أيّام التشريق لأنَّ لحوم الأضاحي تشرق فيها، وقيل: لأن القرابين لا تُنحر حتى تشرق الشمس، أو لأنَّ صلاة العيد بعد شروق الشمس. 1997 - (غُنْدرَ) بضم الغين وفتح الدّال. روى في الباب عن عائشة وأبي بكر أنهما كانا يصومان هذه الأيام مطلقًا. وروى عن عائشة ثانيًا وعن ابن عمر: أنه لم يرخص في صيامها إلا لمن لم يجد الهدي. فتُحمل روايتهما الأولى على هذا. واختلف العلماء في جواز صيامها؟ قال أبو حنيفة والشافعي: يحرم صومها، والدليل على ذلك ما رواه الدَّارقطني والحاكم: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن صيامها، وقال: "إنما هي أيام أكل وشرب" وزاد البيهقي: "وبعال" ومن منع إلا لمن لم يجد الهدي وهو مالك، ورواية أحمد، دليل ذلك ما روى البخاري موقوفًا على عائشة وابن عمر؛ لأنه في حكم المرفوع؛ لأن الصحابي إذا قال: لم يرخص في كذا، أو رخص فيه، على بناء المجهول لا يكون المرخص إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويجوز أن يكون هذا الحكم مأخوذًا من قوله تعالى: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 196] فإنه يوم التشريق وغيره، ومن منعه بقول عام خص بالحديث؛ كيوم النحر، وتخصيص المتواتر بالآحاد جائز عند المحققين.

69 - باب صيام يوم عاشوراء

1999 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ الصِّيَامُ لِمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، إِلَى يَوْمِ عَرَفَةَ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا وَلَمْ يَصُمْ صَامَ أَيَّامَ مِنًى. وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ. تَابَعَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. 69 - باب صِيَامِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ 2000 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ عَاشُورَاءَ «إِنْ شَاءَ صَامَ». طرفه 1892 2001 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ بِصِيَامِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ كَانَ مَنْ شَاءَ صَامَ، وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ. طرفه 1592 2002 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ تَصُومُهُ قُرَيْشٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَصُومُهُ، فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ صَامَهُ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ تَرَكَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَمَنْ شَاءَ صَامَهُ، وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ. طرفه 1592 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب صوم يوم عاشوراء 2000 - (أبو عاصم) الضّحاك بن مخلد. (يومَ عاشوراء إن شاء صام وإن شاء ترك) إنما قال ذلك، بعدما فرض رمضان ونسخ وجوبه إنما هو بهذا القول لا بوجوب رمضان؛ إذ لا تعارض بينهما، وتقدّم منَّا أنَّ عاشوراء صفة الليل، واليوم هو العاشر.

2003 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِى سُفْيَانَ - رضى الله عنهما - يَوْمَ عَاشُورَاءَ عَامَ حَجَّ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ، أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «هَذَا يَوْمُ عَاشُورَاءَ، وَلَمْ يُكْتَبْ عَلَيْكُمْ صِيَامُهُ، وَأَنَا صَائِمٌ، فَمَنْ شَاءَ فَلْيَصُمْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيُفْطِرْ». 2004 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ، فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ «مَا هَذَا». قَالُوا هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ، هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِى إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ، فَصَامَهُ مُوسَى. قَالَ «فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ». فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ. أطرافه 3397، 3943، 4680، 4737 ـــــــــــــــــــــــــــــ 2003 - (عن معاوية بن أبي سفبان سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول يوم عاشوراء: لم يكتب الله عليكم) هذا محمول على أنه كان بعد فرض رمضان، لأن إسلام معاوية عام الفتح، وقد تقدم من رواية عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -كان يصوم ويأمر بصيامه، وعند الشافعي أن الأمر كان على طريق الندب، ولم يكن واجبًا. 2004 - (حميد) على وزن المصغر (أبو معمر) عبد الله بن عمرو. فإن قلت: رواية ابن عباس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى اليهود تصوم هذا اليوم فقال: "ما هذا" قالوا: هذا يوم نجى الله بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى فقال: "أنا أحقَّ بموسى" فصامه، وأمر بصيامه، يدلّ على أنه لم يكن يصومه؟ قلت: رواية عائشة: كان يصومه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الجاهلية صريحة في أنه كان يصوم قبل قدومه المدينة فتؤول رواية ابن عباس بأنّ معناه أنه استمر على صيامه ولم تمنعه موافقة اليهود، فإن قبل فتح مكة كان يحب موافقة أهل الكتاب، وبعد فتح مكة كان يحب مخالفتهم، كذا قاله شيخنا، لكن رواية البخاري وغيره تدل على تقدمه على الفتح، وهو صريح في حديث تحويل القبلة. فإن قلت: روي عن أبي موسى: أن يوم عاشوراء كانت اليهود تعدّه عيدًا، وقد تقدم

2005 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ أَبِى عُمَيْسٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ تَعُدُّهُ الْيَهُودُ عِيدًا، قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «فَصُومُوهُ أَنْتُمْ». طرفه 3942 2006 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى يَزِيدَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ مَا رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمٍ فَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ، إِلاَّ هَذَا الْيَوْمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَهَذَا الشَّهْرَ. يَعْنِى شَهْرَ رَمَضَانَ. 2007 - حَدَّثَنَا الْمَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ - رضى الله عنه - قَالَ أَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلاً مِنْ أَسْلَمَ أَنْ أَذِّنْ فِي النَّاسِ «أَنَّ مَنْ كَانَ أَكَلَ فَلْيَصُمْ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ أَكَلَ فَلْيَصُمْ، فَإِنَّ الْيَوْمَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ». طرفه 1924 ـــــــــــــــــــــــــــــ من رواية ابن عباس أن اليهود كانت تصوم؟ قلت: معنى كونه عيدًا تعظيم، كما أن يوم الجمعة عيد المسلمين، فلا منافاة بين كونه عيدًا وصومه. 2005 - فإن قلت: (روى ابن عباس: ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتحرى صيام يوم فضله على غيره إلا يوم عاشوراء) وقد تقدم أن يوم عرفة أفضل منه؟ قلت: ابن عبّاس لم يروه، إنما أخبر على قدر علمه. 2007 - (أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -رجلًا من أَسلم) -بفتح الهمزة-: اسم قبيلة (أذّن في الناس أنَّ من أكل فليصم بقيةَ يومه) -بفتح الهمزة وتشديد الذّال- أي: ناد، استدل به من قال بوجوبه، ومن لم يقل به أجاب بأنه لم يأمر بقضائه.

31 - كتاب صلاة التراويح

31 - كتاب صلاة التراويح 1 - باب فَضْلِ مَنْ قَامَ رَمَضَانَ 2008 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ لِرَمَضَانَ «مَنْ قَامَهُ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». طرفه 35 2009 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَتُوُفِّىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ كَانَ الأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ فِي خِلاَفَةِ أَبِى بَكْرٍ وَصَدْرًا مِنْ خِلاَفَةِ عُمَرَ - رضى الله عنهما -. طرفه 35 2010 - وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِىِّ ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب صلاة التراويح باب فضل من قام رمضان اتفق العلماء على أنَّ المراد من قيامه التراويح. 2008 - (بكير) -بضم الباء- مصغر، وكذا (عقيل). (من قامه إيمانًا واحتسابًا) أي: تصديقًا بفضله، وقيامًا خاليًا عن الرياء، افتعال من الحساب، كان الفعل إنما فُعل محسوبًا على الله ثوابه (غفر له ما تقدم من ذنبه) وفي النسائي وغيره: "وما تأخر" قيل: ما عدا الصغائر، والأظهر من لفظ "ما" يعم الكل. 2009 - (حميد) بضم الحاء: مصغر. 2010 - (عن عبد الرحمن بنِ عبدٍ القاريّ) -بتنوين عبد وتشديد الياء- القاري: نسبة إلى قارة؛ قبيلة، قال الجوهري: هم ذرية جذيمة، سُموا بذلك لعدم تفرقهم والتفافهم.

أَنَّهُ قَالَ خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - لَيْلَةً فِي رَمَضَانَ، إِلَى الْمَسْجِدِ، فَإِذَا النَّاسُ أَوْزَاعٌ مُتَفَرِّقُونَ يُصَلِّى الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ، وَيُصَلِّى الرَّجُلُ فَيُصَلِّى بِصَلاَتِهِ الرَّهْطُ فَقَالَ عُمَرُ إِنِّى أَرَى لَوْ جَمَعْتُ هَؤُلاَءِ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ لَكَانَ أَمْثَلَ. ثُمَّ عَزَمَ فَجَمَعَهُمْ عَلَى أُبَىِّ بْنِ كَعْبٍ، ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَهُ لَيْلَةً أُخْرَى، وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلاَةِ قَارِئِهِمْ، قَالَ عُمَرُ نِعْمَ الْبِدْعَةُ هَذِهِ، وَالَّتِى يَنَامُونَ عَنْهَا أَفْضَلُ مِنَ الَّتِى يَقُومُونَ. يُرِيدُ آخِرَ اللَّيْلِ، وَكَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ أَوَّلَهُ. 2011 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ (خرجت مع عمر بن الخطاب ليلة في رمضان إلى المسجد، فإذا النَّاسُ أَوزاع) بفتح الهمزة أي: جماعات مُفرّقون؛ لا مفرد له من لفظه (يصلي الرجل لنفسه) أي: منفردًا (ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط) بين الثلاثة إلى العشرة في الرّجال خاصّة، وقيل: إلى أربعين، وقد شاع في إطلاقه إلى أكثر (فقال عمر: إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل) من رؤية القلب، والجملة قامت مقام المفعولين بتقدير أَنْ قال الجوهري: يقال فلان أمثَلُ بني فلان؟ أي: أقربهم إلى الخير (فجمعهم على أبي بن كعب) لأنّه أقرأُ الصحابة؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أقرؤكم أُبَيّ" (ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلّون بصلاة قارئهم، قال عمر: نعم البدعة هذه) إنما سمّاها، بدعةً لأنها لم تكن في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فإن قلت: ففي الحديث: "كل بدعة ضلالة "؟ قلت: أراد بدعة لا أصل لها في الإسلام؛ بدليل قوله: "من سنَّ سُنَّةً حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة". (والتي ينامون عنها أفضل) يريد القيام آخر الليل، وقد سلف في باب التهجد الأحاديث في فضل القيام.

الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ. طرفه 729 2012 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ لَيْلَةً مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ، فَصَلَّى فِي الْمَسْجِدِ، وَصَلَّى رِجَالٌ بِصَلاَتِهِ، فَأَصْبَحَ النَّاسُ فَتَحَدَّثُوا، فَاجْتَمَعَ أَكْثَرُ مِنْهُمْ، فَصَلَّوْا مَعَهُ، فَأَصْبَحَ النَّاسُ فَتَحَدَّثُوا، فَكَثُرَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَصَلَّى، فَصَلَّوْا بِصَلاَتِهِ، فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الرَّابِعَةُ عَجَزَ الْمَسْجِدُ عَنْ أَهْلِهِ، حَتَّى خَرَجَ لِصَلاَةِ الصُّبْحِ، فَلَمَّا قَضَى الْفَجْرَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَتَشَهَّدَ ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ لَمْ يَخْفَ عَلَىَّ مَكَانُكُمْ، وَلَكِنِّى خَشِيتُ أَنْ تُفْتَرَضَ عَلَيْكُمْ فَتَعْجِزُوا عَنْهَا». فَتُوُفِّىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ طرفاه 729، 845 2013 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - كَيْفَ كَانَتْ صَلاَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي رَمَضَانَ فَقَالَتْ مَا كَانَ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ، وَلاَ فِي غَيْرِهَا عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 2012 - (أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج من جوف الليل فصلّى في المسجد) أي: صلاة التراويح (فصلّى رجال بصلاته) أي: اقتدوا به (فلما كانت الليلة الرّابعة عجز المسجد عن أهله) كناية عن الكثرة، بحيث كاد ألا يسع الناس (خرج لصلاة الصبح) غاية لفعل مقدر؛ أي: لم يخرج حتى خرج لصلاة الصبح (أمّا بعد: فإنَّه لم يخف عليّ مكانكم) أي: حالكم في الاجتماع؛ فإن العلم بالمكان يستلزم العلم بالمتمكن، أو كونكم في المسجد؛ على أنّه مصدر (خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها). فإن قلت: كيف يكون حرصهم على الطاعة يوجب الفرض عليهم؟ قلت؟ ذمّ الله طائفة على أنهم ابتدعوا رهبانية ثمّ لم يراعوها حق رعايتها؟ على أنها لم تكن مكتوبة عليهم، فخاف أن يكون حرصهم يوقعهم في مثله لتجلدهم. وفي الحديث دلالة على أنّ دفع المفسدة مقدم على جلب المصلحة إذا تعارضا، ولما ارتفع ذلك المانع؟ وهو خوف الفرضية بانقطاع الوحي، جمعهم عمر على إمام واحد؟ فإنه أكثرُ ثوابًا. 2013 - ثم روى عن عائشة (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يزيد على إحدى عشرة ركعة في رمضان وغيره) هذا غير التراويح من التهجد؛ لما روى ابن أبي شيبة عن ابن عباس: "أن

رَكْعَةً، يُصَلِّى أَرْبَعًا فَلاَ تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّى أَرْبَعًا فَلاَ تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّى ثَلاَثًا. فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ قَالَ «يَا عَائِشَةُ إِنَّ عَيْنَىَّ تَنَامَانِ وَلاَ يَنَامُ قَلْبِى». طرفه 1147 ـــــــــــــــــــــــــــــ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي في رمضان عشرين ركعة والوتر" وعن مالك روايتان؛ في رواية تسع وثلاثون مع الوتر، وفي أخرى ثلاث وعشرون، المراد بإحدى عشرة غير الرّكعتين الخفيفتين اللتين كان يفتح بهما الصلاة جمعًا بين هذه الرواية والرواية الأخرى: ثلاث عشرة، وقد سلف هذا مع سائر الفوائد الشريفة في أبواب التهجد.

32 - كتاب فضل ليلة القدر

32 - كتاب فضل ليلة القدر 1 - باب فَضْلِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلاَمٌ هِىَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ). قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ مَا كَانَ فِي الْقُرْآنِ (مَا أَدْرَاكَ) فَقَدْ أَعْلَمَهُ، وَمَا قَالَ (وَمَا يُدْرِيكَ) فَإِنَّهُ لَمْ يُعْلِمْهُ. 2014 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَفِظْنَاهُ وَإِنَّمَا حَفِظَ مِنَ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ صَامَ ـــــــــــــــــــــــــــــ [كتاب فضل ليلة القدر] باب فضل ليلة القدر وقوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: 1] إنما سميت ليلة القدر لعظم قدرها عند الله، أو لأنّ أرزاق العباد والمقادير مظهره في تلك الليلة الملائكة من اللوح إلى السنة القابلة (وقال ابن عيينة: ما كان في القرآن {وَمَا أَدْرَاكَ} فقد أعلمه، وما كان {وَمَا أَدْرَاكَ} فإنه لم يعلمه) والوجه في ذلك أنّه لما أخبره بصيغة الماضي إنك إلى الآن ما كنت تعلم، فالمساق يقتضي إعلامه، وأما إذا قال ما يدريك فهو نفي العلم في الحال، فلا يلائم إعلامه. قال بعض الشارحين: غرض ابن عيينة أنّه أعلمه ليلة القدر، وكان - صلى الله عليه وسلم - يعرف ليلة القدر. وليس بشيء؛ لأن الآية ليست مسوقة لمعرفة ليلة القدر؛ بل لبيان عظم شأنها، فكلام ابن عيينة إنما يدل على أنه أعلمه عظم شأنها بقوله {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 3] كيف لا وقد قال في لفظ الحديث: "إني أُنسيتها". 2014 - (حفظناه وإنما حفظ من الزهري) عطف على مقدر؛ أي: حفظًا وأيُّ حفظٍ؟؛

2 - باب التماس ليلة القدر فى السبع الأواخر

رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». تَابَعَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ. طرفه 35 2 - باب الْتِمَاسِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ 2015 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رِجَالاً مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أُرُوا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْمَنَامِ فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ، فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيَهَا فَلْيَتَحَرَّهَا فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ». طرفه 1158 2016 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا سَعِيدٍ وَكَانَ لِى صَدِيقًا فَقَالَ اعْتَكَفْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - الْعَشْرَ الأَوْسَطَ مِنْ رَمَضَانَ، فَخَرَجَ صَبِيحَةَ عِشْرِينَ، فَخَطَبَنَا وَقَالَ «إِنِّى أُرِيتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، ثُمَّ أُنْسِيتُهَا أَوْ نُسِّيتُهَا، فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ فِي الْوَتْرِ، وَإِنِّى رَأَيْتُ أَنِّى أَسْجُدُ فِي مَاءٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ أي: لا ريب فيه، وقوله: من الزهري متعلق بحفظناه والضمير المنصوب منهم يفسره الحديث المذكور بعده؛ وهو (من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه) تقدم الحديث مع شرحه في أبواب الإيمان، وأشرنا إلى أن معنى الاحتساب هو الإخلاص، كأنه يعد ثوابه على الله، من الحساب؛ بمعنى العدّ. باب التمسوا ليلة القدر في السبع الأواخر 2015 - (أن رجلًا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر) أي: كائنة فيها من غير أن يعلموها معينة. 2016 - (معاذ بن فضالة) بضم الميم وفتح الفاء. (أُنسيتها أو نُسِّيتها) بضم النون، والتشديد (فالتمسوها في العشر الأواخر). فإن قلت: العشر مفرد، ألا ترى إلى قوله العشر الأوسط؟ قلت: جمعه نظرًا إلى الأجزاء؛ كقولهم ثوب أثمال. (فإني رأيت أني أسجد في ماء وطين).

3 - باب تحرى ليلة القدر فى الوتر من العشر الأواخر

وَطِينٍ، فَمَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلْيَرْجِعْ». فَرَجَعْنَا وَمَا نَرَى فِي السَّمَاءِ قَزَعَةً، فَجَاءَتْ سَحَابَةٌ فَمَطَرَتْ حَتَّى سَالَ سَقْفُ الْمَسْجِدِ وَكَانَ مِنْ جَرِيدِ النَّخْلِ، وَأُقِيمَتِ الصَّلاَةُ، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَسْجُدُ فِي الْمَاءِ وَالطِّينِ، حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ الطِّينِ فِي جَبْهَتِهِ. طرفه 669 3 - باب تَحَرِّى لَيْلَةِ الْقَدْرِ فِي الْوِتْرِ مِنَ الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ فِيهِ عُبَادَةُ. 2017 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا أَبُو سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْوِتْرِ مِنَ الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ». طرفاه 2019، 2020 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: كيف وقع هذا علة لقوله: فالتمسوها في الوتر، وأي ارتباط بينهما؟ قلت: في الوتر بدل السبع الأواخر، ورؤياه وحي لا بد من وقوعه، وكان جازمًا بوجودها في السبع الأواخر؟ لأن سائر الشهر قد مضى، فظهر وجه التعليل مع نصب العلامة. (وما نرى في السّماء قزعة) -بثلاث فتحات- أي: قطعة (فجاءت سحابة فمطرت) يقال: مطرت وأمطرت إلا أن الثاني كثر في العذاب (نظرت أثر الطين في جبهته) وكان ذلك ليلة إحدى وعشرين، صرح به في الرواية الأخرى، وقد تقدم في أبواب الإيمان أن ميل الشافعي إلى أن ليلة القدر ليلة إحدى وعشرين بهذا الحديث. باب تحري ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر (عبادة) بضم العين وتخفيف الباء. 2017 - (قتيبة) بضم القاف: مصغر (أبو سهيل) -بضم السين- مصغر: نافع بن مالك. (تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان) التحري: التعمد والاجتهاد في طلب الشيء، من حرى يحرى إذا أنقص كأنه في غاية الكد ينقص قواه.

2018 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ أَبِى حَازِمٍ وَالدَّرَاوَرْدِىُّ عَنْ يَزِيدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه -. كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُجَاوِرُ فِي رَمَضَانَ الْعَشْرَ الَّتِى فِي وَسَطِ الشَّهْرِ، فَإِذَا كَانَ حِينَ يُمْسِى مِنْ عِشْرِينَ لَيْلَةً تَمْضِى، وَيَسْتَقْبِلُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ، رَجَعَ إِلَى مَسْكَنِهِ وَرَجَعَ مَنْ كَانَ يُجَاوِرُ مَعَهُ. وَأَنَّهُ أَقَامَ فِي شَهْرٍ جَاوَرَ فِيهِ اللَّيْلَةَ الَّتِى كَانَ يَرْجِعُ فِيهَا، فَخَطَبَ النَّاسَ، فَأَمَرَهُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ قَالَ «كُنْتُ أُجَاوِرُ هَذِهِ الْعَشْرَ، ثُمَّ قَدْ بَدَا لِى أَنْ أُجَاوِرَ هَذِهِ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ، فَمَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعِى فَلْيَثْبُتْ فِي مُعْتَكَفِهِ، وَقَدْ أُرِيتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ ثُمَّ أُنْسِيتُهَا فَابْتَغُوهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ وَابْتَغُوهَا فِي كُلِّ وِتْرٍ، وَقَدْ رَأَيْتُنِى أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ». فَاسْتَهَلَّتِ السَّمَاءُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ، فَأَمْطَرَتْ، فَوَكَفَ الْمَسْجِدُ فِي مُصَلَّى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ، فَبَصُرَتْ عَيْنِى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَنَظَرْتُ إِلَيْهِ انْصَرَفَ مِنَ الصُّبْحِ، وَوَجْهُهُ مُمْتَلِئٌ طِينًا وَمَاءً. طرفه 669 2019 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْتَمِسُوا». طرفه 2017 2020 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُجَاوِرُ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، وَيَقُولُ «تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ». طرفه 2017 ـــــــــــــــــــــــــــــ 2018 - (ابن أبي حازم) بالحاء المهملة سلمة بن دينار وابنه عبد العزيز. (والدراوردي) بفتح الدال والراء والواو: هو عبد العزيز بن محمد، نسبه إلى بلده، وهي من بلاد فارس، يقال لها: دراورد. (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجاور في رمضان) أي: يعتكف، هو المراد من المجاورة. (وابتغوها في كل وتر) بدل من قوله: فابتغوها في العشر الأواخر (فاستهلت السماء) يقال: انهل المطر واستهل إذا اشتد، وإسناده إلى السماء مجاز، مثل جرى النهر وسال الوادي (فبصرت عيني) بضم الصاد: قال الجوهري: بصر بالشيء علمه؟ ولذلك قيده بقوله: عيني؛ لأنه خارج عن أصله.

2021 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي تَاسِعَةٍ تَبْقَى، فِي سَابِعَةٍ تَبْقَى، فِي خَامِسَةٍ تَبْقَى». طرفه 2022 2022 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى الأَسْوَدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ عَنْ أَبِى مِجْلَزٍ وَعِكْرِمَةَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هِىَ فِي الْعَشْرِ، هِىَ فِي تِسْعٍ يَمْضِينَ أَوْ فِي سَبْعٍ يَبْقَيْنَ». يَعْنِى لَيْلَةَ الْقَدْرِ. قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ أَيُّوبَ. وَعَنْ خَالِدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْتَمِسُوا فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ. طرفه 2021 ـــــــــــــــــــــــــــــ 2021 - (في تاسعة تبقى، في سابعة تبقى في خامسة تبقى) بدل عن قوله من العشر الأواخر. قال بعض الشارحين: فإن قلت: التاسعة في تاسعة تبقى أهى الحادية والعشرون أو الثانية والعشرون؟ قلت: الحادية، لأن تحقق الوجود من رمضان تسعة أيّام؟ لاحتمال نقصان الشهر، وهذا الذي قال لغو من الكلام، وذلك أن الليلة الثانية والعشرين غير محتملة، لأنه صرح مرارًا بأنها في الأوتار، والنقصان إنما بظهر في آخر الشهر. [فإن] قلت: ففي رواية ابن عباس "التمس في أربع وعشرين"؟ قلت: محمول على ليلة خمس وعشرين، لما تقدم من رواية: "في خامسة تبقى"، وفي رواية الترمذي عن أبي بكرة: "في تاسعة تبقى، في سابعة تبقى، في خامسة تبقى أو آخر ليلة" وهو نص على ما قلنا، ونقل شيخنا في اختلاف العلماء في ليلة القدر أربعين قولًا، والصحيح أنها في أوتار العشر الأخير من رمضان، وقد ذكروا لها أمارات كثيرة، إلا أنها لا تعلم إلّا بعد مضائها؛ منها أن الشمس تطلع في صبحها بلا شعاع، ومنها القمر [......].

4 - باب رفع معرفة ليلة القدر لتلاحى الناس

4 - باب رَفْعِ مَعْرِفَةِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ لِتَلاَحِى النَّاسِ 2023 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ حَدَّثَنَا أَنَسٌ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِيُخْبِرَنَا بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ، فَتَلاَحَى رَجُلاَنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ «خَرَجْتُ لأُخْبِرَكُمْ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ، فَتَلاَحَى فُلاَنٌ وَفُلاَنٌ، فَرُفِعَتْ، وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمْ، فَالْتَمِسُوهَا فِي التَّاسِعَةِ وَالسَّابِعَةِ وَالْخَامِسَةِ». طرفاه 49 5 - باب الْعَمَلِ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ 2024 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى يَعْفُورٍ عَنْ أَبِى الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب رَفْعِ مَعْرِفَةِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ لِتَلاَحِى النَّاسِ 2023 - (المثنى) بضم الميم وتشديد النون (حميد) بضم الحاء: مصغر (عبادة) بضم العين وتخفيف الباء. (تلاحى رجلان) أي: تنازعا، من لحت الرجل إذا لمته (فرُفعت) أي: المعرفة بها؛ كما تقدم في الترجمة. (وعسى أن يكون خيرًا لكم) أي: ذلك الرفع؛ لأنه لو تعين لم يكن يراقب سائر الليالي فبرفعها تكثر العبادة، وتمام الكلام في باب قيام ليلة القدر في أبواب الإيمان. باب في العشر الأخير من رمضان 2024 - (عن أبي يعفور) -بفتح الياء- على وزن يعقوب اسمه عبد الرحمن (عن أبي الضحى) مسلم بن صبيح.

عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وَأَحْيَا لَيْلَهُ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ (عن عائشة: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل العشر شدّ مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله) شدّ المئزر: كناية عن عدم قرب الوقاع وغشيان النساء، وقيل: كناية عن الجد وبذل الوسع في الطاعة، فإن من جد في العمل شذ مئزرهُ، يؤيده قول الشاعر: قوم إذا حاربوا شدّوا مآزرهم وما وقع في رواية: شد مئزره واعتزل النساء، وإحياء الليل: القيام فيها بالطاعة كأَنّ الطاعة روح لها، وقيل: أحيا نفسه بالطاعة، وهذا مع أنه غير مفهوم من اللفظ معنى ركيك بالنسبة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وإيقاظ الأهل ليشاركوا في العبادة، وقد تقدم نظيره من قوله: "أيقظوا صواحب الحجرات".

33 - كتاب الاعتكاف

33 - كتاب الاعتكاف 1 - باب الاِعْتِكَافِ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ وَالاِعْتِكَافِ فِي الْمَسَاجِدِ كُلِّهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى (وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ). 2025 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ أَنَّ نَافِعًا أَخْبَرَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أبواب الاعتكاف باب الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان في المساجد كلها الاعتكاف: من العكوف؛ وهو الإقامة على الشيء، قال الله تعالى {يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ} [الأعراف: 138]، بضم الكاف وكسرها: أي: يقيمون على عبادتها، وفي عرف الشارع الإقامة في المسجد بقصد العبادة، وسيأتي تمام الكلام في أثناء الأبواب. واستدل على مشروعيته في المساجد بقوله تعالى: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187] وجه الدلالة على اشتراط المسجد الاجتماع، على أن الجماع مفسد له، فذكر المسجد إنما هو لبيان مكان الاعتكاف. 2025 - وروى في الباب عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اعتكف العشر الأخير من رمضان.

2 - باب الحائض ترجل المعتكف

2026 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ. 2027 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَعْتَكِفُ فِي الْعَشْرِ الأَوْسَطِ مِنْ رَمَضَانَ، فَاعْتَكَفَ عَامًا حَتَّى إِذَا كَانَ لَيْلَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ، وَهِىَ اللَّيْلَةُ الَّتِى يَخْرُجُ مِنْ صَبِيحَتِهَا مِنِ اعْتِكَافِهِ قَالَ «مَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعِى فَلْيَعْتَكِفِ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ، وَقَدْ أُرِيتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ ثُمَّ أُنْسِيتُهَا، وَقَدْ رَأَيْتُنِى أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ مِنْ صَبِيحَتِهَا، فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ، وَالْتَمِسُوهَا فِي كُلِّ وِتْرٍ». فَمَطَرَتِ السَّمَاءُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، وَكَانَ الْمَسْجِدُ عَلَى عَرِيشٍ فَوَكَفَ الْمَسْجِدُ، فَبَصُرَتْ عَيْنَاىَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى جَبْهَتِهِ أَثَرُ الْمَاءِ وَالطِّينِ، مِنْ صُبْحِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ. طرفه 669 2 - باب الْحَائِضُ تُرَجِّلُ الْمُعْتَكِفَ 2028 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصْغِى إِلَىَّ رَأْسَهُ وَهْوَ مُجَاوِرٌ فِي الْمَسْجِدِ، فَأُرَجِّلُهُ وَأَنَا حَائِضٌ. طرفه 295 ـــــــــــــــــــــــــــــ 2026 - وكذا عن عائشة بزيادة قولها: (حتى توفاه الله). 2027 - وحديث أبي سعيد: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اعتكف العشر الأوسط من رمضان، ثم رأى أنها في العشر الأواخر، فرجع إلى المسجد وأمر الناس بالرجوع، وهذه الأحاديث كلها تقدمت قريبًا في باب فضل ليلة القدر. باب الحائض ترجل المعتكف 2028 - روى عن عائشة (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان معتكفًا، فَأُرَجِّلُهُ وَأَنَا حَائِضٌ)

3 - باب لا يدخل البيت إلا لحاجة

3 - باب لاَ يَدْخُلُ الْبَيْتَ إِلاَّ لِحَاجَةٍ 2029 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ وَعَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ وَإِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيُدْخِلُ عَلَىَّ رَأْسَهُ وَهْوَ فِي الْمَسْجِدِ فَأُرَجِّلُهُ، وَكَانَ لاَ يَدْخُلُ الْبَيْتَ إِلاَّ لِحَاجَةٍ، إِذَا كَانَ مُعْتَكِفًا. 2029 أطرافه في 2033، 2034، 2041، 2045 طرفه 295 4 - باب غَسْلِ الْمُعْتَكِفِ 2030 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُبَاشِرُنِى وَأَنَا حَائِضٌ. طرفه 300 2031 - وَكَانَ يُخْرِجُ رَأْسَهُ مِنَ الْمَسْجِدِ وَهْوَ مُعْتَكِفٌ فَأَغْسِلُهُ وَأَنَا حَائِضٌ. طرفه 295 ـــــــــــــــــــــــــــــ الترجيل: تسريح الشعر، ومعنى قولها: يصغي إليّ رأسه -بضم الياء- يميل. فإن قلت: المجاورة في المسجد أعم من الاعتكاف، فكيف دل على الترجمة؟ قلت: خصصه سائر الروايات. وفي الحديث دلالة على جواز ترجيل الشعر لمن كان معتكفًا، وطهارةُ يد الحائض، ومن استدل بالحديث على أن يد المرأة ليست بعورة لأن المسجد لا يخلو عن بعض الصحابة فقد أبعد عن الصواب، وأبعدُ منه قول من قال: لو كانت يدها عورة لما باشرت بها في اعتكافه. وذكر في الباب الذي بعده، وهو باب: لا يدخل المعتكف البيت إلا لحاجة، هذا

5 - باب الاعتكاف ليلا

5 - باب الاِعْتِكَافِ لَيْلاً 2032 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ عُمَرَ سَأَلَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ كُنْتُ نَذَرْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، قَالَ «فَأَوْفِ بِنَذْرِكَ». أطرافه 2043، 3144، 4320، 6697 ـــــــــــــــــــــــــــــ الحديث عن عائشة، وزاد فيه: وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة إذا كان معتكفًا، وفي رواية مسلم: لا يجوز له الخروج إلا لقضاء حاجة الإنسان. فسّره الزهري بالبول والغائط. واعلم أن المتطوع له الخروج والدخول كيف شاء؟ لكن لو نوى مدة وخرج لغير قضاء الحاجة يستأنف النية إذا جاء وعاد، وإن نذر متتابعًا فلا يخرج إلا لقضاء الحاجة. فلو خرج لغيرها قطع التتابع، ولو شرط في التتابع الخروج إن عرض له أمر فلا يقطع التتابع إن خرج له، ولو أمكنه قضاء الحاجة بقرب المسجد هل له الذهاب إلى بيته؟ الصحيح أن له ذلك، ولو عاد مريضًا في طريقه لا بأس به، ولا يعدل عن الطريق. باب الاعتكاف ليلًا 2032 - (عن ابن عمر: نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام، فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أوف بنذرك) واتفق الجمهور على أنَّ قوله: "أوف بنذرك" إنما وقع على طريق المشاكلة؛ وإلا فلا يصح نذر الطّاعات من الكافر؛ لأنها مشروطة بالإيمان، ومذهب البخاري وطائفة الصحة؛ استدلالًا بحديث الباب، وبما قررنا يسقط الاستدلال على عدم اشتراط الصوم، على أن صاحب "الإشراق" روى أن نذر عمر كان يومًا وليلة. قال شيخ الإسلام ابن حجر: لم يصح في وجوب الصوم حديث. وقال بالوجوب مالك وأبو حنيفة، وهو رواية عن أحمد، قال النووي: ودليل الشافعي ما رواه البخاري ومسلم: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اعتكف العشر من شوّال بلا صوم.

6 - باب اعتكاف النساء

6 - باب اعْتِكَافِ النِّسَاءِ 2033 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَعْتَكِفُ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، فَكُنْتُ أَضْرِبُ لَهُ خِبَاءً فَيُصَلِّى الصُّبْحَ ثُمَّ يَدْخُلُهُ، فَاسْتَأْذَنَتْ حَفْصَةُ عَائِشَةَ أَنْ تَضْرِبَ خِبَاءً فَأَذِنَتْ لَهَا، فَضَرَبَتْ خِبَاءً، فَلَمَّا رَأَتْهُ زَيْنَبُ ابْنَةُ جَحْشٍ ضَرَبَتْ خِبَاءً آخَرَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى الأَخْبِيَةَ فَقَالَ «مَا هَذَا». فَأُخْبِرَ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «آلْبِرُّ تُرَوْنَ بِهِنَّ». فَتَرَكَ الاِعْتِكَافَ ذَلِكَ الشَّهْرَ، ثُمَّ اعْتَكَفَ عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ. أطرافه 2029، 2034، 2041، 2045 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب اعتكاف النساء 2033 - (أبو النعمان) -بضم النون- محمد بن الفضل (حمّاد) بفتح الحاء وتشديد الميم. (عن عائشة كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعتكف في العشر الأواخر من رمضان، فكنت أضرب له خباء) قد ذكرنا أن الخباء بيت صغير من بيوت العرب (فاستأذنت حفصة عائشة أن تضرب خباء فأذنت لها) الاستئذان هنا معناه: المشاورة لتساوي الناس في المسجد، وفي رواية الأوزاعي: استأذنت عائشة في أن تستاذنَ لها رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ففعلت، فأذن لها (فلما أصبح النبي - صلى الله عليه وسلم - ورأى الأخبية، فقال: ما هذا فأخبر، فقال: آلبر تُرون بهن) بالمد على طريق الاستفهام الإنكاري "وتُرون" بضم التاء أي: تظنون، والخطاب لمن كان حاضرًا، وفي بعضها: "تُردن" من الإرادة، وفي رواية مالك في الموطأ: فيه تقولون لهن أي: ليس ذلك إلا حسدًا من بعضهن لبعض، أو إرادة لقربهن من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولذلك نهى عنه، وقيل: لأن خروجهن ودخولهن فيه الامتهان والمشقة، والظاهر من كلامه هو الأول (ثم اعتكف عشرًا من شوال) لأنّه كان إذا قصد عبادة يقوم بها على كل حال، وقال مالك في "الموطأ": كان ذلك قضاءً، قال: والمتطوع، ومن عليه نذر في القضاء سواء.

7 - باب الأخبية فى المسجد

7 - باب الأَخْبِيَةِ فِي الْمَسْجِدِ 2034 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِى أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ إِذَا أَخْبِيَةٌ خِبَاءُ عَائِشَةَ، وَخِبَاءُ حَفْصَةَ، وَخِبَاءُ زَيْنَبَ، فَقَالَ «آلْبِرَّ تَقُولُونَ بِهِنَّ». ثُمَّ انْصَرَفَ، فَلَمْ يَعْتَكِفْ، حَتَّى اعْتَكَفَ عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ. طرفه 2033 8 - باب هَلْ يَخْرُجُ الْمُعْتَكِفُ لِحَوَائِجِهِ إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ 2035 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عَلِىُّ بْنُ الْحُسَيْنِ - رضى الله عنهما - أَنَّ صَفِيَّةَ زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَزُورُهُ فِي اعْتِكَافِهِ فِي الْمَسْجِدِ، فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، فَتَحَدَّثَتْ عِنْدَهُ سَاعَةً، ثُمَّ قَامَتْ تَنْقَلِبُ، فَقَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَعَهَا يَقْلِبُهَا، حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ بَابَ الْمَسْجِدِ عِنْدَ بَابِ أُمِّ سَلَمَةَ مَرَّ رَجُلاَنِ مِنَ الأَنْصَارِ، فَسَلَّمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لَهُمَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -: ـــــــــــــــــــــــــــــ باب هل يخرج المعتكف لحوائجه إلى باب المسجد؟ 2535 - (أبو اليمان) -بتخفيف النون- الحكم بن نافع (علي بن الحسين) هو الإمام زبن العابدين. (أن صفية زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - جاءت تزوره في اعتكافه) وروى في باب زيارة المرأة زوجها أن أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كن عنده فرحن وبقيت حفصة (حتى إذا بلغت باب المسجد عند باب أم سلمة مرّ رجلان من الأنصار) هذا موضع الدلالة على الترجمة، فإنه صريح في أنه لم يخرج من المسجد، لكن في باب زيارة المرأة زوجها: فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - معها، وفي رواية عبد الرزاق: فذهب معها حتى أدخلها بيتها (وكان بيتها عند دار أسامة) والرّجلان تقدم أن أحدهما أسيد بن

9 - باب الاعتكاف، وخرج النبى - صلى الله عليه وسلم - صبيحة عشرين

«عَلَى رِسْلِكُمَا إِنَّمَا هِىَ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَىٍّ». فَقَالاَ سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ. وَكَبُرَ عَلَيْهِمَا. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَبْلُغُ مِنَ الإِنْسَانِ مَبْلَغَ الدَّمِ، وَإِنِّى خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَيْئًا». أطرافه 2038، 2039، 3101، 3281، 6219، 7171 9 - باب الاِعْتِكَافِ، وَخَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - صَبِيحَةَ عِشْرِينَ 2036 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ سَمِعَ هَارُونَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ أَبِى كَثِيرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ - رضى الله عنه - قُلْتُ هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَذْكُرُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ قَالَ نَعَمِ، اعْتَكَفْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْعَشْرَ الأَوْسَطَ مِنْ رَمَضَانَ - قَالَ - فَخَرَجْنَا صَبِيحَةَ عِشْرِينَ، قَالَ فَخَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَبِيحَةَ عِشْرِينَ فَقَالَ «إِنِّى أُرِيتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، وَإِنِّى نُسِّيتُهَا، فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ فِي وِتْرٍ، فَإِنِّى رَأَيْتُ أَنِّى ـــــــــــــــــــــــــــــ حضير، والآخر عبّاس بن بشر (فلقيه رجلان) ولا إشكال فيه؛ لأنّ الاعتكاف إنما هو إذا كان تطوعًا يجوز فيه الخروج، وكذا إذا كان فرضًا، غايته أنه يجب قضاء تلك المدة إن لم يكن شرط الخروج إن عرض أمر (على رسلكما إنما هي صفية) أي: على مهلكما؟ من غير عجلة (فقالا: سبحان الله) تنزيهًا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أن يكون مظنة سوء، أو تعجبًا كيف ظنّ بهما فأجاب بأن الشيطان يبلغ من الإنسان مبلغ الدم حقيقة أو كناية عن غاية وسوسته "إني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئًا) من سوء الظن، وذلك كفر بالإجماع. باب الاعتكاف وخروج النبي - صلى الله عليه وسلم - صبيحة عشرين 2036 - (عبد الله بن منير) بضم الميم وكسر النون. روى في الباب حديث أبي سعيد الخدري: (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اعتكف العشر الأوسط، فخرج صبيحة عشرين، ثم عاد وخطب وقال: إني أُريت ليلة القدر، وإني أُنسيتها، فالتمسوها في العشر الأواخر في الوتر) وقد سلف الحديث في فضل قيام رمضان وفي أول الاعتكاف مع شرحه مستوفى.

10 - باب اعتكاف المستحاضة

أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ، وَمَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلْيَرْجِعْ». فَرَجَعَ النَّاسُ إِلَى الْمَسْجِدِ، وَمَا نَرَى فِي السَّمَاءِ قَزَعَةً - قَالَ - فَجَاءَتْ سَحَابَةٌ فَمَطَرَتْ، وَأُقِيمَتِ الصَّلاَةُ، فَسَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي الطِّينِ وَالْمَاءِ، حَتَّى رَأَيْتُ الطِّينَ فِي أَرْنَبَتِهِ وَجَبْهَتِهِ. طرفه 669 10 - باب اعْتِكَافِ الْمُسْتَحَاضَةِ 2037 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ خَالِدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتِ اعْتَكَفَتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - امْرَأَةٌ مِنْ أَزْوَاجِهِ مُسْتَحَاضَةٌ، فَكَانَتْ تَرَى الْحُمْرَةَ وَالصُّفْرَةَ، فَرُبَّمَا وَضَعْنَا الطَّسْتَ تَحْتَهَا وَهْىَ تُصَلِّى. طرفه 309 11 - باب زِيَارَةِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا فِي اعْتِكَافِهِ 2038 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب اعتكاف المستحاضة 2037 - (قتيبة) -بضم القاف- مصغر (يزيد بن زريع) مصغر زرع. (عن عائشة: اعتكفت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - امرأة من أزواجه مستحاضة) اتفقوا على أنها سودة، وإنما لم تسمها باسمها سترًا عليها في نسبة هذا المتقذر إلى آخر الدّهر، وفي رواية سعيد بن منصور أنّها أم سلمة، ولا أظن صحته. وفقه الحديث جواز اعتكاف المستحاضة إذا أمِنت تلويث المسجد. باب زيارة المرأة زوجها روى في الباب حديث صفية: أنها زارت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو معتكف، وقد سلف شرحه في باب هل يخرج المعتكف إلى باب المسجد. 2038 - (عفير) بضم العين، مصغر (معمر) بضم الميمين وسكون العين.

12 - باب هل يدرأ المعتكف عن نفسه

خَالِدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِىِّ بْنِ الْحُسَيْنِ - رضى الله عنهما - أَنَّ صَفِيَّةَ زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرَتْهُ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عَلِىِّ بْنِ الْحُسَيْنِ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْمَسْجِدِ، وَعِنْدَهُ أَزْوَاجُهُ، فَرُحْنَ، فَقَالَ لِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَىٍّ «لاَ تَعْجَلِى حَتَّى أَنْصَرِفَ مَعَكِ». وَكَانَ بَيْتُهَا فِي دَارِ أُسَامَةَ، فَخَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَعَهَا، فَلَقِيَهُ رَجُلاَنِ مِنَ الأَنْصَارِ، فَنَظَرَا إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ أَجَازَا وَقَالَ لَهُمَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «تَعَالَيَا، إِنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَىٍّ». قَالاَ سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِى مِنَ الإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ، وَإِنِّى خَشِيتُ أَنْ يُلْقِىَ فِي أَنْفُسِكُمَا شَيْئًا». طرفه 2035 12 - باب هَلْ يَدْرَأُ الْمُعْتَكِفُ عَنْ نَفْسِهِ 2039 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِى أَخِى عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى عَتِيقٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِىِّ بْنِ الْحُسَيْنِ - رضى الله عنهما - أَنَّ صَفِيَّةَ أَخْبَرَتْهُ. حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِىَّ يُخْبِرُ عَنْ عَلِىِّ بْنِ الْحُسَيْنِ أَنَّ صَفِيَّةَ - رضى الله عنها - أَتَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ مُعْتَكِفٌ، فَلَمَّا رَجَعَتْ مَشَى مَعَهَا، فَأَبْصَرَهُ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَلَمَّا أَبْصَرَهُ دَعَاهُ فَقَالَ «تَعَالَ هِىَ صَفِيَّةُ - وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ هَذِهِ صَفِيَّةُ - فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِى مِنَ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ». قُلْتُ لِسُفْيَانَ أَتَتْهُ لَيْلاً قَالَ وَهَلْ هُوَ إِلاَّ لَيْلٌ طرفه 2035 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب هل يدرأ المعتكف عن نفسه الدرء: الدفع، والمراد به دفع التّهمة. 2039 - روى في الباب حديث صفية المتقدم في الباب قبله، وقد سلف، وفيه زيادة قول علي بن عبد الله شيخ البخاري: (قلت لسفيان: أتته ليلًا؟ قال: وهل هو: إلا ليل؟) استفهام إنكار؛ أي: ليس إلا ليلًا. فإن قلت: كيف يكون ليلًا وقد تقدم في الحديث أن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - كنّ عنده فرحن، قال لصفية: "لا تعجلي" والرواح لا يكون إلا بالنهار بعد الزوال؟ قلت: تكَلَّف بعضهم بأنّهنّ انصرفن قرب المغرب، وتخلّفت هي، وهذا ليس بشيء؛ لما روى النسائي عن سفيان قال:

13 - باب من خرج من اعتكافه عند الصبح

13 - باب مَنْ خَرَجَ مِنَ اعْتِكَافِهِ عِنْدَ الصُّبْحِ 2040 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ سُلَيْمَانَ الأَحْوَلِ خَالِ ابْنِ أَبِى نَجِيحٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ. قَالَ سُفْيَانُ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ. قَالَ وَأَظُنُّ أَنَّ ابْنَ أَبِى لَبِيدٍ حَدَّثَنَا عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ - رضى الله عنه - قَالَ اعْتَكَفْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْعَشْرَ الأَوْسَطَ، فَلَمَّا كَانَ صَبِيحَةَ عِشْرِينَ نَقَلْنَا مَتَاعَنَا فَأَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ كَانَ اعْتَكَفَ فَلْيَرْجِعْ إِلَى مُعْتَكَفِهِ فَإِنِّى رَأَيْتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ، وَرَأَيْتُنِى أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ». فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى مُعْتَكَفِهِ، وَهَاجَتِ السَّمَاءُ، فَمُطِرْنَا فَوَالَّذِى بَعَثَهُ بِالْحَقِّ لَقَدْ هَاجَتِ السَّمَاءُ مِنْ آخِرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَكَانَ الْمَسْجِدُ عَرِيشًا، فَلَقَدْ رَأَيْتُ عَلَى أَنْفِهِ وَأَرْنَبَتِهِ أَثَرَ الْمَاءِ وَالطِّينِ. طرفه 669 ـــــــــــــــــــــــــــــ أتته ليلًا، وكذا ذكره البخاري عن غير سفيان أنها أتته ليلًا، والجواب: أنّ الرواح يُستعمل في مطلق الذهاب، قال ابن الأثير: يقار: راح القوم وتروحوا إذا ساروا أي وقت كان. باب مَنْ خرج مِنْ اعتكافه عند الصبح 2040 - (ابن جريج) -بضم الجيم- المصغر، عبد الملك بن عبد العزيز (ابن أبي نجيح) -بفتح النون وكسر الجيم-: عبد الله بن يسار (ابن أبي لبيد) -بفتح اللام وكسر الموحّدة- اسمه المغيرة. روى في الباب حديث أبي سعيد الخدري: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اعتكف مع أصحابه العشر الأوسط من رمضان، فلما كان صبح يوم عشرين خرج وخرج أصحابه، ثم أمرهم بالعود إلى المعتكف، بأنه أري ليلة القدر في العشر الأواخر، وعلامته أنه رأى كأنه يسجد في ماء وطين، وقد سلف قريبًا مرارًا.

14 - باب الاعتكاف فى شوال

14 - باب الاِعْتِكَافِ فِي شَوَّالٍ 2041 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَعْتَكِفُ فِي كُلِّ رَمَضَانَ، وَإِذَا صَلَّى الْغَدَاةَ دَخَلَ مَكَانَهُ الَّذِى اعْتَكَفَ فِيهِ - قَالَ - فَاسْتَأْذَنَتْهُ عَائِشَةُ أَنْ تَعْتَكِفَ فَأَذِنَ لَهَا فَضَرَبَتْ فِيهِ قُبَّةً، فَسَمِعَتْ بِهَا حَفْصَةُ، فَضَرَبَتْ قُبَّةً، وَسَمِعَتْ زَيْنَبُ بِهَا، فَضَرَبَتْ قُبَّةً أُخْرَى، فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْغَدِ أَبْصَرَ أَرْبَعَ قِبَابٍ، فَقَالَ «مَا هَذَا». فَأُخْبِرَ خَبَرَهُنَّ، فَقَالَ «مَا حَمَلَهُنَّ عَلَى هَذَا آلْبِرُّ انْزِعُوهَا فَلاَ أَرَاهَا». فَنُزِعَتْ، فَلَمْ يَعْتَكِفْ فِي رَمَضَانَ حَتَّى اعْتَكَفَ فِي آخِرِ الْعَشْرِ مِنْ شَوَّالٍ. طرفه 2033 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الاعتكاف في شوال 2041 - (محمد) هو ابن سلام نسبه ابن السكن وغيره، ونسبه البخاري في كتاب النكاح، قال: حدثنا محمد بن سلام قال: حدثنا (محمد بن فضيل) بضم الفاء، مصغر (ابن غزوان) بفتح الغين المعجمة وسكون الزاي مثلها. روى في الباب عن عائشة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أراد أن يعتكف العشر الأخير من رمضان، فضربت عائشة وحفصة وزينب كل واحدة قبّة للاعتكاف معه في المسجد، فأنكر ذلك عليهن، وترك الاعتكاف، ثم اعتكف في آخر العشر من شوال؛ أي بعد العشر الأخير من رمضان من أوّل شوال؟ كما سيأتي في باب من أراد أن يعتكف، فقوله: من شوال يتعلق باعتكف، واللام في العشر للعهد؟ أي: العشر الذي كان يريد أن يعتكف فيه من رمضان، وقد سلف الحديث بشرحه في باب اعتكاف النساء وفي باب الأخبية في المسجد. (آلبر) -بفتح الهمزة والمد- بالرفع والنصب على شريطة التفسير (انزعوها فلا أراها) لغاية الكراهة.

15 - باب من لم ير عليه صوما إذا اعتكف

15 - باب مَنْ لَمْ يَرَ عَلَيْهِ صَوْمًا إِذَا اعْتَكَفَ 2042 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَخِيهِ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى نَذَرْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ. فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَوْفِ نَذْرَكَ». فَاعْتَكَفَ لَيْلَةً. 16 - باب إِذَا نَذَرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ يَعْتَكِفَ ثُمَّ أَسْلَمَ 2043 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ - رضى الله عنه - نَذَرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ يَعْتَكِفَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ - قَالَ أُرَاهُ قَالَ - لَيْلَةً قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَوْفِ بِنَذْرِكَ». طرفه 2032 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إِذَا اعْتَكَفَ مَنْ لَمْ يَرَ عَلَيْهِ صَوْمًا 2042 - 2043 - روى في الباب حديث عمر: أنه كان نذر في الجاهلية أن يعتكف ليلة في المسجد الحرام، فسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: (أوفِ بِنَذْرك، فاعْتَكَفَ لَيْلَةً) وقد تقدم الحديث بشرحه في باب الاعتكاف ليلًا، واستدل به البخاري على أنّ الصوم ليس بشرط في الاعتكاف، وهو مذهب الشافعي، ورواية عن أحمد، وهذا مبني على ما صح عند البخاري أنّه نذر ليلة، على أنّه تقدم لم يكن نذرًا شرعيًّا؛ لعدم صحته في حالة الكفر.

17 - باب الاعتكاف فى العشر الأوسط من رمضان

17 - باب الاِعْتِكَافِ فِي الْعَشْرِ الأَوْسَطِ مِنْ رَمَضَانَ 2044 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَنْ أَبِى حَصِينٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَعْتَكِفُ فِي كُلِّ رَمَضَانَ عَشْرَةَ أَيَّامٍ، فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الَّذِى قُبِضَ فِيهِ اعْتَكَفَ عِشْرِينَ يَوْمًا. طرفه 4998 18 - باب مَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَخْرُجَ 2045 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الْحَسَنِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَتْنِى عَمْرَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ذَكَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ، فَاسْتَأْذَنَتْهُ عَائِشَةُ فَأَذِنَ لَهَا، وَسَأَلَتْ حَفْصَةُ عَائِشَةَ أَنْ تَسْتَأْذِنَ لَهَا فَفَعَلَتْ فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِكَ زَيْنَبُ ابْنَةُ جَحْشٍ أَمَرَتْ بِبِنَاءٍ فَبُنِىَ لَهَا قَالَتْ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا صَلَّى انْصَرَفَ إِلَى بِنَائِهِ فَبَصُرَ بِالأَبْنِيَةِ فَقَالَ «مَا هَذَا». قَالُوا بِنَاءُ عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ وَزَيْنَبَ. فَقَالَ رَسُولُ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الاعتكاف في العشر الأوسط من رمضان 2044 - (أبو بكر) هو ابن عياش شعبة، راوي قراءة عاصم (عن أبي حَصِين) -بفتح الحاء وكسر الصاد- واسمه عثمان (عن أبي صالح) هو ذكوان السّمان. (عن أبي هريرة: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعتكف في كل رمضان عشرة أيّام، فلما كان العامُ الذي قبض فيه اعتكف عشرين) علم أنه مفارق الدنيا تزود منها، وهذا كما أنه كان يعارض القرآن مع جبريل في رمضان كل سنة مرّة، فعارض تلك السّنة مرتين، وأخبر أنه آخر العهد برمضان؟ كما سيرويه البخاري. باب من أراد أن يعتكف ثم بدا له 2045 - (محمد بن مقاتل) بكسر التاء (الأوزاعي) -بفتح الهمزة- عبد الرّحمن، إمام أهل الشّام في زمانه.

19 - باب المعتكف يدخل رأسه البيت للغسل

اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «آلْبِرَّ أَرَدْنَ بِهَذَا مَا أَنَا بِمُعْتَكِفٍ». فَرَجَعَ، فَلَمَّا أَفْطَرَ اعْتَكَفَ عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ. طرفه 2029 19 - باب الْمُعْتَكِفِ يُدْخِلُ رَأْسَهُ الْبَيْتَ لِلْغَسْلِ 2046 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا كَانَتْ تُرَجِّلُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهِىَ حَائِضٌ وَهْوَ مُعْتَكِفٌ فِي الْمَسْجِدِ وَهْىَ فِي حُجْرَتِهَا، يُنَاوِلُهَا رَأْسَهُ. طرفه 295 ـــــــــــــــــــــــــــــ روى في الباب عن عائشة حديث الأخبية، خبائها، وخباء حفصة، وخباء زينب، فأنكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليهن ذلك، ولم يعتكف في رمضان حتّى اعتكفه في أول شوّال لما أفطر. هذا آخر كتاب الاعتكاف وبه تمَّ ربع العبادات، جعلنا الله من العاكفين على عبادته، وختم أعمارنا في طاعته، إنه رؤوف بعباده.

34 - كتاب البيوع

34 - كتاب البيوع " وَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَحَلَّ اللَّهُ البَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275]، وَقَوْلُهُ: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ} [البقرة: 282]. 1 - باب مَا جَاءَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاَةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ). وَقَوْلِهِ (لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ). ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب البيوع وقول الله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275]، وقوله: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ} [البقرة: 282]. [الّام] في البيع للاستغراق، والبيع الفاسد خارج بالدليل الخارجي، والتجارةُ الحاضرة احتراز عن السَّلَمْ. باب ما جاء في قوله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ} [الجمعة: 10] اللاّم في البيع والرّبا للجنس، ويجوز الاستغراق، والمآل واحد، والبيعُ والشّراء من الأضداد، كل منهما مستعمل في المعنيين. قال ابن الأثير: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يبع أحدكم على بيع أخيه" يجوز حمله على كل واحد من البيع والشّراء.

2047 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ إِنَّكُمْ تَقُولُونَ إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يُكْثِرُ الْحَدِيثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. وَتَقُولُونَ مَا بَالُ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ لاَ يُحَدِّثُونَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِمِثْلِ حَدِيثِ أَبِى هُرَيْرَةَ وَإِنَّ إِخْوَتِى مِنَ الْمُهَاجِرِينَ كَانَ يَشْغَلُهُمْ صَفْقٌ بِالأَسْوَاقِ، وَكُنْتُ أَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى مِلْءِ بَطْنِى، فَأَشْهَدُ إِذَا غَابُوا وَأَحْفَظُ إِذَا نَسُوا، وَكَانَ يَشْغَلُ إِخْوَتِى مِنَ الأَنْصَارِ عَمَلُ أَمْوَالِهِمْ، وَكُنْتُ امْرَأً مِسْكِينًا مِنْ مَسَاكِينِ الصُّفَّةِ أَعِى حِينَ يَنْسَوْنَ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي حَدِيثٍ يُحَدِّثُهُ «إِنَّهُ لَنْ يَبْسُطَ أَحَدٌ ثَوْبَهُ حَتَّى أَقْضِىَ مَقَالَتِى هَذِهِ، ثُمَّ يَجْمَعَ إِلَيْهِ ثَوْبَهُ إِلاَّ وَعَى مَا أَقُولُ». فَبَسَطْتُ نَمِرَةً عَلَىَّ، حَتَّى إِذَا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَقَالَتَهُ جَمَعْتُهَا إِلَى صَدْرِى، فَمَا نَسِيتُ مِنْ مَقَالَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تِلْكَ مِنْ شَىْءٍ. طرفه 118 ـــــــــــــــــــــــــــــ 2047 - (إن أبا هريرة يكثر الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إسلامه متأخرًا، أسلم عام خيبر، وهو أكثر الصحابة رواية؛ إلاّ ما كان من عبد الله بن عمرو بن العاص، فكانوا يتهمونه، وقد جاء في رواية: والله الموعد في ردّه عليهم (ما بال المهاجرين والأنصار لا يحدثون عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمثل ما يحدث أبو هريرة) البال: هو الحال والشأن. فإن قلت: كان الظاهر أن يقول: ما بال أبي هريرة يُحدّث ولا يُحدِّث غيره؟ قلت: هذه الطريقة أبلغ؛ فإن الغرض القدح في أبي هريرة؛ فإذا لاموا غيره على عدم الرّواية يلزم لومه على أبلغ وجه. (يشغلهم) -بفتح الياء- قال الجوهري: وضمُ الياء لغة رديئة (الصفق بالأسواق) أي: البيع؛ فإن البائع يضرب يده على يد المشتري حالة البيع (أعي حين ينسون) بعد سماعهم يريد أنهم وإن يشاركوني في السماع إلا أنهم لاشتغال بالهم ينسون، وسيأتي في البخاري: أنّه أنكر عليه رجل في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كثرة الرّواية فقال: صَلَّيْتَ مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اليوم؟ قال: بلى، قال أبو هريرة: ما قرأ في الرّكعة الأولى؟ قال: لا أدري، قال أبو هريرة: لكن أنا أدري، قرأ سورة كذا وكذا قال له في الركعة الثانية (فبسطْتُ نمرة عليّ) بكسر الميم: كساء ملون سوادًا أو بياضًا كأنها جلد نمر (فما نسيت من مقالة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تلك من شيء).

2048 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ - رضى الله عنه - لَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ آخَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنِى وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ فَقَالَ سَعْدُ بْنُ الرَّبِيعِ إِنِّى أَكْثَرُ الأَنْصَارِ مَالاً، فَأَقْسِمُ لَكَ نِصْفَ مَالِى، وَانْظُرْ أَىَّ زَوْجَتَىَّ هَوِيتَ نَزَلْتُ لَكَ عَنْهَا، فَإِذَا حَلَّتْ تَزَوَّجْتَهَا. قَالَ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ لاَ حَاجَةَ لِى فِي ذَلِكَ، هَلْ مِنْ سُوقٍ فِيهِ تِجَارَةٌ قَالَ سُوقُ قَيْنُقَاعَ. قَالَ فَغَدَا إِلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، فَأَتَى بِأَقِطٍ وَسَمْنٍ - قَالَ - ثُمَّ تَابَعَ الْغُدُوَّ، فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَلَيْهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «تَزَوَّجْتَ». قَالَ نَعَمْ. قَالَ «وَمَنْ». قَالَ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ. قَالَ «كَمْ سُقْتَ». قَالَ زِنَةَ نَوَاةٍ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: سيأتي أنّه شكا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نسيان الحديث، فقال: "ابسط رداءك" فبسطها فغرف فيها، فلم ينس بعد ذلك شيئًا؟ قلت: تلك قصة أخرى. فإن قلت: فكان الواجب الاستدلال بذلك ليقوم دليلًا على عدم نسيانه شيئًا؛ إذ لا يلزم من عدم نسيانه شيئًا من تلك المقالة عدم النسيان رأسًا قلت: أشار إلى حرصه على معرفة الحديث، فإنه بعد قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لن يبسط أحد ثوبه حتى أقضي مقالتي هذه ثم يجمعه إليه إلا وعى ما أقول) لم يبسطه أحد إلا أبا هريرة، ولا يخفى مناسبة الحديث للترجمة. 2048 - (قال عبد الرّحمن بن عوف: لما قدمنا المدينة آخى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -بفتح الهمزة والمد: من المؤاخاة (بيني وبين سعد بن الربيع) إنما آخى بين المهاجرين والأنصار طلبًا للأُلفة بينهم، ولأن المهاجرين كانوا فقراء كما قال الله تعالى: {أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ} [الحشر: 8] (وانظر أي زوجتي هويت) بكسر الواو أي: أحببت (نَزَلْتُ لك عنها) كناية عن الطلاق. (سوق قينقاع) -بفتح القاف، ثم ياء ساكنة، بعدها نون، بعده قاف- بطن من يهود، رَهْط عبد الله بن سلام (ثم تابع الغدوّ) أي: لازم البكور يومًا بعد يوم إلى التجارة (فما لبث عبد الرحمن إلا جاء وعليه أثر الصفرة) كان دأبهم لطخ الثوب بالزّعفران عند الأفراح، وعليه اليومَ أهلُ مصر، وقيل: بكسوة المرأة، قال مالك: يجوز ذلك في الأعراس، ومنعه أبو حنيفة والشافعي للرجال (زنة نواة من ذهب) قال ابن الأثير: النّواة: اسم لخمسة دراهم؛ كما أنَّ الأوقية: اسم للأربعين، والنشُّ: اسم للعشرين، وقيل: أراد ما يزن نواة. والنواة: عجوة

ذَهَبٍ أَوْ نَوَاةً مِنْ ذَهَبٍ. فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ». طرفه 3780 2049 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ الْمَدِينَةَ فَآخَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِىِّ، وَكَانَ سَعْدٌ ذَا غِنًى، فَقَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ أُقَاسِمُكَ مَالِى نِصْفَيْنِ، وَأُزَوِّجُكَ. قَالَ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ، دُلُّونِى عَلَى السُّوقِ. فَمَا رَجَعَ حَتَّى اسْتَفْضَلَ أَقِطًا وَسَمْنًا، فَأَتَى بِهِ أَهْلَ مَنْزِلِهِ، فَمَكَثْنَا يَسِيرًا - أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ - فَجَاءَ وَعَلَيْهِ وَضَرٌ مِنْ صُفْرَةٍ، فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَهْيَمْ». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ. قَالَ «مَا سُقْتَ إِلَيْهَا». قَالَ نَوَاةً مِنْ ذَهَبٍ، أَوْ وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ. قَالَ «أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ». أطرافه 2293، 3781، 3937، 5072، 5148، 5153، 5155، 5167، 6082، 6386 2050 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَتْ عُكَاظٌ وَمِجَنَّةُ وَذُو الْمَجَازِ أَسْوَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا كَانَ الإِسْلاَمُ فَكَأَنَّهُمْ تَأَثَّمُوا فِيهِ فَنَزَلَتْ (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ) فِي مَوَاسِمِ الْحَجِّ، قَرَأَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ. طرفه 1770 ـــــــــــــــــــــــــــــ التمر. وأنكره أبو عبيد، قال الأزهري: لفظ الحديث يدل على أنّه تزوج على الذهب، فما أدري وجه إنكار أبي عبيد (أولم ولو بشاة) يدل على أن الشّاة أقل ما يكون ولا أكثر له، حمل بعضهم الأمر على الوجوب، والجمهور على أنه سنة. 2049 - (زهير) -بضم الزاي- مصغر، وكذا (حميد). (فما رجع حتى استفضل أقطًا وسمنًا) أي: زيادة على رأس المال (عليه وضرٌ من صفرة) -بفتح الواو والضاد- أي: لطخ (قال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: مهيم؟) -بفتح الميم وسكون الهاء- قال ابن الأثير: كلمة يمانية؛ أي: ما شأنك (ما سُقْتَ إليها؟ قال: نواةً) بالنصب ويجوز الرفع. 2050 - (كانت عكاظ) بضم العين وتخفيف الكاف (ومجنة) بفتح الميم وكسرها وتشديد النون (وذو المجاز) بفتح الميم.

2 - باب الحلال بين والحرام بين وبينهما مشبهات

2 - باب الْحَلاَلُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ 2051 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ - رضى الله عنه - سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -. حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِى فَرْوَةَ عَنِ الشَّعْبِىِّ قَالَ سَمِعْتُ النُّعْمَانَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِى فَرْوَةَ سَمِعْتُ الشَّعْبِىَّ سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى فَرْوَةَ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الْحَلاَلُ بَيِّنٌ، وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا أُمُورٌ مُشْتَبِهَةٌ، فَمَنْ تَرَكَ مَا شُبِّهَ عَلَيْهِ مِنَ الإِثْمِ كَانَ لِمَا اسْتَبَانَ أَتْرَكَ، وَمَنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الحلال بين والحرام بين وبينهما مشبهات 2551 - (محمد بن المثنى) بضم الميم وتشديد النون (ابن أبي عدي) -بفتح العين وكسر الدّال- محمد بن إبراهيم (ابن عون) -بفتح العين وسكون الواو- عبد الله (عن أبي فروة) بالفاء عروة بن الحارث الهمداني، كوفي، وأبو فروة الصغير كوفي أيضًا، واسمه مسلم بن سالم، له حديث واحد في البخاري في أبواب الأنبياء (كثير) ضد القليل، قال أبو نعيم: سفيان الذي روى عن أبي فروة هو الثوري. (قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: الحلال بين والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهة) من الاشتباه، وفي بعضها: "مشتبهات" بلفظ الجمع، وفي بعضها: "مشبَّهات" -بفتح الباء المشددة وكسرها، وسكون الشين وكسر الباء- والحديث سلف في باب من استبرأ لدينه، في أبواب الإيمان. وجملة القول فيه "الحلال" المطلق مثل مالك ,"والحرام" مثل مال الغير، "والمشتبهة" مثل من يكون له مال بعضه حلال وبعضه حرام؛ فالورع يقتضي، الاجتناب عنه، أو يقال: الشيء إما منصوص على أصله؛ أوجزء منه أو لا، أو ورد النص فيهما ولم يعلم التاريخ. وإيراد الحديث في أبواب البيع ليدل على أنّ الإنسان في بيعه وشرائه يجتنب الأمور المشتبهة.

3 - باب تفسير المشبهات

اجْتَرَأَ عَلَى مَا يَشُكُّ فِيهِ مِنَ الإِثْمِ أَوْشَكَ أَنْ يُوَاقِعَ مَا اسْتَبَانَ، وَالْمَعَاصِى حِمَى اللَّهِ، مَنْ يَرْتَعْ حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكْ أَنْ يُوَاقِعَهُ». طرفه 52 3 - باب تَفْسِيرِ الْمُشَبَّهَاتِ وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ أَبِى سِنَانٍ مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَهْوَنَ مِنَ الْوَرَعِ، دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لاَ يَرِيبُكَ. 2052 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى حُسَيْنٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ - رضى الله عنه - أَنَّ امْرَأَةً سَوْدَاءَ جَاءَتْ، فَزَعَمَتْ أَنَّهَا أَرْضَعَتْهُمَا، فَذَكَرَ لِلنَّبِىِّ فَأَعْرَضَ عَنْهُ، وَتَبَسَّمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ «كَيْفَ وَقَدْ قِيلَ». وَقَدْ كَانَتْ تَحْتَهُ ابْنَةُ أَبِى إِهَابٍ التَّمِيمِىِّ. أطرافه 88 2053 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب تفسير المشتبهات (حسان بن أبي سنان) أبو عبد الله البصري عابد زمانه (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) بفتح الياء قال ابن الأثير: ويروى بضمها، هو في الأصل قلق النفس؛ والمراد به في الحديث الشك، هذا التعليق رواه الترمذي والنسائي مسندًا. 2052 - (عبد الله بن أبي مليكة) بضم الميم: مصغر: واسمه زهير. (عن عقبة بن الحارث: أن امرأة سوداء جاءت فزعمت أنها أرضعتهما) أي: عقبة وامرأته بنت أبي إهاب -بكسر الهمزة- وإنما أبهم الضمير لأنّه فسره في آخر الحديث، والحديث سبق مع شرحه في كتاب العلم في باب المسألة النازلة، وموضع الدلالة هنا قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (فكيف وقد قيل؟) فإنه يدل على أن التورع تركها؛ لأنه موضع الاشتباه، لأنه حكم بقول المرضعة وحدها. 2053 - (قزعة) بالقاف وزاي معجمة بثلاث فتحات.

الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِى وَقَّاصٍ عَهِدَ إِلَى أَخِيهِ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ أَنَّ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ مِنِّى فَاقْبِضْهُ. قَالَتْ فَلَمَّا كَانَ عَامَ الْفَتْحِ أَخَذَهُ سَعْدُ بْنُ أَبِى وَقَّاصٍ وَقَالَ ابْنُ أَخِى، قَدْ عَهِدَ إِلَىَّ فِيهِ. فَقَامَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ، فَقَالَ أَخِى، وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِى، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ. فَتَسَاوَقَا إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. فَقَالَ سَعْدٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْنُ أَخِى، كَانَ قَدْ عَهِدَ إِلَىَّ فِيهِ. فَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ أَخِى وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِى، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ». ثُمَّ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ». ثُمَّ قَالَ لِسَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «احْتَجِبِى مِنْهُ». لِمَا رَأَى مِنْ شَبَهِهِ بِعُتْبَةَ، فَمَا رَآهَا حَتَّى لَقِىَ اللَّهَ. أطرافه 2218، 2421، 2533، 2745، 4303، 6749، 6765، 6817، 7182 ـــــــــــــــــــــــــــــ (كان عتبة بن أبي وقاص، عهد إلى أخيه سعد بن أبي وقاص) أي: أوصى إليه، وعتبة بن أبي وقاص هذا مات مشركًا، وهو الذي شجّ رأس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد. (أنَّ ابن وليدة زمعة مني) فإنه كان زنى بها على طريقة الجاهلية (فقام عبد بن زمعة فقال: أخي وابن وليدة أبي، ولد على فراشه، فتساوقا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: ذهبا إليه، كأن كل واحد يسوق الآخر (هو لك يا عبد بن زمعة) بفتح الدال وضمها والفتح أحسن وابن منصوب لا محالة قيل: معناه ملك لك، وهذا إنما يصح على مذهب أبي حنيفة؛ فإنه يشترط الدعوة، وعند غيره معناه: هو أخوك فلك أخذه، وبين بقوله (الولد للفراش) ودل هذا الإطلاق على أنه لا يشترط الدعوة على قاله أبو حنيفة (وللعاهر الحجر) من العهر بكسر العين وهو الزنى. قال ابن الأثير: هو إتيان المرأة ليلًا، ثم أطلق على الزاني. قيل: معناه أنّ الزّاني لا حظّ له من الولد، فهو كناية عن حرمانه. وقيل: معناه أنّ الزاني يُقتَل بالحجر، وهو الرجّم، والوجه هو الأول؟ لأنّ الرجّم إنما يكون للزّاني إذا كان محصنًا، ويؤيده الرواية الأخرى "وللعاهر التراب" رواه ابن الأثير في "النهاية". (ثم قال لسودة: احتجبي منه، لما رأى من شبهه بعتبة) هذا موضع الدلالة لأنّ أمره بالاحتجاب بعد حكمه بأن الولد للفراش احتراز عن الشبهة وسلوك لطريق التقوى.

4 - باب ما يتنزه من الشبهات

2054 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى السَّفَرِ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ - رضى الله عنه - قَالَ سَأَلْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْمِعْرَاضِ فَقَالَ «إِذَا أَصَابَ بِحَدِّهِ فَكُلْ، وَإِذَا أَصَابَ بِعَرْضِهِ فَلاَ تَأْكُلْ، فَإِنَّهُ وَقِيذٌ». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أُرْسِلُ كَلْبِى وَأُسَمِّى، فَأَجِدُ مَعَهُ عَلَى الصَّيْدِ كَلْبًا آخَرَ لَمْ أُسَمِّ عَلَيْهِ، وَلاَ أَدْرِى أَيُّهُمَا أَخَذَ. قَالَ «لاَ تَأْكُلْ، إِنَّمَا سَمَّيْتَ عَلَى كَلْبِكَ وَلَمْ تُسَمِّ عَلَى الآخَرِ». طرفه 175 4 - باب مَا يُتَنَزَّهُ مِنَ الشُّبُهَاتِ 2055 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ طَلْحَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ مَرَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِتَمْرَةٍ مَسْقُوطَةٍ فَقَالَ «لَوْلاَ أَنْ تَكُونَ صَدَقَةً لأَكَلْتُهَا». وَقَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 2054 - (عبد الله بن أبي السَّفَر) بفتح الفاء، ورواه بعض المغاربة بسكون الفاء (عن عدي بن حاتم) هو الجواد بن الجواد حاتم الطائي. (سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المِعْراض) أي: عمّا يقتل به، والمعراض بكسر الميم: سهم لا ريش له سمي لأنه يذهب على العرض (وقيذ) بالذال المعجمة ما يقتل بالصبر (أرسل كلبي وأسمي، فأجد معه كلبًا آخر؟ قال: لا تأكل، إنما سميت على كلبك ولم تسم على الآخر) هذا موضع الدلالة؛ لأنّه نهى عن أكله لاحتمال أن يكون أخذه الكلب الآخر. باب ما يُتنزه من الشبهات على بناء المجهول. 2055 - (عن أنس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر بثمرة مسقوطة) سقط فعل لازم، وكان الظاهر ساقطة؛ كما وقع في الرواية بعده، والواجب فيه تنزيل الفعل اللّازم منزلة المتعدي كما في عكسه؛ ولذلك قالوا: الرّحمن والرّب صفة مشبهة في أنها لا تشتق إلا من فعل لازم، صرّح به المحققون، وما يقال إن سقط جاء متعديًا؛ كما في قوله تعالى {وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ} [الأعراف: 149] فليس بشيء، لأنّ سقط على بناء المجهول؛ كما هو القراءة المشهورة مسند إلى الجار والمجرور فليس فيه ضمير، ومن قرأ سقط على بناء الفاعل قال

5 - باب من لم ير الوساوس ونحوها من المشبهات

هَمَّامٌ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَجِدُ تَمْرَةً سَاقِطَةً عَلَى فِرَاشِى». طرفه 2431 5 - باب مَنْ لَمْ يَرَ الْوَسَاوِسَ وَنَحْوَهَا مِنَ الْمُشَبَّهَاتِ 2056 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ قَالَ شُكِىَ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - الرَّجُلُ يَجِدُ فِي الصَّلاَةِ شَيْئًا، أَيَقْطَعُ الصَّلاَةَ قَالَ «لاَ، حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا». وَقَالَ ابْنُ أَبِى حَفْصَةَ عَنِ الزُّهْرِىِّ لاَ وُضُوءَ إِلاَّ فِيمَا وَجَدْتَ الرِّيحَ أَوْ سَمِعْتَ الصَّوْتَ. طرفه 137 2057 - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ الْعِجْلِىُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطُّفَاوِىُّ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ قَوْمًا قَالُوا ـــــــــــــــــــــــــــــ الجوهري قال الأخفش: فيه ضمير الندم، فلا دلالة في الوجهين على كونه متعديًا. قال الخطابي: المفعول يأتي بمعنى الفاعل؛ كما في قوله تعالى: {إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا} [مريم: 61] ولا دلالة فيما قاله؛ لأن صاحب "الكشاف" قال: الوعد هو الجنة، وهو مأتي. ووجه دلالة الحديث على الترجمة ظاهر؛ لأنّه إنما لم يأخذ الثمرة تنزهًا عن موضع الاشتباه. باب من لم ير الوساوس ونحوها من المشبهات 2056 - (أبو نعيم) بضم النون، مصغر (عن عباد بن تميم) بفتح العين وتشديد الباء (عن عمه) هو عبد الله بن زيد المازني (ابن أبي حفصة) اسمه محمد. (لا وضوء إلا فيما وجدت الريح أو سمعت الصّوت) هذا موضع الدلالة لأنّه لم يعتبر الوسوسة، وقد سلف الحديث في باب لا يتوضأ من الشّك (وقال ابن أبي حفصة عن الزهري: لا وضوء .. إلى آخره) وظن بعضهم أنّ هذا من كلام الزهري؛ وليس كما ظن؛ بل التقدير عن الزهري بالسند المتقدم. 2057 - (أحمد بن المقدام العجلي) بكسر الميم وسكون القافِ وكسر العين وسكون الجيم: نسبة إلى عجل، قال الجوهري: قبيلة من ربيعة، أولاد عجل بن نجيم بن صعب (الطفاوي) بضم الطّاء: نسبة إلى طفاوة؛ حيّ من قيس غيلان.

6 - باب قول الله تعالى (وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها)

يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ قَوْمًا يَأْتُونَنَا بِاللَّحْمِ لاَ نَدْرِى أَذَكَرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ أَمْ لاَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «سَمُّوا اللَّهَ عَلَيْهِ وَكُلُوهُ». طرفاه 5507، 7398 6 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا) 2058 - حَدَّثَنَا طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ سَالِمٍ قَالَ حَدَّثَنِى جَابِرٌ - رضى الله عنه - قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ نُصَلِّى مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ أَقْبَلَتْ مِنَ الشَّأْمِ عِيرٌ، تَحْمِلُ طَعَامًا، فَالْتَفَتُوا إِلَيْهَا، حَتَّى مَا بَقِىَ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِلاَّ اثْنَا عَشَرَ رَجُلاً فَنَزَلَتْ (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا) طرفه 936 ـــــــــــــــــــــــــــــ (إن قومًا يأتوننا باللحم لا ندري أذكروا اسم الله عليه أم لا؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: سموا الله عليه وكلوا) هذا ظاهر فيما ذهب إليه أبو حنيفة ومالك وأحمد في أن متروك التسمية عمدًا حرام؛ وإلا لم يكن للسؤال وجه، ولمّا كان ظاهر حال المسلم وقوعَ فعله على الوجه المشروع جعل ترك التسمية من الوساوس. قال بعض الشّارحين: في الحديث دلالة على أن التّسمية عند الذبح غير واجبة؛ إذ هذه التسمية هي غير المأمور بها عند أكل الطعام والشراب. وهذا خبط ظاهر؛ لأنّ الكلام إنما هو في التسمية المذكورة في قوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: 121] وأمّا التسمية عند الأكل فمستحبة بلا خلاف. فإن قلت: فلم أمرهم بالتسمية عند الأكل؟ قلت: أجاب أوّلًا سؤالهم، ودلهم على ما هو المهم عندهم من التسمية التي توجب البركة. باب قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} [الجمعة: 11] 2058 - (طلق بن غنام) بفتح الطّاء والغين المعجمة وتشديد النون (عن زائدة) من الزيادة (عن حصين) بضم الحاء مصغر. (أقبلت من الشام غير تحمل طعامًا) قال ابن الأثير: العير الإبل مع أحمالها، وقيل: قافلة الحمير، وكأنه يير بفتح العين ثم اتسع فيه فأطلق على غيرها، وكان العير مع دحية بن خليفة، وكانت سنةَ مجاعة، فلما سمعوا صوت الطبل وهو المراد باللهو في الآية (التفتوا إليها حتى ما بقي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا اثنا عشر رجلًا).

7 - باب من لم يبال من حيث كسب المال

7 - باب مَنْ لَمْ يُبَالِ مِنْ حَيْثُ كَسَبَ الْمَالَ 2059 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْمَقْبُرِىُّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَأْتِى عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ، لاَ يُبَالِى الْمَرْءُ مَا أَخَذَ مِنْهُ أَمِنَ الْحَلاَلِ أَمْ مِنَ الْحَرَامِ». طرفه 2083 8 - باب التِّجَارَةِ فِي الْبَرِّ وغيره وَقَوْلِهِ (رِجَالٌ لاَ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ). وَقَالَ قَتَادَةُ كَانَ الْقَوْمُ يَتَبَايَعُونَ، وَيَتَّجِرُونَ، وَلَكِنَّهُمْ إِذَا نَابَهُمْ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ لَمْ تُلْهِهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ، حَتَّى يُؤَدُّوهُ إِلَى اللَّهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: "بينما نحن نصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم -" دل على أنهم كانوا في الصلاة، وقد سلف في كتاب الجمعة أنه كان في أثناء الخطبة، وهو الموافق لقوله تعالى {وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} [الجمعة: 11]؟ قلت: الخطبة بدل عن الركعتين؛ فلا إشكال. باب من لم يُبَالِ من حيث كسب المال 2059 - (ابن أبي ذئب) بلفظ الحيوان المعروف، محمد بن عبد الرحمن (المقبري) بضم الباء وفتحها. (يأتي على الناس زمان لا يبالي المرء ما أخذ منه أمن الحلال أم من الحرام) كناية عن عدم التقوى، كما ترى عليه أكثر الناس في أيامنا. باب التجارة في البر وغيره البر -بفتح الباء وتشديد الرّاء- ضد البحر، بقرينة قوله بعده: باب التجارة في البحر، وضبط بعضهم بالزّاي المعجمة؛ وهو متاع البزاز من أنواع الأقمشة، وهذا هو الصواب؛ إذ لو كان البر الذي هو خلاف البحر لكان لفظ غيره عبارة عن البحر؛ إذ غير البر ليس إلاّ البحر، ولم يرو في الباب ما يدل عليه، وأفرد في البحر بابًا على حدة، وحديث الصرف أيضًا نص في ذلك؛ لأنه غير البزّ، إلا إذا لم يوجد لفظ غيره كما وقع في بعض النسخ (وقول الله: {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} [النور: 37] عَطْفُ البيعِ على التجارة من عطف الخاص على العام.

9 - باب الخروج فى التجارة

2060 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ أَبِى الْمِنْهَالِ قَالَ كُنْتُ أَتَّجِرُ فِي الصَّرْفِ، فَسَأَلْتُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ - رضى الله عنه - فَقَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. وَحَدَّثَنِى الْفَضْلُ بْنُ يَعْقُوبَ حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِى عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَعَامِرُ بْنُ مُصْعَبٍ أَنَّهُمَا سَمِعَا أَبَا الْمِنْهَالِ يَقُولُ سَأَلْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ وَزَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ عَنِ الصَّرْفِ فَقَالاَ كُنَّا تَاجِرَيْنِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الصَّرْفِ فَقَالَ «إِنْ كَانَ يَدًا بِيَدٍ فَلاَ بَأْسَ، وَإِنْ كَانَ نَسَاءً فَلاَ يَصْلُحُ». الحديثان 2060، 2061 أطرافهما 2180، 2497، 3939، 2181، 2498، 3940 9 - باب الْخُرُوجِ فِي التِّجَارَةِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ). ـــــــــــــــــــــــــــــ 2060 - 2561 - (أبو عاصم) الضحاك بن مخلد (ابن جريج) -بضم الجيم مصغر- عبد الملك بن عبد العزيز (عن أبي المنهال) -بكسر الميم- هو عبد الرحمن بن مطعم يروي عن ابن عباس والبراء؛ وأمّا أبو المنهال الرّاوي عن أبي برزة بصري، واسمه سيّار بن سلامة، والأول مكيٌّ. (كنت أتّجرُ في الصرف) وهو بيع أحد النقدين بالآخر (حجاج) بفتح الحاء وتشديد الجيم إن كان يدًا بيد) أي: من غير تفرق قبل القبض (فلا بأس، فإن كان نسيئًا فلا يصلح) -بفتح النون بعد الياء همزة، وتشديد الياء من غير همزة- وإنما لم يصح لأنه شبه الربا بالفضل الناجز على النسيء. باب الخروج في التجارة وقول الله عزَّ وجل: {فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [الجمعة: 10] الآية دلت على جواز الخروج للتجارة لأنها المراد من قوله تعالى {وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ}.

2062 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَطَاءٌ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ أَنَّ أَبَا مُوسَى الأَشْعَرِىَّ اسْتَأْذَنَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ، وَكَأَنَّهُ كَانَ مَشْغُولاً فَرَجَعَ أَبُو مُوسَى، فَفَرَغَ عُمَرُ فَقَالَ أَلَمْ أَسْمَعْ صَوْتَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ ائْذَنُوا لَهُ قِيلَ قَدْ رَجَعَ. فَدَعَاهُ. فَقَالَ كُنَّا نُؤْمَرُ بِذَلِكَ. فَقَالَ تَأْتِينِى عَلَى ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ. فَانْطَلَقَ إِلَى مَجْلِسِ الأَنْصَارِ، فَسَأَلَهُمْ. فَقَالُوا لاَ يَشْهَدُ لَكَ عَلَى هَذَا إِلاَّ أَصْغَرُنَا أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِىُّ. فَذَهَبَ بِأَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ. فَقَالَ عُمَرُ أَخَفِىَ عَلَىَّ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَلْهَانِى الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ. يَعْنِى الْخُرُوجَ إِلَى تِجَارَةٍ. طرفاه 6245، 7353 ـــــــــــــــــــــــــــــ 2062 - (محمد) كذا وقع غير منسوب، قال الغسّاني: نسبه شيوخنا محمد بن سلام، وكذا نسبه البخاري محمد بن سلام (عن مخلد بن يزيد) الحراني بفتح الميم (عبيد بن عمير) كلاهما مصغر. روى في الباب حديث (أبي موسى الأشعري أنه استأذن على عمر، فلم يأذن له؛ لأنه كان مشغولًا، فانصرف أبو موسى، ثم سأل عنه عمر، فقالوا: انصرف، فدعاه عمر، وقال: لم انصرفت؟ فأخبره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا استأذنتم فلم يُؤذن لكم انصرفوا)، فأنكر عليه عمر أن يكون صدر من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وشدّ عليه في ذلك، وطلب منه البينة على ذلك، فجاء بأبي سعيد الخدري، فشهد له بذلك، (فقال عمر: أَخفي علي مِنْ أمرِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا) معنى الاستفهام التعجب، ثم علله بأنه (ألهاني الصفق بالأسواق) وفسره البخاري بقوله (يعني الخروج إلى التجارة) وأخذه من لفظ الأسواق؛ فإنه يقتضي الخروج إلى بعضها (ألم أسمع صوت عبد الله بن قيس) هو اسم أبي موسى (فانطلق إلى مجلس الأنصار، فقالوا: لا يشهد لك إلا أصغرنا) كناية عن غاية ظهور الأمر عندهم، حتى الصغار يعرفونه. فإن قلت: فهذا يدل على أن عمر لم يكن يقبل خبر الآحاد؟ قلت: قد جاء في رواية "الموطأ" و "أبي داود" ما يدفع هذا؛ وهو أنه قال لأبي موسى بعد شهادة أبي سعيد: إني لم أتهمك، ولكن خشيت أن يتقول الناس على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكان إنكاره عليه ليخاف به الناس.

10 - باب التجارة فى البحر

10 - باب التِّجَارَةِ فِي الْبَحْرِ وَقَالَ مَطَرٌ لاَ بَأْسَ بِهِ وَمَا ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ إِلاَّ بِحَقٍّ ثُمَّ تَلاَ (وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ) وَالْفُلْكُ السُّفُنُ، الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ سَوَاءٌ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ تَمْخَرُ السُّفُنُ الرِّيحَ وَلاَ تَمْخَرُ الرِّيحَ مِنَ السُّفُنِ إِلاَّ الْفُلْكُ الْعِظَامُ. 2063 - وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلاً مِنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ، خَرَجَ فِي الْبَحْرِ فَقَضَى حَاجَتَهُ. وَسَاقَ الْحَدِيثَ. حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ بِهَذَا. طرفه 1498 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب التجارة في البحر (وقال مطر: لا بأس به) أي: بركوب البحر، دفع لما يقوله العوام: إنّ ركوب البحر إلقاء النفس في التهلكة. والظّاهر أنه مطر بن الفضل المروزي شيخ البخاري، كذا قيل، وجزم المزي وشيخ الإسلام بأنه مطر الورَّاق بصري تابعي، واستدل على جواز ركوبه بقوله تعالى: {وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ} [النحل: 14] لأنّ الآية في تعداد نعم الله على عباده. قال البخاري: (الفلك: السفن) أي: المذكور في القرآن، جمع لقوله مواخر جمع ماخرة، ثم قال: (الواحد والجمع سواء) أي في اللفظ، وفرّق أهل التصريف بين المفرد والجمع والتثنية، وقالوا بسكونه مثل سكون أسد إن كان جمعًا ومثل سكون قفل إن كان مفردًا. (وقال مجاهد: تمخر السفن من الريح) من تبعيضية، مثل قولك: شق من ثوبه، وليست زائدة؛ كما في قولهم: قد كان من مطر. على ما قاله الأخفش؛ لأن المخر هو الشق، والذي تشقه السفن بعض الريح، ويحتمل أن يكون بيانًا. فإن قلت: ذكر الجوهري أن معنى المخر هو الجري؟ قلت: تفسير باللازم، قال ابن الأثير: أصل المخر الشق، ومنه: مخرتُ الأرض للزراعة شققتها (ولا تمخر الريحَ من الفلك إلا العظام) بنصب الريح؛ أي: لا يشقها من الفلك إلا العظام؛ لأنها ذوات شراع، ومدار جري الفلك عليها؛ بخلاف الصغار إذ ليس لها شراع، أو صغير لا يقاوم الريح. ثم روى في الباب حديث الإسرائيلي الذي خرج يسافر في البحر، تعليقًا عن الليث،

11 - باب (وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها)

حدثنا عبد الله بن صالح قال: حدثني الليث بهذا. 11 - باب (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا) وَقَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ (رِجَالٌ لاَ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ) وَقَالَ قَتَادَةُ كَانَ الْقَوْمُ يَتَّجِرُونَ، وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا نَابَهُمْ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ لَمْ تُلْهِهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ، حَتَّى يُؤَدُّوهُ إِلَى اللَّهِ. 2064 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِى الْجَعْدِ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ أَقْبَلَتْ عِيرٌ، وَنَحْنُ نُصَلِّى مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - الْجُمُعَةَ، فَانْفَضَّ النَّاسُ إِلاَّ اثْنَىْ عَشَرَ رَجُلاً، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا) طرفه 936 12 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ) 2065 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا أَنْفَقَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ طَعَامِ بَيْتِهَا، غَيْرَ مُفْسِدَةٍ، كَانَ لَهَا أَجْرُهَا بِمَا أَنْفَقَتْ، وَلِزَوْجِهَا بِمَا كَسَبَ، وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ، لاَ يَنْقُصُ بَعْضُهُمْ أَجْرَ بَعْضٍ شَيْئًا». طرفه 1425 ـــــــــــــــــــــــــــــ وسيرويه بطوله مسندًا مرارًا. باب قول الله: {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} [البقرة: 267] 2065 - (عن أبي وائل) شقيق بن سلمة. "إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها غير مفسدة) بأن تخرج عن العُرفِ إلى الإسراف (كان لها أجرها بما أنفقت، وللزوج بما كسب) وهذا محمول على الإذن الصريح في ذلك، أو

13 - باب من أحب البسط فى الرزق

2066 - حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا أَنْفَقَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ كَسْبِ زَوْجِهَا عَنْ غَيْرِ أَمْرِهِ، فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِهِ». أطرافه 5192، 5195، 5360 13 - باب مَنْ أَحَبَّ الْبَسْطَ فِي الرِّزْقِ 2067 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى يَعْقُوبَ الْكِرْمَانِىُّ حَدَّثَنَا حَسَّانُ حَدَّثَنَا يُونُسُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: ـــــــــــــــــــــــــــــ على جري العادة، ودلالة الحال على رضا الزوج، لا بد من هذا القيد وأما حمله على الذي أعطاها الزوج وملكت فلا وجه له؛ لأنّ الزوج لا يشاركها فيه. 2066 - (معمر) بفتح الميمين وسكون العين. (همّام) بفتح الهاء وتشديد الميم. (إذا أنفقت المرأة من كسب زوجها، عن غير أمره) أي: صريحًا في شيء معين، وإلا فالإذن لا بدّ منه (فله نصف أجره) وفي بعضها: "فلها". فإن قلت: قد تقدم أن أحدهما لا ينقص الآخر، فكيف يكون له نصف الأجر؟ قلت: معناه أن الأجر بينهما على السواء كالمناصفة، ومن قال: إن ذلك فيما إذا كان بأمره، إشارة إلى الأجر الكامل، فقد سها؛ لما تقدم في أبواب الزكاة بلفظ المثل. باب من أحب البسط في الرزق 2067 - (الكِرماني) -بكسر الكاف وسكون الرّاء- وضبطه السّمعاني بفتح الكاف ولا يعلم أهل تلك البلاد هذا (حسّان) يجوز صرفه وعدم صرفه، بناء على جواز زيادة الألف والنون (محمد) كذا في بعضها، وفي بعضها هو الزهري.

14 - باب شراء النبى - صلى الله عليه وسلم - بالنسيئة

«مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ رِزْقُهُ أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ». طرفه 5986 14 - باب شِرَاءِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِالنَّسِيئَةِ 2068 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ ذَكَرْنَا عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ الرَّهْنَ فِي السَّلَمِ فَقَالَ حَدَّثَنِى الأَسْوَدُ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - اشْتَرَى طَعَامًا مِنْ يَهُودِىٍّ إِلَى أَجَلٍ، وَرَهَنَهُ دِرْعًا مِنْ حَدِيدٍ. أطرافه 2096، 2200، 2251، 2252، 2386، 2509، 2513، 2916، 4467 ـــــــــــــــــــــــــــــ (من سرّه أن يبسط له في رزقه، أو ينسأ له في أثره فليصل رحمه) -بضم الياء- على بناء المجهول من الإنساء؛ وهو التأخير، والمراد بالأثر الأجل، قال ابن الأثير: قيل له الأثر لأنه يَتبع العمر. فإن قلت: الرزق والأجل مكتوبان وهو في بطن أمه، فلا يمكن هناك زيادة ونقصان. قلت: الأحاديث في هذا الباب كثيرة؟ مثل: "الصدقة تزيد في العمر" وتحقيق الحق فيه أن ما في علم الله لا تغير فيه، وهو الذي أشار إليه بقوله: {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ} [ق: 29] وأمّا الذي في اللوح، أو في ديوان الكَتَبَة يقع فيه، وإليه أشار بقوله: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [الرعد: 39]. وقيل: المراد بالأثر: الذرّية. فإن قلت: ما المراد بالرحم، وما معنى صلة الرحم؟ قلت: المراد بالرحم الأقرباء على مراتبهم، والصلة: رعايتهم بالمال والزيارة وإرسال الكتاب مع الغيبة. باب شراء النبي - صلى الله عليه وسلم- بالنسيئة 2068 - (معلى) بضم الميم وتشديد اللام (ذكرنا عند إبراهيم) هو النخعي (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اشترى طعامًا من يهودي، ورهنه درعًا من حديد) وسيأتي من رواية عائشة أنّ الطعام كان ثلاثين صاعًا من شعير، واسم اليهودي: أبو الشحم (حوشب) بفتح الحاء وسكون الواو.

2069 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ ح. حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ أَبُو الْيَسَعِ الْبَصْرِىُّ حَدَّثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتَوَائِىُّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّهُ مَشَى إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِخُبْزِ شَعِيرٍ، وَإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ، وَلَقَدْ رَهَنَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - دِرْعًا لَهُ بِالْمَدِينَةِ عِنْدَ يَهُودِىٍّ، وَأَخَذَ مِنْهُ شَعِيرًا لأَهْلِهِ، وَلَقَدْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ «مَا أَمْسَى عِنْدَ آلِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - صَاعُ بُرٍّ وَلاَ صَاعُ حَبٍّ، وَإِنَّ عِنْدَهُ لَتِسْعَ نِسْوَةٍ». طرفه 2508 ـــــــــــــــــــــــــــــ 2069 - (أسباط) بفتح الهمزة (أبو اليسع) بفتح الياء والسين (الدستوائي) نسبة إلى دستوى، قرية من أعمال. (عن أنس: أنه مشى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخبز شعير وإهالة) بكسر الهمزة: الودك (سنخة) بفتح السين وكسر النون: وقال شيخنا: هو من كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين به سبب أي: متغيرة. (ولقد سمعته يقول:) هذا كلام قتادة، وضمير سمعته لأنس. (ما أمسى عند آل محمد - صلى الله عليه وسلم - صاع بر، ولا صاع حب) من عطف العام على الخاص (وإن عنده لتسع نسوة) وهُنّ المراد بالآل. فإن قلت: كان يأخذ من خيبر وسائر ما أفاء الله عليه نفقة إن واجه سنة، فكيف يستقيم هذا؟ قلت: قيل: كان هذا قبل فتح تلك البلاد، والحق أنه كان هذا شأنه على الدّوام، يدل عليه أحاديث كثيرة، والجواب: أنهم كانوا يصرفون ما أعطاهم في وجوه البر، ويؤثرون على أنفسهم، أرسل معاوية إلى عائشة بمائة ألف درهم ما أمسى منها درهم عندها، وكانت صائمة، فقالت لها جارية: لو تركت درهمًا أو درهمين نفطر عليها، قالت: لو ذكرتني لفعلت.

15 - باب كسب الرجل وعمله بيده

15 - باب كَسْبِ الرَّجُلِ وَعَمَلِهِ بِيَدِهِ 2070 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ لَمَّا اسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ قَالَ لَقَدْ عَلِمَ قَوْمِى أَنَّ حِرْفَتِى لَمْ تَكُنْ تَعْجِزُ عَنْ مَئُونَةِ أَهْلِى، وَشُغِلْتُ بِأَمْرِ الْمُسْلِمِينَ، فَسَيَأْكُلُ آلُ أَبِى بَكْرٍ مِنْ هَذَا الْمَالِ وَيَحْتَرِفُ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ. 2071 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو الأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عُمَّالَ أَنْفُسِهِمْ، وَكَانَ يَكُونُ لَهُمْ أَرْوَاحٌ فَقِيلَ لَهُمْ لَوِ اغْتَسَلْتُمْ. رَوَاهُ هَمَّامٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ. طرفه 903 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الرجل وعمله بيده 2070 - (لما استُخْلف أبو بكر الصديق قال: لقد علم قومي أنّ حرفتي لم تكن تعجز عن مؤونة أهلي) كانت حرفته التجارة. ذكروا في السير أنه لما أصبح خليفة خرج وهو حامل بقجة، وتوجه إلى السوق للبيع والشراء، قيل له: فإذا كنت في السوق في البيع والشراء، فمن يقوم بأمور المسلمين؟ فقال هذا الكلام وبكى، والقائل له عمر وأبو عبيدة. 2071 - (محمد) كذا وقع غير منسوب، قال الغساني: هو محمد بن يحيى الذهلي، هو الذي يروي عن عبد الله بن يزيد (أبو الأسود) أهو محمد بن عبد الرحمن بن نوفل يتيم غروة]. (كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمال أنفسهم) أي: لم يكن لهم خدم وعبيد (وكان يكون لهم أرواح) جمع ريح على الأصل فإنه في كان الأول ضمير الشأن، ويكون أي يوجد، مضارع كان التامة، وهذا موضع الدلالة على عمل الرجل بيده.

2072 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عِيسَى عَنْ ثَوْرٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنِ الْمِقْدَامِ - رضى الله عنه - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَإِنَّ نَبِىَّ اللَّهِ دَاوُدَ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ». 2073 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَنَّ دَاوُدَ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - كَانَ لاَ يَأْكُلُ إِلاَّ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ». طرفاه 3417، 4713 2074 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى عُبَيْدٍ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 2072 - (عن ثور) بلفظ الحيوان المعروف (خالد بن معدان) بفتح الميم (عن المقدام) بكسر الميم: هو ابن معدي كرب. (ما أكل أحد طعامًا قطّ خيرًا من عمل يده) لأنه الحلال بلا شبهة، ولا شوب منة، وهو سنة الأنبياء ولذلك أردفه بقوله: (وإنّ نبي الله داود كان يأكل من عمل يده) قيل: كان داود عليه السلام يقف على الطرقات متنكرًا، بحيث لا يُعرف، فيسال كل من رآه عن شأن داود عليه السلام لينظر إن كان فيه شيء يسبه الناس فتركه، فكان يومًا على الطريق جاء ملك في صورة إنسان، فسأله، فقال: نِعم الرجل داود لو كان يأكل من عمل يده، فسأل داودُ ربَّه أن يعلمه صنعة تقوم بكفايته، فعلمه الله صنعة الدرع؛ ليكون سببًا لرزقه وآلة للجهاد. وقيل: كل الأنبياء كانوا يأكلون [من] عمل يدهم؛ وإنما خصّ داود بالذكر لأنه كان ملكًا، ومع ذلك يأكل من كسب يده. 2073 - (معمر) بفتح الميمين وسكون العين (عن همّام بن منبه) بفتح الهاء وتشديد الميم، وفتح النون وتشديد الباء المكسورة. 2074 - (بكير) -بضم الباء- مصغر. وكذا (عقيل)، و (أبو عبيد مولى عبد الرحمن) واسمه سعد.

16 - باب السهولة والسماحة فى الشراء والبيع، ومن طلب حقا فليطلبه فى عفاف

رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لأَنْ يَحْتَطِبَ أَحَدُكُمْ حُزْمَةً عَلَى ظَهْرِهِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ أَحَدًا، فَيُعْطِيَهُ أَوْ يَمْنَعَهُ». طرفه 1470 2075 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ أَحْبُلَهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ». طرفه 1471 16 - باب السُّهُولَةِ وَالسَّمَاحَةِ فِي الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ، وَمَنْ طَلَبَ حَقًّا فَلْيَطْلُبْهُ فِي عَفَافٍ 2076 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ قَالَ حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «رَحِمَ اللَّهُ رَجُلاً سَمْحًا إِذَا بَاعَ، وَإِذَا اشْتَرَى، وَإِذَا اقْتَضَى». ـــــــــــــــــــــــــــــ (لأَنْ يَحْتَطِبَ أَحَدُكُمْ حُزْمَةً عَلَى ظَهْرِهِ) بضم الحاء وسكون الزاي العجمة: مقدار ما يحزم/ أي: (يربطه خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ أَحَدًا، فَيُعْطِيَهُ أَوْ يَمْنَعَهُ) وتمام الكلام على الحديث في أبواب الزكاة. باب السهولة والسماحة في الشراء والبيع، ومن طلب حقًّا فليطلبه في عفاف 2576 - (عيّاش) بفتح العين وتشديد المثناة تحت، آخره شين معجمة (أبو غسّان) بفتح الغين المعجمة وتشديد المهملة (محمد بن المطرف) بكسر الراء المشددة (المنكدر) بكسر الدال. (رحم الله رجلًا سمحًا إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى) قال ابن الأثير: يقال: سمح وأسمح إذا جاد وأعطى من كرم نفس، وهو مستلزم للسهولة؛ فلذلك اقتصر عليه في الحديث، قال: ومنه الحديث المشهور: "السّماح رباح" أي السهولة تورث الربح، هذا ما قاله.

17 - باب من أنظر موسرا

17 - باب مَنْ أَنْظَرَ مُوسِرًا 2077 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ أَنَّ رِبْعِىَّ بْنَ حِرَاشٍ حَدَّثَهُ أَنَّ حُذَيْفَةَ - رضى الله عنه - حَدَّثَهُ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «تَلَقَّتِ الْمَلاَئِكَةُ رُوحَ رَجُلٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ قَالُوا أَعَمِلْتَ مِنَ الْخَيْرِ شَيْئًا قَالَ كُنْتُ آمُرُ فِتْيَانِى أَنْ يُنْظِرُوا وَيَتَجَاوَزُوا عَنِ الْمُوسِرِ قَالَ قَالَ فَتَجَاوَزُوا عَنْهُ». وَقَالَ أَبُو مَالِكٍ عَنْ رِبْعِىٍّ «كُنْتُ أُيَسِّرُ عَلَى الْمُوسِرِ وَأُنْظِرُ الْمُعْسِرَ». وَتَابَعَهُ شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ رِبْعِىٍّ. وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ رِبْعِىٍّ «أُنْظِرُ الْمُوسِرَ، وَأَتَجَاوَزُ عَنِ الْمُعْسِرِ». وَقَالَ نُعَيْمُ بْنُ أَبِى هِنْدٍ عَنْ رِبْعِىٍّ «فَأَقْبَلُ مِنَ الْمُوسِرِ، وَأَتَجَاوَزُ عَنِ الْمُعْسِرِ». طرفاه 2391، 3451 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: الكلام دعاء أو خبر؟ قلت: يحتملهما، والأظهر أنّه دعاء للترغيب. فإن قلت: فما معنى الطلب في عفاف؟ قلت: أن يطلب بحيث لا يؤدي إلى الإثم، من شتم المديون، والمضايقة عليه، خارجًا عن طريق الشرع، ولما كان السّماح مستلزمًا له أيضًا لم يورد له حديثًا، وقيل: عطف السّماحة على السهولة تأكيد لفظي، ولا شك أنه سهو. باب من أنظر موسرًا 2077 - (زهير) بضم الزاي: مصغر (ربعي بن حراش) بكسر الراء والحاء المهملة، آخره شين معجمة. (تلقت الملائكة روح عبد ممن كان قبلكم) أي: استقبلت بأمر الله بعد فراقه من الجسد (قالوا: أعملت شيئًا من الخير؟ قال: كنت آمر فتياني) بكسر الفاء: جمع فتى؛ وهو الشاب، والمراد: الغلمان والخدام (أن ينظروا) أي: المعسر (ويتجاوزوا عن الموسر) إلا أنه لا يلائم الترجمة لفظًا لكن كذا رواه مسلم: الإبطاء، والإمهال، والتأخير، والتجاوز المساهلة في الطلب، وعدم المضايقة والمناقشة، ويدل عليه الرواية بعد: "أيسر على الموسر". فإن قلت: ذكر في الرواية بعده: "كنت أنظر الموسر وأتجاوز عن المعسر" عكس الأول. قلت: الكل صحيح تارة ينظر وتارة يتجاوز.

18 - باب من أنظر معسرا

18 - باب مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا 2078 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنَا الزُّبَيْدِىُّ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «كَانَ تَاجِرٌ يُدَايِنُ النَّاسَ، فَإِذَا رَأَى مُعْسِرًا قَالَ لِفِتْيَانِهِ تَجَاوَزُوا عَنْهُ، لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا، فَتَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُ». طرفه 3480 19 - باب إِذَا بَيَّنَ الْبَيِّعَانِ وَلَمْ يَكْتُمَا وَنَصَحَا وَيُذْكَرُ عَنِ الْعَدَّاءِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ كَتَبَ لِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «هَذَا مَا اشْتَرَى مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْعَدَّاءِ بْنِ خَالِدٍ، بَيْعَ الْمُسْلِمِ الْمُسْلِمَ، لاَ دَاءَ، وَلاَ خِبْثَةَ، وَلاَ غَائِلَةَ». ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: ما معنى الإنظار مع الموسر؟ قلت: ينظره من وقت إلى آخر، مع تمكنه منه؛ محاسنة في الأخلاق (قال أبو مالك) هو سعد بن طارق الأشجعي (أبو عوانة) -بفتح العين- الوضّاح اليشكري (وقال نعيم) بضم النون، مصغر. 2078 - (الزبيدي) -بضم الزاي -، مصغر: محمد بن الوليد، نسبة إلى القبيلة، قال الجوهري: زبيد بطن من مذحج، رهط عمرو بن معدي كرب. (قال لفتيانه: تجاوزوا عنه، لعل الله أن يتجاوز عنّا) هذه النية أوجبت له تجاوز الله عنه. باب إذا بَيَّن البيّعان ولم يكتما ونصحا (ويذكر عن عدّاء بن خالد: قال: كتب لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هذا ما اشترى محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من العدّاء بن خالد، بيع المسلم المسلم، لا داء ولا خبثة ولا غائلة) عداء بن خالد: هذا هو ابن هوذة العامري. أسلم هو وأبوه وعمه بعد حنين. ومعنى قوله: [لا] داء: لا مرض، والخبثة -بكسر الخاء - الحرمة؛ لأن الحرام مال خبيث، والغائلة: الخيانة، من الزنى والسرقة، وسائر العيوب. هذا التعليق الذي رواه البخاري، رواه الترمذي وابن ماجه مسندًا، ولفظ الحديث

وَقَالَ قَتَادَةُ الْغَائِلَةُ الزِّنَا وَالسَّرِقَةُ وَالإِبَاقُ. وَقِيلَ لإِبْرَاهِيمَ إِنَّ بَعْضَ النَّخَّاسِينَ يُسَمِّى آرِىَّ خُرَاسَانَ وَسِجِسْتَانَ فَيَقُولُ جَاءَ أَمْسِ مِنْ خُرَاسَانَ، جَاءَ الْيَوْمَ مِنْ سِجِسْتَانَ. فَكَرِهَهُ كَرَاهِيَةً شَدِيدَةً. وَقَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ لاَ يَحِلُّ لاِمْرِئٍ يَبِيعُ سِلْعَةً، يَعْلَمُ أَنَّ بِهَا دَاءً، إِلاَّ أَخْبَرَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عندهما: هذا ما اشترى العداء بن خالد من محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبدًا وأمة واستصوب أهل الحديث روايتهما؛ لأنّ الوثيقة إنما تكتب للمشتري دون البائع، هذا معروف بين التجار، قال القاضي: يمكن حمل ما في البخاري على هذا أيضًا؛ لأنّ الشراء لفظ مشترك بين البيع والشراء. وهذا كلام حسن، دل عليه قوله: "بيع المسلم من المسلم". وأجاب بعض الشارحين: بأن المشتري أيضًا يكتب للبائع وكلاهما عادة، وأما إذا كان الثمن في الذمة فالبائع هو الكاتب إليه. ثم قال: وإذا تعارضت الروايتان فرواية البخاري هي المشهورة. هذا كلامه، وخبطه من وجوه؛ الأول: أنّ قوله: المشتري يكتب للبائع أيضًا، مجرد دعوى، ولو كان ذلك معروفًا لم تخف على أهل الحديث، ولا معنى لكتابة المشتري؛ لأن فائدة كتابة البائع للمشتري أنه إذا اطلع على عيب لم يُذكر في المكتوب يتمكن من رد المبيع، وفي عرف أهل مصر ذلك الكتاب يسمى العهدة، وهذه الفائدة لا تعقل من جانب المشتري، ألا ترى أن قوله: " [لا] داء ولا خبثة ولا غائلة" أوصاف البيع التي توجب الرد عليه. الثاني: قوله: الثمن إذا كان في ذمة البائع هو الذي يكتب، ليس مما نحن فيه؛ لأن الذي يكتبه البائع مقدار الثمن وأوصافه، والكلام هنا إنما هو في المبيع. الثالث: قوله: رواية البخاري هي المشهورة، خلاف الواقع؛ لأن البخاري إنما ذكره بلفظ: يذكر، صيغة التمريض الدالة على الضعف. (وقيل لإبراهيم: إن بعض النخاسين) -بفتح النون وتشديد الخاء المعجمة- الدلاّل؛ لأنه ينخس الناس؛ أي: يدفعهم في جريهم، قال ابن الأثير: النخس الدفع والتحريك (يسمي آريّ خراسان وسجستان، فيقول: جاء أمس من خراسان، جاء اليوم من سجنستان) الآري -بفتح الهمزة والمد، وتشديد الياء - محبس الدّواب.

20 - باب بيع الخلط من التمر

2079 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ صَالِحٍ أَبِى الْخَلِيلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ رَفَعَهُ إِلَى حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا - أَوْ قَالَ حَتَّى يَتَفَرَّقَا - فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا». أطرافه 2082، 2108، 2110، 2114 20 - باب بَيْعِ الْخِلْطِ مِنَ التَّمْرِ 2080 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا نُرْزَقُ تَمْرَ الْجَمْعِ، وَهْوَ الْخِلْطُ مِنَ التَّمْرِ، وَكُنَّا نَبِيعُ ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: ما حقيقة هذا الكلام؟ قلت: قال القاضي: تقدم الكلام: أرادوا بهم خراسان، فلا بدّ من تقدير هذا المضاف إليه، لأنّ آري غير منون؛ أي: يسمون مربط الدّابة ومعلفها خراسان أو سجستان، ويربي الدابة فيه فيخرجها إلى السوق ويحلف أنها اليوم جاءت من خراسان. فيظن المشتري أنه خراسان البلد المعروف، فيرغب في شرائها؛ لأنها مع بُعْد الطريق لم تتغير، ولم يَدْر أن خراسان معلف الدّابة، فكره ذلك؛ لأنّه نوع حيلة. 2079 - (البيعان بالخبار مالم يتفرقا) أي: بالأبدان، وعند أبي حنيفة ومالك بالأقوال، وموضع تفصيله كتب الفروع (فإن صدقا وبينا) أي: في الشراء، وما بالمتاع من العيب يبارك لهما. فإن قلت: الصدق في الشراء إنما يكون من طرف البائع. قلت: إذا لم يكن أحد العوضين نقدًا كلٌّ منهما بائع ومشتري، على أنّه يمكن إجراؤه في النقد أيضًا بألا يكون فيه غش. باب بيع الخلط من التمر 2080 - (أبو نعيم) بضم النون: مصغر فضل بن دكين (شيبان) فعلان: من الشيب. (كنا نُرزق) -بضم النون- على بناء المجهول (تَمْرَ الجمع؛ وهو الخلط) الجمع -بضم

21 - باب ما قيل فى اللحام والجزار

صَاعَيْنِ بِصَاعٍ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ صَاعَيْنِ بِصَاعٍ، وَلاَ دِرْهَمَيْنِ بِدِرْهَمٍ». 21 - باب مَا قِيلَ فِي اللَّحَّامِ وَالْجَزَّارِ 2081 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِى شَقِيقٌ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يُكْنَى أَبَا شُعَيْبٍ فَقَالَ لِغُلاَمٍ لَهُ قَصَّابٍ اجْعَلْ لِى طَعَامًا يَكْفِى خَمْسَةً، فَإِنِّى أُرِيدُ أَنْ أَدْعُوَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - خَامِسَ خَمْسَةٍ، فَإِنِّى قَدْ عَرَفْتُ فِي وَجْهِهِ الْجُوعَ. فَدَعَاهُمْ، فَجَاءَ مَعَهُمْ رَجُلٌ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ هَذَا قَدْ تَبِعَنَا، فَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَأْذَنَ لَهُ فَأْذَنْ لَهُ، وَإِنْ شِئْتَ أَنْ يَرْجِعَ رَجَعَ». فَقَالَ لاَ، بَلْ قَدْ أَذِنْتُ لَهُ. أطرافه 2456، 5434، 5461 ـــــــــــــــــــــــــــــ الجيم وسكون الميم - قيل: كل نخل لا يُعرف له اسمٌ يُسمى جمعًا، وقيل: نوع رديء، وتفسيره بالخلط يشعر بأنه مجتمع من رديء أنواع التمر (قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا صاعين بصاع) أي: في التمر، أو في كل مكيل عند من يجعل العلة الكيل والجنس. باب ما قيل في اللَّحام والجزّار اللحام: من يبيع اللحم، والجزّار: من ينحر لجزور؛ وهو: البعير، ثم أطلق مرادفًا للقصاب. والغرض من وضع هذا الباب الدلالة على أنّ هذه الصنعة لا بأس بكسبها؛ فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكل منها، وليس مثل كسب الحجّام. 2081 - (خامس خمسة) أي: واحد من هذا العدد (فدعاهم) أي: الخمسة (فجاء معه رجل) أي: مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غير أولئك الخمسة (فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنّ هذا تبعنا، فإن شئت أن تأذن له) إنما ذكر له هذا الكلام لئلا يقع الرجل في أكل الحرام؛ لأنه جاء من غير طلب. فإن قلت: سيأتي أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جاء إلى بيت أبي طلحة بخلق كثير للأكل من غير أن يقول لأبي طلحة ما قاله لأبي شعيب؟ قلت: كان يعلم من أبي طلحة أنّه يرضى بكل ما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ بخلاف أبي شعيب، على أنّ عبارة أبي شعيب: خامس خمسة، فيه دلالة على الحصر.

22 - باب ما يمحق الكذب والكتمان فى البيع

22 - باب مَا يَمْحَقُ الْكَذِبُ وَالْكِتْمَانُ فِي الْبَيْعِ 2082 - حَدَّثَنَا بَدَلُ بْنُ الْمُحَبَّرِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْخَلِيلِ يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا - أَوْ قَالَ حَتَّى يَتَفَرَّقَا - فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا». طرفه 2079 23 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ). 2083 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْمَقْبُرِىُّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لاَ يُبَالِى الْمَرْءُ بِمَا أَخَذَ الْمَالَ، أَمِنْ حَلاَلٍ أَمْ مِنْ حَرَامٍ». 24 - باب آكِلِ الرِّبَا وَشَاهِدِهِ وَكَاتِبِهِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِى يَتَخَبَّطُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ 2082 - (بدل بن المحبّر) بضم وفتح الباء المشددة (أبا الخليل) بريد بن أبي مريم. ثم روى حديث البيعين، وقد تقدم قريبًا في باب إذا بين البيعان. ثم قال: (باب قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا} [آل عمران: 130]. 2083 - وروى في الباب (يأتي زمان لا يبالي المرء بما أخذ، أمن الحلال، أم من الحرام) وقد سلف شرحه في باب: لم يبال من أين كسب المال. (ابن أبي ذئب) بلفظ الحيوان المعروف: محمد بن عبد الرّحمن. باب آكل الرّبا وشاهده وكاتبه، وقوله تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا} إلى قوله {هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 275] هذه الآية في حقّ الكفار، فلا دليل فيه للمعتزلة؛ لقوله تعالى بعد هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ} [البقره 278].

الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ). 2084 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ لَمَّا نَزَلَتْ آخِرُ الْبَقَرَةِ قَرَأَهُنَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَيْهِمْ فِي الْمَسْجِدِ، ثُمَّ حَرَّمَ التِّجَارَةَ فِي الْخَمْرِ. طرفه 459 2085 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِى، فَأَخْرَجَانِى إِلَى أَرْضٍ مُقَدَّسَةٍ، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ مِنْ دَمٍ فِيهِ رَجُلٌ قَائِمٌ، وَعَلَى وَسَطِ النَّهْرِ رَجُلٌ بَيْنَ يَدَيْهِ حِجَارَةٌ، فَأَقْبَلَ الرَّجُلُ الَّذِى فِي النَّهَرِ فَإِذَا أَرَادَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 2084 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (غندر) بضم الغين وفتح الدال (عن أبي الضحى) مسلم بن صبيح (عن عائشة: لما نزلت آخر البقرة قرأهن النبي - صلى الله عليه وسلم -) أنث الضمير؛ لأن آخر البقرة عبارة عن الآيات (ثم حرم التجارة في الخمر). فإن قلت: سيجِيءُ في البخاري أنه حين حرمت الخمر حرم بيعها، فما معنى قولها: "حرم تجارة الخمر"؟ قلت: محمول على أنه أعاد ذكر الحرمة في المسجد؛ لاجتماع الناس، ففيه زيادة تبليغ؛ لأنه أمر مهم. فإن قلت: ليس في الحديث ذكر الشاهد والكاتب، كما ذكر في الترجمة؟ قلت: وقع ذكرهما في رواية مسلم، وزاد: "وموكله" وقال: "هم سواء" ولم يكن على شرطه، فأشار إليه في الترجمة، وأيضًا إطلاق حرمة الربا يدل على إثم كل من كان له فيه مدخل. 2085 - (جرير بن حازم) بالحاء المهملة (أبو رجاء) -بفتح الرّاء والجيم والمد - عمران العطاردي (سمرة بن جندب) بفتح السين وبضم الميم وضم الجيم والدال (رأيت الليلة رجلين أتياني؛ فأخرجاني إلى أرض مقدسة) لم يرد بها الأرض المقدسة المذكورة في القرآن، بل أرضًا مقدسة من الأراضي؛ ولذلك نكّرها (حتى أتينا على نهر من دم، فيه رجل قائم، على وسط النهر رجل بين يديه حجارة) قال القاضي: الصواب "على شط النهر" كما

25 - باب موكل الربا

الرَّجُلُ أَنْ يَخْرُجَ رَمَى الرَّجُلُ بِحَجَرٍ فِي فِيهِ فَرَدَّهُ حَيْثُ كَانَ، فَجَعَلَ كُلَّمَا جَاءَ لِيَخْرُجَ رَمَى فِي فِيهِ بِحَجَرٍ، فَيَرْجِعُ كَمَا كَانَ، فَقُلْتُ مَا هَذَا فَقَالَ الَّذِى رَأَيْتَهُ فِي النَّهَرِ آكِلُ الرِّبَا». 25 - باب مُوكِلِ الرِّبَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِىَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ * وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ هَذِهِ آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. ـــــــــــــــــــــــــــــ جاء في الرّواية الأخرى؛ وهو ساحله؛ لأنّ جمع الحجارة إنما يكون لمن يكون على ساحل النهر. قلت: "على وسط النهر" بدل من قوله: "على نهر من دم فيه رجل قائم"، ويقدر للثاني خبر؛ أي: وعلى شط النهر رجل بين يديه حجارة، وهذا التقدير لاتفاق النسخ على لفظ وسط، وعليه المعنى، فلا وجهَ لتخطئة الرواة بعد إمكان الجمع. فإن قلت: في بعضها: "وعلى وسط النهر" بالواو. قلت: يجعل حالًا من ضمير قائم، بتقدير المبتدأ؛ أي: وهو قائم. (فجعل كلما جاء) أي: شرع. هذا حديث طويل رواه البخاري في آخر الجنائز مطولًا، وفي مواضع أخر، وموضع الدلالة هنا قوله: (الذي رأيته في النّهر آكل الرّبا). باب موكل الربا (لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا} [البقرة: 278] هذا موضع الدلالة، إذ لو لم يذر ما بقي لكان موكلًا أخذة الربا (قال ابن عباس: هذه آخر آية نزلت). فإن قلت: قد جاء في البخاري: {وَيَسْتَفْتُونَكَ} [النساء: 127] آخر آية، وفي رواية أخرى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} [البقرة: 281]، قلت: كل أخبر على قدر علمه،

26 - باب (يمحق الله الربا ويربى الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم)

2086 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِى جُحَيْفَةَ قَالَ رَأَيْتُ أَبِى اشْتَرَى عَبْدًا حَجَّامًا، فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ، وَثَمَنِ الدَّمِ، وَنَهَى عَنِ الْوَاشِمَةِ وَالْمَوْشُومَةِ، وَآكِلِ الرِّبَا، وَمُوكِلِهِ، وَلَعَنَ الْمُصَوِّرَ. أطرافه 2238، 5347، 5945، 5962 26 - باب (يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِى الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ) 2087 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ـــــــــــــــــــــــــــــ ويجوز أن يكون معنى قول ابن عباس: إن آخر آية نزلت في الوعيد هذه الآية، وقوله تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} [البقرة: 281]، من تتمة هذه الآية، ومعنى قول من قال: آخر آية: {وَيَسْتَفْتُونَكَ} أنها آخر آية في الأحكام. 2086 - (عون بن أبي جحيفة) بضم الجيم وفتح الحاء مصغر، واسمه وهب بن عبد الله. (رأيت أبي اشترى عبدًا حجامًا، فأمر بمحاجمه فكسرت) جمع محجم بكسر الميم: آلة الحجام (نهى عن ثمن الكلب، وثمن الدّم، ونهى عن الواشمة والموشومة) المراد بثمن الدم: أجرة الحجام، والنهي تنزيه؛ لما سيجيءُ في البخاري: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعطى الحجام أجرته". والنهي في البواقي محمول على الحقيقة عند الكل؛ إلا الكلب عند أبي حنيفة ومالك، ورواية عن الإمام أحمد، ودليل الشافعي على عدم جواز بيعه هذا الحديث، وكونه نجس العين عنده، ولا يرد عليه ثمن الدم، وهو جواز أخذ أجرة الحجام؛ لأن القِران في الذكر لا يوجب القران في الحكلم؛ لجواز خروجه بدليل آخر، وقد دلّ على جوازه إعطاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجرة الحجام. باب قوله: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا} [البقرة: 276] 2087 - (بكير) بضم الباء، على وزن المصغر (أن أبا هريرة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

27 - باب ما يكره من الحلف فى البيع

يَقُولُ «الْحَلِفُ مُنَفِّقَةٌ لِلسِّلْعَةِ مُمْحِقَةٌ لِلْبَرَكَةِ». 27 - باب مَا يُكْرَهُ مِنَ الْحَلِفِ فِي الْبَيْعِ 2088 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى أَوْفَى - رضى الله عنه - أَنَّ رَجُلاً أَقَامَ سِلْعَةً، وَهُوَ فِي السُّوقِ، فَحَلَفَ بِاللَّهِ لَقَدْ أَعْطَى بِهَا مَا لَمْ يُعْطَ، لِيُوقِعَ فِيهَا رَجُلاً مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَنَزَلَتْ (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً) طرفاه 2675، 4551 ـــــــــــــــــــــــــــــ يقول: الحلف منفقة للسلعة، ممحقة للبركة) كلاهما بفتح الميم؛ أي: مظنة للنفاق؛ وهو: الرواج، والمحق: النقص، والمراد: الحلف الكاذب؛ كما يفعله أكثر البياعين. فإن قلت: أيّ مناسبة للترجمة مع الحديث؟ قلت: غرضُ كلٍّ من الحالِفِ كاذبًا والمرابي الزيادةُ بطريق باطل، فأشار إلى أنَّ الزيادة في الصورة، والنقصان في المعنى. باب ما يكره من الحلف في البيع 2088 - (هشيم) بضم الهاء مصغر (العوّام) بفتح الواو المشددة (عن عبد الله بن أبي أوفى) بفتح الهمزة واسمه علقمة (أنَّ رجلًا أقام سلعة في السوق) أي: قومها، يقال: أقمت المتاع وقومته، وفي لغة أهل مكة: استقمته؛ أي: أظهرت قيمته (فحلف بالله لقد أعطي بها ما لم يعط) كلا الفعلين على بناء المجهول (فنزلت: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 77]). فإن قلت: سيأتي في البخاري أنها نزلت في الأشعث بن قيس. قلت: لا تزاحم في الأسباب؛ لجواز أن يكون الكل سبب النزول، وقد جاء في رواية عن ابن عبّاس أنها نزلت في أحبار اليهود. فإن قلت: الكراهة تشمل التحريم والتنزيه، والآية نزلت على التحريم خاصة. قلت:

28 - باب ما قيل فى الصواغ

28 - باب مَا قِيلَ فِي الصَّوَّاغِ وَقَالَ طَاوُسٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يُخْتَلَى خَلاَهَا». وَقَالَ الْعَبَّاسُ إِلاَّ الإِذْخِرَ، فَإِنَّهُ لِقَيْنِهِمْ وَبُيُوتِهِمْ. فَقَالَ «إِلاَّ الإِذْخِرَ». 2089 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَلِىُّ بْنُ حُسَيْنٍ أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِىٍّ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِيًّا - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - قَالَ كَانَتْ لِى شَارِفٌ مِنْ نَصِيبِى مِنَ الْمَغْنَمِ، وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَعْطَانِى شَارِفًا مِنَ الْخُمْسِ، فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَبْتَنِىَ بِفَاطِمَةَ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ - بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَاعَدْتُ رَجُلاً ـــــــــــــــــــــــــــــ قيل: الآية تدل على العموم أيضًا؛ لأن أيمانهم عام، يشمل الصادق والكاذب. وهذا ليم بشيء؛ لأنّ الوعيد في آخر الآية، وهو قوله: {أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ} [آل عمران: 77] لا يترتب إلا على اليمين الفاجرة. والصّواب: أنه أراد به التحريم. باب ما قيل في الصَّوّاغ (وقال طاوس عن ابن عبّاس: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا يختلى خلاها) بفتح [اللام] والقصر -: العلف الرطب (وقال العباس: إلا الإذخر) بكسر الهمزة (فإنه لقينهم) هذان التعليقان تقدما في كتاب الحج. فإن قلت: الحديث الأول ليس فيه ذكر الصواغ، والثاني فيه ذكر القين دون الصواغ؟ قلت: في الحديث بعده ذكر الصواغ، فأشار إلى أن في بعض الروايات ذكر القين بدل الصواغ، زيادةً للفائدة. 2089 - (عبدان) على وزن شعبان عبد الله المروزي (عن علي بن حسين) هو الإمام زين العابدين (أن عليًّا رضي الله عنه قال: كانت لي شارف) الشارف: المسن من الإبل، يطلق على الذكر والأنثى. ولذلك أنّث الفعل (فلما أردت أن أبتني بفاطمة) كناية عن الدخول، كان من دأب العرب أن يبنوا بيتًا خارج البيوت للعروس والزفاف (واعدت رجلًا

29 - باب ذكر القين والحداد

صَوَّاغًا مِنْ بَنِى قَيْنُقَاعَ أَنْ يَرْتَحِلَ مَعِى فَنَأْتِىَ بِإِذْخِرٍ أَرَدْتُ أَنْ أَبِيعَهُ مِنَ الصَّوَّاغِينَ، وَأَسْتَعِينَ بِهِ فِي وَلِيمَةِ عُرُسِى. أطرافه 2375، 3091، 4003، 5793 2090 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ خَالِدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مَكَّةَ، وَلَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ قَبْلِى، وَلاَ لأَحَدٍ بَعْدِى، وَإِنَّمَا حَلَّتْ لِى سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، وَلاَ يُخْتَلَى خَلاَهَا، وَلاَ يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهَا وَلاَ يُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا إِلاَّ لِمُعَرِّفٍ». وَقَالَ عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِلاَّ الإِذْخِرَ لِصَاغَتِنَا وَلِسُقُفِ بُيُوتِنَا. فَقَالَ «إِلاَّ الإِذْخِرَ». فَقَالَ عِكْرِمَةُ هَلْ تَدْرِى مَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا هُوَ أَنْ تُنَحِّيَهُ مِنَ الظِّلِّ، وَتَنْزِلَ مَكَانَهُ. قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ خَالِدٍ لِصَاغَتِنَا وَقُبُورِنَا. طرفه 1349 29 - باب ذِكْرِ الْقَيْنِ وَالْحَدَّادِ 2091 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــ صواغًا) هذا موضع الدلالة على الترجمة (قينقاع) بفتح القاف وسكون الياء بعدها نون مضمومة، بعدها قاف آخره عين مهملة: بطن من يهود المدينة. 2090 - (إسحاق: حدثنا خالد) كذا وقع غير منسوب، قال الغساني: نسبه ابن السكن إسحاق بن شاهين الواسطي، هو الراوي عن خالد بن عبد الله الطحان، وخالد الثاني هو الحذّاء. وهذا الحديث قد سلف مرارًا، وموضع الدلالة هنا ذكر الصائغ. فإن قلت: ما فائدة ذكره في أبواب البيوع؟ قلت: فائدته الدلالة على أنّ الصياغة صناعة لا بأس بأجرتها، كما سيذكر بعده الختّاط وغيره. باب ذكر القين والحداد القين: يطلق على الحداد والصائغ؛ قاله ابن الأثير؛ ولذلك عطف عليه الحداد. 2091 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (ابن أبي عدي) محمد بن إبراهيم

30 - باب ذكر الخياط

عَنْ أَبِى الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ خَبَّابٍ قَالَ كُنْتُ قَيْنًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ لِى عَلَى الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ دَيْنٌ، فَأَتَيْتُهُ أَتَقَاضَاهُ قَالَ لاَ أُعْطِيكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -. فَقُلْتُ لاَ أَكْفُرُ حَتَّى يُمِيتَكَ اللَّهُ، ثُمَّ تُبْعَثَ. قَالَ دَعْنِى حَتَّى أَمُوتَ وَأُبْعَثَ، فَسَأُوتَى مَالاً وَوَلَدًا فَأَقْضِيَكَ فَنَزَلَتْ (أَفَرَأَيْتَ الَّذِى كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَدًا * أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا). أطرافه 2275، 2425، 4732، 4733، 4734، 4735 30 - باب ذِكْرِ الْخَيَّاطِ 2092 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - يَقُولُ إِنَّ خَيَّاطًا دَعَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِطَعَامٍ صَنَعَهُ، قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ فَذَهَبْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى ذَلِكَ الطَّعَامِ، فَقَرَّبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خُبْزًا وَمَرَقًا فِيهِ دُبَّاءٌ وَقَدِيدٌ، فَرَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ ـــــــــــــــــــــــــــــ (عن أبي الضحى) مسلم بن صبيح (عن خَبَّاب) بفتح الخاء المعجمة وتشديد الباء (كنت قينًا في الجاهلية) وفي الإسلام أيضًا؛ وإنما قيّده بالجاهلية لأنّ عمله للعاص بن وائل كان في أيام الجاهلية (قال: لا أعطيك حتى تكفر بمحمد - صلى الله عليه وسلم -. قلت: لا أكفر حتى يميتك الله ثم تبعث) ليس للغاية مفهوم؛ لأنه معلوم أنْ لا كفر بعد البعث؛ ولكن أراد أن يذكر بالبعث؛ فإنه كان منكرا (قال: دعني حتى أموت وأبعث، فَسَأُوتى ما لًا وولدًا) قاله استهزاءً؛ ولذلك قال تعالى في الرد عليه: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا (77)} [مريم: 77]. فإن قلت: إذا لم يعتقدوا البعث، فلم كانوا يعبدون الأصنام، ويقولون: شفعاؤنا عند الله؟ قلت: معناه أن لو كان حشرًا لكانت شفعاء على الاحتمال، أو لدفع نوائب الدهر. باب ذكر الخياط 2092 - (أن خياطًا دعا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لطعام صنعه) هذا موضع الدلالة، فإنه يدل على أن أجر الخياط لا شبهة فيه؛ ولذلك أكل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طعامه (فقرَّب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

31 - باب ذكر النساج

مِنْ حَوَالَىِ الْقَصْعَةِ - قَالَ - فَلَمْ أَزَلْ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ مِنْ يَوْمِئِذٍ. أطرافه 5379، 5420، 5433، 5435، 5436، 5437، 5439 31 - باب ذِكْرِ النَّسَّاجِ 2093 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى حَازِمٍ قَالَ سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ - رضى الله عنه - قَالَ جَاءَتِ امْرَأَةٌ بِبُرْدَةٍ - قَالَ أَتَدْرُونَ مَا الْبُرْدَةُ فَقِيلَ لَهُ نَعَمْ، هِىَ الشَّمْلَةُ، مَنْسُوجٌ فِي حَاشِيَتِهَا - قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّى نَسَجْتُ هَذِهِ بِيَدِى أَكْسُوكَهَا. فَأَخَذَهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مُحْتَاجًا إِلَيْهَا. فَخَرَجَ إِلَيْنَا وَإِنَّهَا إِزَارُهُ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، اكْسُنِيهَا، فَقَالَ «نَعَمْ». فَجَلَسَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي ـــــــــــــــــــــــــــــ خبزًا ومرقًا، فيه دباء وقديد) الدباء بضم الدال والمد: القرع (فرأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتتبع) بثلاث فتحات من باب التّفعل (من حوالي القصعة) بفتح القاف. فإن قلت: كيف تتبع حوالي القصعة وقد نهى عن ذلك؟ قلت: إنما نهى عن ذلك إذا كان من يكره ذلك، ومعلوم أن أنسًا ليس من ذلك في شيء؛ لأنه خادمه ويود أن يفديه بنفسه (فلم أزل أحبّ الدّباء من يومئذ). فإن قلت: المحبة ميل الطبع إلى الشيء، فما معنى قوله: فلمْ أزل أحب الدباء من يومئذ؟ قلت: المحبة ميل القلب إلى ما فيه كمال، ولمّا رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يميل إليه [علم] أن في الدّباء كمالًا لم يكن يعلمه إلى ذلك الوقت. باب ذكر النسّاج 2093 - (بكير) بضم الباء مصغر (عن أبي حازم) بالحاء المهملة: سلمة بن دينار (جاءت امرأة ببردة) بضم الباء وسكون الراء (قال: أتدرون ما البردة؟ هي: الشملة) قال الجوهري: هي كساء أسود نلبسه الأعراب (منسوجة في حاشيتها) وفي بعضها: "منسوج" بالرفع، خبر بعد خبر، أو حال بتقدير المبتدأ، ومحصله: أنه كان لها علم في حاشيتها (اكسنيها) بضم الهمزة وقد سلف الحديث في شرحه في أبواب الجنائز، في باب من استعد الكفن، ولفظه هناك: "فيها حاشيتها" أي: طرفها، ومحصل الكل كانت جديدة، وموضع الدلالة هنا ذكر النسيج، فإنه يدل على حل أجرة النساج.

32 - باب النجار

الْمَجْلِسِ، ثُمَّ رَجَعَ فَطَوَاهَا، ثُمَّ أَرْسَلَ بِهَا إِلَيْهِ. فَقَالَ لَهُ الْقَوْمُ مَا أَحْسَنْتَ، سَأَلْتَهَا إِيَّاهُ، لَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّهُ لاَ يَرُدُّ سَائِلاً. فَقَالَ الرَّجُلُ وَاللَّهِ مَا سَأَلْتُهُ إِلاَّ لِتَكُونَ كَفَنِى يَوْمَ أَمُوتُ. قَالَ سَهْلٌ فَكَانَتْ كَفَنَهُ. طرفه 1277 32 - باب النَّجَّارِ 2094 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِى حَازِمٍ قَالَ أَتَى رِجَالٌ إِلَى سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ يَسْأَلُونَهُ عَنِ الْمِنْبَرِ فَقَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى فُلاَنَةَ - امْرَأَةٍ قَدْ سَمَّاهَا سَهْلٌ - «أَنْ مُرِى غُلاَمَكِ النَّجَّارَ، يَعْمَلُ لِى أَعْوَادًا أَجْلِسُ عَلَيْهِنَّ إِذَا كَلَّمْتُ النَّاسَ». فَأَمَرَتْهُ يَعْمَلُهَا مِنْ طَرْفَاءِ الْغَابَةِ ثُمَّ جَاءَ بِهَا، فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِهَا، فَأَمَرَ بِهَا فَوُضِعَتْ، فَجَلَسَ عَلَيْهِ. طرفه 377 2095 - حَدَّثَنَا خَلاَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَنَّ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلاَ أَجْعَلُ لَكَ شَيْئًا تَقْعُدُ عَلَيْهِ فَإِنَّ لِى غُلاَمًا نَجَّارًا. قَالَ «إِنْ شِئْتِ». قَالَ فَعَمِلَتْ لَهُ الْمِنْبَرَ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ قَعَدَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الْمِنْبَرِ الَّذِى صُنِعَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب النجار 2094 - (قتيبة) بضم القاف، مصغر (عن أبي حازم) - بحاء مهملة - سلمة بن دينار (بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى فلانة، امرأةٍ من الأنصار- وقد سماها سهل - أن مري كلامك) أن مفسرة؛ لأن البعث فيه معنى القول، وقد في أبواب الجمعة اسمُ المرأة واسمُ غلامها، وموضع الدلالة هنا ذكر النجاري؛ وهو صيغة مبالغة من النجر، وأصله التفريق (من ظرفاء الغابة) موضع بقرب المدينة، والظرفاء: نوع من الشجر. 2095 - (خلاد) بفتح الخاء وتشديد اللام (أنّ امرأة من الأنصار قالت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ألا أجعل لك شيئًا تقعد عليه؟). فإن قلت: في الحديث الأول أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو البادئ، وفي هذا الحديث أنّ المرأة البادية؟ قلت: الظاهر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما ذكر أنه محتاج إلى المنبر ذكرت المرأة أنّ لها غلامًا يقدر على ذلك، واستأذنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (فقال: إن شئت) ثم أرسل إليها آمرأ بذلك، ويحتمل العكس. (فلما صنع المنبر وقعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليه يوم الجمعة) يريد الخطبة

33 - باب شراء الحوائج بنفسه

فَصَاحَتِ النَّخْلَةُ الَّتِى كَانَ يَخْطُبُ عِنْدَهَا حَتَّى كَادَتْ أَنْ تَنْشَقَّ، فَنَزَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى أَخَذَهَا فَضَمَّهَا إِلَيْهِ، فَجَعَلَتْ تَئِنُّ أَنِينَ الصَّبِىِّ الَّذِى يُسَكَّتُ حَتَّى اسْتَقَرَّتْ. قَالَ «بَكَتْ عَلَى مَا كَانَتْ تَسْمَعُ مِنَ الذِّكْرِ». طرفه 449 33 - باب شِرَاءِ الْحَوَائِجِ بِنَفْسِهِ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - اشْتَرَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - جَمَلاً مِنْ عُمَرَ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما - جَاءَ مُشْرِكٌ بِغَنَمٍ، فَاشْتَرَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْهُ شَاةً. وَاشْتَرَى مِنْ جَابِرٍ بَعِيرًا. 2096 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتِ اشْتَرَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ يَهُودِىٍّ طَعَامًا بِنَسِيئَةٍ، وَرَهَنَهُ دِرْعَهُ. طرفه 2068 ـــــــــــــــــــــــــــــ (فصاحت النخلة التي كان يخطب عندها) أي: جذع النخلة (يُسكَّت) بضم الياء، وتشديد الكاف المفتوحة أي: يجعل ساكتًا (قال: بكت على ما كانت تسمع من الذكر) هذا كلام سهل، كذا قيل؛ لكن في رواية أحمد التصريح بأنه من كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فيكون جابر حكى مقالة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والأظهر أنها بكت على فراق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فإنه كان يتكئ عليها إذا خطب وأما سماع الذكر فهو حاصل، وإن كان هو على المنبر، وهذه إحدى معجزاته الباهرة - صلى الله عليه وسلم -. باب شراء الإمام الحوائج بنفسه روى في الباب تعليقًا عن ابن عمر (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اشترى جملًا من عمر) هذا التعليق سيأتي مسندًا، وكذا شراؤه الشاة من المشرك، وشراء البعير من جابر، ووجه الدلالة في الكل أنه نسب الشّراء إليه من غير واسطة، فدلّ على أنه باشره بنفسه. 2096 - ثم روى مسندًا (عن عائشة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اشترى من يهودي طعامًا) وقد

34 - باب شراء الدواب والحمير، وإذا اشترى دابة أو جملا وهو عليه، هل يكون ذلك قبضا قبل أن ينزل

34 - باب شِرَاءِ الدَّوَابِّ وَالْحَمِيرِ، وَإِذَا اشْتَرَى دَابَّةً أَوْ جَمَلاً وَهُوَ عَلَيْهِ، هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ قَبْضًا قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِعُمَرَ «بِعْنِيهِ». يَعْنِى جَمَلاً صَعْبًا. 2097 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي غَزَاةٍ، فَأَبْطَأَ بِى جَمَلِى وَأَعْيَا، فَأَتَى عَلَىَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «جَابِرٌ». فَقُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «مَا شَأْنُكَ». قُلْتُ أَبْطَأَ عَلَىَّ جَمَلِى وَأَعْيَا، فَتَخَلَّفْتُ. فَنَزَلَ يَحْجُنُهُ بِمِحْجَنِهِ، ثُمَّ قَالَ «ارْكَبْ». فَرَكِبْتُ، فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ أَكُفُّهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ـــــــــــــــــــــــــــــ سلف في باب شراء النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنسيئة أن الطعام ثلاثون صاعًا من شعير، وأن اليهودي اسمه أبو شحمة. باب شراء الدَّواب والحمير وإذا اشترى دابة أو جملًا وهو عليه الدابة لغة: كل ما داب على الأرض؛ أي: مشى، وعطف الحمير والجمل عليها يدل على أن في العرف إنما يطلق على الخيل والبغال. قوله (وهو عليه)؛ أي: المشتري راكبًا على المبيع (هل يكون ذلك قبضًا) وقيل: الضمير للبائع؛ أي: والبائع راكبه، وليس كذلك؛ لأن مع ركوب البائع لا يحصل الغرض. فإن قلت: حديث جابر لما اشترى منه الجمل كان جابر هو الرّاكب؟ قلت: لم يكن قبض هناك، وإنما قبضه لما بلغ المدينة؛ اللهم إلاّ أن يكون مذهب البخاري أن القول كاف ولا يشترط في القبض غيره، كما نقل عن مالك إذا لم يكن ربويًّا. 2097 - (كنت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزاة) كان في غزوة تبوك (فأبطأ بي جملي وأعيا) أي: تعب، ويقال: أعياه أيضًا، جاء لازمًا ومتعديًا (فنزل) أي: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (يحجُنُه بمحجنه) بكسر الميم: قضيب معوج الرأس. وفيه دلالة على جواز ضرب الحيوان بقدر الحاجة (فلقد رأيته كفّه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: لئلا يتقدمه، وهذا من معجزاته، كما وقع

قَالَ «تَزَوَّجْتَ». قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «بِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا». قُلْتُ بَلْ ثَيِّبًا. قَالَ «أَفَلاَ جَارِيَةً تُلاَعِبُهَا وَتُلاَعِبُكَ». قُلْتُ إِنَّ لِى أَخَوَاتٍ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَتَزَوَّجَ امْرَأَةً تَجْمَعُهُنَّ، وَتَمْشُطُهُنَّ، وَتَقُومُ عَلَيْهِنَّ. قَالَ «أَمَّا إِنَّكَ قَادِمٌ، فَإِذَا قَدِمْتَ فَالْكَيْسَ الْكَيْسَ». ثُمَّ قَالَ «أَتَبِيعُ جَمَلَكَ». قُلْتُ نَعَمْ. فَاشْتَرَاهُ مِنِّى بِأُوقِيَّةٍ، ثُمَّ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَبْلِى، وَقَدِمْتُ بِالْغَدَاةِ، فَجِئْنَا إِلَى الْمَسْجِدِ، فَوَجَدْتُهُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ، قَالَ «الآنَ قَدِمْتَ». قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «فَدَعْ جَمَلَكَ، فَادْخُلْ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ». فَدَخَلْتُ فَصَلَّيْتُ، فَأَمَرَ بِلاَلاً أَنْ يَزِنَ لَهُ أُوقِيَّةً. فَوَزَنَ لِى بِلاَلٌ، فَأَرْجَحَ فِي الْمِيزَانِ، فَانْطَلَقْتُ حَتَّى وَلَّيْتُ فَقَالَ «ادْعُ لِى جَابِرًا». قُلْتُ الآنَ يَرُدُّ عَلَىَّ الْجَمَلَ، وَلَمْ يَكُنْ شَىْءٌ أَبْغَضَ إِلَىَّ مِنْهُ. قَالَ «خُذْ جَمَلَكَ وَلَكَ ثَمَنُهُ». طرفه 443 ـــــــــــــــــــــــــــــ مثله في فرس أبي طلحة كان قطوفًا فلما ركبه لم يكن بعد ذلك يُسبق. (قال: تزوجت؟ قُلت: نعم، قال: بكرًا أم ثيبًا؟ قلت: بل ثيبًا، قال: أفلا جارية تلاعبها وتلاعبك) من اللعب -بكسر اللام - وكذا اللعاب: جلب السرور والفرح، والأظهر أنه من اللعاب -بضم اللام - وهو الريق؛ لما جاء في البخاري: "أين أنت من الأبكار ولُعبها" -بضم اللام - ضبطه المستملي، ولقوله في الحديث الآخر: "إنهن أطيب أفواهًا". (فإذا قدمت فالكيس الكيس) نصب على الإغراء والتكرير للتأكيد. الكيس: خلاف الحمق لغة، قال الجوهري: والمراد به في الحديث طلب الولد؛ أي: إذا قدمت لا تعجل، كما هو شأن المسافر من المبادرة إلى الوقاع؛ لا سيما إذا كان قريب عهد بزواج؛ بل تربص أوائل الطهر بعد الحيض، فإنه أسرع علوقًا، ولم يكن لجابر إذا ذاك ولد. (فاشتراه مني بأوقية) بضم الهمزة ويقال: وقية، قال ابن الأثير: وهي لغة عامية، ووزنها أربعون درهمًا. وقال الجوهري: وزن الأوقية في الحديث أربعون درهمًا، وكذلك كان فيما مضى وأما اليوم عند الأطباء عشرة دراهم. (فوزن لي بلال فأرجح في الميزان) هذا كان شأنه في كل أداء حقّ.

35 - باب الأسواق التى كانت فى الجاهلية فتبايع بها الناس فى الإسلام

35 - باب الأَسْوَاقِ الَّتِى كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَتَبَايَعَ بِهَا النَّاسُ فِي الإِسْلاَمِ 2098 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَتْ عُكَاظٌ وَمَجَنَّةُ وَذُو الْمَجَازِ أَسْوَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا كَانَ الإِسْلاَمُ تَأَثَّمُوا مِنَ التِّجَارَةِ فِيهَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ) فِي مَوَاسِمِ الْحَجِّ، قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ كَذَا. طرفه 1770 36 - باب شِرَاءِ الإِبِلِ الْهِيمِ أَوِ الأَجْرَبِ الْهَائِمُ الْمُخَالِفُ لِلْقَصْدِ فِي كُلِّ شَىْءٍ. 2099 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌو كَانَ هَا هُنَا رَجُلٌ اسْمُهُ نَوَّاسٌ، وَكَانَتْ عِنْدَهُ إِبِلٌ هِيمٌ، فَذَهَبَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - فَاشْتَرَى تِلْكَ الإِبِلَ مِنْ شَرِيكٍ لَهُ، فَجَاءَ إِلَيْهِ شَرِيكُهُ فَقَالَ بِعْنَا تِلْكَ الإِبِلَ. فَقَالَ مِمَّنْ بِعْتَهَا قَالَ مِنْ شَيْخٍ، كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ وَيْحَكَ ذَاكَ - وَاللَّهِ - ابْنُ عُمَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الأسواق التي كانت في الجاهلية 2098 - (كانت عُكاظ) بضم العين غير منصرف (ومَجَنَّة) بفتح الميم وكسرها (فلما كان الإسلام تأثموا من التجارة فيها) أي: عدوا ذلك إثمًا؛ لكونها من أسواق الجاهلية، وقد تقدم تمام الكلام عليه في أول كتاب البيع. باب شراء الإبل الهيم أو الأجرب الإبل: اسم جنس يقع على المفرد وعلى الجمع، ولذلك جمع أولًا، و (الهيم) بكسر الهاء جمع أهيم، وقد فسّره البخاري بانه (المخالف للقصد في كل شيء) أي: سواء كان إبلًا أو غيره؛ كالمجنون والحيران. 2099 - (كان ههنا رجل اسمه نَوَّاس) بفتح النون وتشديد الواو -قاله صاحب "المطالع"، وضبطه القابسي بكسر النون، وعند بعضهم نواسي (فكانت عنده إبل هيم، فذهب ابن عمر فاشترى تلك الإبل من شريك له، ولم يعلم شريكه أنه ابن عمر) ولا

37 - باب بيع السلاح فى الفتنة وغيرها

فَجَاءَهُ فَقَالَ إِنَّ شَرِيكِى بَاعَكَ إِبِلاً هِيمًا، وَلَمْ يَعْرِفْكَ. قَالَ فَاسْتَقْهَا. قَالَ فَلَمَّا ذَهَبَ يَسْتَاقُهَا فَقَالَ دَعْهَا، رَضِينَا بِقَضَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لاَ عَدْوَى. سَمِعَ سُفْيَانُ عَمْرًا. أطرافه 2858، 5093، 5094، 5753، 5772 37 - باب بَيْعِ السِّلاَحِ فِي الْفِتْنَةِ وَغَيْرِهَا وَكَرِهَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ بَيْعَهُ فِي الْفِتْنَةِ. 2100 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ أَفْلَحَ عَنْ أَبِى مُحَمَّدٍ مَوْلَى أَبِى قَتَادَةَ عَنْ أَبِى قَتَادَةَ - رضى الله عنه - قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ حُنَيْنٍ، فَأَعْطَاهُ - يَعْنِى دِرْعًا - ـــــــــــــــــــــــــــــ عرف ابن عمر أن الإبل هيم (فجاءه فقال: إن شريكي باعك إبلًا هيمًا) وكان له أن يردها بهذا العيب (قال: دعها، رضينا بقضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا عدوى) قال ابن الأثير: العدوى: اسم من الإعداء. يقال: أعداه الدّاء؛ أي: أصابه مثل ما بصاحب الدّاء، كانوا يظنون أن الدّاء بنفسه يعدي، فأبطل ذلك بأن لا تأثير في الكائنات إلا لله. فإن قلت: كان الظاهر أن يقول ابن عمر بعدما عرف العيب: رضينا بها مع العيب؟ قلت: يلزم من كلامه ذلك مع زيادة، هي التي كانوا يزعمون تعدي سائر الإبل، وقيل: معنى قوله: "لا عدوى": لا ظلم مني عليك، وقيل: "لا عدوى" لا أرفعك على حاكم، ولا وجه لهما، لأنّ الرجل قد أخبره بالعيب طلبًا لأن يرد عليه، وأيضأ يكون الحديث موقوفًا على ابن عمر، وعلى الأول حديث مرفوع. باب بيع السلاح في الفتنة وغيرها (وكره عمران بن حصين بيعه في الفتنة) إنما يكره إذا باعه للظالم، وأمّا إذا باعه من المظلوم فهو من باب التعاون على البر. 2100 - (عن ابن أفلح) -بفتح الهمزة- هو عمرو بن كثير (عن أبي محمد مولى أبي قتادة) واسم أبي محمد: نافع، وأبو قتادة الحارث [بن] ربعي (عام حنين) -بضم الحاء مصغر- واد بين مكة وطائف، من مكة على ثمانية عشر ميلًا، وكان ذلك بعد فتح مكة سنة

38 - باب فى العطار وبيع المسك

فَبِعْتُ الدِّرْعَ، فَابْتَعْتُ بِهِ مَخْرَفًا فِي بَنِى سَلِمَةَ، فَإِنَّهُ لأَوَّلُ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ فِي الإِسْلاَمِ. أطرافه 3142، 4321، 4322، 7170 38 - باب فِي الْعَطَّارِ وَبَيْعِ الْمِسْكِ 2101 - حَدَّثَنِى مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا بُرْدَةَ بْنَ أَبِى مُوسَى عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ كَمَثَلِ صَاحِبِ الْمِسْكِ، وَكِيرِ الْحَدَّادِ، لاَ يَعْدَمُكَ مِنْ صَاحِبِ الْمِسْكِ إِمَّا تَشْتَرِيهِ، أَوْ تَجِدُ رِيحَهُ، وَكِيرُ الْحَدَّادِ يُحْرِقُ بَدَنَكَ أَوْ ثَوْبَكَ أَوْ تَجِدُ مِنْهُ رِيحًا خَبِيثَةً». طرفه 5534 ـــــــــــــــــــــــــــــ ثمان (فبعت الدرع، فابتعت مخرفًا في بني سلمة) -بفتح السين وكسر اللام- بطن من الأنصار، والمخرف -بفتح الميم وسكون الخاء المعجمة وفنح الزاء وقد يكسر- قال ابن الأثير: هو حائط النخل، وهو مأخوذ من الخريف؛ لأنه وقت الثمار. واعترض الإسماعيلي بأن ليس في الحديث ما يدل على الترجمة، واجيب بأن حديث عمران دلّ على الكراهة في الفتنة، وحديث أبي محمد في غير الفتنة؛ لأن الترجمة مركبة من الفتنة وغيرها. قلت: أبو قتادة لما باع الدرع كانت الفتنة قائمةً بين المسلمين والمشركين، ولا يجوز أن يكون بيعه لحربي معلوم قطعًا، وأمّا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علم بذلك وقرره فليس عليه دليل؛ وأمّا أيام غير الفتنة فيعلم حكمها من أيام الفتنة؛ فلا يحتاج إلى الحديث. (فإنه لأوّل مال تأثلته في الإسلام) أي: أصَّلته وجمعته. باب في العطار وبيع المسك 2101 - (أبو بردة بن عبد الله قال: سمعت أبا بردة بن أبي موسى) كلاهما بضم الباء وسكون الراء، اسم الأول بُريد، بضم الباء مصغر، واسم الثاني عامر (مثل الجليس الصالح والجليس السوء) بفتح السين وسكون الواو (كمثل صاحب المسك وكير الحداد) هذا من التشبيه المفرق، فإن صاحب المسك للجليس الصالح، وكير الحداد للجليس السوء، وهو تشبيه الحال بالحال، وتشبيه المعقول بالمحسوس، ووجه الشبه مأخوذ من قوله: (لا يعدمك)

39 - باب ذكر الحجام

39 - باب ذِكْرِ الْحَجَّامِ 2102 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ حَجَمَ أَبُو طَيْبَةَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَمَرَ لَهُ بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ، وَأَمَرَ أَهْلَهُ أَنْ يُخَفِّفُوا مِنْ خَرَاجِهِ. أطرافه 2210، 2277، 2280، 2281، 5696 2103 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا خَالِدٌ - هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ - حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ احْتَجَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَعْطَى الَّذِى حَجَمَهُ، وَلَوْ كَانَ حَرَامًا لَمْ يُعْطِهِ. طرفه 1835 ـــــــــــــــــــــــــــــ إلى آخره -بفتح الياء والدال- ويروى بضم الياء وكسر الدال فاعله ما دل عليه من أحد الأمرين، وفي بعضها: "صاحب" بدون من، فهو الفاعل. قال بعض الشارحين: فإن قلت: المشبه به الكير، أو صاحب الكير قلت: الظاهرُ الكير، والمناسب للتشبيه الصاحب. وليس بشيء؛ لأن المراد تشبيه الحال بالحال كما أشرنا إليه. والاستدلال بالحديث على طهارة المسك وجواز بيعه ظاهر من السّياق. باب ذكر الحجام 2102 - (حميد) بضم الحاء، مصغر (حجم أبو طيبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) بفتح الطاء وسكون الياء واسمه دينار أو نافع أو ميسر؛ عبد لبني بياضة، رواه مسلم عن ابن عباس (فأمر له بصاع من تمر) وفي رواية: "بصاعين" فإما أن يكون تعدد الواقعة، أو نسي بعض الرّواة. فإن قلت: تقدم أنه نهى عن ثمن الدم؟ قلت: تقدم أنه نهي تنزيه.

40 - باب التجارة فيما يكره لبسه للرجال والنساء

40 - باب التِّجَارَةِ فِيمَا يُكْرَهُ لُبْسُهُ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ 2104 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ حَفْصٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَرْسَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى عُمَرَ - رضى الله عنه - بِحُلَّةِ حَرِيرٍ - أَوْ سِيرَاءَ - فَرَآهَا عَلَيْهِ، فَقَالَ «إِنِّى لَمْ أُرْسِلْ بِهَا إِلَيْكَ لِتَلْبَسَهَا، إِنَّمَا يَلْبَسُهَا مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ، إِنَّمَا بَعَثْتُ إِلَيْكَ لِتَسْتَمْتِعَ بِهَا». يَعْنِى تَبِيعُهَا. طرفه 886 2105 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا اشْتَرَتْ نُمْرُقَةً فِيهَا تَصَاوِيرُ، فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَامَ عَلَى الْبَابِ، فَلَمْ يَدْخُلْهُ، فَعَرَفْتُ فِي وَجْهِهِ الْكَرَاهِيَةَ، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - مَاذَا أَذْنَبْتُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا بَالُ هَذِهِ النُّمْرُقَةِ». قُلْتُ اشْتَرَيْتُهَا لَكَ لِتَقْعُدَ عَلَيْهَا وَتَوَسَّدَهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُعَذَّبُونَ، فَيُقَالُ لَهُمْ أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ». وَقَالَ «إِنَّ الْبَيْتَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب التجارة فيما يكره [لبسه] للرجال والنساء 2104 - (أبو بكر بن حفص) اسمه عبد الله (أرسل النبي - صلى الله عليه وسلم -: إلى عمر بحلة حرير أو سيراء) بكسر السين وفتح الياء والمد ما فيه خطوط يكون من الحرير وغيره، إلا أن ما في الحديث من الحرير، وقد سلف الحديث في كتاب الجمعة، وأن عمر كساها أخًا له مشركًا بمكة، ووجه الدلالة هنا إذنه له في البيع مع حرمته على الرجال (من لا خلاق له) أي: لا نصيب، من الخلاقة؛ وهي: الملاسة. 2105 - (عن عائشة: اشترت نمرقة) بضم النون والراء، ويروى بفتحهما وكسرهما أيضًا: الوسادة الصغيرة (فيها تصاوير) أي: صور الحيوانات؛ إذ لا حرمة في غيرها (فيقال لهم: أحيوا ما خلقتم) الأمر للتعجيز، وفيه تهكم بهم؛ إذ ما صوروه ليس بخلق؛ لأنّه عبارة عن الإيجاد بعد العدم، ولذلك قال في الحديث الآخر: "فليخلقوا حبة أو ذرة" (إن البيت

41 - باب صاحب السلعة أحق بالسوم

الَّذِى فِيهِ الصُّوَرُ لاَ تَدْخُلُهُ الْمَلاَئِكَةُ». أطرافه 3224، 5181، 5957، 5961، 7557 41 - باب صَاحِبُ السِّلْعَةِ أَحَقُّ بِالسَّوْمِ 2106 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ أَبِى التَّيَّاحِ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَا بَنِى النَّجَّارِ ثَامِنُونِى بِحَائِطِكُمْ». وَفِيهِ خِرَبٌ وَنَخْلٌ. طرفه 234 ـــــــــــــــــــــــــــــ الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة) أي: الملائكة الطائفون في الأرض؛ إذ الحفظة لا تفارقه؛ لقوله تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18)} [ق: 18]. ووجه الدلالة على جواز البيع والتجارة فيها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر بردّها على البائع، ففي حديث عمر الدلالة على الشق الأول من الترجمة، وفي حديث عائشة على الشق الثاني. قال بعض الشارحين: فإن قلت: الاشتراء أعم من التجارة، فكيف يدل على الخاص الذي هو التجارة؟ قلت: حرمة الجزء مستلزمة لحرمة الكل. وهذا توهم منه أن التجارة لا تكون حقيقة إلا إذا وجد البيع والشراء معًا، وليس كذلك، قال الجوهري: العرب تسمي بائع الخمر تاجرًا. وقال ابن الأثير: لما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلًا يصلي وحده [قال]: "من يتجر على هذا فيصلي معه" أي: من يشتري الثواب، على أن جعله الخاص جزء العام غلط؛ لأنّ أفراد العام جزئيات الخاص لا أجزاء. باب صاحب السلعة أحق بالسوم قال ابن الأثير: السومة والسمة: العلامة. والمساومة: مجاذبَة البائع والمشتري على السلعة وفصل ثمنها، يقال: سام وساوم واستام بمعنى. 2106 - (عن أبي التياح) بفتح الفوقانية وتشديد التحتانية (يزيد بن حميد) بضم الحاء، مصغر (يا بني النجار ثامنوني بحائطكم) أي: اطلبوا مني الثمن بدل حائطكم، والحديث سبق مطولًا في كتاب الصلاة، في باب نبش قبور المشركين، وموضع الدلالة قوله: "ثامنوني"

42 - باب كم يجوز الخيار

42 - باب كَمْ يَجُوزُ الْخِيَارُ 2107 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى قَالَ سَمِعْتُ نَافِعًا عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضى الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ بِالْخِيَارِ فِي بَيْعِهِمَا، مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، أَوْ يَكُونُ الْبَيْعُ خِيَارًا». قَالَ نَافِعٌ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا اشْتَرَى شَيْئًا يُعْجِبُهُ فَارَقَ صَاحِبَهُ. أطرافه 2109، 2111، 2112، 2113، 2116 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإنه طلب السوم من صاحب السلعة (وفيه خرب) بفتح الخاء وكسر الراء وبالعكس، ويروى بالحاء المهملة والثاء المثلثة والأول أكثر. باب كم يجوز الخيار الخيار: اسم من الاختيار؛ وهو طلب خير الأمرين، من الإمضاء والفسخ. 2107 - (صَدَقَة) بثلاث فتحات (أن المتبايعين بالخيار ما لم يتفرقا) قد سلف أنّ هذا خيارُ المجلس، فعند الأئمة التفرق بالأبدان، وحمله أبو حنيفة ومالك على التفرق في الأقوال. وقول نافع: (كان ابن عمر إذا اشترى شيئًا يعجبه فارق صاحبه) يؤيد ما ذهب إليه الأئمة (أو يكون البيع خيارًا) إلى مدة، فإن التفرق لا يبطل الخيار. هذا، والظاهر أن معنى قوله: "أو يكون بيع خيار" أن يختار في المجلس إمضاء البيع، فإنه ينقطع خياره بذلك، والذي يدل على هذا ما جاء في الرّواية الأخرى: "فإذا كان بيعهما عن خيار فقد وجب". فإن قلت: فعلى هذا ليس في الباب ما يدل على مدة الخيار، وعلى التوجيه الأول يدل على جواز كون المدة مجهولة. قلت: الحديث دلّ على مدّة خيار المجلس؛ وهو "ما لم يتفرقا" وعلى التوجيه الأوّل يدل على جواز تفويض مدة الخيار إلى المتبايعين بقدر الحاجة؛ كما هو عند مالك ورواية عن الإمام أحمد، وأمّا التقييد بثلاثة أيام كما هو مذهب الشافعي وأبي حنيفة فلم يظفر بحديث على شرطه، وقد روى البخاري ومسلم: "أن حبان بن منقذ كان يخدع في البيوع، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا بعت فقل: لا خلابة، ولي الخيار ثلاثة أيام" رواه البخاري في "تاريخه"، وابن ماجه.

43 - باب إذا لم يوقت فى الخيار، هل يجوز البيع

2108 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِى الْخَلِيلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا». وَزَادَ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا بَهْزٌ قَالَ قَالَ هَمَّامٌ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لأَبِى التَّيَّاحِ فَقَالَ كُنْتُ مَعَ أَبِى الْخَلِيلِ لَمَّا حَدَّثَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بِهَذَا الْحَدِيثِ. طرفه 2079 43 - باب إِذَا لَمْ يُوَقِّتْ فِي الْخِيَارِ، هَلْ يَجُوزُ الْبَيْعُ 2109 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، أَوْ يَقُولُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ اخْتَرْ». وَرُبَّمَا قَالَ أَوْ يَكُونُ بَيْعَ خِيَارٍ. طرفه 2107 ـــــــــــــــــــــــــــــ 2108 - (وزاد أحمد) قيل: هو أحمد بن حنبل، ذكره البخاري في موضعين؛ هذا أحدهما، وقيل: هو أحمد بن يحيى بن هبة الله، قال شيخ الإسلام: لم أجده في "مسند أحمد بن حنبل". (بهز) بفتح الباء آخره زاي معجمة (همام) بفتح الهاء وتشديد الميم (أبي التياح) بفتح الفوقانية وتشديد التحتانية يزيد بن حميد (كنت مع أبي الخليل) هو صالح بن مريم. باب إذا لم يُوَقّت في الخيار، هل يجوز البيع؟ 2109 - (أبو النعمان) بضم النون: محمد بن الفضل (حمّاد) بفتح الحاء وتشديد الميم. روى حديث ابن عمر (البيعان بالخيار ما لم يتفرقا) وموضع الدلالة: (أن يكون بيع خيار) فإنه أطلق من غير توقيت، وقد ذكرنا في الباب قبله أنه دليل مالك، وأنه مفوض إلى رأي المتبايعين، قال مالك في الثوب: يكون يومًا أو يومين، وفي الجارية والدابة خمسة أيام وفي الدار شهرًا.

44 - باب البيعان بالخيار ما لم يتفرقا

44 - باب الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا وَبِهِ قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَشُرَيْحٌ وَالشَّعْبِىُّ وَطَاوُسٌ وَعَطَاءٌ وَابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ. 2110 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا حَبَّانُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ قَتَادَةُ أَخْبَرَنِى عَنْ صَالِحٍ أَبِى الْخَلِيلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ سَمِعْتُ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَذَبَا وَكَتَمَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا». طرفه 2079 2111 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْمُتَبَايِعَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ عَلَى صَاحِبِهِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، إِلاَّ بَيْعَ الْخِيَارِ». طرفه 2107 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب البيعان بالخيار ما لم يتفرقا (شريح) -بضم المعجمة-: هو ابن الحارث القاضي المشهور، تولى قضاء الكوفة في خلافة عمر، واستمر إلى زمن الحجاج، فاستعفى فأعفاه الحجاج. (الشعبي) بفتح الشين: أبو عمرو، عامر قاضي كوفة أيضًا. (حكيم بن حزام) بكسر الحاء وزاي معجمة. (وابن أبي مليكة) بضم الميم مصغر: اسمه عبد الله، واسم أبى مليكة: زهير. 2110 - (إسحاق) كذا وقع غير منسوب، هو ابن منصور، نسبه مسلم و (حبّان) بفتح الحاء وتشديد الموحدة: ابن هلال. والحديث سلف في باب إذا بيّن البيعان مع شرحه.

45 - باب إذا خير أحدهما صاحبه بعد البيع فقد وجب البيع

45 - باب إِذَا خَيَّرَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ بَعْدَ الْبَيْعِ فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ 2112 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ «إِذَا تَبَايَعَ الرَّجُلاَنِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ، مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، وَكَانَا جَمِيعًا، أَوْ يُخَيِّرُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ فَتَبَايَعَا عَلَى ذَلِكَ، فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ، وَإِنْ تَفَرَّقَا بَعْدَ أَنْ يَتَبَايَعَا، وَلَمْ يَتْرُكْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا الْبَيْعَ، فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ». أطرافه 2107 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إذا خيّر أحدهما صاحبه فقد وجب البيع 2112 - (إذا تبايع الرّجلان كل واحد منهما بالخيار، ما لم يتفرقا، أو يخير أحدهما الآخر) بالرفع، عطف على قوله: "ما لم يتفرقا" (فإذا تبايعا على ذلك فقد وجب البيع) أي: إذا خير أحدهما الآخر فقد لزم البيع، ولم يبق لأحدهما الخيار. فإن قلت: لا يلزم من تخيير أحدهما الآخر إلا سقوط الخيار منه، فكيف يلزم البيع من الجانبين؟ قلت: أراد بقوله: "أحدهما" كل واحدٍ منهما؛ بدليل قوله بعده: (ولم يترك واحد منهما البيع فقد وجب البيع) إذ معناه: اختيار كل واحد منهما البيع، وتحقيقه أنه أريد أحدهما لا على البيعين فيصدق على كل واحد منهما، هذا ما أشرناه من الجواب. وقال النووي: إذا قال لصاحبه: اختر ينقطع خيار القائل؛ فإن قال الآخر: اخترت، انقطع خيارهما، وإن سكت فالصحيح أنه لا ينقطع وإن انقطع خيار الأول. وهذا لا يوافق الترجمة، فتأمل. وعبارة مسلم: "فإن خير أحدهما الآخر، فتبايعا على ذلك، فقد وجب البيع" صريحة في ذلك، وقوله: "وإن تفرقا بعد أن يتبايعا" يقطع دابرة شبهة من قال: التفرق إنما يكون بالأقوال، وذلك أن التفرق في الأقوال إنما يعقل قبل الإيجاب والقبول.

46 - باب إذا كان البائع بالخيار، هل يجوز البيع

46 - باب إِذَا كَانَ الْبَائِعُ بِالْخِيَارِ، هَلْ يَجُوزُ الْبَيْعُ 2113 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «كُلُّ بَيِّعَيْنِ لاَ بَيْعَ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَتَفَرَّقَا، إِلاَّ بَيْعَ الْخِيَارِ». طرفه 2107 2114 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا حَبَّانُ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَبِى الْخَلِيلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا» - قَالَ هَمَّامٌ وَجَدْتُ فِي كِتَابِى يَخْتَارُ ثَلاَثَ مِرَارٍ - فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَذَبَا وَكَتَمَا فَعَسَى أَنْ يَرْبَحَا رِبْحًا، وَيُمْحَقَا بَرَكَةَ بَيْعِهِمَا». ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إذا كان البائع بالخيار هل يجوز البيع 2113 - (كل بيعين لا بيع بينهما حتى بتفرقا، إلا بيع الخيار) استثناء في مفهوم الفائدة؛ أي: إذا كان في البيع خيار لا يلزم بالتفرق؛ بل يبقى اللزوم إلى أن تمضي مدة الخيار. قال بعض الشارحين: قوله: "إلا بيع الخيار" فيه ثلاثة أقوال؛ الأول: إنه استثناء من أصل الحكم؛ أي: هما بالخيار؛ إلا إذا جرى فيه التخاير؛ وهو اختيار أصل البيع، فإنه يلزم البيع حينئذٍ قال: وهذا القول هو الصحيح. قلت: هذا غلط، لأن الترجمة فيما إذا كان الخيار للبائع، ولا يتصور إلا بعد التفرق، فكيف يصح حمله على التخاير في المجلس، وإنما التبس عليه من قول النووي: "إلا بيع الخيار" وهو أن يختارا في المجلس. وقد ذكرنا في الباب قبله أنما الكلام هنا في خيار يخص البائع، فالصواب ما ذكرناه، وهو أحد الأقوال التي لم تصح عند الشارح المذكور. 2114 - (إسحاق) قد ذكرنا أنه ابن منصور، هو الذي يروي عن (حَبّان) ابن هلال بفتح الحاء وتشديد الموحدة (همام) بفتح الهاء وتشديد الميم (عن أبي الخليل) هو صالح بن مريم (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا قال همام: وجدت في كتابي: يختار ثلاث مرار) يريد أن روايته "بالخيار"، وهو المحفوظ، ولكن وجدت في الكتاب لفظ يختار، فعل

47 - باب إذا اشترى شيئا فوهب من ساعته قبل أن يتفرقا ولم ينكر البائع على المشترى، أو اشترى عبدا فأعتقه

قَالَ وَحَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا أَبُو التَّيَّاحِ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ يُحَدِّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 2079 47 - باب إِذَا اشْتَرَى شَيْئًا فَوَهَبَ مِنْ سَاعَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا وَلَمْ يُنْكِرِ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِى، أَوِ اشْتَرَى عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ وَقَالَ طَاوُسٌ فِيمَنْ يَشْتَرِى السِّلْعَةَ عَلَى الرِّضَا ثُمَّ بَاعَهَا وَجَبَتْ لَهُ، وَالرِّبْحُ لَهُ. 2115 - وَقَالَ الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرٌو عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي سَفَرٍ فَكُنْتُ عَلَى بَكْرٍ صَعْبٍ لِعُمَرَ، فَكَانَ يَغْلِبُنِى فَيَتَقَدَّمُ أَمَامَ الْقَوْمِ، فَيَزْجُرُهُ عُمَرُ وَيَرُدُّهُ، ثُمَّ يَتَقَدَّمُ فَيَزْجُرُهُ عُمَرُ وَيَرُدُّهُ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِعُمَرَ «بِعْنِيهِ». قَالَ هُوَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «بِعْنِيهِ». فَبَاعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «هُوَ لَكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــ المضارع، وهذا هو الموافق لما رواه مسلم وابن حزم: "يتخايران ثلاث مرات" ويجوز أن يكون مراده زيادة لفظ "ثلاث مرار" (قال: وحدثنا همام) عطف على قال همام، وفائدة هذا دفع وهم التدليس؛ لأنه صرح بلفظ التحديث، بخلاف روايته عن قتادة. باب إذا اشترى شيئًا فوهبه من ساعته قبل أن يتفرقا ولم ينكر البائع على المشتري، أو اشترى عبدًا فأعتقه أي: ولم ينكر عليه البائع، فإنه يدل على رضاه بالبيع، وخيار المجلس كما ينقطع بالتفرق ينقطع بالتخاير والرّضا. 2115 - (وقال الحميدي) -بضم الحاء- على وزن المصغر: عبد الله بن الزبير شيخ البخاري؛ وإنما روى عنه بلفظ قال لأنه سمع الحديث مذاكرة (روى عن ابن عمر أنه كان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر، قال: وكنت على بكر صعب لعمر) البكر -بفتح الباء الإبل، والأنثى بكرة (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعمر: بعنيه فباعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: هو لك يا عبد الله) هذا موضع الدلالة على الترجمة، فإنه وهبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل

تَصْنَعُ بِهِ مَا شِئْتَ». طرفاه 2610، 2611 2116 - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ بِعْتُ مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ مَالاً بِالْوَادِى بِمَالٍ لَهُ بِخَيْبَرَ، فَلَمَّا تَبَايَعْنَا رَجَعْتُ عَلَى عَقِبِى حَتَّى خَرَجْتُ مِنْ بَيْتِهِ، خَشْيَةَ أَنْ يُرَادَّنِى الْبَيْعَ، وَكَانَتِ السُّنَّةُ أَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ بِالْخِيَارِ حَتَّى يَتَفَرَّقَا، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَلَمَّا وَجَبَ بَيْعِى وَبَيْعُهُ رَأَيْتُ أَنِّى قَدْ غَبَنْتُهُ بِأَنِّى سُقْتُهُ إِلَى أَرْضِ ثَمُودٍ بِثَلاَثِ لَيَالٍ وَسَاقَنِى إِلَى الْمَدِينَةِ بِثَلاَثِ لَيَالٍ. طرفه 2107 ـــــــــــــــــــــــــــــ التفرق، ولم ينكر عمر، فانقطع خيار المجلس بسكوته، وفيه دلالة على جواز العتق أيضًا قياسًا؛ بل سائر التصرفات. فإن قلت: التصرف قبل القبض لا يجوز، ولم يقع هنا قبض؟ قلت: المسألة فيها خلاف، ومن شرط القبض يقول: لا يلزم من عدم ذكره عدمه، ألا ترى أنه لم يذكر الثمن مع أنه لا يمكن البيع إلا بثمن معين. (تصنع به ما شئت) إنما قال هذ الكلام لئلا يتوهم ابن عمر أن شيئًا وهبه له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكره إخراجه من ملكه، وكان جملًا صعبًا، فيشق عليه حفظه. 2116 - (وقال الليث) هذا التعليق رواه البيهقي مسندًا عن أبي صالح عن الليث. وأبو صالح لم يكن على شرط البخاري، ورواه يحيى بن بكير عن الليث أيضًا ولم يقع ذلك للبخاري (بعت من أمير المومنين عثمان مالًا بالوادي) قال ابن الأثير: المال في الأصل هو الذهب والفضة، ثم أطلق على كل ما يملك، والمراد به في الحديث الأرض أو البستان. والوادي: هو وادي القرى، مكان في طريق الشام (فلما تبايعنا خرجت من بيته خثية أن يُرَادَّني) هذا صريح في أن التفرق في الحديث "ما لم يتفرق" التفرق بالأبدان (وكانت السنة أن المتبايعين بالخيار حتى يتفرقا) لم يُرد بالسنة خلاف الفرض؛ بل الطريقة المعروفة بين الصحابة، المعلومة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

48 - باب ما يكره من الخداع فى البيع

48 - باب مَا يُكْرَهُ مِنَ الْخِدَاعِ فِي الْبَيْعِ 2117 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَجُلاً ذَكَرَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ يُخْدَعُ فِي الْبُيُوعِ، فَقَالَ «إِذَا بَايَعْتَ فَقُلْ لاَ خِلاَبَةَ». أطرافه 2407، 2414، 6964 ـــــــــــــــــــــــــــــ قال بعض الشارحين: فإن قلت: ما وجه مناسبة هذا الحديث للترجمة؟ قلت: ذكر بمناسبة أن للمتبايعين التصرت على حسب إرادتهما قبل التفرق إجازة وفسخًا. قلت: هذا لغو من الكلام؛ لأن معنى الترجمة أن المشتري إذا تصرت في المبيع قبل التفرق ولم ينكر البائع كان ذلك دالًا على رضاه بالبيع، وقطع خيار المجلس، فأين هذا من ذاك؟ بل وجه المناسبة أن خروج ابن عمر كان خوفًا من إنكار عثمان لو تصرف فيه قبل التفرق، فاستدل البخاري بالحديث الأول على أن عدم إنكار البائع يدل على اختياره، والحديث الثاني على أن إنكاره يبطل تصرت المشتري، فبدل على أن التفرق هو تفرق الأبدان؛ لا تفرق الأقوال كما ذهب إليه أبو حنيفة ومالك في طائفة من الفقهاء. (سقته إلى أرض ثمود بثلاث) بمسافة ثلاثة أيام؛ وإنما حذف التاء في الثلاث باعتبار الليالي؛ لأنها غرر الأيام، وثمود: قبيلة من العرب الأولى قوم صالح، وهم أصحاب الحجر المذكور في القرآن، كانوا يسكنون بين الشام وبين المدينة بقرب وادي القرى. باب ما يكره من الخداع في البيع 2117 - (عن عبد الله بن عمر: أنّ رجلًا ذكر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه يخدع في البيوع) أي: في أنواع البيع والشراء، تقدم أنه حبّان بن منقذ بن عمرو، كان أصاب رأسه شجة فاختل دماغه، كان ذلك سبب انخداعه (إذا بايعت فقل: لا خلابة) ظاهره دليل مالك في تفويض مدة الخيار إلى المتبايعين، وتمام الحديث وهو ما رواه البخاري في "التاريخ" وابن ماجه: "ولي الخيار بثلاثة أيام" دليل من قال: الخيار لا يكون إلا في ثلاثة أيام ودونها.

49 - باب ما ذكر فى الأسواق

49 - باب مَا ذُكِرَ فِي الأَسْوَاقِ وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ لَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ قُلْتُ هَلْ مِنْ سُوقٍ فِيهِ تِجَارَةٌ قَالَ سُوقُ قَيْنُقَاعَ. وَقَالَ أَنَسٌ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ دُلُّونِى عَلَى السُّوقِ. وَقَالَ عُمَرُ أَلْهَانِى الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ. 2118 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ حَدَّثَتْنِى عَائِشَةُ - رضى الله عنها - قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَغْزُو جَيْشٌ الْكَعْبَةَ، فَإِذَا كَانُوا بِبَيْدَاءَ مِنَ الأَرْضِ يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ». قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ، وَفِيهِمْ أَسْوَاقُهُمْ وَمَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ. قَالَ «يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ، ثُمَّ يُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ». ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ما ذكر في الأسواق (قال عبد الرحمن بن عوف: هل من سوق) (وقال أنس: قال عبد الرحمن: دلوني على السوق. وقال عمر: ألهاني) أي: شغلني (الصفق بالأسواق) هذه التعليقات قد سلفت بأسانيدها، ومحصلها أن ذكر السوق والدخول فيه للتجارة لا يخل بأمر شرعي، ولا يقدح في المروءة. 2118 - (محمد بن الصباح) بفتح الصاد وتشديد الباء (محمد بن السوقة) بضم السين (يغزو جيش الكعبة، فإذا كانوا ببيداء من الأرض) البيداء: المفازة والفضاء. وظاهر ما رواه ابن الأثير في "النهاية" أنها البيداء بين مكة والمدينة، وقال: "فإذا كانوا بالبيداء بعث الله جبرائيل فقال: يا بيداء أبيديهم" أي: أهلكيهم ([كيف] يخسف بأولهم وآخرهم وفيهم أسواقهم؟) أي: أسواق لهم، هذا موضع الدلالة من الحديث، ورواه بعضهم: "وفيهم أشرافهم" ورواه الإسماعيلي: "وفيهم سواهم" واستشكل رواية البخاري، فإن الخسف إنما

2119 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «صَلاَةُ أَحَدِكُمْ فِي جَمَاعَةٍ تَزِيدُ عَلَى صَلاَتِهِ فِي سُوقِهِ وَبَيْتِهِ بِضْعًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً، وَذَلِكَ بِأَنَّهُ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ، لاَ يُرِيدُ إِلاَّ الصَّلاَةَ، لاَ يَنْهَزُهُ إِلاَّ الصَّلاَةُ، لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إِلاَّ رُفِعَ بِهَا دَرَجَةً، أَوْ حُطَّتْ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ، وَالْمَلاَئِكَةُ تُصَلِّى عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مُصَلاَّهُ الَّذِى يُصَلِّى فِيهِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ، مَا لَمْ يُؤْذِ فِيهِ». وَقَالَ «أَحَدُكُمْ فِي صَلاَةٍ مَا كَانَتِ الصَّلاَةُ تَحْبِسُهُ». طرفه 176 2120 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي السُّوقِ، فَقَالَ رَجُلٌ يَا أَبَا الْقَاسِمِ. فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ إِنَّمَا دَعَوْتُ هَذَا. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «سَمُّوا بِاسْمِى، وَلاَ تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِى». طرفاه 2121، 3537 ـــــــــــــــــــــــــــــ يكون بأهل الأسواق، لا بالأسواق وهذه شبهة واهية؛ فإنه مثل: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف 82]، وسال الوادي، بتقدير المضاف كما قرروا. 2119 - (قتيبة) بضم القاف (عن أبي صالح السمان) ذكوان (صلاة أحدكم في جماعة تزيد على صلاته في سوقه وبيته بضعًا وعشرين درجة) البضع -بكسر الباء- ما بين الثلاث إلى التسع. وقد تقدم في أبواب الصلاة: "سبع وعشرين درجة" وتقدم الكلام على الحديث هناك، وموضع الدلالة هنا ذكر السوق (لا ينهزه إلا الصلاة) بفتح الياء والهاء، أي: لا يدفع. 2120 - (حميد الطويل) بضم الحاء مصغر (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - في السوق، فقال رجل: يا أبا القاسم، فالتفت فقال: إنما دعوت هذا، قال: سموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي) بفتح التاء وضم النون المشددة على أن إحدى التاءين محذوفة وبضم التاء وتشديد النون وبفتحها ونون مشددة. واختلف في هذه المسألة، قال مالك وطائفة: هذا كان خاصًّا بزمانه، وقيل: هذا النهي مخصوص بمن اسمه محمد، وقيل: مطلقًا والنهي للتنزيه. وقال الشافعي وطائفة:

2121 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - دَعَا رَجُلٌ بِالْبَقِيعِ يَا أَبَا الْقَاسِمِ. فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لَمْ أَعْنِكَ. قَالَ «سَمُّوا بِاسْمِى، وَلاَ تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِى». طرفه 2120 2122 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى يَزِيدَ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ الدَّوْسِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي طَائِفَةِ النَّهَارِ لاَ يُكَلِّمُنِى وَلاَ أُكَلِّمُهُ حَتَّى أَتَى سُوقَ بَنِى قَيْنُقَاعَ، فَجَلَسَ بِفِنَاءِ بَيْتِ فَاطِمَةَ فَقَالَ «أَثَمَّ لُكَعُ أَثَمَّ لُكَعُ». فَحَبَسَتْهُ شَيْئًا فَظَنَنْتُ أَنَّهَا ـــــــــــــــــــــــــــــ النهي للتحريم مطلقًا في زمانه وبعده وقد أشبعنا الكلام فيه في كتاب العلم، في باب من كذب عليَّ متعمدًا. 2121 - (دعا رجل بالبقيع) بفتح الباء وكسر القاف (عن أبي هريرة الدوسي) بفتح الدال وسكون الواو بطن من الأزد. 2122 - (بني قينقاع) بفتح القاف وسكون الياء، بعدها نون، بعدها قاف بطن من يهود المدينة (فجلس بفناء بيت فاطمة) بكسر الفاء والمد (وقال: أثم لكع) يريد به الحسن بن علي بضم اللام وفتح الكاف هو الصغير، غير منصرف للعدل والوصف، قال الجوهري: معدول من اللكع. قال بعض الشارحين: فإن قلت: هو غير منون فما وجهه؟ إذ ليس هو لكع الذي معدول من اللكع؛ لأنه الذي يكون مؤنثه لكاع؟ قلت: شبه بالمعدول، فأعطي حكمه، أو هو منادى تقديره: أثم أنت يا لكع. وقد خبط فيه من وجوه: الأول: أن ما ذكره ليس له أصل في اللغة، وقد نقلنا كلام الجوهري. الثاني: أن أحدًا لم يقل بأن المشبه بالمعدول يُعطى حكمه. الثالث: أن تقدير النداء مع ركاكته لا يجوز؛ لأن حرف النداء لا يحذف من النكرة، لا تقل: رجل، وأنت تريد: يا رجل.

تُلْبِسُهُ سِخَابًا أَوْ تُغَسِّلُهُ، فَجَاءَ يَشْتَدُّ حَتَّى عَانَقَهُ وَقَبَّلَهُ، وَقَالَ «اللَّهُمَّ أَحْبِبْهُ وَأَحِبَّ مَنْ يُحِبُّهُ». قَالَ سُفْيَانُ قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنِى أَنَّهُ رَأَى نَافِعَ بْنَ جُبَيْرٍ أَوْتَرَ بِرَكْعَةٍ. طرفه 5884 2123 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ حَدَّثَنَا مُوسَى عَنْ نَافِعٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عُمَرَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَشْتَرُونَ الطَّعَامَ مِنَ الرُّكْبَانِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَيَبْعَثُ عَلَيْهِمْ مَنْ يَمْنَعُهُمْ أَنْ يَبِيعُوهُ حَيْثُ اشْتَرَوْهُ، حَتَّى يَنْقُلُوهُ حَيْثُ يُبَاعُ الطَّعَامُ. أطرافه 2131، 2137، 2166، 2167، 6852 2124 - قَالَ وَحَدَّثَنَا ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُبَاعَ الطَّعَامُ إِذَا اشْتَرَاهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ. أطرافه 2126، 2133، 2136 ـــــــــــــــــــــــــــــ (تلبسه سخابًا) بكسر السين قلادة من طيب (فجاء يشتد) أي: يعدو (حتى عانقه) استدل به على استحباب المعانقة، وسيجيء أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عانق جعفرًا حين قدم من الحبشة (قال: اللهم أحبّه وأحبّ من يحبه) ونحن من أولئك المحبين؛ إن شاء الله تعالى. (قال سفيان: قال عبيد الله: أخبرني) بدلٌ من قال عبيد الله (أنه رأى نافع بن جبير أوتر بركعة). فإن قلت: أي مناسبة للكلام في هذا الموضع؟ قلت: أراد إثبات اللقاء بين عبيد الله ونافع؛ فإن السّند كان معنعنًا. 2123 - 2124 - (المنذر) بضم الميم، وكسر الذّال (أبو ضمرة) بفتح الضاد المعجمة، وسكون الميم: أنس بن عياض (نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يباع الطعام إذا اشتراه حتى يستوفيه). اختلف العلماء في بيع المبيع قبل القبض؛ قال مالك وأحمد: يجوز ذلك إلا في الطعام؛ لهذا الحديث وأمثاله. وقال أبو حنيفة: لا يجوز إلا في العقار. وعند الشافعي: لا يجوز مطلقًا. فإن قلت: ما وجه إدخال هذا الحديث في هذا الباب؟ قلت: قيل: كل مكان فيه البيع فهو سوق، وعليه منع ظاهر؛ بل وجه إدخاله أن الطعام يتعارف له مكان وسوق معروف في كل بلدة.

50 - باب كراهية السخب فى السوق

50 - باب كَرَاهِيَةِ السَّخَبِ فِي السُّوقِ 2125 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ حَدَّثَنَا هِلاَلٌ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ لَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رضى الله عنهما - قُلْتُ أَخْبِرْنِى عَنْ صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي التَّوْرَاةِ. قَالَ أَجَلْ، وَاللَّهِ إِنَّهُ لَمَوْصُوفٌ فِي التَّوْرَاةِ بِبَعْضِ صِفَتِهِ فِي الْقُرْآنِ يَا أَيُّهَا النَّبِىُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا، وَحِرْزًا لِلأُمِّيِّينَ، أَنْتَ عَبْدِى وَرَسُولِى سَمَّيْتُكَ الْمُتَوَكِّلَ، لَيْسَ بِفَظٍّ وَلاَ غَلِيظٍ وَلاَ سَخَّابٍ فِي الأَسْوَاقِ، وَلاَ يَدْفَعُ بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ، وَلَنْ يَقْبِضَهُ اللَّهُ حَتَّى يُقِيمَ بِهِ الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ بِأَنْ يَقُولُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. وَيَفْتَحُ بِهَا أَعْيُنًا عُمْيًا، وَآذَانًا صُمًّا، وَقُلُوبًا غُلْفًا. تَابَعَهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ هِلاَلٍ. وَقَالَ سَعِيدٌ عَنْ هِلاَلٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب كراهية الصخب في السوق بالصاد والسين: رفع الصوت. 2125 - (عن عطاء بن يسار: لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص، فقلت: أخبرني عن صفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في التوراة؟). فإن قلت: أي مناسبة لهذا الحديث للسؤال من عبد الله بن عمرو؟ قلت: روى البزار أن عبد الله رأى في المنام أن في إحدى يديه السمن، وفي الأخرى العسل، فذكر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "تقرأ القرآن والتوراة". (ليس بفظ ولا غليظ) التفت من الخطاب إلى الغيبة؛ لأنّه أبلغ في المدح؛ كأنه يذكر شأنه لغيره. الفظاظة: سوء الخلق، والغلاظة: قساوة القلب وشدته، قال تعالى: {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ} [آل عمران: 159]، (يقيم الملة العوجاء) وهي ملة إبراهيم، أعوجها المشركون، أوّل من عيّرها عمرو بن لحي الخزاعي (بأن يقولوا لا إله إلا الله) الباء فيه للسببية (ويُفتح بها أعين عمي) بضم الياء على بناء المجهول، وبرفع الاسمين، وبإضافة الأول إلى الثاني. وفي بعضها: "أعينًا عميًا" وكذا ما عطف عليه (وقلوب غلف) بضم الغين وسكون اللام جمع أغلف؛ الشيء الذي في غلاف.

51 - باب الكيل على البائع والمعطى

عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ سَلاَمٍ. غُلْفٌ كُلُّ شَىْءٍ فِي غِلاَفٍ، سَيْفٌ أَغْلَفُ، وَقَوْسٌ غَلْفَاءُ، وَرَجُلٌ أَغْلَفُ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَخْتُونًا. طرفه 4838 51 - باب الْكَيْلِ عَلَى الْبَائِعِ وَالْمُعْطِى لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ) يَعْنِى كَالُوا لَهُمْ وَوَزَنُوا لَهُمْ كَقَوْلِهِ (يَسْمَعُونَكُمْ) يَسْمَعُونَ لَكُمْ. وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اكْتَالُوا حَتَّى تَسْتَوْفُوا». وَيُذْكَرُ عَنْ عُثْمَانَ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَهُ «إِذَا بِعْتَ فَكِلْ، وَإِذَا ابْتَعْتَ فَاكْتَلْ». 2126 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلاَ يَبِيعُهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ». طرفه 2124 ـــــــــــــــــــــــــــــ (عن عطاء عن ابن سلام) بتخفيف اللام هو عبد الله بن سلام الإسرائيلي الصحابي المكرم، ومتابعة عبد العزيز عن هلال بن أبى هلال، تأتي موصولة في سورة الفتح. باب الكيل على البائع والمعطي {وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ} [المطففين: 3]، يعني: كالوا لهم) يريد أنه من قبيل حذف حرف الجر وإيصال الفعل، والمفعول الأولُ محذوفٌ؛ أي: الطعام ونحوه. وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - (اكتالوا حتى تستوفوا) الخطاب للمشترين، فدل على أن الكيل على البائع (إذا بِعت فكل، وإذا ابتعت فاكتل). فإن قلت: هذا دور؟ قلت: ليس بدور؛ إذ معنى قوله: "اكتل" خذ ما كال لك البائع. 2126 - (من ابتاع طعامًا فلا يبعه حتى يستوفيه) تقدم في الباب قبله، وموضع الدلالة

52 - باب ما يستحب من الكيل

2127 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ مُغِيرَةَ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ تُوُفِّىَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَاسْتَعَنْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى غُرَمَائِهِ أَنْ يَضَعُوا مِنْ دَيْنِهِ، فَطَلَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَيْهِمْ، فَلَمْ يَفْعَلُوا، فَقَالَ لِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اذْهَبْ فَصَنِّفْ تَمْرَكَ أَصْنَافًا، الْعَجْوَةَ عَلَى حِدَةٍ، وَعَذْقَ زَيْدٍ عَلَى حِدَةٍ، ثُمَّ أَرْسِلْ إِلَىَّ». فَفَعَلْتُ، ثُمَّ أَرْسَلْتُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَجَلَسَ عَلَى أَعْلاَهُ، أَوْ فِي وَسَطِهِ ثُمَّ قَالَ «كِلْ لِلْقَوْمِ». فَكِلْتُهُمْ حَتَّى أَوْفَيْتُهُمُ الَّذِى لَهُمْ، وَبَقِىَ تَمْرِى، كَأَنَّهُ لَمْ يَنْقُصْ مِنْهُ شَىْءٌ. وَقَالَ فِرَاسٌ عَنِ الشَّعْبِىِّ حَدَّثَنِى جَابِرٌ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَمَا زَالَ يَكِيلُ لَهُمْ حَتَّى أَدَّاهُ، وَقَالَ هِشَامٌ عَنْ وَهْبٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «جُذَّ لَهُ فَأَوْفِ لَهُ». أطرافه 2395، 2396، 2405، 2601، 2709، 2781، 3580، 4053، 6250 52 - باب مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الْكَيْلِ 2128 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ عَنْ ثَوْرٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــ هنا قوله: "حتى يستوفيه" فإنه يدل على أن الكيل على البائع؛ لأن الاستيفاء طلبُ الوفاء من البائع، فيكون عليه كل ما يتوقف عليه القبض. 2127 - (عبدان) -على وزن شعبان- عبد الله المروزي (عمرو بن حرام) بفتح الحاء: ضد الحلال (العجوة على حدة) -بفتح العين- أجود أصناف التمر (وعَذْق زيد) -بفتح العين- نوع رديءٌ؛ قال الجوهري: العذق بفتح العين: النخلة؛ وبكسر العين [العرجون] لما فيه من الشماريخ. (فما زال يكيل لهم). فإن قلت: كيف أسند الكيل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد تقدم أنه قال لجابر "كِلْ للقوم"؟ قلت: الإسناد إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مجاز، وأشار بهذا الإسناد إلى أنّ الوفاء إنما حصل ببركته. (جُذَّ لَهُ) بضم الجيم وتشديد الذال. باب ما يستحب من الكيل 2128 - (عن ثور) بالثاء المثلثة هو ابن يزيد الكلاعي، والذي يروي عنه مسلم هو ابن

53 - باب بركة صاع النبى - صلى الله عليه وسلم - ومدهم

عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِيكَرِبَ رضى الله عنه عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «كِيلُوا طَعَامَكُمْ يُبَارَكْ لَكُمْ». 53 - باب بَرَكَةِ صَاعِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَمُدِّهِمْ فِيهِ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 2129 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ الأَنْصَارِىِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «أَنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ، وَدَعَا لَهَا، وَحَرَّمْتُ الْمَدِينَةَ كَمَا حَرَّمَ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ، وَدَعَوْتُ لَهَا فِي مُدِّهَا وَصَاعِهَا، مِثْلَ مَا دَعَا إِبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - لِمَكَّةَ». ـــــــــــــــــــــــــــــ يزيد الديلي (عن المقدام) بكسر الميم (كيلوا طعامكم يبارك لكم) وجه ذلك أنه إذا عرف مقداره يوزع على مقدار الأيام، ولا يسرف فيه. فإن قلت: هذا معارض لحديث عائشة: كان عندي شطر شعير، فأكلت منه حتّى طال علي. فكلته ففني؟ قلت: فعل عائشة استبطاء لفراغه فجوزيت بفعلها. قال بعض الشارحين. وجه التوفيق: إن البركة في الكيل عند البيع وعدمها عند النفقة وهذا غلط منه، وذهول عن ترجمة الباب، وقد أطنبوا بأشياء لا يعتد بها، والوجدان يشهد بأنّ الوجه ما أشرناه. باب بركة صاع النبي - صلى الله عليه وسلم - ومده إضافة الصاع والمد إليه، إما لأنه عين مقدارهما؛ أو لأنه قررهما على ما كان، أو لأنه دعا فيهما بالبركة، وأمّا الإضافة إلى أهل المدينة في قوله: "اللهم بارك لهم" فلأنهم الذين يتعاملون بها. 2129 - (وهيب) بضم الواو مصغر (عبّاد) بفتح العين وتشديد الباء (أنّ إبراهيم حرّم مكة) أي: أظهر حرمتها (دعا بها) لما تقدم من قوله: "إن الله حرم مكة يوم خلق السموات والأرض". (ودعوت لها) أي: المدينة (في مدها وصاعها مثل ما دعا إبراهيم لمكة) وجه الشبه

54 - باب ما يذكر فى بيع الطعام والحكرة

2130 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي مِكْيَالِهِمْ، وَبَارِكْ لَهُمْ فِي صَاعِهِمْ وَمُدِّهِمْ». يَعْنِى أَهْلَ الْمَدِينَةِ. طرفاه 6714، 7331 54 - باب مَا يُذْكَرُ فِي بَيْعِ الطَّعَامِ وَالْحُكْرَةِ 2131 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنِ الأَوْزَاعِىِّ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - قَالَ رَأَيْتُ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ الطَّعَامَ مُجَازَفَةً يُضْرَبُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَبِيعُوهُ حَتَّى يُئْوُوهُ إِلَى رِحَالِهِمْ. طرفه 2123 ـــــــــــــــــــــــــــــ مطلق الدّعاء؛ لأنه جاء في الرواية الأخرى "اجعل بها ضعفي ما بمكة من البركة" وإنما خص بالصاع والمد لأنّ جُلَّ أموال أهل المدينة المكيل والموزون؛ كما قال إبراهيم لأهل مكة: {وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ} [إبراهيم: 37]، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إنما خصّ الثمر لأنه لم يكن عندهم حب. باب ما يذكر في بيع الطعام والحكرة 2130 - الحكرة -[بضم] الحاء- بيع الطعام مجازفة؛ قاله ابن الأثير، وروى في ذلك: أن عثمان اشترى العير حكرة. وحَمْلُهُ على حبس الطعام يتربص الغلاء غلطٌ في هذا الباب؛ إذ لم يورد لذلك حديثًا في الباب؛ بل حديث المجازفة وأحاديث الباب كلها مسوقة لاشتراط الكيل والوزن، وأيضًا ذلك لا يعبر عنه بالحكرة؛ بل بالاحتكار؛ كما في لفظ الحديث. 2131 - (الأوزاعي) -بفتح الهمزة - عبد الرحمن (أريت الذين يشترون الطعام مجازفة يضربون على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبيعوه حتى يؤوه إلى رحالهم) الإيواء إلى الرحل كناية عن القبض؛ كذا قالوا، وفيه نظر؛ لأنّه لا وجه لتقييده بالمجازفة؛ لأنّ المكيل أيضًا لا يجوز بيعه قبل القبض؛ اللهم إلا أن يقال: إذا جرى فيه للمشتري كيل فقد حصل القبض، وصرّح بالقبض في حديث ابن عمر بعده "من ابتاع طعامًا فلا يبعه حتى يقبضه"،

2132 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ طَعَامًا حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ. قُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ كَيْفَ ذَاكَ قَالَ ذَاكَ دَرَاهِمُ بِدَرَاهِمَ وَالطَّعَامُ مُرْجَأٌ. طرفه 2135 2133 - حَدَّثَنِى أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَقُولُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلاَ يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ». طرفه 2124 ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: كانوا يبيعونه في مكانه بأزيد مما اشتروه، فيكون في الحقيقة بيع الدراهم بأزيد منها؛ بخلاف ما إذا نقل من مكانه، فإنّ للنقل تأثيرًا في ذلك، والوجه هو الأول الذي تؤيده سائر الأحاديث. 2132 - (عن ابن طاوس) اسمه عبد الله (نهى أن يبيع الرّجل طعامًا حتى يستوفيه قلت لابن عباس: كيف ذاك؟ قال: ذاك دراهم بدراهم، والطعام مرجأ) سأل طاوس عن وجه النهي قبل القبض، أجاب ابن عباس بأنه إذا باعه قبل القبض يكون في الحقيقة بيع مائة درهم بمائة وعشرين درهمًا مثلًا؛ لأنّ الطعام مرجأ، أي: مؤخر، كأن لم يكن، وتحقيقه أنه قبل القبض لم يكن داخلًا في ملكه، ألا ترى أنه لو تلف كان في ضمان البائع، وإذا لم يدخل في ملكه فتكون الدراهم في مقابلة الدراهم مفاضلة، ونقل ابن الأثير وغيره عن الخطابي في وجه البطلان: أن قوله: "مرجأ" أي: غائبًا، فيكون في الحقيقة بيع الدراهم بالدراهم مفاضلة. وهذا الذي قالوه إنما يستقيم في منع بيع المثل فيه قبل القبض، وأما في هذا الحديث الطعامُ حاضرٌ، غايته أنه لم يقبضه، فالوجه ما ذكرناه، والله الموفق. قال ابن الأثير: مُرْجأ بالهمزة وبالألف المقصورة وأصله الواو، قال: ورواه الخطّابي مشددًا: مرجي.

2134 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ كَانَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ يُحَدِّثُهُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ أَنَّهُ قَالَ مَنْ عِنْدَهُ صَرْفٌ فَقَالَ طَلْحَةُ أَنَا حَتَّى يَجِئَ خَازِنُنَا مِنَ الْغَابَةِ. قَالَ سُفْيَانُ هُوَ الَّذِى حَفِظْنَاهُ مِنَ الزُّهْرِىِّ لَيْسَ فِيهِ زِيَادَةٌ. فَقَالَ أَخْبَرَنِى مَالِكُ بْنُ أَوْسٍ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - يُخْبِرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ رِبًا إِلاَّ هَاءَ وَهَاءَ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ رِبًا إِلاَّ هَاءَ وَهَاءَ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ رِبًا إِلاَّ هَاءَ وَهَاءَ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ رِبًا إِلاَّ هَاءَ وَهَاءَ». طرفاه 2170، 2174 ـــــــــــــــــــــــــــــ 2134 - (عن مالك بن أوس) عدّه ابن عبد البر من الصحابة، وقال شيخنا أبو الفضل: له رواية، وقيل: تابعي (من كان عنده صرف) هو بيع الدراهم بالدنانير، وبالعكس، قال الجوهري: من الصرف؛ بمعنى الفضل والزيادة. وقيل: من الصريف؛ وهو صوت ناب البعير، والمناسبة ظاهرة. (قال سفيان) هو ابن عيينة، بالإسناد المذكور. (هو الذي حفظناه من الزهري) يريد أنّ ما سمعه من عمرو هو الذي رواه عن الزهري من غير زيادة. (قال مالك بن أوس: سمع عمر بن الخطاب يخبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: الذهب بالورق ربًا إلا هاء وهاء) بالمد على وزن قال وباع، اسم فعل بمعنى خذ، وفيه لغات أُخر، وحاصله يدًا بيد. فإن قلت: ما وجه ارتباط هذا الكلام بما تقدمه من قول طلحة عند الصّرف: حتى يجيء خازننا من الغابة؟ قلت: سيأتي بَعْدُ أنّ عمر لما سمع قول طلحة بعد أخذه الذهب من مالك: حتى يجيء خازننا، أنكر عليه ذلك، وأنه لا يجوز؛ لما رواه من قوله: "هاء وهاء" في بيع الورق بالذهب.

55 - باب بيع الطعام قبل أن يقبض، وبيع ما ليس عندك

55 - باب بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ، وَبَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ 2135 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ الَّذِى حَفِظْنَاهُ مِنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ سَمِعَ طَاوُسًا يَقُولُ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - يَقُولُ أَمَّا الَّذِى نَهَى عَنْهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَهْوَ الطَّعَامُ أَنْ يُبَاعَ حَتَّى يُقْبَضَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَلاَ أَحْسِبُ كُلَّ شَىْءٍ إِلاَّ مِثْلَهُ. طرفه 2132 2136 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلاَ يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ». زَادَ إِسْمَاعِيلُ «مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلاَ يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ». طرفه 2124 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب بيع الطعام قبل أن يقبض وبيع ما ليس عندكُ 2135 - (قال سفيان: الذي حفظناه من عمرو بن دينار سمع طاوسًا) فائدة هذه العبارة دفع وهم التدليس (أما الذي نهى عنه - صلى الله عليه وسلم - فهو الطعام) أي: لا غير (أن يباع حتى يقبض) بدل من الطعام واستئناف (قال ابن عباس: ولا أحسب كلّ شيء إلا مثله) قياسًا على الطعام، فإن العلة مشتركة، وقد تقدم أن الشافعي وأبا حنيفة قالا بما قال ابن عباس؛ إلا أبا حنيفة في العقار. 2136 - ثم روى حديث ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[نهى] عن بيع طعام اشتراه حتى يستوفيه، وقد سلف مرارًا (إسماعيل) هو ابن أويس. فإن قلت: أي شيء زاد؟ قلت: هو قوله: "حتى يقبضه" فإن قوله: "حتى يستوفيه" فيه إجمال؛ لأنه لا يستلزم القبض، لأنّه يحصل بمجرد كيل البائع له من غير قبض؛ لأن القبض يتوقف على النقل من مكانه. فإن قلت: أحد شقي الترجمة بيع ما ليس عندك، وليس في الباب حديث يدل عليه؟ قلت: بيع ما ليس عندك عبارة عن بيع ما لا يملك البائع، والمبيع قبل القبض لا يملكه المشتري، فلو باعه كان بيع ما ليس عنده؛ فلذلك اكتفى به، وأيضًا ما ترجم عليه حديث

56 - باب من رأى إذا اشترى طعاما جزافا أن لا يبيعه حتى يئويه إلى رحله، والأدب فى ذلك

56 - باب مَنْ رَأَى إِذَا اشْتَرَى طَعَامًا جِزَافًا أَنْ لاَ يَبِيعَهُ حَتَّى يُئْوِيَهُ إِلَى رَحْلِهِ، وَالأَدَبِ فِي ذَلِكَ 2137 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ لَقَدْ رَأَيْتُ النَّاسَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَبْتَاعُونَ جِزَافًا - يَعْنِى الطَّعَامَ - يُضْرَبُونَ أَنْ يَبِيعُوهُ فِي مَكَانِهِمْ حَتَّى يُؤْوُوهُ إِلَى رِحَالِهِمْ. طرفه 2123 57 - باب إِذَا اشْتَرَى مَتَاعًا أَوْ دَابَّةً فَوَضَعَهُ عِنْدَ الْبَائِعِ، أَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - مَا أَدْرَكَتِ الصَّفْقَةُ حَيًّا مَجْمُوعًا فَهُوَ مِنَ الْمُبْتَاعِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ رواه الترمذي , ولم يكن رجاله عن شرطه، فأشار إليه في الترجمة ليُعلم أن له أصلًا في الجملة. باب [من] رأى إذا اشترى طعامًا جزافًا ألا يبيعه حتى يُؤويه إلى رحله، والأدب في ذلك قال الجوهري: الجزف والجزاف: أخذ الشيء مجهولًا، فارسي معرب، أصله كزاف. قال النووي: في الجيم الحركات الثلاث، والكسر أفصح وللشافعي في البيع جزافًا قولان؛ أصحهما الكراهة. 2137 - وحديث الباب تقدم شرحه آنفًا في باب ما يذكر في بيع الطعام، ومحصل هذه الأبواب والأحاديث أن بيع المشتري قبل القبض لا يجوز مجازفة كان أو مكايلة، فذِكْرُ المجازفة والإيواء إلى الرحال إنما وقع نصًّا على ما كانوا يفعلونه غالبًا، لا أنه قيد له. باب إن اشترى متاعًا أو دابة، فوضعه عند البائع، فباع أو مات قبل أن يقبض (قال ابن عمر: [ما] أدركت الصفقة حيًّا مجموعًا فهو من المبتاع) أي: الزوائد المتصلة

2138 - حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِى الْمَغْرَاءِ أَخْبَرَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ لَقَلَّ يَوْمٌ كَانَ يَأْتِى عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِلاَّ يَأْتِى فِيهِ بَيْتَ أَبِى بَكْرٍ أَحَدَ طَرَفَىِ النَّهَارِ، فَلَمَّا أُذِنَ لَهُ فِي الْخُرُوجِ إِلَى الْمَدِينَةِ لَمْ يَرُعْنَا إِلاَّ وَقَدْ أَتَانَا ظُهْرًا، فَخُبِّرَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ مَا جَاءَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي هَذِهِ السَّاعَةِ، إِلاَّ لأَمْرٍ حَدَثَ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ لأَبِى بَكْرٍ «أَخْرِجْ مَنْ عِنْدَكَ». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا هُمَا ابْنَتَاىَ. يَعْنِى عَائِشَةَ وَأَسْمَاءَ. قَالَ «أَشَعَرْتَ أَنَّهُ قَدْ أُذِنَ لِى فِي الْخُرُوجِ». قَالَ الصُّحْبَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «الصُّحْبَةَ». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ عِنْدِى نَاقَتَيْنِ أَعْدَدْتُهُمَا لِلْخُرُوجِ، فَخُذْ إِحْدَاهُمَا. قَالَ «قَدْ أَخَذْتُهَا بِالثَّمَنِ». طرفه 476 ـــــــــــــــــــــــــــــ عند العقد؛ كالحمل من ملك المشتري. المبتاع: اسم فاعل، وهو المشتري، ويجوز أن يكون اسم مفعول بمعنى المبيع. 2138 - (فروة بن أبي المغراء) بفتح الفاء والميم والغين المعجمة والمد هو معدي كرب الكوفي (مُسْهر) بضم الميم وكسر الهاء. روى في الباب حديث هجرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والصديق. وموضع الدلالة قوله: (يا رسول الله! [أن] عندي ناقتين أعدئهما للخروج، فخذ إحداهما قال: أخذتها بالثمن) فإنه أخذها وتركها عنده، ثم قبضها بعد ذلك، وظاهر الحديث دليل من قال يجوز البيع بدون الرؤية، وهو مذهب الأئمة الثلاثة، وأحد قولي الشافعي، والصحيح عنده عدم الجواز، وجوابه عن هذا: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يأتي بيت أبي بكر طرفي النهار. وسيأتي في "البخاري": أن أبا بكر قال: اشتريت الناقتين وعلفتهما ورق السمر مدة شهرين إعدادًا للسفر. فلا شكَّ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رآهما، وبه سقط ما يقال. قوله: "أخذت إحداهما" بيع المجهول لأنه محمول على أنه كان المبيع معلومًا، وذكر أهل السير أنها الجذعاء المشهورة، واللاّم في الثمن لام عهد؛ أي الثمن الذي اشتراهما؛ إذ لا مجال لإرادة الجنس من حيث هو؛ لأنه لا وجود له ولا الجنس من حيث الوجود في الجملة؛ لصدقه على درهم واحد. فإن قلت: ذكر في الترجمة أنه إذا باع قبل القبض ومات المشتري وليس في الباب ذكر

58 - باب لا يبيع على بيع أخيه ولا يسوم على سوم أخيه، حتى يأذن له أو يترك

58 - باب لاَ يَبِيعُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ وَلاَ يَسُومُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ، حَتَّى يَأْذَنَ لَهُ أَوْ يَتْرُكَ 2139 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَبِيعُ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ». طرفاه 2165، 5142 2140 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ شيء منهما؟ قلت: أما البيع قبل القبض فقد تقدم الأحاديث فيه، وبينا مذاهب العلماء فيه؛ وأمّا الموت فيعلم حكمه من البيع؛ فإنه إنما لم يجز بيعه قبل القبض لأنه لم يملكه، وإذا مات المشتري قبل القبض مات قبل أن يملك. باب لا يبيع على بيع أخيه، ولا يسوم على سوم أخيه، حتّى يأذن أو يترك قال ابن الأثير: البيع على بيع أخيه له معنيان؛ الأول: أن يزيد في ثمن المبيع بعد البيع في مجلس العقد ليحمل البائع على فسخ العقد؛ لبقاء خيار المجلس. الثاني: أن يرغب المشتري في الفسخ بعرض سلعة عليه أجود بذلك الثمن، أو أقل منه. فعلى الأول معنى البيع: الشراء. والسوم على السوم: هو أن يتقارب المتعاقدان على إيقاع العقد، فيريد رجل آخر إخراج ذلك من يد المشتري، وهذا إنما يكون منهيًا قبل البيع، وبعد استقرار الثمن؛ لا في أوّل العرض. 2139 - (لا يبيع بعضكم على بيع أخيه) بالرفع، وفي بعضها: "لا يبع" بالجزم والأول أبلغ. 2140 - (نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبيع حاضر لباد) وطريقه: أن يأتي بدوي أو قروي بمتاع البيع بسعر ذلك اليوم، فيقول البلدي: دعه عندي لأبيعه لك بأرفع منه ثمنًا. قال

59 - باب بيع المزايدة

وَلاَ تَنَاجَشُوا، وَلاَ يَبِيعُ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ وَلاَ يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ، وَلاَ تَسْأَلُ الْمَرْأَةُ طَلاَقَ أُخْتِهَا لِتَكْفَأَ مَا فِي إِنَائِهَا. أطرافه 2148، 2150، 2151، 2160، 2162، 2723، 2727، 5144، 5152، 6601 59 - باب بَيْعِ الْمُزَايَدَةِ وَقَالَ عَطَاءٌ أَدْرَكْتُ النَّاسَ لاَ يَرَوْنَ بَأْسًا بِبَيْعِ الْمَغَانِمِ فِيمَنْ يَزِيدُ. 2141 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ الْمُكْتِبُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِى رَبَاحٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَجُلاً أَعْتَقَ غُلاَمًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ، فَاحْتَاجَ فَأَخَذَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ الشافعي: وهذا إنما ينهى عنه في متاع تعم الحاجة إليه (ولا تناجشوا) النجش -بسكون الجيم- قال المطرزي: هو بفتح الجيم ويجوز إسكانه، وهو أن يزيد في ثمن المتاع من غير إرادة الشراء؛ ليوقع المشتري في الزيادة، أو يمدح متاعه ليغتر المشتري؛ كذا قاله ابن الأثير. (ولا يخطب على خطبة أخيه) -بكسر الخاء- طلب الزواج، وهذا إنما يحرم بعد إجابة الأول (ولا تطلب المرأة طلاق أختها لتكفأ ما في إنائها) -بفتح التاء والفاء- من كفأت الإناء: قلبته، كناية عن قطع نصيبها، وانقطاع حقها؛ وإنما عبر بلفظ الأخ والأخت حثًّا على عدم الإضرار، فإن المؤمن يجب أن يحب لأخيه المؤمن ما يحب لنفسه، وهذا بناء على الأكثر، ويلحق به الذمي دلالة؛ لأن له ما لنا، وعليه ما علينا. واتفق الجمهور على صحة العقد في الصور المذكورة مع تأثيم الفاعل وعن مالك وأحمد في الفساد روايتان. باب بيع المزايدة المزايدة: بضم الميم مصدر زَايَدَ إذا زاد على غيره في ثمن المبيع؛ وإنما أورده دلالة على أنه ليس من السوم على سوم أخيه، وأما قول عطاء: لا بأس به في المغانم يشعر بأنّ غير المغانم يكره فيه ذلك؛ كما قاله الأوزاعي، وحديث الباب حجة عليه. 2141 - (أنّ رجلًا أعتق كلامًا له عن دبر) أي: دبره، وهذا الرجل يقال له: أبو

60 - باب النجش، ومن قال لا يجوز ذلك البيع

«مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّى» فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بِكَذَا وَكَذَا، فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ. أطرافه 2230، 2321، 2403، 2415، 2534، 6716، 6947، 7186 60 - باب النَّجْشِ، وَمَنْ قَالَ لاَ يَجُوزُ ذَلِكَ الْبَيْعُ وَقَالَ ابْنُ أَبِى أَوْفَى النَّاجِشُ آكِلُ رِبًا خَائِنٌ. وَهْوَ خِدَاعٌ بَاطِلٌ، لاَ يَحِلُّ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الْخَدِيعَةُ فِي النَّارِ، وَمَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهْوَ رَدٌّ». ـــــــــــــــــــــــــــــ مذكور، من بني عذرة (فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - من يشتريه) هذا موضع الدلالة، فإنه دليل المزايدة (فاشتراه نعيم بن عبد الله) النحام (بكذا وكذا) كناية عن العدد، سيأتي في "البخاري أنه اشتراه بثمان مائة درهم، وكذا في رواية مسلم، وفي "أبي داود": "سبعمائة"، والحديث دليل الشافعي والإمام أحمد في جواز بيع المدبر، وأوله الحنفية بأن كان مدبرًا مقيدًا. (بشر بن محمد) بكسر الباء وشين معجمة (حسين المكتب) بفتح الكاف وتشديد الموحدة الفوقانية المكسورة والموحدة، ويروى بإسكان الكاف وكسر التاء من الإكتاب، وهذا هو الذي يقول فيه البخاري تارة: الحسين المعلم. باب النجش ومن قال: لا يجوز ذلك النجش -بفتح النون وسكون الجيم-: قد تقدم أنه زيادة في ثمن المبيع من غير إرادة الشراء؛ بل ليوقع الغير فيه، وهذا كثير بين التجار، وهو فعل محرم، قال عمر: وقد يفعله البائع بحيث لا يدري المشتري أنه مالِكُ المتاع. وهذا هو المناسب لقول عبد الله بن أبي أوفى: (الناجش آكل الربا) أي: كالآكل في الحرمة؛ فإن هذا إنما يصدق على البائع؛ لأنه أكل الثمن. (قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: الخديعة في النار) هذا حديث أسنده أبو داود، الخديعة: اسم من الخداع، لأنه بصدد التحذير عن أدنى ما يصدق عليه الخداع؛ وهو المكر؛ أي: أهل الخديعة، ومَنْ قال: التاء في الخديعة للمبالغة؛ كما في علامة، على أن الخديعة اسم فاعل، فقد أبعد عن غرض الشارع (ومن عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد) أي: مردود،

61 - باب بيع الغرر وحبل الحبلة

2142 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ النَّجْشِ. طرفه 6963 61 - باب بَيْعِ الْغَرَرِ وَحَبَلِ الْحَبَلَةِ 2143 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ، وَكَانَ بَيْعًا يَتَبَايَعُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ، كَانَ الرَّجُلُ يَبْتَاعُ الْجَزُورَ إِلَى أَنْ تُنْتَجَ النَّاقَةُ، ثُمَّ تُنْتَجُ الَّتِى فِي بَطْنِهَا. طرفاه 2256، 3843 ـــــــــــــــــــــــــــــ وسيأتي في "البخاري" مسندًا. باب بيع الغرر، وحبل الحبلة 2143 - قال ابن الأثير: الغرر: ما كان له ظاهر معلوم وباطن مجهول، ويدخل فيه كل بيع لا يحيط المتعاقدان بكنهه من كل مجهول. وحبل الحبلة بفتح الحاء والباء فيهما، قال ابن الأثير: الحبل مصدر أطلق على المجهول، والتاء فيه للإشعار بالأنوثة، والحبلة: جمع حابل؛ كظلمة في ظالم، وله معنيان؛ أحدهما: بيع ما يتولد مما في بطن الناقة، ووجه البطلان أنه بيع ما لم يخلق بعد، وهذا الذي يقال فيه: بيع نتاج النتاج. الثاني: ما رواه البخاري عن ابن عمر: (كان الرجل يبتاع الجزور إلى أن تنتج الناقة، ثم تنتج التي في بطنها) وإنما بطل لأن الأصل مجهول. وتُنتج: على بناء المجهول، يقال: أنتجت الناقة إذا حملت، ونتجتها أنا؛ أي: ولّدتها، قال الجوهري: الناتج للناقة كالقابلة للمرأة.

62 - باب بيع الملامسة

62 - باب بَيْعِ الْمُلاَمَسَةِ وَقَالَ أَنَسٌ نَهَى عَنْهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. 2144 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ - رضى الله عنه - أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الْمُنَابَذَةِ، وَهْىَ طَرْحُ الرَّجُلِ ثَوْبَهُ بِالْبَيْعِ إِلَى الرَّجُلِ، قَبْلَ أَنْ يُقَلِّبَهُ، أَوْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ، وَنَهَى عَنِ الْمُلاَمَسَةِ، وَالْمُلاَمَسَةُ لَمْسُ الثَّوْبِ لاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ. طرفاه 367، 368 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: لم يذكر لبيع الغرر مثالًا؟ قلت: لم يكن على شرطه، وقد رواه مسلم وغيره. قال النووي: بيع الغرر باطل إلَّا في صورتين: شرب الماء من يد السّقاء، وبيع الناقة التي في ضرعها لبن؛ لتسامح النَّاس في ذلك. وفي الجملة كل ما كان فيه احتمال ضرر من غير ضرورة، وبه احترزوا عن إجارة الدابة والدّار شهرًا، مع أن الشهر قد يكون تسعًا وعشرين. باب بيع الملامسة (قال أنس: نهى النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- عنه) هذا التعليق رواه عن أنس في باب بيع المخاضرة مسندًا. 2144 - (سعيد بن عفير) بضم العين مصغر، وهذا (عقيل). (نهى عن بيع المنابذة وهي طرح الرَّجل ثوبه بالبيع إلى الرَّجل قبل أن يقلّبه أو ينظر إليه) أي: يجعل نفس النبذ بيعًا من غير قول؛ وله معنيان آخران؛ أحدهما: أن يقول: بعتك على أني إذا نبذته إليك لزم البيع. والثاني أن يبيع أحد الأثواب على أنَّه يرمي بالحصاة على أيتها

63 - باب بيع المنابذة

2145 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ نُهِىَ عَنْ لِبْسَتَيْنِ أَنْ يَحْتَبِىَ الرَّجُلُ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ، ثُمَّ يَرْفَعَهُ عَلَى مَنْكِبِهِ، وَعَنْ بَيْعَتَيْنِ اللِّمَاسِ وَالنِّبَاذِ. 63 - باب بَيْعِ الْمُنَابَذَةِ وَقَالَ أَنَسٌ نَهَى عَنْهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. 2146 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ وَعَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الْمُلاَمَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ. طرفه 368 ـــــــــــــــــــــــــــــ وقعت فهو المبيع؛ وإنما نهى الشارع عنها كلها لظهور الغرر فيها. (ونهى عن الملامسة والملامسة: لمس الثوب ولا ينظر إليه)، أي يجعل نفس اللمس بيعًا من غير قول؛ وله معنيان آخران؛ أحدهما أن يبيعه ثوبًا مطويًا بحيث إذا لمسه يجب البيع، وإذا أنشره لا خيار له إن لم يرض. والثاني: أن يقول: إذا لمست فقد بعتك. والغرر في كل ظاهر. 2145 - (وعن لبستين) -بكسر اللام- لأن المراد منه الهيئة (أن يحتبي الرَّجل في الثوب الواحد على منكبيه فيكشف عورته) ولم يقع له في هذه الرواية اللبسة الأخرى، وقد سلف في أبواب الصلاة، وهي اشتمال الصماء: ألا يخالف بين طرف الرداء فإنَّه يكشف عورته (اللماس والنباذ) بكسر اللام والنون. باب بيع المنابذة 2146 - (حبّان) -بفتح الحاء وتشديد الباء الموحدة- هو ابن واسع (عن أبي الزِّناد) -بكسر الزاي بعدها نون-: عبد الله بن ذكوان (عيّاش) بفتح العين وتشديد المثناة تحت وشين معجمة.

64 - باب النهى للبائع أن لا يحفل الإبل والبقر والغنم وكل محفلة

2147 - حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ - رضى الله عنه - قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ لِبْسَتَيْنِ وَعَنْ بَيْعَتَيْنِ الْمُلاَمَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ. طرفه 367 64 - باب النَّهْىِ لِلْبَائِعِ أَنْ لاَ يُحَفِّلَ الإِبِلَ وَالْبَقَرَ وَالْغَنَمَ وَكُلَّ مُحَفَّلَةٍ وَالْمُصَرَّاةُ الَّتِى صُرِّىَ لَبَنُهَا وَحُقِنَ فِيهِ، وَجُمِعَ فَلَمْ يُحْلَبْ أَيَّامًا. وَأَصْلُ التَّصْرِيَةِ حَبْسُ الْمَاءِ يُقَالُ مِنْهُ صَرَّيْتُ الْمَاءَ {إِذَا حَبَسْتَهُ}. 2148 - حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنِ الأَعْرَجِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تُصَرُّوا الإِبِلَ وَالْغَنَمَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ 2147 - (معمر) بفتح الميمين وسكون العين. وشرح الحديث في الباب قبله. باب النهي للبائع ألا يحفّل الإبل والغنم والبقر، وكل محفلة قال الجوهري: حفل القوم اجتمعوا، وحفلته جمعته، والمحفلة ما ترك حلبها أيامًا ليجتمع اللبن في ضرعها، فيظن المشتري غزارة اللبن وهو نوع من الخداع. و"لا" في "ألا يحفل" زائدة؛ كما في قوله تعالى: {لِئَلَّا يَعْلَمَ} [الحديد: 129] , ويجوز تقدير الباء، فلا زيادة، أو تكون أن مفسرة، ولا تجعل بيانًا للنهي، ولم يظهر له وجه صحة (وحقن) على بناء المجهول أي: حفظ. 2148 - (بكير) بضم الباء مصغر (عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: لا تصروا الإبل) بضم التاء وفتح الصاد هو الموافق للمصراة؛ من الصر؛ وهو الحبس؛ هذه رواية "الكتاب"، وقد يروي بفتح التاء وضم الصاد من الصرار؛ وهو الرباط الذي يربط به أخلاف الناقة، قال ابن الأثير: كان من دأب العرب إذا أرسلوها سارحة أن يربطوا ضروعها، ويسمون ذلك الرباط صرارًا، قال:

فَمَنِ ابْتَاعَهَا بَعْدُ فَإِنَّهُ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْتَلِبَهَا إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَصَاعَ تَمْرٍ». وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِى صَالِحٍ وَمُجَاهِدٍ وَالْوَلِيدِ بْنِ رَبَاحٍ وَمُوسَى بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «صَاعَ تَمْرٍ». وَقَالَ بَعْضُهُمْ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ وَهْوَ بِالْخِيَارِ ثَلاَثًا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ. وَلَمْ يَذْكُرْ ثَلاَثًا، وَالتَّمْرُ أَكْثَرُ. طرفه 2140 2149 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى يَقُولُ حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ مَنِ اشْتَرَى شَاةً مُحَفَّلَةً، فَرَدَّهَا فَلْيَرُدَّ مَعَهَا صَاعًا. وَنَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تُلَقَّى الْبُيُوعُ. طرفه 2164 ـــــــــــــــــــــــــــــ والأول هو المشهور (فمن ابتاعها فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها؛ إن شاء أمسك، وإن شاء ردها وصاعًا من تمر) هذا إذا كان تالفًا، سواء كان اللبن قليلًا أو كثيرًا إذا كان لبنًا مأكولًا؛ وأما غيره فلا قيمة له. قال النووي: لم يخالف في هذا إلَّا أبو حنيفة وطائفة من أهل العراق مستدلين على ذلك: بأن ضمان التالف بالمثل في المثليات، والقيمة في غيرها، وأمّا ضمان اللبن بالتَّمر فشيء لا يعقل، قال النووي: وإذا ثبت عن الشارع حكمٌ فليس لأحد معه كلام على أن وجه المعقول في ذلك ظاهر، وذلك أن غالب قوتهم كان تمرًا، والنقد عندهم في غاية القلة؛ لا سيما في الأعراب وسكان البوادي فإنهم لا يعرفون قيمة اللبن، وكان حريصًا على رفع النزاع، فوضع لهم قانونًا يرتفع به النزاع، وله من هذا القبيل أحكام: حكم في الجنين بغرة من غير نظر إلى المذكورة والأنوثة تام الخلق وناقصه، ومنها حكم في الحيوان عشرين درهمًا أو شاة في إخراج بنت المخاض عن بنت لبون وبالعكس. (وقال بعضهم عن ابن سيرين: صاعًا من تمر). فإن قلت: هذه رواية عن المجهول؛ قلت: ذكرها تقوية لما أسنده ومثله شائع. (والتّمر أكثر) هذا قول البُخَارِيّ وبه قال الأئمة القائلون بهذه المسألة. 2149 - (معتمر) بكسر [الميم] (أبو عثمان) النهدي، عبد الرَّحْمَن (من اشترى شاة محفلة) أي: مصراة (ونهى النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- عن تلقي البيوع) أي: أرباب البيوع.

65 - باب إن شاء رد المصراة وفى حلبتها صاع من تمر

2150 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَلَقَّوُا الرُّكْبَانَ، وَلاَ يَبِيعُ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ وَلاَ تَنَاجَشُوا وَلاَ يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ، وَلاَ تُصَرُّوا الْغَنَمَ، وَمَنِ ابْتَاعَهَا فَهْوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْتَلِبَهَا إِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا، وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ». طرفه 2140 65 - باب إِنْ شَاءَ رَدَّ الْمُصَرَّاةَ وَفِى حَلْبَتِهَا صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ 2151 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا الْمَكِّىُّ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى زِيَادٌ أَنَّ ثَابِتًا مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنِ اشْتَرَى غَنَمًا مُصَرَّاةً فَاحْتَلَبَهَا، فَإِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا، وَإِنْ سَخِطَهَا فَفِى حَلْبَتِهَا صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ». طرفه 2140 66 - باب بَيْعِ الْعَبْدِ الزَّانِى وَقَالَ شُرَيْحٌ إِنْ شَاءَ رَدَّ مِنَ الزِّنَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ 2150 - وهذا معنى قوله: (لا تلقوا الركبان) وحقيقته أن يخرج من البلد، ويشتري المتاع من القادمين قبل أن يعرفوا سعر البلد، قال الشَّافعيّ والإمام أَحْمد: لهم الخيار إذا قدموا البلد. [باب إِنْ شَاءَ رَدَّ المُصَرَّاةَ وَفي حَلبَتِهَا صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ] 2151 - (ابن جريج) بضم الجيم مصغر (زياد) من الزيادة. باب بيع العبد الزّاني (وقال شريح: إن شاء ردّ من الزنا) وعليه الأئمة.

2152 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى سَعِيدٌ الْمَقْبُرِىُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا زَنَتِ الأَمَةُ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا فَلْيَجْلِدْهَا، وَلاَ يُثَرِّبْ، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَلْيَجْلِدْهَا، وَلاَ يُثَرِّبْ، ثُمَّ إِنْ زَنَتِ الثَّالِثَةَ فَلْيَبِعْهَا، وَلَوْ بِحَبْلٍ مِنْ شَعَرٍ». أطرافه 2153، 2233، 2234، 2555، 6837، 6839 2153 و 2154 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ عَنِ الأَمَةِ إِذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحْصِنْ قَالَ «إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَبِيعُوهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ». قَالَ ابْنُ شِهَابٍ لاَ أَدْرِى بَعْدَ الثَّالِثَةِ، أَوِ الرَّابِعَةِ. أطرافه 2232،، 2556، 6838 ـــــــــــــــــــــــــــــ 2152 - (المقبري) بفتح الميم وضم الباء وفتحها (فتبين زناها فليجلدها ولا يُثَرِّب) أي: بعد الجلد لا يوبخ؛ لأن الحد كان زاجرًا، وقيل: معناه فليحدها ولا يقتصر على التثريب؛ فإن العرب في الجاهلية لم يكن زنا الإماء منكرًا عندهم، فأشار إلى رفع ذلك (ثم إن زنت الثالثة فليبعها ولو بحبل من شعر) مبالغة في التبرؤ عن إمساكها، وهذا معنى قوله في الحديث بعده: "ولو بضفير من شعر" فعيل بمعنى المفعول أي: المفتول. 2153 - 2154 - (قال ابن شهاب: لا أدري أبعد الثالثة أو الرابعة) أي قوله: "بيعوها" وقد تقدم الجزم منه بالثالثة؛ فإما أن يكون نسي ثم تذكر، أو بالعكس. وقوله: (إذا لم تحصن) بفتح الصاد على بناء المفعول، هو الرواية, ويجوز الكسر، قرئ بهما في السبع. فإن قلت: ما المراد بالإحصان؟ قلت: التزوج لا الإِسلام؛ لأن حكم الذمية حكم المسلمة في ذلك.

67 - باب البيع والشراء مع النساء

67 - باب الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ مَعَ النِّسَاءِ 2155 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ قَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها دَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرْتُ لَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اشْتَرِى وَأَعْتِقِى، فَإِنَّ الْوَلاَءَ لِمَنْ أَعْتَقَ». ثُمَّ قَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْعَشِىِّ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ «مَا بَالُ أُنَاسٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ، مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهْوَ بَاطِلٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: مفهوم قوله: "لم تحصن" أنها إذا احصنت يكون الحكم غير ما ذكر؟ قلت: الإجماع أن الأَمَةَ سواء كانت محصنة أو غير محصنة حكمها الجلد، قال تعالى: {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ} [النساء: 25] والرّجم لا يتصور فيه النصف، والمحصنات في الآية الحرائر، فالآية دلت على أنّ المحصنة من الإماء بالتزوج ليست كالحرائر، والحديث دلّ على أن غير المحصنة بالتزوج أَيضًا عليها ما على المحصنة به، فقد زال بهذا ما استشكله الخطابي حتَّى حمل الإحصان في الحديث على العتق، وأما القول بأن الإحصان في الحديث محمول على العفة من الزنى فلغو من الكلام؛ لأن كل عاقل يعلم أن الزانية التي أمر بجلدها لا تكون عفيفة، والحديث دل على أن الموالي تقيم الحدود على أرقائهم خلافًا لأبي حنيفة. فإن قلت: كيف يبيع لأخيه المؤمن ما لا يرضاه لنفسه؟ قلت: يخبره بعيبها وربما تحصنت عنده، بأن يتزوجها أو يزوجها. باب البيع والشراء مع النساء 2155 - (قال عروة بن الزُّبير: قالت عائشة دخل على رسول الله -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فذكرت له شأن بريرة، فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-) هذا من كلام عروة، نقل بلفظ ما سمعه منها (اشتري وأعتقي، [فإن] الولاء لمن أعتق) حديث بريرة حديث مطول له فروع وأحكام كثيرة، حتَّى أفرده بعض العلماء بالتصنيف، ونحن نذكر في كل موضع ما يتعلق به إن شاء الله. (قام النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - من العشي) أي: بعد الزوال (من اشترط شرطًا ليس في كتاب الله فهو باطل). فإن قلت: كم شرطٍ ليس في كتاب الله وهو صحيح!؟ قلت: المراد من كونه في كتاب الله أن يكون صريحًا، أو له أصل يرجع إليه، كالأحاديث المروية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والأقيسة الصحيحة, قال تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7]

68 - باب هل يبيع حاضر لباد بغير أجر وهل يعينه أو ينصحه

وَإِنِ اشْتَرَطَ مِائَةَ شَرْطٍ، شَرْطُ اللَّهِ أَحَقُّ وَأَوْثَقُ». طرفه 456 2156 - حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ أَبِى عَبَّادٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ سَمِعْتُ نَافِعًا يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - سَاوَمَتْ بَرِيرَةَ فَخَرَجَ إِلَى الصَّلاَةِ، فَلَمَّا جَاءَ قَالَتْ إِنَّهُمْ أَبَوْا أَنْ يَبِيعُوهَا، إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطُوا الْوَلاَءَ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». قُلْتُ لِنَافِعٍ حُرًّا كَانَ زَوْجُهَا أَوْ عَبْدًا فَقَالَ مَا يُدْرِينِى أطرافه 2169، 2562، 6752، 6757، 6759 68 - باب هَلْ يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ بِغَيْرِ أَجْرٍ وَهَلْ يُعِينُهُ أَوْ يَنْصَحُهُ وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا اسْتَنْصَحَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيَنْصَحْ لَهُ». وَرَخَّصَ فِيهِ عَطَاءٌ. 2157 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ سَمِعْتُ جَرِيرًا - رضى الله عنه - بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ. طرفه 57 ـــــــــــــــــــــــــــــ (وإن اشترط مائة شرط) ليس للعدد مفهوم؛ لأنه أُريد به الكثرة. 2156 - (حسان بن أبي عباد) -بفتح العين وتشديد الباء- واسمه أَيضًا حسّان (همّام) بفتح الهاء وتشديد الميم (قلت لنافع: حرًّا كان زوجها أو عبدًا؟ قال: ما يدريني) جاء في رواية مسلم أنَّه عبد، واسمه مغيث، قال النووي: رواية الثِّقات أنَّه عبد، ورواية كونه حرًا شاذة لا يعتد بها. باب هل يبيع حاضر لباد؟ وهل يعينه أو ينصحه؟ (وقال النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم-: إذا استنصح أحدكم أخاه فلينصح له) هذا التعليق رواه مسلم مسندًا، قال ابن الأثير: النصح لغة معناه: الخلوص، ومعناه في الحديث: إرادة جملة الخير للمنصوح له، ولا يوجد في كلام العرب كلمة تقوم مقامها.

2158 - حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَلَقَّوُا الرُّكْبَانَ وَلاَ يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ». قَالَ فَقُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ مَا قَوْلُهُ لاَ يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ قَالَ لاَ يَكُونُ لَهُ سِمْسَارًا. طرفاه 2163، 2274 ـــــــــــــــــــــــــــــ 2158 - (الصلت بن محمَّد) بفتح الصاد المهملة (معمر) بفتح الميمين وسكون العين (ولا تلقوا الركبان) -بفتح التاء- من التلقي، حذف منه إحدى التاءين، قال الجوهري: الركب: أصحاب الإبل، والركبان: الجماعة منهم. قلت: وما في الحديث أعمّ من الإبل وغيرها؛ فإن المراد من يأتي بمتاع إلى البلد، فيُتلقى قبل القدوم خارج البلد، فيُشترى منه قبل معرفته سعر البلد، وقد سلف أنَّه إذا قدم فله الخيار. (ولا يبيع حاضر لباد) بصيغة النفي مقام النهي، وقد سلف أن معناه أن يأتي البدوي بمتاعه ليبيعه بسعر ذلك اليوم، فيقول له الحضري: دعه عندي لأبيعه لك بأرفع من هذا الثمن، وقد صرح بعلة النفي في رواية مسلم: "دعوا النَّاس يرزق الله بعضهم من بعض" لكن لو باعه له يصح البيع ويأثم، وقال أبو حنيفة: لا يأثم؛ لأنه نصح لأخيه المسلم، قال: وهذا النهي منسوخ. قال النووي: حديث "الدين نصيحة" عام خاص منه هذا البعض، أو النصح لعامة المسلمين يقدم على النصح لواحد، ودعوى النسخ من أبي حنيفة دعوى بلا دليل. (قال طاوس: فقلت لابن عباس: ما قوله: لا يبيع حاضر لباد قال: لا يكون له سمسارًا) بكسر السين على وزن قنطار، قال ابن الأثير: السمسرة البيع والشراء، والسمسار من يدخل بين البائع والمشتري لإمضاء البيع، وهذا هو الدّلال المتعارف.

69 - باب من كره أن يبيع حاضر لباد بأجر

69 - باب مَنْ كَرِهَ أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ بِأَجْرٍ 2159 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَبَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَلِىٍّ الْحَنَفِىُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ. وَبِهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ. 70 - باب لاَ يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ بِالسَّمْسَرَةِ وَكَرِهَهُ ابْنُ سِيرِينَ وَإِبْرَاهِيمُ لِلْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِى، وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ إِنَّ الْعَرَبَ تَقُولُ بِعْ لِى ثَوْبًا. وَهْىَ تَعْنِى الشِّرَاءَ. 2160 - حَدَّثَنَا الْمَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَبْتَاعُ الْمَرْءُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ، وَلاَ تَنَاجَشُوا، وَلاَ يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ» طرفه 2140 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من كره أن يبيع حاضر لباد بأجر 2159 - (الصباح) بفتح الصاد وتشديد الموحدة (أبو علي الحنفي) هو عبيد الله بن المجيدي. روى في الباب الحديث في الباب قبله. فإن قلت: ليس في الحديث ذكر الأجر؟ قلت: أجاب بعضهم بأن النهي عام يشتمل الأجر وغيره. وهذا ليس بشيء؛ لأنه يضع ذكر الأجر في الترجمة، ويقيدها بغير الأجر تارة، بل الجواب: أن قوله في آخر الحديث: وبه قال ابن عباس يدل عليه؛ لأنه تقدم تفسيره في الباب الذي قبله أن معناه لا يكون سمسارًا ولا يدخل الدلال بين المتبايعين إلَّا بالأجر، وغرض البُخَارِيّ أنَّه إذا كان بالأجر يكون حرامًا؛ لأنه سعى في غرض نفسه، وليس من النصح في شيء، وهذا معنى قول البُخَارِيّ في الباب بعده: لا يشتري حاضر لباد بالسمسرة (وقال إبراهيم) هو النَّخَعيّ (إنّ العرب تقول: بيع لي هذا الثوب، وهي تعني الشراء) غرض البُخَارِيّ من هذا الاستدلال بالحديث وهو قوله: "لا يبيع حاضر لباد" على أنَّه لا يجوز له أن يشتري له، كما لا يجوز له أن يبيع له؛ لأنّ لفظ البيع مشترك. 2160 - (ابن جريج) -بضم الجيم مصغر- عبد الملك.

71 - باب النهى عن تلقى الركبان

2161 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا مُعَاذٌ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه - نُهِينَا أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ. 71 - باب النَّهْىِ عَنْ تَلَقِّى الرُّكْبَانِ وَأَنَّ بَيْعَهُ مَرْدُودٌ، لأَنَّ صَاحِبَهُ عَاصٍ آثِمٌ إِذَا كَانَ بِهِ عَالِمًا، وَهُوَ خِدَاعٌ فِي الْبَيْعِ، وَالْخِدَاعُ لاَ يَجُوزُ. 2162 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ التَّلَقِّى، وَأَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ. طرفه 2140 2163 - حَدَّثَنِى عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - مَا مَعْنَى قَوْلِهِ «لاَ يَبِيعَنَّ حَاضِرٌ لِبَادٍ». فَقَالَ لاَ يَكُنْ لَهُ سِمْسَارًا. طرفه 2158 ـــــــــــــــــــــــــــــ 2161 - (ابن عون) عبد الله الفقيه المعروف (نهينا أن يبيع حاضر لباد) إذا قال الصحابي: نهينا، الناهي هو رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. باب النهي عن تلقي الرُّكبان (وأن بيعه مردود) قد سلف معنى تلقي الركبان؛ وهو: الخروج إلى خارج البلد ليشتري المتاع من القادم، وأنه إذا قدم البلد وعلم السعر فله الخيار؛ دفعًا للضرر عنه، لا يقال: فكيف لم يدفع الضرر عن البادي؟ لأنّا نقول: لا ضرر على البادي؛ فإنَّه كان يريد بيعه بسعر ذلك اليوم، وفي تجويز تأخيره عن ذلك اليوم ضرر لعامة المسلمين. وسائر الأحكام تقدمت. 2162 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين. 2163 - (عيّاش) بفتح العين وتشديد الياء المثناة وشين معجمة.

72 - باب منتهى التلقى

2164 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ حَدَّثَنِى التَّيْمِىُّ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ مَنِ اشْتَرَى مُحَفَّلَةً فَلْيَرُدَّ مَعَهَا صَاعًا. قَالَ وَنَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ تَلَقِّى الْبُيُوعِ. طرفه 2149 2165 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَبِيعُ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَلاَ تَلَقَّوُا السِّلَعَ حَتَّى يُهْبَطَ بِهَا إِلَى السُّوقِ». طرفه 2139 72 - باب مُنْتَهَى التَّلَقِّى 2166 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا نَتَلَقَّى الرُّكْبَانَ فَنَشْتَرِى مِنْهُمُ الطَّعَامَ، فَنَهَانَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ نَبِيعَهُ حَتَّى يُبْلَغَ بِهِ سُوقُ الطَّعَامِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ هَذَا فِي أَعْلَى السُّوقِ، يُبَيِّنُهُ حَدِيثُ عُبَيْدِ اللَّهِ. طرفه 2123 ـــــــــــــــــــــــــــــ 2165 - (زريع) بضم الزاي، مصغر زرع (التَّيْمي) -بفتح التاء وسكون الياء- سليمان (عن أبي عثمان) اسمه سعد وليس أَبا عثمان النهدي، كذا قاله شيخ الإِسلام شيخنا، وقال الذهبي: الراوي عن أبي عثمان النهدي سليمان التَّيْميّ (ونهى النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- عن تلقي البيوع) أي: أصحابها؛ وهو تلقي الركبان، وهو معنى قوله. (لَا تلقوا السلع حتَّى يهبط بها إلى السّوق). باب منتهى التلقي 2166 - (جويرية) بضم الجيم كانوا يتبايعون الطعام في أعلى السوق، فيبيعونه في مكانه، فنهاهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتَّى ينقلوه إلى السوق) قد تقدم أن قبض المنقول إنما يكون بالنقل إلى سوق الطعام، فيكون رفقًا بالمشترين (قال أبو عبد الله: هذا في أعلى السوق، بينه حديث عبيد الله) بضم العين مصغر، غرضُ البُخَارِيّ من هذا الكلام بيان مكان جواز التلقي، وهذا الذي أراده بمنتهى التلقي في الترجمة، ولم يكن في الحديث الأول ذكر أعلى السوق، فتقرر أنَّه لا يجوز التجاوز عن أعلى السوق؛ لأن القادم يجد هنا من يسأله عن السعر؛ بخلاف ما إذا لم يصل إلى أعلى السوق. وعن مالك ثلاثة أقوال: ميلان وفرسخان ويومان، وإن وقع فكل طالب شريك له.

73 - باب إذا اشترط شروطا فى البيع لا تحل

2167 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ كَانُوا يَبْتَاعُونَ الطَّعَامَ فِي أَعْلَى السُّوقِ فَيَبِيعُونَهُ فِي مَكَانِهِمْ، فَنَهَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَبِيعُوهُ فِي مَكَانِهِ حَتَّى يَنْقُلُوهُ. طرفه 2123 73 - باب إِذَا اشْتَرَطَ شُرُوطًا فِي الْبَيْعِ لاَ تَحِلُّ 2168 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ جَاءَتْنِى بَرِيرَةُ فَقَالَتْ كَاتَبْتُ أَهْلِى عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ فِي كُلِّ عَامٍ وَقِيَّةٌ، فَأَعِينِينِى. فَقُلْتُ إِنْ أَحَبَّ أَهْلُكِ أَنْ أَعُدَّهَا لَهُمْ وَيَكُونَ وَلاَؤُكِ لِى فَعَلْتُ. فَذَهَبَتْ بَرِيرَةُ إِلَى أَهْلِهَا، فَقَالَتْ لَهُمْ فَأَبَوْا عَلَيْهَا، فَجَاءَتْ مِنْ عِنْدِهِمْ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جَالِسٌ، فَقَالَتْ إِنِّى قَدْ عَرَضْتُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَأَبَوْا، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ الْوَلاَءُ لَهُمْ. فَسَمِعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرَتْ عَائِشَةُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «خُذِيهَا وَاشْتَرِطِى لَهُمُ الْوَلاَءَ، فَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». فَفَعَلَتْ عَائِشَةُ ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي النَّاسِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إذا اشترط في البيع شروطًا لا تحل 2168 - روى في الباب حديث بريرة، وقد تقدم في باب البيع والشراء مع النساء ونشير إلى مواضع منه، لم تذكر هناك (كاتبت أهلي على تسع أواق) أصله: أواقي بتشديد الياء مخفف؛ جمع أُوقية بضم الهمزة قال ابن الأثير: ويقال: وقية أَيضًا، وهي لغة عامية. قال الجوهري: وزنها أربعون درهمًا في الحديث فيما مضى، وأمّا اليوم في عرف الأطباء وزنه عشرة دراهيم وخمسة أسباع درهم. (فسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: كلام بريرة، ولم يدر القصة، فأخبرته عائشة بها مفصّلة، فقال: (خذيها واشترطي الولاء لهم؛ فإنما الولاء لمن أعتق). استشكل هذا الشرط، فإنَّه باطل كما صرح في آخر الحديث، فكيف أمر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ وأجاب بعضهم: بأن هذا اللفظ لم يوجد في أكثر الروايات. وهذا ليس

فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ مَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ، مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ، قَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّ، وَشَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ، وَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». طرفه 456 2169 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِىَ جَارِيَةً فَتُعْتِقَهَا، فَقَالَ أَهْلُهَا نَبِيعُكِهَا عَلَى أَنَّ وَلاَءَهَا لَنَا. فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «لاَ يَمْنَعُكِ ذَلِكَ، فَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». طرفه 2156 ـــــــــــــــــــــــــــــ بشيء؛ لأنّ زيادة الثقة مقبولة، وقيل: اللام فيه بمعنى [على] أي: اشترطي عليهم، وهذا أَيضًا من ذلك النمط لأنهم لم يرضوا بالبيع إلَّا بشرط الولاء لهم، فلا معنى للشرط عليهم، وقد ذكروا تأويلات أُخر من هذا القبيل. قال النووي: والصواب أن هذه قضية عين لا عموم لها، والحكمة في ذلك أنَّه جوز لهم الشرط ثم أبطله، وكان أبلغ في الزجر ومثله فسخ الحج إلى العمرة في حجة الوداع؛ فإنَّه لم يأمرهم بالعمرة ابتداءً؛ بل بعد الإحرام بالحج؛ ليكون أدل على مشروعية العمرة في أشهر الحج. (ما كان من شرط ليس في كتاب الله تعالى فهو باطل) قد أشرنا إلى أن المراد بكتاب الله أن يكون فيه صريحًا، أو له أصل يُرجع إليه. فإن قلت: ما الحكمة في منع الولاء لهم، وهذا التشديد الذي شدد فيه؟ قلت: جاء في الحديث: "الولاء لحمة كلحمة النسب" فكما لا يجوز نقل الإرث في النسب فكذا نقل الولاء.

74 - باب بيع التمر بالتمر

74 - باب بَيْعِ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ 2170 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ سَمِعَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْبُرُّ بِالْبُرِّ رِبًا إِلاَّ هَاءَ وَهَاءَ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ رِبًا إِلاَّ هَاءَ وَهَاءَ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ رِبًا إِلاَّ هَاءَ وَهَاءَ». طرفه 2134 75 - باب بَيْعِ الزَّبِيبِ بِالزَّبِيبِ وَالطَّعَامِ بِالطَّعَامِ 2171 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الْمُزَابَنَةِ، وَالْمُزَابَنَةُ بَيْعُ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ كَيْلاً، وَبَيْعُ الزَّبِيبِ بِالْكَرْمِ كَيْلاً. أطرافه 2172، 2185، 2205 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب بيع التمر بالتَّمر 2170 - (أبو الوليد) هشام الطَّيالِسيّ (البر بالبر ربًا إلا هاء وهاء) بالمد، اسم فعل؛ أي: الأخذ من الطرفين؛ أي: يدًا بيد. فإن قلت: "يدًا بيد" إنما يكفي إذا اختلف الجنسان؛ وأمّا إذا اتحد الجنس فلا بدّ من التساوي؟ قلت. لم يقع له في هذه الرواية ذكر التساوي، قد سلف في باب الخلط من التمر "لا صاع بصاعين". باب بيع الزبيب بالزبيب والطعام بالطعام 2171 - (نهى عن المزابنة) قال ابن الأثير: المزابنة من الزبن؛ وهو الدفع؛ لأنّ كلًّا من المتبايعين يمنع الآخر عن حقه؛ لاشتماله على الجهالة، وفسره الرّاوي (بيع الثمر) بالثاء المثلثة (بالتَّمر، وبيع الزبيب بالعنب) وهو المراد بالكرم. وقد روى مالك وأصحاب السنن: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سُئِل عن بيع الرطب بالتَّمر، فقال: "ينقص إذا يبس؟ " قالوا: بلى، قال: "فلا إذًا"، وقد دلّ بمفهومه على أنَّه إذا لم

76 - باب بيع الشعير بالشعير

2172 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الْمُزَابَنَةِ قَالَ وَالْمُزَابَنَةُ أَنْ يَبِيعَ الثَّمَرَ بِكَيْلٍ، إِنْ زَادَ فَلِى وَإِنْ نَقَصَ فَعَلَىَّ. طرفه 2171 2173 - قَالَ وَحَدَّثَنِى زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - رَخَّصَ فِي الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا. أطرافه 2184، 2188، 2192، 2380 76 - باب بَيْعِ الشَّعِيرِ بِالشَّعِيرِ 2174 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ الْتَمَسَ صَرْفًا بِمِائَةِ دِينَارٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ ينقص فلا بأس به؛ ولذلك بوب على بيع الزبيب بالزبيب، وأورد الزبيب بالعنب، فمن اعترض عليه في أمثاله فقد خفي عليه قصده؛ وإنما أدخل الباء أولًا على التمر، وثانيًا على الكرم إشارةً إلى أن كلًّا منهما يجوز أن يكون ثمنًا ومثمّنًا كما هو المطرد إذا لم يكن أحد العوضين نقدًا، ومن غفل عن هذه القاعدة زعم أنَّه من باب القلب؛ على أن القلب عند المحققين إنما يقبل إذا كان المقام مقام المبالغة، كما أشار إليه في "المفتاح". فإن قلت: ليس في الحديث ذكر الطعام، وهو أحد شقي الترجمة؟ قلت: أشار إلى ما ورد في بعض طرقه، وقد رواه مسلم: "الطعام بالطعام مثلًا بمثل". باب بيع الشعير بالشعير 2174 - (التمس صرفًا) الصرف بيع أحد النقدين بالآخر؛ من الصريف؛ وهو الصوت

77 - باب بيع الذهب بالذهب

فَدَعَانِى طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ فَتَرَاوَضْنَا، حَتَّى اصْطَرَفَ مِنِّى، فَأَخَذَ الذَّهَبَ يُقَلِّبُهَا فِي يَدِهِ، ثُمَّ قَالَ حَتَّى يَأْتِىَ خَازِنِى مِنَ الْغَابَةِ، وَعُمَرُ يَسْمَعُ ذَلِكَ، فَقَالَ وَاللَّهِ لاَ تُفَارِقُهُ حَتَّى تَأْخُذَ مِنْهُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ رِبًا إِلاَّ هَاءَ وَهَاءَ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ رِبًا إِلاَّ هَاءَ وَهَاءَ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ رِبًا إِلاَّ هَاءَ وَهَاءَ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ رِبًا إِلاَّ هَاءَ وَهَاءَ». طرفه 2134 77 - باب بَيْعِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ 2175 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ قَالَ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ أَبِى إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى بَكْرَةَ قَالَ قَالَ أَبُو بَكْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلاَّ سَوَاءً بِسَوَاءٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ (فدعاني طلحة بن عبيد الله فتراوضنا) قال ابن الأثير: مشتق من رياضة الدّابة أن يتجاذبا في الزيادة كما يفعله المتبايعان، وقيل معناه: المواصفة، كل منهما يصف متاعه بالحسن؛ كما هو المتعارف. (وأخذ الذهب في يده يقلبها) بضم الياء وتشديد اللام، وأنث الضمير باعتبار أنَّه جملة من الدنانير (ثم قال: [حتى] يأتي خازني من الغابة) موضع بقرب المدينة (وعمر يسمع، فقال: والله لا تفارقه حتَّى تأخذ منه) أي: بدل الذهب، الخَطَّاب لمالك بن أوس، فهذا يدل على أنا القبض في المجلس شرط في الربويات، ولا بأس بالتأخير ما داما في المجلس؛ خلافًا لمالك استدلالًا منه بقوله: "يدًا بيد الذهب بالورق" -بفتح الواو وكسر الراء وسكونها- لغتان. باب بيع الذَّهب بالذَّهب 2175 - (صدقة بن الفضل) بفتح الصاد والدال (علية) بضم العين وفتح اللام وتشديد الياء (قال أبو بكرة) نفيع بن الحارث (سواء بسواء) انتصابه على الحال؛ أي: متساويين في المقدار.

78 - باب بيع الفضة بالفضة

وَالْفِضَّةَ بِالْفِضَّةِ إِلاَّ سَوَاءً بِسَوَاءٍ، وَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالْفِضَّةِ وَالْفِضَّةَ بِالذَّهَبِ كَيْفَ شِئْتُمْ». طرفه 2182 78 - باب بَيْعِ الْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ 2176 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا عَمِّى حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِى الزُّهْرِىِّ عَنْ عَمِّهِ قَالَ حَدَّثَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ حَدَّثَهُ مِثْلَ ذَلِكَ حَدِيثًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَقِيَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَقَالَ يَا أَبَا سَعِيدٍ، مَا هَذَا الَّذِى تُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ فِي الصَّرْفِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ مِثْلاً بِمِثْلٍ وَالْوَرِقُ بِالْوَرِقِ مِثْلاً بِمِثْلٍ». طرفاه 2177، 2178 ـــــــــــــــــــــــــــــ (وبيعوا الذهب بالفضة والفضة بالذَّهب كيف شئتم) أي: سواء كان مفاضلة أو مماثلة، وأطلق لفظ النقدين ليشمل المضروب منهما وغيره. فإن قلت: هلا اقتصر على بيع أحدهما بالآخر، فإنَّه يعلم منه جواز بيع الآخر أَيضًا؟ قلت: صرح بما علم التزامًا لئلا يتوهم أن يكون الذهب مبيعًا والفضةُ ثمنًا له دخل في الجواز، ألا ترى أن المسلم فيه لا يجوز أن يكون نقدًا، وإنْ جازَ أن يكون رأس المال. فإن قلت: هذا وإن جاز مفاضلة؛ شرطه القبض في المجلس؟ قلت: لم يقع له في هذا الطريق، وقد تقدم في حديث مالك بن أوس في الباب قبله. باب بيع الفضة بالفضة 2176 - (عبيد الله بن سعد) بضم العين، مصغر (عمي) عمه إبراهيم بن يعقوب (ابن أَخي الزُّهْرِيّ) هو محمَّد بن مسلم (عن عبد الله بن عمر: أنّ أَبا سعيد حدّثه مثله) أي: مثل حديث أبي بكرة: "لا تبيعوا الفضة إلَّا سواء بسواء" (فلقيه عبد الله بن عمر) أي: مرة أخرى (فقال: يَا أَبا سعيد! ما هذا الذي تحدِّث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-) أنكر عليه؛ فإنَّه كان لا يرى الرِّبا إلَّا في النسيئة؛ وهو مذهب ابن عباس (فقال أبو سعيد: في الصرف؟) بتقدير الاستفهام؛ أي: أنكرت علي في الصرف، نقل له عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما دفع به إنكاره (الورق) الفضة المضروبة، ولا مفهوم له؛ لأنه تقدم في الباب الذي قبله: "الفضة بالفضة".

79 - باب بيع الدينار بالدينار نسأ

2177 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ، وَلاَ تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلاَ تَبِيعُوا الْوَرِقَ بِالْوَرِقِ إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ، وَلاَ تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلاَ تَبِيعُوا مِنْهَا غَائِبًا بِنَاجِزٍ» طرفه 2176 79 - باب بَيْعِ الدِّينَارِ بِالدِّينَارِ نَسْأً 2178، 2179 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ أَنَّ أَبَا صَالِحٍ الزَّيَّاتَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ - رضى الله عنه - يَقُولُ الدِّينَارُ بِالدِّينَارِ، وَالدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ. فَقُلْتُ لَهُ فَإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ لاَ يَقُولُهُ. فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ سَأَلْتُهُ فَقُلْتُ سَمِعْتَهُ مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، أَوْ وَجَدْتَهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ قَالَ كُلُّ ذَلِكَ لاَ أَقُولُ، وَأَنْتُمْ أَعْلَمُ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنِّى، وَلَكِنَّنِى أَخْبَرَنِى ـــــــــــــــــــــــــــــ 2177 - (ولا تشفوا) -بضم التاء وتشديد الفاء- من الشف، وهو الزائد والناقص؛ والمراد الزيادة، بقرينة المقام (ولا تبيعوا منها غائبًا بناجز) أي: بحاضر احترازًا من ربا النسيئة، كقوله: "يدًا بيد". باب بيع الدينار بالدينار نساء النساء بالمد: التأخير، قال تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا} [البقرة: 106]. 2178 - 2179 - (مخلد) بفتح الميم وسكون الخاء (أن أَبا صالح الزَّيات) اسمه [ذكوان] التقي الحنفي (قال أبو سعيد: سألته) أي: ابن عباس عن قوله: "لا ربا إلَّا في النسيئة". (سَمِعْتَهُ من رسول الله، أو وجدته في كتاب الله؟) أي: استنباطًا؛ إذ لو كان صريحًا لعلمه كل أحد. فقال: (كلَّ ذلك لا أقول) بنصب كل هو الرواية, وضبط بالفتح، أي: لا

80 - باب بيع الورق بالذهب نسيئة

أُسَامَةُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ رِبًا إِلاَّ فِي النَّسِيئَةِ». طرفه 2176 80 - باب بَيْعِ الْوَرِقِ بِالذَّهَبِ نَسِيئَةً 2180 و 2181 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى حَبِيبُ بْنُ أَبِى ثَابِتٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْمِنْهَالِ قَالَ سَأَلْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ وَزَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ - رضى الله عنهم - عَنِ الصَّرْفِ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَقُولُ هَذَا خَيْرٌ مِنِّى. فَكِلاَهُمَا يَقُولُ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ بَيْعِ الذَّهَبِ بِالْوَرِقِ دَيْنًا. طرفه 2060 ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا ولا ذاك؛ بل هناك أمر ثالث، فأحال القول إلى أسامة في ذلك. فإن قلت: النصب لا يفيد سلب الحكم عن كل واحد؛ كما ذكره أهل البلاغة في قول أبي النجم: كله لم أصنع قلت: هناك أَيضًا لهم خلاف، وقول ابن عباس يصلح دليلًا على إفادته، فإنَّه أبلغ من أبي النجم وغيره. فإن قلت: فما وجه قول أسامة في حصر الربا في النسيئة: رواه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قلت: وجهه ما قال العلماء: إنه محمول على سؤال السائل فكأنه سأله إذا اختلف الجنسان ما الحكم؟ فقال: إذا اختلف الجنسان لا ربا لا في النسيئة، والأمر كذلك، وقيل: حديث أسامة منسوخ، والوجه هو الأول؛ لأنّ دعوى النسخ تتوقف على العلم بالتاريخ, وأنّى لهم ذلك؟ باب بيع الورق بالذَّهب نسيئة 2180 - 2181 - (حبيب بن [أبي] ثابت) ضد العدو (أبا المنهال) بكسر الميم: عبد الرَّحْمَن الكُوفيّ.

81 - باب بيع الذهب بالورق يدا بيد

81 - باب بَيْعِ الذَّهَبِ بِالْوَرِقِ يَدًا بِيَدٍ 2182 - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِى إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ بِالذَّهَبِ، إِلاَّ سَوَاءً بِسَوَاءٍ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَبْتَاعَ الذَّهَبَ بِالْفِضَّةِ كَيْفَ شِئْنَا، وَالْفِضَّةَ بِالذَّهَبِ كَيْفَ شِئْنَا. طرفه 2175 82 - باب بَيْعِ الْمُزَابَنَةِ، وَهْىَ بَيْعُ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ وَبَيْعُ الزَّبِيبِ بِالْكَرْمِ وَبَيْعُ الْعَرَايَا قَالَ أَنَسٌ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْمُزَابَنَةِ وَالْمُحَاقَلَةِ. 2183 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَبِيعُوا الثَّمَرَ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُهُ، وَلاَ تَبِيعُوا الثَّمَرَ بِالتَّمْرِ» طرفه 1486 ـــــــــــــــــــــــــــــ [بابُ بَيعِ الذَّهَبِ بِالوَرِقِ يَدًا بِيَدٍ] 2182 - (ميسرة) بفتح الميم وسكون الياء (عباد بن العوام) بفتح العين فيهما وبتشديد الباء والواو (أمرنا أن نبتاع الذهب بالفضة كيف شئنا) تقدم الكلام عليه مرارًا. باب بيع المزابنة، وهي بيع الثمر بالتَّمر الأول بالثاء والثاني بالتاء. (وبيع الزبيب بالكرم) أي: بالعنب (وبيع العرايا) على وزن يتامى، جمع عرية، على وزن وصية. وسيأتي الكلام عليه في باب تفسير العرايا. (نهى عن المزابنة والمحاقلة) فسر المزابنة في الحديث دون المحاقلة، قال ابن الأثير: المحاقلة من الحقل؛ وهو الزرع، وقيل: الأرض التي لم تزرع. قال: واختلف في المحاقلة التي نهى عنها، وقيل: هي كراء الأرض بالحنطة، وقيل: هي المزارعة على جزء من الزرع، وقيل: هو بيع الزرع قبل إدراكه، وقيل: هو بيع البر في سنبله بالبر. قلت: هذا الذي أراد في الحديث، وعليه اتفقت الأئمة.

2184 - قَالَ سَالِمٌ وَأَخْبَرَنِى عَبْدُ اللَّهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَخَّصَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي بَيْعِ الْعَرِيَّةِ بِالرُّطَبِ أَوْ بِالتَّمْرِ، وَلَمْ يُرَخِّصْ فِي غَيْرِهِ. طرفه 2173 2185 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الْمُزَابَنَةِ. وَالْمُزَابَنَةُ اشْتِرَاءُ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ كَيْلاً، وَبَيْعُ الْكَرْمِ بِالزَّبِيبِ كَيْلاً. طرفه 2171 2186 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِى سُفْيَانَ مَوْلَى ابْنِ أَبِى أَحْمَدَ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الْمُزَابَنَةِ وَالْمُحَاقَلَةِ. وَالْمُزَابَنَةُ اشْتِرَاءُ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ فِي رُءُوسِ النَّخْلِ. 2187 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الشَّيْبَانِىِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْمُحَاقَلَةِ وَالْمُزَابَنَةِ. 2188 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ - رضى الله عنهم - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَرْخَصَ لِصَاحِبِ الْعَرِيَّةِ أَنْ يَبِيعَهَا بِخَرْصِهَا. طرفه 2173 ـــــــــــــــــــــــــــــ 2186 - (عن داود بن الحصين) بضم الحاء مصغر. (عن أبي سفيان مولى ابن أبي أَحْمد) واسم أبي سفيان هذا وهب، وقيل: قرمان. 2187 - (أبو معاوية) محمَّد بن خازم -بالخاء المعجمة- (الشَّيبانِيّ) سليمان، وشيبان حي من بكر، قاله الجوهري، ومن قال: نسبة إلى الشيب ضد الشباب، فقد غلط.

83 - باب بيع الثمر على رءوس النخل بالذهب والفضة

83 - باب بَيْعِ الثَّمَرِ عَلَى رُءُوسِ النَّخْلِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ 2189 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ وَأَبِى الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يَطِيبَ، وَلاَ يُبَاعُ شَىْءٌ مِنْهُ إِلاَّ بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ إِلاَّ الْعَرَايَا. طرفه 1487 2190 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ سَمِعْتُ مَالِكًا وَسَأَلَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الرَّبِيعِ أَحَدَّثَكَ دَاوُدُ عَنْ أَبِى سُفْيَانَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - رَخَّصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ أَوْ دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ قَالَ نَعَمْ. طرفه 2382 2191 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ سَمِعْتُ بُشَيْرًا قَالَ سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ أَبِى حَثْمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ، وَرَخَّصَ فِي الْعَرِيَّةِ أَنْ تُبَاعَ بِخَرْصِهَا يَأْكُلُهَا أَهْلُهَا رُطَبًا. وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً أُخْرَى إِلاَّ أَنَّهُ رَخَّصَ فِي الْعَرِيَّةِ يَبِيعُهَا أَهْلُهَا بِخَرْصِهَا، يَأْكُلُونَهَا رُطَبًا. قَالَ هُوَ سَوَاءٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب بيع الثمر على رؤوس النخل بالذَّهب والفضة 2189 - (ابن جريج) بضم الجيم مصغر: عبد الملك (عن أبي الزُّبير) محمَّد بن مسلم (نهى عن بيع الثمر حتَّى يطيب) أي: يبدو صلاحه، سيأتي عن قريب بيانه وكذا العرايا. 2190 - (في خمسة أوسق) جمع وسق، وهو ستون صاعًا. 2191 - (بُشير) بضم الباء، مصغر (أبي حثمة) بفتح الحاء وثاء مثلثة (وقال سفيان مرة أخرى: إلَّا أنَّه رخص في العرية يبيعها أهلها بخرصها) -بفتح الخاء المعجمة- التخمين

84 - باب تفسير العرايا

قَالَ سُفْيَانُ فَقُلْتُ لِيَحْيَى وَأَنَا غُلاَمٌ إِنَّ أَهْلَ مَكَّةَ يَقُولُونَ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - رَخَّصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا. فَقَالَ وَمَا يُدْرِى أَهْلَ مَكَّةَ قُلْتُ إِنَّهُمْ يَرْوُونَهُ عَنْ جَابِرٍ. فَسَكَتَ. قَالَ سُفْيَانُ إِنَّمَا أَرَدْتُ أَنَّ جَابِرًا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ. قِيلَ لِسُفْيَانَ وَلَيْسَ فِيهِ نَهْىٌ عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُهُ قَالَ لاَ. طرفه 2384 84 - باب تَفْسِيرِ الْعَرَايَا وَقَالَ مَالِكٌ الْعَرِيَّةُ أَنْ يُعْرِىَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ النَّخْلَةَ، ثُمَّ يَتَأَذَّى بِدُخُولِهِ عَلَيْهِ، فَرُخِّصَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ بِتَمْرٍ. وَقَالَ ابْنُ إِدْرِيسَ الْعَرِيَّةُ لاَ تَكُونُ إِلاَّ بِالْكَيْلِ مِنَ التَّمْرِ يَدًا بِيَدٍ، لاَ يَكُونُ بِالْجِزَافِ. وَمِمَّا يُقَوِّيهِ قَوْلُ سَهْلِ بْنِ أَبِى حَثْمَةَ بِالأَوْسُقِ الْمُوَسَّقَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والحزر (هو سواء) أي: هذا وما رواه أولًا سواء في المعنى، وحمله على المساواة على معنى أن الرطب إذا جف يكون مثل التمر في القدر لا معنى له؛ إذ لو كان الأمر لم يخص الحكم بالعرية. باب تفسير العرايا جمع عرية، كعطايا ومطايا في عطية ومطية، اشتقاقها من العري؛ وهو التجرد؛ لأنها جُردت عن سائر الأشجار، فعيلة بمعنى الفاعِل والمفعول، واختلف العلماء في معناها؛ قال الشَّافعيّ وأَحمد: وهي نوع من المزابنة، رخص فيها الشارع في خمسة أوسق فما دونها للغني والفقير، وطريقها أن يأتي البائع والمشتري إلى نخلات فيقدران على سبيل الخرص والتخمين أن الرطب الذي عليها يكون عند الجفاف كذا تمرًا يابسًا، فذلك المقدار من التمر يقبضه البائع من المشتري في المجلس، ويسلم إليه تلك النخلات، وكذا حكم العنب مع الزبيب. وعند الإِمام أَحْمد: يختص بالتَّمر، وفي رواية عنه يجوز في سائر الثمار. وعند أبي حنيفة: يجوز الرطب بالتَّمر مطلقًا. أو معنى العرية عند مالك: أن يهب الإنسان نخلة أو نخلات، ثم يشق عليه دخوله في بستانه فيشتريه منه بالتَّمر، ولا يجوز لغير المعري، كذا نقل عنه، ولم يقيده في الموطأ بعد شرحه العرية، وأحاديث البُخَارِيّ ومسلم وأبي داود والإمام أَحْمد تدل على ما ذهب إليه الشَّافعيّ. (وقال ابن إدريس: العرية لا تكون إلَّا بالكيل من التمر يدًا بيد) قيل: ابن إدريس هذا الإِمام الشَّافعيّ، وقيل: هو عبد الله بن إدريس الأودي الفقيه الكُوفيّ (مما يقويه قول سهل بن أبي [حثمة] بالأوسق الموسقة) قال الجوهري: وسقْتُ الحنطة إذا جعلتها وسقًا وسقًا.

85 - باب بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها

وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي حَدِيثِهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - كَانَتِ الْعَرَايَا أَنْ يُعْرِىَ الرَّجُلُ فِي مَالِهِ النَّخْلَةَ وَالنَّخْلَتَيْنِ. وَقَالَ يَزِيدُ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ الْعَرَايَا نَخْلٌ كَانَتْ تُوهَبُ لِلْمَسَاكِينِ، فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَنْتَظِرُوا بِهَا، رُخِّصَ لَهُمْ أَنْ يَبِيعُوهَا بِمَا شَاءُوا مِنَ التَّمْرِ. 2192 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ - رضى الله عنهم - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَخَّصَ فِي الْعَرَايَا أَنْ تُبَاعَ بِخَرْصِهَا كَيْلاً. قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَالْعَرَايَا نَخَلاَتٌ مَعْلُومَاتٌ تَأْتِيهَا فَتَشْتَرِيهَا. طرفه 2173 85 - باب بَيْعِ الثِّمَارِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلاَحُهَا 2193 - وَقَالَ اللَّيْثُ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ كَانَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ يُحَدِّثُ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِى حَثْمَةَ الأَنْصَارِىِّ مِنْ بَنِى حَارِثَةَ أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ النَّاسُ فِي عَهْدِ ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: ما فائدة ذكره بعد ذكر الأوسق؟ قلت: فائدته التأكيد ودفع وهم المجاز. فإن قلت: كيف أيّد هذا ما شرطه ابن إدريس من منع الجواز جزافًا؟ قلت: لو جاز الجزاف كان ذكر الأوسق ضائعًا. فإن قلت: أي حاجة إلى قول سهل بالأوسق بعد ما تقدم من رواية أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في خمسة أوسق؟ قلت: ذلك يدل على أنَّه لا يجوز فيما زاد على خمسة أوسق خرصًا في التمر الرطب، والكلام في بدله من التمر اليابس، فربما يتوهم أن الخرص فيه كاف أَيضًا، لكن قول سهل نصّ في ذلك. (قال ابن إسحاق) هو محمَّد بن إسحاق؛ صاحب "السير". 2192 - (محمَّد) كذا وقع غير منسوب، قال الغساني عن أبي نصر محمَّد عن عبد الله بن رجاء: لم ينسبه أحد، وقيل: هو محمَّد بن مقاتل المروزي. باب بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها 2193 - (وقال الليث) هذا تعليق لأن الليث ليس من مشايخه (كان النَّاس في عهد

رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَتَبَايَعُونَ الثِّمَارَ، فَإِذَا جَدَّ النَّاسُ وَحَضَرَ تَقَاضِيهِمْ قَالَ الْمُبْتَاعُ إِنَّهُ أَصَابَ الثَّمَرَ الدُّمَانُ أَصَابَهُ مُرَاضٌ أَصَابَهُ قُشَامٌ - عَاهَاتٌ يَحْتَجُّونَ بِهَا - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا كَثُرَتْ عِنْدَهُ الْخُصُومَةُ فِي ذَلِكَ «فَإِمَّا لاَ فَلاَ يَتَبَايَعُوا حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُ الثَّمَرِ». كَالْمَشُورَةِ يُشِيرُ بِهَا لِكَثْرَةِ خُصُومَتِهِمْ. وَأَخْبَرَنِى خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ لَمْ يَكُنْ يَبِيعُ ثِمَارَ أَرْضِهِ حَتَّى تَطْلُعَ الثُّرَيَّا فَيَتَبَيَّنَ الأَصْفَرُ مِنَ الأَحْمَرِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ، حَدَّثَنَا حَكَّامٌ، حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ، عَنْ زَكَرِيَّاءَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ سَهْلٍ، عَنْ زَيْدٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- يتبايعون الثمار) أي: يبيع بعضهم ويشتري الآخر (فإذا جدّ النَّاس وحضر تقاضيهم) بالدال المهملة والتشديد: قطع الثمر (قال المبتاع) أي: المشتري (أصاب الثمر الدُّمان، أصابه مراض، أصابه قشام) الدُّمان -بضم الدال وتخفيف الميم-: اسوداد الثمر وفساده قبل الإدراك. والمراض -بضم الميم-: النحل. والقشام بضم القاف: عاهة تصيب ثمر النخل قبل أن يصير بلحًا. (فإمّا لا) إن الشرطية زيد عليها ما، والفعل محذوف؛ أي: إن لا يتركوا هذه المبايعة، وقد يقرأ بإمالة لا، ويكتبها بعضهم هكذا (مالى) إشارة إلى الإمالة، وكأنهم أشاروا بالإمالة إلى أن الكلام فيه حذف، وهذا عرف منهم، وإلا فالحرف ليس له أصل في الإمالة، ونقلت عن سيبويه أنها جعلت مع ما قبلها كالشيء الواحد، فصارت كأنها أَلْف رابع فأميلت (فلا تبيعوا حتَّى يبدو صلاح الثمر) بدو صلاح الثمر: أن يمكن الانتفاع به من حيث إنه ثمر، فخرج عنه الحصرم؛ فإنَّه وإن كان منتفعًا به فليس من حيث إنه ثمر، وقد بينه سائر الروايات "يصفر ويحمر" (كالمشورة يشير بها) بفتح الميم وسكون الشين ويروى بضم الشين وسكون الواو أي: لم يكن ذلك حكمًا جازمًا؛ لكن الأحاديث المروية بعده فيها الجزم بذلك. (وأخبرني خارجة بن زيد) هذا من كلام عروة، عطفٌ على قوله: عن سهل (أن زيد بن ثابت لم يكن يبيع ثمار أرضه حتَّى تطلع الثريا). روى عطاء عن أبي هريرة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا طلع النجم صباحًا رفعت العاهة عن أهل البلد" (رواه علي بن بحر) أبو الحسن القطَّان البغدادي، ليس له ذكر في "البُخَارِيّ إلَّا في هذا الموضع (حَكَّام) بفتح الحاء وتشديد الكاف ابن مسلم الكناني الرَّازيّ، ليس في الرواة غيره، قال الذهبي: حدثه ببغداد.

2194 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُهَا، نَهَى الْبَائِعَ وَالْمُبْتَاعَ. طرفه 1486 2195 - حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى أَنْ تُبَاعَ ثَمَرَةُ النَّخْلِ حَتَّى تَزْهُوَ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِى حَتَّى تَحْمَرَّ. طرفه 1488 2196 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سَلِيمِ بْنِ حَيَّانَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مِينَا قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تُبَاعَ الثَّمَرَةُ حَتَّى تُشَقِّحَ. فَقِيلَ مَا تُشَقِّحُ قَالَ تَحْمَارُّ وَتَصْفَارُّ وَيُؤْكَلُ مِنْهَا. طرفه 1487 ـــــــــــــــــــــــــــــ 2194 - (نهى عن بيع الثمار حتَّى يبدو صلاحها، نهى البائع والمبتاع) وأما البائع فلئلا يأكل أموال النَّاس بالباطل، وأما المشتري فلئلا يضيع ماله، ولئلا يكون مساعدًا للبائع في أكل الحرام. 2195 - (نهى عن بيع ثمرة النخل حتَّى تزهو) بفتح التاء وتزهي مثله، وأنكره الأصمعيّ، وأثبته الخليل. 2196 - (سليم بن حيان) بفتح السين، وكسر اللام، وفتح الحاء، وتشديد المثناة تحت (سعيد بن ميناء) بكسر الميم والمد (نهى عن بيع الثمرة حتَّى تقشح) بضم التاء وكسر القاف المشددة، وقد فسره الراوي بالاحمرار والاصفرار، وما لا يتغير بأن يؤكل منه. استدل الشَّافعيّ وسائر العلماء بأحاديث الباب على عدم جواز بيع الثمر قبل بدو الصلاح، وهو رواية عن أبي حنيفة، والصحيح من مذهبه جوازه؛ لأنه مال متقوم، وأما شرط القطع فجائز عند الكل؛ وأما بعد بدو الصلاح فاتفقوا على جوازه من غير شرط القطع تفريغًا لملك البائع، فإن شَرَط الإبقاء فسد العقد.

86 - باب بيع النخل قبل أن يبدو صلاحها

86 - باب بَيْعِ النَّخْلِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلاَحُهَا 2197 - حَدَّثَنِى عَلِىُّ بْنُ الْهَيْثَمِ حَدَّثَنَا مُعَلًّى حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُهَا، وَعَنِ النَّخْلِ حَتَّى يَزْهُوَ. قِيلَ وَمَا يَزْهُو قَالَ يَحْمَارُّ أَوْ يَصْفَارُّ. طرفه 1488 87 - باب إِذَا بَاعَ الثِّمَارَ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلاَحُهَا ثُمَّ أَصَابَتْهُ عَاهَةٌ فَهُوَ مِنَ الْبَائِعِ 2198 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تُزْهِىَ. فَقِيلَ لَهُ وَمَا تُزْهِى قَالَ حَتَّى تَحْمَرَّ. فَقَالَ «أَرَأَيْتَ إِذَا مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ، بِمَ يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ». طرفه 1488 ـــــــــــــــــــــــــــــ [بابُ بَيعِ النَّخْلِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلاَحُهَا] 2197 - (الهيثم) بفتح الهاء وسكون الياء وثاء مثلثة (معلى) بضم الميم وتشديد اللام (هشيم) بضم الهاء مصغر. باب إذا باع الثمار قبل أن يبدو صلاحها ثم أصابته عاهه فهو من البائع إنما كان من البائع لفساد البيع، فلم يكن خارجًا عن ملكه. 2198 - (نهى عن بيع الثمار حتَّى تزهى) قد ذكرنا أن الأصمعيّ أنكر تزهى، وهذا يرد عليه (فقال: أرأيت) أي: أخبرني: مجاز؛ لأن الرؤية من أسباب الإخبار (إن منع الله الثمرة، بم يأخذ أحدكم مال أخيه؟) هذا مدرج من كلام أنس، وقد جاء صريحًا في باب بيع المخاضرة، وصرّح به الدَّارقطني أَيضًا، قال شيخنا ابن حجر: رواه مالك مرفوعًا، وهو أرجح؛ لأنّ معه زيادة علم، ولا تعارض بين الرفع والوقف.

88 - باب شراء الطعام إلى أجل

2199 - قَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ لَوْ أَنَّ رَجُلاً ابْتَاعَ ثَمَرًا قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلاَحُهُ، ثُمَّ أَصَابَتْهُ عَاهَةٌ، كَانَ مَا أَصَابَهُ عَلَى رَبِّهِ، أَخْبَرَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَتَبَايَعُوا الثَّمَرَ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُهَا، وَلاَ تَبِيعُوا الثَّمَرَ بِالتَّمْرِ». طرفه 1486 88 - باب شِرَاءِ الطَّعَامِ إِلَى أَجَلٍ 2200 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ ذَكَرْنَا عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ الرَّهْنَ فِي السَّلَفِ، فَقَالَ لاَ بَأْسَ بِهِ. ثُمَّ حَدَّثَنَا عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - اشْتَرَى طَعَامًا مِنْ يَهُودِىٍّ إِلَى أَجَلٍ، فَرَهَنَهُ دِرْعَهُ. طرفه 2068 ـــــــــــــــــــــــــــــ قلت: وكذا هنا وقع مرفوعًا في النسخ التي وقفنا عليها. 2199 - (وقال الليث) تعليق، وقد رواه مسلم مسندًا (لو أن رجلًا ابتاع ثمرًا قبل أن يبدو صلاحه، ثم أصابته عاهة كان ما أصابه على ربه) أي: على البائع، وقوله: على ربه دليل على أنَّه لم يخرج عن ملكه، واعلم أن هذا كله إذا لم يبعه بشرط القطع، وأما إذا باع بهذا الشرط، فالبيع صحيح اتفاقًا. باب شراء الطعام إلى أَجل أي: بثمن مؤجل. 2200 - (غياث) بكسر المعجمة آخره شاء مثلثة (قال: ذكرنا عند إبراهيم الرّهن في السلف) إبراهيم: هو النَّخَعيّ، والسلف: هو الأجل في الثمن، وتفسيره بالسَّلَم غلط هنا؛ لأن في السلم المؤجل هو الطعام ورأس المال نقد، وحديث الباب عكس ذلك، والسلف أعم من السلم؛ قاله ابن الأثير، ومثله قوله: أسلف بكرًا وأعطى بازلًا: أي: استقرض، وبالجملة كل ما أخر أحد العوضين فيه فهو سلف. (اشترى طعامًا من يهودي) تقدم في باب شراء النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - بالنسيئة أن اليهودي اسمه أبو شحم، والطعام كان ثلاثين صاعًا من الشعير.

89 - باب إذا أراد بيع تمر بتمر خير منه

89 - باب إِذَا أَرَادَ بَيْعَ تَمْرٍ بِتَمْرٍ خَيْرٍ مِنْهُ 2201 و 2202 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اسْتَعْمَلَ رَجُلاً عَلَى خَيْبَرَ، فَجَاءَهُ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا». قَالَ لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا لَنَأْخُذُ الصَّاعَ مِنْ هَذَا بِالصَّاعَيْنِ، وَالصَّاعَيْنِ بِالثَّلاَثَةِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَفْعَلْ، بِعِ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا». حديث 2201 أطرافه 2302، 4244، 4246، 7350 حديث 2202 أطرافه 2303، 4245، 4247، 7351 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إذا باع تمرًا بتمر خير منه 2201 - 2202 - (قتيبة) بضم القاف، مصغر، وكذا (سهيل) (استعمل رجلًا على خيبر) أي: جعله عاملًا، وهذا الرَّجل سواد بن غَزِية -بفتح المعجمة وكسر الزاي كذلك وتشديد الياء- وقيل: مالك بن صعصعة الخزرجي (فجاءه بتمر جنيب) بفتح الجيم وكسر النُّون قيل: هو أرفع أنواع التمر. (لنأخذ الصالح منه بالصّاعين). فإن قلت: المعرفة المعادة تكون عين الأول، وهنا ليس كذلك؟ قلت: هذا ليس من ذلك؛ فإن الأول مفرد والثاني مثنى، على أن ذلك أكثري قال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ} [المائدة: 48]. (بع الجمع بالدراهم) قال ابن الأثير: الجمع من التمر كلّ لون لا يعرف له اسم، وقيل: مخلوط من كل نوع رديء، والاسم يساعد هذا. فإن قلت: ليس في الحديث أنَّه حكم بالبطلان والرّد؟ قلت: جاء في بعض الروايات أنَّه قال: "أوه! عين الربا" وإذا كان عينَ الربا لا يشك أحدٌ أنَّه رده، على أنَّه جاء في رواية أبي نضرة "فردوه".

90 - باب من باع نخلا قد أبرت أو أرضا مزروعة أو بإجارة

90 - باب مَنْ بَاعَ نَخْلاً قَدْ أُبِّرَتْ أَوْ أَرْضًا مَزْرُوعَةً أَوْ بِإِجَارَةٍ 2203 - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَقَالَ لِى إِبْرَاهِيمُ أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ أَبِى مُلَيْكَةَ يُخْبِرُ عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ أَنَّ أَيُّمَا نَخْلٍ بِيعَتْ قَدْ أُبِّرَتْ لَمْ يُذْكَرِ الثَّمَرُ، فَالثَّمَرُ لِلَّذِى أَبَّرَهَا، وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ وَالْحَرْثُ. سَمَّى لَهُ نَافِعٌ هَؤُلاَءِ الثَّلاَثَ. أطرافه 2204، 2206، 2379، 2716 2204 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ بَاعَ نَخْلاً قَدْ أُبِّرَتْ فَثَمَرُهَا لِلْبَائِعِ، إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ». طرفه 2203 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قبض من باع أرضًا نخلًا قد أبرت، أو أرضًا مزروعة أو بإجارة أي: أو أخذ أرضًا بإجارة. 2203 - ([ابن] أبي مليكة) -بضم الميم مصغر- عبد الله، واسم أبي مليكة زهير (أيما نخل بيعت قد أُبرت) بضم الهمزة وتشديد الباء، هو الرواية, ويجوز التَّخفيف، يقال: نخل مؤبرة ومأبورة والتأبير: التلقيح، وهو أن يجعل من طلع ذكر النخل في الأنثى، فتثمر بإذن الله، مأخوذ من لقح الفحل الناقة إذا ولدها، وهذا إذا لم يشترط الثمر للمشتري؛ لقوله: (لم يذكر الثمر) وقد صرح به في الحديث بعده بقوله: "إلا أن يشترط المبتاع"، وإذا كان الثمر للبائع فيترك على الشجر إلى وقت الإدراك، وقال أبو حنيفة يؤمر البائع بالقطع تفريغًا لملك المشتري (وكذلك العبد) أي: إذا بيع وفي يده مال، وكذلك (الحرث) إذا بيعت الأرض فالزرع للبائع، إلَّا أن يشترط المبتاع؛ سواء اشترط الكل أو البعض.

91 - باب بيع الزرع بالطعام كيلا

91 - باب بَيْعِ الزَّرْعِ بِالطَّعَامِ كَيْلاً 2205 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْمُزَابَنَةِ أَنْ يَبِيعَ ثَمَرَ حَائِطِهِ إِنْ كَانَ نَخْلاً بِتَمْرٍ كَيْلاً، وَإِنْ كَانَ كَرْمًا أَنْ يَبِيعَهُ بِزَبِيبٍ كَيْلاً أَوْ كَانَ زَرْعًا أَنْ يَبِيعَهُ بِكَيْلِ طَعَامٍ، وَنَهَى عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ. طرفه 2171 92 - باب بَيْعِ النَّخْلِ بِأَصْلِهِ 2206 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَيُّمَا امْرِئٍ أَبَّرَ نَخْلاً ثُمَّ بَاعَ أَصْلَهَا، فَلِلَّذِى أَبَّرَ ثَمَرُ النَّخْلِ، إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ». طرفه 2203 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب بيع الزرع بالطعام كيلًا 2205 - وهذا هو المحاقلة، وقد سلف في باب بيع الزبيب بالزبيب. باب بيع النخل بأصله أي: باب بيع الثمر بأصله؛ أي: مع الشجر. 2206 - واستدل عليه بقوله: (إلا أن يشترط المبتاع) وذلك يدل على أن بيع الشجر مع الثمر جائز؛ وإنما ذكر الضمير في الترجمة وأنثه في الحديث لأن لفظ النخل اسم جنس، يطلق على المفرد والجمع. قال بعض الشارحين: فإن قلت: اللفظ عام فمن أين خصصه بالمشتري؟ قلت: التحقق لمعنى الإنشاء يخصصه وأيضًا لفظ الافتعال يدل عليه، يقال: كسب لعياله، واكتسب لنفسه. هذا كلامه وخبطه من وجوه.

93 - باب بيع المخاضرة

93 - باب بَيْعِ الْمُخَاضَرَةِ 2207 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى قَالَ حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ أَبِى طَلْحَةَ الأَنْصَارِىُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّهُ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْمُحَاقَلَةِ، وَالْمُخَاضَرَةِ، وَالْمُلاَمَسَةِ، وَالْمُنَابَذَةِ، وَالْمُزَابَنَةِ. 2208 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ بَيْعِ ثَمَرِ التَّمْرِ حَتَّى تَزْهُوَ. فَقُلْنَا لأَنَسٍ مَا زَهْوُهَا قَالَ تَحْمَرُّ وَتَصْفَرُّ، أَرَأَيْتَ إِنْ مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ بِمَ تَسْتَحِلُّ مَالَ أَخِيكَ طرفه 1488 ـــــــــــــــــــــــــــــ الأول: أن ليس هنا لفظ عام؛ فإن البائع لفظ خاص؛ وكذا المبتاع، والاستثناء إنما هو من مقدر، تقديره: الثمرة للبائع في كل حال إلَّا في حال اشتراط للمبتاع. الثاني: أن قوله لفظ الافتعال يدل عليه حشو؛ لأن الأمر دائر بين البائع والمبتاع، والشرط إنما يعقل في حق المبتاع، وإلا فالثمرة للبائع على كل حال، فلا يعقل الاشتراط في حقه على أن ما استدل به من قوله: يقال: كسبه لعياله واكتسبه لنفسه، ليس له أصل في اللغة، قال الجوهري: يقال: كسبه واكتسبه بمعنى، وكذا في القاموس، لكن إذا وقع في مقابلة كسبت كقوله تعالى: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} [البقرة: 286] يدل على زيادة وطلب، وما نحن فيه ليس من ذلك. باب بيع المخاضرة المخاضرة: بالخاء والضاد المعجمتين. 2207 - (إسحاق بن وهب) العلاف الواسطيّ (نهى عن المحاقلة والمخاضرة والملامسة والمنابذة) تقدم معنى هذه الألفاظ سوى المخاضرة؛ وهي: بيع الثمر قبل بدو الصلاح، وبيع الزرع قبل اشتداد الحب، اشتقاقه من الخضرة. وسائرُ البقول يجوز بيعها إذا رآها إجماعًا، ومن لم يشترط الرؤية؛ وهم أبو حنيفة ومالك وأَحمد يجوز عنده في غير المرئي، وله الخيار.

94 - باب بيع الجمار وأكله

94 - باب بَيْعِ الْجُمَّارِ وَأَكْلِهِ 2209 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ يَأْكُلُ جُمَّارًا، فَقَالَ «مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةٌ كَالرَّجُلِ الْمُؤْمِنِ». فَأَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ هِىَ النَّخْلَةُ. فَإِذَا أَنَا أَحْدَثُهُمْ قَالَ «هِىَ النَّخْلَةُ». طرفه 61 95 - باب مَنْ أَجْرَى أَمْرَ الأَمْصَارِ عَلَى مَا يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ فِي الْبُيُوعِ وَالإِجَارَةِ وَالْمِكْيَالِ، وَالْوَزْنِ، وَسُنَنِهِمْ عَلَى نِيَّاتِهِمْ وَمَذَاهِبِهِمِ الْمَشْهُورَةِ وَقَالَ شُرَيْحٌ لِلْغَزَّالِينَ سُنَّتُكُمْ بَيْنَكُمْ رِبْحًا. وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ لاَ بَأْسَ الْعَشَرَةُ بِأَحَدَ عَشَرَ، وَيَأْخُذُ لِلنَّفَقَةِ رِبْحًا. وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِهِنْدٍ «خُذِى مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ». وَقَالَ تَعَالَى (وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ) وَاكْتَرَى الْحَسَنُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِرْدَاسٍ حِمَارًا، فَقَالَ بِكَمْ قَالَ بِدَانَقَيْنِ. فَرَكِبَهُ، ثُمَّ جَاءَ مَرَّةً أُخْرَى، فَقَالَ الْحِمَارَ الْحِمَارَ. فَرَكِبَهُ، وَلَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من أجرى أمر الأمصار على ما يتعارفون بينهم في البيوع، والإجارة والمكيال والوزن، وسننهم على نياتهم، ومذاهبهم المشهورة غرض البُخَارِيّ في هذا المقام أن العرف قائم مقام اللفظ، وعليه مالك وأكثر العلماء، ولم يعتد به الشَّافعيّ؛ وأمّا بيع الزرع والثمر قبل بدو الصلاح فجائزة عند أبي حنيفة مطلقًا، وعند الشَّافعيّ بشرط القطع. (وقال شريح للغزالين: سنتكم بينكم) ربحًا أي: عرفكم، بالرفع على الابتداء؛ والنصب؛ أي: الزموا سنتكم. وشريح -بضم الشين مصغر-: هو ابن الحارث القاضي المعروف (عن محمَّد) هو ابن سيرين (لا بأس، العشرة بأحدَ عشر) هذا النوع من البيع يسمى مرابحة، ولا يلزم أن يكون الزائد درهمًا؛ بل هو مجرد تمثيل، والظاهر أنَّه لم يذكر العشرة بأحد عشر صريحًا بل بناءً على عرف البلد في ذلك؛ إذ لو صرح به لم يكن فيه دلالة على ما ترجم (ويأخذ للنفقة ربحًا) أي: يقول: أنفقت على الدابة، أو على الغلام درهمًا، فيأخذ الدرهم كذلك (واكترى الحسن) هو البَصْرِيّ (من عبد الله بن مرداس حمارًا بدانقين، فجاء مرة أخرى، فقال: الحمارَ الحمار) بالنصب. أي: أطلب ذلك الحمار (فركبه ولم

يُشَارِطْهُ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ. 2210 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ حَجَمَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَبُو طَيْبَةَ، فَأَمَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ، وَأَمَرَ أَهْلَهُ أَنْ يُخَفِّفُوا عَنْهُ مِنْ خَرَاجِهِ. طرفه 2102 2211 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ هِنْدٌ أُمُّ مُعَاوِيَةَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ، فَهَلْ عَلَىَّ جُنَاحٌ أَنْ آخُذَ مِنْ مَالِهِ سِرًّا قَالَ «خُذِى أَنْتِ وَبَنُوكِ مَا يَكْفِيكِ بِالْمَعْرُوفِ». أطرافه 2460، 3825، 5359، 5364، 5370، 6641، 7161، 7180 2212 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ أَخْبَرَنَا هِشَامٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ يشارطه) هذا موضع الدلالة على ما ترجم (فبعث إليه بنصف درهم). فإن قلت: كان الظاهر ثلث درهم؛ لأنه عبارة عن الدانقين؟ قلت: زادهُ دانقًا مروءةً. 2210 - (حجم رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- أبو طيبة) بفتح الطاء وسكون الياء واسمه نافع (فأمر له بصاع) ثم استدل به على استعمال العرف فإنَّه لم يستأجره صريحًا. 2211 - (أبو نعيم) بضم النُّون، مصغر (قالت هند: إن أَبا سفيان رجل شحيح) قال ابن الأثير: الشح أشد البخل. وقيل: هو البخل مع الحرص وقيل: الشح يكون بالمال وكل معروف، والبخل يختص بالمال، وعلى كل تفسير هو أبلغ من البخل وأقبح، ويوافقه الرواية الأخرى "رجل مسيك" بكسر الميم وتشديد السين (قال: خذي أَنْتَ وبنيك) نصب على أنَّه مفعول معه، ويروى "وبنوك" بالعطف على الضمير لأنّه أُكّد بالمنفصل، لكن يقدر له فعل؛ أي؛ خذي أَنْتَ، وليأخذ بنوك؛ كما قاله صاحب "الكشاف" في قوله تعالى: {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ} [البقرة: 35]. 2212 - (إسحاق) قال الغساني: لم ينسبه أحد قلت: إسحاق عن ابن نمير: إسحاق بن

96 - باب بيع الشريك من شريكه

وَحَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ قَالَ سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ فَرْقَدٍ قَالَ سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - تَقُولُ (وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ) أُنْزِلَتْ فِي وَالِى الْيَتِيمِ الَّذِى يُقِيمُ عَلَيْهِ، وَيُصْلِحُ فِي مَالِهِ، إِنْ كَانَ فَقِيرًا أَكَلَ مِنْهُ بِالْمَعْرُوفِ. طرفاه 2765، 4575 96 - باب بَيْعِ الشَّرِيكِ مِنْ شَرِيكِهِ 2213 - حَدَّثَنِى مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الشُّفْعَةَ فِي كُلِّ مَالٍ لَمْ يُقْسَمْ، ـــــــــــــــــــــــــــــ منصور، نسبه البُخَارِيّ في التفسير، وكذا قاله أبو نعيم (محمَّد عن عثمان بن فرقد) -بفتح الفاء وسكون الراء- قال الغساني: لم يقل فيه شيئًا أبو نصر، ونسبه ابن السكن محمَّد بن سلام، قال: ولعله محمَّد بن عيينة الشَّاميّ {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 6]) أي: على [ما] يقتضيه العرف (أنزلت في والي التيم) استدلالا بالآثار والحديث والآية على اعتبار العرف ظاهر، وهو الموافق للأصول، وذلك أن الشرع قانون إلهي لرفع النزاع بين النَّاس ورعاية معاشهم، فهذا اعتادوا شيئًا وتقرر فلا وجه للعدول عنه؛ لا سيما إذا كان له مؤيد من الكتاب والسنة، واستدل بقصة هند من جوز الحكم على الغائب. وفيه نظر؛ لأنه كان على طريق الإفتاء، لا الحكم؛ لأنه لم يسأل إقامة البينة على ذلك. باب بيع الشريك من شريكه 2213 - (محمود) هو ابن غيلان (معمر) بفتح الميمين، وسكون العين (الشفعة في كل مال لم يقسم) اتفق العلماء على أن لا شفعة إلَّا في العقار؛ إلَّا رواية عن الإِمام أَحْمد: أنها عامة في كل شركة في أي مال كان، ثم شَرْط ذلك العقار أن يكون قابلًا للقسمة، والدليل

97 - باب بيع الأرض والدور والعروض مشاعا غير مقسوم

فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ وَصُرِّفَتِ الطُّرُقُ فَلاَ شُفْعَةَ. أطرافه 2214، 2257، 2495، 2496، 6976 97 - باب بَيْعِ الأَرْضِ وَالدُّورِ وَالْعُرُوضِ مُشَاعًا غَيْرَ مَقْسُومٍ 2214 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ قَضَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالشُّفْعَةِ فِي كُلِّ مَالٍ لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ وَصُرِّفَتِ الطُّرُقُ فَلاَ شُفْعَةَ. طرفه 2213 ـــــــــــــــــــــــــــــ على اختصاصه بالعقار قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا شفعة إلَّا في ربع أو حائط" ولا شفعة [... ...] لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة). وفيه خلاف أبي حنيفة، وسيأتي تمام الكلام في كتاب الشفعة إن شاء الله تعالى. فإن قلت: ليس في الحديث بيع الشريك من الشريك. قلت: إذا أخذه بالشفعة فهو من الشريك، فالبيع من باب الأولى. باب بيع الأراضي والدور والعروض مشاعًا غير مقسوم 2214 - (محبوب) ضد العدو (معمر) بفتح الميمين وسكون العين (قضى النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- بالشفعة في كل مال لم يقسم) وراه بعد في كل ما لم يقسم. فإن قلت: "كل ما" صريح في العموم، ما الدليل على اختصاصه بالعقار؟ قلت: آخر الحديث (فإذا وقعت الحدود، وصرفت الطرق) فإن هذه خواص العقار. فإن قلت: هذا بيان لنوع من المال، فلا دلالة على الانتفاء في الغير. قلت: لو سلم ذلك دل عليه رواية: "الشفعة في كل شرك: أرض أو ربع أو حائط". فإن قلت: قال أولًا: تابعه، وثانيًا: قال، وثالثًا: رواه؟ قلت: كلها سواء واختلاف العبارات تفنن، ومن قال: المتابعة أن يروي [الراوي الآخر الحديث] بعينه والرواية أعم،

98 - باب إذا اشترى شيئا لغيره بغير إذنه فرضى

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بِهَذَا وَقَالَ فِي كُلِّ مَا لَمْ يُقْسَمْ. تَابَعَهُ هِشَامٌ عَنْ مَعْمَرٍ. قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي كُلِّ مَالٍ. رَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِىِّ. 98 - باب إِذَا اشْتَرَى شَيْئًا لِغَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَرَضِىَ 2215 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «خَرَجَ ثَلاَثَةٌ يَمْشُونَ فَأَصَابَهُمُ الْمَطَرُ، فَدَخَلُوا فِي غَارٍ فِي جَبَلٍ، فَانْحَطَّتْ عَلَيْهِمْ صَخْرَةٌ. قَالَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ادْعُوا اللَّهَ بِأَفْضَلِ عَمَلٍ عَمِلْتُمُوهُ. فَقَالَ أَحَدُهُمُ اللَّهُمَّ، إِنِّى كَانَ لِى أَبَوَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ، فَكُنْتُ أَخْرُجُ فَأَرْعَى، ثُمَّ أَجِئُ فَأَحْلُبُ، فَأَجِئُ بِالْحِلاَبِ فَآتِى بِهِ أَبَوَىَّ فَيَشْرَبَانِ، ثُمَّ أَسْقِى الصِّبْيَةَ وَأَهْلِى وَامْرَأَتِى، فَاحْتَبَسْتُ لَيْلَةً. فَجِئْتُ فَإِذَا هُمَا نَائِمَانِ - قَالَ - فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَهُمَا، وَالصِّبِيْةُ يَتَضَاغَوْنَ عِنْدَ رِجْلَىَّ، فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ دَأْبِى وَدَأْبَهُمَا، حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّى فَعَلْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال: إنما يقال فيما سمع مذاكرة، فقد اخترع من عنده ما لا أصل له، نعم لو نقل البُخَارِيّ أو أحد المشايخ عن شيخه بقال يكون ذلك على طريق المذاكرة؛ وإن كان لشيخنا فيه كلام، وأما في المتابعة مثل قول البُخَارِيّ: قال عبد الرَّزّاق فلا يعقل فيه ذلك. باب إذا اشترى شيئًا لغيره بغير إذنه فرضي 2215 - (أبو عاصم) هو الضحاك بن مخلد، يروي عنه البُخَارِيّ بواسطة وبدونها (ابن جريج) بضم الجيم مصغر (خرج ثلاثة نفر يمشون) أي: لم يكن لهم دواب يركبونها (فدخلوا في غار) هو الفتح في الجبل، مرادف الكهف (إنه كان لي أبوان) أي: أبي وأم، ففيه تغليب الذكر على الأنثى (فأجيء بالحلاب) بكسر الحاء اللبن المحلوب، ويطلق على الإناء الذي فيه الحليب (فيشربان ثم أسقي الصبية) بكسر الصاد جمع الصبي (فاحتبست ليلة، فجئت وقد ناما، فكرهت أن أوقظهما، والصبية يتضاغون عند رجلي) أي: يصيحون من ألم الجوع بالضاد المعجمة وغين كذلك (فلم يزل ذلك دأبي ودأبهما) الدأب الجد في العمل، قال ابن الأثير: ثم استعمل في العادة والشأن.

ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا فُرْجَةً نَرَى مِنْهَا السَّمَاءَ. قَالَ فَفُرِجَ عَنْهُمْ. وَقَالَ الآخَرُ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّى كُنْتُ أُحِبُّ امْرَأَةً مِنْ بَنَاتِ عَمِّى كَأَشَدِّ مَا يُحِبُّ الرَّجُلُ النِّسَاءَ، فَقَالَتْ لاَ تَنَالُ ذَلِكَ مِنْهَا حَتَّى تُعْطِيَهَا مِائَةَ دِينَارٍ. فَسَعَيْتُ فِيهَا حَتَّى جَمَعْتُهَا، فَلَمَّا قَعَدْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا قَالَتِ اتَّقِ اللَّهَ، وَلاَ تَفُضَّ الْخَاتَمَ إِلاَّ بِحَقِّهِ. فَقُمْتُ وَتَرَكْتُهَا، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّى فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا فُرْجَةً، قَالَ فَفَرَجَ عَنْهُمُ الثُّلُثَيْنِ. وَقَالَ الآخَرُ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّى ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: الأولاد والزوجة مقدم على الأبوين، وأيضًا هما كانا نائمين ليس لهما ضير ولا ضرورة؛ بخلاف الأطفال فإنهم كانوا يصيحون من ألم الجوع. قلت: غرض الرَّجل أنَّه فعل ذلك لوجه الله؛ لكونه أوصى بالوالدين إحسانًا؛ سواء كان مصيبًا في ذلك أو مخطئًا. وقال بعض الشارحين: يجوز أن يكون صياح الصبي لم يكن من الجوع؛ بل من شيء آخر، وهذا الذي قاله خلاف مراد الرَّجل، وخلاف ما دل عليه السياق. (فافرج عنا فرجة) بضم الفاء وفتحها وهو الكشف، يستعمل في المحسوس والمعقول (وقال الآخر: اللهمَّ إن كنت تعلم أني كنت أحب امرأة). [فإن] قلت: وجه هذا الكلام، فإن إن الشرطية إنما تدخل في المشكوك، وكونه تعالى عالمًا بحال المتكلم معلوم مقطوع به عند المتكلم، وأيضًا تصدير الكلام بقوله: "اللهمَّ" ما فائدته؟ قلت: إن قد تدخل على المقطوع به؛ كقولك لمن لك عنده حق: إن كان لي عندك حق فأعطني، ولعل في ذلك التحاشي عن صريح الحكم على الله تعالى؛ أما ذكر اللهمَّ ففي موقعه لأنه خاطبه، فلا بد من تقديم النداء. (فقالت: لا تنال ذلك منها حتَّى تعطيها مائة دينار) ذلك إشارة إلى الوقاع، وكان ظاهر الكلام: لا تنال ذلك منا؛ إلا أنها التفت إلى الغيبة عند ذكر الفاحشة، وهو التفات في غاية الحسن. فإن قلت: سيأتي في رواية أخرى مائة وعشرون دينارًا؟ قلت: التفاوت من حفظ الراوي. (اتق الله ولا تفض الخاتم) بفتح التاء وكسرها لغتان، وفض الخاتم رفعه عن المختوم عليه، كَنَّتْ بذلك عن الوقاع، وهذه أَيضًا كناية في غاية الحسن (اللهمَّ إن كنت تعلم أني

99 - باب الشراء والبيع مع المشركين وأهل الحرب

اسْتَأْجَرْتُ أَجِيرًا بِفَرَقٍ مِنْ ذُرَةٍ فَأَعْطَيْتُهُ، وَأَبَى ذَاكَ أَنْ يَأْخُذَ، فَعَمَدْتُ إِلَى ذَلِكَ الْفَرَقِ، فَزَرَعْتُهُ حَتَّى اشْتَرَيْتُ مِنْهُ بَقَرًا وَرَاعِيَهَا، ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ أَعْطِنِى حَقِّى. فَقُلْتُ انْطَلِقْ إِلَى تِلْكَ الْبَقَرِ وَرَاعِيهَا، فَإِنَّهَا لَكَ. فَقَالَ أَتَسْتَهْزِئُ بِى. قَالَ فَقُلْتُ مَا أَسْتَهْزِئُ بِكَ وَلَكِنَّهَا لَكَ. اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّى فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا. فَكُشِفَ عَنْهُمْ». أطرافه 2272، 2333، 3465، 5974 99 - باب الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ مَعَ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْحَرْبِ 2216 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ مُشْرِكٌ مُشْعَانٌّ طَوِيلٌ بِغَنَمٍ يَسُوقُهَا فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «بَيْعًا أَمْ عَطِيَّةً أَوْ قَالَ: ـــــــــــــــــــــــــــــ استأجرت أجيرًا بفرق من ذرة) بفتح الفاء والراء مكيال بيع فيه مقدار ثلاثة آصع. قال ابن الأثير: بسكون الراء مائة وعشرون رطلًا. فإن قلت: سيأتي في الرواية الأخرى الأرز بدل الذرة؟ قلت: لا تنافي؛ لجواز الجمع. (فأعطيته وأبى ذاك أن يأخذه، فعمدت إلى ذلك الفرق، فزرعته حتَّى اشتريت منه بقرًا وراعيها) هذا موضع الدلالة، فإنه اشترى بغير إذن صاحبه، هذا الذي قصده البُخَارِيّ، واستدل عليه، وفيه نظر؛ لأن ذلك الأجير لم يقبل ما أعطي، فلم يكن داخلًا في ملكه، غايته أن الرَّجل تبرع بذلك من عنده. وفي الحديث أن العمل الصالح يكون في الدنيا سبب الخلوص من الآفات، وأنّ الرّجل إذا وقع في بلية ينبغي أن يتوسل إلى الله بأرجى عمل. باب الشراء والبيع مع المشركين وأهل الحرب 2216 - (أبو النُّعمان) محمَّد بن الفضل (معتمر) بكسر [الميم] على وزن الفاعل (أبو عثمان) عند الرَّحْمَن الهندي (جاء رجل مشرك مشعان) بضم الميم وتشديد النُّون قال ابن الأثير: أي مشعن شعر الرأس، يقال: شعر مشعان، ورجل مشعان، الميم زائدة. هذا كلامه (فقال له النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم-: بيعًا أم عطية) انتصابه بفعل مقدر.

100 - باب شراء المملوك من الحربى وهبته وعتقه

أَمْ هِبَةً». قَالَ لاَ بَلْ بَيْعٌ. فَاشْتَرَى مِنْهُ شَاةً. طرفاه 2618، 5382 100 - باب شِرَاءِ الْمَمْلُوكِ مِنَ الْحَرْبِىِّ وَهِبَتِهِ وَعِتْقِهِ وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِسَلْمَانَ كَاتِبْ. وَكَانَ حُرًّا فَظَلَمُوهُ وَبَاعُوهُ. وَسُبِىَ عَمَّارٌ وَصُهَيْبٌ وَبِلاَلٌ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى (وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّى رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ). ـــــــــــــــــــــــــــــ (قال: بل بيع) أي: مطلوبي أو مقصودي بيعه، ولا ضرورة إلى أن يقال: إطلاق البيع عليه باعتبار المآل. فإن قلت: هذا دل على الشراء من المشرك، ولا دليل فيه على البيع، ولا على الحربي؟ قلت: الشراء والبيع لا فرق بينهما في معنى الجواز؛ وأمّا المشرك لا يكون قطّ ذميًّا، غايته أن يكون حربيًّا مستأمنًا. باب شراء المملوك من الحربي وهبته وعتقه (وقال النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- لسلمان: كاتب وكان حرًا فظلموه وباعوه) هذا التعليق رواه الحاكم والبزار مسندًا، وقد توهم بعضهم أنَّه لم يكن رقيقًا؛ لقوله: "ظلموه وباعوه" وذلك أن سلمان معدود من عتقاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإليه أشار بقوله: "سلمان منا أهل البيت" لقوله في الحديث الآخر: "مولى القوم منهم" ولو لم يكن في الرّق كيف يصح الاستدلال به على الترجمة؛ وهي شراء المملوك من الحربي وإعتاقه. فإن قلت: إذا كان الأمر على ما ذكرت، فكيف قال "ظلموه فباعوه"؟ قلت: أشار إلى أول أمره حين رافق قومًا مشركين، فاسترقوه بعد ما كانوا أمنوه، وهكذا كان قبل البعثة حال الرقيق، كما اشترى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زيد بن حارثة من سبي العرب. وقال شيخنا: قوله: "فظلموه وباعوه" من كلام البُخَارِيّ. (سبي عمار وصهيب وبلال) سبي عمار فيه إشكال؛ لأنه ابن ياسر، وهو عنسي لم يقع

2217 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «هَاجَرَ إِبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - بِسَارَةَ، فَدَخَلَ بِهَا قَرْيَةً فِيهَا مَلِكٌ مِنَ الْمُلُوكِ، أَوْ جَبَّارٌ مِنَ الْجَبَابِرَةِ، فَقِيلَ دَخَلَ إِبْرَاهِيمُ بِامْرَأَةٍ، هِىَ مِنْ أَحْسَنِ النِّسَاءِ. فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ، مَنْ هَذِهِ الَّتِى مَعَكَ قَالَ أُخْتِى. ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهَا، فَقَالَ لاَ تُكَذِّبِى حَدِيثِى فَإِنِّى أَخْبَرْتُهُمْ أَنَّكِ أُخْتِى، وَاللَّهِ إِنْ عَلَى الأَرْضِ مُؤْمِنٌ غَيْرِى وَغَيْرُكِ. فَأَرْسَلَ بِهَا إِلَيْهِ، فَقَامَ إِلَيْهَا، فَقَامَتْ تَوَضَّأُ وَتُصَلِّى فَقَالَتِ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ آمَنْتُ بِكَ وَبِرَسُولِكَ وَأَحْصَنْتُ فَرْجِى، إِلاَّ عَلَى زَوْجِى فَلاَ تُسَلِّطْ عَلَىَّ الْكَافِرَ. فَغُطَّ حَتَّى رَكَضَ بِرِجْلِهِ». قَالَ الأَعْرَجُ قَالَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَتِ اللَّهُمَّ إِنْ يَمُتْ يُقَالُ هِىَ قَتَلَتْهُ. فَأُرْسِلَ ثُمَّ قَامَ إِلَيْهَا، فَقَامَتْ تَوَضَّأُ تُصَلِّى، وَتَقُولُ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ آمَنْتُ بِكَ وَبِرَسُولِكَ، وَأَحْصَنْتُ فَرْجِى، إِلاَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه سبي، إلَّا أن أم عمار سمية من إماء بني مخزوم، وكذا بلال فإنَّه مولود من مولدات السراة. 2217 - (هاجر إبراهيم بسارة، فدخل قرية فيها ملك من الملوك، أو جبار من الجبابرة) هي مصر باتفاق العلماء، وقد جاء صريحًا، وإليه أشار في الحديث: "ستفتحون بلدًا حسابهم بالقراريط، استوصوا بأهلها خيرًا، فإن لهم فينا صهرًا ونسبًا" يشير بالصهر إلى مارية أم إبراهيم ولده، وبالنسب إلى هاجر أم إسماعيل، وقال في الحديث: "لو عاش إبراهيم لرفعت الجزية عن كل قبطي" (يَا إبراهيم من هذه التي معك؟ قال: أختي) أي: في الإِسلام والدين، وإنما قال ذلك على نمط التورية؛ لأنه من دأب ذلك الملك كان عدم جواز أخذ أخت الرَّجل منه؛ لأنه لا يجد لها مثلًا، وأما المرأة يجوز أخذها لأنه يقدر على تحصيل امرأة أخرى، وقيل: كان مجوسيًّا، وفي دين المجوسي أن أخت الرَّجل إذا كانت زوجة له لا يجوز الأخذ منه؛ فإنَّه أولى بها من غيره؛ بخلاف الأجنبية (اللهمَّ إن كنت آمنت بك) في أمثاله ليس للشك، بل يراد به المبالغة في وقوعه والتحقق؛ كقول الأجير

عَلَى زَوْجِى، فَلاَ تُسَلِّطْ عَلَىَّ هَذَا الْكَافِرَ، فَغُطَّ حَتَّى رَكَضَ بِرِجْلِهِ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ أَبُو سَلَمَةَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَقَالَتِ اللَّهُمَّ إِنْ يَمُتْ فَيُقَالُ هِىَ قَتَلَتْهُ، فَأُرْسِلَ فِي الثَّانِيَةِ، أَوْ فِي الثَّالِثَةِ، فَقَالَ وَاللَّهِ مَا أَرْسَلْتُمْ إِلَىَّ إِلاَّ شَيْطَانًا، ارْجِعُوهَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ، وَأَعْطُوهَا آجَرَ. فَرَجَعَتْ إِلَى إِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - فَقَالَتْ أَشَعَرْتَ أَنَّ اللَّهَ كَبَتَ الْكَافِرَ وَأَخْدَمَ وَلِيدَةً. أطرافه 2635، 3357، 3358، 5084، 6950 2218 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا قَالَتِ اخْتَصَمَ سَعْدُ بْنُ أَبِى وَقَّاصٍ وَعَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ فِي غُلاَمٍ، فَقَالَ سَعْدٌ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْنُ أَخِى عُتْبَةَ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ، عَهِدَ إِلَىَّ أَنَّهُ ابْنُهُ، انْظُرْ إِلَى شَبَهِهِ. وَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ هَذَا أَخِى يَا رَسُولَ اللَّهِ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ أَبِى مِنْ وَلِيدَتِهِ. فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى شَبَهِهِ، فَرَأَى شَبَهًا بَيِّنًا بِعُتْبَةَ، فَقَالَ «هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ، الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ وَاحْتَجِبِى مِنْهُ يَا سَوْدَةُ بِنْتَ زَمْعَةَ». فَلَمْ تَرَهُ سَوْدَةُ قَطُّ. طرفه 2053 ـــــــــــــــــــــــــــــ بعد فراغه من العمل: إن كنت عملت لك شيئًا فأعطني حقي (فغطّ حتَّى ركض برجله) بضم الغين على بناء المجهول أي: أغمي عليه، أصله: العصر الشديد (اللهمَّ إن يقتل [فيقال] هي قتلته) ويروى "فيقل" و"يقال" بتقدير الفاء (ما أرسلتم [إلي] إلا شيطانًا) لما ظهر له من الأمر الخارق، وكان جاهلًا، عدّ الكرامة أو المعجزة فعل الشيطان؛ لأنه لم يكن عهد من البشر مثله (أرجعوها إلى إبراهيم) من المرجع (وأعطوها آجر) بألف ممدودة همزته بدل من الهاء؛ وهي هاجر، أم إسماعيل فإنَّها وهبتها لإبراهيم عسى أن يرزق منها ولدًا؛ فإن سارة كانت عقيمًا (إن الله كبت الكافر) أي: أذله وحنقه، هذا موضع الدلالة؛ فإن هاجر من هبة الكافر (فأخدم وليدة) هي الجارية، والضمير لله تعالى. 2218 - (قتيبة) بضم القاف، مصغر. روى في الباب حديث غلام ولدته وليدة زمعة، تنازع فيه سعد بن أبي وقَّاص، فإن أخاه كان زنى بها، فأوصى أخاه سعدًا أنها إذا ولدت يقبضه إليه سعد على طريق الجاهلية؛ فحكم به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لزمعة، وقال: (الولد للفراش) وهذا موضع الدلالة؛ فإن زمعة كان مشركًا، وقد عتقت منه الوليدة بواسطة الولد منه، وقد

101 - باب جلود الميتة قبل أن تدبغ

2219 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ - رضى الله عنه - لِصُهَيْبٍ اتَّقِ اللَّهَ وَلاَ تَدَّعِ إِلَى غَيْرِ أَبِيكَ. فَقَالَ صُهَيْبٌ مَا يَسُرُّنِى أَنَّ لِى كَذَا وَكَذَا، وَأَنِّى قُلْتُ ذَلِكَ، وَلَكِنِّى سُرِقْتُ وَأَنَا صَبِىٌّ. 2220 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ أُمُورًا كُنْتُ أَتَحَنَّثُ - أَوْ أَتَحَنَّتُ بِهَا - فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ صِلَةٍ وَعَتَاقَةٍ وَصَدَقَةٍ، هَلْ لِى فِيهَا أَجْرٌ قَالَ حَكِيمٌ - رضى الله عنه - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ لَكَ مِنْ خَيْرٍ». طرفه 1436 101 - باب جُلُودِ الْمَيْتَةِ قَبْلَ أَنْ تُدْبَغَ 2221 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ شِهَابٍ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ـــــــــــــــــــــــــــــ سلف الحديث مع شرحه في باب تفسير الشبهات. 2219 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (غندر) بضم الغين المعجمة (قال عبد الرَّحْمَن بن عوف لصهيب) -بضم الصاد على وزن المصغر- هو ابن سنان بن مالك بن نمير بن قاسط، عربي من نينوى، قرية يونس، النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، سرقه الروم فباعته، قال المقدسيّ: هو من موالي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعتقائه (اتق الله يَا صهيب، ولا تدع إلى غير أبيك) إنما قال له هذا لأنه كان يدعي أنَّه عربي وقد باعته الروم، فاستبعدوا أن يكون الأمر كما يقوله. 2220 - (أن حكيم بن حزام) بكسر الحاء وزاي معجمة (يَا رسول الله! أرأيت أمورًا كنت تحنثت بها) أي أتجنبُ الحنث بها، والحنث: الذنب (من صله وعتاقة وصدقة) تقدم حديثه في أبواب الزكاة، وموضع الدلالة هنا ذكر العتاقة من المشرك. باب جلود الميتة قبل أن تدبغ 2221 - (زهير بن حرب) -بضم الزاي، مصغر- وحرب ضد الصلح (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-

102 - باب قتل الخنزير

مَرَّ بِشَاةٍ مَيِّتَةٍ فَقَالَ «هَلاَّ اسْتَمْتَعْتُمْ بِإِهَابِهَا». قَالُوا إِنَّهَا مَيِّتَةٌ. قَالَ «إِنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهَا». طرفه 1492 102 - باب قَتْلِ الْخِنْزِيرِ وَقَالَ جَابِرٌ حَرَّمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْعَ الْخِنْزِيرِ. 2222 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمُ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ، وَيَضَعَ ـــــــــــــــــــــــــــــ مرّ بشاة ميتة فقال: هلا انتفعتم بإهابها) -بكسر الهمزة- الجلد قبل الدباغ، والجمهور على أن الانتفاع به بعد الدباغة لقوله في الرواية الأخرى: "دباغها طهورها". وذهب الزُّهْرِيّ إلى طهارته قبل الدّباغة، وهو الظاهر من مذهب البُخَارِيّ، فإنَّه ترجم على ذلك قبل أن يدبغ. وهذه الشاة كانت لمولاة ميمونة، والحديث سلف في أبواب الزكاة في باب الصدقة على موالي أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. باب قتل الخنزير (وقال جابر: حرم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيع الخنزير) سيأتي هذا مسندًا، وعليه إجماع الأمة. 2222 - (قتيبة) بضم القاف، مصغر (ليوشكن) اللام للقسم، من أوشك إذا قرب (أن ينزل فيكم ابن مريم حكمًا) أي: حاكمًا (مقسطًا) عادلًا في حكمه، من القِسط -بكسر القاف- وأما القاسط بمعنى الظالم فاشتقاقه من القسوط؛ ذكره الجوهري، وقال ابن الأثير: يجوز أن تكون همزته للسلب (فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير) كناية عن إبطال دين النصارى (ويضع

103 - باب لا يذاب شحم الميتة ولا يباع ودكه

الْجِزْيَةَ، وَيَفِيضَ الْمَالُ حَتَّى لاَ يَقْبَلَهُ أَحَدٌ». أطرافه 2476، 3448، 3449 103 - باب لاَ يُذَابُ شَحْمُ الْمَيْتَةِ وَلاَ يُبَاعُ وَدَكُهُ رَوَاهُ جَابِرٌ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 2223 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ أَخْبَرَنِى طَاوُسٌ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - يَقُولُ بَلَغَ عُمَرَ أَنَّ فُلاَنًا بَاعَ خَمْرًا فَقَالَ قَاتَلَ اللَّهُ فُلاَنًا، أَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ، حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ فَجَمَلُوهَا فَبَاعُوهَا». طرفه 3460 ـــــــــــــــــــــــــــــ الجزية) لأنه لا يقبل [إلا] الإِسلام؛ كما صرّح به في الرواية الأخرى. فإن قلت: فما وجه قوله تعالى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ} [التوبة: 29]؟ قلت: خصصه الحديث بأن ذلك الحكم إلى وقت نزوله. باب لا يذاب شحم الميته ولا يباع ودكه الودك -بفتح الواو والدال-: الشحم الذي يكون على اللحم (رواه جابر عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -) تعليق جابر رواه البُخَارِيّ ومسلم مسندًا في باب بيع الميتة. 2223 - (الحميدي) بضم الحاء، مصغر (بلغ عمر أن فلانًا باع خمرًا، فقال: قاتل الله فلانًا) اتفق النقلة على أن فلانًا هذا هو سمرة [بن] جندب، كان واليًا على البصرة من جهة عمر، واستشكلوا هذا؛ فإن سمرة من كبار الصَّحَابَة، كيف يخفى عليه عدم جواز بيع الخمر؟ وأجاب الخطابي بأنه لم يبعها خمرًا؛ بل خللها وباعها، وهذا شيء لم يدل عليه لفظ الحديث، على أنَّه إنما يمشي على مذهب من يقول: لا يجوز تخليل الخمر كالشافعي وأَحمد. والحق في الجواب أنَّه محمول على أنَّه كان يأخذ الخمر من أهل الذمة ثم يبيعها، وكان الواجب أن يأمرهم ويكلفهم.

104 - باب بيع التصاوير التى ليس فيها روح وما يكره من ذلك

2224 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «قَاتَلَ اللَّهُ يَهُودًا حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ فَبَاعُوهَا، وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: {قَاتَلَهُمُ اللَّهُ} [التوبة: 30]: «لَعَنَهُمْ»، {قُتِلَ} [الذاريات: 10]: «لُعِنَ»، {الخَرَّاصُونَ} [الذاريات: 10]: «الكَذَّابُونَ». 104 - باب بَيْعِ التَّصَاوِيرِ الَّتِى لَيْسَ فِيهَا رُوحٌ وَمَا يُكْرَهُ مِنْ ذَلِكَ 2225 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ أَخْبَرَنَا عَوْفٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى الْحَسَنِ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا أَبَا عَبَّاسٍ إِنِّى إِنْسَانٌ، إِنَّمَا مَعِيشَتِى مِنْ صَنْعَةِ يَدِى، وَإِنِّى أَصْنَعُ هَذِهِ التَّصَاوِيرَ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لاَ أُحَدِّثُكَ إِلاَّ مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ سَمِعْتُهُ يَقُولُ «مَنْ صَوَّرَ صُورَةً فَإِنَّ اللَّهَ مُعَذِّبُهُ، حَتَّى يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ، وَلَيْسَ بِنَافِخٍ فِيهَا أَبَدًا». فَرَبَا الرَّجُلُ رَبْوَةً شَدِيدَةً وَاصْفَرَّ وَجْهُهُ. فَقَالَ وَيْحَكَ إِنْ أَبَيْتَ إِلاَّ أَنْ تَصْنَعَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ (قاتل الله اليهود، حرمت عليهم الشحوم، فجملوها) بفتح الجيم وتخفيف الميم. قال ابن الأثير: جملة وأجمله؛ أي: أذابه، قال: والأول أفصح. فإن قلت: ما وجه الشبه بين بيع الخمر وبين الشحم المذاب؟ قلت: العدول من العين إلى الثمن. 2224 - (عبدان) -على وزن شعبان- عبد الله المروزي. باب بيع التصاوير التي ليس فيها روح وما يكره من ذلك 2225 - (زريع) بضم الزاي، مصغر زرع (يَا أَبا عباس) كنية عبد الله بن عباس (وإني أصنع هذه التصاوير) أي: الصور من إطلاق المصدر على المفعول (فإن الله معذبه حتَّى ينفخ فيه الروح) أي: دائمًا؛ لقوله: (وليس بنافخ فيها أبدًا) وهذا إذا لم يتب، أو كاد يعتقد، وهذا التأويل واجب في أمثاله، لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48]. (فربا الرَّجل ربوة شديدة) أي: خاف منه خوفًا فأخذه الربو، قال ابن الأثير: هو تواتر

105 - باب تحريم التجارة فى الخمر

فَعَلَيْكَ بِهَذَا الشَّجَرِ، كُلِّ شَىْءٍ لَيْسَ فِيهِ رُوحٌ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ سَمِعَ سَعِيدُ بْنُ أَبِى عَرُوبَةَ مِنَ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ هَذَا الْوَاحِدَ. طرفاه 5963، 7042 105 - باب تَحْرِيمِ التِّجَارَةِ فِي الْخَمْرِ وَقَالَ جَابِرٌ - رضى الله عنه - حَرَّمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْعَ الْخَمْرِ. 2226 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - لَمَّا نَزَلَتْ آيَاتُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ عَنْ آخِرِهَا خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «حُرِّمَتِ التِّجَارَةُ فِي الْخَمْرِ». طرفه 459، 4540 ـــــــــــــــــــــــــــــ النفس؛ كما يكون لمن أسرع في المشي (فعليك بهذا الشجر) الإشارة إلى الجنس وكل شيء، من عطف العام على الخاص، وفي بعضها بدونِ الواو، إما على حذفه، وهو كثير؛ أو على أنَّه بدل الكل من البعض؛ كما تقدم نظيره في حديث عائشة: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحب التيامن في تنعله وترجله في شأنه كله". (عن محمَّد عن عبدة) هكذا وقع غير منسوب، ونسبه البُخَارِيّ في بعض المواضع محمَّد بن سلام؛ واتفقوا على أن الراوي عن عبدة هو ابن سلام (النضر بن أنس) بالضاد المعجمة (قال أبو عبد الله: سمع سعيد [بن] أبي عروبة من النضر بن أنس هذا الواحد) يريد أنَّه ليس للنضر بن أنس راوية عن ابن عباس؛ إلَّا هذا الحديث الواحد رواه عنه هنا وفي كتاب اللباس أَيضًا. باب تحريم التجارة [في الخمر] 2226 - (عن أبي الضحى) مسلم بن صبيح (عن عائشة، قالت: لما نزلت آيات سورة البقرة من آخرها) هي آيات الربا من قوله تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا} [البقرة: 275] إلى قوله: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} [البقرة: 281] (حرمت التجارة في الخمر) ويقاس على التجارة هبتها والتصدق بها. والحديث سلف في باب تحريم الخمر في المسجد، وأشرنا إلى أن المراد إظهار حرمتها في المسجد؛ وإلا فتحريم بيعها كان أول ما حرمت الخمر، دل عليه الأحاديث أوردناها هناك.

106 - باب إثم من باع حرا

106 - باب إِثْمِ مَنْ بَاعَ حُرًّا 2227 - حَدَّثَنِى بِشْرُ بْنُ مَرْحُومٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «قَالَ اللَّهُ ثَلاَثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، رَجُلٌ أَعْطَى بِى ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ، وَلَمْ يُعْطِ أَجْرَهُ». طرفه 2270 107 - باب أَمْرِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - الْيَهُودَ بِبَيْعِ أَرَضِيهِمْ حِينَ أَجْلاَهُمْ فِيهِ الْمَقْبُرِىُّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إثم من باع حرًّا 2227 - (بشر بن مرحوم) بكسر الموحدة (سُليم) بضم السين و [فتح] اللام: مصغر (أمية) بضم الهمزة وفتح الميم وتشديد الياء (قال الله تعالى: ثلاثة أنا خصمهم) وزاد في بعض الروايات: "ومن كنت أنا خصمه خصمته" أي: غلبته في الخصومة؛ أي: أكون قائمًا مقام المظلوم في أخذ حقه، ولا أحوجه إلى المخاصمة (رجل أعطى بي) حلف في العهد، فإن العهد يكون بالحلف في المتعارف (ثم غدر) أي: نقض العهد مكرًا من غير أن يعلم المعاهد (ورجل باع حرًّا فكل ثمنه) ليس قوله: "أكل ثمنه" علة للحرمة؛ بل الحرمة مطلقة؛ إلَّا أنَّه أشار إلى علة البيع والأكثر، وهو الأكل للثمن. فإن قلت: قد روى الدَّارقطني والبزار أن رسول الله -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمر ببيع الحُر في دين عليه؟ قلت: كان ذلك في بدء الإِسلام، ثم وقع الإجماع على المنع؛ على أن ابن عباس روى ما يعارضه، رواه عنه أبو داود مرسلًا. باب أمر النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - اليهود بيع أرضيهم حين أجلاهم أرضيهم بفتح الراء: جمع أرض، وفيه شذوذان فتح الراء والواو والنون. (فيه المقبري عن أبي هريرة) رواه عن أبي هريرة مسندًا في باب الجهاد، وفيه أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرهم ببيع أرضيهم، ولكن هذا بخلاف ما رواه أصحاب السير: أن رسول

108 - باب بيع العبيد والحيوان بالحيوان نسيئة

108 - باب بَيْعِ الْعَبِيدِ وَالْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً وَاشْتَرَى ابْنُ عُمَرَ رَاحِلَةً ـــــــــــــــــــــــــــــ الله - صلى الله عليه وسلم - أجلاهم على أن لهم ما حملت الإبل، وتركوا السلاح والعقار لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-. وهو الذي أشار إليه في الكلام المجيد بقوله: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} [الحشر: 7] حتَّى قال: {فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ} [الحشر: 6] كناية عن حصولها من غير حرب وقتال، وتلك الأراضي والأملاك كانت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وأجاب عن هذا الإشكال بعض أهل العلم: بأن الأمر ببيع الأراضي كان قبل نقض العهد، فإنهم أرادوا الغدر برسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما ذهب إليهم معه أبو بكر وعمر وبعض أصحابه؛ ليستعين بهم على دية قتيلين قتلهما عمرو بن أمية خطأ وكان لهما الجوار مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقالوا: نكرمك أَبا القاسم، وأجلسوه تحت جدار، فعمد أحدهم على رحى فوق السطح، ليلقيه على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويستريحوا منه، فأخبره الله بذلك، فقام من موضعه، ولم يعلم أحد بحاله، فانتظروه زمانًا فلما طال المطال قاموا، فأخبرهم رجل أنَّه رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - داخلًا المدينة وحده، وكان خروجه منفردًا لئلا يطلع اليهود على القضية، فيفتكون به وأصحابه الذين معه، فلما نقضوا العهد حاصرهم، ثم أجلاهم على أن يحملوا على الإبل ما حملت، وتركوا الوطن على أسوإ حال؛ كما أخبر الله: {يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ} [الحشر: 2] وهذا جواب حسن، يؤيده أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل بيت المدراس [ومعه] جمع من أصحابه، وقال: "يَا معشر اليهود، أسلموا تسلموا" قالوا: قد بلغت يَا أَبا القاسم قال: "ذلك أريد" حتَّى أعادها ثلاثًا، ثم قال: "إنِّي أريد أن أجليكم، فإن الأرض لله ولرسول الله" ولا شك أنَّه كان قبل الغدر، ويكون قد أمرهم ببيع الأراضي حين عاهدهم، والله أعلم بحقيقة الحال. باب بيع العبد بالعبد والحيوان بالحيوان نسيئة النسيئة -بفتح النُّون-: قبض أحد العوضين في الحال، وتأخير الآخر، من النَّساء وهو التأخير، قال تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا} [البقرة: 106]. واستدل على ذلك بفعل ابن عمر، وهو أنَّه اشترى راحلة قال ابن الأثير: هي الناقة

بِأَرْبَعَةِ أَبْعِرَةٍ مَضْمُونَةٍ عَلَيْهِ، يُوفِيهَا صَاحِبَهَا بِالرَّبَذَةِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَدْ يَكُونُ الْبَعِيرُ خَيْرًا مِنَ الْبَعِيرَيْنِ. وَاشْتَرَى رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ بَعِيرًا بِبَعِيرَيْنِ فَأَعْطَاهُ أَحَدَهُمَا وَقَالَ آتِيكَ بِالآخَرِ غَدًا رَهْوًا، إِنْ شَاءَ اللَّهُ. وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ لاَ رِبَا فِي الْحَيَوَانِ الْبَعِيرُ بِالْبَعِيرَيْنِ، وَالشَّاةُ بِالشَّاتَيْنِ إِلَى أَجَلٍ. وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ لاَ بَأْسَ بَعِيرٌ بِبَعِيرَيْنِ نَسِيئَةً. 2228 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ فِي السَّبْىِ صَفِيَّةُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ القوية (بأربعة أبعرة مضمونة) بالجر، صفة أبعرة، أي: على ابن عمر أن (يوفيها صاحبها) أي: يعطي الأبعرة (بالربذة) ومن جعل مضمونة صفة الراحلة فقد غلط؛ لأن الراحلة مقبوضة، والمتأخر قبض الأبعرة، والعجب أنَّه استدل على أن الراحلة مضمونة لأن المبيع قبل القبض من ضمان البائع. والربذة -بفتح الراء والباء والذال المعجمة- قرية بقرب المدينة، فقد أخر العوض في بيع الحيوان بالحيوان. (وقال ابن عباس: قد يكون البعير خيرًا من بعيرين) هذا لا يدل على الجواز؛ لأنّ صاعًا من تمر وإن كان خيرًا من صاعين لا يجوز البيع متفاضلًا، غايته أنَّه يؤيد مشروعية الجواز. وأمّا شراء رافع بن خديج وقول ابن المسيّب، فصريحان في جواز ذلك نسيئة (وقال ابن سيرين: لا بأس ببيع بعير ببعيرين ودرهم بدرهم نسيئة) هكذا في أكثر النسخ، وقد وقع لأبي الهشيم والحموي: ببعيرين ودرهم بدرهمين. واتفقوا على أنَّه ليس بصواب. قلت: بعد ثبوت رواية الثِّقات فلا وجه للرد مع إمكان التوجيه، ولا شك أنَّه إذا صح بيع درهم بدرهم والترجمة مطلقة يصلح لكل واحد، ألا ترى إلى شراء ابن عمر راحلة بأربعة أبعرة، غايته الإجماع على عدم الجواز، نظيره ما تقدم في أبواب الصلاة من قول ابن عباس بالجمع بين الصلاتين بالمدينة من غير خوف ولا مطر. 2228 - (سليمان بن حرب) ضد الصلح (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم (كان في السبي صفية) كذا في كل النسخ "كان" بدون التاء؛ لوجود الفاصل. وصفية بنت حيي بن

109 - باب بيع الرقيق

فَصَارَتْ إِلَى دَحْيَةَ الْكَلْبِىِّ، ثُمَّ صَارَتْ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 371 109 - باب بَيْعِ الرَّقِيقِ 2229 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ مُحَيْرِيزٍ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ - رضى الله عنه - أَخْبَرَهُ أَنَّهُ بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نُصِيبُ سَبْيًا، فَنُحِبُّ الأَثْمَانَ، فَكَيْفَ تَرَى فِي الْعَزْلِ فَقَالَ «أَوَإِنَّكُمْ تَفْعَلُونَ ذَلِكَ لاَ عَلَيْكُمْ أَنْ لاَ تَفْعَلُوا ذَلِكُمْ، ـــــــــــــــــــــــــــــ أخطب الإسرائيلية كانت في سبي خيبر (صارت إلى دحية الكلبي، ثم صارت إلى النَّبِيّ- صلى الله عليه وسلم). فإن قلت: أيّ مناسبة لهذا ببيع الحيوان بالحيوان؟ قلت: في الحديث اختصار، ومحل الدلالة ما رواه مسلم وغيره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اشتراها منه بسبعة أرؤس من السبي. فإن قلت: كيف رجع عن هبته؟ قلت: لما رأى جمالها، ومال إليها قلبه؛ حرمت على دحية؛ لأن من خواصه - صلى الله عليه وسلم - حرمة مرغوبته على زوجها، فضلًا عن الإماء. واعلم أن العلماء مختلفون في جواز بيع الحيوان مفاضلة نسيئة، قال بجوازه مالك والشافعي، ومنعه الكوفيون والإمام أَحْمد في رواية؛ لما روى الإِمام أَحْمد والتِّرمذيّ عن الحسن، عن سمرة بن جندب المنع من ذلك، وأجاب الأولون بأن الحسن ليس له سماع من سمرة. باب بيع الرقيق 2229 - (ابن محيريز) بضم الميم وفتح الحاء وكسر الراء آخرهُ زاي معجمة (إنّا نصيب سبيًا فنحب الأثمان) هذا موضع الدلالة على الترجمة، فإنَّه يدل على جواز بيع الرقيق (فكيف ترى في العزل؟) أي: في جوازه (فقال: أو إنكم تفعلون ذلك، لا عليكم ألا تفعلوا) أي: لا بأس عليكم في عدم الفعل، وعلل بأن القدر كائن فلا ينفع العزل إذا قدّر الله الولد، فإنَّه تسبق منه قطرة لا يحيى بها فيكون منها الولد؛ على أن الله قادر على أن يخلق من غير نطفة، هذا معنى الحديث سؤالًا وجوابًا.

110 - باب بيع المدبر

فَإِنَّهَا لَيْسَتْ نَسَمَةٌ كَتَبَ اللَّهُ أَنْ تَخْرُجَ إِلاَّ هِىَ خَارِجَةٌ». أطرافه 2542، 4138، 5210، 6603، 7409 110 - باب بَيْعِ الْمُدَبَّرِ 2230 - حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ بَاعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمُدَبَّرَ. طرفه 2141 2231 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - يَقُولُ بَاعَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال بعض الشارحين: تقديره ليس واجبًا عليكم عدم الفعل. وهذا شيء لغو؛ لأنّ الكلام لم يكن في عدم الفعل جوازًا ووجوبًا؛ بل في الفعل وجوازه، فأجاب بالجواز، وأشار إلى أن الأولى تركه؛ لأن الفرار من القدر غير ممكن. وكذا قول من قال: لا زائدةٌ؛ أي: لا بأس بالفعل، فإن التعليل آخر الحديث لا يلائمه بقوله: (ما من نسمة كتب الله أن تخرج إلَّا وهي خارجة). فإن قلت: ما حكم العزل الآن؟ قلت: جوزه الشَّافعيّ في الأمَة بلا كراهة، وفي الزوجة مع الكراهة، وقال مالك وأبو حنيفة: يجوز في الأمة بلا إذنها وفي الزوجة مع الإذن، وكذا قال الإِمام أَحْمد؛ إلَّا أنَّه قال: إذا كانت الزوجة أَمة يتوقف على إذن سيّدها. باب بيع المدبر 2230 - (ابن نمير) -بضم النُّون، على وزن المصغر- عبد الله، وكذا (كهيل) (عن جابر قال: باع [النَّبِي]- صلى الله عليه وسلم - المدبر) قد سلف الحديث في بيع المزايدة أن بيعه جائز عنه أبي حنيفة إذا كان مقيدًا؛ وأمّا المطلق لا يجوز بيعه عنده وعند مالك، وأجازه الشَّافعيّ وأَحمد، والحديث دليل لهما.

2232 و 2233 - حَدَّثَنِى زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَ ابْنُ شِهَابٍ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ أَخْبَرَهُ أَنَّ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ وَأَبَا هُرَيْرَةَ رضى الله عنهما أَخْبَرَاهُ أَنَّهُمَا سَمِعَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُسْأَلُ عَنِ الأَمَةِ تَزْنِى وَلَمْ تُحْصَنْ قَالَ «اجْلِدُوهَا، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ بِيعُوهَا بَعْدَ الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ». طرفاه 2152، 2154 2234 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِى اللَّيْثُ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ، فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ، وَلاَ يُثَرِّبْ عَلَيْهَا، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ وَلاَ يُثَرِّبْ، ثُمَّ إِنْ زَنَتِ الثَّالِثَةَ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا فَلْيَبِعْهَا وَلَوْ بِحَبْلٍ مِنْ شَعَرٍ». طرفه 2152 ـــــــــــــــــــــــــــــ 2232 - 2233 - (زهير) بضم الزاي، مصغر (حرب) ضد الصلح. (أنّ يزيد بن خالد، وأبا هريرة، سمعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن الأمة تزني ولم تحصن، قال: اجلدوها). فإن قلت: أي مناسبة لهذا الحديث ببيع المدبر؟ قلت: وجه الدلالة في قوله. (ثم بيعوها بعد الثالثة، أو الرابعة) فإنَّه أطلق القول، فيشمل المدبر وغيره. 2234 - (فليجلدها الحدّ ولا يثرب) بعد الحد: لا يوبخها.

111 - باب هل يسافر بالجارية قبل أن يستبرئها

111 - باب هَلْ يُسَافِرُ بِالْجَارِيَةِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا وَلَمْ يَرَ الْحَسَنُ بَأْسًا أَنْ يُقَبِّلَهَا أَوْ يُبَاشِرَهَا. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - إِذَا وُهِبَتِ الْوَلِيدَةُ الَّتِى تُوطَأُ أَوْ بِيعَتْ أَوْ عَتَقَتْ فَلْيُسْتَبْرَأْ رَحِمُهَا بِحَيْضَةٍ، وَلاَ تُسْتَبْرَأُ الْعَذْرَاءُ. وَقَالَ عَطَاءٌ لاَ بَأْسَ أَنْ يُصِيبَ مِنْ جَارِيَتِهِ الْحَامِلِ مَا دُونَ الْفَرْجِ. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى (إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ). 2235 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ دَاوُدَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِى عَمْرٍو عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَيْبَرَ، فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْحِصْنَ ذُكِرَ لَهُ جَمَالُ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَىِّ بْنِ أَخْطَبَ، وَقَدْ قُتِلَ زَوْجُهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب هل يسافر بالجارية قبل أن يستبرئها (ولم ير الحسن بأسًا أن يقبلها أو يباشرها) أي: يوصل بشرته إلى بشرتها. الاستبراء: طلب العلم ببراءة رحمها من ماء الغير وشبهة حدوث الملك (وقال ابن عمر: لا تُستبرأ العذراء) وبه قال أبو يوسف (وقال عطاء: لا بأس أن يصيب من جاريته الحامل دون الفرج) مذهب عطاء قريب من مذهب الحسن، وهو عطف على ما تقدم من الآثار (وقال الله تعالى: {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المؤمنون: 6]) هذا يتعلق بأوّل الترجمة دليل له, فإنه يدل على أن الأمَةَ كالزوجة بعد الاستبراء، ولولا ورود الأمر بالاستبراء في الحديث الإماء في حكم الأزواج في الحل على كل حال. وقال بعض الشارحين: الآية دليل عطاء في أنَّه يجوز أن يصيب من جاريته الحامل دون الفرج. هذا الذي قاله لا يُعقل؛ لأن أول الآية هو قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المؤمنون: 5، 6] فالآية مسوقة لتحل الفروج؛ لا لما دون الفرج حتَّى يكون دليلًا لعطاء في أن الحامل يجوز أن يصيب منها ما دون الفرج، وبما ذكرنا من الإشارة إلى فساد قوله غنية عن الراد ما ارتكب من الشطط في توجيه ما رآه، والله الموفق، وله المنة والفضل. 2235 - ثم روى حديث صفية: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اصطفاها لنفسه. وقد سلف قريبًا في

112 - باب بيع الميتة والأصنام

وَكَانَتْ عَرُوسًا، فَاصْطَفَاهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِنَفْسِهِ فَخَرَجَ بِهَا، حَتَّى بَلَغْنَا سَدَّ الرَّوْحَاءِ حَلَّتْ، فَبَنَى بِهَا، ثُمَّ صَنَعَ حَيْسًا فِي نِطَعٍ صَغِيرٍ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «آذِنْ مَنْ حَوْلَكَ». فَكَانَتْ تِلْكَ وَلِيمَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى صَفِيَّةَ، ثُمَّ خَرَجْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ، قَالَ فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُحَوِّى لَهَا وَرَاءَهُ بِعَبَاءَةٍ، ثُمَّ يَجْلِسُ عِنْدَ بَعِيرِهِ فَيَضَعُ رُكْبَتَهُ، فَتَضَعُ صَفِيَّةُ رِجْلَهَا عَلَى رُكْبَتِهِ، حَتَّى تَرْكَبَ. طرفه 371 112 - باب بَيْعِ الْمَيْتَةِ وَالأَصْنَامِ 2236 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى حَبِيبٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِى رَبَاحٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ عَامَ الْفَتْحِ، وَهُوَ بِمَكَّةَ «إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب بيع العبد بالعبد، وموضع الدلالة هنا قوله: (فخرج بها حتَّى بلغنا سد الروحاء حلت) فإنَّه سافر بها قبل الاستبراء. وسدّ الروحاء -بفتح السين وتشديد الدّال، وفتح الراء والمد- قال الجوهري: اسم بلدة. وقال ابن الأثير: السدّ لغة: الجبل والردم؛ وأما سدّ الروحاء: فموضع بين مكة والمدينة. والظاهر أنَّه سهو منه؛ فإن خيبر ليس في طريق مكة (ثم صنع حيسًا) -بفتح الحاء وسكون الياء- طعام مركب من التمر والسّمن والأقط (في نطع صغير) بكسر النُّون وفتح الطاء وسكونها وفيه لغات أُخر. فإن قلت: ذكر في سائر الروايات: أنَّه أمر بالأنطاع فبُسطت؟ قلت: هذا النطع الصغير صنع فيه الحيس؛ وأما تلك الأنطاع بسطت ليأكل النَّاس عليها. (فرأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُحوّي لها وراءه بعباءة) -بضم الياء وتشديد الواو- من التحوية؛ هو إدارة العباءة خلف السنام ليمكن الجلوس عليها. باب بيع الميتة والأصنام 2236 - (قتيبة) بضم القاف، مصغر (يزيد) من الزيادة (إن الله ورسوله حرّما بيع الخمر

113 - باب ثمن الكلب

وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالأَصْنَامِ». فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ شُحُومَ الْمَيْتَةِ فَإِنَّهَا يُطْلَى بِهَا السُّفُنُ، وَيُدْهَنُ بِهَا الْجُلُودُ، وَيَسْتَصْبِحُ بِهَا النَّاسُ. فَقَالَ «لاَ، هُوَ حَرَامٌ». ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ ذَلِكَ «قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ، إِنَّ اللَّهَ لَمَّا حَرَّمَ شُحُومَهَا جَمَلُوهُ ثُمَّ بَاعُوهُ فَأَكَلُوا ثَمَنَهُ». قَالَ أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَمِيدِ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ، كَتَبَ إِلَيَّ عَطَاءٌ، سَمِعْتُ جَابِرًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. طرفاه 4296، 4633 113 - باب ثَمَنِ الْكَلْبِ 2237 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ الأَنْصَارِىِّ - رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَمَهْرِ الْبَغِىِّ وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ. أطرافه 2282، 5346، 5761 ـــــــــــــــــــــــــــــ والميتة والخنزير والأصنام) حرمة بيع الخمر والميتة والخنزير على كل حال؛ وأما بيع الأصنام إنما تحرم ما دامت أصنامًا، وإذا فصلت الأجزاء جاز بيعها (قالوا: يَا رسول الله! أرأيت شحوم الميتة؛ فإنَّه يطلى به السفن) الضمير المذكر للشحم الذي دل عليه لفظ الشحوم أو هو ضمير الشأن (قال: لا، هو حرام) كأنهم فهمو أن حرمة الأكل لا تستلزم حرمة سائر الانتفاعات؛ كبيع الحُمر الأهلية، فأجاب بأنها كالدم والخمر، والحديث حجة على أبي حنيفة في تجويزه بيع شحوم الميتة، وعلى الإِمام أَحْمد في رواية "جملوه" بفتح الجيم وتخفيف الميم، ويروى: "أجملوه": أذابوه (وقال: أبو عاصم) الضحاك بن مخلد -بفتح الميم- أسنده مسلم، وفائدة هذا التعليق التصريح بالسماع بين يزيد وعطاء عطاء وجابر؛ بخلاف السند السابق. باب ثمن الكلب 2237 - (عن مسعود الأَنْصَارِيّ) هو البدري، واسمه عقبة (نهى عن ثمن الكلب، ومهر البغي) أي: الزانية، فعول، ولو كان فعيلًا لكان الظاهر بغية (وحلوان الكاهن) -بضم الحاء-

2238 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى عَوْنُ بْنُ أَبِى جُحَيْفَةَ قَالَ رَأَيْتُ أَبِى اشْتَرَى حَجَّامًا، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ. قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ ثَمَنِ الدَّمِ، وَثَمَنِ الْكَلْبِ، وَكَسْبِ الأَمَةِ، وَلَعَنَ الْوَاشِمَةَ وَالْمُسْتَوْشِمَةَ، وَآكِلَ الرِّبَا، وَمُوكِلَهُ، وَلَعَنَ الْمُصَوِّرَ. طرفه 2086 ـــــــــــــــــــــــــــــ ما يعطى الكاهن في حق الكهانة. 2238 - (حجاج بن منهال) بكسر الميم (عون) بفتح العين وسكون الواو (أبو جحيفة) -بضم الجيم وفتح الحاء- مصغر، واسمُه: وهب بن عبد الله (رأيت أبي اشترى حجامًا، فأمر بمحاجمه فكسرت) جمع معجم بكسر الميم: آلة الحجام (فسألته، فقال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ثمن الكلب). فإن قلت: كيف طابق الجواب، فإنَّه سئل عن موجب كسر المحاجم فأجاب بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ثمن الكلب قلت: تمام الحديث (ونهى عن ثمن الدم) جاء في سائر الروايات، وكذا هنا في بعض النسخ. فإن قلت: ثمن الدم مكروه، وسائر المذكورات حرام قلت: القِران في الذكر لا يستلزم القِران في الحكم، وقد خصّ ثمن الدم بإعطاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الحجام أجره.

35 - كتاب السلم

35 - كتاب السلم 1 - باب السَّلَمِ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ 2239 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِى نَجِيحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ أَبِى الْمِنْهَالِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ، وَالنَّاسُ يُسْلِفُونَ فِي الثَّمَرِ الْعَامَ وَالْعَامَيْنِ - أَوْ قَالَ عَامَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً. شَكَّ إِسْمَاعِيلُ - فَقَالَ «مَنْ سَلَّفَ فِي تَمْرٍ فَلْيُسْلِفْ ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب السلم باب السلم في كيل معلوم قال ابن الأثير: يقال: أسلم وسلم، وأسلف وسلف، والاسم منهما السلم والسلف؛ وهو: بيع الشيء في الذمة إلى أَجل معلوم. وسمي سلمًا؛ لأن رأس المال سُلّم في مجلس العقد؛ لئلا يكون بيع الكالئ بالكالئ، وسمي سلفًا؛ لأن المبيع يتأخر قبضه إلى أجل، أو إلى بعد المجلس عند من يجوز السلم في الحال؛ وهو الشَّافعيّ. 2239 - (زرارة) بضم الزاي المعجمة، وفتح الراء المهملة (عُلَيّه) بضم العين وتشديد الياء (عبد الله بن كثير) قيل: هو ابن كثير أحد القراء السبعة، والأصوب أنَّه أخو كثير بن كثير بن المطَّلب؛ كذا قيل، لكن قال شيخنا: الذي يظهر من البُخَارِيّ في "تاريخه" أنَّه أحد القراء المشهورين (ابن أبي نجيح) بفتح النُّون وكسر الجيم، اسمه: عبد الله (عن أبي المنهال) -بكسر الميم وسكون النُّون- عبد الرَّحْمَن بن مطعم. (من سَلَّف) بفتح السين وتشديد اللَّام (فليُسْلف) بضم الياء وسكون السين (في ثمر)

2 - باب السلم فى وزن معلوم

فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ». حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنِ ابْنِ أَبِى نَجِيحٍ بِهَذَا «فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ». أطرافه 2240، 2241، 2253 2 - باب السَّلَمِ فِي وَزْنٍ مَعْلُومٍ 2240 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِى نَجِيحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ أَبِى الْمِنْهَالِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ، وَهُمْ يُسْلِفُونَ بِالتَّمْرِ السَّنَتَيْنِ وَالثَّلاَثَ، فَقَالَ «مَنْ أَسْلَفَ فِي شَىْءٍ فَفِى كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ، إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ». طرفه 2239 حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ أَبِى نَجِيحٍ وَقَالَ «فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ». 2241 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ أَبِى نَجِيحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ أَبِى الْمِنْهَالِ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - يَقُولُ قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ «فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ». ـــــــــــــــــــــــــــــ بالثاء المثلثة (في كيل معلوم ووزن معلوم) تعلق به أهل الظاهر، فلم يجيزوا في غير الموزون والمكيل، ولا دليل لهم فيه؛ فإن هذا مفهوم اللقب؛ وإنما خصهما بالذكر لأنّ غالب تعاملهم كان فيهما. (محمَّد) كذا وقع غير منسوب، قال الغساني: هو ابن سلام، هو الذي يروي عن ابن عُلية. باب السلم في وزن معلوم 2240 - 2241 - روى في الباب حديث ابن عباس الذي في الباب قبله؛ رواه هنا من طريقين؛ بزيادة قوله: (وأجل معلوم) وهو موضع الدلالة على الترجمة.

3 - باب السلم إلى من ليس عنده أصل

2242 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ ابْنِ أَبِى الْمُجَالِدِ. وَحَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى الْمُجَالِدِ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى مُحَمَّدٌ، أَوْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى الْمُجَالِدِ قَالَ اخْتَلَفَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ وَأَبُو بُرْدَةَ فِي السَّلَفِ، فَبَعَثُونِى إِلَى ابْنِ أَبِى أَوْفَى - رضى الله عنه - فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ إِنَّا كُنَّا نُسْلِفُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ، فِي الْحِنْطَةِ، وَالشَّعِيرِ وَالزَّبِيبِ، وَالتَّمْرِ. وَسَأَلْتُ ابْنَ أَبْزَى فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ. طرفاه 2244، 2255 3 - باب السَّلَمِ إِلَى مَنْ لَيْسَ عِنْدَهُ أَصْلٌ 2244، 2245 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِىُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى الْمُجَالِدِ قَالَ بَعَثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ وَأَبُو بُرْدَةَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى أَوْفَى - رضى الله عنهما - فَقَالاَ سَلْهُ هَلْ كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يُسْلِفُونَ فِي الْحِنْطَةِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ كُنَّا نُسْلِفُ نَبِيطَ أَهْلِ الشَّأْمِ فِي الْحِنْطَةِ، وَالشَّعِيرِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ 2242 - 2243 - (أبو الوليد) هشام (عن ابن أبي المجالد) بضم الميم وكسر اللام، وهو محمد كما صرح به بعده فإن قلت: ذكر شعبة أوّلًا أن اسمه محمَّد، وذكر بعده أنَّه محمَّد أو عبد الله على الشك قلت: نسي ثم تذكر؛ أو بالعكس. [باب السَّلَم إِلَي مَنْ لَيسَ عِنْدَهُ أَصْلٌ] 2244 - 2245 - (عبد الله بن شداد) بفتح الشين وتشديد الدال (وأبو بردة) -بضم الباء- عامر بن أبي موسى (ابن أبي أوفى) عبد الله، واسمُ أبي أوفى علقمة (كنا نسلف نبيط أهل الشَّام) قيل: هم النصارى. وقال ابن الأثير: النبط والنبيط جبل معروف،

وَالزَّيْتِ، فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ. قُلْتُ إِلَى مَنْ كَانَ أَصْلُهُ عِنْدَهُ قَالَ مَا كُنَّا نَسْأَلُهُمْ عَنْ ذَلِكَ. ثُمَّ بَعَثَانِى إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يُسْلِفُونَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَلَمْ نَسْأَلْهُمْ أَلَهُمْ حَرْثٌ أَمْ لاَ طرفاه 2242، 2243 حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الشَّيْبَانِىِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى مُجَالِدٍ بِهَذَا وَقَالَ فَنُسْلِفُهُمْ فِي الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِىُّ وَقَالَ وَالزَّيْتِ. حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الشَّيْبَانِىِّ وَقَالَ فِي الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالزَّبِيبِ. 2246 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنَا عَمْرٌو قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْبَخْتَرِىِّ الطَّائِىَّ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ السَّلَمِ فِي النَّخْلِ. قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ، حَتَّى يُؤْكَلَ مِنْهُ وَحَتَّى يُوزَنَ. فَقَالَ الرَّجُلُ وَأَىُّ شَىْءٍ يُوزَنُ قَالَ رَجُلٌ إِلَى جَانِبِهِ حَتَّى يُحْرَزَ. وَقَالَ مُعَاذٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو قَالَ أَبُو الْبَخْتَرِىِّ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَهُ. طرفاه 2248، 2250 ـــــــــــــــــــــــــــــ كانوا ينزلون فيه بالبطائح بين العراقين (قلت: إلى من كان أصله عنده قال: ما كنا نسألهم) هذا الذي اتفقت عليه الأئمة، فإن الشرط وجوده في تلك الناحية (أبزى) بفتح الهمزة وسكون الباء الموحدة، آخره زاي معجمة. 2246 - (أبا البختري) -بفتح الموحدة وسكون المعجمة- سعيد بن فيروز (نهى النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- عن بيع النخل حتَّى يوكل منه، وحتى يوزن). قال ابن بطال: إيراد هذا الحديث في هذا الباب غلط من البُخَارِيّ، كان الواجب إيراده في الباب الذي بعده. وهذا غلط منه؛ لأن مذهب ابن عباس شرط السلم وجود المسلم فيه عند العقد، فأورد الحديث في باب السلم إلى من ليس عنده أصل إشارة إلى أن الشرط وجوده في تلك الناحية، ولا يشترط أن يكون عنده، وقال أبو حنيفة والأوزاعي بما قال ابن عباس من اشتراط وجود المسلم فيه عند العقد.

4 - باب السلم فى النخل

4 - باب السَّلَمِ فِي النَّخْلِ 2247، 2248 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبِى الْبَخْتَرِىِّ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ السَّلَمِ فِي النَّخْلِ فَقَالَ نُهِىَ عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ حَتَّى يَصْلُحَ، وَعَنْ بَيْعِ الْوَرِقِ نَسَاءً بِنَاجِزٍ. وَسَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ السَّلَمِ فِي النَّخْلِ، فَقَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ حَتَّى يُؤْكَلَ مِنْهُ، أَوْ يَأْكُلَ مِنْهُ، وَحَتَّى يُوزَنَ. طرفاه 1486، 2246 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: سؤال السائل إنما كان عن السلم، وجواب ابن عباس بالبيع، كيف طابق السؤال؟ قلت: البيع يشمل السلم؛ لأنه بيع موصوف في الذمة، فأشار إلى أنَّه إذا كان في نخل معين ولم يكن موجودًا في تلك الناحية كأنه باع الثمر قبل بدو الصلاح. ولبعض الشارحين هنا كلام غريب، وهو أنَّه قال: فإن قلت: كيف صح معنى السلم فيه، ولم يقع العقد على موصوف في الذمة؟ قلت: أريد بالسلم معناه اللغوي، أو هذه الثمرة لما كانت قبل بدو الصلاح كأنها موصوفة في الذمة. فإن قلت: فكيف نهى عن ثمنه؟ قلت: من أَجل أنَّه من تلك الثمرة خاصة؛ لا مسترسلًا في الذمة. هذا كلامه، وخبطه من وجوه: الأول: أن السائل إنما سأل عن عقد السلم؛ لا معناه لغة، فإنَّه عارف به، ولو كان سؤاله عن معناه لغة فكيف كان يطابق جواب ابن عباس؟ وأيّ ضرورة للسائل بالسؤال عن معنى السلم لغة؟! الثاني: أنّ النهي عن بيع الثمر قبل بدو الصلاح قد صرح به في الحديث؛ وهي كونها محل العاهة، وقال: "أرأيت إن أصابه عاهة، فبم يستحل مال أخيه". الثالث: إنما قوله: إنما نهى لأجل أنَّه من تلك الثمرة، مما لا دلالة للفظ عليه بوجه. فإن قلت: قد تقدم من كلام ابن عباس أنَّهم كانوا يسلفون العام والعامين، فكيف يشترط وجود المسلم فيه عند العقد؟ قلت: لا تنافي؛ لأن المسلم فيه موجود عند العقد؛ وإذا وجد الشرط عند العقد يستمر عليه.

5 - باب الكفيل فى السلم

2249، 2250 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبِى الْبَخْتَرِىِّ سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ السَّلَمِ فِي النَّخْلِ فَقَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يَصْلُحَ، وَنَهَى عَنِ الْوَرِقِ بِالذَّهَبِ نَسَاءً بِنَاجِزٍ. وَسَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ حَتَّى يَأْكُلَ أَوْ يُؤْكَلَ، وَحَتَّى يُوزَنَ. قُلْتُ وَمَا يُوزَنُ قَالَ رَجُلٌ عِنْدَهُ حَتَّى يُحْرَزَ. طرفاه 1486، 2246 5 - باب الْكَفِيلِ فِي السَّلَمِ 2251 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا يَعْلَى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتِ اشْتَرَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - طَعَامًا مِنْ يَهُودِىٍّ بِنَسِيئَةٍ، وَرَهَنَهُ دِرْعًا لَهُ مِنْ حَدِيدٍ. طرفه 2068 6 - باب الرَّهْنِ فِي السَّلَمِ 2252 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ تَذَاكَرْنَا عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ الرَّهْنَ فِي السَّلَفِ فَقَالَ حَدَّثَنِى الأَسْوَدُ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - اشْتَرَى مِنْ يَهُودِىٍّ طَعَامًا إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ، وَارْتَهَنَ مِنْهُ دِرْعًا مِنْ حَدِيدٍ. طرفه 2068 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الكفيل في السلم 2251 - (محمَّد) هو ابن سلام (يعلى) بفتح الياء على وزن يحيى (اشترى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من يهودي طعامًا بنسيئة ورهنه درعًا له من حديد). فإن قلت: هذا رهن والترجمة كفالة. قلت: الكفالة لغة: الضمان؛ قاله الجوهري، وتعلق الحق بالمرهون تعلق ضمان إذا لم يف المديونُ الدينَ يباع الرهن، أو أراد بيان أن الكفالة في الدين المؤجل مثل الرهن، فالذي يدل على جواز الرّهن يدل على جوازها. فإن قلت: قصة درع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليس فيها سلم؟ قلت: الدين المؤجّل والسلم يشتركان في الأجل، فالدّال لأحدهما دالّ على الآخر.

7 - باب السلم إلى أجل معلوم

7 - باب السَّلَمِ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَبِهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو سَعِيدٍ وَالأَسْوَدُ وَالْحَسَنُ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ لاَ بَأْسَ فِي الطَّعَامِ الْمَوْصُوفِ بِسِعْرٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ، مَا لَمْ يَكُ ذَلِكَ فِي زَرْعٍ لَمْ يَبْدُ صَلاَحُهُ. 2253 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ أَبِى نَجِيحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ أَبِى الْمِنْهَالِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ وَهُمْ يُسْلِفُونَ فِي الثِّمَارِ السَّنَتَيْنِ وَالثَّلاَثَ، فَقَالَ «أَسْلِفُوا فِي الثِّمَارِ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ». وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى نَجِيحٍ وَقَالَ «فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ». طرفه 2239 2254 و 2255 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ سُلَيْمَانَ الشَّيْبَانِىِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى مُجَالِدٍ قَالَ أَرْسَلَنِى أَبُو بُرْدَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى أَوْفَى فَسَأَلْتُهُمَا عَنِ السَّلَفِ. فَقَالاَ كُنَّا نُصِيبُ الْمَغَانِمَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَكَانَ يَأْتِينَا أَنْبَاطٌ مِنْ أَنْبَاطِ الشَّأْمِ فَنُسْلِفُهُمْ فِي الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالزَّبِيبِ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى. قَالَ قُلْتُ أَكَانَ لَهُمْ زَرْعٌ، أَوْ لَمْ يَكُنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب السلم إلى أَجل معلوم كون الأجل معلومًا شرط عند الكل. (وقال ابن عمر: لا بأس في الطعام الموصوف، بسعر معلوم، وكيل أو وزن معلوم، إلى أَجل؛ ما لم يكن ذلك في زرع (لم يبد صلاحه) لأن عند ابن عمر من شرط السلم أن يكون المسلم فيه موجودًا عند العقد؛ كما تقدم من مذهب ابن عباس وأبي حنيفة. 2253 - (أبو نعيم) بضم النُّون، مصغر (عن أبي نجيح) عبد الله، واسمُ أبي نَجيح -بفتح النُّون وكسر الجيم- يسار (عن أبي المنهال) -بكسر الميم- عبد الرَّحْمَن بن مطعم الكُوفيّ. 2254 - 2255 - (محمَّد بن مقاتل) بضم الميم وكسر التاء، وشرح الحديث تقدم في الأبواب المتقدمة.

8 - باب السلم إلى أن تنتج الناقة

لَهُمْ زَرْعٌ قَالاَ مَا كُنَّا نَسْأَلُهُمْ عَنْ ذَلِكَ. طرفاه 2242، 2243 8 - باب السَّلَمِ إِلَى أَنْ تُنْتَجَ النَّاقَةُ 2256 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَخْبَرَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ كَانُوا يَتَبَايَعُونَ الْجَزُورَ إِلَى حَبَلِ الْحَبَلَةِ، فَنَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْهُ. فَسَّرَهُ نَافِعٌ أَنْ تُنْتَجَ النَّاقَةُ مَا فِي بَطْنِهَا. طرفه 2143 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب السلم إلى أن تنتج الناقة بضم التاء على بناء المجهول، يقال: نتجت الناقة ابنًا فهي نتوج، وقد سلف أن الناتج للناقة بمنزلة القابلة في الإنسان. 2256 - و (حبل الحبلة) بفتح الحاء والباء فيهما (فسره نافع بأن تنتج الناقة ما في بطنها) وله معنى آخر تقدم؛ وهو أن ينتج ما في بطن الناقة. فإن قلت: ما علة بطلانه؟ قلت: لأن أصله غير معلوم. فإن قلت: كيف جوز مالك وأَحمد التأجيل بالحصاد وجذاذ الثمر؟ قلت: قالا: ذلك معلوم عرفًا، فلا يؤدي إلى النزاع. فإن قلت: دلت الأحاديث على اشتراط الأجل، فما دليل الشَّافعيّ على جواز السلم حالًا؟ قلت: دلت الأحاديث على أن السلم إذا كان مؤجلًا شرطه أن يكون الأجل معلومًا، وهذا لا يدل على عدم جواز الحال؛ بل يجوز من باب الأَولى لعدم الغرر فيه.

36 - كتاب الشفعة

36 - كتاب الشفعة 1 - باب الشُّفْعَةُ مَا لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ فَلاَ شُفْعَةَ 2257 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالشُّفْعَةِ فِي كُلِّ مَا لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ وَصُرِّفَتِ الطُّرُقُ فَلاَ شُفْعَةَ. طرفه 2213 ـــــــــــــــــــــــــــــ أبواب الشفعة باب الشفعة فيما لم يقسم (فإذا وقعت الحدود فلا شفعة) -بضم الشين وسكون الفاء- فُعْلة بمعنى المفعول؛ كالأكلة بمعنى المأكول، هذا معناه لغة؛ لأن الشفيع يضم نصيب شريكة إلى ملكه، ومعناه في عرف الشرع: تملك ملك "قهري" بالثَّمن الأول، ومعنى قولهم: تملك ملك على طريق القهر أنَّه من شأنه ذلك، وألا تجوز الشفعة بدونه؛ كما إذا رضي المشتري بذلك. 2257 - (معمر) بفتح النُّون وسكون العين (قضى النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - بالشفعة في كل ما لم يقسم) ذهب بعض العلماء إلى جواز الشفعة في كل مال استدلالًا بظاهر هذا الحديث، واتفق الأئمة على اختصاصه بالعقار؛ لما روى مسلم وغيره: "الشفعة في ربع أو حائط" واستدل به الشَّافعيّ وأَحمد على أن شرط صحته أن يكون مما يقبل القسمة، وهو أحد قولي مالك؛ وإلا كان ذكر القسمة ضائعًا، واستدلاّ بقوله: "فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرف فلا شفعة" على عدم شفعة الجار. فإن قلت: فما جوابهما عن حديث أبي رافع: "الجار أحق بسقبه"؟ قلت: الجار

2 - باب عرض الشفعة على صاحبها قبل البيع

2 - باب عَرْضِ الشُّفْعَةِ عَلَى صَاحِبِهَا قَبْلَ الْبَيْعِ وَقَالَ الْحَكَمُ إِذَا أَذِنَ لَهُ قَبْلَ الْبَيْعِ فَلاَ شُفْعَةَ لَهُ. وَقَالَ الشَّعْبِىُّ مَنْ بِيعَتْ شُفْعَتُهُ وَهْوَ شَاهِدٌ لاَ يُغَيِّرُهَا فَلاَ شُفْعَةَ لَهُ. 2258 - حَدَّثَنَا الْمَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ قَالَ وَقَفْتُ عَلَى سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ، فَجَاءَ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى إِحْدَى مَنْكِبَىَّ إِذْ جَاءَ أَبُو رَافِعٍ مَوْلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا سَعْدُ ابْتَعْ مِنِّى بَيْتَىَّ فِي دَارِكَ. فَقَالَ سَعْدٌ وَاللَّهِ مَا أَبْتَاعُهُمَا. فَقَالَ الْمِسْوَرُ وَاللَّهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ محمول على الشريك جمعًا بين الروايتين، أو السقب عبارة عن البر والمعروف، فإنَّه بالسين والصاد معناه القرب؛ قاله ابن الأثير. فإن قلت: ما معنى قوله: "صرفت الطرق"؟ قلت: معناه: بينت من تصريف؛ قاله ابن الأثير. فإن قلت: قال أبو حاتم: إذا صرفت الطرق من كلام جابر مدرج قلت: قال الإِمام أَحْمد: مرفوع إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. باب عرض الشفعة على صاحبها قبل البيع (وقال الحكم) بفتح الحاء والكاف (إذا أذن له قبل البيع بلا شفعة له) إلى هذا ذهب طائفة والجمهورُ، منهم الشَّافعيّ وأبو حنيفة إلى أن له الشفعة؛ لأن ذلك إسقاط للحق قبل ثبوته (وقال الشعبي) -بفتح الشين وسكون العين- أبو عمرو عامر الكُوفيّ (من بيعت شفعته) أي: مَا لَهُ فيه حقّ الشفعة (وهو شاهد لا يغيرها) أي: لا يأخذه بالشفعة وتركه للمشتري (فلا شفعة له) وعلى هذا الأئمة كلهم؛ إلَّا رواية عن مالك. 2258 - (ابن جريج) -بضم الجيم مصغر- عبد الملك (ميسرة) ضد الميمنة (عمرو بن الشريد) بفتح الشين وكسر الراء (المسور بن مخرمة) بكسر الميم في الأوّل، وفتحها في الثاني (أبو رافع مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) العبد القبطي، كان لعباس فوهبه لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلما بشر رسول الله غير بإسلام عبّاس أعتقه لذلك، واسمه: أسلم (يَا سعد ابتع مني بيتيَّ في دارك) بلفظ التثنية وتشديد الياء، اتفق أهل النقل على أن سعدًا كان شريكًا

3 - باب أى الجوار أقرب

لَتَبْتَاعَنَّهُمَا. فَقَالَ سَعْدٌ وَاللَّهِ لاَ أَزِيدُكَ عَلَى أَرْبَعَةِ آلاَفٍ، مُنَجَّمَةٍ أَوْ مُقَطَّعَةٍ. قَالَ أَبُو رَافِعٍ لَقَدْ أُعْطِيتُ بِهَا خَمْسَمِائَةِ دِينَارٍ، وَلَوْلاَ أَنِّى سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «الْجَارُ أَحَقُّ بِسَقَبِهِ». مَا أَعْطَيْتُكَهَا بِأَرْبَعَةِ آلاَفٍ، وَأَنَا أُعْطَى بِهَا خَمْسَمِائَةِ دِينَارٍ. فَأَعْطَاهَا إِيَّاهُ. أطرافه 6977، 6978، 6980، 6981 3 - باب أَىُّ الْجِوَارِ أَقْرَبُ 2259 - حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ح وَحَدَّثَنِى عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ قَالَ سَمِعْتُ طَلْحَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِى جَارَيْنِ، فَإِلَى أَيِّهِمَا أُهْدِى قَالَ «إِلَى أَقْرَبِهِمَا مِنْكِ بَابًا». طرفاه 2595، 6020 ـــــــــــــــــــــــــــــ لأبي رافع، ولفظ "بيتيَّ" بالإضافة إلى المتكلم يدل على خلاف ما قالوا. فإن قلت: فما الجواب لمن يقول: لا شفعة للجار؟ قلت: يقول: معنى قوله: "الجار أحق بسقبه" أنَّه أولى بالمعروف أنَّه إذا كان طالبًا فالأولى أن يباع له؛ لحرمة الجوار. فإن قلت: فقد روى التِّرْمِذِيّ: "الجار أحق بالدار". قلت: قال الدارقطني: لم يصح رفعه؛ جمعًا بين الأحاديث؛ لأن حديث جابر نص في الشريك، ولا شفعة هنا في الحديث؛ بل إنما باعه لجاره، لكن ترجمة الباب تدل على أن البُخَارِيّ حمله على شفعة الجار. باب أيّ الجوار أقرب 2259 - (عليٌّ) هو ابن عبد الله المدنِيُّ (شبابة) بفتح الشين وتخفيف الباء (أبو عمران الجوني) -بفتح الجيم وسكون الواو- نسبة إلى صنعته، وهو جونة العطار، واسمه: عبد الملك (عن عائشة، قالت: قلت: يَا رسول الله! إن لي جارين إلى أيهما أهدي؟ قال: إلى أقربهما منك بابًا) اعتبر القرب بالباب؛ لأنه سبب الملاقاة ومشاهدة ما يدخل، فله حق النظر. فإن قلت: أي وجه لإيراد هذا الحديث في باب الشفعة؟ قلت: أشار به إلى أن حديث "الجار أحق بسقبه" من هذا القبيل من رعاية الجار بالبر والمعروف، ولا تعلق له بالشفعة.

37 - كتاب الإجارة

37 - كتاب الإجارة 1 - باب اسْتِئْجَارِ الرَّجُلِ الصَّالِحِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِىُّ الأَمِينُ) وَالْخَازِنِ الأَمِينِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَعْمِلْ مَنْ أَرَادَهُ. 2260 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ قَالَ أَخْبَرَنِى جَدِّى أَبُو بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - «الْخَازِنُ الأَمِينُ الَّذِى يُؤَدِّى مَا أُمِرَ بِهِ طَيِّبَةً نَفْسُهُ أَحَدُ الْمُتَصَدِّقَيْنِ». طرفه 1438 2261 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ قُرَّةَ بْنِ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنِى حُمَيْدُ بْنُ ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الإجارات باب استئجار الرَّجل الصَّالح (وقوله تعالى: {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} [القصص: 26]) هذا حكاية عن قول بنت شعيب في حق موسى، والقوي الأمين: الرَّجل الصالح (والخازن الأمين، و [من] لم يستعمل من أراده) هذا أَيضًا من تمام الترجمة. 2260 - (عن أبي بردة) -بضم الباء وسكون الراء- هو يزيد بن عبد الله، وجده أبو بردة بن أبي موسى، اسمه عامر (الخازن الأمين الذي يؤدي ما أُمر به طيب نفسه) وفي بعضها: "طيبة" وعلى الوجهين خبر مبتدأ محذوف؛ أي: وهو طيبة، ونفسه فاعل، وحمله على التأكيد من لغو الكلام، وقد يروى "طيبةً" بالنصب على الحال. فإن قلت: ما وجه إيراد هذا الحديث في أبواب الإجارة؟ قلت: يجوز أن يكون الخازن أجيرًا؛ وإذا كان على هذه الصفة يكون رجلًا صالحًا. 2261 - (قرة بن خالد) بضم القاف وتشديد الرّاء (حميد) بضم الحاء: مصغر

2 - باب رعى الغنم على قراريط

هِلاَلٍ حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ أَقْبَلْتُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَمَعِى رَجُلاَنِ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ، فَقُلْتُ مَا عَلِمْتُ أَنَّهُمَا يَطْلُبَانِ الْعَمَلَ. فَقَالَ «لَنْ أَوْ لاَ نَسْتَعْمِلُ عَلَى عَمَلِنَا مَنْ أَرَادَهُ». أطرافه 3038، 4341، 4343، 4344، 6124، 6923، 7149، 7156، 7157، 7172 2 - باب رَعْىِ الْغَنَمِ عَلَى قَرَارِيطَ 2262 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَكِّىُّ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلاَّ رَعَى الْغَنَمَ». فَقَالَ أَصْحَابُهُ وَأَنْتَ فَقَالَ «نَعَمْ كُنْتُ أَرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ لأَهْلِ مَكَّةَ». ـــــــــــــــــــــــــــــ (عن أبي موسى قال: أقبلت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومعي رجلان من الأشعريين، فقلت: ما علمت أنهما يطلبان). فإن قلت: ما توجيه هذا الكلام؟ قلت: رواه مختصرًا وقد سبق في كتاب الزكاة أن الرجّلين طلبا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تولية عمل من الأعمال، فأنكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (من أراده) هذا موضع الدلالة على الترجمة، والحكم في عدم استعماله من طلب العمل أنَّه يدل على حرص على الدنيا، فلا يؤمن على أموال المسلمين. باب رعي الغنم على قراريط 2262 - (ما بعث الله نبيًّا إلا رعى الغنم، فقال أصحابه: وأنت) أي: وأنت منهم؟ (قال: نعم، كنت أرعى على قراريط لأهل مكة) قال ابن الحربي: القراريط موضع بمكة، وقيل: قائله أبو عبيد قاسم بن سلاّم، وهذا الذي قاله ينكره أهل مكة، ولا يعرفون بمكة وما حولها موضعًا يسمى بذلك الاسم، ولا وجد في كتب اللغة ذكره، والصواب أنّ المراد أخذ الأجرة على ما فهم البُخَارِيّ وغيره، وفي رواية ابن ماجه: "بالقراريط" ولا عار على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أخذ الأجرة على العمل؛ فإنَّه كسب الحلال، ولا سيما في أوان

3 - باب استئجار المشركين عند الضرورة أو إذا لم يوجد أهل الإسلام

3 - باب اسْتِئْجَارِ الْمُشْرِكِينَ عِنْدَ الضَّرُورَةِ أَوْ إِذَا لَمْ يُوجَدْ أَهْلُ الإِسْلاَمِ وَعَامَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَهُودَ خَيْبَرَ. 2263 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - وَاسْتَأْجَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بَكْرٍ رَجُلاً مِنْ بَنِى الدِّيلِ ثُمَّ مِنْ بَنِى عَبْدِ بْنِ عَدِىٍّ هَادِيًا خِرِّيتًا - الْخِرِّيتُ ـــــــــــــــــــــــــــــ الصبا قبل النبوة، وكان يتجر لخديجة، وهذا موسى كليم الله أجّر نفسه عشر سنين على رعي الغنم لشعيب كما نطق به القرآن. فإن قلت: ما الحكمة في أن الله استعملهم في ذلك العمل؟ قلت: لأنّ فيه تحمل المشاق، ورياضة النفس، والدلالة على الماء والعلف الذي فيه حياة هذه الدار، ليكون مقدمة لدلالة ما به الحياة الآبدة من الإيمان والطاعات، وخصوصية الغنم؛ لأن في أخلاقها السهولة وفي لفظها تفاؤل بالغنيمة؛ ألا ترى أن رؤيتها في المنام تدل على حسن حال الرائي. باب استئجار المشركين عند الضرورة أو إذا لم يوجد أهل الإِسلام كان الظاهر إذا لم يوجد، بدون العاطف، وكأنه أشار إلى الضرورة أولًا؛ وإلى موضع الحاجة ثانيًا. (وعامل النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- يهود خيبر) [لأنه لم يوجد] من يقوم بذلك العمل غير اليهود. فإن قلت: استئجار الكافر مما لا خلاف فيه؛ لأنه إذلال له؛ إنما الخلاف في إجارة المسلم نفسه للكافر، فأي ضرورة إلى ذكر الضرورة في استئجار الكافر؟ قلت: أراد أنَّه خلاف الأولى، فإن المخالطة مع الكفار تورث سوء الخلق؛ فلا يرتكب ألا عند الضرورة، 2263 - (عن عائشة: واستأجر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر). فإن قلت: ما وجه هذه الواو؟ قلت: عطفه على من قبله من حديث الهجرة، لم يورده لعدم الاحتياج إليه، ورواه ابن السكن بدون الواو (رجلًا من بني الديل) -بكسر الدال بعدها ياء ساكنة، ويروى بضم الدال وكسر الهمزة- بطن من بني بكر، واسم الرَّجل: عبد الله بن أريقط بضم الهمزة: مصغر، وقيل: سهم بن عمرو (هاديًا خرّيتًا) بكسر الخاء وتشديد الراء

4 - باب إذا استأجر أجيرا ليعمل له بعد ثلاثة أيام أو بعد شهر أو بعد سنة جاز، وهما على شرطهما الذى اشترطاه إذا جاء الأجل

الْمَاهِرُ بِالْهِدَايَةِ - قَدْ غَمَسَ يَمِينَ حِلْفٍ فِي آلِ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ، وَهْوَ عَلَى دِينِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، فَأَمِنَاهُ فَدَفَعَا إِلَيْهِ رَاحِلَتَيْهِمَا، وَوَعَدَاهُ غَارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلاَثِ لَيَالٍ، فَأَتَاهُمَا بِرَاحِلَتَيْهِمَا، صَبِيحَةَ لَيَالٍ ثَلاَثٍ، فَارْتَحَلاَ، وَانْطَلَقَ مَعَهُمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ، وَالدَّلِيلُ الدِّيلِىُّ فَأَخَذَ بِهِمْ أَسْفَلَ مَكَّةَ وَهْوَ طَرِيقُ السَّاحِلِ. طرفه 476 4 - باب إِذَا اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا لِيَعْمَلَ لَهُ بَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أَوْ بَعْدَ شَهْرٍ أَوْ بَعْدَ سَنَةٍ جَازَ، وَهُمَا عَلَى شَرْطِهِمَا الَّذِى اشْتَرَطَاهُ إِذَا جَاءَ الأَجَلُ 2264 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَأَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ وَاسْتَأْجَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــ المكسورة، وقد فسره بأنه (الماهر بالهداية. قد غمس يمين حلف في العاص بن وائل) الحلف -بكسر الحاء وسكون اللام، ويروى بفتح الحاء وكسر اللام- المعاهدة والمعاقدة على التعاضد والتناصر، وكان دأبهم عند ذلك أن يجعلوا طِيبًا أو دمًا في جفنة، ويغمسوا فيها أيديهم؛ ليدل ذلك الصنيع على وكادة العهد واشتهاره (غار ثور) -بالثاء المثلثة- لفظ الحيوان المعروف؛ اسم جبل بمكة، يقال له ثور الحجل. (عامر بن فهيرة) -بضم الفاء وكسر الهاء- مصغر؛ كان عبدًا للصديق؛ فأعتقه، وهو قديم الإِسلام قبل بئر معونة (فأخذ بهم طريق الساحل) وهو أبعد الطرق ليخفى على الكفار حالهم، وفي بعض النسخ "أخذ بهم وهو طريق الساحل"، والوجه فيه أن قوله: وهو طريق، تفسير من الراوي لمقدر؛ أي: أخذ بهم طريقًا وهو طريق الساحل، ومن الشارحين من جعل ضمير "وهو" لعامر، أي: أخذ الدليل وعامر بهم، ولما ورد عليه أن بهم ضمير جمع، وليس هناك إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر، أجاب: بأن أقل الجمع اثنان، وهذا خلاف الصواب؛ لأن الأخذ في الطريق مخصوص بالدليل؛ ليس لعامر في ذلك مدخل، وكون أقل الجمع اثنين ضعيف، لا يرتكب إلَّا عند الضرورة، على أن طريق في تلك الروايات مرفوع باتفاق الرواة. باب إذا استأجر أجيرًا ليعمل له بعد ثلاثة أيام، أو بعد شهر، أو بعد سنة جاز 2264 - استدل عليه بالحديث الذي في الباب قبله: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر استأجرا رجلًا ودفعا إليه راحلتيهما ليأتيهما بعد ثلاث.

5 - باب الأجير فى الغزو

رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بَكْرٍ رَجُلاً مِنْ بَنِى الدِّيلِ، هَادِيًا خِرِّيتًا وَهْوَ عَلَى دِينِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، فَدَفَعَا إِلَيْهِ رَاحِلَتَيْهِمَا، وَوَاعَدَاهُ غَارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلاَثِ لَيَالٍ بِرَاحِلَتَيْهِمَا صُبْحَ ثَلاَثٍ. أطرافه 3038،4341، 4343، 4344، 6124، 6923، 7149، 7156، 7157، 7172. 5 - باب الأَجِيرِ فِي الْغَزْوِ 2265 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَطَاءٌ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ - رضى الله عنه - قَالَ غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - جَيْشَ الْعُسْرَةِ فَكَانَ مِنْ أَوْثَقِ أَعْمَالِى فِي نَفْسِى، فَكَانَ لِى أَجِيرٌ، فَقَاتَلَ إِنْسَانًا، فَعَضَّ أَحَدُهُمَا إِصْبَعَ صَاحِبِهِ، فَانْتَزَعَ إِصْبَعَهُ، فَأَنْدَرَ ثَنِيَّتَهُ فَسَقَطَتْ، فَانْطَلَقَ ـــــــــــــــــــــــــــــ واعترض عليه الإسماعيلي بأنه ليس في الحديث تأخير العمل، فإن ابتداء العمل كان حين دفعًا إليه الراحلتين، وهذا الاعتراض ساقط؛ لأن الاستئجار إنما كان للدلالة على الطريق؛ لا لحفظ الراحلتين؛ بل كان ذلك على طريق الأمانة، ألا ترى إلى قولها (فأمّناه وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليال براحلتيهما صبح ثلاث) أي: أتى براحلتيهما صبح الثالث، ففي قوله: ثلاث، تسامح. باب الأجير في الغزو 2265 - (ابن عليّة) -بضم العين وفتح اللام وتشديد الياء- إسماعيل بن إبراهيم (ابن جريج) -بضم الجيم مصغر- عبد الملك (يعلى) بفتح الياء على وزن يحيى (غزوت مع النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - جيش العسرة) هو غزوة تبوك، سمي جيش العسْرَة لوقوع ذلك في زمن الحر؛ مع بعد المسافة، وكثرة العدو (فكان من أوثق أعمالي) أي: ذلك السفر؛ لأن أفضل الأعمال أشقها (وكان لي أجير) هذا موضع الدلالة على الترجمة (فقاتل إنسانًا فعضّ أحدهما أصبع الآخر، فانتزع أصبعه فأندر ثنيته) أندر بهمزة القطع ودال مهملة أي: أسقطه يقال: ندر سقط وأندره أي: أسقطه، والثنية على وزن عطية: واحدة الثنايا, ولكل إنسان أربع ثنايا، ثنتان

6 - باب من استأجر أجيرا فبين له الأجل ولم يبين العمل

إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَهْدَرَ ثَنِيَّتَهُ وَقَالَ «أَفَيَدَعُ إِصْبَعَهُ فِي فِيكَ تَقْضَمُهَا - قَالَ أَحْسِبُهُ قَالَ - كَمَا يَقْضَمُ الْفَحْلُ». طرفه 1848 2266 - قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَحَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ جَدِّهِ بِمِثْلِ هَذِهِ الصِّفَةِ أَنَّ رَجُلاً عَضَّ يَدَ رَجُلٍ، فَأَنْدَرَ ثَنِيَّتَهُ، فَأَهْدَرَهَا أَبُو بَكْرٍ رضى الله عنه. 6 - باب مَنِ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَبَيَّنَ لَهُ الأَجَلَ وَلَمْ يُبَيِّنِ الْعَمَلَ لِقَوْلِهِ (إِنِّى أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَىَّ هَاتَيْنِ) إِلَى قَوْلِهِ (عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ) ـــــــــــــــــــــــــــــ أسفل، وثنتان فوق؛ وهي أسنان مقدم الفم (فأهدر ثنيته) أي: أبطل أرشها، من الهدر، وهو: السقوط، علله بقوله: (أفيدع أصبعه في فيك تقتضمها؟) -بفتح التاء والضاد المعجمة- العضّ بأطراف الأسنان، والخضم -بالخاء-: العض بأقصاها. 2266 - (وقال ابن جريج) هذا تعليق من البُخَارِيّ، وقد رواه الحاكم مسندًا (عن عبد الله بن أبي مليكة عن جده) عبد الله هذا ابن عبيد الله -مصغر- ابن أبي مليكة -بضم الميم مصغر- واسمه زهير. قال ابن عبد البر: إنْ أراد البُخَارِيّ بجده أَبا مليكة فالحديث متصل؛ لأنه صحابي؛ وإن أراد بالجد عبد الله بن أبي مليكة فالحديث منقطع من الطرفين. فإن قلت: في رواية البُخَارِيّ: أن أجير يعلى هو الذي قاتل رجلًا، وفي رواية مسلم: أن يعلى هو الذي قاتل رجلًا؛ وفي رواية ابن جريج أن رجلًا قاتل؟ قلت: قال النووي: يجوز تعدد القضية. قلت: قضية ابن جريج غير قضية يعلى؛ لأن هذا كان في إمرة أبي بكر، وأما قضية يعلى وأجيره فالذي قاتل هو أجيره، وإسنادهُ إلى يعلى تسامح؛ كأنه ساعد أجيره. باب من استأجر أجيرًا فبين له الأجل، ولم يبين له العمل استدل عليه بقوله تعالى في قصّة موسى مع شعيب: ({إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} [القصص: 27]) قال الجوهوى: يقال: أجره الله بأجره، أي:

7 - باب إذا استأجر أجيرا على أن يقيم حائطا يريد أن ينقض جاز

يَأْجُرُ فُلاَنًا يُعْطِيهِ أَجْرًا، وَمِنْهُ فِي التَّعْزِيَةِ أَجَرَكَ اللَّهُ. 7 - باب إِذَا اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا عَلَى أَنْ يُقِيمَ حَائِطًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ جَاز 2267 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ أَخْبَرَنِى يَعْلَى بْنُ مُسْلِمٍ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ، وَغَيْرُهُمَا قَالَ قَدْ سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُهُ عَنْ سَعِيدٍ قَالَ قَالَ لِى ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - حَدَّثَنِى أُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «فَانْطَلَقَا فَوَجَدَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ». قَالَ سَعِيدٌ بِيَدِهِ هَكَذَا، وَرَفَعَ يَدَيْهِ فَاسْتَقَامَ، قَالَ يَعْلَى حَسِبْتُ أَنَّ سَعِيدًا قَالَ. فَمَسَحَهُ بِيَدِهِ فَاسْتَقَامَ {قَالَ} لَوْ شِئْتَ لاَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا». قَالَ سَعِيدٌ أَجْرًا نَأْكُلُهُ. أطرافه 78، 122، 2728، 3278، 3400، 4725 ـــــــــــــــــــــــــــــ أعطاه الثواب ويقال: استأجرت فلانًا فهو يأجرني؛ أي: يصير لي أجيرًا. قال المهلب؛ ليس فيه دلالة على ما ترجم؛ لأن العمل كان معلومًا عند موسى، فلم يحتج إلى بيان. قلت: وهذا الذي أراده البُخَارِيّ من أن العمل إذا كان معلومًا فلا يحتاج إلى البيان؛ وأما إذا لم يكن معلومًا فالبيان ضروري، فسقط الاعتراض، ولم يورد في الباب حديثًا لعدم ظفره به، فاكتفى بالآية. (يأجر فلانًا يعطيه أجرًا، ومنه في التعزية: آجرك الله) -بالقصر والمد-، وإنما أورده لتوافقهما اشتقاقًا؛ لا أنَّه معنى الآية، كما أشرنا إليه في صدر الكلام. باب إذا استأجر أجيرًا على أن يقيم حائطًا يريد أن ينقضّ جاز 2267 - (يعلي بن مسلم وعمرو بن دينار، عن سعيد بن جبير، يزيد أحدهما على صاحبه) أي: في رواية واحد منهما زيادة لم تكن في رواية الآخر، والظاهر أن تلك الزيادة في رواية يعلى من قوله (حسبت أن سعيدًا قال: فمسحه ببده، وغيرهما: قد سمعته يحدثه عن سعيد) هذا كلام ابن جريج، يريد أنَّه كما سمع هذا الحديث من يعلى وعمرو بن دينار سمعه من غيرهما أَيضًا. ({قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا} [الكهف:77] قال سعيد: أجرًا نأكله) أخذه من قوله: {أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا} [الكهف: 77].

8 - باب الإجارة إلى نصف النهار

8 - باب الإِجَارَةِ إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ 2268 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَثَلُكُمْ وَمَثَلُ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ أُجَرَاءَ فَقَالَ مَنْ يَعْمَلُ لِى مِنْ غُدْوَةَ إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ عَلَى قِيرَاطٍ فَعَمِلَتِ الْيَهُودُ، ثُمَّ قَالَ مَنْ يَعْمَلُ لِى مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ إِلَى صَلاَةِ الْعَصْرِ عَلَى قِيرَاطٍ فَعَمِلَتِ النَّصَارَى ثُمَّ، قَالَ مَنْ يَعْمَلُ لِى مِنَ الْعَصْرِ إِلَى أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ عَلَى قِيرَاطَيْنِ فَأَنْتُمْ هُمْ، فَغَضِبَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، فَقَالُوا مَا لَنَا أَكْثَرَ عَمَلاً، وَأَقَلَّ عَطَاءً قَالَ هَلْ نَقَصْتُكُمْ مِنْ حَقِّكُمْ قَالُوا لاَ. قَالَ فَذَلِكَ فَضْلِى أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ». طرفه 557 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: أين في الآية الدلالة على الترجمة؟ قلت: في قول موسى: {لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا} [الكهف: 77] فإنَّه يدل على مشروعيته. باب الإجارة إلى نصف النهار 2268 - (سليمان بن حرب) ضد الصلح (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم (مثلكم ومثل أهل الكتابين) أي: اليهود والنصارى، المثلُ يُستعمل في الأمر البديع؛ فإن الأمثال إنما تضرب في الأمور الغريبة (من يعمل لي من غدوة إلى نصف النهار على قيراط) القيراط: جزء من الدينار، قال ابن الأثير: هو نصف عشر الدينار، وأهل الشَّام يجعلونه جزءًا من أربعة وعشرين جزءًا (ثم قال: من يعمل لي من العصر إلى أن تغيب الشَّمس على قيراطين فأنتم هم) أي: تلك الطائفة التي عملت من العصر إلى غياب الشَّمس (فغضبت اليهود والنصارى، فقالوا: ما لنا أكثر عملًا وأقل عطاء) بالنصب على الحال، أو الرفع على الخبر بعد الخبر. فإن قلت: ما بين العصر إلى الغروب ليس أقل مما بين الزوال إلى العصر؟ قلت: أجابوا بأن المراد مدة الطائفتين من الغدوة إلى العصر، وليس بشيء؛ لأن كل طائفة تزعم كثرة العمل على حدة، وقيل: قوله: "أكثر عملًا" إنما هو قول اليهود، "وأقل عطاء" قول النصارى وهذا أَيضًا من ذلك النمط؛ مع أنَّه إفساد لتركيب الكلام؛ وقيل: كثرة العمل لا تقتضي كثرة الزمان، وهذا وإن كان معقولًا إلَّا أنَّه ليس معنى الحديث؛ لأن إلى غاية العمل، فلا بد من العمل إلى ذلك الوقت ليستحق الأجر، وهذا الإشكال كله إنما هو على غير [مذهب] أبي حنيفة ممن يجعل أول وقت العصر مصير ظل كل شيء مثله، وأمّا على [ما] ذهب إليه من أن أوله مصير ظل كل شيء مثليه فلا إشكال، وغاية ما يمكن في هذا المقام لغير أبي حنيفة أن يقال: أراد بوقت العصر الاحتياط، وهو مصير ظل كل شيء مثليه؛ وهو الذي قاله أبو حنيفة.

9 - باب الإجارة إلى صلاة العصر

9 - باب الإِجَارَةِ إِلَى صَلاَةِ الْعَصْرِ 2269 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِى أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّمَا مَثَلُكُمْ وَالْيَهُودُ وَالنَّصَارَى كَرَجُلٍ اسْتَعْمَلَ عُمَّالاً فَقَالَ مَنْ يَعْمَلُ لِى إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ فَعَمِلَتِ الْيَهُودُ عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ، ثُمَّ عَمِلَتِ النَّصَارَى عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ، ثُمَّ أَنْتُمُ الَّذِينَ تَعْمَلُونَ مِنْ صَلاَةِ الْعَصْرِ إِلَى مَغَارِبِ الشَّمْسِ عَلَى قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ، فَغَضِبَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ عَمَلاً وَأَقَلُّ عَطَاءً، قَالَ هَلْ ظَلَمْتُكُمْ مِنْ حَقِّكُمْ شَيْئًا قَالُوا لاَ. فَقَالَ فَذَلِكَ فَضْلِى أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ». طرفه 557 ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا؛ وتحقيق الكلام في هذا المقام أن بعد الزوال إلى أن يصير ظل كل شيء مثليه؛ كما قاله الشَّافعيّ أطول منه إلى أن تغرب الشَّمس، لا يشك في ذلك من يعلم علم الميقات، وطريق سير الشَّمس، ولا اعتداد بقصر الظل وطوله، ألا ترى حين طلوع الشَّمس امتداد الظل إلى الغاية، ثم في طرفة عين ينقص بقدر ما ينقص عند الزوال في ساعة بل ساعتين، وكذلك بعد الزوال عكس أول النهار في النقصان تبطِيء في الزيادة؛ وكلما نقص النهار أسرع الظل في الزيادة. وهذا الجواب هو الذي اختاره شيخنا قدس روحه، وقد سألت من هو علم في علم الميقات فوجدته جازمًا بذلك؛ فتأمل. باب الإجارَة إلى صلاة العصر 2269 - (ابن [أبي] أويس) بضم الهمزة (إنما مثلكم واليهود والنصارى) أي: الشأن الغريب، والحال البديع (كرجل استأجر عمالًا فقال: من يعمل لي إلى نصف النهار على قيراط قيراط) كرره ليدل على التوزع؛ أي؛ كل رجل على قيراط (ثم أنتم الذين تعملون من صلاة العصر إلى مغارب الشَّمس) جمع المغرب إشارة إلى استمرار شرعه إلى آخر الدهر، وأن هذا الحكم ليس مخصوصًا بالصحابة. قال ابن بطال: هذه الزيادة لهذه الأمة بواسطة إيمانهم بموسى وعيسى؛ فإنَّه عمل أَيضًا. وقوله في آخر الحديث: (ذلك فضلي أوتيه من أشاء) يردّ ما قاله فإنَّه صريح

10 - باب إثم من منع أجر الأجير

10 - باب إِثْمِ مَنْ مَنَعَ أَجْرَ الأَجِيرِ 2270 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ثَلاَثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ أَعْطَى بِى ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِهِ أَجْرَهُ». طرفه 2227 11 - باب الإِجَارَةِ مِنَ الْعَصْرِ إِلَى اللَّيْلِ 2271 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَثَلُ الْمُسْلِمِينَ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ قَوْمًا يَعْمَلُونَ لَهُ عَمَلاً يَوْمًا إِلَى اللَّيْلِ عَلَى أَجْرٍ مَعْلُومٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ في أن ذلك ليس في مقابلة عمل، على أن مؤمني أهل الكتاب كانوا مؤمنين بمحمد - صلى الله عليه وسلم -؛ فإنَّه كان مكتوبًا في التوراة والإنجيل. فإن قلت: ترجم على الإجارة إلى صلاة العصر، وليس له ذكر في الحديث؟ قلت: يعلم من قوله: "ثم أنتم الذين تعملون من صلاة العصر إلى مغارب الشَّمس" على أنَّه قد تقدم صريحًا في الباب قبله، وقد علمت أن دأب البُخَارِيّ الاستدلال بما فيه خفاء. باب إثم من منع أجر الأجير 2270 - (سليم) بضم السين، مصغر (ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة؛ رجل أعطى بي) أي: العهد، حالفًا بي (ثم غدر) أي: نقض العهد (ورجل باع حرًّا فأكل ثمنه) أكل الثمن ليس قيدًا؛ بل إشارة إلى ما هو الموجب غالبًا (ورجل استأجر أجيرًا فاستوفى منه) أي: ما شرطه (ولم يعطه أجره) قد سبق تمام الكلام عليه في باب إثم من باع حرًّا. باب الإجارة من العصر إلى الليل 2271 - (محمَّد بن العلاء) بفتح العين والمد (أبو أسامة) بضم الهمزة حماد بن أسامة (بريد) بضم الباء: مصغر (أبو بردة) -بضم الباء وسكون الراء- عامر بن أبي موسى (مثل المسلمين واليهود والنصارى كمثل رجل استأجر قومًا يعملون له إلى الليل).

فَعَمِلُوا لَهُ إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ فَقَالُوا لاَ حَاجَةَ لَنَا إِلَى أَجْرِكَ الَّذِى شَرَطْتَ لَنَا، وَمَا عَمِلْنَا بَاطِلٌ، فَقَالَ لَهُمْ لاَ تَفْعَلُوا أَكْمِلُوا بَقِيَّةَ عَمَلِكُمْ، وَخُذُوا أَجْرَكُمْ كَامِلاً، فَأَبَوْا وَتَرَكُوا، وَاسْتَأْجَرَ أَجِيرَيْنِ بَعْدَهُمْ فَقَالَ لَهُمَا أَكْمِلاَ بَقِيَّةَ يَوْمِكُمَا هَذَا، وَلَكُمَا الَّذِى شَرَطْتُ لَهُمْ مِنَ الأَجْرِ. فَعَمِلُوا حَتَّى إِذَا كَانَ حِينُ صَلاَةِ الْعَصْرِ قَالاَ لَكَ مَا عَمِلْنَا بَاطِلٌ، وَلَكَ الأَجْرُ الَّذِى جَعَلْتَ لَنَا فِيهِ. فَقَالَ لَهُمَا أَكْمِلاَ بَقِيَّةَ عَمَلِكُمَا، فَإِنَّ مَا بَقِىَ مِنَ النَّهَارِ شَىْءٌ يَسِيرٌ. فَأَبَيَا، وَاسْتَأْجَرَ قَوْمًا أَنْ يَعْمَلُوا لَهُ بَقِيَّةَ يَوْمِهِمْ، فَعَمِلُوا بَقِيَّةَ يَوْمِهِمْ حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ، وَاسْتَكْمَلُوا أَجْرَ الْفَرِيقَيْنِ كِلَيْهِمَا، فَذَلِكَ مَثَلُهُمْ وَمَثَلُ مَا قَبِلُوا مِنْ هَذَا النُّورِ». طرفه 558 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: تقدم مرتين: "كمثل رجل استأجر قومًا يعملون له إلى نصف النهار"؟ قلت: ذلك مثل مؤمني أهل الكتاب قبل نسخ شرائعهم قبل بعثة رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، ومثل أمة محمَّد - صلى الله عليه وسلم -، والغرض بيان فضل هذه الأمة، وهذا التشبيه إنما هو لمن كفر بمحمد - صلى الله عليه وسلم - بعد بعثه ومن آمن به؛ فإن من لم يؤمن به من أهل الكتاب بعد بعثته يحبط عمله السالف. (واستأجر أجيرين بعدهم) هم النصارى. (فقال: أكملوا بقية يومكم هذا ولكم الذي شرطت لهم من الأجر) أي: مثل ذلك في القدر. (فاستأجر قومًا أن يعملوا له بقية يومهم، فعملوا بقية يومهم حتَّى غابت الشَّمس، فاستكملوا أجر الفريقين) أي: مثل ما كان شرط لهم، أي لكل فريق. (فذلك مثلهم) أي: مثل المُؤْمنين (ومثل ما قبلوا من هذا النور) أي: الإيمان والإِسلام؛ فإن الكفر وكل بدعة ظلمة؛ والإيمان وكل سنة نور، قال تعالى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ} [البقرة: 257].

12 - باب من استأجر أجيرا فترك أجره، فعمل فيه المستأجر فزاد، أو من عمل فى مال غيره فاستفضل

12 - باب مَنِ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَتَرَكَ أَجْرَهُ، فَعَمِلَ فِيهِ الْمُسْتَأْجِرُ فَزَادَ، أَوْ مَنْ عَمِلَ فِي مَالِ غَيْرِهِ فَاسْتَفْضَلَ 2272 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «انْطَلَقَ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَتَّى أَوَوُا الْمَبِيتَ إِلَى غَارٍ فَدَخَلُوهُ، فَانْحَدَرَتْ صَخْرَةٌ مِنَ الْجَبَلِ فَسَدَّتْ عَلَيْهِمُ الْغَارَ فَقَالُوا إِنَّهُ لاَ يُنْجِيكُمْ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ إِلاَّ أَنْ تَدْعُوا اللَّهَ بِصَالِحِ أَعْمَالِكُمْ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمُ اللَّهُمَّ كَانَ لِى أَبَوَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ، وَكُنْتُ لاَ أَغْبِقُ قَبْلَهُمَا أَهْلاً وَلاَ مَالاً، فَنَأَى بِى فِي طَلَبِ شَىْءٍ يَوْمًا، فَلَمْ أُرِحْ عَلَيْهِمَا حَتَّى نَامَا، فَحَلَبْتُ لَهُمَا غَبُوقَهُمَا فَوَجَدْتُهُمَا نَائِمَيْنِ وَكَرِهْتُ أَنْ أَغْبِقَ قَبْلَهُمَا أَهْلاً أَوْ مَالاً، فَلَبِثْتُ وَالْقَدَحُ عَلَى يَدَىَّ أَنْتَظِرُ اسْتِيقَاظَهُمَا حَتَّى بَرَقَ الْفَجْرُ، فَاسْتَيْقَظَا فَشَرِبَا غَبُوقَهُمَا، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَفَرِّجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ، فَانْفَرَجَتْ شَيْئًا لاَ يَسْتَطِيعُونَ الْخُرُوجَ». قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «وَقَالَ الآخَرُ اللَّهُمَّ كَانَتْ لِى بِنْتُ عَمٍّ كَانَتْ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَىَّ، فَأَرَدْتُهَا عَنْ نَفْسِهَا، فَامْتَنَعَتْ مِنِّى حَتَّى أَلَمَّتْ بِهَا سَنَةٌ مِنَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من استأجر أجيرًا فترك الأجير أجره 2272 - (انطلق ثلاثة رهط) يطلق على الواحد إلى العشرة، وقيل: إلى الأربعين، في الرجال خاصة (أووا المبيت إلى غار) أوى بالقصر، وقد يمد: رجع، والمبيت: نصب بنزع الخافض (فانحدرت) أي: نزلت (صخرة من الجبل) الحجر العظيم (قال رجل منهم: اللهمَّ كان لي أبوان) أي: أبي وأم على التغليب وذكر "اللهمَّ" استشهاد منه على صدق مقالته (وكنت لا أغبق قبلهما أهلًا ولا مالًا) الغبوق شرب الشراب آخر النهار؛ كالصبوح أول النهار، بالفتح فيهما؛ اسم ما يشرب، وبالضم المصدر (برق الفجر) -بفتح الراء وكسرها- أي: أضاء (فشربا غبوقهما) أي: ما كان معدًّا للغبوق (ابتغاء وجهك) أي: خالصًا لك، نصب على العلة (فافرج عنا) بهمزة الوصل. (فأردتها عن نفسها) أي: متجاوزة عن نفسها مسلمة (حتَّى ألمت بها سنة) أي: قحط

13 - باب من آجر نفسه ليحمل على ظهره ثم تصدق به وأجرة الحمال

السِّنِينَ، فَجَاءَتْنِى فَأَعْطَيْتُهَا عِشْرِينَ وَمِائَةَ دِينَارٍ عَلَى أَنْ تُخَلِّىَ بَيْنِى وَبَيْنَ نَفْسِهَا، فَفَعَلَتْ حَتَّى إِذَا قَدَرْتُ عَلَيْهَا قَالَتْ لاَ أُحِلُّ لَكَ أَنْ تَفُضَّ الْخَاتَمَ إِلاَّ بِحَقِّهِ. فَتَحَرَّجْتُ مِنَ الْوُقُوعِ عَلَيْهَا، فَانْصَرَفْتُ عَنْهَا وَهْىَ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَىَّ وَتَرَكْتُ الذَّهَبَ الَّذِى أَعْطَيْتُهَا، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ. فَانْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ، غَيْرَ أَنَّهُمْ لاَ يَسْتَطِيعُونَ الْخُرُوجَ مِنْهَا. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ الثَّالِثُ اللَّهُمَّ إِنِّى اسْتَأْجَرْتُ أُجَرَاءَ فَأَعْطَيْتُهُمْ أَجْرَهُمْ، غَيْرَ رَجُلٍ وَاحِدٍ تَرَكَ الَّذِى لَهُ وَذَهَبَ فَثَمَّرْتُ أَجْرَهُ حَتَّى كَثُرَتْ مِنْهُ الأَمْوَالُ، فَجَاءَنِى بَعْدَ حِينٍ فَقَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ أَدِّ إِلَىَّ أَجْرِى. فَقُلْتُ لَهُ كُلُّ مَا تَرَى مِنْ أَجْرِكَ مِنَ الإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالرَّقِيقِ. فَقَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ لاَ تَسْتَهْزِئْ بِى. فَقُلْتُ إِنِّى لاَ أَسْتَهْزِئُ بِكَ. فَأَخَذَهُ كُلَّهُ فَاسْتَاقَهُ فَلَمْ يَتْرُكْ مِنْهُ شَيْئًا، اللَّهُمَّ فَإِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ. فَانْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ فَخَرَجُوا يَمْشُونَ». طرفه 2215 13 - باب مَنْ آجَرَ نَفْسَهُ لِيَحْمِلَ عَلَى ظَهْرِهِ. ثُمَّ تَصَدَّقَ بِهِ وَأُجْرَةِ الْحَمَّالِ 2273 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ الأَنْصَارِىِّ - رضى الله عنه - قال: ـــــــــــــــــــــــــــــ فاحتاجت (عشرين ومائة دينار) وقد سلف في رواية: "مائة دينار"، ولا تنافي؛ لأن العرب تسقط الكسور (لا أحل لك أن تفضّ الخاتم) كناية عن الوقاع، وأكثر ما يستعمل في الأبكار. (غير رجل واحد ترك الذي له وذهب، فثمرت له أجره) أي: اتجرت فيه حتَّى كثر ربحه، وقد سلف في باب إذا اشترى شيئًا لغيره بغير إذنه، وقد أشرنا هناك إلى أن هذا كان تبرعًا منه في ماله، فإن ذلك الرَّجل لم يقبض أجره حتَّى يكون داخلًا في ملكه. باب من آجر نفسه ليحمل على ظهره كم تصدق منه، وأجرة الحمّال 2273 - (عن أبي مسعود الأَنْصَارِيّ) هو عقبة بن عامر البدري.

14 - باب أجر السمسرة

كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَمَرَ بِالصَّدَقَةِ انْطَلَقَ أَحَدُنَا إِلَى السُّوقِ فَيُحَامِلُ فَيُصِيبُ الْمُدَّ، وَإِنَّ لِبَعْضِهِمْ لَمِائَةَ أَلْفٍ، قَالَ مَا نُرَاهُ إِلاَّ نَفْسَهُ. 14 - باب أَجْرِ السَّمْسَرَةِ وَلَمْ يَرَ ابْنُ سِيرِينَ وَعَطَاءٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَالْحَسَنُ بِأَجْرِ السِّمْسَارِ بَأْسًا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لاَ بَأْسَ أَنْ يَقُولَ بِعْ هَذَا الثَّوْبَ فَمَا زَادَ عَلَى كَذَا وَكَذَا فَهُوَ لَكَ. وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ إِذَا قَالَ بِعْهُ بِكَذَا فَمَا كَانَ مِنْ رِبْحٍ فَهْوَ لَكَ، أَوْ بَيْنِى وَبَيْنَكَ، فَلاَ بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ». 2274 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُتَلَقَّى الرُّكْبَانُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أمرنا بالصدقة انطلق أحدنا إلى السوق فتحامل) بفتح التاء أخرجه على صيغة المشاركة؛ لأنه منه العمل ومن صاحب العمل إعطاء الأجر (وإن لبعضهم لمائة أَلْف قال) أي: شَقِيق (ما نراه إلَّا نفسه) -بضم النُّون -أي: ما نظن، والحديث دل على الاهتمام بالصدقة، وأن أجر الحمّال لا بأس به. باب أجرة السمسرة قال ابن الأثير: السمسرة: البيع والشراء، والسمسار -بكسر السين- من يدخل بين البائع والمشتري لإمضاء البيع؛ وهو الذل الذي عرفنا. (ولم ير الحسن وابن سيرين وعطاء وإبراهيم بأجرة السمسار بأسًا) هذا الذي قالوه إليه ذهب الأئمة الأربعة، فإن كان الأجر معلومًا فذاك، وإلا يجب أجر المثل (قال ابن سيرين: إذا قال: بعه بكذا فما كان من ربح فلك أو بيني وبينك؛ فلا بأس به) هذا قال به أَحْمد من الأئمة (وقال النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: المسلمون عند شروطهم) هذا التعليق رواه أبو داود والدارقطني مسندًا، والمراد شروط خالية عن الغرر، كما بين ذلك في الفروع. 2274 - (مسدد) بفتح الدال المشددة (معمر) بفتح الميمين (قلت لابن عباس: ما

15 - باب هل يؤاجر الرجل نفسه من مشرك فى أرض الحرب

وَلاَ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ. قُلْتُ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ مَا قَوْلُهُ لاَ يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ قَالَ لاَ يَكُونُ لَهُ سِمْسَارًا. طرفه 2158 15 - باب هَلْ يُؤَاجِرُ الرَّجُلُ نَفْسَهُ مِنْ مُشْرِكٍ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ 2275 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ حَدَّثَنَا خَبَّابٌ قَالَ كُنْتُ رَجُلاً قَيْنًا فَعَمِلْتُ لِلْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ فَاجْتَمَعَ لِى عِنْدَهُ فَأَتَيْتُهُ أَتَقَاضَاهُ فَقَالَ لاَ وَاللَّهِ لاَ أَقْضِيكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ. فَقُلْتُ أَمَا وَاللَّهِ حَتَّى تَمُوتَ ثُمَّ تُبْعَثَ فَلاَ. قَالَ وَإِنِّى لَمَيِّتٌ ثُمَّ مَبْعُوثٌ قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ فَإِنَّهُ سَيَكُونُ لِى ثَمَّ مَالٌ وَوَلَدٌ فَأَقْضِيكَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى (أَفَرَأَيْتَ الَّذِى كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَدًا) طرفه 2091 ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: لا يبيع حاضر لباد قال: لا يكون سمسارًا) لا بأس به؛ إنما المكروهُ أن يقول: دع المتاع عندي لأبيعه لك على الثاني بأرفع ثمن، وقد سلف الكلام عليه. باب هل يؤاجر الرَّجل نفسه من مشرك في دار الحرب 2275 - (خباب) بفتح المعجمة وتشديد الباء (كنت رجلًا قينًا) أي: حدادًا (أما والله) بفتح الهمزة وتخفيف الميم: حرف تنبيه تقدم المّسم (حتَّى تموت ثم تبعث) غاية لجواب القسم؛ أي: لا أكفر بمحمد -صلى الله عليه وسلم- إلى ذلك الوقت، ومعلوم أن لا كفر بعد ذلك؛ لانقطاع التكليف، فلا مفهوم للغاية (قال: وإني لميت ثم مبعوث). قال بعض الشارحين: فإن قلت: لم أكّدَ الكلام بأن واللام والمخاطب به خباب، ولم يكن منكرًا للموت والبعث بعده؟ قلت: فهم العاص من خباب التأكيد في مقابلة إنكاره، فكأنه قال: أتقول هذا الكلام المؤكد. هذا كلامه، وهذا مع سماجته كلام مخترع من عند نفسه، والجواب أنَّه أكد الكلام بناء على إنكار نفسه، قال الشيخ عبد القاهر: قد تدخل كلمة إن للدلالة على أن الظن كان من المتكلم في الذي كان أنَّه لا يكون لِقولك للشيء وهو بمرأى ومسمع من المخاطب: إنه قد كان من الأمر ما ترى، ومنه قول أم مريم: {إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى} [آل عمران: 36]. استدل البُخَارِيّ بحديث خباب على جواز إجارَه المسلم نفسه للكافر الحربي، ودلالته ليست ظاهرة؛ لأنه كان قبل البعثة.

16 - باب ما يعطى فى الرقية على أحياء العرب بفاتحة الكتاب

16 - باب مَا يُعْطَى فِي الرُّقْيَةِ عَلَى أَحْيَاءِ الْعَرَبِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «أَحَقُّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ». وَقَالَ الشَّعْبِىُّ لاَ يَشْتَرِطُ الْمُعَلِّمُ إِلاَّ أَنْ يُعْطَى شَيْئًا فَلْيَقْبَلْهُ وَقَالَ الْحَكَمُ لَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا كَرِهَ أَجْرَ الْمُعَلِّمِ. وَأَعْطَى الْحَسَنُ دَرَاهِمَ عَشَرَةً. وَلَمْ يَرَ ابْنُ سِيرِينَ بِأَجْرِ الْقَسَّامِ بَأْسًا. وَقَالَ كَانَ يُقَالُ السُّحْتُ الرِّشْوَةُ فِي الْحُكْمِ. وَكَانُوا يُعْطَوْنَ عَلَى الْخَرْصِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: فما الحكم في ذلك؟ قلت: جوزه العلماء لأنه نوع كسب. فإن قلت: فقوله تعالى: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} [النساء: 141]؟ قلت: إجارة المسلم نفسه برضاه لا يعد سبيلًا. باب ما يعطى في الرقية على أحياء العرب بفاتحة الكتاب قوله: على أحياء العرب، لم يوجد في بعض النسخ، وهو أولى، وعلى تقدير وجوده فالوجه فيه بيان سبب الورود. (وقال ابن عباس عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: أحق ما أخذتم عليه أجرًا كتاب الله) هذا التعليق سيأتي مسندًا، وقال به الأئمة سوى أبي حنيفة لم يجوز [على] تعليم القرآن، وإن أجازه على الرقية، واستدل [بادلة] لا تعادل حديث ابن عباس. (وقال الشعبي) -بفتح الشين وسكون العين- أبو عمرو عامر الكُوفيّ: (لا يشترط المعلم إلَّا أن يعطى شيئًا) استثناء منقطع؛ أي لكن إن أعطي شيئًا أخذه، وقد يروي بكسر الهمزة على إن الشرطية. قال بعض الشارحين تفريعًا على الكسر: فلم كتبت الألف؟ قلت: هو كقراءة الكسائي {مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ} هذا كلامه، وخلله من وجهين؛ الأول: "أن يعطى" إنما تكتب بالياء، وجوابه أن يقال: لما لم يحذف الياء في الكتابة أو الألف في التلفظ؟ الثاني: إن هذا قراءة ابن كثير من رواية قنبل، والوجه فيه إجراء المعتل مجرى الصحيح (الرشوة) بضم الراء وكسرها.

2276 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ أَبِى الْمُتَوَكِّلِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ - رضى الله عنه - قَالَ انْطَلَقَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي سَفْرَةٍ سَافَرُوهَا حَتَّى نَزَلُوا عَلَى حَىٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ فَاسْتَضَافُوهُمْ، فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمْ، فَلُدِغَ سَيِّدُ ذَلِكَ الْحَىِّ، فَسَعَوْا لَهُ بِكُلِّ شَىْءٍ لاَ يَنْفَعُهُ شَىْءٌ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَوْ أَتَيْتُمْ هَؤُلاَءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ نَزَلُوا لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ شَىْءٌ، فَأَتَوْهُمْ، فَقَالُوا يَا أَيُّهَا الرَّهْطُ، إِنَّ سَيِّدَنَا لُدِغَ، وَسَعَيْنَا لَهُ بِكُلِّ شَىْءٍ لاَ يَنْفَعُهُ، فَهَلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ مِنْ شَىْءٍ فَقَالَ بَعْضُهُمْ نَعَمْ وَاللَّهِ إِنِّى لأَرْقِى، وَلَكِنْ وَاللَّهِ لَقَدِ اسْتَضَفْنَاكُمْ فَلَمْ تُضِيِّفُونَا، فَمَا أَنَا بِرَاقٍ لَكُمْ حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلاً. فَصَالَحُوهُمْ عَلَى قَطِيعٍ مِنَ الْغَنَمِ، فَانْطَلَقَ يَتْفِلُ عَلَيْهِ وَيَقْرَأُ (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) فَكَأَنَّمَا نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ 2276 - (أبو النُّعمان) محمَّد بن الفضل (أبو عوانة) -بفتح العين- الوضاح اليشكري (أبو بشر) -بكسر الموحدة- اسمه جعفر (عن أبي المتوكل) هو الناجي، واسمه علي بن دَاود (انطلق نفر) قال الجوهري: النفر بالتحريك عدة رجال، من ثلاثة إلى عشرة، وعلى هذا فهو من إطلاق المقيد على المطلق، لما روى ابن ماجه أنَّهم كانوا ثلاثين راكبًا (نزلوا على حيّ من أحياء العرب فاستضافوهم) أي: طلبوا منهم الضيافة (فأبوا أن يضيفوهم، فلدغ سيد ذلك الحي) لدغه عقرب، جاء صريحًا في بعض الرّوايات، رواه التِّرْمِذِيّ (لو أتيتم هؤلاء الرهط) لو للتمني، وتحتمل الشرط (يَا أيها الرّهط: إن سيدنا لدغ) على بناء المجهول (فهل عند أحدٍ منكم من شيء؟ فقال بعضهم: نعم؟ إنِّي والله لأرقي) هذا القائل أبو سعيد الخُدرِيّ، سعد بن سنان (فصالحوهم على قطيع من الغنم) أي: قطعة، فعيل بمعنى المفعول، وفي "النَّسائيّ": "ثلاثون شاة" (فانطلق يتفلِ عليه) -بكسر الفاء وضمها- من التفل؛ وهو النفخ إذا كان معه ريق (ويقرأ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}) أي: هذه السورة (فكأنما نشط من عقال) -بكسر العين- هو الحبل الذي يربط به، ونشط على بناء المجهول؛ أي: حلّ،

فَانْطَلَقَ يَمْشِى وَمَا بِهِ قَلَبَةٌ، قَالَ فَأَوْفَوْهُمْ جُعْلَهُمُ الَّذِى صَالَحُوهُمْ عَلَيْهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمُ اقْسِمُوا. فَقَالَ الَّذِى رَقَى لاَ تَفْعَلُوا، حَتَّى نَأْتِىَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَنَذْكُرَ لَهُ الَّذِى كَانَ، فَنَنْظُرَ مَا يَأْمُرُنَا. فَقَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرُوا لَهُ، فَقَالَ «وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ - ثُمَّ قَالَ - قَدْ أَصَبْتُمُ اقْسِمُوا وَاضْرِبُوا لِى مَعَكُمْ سَهْمًا». فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ شُعْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ سَمِعْتُ أَبَا الْمُتَوَكِّلِ بِهَذَا. أطرافه 5007، 5736، 5749 ـــــــــــــــــــــــــــــ قال ابن الأثير: صوابه أنشط، يقال: نشطته إذا عقلته، نشحطته إذا حللته. قلت: لا وجه لرواية البناء؛ بل هو من نشطت الدلو إذا نزعته. (فانطلق يمشي ما به قلبة) -بفتح القاف والسلام والباء- ي: ليس به ألم؛ وسمي قلبة لأن من به مرض يقلب النظر إليه، أو يقلب ذلك الموضع ليتمكن من وضع الدواء عليه (فقدموا على النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- فذكروا له، وقال: وما يدريك أنها رقية؟) (قد أصبتم) أي: في التوقُّف فيه، أو في أخذ الجعل. (اضربوا لي معكم بسهم) فَعَلَهُ تطييبًا لقلوبهم؛ ليعلم أنَّه خال من كل شبهة. (فضحك النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم-) لعل ضحكه كان فرحًا بما ألهم الله أصحابه، أو بما جعل الله في القرآن شفاء. (قال شعبة: أخبرنا أبو بشر: سمعت أَبا المتوكل) فائدة هذا التعليق التصريحُ بالسّماع، وفيه دفع توهم التدليس؛ بخلاف السند الأول؛ فإنَّه معنعن. فإن قلت: ورد في الأحاديث النهي عن الرقية قلت: النهي إنما ورد في رقية لا يُعلم معناها، أو تشتمل على ألفاظ لا تحل؛ جمعًا بين الروايات. فإن قلت: جاء في وصف الذين يدخلون الجنة بغير حساب "هم الذين لا يرقون ولا يسترقون"؟ قلت: ذاك مقام الكُمَّل من المتوكلين، والكلام هنا في الجواز.

17 - باب ضريبة العبد، وتعاهد ضرائب الإماء

17 - باب ضَرِيبَةِ الْعَبْدِ، وَتَعَاهُدِ ضَرَائِبِ الإِمَاءِ 2277 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ حَجَمَ أَبُو طَيْبَةَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَأَمَرَ لَهُ بِصَاعٍ أَوْ صَاعَيْنِ مِنْ طَعَامٍ، وَكَلَّمَ مَوَالِيَهُ فَخَفَّفَ عَنْ غَلَّتِهِ أَوْ ضَرِيبَتِهِ. طرفه 2102 18 - باب خَرَاجِ الْحَجَّامِ 2278 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ضريبة العبد وتعاهد ضرائب الإماء الضريبة: الخراج، فعيلة بمعنى المفعول والتأنيث لعدم ذكر موصوفه؛ أو لأنه صار في عداد الأسماء كالذبيحة. 2277 - (حجم أبو طيبة النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم-) اسم أبي طيبة نافع، وقيل: دينار، وقيل: ميسرة (فأمر له بصاع، أو صاعين من طعام). فإن قلت: تقدم في أبواب البيوع: "أمر بصاع من تمر". قلت: الطعام يقع على التمر، أو هما قضيتان. (وكلم مواليه) جمع مولى؛ فإنَّه وإن عبدًا لبني حارثة؛ ذكره ابن عبد البر، فلا حاجة إلى أن يقال: مجاز، كقولهم: قتل بنو فلان فلانًا، وإن كان القاتل واحدًا (فخفف عن غلته) أي خراجه. فإن قلت: ذكر في الترجمة الإماء؛ وليس لها ذكر في الحديث؟ قلت: روى البُخَارِيّ في "تاريخه" أن حذيفة لما قدم المدائن خطب، ومن خطبته: "تعاهدوا ضرائب أرقائكم" ولما لم يكن الحديث على شرطه أشار إليه في الترجمة، ومن غفل عن دقائقه وإشاراته زعم أن حكم الأمة يعلم من العبد. باب خراج الحجّام 2278 - (وهيب) بضم الواو، مصغر (ابن طاوس) عبد الله.

19 - باب من كلم موالى العبد أن يخففوا عنه من خراجه

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ احْتَجَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -، وَأَعْطَى الْحَجَّامَ أَجْرَهُ. طرفه 1835 2279 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ خَالِدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ احْتَجَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَعْطَى الْحَجَّامَ أَجْرَهُ، وَلَوْ عَلِمَ كَرَاهِيَةً لَمْ يُعْطِهِ. طرفه 1835 2280 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا - رضى الله عنه - يَقُولُ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَحْتَجِمُ، وَلَمْ يَكُنْ يَظْلِمُ أَحَدًا أَجْرَهُ. طرفه 2102 19 - باب مَنْ كَلَّمَ مَوَالِىَ الْعَبْدِ أَنْ يُخَفِّفُوا عَنْهُ مِنْ خَرَاجِهِ 2281 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ دَعَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - غُلاَمًا حَجَّامًا فَحَجَمَهُ، وَأَمَرَ لَهُ بِصَاعٍ أَوْ صَاعَيْنِ، أَوْ مُدٍّ أَوْ مُدَّيْنِ، وَكَلَّمَ فِيهِ فَخُفِّفَ مِنْ ضَرِيبَتِهِ. طرفه 2102 ـــــــــــــــــــــــــــــ 2279 - (زريع) مصغر زرع. روى في الباب من ثلاث طرق: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - احتجم، وأعطى الحجام أجره (ولم يظلم أحدًا أجره) أي: لم ينقص. باب من كلم موالي العبد أن يخففوا عنه من خراجه 2281 - (دعا النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- غلامًا حجّامًا) يجوز أن يكون أَبا طيبة؛ وأن يكون غيره؛ وبالأول جزم شيخنا (فأمر له بصاع أو صاعين أو مد أو مدين فكلم فيه فخفف من ضريبته) دل الحديث والذي قبله على جواز أخذ الأجرة على الحجامة، وكره العلماء أكله لما في الحديث "فليطعمه رقيقه أو ناضحه" وفي الحديث دلالة على جواز استعمال عبد الغير بغير إذنه إذا كان معروفًا بعمل، وجواز الضرائب على الأرقاء، وجواز الشفاعة في تخفيفها.

20 - باب كسب البغى والإماء

20 - باب كَسْبِ الْبَغِىِّ وَالإِمَاءِ وَكَرِهَ إِبْرَاهِيمُ أَجْرَ النَّائِحَةِ وَالْمُغَنِّيَةِ. وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى (وَلاَ تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ). {وَقَالَ مُجَاهِدٌ} (فَتَيَاتِكُمْ) إِمَاؤُكُمْ. 2282 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ الأَنْصَارِىِّ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَمَهْرِ الْبَغِىِّ وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ. طرفه 2237 2283 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ عَنْ أَبِى حَازِمٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب كسب البغي والإماء البغي: فعول بمعنى الفاعل؛ والمراد به الزانية وكسبها الذي تأخذه للزنى. (وكره إبراهيم) هو النَّخَعيّ (أجر النائحة والمغنية) ثم انعقد الإجماع على عدم الجواز، واستدلوا بقوله تعالى: ({وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ} [النور: 33]) جمع فتاة، وهي الأمة، ووجه الدلالة أن لو كان جائزًا لجاز الإكراه عليه كما في سائر الأعمال. فإن قلت: مفهوم قوله: ({إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا} [النور: 33]) أنَّه يجوز إن لم يردن تحصنًا؟ قلت: عند عدم إرادة التحصّن لم يتصور إكراه، وأجيب أَيضًا بأن المفهوم عند القائل به إنما يعتبر إذا لم يعارضه دليل أقوى، وقد عارض هذا المفهوم الإجماع؛ وإن ذكر هذا القيد لأنه سبب النزول؛ فإن ابن سلول رأس النفاق كان يكره فتياته على الزنى وهن يردن تحصنًا. 2282 - (قتيبة) بضم القاف مصغر (عن أبي مسعود الأَنْصَارِيّ) عقبة بن عامر البدري (نهى عن ثمن الكلب، ومهر البغي، وحلوان الكاهن) مهر البغي: أجرة الزنى، في إطلاق المهر تسامح. وحلوان -بضم الحاء- أجرة الكهانة؛ وإنما سماه حلوانًا لأنه ليس على طريق الإجارة. قال الجوهري: حلوت فلانًا حلوانًا إذا وهبت له شيئًا على شيء يفعله لك غير الأجرة. وفيه دليل للشافعي، ومالك في رواية, وأَحمد في عدم جواز بيع الكلب. 2283 - (مسلم) ضد الكافر (جحادة) بضم الجيم وفتح الحاء (عن أبي حازم) بالحاء المهملة: سليمان.

21 - باب عسب الفحل

عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ كَسْبِ الإِمَاءِ. طرفه 5348 21 - باب عَسْبِ الْفَحْلِ 2284 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلِىِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ عَسْبِ الْفَحْلِ. 22 - باب إِذَا اسْتَأْجَرَ أَرْضًا فَمَاتَ أَحَدُهُمَا وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ لَيْسَ لأَهْلِهِ أَنْ يُخْرِجُوهُ إِلَى تَمَامِ الأَجَلِ. وَقَالَ الْحَكَمُ وَالْحَسَنُ وَإِيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ تُمْضَى الإِجَارَةُ إِلَى أَجَلِهَا. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ أَعْطَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَيْبَرَ بِالشَّطْرِ، فَكَانَ ذَلِكَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبِى بَكْرٍ وَصَدْرًا مِنْ خِلاَفَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ 2284 - (نهى عن عسب الفحل) بفتح العين وسكون السين قال ابن الأثير: هو ماؤه. وهذا إنما يناسب البيع؛ إذ لا معنى لإجارة الماء. وقيل: هو ضراب الفحل. وهذا ملائم، فيقدر مضاف؛ أي: نهى عن كراء ضرابه، فإن إعارة الفحل للضراب مندوب إليه؛ لما في الحديث، ومن حقها إطراق فحلها، وإنما نهى عن إجارته، ورغب في إعارته لاقتضاء الإجارة العلم بالمقدار في العمل، وهو مجهول، وأيضًا لا يعلم هل يحصل من ضرابه فائدة أم لا. باب إذا استأجر أرضًا فمات أحدهما (قال ابن سيرين: ليس لأهله أن يخرجوه إلى تمام الأجل) هذا والذي نقله عن الحسن والحكم وإياس موافق في المعنى، وعليه الأئمة إلَّا أَبا حنيفة؛ فإنَّه قال: إذا مات أحد المتعاقدين انفسخت الإجارة؛ لانتقال الملك إلى الغيره وقال غيره: يقوم الوارث مقام المورث. (وقال ابن عمر: أعطى النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - خيبر بالشطر) هذا التعليق أسنده البُخَارِيّ فيما بعد؛

عُمَرَ، وَلَمْ يُذْكَرْ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ جَدَّدَا الإِجَارَةَ بَعْدَ مَا قُبِضَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. 2285 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَيْبَرَ أَنْ يَعْمَلُوهَا وَيَزْرَعُوهَا وَلَهُمْ شَطْرُ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا، وَأَنَّ ابْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ أَنَّ الْمَزَارِعَ كَانَتْ تُكْرَى عَلَى شَىْءٍ سَمَّاهُ نَافِعٌ لاَ أَحْفَظُهُ. أطرافه 2328، 2329، 2331، 2338، 2499، 2720، 3152، 4248 2286 - وَأَنَّ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ حَدَّثَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ كِرَاءِ الْمَزَارِعِ. وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ حَتَّى أَجْلاَهُمْ عُمَرُ. أطرافه 2327، 2332، 2344، 2722 ـــــــــــــــــــــــــــــ وكذا مسلم (ولم يذكر أن أَبا بكر وعمر جددا الإجارة) استدلاله بهذا على أن الإجارة بموت أحد المتعاقدين لا تبطل ليس ظاهرًا؛ لأن هذا كان مساقاة لا إجارة؛ فإن الإجارة لا بد لها من تقدير مدّة معينة، وأجر معين؛ اللهمَّ إلَّا أن يكون استدلاله على طريق القياس. فإن قلت: المساقاةُ أَيضًا كذلك؟ قلت: قال النووي: كان هذا من خواص رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. 2285 - (جويرية) بضم الجيم، مصغر (أعطى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خيبر اليهود أن يعملوها ويزرعوها) أي: يعملوا في عمارة الأشجار، ويزرعوا الأرض، فالأول عقد مساقاة؛ والثاني عقد مزارعة، وقال بهما الأئمة إلَّا أَبا حنيفة، وأجاب عن الحديث: بأن خيبر فتحت عُنوة، فاليهود كانوا عبيدَ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يأخذ ما شاء، ويدع لهم ما شاء، والجمهور على أنَّه سواء فتحت عنوة أو صلحًا لم يسترقهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ ولذلك أجلاهم عمر، ولو كانوا عبيدًا لم يجز له إجلاؤهم (أنّ رافع بن خديج حدّث: أن النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- نهى عن كراء المزارعة) مجمل هذا الكلام سيأتي مفصلًا، إن تعين جزء من الأرض للعامل فربما أصابه عاهة وسلم الباقي، وفي ذلك غرر ظاهر؛ وأما على غير هذا الوجه فلا مانع منه.

الْكَوْثَرُ الْجَارِي إلى رِيَاض أحَادِيثِ البُخَارِيّ [5]

حُقُوق الطَّبْع مَحْفُوظَة الطبعة الأولى 1429 هـ - 2008 م مؤسسة التَّارِيخ الْعَرَبِيّ للطباعة والنشر والتوزيع العنوان الْجَدِيد بيروت - طَرِيق المطار - خلف غولدن بلازا هَاتِف: 540000/ 01 - 455559/ 01 فاكس: 850717 - ص. ب: 7957/ 11

38 - كتاب الحوالات

38 - كتاب الحوالات 1 - باب فِي الْحَوَالَةِ، وَهَلْ يَرْجِعُ فِي الْحَوَالَةِ وَقَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ إِذَا كَانَ يَوْمَ أَحَالَ عَلَيْهِ مَلِيًّا جَازَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَتَخَارَجُ الشَّرِيكَانِ وَأَهْلُ الْمِيرَاثِ، فَيَأْخُذُ هَذَا عَيْنًا وَهَذَا دَيْنًا، فَإِنْ تَوِىَ لأَحَدِهِمَا لَمْ يَرْجِعْ عَلَى صَاحِبِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الحوالات باب في الحوالة، وهل يرجع في الحوالة بكسر الحاء وفتحها مصدر حال الشيء من مكان إلى آخر، أو صفة إلى أخرى. قال الشَّاعر: لئن كان إياه لقد حال بعدنا ... عن العهد والإنسان قد يتغير وفي الشرع: نقل دين من ذمة إلى أخرى، وشرط رضا المحيل والمحتال دون المحال عليه، وقال أبو حنيفة: الشرط رضا المحال عليه والمحتال دون المحيل، وقال أَحْمد: الشرط رضا المحيل لا غير. (وقال الحسن وقتادة: إذا كان يوم أحال عليه مليًّا جاز) يوم: بالفتح على البناء أي: إذا كان مليًّا ثم أفلس جاز الرجوع على المحيل، وقال أبو حنيفة: إذا مات مفلسًا، أو حكم بإفلاسه، أو جحد الدين ولا بينة للمحال. وقال الشَّافعيّ وأَحمد ومالك: لا رجوع بحال. (وقال ابن عباس: يتخارج الشريكان) هذا نظير الحوالة، استدل به على أنَّه لا رجوع في الحوالة، قياسًا على تخارج الشريكين، وقد فسر التخارج (بأن يأخذ أحدهما عينًا والآخر دينًا) قال ابن الأثير: تفاعل من الخروج، كأنه يخرج كل واحد منهما عن ملكه للآخر بالبيع (فإن توي لأحدهما) أي: حقه، يقال: توي -بفتح التاء وكسر الواو- وتواء -بالمد والقصر- أي: هلك.

2 - باب إذا أحال على ملى فليس له رد

2287 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَطْلُ الْغَنِىِّ ظُلْمٌ، فَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِىٍّ فَلْيَتْبَعْ». طرفاه 2288، 2400 2 - باب إِذَا أَحَالَ عَلَى مَلِىٍّ فَلَيْسَ لَهُ رَدٌّ 2288 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَطْلُ الْغَنِىِّ ظُلْمٌ، وَمَنْ أُتْبِعَ عَلَى مَلِىٍّ فَلْيَتَّبِعْ». طرفاه 2287 ـــــــــــــــــــــــــــــ 2287 - (عن أبي الزِّناد) -بكسر الزاء بعدها نون- عبد الله بن ذكوان (عن الأعرج) عبد الرَّحْمَن بن هرمز (مطل الغني ظلم) أي: عدم أدائه الدين، من مطلت الحديد إذا طولته، ومفهومه أنَّه إذا لم يكن غنيًّا لا ظلم، وهو موافق لقوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280] (فإذا أتبع أحدكم على مليء) بفتح الميم وكسر اللام بعده ياء، آخره همزة وقد يروي بتشديد الياء (فليتبع) بسكون التاء مضارع تبع، ويروى بتشديد التاء من الاتباع، والجمهور على أنّ هذا الأمر للندب. باب إذا أحال علي ملي فليس له ردّ 2288 - (ومن أتبع على مليّ فليتبع) وقع أكثر النسخ، وقيل: هي زيادة في نسخة الفربري بعد ترجمة الباب هكذا معناه، إذا كان لأحد عليك دين فأحلته على رجل مليء، فضمن ذلك فله أن يتبع صاحب الحوالة فيأخذ منه، إلى هنا كلامه، وهو شيء لا يكاد يصح؛ لأن بنفس الحوالة انتقل الدين من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه، فأي وجه لقوله: إن أفلس بعد ذلك فله أن يتبع صاحب الحوالة، والصواب: أن قوله إذا أحال على مليء فليس له رد، أن المحيل ليس له بعد الحوالة رد؛ لأن الدين انتقل إلى ذمة المحال عليه، واستدل على ذلك بحديث أبي هريرة؛ فإن الأمر بالاتباع يدل على عدم جواز الرّد.

3 - باب إن أحال دين الميت على رجل جاز

3 - باب إِنْ أَحَالَ دَيْنَ الْمَيِّتِ عَلَى رَجُلٍ جَازَ 2289 - حَدَّثَنَا الْمَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِى عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ أُتِىَ بِجَنَازَةٍ، فَقَالُوا صَلِّ عَلَيْهَا. فَقَالَ «هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ». قَالُوا لاَ. قَالَ «فَهَلْ تَرَكَ شَيْئًا». قَالُوا لاَ. فَصَلَّى عَلَيْهِ ثُمَّ أُتِىَ بِجَنَازَةٍ أُخْرَى، فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، صَلِّ عَلَيْهَا. قَالَ «هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ». قِيلَ نَعَمْ. قَالَ «فَهَلْ تَرَكَ شَيْئًا». قَالُوا ثَلاَثَةَ دَنَانِيرَ. فَصَلَّى عَلَيْهَا، ثُمَّ أُتِىَ بِالثَّالِثَةِ، فَقَالُوا صَلِّ عَلَيْهَا. قَالَ «هَلْ تَرَكَ شَيْئًا». قَالُوا لاَ. قَالَ «فَهَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ». قَالُوا ثَلاَثَةُ دَنَانِيرَ. قَالَ «صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ». قَالَ أَبُو قَتَادَةَ صَلِّ عَلَيْهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَعَلَىَّ دَيْنُهُ. فَصَلَّى عَلَيْهِ. طرفه 2295 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إن أحال دين الميت على رجل جاز فاعل أحالَ الرَّجلُ؛ أي: أحاله على نفسه، أو الحاكم. 2289 - (يزيد) من الزيادة (الأكوع) بفتح الهمزة (أتي بجنازة) بفتح الجيم وكسرها لغتان في الميت والنعش (قال أبو قتادة: صلّ عليه يَا رسول الله وعليَّ دينه) هذا في الحقيقة ضمان دين الميت، وهو حجة على أبي حنيفة في عدم تجويز الضمان عن الميت إذا لم يترك وفاء، ومن وجه آخر حيث يشترط قبول صاحب الدين. فإن قلت: لِمَ لَمْ يصل على من عليه دين ولم يترك وفاءً؟ قلت: لئلا يرد دعاؤه، فإن حقوق العباد لا بد من أدائها، وقيل: حثًّا للنَّاس على قضاء الديون، وهذا الوجه أوجه. فإن قلت: في رواية أبي داود: ديناران، في رواية ابن ماجه: ثمانية عشر درهمًا؟ قلت: محمول على تعدد الواقعة، وهذا كان قبل الفتوح؛ لما روى البُخَارِيّ ومسلم: "أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، من ترك دينًا فعليَّ قضاؤه".

39 - كتاب الكفالة

39 - كتاب الكفالة 1 - باب الْكَفَالَةِ فِي الْقَرْضِ وَالدُّيُونِ بِالأَبْدَانِ وَغَيْرِهَا 2290 - وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الأَسْلَمِىِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ - رضى الله عنه - بَعَثَهُ مُصَدِّقًا، فَوَقَعَ رَجُلٌ عَلَى جَارِيَةِ امْرَأَتِهِ، فَأَخَذَ حَمْزَةُ مِنَ الرَّجُلِ كَفِيلاً حَتَّى قَدِمَ عَلَى عُمَرَ، وَكَانَ عُمَرُ قَدْ جَلَدَهُ مِائَةَ جَلْدَةٍ، فَصَدَّقَهُمْ، وَعَذَرَهُ بِالْجَهَالَةِ. وَقَالَ جَرِيرٌ وَالأَشْعَثُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فِي الْمُرْتَدِّينَ اسْتَتِبْهُمْ، وَكَفِّلْهُمْ. فَتَابُوا ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الكفالة باب الكفالة في القرض والديون بالأبدان القرض: بالقاف، وفي بعضها: العروض بالعين. 2290 - (وقال أبو الزِّناد، عن محمَّد بن حمزة بن عمرو الأسلمي، عن أَبيه: أن عمر بعثه مصدقًا) -بكسر الدال المشددة- أي: عاملًا على الصدقات (فوقع الرَّجل على جارية امرأته، فأخذ حمزة من الرَّجل الكفلاء حتَّى قدم على عمر، وكان عمر قد جلده مائة) أي: ذلك الرَّجل الذي وقع على جارية امرأته، ولم يعلم بذلك حمزة؛ فلذلك أخذ الكفلاء حتَّى يسأل عمر، فلما سأله (صدقهم وعذره) أي: قبل عذر حمزة في أخذ الكفيل، أو عذر الرَّجل في دعوى الجهل بحرمة الزنى بجارية زوجته؛ ولذلك جلده، وإلا كان الواجب الرجم. هذا محصل ما رواه مالك في "الموطأ" مطولًا، ومن لم يحط بهذا علمًا زعم أن قوله: "كان عمر قد جلده فصدقهم" صدق بالتخفيف، وفاعله ذلك الرَّجل؛ أي: صدق القوم في وقوع الزنى منه، وَهَبْ أنَّه لم يحط بالكلام نقلًا، فكيف يمكن أن يكون فاعل فصدقهم الرَّجل بعد جلد عمر؛ إذ جلد عمر لا بد وأن يكون بعد إقراره، ثم قال: ويجوز أن يكون صدق مشددًا بمعنى أكرم؛ أي: أكرم الكفلاء، انظروا هذا الفهم؛ وأين رأى عمر الكفلاء!؟

وَكَفَلَهُمْ عَشَائِرُهُمْ. وَقَالَ حَمَّادٌ إِذَا تَكَفَّلَ بِنَفْسٍ فَمَاتَ فَلاَ شَىْءَ عَلَيْهِ. وَقَالَ الْحَكَمُ يَضْمَنُ. 2291 - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلاً مِنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ سَأَلَ بَعْضَ بَنِى إِسْرَائِيلَ أَنْ يُسْلِفَهُ أَلْفَ دِينَارٍ، فَقَالَ ائْتِنِى بِالشُّهَدَاءِ أُشْهِدُهُمْ. فَقَالَ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا. قَالَ فَأْتِنِى بِالْكَفِيلِ. قَالَ كَفَى بِاللَّهِ كَفِيلاً. قَالَ صَدَقْتَ. فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، فَخَرَجَ فِي الْبَحْرِ، فَقَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ الْتَمَسَ مَرْكَبًا يَرْكَبُهَا، يَقْدَمُ عَلَيْهِ لِلأَجَلِ الَّذِى أَجَّلَهُ، فَلَمْ يَجِدْ مَرْكَبًا، فَأَخَذَ خَشَبَةً، فَنَقَرَهَا فَأَدْخَلَ فِيهَا أَلْفَ دِينَارٍ، وَصَحِيفَةً مِنْهُ إِلَى صَاحِبِهِ، ثُمَّ زَجَّجَ مَوْضِعَهَا، ثُمَّ أَتَى بِهَا إِلَى الْبَحْرِ، فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّى كُنْتُ تَسَلَّفْتُ فُلاَنًا أَلْفَ دِينَارٍ، فَسَأَلَنِى كَفِيلاً، فَقُلْتُ كَفَى بِاللَّهِ كَفِيلاً، فَرَضِىَ بِكَ، وَسَأَلَنِى شَهِيدًا، فَقُلْتُ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا، فَرَضِىَ بِكَ، وَأَنِّى جَهَدْتُ أَنْ أَجِدَ مَرْكَبًا، أَبْعَثُ إِلَيْهِ الَّذِى لَهُ فَلَمْ أَقْدِرْ، وَإِنِّى أَسْتَوْدِعُكَهَا. فَرَمَى بِهَا فِي الْبَحْرِ حَتَّى وَلَجَتْ فِيهِ، ثُمَّ انْصَرَفَ، وَهْوَ فِي ذَلِكَ يَلْتَمِسُ مَرْكَبًا، يَخْرُجُ إِلَى بَلَدِهِ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ الَّذِى كَانَ أَسْلَفَهُ، يَنْظُرُ لَعَلَّ مَرْكَبًا قَدْ جَاءَ بِمَالِهِ، فَإِذَا بِالْخَشَبَةِ الَّتِى فِيهَا الْمَالُ، فَأَخَذَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: الكفالة في الحدود غير جائزة، فكيف أخذ في الحد الكفلاء؟ قلت: كان ذلك عن اجتهاد؛ على أن المسألة فيها خلاف، أجازه أبو يوسف ومحمَّد. (وقال جرير والأشعث لعبد الله بن مسعود في المرتدين: استتبهم وكفّلهم). فإن قلت: ما معنى الكفالة في المرتد؟ قلت: المحافظة عليه؛ أن لا يقع فيه ثانيًا. (فتابوا، وكفلهم عشائرهم) بتشديد الفاء ونصب عشائر، ويجوز التَّخفيف والرفع. 2291 - (وقال الليث) وفي بعضها: عبد الله بن صالح عن الليث (هرمز) بضم الهاء آخره زاء معجمة. روى في الباب حديث الإسرائيلي، وموضع الدلالة أنَّه طلب من الكفيل، فدل على أنّ الكفالة شرع قديم (التمس مركبًا) أي: سفينة (فأخذ خشبة، فنقرها) حفر وسطها (ثم زجج موضعها) أي: أصلحها -بتشديد الجيم الأول- من قولهم: زجج الحواجب إذا أخذ شعرها

2 - باب قول الله تعالى (والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم)

لأَهْلِهِ حَطَبًا، فَلَمَّا نَشَرَهَا وَجَدَ الْمَالَ وَالصَّحِيفَةَ، ثُمَّ قَدِمَ الَّذِى كَانَ أَسْلَفَهُ، فَأَتَى بِالأَلْفِ دِينَارٍ، فَقَالَ وَاللَّهِ مَا زِلْتُ جَاهِدًا فِي طَلَبِ مَرْكَبٍ لآتِيَكَ بِمَالِكَ، فَمَا وَجَدْتُ مَرْكَبًا قَبْلَ الَّذِى أَتَيْتُ فِيهِ. قَالَ هَلْ كُنْتَ بَعَثْتَ إِلَىَّ بِشَىْءٍ قَالَ أُخْبِرُكَ أَنِّى لَمْ أَجِدْ مَرْكَبًا قَبْلَ الَّذِى جِئْتُ فِيهِ. قَالَ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَدَّى عَنْكَ الَّذِى بَعَثْتَ فِي الْخَشَبَةِ فَانْصَرِفْ بِالأَلْفِ الدِّينَارِ رَاشِدًا». طرفه 1498 2 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ) 2292 - حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ إِدْرِيسَ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - (وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِىَ) قَالَ وَرَثَةً (وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ) قَالَ كَانَ الْمُهَاجِرُونَ لَمَّا قَدِمُوا الْمَدِينَةَ يَرِثُ الْمُهَاجِرُ الأَنْصَارِىَّ دُونَ ذَوِى رَحِمِهِ لِلأُخُوَّةِ الَّتِى آخَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَهُمْ، فَلَمَّا نَزَلَتْ (وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِىَ) نَسَخَتْ، ثُمَّ قَالَ (وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ) إِلاَّ النَّصْرَ وَالرِّفَادَةَ وَالنَّصِيحَةَ، وَقَدْ ذَهَبَ الْمِيرَاثُ وَيُوصِى لَهُ. طرفاه 4580، 6747 ـــــــــــــــــــــــــــــ ودققها (قال: هل كنت بعثت بشيء؟ قال أخبرك لم أجد مركبًا قبل الذي جئت فيه) كان حق الجواب أن يقول: بعثت، ولكن استبعد أن يكون وصل إليه ما أرسله في البحر أنَّه لو قال ذلك عدّ محالًا عرفًا، فأخذ في الاعتذار (قال: فإنّ الله قد أدّى عنك الذي بعثت والخشبة) بالنصب على أنَّه مفعول معه. وفي الحديث دلالة على بركة الأمانة والتوكل. باب قول الله: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} [النساء: 33] 2292 - (الصلت بن محمَّد) بالصاد المهملة (أبو أسامة) بضم الهمزة، حمّاد بن أسامة (مصرف) بضم الميم وتشديد الرّاء المهملة المكسورة كان المهاجرون لما قدموا المدينة يرث المهاجر الأَنْصَارِيّ دون ذوي رحمه) أي: دون الورثة؛ سواء كان من ذوي الأرحام، أو من سائر العصبِات (فلما نزلت: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} [النساء: 33] نسخت، ثم قال: {مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ} [النساء: 33] إلَّا النصر والرّفادة والنصيحة) أي: هذه الأحكام باقية وإن نسخ

2293 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَدِمَ عَلَيْنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فَآخَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ. طرفه 2049 2294 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ قَالَ قُلْتُ لأَنَسٍ رضى الله عنه أَبَلَغَكَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ حِلْفَ فِي الإِسْلاَمِ». فَقَالَ قَدْ حَالَفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ قُرَيْشٍ وَالأَنْصَارِ فِي دَارِى. طرفاه 6083، 7340 ـــــــــــــــــــــــــــــ الإرث، والرفادة -بكسر الراء- من الرفد؛ وهو العطاء، قال ابن الأثير: الرفادة: عبارة عما كانت قريش تفعله من إخراج المال، كل شخص على قدر طاقته، ويشترون به الطعام والزبيب للنبيذ ويسقون في الموسم، قال: والذي في حديث ابن عباس من النصر والرِّفادة المراد بهم الإعانة. 2293 - (حميد) بضم الحاء، مصغر (قدم علينا عبد الرَّحْمَن بن عوف، فآخى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينه وبين سعد بن الرَّبيع) لما آخى بين المهاجرين والأَنْصار. 2294 - (محمَّد بن الصباح) بفتح الصاد وتشديد الباء (قلت لأنس بن مالك: أبلغك أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: لا حلف في الإِسلام؟ فقال: قد حالف رسول الله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بين قريش والأَنْصار في داري). فإن قلت: فما التوفيق بين قوله: "لا حلف في الإِسلام" وبين قول أنس، على أنّه جاء في الحديث الآخر: "أيما حلف كان في الجاهلية لا يزيده الإِسلام إلَّا شدة"؟ قلت: الذي نفاه ما كان عليه المشركون من التعاون والتعاضد على الباطل من قتل البريء بذنب الآخر، وقتل الجماعة بواحد ونحوه، والذي أثبته هو التعاون على الحق ونصر المظلوم. فإن قلت: أيّ مناسبة لهذا الحديث في الكفالة؟ قلت: ذكروا أنَّه انتقال حق الوارث إلى الحلف؛ كما ينقل حق صاحب المال من الأصيل إلى الكفيل؟ وفيه نظر؛ لأن الحق في

3 - باب من تكفل عن ميت دينا فليس له أن يرجع

3 - باب مَنْ تَكَفَّلَ عَنْ مَيِّتٍ دَيْنًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ. 2295 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أُتِىَ بِجَنَازَةٍ، لِيُصَلِّىَ عَلَيْهَا، فَقَالَ «هَلْ عَلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ». قَالُوا لاَ. فَصَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ أُتِىَ بِجَنَازَةٍ أُخْرَى، فَقَالَ «هَلْ عَلَيْهِ مَنْ دَيْنٍ». قَالُوا نَعَمْ. قَالَ «صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ». قَالَ أَبُو قَتَادَةَ عَلَىَّ دَيْنُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَصَلَّى عَلَيْهِ. 2296 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرٌو سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِىٍّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهم - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ قَدْ جَاءَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ، قَدْ أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا ـــــــــــــــــــــــــــــ الكفالة لم ينتقل، فإن صاحب المال غير بين مطالبة الأصيل والكفيل؛ بل الوجه في ذلك أنَّهم كانوا عند عقد الحلف يقول كل منهم: أكون مطالبًا بكل ما طولبت به، وهذه مناسبة ظاهرة. باب من تكفل عن ميت دينًا فليس له أن يرجع 2295 - (أبو عاصم) الضحاك بن مخلد النَّبِيل (يزيد بن أبي عبيد) بضم العين، مصغر (الأوع) بفتح الهمزة وسكون الكاف، روى في الباب هذا الحديث من الثلاثيات حديث أبي قتادة حيث تكفل عن الميت ثلاثة دنانير. فإن قلت: أورده في كتاب الحوالة، واستدل به، فكيف استدل به على الكفالة؟ قلت: إيراده في باب الحواله كان تنظيرًا؛ لأن الحوالة تقتضي محيلًا؛ ولا محيل هنا. فإن قلت: فكيف دل على عدم جواز الرجوع؟ قلت: لو جاز الرجوع لم يكن يصلي عليه، ولم يكن أَيضًا للكفالة فائدة، وفي رواية أبي داود: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له: "الدنانير عليك والميت منها بريء" قال: نعم، ثم لقيه، فقال: "يَا أَبا قتادة ما فعلت الدنانير؟ " قال: قضيتها، فقال: "الآن برد جلده"، واتفق الفقهاء على أن الكفالة عقد لازم. 2296 - (عن جابر قال: قال النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: لو قد جاء مال البحرين قد أعطيتك هكذا

4 - باب جوار أبى بكر فى عهد النبى - صلى الله عليه وسلم - وعقده

وَهَكَذَا وَهَكَذَا». فَلَمْ يَجِئْ مَالُ الْبَحْرَيْنِ حَتَّى قُبِضَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا جَاءَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ أَمَرَ أَبُو بَكْرٍ فَنَادَى مَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - عِدَةٌ أَوْ دَيْنٌ فَلْيَأْتِنَا. فَأَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لِى كَذَا وَكَذَا، فَحَثَى لِى حَثْيَةً فَعَدَدْتُهَا فَإِذَا هِىَ خَمْسُمِائَةٍ، وَقَالَ خُذْ مِثْلَيْهَا. أطرافه 2598، 2683، 3137، 3164، 4383 4 - باب جِوَارِ أَبِى بَكْرٍ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَعَقْدِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ وهكذا وهكذا) أشار بملئ كفيه، قد للتحقيق في الموضعين، ولو: بمعنى إن، ويحتمل التمني (قال جابر: فأتيته) أي: أَبا بكر (فقلت: إن النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- قال لي: كذا) كناية عما كان أشار إليه بكفيه من إعطاء الدراهم (فحثى لي حثية) يقال: يحثي، وحثا يحثو بمعنى؛ أي: الرمي بيده، ومعناه في الحديث أنَّه غرف له من المال بكفيه، واستدل به مالك وطائفة من العلماء على أن الوعد ملزم، والجواب: أن هذا كان خاصًا به - صلى الله عليه وسلم - لعظم منصبه، واللائق بأخلاقه، وأيضًا فعل أبي بكر لم يكن لكونه كان ذلك في ذمة رسول الله- صلى الله عليه وسلم - كسائر الديون؛ بل كان إكرامًا له لئلا يقع الخلف في مواعيده، ألا ترى أنَّه عطف الدين عليه؛ إذ لو كان لازمًا لم يكن لعطف الدين عليه وجه. فإن قلت: أين موضع الدلالة في الحديث؟ قلت: هو قوله: (من كان له عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دين فليأتنا) وقد سلف أن الكفالة عقد لازم لا يمكن الرجوع عنه. قال بعض الشارحين: لو كان لأبي بكر الرجوع للزم خلاف المقصود؛ وهو براءة ساحة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع أنَّه لو بقي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تركة لكانت صدقة؛ فلا مجال للرجوع إليها، وهذا غلط منه، فإن الصدقة إنما هي بعد أداء الدين، صرح به في الحديث، والتحقيق أن هذا لم يكن كفالة بالمال؛ بل صورته الكفالة، ألا ترى أن أَبا بكر إنما أعطى جابرًا من مال الفيء. باب جوارُ أبي بكر في عهد النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - الجوار -بكسر الجيم- مصدر جور، أو اسم من الإجارة، مضاف إلى المفعول، قال الجوهري: والجار هو الذي أجرته ممن يظلمه. قلت: وقد جاء بمعنى المجير، وقد حكى الله عن إبليس في سورة الأنفال: {وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ} [الأنفال: 48]. وكذا في قول ابن دغنة: هذا لأبي بكر (وأنا لك [جارٌ]).

2297 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَأَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَىَّ إِلاَّ وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ. وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَىَّ قَطُّ، إِلاَّ وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ، وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إِلاَّ يَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - طَرَفَىِ النَّهَارِ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً، فَلَمَّا ابْتُلِىَ الْمُسْلِمُونَ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا قِبَلَ الْحَبَشَةِ، حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَرْكَ الْغِمَادِ لَقِيَهُ ابْنُ الدَّغِنَةِ - وَهْوَ سَيِّدُ الْقَارَةِ - فَقَالَ أَيْنَ تُرِيدُ يَا أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَخْرَجَنِى قَوْمِى فَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَسِيحَ فِي الأَرْضِ فَأَعْبُدَ رَبِّى. قَالَ ابْنُ الدَّغِنَةِ إِنَّ مِثْلَكَ لاَ يَخْرُجُ وَلاَ يُخْرَجُ، فَإِنَّكَ تَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَقْرِى الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ، وَأَنَا لَكَ جَارٌ فَارْجِعْ فَاعْبُدْ رَبَّكَ بِبِلاَدِكَ. فَارْتَحَلَ ابْنُ الدَّغِنَةِ، فَرَجَعَ مَعَ أَبِى بَكْرٍ، فَطَافَ فِي أَشْرَافِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، فَقَالَ لَهُمْ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ لاَ يَخْرُجُ مِثْلُهُ، وَلاَ يُخْرَجُ، أَتُخْرِجُونَ رَجُلاً يُكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَيَصِلُ الرَّحِمَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ 2297 - (بكير) بضم الباء: مصغر، وكذا (عقيل) (أن عائشة قالت: لم أعقل أبوَيَّ إلَّا وهما يدينان الدين) أي: الإِسلام، وانتصاب بنزع الخافض. قال الجوهري: وإن بكذا ديانة، وتدين به؛ فهو دين ومتدين (قال أبو صالح) قال الغساني: أبو صالح هذا هو سليمان بن صالح المروزي شيخ شيوخ البُخَارِيّ (خرج أبو بكر مهاجرًا قبل الحبشة حتَّى بلغ برك الغماد) قال ابن الأثير: بكسر الباء وفتحها، وبفتح العين وضمها اسم موضع باليمن، وقيل: وراء مكة بخمس ليال (لقيه ابن الدغنة) بفتح الدال وكسر الغين المعجمة: ويقال: الدثنة -بالثاء المثلثة- اسمه: ربيعة بن رفيع، والدغنة اسم أمه. (سيد القارة) -بالقاف- اسم قبيلة، قال الجوهري: هم عضل والديش، أبناء الهون بن خزيمة، سموا قارة لاجتماعهم والتفافهم لما أراد ابن الشراح أن يفرقهم في كنانة؛ كذا قاله في قور، وقال في ديش: الديش -بكسر الدال وفتحها- ابن الهوشى بن خزيمة، والعضل: ابن الهون ابن خزيمة (فإنك تكسب المعدوم) وفي بعضها: "العديم" أي: تعطي الرَّجل الفقير من مالك، وهذه الأوصاف تقدمت في حديث ورقة أول الكتاب في بدء الوحي.

وَيَحْمِلُ الْكَلَّ، وَيَقْرِى الضَّيْفَ، وَيُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ. فَأَنْفَذَتْ قُرَيْشٌ جِوَارَ ابْنِ الدَّغِنَةِ وَآمَنُوا أَبَا بَكْرٍ وَقَالُوا لاِبْنِ الدَّغِنَةِ مُرْ أَبَا بَكْرٍ فَلْيَعْبُدْ رَبَّهُ فِي دَارِهِ، فَلْيُصَلِّ وَلْيَقْرَأْ مَا شَاءَ، وَلاَ يُؤْذِينَا بِذَلِكَ، وَلاَ يَسْتَعْلِنْ بِهِ، فَإِنَّا قَدْ خَشِينَا أَنْ يَفْتِنَ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا. قَالَ ذَلِكَ ابْنُ الدَّغِنَةِ لأَبِى بَكْرٍ، فَطَفِقَ أَبُو بَكْرٍ يَعْبُدُ رَبَّهُ فِي دَارِهِ، وَلاَ يَسْتَعْلِنُ بِالصَّلاَةِ وَلاَ الْقِرَاءَةِ فِي غَيْرِ دَارِهِ، ثُمَّ بَدَا لأَبِى بَكْرٍ فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ، وَبَرَزَ فَكَانَ يُصَلِّى فِيهِ، وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ، فَيَتَقَصَّفُ عَلَيْهِ نِسَاءُ الْمُشْرِكِينَ وَأَبْنَاؤُهُمْ، يَعْجَبُونَ وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلاً بَكَّاءً لاَ يَمْلِكُ دَمْعَهُ حِينَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، فَأَفْزَعَ ذَلِكَ أَشْرَافَ قُرَيْشٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَأَرْسَلُوا إِلَى ابْنِ الدَّغِنَةِ فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ، فَقَالُوا لَهُ إِنَّا كُنَّا أَجَرْنَا أَبَا بَكْرٍ عَلَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ فِي دَارِهِ، وَإِنَّهُ جَاوَزَ ذَلِكَ، فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ، وَأَعْلَنَ الصَّلاَةَ وَالْقِرَاءَةَ، وَقَدْ خَشِينَا أَنْ يَفْتِنَ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا، فَأْتِهِ فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ فِي دَارِهِ فَعَلَ، وَإِنْ أَبَى إِلاَّ أَنْ يُعْلِنَ ذَلِكَ فَسَلْهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْكَ ذِمَّتَكَ، فَإِنَّا كَرِهْنَا أَنْ نُخْفِرَكَ، وَلَسْنَا مُقِرِّينَ لأَبِى بَكْرٍ الاِسْتِعْلاَنَ. قَالَتْ عَائِشَةُ فَأَتَى ابْنُ الدَّغِنَةِ أَبَا بَكْرٍ، فَقَالَ قَدْ عَلِمْتَ الَّذِى عَقَدْتُ لَكَ عَلَيْهِ، فَإِمَّا أَنْ تَقْتَصِرَ عَلَى ذَلِكَ وَإِمَّا أَنْ تَرُدَّ إِلَىَّ ذِمَّتِى، فَإِنِّى لاَ أُحِبُّ أَنْ تَسْمَعَ الْعَرَبُ أَنِّى أُخْفِرْتُ فِي رَجُلٍ عَقَدْتُ لَهُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنِّى أَرُدُّ إِلَيْكَ جِوَارَكَ، وَأَرْضَى بِجِوَارِ اللَّهِ. وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَئِذٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ (وتقري الضيف) بفتح الثاء (وتعين على نوائب الحق) جمع نائبة، وهي: المصيبة (فأنفذت قريش) بالذال المعجمة (جوار ابن المدغنة) أي: إجارته وقبلت (فليعبد ربه في داره) أي: لا في المسجد الحرام. (فطفق أبو بكر يعبد ربه في داره) على ما شرط المشركون (ثم بدا لأبي بكر) بالألف والدال المهملة على وزن وفا، أي: ظهر؛ وفاعله ما دل عليه قوله (فابتنى مسجدًا بفناء داره) -بكسر الفاء والمد- ما امتد من جوانب الدار، هذا أول مسجد بني في الإِسلام (فكان يصلي فيه ويقرأ القرآن فيتقصف عليه نساء المشركين وأبناؤهم) من القصف، وهو الكسر، أي: تكسر بعضهم على بعض من شدة الازدحام (فاسأله أن يرد إليك ذمتك) أي: جوارك (فإنا كرهنا أن نخفرك) بضم النُّون والخاء المعجمة، أي: ننقض عهدك، يقال: خفرته حفظت عهده، وأخفرته: نقضت عهده.

5 - باب الدين

بِمَكَّةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «قَدْ أُرِيتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ، رَأَيْتُ سَبْخَةً ذَاتَ نَخْلٍ بَيْنَ لاَبَتَيْنِ». وَهُمَا الْحَرَّتَانِ، فَهَاجَرَ مَنْ هَاجَرَ قِبَلَ الْمَدِينَةِ حِينَ ذَكَرَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَرَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ بَعْضُ مَنْ كَانَ هَاجَرَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ، وَتَجَهَّزَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «عَلَى رِسْلِكَ فَإِنِّى أَرْجُو أَنْ يُؤْذَنَ لِى». قَالَ أَبُو بَكْرٍ هَلْ تَرْجُو ذَلِكَ بِأَبِى أَنْتَ قَالَ «نَعَمْ». فَحَبَسَ أَبُو بَكْرٍ نَفْسَهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِيَصْحَبَهُ وَعَلَفَ رَاحِلَتَيْنِ كَانَتَا عِنْدَهُ وَرَقَ السَّمُرِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ. طرفه 476 5 - باب الدَّيْنِ 2298 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُؤْتَى بِالرَّجُلِ ـــــــــــــــــــــــــــــ (فقال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: قد أريت) أي: في المنام (دار هجرتكم، رأيت سبخة) بدل من (قد أريت) والسبخة -بفتح السين والباء والخاء المعجمة- أرض تعلوها الملاحة، لا تكاد تنبت (ذات نخل بين لابتين -هما: الحرتان-) والحرة: أرض ذات حجارة سود (على رسلك) أي: لا تعجل (والرسل) -بكسر الراء- السير السهل (بأبي أَنْتَ) أي: مفدَّىً، مبتدأ وخبر، والقولُ: بأن أنت تأكيد فاعل ترجو لغو من الكلام؛ لوقوع بأبي حشو في (فحبس أبو بكر نفسه على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-) أي: حرصًا على صحبته (وعلف راحلتين) الرّاحلة: الناقة القوية (ورق السمر أربعة أشهر) السَمرُ -بفتح السين وضم الميم- شجر الطلح. وفي الحديث دلالة على أن من ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه؛ فإن الصديق لما ترك جواز من الدغنة، ودخل في جوار الله ورسوله، حفظه الله من أذى المشركين ورزقه صحبة سيد المرسلين - صلى الله عليه وسلم -، وألبسه حلة {ثَانِيَ اثْنَيْنِ} [التوبة: 40] إلى يوم الدين. باب كذا وقع من غير ترجمة، وفي بعضها: باب الدين. 2298 - روى فيه حديث أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان لم يصل على من عليه

الْمُتَوَفَّى عَلَيْهِ الدَّيْنُ فَيَسْأَلُ «هَلْ تَرَكَ لِدَيْنِهِ فَضْلاً». فَإِنْ حُدِّثَ أَنَّهُ تَرَكَ لِدَيْنِهِ وَفَاءً صَلَّى، وَإِلاَّ قَالَ لِلْمُسْلِمِينَ «صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ». فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْفُتُوحَ قَالَ «أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، فَمَنْ تُوُفِّىَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَتَرَكَ دَيْنًا فَعَلَىَّ قَضَاؤُهُ، وَمَنْ تَرَكَ مَالاً فَلِوَرَثَتِهِ». أطرافه 2398، 2399، 4781، 5371، 6731، 6745، 6763 ـــــــــــــــــــــــــــــ دين، ولم يترك وفاء (فلما فتح الله عليه الفتوح قال: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم) أخذه من قوله تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [الأحزاب: 6] (من ترك دينًا فعليّ قضاؤه) أي: يجب على ذلك، وقد قدم الدليل عليه؛ وهو كونه أولى بالمؤمنين من أنفسهم.

40 - كتاب الوكالة

40 - كتاب الوكالة 1 - باب وَكَالَةُ الشَّرِيكِ الشَّرِيكَ فِي الْقِسْمَةِ وَغَيْرِهَا وَقَدْ أَشْرَكَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلِيًّا فِي هَدْيِهِ ثُمَّ أَمَرَهُ بِقِسْمَتِهَا. 2299 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ أَبِى نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى لَيْلَى عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - قَالَ أَمَرَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ أَتَصَدَّقَ بِجِلاَلِ الْبُدْنِ الَّتِى نُحِرَتْ وَبِجُلُودِهَا. طرفه 1707 ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الوكالة باب وكالة الشريك الشريك الوكالة -بفتح الواو وقد يكسر- اسم من التوكل؛ كذا قاله الجوهري، والتوكيل: تفويض أمر من الأمور إلى الغير، إقامة له مقام نفسه، وإضافة الوكالة إلى الشريك إضافة إلى الفاعل، والشريك الثاني نصب على المفعولية. (وقد أشرك النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- عليًّا في هديه، ثم أمره بقسمتها) تقدم هذا التعليق مسندًا في أبواب الحج. 2299 - (قبيصة) بفتح القاف وكسر الباء الموحدة (ابن أبي نجيح) -بفتح النُّون وكسر الجيم- عبيد الله بن يسار (عن علي قال: أمرني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن أتصدق بجلال البدن) جمع جل -بضم الجيم- هذا موضع الدلالة؛ فإن عليًّا كان شريكًا في الهدي، ووكيلًا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صرف سهمه إلى الفقراء.

2 - باب إذا وكل المسلم حربيا فى دار الحرب، أو فى دار الإسلام، جاز

2300 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ عَنْ أَبِى الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَعْطَاهُ غَنَمًا يَقْسِمُهَا عَلَى صَحَابَتِهِ، فَبَقِىَ عَتُودٌ فَذَكَرَهُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «ضَحِّ أَنْتَ». أطرافه 2500، 5547، 5555 2 - باب إِذَا وَكَّلَ الْمُسْلِمُ حَرْبِيًّا فِي دَارِ الْحَرْبِ، أَوْ فِي دَارِ الإِسْلاَمِ، جَازَ 2301 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى يُوسُفُ بْنُ الْمَاجِشُونِ عَنْ صَالِحِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ ـــــــــــــــــــــــــــــ 2300 - (عن أبي الخير) ضد الشر، واسمه: مرتد (عن عقبة بن عامر: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعطاه غنمًا) أي: قطعة من الغنم (يقسمها على صحابته) أي: على أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أو أصحاب عقبة (فبقي عتود) -بفتح العين وضم التاء- ولد المعز الذي تم حوله، قاله الجوهري (فقال: ضح به أَنْتَ). فإن قلت: التضحية بالعتود الذي أتى عليه حول لا يجوز؟ قلت: أجازه مالك وأَحمد، ومن لا يجوزه قال: لم يكن قوله: "ضح به" على حقيقته، بل أطلق عليه اسم التضحية مشاكلة، والدليل على هذا أنَّه إنما أبقى ذلك العتود ولم يعطه أحدًا لكونه غير صالح له. فإن قلت: ما وجه دلالة الحديث على الترجمة؟ قلت: ذكروا أن عقبة كان شريكًا للموهوب منه، وقد وكله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في توزيع الغنم على شركائه، فهو نظير توكيل الشريك، وهذا فيه نظر؛ لأن عقبة لم يكن شريكًا لهم، ألا ترى إلى قوله: "أعطاه غنمًا يقسمها على صحابته" لا سيما إذا كان الضمير لعقبة، ولو كان عقبة شريكًا لم يكن السؤال عن العتود وجه، والظاهر -والله أعلم- أن الغنم كان من مال الفيء، وعقبة شريك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مال الفيء، فيظهر توكل الشريك كما في الترجمة. باب إذا وكل المسلم حربيًّا في دار الحرب، أو في دار الإِسلام جاز 2301 - (الماجشون) معرب ماه كون؛ أي: لون القمر (عن عبد الرَّحْمَن بن عوف

الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَاتَبْتُ أُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ كِتَابًا بِأَنْ يَحْفَظَنِى فِي صَاغِيَتِى بِمَكَّةَ، وَأَحْفَظَهُ فِي صَاغِيَتِهِ بِالْمَدِينَةِ، فَلَمَّا ذَكَرْتُ الرَّحْمَنَ قَالَ لاَ أَعْرِفُ الرَّحْمَنَ، كَاتِبْنِى بِاسْمِكَ الَّذِى كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. فَكَاتَبْتُهُ عَبْدُ عَمْرٍو فَلَمَّا كَانَ فِي يَوْمِ بَدْرٍ خَرَجْتُ إِلَى جَبَلٍ لأُحْرِزَهُ حِينَ نَامَ النَّاسُ فَأَبْصَرَهُ بِلاَلٌ فَخَرَجَ حَتَّى وَقَفَ عَلَى مَجْلِسٍ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ، لاَ نَجَوْتُ إِنْ نَجَا أُمَيَّةُ. فَخَرَجَ مَعَهُ فَرِيقٌ مِنَ الأَنْصَارِ فِي آثَارِنَا، فَلَمَّا خَشِيتُ أَنْ يَلْحَقُونَا خَلَّفْتُ لَهُمُ ابْنَهُ، لأَشْغَلَهُمْ فَقَتَلُوهُ ثُمَّ أَبَوْا حَتَّى يَتْبَعُونَا، وَكَانَ رَجُلاً ثَقِيلاً، فَلَمَّا أَدْرَكُونَا قُلْتُ لَهُ ابْرُكْ. فَبَرَكَ، فَأَلْقَيْتُ عَلَيْهِ نَفْسِى لأَمْنَعَهُ، فَتَخَلَّلُوهُ بِالسُّيُوفِ مِنْ تَحْتِى، حَتَّى قَتَلُوهُ، وَأَصَابَ أَحَدُهُمْ رِجْلِى بِسَيْفِهِ، وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ يُرِينَا ذَلِكَ الأَثَرَ فِي ظَهْرِ قَدَمِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قال: كاتبت أمية بن خلف بأن يحفظني في صاغيتي) بالصاد المهملة والعين المعجمة، قال ابن الأثير: الصاغية خاصة الإنسان والمائلون إليه، اشتقاقه من الصُّغو -بضم الصاد وغين معجمة وتشديد الواو- وهو الميل (فلما كان يوم بدر خرجت) أي: من بين الجيش (إلى جبل لأُحرزه) بضم الهمزة أي: لأحفظه؛ لأنه لم يكن في القتلى ولا في الأسرى (فأبصره بلال) فخرج حتَّى وقف على مجلس الْأَنصار (فقال: أمية بن خلف) أي: هذا أو هنا (لا نجوْتُ) دعاء على نفسه، والغرض حثّ الْأَنصار على قتله (وكان رجلًا ثقيلًا، فلما أدركونا قلت له: ابرك) أراد أن يلقي عليه نفسه عسى عن أن يرجعوا عنه، فأبوا إلا قتله (فتجلّلوه بالسيوف) بالجيم كذا للأصيلي وأبي ذر؛ أي: علوه وغشوه؛ ولغيرهما بالخاء المعجمة أي: أدخلوا السيوف من كل جانب، ولذلك أصابوا رجله بالسيف. فإن قلت: أين موضع الدلالة؟ قلت: هو كتابه لأمية بأن يحفظ صاغيته. فإن قلت: كيف لم يقبلوا أمان عبد الرَّحْمَن لأمية وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ذمة المسلمين واحدة"؟. قلت: ليس في الحديث أنَّه أمنه، أو لم يعرف الْأَنصار سراية أمانه ونفاذه.

3 - باب الوكالة فى الصرف والميزان

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: «سَمِعَ يُوسُفُ صَالِحًا، وَإِبْرَاهِيمُ أَبَاهُ». طرفه 3971 3 - باب الْوَكَالَةِ فِي الصَّرْفِ وَالْمِيزَانِ وَقَدْ وَكَّلَ عُمَرُ وَابْنُ عُمَرَ فِي الصَّرْفِ. 2302 و 2303 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ وَأَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اسْتَعْمَلَ رَجُلاً عَلَى خَيْبَرَ، فَجَاءَهُمْ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ فَقَالَ «أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا». فَقَالَ إِنَّا لَنَأْخُذُ الصَّاعَ مِنْ هَذَا بِالصَّاعَيْنِ، وَالصَّاعَيْنِ بِالثَّلاَثَةِ. فَقَالَ «لاَ تَفْعَلْ، بِعِ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا». وَقَالَ فِي الْمِيزَانِ مِثْلَ ذَلِكَ طرفاه 2201، 2202. ـــــــــــــــــــــــــــــ (قال أبو عبد الله: سمع يوسف صالحًا وإبراهيم أباه) فائدة هذا الكلام دفع وهم التدليس بصريح لفظة السماع فإن عن محتملة. باب الوكالة في الصرف والميزان الصرف: بيع الدراهم بالذهب، وبالعكس، والمراد بالميزان: الموزونات كلها. 2302 - 2303 - (أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- استعمل رجلًا على خيبر، فجاءهم بتمر جنيب) -بفتح الجيم- نوع حسن، و (الجمع): نوع رديء، وقيل: أخلاط مجتمعة، ودلالة الحديث على الترجمة دلالة ظاهرة، وذلك أنّ الصرف وبيع الطعام بالطعام لا يفترقان حكمًا، فالذي يدل على أحدهما يدل على الآخر، وأما الموزونان فقد أشار في الحديث إلى أن حكمها حكم المكيلات.

4 - باب إذا أبصر الراعى أو الوكيل شاة تموت أو شيئا يفسد ذبح وأصلح ما يخاف عليه الفساد

4 - باب إِذَا أَبْصَرَ الرَّاعِى أَوِ الْوَكِيلُ شَاةً تَمُوتُ أَوْ شَيْئًا يَفْسُدُ ذَبَحَ وَأَصْلَحَ مَا يَخَافُ عَلَيْهِ الْفَسَادَ 2304 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ سَمِعَ الْمُعْتَمِرَ أَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَتْ لَهُمْ غَنَمٌ تَرْعَى بِسَلْعٍ، فَأَبْصَرَتْ جَارِيَةٌ لَنَا بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِنَا مَوْتًا، فَكَسَرَتْ حَجَرًا فَذَبَحَتْهَا بِهِ، فَقَالَ لَهُمْ لاَ تَأْكُلُوا حَتَّى أَسْأَلَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -، أَوْ أُرْسِلَ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مَنْ يَسْأَلُهُ. وَأَنَّهُ سَأَلَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ ذَاكَ، أَوْ أَرْسَلَ، فَأَمَرَهُ بِأَكْلِهَا. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ فَيُعْجِبُنِى أَنَّهَا أَمَةٌ، وَأَنَّهَا ذَبَحَتْ. تَابَعَهُ عَبْدَةُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ. أطرافه 5501، 5502، 5504 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إذا أبصر الراعي أو الوكيل شاة تموت أو شيئًا يفسد ذبح أو أصلح ما يخاف الفساد 2304 - (المعتمر) بضم الميم الأول وكسر الثاني (عن نافع أنَّه سمع ابن كعب بن مالك) له ثلاثة بنين: عبد الله، وعبيد الله، وعبد الرَّحْمَن، وراوي هذا الحديث عبد الرَّحْمَن، صرّح به البُخَارِيّ في الذبائح (ترعى بسَلْع) بفتح السين وسكون اللام، جبل صغير بالمدينة الشريفة (فأبصرت جارية لنا بشاة من غَنمنا موتًا) أي: أمارات الموت (فكسرت حجرًا فذبحتها، سأل النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك فأمره بأكلها). والحديث دل على أحكام: جواز ذبح الإماء، والذكاة بغير إذن المالك إذا خاف الفساد عليه، وأن الراعي لا ضمان عليه، واتفق الأئمة على أن ذبيحة السارق والغاصب يجوز أكلها. (تابعه عبدة عن عبيد الله) أي: تابع المعتمر، وهذه المتابعة أسندها البُخَارِيّ في الذبائح، والله أعلم.

5 - باب وكالة الشاهد والغائب جائزة

5 - باب وَكَالَةُ الشَّاهِدِ وَالْغَائِبِ جَائِزَةٌ وَكَتَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو إِلَى قَهْرَمَانِهِ وَهُوَ غَائِبٌ عَنْهُ أَنْ يُزَكِّىَ عَنْ أَهْلِهِ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ. 2305 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَلَمَةَ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - سِنٌّ مِنَ الإِبِلِ فَجَاءَهُ يَتَقَاضَاهُ فَقَالَ «أَعْطُوهُ». فَطَلَبُوا سِنَّهُ فَلَمْ يَجِدُوا لَهُ إِلاَّ سِنًّا فَوْقَهَا. فَقَالَ «أَعْطُوهُ». فَقَالَ أَوْفَيْتَنِى أَوْفَى اللَّهُ بِكَ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ خِيَارَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً». أطرافه 2306، 2390، 2392، 2393، 2401، 2606، 2609 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب وكالة الشاهد والغائب جائزة (وكتب عبد الله بن عمر إلى قهرمانه، وهو غائب عنه: أن يزكي عن أهله) قهرمان -بفتح القاف، وسكون الهاء- قال ابن الأثير: لفظ فارسي، ومعناه: الوكيل القائم بالأمر. 2305 - (أبو نعيم) بضم النُّون، مصغر (كان لرجل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سنٌّ من الإبل) أي: بعير، قال الجوهري: قد يعبر عن العمر بالسن؛ لأنّ الأسنان تدل على كمية عمر الحيوان (فجاءه يتقاضاه) أي: يطلب قضاءه (فلم يجد له إلَّا سنًّا فوقها) أي: أحسن من حقه، أو أكبر، وهذا أرجح؛ لما جاء في الرواية الأخرى: "استلف بكرًا وأعطى بازلًا" (فقال: أعطوه) أي: ما فوق سنة (فقال: أوفى الله بك) أي: أعطيتني حقي وافيًا أوفى الله بك، حذف المفعول ليدل على العموم؛ أي: كل ما تريد، قال الجوهري: يقال: وفيته ووفيته وأوفيت به، بمعنى واحد (قال النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: إن خياركم أحسنكم قضاء) وفي رواية: "أحاسنكم" لأن التفضيل إذا أضيف يجوز فيه الإفراد والمطابقة؛ قال تعالى: {أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا} [الأنعام: 123] وقال: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ} [البقرة: 96]. وفي هذا الكلام ترغيب في حسن المعاملة، وفي الحديث دلالة على جواز قرض

6 - باب الوكالة فى قضاء الديون

6 - باب الْوَكَالَةِ فِي قَضَاءِ الدُّيُونِ 2306 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَقَاضَاهُ، فَأَغْلَظَ، فَهَمَّ بِهِ أَصْحَابُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «دَعُوهُ فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالاً». ثُمَّ قَالَ «أَعْطُوهُ سِنًّا مِثْلَ سِنِّهِ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ لاَ نَجِدُ إِلاَّ أَمْثَلَ مِنْ سِنِّهِ. فَقَالَ «أَعْطُوهُ فَإِنَّ مِنْ خَيْرِكُمْ أَحْسَنَكُمْ قَضَاءً». طرفه 2305 ـــــــــــــــــــــــــــــ الحيوان، وهو حجة على أبي حنيفة في منعه ذلك، وفيه دلالة على جواز توكيل من كان حاضرًا في البلد، سواء رضي الخصم أولا، خلافًا لأبي حنيفة أَيضًا. فإن قلت: الحديث دلّ على وكالة الحاضر دون الغائب، وهو أحد شِقَّي الترجمة؟ قلت: إذا دل على جواز وكالة الشاهد فهو على جواز وكالة الغائب أولى؛ لظهور محل الحاجة، وأيضًا أثر ابن عمر دل على الغائب. باب الوكالة في قضاء الديون 2306 - (سليمان بن حرب) ضد الصلح (كُهيل) بضم الكاف، مصغر (أنّ رجلًا أتى النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - يتقاضاه) أي: يطلب منه قضاء دينه (فأغلظ) أي: في المطالبة، قيل: هذا الرَّجل يهودي واسمه زيد بن سعنة -بفتح السين وسكون العين، بعده نون أو ياء مثناة- قال ابن عبد البر: مات وهو مقبل من غزوة تبوك، وكان إغلاظه أن قال: أنتم يا بني عبد المطَّلب قوم مُطْل، وكان هذا سبب إسلامه؛ لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (دعوه، فإن لصاحب الحق مقالًا) لما أراد أصحابه أن يقعوا فيه فعلًا، فإنَّه كان سمعه في التوراة أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - الموعود يجازي السيئة بالحسنة. فإن قلت: ما معنى قوله: "إن لصاحب الحق مقالًا"؟ قلت: معناه أن الحق ينطقه ويقويه على الكلام، بخلاف المبطل، وإن كان أفصح النَّاس لحصل له العي والتلجلج. (إن خيركم أحسنكم قضاء) قال بعض الشارحين: المراد خيرهم في المعاملات، أو خيرهم عند التساوي في سائر الفضائل، أو من مقدرة. قلت: لا حاجة إلى هذا التكلف؛ فإن أفعل التفضيل إذا أضيف قد يراد به الزيادة المطلقة من غير أن يكون هناك مفضل عليه، وهذا من ذلك القبيل.

7 - باب إذا وهب شيئا لوكيل أو شفيع قوم جاز

7 - باب إِذَا وَهَبَ شَيْئًا لِوَكِيلٍ أَوْ شَفِيعِ قَوْمٍ جَازَ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لِوَفْدِ هَوَازِنَ حِينَ سَأَلُوهُ الْمَغَانِمَ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «نَصِيبِى لَكُمْ». 2307 و 2308 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ وَزَعَمَ عُرْوَةُ أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَامَ حِينَ جَاءَهُ وَفْدُ هَوَازِنَ مُسْلِمِينَ، فَسَأَلُوهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَسَبْيَهُمْ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَحَبُّ الْحَدِيثِ إِلَىَّ أَصْدَقُهُ. فَاخْتَارُوا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ إِمَّا السَّبْىَ، وَإِمَّا الْمَالَ، وَقَدْ كُنْتُ اسْتَأْنَيْتُ بِهِمْ». وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - انْتَظَرَهُمْ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، حِينَ قَفَلَ مِنَ الطَّائِفِ، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - غَيْرُ رَادٍّ إِلَيْهِمْ إِلاَّ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ قَالُوا فَإِنَّا نَخْتَارُ سَبْيَنَا. فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْمُسْلِمِينَ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ إِخْوَانَكُمْ هَؤُلاَءِ قَدْ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إذا وهب شيئًا لوكيل أو لشفيع قوم جاز الشفيع: هو الذي يشفع في شيء، من الشفاعة. 2307 - 2308 - (عفير) بضم العين مصغر، وكذا (عقيل)، (أنّ مروان بن الحكم، ومسور بن مخرمة) بفتح الميم في الثاني وكسره في الأول (أخبراه أن رسول الله -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قام حين جاءه وفد هوزان) الوفد: جمع الوافد، وهو من يَرِدْ على الملوك لأمر من الأمور، وهوزان: اسم قبيلة، قال الجوهري: أولاد هوازن بن منصور بن عكرمة بن حفص بن قيس بن غيلان (مسلمين، فسألوه أن يرد إليهم أموالهم وسبيهم). (وقد كنت استأنيت بكم) وفي بعضها: "بهم" كأنه خاطب أصحابه حين سألوه، والاستيناء استفعال من أنى يأني على وزن رمى يرمي، أي: حان وقرب، معناه: انتظرتهم توقعًا في إسلامهم (بضع عشرة ليلة) البضع بكسر الباء والفتح: ما بين الثلاث إلى التسع، وقيل: من الواحد إلى العشرة (حين قفل من الطائف) أي: رجع، هذه غزوة حنين، فلما أبطؤوا قسم الغنائم بالجعرانة، لخمس خلون من ذي القعدة، وكان عدد السبي ستة آلاف، ومن الإبل أربعة وعشرين ألفًا، ومن الشاة فوق أربعين ألفًا، ومن الفضة فوق أربعة آلاف أوقية.

8 - باب إذا وكل رجل أن يعطى شيئا ولم يبين كم يعطى، فأعطى على ما يتعارفه الناس

جَاءُونَا تَائِبِينَ، وَإِنِّى قَدْ رَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّ إِلَيْهِمْ سَبْيَهُمْ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُطَيِّبَ بِذَلِكَ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَظِّهِ حَتَّى نُعْطِيَهُ إِيَّاهُ مِنْ أَوَّلِ مَا يُفِئُ اللَّهُ عَلَيْنَا فَلْيَفْعَلْ». فَقَالَ النَّاسُ قَدْ طَيَّبْنَا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّا لاَ نَدْرِى مَنْ أَذِنَ مِنْكُمْ فِي ذَلِكَ مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ، فَارْجِعُوا حَتَّى يَرْفَعُوا إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ أَمْرَكُمْ». فَرَجَعَ النَّاسُ فَكَلَّمَهُمْ عُرَفَاؤُهُمْ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُمْ قَدْ طَيَّبُوا وَأَذِنُوا. حديث 2307 أطرافه 2539، 2584، 2607، 3131، 4318، 7176 - حديث 2308 أطرافه 2540، 2583، 2608، 3132، 4319، 7177 8 - باب إِذَا وَكَّلَ رَجُلٌ أَنْ يُعْطِىَ شَيْئًا وَلَمْ يُبَيِّنْ كَمْ يُعْطِى، فَأَعْطَى عَلَى مَا يَتَعَارَفُهُ النَّاسُ 2309 - حَدَّثَنَا الْمَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِى رَبَاحٍ وَغَيْرِهِ، يَزِيدُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ (فمن أحب منكم أن يطيب) بفتح الياء والتخفيف وبضم الياء وتشديد الثَّانية (نعطيه من أول ما يفيء الله علينا) بضم الياء من أفاء؛ وأصل الفيء الرجوع؛ كأن أموال الكفار عارية في أيديهم؛ أفاءها الله؛ أي: رجعها إلى المسلمين، قال ابن الأثير: الفيء: المال الحاصل من الكفار من غير حرب. قلت: المراد به في الحديث مال الغنيمة (فارجعوا حتَّى يرفع إلينا عرفاؤكم أمركم) جمع عريف، وهو الذي يعرف أحوال الجند، ويطالب به عند الحاجة، وفيه دلالة على قبول خبر الواحد، واستدل به أبو حنيفة على جواز إقرار الوكيل على الموكل. فإن قلت: أين موضع الدلالة على الترجمة؟ قلت: هو قوله (اختاروا إحدى الطائفتين) ثم رد السّبي إلى الوفد، وهم كانوا وكلاء وشفعاء لمن وراءهم. باب إذا وكل رجلًا أن يعطي شيئًا ولم يبين كم يعطي فأعطى على ما يتعارفه النَّاس 2309 - (ابن جريج) -بضم الجيم مصغر- عبد الملك بن عبد العزيز (عن عطاء بن أبي رباح وغيره) بالجر، وقوله (يزيد بعضهم على بعض) استئناف لبيان تفاوتهم، قال

وَلَمْ يُبَلِّغْهُ كُلُّهُمْ رَجُلٌ وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي سَفَرٍ، فَكُنْتُ عَلَى جَمَلٍ ثَفَالٍ، إِنَّمَا هُوَ فِي آخِرِ الْقَوْمِ، فَمَرَّ بِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مَنْ هَذَا». قُلْتُ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ «مَا لَكَ». قُلْتُ إِنِّى عَلَى جَمَلٍ ثَفَالٍ. قَالَ «أَمَعَكَ قَضِيبٌ». قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «أَعْطِنِيهِ». فَأَعْطَيْتُهُ فَضَرَبَهُ فَزَجَرَهُ، فَكَانَ مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ مِنْ أَوَّلِ الْقَوْمِ قَالَ «بِعْنِيهِ». فَقُلْتُ بَلْ هُوَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «بِعْنِيهِ قَدْ أَخَذْتُهُ بِأَرْبَعَةِ دَنَانِيرَ، وَلَكَ ظَهْرُهُ إِلَى الْمَدِينَةِ». فَلَمَّا دَنَوْنَا ـــــــــــــــــــــــــــــ بعضهم: ويجوز فيه الرفع على أن يزيد بعضهم خبر مبتدأ، وهذا مع كونه مخالفًا للرواية مفسد للمعنى إذ يلزم أن تكون الزيادة والنقصان في غير عطاء، وليس غرض البُخَارِيّ يزيد أن الرواة عطاء وغيره يزيد بعضهم على بعض (ولم يبلغه كلهم رجل واحد منهم) أي: لم يحفظ الحديث بتمامه كل الرواة، ورجل واحد بدل من كلهم، وجدوى هذا البدل الدلالة على أن واحدًا من الرواة لم يحفظ الحديث بتمامه؛ بخلاف قوله: لم يبلغه كلهم، فإنَّه يحتمل أن يراد به رفع الإيجاب الكل، فلا ينافي في بلوغ البعض، نظيره: لم يأت كل القوم، لا ينافي إتيان البعض، ومن لم يبلغ هذا الحد من التدقيق زعم أن في تركيب البُخَارِيّ عجز، والله الموفق. وضمير لم يبلغه للحديث، كما وجهناه، وقيل: لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا معنى له؛ لأن راوي الحديث جابر عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأيُّ معنى لقوله: لم يبلغه كلهم عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وفي رواية الإسماعيلي: كل رجل يدل كلهم، وهو ظاهر، وفي رواية البيهقي: "كلهم إلَّا رجل" وعلى هذا يمكن أن يكون سقط إلَّا في رواية البُخَارِيّ من الناسخ (كنت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر) كان في غزوة تبوك (فكنت على جمل ثفال) -بفتح الثاء والفاء- أي: بطيء السير (فمرّ بي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: مالك؟) أي: كونك في آخر القوم (فقلت: إنِّي علي جمل ثفال) بالثاء المثلثة والفاء البطيء الثقيل (فقال: بعنيه) رواه مختصرًا، وسيأتي أنَّه نزل فضربه بمحجن في يده، فكان أمام القوم بعد ذلك، ثم قال: "كيف جملك؟ "؟ قلت: بخير، أصابته بركتك. (فقال: بعنيه، فقلت: بل هو لك) أي: هبة (فقال: بعنيه، قد أخذته بأربع دنانير) تقدير بعتك؛ لأن العقد لا يتم إلَّا به (ولك ظهره إلى المدينة) هذا كان تبرعًا منه؛ ليس شرطًا

9 - باب وكالة المرأة الإمام فى النكاح

مِنَ الْمَدِينَةِ أَخَذْتُ أَرْتَحِلُ. قَالَ «أَيْنَ تُرِيدُ». قُلْتُ تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً قَدْ خَلاَ مِنْهَا. قَالَ «فَهَلاَّ جَارِيَةً تُلاَعِبُهَا وَتُلاَعِبُكَ». قُلْتُ إِنَّ أَبِى تُوُفِّىَ وَتَرَكَ بَنَاتٍ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَنْكِحَ امْرَأَةً قَدْ جَرَّبَتْ خَلاَ مِنْهَا. قَالَ «فَذَلِكَ». فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ قَالَ «يَا بِلاَلُ اقْضِهِ وَزِدْهُ». فَأَعْطَاهُ أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ، وَزَادَهُ قِيرَاطًا. قَالَ جَابِرٌ لاَ تُفَارِقُنِى زِيَادَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَلَمْ يَكُنِ الْقِيرَاطُ يُفَارِقُ جِرَابَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. طرفه 443 9 - باب وَكَالَةِ الْمَرْأَةِ الإِمَامَ فِي النِّكَاحِ 2310 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى قَدْ وَهَبْتُ لَكَ مِنْ نَفْسِى. ـــــــــــــــــــــــــــــ داخلًا في العقد، وإلا لأفسده، وقال مالك: إذا كانت المسافة قريبة لا بأس به (فقال أين تريد) لما أسرع جملة، وتقدم القومَ سألهُ عن موجب إسراعه (قلت: تزوجت امرأة قد خلا منها) قال ابن الأثير: أي: مضى معظم عمرها (فلما قدمنا المدينة قال: يَا بلال اقضه وزده) هذا موضع الدلالة,, فإنَّه وكَّل بلالًا في إعطاء الثمن، مع زيادة، ولم يبين كمية الزيادة (فأعطاه بلال وزاده قيراطًا) فإنَّه متعارف (فلم يكن القيراط يفارق قراب جابر) تيمنًا وتبركًا، قال ابن الأثير: القراب -بكسر القاف- يشبه الجراب، يطرح الراكب فيه سيفه بغمده وسوطه، وقد يطرح فيه زاده أَيضًا، وفي رواية مسلم: أن تلك الزيادة أخذها أهل الشَّام يوم الحرة. باب وكالة المرأة الإِمام في النكاح قد سبق أن الوكالة اسم بمعنى التوكيل، وهنا مضاف إلى الفاعل. 2310 - (عن أبي حازم) -بالحاء المهملة- سلمة بن دينار (جاءت امرأة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: إنِّي وهبت من نفسي) قال النووي: وهبت من فلان مما ينكر؛ لأن تعدية الهبة إلى المفعول الثاني باللام، قال تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ} [الأنعام: 84] , فظن

10 - باب إذا وكل رجلا، فترك الوكيل شيئا، فأجازه الموكل، فهو جائز، وإن أقرضه إلى أجل مسمى جاز

فَقَالَ رَجُلٌ زَوِّجْنِيهَا. قَالَ «قَدْ زَوَّجْنَاكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ». أطرافه 5029، 5030، 5087، 5121، 5126، 5132، 5135، 5141، 5149، 5150، 5871، 7417 10 - باب إِذَا وَكَّلَ رَجُلاً، فَتَرَكَ الْوَكِيلُ شَيْئًا، فَأَجَازَهُ الْمُوَكِّلُ، فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ أَقْرَضَهُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى جَازَ 2311 - وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو عَمْرٍو حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ وَكَّلَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ، فَأَتَانِى آتٍ فَجَعَلَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ، فَأَخَذْتُهُ، وَقُلْتُ وَاللَّهِ لأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ إِنِّى مُحْتَاجٌ، وَعَلَىَّ عِيَالٌ، وَلِى حَاجَةٌ شَدِيدَةٌ. قَالَ فَخَلَّيْتُ عَنْهُ فَأَصْبَحْتُ فَقَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ بعض الشارحين أن من في قولها: من نفسي من ذلك القبيل، فأجاب بأن هذا أي زيادة مِنْ جائزة في الإثبات عند الأخفش، فغلط فيه من وجهين، الأول: أن كلام النووي أن الصواب اللام بدل "من" كما في الآية، الثاني: أن هذا الحديث ليس من ذلك، فإن من تبعيضية، أي: وهبت بعضي، وهو البضع؛ لأنه الذي وهبته لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لا ذات الحرة. (فقال رجل: زوجنيها يَا رسول الله، قال: قد زوجناكها بما معك من القرآن). فإن قلت: ليس في الحديث: إنِّي أوكلت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما ترجم عليه؟ قلت: رواه مختصرًا، وقد رواه في النكاح أنها جعلت أمرها إليه، وأجاب بعضهم أَيضًا بأن هذا كان خاصًّا برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلا يحتاج إلى إذنها؛ لقوله تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [الأحزاب: 6] وهذا كلام حسن في ذاته، إلَّا أنَّه لا يدفع الإشكال لأنه ترجم البُخَارِيّ على وكالة المرأة الإِمام. باب إذا أوكل رجلًا فترك الوكيل شيئًا فأجازه الموكل فهو جائز وإن أقرضه إلى أَجل مسمى جاز 2311 - (وقال عثمان بن الهيثم) مؤذن البصرة، شيخ البخاري؛ وإنما عبّر بقال لأنه أخذ الحديثَ عنه مذاكرةً، ومثله ليس من التعليق في شيء (عن أبي هريرة قال: وكلني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لحفظ زكاة رمضان، فأتاني آتٍ، فجعل يحثو من الطعام) أي: يغرف بيديه من

النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ الْبَارِحَةَ». قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً وَعِيَالاً فَرَحِمْتُهُ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ. قَالَ «أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ وَسَيَعُودُ». فَعَرَفْتُ أَنَّهُ سَيَعُودُ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّهُ سَيَعُودُ. فَرَصَدْتُهُ فَجَاءَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ لأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ دَعْنِى فَإِنِّى مُحْتَاجٌ، وَعَلَىَّ عِيَالٌ لاَ أَعُودُ، فَرَحِمْتُهُ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ فَأَصْبَحْتُ، فَقَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً وَعِيَالاً، فَرَحِمْتُهُ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ. قَالَ «أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ وَسَيَعُودُ». فَرَصَدْتُهُ الثَّالِثَةَ فَجَاءَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ، فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ لأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَهَذَا آخِرُ ثَلاَثِ مَرَّاتٍ أَنَّكَ تَزْعُمُ لاَ تَعُودُ ثُمَّ تَعُودُ. قَالَ دَعْنِى أُعَلِّمْكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهَا. قُلْتُ مَا هُوَ قَالَ إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِىِّ (اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَىُّ الْقَيُّومُ) حَتَّى تَخْتِمَ الآيَةَ، فَإِنَّكَ لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ وَلاَ يَقْرَبَنَّكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ. فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ فَأَصْبَحْتُ، فَقَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ الْبَارِحَةَ». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ زَعَمَ أَنَّهُ يُعَلِّمُنِى كَلِمَاتٍ، يَنْفَعُنِى اللَّهُ بِهَا، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ. قَالَ «مَا هِىَ». قُلْتُ قَالَ لِى إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِىِّ مِنْ أَوَّلِهَا حَتَّى تَخْتِمَ (اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَىُّ الْقَيُّومُ) وَقَالَ لِى لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ وَلاَ يَقْرَبَكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ، وَكَانُوا أَحْرَصَ شَىْءٍ عَلَى الْخَيْرِ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَمَا إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ، تَعْلَمُ مَنْ تُخَاطِبُ مُنْذُ ثَلاَثِ لَيَالٍ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ». قَالَ لاَ. قَالَ «ذَاكَ شَيْطَانٌ». طرفاه 3275، 5010 ـــــــــــــــــــــــــــــ زكاة الفطر (فرصدته) أي: راقبته (إذا أويت إلى فراشك) بالفتح والقصر، ويجوز فيه المد أي: رجعت إليه (وكانوا أحرص شيء على الخير) هذا كلام ابن سيرين، ويجوز أن يكون كلام البُخَارِيّ يمدح أَبا هريرة؛ حيث ترك السارق ولم يرفعه إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه علمه مسألة (أما إنه قد صدقك) أي: في أنّ قراءة آية الكرسي تمنع الشيطان من أن يقرب النائم (وهو كذوب) أي: كثير الكذب، والكذوب قد يصدق (تعلم من تخاطب منذ ثلاثة يَا أَبا هريرة) بتقدير حرف الاستفهام، ولذلك قال أبو هريرة. لا (قال ذاك شيطان) كذا وقع مُنَكَّرًا، يحتمل أن يكون أحد الشياطين، لكن رواه البُخَارِيّ في وصف إبليس في بدء الخلق، الظاهر أنَّه ذلك اللعين، أبو الجن.

11 - باب إذا باع الوكيل شيئا فاسدا فبيعه مردود

11 - باب إِذَا بَاعَ الْوَكِيلُ شَيْئًا فَاسِدًا فَبَيْعُهُ مَرْدُودٌ 2312 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ - هُوَ ابْنُ سَلاَّمٍ - عَنْ يَحْيَى قَالَ سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَبْدِ الْغَافِرِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ - رضى الله عنه - قَالَ جَاءَ بِلاَلٌ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِتَمْرٍ بَرْنِىٍّ ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: أين موضع الدلالة على الترجمة؟ قلت: أنها الدلالة على شقه الأول وهو ما إذا وكل رجلًا فترك الوكيل شيئًا فأجازه الموكل فهو جائز، هي أن أَبا هريرة لما كان وكيل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأخذ السارق ولم يرفعه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يعاتبه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على فعله، فقد دل على أنَّه أجاز ما صدر منه، وأما دلالته على الشق الثاني، وهو أن الوكيل له أن يقرض إلى أَجل مسمى، فقد ذكروا أنّ وجه الدلالة أن إبليس لما أخذ الطعام وتركه أبو هريرة إلى وقت القسمة، فكأنه أقرضه الطعام إلى أَجل. هذا ملخص ما قالوه، وعندي أن هذا شيء لا يكاد يصح، وذلك أن ليس في الحديث أن أَبا هريرة مكنه من أخذ الطعام، ولا كان أبو هريرة مأمورًا بتفريق الطعام، إنما كان وكيلًا بحفظه، كما صرّح به، وكيف يمكن أن يدفع المال المودوع إلى من لا يعرف، ولئن سلم كان لأبي هريرة أن يقول له: كفاك ما أخذت مرة أو مرتين، والحقُّ أن الترجمة ليست كما ينبغي، وتكلف الشارحين مما لا يجدي نفعًا، والله أعلم. والأقرب أنَّ الحديث دليل الجزء الأول من الترجمة، فإن أَبا هريرة كان وكيلًا أمينًا على حفظ المال، فكان عليه أن يرفع أمر السارق إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلم يفعل وأجازه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فيقاس عليه الإقراض، فإن أجازه الموكل جاز. باب إذا باع الوكيل شيئًا فاسدًا فبيعه مردود 2312 - (إسحاق) كذا وقع غير منسوب، قال الغساني: هو إسحاق بن منصور، نسبه مسلم، وروى البُخَارِيّ في غير هذا الباب عن إسحاق بن منصور عن يحيى بن صالح. وقال شيخنا: هو ابن راهويه، كما صرح به أبو نعيم، ولأنه يروي بصيغة الإخبار (معاوية) هو ابن سلام بتشديد اللام (جاء بلال إلى النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- بتمر برني) بفتح الباء وسكون الراء قال الجوهري: ضرب من التمر، ولم أجد أحد ذكر وجه النسبة فيه، قال في "القاموس": لفظ

12 - باب الوكالة فى الوقف ونفقته، وأن يطعم صديقا له ويأكل بالمعروف

فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مِنْ أَيْنَ هَذَا». قَالَ بِلاَلٌ كَانَ عِنْدَنَا تَمْرٌ رَدِىٌّ، فَبِعْتُ مِنْهُ صَاعَيْنِ بِصَاعٍ، لِنُطْعِمَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ ذَلِكَ «أَوَّهْ أَوَّهْ عَيْنُ الرِّبَا عَيْنُ الرِّبَا، لاَ تَفْعَلْ، وَلَكِنْ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَشْتَرِىَ فَبِعِ التَّمْرَ بِبَيْعٍ آخَرَ ثُمَّ اشْتَرِهِ». 12 - باب الْوَكَالَةِ فِي الْوَقْفِ وَنَفَقَتِهِ، وَأَنْ يُطْعِمَ صَدِيقًا لَهُ وَيَأْكُلَ بِالْمَعْرُوفِ 2313 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو قَالَ فِي صَدَقَةِ عُمَرَ - رضى الله عنه - لَيْسَ عَلَى الْوَلِىِّ جُنَاحٌ أَنْ يَأْكُلَ وَيُؤْكِلَ صَدِيقًا {لَهُ} غَيْرَ مُتَأَثِّلٍ مَالاً، فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ هُوَ يَلِى صَدَقَةَ عُمَرَ يُهْدِى لِلنَّاسِ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، كَانَ يَنْزِلُ عَلَيْهِمْ. أطرافه 2737، 2764، 2772، 2773، 2777 ـــــــــــــــــــــــــــــ معرب من برنيك أي: العمل الجيد، فعلى هذا ليس ياؤه ياء النسبة (فقال النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: من أين هذا؟ قال بلال: كان عندنا تمر رديء فبعت منه صاعين بصاع لمطعم النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم-) وفي بعضها: ليطعم النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - (فقال: أوّه) بفتح الهمزة وتشديد الواو وسكون الهاء، قال ابن الأثير: هذه كلمة تقال عند التوجع والشكاية، وهي ساكنة الواو ومكسورة الهاء، وربما قلبوا الواو ألفًا فقالوا: من كذا، وربما شددوا الواو وكسروها، وسكنوا الهاء (عين الرِّبا). فإن قلت: ليس في الحديث ما يدل على أنَّه ردّ البيع؟ قلت: جاء في غير البُخَارِيّ أنَّه أمر برده، وفي لفظ الحديث ما يغني عن ذلك, لأن قوله: "عين الرِّبا" صريح في أن البيع باطل، ومعلوم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يقرر الباطل، كيف لا والآية والحديث متطابقان على حرمة الربا، لا سيما وقد اشتروه بمطعم. باب الوكالة في الوقف ونفقته وأن يطعم صديقًا له ويأكل بالمعروف 2313 - (قتيبة) بضم القاف، مصغر (عن عمرو) هو ابن دينار، ولم يدرك عمر بن الخَطَّاب لأنه ولد سنة خمس وأربعين من الهجرة، فروايته عنه مرسلة (في صدقة عمر: ليس على الولي جناح أن يأكل ويؤكل صديقًا غير متأثل مالًا) أي: محصل ومدخر منه، بل إنما أجاز الأكل منه وإطعام الصديق بالمعروف، قال ابن الأثير: قال عمر: إن حدث به حدث إن ثمغا -بالثاء المثلثة وغين معجمة- وصرمة بن الأكوع" مالان معروفان بالمدينة، وقفهما

13 - باب الوكالة فى الحدود

13 - باب الْوَكَالَةِ فِي الْحُدُودِ 2314 و 2315 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ وَأَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ إِلَى امْرَأَةِ هَذَا، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا». حديث 2314 أطرافه 2649، 2696، 2725، 6634، 6828، 6831، 6836، 6843، 6860، 7194، 7259، 7279 - تحفة 3755 حديث 2315 أطرافه 2695، 2724، 6633، 6827، 6833، 6835، 6842، 6859، 7193، 7258، 7260، 7278 2316 - حَدَّثَنَا ابْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِىُّ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ جِئَ ـــــــــــــــــــــــــــــ عمر قيل: كان ذهب إلى ثمغ ففاته العصر، فقال: أشهدكم أن ثمغًا وصرمة بن الأكوع، وسهمي الذي بخيبر، والمال الذي بالوادي صدقة. وشرط فيه ما ذكر البُخَارِيّ. باب الوكالة في الحدود 2314 - 2315 - (أبو الوليد) هشام الطَّيالِسيّ (عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: واغد يَا أُنيس إلى امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها) أنيس -بضم الهمزة مصغر- هو ابن الضحاك الأسلمي، وهذا الحديث ذكره في المحاربين والصلح مطولًا، ومحصله أن ابن رجل كان أجيرًا لرجل فزنى بامرأته، وكان الزاني غير محصن، فأمر بجلده وتغريب عام، وأرسل أَيضًا إلى امرأة ذلك الرَّجل إن اعترفت بالزنى يرجمها، قيل: إنما خص أنيس؛ لأنه كان من قوم المرأة، فلا يأنفون من حكمه. 2316 - (ابن سلام) -بتخفيف اللام، ويجوز التشديد- هو محمَّد بن سلام (عن ابن أبي مليكة) -بضم الميم مصغر- هو عبد الله بن عبيد الله، واسم أبي مليكة زهير (جيء

14 - باب الوكالة فى البدن وتعاهدها

بِالنُّعَيْمَانِ أَوِ ابْنِ النُّعَيْمَانِ شَارِبًا، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَنْ كَانَ فِي الْبَيْتِ أَنْ يَضْرِبُوا قَالَ فَكُنْتُ أَنَا فِيمَنْ ضَرَبَهُ، فَضَرَبْنَاهُ بِالنِّعَالِ وَالْجَرِيدِ. طرفاه 6774، 6775 14 - باب الْوَكَالَةِ فِي الْبُدْنِ وَتَعَاهُدِهَا 2317 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ قَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - أَنَا فَتَلْتُ قَلاَئِدَ هَدْىِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدَىَّ، ثُمَّ قَلَّدَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدَيْهِ، ثُمَّ بَعَثَ بِهَا مَعَ أَبِى، فَلَمْ يَحْرُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَىْءٌ أَحَلَّهُ اللَّهُ لَهُ حَتَّى نُحِرَ الْهَدْىُ. طرفه 1696 ـــــــــــــــــــــــــــــ بالنعيمان، أو ابن النعيمان) -بضم النُّون مصغر- هو ابن عمرو بن رفاعة الأَنْصَارِيّ النجاري البدري، من كبار الصَّحَابَة، كثير المزح، له حكايات في ذلك في التواريخ والسير. وروى البُخَارِيّ على الشك أن الذي حُدَّ الخمر هو أو ابنه، قال ابن عبد البر: أظن أنّ الذي حد في الخمر ابنه، وروى الإسماعيلي الشك في لفظ هل هو مكبر أو مصغر، قلت: ذكره ابن عبد البر في "الاستيعاب" مكبر وتارة جزم بالمصغر، ولم يذكر لفظ الابن (فأمر رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من كان في البيت أن يضربوه) هذا موضع الدلالة فإنَّه لم يباشر بنفسه ضربه، فدل على جواز الوكالة في الحدود. باب الوكالة في البُدْن وتعاهدها 2317 - روى في الباب حديث عائشة: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعث الهدي مع أبي بكر، فقد دل على جواز التوكيل في البدن وتعاهدها (فلم يحرم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشيء أحله الله) ردت بهذا الكلام على ابن عباس، فإنَّه كان يقول: يحرم على من أرسل الهدي للحرم ما يحرم على المحرم حتَّى يبلغ الهدي محلّه، وكان قياسًا منه، فبطل بهذا النص، وقد سلف تمام الكلام في كتاب الحج.

15 - باب إذا قال الرجل لوكيله ضعه حيث أراك الله وقال الوكيل قد سمعت ما قلت

15 - باب إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِوَكِيلِهِ ضَعْهُ حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ. وَقَالَ الْوَكِيلُ قَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ 2318 - حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - يَقُولُ كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ الأَنْصَارِ بِالْمَدِينَةِ مَالاً، وَكَانَ أَحَبَّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بِيْرُ حَاءَ وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ الْمَسْجِدَ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ فَلَمَّا نَزَلَتْ (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) قَامَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِى إِلَىَّ بِيْرُ حَاءَ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ شِئْتَ، فَقَالَ «بَخٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إذا قال الرَّجل لوكيله: ضعه حيث أراك الله، وقال الوكيل: قد سمعت ما قلت 2318 - (يحيى بن يحيى) هذا هو الخُرَاسَانِيّ المحدث الجليل، قال الذهبي: أحد الأعلام، نيسابوري، يروي عن مالك وزهير بن معاوية، وأمّا يحيى بن قيس الغساني يروي عن أبي إدريس وسعيد بن مسيب، وعنه محمَّد بن راشد وابن عيينة، فهذا أقدم من ذاك زمانًا؛ لأن ذاك من شيوخ البُخَارِيّ ومسلم، والغساني ليس لمسلم ولا البُخَارِيّ عنه رواية. (كان أبو طلحة كثر أنصاري مالًا) لم يقل أكثر الْأَنصار لئلا يتوهم أن التفضيل من حيث الجملة، فلا يستدعي تفضيله باعتبار كل فرد. (وكان أحب أمواله إليه بيرحاء) فيه لغات تقدم ضبطها في كتاب الزكاة وغيرها، أشهرها فتح الباء الموحدة، وسكون المثناة تحت، وفتح الحاء مع المد والقصر: اسم حديقة، مستقبلة قبلة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (قال أبو طلحة: إنها صدقة لله) أي: لوجه الله خالصًا (أرجو برّها وذخرها) البر: الثواب، والذخر: بالذال المعجمة ويقال على طريقة إبدال المعجمة بالمهملة أَيضًا، والذخر في الأصل مصدر ذخر، والمراد به الحاصل بالمصدر، وهو ما يدخر ليوم الحاجة (فضع يَا رسول الله حيث شئت) هذا موضع الدلالة على الترجمة، فإنَّه توكيل منه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - لكن مع حسن الأدب، ورعاية مقامه في الخَطَّاب (قال: بخ) بالباء المفتوحة والخاء المعجمة المشددة يُنون ولا يُنون ويُسكن ولا يسكن، كلمة تقولها

16 - باب وكالة الأمين فى الخزانة ونحوها

ذَلِكَ مَالٌ رَائِحٌ، ذَلِكَ مَالٌ رَائِحٌ. قَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ فِيهَا، وَأَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الأَقْرَبِينَ». قَالَ أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِى عَمِّهِ. تَابَعَهُ إِسْمَاعِيلُ عَنْ مَالِكٍ. وَقَالَ رَوْحٌ عَنْ مَالِكٍ رَابِحٌ. طرفه 1461 16 - باب وَكَالَةِ الأَمِينِ فِي الْخِزَانَةِ وَنَحْوِهَا 2319 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْخَازِنُ الأَمِينُ الَّذِى يُنْفِقُ - وَرُبَّمَا قَالَ الَّذِى يُعْطِى - مَا أُمِرَ بِهِ كَامِلاً مُوَفَّرًا، طَيِّبٌ نَفْسُهُ، إِلَى الَّذِى أُمِرَ بِهِ، أَحَدُ الْمُتَصَدِّقَيْنِ». طرفه 1438 ـــــــــــــــــــــــــــــ العرب عند المدح، وقد يؤخذ منه الفعل يقال: تبخبخ (ذاك مال رايح) بالياء المثناة، يروح عليك أجره على الدوام، ويروى بالباء الموحدة، من الرّبح (قد سمعت ما قلت، وإني أرى أن تجعلها في الأقربين) هذا دليل على أنَّه قَبِلَ الوكالة ثم ردّها، بأن أقامه في ذلك مقام نفسه في المباشرة (فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه) وسيأتي تفصيل ذلك في أبواب الوقف، ويأتي عليه الكلام هناك مستوفى إن شاء الله، وإنما أمره بأن يجعله في الأقربين؛ لأن الصدقة على الأقارب صدقة وصلة (وقال روح عن مالك: رابح) أي: بالباء الموحدة، وقد أشرنا إلى معناه. باب وكالة الأمين في الخزانة ونحوها 2319 - (محمَّد بن العلاء) بفتح العين والمد (أبو أسامة) بضم الهمزة -حمّاد بن أسامة (عن بُريد بن عبد الله) بضم الباء مصغر (عن أبي بردة) -بضم الباء وسكون الراء، عامر بن أبي موسى، روى في الباب حديث (الخازن الأمين يعطي ما أمر به موفرًا طيبًا نفسه فهو أحد المتصدقين) وقد سلف مرارًا في أبواب الزكاة.

41 - كتاب الحرث والمزارعة

41 - كتاب الحرث والمزارعة 1 - باب فَضْلِ الزَّرْعِ وَالْغَرْسِ إِذَا أُكِلَ مِنْهُ وَقَوْلِهِ تَعَالَى (أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ * أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ * لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا). 2320 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ح وَحَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا، أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا، فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ، إِلاَّ كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ». ـــــــــــــــــــــــــــــ أبواب الحرث والمزارعة وما جاء فيه باب فضل الزرع والغرس إذا أكل منه بضم الهمزة على بناء المجهول. واستدل على فضله بقوله تعالى: ({أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (63) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} [الواقعة: 63، 64]). فإن قلت: ما وجه الدلالة؟ قلت: ذكره الله في معرض الامتنان، وذلك فضل ظاهر. فإن قلت: فقد روى أبو داود: "لا تتخذوا الضيعة فتركنوا إلى الدنيا"؟ قلت: محمول على الإفراط فيه؛ بحيث ينشغل عن الطاعة، جمعًا بين الأدلة. 2320 - (أبو عوانة) -بفتح العين- الوضاح اليشكري (قال النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: ما من مسلم يغرس غرسًا، أو يزرع زرعًا فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلَّا كان له صدقة) وفي رواية مسلم: "إلَّا له به صدقة إلى يوم القيامة" هذه زيادة في غاية الحسن، فإن فيه

2 - باب ما يحذر من عواقب الاشتغال بآلة الزرع أو مجاوزة الحد الذى أمر به

وَقَالَ لَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا أَبَانُ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ حَدَّثَنَا أَنَسٌ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 6012 2 - باب مَا يُحْذَرُ مِنْ عَوَاقِبِ الاِشْتِغَالِ بِآلَةِ الزَّرْعِ أَوْ مُجَاوَزَةِ الْحَدِّ الَّذِى أُمِرَ بِهِ 2321 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ الْحِمْصِىُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الأَلْهَانِىُّ عَنْ أَبِى أُمَامَةَ الْبَاهِلِىِّ، قَالَ - وَرَأَى سِكَّةً وَشَيْئًا مِنْ آلَةِ الْحَرْثِ، فَقَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ يَدْخُلُ هَذَا بَيْتَ قَوْمٍ إِلاَّ أُدْخِلَهُ الذُّلُّ». طرفه 2141 ـــــــــــــــــــــــــــــ دلالة على أن الملك وإن انتقل بموته إلى الورثة ذلك الأجر مستمر للغارس من فضله تعالى. (وقال مسلم بن إبراهيم) شيخ البُخَارِيّ (حَدَّثَنَا أَبان: حَدَّثَنَا قتادة: حَدَّثَنَا أنس) فائدة هذا الطريق دفع وهم التدليس؛ لذكر السماع فيه؛ بخلاف السند الأول. باب ما يحذر من عواقب الاشتغال بالزرع، أو تجاوز الحد الذي أمر به 2321 - (محمَّد بن زياد) من الزيادة (الألهاني) -بفتح الهمزة- نسبة إلى ألهان بن مالك الهمداني؛ قاله الغساني (عن أبي أُمامة الباهليّ) -بضم الهمزة- نسبة إلى باهلة قبيلة من قيس غيلان، قال الجوهري: هو في الأصل اسم امرأة من همدان، ماتت تحت معن بن أعمر، قال البُخَارِيّ: واسم أبي أُمامة: صدي بن عجلان -بضم الصاد- مصغر (قال: ورأى سكة وشيئًا من آلة الحرث) السكة -بكسر السين وتشديد الكاف- الحديدة التي يشق بها الأرض (سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) تفسير لقال المذكور أولًا (يقول: لا يدخل هذا بيت قوم إلَّا أدخله الذل). فإن قلت: تقدم في الباب قبله أنَّه أفضل المكاسب؟ قلت: ذاك بالنظر إلى ثواب الآخرة، وهذا بالنظر إلى الدنيا؛ فإنَّه يلزمه الخراج، ويكون تحت قهر الملوك والأمراء كما ترى حال الفلاحين الآن في كل قطر.

3 - باب اقتناء الكلب للحرث

3 - باب اقْتِنَاءِ الْكَلْبِ لِلْحَرْثِ 2322 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ أَمْسَكَ كَلْبًا فَإِنَّهُ يَنْقُصُ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ عَمَلِهِ قِيرَاطٌ، إِلاَّ كَلْبَ حَرْثٍ أَوْ مَاشِيَةٍ». قَالَ ابْنُ سِيرِينَ وَأَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «إِلاَّ كَلْبَ غَنَمٍ أَوْ حَرْثٍ أَوْ صَيْدٍ». وَقَالَ أَبُو حَازِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «كَلْبَ صَيْدٍ أَوْ مَاشِيَةٍ». طرفه 3324 2323 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ أَنَّ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ سُفْيَانَ بْنَ أَبِى زُهَيْرٍ - رَجُلاً مِنْ أَزْدِ شَنُوءَةَ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا ـــــــــــــــــــــــــــــ باب اقتناء الكلب للحرث أي: حفظه. قال ابن الأثير: يقال: قنوته وأقنيته إذا حفظته لنفسك دون التجارة. 2322 - (معاذ بن فضالة) بضم الميم وفتح الفاء (عن أبي هريرة [قال:] قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من أمسك كلبًا فإنَّه ينقص كل يوم من عمله قيراط؛ إلَّا كلب حرث أو ماشية). المراد بالقيراط جزء من عمله لا يعلمه إلَّا الله؛ لا القيراط المصطلح (وقال ابن سيرين -رواية عن أبي هريرة- إلَّا كلب غنم أو حرث أو صيد) ولا تنافي لقبول زيادة الثقة، ولا دلالة فيه على الحصر؛ فلذلك قاس العلماء سائر الدّواب وسائر ما يخاف عليه على الغنم والحرث. 2323 - (يزيد بن خصيفة) بضم الخاء المعجمة مصغر (السالب بن يزيد) من الزيادة (أبي زهير) بضم الزاء مصغر (رجلًا) نصب على الاختصاص، وفي بعضها "رجل" أي: هو رجل. (من أزد شنوءة) بفتح الهمزة وزاء معجمة وشنوءة -بفتح الشين وضم النُّون وفتح الهمزة- أبو قبيلة من عرب اليمن من أولاد سبأ، وأضاف أزد إليه احترازًا من أزد سراة،

4 - باب استعمال البقر للحراثة

لاَ يُغْنِى عَنْهُ زَرْعًا وَلاَ ضَرْعًا، نَقَصَ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ عَمَلِهِ قِيرَاطٌ». قُلْتُ أَنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ إِى وَرَبِّ هَذَا الْمَسْجِدِ. 4 - باب اسْتِعْمَالِ الْبَقَرِ لِلْحِرَاثَةِ 2324 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدٍ سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بَيْنَمَا رَجُلٌ رَاكِبٌ عَلَى بَقَرَةٍ الْتَفَتَتْ إِلَيْهِ. فَقَالَتْ لَمْ أُخْلَقْ لِهَذَا، خُلِقْتُ لِلْحِرَاثَةِ، قَالَ آمَنْتُ بِهِ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَأَخَذَ الذِّئْبُ شَاةً فَتَبِعَهَا الرَّاعِى، فَقَالَ الذِّئْبُ مَنْ لَهَا يَوْمَ السَّبُعِ، يَوْمَ لاَ رَاعِىَ لَهَا غَيْرِى. قَالَ آمَنْتُ بِهِ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ». قَالَ أَبُو سَلَمَةَ مَا هُمَا يَوْمَئِذٍ فِي الْقَوْمِ. أطرافه 3471، 3663، 3690 ـــــــــــــــــــــــــــــ وأزد عمان. (لا يغني عنه زرعًا ولا ضرعًا) أي: ذات ضرع؛ غنمًا أو غيره، من إطلاق الجزء على الكل. فإن قلت: ما الحكمة في نقصان العمل من اقتناء الكلب؟ قلت: من قال: إنه نجس العين فالأمر عنده ظاهر؛ لأنّ حكمه حكم الخنزير؛ ومن قال ليس بنجس العين فلأنّ الملائكة لا تدخل بيتًا فيه كلب. 2324 - (محمَّد بن بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (غندر) بضم العين وفتح الدال (عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: بينما [رجل] راكب على بقرة التفتت إليه، فقالت: لم أخلق لهذا) أي: للركوب (خلقت للحراثة قال) أي: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (آمنت به وأبو بكر وعمر) في رواية: "ولم يكونا هناك" إشارة إلى كمال إيمانهما بإن الله على كل شيء قدير، وقد ذكرنا في حديث الراعي: "وما هما يومئذ في القوم" (وأخذ الذئب شاة، فتبعها الراعي) هذا الراعي قيل: هو أهبان بن أوس الأسلمي. وقيل: أهبان بن عقبة، عم سلمة بن الأكوع، وقيل: هو سلمة بن الأكوع، وقيل: رافع بن ربيعة (فقال الذئب: من لها يوم السبع) هو كل مفترس، أراد يوم الفتن والحروب؛ فإن النَّاس يشتغلون عن الأموال. وقيل السبع -بسكون الباء- اسم موضع يكون فيه المحشر. قال ابن الأعرابي: وقول الذئب: (لا راعي لها غيري) على طريق

5 - باب إذا قال اكفنى مئونة النخل أو غيره، وتشركنى فى الثمر

5 - باب إِذَا قَالَ اكْفِنِى مَئُونَةَ النَّخْلِ أَوْ غَيْرِهِ، وَتُشْرِكُنِى فِي الثَّمَرِ 2325 - حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَتِ الأَنْصَارُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - اقْسِمْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ إِخْوَانِنَا النَّخِيلَ. قَالَ «لاَ». فَقَالُوا تَكْفُونَا الْمَئُونَةَ وَنُشْرِكُكُمْ فِي الثَّمَرَةِ. قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا. طرفاه 2719، 3782 ـــــــــــــــــــــــــــــ المشاكلة، وغرضه الانفراد بالغنم، والأكل منها كيف يشاء، وقيل: غير هذا مما لا يناسب المقام. وفي الحديث فضل الشيخين على سائر الصَّحَابَة، وليس فيه الحصر فيهما؛ إلَّا أنَّه أشار إلى كمالهما، وفيه [دليل] على فضل الحرث حيث جوز له حفظ ما ينقص لأجل العمل من غير نقص في عمله. فإن قلت: في بعض الروايات: قيراط، وفي بعضها: قيراطان؟ قلت: مداره على حفظ الراوي، أو لكثرة الضرر، أو لشرف البقعة. باب إذا قال اكفني مؤنة النخل أو غيره وتشركني 2325 - (الحكم بن نافع) -بفتح الحاء والكاف- هو أبو اليمان (أبو الزّناد) -بكسر الزاء والنون- عبد الله بن ذكوان (قالت الْأَنصار للنبي - صلى الله عليه وسلم -: اقسم بيننا وبين إخواننا النخيل) أي: المهاجرين لما آخى بينهم (فقال: لا، فقالوا: تكفونا المونة ونشرككم في الثمرة) بفتح النُّون والراء، ويروى بضم النُّون وكسر الراء، والظاهر أنّ قائل هذ الكلام الْأَنصار؛ فيكون عقد مساقاة، وليس كذلك؛ بل هو من قول المهاجرين؛ لأنه روي أنَّهم لما قالوا: اقسم بيننا وبين إخواننا، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "المهاجرون لا علم لهم بالعمل في النخل" فقال المهاجرون: إن أردتم نَفْعَنَا تكفونا المؤنة ونشرككم في الثمرة قالوا: سمعنا وأطعنا. هذا هو الصواب، واستدل به الشَّافعيّ على أنَّه إذا لم يبين كمية نصيب العامل يكون مناصفة بينهما.

6 - باب قطع الشجر والنخل

6 - باب قَطْعِ الشَّجَرِ وَالنَّخْلِ وَقَالَ أَنَسٌ أَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالنَّخْلِ فَقُطِعَ. 2326 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ حَرَّقَ نَخْلَ بَنِى النَّضِيرِ وَقَطَعَ، وَهْىَ الْبُوَيْرَةُ، وَلَهَا يَقُولُ حَسَّانُ: وَهَانَ عَلَى سَرَاةِ بَنِى لُؤَىٍّ ... حَرِيقٌ بِالْبُوَيْرَةِ مُسْتَطِيرٌ 7 - بابٌ 2327 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ قَيْسٍ الأَنْصَارِىِّ سَمِعَ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قطع الشجر والنخل من عطف الخاص على العام (وقال أنس: أمر النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- بالنخل فقطع) أي: حين بنى مسجده تقدم هناك مسندًا. 2326 - (جويرية) بضم الجيم مصغر جارية (حرق نخل بني النضر) قال الجوهري: بنو النضير هي من اليهود، نسبتهم إلى هارون أخي موسى، دخلوا في العرب (والبويرة) -بضم الباء- مصغر: موضع، كان بها حدائق بني النضير (ولها يقول حسان: وهان على سراة بني لؤي ... حريق بالبويرة مستطير) السراة: جمع السري على غير القياس، سيد القوم. ولؤي، بضم اللام وفتح الواو وتشديد الياء: لؤي بن غالب أحد أجداد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. والمستطير: المنتشر المتفرق. واستدل به العلماء على جواز تحريق أموال الكفار إذا دعت إليه حاجة، أو لا يرجى حصولها لأهل الإِسلام. باب كذا في جميع النسخ من غير ترجمة؛ لأنه بمثابة الفصل لِما قبله. 2327 - (محمَّد) كذا وقع، وفي بعضها: محمَّد بن مقاتل (رافع بن خديج) بفتح الخاء

8 - باب المزارعة بالشطر ونحوه

كُنَّا أَكْثَرَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مُزْدَرَعًا، كُنَّا نُكْرِى الأَرْضَ بِالنَّاحِيَةِ مِنْهَا مُسَمًّى لِسَيِّدِ الأَرْضِ، قَالَ فَمِمَّا يُصَابُ ذَلِكَ وَتَسْلَمُ الأَرْضُ، وَمِمَّا يُصَابُ الأَرْضُ وَيَسْلَمُ ذَلِكَ، فَنُهِينَا، وَأَمَّا الذَّهَبُ وَالْوَرِقُ فَلَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ. طرفه 2286 8 - باب الْمُزَارَعَةِ بِالشَّطْرِ وَنَحْوِهِ وَقَالَ قَيْسُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِى جَعْفَرٍ قَالَ مَا بِالْمَدِينَةِ أَهْلُ بَيْتِ هِجْرَةٍ إِلاَّ يَزْرَعُونَ عَلَى الثُّلُثِ وَالرُّبُعِ. وَزَارَعَ عَلِىٌّ وَسَعْدُ بْنُ مَالِكٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالْقَاسِمُ وَعُرْوَةُ وَآلُ أَبِى بَكْرٍ وَآلُ عُمَرَ وَآلُ عَلِىٍّ وَابْنُ سِيرِينَ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَسْوَدِ كُنْتُ أُشَارِكُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ فِي الزَّرْعِ. وَعَامَلَ عُمَرُ النَّاسَ عَلَى إِنْ جَاءَ عُمَرُ بِالْبَذْرِ مِنْ عِنْدِهِ فَلَهُ الشَّطْرُ، وَإِنْ جَاءُوا بِالْبَذْرِ فَلَهُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــ وكسر الدال على وزن فعيل (كنا أكثر أهل المدينة مزدرعًا) بضم الميم وفتح الدال افتعال من الزرع، قلبت التاء دالًا؛ لمناسبة الدال الرّاء في الجهر (كنا نكري الأرض) بضم النُّون (بالناحية منها مسمى لسيد الأرض) أي: بهذا الشرط؛ وهو أن يكون سهم صاحب الأرض معينًا (فما يصاب ذلك) من تبعيضية؛ أي: ربما كان بعض ما يصاب ذلك البعض المعين فيكون موجبًا لحرمان المالك، وربما كان الأمر بالعكس، ولا شك أنَّه غرر ظاهر فلذلك نهي عنه. باب المزارعة بالشطر ونحوه (عن أبي جعفر) هو الإِمام محمَّد الباقر ابن الإِمام زين العابدين رضي الله عنه وعن آبائه (وزارع علي وسعد بن مالك) ومن ذكره بعده من الصَّحَابَة والتابعين فدل على جواز المزارعة؛ وهي أن يشترط للعامل شيئًا مما يخرج من الأرض إذا كان البذر من المالك؛ وإذا كان البذر من العامل فهي المخابرة -بالخاء المعجمة وباء موحدة- وأجازها أَحْمد وأبو حنيفة، ولم يجزها مالك والشافعي، قال النووي: والمختار دليلًا جوازها (وعامل عمر النَّاس على إن جاء عمر بالبذر من عنده فله الشطر) أي: النصف (وإن جاؤوا بالبذر فلهم

كَذَا. وَقَالَ الْحَسَنُ لاَ بَأْسَ أَنْ تَكُونَ الأَرْضُ لأَحَدِهِمَا فَيُنْفِقَانِ جَمِيعًا فَمَا خَرَجَ فَهْوَ بَيْنَهُمَا، وَرَأَى ذَلِكَ الزُّهْرِىُّ. وَقَالَ الْحَسَنُ لاَ بَأْسَ أَنْ يُجْتَنَى الْقُطْنُ عَلَى النِّصْفِ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ وَابْنُ سِيرِينَ وَعَطَاءٌ وَالْحَكَمُ وَالزُّهْرِىُّ وَقَتَادَةُ لاَ بَأْسَ أَنْ يُعْطِىَ الثَّوْبَ بِالثُّلُثِ أَوِ الرُّبُعِ وَنَحْوِهِ. وَقَالَ مَعْمَرٌ لاَ بَأْسَ أَنْ تَكُونَ الْمَاشِيَةُ عَلَى الثُّلُثِ وَالرُّبُعِ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى. 2328 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَامَلَ خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ، فَكَانَ يُعْطِى أَزْوَاجَهُ مِائَةَ وَسْقٍ ثَمَانُونَ وَسْقَ تَمْرٍ وَعِشْرُونَ وَسْقَ شَعِيرٍ، فَقَسَمَ عُمَرُ خَيْبَرَ، فَخَيَّرَ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُقْطِعَ لَهُنَّ مِنَ الْمَاءِ وَالأَرْضِ، أَوْ يُمْضِىَ لَهُنَّ، فَمِنْهُنَّ مَنِ اخْتَارَ الأَرْضَ وَمِنْهُنَّ مَنِ اخْتَارَ الْوَسْقَ، وَكَانَتْ عَائِشَةُ اخْتَارَتِ الأَرْضَ. طرفه 2285 ـــــــــــــــــــــــــــــ كذا) هذا الثاني هو المخابرة؛ وإذا جاز ما رواه عن عمر جاز أن يكون البذر من كل واحد منهما؛ كما قاله الحسن (وقال الحسن: لا بأس أن يجنى القطن على النصف) -بضم الياء و [سكون] الجيم على بناء المجهول المفعول- من جنيت الثمر. هذا والذي رواه عن إبراهيم وابن سيرين ومن ذكره بعدهما من أن إعطاء الثوب -أي: الغزل- للنساج بالثلث ونحوه. وكذا ما رواه عن معمر من إعطاء الماشية للراعي على أن تكون أجرته جزءًا منها مما اتفق عليه الأئمة. 2328 - (إبراهيم بن المنذر) بضم الميم وكسر الأول (عياض) بكسر العين وضاد معجمة (قسم عمر خيبر) لما أجلى اليهود عنها إلى الشَّام. فإن قلت: سيأتي في أبواب الوقف أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو الذي قسم خيبر؟ قلت: قسمة عمر كانت فيما كان خاصًّا برسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (فخيّر أزواج النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- بين أن يقطع لهن من الماء والأرض أو يمضي لهن) أي: ما كان يعطيهن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من التمر والشعير (وكانت عائشة اختارت الأرض) وفي رواية مسلم: عائشة وحفصة.

9 - باب إذا لم يشترط السنين فى المزارعة

9 - باب إِذَا لَمْ يَشْتَرِطِ السِّنِينَ فِي الْمُزَارَعَةِ 2329 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ عَامَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ. طرفه 2285 10 - بابٌ 2330 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌو قُلْتُ لِطَاوُسٍ لَوْ تَرَكْتَ الْمُخَابَرَةَ فَإِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْهُ. قَالَ أَىْ عَمْرُو، إِنِّى أُعْطِيهِمْ وَأُغْنِيهِمْ، وَإِنَّ أَعْلَمَهُمْ أَخْبَرَنِى - يَعْنِى ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَنْهَ عَنْهُ، وَلَكِنْ قَالَ «أَنْ يَمْنَحَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إذا لم يشترط السنين في المزارعة أي: هل يصح أو لا. 2329 - واستدل على صحته بما رواه ابن عمر (أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عامل أهل خيبر على شطر ما يخرج [منها] من الزرع والثمر) ولم يبين المدة، وقد تقدم الجواب أن هذا كان من خواصه، أو قوله: "نقركم ما أقركم الله" بمثابة البيان، أو بيّن المدة ونسيها الرّاوي. 2330 - (قال عمرو: قلت لطاوس: لو تركت المخابرة؛ فإنهم يزعمون أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - نهى عنها؟ قال: أي عمرو) -بفتح الهمزة- حرف نداء، وبناء عمرو على الضم؛ ردّ طاوس قول عمرو بأن أعلم الصَّحَابَة -وهو ابن عباس- أخبره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم ينه عن المخابرة (فإنِّي أُعطيهم وأعينهم) -بالعين المهملة- من الإعانة، وروي بالمعجمة، قال شيخنا: والأول هو الصواب. (وإن أعلمهم أخبرني أنَّه لم ينه عنه؛ ولكن قال: أن يمنح أحدكم أخاه

11 - باب المزارعة مع اليهود

خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهِ خَرْجًا مَعْلُومًا». طرفاه 2342، 2634 11 - باب الْمُزَارَعَةِ مَعَ الْيَهُودِ 2331 - حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَعْطَى خَيْبَرَ الْيَهُودَ عَلَى أَنْ يَعْمَلُوهَا وَيَزْرَعُوهَا، وَلَهُمْ شَطْرُ مَا خَرَجَ مِنْهَا. طرفاه 2285،4248 12 - باب مَا يُكْرَهُ مِنَ الشُّرُوطِ فِي الْمُزَارَعَةِ 2332 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى سَمِعَ حَنْظَلَةَ الزُّرَقِىَّ عَنْ رَافِعٍ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا أَكْثَرَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ حَقْلاً، وَكَانَ أَحَدُنَا يُكْرِى أَرْضَهُ، فَيَقُولُ هَذِهِ الْقِطْعَةُ لِى وَهَذِهِ لَكَ، فَرُبَّمَا أَخْرَجَتْ ذِهِ وَلَمْ تُخْرِجْ ذِهِ، فَنَهَاهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 2286 13 - باب إِذَا زَرَعَ بِمَالِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ وَكَانَ فِي ذَلِكَ صَلاَحٌ لَهُمْ 2333 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ خير له من أن يأخذ عليه أجرًا معلومًا) وهذا لا دلالة فيه على عدم جواز المخابرة، بل إنما يدل على أن الأولى إعطاؤه بلا أجر، وهذا مما لا خلاف فيه. باب ما يكره من الشروط في المزارعة 2332 - (صدقة بن الفضل) أخت الزكاة (حنظلة الزُّرَقيّ) بتقديم المعجمة (كنا أكثر أهل المدينة حقلًا) بفتح الحاء وسكون القاف، قال ابن الأثير: هو الزرع إذا بيعت قبل أن يغلظ سوقه. وقيل: الأرض التي تزرع. قلت: يطلق في العرف على الزرع مطلقًا؛ وهو المراد في الحديث (وكان أحدنا يكري أرضه، فيقول: هذه القطعة لي، وهذه لك) ما يحصل منها جزءًا معينًا (فربما أخرجت ذه، ولم تخرج ذه) -بكسر الذال المعجمة وسكون الهاء- لغة في هذه، ولما كان فيه غرر ظاهر نهي عنه، فكل ما ورد مما يدل على النهي عن المخابرة أو المزارعة محمول على هذا. باب إذا زرع بمال قوم بغير إذنهم، وكان في ذلك صلاح لهم 2333 - (المنذر) بكسر الذال (أبو ضمرة) بفتح الضاد وسكون الميم أنس بن عياض.

نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بَيْنَمَا ثَلاَثَةُ نَفَرٍ يَمْشُونَ أَخَذَهُمُ الْمَطَرُ، فَأَوَوْا إِلَى غَارٍ فِي جَبَلٍ، فَانْحَطَّتْ عَلَى فَمِ غَارِهِمْ صَخْرَةٌ مِنَ الْجَبَلِ فَانْطَبَقَتْ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ انْظُرُوا أَعْمَالاً عَمِلْتُمُوهَا صَالِحَةً لِلَّهِ فَادْعُوا اللَّهَ بِهَا لَعَلَّهُ يُفَرِّجُهَا عَنْكُمْ. قَالَ أَحَدُهُمُ اللَّهُمَّ إِنَّهُ كَانَ لِى وَالِدَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ، وَلِى صِبْيَةٌ صِغَارٌ كُنْتُ أَرْعَى عَلَيْهِمْ، فَإِذَا رُحْتُ عَلَيْهِمْ حَلَبْتُ، فَبَدَأْتُ بِوَالِدَىَّ أَسْقِيهِمَا قَبْلَ بَنِىَّ، وَإِنِّى اسْتَأْخَرْتُ ذَاتَ يَوْمٍ فَلَمْ آتِ حَتَّى أَمْسَيْتُ، فَوَجَدْتُهُمَا نَامَا، فَحَلَبْتُ كَمَا كُنْتُ أَحْلُبُ، فَقُمْتُ عِنْدَ رُءُوسِهِمَا، أَكْرَهُ أَنْ أُوقِظَهُمَا، وَأَكْرَهُ أَنْ أَسْقِىَ الصِّبْيَةَ، وَالصِّبْيَةُ يَتَضَاغَوْنَ عِنْدَ قَدَمَىَّ، حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّى فَعَلْتُهُ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ لَنَا فَرْجَةً نَرَى مِنْهَا السَّمَاءَ. فَفَرَجَ اللَّهُ فَرَأَوُا السَّمَاءَ. وَقَالَ الآخَرُ اللَّهُمَّ إِنَّهَا كَانَتْ لِى بِنْتُ عَمٍّ أَحْبَبْتُهَا كَأَشَدِّ مَا يُحِبُّ الرِّجَالُ النِّسَاءَ، فَطَلَبْتُ مِنْهَا فَأَبَتْ حَتَّى أَتَيْتُهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ، فَبَغَيْتُ حَتَّى جَمَعْتُهَا، فَلَمَّا وَقَعْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا قَالَتْ يَا عَبْدَ اللَّهِ اتَّقِ اللَّهَ، وَلاَ تَفْتَحِ الْخَاتَمَ إِلاَّ بِحَقِّهِ، فَقُمْتُ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّى فَعَلْتُهُ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا فَرْجَةً. فَفَرَجَ. وَقَالَ الثَّالِثُ اللَّهُمَّ إِنِّى اسْتَأْجَرْتُ أَجِيرًا بِفَرَقِ أَرُزٍّ، فَلَمَّا قَضَى عَمَلَهُ قَالَ أَعْطِنِى حَقِّى. فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ، فَرَغِبَ عَنْهُ، فَلَمْ أَزَلْ أَزْرَعُهُ حَتَّى جَمَعْتُ مِنْهُ بَقَرًا وَرَاعِيهَا فَجَاءَنِى فَقَالَ اتَّقِ اللَّهَ. فَقُلْتُ اذْهَبْ إِلَى ذَلِكَ الْبَقَرِ وَرُعَاتِهَا فَخُذْ. فَقَالَ اتَّقِ اللَّهَ وَلاَ تَسْتَهْزِئْ بِى. فَقُلْتُ إِنِّى لاَ أَسْتَهْزِئُ بِكَ فَخُذْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ روى في الباب حديث الثلاثة الذين أووا إلى الغار، وانحطت على فم غارهم صخرة، وقد سلف شرحه ومعناه ظاهر، لكن نشير إلى بعض المواضع: (يفرجها) -بفتح الياء وسكون الفاء- من الفرج (فرجة) -بضم الفاء وفتحها- الخلاء بين الشيئين (فبغيت) -بفتح الباء وغين معجمة- أي: طلبت، ويروى بالتاء الفوقانية والعين المهملة من التعب؛ أي: المشقة، ويروى بالسين أَيضًا، من السعي (استأجرت أجيرًا بفرق أرز) ويقال فيه: الرز أَيضًا بضم الزاي، قال ابن الأثير: الفرق بفتح الراء، آخره قاف: مكيال يسع ثلاثة آصع؛ وبسكون الرّاء يسع مائة وعشرين رطلًا، وقد سلف منا أن استدلاله بهذا على جواز زرع مال الغير بغير إذنه غير تام ذلك أن الأجير لم يكن قبض الأجرة و [إذا] لم يقبضها لا يملكها، غايته أن المستأجر تبرع بذلك كله؛ اللهم إلَّا أن يكون مذهب البُخَارِيّ أن الخلية كافية كما ذهب إليه مالك وطائفة.

14 - باب أوقاف أصحاب النبى - صلى الله عليه وسلم - وأرض الخراج ومزارعتهم ومعاملتهم

فَأَخَذَهُ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّى فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ مَا بَقِىَ، فَفَرَجَ اللَّهُ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَقَالَ ابْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ فَسَعَيْتُ. طرفه 2215 14 - باب أَوْقَافِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَرْضِ الْخَرَاجِ وَمُزَارَعَتِهِمْ وَمُعَامَلَتِهِمْ وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِعُمَرَ «تَصَدَّقْ بِأَصْلِهِ لاَ يُبَاعُ، وَلَكِنْ يُنْفَقُ ثَمَرُهُ فَتَصَدَّقَ بِهِ». 2334 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه - لَوْلاَ آخِرُ الْمُسْلِمِينَ مَا فَتَحْتُ قَرْيَةً إِلاَّ قَسَمْتُهَا بَيْنَ أَهْلِهَا كَمَا قَسَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَيْبَرَ. أطرافه 3125، 4235، 4236 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: تقدم أن الفرق كان ذرة؟ قلت: لا تنافي؛ لجواز أن يكون من كل منها، وأما القول بتعدد الأجير فخلاف الواقع، ويأباه صريح لفظ ثلاثة. باب أوقاف [أصحاب] النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- وأرض الخراج ومزارعتهم ومعاملتهم (وقال النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- لعمر بن الخَطَّاب: تصدق بأصله) أي: اجعله وقفًا (لا يباع) تقدم مسندًا بلفظ آخر؛ وهو: "إن شئت حبست أصله". 2335 - (قال عمر: لولا آخر المسلمين) أي: موجودون، الخبر يجب حذفه بعد لولا الامتناعية (ما فتحت قرية) بفتح الفاء وصيغة التكلم، ويروى بضم الفاء على بناء المجهول (إلا قسمتها بين أهلها) قيل: أخذ هذا من قوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} [الحشر: 10] فإنّه عطف على قوله: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ} [الحشر: 8] وعلم أن المال يعزل في آخر الزمان فوق سواد العراق، ووضع عليه الخراج. واختلف العلماء في عقار الغنيمة، قال أبو حنيفة وأَحمد: الإِمام غير بين أن يقسم للغانمين؛ وبين وضع الخراج؛ لأنها بمجرد الفتح تصير وقفًا.

15 - باب من أحيا أرضا مواتا

15 - باب مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَوَاتًا وَرَأَى ذَلِكَ عَلِىٌّ فِي أَرْضِ الْخَرَابِ بِالْكُوفَةِ مَوَاتٌ. وَقَالَ عُمَرُ مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً فَهْىَ لَهُ. وَيُرْوَى عَنْ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ «فِي غَيْرِ حَقِّ مُسْلِمٍ، وَلَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ فِيهِ حَقٌّ. وَيُرْوَى فِيهِ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من أحيا أرضًا مواتًا الموات بفتح الميم والواو: عند الشَّافعيّ أرض لم تعمر قط، أو كانت عمرت في الجاهلية ثم خربت؛ وأمّا إذا عمرت في الإِسلام فهو من الأموال الضائعة. وقال الإِمام أَحْمد: هي كل أرض لا يعلم أنها ملكت. وقال أبو حنيفة: كل أرض لا يعلم صاحبها، وإن كانت إسلامية، وكان بعدُها عن العمارة بحيث لو وقف واقف من طرف العامر ونادى لم يسمع له الصوت. (ورأى ذلك عليّ في أرض الخراب بالكوفة) أي: الموات (ويروى عن عمرو بن عوف) عمرو بفتح العين وسكون الميم وابن عوف يكتب بدون أَلْف، فإنَّه صفة عمرو، وعمرو بن عون هذا أنصاري، حليف بني عامر بن لؤي، وهو بدري. قال الغساني: هذا الحديث عنه معروف وأكثر النسخ ضبطوه عمر -بضم العين- على أنَّه عمر بن الخَطَّاب، والواو عاطفة، وابن عوف كتب بالألف على أنَّه عبد الرَّحْمَن بن عوف، وهو غلط من قائله، وكذا القول بأن عمرًا هو البدري الأَنْصَارِيّ؛ فإن حديث ذلك في الجزية. قال شيخنا: عمرو بن عوف هذا جد كثير بن عبد الله، وليس له في البُخَارِيّ سوى هذا الحديث. (وقال في غير حق مسلم) إن زاد ابن عوف على قول عمر (من أحيا أرضًا ميتة فهي له) إذا كان في غير حق مسلم. فإن قلت: الموات لا يكون حق مسلم، فما فائدة هذه الزيادة؟ قلت: ربما كانت مهجورة؛ فلا يظن أنها تملك بالإحياء. (وليس لعرق ظالم فيه حق) قال ابن الأثير: يروي عرق منونًا وغير منون، والعرق بكسر العين أحد عرق الشجرة، فالظالم إذا نون العرق وصف له لصاحبه، ومحصله أن من يغرس الشجر ظلمًا في أرض الغير يقلع مجانًا.

16 - باب

2335 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ أَعْمَرَ أَرْضًا لَيْسَتْ لأَحَدٍ فَهْوَ أَحَقُّ». قَالَ عُرْوَةُ قَضَى بِهِ عُمَرُ - رضى الله عنه - فِي خِلاَفَتِهِ. 16 - بابٌ 2336 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أُرِىَ وَهْوَ فِي مُعَرَّسِهِ مِنْ ذِى الْحُلَيْفَةِ فِي بَطْنِ الْوَادِى، فَقِيلَ لَهُ إِنَّكَ بِبَطْحَاءَ مُبَارَكَةٍ. فَقَالَ مُوسَى وَقَدْ أَنَاخَ بِنَا سَالِمٌ بِالْمُنَاخِ الَّذِى كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُنِيخُ بِهِ، يَتَحَرَّى مُعَرَّسَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ أَسْفَلُ مِنَ الْمَسْجِدِ الَّذِى بِبَطْنِ الْوَادِى، بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّرِيقِ وَسَطٌ مِنْ ذَلِكَ. طرفه 483 2337 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنِ الأَوْزَاعِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى يَحْيَى عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ - رضى الله عنه - عَنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ 2336 - (بكير) بضم الباء، مصغر (عن عائشة عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: من أعمر أرضًا ليست لأحد فهو أحق) وفي بعضها: "من عمر" قال القاضي وغيره: الصواب "عمر"؛ لقوله تعالى: {وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا} [الروم: 9]. قلت: إذا صحت الرواية عن أفصح البشر فالوجه أن يقال: أعمر بمعنى عمر؛ فإنّ أفعل بمعنى فعل غير عزيز، وقد جاء ذلك في قولهم: أعمر الله بك منزلك؛ نقله شيخنا في "شرحه". والحديث حجة على أبي حنيفة في اشتراطه إذن الإِمام. باب كذا وقع غير مترجم. 2337 - 2338 - (قتيبة) بضم القاف مصغر (أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أُري) بضم الهمزة وكسر الراء على بناء المجهول من الإراءة في المنام (في معرسه) -بضم الميم وفتح الراء المشددة- اسم مكان من التعريس؛ وهو نزول المسافر آخر الليل (وقيل له) أي: في المنام (إنك ببطحاء

17 - باب إذا قال رب الأرض أقرك ما أقرك الله ولم يذكر أجلا معلوما فهما على تراضيهما

النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «اللَّيْلَةَ أَتَانِى آتٍ مِنْ رَبِّى وَهْوَ بِالْعَقِيقِ أَنْ صَلِّ فِي هَذَا الْوَادِى الْمُبَارَكِ وَقُلْ عُمْرَةٌ فِي حَجَّةٍ». طرفه 1534 17 - باب إِذَا قَالَ رَبُّ الأَرْضِ أُقِرُّكَ مَا أَقَرَّكَ اللَّهُ وَلَمْ يَذْكُرْ أَجَلاً مَعْلُومًا فَهُمَا عَلَى تَرَاضِيهِمَا 2338 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا مُوسَى أَخْبَرَنَا نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ حَدَّثَنِى مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضى الله عنهما - أَجْلَى الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا ظَهَرَ عَلَى خَيْبَرَ أَرَادَ إِخْرَاجَ الْيَهُودِ مِنْهَا، وَكَانَتِ الأَرْضُ حِينَ ظَهَرَ عَلَيْهَا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلِلْمُسْلِمِينَ، وَأَرَادَ إِخْرَاجَ الْيَهُودِ، مِنْهَا فَسَأَلَتِ الْيَهُودُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِيُقِرَّهُمْ بِهَا أَنْ يَكْفُوا عَمَلَهَا وَلَهُمْ نِصْفُ الثَّمَرِ، فَقَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ مباركة) البطحاء: أرض فيها دقاق الحصى، وزاد عليه في الحديث بعده (صل في هذا الوادي وهو بالعقيق) قال ابن الأثير: هو واد من أودية المدينة، وقد سلف هذا الحديث في أبواب الحج؛ ووجه إيراده هنا أن ذلك الوادي موات ليس لأحد منع غيره؛ ولذلك كان ينيخ به عبد الله بن عمر وابنه سالم. وقيل: أراد أنَّه لا يجوز لأحد إحياؤه لأنه طريق العامة. باب إذا قال: رب الأرض أقرك ما أقرك الله، ولم يذكر أصلًا معلومًا فهما على تراضيهما 2339 - (المقدام) بكسر الميم وسكون القاف (فضيل) بضم الفاء مصغر (ابن جريج) بضم الجيم مصغر (أن عمر بن الخَطَّاب أجلى اليهود والنصارى من أرض الحجاز) قال الجوهري: سميت حجازًا لأنها حجزت بين نجد وغور (وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين ظهر على خيبر أراد إخراج اليهود منها، وكانت الأرض) أي: أرض خيبر (حين ظهر عليها لله ولرسوله وللمسلمين) لقوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41] إلى آخر

18 - باب ما كان من أصحاب النبى - صلى الله عليه وسلم - يواسى بعضهم بعضا فى الزراعة والثمرة

لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «نُقِرُّكُمْ بِهَا عَلَى ذَلِكَ مَا شِئْنَا». فَقَرُّوا بِهَا حَتَّى أَجْلاَهُمْ عُمَرُ إِلَى تَيْمَاءَ وَأَرِيحَاءَ. طرفه 2285 18 - باب مَا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يُوَاسِى بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِي الزِّرَاعَةِ وَالثَّمَرَةِ 2339 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِىُّ عَنْ أَبِى النَّجَاشِىِّ مَوْلَى رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ سَمِعْتُ رَافِعَ بْنَ خَدِيجِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ عَمِّهِ ظُهَيْرِ بْنِ رَافِعٍ قَالَ ظُهَيْرٌ لَقَدْ نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ أَمْرٍ كَانَ بِنَا رَافِقًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ الآية، ولما سألت اليهود أن تقر بها ليكفوا العمل ولهم شطر الثمر قال: (نقركم بها ما شئنا). فإن قلت: ليس في الحديث ما ترجم عليه من قوله: أوّل ما أقرك الله قلت: هو في المعنى مثله؛ لأنّ مشيئتهم بإرادة الله، وقد جاء صريح ذلك أَيضًا. فإن قلت: شرط المساقاة عند القائل به أن يكون الأصل معلومًا؟ قلت: قد تقدم منا أن هذا خاص برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو كان معلومًا فنسي الراوي، أو قوله: "ما أقركم الله" بمثابة بيان المدة؛ وإنما لم يشترط لهم مدّة معينة لأنه ربما يوحى إليه بخلاف ما شرط؛ لأن ذلك كان عن اجتهاد لا عن وحي. (إلى تيماء وأريحاء) الأول: بفتح التاء وسكون الياء، والثاني: بفتح الهمزة وكسر الراء: موضعان بالشَّام. باب ما كان أصحاب النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - يواسي بعضهم بعضًا في المزارعة والثمر 2340 - (مقاتل) بكسر التاء، اسم فاعل (الأوزاعي) -بفتح الهمزة- عبد الرَّحْمَن شيخ أهل الشَّام في زمانه (رافع بن خديج) بفتح الخاء وكسر الدال و (أبو النَّجاشيّ) اسمه عطاء. (ظهير بن رافع) بضم الظاء مصغر (نهانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أمر كان بنا رافقًا) بالفاء والقاف

قُلْتُ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَهْوَ حَقٌّ. قَالَ دَعَانِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا تَصْنَعُونَ بِمَحَاقِلِكُمْ». قُلْتُ نُؤَاجِرُهَا عَلَى الرُّبُعِ وَعَلَى الأَوْسُقِ مِنَ التَّمْرِ وَالشَّعِيرِ. قَالَ «لا تَفْعَلُوا ازْرَعُوهَا أَوْ أَزْرِعُوهَا أَوْ أَمْسِكُوهَا». قَالَ رَافِعٌ قُلْتُ سَمْعًا وَطَاعَةً. طرفه 4012 2340 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِىُّ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانُوا يَزْرَعُونَهَا بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ وَالنِّصْفِ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَزْرَعْهَا أَوْ لِيَمْنَحْهَا، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلْيُمْسِكْ أَرْضَهُ». طرفه 2632 ـــــــــــــــــــــــــــــ من الرفق؛ أي: سهلًا، ضد العنف. (قلت: ما قال رسول الله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فهو حق) قائل هذا القول رافع بن خديج (ما تصنعون بمحاقلكم؟) جمع محقل؛ موضع الزرع (قلت: نؤاجرها على الرَّبيع وعلى الأوسق) -بفتح الراء وكسر الباء- ضد الخريف , والمراد به في الحديث النهر الذي يسقي الزرع، والمضاف مقدر؛ أي: ما على الرَّبيع، وقد ضبط بعضهم بضم الراء على لفظ المصغر، وهو غلط باتفاق أهل اللغة (قال: لا تفعلوا) قد أشرنا إلى علة النهي؛ فإنَّه ربما أصاب ذلك الموضع آفةٌ فيقع حرمان العامل (ازرعوها) بهمزة الوصل (أو أَزْرعوها) بهمزة القطع أي: غيركم. 2341 - (كانوا يزرعونها بالثلث والربع والنصف، فقال النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم-: من كانت له أرض فليزرعها، أو ليمنحها) أي: يعطيها غيره تبرعًا (فإن لم يفعل فليمسك أرضه) هذا محمول على ما تقدم من تعيين الثلث وغيره في مكان معين، أو على الأولوية؛ لما في الرواية الأخرى: "أن يمنحها أخاه خير له من أن يأخذ شيئًا معلومًا". فإن قلت: قوله: "فليمسك أرضه" فيه إضاعة المال؟ قلت: أراد النهي عما كانوا عليه من تعيين جزء من الأرض، ولا يلزم منه تعطيل الأرض مطلقًا، والأحاديث الواردة في النهي كلها محمولة على أحد هذين الاحتمالين؛ وإلا فالإجارة أو المزارعة على ثلث الحاصل مثلًا جائزة.

2341 - وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ أَبُو تَوْبَةَ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَزْرَعْهَا أَوْ لِيَمْنَحْهَا أَخَاهُ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُمْسِكْ أَرْضَهُ». 2342 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو قَالَ ذَكَرْتُهُ لِطَاوُسٍ فَقَالَ يُزْرِعُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَنْهَ عَنْهُ وَلَكِنْ قَالَ «أَنْ يَمْنَحَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا مَعْلُومًا». طرفه 2330 2343 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - كَانَ يُكْرِى مَزَارِعَهُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَصَدْرًا مِنْ إِمَارَةِ مُعَاوِيَةَ. طرفه 2345 2344 - ثُمَّ حُدِّثَ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ كِرَاءِ الْمَزَارِعِ، فَذَهَبَ ابْنُ عُمَرَ إِلَى رَافِعٍ فَذَهَبْتُ مَعَهُ، فَسَأَلَهُ فَقَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ كِرَاءِ الْمَزَارِعِ. فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ قَدْ عَلِمْتَ أَنَّا كُنَّا نُكْرِى مَزَارِعَنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِمَا عَلَى الأَرْبِعَاءِ وَبِشَىْءٍ مِنَ التِّبْنِ. طرفه 2286 2345 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى سَالِمٌ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ كُنْتُ أَعْلَمُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ الأَرْضَ تُكْرَى. ثُمَّ خَشِىَ عَبْدُ اللَّهِ أَنْ يَكُونَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ أَحْدَثَ فِي ذَلِكَ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُهُ، فَتَرَكَ كِرَاءَ الأَرْضِ. طرفه 2343 ـــــــــــــــــــــــــــــ 2342 - 2343 - 2344 - 2345 - 2346 - (أبو توبة) بالتاء المثناة (قبيصة) بفتح القاف وكسر الباء (سليمان بن حرب) ضد الصلح (قال ابن عمر: قد علمت أنا كنا نكري مزارعنا على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بما على الأربعاء) -بكسر الباء- جمع ربيع؛ وهو النهر الصغيره هذا كان قبل النهي ولهذا قال: (ثم خشي عبد الله أن يكون النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أحدث في ذلك شيئًا لم يكن علمه، فترك كراء الأرض) أي: على ذلك الوجه.

19 - باب كراء الأرض بالذهب والفضة

19 - باب كِرَاءِ الأَرْضِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِنَّ أَمْثَلَ مَا أَنْتُمْ صَانِعُونَ أَنْ تَسْتَأْجِرُوا الأَرْضَ الْبَيْضَاءَ مِنَ السَّنَةِ إِلَى السَّنَةِ. 2346 و 2347 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ قَيْسٍ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ حَدَّثَنِى عَمَّاىَ أَنَّهُمْ كَانُوا يُكْرُونَ الأَرْضَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِمَا يَنْبُتُ عَلَى الأَرْبِعَاءِ أَوْ شَىْءٍ يَسْتَثْنِيهِ صَاحِبُ الأَرْضِ فَنَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ ذَلِكَ فَقُلْتُ لِرَافِعٍ فَكَيْفَ هِىَ بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ فَقَالَ رَافِعٌ لَيْسَ بِهَا بَأْسٌ بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ. وَقَالَ اللَّيْثُ وَكَانَ الَّذِى نُهِىَ عَنْ ذَلِكَ مَا لَوْ نَظَرَ فِيهِ ذَوُو الْفَهْمِ بِالْحَلاَلِ وَالْحَرَامِ لَمْ يُجِيزُوهُ، لِمَا فِيهِ مِنَ الْمُخَاطَرَةِ. طرفه 4013 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب كراء الأرض بالذَّهب والفضة (وقال ابن عباس: إن أمثل ما أنتم تصنعون أن تستأجروا الأرض البيضاء من السنة إلى السنة) أي: بعد ألا يمنحها أخاه؛ لما تقدم من روايته: "أن يمنح أخاه خير له من أن يأخذ عليه شيئًا معلومًا". 2347 - 2348 - (عن رافع بن خديج، حَدَّثني عماي: أنَّهم كانوا يكرون الأرض على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بما يَنبت على الأربعاء؛ أو بشيء يستثنيه صاحب الأرض) تقدم الكلام عليه مرارًا، وعلة النهي اشتماله على الغرر؛ كما أشار إليه الراوي بقوله: "ربما أنبتت ذه ولم تنبت ذه" وأما بالذَّهب والفضة أو ما في معناهما فلا وجه للمنع، وقد أشار إلى ذلك الليث في حديث الباب، فتأمل.

20 - باب

20 - بابٌ 2348 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ حَدَّثَنَا هِلاَلٌ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ عَنْ هِلاَلِ بْنِ عَلِىٍّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَوْمًا يُحَدِّثُ وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ «أَنَّ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ اسْتَأْذَنَ رَبَّهُ فِي الزَّرْعِ فَقَالَ لَهُ أَلَسْتَ فِيمَا شِئْتَ قَالَ بَلَى وَلَكِنِّى أُحِبُّ أَنْ أَزْرَعَ. قَالَ فَبَذَرَ فَبَادَرَ الطَّرْفَ نَبَاتُهُ وَاسْتِوَاؤُهُ وَاسْتِحْصَادُهُ، فَكَانَ أَمْثَالَ الْجِبَالِ فَيَقُولُ اللَّهُ دُونَكَ يَا ابْنَ آدَمَ، فَإِنَّهُ لاَ يُشْبِعُكَ شَىْءٌ». فَقَالَ الأَعْرَابِىُّ وَاللَّهِ لاَ تَجِدُهُ إِلاَّ قُرَشِيًّا أَوْ أَنْصَارِيًّا، فَإِنَّهُمْ أَصْحَابُ زَرْعٍ، وَأَمَّا نَحْنُ فَلَسْنَا بِأَصْحَابِ زَرْعٍ. فَضَحِكَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 7519 21 - باب مَا جَاءَ فِي الْغَرْسِ 2349 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ - رضى الله عنه - أَنَّهُ قَالَ إِنَّا كُنَّا نَفْرَحُ بِيَوْمِ الْجُمُعَةِ، كَانَتْ لَنَا عَجُوزٌ تَأْخُذُ مِنْ أُصُولِ سِلْقٍ لَنَا كُنَّا نَغْرِسُهُ فِي أَرْبِعَائِنَا فَتَجْعَلُهُ فِي قِدْرٍ لَهَا فَتَجْعَلُ فِيهِ حَبَّاتٍ مِنْ شَعِيرٍ لاَ أَعْلَمُ إِلاَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب كذا وقع من غير ترجمة. 2349 - (فليح) بضم الفاء، مصغر (أبو عامر) عبد الملك العقدي (يسار) ضد اليمين (أن رجلًا من أهل الجنة استأذن ربه بالزرع) أي: سيستأذن، والإتيان بالماضي لكونه قطعيًّا؛ كما في نظائره، مثل {وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ} [الأعراف: 44] (فبذر) بالذال المعجمة، أي: زرع، (فبادر الطرف نباته) بالدال المهملة، أي: نبت قبل أن يرتد الطرف (واستواؤه واستحصاده فكان أمثال الجبال) (لا تجده إلَّا قرشيًّا أو أنصاريًّا، فإنهم أصحاب زرع، وأما نحن فلسنا بأصحاب زرع، فضحك النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم-) أي: تبسم تبسمًا كاملًا؛ فإنَّه ضحك الأنبياء. وفي الحديث دلالة على أن الجنة فيها ما تشتهي الأنفس، وأن النفوس متفاوتة فيها؛ كما في الدنيا. باب ما جاء في الغرس 2350 - (قتيبة) بضم القاف، مصغر (عن أبي حازم) بالحاء المهملة سلمة بن دينار (كانت عجوز) أي: من الأنصار (تأخذ أصول سلق) -بكسر السين- بقل معروف (كنا نغرس على أربعائنا)

أَنَّهُ قَالَ لَيْسَ فِيهِ شَحْمٌ وَلاَ وَدَكٌ، فَإِذَا صَلَّيْنَا الْجُمُعَةَ زُرْنَاهَا فَقَرَّبَتْهُ، إِلَيْنَا فَكُنَّا نَفْرَحُ بِيَوْمِ الْجُمُعَةِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ وَمَا كُنَّا نَتَغَدَّى وَلاَ نَقِيلُ إِلاَّ بَعْدَ الْجُمُعَةَ. طرفه 938 2350 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ يَقُولُونَ إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يُكْثِرُ الْحَدِيثَ. وَاللَّهُ الْمَوْعِدُ، وَيَقُولُونَ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ لاَ يُحَدِّثُونَ مِثْلَ أَحَادِيثِهِ وَإِنَّ إِخْوَتِى مِنَ الْمُهَاجِرِينَ كَانَ يَشْغَلُهُمُ الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ، وَإِنَّ إِخْوَتِى مِنَ الأَنْصَارِ كَانَ يَشْغَلُهُمْ عَمَلُ أَمْوَالِهِمْ، وَكُنْتُ امْرَأً مِسْكِينًا أَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى مِلْءِ بَطْنِى، فَأَحْضُرُ حِينَ يَغِيبُونَ وَأَعِى حِينَ يَنْسَوْنَ، وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمًا «لَنْ يَبْسُطَ أَحَدٌ مِنْكُمْ ثَوْبَهُ حَتَّى أَقْضِىَ مَقَالَتِى هَذِهِ، ثُمَّ يَجْمَعَهُ إِلَى صَدْرِهِ، فَيَنْسَى مِنْ مَقَالَتِى شَيْئًا أَبَدًا». فَبَسَطْتُ نَمِرَةً لَيْسَ عَلَىَّ ثَوْبٌ غَيْرَهَا، حَتَّى قَضَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَقَالَتَهُ، ثُمَّ جَمَعْتُهَا إِلَى صَدْرِى، فَوَالَّذِى بَعَثَهُ بِالْحَقِّ مَا نَسِيتُ مِنْ مَقَالَتِهِ تِلْكَ إِلَى يَوْمِى هَذَا، وَاللَّهِ لَوْلاَ آيَتَانِ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا حَدَّثْتُكُمْ شَيْئًا أَبَدًا (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ) إِلَى قَوْلِهِ (الرَّحِيمُ) طرفه 118 ـــــــــــــــــــــــــــــ -بكسر الباء- جمع ربيع؛ وهو النهر الصغير (يس فيه شحم ولا ودك) بفتح الواو والدال المهملة: الشحم الذي يكون على ظاهر اللحم (وما كنا نتغدى ولا نقيل إلَّا بعد الجمعة) لأنهم كانوا يبكرون إليها. 2351 - (عن أبي هريرة: يقولون: إن أَبا هريرة يكثر) أي: في الرواية, كانوا يتهمونه بالكذب؛ ولذلك قال (والله الموعد) إليه يحشر النَّاس، فيجازي كلًّا بعمله (إن أخوتي من المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالأسواق) أي: البيع والشراء، وأصل الصفق ضرب اليد على اليد؛ كما جرت به العادة عند البيع والشراء (لن يبسط أحد منكم ثوبه حتَّى أقضي مقالتي هذه) أي: حتَّى أفرغ منها (فينسيني من مقالتي شيئًا) أي: هذه المقالة؛ لقول أبي هريرة: (فوالذي بعثه بالحق، ما نسيت من مقالته تلك إلى يوحي هذا). وهذا الحديث تقدم في كتاب العلم، وأشرنا هناك أن أَبا هريرة له قصتان؛ إحداهما هذه؛ والأخرى أنَّه شكا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نسيان الحديث، فأمره أن يبسط رداءه، فبسطها، فغرف فيه ثلاث غرفات من الهواء؛ فلم ينس بعدها شيئًا.

42 - كتاب المساقاة

42 - كتاب المساقاة 1 - باب فِي الشُّرْبِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَىْءٍ حَىٍّ أَفَلاَ يُؤْمِنُونَ). (.) وَقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ (أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِى تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ * لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلاَ تَشْكُرُونَ). الأُجَاجُ الْمُرُّ، الْمُزْنُ السَّحَابُ. 2 - باب فِي الشُّرْبِ، وَمَنْ رَأَى صَدَقَةَ الْمَاءِ وَهِبَتَهُ وَوَصِيَّتَهُ جَائِزَةً، مَقْسُومًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَقْسُومٍ. وَقَالَ عُثْمَانُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ يَشْتَرِى بِئْرَ رُومَةَ فَيَكُونُ دَلْوُهُ فِيهَا كَدِلاَءِ الْمُسْلِمِينَ». فَاشْتَرَاهَا عُثْمَانُ - رضى الله عنه -. ـــــــــــــــــــــــــــــ أبواب الشرب وما جاء فيه باب في الشرب (المزن: السحاب) قال الجوهري: قال أبو زيد: المزنة: السحابة البيضاء، وقيل: المطر النازل منها، قيل: ماؤه أعذب؛ ولذلك خصه الله بالذكر. (وصدقة الماء وهبته ووصبته جائزة؛ مقسومًا كان أو غير مقسوم) هذا أَيضًا من الترجمة. (وقال عثمان: قال النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: من يشتري بئر رومة) بضم الراء، قال ابن بطال: اسم يهودي كانت هذه البئر له، يبيع ماءها، ثم يقفل عليها، فيشق على النَّاس، فاشترى عثمان نصفه منه بعشرين أَلْف درهم، فكانت بينهما على التناوب، فكان النَّاس يسقون في نوبة عثمان قدر حاجتهم ذلك اليوم والذي بعده، فقال اليهودي: أفسدت عليّ معاشي، فباعه النصف الآخر. وسيأتي هذا التعليق مسندًا في أبواب الوقف إن شاء الله تعالى (فيكون فيها دلوه كدلاء المسلمين) أي: يدخل في زمرة المسلمين ويكون شريكًا لهم في الماء، فلا دلالة

2351 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ - رضى الله عنه - قَالَ أُتِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِقَدَحٍ فَشَرِبَ مِنْهُ، وَعَنْ يَمِينِهِ غُلاَمٌ أَصْغَرُ الْقَوْمِ، وَالأَشْيَاخُ عَنْ يَسَارِهِ فَقَالَ «يَا غُلاَمُ أَتَأْذَنُ لِى أَنْ أُعْطِيَهُ الأَشْيَاخَ». قَالَ مَا كُنْتُ لأُوثِرَ بِفَضْلِى مِنْكَ أَحَدًا يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ. أطرافه 2366، 2451، 2602، 2605، 5620 2352 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّهَا حُلِبَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَاةٌ دَاجِنٌ وَهْىَ فِي دَارِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَشِيبَ لَبَنُهَا بِمَاءٍ مِنَ الْبِئْرِ الَّتِى فِي دَارِ أَنَسٍ، فَأَعْطَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْقَدَحَ فَشَرِبَ مِنْهُ، حَتَّى إِذَا نَزَعَ الْقَدَحَ مِنْ فِيهِ، وَعَلَى يَسَارِهِ أَبُو بَكْرٍ وَعَنْ يَمِينِهِ أَعْرَابِىٌّ فَقَالَ عُمَرُ وَخَافَ أَنْ يُعْطِيَهُ الأَعْرَابِىَّ أَعْطِ أَبَا بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ عِنْدَكَ. فَأَعْطَاهُ الأَعْرَابِىَّ الَّذِى عَلَى يَمِينِهِ، ثُمَّ قَالَ «الأَيْمَنَ فَالأَيْمَنَ». أطرافه 2571، 5612، 5619 ـــــــــــــــــــــــــــــ فيه على وقف الإنسان على نفسه، وفي هذا الحديث دلالة على جواز التصدق بالماء وإن كان غير قابل للقسمة. 2352 - (أبو غسان) -بفتح المعجمة وتشديد السين- محمد بن مطرف (أبو حازم) -بالحاء المهملة- سلمة بن دينار (أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بقدح فشرب منه وعن يمينه غلام) هو فضل بن عباس على الأصح (والأشياخ عن يساره) ذكر بعض الشارحين: أن من أولئك الأشياخ خالد بن الوليد، وظن أن هذا لا يصح، فإن خالدًا لم يكن في سن المشايخ حينئذٍ. ثم تبعت ما ظن مما نقله شيخنا أن قضية خالد كانت في بيت ميمونة مع ابن عباس؛ رواه الترمذي. 2353 - (حلبت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - شاة داجن) حلبت: على بناء المجهول، والداجن: قال ابن الأثير: هي الشاة التي تألف البيت ويقال بالراء أيضًا، لكن الرواية بالدال المهملة (وعلى يساره أبو بكر وعلى يمينه أعرابي، فقال عمر وخاف أن يعطيه الأعرابي: أعط أبا بكر، فأعطى الأعرابي الذي عن يمينه، ثم قال: الأيمن فالأيمن) بالنصب؛ أي: قدموا

3 - باب من قال إن صاحب الماء أحق بالماء حتى يروى، لقول النبى - صلى الله عليه وسلم - «لا يمنع فضل الماء»

3 - باب مَنْ قَالَ إِنَّ صَاحِبَ الْمَاءِ أَحَقُّ بِالْمَاءِ حَتَّى يَرْوَى، لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «لا يُمْنَعُ فَضْلُ الْمَاءِ». 2353 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يُمْنَعُ فَضْلُ الْمَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ الْكَلأُ». طرفاه 2354، 6962 2354 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَمْنَعُوا فَضْلَ الْمَاءِ لِتَمْنَعُوا بِهِ فَضْلَ الْكَلإِ». طرفه 2353 ـــــــــــــــــــــــــــــ الأيمن فالأيمن، ويجوز الرفع بتقدير يقدم الأيمن فالأيمن ونحوه. فإن قلت: استأذن الغلام للأشياخ ولم يستأذن الأعرابي؟ قلت: الغلام ابن عباس من أهله، فلا يبالي به؛ بخلاف الأعرابي، فإنه جلف جاف لا يدري الآداب ربما أدى ذلك إلى نفرته من الإسلام. فإن قلت: ما وجه دلالة الحديثين على ما ترجم؟ قلت: دل الحديثان على جواز هبة الماء، والهبة تقاس على الصدقة. باب من قال: إن صاحب الماء أحق بالماء حتى يروي لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا يمنع فضل الماء هذا بعض الحديث الذي رواه عن أبي هريرة بعده، وتمامه: 2354 - (ليمنع به فضل الكلإ) ووجه دلالته على أن صاحب الماء أحق: هو أن النص على منعه الفضل يدل صريحًا؛ على أنه إذا لم يكن فضل فهو أولى وأحق. قال النووي: هذا إنما يكون في بئر حفره إنسان في فلاة، وفيه ثلاثة شروط: الأول: ألا يكون هناك ماء آخر. الثاني: أن يكون احتياج الناس إليه للماشية؛ لا للزرع. الثالث: ألا يكون صاحب الماء محتاجًا إليه؛ كما دل عليه لفظ الفضل. والكلأ: مقصور: العلف الرطب واليابس.

4 - باب من حفر بئرا فى ملكه لم يضمن

4 - باب مَنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ لَمْ يَضْمَنْ 2355 - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِى حَصِينٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «الْمَعْدِنُ جُبَارٌ، وَالْبِئْرُ جُبَارٌ، وَالْعَجْمَاءُ جُبَارٌ، وَفِى الرِّكَازِ الْخُمُسُ». 5 - باب الْخُصُومَةِ فِي الْبِئْرِ وَالْقَضَاءِ فِيهَا 2356، 2357 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِى حَمْزَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ، هُوَ عَلَيْهَا فَاجِرٌ، لَقِىَ اللَّهَ وَهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى (إِنَّ الَّذِينَ ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: في رواية مسلم: "لا يباع فضل الماء ليباع به الكلأ" فما وجهه؟ هلت: إذا باع الماء الذي احتياج الناس إليه فكأنه باعهم الكلأ المباح، وأيضًا الناس إنما يبذلون الماء للعلف؛ لاللماء من حيث إنه ماء. باب من حفر بئرًا في ملكه لم يضمن إذا تلف به شيء 2355 - (محمود) هو ابن غيلان (عن أبي حصين) بفتح الحاء: عثمان بن عاصم (عن أبي صالح) ذكوان السمان (المعدن جبار، والبئر جبار) بضم الجيم وتخفيف الباء. فإن قلت: أطلق البئر في الحديث، وقد ترجم على ما إذا كان في ملكه؟ قلت: تقدم في باب الزكاة مقيدًا بما إذا لم يكن متعديًا في حفره، فيثمل الملك والموات إذا حفر فيه للعامة. باب الخصومه في البئر والقضاء فيها 2356 - 2357 - (عبدان) -على وزن شعبان- عبد الله بن عمرو المروزي (عن أبي حمزة) -بالحاء المهملة- محمد بن ميمون (من حلف على يمين يقتطع بها مال امرئ مسلم، وهو فيها فاجر، لقي الله وهو عليه غضبان) حلف على يمين أي شيء يحلف، وقيد المسلم محمول على الغالب؛ إذ لا فرق بين المسلم في هذا الحكم والذمي. والغضبان: شديد

يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً) الآيَةَ. فَجَاءَ الأَشْعَثُ فَقَالَ مَا حَدَّثَكُمْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِىَّ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ، كَانَتْ لِى بِئْرٌ فِي أَرْضِ ابْنِ عَمٍّ لِى فَقَالَ لِى «شُهُودَكَ». قُلْتُ مَا لِى شُهُودٌ. قَالَ «فَيَمِينَهُ». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذًا يَحْلِفَ. فَذَكَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - هَذَا الْحَدِيثَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ ذَلِكَ تَصْدِيقًا لَهُ. الحديث 2356 - أطرافه 2416، 2515، 2666، 2669، 2673، 2676، 4549، 6659، 6676، 7183، 7445 الحديث 2357 - أطرافه 2417، 2516، 2667، 2670، 2677، 4550، 6660، 6677، 7184 ـــــــــــــــــــــــــــــ الغضب، اللهم يا أرحم الراحمين، أذقنا برد عفوك، وحلاوة رضوانك (فجاء الأشعث، فقال: ما يحدثكم أبو عبد الرحمن) الأشعث -بالثاء المثلثة- وأبو عبد الرحمن هو عبد الله بن مسعود (كانت لي بئر في أرض ابن عم لي) وفي بعض الروايات الأرض بدون البئر، ولا تنافي؛ لاحتمال كون النزاع فيهما، ولأن الخصومة في البئر تستلزم الخصومة في الأرض؛ لاحتياج البئر إلى الحريم. قال ابن الطّلاع في الأقضية: اسم الرجل الذي نازعه جرير بن معدان، وقيل: هو معدان بن الأسود الكندي، وقيل: هو ابن عمه. والصواب: ما في البخاري أنه كان يهوديًّا. (شهودك) بالنصب؛ أي: هات شهودك؛ وبالرفع؛ أي: المطلوب على دعواك شهودك، ويجري الوجهان في (يمبنه) (قلت: إذا يحلف) ضبطه أكثر الشراح بالنصب بإذن الناصبة، والصواب: رفعه؛ لأن نصب إذن مشروط بشرطين: ألا يعتمد الفعل على ما قبله، وأن يكون مستقبلًا، ولا شك أن "يحلف" يراد به الحال؛ لأنّ المراد حلفه حالة الحكم هذه؛ لا الزمان المستقبل، وهذا ظاهر.

6 - باب إثم من منع ابن السبيل من الماء

6 - باب إِثْمِ مَنْ مَنَعَ ابْنَ السَّبِيلِ مِنَ الْمَاءِ 2358 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «ثَلاَثَةٌ لاَ يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلاَ يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ رَجُلٌ كَانَ لَهُ فَضْلُ مَاءٍ بِالطَّرِيقِ، فَمَنَعَهُ مِنِ ابْنِ السَّبِيلِ، وَرَجُلٌ بَايَعَ إِمَامًا لاَ يُبَايِعُهُ إِلاَّ لِدُنْيَا، فَإِنْ أَعْطَاهُ مِنْهَا رَضِىَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ مِنْهَا سَخِطَ، وَرَجُلٌ أَقَامَ سِلْعَتَهُ بَعْدَ الْعَصْرِ، فَقَالَ وَاللَّهِ الَّذِى لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ لَقَدْ أَعْطَيْتُ بِهَا كَذَا وَكَذَا، فَصَدَّقَهُ رَجُلٌ، ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً). أطرافه 2369، 2672، 7212، 7446 7 - باب سَكْرِ الأَنْهَارِ 2359 و 2360 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ خَاصَمَ الزُّبَيْرَ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي شِرَاجِ الْحَرَّةِ الَّتِى يَسْقُونَ بِهَا النَّخْلَ فَقَالَ الأَنْصَارِىُّ سَرِّحِ الْمَاءَ يَمُرُّ فَأَبَى عَلَيْهِ، فَاخْتَصَمَا عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إثم من منع ابن السبيل من الماء أي: من شرب الماء ونحوه أو بعض الماء؛ وهو الفاضل عن حاجته. 2358 - (ثلاثة لا ينظر الله إليهم) عدم النظر إليهم كناية عن عدم اللطف والإكرام؛ لأن النظر تقليب الحدقة وهو محال على الله تعالى (ولا يزكيهم) ولا يثني عليهم، كما أثنى على عباده الصالحين (رجل كان له فضل ماء بالطريق فمنعه ابن السبيل) هو الذي.

8 - باب شرب الأعلى قبل الأسفل

لِلزُّبَيْرِ «اسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ أَرْسِلِ الْمَاء إِلَى جَارِكَ». فَغَضِبَ الأَنْصَارِىُّ، فَقَالَ أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ. فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قَالَ «اسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ احْبِسِ الْمَاءَ، حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الْجَدْرِ». فَقَالَ الزُّبَيْرُ وَاللَّهِ إِنِّى لأَحْسِبُ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ). أطرافه 2361، 2362، 2708، 4585 2365 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ حَبَسَتْهَا، حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا، فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ - قَالَ فَقَالَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ - لاَ أَنْتِ أَطْعَمْتِهَا وَلاَ سَقَيْتِهَا حِينَ حَبَسْتِيهَا، وَلاَ أَنْتِ أَرْسَلْتِيهَا فَأَكَلَتْ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ». طرفاه 3318، 3482 8 - باب شُرْبِ الأَعْلَى قَبْلَ الأَسْفَلِ 2361 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ قَالَ خَاصَمَ الزُّبَيْرَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَا زُبَيْرُ اسْقِ ثُمَّ أَرْسِلْ». فَقَالَ الأَنْصَارِىُّ إِنَّهُ ابْنُ عَمَّتِكَ. فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ «اسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ يَبْلُغُ الْمَاءُ الْجَدْرَ، ثُمَّ أَمْسِكْ». فَقَالَ الزُّبَيْرُ فَأَحْسِبُ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ). قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لَيْسَ أَحَدٌ يَذْكُرُ عُرْوَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، إِلاَّ اللَّيْثُ فَقَطْ. طرفه 2360 9 - باب شِرْبِ الأَعْلَى إِلَى الْكَعْبَيْنِ 2362 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا مَخْلَدٌ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ خَاصَمَ الزُّبَيْرَ فِي شِرَاجٍ مِنَ الْحَرَّةِ يَسْقِى بِهَا النَّخْلَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اسْقِ يَا زُبَيْرُ - فَأَمَرَهُ بِالْمَعْرُوفِ - ثُمَّ أَرْسِلْ إِلَى جَارِكَ». فَقَالَ الأَنْصَارِىُّ أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ. فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قَالَ «اسْقِ ثُمَّ احْبِسْ حَتَّى يَرْجِعَ الْمَاءُ إِلَى الْجَدْرِ». وَاسْتَوْعَى لَهُ حَقَّهُ. فَقَالَ الزُّبَيْرُ وَاللَّهِ إِنَّ هَذِهِ الآيَةَ أُنْزِلَتْ فِي ذَلِكَ (فَلاَ وَرَبِّكِ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ

10 - باب فضل سقى الماء

فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ). قَالَ لِى ابْنُ شِهَابٍ فَقَدَّرَتِ الأَنْصَارُ وَالنَّاسُ قَوْلَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «اسْقِ ثُمَّ احْبِسْ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الْجَدْرِ». وَكَانَ ذَلِكَ إِلَى الْكَعْبَيْنِ. طرفه 2360 10 - باب فَضْلِ سَقْىِ الْمَاءِ 2363 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ سُمَىٍّ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بَيْنَا رَجُلٌ يَمْشِى فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ، فَنَزَلَ بِئْرًا فَشَرِبَ مِنْهَا، ثُمَّ خَرَجَ فَإِذَا هُوَ بِكَلْبٍ يَلْهَثُ، يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ الْعَطَشِ، فَقَالَ لَقَدْ بَلَغَ هَذَا مِثْلُ الَّذِى بَلَغَ بِى فَمَلأَ خُفَّهُ ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ، ثُمَّ رَقِىَ، فَسَقَى الْكَلْبَ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ، فَغَفَرَ لَهُ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَإِنَّ لَنَا فِي الْبَهَائِمِ أَجْرًا قَالَ «فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ». تَابَعَهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَالرَّبِيعُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ. طرفه 173 2364 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى صَلاَةَ الْكُسُوفِ، فَقَالَ «دَنَتْ مِنِّى النَّارُ حَتَّى قُلْتُ أَىْ رَبِّ، وَأَنَا مَعَهُمْ فَإِذَا امْرَأَةٌ - حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ - تَخْدِشُهَا هِرَّةٌ قَالَ مَا شَأْنُ هَذِهِ قَالُوا حَبَسَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا». طرفه 745 11 - باب مَنْ رَأَى أَنَّ صَاحِبَ الْحَوْضِ وَالْقِرْبَةِ أَحَقُّ بِمَائِهِ 2366 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ - رضى الله عنه - قَالَ أُتِىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِقَدَحٍ فَشَرِبَ وَعَنْ يَمِينِهِ غُلاَمٌ، هُوَ أَحْدَثُ الْقَوْمِ، وَالأَشْيَاخُ عَنْ يَسَارِهِ قَالَ «يَا غُلاَمُ أَتَأْذَنُ لِى أَنْ أُعْطِىَ الأَشْيَاخَ». فَقَالَ مَا كُنْتُ لأُوثِرَ بِنَصِيبِى مِنْكَ أَحَدًا يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ. طرفه 2351

12 - باب لا حمى إلا لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم -

2367 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لأَذُودَنَّ رِجَالاً عَنْ حَوْضِى كَمَا تُذَادُ الْغَرِيبَةُ مِنَ الإِبِلِ عَنِ الْحَوْضِ». 2368 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ وَكَثِيرِ بْنِ كَثِيرٍ - يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى الآخَرِ - عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَرْحَمُ اللَّهُ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ، لَوْ تَرَكَتْ زَمْزَمَ - أَوْ قَالَ لَوْ لَمْ تَغْرِفْ مِنَ الْمَاءِ - لَكَانَتْ عَيْنًا مَعِينًا، وَأَقْبَلَ جُرْهُمُ فَقَالُوا أَتَأْذَنِينَ أَنْ نَنْزِلَ عِنْدَكِ قَالَتْ نَعَمْ وَلاَ حَقَّ لَكُمْ فِي الْمَاءِ. قَالُوا نَعَمْ». أطرافه 3362، 3363، 3364، 3365 2369 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبِى صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ رَجُلٌ حَلَفَ عَلَى سِلْعَةٍ لَقَدْ أَعْطَى بِهَا أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَى وَهْوَ كَاذِبٌ، وَرَجُلٌ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ كَاذِبَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ رَجُلٍ مُسْلِمٍ، وَرَجُلٌ مَنَعَ فَضْلَ مَاءٍ، فَيَقُولُ اللَّهُ الْيَوْمَ أَمْنَعُكَ فَضْلِى، كَمَا مَنَعْتَ فَضْلَ مَا لَمْ تَعْمَلْ يَدَاكَ». قَالَ عَلِىٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ غَيْرَ مَرَّةٍ عَنْ عَمْرٍو سَمِعَ أَبَا صَالِحٍ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 2358 12 - باب لاَ حِمَى إِلاَّ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - 2370 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ الصَّعْبَ بْنَ جَثَّامَةَ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ حِمَى إِلاَّ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ». وقال أبو عبد الله: ـــــــــــــــــــــــــــــ 2370 - (الصعب) بفتح الصاد وسكون العين؛ والجيم والثاء المثلثة (قال: ان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا حمى إلا لله ورسوله) قال ابن الأثير: كان في الجاهلية إذا نزل شريف

13 - باب شرب الناس والدواب من الأنهار

بَلَغَنَا أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - حَمَى النَّقِيعَ، وَأَنَّ عُمَرَ حَمَى السَّرَفَ وَالرَّبَذَةَ. طرفه 3013 13 - باب شُرْبِ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ مِنَ الأَنْهَارِ 2371 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِى صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْخَيْلُ لِرَجُلٍ أَجْرٌ، وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ، وَعَلَى رَجُلٍ وِزْرٌ، فَأَمَّا الَّذِى لَهُ أَجْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَطَالَ بِهَا فِي مَرْجٍ أَوْ رَوْضَةٍ، فَمَا أَصَابَتْ فِي طِيَلِهَا ذَلِكَ مِنَ الْمَرْجِ أَوِ الرَّوْضَةِ كَانَتْ لَهُ حَسَنَاتٍ، وَلَوْ أَنَّهُ انْقَطَعَ طِيَلُهَا فَاسْتَنَّتْ ـــــــــــــــــــــــــــــ بأرض استعوى كلبًا فحمى مدى عواء الكلب، لا يشركه فيه غيره. فنهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، وذكْر الله في مثله للتبرك وحمى رسوله - صلى الله عليه وسلم - عبارة عما كان يحمى لنعم الصدقة وخيل الغزاة وإبلها، وحمى الخلفاء بعده هو في المعنى حماة لأنهم حموا الإبل الصدقة وخيل الغزاة أيضًا. وفي بعض النسخ: "قال أبو عبد الله" كذا في رواية أبي ذر، قال شيخنا: الصواب حذف أبي عبد الله؛ لأن هذا من كلام الزهريّ، بينه أبو داود، وغيره (وبلغنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حمى النقيع) -بالنون- اسم مكان على عشرين فرسخًا من المدينة (وأنّ عمر حمى الشرف والربذة) الشرف -بشين معجمة- موضع بالمدينة، وضبطه بعضهم بالسين المهملة وليس بصواب، ذاك سرف بدون اللام في طريق مكة، وكذا من قال بالشين المعجمة شرف الروحاء، والربذة -بفتح الراء والباء وذال معجمة- قرية من أعمال المدينة فيها قبر أبى ذر. باب شرب الناس والدواب من الأنهار 2371 - (الخيل لرجل أجر) أي: فيها أجر (ولرجل ستر) أي: فيها ستر (وعلى رجل وزر) أي: فيها. وقد بينه في الحديث، ونشير إلى مواضع منه (فأطال لها في مرج أو روضة) المرج المكان الواسع الذي تسرح فيه الدواب مختلطة. والروضة: المكان الذي ينتقع فيه الماء؛ أي: يجتمع، ومنه نقع ريقه؛ أي: جمع. قال أبو عبد الله: ولا يكون إلا في المكان المرتفع (فما أصابت في طيلها) بكسر الطاء وفتح الياء، ويقال: طول بالواو مكان الياء، والطويلة على وزن الفعيلة: الحبل الذي تربط به الدابة لترعى (ولو أنه انقطع طيلها فاستنت

شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ كَانَتْ آثَارُهَا وَأَرْوَاثُهَا حَسَنَاتٍ لَهُ، وَلَوْ أَنَّهَا مَرَّتْ بِنَهَرٍ فَشَرِبَتْ مِنْهُ وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَسْقِىَ كَانَ ذَلِكَ حَسَنَاتٍ لَهُ، فَهِىَ لِذَلِكَ أَجْرٌ، وَرَجُلٌ رَبَطَهَا تَغَنِّيًا وَتَعَفُّفًا ثُمَّ لَمْ يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ فِي رِقَابِهَا وَلاَ ظُهُورِهَا، فَهِىَ لِذَلِكَ سِتْرٌ، وَرَجُلٌ رَبَطَهَا فَخْرًا وَرِيَاءً وَنِوَاءً لأَهْلِ الإِسْلاَمِ، فَهِىَ عَلَى ذَلِكَ وِزْرٌ». وَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْحُمُرِ فَقَالَ «مَا أُنْزِلَ عَلَىَّ فِيهَا شَىْءٌ إِلاَّ هَذِهِ الآيَةُ الْجَامِعَةُ الْفَاذَّةُ (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) أطرافه 2860، 3646، 4962، 4963، 7356 ـــــــــــــــــــــــــــــ شرفًا أو شرفين) الاستنان: عدو الفرس خاليًا عن راكبه للنشاط. والشرف: الموضع العالي؛ إذ عادة الخيل كذلك، والمراد: طلقًا أو طلقين (ولو أنها مرت بنهر فشربت ولم يرد أن يسقي كان ذلك حسنات له) هذا موضع الدلالة على الترجمة؛ لدلالته على جواز سقي الدواب من الأنهار، واتفق الأئمة على جواز شرب الماء وسقي الدواب من الأنهار المملوكة، قالوا: ولا يملك الماء إلا إذا أخذ في الوعاء، وإذا حصل له الثواب من غير إرادته سقيها، فبالأولى إذا أراد سقيها. فإن قلت: كيف يحصل له الثواب، وقد تقدم أنما يكون ثواب الأعمال بالنيات؟ قلت: ربطها في سبيل الله كاف في ذلك. (ورجل ربطها تغنيًا) أي: استغناء عن أموال الناس (وتعففًا) عن سؤالهم (ثم لم ينس حق الله في رقابها ولا ظهورها) أي: في أثمانها إذا باعها، وإعارة ظهرها للركوب لمن احتاج إلى ذلك على طريق المودة والمواساة، فلا دلالة فيه على وجوب الزكاة، من أوجبها شرط اختلاط الذكور والإناث، ولا إشعار في الحديث بذلك. (ورجل ربطها فخرًا) يفتخر بها (ورياء) يرائي بها الناس أنه يريد الجهاد بها (ونواء) -بكسر النون- معاداة (لأهل الإسلام) كما ترى الآن يفعله أكثر الظلمة. (وسئل عن الحمير) أي: عن حكمها (فقال: ما أنزل علي فيها شيء الا هذه الآية الجامعة) أي: لكل بر وخير (الفاذة) المنفردة الممتازة عن سائر الآيات؛ إذ ليس في القرآن آية تشاركها في هذا المعنى، مع قلة اللفظ حاطت بالذرة إلى ما لا نهاية من الخير والشر.

14 - باب بيع الحطب والكلإ

2372 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ - رضى الله عنه - قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلَهُ عَنِ اللُّقَطَةِ، فَقَالَ «اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا، ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلاَّ فَشَأْنَكَ بِهَا». قَالَ فَضَالَّةُ الْغَنَمِ قَالَ «هِىَ لَكَ أَوْ لأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ». قَالَ فَضَالَّةُ الإِبِلِ قَالَ «مَالَكَ وَلَهَا مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا، تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ، حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا». طرفه 91 14 - باب بَيْعِ الْحَطَبِ وَالْكَلإِ 2373 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ 2372 - (عن يزيد مولى المنبعث) بضم الميم وكسر العين (عن زيد بن خالد الجهني) -بضم الجيم وفتح الهاء- نسبة إلى جهينة -بضم الجيم وفتح الهاء- مصغر: قبيلة معروفة من عرب الحجاز (جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأله عن اللقطة) أي: حكمها، اسم للمال الملقوط، قال ابن الأثير: الالتقاط: أن تعثر على شيء من غير قصد، قال: وهي بضم اللام وفتح القاف، وقال بعضهم: هذا اسم الملتقط؛ كالضحكة، والهمزة؛ وأمّا المال الملقوط إنما هو بسكون القاف، قال: والأول أكثر وأصح (اعرف عفاصها) -بكسر العين- الصرة التي يكون فيها الدراهم (ووكاءها) الخيط الذي تربط به (فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها) مبتدأ وخبر؛ أي: أمرك نافذ فيها؛ أي: تصرف كيف شئت، وفيه دليل للشافعي ومالك وأحمد في جواز الانتفاع بها، وقال مالك: يكره تملكها (هي لك) إن أخذتها ولم يأت مالكها (أو لأخيك) هو مالكها إن جاء، وفي إيثار لفظ الأخ إشارة إلى أنه يجب حسن رعايتها (أو للذئب) إن لم يؤخذ، فقد أذن في الأخذ بأبلغ وجه. (قال: فضالة الابل؟ قال: ما لك ولها، معها سقاؤها) -بكسر السين- ظرف الماء؛ يكون من الجلد؛ والمراد بطنها؛ فإنها تشرب ماءً كثيرًا، وتصبر على العطش (وحذاؤها) بكسر الحاء المهملة وذال معجمة مع المد، هو النعل؛ أراد أنها لا تحتاج إلى تنعيل كالخيل (ترد الماء) هذا موضع الدلالة على الترجمة، فإن ورودها على الماء أعم من أن يكون في الأنهار وغيرها. باب بيع الحطب والكلإ 2373 - (معلى بن أسد) بضم الميم وتشديد اللام (وهيب) بضم الواو مصغر (العوام)

الْعَوَّامِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ أَحْبُلاً، فَيَأْخُذَ حُزْمَةً مِنْ حَطَبٍ فَيَبِيعَ، فَيَكُفَّ اللَّهُ بِهِ وَجْهَهُ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ أُعْطِىَ أَمْ مُنِعَ». طرفه 1471 2374 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى عُبَيْدٍ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لأَنْ يَحْتَطِبَ أَحَدُكُمْ حُزْمَةً عَلَى ظَهْرِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ أَحَدًا فَيُعْطِيَهُ أَوْ يَمْنَعَهُ». طرفه 1470 2375 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عَلِىِّ بْنِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِىٍّ عَنْ أَبِيهِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِىٍّ عَنْ عَلِىِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ - رضى الله عنهم - أَنَّهُ قَالَ أَصَبْتُ شَارِفًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي مَغْنَمٍ يَوْمَ بَدْرٍ قَالَ وَأَعْطَانِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَارِفًا أُخْرَى، فَأَنَخْتُهُمَا يَوْمًا عِنْدَ بَابِ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ، وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَحْمِلَ عَلَيْهِمَا إِذْخِرًا لأَبِيعَهُ، وَمَعِى صَائِغٌ مِنْ بَنِى قَيْنُقَاعَ ـــــــــــــــــــــــــــــ بفتح العين وتشديد الواو (لأن يأخذ أحدكم أحبلًا) -بفتح الهمزة وضم الباء- جمع حبل (فيأخذ حزمة من الحطب) -بضم الحَاء وسكون الزاي المعجمة- فعلة بمعنى المفعول؛ أي طائفة من الحطب محرّمة؛ أي: مربوطة (فيكف الله بها وجهه) أي: ماء وجهه. 2374 - (بكير) بضم الباء مصغر وكذا (عقيل) (عن أبي عبيد) -بضم العين مصغر- واسمه: سعد. وسلف تمام الكلام على الحديث في أبواب الزكاة. 2375 - (ابن جريج) -بضم الجيم مصغر- عبد الملك (عن علي بن حسين بن علي) هو الإمام زين العابدين رضي الله عنه وعن آبائه الكرام (عن علي بن أبي طالب قال: أصبت شارفًا) الشارف: المسنة من النوق (في مغنم يوم بدر) المغنم والغيمة بمعنى؛ قاله الجوهري (وأعطاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شارفًا أخرى من الخمس) (وأنا أريد أن أحمل عليهما إذخرًا) -بكسر الهمزة وذال معجمة- نبت معروف (ومعي صائغ من بني قينقاع) الصائغ -بالغين المعجمة- من يصوغ العلي، ويروى طايع بالطاء والياء، وطالع باللام بدل الياء، وكلاهما بمعنى الدليل. وقينقاع -بالقافين بينهما ياء ساكنة ونون مضمومة، آخره عين- طائفة من يهود المدينة.

فَأَسْتَعِينَ بِهِ عَلَى وَلِيمَةِ فَاطِمَةَ، وَحَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَشْرَبُ فِي ذَلِكَ الْبَيْتِ مَعَهُ قَيْنَةٌ، فَقَالَتْ أَلاَ يَا حَمْزَ لِلشُّرُفِ النِّوَاءِ. فَثَارَ إِلَيْهِمَا حَمْزَةُ بِالسَّيْفِ، فَجَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا، وَبَقَرَ خَوَاصِرَهُمَا، ثُمَّ أَخَذَ مِنْ أَكْبَادِهِمَا. قُلْتُ لاِبْنِ شِهَابٍ وَمِنَ السَّنَامِ قَالَ قَدْ جَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا فَذَهَبَ بِهَا. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ قَالَ عَلِىٌّ - رضى الله عنه - فَنَظَرْتُ إِلَى مَنْظَرٍ أَفْظَعَنِى فَأَتَيْتُ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَعِنْدَهُ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ فَأَخْبَرْتُهُ الْخَبَرَ فَخَرَجَ وَمَعَهُ زَيْدٌ، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ، فَدَخَلَ عَلَى حَمْزَةَ فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ فَرَفَعَ حَمْزَةُ بَصَرَهُ وَقَالَ هَلْ أَنْتُمْ إِلاَّ عَبِيدٌ لآبَائِى فَرَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُقَهْقِرُ حَتَّى خَرَجَ عَنْهُمْ، وَذَلِكَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ. طرفه 2089 ـــــــــــــــــــــــــــــ (وحمزة بن عبد المطلب يشرب في ذلك البيت الذي أنخت الشارفين ببابه معه قينة) -بفتح القاف وسكون الياء- أي: مغنية (فقالت: ألا يا حمز للشرف النواء) يجوز في زاي حمزة الضم والفتح، وكذا في كل منادى مرخم. الشرف جمع شارف؛ الناقة المسنة. والنواء: جمع ناوية؛ وهي: السمينة. وتمام البيت: وهن معقلات بالفناء بكسر الفاء والمد، ما امتد من جوانب البيت، وبعده بيتان آخران: فرع السكين في اللبات منها ... وضرجهن حمزة بالدماء وعجل من أطايبها الشراب ... قديرًا من طبيخ أو شواء (فثار إليهما حمزة) بالثاء المثلثة من الثوران: قام مسرعًا (فجب أسنمتهما) أي: قطع (وبقر خواصرهما) بتخفيف القات أي: شق (فذهب بها) أي: بالأسنمة والأكباد، والجمع باعتبار الأجزاء؛ كما في: {صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4] (قال: على فنظرت إلى منظر أفظعني) أي: أوقعني في أمر فظيع كريه (فدخل عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتنيظ عليه) أي: أظهر غيظًا شديدًا (فرفع إليه حمزة بصره، وقال: هل أنتم إلا عبيد آبائي) هذا كلام السكران بلا شعور به (فرجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقهفر) أي: رجع القهقرى لئلا يصيبه حمزة بمكروه لما سمع منه ذلك الكلام، ألا ترى أنه جعل سيد المرسلين عبدًا للمشركين عبدة الأوثان. وموضع الدلالة في الحديث قول علي: "وأنا أريد أن أحمل عليهما إذخرًا".

15 - باب القطائع

15 - باب الْقَطَائِعِ 2376 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا - رضى الله عنه - قَالَ أَرَادَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُقْطِعَ مِنَ الْبَحْرَيْنِ، فَقَالَتِ الأَنْصَارُ حَتَّى تُقْطِعَ لإِخْوَانِنَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مِثْلَ الَّذِى تُقْطِعُ لَنَا قَالَ «سَتَرَوْنَ بَعْدِى أَثَرَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِى». أطرافه 2377، 3163، 3794 16 - باب كِتَابَةِ الْقَطَائِعِ 2377 - وَقَالَ اللَّيْثُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - دَعَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الأَنْصَارَ لِيُقْطِعَ لَهُمْ بِالْبَحْرَيْنِ، فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ فَعَلْتَ فَاكْتُبْ لإِخْوَانِنَا مِنْ قُرَيْشٍ بِمِثْلِهَا، فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِى أَثَرَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِى». طرفه 2376 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب القطائع جمع قطيع؛ مثل كرائم جمع كريمة. 2376 - 2377 - (سليمان [بن] حرب) ضد الصلح (حمّاد) بفتح الحاء وتشديد الميم (أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقطع من البحرين) أي: للأنصار؛ كما صرّح به في الرواية بعده، يقال: أقطعت الرجل إذا جعلت له إقطاعًا -بكسر الهمزة- مصدر بمعنى المفعول. والبحرين: على صيغة التثنية، مدينة على ساحل البحر، واختلف في أنها [فتحت] عنوة أو صلحًا؛ والثاني هو الأصح، عليه دلت الأحاديث، فعلى هذا المراد بالإقطاع الإقطاع من خراجها وجزيتها (فقالت الأنصار: حتى تقطع لأخواننا من المهاجرين) فإنه أراد أن يخص الأنصار بذلك؛ لأنه خص المهاجرين بغنائم خيبر (ستلقون بعدي أثرة) قال ابن الأثير: الأثرة -بفتح الهمزة والثاء- الاسم من الإيثار، مصدر آثر يؤثر؛ أعطى، أراد أن الأمراء بعده يؤثرون على الأنصار غيرهم في الإعطاء، فأمرهم بالصبر، وألا ينازعوا الأمراء. فإن قلت: ما وجه هذا الكلام هنا في جواب الأنصار حيث قالوا: لا نرضى حتى تقطع لإخواننا؟ قلت: استحسن منهم ذلك الكلام، وقال: سيأتي زمان تمنعون حقوقكم، فبشرهم بأنهم يردون عليه على الحوض.

17 - باب حلب الإبل على الماء

17 - باب حَلَبِ الإِبِلِ عَلَى الْمَاءِ 2378 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ هِلاَلِ بْنِ عَلِىٍّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى عَمْرَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مِنْ حَقِّ الإِبِلِ أَنْ تُحْلَبَ عَلَى الْمَاءِ». طرفه 1402 18 - باب الرَّجُلِ يَكُونُ لَهُ مَمَرٌّ، أَوْ شِرْبٌ فِي حَائِطٍ أَوْ فِي نَخْلٍ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ بَاعَ نَخْلاً بَعْدَ أَنْ تُؤَبَّرَ فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ». فَلِلْبَائِعِ الْمَمَرُّ وَالسَّقْىُ حَتَّى يَرْفَعَ وَكَذَلِكَ رَبُّ الْعَرِيَّةِ. 2379 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنِى ابْنُ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَنِ ابْتَاعَ نَخْلاً بَعْدَ أَنْ تُؤَبَّرَ فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ، إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ، وَمَنِ ابْتَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب حلب الإبل على الماء 2378 - (المنذر) بضم الميم وكسر الذال (فليح) بضم الفاء مصغر (من حق الإبل أن تحلب على الماء) الحق بمعنى الأَوْلى؛ وذلك لأن الفقراء والمساكين يصيبون من لبنها، وأروح للإبل، ورواه بعضهم بالجيم؛ وهو تصحيف؛ لأن جلب يستعمل بإلى دون على. باب الرجل يكون له ممر أو شرب في حائط أو في نخل عطف النخل على الحائط في عطف العام على الخاص؛ لأن الحائط نخلٌ عليه حائط. (وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: من باع نخلًا بعد أن توبر فثمرتها للبائع) قد سلف هذا التعليق مسندًا في أبواب البيع، وقد ذكرنا أن التأبير إدخال شحم ذكر النخل في الأنثى. (وللبائع الممر والسقي) هذا من كلام البخاري، استنبطه من الحديث؛ لأن الثمرة إذا كانت للبائع فبالضرورة له الدخول والخروج (وكذا رب العرية) من ضرورته الدخول والخروج. 2379 - (ومن باع عبدًا وله مال فماله للذي باعه؛ إلا أن يشترط المبناع) أي:

فَمَالُهُ لِلَّذِى بَاعَهُ إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ». وَعَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ فِي الْعَبْدِ. طرفه 2203 2380 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ - رضى الله عنهم - قَالَ رَخَّصَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تُبَاعَ الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا تَمْرًا. طرفه 2173 2381 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْمُخَابَرَةِ، وَالْمُحَاقَلَةِ، وَعَنِ الْمُزَابَنَةِ، وَعَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُهَا، وَأَنْ لاَ تُبَاعَ إِلاَّ بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ، إِلاَّ الْعَرَايَا. طرفه 1487 2382 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ دَاوُدَ بْنِ حُصَيْنٍ عَنْ أَبِى سُفْيَانَ مَوْلَى أَبِى أَحْمَدَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ رَخَّصَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي بَيْعِ الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا مِنَ التَّمْرِ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ أَوْ فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ، شَكَّ دَاوُدُ فِي ذَلِكَ. طرفه 2190 2383 و 2384 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ أَخْبَرَنِى ـــــــــــــــــــــــــــــ المشتري استدل به من قال: إن العبد يملك؛ وهو الإمام مالك، صرح به في "الموطأ"؛ والجواب: أن المراد به المال الذي تحت يده، واللام لمطلق الاختصاص؛ كقولك: الجل للفرس. 2380 - (ورخص في العرايا) جمع عرية وقد تقدم أنها بيع الرطب على النخل بالتمر فيما دون خمسة أوسق. 2381 - (نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع المخابرة) هي المزارعة إذا كان البذر من العامل، وقد سلف أن هذا المنع خاص بما إذا عين جزءًا من الأرض معينًا. والمحاقلة: بيع الحنطة في سنبلها. والمزابنة: بيع الرطب والعنب بالتمر والزبيب خرصًا (إلا العرايا) رخصة. 2382 - (قزعة) بالقاف وثلاث فتحات (داود بن الحصين) بضم الحاء مصغر. 2383 - 2384 - (زكرياء بن يحيى) هذا هو البلخي، وقد روى في كتاب العيد عن

الْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ أَخْبَرَنِى بُشَيْرُ بْنُ يَسَارٍ مَوْلَى بَنِى حَارِثَةَ أَنَّ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ وَسَهْلَ بْنَ أَبِى حَثْمَةَ حَدَّثَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الْمُزَابَنَةِ بَيْعِ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ، إِلاَّ أَصْحَابَ الْعَرَايَا فَإِنَّهُ أَذِنَ لَهُمْ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِى بُشَيْرٌ مِثْلَهُ. طرفه 2191 ـــــــــــــــــــــــــــــ زكرياء بن يحيى الطائي (بشير بن يسار) بضم الباء مصغر، ويسار ضد اليمين. والحديث تقدم مرارًا مع شرح العرية.

43 - كتاب في الاستقراض وأداء الديون والحجر والتفليس

43 - كتاب في الاستقراض وأداء الديون والحجر والتفليس 1 - باب مَنِ اشْتَرَى بِالدَّيْنِ وَلَيْسَ عِنْدَهُ ثَمَنُهُ، أَوْ لَيْسَ بِحَضْرَتِهِ 2385 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنِ الْمُغِيرَةِ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «كَيْفَ تَرَى بَعِيرَكَ أَتَبِيعُنِيهِ». قُلْتُ نَعَمْ. فَبِعْتُهُ إِيَّاهُ، فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ غَدَوْتُ إِلَيْهِ بِالْبَعِيرِ، فَأَعْطَانِى ثَمَنَهُ. طرفه 443 ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب في الاستقراض وأداء الديون والحجر والتفليس باب من اشترى باللين وليس عنده ثمنه، أو ليس بحضرته الاستقراض: طلب القرض. وهو لغة: القطع. وفي عرف الفقهاء: إعطاء ما يجوز فيه السلم ليرد مثله أي وقت طلبه. 2385 - (محمد بن سلام) كذا في الأكثر، ولأبي ذر: محمد بن يوسف. روى في الباب حديث جابر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد اشترى منه جملًا، وقد سلف في أبواب البيع، وسيتكرر مرارًا. وموضع الدلالة أنه اشتراه منه بالدّين. فإن قلت: من أين علم أنّ الثمن لم يكن عنده؟ قلت: من تأخيره إلى أن جاء المدينة إذ لو كان الثمن حين العقد موجودًا لم يؤخره؛ لأنه يختار أحسن الأفعال، وأكمل الأخلاق.

2 - باب من أخذ أموال الناس يريد أداءها أو إتلافها

2386 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ تَذَاكَرْنَا عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ الرَّهْنَ فِي السَّلَمِ فَقَالَ حَدَّثَنِى الأَسْوَدُ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - اشْتَرَى طَعَامًا مِنْ يَهُودِىٍّ إِلَى أَجَلٍ، وَرَهَنَهُ دِرْعًا مِنْ حَدِيدٍ. 2 - باب مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَوْ إِتْلاَفَهَا 2387 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأُوَيْسِىُّ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِى الْغَيْثِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ، وَمَنْ أَخَذَ يُرِيدُ إِتْلاَفَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ». ـــــــــــــــــــــــــــــ 2386 - (معلى بن أسد) بضم الميم وتشديد اللام (قال الأعمش: تذاكرنا عند إبراهيم الرهن في السلم) هو إبراهيم النخعي (اشترى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طعامًا من يهودي إلى أجل، ورهنه درعه) قد سلف أن الطعام كان ثلاثين صاعًا من شعير، واسم اليهودي أبو شحم. فإن قلت: لم يكن في شراء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سلمٌ؛ فإنه قبض الشعير، غايته أن الثمن كان مؤجلًا، ومثله ليس بسلم؟ قلت: قاس عليه السلم؛ فإن المبيع مؤجل كما كان الثمن مؤجلًا في شراء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فإن قلت: ما المانع من الحمل على السلم حقيقة؟ قلت: المانع كون رأس المال في السلم مؤجلًا، وإنه خلف الإجماع؛ لأنه بيع الكالئ بالكالِئ، وقد نهى عنه. باب من أخذ أموال الناس يريد أداءها أو إتلافها 2387 - (الأويسي) بضم الهمزة (عن ثور) بالثاء المثلثة (عن أبى الغيث) مرادف المطر (سالم) مولى عبد الله بن مطيع (من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذ يريد إتلافها أتلفه الله) أي: أهلكه، أو أتلف أمواله، فلا ينتفع بها لشؤم نيته، وقد روى الحاكم مرفوعًا عن أبي أمامة: "من تداين وفي نفسه وفاؤه ثم مات تجاوز الله عنه، وأرضى غريمه". وفي حديث البخاري أيضًا دلالة على ذلك، فإن قوله: "أدى الله عنه" أعم من أن يكون في الدنيا أو في الآخرة.

3 - باب أداء الديون

3 - باب أَدَاءِ الدُّيُونِ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا). 2388 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ أَبِى ذَرٍّ - رضى الله عنه - قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا أَبْصَرَ - يَعْنِى أُحُدًا - قَالَ «مَا أُحِبُّ أَنَّهُ يُحَوَّلُ لِى ذَهَبًا يَمْكُثُ عِنْدِى مِنْهُ دِينَارٌ فَوْقَ ثَلاَثٍ، إِلاَّ دِينَارًا أُرْصِدُهُ لِدَيْنٍ». ثُمَّ قَالَ «إِنَّ الأَكْثَرِينَ هُمُ الأَقَلُّونَ، إِلاَّ مَنْ قَالَ بِالْمَالِ هَكَذَا وَهَكَذَا». وَأَشَارَ أَبُو شِهَابٍ بَيْنَ يَدَيْهِ وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ - وَقَلِيلٌ مَا هُمْ - ـــــــــــــــــــــــــــــ باب أداء الدين وقول الله تعالى: {إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58] استدل بهذه الآية على وجوب أداء الدين؛ لأن الدين في ذمته؛ بخلاف الأمانة، فإذا وجب أداء ما ليس في ذمته، فالدين الذي في ذمته أولى بذلك. وقيل: الأمانة في هذه الآية هي التي في قوله تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الأحزاب: 72] وهي شاملة لكل حق. 2388 - (أبو الشهاب) الحناط الأصغر، واسمه عبد ربه، وفي الرواة أبو شهاب الأكبر الحناط أيضًا، واسمه موسى بن نافع الهذلي، قال الغساني: ليس للبخاري رواية عن الكبير إلا حديثًا واحدًا في كتاب الحج، وفي غير الحج هو أبو شهاب الأصغر حيث وقع (عن أبي ذر: كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما أبصر -يعني: أُحدًا-) قوله: "يعني أحدًا" من كلام الراوي، وفاعل يعني هو أبو ذر (قال: ما أحب أنه يحول لي ذهبًا) بضم الياء وفتح الواو المشددة، وفي بعضها: "تحول" على وزن تفغل بصيغة الماضي (يمكث فيه دينار فوق ثلاث ليال؛ إلا دينارًا أرصده لدين) بضم الهمزة يقال: رصدته إذا رقبته، وأصدرته إذا أعددته، وفيه إشارة إلى استحباب إعداد وفاء الدين قبل حلول الأجل (إن الأكثرين هم الأقلون) أي: الأكثرون مالًا هم الأقلون أجرًا ونجاة (إلا من قال: هكذا وهكذا) كناية عن صرف المال في وجوه الخير في الجهات كلها (وقليل ما هم) ما: زائدة؛ لتاكيد معنى القلة؛ أي: الموفق في الناس

وَقَالَ مَكَانَكَ. وَتَقَدَّمَ غَيْرَ بَعِيدٍ، فَسَمِعْتُ صَوْتًا، فَأَرَدْتُ أَنْ آتِيَهُ، ثُمَّ ذَكَرْتُ قَوْلَهُ مَكَانَكَ حَتَّى آتِيَكَ، فَلَمَّا جَاءَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، الَّذِى سَمِعْتُ أَوْ قَالَ الصَّوْتُ الَّذِى سَمِعْتُ قَالَ «وَهَلْ سَمِعْتَ». قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «أَتَانِى جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - فَقَالَ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِكَ لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ». قُلْتُ وَإِنْ فَعَلَ كَذَا وَكَذَا قَالَ «نَعَمْ». طرفه 1237 2389 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ يُونُسَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ حَدَّثَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ كَانَ لِى مِثْلُ أُحُدٍ ذَهَبًا، مَا يَسُرُّنِى أَنْ لاَ يَمُرَّ عَلَىَّ ثَلاَثٌ وَعِنْدِى مِنْهُ شَىْءٌ، إِلاَّ شَىْءٌ أُرْصِدُهُ لِدَيْنٍ». رَوَاهُ صَالِحٌ وَعُقَيْلٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ. طرفاه 6445، 7228 ـــــــــــــــــــــــــــــ للخيرات قليل جدًّا، وقيل: ما صفته، وهو فاسد معنى. وهم: فاعل قليل، أو مبتدأ؛ أي: خيره قليل، فإنه يطلق على الجمع أيضًا قال الله تعالى: {وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا} [الأعراف: 86]. (وقال: مكانك) نصب على الإغراء؛ أي: الزم مكانك (قلت: وإن فعل كذا وكذا) كناية عن الزنى والسرقة؛ كما جاء صريحًا في الرواية الأخرى. 2389 - (أحمد بن شبيب) بفتح الشين والموحدتين بينهما مثناة (لو كان في مثل أحد ذهبًا ما يسرني ألا يمر على ثلاث) ما: موصولية؛ أي: الذي يسرني عدم مرور ثلاث ليال، والحال أن عندي منه شيء، ويجوز أن تكون زائدة، وفي بعضها بدون ما؛ وهو ظاهر. وفي إيثار ثلاث ليال على ثلاثة أيام مبالغة في القلة؛ إذ يوجد ثلاث ليال في يومين، وفي إفراد لفظ الدينار وتنكيره، وكذا في تنكير شيء إيماء إلى تقليل الدين مهما أمكن.

4 - باب استقراض الإبل

4 - باب اسْتِقْرَاضِ الإِبِلِ 2390 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنَا سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ بِبَيْتِنَا يُحَدِّثُ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَجُلاً تَقَاضَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَأَغْلَظَ لَهُ، فَهَمَّ أَصْحَابُهُ، فَقَالَ «دَعُوهُ، فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالاً. وَاشْتَرُوا لَهُ بَعِيرًا، فَأَعْطُوهُ إِيَّاهُ». وَقَالُوا لاَ نَجِدُ إِلاَّ أَفْضَلَ مِنْ سِنِّهِ. قَالَ «اشْتَرُوهُ فَأَعْطُوهُ إِيَّاهُ، فَإِنَّ خَيْرَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً». طرفه 2305 5 - باب حُسْنِ التَّقَاضِى 2391 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ رِبْعِىٍّ عَنْ حُذَيْفَةَ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَاتَ رَجُلٌ، فَقِيلَ لَهُ قَالَ كُنْتُ أُبَايِعُ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب استقراض الابل 2390 - (كهيل) بضم الكاف مصغر (أن رجلًا تقاضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: طلب منه قضاء دينه (فأغلط له) تقدم في أبواب البيع أن الرجل كان يهوديًّا، وكان سبب إسلامه، وإغلاظه في القول قوله: يا بني عبد المطلب، أنتم قوم مطل (قال: اشتروا له بعيرًا فأعطوه وقالوا لا نجد إلا أفضل من سنه) هذا يدل على أنه كان قرضًا، وقد جاء صريحًا أنه استقرض بكرًا، وأعطى بازلًا، وفي رواية مسلم: استسلف بكرًا. والحديث حجة على الكوفيين في عدم تجويزهم القرض في الحيوان، وقد مر الحديث في أبواب الوكالة مع شرحه، والذي أمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالأداء أبو رافع مولاه؛ كذا في رواية مسلم. باب حسن التقاضي 2391 - (عن ربعي) بكسر الراء وسكون الباء (مات رجل) أي: من الأمم السالفة (فقيل له: ما كنت تقول) أي: تفعل فإن القول يطلق على سائر الأفعال (قال: كنت أبايع

6 - باب هل يعطى أكبر من سنه

النَّاسَ، فَأَتَجَوَّزُ عَنِ الْمُوسِرِ، وَأُخَفِّفُ عَنِ الْمُعْسِرِ، فَغُفِرَ لَهُ». قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ سَمِعْتُهُ مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 2077 6 - باب هَلْ يُعْطَى أَكْبَرَ مِنْ سِنِّهِ 2392 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِى سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَقَاضَاهُ بَعِيرًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَعْطُوهُ». فَقَالُوا مَا نَجِدُ إِلاَّ سِنًّا أَفْضَلَ مِنْ سِنِّهِ. فَقَالَ الرَّجُلُ أَوْفَيْتَنِى أَوْفَاكَ اللَّهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَعْطُوهُ فَإِنَّ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ أَحْسَنَهُمْ قَضَاءً». طرفه 2305 7 - باب حُسْنِ الْقَضَاءِ 2393 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَلَمَةَ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - سِنٌّ مِنَ الإِبِلِ فَجَاءَهُ يَتَقَاضَاهُ فَقَالَ - صلى الله عليه وسلم - «أَعْطُوهُ». فَطَلَبُوا سِنَّهُ، فَلَمْ يَجِدُوا لَهُ إِلاَّ سِنًّا فَوْقَهَا. فَقَالَ «أَعْطُوهُ». فَقَالَ أَوْفَيْتَنِى، وَفَّى اللَّهُ بِكَ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ خِيَارَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً». طرفه 2305 ـــــــــــــــــــــــــــــ الناس فأتجوز عن الموسر، وأخفف عن المعسر). فإن قلت: ما معنى التجاوز عن الموسر؟ قلت: المساهلة والمجاملة في الطلب. والحديث سلف في أبواب البيع، في باب من أنظر معسرًا، وفيه دلالة على أنّ الأعمال الخالصة لوجه الله سبب النجاة وإن كان قليلة. باب هل يعطي أكبر من سنّه 2392 - 2393 - (سلمة بن كهيل) بضم الكاف، على وزن المصغر و (يحيى) هو القطان، و (سفيان) هو الثوري. روى في الباب حديث أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استقرض بعيرًا، وقد سلف آنفًا في باب استقراض الإبل.

8 - باب إذا قضى دون حقه أو حلله فهو جائز

2394 - حَدَّثَنَا خَلاَّدٌ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ حَدَّثَنَا مُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ أَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ فِي الْمَسْجِدِ - قَالَ مِسْعَرٌ أُرَاهُ قَالَ ضُحًى - فَقَالَ «صَلِّ رَكْعَتَيْنِ». وَكَانَ لِى عَلَيْهِ دَيْنٌ فَقَضَانِى وَزَادَنِى. 8 - باب إِذَا قَضَى دُونَ حَقِّهِ أَوْ حَلَّلَهُ فَهْوَ جَائِزٌ 2395 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَاهُ قُتِلَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 2394 - (خلاد) بفتح الخاء المعجمة وتشديد اللام (مسعر) بكسر الميم وسكون السين (محارب) بضم الميم، آخره باء موحدة (دثار) بكسر الدال، بعده شاء مثلثة روى حديث جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعطاه ثمن الجمل، وزاده وقد سلف مرارًا، وفيه دلالة على حسن القضاء، وأن إعطاء الزيادة في قضاء الديون مرغوب فيه. فإن قلت: قد جاء: "كل قرض جر نفعًا فهو ربا"؟ قلت: ذاك إذا شرط الزيادة؛ وأما إذا لم يشترط فهو من محاسن الأخلاق. باب إذا قضى دون حقه أو حلله فهو جائز اعترض ابن بظال على الترجمة، وقال: الصواب: "وحلله"، وعلله بأنه لا يجوز أن يقضي دون حقه وتسقط المطالبة بالباقي، وقد خفي عليه غرض البخاري، فإنه أشار إلى أنه يجوز أن يقضي بعض الحق ويسقط رب الدين البعض، أو يحلله عن الكل؛ ولذلك لم يذكر مفعول حلله. وتحقيقه: أنَّ وفاء الدين يصدق نقيضه بأحد الأمرين؛ أحدهما: إسقاط البعض وإعطاء البعض؛ كما سأله جابر في دين أبيه. والآخر: إسقاطه الكل. 2395 - (عبدان) -على وزن شعبان- عبد الله المروزي (ابن كعب بن مالك) هو عبد الرحمن أو عبد الله. روى عن جابر: أنه كان على أبيه حفوق، فاشتد عليه الغرماء بعد موت أبيه، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألهم أن يقبلوا ثمر بستانه مهما كان، ويحللوا أباه عن الباقي. هذا موضع الدلالة على الترجمة. فلم يرضوا بذلك، فطاف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على

9 - باب إذا قاص أو جازفه فى الدين تمرا بتمر أو غيره

يَوْمَ أُحُدٍ شَهِيدًا، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَاشْتَدَّ الْغُرَمَاءُ فِي حُقُوقِهِمْ، فَأَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلَهُمْ أَنْ يَقْبَلُوا تَمْرَ حَائِطِى وَيُحَلِّلُوا أَبِى فَأَبَوْا، فَلَمْ يُعْطِهِمِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حَائِطِى، وَقَالَ «سَنَغْدُو عَلَيْكَ». فَغَدَا عَلَيْنَا حِينَ أَصْبَحَ، فَطَافَ فِي النَّخْلِ، وَدَعَا فِي ثَمَرِهَا بِالْبَرَكَةِ، فَجَدَدْتُهَا فَقَضَيْتُهُمْ، وَبَقِىَ لَنَا مِنْ تَمْرِهَا. طرفه 2127 9 - باب إِذَا قَاصَّ أَوْ جَازَفَهُ فِي الدَّيْنِ تَمْرًا بِتَمْرٍ أَوْ غَيْرِهِ 2396 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَنَسٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَاهُ تُوُفِّىَ، وَتَرَكَ عَلَيْهِ ثَلاَثِينَ وَسْقًا لِرَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ، فَاسْتَنْظَرَهُ جَابِرٌ، فَأَبَى أَنْ يُنْظِرَهُ، فَكَلَّمَ جَابِرٌ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِيَشْفَعَ لَهُ إِلَيْهِ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَكَلَّمَ الْيَهُودِىَّ لِيَأْخُذَ ثَمَرَ نَخْلِهِ بِالَّذِى لَهُ فَأَبَى، فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - النَّخْلَ، فَمَشَى فِيهَا ثُمَّ قَالَ لِجَابِرٍ «جُدَّ لَهُ فَأَوْفِ لَهُ الَّذِى لَهُ». فَجَدَّهُ بَعْدَ مَا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَوْفَاهُ ثَلاَثِينَ وَسْقًا، وَفَضَلَتْ لَهُ سَبْعَةَ عَشَرَ وَسْقًا، فَجَاءَ جَابِرٌ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِيُخْبِرَهُ بِالَّذِى كَانَ، فَوَجَدَهُ يُصَلِّى الْعَصْرَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَخْبَرَهُ بِالْفَضْلِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ النخل ودعا فيه بالبركة، فأوفى الله دين أبيه، وبقي من الثمر شيء، وسيأتي الحديث بأطول من هذا في مواضع إن شاء الله تعالى. باب إذا قاصّ أو جازفه في الدين فهو جائز تمرًا بتمر أو غيره قاصّ -بتشديد الصاد- أي: أوفاه مثل ما كان عليه من القصاص، وهو المماثلة والمساواة. 2396 - (إبراهيم بن المنذر) بضم الميم وكسر الذال (أنس بن عياض) بكسر العين [المهملة] وضاد معجمة (كيسان) بفتح الكاف وسكون الياء. روى عن جابر: أنه كان على أبيه لرجل يهودي ستون وسقًا، فاستنظره فلم ينظره، فاستشفع برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يقبل اليهودي، فطاف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على النخل، ثم أمر جابرًا أن يوفيه، فوفاه، وبقي له

10 - باب من استعاذ من الدين

فَقَالَ «أَخْبِرْ ذَلِكَ ابْنَ الْخَطَّابِ». فَذَهَبَ جَابِرٌ إِلَى عُمَرَ، فَأَخْبَرَهُ. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ لَقَدْ عَلِمْتُ حِينَ مَشَى فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيُبَارَكَنَّ فِيهَا. طرفه 2127 10 - باب مَنِ اسْتَعَاذَ مِنَ الدَّيْنِ 2397 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ ح وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى أَخِى عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى عَتِيقٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلاَةِ وَيَقُولُ «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ». فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ مَا أَكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنَ الْمَغْرَمِ قَالَ «إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَرِمَ حَدَّثَ فَكَذَبَ وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ». طرفه 832 ـــــــــــــــــــــــــــــ تسعة عشر وسقًا، فلما أخبر جابر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفاء الدين (فقال: أخبر ابن الخطاب) لأنّه كان حاضرًا حين مشى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في النخل. فإن قلت: أخذ الربوي مجازفة لا يجوز؟ قلت: ذاك عند احتمال الزيادة، وهنا لم يكن من ذلك، ألا ترى أن اليهودي لم يرض بذلك، ويدل عليه ما سيجيءُ في كتاب الصلح من قوله: قالوا: ولم يروا أن فيه وفاء. باب من استعاذ من الدين 2397 - (عن عائشة أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو في الصلاة بما شاء من الدعاء ويقول: اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم) أي: كان من جملة دعائه، قال ابن الأثير: هما مصدران وضعا موضع الاسم. يريد بالمغرم مغرم الذنوب والمعاصي. وقيل: المغرم كالغرم وهو الدين. قلت: هذا الثاني الذي فهمه البخاري؛ ولذلك ترجم على الاستعاذة من الدين، وأورد هذا دليلًا عليه. فإن قلت: قد أستندان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وروى عنه الأحاديث في استحباب الاستدانة. قلت: هذا محمول على دين استدين فيما يكرهه الله، أو فيما يعجز عن أدائه؛ كما في الرواية الأخرى: "أعوذ بك من ضلع الدين" وهو ما يثقل عليه حتى يعدله من الاستدانة؛ وهذا هو الوجه؛ لأن استدانة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما يكرهه الله غير معقول، وأيضًا قوله في التعليل: (إن الرجل إذا كرم حدث فكذب، ووعد فأخلف) يدل على العجز عن الأداء.

11 - باب الصلاة على من ترك دينا

11 - باب الصَّلاَةِ عَلَى مَنْ تَرَكَ دَيْنًا 2398 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِىِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ تَرَكَ مَالاً فَلِوَرَثَتِهِ، وَمَنْ تَرَكَ كَلاًّ فَإِلَيْنَا». طرفه 2298 2399 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ عَنْ هِلاَلِ بْنِ عَلِىٍّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى عَمْرَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إِلاَّ وَأَنَا أَوْلَى بِهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ (النَّبِىُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) فَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ مَاتَ وَتَرَكَ مَالاً فَلْيَرِثْهُ عَصَبَتُهُ مَنْ كَانُوا، وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا فَلْيَأْتِنِى ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الصلاة على من ترك دينًا 2398 - (أبو الوليد) هشام الطيالسي (عدي) بفتح العين وكسر الدال (عن أبي حازم) -بالحاء المهملة- سليمان الأشجعي (من ترك مالًا فلورثته، ومن ترك كلًّا فإلينا) أي: فأمره وأداؤه إلينا. الكل: الثقل؛ سواء كان دينًا أو عيالًا. فإن قلت: كيف دل على أنه كان يصلي على من عليه الدين؟ قلت: المانع من الصلاة أولًا كان ثبوت الدين في ذمة الميت، ألا ترى أن أبا قتادة لما التزم أداء الدين صلى على ذلك الميت، فإذا التزمه بنفسه فمن باب الأولى. 2399 - (أبو عامر) عبد الملك العقدي (فليح) بضم الفاء مصغر (ما من مؤمن إلا وأنا أولى به في الدنيا والآخرة، اقرووا إن شئتم: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [الأحزاب: 6]). فإن قلت: كيف دل هذا على ما قاله؟ قلت: بإطلاقه يشمل الدنيا والآخرة. (عصبته من كانوا) لفظ العصبة يطلق على الواحد والجمع، ولذلك قال: "من كانوا". فإن قلت: لم خص العصبة بالذكر؟ قلت: ليدل على أن أصحاب الفروض المذكورة في كتاب الله من باب الأولى، على أنه قد ذكر في الحديث الأول بلفظ "الورثة". (ومن ترك دينًا أو ضياعًا) بفتح الضاد قال ابن الأثير: هو مصدر ضاع، والمراد به في

12 - باب مطل الغنى ظلم

فَأَنَا مَوْلاَهُ». طرفه 2298 12 - باب مَطْلُ الْغَنِىِّ ظُلْمٌ 2400 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ أَخِى وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَطْلُ الْغَنِىِّ ظُلْمٌ». طرفه 2287 13 - باب لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالٌ وَيُذْكَرُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «لَىُّ الْوَاجِدِ يُحِلُّ عُقُوبَتَهُ وَعِرْضَهُ». قَالَ سُفْيَانُ عِرْضُهُ يَقُولُ مَطَلْتَنِى. وَعُقُوبَتُهُ الْحَبْسُ. 2401 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سَلَمَةَ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ يَتَقَاضَاهُ فَأَغْلَظَ لَهُ فَهَمَّ بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ الحديث العيال (فأنا مولاه) أي: من يتولى أمره، وتنكير الدين يدل على كل دين؛ سواء استدان لطاعة أو معصية؛ لكمال رأفته بأمته مثل عموم شفاعته. باب مطل الغني ظلم 2400 - (مسدد) بضم الميم وتشديد الدال المفتوحة (معمر) بفتح الميمين وسكون العين (همام) بفتح الهاء وتشديد الميم (منبه) بضم الميم وفتح النون وتشديد الباء (مطل الغني ظلم) أي: تأخير أداء الدين مع القدرة والغنى، ويقال: مطلت الحبل إذا طولته، وقد سلف الحديث في أبواب الحوالة. باب لصاحب الحق مقال (ويذكر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ليّ الواجد يحل عرضه وعقوبته) اللي -بفتح اللام وتشديد الياء- مصدر لوى يلوي، والمراد المطل. وتحليل العرض أن يقول له: مطلتني، ونحو ذلك. والعقوبة: الحبس، وقيد الواجد أخرج المعسر لقوله تعالى: {فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280]. 2401 - (أتى رجل النبي - صلى الله عليه وسلم - يتقاضاه) أي: يطلب قضاء دينه (فأغلظ) تقدم شرح

14 - باب إذا وجد ماله عند مفلس فى البيع والقرض والوديعة، فهو أحق به

أَصْحَابُهُ. فَقَالَ «دَعُوهُ فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالاً». أطرافه 2305، 2306، 2390، 2392، 2393، 2606، 2609 14 - باب إِذَا وَجَدَ مَالَهُ عِنْدَ مُفْلِسٍ فِي الْبَيْعِ وَالْقَرْضِ وَالْوَدِيعَةِ، فَهْوَ أَحَقُّ بِهِ وَقَالَ الْحَسَنُ إِذَا أَفْلَسَ وَتَبَيَّنَ لَمْ يَجُزْ عِتْقُهُ، وَلاَ بَيْعُهُ وَلاَ شِرَاؤُهُ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ قَضَى عُثْمَانُ مَنِ اقْتَضَى مِنْ حَقِّهِ قَبْلَ أَنْ يُفْلِسَ فَهْوَ لَهُ، وَمَنْ عَرَفَ مَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ فَهْوَ أَحَقُّ بِهِ. 2402 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَوْ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَنْ أَدْرَكَ مَالَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ الحديث قريبًا، وموضع الدلالة قوله: (دعوه؛ فإن لصاحب الحق مقالًا) أي: كونه صاحب حق يوجب الجرأة منه؛ بخلاف المبطل. باب إذا وجد ماله عند مفلس في البيع والقرض والولييعة فهو أحق [به] الوديعة لا اختلاف فيها، وغير الوديعة فيه خلف الكوفيين. (قال الحسن: إذا أفلس وتبين لم يجز عتقه ولا بيعه ولا شراوه) استثنى الشافعي الشراء في الذمة؛ فإنه يقع للغرماء، وأجاز الإمام أحمد عتقه في رواية، وأجاز شراءه في الذمة؛ كما قال الشافعي. 2402 - (زهير) بضم الزاي مصغر (أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم) -بالحاء المهملة- الأنصاري، قال الذهبي: قاضي المدينة وآمرها (من أدرك ماله عند رجل أو إنسان)

15 - باب من أخر الغريم إلى الغد أو نحوه، ولم ير ذلك مطلا

بِعَيْنِهِ عِنْدَ رَجُلٍ أَوْ إِنْسَانٍ قَدْ أَفْلَسَ، فَهْوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ». 15 - باب مَنْ أَخَّرَ الْغَرِيمَ إِلَى الْغَدِ أَوْ نَحْوِهِ، وَلَمْ يَرَ ذَلِكَ مَطْلاً وَقَالَ جَابِرٌ اشْتَدَّ الْغُرَمَاءُ فِي حُقُوقِهِمْ فِي دَيْنِ أَبِى فَسَأَلَهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَقْبَلُوا ثَمَرَ حَائِطِى فَأَبَوْا، فَلَمْ يُعْطِهِمِ الْحَائِطَ وَلَمْ يَكْسِرْهُ لَهُمْ، قَالَ «سَأَغْدُو عَلَيْكَ غَدًا». فَغَدَا عَلَيْنَا حِينَ أَصْبَحَ فَدَعَا فِي ثَمَرِهَا بِالْبَرَكَةِ فَقَضَيْتُهُمْ. 16 - باب مَنْ بَاعَ مَالَ الْمُفْلِسِ أَوِ الْمُعْدِمِ فَقَسَمَهُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ، أَوْ أَعْطَاهُ حَتَّى يُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ 2403 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ أَبِى رَبَاحٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ أَعْتَقَ رَجُلٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ الشك من أبي هريرة (قد أفلس فهو أحق من غيره) والحديث حجة على الكوفيين، وفي سنن ابن ماجه: "أفلس أو مات" وهو حجة على مالك وأحمد فيما إذا مات، وإنما قيده بقوله: (بعينه) احترازًا عما إذا تصرف فيه بأن كان غزلًا [فنسجه، أو قمحًا]، فجعله دقيقًا، وقال الإمام أحمد: أو كان أعطى بعض ثمنه. وقال مالك: البائع مخير بين أخذ الباقي والمضاربة مع الغرماء. باب من أخر الغريم إلى الغد ونحوه ولم ير ذلك مطلًا استدل عليه بحديث جابر حيث قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (سأغدوا عليك) ولم ير ذلك من المطل. باب من باع مال المفلس أو المعدم فقسمه بين الغرماء أو أعطاه حتى ينفق على نفسه المعدم: من افتقر بعد الغنى، فهو أخص من المفلس، أو أعم؛ ولذلك عطفه عليه، والمفلس: من صار بحيث يحاسب على الفلس. 2403 - (زريع) بضم الزاي، مصغر زرع (أبي رباح) بفتح الراء (عن جابر: أعتق رجلٌ.

17 - باب إذا أقرضه إلى أجل مسمى أو أجله فى البيع

غُلاَمًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّى». فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، فَأَخَذَ ثَمَنَهُ، فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ. طرفه 2141 17 - باب إِذَا أَقْرَضَهُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى أَوْ أَجَّلَهُ فِي الْبَيْعِ قَالَ ابْنُ عُمَرَ فِي الْقَرْضِ إِلَى أَجَلٍ لاَ بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ أُعْطِىَ أَفْضَلَ مِنْ دَرَاهِمِهِ، مَا لَمْ يَشْتَرِطْ. وَقَالَ عَطَاءٌ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ هُوَ إِلَى أَجَلِهِ فِي الْقَرْضِ. 2404 - وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلاً مِنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ، سَأَلَ بَعْضَ بَنِى إِسْرَائِيلَ أَنْ يُسْلِفَهُ، فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى. الْحَدِيثَ. طرفه 1498 ـــــــــــــــــــــــــــــ منا غلامًا له عن دبر) أي: جعله مدبرًا. تقدم في باب بيع المزايدة أن اسم الرجل أبو مذكور، واسم الغلام يعقوب، والثمن الذي باعه به ثمانمائة درهم (فاشتراه نعيم بن عبد الله النحام، فأخذ ثمنه فدفعه إليه) اعترض ابن بطال بأنه لم يرد في الباب ما يدل على القسمة بين الغرماء، وأجاب بعض الشارحين: بأن الإنفاق على نفسه وإعطاء الغرماء حكمان لازمان؛ حكم أحدهما حكم الآخر. وأنا أقول: قد قررنا مرارًا أن البخاري يترجم على أشياء ولم يورد لها الحديث؛ إشارة إلى أنّ هناك حديثًا دالًّا عليه إلا أنه ليس على شرطه، وقد زاد النسائي (في رواية هذا الحديث: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[قال] له: "اقض به دينك، وأنفق على عيالك". باب إذا اقرضه إلى أجل مسمى أو أجله في البيع (وقال عطاء وعمرو بن دينار: هو إلى أجله في القرض) قال به مالك وأبو حنيفة، وحديث الإسرائيلي المذكور بعده أيضًا دليل لهما، وألا يكون ذكر الأجل ضائعًا، والجواب للشافعي: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استقرض بعيرًا ولم يذكر فيه الأجل، وحديث الإسرائيلي محمول على أن ذلك كان في شرعهم، فذكر الحديث- أي: حديث الإسرائيلي بطوله، وقد سلف، وسيعيده مرارًا.

18 - باب الشفاعة فى وضع الدين

18 - باب الشَّفَاعَةِ فِي وَضْعِ الدَّيْنِ 2405 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ عَامِرٍ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ أُصِيبَ عَبْدُ اللَّهِ وَتَرَكَ عِيَالاً وَدَيْنًا، فَطَلَبْتُ إِلَى أَصْحَابِ الدَّيْنِ أَنْ يَضَعُوا بَعْضًا مِنْ دَيْنِهِ فَأَبَوْا، فَأَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتَشْفَعْتُ بِهِ عَلَيْهِمْ فَأَبَوْا، فَقَالَ «صَنِّفْ تَمْرَكَ كُلَّ شَىْءٍ مِنْهُ عَلَى حِدَتِهِ، عِذْقَ ابْنِ زَيْدٍ عَلَى حِدَةٍ، وَاللِّينَ عَلَى حِدَةٍ، وَالْعَجْوَةَ عَلَى حِدَةٍ، ثُمَّ أَحْضِرْهُمْ حَتَّى آتِيَكَ». فَفَعَلْتُ، ثُمَّ جَاءَ - صلى الله عليه وسلم - فَقَعَدَ عَلَيْهِ، وَكَالَ لِكُلِّ رَجُلٍ حَتَّى اسْتَوْفَى، وَبَقِىَ التَّمْرُ كَمَا هُوَ كَأَنَّهُ لَمْ يُمَسَّ. طرفه 2127 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الشفاعة في وضع الدين 2405 - (أبو عوانة) -بفتح العين- الوضاح اليشكري. روى في الباب حديث جابر في موت أبيه، وتركه دينًا، وقد تقدم قريبًا في باب إذا قاص (صنف تمرك) أي: اجعل كل صنف منفردًا (كل شيء) أي: كل صنف (على حدته) -بكسر الحاء- مصدر وحد كعدة في وعد (عذق ابن زيد) -بفتح العين وذال معجمة- نوع جيد من التمر، وقيل بالفتح النخلة؛ وبالكسر: الكباسة، ولا يتأتى هنا ذلك (واللين) -بكسر اللام- نوع آخر، وقيل: أهل المدينة يسمون ما عدا العجوة والبرني لينًا، وهذا لا يصح هنا؛ فإنه ذكره في مقابلة عذق ابن زيد (ثم جاء) أي: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (فقعد عليه) أي: على بيدر التمر (فكال لهم) أي: أمرني أن أكيل؛ لما جاء كذلك في الرواية الأخرى (لكل رجل حتى استوفى) حق الكل (وبقي النمر كأنه لم يمس منه) بضم الياء على بناء المجهول. فإن قلت: قد سلف أنه بقي من التمر بقية وفي رواية: أوسق، وفي أخرى: سبعة عشر وسقًا، وسيأتي أنه وافى الكل من أصغر البيادر؟. قلت: في الحديث اختلاف آخر؛ وهو أنه تقدم أن الذين كان ليهودي، وههنا أنه لطائفة من الناس، فأجاب بعضهم: أن هذا من تفاوت الرواة، وهذا ليس بشيء؛ لأن مثل هذه الاختلافات لا يمكن أن تكون من حفظ الراوي، والحق أن هذه قضايا متعددة، وكانت عليه ديون مختلفة؛ أحدها دين اليهودي الذي أخبر أنه فضل منه خمسة عشر صاعًا، والله أعلم.

19 - باب ما ينهى عن إضاعة المال (19) وقول الله تعالى (والله لا يحب الفساد) و (لا يصلح عمل المفسدين) وقال فى قوله (أصلواتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل فى أموالنا ما نشاء) وقال (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم)

2406 - وَغَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى نَاضِحٍ لَنَا، فَأَزْحَفَ الْجَمَلُ فَتَخَلَّفَ عَلَىَّ فَوَكَزَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ خَلْفِهِ، قَالَ «بِعْنِيهِ وَلَكَ ظَهْرُهُ إِلَى الْمَدِينَةِ». فَلَمَّا دَنَوْنَا اسْتَأْذَنْتُ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى حَدِيثُ عَهْدٍ بِعُرْسٍ. قَالَ - صلى الله عليه وسلم - «فَمَا تَزَوَّجْتَ بِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا». قُلْتُ ثَيِّبًا، أُصِيبَ عَبْدُ اللَّهِ وَتَرَكَ جَوَارِىَ صِغَارًا، فَتَزَوَّجْتُ ثَيِّبًا تُعَلِّمُهُنَّ وَتُؤَدِّبُهُنَّ، ثُمَّ قَالَ «ائْتِ أَهْلَكَ». فَقَدِمْتُ فَأَخْبَرْتُ خَالِى بِبَيْعِ الْجَمَلِ فَلاَمَنِى، فَأَخْبَرْتُهُ بِإِعْيَاءِ الْجَمَلِ، وَبِالَّذِى كَانَ مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَوَكْزِهِ إِيَّاهُ، فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - غَدَوْتُ إِلَيْهِ بِالْجَمَلِ، فَأَعْطَانِى ثَمَنَ الْجَمَلِ وَالْجَمَلَ وَسَهْمِى مَعَ الْقَوْمِ. طرفه 443 19 - باب مَا يُنْهَى عَنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ. (19) وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْفَسَادَ) وَ (لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ). وَقَالَ فِي قَوْلِهِ (أَصَلَوَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ). وَقَالَ (وَلاَ تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ) ـــــــــــــــــــــــــــــ 2406 - (وغزوت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - على ناضح لنا) هذه قضية أخرى، لا تعلق لها بالأولى، رواها في "البخاري" وحدها في مواضع؛ وإنما وقع هكذا معًا من سماع الراوي؛ فإنه سمع الحديثين من جابر في مجلس رواهما كما سمع، وقد تقدم مثله في حديث أبي هريرة في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "نحن الآخرون السابقون". والناضح: بعير يسقى عليه (فقال: بعنيه ولك ظهره) هذا شرط لم يقع في أصل العقد؛ بل كان تبرعًا، أو يجعل هذا خاصًّا برسول الله - صلى الله عليه وسلم -. باب ما ينهى عن إضاعة المال وغيره (وقول الله: {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ} [البقرة: 205]، و {اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ} [يونس: 81] وقال: {أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ} [هود: 87]. استدل على حرمة إضاعة المال بثلاث آيات، ودلالة الأوليتين ظاهرة؛ وأمّا دلالة الثالثة فإنّ زعم القوم كان أن أمر شعيب بأن يوفوا الكيل والميزان من إضاعة المال. وأمّا

وَالْحَجْرِ فِي ذَلِكَ، وَمَا يُنْهَى عَنِ الْخِدَاعِ. 2407 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِنِّى أُخْدَعُ فِي الْبُيُوعِ. فَقَالَ «إِذَا بَايَعْتَ فَقُلْ لاَ خِلاَبَةَ». فَكَانَ الرَّجُلُ يَقُولُهُ. طرفه 2117 2408 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ وَرَّادٍ مَوْلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ عُقُوقَ الأُمَّهَاتِ، وَوَأْدَ الْبَنَاتِ، وَمَنَعَ وَهَاتِ، وَكَرِهَ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ». طرفه 844 ـــــــــــــــــــــــــــــ دلالة قوله: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} [النساء: 5] فلأن إيتاء المال للسفيه مظنة أن يضيعه. (والحجر في ذلك، وما ينهى عن الخداع) هذا من الترجمة، عطف عليها. 2407 - (قال رجل: إني أخدع في البيوع) تقدم في البيوع اسم الرجل حبان بن منقذ، كان قد أصابه شجة في رأسه، وكان يخدع لذلك. 2408 - (عن وراد) بفتح الواو وتشديد الراء (إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات) مصدر عن الشيء قطعه؛ لأن مخالفة أوامرهن قطع للرحم؛ وإنما خص الأمهات تنبيهًا على مزيد حقوقهن ولا مفهوم له؛ على أنه في البخاري ومسلم: "الوالدين" (ووأد البنات) على ما كان دأبهم في الجهالة والجاهلية (ومنعًا وهات) أي: معنى هاتين الكلمتين بألا يراعوا قانون الشرع، وانتصاب منعًا على أنه مفعول حرم؛ والتقدير: حرم عليكم منعًا، وقولكم: هات؛ أيّ منع كان إذا لم يكن على وفق الشرع. ومن الشارحين من قال: فإن قلت: كيف صحّ عطف "هات" على "منعًا" قلت: تقديره: هات وهات، وهذا مع كونه لا يتعلق بحل الإشكال يفوت شطر معنى الحديث.

20 - باب العبد راع فى مال سيده ولا يعمل إلا بإذنه

20 - باب الْعَبْدُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَلاَ يَعْمَلُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ 2409 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالإِمَامُ رَاعٍ، وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ، وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهْىَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ، وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ». قَالَ فَسَمِعْتُ هَؤُلاَءِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَحْسِبُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «وَالرَّجُلُ فِي مَالِ أَبِيهِ رَاعٍ، وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ». طرفه 893 ـــــــــــــــــــــــــــــ (وكره لكم قيل وقال) أي: قولكم: قيل: كذا، وقال فلان: كذا؛ أي: كثرة الراوية، ونقل فضول الكلام من مجهول ومعروف، أو الجدال بالباطل؛ كما يفعله أهل التعصب والمجادلة بالباطل ورويا معرفتين على أنهما مصدرا قال (وكثرة السؤال) عن أشياء لا تدعو الحاجة إليها. باب العبد راع في مال سيده ولا يعمل إلا بإذنه 2409 - (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) ثم بيَّن جزئيات هذه القضية بقوله: (الرجل راع في أهله) يسأل عن وجه القيام بحقهم، وقس عليه غيره (فكلكم راع) صدر الكلام به وختمه به أيضًا مبالغة في التبليغ؛ فإنه حكم عام لكل فرد من المكلفين حتى قيل: إن من لم يملك مالًا ولا أهلًا داخل فيه فإنه يُسأل عن حواسه وقواه فيماذا صرفها. الحديث سلف مع فوائد شريفة في باب الجمعة في القرى، وأشرنا هناك إلى بطلان قول من قال: قائل (أحسب أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: والرجل راع في مال أبيه) يونس؛ فإن قائله ابن عمر، وقد دل عليه هذه الرواية؛ لعدم ذكر يونس؛ فإن الراوي عن الزهري شعيب.

44 - كتاب الخصومات

44 - كتاب الخصومات 1 - باب مَا يُذْكَرُ فِي الإِشْخَاصِ وَالْخُصُومَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْيَهُودِ 2410 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ أَخْبَرَنِى قَالَ سَمِعْتُ النَّزَّالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ يَقُولُ سَمِعْتُ رَجُلاً قَرَأَ آيَةً سَمِعْتُ مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - خِلاَفَهَا، فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ، فَأَتَيْتُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «كِلاَكُمَا مُحْسِنٌ». قَالَ شُعْبَةُ أَظُنُّهُ قَالَ «لاَ تَخْتَلِفُوا فَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ اخْتَلَفُوا فَهَلَكُوا». 2411 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ اسْتَبَّ رَجُلاَنِ رَجُلٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ أبواب الإشخاص والخصومة باب ما يذكر في الإشخاص والخصومة بين المسلم واليهودي الإشخاص: طلب الغريم وإحضاره؛ من الشخوص؛ وهو الارتفاع والخروج، يقال: شخص المسافر إذا خرج. 2410 - (ميسرة) ضد الميمنة (النزال) -بفتح النون وتشديد الزاي- ابن سبرة (سمعت عبد الله) هو ابن مسعود حيث يطلق (يقول: سمعت رجلًا يقرأ آية سمعت من النبي - صلى الله عليه وسلم - خلافها) أي: خلاف تلك القراءة في هذه الآية (فأخذت بيده) هذا موضع الدلالة؛ لأنه أشخصه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (فقال: كلاكما محسن) لأن قراءة كل منهما من الحروف السبعة التي كل منها شاف كاف (فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوًا) كان اختلافهم في إثبات البعض ونفي البعض على طريقة التناقض، واختلاف القراءة ليس من ذلك، بل اختلاف ألفاظ باعتبار اللغات. 2411 - (قزعة) بالقاف والزاي المعجمة وثلاث فتحات (استب رجلان، رجل من

مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَرَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ، قَالَ الْمُسْلِمُ وَالَّذِى اصْطَفَى مُحَمَّدًا عَلَى الْعَالَمِينَ، فَقَالَ الْيَهُودِىُّ وَالَّذِى اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْعَالَمِينَ. فَرَفَعَ الْمُسْلِمُ يَدَهُ عِنْدَ ذَلِكَ فَلَطَمَ وَجْهَ الْيَهُودِىِّ، فَذَهَبَ الْيَهُودِىُّ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرَهُ بِمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ وَأَمْرِ الْمُسْلِمِ، فَدَعَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمُسْلِمَ فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ، فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تُخَيِّرُونِى عَلَى مُوسَى، فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَأَصْعَقُ مَعَهُمْ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ، فَإِذَا مُوسَى بَاطِشٌ جَانِبَ الْعَرْشِ، فَلاَ أَدْرِى أَكَانَ فِيمَنْ صَعِقَ فَأَفَاقَ قَبْلِى، أَوْ كَانَ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ». أطرافه 3408، 3414، 4813، 6517، 6518، 7428، 7477 ـــــــــــــــــــــــــــــ المسلمين ورجل من اليهود) قال ابن إسحاق: اليهودي فنحاص بن عازوراء، والمسلم أبو بكر الصديق (قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا تخيروني على موسى). فإن قلت: قد قال: "أنا سيد ولد آدم" وقد قال: "أنا أكرم الخلق عند الله"؟ قلت: قالوا: معناه لا تخيروني على وجه يؤدي إلى الخصومة، أو على كل وجه يؤدي إلى نقص بعض الأنبياء، أو قاله تواضعًا، أو نهى عن التفضيل في نفس النبوة. وأنا أقول في التعليل: (فإن الناس يصعقون يوم القيامة، فأصعق معهم، فاكون أول من يفيق، فإذا موسى باطش جانب العرش، فلا أدري كان فيمن صعق) أي: في جملتهم (فأفاق قبلي أو كان ممن استثنى الله) صريح في أنه لم يدر هل هو أفضل أم موسى؛ وأما قوله: "أنا سيد ولد آدم، وأمثاله محمول على أنه علم بعد ذلك. فإن قلت: ما معنى: "يصعقون"؟ قلت: قال ابن الأئير: الصعق يطلق على الموت والعذاب والغشي، والمراد به في الحديث هو الغشي؛ إذ لا موت يوم القيامة. فإن قلت: قد جاء في رواية: "أنا سيد ولد آدم، وأول من تنشق عنه الأرض، فإذا موسى قائم"؟ قلت: محمول على أنه يفيق بعد القيام، هذا مما يجب فهمه فقد أكثروا الكلام فيه من غير تأمل؛ حتى قال بعضهم: إن موسى ممن لم يمت، فخالف النقل والإجماع.

2412 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جَالِسٌ جَاءَ يَهُودِىٌّ، فَقَالَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ ضَرَبَ وَجْهِى رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِكَ. فَقَالَ «مَنْ». قَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ. قَالَ «ادْعُوهُ». فَقَالَ «أَضَرَبْتَهُ». قَالَ سَمِعْتُهُ بِالسُّوقِ يَحْلِفُ وَالَّذِى اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْبَشَرِ. قُلْتُ أَىْ خَبِيثُ، عَلَى مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخَذَتْنِى غَضْبَةٌ ضَرَبْتُ وَجْهَهُ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تُخَيِّرُوا بَيْنَ الأَنْبِيَاءِ، فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الأَرْضُ، فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى آخِذٌ بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ، فَلاَ أَدْرِى أَكَانَ فِيمَنْ صَعِقَ، أَمْ حُوسِبَ بِصَعْقَةِ الأُولَى». أطرافه 3398، 4638، 6916، 6917، 7427 2413 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ يَهُودِيًّا رَضَّ رَأْسَ جَارِيَةٍ بَيْنَ حَجَرَيْنِ، قِيلَ مَنْ فَعَلَ هَذَا بِكِ أَفُلاَنٌ، أَفُلاَنٌ حَتَّى ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: قد قال نعالى: {وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ} [النمل: 89] قلت: الغشي لا يجب أن يكون من الفزع. 2412 - (وهيب) بضم الواو مصغر (فلا أدري كان فيمن صعق فأفاق قبلي أم حوسب بصقعة الأولى) أي: في الدنيا حين تجلى ربه للجبل فجعله دكاء؛ وخر موسى صعقًا، وهذا نص في أن الصعقَ الغشيّ. 2413 - (همام) بفتح الهاء وتشديد الميم (أن يهوديًّا رض رأس جارية) بفتح الراء وتشديد الضاد المعجمة قال ابن الأثير: المرض: الدق الجريش (فأمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - فرضّ رأسه بين حجرين) فيه دليل على أن القصاص يعتبر فيه مماثلة ما فعل بالمقتول؛ إلا أن يكون فعلًا محرمًا كاللواطة والسحر.

2 - باب من رد أمر السفيه والضعيف العقل، وإن لم يكن حجر عليه الإمام

سُمِّىَ الْيَهُودِىُّ فَأَوْمَتْ بِرَأْسِهَا، فَأُخِذَ الْيَهُودِىُّ فَاعْتَرَفَ، فَأَمَرَ بِهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَرُضَّ رَأْسُهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ. أطرافه 2746، 5295، 6876، 6877، 6879، 6884، 6885 2 - باب مَنْ رَدَّ أَمْرَ السَّفِيهِ وَالضَّعِيفِ الْعَقْلِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَجَرَ عَلَيْهِ الإِمَامُ وَيُذْكَرُ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - رَدَّ عَلَى الْمُتَصَدِّقِ قَبْلَ النَّهْىِ ثُمَّ نَهَاهُ. وَقَالَ مَالِكٌ إِذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ مَالٌ، وَلَهُ عَبْدٌ، لاَ شَىْءَ لَهُ غَيْرُهُ، فَأَعْتَقَهُ، لَمْ يَجُزْ عِتْقُهُ. 3 - باب مَنْ بَاعَ عَلَى الضَّعِيفِ وَنَحْوِهِ، فَدَفَعَ ثَمَنَهُ إِلَيْهِ، وَأَمَرَهُ بِالإِصْلاَحِ وَالْقِيَامِ بِشَأْنِهِ، فَإِنْ أَفْسَدَ بَعْدُ مَنَعَهُ، لأَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ، وَقَالَ لِلَّذِى يُخْدَعُ فِي الْبَيْعِ «إِذَا بَايَعْتَ فَقُلْ لاَ خِلاَبَةَ». وَلَمْ يَأْخُذِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَالَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من رد أمر السفيه وضعيف العقل وإن لم يكن حجر عليه الإمام السفه لغة: الخفّة. وفي عرف الفقهاء: ضد الرشد وصلاح الدين والدنيا. وعطف ضعيف العقل عليه من عطف العام على الخاص. (ويذكر عن جابر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ردّ على المتصدق قبل النهي، ثم نهاه) أي: رد صدقة المتصدق المحتاج قبل النهي ثم نهاه عن فعل مثله هذا، وقد قيل: إن قوله: ويذكر عن جابر، أشار به إلى ما رواه عن جابر في الباب الذي بعده: أن رجلًا أعتق عبدًا له ليس له غيره، فردّه النبي - صلى الله عليه وسلم -. والظاهر أن قوله: يذكر إشارة إلى حديث رواه جابر ولم يكن على شرطه، وقد رواه عنه الدّارقطني: أن رجلًا دخل ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب، فأمرهم بالصدقة عليه، ثم جاء في الجمعة الآتية وقد تصدق بأحد ثوبيه، فرد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صدقته عليه. والذي يدل على أن غرض البخاري من قوله: ويذكر عن جابر، ما رواه الدارقطني. قوله: (ومن باع على الضعيف ونحوه فدفع ثمنه إليه فأمره بالإصلاح) فإن هذا هو الذي رواه جابر مسندًا في الباب.

4 - باب كلام الخصوم بعضهم فى بعض

2414 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ رَجُلٌ يُخْدَعُ فِي الْبَيْعِ فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا بَايَعْتَ فَقُلْ لاَ خِلاَبَةَ». فَكَانَ يَقُولُهُ. طرفه 2117 2415 - حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَجُلاً أَعْتَقَ عَبْدًا لَهُ، لَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ، فَرَدَّهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَابْتَاعَهُ مِنْهُ نُعَيْمُ بْنُ النَّحَّامِ. طرفه 2141 4 - باب كَلاَمِ الْخُصُومِ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ 2416 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ وَهْوَ فِيهَا فَاجِرٌ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَقِىَ اللَّهَ وَهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ». قَالَ فَقَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 2415 - (أن رجلًا أعتق عبدًا بيس له؛ فردّه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) فلا يمكن أن يكون مثالًا لقول جابر ويذكر تعليقًا قال شيخنا: ويحتمل أن يكون إشارة إلى ما رواه جابر أن رجلًا جاء ببيضة من ذهب ليتصدق بها، فأعرض عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم اختار أن يكون مراد البخاري حديث المدبر وإنما لم يروه لأن فيه زيادة ليست على شرطه. قلت: لفظ المتصدق صريح في ما ذكرنا، فإن صاحب البيضة لم يكن متصدقًا بل أراد التصدق، وكذا منه دبر عبده لا يطلق عليه اسم المتصدق عرفًا (فابتاعه منه نعيم بن النحام) كذا وقع في كل النسخ، واتفقوا على أنه سهو، والصواب: حذف الابن؛ فإن النحام صفة نعيم، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "سمعت في الجنة نحمة نعيم" والنحمة: السعلة. باب كلام الخصوم بعضهم في بعض 2416 - 2417 - (محمد) كذا وقع غير منسوب، ونسبه أبو نعيم: محمد بن سلام (أبو معاوية) الضرير محمد بن الخازم بالخاء المعجمة (من حلف على يمين) أي: على ما يحلف عليه؛ أيّ شيء كان (وهو فيها فاجر) أي: كاذب، والفجور يطلق على كل معصية (ليقتطع بها مال امرئ مسلم) قيد المسلم محمول على الغالب (لقي الله وهو عليه غضبان) أي: شديد

الأَشْعَثُ فِىَّ وَاللَّهِ كَانَ ذَلِكَ، كَانَ بَيْنِى وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ أَرْضٌ فَجَحَدَنِى، فَقَدَّمْتُهُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَلَكَ بَيِّنَةٌ». قُلْتُ لاَ. قَالَ فَقَالَ لِلْيَهُودِىِّ «احْلِفْ». قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذًا يَحْلِفَ، وَيَذْهَبَ بِمَالِى، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً) إِلَى آخِرِ الآيَةِ. طرفاه 2356، 2357 2418 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ كَعْبٍ - رضى الله عنه - أَنَّهُ تَقَاضَى ابْنَ أَبِى حَدْرَدٍ دَيْنًا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ، فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا حَتَّى سَمِعَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ فِي بَيْتِهِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا، حَتَّى كَشَفَ سِجْفَ حُجْرَتِهِ فَنَادَى «يَا كَعْبُ». قَالَ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «ضَعْ مِنْ دَيْنِكَ هَذَا». فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ، أَىِ الشَّطْرَ. قَالَ لَقَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «قُمْ فَاقْضِهِ». طرفه 457 ـــــــــــــــــــــــــــــ الغضب، وغضب الله إما الانتقام؛ أو إرادة الانتقام، وهذا إذا لم يتب (قلت: يا رسول الله! إذن يحلف) بالرفع؛ لأن شرط نصب إذن كون الفعل مستقبلًا ولا شك أن الفعل أريد به الحال، وتمام الكلام تقدم في باب الشرب. 2418 - (عن كعب بن مالك: أنه تقاضى ابن أبي حدرد) التقاضي: طلب قضاء الدين، وابن أبي حدرد -بفتح الحاء وقال مهملة مكررة- على وزن جعفر، اسمه عبد الله (فارتفعت أصواتهما) جمع باعتبار اختلاف الأصوات (فخرج إليهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى كشف سجف حجرته) -بكسر السين وسكون الجيم- الستر. فإن قلت: الخروج يكون بعد كشف السجف، فما معنى قوله: خرج حتى كشف سجف حجرته؟ قلت: السجف يكون وراء الباب، فلا بد من الخروج من البيت ليكشف السجف. (فنادى: يا كعب فقال: لبيك يا رسول الله! قال: ضع من دينك) أمر من وضع (وأومأ إليه أي: الشطر)، الشطر لغة: قطعة من الشيء، قال تعالى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 144] وأكثر ما يطلق على النصف، وهو المراد في الحديث.

5 - باب إخراج أهل المعاصى والخصوم من البيوت بعد المعرفة

2419 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِىِّ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - يَقُولُ سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ عَلَى غَيْرِ مَا أَقْرَؤُهَا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَقْرَأَنِيهَا، وَكِدْتُ أَنْ أَعْجَلَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَمْهَلْتُهُ حَتَّى انْصَرَفَ، ثُمَّ لَبَّبْتُهُ بِرِدَائِهِ فَجِئْتُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ إِنِّى سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ عَلَى غَيْرِ مَا أَقْرَأْتَنِيهَا، فَقَالَ لِى «أَرْسِلْهُ». ثُمَّ قَالَ لَهُ «اقْرَأْ». فَقَرَأَ. قَالَ «هَكَذَا أُنْزِلَتْ». ثُمَّ قَالَ لِى «اقْرَأْ». فَقَرَأْتُ فَقَالَ «هَكَذَا أُنْزِلَتْ. إِنَّ الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ فَاقْرَءُوا مِنْهُ مَا تَيَسَّرَ». أطرافه 4992، 5041، 6936، 7550 5 - باب إِخْرَاجِ أَهْلِ الْمَعَاصِى وَالْخُصُومِ مِنَ الْبُيُوتِ بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ وَقَدْ أَخْرَجَ عُمَرُ أُخْتَ أَبِى بَكْرٍ حِينَ نَاحَتْ. 2420 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ 2419 - (عن عبد الرحمن بن عبد القاري) -بتنوين عبد وتشديد القاري- نسبة إلى قارة، اسم قبيلة من عرب اليمن (حكيم بن حزام) بكسر الحاء وزاي معجمة (لببته) -بفتح اللام والباء الموحدة مكررة- والرواية بالتشديد، ويجوز التخفيف، قال ابن الأثير: التلبيب: هو أن يجعل الثوب أو غيره في عنقه؛ وإنما فعل فيه ذلك لاعتقاده أنه كذب في قوله على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وشدته معروفة في الدين (إن القرآن أنزل على سبعة أحرف) أي: سبعة لغات؛ لغة قريش وما يقاربها في الفصاحة؛ كقيس وتميم وأسد، وهذا هو الصواب فيه، فلا يلتفت إلى غيره وإن أكثروا فيه الكلام (فاقرؤوا ما تيسر منه) إشارة إلى علة كونه نازلًا على سبعة أحرف، فإن من لغته الإمالة يعسر عليه عدمها، وبالعكس، وقس عليه. باب إخراج أهل المعاصي والخصوم من البيوت بعد المعرفة 2420 - (بشار) تفتح الباء وتشديد المعجمة (عدي) بفتح العين وكسر الدال وتشديد

6 - باب دعوى الوصى للميت

سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلاَةِ فَتُقَامَ ثُمَّ أُخَالِفَ إِلَى مَنَازِلِ قَوْمٍ لاَ يَشْهَدُونَ الصَّلاَةَ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ». طرفه 644 6 - باب دَعْوَى الْوَصِىِّ لِلْمَيِّتِ 2421 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ عَبْدَ بْنَ زَمْعَةَ وَسَعْدَ بْنَ أَبِى وَقَّاصٍ اخْتَصَمَا إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي ابْنِ أَمَةِ زَمْعَةَ فَقَالَ سَعْدٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصَانِى أَخِى إِذَا قَدِمْتُ أَنْ أَنْظُرَ ابْنَ أَمَةِ زَمْعَةَ فَأَقْبِضَهُ، فَإِنَّهُ ابْنِى. وَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ أَخِى وَابْنُ أَمَةِ أَبِى، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ ـــــــــــــــــــــــــــــ الياء (حميد) بضم الحاء مصغر (لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم أخالف إلى منازل قوم) يقال: خالف إلى امرأة فلان إذا جاءها حين غاب عنها زوجها، والمعنى في الحديث: أن يأتي منازلهم من غير معرفة منهم بذلك، مأخوذ من الخلف؛ كأنه يأتيه من خلفه. وتمام الكلام تقدم في باب وجوب صلاة الجماعة. فإن قلت: كيف دل الحديث على الترجمة؟ قلت: إذا جاز إحراق أهل المعصية إخراجهم من البيوت من باب الأولى. باب دعوى الوصي للميت 2421 - (أن عبد بن زمعة وسعد بن أبي وقاص اختصما إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في ابن أَمة زمعة) بفتح الزاي وسكون الميم وقد تفتح -وقد تقدم الحديث في كتاب البيع، في باب تفسير الشبهات أن عتبة كان زنا بها على طريقة الجاهلية. وعتبة هذا هو الذي أصاب يوم أُحد وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكسر الرباعية، وكان الولد للزاني عندهم، فأوصى إلى أخيه سعد، فحكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأن "الولد للفراش" فألحقه بزمعة (أن أنظر ابن أمة زمعة فأقبضه) بفتح

7 - باب التوثق ممن تخشى معرته

أَبِى. فَرَأَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - شَبَهًا بَيِّنًا فَقَالَ «هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ، الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَاحْتَجِبِى مِنْهُ يَا سَوْدَةُ». طرفه 2053 7 - باب التَّوَثُّقِ مِمَّنْ تُخْشَى مَعَرَّتُهُ وَقَيَّدَ ابْنُ عَبَّاسٍ عِكْرِمَةَ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَنِ وَالْفَرَائِضِ. 2422 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنهما - يَقُولُ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَيْلاً قِبَلَ نَجْدٍ، فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِى حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ سَيِّدُ أَهْلِ الْيَمَامَةِ، فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِى الْمَسْجِدِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ». قَالَ عِنْدِى يَا مُحَمَّدُ خَيْرٌ. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ «أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ». طرفه 462 ـــــــــــــــــــــــــــــ همزة القطع فيهما، ويجوز الوصل على صيغة الأمر على أنه من كلام أخيه (فاحتجبي منه يا سودة) تورعًا، لما رأى من شبهه بعتبة. باب التوثق ممن يخشى معرته المعرة -بفتح الميم وتشديد الراء- من العر؛ وهو الأمر المكروه. استدل به على جواز ذلك بأثر ابن عباس؛ وهو أنه ربط عبده عكرمة على تعليم القرآن والفرائض. 2422 - (قتيبة) بضم القاف، مصغر (بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيلًا) أي: جيشًا، فرسان الخيل. وظاهر كلام الجوهري أن اللفظ حقيقة في الفرسان وليس بتقدير المضاف؛ فإنه قال: الخيل: الفرسان، ثم قال: والخيل: الخيول؛ لقوله تعالى: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ} [النحل: 8] (قبل نجد) -بكسر القاف- أي: إلى تلك الجهة، ونجد: عبارة عمّا ارتفع من أرض الحجاز، وما انخفض تهامة (فجاءت برجل من بني حنيفة، يقال له: ثمامة بن أثال) بضم الثاء المثلثة وضم الهمزة قال الجوهري: وحنيفة أبو حي بن نجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل (سيد أهل اليمامة) وهي بلاد الجَوِّ وإنما قيل لها اليمامة لاشتهارها بالزرقاء؛ وهي الجارية الموصوفة بحدة النظر، حتى ضرب بها المثل (فذكر الحديث) أي: بطوله، وقد سلف في أبواب المساجد. وموضع الدلالة في الحديث ربطه بالسارية مخافة معرته،

8 - باب الربط والحبس فى الحرم

8 - باب الرَّبْطِ وَالْحَبْسِ فِي الْحَرَمِ وَاشْتَرَى نَافِعُ بْنُ عَبْدِ الْحَارِثِ دَارًا لِلسِّجْنِ بِمَكَّةَ مِنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَلَى أَنَّ عُمَرَ إِنْ رَضِىَ فَالْبَيْعُ بَيْعُهُ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ عُمَرُ فَلِصَفْوَانَ أَرْبَعُمِائَةٍ. وَسَجَنَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ. 2423 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ أَبِى سَعِيدٍ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ بَعَثَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَيْلاً قِبَلَ نَجْدٍ، فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِى حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِى الْمَسْجِدِ. طرفه 462 9 - باب الْمُلاَزَمَةِ 2424 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ. وَقَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ وتخصيص سارية المسجد ليشاهد محاسن الإسلام ويسمع تلاوة القرآن ليكون سببًا لإسلامه، وكذلك جرى. باب الربط والحبس في الحرم (واشترى نافع بن الحارث دارًا للسجن بمكة من صفوان بن أمية، على أن عمر إن رضي فالبيع بيعه؛ وإن لم يرض فلصفوان أربعمائة) استشكلوا هذا الشرط فإنه مفسد للعقد، والجواب: أن نافعًا اشترى الدار بأربعمائة في ذمته، ثم نقد الثمن من بيت المال؛ على أن عمر إن أمضى البيع وإلا فالدار لنافع، ويعطي من ماله صفوان أربعمائة، وهذا العقد يسمى تولية عند الفقهاء؛ وهو أن يشتري شيئًا، ثم يقول الآخر: وليتك العقد بالثمن، وما يقال: إنما شرط الخيار لعمر لأن الشراء له؛ لأن نافعًا كان عاملًا له، فلا يدفع الإشكال؛ لأنه لم يكن وكيلًا له في شراء الدار، وما ورد من أن شراء الدار كان بأربعة آلاف فرواية بالمعنى؛ وأما جعل أربعمائة دينار في مقابلة ما انتفع بالدار نافع إلى أن يرجع الجواب من عمر، فشيء لا يعقل. ثم روى حديث ثمامة الذي في الباب قبله. باب الملازمة 2424 - (بكير) بضم الباء على وزن المصغر. روى في الباب حديث تقاضي كعب بن مالك عبد الله بن أبي حدرد، وقد سلف الكلام عليه قريبًا في باب كلام الخصوم.

10 - باب التقاضى

غَيْرُهُ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الأَنْصَارِىِّ عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّهُ كَانَ لَهُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى حَدْرَدٍ الأَسْلَمِىِّ دَيْنٌ، فَلَقِيَهُ فَلَزِمَهُ، فَتَكَلَّمَا حَتَّى ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا، فَمَرَّ بِهِمَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «يَا كَعْبُ». وَأَشَارَ بِيَدِهِ كَأَنَّهُ يَقُولُ النِّصْفَ، فَأَخَذَ نِصْفَ مَا عَلَيْهِ وَتَرَكَ نِصْفًا. طرفه 457 10 - باب التَّقَاضِى 2425 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ خَبَّابٍ قَالَ كُنْتُ قَيْنًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَكَانَ لِى عَلَى الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ دَرَاهِمُ، فَأَتَيْتُهُ أَتَقَاضَاهُ فَقَالَ لاَ أَقْضِيكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ، فَقُلْتُ لاَ وَاللَّهِ لاَ أَكْفُرُ بِمُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى يُمِيتَكَ اللَّهُ ثُمَّ يَبْعَثَكَ. قَالَ فَدَعْنِى حَتَّى أَمُوتَ ثُمَّ أُبْعَثَ فَأُوتَى مَالاً وَوَلَدًا، ثُمَّ أَقْضِيَكَ. فَنَزَلَتْ (أَفَرَأَيْتَ الَّذِى كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَدًا) الآيَةَ. طرفه 2091 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: ذكر هناك أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان داخل البيت، فخرج إليهما، حتى كشف سجف الحجرة، وهنا قال: فمر بهما النبي - صلى الله عليه وسلم -. قلت: إن كانت الواقعة متعددة فلا كلام؛ وإلا فالتوفيق أنه بهما وأشار، ثم لم ينقطع النزاع حتى خرج إليهما، أو بالعكس. واستدل به الكوفيون على جواز ملازمة الغريم، ولا دليل لهم في ذلك؛ لأن الكلام هنا في الغريم الواجد، ولا خلاف في جواز ملازمته، والخلاف إنما هو في جواز ملازمة المفلس، ولا دلالة في الحديث. باب التقاضي 2425 - (إسحاق) كذا وقع غير منسوب، ونسبه الكلاباذي إسحاق بن راهويه (عن أبي الضحى) مسلم بن صبيح (عن خباب) بفتح المعجمة وتشديد الموحدة (كنت قينًا في الجاهلية) أي: قبل البعثة. والقين: الحداد. وحديثه مع شرحه سلف في باب القين في كتاب البيوع، وموضع الدلالة هنا: جواز تقاضي المسلم الكافر، فإن تركه إضاعة للمال.

45 - كتاب في اللقطة

45 - كتاب في اللقطة 1 - باب إِذَا أَخْبَرَهُ رَبُّ اللُّقَطَةِ بِالْعَلاَمَةِ دَفَعَ إِلَيْهِ 2426 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. وَحَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَلَمَةَ سَمِعْتُ سُوَيْدَ بْنَ غَفَلَةَ قَالَ لَقِيتُ أُبَىَّ بْنَ كَعْبٍ - رضى الله عنه - فَقَالَ أَخَذْتُ صُرَّةً مِائَةَ دِينَارٍ فَأَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «عَرِّفْهَا حَوْلاً». فَعَرَّفْتُهَا حَوْلَهَا فَلَمْ أَجِدْ مَنْ يَعْرِفُهَا، ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَقَالَ «عَرِّفْهَا حَوْلاً» فَعَرَّفْتُهَا فَلَمْ أَجِدْ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ ثَلاَثًا فَقَالَ «احْفَظْ وِعَاءَهَا وَعَدَدَهَا وَوِكَاءَهَا، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا، وَإِلاَّ فَاسْتَمْتِعْ بِهَا». فَاسْتَمْتَعْتُ فَلَقِيتُهُ بَعْدُ بِمَكَّةَ فَقَالَ لاَ أَدْرِى ثَلاَثَةَ أَحْوَالٍ أَوْ حَوْلاً وَاحِدًا. طرفه 2437 ـــــــــــــــــــــــــــــ أبواب اللقطة باب إذا أخبره أهل اللقطة بالعلامة دفعه إليه اللقطة -بضم اللام وفتح القاف والطاء- الشيء الملقوط، وقد تسكن القاف، قال ابن الأثير: وقد قيل بفتح اللام اللاقط، مثل الهمزة واللمزة، قال: والأول أصح. 2426 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (غندر) بضم العين وفتح الدال (سويد) بضم السين مصغر (غفلة) بالغين المعجمة وثلاث فتحات. (لقيت أبي بن كعب، فقال: لقيت صرة) -بضم الصاد وتشديد الراء- فعلة بمعنى المفعول؛ أي: خرقة مربوطة، من الصر؛ وهو: الربط والشد (فقال: عرفها حولًا) كيفية التعريف مذكورة في كتب الفروع، تعرف في الابتداء كل يوم طرفي النهار، ثم في كل أسبوع مرة، ثم في كل شهر (فإن جاء صاحبها وإلا فاستمتع بها). فيه دليل للشافعي ومالك وأحمد في جواز تملكها بعد التعريف (فلقيته بعدُ بمكة) اتفقوا على أن قائل هذا الكلام هو

2 - باب ضالة الإبل

2 - باب ضَالَّةِ الإِبِلِ 2427 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ رَبِيعَةَ حَدَّثَنِى يَزِيدُ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ جَاءَ أَعْرَابِىٌّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلَهُ عَمَّا يَلْتَقِطُهُ فَقَالَ «عَرِّفْهَا سَنَةً، ثُمَّ احْفَظْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا، فَإِنْ جَاءَ أَحَدٌ يُخْبِرُكَ بِهَا، وَإِلاَّ فَاسْتَنْفِقْهَا». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَضَالَّةُ الْغَنَمِ قَالَ «لَكَ أَوْ لأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ». قَالَ ضَالَّةُ الإِبِلِ فَتَمَعَّرَ وَجْهُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. فَقَالَ «مَا لَكَ وَلَهَا، مَعَهَا حِذَاؤُهَا وَسِقَاؤُهَا، تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ». طرفه 91 ـــــــــــــــــــــــــــــ سويد، ومعناه أنه لقي أبيًّا؛ لكن في "سنن أبي داود": أن شعبة قال: لقيت سلمة. قال: "لا أدري ثلاثة أحوال أو حولًا واحدًا" وهذا هو الصواب؛ لما روى مسلم عن شعبة أنه قال: لقيت سلمة بعد عشر سنين، ففاعل: سمعته وقائل: لا أدري هو سلمة. باب ضالة الإبل 2427 - (عمرو بن عباس) بالباء الموحدة (يريد) من الزيادة (المنبعث) اسم فاعل من الانبعاث (الجهني) -بضم الجيم- نسبة إلى جهنية -بضم الجيم مصغر- قبيلة من عرب الحجاز (اعرف عفاصها) -بكسر العين- الوعاء الذي فيه الدراهم (ووكاءها) الخيط الذي يربط به (فإن جاء أحد يخبرك بها) أي: ادفعها إليه، هذا ظاهر فيما ذهب إليه أحمد ومالك في أن إخباره بالعلامة كاف في وجوب الدفع إليه، وقال أبو حنيفة والشافعي: لا يجب الدفع بمجرد ذلك؛ وإنما يوجب بعد إقامة البينة، لكن يجوز الدفع إن غلب على ظنه صدقه، فإن دفعها إليه بمجرد قوله، ثم جاء آخر وأقام البينة فهو غير؛ إن شاء غرم الملتقط، وإن شاء غرم المدفوع إليه (فقال: ضالة الإبل فتمعر وجه النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي: تغير لونه غضبًا؛ وإنما غضب لأنّ الأعرابي يعرف استغناء الإبل عن الرّاعي ([ما لك] ولها؟ معها سقاؤها) -بكسر السين- وعاء من الجلد (وحذاؤها) -بكسر الحاء وذال معجمة- النعل الذي في الرجل، شبه به خف البعير.

3 - باب ضالة الغنم

3 - باب ضَالَّةِ الْغَنَمِ 2428 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ أَنَّهُ سَمِعَ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ - رضى الله عنه - يَقُولُ سُئِلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ اللُّقَطَةِ فَزَعَمَ أَنَّهُ قَالَ «اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا، ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً». يَقُولُ يَزِيدُ إِنْ لَمْ تُعْتَرَفِ اسْتَنْفَقَ بِهَا صَاحِبُهَا وَكَانَتْ وَدِيعَةً، عِنْدَهُ. قَالَ يَحْيَى فَهَذَا الَّذِى لاَ أَدْرِى أَفِى حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - هُوَ أَمْ شَىْءٌ مِنْ عِنْدِهِ - ثُمَّ قَالَ كَيْفَ تَرَى فِي ضَالَّةِ الْغَنَمِ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «خُذْهَا فَإِنَّمَا هِىَ لَكَ أَوْ لأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ». قَالَ يَزِيدُ وَهْىَ تُعَرَّفُ أَيْضًا. ثُمَّ قَالَ كَيْفَ تَرَى فِي ضَالَّةِ الإِبِلِ قَالَ فَقَالَ «دَعْهَا فَإِنَّ مَعَهَا حِذَاءَهَا وَسِقَاءَهَا، تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ، حَتَّى يَجِدَهَا رَبُّهَا». طرفه 91 4 - باب إِذَا لَمْ يُوجَدْ صَاحِبُ اللُّقَطَةِ بَعْدَ سَنَةٍ فَهْىَ لِمَنْ وَجَدَهَا 2429 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِى عَبْدِ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ضالة الغنم 2428 - روى في الباب حديث زيد بن خالد الذي رواه في الباب قبله، وزاد فيه: (يقول يزيد: إن لم تعرف) بضم التاء وفتح الراء على بناء المجهول، من المعرفة (استنفق بها صاحبها) أي: استمتع بها من التقطها (فقال يحيى: فهذا لا أدري؛ أفي حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أم شيء من عنده) أي: من عند يزيد رأيًا واجتهادًا. قال ابن حزم: جزم يحيى مرة أخرى أنه من قول يزيد، ورواه ربيعة أنه من قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رواه في الباب قبله يثبت أنه من قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. باب إذا لم يوجد صاحب اللقطة بعد سنة فهي لمن وجدها الظاهر أن مذهبه أن بعد التعريف تدخل في ملك الملتقط؛ وإن لم يتملكها كالميراث، وإليه ذهب الإمام أحمد. 2429 - روى في الباب حديث زيد بن خالد الذي في الباب قبله. فإن قلت: أين موضع الدلالة في الحديث أنها تدخل في ملكه من غير تملك. قلت: هو قوله: "هي لك، أو لأخيك" وكما أن مالكها لا يحتاج إلى التملك فكذا الملتقط؛ لأنه قيم.

5 - باب إذا وجد خشبة فى البحر أو سوطا أو نحوه

الرَّحْمَنِ عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ - رضى الله عنه - قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلَهُ عَنِ اللُّقَطَةِ. فَقَالَ «اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا، ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا، وَإِلاَّ فَشَأْنَكَ بِهَا». قَالَ فَضَالَّةُ الْغَنَمِ قَالَ «هِىَ لَكَ أَوْ لأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ». قَالَ فَضَالَّةُ الإِبِلِ قَالَ «مَا لَكَ وَلَهَا، مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا، تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ، حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا». طرفه 91 5 - باب إِذَا وَجَدَ خَشَبَةً فِي الْبَحْرِ أَوْ سَوْطًا أَوْ نَحْوَهُ 2430 - وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلاً مِنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ - وَسَاقَ الْحَدِيثَ - فَخَرَجَ يَنْظُرُ لَعَلَّ مَرْكَبًا قَدْ جَاءَ بِمَالِهِ، فَإِذَا هُوَ بِالْخَشَبَةِ فَأَخَذَهَا لأَهْلِهِ حَطَبًا، فَلَمَّا نَشَرَهَا وَجَدَ الْمَالَ وَالصَّحِيفَةَ». طرفه 1498 6 - باب إِذَا وَجَدَ تَمْرَةً فِي الطَّرِيقِ 2431 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ طَلْحَةَ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إذا وجد خشبة أو سوطًا أو نحوه روى في الباب حديث الإسرائيلي في قرض ألف دينار. وقد تقدم الحديث في كتاب القرض، وسيروى مرارًا، وموضع الدلالة هنا: أنه (أخذ خشبة في البحر) ولم يذكر أنه عرفها، فعلم أن المال إذا كان بحيث يعرف أن صاحبه قد أعرض عنه يجوز تملكه من غير تعريف. فإن قلت: لم يرو للسوط ونحوه حديثًا؟ قلت: جرى في ذلك على دأبه من الإشارة إلى ما لم يثبت عنده، وقد روى أبو داود: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رخص في العصا والسوط والحبل. باب إذا وجد تمرة في الطريق 2430 - (محمد بن يوسف) الفريابي (سفيان) هو الثوري؛ صرّح بهما أبو نعيم

7 - باب كيف تعرف لقطة أهل مكة

أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ مَرَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِتَمْرَةٍ فِي الطَّرِيقِ قَالَ «لَوْلاَ أَنِّى أَخَافُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الصَّدَقَةِ لأَكَلْتُهَا». طرفه 2055 2432 - وَقَالَ يَحْيَى حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنِى مَنْصُورٌ وَقَالَ زَائِدَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ طَلْحَةَ حَدَّثَنَا أَنَسٌ. وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنِّى لأَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِى، فَأَجِدُ التَّمْرَةَ سَاقِطَةً عَلَى فِرَاشِى فَأَرْفَعُهَا لآكُلَهَا، ثُمَّ أَخْشَى أَنْ تَكُونَ صَدَقَةً فَأُلْفِيَهَا». 7 - باب كَيْفَ تُعَرَّفُ لُقَطَةُ أَهْلِ مَكَّةَ وَقَالَ طَاوُسٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهَا إِلاَّ مَنْ عَرَّفَهَا». وَقَالَ خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا إِلاَّ لِمُعَرِّفٍ». ـــــــــــــــــــــــــــــ (مرّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بتمرة، فقال: لولا أني أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتها) فهذا أيضًا يدل على أنّ اليسير لا يحتاج إلى التعريف، وأن الملتقط ينتفع به؛ غنيًّا كان أو فقيرًا (وقال: حدثنا سفيان: حدثني منصور) فائدة هذه الطريق التصريح بالسماع، وفيه دفع وهم التدليس. 2431 - (عن طلحة) ابن مصرف بتشديد الراء المكسورة اليامي -بفتح الياء - نسبة إلى يام، قال الجوهري: قبيلة من يمن. 2432 - (مقاتل) بكسر التاء (معمر) بفتح الميمين وسكون العين (همّام) بفتح الهاء وتشديد الميم (منبه) بفتح النون وكسر الموحدة المشددة. باب كيف يعرّف لقطة أهل مكة أي: إذا وجدها في مكة؛ سواء كان لأهلها أو غيرها، ولو حذف لفظ الأهل كان أولى. (وقال طاوس: عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا يلتقط لقطتها إلا من عرفها) أي: على الدوام (وقال خالد: عن عكرمة عن ابن عباس) هذان التعليقان سلفا في كتاب الحج مسندين.

2433 - وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا رَوْحٌ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يُعْضَدُ عِضَاهُهَا، وَلاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلاَ تَحِلُّ لُقَطَتُهَا إِلاَّ لِمُنْشِدٍ، وَلاَ يُخْتَلَى خَلاَهَا». فَقَالَ عَبَّاسٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلاَّ الإِذْخِرَ. فَقَالَ «إِلاَّ الإِذْخِرَ». طرفه 1349 2434 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ أَبِى كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - مَكَّةَ قَامَ فِي النَّاسِ، فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ «إِنَّ اللَّهَ حَبَسَ عَنْ مَكَّةَ الْفِيلَ، وَسَلَّطَ عَلَيْهَا رَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ، فَإِنَّهَا لاَ تَحِلُّ لأَحَدٍ كَانَ قَبْلِى، وَإِنَّهَا أُحِلَّتْ لِى سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، وَإِنَّهَا لاَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 2433 - (وقال أحمد بن سعيد) قيل: هو ابن صخر إبراهيم المروزي الرباطي، قال المقدسي: قال البخاري: قال أحمد بن سعيد عن روح في ترجمة عكرمة: هو المروزي (لا يعضد عضاها) أي: لا يقطع، قال ابن الأثير: واحدها عضة، أصلها: عضهة، وقيل: عضاهة؛ وهي: شجر أم غيلان، وكل شجر عظيم له شوك، وإذا لم يقطع ما فيه شوك غيره من باب الأولى (ولا تحل لقطتها إلا لمنشد) أي: لا يجوز أخذها إلا لمن أنشدها على الدوام، يقال: نشدت الضالة طلبتها، وأنشدتها: عرّفتها، قاله ابن الأثير: وهذا تأويل ما رواه مسلم وغيره: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن لقط الحاج، أي: للتملك، والحكمة فيه أن الآفاقي ينقطع عن مكة، فيحتمل مجيء مالكلها بعد دهر. 2434 - (الأوزاعي) -بفتح الهمزة - عبد الرحمن شيخ أهل الشام في زمانه (إن الله حبس عن مكة الفيل) وذلك أنه لا يجوز لأحد فيه القتال، وإذا لم يجز القتال فالقتل من باب الأولى، وقد سبق في كتاب العلم الرواية حبس الفيل (ولا يختلى خلاها) بالقصر، العلف

8 - باب لا تحتلب ماشية أحد بغير إذن

تَحِلُّ لأَحَدٍ بَعْدِى، فَلاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهَا وَلاَ يُخْتَلَى شَوْكُهَا، وَلاَ تَحِلُّ سَاقِطَتُهَا إِلاَّ لِمُنْشِدٍ، وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهْوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ، إِمَّا أَنْ يُفْدَى، وَإِمَّا أَنْ يُقِيدَ». فَقَالَ الْعَبَّاسُ إِلاَّ الإِذْخِرَ، فَإِنَّا نَجْعَلُهُ لِقُبُورِنَا وَبُيُوتِنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِلاَّ الإِذْخِرَ». فَقَامَ أَبُو شَاهٍ - رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ - فَقَالَ اكْتُبُوا لِى يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اكْتُبُوا لأَبِى شَاهٍ». قُلْتُ لِلأَوْزَاعِىِّ مَا قَوْلُهُ اكْتُبُوا لِى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ هَذِهِ الْخُطْبَةَ الَّتِى سَمِعَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 112 8 - باب لاَ تُحْتَلَبُ مَاشِيَةُ أَحَدٍ بِغَيْرِ إِذْنٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ الرطب (ولا تحل ساقطتها) أي: لقطتها (إلا لمنشد) أي: على الدوام لا يجوز تملكه ولا التصرف فيه بوجه؛ هذا ما قاله الشافعي دون الأئمة الثلاثة، واستدل عليه بأن إفراده بالذكر يدل على أن حكمه هو خلاف سائر الأماكن، وفي غير مكة قد صرح بأنه إن لم يجئ مالكها انتفع بها (ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين؛ إما أن يُفدى) على بناء المجهول، قتيله (وإما أن يقيد) -بضم الياء وكسر القاف- أي: يأخذ القود؛ وهو القصاص، والضمير فيه عائد إلى من في قتله يقال: أقدت به، واستقدت الحاكم. قال بعض الشارحين: قوله: "قتيل" أي: من أشرف على القتل، مجاز؛ ويجوز أن يكون حقيقة بأن يراد بكونه قتيلًا بهذا القتل، لا بقتل سابق، ليلزم تحصيل الحاصل، أو الحمل على مجاز، وهذا الذي قاله غلط؛ فإنه قبل تعلق الحكم به يجب أن يكون موصوفًا بذلك الوصف؛ كما إذا قلت: ضربت مضروبًا يشترط أن يكون قبل ضربك مضروبًا ليكون حقيقة، فلو أردت كونه مضروبًا بضربك هذا لا يكون إلا مجازًا. (إلا الإذخر) -بكسر الهمزة وذال معجمة- نبت معروف (فقام أبو شاه) -بالهاء وقفًا ووصلًا- لفظ عجمي. باب لا تحلب ماشية أحد بغير إذنه الماشية: اسم فاعل من المشي، وغلب في العرف على الإبل والبقر والغنم قال ابن الأثير: وأكثر ما يطلق على الغنم.

9 - باب إذا جاء صاحب اللقطة بعد سنة ردها عليه، لأنها وديعة عنده

2435 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَحْلُبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ امْرِئٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تُؤْتَى مَشْرُبَتُهُ فَتُكْسَرَ خِزَانَتُهُ، فَيُنْتَقَلَ طَعَامُهُ فَإِنَّمَا تَخْزُنُ لَهُمْ ضُرُوعُ مَوَاشِيهِمْ أَطْعِمَاتِهِمْ، فَلاَ يَحْلُبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِهِ». 9 - باب إِذَا جَاءَ صَاحِبُ اللُّقَطَةِ بَعْدَ سَنَةٍ رَدَّهَا عَلَيْهِ، لأَنَّهَا وَدِيعَةٌ عِنْدَهُ 2436 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِى عَبْدِ ـــــــــــــــــــــــــــــ 2435 - (أيحب أحدكم أن تؤتى مشربته فتكسر خزانته) المشربة -بفتح الميم- الغرفة. والخزانة -بكسر الخاء المعجمة- الموضع الذي يحفظ فيه المال (فإنما تخزن لهم ضروع مواشيهم أطعماتهم) -بفتح الهمزة- جمع أطعمة جمع طعام (فلا بحلبن أحد ماشية أحد إلا بإذنه) أعاده مبالغة في الزجر. فإن قلت: فكيف حلب الصديق شاة الغير كما جاء في حديث الهجرة؟ قلت: كان صاحب الشاة من معارف الصديق، وقيل: كان دأبهم الإذن للمارة وأبناء السبيل، وقيل: كان ضرورة؛ والضرورات تبيح المحظورات، وقيل: كان مال حربي، والوجه هو الأول؛ إذ لا ضرورة كانت بهم، ومال الحربي لم يكن إذ ذاك مباحًا. فإن قلت: فقد وردت أحاديث من رواية أبي داود وغيره يدل على جواز حلب ماشية الغير وأكل الثمر من بستانه من غير إذن؟ قلت: محمول على طيب نفس المالك؛ أو للضرورة، أو كان ذلك في عصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو عادة أهل الحجاز، وهذا لدلالة القواطع على حرمة تناول مال الغير من غير إذن. باب إذا جاء صاحب اللقطة بعد سنة ردها عليه لأنها وديعة عنده 2436 - (قتيبة) بضم القاف مصغر. روى في الباب حديث زيد بن خالد الجهني، وقد

10 - باب هل يأخذ اللقطة، ولا يدعها تضيع، حتى لا يأخذها من لا يستحق

الرَّحْمَنِ عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِىِّ - رضى الله عنه - أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ اللُّقَطَةِ قَالَ «عَرِّفْهَا سَنَةً، ثُمَّ اعْرِفْ وِكَاءَهَا وَعِفَاصَهَا، ثُمَّ اسْتَنْفِقْ بِهَا، فَإِنْ جَاءَ رَبُّهَا فَأَدِّهَا إِلَيْهِ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَضَالَّةُ الْغَنَمِ قَالَ «خُذْهَا فَإِنَّمَا هِىَ لَكَ أَوْ لأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَضَالَّةُ الإِبِلِ قَالَ فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى احْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ - أَوِ احْمَرَّ وَجْهُهُ - ثُمَّ قَالَ «مَا لَكَ وَلَهَا، مَعَهَا حِذَاؤُهَا وَسِقَاؤُهَا، حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا». طرفه 91 10 - باب هَلْ يَأْخُذُ اللُّقَطَةَ، وَلاَ يَدَعُهَا تَضِيعُ، حَتَّى لاَ يَأْخُذَهَا مَنْ لاَ يَسْتَحِقُّ 2437 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ قَالَ سَمِعْتُ سُوَيْدَ بْنَ غَفَلَةَ قَالَ كُنْتُ مَعَ سَلْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَزَيْدِ بْنِ صُوحَانَ فِي غَزَاةٍ، فَوَجَدْتُ سَوْطًا. فَقَالَ لِى أَلْقِهِ. قُلْتُ لاَ، وَلَكِنْ إِنْ وَجَدْتُ صَاحِبَهُ، وَإِلاَّ اسْتَمْتَعْتُ بِهِ. فَلَمَّا رَجَعْنَا حَجَجْنَا فَمَرَرْتُ بِالْمَدِينَةِ، فَسَأَلْتُ أُبَىَّ بْنَ كَعْبٍ - رضى الله عنه - فَقَالَ وَجَدْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــ سلف في باب ضالة الغنم وما بعده، وأشرنا هناك إلى اختلاف العلماء في أنه هل يجب ردها بمجرد قوله إذا عرف علامتها، سبق كل ذلك. باب هل يأخذ اللقطة ولا يدعها تضيع حتى لا يأخذها من لا يستحق لا: زائدة، وفي بعضها: بدون لا، وهو ظاهر، وأشار بالترجمة إلى رد قول من قال: لا يجوز أخذ اللقطة؛ لما روى النسائي وغيرُه: "ضالة المسلم حرق النار" فإنّ تأويل ذلك إذا لم يعرفها. 2437 - (سليمان بن حرب) ضد الصلح (عن سلمة بن كهيل) بضم الكاف مصغر (سويد) بضم السين مصغر (غفل) بالغين المعجمة وثلاث فتحات (زيد بت صوحان) بضم الصاد المهملة وسكون الواو (فوجدت سوطًا) الواجد: سويد بن غفلة (فقالا: ألقه) القائل: سلمان بن ربيعة، وزيد بن صوحان؛ ظنًّا منهما أنه لا يجوز أخذها.

11 - باب من عرف اللقطة، ولم يدفعها إلى السلطان

صُرَّةً عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِيهَا مِائَةُ دِينَارٍ، فَأَتَيْتُ بِهَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «عَرِّفْهَا حَوْلاً». فَعَرَّفْتُهَا حَوْلاً ثُمَّ أَتَيْتُ، فَقَالَ «عَرِّفْهَا حَوْلاً». فَعَرَّفْتُهَا حَوْلاً ثُمَّ أَتَيْتُهُ، فَقَالَ «عَرِّفْهَا حَوْلاً». فَعَرَّفْتُهَا حَوْلاً ثُمَّ أَتَيْتُهُ الرَّابِعَةَ فَقَالَ «اعْرِفْ عِدَّتَهَا وَوِكَاءَهَا وَوِعَاءَهَا، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلاَّ اسْتَمْتِعْ بِهَا». حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سَلَمَةَ بِهَذَا قَالَ فَلَقِيتُهُ بَعْدُ بِمَكَّةَ، فَقَالَ لاَ أَدْرِى أَثَلاَثَةَ أَحْوَالٍ أَوْ حَوْلاً وَاحِدًا. طرفه 2426 11 - باب مَنْ عَرَّفَ اللُّقَطَةَ، وَلَمْ يَدْفَعْهَا إِلَى السُّلْطَانِ 2438 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ رَبِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ - رضى الله عنه - أَنَّ أَعْرَابِيًّا سَأَلَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ اللُّقَطَةِ قَالَ «عَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ أَحَدٌ يُخْبِرُكَ بِعِفَاصِهَا وَوِكَائِهَا، وَإِلاَّ فَاسْتَنْفِقْ بِهَا». وَسَأَلَهُ عَنْ ضَالَّةِ الإِبِلِ فَتَمَعَّرَ وَجْهُهُ، قَالَ «مَا لَكَ وَلَهَا مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا، تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ، دَعْهَا حَتَّى يَجِدَهَا رَبُّهَا». وَسَأَلَهُ عَنْ ضَالَّةِ الْغَنَمِ. فَقَالَ «هِىَ لَكَ أَوْ لأَخِيكَ، أَوْ لِلذِّئْبِ». طرفه 91 ـــــــــــــــــــــــــــــ ثم روى في الباب [حديث] أبي بن كعب لما وجد صرة فيها مائة دينار في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد سلف في أول أبواب اللقطة، وزاد هنا: السنة الرابعة (اعرف عدتها) -بكسر العين- أي: عددها. (عبدان) -على وزن شعبان- عبد الله المروزي (وقال: فلقيته) القائل سويد، لقي أبيًّا؛ كما تقدم هناك، ونقلنا عن أبي داود الطيالسي أن القائل شعبة؛ وأنّ الذي لقيه سلمة. باب من عرّف اللقطة ولم يدفعها إلى السلطان 2438 - (محمد بن يوسف) الفريابي (سفيان) هو الثوري (عن يزيد) من الزيادة (مولى المنبعث) اسم فاعل من الانبعاث. روى في الباب حديث زيد بن خالد الجهني، وقد سلف مرارًا.

12 - باب

12 - بابٌ 2439 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا النَّضْرُ أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ أَخْبَرَنِى الْبَرَاءُ عَنْ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما -. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ عَنْ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما - قَالَ انْطَلَقْتُ، فَإِذَا أَنَا بِرَاعِى غَنَمٍ يَسُوقُ غَنَمَهُ فَقُلْتُ لِمَنْ أَنْتَ قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ. فَسَمَّاهُ فَعَرَفْتُهُ. فَقُلْتُ هَلْ فِي غَنَمِكَ مِنْ لَبَنٍ فَقَالَ نَعَمْ. فَقُلْتُ هَلْ أَنْتَ حَالِبٌ لِى قَالَ نَعَمْ. فَأَمَرْتُهُ فَاعْتَقَلَ شَاةً مِنْ غَنَمِهِ، ثُمَّ أَمَرْتُهُ أَنْ يَنْفُضَ ضَرْعَهَا مِنَ الْغُبَارِ، ثُمَّ أَمَرْتُهُ أَنْ يَنْفُضَ كَفَّيْهِ، فَقَالَ هَكَذَا - ضَرَبَ إِحْدَى كَفَّيْهِ بِالأُخْرَى - فَحَلَبَ كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ وَقَدْ جَعَلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِدَاوَةً عَلَى فَمِهَا خِرْقَةٌ، فَصَبَبْتُ عَلَى اللَّبَنِ، حَتَّى بَرَدَ أَسْفَلُهُ، فَانْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ اشْرَبْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ. أطرافه 3615، 3652، 3908، 3917، 5607 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب 2439 - كذا وقع من غير ترجمة (النضر) -بالضاد المعجمة- هو ابن شميل (عن أبي إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي (عبد الله بن رجاء) بفتح الراء والمد (فإذا أنا براعي غنم، فقلت: لمن أنت؟ فقال: لرجل من قريش، فعرفته) فلذلك حلب شاته، قال تعالى: {أَوْ صَدِيقِكُمْ} [النور: 61]. (فأمرته فاعتقل شاة) اعتقال الشاة أن يجعل رجل الشاة بين ساقه وفخذه (فحلب كثبة من لبن) -بضم الكاف وثاء مثلثة آخره باء موحدة- أي: قليلًا، وكل شيء مجتمع كثبة إذا كان قليلًا (وقد جعلت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إداوة) -بكسر الهمزة- ركوة من الجلد (فصببت على اللبن حتى برد أسفله) بفتح الباء والراء، هذا هو المعروف على الألسنة، وقال الجوهري: بضم الراء. فإن قلت: أي مناسبة لهذا الحديث في هذا الباب؟ قلت: لم يترجم للباب حتى يطلب له مناسبة، وكون الغنم كان في المفازة من غير مالك مناسبة ظاهرة بباب اللقطة. قال بعض الشارحين: فإن قلت: ما التلفيق بين هذا وبين ما تقدم "لا يحلبن أحد ماشية أحد"؟ قلت: كان هذا إذنًا عاديًا، أو كان مالكه صديقًا للصديق أو كان كافرًا حربيًّا، أو كانا مضطرين أو لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وهذا وهم؛ فإن المالك لم يكن مؤمنًا وقد أشرنا إلى أن الصواب أنه كان صديقًا لأبي بكر؛ كما صرح به في قوله: فعرفته.

46 - كتاب المظالم

46 - كتاب المظالم في المَظَالِمِ وَالغَصْبِ، وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ، إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ} [إبراهيم: 43] «رَافِعِي، المُقْنِعُ وَالمُقْمِحُ وَاحِدٌ». وَقَالَ مُجَاهِدٌ (مُهْطِعِينَ) مُدِيمِى النَّظَرِ. وَيُقَالُ مُسْرِعِينَ (لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ) يَعْنِى جُوفًا لاَ عُقُولَ لَهُمْ (وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ * وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأَمْثَالَ * وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ * فَلاَ تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ). ـــــــــــــــــــــــــــــ أبواب المظالم والقصاص باب في المظالم والغصب المظالم: جمع مظلمة -بفتح اللام وكسرها- في الأصل مصدر ظلم؛ إذا وضع الشيء في غير موضعه؛ قاله الجوهري، واستدل على قبح الظلم بالآية، والوجه فيه ظاهر {لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ} [إبراهيم: 43] الطرف: العين؛ قاله الجوهري؛ وإنما لم يجمع لأنه مصدر في الأصل، ولعدم الاشتباه. ({وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ} جوفًا) -بضم الجيم- جمع أجوف؛ الخالي، إنما نصبه لأنه تفسير الجملة الحالية، أو بتقدير أعني؛ كما وقع في بعضها كذلك. {مُهْطِعِينَ} مديمي النظر) وفي بعضها: "مدعي النظر" وعلى الوجهين تفسير باللازم؛ لأن الإهطاع لغة: مدّ العنق مع تصويب الرأس.

1 - باب قصاص المظالم

1 - بَابُ قِصَاصِ المَظَالِمِ 2440 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي المُتَوَكِّلِ النَّاجِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِذَا خَلَصَ المُؤْمِنُونَ مِنَ النَّارِ حُبِسُوا بِقَنْطَرَةٍ بَيْنَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَيَتَقَاصُّونَ مَظَالِمَ كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا حَتَّى إِذَا نُقُّوا وَهُذِّبُوا، أُذِنَ لَهُمْ بِدُخُولِ الجَنَّةِ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَأَحَدُهُمْ بِمَسْكَنِهِ فِي الجَنَّةِ أَدَلُّ بِمَنْزِلِهِ كَانَ فِي الدُّنْيَا". ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قصاص المظالم 2440 - (معاذ) بضم الميم (أبي المتوكل الناجي) هو علي بن دؤاد، بضم الدال على وزن فؤاد. (إذا خلص المؤمنون من النار) هؤلاء المؤمنون غير الذين يخرجون من النار بالشفاعة (حبسوا بقنطرة بين الجنة والنار) هذه القنطرة غير الصراط المعروف؛ فإن ذلك إنما هو على متن جهنم، وقوله: خلصوا من النار، صريح في أنهم جاوزوا ذلك فلا ضرورة في أن يقال: هذه القنطرة من تتمة ذاك (فيتقاضون مظالم كانت بينهم) التقاضي الذي يقع لا يلزم أن يكون بين كل فرد فرد، ولا يجب أيضًا وقوع التقاضي؛ بل ربما عفا عن أخيه المؤمن وهذا هو الحكمة في وقوع التقاضي هنا دون عرصة القيامة؛ فإنّ المؤمن إذا نجا من النار فهو حريص على دخول الجنة؛ فلا يطاول في النزاع، والله رؤوف بعباده المؤمنين، وظهر من هذا أن قول ابن بطال: فكان كل واحد له على أخيه مظلمة ليس في الجنة، ولا قوله: هذا فيمن لم تستغرق مظالمة حسناته؛ لأنّ المؤمن لا تستغرق مظالمه حسناته؛ كما سيأتي في حديث الشفاعة. (حتى إذا نقوا) أي: طهروا عن الذنوب (وهذبوا) أي: طهرت أخلاقهم الذميمة. (فوالذي نفس محمد بيده لأحدهم بمسكنه أدل بمنزله كان في الدنيا) أي: أدل منه تفضيل الشيء على نفسه باعتبار الحالين. فإن قلت: كيف يكون أدل بمسكنه في الجنة منه بمنزله في الدنيا ولم يكن رآه؟ قلت: في الحديث أن المؤمن يعرض عليه منزله في الجنة بالغدو والآصال، ألا ترى إلى قوله تعالى

2 - باب قول الله تعالى (ألا لعنة الله على الظالمين)

وَقَالَ يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو المُتَوَكِّلِ. طرفه 6535 2 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (أَلاَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) 2441 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ أَخْبَرَنِى قَتَادَةُ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ الْمَازِنِىِّ قَالَ بَيْنَمَا أَنَا أَمْشِى مَعَ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - آخِذٌ بِيَدِهِ إِذْ عَرَضَ رَجُلٌ، فَقَالَ كَيْفَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي النَّجْوَى فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّ اللَّهَ يُدْنِى الْمُؤْمِنَ فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ، وَيَسْتُرُهُ فَيَقُولُ أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا فَيَقُولُ نَعَمْ أَىْ رَبِّ. حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ هَلَكَ قَالَ سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ. فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ، وَأَمَّا الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُونَ فَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ ـــــــــــــــــــــــــــــ في آل فرعون: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا} [غافر: 46] وأيضًا أرواح المؤمنين تسرح في الجنة مدة متطاولة. (وقال يونس: حدثنا شيبان عن قتادة، قال: حدثنا أبو المتوكل) فائدة هذا التعليق التصريح بسماع قتادة من أبي المتوكل؛ فإنّ قتادة مدلس. باب قوله الله: {أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود: 18] 2441 - (همام) بفتح الهاء وتشديد الميم (محرز) بضم الميم وتقديم الراء المهملة على المعجمة (بينما أنا أمشي مع ابن عمر آخذ بيده) خبر بعد خبر (إذ عرض رجل) أي: جاء، من العرض -بضم العين- الجانب كيف سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في النجوى؟) الكلام السر؛ أي: مساررة الله المؤمن قال ابن الأثير: النجوى اسم أقيم مقام المصدر (يضع عليه كنفه) -بفتح الكاف والنون والفاء- قال ابن الأثير: هو لغة الجانب، والكلام على طريق التمثيل؛ أي: يجعله تحت ستره وحمايته وعنايته، قال القاضي: وقد رواه بعضهم بالتاء الفوقانية بدل النون؛ وهو تصحيف فاحش (وأما الكافرون والمنافقون فيقول الأشهاد) أي:

3 - باب لا يظلم المسلم المسلم ولا يسلمه

أَلاَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ». أطرافه 4685، 6070، 7514 3 - باب لاَ يَظْلِمُ الْمُسْلِمُ الْمُسْلِمَ وَلاَ يُسْلِمُهُ 2442 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَالِمًا أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». طرفه 6951 ـــــــــــــــــــــــــــــ كل من كان حاضرًا في المحشر؛ كما هو الظاهر من استغراق الجمع المحلى باللام، وقيل: الملائكة والأنبياء، وهذا شيء لا دليل عليه. وفي الحديث دليل على ما ذهب إليه أهل السنة من أن أهل الكبائر في مشيئته تعالى، يغفر لمن يشاء، ألا ترى أن الذنوب من صاحب النجوى كانت كبائر؛ ولذلك ذكرت في مقابلة الكفار. باب لا يظلم المسلم المسلم ولا يسلمه 2442 - (يحيى بن كثير) ضد القليل (عقيل) بضم العين، مصغر. أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (المسلم أخو المسلم) أخوة الإسلام، وفيه حث على رعايته وأن يحب له ما يحب لنفسه، ويدفع عنه ما يدفع عن نفسه، وقد قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10] (لا يظلمه) بنفسه (ولا يسلمه) -بضم الياء وإسكان اللام- أي: لا يمكن أحدًا أن يظلمه، قال ابن الأثير: أسلم فلان فلانًا إذا ألقاه في هلكة، لفظ عام أريد به الخاص (ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته) فعلى المؤمن أن يسعى في حاجة أخيه إذا وقعت لنفسه حاجة مبادرة على قضاء حاجة نفسه؛ لأن الله يتولاه، وما تولاه تعالى فهو مقضي لا محالة (ومن فرج عن مسلم كربة) فرج -بتشديد الراء- أي: كشف. والكربة -بضم الكاف وسكون الراء- غم يأخذ بنفس الإنسان، من الكرب (ومن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة) هذا لا ينافي زجره فيما بينه وبينه، فإنه نهيٌ من المنكر الواجب على كل مسلم.

4 - باب أعن أخاك ظالما أو مظلوما

4 - باب أَعِنْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا 2443 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ وَحُمَيْدٌ الطَّوِيلُ سَمِعَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا». طرفاه 2444، 6952 2444 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا نَنْصُرُهُ مَظْلُومًا، فَكَيْفَ نَنْصُرُهُ ظَالِمًا قَالَ «تَأْخُذُ فَوْقَ يَدَيْهِ». طرفه 2443 5 - باب نَصْرِ الْمَظْلُومِ 2445 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَشْعَثِ بْنِ سُلَيْمٍ قَالَ سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ سُوَيْدٍ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ - رضى الله عنهما - قَالَ أَمَرَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِسَبْعٍ، وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ. فَذَكَرَ عِيَادَةَ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعَ الْجَنَائِزِ، وَتَشْمِيتَ الْعَاطِسِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب أعن أخاك ظالمًا أو مظلومًا 2443 - (هشيم) بضم الهاء، مصغر (حميد) بضم الحاء، مصغر. 2444 - (مسدد) بضم الميم وتشديد الدال المفتوحة (معتمر) -بضم الميم- اسم فاعل من الاعتمار (انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا) ما ترجم البخاري بقوله: "أعن أخاك" وفي الحديث فهم الترادف؛ لكن النص أخصّ من الإعانة؛ لأنه إعانه مع القهر والغلبة، والإعانة أعم (فكيف ننصره ظالمًا) فهم من ظاهر الحال أن ذلك لا يمكن؛ فإن الظالم غالب على الغير، فلا يعقل نصره (فقال: تأخذون يديه) فإنه يسلم بذلك من ظلمات الظلم يوم القيامة، وفي بعضها: "تأخذ فوق يده" وفيه إشارة إلى منعه قهرًا إن قدر عليه، والمراد مطلق المنع، وتخصيص اليد بالذكر لأن أكثر المضارّ منها. باب نصر المظلوم 2445 - (سعيد بن الربيع) ضد الخريف (عن الأشعث) آخره ثاء مثلثة (سليم) بضم السين (سويد بن مقرن) سويد: مصغر، ومقرن: اسم فاعل من التقرين (أمرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - بسبع، ونهانا عن سبع) ذكر المأمورات وترك المنهيات في هذه الرواية لأنها كذا وقعت له؛ وهي

6 - باب الانتصار من الظالم

وَرَدَّ السَّلاَمِ، وَنَصْرَ الْمَظْلُومِ، وَإِجَابَةَ الدَّاعِى، وَإِبْرَارَ الْمُقْسِمِ. طرفه 1239 2446 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا». وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ. طرفه 481 6 - باب الاِنْتِصَارِ مِنَ الظَّالِمِ لِقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ (لاَ يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا). (وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْىُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ). قَالَ إِبْرَاهِيمُ كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يُسْتَذَلُّوا، فَإِذَا قَدَرُوا عَفَوْا. ـــــــــــــــــــــــــــــ كافية في عرضه لذكر المظلوم فيها، والمذكورات بعضها سنة على كل أحد كعيادة المريض واتباع الجنائز، وفي بعضها على الكفاية؛ كتشميت العاطس، وفي بعضها واجب على الكفاية؛ كرد السلام ونصر المظلوم، ولا إشكال فيه؛ لما تقرر في علم الأصول أن القِران في الذكر لا يوجب القِران في الحكم، وأما إجابة الداعي قد تكون واجبة؛ وقد تكون سنة، وقد تكون حرامًا، فصل ذلك في الفروع؛ وإبرار المقسم كذلك. 2446 - (محمد بن العلاء) بفتح العين والمد (أبو أسامة) حمّاد بن أسامة (بريد) بضم الباء، مصغر برد (أبو بردة) عامر بن أبي موسى (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا) تشبيه الحال بالحال، وعلم منه وجه الشبه، ثمّ وجه ذكره في هذا الباب أنه إذا كان لأخيه المؤمن كالبنيان فيجب عليه نصره إذا كان مظلومًا، وتمام الكلام تقدم في أبواب الصلاة في باب تشبيك الأصابع. باب الانتصار من الظالم أي: جوازه؛ لأن الفضل في العفو؛ لقوله في الباب بعده: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (43)} [الشورى: 43]، (ولقول إبراهيم: كانوا يكرهون) أي: السلف؛ من الصحابة والتابعين (أن يستذلوا) على بناء المجهول؛ من الذل بضم الذال المعجمة (فإذا قدروا عفوا) والأحاديث في باب فضل العفو كثيرة مشهورة.

7 - باب عفو المظلوم

7 - باب عَفْوِ الْمَظْلُومِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى (إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا) (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ * إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ) (وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ). 8 - باب الظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ 2447 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ الْمَاجِشُونُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». 9 - باب الاِتِّقَاءِ وَالْحَذَرِ مِنْ دَعْوَةِ الْمَظْلُومِ 2448 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمَكِّىُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِىٍّ عَنْ أَبِى مَعْبَدٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ، فَقَالَ «اتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ، فَإِنَّهَا ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الظلم ظلمات يوم القيامة 2447 - هذه الترجمة نفس الحديث الذي رواه في الباب قيل: المراد بالظلم الكفر، والظاهر عمومه في كل جور عن طريق الشرع على غير أهل الحرب، وجمع ظلمة إما باعتبار تكاثف الظلمة؛ أو باعتبار المدارك؛ كما قال تعالى: {وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ (17) صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ} [البقرة: 17، 18]. باب الاتقاء والحذر من دعوة المظلوم 2448 - (وكيع) على وزن فعيل (صيفي) بياء النسبة إلى الصيف، ضد الخريف (عن أبي معبد) -بفتح الميم وسكون [العين وفتح، الباء- اسمه نافذ (اتق دعوة المظلوم؛ فإنه ليس

10 - باب من كانت له مظلمة عند الرجل فحللها له، هل يبين مظلمته

لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ». طرفه 1395 10 - باب مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ عِنْدَ الرَّجُلِ فَحَلَّلَهَا لَهُ، هَلْ يُبَيِّنُ مَظْلَمَتَهُ 2449 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْمَقْبُرِىُّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لأَحَدٍ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَىْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ، قَبْلَ أَنْ لاَ يَكُونَ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ، إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِى أُوَيْسٍ إِنَّمَا سُمِّىَ الْمَقْبُرِىَّ لأَنَّهُ كَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــ بينها وبين الله حجاب) كناية عن سرعة الإجابة، وقد جاء مرفوعًا: "أربعة لا يرد دعاؤهم؛ الوالد للولد، والإمام العادل، ودعاء المؤمن لأخيه المؤمن في غيبة، ودعاء المظلوم". فإن قلت: كم من مظلوم يدعو على ظالمه، ولا يصيبه شيء؟ قلت: الأمور مرهونة بأوقاتها، وسيأتي أنه يستجاب له، أو يدخر له ما هو خير منه. باب من كانت له عند أحد مظلمة فحللها هل يبين مظلمته؟ قد ذكرنا فيه فتح اللام وكسرها، مصدر ظلم في الأصل، ويطلق على الحاصل من المصدر. 2449 - (ابن أبي ذئب) بلفظ الحيوان المعروف (محمد بن عبد الرحمن المقبري) بفتح الميم والباء وضمها (من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء) أفرد العرض بالذكر اهتمامًا به؛ لما في الحديث: "عرض المؤمن كدمه" كان الظاهر: عليه مظلمة؛ إلا أنه أتى باللام إشارة إلى أن وبالها لا يتعداه؛ كقوله تعالى: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: 7] مع قوله في موضع آخر: {وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا} [فصلت: 46] (فليتحلل) يقال: تحللته واستحللته إذا طلبت منه أن يجعلك في حل (إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته) استدل به ابن بطال وتبعه غيره على أنه لا يسقط ما لم يبين له -أي: لمن ظلمه- مقدار ما ظلمه لأنّ أخذ ذلك المقدار لا يمكن إلا بعد العلم.

11 - باب إذا حلله من ظلمه فلا رجوع فيه

نَزَلَ نَاحِيَةَ الْمَقَابِرِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَسَعِيدٌ الْمَقْبُرِىُّ هُوَ مَوْلَى بَنِى لَيْثٍ، وَهُوَ سَعِيدُ بْنُ أَبِى سَعِيدٍ، وَاسْمُ أَبِى سَعِيدٍ كَيْسَانُ. طرفه 6534 11 - باب إِذَا حَلَّلَهُ مِنْ ظُلْمِهِ فَلاَ رُجُوعَ فِيهِ 2450 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - (وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا) قَالَتِ الرَّجُلُ تَكُونُ عِنْدَهُ الْمَرْأَةُ، لَيْسَ بِمُسْتَكْثِرٍ مِنْهَا، يُرِيدُ أَنْ يُفَارِقَهَا، فَتَقُولُ أَجْعَلُكَ مِنْ شَأْنِى فِي حِلٍّ. فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي ذَلِكَ. أطرافه 2694، 4601، 5206 ـــــــــــــــــــــــــــــ وهذا لا يُعول عليه؛ لأنّ الإبراء عن المجهول جائز وأمّا معرفة ما يؤخذ من حسناته فعلم الله كاف في ذلك، قال الله تعالى: {أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ} [المجادلة: 6]. فإن قلت: ما معنى أخذ العمل؟ قلت: يؤخذ من حسناته ويضاف إلى حسنات المظلوم، ويجعل في ميزانه، أو ثواب عمله، ويضاف إلى عمل المظلوم. فإن قلت: تحليل الحرام حرام؟ قلت: ما المراد ذلك؛ بل إسقاط الحرمة، وإبراء الظالم. باب إذا حلله من ظلمه فلا رجوع فيه 2450 - (محمد) كذا وقع غير منسوب، وقد نسبه ابن السكن محمد بن مقاتل، ونسبه غيره محمد بن سلام؛ فإن كلًّا منهما يروي عن عبد الله بن المبارك روى عن عائشة في تفسير قوله تعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا} [النساء: 128] أنها نزلت في رجل تكون عنده امرأة ليس بمستكثر منها أي: من صحبتها (فيريد فراقها، فتجعله في حل من شأنها) أي: من كل ما يتعلق بها من الحقوق. وقد روى أبو داود: أن الآية نزلت في شأن سودة زوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا منافاة؛ لأن قوله: في رجل عنده امرأة عام. فإن قلت: كيف دل الحديث على الترجمة؟ قلت: إذا كان إسقاط المتوقع في المستقبل لا يجوز الرجوع عنه ففي الموجود حال الإسقاط من باب الأولى.

12 - باب إذا أذن له أو أحله ولم يبين كم هو

12 - باب إِذَا أَذِنَ لَهُ أَوْ أَحَلَّهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ كَمْ هُوَ 2451 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى حَازِمِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِىِّ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أُتِىَ بِشَرَابٍ، فَشَرِبَ مِنْهُ وَعَنْ يَمِينِهِ غُلاَمٌ وَعَنْ يَسَارِهِ الأَشْيَاخُ، فَقَالَ لِلْغُلاَمِ «أَتَأْذَنُ لِى أَنْ أُعْطِىَ هَؤُلاَءِ». فَقَالَ الْغُلاَمُ لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لاَ أُوثِرُ بِنَصِيبِى مِنْكَ أَحَدًا. قَالَ فَتَلَّهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي يَدِهِ. طرفه 2351 ـــــــــــــــــــــــــــــ قال بعض الشارحين: فإن قلت: كيف دل على الترجمة؟ قلت: الخلع عقد لازم، ويقاس عليه الهبة والإبراء. وأنا أقول: قد فهم هذا أن الآية نزلت في الخلع، ولم يقل به أحد، ولا يوافقه الحديث، ونظم الآية هكذا {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا} [النساء: 128]. باب إذا أذن له أو أحله له ولم يبين كم هو 2451 - روى في الباب: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتي بشراب فشرب، وعن يمينه غلام، وعن يساره أشياخ، فاستأذن الغلام في أن يعطيه للأشياخ، فلم يأذن، فناوله الغلام قد سبق مرارًا، قالوا: وجه الدلالة فيه أنه لو حلل الغلام نصيبه للأشياخ وأذن لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - لكان ما حلله غير معلوم، وهذا فيه نظر؛ لأنّ الغلام لم يملك ما في القدح؛ بل كان ذلك على ما جرى به العرف سلوك طريق الأدب والأولوية. والصواب أن استدلال البخاري إنما هو بفعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فإن الشراب كان ملكًا له، فإذنه للغلام مطلقًا من غير بيان كمية المشروب دلّ على جواز ذلك، واستدل به مالك على جواز هبة المجهول. (عن أبي حازم) -بالحاء المهملة- سلمة بن دينار (فَتَلَّه) أي: ألقاه في يده بقوة، والظاهر أنه إنما فعل ذلك لأنّه كره منه عدم الإذن لما استأذنه، ويحتمل أنه فعل ذلك إشارة إلى أنه حمده على فعله.

13 - باب إثم من ظلم شيئا من الأرض

13 - باب إِثْمِ مَنْ ظَلَمَ شَيْئًا مِنَ الأَرْضِ 2452 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى طَلْحَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَمْرِو بْنِ سَهْلٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَنْ ظَلَمَ مِنَ الأَرْضِ شَيْئًا طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ». طرفه 3198 2453 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُنَاسٍ خُصُومَةٌ، فَذَكَرَ لِعَائِشَةَ - رضى الله عنها - فَقَالَتْ يَا أَبَا سَلَمَةَ اجْتَنِبِ الأَرْضَ، فَإِنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إثم من ظلم شيئًا من الأرض 2452 - (سعيد بن زيد) أحد العشرة المبشرة بالجنة، وأبوه زيد موحد الجاهلية، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شأنه: "يحشر يوم القيامة أُمَّة وحده" (من ظلم من الأرض شيئًا طُوِّقه من سبع أرضين) -بضم الطاء وكسر الواو المشددة- للعلماء في تأويله وجهان؛ الأول: أن تخسف به الأرض كما خسف بقارون. والثاني: أن تجعل الأرض المغصوبة في عنقه كالطوق؛ بأن يجعل بطول الأرضين عنقًا؛ كما يجعل للكافر ضرسًا مثل أحد فيأتي بذلك إلى المحشر ونظيره: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: 161] وكذا في مانع الزكاة يأتي بالشاة والبعير والبقرة يحملها على عنقه. فإن قلت: لفظ الخسف يدل على الوجه الأول؟ قلت: لا دلالة فيه؛ لأنه إذا جحل في عنقه فقد خسف به، ويجوز أن يكون من الطوق بمعنى الطّاق؛ أي: يكلف حملها ولا يقدر، فيكون معذبًا بذلك؛ نظيره المصور؛ فإنه يكلف نفخ الروح فيما صور، وفي آخر الحديث: (وليس بنافخ فيها). 2453 - (أبو معمر) -بفتح الميمين وسكون العين- عبد الله بن عمرو المنقري (من

14 - باب إذا أذن إنسان لآخر شيئا جاز

النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ ظَلَمَ قِيدَ شِبْرٍ مِنَ الأَرْضِ طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ». طرفه 3195 2454 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ أَخَذَ مِنَ الأَرْضِ شَيْئًا بِغَيْرِ حَقِّهِ خُسِفَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى سَبْعِ أَرَضِينَ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ هَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ بِخُرَاسَانَ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، أَمْلاَهُ عَلَيْهِمْ بِالْبَصْرَةِ. طرفه 3196 14 - باب إِذَا أَذِنَ إِنْسَانٌ لآخَرَ شَيْئًا جَازَ 2455 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ جَبَلَةَ كُنَّا بِالْمَدِينَةِ فِي بَعْضِ أَهْلِ الْعِرَاقِ، فَأَصَابَنَا سَنَةٌ، فَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَرْزُقُنَا التَّمْرَ، فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَمُرُّ بِنَا فَيَقُولُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الإِقْرَانِ، إِلاَّ أَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ ظلم قيد شبر) بكسر القاف، يقال: قيد رمح وقدر رمح أي: مقداره. والحديث حجة على أبي حنيفة وأبي يوسف في منعهما الغصب في العقار. 2454 - (قال البخاري: هذا الحديث ليس بخراسان في كتاب ابن المبارك، وإنما أملي عليهم بالبصرة) ولا يلزم من هذا ألا يكون حدثه أهل خراسان؛ فإن نعيم بن حماد خراساني، وقد روى عنه. باب إذا أذن إنسان لآخر شيئًا جاز بنزع الخافض أي: في شيء. 2455 - (عن جبلة) بالجيم وثلاث فتحات (فأصابنا سنة) أي: قحط (فكان ابن الزبير يرزقنا التمر) لعله كان في أيام خلافته (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الإقران) أي: جعل تمرتين في الفم مرة؛ كذا وقع في البخاري، قال ابن الأثير: والقران بدون الألف أصح (إلا أن

15 - باب قول الله تعالى (وهو ألد الخصام)

يَسْتَأْذِنَ الرَّجُلُ مِنْكُمْ أَخَاهُ. أطرافه 2489، 2490، 5446 2456 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ أَبُو شُعَيْبٍ كَانَ لَهُ غُلاَمٌ لَحَّامٌ فَقَالَ لَهُ أَبُو شُعَيْبٍ اصْنَعْ لِى طَعَامَ خَمْسَةٍ لَعَلِّى أَدْعُو النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - خَامِسَ خَمْسَةٍ. وَأَبْصَرَ فِي وَجْهِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - الْجُوعَ - فَدَعَاهُ، فَتَبِعَهُمْ رَجُلٌ لَمْ يُدْعَ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ هَذَا قَدِ اتَّبَعَنَا أَتَأْذَنُ لَهُ». قَالَ نَعَمْ. طرفه 2081 15 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ) 2457 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ يستأذن الرجل منكم أخاه) قيل: هذا من كلام ابن عمر، وليس كما قالوا، فإن بعض طرق الحديث هكذا: عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الإقران بين التمرتين حتى يستأذن، وهذا صريح في أنه من كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. 2456 - (أبو النعمان) بضم النون محمد بن الفضل (أبو عوانة) -بفتح العين- الوضاح الواسطي (عن أبي وائل) شقيق بن سلمة (عن أبي مسعود) عقبة بن عامر البدري (أنّ رجلًا من الأنصار يقال له: أبو شعيب كان له غلام لحام) أي: يبيع اللحم، حديثه سلف في باب ما قيل في اللحام في أبواب البيع، وموضع الدلالة هنا إذنه للطفيل الذي تبع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غير طلب، وفيه دلالة على حرمة التطفل؛ ولذلك استأذن رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - صاحب الطعام في ذلك. ياب قول الله: {وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ} [البقرة: 204] ذكر فيه صاحب "الكشاف" وجهين: أحدهما: أن يكون الخصام مصدرًا، وإضافة الألد إليه من إضافة الصفة إلى فاعلها؛ كحسن الوجه، لكن على الإسناد المجازي؛ لأنّ الألد هو الرّجل المخاصم.

16 - باب إثم من خاصم فى باطل وهو يعلمه

- رضى الله عنها - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ أَبْغَضَ الرِّجَالِ إِلَى اللَّهِ الأَلَدُّ الْخَصِمُ». طرفاه 4523، 7188 16 - باب إِثْمِ مَنْ خَاصَمَ فِي بَاطِلٍ وَهْوَ يَعْلَمُهُ 2458 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أُمَّهَا أُمَّ سَلَمَةَ - رضى الله عنها - زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرَتْهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ سَمِعَ خُصُومَةً بِبَابِ حُجْرَتِهِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإِنَّهُ يَأْتِينِى الْخَصْمُ، فَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَبْلَغَ مِنْ بَعْضٍ، فَأَحْسِبُ أَنَّهُ صَدَقَ، فَأَقْضِىَ لَهُ بِذَلِكَ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ مُسْلِمٍ فَإِنَّمَا هِىَ قِطْعَةٌ مِنَ النَّارِ، فَلْيَأْخُذْهَا أَوْ فَلْيَتْرُكْهَا». أطرافه 2680، 6967، 7169، 7181، 7185 ـــــــــــــــــــــــــــــ والثاني: أن يكون جمع خصم؛ والمعنى: أشد الخصوم خصومة، لا لأن الألد اسم تفضيل؛ إذ هو أفعل صفة، ولذلك جمع على لد، مثل حمر وصفر، قال تعالى: {وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا} [مريم: 97] بل لأنّ اللدودة شدة الخصومة صح ذلك، وكل شديد بالنسبة إلى ما دونه أشد، فعلى هذا الوجه الإضافة للاختصاص؛ كما في قولك: حسن الناس. وقد وقع في "الكشاف" أنّ الآية نزلت في الأخنس بن شريق، ولا يصح هذا؛ فإن الأخنس أسلم، ذكره ابن الجوزي في "تاريخه"، وكذا ذكره الشيخ برهان الدين محدث حلب في شرحه لـ "الشفاء". باب إثم من خاصم بالباطل وهو يعلمه 2458 - (إنما أنا بشر) أي: لا أعلم الغيب (وإنه يأتيني الخصم) أي: أحيانًا (فلعل بعضكم أن يكون أبلغ من بعض) البلاغة في الكلام إيراده على وفق مقتضى الحال، ومراتب الناس في ذلك متفاوتة (فأحسب أنه قد صدق فأقضي له بذلك فمن قضيت له بحق مسلم فإنما مي قطعة من النار) قيد المسلم محمول على الغالب؛ لأن خطابه كان مع المسلمين.

17 - باب إذا خاصم فجر

17 - باب إِذَا خَاصَمَ فَجَرَ 2459 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا، أَوْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ، حَتَّى يَدَعَهَا إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ». طرفاه 34 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: حكمه لا يخلو إما أن يكون بالوحى أو بالاجتهاد؛ فإن كان وحيًا فلا يحتمل الخطأ، وإن كان اجتهادًا فلا يقرر خطؤه؛ بل ينبه عليه، فكيف يكون ما حكم به قطعة من النار؟. قلت: أراد زجرهم الإقدام على الدعاوي الباطلة؛ ظنًّا منهم أن حكمه يحلل ذلك، وأيضًا ربما أتلف المحكوم له ذلك المال، ولم يكن له وفاء. باب إذا خاصم فجر 2459 - (بشر) بالباء الموحدة وشين معجمة (عن عبد الله بن مرّة) بضم الميم وتشديد الراء (أربع من كن فيه كان منافقًا) أي: خالصًا؛ كما جاء في رواية أي: أربع خصال. والحديث سلف مع شرحه في باب علامات النفاق في كتاب الإيمان، وموضع الدلالة هنا: "إذا خاصم فجر" أي: أتى بالفجور، وهو يطلق على كل معصية. فإن قلت: قد جاء في الرواية الأخرى: "وإذا اؤتمن خان"؟ قلت: مفهوم العدد لا يفيد الحصر، ولئن سلم ذلك إذا لم يعارضه منطوق، والأوصاف الذميمة كلها من صفات المنافق. فإن قلت: الخلف في الوعد نوع من الكذب؟ قلت: هو من عطف الخاص على العام نصًّا على زيادة قبحه على مطلق الكذب.

18 - باب قصاص المظلوم إذا وجد مال ظالمه

18 - باب قِصَاصِ الْمَظْلُومِ إِذَا وَجَدَ مَالَ ظَالِمِهِ وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ يُقَاصُّهُ وَقَرَأَ (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ). 2460 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَنِى عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ جَاءَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ مِسِّيكٌ، فَهَلْ عَلَىَّ حَرَجٌ أَنْ أُطْعِمَ مِنَ الَّذِى لَهُ عِيَالَنَا فَقَالَ «لاَ حَرَجَ عَلَيْكِ أَنْ تُطْعِمِيهِمْ بِالْمَعْرُوفِ». طرفه 2211 2461 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى يَزِيدُ عَنْ أَبِى الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ قُلْنَا لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّكَ تَبْعَثُنَا فَنَنْزِلُ بِقَوْمٍ لاَ يَقْرُونَا فَمَا ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قصاص المظلوم إذا وجد مال ظالمه (وقال ابن سيرين: يقاصه) أي: يأخذ مثل حقه، وعليه الأئمة، واستدَلَّ على ذلك بالآية، والوجه فيه ظاهر. 2460 - (إن أبا سفيان رجل مسيك) -بفتح الميم وتشديد السين المكسورة، ويروى بفتح الميم وتشديد السين وتخفيفها- صيغة مبالغة على كل تقدير، وفي رواية: "شحيح" والشح: الحرص البليغ وقيل: الحرص مع البخل (فهل عليَّ حرج أن أطعم عيالنا من الذي له؟ فقال: لا حرج عليك أن تطعميهم بالمعروف) أي: بقدر الاستحقاق، وقال بهذا الأئمة مطلقًا، وخصه أبو حنيفة بما إذا كان من جنس حقه؛ كالذّهب مثلًا إذا كان حقه ذهبًا. قال الشافعي: فإن لم يظفر بماله لكن ظفر بغريم له أن يأخذ منه قدر حقه. وليس فيه دلالة على جواز الحكم على الغائب؛ لأنّ هندًا كانت واقعة الفتوى. 2461 - (يزيد بن أبي حبيب) بفتح المهملة وكسر الموحدة (عن أبي الخبر) واسمه مرثد بالثاء المثلثة (ننزل بقوم لا يقرون) -بفتح الياء- من القرى، ويجوز تشديد النون

19 - باب ما جاء فى السقائف

تَرَى فِيهِ فَقَالَ لَنَا «إِنْ نَزَلْتُمْ بِقَوْمٍ، فَأُمِرَ لَكُمْ بِمَا يَنْبَغِى لِلضَّيْفِ فَاقْبَلُوا، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا فَخُذُوا مِنْهُمْ حَقَّ الضَّيْفِ». طرفه 6137 19 - باب مَا جَاءَ فِي السَّقَائِفِ وَجَلَسَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ فِي سَقِيفَةِ بَنِى سَاعِدَةَ. 2462 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ. وَأَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ عَنْ عُمَرَ - رضى الله عنهم - قَالَ حِينَ تَوَفَّى اللَّهُ نَبِيَّهُ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّ الأَنْصَارَ اجْتَمَعُوا فِي سَقِيفَةِ بَنِى سَاعِدَةَ، فَقُلْتُ لأَبِى بَكْرٍ انْطَلِقْ بِنَا. فَجِئْنَاهُمْ فِي سَقِيفَةِ بَنِى سَاعِدَةَ. أطرافه 3445، 3928، 4021، 6829، 6830، 7323 ـــــــــــــــــــــــــــــ وحذف إحدى النونين (قال: فخذوا منهم حق الضيف) اتفق الأئمة على أن هذا كان في أول الإسلام، حين كان الفقر والاحتياج غالبًا، ولم يكن للمسلمين بيتُ مال وأمّا الآن فلا جواز لذلك إجماعًا؛ وأما حمله على من يكون مضطرًا فالسياق يأباه وإن اختاره شيخنا. باب ما جاء في السقائف جمع سقيفة، فعيلة بمعنى المفعول، وهو صُفَّة قدام البيت عليها سقف. 2462 - (أن الأنصار اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة) حين تشاوروا في أمر الخلافة يوم انتقل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى دار البقاء، وهو ساعدة بن الخزرج، كان رئيسهم سعد بن عبادة. وقد دل الحديث على جواز السقائف والجلوس فيها بشرائطه؛ من رد السلام، وغض البصر، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.

20 - باب لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبه فى جداره

20 - باب لاَ يَمْنَعُ جَارٌ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَهُ فِي جِدَارِهِ 2463 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَمْنَعُ جَارٌ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَهُ فِي جِدَارِهِ». ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ مَا لِى أَرَاكُمْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ وَاللَّهِ لأَرْمِيَنَّ بِهَا بَيْنَ أَكْتَافِكُمْ. طرفاه 5627، 5628 21 - باب صَبِّ الْخَمْرِ فِي الطَّرِيقِ 2464 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ أَبُو يَحْيَى أَخْبَرَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - ـــــــــــــــــــــــــــــ باب لا يمنع جارٌ جارَه أن يغرر خشبة في جداره هذا بعض حديث الباب، واختلف العلماء في معناه؛ فقال بعضهم بالوجوب على ما هو الأصل في النهي من الحرمة؛ وهو قول الشافعي، والأصح عنده وعند الجمهور أنّه محمول على الندب من رعاية حق الجار. 2463 - (ثم يقول أبو هريرة: ما لي أراكم عنها معرضين؟) أي: عن هذه القضية (والله لأرمينها بين أكتافكم) جمع كتف وفي رواية "الموطأ" بالنون، جمع كنف؛ وهو الناحية؛ أي: أرميها في أفنيتكم ونواحيكم؛ وإنما قال ذلك لأنّهم لم يتلقوا روايته بالقبول، ومنهم من جعل الضمير للخشبة؛ وقال معناه: أجعلها على أعناقكم، لفظ الرمي وبين يأباه. باب صبّ الخمر في الطريق 2464 - (عفان) بفتح العين وتشديد الفاء (حمّاد) بفتح الحاء وتشديد الميم (عن أنس:

22 - باب أفنية الدور والجلوس فيها والجلوس على الصعدات

كُنْتُ سَاقِىَ الْقَوْمِ فِي مَنْزِلِ أَبِى طَلْحَةَ، وَكَانَ خَمْرُهُمْ يَوْمَئِذٍ الْفَضِيخَ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُنَادِيًا يُنَادِى «أَلاَ إِنَّ الْخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ». قَالَ فَقَالَ لِى أَبُو طَلْحَةَ اخْرُجْ فَأَهْرِقْهَا، فَخَرَجْتُ فَهَرَقْتُهَا، فَجَرَتْ فِي سِكَكِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ قَدْ قُتِلَ قَوْمٌ وَهْىَ فِي بُطُونِهِمْ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا) الآيَةَ. أطرافه 4617، 4620، 5580، 5582، 5583، 5584، 5600، 5622، 7253 22 - باب أَفْنِيَةِ الدُّورِ وَالْجُلُوسِ فِيهَا وَالْجُلُوسِ عَلَى الصُّعُدَاتِ وَقَالَتْ عَائِشَةُ فَابْتَنَى أَبُو بَكْرٍ مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ، يُصَلِّى فِيهِ، وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَيَتَقَصَّفُ عَلَيْهِ نِسَاءُ الْمُشْرِكِينَ وَأَبْنَاؤُهُمْ، يَعْجَبُونَ مِنْهُ، وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كنت ساقي القوم) لأنه صغير (في بيت أبي طلحة) زوج أُمه زيد بن خالد (وكان خمرهم الفضيخ) بنصب الخمر ورفع الفضيخ على الإسمية، وهو -بفتح الفاء وضاد معجمة وخاء كذلك- البسر المشدوخ (فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مناديًا ينادي: ألا إن الخمر قد حرمت) حرمتها آية المائدة، وسيأتي هناك تمام الحديث (فهرقتها، فجرت في السكك) جمع سكة؛ وهي الزقاق، وإنما هرقوها في السكك ليظهر أمر حرمتها؛ إلا فلا يجوز الآن الإراقة في الطريق؛ لئلا يضر بالمارة. وفي الحديث دلالة على أنّ الخمر يطلق على كل مسكر، وعلى قبول خبر الواحد. باب أفنية الدور والجلوس فيها والجلوس على الصعدات الأفنية: جمع الفناء -بكسر الفاء والمد- ما امتد من جوانب الدار. والصعدات بضم الصاد والعين وفتح الدال قال ابن الأثير: جمع صعد، كطريق في اللفظ والمعنى. وقيل: جمع صعدة؛ كظلمات في جمع ظلمة؛ وهي فناء الدار، وممر الناس. روى في الباب حديث بناء أبي بكر المسجد بفناء داره، وقد سلف بطوله في كتاب الكفالة.

23 - باب الآبار على الطرق إذا لم يتأذ بها

2465 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ عَلَى الطُّرُقَاتِ». فَقَالُوا مَا لَنَا بُدٌّ، إِنَّمَا هِىَ مَجَالِسُنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا. قَالَ «فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلاَّ الْمَجَالِسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهَا» قَالُوا وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ قَالَ «غَضُّ الْبَصَرِ، وَكَفُّ الأَذَى، وَرَدُّ السَّلاَمِ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهْىٌ عَنِ الْمُنْكَرِ». طرفه 6229 23 - باب الآبَارِ عَلَى الطُّرُقِ إِذَا لَمْ يُتَأَذَّ بِهَا 2466 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سُمَىٍّ مَوْلَى أَبِى بَكْرٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بَيْنَا رَجُلٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ 2465 - (معاذ بن فضالة) بضم الميم وفتح الفاء، وضاد معجمة (ميسرة) ضد الميمنة (أسلم) على وزن أكرم (يسار) ضد اليمين. (إياكم والجلوس على الطرقات) نصب على التحذير؛ مثل: إياك والأسد، يجب في مثله حذف الناصب؛ وإنما نهاهم عن الجلوس لأنه يلزمهم أمور ربما يعجزون عنها، وقد عد منها هنا خمسة، وزاد في رواية أبي داود "إغاثة الملهوف، وهداية الضّال" ولا حصر فيه، يجوز إلحاق سائر الأمور المشاركة إياها بها، وقد دلّ هذا على أن النهي للتنزيه. وقوله: (فقالوا: ما لنا) أسند القول إلى الكل لصدوره عن واحد منهم، وهو أبو طلحة؛ صرح به مسلم. وجاز أن يكون قاله غيره أيضًا. باب الآبار على الطرق الآبار بفتح الهمزة والمد، وكذا بسكون الباء بعدها همزة ممدودة: جمع بئر (إن لم يتأذ بها). 2466 - (سمي) بضم السين، مصغر. روى فيه حديث المار على الطريق الذي عطش

24 - باب إماطة الأذى

بِطَرِيقٍ، اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ فَوَجَدَ بِئْرًا فَنَزَلَ فِيهَا فَشَرِبَ، ثُمَّ خَرَجَ، فَإِذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ الْعَطَشِ، فَقَالَ الرَّجُلُ لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الْكَلْبَ مِنَ الْعَطَشِ مِثْلُ الَّذِى كَانَ بَلَغَ مِنِّى، فَنَزَلَ الْبِئْرَ، فَمَلأَ خُفَّهُ مَاءً، فَسَقَى الْكَلْبَ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ، فَغَفَرَ لَهُ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنَّ لَنَا فِي الْبَهَائِمِ لأَجْرًا فَقَالَ «فِي كُلِّ ذَاتِ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ». طرفه 173 24 - باب إِمَاطَةِ الأَذَى وَقَالَ هَمَّامٌ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «يُمِيطُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ». 25 - باب الْغُرْفَةِ وَالْعُلِّيَّةِ الْمُشْرِفَةِ وَغَيْرِ الْمُشْرِفَةِ فِي السُّطُوحِ وَغَيْرِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــ فنزل في بئر على الطريق، ثم رأى كلبًا يأكل الثرى من العطش، فسقاه (فشكر الله له) أي: قبل عمله ذلك، فغفر له، وقد سلف الحديث بشرحه في كتاب الإحياء، وموضع الدلالة هنا كون البئر على الطريق، فدل على جواز حفر الآبار على الطرق إن لم يضر بالمارة. باب إماطة الأذى روى الحديث عن همام عن أبي هريرة تعليقًا، وقد أسنده في باب الأخذ بالركاب. قال ابن بطال: هذا القول ليس من أبي هريرة؛ لأنّ الفضائل تؤخذ توقيفًا. وهذا الكلام منه يدل على أنه لم يكن في نسخته ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ وإلا فعلى ما وقفنا عليه من النسخ، فلا وجه له؛ لأنه رفع الحديث. باب الغرفة والعلية المشرفة وغير المشرفة في السطوح وغيرها العلية بضم العين وكسرها، قال ابن الأثير والجوهري: هي الغرفة. وظاهر الترجمة المغايرة. والمشرفة: العلية ومحصل الترجمة جواز اتخاذها على أي وجه كان.

2467 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ - رضى الله عنهما - قَالَ أَشْرَفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى أُطُمٍ مِنْ آطَامِ الْمَدِينَةِ ثُمَّ قَالَ «هَلْ تَرَوْنَ مَا أَرَى إِنِّى أَرَى مَوَاقِعَ الْفِتَنِ خِلاَلَ بُيُوتِكُمْ كَمَوَاقِعِ الْقَطْرِ». طرفه 1878 2468 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى ثَوْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمْ أَزَلْ حَرِيصًا عَلَى أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ - رضى الله عنه - عَنِ الْمَرْأَتَيْنِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - اللَّتَيْنِ قَالَ اللَّهُ لَهُمَا (إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا) فَحَجَجْتُ مَعَهُ فَعَدَلَ وَعَدَلْتُ مَعَهُ بِالإِدَاوَةِ، فَتَبَرَّزَ حَتَّى جَاءَ، فَسَكَبْتُ عَلَى يَدَيْهِ مِنَ الإِدَاوَةِ، فَتَوَضَّأَ فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَنِ الْمَرْأَتَانِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - اللَّتَانِ قَالَ لَهُمَا (إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ) فَقَالَ وَاعَجَبِى لَكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ، ثُمَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ 2467 - (أشرف النبي - صلى الله عليه وسلم - على أطم من آطام المدينة) -بضم الهمزة والطاء - شبه القصر (فقال: هل ترون ما أرى؟) من رؤية البصر؛ بقرينة قوله: "ترون"، وكونه على أطم (خلال بيوتكم) بكسر الخاء، أي: وسطها، هي فتنة ابن مسلم بن عقبة عليه من الله ما يستحق، قتل فيها عشرة آلاف، وأباحها ثلاثة أيام لم يذكر في الإسلام قضية مثل قضية الحرة. 2468 - (بكير) بضم الباء وكذا (عقيل). روى في الباب عن ابن عباس أنه كان حريصًا على أن يسأل عمر بن الخطاب عن المرأتين اللتين قال الله فيهما: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4] وكان عمر مهيبًا، فلم يقدر على ذلك حتى حج معه فتمكن من ذلك، فقال: "هما حفصة وعائشة" ثم ذكر أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آلى من نسائه من شدة موجدته على نسائه. هذا محصل الحديث، ونشير إلى مواضع من ألفاظه: (الإداوة) ركوة صغيرة من الجلد (فتبرز) أي: خرج إلى البزار؛ وهو الفضاء لقضاء حاجة الإنسان (واعجبًا لك)! بالتنوين نصبًا على المصدر، ويروى بياء الإضافة،

اسْتَقْبَلَ عُمَرُ الْحَدِيثَ يَسُوقُهُ، فَقَالَ إِنِّى كُنْتُ وَجَارٌ لِى مِنَ الأَنْصَارِ فِي بَنِى أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ، وَهْىَ مِنْ عَوَالِى الْمَدِينَةِ، وَكُنَّا نَتَنَاوَبُ النُّزُولَ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَيَنْزِلُ يَوْمًا وَأَنْزِلُ يَوْمًا، فَإِذَا نَزَلْتُ جِئْتُهُ مِنْ خَبَرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنَ الأَمْرِ وَغَيْرِهِ، وَإِذَا نَزَلَ فَعَلَ مِثْلَهُ، وَكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ نَغْلِبُ النِّسَاءَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى الأَنْصَارِ إِذَا هُمْ قَوْمٌ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ، فَطَفِقَ نِسَاؤُنَا يَأْخُذْنَ مِنْ أَدَبِ نِسَاءِ الأَنْصَارِ، فَصِحْتُ عَلَى امْرَأَتِى، فَرَاجَعَتْنِى، فَأَنْكَرْتُ أَنْ تُرَاجِعَنِى، فَقَالَتْ وَلِمَ تُنْكِرُ أَنْ أُرَاجِعَكَ فَوَاللَّهِ إِنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لَيُرَاجِعْنَهُ، وَإِنَّ إِحْدَاهُنَّ لَتَهْجُرُهُ الْيَوْمَ حَتَّى اللَّيْلِ. فَأَفْزَعَنِى، فَقُلْتُ خَابَتْ مَنْ فَعَلَ مِنْهُنَّ بِعَظِيمٍ. ثُمَّ جَمَعْتُ عَلَىَّ ثِيَابِى، فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ فَقُلْتُ أَىْ حَفْصَةُ، أَتُغَاضِبُ إِحْدَاكُنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْيَوْمَ حَتَّى اللَّيْلِ فَقَالَتْ نَعَمْ. فَقُلْتُ خَابَتْ وَخَسِرَتْ، أَفَتَأْمَنُ أَنْ يَغْضَبَ اللَّهُ لِغَضَبِ رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - فَتَهْلِكِينَ لاَ تَسْتَكْثِرِى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلاَ تُرَاجِعِيهِ فِي شَىْءٍ وَلاَ تَهْجُرِيهِ، وَاسْأَلِينِى مَا بَدَا لَكِ، وَلاَ يَغُرَّنَّكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ هِىَ أَوْضَأَ مِنْكِ وَأَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُرِيدُ عَائِشَةَ - وَكُنَّا تَحَدَّثْنَا أَنَّ غَسَّانَ تُنْعِلُ النِّعَالَ لِغَزْوِنَا، فَنَزَلَ صَاحِبِى يَوْمَ نَوْبَتِهِ فَرَجَعَ عِشَاءً، فَضَرَبَ بَابِى ضَرْبًا شَدِيدًا، وَقَالَ أَنَائِمٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ وبالألف من غير تنوين عوضًا عن ياء الإضافة. قيل: إنما تعجب من خوفه من عمر مع قربه منه، وعظم قدره عنده، والذي يدل عليه ما صرح به في بعض طرقه أنه قال: وكان رجلًا مهيبًا فذكرت له فقال: لا تفعل إذا علمت عندي شيئًا من العلم فاسأل (استقبل الحديث) أي: شرع في ذكره من أوّله (إني كنت وجار لي) عطف على اسم كان، ويجوز النصب على أنه مفعول معه (في بني أمية بن زيد) طائفة من الأنصار كانوا يسكنون العوالي (فطفق نساؤنا يأخذن من آداب نساء الأنصار) أي: شرعن في ذلك (فصحت على امرأتي) بكسر الصاد، أي: رفعت صوتي عليها (فراجعتني) أي: ردَّت عليَّ ولم تمتثل أمري (إن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ليراجعنه) أي: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (فقلت: خابت من فعل منهن) ذكّر الفعل باعتبار لفظ من (بعظيم) أي: ملتبسة بإثم عظيم، وفي رواية: جاءت، فالجار يتعلق به (ولا يغرنك إن كانت جارتك هي أوضأ منك) من الوضاءة؛ وهو الحسن والجمال، يريد أن عائشة تُدل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحسنها وحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إياها وأنت خالية من الأمرين (وكنا تحدثنا) بفتح التاء (أن غسان تنعل الخيل) -بضم التاء- من الإنعال. وغسان: طائفة من بني قحطان، نزلوا على ماء في ناحية الشام تسمى غسان فسموا باسم ذلك الماء.

هُوَ فَفَزِعْتُ فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ. وَقَالَ حَدَثَ أَمْرٌ عَظِيمٌ. قُلْتُ مَا هُوَ أَجَاءَتْ غَسَّانُ قَالَ لاَ، بَلْ أَعْظَمُ مِنْهُ وَأَطْوَلُ، طَلَّقَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نِسَاءَهُ. قَالَ قَدْ خَابَتْ حَفْصَةُ وَخَسِرَتْ، كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ هَذَا يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ، فَجَمَعْتُ عَلَىَّ ثِيَابِى، فَصَلَّيْتُ صَلاَةَ الْفَجْرِ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَدَخَلَ مَشْرُبَةً لَهُ فَاعْتَزَلَ فِيهَا، فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ، فَإِذَا هِىَ تَبْكِى. قُلْتُ مَا يُبْكِيكِ أَوَلَمْ أَكُنْ حَذَّرْتُكِ أَطَلَّقَكُنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ لاَ أَدْرِى هُوَ ذَا فِي الْمَشْرُبَةِ. فَخَرَجْتُ، فَجِئْتُ الْمِنْبَرَ، فَإِذَا حَوْلَهُ رَهْطٌ يَبْكِى بَعْضُهُمْ، فَجَلَسْتُ مَعَهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ غَلَبَنِى مَا أَجِدُ، فَجِئْتُ الْمَشْرُبَةَ الَّتِى هُوَ فِيهَا فَقُلْتُ لِغُلاَمٍ لَهُ أَسْوَدَ اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ. فَدَخَلَ، فَكَلَّمَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ خَرَجَ، فَقَالَ ذَكَرْتُكَ لَهُ، فَصَمَتَ، فَانْصَرَفْتُ حَتَّى جَلَسْتُ مَعَ الرَّهْطِ الَّذِينَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ، ثُمَّ غَلَبَنِى مَا أَجِدُ فَجِئْتُ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ، فَجَلَسْتُ مَعَ الرَّهْطِ الَّذِينَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ، ثُمَّ غَلَبَنِى مَا أَجِدُ فَجِئْتُ الْغُلاَمَ. فَقُلْتُ اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ. فَذَكَرَ مِثْلَهُ، فَلَمَّا وَلَّيْتُ مُنْصَرِفًا، فَإِذَا الْغُلاَمُ يَدْعُونِى قَالَ أَذِنَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَى رِمَالِ حَصِيرٍ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فِرَاشٌ، قَدْ أَثَّرَ الرِّمَالُ بِجَنْبِهِ، مُتَّكِئٌ عَلَى وِسَادَةٍ مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، ثُمَّ قُلْتُ وَأَنَا قَائِمٌ طَلَّقْتَ نِسَاءَكَ فَرَفَعَ بَصَرَهُ إِلَىَّ، فَقَالَ «لاَ». ثُمَّ قُلْتُ - وَأَنَا قَائِمٌ أَسْتَأْنِسُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ رَأَيْتَنِى، وَكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ نَغْلِبُ النِّسَاءَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى قَوْمٍ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ، فَذَكَرَهُ، فَتَبَسَّمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ قُلْتُ لَوْ رَأَيْتَنِى، وَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ، فَقُلْتُ لاَ يَغُرَّنَّكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ هِىَ أَوْضَأَ مِنْكِ وَأَحَبَّ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يُرِيدُ عَائِشَةَ - فَتَبَسَّمَ أُخْرَى، فَجَلَسْتُ حِينَ رَأَيْتُهُ تَبَسَّمَ، ثُمَّ رَفَعْتُ بَصَرِى فِي بَيْتِهِ، فَوَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ فِيهِ شَيْئًا يَرُدُّ الْبَصَرَ غَيْرَ أَهَبَةٍ ثَلاَثَةٍ. فَقُلْتُ ادْعُ اللَّهَ فَلْيُوَسِّعْ عَلَى أُمَّتِكَ، فَإِنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ (فصليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - الفجر، فدخل مشربته) -بفتح الميم وضم الراء- هي الغرفة. وهذا موضع الدلالة على الترجمة (فقلت لغلام أسود) اسمه: رباح (استأذن لعمر، فدخلت عليه، فإذا هو على رمال حصير) ضبطوه بضم الراء، وكلام الزمخشري يدل على أنه بكسر الراء، فإنه قال: الرمال كالخطام فعال بمعنى المفعول، يقال: رمل الحصير إذا نسج. وغرض عمر أنه لم يكن على الحصير فراش (فقلت وأنا قائم أستأنس) أي: أطلب أُنسه، وأشغله بالكلام، لعل أن يزول عنه الوحشة؛ ولهذا شرع يتكلم فيما يضحك على طريق الندماء (أهبة) -بثلاث فتحات- جمع إهاب -بالكسر- هو الجلد قبل الدباغ

فَارِسَ وَالرُّومَ وُسِّعَ عَلَيْهِمْ وَأُعْطُوا الدُّنْيَا، وَهُمْ لاَ يَعْبُدُونَ اللَّهَ، وَكَانَ مُتَّكِئًا. فَقَالَ «أَوَفِى شَكٍّ أَنْتَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ أُولَئِكَ قَوْمٌ عُجِّلَتْ لَهُمْ طَيِّبَاتُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا». فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَغْفِرْ لِى. فَاعْتَزَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ الْحَدِيثِ حِينَ أَفْشَتْهُ حَفْصَةُ إِلَى عَائِشَةَ، وَكَانَ قَدْ قَالَ «مَا أَنَا بِدَاخِلٍ عَلَيْهِنَّ شَهْرًا». مِنْ شِدَّةِ مَوْجَدَتِهِ عَلَيْهِنَّ حِينَ عَاتَبَهُ اللَّهُ. فَلَمَّا مَضَتْ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ فَبَدَأَ بِهَا، فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ إِنَّكَ أَقْسَمْتَ أَنْ لاَ تَدْخُلَ عَلَيْنَا شَهْرًا، وَإِنَّا أَصْبَحْنَا لِتِسْعٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، أَعُدُّهَا عَدًّا. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ». وَكَانَ ذَلِكَ الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ. قَالَتْ عَائِشَةُ فَأُنْزِلَتْ آيَةُ التَّخْيِيرِ فَبَدَأَ بِى أَوَّلَ امْرَأَةٍ، فَقَالَ «إِنِّى ذَاكِرٌ لَكِ أَمْرًا، وَلاَ عَلَيْكِ أَنْ لاَ تَعْجَلِى حَتَّى تَسْتَأْمِرِى أَبَوَيْكِ». قَالَتْ قَدْ أَعْلَمُ أَنَّ أَبَوَىَّ لَمْ يَكُونَا يَأْمُرَانِى بِفِرَاقِكَ. ثُمَّ قَالَ «إِنَّ اللَّهَ قَالَ (يَا أَيُّهَا النَّبِىُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ) إِلَى قَوْلِهِ (عَظِيمًا)». قُلْتُ أَفِى هَذَا أَسْتَأْمِرُ أَبَوَىَّ فَإِنِّى أُرِيدُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ. ثُمَّ خَيَّرَ نِسَاءَهُ، فَقُلْنَ مِثْلَ مَا قَالَتْ عَائِشَةُ. طرفه 89 2469 - حَدَّثَنَا ابْنُ سَلاَمٍ حَدَّثَنَا الْفَزَارِىُّ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ آلَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ نِسَائِهِ شَهْرًا، وَكَانَتِ انْفَكَّتْ قَدَمُهُ فَجَلَسَ فِي عِلِّيَّةٍ لَهُ، فَجَاءَ عُمَرُ، فَقَالَ أَطَلَّقْتَ نِسَاءَكَ قَالَ «لاَ، وَلَكِنِّى آلَيْتُ مِنْهُنَّ شَهْرًا». فَمَكُثَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ، ثُمَّ نَزَلَ، فَدَخَلَ عَلَى نِسَائِهِ. طرفه 378 ـــــــــــــــــــــــــــــ (أوفي شك أنت يا بن الخطاب؟) ليس غرضه الاستفهام؛ فإنه قاطع بأن لا شك منه؛ إلا أن كلامه لما كان يشبه كلام الشاكّ ساقه مساقه (من أجل ذلك الحديث) يشرب العسل، وسيأتي ذلك مفصلًا (من شدة موجدته) -بفتح الميم وكسر الجيم- الغضب حين عاتبه الله بقوله: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: 1] (الشهر تسع وعشرون) أي: جنس الشهر قد يكون تسعًا وعشرين، وحذف التاء من تسع لكونه وصفًا لليالي؛ فإنها غرر الأَيام (إني ذاكر لك [أمرًا] ولا عليك ألا تعجلي) أي: لا بأس عليك في عدم التعجيل (تستأمري أبويك) أي: تستشيري؛ كأنها تطلب منهما ما يأمران به. 2469 - (الفزاري) هو مروان بن معاوية (انفكت قدمه) أي: خرج مفصله من مكانه.

26 - باب من عقل بعيره على البلاط أو باب المسجد

26 - باب مَنْ عَقَلَ بَعِيرَهُ عَلَى الْبَلاَطِ أَوْ بَابِ الْمَسْجِدِ 2470 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا أَبُو عَقِيلٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِىُّ قَالَ أَتَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ دَخَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمَسْجِدَ، فَدَخَلْتُ إِلَيْهِ، وَعَقَلْتُ الْجَمَلَ فِي نَاحِيَةِ الْبَلاَطِ فَقُلْتُ هَذَا جَمَلُكَ. فَخَرَجَ فَجَعَلَ يُطِيفُ بِالْجَمَلِ قَالَ «الثَّمَنُ وَالْجَمَلُ لَكَ». طرفه 443 27 - باب الْوُقُوفِ وَالْبَوْلِ عِنْدَ سُبَاطَةِ قَوْمٍ 2471 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ - رضى الله عنه - قَالَ لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، أَوْ قَالَ لَقَدْ أَتَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - سُبَاطَةَ قَوْمٍ فَبَالَ قَائِمًا. طرفه 224 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من عقل بعيره على البلاط أو باب المسجد 2470 - (أبو عقيل) -بفتح العين وكسر القاف- بشير بن عقبة (أبو المتوكل الناجي) -بالنون- علي بن دؤاد بضم الدال. (عن جابر: دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - المسجد، فدخلت إليه وعقلت الجمل في ناحية البلاط) -بفتح الباء- قال الجوهري: هو ما يفرش في الدار وغيره من الحجارة وغيرها، وما في الحديث موضع بقرب مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وظن ابن بطال أنه داخل المسجد، فشرع يرد على الشافعي قوله بنجاسة أرواث الأنعام وأبوالها، على أنّ الشافعي وإن قال بنجاسة الأرواث والأبوال لا يمنع إدخال الجمل في المسجد (فجعل يطيف بالجمل) بضم الياء، أي: يقرب منه، قال الجوهري: والظاهر منه أنه بمعنى طاف بالشيء؛ أي: دار حوله. باب الوقوف والبول عند سباطة قوم 2471 - (سليمان بن حرب) ضد الصلح (عن أبي وائل) شقيق بن سلمة. (لقد أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - سباطة قوم فبال قائمًا) السباطة بضم السين: المزبلة والكناسة، وأمّا بوله قائمًا إما لأن الموضع كان نجسًا؛ أو لأنه كان به وجع في ركبته، أو في ظهره، والعرب

28 - باب من أخذ الغصن وما يؤذى الناس فى الطريق فرمى به

28 - باب مَنْ أَخَذَ الْغُصْنَ وَمَا يُؤْذِى النَّاسَ فِي الطَّرِيقِ فَرَمَى بِهِ 2472 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ سُمَىٍّ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِى بِطَرِيقٍ، وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ فَأَخَذَهُ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ، فَغَفَرَ لَهُ». طرفه 652 29 - باب إِذَا اخْتَلَفُوا فِي الطَّرِيقِ الْمِيتَاءِ - وَهْىَ الرَّحْبَةُ تَكُونُ بَيْنَ الطَّرِيقِ - ثُمَّ يُرِيدُ أَهْلُهَا الْبُنْيَانَ، فَتُرِكَ مِنْهَا الطَّرِيقُ سَبْعَةَ أَذْرُعٍ 2473 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ خِرِّيتٍ عَنْ عِكْرِمَةَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَضَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا تَشَاجَرُوا فِي الطَّرِيقِ بِسَبْعَةِ أَذْرُعٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تستشفي لذلك بالبول قائمًا، وقد سلف الحديث مع فوائد في أبواب الطهارة، وموضع الدلالة هنا كونه بال في سباطة القوم من غير إذن منهم، ومثله جائز. 2472 - ثم روى في الباب بعده أن رجلًا كان يمشي، فوجد في الطريق غصن شوك فأخذه من الطريق لئلا يؤذي المسلمين، فشكر الله له؛ أي: قبل منه، فغفر له؛ جزاءً لما فعل، وفيه ترغيب في أمثاله من المحقرات، فإن القليل عند الله كثير إذا كان خالصًا لوجهه. باب إذا اختلفوا في الطريق الميتاء الميتاء -بكسر الميم وياء مثناة تحت، وبعدها مثناة فوق مع المد- قال الجوهري: هو الطريق العام، ومجتمع الطريق أيضًا ميتاء وميداء بالدال المهملة وفسره البخاري بالترجمة: (تكون بين الطريق) أي: المكان الواسع، فإذا اختلفوا في مقدار الطريق يترك منه سبعة أذرع، واستدل عليه بما رواه أبو هريرة؛ فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى فيما إذا تشاجر القوم سبعة أذرع -بالجيم- الاختلاف؛ والظاهر أنه إنما قدره كذلك؛ ليمكن إدخال الجمال فيها بأحمالها؛ وأما بلاد الروم والدشت التي يستعمل فيها العرابات، فلا بد من الزيادة ليمكن المجاوزة إذا تلاقى العرابتان. 2473 - (جرير بن حازم) بالحاء المهملة (عن الزبير بن خريت) بكسر الخاء المعجمة وراء مشددة.

30 - باب النهبى بغير إذن صاحبه

30 - باب النُّهْبَى بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِهِ وَقَالَ عُبَادَةُ بَايَعْنَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ لاَ نَنْتَهِبَ. 2474 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَدِىُّ بْنُ ثَابِتٍ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ الأَنْصَارِىَّ - وَهُوَ جَدُّهُ أَبُو أُمِّهِ - قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ النُّهْبَى وَالْمُثْلَةِ. طرفه 5516 2475 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ حَدَّثَنَا عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَزْنِى الزَّانِى حِينَ يَزْنِى وَهْوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُ وَهْوَ ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: ليس في الحديث ذكر الميتاء [كما] ترجم عليه؟ قلت: هذا على دأبه أشار إلى ما ورد ولم يكن على شرطه. باب النهبي بغير إذن صاحبه قال ابن الأثير: النهبى -بضم النون- مصدر كالنهب، وقد يكون اسم ما ينهب؛ كالعمرى. فإن قلت: ما فائدة قوله: بغير إذن صاحبه، وهل يكون النهب بالإذن؟ قلت: احترز به عما ينتهب في الإملاكات مما ينثر فإنه بإذن صاحبه. وروى ابن الأثير في "النهاية" أنه نثر شيء في إملاك ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاضر، فلم يأخذوه، فقال: "لم لم تأخذوه"؟ قالوا: لأنك نهيت عن النهبى، قال: "إنما نهيت عن نهبى العساكر" وكره الشافعي أخذه لأنّ الناس يزدحمون فيه، يأخذ القوي دون الضعيف. (عبادة) بضم العين وتخفيف الباء. 2474 - (إياس) بكسر الهمزة (نهى عن النهبى والمثلة) -بضم الميم- قطع طرف من أطراف الحيوان وهو حي، لأنه تشويه خلق الله. 2475 - (عفير) -بضم العين- مصغر وكذا (عقيل).

31 - باب كسر الصليب وقتل الخنزير

مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهْوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَنْتَهِبُ نُهْبَةً يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارَهُمْ حِينَ يَنْتَهِبُهَا وَهْوَ مُؤْمِنٌ». وَعَنْ سَعِيدٍ وَأَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَهُ إِلاَّ النُّهْبَةَ. أطرافه 5578، 6772، 6810 31 - باب كَسْرِ الصَّلِيبِ وَقَتْلِ الْخِنْزِيرِ 2476 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنْزِلَ فِيكُمُ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ، وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ، وَيَفِيضَ الْمَالُ حَتَّى لاَ يَقْبَلَهُ أَحَدٌ». طرفه 2222 ـــــــــــــــــــــــــــــ (ولا ينتهب نهبة يرفع الناس فيها أبصارهم) كناية عن عظم مقدارها؛ احترازًا عن المحقرات، وتدل عليه الرواية الأخرى، "ذات شرف" قال ابن الأثير: يرفع الناس فيها أبصارهم؛ أي: عالية قيمتها، ومن قال: رفع الأبصار كناية عبارة عن عدم الإذن، فقد عدل عن الصواب، وكذا من قال: إن هذا قبل القسمة في الغنيمة؛ وذلك أن غرض الشارع الزجر والتحذير عمّا كان عليه العرب من الغارات وسلب الأموال، وأيضًا الغلول في الغنيمة قد أوعد على أقل قليل منه؛ وهي شراك النعل، فلا يقيد بما ينافيه. باب كسر الصليب وقتل الخنزير 2476 - (لا تقوم الساعة حتى ينزل فيكم ابن مريم حكمًا) أي: حاكمًا (مقسطًا) أي: عادلًا (ويضع الجزية) أي: يرفعها؛ لأنه لا يقبل إلاّ الإسلام؛ كما جاء في الرّواية الأخرى. فإن قلت: شريعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مؤبدة، وقد قال الله تعالى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ} [التوبة: 29]؟ قلت: ذلك مؤقت من الشارع إلى نزول عيسى، فذلك أيضًا من شرعه.

32 - باب هل تكسر الدنان التى فيها الخمر أو تخرق الزقاق فإن كسر صنما أو صليبا أو طنبورا أو ما لا ينتفع بخشبه

32 - باب هَلْ تُكْسَرُ الدِّنَانُ الَّتِى فِيهَا الْخَمْرُ أَوْ تُخَرَّقُ الزِّقَاقُ فَإِنْ كَسَرَ صَنَمًا أَوْ صَلِيبًا أَوْ طُنْبُورًا أَوْ مَا لاَ يُنْتَفَعُ بِخَشَبِهِ وَأُتِىَ شُرَيْحٌ فِي طُنْبُورٍ كُسِرَ فَلَمْ يَقْضِ فِيهِ بِشَىْءٍ. 2477 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى نِيرَانًا تُوقَدُ يَوْمَ خَيْبَرَ. قَالَ «عَلَى مَا تُوقَدُ هَذِهِ النِّيرَانُ». قَالُوا عَلَى الْحُمُرِ الإِنْسِيَّةِ. قَالَ «اكْسِرُوهَا، وَأَهْرِقُوهَا». قَالُوا أَلاَ نُهْرِيقُهَا وَنَغْسِلُهَا قَالَ «اغْسِلُوا». أطرافه 4196، 5497، 6148، 6331، 6891 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب هل تكسر الدنان التي فيها خمر أو تخرق الزقاق، وأن يكسر صنمًا أو صليبًا أو طنبورًا أو ما [لا] ينتفع بخشبه الدنان جمع دن. والزقاق -بكسر الزاي- جمع زق وهو معروف. والطنبور بضم الطاء (وأُتي شريح بطنبور كسر، فلم يقض فيه بشيء) شريح -بضم الشين- هو ابن الحارث، القاضي المعروف، وقال الأئمة مثل قوله؛ إلا أنه يدفع أجزاءه إلى مالكه. وقال الشافعي: إن أمكن فصل أجزائه ولم يفعل بل كسره يضمن؛ لأنه تعدٍّ منه. 2477 - (مخلد) بفتح الميم وسكون الخاء المعجمة (يزيد) من الزيادة (سلمة بن الأكوع) بفتح الهمزة. هذا الحديث من الثلاثيات (قال: علامَ توقد هذه النيران؟ قالوا: على الحمر الإنسية) أي: على لحومها. والإنسية -بكسر الهمزة- نسبة إلى الإنس (قال: اكسروها وأهرقوها. قالوا: ألا نهريقها ونغسلها؟ قال: اغسلوها) هذا ناسخ للأول؛ وهو الكسر. فإن قلت: ما وجه إيراد هذا الحديث هنا؟ قلت: أمره بكسر القدور لاشتمالها على لحوم الحمر، دل على كسر الدنان وشق الزقاق التي فيها الخمر من باب الأولى؛ إلا أنّ العلماء قالوا: إذا أمكنه إراقة الخمر من غير كسر الدن فلا يكسر؛ لأنه إضاعة للمال؛ بخلاف ما إذا لم يتمكن.

2478 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِى مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ دَخَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَكَّةَ، وَحَوْلَ الْكَعْبَةِ ثَلاَثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ نُصُبًا فَجَعَلَ يَطْعَنُهَا بِعُودٍ فِي يَدِهِ وَجَعَلَ يَقُولُ (جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ) الآيَةَ. طرفاه 4287، 4720 2479 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا كَانَتِ اتَّخَذَتْ عَلَى سَهْوَةٍ لَهَا سِتْرًا فِيهِ تَمَاثِيلُ، فَهَتَكَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -، ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: ذكرت أنّ الأمر بكسر القدور منسوخ فكيف استدل به البخاري؟ قلت: لم يستدل بالمنسوخ، بل استدل بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يأمر إلا بالحق. (كان ابن أبي أويس يقول: الحمر الأنسية بنصب الألف والنون) ابن أبي أويس -بضم الهمزة- هو إسماعيل ابن أخت أبي مالك، وأطلق على الحركة البنائية النصب كما هو مصطلح الكوفية، قال ابن عدي: بفتح الهمزة والنون ليس بشيء. قلت: إذا صحت الرواية عن الثقات فقوله ليس بشيء، والوجه أن التغيير للنسبة ومن له كعب عال في علم الصرت يعلم أن النسبة يقع فيها أنواع تغيرات. 2478 - (ابن أبي نجيح) -بفتح النون وكسر الجيم- عبد الله بن يسار. (دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - مكة) أي: سنة الفتح (وحول الكعبة ثلاثمائة وستون نُصْبًا) -بضم النون وسكون الصاد- الحجر الذي كانوا يذبحون عليها قرابينهم، ويطلق على الصنم أيضًا؛ وهذا هو الظاهر من الحديث، وكونها ثلاثمائة وستين الظاهر أنهم جعلوا في مقابلة كل يوم واحدًا يدفع عنهم آفة ذلك اليوم (فجعل يطعنها) قال الجوهري: طعن بالرمح يطعن -بضم العين- وقال ابن الأثير: ويقال: طعن فيه وعليه يطعن بالفتح والضم إذا عابه، وكلام "القاموس" يدل على جواز الأمرين في كل منهما. 2479 - (المنذر) بضم الميم وكسر الذال (عياض) بكسر العين وضاد معجمة. (عن عائشة: كانت اتخذت على سهوة) السهوة مثل الصفة تكون أمام البيت (فيه تماثيل) جمع تمثال -بكسر التاء- صورة الشيء ومثاله (فهتكه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: قطعه لإزالة الصور

33 - باب من قاتل دون ماله

فَاتَّخَذَتْ مِنْهُ نُمْرُقَتَيْنِ، فَكَانَتَا فِي الْبَيْتِ يَجْلِسُ عَلَيْهِمَا. أطرافه 5954، 5955، 6109 33 - باب مَنْ قَاتَلَ دُونَ مَالِهِ 2480 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ - هُوَ ابْنُ أَبِى أَيُّوبَ - قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو الأَسْوَدِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - رضى الله عنهما - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ». 34 - باب إِذَا كَسَرَ قَصْعَةً أَوْ شَيْئًا لِغَيْرِهِ 2481 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ، فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ مَعَ خَادِمٍ بِقَصْعَةٍ فِيهَا طَعَامٌ فَضَرَبَتْ بِيَدِهَا، فَكَسَرَتِ الْقَصْعَةَ، فَضَمَّهَا، وَجَعَلَ فِيهَا الطَّعَامَ وَقَالَ «كُلُوا». وَحَبَسَ الرَّسُولَ وَالْقَصْعَةَ حَتَّى فَرَغُوا، فَدَفَعَ الْقَصْعَةَ الصَّحِيحَةَ وَحَبَسَ الْمَكْسُورَةَ وَقَالَ ابْنُ أَبِى مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ حَدَّثَنَا أَنَسٌ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 5225 ـــــــــــــــــــــــــــــ (فاتخذت منه نمرقتين) -بضم النون والراء وكسرهما- الوسادة الصغيرة. باب إذا كسر قصعة أو شيئًا لغيره 2480 - 2481 - (عن أنس: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان عند بعض نسائه) هي: عائشة، جاء كذلك في رواية الترمذي (فأرسلت إحدى أمهات المومنين) هي: زينب وقيل: أم سلمة، وقيل صفية (مع خادم) يطلق على الذكر والأنثى (بقصعة) بفتح القاف، يقال: لا تكسر القصعة ولا تفتح الجراب (فكسرت القصعة) غيرة؛ كما هو دأب النساء (فدفع القصعة الصحيحة وحبس المكسورة) وهذا لم يكن على طريقة ضمان المتلف حتى يقال: القصعة من

35 - باب إذا هدم حائطا فليبن مثله

35 - باب إِذَا هَدَمَ حَائِطًا فَلْيَبْنِ مِثْلَهُ 2482 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «كَانَ رَجُلٌ فِي بَنِى إِسْرَائِيلَ، يُقَالُ لَهُ جُرَيْجٌ، يُصَلِّى، فَجَاءَتْهُ أُمُّهُ فَدَعَتْهُ، فَأَبَى أَنْ يُجِيبَهَا، فَقَالَ أُجِيبُهَا أَوْ أُصَلِّى ثُمَّ أَتَتْهُ، فَقَالَتِ اللَّهُمَّ لاَ تُمِتْهُ حَتَّى تُرِيَهُ الْمُومِسَاتِ. وَكَانَ جُرَيْجٌ فِي صَوْمَعَتِهِ، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ لأَفْتِنَنَّ جُرَيْجًا. فَتَعَرَّضَتْ لَهُ فَكَلَّمَتْهُ فَأَبَى، فَأَتَتْ رَاعِيًا، فَأَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا فَوَلَدَتْ غُلاَمًا، فَقَالَتْ هُوَ مِنْ جُرَيْجٍ. فَأَتَوْهُ، وَكَسَرُوا صَوْمَعَتَهُ فَأَنْزَلُوهُ وَسَبُّوهُ، فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى ثُمَّ أَتَى الْغُلاَمَ، فَقَالَ مَنْ أَبُوكَ يَا غُلاَمُ قَالَ الرَّاعِى. قَالُوا نَبْنِى صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَبٍ. قَالَ لاَ إِلاَّ مِنْ طِينٍ». طرفه 1206 ـــــــــــــــــــــــــــــ ذوات القيم، فكيف حكم فيها بالمثل؛ بل كان شيء بينه وبين أهله. وقيل: كانت القصعتان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكره أن يرد المكسورة. (وقال ابن أبي مريم) واسمه سعيد شيخ البخاري، نقل عنه بلفظ قال لأنه سمع الحديث مذاكرة؛ وفائدة هذا الطريق التصريح بلفظ السماع من حميد، وفيه دفع وهم التدليس. باب إذا هدم حائطًا فليبن مثله 2482 - (جرير بن حازم) بالحاء المهملة (كان رجل في بني إسرائيل، يقال له: جريج) بضم الجيم مصغر (يصلي، فدعته أمه، فقال: أجيبها أو أصلي) الظاهر أنه حدث به في نفسه (اللهم لا تمته حتى تريه وجوه المومسات) أي: الزواني (وكان جريج في صومعته) بفتح الصاد أي: معبده، قال الجوهري: لفظ عربي، سميت بذلك لدقة رأسها (لأفتنن جريجًا) بأن دعته إلى الزنى، فلما أبي مكنت راعيًا من نفسها، فلما ولدت قالت: هو من جريج، شيء أراده الله، أصابه دعاء أمه (فأتوه وكسروا صومعته وأنزلوه وسبوه) لأنه كان يظهر الصلاح (فتوضأ) دل هذا على أن الوضوء شرع قديم، ودل عليه حديث سارة أيضًا، والذي خص به هذه الأمة كونهم غرًّا محجلين يوم القيامة، خصهم الله بذلك تمييزًا لهم عن الغير (فقال: من أبوك يا غلام؟ قال: الراعي) هذا [من] الأطفال الذين تكلموا (قالوا: نبني صومعتك من ذهب؛ قال: لا إلا من طين) الاستثناء منقطع، أي: لكن ابنوه من طين، هذا موضع الدلالة

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على الترجمة؛ وبه قال الشافعي وأبو حنيفة إن أمكن رعاية المماثلة، فالاعتراض عليه بأن الجدار يغرم قيمته ساقط، وفي الحديث دلالة على كرامات الأولياء، وعلى أن دعاء الوالدين مجاب، وأن من كان مع الله كان الله معه.

47 - أبواب الشركة

[أبواب الشراكة] 1 - باب الشَّرِكَةِ فِي الطَّعَامِ وَالنَّهْدِ وَالْعُرُوضِ وَكَيْفَ قِسْمَةُ مَا يُكَالُ وَيُوزَنُ مُجَازَفَةً أَوْ قَبْضَةً قَبْضَةً، لَمَّا لَمْ يَرَ الْمُسْلِمُونَ فِي النَّهْدِ بَأْسًا أَنْ يَأْكُلَ هَذَا بَعْضًا، وَهَذَا بَعْضًا وَكَذَلِكَ مُجَازَفَةُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَالْقِرَانُ فِي التَّمْرِ. 2483 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعْثًا ـــــــــــــــــــــــــــــ أبواب الشركة باب الشركة في الطعام والنهد بكسر النون وفتحها وسكون الهاء، ما يخرجه كل واحد من الرفقة من النفقة بقدر ما يخرجه الآخر، ويخلطونه ويشتركون في أكله جملة. قال ابن الأثير: سمي بهذا لأنه يفعل عند مناهدة العدو؛ أي: مناهضته. (والعروض) جمع عرض -بفتح العين وسكون الراء- ضد النقد من الأقمشة. (وكذلك مجازفة الذهب والفضة) محمول على إعطاء الذهب بالفضة مجازفة، لا بأس به إذا كان العوضان حاضرين في المجلس، وإلا فلا يجوز مجازفة الذهب بالذهب إجماعًا. (والقران في التمر) وهو أن يجعل في فمه تمرتين إذا كان مشتركًا، وقد تقدم من حديث ابن عمر أنه لا يجوز إلا بإذن الرفقاء. 2483 - (كيسان) بفتح الكاف وسكون الياء (بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثًا) أي: جيشًا أو

قِبَلَ السَّاحِلِ، فَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ وَهُمْ ثَلاَثُمِائَةٍ وَأَنَا فِيهِمْ، فَخَرَجْنَا حَتَّى إِذَا كُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ فَنِىَ الزَّادُ، فَأَمَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِأَزْوَادِ ذَلِكَ الْجَيْشِ فَجُمِعَ ذَلِكَ كُلُّهُ فَكَانَ مِزْوَدَىْ تَمْرٍ، فَكَانَ يُقَوِّتُنَا كُلَّ يَوْمٍ قَلِيلاً قَلِيلاً، حَتَّى فَنِىَ فَلَمْ يَكُنْ يُصِيبُنَا إِلاَّ تَمْرَةٌ تَمْرَةٌ. فَقُلْتُ وَمَا تُغْنِى تَمْرَةٌ فَقَالَ لَقَدْ وَجَدْنَا فَقْدَهَا حِينَ فَنِيَتْ. قَالَ ثُمَّ انْتَهَيْنَا إِلَى الْبَحْرِ فَإِذَا حُوتٌ مِثْلُ الظَّرِبِ، فَأَكَلَ مِنْهُ ذَلِكَ الْجَيْشُ ثَمَانِىَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، ثُمَّ أَمَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِضِلَعَيْنِ مِنْ أَضْلاَعِهِ فَنُصِبَا، ثُمَّ أَمَرَ بِرَاحِلَةٍ فَرُحِلَتْ ثُمَّ مَرَّتْ تَحْتَهُمَا فَلَمْ تُصِبْهُمَا. أطرافه 2983، 4360، 4361، 4362، 5493، 5494 2484 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مَرْحُومٍ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ - رضى الله عنه - قَالَ خَفَّتْ أَزْوَادُ الْقَوْمِ وَأَمْلَقُوا، فَأَتَوُا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فِي نَحْرِ إِبِلِهِمْ فَأَذِنَ لَهُمْ، فَلَقِيَهُمْ عُمَرُ فَأَخْبَرُوهُ فَقَالَ مَا بَقَاؤُكُمْ بَعْدَ إِبِلِكُمْ، فَدَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا بَقَاؤُهُمْ بَعْدَ إِبِلِهِمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «نَادِ فِي النَّاسِ فَيَأْتُونَ بِفَضْلِ أَزْوَادِهِمْ». فَبُسِطَ لِذَلِكَ نِطَعٌ، وَجَعَلُوهُ عَلَى النِّطَعِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ سرية (قبل الساحل) بكسر القاف، وفتح الباء أي: تلك لجهة (وأمّر عليهم) بتشديد الميم أي: جعله أميرًا (أبا عبيدة) عبد الله بن عامر أحد العشرة المبشرة، أمين هذه الأمة (فني الزاد) أي: قرب فراغه؛ لقوله: (فأمر بأزواد القوم فجمع ذلك كله، وكان يقوتنا) بفتح الياء، قال ابن الأثير: يقال: قاته يقيته؛ أي: أعطاه قوته (فلم يكن يُصيبنا إلا تمرة) أي: كل واحد تمرة (فقلت: وما تغني تمرة، فقال: لقد وجدنا فقدها) أي: أثر فقدها من ألم الجوع (فإذا حوت مثل الظرب) -بفتح الظاء المعجمة وكسر الراء- الجبل الصغير (فأكل منه ذلك الجيش ثماني عثرة ليلة) وفي رواية: (شهرًا) ولا تنافي؛ إذ الأقل داخل في الأكثر، وزيادة الثقة مقبولة (ثم أمر أبو عبيدة بضلعين) بكسر الضاد وفتح اللام، قال ابن الأثير: وقد تسكن اللام تخفيفًا. 2484 - (بشر بن مرحوم) بكسر الموحدة وشين معجمة (خفت أزواد القوم) أي: قتت (وأملقوا) قال ابن الأثير: أملقوا أي: أنفقوا ما كان معهم، أصل الإملاق: الفقر. قال تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ} [الأنعام: 151] (فأتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - في [نحر] إبلهم) في الاستئذان (فقال) أي: عمر (يا رسول الله ما بقاؤهم بعد إبلهم؟) أي: لا بقاء لهم، الاستفهام في معنى النفي (وجعلوه على النطع) أي: ما أتوا به من الأزواد، يقال فيه بكسر

فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَدَعَا وَبَرَّكَ عَلَيْهِ ثُمَّ دَعَاهُمْ بِأَوْعِيَتِهِمْ فَاحْتَثَى النَّاسُ حَتَّى فَرَغُوا، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنِّى رَسُولُ اللَّهِ». طرفه 2982 2485 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ حَدَّثَنَا أَبُو النَّجَاشِىِّ قَالَ سَمِعْتُ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا نُصَلِّى مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - الْعَصْرَ فَنَنْحَرُ جَزُورًا، فَتُقْسَمُ عَشْرَ قِسَمٍ، فَنَأْكُلُ لَحْمًا نَضِيجًا قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ. 2486 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ الأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الْغَزْوِ، أَوْ قَلَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ النون وفتحها وفتح الطاء وسكونها (فقام رسول - صلى الله عليه وسلم - فدعا وبرّك) بتشديد الراء، أي: قال: اللهم بارك فيه (فاحتثى الناس) أي: أخذوا في أوعيتهم كل واحد لنفسه ما شاء (ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله) قاله شكرًا بما أنعم الله عليه، وامتثالًا لقوله تعالى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11)} [الضحى: 11] وكانت معجزة باهرة له في ذلك - صلى الله عليه وسلم -. ثم وجه الدلالة على الترجمة كونهم خلطوا أزوادهم ثم أخذ كل واحد لنفسه ما شاء. 2485 - (الأوزاعي) بفتح الهمزة (أبو النجاشي) -بفتح النون- اسمه عطاء (خديج) بفتح الخاء (فنخر جزورًا) أطلق عليه اسم الجزور باعتبار المآل؛ وذكر الزمخشري في "الفائق ": قبل النحر جَزور -بفتح الجيم- وبعد النحر جُزور -بضم الجيم- ولم يفرق ابن الأثير، ولكن قال: اللفظ مؤنث، تقول: هذه جزور، ولكن يطلق على البعير ذكرًا كان أو أنثى (فتقسم عشر قسم) هذا موضع الدلالة على الترجمة؛ لاشتراكهم في الجزور، والحديث مع شرحه سلف في باب وقت صلاة العصر. 2486 - (محمد بن العلاء) بفتح العين والمد (أسامة) بضم الهمزة (بريد) -بضم الباء- مصغر برد (أبو بردة) -بضم الباء- عامر بن أبي موسى (إن الأشعريين إذا أرملوا) هم رهط أبي موسى نسبة إلى جدهم الأشعر بن يشجب من الأزد قحطان. ومعنى "أرملوا": افتقروا، أو قلّ قوتهم من الرمل؛ كأنهم من الفقر والقلة التصقوا بالرمل؛ كقولهم: تربت يداك.

2 - باب ما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية فى الصدقة

طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ، فَهُمْ مِنِّى وَأَنَا مِنْهُمْ». 2 - باب مَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ فِي الصَّدَقَةِ 2487 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى قَالَ حَدَّثَنِى ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رضى الله عنه - كَتَبَ لَهُ فَرِيضَةَ الصَّدَقَةِ الَّتِى فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ». طرفه 1448 3 - باب قِسْمَةِ الْغَنَمِ 2488 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ الْحَكَمِ الأَنْصَارِىُّ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ عَنْ جَدِّهِ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِذِى ـــــــــــــــــــــــــــــ (فهم مني وأنا منهم) من هذه إيصالية كقوله في علي بن أبي طالب: "أنت مني بمنزلة هارون من موسى" وإنما مدحهم لأنهم ساووا بين الفقير والغني وكثير الزاد وقليله. باب ما كان من خليطين فإنهما يتراجعان في الصدقة 2487 - إذا خرجت شاة وخلطت الجوار. وقد سلف في كتاب الزكاة، وقد أشرنا هناك إلى أن خلطة الجوار قال بها الأئمة غير أبي حنيفة، وإيراده الحديث في باب الشركة للدلالة على أن الشركة أيضًا مثلها، فإذا أخرج شيء من مال الشركة فهو على قدر المالين، يحاسب كل منهما على قدر ماله. باب قسمة الغنم 2488 - (أبو عوانة) -بفتح العين- الوضاح اليشكري (عباس بن رفاعة) بفتح العين

الْحُلَيْفَةِ فَأَصَابَ النَّاسَ جُوعٌ فَأَصَابُوا إِبِلاً وَغَنَمًا. قَالَ وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي أُخْرَيَاتِ الْقَوْمِ فَعَجِلُوا وَذَبَحُوا وَنَصَبُوا الْقُدُورَ، فَأَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْقُدُورِ فَأُكْفِئَتْ، ثُمَّ قَسَمَ فَعَدَلَ عَشْرَةً مِنَ الْغَنَمِ بِبَعِيرٍ فَنَدَّ مِنْهَا بَعِيرٌ، فَطَلَبُوهُ فَأَعْيَاهُمْ، وَكَانَ فِي الْقَوْمِ خَيْلٌ يَسِيرَةٌ فَأَهْوَى رَجُلٌ مِنْهُمْ بِسَهْمٍ فَحَبَسَهُ اللَّهُ ثُمَّ قَالَ «إِنَّ لِهَذِهِ الْبَهَائِمِ أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ فَمَا غَلَبَكُمْ مِنْهَا فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا». فَقَالَ جَدِّى إِنَّا نَرْجُو - أَوْ نَخَافُ - الْعَدُوَّ غَدًا، وَلَيْسَتْ مَعَنَا مُدًى أَفَنَذْبَحُ بِالْقَصَبِ. قَالَ «مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ، فَكُلُوهُ، لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ، وَسَأُحَدِّثُكُمْ عَنْ ذَلِكَ، أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ وَأَمَّا الظُّفُرُ فَمُدَى الْحَبَشَةِ». أطرافه 2507، 3075، 5498، 5503، 5506، 5509، 5543، 5544 ـــــــــــــــــــــــــــــ والباء الموحدة وكسر الراء (كنّا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بذي الحليفة) ذو الحليفة هذا ليس ميقات أهل المدينة؛ بل مكان من تهامة عند ذات عرق (وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - في أخريات القوم) أي في الطائفة المتأخرة وراء الجيش، إما لأنه كان يحفظ ساقة الجيش؛ أو لأمر آخر (فعجلوا) بفتح العين وكسر الجيم (وذبحوا ونصبوا القدور، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالقدور فأُكفئت) أي: قلبت، يقال: كفأته وأكفأته بمعنى. قال القرطبي والمهلب: إنما أمر بذلك لأنهم تركوه في أخريات القوم. وهذا بعيد؛ كيف ولم ينتقم لنفسه قطّ؛ كما جاء في حديث نسائه، بل إنما فعل ذلك لأنهم كانوا خروجوا من دار الحرب فلم يكن لهم أن يأكلوا من مال الغنيمة (فعدل عثرة من الغنم ببعير) هذا موضع الدلالة، ولا يلزم هذا في كل وقت؛ بل كان ذلك لرعاية القيمة في ذلك الوقت. (فندَّ منها بعير) أي: نفر وهرب (فأهوى رجل منهم بيده) يقال: أهوى بيده أي: أمالها لأخذ شيء (أوابد) جمع آبدة من تأبد الرجل إذا انقطع والمراد ما توحش (وليست معنا مدى) جمع مدية؛ وهي السكين، وكانوا لا يذبحون بآلة الحرب (ما أنهر الدم) أي: أساله (أما السّن فعظم) وقد جاء في الحديث الآخر أن العظام طعام الجن. فإن قلت: طعام الجن هو العظم الذي عليه اللحم من سائر الحيوانات. قلت: أجرى الحكم على العموم (وأما الظفر فمدى الحبشة) فكره موافقتهم.

4 - باب القران فى التمر بين الشركاء حتى يستأذن أصحابه

4 - باب الْقِرَانِ فِي التَّمْرِ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ حَتَّى يَسْتَأْذِنَ أَصْحَابَهُ 2489 - حَدَّثَنَا خَلاَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا جَبَلَةُ بْنُ سُحَيْمٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَقُولُ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَقْرُنَ الرَّجُلُ بَيْنَ التَّمْرَتَيْنِ جَمِيعًا، حَتَّى يَسْتَأْذِنَ أَصْحَابَهُ. طرفه 2455 2490 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ جَبَلَةَ قَالَ كُنَّا بِالْمَدِينَةِ فَأَصَابَتْنَا سَنَةٌ، فَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَرْزُقُنَا التَّمْرَ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَمُرُّ بِنَا فَيَقُولُ لاَ تَقْرُنُوا فَإِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الإِقْرَانِ، إِلاَّ أَنْ يَسْتَأْذِنَ الرَّجُلُ مِنْكُمْ أَخَاهُ. طرفه 2455 5 - باب تَقْوِيمِ الأَشْيَاءِ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ بِقِيمَةِ عَدْلٍ 2491 - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ أَعْتَقَ شِقْصًا لَهُ مِنْ عَبْدٍ - أَوْ شِرْكًا أَوْ قَالَ نَصِيبًا - وَكَانَ لَهُ مَا يَبْلُغُ ثَمَنَهُ بِقِيمَةِ الْعَدْلِ، فَهْوَ عَتِيقٌ، وَإِلاَّ فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ». قَالَ لاَ أَدْرِى قَوْلُهُ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ. قَوْلٌ مِنْ نَافِعٍ أَوْ فِي الْحَدِيثِ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب القران في التمر بين الشركاء حتى يستأذن صاحبه كذا في كل النسخ؛ وكأنه سقط لفظ النهي، وقيل: صوابه حين بدل حتى. 2489 - (خلاد) بفتح الخاء المعجمة وتشديد اللام (جبلة) بفتح الجيم والباء الموحدة (سحيم) بضم السين مصغر. 2490 - (أصابتنا سنة) أي: قحط (لا تقرنوا) أي: بين التمرتين، بفتح التاء، ويجوز فيه الضم أيضًا. باب تقويم الأشياء بين الشركاء بقيمة عدله 2491 - (ميسرة) ضد الميمنة (من أعتق شقصًا من عبد أو شركًا أو قال: نصيبًا) الشك من الراوي، قال ابن الأثير: الشقص -بكسر السين والشقيص على وزن فعيل - النصيب من العين المشتركة (وكان له مال يبلغ ثمنه بقيمة العدل) هذا موضع الدلالة على الترجمة (قال: لا أدري قوله: عتق منه ما عتق، قول من نافع أو في الحديث) فاعل قال عبد الوارث.

6 - باب هل يقرع فى القسمة والاستهام فيه

عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 2503، 2521، 2522، 2523، 2524، 2525 2492 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ أَعْتَقَ شَقِيصًا مِنْ مَمْلُوكِهِ فَعَلَيْهِ خَلاَصُهُ فِي مَالِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ قُوِّمَ الْمَمْلُوكُ، قِيمَةَ عَدْلٍ ثُمَّ اسْتُسْعِىَ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ». أطرافه 2504، 2526، 2527 6 - باب هَلْ يُقْرَعُ فِي الْقِسْمَةِ وَالاِسْتِهَامِ فِيهِ 2493 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ قَالَ سَمِعْتُ عَامِرًا يَقُولُ سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــ 2492 - (بشر بن محمد) بكسر الموحدة (أبي عروبة) بفتح العين وضم الراء (عن النضر) بالضاد المعجمة (عن بشير بن نهيك) بفتح الباء والنون وكسر الشين والهاء على وزن فعيل فيهما (فإن لم يكن له مال قوم المملوك قيمة عدل ثم استسعي غير مشقوق عليه) بضم الهمزة على بناء المجهول، أي: طلب منه السعي في إخلاص الباقي بأن يؤمر بالكسب، ولكن لا يكلف فوق طاقته، وفي المسألة كلام في تفصيل المذاهب، يأتي إن شاء الله في كتاب العتق. باب هل يقرع في القسمة؟ والاستهام فيه أي: في القسمة، وتذكير الضمير لأنه مصدر في معنى القسم. 2493 - (أبو نعيم) بضم النون و (بشير) على وزن فعيل (مثل القائم على حدود الله) أي: لا يتجاوزها، حافظ على رعايتها (والواقع فيها) بالتجاوز عنها (كمثل قوم استهموا على

7 - باب شركة اليتيم وأهل الميراث

سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاَهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ فَقَالُوا لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا، وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا. فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا». طرفه 2686 7 - باب شَرِكَةِ الْيَتِيمِ وَأَهْلِ الْمِيرَاثِ 2494 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَامِرِىُّ الأُوَيْسِىُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَإِنْ خِفْتُمْ) إِلَى (وَرُبَاعَ). ـــــــــــــــــــــــــــــ سفينة) أي: على سكناها، والتشبيه من قبيل تمثيل الحال بالحال (فإن تركوهم وما أرادوا) من خرق السفينة (هلكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم) أي: منعوهم عن الخرق (نجوا ونجوا) أي: نجا المناعون والممنوعون، وكذلك القائم على حدود الله إن منع الواقع فيها سلم كلهم منها؛ وإلا هلك القائم والواقع بشؤم معصية الواقع، وهذا أحد وجهي قوله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال: 25]. فإن قلت: أين موضع الدلالة؟ قلت: ضربه المثل باستهام أصحاب السفينة، وقد روى مسلم: "أنّ رجلًا أعتق ستة مملوكين فجزأهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأعتق اثنين وأرقّ أربعة" والأحاديث في باب القرعة ستأتي في آخر أبواب الشهادة، وهي حجة على الكوفيين، وقولهم: إن القرعة شبه الأزلام، بحسب منع الشارع، ولعلهم لم يبلغهم الحديث. باب شركة اليتيم وأهل الميراث 2494 - (عن عروة بن الزبير: أنه سأل عائشة عن قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي

فَقَالَتْ يَا ابْنَ أُخْتِى هِىَ الْيَتِيمَةُ تَكُونُ فِي حَجْرِ وَلِيِّهَا تُشَارِكُهُ فِي مَالِهِ، فَيُعْجِبُهُ مَالُهَا وَجَمَالُهَا، فَيُرِيدُ وَلِيُّهَا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ أَنْ يُقْسِطَ فِي صَدَاقِهَا، فَيُعْطِيهَا مِثْلَ مَا يُعْطِيهَا غَيْرُهُ، فَنُهُوا أَنْ يَنْكِحُوهُنَّ إِلاَّ أَنْ يُقْسِطُوا لَهُنَّ وَيَبْلُغُوا بِهِنَّ أَعْلَى سُنَّتِهِنَّ مِنَ الصَّدَاقِ، وَأُمِرُوا أَنْ يَنْكِحُوا مَا طَابَ لَهُمْ مِنَ النِّسَاءِ سِوَاهُنَّ. قَالَ عُرْوَةُ قَالَتْ عَائِشَةُ ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ اسْتَفْتَوْا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ هَذِهِ الآيَةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ (وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ) إِلَى قَوْلِهِ (وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ) وَالَّذِى ذَكَرَ اللَّهُ أَنَّهُ يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ الآيَةُ الأُولَى الَّتِى قَالَ فِيهَا (وَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ لاَ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ) قَالَتْ عَائِشَةُ وَقَوْلُ اللَّهِ فِي الآيَةِ الأُخْرَى (وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ) يَعْنِى هِىَ رَغْبَةُ أَحَدِكُمْ لِيَتِيمَتِهِ الَّتِى تَكُونُ فِي حَجْرِهِ، حِينَ تَكُونُ قَلِيلَةَ الْمَالِ وَالْجَمَالِ، فَنُهُوا أَنْ يَنْكِحُوا مَا رَغِبُوا فِي مَالِهَا وَجَمَالِهَا مِنْ يَتَامَى النِّسَاءِ إِلاَّ بِالْقِسْطِ مِنْ، أَجْلِ رَغْبَتِهِمْ عَنْهُنَّ. أطرافه 2763، 4573، 4574، 4600، 5064، 5092، 5098، 5128، 5131، 5140، 6965 ـــــــــــــــــــــــــــــ الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 3]) محصل جواب عائشة أن هنا آيتين؛ الأولى: في حق اليتيمة إذا كانت جميلة وكان وليها شريكًا معها في المال، وأراد أن يتزوجها للمال والجمال، ولم يعطها غيره، فنهوا عن ذلك حتى يبلغوا أعلى سنتهن من الصداق؛ أي: مهر مثلها، وقيده بالأعلى لأنها يتيمة يحتاط في حقها. ومحصل الآية الأخرى أن تكون اليتيمة غير جميلة ولا ذات مال، فيرغبون عن نكاحها، فنهوا أن ينكحوا ما رغبوا في مالها وجمالها إلا أن يبلغوا بصداقها أعلى ما يكون من مهر مثلها من أجل رغبتهم عنهن إذا كانت فقيرة ذميمة؛ مجازاة على فعلهم؛ حيث تركوا الفقيرة، ورغبوا في ذات المال والجمال، وسيأتي الحديث باطول وأوضح في تفسير سورة النساء إن شاء الله تعالى.

8 - باب الشركة فى الأرضين وغيرها

8 - باب الشَّرِكَةِ فِي الأَرَضِينَ وَغَيْرِهَا 2495 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ إِنَّمَا جَعَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الشُّفْعَةَ فِي كُلِّ مَا لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ وَصُرِّفَتِ الطُّرُقُ فَلاَ شُفْعَةَ. طرفه 2213 9 - باب إِذَا اقْتَسَمَ الشُّرَكَاءُ الدُّورَ أَوْ غَيْرَهَا فَلَيْسَ لَهُمْ رُجُوعٌ وَلاَ شُفْعَةٌ 2496 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ قَضَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالشُّفْعَةِ فِي كُلِّ مَا لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ وَصُرِّفَتِ الطُّرُقُ فَلاَ شُفْعَةَ. طرفه 2213 10 - باب الاِشْتِرَاكِ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَمَا يَكُونُ فِيهِ الصَّرْفُ 2497 و 2498 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ عُثْمَانَ يَعْنِى ابْنَ الأَسْوَدِ قَالَ أَخْبَرَنِى سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِى مُسْلِمٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا الْمِنْهَالِ عَنِ الصَّرْفِ يَدًا بِيَدٍ فَقَالَ اشْتَرَيْتُ أَنَا وَشَرِيكٌ لِى شَيْئًا يَدًا بِيَدٍ وَنَسِيئَةً، فَجَاءَنَا الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ فَسَأَلْنَاهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ 2495 - 2496 - (روى عن جابر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى في الشفعة في كل ما لم يقسم) وقد سلف مع شرحه في كتاب الشفعة، وغرضه من إيراده هنا الدلالة على جواز الشركة في الأراضي والدور، وجواز القسمة فيها. باب الاشتراك في الذهب والفضة، وما يكون فيه الصرف 2497 - 2498 - (عن عثمان يعني ابن الأسود) زاد لفظ يعني لأنه لم يسمع لفظ ابن الأسود من شيخه (سألت أبا المنهال) بكسر الميم اسمه: عبد الرحمن (عن الصرف يدًا بيد) الصرف بين أحد النقدين بالآخر صحيح إذا كان مقابضة في المجلس. والحديث سلف في أبواب البيع، وموضع الدلالة هنا: (فعلت أنا وشريكي) فإنه يدل على جواز الاشتراك في

11 - باب مشاركة الذمى والمشركين فى المزارعة

فَقَالَ فَعَلْتُ أَنَا وَشَرِيكِى زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ، وَسَأَلْنَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ «مَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ فَخُذُوهُ، وَمَا كَانَ نَسِيئَةً فَذَرُوهُ». طرفه 2060 11 - باب مُشَارَكَةِ الذِّمِّىِّ وَالْمُشْرِكِينَ فِي الْمُزَارَعَةِ 2499 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَيْبَرَ الْيَهُودَ أَنْ يَعْمَلُوهَا وَيَزْرَعُوهَا وَلَهُمْ شَطْرُ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا. طرفه 2285 12 - باب قِسْمَةِ الْغَنَمِ وَالْعَدْلِ فِيهَا 2500 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى حَبِيبٍ عَنْ أَبِى ـــــــــــــــــــــــــــــ الدراهم والدنانير، وصورته إذا كانت الدراهم من أحدهما والدنانير من الآخر أن يبيع كل منهما نصف ماله بنصف مال الآخر، وهو المراد من قول البخاري: "وما يكون فيه الصرف" ولم يقل به مالك والكوفيون في هذه الصورة. (وما كان نسيئة فردوه) وفي بعضها "ردوه" بدون الفاء؛ لأن الموصول قد لا يقصد فيه، وفي بعضها: "فذروه" -بالذال المعجمة- أي: اتركوه. باب مشاركه الذمي والمشركين في المزارعة 2499 - (جويرية) بضم الجيم مصغر الجارية. روى في الباب حديث ابن عمر (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعطى خيبر اليهود أن يعملوها [ويزرعوها] ولهم شطر ما خرج) وقد سلف الحديث، ووجه إيراده هنا الدلالة على جواز الشركة مع الذمي، ويقاس عليه المشرك، فإن الذمي مشرك، وكره الشافعي والكوفيون مشاركة الكافر في غير المساقاة؛ لأنه يخلط بماله مال الربا وثمن الخنزير، ولم يجوزه مالك وأحمد إلا أن يتولى البيع المسلم والذمي بحضرة المسلم، وليس في الحديث ذكر المشرك؛ إلا أنه لا يكون شريكًا إلا إذا مستأمنًا، وهو في حكم الذمي. باب قسمة الغنم والعدل فيها 2500 - (قتيبة) بضم القاف مصغر (عن يزيد بن حبيب) على وزن فعيل (عن أبي الخير)

13 - باب الشركة فى الطعام وغيره

الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَعْطَاهُ غَنَمًا يَقْسِمُهَا عَلَى صَحَابَتِهِ ضَحَايَا، فَبَقِىَ عَتُودٌ فَذَكَرَهُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «ضَحِّ بِهِ أَنْتَ». طرفه 2300 13 - باب الشَّرِكَةِ فِي الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ وَيُذْكَرُ أَنَّ رَجُلاً سَاوَمَ شَيْئًا فَغَمَزَهُ آخَرُ فَرَأَى عُمَرُ أَنَّ لَهُ شَرِكَةً. 2501، 2502 - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدٌ عَنْ زُهْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِشَامٍ - وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَذَهَبَتْ بِهِ أُمُّهُ زَيْنَبُ بِنْتُ حُمَيْدٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَايِعْهُ. فَقَالَ «هُوَ صَغِيرٌ». فَمَسَحَ رَأْسَهُ وَدَعَا لَهُ. وَعَنْ زُهْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ أَنَّهُ كَانَ يَخْرُجُ ـــــــــــــــــــــــــــــ مرثد بن عبد الله (روى عن عقبة بن عامر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعطاه غنمًا يفرقه على أصحابه) وقد تقدم الحديث في باب الوكالة، وإيراده للدلالة على أن الذين قُسم فيهم الغنم كانوا متشاركين في العطية، والعدلُ المذكور في الترجمة محمول على الأولوية؛ فإن الأمر كان مفوضًا إليه؛ بخلاف قسمة الحقوق؛ فإن العدل فيها واجب (فبقي عتود) -بفتح العين وضم التاء- ولد الماعز إذا كمل له حول. باب الشركة في الطعام وغيره (ويذكر أن رجلًا ساوم شيئًا فغمزه آخر، فرأى عمر أن له شركة) روى سفيان عن هشام بن حجير عن إياس بن معاوية: أن رجلين حضرا سلعة فساوم أحدهما، فأراد الآخر أن يزيد فيه؛ فغمزه المشتري بيده أن لا يفعل، فلما اشتراه قال الآخر: أنا شريكك، فارتفعا إلى عمر، فقضى له بالشركة، ونقل ابن بطال أنّ مالكًا قال بمثله، وهذا عندي فيه نظر؛ لأنه مواطأة على كساد مال المسلم. 2501 - 2502 - (أصبغ بن الفرج) بفتح الهمزة وغين معجمة (عن زهرة بن معبد) بفتح الميم والباء (عن جده عبد الله بن هشام وكان قد أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي: عبد الله، قال ابن مندة: أدركَ من زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سنة ستين. "دعا له" أي: بالبركة. صرح به الرواية بعده

14 - باب الشركة فى الرقيق

بِهِ جَدُّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هِشَامٍ إِلَى السُّوقِ فَيَشْتَرِى الطَّعَامَ فَيَلْقَاهُ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ الزُّبَيْرِ - رضى الله عنهم - فَيَقُولاَنِ لَهُ أَشْرِكْنَا، فَإِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ دَعَا لَكَ بِالْبَرَكَةِ فَيَشْرَكُهُمْ، فَرُبَّمَا أَصَابَ الرَّاحِلَةَ كَمَا هِىَ، فَيَبْعَثُ بِهَا إِلَى الْمَنْزِلِ. الحديث 2501: طرفه 7210 - الحديث 2502 طرفه 6353 14 - باب الشَّرِكَةِ فِي الرَّقِيقِ 2503 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي مَمْلُوكٍ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُعْتِقَ كُلَّهُ، إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ قَدْرَ ثَمَنِهِ يُقَامُ قِيمَةَ عَدْلٍ وَيُعْطَى شُرَكَاؤُهُ حِصَّتَهُمْ وَيُخَلَّى سَبِيلُ الْمُعْتَقِ». طرفه 2491 ـــــــــــــــــــــــــــــ (فيلقاه ابن عمر وابن الزبير) أي: يلقيان عبد الله بن هشام (فيقولان: أشركنا) أي: فيما اشتريت (فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد دعا لك بالبركة فيشركهم) الظاهر أن يقول: يشركهما، فإما أن يكون باعتبار أن أقل الجمع اثنان، أو باعتبار من معهما من الأتباع. ويشرك: يروى بضم الياء وفتحها. ثم نقل عن عروة البارقي. أنه كان يدخل السوق -أي: للتجارة- وكان قد ربح أربعين ألفًا ببركة دعاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - له بالبركة، كان أعطاه دينارًا ليشتري له شاة، فاشترى شاتين بدينار، ثم باع شاة منهما بدينار، فأتى بشاة ودينار، فدعا له بالبركة، فكان بيعه وشراؤه فيهما البركة. قال الجوهري: بارق قبيلة. . . . . وروى أبو داود والترمذي عن حكيم بن حزام مثل ما روى البخاري عن عروة البارقي، وأما قول البخاري: إذا قال الرجل للرجل أشركني تكون الشركة على النصف إذا سكت المخاطب، هذا أحد القولين للشافعي في شركة العنان إذا قالوا: أشركنا فقط من غير زيادة، والأصح عدم صحته. باب الشوكة في الرقيق 2503 - (جويرية) بضم الجيم، مصغر جارية.

15 - باب الاشتراك فى الهدى والبدن، وإذا أشرك الرجل الرجل فى هديه بعد ما أهدى

2504 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ أَعْتَقَ شِقْصًا لَهُ فِي عَبْدٍ، أُعْتِقَ كُلُّهُ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَإِلاَّ يُسْتَسْعَ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ». طرفه 2492 15 - باب الاِشْتِرَاكِ فِي الْهَدْىِ وَالْبُدْنِ، وَإِذَا أَشْرَكَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي هَدْيِهِ بَعْدَ مَا أَهْدَى 2505، 2506 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ. وَعَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهم - قَالَ قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - صُبْحَ رَابِعَةٍ مِنْ ذِى الْحَجَّةِ مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ، لاَ يَخْلِطُهُمْ شَىْءٌ، فَلَمَّا قَدِمْنَا أَمَرَنَا فَجَعَلْنَاهَا عُمْرَةً، وَأَنْ نَحِلَّ إِلَى نِسَائِنَا، فَفَشَتْ فِي ذَلِكَ الْقَالَةُ. قَالَ عَطَاءٌ فَقَالَ جَابِرٌ فَيَرُوحُ أَحَدُنَا إِلَى مِنًى وَذَكَرُهُ يَقْطُرُ مَنِيًّا. فَقَالَ جَابِرٌ بِكَفِّهِ، فَبَلَغَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَامَ خَطِيبًا فَقَالَ «بَلَغَنِى أَنَّ أَقْوَامًا يَقُولُونَ كَذَا وَكَذَا، وَاللَّهِ لأَنَا أَبَرُّ وَأَتْقَى لِلَّهِ مِنْهُمْ، ـــــــــــــــــــــــــــــ 2504 - (أبو النعمان) -بضم النون- محمد بن الفضل (حازم) بالحاء المهملة. (بشير بن نهيك) بفتح الباء والنون وكسر الشين والهاء، على وزن عليم. روى في الباب عن ابن عمر، وعن أبي هريرة (من أعتق شركًا) وفي رواية "شقصًا" كلاهما بكسر الشين وسكون [الراء] والقاف (فإن كان له مال) عتق عليه كله، وإلا عتق ذلك القدر، وعلى العبد الكسب للشريك بقدر ما بقي، وقد سلف الحديث في باب تقويم الأشياء. باب الإشراك في الهدي والبدن، وإذا أشرك الرجل رجلًا بعدما أهدى 2505 - 2506 - (أبو النعمان) -بضم النون- محمد بن الفضل (حمّاد) بفتح الحاء وتشديد الميم (وعن طاوس) عطف على عن عطاء، روى الحديث عطاء عن جابر، وطاوس عن ابن عباس حديث حجة الوداع، وقد سلف في كتاب الحج وغيره مرارًا، وموضع

وَلَوْ أَنِّى اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِى مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا أَهْدَيْتُ، وَلَوْلاَ أَنَّ مَعِى الْهَدْىَ لأَحْلَلْتُ». فَقَامَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هِىَ لَنَا أَوْ لِلأَبَدِ فَقَالَ «لاَ بَلْ لِلأَبَدِ». قَالَ وَجَاءَ عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ - فَقَالَ أَحَدُهُمَا يَقُولُ لَبَّيْكَ بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ وَقَالَ الآخَرُ لَبَّيْكَ بِحَجَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُقِيمَ عَلَى إِحْرَامِهِ، وَأَشْرَكَهُ فِي الْهَدْىِ. طرفاه 1085، 1557 ـــــــــــــــــــــــــــــ الدلالة هنا قوله في آخر الحديث: (وأشركه في الهدي) أي: أشرك عليًّا، هذا ونشير إلى مواضع منه: (قدم صبح رابعة من ذي الحجة) وكان خروجه من المدينة لخمس بقين في ذي القعدة (لا يخلطهم شيء) أي: لم يخطر ببالهم من أمر العمرة شيءٌ؛ بل كانوا لا يرون إلا الحج (ففشت في ذلك القالة) مصدر قال؛ أي: كثر في ذلك القول؛ أي: في شأن العمرة، لما أمرهم بفسخ الحج وإنشاء العمرة كرهوا ذلك (فقال جابر بكفه) أي: أشار بكفه إلى أنه يمسك المني الذي يقطر في كفه وإنّ قال يطلق على كل فعل؛ لاشتراكهما في الدلالة (ولو أني استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي) هذا ظاهر في أن سوق الهدي كان عن اجتهاد، ولا دلالة فيه على أنه لم يكن عالمًا في أول الأمر بجواز العمرة في أشهر الحج (فقال أحدهما) أي: عطاء أو طاوس (وأشركه في الهدي) قيل: المراد الهدي الذي قدم به علي من اليمن؛ لما سيأتي في كتاب المغازي أن عليًّا قدم من اليمن ومعه الهدي، فأشركه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك الهدي؛ لأن الهدي الذي ساقه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معه لا يجوز الاشتراك فيه؛ فضمير الفاعل في أشركه لعلي، فقول البخاري: "أشرك الرجل الرجل في هديه بعدما أهدى" ليس بصواب. وأنا أقول: هذا الذي قالوه ليس بصواب؛ وذلك أن الإشراك في الهدي بعد التقليد والإشعار جائز إذا لم يكن نذرًا، ونظيره ما إذا اشترى قطيعًا من الغنم للأضحية فله أن يهب بعضها، وأن يشرك معه آخر، وما يقال: أشركه في ثواب الهدي لا أنه ملكه، فشيء لا يعقل؛ لأن ثواب الأعمال لا يكون لهما إلا في الصدقة والدعاء والإعتاق.

16 - باب من عدل عشرا من الغنم بجزور فى القسم

16 - باب مَنْ عَدَلَ عَشْرًا مِنَ الْغَنَمِ بِجَزُورٍ فِي الْقَسْمِ 2507 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ جَدِّهِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِذِى الْحُلَيْفَةِ مِنْ تِهَامَةَ، فَأَصَبْنَا غَنَمًا وَإِبِلاً، فَعَجِلَ الْقَوْمُ، فَأَغْلَوْا بِهَا الْقُدُورَ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَمَرَ بِهَا فَأُكْفِئَتْ، ثُمَّ عَدَلَ عَشْرًا مِنَ الْغَنَمِ بِجَزُورٍ، ثُمَّ إِنَّ بَعِيرًا نَدَّ وَلَيْسَ فِي الْقَوْمِ إِلاَّ خَيْلٌ يَسِيرَةٌ فَرَمَاهُ رَجُلٌ فَحَبَسَهُ بِسَهْمٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ لِهَذِهِ الْبَهَائِمِ أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ، فَمَا غَلَبَكُمْ مِنْهَا فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا». قَالَ قَالَ جَدِّى يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَرْجُو - أَوْ نَخَافُ - أَنْ نَلْقَى الْعَدُوَّ غَدًا وَلَيْسَ مَعَنَا مُدًى، فَنَذْبَحُ بِالْقَصَبِ فَقَالَ «اعْجَلْ أَوْ أَرْنِى، مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلُوا، لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ، وَسَأُحَدِّثُكُمْ عَنْ ذَلِكَ، أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ، وَأَمَّا الظُّفُرُ فَمُدَى الْحَبَشَةِ». طرفه 2488 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من عدل عشرة من الغنم بجزور 2507 - (محمد) كذا وقع غير منسوب، قال الغساني: الراوي عن وكيع هو محمد بن سلام؛ صرح به البخاري في كتاب العلم. روى في الباب (عن عباية بن رفاعة) بفتح العين وكسر الراء (عن رافع بن خديج) بفتح الخاء، آخره جيم. (أنهم كانوا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذي الحليفة من تهامة) بكسر التاء، قال ابن الأثير: تهامة من ذات عرق إلى البحر؛ والى جدة. وقيل: من ذات عرق إلى مرحلتين من وراء مكة، وما وراء ذلك من جهة المغرب غور، والمدينة لا تهامية ولا نجدية (فعجل القوم فأغلوا بها القدور، فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمر بها فأكفئت) أي: قلبت وأريق ما فيها، يقال: كفأت وأكفأت بمعنى، وقد أشرنا في باب قسمة الغنم قريبًا أنه إنما أمر بذلك لأنهم كانوا خرجوا من دار الحرب، فلم يكن لهم أن يأكلوا من مال الغنيمة، ألا ترى أنه هناك قسم الغنيمة (ند بعير) أي: نفر وهرب (إن لهذه البهائم أوابد) جمع آبدة، من تأبد الرجل انقطع، أو من الأبد (اعجل أو أرني) بفتح الهمزة فيهما من راء الحيوان إذا زهق روحه، وقيل: بهمزة الوصل، من أرن يأرن؛ كعلم يعلم، إذا خف ونشط؛ لأن غير الحديد يحتاج إلى خفة يد وسرعة؛ لئلا يموت المذبوح حتف أنفه، أو لئلا يعذب، أصله أرن، قلبت الهمزة ياء لسكونها وانكسار ما قبلها؛ كذا رواه بعضهم، ورواه آخرون ارن على وزن ارم -بهمزة الوصل وسكون الراء- من رنوت الشيء؛ إذا نظرت إليه مع المداومة، وذلك لئلا يقع في غير المذبح؛ كذا قاله ابن الأثير، وفيه نظر؛ لأنه من رنوت لا يكون على وزن ارم.

48 - أبواب الرهن

[أبواب الرهن] 1 - باب فِي الرَّهْنِ فِي الْحَضَرِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى (وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ). 2508 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ وَلَقَدْ رَهَنَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - دِرْعَهُ بِشَعِيرٍ، وَمَشَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِخُبْزِ شَعِيرٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ أبواب الرهن باب الرّهن في الحضر الرهن لغة: الثبوت؛ ومنه قولهم: الحالة الرّاهنة. وفي الشرع: توثيق دين بعين، يقال فيه: رهن وأرهن بمعنى، والأول أفصح. (وقوله عز وجل: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283]). فإن قلت: وضع الباب في الرهن في الحضر، واستدل بالآية الدالة على جواز الرهن في السفر؟ قلت: ردّ بذلك على الظاهرية القائلين بتخصيص الرهن بالسفر أخذًا بظاهر الآية، ووجه الردّ أن السفر مظنة ألا يوجد فيه كاتب، فدلهم على التوثيق بالرهن، ودأب البخاري الاستدلال بما فيه خفاء. 2508 - وحديث أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: رهن بشعير؛ دلّ على أن السفر ليس قيدًا، وعليه انعقد الإجماع (ومشيت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخبز شعير) قيل: كان هذا من شعير اليهودي. والذي عندي أن هذا وهم؛ فإن هذا أمر آخر لا تعلق له باليهودي ولا بالترجمة؛ وإنما ذكره أنس دلالة على صبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وزهده في الدنيا؛ ولذلك أردفه: ولقد سمعته

2 - باب من رهن درعه

وَإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ، وَلَقَدْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ «مَا أَصْبَحَ لآلِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - إِلاَّ صَاعٌ، وَلاَ أَمْسَى». وَإِنَّهُمْ لَتِسْعَةُ أَبْيَاتٍ. طرفه 2069 2 - باب مَنْ رَهَنَ دِرْعَهُ 2509 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ تَذَاكَرْنَا عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ الرَّهْنَ، وَالْقَبِيلَ فِي السَّلَفِ، فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ حَدَّثَنَا الأَسْوَدُ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - اشْتَرَى مِنْ يَهُودِىٍّ طَعَامًا إِلَى أَجَلٍ وَرَهَنَهُ دِرْعَهُ. 3 - باب رَهْنِ السِّلاَحِ 2510 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌو سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ ـــــــــــــــــــــــــــــ يقول: (ما أصبح لآل محمد إلا صاع) فقائل سمعته هو أنس؛ جاء صريحًا في رواية الإمام أحمد، ومن قال: هو قتادة؛ أي: سمعت أنسًا، فقد عدل عن الصواب (وإهالة) بكسر الهمزة، قال ابن الأثير: كل ما يؤتدم به من الأدهان إهالة. وقيل: ما أُذيب من الإلية والشحم. وقيل: الدسم الجامد (والسنخة) -بفتح السين وكسر النون وخاء معجمة- المتغيرة. 2509 - وروى في الباب بعده أيضًا عن عائشة: (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اشترى من يهودي طعامًا إلى أجل ورهنه درعه). وقد أشرنا أن اليهودي اسمه أبو شحم، وأنّ الطعام ثلاثون صاعًا من الشعير، و (القبيل) هو الكفيل وزنًا ومعنى؛ ذكره الجوهري. باب رهن السّلاح 2510 - (سمعت جابر بن عبد الله يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من لكعب بن الأشرف) أي: لقتله، كان من كبار اليهود، أبوه عربي من طيء، وأمّه من بني النضير، وكان له حصن، وهو مصر على عداوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ذهب بعد وقعة بدر إلى مكة يحرض قريشًا على قتال

4 - باب الرهن مركوب ومحلوب

فَإِنَّهُ آذَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ - صلى الله عليه وسلم -». فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ أَنَا. فَأَتَاهُ فَقَالَ أَرَدْنَا أَنْ تُسْلِفَنَا وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ. فَقَالَ ارْهَنُونِى نِسَاءَكُمْ. قَالُوا كَيْفَ نَرْهَنُكَ نِسَاءَنَا، وَأَنْتَ أَجْمَلُ الْعَرَبِ قَالَ فَارْهَنُونِى أَبْنَاءَكُمْ. قَالُوا كَيْفَ نَرْهَنُ أَبْنَاءَنَا فَيُسَبُّ أَحَدُهُمْ، فَيُقَالُ رُهِنَ بِوَسْقٍ أَوْ وَسْقَيْنِ هَذَا عَارٌ عَلَيْنَا وَلَكِنَّا نَرْهَنُكَ اللأْمَةَ - قَالَ سُفْيَانُ يَعْنِى السِّلاَحَ - فَوَعَدَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ فَقَتَلُوهُ، ثُمَّ أَتَوُا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرُوهُ. أطرافه 3031، 3032، 4037 4 - باب الرَّهْنُ مَرْكُوبٌ وَمَحْلُوبٌ وَقَالَ مُغِيرَةُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ تُرْكَبُ الضَّالَّةُ بِقَدْرِ عَلَفِهَا، وَتُحْلَبُ بِقَدْرِ عَلَفِهَا، وَالرَّهْنُ مِثْلُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (فإنه آذى الله ورسوله) بفتح الهمزة والمد، وذكر الله في أمثاله للتمهيد، والدلالة على أن إيذاء رسوله والمؤمنين بمثابة إيذائه، وهذا لأنه تعالى منزه عن لحوق الأذى به تعالى عن ذلك علوًا كبيرًا (فقال محمد بن مسلمة: أنا) بفتح الميم واللام (أردنا أن تسلفنا وسقًا أو وسقين) الوَسق -بفتح الواو- ستون صاعًا (نرهنك اللأمة) -بفتح اللام وسكون الهمزة- فسّره سفيان بالسلاح. فإن قلت: كيف يرهن السلاح لحربي؟ قلت: لم يكن هذا على حقيقته؛ بل هو من معاريض الكلام، أرادوا قتله بالسلاح. فإن قلت: فلا يُناسب الترجمة؟ قلت: يقدر مضاف؛ أي: باب ذكر رهن السلاح، وبهذا يظهر فائدة ذكر رهن السلاح بعد ذكر رهن الدرع، وما يقال: إن الدرع ليس بسلاح، فليس كذلك، قال ابن الأثير: السلاح ما أعددته للحرب من آلة الحديد. باب [الرهن] محلوب ومركوب هذه الترجمة رواها الحاكم مسندة، وقال: إنها على شرط البخاري. (وقال المغيرة عن ابراهيم) هو النخعي (تركب الضالة بقدر علفها، وتحلب بقدر علفها والرهن مثله) هذا عند الأئمة يصح في موضع ليس فيه حاكم؛ وإلا لا يجوز التصرف في الضالة بغير إذنه.

5 - باب الرهن عند اليهود وغيرهم

2511 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ عَنْ عَامِرٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ «الرَّهْنُ يُرْكَبُ بِنَفَقَتِهِ، وَيُشْرَبُ لَبَنُ الدَّرِّ إِذَا كَانَ مَرْهُونًا». طرفه 2512 2512 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّاءُ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. «الرَّهْنُ يُرْكَبُ بِنَفَقَتِهِ إِذَا كَانَ مَرْهُونًا، وَلَبَنُ الدَّرِّ يُشْرَبُ بِنَفَقَتِهِ إِذَا كَانَ مَرْهُونًا، وَعَلَى الَّذِى يَرْكَبُ وَيَشْرَبُ النَّفَقَةُ». طرفه 2511 5 - باب الرَّهْنِ عِنْدَ الْيَهُودِ وَغَيْرِهِمْ 2513 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتِ اشْتَرَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ يَهُودِىٍّ طَعَامًا وَرَهَنَهُ دِرْعَهُ. طرفه 2068 ـــــــــــــــــــــــــــــ 2511 - ثم روى عن أبي هريرة من رواية أبي نعيم ومحمد بن مقاتل عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (الرهن يركب بنفقته، ويشرب لبن الدر) -بفتح الدال وتشديد الراء- هو اللبن، والتقدير لبن ذات الدر. واختلف العلماء في جواز الانتفاع بالمرهون؛ فذهب الشافعي ومالك إلى أنها للراهن؛ لأنها زوائد ملكه، وذهب أحمد إلى أن المرتهن ينتفع بها بقدر نفقته على المرهون استدلالًا بظاهر الحديث، وتوقف أبو حنيفة في ذلك، قال الطحاوي: لأن الحديث مجمل يحتمل الراهن والمرتهن، وأجاب الشافعي بأن لا إجمال؛ لما رواه عن أبي هريرة: "الرهن من راهنه، له غنمه وعليه غرمه" ورواه الحاكم، وقال: إنه على شرط البخاري. 2512 - فإن قلت: آخر الحديث (وعلى الذي يركب وبشرب النفقة) عام في الرّاهن والمرتهن؟ قلت: يؤول بأن الموصول أريد به العهد؛ وهو الراهن؛ لأن حديث أبي هريرة الذي رواه الشافعي نص في ذلك أو يحمل على ما إذا لم يوجد الراهن، أو كان فقيرًا. 2513 - ثم ترجم على باب الرهن عند اليهود، وروى فيه حديث عائشة: (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اشترى من يهودي طعامًا ورهنه درعه) وقد سلف قريبًا.

6 - باب إذا اختلف الراهن والمرتهن ونحوه فالبينة على المدعى واليمين على المدعى عليه

6 - باب إِذَا اخْتَلَفَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ وَنَحْوُهُ فَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِى وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ 2514 - حَدَّثَنَا خَلاَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ قَالَ كَتَبْتُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَكَتَبَ إِلَىَّ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَضَى أَنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. طرفاه 2668، 4552 2515، 2516 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ - رضى الله عنه مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ، يَسْتَحِقُّ بِهَا مَالاً وَهْوَ فِيهَا فَاجِرٌ، لَقِىَ اللَّهَ وَهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَ ذَلِكَ (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً) فَقَرَأَ إِلَى (عَذَابٌ أَلِيمٌ). ثُمَّ إِنَّ الأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ خَرَجَ إِلَيْنَا فَقَالَ مَا يُحَدِّثُكُمْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ فَحَدَّثْنَاهُ قَالَ فَقَالَ صَدَقَ ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: في الترجمة: وغير اليهود، ولم يذكر للغير حديثًا؟ قلت: إذا جاز عند اليهودي؛ فالغير من باب الأولى. باب إذا اختلف الرّاهن والمرتهن ونحوه فالبينة على المدعي واليمين على المدعي عليه الاختلاف بين الراهن والمرتهن إنما يكون في مقدار الدين فما أقر به الراهن ثبت بإقراره، وما زاد فالبينة على المرتهن في إثبات تلك الزيادة؛ وإن لم يوجد فعلى الراهن اليمين. 2514 - 2515 - (خلاد) بفتح الخاء المعجمة وتشديد اللام (عن ابن أبي مليكة) -بضم الميم مصغر- هو عبد الله بن عبد الله، واسمُ أبي مليكة زهير. 2516 - (من حلف على يمين) أي: على ما يحلف عليه (يستحق بها مالًا) أي: مال امرئ (وهو فيها فاجر) أي: كاذب، والفجور يطلق على كل معصية (ثم إن الأشعث بن قيس) بالشين المعجمة، آخره شاء مثلثة، وحديثه تقدم مع شرحه في باب الخصومة، في كتاب الشرب، وأشرنا هناك إلى أن لا تزاحم في أسباب النزول، يجوز أن تكون الآية نازلة فيه وفي غيره.

لَفِىَّ وَاللَّهِ أُنْزِلَتْ، كَانَتْ بَيْنِى وَبَيْنَ رَجُلٍ خُصُومَةٌ فِي بِئْرٍ فَاخْتَصَمْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «شَاهِدُكَ أَوْ يَمِينُهُ». قُلْتُ إِنَّهُ إِذًا يَحْلِفُ وَلاَ يُبَالِى. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ يَسْتَحِقُّ بِهَا مَالاً هُوَ فِيهَا فَاجِرٌ، لَقِىَ اللَّهَ وَهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ». فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَ ذَلِكَ، ثُمَّ اقْتَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً) إِلَى (وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ). طرفاه: 2356، 2357

49 - أبواب العتق

[أبواب العتق] 1 - باب مَا جَاءَ فِي الْعِتْقِ وَفَضْلِهِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى (فَكُّ رَقَبَةٍ * أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِى مَسْغَبَةٍ * يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ). 2517 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِى وَاقِدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِى سَعِيدٌ ابْنُ مَرْجَانَةَ صَاحِبُ عَلِىِّ بْنِ حُسَيْنٍ قَالَ لِى أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَيُّمَا رَجُلٍ أَعْتَقَ امْرَأً مُسْلِمًا اسْتَنْقَذَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنْهُ مِنَ النَّارِ». قَالَ سَعِيدٌ ابْنُ مَرْجَانَةَ فَانْطَلَقْتُ إِلَى عَلِىِّ بْنِ حُسَيْنٍ فَعَمَدَ ـــــــــــــــــــــــــــــ أبواب العتق باب: العتق وفضله (وقوله تعالى: {فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ} [البلد: 12 - 13]). العتق لغة: القوة، ومنه عواتق الطيور لكواسرها والجارية إذا أدركت تسمى عاتقًا، والكريم من كل شيء يقال فيه عتيق، يقال: أعتقه أزال ملكه لا إلى عوض ببدل وبغيره. واستدل البخاري على فضل الإعتاق بالآية الكريمة، ودلالتها ظاهرة لأنها مسوقة في معرض التعظيم، وعبر عن ذلك بفك الرقبة؛ لأنها أشرف الأعضاء، ولأن علة المذلة في عتق اليسير. 2517 - (واقد) بالقاف ودال مهملة (مرجانة) بفتح الميم والجيم (علي بن حسين) هو الإمام زين العابدين رضي الله عنه. ثم روى عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (أيما رجل أعتق امرأ مسلمًا استنقذ الله منه بكل عضو منه عضوًا منه من النار) الاستنقاذ الاستخلاص، وفي الرواية الأخرى: "حتى

2 - باب أى الرقاب أفضل

عَلِىُّ بْنُ حُسَيْنٍ - رضى الله عنهما - إِلَى عَبْدٍ لَهُ قَدْ أَعْطَاهُ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَشَرَةَ آلاَفِ دِرْهَمٍ - أَوْ أَلْفَ دِينَارٍ - فَأَعْتَقَهُ. طرفه 6715 2 - باب أَىُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ 2518 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى مُرَاوِحٍ عَنْ أَبِى ذَرٍّ - رضى الله عنه - قَالَ سَأَلْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَىُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ، قَالَ «إِيمَانٌ بِاللَّهِ، وَجِهَادٌ فِي سَبِيلِهِ». قُلْتُ فَأَىُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ قَالَ «أَغْلاَهَا ثَمَنًا، وَأَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا». قُلْتُ فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ. قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ فَرْجُه بفَرْجِهِ" والأحاديث في فضل العتق متواترة المعنى. قال الشافعي: إذا أوصى بصرف ثلث ماله إلى أقرب القربات تصرف إلى إعتاق الرقاب. باب أيّ الرقاب أفضل؟ 2518 - (عن أبي مراوح) بضم الميم، واسمه سعد (عن أبي ذر) الصحابي المكرم، واسمه جندب (أيّ الرقاب أفضل؟) أي: عتقها (قال: أغلاها ثمنًا، وأنفسها عند أهلها). فإن قلت: أي فائدة في هذا القيد بعد أن قال: "أغلاها ثمنًا"؟ قلت: فائدته أنه إذا كان مملوكًا بثمن واحد ويكون أحدهما أنفس يكون إعتاقه أفضل، ويؤخذ منه أنه إذا كان أحدهما أغلى والآخر أنفس، يكون الأنفس أفضل؛ لأن الأنفس أحب؛ قاله الجوهري، وكل شيء كان حبه غالبًا على القلب الخروج منه إلى الله أفضل، قال الله تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92]. لكن هنا نكتة؛ وهي أنّ عتق عبدين ردئيين خير من عتق عبد شريف نفيس؛ بخلاف الأضحية؛ فإن التقرب بالنفيسة خير من الضعيفتين، والحكمة في ذلك أن الغرض من الإعتاق تخليص النفس من ذل الرق، ولا شك أن تخليص نفسين خير من تخليص نفس واحدة؛ بخلاف الأضحية؛ فإن الغرض منها اللحم، ولا شك أنّ سمينة خير من عجفاوين.

3 - باب ما يستحب من العتاقة فى الكسوف والآيات

«تُعِينُ صَانِعًا أَوْ تَصْنَعُ لأَخْرَقَ». قَالَ فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ. قَالَ «تَدَعُ النَّاسَ مِنَ الشَّرِّ، فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ تَصَدَّقُ بِهَا عَلَى نَفْسِكَ». 3 - باب مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الْعَتَاقَةِ فِي الْكُسُوفِ وَالآيَاتِ 2519 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما - قَالَتْ أَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْعَتَاقَةِ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ. تَابَعَهُ عَلِىٌّ عَنِ الدَّرَاوَرْدِىِّ عَنْ هِشَامٍ. طرفه 86 2520 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ حَدَّثَنَا عَثَّامٌ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما - قَالَتْ كُنَّا نُؤْمَرُ عِنْدَ الْخُسُوفِ بِالْعَتَاقَةِ. طرفه 86 ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: إعتاق الأنثى أفضل من الذكر؛ لأن ولدها يتبعها في الحرية، والأصح أن الذكر أفضل في حق الرجل، والأنثى في حق المرأة. (تعين ضايعًا) بضاد معجمة، أي: فقيرًا ذا عيال؛ كذا رواه هشام، وهي رواية البخاري، قالوا: والصواب الصّاد المهملة؛ لأنّه في مقابلة قوله: (أو تصنع لأخرق) والأخرق: الجاهل الذي لا يهتدي لوجه معاشه. ونقل عن مالك أنّ إعتاق الكافرة الغالية الثمن أفضل من إعتاق المسلمة القليلة الثمن، وهذا ضعيف؛ لأنه تقدم في أول كتاب العتق التقييد بالمسلمة. باب العتاقة في الكسوف والآيات 2519 - (زائدة بن قدامة) بفتح الزاي المعجمة وضم القاف، وتخفيف الدال (تابعه علي) قيل: هو ابن حجر المروزي. قال شيخنا: هذا وهم، والصواب أنه علي بن المديني و (الدراوردي) -بفتح الدال المهملة والراء والواو- اسمه عبد العزيز، نسبه إلى بلده، وفي لسان المعجم يقال: ورد كرد. 2520 - (كنا نؤمر بالعتاقة في الكسوف) -بفتح العين- اسم بمعنى الإعتاق، وقد أشرنا سابقًا أن الصحابي إذا قال: كنا نؤمر أو ننهى، الآمر والناهي هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فإن قلت: ترجم على العتاقة في الكسوف والآيات ولم يورد حديثًا يدل على العتاقة في سائر الآيات؟ قلت: تقدم في أبواب الكسوف من قوله: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات

4 - باب إذا أعتق عبدا بين اثنين أو أمة بين الشركاء

4 - باب إِذَا أَعْتَقَ عَبْدًا بَيْنَ اثْنَيْنِ أَوْ أَمَةً بَيْنَ الشُّرَكَاءِ 2521 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا بَيْنَ اثْنَيْنِ، فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا قُوِّمَ عَلَيْهِ ثُمَّ يُعْتَقُ». طرفه 2491 2522 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ، فَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ قُوِّمَ الْعَبْدُ قِيمَةَ عَدْلٍ، فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ وَعَتَقَ عَلَيْهِ، وَإِلاَّ فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ». طرفه 2491 ـــــــــــــــــــــــــــــ الله" فذكره في الكسوف يدل على استحبابه في سائر الآيات. باب إذا أعتق عبدًا بين اثنين وأمة بين الشركاء إنما خص العبد بين الاثنين والأمة بين الشركاء؛ فإن كان الحكم لا يختلف في العبد والأمة تفننًا في العبارة. وقال بعض الشارحين: إنما فعل ذلك محافظة على لفظ الحديث. وهذا سهو منه؛ فإن العبد والأمة، المذكوران معًا في الشركاء في حديث الباب. 2521 - (إن كان موسرًا قوّم عليه) وقد فسر اليسار بأن يكون قادرًا على إعطاء نصيب شريكه. 2522 - (وإن لم يكن موسرًا عتق منه ما عتق) ويسعى العبد في خلاص نفسه بالكسب.

2523 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِى أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي مَمْلُوكٍ فَعَلَيْهِ عِتْقُهُ كُلِّهِ، إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدْلٍ، فَأُعْتِقَ مِنْهُ مَا أَعْتَقَ». حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا بِشْرٌ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ اخْتَصَرَهُ. 2524 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ أَعْتَقَ نَصِيبًا لَهُ فِي مَمْلُوكٍ أَوْ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ، وَكَانَ لَهُ مِنَ الْمَالِ مَا يَبْلُغُ قِيمَتَهُ بِقِيمَةِ الْعَدْلِ، فَهْوَ عَتِيقٌ». قَالَ نَافِعٌ وَإِلاَّ فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ. قَالَ أَيُّوبُ لاَ أَدْرِى أَشَىْءٌ قَالَهُ نَافِعٌ، أَوْ شَىْءٌ فِي الْحَدِيثِ. طرفه 2491 2525 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مِقْدَامٍ حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ أَخْبَرَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ كَانَ يُفْتِى فِي الْعَبْدِ أَوِ الأَمَةِ يَكُونُ بَيْنَ شُرَكَاءَ، فَيُعْتِقُ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ مِنْهُ، يَقُولُ قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ عِتْقُهُ كُلِّهِ، إِذَا كَانَ لِلَّذِى أَعْتَقَ مِنَ الْمَالِ مَا يَبْلُغُ، يُقَوَّمُ مِنْ مَالِهِ قِيمَةَ الْعَدْلِ، وَيُدْفَعُ إِلَى الشُّرَكَاءِ أَنْصِبَاؤُهُمْ، وَيُخَلَّى سَبِيلُ الْمُعْتَقِ. يُخْبِرُ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَرَوَاهُ اللَّيْثُ ـــــــــــــــــــــــــــــ 2523 - (بشر بن المفضل) بكسر الموحدة وشين معجمة، والمفضل: بضم الميم وفتح الفاء، وضاد معجمة. 2524 - (أبو النعمان) بضم النون: محمد بن الفضل (أو شركًا) الشك من الراوي (قال أيوب: لا أدري، أشيءٌ قاله نافع؛ أو شيءٌ في الحديث) يريد به ما يتعلق بالمعتق إذا كان معسرًا، وسيأتي قريبًا الجزم برفعه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. 2525 - (أحمد بن المقدام) بكسر الميم وسكون القاف (فضيل) بضم الفاء، مصغر. (وجب عليه عتقه كله) بجر كله؛ لأنه تأكيد الضمير المجرور.

5 - باب إذا أعتق نصيبا فى عبد، وليس له مال، استسعى العبد غير مشقوق عليه، على نحو الكتابة

وَابْنُ أَبِى ذِئْبٍ وَابْنُ إِسْحَاقَ وَجُوَيْرِيَةُ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مُخْتَصَرًا. طرفه 2491 5 - باب إِذَا أَعْتَقَ نَصِيبًا فِي عَبْدٍ، وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ، اسْتُسْعِىَ الْعَبْدُ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ، عَلَى نَحْوِ الْكِتَابَةِ 2526 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِى رَجَاءٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ سَمِعْتُ قَتَادَةَ قَالَ حَدَّثَنِى النَّضْرُ بْنُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ أَعْتَقَ شَقِيصًا مِنْ عَبْدٍ». طرفه 2492 2527 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ أَعْتَقَ نَصِيبًا أَوْ شَقِيصًا فِي مَمْلُوكٍ، فَخَلاَصُهُ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَإِلاَّ قُوِّمَ عَلَيْهِ، فَاسْتُسْعِىَ بِهِ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ». تَابَعَهُ حَجَّاجُ بْنُ حَجَّاجٍ وَأَبَانُ وَمُوسَى بْنُ خَلَفٍ عَنْ قَتَادَةَ. اخْتَصَرَهُ شُعْبَةُ. طرفه 2492 ـــــــــــــــــــــــــــــ (وابن أبي ذئب) محمد بن عبد الرحمن (جويرية) بضم الجيم: مصغر جارية. وأحاديث الباب حجة على مالك في قوله: للشريك أن يعتق قبل التقويم؛ وإنما كان حجة عليه لقوله: فهو عتيق، رتب بالفاء على إعتاق الشريك عتقه، فلم يبق المحل قابلًا لإعتاق الآخر. وحجة على أبي حنيفة أيضًا في قوله: الإعتاق يجزأ ويكون العبد رقيقًا كله. باب إذا أعتق نصيبًا في عبد وليس له مال استسعى العبد غير مشقوق عليه 2526 - 2527 - (أحمد بن أبي رجاء) بفتح الراء والجيم والمد (حازم) بالحاء المهملة (النضر) بالضاد المعجمة (بشير بن نهيك) بفتح الباء والنون وكسر الشين. روى في الباب حديث أبي هريرة: (من أعتق نصيبًا أو شركًا في مملوك فخلاصه عليه في ماله إن كان له مال؛ وإلا قوم عليه) أي: على العبد (فاستسعى به غير مشقوق عليه) قال مالك والشافعي وأحمد: إما يعطي المملوك ما بقي عليه، أو يستخدمه الشريك بقدر ذلك. وقال أبو حنيفة: إن كان الشريك موسرًا فالشريك بالخيار؛ إن شاء أعتق نصيبه، وإن شاء استسعى للعبد، وإن شاء ضمن المعتق، فإذا ضمنه المعتق أعتقه؛ أي: الباقي منه، وإن شاء استسعى العبد بالباقي.

6 - باب الخطإ والنسيان فى العتاقة والطلاق ونحوه، ولا عتاقة إلا لوجه الله

6 - باب الْخَطَإِ وَالنِّسْيَانِ فِي الْعَتَاقَةِ وَالطَّلاَقِ وَنَحْوِهِ، وَلاَ عَتَاقَةَ إِلاَّ لِوَجْهِ اللَّهِ وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» وَلاَ نِيَّةَ لِلنَّاسِى وَالْمُخْطِئِ. 2528 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الخطأ والنسيان في العتاقة والطلاق ونحوه ولا عتاقة إلا لوجه الله كأنه أشار إلى ما قال أبو حنيفة: لو قال: اعتقه للشيطان يصح العتق؛ لأن القربة لا تكون إلا الله، وآخر كلامه لغو، وهذه الترجمة رواها ابن ماجه والحاكم، وهو على شرط البخاري، تمامه: "وما استكرهوا عليه" والخطأ: اسم من أخطأ؛ وهو ضد الصواب، وضد العمد أيضًا، وهذا هو المراد. (قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لكل امرئ ما نوى، ولا نية للناسي والمخطِئ) هذا التعليق بعض من الحديث الذي رواه مسندًا آخر الباب، واستدل به على عدم مؤاخذة الناسي والمخطئ، وهذا مذهب الشافعي؛ وقال مالك والكوفيون: يحنث في الخطأ والنسيان. وقام الإمام أحمد: يحنث في الطلاق. فإن قلت: ما جواب هؤلاء عن قوله: "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان"؟ قلت: حملوا ذلك على ما يتعلق بالآخرة. فإن قلت: فما بالهم أوجبوا ضمان المتلفات بالخطأ والنسيان؟ قلت: خرج ذلك بدلائل آخر. 2528 - (الحميدي) بضم الحاء على وزن المصغر المنسوب (مسعر) بكسر الميم (زرارة) بضم الزاي المعجمة وفتح المهملة بعدها (أوفى) بفتح الهمزة (أن الله تجاوز عن

7 - باب إذا قال لعبده: هو لله ونوى العتق والإشهاد في العتق

لِى عَنْ أُمَّتِى مَا وَسْوَسَتْ بِهِ صُدُورُهَا، مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَكَلَّمْ». طرفاه 5269، 6664 2529 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِىِّ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ اللَّيْثِىِّ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ـــــــــــــــــــــــــــــ أمتي ما وسوست به صدورها ما لم تعمل أو تكلم) أي: تتكلم؛ حذف منه إحدى التاءين. قوله: "صدورها" بالنصب وهو الموافق لقوله: "ولا تحدث فيها نفسه"؛ وبالرفع، وهو الموافق لقوله تعالى: {وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ} [ق: 16]. فإن قلت: هذا يدل على أن سيئات القلب لا يؤاخذ بها؟ قلت: تحقيق الكلام في هذا المقام أن حديث النفس على ثلاثة أقسام: ما يخطر بالقلب من غير قصد ولا يؤاخذ به في ملة. والثاني: أن يخطره المرء باختياره ولا يصمم عليه، وهذا لا يؤاخذ به أحد من هذه الأمة خاصة. والثالث: أن يصمم على فعله ويجزم به، ثم يمنعه عنه مانع من الموت وغيره وهذا يؤاخذ به؛ لما تقدم في الحديث من قوله: "إنه كان حريصًا على قتل صاحبه" ولقوله تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج: 25]. فإن قلت: فما وجه قوله: "ما لم تعمل أو تكلم"؟ قلت: أجاب بعضهم على أنه محمول على غير المصمم الموطن نفسه عليه. وهذا ليس بشيء؛ لأن الشارع جعل الغاية العمل والتكلم فدخل فيه المصمم وغيره؛ بل الجواب أنه لا يؤاخذ بما قصده مثلًا كشرب الخمر والزنا؛ وإنما يؤاخذ بفعل القلب؛ أي: بالعزم، لا بما عزم عليه، ولا شك أن إثم هذا دون ذلك. وحديث الأعمال بالنيات تقدم في أول الكتاب وبعده في مواضع. فإن قلت: أين مناسبة حديث الوسوسة بالباب؟ قلت: جعله دليلًا على عدم المؤاخذة في النسيان لعدم النية وعزم القلب فيها. باب إذا قال لعبده: هو لله ونوى العتق والإشهاد في العتق 2529 - قوله: والإشهاد في العتق، عطف على قوله: إذا قال.

- رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَلاِمْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ». في العتق 2530 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّهُ لَمَّا أَقْبَلَ يُرِيدُ الإِسْلاَمَ وَمَعَهُ غُلاَمُهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ 2530 - 2531 - 2532 - (نمير) بضم النون، مصغر نمر (بشر) بالموحدة والمعجمة (عن أبي هريرة: لما أقبل) أي: من أرض دوس (يريد الإسلام) ظاهره أنه لم يكن قوله: "فلما قدمت على النبي - صلى الله عليه وسلم - وبايعته" يدل على أنه كان مسلمًا، فتقدير الكلام: يريد أهل الإسلام، أو بلاد الإسلام؛ ويؤيده قوله: "على أنها من دارة الكفر" قال الجوهري وابن الأثير: الدار المنزل، والدارة أخص؛ لأنها تعتبر في مفهومها الإحاطة كالدارين؛ كذا في "القاموس"؛ لكن ذكر أنها تستعمل مرادف الدار. (ومعه غلام ضل كل واحد منهما من صاحبه) فإنه كان ليلًا مظلمًا: (أيا ليلة من طولها وعنائها) بنصب ليلة، بتقدير: أشكو، والمنادى محذوف؛ أي: يا قوم، وقوله: (على أنه من دارة الكفر نجت) مدح لها بعد تلك الشكاية، والبيت من الطويل، والجزء الأول مخروم ومزحوف جائز، مثله قول الشاعر: شاقتك أحداج سليمى بعاقل وعندهم أن البيت المزحوف ربما كان أحسن من التمام، وإليه أشار بقوله: ترى الطباع إلى بعض المزاحف أميلا

8 - باب أم الولد

ضَلَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ، فَأَقْبَلَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ جَالِسٌ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، هَذَا غُلاَمُكَ قَدْ أَتَاكَ». فَقَالَ أَمَا إِنِّى أُشْهِدُكَ أَنَّهُ حُرٌّ. قَالَ فَهُوَ حِينَ يَقُولُ: 2531 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ قَيْسٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قُلْتُ فِي الطَّرِيقِ: 2532 - حَدَّثَنَا شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ قَالَ لَمَّا أَقْبَلَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - وَمَعَهُ غُلاَمُهُ وَهْوَ يَطْلُبُ الإِسْلاَمَ، فَأَضَلَّ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ بِهَذَا، وَقَالَ أَمَا إِنِّى أُشْهِدُكَ أَنَّهُ لِلَّهِ. 8 - باب أُمِّ الْوَلَدِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّهَا». ـــــــــــــــــــــــــــــ ومن لم يحط علمًا بعلم العروض قال: لا بد من الواو أو الفاء في بيت أبي هريرة ليكون موزونًا. (فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا أبا هريرة! هذا غلامك قلت: هو حر لوجه الله) هذا موضع الدلالة على الترجمة، وقد تقدم في الحديث قبله "أشهدك" والإشهاد ليس بشرط، لكنه أولى؛ لئلا يخدعه الشيطان. (قال أبو عبد الله: لم يقل أبو كريب عن أبي أسامة حر) أي: اقتصر على قوله: هو لوجه الله. وهذه الرواية موافقة للترجمة لكن هذا من قبيل الكناية؛ إن أراد العتق يعتق؛ وإلا فلا. وفي الحديث دلالة على أن الإنسان إذا نجا من آفة يستحب له أن يعتق نسمة أو يتصدق بما يقدر عليه. فإن قلت: في رواية: أبق غلامهُ، وفي أخري: أضل أحدهما صاحبه؟ قلت: الإباق بناء على ظن أبي هريرة، ولم يكن كذلك؛ ولذلك جاء بنفسه. باب أم الولد (وقال أبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: إنّ من أشراط الساعة أن تلد الأمة ربها) هذا التعليق

2533 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ إِنَّ عُتْبَةَ بْنَ أَبِى وَقَّاصٍ عَهِدَ إِلَى أَخِيهِ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ أَنْ يَقْبِضَ إِلَيْهِ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ، قَالَ عُتْبَةُ إِنَّهُ ابْنِى. فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - زَمَنَ الْفَتْحِ أَخَذَ سَعْدٌ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ. فَأَقْبَلَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَقْبَلَ مَعَهُ بِعَبْدِ بْنِ زَمْعَةَ. فَقَالَ سَعْدٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا ابْنُ أَخِى عَهِدَ إِلَىَّ أَنَّهُ ابْنُهُ. فَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا أَخِى ابْنُ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ. فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى ابْنِ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ، فَإِذَا هُوَ أَشْبَهُ النَّاسِ بِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ». مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ أَبِيهِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «احْتَجِبِى مِنْهُ يَا سَوْدَةُ بِنْتَ زَمْعَةَ». مِمَّا رَأَى مِنْ شَبَهِهِ بِعُتْبَةَ. وَكَانَتْ سَوْدَةُ زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 2053 ـــــــــــــــــــــــــــــ تقدم في كتاب الإيمان مسندًا، وأشرنا هناك إلى أن الأصح في معناه كثرة السبي لقوة الإسلام؛ وسمي ولدها ربها على المجاز؛ لأنه سبب عتقها. 2533 - ثم روى عن عائشة: أن عتبة بن أبي وقاص كان قد أوصى إلى أخيه سعد بن أبي وقاص أن يقبض إليه ابن وليدة زمعة، فإنه منه؛ لأنه كان زنى بها على عادة الجاهلية، فشارع فيه عبد بن زمعة؛ وارتفعا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فألحق الوليد بالفراش، وأمر سودة أن تحتجب منه؛ تورعًا لما رأى من شبهه بعتبة. والحديث مع شرحه سلف في كتاب البيع. واستدل من شرط الدعوة في الولد الذي من الأمة بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هو لك يا عبد بن زمعة" إنه هو تحت يدك أو عبدك، وقال به أبو حنيفة، وآخر الحديث يردهُ؛ وهو قوله: "الولد للفراش". (يا سودة بنت زمعة) بنصب بنت، وقع في بعض النسخ هكذا: قال أبو عبد الله: سمى النبي - صلى الله عليه وسلم - أم ولد زمعة ووليدة لم تكن بهذا الحديث عتيقة، ولكن من يحتج لعتقها في هذه الآية: {إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 24] له ذلك الحجة. قال بعض الشارحين: ما معنى هذا الكلام؟ ثم قال: معناه أن الخصمين أطلقا عليها

9 - باب بيع المدبر

9 - باب بَيْعِ الْمُدَبَّرِ 2534 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ أَعْتَقَ رَجُلٌ مِنَّا عَبْدًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ، فَدَعَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِهِ فَبَاعَهُ. قَالَ جَابِرٌ مَاتَ الْغُلاَمُ عَامَ أَوَّلَ. طرفه 2141 ـــــــــــــــــــــــــــــ الأمة والوليدة، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرر ذلك، فكان ذلك كالتسمية منه، ولما كان الخطاب في ما ملكت أيمانكم للمؤمنين، وزمعة لم يكن مؤمنًا لم يكن. له ملك اليمين، فيكون ما في يده حرًّا لا ملكًا له. هذا آخر كلامه، وخبطه لا يخفى أما أولًا: فلأن الكافرة إجماعًا والخطاب في الآية للمؤمنين لا يدل على ملك اليمين لغيرهم، فلو رفعت أمة ذمي أمرها إلينا أنها أم ولد له نحكم بذلك؛ كما نحكم به إذا كانت لمسلم. وأما ثانيًا: فلأن الكلام إنما هو في العتق بعد الرّق كما صرح به البخاري في قوله: لم تكن عتيقة لهذا الحديث، لكن من يحتج بعتقها بالآية. والصواب أنه أراد أن قوله: {إِلَّا مَا مَلَكَتْ} مستثنى من المحصنات، وهن ذوات الأزواج والحق أنّ مراده أن لفظ الأمة والوليدة ليس نصًّا في الملك، إذ كم من النساء علمها أمة، ولفظ الوليدة مشترك بين الطفلة والجارية، وقوله تعالى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} وإن كان خطابًا للمؤمنين إلا أن الإجماع على أنّ الكافر يملك الكافرة، والصواب حذف هذه النسخة؛ لأنّ لفظ الفراش مغن. باب بيع المدبر 2534 - (آدم بن أبي إياس) بكسر الهمزة. روى في الباب حديث جابر أن رجلًا منا أعتق عبدًا عن دبر، أي: جعله مدبرًا (فباعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) وقد سلف الحديث بشرحه في باب بيع مال المفلس، وأشرنا هناك إلى أن الرجل اسمه أبو مذكور، والعبد اسمه يعقوب، وكان عبدًا قبطيًّا، وكان موته في إمارة ابن الزبير؛ كل ذلك رواه مسلم، والحديث دليل من يجوز بيع المدبر (مات عام أول) أي: قبل هذا العام، يجوز صرفه إن كان وزنه فوعل، وعدم صرفه إن كان أفعل.

10 - باب بيع الولاء وهبته

10 - باب بَيْعِ الْوَلاَءِ وَهِبَتِهِ 2535 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَقُولُ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ بَيْعِ الْوَلاَءِ، وَعَنْ هِبَتِهِ. طرفه 6756 2536 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتِ اشْتَرَيْتُ بَرِيرَةَ فَاشْتَرَطَ أَهْلُهَا وَلاَءَهَا، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «أَعْتِقِيهَا، فَإِنَّ الْوَلاَءَ لِمَنْ أَعْطَى الْوَرِقَ». فَأَعْتَقْتُهَا، فَدَعَاهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَخَيَّرَهَا مِنْ زَوْجِهَا فَقَالَتْ لَوْ أَعْطَانِى كَذَا وَكَذَا مَا ثَبَتُّ عِنْدَهُ. فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا. طرفه 456 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب بيع الولاء وهبته هذه قطعة من حديث الباب. والولاء -بفتح الواو والمد- ميراث المُعتق. 2535 - (نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الولاء وهبته) وذلك لأنه (لحمة النسب) وفي رواية: "كلحمة الثوب" قال ابن الأثير: معناه المخالطة والامتزاج، فكما لا يجوز بيع الميراث فكذلك بيعه. ثم روى حديث بريرة أن أهلها اشترطوا الولاء في بيعها، وأبطل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك الشرط، والحديث سلف في باب اشترط في البيع شروطًا. 2536 - (فإن الولاء لمن أعطى الورق) -بفتح الواو وكسر الراء وسكونها- الفضة المضروبة. وهذا بناء على الغالب؛ ولا يلزم أن يكون الثمن ورقًا (فخيرها من زوجها) لأنه كان عبدًا، أو حرًّا؛ كما قاله أبو حنيفة (فقالت: لو أعطاني كذا وكذا ما ثبت عنده) كناية عن كثرة المال.

11 - باب إذا أسر أخو الرجل أو عمه هل يفادى إذا كان مشركا

11 - باب إِذَا أُسِرَ أَخُو الرَّجُلِ أَوْ عَمُّهُ هَلْ يُفَادَى إِذَا كَانَ مُشْرِكًا وَقَالَ أَنَسٌ قَالَ الْعَبَّاسُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَادَيْتُ نَفْسِى، وَفَادَيْتُ عَقِيلاً. وَكَانَ عَلِىٌّ لَهُ نَصِيبٌ فِي تِلْكَ الْغَنِيمَةِ الَّتِى أَصَابَ مِنْ أَخِيهِ عَقِيلٍ وَعَمِّهِ عَبَّاسٍ. 2537 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ مُوسَى عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَنَسٌ - رضى الله عنه - أَنَّ رِجَالاً مِنَ الأَنْصَارِ اسْتَأْذَنُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا ائْذَنْ فَلْنَتْرُكْ لاِبْنِ أُخْتِنَا عَبَّاسٍ فِدَاءَهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إذا أُسر أخو الرجل أو عمه هل يفادى إذا كان مشركًا (وقال أنس: قال العباس للنبي - صلى الله عليه وسلم -: فاديت نفسي، وفاديت عقيلًا) رواه مسندًا في قصة مال البحرين، واستدلال البخاري بهذا الحديث على أن الأخ والعم لا يعتقان إذا ملكهما رجل؛ لأن عليًّا كان عقيل أخًا له، والعباس عمه، ولم يعتقا عليه، إذ لو عتقا عليه كان يجب عليه مفاداتهما، ورد بهذا على أبى حنيفة وأحمد، ورده غير متوجه؛ لأنّ أبا حنيفة يقول: إنما تملك الغنائم إذا أحرز الغنيمة بدار الإسلام، ومفاداة المشركين كان ببدر، ولم تكن بدر دار الإسلام حينئذٍ، وأيضًا الإمام مخير في الرجال بين القتل والاسترقاق والفداء، فكيف يعتق على الغانم قبل استرقاقه. واحتج أبو حنيفة على ذلك بما رواه ابن عمر مرفوعًا: "من ملك ذا محرم فهو حر" قال ابن المنذر: الحديث ضعيف. وعند مالك يعتق أصحاب الفرائض والأخوة والأخوات. وقال الشافعي: لا يعتق عليه إلا أصوله وفروعه؛ أما أصوله فلقوله تعالى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: 23] الضمير للوالدين، والأجداد والجدات في حكمهم؛ وأما الفروع فلقوله تعالى: {وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا (92) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا} [مريم: 93،92]. فإنه تعالى حكم بالمنافاة بين كونه ولدًا وعبدًا. 2537 - ثم روى عن أنس (أن الأنصار استأذنوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أن يتركوا للعباس فداء؛ فقالوا: ائذن فلنترك لابن أختنا عباس فداءه) وكونه ابن أخت لهم على المجاز؛ لأن

12 - باب عتق المشرك

فَقَالَ «لاَ تَدَعُونَ مِنْهُ دِرْهَمًا». طرفاه 3048، 4018 12 - باب عِتْقِ الْمُشْرِكِ 2538 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ أَخْبَرَنِى أَبِى أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ - رضى الله عنه - أَعْتَقَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِائَةَ رَقَبَةٍ، وَحَمَلَ عَلَى مِائَةِ بَعِيرٍ، فَلَمَّا أَسْلَمَ حَمَلَ عَلَى مِائَةِ بَعِيرٍ وَأَعْتَقَ مِائَةَ رَقَبَةٍ، قَالَ فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ أَشْيَاءَ كُنْتُ أَصْنَعُهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، كُنْتُ أَتَحَنَّثُ بِهَا، يَعْنِى أَتَبَرَّرُ بِهَا، قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ لَكَ مِنْ خَيْرٍ». طرفه 1436 ـــــــــــــــــــــــــــــ سلمى زوجة هاشم كانت من بني النجار (فقال: لا تدعون له درهمًا) نفيٌ في معنى النهي، وهو أبلغ من صريح النهي؛ وإنما لم يترك له شيئًا لأنه عمه، فاراد ألا يبقي للمنافقين مكان إلقاء شبهة في قلوب المؤمنين، إضافة المصدر إلى الفاعل لا إلى المفعول كما توهم؛ لأن حديث الباب لا يوافقه. باب عتق المشرك أي إعتاقه. 2538 - (عبيد) بضم العين مصغر (أبو أسامة) -بضم الهمزة- حماد بن أسامة (حكيم بن حزام) بكسر الحاء وزاي معجمة. (حمل على مئة بعير) أي: تصدق بها لوجه الله (يا رسول الله! أرأيت) أي: أخبرني لأن الرؤية من أسباب الإخبار (أتحنَّث) أي: أتحنث بها، الحنث والحنث الإثم، وتفسير البخاري (أتبرر بها) تفسير باللازم (أسلمت على ما سلف لك من خير) فيه وجهان: أحدهما: أن ذلك الخير في الجاهلية جرك إلى الإسلام. والثاني: أن لك أجر ما أسلفت في الجاهلية؛ وأما ما يقال: إن عمل الكافر باطل، فذلك إذا مات على الكفر؛ وأما كون الإيمان شرطًا في صحته فذلك بالنظر إلى أحكام الدنيا، وهذا الوجه هو القوي؛ لقوله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7)} [الزلزلة: 7].

13 - باب من ملك من العرب رقيقا فوهب وباع وجامع وفدى وسبى الذرية

13 - باب مَنْ مَلَكَ مِنَ الْعَرَبِ رَقِيقًا فَوَهَبَ وَبَاعَ وَجَامَعَ وَفَدَى وَسَبَى الذُّرِّيَّةَ وَقَوْلِهِ تَعَالَى (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً عَبْدًا مَمْلُوكًا لاَ يَقْدِرُ عَلَى شَىْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ). 2539 و 2540 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى مَرْيَمَ قَالَ أَخْبَرَنِى اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ذَكَرَ عُرْوَةُ أَنَّ مَرْوَانَ وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَاهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَامَ حِينَ جَاءَهُ وَفْدُ هَوَازِنَ، فَسَأَلُوهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَسَبْيَهُمْ فَقَالَ «إِنَّ مَعِى مَنْ تَرَوْنَ، وَأَحَبُّ الْحَدِيثِ إِلَىَّ أَصْدَقُهُ، فَاخْتَارُوا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ إِمَّا الْمَالَ، وَإِمَّا السَّبْىَ، وَقَدْ كُنْتُ اسْتَأْنَيْتُ بِهِمْ». وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - انْتَظَرَهُمْ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً حِينَ قَفَلَ مِنَ الطَّائِفِ، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - غَيْرُ رَادٍّ إِلَيْهِمْ إِلاَّ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ قَالُوا فَإِنَّا نَخْتَارُ سَبْيَنَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من ملك من العرب رقيقًا فوهب وباع وجامع وفدى وسبى الذرية (وقوله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا} [النحل: 75]) استدل به على أن العبد والأمة من العرب يملكان كسائر الكفار؛ وذلك لإطلاق العبد في الآية، فتناول كل صنف. 2539 - 2540 - (ابن أبي مريم) اسمه سعيد (أنّ مروان) هو ابن الحكم، ولد في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وليس له صحبة، فالحديث عنه مرسل (والمسور بن مخرمة) -بكسر الميم في الأول وفتحه في الثاني- صحابي صغير، قال ابن بطال: ليس له سماع. لكن قال أبو الفضل المقدسي: له سماع. فالحديث على هذا متصل، وما روياه أن هوازن جاؤوا بعد إسلامهم، فرد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليهم سبيهم، وموضع الدلالة أن هوازن من العرب، وقد سباهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (وفد عليهم الهوازن) الوفد جمع وافد، أو اسم جمع، والوافد من يرد على الملوك لمهم عام، وهوازن -بفتح الهاء- اسم قبيلة باسم جدهم هوازن بن منصور بن قيس بن غيلان. (وقد كنت استأنيت بهم) أي: انتظرت؛ من أنى يأنى توقف، والمعنى توقفت في قسمة الغنيمة لأجلهم (انتظرهم بضع عشرة ليلة) -بكسر الباء- ما بين الثلاث إلى التسع.

فَقَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي النَّاسِ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ إِخْوَانَكُمْ جَاءُونَا تَائِبِينَ، وَإِنِّى رَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّ إِلَيْهِمْ سَبْيَهُمْ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُطَيِّبَ ذَلِكَ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَظِّهِ حَتَّى نُعْطِيَهُ إِيَّاهُ مِنْ أَوَّلِ مَا يُفِئُ اللَّهُ عَلَيْنَا فَلْيَفْعَلْ». فَقَالَ النَّاسُ طَيَّبْنَا ذَلِكَ. قَالَ «إِنَّا لاَ نَدْرِى مَنْ أَذِنَ مِنْكُمْ مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ فَارْجِعُوا حَتَّى يَرْفَعَ إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ أَمْرَكُمْ». فَرَجَعَ النَّاسُ، فَكَلَّمَهُمْ عُرَفَاؤُهُمْ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُمْ طَيَّبُوا وَأَذِنُوا، فَهَذَا الَّذِى بَلَغَنَا عَنْ سَبْىِ هَوَازِنَ. وَقَالَ أَنَسٌ قَالَ عَبَّاسٌ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَادَيْتُ نَفْسِى، وَفَادَيْتُ عَقِيلاً. طرفاه 2307، 2308 2541 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ الْحَسَنِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ كَتَبْتُ إِلَى نَافِعٍ فَكَتَبَ إِلَىَّ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَغَارَ عَلَى بَنِى الْمُصْطَلِقِ وَهُمْ غَارُّونَ وَأَنْعَامُهُمْ تُسْقَى عَلَى الْمَاءِ، فَقَتَلَ مُقَاتِلَتَهُمْ، وَسَبَى ذَرَارِيَّهُمْ، وَأَصَابَ يَوْمَئِذٍ جُوَيْرِيَةَ. حَدَّثَنِى بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَكَانَ فِي ذَلِكَ الْجَيْشِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: إلى العشر (من أول ما يفيءُ الله علينا) أي: يعطينا من الغنائم (يطيب) بضم الياء وتشديد الثانية أي: يجعله حلالًا (عرفاؤهم) جمع عريف زعيم القوم والقائم بأمرهم (فهذا الذي بلغنا من سبي هوازن) هذا من قول الزهري. 2541 - (ابن عون) -بفتح العين وسكون الواو- عبد الله الفقيه المعروف. (أغار على بني المصطلق) من العرب حي من خزاعة، كانوا بين المدينة ومكة على ست مراحل من المدينة، غزاهم سنة ست من الهجرة (جويرية) -بضم الجيم مصغر- بنت الحارث زوجة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، اشتراها من ثابت بن قيس، كانت وقعت في سهمه، فاشتراها فأعتقها فتزوجها (وهم غارون) -بتشديد الراء- من الغرور؛ أي: لم يكن لهم خبر من قصد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إغارتهم؛ وإنما فعل ذلك لأنهم كانوا عالمين بدعوته إلى الإسلام. ومن بلغه دعوته لا يجب على النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلى المسلمين دعوته ثانيًا (حدثني به عبد الله) هذا من كلام نافع.

2542 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ قَالَ رَأَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ - رضى الله عنه - فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي غَزْوَةِ بَنِى الْمُصْطَلِقِ فَأَصَبْنَا سَبْيًا مِنْ سَبْىِ الْعَرَبِ، فَاشْتَهَيْنَا النِّسَاءَ فَاشْتَدَّتْ عَلَيْنَا الْعُزْبَةُ وَأَحْبَبْنَا الْعَزْلَ، فَسَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مَا عَلَيْكُمْ أَنْ لاَ تَفْعَلُوا، مَا مِنْ نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلاَّ وَهْىَ كَائِنَةٌ». طرفه 2229 2543 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ لاَ أَزَالُ أُحِبُّ بَنِى تَمِيمٍ. وَحَدَّثَنِى ابْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنِ الْمُغِيرَةِ عَنِ الْحَارِثِ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ. وَعَنْ عُمَارَةَ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ مَا زِلْتُ أُحِبُّ بَنِى تَمِيمٍ مُنْذُ ثَلاَثٍ سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ فِيهِمْ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ «هُمْ أَشَدُّ أُمَّتِى عَلَى الدَّجَّالِ». قَالَ وَجَاءَتْ صَدَقَاتُهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هَذِهِ صَدَقَاتُ قَوْمِنَا». وَكَانَتْ سَبِيَّةٌ مِنْهُمْ عِنْدَ عَائِشَةَ. فَقَالَ «أَعْتِقِيهَا فَإِنَّهَا مِنْ وَلَدِ ـــــــــــــــــــــــــــــ 2542 - (محمد بن حبان) بفتح الحاء والباء الموحدة. (أصبنا سبيًا من سبي العرب) هذا موضع الدلالة؛ فإنه دل على جواز استرقاق العرب (فأحببنا العزل) هذا يدل على أن بيع أمهات الأولاد لم يكن جائزًا حينئذٍ (ما عليكم أن تفعلوا) أي: لا بأس عليكم في عدم الفعل؛ فإن العزل إنما يكون لخوف الولد، والولد الذي قدر أنه كائن لا يدفعه العزل؛ لأنه ربما يسبق قطرة مني من غير شعور؛ على أن الله قادر على خلق الولد بدون المني (ما من نسمة) -بثلاث فتحات- نفس ابن آدم. 2543 - (زهير) بضم الزاي مصغر (حرب) ضد الصلح (عمارة) بضم العين (القعقاع) بتكرير العين المهملة والقاف (عن أبي زرعة) -بضم الزاي- هرم البجلي، وقيل: عمرو، أو عبد الله، أو عبد الرحمن. (ما زلت أحب بني تميم منذ ثلاث) أي: ثلاث كلمات (سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكانت سبية منهم عند عائشة) فعيلة بمعنى المفعول؛ أي: مسبية (أعتقيها فإنها من ولد

14 - باب فضل من أدب جاريته وعلمها

إِسْمَاعِيلَ». طرفه 4366 14 - باب فَضْلِ مَنْ أَدَّبَ جَارِيَتَهُ وَعَلَّمَهَا 2544 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ فُضَيْلٍ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ كَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ فَعَالَهَا، فَأَحْسَنَ إِلَيْهَا ثُمَّ أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا، كَانَ لَهُ أَجْرَانِ». طرفه 97 ـــــــــــــــــــــــــــــ إسماعيل) أي: من ذريته. هذا موضع الدلالة؛ فإن إسماعيل عربي، أو لأن امرأته كانت من جرهم؛ وهم من أولاد قحطان أبي العرب. فإن قلت: لا يجوز وطء المشركات فكيف كانوا يطؤونهنّ؟ قلت: كانوا يأمرونهن أولًا بالدخول في الإسلام، ولما كان هذا معلومًا لم يتعرض له في الحديث، وقد ورد الخبر بذلك، ألا ترى أن ليس في الحديث ذكر الاستبراء، مع أنه لا بد منه، والحديث دل على جواز العزل وإن كان الأولى عدمه. باب فضل من أدب جاريته وعلمها 2544 - (محمد بن فضيل) بضم الفاء مصغر (مطرف) بضم الميم وكسر الراء المشددة (عن الشعبي) -بفتح الشين- أبو عمرو عامر الكوفي (عن أبي بردة) -بضم الباء وسكون الراء- عامر بن أبي موسى. (من كانت له جارية فعالها) أي: أنفق عليها وقام بحالها، وفي بعضها: من عال يعول، ومنه قوله تعالى: {ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} [النساء: 3]، وهذا أوفق بالترجمة. والحديث تقدم في باب ثلاثة لهم أجران في كتاب العلم.

15 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - «العبيد إخوانكم فأطعموهم مما تأكلون»

15 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «الْعَبِيدُ إِخْوَانُكُمْ فَأَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ». وَقَوْلِهِ تَعَالَى (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِى الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِى الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا). ذِى الْقُرْبَى الْقَرِيبُ، وَالْجُنُبُ الْغَرِيبُ، الْجَارُ الْجُنُبُ يَعْنِى الصَّاحِبَ فِي السَّفَرِ. 2545 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا وَاصِلٌ الأَحْدَبُ قَالَ سَمِعْتُ الْمَعْرُورَ بْنَ سُوَيْدٍ قَالَ رَأَيْتُ أَبَا ذَرٍّ الْغِفَارِىَّ - رضى الله عنه - وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ وَعَلَى غُلاَمِهِ حُلَّةٌ فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ إِنِّى سَابَبْتُ رَجُلاً فَشَكَانِى إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ لِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ». ثُمَّ قَالَ «إِنَّ إِخْوَانَكُمْ خَوَلُكُمْ جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ، وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ، وَلاَ تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ، فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ فَأَعِينُوهُمْ». طرفه 30 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "العبيد إخوانكم"، وقول الله: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} [النساء: 36] إلى آخر الآية استدل بالآية على ما ترجم، وموضع الدلالة قوله: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 3] فإنه مما أوصى برعاية. 2545 - (أبي إياس) بكسر الهمزة. (واصل الأحدب) بفتح الهمزة ودال مهملة (المعرور) بالعين والراء المهملتين (سويد) بضم السين مصغر. (رأيت أبا ذر الغفاري) -بكسر الغين المعجمة- حي من كنانة (وعليه حلة، وعلى غلامه حلّة) -بضم الحاء- ثوبان من جنس واحد، وإلا فلا يكون حلة (ساببت رجلًا) هو بلال (فعيرته بأمه) بأن قال له: يا بن السوداء. قال الجوهري: يقال: عيرته كذا، والعامة تقول بكذا (إخوانكم خولكم) -بفتح الخاء المعجمة واللام- جمع خائل، وكأن أصل الكلام: خولكم إخوانكم؛ فإن المراد إلحاق الحرم بالأخوة في الرعاية، إلا أنه قلب التركيب مبالغة؛ كأنهم صاروا أصلًا في ذلك (ولا تكلفوهم ما يغلبهم) أي: ما يشق عليهم (فإن كلفتموهم فأعينوهم).

16 - باب العبد إذا أحسن عبادة ربه ونصح سيده

16 - باب الْعَبْدِ إِذَا أَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ وَنَصَحَ سَيِّدَهُ 2546 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْعَبْدُ إِذَا نَصَحَ سَيِّدَهُ وَأَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ كَانَ لَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ». طرفه 2550 2547 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ صَالِحٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَيُّمَا رَجُلٍ كَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ فَأَدَّبَهَا فَأَحْسَنَ تَأْدِيبَهَا، وَأَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا، فَلَهُ أَجْرَانِ، وَأَيُّمَا عَبْدٍ أَدَّى حَقَّ اللَّهِ وَحَقَّ مَوَالِيهِ، فَلَهُ أَجْرَانِ». طرفه 97 ـــــــــــــــــــــــــــــ قال بعض الشارحين: فإن قلت: نهى عن التكليف، فكيف عقبه بقوله: "فإن كلفتموهم"؟ قلت: النهي للتنزيه، وفيه جواز تكليف ما فيه المشقة؛ فإن كانت غالبة وجب العون عليها، وهذا خبط منه؛ فإن تكليف ما فيه مشقة غير جائز، ولو كان جائزًا لم يجب عليهم الإعانة؛ فإن الوجوب إنما يكون في مقابلة الحرمة. وتمام الكلام في كتاب الإيمان، في باب المعاصي من أمر الجاهلية. باب العبد إذا أحسن عبادة ربه، ونصح سيده النصح لغة: الخلوص. وفي العرف: كلمة جامعة لأنواع إرادة الخير. 2546 - (مسلمة) بفتح الميم واللام (العبد إذا نصح سيده، و [أحسن] عبادة ربه كان له أجره مرتين) قيل: فرق بين الأجرين، فإن الأجر الذي لطاعة الله أعظم من الأجر الذي لطاعة سيده. هذا، ولا دلالة للحديث على ذلك، والله يتفضل بما شاء، على أن طاعته لسيده امتثال لأمر الله أيضًا، وحديث أبي موسى في تأديب الجارية تقدم آنفًا في باب من أدّب جاريته.

17 - باب كراهية التطاول على الرقيق، وقوله عبدى، أو أمتى

2548 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لِلْعَبْدِ الْمَمْلُوكِ الصَّالِحِ أَجْرَانِ، وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَوْلاَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْحَجُّ وَبِرُّ أُمِّى، لأَحْبَبْتُ أَنْ أَمُوتَ وَأَنَا مَمْلُوكٌ». 2549 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنِ الأَعْمَشِ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «نِعْمَ مَا لأَحَدِهِمْ يُحْسِنُ عِبَادَةَ رَبِّهِ وَيَنْصَحُ لِسَيِّدِهِ». 17 - باب كَرَاهِيَةِ التَّطَاوُلِ عَلَى الرَّقِيقِ، وَقَوْلِهِ عَبْدِى، أَوْ أَمَتِى وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى (وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ) وَقَالَ (عَبْدًا ـــــــــــــــــــــــــــــ 2548 - (بشر بن محمد) بكسر الموحدة. (قال أبو هريرة: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: للعبد المملوك الصالح أجران) وإنما كان صالحًا لأنه قام بخدمة مولاه الحقيقي والمجازي (والذي نفسي بيده لولا الجهاد وبِرُّ أمي لأحببت أن أموت وأنا عبدٌ مملوكٌ) هذا من كلام أبي هريرة، وإنما جُعل المانع من أن يحب أن يموت مملوكًا الجهاد، لأن العبد لا يقدر عليه إلا بإذن سيده. وكذا الأم لا يجوزُ الجهاد إلا برضاها. وقال الخطابي: هذا من كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولله أن يمتحن عباده بما شاء. وهذا الذي قاله لا يُوافَقُ عليه؛ فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن له أم. وحَمْله على أمه الرضاعية، لا يقول به مَنْ له ذَوْقٌ. وأيضًا رتبته أجل من ذلك، ألا ترى أن من شرط النبوة الحريةُ، فكيف يتمنى الرق سيد الرسل، هذا، وقد صرّح الإسماعيلي ومسلم بذلك هكذا: والذي نفس أبي هريرة بيده لولا برُّ أمي. 2549 - (نعم ما لأحدهم) في نعم: ضميرٌ مبهم، وما بمعنى شيء تفسره، والمخصوص محذوف دل عليه قوله: (يُحسِنُ عبادة ربه) أي: المحسن. باب كراهية التطاول على رقيق وقوله: عبدي، وأَمَتي (وقال الله تعالى: {وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} [النور: 32]. التطاول من التطول،

مَمْلُوكًا) (وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ) وَقَالَ (مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ) وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ». وَ (اذْكُرْنِى عِنْدَ رَبِّكَ) سَيِّدِكَ «وَمَنْ سَيِّدُكُمْ». 2550 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِى نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا نَصَحَ الْعَبْدُ سَيِّدَهُ، وَأَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ، كَانَ لَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ». طرفه 2546 2551 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْمَمْلُوكُ الَّذِى يُحْسِنُ عِبَادَةَ رَبِّهِ، وَيُؤَدِّى إِلَى سَيِّدِهِ الَّذِى لَهُ عَلَيْهِ مِنَ الْحَقِّ وَالنَّصِيحَةِ وَالطَّاعَةِ، لَهُ أَجْرَانِ». طرفه 97 2552 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ أَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ كلام على سبيل الاستعارة لمن تجاوز وتَعَدَّى. واستُدل بالآية على جواز إطلاق لفظ العبد والأَمَة وهو ظاهر. واستدل بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (قوموا إلى سيدكم) أراد به سعد بن معاذ لما جاء ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في بني قريظة. 2550 - (إذا نَصَح العبدُ سيدَهُ) هذا الحديث وحديث أبي موسى بعده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال للملوك: (يحسن عبادة ربه وطاعة سيده له أجران) تقدما في باب العبد إذا أحسن عبادة ربه، وموضع الدلالة هنا إطلاق لفظ العبد والسيد. 2551 - (محمد بن العلاء) بفتح العين والمد (أبو أسامة) بضم الهمزة: حماد بن أسامة (بُريد) -بضم الباء- مصغر برد. 2552 - (مَعْمَر) بفتح الميمين وسكون العين (همام) بفتح الهاء وتشديد الميم (مُنبَّه)

سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ «لاَ يَقُلْ أَحَدُكُمْ أَطْعِمْ رَبَّكَ، وَضِّئْ رَبَّكَ، اسْقِ رَبَّكَ. وَلْيَقُلْ سَيِّدِى مَوْلاَىَ. وَلاَ يَقُلْ أَحَدُكُمْ عَبْدِى أَمَتِى. وَلْيَقُلْ فَتَاىَ وَفَتَاتِى وَغُلاَمِى». ـــــــــــــــــــــــــــــ (لا يقل أحدكم: أطعم ربك، وضِّئ ربك، وليقل سيدي ومولاي). فإن قلت: السيد والمولى والرب ألفاظ مترادفة، لِمَ منع لفظ الرب وجَوّز لفظ السيد والمولى قلتُ: لفظ الرب دلَّ على التربية وهي إيصال الشيء إلى كماله، والموصل إلى الكمال ليس إلا الله. فإن قلت: فقد أطلق يوسف لفظ الرب في قوله: {إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ} [يوسف: 23] وفي قوله: {ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ} [يوسف: 50]؟ قلتُ: هذا نقل لكلام يوسف بالمعنى؛ إذ لم يكن كلامه بلغة العرب، ولئن سلم فالنهي في مثله للتنزية، وربما كانت هذه اللفظة شائعة عندهم. فإن قلت: كان الظاهر: سيدك ومولاك جريًا على سنن قوله: أطعم ربك؟ قلتُ: غير الأسلوب ليدل على اضطراد الحكم في الإضافة إلى المخاطب والمتكلم. وقال بعضُهم في الأول: خطاب للسادات، وفي الثاني للمالك. وهذا سهو لأن قوله: "لا يقل أحدكم خطاب لكل أحد، وأما الثاني فلا خطاب فيه. (ولا يقل أحدكم عبدي أمتي) علّله في الرواية الأخرى: "كلكم عبيد الله وإماؤه" فيكره أن يشارك في ذلك أحدًا. فإن قلت: قد قال الله تعالى: {مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} [النور: 32]؟ قلت: الكلام في إطلاق السيد فإنه كره منه ذلك، لأنه شعار المتكبرين، ولله مع عباده مقام في إطلاق الألفاظ، ليس لأحد ذلك، ألاَ ترى أنه قال: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} [طه: 121] مع أنه لا يجوز لأحد أن يقول: عصى آدم في غير القرآن (وليقل: فتاي وفتاتي) الفتى، والفتاة الشاب والشابة. (محمد) كذا وقع غير منسوب قال الغساني: قال الحاكم: محمد بن يحيى الذهلي، هو الراوي عن عبد الرزاق وقال ابن السكن: محمد عن عبد الرزاق في كتاب العتق، هو محمد بن سلام قال الغساني، وقول الحاكم أشبه.

2553 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ أَعْتَقَ نَصِيبًا لَهُ مِنَ الْعَبْدِ، فَكَانَ لَهُ مِنَ الْمَالِ مَا يَبْلُغُ قِيمَتَهُ، يُقَوَّمُ عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدْلٍ، وَأُعْتِقَ مِنْ مَالِهِ، وَإِلاَّ فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ». 2554 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «كُلُّكُمْ رَاعٍ فَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالأَمِيرُ الَّذِى عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ وَهْىَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ، أَلاَ فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ». طرفه 893 2555 و 2556 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ وَزَيْدَ بْنَ خَالِدٍ رضى الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا زَنَتِ الأَمَةُ فَاجْلِدُوهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ 2553 - (أبو النعمان) -بضم النون- محمد بن الفضل (جرير بن حازم) بالحاء المهملة. (من أعتق له نصيبًا من العبد) تقدم الحديث مرارًا مع شرحه. وموضع الدلالة هنا إطلاق لفظ العبد. 2554 - (كلكُم راعٍ وكلكم مسوول عن رعيته) الحديثَ سلف مع شرحه في كتاب الإيمان، وبعده، وموضع الدلالة هنا قوله: (والعبدُ راعٍ في مال سيده). 2555 - 2556 - (إذا زنتِ الأمَة فاجلدوها) تقدم الحديث، وموضع الدلالة إطلاق

18 - باب إذا أتاه خادمه بطعامه

ثُمَّ إِذَا زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إِذَا زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، فِي الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ بِيعُوهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ». طرفاه 2152، 2154 18 - باب إِذَا أَتَاهُ خَادِمُهُ بِطَعَامِهِ 2557 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا أَتَى أَحَدَكُمْ خَادِمُهُ بِطَعَامِهِ، فَإِنْ لَمْ يُجْلِسْهُ مَعَهُ، فَلْيُنَاوِلْهُ لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَيْنِ أَوْ أُكْلَةً أَوْ أُكْلَتَيْنِ، فَإِنَّهُ وَلِىَ عِلاَجَهُ». طرفه 5460 19 - باب الْعَبْدُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَنَسَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمَالَ إِلَى السَّيِّدِ. 2558 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ ـــــــــــــــــــــــــــــ لفظ الأمَة عليها (ثم إذا زنت الأمَة فاجلدوها في الثالثة أو الرابعة) الشكُ من أبي هريرة (فبيعوها ولو بضَفِيرٍ) على وزن فعيل، الحبل المفتول كناية عن حقارة الثمن. فإن قلتَ: إذا كانت معيبة كيف يجوزُ له بيعُها لأخيه المسلم؟ قلتُ: يبين له العيب وعسى أن يزوجها فيزول ذلك. باب إذا أتاه خادمه بطعامه 2557 - (حجاج بن مِنْهال) بكسر الميم (محمد بن زياد) بكسر الزاي بعدها ياء. (فليناولْهُ لقمة أو لقمتين أو أُكلة أو أكلتين) -بضم الهمزة- مثل لُقمة لفظًا ومعنىً. والشك من الراوي. والمناولةُ: الإعطاء من يده إلى يد غيره (فإنه ولي علاجه) أي: طبخه. وأصل العلاج الممارسة، وهذا بناء على الغالب، وإلا فكل من حَضَر الطعام من الخدم يستحب أن يناوله سواء ولي العلاج أو لا. باب العبدُ راعٍ في مال سيده 2558 - وهذه الترجمة بعض حديث الباب. وقول البخاري: (ونسب - صلى الله عليه وسلم - المالَ إلى السيد) يريد به الردَّ على مالكٍ ومن وافقه في أن العبد يملك. واستدل أولئك بما تقدم في

20 - باب إذا ضرب العبد فليجتنب الوجه

«كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهْىَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ». قَالَ فَسَمِعْتُ هَؤُلاَءِ مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَحْسِبُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «وَالرَّجُلُ فِي مَالِ أَبِيهِ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ». طرفه 893 20 - باب إِذَا ضَرَبَ الْعَبْدَ فَلْيَجْتَنِبِ الْوَجْهَ 2559 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ قَالَ وَأَخْبَرَنِى ابْنُ فُلاَنٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب البيع من قوله: "من باع عبدًا وله مال فمالُهُ للذي باعه إلا أن يشترط المبتاع". والجواب أن تلك الإضافة مجازية إذ لو كان المال له لم يفارقه سواء باعه أو لم يبعه، وأيضًا لو كان المال له لم يكن شرطه للمبتاع صحيحًا، وهو ظاهر. وتمام الكلام على الحديث تقدم آنفًا في باب: كراهية التطاول. باب إذا ضرب العبدَ فليجتنبِ الوجه 2559 - (قال: وأخبرني ابن فلان) فاعل قال: ابن وهب. أي: أخبرني مالك و (ابن فلان) قالوا: هو عبد الله بن زياد بن سمعان الفقيه المدني، ولم يذكر باسمه لكونه ضعيفًا. قال مالك وأحمد: كذاب. (همام) بفتح الهاء وتشديد الميم. (إذا قاتل أحدكم فليتجنب الوجه) لأنه أشرف الأعضاء، ومجمع الحواسّ اللطيفة التي تتأثر بأدنى شيء. هذا، وقد عَلَّله في الرواية الأخرى بقوله: "فإن الله تعالى خَلَق آدم على

«إِذَا قَاتَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْتَنِبِ الْوَجْهَ». ـــــــــــــــــــــــــــــ صورته". أي: على صورة المضروب، فيجب إكرامه لمشابهة صورته صورة آدم. وقيل: الضمير لله تعالى. واللهُ تعالى مُنَزه عن الصورة، لأنها من خَواصِّ الأجسام. قال ابن الأثير: والمراد بها الصفة، وذاته تعالى مجلة مكرمة. وإطلاق الصورة على الصفة شائع. تقول: صورة المسألة كذا وصورة الأمر. قال بعض الشارحين: فإن قلت: كيف دل الحديثُ على الترجمة؟ قلتُ: إذا وجب الاجتناب عن وجه الكافر الواجبِ قتلُه، فعن وجه المؤمن أَوْلَى. وهذا قد فهم من (قاتَلَ) أن المراد قتال الكافر. وهذا غلطٌ فاحشٌ؛ فإن الكافر لا حرمة له، بل الأولى فيه ضرب وجهه، فإنه أسرع لقتله. وأي حرمة لوجه الكافر وقد قال تعالى في حق الكفار: {يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ} [القمر: 48] وقال: {وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ} [الأنفال: 12] قال صاحب الكشاف: المقتل وغيره، والقتال قد يكون بين المؤمنين. قال تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات: 9].

50 - أبواب الكتابة

[أبواب الكتابة] 1 - باب إِثْمِ مَنْ قَذَفَ مَمْلُوكَهُ 2 - باب الْمُكَاتَبِ وَنُجُومِهِ فِي كُلِّ سَنَةٍ نَجْمٌ وَقَوْلِهِ (وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِى آتَاكُمْ). وَقَالَ رَوْحٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قُلْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــ أبواب الكتابة باب المكاتب ونجومه في كل سنة وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النور: 33] استدل بالآية على مشروعيته، ووجهُ الدلالة على المشروعية ظاهرة، والجمهور على أنه مندوب إليه، والظاهرية على الوجوب بظاهر الأمر، وحقيقة الكتابة شراء العبد نفسه، وسمي ذلك كتابةً، لأن العبد لا مال له حاضر، فيحتاج إلى التأجيل ويقع فيه الكتابة في أكثر الأوقات، والنجوم عبارة عن دفعات الأداء في كل وقت يؤدي بعضًا، وسمي ذلك الأداء نجمًا؛ لأن العرب كانت أمة أمية كان أكثر توقيتهم الأمور بطلوع النجوم وغروبها، وعند الشافعي ومالك وأحمد لا يصح إلا منجمة وفيه إشكال، إذ ليس في الأحاديث ما يدل عليه. فإن قلت: يستدل بقصة بريرة؟ قلتُ: قصة بريرة ليس فيها شرط التنجيم، ولأنها حكاية فعل، وحكاية الفعل لا دلالة فيها على الوجوب، وكتابة سلمان الفارسي ليست في الحقيقة كتابة، ولئن سُلِّمَ ليس فيها تنجيم. وكذا حمل الشافعي قوله تعالى: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ} [النور: 33] على وجوب الإيتاء. فإن قلت: روى النسائي عن علي بن أبي طالب مرفوعًا: يعطيه ربع بدل الكتابة؟ قلتُ: لا يدفع الإشكال لأن الشافعي لم يقل به، بل قال: الواجب أن يعطيه أدنى ما يطلق عليه اسم المال، والذي يظهر أنه أخذ الوجوب من قوله تعالى {مِنْ مَالِ اللَّهِ} [النور: 33]،

لِعَطَاءٍ أَوَاجِبٌ عَلَىَّ إِذَا عَلِمْتُ لَهُ مَالاً أَنْ أُكَاتِبَهُ قَالَ مَا أُرَاهُ إِلاَّ وَاجِبًا. وَقَالَهُ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قُلْتُ لِعَطَاءٍ أَتَأْثُرُهُ عَنْ أَحَدٍ قَالَ لاَ، ثُمَّ أَخْبَرَنِى أَنَّ مُوسَى بْنَ أَنَسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ سِيرِينَ سَأَلَ أَنَسًا الْمُكَاتَبَةَ وَكَانَ كَثِيرَ الْمَالِ فَأَبَى، فَانْطَلَقَ إِلَى عُمَرَ - رضى الله عنه - فَقَالَ كَاتِبْهُ. فَأَبَى فَضَرَبَهُ بِالدِّرَّةِ وَيَتْلُو عُمَرُ (فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا) فَكَاتَبَهُ. 2560 - وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ عُرْوَةُ قَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - إِنَّ بَرِيرَةَ دَخَلَتْ عَلَيْهَا تَسْتَعِينُهَا فِي كِتَابَتِهَا وَعَلَيْهَا خَمْسَةُ أَوَاقٍ، نُجِّمَتْ عَلَيْهَا فِي خَمْسِ سِنِينَ، فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ وَنَفِسَتْ فِيهَا أَرَأَيْتِ إِنْ عَدَدْتُ لَهُمْ عَدَّةً وَاحِدَةً، أَيَبِيعُكِ أَهْلُكِ، فَأُعْتِقَكِ، فَيَكُونَ وَلاَؤُكِ لِى فَذَهَبَتْ بَرِيرَةُ إِلَى أَهْلِهَا، فَعَرَضَتْ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَقَالُوا لاَ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ لَنَا الْوَلاَءُ. قَالَتْ عَائِشَةُ فَدَخَلْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن الإضافة إليه تعالى تدل على أن مولى العبد وكيل من جهة الله، ولا يجوزُ للوكيل مخالفة أمر الموكل. (أن سيرين سأل أنس بن مالك الكتابة، وكان كثير المال بدعاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) ابن سيرين اسمه محمد، أبوه سيرين كان من سر عين التمر، قريةٌ من دمشق، وابنه هذا ولد في إمارة عثمان، ومات بعد الحسن البصري ببصرة بمئة يوم (فذهب إلى عمر فقال كاتبه فأبي، فضربه بالدرة، ويتلو عمر {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: 33]) أي: دينًا وأمانةً، أو قدرةً على الكسب. وهذا يدل على أن عمر كان فهم من الأمر الوجوب إذ لا عقاب على ترك غير الواجب ثم روى حديث بريرة معلقًا عن الليث، وقد سلف في أبواب البيع، والشروط وغيرهما. 2560 - (قالت عائشة: إن بريرة دخلت عليها تستعينها وعليها خمسة أواق) الصواب تسع أواق كما سيأتي، وليس من قبيل المفهوم حتى يقال: ذكر الخمس لا ينافي زيادة لأن قوله: يجب في خمس سنين يمنع ذلك التوجيه.

3 - باب ما يجوز من شروط المكاتب، ومن اشترط شرطا ليس في كتاب الله

عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ. فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اشْتَرِيهَا فَأَعْتِقِيهَا، فَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ، مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهْوَ بَاطِلٌ، شَرْطُ اللَّهِ أَحَقُّ وَأَوْثَقُ». طرفه 456 3 - باب مَا يَجُوزُ مِنْ شُرُوطِ الْمُكَاتَبِ، وَمَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فِيهِ ابْنُ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 2561 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَخْبَرَتْهُ أَنَّ بَرِيرَةَ جَاءَتْ تَسْتَعِينُهَا فِي كِتَابَتِهَا، وَلَمْ تَكُنْ قَضَتْ مِنْ كِتَابَتِهَا شَيْئًا، قَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ ارْجِعِى إِلَى أَهْلِكِ، فَإِنْ أَحَبُّوا أَنْ أَقْضِىَ عَنْكِ كِتَابَتَكِ، وَيَكُونَ وَلاَؤُكِ لِى فَعَلْتُ. فَذَكَرَتْ ذَلِكَ بَرِيرَةُ لأَهْلِهَا فَأَبَوْا وَقَالُوا إِنْ شَاءَتْ أَنْ تَحْتَسِبَ عَلَيْكِ فَلْتَفْعَلْ، وَيَكُونَ وَلاَؤُكِ لَنَا، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «ابْتَاعِى فَأَعْتِقِى، فَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». قَالَ ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مَا بَالُ ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: يكون في الأصل تسع أواق. وقضت منها أربعًا؟ قلتُ: سيأتي صريحًا أنها لم تكن قضت منها شيئًا. (ما بال رجالٍ يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله) أي: في حكم الله، أوليس لها أصلٌ في كتاب الله لقوله: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} [الحشر: 7] إذ لا يلزم أن يكون كل حكم صريحًا في كتاب الله. باب ما يجوزُ من شروط المكاتب ومن اشترط شرطًا ليس في كتاب الله 2561 - 2562 - روى في الباب حديث بريرة، ولو قال: باب ما لا يجوزُ من

4 - باب استعانة المكاتب، وسؤاله الناس

أُنَاسٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَلَيْسَ لَهُ، وَإِنْ شَرَطَ مِائَةَ مَرَّةٍ، شَرْطُ اللَّهِ أَحَقُّ وَأَوْثَقُ». طرفه 456 2562 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ أَرَادَتْ عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ تَشْتَرِىَ جَارِيَةً لِتُعْتِقَهَا، فَقَالَ أَهْلُهَا عَلَى أَنَّ وَلاَءَهَا لَنَا. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَمْنَعُكِ ذَلِكِ، فَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». طرفه 2156 4 - باب اسْتِعَانَةِ الْمُكَاتَبِ، وَسُؤَالِهِ النَّاسَ 2563 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ جَاءَتْ بَرِيرَةُ فَقَالَتْ إِنِّى كَاتَبْتُ أَهْلِى عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ، فِي كُلِّ عَامٍ وَقِيَّةٌ، فَأَعِينِينِى. فَقَالَتْ عَائِشَةُ إِنْ أَحَبَّ أَهْلُكِ أَنْ أَعُدَّهَا لَهُمْ عَدَّةً وَاحِدَةً، وَأُعْتِقَكِ فَعَلْتُ، وَيَكُونَ وَلاَؤُكِ لِى. فَذَهَبَتْ إِلَى أَهْلِهَا، فَأَبَوْا ذَلِكَ عَلَيْهَا، فَقَالَتْ إِنِّى قَدْ عَرَضْتُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، فَأَبَوْا إِلاَّ أَنْ يَكُونَ الْوَلاَءُ لَهُمْ. فَسَمِعَ بِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلَنِى فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: ـــــــــــــــــــــــــــــ الشروط. كان أوْلَى، وكأنه أشار إلى أن كل شرط له أصل في كتاب الله، يجوزُ اشتراطه، فأشار إلى ذلك في الترجمة وأبطل عكسه بالحديث، وقد سلف شرح الحديث مرارًا، وأشرنا إلى بعض [ألفاظه] في الباب قبله (وإن اشترط مائة مرة) يريد به الكثرة لا العدد المعين. باب استعانة المكاتب وسؤاله الناس 2563 - (أبو أسامة) -بضم الهمزة- حماد بن أسامة. (كاتبت على تسع أواقٍ في كل عام أوقية) هذا الذي أشرنا إليه سابقًا أنه الصواب لا رواية الخمس (فسمع بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألني) أي: عن ذلك مفصلًا (فأخبرته، فقال:

5 - باب بيع المكاتب إذا رضى

«خُذِيهَا، فَأَعْتِقِيهَا، وَاشْتَرِطِى لَهُمُ الْوَلاَءَ، فَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». قَالَتْ عَائِشَةُ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي النَّاسِ، فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ، فَمَا بَالُ رِجَالٍ مِنْكُمْ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَأَيُّمَا شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهْوَ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ، فَقَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّ، وَشَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ، مَا بَالُ رِجَالٍ مِنْكُمْ يَقُولُ أَحَدُهُمْ أَعْتِقْ يَا فُلاَنُ وَلِىَ الْوَلاَءُ إِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». طرفه 456 5 - باب بَيْعِ الْمُكَاتَبِ إِذَا رَضِىَ وَقَالَتْ عَائِشَةُ هُوَ عَبْدٌ مَا بَقِىَ عَلَيْهِ شَىْءٌ. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ مَا بَقِىَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ هُوَ عَبْدٌ إِنْ عَاشَ وَإِنْ مَاتَ وَإِنْ جَنَى، مَا بَقِىَ عَلَيْهِ شَىْءٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ خذيها فأعتقيها واشترطي لهم الولاء) هذا مما استشكل، فإن الشرط كان باطلًا فكيف أمر بشيء باطل، وقدمنا الجواب عنه بأن المحال منه أن يأمر بشيء باطل، وتقرره، وأما هذا فلم يكن من ذلك، بل أراد إبطاله بعد الوقوع ليكون أبلغ في الزجر كما في فسخ الحج إلى العمرة. (إنما الولاء لمن أعتق) قد أشرنا إلى وجه الحصر بأنه لُحمة كلُحمة النسب، فلا يمكن نقله إلى الغير. باب بيع المكاتب إذا رضي (وقالت عائشة: هو عبد ما بقي عليه درهم، وقال زيد بن ثابت: ما بقي عليه درهم. وقال ابن عمر: هو عبدٌ إنْ عاش وإن مات، وإن جنى ما بقي عليه شيء) هذه الروايات رواها أبو داود والنسائي بسندها إلا أن الواقع فيه لفظ الأوقية بدل الدرهم، ثم روى حديث بريدة الذي في الأبواب السابقة. فإن قلت: ما وجه دلالة ما رواه عن عائشة وزيد وابن عمر على ما ترجم؟ قلتُ: إذا كان عبدًا ما بقي عليه درهم ورضي بالبيع فيجوز بيعه لأن الكتابة عقد لازم من طرف السيد جائز من طرف العبد وفيه خلاف مالك إذا كان قادرًا.

6 - باب إذا قال المكاتب اشترنى وأعتقنى فاشتراه لذلك

2564 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ بَرِيرَةَ جَاءَتْ تَسْتَعِينُ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ - رضى الله عنها - فَقَالَتْ لَهَا إِنْ أَحَبَّ أَهْلُكِ أَنْ أَصُبَّ لَهُمْ ثَمَنَكِ صَبَّةً وَاحِدَةً فَأُعْتِقَكِ فَعَلْتُ. فَذَكَرَتْ بَرِيرَةُ ذَلِكَ لأَهْلِهَا، فَقَالُوا لاَ. إِلاَّ أَنْ يَكُونَ وَلاَؤُكِ لَنَا. قَالَ مَالِكٌ قَالَ يَحْيَى فَزَعَمَتْ عَمْرَةُ أَنَّ عَائِشَةَ ذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «اشْتَرِيهَا وَأَعْتِقِيهَا، فَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». طرفه 456 6 - باب إِذَا قَالَ الْمُكَاتَبُ اشْتَرِنِى وَأَعْتِقْنِى. فَاشْتَرَاهُ لِذَلِكَ 2565 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى أَيْمَنُ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ - رضى الله عنها - فَقُلْتُ كُنْتُ غُلاَمًا لِعُتْبَةَ بْنِ أَبِى لَهَبٍ، وَمَاتَ وَوَرِثَنِى بَنُوهُ، وَإِنَّهُمْ بَاعُونِى مِنَ ابْنِ أَبِى عَمْرٍو، فَأَعْتَقَنِى ابْنُ أَبِى عَمْرٍو، وَاشْتَرَطَ بَنُو عُتْبَةَ الْوَلاَءَ. فَقَالَتْ دَخَلَتْ بَرِيرَةُ وَهْىَ مُكَاتَبَةٌ فَقَالَتِ اشْتَرِينِى وَأَعْتِقِينِى. قَالَتْ نَعَمْ. قَالَتْ لاَ يَبِيعُونِى حَتَّى يَشْتَرِطُوا وَلاَئِى. فَقَالَتْ لاَ حَاجَةَ لِى بِذَلِكَ. فَسَمِعَ بِذَلِكَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَوْ بَلَغَهُ، فَذَكَرَ لِعَائِشَةَ، فَذَكَرَتْ عَائِشَةُ مَا قَالَتْ لَهَا، فَقَالَ «اشْتَرِيهَا وَأَعْتِقِيهَا، وَدَعِيهِمْ يَشْتَرِطُونَ مَا شَاءُوا». فَاشْتَرَتْهَا عَائِشَةُ فَأَعْتَقَتْهَا وَاشْتَرَطَ أَهْلُهَا الْوَلاَءَ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ، وَإِنِ اشْتَرَطُوا مِائَةَ شَرْطٍ». طرفه 456 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إذا قال المكاتب اشترني وأعتقني فاشتراه لذلك 2565 - (أبو نُعيم) -بضم النون مصغر- فضل بن دُكَين (أَيمن) بفتح الهمزة. روى في الباب حديث بريرة، وفيه زيادة قولها: (اشترني وأعتقني) لم يكن في الأبواب السابقة، وقد أشرنا مرارًا إلى أن إيراده الحديث بطرق مختلفة في أبواب كثيرة لاستنباط الأحكام المختلفة.

51 - [كتاب الهبة]

[كتاب الهبة] 1 - بابٌ 2566 - حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنِ الْمَقْبُرِىِّ {عَنْ أَبِيهِ} عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَا نِسَاءَ الْمُسْلِمَاتِ لاَ تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا، وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ». طرفه 6017 2567 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأُوَيْسِىُّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا قَالَتْ لِعُرْوَةَ ابْنَ أُخْتِى، إِنْ كُنَّا لَنَنْظُرُ إِلَى الْهِلاَلِ ثُمَّ الْهِلاَلِ، ثَلاَثَةَ أَهِلَّةٍ فِي شَهْرَيْنِ، وَمَا ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الهبة باب الهبة وفضلها والتحريض عليها 2566 - (ابن أبي ذئب) بلفظ الحيوان المعروف: محمد بن عبد الرحمن (المقبري) -بفتح الميم وضم الباء وفتحها- أبو سعيد. (يا نساء المسلمات لا تحقرَنَّ جارة لجارتها ولو فرسن شاة) نساء منادى بني على الضم. والمسلمات وصف له ويجوزُ فيه الفتح على أنه منادى مضاف إلى المسلمات، من إضافة الموصوف إلى الصفة كمسجد الجامع، والفِرسن -بكسر الفاء- ظلف الشاة. أصله خف البعير، فاستعير للشاة، بالغ في الحثّ على مراعاة الجار إذ أقل من الفرسن لا يوجد في الشاة. 2567 - (الأُويسي) بضم الهمزة (ابن أبي حازم) -بالحاء- عبد العزيز (عن يزيد بن رومان) بضم الراء. (عن عائشة أنها قالت لعروة: ابن أختي) لأنه ابن أسماء بنت أبي بكر (إنْ كنا لننظر) إن مخففة (ثلاث أهلة في شهرين) أول الشهر وآخره هلالان والثالث أول الشهر. (وما

2 - باب القليل من الهبة

أُوقِدَتْ فِي أَبْيَاتِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَارٌ. فَقُلْتُ يَا خَالَةُ مَا كَانَ يُعِيشُكُمْ قَالَتِ الأَسْوَدَانِ التَّمْرُ وَالْمَاءُ، إِلاَّ أَنَّهُ قَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جِيرَانٌ مِنَ الأَنْصَارِ كَانَتْ لَهُمْ مَنَائِحُ، وَكَانُوا يَمْنَحُونَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَلْبَانِهِمْ، فَيَسْقِينَا. طرفاه 6458، 6459 2 - باب الْقَلِيلِ مِنَ الْهِبَةِ 2568 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَوْ دُعِيتُ إِلَى ذِرَاعٍ أَوْ كُرَاعٍ لأَجَبْتُ، وَلَوْ أُهْدِىَ إِلَىَّ ذِرَاعٌ أَوْ كُرَاعٌ لَقَبِلْتُ». طرفه 5178 ـــــــــــــــــــــــــــــ أُوقدت في أبيات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نار، فقلتُ: يا خالتي ما كان يعيشكم؟) بضم الياء في الأولى وتخفيف الثانية وتشديدها، أي: ما كانت سبب عيشك وبقائكم (قالت: الأسودان؛ التمر والماء) على طريقة التغليب. ونقل بعض الشُّرَّاح عن صاحب "المحكم" وابن سيده أن المراد من الأسودين الليل والحرة، وإلا فالتمر والماء من أشرف الطعام والشراب، وهذا شيء باطل لا يُعتدُّ به. أما أولًا: فلأنه غير معقول، وأي دخل لليل والحرة في بقاء الإنسان. الثاني: أن عائشة فسَّرتْ (الأسودان) بالماء والتمر، فلا مجال لتفسير آخر، لأنها صاحبة الواقعة وهل يمكن عيش الإنسان بالليل والحرة أربعة أيام فضلًا عن شهرين، والعجب ممن يتصدى لشرح مثل هذا الكتاب لِمَ يصدر منه مثل هذا. (كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - جيران من الأنصار كانت لهم منائح) جمع منيحة على وزن قبيلة هي العطية. ثم أطلق على الناقة والشاة اللبون يعطيها الرجل لآخر إما تمليكًا أو عارية ليشرب لبنها ثم يردها إذا انقطع لبنها، والمراد من الحديث لبنها لا نفسها، وهو موضع الدلالة. باب القليل من الهبة 2568 - (محمد بن بَشَّار) بفتح الباء وتشديد الشين (ابن أبي عدي) محمد بن إبراهيم (عن أبي حازم) -بالحاء المهلمة- سليمان الأشجعي. (لو أُهدي إليَّ ذراع أو كُراع لقبك) -بضم الكاف- ما دون الركبة من الساق، ففي الكلام ترق، لأن الكراع دون الذراع.

3 - باب من استوهب من أصحابه شيئا

3 - باب مَنِ اسْتَوْهَبَ مِنْ أَصْحَابِهِ شَيْئًا وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اضْرِبُوا لِى مَعَكُمْ سَهْمًا». 2569 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَرْسَلَ إِلَى امْرَأَةٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَكَانَ لَهَا غُلاَمٌ نَجَّارٌ قَالَ لَهَا «مُرِى عَبْدَكِ فَلْيَعْمَلْ لَنَا أَعْوَادَ الْمِنْبَرِ». فَأَمَرَتْ عَبْدَهَا، فَذَهَبَ فَقَطَعَ مِنَ الطَّرْفَاءِ، فَصَنَعَ لَهُ مِنْبَرًا، فَلَمَّا قَضَاهُ أَرْسَلَتْ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَدْ قَضَاهُ، قَالَ - صلى الله عليه وسلم - «أَرْسِلِى بِهِ إِلَىَّ». فَجَاءُوا بِهِ فَاحْتَمَلَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَوَضَعَهُ حَيْثُ تَرَوْنَ. طرفه 377 2570 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى قَتَادَةَ السَّلَمِىِّ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - قَالَ كُنْتُ يَوْمًا جَالِسًا مَعَ رِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي مَنْزِلٍ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَازِلٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من استوهب من أصحابه شيئًا (قال أبو سعيد الخدري: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: اضربوا لي بسهم) قاله لمّا جاؤوا بقطيع من الغنم التي أخذوها من العرب في مقابلة الرقية التي رُقي بها سيد الحي الذي لُدغ. 2569 - (ابن أبي مريم) اسمه سعيد (أبو غسان) بفتح المعجمة وتشديد السين [محمد بن] مطرف (أبو حازم) -بالحاء المهملة- سلمة بن دينار. (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرسل إلى امرأةٍ من المهاجرين، وكان لها غلامٌ نجار) كذا وقع هنا. قيل: والصواب من الأنصار بدل المهاجرين، ويمكن الجمع بأن يكون من الأنصار نسبًا، وكانت بمكة فهاجرت. وقد تقدم أن اسم المرأة (مِينا). وأما الغلام (باقوم) كذا قيل، وقال شيخنا: وهذا غلط، لأن مينا اسم النجار (المِنبر) بكسر الميم آلة النبر وهو الرفع، (فلما قضاه) أي: أَتَمَّهُ وفرغ منه (فاحتمله النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي: بنفسه تقربًا إلى الله تعالى. 2570 - (عن عبد الله بن أبي قتادة السُّلَمي) بفتح اللام، نسبة إلى بني سلِمة -بكسر

4 - باب من استسقى

أَمَامَنَا وَالْقَوْمُ مُحْرِمُونَ، وَأَنَا غَيْرُ مُحْرِمٍ، فَأَبْصَرُوا حِمَارًا وَحْشِيًّا، وَأَنَا مَشْغُولٌ أَخْصِفُ نَعْلِى، فَلَمْ يُؤْذِنُونِى بِهِ، وَأَحَبُّوا لَوْ أَنِّى أَبْصَرْتُهُ، وَالْتَفَتُّ فَأَبْصَرْتُهُ، فَقُمْتُ إِلَى الْفَرَسِ فَأَسْرَجْتُهُ ثُمَّ رَكِبْتُ وَنَسِيتُ السَّوْطَ وَالرُّمْحَ فَقُلْتُ لَهُمْ نَاوِلُونِى السَّوْطَ وَالرُّمْحَ. فَقَالُوا لاَ وَاللَّهِ، لاَ نُعِينُكَ عَلَيْهِ بِشَىْءٍ. فَغَضِبْتُ فَنَزَلْتُ فَأَخَذْتُهُمَا، ثُمَّ رَكِبْتُ، فَشَدَدْتُ عَلَى الْحِمَارِ فَعَقَرْتُهُ، ثُمَّ جِئْتُ بِهِ وَقَدْ مَاتَ، فَوَقَعُوا فِيهِ يَأْكُلُونَهُ، ثُمَّ إِنَّهُمْ شَكُّوا فِي أَكْلِهِمْ إِيَّاهُ، وَهُمْ حُرُمٌ، فَرُحْنَا وَخَبَأْتُ الْعَضُدَ مَعِى، فَأَدْرَكْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ «مَعَكُمْ مِنْهُ شَىْءٌ». فَقُلْتُ نَعَمْ. فَنَاوَلْتُهُ الْعَضُدَ فَأَكَلَهَا، حَتَّى نَفَّدَهَا وَهْوَ مُحْرِمٌ. فَحَدَّثَنِى بِهِ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى قَتَادَةَ. طرفه 1821 4 - باب مَنِ اسْتَسْقَى وَقَالَ سَهْلٌ قَالَ لِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اسْقِنِى». ـــــــــــــــــــــــــــــ اللام- واسم أبي قتادة: الحارث أو النعمان أو عمرو (فأبصروا حمارًا وحشيًّا وأنا مشغول أخصف نعلي) أي: أخرزه وأصل الخصف الضم وجعل شيء فوق شيء. قال الله تعالى: {وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ} [الأعراف: 22] (فلم يؤذنوني به) أي: لم يعلموني، لأنهم كانوا محرمين لا يجوزُ لهم ذلك (وأحبّوا لو أني أبصرته) لعلمهم أنه يجوزُ له صيده، لكونه غير محرم (فشددتُ على الحمار) أي: سقت الفرس وراءه (فعقرته) جرحته (ثم جئت به وقد مات) أي: من غير ذبحٍ (وخبأت العضد معي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأدركنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسألنا عن ذلك) أي: عن أكل المحرم من لحم الصيد (فقال: معكم منه شيء) أي: بعد أن أجاب بأنه مباح مثله، هل بقي منه بقية؟ (فناولته العضد فأكلها حتى نفذها) -بالذال المعجمة- أي لم يُبْقِ منها شيئًا، وإنما طلب منهم البقية وأخذ من غنم الرقية من أبي سعيد الخدري ورفقائه تطييبًا لخاطرهم وزيادة في بيان الحِل، فإنه قدوة المتقين، فإذا أكل منه لم يبق في القلب وسوسة. وفي الحديث دلالةٌ على استحباب طلبه هبة الشيء من الأصحاب إذا كان يطيب به قلبهم، ويودون منه ذلك. باب من استسقى وقال سهل: قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم - اسقني، سيأتي هذا مسندًا قال له حين كان قاعدًا في سقيفة بني ساعدة.

5 - باب قبول هدية الصيد

2571 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو طَوَالَةَ - اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ - قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا - رضى الله عنه - يَقُولُ أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي دَارِنَا هَذِهِ، فَاسْتَسْقَى، فَحَلَبْنَا لَهُ شَاةً لَنَا، ثُمَّ شُبْتُهُ مِنْ مَاءِ بِئْرِنَا هَذِهِ، فَأَعْطَيْتُهُ وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ يَسَارِهِ، وَعُمَرُ تُجَاهَهُ وَأَعْرَابِىٌّ عَنْ يَمِينِهِ فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ عُمَرُ هَذَا أَبُو بَكْرٍ. فَأَعْطَى الأَعْرَابِىَّ، ثُمَّ قَالَ «الأَيْمَنُونَ، الأَيْمَنُونَ، أَلاَ فَيَمِّنُوا». قَالَ أَنَسٌ فَهْىَ سُنَّةٌ فَهْىَ سُنَّةٌ. ثَلاَثَ مَرَّاتٍ. طرفه 2352 5 - باب قَبُولِ هَدِيَّةِ الصَّيْدِ وَقَبِلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَبِى قَتَادَةَ عَضُدَ الصَّيْدِ. 2572 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ أَنْفَجْنَا أَرْنَبًا بِمَرِّ ـــــــــــــــــــــــــــــ 2571 - (خالد بن مَخْلَد) بفتح الميم (أبو طُوالة) -بضم الطاء- عبد الله بن عبد الرحمن قاضي المدينة. ساق حديث أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان في دار أنس فاستسقى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحلبوا له شاة وخلطوا اللبن بالماء وهو معنى قوله: شُبته -بضم الشين - من شاب يشوب، وكان على يمين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعرابي، وعن يساره أبو بكر، فناوله الأعرابي، وقد سلف هذا الحديث في باب الشرب، وأشرنا هناك أنه لم يستأذن الأعرابي في إعطاء فضله لأبي بكر، وسأل الغلام، لأن الغلام ابنُ عباس، لا خلل في الاستئذان منه بخلاف الأعرابي، فإنه جلف ربما يوجب نفرته عن الإسلام إذا أوثر عليه غيره. باب قبول هدية الصيد روى فيه حديث أبي قتادة في قتله حمارًا وحشيًّا، وإعطائه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عضده، ثم روى عن أنس أنه أخذ أرنبًا، فبعث أبو طلحة بفخذيها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقبله. 2572 - (سليمان بن حرب)، (أنفجنا) -بالجيم- أي: أثرنا، من نفج إذا وَثَبَ (بمرِّ

6 - باب قبول الهدية

الظَّهْرَانِ، فَسَعَى الْقَوْمُ فَلَغَبُوا، فَأَدْرَكْتُهَا فَأَخَذْتُهَا، فَأَتَيْتُ بِهَا أَبَا طَلْحَةَ فَذَبَحَهَا، وَبَعَثَ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِوَرِكِهَا - أَوْ فَخِذَيْهَا قَالَ فَخِذَيْهَا لاَ شَكَّ فِيهِ - فَقَبِلَهُ. قُلْتُ وَأَكَلَ مِنْهُ قَالَ وَأَكَلَ مِنْهُ. ثُمَّ قَالَ بَعْدُ قَبِلَهُ. طرفاه 5489، 5535 6 - باب قَبُولِ الْهَدِيَّةِ 2573 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ - رضى الله عنهم - أَنَّهُ أَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِمَارًا وَحْشِيًّا وَهْوَ بِالأَبْوَاءِ أَوْ بِوَدَّانَ فَرَدَّ عَلَيْهِ، فَلَمَّا رَأَى مَا فِي وَجْهِهِ قَالَ «أَمَا إِنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إِلاَّ أَنَّا حُرُمٌ». طرفه 1825 ـــــــــــــــــــــــــــــ الظَّهران) -بفتح الميم وتشديد الراء وفتح الظاء المعجمة وسكون الهاء- اسم موضع (فلغبوا) بفتح الغين المعجمة،: قال الجوهري: لغب يلغُب بضم الغين في المضارع أي: تعب، ولغِب -بكسر الغين- لغة ضعيفة. 2573 - (عن الصعب بن جثامة) الصعب: بفتح الصاد وسكون العين، وجثامة: بفتح الجيم وتشديد الثاء المثلثة. (أهدى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حمارًا وحشيًّا وهو بالأبواء) بفتح الهمزة وباء موحدة (أو بوَدَّان) -بفتح الواو وتشديد الدال- اسمان للموضع بطريق مكة. والشك من الراوي (فرد عليه، فلما رأى ما في وجهه) أي: من الكراهة لعدم قبوله (قال: أما إنه) بفتح الهمزة وتخفيف الميم، والضمير للشأن (لم نرده عليك إلا أنا حُرُم) جمع حرام بمعنى المحرم، أزال بذلك للكراهة منه. فإن قلت: فلم قبل من أبي قتادة لحم الصيد وهو محرم. ورده إلى الصعب؟ قلت: أجاب بعضُهم أن صيد الصعب كان حيًّا. ولا يجوزُ للمحرم تملكه بخلاف صيد أبي قتادة، وهذا ليس بشيءٍ، لما في رواية مسلم: أهدى الصعب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجل حمار، وفي

7 - باب قبول الهدية

7 - باب قَبُولِ الْهَدِيَّةِ 2574 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا عَبْدَةُ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ، يَبْتَغُونَ بِهَا - أَوْ يَبْتَغُونَ بِذَلِكَ - مَرْضَاةَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 2580، 2581، 3775 2575 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ إِيَاسٍ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ أَهْدَتْ أُمُّ حُفَيْدٍ خَالَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَقِطًا وَسَمْنًا وَأَضُبًّا، فَأَكَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الأَقِطِ وَالسَّمْنِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ رواية: عَجُزَ حمار. وفي أخرى: لحم حمار. قال النووي: والصواب أنه ردّ على الصعب؛ لأنه صاده بقصد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو محرمٌ بخلاف أبي قتادة. وهو حجة على أبي حنيفة، فإنه قال: يحل له وإن اصطاده الحلال بقصده ما لم يأمره به، وقد سلف الحديث في كتاب الحج. باب قبول الهدية 2574 - (عَبْدة) بفتح العين وسكون الموحدة. (أن الناس كانوا يتحرون) أي: يقصدون (بهداياهم يوم عائشة) لعلمهم بأنه يحب عائشة، فإذا كان عندها وأتاه شيء مما يلائم يكمل سروره. 2575 - (ابن أبي إياس) بكسر الهمزة. (أهدت أم حُفيد) بضم الحاء مصغر، قال ابن عبد البر: اسمها هُزيلة بضم الهاء مصغر، الأعرابية خالة ابن عباس (أقطًا وسمنًا وأضُبًّا) بفتح الهمزة وضم الضاد وباء مشددة:

وَتَرَكَ الضَّبَّ تَقَذُّرًا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَأُكِلَ عَلَى مَائِدَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَلَوْ كَانَ حَرَامًا مَا أُكِلَ عَلَى مَائِدَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 5389، 5402، 7358 2576 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مَعْنٌ قَالَ حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أُتِىَ بِطَعَامٍ سَأَلَ عَنْهُ أَهَدِيَّةٌ أَمْ صَدَقَةٌ فَإِنْ قِيلَ صَدَقَةٌ. قَالَ لأَصْحَابِهِ كُلُوا. وَلَمْ يَأْكُلْ، وَإِنْ قِيلَ هَدِيَّةٌ. ضَرَبَ بِيَدِهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَكَلَ مَعَهُمْ». 2577 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ أُتِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِلَحْمٍ فَقِيلَ تُصُدِّقَ عَلَى بَرِيرَةَ قَالَ «هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ، وَلَنَا هَدِيَّةٌ». طرفه 1495 ـــــــــــــــــــــــــــــ جمع ضب وهو الحيوان المعروف (ترك الأضب تَقَذُّرًا) وقد عَلَّله في الرواية الأخرى بأنه لم يكن بأرض قومه، فلذلك عافَهُ، واستدل ابن عباس على [حِلِّه بأنه أكل على مائدة] رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولو كان حرامًا لم يؤكل، لأنه لا يقرر على الفعل الحرام، وقد جاء صريحًا في الرواية الأخرى أنه قيل له: أحرامٌ يا رسول الله؟ قال: لا، ولكن لم يكن بأرض قومي. وقال بحرمته أبو حنيفة. قال الجوهري: المائدة هي الخِوَان ما دام عليه طعام. وهذا لا يصح في الحديث لما سيأتي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يأكل على خِوان قط، بل المراد بها السُّفْرة. 2576 - (إبراهيم بن المنذر) بكسر الذال (مَعْن) بفتح الميم وسكون العين (طَهْمان) بفتح الطاء وسكون الهاء (زياد) بكسر الزاي بعدها ياء مثناة. (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أُتي بطعام سأل عنه: أهدية أم صدقة) لأن أكل الصدقة حرام عليه (إن قيل هدية ضَرَبَ بيده) أي: تناوله، والحكمة في هذا: أن الهدية يقصد بها الإكرامُ، والصدقةُ أوساخ الناس؛ لأنها تُذهب الذنوب كالماء الملوث.

2578 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ قَالَ سَمِعْتُهُ مِنْهُ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِىَ بَرِيرَةَ، وَأَنَّهُمُ اشْتَرَطُوا وَلاَءَهَا، فَذُكِرَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اشْتَرِيهَا فَأَعْتِقِيهَا، فَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». وَأُهْدِىَ لَهَا لَحْمٌ، فَقِيلَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - هَذَا تُصُدِّقَ عَلَى بَرِيرَةَ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ وَلَنَا هَدِيَّةٌ». وَخُيِّرَتْ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ زَوْجُهَا حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ قَالَ شُعْبَةُ سَأَلْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ عَنْ زَوْجِهَا. قَالَ لاَ أَدْرِى أَحُرٌّ أَمْ عَبْدٌ طرفه 456 2579 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الْحَسَنِ أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ دَخَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى عَائِشَةَ - رضى الله عنها - فَقَالَ «عِنْدَكُمْ شَىْءٌ». قَالَتْ لاَ، إِلاَّ شَىْءٌ بَعَثَتْ بِهِ أُمُّ عَطِيَّةَ مِنَ الشَّاةِ الَّتِى بُعِثَ إِلَيْهَا مِنَ الصَّدَقَةِ. قَالَ «إِنَّهَا قَدْ بَلَغَتْ مَحِلَّهَا». طرفه 1446 ـــــــــــــــــــــــــــــ 2578 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (غُنْدَر) بضم الغين ودال مهملة. روى عن أنس (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُتي بلحمِ شاة تصدق بها على بريرة فقال: هو لها صدقة ولنا هدية) فإن مدار الأحكام على الأوصاف كالعصير يحرم إذا كان خمرًا. ويحل إذا صار خلًّا، ويحرم نكاح الأمَة على الحرة، فإذا أعتقت حل نكاحُها. قال شعبة: سألت عبد الرحمن عن زوجها أي: زوج بريرة أحُرٌّ أم عبد؟ فقال: لا أدري. روى أبو داود والترمذي والنسائي عن ابن عباس أنه كان عبدًا اسمه مغيث. 2579 - (مقاتل) بكسر التاء (عن خالد الحذَّاء) بتشديد الذال المعجمة والمدّ. (من الشاة التي بعثْتَ إليها) بتاء الخطاب، ويروى على بناء المجهول وتاء التأنيث (قد بلغت محلها) بكسر الحاء.

8 - باب من أهدى إلى صاحبه وتحرى بعض نسائه دون بعض

8 - باب مَنْ أَهْدَى إِلَى صَاحِبِهِ وَتَحَرَّى بَعْضَ نِسَائِهِ دُونَ بَعْضٍ 2580 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ النَّاسُ يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمُ يَوْمِى. وَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ إِنَّ صَوَاحِبِى اجْتَمَعْنَ. فَذَكَرَتْ لَهُ، فَأَعْرَضَ عَنْهَا. طرفه 2574 2581 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى أَخِى عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ نِسَاءَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كُنَّ حِزْبَيْنِ فَحِزْبٌ فِيهِ عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ وَصَفِيَّةُ وَسَوْدَةُ، وَالْحِزْبُ الآخَرُ أُمُّ سَلَمَةَ وَسَائِرُ نِسَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ قَدْ عَلِمُوا حُبَّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَائِشَةَ، فَإِذَا كَانَتْ عِنْدَ أَحَدِهِمْ هَدِيَّةٌ يُرِيدُ أَنْ يُهْدِيَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَخَّرَهَا، حَتَّى إِذَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي بَيْتِ عَائِشَةَ بَعَثَ صَاحِبُ الْهَدِيَّةِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي بَيْتِ عَائِشَةَ، فَكَلَّمَ حِزْبُ أُمِّ سَلَمَةَ، فَقُلْنَ لَهَا كَلِّمِى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُكَلِّمُ النَّاسَ، فَيَقُولُ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُهْدِىَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - هَدِيَّةً فَلْيُهْدِهِ إِلَيْهِ حَيْثُ كَانَ مِنْ بُيُوتِ نِسَائِهِ، فَكَلَّمَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ بِمَا قُلْنَ، فَلَمْ يَقُلْ لَهَا شَيْئًا، فَسَأَلْنَهَا. فَقَالَتْ مَا قَالَ لِى شَيْئًا. فَقُلْنَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من أهدى إلى صاحبه وتحرَّى بعضَ نسائه دون بعض 2580 - روى في الباب حديث عائشة أن الناس كانوا يتحرون بهداياهم يومها وقد تقدم في باب قبول الهدية مختصرًا. 2581 - (أن نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - كنَّ حِزبين) -بكسر الحاء وسكون الزاي المعجمة- أي: طائفتين كل طائفة لها رأس: على طائفة عائشة وعلى طائفة أم سلمة (فكلَّمَ حِزْبُ أمِّ سلمة) أي: أم سلمة (فقلن لها: كلمي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أن يقول للناس: لا تحروا بهداياكم يوم عائشة، وأهدوا إليَّ حيث كنت في سائر النساء، فكلمته أم سلمة بما قلن. فلم يرد عليها شيئًا) أي: في ذلك حتى كررت عليه ذلك الكلام في ثالث يوم (دار إليها فقال في الثالثة: لا

لَهَا فَكَلِّمِيهِ. قَالَتْ فَكَلَّمَتْهُ حِينَ دَارَ إِلَيْهَا أَيْضًا، فَلَمْ يَقُلْ لَهَا شَيْئًا، فَسَأَلْنَهَا. فَقَالَتْ مَا قَالَ لِى شَيْئًا. فَقُلْنَ لَهَا كَلِّمِيهِ حَتَّى يُكَلِّمَكِ. فَدَارَ إِلَيْهَا فَكَلَّمَتْهُ. فَقَالَ لَهَا «لاَ تُؤْذِينِى فِي عَائِشَةَ، فَإِنَّ الْوَحْىَ لَمْ يَأْتِنِى، وَأَنَا فِي ثَوْبِ امْرَأَةٍ إِلاَّ عَائِشَةَ». قَالَتْ فَقَالَتْ أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مِنْ أَذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. ثُمَّ إِنَّهُنَّ دَعَوْنَ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَرْسَلْنَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَقُولُ إِنَّ نِسَاءَكَ يَنْشُدْنَكَ اللَّهَ الْعَدْلَ فِي بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ. فَكَلَّمَتْهُ. فَقَالَ «يَا بُنَيَّةُ، أَلاَ تُحِبِّينَ مَا أُحِبُّ». قَالَتْ بَلَى. فَرَجَعَتْ إِلَيْهِنَّ، فَأَخْبَرَتْهُنَّ. فَقُلْنَ ارْجِعِى إِلَيْهِ. فَأَبَتْ أَنْ تَرْجِعَ، فَأَرْسَلْنَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ، فَأَتَتْهُ فَأَغْلَظَتْ، وَقَالَتْ إِنَّ نِسَاءَكَ يَنْشُدْنَكَ اللَّهَ الْعَدْلَ فِي بِنْتِ ابْنِ أَبِى قُحَافَةَ. فَرَفَعَتْ صَوْتَهَا، حَتَّى تَنَاوَلَتْ عَائِشَةَ. وَهْىَ قَاعِدَةٌ، فَسَبَّتْهَا حَتَّى إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيَنْظُرُ إِلَى عَائِشَةَ هَلْ تَكَلَّمُ قَالَ فَتَكَلَّمَتْ عَائِشَةُ تَرُدُّ عَلَى زَيْنَبَ، حَتَّى أَسْكَتَتْهَا. قَالَتْ فَنَظَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى عَائِشَةَ، وَقَالَ «إِنَّهَا بِنْتُ أَبِى بَكْرٍ». قَالَ الْبُخَارِىُّ الْكَلاَمُ الأَخِيرُ قِصَّةُ فَاطِمَةَ يُذْكَرُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ رَجُلٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَقَالَ أَبُو مَرْوَانَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ عُرْوَةَ كَانَ النَّاسُ يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ. وَعَنْ هِشَامٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ، وَرَجُلٍ مِنَ الْمَوَالِى، عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ قَالَتْ عَائِشَةُ كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتَأْذَنَتْ فَاطِمَةُ. طرفه 2574 ـــــــــــــــــــــــــــــ تؤذيني في عائشة، فإن الوحي لم يأتني وأنا في ثوب امرأة إلا عائشة) أشار بهذا إلى أنها مُفَضَّلةٌ من عند الله، فلا تساويهنَّ، فلما سمعتْ مقالته (قالت: أتوب إلى الله) ثم أرسلت إليه فاطمة (إن نساءك ينشدنك العدل في بنت أبي قحافة) بفتح الياء، من نشدت الشيء طلبته، وأبو قحافة -بضم القاف- اسمه عثمان جد عائشة (فقال يا بنية، أَلا تحبين ما أحب) ردّ عليها بألطف وجه (فأرسلت زينب بنت جحش) وهي كانت تسامي عائشة في المنزلة عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (تناولت عائشة) التناول الأخذُ باليد مجاز عن السب، ولذلك فَسَّره بقوله: فسبتها (فتكلمت عائشة) حين عرفت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرضى منها ذلك، فلما تكلمت وغلبت زينب (قال: إنها بنت أبي بكر) رفع شأنها في النسب كما رفع شأنها في الحَسَب مع أم سلمة بأنه لم يُوحَى إليه في ثوب امرأة غيرها. (وقال أبو مروان) هو يحيى بن أبي زكريا الغساني (وعن هشام عن رجل من قريش ورجل من الموالي) من العجم لأنهم أتباع العرب. والمولى بمعنى التابع. وإنما روى عن المجهول لكونه أتى به شاهدًا، وفي الشواهد والمتابعات يحتمل مثله.

9 - باب ما لا يرد من الهدية

9 - باب مَا لاَ يُرَدُّ مِنَ الْهَدِيَّةِ 2582 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا عَزْرَةُ بْنُ ثَابِتٍ الأَنْصَارِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ دَخَلْتُ عَلَيْهِ فَنَاوَلَنِى طِيبًا، قَالَ كَانَ أَنَسٌ - رضى الله عنه - لاَ يَرُدُّ الطِّيبَ. قَالَ وَزَعَمَ أَنَسٌ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ لاَ يَرُدُّ الطِّيبَ. طرفه 5929 مسألة [في كفار الهند] 10 - باب مَنْ رَأَى الْهِبَةَ الْغَائِبَةَ جَائِزَةً 2583 و 2584 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ ذَكَرَ عُرْوَةُ أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ رضى الله عنهما وَمَرْوَانَ أَخْبَرَاهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ جَاءَهُ وَفْدُ هَوَازِنَ قَامَ فِي النَّاسِ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ما لا يرد من الهدية 2582 - (عَزْرة بن ثابت) بفتح العين والزاي المعجمة والراء المهملة (ثمامة) بضم المثلثة. (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يَرُدُّ الطِّيب) قال ابن بطال: إنما لم يرد الطيب لأنه كان يلازم مناجاة الملائكة. قلتُ: هذا إنما يلائم استعمال الطيب. والحق في وجه ذلك أن رَدَّه لا يحسن تفاؤلًا. وفي الترمذي مرفوعًا: "ثلاث لا ترد: الوسائد والدهن واللبن". وفَسَّر الدهن بالطيب والوجه ما ذكرنا. باب مَنْ رأى الهبةَ الغائبةَ جائزةً 2583 - 2584 - روى في الباب عن مروان ومِسْور بن مَخْرَمة أن وفد هوازن لما جاؤوا مسلمين، قام النبي - صلى الله عليه وسلم - في الناس فأثنى على الله بما هو أهله، وذكر للمهاجرين والأنصار أن القوم قد آمنوا وصاروا إخوانًا لهم فَرَدَّ سَبْيَهُم عليهم وكان ذلك هبةَ ما لم يره. والحديث تقدم في باب مَنْ ملك من العرب رقيقًا بأطول من هذا وأشرنا هناك إلى أن

11 - باب المكافأة فى الهبة

أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ إِخْوَانَكُمْ جَاءُونَا تَائِبِينَ، وَإِنِّى رَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّ إِلَيْهِمْ سَبْيَهُمْ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُطَيِّبَ ذَلِكَ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَظِّهِ حَتَّى نُعْطِيَهُ إِيَّاهُ مِنْ أَوَّلِ مَا يُفِئُ اللَّهُ عَلَيْنَا». فَقَالَ النَّاسُ طَيَّبْنَا لَكَ. طرفاه 2307، 2308 11 - باب الْمُكَافَأَةِ فِي الْهِبَةِ 2585 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ وَيُثِيبُ عَلَيْهَا. لَمْ يَذْكُرْ وَكِيعٌ وَمُحَاضِرٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الحديث من مروان مرسل، فإنه ليس له رواية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخلاف المِسْوَر، فإن له سماعًا. والحديث عنه متصل، وذكرنا هناك فوائد جليلة فعليك بها. باب المكافأة في الهبة المكافأة: المساواة، ومنه الكفاءة في النكاح، والمراد هنا المقابلة، وإعطاء الموهوب له شيئًا في مقابلة هبته. 2585 - واستدل عليه بما روى عن عائشة (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقبل الهدية ويثيب عليها) والجمهور على أن ذلك على وجه الندب والاستحباب، وأن الواهب إذا طلب العوض لا يستحق لكن له الرجوع في غير الأصول للفروع عند أبي حنيفة بشرائط مذكورة في الفقه وعند الشافعي الأمر بالعكس، وعند الإمام أحمد يختص ذلك بالأب وحده في رواية، وفي أخرى لا رجوع لأحد. وقال مالك في "الموطأ": يرجع فيها مطلقًا إن كان قصده العوض وإن تغيرت بزيادة أو نقصان فله القيمة. قال أبو عبد الله (لم يذكر وكيع ومحاضرٌ عن هشام عن أبيه عن عائشة) بل أرسلًا.

12 - باب الهبة للولد، وإذا أعطى بعض ولده شيئا لم يجز، حتى يعدل بينهم ويعطى الآخرين مثله، ولا يشهد عليه

12 - باب الْهِبَةِ لِلْوَلَدِ، وَإِذَا أَعْطَى بَعْضَ وَلَدِهِ شَيْئًا لَمْ يَجُزْ، حَتَّى يَعْدِلَ بَيْنَهُمْ وَيُعْطِىَ الآخَرِينَ مِثْلَهُ، وَلاَ يُشْهَدُ عَلَيْهِ. وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلاَدِكُمْ فِي الْعَطِيَّةِ». وَهَلْ لِلْوَالِدِ أَنْ يَرْجِعَ فِي عَطِيَّتِهِ وَمَا يَأْكُلُ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ بِالْمَعْرُوفِ وَلاَ يَتَعَدَّى. وَاشْتَرَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ عُمَرَ بَعِيرًا ثُمَّ أَعْطَاهُ ابْنَ عُمَرَ، وَقَالَ «اصْنَعْ بِهِ مَا شِئْتَ». 2586 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ أَنَّهُمَا حَدَّثَاهُ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ أَنَّ أَبَاهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الهبة للولد وإذا أعطى بعض ولده شيئًا لم يجز حتى يعدل ويعطي الآخر مثله ويشهد عليه وفي بعضها: ولا يُشهد عليه ولكن الأصح حذف: لا، والظاهر أنه يجب عنده التسوية، كما ذهب إليه الإمام أحمد وإسحاق أنه يعطي بقدر الميراث. والجمهور على أنه ندب وأنه يساوي بين الذكر والأنثى. وهل للوالد أن يرجع في هبته وما يأكل من مال ولده بالمعروف؟ وهذا أيضًا من الترجمة (واشترى النبي - صلى الله عليه وسلم - من عمر بعيرًا وأعطاه ابن عمر وقال: اصنع فيه ما شئت). فإن قلت: أي مناسبة لهذا بباب هبة الوالد الولد؟ قلتُ: الوجه فيه أن البعير لما كان لعمر وأعطاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لابن عمر، فليس على عمر أن يعطي سائر أولاده مثله، فإن البعير وإن كان في الأصل لعمر إلا أن الهبة صدرتْ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال ابنُ بطال: الوجه فيه أنه لو قال لعمر: أعطه ابنك عبدَ الله. لم يكد عدلًا؛ لأن عمر له أولاد غير عبد الله وهذا شيء في غاية البُعْدِ، ويجوزُ أن يكون مراد البخاري أن غير الأب إذا أعطى أحد أولاد زيد مثلًا، فليس عليه في ذلك شيء. 2586 - (حميد) بضم الحاء مصغر (عن النعمان بن بشير) -بضم النون- وبشير على وزن كريم.

13 - باب الإشهاد فى الهبة

أَتَى بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ إِنِّى نَحَلْتُ ابْنِى هَذَا غُلاَمًا. فَقَالَ «أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَ مِثْلَهُ». قَالَ لاَ. قَالَ «فَارْجِعْهُ». طرفاه 2587، 2650 13 - باب الإِشْهَادِ فِي الْهِبَةِ 2587 - حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ عَامِرٍ قَالَ سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ - رضى الله عنهما - وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ أَعْطَانِى أَبِى عَطِيَّةً، فَقَالَتْ عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ لاَ أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ إِنِّى أَعْطَيْتُ ابْنِى مِنْ عَمْرَةَ بِنْتِ رَوَاحَةَ عَطِيَّةً، فَأَمَرَتْنِى أَنْ أُشْهِدَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «أَعْطَيْتَ سَائِرَ وَلَدِكَ مِثْلَ هَذَا». قَالَ لاَ. قَالَ «فَاتَّقُوا اللَّهَ، وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلاَدِكُمْ». قَالَ فَرَجَعَ فَرَدَّ عَطِيَّتَهُ. طرفه 2586 ـــــــــــــــــــــــــــــ (نحلت غلامًا) نَحَلْتُ على وزن ضَرَبْتُ أي وهبتُ (أكُلَّ ولدك نَحَلْتَ مثله؟ قال: لا. قال: فارجعه) قد ذكرنا أن الإمام أحمد وإسحاق حملاه على الوجوب. فإن قلتَ: لم يذكر في الباب ما يدل على جواز أكل مال الولد؟ قلتُ: إذا جاز له الرجوع عن هبته من غير حاجة. فأكل مال الولد مع الحاجة [من] باب الأولى. فإن قلت: أي فائدة في قوله هبة الوالد للولد؟ قلتُ: إشارة إلى تأويل الحديث الذي قال فيه: "أنت ومالك لأبيك"، إذ لو حمل على ظاهره لم تصح هبة الوالد لولده، فإنه هبة على نفسه. باب الإشهاد في الهبة 2587 - روى في الباب حديث النعمان بن بشير أن أباه أعطاه غلامًا فقال: هل أعطى سائر ولده؟ قال: لا (قال: فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم) وفي رواية مسلم: "أَشْهِدْ عليه غيري". قاله على وجه الغضب. بدليل ما رواه البخاري في أبواب الشهادات من تمام

14 - باب هبة الرجل لامرأته والمرأة لزوجها

14 - باب هِبَةِ الرَّجُلِ لاِمْرَأَتِهِ وَالْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا قَالَ إِبْرَاهِيمُ جَائِزَةٌ. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لاَ يَرْجِعَانِ. وَاسْتَأْذَنَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - نِسَاءَهُ فِي أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ. وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ». وَقَالَ الزُّهْرِىُّ فِيمَنْ قَالَ لاِمْرَأَتِهِ هَبِى لِى بَعْضَ صَدَاقِكِ أَوْ كُلَّهُ. ثُمَّ لَمْ يَمْكُثْ إِلاَّ يَسِيرًا حَتَّى طَلَّقَهَا فَرَجَعَتْ فِيهِ قَالَ يَرُدُّ إِلَيْهَا إِنْ كَانَ خَلَبَهَا، وَإِنْ كَانَتْ أَعْطَتْهُ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ، لَيْسَ فِي شَىْءٍ مِنْ أَمْرِهِ خَدِيعَةٌ، جَازَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَىْءٍ مِنْهُ نَفْسًا). ـــــــــــــــــــــــــــــ الحديث "فإني لا أشهد على جَوْرٍ". قال النووي: فالذي قال بجوره قال: معناه الميل لا الظلم. والإنصاف أن ما ذهب إليه البخاري وأحمد من الوجوب هو الظاهر. باب: هبة الرجل لامرأته والمرأة لزوجها (وقال إبراهيم جائزة) لا خلاف في الجواز والخلاف إنما هو في الرجوع. وقد نقل عن عمر بن عبد العزيز: إنهما لا يرجعان. وعليه اتفق الأئمة. والدليل عليه ما رواه أهل السنن أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يحل لرجل أن يَهَبَ هبةً ثم يرجع فيها، إلا الوالد"، وقد نقلنا تفصيل المذاهب في باب المكافأة في الهبة (واستأذن النبي - صلى الله عليه وسلم - نساءه، في أن يُمرَّض في بيت عائشة) يُمرَّض بضم الياء وتشديد الراء: والتمريض تعاهد المريض. هذا التعليق سيأتي مسندًا. وفيه دلالة على جواز هبة المرأة زوجها لا على عدم الرجوع. وأيضًا إنما يتم أن لو كان القسم واجبًا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والأصحُّ عدم الوجوب (وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه) أسنده في آخر الباب واختلف العلماء في هذا التشبيه، قال بعضهم: يحرم العود، والجمهور على أنه مكروه لأنه شبهه بشيءٍ مكروه ولم يرتب عليه ما يتعلق بالإثم.

15 - باب هبة المرأة لغير زوجها وعتقها إذا كان لها زوج فهو جائز، إذا لم تكن سفيهة، فإذا كانت سفيهة لم يجز

2588 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - لَمَّا ثَقُلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَاشْتَدَّ وَجَعُهُ اسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِى، فَأَذِنَّ لَهُ، فَخَرَجَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ، تَخُطُّ رِجْلاَهُ الأَرْضَ، وَكَانَ بَيْنَ الْعَبَّاسِ، وَبَيْنَ رَجُلٍ آخَرَ. فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ فَذَكَرْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ مَا قَالَتْ عَائِشَةُ، فَقَالَ لِى وَهَلْ تَدْرِى مَنِ الرَّجُلُ الَّذِى لَمْ تُسَمِّ عَائِشَةُ قُلْتُ لاَ. قَالَ هُوَ عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ. طرفه 198 2589 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَقِئُ، ثُمَّ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ». أطرافه 2621، 2622، 6975 15 - باب هِبَةِ الْمَرْأَةِ لِغَيْرِ زَوْجِهَا وَعِتْقُهَا إِذَا كَانَ لَهَا زَوْجٌ فَهْوَ جَائِزٌ، إِذَا لَمْ تَكُنْ سَفِيهَةً، فَإِذَا كَانَتْ سَفِيهَةً لَمْ يَجُزْ قَالَ تَعَالَى (وَلاَ تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ). 2590 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: ما وجه دخوله في باب هبة الرجل للمرأة وبالعكس؟ قلت: هو دخولهما في هذا الذم لعموم اللفظ. 2588 - ثم (لما ثقل النبي - صلى الله عليه وسلم -) بضم القاف فَسّره بقوله: (فاشتد مرضُه، استأذن أزواجه في أن يُمرَّض في بيتي) بضم الياء وتشديد الراء: من التمريض، وهو تعاهد المريض. 2589 - (وُهَيب) بضم الواو مصغر (عن ابن طاووس) اسمه عبد الله. باب: هبة المرأة لغير زوجها وعتقها إذا كان لها زوج اتفق الأئمة على جواز تصرف المرأة في مالها إذا كانت رشيدة، والرشدُ عبارة عن صلاح الدين والدنيا. 2590 - (أبو عاصم) هو الضَحَّاك بن مَخْلَد (عن ابن جريج) -بضم الجيم- عبد الملك

عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَسْمَاءَ - رضى الله عنها - قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لِى مَالٌ إِلاَّ مَا أَدْخَلَ عَلَىَّ الزُّبَيْرُ فَأَتَصَدَّقُ. قَالَ «تَصَدَّقِى، وَلاَ تُوعِى فَيُوعَى عَلَيْكِ». طرفه 1433 2591 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ فَاطِمَةَ عَنْ أَسْمَاءَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَنْفِقِى وَلاَ تُحْصِى فَيُحْصِىَ اللَّهُ عَلَيْكِ، وَلاَ تُوعِى فَيُوعِىَ اللَّهُ عَلَيْكِ». طرفه 1433 2592 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ يَزِيدَ عَنْ بُكَيْرٍ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ مَيْمُونَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ - رضى الله عنها - أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا أَعْتَقَتْ وَلِيدَةً وَلَمْ تَسْتَأْذِنِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُهَا الَّذِى يَدُورُ عَلَيْهَا فِيهِ قَالَتْ أَشَعَرْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنِّى أَعْتَقْتُ وَلِيدَتِى قَالَ «أَوَفَعَلْتِ». قَالَتْ نَعَمْ. قَالَ «أَمَا ـــــــــــــــــــــــــــــ (عن ابن أبي مليكة) بضم الميم مصغر هو عبد الله بن عبد الله واسم أبي مليكة زهير. 2591 - (عن أسماء، قالت يا رسول الله، مالي [مال] إلا ما أدخل عليَّ الزبير فأتصدق؟ قال: تصدقي) يحتمل أن يكون مرادها بما أدخل عليها أي: أعطاها وملكها، وأن يريد مال الزبير الذي تحت يدها، وقوله: تصدقي على الأول ظاهر، وعلى الثاني محمول على الإذن إما نصًّا على ذلك من الزبير، أو كان متعارفًا عندهم. وأحاديث الباب تؤيد الأول (ولا توعي) أي: لا تجعلي المال في الوعاء، كنايةً عن الإمساك (فيُوعى عليك) على بناء المجهول، ويجوزُ على بناء الفاعل، وهذا اللفظ جاء على طريق المشاكلة. والمراد أنها إذا أمسكت أمسك الله عنها الخير؛ لأنه تعالى إنما يعطي الخلف للمنفق. وهذا معنى قوله في الرواية الأخرى: "لا تُحصي فيحصي اللهُ عليكِ". والإحصاء العدُّ. والمراد منه ما يفعله البخلاء من عد المال حفظًا وإلا من عده للنفقة في سبيل الله على قدر معلوم، فذلك ممدوح. 2592 - (بُكير) بضم الباء: مصغر، وكذا (كُريب). (أن ميمونة أعتقت وليدة ولم تستأذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) هذا موضع الدلالة فإنها أعتقت من غير إذن الزوج (قالت: با رسول الله أشعرت أني أعتقتُ وليدتي؟ قال: أَوَ فعلتِ؟) -بفتح الهمزة والواو- عطف على مقدر. أي: أقُلْتِ ذلك. وفي الاستفهام نوع إنكار (قال: أَمَا

إِنَّكِ لَوْ أَعْطَيْتِيهَا أَخْوَالَكِ كَانَ أَعْظَمَ لأَجْرِكِ».وَقَالَ بَكْرُ بْنُ مُضَرَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ بُكَيْرٍ عَنْ كُرَيْبٍ إِنَّ مَيْمُونَةَ أَعْتَقَتْ. طرفه 2594 2593 - حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ، وَكَانَ يَقْسِمُ لِكُلِّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا، غَيْرَ أَنَّ سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ وَهَبَتْ يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا، لِعَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - تَبْتَغِى بِذَلِكَ رِضَا رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 2637، 2661، 2688، 2879، 4025، 4141، 4690، 4749، 4750، 4757، 5212، 6662، 6679، 7369، 7370، 7500، 7545 ـــــــــــــــــــــــــــــ إنك) بفتح الهمزة وتخفيف الميم: حرف تنبيه (لو أعطيت أخوالك كان أعظم لأجرك) لأنه صلة رحم وصدقة أيضًا. فإن قلت: هذا حجة على الشافعي في أن أقرب القربات العتق؟ قلتُ: هذه واقعة لا دلالة فيها على العموم فربما كان أخوالها فقراء لا يقدرون على القيام بحالهم (وقال بكر بن مضر) أردف المسند بالمعلق تقوية ومُضَر بضم الميم وضاد معجمة غير منصرف. 2593 - (حِبّان بن موسى) [بكسر] الحاء وتشديد الموحدة. روى عن عائشة (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد سفرًا أقرَعَ بين نسائه، وكان يقسم لأزواجه غير أن سودةَ وهبتْ يومها وليلها لعائشة) هذا موضع الدلالة على الترجمة، سبب هبتها يومَها لها أنها كانت قد كبرت. فأراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فراقها، فأرضت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك حتى أمسكها، وفيه نزل قوله تعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا} [النساء: 128]. واختلف العلماء فيما إذا وهبت اليوم للزوج قيل: يجعله بين سائر نسائه والصواب أنه له أن يخصّه ببعض نسائه.

16 - باب بمن يبدأ بالهدية

16 - باب بِمَنْ يُبْدَأُ بِالْهَدِيَّةِ 2594 - وَقَالَ بَكْرٌ عَنْ عَمْرٍو عَنْ بُكَيْرٍ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ إِنَّ مَيْمُونَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَعْتَقَتْ وَلِيدَةً لَهَا فَقَالَ لَهَا «وَلَوْ وَصَلْتِ بَعْضَ أَخْوَالِكِ كَانَ أَعْظَمَ لأَجْرِكِ». طرفه 2592 2595 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى عِمْرَانَ الْجَوْنِىِّ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رَجُلٍ مِنْ بَنِى تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ - عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِى جَارَيْنِ فَإِلَى أَيِّهِمَا أُهْدِى قَالَ «إِلَى أَقْرَبِهِمَا مِنْكِ بَابًا». طرفه 2259 17 - باب مَنْ لَمْ يَقْبَلِ الْهَدِيَّةَ لِعِلَّةٍ وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَتِ الْهَدِيَّةُ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - هَدِيَّةً، وَالْيَوْمَ رِشْوَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب بمن يبدأ في الهدية 2594 - (وقال بكر بن [مضر]) الذي تقدم، روى عنه حديث عتق ميمونة الوليدة. وموضع الدلالة قوله - صلى الله عليه وسلم - (لو أعطيت بعض أخوالك كان أعظم لأجرك). 2595 - (محمد بن بشار) (عن أبي عمران الجوني) -بفتح الجيم وسكون الواو- نسبة إلى ضيعته وهو جونة العطاء، واسمه عبد الملك. (عن عائشة أنها قالت يا رسول الله: إنَّ لي جارين، إلى أيّهما أهدي؟ قال: إلى أقربهما منك بابًا) اعتبر القرب بالباب لأنه موضع الملاقاة، ومشاهدة الأحوال من الدخول والخروج. وشرح الحديث تقدم في باب: أيّ الجوار أقرب. باب مَنْ لم يقبل الهدية لعلة (وقال عمر بن عبد العزبز: كانت الهدية في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هدية واليوم رشوة) -بضم الراء وكسرها- ما يعطى للولاة والحكام توصُّلًا به إلى قضاء الحاجة. قال ابن الأثير: مأخوذ من الرشاء وهو الحبلُ الذي يتوصل به إلى الماء. أشار عمر بن عبد العزيز إلى أن

2596 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ الصَّعْبَ بْنَ جَثَّامَةَ اللَّيْثِىَّ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يُخْبِرُ أَنَّهُ أَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِمَارَ وَحْشٍ وَهْوَ بِالأَبْوَاءِ - أَوْ بِوَدَّانَ - وَهْوَ مُحْرِمٌ فَرَدَّهُ، قَالَ صَعْبٌ فَلَمَّا عَرَفَ فِي وَجْهِى رَدَّهُ هَدِيَّتِى قَالَ «لَيْسَ بِنَا رَدٌّ عَلَيْكَ، وَلَكِنَّا حُرُمٌ». طرفه 1825 2597 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِى حُمَيْدٍ السَّاعِدِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ اسْتَعْمَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلاً مِنَ الأَزْدِ يُقَالُ لَهُ ابْنُ اللُّتْبِيَّةِ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ هَذَا لَكُمْ، وَهَذَا أُهْدِىَ لِى. قَالَ «فَهَلاَّ جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ أَوْ بَيْتِ أُمِّهِ، فَيَنْظُرَ يُهْدَى لَهُ أَمْ لاَ وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ الهدية كانت في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للحب فيه، والآن لأغراض دنيوية، فهي في المعنى رشوة. 2596 - ثم رُوى حديث الصعب بن جَثَّامة أنه أهدى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حمارًا وحشيًّا فلم يقبله، لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان مُحرمًا، وكان الصعبُ قد صاده بقصد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلتلك العلة لم يقبله. وقد سبق الحديث مع شرحه مستوفىً في باب قبول الهدية. (الصعب) بفتح الصاد وسكون العين (جَثَّامة) بفتح الجيم وتشديد الثاء. (بالأبواء) بفتح الهمزة (أو بودان) -بفتح الواو وتشديد الدال- اسمان لموضعين بطريق مكة. 2597 - (عن أبي حُميد الساعدي) بضم الحاء مصغر، اسمه المنذر. وقيل: عبد الرحمن. (استعمل رجلًا من الأزد) -بفتح الهمزة وزاي معجمة- حَيٌّ من عرب اليمن (يقال له: ابن الأتْبِية) بضم الهمزة ثم تاء ساكنة ثم باء موحدة، ويقال: اللتبية باللام موضع الهمزة نسبةً إلى بني لتب قبيلة معروفة. وحديثه سلف في أبواب الزكاة. وفيه دليل على

18 - باب إذا وهب هبة أو وعد ثم مات قبل أن تصل إليه

لاَ يَأْخُذُ أَحَدٌ مِنْهُ شَيْئًا إِلاَّ جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى رَقَبَتِهِ، إِنْ كَانَ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ أَوْ شَاةً تَيْعَرُ - ثُمَّ رَفَعَ بِيَدِهِ، حَتَّى رَأَيْنَا عُفْرَةَ إِبْطَيْهِ - اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ ثَلاَثًا». طرفه 925 18 - باب إِذَا وَهَبَ هِبَةً أَوْ وَعَدَ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ تَصِلَ إِلَيْهِ وَقَالَ عَبِيدَةُ إِنْ مَاتَ وَكَانَتْ فُصِلَتِ الْهَدِيَّةُ وَالْمُهْدَى لَهُ حَىٌّ فَهْىَ لِوَرَثَتِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فُصِلَتْ فَهْىَ لِوَرَثَةِ الَّذِى أَهْدَى. وَقَالَ الْحَسَنُ أَيُّهُمَا مَاتَ قَبْلُ فَهْىَ لِوَرَثَةِ الْمُهْدَى لَهُ. إِذَا قَبَضَهَا الرَّسُولُ. 2598 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُنْكَدِرِ سَمِعْتُ جَابِرًا - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ لِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ جَاءَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا ثَلاَثًا». ـــــــــــــــــــــــــــــ حرمة هدايا العمال والولاة لأنها رشوة (إن كان بعيرًا له رغاء) بضم الراء وغين معجمة (له خُوار) -بضم الخاء- صوت البقر. ويقال بالجيم أيضًا بعده همزة (أو شاة تَيْعر) بفتح الفوقانية وسكون التحتانية، من يعر يبعر مثل سأل يسأل. ومصدره يُعار -بضم التحتانية- على وزن غبار (ثم رفع يديه حتى رأينا عُفْرة إبطية) -بضم العين وسكون الفاء- قال ابن الأثير: هو بياض ليس بناصع (اللهم هل بلغت ثلاثًا) أي قال هذا القول ثلاث مرات. باب إذا وهب هبةً أو وعد ثم مات قبل أن يصل إليه أي: إلى الموهوب له (وقال عَبيدة) -بفتح العين وكسر الباء الموحدة- هو السلماني التابعي الجليل المعروف (إن مات) أي: المهدي (أو كانت وصلت [الهدية] والمهدَى له حيٌّ) أو: بمعنى الواو. مات المهدي والمهدى له حي لكن وصلت إليه الهبة فهي لورثة المهدى له، وإن مات ولم تصل إلى المهدى له فهي لورثة المهدي لأن الملك في الهبة يتوقف على القبض. وعند الإمام أحمد في غير المكيل والموزون لا يشترط القبض، وعن مالك أنه إذا أشهد عليها أو دفعها إلى من يدفعه إلى المهدى له، فهي لورثته، وإن لم تصل إليه في حياته، وقول الحسن موافقٌ لقول عَبيدة. 2598 - (ابن المنكدر) -بضم الميم وكسر الدال- اسمه محمد. (قال) أي: جابر (قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لو جاء مالُ البحرين أعطيتُك هكذا ثلاثًا) أي أشار

19 - باب كيف يقبض العبد والمتاع

فَلَمْ يَقْدَمْ حَتَّى تُوُفِّىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَأَمَرَ أَبُو بَكْرٍ مُنَادِيًا فَنَادَى مَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - عِدَةٌ أَوْ دَيْنٌ فَلْيَأْتِنَا. فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَعَدَنِى. فَحَثَى لِى ثَلاَثًا. طرفه 2296 19 - باب كَيْفَ يُقْبَضُ الْعَبْدُ وَالْمَتَاعُ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ كُنْتُ عَلَى بَكْرٍ صَعْبٍ فَاشْتَرَاهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ «هُوَ لَكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ». 2599 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ بكفيه ثلاث مراتٍ (فلم يَقْدَم) بفتح الياء والدال (حتى توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) واتفق العلماء على أن ما فعله الصديق كان تبرعًا لئلا يقع خُلْفٌ في وعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إذ لو كان ذلك الوعد واجبًا لأوصى به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فعلى هذا اعتراض الإسماعيلي بأن الحديث على الترجمة ساقط، لأن البخاري لم يذكر في الترجمة ما يدل على لزوم الوفاء (فحثا له ثلاثًا) أي: ثلاث مرات يقال: حثى يحثي، وحثا يحثو بمعنًى وهو الدفع باليدين. وفي الكلام تسامحٌ لأن جابرًا قال في الرواية الأخرى: فحثى له حثيةً، وقال: عدَّها فعددتها، فكانت خمسمائة. فقال: خذ مثليها. باب كيف يقبض العبدُ والمتاعُ؟ (وقال ابن عمر: كنتُ على بكرٍ صعْبٍ) البكر -بفتح الباء وسكون الكاف- الفَتِيّ من الإبل. وهذا التعليق تقدم في أبواب البيع مسندًا، وموضع الدلالة هنا أن كونه كان راكبًا عليه كفى في القبض. 2599 - (قُتيبة) بضم القاف مصغر (عن ابن أبي مُليكة) بضم الميم مصغر ملكة. هو عُبيد الله. واسم أبي مليكة زهير.

20 - باب إذا وهب هبة فقبضها الآخر، ولم يقل قبلت

الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَقْبِيَةً، وَلَمْ يُعْطِ مَخْرَمَةَ مِنْهَا شَيْئًا، فَقَالَ مَخْرَمَةُ يَا بُنَىَّ انْطَلِقْ بِنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ، فَقَالَ ادْخُلْ فَادْعُهُ لِى. قَالَ فَدَعَوْتُهُ لَهُ فَخَرَجَ إِلَيْهِ، وَعَلَيْهِ قَبَاءٌ مِنْهَا، فَقَالَ «خَبَأْنَا هَذَا لَكَ». قَالَ فَنَظَرَ إِلَيْهِ، فَقَالَ رَضِىَ مَخْرَمَةُ. أطرافه 2657، 3127، 5800، 5862، 6132 20 - باب إِذَا وَهَبَ هِبَةً فَقَبَضَهَا الآخَرُ، وَلَمْ يَقُلْ قَبِلْتُ 2600 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ هَلَكْتُ. فَقَالَ «وَمَا ذَاكَ». قَالَ وَقَعْتُ بِأَهْلِى فِي رَمَضَانَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ (عن المِسْوَر بن مَخْرمة) بكسر الميم في الأول وفتحه في الثاني (أَقْبِيَة) -بفتح الهمزة وكسر القاف- جمع قباء (قال: خَبَأْنا لك هذا، فنظر إليه، فقال: رضي مخرمة) إنما قال هذا لما سيجيء أنه كان في خلقه شيء ولم يذكر في الباب ما يدل على قبض العبد، لأن المنقولات في حكم شيء واحد لا بُدّ من قبضها بالنقل من مكان إلى آخر والله [أعلم]. باب إذا وَهَبَ هبة فقبضَها الآخر ولم يقل: قَبِلْتُ 2600 - (محبوب) ضد المبغوض (مَعْمر) بفتح الميمين وسكون العين (حُميد) بضم الحاء على وزن المصغر. روى في الباب حديث الواقع على امرأته في رمضان. وقد سَلَفَ مع شرحه في كتاب الصيام. وموضع الدلالة هنا أنه لما أعطاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التمر لم يقل: قبلت بل أخذه وذهب. والاستدلال بهذا الحديث إنما يتم أن لو كان التمر ملكًا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولكن التمر كان للصدقة. والاستدلالُ بحديث ابن عمر الذي في الباب قبله حيث وهبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - البكْرَ الذي كان عليه، وبحديث جابر حيث وهبه الجمل ولم يقل أحدٌ منهما قبلتُ أولى. وعلى كل تقدير يشكل الحديث على الشافعية فإنهم شرطوا في الهبة الإيجاب والقبول إلا ما اختاره ابن الصباغ منهم.

21 - باب إذا وهب دينا على رجل

قَالَ «تَجِدُ رَقَبَةً». قَالَ لاَ. قَالَ «فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ». قَالَ لاَ. قَالَ «فَتَسْتَطِيعُ أَنْ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا». قَالَ لاَ. قَالَ فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ بِعَرَقٍ - وَالْعَرَقُ الْمِكْتَلُ - فِيهِ تَمْرٌ فَقَالَ «اذْهَبْ بِهَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ». قَالَ عَلَى أَحْوَجَ مِنَّا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ مِنَّا. قَالَ «اذْهَبْ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ». طرفه 1936 21 - باب إِذَا وَهَبَ دَيْنًا عَلَى رَجُلٍ قَالَ شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ هُوَ جَائِزٌ. وَوَهَبَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِىٍّ - عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ - لِرَجُلٍ دَيْنَهُ وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ حَقٌّ فَلْيُعْطِهِ، أَوْ لِيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ». فَقَالَ جَابِرٌ قُتِلَ أَبِى وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَسَأَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - غُرَمَاءَهُ أَنْ يَقْبَلُوا ثَمَرَ حَائِطِى، وَيُحَلِّلُوا أَبِى. 2601 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ. وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَاهُ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ شَهِيدًا، فَاشْتَدَّ الْغُرَمَاءُ فِي حُقُوقِهِمْ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَكَلَّمْتُهُ، فَسَأَلَهُمْ أَنْ يَقْبَلُوا ثَمَرَ حَائِطِى، وَيُحَلِّلُوا أَبِى، فَأَبَوْا، فَلَمْ يُعْطِهِمْ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إذا وَهَبَ دَيْنًا على رجل (وقال شعبة عن الحكم هو جائز) لا خلاف بين العلماء في جواز هبة الدين لمن عليه، ولا يشترط فيه القبول، لأن هذا في الحقيقة إبراء لذمته وإسقاط عنه، إنما الخلاف في هبة الدين لغير من عليه. قال بجوازه مالك وأبو ثورٍ قياسًا على الحوالة، ومنعه الآخرون، لأن الهبة بدون القبض لا تمكن وما في ذمة الغير قبضه مستحيل (وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: من كان عليه حق فَلْيعْطِهِ أو ليتحلَّله) تقدم هذا الحديث في أبواب المظالم. وموضع الدلالة هنا قوله: "أو ليتحلله"، فإنه هبة الدين الذي في ذمته. 2601 - ثم نقل حديث جابر معلقًا ومسندًا. وقد سَلَفَ مرارًا. وموضع الدلالة هنا قوله: (فسأل النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - غُرماءَهُ أن يقبلوا ثمر حائطي ويُحَلّلوا أبي) فإن تحليلهم هبة ما في

22 - باب هبة الواحد للجماعة

رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَائِطِى، وَلَمْ يَكْسِرْهُ لَهُمْ، وَلَكِنْ قَالَ «سَأَغْدُو عَلَيْكَ». فَغَدَا عَلَيْنَا حَتَّى أَصْبَحَ، فَطَافَ فِي النَّخْلِ، وَدَعَا فِي ثَمَرِهِ بِالْبَرَكَةِ، فَجَدَدْتُهَا، فَقَضَيْتُهُمْ حُقُوقَهُمْ، وَبَقِىَ لَنَا مِنْ ثَمَرِهَا بَقِيَّةٌ، ثُمَّ جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ جَالِسٌ، فَأَخْبَرْتُهُ بِذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِعُمَرَ «اسْمَعْ - وَهْوَ جَالِسٌ - يَا عُمَرُ». فَقَالَ أَلاَّ يَكُونُ قَدْ عَلِمْنَا أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، وَاللَّهِ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ. طرفه 2127 22 - باب هِبَةِ الْوَاحِدِ لِلْجَمَاعَةِ وَقَالَتْ أَسْمَاءُ لِلْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَابْنِ أَبِى عَتِيقٍ وَرِثْتُ عَنْ أُخْتِى عَائِشَةَ بِالْغَابَةِ، وَقَدْ أَعْطَانِى بِهِ مُعَاوِيَةُ مِائَةَ أَلْفٍ، فَهُوَ لَكُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ ذمته. لكن هذا على ظاهره غير مستقيم، لأن الميت لا يمكن الهبة له، ولكن أشرنا إلى أن هذه الهبة في الحقيقة إبراء وإسقاط لما في ذمته. فلا فرْقَ حينئذ بين الحي والميت. (فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعمر: اسمع وهو جالس). فإن قلت: تقدم أنه قال لجابر: أخبر عمر بن الخطاب؟ قلتُ: قد أشرنا هناك إلى أن قضية جابر مع الغرماء متعددة. ولو كانت متحدة فالوجه أنه قال له: أخبره، ثم لما حَضَر عمر خاطبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك. (أَلاَ يكون قد عَلِمنا أنك رسول الله؟) استفهام الإنكار دخل على النفي، فأفاد الإثبات. أي: كونك على صفة الرسالة قد علمنا قبل هذه المعجزة (واللهِ إنك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أكدّ الكلام توكيدًا وتقريرًا لعلمه لا نظرًا إلى المخاطب. وهذا نوع من البلاغة. ذكره المحققون من علماء البلاغة. باب هبه الواحد للجماعة (قالت أسماء للقاسم بن محمد) هو ابن أخيها محمد بن أبي بكر (وابن أبي عَتيق) عبيد الله، وأبو عتيق كنية محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر (ورثتُ من أختي عائشة مالًا بالغابة) أي: أرضًا، والغابة موضع معروف (فهو لكما) هذه هبة الواحد للجماعة، لأن الاثنين جماعة.

23 - باب الهبة المقبوضة وغير المقبوضة، والمقسومة وغير المقسومة

2602 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أُتِىَ بِشَرَابٍ فَشَرِبَ، وَعَنْ يَمِينِهِ غُلاَمٌ وَعَنْ يَسَارِهِ الأَشْيَاخُ فَقَالَ لِلْغُلاَمِ «إِنْ أَذِنْتَ لِى أَعْطَيْتُ هَؤُلاَءِ». فَقَالَ مَا كُنْتُ لأُوثِرَ بِنَصِيبِى مِنْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحَدًا. فَتَلَّهُ فِي يَدِهِ. طرفه 2351 23 - باب الْهِبَةِ الْمَقْبُوضَةِ وَغَيْرِ الْمَقْبُوضَةِ، وَالْمَقْسُومَةِ وَغَيْرِ الْمَقْسُومَةِ وَقَدْ وَهَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ لِهَوَازِنَ مَا غَنِمُوا مِنْهُمْ، وَهْوَ غَيْرُ مَقْسُومٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 2602 - (يحيى بن قَزَعَة) بالقاف وثلاث فَتَحات (عن أبي حازم) -بالحاء المهملة- سلمة بن دينار، روى عن سهل أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شرب وعن يمينه غلام وعن يساره الأشياخ، فاستأذن الغلامَ في أن يعطيه للأشياخ فلم يأذن، فأعطاه الغلام. فهذه هبة الواحد للجماعة، لأنه لو أذن له الغلام كان يعطيه لهم فقصده مثل فعله، وأنه لما أعطاه الغلامَ فشرب منه ثم أعطاه لغيره فذلك هبة الواحد للجماعة وقيل: مراده أنه سأل الغلام أن يهب نصيبه للأشياخ، فذلك هبة الواحد للجماعة أن لو رضي الغلامُ وهذا ليس بشيء، لأن الغلام لو أذن لم يكن ذلك هبة منه، لأنه لم يقبض ما في الإناء، ولا ملك في الهبة بدون القبض، وفيه دلالة على هبة المشاع وإن كان مما يقسم خلافًا لأبي حنيفة. باب: الهبة المقبوضة وغير المقبوضة والمقسومة وغير المقسومة (وقد وهب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه لهوازن ما غنموا وهو غير مقسوم) أي: غير مقسوم على الموهوب له، وإنما قلنا ذلك، لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان قد قَسَم غنائم حنين، ذكر أصحاب السير أن عجوزًا كانت عند عينية بن حصن فأبى أن يردها، ثم ردها. قال بعض الشارحين: ويلزم من كونه غير مقسوم أن يكون غير مقبوض، لأن قبض الجزء الشائع بقبض الجميع، ولم يكن للجميع قبض الجميع وهذا كلام فاسد؛ لأن هوازن قبضوا ما لم يقسم، كل شيء وهب لقوم، لهم قبضه قبل القسمة، ثم قال: ولم يكن للجميع قبض الجميع. وهذا مخالف للإجماع، لأن الإنسان إذا وَهَبَ شيئًا للجماعة للجميع قبض الجميع. والعجبُ كيف ذهل عن قبض هوازن، وهوازن قبيلة من قيس غيلان، وقد سلف حديثهم مسندًا.

2603 - وَقَالَ ثَابِتٌ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ عَنْ مُحَارِبٍ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - أَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْمَسْجِدِ فَقَضَانِى وَزَادَنِى. طرفه 443 2604 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَارِبٍ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - يَقُولُ بِعْتُ مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بَعِيرًا فِي سَفَرٍ، فَلَمَّا أَتَيْنَا الْمَدِينَةَ قَالَ «ائْتِ الْمَسْجِدَ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ». فَوَزَنَ - قَالَ شُعْبَةُ أُرَاهُ فَوَزَنَ لِى فَأَرْجَحَ، فَمَا زَالَ مِنْهَا شَىْءٌ حَتَّى أَصَابَهَا أَهْلُ الشَّأْمِ يَوْمَ الْحَرَّةِ. طرفه 443 2605 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أُتِىَ بِشَرَابٍ، وَعَنْ يَمِينِهِ غُلاَمٌ وَعَنْ يَسَارِهِ أَشْيَاخٌ، فَقَالَ لِلْغُلاَمِ «أَتَأْذَنُ لِى أَنْ أُعْطِىَ هَؤُلاَءِ». فَقَالَ الْغُلاَمُ لاَ، وَاللَّهِ لاَ أُوثِرُ بِنَصِيبِى مِنْكَ أَحَدًا. فَتَلَّهُ فِي يَدِهِ. طرفه 2351 ـــــــــــــــــــــــــــــ 2603 - (ثابت) كذا وفع وهو ثابت بن محمد البناني. قال الغَسَّاني: وللأصيلي: محمد بن ثابت، قال: وليس بصواب (مسعر) بكسر الميم (محارب) بضم الميم وكسر الراء آخره باء موحدة (دِثَار) بكسر الدال وثاء مثلثة. (عن جابر قال: أتيتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - في المسجد، فقضاني وزادني) أي: ثمن جمل الذي كنت بعته، هذا مثال الهبة غير المقسومة، فإن تلك الزيادة مع الثمن غير ممتازة. 2604 - (بشَّار) بفتح الباء وتشديد الشين (غُنْدَر) بضم الغين وفتح الدال (محارب) بضم الميم آخره باء موحدة. (قال: أُراه) بضم الهمزة أي: أظنه روى حديث جابر بأطول منه. وهو قوله: (فما زال منه شيء) أي من تلك الزيادة (حتى أصابها أهل الشام يوم الحرة) بفتح الحاء وتشديد الراء: يريد حرة مدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ويوم الحرة مشهور كان به قتال مسلم بن عقبة من جهة يزيد بن معاوية. قتل ستة آلاف وخمسمائة: وأباح المدينة ثلاثة أيام. 2605 - (قتيبة) بضم القاف (عن أبي حازم) بالحاء المهملة سلمة بن دينار. روى في الباب حديث الغلام الذي كان عن يمين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستأذنه في إعطاء الشراب للأشياخ، فلم يأذن. ووجه الدلالة أنه وهب لجماعة شيئًا غير مقسوم. وقد شرحنا الحديث في الباب قبله وافيًا.

24 - باب إذا وهب جماعة لقوم

2606 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ جَبَلَةَ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سَلَمَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - دَيْنٌ فَهَمَّ بِهِ أَصْحَابُهُ، فَقَالَ «دَعُوهُ فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالاً. وَقَالَ اشْتَرُوا لَهُ سِنًّا فَأَعْطُوهَا إِيَّاهُ». فَقَالُوا إِنَّا لاَ نَجِدُ سِنًّا إِلاَّ سِنًّا هِىَ أَفْضَلُ مِنْ سِنِّهِ. قَالَ «فَاشْتَرُوهَا فَأَعْطُوهَا إِيَّاهُ، فَإِنَّ مِنْ خَيْرِكُمْ أَحْسَنَكُمْ قَضَاءً». طرفه 2305 24 - باب إِذَا وَهَبَ جَمَاعَةٌ لِقَوْمٍ 2607 و 2608 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَاهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ حِينَ جَاءَهُ وَفْدُ هَوَازِنَ مُسْلِمِينَ، فَسَأَلُوهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَسَبْيَهُمْ فَقَالَ لَهُمْ «مَعِى مَنْ تَرَوْنَ، وَأَحَبُّ الْحَدِيثِ إِلَىَّ أَصْدَقُهُ، فَاخْتَارُوا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ إِمَّا السَّبْىَ وَإِمَّا الْمَالَ، وَقَدْ كُنْتُ اسْتَأْنَيْتُ». وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - انْتَظَرَهُمْ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً ـــــــــــــــــــــــــــــ 2606 - (جَبَلة) بالجيم وثلاث فتحات. روى عن أبي هريرة أن رجلًا كان له على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دين، وذلك الدين بعير كان استسلفه، وقد تقدم الحديث في كتاب الوكالة، وموضع الدلالة فيه أنه أعطاه بعيرًا خيرًا من بعيره فتلك الزيادة هبة غير مقسوم. وفيه نظر لأن تلك الزيادات زيادة وصف لا تعد هبة. باب: إذا وهب جماعة لقوم، أو وهب رجل مقسومًا أو غير مقسوم 2607 - 2608 - (بكير) بضم الباء مصغر وكذا (عُقيل). روى في الباب حديث سبي هوازن، وقد سلف في الباب قبله، وموضع الدلالة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه وهبوا لهوازن السبي، فكان بالنظر إلى الصحابة هبة قوم لجماعة، وبالنظر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هبة رجل لجماعة، والحق أن هذا مستدرك لأنه تقدم في باب هبة الواحد لجماعة.

25 - باب من أهدى له هدية وعنده جلساؤه فهو أحق

حِينَ قَفَلَ مِنَ الطَّائِفِ، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - غَيْرُ رَادٍّ إِلَيْهِمْ إِلاَّ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ قَالُوا فَإِنَّا نَخْتَارُ سَبْيَنَا. فَقَامَ فِي الْمُسْلِمِينَ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ إِخْوَانَكُمْ هَؤُلاَءِ جَاءُونَا تَائِبِينَ، وَإِنِّى رَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّ إِلَيْهِمْ سَبْيَهُمْ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُطَيِّبَ ذَلِكَ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَظِّهِ حَتَّى نُعْطِيَهُ إِيَّاهُ مِنْ أَوَّلِ مَا يُفِئُ اللَّهُ عَلَيْنَا فَلْيَفْعَلْ». فَقَالَ النَّاسُ طَيَّبْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ. فَقَالَ لَهُمْ «إِنَّا لاَ نَدْرِى مَنْ أَذِنَ مِنْكُمْ فِيهِ مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ، فَارْجِعُوا حَتَّى يَرْفَعَ إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ أَمْرَكُمْ». فَرَجَعَ النَّاسُ فَكَلَّمَهُمْ عُرَفَاؤُهُمْ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُمْ طَيَّبُوا وَأَذِنُوا. وَهَذَا الَّذِى بَلَغَنَا مِنْ سَبْىِ هَوَازِنَ هَذَا آخِرُ قَوْلِ الزُّهْرِىِّ، يَعْنِى فَهَذَا الَّذِى بَلَغَنَا. طرفاه 2307، 2308 25 - باب مَنْ أُهْدِىَ لَهُ هَدِيَّةٌ وَعِنْدَهُ جُلَسَاؤُهُ فَهْوَ أَحَقُّ وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ جُلَسَاءَهُ شُرَكَاءُ. وَلَمْ يَصِحَّ. 2609 - حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ أَخَذَ سِنًّا فَجَاءَ صَاحِبُهُ يَتَقَاضَاهُ فَقَالَ «إِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالاً». ثُمَّ قَضَاهُ أَفْضَلَ مِنْ سِنِّهِ وَقَالَ «أَفْضَلُكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً». طرفه 2305 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من أُهدي له هدية وعنده جلساؤه فهو أحق (ويذكر عن ابن عباس أن جلساءه شركاؤه، ولم يصح) أي: لم يصح رفعه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن قال: لم يصح عن ابن عباس فقد غلط، فإن البيهقي رواه عن ابن عباس مرفوعًا. فقول البخاري: لم يصح يريد بذلك رفعه. قال العلماء: الأصح الوقفُ على ابن عباس. 2609 - (سلمة بن كُهَيل) بضم الكاف مصغر.

26 - باب إذا وهب بعيرا لرجل وهو راكبه، فهو جائز

2610 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ كَانَ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي سَفَرٍ فَكَانَ عَلَى بَكْرٍ لِعُمَرَ صَعْبٍ، فَكَانَ يَتَقَدَّمُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَيَقُولُ أَبُوهُ يَا عَبْدَ اللَّهِ لاَ يَتَقَدَّمِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَحَدٌ. فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «بِعْنِيهِ». فَقَالَ عُمَرُ هُوَ لَكَ. فَاشْتَرَاهُ ثُمَّ قَالَ «هُوَ لَكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ، فَاصْنَعْ بِهِ مَا شِئْتَ». طرفه 2115 26 - باب إِذَا وَهَبَ بَعِيرًا لِرَجُلٍ وَهْوَ رَاكِبُهُ، فَهُوَ جَائِزٌ 2611 - وَقَالَ الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرٌو عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي سَفَرٍ، وَكُنْتُ عَلَى بَكْرٍ صَعْبٍ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِعُمَرَ «بِعْنِيهِ». فَابْتَاعَهُ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «هُوَ لَكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ». طرفه 2115 27 - باب هَدِيَّةِ مَا يُكْرَهُ لُبْسُهَا 2612 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ رَأَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ حُلَّةً سِيَرَاءَ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوِ اشْتَرَيْتَهَا فَلَبِسْتَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلِلْوَفْدِ قَالَ «إِنَّمَا يَلْبَسُهَا مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ فِي الآخِرَةِ». ثُمَّ جَاءَتْ حُلَلٌ فَأَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عُمَرَ مِنْهَا حُلَّةً، وَقَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 2610 - 2611 - روى في الباب حديث الأعرابي الذي استلف منه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعيرًا فلم يجدوا مثل بعيره، فأعطاه أفضل من بعيره. وكذا روى عن ابن عمر أنه كان راكبًا على بكْرٍ صَعْبٍ لعمر، فاشتراه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عمر وأعطاه له، ووجه الدلالة في الحديثين أن الحاضرين لم يكونوا شركاء في زيادة الأعرابي، ولا في هبة ابن عمر، لكن في الدلالة خفاء، لأن العلماء فَرَّقُوا بين الهدية والهبة، بأن الهدية يقصد بها إكرام المهدى له، ولا يشترط فيها القبول، وتقبل وإن أُرسلت على يد صبيٍ، وكأن البخاري أراد إثبات الهدية بالقياس على الهبة. رُوي أن الخليفة أرسل إلى أبي يوسف بمال. فقال جلساؤه نحن شركاؤك؟ فقال: الحديث إنما ورد فيما يخف حمله من الهدايا. باب: هدية ما يكره لُبْسُها 2612 - (مَسْلَمة) بفح الميم واللام.

أَكَسَوْتَنِيهَا وَقُلْتَ فِي حُلَّةِ عُطَارِدٍ مَا قُلْتَ. فَقَالَ «إِنِّى لَمْ أَكْسُكَهَا لِتَلْبَسَهَا». فَكَسَا عُمَرُ أَخًا لَهُ بِمَكَّةَ مُشْرِكًا. طرفه 886 2613 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ أَبُو جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ أَتَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْتَ فَاطِمَةَ فَلَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهَا، وَجَاءَ عَلِىٌّ فَذَكَرَتْ لَهُ ذَلِكَ فَذَكَرَهُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنِّى رَأَيْتُ عَلَى بَابِهَا سِتْرًا مَوْشِيًّا». فَقَالَ «مَا لِى وَلِلدُّنْيَا». فَأَتَاهَا عَلِىٌّ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهَا فَقَالَتْ لِيَأْمُرْنِى فِيهِ بِمَا شَاءَ. قَالَ تُرْسِلُ بِهِ إِلَى فُلاَنٍ. أَهْلِ بَيْتٍ بِهِمْ حَاجَةٌ. 2614 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ قَالَ سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ وَهْبٍ عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - قَالَ أَهْدَى إِلَىَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حُلَّةً ـــــــــــــــــــــــــــــ روى في الباب حديث حُلَّة عطارد (فقال: إني لم أُعطك لتلبسها) وأعطاها عمر أخًا له مشركًا. قد سلف الحديث في أبواب الصلاة، وقد أشرنا إلى أنه كان أخًا رضاعيًّا لعمر (سِيَراءَ) -بكسر السين وفتح الراء والمد- قال ابن الأثير: نوع من البرود يخالطه الحرير، وقد يكون حريرًا وهذا هو المراد من الحديث. 2613 - (محمد بن فضيل) بضم الفاء على وزن المصغر. روى عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى على باب فاطمة سترًا موشِيًّا الوشيُ: الرقم وخلط لون بآخر نقشًا أو نسجًا، فكره ذلك ثم أمرها بأن تتصدق به على أهل بيت فقراء. فإن قلت: الوشيُ في الثوب مباح؟ قلت: كره أن يكون عندها شيء من زينة الدنيا. 2614 - (مِنْهال) بكسر الميم وسكون النون. روي عن علي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهدي له حلة سيراء فلبسها، فكره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لبسها، فشقها علي بين نسائه، وقد جاء في رواية أنه قسمها بين الفواطم، فاطمة بنت

28 - باب قبول الهدية من المشركين

سِيَرَاءَ فَلَبِسْتُهَا، فَرَأَيْتُ الْغَضَبَ فِي وَجْهِهِ، فَشَقَقْتُهَا بَيْنَ نِسَائِى. طرفاه 5366، 5840 28 - باب قَبُولِ الْهَدِيَّةِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «هَاجَرَ إِبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - بِسَارَةَ فَدَخَلَ قَرْيَةً فِيهَا مَلِكٌ أَوْ جَبَّارٌ فَقَالَ أَعْطُوهَا آجَرَ». وَأُهْدِيَتْ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - شَاةٌ فِيهَا سُمٌّ. وَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ أَهْدَى مَلِكُ أَيْلَةَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بَغْلَةً بَيْضَاءَ، وَكَسَاهُ بُرْدًا، وَكَتَبَ لَهُ بِبَحْرِهِمْ. 2615 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ قَتَادَةَ حَدَّثَنَا أَنَسٌ - رضى الله عنه - قَالَ أُهْدِىَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - جُبَّةُ سُنْدُسٍ، وَكَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفاطمة بنت أسد أم علي وفاطمة بنت حمزة، وفاطمة أخت علي أم هانئ، وقد ظهر في الأحاديث التي استدل بها أن الكراهة في الترجمة أعم منها ومن الحرمة. باب: قبول الهدية من المشركين (وقال أبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: هاجر إبراهيم بسارَة، فدخل قريةً فيها ملك، أو جَبَّارٌ، فقال: أعطوها آجر) هذا التعليق رواه في أبواب البيوع بأطول منه، وموضع الدلالة هنا أن ذلك الملك كان مشركًا، وقد أعطى سارة آجر، وهي هاجر أم إسماعيل. يقال فيها آجر وهاجر. والاستدلال بهذا بناء على أن شرع من قبلنا شرعنا (وأُهديتْ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - شاة فيها سُمٌّ) بضم السين وفتحها لغتان. وهذه الشاة أهداها له امرأة يهودية بخيبر. ووجه دلالة حديثها على الترجمة قياس اليهودي على المشرك، ولأن اليهود أيضًا مشركون لقولهم: عزير ابن الله (وقال أبو حُمَيد) بضم الحاء: مصغر، هو الساعدي. واسمه المنذر أبو عبد الرحمن (أهدى ملك أيلة) -بفتح الهمزة- بلد على شاطئ البحر (بغلةً بيضاءَ، وكساه بردًا) فاعل كساه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (وكتب له ببحرهم) أي: ولَّاه البلاد التي هو بها. قال ابن الأثير: العرب تسمي المدن والقرى بحارًا، ومنه الحديث. وإسناد الكتابة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إسناد الفعل إلى الآمر مجازًا. 2615 - ثم روى عن أنس (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهدي له جبةُ سُنْدُسٍ، وكان

يَنْهَى عَنِ الْحَرِيرِ، فَعَجِبَ النَّاسُ مِنْهَا فَقَالَ «وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا». طرفاه 2616، 3248 2616 - وَقَالَ سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ إِنَّ أُكَيْدِرَ دُومَةَ أَهْدَى إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 2615 2617 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ يَهُودِيَّةً أَتَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بِشَاةٍ مَسْمُومَةٍ، فَأَكَلَ مِنْهَا فَجِئَ بِهَا فَقِيلَ أَلاَ نَقْتُلُهَا. قَالَ «لاَ». فَمَا زِلْتُ أَعْرِفُهَا فِي لَهَوَاتِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. ـــــــــــــــــــــــــــــ ينهى عن لبس الحرير، فعجبَ الناسُ منها. فقال: والذي نفس محمد بيده، لمَناديلُ سعد بن معاذ أحسنُ من هذا). قال بعض الشارحين: فإن قلتَ: ما وجهُ تخصيص سعدٍ به؟ قلت: لعل منديله كان من جنس ذلك الثوب أو الوقت كان يقتضي استمالة قلب سعد، أو كان اللائمون من الأنصار، أو كان سعد يحب ذلك. وكل هذا خبط، فإن سعدًا لم يكن حيًّا في ذلك الوقت، لأن هذا كان ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك، وسعد قد مات شهيدًا في غزوة الخندق، فأشار إلى أن في الجنة له أدنى الثياب الذي هو المنديل خيرٌ من هذا الذي هو أفخر ثياب الدنيا. 2617 - (أن يهودية أتت بشاة مسمومة، فأكل منها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقيل: أَلاَ نقتلها؟ فقال: لا). فإن قلتَ: قد صَحَّ أنه أمر بقتلها؟ قلت: أمر بذلك بعد أن مات من الأصحاب من أكل مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منها. (فما زلت أعرفُها في لَهَوات رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) -بفتح اللام والهاء والواو- جمع لهاةٍ. قال الجوهري: هو أقصى سقف الفم. وقيل: أعلى الحنجرة. وقيل: ما يبدو عند التبسُّم.

2618 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ثَلاَثِينَ وَمِائَةً فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «هَلْ مَعَ أَحَدٍ مِنْكُمْ طَعَامٌ». فَإِذَا مَعَ رَجُلٍ صَاعٌ مِنْ طَعَامٍ أَوْ نَحْوُهُ، فَعُجِنَ ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ مُشْرِكٌ مُشْعَانٌّ طَوِيلٌ بِغَنَمٍ يَسُوقُهَا، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «بَيْعًا أَمْ عَطِيَّةً - أَوْ قَالَ - أَمْ هِبَةً». قَالَ لاَ، بَلْ بَيْعٌ. فَاشْتَرَى مِنْهُ شَاةً، فَصُنِعَتْ وَأَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِسَوَادِ الْبَطْنِ أَنْ يُشْوَى، وَايْمُ اللَّهِ مَا فِي الثَّلاَثِينَ وَالْمِائَةِ إِلاَّ قَدْ حَزَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ 2618 - (أبو النعمان) -بضم النون- محمد بن الفضل (المعتمِر) بكسر الميم (أبو عثمان) هو النهدي، واسمه عبد الرحمن. (رجل مُشْعان طويل) بضم الميم وتشديد النون، فسره البخاري بالطويل جدًّا فوق الطول. وقال ابن الأثير: هو ثائر الرأس. وكذا قاله الجوهري، وهذا هو الظاهر إذ لو كان كما قاله البخاري كان القياس تقديم الطويل عليه كما في قولهم: عالم نِحْرِير ويروى شجاع باسل (بيعًا أو عطيةً؟) أي أتبيع بيعًا أو تعطي عطيةً، هذا الحديث سلف في أبواب البيع، وموضع الدلالة أن قوله: بيعًا أم عطية يدل على قبول هدية المشرك. فإن قلت: روى الترمذي أن عياض بن حماد أهدى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - هديةً فَرَدَّها. وقال: إنا لا نقبل هدية المشرك؟ قلتُ: روى أبو نُعيم أن عياضًا كان صديق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل البعثة، فلما أتاه بالهدية بعد البعثة فقال: "أسلمتَ؟ " قال: لا. قال: "إنّا لا نقبل زَبْد مشرك" -بفتح الزاي المعجمة وسكون باء الموحدة- هو العطاء. وقيل: كان يقبل ممن يرجو إسلامه كقضية عياض، فإنه أسلم. قال ابن عبد البر: عياض بن أبي حماد تيمي كان صديق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان في الجاهلية إذا طاف بالبيت يطوف في ثياب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه من الحمس، وكانوا يرون أن الآفاقي لا يجوزُ له الطواف إلا عريانًا، أو في ثوب أحمسي. وقيل: كان يقبل هدية أهل الكتاب دون المشركين. وحديث المشعان يرده. (حَزّة) -بفتح الحاء وتشديد الزاي- أي: قطعة من الحز وهو القطع (من مواد البطن) يريد الكبد. قاله النووي، وإن كان أعم مفهومًا، وفي الحديث معجزة ظاهرة.

29 - باب الهدية للمشركين

النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لَهُ حُزَّةً مِنْ سَوَادِ بَطْنِهَا، إِنْ كَانَ شَاهِدًا أَعْطَاهَا إِيَّاهُ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا خَبَأَ لَهُ، فَجَعَلَ مِنْهَا قَصْعَتَيْنِ، فَأَكَلُوا أَجْمَعُونَ، وَشَبِعْنَا، فَفَضَلَتِ الْقَصْعَتَانِ، فَحَمَلْنَاهُ عَلَى الْبَعِيرِ. أَوْ كَمَا قَالَ. طرفه 2216 29 - باب الْهَدِيَّةِ لِلْمُشْرِكِينَ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ). 2619 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ رَأَى عُمَرُ حُلَّةً عَلَى رَجُلٍ تُبَاعُ فَقَالَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - ابْتَعْ هَذِهِ الْحُلَّةَ تَلْبَسْهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَإِذَا جَاءَكَ الْوَفْدُ. فَقَالَ «إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذَا مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ فِي الآخِرَةِ». فَأُتِىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْهَا بِحُلَلٍ فَأَرْسَلَ إِلَى عُمَرَ مِنْهَا بِحُلَّةٍ. فَقَالَ عُمَرُ كَيْفَ أَلْبَسُهَا وَقَدْ قُلْتَ فِيهَا مَا قُلْتَ قَالَ «إِنِّى لَمْ أَكْسُكَهَا لِتَلْبَسَهَا، تَبِيعُهَا أَوْ تَكْسُوهَا». فَأَرْسَلَ بِهَا عُمَرُ إِلَى أَخٍ لَهُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ. طرفه 886 2620 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: الهدية للمشركين وقول الله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ} [الممتحنة: 8] استدل على جواز إهداء المؤمن للكافر بالآية الكريمة. وموضع الدلالة قوله تعالى: ({أَنْ تَبَرُّوهُمْ}) فإن البر يشمل الهدية وغيرها. 2619 - (خالد بن مَخْلَد) بفتح الميم. استدل بإهداء عمر لأخيه الحُلَّة التي أعطاه إياها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. والوجه فيه ظاهر. وقد أشرنا إلى أنه كان له أخًا في الرضاعة. وقيل: كان أخًا من أمه. 2620 - (أبو أسامة) -بضم الهمزة- حماد بن أسامة.

30 - باب لا يحل لأحد أن يرجع فى هبته وصدقته

أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما - قَالَتْ قَدِمَتْ عَلَىَّ أُمِّى وَهْىَ مُشْرِكَةٌ، فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَاسْتَفْتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قُلْتُ {إِنَّ أُمِّى قَدِمَتْ} وَهْىَ رَاغِبَةٌ، أَفَأَصِلُ أُمِّى قَالَ «نَعَمْ صِلِى أُمَّكِ». أطرافه 3183، 5978، 5979 30 - باب لاَ يَحِلُّ لأَحَدٍ أَنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِهِ وَصَدَقَتِهِ 2621 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ وَشُعْبَةُ قَالاَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْعَائِدِ فِي قَيْئِهِ». طرفه 2589 2622 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ، الَّذِى يَعُودُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَرْجِعُ فِي قَيْئِهِ». طرفه 2589 ـــــــــــــــــــــــــــــ روى عن أسماء أن أمَّها قدمتْ عليها، فاسْتَفْتت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - في جواز صلتها؟ فقال: صِلي أُمَّك وهي راغبةٌ أي: عن الإسلام لا تريده. وقيل: راغبة في العطاء وقد يروى راغمة بالميم بدل الباء رواه أبو داود والإسماعيلي. أي كارهةً للإسلام. وهذه الرواية تؤيد التأويل الأول. وقال الزمخشري في "الفائق": راغمة أي: غضبى لإسلامي، ولا يخفى بُعْدُهُ عن المقام، ولأن إسلامها قديم، ولو كان كذلك لمَا قدمتْ. باب: لا يحل لأحد أن يرجع في هبته وصَدَقَتِهِ 2621 - استدل على حرمة الرجوع في الهبة بما روى عن ابن عباس عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (العائد في هبته كالعائد في قيئه). 2622 - وثانيًا: (كالكلب يعود في قيئه).

31 - باب

2623 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - يَقُولُ حَمَلْتُ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَضَاعَهُ الَّذِى كَانَ عِنْدَهُ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِيَهُ مِنْهُ، وَظَنَنْتُ أَنَّهُ بَائِعُهُ بِرُخْصٍ، فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «لاَ تَشْتَرِهِ، وَإِنْ أَعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ وَاحِدٍ، فَإِنَّ الْعَائِدَ فِي صَدَقَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ». طرفه 1490 31 - بابٌ 2624 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ أَنَّ بَنِى صُهَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ جُدْعَانَ ادَّعَوْا بَيْتَيْنِ وَحُجْرَةً، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَعْطَى ذَلِكَ صُهَيْبًا، فَقَالَ مَرْوَانُ ـــــــــــــــــــــــــــــ 2623 - وثالثًا: عن عمر أنه كان حمل على فرس في سبيل الله، فأراد أن يشتريه فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا تشتره وإن أعطاكه بدرهم) وهذه الأحاديث كلها سلفت في أبواب الهبة. وفصلنا فيها مذاهب العلماء. وأن الجمهور على أن دلالة الحديث إنما هي على الكراهة لا الحرمة، لأنه شبهه بشيء مكروه ولم يرتب عليه إثم الآخرة. وقوله: "ولو أعطاك بدرهم" مبالغة في النهي فلا يدل على عدم الكراهة إذا اشتراه بأغلى ثمن. أَلاَ ترى أنه أطلق التشبيه وعلة المنع أنه كره أن يعود إلى ملكه شيء خَرَجَ عنه لله. بابٌ كذا وقع من غير ترجمة. 2624 - (ابن جريج) بضم الجيم مصغر، عبد الملك (عبد الله بن عُبيد الله بن أبي مُلَيكة) -بضم الميم- مصغر ملكة، واسمه زهير. (أن بني صُهَيب) بضم الصاد آخره باء موحدة، مصغر (مولى ابن جُذعَان) بضم الجيم وذال معجمة (ادَّعَوا بيتين وحُجرةً أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعطى ذلك صهيبًا) أي: أعطاه، وضع اسم الإشارة موضع الضمير العائد المبتدأ مبالغةً في إظهاره وكمال تميزه (فقال مروان) كان

32 - باب ما قيل فى العمرى والرقبى

مَنْ يَشْهَدُ لَكُمَا عَلَى ذَلِكَ قَالُوا ابْنُ عُمَرَ. فَدَعَاهُ فَشَهِدَ لأَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صُهَيْبًا بَيْتَيْنِ وَحُجْرَةً. فَقَضَى مَرْوَانُ بِشَهَادَتِهِ لَهُمْ. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 32 - باب مَا قِيلَ فِي الْعُمْرَى وَالرُّقْبَى أَعْمَرْتُهُ الدَّارَ فَهْىَ عُمْرَى جَعَلْتُهَا لَهُ (اسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا) جَعَلَكُمْ عُمَّارًا. 2625 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَضَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْعُمْرَى أَنَّهَا لِمَنْ وُهِبَتْ لَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ واليًا على المدينة هو مروان بن الحكم (مَنْ يشهد لكما؟) بلفظ المثنى مع أنه تقدم لفظ الجمع في ادَّعوا إشارة إلى أن إطلاق لفظ الجمع هناك مجاز، أو إلى أن أقل الجمع اثنان. والأول أظهر (قالوا: ابن عمر. فدعاه فشهد بذلك، فقضى مروانُ بشهادته) إما مع اليمين كما هو مذهب الشافعي وغيره إلا الكوفيين، أو لأن هذا كان إمضاءً لما أعطاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من بيت المال ولم يكن لهم خصومة مع أحد، كما فعل أبو بكر مع جابر في إعطاء ثلاث حسيات، وهذا هو الحق إن شاء الله. باب: ما قيل في الرُّقْبَى والعُمْرَى مصدران من أرقبته وأعمرته. أي: جعلتك ترقبه أي تحفظه وتلاحظه وجعلته لك مدة عمرك. قال ابن الأثير: معارضة الأحاديث فيهما والفقهاء أيضًا مختلفون فيهما منهم من يجعلهما كالعارية تعود إلى مالكه بعد موت المعمر. والذي هو الحق وعليه المحققون أنه تمليك لا فرق بينه وبين لفظ الهبة. والدليل عليه رواية جابر أولًا. 2625 - (قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالعُمْرَى لمن وُهِبَتْ له) وآخرًا ما رواه عنه تعليقًا عن عطاء أنها جائزة أي: لمن وهبت له أي: بدليل الرواية الأولى. ومثله رواية أبي هريرة في الباب.

33 - باب من استعار من الناس الفرس

2626 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ قَالَ حَدَّثَنِى النَّضْرُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْعُمْرَى جَائِزَةٌ».وَقَالَ عَطَاءٌ حَدَّثَنِى جَابِرٌ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - نَحْوَهُ. 33 - باب مَنِ اسْتَعَارَ مِنَ النَّاسِ الْفَرَسَ 2627 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ كَانَ فَزَعٌ بِالْمَدِينَةِ فَاسْتَعَارَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَرَسًا مِنْ أَبِى طَلْحَةَ يُقَالُ لَهُ الْمَنْدُوبُ، فَرَكِبَ فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ «مَا رَأَيْنَا مِنْ شَىْءٍ، وَإِنْ وَجَدْنَاهُ لَبَحْرًا». أطرافه 2820، 2857، 2862، 2866، 2867، 2908، 2968، 2969، 3040، 6033، 6212 ـــــــــــــــــــــــــــــ وفي رواية مسلم: "أيما رجل أعمر عُمْرى فإنها لمن أعطاها لا يرجع إلى الذي أعطاها" لأنه أعطى عطاءً وقعت فيه المواريث. فهذه الأحاديث لا يُقاومها حديث آخر. والمخالف فيها مالك. باب من استعار من الناس الفرس والدابة وغير ذلك أفرَدَ الفرس بالذكر وعطف عليه الدابة لأن الواقع في حديث الباب ذكر الفرس، فأشار إلى أن سائر الدواب كالفرس في الحكم. 2627 - روي عن أنس أنه وقع فزع بالمدينة، فاستعار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرسًا من أبي طلحة، يقال له: المندوب (وإن وجدناه لبحرًا) أي: الفرس. شَبَّهه بالبحر في سرعة السير، وإنما قال ذلك، لأنه كان قطوفًا فحصل له ذلك الفضل ببركة ركوبه، وسائر الروايات تدل على أنه لم يكن عارية صريحةً بل وقع حدث فركبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسرعًا معروريًّا، فتلقى الصوت بل إنما هذا لعلمه بأن أبا طلحة راض بركوب.

34 - باب الاستعارة للعروس عند البناء

34 - باب الاِسْتِعَارَةِ لِلْعَرُوسِ عِنْدَ الْبِنَاءِ 2628 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى قَالَ دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ - رضى الله عنها - وَعَلَيْهَا دِرْعُ قِطْرٍ ثَمَنُ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ، فَقَالَتِ ارْفَعْ بَصَرَكَ إِلَى جَارِيَتِى، انْظُرْ إِلَيْهَا فَإِنَّهَا تُزْهَى أَنْ تَلْبَسَهُ فِي الْبَيْتِ، وَقَدْ كَانَ لِى مِنْهُنَّ دِرْعٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ تُقَيَّنُ بِالْمَدِينَةِ إِلاَّ أَرْسَلَتْ إِلَىَّ تَسْتَعِيرُهُ. 35 - باب فَضْلِ الْمَنِيحَةِ. 2629 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «نِعْمَ الْمَنِيحَةُ اللِّقْحَةُ الصَّفِىُّ مِنْحَةً، وَالشَّاةُ الصَّفِىُّ تَغْدُو بِإِنَاءٍ وَتَرُوحُ بِإِنَاءٍ». ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: الاستعارة للعروس العروس يطلق على المرأة والرجل ما داما في أعراسهما. 2628 - (أبو نعيم) بضم النون، مصغر (أيمن) بفتح الهمزة. (دخلت على عائشة وعليها درع قطن) الدرع: قميص النساء خاصة، وفي بعضها قِطْر -بكسر القاف- نوع من البرود غليظ، نسبة إلى مكانه وهي قرية من أعمال البحرين. قاله الأزهري (ثمن خمسة دراهم) نصب على الحال (تزهى) -بضم التاء وفتح الهاء- على بناء المجهول، قال ابن الأثير: هذا مثل: عُنِي [بالأمر]، ونتجت الناقة، وإن كان المعنى على بناء الفاعل. وفيه لغة أخرى تزهو وهي قليلة. قال الجوهري. يزهى الرجل فهو يزهو، أي: تكبر. وللعرب كلمات لا يتكلمون بها إلا على بناء المجهول المفعول، وإن كانت بمعنى الفاعل. باب: فضل المنيحة 2629 - (بكير) بضم الباء مصغر (عن أبي الزناد) -بكسر الزاي بعدها نون- عبد الله بن ذكوان. (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: نعم المنيحة اللقحة الصفي منحة) المنحة هي العطية -بكسر الميم وسكون الهاء- والمنيحة -على وزن الفضيلة- هي الناقة أو الشاة اللبون، يعطيها لغيره

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ وَإِسْمَاعِيلُ عَنْ مَالِكٍ قَالَ نِعْمَ الصَّدَقَةُ. طرفه 5608 2630 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ الْمَدِينَةَ مِنْ مَكَّةَ وَلَيْسَ بِأَيْدِيهِمْ - يَعْنِى شَيْئًا - وَكَانَتِ الأَنْصَارُ أَهْلَ الأَرْضِ وَالْعَقَارِ، فَقَاسَمَهُمُ الأَنْصَارُ عَلَى أَنْ يُعْطُوهُمْ ثِمَارَ أَمْوَالِهِمْ كُلَّ عَامٍ وَيَكْفُوهُمُ الْعَمَلَ وَالْمَئُونَةَ، وَكَانَتْ أُمُّهُ أُمُّ أَنَسٍ أُمُّ سُلَيْمٍ كَانَتْ أُمَّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ، فَكَانَتْ أَعْطَتْ أُمُّ أَنَسٍ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عِذَاقًا فَأَعْطَاهُنَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أُمَّ أَيْمَنَ مَوْلاَتَهُ أُمَّ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدِ. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَأَخْبَرَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا فَرَغَ مِنْ قَتْلِ أَهْلِ خَيْبَرَ فَانْصَرَفَ إِلَى الْمَدِينَةِ، رَدَّ الْمُهَاجِرُونَ إِلَى الأَنْصَارِ مَنَائِحَهُمُ الَّتِى كَانُوا ـــــــــــــــــــــــــــــ إما هبةً أو عاريةً، ينتج لبنها، فإذا فرغ حاجته منها ردَّها، واللّقحة -بكسر اللام وفتحها- الناقة القريبة العهد بالنتاج، والصفي: الغزيرة اللبن، ناقة كانت أو شاةً، فقوله: "نعمَ المنيحةُ" فعل مع فاعله، وقوله: "اللقحةُ" المخصوص بالمدح. و"الصفي" صفته. ومنحة -بكسر الميم- تمييز. قال الزمخشري: قد يجمع في باب المدح بين الفاعل الظاهر والتمييز، كقول الشاعر: فنعم الزاد زاد أبيك زادًا ... (والشاة الصفيّ، تغدو بإناء وتزوج بإناء) هذا بيان ما أجمله في قوله: "نعم المنيحة". 2630 - (وكانت الأنصار أهل الأرض والعقار) أي: الحدائق (فقاسمهم الأنصار) أي: قاسموا المهاجرين في الثمار (ويكفوهم العمل والمونة) أي: الأنصار يكفون المهاجرين، لأن المهاجرين لم يكونوا يعرفون عمل الحدائق وإصلاحها (وكانت أمُه أمُ أنس أم سليم) برفع الأول فاعل، والثاني بدل. والثالث إما بدل إن جوز البدل من المبدل، وإلا فعطف بيان (وكانت أعطت أم أنس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عِذَاقًا) -بكسر العين وذال معجمة- جمع عَذق -بفتح العين- وهي النخلة، وبالكسر العرجون، إذا كان عليه التمر (فأعطاهن النبي - صلى الله عليه وسلم - أم أيمن مولاته أم أسامة) أم أيمن مولاة عبد الله أبى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واسمها بركة حاضنةُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: هذه أمي بعد أمي (ردّ المهاجرون إلى الأنصار منائحهم التي كانوا

مَنَحُوهُمْ مِنْ ثِمَارِهِمْ فَرَدَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى أُمِّهِ عِذَاقَهَا، وَأَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أُمَّ أَيْمَنَ مَكَانَهُنَّ مِنْ حَائِطِهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبٍ أَخْبَرَنَا أَبِى عَنْ يُونُسَ بِهَذَا، وَقَالَ مَكَانَهُنَّ مِنْ خَالِصِهِ. أطرافه 3128، 4030، 4120 2631 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِى كَبْشَةَ السَّلُولِىِّ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو - رضى الله عنهما - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَرْبَعُونَ خَصْلَةً أَعْلاَهُنَّ مَنِيحَةُ الْعَنْزِ، مَا مِنْ عَامِلٍ يَعْمَلُ بِخَصْلَةٍ مِنْهَا رَجَاءَ ثَوَابِهَا وَتَصْدِيقَ مَوْعُودِهَا إِلاَّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ بِهَا الْجَنَّةَ». قَالَ حَسَّانُ فَعَدَدْنَا مَا دُونَ مَنِيحَةِ الْعَنْزِ مِنْ رَدِّ السَّلاَمِ، وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ، وَإِمَاطَةِ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ وَنَحْوِهِ، فَمَا اسْتَطَعْنَا أَنْ نَبْلُغَ خَمْسَ عَشْرَةَ خَصْلَةً. 2632 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى عَطَاءٌ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَتْ لِرِجَالٍ مِنَّا فُضُولُ أَرَضِينَ فَقَالُوا نُؤَاجِرُهَا بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ وَالنِّصْفِ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَزْرَعْهَا أَوْ لِيَمْنَحْهَا أَخَاهُ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُمْسِكْ أَرْضَهُ». طرفه 2340 ـــــــــــــــــــــــــــــ منحوهم من ثمارهم، فردّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أمه) أي: أم أنس (أعذاقها، وأعطى أم أيمن مكانهنّ) أي: بدل ما كان بيدها (من حائطه) أي: مما اختاره لنفسه من عِذاق خيبر. 2631 - (الأوزاعي) -بفتح الهمزة- عبد الرحمن إمام أهل الشام في زمانه (عن حسان) بفتح الحاء وتشديد السين (عن أبي كبشة) بفتح الكاف وسكون الموحدة (السلولي) بفتح السين واللام نسبة إلى سلول. قال الجوهري: قبيلة هوازن، وسلول اسم أمهم (أبو كبشة) هذا لم يذكر له اسم سوى كنيته. 2632 - (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أربعون خصلة) أي: من خصال الإيمان (أعلاها منيحة العنز) -بفتح العين وسكون النون- الماعز، ولا شك أن منيحة الضأن خير منها، ومنيحة اللقحة خير منها (قال حسان: فعددناها) أي: شرعنا في عدّ الأربعين، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يعدها (فما استطعنا أن نبلغ خمس عشرة) وقد استخرجها بعض العلماء. وحديث جابر (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: من كانت له أرضٌ فليزرعها أو ليمنحها أخاه، فإن أبى فليمسك أرضه)

2633 - وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ حَدَّثَنِى الزُّهْرِىُّ حَدَّثَنِى عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنِى أَبُو سَعِيدٍ قَالَ جَاءَ أَعْرَابِىٌّ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلَهُ عَنِ الْهِجْرَةِ، فَقَالَ «وَيْحَكَ إِنَّ الْهِجْرَةَ شَأْنُهَا شَدِيدٌ فَهَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ» قَالَ نَعَمْ. قَالَ «فَتُعْطِى صَدَقَتَهَا». قَالَ نَعَمْ. قَالَ «فَهَلْ تَمْنَحُ مِنْهَا شَيْئًا». قَالَ نَعَمْ. قَالَ «فَتَحْلُبُهَا يَوْمَ وِرْدِهَا». قَالَ نَعَمْ. قَالَ «فَاعْمَلْ مِنْ وَرَاءِ الْبِحَارِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَنْ يَتِرَكَ مِنْ عَمَلِكَ شَيْئًا». طرفه 1452 2634 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ طَاوُسٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَعْلَمُهُمْ بِذَاكَ - يَعْنِى ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ إِلَى أَرْضٍ تَهْتَزُّ زَرْعًا فَقَالَ «لِمَنْ هَذِهِ». فَقَالُوا اكْتَرَاهَا فُلاَنٌ. فَقَالَ «أَمَا إِنَّهُ لَوْ مَنَحَهَا إِيَّاهُ كَانَ خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهَا أَجْرًا مَعْلُومًا». طرفه 2330 ـــــــــــــــــــــــــــــ تقدم شرحُه مستوفىً في أبواب المزارعة، ومحصله أنه نهى عما كانوا يفعلون من جزء معين للعامل، فربما أصابه عاهة فيبقى محرومًا، فهذا النهي متوجه على ذلك. وأما بالدراهم وغيرها فلا غرر فيه فلا بأس به. 2633 - (وقال محمد بن يوسف) شيخ البخاري: والرواية عنه بقال لأنه سمع منه مذاكرة (جاء أعرابي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأله عن الهجرة) أي: عن فضلها وثوابها (إن الهجرة شأنها شديد) لأنه ترك الوطن والأملاك والأصحاب (تحلبها يوم وِردها) بكسر الواو، أي: وقت ورودها إلى الماء فإنه أرفق بالماشية وأوفق للمساكين المحتاجين (اعمل من وراء البحار) البلاد، فإن العرب تسمي القرى والمدن بحارًا (لن يترك من عملك شيئًا) -بفتح الياء وكسر الفوقانية- مضارع وتر، أي: لم ينقصك. قال أبو عبد الله هكذا: قال -أي: محمد بن يوسف- لن يترك -بتشديد التاء- مضارع اترك على وزن افتعل. والصواب يترك كما أشرنا إلى ضبطه. 2634 - (بشَّار) بفتح الباء وتشديد الشين. (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج إلى أرض تهتز زرعًا) كناية عن حسن الزرع (فقال: أَمَا إنه لو منحها إياه لكان خيرًا) لأن في ذلك أجر الآخرة، وفي إكرائها أجر الدنيا.

36 - باب إذا قال أخدمتك هذه الجارية على ما يتعارف الناس فهو جائز

36 - باب إِذَا قَالَ أَخْدَمْتُكَ هَذِهِ الْجَارِيَةَ عَلَى مَا يَتَعَارَفُ النَّاسُ. فَهْوَ جَائِزٌ وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ هَذِهِ عَارِيَّةٌ. وَإِنْ قَالَ كَسَوْتُكَ هَذَا الثَّوْبَ. فَهْوَ هِبَةٌ. 2635 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «هَاجَرَ إِبْرَاهِيمُ بِسَارَةَ، فَأَعْطَوْهَا آجَرَ، فَرَجَعَتْ فَقَالَتْ أَشَعَرْتَ أَنَّ اللَّهَ كَبَتَ الْكَافِرَ وَأَخْدَمَ وَلِيدَةً». وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «فَأَخْدَمَهَا هَاجَرَ». طرفه 2217 37 - باب إِذَا حَمَلَ رَجُلٌ عَلَى فَرَسٍ فَهْوَ كَالْعُمْرَى وَالصَّدَقَةِ وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إذا قال: أخدمتك هذه الجارية على ما يتعارفه الناس فهو جائز أي: إذا كان هذا هبةً في عرفهم صح (قال بعض الناس: هذه عارية وإن قال: كسوتك هذا الثوب فهو هبة) اعترض على أبي حنيفة في هذه التفرقة، وليس بواردٍ لأن قوله: كسوتك أيضًا عارية إذا لم يُرِدْ به الهبة. 2635 - (أبو اليمان) -بتخفيف النون- الحكم بن نافع (أبو الزّناد) -بكسر الزاي بعدها نون- عبد الله بن ذكوان. ثم روى حديث سارة مع الجبار، وقد سلف مع شرحه مرارًا. وموضعُ الدلالة قولها: (أخدم وليدة) فإنه عبارة عن الهبة (كبت) أي: وخيّب بفتح الكاف وتقديم الموحدة، أي: خيبه ولم يصل إلى مقصوده. باب: إذا حمل رجلًا على فرس فهو كالعُمْرى والصدقة أي: لا رجوع فيه (وقال بعض الناس: له أن يرجع فيها) اعترض على أبي حنيفة هذه العبارة محمولة عند أبي حنيفة على العارية، ولا يصح حملُها على الوقف لأنه لا يصح وقف المنقول عنده، وأما لو تَصَدَّق بفرس أو وهبهُ بلفظ الهبة فلا خلاف في جوازه، فاعتراضه عنه ساقطٌ.

2636 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْتُ مَالِكًا يَسْأَلُ زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى يَقُولُ قَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه - حَمَلْتُ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَرَأَيْتُهُ يُبَاعُ، فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «لاَ تَشْتَرِ، وَلاَ تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ». طرفه 1490 ـــــــــــــــــــــــــــــ 2636 - ثم روى حديث عمر أنه كان حمل على فرس في سبيل الله، ثم أراد أن يشتريه فنهاهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد تقدم مرارًا مع شرحه، وموضع الدلالة أن لفظ الحمل أفاد الملك لا العارية.

52 - [كتاب الشهادات]

[كتاب الشهادات] 1 - باب مَا جَاءَ فِي الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمُدَّعِي. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِى عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِى عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلاَ تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَنْ لاَ تَرْتَابُوا إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ لاَ تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلاَ يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمٌ). قَوْلُهُ تَعَالَى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الشهادات باب ما جاء في البَيِّنَة على المدَّعي اشتقاق الشهادة من الشهود وهو الحضور، في عرف الشارع الإخبار عن الشيء على وجه اليقين، واستدل على أن البينة على المدعي بقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ} [النساء: 135] ووجه الدلالة هنا أمره بإقامة الشهادة ولو كانت على الوالدين. فلو كان قول المدعي مسموعًا من غير بينة لم يحتج إلى هذا، ولم يكن له فائدة ولم يرو في الباب حديثًا اكتفاءً بالآيتين، ولو روى حديث الأشعث: "شاهداك أو يمينه" كان حسنًا.

2 - باب إذا عدل رجل أحدا فقال لا نعلم إلا خيرا أو قال ما علمت إلا خيرا

شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا). 2 - باب إِذَا عَدَّلَ رَجُلٌ أَحَدًا فَقَالَ لاَ نَعْلَمُ إِلاَّ خَيْرًا. أَوْ قَالَ مَا عَلِمْتُ إِلاَّ خَيْرًا وساق حديث الإفك، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأسامة حين استشاره قال: "أهلك، ولا نعلم إلا خيرا". 637 - حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ النُّمَيْرِىُّ حَدَّثَنَا يُونُسُ. وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ وَابْنُ الْمُسَيَّبِ وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - وَبَعْضُ حَدِيثِهِمْ يُصَدِّقُ بَعْضًا، حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلِيًّا وَأُسَامَةَ حِينَ اسْتَلْبَثَ الْوَحْىُ يَسْتَأْمِرُهُمَا فِي فِرَاقِ أَهْلِهِ، فَأَمَّا أُسَامَةُ فَقَالَ أَهْلُكَ وَلاَ نَعْلَمُ إِلاَّ خَيْرًا. وَقَالَتْ بَرِيرَةُ إِنْ رَأَيْتُ عَلَيْهَا أَمْرًا أَغْمِصُهُ أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ تَنَامُ عَنْ عَجِينِ أَهْلِهَا، فَتَأْتِى الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ يَعْذِرُنَا مِنْ رَجُلٍ بَلَغَنِى أَذَاهُ فِي أَهْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إذا عدَّل رجل أحدًا، فقال: لا نعلم إلا خيرًا أو: ما علمت إلا خيرًا جواب الشرط محذوف أي: كفى ذلك. 2637 - (النُّميري) بضم النون على وزن المصغر المنسوب. روى في الباب حديث أهل الإفك وهو الكذب والافتراء وسيأتي الحديث بطوله، وموضع الدلالة قول أسامة: (ما نعلم إلا خيرًا) فإنه تعديل لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اكتفى به لما سمعه من أسامة، وهذا القدر كافٍ في التعديل (استلبث الوحيُ) برفع الوحي أي: تأخر مدة مديدة (فتأتي الداجن فتأكل العجين) -بالجيم- الشاة التي تألفُ البيوت (من يعذرني من رجل بلغني أذاه) يريد ابنَ سلول رأس النفاق لعنه الله، فإنه كان يسعى في إشهار حديث أهل

3 - باب شهادة المختبى

بَيْتِى فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ مِنْ أَهْلِى إِلاَّ خَيْرًا، وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلاً مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلاَّ خَيْرًا». طرفه 2593 3 - باب شَهَادَةِ الْمُخْتَبِى وَأَجَازَهُ عَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ، قَالَ وَكَذَلِكَ يُفْعَلُ بِالْكَاذِبِ الْفَاجِرِ. وَقَالَ الشَّعْبِىُّ وَابْنُ سِيرِينَ وَعَطَاءٌ وَقَتَادَةُ السَّمْعُ شَهَادَةٌ. وَقَالَ الْحَسَنُ يَقُولُ لَمْ يُشْهِدُونِى عَلَى شَىْءٍ، وَإِنِّى سَمِعْتُ كَذَا وَكَذَا. 2638 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ سَالِمٌ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَقُولُ انْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ الأَنْصَارِىُّ يَؤُمَّانِ النَّخْلَ الَّتِى فِيهَا ابْنُ صَيَّادٍ حَتَّى إِذَا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - طَفِقَ ـــــــــــــــــــــــــــــ الإفك. وقوله: يعذرني -بفتح الياء وكسر الذال- أي: يقبل عذري إن عاقبه على فعله. يقال: أعذره أزال عذره وعذره (ولقد ذكروا رجلًا ما علمت عليه إلا خيرًا) هو صفوان بن معطّل والله أعلم. واعلم أن هذا نظير تزكية الشاهد. وهذا القدر كافٍ في التزكية عند الكوفيبن والجمهور على أنه لا بد من التصريح بالعدالة. باب شهادة المختبِيء بالخاء المعجمة: اسم فاعل من الاختباء وهو الاستتار. والمراد به هنا من يسترق السمع من غير أن يشعر به فيشهد بما سمع (وأجازه عمرو بن حُريث) بضم الحاء: مصغر صحابي صغير (قال: وكذلك يفعل بالكاذب الفاجر) يريد أن من يكون كاذبًا فاجرًا يقرّ بالدين في الخلوة وينكره بالملأ، فالحيلة على مثله بأن يسترق الشهود. وهذا الذي قاله إن كان يرى الشاهد المشهود عليه فعليه الأئمة وإلا فلا عبرة بذلك السماع عند الشافعي وأبي حنيفة. وهذا معنى قول الحسن (لم يشهدوني على شيءٍ ولكن سمعته). 2638 - ثم روى حديثَ عبد الله بن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأُبي بن كعب ذهبا إلى ابن صَيَّاد وهو مضطجع على فراشه في قَطِيفةٍ وقد سَلَفَ حديثه مرارًا، وموضع الدلالة قوله:

رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَتَّقِى بِجُذُوعِ النَّخْلِ، وَهْوَ يَخْتِلُ أَنْ يَسْمَعَ مِنِ ابْنِ صَيَّادٍ شَيْئًا قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ، وَابْنُ صَيَّادٍ مُضْطَجِعٌ عَلَى فِرَاشِهِ فِي قَطِيفَةٍ لَهُ فِيهَا رَمْرَمَةٌ - أَوْ زَمْزَمَةٌ - فَرَأَتْ أُمُّ ابْنِ صَيَّادٍ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ يَتَّقِى بِجُذُوعِ النَّخْلِ، فَقَالَتْ لاِبْنِ صَيَّادِ أَىْ صَافِ، هَذَا مُحَمَّدٌ. فَتَنَاهَى ابْنُ صَيَّادٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ تَرَكَتْهُ بَيَّنَ». طرفه 1355 2639 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - جَاءَتِ امْرَأَةُ رِفَاعَةَ الْقُرَظِىِّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ كُنْتُ عِنْدَ رِفَاعَةَ فَطَلَّقَنِى فَأَبَتَّ طَلاَقِى، فَتَزَوَّجْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزَّبِيرِ، إِنَّمَا مَعَهُ مِثْلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ. فَقَالَ «أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِى إِلَى رِفَاعَةَ لاَ حَتَّى تَذُوقِى عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ». وَأَبُو بَكْرٍ جَالِسٌ عِنْدَهُ وَخَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بِالْبَابِ يَنْتَظِرُ أَنْ يُؤْذَنَ لَهُ، فَقَالَ يَا أَبَا بَكْرٍ، أَلاَ تَسْمَعُ إِلَى هَذِهِ مَا تَجْهَرُ بِهِ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 5260، 5261، 5265، 5317، 5792، 5825، 6084 ـــــــــــــــــــــــــــــ (وهو) أي: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (يَخْتِلُ أن يسمع من ابن صَيَّاد). -بالخاء المعجمة وتاء مثناة فوق- أي: يحتال على أن يسمع كلامه من غير أن يشعر به فإنه اعتبر سماعه من غير شعوره (طفق) شَرَعَ (يؤمان) أي: يقصدان (رَمْرَمَة) بالراء المهملة المكررة، وكذا المعجمة الصوت الخفي (أي صافِ) -بكسر الفاء- اسم ابن الصياد. وأي: حرف النداء. 2639 - ثم روى في الباب (أن امرأة رفاعة القُرظي) -بكسر الراء وضم القاف- نسبة إلى قريظة جدّ اليهود (فتزوجتُ بعده عبد الرحمن بن الزَّبير) بفتح الزاي وكسر الباء (إنما معه مثل هُدْبَهْ الثوب) -بضم الهاء وسكون الدال- ما على طرف الثوب. وجهُ الشبه: الرخاوة (حتى تذوقي عُسَيْلَتَهُ) قال ابن الأثير: العسل يذكر ويؤنث، والتصغير إشارة إلى أن مجرد الإدخال كافٍ، ولا يحتاج إلى إنزال المني. وما يقال: إن التأنيث باعتبار النطفة، فليس بشيء، لأن الإنزال ليس بشرط. فإن قلتَ: أين موضع الدلالة على الترجمة؟ قلتُ: هو قول خالد بن سعيد: يا أبا بكر أَلاَ تَسْمَعُ إلى هذه فإنه كان خارج البيت واسترق السمع إلى كلامها. واستدل

4 - باب إذا شهد شاهد أو شهود بشئ فقال آخرون ما علمنا ذلك. يحكم بقول من شهد

4 - باب إِذَا شَهِدَ شَاهِدٌ أَوْ شُهُودٌ بِشَىْءٍ فَقَالَ آخَرُونَ مَا عَلِمْنَا ذَلِكَ. يُحْكَمُ بِقَوْلِ مَنْ شَهِدَ قَالَ الْحُمَيْدِىُّ هَذَا كَمَا أَخْبَرَ بِلاَلٌ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى فِي الْكَعْبَةِ. وَقَالَ الْفَضْلُ لَمْ يُصَلِّ. فَأَخَذَ النَّاسُ بِشَهَادَةِ بِلاَلٍ. كَذَلِكَ إِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ لِفُلاَنٍ عَلَى فُلاَنٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَشَهِدَ آخَرَانِ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ يُقْضَى بِالزِّيَادِةَ. 2640 - حَدَّثَنَا حِبَّانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِى حُسَيْنٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّهُ تَزَوَّجَ ابْنَةً لأَبِى إِهَابِ بْنِ عَزِيزٍ، فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ قَدْ أَرْضَعْتُ عُقْبَةَ وَالَّتِى تَزَوَّجَ. فَقَالَ لَهَا عُقْبَةُ مَا أَعْلَمُ أَنَّكِ أَرْضَعْتِنِى وَلاَ أَخْبَرْتِنِى. فَأَرْسَلَ إِلَى آلِ أَبِى إِهَابٍ يَسْأَلُهُمْ فَقَالُوا مَا عَلِمْنَا ـــــــــــــــــــــــــــــ بأحاديث الباب مالكٌ وأحمد، فأجازا في مثله الشهادة، ومنعه أبو حنيفة والشافعي وشرطا الرؤية. وأحاديث الباب لا تدل إلا على جواز السماع في أمثاله والشهادة تتوقف على العلم اليقيني، فلا بد فيه من الرؤية والله [أعلم]. باب: إذا شَهِدَ شاهدان، أو شهودٌ بشيءٍ، وقال آخرون: ما علمنا بذلك، يُحكم بقول مَنْ شهد استدل على ذلك بقصة بلال، وفضل بن عباس، فإنهما دخلا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الكعبة. وقال بلال: صلى في الكعبة. وقال فضل: لم يُصَلِّ. فأخذ الناس بقول بلال، لأن المثبت مقدم على النافي لزيادة علم. وروى الحُميدي بلفظ قال، وهو شيخه لأنه سمع الحديث منه مذاكرةً. فإن قلت: كيف أنكر الفضلُ صلاةَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك المكان المحصور؟ قلتُ: إنما صلى ركعتين فربما كان الفضل مشغولًا بالدعاء، فخفي عليه مع أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دار في البيت ودعا في نواحيه فكان محل الالتباس. 2640 - (حِبّان) -بكسر الحاء وتشديد الموحدة- ابن موسى المروزي. روى حديث عقبة بن الحارث (تزوجَ بنتًا لأبي إهاب بن عزيز) بكسر الهمزة، وعزيز ضد الذليل. ووجه الدلالة أن المرأة زعمتْ أنها أرضعت عقبة والتي تزوجها. وقال آخرون: لا نعلَمُ. فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقول المرضعة تقديمًا للإثبات على النفي، استدل مالك وأحمد

5 - باب الشهداء العدول

أَرْضَعَتْ صَاحِبَتَنَا. فَرَكِبَ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْمَدِينَةِ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «كَيْفَ وَقَدْ قِيلَ». فَفَارَقَهَا، وَنَكَحَتْ زَوْجًا غَيْرَهُ. طرفه 88 5 - باب الشُّهَدَاءِ الْعُدُولِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَأَشْهِدُوا ذَوَىْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) وَ (مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ). 2641 - حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُتْبَةَ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - يَقُولُ إِنَّ أُنَاسًا كَانُوا يُؤْخَذُونَ بِالْوَحْىِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَإِنَّ الْوَحْىَ قَدِ انْقَطَعَ، وَإِنَّمَا نَأْخُذُكُمُ الآنَ بِمَا ظَهَرَ لَنَا مِنْ أَعْمَالِكُمْ، فَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا خَيْرًا أَمِنَّاهُ وَقَرَّبْنَاهُ، وَلَيْسَ إِلَيْنَا مِنْ سَرِيرَتِهِ شَىْءٌ، اللَّهُ يُحَاسِبُهُ فِي سَرِيرَتِهِ، وَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا سُوءًا لَمْ نَأْمَنْهُ وَلَمْ نُصَدِّقْهُ، وَإِنْ قَالَ إِنَّ سَرِيرَتَهُ حَسَنَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بالحديث على قبول شهادة المرضعة وحدها، والجواب أن قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (كيف وقد قيل) صريحٌ في أنه لم يكن ذلك حكمًا بقولها، بل أشار إلى أنه لا يطيب له عيش مع هذا القول المورث للوسوسة. فإن قلت: في الترجمة الشاهدان والشهود، وحديث المرضعة شاهد واحد؟ قلتُ: إذا اعتبر قول الشاهد الواحد مع مخالفة قوم فاعتبار الشاهدين من باب الأوْلى. باب الشهداء العدول وقول الله تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] و {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282] الواو العاطفة من كلام البخاري. استدل بالآيتين على اشتراط العدالة. والوجه الظاهر هو ألا يكون ذكر العدالة والرضا معًا. 2641 - ثم روى عن عمر بن الخطاب أنه قال: (إن الناس كانوا يُؤخَذون بالوحي في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد تقطع الوحيُ، وإنما نأخذ بما ظهر لنا من حال الناس) وموضع الدلالة قوله: (ومن أظهر لنا سوءًا لم نَأْمَنْهُ ولم نُصَدِّقْهُ، وإن قال: إن سريرته حسنة) -بفتح السين- على وزن فعيلة قال الجوهري: هي السر. والظاهر أنها الحالة المكتومة.

6 - باب تعديل كم يجوز

6 - باب تَعْدِيلِ كَمْ يَجُوزُ 2642 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ مُرَّ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِجَنَازَةٍ، فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْرًا فَقَالَ «وَجَبَتْ». ثُمَّ مُرَّ بِأُخْرَى فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا شَرًّا - أَوْ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ - فَقَالَ «وَجَبَتْ». فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قُلْتَ لِهَذَا وَجَبَتْ، وَلِهَذَا وَجَبَتْ، قَالَ «شَهَادَةُ الْقَوْمِ، الْمُؤْمِنُونَ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الأَرْضِ». طرفه 1367 2643 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِى الْفُرَاتِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِى الأَسْوَدِ قَالَ أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ وَقَدْ وَقَعَ بِهَا مَرَضٌ، وَهُمْ يَمُوتُونَ مَوْتًا ذَرِيعًا، فَجَلَسْتُ إِلَى عُمَرَ - رضى الله عنه - فَمَرَّتْ جِنَازَةٌ فَأُثْنِىَ خَيْرٌ فَقَالَ عُمَرُ وَجَبَتْ. ثُمَّ مُرَّ بِأُخْرَى فَأُثْنِىَ خَيْرًا فَقَالَ وَجَبَتْ. ثُمَّ مُرَّ بِالثَّالِثَةِ فَأُثْنِىَ شَرًّا، فَقَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: تعليل كم يجوزُ؟ 2642 - (سليمان بن حرب) ضد الصلح (حماد) بفتح الحاء والميم المشددة. روى في الباب عن أنس (مُرَّ على النبي - صلى الله عليه وسلم - بجنازة فأثنوا عليها خيرًا، فقال: وجبتْ. ثم مُرّ بأخرى، فأثنوا عليها شرًّا فقال: وجبت) قال النووي: الثناء ذكر الشيء بالخير واستعمالُهُ في الشر على طريق المشاكلة (فقيل يا رسول الله: قلتَ لهذا وجبتْ) التبس عليهم الحال فإنه لم يذكر فاعل وجبت. والظاهر أنه إنما ترك ذكر الفاعل ليسأل الحاضرون فيفيدهم بما أفاد (قال: شهادةُ القوم) بالرفع مبتدأ، وخبره محذوف. أي: مقبولة أو فاعل وجبت. فإن قلت: لم يبين في الحديث كمية العدل كما بوب عليه. قلت: بينه حديث عمر بعده، وهما اثنان، واستدل به مالك والشافعي وأحمد على أنه يشترط في التزكية اثنان. وقال أبو حنيفة: يكفي مَزَكٍّ واحد، والاثنان أفضل. 2643 - (أبي الفُرات) بضم الفاء (بُريدة) بضم الباء مصغر بردة (عن أبي الأسود الدؤلي) واسمه ظالم ضد العادل (موتًا ذَرِيعًا) أي: كثيرًا. وأصله السرعة والاتساع ومنه الذراع.

7 - باب الشهادة على الأنساب والرضاع المستفيض والموت القديم

وَجَبَتْ. فَقُلْتُ مَا وَجَبَتْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ قُلْتُ كَمَا قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَيُّمَا مُسْلِمٍ شَهِدَ لَهُ أَرْبَعَةٌ بِخَيْرٍ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ». قُلْنَا وَثَلاَثَةٌ قَالَ «وَثَلاَثَةٌ». قُلْتُ وَاثْنَانِ قَالَ «وَاثْنَانِ». ثُمَّ لَمْ نَسْأَلْهُ عَنِ الْوَاحِدِ. 7 - باب الشَّهَادَةِ عَلَى الأَنْسَابِ وَالرَّضَاعِ الْمُسْتَفِيضِ وَالْمَوْتِ الْقَدِيمِ وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَرْضَعَتْنِى وَأَبَا سَلَمَةَ ثُوَيْبَةُ». وَالتَّثَبُّتِ فِيهِ. 2644 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتِ اسْتَأْذَنَ عَلَىَّ أَفْلَحُ فَلَمْ آذَنْ لَهُ، فَقَالَ أَتَحْتَجِبِينَ مِنِّى وَأَنَا عَمُّكِ فَقُلْتُ وَكَيْفَ ذَلِكَ قَالَ أَرْضَعَتْكِ امْرَأَةُ أَخِى بِلَبَنِ أَخِى. فَقَالَتْ سَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «صَدَقَ أَفْلَحُ، ائْذَنِى لَهُ». أطرافه 4796، 5103، 5111، 5239، 6156 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الشهادة على الأنساب، والرِّضَاعِ المستفيضِ، والموتِ القديم (وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أرضعتْني وأبا سَلَمة ثُوَيبة) -بضم الثاء المثلثة- مصغر، هذه مولاة أبي لهب، أعتقها لما بشرته بولادة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال أبو نُعيم: اختلف في إسلامها؛ الظاهر عدم الإسلام لأن ابن [عبد] البر لم يذكرها في الصحابة، وسيأتي هذا مسندًا. 2644 - (الحكم) بفتح الحاء والكاف (عِرَاك) بكسر العين. (عن عائشة: استأذن عليَّ أَفْلَح) بفتح الهمزة (أرضعْتكِ امرأة أخي) أخوه أبو القعيس بضم القاف: مصغر قعس (صدق أفلح) أي: قوله: (أنا عمك) وفي الحديث دلالة على اعتبار لبن الفحل. وسيأتي الحديث في ذلك صريحًا.

2645 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي بِنْتِ حَمْزَةَ «لاَ تَحِلُّ لِى، يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ، هِىَ بِنْتُ أَخِى مِنَ الرَّضَاعَةِ». طرفه 5100 2646 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرَتْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ عِنْدَهَا، وَأَنَّهَا سَمِعَتْ صَوْتَ رَجُلٍ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ. قَالَتْ عَائِشَةُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أُرَاهُ فُلاَنًا. لِعَمِّ حَفْصَةَ مِنَ الرَّضَاعَةِ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا رَجُلٌ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِكَ. قَالَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أُرَاهُ فُلاَنًا». لِعَمِّ حَفْصَةَ مِنَ الرَّضَاعَةِ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ لَوْ كَانَ فُلاَنٌ حَيًّا - لِعَمِّهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ - دَخَلَ عَلَىَّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «نَعَمْ، إِنَّ الرَّضَاعَةَ تُحَرِّمُ مَا يَحْرُمُ مِنَ الْوِلاَدَةِ». طرفاه 3105، 5099 ـــــــــــــــــــــــــــــ 2645 - (هَمَّام) بفتح الهاء وتشديد الميم. (يحرُمُ من الرضاع ما يحرُمُ من النَّسب) هذا النص جارٍ على عمومه، فإن اخت ابن الرجل وأم أخيه في النسب إنما تحرمان للمصاهرة لا للنسب، ولا مصاهرة في الرضاع فتحلان. 2646 - (يا رسول الله: هذا رجل يستأذن في بيتك) أضافت البيت أولًا إلى حفصة لأدنى ملابسة، لأنها ساكنة فيه، وأضافته إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثانيًا حقيقة (قالت عائشة: لو كان فلان حيًّا -لعمها من الرضاعة- دخل عليَّ؟ قال: نعم). فإن قلت: تقدم من كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع عائشة في شأن أفلح: أنّ العم من الرضاع محرم كالعم من النسب. فأي وجه لهذا السؤال منها؟ قلتُ: ربما كان ذلك بعد هذا.

2647 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِى الشَّعْثَاءِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَسْرُوقٍ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ دَخَلَ عَلَىَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَعِنْدِى رَجُلٌ، قَالَ «يَا عَائِشَةُ مَنْ هَذَا». قُلْتُ أَخِى مِنَ الرَّضَاعَةِ. قَالَ «يَا عَائِشَةُ، انْظُرْنَ مَنْ إِخْوَانُكُنَّ، فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ الْمَجَاعَةِ». تَابَعَهُ ابْنُ مَهْدِىٍّ عَنْ سُفْيَانَ. طرفه 5102 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: هذا لا يدفع الإشكال، لأن السؤال في أحدهما مستدرك ظاهرًا. وأجاب بعضُهم بأنها تكون نسيت إحدى القصتين، وهذا بعيدٌ من عائشة وحفظها. والأول أن هذا كان أول في العمومة فإن أفلح كان عمًا قريبًا. والدليل على هذا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زاد هنا أن الرضاعة تحرم ما يحرم من الولادة. 2647 - (أَشْعَث) بالثاء المثلثة وكذا (أبو الشَّعْثَاء). روى عن عائشة (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل وعندي رجل. قال يا عائشة مَنْ هذا؟ قلتُ: أخي من الرضاعة. قال: انظرْنَ مَنْ إخوانُكُنّ) من النظر بمعنى التأمل (فإنما الرضاعة من المَجَاعة) أي: الرضاع المحرم أن يكون الباعث عليه الجوع، ويكون اللبن غالب غذائه. وهذا يكون في حال الطفولة. وسيأتي تفصيل المذاهب فيه في باب الرضاع إن شاء الله. فإن قلت: لم يذكر ما يدل على الموت القديم؟ قلب: أجاب بعضُهم بأنه يقاس على الرضاع وليس بشيءٍ إذ لا جامع بينهما، بل الجواب أن قول عائشة: لو كان فلان حيًّا. يدل عليه فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرر قولها، فكان ذلك شهادةً منها على موته سماعًا. وغرض البخاري من الباب أن ما صح من الأنساب والموت والرضاع بالاستفاضة لا يحتاج فيه إلى معرفة الشهود. ولا إلى عدد. وبه قالت الأئمة. قال الشافعي: تقبل الشهادة بالاستفاضة في الموت والولادة والنسب والنكاح والعتق والولاء والوقف والولاية والعزل والجرح والتعديل والرشد والشفعة والملك. وقال به أبو حنيفة في النسب والموت والنكاح والدخول والولاية. وحدُّ الاستفاضة عددٌ يسكن إليه القلبُ.

8 - باب شهادة القاذف والسارق والزانى

8 - باب شَهَادَةِ الْقَاذِفِ وَالسَّارِقِ وَالزَّانِى وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَلاَ تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا). وَجَلَدَ عُمَرُ أَبَا بَكْرَةَ وَشِبْلَ بْنَ مَعْبَدٍ وَنَافِعًا بِقَذْفِ الْمُغِيرَةِ ثُمَّ اسْتَتَابَهُمْ، وَقَالَ مَنْ تَابَ قَبِلْتُ شَهَادَتَهُ. وَأَجَازَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُتْبَةَ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَطَاوُسٌ وَمُجَاهِدٌ وَالشَّعْبِىُّ وَعِكْرِمَةُ وَالزُّهْرِىُّ وَمُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ وَشُرَيْحٌ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ. وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ الأَمْرُ عِنْدَنَا بِالْمَدِينَةِ إِذَا رَجَعَ الْقَاذِفُ عَنْ قَوْلِهِ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ، قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ. وَقَالَ الشَّعْبِىُّ وَقَتَادَةُ إِذَا أَكْذَبَ نَفْسَهُ جُلِدَ وَقُبِلَتْ شَهَادَتُهُ. وَقَالَ الثَّوْرِىُّ إِذَا جُلِدَ الْعَبْدُ ثُمَّ أُعْتِقَ، جَازَتْ شَهَادَتُهُ، وَإِنِ اسْتُقْضِىَ الْمَحْدُودُ فَقَضَايَاهُ جَائِزَةٌ. وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ لاَ تَجُوزُ شَهَادَةُ الْقَاذِفِ، وَإِنْ تَابَ، ثُمَّ قَالَ لاَ يَجُوزُ نِكَاحٌ بِغَيْرِ شَاهِدَيْنِ، فَإِنْ تَزَوَّجَ بِشَهَادَةِ مَحْدُودَيْنِ جَازَ، وَإِنْ تَزَوَّجَ بِشَهَادَةِ عَبْدَيْنِ لَمْ يَجُزْ. وَأَجَازَ شَهَادَةَ الْمَحْدُودِ وَالْعَبْدِ وَالأَمَةِ لِرُؤْيَةِ هِلاَلِ رَمَضَانَ. وَكَيْفَ تُعْرَفُ تَوْبَتُهُ، وَقَدْ نَفَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الزَّانِىَ سَنَةً. وَنَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ كَلاَمِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَصَاحِبَيْهِ حَتَّى مَضَى خَمْسُونَ لَيْلَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب شهادة القاذف والسارق والزاني وقوله تعالى: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [النور:4، 5] استُدل بالآية على أن الفاسق إذا تاب تقبل شهادته أيَّ فسقٍ كان. واستدل أيضًا بقول عمر لما جلد أبا بَكْرة وشِبْلَ بن معبد ونافعًا لما قذفوا المغيرة بن شعبة بالزنى، ولم يكمل نصاب الشهود (من تاب قبلت شهادته) ثم نقل عن التابعين ومن بعدهم من أهل العلم ما يدل على ذلك، وأراد الردّ على أبي حنيفة فإنه لا يَقْبَل شهادة المحدود. وإياه عَنَى بقوله (بعض الناس) ورُدّ عليه بأنه ناقض أصله فإنه جَوَّز النكاح بشهادة المحدودين. وهذا الكلام منه مردود، فإن أبا حنيفة مجتهد يجبُ عليه اتباعُ ما أدّى إليه رأيه، ولا يجوزُ له تقليد أحدٍ، وأما الآية الكريمة فللشافعي وأبي حنيفة فيها خلاف بناء على أن قوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} استثناء من {الْفَاسِقُونَ} أو من قوله: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً} بناء على أن الاستثناء الوارد بعد جملٍ يعود إلى الأخيرة، أو إلى الكل، وإلى الأول ذهب أبو حنيفة، وإلى الثاني ذهب الشافعي من الطرفين أسئلة وأجوبة مذكورة في أصول المذهبين (وكيف تعرف توبته؟) عطف على الترجمة داخل تحتها. واستدل على ذلك بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غرب الزاني سنةً (ونهى الناسَ عن كلام كعب بن مالك لما تخلف عن غزوة تبوك خمسين ليلةً) وغرضه أن المناط

9 - باب لا يشهد على شهادة جور إذا أشهد

2648 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ. وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ امْرَأَةً سَرَقَتْ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ، فَأُتِىَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ أَمَرَ فَقُطِعَتْ يَدُهَا. قَالَتْ عَائِشَةُ فَحَسُنَتْ تَوْبَتُهَا وَتَزَوَّجَتْ، وَكَانَتْ تَأْتِى بَعْدَ ذَلِكَ فَأَرْفَعُ حَاجَتَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 3475، 3732، 3733، 4304، 6787، 6788، 6800 2649 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ - رضى الله عنه - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ أَمَرَ فِيمَنْ زَنَى وَلَمْ يُحْصِنْ بِجَلْدِ مِائَةٍ وَتَغْرِيبِ عَامٍ. طرفه 2314 9 - باب لاَ يَشْهَدُ عَلَى شَهَادَةِ جَوْرٍ إِذَا أُشْهِدَ 2650 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِىُّ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ - رضى الله عنهما - قَالَ سَأَلَتْ أُمِّى أَبِى بَعْضَ الْمَوْهِبَةِ لِى مِنْ مَالِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ ظهور صلاح والمفوض إليه علم الحاكم، لكن استدلاله بقصة كعب فيه نظر، لأن ذلك بالوحي إلا أن يقال: في النص إيماء إلى ذلك. 2648 - (أن امرأةً سرقت في غزوة الفتح) هي فاطمة بنت الأسود بن عبد الأسد المخزومية (ثم أمر بها فقُطِعت يدُها، قالت عائشة: فحسُنَتْ توبتُها) هذا موضع الدلالة، لأن حُسنَ توبتها لم يتقيد بمدة. 2649 - (بُكَير) بضم الباء، مصغر (عُقَيل) كذلك. باب: لا يَشهَدُ على شهادة جَوْرٍ إذا أُشْهِدَ على بناء المجهول، ولفظ الشهادة مقحم أي: لا يشهد على جور. وجواب الشرط محذوف لدلالة ما تقدمه عليه. 2650 - (عبدان) -على وزن شعبان- عبد الله المروزي (أبو حَيَّان) بفتح الحاء وتشديد المثناة تحت (النعمان بن بشير) بفتح الباء على وزن رحيم.

ثُمَّ بَدَا لَهُ فَوَهَبَهَا لِى فَقَالَتْ لاَ أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -. فَأَخَذَ بِيَدِى وَأَنَا غُلاَمٌ، فَأَتَى بِىَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ إِنَّ أُمَّهُ بِنْتَ رَوَاحَةَ سَأَلَتْنِى بَعْضَ الْمَوْهِبَةِ لِهَذَا، قَالَ «أَلَكَ وَلَدٌ سِوَاهُ». قَالَ نَعَمْ. قَالَ فَأُرَاهُ قَالَ «لاَ تُشْهِدْنِى عَلَى جَوْرٍ». وَقَالَ أَبُو حَرِيزٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ «لاَ أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ». 2651 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو جَمْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ زَهْدَمَ بْنَ مُضَرِّبٍ قَالَ سَمِعْتُ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «خَيْرُكُمْ قَرْنِى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ». قَالَ عِمْرَانُ لاَ أَدْرِى أَذَكَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدُ ـــــــــــــــــــــــــــــ روى عنه أن أباه ذَهَبَ به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال: إن أمه بنت رواحة. سألَتْني بعضَ الموهبة لهذا، قد سلف في أبواب الهبة أن تلك الموهبة غلام وسلف شرح الحديث وإن العلماء فيه على قولين: الأول الحرمة واستدلوا عليه بهذا الحديث وهو قوله (لا تُشْهِدني على جَوْرٍ). وقال آخرون: معنى الجور الميل، وأشرنا هناك أن الظاهر من السياق وهو مذهب البخاري الحرمة (وقال أبو حَريز) بفتح الحاء على وزن كريم، آخره زاي معجمة: عبد الله بن حسين الأزدي. 2651 - (أبو جمرة) -بفتح الجيم- نصر بن عمران الضبعي (زهْدَم) على وزن جعفر (مُضَرِّب) بضم الميم وكسر الراء المشددة (عمران بن حُصَين) بضم الحاء على وزن المصغر. (خيركم قرني) اختلف في معنى القرن -بفتح القاف وسكون الراء- قيل: ثمانون سنةً وقيل: سبعون، وقيل: مائة، وقيل: مائة وعشرون، والصواب في شرح الحديث: ما شملهم وصف الصحابة أو تبع التبع فإنه مناط الخيرية. وهذا التفضيل باعتبار الجملة، فلا ينافي أن يكون في المتأخرين بعض الأفراد خيرًا كما في رواية الترمذي: "إن من ورائكم أيامًا الصابر فيهنّ كالقابض على الجمر، وللعامل فيهن أجر خمسين منكم". فإن قلت: كيف التوفيق بين هذا الحديث خير القرون، وبين قوله: "أمتي كالمطر لا يُدرَى أولها خير أم آخرها"؟ قلتُ: قالوا: ذاك حديث ضعيف أخرجه أبو يعلى عن يوسف

قَرْنَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ بَعْدَكُمْ قَوْمًا يَخُونُونَ وَلاَ يُؤْتَمَنُونَ، وَيَشْهَدُونَ، وَلاَ يُسْتَشْهَدُونَ وَيَنْذِرُونَ وَلاَ يَفُونَ، وَيَظْهَرُ فِيهِمُ السِّمَنُ». أطرافه 3650، 6428، 6695 ـــــــــــــــــــــــــــــ الصفار وهو مذكور في الضعفاء، ولو صَحَّ الحديث كان تأويله أن شرف الصحبة وقرب العهد بأيام الوحي، والصحابة لا يلحقها شيء من هذه الخسة، وفي آخر الزمان التمسك بالسنة أمر مُشِقٌ لقلة أنصار الدين فيهم من هذه الجهة لم. . . . . (يخونون ولا يؤتمنون) بفتح الياء في الأول، ويروى بضم الياء وتشديد الواو، أي: ينسبون إلى الخيانة. فإن قلت: قوله: يخونون يعلم منه عدم الأمانة، فأي حاجة إلى قوله: ولا يؤتمنون؟ قلتُ: أراد سلب الأمانة عنهم رأسًا، فإن الخائن ربما يؤتمن في بعض الأمور. (ويَشْهدون ولا يُستشهدون) على بناء المجهول. هذا موضع الدلالة على ما ترجم لأنها شهادة على الجور. فإن قلت: جاء في الحديث: "خير الشهداء من يأتي بشهادته قبل أن يُسألها" على بناء المجهول؟ قلتُ: أجابوا بأن حديث الباب في حق العباد وذاك في حق الله الذي لا طالب له. وقيل: حديث الباب فيمن شهد على الغيب. وقيل: هذا فيمن يعلم بحق مسلم عند أحد ولا يعلم بذلك صاحب الحق وقيل هذا في شهادة الحسبة. (وينذرون ولا يوفون) فإن قلتَ: في رواية البخاري ومسلم نهى عن النذر وعلله بأن النذر لا يمنع من القدر شيئًا؟ قلتُ: أراد الإشارة إلى أن المؤثر هو إرادته تعالى والأمر كذلك، وأما إذا نذر التقرب إلى الله بفعل خير لا شك في حسنه. ألا ترى كيف أثنى الله على الموفين بنذر في كتابه. (ويظهر فيهم السِّمَن) لأنهم يوسعون في الملاذ غافلين عن الموت وما بعده، وهذا باعتبار الأغلب وإلا فلله في كل عصرٍ طائفة قائمون على الحق. قال بعضُ العارفين: لكل شيء روحٌ به بقاؤه وسبب بقاء العالم العلوي والسفلي المؤمنون أي: تلك الطائفة. ألا ترى

10 - باب ما قيل فى شهادة الزور

2652 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَجِئُ أَقْوَامٌ تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ، وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ». قَالَ إِبْرَاهِيمُ وَكَانُوا يَضْرِبُونَنَا عَلَى الشَّهَادَةِ وَالْعَهْدِ. أطرافه 3651، 6429، 6658 10 - باب مَا قِيلَ فِي شَهَادَةِ الزُّورِ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (وَالَّذِينَ لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ) وَكِتْمَانِ الشَّهَادَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ أنهم إذا فَنوا خرب العالم العلوي والسفلي، فلا تقوم الساعة ما دام في الأرض من يقول: الله الله. 2652 - (محمد بن كثير) ضد القليل (عَبيدة) بفتح العين وكسر الموحدة. (ثم يجيء أقوامٌ تَسْبِقُ شهادةُ أحدهم يمينَه وبمينُهُ شهادتَهُ). فإن قلت: هذا فيه دور ظاهر؟ قلت: غرضه بيان عدم مبالاتهم أي: سواء عندهم تقدم اليمين أو الشهادة. وفيه إيماء إلى أنهم كاذبون في تلك الشهادة فإن اليمين من الشاهد غير مطلوب. بل هو دَيْدَنُ الكاذب إذا تكلم بشيء يروجه بالأيمان الكاذبة. (قال ابراهيم) هو النخعي كانوا يضربوننا على الشهادة والعهد أي على تحملهما، فإنهم كانوا يَفرّون منه خوفًا من عدم القيام بحقها. فإن قلت: ما المراد بالعهد الذي كانوا يُضْربون عليه؟ قلتُ: يحتمل الوصية بأن يكون وَصِيًّا، ويحتمل قبول الأمانة. قال ابن الأثير: العهد يكون بمعنى اليمين والأمان والذمة والحفاظ ورعاية الحرمة والوصية، ولا تخرج الأحاديث الواردة فيه عن أحد هذه المعاني. هذا كلامه. باب: ما قيل في شهادة الزور الزور لغةً: الميل. والمراد به الكذب، وإضافةُ الشهادة إليه بيانية.

(وَلاَ تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) (تَلْوُوا) أَلْسِنَتَكُمْ بِالشَّهَادَةِ. 2653 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ سَمِعَ وَهْبَ بْنَ جَرِيرٍ وَعَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ إِبْرَاهِيمَ قَالاَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ سُئِلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْكَبَائِرِ قَالَ «الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ». تَابَعَهُ غُنْدَرٌ وَأَبُو عَامِرٍ وَبَهْزٌ وَعَبْدُ الصَّمَدِ عَنْ شُعْبَةَ. طرفاه 5977، 6871 2654 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِىُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ». ثَلاَثًا. قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ 2653 - (مُنير) بضم الميم وكسر النون (وُهيب) بضم الواو: مصغر. (الكبائر) جمع كبيرة وهي المعصية التي توعد عليها الشارع أو كان قبحها مثل ذلك أو وقد بسطنا الكلام عليه في كتاب الإيمان في باب الاستبراء من البول (غندر) بضم الغين المعجمة وفتح الدال. 2654 - (بشر بن مفَضَّل) بكسر الموحدة وشين معجمة، والمفضَّل اسم المفعول من التفضيل (الجُريري) بضم الجيم وفتح الراء المصغر المنسوب سعيد بن أبي إياس. (أَلاَ أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثًا) أي: قاله ثلاث مراتٍ. فإن قلت: في حديث أنس أنه سئل، وهنا قال: أَلاَ أنبئكم؟ قلتُ: هما قضيتان. هناك سئل عن الكبائر وهنا أخبر عن أكبر الكبائر.

11 - باب شهادة الأعمى، وأمره ونكاحه وإنكاحه ومبايعته وقبوله فى التأذين وغيره، وما يعرف بالأصوات

وَجَلَسَ وَكَانَ مُتَّكِئًا فَقَالَ «أَلاَ وَقَوْلُ الزُّورِ». قَالَ فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِىُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ. أطرافه 5976، 6273، 6274، 6919 11 - باب شَهَادَةِ الأَعْمَى، وَأَمْرِهِ وَنِكَاحِهِ وَإِنْكَاحِهِ وَمُبَايَعَتِهِ وَقَبُولِهِ فِي التَّأْذِينِ وَغَيْرِهِ، وَمَا يُعْرَفُ بِالأَصْوَاتِ وَأَجَازَ شَهَادَتَهُ قَاسِمٌ وَالْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ وَالزُّهْرِىُّ وَعَطَاءٌ. وَقَالَ الشَّعْبِىُّ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ إِذَا كَانَ عَاقِلاً. وَقَالَ الْحَكَمُ رُبَّ شَىْءٍ تَجُوزُ فِيهِ. وَقَالَ الزُّهْرِىُّ أَرَأَيْتَ ابْنَ عَبَّاسٍ لَوْ شَهِدَ عَلَى شَهَادَةٍ أَكُنْتَ تَرُدُّهُ. وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَبْعَثُ رَجُلاً إِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ أَفْطَرَ، وَيَسْأَلُ عَنِ الْفَجْرِ فَإِذَا قِيلَ لَهُ طَلَعَ. صَلَّى رَكْعَتَيْنِ. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ (عقوق الوالدين) عصيانهما ومخالفة أمرهما مما لا يكون معصية. من العقّ وهو القطع (فجلس وكان متكئًا فقال: أَلاَ وقول الزور) إنما جلس اهتمامًا وغضبًا لله. فإن قلت: الإشراك أعظمُ جرمًا من شهادة الزور، فكان الاهتمام به أَوْلَى؟ قلتُ: ذاك حق الله وهذا حق العباد، وأيضًا الخطاب كان للمؤمنين واحتمال الشرك منهم بعيد بخلاف قول الزور. (فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت) إنما تمنوا سكوته شفقةً عليه. وفيه دليل على أن التمني يكون في الممكن أيضًا. باب: شهادة الأعمى وأمره ونكاحه، وإنكاحه ومبايعته، وقبول قوله في التأذين وغيره وما يُعرَفُ بالأصوات (وأجاز شهادته القاسم والحسن وابن سيرين وعطاء) استدل بقول هؤلاء التابعين ومن ذكره بعدهم على قبول شهادة الأعمى، وإليه ذهب مالك من الأئمة. وقال الشافعي وأبو يوسف: تُقبل شهادتُهُ فيما تحمله قبل العَمَى وأداه بعده، أو كان مما سمع وتمسك به الأعمى حتى مشى معه [إلى] القاضي. وبه قال أحمد إلا أنه لم يشترط التمسك به، وقال أبو حنيقة ومحمد: لا يجوزُ بحال (وكان ابن عباس رجلًا يبعث رجلًا إذا غابت الشمس أفطر) استدل به على جوازه واعتماده على قول المخبر وسماعه صوت المؤذن (وقال سليمان بن يسار:

اسْتَأْذَنْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَعَرَفَتْ صَوْتِى قَالَتْ سُلَيْمَانُ، ادْخُلْ فَإِنَّكَ مَمْلُوكٌ مَا بَقِىَ عَلَيْكَ شَىْءٌ. وَأَجَازَ سَمُرَةُ بْنُ جُنْدَبٍ شَهَادَةَ امْرَأَةٍ مُنْتَقِبَةٍ. 2655 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ مَيْمُونٍ أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ سَمِعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلاً يَقْرَأُ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ «رَحِمَهُ اللَّهُ، لَقَدْ أَذْكَرَنِى كَذَا وَكَذَا آيَةً، أَسْقَطْتُهُنَّ مِنْ سُورَةِ كَذَا وَكَذَا». وَزَادَ عَبَّادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَائِشَةَ تَهَجَّدَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي بَيْتِى فَسَمِعَ صَوْتَ عَبَّادٍ يُصَلِّى فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ «يَا عَائِشَةُ، أَصَوْتُ عَبَّادٍ هَذَا». قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «اللَّهُمَّ ارْحَمْ عَبَّادًا». أطرافه 5037، 5038، 5042، 6335 2656 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى سَلَمَةَ أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ بِلاَلاً يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ - أَوْ قَالَ حَتَّى تَسْمَعُوا - أَذَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــ استأذنتُ على عائشة فعرفتْ صوتي. فقالت: سليمانُ ادخُلْ فإنك عبد ما بقي عليك شيء) استدل به على أنه يجوزُ الاعتماد على الصوت وهو ظاهر إلا أن فيه إشكالًا وهو أن سليمان بن يسار غلام لأم سلمة أو لميمونة. فلا يجوزُ نظر غير سيدته إليه ولا نظره إليها. اللهم إلا أن يكون مذهب عائشة جوازه. وبه جزم شيخنا وجزم بأنه عبد ميمونة. 2655 - (سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلًا يقرأ في المسجد، فقال: رحمه الله لقد أَذْكَرَني كذا وكذا آية كنت أسقطتُهُنّ من سورة كذا وكذا). فإن قلت: كيف جاز نِسيانُ القرآن منه وقد قال تعالى في حقه: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} [القيامة: 17] قلتُ: وقد قال: {فَلَا تَنْسَى (6) إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} [الأعلى: 6، 7]. والتحقيق أن النسيان زوال صورة الشيء عن القوة الحافظة. فقد يحصل بعد التأمل، وقد [لا] يحصل. (يا عائشة أَصَوْتُ عَبَّادٍ هذا؟ قلت: نعم، قال: اللهم ارحم عَبَّادًا) هذا عَبَّاد بن بشر الأنصاري -بفتح العين وتشديد الباء- وقد يقع في بعض النسخ: عباد بن تميم وهو غلطٌ. 2656 - (أن بلالًا يؤذن بليل) سلف الحديث في باب الأذان والصوم، وموضعُ

12 - باب شهادة النساء

ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ». وَكَانَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ رَجُلاً أَعْمَى، لاَ يُؤَذِّنُ حَتَّى يَقُولَ لَهُ النَّاسُ أَصْبَحْتَ. طرفه 617 2657 - حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ وَرْدَانَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَدِمَتْ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَقْبِيَةٌ فَقَالَ لِى أَبِى مَخْرَمَةُ انْطَلِقْ بِنَا إِلَيْهِ عَسَى أَنْ يُعْطِيَنَا مِنْهَا شَيْئًا. فَقَامَ أَبِى عَلَى الْبَابِ فَتَكَلَّمَ، فَعَرَفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - صَوْتَهُ فَخَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَمَعَهُ قَبَاءٌ وَهُوَ يُرِيهِ مَحَاسِنَهُ وَهُوَ يَقُولَ «خَبَأْتُ هَذَا لَكَ، خَبَأْتُ هَذَا لَكَ». طرفه 2599 12 - باب شَهَادَةِ النِّسَاءِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى (فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ). ـــــــــــــــــــــــــــــ الدلالة هنا قوله: (وكان ابن أم مكتوم أعمى لا يؤذن [حتى] يقول له الناس أصبحت) فإن الناس كانوا يعتمدون على أذانه. 2657 - (زياد) بالزاي بعدها ياء (وَرْدان) بدال مهملة على وزن شعبان (عن عبد الله بن أبي مليكة) بضم الميم على وزن المصغر، واسمه زهير (المسْوَر بن مخرمة) بكسر الميم في الأول، وفتحه في الثاني. (قدمتَ على النبي - صلى الله عليه وسلم - أَقْبِية) -بفتح الهمزة- جمع قباء. تقدم هذا الحديث في أبواب الهبة، وموضعُ الدلالة هنا قوله: (فَعَرَفَ النبي - صلى الله عليه وسلم - صوتَهُ، فخرج إليه). فإن قلت: قال هناك له: ادخل فادعه لي، وهنا قال: فعرف صوته فخرج إليه؟ قلت: لما قال له: ادخل، سمع صوته فخرج، فلا إشكال. (خبأتُ هذا لك، خبأتُ هذا لَكَ) كرره ملاطفةً معه، فإنه كان سيِّئ الخلق. وفي الرواية الأخرى: شرع يريه أزراره فإنها كانت من الذهب ثم قال: رضي مخرمة لما رأى تلك الأزرار. باب: شهادة النساء وقوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة: 282]

13 - باب شهادة الإماء والعبيد

2658 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ أَخْبَرَنِى زَيْدٌ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَلَيْسَ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ». قُلْنَا بَلَى. قَالَ «فَذَلِكَ مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا». أطرافه 304، 1462، 1951 13 - باب شَهَادَةِ الإِمَاءِ وَالْعَبِيدِ وَقَالَ أَنَسٌ شَهَادَةُ الْعَبْدِ جَائِزَةٌ إِذَا كَانَ عَدْلاً. وَأَجَازَهُ شُرَيْحٌ وَزُرَارَةُ بْنُ أَوْفَى. وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ شَهَادَتُهُ جَائِزَةٌ، إِلاَّ الْعَبْدَ لِسَيِّدِهِ. وَأَجَازَهُ الْحَسَنُ وَإِبْرَاهِيمُ فِي الشَّىْءِ التَّافِهِ. وَقَالَ شُرَيْحٌ كُلُّكُمْ بَنُو عَبِيدٍ وَإِمَاءٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 2658 - (ابن أبي مريم) اسمه سعيد (عياض) بكسر العين وضاد معجمة. (شهادة المرأة نصف شهادة الرجل) الآية والحديث ظاهرا الدلالة إلا أن للعلماء في ذلك موضع اتفاق، وموضع اختلاف، اتفقوا على قبول شهادتهن مع الرجال في الأموال وعدم قبولهن في الحدود والقصاص، لأنها تدرأ بالشبهات، واتفقوا على قبولهن منفردات عن الرجال فيما لا يطلع عليه الرجال من أحوال النساء كالحمل والولادة. وأما النكاح والطلاق والعتاق والنسب، فأجاز الكوفيون شهادتهن مع الرجال ولم يجزه غيرهم. باب: شهادة الإماء والعَبيد استدل على جواز شهادة الإماء والعبيد بقول أنس وغيره من الصحابة والتابعين ويالحديث الذي رواه، وبه قال أحمد وإسحاق، ولم يقل به الأئمة الثلاثة لقوله تعالى: {وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} [البقرة: 282] وهذا شأن الحر؛ لأن العبد لا يستقل بالذهاب، وأيضًا فالخطاب في مثله لا يتناولهم كقوله: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9] لم يدخل فيه العبد. وحديث سوداء أنها شهدت أنها أرضعت عقبة وامرأته فقد تقدم الجواب عنه بأن ذلك التفريق من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان على طريق التقوى وترك الشبهات. (زرارة) بضم المعجمة بعدها مهملة مكررة (أوفى) بفتح الهمزة والفاء.

14 - باب شهادة المرضعة

2659 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ. وَحَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ أَبِى مُلَيْكَةَ قَالَ حَدَّثَنِى عُقْبَةُ بْنُ الْحَارِثِ أَوْ سَمِعْتُهُ مِنْهُ أَنَّهُ تَزَوَّجَ أُمَّ يَحْيَى بِنْتَ أَبِى إِهَابٍ قَالَ فَجَاءَتْ أَمَةٌ سَوْدَاءُ فَقَالَتْ قَدْ أَرْضَعْتُكُمَا. فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَعْرَضَ عَنِّى، قَالَ فَتَنَحَّيْتُ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ قَالَ «وَكَيْفَ وَقَدْ زَعَمَتْ أَنْ قَدْ أَرْضَعَتْكُمَا». فَنَهَاهُ عَنْهَا. طرفه 88 14 - باب شَهَادَةِ الْمُرْضِعَةِ 2660 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ إِنِّى قَدْ أَرْضَعْتُكُمَا. فَأَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «وَكَيْفَ وَقَدْ قِيلَ دَعْهَا عَنْكَ» أَوْ نَحْوَهُ. طرفه 88 15 - باب تَعْدِيلِ النِّسَاءِ بَعْضِهِنَّ بَعْضًا 2661 - حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ وَأَفْهَمَنِى بَعْضَهُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ـــــــــــــــــــــــــــــ 2659 - (أبو عاصم) الضحاك بن مخلد (ابن جُريج) بضم الجيم مصغر (ابن أبي مليكة) بضم الميم: مصغر عبد الله بن عُبيد الله وأبو مليكة بضم الميم مصغر اسمه زهير (أم يحيى بنت أبي إهاب) بكسر الهمزة، واسمها: زينب. كذا في رواية النسائي وقيل: غَنِيَّة -ضد الفقيرة- ولعله لقب. (فتنحيتُ عنه) أي: وقفتُ في ناحية وفي بعضها بتقديم الياء أي: طلبت حينًا آخر للسؤال لما لم يجب سؤالي. باب تعديل النساء بعضهن بعضًا 2661 - (أبو الربيع) ضد الخريف (وأفهمني بعضه أحمد) كذا وقع غير منسوب. قيل: هو أحمد بن عبد الله بن يونس، وقيل: أحمد بن حنبل، والصواب هو الأول، وإنما قال: أفهمني لأنه رواه عنه بالمعنى (فُليح) بضم الفاء مصغر. روى في الباب حديث أهل الإفك وهم الذين ذكروا أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق

وَعَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ اللَّيْثِىِّ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا، فَبَرَّأَهَا اللَّهُ مِنْهُ، قَالَ الزُّهْرِىُّ، وَكُلُّهُمْ حَدَّثَنِى طَائِفَةً مِنْ حَدِيثِهَا وَبَعْضُهُمْ أَوْعَى مِنْ بَعْضٍ، وَأَثْبَتُ لَهُ اقْتِصَاصًا، وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْحَدِيثَ الَّذِى حَدَّثَنِى عَنْ عَائِشَةَ، وَبَعْضُ حَدِيثِهِمْ يُصَدِّقُ بَعْضًا. زَعَمُوا أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ أَزْوَاجِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ، فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا فِي غَزَاةٍ غَزَاهَا فَخَرَجَ سَهْمِى، فَخَرَجْتُ مَعَهُ بَعْدَ مَا أُنْزِلَ الْحِجَابُ، فَأَنَا أُحْمَلُ فِي هَوْدَجٍ وَأُنْزَلُ فِيهِ، فَسِرْنَا حَتَّى إِذَا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ غَزْوَتِهِ تِلْكَ، وَقَفَلَ وَدَنَوْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ، آذَنَ لَيْلَةً بِالرَّحِيلِ، فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بِالرَّحِيلِ، فَمَشَيْتُ حَتَّى جَاوَزْتُ الْجَيْشَ، فَلَمَّا قَضَيْتُ شَأْنِى أَقْبَلْتُ إِلَى الرَّحْلِ، فَلَمَسْتُ صَدْرِى، فَإِذَا عِقْدٌ لِى مِنْ جَزْعِ أَظْفَارٍ قَدِ انْقَطَعَ، فَرَجَعْتُ فَالْتَمَسْتُ عِقْدِى، فَحَبَسَنِى ابْتِغَاؤُهُ، فَأَقْبَلَ الَّذِينَ يَرْحَلُونَ لِى، فَاحْتَمَلُوا هَوْدَجِى فَرَحَلُوهُ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــ بما كذّبهم الله فيه. وقد سَلَفَ بعضه، وسيأتي في مواضع مطولًا ومختصرًا. وموضع الدلالة هنا قول زينب: (أحمي سمعي وبصري، والله ما علمتُ عليها إلا خيرًا) فإن هذا تعديل منها لعائشة (قال الزهري: فكل حدثني طائفة من حديثها) ولا ضَرَرَ في ذلك، لأن كلهم عدول من كبار التابعين (وبعضهم أوعى من بعض) أي: أحفظ (وأثبتُ له اقتصاصًا) أي: تَبَعًا له. يقال: اقتصَّ أَثَره إذا تبعه (زعموا) الزعم هنا بمعنى الجزم واليقين (أقرع بيننا في غزاةٍ غزاها) اتفقوا على أنها غزوة المريسيع غزابني المصطلق سنة ست من الهجرة (وأنا أُحمل في هَوْدَج) محمَلٌ تكون فيها المرأة (وقفل) أي: رجع (آذن ليلة بالرحيل) بفتح الهمزة والمد، أي: أعلَمَ (فإذا عِقْد لي) بكسر العين وسكون القاف (من جزع أظفار) -بفتح الجيم- وهو الخرز اليماني، فيه البياض والسواد، وأظفار بفتح الهمزة كذا وقع، وفي بعضها ظفار على وزن فطام، وكذا رواه في كتاب المغازي وهو الصواب -بلدة من بلاد اليمن تحت ملوك حمير. وفي المثل: من دخل ظفار حَمَّرَ، أي: تكلم بلغة حِمْير (فأقبل الدين

بَعِيرِى الَّذِى كُنْتُ أَرْكَبُ، وَهُمْ يَحْسِبُونَ أَنِّى فِيهِ، وَكَانَ النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ خِفَافًا لَمْ يَثْقُلْنَ وَلَمْ يَغْشَهُنَّ اللَّحْمُ، وَإِنَّمَا يَأْكُلْنَ الْعُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ، فَلَمْ يَسْتَنْكِرِ الْقَوْمُ حِينَ رَفَعُوهُ ثِقَلَ الْهَوْدَجِ فَاحْتَمَلُوهُ وَكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ، فَبَعَثُوا الْجَمَلَ وَسَارُوا، فَوَجَدْتُ عِقْدِى بَعْدَ مَا اسْتَمَرَّ الْجَيْشُ، فَجِئْتُ مَنْزِلَهُمْ وَلَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ، فَأَمَمْتُ مَنْزِلِى الَّذِى كُنْتُ بِهِ فَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ سَيَفْقِدُونِى فَيَرْجِعُونَ إِلَىَّ، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسَةٌ غَلَبَتْنِى عَيْنَاىَ فَنِمْتُ، وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ السُّلَمِىُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِىُّ مِنْ وَرَاءِ الْجَيْشِ، فَأَصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِى فَرَأَى سَوَادَ إِنْسَانٍ نَائِمٍ فَأَتَانِى، وَكَانَ يَرَانِى قَبْلَ الْحِجَابِ فَاسْتَيْقَظْتُ بِاسْتِرْجَاعِهِ حِينَ أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ، فَوَطِئَ يَدَهَا فَرَكِبْتُهَا فَانْطَلَقَ يَقُودُ بِى الرَّاحِلَةَ، حَتَّى أَتَيْنَا الْجَيْشَ بَعْدَ مَا نَزَلُوا مُعَرِّسِينَ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ، فَهَلَكَ مَنْ هَلَكَ، وَكَانَ الَّذِى تَوَلَّى الإِفْكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ ـــــــــــــــــــــــــــــ يرحلون) بفتح الياء، أي: الذين يشدون الرَّحْلَ. وفي رواية أبي ذر بضم الياء وتشديد الحاء وكذا: فرحلوه رُوي بالوجهين. (وكان النساء إذ ذاك خفافًا لم يَثْقُلْنَ ولم يغشهُنَّ اللحم) وفي كتاب المغازي: لم يهبلن اللحم. موضع لم يغشهن -بضم الياء وتشديد الباء- من هبله إذا أكثر عليه (وإنما يأكلن العُلْقة من الطعام) -بضم العين- ما يسدّ الرمقَ، أصله: شجرة تعلق بها البعير. يأكل منه ويكتفي به إلى أوان الربيع (فوجدت عقدي بعدما استمرَّ الجيش) أي: ذهب. استفعال من المرور (فأممت منزلي) -بتخفيف الميم- أي: قصدتُ (فظننتُ أنهم سيفقدونني) أي: سيعلمون فقدي. يُروى بتشديد النون بإدغام نون المضارعة في نون الوقاية وحذفها (وكان صفوان بن المعطّل) بضم الميم وفتح الطاء المشددة (السُّلَمي ثم الذكواني) بضم السين وفتح الدال، قال الجوهري: ذكوان أبو قبيلة من أسلم (فاستيقظتُ باسترجاعه) أي: بقوله: إنا لله وإنا إليه راجعون. عد وقوع تلك القضيَّة من المصائب. وما يقال: إنما استرجع لأنه علم أنه سيقال في ذلك كلام فليس بشيء (فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش بعدما نزلوا مُعَرِّسين في نَحْرِ الظهيرة) التعريسُ نزول المسافر آخر الليل. والجارّ في قولها في نحر الظهيرة يتعلق بـ: أتينا. أي كانوا نزلوا في آخر الليل ونحن أتينا في كمال الحر فإن النحر على الصدر استعارة له، ولا دلالة فيه على أن التعريس يطلق على أي وقتٍ كان كما ظن. (فهلك مَنْ هَلَكَ) أي من ظن بها السوء (وكان الذي تولَّى الإفك عبد الله بن أبي

ابْنُ سَلُولَ، فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَاشْتَكَيْتُ بِهَا شَهْرًا، يُفِيضُونَ مِنْ قَوْلِ أَصْحَابِ الإِفْكِ، وَيَرِيبُنِى فِي وَجَعِى أَنِّى لاَ أَرَى مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - اللُّطْفَ الَّذِى كُنْتُ أَرَى مِنْهُ حِينَ أَمْرَضُ، إِنَّمَا يَدْخُلُ فَيُسَلِّمُ ثُمَّ يَقُولُ «كَيْفَ تِيكُمْ». لاَ أَشْعُرُ بِشَىْءٍ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى نَقَهْتُ، فَخَرَجْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ الْمَنَاصِعِ مُتَبَرَّزُنَا، لاَ نَخْرُجُ إِلاَّ لَيْلاً إِلَى لَيْلٍ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ نَتَّخِذَ الْكُنُفَ قَرِيبًا مِنْ بُيُوتِنَا، وَأَمْرُنَا أَمْرُ الْعَرَبِ الأُوَلِ فِي الْبَرِّيَّةِ أَوْ فِي التَّنَزُّهِ، فَأَقْبَلْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ بِنْتُ أَبِى رُهْمٍ نَمْشِى، فَعَثُرَتْ فِي مِرْطِهَا فَقَالَتْ تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقُلْتُ لَهَا بِئْسَ مَا قُلْتِ، أَتَسُبِّينَ رَجُلاً شَهِدَ بَدْرًا فَقَالَتْ يَا هَنْتَاهْ أَلَمْ تَسْمَعِى مَا قَالُوا فَأَخْبَرَتْنِى بِقَوْلِ أَهْلِ الإِفْكِ، فَازْدَدْتُ مَرَضًا إِلَى مَرَضِى، فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى بَيْتِى دَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَلَّمَ فَقَالَ «كَيْفَ تِيكُمْ». فَقُلْتُ ائْذَنْ لِى إِلَى ـــــــــــــــــــــــــــــ ابنُ سلول) بتنوين أبي لأن ابن سلول ليس صفة له، بل لعبد الله، فإن سلول اسم أم عبد الله. لعن الله الأصل والفرع (والناس يُفيضون من قول أصحاب الإفكِ) أي: يخوضون فيه ويشهرون ذلك، واللام في الناس للعهد، المنافقون وبعض المسلمين (ويَرِيبني في وجعي أني لا أَرَى من النبي - صلى الله عليه وسلم - اللطف الذي كنت أرى منه حين أمرض) يريب -بفتح الياء، ويجوز ضَمُّها- يقال: رابني وأرابني، أي: أقلقني وأوقعني في الوهم (إنما يدخل فيقول: كيف تيكم) بكسر التاء: من أسماء الإشارة. أي: كيف هذه (نَقَهْتُ) بفتح النون والقاف، يقال: نقه المريض إذا أفاق من مرضه، وترجَّحَ حاله. وعند الأطباء حالة بين الصحة والمرض (أم مسطح) هي سلمى بنت أبي رهم بن عبد المطلب بن عبد مناف، خالة أبي بكر. ومِسْطح -بكسر الميم- لقب، واسمه عامر (قِبل المناصع) -بكسر القاف وفتح الباء- الجهة. والمناصع بفتح الميم وصاد مهملة: موضع خارج المدينة (متبرزنا) بفتح التاء والراء، أي: موضع قضاء حاجتنا (وذلك قبل أن نتَّخذ الكُنف) -بضم الكاف والنون- جمع كنف وهو اشتقاقُهُ من الكنف على وزن الفرس، وهو الستر والحفظ (وأمرُنا أمر العرب الأول) -بضم الهمزة وفتح الواو- جمع أولى. صفة العرب ويروى بفتح الهمزة وتشديد الواو صفة الأمر أي: شأننا شأنهم في عدم اتخاذ الكنف (فعثرت) أي أم مسطح (في مرطها) -بكسر الميم- كساء تتزر بها نساء العرب (فقالت: تَعِسَ مِسْطَح) بفتح التاء والعين، والأكثر الكسر، من التعس وهو الهلاك. قال الله تعالى في شأن الكفار: {فَتَعْسًا لَهُمْ} [محمد: 8] (يا هنتاه) بفتح الهاء والنون والإسكان أشهر، قيل: معناه: يا هذه، وقيل: يا بلهاء، أي: يا من لا تعرف مكائد الناس وشرورهم.

أَبَوَىَّ. قَالَتْ وَأَنَا حِينَئِذٍ أُرِيدُ أَنْ أَسْتَيْقِنَ الْخَبَرَ مِنْ قِبَلِهِمَا، فَأَذِنَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَتَيْتُ أَبَوَىَّ فَقُلْتُ لأُمِّى مَا يَتَحَدَّثُ بِهِ النَّاسُ فَقَالَتْ يَا بُنَيَّةُ هَوِّنِى عَلَى نَفْسِكِ الشَّأْنَ، فَوَاللَّهِ لَقَلَّمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ وَضِيئَةٌ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا وَلَهَا ضَرَائِرُ إِلاَّ أَكْثَرْنَ عَلَيْهَا. فَقُلْتُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَلَقَدْ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ بِهَذَا قَالَتْ فَبِتُّ تِلْكَ اللَّيْلَةَ حَتَّى أَصْبَحْتُ لاَ يَرْقَأُ لِى دَمْعٌ وَلاَ أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، ثُمَّ أَصْبَحْتُ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلِىَّ بْنَ أَبِى طَالِبٍ وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ حِينَ اسْتَلْبَثَ الْوَحْىُ، يَسْتَشِيرُهُمَا فِي فِرَاقِ أَهْلِهِ، فَأَمَّا أُسَامَةُ فَأَشَارَ عَلَيْهِ بِالَّذِى يَعْلَمُ فِي نَفْسِهِ مِنَ الْوُدِّ لَهُمْ، فَقَالَ أُسَامَةُ أَهْلُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلاَ نَعْلَمُ وَاللَّهِ إِلاَّ خَيْرًا، وَأَمَّا عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ، وَسَلِ الْجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ. فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَرِيرَةَ فَقَالَ «يَا بَرِيرَةُ هَلْ رَأَيْتِ فِيهَا شَيْئًا يَرِيبُكِ». فَقَالَتْ بَرِيرَةُ لاَ وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، إِنْ رَأَيْتُ مِنْهَا أَمْرًا أَغْمِصُهُ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ تَنَامُ عَنِ الْعَجِينَ فَتَأْتِى الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ. فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ يَوْمِهِ، فَاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَىٍّ ابْنِ سَلُولَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ يَعْذِرُنِى مِنْ رَجُلٍ بَلَغَنِى أَذَاهُ فِي أَهْلِى، فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِى إِلاَّ خَيْرًا، وَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلاً مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلاَّ خَيْرًا، وَمَا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِى إِلاَّ مَعِى». ـــــــــــــــــــــــــــــ (ما كانت قط امرأة وضيئة عند رجل) أي: جميلة من الوضاءة وهي الحُسْن والجمال (ولها ضرائر إلا أكثرْنَ عليها) أي: في القول والافتراء (قالت فبتُّ تلك الليلة لا يرقأ لي دمع) رقأ يرقأ، آخره همزة على وزن سأل يسأل أي: لا ينقطع. أصله السكون (أستلبثَ الوحي) أي: طال مدة لبثه بالرفع (فقال أسامة: أهلُكَ يا رسول الله ولا نعلم واللهِ إلا خيرًا فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بريرة [فقال: يا بريرة، هل رأيتِ فيها شيئًا يريبك؟) -بفتح الياء- من رابه أوقعه فيه الريب وهو الشك والشبهة (أن رأيت منها أمرًا أَغْمِصُهُ): بالغين المعجمة والصاد المهملة، أي: أستره أو أعيبُه. أن ما (أكثر من أنها جارية حديثة السنّ، تنام عن العجين، فتأتي الداجنُ فتأكله) الداجن -بالجيم- الشاة التي تألف البيت، هذا موضعُ الدلالة، فإنه تعديل النساء للنساء. (فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في يومه فاستعذر من عبد الله بن أبيٍّ) طلب من الناس أن يقبلوا عُذْرَهُ إن قابله على إفكه وافترائه (مَنْ يعذرني) بفتح الياء، أي: يقبل عذري إن فعلت به نكالًا

فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا وَاللَّهِ أَعْذِرُكَ مِنْهُ، إِنْ كَانَ مِنَ الأَوْسِ ضَرَبْنَا عُنُقَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا مِنَ الْخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا فِيهِ أَمْرَكَ. فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَهُوَ سَيِّدُ الْخَزْرَجِ، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رَجُلاً صَالِحًا وَلَكِنِ احْتَمَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ فَقَالَ كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ، لاَ تَقْتُلُهُ وَلاَ تَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ، فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ فَقَالَ كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ، وَاللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ، فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ الْمُنَافِقِينَ. فَثَارَ الْحَيَّانِ الأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ حَتَّى هَمُّوا، وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الْمِنْبَرِ فَنَزَلَ فَخَفَّضَهُمْ حَتَّى سَكَتُوا وَسَكَتَ، وَبَكَيْتُ يَوْمِى لاَ يَرْقَأُ لِى دَمْعٌ وَلاَ أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، فَأَصْبَحَ عِنْدِى أَبَوَاىَ، قَدْ بَكَيْتُ لَيْلَتَيْنِ وَيَوْمًا حَتَّى أَظُنُّ أَنَّ الْبُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِى - قَالَتْ - فَبَيْنَا هُمَا جَالِسَانِ عِنْدِى وَأَنَا أَبْكِى إِذِ اسْتَأْذَنَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَأَذِنْتُ لَهَا، فَجَلَسَتْ تَبْكِى مَعِى، فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَجَلَسَ، وَلَمْ يَجْلِسْ عِنْدِى مِنْ يَوْمِ قِيلَ فِىَّ مَا قِيلَ قَبْلَهَا، وَقَدْ مَكُثَ شَهْرًا لاَ يُوحَى إِلَيْهِ فِي شَأْنِى شَىْءٌ - قَالَتْ - فَتَشَهَّدَ ثُمَّ قَالَ «يَا عَائِشَةُ فَإِنَّهُ بَلَغَنِى عَنْكِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ، وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ فَاسْتَغْفِرِى اللَّهَ وَتُوبِى إِلَيْهِ، فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا اعْتَرَفَ بِذَنْبِهِ ثُمَّ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ». فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَقَالَتَهُ قَلَصَ دَمْعِى حَتَّى مَا أُحِسُّ مِنْهُ قَطْرَةً وَقُلْتُ لأَبِى أَجِبْ عَنِّى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ وَاللَّهِ مَا أَدْرِى مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. ـــــــــــــــــــــــــــــ (فقام سعد بن معاذ) كذا وقع وفيه إشكال لأن سعدًا توفي بعد غزوة قريظة وكانت سنة أربع وأهل العقد لا يشكون في ذلك، وغزوة بني المصطلق في سنة ستٍ بلا خلاف أيضًا، وقال بعضُهم هو سعد بن عبادة. وهذا أيضًا غلط؛ وذلك أن سعد بن عبادة هو الذي أجاب هذا القائل. وأيضًا هو خزرجي من رهط ابن أبي، ولأنه أن يكون القائل الأول أوسيًّا. ويدل عليه قوله: (وإن كان من إخواننا من الخزرج) (احتملته الحمية) أي: بعثته على ذلك وهو قوله: (كذبت لعَمْر الله) حلف بصفة بقاء الله (لا تقتُلُه) ويروى بالجيم والهاء من الجهل أي: حملته على قول أهل الجهل. وصَوّبه القاضي (فقام أُسيد بن الحُضَير) بالحاء المهملة وضاد معجمة، وكلا الاسمين مصغر (فثار الحَيَّان) أي: أعزما، على الشر والقتال (فنزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) (بذنب) أي: قارفت. ضُمِّن معنى الإتيان فعُدّي بالباء، أو من ألم أي: أتى باللمم وهو صغار الذنوب (قَلَص دمعي) أي: ارتفع، وانقطع (ما أُحِسُّ) بضم الهمزة وكسر

فَقُلْتُ لأُمِّى أَجِيبِى عَنِّى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِيمَا قَالَ. قَالَتْ وَاللَّهِ مَا أَدْرِى مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَتْ وَأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ لاَ أَقْرَأُ كَثِيرًا مِنَ الْقُرْآنِ فَقُلْتُ إِنِّى وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّكُمْ سَمِعْتُمْ مَا يَتَحَدَّثُ بِهِ النَّاسُ، وَوَقَرَ فِي أَنْفُسِكُمْ وَصَدَّقْتُمْ بِهِ، وَلَئِنْ قُلْتُ لَكُمْ إِنِّى بَرِيئَةٌ. وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنِّى لَبَرِيئَةٌ لاَ تُصَدِّقُونِى بِذَلِكَ، وَلَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بِأَمْرٍ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّى بَرِيئَةٌ لَتُصَدِّقُنِّى وَاللَّهِ مَا أَجِدُ لِى وَلَكُمْ مَثَلاً إِلاَّ أَبَا يُوسُفَ إِذْ قَالَ (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ) ثُمَّ تَحَوَّلْتُ عَلَى فِرَاشِى، وَأَنَا أَرْجُو أَنْ يُبَرِّئَنِى اللَّهُ، وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا ظَنَنْتُ أَنْ يُنْزِلَ فِي شَأْنِى وَحْيًا، وَلأَنَا أَحْقَرُ فِي نَفْسِى مِنْ أَنْ يُتَكَلَّمَ بِالْقُرْآنِ فِي أَمْرِى، وَلَكِنِّى كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِى اللَّهُ، فَوَاللَّهِ مَا رَامَ مَجْلِسَهُ وَلاَ خَرَجَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ حَتَّى أُنْزِلَ عَلَيْهِ، فَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنَ الْبُرَحَاءِ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِثْلُ الْجُمَانِ مِنَ الْعَرَقِ فِي يَوْمٍ شَاتٍ، فَلَمَّا سُرِّىَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يَضْحَكُ، فَكَانَ أَوَّلَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا أَنْ قَالَ لِى «يَا عَائِشَةُ، احْمَدِى اللَّهَ فَقَدْ بَرَّأَكِ اللَّهُ». فَقَالَتْ لِى أُمِّى قُومِى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَقُلْتُ لاَ وَاللَّهِ، لاَ أَقُومُ إِلَيْهِ، وَلاَ أَحْمَدُ إِلاَّ اللَّهَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى (إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ) الآيَاتِ، فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ هَذَا فِي بَرَاءَتِى قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ - رضى الله عنه - وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ وَاللَّهِ لاَ أُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ شَيْئًا أَبَدًا بَعْدَ مَا قَالَ لِعَائِشَةَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى (وَلاَ يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ) إِلَى قَوْلِهِ (غَفُورٌ رَحِيمٌ) فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بَلَى، وَاللَّهِ إِنِّى لأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِى، فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ الَّذِى كَانَ يُجْرِى عَلَيْهِ. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَسْأَلُ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ عَنْ أَمْرِى، فَقَالَ «يَا زَيْنَبُ، مَا عَلِمْتِ مَا رَأَيْتِ». فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَحْمِى سَمْعِى وَبَصَرِى، وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَيْهَا إِلاَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ الحاء (وَقَرَ في أنفسكم) أي: تَقَرَّر وثبت (ما رام من مجلسه) أي: ما زال، ولا فارق مكانه، يقال: رام يرم. قال ابن الأثير: وأكثر ما يستعمل في النفي (فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء) بضم الباء: على وزن العلماء: شدة الكرب، من ثقل الوحي (حتى إنه ليتحدر منه مثل الجمان) -بضم الجيم وتخفيف الميم- اللؤلؤ، وقيل: شيء على شكل اللؤلؤ، يتخذ من الفضة (فلما سري عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) بضم السين وكسر الراء المشددة أي: كشف؛ من سروت الشيء وسريته: كشفته (قال أبو بكر -وكان ينفق على مسطح بن أثاثة-) بضم الهمزة وثاءين مثلثتين (أحمي سمعي وبصري) أي: أحفظهما من أن أقول شيئًا ما رأيته

16 - باب إذا زكى رجل رجلا كفاه

خَيْرًا، قَالَتْ وَهْىَ الَّتِى كَانَتْ تُسَامِينِى، فَعَصَمَهَا اللَّهُ بِالْوَرَعِ. قَالَ وَحَدَّثَنَا فُلَيْحٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ مِثْلَهُ. قَالَ وَحَدَّثَنَا فُلَيْحٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ مِثْلَهُ. طرفه 2593 16 - باب إِذَا زَكَّى رَجُلٌ رَجُلاً كَفَاهُ وَقَالَ أَبُو جَمِيلَةَ وَجَدْتُ مَنْبُوذًا، فَلَمَّا رَآنِى عُمَرُ قَالَ عَسَى الْغُوَيْرُ أَبْؤُسًا. كَأَنَّهُ يَتَّهِمُنِى قَالَ عَرِيفِى إِنَّهُ رَجُلٌ صَالِحٌ قَالَ كَذَاكَ، اذْهَبْ وَعَلَيْنَا نَفَقَتُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ولا سمعته (وهي التي كانت تساميني) أي: في المنزلة عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ من السمو: وهو الرفعة (فعصمها الله بالورع) وهو الإباء عن المحارم، أصله حسن الأدب. وفي هذا الحديث تسلية لمن بغي عليه لينصرنه الله، وفيه من الأحكام والعبر جملة مستكثرة تظهر بالتأمل، والله الموفق. (قال: وحدثنا فليح عن هشام) فاعلُ قال: أحمد، رواه عن فليح أولًا، عن ابن شهاب، وثانيًا؛ عن فليح عن هشام، وثالثًا: عنه عن ربيعة بن عبد الرحمن. باب إذا زكى رجل رجلًا كفاه (وقال أبو جميلة: وجدت منبوذًا، فلما رآني عمر قال: عسى الغوير أَبؤسًا) أبو جميلة هذا صحابي، واسمه سنين -بضم السين وكسر النون-. قال ابن عبد البر: أبو جميلة هذا ضمري، وقيل: سلمي، وما يقال: إن اسمه ميسرة بن يعقوب الطهوي فغلط؛ فإن ذلك تابعي كوفي يروي عن علي بن أبي طالب. فإن قلت: ما معنى قول عمر: عسى الغوير أبؤسًا؟ قلت: هذا من أمثال العرب، وأصله أن قومًا باتوا بغار، فوقع عليهم وأهلكهم وتيتهم الغدر، فصار مثلًا في كل من أراد خيانة، والأبؤس: جمع بأس. ولما رأى عمر في يد أبي جميلة منبوذًا اتهمه بأن يكون زنى بأمه، ثم ادعاه لقيطًا، أو خاف أن يدعيه عبدًا له. (قال عريفي: إنه رجل صالح) العريف: على وزن الكريم؛ هو العارف بحال الإنسان، واستدل به على أن تزكية واحد كافية، وهو مذهب الجمهور؛ خلافًا لمالك والشافعي.

17 - باب ما يكره من الإطناب فى المدح وليقل ما يعلم

2662 - حَدَّثَنَا ابْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَثْنَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «وَيْلَكَ قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ، قَطَعْتَ عُنَقَ صَاحِبِكَ». مِرَارًا ثُمَّ قَالَ - «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَادِحًا أَخَاهُ لا مَحَالَةَ فَلْيَقُلْ أَحْسِبُ فُلاَنًا، وَاللَّهُ حَسِيبُهُ، وَلاَ أُزَكِّى عَلَى اللَّهِ أَحَدًا، أَحْسِبُهُ كَذَا وَكَذَا إِنْ كَانَ يَعْلَمُ ذَلِكَ مِنْهُ». طرفاه 6061، 6162 17 - باب مَا يُكْرَهُ مِنَ الإِطْنَابِ فِي الْمَدْحِ وَلْيَقُلْ مَا يَعْلَمُ 2663 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَبَّاحٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ حَدَّثَنَا بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلاً يُثْنِى عَلَى رَجُلٍ، وَيُطْرِيهِ فِي مَدْحِهِ فَقَالَ «أَهْلَكْتُمْ - أَوْ قَطَعْتُمْ - ظَهْرَ الرَّجُلِ». طرفه 6060 ـــــــــــــــــــــــــــــ 2662 - (محمد بن سلام) بتخفيف اللام على الأشهر (خالد الحذاء) بتشديد الذال والمد. (أثنى رجل على رجل عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال؛ ويلك، قطعت عنق صاحبك، مرارًا) أي: قال ذلك مرارًا، قَطْعُ العنق كناية عن القتل؛ لأنه من أقبح أسبابه (أحسب) أي: أظن (والله حسيبه) فعيل بمعنى الفاعل كالجليس، من الحساب؛ أي: الله يحاسبه على عمله. فإن قلت: قد جاء من الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - مدح المؤمنين؛ وكذا من الصحابة بعضهم بعضًا؛ قلت: النهي محمول على الإفراط أو على مدح من يغتر بالمدح. 2663 - (محمد بن صباح) بفتح الصاد وتشديد الباء الموحدة (بريد) بضم الباء مصغر بردة (عن أبي بردة) -بضم الباء وسكون الراء- عامر بن أبي موسى.

18 - باب بلوغ الصبيان وشهادتهم

18 - باب بُلُوغِ الصِّبْيَانِ وَشَهَادَتِهِمْ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا). وَقَالَ مُغِيرَةُ احْتَلَمْتُ وَأَنَا ابْنُ ثِنْتَىْ عَشْرَةَ سَنَةً. وَبُلُوغُ النِّسَاءِ فِي الْحَيْضِ لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ (وَاللاَّئِى يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ) إِلَى قَوْلِهِ (أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ أَدْرَكْتُ جَارَةً لَنَا جَدَّةً بِنْتَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ سَنَةً. 2664 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى نَافِعٌ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَرَضَهُ يَوْمَ أُحُدٍ وَهْوَ ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَلَمْ يُجِزْنِى، ثُمَّ عَرَضَنِى يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب بلوغ الصبيان وشهادتهم، وقول الله: {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا} [النور: 59] استدل به على أن الحلم من أسباب البلوغ، وعليه اتفق الأئمة؛ فعند أبي حنيفة يبلغ الغلام بالاحتلام، وبالإحبال، وإنزال المني عند الوطء، فإن لم يوجد منها شيء فبالسن؛ وأقله ثمان عشرة؛ لأنه الأشُدّ في تفسير ابن عباس، وبلوغ الجارية بالحيض، وأدنى مدة وقت الحيض تسع سنين وبالاحتلام والإحبال أيضًا، وبالسن؛ وهو سبع عشرة سنة. وقال مالك: إذا بلغ سنًّا يبلغ فيه مثله، أو نبت شعر عانته؛ لحديث عطيّة القرظي: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عرض سبي قريظة فقتل من نبت، ولم يقتل من لم ينبت، وكنت ممن لم يُنبت. وبه قال أحمد، وخص الشافعي الإنبات بأولاد الكفار؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يفعل ذلك في أولاد المسلمين احترامًا لهم، فسقط اعتراض ابن بطال في التفرقة. 2664 - (أبو أسامة) -بضم الهمزة- حمّاد بن أسامة. (فلم يجزني) بضم الياء أي: لم يجعلني في عداد الرجال. فإن قلت: قال أولًا: عرضه؛ وثانيًا: لم يجزني؟ قلت: إن كان هذا من كلام نافع فقد

19 - باب سؤال الحاكم المدعى هل لك بينة قبل اليمين

عَشْرَةَ فَأَجَازَنِى. قَالَ نَافِعٌ فَقَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَهْوَ خَلِيفَةٌ، فَحَدَّثْتُهُ هَذَا الْحَدِيثَ، فَقَالَ إِنَّ هَذَا لَحَدٌّ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ. وَكَتَبَ إِلَى عُمَّالِهِ أَنْ يَفْرِضُوا لِمَنْ بَلَغَ خَمْسَ عَشْرَةَ. طرفه 4097 2665 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - يَبْلُغُ بِهِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ». طرفه 858 19 - باب سُؤَالِ الْحَاكِمِ الْمُدَّعِىَ هَلْ لَكَ بَيِّنَةٌ قَبْلَ الْيَمِينِ 2666،2667 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ وَهْوَ فِيهَا فَاجِرٌ، لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، لَقِىَ اللَّهَ وَهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ». قَالَ فَقَالَ الأَشْعَثُ ـــــــــــــــــــــــــــــ حكى كلام ابن عمر؛ وإن كان من كلام ابن عمر ففيه التفات، أولًا على مذهب السكاكي؛ وثانيًا على مذهب الجمهور، وما يقال: إنه تجريد في الثاني فليس بشيء؛ لأن التجريد إنما يكون فيما يقصد فيه المبالغة. (ثم عرضني يوم الخندق، وأنا ابن خمس عشرة فأجازني) أي: جعلني في عداد الرجال، وبه قال الشافعي وأحمد في الجارية والغلام. 2665 - (صفوان بن سليم) بضم السين مصغر (يسار) ضد اليمين. (غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم) سبق تحقيقه في كتاب الجمعة، ولم يرو في شهادة الصبيان حديثًا؛ لأن مداره على البلوغ. باب سؤال الحاكم المدعي هل لك بينة قبل اليمين 2666 - 2667 - (محمد) كذا وقع غير منسوب قال الغساني: نسبه ابن السكن محمد بن سلام (أبو معاوية) محمد بن خازم -بالخاء المعجمة-. (من حلف على يمين) أي: على ما يحلف عليه (وهو فيها فاجر) أي: كاذب (ليقتطع بها مال امرئ مسلم) قيد المسلم محمول على الغالب (الأشعث) بشين معجمة وثاء مثلثة

20 - باب اليمين على المدعى عليه، فى الأموال والحدود

بْنُ قَيْسٍ فِىَّ وَاللَّهِ كَانَ ذَلِكَ، كَانَ بَيْنِى وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ أَرْضٌ فَجَحَدَنِى، فَقَدَّمْتُهُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَلَكَ بَيِّنَةٌ». قَالَ قُلْتُ لاَ. قَالَ فَقَالَ لِلْيَهُودِىِّ «احْلِفْ». قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذًا يَحْلِفَ وَيَذْهَبَ بِمَالِى. قَالَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً) إِلَى آخِرِ الآيَةِ. طرفاه 2356، 2357 20 - باب الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فِي الأَمْوَالِ وَالْحُدُودِ وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ».وَقَالَ قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ كَلَّمَنِى أَبُو الزِّنَادِ فِي شَهَادَةِ الشَّاهِدِ وَيَمِينِ الْمُدَّعِى فَقُلْتُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى). قُلْتُ إِذَا كَانَ يُكْتَفَى بِشَهَادَةِ شَاهِدٍ وَيَمِينِ الْمُدَّعِى، فَمَا تَحْتَاجُ أَنْ تُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى، مَا كَانَ يَصْنَعُ بِذِكْرِ هَذِهِ الأُخْرَى. ـــــــــــــــــــــــــــــ (إذن يحلف) بالرفع؛ لأنه أُريد الحال. وتمامة الكلام تقدم في كتاب الشرب. باب اليمين على المدعي عليه في الأموال والحدود (وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: شاهداك أو يمينه) رفع على الابتداء، أو على فاعلية فعل مقدر، وهذا التعليق بعض حديث الباب (وقال قتيبة) بضم القاف مصغر. وإنما روى عنه بلفظ: قال؛ لأنه سمع الحديث منه مذاكرة (عن ابن شبرمة) -بضم الشين المعجمة وسكون الباء الموحدة- قاضي الكوفة، واسمه عبد الله (كلمني أبو الزناد في شهادة الشاهد ويمين المدعي) أبو الزناد -بكسر الزاي بعدها نون- عبد الله بن ذكوان. ومعنى: كلمني في شهادة الشاهد واليمين، أنه أنكر عليه حيث كان قاضيًا ولم يحكم به، فأجابه أنه لا مجال له، فإنه معارض للقرآن، بأن الله تعالى علل اعتبار المرأتين بأن إحداهما إذا نسيت تذكرها الأخرى، فلو كان اليمين مع الشاهد كافيًا فأيُّ حاجة إلى التذكير؟ وهذا معنى قوله: ما كان يصنع بذكر هذه

2668 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ قَالَ كَتَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَضَى بِالْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. طرفه 1514 2669، 2670 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ يَسْتَحِقُّ بِهَا مَالاً لَقِىَ اللَّهَ وَهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ، ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَ ذَلِكَ (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ) إِلَى (عَذَابٌ أَلِيمٌ). ثُمَّ إِنَّ الأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ خَرَجَ إِلَيْنَا فَقَالَ مَا يُحَدِّثُكُمْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَحَدَّثْنَاهُ بِمَا قَالَ، فَقَالَ صَدَقَ لَفِىَّ أُنْزِلَتْ، كَانَ بَيْنِى وَبَيْنَ رَجُلٍ خُصُومَةٌ فِي شَىْءٍ، فَاخْتَصَمْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ». فَقُلْتُ لَهُ إِنَّهُ إِذًا يَحْلِفُ وَلاَ يُبَالِى. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ يَسْتَحِقُّ بِهَا مَالاً وَهْوَ فِيهَا فَاجِرٌ لَقِىَ اللَّهَ وَهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ». فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَ ذَلِكَ، ثُمَّ اقْتَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ. طرفاه: 2356، 2357 ـــــــــــــــــــــــــــــ الأخرى؟ وبهذا قال أبو حنيفة وسائر الكوفيين، ولا دليل لهم في ذلك، لما روى مسلم وغيره: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى بشاهد ويمين. لأنه من قبيل المفهوم، فلا يعارض المنطوق. 2668 - (أبو نعيم) بضم النون مصغر (عن ابن أبي مليكة) بضم الميم مصغر: عبد الله بن عبيد الله، واسم أبي مليكة زهير. 2669 - 2670 - (عن أبي وائل) شقيق بن سلمة، روى حديث الأشعث أنه كان بينه وبين رجل خصومة (فاختصمنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: شاهداك أو يمينه) هذا موضع الدلالة على الترجمة، وقد تقدم حديثه مرارًا، آخرها آنفًا في باب سؤال الحاكم (ثم اقترأ هذه الآية) أي: قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ} [آل عمران: 77].

21 - باب إذا ادعى أو قذف فله أن يلتمس البينة، وينطلق لطلب البينة

21 - باب إِذَا ادَّعَى أَوْ قَذَفَ فَلَهُ أَنْ يَلْتَمِسَ الْبَيِّنَةَ، وَيَنْطَلِقَ لِطَلَبِ الْبَيِّنَةِ 2671 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنْ هِشَامٍ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ هِلاَلَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ امْرَأَتَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الْبَيِّنَةُ أَوْ حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ». فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا رَأَى أَحَدُنَا عَلَى امْرَأَتِهِ رَجُلاً يَنْطَلِقُ يَلْتَمِسُ الْبَيِّنَةَ فَجَعَلَ يَقُولُ «الْبَيِّنَةَ وَإِلاَّ حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ». فَذَكَرَ حَدِيثَ اللِّعَانِ. طرفاه 4747، 5307 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إذا ادعى أو قذف فله أن يلتمس البينة وينطلق لطلب البينة 2671 - (محمد بن بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (ابن أبي عدي) محمد بن إبراهيم (أنّ هلال بن أمية) بكسر الهاء وضم الهمزة وتشديد الياء (قذت امرأته بشريك بن سحماء) -بتقديم الحاء على الميم- هو شريك بن عبدة بن مغيث البلوي، حليف الأنصار، وسحماء أُمُه (فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: البينة، أو حدّ في ظهرك) رفع بالابتداء؛ أي: المطلوب البينة، أو حكم الله أحدهما؛ لأنّ آية اللعان لم تكن نازلة (إذا رأى أحدنا رجلًا مع امرأته ينطلق يلتمس البينة؟) هذا موضع الدلالة على الترجمة؛ لأنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سمعه (فذكر حديث اللعان) أي: بطوله، وسيأتي إن شاء الله تعالى. فإن قلت: لم يذكر في الباب ما يدل على الشق الأول من الترجمة، وهو ما إذا ادعى؟ قلت: الأحاديث المتقدمة في الأبواب السابقة كلها دليل عليه، فاكتفى به، أو قاس الأموال على الأعراض، وهو قياس جلي لا يتوقف فيه.

22 - باب اليمين بعد العصر

22 - باب الْيَمِينِ بَعْدَ الْعَصْرِ 2672 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ، وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ رَجُلٌ عَلَى فَضْلِ مَاءٍ بِطَرِيقٍ يَمْنَعُ مِنْهُ ابْنَ السَّبِيلِ، وَرَجُلٌ بَايَعَ رَجُلاً لاَ يُبَايِعُهُ إِلاَّ لِلدُّنْيَا، فَإِنْ أَعْطَاهُ مَا يُرِيدُ وَفَى لَهُ، وَإِلاَّ لَمْ يَفِ لَهُ، وَرَجُلٌ سَاوَمَ رَجُلاً بِسِلْعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ، فَحَلَفَ بِاللَّهِ لَقَدْ أُعْطِىَ بِهِ كَذَا وَكَذَا، فَأَخَذَهَا». طرفه 2358 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب اليمين بعد العصر 2672 - (عن أبي صالح) هو ذكوان. (ثلاثة لا يكلمهم الله) أي: كلام اللطف والرِّضا؛ لقوله: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} [الحجر: 92] (ولا ينظر إليهم) نظر الرحمة (ولا يزكيهم) ولا يثني عليهم؛ كما أثنى على المتقين (رجل على فضل ماء بطريق يمنع منه ابن السبيل) وغيره من أهل الحاجة، وقيده بالفضل لأنه إذا كان محتاجًا إليه لا يدخل في هذا الوعيد (ورجلٌ ساوم رجلًا بعد العصر) قال ابن الأثير: المساومة: المجاذبة بين البائع والمشتري، والحديث مع شرحه سلف في أبواب الشرب، أشرنا هناك إلى أن قيد "بعد العصر" لأنّه آخر النهار، فالإنسان يرغب في الكسب أكثر؛ لأنه وقت الإنفاق على العيال، والله أعلم. وقيل: لأنه وقت شهود الملائكة ونقض بالصبح، فإنه شاركه في ذلك. قلت: وكذا شاركه، لما تقدم في أن الله يسأل الملائكة الذين باتوا "كيف تركتم عبادي"، والحق أن لا نقض بالصبح؛ لأنّ الكلام في اليمين الكاذبة من الجهل، ولا يقع ذلك في وقت الصبح في المتعارف.

23 - باب يحلف المدعى عليه حيثما وجبت عليه اليمين، ولا يصرف من موضع إلى غيره

23 - باب يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَيْثُمَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ، وَلاَ يُصْرَفُ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى غَيْرِهِ قَضَى مَرْوَانُ بِالْيَمِينِ عَلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ أَحْلِفُ لَهُ مَكَانِى. فَجَعَلَ زَيْدٌ يَحْلِفُ، وَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَجَعَلَ مَرْوَانُ يَعْجَبُ مِنْهُ. وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ». فَلَمْ يَخُصَّ مَكَانًا دُونَ مَكَانٍ. 2673 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالاً لَقِىَ اللَّهَ وَهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ». طرفه 2356 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب يحلف المدَّعَى عليه حيث وجب عليه اليمين، ولا يصرف من موضعه إلى غيره. (قضى مروان باليمين على زيد بن ثابت على المنبر، فقال: أَحْلفُ له مكاني) هذا الأثر رواه مالك في "الموطأ" مسندًا، استدل البخاري به على أن اليمين حيث وقع الدعوى، ولا يغلظ بالمكان والزمان، فإن زيدًا لم يوافق مروان حين [دعاه] إلى المنبر، ولو كان له أصل لم يخالف زيد. ثم بقوله: (شاهداك أو يمينه) وبما رواه ابن مسعود، ووجه الدلالة أنه أطلق اليمين ولم يقيده بمكان، وبهذا قال أبو حنيفة، وقال الشافعي وأحمد ومالك: للإمام أن يغلظ بالزمان والمكان؛ إن كان بمكة فبين الركن والمقام، وإن كان بالمدينة فعند المنبر؛ وإن كان في بيت المقدس فعند الصخرة؛ وإن كان في سائر البلاد فعند المنبر إن كان موجودًا؛ وإلا ففي المحراب. وقال مالك: إن كان ربع دينار فما فوقه يغلظ وإلا فلا. وأجابوا عن قضية زيد مع مروان بأنّ زيدًا لم يقل لمروان: ما قُلْتَه ليس مشروعًا؛ غايته أنه كان جليل القدر علمًا ودينًا، ومثله لا يحتاج إلى التغليظ.

24 - باب إذا تسارع قوم فى اليمين

24 - باب إِذَا تَسَارَعَ قَوْمٌ فِي الْيَمِينِ 2674 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَرَضَ عَلَى قَوْمٍ الْيَمِينَ فَأَسْرَعُوا، فَأَمَرَ أَنْ يُسْهَمَ بَيْنَهُمْ فِي الْيَمِينِ أَيُّهُمْ يَحْلِفُ. 25/ 26 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً). 2675 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ قَالَ حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ أَبُو إِسْمَاعِيلَ السَّكْسَكِىُّ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِى أَوْفَى - رضى الله عنهما - يَقُولُ أَقَامَ رَجُلٌ سِلْعَتَهُ فَحَلَفَ بِاللَّهِ لَقَدْ أُعْطِىَ بِهَا مَا لَمْ يُعْطَهَا فَنَزَلَتْ (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إذا تسارع قوم إلى اليمين 2674 - (معمر) بفتح الميمين وسكون العين (همام) بفتح الهاء وتشديد الميم. روى عن أبي هريرة مرفوعًا: أنه وقع عند النبي - صلى الله عليه وسلم - (فأمر أن يسهم بينهم) قال الخطابي: إنما يكون هذا بأن يكون العين في يد الكل، أو كانت الدعاوى كثيرة. باب قول الله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 77] 2675 - (إسحاق) كذا وقع غير منسوب، قال الغساني: يزيد بن هارون. قلت: وروى هذا الحديث عن إسحاق بن إبراهيم عن يزيد بن هارون، فيحتمل كلًّا منهما (العوام) بفتح العين وتشديد الواو (السكسكي) بالسين المهملة والكاف المكررتين، قال الجوهري: السكاسك أبو قبيلة من اليمن، وهو السكاسك بن وائلة بن حمير بن سبأ (عبد الله بن أبي أوفى) بفتح الهمزة. روى عنه أنّ رجلًا أقام سلعته أي: عرضها على البيع (فحلف أنه أعطي بها ما لم يُعط) على بناء المجهول في الفعلين (فنزلت).

بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً) وَقَالَ ابْنُ أَبِى أَوْفَى النَّاجِشُ آكِلُ رِبًا خَائِنٌ. طرفه 2088 2676، 2677 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ كَاذِبًا لِيَقْتَطِعَ مَالَ رَجُلٍ - أَوْ قَالَ أَخِيهِ - لَقِىَ اللَّهَ وَهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ». وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَ ذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ (إِنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: تقدم مرارًا أن الآية نزلت في أشعث بن قيس ومن خاصمه في البئر؟ قلت: أجبنا هناك أن لا تزاحم في أسباب النزول، يجوز أن يكون كل منهما. قال بعضهم: لعل الحديث لم يبلغ ابن أبي أوفى إلا عند إقامة السلعة، فظنّ أنّها نزلت فيه، وهذا الذي قاله لا وجه له. أمّا أولًا: فلأنّ ابن أبي أوفى ما لم يعلم أن الآية نزلت في شيء بعينه لا يمكنه القول؛ لأنّ أسباب النزول لا مدخل للرأي [فيها]. وأمّا ثانيًا: فلأن ابن أبي أوفى رتب بالفاء النزول على الحلف، فلا بد وأن يكون بعده، فأي معنى لقوله: إلا عند إقامة السلعة؟ وهب أنه ارتكب في حديث ابن أبي أوفى ما ارتكب، فكيف يقول في حديث ابن مسعود بعده: إن الآية نزلت لما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من حلف على يمين كاذبًا لقي الله وهو عليه غضبان". (الناجش آكل الربا خائن) الناجش: من يزيد في الثمن من غير إرادة الشراء، ومن يزيد في مدح سلعته ويقول ما ليس فيها ليوقع المشتري فيه، وهذا الذي أراده؛ بدليل تشبيهه بآكل الربا؛ فإن قوله: أكل الربا تشبيه بليغ، بحذف الأداة ووجه المشبه. 2676 - 2677 - (بشر بن خالد) بالموحدة وشين معجمة. روى عن ابن مسعود: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (من حلف على يمين يقتطع بها مال الرجل لقي الله وهو عليه غضبان) إن لم يتب، وكذا في كل ذنب، وقد سلف هذا الحديث مرارًا، وموضع الدلالة هنا على الترجمة قول ابن مسعود: (فأنزل الله تصديق ذلك {إِنَّ

26 - باب كيف يستحلف

الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً) الآيَةَ. فَلَقِيَنِى الأَشْعَثُ فَقَالَ مَا حَدَّثَكُمْ عَبْدُ اللَّهِ الْيَوْمَ قُلْتُ كَذَا وَكَذَا. قَالَ فِىَّ أُنْزِلَتْ. طرفاه 2356، 2357 26 - باب كَيْفَ يُسْتَحْلَفُ قَالَ تَعَالَى (يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ). وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ (ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا) يُقَالُ بِاللَّهِ وَتَاللَّهِ وَوَاللَّهِ. وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «وَرَجُلٌ حَلَفَ بِاللَّهِ كَاذِبًا بَعْدَ الْعَصْرِ». وَلاَ يُحْلَفُ بِغَيْرِ اللَّهِ. 2678 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ عَمِّهِ أَبِى سُهَيْلٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 77]. باب كيف يستحلف، وقول الله عز وجل: {ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ} [النساء: 62] استدل على كيفية اليمين بهذه الآية والآيات المذكورة بعدها، وبالحديث الذي رواه عن السائل عن الإسلام، والذي رواه بعده عن ابن عمر (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: من كان حالفًا فيحلف بالله). 2678 - 2679 - فإن قلت: فكيف جاز الحلف بغير لفظ الله من سائر الأسماء؟ قلت: قياسًا؛ فإن أسماءه الحسنى تشترك في التعظيم، أو يُقدر مضاف في قوله: "فليحلف بالله" أي: باسم الله، وهذا التأويل واجب؛ لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفسي بيده" وقوله: "لا ومقلب القلوب" ويمين علي بن أبي طالب: والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة. وعليه يحمل قول البخاري: ولا يحلف بغير الله.

27 - باب من أقام البينة بعد اليمين

عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ يَقُولُ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُهُ عَنِ الإِسْلاَمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ». فَقَالَ هَلْ عَلَىَّ غَيْرُهَا قَالَ «لاَ، إِلاَّ أَنْ تَطَّوَّعَ». فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «وَصِيَامُ رَمَضَانَ». قَالَ هَلْ عَلَىَّ غَيْرُهُ قَالَ «لاَ، إِلاَّ أَنْ تَطَّوَّعَ». قَالَ وَذَكَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الزَّكَاةَ. قَالَ هَلْ عَلَىَّ غَيْرُهَا قَالَ «لاَ، إِلاَّ أَنْ تَطَّوَّعَ». فَأَدْبَرَ الرَّجُلُ وَهْوَ يَقُولُ وَاللَّهِ لاَ أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلاَ أَنْقُصُ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ». طرفه 46 2679 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ قَالَ ذَكَرَ نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ». أطرافه 3836، 6108، 6646، 6648 27 - باب مَنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ بَعْدَ الْيَمِينِ وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ». وَقَالَ طَاوُسٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَشُرَيْحٌ الْبَيِّنَةُ الْعَادِلَةُ أَحَقُّ مِنَ الْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ. 2680 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَىَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا بِقَوْلِهِ، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ فَلاَ يَأْخُذْهَا». طرفه 2458 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من أقام البينة بعد اليمين (وقال طاوس، وإبراهيم، وشريح: البينة العادلة أحق من اليمين الفاجرة). فإن قلت: كيف دل على الترجمة؛ وهي قبول البينة بعد اليمين؟ قلت: وجه ذلك الإجماع على أن لا يمين مع وجود البينة، فلا بد من حمل الأحقية على ما بعد وقوع اليمين. فإن قلت: من أين لهم أن اليمين فاجرة؟ قلت: من عدالة البينة فإن صدقهم وإن لم يكن يقينًا إلا أنه غالب. 2680 - ثم روى عن أم سلمة: (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض، فمن قضيت له بحق [أخيه] شيئًا بقوله، فإنما أقطع له قطعة من النار).

28 - باب من أمر بإنجاز الوعد

فائدة: [في بيان رتبة ابن الهُمام في المذهب] 28 - باب مَنْ أَمَرَ بِإِنْجَازِ الْوَعْدِ وَفَعَلَهُ الْحَسَنُ، وَذَكَرَ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ. وَقَضَى ابْنُ الأَشْوَعِ بِالْوَعْدِ. وَذَكَرَ ذَلِكَ عَنْ سَمُرَةَ. وَقَالَ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -، وَذَكَرَ صِهْرًا لَهُ قَالَ «وَعَدَنِى فَوَفَى لِى». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَرَأَيْتُ إِسْحَاقَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ يَحْتَجُّ بِحَدِيثِ ابْنِ أَشْوَعَ. 2681 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو سُفْيَانَ أَنَّ هِرَقْلَ قَالَ لَهُ سَأَلْتُكَ مَاذَا يَأْمُرُكُمْ فَزَعَمْتَ أَنَّهُ أَمَرَكُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: كيف وجه الدلالة على قبول البينة بعد اليمين؟ قلت: كلامه في اليمين الفاجرة؛ فإنها لا تحلل الحرام، والحكم بالبينة نص القرآن، فيدل على أنها إذا قامت لا اعتداد باليمين. وأجاب بعضهم بأنه إنما يكون ألحن بحجته إذا كان لكل منهما حجة. وهذا يقوي الإشكال؛ فإنه إذا كان لكل منهما حجة وصاحب اليمين ألحن فقد ترجح بالحكم، فلا تقبل البينة، وفساده لائح. قال ابن الأثير: ألحن أفعل تفضيل، من لحن الرجل إذا فطن لما لم يفطن له غيره. (فلا يأخذها) وفي بعضها: "فليأخذها" على أنه أمر تهديد؛ كما في قوله: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [فصلت: 40]. باب من أمر بإنجاز الوعد (وفعله الحسن بن أبي الحسن البصري) هذه هي الرواية، ورواه بعضهم: وفعله الحسن بالجر، على أنّ الحسن صفة الفعل، عطفًا على إنجاز الوعد (وذكر اسماعيل {إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ} [مريم: 54] أي: ذكره الله تعالى مدحًا له (وقضى به ابن أشوع) بفتح الهمزة، وشين معجمة: قاضي كوفة واسمه: سعد بن عمرو (وقال المسور) بكسر الميم (سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكر صهرًا له، فقال: وعدني فوفى لي) هو أبو العاص بن ربيع، زوج ابنته زينب، لما أُسر ببدر أطلقه، وقال له: "أرسل إليّ زينب"، فإنه كان مشركًا فأرسلها. 2681 - ثم روى حديث أبي سفيان مع هرقل حين سأله عن شأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد

بِالصَّلاَةِ وَالصِّدْقِ وَالْعَفَافِ وَالْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ وَأَدَاءِ الأَمَانَةِ. قَالَ وَهَذِهِ صِفَةُ نَبِىٍّ. طرفه 7 2682 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِى سُهَيْلٍ نَافِعِ بْنِ مَالِكِ بْنِ أَبِى عَامِرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلاَثٌ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخَلَفَ». طرفه 33 2683 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِىٍّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضى الله عنهم قَالَ لَمَّا مَاتَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - جَاءَ أَبَا بَكْرٍ مَالٌ مِنْ قِبَلِ الْعَلاَءِ بْنِ الْحَضْرَمِىِّ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - دَيْنٌ، أَوْ كَانَتْ لَهُ قِبَلَهُ عِدَةٌ، فَلْيَأْتِنَا. قَالَ جَابِرٌ فَقُلْتُ وَعَدَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُعْطِيَنِى هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا، فَبَسَطَ يَدَيْهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، قَالَ جَابِرٌ فَعَدَّ فِي يَدِى خَمْسَمِائَةٍ، ثُمَّ خَمْسَمِائَةٍ، ثُمَّ خَمْسَمِائَةٍ. طرفه 2296 ـــــــــــــــــــــــــــــ سلف الحديث بطُوله أول الكتاب وموضع الدلالة هنا أمره بالوفاء بالعهد، فإن الأمر ظاهر في الوجوب. 2682 - (قتيبة) بضم القاف مصغر (عن أبي سهيل) بضم السين مصغر، روى عن أبي هريرة: (آية المنافق ثلاث)، وقد سلف في كتاب الإيمان. وموضع الدلالة هنا قوله: (وإذا وعد أخلف) فإنه يدل على وجوب الوفاء؛ إذ لا عقاب إلّا على ترك الواجب. 2683 - ثم روى حديث جابر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان وعده أن لو جاء مال البحرين أن يعطيه هكذا وهكذا ثلاث حثيات، فلم يأت المال في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وجاء في خلافة الصديق فأعطاه ما كان وعده رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد سلف الحديث في أبواب الهبة، في باب إذا وهب، أو وعد (العلاء بن الحضرمي) بفتح العين والمد، والحضرمي -بالحاء المهملة وضاد معجمة- نسبة إلى حضرموت (فعدَّ في يَدِي خمسمائة، ثم خمسمائة) فيه تسامح؛ لأنه

29 - باب لا يسأل أهل الشرك عن الشهادة وغيرها

2684 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ شُجَاعٍ عَنْ سَالِمٍ الأَفْطَسِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ سَأَلَنِى يَهُودِىٌّ مِنْ أَهْلِ الْحِيرَةِ أَىَّ الأَجَلَيْنِ قَضَى مُوسَى قُلْتُ لاَ أَدْرِى حَتَّى أَقْدَمَ عَلَى حَبْرِ الْعَرَبِ فَأَسْأَلَهُ. فَقَدِمْتُ، فَسَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ قَضَى أَكْثَرَهُمَا وَأَطْيَبَهُمَا، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا قَالَ فَعَلَ. 29 - باب لاَ يُسْأَلُ أَهْلُ الشِّرْكِ عَنِ الشَّهَادَةِ وَغَيْرِهَا وَقَالَ الشَّعْبِىُّ لاَ تَجُوزُ شَهَادَةُ أَهْلِ الْمِلَلِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ـــــــــــــــــــــــــــــ حثى له حثية (وقال: عدها فعدها، فكانت خمسمائة، فقال: خذ مثليها). 2684 - (عن سعيد بن جبير) تابعي جليل القدر (قال: سألني يهودي من أهل الحيرة) -بكسر الحاء وسكون الياء- بلد من عراق. (أيَّ الأجلين قضى موسى)؟ حين استأجره شعيب لرعي الغنم، فقال: {أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ} [القصص: 28] إشارة إلى أجلين في قول شعيب {ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ} [القصص: 27] (حتى أقدم على حبر العرب فأسأله) يريد ابن عباس، الحبر -بالفتح والكسر- العالم الكبير (قال: قضى أكثرهما وأطيبهما إن رسول الله إذا قال [فعل]). فإن قلت: من أين علم ابن عباس ذلك؟ قلت: من قوله: {فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ} [القصص: 29] فإن المطلق ينصرف إلى الكامل وقرينة المقام، وهو أنّ رسول الله إذا خير لا يفعل إلا الأفضل، وإليه أشار بقوله: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قال فعل. أي: كل من كان رسولًا، هذا وقد رواه الحاكم مرفوعًا عن ابن عباس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سأل جبريل، فأجابه بما أجابه ابن عباس. فإن قلت: الأحاديث دلت على الوجوب فما بال الأئمة لم يقولوا به؟ قلت: إجماعهم على أن من وعد إنسانًا شيئًا ثم أفلس لا يضارب الغرماء، دل على أنهم لم يعلموا الوجوب من الأحاديث؛ بل الندب. باب لا يسأل أهل الشرك عن الشهادة وغيرها (وقال الشعبي: لا تجوز شهادة أهل الملل بعضهم على بعض) وبه قالت الأئمة إلا أبا

(فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ). وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تُصَدِّقُوا أَهْلَ الْكِتَابِ، وَلاَ تُكَذِّبُوهُمْ». وَقُولُوا (آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ) الآيَةَ. 2685 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، كَيْفَ تَسْأَلُونَ أَهْلَ الْكِتَابِ، وَكِتَابُكُمُ الَّذِى أُنْزِلَ عَلَى نَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَحْدَثُ الأَخْبَارِ بِاللَّهِ، تَقْرَءُونَهُ لَمْ يُشَبْ، وَقَدْ حَدَّثَكُمُ اللَّهُ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ بَدَّلُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ وَغَيَّرُوا بِأَيْدِيهِمُ الْكِتَابَ، فَقَالُوا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً أَفَلاَ يَنْهَاكُمْ مَا جَاءَكُمْ مِنَ الْعِلْمِ عَنْ مُسَاءَلَتِهِمْ، وَلاَ وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا مِنْهُمْ رَجُلاً قَطُّ يَسْأَلُكُمْ عَنِ الَّذِى أُنْزِلَ عَلَيْكُمْ. أطرافه 7363، 7522، 7523 ـــــــــــــــــــــــــــــ حنيفة؛ فإنه قال: الكفر ملة واحدة؛ ولهذا يرث بعضهم من بعض. واستدل البخاري على ذلك بحديث أبي هريرة: (لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم) ووجه الدلالة أن قبول شهادتهم يستلزم تصديقهم. 2685 - استدل أيضًا بحديث ابن عباس: (إن كتابكم الذي أنزل على نبيه أحدث الأخبار بالله) أفعل تفضيل؛ أي: أقرب نزولًا، فلا يحتمل ما يحتمله غيره من التغيير (تقرؤونه محضًا) أي: خالصًا (لم يشب) بفتح الياء على بناء المجهول، من شابه خلطه (وقد حدثكم الله أن أهل الكتاب بدلوا ما كتب الله) هذا موضع الدلالة؛ فإنّ من يبدل كلام الله كيف يقبل قوله في حق من الحقوق (ولا والله ما رأينا رجلًا منهم قط يسألكم عن الذي أنزل عليكم). قال بعض الشارحين: لا في قوله: ولا والله، إما زائدة؛ وإما تأكيد لما قبله، أو لما بعده، هذا كلامه، وهو غلط من وجهين: الأول: ترديده بين الزائدة والتوكيد، والصواب: زائدة للتأكيد. الثاني: تأكيد لما قبله، فإن التأكيد إنما يكون لما دخل كقوله تعالى: {لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ} [البلد: 1]، {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النساء: 65].

30 - باب القرعة فى المشكلات

30 - باب الْقُرْعَةِ فِي الْمُشْكِلاَتِ وَقَوْلِهِ (إِذْ يُلْقُونَ أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ). وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ اقْتَرَعُوا فَجَرَتِ الأَقْلاَمُ مَعَ الْجِرْيَةِ، وَعَالَى قَلَمُ زَكَرِيَّاءَ الْجِرْيَةَ، فَكَفَلَهَا زَكَرِيَّاءُ. وَقَوْلِهِ (فَسَاهَمَ) أَقْرَعَ (فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ) مِنَ الْمَسْهُومِينَ. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَرَضَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى قَوْمٍ الْيَمِينَ، فَأَسْرَعُوا، فَأَمَرَ أَنْ يُسْهِمَ بَيْنَهُمْ أَيُّهُمْ يَحْلِفُ. 2686 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِى الشَّعْبِىُّ أَنَّهُ سَمِعَ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ - رضى الله عنهما - يَقُولُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَثَلُ الْمُدْهِنِ فِي حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا مَثَلُ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا سَفِينَةً، فَصَارَ بَعْضُهُمْ فِي أَسْفَلِهَا وَصَارَ بَعْضُهُمْ فِي أَعْلاَهَا، فَكَانَ الَّذِى فِي أَسْفَلِهَا يَمُرُّونَ بِالْمَاءِ عَلَى الَّذِينَ فِي ـــــــــــــــــــــــــــــ باب القرعة في المشكلات، وقوله عز وجل: {إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ} [آل عمران: 44] (وقال ابن عباس: اقترعوا) أي: الأحبار؛ لما تنازعوا في كفالة مريم بنت عمران؛ فإنها كانت بنت إمامهم (فجرت الأقلام مع الجرية) -بكسر الجيم- ما ارتفع عن الماء في جريانه (وعال قلم زكريا) أي: ارتفع فوق الماء، ومن هذا العول في مسائل الفرائض (وقوله تعالى) في حق يونس {فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ} [الصافات: 141] فسره بقوله: (من المسهومين) أي: الذي أصابتهم القرعة، وأصل الدحض الزلق. وتعليق أبي هريرة (إن قومًا أسرعوا إلى اليمين، فأقرع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينهم) قد تقدم قريبًا مسندًا مع شرحه. 2686 - (غياث) بكسر الغين المعجمة آخره شاء مثلثة (سمع النعمان بن بشير) بفتح الباء الموحدة على وزن كريم. (مثل المُدْهن في حدود الله والواقع فيها) المدهن بضم الميم وسكون الدال المهملة، وكذا المداهن المتساهل الذي لا يأمر بالمعروف، من الدهن (مثل قوم استهموا سفينة) الحديث سلف في كتاب الشركة، وهذا موضع الدلالة منه. فإن قلت: مثّل هناك بالقائم على حدود الله، وهنا بالمدهن؛ وهما ضدان لا يجتمعان؟ قلت: كلاهما صحيح؛ الأول للآمر بالمعروف، والثاني: للتارك.

أَعْلاَهَا، فَتَأَذَّوْا بِهِ، فَأَخَذَ فَأْسًا، فَجَعَلَ يَنْقُرُ أَسْفَلَ السَّفِينَةِ، فَأَتَوْهُ فَقَالُوا مَا لَكَ قَالَ تَأَذَّيْتُمْ بِى، وَلاَ بُدَّ لِى مِنَ الْمَاءِ، فَإِنْ أَخَذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَنْجَوْهُ وَنَجَّوْا أَنْفُسَهُمْ، وَإِنْ تَرَكُوهُ أَهْلَكُوهُ وَأَهْلَكُوا أَنْفُسَهُمْ». طرفه 2493 2687 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى خَارِجَةُ بْنُ زَيْدٍ الأَنْصَارِىُّ أَنَّ أُمَّ الْعَلاَءِ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِمْ قَدْ بَايَعَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرَتْهُ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ طَارَ لَهُ سَهْمُهُ فِي السُّكْنَى حِينَ أَقْرَعَتِ الأَنْصَارُ سُكْنَى الْمُهَاجِرِينَ. قَالَتْ أُمُّ الْعَلاَءِ فَسَكَنَ عِنْدَنَا عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ، فَاشْتَكَى، فَمَرَّضْنَاهُ حَتَّى إِذَا تُوُفِّىَ وَجَعَلْنَاهُ فِي ثِيَابِهِ دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ أَبَا السَّائِبِ، فَشَهَادَتِى عَلَيْكَ لَقَدْ أَكْرَمَكَ اللَّهُ. فَقَالَ لِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «وَمَا يُدْرِيكِ أَنَّ اللَّهَ أَكْرَمَهُ». فَقُلْتُ لاَ أَدْرِى بِأَبِى أَنْتَ وَأُمِّى يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَمَّا عُثْمَانُ فَقَدْ جَاءَهُ - وَاللَّهِ - الْيَقِينُ وَإِنِّى لأَرْجُو لَهُ الْخَيْرَ، وَاللَّهِ مَا أَدْرِى وَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ مَا يُفْعَلُ بِى». قَالَتْ فَوَاللَّهِ لاَ أُزَكِّى أَحَدًا بَعْدَهُ أَبَدًا، وَأَحْزَنَنِى ذَلِكَ قَالَتْ فَنِمْتُ فَأُرِيتُ لِعُثْمَانَ عَيْنًا تَجْرِى، فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ «ذَلِكَ عَمَلُهُ». ـــــــــــــــــــــــــــــ واعلم أن البخاري استدل بالآثار والآيات والأحاديث على مشروعية القرعة، وأنها شرع قديم، والمخالف محجوج بها، والحسن ما حسنه الشارع، وليس لأحد معه كلام. 2687 - (أم العلاء) بفتح العين والمد. (أن عثمان بن مظعون) بالظاء المعجمة (طار له سهمه في السكنى) لما قدم المهاجرون ولم يكن لهم منازل (فاشتكى فمرضناه) بتشديد الراء التمريض: تعاهد المريض ورعايته. وحديثه تقدم في كتاب الجنائز، وهذا موضع الدلالة على الترجمة (والله ما أدري وأنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يفعل به) وفي الرواية الأخرى: "ما يفعل بي" ولا إشكال فيه أيضًا؛ لأنه لا يعلم الغيب، لا أنه لا يعلم حاله في الآخرة؛ فإنه جازم بأنّه سيد ولد آدم، وأكرم الخلق عند الله، وبهذا المعنى ورد قوله تعالى: {قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ} [الأحقاف: 9].

2688 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ، وَكَانَ يَقْسِمُ لِكُلِّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا، غَيْرَ أَنَّ سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ وَهَبَتْ يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا لِعَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، تَبْتَغِى بِذَلِكَ رِضَا رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 2593 2689 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ سُمَىٍّ مَوْلَى أَبِى بَكْرٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلاَّ أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لاَسْتَهَمُوا، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لاَسْتَبَقُوا إِلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا». طرفه 615 ـــــــــــــــــــــــــــــ 2688 - (مقاتل) بضم الميم وكسر التاء. روى عن عائشة حديث سودة (أنها وهبت يومها لعائشة تبغي بذلك رضا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) وقد سلف في أبواب الهبة، وموضع الدلالة هنا قولها: (إذا أراد سفرًا أقرع بين نسائه). 2689 - (سمي) بضم السين: مصغر. روى عن أبي هريرة في فَضْل الصف الأول (ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا) وقد سلف الحديث في أبواب الصلاة.

53 - كتاب الصلح

كتاب الصلح 1 - باب مَا جَاءَ فِي الإِصْلاَحِ بَيْنَ النَّاسِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (لاَ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا) وَخُرُوجِ الإِمَامِ إِلَى الْمَوَاضِعِ لِيُصْلِحَ بَيْنَ النَّاسِ بِأَصْحَابِهِ. 2690 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ - رضى الله عنه أَنَّ أُنَاسًا مِنْ بَنِى عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ كَانَ بَيْنَهُمْ شَىْءٌ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ يُصْلِحُ بَيْنَهُمْ، فَحَضَرَتِ الصَّلاَةُ، وَلَمْ يَأْتِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَجَاءَ بِلاَلٌ، فَأَذَّنَ بِلاَلٌ بِالصَّلاَةِ، وَلَمْ يَأْتِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَجَاءَ إِلَى أَبِى بَكْرٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الصلح باب ما جاء في الإصلاح بين الناس (وقول الله عز وجل: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ} [النساء: 114] موضع الدلالة في الآية قوله: {أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} [النساء: 114] فإنه يدل على أنه خير؛ لأنه استثناء من نفي الخير. (وخروج الإمام إلى المواضع ليصلح بين الناس بأصحابه) هذا من تمام ترجمة الباب. 2690 - (أبو غسان) -بالغين المعجمة وسين مهملة مشددة- المسمى مالك بن عبد الواحد (أبو حازم) -بالحاء المهملة- سلمة بن دينار. روى عن سهل بن سعد: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذهب يصلح بين بني عمرو بن عوف. وهم أهل قباء، والحديث سلف في أبواب الصلاة في باب من دخل ليؤم بالناس. والحديث ظاهر الدلالة على الشق الثاني من الترجمة، وإذا دل على الشق الثاني، فقد دل على الشق الأول أيضًا لاشتمال كل منهما على الإصلاح بين الناس. هذا ونشير إلى كلمات منه: (كان بينهم شيء) من النزاع (فأذّن بلال) بتشديد الذال.

فَقَالَ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - حُبِسَ، وَقَدْ حَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَهَلْ لَكَ أَنْ تَؤُمَّ النَّاسَ فَقَالَ نَعَمْ إِنْ شِئْتَ. فَأَقَامَ الصَّلاَةَ فَتَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ جَاءَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَمْشِى فِي الصُّفُوفِ، حَتَّى قَامَ فِي الصَّفِّ الأَوَّلِ، فَأَخَذَ النَّاسُ بِالتَّصْفِيحِ حَتَّى أَكْثَرُوا، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ لاَ يَكَادُ يَلْتَفِتُ فِي الصَّلاَةِ، فَالْتَفَتَ فَإِذَا هُوَ بِالنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَرَاءَهُ فَأَشَارَ إِلَيْهِ بِيَدِهِ، فَأَمَرَهُ يُصَلِّى كَمَا هُوَ، فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ يَدَهُ، فَحَمِدَ اللَّهَ، ثُمَّ رَجَعَ الْقَهْقَرَى وَرَاءَهُ حَتَّى دَخَلَ فِي الصَّفِّ، وَتَقَدَّمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَصَلَّى بِالنَّاسِ، فَلَمَّا فَرَغَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ «يَا أَيُّهَا النَّاسُ مَا لَكُمْ إِذَا نَابَكُمْ شَىْءٌ فِي صَلاَتِكُمْ أَخَذْتُمْ بِالتَّصْفِيحِ، إِنَّمَا التَّصْفِيحُ لِلنِّسَاءِ، مَنْ نَابَهُ شَىْءٌ فِي صَلاَتِهِ فَلْيَقُلْ سُبْحَانَ اللَّهِ، فَإِنَّهُ لا يَسْمَعُهُ أَحَدٌ إِلاَّ الْتَفَتَ، يَا أَبَا بَكْرٍ مَا مَنَعَكَ حِينَ أَشَرْتُ إِلَيْكَ لَمْ تُصَلِّ بِالنَّاسِ». فَقَالَ مَا كَانَ يَنْبَغِى لاِبْنِ أَبِى قُحَافَةَ أَنْ يُصَلِّىَ بَيْنَ يَدَىِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 684 2691 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى أَنَّ أَنَسًا - رضى الله عنه - قَالَ قِيلَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - لَوْ أَتَيْتَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَىٍّ. فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَرَكِبَ حِمَارًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ (ثم جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - يمشي في الصفوف حتى قام في الصف الأول) لأن ذلك الموضع كان خاليًا (فأخذ الناس في التصفيح) ضرب اليد على اليد (رجع القهقرى) أي: على خلفه؛ لئلا يصرف وجهه عن القبلة (إذا نابكم شيء) أي: أصابكم، ومنه نوائب الدهر لمصائبها. (ما منعك حين أشير) وفي بعضها: "أشرت" (ما كان لابن أبي قحافة) بضم القاف كنية أبيه، واسمه عثمان. 2691 - (مُعْتمِر) بضم الميم وفتح التاء (قيل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: لو أتيت عبد الله بن أبي؟) وكان إذ ذاك لم يظهر الإيمان، وسيأتي في كتاب الاستئذان أنّ ركوبه لم يكن لذلك بل ركوبه كان لعيادة سعد بن عبادة سيد الخزرج، واتفق أن كان ابن أبي في طريقه، فسأله أصحابه أن يذهب إليه ويدعوه ومن معه إلى الله.

فَانْطَلَقَ الْمُسْلِمُونَ يَمْشُونَ مَعَهُ، وَهْىَ أَرْضٌ سَبِخَةٌ، فَلَمَّا أَتَاهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ إِلَيْكَ عَنِّى، وَاللَّهِ لَقَدْ آذَانِى نَتْنُ حِمَارِكَ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ مِنْهُمْ وَاللَّهِ لَحِمَارُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَطْيَبُ رِيحًا مِنْكَ. فَغَضِبَ لِعَبْدِ اللَّهِ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ فَشَتَمَا، فَغَضِبَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَصْحَابُهُ، فَكَانَ بَيْنَهُمَا ضَرْبٌ بِالْجَرِيدِ وَالأَيْدِى وَالنِّعَالِ، فَبَلَغَنَا أَنَّهَا أُنْزِلَتْ (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا). ـــــــــــــــــــــــــــــ (وهي أرض سبخة) -بكسر الباء الموحدة وفتح الخاء المعجمة- الأرض التي تعلوها الملوحة لا تنبت شيئًا، وغرضه من ذكرها أنّ الحمار غبر عليهم؛ كما جاء في الرواية الأخرى. فقال رجل من الأنصار (والله لحمار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أطيب منك ريحًا) هذا حماره المسمى: يعفور، والرجل الذي قال هذا الكلام عبد الله بن رواحة (فغضب لعبد الله) ابن أبي (رجل من قومه) أي: من الخزرج، صرح به في تفسير سورة آل عمران، وليس كذلك؛ بل هو خزرجي أيضًا؛ إلا أنه كان مؤمنًا حقًّا (فكان بينهما) أي: بين الطائفتين (ضرب بالجريد) -بالجيم- غصن النخل الذي جرد عن خوصه، ورواه بعضهم بالحاء والدال المهملتين (والأيدي والنعال، فبلغنا أنها) الضمير للشأن، أو للآية المذكورة (نزلت: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات: 9]) قال ابن بطّال: هذا لا يمكن؛ لأنّ ابن أبي لم يكن أظهر الإيمان بعد، وأصحابه كانوا كفارًا. واستحسن كلامه بعض الشارحين، وليس بشيء؛ لأنه سيأتي أن المجلس كان فيه أخلاط من المسلمين، فلا يلزم أن يكون بين الكفار بل بعض المسلمين حمية لعبد الله؛ فإنه وإن كان كافرًا إلا أنهم كانوا يحامون عن العشيرة ألا ترى ما تقدم في قضية الإفك أن سعد بن عبادة كيف تعصّب لابن أُبي؛ مع كونه من الإيمان والإخلاص بالمحل الأعلى، قالت عائشة: ولكن احتملته الحمية.

2 - باب ليس الكاذب الذى يصلح بين الناس

2 - باب لَيْسَ الْكَاذِبُ الَّذِى يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ 2692 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ حُمَيْدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَهُ أَنَّ أُمَّهُ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عُقْبَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِى يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ، فَيَنْمِى خَيْرًا، أَوْ يَقُولُ خَيْرًا». ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ليس الكاذب الذي يصلح بين الناس 2692 - (أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط) أولُ من هاجرت من النّساء، الذي ترجم على الباب بعض حديث الباب، وتمامه: (فينمي خيرًا وبقول خيرًا). وفي بعضها: "أو يقول" يقال: نمى الحديث -بالتخفيف- إذا بلغه وأفشاه على وجه الإصلاح، ونماه -بالتشديد- إذا بلغه على وجه الإفْسَاد. قال بعض الشارحين: الأول من النماء، والثاني من النميم. وهذا غلط لغة؛ لأن النميمة من نم بتشديد الميم مضاعف، ونمى فعل ناقص يائي. فإن قلت: في بعضها: "ليس الكذاب" ونفيه لا يستلزم نفي الكذب؟ قلت: مراده أنه وإن كان كاذبًا في نفس الأمر؛ لأنه الإخبار بخلاف الواقع، إلا أنه لا يؤاخذ به؛ كما يؤاخذ به غيره من الكاذبين، أو الكذاب معناه ذو كذب؛ مثل: لابن وتامر. فإن قلت: كان الظاهر أن يقال: ليس الذي يصلح بين الناس بكاذب؟ قلت: أجابوا بأنه من باب القلب، وهذا ليس بمرضي؛ لأنّ القلب إنما يكون فيما فيه المبالغة. والصواب أنّ المبتدأ والخبر إذا كانا معرفتين، مثل زيد أخوك، وأخوك زيد، ما كان معلومًا معنى عند السامع، وهو كالطالب للحكم علّة بالآخر يجب تقديمه، وما نحن فيه من ذلك؛ لأنّ المخاطب يعلم أنّ من أخبر بخلاف الواقع كاذب، فكان المهم تقديمهُ، والحكم عليه بشيء آخر. فإن قلت: زاد مسلم: أنه رخص الكذب في ثلاثة مواضع: في الحرب، وحديث الرجل مع امرأته، وفي الإصلاح بين الناس. وقد صرحوا بوجوب في غيرها؛ كما إذا كان الكذب لعصمة دم مظلوم؟ قلت: مفهوم العدد عند القائل به إنما يعتبر إذا لم يعارضه نصّ.

3 - باب قول الإمام لأصحابه اذهبوا بنا نصلح

3 - باب قَوْلِ الإِمَامِ لأَصْحَابِهِ اذْهَبُوا بِنَا نُصْلِحُ 2693 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأُوَيْسِىُّ وَإِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرْوِىُّ قَالاَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ - رضى الله عنه أَنَّ أَهْلَ قُبَاءٍ اقْتَتَلُوا حَتَّى تَرَامَوْا بِالْحِجَارَةِ، فَأُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِذَلِكَ فَقَالَ «اذْهَبُوا بِنَا نُصْلِحُ بَيْنَهُمْ». طرفه 684 4 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (أَنْ يَصَّالَحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) 2694 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - (وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا) قَالَتْ هُوَ الرَّجُلُ يَرَى مِنِ امْرَأَتِهِ مَا لاَ يُعْجِبُهُ، كِبَرًا أَوْ غَيْرَهُ، فَيُرِيدُ فِرَاقَهَا فَتَقُولُ أَمْسِكْنِى، وَاقْسِمْ لِى مَا شِئْتَ. قَالَتْ فَلاَ بَأْسَ إِذَا تَرَاضَيَا. طرفه 2450 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قول الإمام لأصحابه: اذهبوا بنا نصلح 2693 - (الأويسي) بضم الهمزة على وزن مصغر (الفروي) -بالفاء- نسبة إلى أبي فروة. روى عن سهل: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذهب إلى أهل قباء مع أصحابه يصلح بينهم. وقد تقدم الحديث في الباب قبله، وفيه أن من أراد أن يصلح بين قوم يذهب بأصحابه ليساعدوه، ويطيب بذلك أيضًا خواطرهم. باب قول الله عز وجل: {أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128] 2694 - (قتيبة) بضم القاف: مصغر. روى عن عائشة: أن هذه الآية: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا} [النساء: 128] نزلت في الرجل الذي يكون عنده امرأة لا يريدها فيريد فراقها، فتجعله في حل من حقها، فلا بأس بذلك، كما فعلت سودة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقيل: الآية نزلت في شأن سودة.

5 - باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود

5 - باب إِذَا اصْطَلَحُوا عَلَى صُلْحِ جَوْرٍ فَالصُّلْحُ مَرْدُودٌ 2695 و 2696 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِىِّ رضى الله عنهما قَالاَ جَاءَ أَعْرَابِىٌّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ. فَقَامَ خَصْمُهُ فَقَالَ صَدَقَ، اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ. فَقَالَ الأَعْرَابِىُّ إِنَّ ابْنِى كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا، فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ، فَقَالُوا لِى عَلَى ابْنِكَ الرَّجْمُ. فَفَدَيْتُ ابْنِى مِنْهُ بِمِائَةٍ مِنَ الْغَنَمِ وَوَلِيدَةٍ، ثُمَّ سَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ، فَقَالُوا إِنَّمَا عَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ، أَمَّا الْوَلِيدَةُ وَالْغَنَمُ فَرَدٌّ عَلَيْكَ، وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَأَمَّا أَنْتَ يَا أُنَيْسُ - لِرَجُلٍ - فَاغْدُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَارْجُمْهَا». فَغَدَا عَلَيْهَا أُنَيْسٌ فَرَجَمَهَا. طرفاه 2314، 2315 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إذا اصطلحوا على صلح جور فهو مردود 2695 - 2696 - (ابن أبي ذئب) -بلفظ الحيوان المعروف- محمد بن عبد الرحمن (خالد الجهني) -بضم الجيم وفتح الهاء- نسبة إلى جهينة، على لفظ المصغر- قبيلة معروفة من عرب الحجاز. (جاء أعرابي، فقال: يا رسول الله! اقض بيننا بكتاب الله) أي: بحكم الله، وإطلاقه عليه سائغ، أو ظن الأعرابي أن كل حكم في كتاب الله (إن ابني كان عسيفًا على هذا) أي: أجيرًا، ضمنه معنى المراقبة فعدّاه بعلى (فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لأقضينّ بينكما بكتاب الله) أي: بحكم الله وجلد مائة وإن كان [في] كتاب الله إلا أن التغريب ليس فيه؛ وإنما أطلق كتاب الله مشاكلة لكلام الأعرابي، وإن كل حكم لرسول - صلى الله عليه وسلم - فهو حكم بكتاب الله؛ لقوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} [الحشر: 7] (وأما أنت يا أُنيس) بلفظ المصغر أنيس بن يحيى الأسلمي، وغلط من قال: هو أنس بن مالك (فاغدُ على امرأة هذا فارجمها) وفي الرواية الأخرى: "فإن اعترفت فارجمها" وفيه دليل للشافعي ومالك في أن الإقرار بالزنى مرة واحدة كافٍ.

6 - باب كيف يكتب هذا ما صالح فلان بن فلان وفلان بن فلان وإن لم ينسبه إلى قبيلته، أو نسبه

2697 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ». رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَخْرَمِىُّ وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَبِى عَوْنٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ. 6 - باب كَيْفَ يُكْتَبُ هَذَا مَا صَالَحَ فُلاَنُ بْنُ فُلاَنٍ. وَفُلاَنُ بْنُ فُلاَنٍ وَإِنْ لَمْ يَنْسُبْهُ إِلَى قَبِيلَتِهِ، أَوْ نَسَبِهِ 2698 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا صَالَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَهْلَ الْحُدَيْبِيَةِ كَتَبَ عَلِىٌّ بَيْنَهُمْ كِتَابًا فَكَتَبَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ لاَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 2697 - (من أحدث في أمرنا هذا) أي: في ديننا (ما ليس منه، فهو رد) فقد دلّ على ما ترجم (عبد الله بن جعفر المخرمي) -بفتح الميم وسكون الخاء المعجمة- نسبة إلى مخرمة أبي المسور. قال الغساني: ذكره البخاري في كتاب الصلح متابعة. باب كيف يكتب هذا ما صالح فلان بن فلان وفلان بن فلان، وإن لم ينسبه إلى قبيلة أو نسبه 2698 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الموحدة (غندر) بضم الغين وفتح الدّال. (لما صالح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهل الحديبية) أي: المشركين، وسماهم أهل الحديبية لأدنى ملابسة، والحديبية -بضم الحاء، على وزن المصغر، وقد تشدد ياؤه- اسم بئر على مرحلتين من مكة قال الخطابي: اسم شجرة حدباء. قلت: لو صح هذا لكان القياس حديبيًّا، والتغيير للنسبة كأناسي وصفائي في النسبة إلى

تَكْتُبْ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، لَوْ كُنْتَ رَسُولاً لَمْ نُقَاتِلْكَ. فَقَالَ لِعَلِىٍّ «امْحُهُ». فَقَالَ عَلِىٌّ مَا أَنَا بِالَّذِى أَمْحَاهُ. فَمَحَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِهِ، وَصَالَحَهُمْ عَلَى أَنْ يَدْخُلَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، وَلاَ يَدْخُلُوهَا إِلاَّ بِجُلُبَّانِ السِّلاَحِ، فَسَأَلُوهُ مَا جُلُبَّانُ السِّلاَحِ فَقَالَ الْقِرَابُ بِمَا فِيهِ. طرفه 1781 2699 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ - رضى الله عنه - قَالَ اعْتَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي ذِى الْقَعْدَةِ، فَأَبَى أَهْلُ مَكَّةَ أَنْ يَدَعُوهُ يَدْخُلُ مَكَّةَ، حَتَّى قَاضَاهُمْ عَلَى أَنْ يُقِيمَ بِهَا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، فَلَمَّا كَتَبُوا الْكِتَابَ كَتَبُوا هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَقَالُوا لاَ نُقِرُّ بِهَا، فَلَوْ نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ مَا مَنَعْنَاكَ، لَكِنْ أَنْتَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ «أَنَا رَسُولُ اللَّهِ وَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ». ثُمَّ قَالَ لِعَلِىٍّ «امْحُ رَسُولُ اللَّهِ». قَالَ لاَ، وَاللَّهِ لاَ أَمْحُوكَ أَبَدًا، فَأَخَذَ رَسُولُ ـــــــــــــــــــــــــــــ الناس والصفاء. وهذا الصلح كان سنة ست من الهجرة، خرَج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذي القعدة معتمرًا، فصدّه المشركون عن البيت، فأقام خمسين يومًا، وقيل: شهرًا ونصفًا، فوقع بينه وبين المشركين الصلح، على ما فصله في الحديث (فقال لعلي: امحه) -بضم الحاء- على أنه ضمير، ويجوز الإسكان على أنه هاء السكت (ما أنا بالذي أمحاه) يقال: محى يمحي؛ كعلم يعلم، ومحا يمحو؛ كغزا يغزو، واستعمل في الحديث اللغتين، هذا وقوله بعد لا أمحوك، وهذا تركيب يفيد الحصر؛ أي: قوله: أنا بالذي أمحاه؛ أي: عدم المحو منحصر فيّ وإن جاز فعله من غيري. (جلبان السلاح) بضم الجيم وفتح اللام وتشديد الباء، فسرهُ بالقراب بكسر القاف، قال ابن الأثير: القراب شبيه الجراب، يطرح فيه الراكب سيفه بغمده وسوطه، وقد يطرح فيه زاده. وقال الأزهري: الجلبان -بضم الجيم وقد تكسر- من الجلبة؛ وهي الجلدة على القتب. وقيل: جمع جلب -بضم الجيم وتشديد اللام- وقد جاء كذا في رواية. 2699 - (عن أبي إسحاق) هو عمرو بن عبد الله السبيعي. (أن يدعوه) بفتح الياء والدّال (وقاضاهم على أن يقيم بها ثلاثة أيام) أي: صالحهم؛ لاشتمال الصلح على القضاء (فكتب: هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم -) هذا موضع الدلالة؛ فإنه اكتفى بابن عبد الله، ولم يرفع نسبه، والظاهر أنه كتبه بنفسه، ولا يقدح في ذلك

7 - باب الصلح مع المشركين

اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْكِتَابَ، فَكَتَبَ هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، لاَ يَدْخُلُ مَكَّةَ سِلاَحٌ إِلاَّ فِي الْقِرَابِ، وَأَنْ لاَ يَخْرُجَ مِنْ أَهْلِهَا بِأَحَدٍ، إِنْ أَرَادَ أَنْ يَتَّبِعَهُ، وَأَنْ لاَ يَمْنَعَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ بِهَا. فَلَمَّا دَخَلَهَا، وَمَضَى الأَجَلُ أَتَوْا عَلِيًّا، فَقَالُوا قُلْ لِصَاحِبِكَ اخْرُجْ عَنَّا فَقَدْ مَضَى الأَجَلُ. فَخَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَتَبِعَتْهُمُ ابْنَةُ حَمْزَةَ يَا عَمِّ يَا عَمِّ. فَتَنَاوَلَهَا عَلِىٌّ فَأَخَذَ بِيَدِهَا، وَقَالَ لِفَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلاَمُ دُونَكِ ابْنَةَ عَمِّكِ، احْمِلِيهَا. فَاخْتَصَمَ فِيهَا عَلِىٌّ وَزَيْدٌ وَجَعْفَرٌ، فَقَالَ عَلِىٌّ أَنَا أَحَقُّ بِهَا وَهْىَ ابْنَةُ عَمِّى. وَقَالَ جَعْفَرٌ ابْنَةُ عَمِّى وَخَالَتُهَا تَحْتِى. وَقَالَ زَيْدٌ ابْنَةُ أَخِى. فَقَضَى بِهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِخَالَتِهَا. وَقَالَ «الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الأُمِّ». وَقَالَ لِعَلِىٍّ «أَنْتَ مِنِّى وَأَنَا مِنْكَ». وَقَالَ لِجَعْفَرٍ «أَشْبَهْتَ خَلْقِى وَخُلُقِى». وَقَالَ لِزَيْدٍ «أَنْتَ أَخُونَا وَمَوْلاَنَا». طرفه 1781 7 - باب الصُّلْحِ مَعَ الْمُشْرِكِينَ فِيهِ عَنْ أَبِى سُفْيَانَ. وَقَالَ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «ثُمَّ تَكُونُ هُدْنَةٌ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ ـــــــــــــــــــــــــــــ كونه أميًّا؛ لأنّ الأمي من لا يحسن الكتابة، وهو كان ذلك، أو كتبه غيره؛ نسب إليه لأنه الآمر، كما في: بنى الأمير المدينة (أن لا يدخل مكة سلاحًا إلا في القراب) لئلا يظن أنه دخل قهرًا (فتبعتهم ابنة حمزة: يا عم يا عم) أي: تنادي بهذا اللفظ، والظاهر أنها أرادت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه أخو حمزة رضاعًا (وقال جعفر: بنت عمي وخالتها تحتي) هي: أسماء بنت عميس، وأمُّ بنت حمزة سلمى بنت عميس (وقال زيد: بنت أخي) لأنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آخى بين حمزة وزيد (وقال لعلي: أنت مني وأنا منك) أي: أنت متصل بي، قالوا: هذه "من" اتصالية، والتحقيق أنها تبعيضية (وقال لزيد: أنت أخونا) أي: في الدين (ومولانا) يطلق على العبد الناصر، والظاهر أنه أراد المعنى الثاني؛ لأن المعنى الأول معلوم، فلا حاجة إلى الإخبار به، وأيضًا لا يلائم ذكره في مقام الإكرام. باب الصلح مع المشركين (فيه أبو سفيان) أراد ما تقدم في أوّل الكتاب في حديث هرقل: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مادَّ أبا سفيان ومشركي مكة (وقال عوف بن مالك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ثم تكون هدنة بينكم وبين

بَنِى الأَصْفَرِ». وَفِيهِ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ وَأَسْمَاءُ وَالْمِسْوَرُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 2700 - وَقَالَ مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ - رضى الله عنهما - قَالَ صَالَحَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى ثَلاَثَةِ أَشْيَاءَ عَلَى أَنَّ مَنْ أَتَاهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ رَدَّهُ إِلَيْهِمْ، وَمَنْ أَتَاهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَرُدُّوهُ، وَعَلَى أَنْ يَدْخُلَهَا مِنْ قَابِلٍ وَيُقِيمَ بِهَا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، وَلاَ يَدْخُلَهَا إِلاَّ بِجُلُبَّانِ السِّلاَحِ السَّيْفِ وَالْقَوْسِ وَنَحْوِهِ. فَجَاءَ أَبُو جَنْدَلٍ يَحْجُلُ فِي قُيُودِهِ فَرَدَّهُ إِلَيْهِمْ. قَالَ لَمْ يَذْكُرْ مُؤَمَّلٌ عَنْ سُفْيَانَ أَبَا جَنْدَلٍ وَقَالَ إِلاَّ بِجُلُبِّ السِّلاَحِ. طرفه 1781 2701 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضى الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ مُعْتَمِرًا، فَحَالَ كُفَّارُ ـــــــــــــــــــــــــــــ بني الأصفر) هذا بعض حديث رواه عوف بن مالك. قال: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في غزوة تبوك، فقال: "اعدد ستًّا بين يدي الساعة: موتي، ثم فتح بيت المقدس، ثم موتًا، ثم استفاضة المال، ثم فتنة لا يبقى بيت من العرب إلَّا دخلته، ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر"، وهم الروم. قال ابن الأثير: وهم أولاد روم بن عيصو بن إسحاق، كان أصفر اللون، وقيل: لأنّ الحبشة غزوا بلاد الروم، فوطئوا نساءهم فجاءت أولادهم صفرًا. (وفيه سهل بن حنيف) بضم الحاء مصغر (وأسماء والمسور) لما ذكر الحديث معلقًا عطف هؤلاء على الذي علقه عنه. 2700 - (وقال موسى بن مسعود) يحتمل أن يكون تعليقًا؛ فإن البخاري يروي بواسطة وبدونها، قاله الذهبي (فجاء أبو جندل) هو العاص بن سهيل بن عمرو، كان قد أسلم، قيده أبوه وحبسه، فلما وجد الفرصة جاء هاربًا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (يحجل في قيوده) بتقديم الحاء على الجيم من الحجل، وهو القيد؛ قاله الجوهري، وقال ابن الأثير: هو أن تقف على رجل وتقفز (مؤمَّل) بفتح الميم المشددة. 2701 - (سريج بن النعمان) بضم السين، والجيم مصغر (فليح) كذلك.

قُرَيْشٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ، فَنَحَرَ هَدْيَهُ، وَحَلَقَ رَأْسَهُ بِالْحُدَيْبِيَةِ، وَقَاضَاهُمْ عَلَى أَنْ يَعْتَمِرَ الْعَامَ الْمُقْبِلَ، وَلاَ يَحْمِلَ سِلاَحًا عَلَيْهِمْ إِلاَّ سُيُوفًا، وَلاَ يُقِيمَ بِهَا إِلاَّ مَا أَحَبُّوا، فَاعْتَمَرَ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ فَدَخَلَهَا كَمَا كَانَ صَالَحَهُمْ، فَلَمَّا أَقَامَ بِهَا ثَلاَثًا أَمَرُوهُ أَنْ يَخْرُجَ فَخَرَجَ. طرفه 4252 2702 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا بِشْرٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِى حَثْمَةَ قَالَ انْطَلَقَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةُ بْنُ مَسْعُودِ بْنِ زَيْدٍ إِلَى خَيْبَرَ، وَهْىَ يَوْمَئِذٍ صُلْحٌ. أطرافه 3173، 6143، 6898، 7192 ـــــــــــــــــــــــــــــ (قاضاهم على أن يعتمر العام المقبل ولا يحمل سلاحًا عليهم) أي: داخلًا (إلا سيوفًا). فإن قلت: قد سلف من رواية البراء: السيف والقوس ونحوه. فكيف وجه هذا الحصر؟ قلت: كان هذا قبل، ثم رضوا بالزيادة، ألا ترى إلى قوله: ولا يقم بها إلا ما أحبوا، ثم قرروا بثلاثة أيام. 2702 - (بشر) بكسر الموحدة وشين معجمة (بشير) بضم الباء مصغر بشر (يسار) ضد اليمين (عن سهل بن أبي حثمة) بالحاء المهملة وثاء مثلثة. (محيصة) بضم الميم، وسكون الياء، وروي بكسرها مع التشديد (إلى خيبر، وهي يومئذٍ صلح). فإن قلت: أهل خيبر كانوا يهوديًّا، وعقد الباب لصلح المشركين؟ قلت: ذكرنا سابقًا أن اليهود مشركون؛ لكونهم يقولون: عزير ابن الله. وقضية عبد الله بن سهل وقتله اليهود ستأتي مفصلة إن شاء الله تعالى.

8 - باب الصلح فى الدية

8 - باب الصُّلْحِ فِي الدِّيَةِ 2703 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى حُمَيْدٌ أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ أَنَّ الرُّبَيِّعَ - وَهْىَ ابْنَةُ النَّضْرِ - كَسَرَتْ ثَنِيَّةَ جَارِيَةٍ، فَطَلَبُوا الأَرْشَ وَطَلَبُوا الْعَفْوَ، فَأَبَوْا فَأَتَوُا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَمَرَهُمْ بِالْقِصَاصِ. فَقَالَ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ أَتُكْسَرُ ثَنِيَّةُ الرُّبَيِّعِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لاَ وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لاَ تُكْسَرُ ثَنِيَّتُهَا فَقَالَ «يَا أَنَسُ كِتَابُ اللَّهِ الْقِصَاصُ». فَرَضِىَ الْقَوْمُ وَعَفَوْا فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّهُ». زَادَ الْفَزَارِىُّ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ فَرَضِىَ الْقَوْمُ وَقَبِلُوا الأَرْشَ. أطرافه 2806، 4499، 4500، 4611، 6894 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الصلح في الدية 2703 - (حميد) هو الطويل (أنّ الرُبيع) بضم الراء وفتح الباء مصغر -هي ابنة النضر- بالضاد المعجمة- عمّة أنس بن مالك (كسرت ثنية جارية) -بالثاء المثلثة- على وزن سخية، السن قدام الفم، أربع من فوق وأربع من تحت. قال الشاعر: لها ثنايا أربع حسان ... وأربع فثغرها ثمان (طلبوا الأرش وطلبوا العفو) أي: طلبوا كل واحدٍ منهما؛ أي طلب قوم ربيع إما هذا أو ذاك فأبى القوم إلا القصاص أولًا ثم رضوا بالأرش، أرش الجناية ما يؤخذ فيها، قال ابن الأثير: أصله النزاع؛ سمي به ذلك المال لكونه مسببًا عنه (فقال أنس بن النضر) هو أخو الربيع عمة أنس بن مالك (والذي بعثك بالحق لا تكسر ثنيتها) هذا لم يكن ردًّا لحكمه، وكيف وهو من الإيمان بالمحل الأعلى، ولكن رجا العفو منهم، أو يشفع فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (قال: يا أنس كتاب الله القصاص)! معناه: ليس لي في صريح الحكم غيره، فكيف أعدل عنه وفي رواية مسلم: أن أخت الربيع جرحت إنسانًا، فقالت أم الربيع: لا تكسر ثنيتها وهذا ينافي ما في البخاري. قال النووي: والحق أنهما قضيتان (إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره) أي: لأوجد الفعل الذي حلف عليه؛ كرامة له (زاد الفزاري فرضي القوم وقبلوا الأرش) هو مروان بن معاوية، وظهر به أن قوله في الرواية الأولى: عفوا، معناه: عفوا عن القصاص.

9 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - للحسن بن على رضى الله عنهما «ابنى هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين»

9 - باب قَوْلُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِىٍّ رضى الله عنهما «ابْنِى هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ» وَقَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ (فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا). 2704 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ اسْتَقْبَلَ وَاللَّهِ الْحَسَنُ بْنُ عَلِىٍّ مُعَاوِيَةَ بِكَتَائِبَ أَمْثَالِ الْجِبَالِ فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ إِنِّى لأَرَى كَتَائِبَ لاَ تُوَلِّى حَتَّى تَقْتُلَ أَقْرَانَهَا. فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ - وَكَانَ وَاللَّهِ خَيْرَ الرَّجُلَيْنِ - أَىْ عَمْرُو إِنْ قَتَلَ هَؤُلاَءِ هَؤُلاَءِ وَهَؤُلاَءِ هَؤُلاَءِ مَنْ لِى بِأُمُورِ النَّاسِ مَنْ لِى بِنِسَائِهِمْ، مَنْ لِى بِضَيْعَتِهِمْ فَبَعَثَ إِلَيْهِ رَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ بَنِى عَبْدِ شَمْسٍ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرِ بْنِ كُرَيْزٍ، فَقَالَ اذْهَبَا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فَاعْرِضَا عَلَيْهِ، وَقُولاَ لَهُ، وَاطْلُبَا إِلَيْهِ. فَأَتَيَاهُ، فَدَخَلاَ عَلَيْهِ فَتَكَلَّمَا، وَقَالاَ لَهُ، فَطَلَبَا إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُمَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِىٍّ إِنَّا بَنُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، قَدْ أَصَبْنَا مِنْ هَذَا الْمَالِ، وَإِنَّ هَذِهِ الأُمَّةَ قَدْ عَاثَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: ما معنى قوله في الترجمة: الصلح في الدية؟ قلت: أراد الصلح عن القصاص لأجل الدية؛ أو في شأن الدية. باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - للحسن بن علي: هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين 2704 - (عن أبي موسى) هو إسرائيل بن موسى البصري. والحسن الذي بعده هو الحسن البصري. (استقبل والله الحسن بن علي معاوية بكتائب مثل الجبال) الكتائب جمع كتيبة؛ وهي القطعة من الجيش، من الكتب؛ وهو الجمع، أو من الكتابة؛ لأنهم تكتب أسماؤهم في الديوان، وقوله: أمثال الجبال، كناية عن الكثرة (فبعث إليه رجلين) الباعث معاوية، وهذا صريح في أن معاوية هو الذي رغب في الصلح، وأنّ الحسن بن علي إنما قبل الصلح لأنه مما أخبر به الصادق المصدوق، لا خوف ولا عجز (إنا بنو عبد المطلب قد أصبنا من هذا المال) يريد بيت المال، وخاف أن معاوية إذا استقل بالأمر أن يطالبه به (إن هذه الأمة عاثت في دمائها) أي: أفسدت، ومنه حديث الدجال: "يعيث يمينًا وشمالًا".

10 - باب هل يشير الإمام بالصلح

فِي دِمَائِهَا. قَالاَ فَإِنَّهُ يَعْرِضُ عَلَيْكَ كَذَا وَكَذَا وَيَطْلُبُ إِلَيْكَ وَيَسْأَلُكَ. قَالَ فَمَنْ لِى بِهَذَا قَالاَ نَحْنُ لَكَ بِهِ. فَمَا سَأَلَهُمَا شَيْئًا إِلاَّ قَالاَ نَحْنُ لَكَ بِهِ. فَصَالَحَهُ، فَقَالَ الْحَسَنُ وَلَقَدْ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرَةَ يَقُولُ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الْمِنْبَرِ وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِىٍّ إِلَى جَنْبِهِ، وَهْوَ يُقْبِلُ عَلَى النَّاسِ مَرَّةً وَعَلَيْهِ أُخْرَى وَيَقُولُ «إِنَّ ابْنِى هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ». قَالَ لِى عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ إِنَّمَا ثَبَتَ لَنَا سَمَاعُ الْحَسَنِ مِنْ أَبِى بَكْرَةَ بِهَذَا الْحَدِيثِ. أطرافه 3629، 3746، 7109 10 - باب هَلْ يُشِيرُ الإِمَامُ بِالصُّلْحِ 2705 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِى أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَخِى عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِى الرِّجَالِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أُمَّهُ عَمْرَةَ بِنْتَ عَبْدِ ـــــــــــــــــــــــــــــ وفي الحديث دلالة على جواز إمامة المفضول مع الفاضل؛ إذ لا يشك مسلم أنّ شعرةً من حسن خيرٌ من معاوية، وكفاك قول سيد الخلق له: "إن ابني هذا سيد" قال ابن الأثير: السيد يقال للفاضل والشريف والكريم والحليم. ولا شك أنّ الحسنَ كان جامعًا لجميعها. (قال أبو عبد الله: قال لي علي بن عبد الله: إنما ثبت لنا سماع الحسن من أبي بكرة بهذا الحديث). والحسن هو البصري، وقد روى هذا الحديث البخاري في أعلام النبوة عن الحسن عن أبي بكر مسندًا؛ لأنه صرح فيه بالسماع. باب هل يشير الإمام بالصلح 2705 - (إسماعيل بن أويس) بضم الهمزة مصغر (أخي) أخوه عبد الحميد، كلاهما ابن أخت مالك بن أنس. (صوت خصوم بالباب عالية أصواتها) بنصب عالية، حال من الخصُوم؛ كقوله تعالى: {وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} [النساء: 125] والضمير في أصواتها للخصوم وفيه دليل على أنّ

11 - باب فضل الإصلاح بين الناس والعدل بينهم

الرَّحْمَنِ قَالَتْ سَمِعْتُ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - تَقُولُ سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَوْتَ خُصُومٍ بِالْبَابِ عَالِيَةٍ أَصْوَاتُهُمَا، وَإِذَا أَحَدُهُمَا يَسْتَوْضِعُ الآخَرَ، وَيَسْتَرْفِقُهُ فِي شَىْءٍ وَهْوَ يَقُولُ وَاللَّهِ لاَ أَفْعَلُ. فَخَرَجَ عَلَيْهِمَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «أَيْنَ الْمُتَأَلِّى عَلَى اللَّهِ لاَ يَفْعَلُ الْمَعْرُوفَ». فَقَالَ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَهُ أَىُّ ذَلِكَ أَحَبَّ. 2706 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنِ الأَعْرَجِ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ كَانَ لَهُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى حَدْرَدٍ الأَسْلَمِىِّ مَالٌ، فَلَقِيَهُ فَلَزِمَهُ حَتَّى ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا، فَمَرَّ بِهِمَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «يَا كَعْبُ». فَأَشَارَ بِيَدِهِ كَأَنَّهُ يَقُولُ النِّصْفَ. فَأَخَذَ نِصْفَ مَا عَلَيْهِ وَتَرَكَ نِصْفًا. طرفه 457 11 - باب فَضْلِ الإِصْلاَحِ بَيْنَ النَّاسِ وَالْعَدْلِ بَيْنَهُمْ 2707 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ـــــــــــــــــــــــــــــ الجمع يطلق على الاثنين (وإذا أحدهما يستوضع الآخر) أي: يطلب منه وضع بعض الدين عنه (ويسترفقه) يطلب منه الرفق؛ بأن يؤخر إلى الميسرة (أين المتألي على الله لا يفعل المعروف) المتأل: على وزن المتول، الذي يبالغ في الحلف، من الأليةّ على وزن العطية. (فقال: يا رسول الله! فله أيُّ ذلك أحب) بنصب أيّ، مفعول أحب، ويجوز رفعه، في تقدر في أحب ضمير منصوب. فإن قلت: أيّ لأحد الأمرين، فما أراد بقوله: أيّ ذلك؟ قلت: وضع بعض الدين أو التأخير إلى الميسرة؛ وإنما قال ذلك لأنه فهم الإنكار من كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. 2706 - وحديث كعب بن مالك مع عبد الله بن أبي حدرد سلف في باب التقاضي في المسجد. باب فضل الإصلاح بين الناس والعدل بينهم 2707 - (إسحاق) كذا في بعضها غير منسوب، وفي بعضها إسحاق بن منصور. وقال أبو

12 - باب إذا أشار الإمام بالصلح فأبى حكم عليه بالحكم البين

أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «كُلُّ سُلاَمَى مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ، كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ يَعْدِلُ بَيْنَ النَّاسِ صَدَقَةٌ». طرفاه 2891، 2989 12 - باب إِذَا أَشَارَ الإِمَامُ بِالصُّلْحِ فَأَبَى حَكَمَ عَلَيْهِ بِالْحُكْمِ الْبَيِّنِ 2708 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ الزُّبَيْرَ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّهُ خَاصَمَ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي شِرَاجٍ مِنَ الْحَرَّةِ كَانَا يَسْقِيَانِ بِهِ كِلاَهُمَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِلزُّبَيْرِ «اسْقِ يَا زُبَيْرُ ثُمَّ أَرْسِلْ إِلَى جَارِكَ». فَغَضِبَ الأَنْصَارِىُّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ آنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قَالَ «اسْقِ ثُمَّ احْبِسْ حَتَّى ـــــــــــــــــــــــــــــ نعيم: إسحاق بن إبراهيم (معمر) بفتح الميمين وسكون العين (همام) بفتح الهاء وتشديد الميم. كل سلامى من الناس عليه صدقة) سلامى -بضم السين- على وزن أسارى قيل: جمع سلامية؛ وهي أنملة الإصبع في الأصل، والمراد به المفصل، أي: كل عفو على الإنسان أن يتصدق عنه شكرًا لله، فإنه نعم. وقيل: مفرده وجمعه سواء، وهذا هو الظاهر من دخول لفظ كل، وبه سقط ما ذكره ابن مالك من أن القياس عود الضمير إلى المضاف، وقد عاد هنا إلى كل؛ على أنه لو كان جمعًا جاز عود الضمير إليه باعتبار اشتماله على المفرد، نظيره عود الضمير إلى ما تضمنه الفعل من المصدر؛ كما في قوله تعالى: {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8]. باب إذا أشار الإمام بالصلح، فأبى حكم عليه بالحكم البين 2708 - روى في الباب أن الزبير خاصم رجلًا من الأنصار في خراج من الحرة، وقد سلف الحديث في أبواب الشرب، وأشرنا هناك إلى أن الرجل من هو، وكيف وجه رده على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فراجعه. والشراج -بكسر الشين المعجمة آخره جيم- مسيل الماء والحرة أرض ذات حجارة سود، والمراد حرة المدينة الشريفة (إن كان ابن عمتك) أي: لأن كان -بفتح الهمزة-. (فتلون وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: تغير، وانتقل من لون إلى آخر (ثم قال: اسق، ثم احبس

13 - باب الصلح بين الغرماء وأصحاب الميراث والمجازفة فى ذلك

يَبْلُغَ الْجَدْرَ». فَاسْتَوْعَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَئِذٍ حَقَّهُ لِلزُّبَيْرِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَبْلَ ذَلِكَ أَشَارَ عَلَى الزُّبَيْرِ بِرَأْىٍ سَعَةٍ لَهُ وَلِلأَنْصَارِىِّ، فَلَمَّا أَحْفَظَ الأَنْصَارِىُّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اسْتَوْعَى لِلزُّبَيْرِ حَقَّهُ فِي صَرِيحِ الْحُكْمِ. قَالَ عُرْوَةُ قَالَ الزُّبَيْرُ وَاللَّهِ مَا أَحْسِبُ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ إِلاَّ فِي ذَلِكَ (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ) الآيَةَ. طرفه 2360 13 - باب الصُّلْحِ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ وَأَصْحَابِ الْمِيرَاثِ وَالْمُجَازَفَةِ فِي ذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لاَ بَأْسَ أَنْ يَتَخَارَجَ الشَّرِيكَانِ، فَيَأْخُذَ هَذَا دَيْنًا، وَهَذَا عَيْنًا، فَإِنْ تَوِىَ لأَحَدِهِمَا لَمْ يَرْجِعْ عَلَى صَاحِبِهِ. 2709 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ تُوُفِّىَ أَبِى وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَعَرَضْتُ عَلَى غُرَمَائِهِ أَنْ يَأْخُذُوا التَّمْرَ بِمَا عَلَيْهِ، فَأَبَوْا وَلَمْ يَرَوْا أَنَّ فِيهِ وَفَاءً، فَأَتَيْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــ [حتى] يبلغ الجدر) بفتح الجيم، أي: الجدار، كان هذا دأبَهم في السقي، فقضى بعرفهم (فاستوعى للزبير) أي: استوفى له حقه، من الوعاء، كأنه أدخله فيه (وكان قبل ذلك أشار على الزبير برأي سعة له وللأنصاري) فيه سعة، (فلما أحفظه الأنصاري) بالحاء المهملة، أي: أغضبه، من الحفيظة؛ وهي الغضب. باب الصلح بين الغرماء وأصحاب الميراث، والمخارجة في ذلك (وقال ابن عباس لا بأس بأن يتخارج الشريكان، فيأخذ هذا عينًا، وهذا دينًا) هذا شرح للتخارج. قال ابن الأثير: التخارج تفاعل من الخروج، كأنّ كل واحد يخرج عن ملكه لصاحبه بالبيع (فإن توي لأحدهما لم يرجع على صاحبه) يقال: توي -بفتح التاء وكسر الواو- كعلم وتوى -بالفتح كرمى أي: هلك؛ وإنما لم يرجع لأنه باع نصيبه، فلا رجوع؛ وإنما لم يأخذ الأئمة الأربعة بذلك لأن بيع ما في الذمة غير جائز؛ لكونه غير مقدور التسليم، وأما ابن عباس فقد أقام الذمة مقام العين. 2709 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (كيسان) بفتح الكاف وسكون الياء.

النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ «إِذَا جَدَدْتَهُ فَوَضَعْتَهُ فِي الْمِرْبَدِ آذَنْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -». فَجَاءَ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَجَلَسَ عَلَيْهِ، وَدَعَا بِالْبَرَكَةِ ثُمَّ قَالَ «ادْعُ غُرَمَاءَكَ، فَأَوْفِهِمْ». فَمَا تَرَكْتُ أَحَدًا لَهُ عَلَى أَبِى دَيْنٌ إِلاَّ قَضَيْتُهُ، وَفَضَلَ ثَلاَثَةَ عَشَرَ وَسْقًا سَبْعَةٌ عَجْوَةٌ، وَسِتَّةٌ لَوْنٌ أَوْ سِتَّةٌ عَجْوَةٌ وَسَبْعَةٌ لَوْنٌ، فَوَافَيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَغْرِبَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَضَحِكَ فَقَالَ «ائْتِ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ فَأَخْبِرْهُمَا». فَقَالاَ لَقَدْ عَلِمْنَا إِذْ صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا صَنَعَ أَنْ سَيَكُونُ ذَلِكَ. وَقَالَ هِشَامٌ عَنْ وَهْبٍ عَنْ جَابِرٍ صَلاَةَ الْعَصْرِ. وَلَمْ يَذْكُرْ أَبَا بَكْرٍ وَلاَ ضَحِكَ، وَقَالَ وَتَرَكَ أَبِى عَلَيْهِ ثَلاَثِينَ وَسْقًا دَيْنًا. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ وَهْبٍ عَنْ جَابِرٍ صَلاَةَ الظُّهْرِ. طرفه 2127 ـــــــــــــــــــــــــــــ روى في الباب حديث جابر مع غرمائه حين مات أبوه، فأراد أن يأخذوا ثمر حائطه ويجعلوه في حل، فلم يرضوا، فشكا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدعا له بالبركة، فأوفى الغرماء، وفضل ثلاثة عشر وسقًا. هذا محصل الحديث (إذا جدَدْته) -بالدال المهملة- أي: قطعته (فوضعته في المربد) -بكسر الميم والباء الموحدة- موضع يجمع فيه التمر؛ كالجرين للحبوب. قال ابن الأثير: هو من ربد بالمكان إذا أقام به (آذنت) بالمد؛ أي: أعلمت، بتاء التكلم ويروى: بتاء الخطاب على أنه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطاب لجابر (سبعة عجوة) بفتح العين (وستة [عجوة وسبعة] لون) قيل هو: الدقل، وقيل: هو ما عدا العجوة. وهذا هو المناسب لكونه مذكورًا في مقابلة العجوة. فإن قلت: تقدم في أبواب الاستقراض أنّ الفاضل سبعة عشر وسقًا؟ قلت: تقدم هناك أن القصَّة متعددة، وعليه يحمل اختلاف الرّوايات. وقال بعضهم: مفهوم العدد لا اعتبار به، وذكر الأقل لا ينافي الأكثر. وهذا ليس بشيء لأنّ اختلاف الرواة في أن جابرًا جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المغرب أو العصر أو الظهر، دليل على تعدد القضيَّة، فلا تك في مرية.

14 - باب الصلح بالدين والعين

باب إذا قاض أو جازفه في الدين، فهو جائز تمرا بتمر، أو غيره 14 - باب الصُّلْحِ بِالدَّيْنِ وَالْعَيْنِ 2710 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ. وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبٍ أَنَّ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ تَقَاضَى ابْنَ أَبِى حَدْرَدٍ دَيْنًا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْمَسْجِدِ، فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا حَتَّى سَمِعَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ فِي بَيْتٍ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَيْهِمَا حَتَّى كَشَفَ سِجْفَ حُجْرَتِهِ، فَنَادَى كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ فَقَالَ «يَا كَعْبُ». فَقَالَ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَنْ ضَعِ الشَّطْرَ. فَقَالَ كَعْبٌ قَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «قُمْ فَاقْضِهِ». طرفه 457 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الصلح بالدين والعين 2710 - روى في الباب حديث كعب بن مالك مع عبد الله بن أبي الحدرد. وقد سلف آنفًا في باب إذا أشار الإمام بالصلح. (سجف حجرته) -بكسر السين- الستر الذي على الباب. فإن قلت: ترجم على الصلح بالدين والعين، ولم يورد ما يدل على الصلح إلا في الدين؟ قلت: إذا صح في الدين ففي العين أولى، فاكتفى به.

54 - كتاب الشروط

كتاب الشروط 1 - باب مَا يَجُوزُ مِنَ الشُّرُوطِ فِي الإِسْلاَمِ وَالأَحْكَامِ وَالْمُبَايَعَةِ 2711 و 2712 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ مَرْوَانَ وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ رضى الله عنهما يُخْبِرَانِ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَمَّا كَاتَبَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو يَوْمَئِذٍ كَانَ فِيمَا اشْتَرَطَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ لاَ يَأْتِيكَ مِنَّا أَحَدٌ وَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ إِلاَّ رَدَدْتَهُ إِلَيْنَا، وَخَلَّيْتَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ. فَكَرِهَ الْمُؤْمِنُونَ ذَلِكَ، وَامْتَعَضُوا مِنْهُ، وَأَبَى سُهَيْلٌ إِلاَّ ذَلِكَ، فَكَاتَبَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى ذَلِكَ، فَرَدَّ يَوْمَئِذٍ أَبَا جَنْدَلٍ عَلَى أَبِيهِ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، وَلَمْ يَأْتِهِ أَحَدٌ مِنَ الرِّجَالِ إِلاَّ رَدَّهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ، وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا، وَجَاءَ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ، وَكَانَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِى مُعَيْطٍ مِمَّنْ خَرَجَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَئِذٍ وَهْىَ عَاتِقٌ، فَجَاءَ أَهْلُهَا يَسْأَلُونَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَرْجِعَهَا إِلَيْهِمْ، فَلَمْ يَرْجِعْهَا إِلَيْهِمْ لِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِنَّ (إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ) ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الشروط باب ما يجوز من الشروط في الإسلام والأحكام والمبايعة الشرط: لغة العلامة، ومنه أشراط الساعة، جمع شرط -بفتح الراء- وعند الفقهاء: ما ينتفي وجود الشيء بانتفائه، يلزم وجودُه من وجودِه؛ كالوضوء للصلاة. 2711 - 2712 - (لما كاتب سهيل بن عمرو يومئذٍ) أي: يوم الحديبية كان فيما اشترط على النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لا يأتيك منا أحد إلا رددته) هذا موضع الدلالة على الترجمة، فإنه شرط في الإسلام (امتعضوا) بالعين المهملة، والضاد المعجمة، أي: غضبوا، يقال: معض وامتعض؛ أي: غضب (وكانت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط) بضم الميم وفتح العين وسكون الياء، قتل كافرًا يوم بدر صبرًا، وهو الأشقى الذي جاء بسلا الجزور (وهي عاتق) العاتق: البنت البكر إلى أن تُزوج (فلم يرجعها إليهم لما أنزل الله فيهن) بكسر اللام وتخفيف

إِلَى قَوْلِهِ (وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ). طرفاه 1694، 1695 2713 - قَالَ عُرْوَةُ فَأَخْبَرَتْنِى عَائِشَةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَمْتَحِنُهُنَّ بِهَذِهِ الآيَةِ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ) إِلَى (غَفُورٌ رَحِيمٌ). قَالَ عُرْوَةُ قَالَتْ عَائِشَةُ فَمَنْ أَقَرَّ بِهَذَا الشَّرْطِ مِنْهُنَّ قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «قَدْ بَايَعْتُكِ». كَلاَمًا يُكَلِّمُهَا بِهِ، وَاللَّهِ مَا مَسَّتْ يَدُهُ يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ فِي الْمُبَايَعَةِ، وَمَا بَايَعَهُنَّ إِلاَّ بِقَوْلِهِ. أطرافه 2733، 4182، 4891، 5288، 7214 2714 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلاَقَةَ قَالَ سَمِعْتُ جَرِيرًا - رضى الله عنه - يَقُولُ بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَاشْتَرَطَ عَلَىَّ وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ. طرفه 57 2715 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنِى قَيْسُ بْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى إِقَامِ الصَّلاَةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ. طرفه 57 ـــــــــــــــــــــــــــــ الميم، فإن الآية نزلت ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحديبية، فلم تدخل النساء في الشرط، ويدل عليه ما رواه البخاري في كتاب الجهاد: "لا يأتيك رجل منا إلا رددته"، وما روي أن سبيعة الأسلمية جاءت مسلمة ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحديبية (ما مست يده امرأة قط) ردّت بذلك وهم من يتوهم ذلك، كما كان يبايع الرجال. 2714 - (أبو نعيم) بضم النون مصغر (زياد بن علاقة) بكسر الزاي بعدها ياء، وكسر العين. 2715 - (بايعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فاشترط: والنصح لكل مسلم) قال ابن الأثير: النصح كلمة جامعة لإرادة الخير للمنصوح، وليس في كلام العرب كلمة أجمع منها، ولا تقوم مقامها.

2 - باب إذا باع نخلا قد أبرت

2 - باب إِذَا بَاعَ نَخْلاً قَدْ أُبِّرَتْ 2716 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ بَاعَ نَخْلاً قَدْ أُبِّرَتْ فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ». طرفه 2203 3 - باب الشُّرُوطِ فِي الْبَيْعِ 2717 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَخْبَرَتْهُ أَنَّ بَرِيرَةَ جَاءَتْ عَائِشَةَ تَسْتَعِينُهَا فِي كِتَابَتِهَا، وَلَمْ تَكُنْ قَضَتْ مِنْ كِتَابَتِهَا شَيْئًا، قَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ ارْجِعِى إِلَى أَهْلِكِ، فَإِنْ أَحَبُّوا أَنْ أَقْضِىَ عَنْكِ كِتَابَتَكِ، وَيَكُونَ وَلاَؤُكِ لِى فَعَلْتُ. فَذَكَرَتْ ذَلِكَ بَرِيرَةُ إِلَى أَهْلِهَا فَأَبَوْا وَقَالُوا إِنْ شَاءَتْ أَنْ تَحْتَسِبَ عَلَيْكِ فَلْتَفْعَلْ، وَيَكُونَ لَنَا وَلاَؤُكِ. فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لَهَا «ابْتَاعِى فَأَعْتِقِى، فَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». طرفه 456 ـــــــــــــــــــــــــــــ 2716 - (من باع نخلًا قد أُبّرت) بضم الهمزة وتشديد الباء المكسورة، قال ابن الأثير: يقال: أبرت بالتشديد والتخفيف أي: لقحت. وتمام الكلام عليه في باب من باع نخلًا مؤبرًا. باب الشروط في البيع 2717 - (عبد الله بن مسلمة) بفتح الميم واللام. روى في الباب حديث بريرة، وقد مرّ مرارًا، وموضع الدلالة شرط عائشة أن يكون الولاء لها؛ فإن هذا شرط صحيح؛ لأنه من لوازم البيع. فإن قلت: قولها: أقضي عنك كتابتك، يدل على أنها أعانتها على الكتابة؟ قلت: فيه تسامح، والمراد البيع، بينه سائر الروايات. فإن قلت: ترجم على الشروط ولم يذكر في الكتاب إلا شرطًا واحدًا؟ قلت: أشار إلى أن كل شرط يلائم ما في الحديث فهو شرط صحيح، أو أشار إلى شرط الولاء في قول عائشة، وإلى قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اشترط الولاء لهم" والجمع يطلق على ما فوق الواحد.

4 - باب إذا اشترط البائع ظهر الدابة إلى مكان مسمى جاز

4 - باب إِذَا اشْتَرَطَ الْبَائِعُ ظَهْرَ الدَّابَّةِ إِلَى مَكَانٍ مُسَمًّى جَازَ 2718 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ قَالَ سَمِعْتُ عَامِرًا يَقُولُ حَدَّثَنِى جَابِرٌ - رضى الله عنه أَنَّهُ كَانَ يَسِيرُ عَلَى جَمَلٍ لَهُ قَدْ أَعْيَا، فَمَرَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَضَرَبَهُ، فَدَعَا لَهُ، فَسَارَ بِسَيْرٍ لَيْسَ يَسِيرُ مِثْلَهُ ثُمَّ قَالَ «بِعْنِيهِ بِوَقِيَّةٍ». قُلْتُ لاَ. ثُمَّ قَالَ «بِعْنِيهِ بِوَقِيَّةٍ». فَبِعْتُهُ فَاسْتَثْنَيْتُ حُمْلاَنَهُ إِلَى أَهْلِى، فَلَمَّا قَدِمْنَا أَتَيْتُهُ بِالْجَمَلِ، وَنَقَدَنِى ثَمَنَهُ، ثُمَّ انْصَرَفْتُ، فَأَرْسَلَ عَلَى إِثْرِى، قَالَ «مَا كُنْتُ لآخُذَ جَمَلَكَ، فَخُذْ جَمَلَكَ ذَلِكَ فَهْوَ مَالُكَ». قَالَ شُعْبَةُ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ عَامِرٍ عَنْ جَابِرٍ أَفْقَرَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ظَهْرَهُ إِلَىَ الْمَدِينَةِ. وَقَالَ إِسْحَاقُ عَنْ جَرِيرٍ عَنْ مُغِيرَةَ فَبِعْتُهُ عَلَى أَنَّ لِى فَقَارَ ظَهْرِهِ حَتَّى أَبْلُغَ الْمَدِينَةَ. وَقَالَ عَطَاءٌ وَغَيْرُهُ لَكَ ظَهْرُهُ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ شَرَطَ ظَهْرَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ جَابِرٍ وَلَكَ ظَهْرُهُ حَتَّى تَرْجِعَ. وَقَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَفْقَرْنَاكَ ظَهْرَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ. وَقَالَ الأَعْمَشُ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إذا اشترط البائع ظهر الدابة إلى مكان مسمى جاز 2718 - (أبو نعيم) بضم النون مصغر. روى في الباب حديث جابر: أنه باع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جملًا في غزوة تبوك، وشرط حملانه إلى المدينة. واستدل البخاري على صحة هذا الشرط، وهو مذهب الإمام أحمد، وقال به مالك أيضًا إذا كانت المسافة ثلاثة أيام فما دونه؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اشترى من جابر وبينه وبين المدينة ثلاثة أيام. وقال الشافعي والكوفيون: لا يجوز ذلك؛ لأن المشتري يملك الدابة بمنافعها كلها. ولا دلالة في الحديث على ما اختاره البخاري؛ لأن ذلك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إعارة، ألا ترى إلى قوله: (أفقرناك ظهره) يقال: أفقره أعطاه فقار ظهره. وأما الاختلاف في الثمن، فلا اختلاف فيه في المعنى؛ فإن مآل العبارات واحد؛ إلا قول أبي نضرة: اشتراه بعشرين دينارًا. والجواب عنه أن روايته شاذة لا يُعتد بها. وقيل:

5 - باب الشروط فى المعاملة

سَالِمٍ عَنْ جَابِرٍ تَبَلَّغْ عَلَيْهِ إِلَى أَهْلِكَ. وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ وَابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ وَهْبٍ عَنْ جَابِرٍ اشْتَرَاهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِوَقِيَّةٍ. وَتَابَعَهُ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ جَابِرٍ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ وَغَيْرِهِ عَنْ جَابِرٍ أَخَذْتُهُ بِأَرْبَعَةِ دَنَانِيرَ. وَهَذَا يَكُونُ وَقِيَّةً عَلَى حِسَابِ الدِّينَارِ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ. وَلَمْ يُبَيِّنِ الثَّمَنَ مُغِيرَةُ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ جَابِرٍ، وَابْنُ الْمُنْكَدِرِ وَأَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ. وَقَالَ الأَعْمَشُ عَنْ سَالِمٍ عَنْ جَابِرٍ وَقِيَّةُ ذَهَبٍ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ سَالِمٍ عَنْ جَابِرٍ بِمِائَتَىْ دِرْهَمٍ. وَقَالَ دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِقْسَمٍ عَنْ جَابِرٍ اشْتَرَاهُ بِطَرِيقِ تَبُوكَ، أَحْسِبُهُ قَالَ بِأَرْبَعِ أَوَاقٍ. وَقَالَ أَبُو نَضْرَةَ عَنْ جَابِرٍ اشْتَرَاهُ بِعِشْرِينَ دِينَارًا. وَقَوْلُ الشَّعْبِىِّ بِوَقِيَّةٍ أَكْثَرُ. الاِشْتِرَاطُ أَكْثَرُ وَأَصَحُّ عِنْدِى. قَالَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ. طرفه 443 5 - باب الشُّرُوطِ فِي الْمُعَامَلَةِ 2719 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَتِ الأَنْصَارُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - اقْسِمْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ إِخْوَانِنَا ـــــــــــــــــــــــــــــ كانوا يقطعون دنانير صغارًا غير الدنانير المتعارف الرواية محمولة عليه. قوله: (أعيا) أي: تعب في المشي، وقد جاء متعديًا (حملانه) بضم الحاء على وزن الغفران (وقال إسحاق عن جرير) كذا وقع غير منسوب؛ إلا أن البخاري روى في باب الاستئذان عن إسحاق بن إبراهيم عن جرير (محمد بن المنكدر) بكسر الدال (أبو الزبير) هو محمد بن مسلم (ابن جريج) بضم الجيم مصغر عبد الملك (أبو إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي (أبو نضرة) -بفتح النون وسكون المعجمة- المنذر بن مالك (قال أبو عبد الله: والاشتراط أصح عندي وأكثر) وافق اختياره مختار الإمام أحمد، وقد شرحنا لك مختار الجمهور. فإن قلت: ذكر هنا أن القضية كانت في غزوة تبوك، وعند أهل المغازي أنها غزوة ذات الرقاع؟ قلت: الراجح قول أهل المغازي؛ لأن كلام جابر يدل على قرب تلك الغزاة من غزوة أحد، وتبوك آخر الغزوات. باب الشروط في المعاملة 2719 - (أبو الزناد) -بكسر الزاي بعدها نون- عبد الله بن ذكوان. (قالت الأنصار للنبي - صلى الله عليه وسلم -: اقسم بيننا وبين إخواننا النخيل، قال: لا) القائل

6 - باب الشروط فى المهر عند عقدة النكاح

النَّخِيلَ. قَالَ «لاَ». فَقَالَ تَكْفُونَا الْمَئُونَةَ وَنُشْرِكُكُمْ فِي الثَّمَرَةِ. قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا. طرفه 2325 2720 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَيْبَرَ الْيَهُودَ أَنْ يَعْمَلُوهَا وَيَزْرَعُوهَا، وَلَهُمْ شَطْرُ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا. طرفه 2285 6 - باب الشُّرُوطِ فِي الْمَهْرِ عِنْدَ عُقْدَةِ النِّكَاحِ وَقَالَ عُمَرُ إِنَّ مَقَاطِعَ الْحُقُوقِ عِنْدَ الشُّرُوطِ، وَلَكَ مَا شَرَطْتَ. وَقَالَ الْمِسْوَرُ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - ذَكَرَ صِهْرًا لَهُ فَأَثْنَى عَلَيْهِ فِي مُصَاهَرَتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (فقالوا: تكفونا المؤنة) بتشديد النون بإدغام نون المضارعة في نون الوقاية، ويروى بالتخفيف بحذف النون (ونشرككم في الثمرة) -بفتح النون والراء، شرك يشرك على وزن علم يعلم (قالوا سمعنا وأطعنا) قد سلف منا أن القائل تكفونا المؤنة هم المهاجرون، والقائل: سمعنا هم الأنصار، وذلك أن المهاجرين لم يكن لهم علم بالحرث وعمارة الحدائق، وقيل بالعكس، وليس بصواب. فإن قلت: فعلى الأول لم يكن هناك معاملة، فما وجه الترجمة؟ قلت: بعض الثمر على وجه الهبة مع شرط أن يكون العمل على الملاك نوع معاملة. 2720 - (جويرية بن أسماء) بضم الجيم مصغر. روى عن ابن عمر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعطى خيبر اليهود على شطر ما يخرج. وقد تقدم الحديث في كتاب المساقاة بما لا مزيد عليه من الشرح. باب الشروط في المهر عند عقدة النكاح العقدة: بضم العين قال الجوهري: هو ما عقد عليه (وقال عمر: إن مقاطع الحقوق عند الشروط ولك ما شرطت) هذا ليس جاريًا على العموم، بل في شرط يكون من مقتضى العقد، وقد فصله الفقهاء في الفروع (وقال المسور) بكسر الميم وفتح الواو (وسمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكر صهرًا له فأثنى عليه) هو أبو العاص بن الربيع زوج ابنته زينب، واسمه لقيط،

فَأَحْسَنَ قَالَ «حَدَّثَنِى وَصَدَقَنِى وَوَعَدَنِى فَوَفَى لِى». 2721 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى يَزِيدُ بْنُ أَبِى حَبِيبٍ عَنْ أَبِى الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ». طرفه 5151 ـــــــــــــــــــــــــــــ ولقبه جرو البطحاء (فأحسن) أي: في الثناء عليه (فحدثني فصدقني) بتخفيف الدال، سبق صدق حديثه مشروحًا في باب الإنجاز بالوعد، في أبواب الهبة، وموضع الدلالة هنا قوله: "وعدني فوفى لي" فإنه في معنى الشرط، وذلك أن أبا العاص أسر يوم بدر، فمنَّ عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وشرط عليه أن يرسل إليه ابنته؛ فإنه كان مشركًا وهي مؤمنة. فإن قلت: كيف دل هذا على الترجمة؛ وهو الشرط في المهر عند عقدة النكاح؟ قلت: هذا وأثر عمر إنما ذكره مناسبة للباب، لا دليل على الترجمة، وقد يقال: أثر عمر بإطلاق يتناول كل شرط، وكذا قوله: "فصدقني". 2721 - (يزيد بن أبي حبيب) -بفتح الحاء- ضد العدو (عن أبي الخير) مرثد بن عبد الله. (أحق شرط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج) والحكمة في هذا أن النكاح نوع من رق الأحرار، والنساء ضعفة، وموضع التناسل، ومواقع قضاء الشهوات وليس يوجد شيء يحتمل هذه المقاصد غيرها؛ فلذلك كان أحق، والعلماء على أن هذا فيما يكون من مقتضى العقد؛ كشرط الإنفاق وحسن العشرة، وما ليس من هذا القبيل؛ كشرط ألا يتزوج عليها ولا يسافر بها؛ فلهم فيه خلاف؛ قال الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه: يجب عليه الوفاء. وحكاه الترمذي عن الشافعي، والصحيح عنه وعن جمهور الفقهاء لا يجب عليه الوفاء بذلك؛ لأن كل شرط ليس له أصل في كتاب الله فهو باطل، وموضع تفصيله كتاب الفروع.

7 - باب الشروط فى المزارعة

7 - باب الشُّرُوطِ فِي الْمُزَارَعَةِ 2722 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ حَنْظَلَةَ الزُّرَقِىَّ قَالَ سَمِعْتُ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ - رضى الله عنه - يَقُولُ كُنَّا أَكْثَرَ الأَنْصَارِ حَقْلاً، فَكُنَّا نُكْرِى الأَرْضَ، فَرُبَّمَا أَخْرَجَتْ هَذِهِ وَلَمْ تُخْرِجْ ذِهِ، فَنُهِينَا عَنْ ذَلِكَ، وَلَمْ نُنْهَ عَنِ الْوَرِقِ. طرافه 2286 8 - باب مَا لاَ يَجُوزُ مِنَ الشُّرُوطِ فِي النِّكَاحِ 2723 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ، وَلاَ تَنَاجَشُوا، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الشروط في المزارعة 2722 - (ابن عيينة) بضم العين مصغر، هو سفيان (حنظلة الزرقي) بالظاء المعجمة وتقديم الزاي المعجمة (رافع بن خديج) بفتح الخاء آخره جيم. (كنا أكثر الأنصار حقلًا) -بفتح الحاء وسكون القاف- الزرع (نكري الأرض، فربما أخرجت هذه ولم تخرج ذه) أي: كانوا يعطون جزءًا من الأرض للعامل والباقي لرب الأرض، فيصيب إحداهما آفة، فيحرم صاحبها، وكان ذلك غورًا بيّنًا (فنهوا عن ذلك، فلم ينه عن الورق) -بفتح الواو وكسر الراء وسكونها- الفضة المضروبة، والحديث شرحه سلف في كتاب المزارعة. باب ما لا يجوز من الشروط في النكاح 2723 - (يزيد) من الزيادة (زريع) مصغر زرع (معمر) بفتح الميمين وسكون العين. (لا يبيع حاضر لباد) نفي في معنى النهي، ولذلك عطف عليه (ولا تناجشوا) وبيع الحاضر للبادي أن يقول له: اتركه عندي لأبيع لك بأرفع ثمن. والنجش: أن يمدح سلعته بما

9 - باب الشروط التى لا تحل فى الحدود

وَلاَ يَزِيدَنَّ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ، وَلاَ يَخْطُبَنَّ عَلَى خِطْبَتِهِ، وَلاَ تَسْأَلِ الْمَرْأَةُ طَلاَقَ أُخْتِهَا لِتَسْتَكْفِئَ إِنَاءَهَا». طرفه 2140 9 - باب الشُّرُوطِ الَّتِى لاَ تَحِلُّ فِي الْحُدُودِ 2724 و 2725 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِىِّ رضى الله عنهم أَنَّهُمَا قَالاَ إِنَّ رَجُلاً مِنَ الأَعْرَابِ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ رَسُولَ اللَّهِ أَنْشُدُكَ اللَّهَ إِلاَّ قَضَيْتَ لِى بِكِتَابِ اللَّهِ. فَقَالَ الْخَصْمُ الآخَرُ ـــــــــــــــــــــــــــــ ليس فيها، وأن يزيد في الثمن من لا يرغب في شرائها (ولا يخطبن علي خطبة أخيه) بكسر الخاء (ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتستكفئ إناءها) كناية عن الطلب في زيادة نفقتها وكسوتها، وأراد بالأخت الضرّة، وعبّر عنها بالأخت ترقيقًا لها وتذكيرًا بأخوة الإسلام، وقد سلف في كتاب الإيمان: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه". يقال: كفأت الإناء وأكفاته إذا قلبته. فإن قلت: أين في الحديث ما يدل على الترجمة، وهو الشرط في النكاح؟ قلت: هو في قوله: "لا تسأل المرأة طلاق أختها" بأن تقول: إنما أتزوج بفلان إذا طلق امرأته. باب الشروط التي لا تحل في الحدود 2724 - 2725 - (قتيبة) بضم القاف: على وزن المصغر. روى في الباب حديث العسيف وهو الأجير الذي زنا بامرأة المستأجر، ففدى أبو الأجير ابنه بمائة من الغنم ووليدة، فردها عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وحكم على العسيف بجلد مائة وتغريب عام، وحكم على امرأة المستأجر إن اعترفت بالرجم، فاعترفت فرجت. سلف مع شرحه في كتاب الصلح، هذا ونشير إلى حل ألفاظه: (أن رجلًا من الأعراب) هم سكان البوادي لا مفرد له من لفظه (أنشدك الله) بفتح الهمزة، أي: أسألك بالله (إلا قضيت لي بكتاب الله) الفعل مقدر بأن؛ أي: إلا قضاءك، ومعنى بكتاب الله؛ أي: بحكم الله، وكأنَّ الأعرابي ظن أن لا حكم إلا به، أو أراد بالكتاب الحكم؛ وهو شائع (فقال الخصم الآخر

10 - باب ما يجوز من شروط المكاتب إذا رضى بالبيع على أن يعتق

وَهْوَ أَفْقَهُ مِنْهُ نَعَمْ فَاقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ، وَائْذَنْ لِى. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «قُلْ». قَالَ إِنَّ ابْنِى كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا، فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ، وَإِنِّى أُخْبِرْتُ أَنَّ عَلَى ابْنِى الرَّجْمَ، فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَوَلِيدَةٍ، فَسَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ فَأَخْبَرُونِى أَنَّمَا عَلَى ابْنِى جَلْدُ مِائَةٍ، وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَأَنَّ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا الرَّجْمَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ، الْوَلِيدَةُ وَالْغَنَمُ رَدٌّ، وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، اغْدُ يَا أُنَيْسُ إِلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا». قَالَ فَغَدَا عَلَيْهَا فَاعْتَرَفَتْ، فَأَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَرُجِمَتْ. طرفاه 2314، 2315 10 - باب مَا يَجُوزُ مِنْ شُرُوطِ الْمُكَاتَبِ إِذَا رَضِىَ بِالْبَيْعِ عَلَى أَنْ يُعْتَقَ 2726 - حَدَّثَنَا خَلاَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ الْمَكِّىُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ دَخَلَتْ عَلَىَّ بَرِيرَةُ وَهْىَ مُكَاتَبَةٌ، فَقَالَتْ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ اشْتَرِينِى فَإِنَّ أَهْلِى يَبِيعُونِى فَأَعْتِقِينِى قَالَتْ نَعَمْ. قَالَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو أفقه من الأعرابي: نعم، فاقض بيننا بكتاب الله، وائذن لي). قال بعض الشارحين: قوله: وائذن لي، عطف على اقض، والمستأذن هو الأعرابي لا الخصم. وهذا غلط لا يخفى على أحد؛ فإن المستأذن لما أذن له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "قل" (قال [إن] ابني كان عسيفًا على هذا) أي: الأعرابي، فكيف يعقل أن يكون المستأذن الأعرابي؟! (والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله) أي: بحكم الله، وحسن إطلاق كتاب الله على الحكم مشاكلة لكلام الأعرابي، أو أن كل حكم يحكم به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو حكم بكتاب الله؛ لقوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} [الحشر: 7] (اغد يا أُنيس) [بضم الهمزة] وفتح النون مصغر، هو الأسلمي، ليس في الصحابة غيره بهذا الاسم. باب ما يجوز من شروط المكاتب إذا رضي بالبيع على أن يعتق 2726 - (خلاد) بفتح الخاء وتشديد اللام (أيمن) بفتح الهمزة. (دخلت عليّ بريرة وهي مكاتبة) بفتح التاء وكسرها (يا أم المؤمنين اشتريني، فإن أهلي يبيعوني فأعتقيني).

11 - باب الشروط فى الطلاق

إِنَّ أَهْلِى لاَ يَبِيعُونِى حَتَّى يَشْتَرِطُوا وَلاَئِى. قَالَتْ لاَ حَاجَةَ لِى فِيكِ. فَسَمِعَ ذَلِكَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَوْ بَلَغَهُ، فَقَالَ «مَا شَأْنُ بَرِيرَةَ فَقَالَ اشْتَرِيهَا فَأَعْتِقِيهَا وَلْيَشْتَرِطُوا مَا شَاءُوا». قَالَتْ فَاشْتَرَيْتُهَا فَأَعْتَقْتُهَا، وَاشْتَرَطَ أَهْلُهَا وَلاَءَهَا، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ، وَإِنِ اشْتَرَطُوا مِائَةَ شَرْطٍ». طرفه 456 11 - باب الشُّرُوطِ فِي الطَّلاَقِ وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ وَالْحَسَنُ وَعَطَاءٌ إِنْ بَدَأَ بِالطَّلاَقِ أَوْ أَخَّرَ فَهُوَ أَحَقُّ بِشَرْطِهِ. 2727 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِىِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ التَّلَقِّى، وَأَنْ يَبْتَاعَ الْمُهَاجِرُ لِلأَعْرَابِىِّ، ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: قد تقدم أنها جاءت تستعين في أداء الكتابة؟ قلت: أولًا استعانت، فلما قالت: إن شاء أهلك أعد لهم عدة واحدة، فشاورتهم رضوا بالبيع بشرط أن يكون الولاء لهم (فقال: اشتريها فأعتقيها، وليشترطوا ما شاووا) وقد تقدم الحديث مرارًا، وأشرنا إلى أنه إنما جاز أمره باشتراط الباطل لأنه أراد أن يبطله بعد الوقوع؛ فإنه أبلغ في الزجر (والولاء لمن أعتق) لأنه لحمة كلحمة النسب، لا يمكن نقله. باب الشروط في الطلاق (وقال ابن المسيب والحسن وعطاء: إن بدأ بالطلاق أو أخَّر فهو أحق بشرطه) وعليه الجمهور، وعند أبي حنيفة فرق بين المدخول بها وغيرها في قوله: أنت طالق واحدة، وواحدة إن دخلت الدار. 2727 - (عرعرة) بعين وراء مهملة مكرر. (نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن تلقي الركبان) قبل المجيء إلى السوق، وقد سلف في أبواب البيع، وأنهم إذا جاؤوا السوق وعرفوا السعر لهم الخيار (وأن يبتاع المهاجر للأعرابي)

12 - باب الشروط مع الناس بالقول

وَأَنْ تَشْتَرِطَ الْمَرْأَةُ طَلاَقَ أُخْتِهَا، وَأَنْ يَسْتَامَ الرَّجُلُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ، وَنَهَى عَنِ النَّجْشِ، وَعَنِ التَّصْرِيَةِ. تَابَعَهُ مُعَاذٌ وَعَبْدُ الصَّمَدِ عَنْ شُعْبَةَ. وَقَالَ غُنْدَرٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ نُهِىَ. وَقَالَ آدَمُ نُهِينَا. وَقَالَ النَّضْرُ وَحَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ نَهَى. طرفه 2140 12 - باب الشُّرُوطِ مَعَ النَّاسِ بِالْقَوْلِ 2728 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُ قَالَ أَخْبَرَنِى يَعْلَى بْنُ مُسْلِمٍ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ وَغَيْرُهُمَا قَدْ سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ إِنَّا لَعِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ حَدَّثَنِى أُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مُوسَى رَسُولُ اللَّهِ» فَذَكَرَ الْحَدِيثَ (قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِىَ صَبْرًا) كَانَتِ الأُولَى ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا معنى قوله: "ولا يبيع حاضر لباد" وكأنه خصّ المهاجرين؛ لأنهم كانوا تجارًا في الأسواق، والأنصار كانوا أهل الزرع (وأن تشترط المرأة طلاق أختها) هذا موضع الدلالة، إلا أنه مكروه؛ بخلاف ما تقدم وما تأخر عنه فإنه حرام (وأن يستام الرجل على سوم أخيه) قال ابن الأثير: المساومة: المجاذبة بين البائع والمشتري، والمراد هنا أن يخرج المتاع من يد المشتري بعد قرار الثمن و (النجش) أن يمدح متاع نفسه بما ليس فيه، أو يزيد في الثمن مع أنه لا يريده ليوقع غيره في الخسران و (التصرية) ترك حلب الناقة أو الشاة أيامًا؛ ليظن المشتري غزارة اللبن. وقد سلف الكلام عليه بما لا مزيد عليه في أبواب البيع (معاذ) بضم الميم وذال معجمة (غندر) بالغين المعجمة وفتح الدال (وقال النضر) -بالضاد المعجمة- هو ابن شميل (منهال) بكسر الميم. باب الشروط مع الناس بالقول أراد بهذه الترجمة أن القول كافٍ في الشروط، وأن الكتابة والإشهاد مندوب إليه. 2728 - (ابن جريج) بضم الجيم مصغر، عبد الملك (يعلى) وزن يحيى (وغيرهما قد سمعته) هذا من كلام ابن جريج، وضمير المثنى ليعلى وعمرو بن دينار. (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قال موسى رسول الله) فيه ردٌّ على نوف البكالي حيث زعم أن موسى صاحب الخضر موسى آخر فذكر الحديث، أي: حديث موسى والخضر بطوله ({قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا} كانت الأولى

13 - باب الشروط فى الولاء

نِسْيَانًا، وَالْوُسْطَى شَرْطًا، وَالثَّالِثَةُ عَمْدًا (قَالَ لاَ تُؤَاخِذْنِى بِمَا نَسِيتُ وَلاَ تُرْهِقْنِى مِنْ أَمْرِى عُسْرًا). (لَقِيَا غُلاَمًا فَقَتَلَهُ) فَانْطَلَقَا فَوَجَدَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ. قَرَأَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ. طرفه 74 13 - باب الشُّرُوطِ فِي الْوَلاَءِ 2729 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ جَاءَتْنِى بَرِيرَةُ فَقَالَتْ كَاتَبْتُ أَهْلِى عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ فِي كُلِّ عَامٍ أُوقِيَّةٌ، فَأَعِينِينِى. فَقَالَتْ إِنْ أَحَبُّوا أَنْ أَعُدَّهَا لَهُمْ، وَيَكُونَ وَلاَؤُكِ لِى فَعَلْتُ. فَذَهَبَتْ بَرِيرَةُ إِلَى أَهْلِهَا، فَقَالَتْ لَهُمْ، فَأَبَوْا عَلَيْهَا، فَجَاءَتْ مِنْ عِنْدِهِمْ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جَالِسٌ، فَقَالَتْ إِنِّى قَدْ عَرَضْتُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَأَبَوْا إِلاَّ أَنْ يَكُونَ الْوَلاَءُ لَهُمْ. فَسَمِعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــ [نسيانًا] والوسطى شرطًا، والثالثة عمدًا) الأولى والوسطى والثالثة المسائل، المسألة الأولى سؤاله عن خرق السفينة، والثانية قتل النفس، والثالثة إقامة الجدار. فإن قلت: الثانية أيضًا كانت عمدًا، ألا ترى أنه خص النسيان بالأولى؟ قلت: معنى كون الثانية شرطًا أن الشرط وقع بعدها، فلا ينافي كونها عمدًا، والثالثة لم يكن بعدها شيء، فلذلك خصه باسم العمد. (قرأها ابن عباس: أمامهم ملك) أي: قرأ بدل {وَرَاءَهُمْ} أمامهم؛ لأن لفظ وراء مشترك بين الخلف والقدام؛ قاله القطرب والأزهري. باب الشروط في الولاء 2729 - روى في الباب حديث بريرة، وقد سلف آنفًا. (وكاتبت أهلي على تسع أواق) قد تقدم رواية خمس أواق، وأشرنا هناك أن الصواب رواية التسع (قضاء الله أحق، وشرط الله أوثق، والولاء لمن أعتق). فإن قلت: قد نهى عن السجع في الكلام. قلت: الذي نهى عن السجع الذي فيه

14 - باب إذا اشترط فى المزارعة إذا شئت أخرجتك

عَائِشَةُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «خُذِيهَا وَاشْتَرِطِى لَهُمُ الْوَلاَءَ، فَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». فَفَعَلَتْ عَائِشَةُ، ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي النَّاسِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ «مَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهْوَ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ، قَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّ، وَشَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ، وَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». طرفه 456 14 - باب إِذَا اشْتَرَطَ فِي الْمُزَارَعَةِ إِذَا شِئْتُ أَخْرَجْتُكَ 2730 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى أَبُو غَسَّانَ الْكِنَانِىُّ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا فَدَعَ أَهْلُ خَيْبَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، قَامَ عُمَرُ خَطِيبًا فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ عَامَلَ يَهُودَ خَيْبَرَ عَلَى أَمْوَالِهِمْ، وَقَالَ «نُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّكُمُ اللَّهُ». وَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ خَرَجَ إِلَى مَالِهِ هُنَاكَ فَعُدِىَ عَلَيْهِ مِنَ اللَّيْلِ، فَفُدِعَتْ يَدَاهُ وَرِجْلاَهُ، وَلَيْسَ لَنَا هُنَاكَ عَدُوٌّ غَيْرُهُمْ، هُمْ عَدُوُّنَا وَتُهَمَتُنَا، وَقَدْ رَأَيْتُ إِجْلاَءَهُمْ، فَلَمَّا أَجْمَعَ عُمَرُ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــ تكلف، وأمّا هذا فكلام في غاية البلاغة والفصاحة كالجوهر المنظوم. باب إذا اشترط في المزارعة: إذا شئت أخرجتك 2730 - (أبو أحمد) قال أبو الفضل: هو المرّار بن حمويه -بفتح الميم وتشديد الراء الأولى- ويقال: هو محمد بن عبد الوهاب الفراء. وقال غيره: هو محمد بن يوسف البيكندي (أبو غسان الكناني) بكسر الكاف. (لما فدعَ أهل خيبر عبد الله بن عمر) الفدع -بالفاء والعين والدال المهملتين- إزالة المفاصل عن أماكنها، قيل: فعلوا به سِحْرًا، وقيل: بل ألقوه من مكان عال، كان نائمًا بالليل لم يدر من فعل به (وإن عبد الله بن عمر خرج إلى ماله هناك فعدي عليه) أي: ظلم، من العدوان ضمّن معنى الحمل فعدي بعلى (هم عدونا وتهمتنا) بضم التاء وفتح الهاء وقد تسكن الهاء، قال الجوهري: اتهم من الاتهام، فيقدر مضاف؛ أي: أهل تهمتنا، أو محله (وقد رأيت إجلاءهم) من الرأي، يقال: جلاه وأجلاه أخرجه من وطنه (فلما أجمع عمر على

15 - باب الشروط فى الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب وكتابة الشروط

ذَلِكَ أَتَاهُ أَحَدُ بَنِى أَبِى الْحُقَيْقِ، فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَتُخْرِجُنَا وَقَدْ أَقَرَّنَا مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - وَعَامَلَنَا عَلَى الأَمْوَالِ، وَشَرَطَ ذَلِكَ لَنَا فَقَالَ عُمَرُ أَظَنَنْتَ أَنِّى نَسِيتُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «كَيْفَ بِكَ إِذَا أُخْرِجْتَ مِنْ خَيْبَرَ تَعْدُو بِكَ قَلُوصُكَ، لَيْلَةً بَعْدَ لَيْلَةٍ». فَقَالَ كَانَتْ هَذِهِ هُزَيْلَةً مِنْ أَبِى الْقَاسِمِ. قَالَ كَذَبْتَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ. فَأَجْلاَهُمْ عُمَرُ وَأَعْطَاهُمْ قِيمَةَ مَا كَانَ لَهُمْ مِنَ الثَّمَرِ مَالاً وَإِبِلاً وَعُرُوضًا، مِنْ أَقْتَابٍ وَحِبَالٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ. رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، أَحْسِبُهُ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اخْتَصَرَهُ. 15 - باب الشُّرُوطِ فِي الْجِهَادِ وَالْمُصَالَحَةِ مَعَ أَهْلِ الْحَرْبِ وَكِتَابَةِ الشُّرُوطِ 2731 و 2732 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ قَالَ أَخْبَرَنِى الزُّهْرِىُّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَمَرْوَانَ يُصَدِّقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَدِيثَ صَاحِبِهِ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ، حَتَّى كَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ بِالْغَمِيمِ فِي خَيْلٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ ذلك) أي: عزم (أتاه أحد بني [أبي] الحقيق) بضم الحاء وتكرير القاف على وزن المصغر بياء ساكنة (كيف بك إذا أخرجت من خبير تعدو بك قلوصك) -بفتح القاف- الناقة الشابة (قال: كانت هذه هزيلة من أبي القاسم) مصغر، هذا صفة كلمة (فقال: كذبت يا عدو الله) لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يقول إلا حقًّا؛ لا سيما في أمثال هذه المواطن (أقركم ما أقركم الله) استدل به على جواز المساقاة مع الجهل بالمدة، وقد أسلف الجواب عنه في كتاب المساقاة بأن هذا خاص برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقيل: "أقركم ما أقركم الله" يريد به مدة العهد، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان عازمًا على إخراج الكفار من جزيرة العرب (فأجلاهم وأعطاهم قيمة ما كان لهم من الثمر مالًا وإبلًا وعروضًا من أقتاب وحبال) بيان للعروض. باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب وكتابة الشروط مع الناس بالقول 2731 - 2732 - (معمر) بفتح الميمين وسكون العين (المسور بن مخرمة) بكسر الميم في الأول وفتحه في الثاني قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إن خالد بن الوليد بالغميم) بفتح المعجمة على

لِقُرَيْشٍ طَلِيعَةً فَخُذُوا ذَاتَ الْيَمِينِ». فَوَاللَّهِ مَا شَعَرَ بِهِمْ خَالِدٌ حَتَّى إِذَا هُمْ بِقَتَرَةِ الْجَيْشِ، فَانْطَلَقَ يَرْكُضُ نَذِيرًا لِقُرَيْشٍ، وَسَارَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى إِذَا كَانَ بِالثَّنِيَّةِ الَّتِى يُهْبَطُ عَلَيْهِمْ مِنْهَا، بَرَكَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ. فَقَالَ النَّاسُ حَلْ حَلْ. فَأَلَحَّتْ، فَقَالُوا خَلأَتِ الْقَصْوَاءُ، خَلأَتِ الْقَصْوَاءُ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَا خَلأَتِ الْقَصْوَاءُ، وَمَا ذَاكَ لَهَا بِخُلُقٍ، وَلَكِنْ حَبَسَهَا حَابِسُ الْفِيلِ، ثُمَّ قَالَ وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لاَ يَسْأَلُونِى خُطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللَّهِ إِلاَّ أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا». ثُمَّ زَجَرَهَا فَوَثَبَتْ، قَالَ فَعَدَلَ عَنْهُمْ حَتَّى نَزَلَ بِأَقْصَى الْحُدَيْبِيَةِ، عَلَى ثَمَدٍ قَلِيلِ الْمَاءِ يَتَبَرَّضُهُ النَّاسُ تَبَرُّضًا، فَلَمْ يُلَبِّثْهُ النَّاسُ حَتَّى نَزَحُوهُ، وَشُكِىَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْعَطَشُ، فَانْتَزَعَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ، ثُمَّ أَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهُ فِيهِ، فَوَاللَّهِ مَا زَالَ يَجِيشُ لَهُمْ بِالرِّىِّ حَتَّى صَدَرُوا عَنْهُ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ، إِذْ جَاءَ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِىُّ فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ مِنْ خُزَاعَةَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وزن عليم. موضع بقرب مكة على مرحلتين (في خيل لقريش طليعة) هي مقدمة الجيش، فعيل بمعنى الفاعل سميت بذلك لطلوعها من الجيش (فخذوا ذات اليمين فوالله ما شعر بهم خالد حتى إذا هم بقترة الجيش) -بفتح القاف والتاء- الغبار (فانطلق يركض) أي: يسوق الفَرَس (نذيرًا) أي منذرًا (لقريش). (بركت ناقته، فقال الناس: حل حل) بسكون اللام وقد ينون إذا كرر، اسم فعل زجر للناقة والجمل (فقالوا: خلأت القصواء) بالخاء المعجمة والهمزة، أي.: حرنت وتعبت. القصواء الناقة التي قطع أذنها، وكذا القصاء، وكان هذا لقبًا لها ولكل مقطوعة الأذن (حبسها حابس الفيل) أي: الله الذي منع الفيل عن دخول مكة هو الذي منع القصواء (لا يسألوني خطة) بتشديد النون وتخفيفها بحذف نون المضارعة. خطة بضم الخاء وتشديد الطاء أي: خصلة. قال ابن الأثير: هي الأمر الواضح في الهدى والاستقامة. وقيل: هي الأمر العظيم الذي يستحق أن يخط في الدفاتر. (يتبرضه الناس) على وزن يتفعل -بالضاد المعجمة- أي: يأخذون منه قليلًا قليلًا (فلم يلبثه الناس) بضم الياء من الإلباث؛ أي: يتركوه سريعًا، لم يبق فيه الماء (فانتزع سهمًا من كنانته) -بكسر الكاف- جعبة السهام (يجيش لهم بالري) بكسر الراء وتشديد الياء، يقال: جاش الماء إذا غار (بديل بن ورقاء) بديل بضم الباء مصغر. ورقاء بفتح الواو والقاف والمد (من خزاعة) بفتح الخاء والزاي المعجمة من أولاد سبأ، سكنوا مكة لما خرب الله السد وتفرقوا أيدي سبأ.

وَكَانُوا عَيْبَةَ نُصْحِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَهْلِ تِهَامَةَ، فَقَالَ إِنِّى تَرَكْتُ كَعْبَ بْنَ لُؤَىٍّ وَعَامِرَ بْنَ لُؤَىٍّ نَزَلُوا أَعْدَادَ مِيَاهِ الْحُدَيْبِيَةِ، وَمَعَهُمُ الْعُوذُ الْمَطَافِيلُ، وَهُمْ مُقَاتِلُوكَ وَصَادُّوكَ عَنِ الْبَيْتِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّا لَمْ نَجِئْ لِقِتَالِ أَحَدٍ، وَلَكِنَّا جِئْنَا مُعْتَمِرِينَ، وَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ نَهِكَتْهُمُ الْحَرْبُ، وَأَضَرَّتْ بِهِمْ، فَإِنْ شَاءُوا مَادَدْتُهُمْ مُدَّةً، وَيُخَلُّوا بَيْنِى وَبَيْنَ النَّاسِ، فَإِنْ أَظْهَرْ فَإِنْ شَاءُوا أَنْ يَدْخُلُوا فِيمَا دَخَلَ فِيهِ النَّاسُ فَعَلُوا، وَإِلاَّ فَقَدْ جَمُّوا، وَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَوَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ، لأُقَاتِلَنَّهُمْ عَلَى أَمْرِى هَذَا حَتَّى تَنْفَرِدَ سَالِفَتِى، وَلَيُنْفِذَنَّ اللَّهُ أَمْرَهُ». فَقَالَ بُدَيْلٌ سَأُبَلِّغُهُمْ مَا تَقُولُ. قَالَ فَانْطَلَقَ حَتَّى أَتَى قُرَيْشًا قَالَ إِنَّا قَدْ جِئْنَاكُمْ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ، وَسَمِعْنَاهُ يَقُولُ قَوْلاً، فَإِنْ شِئْتُمْ أَنْ نَعْرِضَهُ عَلَيْكُمْ فَعَلْنَا، فَقَالَ سُفَهَاؤُهُمْ لاَ حَاجَةَ لَنَا أَنْ تُخْبِرَنَا عَنْهُ بِشَىْءٍ. وَقَالَ ذَوُو الرَّأْىِ مِنْهُمْ هَاتِ مَا سَمِعْتَهُ يَقُولُ. قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا، فَحَدَّثَهُمْ بِمَا قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. فَقَامَ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ فَقَالَ أَىْ قَوْمِ أَلَسْتُمْ بِالْوَالِدِ قَالُوا بَلَى. قَالَ أَوَلَسْتُ بِالْوَلَدِ قَالُوا بَلَى. قَالَ فَهَلْ تَتَّهِمُونِى. قَالُوا لاَ. قَالَ أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنِّى اسْتَنْفَرْتُ أَهْلَ عُكَاظٍ، فَلَمَّا بَلَّحُوا عَلَىَّ جِئْتُكُمْ بِأَهْلِى وَوَلَدِى وَمَنْ أَطَاعَنِى قَالُوا ـــــــــــــــــــــــــــــ (وكانوا عيبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) بفتح العين وسكون الياء المثناة تحت، قال ابن الأثير: أي موضع أسراره. والعيبة في الأصل ما يحفظ فيه الثياب النفيسة، فأطلقت على ما يودع فيه الأسرار (كعب بن لوي وعامر بن لؤي) يريد هاتين القبيلتين (أعداد مياه الحديبية) بفتح الهمزة جمع العِد -بكسر العين-. قال ابن الأثير: هو الماء الدائم (العوذ المطافيل) قال ابن الأثير: العوذ جمع العائذ؛ وهي الناقة القريبة العهد بالنتاج. قلت: وجه التسمية أنها تعوذ ولدها؛ أي: تحفظه. والمطافيل: جمع مطفل -بضم الميم- على وزن مسلم التي ولدها معها. والمراد به في الحديث النساء اللآتي معهن الأطفال (إن قريشًا قد نهكتهم الحرب) بكسر الهاء وفتحها، أي: أضعفتهم (فإن شاؤوا ماددتهم) أي: صالحتهم؛ أي: جعلت بيني وبينهم مدة لا حرب فيها (وإلا فقد جمّوا) أي: استراحوا بفتح الجيم وتشديد الميم (وإن هم أبوا قاتلتهم على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي) السالفة: مقبل العنق وإنما ذكر العنق؛ لأنه موضع الذبح (لينفذن الله) بضم الياء وتشديد الفاء وذال معجمة، أي: ليمضه (هات) بكسر التاء والسكون أيضًا (استنفرت) أي: دعوت للخروج إلى القتال (بلحوا عليّ) -بالباء الموحدة وتشديد

بَلَى. قَالَ فَإِنَّ هَذَا قَدْ عَرَضَ لَكُمْ خُطَّةَ رُشْدٍ، اقْبَلُوهَا وَدَعُونِى آتِهِ. قَالُوا ائْتِهِ. فَأَتَاهُ فَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - نَحْوًا مِنْ قَوْلِهِ لِبُدَيْلٍ، فَقَالَ عُرْوَةُ عِنْدَ ذَلِكَ أَىْ مُحَمَّدُ، أَرَأَيْتَ إِنِ اسْتَأْصَلْتَ أَمْرَ قَوْمِكَ هَلْ سَمِعْتَ بِأَحَدٍ مِنَ الْعَرَبِ اجْتَاحَ أَهْلَهُ قَبْلَكَ وَإِنْ تَكُنِ الأُخْرَى، فَإِنِّى وَاللَّهِ لأَرَى وُجُوهًا، وَإِنِّى لأَرَى أَوْشَابًا مِنَ النَّاسِ خَلِيقًا أَنْ يَفِرُّوا وَيَدَعُوكَ. فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ امْصُصْ بَظْرَ اللاَّتِ، أَنَحْنُ نَفِرُّ عَنْهُ وَنَدَعُهُ فَقَالَ مَنْ ذَا قَالُوا أَبُو بَكْرٍ. قَالَ أَمَا وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَوْلاَ يَدٌ كَانَتْ لَكَ عِنْدِى لَمْ أَجْزِكَ بِهَا لأَجَبْتُكَ. قَالَ وَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَكُلَّمَا تَكَلَّمَ أَخَذَ بِلِحْيَتِهِ، وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَمَعَهُ السَّيْفُ وَعَلَيْهِ الْمِغْفَرُ، فَكُلَّمَا أَهْوَى عُرْوَةُ بِيَدِهِ إِلَى لِحْيَةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ضَرَبَ يَدَهُ بِنَعْلِ السَّيْفِ، وَقَالَ لَهُ أَخِّرْ يَدَكَ عَنْ لِحْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَرَفَعَ عُرْوَةُ رَأْسَهُ فَقَالَ مَنْ هَذَا قَالُوا الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ. فَقَالَ أَىْ غُدَرُ، أَلَسْتُ أَسْعَى فِي غَدْرَتِكَ وَكَانَ الْمُغِيرَةُ صَحِبَ قَوْمًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَتَلَهُمْ، وَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ، ثُمَّ جَاءَ فَأَسْلَمَ ـــــــــــــــــــــــــــــ اللام، وقد تخفف، أي: أبطؤوا. قال ابن الأثير: من بلح الرجل إذا انقطع من الإعياء (خطة رشد) أي: طريق الرشاد (استأصلت) أخذته من أصله (اجتاح) بتقديم الجيم، أي: أهلك (وإن تكن الأخرى) أي: إن كان الظفر لهم (إني لأرى أشوابًا من الناس) جمع شوب؛ أي: أخلاطًا من الناس، ليسوا من قبيلة واحدة ليعتمد عليهم، ويروى أوباشًا. قال ابن الأثير: الأوباش والأشواب: الناس من قبائل شتى (خليقًا أن يفروا) أي: جديرًا (امصص بظر اللات) بصادين مهملتين على وزن انصر والبظر بفتح الباء وظاء معجمة القطعة تقطعها الخافضة من أعلى الفرج عند الختان (لولا يد كانت لك عندي) أي: نعمة سابقة (وجعل يكلم النبي - صلى الله عليه وسلم - فكلما تكلم أخذ بلحيته) أي: بلحية نفسه، دل عليه قوله: (فكلما أهوى عروة بيده إلى لحية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضرب يده بنعل السيف) وكان دأبهم عند المحاورة الأخذ باللحية مؤانسة؛ وإنما كفّ المغيرة يده عن مماس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنه مشرك، وأيضًا لم يكن كفئًا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإنما كان هذا بين الأكفاء والأقران. (أي غدر) بضم الغين المعجمة على وزن عمر، معدولة من الغادر (ألست أسعى في غدرتك) -بفتح الغين- المرة من الغدر، وأصل هذا أن المغيرة بن شعبة ثقفي، وكذلك عروة. وكان المغيرة غدر في الجاهلية بثلاثة عشر رجلًا من بني مالك فقتلهم، وأسلم وجاء

فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَمَّا الإِسْلاَمَ فَأَقْبَلُ، وَأَمَّا الْمَالَ فَلَسْتُ مِنْهُ فِي شَىْءٍ». ثُمَّ إِنَّ عُرْوَةَ جَعَلَ يَرْمُقُ أَصْحَابَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِعَيْنَيْهِ. قَالَ فَوَاللَّهِ مَا تَنَخَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نُخَامَةً إِلاَّ وَقَعَتْ فِي كَفِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ فَدَلَكَ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ، وَإِذَا أَمَرَهُمُ ابْتَدَرُوا أَمْرَهُ، وَإِذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ، وَإِذَا تَكَلَّمَ خَفَضُوا أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ، وَمَا يُحِدُّونَ إِلَيْهِ النَّظَرَ تَعْظِيمًا لَهُ، فَرَجَعَ عُرْوَةُ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَقَالَ أَىْ قَوْمِ، وَاللَّهِ لَقَدْ وَفَدْتُ عَلَى الْمُلُوكِ، وَوَفَدْتُ عَلَى قَيْصَرَ وَكِسْرَى وَالنَّجَاشِىِّ وَاللَّهِ إِنْ رَأَيْتُ مَلِكًا قَطُّ، يُعَظِّمُهُ أَصْحَابُهُ مَا يُعَظِّمُ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - مُحَمَّدًا، وَاللَّهِ إِنْ تَنَخَّمَ نُخَامَةً إِلاَّ وَقَعَتْ فِي كَفِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ، فَدَلَكَ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ، وَإِذَا أَمَرَهُمُ ابْتَدَرُوا أَمْرَهُ وَإِذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ، وَإِذَا تَكَلَّمَ خَفَضُوا أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ، وَمَا يُحِدُّونَ إِلَيْهِ النَّظَرَ تَعْظِيمًا لَهُ، وَإِنَّهُ قَدْ عَرَضَ عَلَيْكُمْ خُطَّةَ رُشْدٍ، فَاقْبَلُوهَا. فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِى كِنَانَةَ دَعُونِى آتِهِ. فَقَالُوا ائْتِهِ. فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابِهِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هَذَا فُلاَنٌ، وَهْوَ مِنْ قَوْمٍ يُعَظِّمُونَ الْبُدْنَ فَابْعَثُوهَا لَهُ». فَبُعِثَتْ لَهُ وَاسْتَقْبَلَهُ النَّاسُ يُلَبُّونَ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ مَا يَنْبَغِى لِهَؤُلاَءِ أَنْ يُصَدُّوا عَنِ الْبَيْتِ، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ قَالَ رَأَيْتُ الْبُدْنَ قَدْ قُلِّدَتْ وَأُشْعِرَتْ، فَمَا أَرَى أَنْ يُصَدُّوا عَنِ الْبَيْتِ. فَقَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ مِكْرَزُ بْنُ حَفْصٍ. فَقَالَ دَعُونِى آتِهِ. فَقَالُوا ائْتِهِ. فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «هَذَا مِكْرَزٌ وَهْوَ رَجُلٌ فَاجِرٌ». فَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَبَيْنَمَا هُوَ يُكَلِّمُهُ إِذْ جَاءَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو. قَالَ مَعْمَرٌ فَأَخْبَرَنِى أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ، أَنَّهُ لَمَّا جَاءَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَقَدْ سَهُلَ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ». قَالَ مَعْمَرٌ قَالَ الزُّهْرِىُّ فِي حَدِيثِهِ فَجَاءَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو فَقَالَ هَاتِ، اكْتُبْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابًا، فَدَعَا ـــــــــــــــــــــــــــــ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الإسلام أقبله منك، وأما المال فلست مني في شيء) فودى عروة ديه ثلاثة عشر رجلًا، وأصلح بين الحيين (إن عروة جعل يرمق أصحاب) أي: ينظر إليهم خفية. قال ابن الأثير: الرمق نظر العدو إلى عدوه (النخامة) -بفتح النون- البصاق (وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه) -بفتح الواو على الأفصح- الماء الذي توضأ به. (مكرز) بكسر الميم وسكون الكاف آخره زاي معجمة (فلما جاء سهيل قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قد سهل لكم الأمر) أخذه تفاؤلًا من اسمه .................................

النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْكَاتِبَ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ». قَالَ سُهَيْلٌ أَمَّا الرَّحْمَنُ فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِى مَا هُوَ وَلَكِنِ اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ. كَمَا كُنْتَ تَكْتُبُ. فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ وَاللَّهِ لاَ نَكْتُبُهَا إِلاَّ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ». ثُمَّ قَالَ «هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ». فَقَالَ سُهَيْلٌ وَاللَّهِ لَوْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ مَا صَدَدْنَاكَ عَنِ الْبَيْتِ وَلاَ قَاتَلْنَاكَ، وَلَكِنِ اكْتُبْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «وَاللَّهِ إِنِّى لَرَسُولُ اللَّهِ وَإِنْ كَذَّبْتُمُونِى. اكْتُبْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ». قَالَ الزُّهْرِىُّ وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ «لاَ يَسْأَلُونِى خُطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللَّهِ إِلاَّ أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا». فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «عَلَى أَنْ تُخَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْبَيْتِ فَنَطُوفَ بِهِ». فَقَالَ سُهَيْلٌ وَاللَّهِ لاَ تَتَحَدَّثُ الْعَرَبُ أَنَّا أُخِذْنَا ضُغْطَةً وَلَكِنْ ذَلِكَ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ فَكَتَبَ. فَقَالَ سُهَيْلٌ وَعَلَى أَنَّهُ لاَ يَأْتِيكَ مِنَّا رَجُلٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ، إِلاَّ رَدَدْتَهُ إِلَيْنَا. قَالَ الْمُسْلِمُونَ سُبْحَانَ اللَّهِ كَيْفَ يُرَدُّ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَقَدْ جَاءَ مُسْلِمًا فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ دَخَلَ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو يَرْسُفُ فِي قُيُودِهِ، وَقَدْ خَرَجَ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ، حَتَّى رَمَى بِنَفْسِهِ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُسْلِمِينَ. فَقَالَ سُهَيْلٌ هَذَا يَا مُحَمَّدُ أَوَّلُ مَا أُقَاضِيكَ عَلَيْهِ أَنْ تَرُدَّهُ إِلَىَّ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّا لَمْ نَقْضِ الْكِتَابَ بَعْدُ». قَالَ فَوَاللَّهِ إِذًا لَمْ أُصَالِحْكَ عَلَى شَىْءٍ أَبَدًا. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «فَأَجِزْهُ لِى». قَالَ مَا أَنَا بِمُجِيزِهِ لَكَ. قَالَ «بَلَى، فَافْعَلْ». قَالَ مَا أَنَا بِفَاعِلٍ. قَالَ مِكْرَزٌ بَلْ قَدْ أَجَزْنَاهُ لَكَ. قَالَ أَبُو جَنْدَلٍ أَىْ مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، أُرَدُّ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَقَدْ جِئْتُ مُسْلِمًا أَلاَ تَرَوْنَ مَا قَدْ لَقِيتُ وَكَانَ قَدْ عُذِّبَ عَذَابًا شَدِيدًا فِي اللَّهِ. قَالَ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَأَتَيْتُ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ أَلَسْتَ نَبِىَّ اللَّهِ حَقًّا قَالَ «بَلَى». قُلْتُ أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ وَعَدُوُّنَا عَلَى الْبَاطِلِ قَالَ «بَلَى». قُلْتُ فَلِمَ نُعْطِى الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا إِذًا قَالَ «إِنِّى ـــــــــــــــــــــــــــــ (لا تتحدث الناس أنا أخذنا ضغطة) بالضاد والغين المعجمة، أي: قهرًا، أصله ضيق. (دخل أبو جندل بن سهيل) واسمه العاص (يرسف في قيوده) أي: يمشي فيها، من الرسف، والرسف هو المشي في القيد (قال سهيل: يا محمد! هذا أول ما أقاضيك عليه) يريد رد ابنه أبي جندل (قال مكرز: بل قد أجزنا لك) ولم يقبل منه سهيل، ورد ابنه (قال عمر: فلم نعطي الدنية) على وزن العطية، من الدناءة؛ وهي الحالة الخسيسة (إني

رَسُولُ اللَّهِ، وَلَسْتُ أَعْصِيهِ وَهْوَ نَاصِرِى». قُلْتُ أَوَلَيْسَ كُنْتَ تُحَدِّثُنَا أَنَّا سَنَأْتِى الْبَيْتَ فَنَطُوفُ بِهِ قَالَ «بَلَى، فَأَخْبَرْتُكَ أَنَّا نَأْتِيهِ الْعَامَ». قَالَ قُلْتُ لاَ. قَالَ «فَإِنَّكَ آتِيهِ وَمُطَّوِّفٌ بِهِ». قَالَ فَأَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ يَا أَبَا بَكْرٍ، أَلَيْسَ هَذَا نَبِىَّ اللَّهِ حَقًّا قَالَ بَلَى. قُلْتُ أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ وَعَدُوُّنَا عَلَى الْبَاطِلِ قَالَ بَلَى. قُلْتُ فَلِمَ نُعْطِى الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا إِذًا قَالَ أَيُّهَا الرَّجُلُ، إِنَّهُ لَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلَيْسَ يَعْصِى رَبَّهُ وَهْوَ نَاصِرُهُ، فَاسْتَمْسِكْ بِغَرْزِهِ، فَوَاللَّهِ إِنَّهُ عَلَى الْحَقِّ. قُلْتُ أَلَيْسَ كَانَ يُحَدِّثُنَا أَنَّا سَنَأْتِى الْبَيْتَ وَنَطُوفُ بِهِ قَالَ بَلَى، أَفَأَخْبَرَكَ أَنَّكَ تَأْتِيهِ الْعَامَ قُلْتُ لاَ. قَالَ فَإِنَّكَ آتِيهِ وَمُطَّوِّفٌ بِهِ. قَالَ الزُّهْرِىِّ قَالَ عُمَرُ فَعَمِلْتُ لِذَلِكَ أَعْمَالاً. قَالَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قَضِيَّةِ الْكِتَابِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لأَصْحَابِهِ «قُومُوا فَانْحَرُوا، ثُمَّ احْلِقُوا». قَالَ فَوَاللَّهِ مَا قَامَ مِنْهُمْ رَجُلٌ حَتَّى قَالَ ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَذَكَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولست أعصيه) نبه بذلك عمر على أن ما فعله إنما هو بالوحي لا بالاجتهاد (فاستمسك بغرزه) -بغين معجمة، ثم راء مهملة، آخره زاي معجمة- هو لكور الجمل مثل الركاب للفرس. قال ابن الأثير: يكون من الخشب، أو من الجلد، وقيل: مطلقًا. وهذا كناية عن اتباعه من غير مخالفة؛ كمن يكون مستمسكًا بركاب راكب يدور معه كيف دار، ومن تأمل في كلام الصديق مع عمر، ظهر له الفرق بينهما (قال عمر: فَعَلت لذلك أعمالًا) يشير إلى أنه ذهب إلى أناس آخرين، وتكلم بأشياء، وذلك كله غيرة منه على الإسلام؛ فإنها كانت قضية بعيدة عن الأفهام، علمها الله، ولم يعلموا، وذلك أن الناس بعد هذا الصلح معهم وقع الاختلاط واجتمع المسلمون والكفار، وشاهدوا محاسن الإسلام، وسمعوا مواعظ القرآن، ونصح الأخ أخاه، ودعا الصديق الصديق، ففشى الإسلام، وعلت كلمة الله، وكان ذلك في الكتاب مسطورًا، وقيل: معنى قوله: عملت لذلك أعمالًا، أنه كفّر، وتقرب إلى الله بأشياء كفارة عن جرأته في ذلك الكلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فإنه روي عنه أنه قال: أعتقت ستة مملوكين. (فلما فرغ من قضية الكتاب قال لأصحابه: قوموا فانحروا ثم احلقوا، فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات). فإن قلت: كيف لم يتبادروا إلى ما أمر وهم الصديقون الذين شأنهم أن يبادروا إلى كل ما أمر به؟ قلت: كانوا يرجون أن يحدث الله في ذلك أمرًا آخر، ولذلك لما نحر وحلق علموا أن ذلك أمر مقضي بادروا إلى ما أمر.

لَهَا مَا لَقِىَ مِنَ النَّاسِ. فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ يَا نَبِىَّ اللَّهِ، أَتُحِبُّ ذَلِكَ اخْرُجْ ثُمَّ لاَ تُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ كَلِمَةً حَتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ، وَتَدْعُوَ حَالِقَكَ فَيَحْلِقَكَ. فَخَرَجَ فَلَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ، حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ نَحَرَ بُدْنَهُ، وَدَعَا حَالِقَهُ فَحَلَقَهُ. فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ، قَامُوا فَنَحَرُوا، وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضًا، حَتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا غَمًّا، ثُمَّ جَاءَهُ نِسْوَةٌ مُؤْمِنَاتٌ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ) حَتَّى بَلَغَ (بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ) فَطَلَّقَ عُمَرُ يَوْمَئِذٍ امْرَأَتَيْنِ كَانَتَا لَهُ فِي الشِّرْكِ، فَتَزَوَّجَ إِحْدَاهُمَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِى سُفْيَانَ، وَالأُخْرَى صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ، ثُمَّ رَجَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الْمَدِينَةِ، فَجَاءَهُ أَبُو بَصِيرٍ - رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ - وَهْوَ مُسْلِمٌ فَأَرْسَلُوا فِي طَلَبِهِ رَجُلَيْنِ، فَقَالُوا الْعَهْدَ الَّذِى جَعَلْتَ لَنَا. فَدَفَعَهُ إِلَى الرَّجُلَيْنِ، فَخَرَجَا بِهِ حَتَّى بَلَغَا ذَا الْحُلَيْفَةِ، فَنَزَلُوا يَأْكُلُونَ مِنْ تَمْرٍ لَهُمْ، فَقَالَ أَبُو بَصِيرٍ لأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ وَاللَّهِ إِنِّى لأَرَى سَيْفَكَ هَذَا يَا فُلاَنُ جَيِّدًا. فَاسْتَلَّهُ الآخَرُ فَقَالَ أَجَلْ، وَاللَّهِ إِنَّهُ لَجَيِّدٌ، لَقَدْ جَرَّبْتُ بِهِ ثُمَّ جَرَّبْتُ. فَقَالَ أَبُو بَصِيرٍ أَرِنِى أَنْظُرْ إِلَيْهِ، فَأَمْكَنَهُ مِنْهُ، فَضَرَبَهُ حَتَّى بَرَدَ، وَفَرَّ الآخَرُ، حَتَّى أَتَى الْمَدِينَةَ، فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ يَعْدُو. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ رَآهُ «لَقَدْ رَأَى هَذَا ذُعْرًا». فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ قُتِلَ وَاللَّهِ صَاحِبِى وَإِنِّى لَمَقْتُولٌ، فَجَاءَ أَبُو بَصِيرٍ فَقَالَ يَا نَبِىَّ اللَّهِ، قَدْ وَاللَّهِ أَوْفَى اللَّهُ ذِمَّتَكَ، قَدْ رَدَدْتَنِى إِلَيْهِمْ ثُمَّ أَنْجَانِى ـــــــــــــــــــــــــــــ (ثم جاء نسوة مؤمنات) أي: جاءت النسوة في مكان الصلح؛ كذا قيل، وقال شيخنا إنما جاءت بعد الرجوع في المدة (فأنزل الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ} [الممتحنة:10] حتى بلغ {بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} العصم: جمع عصمة. وهي الحفظ. والمرأة ما دامت عند زوج فهي في عصمة. والكوافر: جمع كافرة (فطلق عمر يومئذٍ امرأتين، فتزوج إحداهما معاوية) هي قريبة -بفتح القاف وكسر الراء- وقيل: -بضم القاف وفتح الرّاء- بنت أبي أمية، والأخرى بنت جرول على وزن جعفر. تزوجها صفوان بن أمية بن خلف. (فجاءه أبو بصير، رجل من قريش) لم يرد أنه من قريش نفسها؛ بل هو حليف لهم، ثقفي بإجماع النَّسَّابة، هو عُبيد بن أسيد بتصغير الأول وفتح الهمزة في الثاني. وقال خليفة بن معشر: اسمه عتبة بن أسيد (جربته ثم جربته) يريد المبالغة في مدحه؛ بحيث لم يبق له شبهة (فضربه حتى برد) كناية عن الموت، فإن الميت تبرد أعضاؤه (لقد رأى هذا ذعرًا) بالذال المعجمة الخوف (لقد والله أوفى الله ذمتك) أدخل القسم بين قد والمقسم عليه اهتمامًا به،

اللَّهُ مِنْهُمْ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «وَيْلُ أُمِّهِ مِسْعَرَ حَرْبٍ، لَوْ كَانَ لَهُ أَحَدٌ». فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ عَرَفَ أَنَّهُ سَيَرُدُّهُ إِلَيْهِمْ، فَخَرَجَ حَتَّى أَتَى سِيفَ الْبَحْرِ. قَالَ وَيَنْفَلِتُ مِنْهُمْ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلٍ، فَلَحِقَ بِأَبِى بَصِيرٍ، فَجَعَلَ لاَ يَخْرُجُ مِنْ قُرَيْشٍ رَجُلٌ قَدْ أَسْلَمَ إِلاَّ لَحِقَ بِأَبِى بَصِيرٍ، حَتَّى اجْتَمَعَتْ مِنْهُمْ عِصَابَةٌ، فَوَاللَّهِ مَا يَسْمَعُونَ بِعِيرٍ خَرَجَتْ لِقُرَيْشٍ إِلَى الشَّأْمِ إِلاَّ اعْتَرَضُوا لَهَا، فَقَتَلُوهُمْ، وَأَخَذُوا أَمْوَالَهُمْ، فَأَرْسَلَتْ قُرَيْشٌ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - تُنَاشِدُهُ بِاللَّهِ وَالرَّحِمِ لَمَّا أَرْسَلَ، فَمَنْ أَتَاهُ فَهْوَ آمِنٌ، فَأَرْسَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَيْهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى (وَهُوَ الَّذِى كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ) حَتَّى بَلَغَ (الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ) وَكَانَتْ حَمِيَّتُهُمْ أَنَّهُمْ لَمْ يُقِرُّوا أَنَّهُ نَبِىُّ اللَّهِ، وَلَمْ يُقِرُّوا بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَحَالُوا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْبَيْتِ. طرفاه 1694، 1695 2733 - وَقَالَ عُقَيْلٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ عُرْوَةُ فَأَخْبَرَتْنِى عَائِشَةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَمْتَحِنُهُنَّ، وَبَلَغَنَا أَنَّهُ لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَرُدُّوا إِلَى الْمُشْرِكِينَ مَا أَنْفَقُوا عَلَى مَنْ هَاجَرَ مِنْ أَزْوَاجِهِمْ، وَحَكَمَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، أَنْ لاَ يُمَسِّكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ، أَنَّ عُمَرَ طَلَّقَ امْرَأَتَيْنِ قَرِيبَةَ بِنْتَ أَبِى أُمَيَّةَ، وَابْنَةَ جَرْوَلٍ الْخُزَاعِىِّ، فَتَزَوَّجَ قَرِيبَةَ مُعَاوِيَةُ، وَتَزَوَّجَ الأُخْرَى أَبُو جَهْمٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ ودلالة على التحقيق (ويل أمه) الويل: الهلاك، لم يرد به ذلك؛ أراد التعجب من شجاعته (مسعر حرب) بكسر الميم، قال ابن الأثيرة المسعر والمسعار آلة تحرك بالنار من حديد، كأنه أراد أنه آلة إيقاد نار الحرب (لو كان له أحد) الظاهو أنه للتمني، ويجوز الشرط، ويقدر له الجواب (فخرج إلى سيف البحر) بكسر السين الساحل (فأرسلت قريش إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - تناشده الله والرّحم) أي: تسائله بالله وبالرحم (لما أرسل) أي: إلى أبي بصير وردّه إليه. قال ابن عبد البر: كتب إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعوه ومن معه فوافاه الكتاب وهو في الموت، فمات وكتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في يده، لما أرسل مصدرية أو زائدة عند من يجوز زيادتها في لإثبات. 2733 - (وتزوج الأخرى جهم) -بفتح الجيم- عامر بن حذيفة.

فَلَمَّا أَبَى الْكُفَّارُ أَنْ يُقِرُّوا بِأَدَاءِ مَا أَنْفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ، أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى (وَإِنْ فَاتَكُمْ شَىْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ) وَالْعَقِبُ مَا يُؤَدِّى الْمُسْلِمُونَ إِلَى مَنْ هَاجَرَتِ امْرَأَتُهُ مِنَ الْكُفَّارِ، فَأَمَرَ أَنْ يُعْطَى مَنْ ذَهَبَ لَهُ زَوْجٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَا أَنْفَقَ مِنْ صَدَاقِ نِسَاءِ الْكُفَّارِ اللاَّئِى هَاجَرْنَ، وَمَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ ارْتَدَّتْ بَعْدَ إِيمَانِهَا. وَبَلَغَنَا أَنَّ أَبَا بَصِيرِ بْنَ أَسِيدٍ الثَّقَفِىَّ قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مُؤْمِنًا مُهَاجِرًا فِي الْمُدَّةِ، فَكَتَبَ الأَخْنَسُ بْنُ شَرِيقٍ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَسْأَلُهُ أَبَا بَصِيرٍ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. طرفه 2713 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: تقدم أنها تزوجها صفوان بن أمية؟ قلت: تزوجها أحدهما ثم صارت إلى الآخر، ومن الشارحين من أجاب بأن هذه رواية عقيل، وتلك رواية معمر، وخفي عليه أن هذا عين الإشكال فإنه رد لإحدى الروايتين. (فلما أبى الكفار أن يقروا بأداء ما أنفق المسلمون على أزواجهم) لقوله تعالى: {وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا} [الممتحنة: 10] (فأنزل الله تعالى: {وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا} [الممتحنة: 11] محصله: إنكم إذا أديتم إلى الكفار ما أنفقوا على أزواجهم المسلمات ولم يؤدوا إليكم ما أنفقتم على أزواجكم الكافرات فأعطوا أنتم للذي ذهبت زوجته مثل ما أنفق من المال من بيت المال. (وبلغنا أن أبا بصير بن أسيد) بفتح الهمزة (الثقفي، قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - مسلمًا، فكتب الأخنس بن شريق) بفتح الشين المعجمة: على وزن كريم (يسأله أبا بصير) ليرده؛ لأن الأخنس ثقفي أيضًا (فذكر الحديث) أي: حديث أبي بصير، وقتله أحد الرجلين، ثم لحوقه سيف البحر. قال بعض الشارحين: فإن قلت: ذكر أولًا أن أبا بصير رجل من قريش، وثانيًا أنه ثقفي؟ قلت: تلك رواية أخرى. وخفي عليه أن هذا عين الإشكال، وقد أطلعناك على أنه ثقفي، ولكن حليف قريش. قال ابن عبد البر: حليف لبني زهرة. فإن قلت: ترجم على الشروط مع الناس بالقول، أين موضع الدلالة في الحديث؟ قلت؟ هو قول سهيل بن عمرو في أبي جندل: يا محمد هذا أوّل ما أُقاضيك عليه، أو هو قول قريش حين سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يرد أبا بصير ومن أتاه فهو آمن.

16 - باب الشروط فى القرض

تحقيق في قصة رؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - بالحديبية 16 - باب الشُّرُوطِ فِي الْقَرْضِ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - وَعَطَاءٌ إِذَا أَجَّلَهُ فِي الْقَرْضِ جَازَ. 2734 - وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلاً سَأَلَ بَعْضَ بَنِى إِسْرَائِيلَ أَنْ يُسْلِفَهُ أَلْفَ دِينَارِ، فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى. طرفه 1498 17 - باب الْمُكَاتَبِ، وَمَا لاَ يَحِلُّ مِنَ الشُّرُوطِ الَّتِى تُخَالِفُ كِتَابَ اللَّهِ وَقَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - فِي الْمُكَاتَبِ شُرُوطُهُمْ بَيْنَهُمْ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ أَوْ عُمَرُ كُلُّ شَرْطٍ خَالَفَ كِتَابَ اللَّهِ فَهْوَ بَاطِلٌ، وَإِنِ اشْتَرَطَ مِائَةَ شَرْطٍ. وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يُقَالُ عَنْ كِلَيْهِمَا عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عُمَرَ. 2735 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ أَتَتْهَا بَرِيرَةُ تَسْأَلُهَا فِي كِتَابَتِهَا، فَقَالَتْ إِنْ شِئْتِ أَعْطَيْتُ أَهْلَكِ وَيَكُونُ الْوَلاَءُ لِى. فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ذَكَّرْتُهُ ذَلِكَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «ابْتَاعِيهَا فَأَعْتِقِيهَا، فَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَلَيْسَ لَهُ، وَإِنِ اشْتَرَطَ مِائَةَ شَرْطٍ». طرفه 456 18 - باب مَا يَجُوزُ مِنَ الاِشْتِرَاطِ وَالثُّنْيَا فِي الإِقْرَارِ وَالشُّرُوطِ الَّتِى يَتَعَارَفُهَا النَّاسُ بَيْنَهُمْ، وَإِذَا قَالَ مِائَةٌ إِلاَّ وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ. وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ رَجُلٌ لِكَرِيِّهِ أَدْخِلْ رِكَابَكَ، فَإِنْ لَمْ أَرْحَلْ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ما يجوز من الاشتراط والثنيا في الإقرار والشروط قد يقع في بعض النسخ ما لا يجوز وهو خطأ، يدل عليه حديث أبي هريرة في الباب. والثنيا -بضم الثاء- اسم من ثنى يثني، بمعنى الاستثناء (وقال ابن عون) -بفتح العين وسكون الواو- عبد الله الفقيه المعروف (عن ابن سيرين: إذا قال الرجل لكريّه) بفتح الكاف وتشديد الياء المكسورة، فعيل بمعنى المكاري، كالجليس بمعنى المجالس (أدخل ركابك)

مَعَكَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا، فَلَكَ مِائَةُ دِرْهَمٍ. فَلَمْ يَخْرُجْ، فَقَالَ شُرَيْحٌ مَنْ شَرَطَ عَلَى نَفْسِهِ طَائِعًا غَيْرَ مُكْرَهٍ فَهْوَ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَيُّوبُ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ إِنَّ رَجُلاً بَاعَ طَعَامًا وَقَالَ إِنْ لَمْ آتِكَ الأَرْبِعَاءَ فَلَيْسَ بَيْنِى وَبَيْنَكَ بَيْعٌ. فَلَمْ يَجِئْ، فَقَالَ شُرَيْحٌ لِلْمُشْتَرِى أَنْتَ أَخْلَفْتَ. فَقَضَى عَلَيْهِ. 2736 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمَا مِائَةً إِلاَّ وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ». طرفاه 6410، 7392 ـــــــــــــــــــــــــــــ -بكسر الراء- الإبل التي يسار عليها: اسم جمع (وقال أيوب عن ابن سيرين: إن رجلًا باع طعامًا وقال: إن لم آتك الأربعاء) -بفتح الهمزة وكسر الباء- اليوم المعروف، وحمله على أنه جمع ربيع؛ وهو النهر الصغير، مما لا معنى له، وهذه الآثار التي نقلها لم يقل بها الأئمة الأربعة، لأنها مواعد لا تلزم، وقد تقدم الكلام عليها في أبواب الهبة، في باب إنجاز الوعد. 2736 - (إن لله تسعة وتسعين اسمًا، مائة إلا واحدًا) وفي بعضها "واحدة" بأعتبار الكلمة. فإن قلت: ما فائدة قوله "مائة إلا واحدًا"، والعدد نص في مدلوله؟ قلت: فائدته التوكيد، ودفع وهم التصحيف، وتسعين فإنه يلتبس بسبعين، والله أعلم. (من أحصاها دخل الجنة) قال الجوهري: الإحصاء: العدّ، وأنشد: ولست بالأكثر منهم حصى أي: عددًا، وفي التنزيل: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} [النحل: 18] أي: لا تقدروا على عدّها فضلًا عن القيام بشكرها وقيل: المراد حفظها. وفي الحديث: "كلّ القرآن أحصيت" أي: حفظت، وقيل: المراد أن يخطر معانيها بباله، والأوّل هو الظاهر، وإن من

19 - باب الشروط فى الوقف

19 - باب الشُّرُوطِ فِي الْوَقْفِ 2737 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِىُّ حَدَّثَنَا ابْنُ ـــــــــــــــــــــــــــــ عدّها سواء عرف معانيها أو لا إذا كان مؤمنًا دخل الجنة ونظيره "من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة". فإن قلت: روي: إن لله ألف اسم، لكل واحد معنى ممتاز به عن الآخر؟ قلت: ليس في الحديث دلالة على الحصر؛ وإنما هذه الخاصة والفضيلة لهذه الأسماء، والتحقيق أن لا حصر في الألف أيضًا، ألا ترى ما رواه الضبي عن ابن مسعود في دعاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أسألك بكل اسم سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرته في مكنون الغيب عندك" ومن قال: أسماء الله مائة استأثر الله بواحد، وهو الاسم الأعظم، فقد خالف الأحاديث. روى أصحاب السنن عن أنس: أن رجلًا صلّى في المسجد، ثم قال: اللهم أسألك بأن لك الحمد، لا إله إلا أنت المنان، بديع السموات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "سأله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب" ورواه الترمذي وأبو داود عن بريدة أيضًا. وعن بعض العارفين: الاسم الأعظم هو لفظ الله؛ لكن شرطه الاستغراق في بحر الإخلاص. باب الشروط في الوقف 2737 - (قتيبة) بضم القاف وفتح التاء على وزن المصغر.

عَوْنٍ قَالَ أَنْبَأَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَصَابَ أَرْضًا بِخَيْبَرَ، فَأَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتَأْمِرُهُ فِيهَا، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّى أَصَبْتُ أَرْضًا بِخَيْبَرَ، لَمْ أُصِبْ مَالاً قَطُّ أَنْفَسَ عِنْدِى مِنْهُ، فَمَا تَأْمُرُ بِهِ قَالَ «إِنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا، وَتَصَدَّقْتَ بِهَا». قَالَ فَتَصَدَّقَ بِهَا عُمَرُ أَنَّهُ لاَ يُبَاعُ وَلاَ يُوهَبُ وَلاَ يُورَثُ، وَتَصَدَّقَ بِهَا فِي الْفُقَرَاءِ وَفِى الْقُرْبَى، وَفِى الرِّقَابِ، وَفِى سَبِيلِ اللَّهِ، وَابْنِ السَّبِيلِ، وَالضَّيْفِ، لاَ جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ، وَيُطْعِمَ غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ. قَالَ فَحَدَّثْتُ بِهِ ابْنَ سِيرِينَ فَقَالَ غَيْرَ مُتَأَثِّلٍ مَالاً. طرفه 2313 ـــــــــــــــــــــــــــــ (أن عمر بن الخطاب أصاب أرضًا بخيبر) هي ثمغ -بالثاء المثلثة وغين معجمة-. وصِرْفة بن الأكوع -بكسر الصاد المهملة وراء ساكنة- مالان معروفان بالمدينة، وسهمه بخيبر (وتصدق بها في الفقراء والقربى) أي: ذوي قرابة الواقف (لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف) بقدر ما يتعارفه الناس (غير متموّل) أي: غير متخذ منه مالًا (قال: فحدثت به ابن سيرين، فقال: غير متأثل) بالثاء المثلثة يمكن أن يكون في رواية ابن سيرين متأثل -بالثاء-، ويمكن أن يكون شرحًا منه لقوله: متمولًا، والتأثل: جمع المال، من الأثل؛ وهي الأصل. وفي الحديث دلالة على أن الوقف من أقرب القربات، ولذلك أشار به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين استشارة عمر. [إلى ها ينتهي الجزء الأول من المخطوط وسيليه الجزء الثاني]

55 - كتاب الوصايا

كتاب الوصايا 1 - باب الْوَصَايَا وَقَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «وَصِيَّةُ الرَّجُلِ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ» وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ * فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ). جَنَفًا مَيْلاً، مُتَجَانِفٌ مَائِلٌ. 2738 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَىْءٌ، يُوصِى فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ، إِلاَّ وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ». ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الوصايا باب الوصايا، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "وصية الرجل مكتوبة عنده". الوصية اسم بمعنى الإيصاء، وهو الأمر بالصرف بعد الموت بمقدارٍ من المال، أو بقضاءِ دينٍ، أو حفظ صغير، أو ردِّ وديعةٍ، ونحوها، وأجاز مالك وأحمد وصية الصبي المميِّز، وقيَّده أحمد بما إذا جاوز عشرًا، من وصَّيتُ الشيء إذا وصلته، كأن الموصي يصل بالخير ما بعد موته بما قبله. (وقول الله عز وجل: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ} [البقرة: 180] استدل بالآية على مشروعية الوصية، وإن كانت الآية منسوخة. 2738 - (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ما حقُّ امرئٍ مسلم له شيء يوصي فيه يبيتُ ليلتين الَّا وصيتُه مكتوبةٌ عنده) استدل الأئمة على عدم وجوب الوصية بهذا الحديث؛ فإن قوله: "ما

تَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ عَمْرٍو عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 2739 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِى بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْجُعْفِىُّ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ خَتَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَخِى جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ قَالَ مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ مَوْتِهِ دِرْهَمًا وَلاَ دِينَارًا وَلاَ عَبْدًا وَلاَ أَمَةً وَلاَ شَيْئًا، إِلاَّ بَغْلَتَهُ الْبَيْضَاءَ وَسِلاَحَهُ وَأَرْضًا جَعَلَهَا صَدَقَةً. أطرافه 2873، 2912، 3098، 4461 2740 - حَدَّثَنَا خَلاَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا مَالِكٌ حَدَّثَنَا طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ حق امرئ" معناه الأولوية واللائق بحاله. وقوله: "ليلتين" ليس على التحديد بل حثٌّ على المبادرة، ولذلك جاء في رواية مسلم: "ثلاث ليال". وقيد الكتابة؛ لأن الشهود ربما لا يحفظون. وقوله: "عنده" لئلا يضع غيره، وكل هذه الأمور دلائل الاهتمام. 2739 - (أبي بُكير) بضم الباء مصغَّر وكذا (زهير) الجُعفي، بضم الجيم نسبة إلى القبيلة (أبو إسحاق) هو عمرو بن عبد الله السبيعي (عن عمرو بن الحارث ختن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) الختن: يطلق على قرابة المرأة، وعمرو بن الحارث: هو أخو جويرية أم المؤمنين زوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد يطلق على زوج الابنة، كما في الحديث: علي بن أبي طالب ختن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (ما ترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -إلا بغلته البيضاء وصلاحه وأرضًا جعلها صدقة) هذا موضع الدلالة على الترجمة، فإن هذا كان وصية لقوله: "ما تركناه صدقة". 2740 - (مالك هو ابن مِغْول) بكسر الميم وسكون الغين المعجمة، وإنما زاد لفظ: هو لأن هذا الوصف زيادة من عنده، لم يسمعها من شيخه (مصرِّف) بتشديد الراء المكسورة

سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِى أَوْفَى - رضى الله عنهما - هَلْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَوْصَى فَقَالَ لاَ. فَقُلْتُ كَيْفَ كُتِبَ عَلَى النَّاسِ الْوَصِيَّةُ أَوْ أُمِرُوا بِالْوَصِيَّةِ قَالَ أَوْصَى بِكِتَابِ اللَّهِ. طرفاه 4460، 5022 2741 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ قَالَ ذَكَرُوا عِنْدَ عَائِشَةَ أَنَّ عَلِيًّا - رضى الله عنهما - كَانَ وَصِيًّا. فَقَالَتْ مَتَى أَوْصَى إِلَيْهِ وَقَدْ كُنْتُ مُسْنِدَتَهُ إِلَى صَدْرِى - أَوْ قَالَتْ حَجْرِى - فَدَعَا بِالطَّسْتِ، فَلَقَدِ انْخَنَثَ فِي حَجْرِى، فَمَا شَعَرْتُ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ، فَمَتَى أَوْصَى إِلَيْهِ طرفه 4459 ـــــــــــــــــــــــــــــ (أبي أوفى) بفتح الهمزة (أوصى بكتاب الله) أي: بالتمسك بما في كتاب الله، ومن جملة ما في كتاب الله الوصية، فلا ينافي قوله: أوصى؛ لأنه نفى الوصية بالمال أو بما تزعمُه الرافضية من جعل علي وصيّا له أو خليفة، وإلا فقد أوصى بأشياء منها إخراج المشركين من جزيرة العرب والإحسان إلى الأنصار، وأن يجيزوا الوفد كما كان يجيزه وبالمحافظة على الصلاة وعلى ما ملكت أيمانهم. 2741 - (زرارة) بضم المعجمة (ابن عون) بفتح العين وسكون الواو، عبد الله (ذكروا عند عائشة أن عليًّا كان وصيًّا. فقالت: حتى أوصى إليه وقد كنت مسندتَه إلى صدري) أي: في آخر حياته (فما شعرت أنه قد مات). فإن قلت: لا يلزم من قولها نفي كون عليّ وصيًّا إذ ربما أوصى إليه في غير ذلك الوقت قلت: كانوا عارفين بأنه حين أوصى بأشياء لم يكن فيها ذكر علي فلم يبق له مظنه غير ذلك الوقت، ويؤيده قول علي: ما عندنا إلا كتاب الله، وما في هذه الصحيفة (فلقد انخَنَثَ) بالخاء المعجمة، أي: استرخى بعد فراق حياته فداه أبي وأمي وزوجي.

2 - باب أن يترك ورثته أغنياء خير من أن يتكففوا الناس

2 - باب أَنْ يَتْرُكَ وَرَثَتَهُ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَتَكَفَّفُوا النَّاسَ 2742 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ - رضى الله عنه - قَالَ جَاءَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَعُودُنِى وَأَنَا بِمَكَّةَ، وَهْوَ يَكْرَهُ أَنْ يَمُوتَ بِالأَرْضِ الَّتِى هَاجَرَ مِنْهَا قَالَ «يَرْحَمُ اللَّهُ ابْنَ عَفْرَاءَ». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُوصِى بِمَالِى كُلِّهِ قَالَ «لاَ». قُلْتُ فَالشَّطْرُ قَالَ «لاَ». ـــــــــــــــــــــــــــــ باب أن يترك ورثته أغنياء خير من أن يتكففوا الناس 2742 - (عن سعد بن أبي وقاص قال جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعودني وأنا بمكة، وهو يكره أن يموت بأرض هاجر منها). قال بعض الشارحين: يكره وهو رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو هو كلام سعد يحكي [حال] رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكل هذا خبط، بل كلام سعد يخبر عن حاله، يدل عليه ما تقدم في كتاب الجنائز، وسيأتي في الفرائض قلت: يا رسول الله أُخَلَّف بعد أصحابي، غايته أنه التفت من التكلم إلى الغيبة، ويحتمل أيضًا أن يكون من كلام ابنه عامر، يحكي حال أبيه. (قال) أي: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (يرحم الله ابن عفراء) اختلفوا فيه، منهم من قال: هو سعد بن خولة، كما تقدم مرارًا، وسيأتي في الفرائض أيضًا في رواية الأزهري، وراوي ابن عفراء سعد بن إبراهيم، وقيل يجوز الجمع بأن يكون خولة اسم أبيه، وعفراء: اسم أمه، أو خولة اسم، وعفراء لقب. والظاهر أن رواية الأزهري هي الصواب، فإنا لم نجد أحدًا ذكر أنَّ خولة اسم أبيه ولأن خولة اسم وعفراء لقب.

قُلْتُ الثُّلُثُ. قَالَ «فَالثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، إِنَّكَ أَنْ تَدَعَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ فِي أَيْدِيهِمْ، وَإِنَّكَ مَهْمَا أَنْفَقْتَ مِنْ نَفَقَةٍ فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ، حَتَّى اللُّقْمَةُ الَّتِى تَرْفَعُهَا إِلَى فِي امْرَأَتِكَ، وَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَرْفَعَكَ فَيَنْتَفِعَ بِكَ نَاسٌ وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ». وَلَمْ يَكُنْ لَهُ يَوْمَئِذٍ إِلاَّ ابْنَةٌ. طرفه 56 ـــــــــــــــــــــــــــــ (قلت: فالثلث؟ قال: الثلث، والثلث كثير) ولذلك استحب العلماء أن ينقص من الثلث شيئًا. وقال الإمام أحمد يستحب أن يكون خمس ماله (إنك أنْ تدعَ ورثتكَ أغنياءَ) بفتح الهمزة. أي: تركك ورثتك، ويروى بكسر الهمزة على أنه شرط. وقوله: (خير) جوابه بتقدير المبتدأ. قال النووي: وكلا الوجهين صحيح قلت: كذلك، ولكن الفتح أحسن لدلالته على علَّة الحكم، وعدم الاحتياج إلى التقدير (عالة) أي: فقراء، جمع عائل. (يتكففون الناس) أي: يسألونهم بأكفهم. أي: يمدُّون أيديَهم، يقال: تكفف واستكفَّ إذا مدَّ يده لطلب العطاء (حتى اللقمةُ) بالرفع، عطف على صدقة، وبالجرِّ عطف على نفقة. (وعسى الله أن يرفعك فينتفعَ بك ناس ويُضرَّ بك آخرون) بضم الياء، علي بناء المجهول، وكذلك جرى، صار أمير العراق، وقائد جيوش المسلمين، وفتح بلاد العراق، وأتى بكنز كسرى (ولم يكن له يومئذ إلا ابنة). فإن قلت: إذا لم يكن له إلا ابنة، فكيف قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أن تدع ورثتك"؟ قلت: أجابوا بأن البنت لا تمنع وجود العصبات، وهذا ليس بمرضي؛ لما سيأتي في كتاب الفرائض من قول سعد: لا يرثني إلا ابنة لي، بل الجواب: أنه أطلق الورثة على الجنس كما في قوله: "مَن توك عيالًا فعليَّ، ومَن ترك مالًا فلورثته؛ فإنه أراد به جنس الوارث، أو علم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه تطول به الحياة ويحصل له الأولاد، وكذا جرى. لكن قال النووي: كان له عصبات أولاد أخيه عتبة.

3 - باب الوصية بالثلث

3 - باب الْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ وَقَالَ الْحَسَنُ لاَ يَجُوزُ لِلذِّمِّىِّ وَصِيَّةٌ إِلاَّ الثُّلُثُ. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ). 2743 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ لَوْ غَضَّ النَّاسُ إِلَى الرُّبْعِ، لأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ أَوْ كَبِيرٌ». 2744 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ عَدِىٍّ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ عَنْ هَاشِمِ بْنِ هَاشِمٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - قَالَ مَرِضْتُ فَعَادَنِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ لاَ يَرُدَّنِى عَلَى عَقِبِى. قَالَ «لَعَلَّ اللَّهَ يَرْفَعُكَ وَيَنْفَعُ بِكَ نَاسًا». قُلْتُ أُرِيدُ أَنْ أُوصِىَ، وَإِنَّمَا لِى ابْنَةٌ - قُلْتُ - أُوصِى بِالنِّصْفِ قَالَ «النِّصْفُ كَثِيرٌ». قُلْتُ فَالثُّلُثِ. قَالَ «الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ أَوْ كَبِيرٌ». قَالَ فَأَوْصَى النَّاسُ بِالثُّلُثِ، وَجَازَ ذَلِكَ لَهُمْ. طرفه 56 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الوصية بالثلث (وقال الحسن: لا يجوز للذميّ وصيةٌ إلَّا بالثلث) استدلَّ عليه بقوله تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: 49] وكذا قاله الأئمة: إذا رفع الأمر إلينا. 2743 - (قتيبة): بضم القاف، على وزن المصغر (عن ابن عباس: لو غضَّ الناس إلى الربع) ظاهره التمني، أي: لو نقصوا من الثلث واصلين إلى الربع، وأصل الغَضَّ -بفتح الغين معجمة، وضاد كذلك- الكسر. اتفق الأئمة على أنه يستحب النقص عن الثلث، وقد نقلنا عن الإمام أحمد أن مختاره الخمس، واختار بعضهم السدس، وآخر العشر. 2744 - ثم روى حديث سعد المتقدم في الباب قبله، وقد سلف شرحه (ادع اللهَ أنْ لا يردَّني على عقبي) يريد الموت بمكة، إذ هو معنى قوله: يكره الموت بمكة؛ لأنه دار هجرها لله.

4 - باب قول الموصى لوصيه تعاهد ولدى وما يجوز للوصى من الدعوى

4 - باب قَوْلِ الْمُوصِى لِوَصِيِّهِ تَعَاهَدْ وَلَدِى. وَمَا يَجُوزُ لِلْوَصِىِّ مِنَ الدَّعْوَى 2745 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهَا قَالَتْ كَانَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِى وَقَّاصٍ عَهِدَ إِلَى أَخِيهِ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ أَنَّ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ مِنِّى، فَاقْبِضْهُ إِلَيْكَ. فَلَمَّا كَانَ عَامُ الْفَتْحِ أَخَذَهُ سَعْدٌ فَقَالَ ابْنُ أَخِى، قَدْ كَانَ عَهِدَ إِلَىَّ فِيهِ. فَقَامَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ فَقَالَ أَخِى، وَابْنُ أَمَةِ أَبِى، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ. فَتَسَاوَقَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَقَالَ سَعْدٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْنُ أَخِى، كَانَ عَهِدَ إِلَىَّ فِيهِ. فَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ أَخِى وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِى. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ ابْنَ زَمْعَةَ، الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ». ثُمَّ قَالَ لِسَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ «احْتَجِبِى مِنْهُ». لِمَا رَأَى مِنْ شَبَهِهِ بِعُتْبَةَ، فَمَا رَآهَا حَتَّى لَقِىَ اللَّهَ. أطرافه 2053، 2218، 2421، 2533، 4303، 6749، 6765، 6817، 7182 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قول الموصي لوصيه: تعاهد ولدي، وما يجوز للوصي من الدعوى 2745 - روى في الباب عن عائشة: أن عتبة بن مالك أخو سعد بن أبي وقاص عهد إلى أخيه سعد أن ابن وليدةِ زمعة منه فاقبضه إليك، فتنازع فيه سعد وعبد بن زمعة، فألحق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الولد بالفراش. وهذا الحديث سلف في كتاب العتق في باب أم الولد. واستدل به هنا على جواز دعوى الوصي، وهذا مما أجمع عليه العلماء، وأجمعوا على أن لا دعوى إلا من المالك والوصي والوكيل.

5 - باب إذا أومأ المريض برأسه إشارة بينة جازت

فائدة: [التقريرات التي تؤيد الحنفية في تعيين المسح بالربع] 5 - باب إِذَا أَوْمَأَ الْمَرِيضُ بِرَأْسِهِ إِشَارَةً بَيِّنَةً جَازَتْ 2746 - حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ أَبِى عَبَّادٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ يَهُوِدِيًّا رَضَّ رَأْسَ جَارِيَةٍ بَيْنَ حَجَرَيْنِ، فَقِيلَ لَهَا مَنْ فَعَلَ بِكِ، أَفُلاَنٌ أَوْ فُلاَنٌ حَتَّى سُمِّىَ الْيَهُودِىُّ، فَأَوْمَأَتْ بِرَأْسِهَا، فَجِئَ بِهِ، فَلَمْ يَزَلْ حَتَّى اعْتَرَفَ، فَأَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَرُضَّ رَأْسُهُ بِالْحِجَارَةِ. طرفه 2413 6 - باب لاَ وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ 2747 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ وَرْقَاءَ عَنِ ابْنِ أَبِى نَجِيحٍ عَنْ عَطَاءٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إذا أومأ المريض برأسه إشارة بيِّنة جازت 2746 - (حسَّان) بفتح الحاء وتشديد السِّين (عبَّاد) بفتح العين، وتشديد الباء (همَّام) بفتح الحاء وتشديد الميم (أنَّ يهوديًّا رضَّ رأس جارية) بتشديد الضاد المعجمة، أي: دق ([من] فعل ذلك فلان أو فلان؟ حتى سُمِّي اليهوديُّ، فأومأت برأسها فجيء به، فلم يَزَلْ حتى اعترف). فإن قلت: حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على اليهودي إنما كان بإقراره فكيف استدل بالحديث على الترجمة، وهي الإشارة؟ قلت: استدل بالحديث على أن الإشارة اعتبرت في صحة الدعوى. واتفق الأئمة على اعتبار إشارة الأخرس ومن اعتقل لسانه، واختلفوا في إشارة الناطق، قال بها الشافعي وطائفة. باب لا وصية لوارث 2747 - (ورقاء) بالقاف والمدِّ (عن ابن أبي نَجيح) -بفتح النون وكسر الجيم- اسمه

7 - باب الصدقة عند الموت

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ الْمَالُ لِلْوَلَدِ، وَكَانَتِ الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ، فَنَسَخَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ مَا أَحَبَّ، فَجَعَلَ لِلذَّكَرِ مِثْلَ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ، وَجَعَلَ لِلأَبَوَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسَ، وَجَعَلَ لِلْمَرْأَةِ الثُّمُنَ وَالرُّبْعَ، وَلِلزَّوْجِ الشَّطْرَ وَالرُّبُعَ. طرفاه 4578، 6739 7 - باب الصَّدَقَةِ عِنْدَ الْمَوْتِ 2748 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عُمَارَةَ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَىُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ قَالَ «أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ حَرِيصٌ. تَأْمُلُ الْغِنَى، وَتَخْشَى الْفَقْرَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ عبد الله (كان المال للولد، وكانت الوصية للوالدين)، أي: واجبة في ابتداء الإسلام. فان قلت: ليس في الباب ما يدل على أنْ لا وصية للوارث؟ قلت: الذي ترجم عليه من أنْ لا وصية لوارث حديث رواه أبو داود وغيره حتى قالوا. رواية على شرط البخاري فاكتفى به، والظاهر أنه لم يَروه مسندًا؛ لأنه لم يكن على شرطه. وأجمع الأئمة على عدم جواز الوصية للوارث. وإنْ أجازه سائر الورثة، يكون ابتداءَ عطيَّة منهم ولم يكن تنفيذًا للوصية. باب الصدقة عند الموت 2748 - (محمد بن العلاء) بفتح العين والمدِّ (أبو أسامة) بضمِّ الهمزة، حماد بن أسامة (عُمارة) بضمِّ العين وتخفيف الميم (عن أبي زُرعة) بضم المعجمة، اسمه هرم (قال رجل: يا رسول الله أيُّ الصدقة أفضل؟) أي: أكثر ثوابًا (قال: أن تصدق) بحذف إحدى التاءين (وأنت صحيح حريص تأمل الغنى وتخشى الفقر) هذا شرح للحريص، وقد تقدَّم في أبواب الزكاة، بلفظ "الشحيح"، وهو أبلغ؛ لأن الشح حرص مع البخل، وهذا الوصف باعتبار أكثر الناس، لا كل أحد.

8 - باب قول الله تعالى (من بعد وصية يوصى بها أو دين)

وَلاَ تُمْهِلْ حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ قُلْتَ لِفُلاَنٍ كَذَا وَلِفُلاَنٍ كَذَا، وَقَدْ كَانَ لِفُلاَنٍ». طرفه 1419 8 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِى بِهَا أَوْ دَيْنٍ) وَيُذْكَرُ أَنَّ شُرَيْحًا وَعُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَطَاوُسًا وَعَطَاءً وَابْنَ أُذَيْنَةَ أَجَازُوا إِقْرَارَ الْمَرِيضِ بِدَيْنٍ. وَقَالَ الْحَسَنُ أَحَقُّ مَا تَصَدَّقَ بِهِ الرَّجُلُ آخِرَ يَوْمٍ مِنَ الدُّنْيَا وَأَوَّلَ يَوْمٍ مِنَ الآخِرَةِ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ وَالْحَكَمُ إِذَا أَبْرَأَ الْوَارِثَ مِنَ الدَّيْنِ بَرِئَ. وَأَوْصَى رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ أَنْ لاَ تُكْشَفَ امْرَأَتُهُ الْفَزَارِيَّةُ عَمَّا أُغْلِقَ عَلَيْهِ بَابُهَا. وَقَالَ الْحَسَنُ إِذَا قَالَ لِمَمْلُوكِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ كُنْتُ أَعْتَقْتُكَ. جَازَ. وَقَالَ الشَّعْبِىُّ إِذَا قَالَتِ الْمَرْأَةُ عِنْدَ مَوْتِهَا إِنَّ زَوْجِى قَضَانِى وَقَبَضْتُ مِنْهُ. جَازَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ (قلت: لفلان كذا، وقد كان لفلان) أي: وقد صار المال بحكم الموت للوارث، وأنت تقطعه عنه، وتوصي به للغير، وتمام الكلام عليه في كتاب الزكاة. وروى ابن حبان مرفوعًا أن الذي يتصدق عند الموت مثل الذي يهدي إذا شبع، وروى أيضًا أن التصدق بدرهم في الصحة خير من التصدق بمائة ألف عند الموت. باب قول الله عز وجل: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 11] الجار يتعلق بقوله: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} (ويُذكر أنَّ شُريحًا) -بضمِّ الشين، مصغَّر- هو القاضي المعروف (وعمرَ بن عبد العزيز، وطاوسًا وعطاء، وابن أُذينه) بضم الهمزة، مصغَّر أذن واسمه عروة، وقيل: عبد الرحمن (أجازوا إقرار المريض بدَينٍ وقال الحسن: أحق ما يتصدَّق به الرجل آخرَ يومٍ من الدنيا) بنصب يوم في آخر يوم، وكذا أوَّل. استدل به على أن إبراء المورِّث وارثه وإقراره له في مرضه جائز وغرضُه من كثرة هذه الآثار الدالة على جواز إقرار المريض للوارث الردُّ على أبي حنيفة. وهو الذي أراده بقوله:

وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ لاَ يَجُوزُ إِقْرَارُهُ لِسُوءِ الظَّنِّ بِهِ لِلْوَرَثَةِ، ثُمَّ اسْتَحْسَنَ فَقَالَ يَجُوزُ إِقْرَارُهُ بِالْوَدِيعَةِ وَالْبِضَاعَةِ وَالْمُضَارَبَةِ. وَقَدْ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ». وَلاَ يَحِلُّ مَالُ الْمُسْلِمِينَ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «آيَةُ الْمُنَافِقِ إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ». وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) فَلَمْ يَخُصَّ وَارِثًا وَلاَ غَيْرَهُ. فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. ـــــــــــــــــــــــــــــ (وقال بعض الناس: لا يجوز لسوء الظن به للورثة، ثم استحسن وقال: يجوز إقراره بالوديعة) وهذا تناقض منه. ورُدَّ قوله لسوء الظن به للورثة، بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إيَّاكم والظنَّ). فتعليل أبي حنيفة معارض للحديث، وله أجوبة في فروع الحنيفة. وجملة القول أن اعتراض البخاري ساقط؛ لأن أبا حنيفة مجتهد بالاتفاق، يجب عليه العمل بما أدى إليه رأيه، سواء كان صوابًا أو خطأ. وهو قول للشافعي، وإليه ذهب الإمام أحمد، وقال به مالك إذا كان متهمًا (فإن الظَّنَّ كذب الحديث). فإن قلت: الصدق مطابقة الخبر للواقع، والكذب عدمه. فكيف يصح أفعل التفضيل، وأيضًا الصدق والكذب مكان للخبر لا للظن، فكيف وصف به الظن، وأيضًا الوهم أبعد من الصدق؛ لأنه الحكم بالمرجوح. قلت: أجاب بعضهم بأن الظن جعل كالمتكلم فوصف بهما، كما يوصف بهما المتكلم، والمتكلم يقبل الزيادة والنقصان في الصدق والكذب. فالحاصل: الظنُّ في الحديث من غيره الكذب. هذا كلامه وليس بشيء فإن أفعل التفضيل إذا أضيف يكون بعض المضاف إليه، فالظنُّ بمعنى المظنون، لأنه أضيف إلى الحديث، فأكثر أفراده يكون كذبًا؛ لأنه يحتمل الخطأ حالًا ومآلًا. وأما الموهوم فلا يرضى عاقل أن يتكلم به فهو ساقط عن درجة الاعتبار. فإن قلت: المفضل عليه ينحصر في اليقين. فيلزم منه أن يكون الخبر القطعي قابلًا للكذب في الجملة، ولا قائل به؟ قلت: اسم التفضيل إذا أضيف قد يقصد به الزيادة في نفسه، كقولهم: يوسف أحسن إخوته. وما نحن فيه من ذلك.

9 - باب تأويل قول الله تعالى (من بعد وصية يوصى بها أو دين) (9) ويذكر أن النبى - صلى الله عليه وسلم - قضى بالدين قبل الوصية وقوله (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها)، فأداء الأمانة أحق من تطوع الوصية وقال النبى - صلى الله عليه وسلم - «لا صدقة إلا عن ظهر غنى»

2749 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ مَالِكِ بْنِ أَبِى عَامِرٍ أَبُو سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلاَثٌ، إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ». طرفه 33 فائدة: [تعريف الإحسان] فائدة أخرى 9 - باب تَأْوِيلِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِى بِهَا أَوْ دَيْنٍ). (9) وَيُذْكَرُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَضَى بِالدَّيْنِ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ. وَقَوْلِهِ (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا)، فَأَدَاءُ الأَمَانَةِ أَحَقُّ مِنْ تَطَوُّعِ الْوَصِيَّةِ. وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ صَدَقَةَ إِلاَّ عَنْ ظَهْرِ غِنًى». ـــــــــــــــــــــــــــــ 2749 - (آية المنافق ثلاث، إذا حدث كذب، وإذا أئتمن خان) استدل به على قبول إقرار المورث لأنه إذا لم يقبل قوله يكون خائنًا، وهذا لا يُلزم أبا حنيفة لأنه تقدَّم أنه يقبلُ إقرارَه في في الوديعة. اللهمَّ إلا أن يجعل عدم قبول إقراره بالدَّين مثله قياسًا (أبو الربيع) ضد الخريف (أبو سهيل) نافع بن مالك. باب تأويل قوله تعالى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 11] (ويذكر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قضى بالدين قبل الوصية) هذا التعليق رواه الترمذي وابن ماجه والحاكم وفيه بيان لما وقع في الآية مجملًا من قوله: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 11] فإنه قدم الوصية والدين على الإرث، ولكن لم يبين فيها أنَّ أيَّهما مقدم. (وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا صدقةَ إلا عن ظهر غنىً) استدلَّ به على تقدم الدين لأن مَن عليه

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لاَ يُوصِى الْعَبْدُ إِلاَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِ. وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الْعَبْدُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ». 2750 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ - رضى الله عنه - قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَعْطَانِى، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِى ثُمَّ قَالَ لِى «يَا حَكِيمُ، إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرٌ حُلْوٌ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، وَكَانَ كَالَّذِى يَأْكُلُ وَلاَ يَشْبَعُ، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى». قَالَ حَكِيمٌ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لاَ أَرْزَأُ أَحَدًا بَعْدَكَ شَيْئًا حَتَّى أُفَارِقَ الدُّنْيَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ دين مستغرق لا يوصف بالغنى، وهذا تقدَّم في أبواب الزكاة مسندًا. (وقوله: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58] هذا أيضًا من الترجمة (وقال ابن عباس: [لا] يوصي العبد إلا بإذن أهله) لأنه لا مال له، لكن هذا محمول على التبرع بالوصية وأما العبد المأذون إذا كان عليه دين لا تتوقف الوصية به على الإذن. (وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: العبد راع في مال سيِّده) فلا يجوز له التصرف فيه بالوصية وغيرها. 2750 - (عن الأوزاعي) بفتح الهمزة، عبد الرحمن شيخ أهل الشام (حكيم بن حزام) بكسر الحاء، وزَاي معجمة. روى عنه أنه سأل رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - المالَ فأعطاه (ثم قال له: يا حكيم إن هذا المال خَضِرٌ حلوٌ) الإشارة بهذا إلى الجنس، أوراد المبالغة في ميل النفس إليه فشبهه بالأخضر الحلو، فإن النفسَ مائلةٌ إلى كل واحد منها. فكيف إذا جمعها؟ والخَضر: بفتح الخاء وكسر الضاد. ويروى بالتاء "خَضرة" والحديث تقدم في أبواب الزكاة، ووجه دلالته هنا على الترجمة أن حكيمًا كان له حق في بيت المال، وكان أبو بكر وعمر يسألانه أن يأخذ حقَّه، فيأبى فدَلَّ على أن الدين مقدم على الوصية؛ لأنها تبرع. (بإشراف نفس) أي: بحرص وطمع، من أشرف على الشيء اطّلع عليه. (والذي بعثك بالحق لا أرزؤ أحدًا بعدك) أي: لا أسأل. أصله: النقص. أطلقه على الأخذ.

10 - باب إذا وقف أو أوصى لأقاربه ومن الأقارب

فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَدْعُو حَكِيمًا لِيُعْطِيَهُ الْعَطَاءَ فَيَأْبَى أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ شَيْئًا، ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ دَعَاهُ لِيُعْطِيَهُ فَيَأْبَى أَنْ يَقْبَلَهُ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، إِنِّى أَعْرِضُ عَلَيْهِ حَقَّهُ الَّذِى قَسَمَ اللَّهُ لَهُ مِنْ هَذَا الْفَىْءِ فَيَأْبَى أَنْ يَأْخُذَهُ. فَلَمْ يَرْزَأْ حَكِيمٌ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ بَعْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى تُوُفِّىَ رَحِمَهُ اللَّهُ. طرفه 1472 2751 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّخْتِيَانِىُّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ». قَالَ وَحَسِبْتُ أَنْ قَدْ قَالَ «وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ». طرفه 893 10 - باب إِذَا وَقَفَ أَوْ أَوْصَى لأَقَارِبِهِ وَمَنِ الأَقَارِبُ وَقَالَ ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لأَبِى طَلْحَةَ «اجْعَلْهَا لِفُقَرَاءِ أَقَارِبِكَ». فَجَعَلَهَا لِحَسَّانَ وَأُبَىِّ بْنِ كَعْبٍ. 2751 م - وَقَالَ الأَنْصَارِىُّ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ ثُمَامَةَ عَنْ أَنَسٍ مِثْلَ حَدِيثِ ثَابِتٍ قَالَ «اجْعَلْهَا لِفُقَرَاءِ قَرَابَتِكَ». قَالَ أَنَسٌ: ـــــــــــــــــــــــــــــ 2751 - (بشر بن محمد) بالموحدة وشين معجمة روى عن ابن عمر أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) وفيه دلالة على الشِّق الثاني من الترجمة: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58] ووجه الدلالة ظاهر. باب إذا وقف أو أوصى لأقاربه، ومن الأقارب؟ (عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأبي طلحة: اجعله لفقراء أقربائك) الضمير في اجعله لبيرحاء اسم حديقة. والحديث سلف في أبواب الزكاة (وقال الأنصاري) هو محمد بن عبد الله بن المثنى (عن ثُمامة) بضم الثاء (اجعلها) أي: الحديقة. (لفقراء قرابتك، قال أنس:

فَجَعَلَهَا لِحَسَّانَ وَأُبَىِّ بْنِ كَعْبٍ، وَكَانَا أَقْرَبَ إِلَيْهِ مِنِّى، وَكَانَ قَرَابَةُ حَسَّانَ وَأُبَىٍّ مِنْ أَبِى طَلْحَةَ وَاسْمُهُ زَيْدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ الأَسْوَدِ بْنِ حَرَامِ بْنِ عَمْرِو بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ عَدِىِّ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ، وَحَسَّانُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ حَرَامٍ فَيَجْتَمِعَانِ إِلَى حَرَامٍ، وَهْوَ الأَبُ الثَّالِثُ، وَحَرَامُ بْنُ عَمْرِو بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ عَدِىِّ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ، فَهْوَ يُجَامِعُ حَسَّانُ أَبَا طَلْحَةَ وَأُبَىٌّ إِلَى سِتَّةِ آبَاءٍ إِلَى عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ، وَهْوَ أُبَىُّ بْنُ كَعْبِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ، فَعَمْرُو بْنُ مَالِكٍ يَجْمَعُ حَسَّانَ وَأَبَا طَلْحَةَ وَأُبَيًّا. وَقَالَ بَعْضُهْمْ إِذَا أَوْصَى لِقَرَابَتِهِ فَهْوَ إِلَى آبَائِهِ فِي الإِسْلاَمِ. 2752 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لأَبِى طَلْحَةَ «أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الأَقْرَبِينَ». قَالَ أَبُو طَلْحَةَ أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِى عَمِّهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فجعلها لحسَّان وأُبَيّ؛ لأنهما كانا أقرب إليه مني). فإن قلت: لفظ القرابة شاملة للأقرب والأبعد. فكيف لم يُدخل أنسًا؛ قلت جاء في الرواية: الأقربين (فهو يجامع حسان وأبا طلحة وأبيًّا إلى ستة آباء) ضمير هو للشأن وفاعل يجامع ومعنى قوله: إلى ستة آباء، أي: إلى الأب السادس وهو عمرو بن مالك بن النجار، هذا ظاهر. ولكن كان على البخاري أن يذكر نسب أنس ليظهر وجه بعده وقد ذكروا أنه يلاقي أبا طلحة في الجَدِّ لثاني عشر. (حرام) ضد الحلال (زيد مناة) علم مركب مثل بعلبك (وقال بعضهم: إذا أوصى لقرابته فهو إلى آبائه في الإسلام) يريد به أبا حنيفة رد عليه بالحديث؛ فإن قرابة حسَّان وأُبي وأبي طلحة لم يجمعها أب في الإسلام، وهذا ليس مذهب أبي حنيفة، بل قول صاحبيه، وقول أبي حنيفة: القرابة كل ذي رحم. 2752 - وقال الشافعي في الوصية للأقارب: يعتر أقرب جد ينسبون إليه كبني هاشم وبني المطلب مثلًا، وأقرب الأقارب الأصول والفروع.

11 - باب هل يدخل النساء والولد فى الأقارب

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَمَّا نَزَلَتْ (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) جَعَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُنَادِى «يَا بَنِى فِهْرٍ، يَا بَنِى عَدِىٍّ». لِبُطُونِ قُرَيْشٍ. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ لَمَّا نَزَلَتْ (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ». طرفه 1461 11 - باب هَلْ يَدْخُلُ النِّسَاءُ وَالْوَلَدُ فِي الأَقَارِبِ 2753 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) قَالَ «يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ - أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا - اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ، لاَ أُغْنِى عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يَا بَنِى عَبْدِ مَنَافٍ لاَ أُغْنِى عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يَا عَبَّاسُ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لاَ أُغْنِى عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، وَيَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ لاَ أُغْنِى عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، وَيَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَلِينِى مَا شِئْتِ مِنْ مَالِى لاَ أُغْنِى عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا». ـــــــــــــــــــــــــــــ (وقال ابن عباس: لما نزلت: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ينادي يا بني فهر) بكسر الفاء وسكون الهاء (يا بني عدي لبطون قريش) قال الجوهري: البطن دون القبيلة، فإن قريشًا قبيلة وهؤلاء بطونه، ورد بهذا الحديث هنا على أبي حنيفة فإن الانتساب إلى الأب في الإسلام ليس شرطًا ولا يخفى ضعف هذا الاستدلال (وقال أبو هريرة لما نزلت {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214]، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: يا معشر قريش) فدل ذلك على أنَّ قريشًا داخلة في الأقربين؛ وذلك لأن القرب أمر نسبي. باب هل يدخل النساء والولد في الأقارب 2753 - روى في الباب الحديث الذي رواه في الباب قبله، أنه لما نزلت: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214]، نادى رسول - صلى الله عليه وسلم - بطون قريش، استدل به هنا على أن النساء والولدان يدخلون في الأقارب لقوله: (يا صفية عمَّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويا فاطمة بنت محمد، لا أغني عنك من الله شيئًا).

12 - باب هل ينتفع الواقف بوقفه

تَابَعَهُ أَصْبَغُ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. طرفاه 3527، 4771 12 - باب هَلْ يَنْتَفِعُ الْوَاقِفُ بِوَقْفِهِ وَقَدِ اشْتَرَطَ عُمَرُ - رضى الله عنه - لاَ جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهُ أَنْ يَأْكُلَ. وَقَدْ يَلِى الْوَاقِفُ وَغَيْرُهُ. وَكَذَلِكَ مَنْ جَعَلَ بَدَنَةً أَوْ شَيْئًا لِلَّهِ، فَلَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا كَمَا يَنْتَفِعُ غَيْرُهُ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ. 2754 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى رَجُلاً يَسُوقُ بَدَنَةً، فَقَالَ لَهُ «ارْكَبْهَا». فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا بَدَنَةٌ. قَالَ فِي الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ «ارْكَبْهَا، وَيْلَكَ، أَوْ وَيْحَكَ». طرفه 1690 2755 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى رَجُلاً يَسُوقُ بَدَنَةً، فَقَالَ «ارْكَبْهَا». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا بَدَنَةٌ. قَالَ «ارْكَبْهَا، وَيْلَكَ». فِي الثَّانِيَةِ أَوْ فِي الثَّالِثَةِ. طرفه 1689 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: شفاعته عامة لأهل الكبائر فضلًا عن عترته وقرابته؟ قلت: أراد الإغراء على طاعة الله، ومحمل كلامه أنه لا يغني شيئًا إلا من بعد إذن الله له في الشفاعة، أو لم يكن علم ذلك في ذلك الوقت؛ فإن هذا كان في أول الإسلام، وهو بمكة وكانت هذه القصة وهو على الصفا. (تابعه أصبغ) بالصاد المهملة والغين المعجمة. باب هل ينتفع الواقف بوقفه (وقد اشترط عمر أن لا جناح على مَن وليه أن يكل منها). قال البخاري: (وقد يلي الواقف وغيره). 2754 - 2755 - ثم روى حديث صاحب البدنة. واستدلَّ به على أن البدنة وإن كانت لفقراء الحرم إلا أن الركوب جائز؛ لأن البدنة مثل أصل الوقف، والركوب كالانتفاع بالوقف. (ويلك أو ويحك) الشك من الراوي، قيل: الويل كلمة العذاب، والويح: كلمة ترحُّم. قلت: هذا إن كان باعتبار الأصل فممكن وإن كان باعتبار المقام فلم يُردْ بذلك إلا نوع توبيخ؛ فإنه أمره بالركوب فشرع يناظره لبعد ذهنه ولقلَّة إدراكه.

13 - باب إذا وقف شيئا فلم يدفعه إلى غيره، فهو جائز

13 - باب إِذَا وَقَفَ شَيْئًا فَلَمْ يَدْفَعْهُ إِلَى غَيْرِهِ، فَهُوَ جَائِزٌ لأَنَّ عُمَرَ - رضى الله عنه - أَوْقَفَ وَقَالَ لاَ جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهُ أَنْ يَأْكُلَ، وَلَمْ يَخُصَّ إِنْ وَلِيَهُ عُمَرُ أَوْ غَيْرُهُ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لأَبِى طَلْحَةَ «أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الأَقْرَبِينَ». فَقَالَ أَفْعَلُ. فَقَسَمَهَا فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِى عَمِّهِ. 14 - باب إِذَا قَالَ دَارِى صَدَقَةٌ لِلَّهِ وَلَمْ يُبَيِّنْ لِلْفُقَرَاءِ أَوْ غَيْرِهِمْ. فَهُوَ جَائِزٌ، وَيَضَعُهَا فِي الأَقْرَبِينَ أَوْ حَيْثُ أَرَادَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لأَبِى طَلْحَةَ حِينَ قَالَ أَحَبُّ أَمْوَالِى إِلَىَّ بَيْرَحَاءَ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ، فَأَجَازَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ذَلِكَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ لاَ يَجُوزُ حَتَّى يُبَيِّنَ لِمَنْ وَالأَوَّلُ أَصَحُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إذا وقف شيئًا ولم يدفعه إلى غيره فهو جائز أراد بهذا الردَّ على الإمام محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة واستدل على ذلك بوقف عمر، فإنه لم يجعل له متوليًا ولا سلمه إلى أحد. وكذا بوقف أبي طلحة ولكن في وقف أبي طلحة نظر؛ لأنه قسمه في أقاربه وأيضًا لم يكن ذلك وقفًا. بل عطيةً وهبةً؛ ولذا باعه حسّان لمعاوية كما سيأتي عن قريب في البخاري. باب إذا قال داري صدقة ولم يبيِّن للفقراء أو غيرهم استدل على جوازه بقضية أبي طلحة وقد عرفت ما فيه. (وقال بعضهم: لا يجوز حتى يبين لمن، والأول أصح) هذا الأصح مختاره، وبه قال مالك. والجمهور على عدم جوازه ما لم يبيِّن الموقوف عليه [....] أو جهة، وأما قوله: (قال أبو طلحة: أحبُّ أموالي بيرحاء، وإنها صدقة لله، فأجاز النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك) في ذلك دليل؛ فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيَّن المصرِف، وقال: "اجعلها في الأقربين" على أنَّ هذا لم يكن وقفًا بل هبة كما ذكرنا في الباب قبله.

15 - باب إذا قال أرضى أو بستانى صدقة عن أمى فهو جائز، وإن لم يبين لمن ذلك

15 - باب إِذَا قَالَ أَرْضِى أَوْ بُسْتَانِى صَدَقَةٌ عَنْ أُمِّى. فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ لِمَنْ ذَلِكَ 2756 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى يَعْلَى أَنَّهُ سَمِعَ عِكْرِمَةَ يَقُولُ أَنْبَأَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ - رضى الله عنه - تُوُفِّيَتْ أُمُّهُ وَهْوَ غَائِبٌ عَنْهَا، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّى تُوُفِّيَتْ وَأَنَا غَائِبٌ عَنْهَا، أَيَنْفَعُهَا شَىْءٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَنْهَا قَالَ «نَعَمْ». قَالَ فَإِنِّى أُشْهِدُكَ أَنَّ حَائِطِى الْمِخْرَافَ صَدَقَةٌ عَلَيْهَا. طرفاه 2762، 2770 16 - باب إِذَا تَصَدَّقَ أَوْ أَوْقَفَ بَعْضَ مَالِهِ، أَوْ بَعْضَ رَقِيقِهِ أَوْ دَوَابِّهِ، فَهُوَ جَائِزٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إذا قال أرضي أو بستاني صدقة عن أمِّي فهو جائز، وإن لم يبيِّن لمن ثيلك وقد أشرنا إلى أن هذا لا يصحُّ عند الجمهور ما لم يبين الموقوف عليه. 2756 - (محمد) وكذا وقع في بعضها، وهو ابن سلام، قاله الغسَّاني، كما وقع في بعضها. (مَخْلَد) بفتح الميم وخاء معجمة (ابن جريج) بضم الجيم مصغَّر عبد الملك (يَعلى) على وزن يَحيى (سعد بن عُبادة) بضم العين وباء مخففة، سيد الخزرج (أُشهِدُك أن حائطي المِخراف)، بكسر الميم. وعن الفراء: فتح الميمَ جماعةٌ النخل من الخِراف، وهو قطاف التمر واجتناؤه. والظاهر أنه عَلَم لذلك الحائط. والحائط الحديقة: من إطلاق اسم على الكل. والحديث دال على أنَّ الصدقة عن الميت واصلة إليه. قيل: هذا مخصص لعموم قوله تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم: 39] وفيه خلل من وجهين: الأوَّل: أن العموم إنما هو في قوله: {مَا سَعَى} وهو باقٍ على عمومه. الثاني: أن صدقة الولد أيضًا من سعي الوالدين؛ لأنه سعي في تحصيل ولد يدعو له، ويتصدق عنه. ألا ترى أن المؤمن بإيمانه يسعى في جلب دعاء كافة المؤمنين له إلى آخر الدهر {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ} [الحشر: 10]. باب إذا تصدَّق أو وقف بعض ماله أو بعض رقيقه أو دوابه فهو جائز أي إذا عين التصدق. والوقف لبعض المال مما لا خلاف فيه. إنما الخلاف في الجميع، والجمهور على جوازه ممن كان له صبر بلا كراهة، ومن غيره مع الكراهة،

17 - باب من تصدق إلى وكيله ثم رد الوكيل إليه

2757 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبٍ قَالَ سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه. قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ مِنْ تَوْبَتِى أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِى صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ «أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ». قُلْتُ فَإِنِّى أُمْسِكُ سَهْمِى الَّذِى بِخَيْبَرَ. أطرافه 2947، 2948، 2949، 2950، 3088، 3556، 3889، 3951، 4418، 4673، 4676، 4677، 4678، 6255، 6690، 7225 17 - باب مَنْ تَصَدَّقَ إِلَى وَكِيلِهِ ثُمَّ رَدَّ الْوَكِيلُ إِلَيْهِ 2758 - وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ أَخْبَرَنِى عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ، لاَ أَعْلَمُهُ إِلاَّ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) جَاءَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي كِتَابِهِ (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِى إِلَىَّ بِيرُحَاءَ - قَالَ وَكَانَتْ حَدِيقَةً كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدْخُلُهَا وَيَسْتَظِلُّ بِهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَائِهَا - فَهِىَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِلَى ـــــــــــــــــــــــــــــ واستدلوا على ذلك بقضية الصِّديق حيث تصدق بجميع ماله، فأمضاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يمضه لكعب بن مالك. 2757 - (بُكير)، بضم الباء، مصَغَّر (إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة) من: تبعيضية. أي: بعض توبتي، أو بمعنى اللام، أي: شكرًا لقبول توبتي. باب من تصدَّق إلى وكيله، ثم ردَّ الوكيل إليه 2758 - (إسماعيل) هو ابن أبي أويس (لا أعلمه إلا عن أنس) هذا أخص من قوله: حدثنا ونحوه؛ لأنه بطريق الحصر فيه، ومن عكس فقد التبس عليه (إنَّ أحبَّ أموالي إليَّ بِيرحاء)

رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - أَرْجُو بِرَّهُ وَذُخْرَهُ، فَضَعْهَا أَىْ رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «بَخْ يَا أَبَا طَلْحَةَ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، قَبِلْنَاهُ مِنْكَ وَرَدَدْنَاهُ عَلَيْكَ، فَاجْعَلْهُ فِي الأَقْرَبِينَ». فَتَصَدَّقَ بِهِ أَبُو طَلْحَةَ عَلَى ذَوِى رَحِمِهِ، قَالَ وَكَانَ مِنْهُمْ أُبَىٌّ وَحَسَّانُ، قَالَ وَبَاعَ حَسَّانُ حِصَّتَهُ مِنْهُ مِنْ مُعَاوِيَةَ، فَقِيلَ لَهُ تَبِيعُ صَدَقَةَ أَبِى طَلْحَةَ فَقَالَ أَلاَ أَبِيعُ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ بِصَاعٍ مِنْ دَرَاهِمَ قَالَ وَكَانَتْ تِلْكَ الْحَدِيقَةُ فِي مَوْضِعِ قَصْرِ بَنِى حُدَيْلَةَ الَّذِى بَنَاهُ مُعَاوِيَةُ. طرفه 1461 ـــــــــــــــــــــــــــــ سبق ضبطه في أبواب الزكاة (أرجو برَّه) أي: ثوابه من الله (وذُخرَه) بضم الذال المعجمة في الأصل مصدر أريد به الشيء المدَّخر لوقت الحاجة (فضعها أيْ رسول الله) بفتح الهمزة، حرف نداء. (حيث أراك الله) أي أعلمك. هذا موضع الدلالة على الترجمة: فإنه توكيل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (بخ) بفتح الباء وتشديد الخاء، ينوَّن ولا ينوَّن، كلمة تقال عند الرضى بالشيء. (ذلك مال رابح). بالباء الموحدة، بشَّره فإنه ربح فيما فعل، ويروى بالياء المثناة: أيروح عليك ثوابه؟ (فتصدق به أبو طلحة على ذوي رحمه) أي: الأقربين منهم، قال ابن الأثير: ذو الرحم: من جمعك وإياه نسب، وفي الفرائض يختص في القرابة من جهة. (وباع حسان من معاوية) فإن قلت: كيف باع الوقف؟ قلت: لم يكن وقفًا. بل كان صدقةً، والصدقة هبة يطلب بها ثواب الآخرة. قال بعضهم: فإن قلت: كيف جاز بيع الوقف؟ قلت: التصدق على المعيَّن تمليك له، وهذا فهم أن الوقف على المعيَّن يجوز بيعه. وهو خلاف الإجماع. (فكانت تلك الحديقة في موضع قَصْرِ بني حديلَةَ) بفتح الحاء المهملة، ويقال: بالضم مصغَّر، بطن من الأنصار، وقد نبهناك على أن هذا يشكل على البخاري حيث استدل به على الوقف على الأقارب.

18 - باب قول الله تعالى (وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه)

18 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ) 2759 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ إِنَّ نَاسًا يَزْعُمُونَ أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ نُسِخَتْ، وَلاَ وَاللَّهِ مَا نُسِخَتْ، وَلَكِنَّهَا مِمَّا تَهَاوَنَ النَّاسُ، هُمَا وَالِيَانِ وَالٍ يَرِثُ، وَذَاكَ الَّذِى يَرْزُقُ، وَوَالٍ لاَ يَرِثُ، فَذَاكَ الَّذِى يَقُولُ بِالْمَعْرُوفِ، يَقُولُ لاَ أَمْلِكُ لَكَ أَنْ أُعْطِيَكَ. طرفه 4576 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله عزَّ وجلَّ: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ} [النساء: 8] الخطاب للورثة، أمرهم بأنهم عند قسمة الميراث يعطون شيئًا من ذلك الذي حصل لهم من غير كدٍّ ولا سعي لمن ليس له حظ من ذلك المال لذوي قرابة الميِّت، وكذا كل من حضر من اليتامى والمساكين. 2759 - (أبو النُّعمان) بضم النون (أبو عوانة) بفتح العين، الوضاح اليشكري (عن أبي بِشرٍ) بكسر الموحدة وشين معجمة (عن ابن عباس إنَّ ناسًا يزعمون أن هذه الآية نسخت) يريد الآية التي ترجم عليها البخاري من قوله: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ} (ولكن مما تهاون الناس) أي تساهلوا في العمل بها. (هما واليان) الضمير للوارث الذي علم في القسمة، أو الذي في قوله: {فَارْزُقُوهُمْ} وإنما ثنَّاه باعتبار الخبر. (والٍ يرث وذاك الذي يرزق) بضم الياء، على بناء المجهول في النسخ المعتبَرة، ومعناه أن الذي يرزق الميراث ويحصل له الإرث هو المأمور بأن يرزق من ذلك المال المحتاجَ من ذوي القربى واليتامى، وأما الذي له ولاية على مال الميت، كقيم اليتيم والوصي، فذاك الذي يقول بالمعروف ويعتذر إلى الحاضرين بأن المال ليس لي ولا يجوز لي التصرف فيه، وهذا معنى حسن، وهو الذي أراده ابن عباس وشرحه بعض الشارحين. (يَرزقُ) على بناء الفاعل، بأن الذي ورث المال يَرزق من حضر، وأما الآخر فلا مال له فلا يرزق أحدًا، وهذا أيضًا صحيح في نفسه إلَّا أن آخر الحديث يؤيد الأول، وأيضًا إسناد الرزق إلى المتصدق ليس متعارفًا فتأمل.

19 - باب ما يستحب لمن يتوفى فجأة أن يتصدقوا عنه، وقضاء النذور عن الميت

19 - باب مَا يُسْتَحَبُّ لِمَنْ يُتَوَفَّى فَجْأَةً أَنْ يَتَصَدَّقُوا عَنْهُ، وَقَضَاءِ النُّذُورِ عَنِ الْمَيِّتِ 2760 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّ أُمِّى افْتُلِتَتْ نَفْسَهَا، وَأُرَاهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ، أَفَأَتَصَدَّقُ عَنْهَا قَالَ «نَعَمْ، تَصَدَّقْ عَنْهَا». طرفه 1388 2761 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ - رضى الله عنه - اسْتَفْتَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ إِنَّ أُمِّى مَاتَتْ وَعَلَيْهَا نَذْرٌ. فَقَالَ «اقْضِهِ عَنْهَا». طرفاه 6698، 6959 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ما يستحب لمن توفي فجأةً أن يتصدقوا عنه، وقضاء النذور عن الميت 2760 - (عن عائشة رضي الله عنها أن رجلًا قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إن أمي افتُلِتَت نفسها) بضم الهمزة على بناء المجهول ونصب نفسها، والقائم مقام الفاعل الضمير المستتر في الفعل على أنه متعدٍّ إلى مفعولين، كقولك: اختلسته الشيء. والرفع على أنه متعد إلى مفعول واحد، على معنى: أخذ الله روحها. وهذا الرجل هو سعد بن عبادة سيذكره صريحًا مع هذا المتن. 2761 - (عن ابن عباس أن سعد بن عبادة استفتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّ أمَّه ماتت وعليها نذر، فقال: اقضِه عنها). قال النووي: اختلف في نذر أم سعد قيل: كان نذرًا مطلقًا، وقيل: كان صومًا. وقيل: عتقًا. وقيل: صدقة. قال والأوَّل أصح لما روى الدارقطني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "اسق

20 - باب الإشهاد فى الوقف والصدقة

20 - باب الإِشْهَادِ فِي الْوَقْفِ وَالصَّدَقَةِ 2762 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ أَخْبَرَنِى يَعْلَى أَنَّهُ سَمِعَ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَقُولُ أَنْبَأَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ - رضى الله عنهم - أَخَا بَنِى سَاعِدَةَ تُوُفِّيَتْ أُمُّهُ وَهْوَ غَائِبٌ، فَأَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّى تُوُفِّيَتْ وَأَنَا غَائِبٌ عَنْهَا، فَهَلْ يَنْفَعُهَا شَىْءٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَنْهَا قَالَ «نَعَمْ». قَالَ فَإِنِّى أُشْهِدُكَ أَنَّ حَائِطِى الْمِخْرَافَ صَدَقَةٌ عَلَيْهَا. طرفه 2756 ـــــــــــــــــــــــــــــ عنها الماء". والحديث حجة على مالك وأبي حنيفة في أن الحقوف المالية كالزكاة والنذور تُقضى عن الميِّت وإن لم يوصِ به، إن كان له مال، وإن لم يكن له مال وتبرع به وارثه أو آخر يقع عنه. باب الإشهاد في الوقف والصدقة 2762 - (يَعلى) على وزن يحيى (أن سعد بن عبادة أخا بني ساعده) يريد: أحد بني ساعدة، كما تقول للعربي: يا أخا العرب، تقدَّم لشرح الحديث في باب إذا قال: أرضي وبستاني صدقة عن أمي. (حائطي المخراف) بفتح الميم، عن الفراء وعن غيره الكسر. وأشرنا أن الظاهر أنه علم لذلك الحائط. فإن قلت: ليس في الباب ما يدل على الإشهاد في الوقف؟ قلت: أراد إلحاق الوقف بالصدقة فإن كلًّا منهما عمل برّ، فكان الأصل فيه الإخفاء، إلا أنه شرُع فيه الإشهاد؛ لأنه ربما يقع فيه النزاع، كذا قيل. والحق أنه لا حاجة إليه؛ لأن الوقف صدقة. ألا ترى أنه في العرف صدقة جارية، وعطف الصدقة عليه من عطف العام على الخاص.

21 - باب قول الله تعالى (وآتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم إنه كان حوبا كبيرا * وإن خفتم أن لا تقسطوا فى اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء)

21 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا * وَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ لاَ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ). 2763 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ كَانَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - (وَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ لاَ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ) قَالَتْ هِىَ الْيَتِيمَةُ فِي حَجْرِ وَلِيِّهَا، فَيَرْغَبُ فِي جَمَالِهَا وَمَالِهَا، وَيُرِيدُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِأَدْنَى مِنْ سُنَّةِ نِسَائِهَا، فَنُهُوا عَنْ نِكَاحِهِنَّ، إِلاَّ أَنْ يُقْسِطُوا لَهُنَّ فِي إِكْمَالِ الصَّدَاقِ، وَأُمِرُوا بِنِكَاحِ مَنْ سِوَاهُنَّ مِنَ النِّسَاءِ قَالَتْ عَائِشَةُ ثُمَّ اسْتَفْتَى النَّاسُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ) قَالَتْ فَبَيَّنَ اللَّهُ فِي هَذِهِ أَنَّ الْيَتِيمَةَ إِذَا كَانَتْ ذَاتَ جَمَالٍ وَمَالٍ رَغِبُوا فِي نِكَاحِهَا، وَلَمْ يُلْحِقُوهَا بِسُنَّتِهَا بِإِكْمَالِ الصَّدَاقِ، فَإِذَا كَانَتْ مَرْغُوبَةً عَنْهَا فِي قِلَّةِ الْمَالِ وَالْجَمَالِ تَرَكُوهَا وَالْتَمَسُوا غَيْرَهَا مِنَ النِّسَاءِ، قَالَ فَكَمَا يَتْرُكُونَهَا حِينَ يَرْغَبُونَ عَنْهَا فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَنْكِحُوهَا إِذَا رَغِبُوا فِيهَا إِلاَّ أَنْ يُقْسِطُوا لَهَا الأَوْفَى مِنَ الصَّدَاقِ وَيُعْطُوهَا حَقَّهَا. طرفه 2494 22 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا * لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قول الله تعالى: {وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ} [النساء: 2] 2763 - محصل ما روى عن عائشة رضي الله عنها في تفسير الآيتين: أن الناس كانوا في شأن اليتيمة التي تحت يدهم بين أمرين: إذا كانت جميلة ذات مال رغبوا في نكاحها وتزوجوها بدون سنة نسائها من الصَّداق، هان كانت ذميمة قليلة المال تركوها وطلبوا غيرها فأنزل فيهن أن لا ينكحوا الجميلة إلا إذا بلغوا بصَداقها سنة نسائها جزاءً لما كانوا يتركون الذميمة القليلة المال، وللآية زيادة تحقيق، من أراد الوقوف عليه فعليه بتفسيرنا "غاية الأماني".

23 - باب وما للوصى أن يعمل فى مال اليتيم، وما يأكل منه بقدر عمالته

نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا). حَسِيبًا يَعْنِى كَافِيًا. 23 - باب وَمَا لِلْوَصِىِّ أَنْ يَعْمَلَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ، وَمَا يَأْكُلُ مِنْهُ بِقَدْرِ عُمَالَتِهِ 2764 - حَدَّثَنَا هَارُونُ حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِى هَاشِمٍ حَدَّثَنَا صَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ عُمَرَ تَصَدَّقَ بِمَالٍ لَهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَ يُقَالُ لَهُ ثَمْغٌ، وَكَانَ نَخْلاً، فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى اسْتَفَدْتُ مَالاً وَهُوَ عِنْدِى نَفِيسٌ فَأَرَدْتُ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهِ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «تَصَدَّقْ بِأَصْلِهِ، لاَ يُبَاعُ وَلاَ يُوهَبُ وَلاَ يُورَثُ، وَلَكِنْ يُنْفَقُ ثَمَرُهُ». فَتَصَدَّقَ بِهِ عُمَرُ، فَصَدَقَتُهُ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَفِى الرِّقَابِ وَالْمَسَاكِينِ وَالضَّيْفِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَلِذِى الْقُرْبَى، وَلاَ جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ بِالْمَعْرُوفِ، أَوْ يُوكِلَ صَدِيقَهُ غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ بِهِ. طرفه 2313 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} [النساء: 6] إلى قوله: {نَصِيبًا مَّفرُوضًا} [النساء: 7] وما للوصي أن يعمل في مال اليتيم وما يحل منه بقدر عُمالته بضم العين وتخفيف، أي: أجرة عمله. 2764 - (أبو سعيد، مولى بني هاشم) هو عبد الرحمن بن عبد الله (جُويرية) بضم الجيم، مصغَّر جارية. (أن عمر تصدق بمال له على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان يقال: ثَمْغ) بالثاء المثلثة وميم ساكنة، ويجوز فيه الفتح، وغين معجمة: اسم أرض. وتقدم هذا الحديث هنا في الأبواب المتقدمة، في باب هل ينتفع بالوقف. واستدل البخاري على أن الوصي له أن يأكل من مال اليتيم بالمعروف بقدر عمالته بقول عمر: (لا جُناح على من وليه أن يكل منه بالمعروف) إذ لا فرق بين قيم اليتيم والوقف. والخلاف إنما هو فيما إذا لم يعيِّن الموصي للقيم شيئًا واستدلَّ بالآية الكريمة: {وَمَن كَانَ غَنِيًّا

24 - باب قول الله تعالى (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون فى بطونهم نارا وسيصلون سعيرا)

2765 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - (وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ). قَالَتْ أُنْزِلَتْ فِي وَالِى الْيَتِيمِ أَنْ يُصِيبَ مِنْ مَالِهِ إِذَا كَانَ مُحْتَاجًا بِقَدْرِ مَالِهِ بِالْمَعْرُوفِ. طرفه 2212 24 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا) 2766 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الْمَدَنِىِّ عَنْ أَبِى الْغَيْثِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا هُنَّ قَالَ «الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا} [النساء: 6] وقدَّم الحديث على الآية ترقيًا في الاستدلال، ووجه الدلالة في الآية ما قالت عائشة: إن الآية نزلت في والي اليتيم. وقد يكون الوالي وصيًّا. 2765 - (عبيد بن إسماعيل) بضم العين مصغَّر (أبو أسامة) بضم الهمزة، حماد بن أسامة. باب قول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا} [النساء: 10] 2766 - (عن ثور بن زيد) بالثاء المثلثة (عن أبي الغيث) يرادف المطر، سالم مولى ابن مطيع (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اجتنبوا السبع الموبقات) أسقط التاء من لفظ السبع؛ لأنه عبارة على الكبائر والموبقات: المهلكات، يقال وبق هلك، وأوبقه غيره. وهذه الكبائر سميت موبقات، لأنها أمارات العذاب (الشرك والسِّحر) دل على أن له حقيقة، لا كما زعم بعض المعتزلة.

25 - باب قول الله تعالى (ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح ولو شاء الله لأعنتكم إن الله عزيز حكيم) (24) (لأعنتكم) لأحرجكم وضيق عليكم، وعنت خضعت

وَالتَّوَلِّى يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلاَتِ». طرفاه 5764، 6857 25 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ). (24) (لأَعْنَتَكُمْ) لأَحْرَجَكُمْ وَضَيَّقَ عَلَيْكُمْ، وَعَنَتْ خَضَعَتْ. 2767 - وَقَالَ لَنَا سُلَيْمَانُ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ مَا رَدَّ ابْنُ عُمَرَ عَلَى أَحَدٍ وَصِيَّةً. وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ أَحَبَّ الأَشْيَاءِ إِلَيْهِ فِي مَالِ الْيَتِيمِ أَنْ يَجْتَمِعَ إِلَيْهِ نُصَحَاؤُهُ وَأَوْلِيَاؤُهُ فَيَنْظُرُوا الَّذِى هُوَ خَيْرٌ لَهُ. وَكَانَ طَاوُسٌ إِذَا سُئِلَ ـــــــــــــــــــــــــــــ (والتولي يوم الزحف) أي: من معركة قتال الكفار إذا لم يزيدوا على ضعف المسلمين، والمراد باليوم مطلق الوقت. والزحف لغة: المشي على الأبراك كمشي الأطفال. أطلق على الجيش؛ لأنهم يمشون عند اللقاء شيئًا فشيئًا. فإن قلت: الكبائر لا تنحصر في المذكورات؟ قلت: لا دلالة في التركيب على الحصر، وقد أشرنا في كتاب الإيمان على تحقيق هذه المسألة، وهي أن كل ذنب توعد عليه الشارع أو كان قبحه مثل قبحه أو أزيد، فلا شك أنه كبيرة فاحفظه. باب قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى} [البقوة: 220] لما نزل قوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الأنعام: 152] حتى تحرجوا عن تولي أموال اليتامى نزل قوله تعالى: {قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ}. ({لَأَعْنَتَكُمْ}) لأحرجكم من العنت، بفتح العين والنون. ({وَعَنَتِ} [طه: 111]: خضعت) ظن بعضهم أن قوله: عَنَتْ: خضعت، إنما أتى به تفسيرًا لقوله: أعنتكم، فأعرض بأن هذا ناقص واوي، من عني يعنو، وأعنتكم من العنت، وليس كما ظن. فإن غرض البخاري الإشارة إلى أن أحدهما ليس من الآخر لتباين المعنيين، وأما الاشتقاق فلا لَبْسَ فيه. 2767 - (ما ردَّ ابن عمر وصية أحد) فيدخل فيه اليتيم أيضًا. (وكان طاوس إذا سئل

26 - باب استخدام اليتيم فى السفر والحضر إذا كان صلاحا له، ونظر الأم وزوجها لليتيم

عَنْ شَىْءٍ مِنْ أَمْرِ الْيَتَامَى قَرَأَ (وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ). وَقَالَ عَطَاءٌ فِي يَتَامَى الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ يُنْفِقُ الْوَلِىُّ عَلَى كُلِّ إِنْسَانٍ بِقَدْرِهِ مِنْ حِصَّتِهِ. 26 - باب اسْتِخْدَامِ الْيَتِيمِ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ إِذَا كَانَ صَلاَحًا لَهُ، وَنَظَرِ الأُمِّ وَزَوْجِهَا لِلْيَتِيمِ 2768 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كَثِيرٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ لَيْسَ لَهُ خَادِمٌ، فَأَخَذَ أَبُو طَلْحَةَ بِيَدِى، فَانْطَلَقَ بِى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَنَسًا غُلاَمٌ كَيِّسٌ، فَلْيَخْدُمْكَ. قَالَ فَخَدَمْتُهُ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ، مَا قَالَ لِى لِشَىْءٍ صَنَعْتُهُ لِمَ صَنَعْتَ هَذَا هَكَذَا وَلاَ لِشَىْءٍ لَمْ أَصْنَعْهُ لِمَ لَمْ تَصْنَعْ هَذَا هَكَذَا طرفاه 6038، 6911 ـــــــــــــــــــــــــــــ عن شيء من أمر اليتامى قرأ: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} [البقرة: 220]) إشارة إلى أن من كان في نفسه أمانة فليقبل، ومَن لا فلا. (وقال عطاء: في يتامى) أي: في تفسير قوله تعالى: {فِي يَتَامَى} (الصغير والكبير، ينفق الوليُّ على كل إنسان بقدره من حصته) لم يرد بالكبير البالغ حد البلوغ، إذ لا يُتْمَ بعد البلوغ بل بالنسبة إلى الصغير، اللهمَّ إلا أن يكون سفيهًا. باب استخدام اليتيم في السفر والحضر، إذا كان صلاحًا له، ونَظَرِ الأمِّ وزوجها لليتيم 2768 - (إن أنسًا غلامٌ كيِّس) على وزن سيِّد، من الكياسة، وهي العقل (فَخَدَمتُه في السفر والحضر) هذا موضع الدلالة على الترجمة (ما قال لشيء صنعتُه: لِمَ صنعت هذا هكذا) إما لأن أنسًا لكياسته لم يفعل شيئًا إلا كما هو حقه، أو لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لكمال حلمه لم يؤاخذه بما كان يصدر عنه. وهذا هو الظاهر من السياق، وفي الحديث دلالة على أن الإنسان له أن يستخدم اليتيم إذا كان في ذلك صلاح له. فإن قلت: ليس في الحديث ما يدلُّ على أن النَّظَرَ للأم؟ قلت: جاء في الرواية الأخرى أن أم سليم هي التي قالت لأبي طلحة بأن يذهب بأنس إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فإنه كان يتيمًا في

27 - باب إذا وقف أرضا ولم يبين الحدود فهو جائز، وكذلك الصدقة

27 - باب إِذَا وَقَفَ أَرْضًا وَلَمْ يُبَيِّنِ الْحُدُودَ فَهْوَ جَائِزٌ، وَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ 2769 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - يَقُولُ كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ أَنْصَارِىٍّ بِالْمَدِينَةِ مَالاً مِنْ نَخْلٍ، وَكَانَ أَحَبُّ مَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرَحَاءَ مُسْتَقْبِلَةَ الْمَسْجِدِ، وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ. قَالَ أَنَسٌ فَلَمَّا نَزَلَتْ (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) قَامَ أَبُو طَلْحَةَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِى إِلَىَّ بِيرُحَاءَ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ، فَضَعْهَا حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ. فَقَالَ «بَخْ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ - أَوْ رَايِحٌ - شَكَّ ابْنُ مَسْلَمَةَ وَقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ، وَإِنِّى أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي ـــــــــــــــــــــــــــــ حجرها. وهذا إنما يجوز إذا كان الاستخدام لا يكون مانعًا من تعلم الآداب، كما كان لأنس مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. باب إذا وقف ولم يبين الحدود، فهو جائز، وكذلك الصدقة 2769 - استدل عليه بحديث أبي طلحة، حيث تصدق ببَيرُحاءَ، وقد تقدَّم ضبط لفظه، وشرح معناه مرارًا، وكذا بحديث سعد بن عبادة؛ لأنه تصدق لأمه بالمخراف. إلا أن في استدلاله بحديث أبي طلحة نظر؛ لأنه قسمها بين بني عمه كما تقدَّم. وأما المخراف الذي تصدق به سعد، فقال بعضهم: كان متعينًا؛ لأنه لم يكن له غيره، وهذا ليس بشيء، إذ لا دليل له على أنه ليس له غيره. بل الجواب كما قدَّمنا أن المخراف علم لذلك الحائط، وأيضًا غرض البخاري أنه ليس بيان الحدود شرطًا في صحة الوقف، وإنما ذلك يكون عند الإشهاد، وتسليمه إلى المتولي، وإلا فبينه وبين الله لا يحتاج إلى شيء من ذلك. (بَخْ) بفتح الباء، وسكون الخاء المعجمة المشددة، وقد ينون، وقد يخفف (رابح) بالموحدة، من الربح مَدَحَهُ، ورواه ثانيًا (رايح) بالياء المثناة، أي: يروح عليك بره وثوابه.

28 - باب إذا أوقف جماعة أرضا مشاعا فهو جائز

الأَقْرَبِينَ». قَالَ أَبُو طَلْحَةَ أَفْعَلُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَفِى بَنِى عَمِّهِ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ «رَايِحٌ». طرفه 1461 2770 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّ أُمَّهُ تُوُفِّيَتْ أَيَنْفَعُهَا إِنْ تَصَدَّقْتُ عَنْهَا قَالَ «نَعَمْ». قَالَ فَإِنَّ لِى مِخْرَافًا وَأُشْهِدُكَ أَنِّى قَدْ تَصَدَّقْتُ عَنْهَا. طرفه 2756 28 - باب إِذَا أَوْقَفَ جَمَاعَةٌ أَرْضًا مُشَاعًا فَهْوَ جَائِزٌ 2771 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ أَبِى التَّيَّاحِ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ أَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ «يَا بَنِى النَّجَّارِ ثَامِنُونِى بِحَائِطِكُمْ هَذَا». قَالُوا لاَ. وَاللَّهِ لاَ نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلاَّ إِلَى اللَّهِ. طرفه 234 ـــــــــــــــــــــــــــــ 2770 - (روح) بفتح الراء، وسكون الواو (عبادة) بضم العين وتخفيف الموحدة (أن رجلًا قال يا رسول الله! إن أمي توفيت، أينفعها أن أتصدق عنها؟) قد سلف أن هذا الرجل هو سعد بن عبادة. باب إذا وقف جماعة أرضًا مشاعًا فهو جائز 2771 - (عن أبي التيَّاح) بفتح الفوقانية، وتشديد التحتانية، اسمه يزيد (عن أنس: أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ببناء المسجد، فقال: يا بني النجار ثامنوني بحائطكم) قال ابن الأثير: معناه: قرروا معي ثمنَه، وبيعوه لي، وعلى هذا الباء في بحائطكم زائدة. فإن قلت: قد تقدَّم في أبواب الصلاة، أن الحائط اشتراه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ودفع الصديق في ثمنه عشرة دنانير، فكيف يصح استدلاله به على جواز وقف المشاع؟ قلت: استدلاله

29 - باب الوقف كيف يكتب؟

29 - باب الْوَقْفِ كَيْفَ يُكْتَبُ؟ 2772 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ أَصَابَ عُمَرُ بِخَيْبَرَ أَرْضًا فَأَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَصَبْتُ أَرْضًا لَمْ أُصِبْ مَالاً قَطُّ أَنْفَسَ مِنْهُ، فَكَيْفَ تَأْمُرُنِى بِهِ قَالَ «إِنْ شِئْتَ حَبَّسْتَ أَصْلَهَا، وَتَصَدَّقْتَ بِهَا». فَتَصَدَّقَ عُمَرُ أَنَّهُ لاَ يُبَاعُ أَصْلُهَا وَلاَ يُوهَبُ وَلاَ يُورَثُ، فِي الْفُقَرَاءِ وَالْقُرْبَى وَالرِّقَابِ وَفِى سَبِيلِ اللَّهِ وَالضَّيْفِ وَابْنِ السَّبِيلِ، وَلاَ جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ، أَوْ يُطْعِمَ صَدِيقًا غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ فِيهِ. طرفه 2313 30 - باب الْوَقْفِ لِلْغَنِىِّ وَالْفَقِيرِ وَالضَّيْفِ 2773 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ رضى الله عنه وَجَدَ مَالاً بِخَيْبَرَ، فَأَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرَهُ، قَالَ «إِنْ شِئْتَ تَصَدَّقْتَ بِهَا». فَتَصَدَّقَ بِهَا فِي الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَذِى الْقُرْبَى وَالضَّيْفِ. أطرافه 231 31 - باب وَقْفِ الأَرْضِ لِلْمَسْجِدِ 2774 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى حَدَّثَنَا أَبُو ـــــــــــــــــــــــــــــ تام؛ لأن قولهم: لا نطلب ثمنه إلا إلى الله، إظهار لإرادة الوقف. وحيث لم ينكره رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يقل: إن ذلك غير جائز، كان دالًّا على جواز وقف المشاع. وفيه دليل لمن قال بجواز وقف المشاع، كالشافعي والإمام أحمد ومالك وأبي يوسف. باب الوقف كيف يكتب؟ 2772 - (زُريع) بضم الزاي، مصغر زرع (ابن عون) بفتح العين وسكون الواو: عبد الله الفقيه المعروف، روى عن ابن عمر. وقف أرضًا له، وقد سلف مرارًا، واستدل به على كيفية كتابة الوقف، وهو أن لا يباع أصله، ولا يوهب ولا يورث، وفيه حجة على أبي حنيفة، حيث قال: لا يزول ملك الواقف إلا بحكم الحاكم، إلا أن نقول: إن ذلك كان بحكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. 2774 - (إسحاق) قال الكلاباذي هو الحنظلي أو الكوسج؛ لأن كل واحد منهما يروي عن عبد الصمد.

32 - باب وقف الدواب والكراع والعروض والصامت

التَّيَّاحِ قَالَ حَدَّثَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه - لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ أَمَرَ بِالْمَسْجِدِ وَقَالَ «يَا بَنِى النَّجَّارِ ثَامِنُونِى بِحَائِطِكُمْ هَذَا». قَالُوا لاَ وَاللَّهِ لاَ نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلاَّ إِلَى اللَّهِ. طرفه 234 32 - باب وَقْفِ الدَّوَابِّ وَالْكُرَاعِ وَالْعُرُوضِ وَالصَّامِتِ قَالَ الزُّهْرِىُّ فِيمَنْ جَعَلَ أَلْفَ دِينَارٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَدَفَعَهَا إِلَى غُلاَمٍ لَهُ تَاجِرٍ يَتْجُرُ بِهَا، وَجَعَلَ رِبْحَهُ صَدَقَةً لِلْمَسَاكِينِ وَالأَقْرَبِينَ، هَلْ لِلرَّجُلِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ رِبْحِ ذَلِكَ الأَلْفِ شَيْئًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَعَلَ رِبْحَهَا صَدَقَةً فِي الْمَسَاكِينِ قَالَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا. 2775 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ عُمَرَ حَمَلَ عَلَى فَرَسٍ لَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَعْطَاهَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا رَجُلاً، فَأُخْبِرَ عُمَرُ أَنَّهُ قَدْ وَقَفَهَا يَبِيعُهَا، فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَبْتَاعَهَا فَقَالَ «لاَ تَبْتَعْهَا، وَلاَ تَرْجِعَنَّ فِي صَدَقَتِكَ». طرفه 1489 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب وقف الدَّوابِّ والكُراع والعُروض والصَّامت 2775 - الكُراع -بضم الكاف- جماعة الخيل؛ لأنه تدخل الأكارع في الماء حين تشرب عطفها على الدَّوابِّ من عطف الخاص على العام، والعُروض: جمع عَرْض بفتح العين وسكون الراء، الأقمشة. وأما بفتح الراء فمتاع الدنيا. والصامت: الذهب والفضة؛ كانه يسمَّى بذلك لأنه في مقابلة الحيوان. واستدل على صحة وقف المنقول بالأثر الذي رواه عن الزهري، وهو أن رجلًا إذا دفع على غلام له ألف دينار، وجعله في سبيل الله، وبحديث عمر أنه حَمَل على فرس في سبيل الله، فأرادَ ذلك الرجل بيع الفرس، فأراد عمر أن يشتريه فمنعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وسبق تعليله أن العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه. والاستدلال بهذا الحديث قياس الوقف على الهبة بجامع أن كلًّا منهما تبرع، لا سيما

33 - باب نفقة القيم للوقف

33 - باب نَفَقَةِ الْقَيِّمِ لِلْوَقْفِ 2776 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَقْتَسِمْ وَرَثَتِى دِينَارًا، مَا تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَةِ نِسَائِى وَمَئُونَةِ عَامِلِى فَهْوَ صَدَقَةٌ». طرفاه 3096، 6729 2777 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ عُمَرَ اشْتَرَطَ فِي وَقْفِهِ أَنْ يَأْكُلَ مَنْ وَلِيَهُ وَيُوكِلَ صَدِيقَهُ غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ مَالاً. طرفه 2313 ـــــــــــــــــــــــــــــ إذا أريد بالهبة التصدق؛ فإنه يشبه الوقف مشابهة تامَّة، وإلا فالفرس لم يكن وقفًا، وإلا لم يجز بيعُه. باب نفقة القيم للوقف 2776 - (من أبي الزِّناد) -بكسر الزاي، بعدها نون- عبد الله بن ذكوان. (لا يقتسمُ ورثتي) بضمِّ الميم نفي بمعنى النهي (دينارًا ولا درهمًا) أي: لو كان موجودًا؛ فإنه لم يترك شيئًا من هذين الجنسين، كما تقدَّم أنه لم يترك إلا سلاحَه وبغلته، وأرضًا جعلها صدقة. (ما تركت بعد نفقة نسائي) لأنهن معتدات عنه إلى حين الموت، ونفقة عاملي الذي يقوم على وقفه. وحَمْلُ العاملِ على الخليفة بعده غلط من وجهين، الأوَّل: أن نفقة الخليفة من بيت المال الثاني: أنه لا يدل على الترجمة. ثم رُوي حديثُ وَقفِ عمرَ، وموضع الدلالة: أنه شرط أن مَنْ وليَه يأكل منه غير متمول، وهو المراد من النفقة.

34 - باب إذا وقف أرضا أو بئرا واشترط لنفسه مثل دلاء المسلمين

34 - باب إِذَا وَقَفَ أَرْضًا أَوْ بِئْرًا وَاشْتَرَطَ لِنَفْسِهِ مِثْلَ دِلاَءِ الْمُسْلِمِينَ وَأَوْقَفَ أَنَسٌ دَارًا فَكَانَ إِذَا قَدِمَهَا نَزَلَهَا. وَتَصَدَّقَ الزُّبَيْرُ بِدُورِهِ، وَقَالَ لِلْمَرْدُودَةِ مِنْ بَنَاتِهِ أَنْ تَسْكُنَ غَيْرَ مُضِرَّةٍ وَلاَ مُضَرٍّ بِهَا، فَإِنِ اسْتَغْنَتْ بِزَوْجٍ فَلَيْسَ لَهَا حَقٌّ. وَجَعَلَ ابْنُ عُمَرَ نَصِيبَهُ مِنْ دَارِ عُمَرَ سُكْنَى لِذَوِى الْحَاجَةِ مِنْ آلِ عَبْدِ اللَّهِ. 2778 - وَقَالَ عَبْدَانُ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عُثْمَانَ - رضى الله عنه - حَيْثُ حُوصِرَ أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ وَقَالَ أَنْشُدُكُمْ وَلاَ أَنْشُدُ إِلاَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ حَفَرَ رُومَةَ فَلَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إذا وقف بئرًا أو أرضًا وشرط لنفسه مثل دلاء المسلمين (ووقف أنس دارًا كانت بالمدينة، فكان إذا قدمها) أي: قدم المدينة أو الدار (نزلها) وجه دلالته: أنه لو لم يشترط، لم يجز له النزول بها. (وتصدَّق الزبير بدُوره، وقال للمردودة من بناته) أي: للمطلقة، وقد ذكروا غير هذا، ولا يخلو عن تكلف (غيرَ مُضرةٍ) بكسر الضاد، أي: لا تضر غيرها من السكان (ولا مُضَر بها) بفتح الضاد. السكنى: بأن تمنع من السكنى. (وجعل ابن عمر نَصيبَه من دار عمر سكنى لذوي الحاجة من آل عبد الله). ليس فيه ما يدل على اشتراطه لنفسه، إلا أن يجعل لفظ الآل شاملًا له، أو يكون للحديث تتمَّة، لم يذكرْها البخاري؛ لأنها لم تكن على شرطه. وأما وقف الزبير دُوْرَهُ، وقد ذكروا غير هذا، ولا يخلو عن تكلف. إنما ذكره مناسبة في مطلق الاشتراط، أو أنه إذا جاز الاشترط لمن يتعلق به قرابة يقاس عليه الاشتراط لنفسه أيضًا. وهذا الجواب أيضًا يقال في وقف عبد الله على الآل حينئذٍ. 2778 - (قال عبدان) على وزن شعبان: عبد الله المروزي شيخ البخاري، والرواية عنه بلفظ: قال؛ لأنه سمع الحديث منه مذاكرة (عن أبي عبد الرحمن) هو عبد الله بن حبيب (أن عثمان حيث حصر) أصل حيث في المكان، استعمله في الزمان (أنشدكم) أي: أسألكم (ولا أنشد إلا إصحاب محمد) لأنهم عارفون القصة سماعًا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفي رواية

35 - باب إذا قال الواقف لا نطلب ثمنه إلا إلى الله فهو جائز

الْجَنَّةُ». فَحَفَرْتُهَا، أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ قَالَ «مَنْ جَهَّزَ جَيْشَ الْعُسْرَةِ فَلَهُ الْجَنَّةُ». فَجَهَّزْتُهُمْ. قَالَ فَصَدَّقُوهُ بِمَا قَالَ. وَقَالَ عُمَرُ فِي وَقْفِهِ لاَ جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهُ أَنْ يَأْكُلَ. وَقَدْ يَلِيهِ الْوَاقِفُ وَغَيْرُهُ فَهْوَ وَاسِعٌ لِكُلٍّ. 35 - باب إِذَا قَالَ الْوَاقِفُ لاَ نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلاَّ إِلَى اللَّهِ. فَهْوَ جَائِزٌ 2779 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ أَبِى التَّيَّاحِ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَا بَنِى النَّجَّارِ ثَامِنُونِى بِحَائِطِكُمْ». قَالُوا لاَ نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلاَّ إِلَى اللَّهِ. طرفه 234 ـــــــــــــــــــــــــــــ النسائي: أن الذين سألهم: علي، وطلحة، والزبير، وسعد بن أبي وقاص. هذا يدلُّ على أن هؤلاء كانوا حاضرين وهو في غاية البعد. (من حفر بئر رُومة) بضم الراء، قد جاء في الرواية الأخرى: "من يشتري بئر رومة"، وكانت ليهودي، فاشتراها عثمان. قلت: قالوا: هذا وهم من شعبة، لفظ الحفر لم يقع إلا في روايته، قلت: نسبة الوهم إلى الثقة مثل شعبة لا ضرورة إليه، ويمكن الجمع بينهما بأنه اشتراها ثم حفر فيها زيادة على ما كان ويدلُّ عليه ما رواه البغوي أنها كانت لغفاري، والله أعلم. باب إذا قال الواقف: لا نطلب ثمنه إلا إلى الله 2779 - روى في الباب حديث أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (يا بني النجار ثامنوني بحائطكم، قالوا: لا نطلب ثمنه إلا إلى الله) وجه الدلالة: أن مئل هذا الكلام صحيح إذا قاله الواقف؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سمعه ولم ينكره، وإن لم يكن ذلك وقفًا، لما قدمنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اشتراه بعشرة دنانير، وأمر الصديق بأدائها إليهم.

36 - باب قول الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم إن أنتم ضربتم فى الأرض فأصابتكم مصيبة الموت تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله إن ارتبتم لا نشترى به ثمنا ولو كان ذا قربى ولا نكتم شهادة الله إنا إذا لمن الآثمين * فإن عثر على أنهما استحقا إثما فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان فيقسمان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما وما اعتدينا إنا إذا لمن الظالمين * ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم واتقوا الله واسمعوا والله لا يهدى القوم الفاسقين)

36 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلاَةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لاَ نَشْتَرِى بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلاَ نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الآثِمِينَ * فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتُحِقَّ عَلَيْهِمُ الأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ * ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا وَاللَّهُ لاَ يَهْدِى الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ). 2780 - وَقَالَ لِى عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى زَائِدَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى الْقَاسِمِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ بَنِى سَهْمٍ مَعَ تَمِيمٍ الدَّارِىِّ وَعَدِىِّ بْنِ بَدَّاءٍ فَمَاتَ السَّهْمِىُّ بِأَرْضٍ لَيْسَ بِهَا مُسْلِمٌ، فَلَمَّا قَدِمَا بِتَرِكَتِهِ فَقَدُوا جَامًا مِنْ فِضَّةٍ مُخَوَّصًا مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} [المائدة: 106] 2780 - (وقال لي علي بن عبد الله المديني) شيخه، والرواية عنه بقال؛ لأنه سمع الحديث عنه مذاكرة، وقيل إنما يروي بلفظ قال، إذا كان في سنده ضعف (عن ابن أبي زائدة) هو خالد الهمداني (عن ابن عباس قال: خرج رجل من بني سهم) قال الجوهري: سهم قبيلة من قريش، ومن أهله، واسم الرجل: بُديل مصغر بدل، وقيل: بالزاي المعجمة مولى بني سهم وقيل: للعاص بن وائل (مع تميم الداري) هو تميم بن أوس بن خارجة، نسبة إلى دارين، بلد بالبحرين. قاله الجوهري. وقيل: نسبة إلى الدار بطن من لخم (وعدي بن بَدَّاء) بفتح الباء، وتشديد الدَّال مع المدِّ وكانا نصرانيين (فلما قدما بتركته فقدوا جامًا) أي: ورثة السَّهمي. وإنما علموا بالجام من ورقة كتب فيها مالَه، ودسَّ الورقة في متاعه، ولم يعلما به،

37 - باب قضاء الوصى ديون الميت بغير محضر من الورثة

ذَهَبٍ، فَأَحْلَفَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ وُجِدَ الْجَامُ بِمَكَّةَ فَقَالُوا ابْتَعْنَاهُ مِنْ تَمِيمٍ وَعَدِىٍّ. فَقَامَ رَجُلاَنِ مِنْ أَوْلِيَائِهِ، فَحَلَفَا لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا، وَإِنَّ الْجَامَ لِصَاحِبِهِمْ. قَالَ وَفِيهِمْ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ). 37 - باب قَضَاءِ الْوَصِىِّ دُيُونَ الْمَيِّتِ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنَ الْوَرَثَةِ 2781 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ أَوِ الْفَضْلُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْهُ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ فِرَاسٍ قَالَ قَالَ الشَّعْبِىُّ حَدَّثَنِى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِىُّ - رضى الله عنهما - أَنَّ أَبَاهُ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَتَرَكَ سِتَّ بَنَاتٍ، وَتَرَكَ عَلَيْهِ دَيْنًا، فَلَمَّا حَضَرَ جِدَادُ النَّخْلِ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ وَالِدِى اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ وَتَرَكَ عَلَيْهِ دَيْنًا كَثِيرًا، وَإِنِّى أُحِبُّ أَنْ يَرَاكَ الْغُرَمَاءُ قَالَ «اذْهَبْ فَبَيْدِرْ كُلَّ تَمْرٍ عَلَى نَاحِيَتِهِ». فَفَعَلْتُ ثُمَّ دَعَوْتُهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ فقدما بالمتاع، فوجد بنو سهم الورقة فيها تفصيل المال، ومنه الجام، فادعوا عليهما، فحلفا كاذبين أن ليس لهما علم بالجام، ثم ظهر الجام. (فقام رجلان من أوليائه) أي من ورثة الميِّت (فقدوا جامًا مخوَّصًا من ذهب) الجام: القدح الذي يشرب فيه، والمخوص بالخاء المعجمة وصاد مهملة: قال ابن الأثير: كان عليه صفائح من ذهب مثل خُوص النخل. قال بعض الفضلاء: ليس في القرآن آية أشكل من هذه لفظًا ومعنىً. قلت: تحقيق الآية في تفسيرنا "غاية الأماني" من أراده فعليه. فإن قلت: محمد بن القاسم هذا هو الأسدي، وليس من شرط البخاري؛ قلت: روي عن البخاري أنه قال: إنما أوردت في كتابي هذا الحديث ومحمد لا أعرفه كما أشتهيه؛ لأن علي بن المديني كان يستحسن هذا الحديث، قيل له: فهل رواه غير محمد؟ قال لا. باب قضاء الموصى ديون الميّت من غير حضور الورثة 2781 - (محمد بن سابق أو الفضل بن يعقوب عنه) أي: عن محمد بن سابق، وهذا الشك لا يقدح فيه فإن كلَّ واحد منهما ثقة. (شيبان) بفتح الشين المعجمة وسكون المثناة ثم موحَّدة، (فراس) بكسر الفاء، وسين مهملة (الشعبي) -بفتح الشين- أبو عمرو عامر الكوفي (اذهبْ فَبَيدِرْ كلَّ تمرٍ على ناحيته) أي: كل صنف على حدة، وبيدر بالدَّال المهملة، على

فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَيْهِ أُغْرُوا بِى تِلْكَ السَّاعَةَ، فَلَمَّا رَأَى مَا يَصْنَعُونَ أَطَافَ حَوْلَ أَعْظَمِهَا بَيْدَرًا ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ جَلَسَ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ «ادْعُ أَصْحَابَكَ». فَمَا زَالَ يَكِيلُ لَهُمْ حَتَّى أَدَّى اللَّهُ أَمَانَةَ وَالِدِى، وَأَنَا وَاللَّهِ رَاضٍ أَنْ يُؤَدِّىَ اللَّهُ أَمَانَةَ وَالِدِى وَلاَ أَرْجِعَ إِلَى أَخَوَاتِى بِتَمْرَةٍ، فَسَلِمَ وَاللَّهِ الْبَيَادِرُ كُلُّهَا حَتَّى أَنِّى أَنْظُرُ إِلَى الْبَيْدَرِ الَّذِى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَأَنَّهُ لَمْ يَنْقُصْ تَمْرَةً وَاحِدَةً. طرفه 2127 ـــــــــــــــــــــــــــــ وزن جعفر: المكان الذي يجمع فيه التمر وسائر الحبوب. وهو الجرين أيضًا، بفتح الجيم، على وزن عليم. (فلما نظروا إليه) أي: إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (أُغْروا بي تلك الساعة) على بناء المجهول، من الإغراء، وهو التهييج، وأصله من الغراء، دواء يُلزق به. ومحصله: أنهم لما عرفوا أني جئت برسول الله - صلى الله عليه وسلم - شفيعًا ألحُّوا في الطلب. (فما زال يكيل له) إسناد الكيل إليه مجاز، لأنه الآمر به (فأدى الله أمانة والدي) أي: دينَه الذي كان عليه؛ لأنه واجب الأداء كالأمانة (كأنه لم ينقصْ تمرةٌ) بالنصب على التمييز وبالرفع، على الفاعلية. واستدلاله بحديث جابر على أن الوصي يقضي ديون الميِّت بغير محضر من الورثة صحيح؛ لأن جابرًا كان وصيًّا، وقضى دين أبيه من غير حضور سائر الورثة، وتمام الكلام في شرح الحديث. والتوفيق بين الروايات تقدم في آخر كتاب الصلح.

56 - أبواب الجهاد

أبواب الجهاد 1 - باب فَضْلُ الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِى بَايَعْتُمْ بِهِ) إِلَى قَوْلِهِ (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْحُدُودُ الطَّاعَةُ. 2782 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ صَبَّاحٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ أبواب الجهاد باب فضائل الجهاد والسير الجهاد من الجَهد، بفتح الجيم وضمها، بمعنى المشقة والطاقة، والمراد به محاربة الكفَّار؛ فإن المحارب يحمل المشقة وبفرغ الوسع فيه. والسِّيَر، بكسر السين وفتح الياء، بجمع سيرة، وهي الطريقة، والمراد طرائق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزواته، وهو عطف على المضاف لا المضاف إليه. (وقول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ} [التوبة: 111] استدل على فضل الجهاد بالآية ووجه الدلالة ظاهر ({وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ} [التوبة:112] قال ابن عباس: الحدود: الطاعة) كان الظاهر الحدود الطاعات وكأنه أراد الجنس. قال ابن الأثير: الحدُّ لغة: هو المنع والفصل بين الشيئين، وهي محارم الله وعقوباته التي قرنها بالذنوب فكأنها فصلت بين الحلال والحرام. فعلى هذا إطلاقها على الطاعة مجاز. فالعلاقة المجاورة، وقد جاء في كتاب الله بهذا المعنى. قال تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا} [البقرة: 229]. 2782 - (الحسن بن الصبَّاح) بفتح المهملة، وتشديد الباء (مالك بن مِغوَل) بكسر

قَالَ سَمِعْتُ الْوَلِيدَ بْنَ الْعَيْزَارِ ذَكَرَ عَنْ أَبِى عَمْرٍو الشَّيْبَانِىِّ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَىُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ قَالَ «الصَّلاَةُ عَلَى مِيقَاتِهَا». قُلْتُ ثُمَّ أَىٌّ. قَالَ «ثُمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ». قُلْتُ ثُمَّ أَىٌّ قَالَ «الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ». فَسَكَتُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِى. طرفه 527 2783 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنِى مَنْصُورٌ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا». طرفه 1349 ـــــــــــــــــــــــــــــ الميم وسكون الغين المعجمة (الوليد بن العيزار) بفتح العين، وسكون المثناة، وزاي معجمة، آخره راء مهملة (أبو عمرو الشيباني) هو سعد بن إياس. (الصلاة على ميقاتها) كان الظاهر: في ميقاتها، فأشار على الدلالة على أول الوقت المختار. (قلت: ثم أيُّ) بالتنوين عوض عن المضاف إليه، أي: أيُّ العمل، ويجوز حذف التنوين على نية الإضافة (ولو استزدته لزادني) لأنه معدن العلم، وقلبه مورد الإلهامات. وشرح الحديث والتوفيق بينه وبين قوله: "أفضل الإسلام إطعام الطعام"، وفي الرواية الأخرى: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده" بأن ذلك بحسَب الأشخاص والأوقات. ويجوز أن يراد مطلق الأفضلية من غير ملاحظة المفضل عليه، بل يُقصد زيادة الفضل في الجملة. 2783 - (قال ابن عباس: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا هجرة بعد الفتح) أي: بعد فتح مكة؛ فإن الهجرة كانت واجبة من مكة إلى المدينة قبل الفتح، وبعد الفتح من شاء هاجر، ومن شاء

2784 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا خَالِدٌ حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِى عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ تُرَى الْجِهَادَ أَفْضَلَ الْعَمَلِ، أَفَلاَ نُجَاهِدُ قَالَ «لَكِنَّ أَفْضَلَ الْجِهَادِ حَجٌّ مَبْرُورٌ». طرفه 1520 2785 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا ـــــــــــــــــــــــــــــ أقام، ولكن الفضل لمن هاجر قبل الفتح. ولهذا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لصفوان بن أمية لما أراد الهجرة بعد الفتح: "مَضَت الهجرة لأهلها يا أبا أمية"، أرادَ فضلَ الهجرة. (ولكن جهاد ونية) أي: إن فاتت تلك الفضيلة، فالأخرى باقية إلى آخر الدهر. والنية: قصد التقرب إلى الله تعالى. يجوز أن يريد نية الجهاد أو أعم (وإذا استنفرتم فانفروا) يشير إلى أن الجهاد فرضُ كفاية، وربما يصير فرض عين. 2784 - (عن عائشة بنت طلحة عن عائشة) أم المؤمنين (تُرى الجهاد أفضل الأعمال) بالتاء الفوقانية، أي: من جملتها. لا بُدَّ من هذا القيد ليوافق سائر الروايات. (لَكُنَّ أفضل الجهاد حجٌّ مبرور) بفتح اللام الجارة وضم الكاف وتشديد النون ضمير جماعة الإناث. والحج المبرور، قال ابن الأثير: هو الذي لا يخالطه شيء من المأثم، وقيل: هو المقبول المقابل بالبر، وهو الثواب، يقال: برَّ حجُّ زيدٍ. وبرَّ حجَّه، لازم ومتعدٍّ وأبرَّ الله حجَّه برًّا، بكسر الباء. فإن قلت: ما معنى قوله: "أفضل الجهاد الحج المبرور" والحج ليس من جنس الجهاد؟ قلت: لفظ الجهاد ذكر مشاكلة، والتقدير: لكن أفضل الأعمال، أو أفضل من الجهاد. فإن قلت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه يجاهدون بنسائهم؟ قلت: الكلام إنما هو في الوجوب، إذ لم يكن عليهن، كما كتب على الرجال، ولفظ ترى في النسخ المعول عليها بتاء الخطاب والنون، له وجه ظاهر. 2785 - (إسحاق) كذا وقع غير منسوب، قال الغساني: هو ابن منصور، أو ابن

2 - باب أفضل الناس مؤمن يجاهد بنفسه وماله فى سبيل الله

هَمَّامٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو حَصِينٍ أَنَّ ذَكْوَانَ حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - حَدَّثَهُ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ دُلَّنِى عَلَى عَمَلٍ يَعْدِلُ الْجِهَادَ. قَالَ «لاَ أَجِدُهُ - قَالَ - هَلْ تَسْتَطِيعُ إِذَا خَرَجَ الْمُجَاهِدُ أَنْ تَدْخُلَ مَسْجِدَكَ فَتَقُومَ وَلاَ تَفْتُرَ وَتَصُومَ وَلاَ تُفْطِرَ». قَالَ وَمَنْ يَسْتَطِيعُ ذَلِكَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ إِنَّ فَرَسَ الْمُجَاهِدِ لَيَسْتَنُّ فِي طِوَلِهِ فَيُكْتَبُ لَهُ حَسَنَاتٍ. 2 - باب أَفْضَلُ النَّاسِ مُؤْمِنٌ يُجَاهِدُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَوْلُهُ تَعَالَى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــ راهويه؛ لأن كلًّا منهما يروي عن عفان. (همام) بفتح الهاء وتشديد الميم (جحادة) بضم الجيم وفتح الحاء (أبو حَصين) بفتح الحاء وكسر الصاد، عثمان بن عاصم (ذُكوان) بضم الذال المعجمة. (جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: دلني على عمل يعدل ثوابه ثواب الجهاد. قال: لا أجدُه) فإن قلت: فكيف قال: (هل تستطيع) إلى آخر كلامه؟ فإنه يدل على وجدان مثله؟ قلت: المذكور الذي وجده له بحيث لا يقدر عليه، فهو في حكم العدم. (قال أبو هريرة: إنَّ فرسَ المجاهد لَيَستنُّ في طِوَيه) -بكسر الطاء- الحبل الذي يطال للفرس في المرج، والاستنان: العدو والجري، من السَّنن، وهو الطريق، هذا بعض حديث مرفوع تقدم في أبواب الزكاة، وبعده. باب أفضل الناس مُؤمن مجاهد بنفسه وماله في سبيل الله وقوله تعالى: {يَأيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} إلى قوله: {ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [الصف: 10 - 12] موضع الدلالة قوله: {وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ} وجه الدلالة أن ذلك سبب النجاة من العذاب الأليم والفوز العظيم، والذي يجب أن يعلم أن هذا بعد الإتيان بسائر الأعمال الواجبة كالصلاة وبر الوالدين، كما تقدَّم أو تقديره: من أفاضل الناس.

وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ). 2786 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِىُّ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ - رضى الله عنه - حَدَّثَهُ قَالَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَىُّ النَّاسِ أَفْضَلُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مُؤْمِنٌ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ». قَالُوا ثُمَّ مَنْ قَالَ «مُؤْمِنٌ فِي شِعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ يَتَّقِى اللَّهَ، وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ». طرفه 6494 2787 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَثَلُ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِهِ - كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ، وَتَوَكَّلَ اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِهِ بِأَنْ يَتَوَفَّاهُ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، أَوْ يَرْجِعَهُ سَالِمًا مَعَ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ». طرفه 36 ـــــــــــــــــــــــــــــ 2787 - (مثل المجاهد في سبيل الله: والله أعلم بمن يجاهد في سبيله) أي: بقصده إعلاء كلمة الله، لا لغرض آخر، مثل أن يقاتل ليقال إنه شجاع ونحوه. (كمثل الصائم القائم) أي: الصائم بالنهار، والقائم: القائم بالليل. (وتوكَّل الله للمجاهد في سبيله بأن يتوفاه أن يدخله الجنة، ويرجعه سالمًا مع أجر أو غنيمة) الباء للسببية، أي: بسبب توفيه يدخل الجنة، وفي رواية: "إن توفاه" بحرف الشرط وهو ظاهر. قال ابن الأثير: توكل بالأمر، إذا ضمن القيام به. وقوله: "مع أجر أو غنيمة" على طريق منع الخلو. ويجوز المنع لكن الأجر إذا كان مع الغنيمة دون الأجر الذي بدون الغنيمة، كما روى مسلم عن ابن عمر: "إذا غنم يعجل ثلثي الأجر، وإذا لم يغنم، فله الأجر كاملًا".

3 - باب الدعاء بالجهاد والشهادة للرجال والنساء

3 - باب الدُّعَاءِ بِالْجِهَادِ وَالشَّهَادَةِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَقَالَ عُمَرُ اللَّهُمَّ ارْزُقْنِى شَهَادَةً فِي بَلَدِ رَسُولِكَ. 2788 و 2789 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدْخُلُ عَلَى أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ، فَتُطْعِمُهُ، وَكَانَتْ أُمُّ حَرَامٍ تَحْتَ عُبَادَةَ بْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الدعاء بالجهاد والشهادة للرجال والنساء (وقال [عمر]: اللهم ارزقني شهادة في بلد رسولك) وجه دلالته ظاهر وقد سبق مسندًا في آخر الحج. 2788 - 2789 - كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدخل [على] أم حرام بنت مِلْحان) بكسر الميم وسكون اللام، وأم حرام هذه أخت أم سليم خالة أنس، قال ابن عبد البر: لم أقف لها على اسم صحيح، ونقل عن مسلم وأبي داود أن اسمها الرميصاء واسم أم سليم غُميصاء، وكلاهما مصغَّر، والظاهر أن هذا لقب لها، لا اسم علم. قال النووي: إنما كان يدخل عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وينام عندها؛ لأنها كانت محرمًا له؛ إما نسبًا أو رضاعًا، عليه إجماع العلماء. وكذا قاله ابن عبد البر. وقال الدمياطي: كانت أجنبية منه؛ وإنما كان يدخل عليها؛ لأنه معصوم. وهذا ليس بشيء إذ لم يرد نص يدل على جواز خلوه بالأجنبيات، وإن كان معصومًا وعلى تقدير الجواز، كان يتقي مواضع التهم. ألا ترى أن صفية لما زارته وهو معتكف في المسجد، وقد جاء رجلان من الأنصار، فقال: "على رسلكما، إنها صفية".

الصَّامِتِ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَطْعَمَتْهُ وَجَعَلَتْ تَفْلِى رَأْسَهُ، فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ. قَالَتْ فَقُلْتُ وَمَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «نَاسٌ مِنْ أُمَّتِى عُرِضُوا عَلَىَّ، غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ، يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا الْبَحْرِ، مُلُوكًا عَلَى الأَسِرَّةِ، أَوْ مِثْلُ الْمُلُوكِ عَلَى الأَسِرَّةِ». شَكَّ إِسْحَاقُ. قَالَتْ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِى مِنْهُمْ. فَدَعَا لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ وَضَعَ رَأْسَهُ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ فَقُلْتُ وَمَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «نَاسٌ مِنْ أُمَّتِى عُرِضُوا عَلَىَّ، غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ». كَمَا قَالَ فِي الأَوَّلِ. قَالَتْ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِى مِنْهُمْ. قَالَ «أَنْتِ مِنَ الأَوَّلِينَ». فَرَكِبَتِ الْبَحْرَ فِي زَمَانِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِى ـــــــــــــــــــــــــــــ (تفلِّي رأسه) بالفاء، أي: تخرج ما فيه من الغبار ونحوه (استيقظ وهو يضحك)، أي: تبسم، وإنما ضحك فرحًا بما رأى من حسن حال أمته (ناس من أمتي يركبون ثبج هذا البحر) الإشارة إلى الجنس، أو إلى معهود عندهم. والثَّبَجُ، بالثاء المثلثة، ثم باء موحَّدة، آخره جيم: وسط البحر ومعظمه، وهذا أخص من قوله: ظهر هذا البحر (ملوكًا على الأسِرَّة) حال من واو "عرضوا"، وصف حالهم وعلو شأنهم في الجنة، وقيل: حال من فاعل "يركبون"، أراد سعة حالهم في الدنيا، وما يبسط عليهم، وفيه نظر فإن كل غازٍ في البحر ليس بذلك الحال، ولا يناسب الترغيب. (ناس من أمتي عرضوا عليَّ غزاةً في سبيل الله) لم يذكر البحر هنا، فإما أن يكون مرادًا واكتفى بذكره أوَّلًا، أو أشار بهذا إلى غزاة البر، وبين حالهم أيضًا، وأنهم على الأسرة أيضًا وإن كان غزاة البحر أعظم شأنًا، لما روى ابن عمر: "غزوة في البحر خير من عشر غزوات في البر". (فركبت في زمان معاوية) كان في خلافة عثمان رضي الله عنه ومعاوية أمير الشام غزا قبرص سنة ثمان وعشرين من الهجرة. قال القرطبي: لم تكن تحت عبادة بن الصامت، كما دل عليه ظاهر الحديث، بل تزوجها بعد، وهذا غلط ظاهر؛ فإنها ماتت في تلك السفرة. فكيف بعقل تزوجها بعد؟ قال ابن عبد البر خرجت مع زوجها عبادة [بن] الصامت غازية؛

4 - باب درجات المجاهدين فى سبيل الله

سُفْيَانَ، فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتِهَا حِينَ خَرَجَتْ مِنَ الْبَحْرِ، فَهَلَكَتْ. حديث 2788 أطرافه 2799، 2877، 2894، 6282، 7001 - حديث 2789 أطرافه 2800، 2878، 2895، 2924، 6283، 7002 4 - باب دَرَجَاتِ الْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُقَالُ هَذِهِ سَبِيلِى وَهَذَا سَبِيلِى. 2790 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ عَنْ هِلاَلِ بْنِ عَلِىٍّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَصَامَ رَمَضَانَ، كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ جَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ جَلَسَ فِي أَرْضِهِ الَّتِى وُلِدَ فِيهَا». فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلاَ نُبَشِّرُ النَّاسَ. قَالَ «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ ـــــــــــــــــــــــــــــ وهذا نصٌّ لا يقبل التأويل. اللهم إلا أن يريد أن عند رؤيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم تكن تحته. وفي الحديث معجزة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقوع ما أخبر به من الغيب، وفيه أن من مات في طريق الجهاد فهو من الشهداء عند الله، وإن لم يكن شهيدًا في أحكام الدنيا، وموضع الدلالة في الحديث قول أم حرام: (ادع الله أن يجعلني منهم) ويؤخذ منه حكم الرجال من باب الأولى. باب درجات المجاهدين في سبيل الله في بعض النسخ كذا بعض الترجمة (يقال هذه سبيلي وهذا سبيلي) أشار إلى أن السبيل كالطريقة يذكَّر ويؤنَّث. 2795 - (فُلَيح) بضم الفاء، مصغَّر (هِلال) بكسر الهاء (عطاء بن يسار) ضد اليمين. (من آمن بالله وأقام الصلاة وصام رمضان) لم يذكر الحجَّ والزكاة؛ إما لأن الصوم والصلاة يعمَّان كل مكلَّف، بخلاف الحج والزكاة، أو غفل الراوي عنهما. وما يقال: أو لأنهما لم يكونا حينئذٍ واجبين فليس بشيء؛ لأن راوي الحديث أبو هريرة قد أسلم سنة سبع، وكانت الزكاة واجبة، بلا خلاف. (قالوا: يا رسول الله أفلا نبشر الناس؟ قال: في الجنة مئة درجة أعدَّها الله للمجاهدين في سبيل الله، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض) كان ظاهر الجواب أن يقول:

فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ، فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَأَعْلَى الْجَنَّةِ، أُرَاهُ فَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ، وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ». قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ عَنْ أَبِيهِ «وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ». طرفه 7423 2791 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا جَرِيرٌ حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ عَنْ سَمُرَةَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِى فَصَعِدَا بِى الشَّجَرَةَ، فَأَدْخَلاَنِى دَارًا هِىَ أَحْسَنُ وَأَفْضَلُ، لَمْ أَرَ قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهَا قَالاَ أَمَّا هَذِهِ الدَّارُ فَدَارُ الشُّهَدَاءِ». طرفه 845 ـــــــــــــــــــــــــــــ بشروا أو لا تبشروا، إنما عدل عنه ترغيبًا في الجهاد؛ ليأنف القاعدون، كما في قوله تعالى: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ} [النساء: 95] إذ ليس المراد الإخبار بعدم المساواة؛ فإنه معلوم، بل المراد ما أشرنا إليه من أن يأنف القاعدون عن التقاعد. (فاسألوه الفردوس) لفظ معرب، وهو بلغة الروم البستان (فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة) أي: خير بقاع الجنة، وأعلى مكانًا. وإنما جمع بين الوصفين، إذ ربما يكون المكان عاليًا، والذي أسفل منه خير منه. (قال محمد بن فليح: وفوقه عرش الرحمن) أي: في هذا التعليق الجزم بأن فوقه عرش الرحمن، بخلاف الرواية الأولى، فإنه قال: "أُرى" -بضم الهمزة- أي: أظن، وهذا التعليق عن محمد بن فليح سيأتي مسندًا في باب التوحيد عن إبراهيم بن المنذر عن محمد بن فليح. قال الغساني: وقع للقابسي حدثنا محمد بن فليح، قال: وهذا وهم لأن محمد، بن فليح لم يدركه البخاري. قلت: وهذا الذي قاله الغساني اتفق عليه العلماء. 2791 - (أبو رَجاء) بفتح الراء، والمدِّ. عمران بن ملحان العطاردي (عن سَمُرَة) بفتح السين، وضمِّ الميم. (رأيت الليلة رجلين، أتياني فصعدا بي الشجرة) هذا حديث طويل تقدَّم بطوله في كتاب الجنائز. ورواه مختصرًا؛ لأن غرضه بيان فضل الشهداء بقوله: (أما هذه فدار الشهداء) وقسِيم أمَّا مذكور في ذلك الحديث وهو قوله: "أما الروضة، فدار عامة المؤمنين".

5 - باب الغدوة والروحة فى سبيل الله، وقاب قوس أحدكم من الجنة

5 - باب الْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ 2792 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَغَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا». طرفاه 2796، 6568 2793 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ هِلاَلِ بْنِ عَلِىٍّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى عَمْرَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَقَابُ قَوْسٍ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِمَّا تَطْلُعُ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَتَغْرُبُ». وَقَالَ «لَغَدْوَةٌ أَوْ رَوْحَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِمَّا تَطْلُعُ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَتَغْرُبُ». طرفه 3253 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الغَدْوَةِ والرَّوْحَةِ في سبيل الله وقابُ قوسِ أحدكم من الجنة القاب والقيب -بكسر القاف-: المقدار، أصله الواو، قلبت ياء لسكونها وانكسار ما قبلها. والغَدْوَة، والرَّوْحة -بفتح الغين والراء-: المرة من الغُدو والرَّواح، وهما السَّير في أول النهار، إلى نصفه، وبعده إلى آخره. 2792 - (مُعلَّى بن أسد) بضم الميم، وتشديد اللام (وُهَيب) بضم الواو مصغر، وكذا (حُميد). (الغَدْوة في سبيل الله، أو الروحة خير من الدنيا وما فيها)، أي: ثواب إحداهما في الجنة خير من ملك الدنيا، وإنما خصَّ الوقتين؛ لأن المسافر يستريح في أثناء النهار، و"أو" للتسوية بين هذين الوقتين، وقيل: معناه لو كانت له الدنيا وأنفقها في سبيل الله، لم يلحق ثواب ذلك، ولفظ الحديث ساعد ما ذكرناه، ويؤيده: "قاب قوس أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما فيها"، وغيره من الأحاديث. 2793 - (إبراهيم بن المنذر) بضم الميم وكسر الذال (محمد بن فليح) بضم الفاء، مصغَّر.

6 - باب الحور العين وصفتهن

2794 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الرَّوْحَةُ وَالْغَدْوَةُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَفْضَلُ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا». أطرافه 2892، 3250، 6415 6 - باب الْحُورُ الْعِينُ وَصِفَتُهُنَّ يَحَارُ فِيهَا الطَّرْفُ شَدِيدَةُ سَوَادِ الْعَيْنِ شَدِيدَةُ بَيَاضِ الْعَيْنِ. (وَزَوَّجْنَاهُمْ) أَنْكَحْنَاهُمْ. 2795 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا مِنْ عَبْدٍ يَمُوتُ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ، يَسُرُّهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا، وَأَنَّ لَهُ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، إِلاَّ الشَّهِيدَ، لِمَا يَرَى مِنْ فَضْلِ الشَّهَادَةِ، فَإِنَّهُ يَسُرُّهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا فَيُقْتَلَ مَرَّةً أُخْرَى». طرفه 2817 ـــــــــــــــــــــــــــــ 2794 - (قبيصة) بفتح القاف، وكسر الموحدة (عن أبي حازم) بالحاء المهملة، سلمة بن دينار. باب الحور العين وصِفتهنَّ الحور -بضم الحاء وسكون الواو- جمع حوراء إحدى نساء الجنة، وأصل الحور البياض، وفي العرف ما قال البخاري: وهي (شديدة سواد العين، مع شدة بياض العين. والعِين)، بكسر العين، جمع عيناء، وهي واسعة العين. وأما قول البخاري: (يحار فيها الطرف) إن كان كلامًا من عنده بيانًا للواقع فذاك. وإن كان بيانًا للاشتقاق ففيه نظر؛ لأن الحيرة من بناء الياء، والحور من بناء الواو. ({وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ} [الدخان: 54]: أنكحناهم) ضمَّن نكح معنى متع فعدَّاه بالباء. 2795 - (أبو إسحاق) هو عمرو بن عبد الله السبيعي.

7 - باب تمنى الشهادة

2796 - وَسَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «لَرَوْحَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ غَدْوَةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ أَوْ مَوْضِعُ قِيدٍ - يَعْنِى سَوْطَهُ - خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ اطَّلَعَتْ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ لأَضَاءَتْ مَا بَيْنَهُمَا وَلَمَلأَتْهُ رِيحًا، وَلَنَصِيفُهَا عَلَى رَأْسِهَا خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا». طرفه 2792 7 - باب تَمَنِّى الشَّهَادَةِ 2797 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَوْلاَ أَنَّ رِجَالاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لاَ تَطِيبُ أَنْفُسُهُمْ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنِّى، وَلاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُهُمْ عَلَيْهِ، مَا تَخَلَّفْتُ عَنْ سَرِيَّةٍ تَغْزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَوَدِدْتُ أَنِّى أُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ». طرفه 36 ـــــــــــــــــــــــــــــ 2796 - (ولقاب قوس أحدكم) أي: مقداره (أو قِيد) بكسر القاف، وفسره الراوي، أي: موضع سوطه، وفي بعضها موضع قيده. واعتُرض عليه بأن صوابه: قِدَّ، بكسر القاف، وتشديد الدال: هو السوط الذي يقد من الجلد. والجواب عنه أن أصله ذلك. ثم أبدل الياء عن إحدى الدالين، كما في تقضي البازي. (ولنَصِيفُها على رأسها خير من الدنيا وما فيها) بفتح النون، وكسر الصاد المهملة. الخمار. باب تمنِّي الشهادة قال الأثير: التمني: تشهي حصول الأمر المرغوب فيه، وحديث النفس بما يكون وما لا يكون. 2797 - (والذي نفسي بيده لوددت أني أُقتل في سبيل الله ثم أحيا، فأقتل ثم أحيا) ذكر

2798 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الصَّفَّارُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ خَطَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ غَيْرِ إِمْرَةٍ فَفُتِحَ لَهُ - وَقَالَ - مَا يَسُرُّنَا أَنَّهُمْ عِنْدَنَا». قَالَ أَيُّوبُ أَوْ قَالَ «مَا يَسُرُّهُمْ أَنَّهُمْ عِنْدَنَا». وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ. طرفه 1246 ـــــــــــــــــــــــــــــ الإحياء بعد القتل ثلاث مرات. المراد الكثرة، لا هذا العدد، بقرينة المقام. وفي "صحيح الحاكم": "أسألك يا رب أن تردَّني إلى الدنيا، فأقتل في سبيلك، عشر مرات"، والمراد الكثرة كما أشرنا إليه، وفي الحديث دلالة صريحة على جواز تمني الشهادة. بل على استحباء. فمن قال: لا يجوز؛ لأن فيه تمني غبلة الكفار، فقد خالف العقل والنقل. 2798 - (أخذ الراية زيد فأصيب) هو زيد بن حارثة ..... رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كان أمير الجيش في غزوة مؤتة سنة ثمانٍ قبل فتح مكة. ومؤتة، بضم الميم: قرية من أرض الشام. (ثم أخذها خالد بن الوليد من غير إمرة) بكسر الهمزة، اسم من الإمارة، والمراد: الإمرة من رسول [الله]- صلى الله عليه وسلم -؛ فإنه لم يذكره وإلا فقد اتفق أهل الجيش على إمْرَتِه بعد قتل هؤلاء الأمراء الثلاثة. (وقال: ما يسرنا أنهم عندنا) هذا موضع الدلالة؛ لأنه إزاء حالهم في الآخرة أحسن من حال الحياة، فلا خلاف أنه يتمناه كل عاقل. (وعيناه تذرفان) بالذال المعجمة، أي: تسيلان؛ إما فرحًا بما نالوا من الأجر والرتبة العالية، أو حزنًا على فراقهم. وقد ذكر ابن إسحاق أن ابن رواحة لما ركب متوجهًا إلى غزوة مؤتة، قال له قائل: ردَّك الله سالمًا. قال: لكنني أسأل الرحمنَ مغفرةً ... وضربة ذات فرغ تقذف الزَّبدا فيجوز أن يكون إيراد البخاري الحديث لذلك، لكن لما لم تكن تلك الزيادة على شرطه لم يذكرها، ولا شك أن ذلك القول من ابن رواحة تمن للشهادة.

8 - باب فضل من يصرع فى سبيل الله فمات فهو منهم

8 - باب فَضْلِ مَنْ يُصْرَعُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمَاتَ فَهُوَ مِنْهُمْ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ) وَقَعَ وَجَبَ. 2799 و 2800 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ خَالَتِهِ أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ قَالَتْ نَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمًا قَرِيبًا مِنِّى، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ يَتَبَسَّمُ. فَقُلْتُ مَا أَضْحَكَكَ قَالَ «أُنَاسٌ مِنْ أُمَّتِى عُرِضُوا عَلَىَّ يَرْكَبُونَ هَذَا الْبَحْرَ الأَخْضَرَ، كَالْمُلُوكِ عَلَى الأَسِرَّةِ». قَالَتْ فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِى مِنْهُمْ. فَدَعَا لَهَا، ثُمَّ نَامَ الثَّانِيَةَ، فَفَعَلَ مِثْلَهَا، فَقَالَتْ مِثْلَ قَوْلِهَا، فَأَجَابَهَا مِثْلَهَا. فَقَالَتِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِى مِنْهُمْ. فَقَالَ «أَنْتِ مِنَ الأَوَّلِينَ». فَخَرَجَتْ مَعَ زَوْجِهَا عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ غَازِيًا أَوَّلَ مَا ـــــــــــــــــــــــــــــ باب فضل من يصرع في سبيل الله يصرع، على بناء المجهول. يقال: صرعته أسقطته، واستدل على أن من صرع في سبيل الله فهو من الشهداء، بقوله تعالى: ({وَمَن يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [النساء: 100]). وموضع الدلالة قوله: {يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ} فإنه بإطلاقه يشمل كل موت في سبيل الله. وفسر الوقوع بالوجوب لاستعماله بـ (على). فإن قلت: مذهب أهل الحق أن لا وجوب على الله. قلت: معنى الوجوب اللزوم بموجب الوعد، فإنه لا يخلف الميعاد. 2799 - 2800 - (أم حَرام) ضد الحلال (بنت ملحان) بكسر الميم وسكون اللام حديثها تقدم آنفًا في باب الدعاء بالجهاد. وموضع الدلالة هنا قوله: (فقُرِّبت إليها دابَّةٌ لتركبَها فصرعتها) وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أنت من المجاهدين الأولين).

9 - باب من ينكب فى سبيل الله

رَكِبَ الْمُسْلِمُونَ الْبَحْرَ مَعَ مُعَاوِيَةَ، فَلَمَّا انْصَرَفُوا مِنْ غَزْوِهِمْ قَافِلِينَ فَنَزَلُوا الشَّأْمَ، فَقُرِّبَتْ إِلَيْهَا دَابَّةٌ لِتَرْكَبَهَا فَصَرَعَتْهَا فَمَاتَتْ. طرفه 2788 9 - باب مَنْ يُنْكَبُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ 2801 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْحَوْضِىُّ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ إِسْحَاقَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ بَعَثَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَقْوَامًا مِنْ بَنِى سُلَيْمٍ إِلَى بَنِى عَامِرٍ فِي سَبْعِينَ، فَلَمَّا قَدِمُوا، قَالَ لَهُمْ خَالِى أَتَقَدَّمُكُمْ، فَإِنْ أَمَّنُونِى حَتَّى أُبَلِّغَهُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَإِلاَّ كُنْتُمْ مِنِّى قَرِيبًا. فَتَقَدَّمَ، فَأَمَّنُوهُ، فَبَيْنَمَا يُحَدِّثُهُمْ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ أَوْمَئُوا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ، فَطَعَنَهُ فَأَنْفَذَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ وقوله: (ركب المسلمون مع معاوية) فسَّر تلك الرواية، أعني قولَه: زمان معاوية، أنه كان في خلافة عثمان، كما أشرنا إليه هناك. باب من يُنْكَبُ في سبيل الله أو يُطْعَنُ كلا الفعلين على بناء المجهول. والنكبة: للآفة والمصيبة بأيِّ طريق كان، قال الجوهري: النكبة إحدى نكبات الدهر، وقال: يقال: طعنه بالرمح، وطعن في السيف. مضارعه: يطعن بالضم، وطعن فيه بالقول يطعن بالفتح والضم. 2801 - (هَمَّام) بفتح الهاء وتشْديد الميم (عن أنس، قال: بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - أقوامًا من بني سُلَيم إلى بني عامر في سبعين رجلًا) قال الجوهري: سُلَيم، على وزن المصغَّر، قبيلة من قيس غيلان بني عامر هم أولاد عامر بن مالك بن صعصعة بن هوازن. واتفق أهل السِّيَر والحديث أن هذا وَهْمٌ؛ فإن الذين بعثهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هم القراء السبعون من الأنصار وبنو سليم هم الكفار الذين قتلوا هؤلاء. ومن الشارحين مَن أراد دفعَ الوهم بأن أقوامًا نصب بنزع الخافض. تقديره: بعث سرية إلى أقوام من بني سليم وسيأتي الكلام عليه مُستوفىً عن قريب. (فلما قَدِموا) أي: قربوا (قال لهم خالي) أي: خال أنس، اسمه: حرام (فإن آمنوني) بالمدِّ والتخفيف (أوْمؤوا إلى رجل منهم) أي: أشاروا (فطعنه فأنفذه) بالذال المعجمة، أي:

فَقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ، فُزْتُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ. ثُمَّ مَالُوا عَلَى بَقِيَّةِ أَصْحَابِهِ فَقَتَلُوهُمْ، إِلاَّ رَجُلاً أَعْرَجَ صَعِدَ الْجَبَلَ. قَالَ هَمَّامٌ فَأُرَاهُ آخَرَ مَعَهُ، فَأَخْبَرَ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُمْ قَدْ لَقُوا رَبَّهُمْ، فَرَضِىَ عَنْهُمْ وَأَرْضَاهُمْ، فَكُنَّا نَقْرَأُ أَنْ بَلِّغُوا قَوْمَنَا أَنْ قَدْ لَقِينَا رَبَّنَا فَرَضِىَ عَنَّا وَأَرْضَانَا. ثُمَّ نُسِخَ بَعْدُ، فَدَعَا عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا، عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَبَنِى لِحْيَانَ وَبَنِى عُصَيَّةَ الَّذِينَ عَصَوُا اللَّهَ وَرَسُولَهُ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 1001 2802 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ جُنْدُبِ بْنِ سُفْيَانَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ فِي بَعْضِ الْمَشَاهِدِ وَقَدْ دَمِيَتْ إِصْبَعُهُ، فَقَالَ «هَلْ أَنْتِ إِلاَّ إِصْبَعٌ دَمِيتِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ أخرج الرمح من الجانب الآخر (قال: فُزْتُ ورَبِّ الكعبة) أي: ظفِرْتُ بالشهادة. وإنما قال: ([الله] أكبر)؛ تعظيمًا لما ناله، وفرحًا به. (رِعل وذكوان) بكسر الراء وذال معجمة و (عُصيَّة) -بضم العين، وتشديد الياء، مُصغَّر- قال الجوهري هؤلاء قبائل من سُليم و (بنو لحيان) هم أولاد لحيان بن هذيل بن جديلة. 2802 - (أبو عَوانة) بفتح العين، الوضاح اليشكري (جندب) بضم الجيم، وفتح الدال. (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض المشاهد) قيل: كان ذلك في غزوة أحد. وفي رواية مسلم: كان في غَارٍ. قال القاضي: قال أبو الوليد: لعلَّه كان غازيًا فصحَّفها الراوي ويؤيد هذا ما جاء في الرواية الأخرى في البخاري: "بينما يمشي إذ أصابه حجر". (قال: هل أنت إلا إصبع دميتِ) بكسر التاء على الخطاب:

10 - باب من يجرح فى سبيل الله عز وجل

وَفِى سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيتِ». طرفه 6146 10 - باب مَنْ يُجْرَحُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ 2803 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لاَ يُكْلَمُ أَحَدٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِهِ - إِلاَّ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ وَالرِّيحُ رِيحُ الْمِسْكِ». طرفه 237 ـــــــــــــــــــــــــــــ (وفي سبيل الله ما لقيت) هذا بيت من الرجز. وقد استشكل؛ لأنه يخالف قولَه تعالى: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} [يس: 69] لأن الشعر كلام يحمل أكثره خلاف الواقع، ولذلك قيل: أحسن الشعر أكذبه. وقد طوّلوا في الجواب بأشياء لا ضرورة إليها؛ وذلك لأن الشعر كلام موزون مقَّفى بالقصد وإذا انتفى قيد من هذه القيود يسلب عنه لفظ الشعر. ولا شك أنه لم يقصد الوزن بل كلام وقع اتفاقًا كما يقع في كلام واحد منَّا كثير من ذلك، وناهيك أن صاحب "المفتاح" ذكر أن جميع أوزان البحور واقعة في القرآن، وأورد تلك الآيات كلها في كتابه. وفي الأصبع عشر لغات، وموضع الدلالة في الحديث قوله: "وفي سبيل الله ما لقيت" باب من يجرح في سبيل الله 2803 - (عن أبي الزِّناد) بكسر الزاي، بعدها نون (عن الأعرج) هو عبد الرحمن بن هرمز. (والذي نفسي بيده لا يُكلم أحد) على بناء المجهول، بتخفيف اللام، أي: لا يجرح (والله أعلم بمن يكلم في سبيله) جملة معترضة، مثل ما تقدم من قوله: "والله أعلم بمن يجاهد في سبيله". وفائدتها أن الفضيلة المذكورة إنما هي لمن يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا، والحديث سلف في كتاب الطهارة في باب ما يقع من النجاسة.

11 - باب قول الله تعالى (هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين) والحرب سجال

11 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ) وَالْحَرْبُ سِجَالٌ 2804 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ أَخْبَرَهُ أَنَّ هِرَقْلَ قَالَ لَهُ سَأَلْتُكَ كَيْفَ كَانَ قِتَالُكُمْ إِيَّاهُ فَزَعَمْتَ أَنَّ الْحَرْبَ سِجَالٌ وَدُوَلٌ، فَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْتَلَى ثُمَّ تَكُونُ لَهُمُ الْعَاقِبَةُ. طرفه 7 12 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) 2805 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الْخُزَاعِىُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسًا. حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ حَدَّثَنَا زِيَادٌ قَالَ حَدَّثَنِى حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ غَابَ عَمِّى أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ عَنْ قِتَالِ بَدْرٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قول الله عز وجل: {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ} [التوبة: 52] والحرب سجال هذا أيضًا من الترجمة، وهو مصدر ساجله، أي: غالب صاحبه في ملء السجل، وهو الدلو، استعارة للمغالبة في الحرب. 2804 - (يحيى بن بُكير) بضم الباء، مصغر. روى في الباب حديث أبي سفيان مع هرقل مختصرًا؛ لأنه كاف في غرضه، وهو أن الحرب سجال، وفيه دلالة على الشق الأول من الترجمة لأن الغلبة والمغلوبية أو الموت في سبيل الله، كل منها إحدى الحسنيين. و (دُوَل) جمع دولة. قال ابن الأثير: وهى الانتقال من الشدة إلى الرخاء. وفي دال دول يجوز الحركات الثلاث، قاله الفراء. باب قول الله عز وجل: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} [الأحزاب: 23] 2805 - (الخزاعي) بضم الخاء، نسبة إلى خُزاعة، قبيلة من عرب اليمن (زُرارة) بضم الزاي المعجمة، بعدها مهملة (زياد) بكسر الزاي، بعدها ياء مثناة (حميد) بضم الحاء، مصغَّر.

غِبْتُ عَنْ أَوَّلِ قِتَالٍ قَاتَلْتَ الْمُشْرِكِينَ، لَئِنِ اللَّهُ أَشْهَدَنِى قِتَالَ الْمُشْرِكِينَ لَيَرَيَنَّ اللَّهُ مَا أَصْنَعُ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ وَانْكَشَفَ الْمُسْلِمُونَ قَالَ «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعْتَذِرُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلاَءِ - يَعْنِى أَصْحَابَهُ - وَأَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلاَءِ» - يَعْنِى الْمُشْرِكِينَ - ثُمَّ تَقَدَّمَ، فَاسْتَقْبَلَهُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، فَقَالَ يَا سَعْدُ بْنَ مُعَاذٍ، الْجَنَّةَ، وَرَبِّ النَّضْرِ إِنِّى أَجِدُ رِيحَهَا مِنْ دُونِ أُحُدٍ. قَالَ سَعْدٌ فَمَا اسْتَطَعْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا صَنَعَ. قَالَ أَنَسٌ فَوَجَدْنَا بِهِ بِضْعًا وَثَمَانِينَ ضَرْبَةً بِالسَّيْفِ أَوْ طَعْنَةً بِرُمْحٍ أَوْ رَمْيَةً بِسَهْمٍ، وَوَجَدْنَاهُ قَدْ قُتِلَ وَقَدْ مَثَّلَ بِهِ الْمُشْرِكُونَ، فَمَا عَرَفَهُ أَحَدٌ إِلاَّ أُخْتُهُ بِبَنَانِهِ. قَالَ أَنَسٌ كُنَّا نَرَى أَوْ نَظُنُّ أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِيهِ وَفِى أَشْبَاهِهِ (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ) إِلَى آخِرِ الآيَةِ. طرفاه 4048، 4783 2806 - وَقَالَ إِنَّ أُخْتَهُ وَهْىَ تُسَمَّى الرُّبَيِّعَ كَسَرَتْ ثَنِيَّةَ امْرَأَةٍ فَأَمَرَ رَسُولُ ـــــــــــــــــــــــــــــ (إن اللهُ أشهدني)، رفع الله على فاعلية فعل فسره الفعل بعده (لَيَرَينَّ) -بفتح الياء، ونون ثقيلة- يجوز أن يكون من الرؤية بمعنى العلم، والرؤية بمعنى الإبصار. (فلما كان يوم أحد) أي: قتال يوم أحد، كان: تامة (وانكشف المسلمون) أي: انهزموا. عبر عن الانهزام بلازمه، لأنهم كانوا ساترين وجه العدو (اللهمَّ إني أعتذر إليك مما صنع هولاء) اي: لا تؤاخذني بما فعلوا؛ لأني لم أرضَ بما فعلوا. (يا سعدَ بن معاذ) بفتح الدال على المختار (الجنَّةُ) بالرفع، أي: هذه الجنة؛ لقوله: (إني لأجد ريحها من دون أحد). وفي الحديث: "إن ريح الجنة توجد من مسيرة خمسمئة عام". (فوجدْنا به بضعًا وثمانين ضربةً) -بكسر الباء- ما بين الثلاث إلى العشر (فما عرفه إلا أخته ببنانه). قال ابن الأثير: البنانة الأصابع، واحدتها بنانة، وقيل: أطراف الأصابع. (وقد مثل به المشركون) والمثلة: قطع أطراف الحيوان. قال ابن الأثير: مخفف، وقد شدد للمبالغة. 2806 - (إن أخته): أي أخت أنس بن النضر (وهي تسمَّى: الرُّبَيِّع)، بضم الراء، وفتح الباء، وتشديد الياء المكسورة كسرت ثنية امرأة) بفتح المثلثة، على وزن (عطية) إحدى الثنايا

اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْقِصَاصِ، فَقَالَ أَنَسٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لاَ تُكْسَرُ ثَنِيَّتُهَا. فَرَضُوا بِالأَرْشِ وَتَرَكُوا الْقِصَاصَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّهُ». طرفه 2703 2807 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَنِى إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى أَخِى عَنْ سُلَيْمَانَ أُرَاهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى عَتِيقٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ - رضى الله عنه - قَالَ نَسَخْتُ الصُّحُفَ فِي الْمَصَاحِفِ، فَفَقَدْتُ آيَةً مِنْ سُورَةِ الأَحْزَابِ، كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ بِهَا، فَلَمْ أَجِدْهَا إِلاَّ مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ الأَنْصَارِىِّ الَّذِى جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَهَادَتَهُ شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ، وَهْوَ قَوْلُهُ (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ) أطرافه 4049، 4679، 4784، 4986، 4988، 4989، 7191، 7425 ـــــــــــــــــــــــــــــ (إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره) كرامة له، وأنس بن النضر منهم. 2807 - (إسماعيل) هو ابن أويس (أخي) أخوه عبد الحميد (أُراهُ) بضم الهمزة (أن زيد بن ثابت قال: نسخت الصحف في المصاحف) جمع صحيفة (فَفَقَدْتُ آية كنت أسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَقرأُ بها، فلم أجدها إلا مع خزيمة الأنصاري، الذي جعل رسول - صلى الله عليه وسلم - شهادته شهادة رجلين) أي: كافية في كل شهادة لا يحتاج إلى رجل آخر. وسبب ذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اشترى فرسًا من أعرابي، ولم يكن هناك أحد فأنكر الأعرابي بيع الفرس، فشهد خزيمة بأنه باعه، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كيف تشهد ولم تكن حاضرًا"؟ قال: يا رسول الله أصدقك في كل ما جئت به من الله، أفلا أصدقك في شراء الفرس؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من شهد له خزيمة فحسبه". قال ابن عبد البر: هو خزيمة بن ثابت بن الفاكه من بني خطمة من الأنصار من الأوس. فإن قلت: شرط القرآن التواتر، فكيف يكون قرآنًا، ولم يجده إلا عند واحد؟ قلت: أراد أنه لم يجده مكتوبًا عند أحد، كما جاء في الرواية الأخرى، ألا ترى إلى قوله: نسخت

13 - باب عمل صالح قبل القتال

13 - باب عَمَلٌ صَالِحٌ قَبْلَ الْقِتَالِ وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ إِنَّمَا تُقَاتِلُونَ بِأَعْمَالِكُمْ. وَقَوْلُهُ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ * إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ). 2808 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ الْفَزَارِىُّ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ - رضى الله عنه - يَقُولُ أَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ مُقَنَّعٌ بِالْحَدِيدِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أُقَاتِلُ وَأُسْلِمُ. قَالَ «أَسْلِمْ ثُمَّ قَاتِلْ». فَأَسْلَمَ ثُمَّ قَاتَلَ، فَقُتِلَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «عَمِلَ قَلِيلاً وَأُجِرَ كَثِيرًا». ـــــــــــــــــــــــــــــ الصحف في المصاحف، وإلى قوله: كنت أسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ بها، فإنه كان يحفظ الآية، إلا أنها لم تكن مكتوبة عندَه، ومن لم يهتدِ إلى هذا زعم أن شرط التواتر إنما هو بعد زمن الصحابة، واستدل على ذلك بأن الصحابه إذا سمعوا القرآن من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علموا قطعًا أنه قرآن، وهذا الذي قاله ليس بشيء؛ لأن الكلام إنما هو فيمن لم يسمع منه. ألا ترى إلى قول زيد: كنت أسمع رسول الله يَقرأ بها. فلو كان ذلك كافيًا، لم يقل: فقدتُ آية لم أجدها إلا عند خزيمة. باب عملٌ صالحٌ قبل القتال (وقال أبو الدرداء: إنما تقاتلون بأعمالكم) الباء للاستعانة، فإن العمل الصالح يعين على القتال، ويقوي الجأش، وهذا مثل الذنوب، فإن الصغائر مقدمات الكبائر. (وقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} إلى قوله: {كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} [الصف: 4]) موضع الدلالة قوله: كأنهم بنيان مرصوص، فإنه عمل صالح قبل القتال. 2808 - (شَبَابَة) بفتح الباء المخففة (سَوّار) بفتح السين، وتشديد الواو (الفَزاري) بفتح الفاء. (أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل مقنع بالحديد) أي: مغطّى، بفتح القاف، وتشديد النون. من القنع وهو الستر، ومنه القناعة (قال: يا رسول الله: أُسْلِمُ أو أُقَاتِل؟ قال: أَسْلِمْ ثُمّ قَاتِل. فَأَسْلَمَ ثُمَّ قَاتَل فَقُتِل. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: عَمِلَ قليلًا وأُجِرَ كثيرًا).

14 - باب من أتاه سهم غرب فقتله

14 - باب مَنْ أَتَاهُ سَهْمٌ غَرْبٌ فَقَتَلَهُ 2809 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَبُو أَحْمَدَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ قَتَادَةَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ أُمَّ الرُّبَيِّعِ بِنْتَ الْبَرَاءِ وَهْىَ أُمُّ حَارِثَةَ بْنِ سُرَاقَةَ أَتَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا نَبِىَّ اللَّهِ، أَلاَ تُحَدِّثُنِى عَنْ حَارِثَةَ وَكَانَ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ أَصَابَهُ سَهْمٌ غَرْبٌ، فَإِنْ كَانَ فِي الْجَنَّةِ، صَبَرْتُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ اجْتَهَدْتُ عَلَيْهِ فِي ـــــــــــــــــــــــــــــ العمل القليل: هو الإسلام، قبل القتال، والأجر الكثير: النعيم الدائم، ومنازل الشهداء. باب من أتاه سَهْم غَرْبٌ فقتل 2809 - (شيبان) على وزن فعلان من الشيب (عن أنس أنَّ [أم] الرُّبيِّع بنت البراء) بفتح الباء وتخفيف الراء، وهي أم حارثة بن سراقة الأنصاري النجاري. اتفق أهل السير والحديث على أن هذا وَهْمٌ، إذ ليس لبراء أخت تسمَّى أم الربيع. قالوا: والوهم فيه من وجهين: الأول: أن لفظ الأم زائد وهي الربيع. الثاني: أنها بنت النضر، عمة أنس بن مالك. صرح به ابن عبد البر، وغيره. ومن الشارحين من أراد توجيه ذلك بأنه من الجائز أن يكون للربيع بنت النضر بنت من البراء، اسمها ربيع فتكون الربيع بنت النضر أم الربيع بنت البراء، وهذا ليس بشيء، لوجهين: الأول: أن ليس في الصحابيات أم الربيع. الثاني: أنه على قوله يلزم أن يكون بنت البراء مجرورًا، صفة الربيع، والرواية بالنصب صفة أم. وأيضًا إنما يوصف المضاف؛ لأنه مخبر عنه. ثم قال: ويحتمل أن لفظ بنت مصحف من لفظ عمة، فإن الربيع عمة البراء بن مالك. قلت: تصحيف البنت من العمة في غاية البعد، ولو سلم فلفظ أم منعه. وله أشياء أخر من هذا النمط أعرضنا عنها. (أصابه سهم كرب) يجوز فيه الإضافة والوصف، والغَرْبُ، بفتح المعجمة وسكون الراء: سهم لا يعرف راميه هذا لكن ذكر ابن عبد البر أنه رماه يوم بدر، وهو يشرب من الحوض حبان بن العرقة فأصاب حنْجرته، وكان خرج.

15 - باب من قاتل لتكون كلمة الله هى العليا

الْبُكَاءِ. قَالَ «يَا أُمَّ حَارِثَةَ، إِنَّهَا جِنَانٌ فِي الْجَنَّةِ، وَإِنَّ ابْنَكِ أَصَابَ الْفِرْدَوْسَ الأَعْلَى». أطرافه 3982، 6550، 6567 15 - باب مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِىَ الْعُلْيَا 2810 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ الرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلذِّكْرِ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ، فَمَنْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِىَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ». طرفه 123 16 - باب مَنِ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (مَا كَانَ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ) إِلَى قَوْلِهِ (إِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ). ـــــــــــــــــــــــــــــ (يا أم حارثة إنها جنان في الجنة) الضمير للقصة. فسَّره ما بعده (وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى) اللهم ارزقنا يا كريم. باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا 2810 - (سليمان بن حرب) ضد الصلح (عن أبي وائل) سلمة بن شقيق. (الرجل يقاتل للمغنم، والرجل يقاتل للذكر) أي: رياءً (والرجل يقاتل ليرى مكانه) أي: للشجاعة، إظهارًا لها. (من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله) عدل عن ظاهر الجواب ليكون أشمل، فيتناول المذكورات وغيرها. هذا السائل أعرابي، اسمه: لاحق بن ضميرة. قيل: إذا كان الباعث الأول قصد إعلاء كلمة الله، فلا يقدح فيه ما عرض بعد ذلك شيء من المذكورات. وعندي: أن هذا ليس بشيء؛ لأن العبرة بالخاتمة، ولا يقبل الله من العمل إلا ما كان خالصًا لوجهه دل عليه نصوص متواترة. باب من اغبرَّت قدماه في سبيل الله (وقول الله عز وجل: {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللهِ} [التوبة: 120]).

17 - باب مسح الغبار عن الناس فى السبيل

2811 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنِى يَزِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا عَبَايَةُ بْنُ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو عَبْسٍ هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جَبْرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا اغْبَرَّتْ قَدَمَا عَبْدٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَمَسَّهُ النَّارُ». طرفه 907 17 - باب مَسْحِ الْغُبَارِ عَنِ النَّاسِ فِي السَّبِيلِ 2812 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ لَهُ وَلِعَلِىِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ استدل على ما ترجم بالآية الكريمة، وموضع الدلالة، قوله: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا [مَخْمَصَةٌ]} [التوبة: 120] فإن النَّصَبَ المذكور في سياق النفي يتناول اغبرار القدم. 2811 - (إسحاق) كذا وقع غير منسوب، قال الكلاباذي: هو ابن منصور، كذا نسبه الأصيلي، ويحتمل أن يكون الكوسج المروزي، وأن يكون إسحاق بن زيد. فإن هؤلاء كلهم يروي عن محمد بن المبارك (يزيد بن أبي مريم) من الزيادة (عباية بن رفاعة) بفتح العين، بعدها موحدة وكسر الراء (ابن خديج) بفتح المعجمة على وزن فعيل، آخره جيم (أبو عَبْسٍ) بفتح العين، وسكون الموحدة، واسمه عبد الرحمن. (ما اغبرت قدما عبد في سبيل [الله] فتمسَّه النار) بالنصب، أي: لا يجتمع الأمران: اغبرار القدم، ومسُّ النار، وإذا انتفى المسُّ، فالدخول في النار أبعد. وقيل في معناه: إن الاغبرار المرتب على المس منتفٍ بانتفائه، وهذا غلط ظاهر غني [عن] البيان؛ لأن الغرض أن مسَّ النار منتفٍ عند وجود الاغبرار. باب مسح الغبار عن الرأس الجار والمجرور في محل النصب، حال عن المجرور، أعنى الغبار؛ لأنه مفعول المسح. وفي بعضها عن الناس وهو ظاهر. 2812 - (عن عكرمة أن ابن عباس قال له ولعليّ بن عبد الله بن عباس) هذا هو جدُّ

18 - باب الغسل بعد الحرب والغبار

ائْتِيَا أَبَا سَعِيدٍ فَاسْمَعَا مِنْ حَدِيثِهِ. فَأَتَيْنَاهُ وَهُوَ وَأَخُوهُ فِي حَائِطٍ لَهُمَا يَسْقِيَانِهِ، فَلَمَّا رَآنَا جَاءَ فَاحْتَبَى وَجَلَسَ فَقَالَ كُنَّا نَنْقُلُ لَبِنَ الْمَسْجِدِ لَبِنَةً لَبِنَةً، وَكَانَ عَمَّارٌ يَنْقُلُ لَبِنَتَيْنِ لَبِنَتَيْنِ، فَمَرَّ بِهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَمَسَحَ عَنْ رَأْسِهِ الْغُبَارَ وَقَالَ «وَيْحَ عَمَّارٍ، تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ، عَمَّارٌ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ وَيَدْعُونَهُ إِلَى النَّارِ». طرفه 447 18 - باب الْغَسْلِ بَعْدَ الْحَرْبِ وَالْغُبَارِ 2813 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا رَجَعَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ ـــــــــــــــــــــــــــــ الخلفاء العباسية، ولد في اليوم الَّذي قتل في الليلة بعدها علي بن أبي طالب. (ائتيا أبا سعيد الخدري، فأتيناه، وهو وأخوه في حائط) أي: في حديقة له، واعترض الدمياطي بأن ذكر الأخ وهْمٌ، إذ لم يكن لأبي سعيد الخدري أخ غير قتادة بن النعمان، وقتادة مات في خلافة عمر بن الخطاب، وتكلف بعضهم، فقال: يجوز أن يريد أخًا له من الرضاع أو الإسلام. (وَيْحَ عمار) كلمة ترحُّم، وانتصابه على المصدر من غير لفظ (تقتله الفئة الباغية، عمار يدعوهم إلى الله، ويدعونه إلى النار) إلى أسبابه ومقدماته، قال ابن بطال وتبعه غيره: الدعاء حين كان بمكة بين المشركين، وهذا غلط، إذ الضمير في "يدعوهم" عائد إلى "الفئة الباغية"، وكأنه استبعد أن يكون المؤمن داعيًا إلى النار، وذهل عن معنى البغي، وعن قوله: {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَال} [يونس: 10] وقد حمل البخاري سبيل الله على أعم من الجهاد، ولذلك أورد هنا حديث عمار في بناء المسجد، وحديث من اغبرت قدماه في المشي إلى الجمعة. باب الغسل بعد الحرب والغبار أي: وغسل الغبار، يريد أن لا بأس بالغسل، وإن كان من آثار العبادة. 2813 - (محمد) هو ابن سلام، كذا جاء مصرحًا في بعضها (عَبْدَة) بفتح العين، وسكون الموحدة، لقب عبد الله بن عمرو المروزي. (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما رجع يوم الخندق) فيه تسامح لأن يوم الرجوع لم يكن يوم الخندق، بل بعده، وهذه غزوة الأحزاب، وستأتي مفصَّلةٌ إن شاء الله تعالى.

19 - باب فضل قول الله تعالى (ولا تحسبن الذين قتلوا فى سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون * فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم أن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون * يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين)

وَوَضَعَ السِّلاَحَ وَاغْتَسَلَ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ وَقَدْ عَصَبَ رَأْسَهُ الْغُبَارُ فَقَالَ وَضَعْتَ السِّلاَحَ، فَوَاللَّهِ مَا وَضَعْتُهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «فَأَيْنَ». قَالَ هَا هُنَا. وَأَوْمَأَ إِلَى بَنِى قُرَيْظَةَ. قَالَتْ فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 463 19 - باب فَضْلِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَلاَ تَحْسِبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَنْ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ). 2814 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الَّذِينَ قَتَلُوا أَصْحَابَ بِئْرِ مَعُونَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ (وضع لأمته) بفتح اللام، وسكون الهمزة، وقد تُبدَلُ أيضًا: هي الدرع ويطلق على السلاح، ومطلق أداة الحرب (فأتاه جبريل، وقد عَصَبَ رأسَه الغبارُ) بتخفيف الصاد، ورفع الغبار على الفاعلية، أي: أحاط الغبار برأسه كالعصابة (فقال رسول الله: فأين؟ قال هاهنا، وأومأ إلى بني قريظة) كأنه لم يذكر بني قريظة لئلا يبلغهم الخبر، فإن الحرب خدعة. قال ابن بطال: فالحديث يدل على أنَّه لم يكن يخرج إلى الحرب إلا بالإذن. قلت: لا دلالة فيه، فإنه حكاية في واقعة وقد اتفق أهل الأصول أنَّه كان في الحروب يجتهد، والمسألة معروفة. باب فضل قول الله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا} [آل عمران: 169] أراد فضل من دخل تحت هذا العموم. 2814 - (عن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعا على الذين قتلوا أصحاب بئر معونة) أي: أصحابه الذين قتلوا عند بئر معونة، موضع قِيَل نجد بين أرض بني عامر، وحرَّة بني

ثَلاَثِينَ غَدَاةً، عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ عَصَتِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، قَالَ أَنَسٌ أُنْزِلَ فِي الَّذِينَ قُتِلُوا بِبِئْرِ مَعُونَةَ قُرْآنٌ قَرَأْنَاهُ ثُمَّ نُسِخَ بَعْدُ بَلِّغُوا قَوْمَنَا أَنْ قَدْ لَقِينَا رَبَّنَا فَرَضِىَ عَنَّا وَرَضِينَا عَنْهُ. طرفه 1001 2815 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - يَقُولُ اصْطَبَحَ نَاسٌ الْخَمْرَ يَوْمَ أُحُدٍ، ثُمَّ قُتِلُوا شُهَدَاءَ. فَقِيلَ لِسُفْيَانَ مِنْ آخِرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ قَالَ لَيْسَ هَذَا فِيهِ. طرفاه 4044، 4618 ـــــــــــــــــــــــــــــ سليم، هؤلاء هم القراء السبعون، الذين تقدَّم ذكرهم في باب من يُنكبُ في سبيل الله. (ثلاثين غداة) وفي بعضها "أربعين" ولا ينافي (على رعل) بكسر الراء، وسكون العين (وذكوان) بذال معجمة (وعُصية) بضم العين وتشديد الياء، مصغَر (بَلَّغوا قومنا أن قد لقينا ربنا فرضي عنا، ورضينا عنه) هذا خطاب لمن يصلح أن يخاطَب، قال تعالى: أنا أبلغ قومكم، وهذا موضع الدلالة على الترجمة، إذ لا مطلب فوق رضي الله تعالى. 2815 - (اصطبح ناسٌ الخمر يوم أحد) ذلك قبل حرمة الخمر. أي: شربوا في الصباح (ثم قتلوا شهداء) أي: يوم أحد (قيل لسفيان: من آخر ذلك اليوم؟ قال: ليس هذا فيه) أي: في حديث جابر، والظاهر أنهم في ذلك اليوم قتلوا، دلَّ عليه لفظ (اصطبح) إلا أنَّه لم يكن له به رواية. فإن قلت: ما وجه تعلق حديث جابر بالترجمة؟ قلت: قيل: فيه إشارة إلى أنهم مع شربهم الخمر هم أفضل الشهداء. قلت: الخمر كانت مباحة يومئذ، والأحسن أنَّه إشارة إلى ما رواه الترمذي ولم يكن على شرط البخاري: أن الله أحيا والدَ جابر وكلَّمه كفاحًا، ثم قال ربِّ بلغ من ورائي، فأنزل الله: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا} [آل عمران: 169].

20 - باب ظل الملائكة على الشهيد

20 - باب ظِلِّ الْمَلاَئِكَةِ عَلَى الشَّهِيدِ 2816 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ جِئَ بِأَبِى إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ مُثِّلَ بِهِ وَوُضِعَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَذَهَبْتُ أَكْشِفُ عَنْ وَجْهِهِ، فَنَهَانِى قَوْمِى، فَسَمِعَ صَوْتَ صَائِحَةٍ فَقِيلَ ابْنَةُ عَمْرٍو، أَوْ أُخْتُ عَمْرٍو. فَقَالَ «لِمَ تَبْكِى أَوْ لاَ تَبْكِى، مَا زَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا». قُلْتُ لِصَدَقَةَ أَفِيهِ حَتَّى رُفِعَ قَالَ رُبَّمَا قَالَهُ. طرفه 1244 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ظل الملائكة على الشهيد 2816 - (صَدَقَةُ بنُ الفضل) أخت الزكاة (ابن عيينة) بضم العين مصغَّر (ابن المُنْكَدِر) بكسر الدال، اسمه محمد. (جيء بأبي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي: يوم أحد (وقد مُثِّلَ به) بضم الميم وتخفيف الثاء، ويجوز التشديد، أي قطع أطرافه (فسمع) أي: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (صوت صائحة) أي: باكية برفع الصوت (فقيل: بنت أو أخت عمرو) الشك من الراوي، أي: سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مَن هي؟ فقيل: بنت عمرو (فقال: لم تبكي أو لا تبكي) صيغة الخبر، ويجوز أن يكون نهي الغائب (ما زالت الملائكة تُظِلُّه) بضم التاء. أشار إلى أن هذا موضع الفرح بما نال المقتول من الكرامة، لا موضع حزن. وهذا محمول على ظاهره؛ لأن الملائكة أولو أجنحة. (قلت: لِصَدَقَةَ: أفِيهِ: حتَّى رفع؟ قال: ربما قاله) وقد جاء صريحًا مجزومًا به وروى ابن عبد البر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى جابرًا مهمومًا. قال له: "ما لكَ يا جابر"؟ قال: توفي أبي، وترك دينًا. قال: "أفلا أبشركُ"؟ قال: بلى. قال: "إن الله أحيا أباك وكلَّمه كفاحًا، ولم يكلم أحدًا قط إلا من وراء حجاب".

21 - باب تمنى المجاهد أن يرجع إلى الدنيا

21 - باب تَمَنِّى الْمُجَاهِدِ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا 2817 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ قَتَادَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا أَحَدٌ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يُحِبُّ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا وَلَهُ مَا عَلَى الأَرْضِ مِنْ شَىْءٍ، إِلاَّ الشَّهِيدُ، يَتَمَنَّى أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا فَيُقْتَلَ عَشْرَ مَرَّاتٍ، لِمَا يَرَى مِنَ الْكَرَامَةِ». طرفه 2795 22 - باب الْجَنَّةُ تَحْتَ بَارِقَةِ السُّيُوفِ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ أَخْبَرَنَا نَبِيُّنَا - صلى الله عليه وسلم - عَنْ رِسَالَةِ رَبِّنَا «مَنْ قُتِلَ مِنَّا صَارَ إِلَى الْجَنَّةِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ باب تمني المجاهد أن يرجع إلى الدنيا قد أشرنا سابقًا أن التمني تشهَّي حصول الشيء ممكنًا كان أو محالًا. 2817 - (بشَّار) فتح الباء وتشديد المعجمة (غُنْدَرٌ) بضم الغين، وفتح الدال. (ما أحد يدخل الجنّة يحب أن يرجع إلى الدنيا وله ما على الأرض من شيء إلا الشهيد يتمنى أن يرجع إلى الدنيا، فيقتل عشر مرات) قد أشرنا أن المراد من هذا العدد الكثرة، (لما يرى من الكرامة) عِلَّة التمني، فإنه رأى بالقتلة الواحدة ذلك المقام الأعلى، فعلم أنَّ بذلَ النفس في إعلاء كلمة الله تجارة رابحة. باب الجنة تحت بارقة السيوف البارقة: مصدر كالعافية، والمراد: لمعان السيوف عند تلاقي الفريقين، والغرض بيان قوة سببيَّة الجهاد لدخول الجنّة، كأنها حاضرة في موضع القتل، فلا يحتاج الشهيد إلى الانتقال. (وقال المغيرة بن شعبة أخبرنا نبيُّنا - صلى الله عليه وسلم - عن رسالة ربِّنا: من قتل منا صار إلى الجَنة) هذا التعليق سيأتي مسندًا في باب الجزية.

23 - باب من طلب الولد للجهاد

وَقَالَ عُمَرُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَلَيْسَ قَتْلاَنَا فِي الْجَنَّةِ وَقَتْلاَهُمْ فِي النَّارِ قَالَ «بَلَى». 2818 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمٍ أَبِى النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَكَانَ كَاتِبَهُ قَالَ كَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى أَوْفَى - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلاَلِ السُّيُوفِ». تَابَعَهُ الأُوَيْسِىُّ عَنِ ابْنِ أَبِى الزِّنَادِ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ. أطرافه 2833، 2966، 3024، 7237 23 - باب مَنْ طَلَبَ الْوَلَدَ لِلْجِهَادِ 2819 - وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ - عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ - لأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى مِائَةِ امْرَأَةٍ - أَوْ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ - كُلُّهُنَّ يَأْتِى بِفَارِسٍ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ وتعليق عمر (أليس قتلانا في الجنّة) تقدم في صلح الحديبية. 2818 - (عبد الله بن أبي أوفى) قال رسول [الله]- صلى الله عليه وسلم -: (واعلموا أن الجنّة تحت ظلال السيوف) ترجم بلفظ البارقة، وروى الحديث بلفظ الظلال؛ بيانه لم تصح على شرطه تلك اللفظة (تابعه الأويسي) بضم الهمزة، مصغر أويس، هو عبد العزيز بن عبد الله (وابن أبي الزناد) هو عبد الرحمن بن عبد الله بن ذكوان. باب مَنْ طلب الولد للجهاد 2819 - (وقال الليث): روي هذا الحديث هنا تعليقًا، ورواه في الإيمان والنذور مسندًا (هرمز) بضم الهاء وسكون الراء المهملة آخره زاي معجمة غير منصرف للعلمية والعجمة. (لأطوفنَّ على مئة امرأة أو تسع وتسعين) وفي رواية "ستين" وفي أخرى "سبعين" وفي أخرى "مئة" من غير شك (فقال له صاحبه: إن شاء الله) أي: قل: إن شاء الله. قيل: هو

24 - باب الشجاعة فى الحرب والجبن

فَلَمْ يَقُلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. فَلَمْ يَحْمِلْ مِنْهُنَّ إِلاَّ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ، جَاءَتْ بِشِقِّ رَجُلٍ، وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْ قَالَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، لَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فُرْسَانًا أَجْمَعُونَ». أطرافه 3424، 5242، 6639، 6720، 7469 24 - باب الشَّجَاعَةِ فِي الْحَرْبِ وَالْجُبْنِ 2820 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ وَاقِدٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ رضى الله عنه قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَحْسَنَ النَّاسِ وَأَشْجَعَ النَّاسِ وَأَجْوَدَ النَّاسِ، وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ، فَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - سَبَقَهُمْ عَلَى فَرَسٍ، وَقَالَ «وَجَدْنَاهُ بَحْرًا». طرفه 2627 ـــــــــــــــــــــــــــــ آصف وزيره وقيل: ملك من الملائكة (فلم يقله). (والذي نفس محمد بيده، لو قال: إن شاء لجاهدوا في سبيل الله فرسانًا أجمعون) تأكيد لواو جاهدوا. واعلم أن حصول المطالب ليس من لوازم إن شاء الله. ألا ترى أن موسى قال: إن شاء الله، ولم يصبر بل أطلع الله رسوله على ذلك في شأن سليمان، وفيه ترغيب لمن أراد شيئًا أن يقرنه بإن شاء الله. وفي الحديث دلالة على أن طلب الولد بقصد أن يبلغ ويجاهد في سببل الله من الأعمال الفاضلة، وقس عليه تلاوة القرآن وسائر الأعمال. باب الشجاعة في الحرب والجبن قال الجوهري: الشجاعة: شدة القلب عند الناس، والجبن ضدها. 2820 - (حمّاد بن زيد) بفتح الحاء وتشديد الميم. روى في الباب حديث: (أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان أحسن الناس وأشجع الناس وأجود الناس) هذا مما لا يخالف فيه متدين. (ولقد فزع أهل المدينة، فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - سبقهم على فرس. قال: وجدناه بحرًا) وقد تقدَّم الحديث في باب من استعار من الناس الفرس، وقد ذكرنا أن الفرس كان لأبي

2821 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جُبَيْرٍ قَالَ أَخْبَرَنِى جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ أَنَّهُ بَيْنَمَا هُوَ يَسِيرُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَعَهُ النَّاسُ، مَقْفَلَهُ مِنْ حُنَيْنٍ، فَعَلِقَهُ النَّاسُ يَسْأَلُونَهُ حَتَّى اضْطَرُّوهُ إِلَى سَمُرَةٍ فَخَطِفَتْ رِدَاءَهُ، فَوَقَفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «أَعْطُونِى رِدَائِى، لَوْ كَانَ لِى عَدَدُ هَذِهِ الْعِضَاهِ نَعَمًا لَقَسَمْتُهُ بَيْنَكُمْ، ثُمَّ لاَ تَجِدُونِى بَخِيلاً وَلاَ كَذُوبًا وَلاَ جَبَانًا». طرفه 3148 ـــــــــــــــــــــــــــــ طلحة، وإنما قال: "وجدناه بحرًا"؛ لأنه كان قطوفًا، فأصابه بركة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فشبهه بالبحر في سعة الجري. 2821 - (جبير بن مطعم) بضم الميم، اسم فاعل من الإطعام. (بينما هو يسير مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، مَقْفَلَه من حنين) -بفتح الميم وسكون القاف- أي: مرجعه من تلك الغزاة (فجعلت الأعراب يسألونه) أي: العطاء (حتَّى اضطروه) أي: ضيقوا عليه الطريق، وألجؤوه (إلى سَمُرة) -بفتح السين، وضم الميم- شجرة الطلح (لو كان لي مثل عدد هذه العِضاه نعمًا لقسمته بينكم) بكسر العين. قال ابن الأثير: هي شجرة أم غيلان، وكل شجر عظيم أشرك، له شوك الواحدة: عِضة؛ بالتاء. (ثم لا تجدوني بخيلًا ولا كذوبًا ولا جبانًا) وإنما ضم إلى البخل الكذب والجبن؛ لأنهما من لوازم البخل غالبًا. فإن قلت: الكذوب: صيغة مبالغة، ولا يلزم من نفيها نفي أصل الكذب؟ قلت: النفي إذا دخل على المقيد تارة ينفي القيد: وتارة المقيد مع القيد، كقوله تعالى في شأن عيسى: {وَمَا قتنَلُوْهُ يَقِيْنًا} [النساء: 157] وهذا منه. وفي إشارته على الكاذب إشارة إلى أنَّه لو بدا منه أدنى كذبة لكان جديرًا بأن يوسم بالكذاب، لبعد مقامه عن الكذب و (ثم) يجوز أن تكون للتراخى الزماني، وأن تكون للتراخي الرتبي، فإن هذا الكمال فوق ما تقدَّم، وهذا هو الوجه.

25 - باب ما يتعوذ من الجبن

25 - باب مَا يُتَعَوَّذُ مِنَ الْجُبْنِ 2822 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ الأَوْدِىَّ قَالَ كَانَ سَعْدٌ يُعَلِّمُ بَنِيهِ هَؤُلاَءِ الْكَلِمَاتِ كَمَا يُعَلِّمُ الْمُعَلِّمُ الْغِلْمَانَ الْكِتَابَةَ، وَيَقُولُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنْهُنَّ دُبُرَ الصَّلاَةِ «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ». فَحَدَّثْتُ بِهِ مُصْعَبًا فَصَدَّقَهُ. أطرافه 6365، 6370، 6374، 6390 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ما يُتَعَوَّذُ من الجبن 2822 - (أبو عوانة) بفتح العين: الوضاح الواسطي (عمير) بضم العين، مصغَّر (الأَوْدي) بفتح الهمزة، وسكون الواو، ودال مهملة. (كان سعد) أي: ابن أبي وقاص (يعلِّم بنيه هولاء الكلمات) لما علم من فضلها (وبقول: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يتعوذ بهنَّ دبر الصلاة) أي: المفروضة. ولفظ كان دل على الاستمرار، وذلك يدل على أن لها شأنًا (اللهم إني أعوذ بك من الجبن) وهو لوعة وعدم الصبر على المكروه، ولا يخفى عموم ضرره، ولذلك قدَّمه اهتمامًا (وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر) أردّ: على بناء المجهول. وأرذل العمر: بالذال المعجمة. قال صاحب "الكشاف": هذه الشجاعة ثمانون سنة وعندي أنَّه ليس له ضابط، بل يختلف باختلاف الطبائع والأشخاص، ومناطه سقوط القوى وعدم القدرة على الطاعة وأسباب المعاش. (وأعوذ بك من فتنة الدنيا) أي: من بلائها وآفاتها، في أسباب الدين وما يحتاج إليه المتدين في عبادة ربه (وأعوذ بك من عذاب القبر) أول منزلة من منازل الآخرة. وقد قال الصادق المصدوق: "فإن نجا منه، فما بعده أيسر، وإن لم ينجُ فما بعده أشد" (فحدثت به مصعبًا فصدقه) هذا كلام عبد الملك بن عمير ومصعب هذا: هو ابن سعد بن أبي وقاص. صدَّق الأودي في روايته عن أبيه أنَّه كان يعلم أولاده، ويروي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يواظب عليها دبر الصلاة.

26 - باب من حدث بمشاهده فى الحرب

2823 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَالْجُبْنِ وَالْهَرَمِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ». أطرافه 4707، 6367، 6371 26 - باب مَنْ حَدَّثَ بِمَشَاهِدِهِ فِي الْحَرْبِ قَالَهُ أَبُو عُثْمَانَ عَنْ سَعْدٍ. 2824 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَاتِمٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ صَحِبْتُ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ وَسَعْدًا وَالْمِقْدَادَ بْنَ الأَسْوَدِ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ - رضى الله عنهم - فَمَا سَمِعْتُ أَحَدًا مِنْهُمْ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، إِلاَّ أَنِّى سَمِعْتُ طَلْحَةَ يُحَدِّثُ عَنْ يَوْمِ أُحُدٍ. طرفه 4062 ـــــــــــــــــــــــــــــ 2823 - (مُعتَمِر) بكسر [الميم الثانية]. (أعوذ بك من العجز) عن القيام بالطاعة. (والكسل) التقاعد عن الطاعة مع القدرة (والهرم) شدة الكبر، وهو أرذل العمر (وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات) يجوز أن يكونا مصدرين واسمي الزمان. باب من حدَّث بمشاهده في الحرب (قاله أبو عثمان، عن سعد) هو عبد الرحمن النهدي، عن ابن أبي وقاص، وسيأتي تعليقه مسندًا. 2824 - (قتيبة) بضم القاف، مصغر (عن السائب بن يزيد) من الزيادة. (صحبت طلحة بن عبيد الله وسعدًا، والمِقداد بن الأسود) -بكسر الميم- هو ابن عمرو الكندي، وإنما نُسِبَ إلى الأسود؛ لأنه تبناه (فما سمعت أحدًا [منهم] يحدث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) إما أنَّه لم يتفق له ذلك، أو سكتوا عن الرواية احتياطًا لئلا يقع له زيادة أو نقصان (إلا أني سمعت طلحة يحدث عن يوم أحد) فإنه كان ثابتًا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك

27 - باب وجوب النفير وما يجب من الجهاد والنية

27 - باب وُجُوبِ النَّفِيرِ وَمَا يَجِبُ مِنَ الْجِهَادِ وَالنِّيَّةِ وَقَوْلِهِ (انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لاَتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ) الآيَةَ. وَقَوْلِهِ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ) إِلَى قَوْلِهِ (عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ). يُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ انْفِرُوا ثُبَاتًا سَرَايَا مُتَفَرِّقِينَ، يُقَالُ أَحَدُ الثُّبَاتِ ثُبَةٌ. 2825 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنِى مَنْصُورٌ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ يَوْمَ الْفَتْحِ «لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا». طرفه 1349 ـــــــــــــــــــــــــــــ اليوم، حتَّى قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أوجب طلحة"، وشلت يده في ذلك اليوم، وكان أبو بكر الصديق إذا ذكر يوم أحد يقول: ذلك يوم كله لطلحة. وفي الحديث دلالة على جواز حديث الإنسان بالعمل الصالح إذا أمِنَ الرياء، وكان غرضه أن يقتدى به، أو يروى عنه. باب وجوب النفير وما يجب من الجهاد والنية وقول الله عزَّ وجلَّ {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا} [التوبة: 41] النفير: مصدر كالهدير، ومعناه الخروج مطلقًا، لكن في العرف: يراد به الخروج إلى الجهاد، ويكون فرض عين إذا دخل الكفار دار الإسلام. (ويذكر عن ابن عباس: {فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ} جماعات (سرايا متفرقين) جمع سرية، وهي ما دون الأربعمئة، سميت بذلك؛ لأنهم يكونون أماثل الناس وشجعانهم. 2825 - ثم روى (عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: إذا استنفرتم فانفروا) استدل بالآيتين والحديث على وجوب النفير، إما فرض كفاية أو فرض عين.

28 - باب الكافر يقتل المسلم ثم يسلم فيسدد بعد ويقتل

28 - باب الْكَافِرِ يَقْتُلُ الْمُسْلِمَ ثُمَّ يُسْلِمُ فَيُسَدِّدُ بَعْدُ وَيُقْتَلُ 2826 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَضْحَكُ اللَّهُ إِلَى رَجُلَيْنِ يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ يَدْخُلاَنِ الْجَنَّةَ، يُقَاتِلُ هَذَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلُ، ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَى الْقَاتِلِ فَيُسْتَشْهَدُ». 2827 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ قَالَ أَخْبَرَنِى عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ بِخَيْبَرَ بَعْدَ مَا افْتَتَحُوهَا، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَسْهِمْ لِى. فَقَالَ بَعْضُ بَنِى سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ لاَ تُسْهِمْ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الكافر يقتلُ المسلم ثم يُسْلمُ، فَيُسَدَّد بعدُ فيُقتَل وفي بعضها، أو يقتل. وقوله: يسدد: علي بناء المجهول من السداد وهو الاستقامة في الدين. 2826 - (عن أبو الزناد) بكسر الزاي، بعده نون عبد الله بن ذكوان (عن الأعرج) هو عبد الرحمن بن هرمز. (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن الله يضحك إلى رجلين) الضحك، محالٌ عليه، تعالى عن ذلك، فهو مجاز من كمال الرضا، وإنما عدَّاه بـ (إلى) لتضمين معنى الإقبال. 2827 - قال أبو هريرة: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخيبر بعد الفتح فقلت: يا رسول الله أسهم لي. فقال بعض بني سعيد بن العاص: لا تسهم له) في رواية أبي داود أن ذلك القائل هو أبان بن سعيد بن العاص، وأن القاتل: لا تسهم له، أبو هريرة عكس ما في البخاري، لكن سيأتي في آخر غزوة خيبر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "يا أبان، اجلس" ولم يسهم له"، ويجوز وقوع الأمرين.

29 - باب من اختار الغزو على الصوم

فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ هَذَا قَاتِلُ ابْنِ قَوْقَلٍ. فَقَالَ ابْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ وَاعَجَبًا لِوَبْرٍ تَدَلَّى عَلَيْنَا مِنْ قَدُومِ ضَأْنٍ، يَنْعَى عَلَىَّ قَتْلَ رَجُلٍ مُسْلِمٍ أَكْرَمَهُ اللَّهُ عَلَى يَدَىَّ وَلَمْ يُهِنِّى عَلَى يَدَيْهِ. قَالَ فَلاَ أَدْرِى أَسْهَمَ لَهُ أَمْ لَمْ يُسْهِمْ لَهُ. قَالَ سُفْيَانُ وَحَدَّثَنِيهِ السَّعِيدِىُّ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ السَّعِيدِىُّ عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ. أطرافه 4237، 4238، 4239 29 - باب مَنِ اخْتَارَ الْغَزْوَ عَلَى الصَّوْمِ 2828 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِىُّ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ ـــــــــــــــــــــــــــــ (قال: أبو هريرة هذا قاتل ابن قوْقل) بفتح القافين بينهما واو ساكنة، ابن قوقل هذا هو النعمان بن مالك بن ثعلبة الأنصاري قتله يوم أحد أبان بن سعيد بن العاص، وكان أعرج، قال يوم أحد: يا ربّ أقسمت عليك ألا تغرب الشمس حتَّى أطأ بعرجتي هذه الجنّة، فلما قتل قال رسول الله: "إن النعمان ظن بالله ظنًا فوجده عند ظنه رأيته في حضرة الجنّة يطؤها بعرجته" وقَوْقَل بن ثعلبة جد النعمان أوسيّ. (فقال ابن سعيد بن العاص: واعجبًا لوبر تدَلَّى علينا من قدوم ضأن) قوله: واعجبًا، منون قيل: اسم فعل بمعنى أعجب، وعجبًا: مفعول مطلق، ويروى بدون التنوين على أن وا في موضع ياء حرف النداء، والوَبر بفتح الواو والباء وقد تسكن الباء دويبه مثل السِّنَّود، وقدوم: بفتح القاف وتخفيف الدال قال ابن الأثير: ثنية أو جبل بأرض دوس وقيل: أراد بقدوم ضأن رأس الغنم وليس فيه زيادة، معنى، وعلى الوجهين أراد تحقيره. ورواه القابسي وابن السكن: الضأل، بلام مخففة بدل النّون، وهو شجر في البادية وقيل: هو السدر. (ينعى عليَّ قتل رجل مسلم أكرمه الله على يديَّ ولم يُهنِّي على يديه) ينعى على وزن يحيا أي: يعيب أكرمه الله بالشهادة، ولم يُهنِّي بأن يقتلني على كفر. هذا موضع الدلالة على الترجمة. باب من اختار الغزو على الصوم 2828 - (ثابت البُنانيُّ) بضم الباء قال الجوهري: بنانة -بضم الباء- اسم امرأة كانت

30 - باب الشهادة سبع سوى القتل

مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ أَبُو طَلْحَةَ لاَ يَصُومُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَجْلِ الْغَزْوِ، فَلَمَّا قُبِضَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ أَرَهُ مُفْطِرًا، إِلاَّ يَوْمَ فِطْرٍ أَوْ أَضْحَى. 30 - باب الشَّهَادَةُ سَبْعٌ سِوَى الْقَتْلِ 2829 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ سُمَىٍّ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ الْمَطْعُونُ، وَالْمَبْطُونُ، وَالْغَرِقُ وَصَاحِبُ الْهَدْمِ، وَالشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ». طرفه 653 ـــــــــــــــــــــــــــــ تحت سعد بن لؤي بن غالب نسبت أولادها إليها، وهم رهط ثابت. (كان أبو طلحة لا يصوم على عهد رسول الله، لأجل الغزو) أي ليكون قويًّا على الجهاد، وإنما آثر الغزو على الصوم لقوله - صلى الله عليه وسلم -: المجاهد كالقائم الَّذي لا يفتر، والصائم الَّذي لا يفطر" (إلا يوم عيد فطر، أو أضحى) لعله كان يرى صوم أيام التشريق، أو لم يذكرها لأنها توابع الأضحى. هذا وقد روى الحاكم وغيره عن أنس أن أبا طلحة شرع في السفر أواخر حياته، ومات غازيًا في البحر، ولم يدفن إلا بعد سبعة أيام، ولم يتغير. باب الشهادة سبع سوى القتل 2829 - (سُميّ) بضم السين مصغر (عن أبي صالح) ذكوان السمان. (الشهداء خمسة) فإن قلت ما عدا القتل أربعة، وقدم ترجم على السّبع؟ قلت: أشار في الترجمة إلى ما ورد في الحديث، بيان لم يكن على شرطه وقد ذكروا أشياء كثيرًا، بعضه ضعيف، وبعضه جيد، وجملة القول: أن الشهيد يكون شهيدًا في أحكام الدنيا والآخرة، وهو: المقتول في المعركة، أو مات بسبب من أسباب الحرب في المعركة، وشهيدًا في أحكام الآخرة وهو: المطعون والمبطون إلى آخر ما عدوه، قال شيخنا: ولا

31 - باب قول الله تعالى (لا يستوى القاعدون من المؤمنين غير أولى الضرر والمجاهدون فى سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين) إلى قوله (غفورا رحيما)

2830 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الطَّاعُونُ شَهَادَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ». طرفه 5732 31 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (لاَ يَسْتَوِى الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِى الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ) إِلَى قَوْلِهِ (غَفُورًا رَحِيمًا). 2831 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ - رضى الله عنه - يَقُولُ لَمَّا نَزَلَتْ (لاَ يَسْتَوِى الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) دَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - زَيْدًا، فَجَاءَ بِكَتِفٍ فَكَتَبَهَا، وَشَكَا ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ ضَرَارَتَهُ فَنَزَلَتْ (لاَ يَسْتَوِى الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِى الضَّرَرِ). أطرافه 4593، 4594، 4990 ـــــــــــــــــــــــــــــ حصر في عدد وقد اجتمع لنا من الطرق الجيدة أكثر من عشرين، وشهيدًا بحسب الاسم وهو الَّذي قتل مدبرًا حيث لا يجوز الفرار. 2830 - (بشر بن محمد) بكسر الموحدة وشين معجمة. باب قوله تعالى: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} [النساء: 95] 2831 - (أبو الوليد) هو هشام الطيالسي (عن أبي إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي. (وشكا ابن أم مكتوم ضَرارته) بفتح الضاد أي: عَمَاه واسم ابن [أم] مكتوم عبد الله وقيل: عمرو واسم أمه عاتكة، فقوله: (فنزلت: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ}) فيه تسامح فإن الَّذي نزل بعد شكاية ابن أم مكتوم هو قوله: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} وحده دل عليه الرواية بعده.

32 - باب الصبر عند القتال

2832 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ الزُّهْرِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِىِّ أَنَّهُ قَالَ رَأَيْتُ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ، فَأَقْبَلْتُ حَتَّى جَلَسْتُ إِلَى جَنْبِهِ، فَأَخْبَرَنَا أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَمْلَى عَلَيْهِ لاَ يَسْتَوِى الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ فَجَاءَهُ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وَهُوَ يُمِلُّهَا عَلَىَّ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ أَسْتَطِيعُ الْجِهَادَ لَجَاهَدْتُ. وَكَانَ رَجُلاً أَعْمَى، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - وَفَخِذُهُ عَلَى فَخِذِى، فَثَقُلَتْ عَلَىَّ حَتَّى خِفْتُ أَنْ تَرُضَّ فَخِذِى، ثُمَّ سُرِّىَ عَنْهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (غَيْرُ أُولِى الضَّرَرِ). طرفه 4592 32 - باب الصَّبْرِ عِنْدَ الْقِتَالِ 2833 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمٍ أَبِى النَّضْرِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِى أَوْفَى كَتَبَ فَقَرَأْتُهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا». أطرافه 2818، 2966، 3024، 7237 ـــــــــــــــــــــــــــــ 2832 - (أملى عليه) أصله املل، وقد استعمله على أصله فيما بعد من قوله (فجاءه ابن أم مكتوم، و [هو] يملها عليّ). (وفخذه على فخذي) وفي الفخذ أربع لغات، معروفة (فثقلت علي) أي: من ثقل الوحي، قيل: كان إذا نزل عليه الوحي وهو واكب بركت دابته إلا الناقة القصواء. (حتَّى خفت أن تُرض فخذي) على بناء المجهول، أي: تدق، والرضخ الدق الجرش، (ثم سُرِي عنه) على بناء المجهول وكسر الراء المشددة أي: كشف عنه. باب الصبر عند القتال 2833 - (أبو إسحاق) هو عمرو بن عبد الله السّبيعي (أبي النضر) بضاد معجمة. (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا لقيتموهم فاصبروا) أوّل الحديث: "لا تتمنوا لقاء

33 - باب التحريض على القتال

33 - باب التَّحْرِيضِ عَلَى الْقِتَالِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى (حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ). 2834 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا - رضى الله عنه - يَقُولُ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الْخَنْدَقِ فَإِذَا الْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ يَحْفِرُونَ فِي غَدَاةٍ بَارِدَةٍ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَبِيدٌ يَعْمَلُونَ ذَلِكَ لَهُمْ، فَلَمَّا رَأَى مَا بِهِمْ مِنَ النَّصَبِ وَالْجُوعِ قَالَ اللَّهُمَّ إِنَّ الْعَيْشَ عَيْشُ الآخِرَهْ فَاغْفِرْ لِلأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَهْ. فَقَالُوا مُجِيبِينَ لَهُ: ـــــــــــــــــــــــــــــ العدوّ فإذا لقيتم فاصبروا" وهو معنى قوله تعالى: {إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا} [الأنفال: 45] والحكمة في الأمر بالصبر أن الحال لا تخلو عن السلامة أو الشهادة والنهي عن التمني لأن فيه نوع غرور. باب التحريض على القتال استدل عليه بقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأنفال: 65] قال الجوهري: التحريض على القتال الحث والإغراء. 2834 - (خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الخندق) هذه غزوة الأحزاب. (اللهم أن العيش عيش الآخرة) وفي رواية: "لا عيش إلا عيش الآخرة" والذي بعده: "لا خير إلا خير الآخرة" والحصر فيه ادعائي كأن ما عداه ليس يعيش لأنه فانٍ مشوب بادكار الموت والهرم وسائر البلايا. فإن قلت: أين في الحديث التحريض؟ قلت: قوله: "لا عيش إلا عيش الآخرة" فإنّ كل عاقل يسعى في تحصيله، والقتال من أقوى أسبابه، وقيل الحث في حفر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنفسه، وأمّا كون هذا الكلام شعرًا، فقد سبق الجواب عن مثله بأنه لم يكن قصدًا منه والشعر يعتبر منه القصد.

34 - باب حفر الخندق

34 - باب حَفْرِ الْخَنْدَقِ 2835 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ جَعَلَ الْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ يَحْفِرُونَ الْخَنْدَقَ حَوْلَ الْمَدِينَةِ، وَيَنْقُلُونَ التُّرَابَ عَلَى مُتُونِهِمْ وَيَقُولُونَ: 2836 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ - رضى الله عنه - كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَنْقُلُ وَيَقُولُ «لَوْلاَ أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا». أطرافه 2837، 3034، 4104، 4106، 6620، 7236 2837 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ - رضى الله عنه - قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الأَحْزَابِ يَنْقُلُ التُّرَابَ وَقَدْ وَارَى التُّرَابُ بَيَاضَ بَطْنِهِ، وَهُوَ يَقُولُ لَوْلاَ أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا وَلاَ تَصَدَّقْنَا وَلاَ صَلَّيْنَا. فَأَنْزِلِ السَّكِينَةَ عَلَيْنَا وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاَقَيْنَا. إِنَّ الأُلَى قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا. طرفه 2836 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب حفر الخندق 2835 - 2836 - 2837 - (أبو مَعْمَر) -بفتح الميمين وسكون العين- عبد الله المنقري. (جعل المهاجرون والأنصار يحفرون الخندق) أي: شرعوا (وينقلون التراب على متونهم) أي: ظهورهم (والنبي - صلى الله عليه وسلم - يجيبهم). فإن قلت: تقدم في الباب قبله أنّهم كانوا يجيبون رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قلت: كلا الأمرين واقع، تارة، وتارة: (فأنزلن سكينة علينا) أي: الوقار والثبات أو الرحمة، كما في حديث ابن مسعود والأول أوفق. (إن الأُلى قد بغوا علينا) اسم موصول بمعنى الذين والجملة صلة له وقوله: (إذا أرادوا فتنة أبينا) خبره.

35 - باب من حبسه العذر عن الغزو

35 - باب مَنْ حَبَسَهُ الْعُذْرُ عَنِ الْغَزْوِ 2838 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ قَالَ رَجَعْنَا مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفاه 2839، 4423 2839 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ - هُوَ ابْنُ زَيْدٍ - عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ فِي غَزَاةٍ فَقَالَ «إِنَّ أَقْوَامًا بِالْمَدِينَةِ خَلْفَنَا، مَا سَلَكْنَا شِعْبًا وَلاَ وَادِيًا إِلاَّ وَهُمْ مَعَنَا فِيهِ، حَبَسَهُمُ الْعُذْرُ». طرفاه 2838 وَقَالَ مُوسَى حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الأَوَّلُ أَصَحُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من حبسه العذر عن الغزو 2838 - (زهير) بضم الزاء مصغر، وكذا (حميد). 2839 - (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان في غزوة) هي غزوة تبوك، كما صرح به أولًا. (أن أقوامًا بالمدينة خَلْفَنَا) بسكون اللام وتشديدها روايتان، خبر إن (ما سلكنا شِعبًا) بكسر الشين الطريق بين الجبلين، خبر بعد خبر (ولا واديًا إلا وهم معنا فيه، حبسهم العذر) وقد تقدم في باب لا يستوي القاعدون أن من حبسه العذر له أجر المجاهد وكذا كل من كان يعمل عملًا صالحًا ثم منعه عذر، وهذا معنى قوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} [التين: 6] أي: غير مقطوع. (وقال موسى) هو: ابن إسماعيل شيخ البخاري والرواية عنه بقال لأنه سمعه مذاكرة (قال: أبو عبد الله الأول عندي أصح) أي: رواية أحمد وسليمان، ففي روايتها حميد عن أنس من غير واسطة موسى بن أنس.

36 - باب فضل الصوم فى سبيل الله

36 - باب فَضْلِ الصَّوْمِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ 2840 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَسُهَيْلُ بْنُ أَبِى صَالِحٍ أَنَّهُمَا سَمِعَا النُّعْمَانَ بْنَ أَبِى عَيَّاشٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَعَّدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا». 37 - باب فَضْلِ النَّفَقَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ 2841 - حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الصوم في سبيل الله 2840 - (ابن جريج) بضم الجيم مصغر وكذا (سهيل)، (النّعمان بن أبي عياش) بفتح العين وياء مثناة تحت وشين معجمة. (من صام يومًا في سبيل الله، بَعَّدَ الله وجهه عن النّار سبعين خريفًا) أي: سبعين عامًا، وإنما عبَّر بالخريف لأنه وقت الثمار، وكان العرب يوقتون الأمور به، وأما التعبير بالوجه لأنه أشرف الأعضاء. فإن قلت: قد روى البخاري: "ليس من البرّ الصَّوم في السَّفر"؟ قلت: ذلك فيمن لم يعتدْ على الجهاد مع الصوم واتفقوا على أن الصوم أفضل من الإفطار لمن كان قويًّا. باب فضل النفقة في سبيل الله 2841 - (من أنفق زوجين في سبيل الله) الزوج: ضد الفرد ويطلق على قرين الشيء

دَعَاهُ خَزَنَةُ الْجَنَّةِ، كُلُّ خَزَنَةِ بَابٍ أَىْ فُلُ هَلُمَّ». قَالَ أَبُو بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَاكَ الَّذِى لاَ تَوَى عَلَيْهِ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنِّى لأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ». طرفه 1897 2842 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ حَدَّثَنَا هِلاَلٌ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ «إِنَّمَا أَخْشَى عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِى مَا يُفْتَحُ عَلَيْكُمْ مِنْ بَرَكَاتِ الأَرْضِ». ثُمَّ ذَكَرَ زَهْرَةَ الدُّنْيَا، فَبَدَأَ بِإِحْدَاهُمَا وَثَنَّى بِالأُخْرَى، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَيَأْتِى الْخَيْرُ بِالشَّرِّ فَسَكَتَ عَنْهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قُلْنَا يُوحَى إِلَيْهِ. وَسَكَتَ النَّاسُ كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِهِمِ الطَّيْرَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وعلى الصف، وهذا هو المراد لما جاء في غير "البخاري" أنه سئل ما الزوجان قال: "فرسان أو عبدان". (دعاه خزنة الجنّة كلّ خزنة باب) أي: كل فرد من أفراد خزنة كل باب، وفيه غاية التعظيم، ومن غفل عن هذا التحقيق زعم أن التركيب من باب القلب، تقديره خزنة كل باب. (أي فل هلمَّ) بفتح الهمزة: حرف نداء، وفُل بسكون اللام: لغة في فلان كناية عن عمله قاله سيبويه والأزهري وقيل: ترخيم فلان سقط النون بالترخيم، والألف تبعًا له، ويجوز في لامه الضم والفتح. كما في سائر المرخمات، إذ لا فائدة ولا مدخل لهذه الأشياء في هذا المقام. (قال أبو بكر: يا رسول الله هذا الَّذي لا توى عليه) -بفتح المثناة فوق مقصور- أي: لا بأس ولا هلك، كناية عن غاية الفوز ونيل السعادة. 2842 - (فليح) بضم الفاء مصغر (يسار) ضد اليمين. (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام على المنبر فقال: إنما أخشى عليكم بعدي ما يفتح عليكم من بركات الأرض، ثم ذكر زهرة الدنيا، فبدأ بإحداهما وثنى بالأخرى) أي ذكر أولًا إنما أخشى ما يفتح عليكم من بركات الأرض، ثم ثنى بذكر زهرة الدنيا كما دل عليه لفظ ثم (فقام رجل فقال: يا رسول الله أو يأتي الخير بالشر) أراد أن فَتْحَ الله عليهم من بركات الأرض خير، فكيف يخشى منه؟. (كأن على رؤوسهم الطير) كناية عن إطراقهم وعدم النظر إليهم، فإن من على رأسه طير

ثُمَّ إِنَّهُ مَسَحَ عَنْ وَجْهِهِ الرُّحَضَاءَ، فَقَالَ «أَيْنَ السَّائِلُ آنِفًا أَوَخَيْرٌ هُوَ - ثَلاَثًا - إِنَّ الْخَيْرَ لاَ يَأْتِى إِلاَّ بِالْخَيْرِ، وَإِنَّهُ كُلُّ مَا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ مَا يَقْتُلُ حَبَطًا أَوْ يُلِمُّ كُلَّمَا أَكَلَتْ، حَتَّى إِذَا امْتَلأَتْ خَاصِرَتَاهَا اسْتَقْبَلَتِ الشَّمْسَ، فَثَلَطَتْ وَبَالَتْ ثُمَّ رَتَعَتْ، وَإِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، وَنِعْمَ صَاحِبُ الْمُسْلِمِ لِمَنْ أَخَذَهُ بِحَقِّهِ، فَجَعَلَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ، وَمَنْ لَمْ يَأْخُذْهُ بِحَقِّهِ فَهْوَ كَالآكِلِ الَّذِى لاَ يَشْبَعُ، وَيَكُونُ عَلَيْهِ شَهِيدًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ». طرفه 921 ـــــــــــــــــــــــــــــ يكون كذلك خوفًا من طيران الطّير (ثم إنّه مسح عن وجهه الرُّحضاء) بضم الراء وفتح الحاء وضاد معجمة مع المد قال ابن الأثير: هو العرق الكثير الَّذي يغسل الجلد. (فقال: أين السائل آنفًا؟) بالمد والقصر، أي: الآن (أوخيرٌ هو؟) بفتح الهمزة والواو أي كثرة المال استفهام استذكار. (وإنه كل ما ينبت الربيع [ما] يقتل أو يلم) بضم الياء وتشديد [الميم] أي يقرب من القتل، مِن ألم بالمكان إذا نزل به. (إن هذا المال خضرة حلوة) التأنيث إما باعتبار الأنواع أو باعتبار المشبه به وهي النقلة ومحصلة أن القليل منه بقدر الحاجة محمود والزائد عليه مذموم فإنه شاغل عن عبادة الله وطاعته، وهو الهلاك الحقيقي، والحديث سلف مع شرحه في كتاب الزكاة في باب الصدقة على اليتامى. فإن قلت: دل الحديث على أن من أنفق زوجين في سبيل الله، دُعي من أبواب الجنّة كلها، وقد سلف في أبواب الصوم أن الرَّيان لا يدخل منه إلا الصائمون؟ قلت: قد هو أن الغرض من الدعاء من كل باب تعظيم المنفق، وإلا فالدخول لا يكون إلا من باب، وقد أشكل على بعضهم، فزعم أن هذا مخصوص بمن اتصف بسائر الأعمال، فإن لكل أهل عمل بابًا وهذا يرده لفظ الحديث: "من أنفق زوجين في سبيل الله فإنه دعي من أبواب الجنّة" فإنه رتبه على إنفاق الزوجين لا غير وبه يظهر فضل النفقة في سبيل الله، كما ترجم عليه الباب.

38 - باب فضل من جهز غازيا أو خلفه بخير

38 - باب فَضْلِ مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا أَوْ خَلَفَهُ بِخَيْرٍ 2843 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ قَالَ حَدَّثَنِى يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنِى بُسْرُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنِى زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَدْ غَزَا، وَمَنْ خَلَفَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِخَيْرٍ فَقَدْ غَزَا». 2844 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ بَيْتًا بِالْمَدِينَةِ غَيْرَ بَيْتِ أُمِّ سُلَيْمٍ، إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِ فَقِيلَ لَهُ، فَقَالَ «إِنِّى أَرْحَمُهَا، قُتِلَ أَخُوهَا مَعِى». ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من جهز غازيًا أو خلفه بخير بفتح الخاء وتخفيف اللام أي: صار خلفًا له على عياله، قائمًا مقامه في كل ما يحتاجون إليه. 2843 - (أبو معمر) بفتح الميمين وعين ساكنة بينهما (بُسر بن سعيد) بضم الباء وسين مهملة. (من جهز غازيًا) أي: جعل له جهازًا -بفتح الجيم- ما يحتاج إليه المسافر في سفره. 2844 - (هَمَّام) بفتح الهاء وتشديد الميم. (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يدخل بيتًا بالمدينة غير بيت أم سليم) أم أنس يريد أنَّه لم يكن يكثر الدخول على أحد مثل إكثاره (فقيل له) أي: سئل عن حكمته. (فقال: إني أرحمها قُتِلَ أخوها معي) لها أخوان حرام وسليم قتلا معًا يوم بئر معونة فقوله: "معي" معناه في نصرتي فهي المعية معنًى. فإن قلت: أيُّ مناسبة لهذا الحديث بالترجمة؟ قلت: دخوله عليها لكون أخيها قتل مجاهدًا لمنزلة كونه خلفًا عن الغازي في أهله.

39 - باب التحنط عند القتال

39 - باب التَّحَنُّطِ عِنْدَ الْقِتَالِ 2845 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ قَالَ وَذَكَرَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ قَالَ أَتَى أَنَسٌ ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ وَقَدْ حَسَرَ عَنْ فَخِذَيْهِ وَهْوَ يَتَحَنَّطُ فَقَالَ يَا عَمِّ مَا يَحْبِسُكَ أَنْ لاَ تَجِئَ قَالَ الآنَ يَا ابْنَ أَخِى. وَجَعَلَ يَتَحَنَّطُ، يَعْنِى مِنَ الْحَنُوطِ، ثُمَّ جَاءَ فَجَلَسَ، فَذَكَرَ فِي الْحَدِيثِ انْكِشَافًا مِنَ النَّاسِ، فَقَالَ هَكَذَا عَنْ وُجُوهِنَا حَتَّى نُضَارِبَ الْقَوْمَ، مَا هَكَذَا كُنَّا نَفْعَلُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، بِئْسَ مَا عَوَّدْتُمْ أَقْرَانَكُمْ. رَوَاهُ حَمَّادٌ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب التحنط عند القتال التحنط: استعمال الحنوط وهو طيب أكفان الموتى. 2845 - (ابن عَوْن) بفتح العين وسكون الواو عبد الله. (ذكر يوم اليمامة) أي: وقعة ذلك اليوم قال الجوهري: اليمامة اسم جارية زرقاء كانت تبصر الراكب من ثلاثة أيام، وكانت في بلاد الجو، فسميت تلك البلاد باسم تلك الجارية، وهذه الواقعة كانت في خلافة الصديق، لما قتل مسيلمة الكذاب (أتى أنسٌ بن ثابتَ بن قيس) بنصب ثابت هذا خطيب الأنصار، وخطيب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قتل شهيدًا في ذلك اليوم فرآه رجل في المنام فقال له: إن رجلًا من المسلمين أخذ درعي وهي عنده في مكان كذا فوجدوا الدرع كما قال، وأوصى بعد موته إلى أبي بكر في أشياء فأمضى وصيته، وليس يذكر أحد أمضى وصية بعد موته غيره (وقد حسر عن فخذه) بالحاء المهملة وسين كذلك، أي كشف يحنطها (فقال) أي: أنس (يا عم ما يحبسك، ألا تجيء)؟ بالتخفيف، معناه العرض (ثم جاء فجلس) أي: أنس (فذكر انكشافًا من الناس) أي: انهزامًا من المسلمين. (فقال هكذا عن وجوهنا حتَّى نضارب القوم) أنكر انكشاف المسلمين، وأن يكون القتال دفعًا عن الوجوه، بل كان ينبغي أن يُقْدِموا على العدو قبل وصوله كما كانوا يفعلونه مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (بئس ما عودكم أقرانكم) أي: أعداؤكم جمع قرن بكسر القاف قال الجوهري: هو كفؤك في الشجاعة، وفي بعضها: عودتم أقرانكم والمعنى واحد (رواه حماد عن ثابت عن أنس) أي: من غير واسطة موسى.

40 - باب فضل الطليعة

40 - باب فَضْلِ الطَّلِيعَةِ 2846 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ يَأْتِينِى بِخَبَرِ الْقَوْمِ يَوْمَ الأَحْزَابِ». قَالَ الزُّبَيْرُ أَنَا. ثُمَّ قَالَ «مَنْ يَأْتِينِى بِخَبَرِ الْقَوْمِ». قَالَ الزُّبَيْرُ أَنَا. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ لِكُلِّ نَبِىٍّ حَوَارِيًّا، وَحَوَارِىَّ الزُّبَيْرُ». أطرافه 2847، 2997، 3719، 4113، 7261 2847 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُنْكَدِرِ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ نَدَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - النَّاسَ - قَالَ صَدَقَةُ أَظُنُّهُ - يَوْمَ الْخَنْدَقِ فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ، ثُمَّ نَدَبَ فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ، ثُمَّ نَدَبَ النَّاسَ فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ لِكُلِّ نَبِىٍّ حَوَارِيًّا، وَإِنَّ حَوَارِىَّ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ». طرفه 2846 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب فضل الطليعة الطليعة: من الطلوع وهو الخروج يطلق على الطائفة المتقدمة على الجيش والواحد، كالجاسوس. 2846 - (أبو نعيم) بضم النون مصغر (المنكدر) بكسر الذال. (إن لكل نبي حواريًّا وحواري الزبير) أي: ناصرًا كامل النصر نسبة إلى الحور وهو البياض، من حواري عيسى فإنهم كانوا قصارين يبيضون الثياب. باب هل يبعث الطليعة وحده 2847 - روى في الباب حديث جابر في الباب الَّذي قبله، واستدل به على جواز أن تكون الطليعة رجلًا وحده وأشار به إلى أن الحديث الوارد في منع الإنسان عن السفر وحده ليس هذا محله فإن هذا مبناه على التجسّس والستر، والواحد أخفى وأجزى (ندب الناس) طلب واحدًا منهم من غير تعيين، بقوله: "من يأتيني بخبر القوم"، (فانتدب الزبير) يقال: ندبه أي دعاه فانتدب أي: أجاب.

42 - باب سفر الاثنين

42 - باب سَفَرِ الاِثْنَيْنِ 2848 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ قَالَ انْصَرَفْتُ مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ لَنَا أَنَا وَصَاحِبٌ لِى «أَذِّنَا وَأَقِيمَا، وَلْيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا». طرفه 628 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب سفر الاثنين 2848 - (أبو شهاب) هو الأصغر عبد ربه الحناط، قد فهم بعض الشارحين أن المراد من الاثنين يوم الإثنين فشرع يعترض على البخاري بأن حديث الباب لا يوافقه وأما أبو الشهاب الأكبر الحناط أيضًا واسمه موسى بن نافع ليس له في البخاري رواية إلا حديث واحد في كتاب الحج. (وعن خالد الحذاء) بفتح الحاء وتشديد الذال المعجمة (عن أبي قِلابة) -بكسر القاف- عبد الله بن زيد الجرمي، روى (عن مالك بن الحويرث). أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له ولصاحبه: (أذنا وأقيما) فدل على جواز سفر الاثنين. فإن قلت روى الترمذي مرفوعًا: "الواحد شيطان، والإثنان شيطانان، والثلاثة ركب"؟ قلت: كان ذلك في بدء الإسلام، حيث كانت البلاد مشحونة بالكفار. وقوله (لنا أنا وصاحب لي) بالجر عطف على الضمير المجرور، وأنا الضمير المرفوع في محل الجر توكيد للضمير المجرور؛ لأن الضمائر يقع بعضها موقع بعض.

43 - باب الخيل معقود فى نواصيها الخير إلى يوم القيامة

43 - باب الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ 2849 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «الْخَيْلُ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ». طرفه 3644 2850 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حُصَيْنٍ وَابْنِ أَبِى السَّفَرِ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الْجَعْدِ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ». أطرافه 2852، 3119، 3643 قَالَ سُلَيْمَانُ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ أَبِى الْجَعْدِ. تَابَعَهُ مُسَدَّدٌ عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ حُصَيْنٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ أَبِى الْجَعْدِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة 2849 - هذه الترجمة عين الحديث الَّذي رواه بعده وفسر الخير في الباب الَّذي بعده، بالأجر والغنيمة، وكذا في مسند الطيالسي والنواصي جمع ناصية وهي موضع قصاص الشعر، وهي أشرف المواضع من أشراف الأعضاء وإنما خص النواصي لأن العرب كانت تنسب البركة والشؤم إلى الناصية. 2850 - (عن حُصين) بضم الحاء (وابن أبي السفر) -بفتح الفاء- ابن عبد الله وأبو السفر سعيد بن محمد الهمداني (عن الشعبي) بفتح الشين أبو عمرو عامر الكوفي (عروة بن الجَعد) بفتح الجيم وسكون العين (وقال بعده أبي الجعد) ولا منافاة لكون اسمه الجعد، ويكنى بالجعد. (قال سليمان) هو ابن حرب شيخ البخاري والرواية عنه بقال؛ لأنه سمع الحديث منه مذاكرة (وتابعه مسدّد) أي تابع سليمان.

44 - باب الجهاد ماض مع البر والفاجر

2851 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِى التَّيَّاحِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «الْبَرَكَةُ فِي نَوَاصِى الْخَيْلِ». طرفه 3645 44 - باب الْجِهَادُ مَاضٍ مَعَ الْبَرِّ وَالْفَاجِرِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ». 2852 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ عَنْ عَامِرٍ حَدَّثَنَا عُرْوَةُ الْبَارِقِىُّ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ الأَجْرُ وَالْمَغْنَمُ». طرفه 2850 45 - باب مَنِ احْتَبَسَ فَرَسًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى (وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ). ـــــــــــــــــــــــــــــ 2851 - (عن أبي التياح) بفتح المثناة فوق وتشديد الثانية تحت يزيد بن حميد. باب الجهاد ماض مع البر والفاجر أي: مستمر وجوبه سواء كان الأمير عادلًا أو جائرًا، هذه رواية أبي ذر، وفي رواية غيره "على البرّ والفاجر" أي: واجب على كل أحد، وهذا أيضًا حسن؛ لأن الجهاد فرض كفاية يجب على كل أحد ويسقط بفعل البعض. 2852 - واستدل على ما ترجم بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة) وجه الدلالة أن كل أمير معلوم أنَّه ليس بعادل فيلزم أن يكون أحيانًا مع البرّ، وأخرى مع الفاجر، وفسر الخير بالأجر والغنيمة، ويكونان إلا في الجهاد. باب من احتبس فرسًا في سبيل الله أي: ثواب من احتبس، يقال: احتيس الشيء إذا حبسه لنفسه، واستدل على فضله بقوله تعالى: عطف {وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} [الأنفال: 60] على قوله: {مِنْ قُوَّةٍ}، وفسر القوة

46 - باب اسم الفرس والحمار

2853 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ أَخْبَرَنَا طَلْحَةُ بْنُ أَبِى سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدًا الْمَقْبُرِىَّ يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنِ احْتَبَسَ فَرَسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِيمَانًا بِاللَّهِ وَتَصْدِيقًا بِوَعْدِهِ، فَإِنَّ شِبَعَهُ وَرِيَّهُ وَرَوْثَهُ وَبَوْلَهُ فِي مِيزَانِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». 46 - باب اسْمِ الْفَرَسِ وَالْحِمَارِ 2854 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَتَخَلَّفَ أَبُو قَتَادَةَ مَعَ بَعْضِ أَصْحَابِهِ وَهُمْ مُحْرِمُونَ وَهْوَ غَيْرُ مُحْرِمٍ، فَرَأَوْا حِمَارًا وَحْشِيًّا قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ، فَلَمَّا ـــــــــــــــــــــــــــــ بالرمي، ومن فسر هنا الاحتباس بالوقف فقد غفل عن استدلال البخاري بقوله: {وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} [الأنفال: 60]. 2853 - (من احتبس فرسًا في سبيل الله) أي: للجهاد (إيمانًا بالله وتصديقًا بوعده) للمجاهدين (فَإِنَّ شِبَعَه ورِبَّه) أي: الشبع والري (وروثه وبوله في ميزانه) بأن تجعل هذه الأشياء في صورة الحسنات أو ثوابها، كذا قيل ولا معنى لثواب الروث والبول، والوجه هو الأول وهو أحد المقولين في تفسير قوله تعالى: {فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الفرقان: 70] وفيه حث على الرباط بنية الجهاد. باب اسم الفرس والحمار 2854 - (محمد بن أبي بكر) هو المقدمي قال الغساني وقع لأبي زيد محمد بن بكر، قال: وهو خطأ ليس للبخاري شيخ يسمى محمد بن بكر (فُضيل بن سليمان) بضم الفاء (عن أبي حازم) -بالحاء المهملة- سلمة بن دينار (عن عبد الله بن أبي قتادة) واسم أبي قتادة الحارث بن ربعي الأنصاري فارس رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، روى عنه أنَّه كان مع أصحاب له، فرأوا حمار وحش وكانوا محرمين وهو لم يكن محرمًا، فحمل على الحمار فقتله، فأكلوا من لحمه ثم ندموا لكونهم محرمين، فأدركوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأكل منه والحديث سلف في كتاب الحج، وموضع الدلالة هنا كون الفرس اسمه: جَرَادة بفتح الجيم والراء ودال مهملة.

رَأَوْهُ تَرَكُوهُ حَتَّى رَآهُ أَبُو قَتَادَةَ، فَرَكِبَ فَرَسًا لَهُ يُقَالُ لَهُ الْجَرَادَةُ، فَسَأَلَهُمْ أَنْ يُنَاوِلُوهُ سَوْطَهُ فَأَبَوْا، فَتَنَاوَلَهُ فَحَمَلَ فَعَقَرَهُ، ثُمَّ أَكَلَ فَأَكَلُوا، فَنَدِمُوا فَلَمَّا أَدْرَكُوهُ قَالَ «هَلْ مَعَكُمْ مِنْهُ شَىْءٌ». قَالَ مَعَنَا رِجْلُهُ، فَأَخَذَهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَكَلَهَا. طرفه 1821 2855 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا أُبَىُّ بْنُ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ كَانَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي حَائِطِنَا فَرَسٌ يُقَالُ لَهُ اللُّحَيْفُ. 2856 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ سَمِعَ يَحْيَى بْنَ آدَمَ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ مُعَاذٍ - رضى الله عنه - قَالَ كُنْتُ رِدْفَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى حِمَارٍ يُقَالُ لَهُ عُفَيْرٌ، فَقَالَ «يَا مُعَاذُ، هَلْ تَدْرِى حَقَّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ وَمَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ». قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ «فَإِنَّ حَقَّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلاَ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَحَقَّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ أَنْ لاَ يُعَذِّبَ مَنْ لاَ يُشْرِكُ بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ 2855 - (معن) بفتح الميم وسكون العين ثم (أبي بن عباس بن سهل عن أبيه كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرس في حائطنا) أي: في حديقة لنا (يقال له: اللحيف) بفتح اللام وكسر الحاء فعيل بمعنى الفاعل لأنه كان طويل الذنب بحيث يلحف ذنبه الأرض قال البخاري: ورواه بعضهم بالحاء المعجمة قال ابن الأثير: رواه بعضهم بالجيم وقال بعضهم: ضبط البخاري مصغرًا، وله فرس اسمه لِزار بكسر اللام وتشديد الزاي المعجمة الثانية، وآخَر اسمه الظرب بفتح المعجمة وكسر الراء. 2856 - (أبو الأحوص) بالصاد سلام بن سليم بتشديد اللام (عن معاذ) بضم الميم هو معاذ بن جبل أبو الفضل أعلم الناس بالحلال والحرام. كنت ردف النبي - صلى الله عليه وسلم - على حمار يقال له: عفير) على وزن المصغر قيل: سمي بذلك لكونه على لون العفر وهو التراب (وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئًا) ليس للعباد على الله حق ابتداء، وإنما وجب ذلك بموجب وعده لأنه لا يخلف الميعاد. والحديث تقدم في كتاب العلم، في باب من خصّ بالعلم قومًا دون قوم، إن معاذًا إنما

47 - باب ما يذكر من شؤم الفرس

شَيْئًا». فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلاَ أُبَشِّرُ بِهِ النَّاسَ قَالَ «لاَ تُبَشِّرْهُمْ فَيَتَّكِلُوا». أطرافه 5967، 6267، 6500، 7373 2857 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ سَمِعْتُ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ فَزَعٌ بِالْمَدِينَةِ، فَاسْتَعَارَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَرَسًا لَنَا يُقَالُ لَهُ مَنْدُوبٌ. فَقَالَ «مَا رَأَيْنَا مِنْ فَزَعٍ، وَإِنْ وَجَدْنَاهُ لَبَحْرًا». طرفه 2627 47 - باب مَا يُذْكَرُ مِنْ شُؤْمِ الْفَرَسِ 2858 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّمَا الشُّؤْمُ فِي ثَلاَثَةٍ فِي الْفَرَسِ وَالْمَرْأَةِ وَالدَّارِ». طرفه 2099 ـــــــــــــــــــــــــــــ أخبر بعد نهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تأثمًا عند موته لئلا يكون كاتمًا علمًا، ومعنى قوله: "أن لا يعذب من لا يشرك به شيئًا" إن شاء الله ذلك لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48]. أو لا يعذب به مخلدا. 2857 - (بشار) بفتح الباء وشين معجمة مشددة (غُندَر) بضم الغين المعجمة وفتح الدال روى حديث أنس أنَّه كان بالمدينة فزع (فاستعار النبي فرسًا لنا يقال له المندوب) والحديث سلف مرارًا ولم يستعر الفرس صريحًا لأنه ركبه معروريًا بحيث لم يدر أحد بل إنما ركب لعلمه برضا أبي طلحة بذلك (وإن وجدناه لبحرًا) أي: الفرس وصفه بقوة الجري والمشي، وكان قبل ذلك قطوفًا أصابه بركة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. باب ما ينكر من شؤم الفرس الشؤم بالهمزة وقد يخفف بالإبدال واوًا. 2858 - (إنما الشوم في ثلاثة: في الفرس والمرأة والدار) روى أبو نعيم بإسناده إلى عائشة أن هذه حكاية قول أهل الجاهلية، وليس ابتداء كلام من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ونسي الراوي أول الحديث والجمهور على أن هذا ابتداء كلام منه، ولم يرد الطيرة التي نهى عنها، وأراد بشؤم الفرس كونه شموسًا جفولًا كدوًّا وغير ذلك من سوء أفعاله، وشؤم المرأة عدم

48 - باب الخيل لثلاثة

2859 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِى حَازِمِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِىِّ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنْ كَانَ فِي شَىْءٍ فَفِى الْمَرْأَةِ وَالْفَرَسِ وَالْمَسْكَنِ». طرفه 5095 48 - باب الْخَيْلُ لِثَلاَثَةٍ وَقَوْلُهُ تَعَالَى (وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً). 2860 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِى صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْخَيْلُ لِثَلاَثَةٍ لِرَجُلٍ أَجْرٌ، وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ، وَعَلَى رَجُلٍ وِزْرٌ، فَأَمَّا الَّذِى لَهُ أَجْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَطَالَ فِي مَرْجٍ أَوْ رَوْضَةٍ، فَمَا أَصَابَتْ فِي طِيَلِهَا ذَلِكَ مِنَ الْمَرْجِ أَوِ الرَّوْضَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ ولادتها، وسلاطة لسانها، وسائر ما يكره من النساء، وبشؤم الدار ضيقها، ورداءة هوائها، ورداءة جيرانها، وأن لا يُسْمَع فيها أذان. فإن قلت: قد تكون هذه الأشياء في هذه المذكورات فما وجه الحصر؟ قلت: هذه الأشياء ألزم للإنسان من غيرها، وضررها أكثر من ضرر غيرها فالحصر إضافي. قال النووي: المراد بالخيل غير خيل الغزاة قلت: إذا كان منه شؤم الفرس ما ذكرنا، فلا يتفاوت القهم إلا أن يُفَسَّر شؤم الفرس بأن يربط رياء وفخرًا ونواء لأهل الإسلام. باب الخيل لثلاثة، وقول الله عز وجل: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} [النحل: 8] استدل بالآية على أن الخيل [.......] فإن الركوب يتناول ركوب المجاهد والزينة القسمين الآخيرين بحسب النية. 2860 - (مَسْلَمة) بفتح الميم واللام (أسلم) بفتح الهمزة (عن أبي صالح) هو ذكوان السمان (فأطال لها في مرج أو روضة) المرج موضع متسع فيه أنواع النبات، تمرج فيه الدواب، أي: تختلط والروضة موضع يقف فيه الماء (في طيلها) أصله طول قلبت الواو ياء

49 - باب من ضرب دابة غيره فى الغزو

كَانَتْ لَهُ حَسَنَاتٍ، وَلَوْ أَنَّهَا قَطَعَتْ طِيَلَهَا فَاسْتَنَّتْ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ كَانَتْ أَرْوَاثُهَا وَآثَارُهَا حَسَنَاتٍ لَهُ، وَلَوْ أَنَّهَا مَرَّتْ بِنَهَرٍ فَشَرِبَتْ مِنْهُ وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَسْقِيَهَا كَانَ ذَلِكَ حَسَنَاتٍ لَهُ، وَرَجُلٌ رَبَطَهَا فَخْرًا وَرِئَاءً وَنِوَاءً لأَهْلِ الإِسْلاَمِ فَهْىَ وِزْرٌ عَلَى ذَلِكَ». وَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْحُمُرِ، فَقَالَ «مَا أُنْزِلَ عَلَىَّ فِيهَا إِلاَّ هَذِهِ الآيَةُ الْجَامِعَةُ الْفَاذَّةُ (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ). طرفه 2371 49 - باب مَنْ ضَرَبَ دَابَّةَ غَيْرِهِ فِي الْغَزْوِ 2861 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا أَبُو عَقِيلٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِىُّ قَالَ أَتَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِىَّ، فَقُلْتُ لَهُ حَدِّثْنِى بِمَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ سَافَرْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــ لكسرة ما قبلها (فاستنت) أي: عدت من السنين وهو الطريق (شرفًا أو شرفين) أي: شوطًا أو شوطين وأو للتنويع (ولو أنها مرت بنهر فشربت منه ولم يرد أن يسقيها كان ذلك حسنات له) وفيه مبالغة، فإنه إذا أثيب على شربها من غير إرادة فيه، فمع الإرادة من باب الأولى. (ورجل ربطها فخرًا أو رياء ونواء لأهل الإسلام) كما يفعله أكثر الظلمة والواو بمعنى أو؛ إذ كل واحدة من هذه الأمور كاف في الوزر والنواء بالمدّ مصدر ناوأ من النوء وهو البعد، أراد لازمه وهو المعاداة ولم يذكر القسم الثالث وهو الَّذي له ستر لأنه رواه مختصرًا لكونه كافيًا في غرضه وهو بيان حال فرس المجاهد، وقد تقدم مطولًا في باب شرب الناس والدواب من الأنهار. (وسئل عن الحمر فقال: ما أنزل فيها شيء إلا هذه الآية الجامعة) لكل خير وشر (الفاذة) بتشديد الذال المعجمة المنفردة بين جمع الآيات إذ ليس في القرآن أنَّه مثلها في الإحاطة. باب من ضرب دابة غيره في الغزو 2861 - (مسلم) ضد الكافر (أبو عقيل) -بفتح العين- اسمه بشير على وزن عليم (أبو المتوكل النّاجي) اسمه علي والناجي -بالجيم وتشديد الياء- نسية إلى ناجية. قال الجوهري: بنو ناجية قوم من العرب والنسبة إليه ناجي، بحذف التاء (قال:) أي: جابر (سافرت مع

50 - باب الركوب على الدابة الصعبة والفحولة من الخيل

مَعَهُ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ - قَالَ أَبُو عَقِيلٍ لاَ أَدْرِى غَزْوَةً أَوْ عُمْرَةً - فَلَمَّا أَنْ أَقْبَلْنَا قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَعَجَّلَ إِلَى أَهْلِهِ فَلْيُعَجِّلْ». قَالَ جَابِرٌ فَأَقْبَلْنَا وَأَنَا عَلَى جَمَلٍ لِى أَرْمَكَ لَيْسَ فِيهِ شِيَةٌ، وَالنَّاسُ خَلْفِى، فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِكَ إِذْ قَامَ عَلَىَّ، فَقَالَ لِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَا جَابِرُ اسْتَمْسِكْ». فَضَرَبَهُ بِسَوْطِهِ ضَرْبَةً، فَوَثَبَ الْبَعِيرُ مَكَانَهُ. فَقَالَ «أَتَبِيعُ الْجَمَلَ». قُلْتُ نَعَمْ. فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ وَدَخَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمَسْجِدَ فِي طَوَائِفِ أَصْحَابِهِ، فَدَخَلْتُ إِلَيْهِ، وَعَقَلْتُ الْجَمَلَ فِي نَاحِيَةِ الْبَلاَطِ. فَقُلْتُ لَهُ هَذَا جَمَلُكَ. فَخَرَجَ، فَجَعَلَ يُطِيفُ بِالْجَمَلِ وَيَقُولُ «الْجَمَلُ جَمَلُنَا». فَبَعَثَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَوَاقٍ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ «أَعْطُوهَا جَابِرًا». ثُمَّ قَالَ «اسْتَوْفَيْتَ الثَّمَنَ». قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «الثَّمَنُ وَالْجَمَلُ لَكَ». طرفه 443 50 - باب الرُّكُوبِ عَلَى الدَّابَّةِ الصَّعْبَةِ وَالْفُحُولَةِ مِنَ الْخَيْلِ وَقَالَ رَاشِدُ بْنُ سَعْدٍ كَانَ السَّلَفُ يَسْتَحِبُّونَ الْفُحُولَةَ لأَنَّهَا أَجْرَى وَأَجْسَرُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض أسفاره) كان هذا في غزوة تبوك، كذا في كتب الحديث وفي السير أنَّه كان في غزوة ذات الرقاع، واختاره شيخنا. (وأنا على جمل أرمل) هو الَّذي في لونه غبرة يخالطها السّواد قال الجوهري: قال أبو عبيد هو الَّذي اشتدت كميته حتَّى خالطها، وهذا الحديث سبق في باب المظالم، ومحصّله أنَّه باع الجمل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأعاره إلى المدينة ثم أعطاه الجمل والثمن. ولم يقع له في هذه الرواية أنَّه زاده لأنه رواه مختصرًا وموضع الدلالة قوله: (يا جابر استمسك فضربه بسوط) وفيه دلالة على جواز ضرب دابة الغير بغير إذنه، إذا لم يكن على وجه الإفساد، (فجعل يطيف بالجمل) بضم الياء أي: يدور حوله (وعقلت الجمل) أي: ربطه (في ناحية البلاط) كل مكان فرس بالحجر ونحوه، وما في الحديث مكان معروف بجنب مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. باب الركوب علي الدابة الصَّعبة والفحولة من الخيل الفحولة: جمع فحل، كالعمومة في جمع عم كان السلف يستحبون الفحولة، لأنها أجرى -من الياء- من الجري شدة العدو ويروى بالهمزة أجرأ من الجرأة والأول أولى لأن قوله: (أجسر) يغني عن الأجرأ، قال الجوهري: الجسور المقدام.

51 - باب سهام الفرس

2862 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ بِالْمَدِينَةِ فَزَعٌ، فَاسْتَعَارَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَرَسًا لأَبِى طَلْحَةَ، يُقَالُ لَهُ مَنْدُوبٌ فَرَكِبَهُ، وَقَالَ «مَا رَأَيْنَا مِنْ فَزَعٍ، وَإِنْ وَجَدْنَاهُ لَبَحْرًا». طرفه 2627 51 - باب سِهَامِ الْفَرَسِ 2863 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِى أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جَعَلَ لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ وَلِصَاحِبِهِ سَهْمًا. وَقَالَ مَالِكٌ يُسْهَمُ لِلْخَيْلِ وَالْبَرَاذِينِ مِنْهَا لِقَوْلِهِ (وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا) وَلاَ يُسْهَمُ لأَكْثَرَ مِنْ فَرَسٍ. طرفه 4228 ـــــــــــــــــــــــــــــ 2862 - ثم روى أن رسول الله استعار فرسًا لأبي طلحة في فزع كان بالمدينة، وقد، مر مرارًا. فإن قلت: ليس في الحديث أن فرس أبي طلحة كان فرسًا صعبًا، ولا أنَّه فحلًا كما ترجم له؟ قلت: قوله: يقال له المندوب يدل على أنَّه كان فحلًا، وقوله: (إن وجدناه لبحرًا) يدل على صعوبته. باب سهام الفرس 2863 - أطلق الجمع على الإثنين (وقال مالك: يسهم للخيل والبرَاذين) بفتح الباء وذال معجمة جمع برذون وهو خيل العجم الَّذي لا أصل له والذي نقله عن مالك هو قول سائر الأئمة سوى أبا حنيفة فإنه قال: للفارس سهم ولفرسه آخر واستدل عليه بما رواه "للفارس سهمين" وأجاب الآخرون بأن المراد بها سَهْمَا الفرس جمعًا بين الروايتين. فإن قلت: في رواية عن المقداد: أعطاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر سهمًا لي وسهمًا لفرسي؟ قلت: تلك أول غنيمة وهذا ناسخ له.

52 - باب من قاد دابة غيره فى الحرب

52 - باب مَنْ قَادَ دَابَّةَ غَيْرِهِ فِي الْحَرْبِ 2864 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ. قَالَ رَجُلٌ لِلْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ - رضى الله عنهما - أَفَرَرْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ حُنَيْنٍ قَالَ لَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَفِرَّ، إِنَّ هَوَازِنَ كَانُوا قَوْمًا رُمَاةً، وَإِنَّا لَمَّا لَقِينَاهُمْ حَمَلْنَا عَلَيْهِمْ فَانْهَزَمُوا، فَأَقْبَلَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى الْغَنَائِمِ وَاسْتَقْبَلُونَا بِالسِّهَامِ، فَأَمَّا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يَفِرَّ، فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ وَإِنَّهُ لَعَلَى بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ وَإِنَّ أَبَا سُفْيَانَ آخِذٌ بِلِجَامِهَا، وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «أَنَا النَّبِىُّ لاَ كَذِبْ أَنَا ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من قاد دابة غيره في الحرب 2864 - (قُتيبة) بضم القاف مصغر (عن أبي إسحاق) هو عمرو بن عبد الله السّبيعي (قال رجل للبراء بن عازب: أفررتم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين؟ قال: لكن رسول - صلى الله عليه وسلم - لم يفر) استدراكه بلكن دل على أنهم فروا. فإن قلت: الفرار من الزحف كبيرة؟ قلت: تداركوها بالرجوع سريعًا وكانت غيرة من الله لإعجابهم بالكثرة كانوا اثنى عشر ألفًا عشرة آلاف جيش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وألفين من الطلقاء قال تعالى: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا} [التوبة:25] وحنين -بضم الحاء مصغر- واد بين مكة والطائف من مكة على ثلاثة أيام، وكانت تلك الغزوة سنة ثمان بعد فتح مكة انصرف عنه الجيش إلا اثني عشر رجلًا أبو بكر وعمر وعلي والفضل بن عباس وأسامة والعباس وربيعة بن عبد المطلب وعقيل بن أبي طالب وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب الَّذي كان آخذًا بلجام بغلته واسمه المغيرة أخو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الرضاع. وكان يعده عوضًا عن حمزة. (إن هوازن كانوا قومًا رماة) هوازن قبيلة من قيس غيلان أولاد هوازن بن منصور بن عكرمة بن حفصة بن قيس بن غيلان (وإنه لعلي بغلته البيضاء) وفي رواية مسلم: كان أهداه له فروة بن نُفاثة بضم النون بعده فاء بعده ثاء مثلثة، وقيل: كان راكب الدلدل وهي: البغلة التي أهداها له المقوس صاحب الإسكندرية (وأبو سفيان أخذ بلجامها) لئلا يدخل به بين المشركين وأيضًا ليتمكن من الرمي، (والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: أنا النبي لا كذب أنا

53 - باب الركاب والغرز للدابة

ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ». أطرافه 2874، 2930، 3042، 4315، 4316، 4317 53 - باب الرِّكَابِ وَالْغَرْزِ لِلدَّابَّةِ 2865 - حَدَّثَنِى عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِى أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَدْخَلَ رِجْلَهُ فِي الْغَرْزِ وَاسْتَوَتْ بِهِ نَاقَتُهُ قَائِمَةً، أَهَلَّ مِنْ عِنْدِ مَسْجِدِ ذِى الْحُلَيْفَةِ. طرفه 166 54 - باب رُكُوبِ الْفَرَسِ الْعُرْىِ ـــــــــــــــــــــــــــــ ابن عبد المطلب) إنما انتسب إلى عبد المطلب لأنه رأى رؤيا تدل على أنّ واحدًا من ذريته يسود، وكانت الرؤيا مشهورة بين العرب أراد أنَّه صاحب الرؤيا. وقيل: لما وفد عبد المطلب إلى سيف بن ذي يزن سأله عن مولود بمكة لغته كذا فأخبره عبد المطلب أنَّه ابن ابنه في حجره فأخبره أنَّه نبي آخر الزمان وكانت العرب سمعت بذلك وأيضًا مات أبوه وهو صير، ولم يعرف إلا بابن عبد المطلب، وكانوا ينادون يا ابن عبد المطلب فقال ذلك على طريقة العرب في الحرب أنا ابن فلان ترهيبًا للعدو. فإن قلت هذا افتخار، ونهى عنه؟ قلت: ذلك في غير الحروب، ألا ترى أن أبا دجانة لما مشي يوم أحد إلى العدو وهو يتبختر فنظر إليه رسول الله وقال: "هذه مشية لا يحبها الله إلا في هذا الموطن". باب الركاب والغرز للدابة الغرز -بالغين المعجمة وراء مهملة ثم زاي معجمة- للبعير كالركاب للسرج. 2865 - والحديث مع شرحه في كتاب الحج. باب ركوب الفرس العُري بضم العين وسكون الراء كذا رواية البخاري. ورواية غيره العَرِيّ على وزن الصَبِيّ.

55 - باب الفرس القطوف

2866 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه اسْتَقْبَلَهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى فَرَسٍ عُرْىٍ، مَا عَلَيْهِ سَرْجٌ، فِي عُنُقِهِ سَيْفٌ. طرفه 2627 55 - باب الْفَرَسِ الْقَطُوفِ 2867 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه أَنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ فَزِعُوا مَرَّةً، فَرَكِبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَرَسًا لأَبِى طَلْحَةَ كَانَ يَقْطِفُ - أَوْ كَانَ فِيهِ قِطَافٌ - فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ «وَجَدْنَا فَرَسَكُمْ هَذَا بَحْرًا». فَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ لاَ يُجَارَى. طرفه 2627 56 - باب السَّبْقِ بَيْنَ الْخَيْلِ 2868 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ أَجْرَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَا ضُمِّرَ مِنَ الْخَيْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــ 2866 - ثم روى حديث أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركب على فرس عري وقد سلف آنفًا أنَّه فرس أبي طلحة. باب الفرس القطوف 2867 - (يزيد بن زريع) بضم المعجمة مصغر زرع، روى عن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركب فرسًا لأبي طلحة، كان يقطف أو كان فيه قطاف بكسر القاف الشك من قتادة، والقطاف قرب الخُطا وبطؤ السير، وكان بعد لا يُجارى أصابه بركة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإن قلت: ما فائدة قول البخاري باب الفرس القطوف؟ قلت: فائدته أن ركوبه ليس فيه كراهة، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركبه في مثل تلك الوقعة، قال أبو عبد الله: يعني لا يسابق، تفسير لقوله: لا يجارى. باب السبق بين الخيل 2868 - (قَبِيصة) بفتح القاف وكسر الموحدة (أجرى النبي - صلى الله عليه وسلم - ما ضمر من الخيل) يقال: ضمر الفرس وأضمر، وهو أن يدخل في بيت ويلل كثيرًا ليعرق، وينقص لحمه ويقلل من عليقه، وهذا وإن كان تعذيب للحيوان، إلا أنَّه لمصلحة الجهاد، فلا بأس به، كتعليم

57 - باب إضمار الخيل للسبق

مِنَ الْحَفْيَاءِ إِلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ، وَأَجْرَى مَا لَمْ يُضَمَّرْ مِنَ الثَّنِيَّةِ إِلَى مَسْجِدِ بَنِى زُرَيْقٍ. قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَكُنْتُ فِيمَنْ أَجْرَى. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ. قَالَ سُفْيَانُ بَيْنَ الْحَفْيَاءِ إِلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ خَمْسَةُ أَمْيَالٍ أَوْ سِتَّةٌ، وَبَيْنَ ثَنِيَّةِ إِلَى مَسْجِدِ بَنِى زُرَيْقٍ مِيلٌ. طرفه 420 57 - باب إِضْمَارِ الْخَيْلِ لِلسَّبْقِ 2869 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - سَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِى لَمْ تُضَمَّرْ، وَكَانَ أَمَدُهَا مِنَ الثَّنِيَّةِ إِلَى مَسْجِدِ بَنِى زُرَيْقٍ. وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ سَابَقَ بِهَا. طرفه 420 58 - باب غَايَةِ السَّبْقِ لِلْخَيْلِ الْمُضَمَّرَةِ 2870 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ سَابَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِى قَدْ أُضْمِرَتْ فَأَرْسَلَهَا مِنَ الْحَفْيَاءِ، وَكَانَ أَمَدُهَا ثَنِيَّةَ الْوَدَاعِ. فَقُلْتُ لِمُوسَى فَكَمْ كَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَالَ سِتَّةُ أَمْيَالٍ أَوْ سَبْعَةٌ. وَسَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِى لَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــ الصّبيان للقرآن (من الحفياء إلى ثنية الوداع) الحفياء: بفتح الحاء والمدّ وتقدُّم الياء (إلى الثنية الوداع) -بفتح الواو- رأس الجبل، وإنما سميت بذلك لأن المشيِّع للمسافر، يودعه هناك، وهي في طريق مكة و (بني زريق) بتقديم المعجمة على وزن المصغر طائفة من الأنصار. باب السبق للخيل المضمَّرة صيغة اسم المفعول بتشديد الميم وتخفيفها. 2870 - روى في الباب حديث عبد الله المتقدم وليس فيه زيادة، إلا أن الترديد هناك كان بين ستة أميال وخمسة، وهنا بين ستة وسبعة، وهناك جزم بميل وهنا ردَّد بين ميل ونحوه، وزاد الإمام أحمد: سابق الخيل وراهن، وللفقهاء في ذلك تفصيل، موضعه علم الفروع.

59 - باب ناقة النبى - صلى الله عليه وسلم -

تُضَمَّرْ، فَأَرْسَلَهَا مِنْ ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ، وَكَانَ أَمَدُهَا مَسْجِدَ بَنِى زُرَيْقٍ، قُلْتُ فَكَمْ بَيْنَ ذَلِكَ قَالَ مِيلٌ أَوْ نَحْوُهُ. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ مِمَّنْ سَابَقَ فِيهَا. طرفه 420 59 - باب نَاقَةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ ابْنُ عُمَرَ أَرْدَفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أُسَامَةَ عَلَى الْقَصْوَاءِ. وَقَالَ الْمِسْوَرُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَا خَلأَتِ الْقَصْوَاءُ». 2871 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا - رضى الله عنه - يَقُولُ كَانَتْ نَاقَةُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يُقَالُ لَهَا الْعَضْبَاءُ. طرفه 2872 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ناقة النبي - صلى الله عليه وسلم - (أردف النبي - صلى الله عليه وسلم - أسامة ناقته القصواء) كان هذا يوم فتح مكة، وسيأتي الحديث مسندًا، والقصواء ممدود ويقصر، قال ابن الأثير: القصواء لغةً: ما قطع طرف أذنها ولم يكن بها ذلك العيب، وإنما سُميت بذلك لأنها كانت غاية في الجري فاشتق لها ذلك الاسم من أقصى الشيء وهو غايته، قالوا: هذه هي الناقة التي أخذها من الصِّديق لما هاجر، وكان إذا نزلل عليه الوحي بركت كل ناقة تحته غيرها (وقال: المسور) -بكسر الميم وسكون- هو ابن مخرمة من صفار الصحابة (قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ما خلأت القصواء) وتمامه: "ولكن حبسها حابس الفيل" قاله يوم الحديبية، وخلأت: -بالخاء المعجمة والهمزة- أي: خربت وساء خلقها. 2871 - (عن أنس كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - ناقة تُسَمَّى العَضباء) -بفتح العين وضاد معجمة- هي القَصواء المتقدمة، وهي لغة المشقوقة الأذن، وقال صاحب الكثاب: القصيرة اليد ولم تكن كذلك إلا أنها لقِّبت بذلك، ألا ترى أن الراوي لم يصفها بذلك بل قال: يقال لها العضباء.

60 - باب الغزو على الحمير

2872 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - نَاقَةٌ تُسَمَّى الْعَضْبَاءَ لاَ تُسْبَقُ - قَالَ حُمَيْدٌ أَوْ لاَ تَكَادُ تُسْبَقُ - فَجَاءَ أَعْرَابِىٌّ عَلَى قَعُودٍ فَسَبَقَهَا، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، حَتَّى عَرَفَهُ فَقَالَ «حَقٌّ عَلَى اللَّهِ أَنْ لاَ يَرْتَفِعَ شَىْءٌ مِنَ الدُّنْيَا إِلاَّ وَضَعَهُ». طَوَّلَهُ مُوسَى عَنْ حَمَّادٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 2871 60 - باب الْغَزْوِ عَلَى الْحَمِيرِ 61 - باب بَغْلَةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - الْبَيْضَاءِ قَالَهُ أَنَسٌ وَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ أَهْدَى مَلِكُ أَيْلَةَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بَغْلَةً بَيْضَاءَ. 2873 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ الْحَارِثِ قَالَ مَا تَرَكَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلاَّ بَغْلَتَهُ الْبَيْضَاءَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 2872 - (فجاء أعرابي على قَعود) بفتح القاف فعول بمعنى المفعول، قال ابن الأثير: هو من الإبل ماله سنتان، وإنما سمِّي بذلك لأن الراكب يقعده للركوب، ولم يزل ذلك اسمه إلى أن يدخل في السنة السادسة (حق على الله أن [لا] يرتفع شيء من الدنيا إلا وَضَعَه) وفي أبواب الرقاق: "أن يرفع شيئًا" وعند النسائي: "أن [لا] يرفع شيء نفسه" جرت عادته بذلك، فهو كالأمر اللازم عليه تعالى، ولذلك قال: "حق عليه" بعلى الدالة على اللزوم. باب بغلة النبي - صلى الله عليه وسلم - البيضاء (وقال أبو حميد: أهدى مَلك أيلة للنبي - صلى الله عليه وسلم - بغلة بيضاء) أبو حميد على وزن المصغر، صحابي معروف، اسمه المنذر، وهذا التعليق يأتي مسندًا في باب الجزية، وأيلة: بفتح الهمزة بلد بشاطئ البحر بين مصر والشام. 2873 - (ما ترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا بغلته البيضاء) هذه البغلة ليست البغلة، البيضاء الَّذي كان عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين بل هي التي أهداها له فروة بن معاثة، وأمّا

62 - باب جهاد النساء

وَسِلاَحَهُ وَأَرْضًا تَرَكَهَا صَدَقَةً. طرفه 2739 2874 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ - رضى الله عنه - قَالَ لَهُ رَجُلٌ يَا أَبَا عُمَارَةَ وَلَّيْتُمْ يَوْمَ حُنَيْنٍ قَالَ لاَ، وَاللَّهِ مَا وَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَلَكِنْ وَلَّى سَرَعَانُ النَّاسِ، فَلَقِيَهُمْ هَوَازِنُ بِالنَّبْلِ وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ آخِذٌ بِلِجَامِهَا، وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «أَنَا النَّبِىُّ لاَ كَذِبْ أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ طرفه 2864 62 - باب جِهَادِ النِّسَاءِ 2875 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ - رضى الله عنها - قَالَتِ اسْتَأْذَنْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْجِهَادِ. فَقَالَ «جِهَادُكُنَّ الْحَجُّ». ـــــــــــــــــــــــــــــ الشهباء فهي الدّلدل، أهداها له مقوس (وسلاحه وأرضًا تركها صدقة) كل ما تركه صدقه، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "نحن معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة" وإنما خص الأرض بالذكر لأن بغلته وسلاحه لم يستعملها أحد، احترامًا له. 2874 - (محمد بن المُثنى) بضم الميم اسم مفعول من الثنية، روى حديث البراء (أن يوم حنين لم يول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) وقد سلف الحديث في باب من قاد دابة غيره (سرعان الناس) قال ابن الأثير: بفتح السين وسكون الراء وقد يكسر السين، قال الجوهري: أوائل الناس. باب جهاد النساء 2875 - (محمد بن كثير) ضد القليل (عن عائشة أم المؤمنين أنها استأذنت النبي - صلى الله عليه وسلم - في الجهاد فقال: جهادكن حج مبرور) والخطاب لها ولسائر النساء، وقد أشرنا سابقًا أن معنى هذا أن النساء وحدهن من غير أزواج، لا يدخلن في خطاب المجاهدين وإلا فرسول

63 - باب غزو المرأة فى البحر

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُعَاوِيَةَ بِهَذَا. حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُعَاوِيَةَ بِهَذَا. طرفه 1520 2876 - وَعَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِى عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - سَأَلَهُ نِسَاؤُهُ عَنِ الْجِهَادِ فَقَالَ «نِعْمَ الْجِهَادُ الْحَجُّ». طرفه 1520 63 - باب غَزْوِ الْمَرْأَةِ فِي الْبَحْرِ 2877 و 2878 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِىِّ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا - رضى الله عنه - يَقُولُ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى ابْنَةِ مِلْحَانَ فَاتَّكَأَ عِنْدَهَا، ثُمَّ ضَحِكَ فَقَالَتْ لِمَ تَضْحَكُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ «نَاسٌ مِنْ أُمَّتِى يَرْكَبُونَ الْبَحْرَ الأَخْضَرَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الله - صلى الله عليه وسلم - والصحابة كانوا يجاهدون مع نسائهم (وقال: عبد الله بن الوليد) شيخ البخاري والرواية عند يقال لأنه سمع الحديث منه مذاكرة. 2876 - (وعن حبيب بن [أبي] عمرة) هذا تعليق؛ لأنه شيخ شيوخه، يروي عنه خالد بن عبد الله، وعبد الواحد (عن النبي - صلى الله عليه وسلم -[سأله] نساؤه الجهاد فقال: نعم الجهاد الحج) أي: لَكُنَّ كما تقدم، والحكمة في منع النساء، أن الجهاد من لوازمه الظهور والتكشف والأصل في النساء الستر. باب غزوة المرأة في البحر 2878 - (أبو إسحاق) هو: الفراري نسبة إلى فراره، قال الجوهري: فزارة أبو حي من غطفان وهو فزاره من ذبيان (دخل رسول الله علي بنت مِلحان) بكسر الميم، هي أم حرام خالة أنس، وقد تقدم حديثها في أول كتاب الجهاد، في باب ركوب المرأة في البحر (البحر الأخضر) قيل أراد

64 - باب حمل الرجل امرأته فى الغزو دون بعض نسائه

مَثَلُهُمْ مَثَلُ الْمُلُوكِ عَلَى الأَسِرَّةِ». فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِى مِنْهُمْ. قَالَ «اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا مِنْهُمْ». ثُمَّ عَادَ فَضَحِكَ، فَقَالَتْ لَهُ مِثْلَ أَوْ مِمَّ ذَلِكَ فَقَالَ لَهَا مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَالَتِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِى مِنْهُمْ. قَالَ «أَنْتِ مِنَ الأَوَّلِينَ، وَلَسْتِ مِنَ الآخِرِينَ». قَالَ قَالَ أَنَسٌ فَتَزَوَّجَتْ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ، فَرَكِبَتِ الْبَحْرَ مَعَ بِنْتِ قَرَظَةَ، فَلَمَّا قَفَلَتْ رَكِبَتْ دَابَّتَهَا فَوَقَصَتْ بِهَا، فَسَقَطَتْ عَنْهَا فَمَاتَتْ. طرفه 2788 64 - باب حَمْلِ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ فِي الْغَزْوِ دُونَ بَعْضِ نِسَائِهِ 2879 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ النُّمَيْرِىُّ حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِىَّ قَالَ سَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ وَعَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ وَعُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، كُلٌّ حَدَّثَنِى طَائِفَةً مِنَ الْحَدِيثِ ـــــــــــــــــــــــــــــ بالأخضر الأسود (فوقصت بها) أي: نزت ونطفت، والوقص: دق العنق، ولا يجوز حمله عليه هنا كما لا يخفى. فإن قلت: قوله: فتزوجت عبادة، يدل على أنها لم تكن تحته قبل ذلك، وفي رواية إسحاق في أول الجهاد: وكانت تحت عبادة، ينافيه؟ قلت: قوله: وكانت تحت عبادة، جملة معترضة لا تتعلق بقبل ولا بعد أو المعنى حين وقعت كانت تحته، وحين دخل عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم تكن عنده. باب حمل الرجل امرأته في الغزو دون بعض نسائه 2879 - (حَجّاج بن مِنهال) بفتح الحاء وتشديد الجيم وكسر الميم بعدها نون ساكنة (النُّميري) بضم النون المنسوب المصغر أبو قبيلة من قيس بن غيلان، هو نمير بن عامر بن هوزان، روى حديث الإفك عن أربعة من التابعين، ورواه مختصرًا لكونه كافيا في غرضه، وهو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقرع بين نسائه في كل غزوة يغزوها، فخرج قرعة عائشة في غزوة، وكان وقوع الإفك، وهي غزوة المريسيع، وقد تقدم حديث الإفك بطوله، وسنعيده مطولًا في سورة النور، وكان الأولى أن يذكر القرعة في الترجمة إلا أنَّه اعتمد على الشهرة.

65 - باب غزو النساء وقتالهن مع الرجال

قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ يَخْرُجُ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا، فَخَرَجَ فِيهَا سَهْمِى، فَخَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ مَا أُنْزِلَ الْحِجَابُ. طرفه 2593 65 - باب غَزْوِ النِّسَاءِ وَقِتَالِهِنَّ مَعَ الرِّجَالِ 2880 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ انْهَزَمَ النَّاسُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ وَلَقَدْ رَأَيْتُ عَائِشَةَ بِنْتَ أَبِى بَكْرٍ وَأُمَّ سُلَيْمٍ وَإِنَّهُمَا لَمُشَمِّرَتَانِ أَرَى خَدَمَ سُوقِهِمَا، تَنْقُزَانِ الْقِرَبَ - وَقَالَ غَيْرُهُ تَنْقُلاَنِ الْقِرَبَ - عَلَى مُتُونِهِمَا، ثُمَّ تُفْرِغَانِهِ فِي أَفْوَاهِ الْقَوْمِ، ثُمَّ تَرْجِعَانِ فَتَمْلآنِهَا، ثُمَّ تَجِيئَانِ فَتُفْرِغَانِهَا فِي أَفْوَاهِ الْقَوْمِ. أطرافه 2902، 3811، 4064 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب غزو النساء وقتالهن مع الرجال 2880 - (أبو معمر) بفتح الميم وسكون العين (عن أنس رأيت يوم أحد عائشة بنت أبي بكر وأم سُليم) بضم السين مصغر، أم أنس (وإنهما لمشمرتان، أرى خدم سوقهما) الخدم بفتح الخاء المعجمة والدّال جمع خدمة بثلاث فتحات الخلخال، قال النووي: كان هذا قبل نزول الحجاب، أو وقع بصره عليه من غير قصد، قلت: وأنس في غزوة أحد كان دون البلوغ ظاهرًا، فإنه بيان ابن ثلاث عشرة سنة (تنقزان القرب على متونها ثم تفرغانه في أفواه القوم) يقال نقز بالقاف وزاي معجمة، إذا وثب، فالقرب منصوب بنزع الخافض، أي: يثبان بالقرب، ويروى: تُنقزان بضم التاء من أنقز المتعدي فلا حاجة إلى نزع الخافض، ويروى القرب بالرّفع على الابتداء، على أن الجملة حال إلا أن تكون الاسمية حالًا بالضمير وحده عده النحاة ضعيفًا. فإن قلت: ليس في الحديث قتال النساء؟ قلت: إعانتهن للرجال نوع من القتال، أو كان فيهن من قاتل، ولكن لم يكن على شرطه لم يروه، ونبَّه عليه في الترجمة، وروى ابن إسحاق أن أم سليم كان معها يوم حنين خنجر وتقدمت إلى القتال.

66 - باب حمل النساء القرب إلى الناس فى الغزو

66 - باب حَمْلِ النِّسَاءِ الْقِرَبَ إِلَى النَّاسِ فِي الْغَزْوِ 2881 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ ثَعْلَبَةُ بْنُ أَبِى مَالِكٍ إِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - قَسَمَ مُرُوطًا بَيْنَ نِسَاءٍ مِنْ نِسَاءِ الْمَدِينَةِ، فَبَقِىَ مِرْطٌ جَيِّدٌ فَقَالَ لَهُ بَعْضُ مَنْ عِنْدَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَعْطِ هَذَا ابْنَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الَّتِى عِنْدَكَ. يُرِيدُونَ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عَلِىٍّ. فَقَالَ عُمَرُ أُمُّ سَلِيطٍ أَحَقُّ. وَأُمُّ سَلِيطٍ مِنْ نِسَاءِ الأَنْصَارِ، مِمَّنْ بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ عُمَرُ فَإِنَّهَا كَانَتْ تَزْفِرُ لَنَا الْقِرَبَ يَوْمَ أُحُدٍ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ تَزْفِرُ تَخِيطُ. طرفه 4071 67 - باب مُدَاوَاةِ النِّسَاءِ الْجَرْحَى فِي الْغَزْوِ 2882 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ ـــــــــــــــــــــــــــــ 2881 - (عبدان) على وزن شعبان (ثعلبة) بالثاء المثلثة (أن عمر بن الخطاب قسم مروطًا بين نساء المدينة) جمع مرط، وهو كساء من خز أو صوف (أعط هذا بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النبي عندك يريدون أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب) هذه من فاطمة ولدت في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، تزوجها عمر في خلافته، وله معها في ذلك حكاية وهو أنَّه سأل عليًّا أن يزوجه إياها، فقال: أرسلها إليك، فإن رضيتها فقد زوجتكها، فأرسل معها بردًا لينظره عمر هل هو برد جيد أم؟ لا والغرض بيان رؤيتها، فكشف عمر عن ساقها فقالت: لولا أنك أمير المؤمنين لكسرت أنفك، ثم رجعت إلى عليّ وشكت ما جرى لها مع عمر، وقالت: أرسلتني إلى شيخ سوء، فقال: يا ابنتي أنت زوجته لأجل ذلك فعل ما فعل (أمّ سَليط أحق) بفتح السين على وزن فعيل، وأم سليط ويقال لها: أم قيس (من نساء الأنصار) ولم يذكر أحد لها اسمًا (كانت تزفر لنا القرب يوم أحد) بفتح التاء بعدها زاء معجمة آخرها راء (قال أبو عبد الله: تزفر تخيط) من الخياط، وكذا وقع في داود، وهذا المعنى لم يوجد في كتب اللغة، والذي وجد تزفر تحمل وهو المناسب للمقام، إذ لا معنى لخياطة القرب في ذلك اليوم. باب مداواة النساء الجرحى في الغزو 2882 - (بشر) بكسر الموحدة وشين معجمة ساكنة (المفضل) بتشديد الضاد المتفوحة

68 - باب رد النساء الجرحى والقتلى

ذَكْوَانَ عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ قَالَتْ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - نَسْقِى، وَنُدَاوِى الْجَرْحَى، وَنَرُدُّ الْقَتْلَى إِلَى الْمَدِينَةِ. طرفاه 2883، 5679 68 - باب رَدِّ النِّسَاءِ الْجَرْحَى وَالْقَتْلَى 2883 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ عَنْ خَالِدِ بْنِ ذَكْوَانَ عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ قَالَتْ كُنَّا نَغْزُو مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَنَسْقِى الْقَوْمَ وَنَخْدُمُهُمْ، وَنَرُدُّ الْجَرْحَى وَالْقَتْلَى إِلَى الْمَدِينَةِ. طرفه 2882 69 - باب نَزْعِ السَّهْمِ مِنَ الْبَدَنِ 2884 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ رُمِىَ أَبُو عَامِرٍ فِي رُكْبَتِهِ، فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ قَالَ انْزِعْ هَذَا السَّهْمَ. فَنَزَعْتُهُ، فَنَزَا مِنْهُ الْمَاءُ، فَدَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعُبَيْدٍ أَبِى عَامِرٍ». طرفاه 4323، 6383 ـــــــــــــــــــــــــــــ (عن الرُّبَيع) بضم الراء وفتح الباء وتشديد الياء المثناة (معوذ) اسم فاعل من التعويذ (قالت: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - نسقي القوم ونداوي الجرحى) مداوة الجريح لا يستلزم منه حتَّى يشكل وكذا ردُّ الجرحى والقتلى إلى المدينة. باب نزع السهم من البدن 2884 - (محمد بن العلاء) بفتح العين والمد (أبو أسامة) بضم الهمزة حماد بن أسامة (بُريد) بضم الباء مصغر برد (عن أبي بردة) بضم الباء عامر بن أبي موسى (رُمِيَ أبو عامر في ركبته) هذا عمُّ أبي موسى الأشعري، واسمه عبيد مصغر جعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أميرًا على طائفة، وأرسله إلى أوطاس بعد حنين، فقتل هناك (قال أبو موسى: فأخبرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: اللهم اغفر لعبيد أبو عامر) وسيأتي حديثه هناك بطوله (فقال انزع هذا السهم فنزعته فنزا منه الماء) بالزاي المعجمة قال ابن الأثير: نزا منه الماء أي جرى ولم ينقطع.

70 - باب الحراسة فى الغزو فى سبيل الله

70 - باب الْحِرَاسَةِ فِي الْغَزْوِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ 2885 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيلٍ أَخْبَرَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ سَمِعْتُ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - تَقُولُ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - سَهِرَ فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ قَالَ «لَيْتَ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِى صَالِحًا يَحْرُسُنِى اللَّيْلَةَ». إِذْ سَمِعْنَا صَوْتَ سِلاَحٍ فَقَالَ «مَنْ هَذَا». فَقَالَ أَنَا سَعْدُ بْنُ أَبِى وَقَّاصٍ، جِئْتُ لأَحْرُسَكَ. وَنَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 7231 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الحراسة في الغزو في سبيل الله قوله: في سبيل الله، حال من الحراسة. 2885 - (مُسْهَرٍ) بضم الميم اسم فاعل (فلما قدم المدينة). فإن قلت: ترجم على الحراسة في السفر وظاهر الحديث أن ذلك كان بالمدينة؟ قلت: أشار إلى ما رواه الترمذي: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يحرس، فإنه يتناول السَّفر والحضر، هذا والظاهر أنَّه لم يكن يحرس في الحضر وكذلك قاله. (ليت رجلًا صالحًا من أصحابي يحرسني). فإن قلت: كيف قال هذا الكلام مع كمال توكله؟ قلت: مباشرة الأسباب لا ينافي التوكل، ألا ترى أنَّه ظاهر بين الدرعين يوم أحد. فإن قلت: فقد قال الله: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: 67]؛ قلت: كان هذا قبل نزوله، فإنه روي أن الآية لما نزلت كان في قبة فخرج وكان الناس في حراسته، فقال: "أيها الناس انصرفوا فإن الله عصمني".

2886 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ عَنْ أَبِى حَصِينٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ وَالْقَطِيفَةِ وَالْخَمِيصَةِ، إِنْ أُعْطِىَ رَضِىَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ لَمْ يَرْضَ». لَمْ يَرْفَعْهُ إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى حَصِينٍ. طرفاه 2887، 6435 2887 - وَزَادَنَا عَمْرٌو قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ وَعَبْدُ الْخَمِيصَةِ، إِنْ أُعْطِىَ رَضِىَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ سَخِطَ، تَعِسَ وَانْتَكَسَ، وَإِذَا شِيكَ فَلاَ انْتَقَشَ، طُوبَى لِعَبْدٍ آخِذٍ بِعِنَانِ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَشْعَثَ رَأْسُهُ مُغْبَرَّةٍ قَدَمَاهُ، إِنْ كَانَ فِي الْحِرَاسَةِ كَانَ فِي الْحِرَاسَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ 2886 - (عن أبي حصين) بفتح الحاء عثمان بن عاصم (تعس عبد الدينار) بكسر العين، قال ابن الأثير: وقد يفتح أصله السقوط والمراد منه الدعاء بالهلاك، وإضافة العبد إلى الدينار لكونه سعى في تحصيله ومحبته في قلبه، وهو في المعنى عبد له (والقطيفة) كساء له خمل (والخميصة) بفتح الخاء كساء أسود له أعلام، يكون من الصوف ومن الخز (إن أعطي رضي وإن لم يعط لم يرض) لقصور نظره على متاع الدُّنيا والحطام الفاني (جُحادة) بضم الجيم وحاء مهملة. 2887 - (وزاد لنا عمرو) هو ابن مرزوق شيخ البخاري (تعس وانتكس) الانتكاس لغة السقوط على الرأس والمراد منه الدّعاء عليه بالهلاك (وإذا شيك فلا انتقش) بالشين المعجمة، أي: إذا دخل فيه شوك لا قدر على إخراجه، وآلة إخراج الشوك تسمى المنقاش دعاء عليه بالعجز (طوبى لعبدٍ) أي: رجل فعل من الطيب أي: الحالة الطيبة والعيش الهني (آخذ بعنان فرسه أشعث رأسه فغبرة قدماه) لغاية اشتغاله لا مجال له لإصلاح شأنه (إن كان في الحراسة). فإن قلت: ما فائدة هذا الكلام والشرط والجزاء واحد؟ قلت: تقدم الكلام على مثلة في قوله: "فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله كانت هجرته إلى الله ورسوله". والمعنى إن كان في الحراسة فهو قائم بها حق القيام ففي مثله مبالغة.

71 - باب فضل الخدمة فى الغزو

وَإِنْ كَانَ فِي السَّاقَةِ كَانَ فِي السَّاقَةِ، إِنِ اسْتَأْذَنَ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ، وَإِنْ شَفَعَ لَمْ يُشَفَّعْ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لَمْ يَرْفَعْهُ إِسْرَائِيلُ وَمُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ عَنْ أَبِى حَصِينٍ وَقَالَ تَعْسًا. كَأَنَّهُ يَقُولُ فَأَتْعَسَهُمُ اللَّهُ. طُوبَى فُعْلَى مِنْ كُلِّ شَىْءٍ طَيِّبٍ، وَهْىَ يَاءٌ حُوِّلَتْ إِلَى الْوَاوِ وَهْىَ مِنْ يَطِيبُ. 71 - باب فَضْلِ الْخِدْمَةِ فِي الْغَزْوِ 2888 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِىِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ صَحِبْتُ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، فَكَانَ يَخْدُمُنِى. وَهْوَ أَكْبَرُ مِنْ أَنَسٍ قَالَ جَرِيرٌ إِنِّى رَأَيْتُ الأَنْصَارَ يَصْنَعُونَ شَيْئًا لاَ أَجِدُ أَحَدًا مِنْهُمْ إِلاَّ أَكْرَمْتُهُ. 2889 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ (وإن كان في الساقة) جمع سايق، هي الطائفة الذين يحفظون أواخر الجيش لئلا يتخلف أحد لعارض ولا يتعرض لهم العدو (إن استأذن لم يؤذن له) لتأثر حاله. باب فضل الخدمة في الغزو 2888 - (محمد بن عرعرة) بعين مهملة وراء كذلك المكررتين (البُناني) بضم الباء نسبة إلى قبيلة بنأته (عن أنس قال صحبت جرير بن عبد الله، فكان يخدمني وهو أكبر مني) أي: سنًّا، ويروى: وهو أكبر من أنس وهذا الكلام ثابت ويدل عليه رواية مسلم، وكان جرير أكبر من أنس فلا التفات فيه كما ظن (قال جرير: إني رأيت الأنصار يصنعون شيئًا) قيل أراد بذلك خدمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (لا أجد أحدًا منهم إلا أكرمته) فكافئة على ما فعلوه. 2889 - (خَنطب) بفتح الخاء وسكون النون.

72 - باب فضل من حمل متاع صاحبه فى السفر

أَبِى عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ بْنِ حَنْطَبٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - يَقُولُ خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى خَيْبَرَ أَخْدُمُهُ، فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - رَاجِعًا، وَبَدَا لَهُ أُحُدٌ قَالَ «هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ». ثُمَّ أَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّى أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا كَتَحْرِيمِ إِبْرَاهِيمَ مَكَّةَ «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي صَاعِنَا وَمُدِّنَا». طرفه 371 2890 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو الرَّبِيعِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ زَكَرِيَّاءَ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ عَنْ مُوَرِّقٍ الْعِجْلِىِّ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَكْثَرُنَا ظِلاًّ الَّذِى يَسْتَظِلُّ بِكِسَائِهِ، وَأَمَّا الَّذِينَ صَامُوا فَلَمْ يَعْمَلُوا شَيْئًا، وَأَمَّا الَّذِينَ أَفْطَرُوا فَبَعَثُوا الرِّكَابَ وَامْتَهَنُوا وَعَالَجُوا فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «ذَهَبَ الْمُفْطِرُونَ الْيَوْمَ بِالأَجْرِ». 72 - باب فَضْلِ مَنْ حَمَلَ مَتَاعَ صَاحِبِهِ فِي السَّفَرِ 2891 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ (هذا جبل يحبنا ونحبه) محمول على الحقيقة، ولعل الحكمة في ذلك ألَّا يُتَشَائم بأحد، كون أصحابه قتلوا به وقول الخطابي المراد به شهداء أحد أو أهل المدينة، ولأن الحب والبغض من الجبل محالان ضعيف؛ لأن الحجر إذا سلم عليه فكيف يحال منه الحب؟ والقدرة نسبتها إلى الممكنات سواء (اللهم إني أحرم ما بين لابتيها) اللأبة مهموز، وهى الحرة، أراد ما بين الحرتين. 2890 - (مورِّف) بكسر الراء المشدّدة (العِجلي) بكسر العين، نسبة إلى عجل قبيلة من ربيعة أبوهم عجل بن لجيم بن صعب (وأما الذين صاموا) عطف على مقدر (وأما الذين أفطروا فبعثوا الركاب) أي: جماعة الإبل للرعي والسقي (وامتهنوا) الامتهان: الابتذال في الخدمة من المهانة، وهي الحقارة. باب فضل من حمل متاع صاحبه في السفر 2891 - (مَعْمَر) بفتح الميمين بينهما عين ساكنة (هَمّام) بفتح الهاء وتشديد الميم

73 - باب فضل رباط يوم فى سبيل الله

أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «كُلُّ سُلاَمَى عَلَيْهِ صَدَقَةٌ كُلَّ يَوْمٍ، يُعِينُ الرَّجُلَ فِي دَابَّتِهِ يُحَامِلُهُ عَلَيْهَا أَوْ يَرْفَعُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ، وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ، وَكُلُّ خَطْوَةٍ يَمْشِيهَا إِلَى الصَّلاَةِ صَدَقَةٌ، وَدَلُّ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ». طرفه 2707 73 - باب فَضْلِ رِبَاطِ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا) إِلَى آخِرِ الآيَةِ. 2892 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ سَمِعَ أَبَا النَّضْرِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِىِّ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا، وَمَوْضِعُ سَوْطِ أَحَدِكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا، وَالرَّوْحَةُ يَرُوحُهَا الْعَبْدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ الْغَدْوَةُ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا». طرفه 2794 ـــــــــــــــــــــــــــــ (كل سُلامى عليه صدقة) بضم السيد وفتح اللام، الأنملة لفظ مفرد، هو وجمعه سواء، وقيل: مفرده سلامية، والأوّل هو الصواب، بدلالة دخول كل عليه، والمراد به مفاصل جسد الإنسان، وفي رواية سلم إنها ثلاث مئة وستون مفصلًا (يحامله عليه) أي: يعينه في الركوب عليه (وكل خطوة) بفتح الخاء مرة من الخُطو وبالضم ما بين القدمين (ودَلَّ الطريق صدقة) بفتح الدال وتشديد اللام، أي: الدلالة على الطريق لمن لا يعلم ذلك. باب فضل رباط يوم في سبيل الله، وقول الله عز وجل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا} [آل عمران: 200] استدل على فضل الرباط بالآية، وموضع الدلالة قوله: {وَرَابِطُوا}، والرباط: ربط الخيل وإعدادها للجهاد، والظاهر أن صيغة الفاعلة للمبالغة. 2892 - (مُنير) بضم الميم وكسر النون (أبا النضر) بضاد معجمة اسمه سالم (عن أبي حازم) بالحاء المهملة سلمة بن دينار (الساعدي) نسبة إلى ساعدة بطن من الخزرج (رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها) أي: ثواب ذلك اليوم في الجنة خير من ملك الدنيا (والرّوحة والفدوة في سبيل الله) أي السير مرة في الرواح وهو بعد الزوال، والعذوة: من أول النهار إلى الزوال،

74 - باب من غزا بصبى للخدمة

74 - باب مَنْ غَزَا بِصَبِىٍّ لِلْخِدْمَةِ 2893 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لأَبِى طَلْحَةَ «الْتَمِسْ غُلاَمًا مِنْ غِلْمَانِكُمْ يَخْدُمُنِى حَتَّى أَخْرُجَ إِلَى خَيْبَرَ». فَخَرَجَ بِى أَبُو طَلْحَةَ مُرْدِفِى، وَأَنَا غُلاَمٌ رَاهَقْتُ الْحُلُمَ، فَكُنْتُ أَخْدُمُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا نَزَلَ، فَكُنْتُ أَسْمَعُهُ كَثِيرًا يَقُولُ «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ وَضَلَعِ الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ». ثُمَّ قَدِمْنَا خَيْبَرَ، فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْحِصْنَ ذُكِرَ لَهُ جَمَالُ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَىِّ بْنِ أَخْطَبَ، وَقَدْ قُتِلَ ـــــــــــــــــــــــــــــ وفي رواية أحمد والنسائي: "رباط يوم في سبيل الله خير من ألف يوم فيما سِوَاهُ". باب من غزا بصبيٍّ للخدمة قيده بالخدمة؛ لأن الصبي لا يكتب في ديوان الغزاة كما فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لم يحز من عُرِضَ عليه قبل البلوغ. 2893 - (عن أنس بن مالك أن النبي - صلى الله عليه وسلم -[قال] لأبي طلحة التمس غلامًا من غلمانكم يخدمني حتى أخرج إلى خيبر فخرج بي أبو طلحة). فإن قلت: قد قال أنس خدمت رسول الله عشر سنين، فما وجه هذا الكلام وغزوة خيبر كانت سنة سبع؟ قلت: كان يخدمه في المدينة فظن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه لا يقدر على الخدمة في السفر، فإما إن طلب غيره فلم يوجد أو ظهر له أنه يقدر على خدمة السفر (وأنا غلام راهقت الحلم) أي: قاربت، ومنه الغلام المراهق (اللهم إني أعوذ بك من الهمِّ والحزن) بضم الهاء وسكون الزاي، ويجوز فتحها قيل: لا فرق بينهما في المعنى والظاهر أن الهمّ ما يكون على المتوقع، والحزن على الغائب (وضَلَع الدّين) بفتح الضاد واللام غلبة الدّين، كذا في الرواية الأخرى. (ذكر له صفية بنت حيّ بن أخطب) حُيّ بضم الحاء مصغر حُيّ وأخطب بفتح

75 - باب ركوب البحر

زَوْجُهَا وَكَانَتْ عَرُوسًا، فَاصْطَفَاهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِنَفْسِهِ، فَخَرَجَ بِهَا حَتَّى بَلَغْنَا سَدَّ الصَّهْبَاءِ حَلَّتْ، فَبَنَى بِهَا، ثُمَّ صَنَعَ حَيْسًا فِي نِطَعٍ صَغِيرٍ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «آذِنْ مَنْ حَوْلَكَ». فَكَانَتْ تِلْكَ وَلِيمَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى صَفِيَّةَ. ثُمَّ خَرَجْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ قَالَ فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُحَوِّى لَهَا وَرَاءَهُ بِعَبَاءَةٍ، ثُمَّ يَجْلِسُ عِنْدَ بَعِيرِهِ فَيَضَعُ رُكْبَتَهُ، فَتَضَعُ صَفِيَّةُ رِجْلَهَا عَلَى رُكْبَتِهِ حَتَّى تَرْكَبَ، فَسِرْنَا حَتَّى إِذَا أَشْرَفْنَا عَلَى الْمَدِينَةِ نَظَرَ إِلَى أُحُدٍ فَقَالَ «هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ». ثُمَّ نَظَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَقَالَ «اللَّهُمَّ إِنِّى أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا بِمِثْلِ مَا حَرَّمَ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي مُدِّهِمْ وَصَاعِهِمْ». طرفه 371 75 - باب رُكُوبِ الْبَحْرِ 2894 و 2895 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ حَدَّثَتْنِى أُمُّ حَرَامٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ يَوْمًا فِي بَيْتِهَا، فَاسْتَيْقَظَ وَهْوَ يَضْحَكُ، قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا ـــــــــــــــــــــــــــــ الهمزة والخاء المعجمة (وكانت عروسًا) عند زوجها اليهودي وهو سلام بن مشكم بفتح الشين) اللام وكسر الميم وشين معجمة، ثم تزوجها كنانة بن الحقيق، وقيل هو عروس (سد الصهباء) بضم السين وفتحها قال ابن الأثير موضع على روحه، من خيبر (حلت فبنى بها ثم صنع حيسا في نِطَع) الحيس، بفتح الحاء وسكون الياء، طعام من التمر والسمن والأقط، وفي النطع لغات أشهرها فتح النون وسكون الظاء (آذن من حولك) بفتح الهمزة والمدّ أي: أعلم. (فرأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُحَوِّي لها وراءه بعباءة) بضم الياء وتشديد الواو المكسورة من التحوية وهو أن يدير حول سنام البعير كساء ونحوه ليمكن الركوب وراء الراكب، والحديث مع شرحه في باب الوضوء. باب ركوب البحر 2894 - 2895 - (أبو النعمان) بضم النون محمد بن الفضل (حماد بن يزيد) بفتح الحاء وتشديد الميم (يحيى بن حيان) بفتح الحاء وتشديد الموحدة (أمّ حرام) ضد الحلال، خالة أنس، روى عنها أنس (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال عندها يومًا) من القيلول وحديثها تقدم في غزوة

76 - باب من استعان بالضعفاء والصالحين فى الحرب

يُضْحِكُكَ قَالَ «عَجِبْتُ مِنْ قَوْمٍ مِنْ أُمَّتِى يَرْكَبُونَ الْبَحْرَ، كَالْمُلُوكِ عَلَى الأَسِرَّةِ». فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِى مِنْهُمْ. فَقَالَ «أَنْتِ مَعَهُمْ». ثُمَّ نَامَ، فَاسْتَيْقَظَ وَهْوَ يَضْحَكُ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا. قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِى مِنْهُمْ. فَيَقُولُ «أَنْتِ مِنَ الأَوَّلِينَ» فَتَزَوَّجَ بِهَا عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، فَخَرَجَ بِهَا إِلَى الْغَزْوِ، فَلَمَّا رَجَعَتْ قُرِّبَتْ دَابَّةٌ لِتَرْكَبَهَا، فَوَقَعَتْ فَانْدَقَّتْ عُنُقُهَا. طرفه 2788 76 - باب مَنِ اسْتَعَانَ بِالضُّعَفَاءِ وَالصَّالِحِينَ فِي الْحَرْبِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَخْبَرَنِى أَبُو سُفْيَانَ قَالَ لِى قَيْصَرُ سَأَلْتُكَ أَشْرَافُ النَّاسِ اتَّبَعُوهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ فَزَعَمْتَ ضُعَفَاؤُهُمْ وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ. 2896 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ عَنْ طَلْحَةَ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ رَأَى سَعْدٌ - رضى الله عنه - أَنَّ لَهُ فَضْلاً عَلَى مَنْ دُونَهُ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلاَّ بِضُعَفَائِكُمْ». ـــــــــــــــــــــــــــــ المرأة في البحر (عجبت من قوم من أمتي) أي: من حسن حالهم (يركبون البحر) أي: للجهاد (كالملوك على الأسرة) قيل: أراد أن الله يوسع علهيم، شبه حالهم بحال الملوك، والأظهر أنه أشار إلى أجرهم وحسن حالهم في الآخرة، وذلك أن ليس في الدنيا كلهم بذلك الحال، والمراد بالضحك التبسم فرحًا بما رأى. باب من استعان بالضعفاء والصالحين في الحرب (وقال ابن عباس: أخبرني أبو سفيان قال قيصر) أي: هرقل، وكل من ملك الروم لقبه قيصر (أشراف الناس اتبعوه أم ضعفاوهم، فزعمت ضعفاوهم) هذا التعليق سبق بطوله مسندًا في أول الكتاب. 2896 - (سليمان بن حرب) ضد الصلح (مصعب بن سعد) على وزن اسم المفعول، وسعد هو ابن أبي وقاص (رأى سعد أن له فضلًا على من دونه) أي: في الحرب، فإنه أول من رمى بسهم في سبيل الله، وحاله معروفة في المعارك (فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم؟) الاستفهام بمعنى النفي، وزاد النسائي: "بصومهم وصلاتهم

77 - باب لا يقول فلان شهيد

2897 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو سَمِعَ جَابِرًا عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنهم - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَأْتِى زَمَانٌ يَغْزُو فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ، فَيُقَالُ فِيكُمْ مَنْ صَحِبَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَيُقَالُ نَعَمْ. فَيُفْتَحُ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَأْتِى زَمَانٌ فَيُقَالُ فِيكُمْ مَنْ صَحِبَ أَصْحَابَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَيُقَالُ نَعَمْ. فَيُفْتَحُ، ثُمَّ يَأْتِى زَمَانٌ فَيُقَالُ فِيكُمْ مَنْ صَحِبَ صَاحِبَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَيُقَالُ نَعَمْ. فَيُفْتَحُ». طرفاه 3594، 3649 77 - باب لاَ يَقُولُ فُلاَنٌ شَهِيدٌ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِهِ، اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِهِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ ودعائهم" فإنها أقرب إلى الإجابة. 2897 - (يغزو فِئِام) بكسر الفاء والهمزة قال الجوهري: والعامة تقوله بلا همزة جماعة من الرجال لا مفرد له (فيقال فيكم من صحب النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فيقال: نعم فيفتح عليه) أي: على ذلك الرجل، وفي بعضها: عليهم، أي: على ذلك الجيش، وفي الحديث دلالة على فضل الصالحين وفضل القرون الثلاثة. فإن قلت: ليس في الباب ما يدل على الاستعانة بالضعفاء؟ قلت: كونهم أتباع الزسل والنص منحصر فيهم، كفى به دلالة على استحباب الاستعانة بهم. باب لا يقول فلان شهيد (قال أبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: الله أعلم بمن يجاهد في سبيله، والله أعلم بمن يكلم في سبيله) على بناء المجهول من الكلم وهو الجراحة، وهذا التعليق سبق مسندًا ومحصله: أن العمل فعل القلب فلا يطلع عليه أحد إلا الله فلا يجوز لأحد أن يجزم بذلك.

2898 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِىِّ - رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْتَقَى هُوَ وَالْمُشْرِكُونَ فَاقْتَتَلُوا، فَلَمَّا مَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى عَسْكَرِهِ، وَمَالَ الآخَرُونَ إِلَى عَسْكَرِهِمْ، وَفِى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ لاَ يَدَعُ لَهُمْ شَاذَّةً وَلاَ فَاذَّةً إِلاَّ اتَّبَعَهَا يَضْرِبُهَا بِسَيْفِهِ، فَقَالَ مَا أَجْزَأَ مِنَّا الْيَوْمَ أَحَدٌ كَمَا أَجْزَأَ فُلاَنٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَمَا إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ». فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ أَنَا صَاحِبُهُ. قَالَ فَخَرَجَ مَعَهُ كُلَّمَا وَقَفَ وَقَفَ مَعَهُ، وَإِذَا أَسْرَعَ أَسْرَعَ مَعَهُ قَالَ فَجُرِحَ الرَّجُلُ جُرْحًا شَدِيدًا، فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ، فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ بِالأَرْضِ وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ، ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَى سَيْفِهِ، فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ. قَالَ «وَمَا ذَاكَ». قَالَ الرَّجُلُ الَّذِى ذَكَرْتَ آنِفًا أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَأَعْظَمَ النَّاسُ ذَلِكَ. فَقُلْتُ أَنَا لَكُمْ بِهِ. فَخَرَجْتُ فِي طَلَبِهِ، ثُمَّ جُرِحَ جُرْحًا شَدِيدًا، فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ، فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ فِي الأَرْضِ وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ، ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَيْهِ، فَقَتَلَ نَفْسَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ ذَلِكَ «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ، وَهْوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ، وَهْوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ». أطرافه 4202، 4207، 6493، 6607 ـــــــــــــــــــــــــــــ 2898 - (قُتيبة) بضم القاف مصغر (عن أبي حازم) بالحاء المهملة سلمة بن دينار (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التقى هو والمشركون) قال ابن الجوزي: كان هذا يوم أحد (وفي أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل لا يَدعُ لهم) أي: للمشركين (لا شاذة ولا فاذة) صيغة مقدر، أي: نفسًا، والشاذ: ما انفردت بعد الاختلاط، ومنه الشاذة في علم التصريف، وهو الخارج عن القانون الفاذة بالذال المعجمة المنفردة في الأصل والكلام على طريق المثل كناية عن غاية غنائه في ذلك اليوم (فقال) أي: قائل (ما أجزء اليوم منا أحد كما أجزأ فلان) أي: ما أغنى (فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أمَا إنه من أهل النّار) أما بالتخفيف حرف تنبيه (فجرح الرّجل جرحًا شديدًا فوضع نصل سيفه في الأرض وذبابه بين ثدييه) قال ابن الأثير: ذباب السيف طرفه الذي يضرب به، قلت: هو من الذب وهو الدفع (آنفًا) بالمدّ والقصر، أي: الآن.

78 - باب التحريض على الرمى

78 - باب التَّحْرِيضِ عَلَى الرَّمْىِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ). 2899 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى عُبَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ سَلَمَةَ بْنَ الأَكْوَعِ - رضى الله عنه - قَالَ مَرَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى نَفَرٍ مِنْ أَسْلَمَ يَنْتَضِلُونَ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «ارْمُوا بَنِى إِسْمَاعِيلَ، فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا ارْمُوا وَأَنَا مَعَ بَنِى فُلاَنٍ». قَالَ فَأَمْسَكَ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ بِأَيْدِيهِمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا لَكُمْ لاَ تَرْمُونَ». قَالُوا كَيْفَ نَرْمِى وَأَنْتَ مَعَهُمْ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «ارْمُوا فَأَنَا مَعَكُمْ كُلِّكُمْ». طرفاه 3373، 3507 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: ليس في الحديث النهي عن أن يقال: فلان شهيد، كما ترجم؟ قلت: دل عليه حديث هذا الرجل، فإنهم زعموا أن الرجل من أفضل المجاهدين في ذلك اليوم وهو من أهل النار. باب التحريض على الرمي، وقول الله عز وجل: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: 60] روى مسلم أن رسول الله قال على المنبر في تفسير الآية: "ألا إن القوة هي الرمي" ثلاث مرات. 2899 - (عن يزيد بن أبي عبيد) بضم العين مصغر (سلمة بن الأكوع) بفتح السين واللام (قال: مرّ النبي - صلى الله عليه وسلم - على نفر [من] أسلم) اسم قبيلة والنفر من الثلاثة إلى العشرة (ينتضلون) أي: يرمون السّهام (ارموا بني إسماعيل) يريد به إسماعيل بن إبراهيم عليه وعليهما أفضل الصلوات (فإن أباكم) أي: جدكم الأعلى وهو إسماعيل (كان راميًا) أي: كثير الرمي، أو حسن الرّمى (فأمسك أحد الفريقين بأيديهم) الباء زائدة وهذا الفريق الذي لم يقل لهم أنا معكم، علموا أن الذين قال لهم أنا معكم، يغلِبون لا محالة (ارموا أنا معكم كلكم) بالجر تأكيد الضمير المجرور، وابتعد بعض الشارحين فقال: إنما أمسك هؤلاء تأدبًا إذ ربّما

79 - باب اللهو بالحراب ونحوها

2900 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْغَسِيلِ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِى أُسَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ بَدْرٍ حِينَ صَفَفْنَا لِقُرَيْشٍ وَصَفُّوا لَنَا «إِذَا أَكْثَبُوكُمْ فَعَلَيْكُمْ بِالنَّبْلِ». طرفاه 3984، 3985 79 - باب اللَّهْوِ بِالْحِرَابِ وَنَحْوِهَا 2901 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ بَيْنَا الْحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِحِرَابِهِمْ دَخَلَ عُمَرُ، فَأَهْوَى إِلَى الْحَصَى فَحَصَبَهُمْ بِهَا. فَقَالَ «دَعْهُمْ يَا عُمَرُ». وَزَادَ عَلِىٌّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ فِي الْمَسْجِدِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يكون الغلبة على الفريق الذي فيه رسول الله، على أنه جاء في رواية ابن إسحاق أن فعله نضلة الأسلمي قال: من يكون معه لا يكون مغلوبًا. فإن قلت: إذا كان مع الفريقين، يلزم غلبة كل فريق؟ قلت: لا يلزم لإمكان التساوي. 2900 - (أبو نعيم) بضم النون مصغر (أسيد) كذلك (قال النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر: إذا اكثبوكم فعليكم بالنبل) قال ابن الأثير: يقال: كثب وأكثب إذا قرب، وإنما أريد بذلك؛ لأن؛ الجمع الكثير إذا قاربوا ما يخطئ السهم. باب اللهو بالحراب ونحوها اللهو ما يدفع به الهّم والحزن، واللعب ما يجلب به الفرح. 2901 - روى في الباب حديث لعب الحبشة بالحراب في المسجد، وقد تقدم الحديث في أبواب الصلاة، وأشرنا إلى أنه إنما مكنهم من ذلك في المسجد، لأن ذلك مما يُتَمَّرن به على الحرب.

80 - باب المجن ومن يتترس بترس صاحبه

80 - باب الْمِجَنِّ وَمَنْ يَتَتَرَّسُ بِتُرْسِ صَاحِبِهِ 2902 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِىُّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ أَبُو طَلْحَةَ يَتَتَرَّسُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِتُرْسٍ وَاحِدٍ، وَكَانَ أَبُو طَلْحَةَ حَسَنَ الرَّمْىِ، فَكَانَ إِذَا رَمَى تَشَرَّفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَيَنْظُرُ إِلَى مَوْضِعِ نَبْلِهِ. طرفه 2880 2903 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلٍ قَالَ لَمَّا كُسِرَتْ بَيْضَةُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى رَأْسِهِ وَأُدْمِىَ وَجْهُهُ، وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ، وَكَانَ عَلِىٌّ يَخْتَلِفُ بِالْمَاءِ فِي الْمِجَنِّ، وَكَانَتْ فَاطِمَةُ تَغْسِلُهُ، فَلَمَّا رَأَتِ الدَّمَ يَزِيدُ عَلَى الْمَاءِ كَثْرَةً عَمَدَتْ إِلَى حَصِيرٍ، فَأَحْرَقَتْهَا وَأَلْصَقَتْهَا عَلَى جُرْحِهِ، فَرَقَأَ الدَّمُ. طرفه 243 2904 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ عَنْ عُمَرَ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَتْ أَمْوَالُ بَنِى ـــــــــــــــــــــــــــــ باب المِجنّ ومن يترس بترس صاحبه المجن بكسر الميم وتشديد النون هو الترس. 2902 - (كان أبو طلحة يتترس مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بترس واحد) وكان ذلك يوم أحد، وكان الترس لأبي طلحة (وكان إذا رمى تشرف النبي - صلى الله عليه وسلم -) على وزن تكسر أي: ارتفع عن الترس (ليرى موضع نبله). 2903 - (عفير) بضم العين مصغر (عن أبي حازم) بالحاء المهملة وزاء معجمة سلمة بن دينار (لما كسرت بيضة النبي - صلى الله عليه وسلم -) الخوذة (على رأسه) كسرها عبد الله بن قميئة على وزن قبيلة، لما رماه بها، قال: خذها وأنا ابن قميئة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أقماك الله في النار" أي: أدخلك، يقال قمأ الدّار دخلها (وكسرت رباعيته) بفتح الراء على وزن الثمانية هو السّن الذي بين الناب والثنية كسرها عتبة بن أبي وقاص، والضحيح أنه مات كافرًا (فكان علي يختلف بالماء في المجن) أي: يجيء ويذهب. 2904 - (عن مالك بن الأوس بن الحدثان) على وزن رمضان (كانت أموال بني

النَّضِيرِ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - مِمَّا لَمْ يُوجِفِ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ بِخَيْلٍ وَلاَ رِكَابٍ، فَكَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَاصَّةً، وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَتِهِ، ثُمَّ يَجْعَلُ مَا بَقِىَ فِي السِّلاَحِ وَالْكُرَاعِ، عُدَّةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ. أطرافه 3094، 4033، 4885، 5357، 5358، 6728، 7305 2905 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِى سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ عَنْ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيًّا - رضى الله عنه - يَقُولُ مَا رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يُفَدِّى رَجُلاً بَعْدَ سَعْدٍ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ «ارْمِ فِدَاكَ أَبِى وَأُمِّى». أطرافه 4058، 4059، 6184 ـــــــــــــــــــــــــــــ النضير) طائفة من يهود المدينة (مما أفاء الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم -) أي: أعطاه، قال ابن الأثير: أصلة من الفيء من فاء رجع، كأنها كانت في أيدي الكفار مستعارة فرحعت، والفيء: المال الحاصل من الكفار من غير قتال (مما لم يوجف المسلمون) الإيجاف إسراع الدابة، كناية عن عدم الحرب، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجلاهم، فتخلفت عنهم الأراضي والحدائق (وكان ينفق على أهله نففة سنته) ما يلزمه من الإنفاق في تلك السنة (ثم يجعل ما بقي في السلاح والكُراع) بضم الكاف، قال ابن الأثير: اسم لجميع الخيل. 2905 - (قَبيصة) بفتح القاف على وزن قطيفة (عبد الله بن شداد سمعت عليًّا يقول: ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُفدِّي) بضم اليَاء والدال المشددة، فسّره في فترة الحديث. فإن قلت: في البخاري أنه فدى زبير أيضًا؟ قلت: علي أخبر عن رؤيته فلا منافاة واختلف العلماء في جواز التفدية، وهذا الحديث صريح في جوازه وفيه التشيع وجلب المودة، وقال ابن الأثير: النداء بالمذ والكسر وبالفتح والقصر. فإن قلت: ليس في حديث سعد ذكر المجن؟ قلت: أجابوا بأنه لا بد للرّامي من شيء يقي به نفسه، وعليه منع ظاهر والظاهر أن البخاري أشار إلى أنه يجوز إيجاد المجن وتركه ولذلك أطلق المجن في الترجمة.

81 - باب الدرق

81 - باب الدَّرَقِ 2906 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ عَمْرٌو حَدَّثَنِى أَبُو الأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - دَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَعِنْدِى جَارِيَتَانِ تُغَنِّيَانِ بِغِنَاءِ بُعَاثَ، فَاضْطَجَعَ عَلَى الْفِرَاشِ وَحَوَّلَ وَجْهَهُ، فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَانْتَهَرَنِى وَقَالَ مِزْمَارَةُ الشَّيْطَانِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «دَعْهُمَا». فَلَمَّا غَفَلَ غَمَزْتُهُمَا فَخَرَجَتَا. 2907 - قَالَتْ وَكَانَ يَوْمُ عِيدٍ يَلْعَبُ السُّودَانُ بِالدَّرَقِ وَالْحِرَابِ، فَإِمَّا سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَإِمَّا قَالَ «تَشْتَهِينَ تَنْظُرِينَ». فَقَالَتْ نَعَمْ. فَأَقَامَنِى وَرَاءَهُ خَدِّى عَلَى خَدِّهِ وَيَقُولُ «دُونَكُمْ بَنِى أَرْفِدَةَ». حَتَّى إِذَا مَلِلْتُ قَالَ «حَسْبُكِ». قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «فَاذْهَبِى». قَالَ أَحْمَدُ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، فَلَمَّا غَفَلَ. أطرافه 454، 949 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الدرق بفتح الدَّال والرَاء جمع درقه كذلك، وهو الترس الكبير الذي يتخذ من الجلود. 2906 - (ابن وهب) عبد الله (أبو الأسود) الدؤلي اسمه ظالم، روى حديث لعب الحبشة في المسجد في يوم العيد، وقد تقدم آنفًا في باب اللهو بالحراب، وموضع الدّلالة هنا ذكر الدرق (وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث) الغناء: بكسر المعجمة والمدِّ، وبُعاث: بضم الباء وعين مهملة، قال ابن الأثير: وقيل: بالمعجمة وهو تصحيف قال: وبعاث اسم حصن للأوس وكان به حرب مشهور، قلت: وكان الغلبة فيه للأوس (دونكم بني أرفدة) دونكم: اسم فعل، أي: جدوا في اللعب، وأرفدة: بفتح الهمزة اسم جدهم، وتمام الكلام على الحديث في أبواب العيد.

82 - باب الحمائل وتعليق السيف بالعنق

82 - باب الْحَمَائِلِ وَتَعْلِيقِ السَّيْفِ بِالْعُنُقِ 2908 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَحْسَنَ النَّاسِ وَأَشْجَعَ النَّاسِ، وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ لَيْلَةً فَخَرَجُوا نَحْوَ الصَّوْتِ فَاسْتَقْبَلَهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدِ اسْتَبْرَأَ الْخَبَرَ، وَهْوَ عَلَى فَرَسٍ لأَبِى طَلْحَةَ عُرْىٍ وَفِى عُنُقِهِ السَّيْفُ وَهْوَ يَقُولُ «لَمْ تُرَاعُوا لَمْ تُرَاعُوا». ثُمَّ قَالَ «وَجَدْنَاهُ بَحْرًا». أَوْ قَالَ «إِنَّهُ لَبَحْرٌ». طرفه 2627 83 - باب حِلْيَةِ السُّيُوفِ 2909 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِىُّ قَالَ سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ حَبِيبٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ يَقُولُ لَقَدْ فَتَحَ الْفُتُوحَ قَوْمٌ مَا كَانَتْ حِلْيَةُ سُيُوفِهِمِ الذَّهَبَ وَلاَ الْفِضَّةَ، إِنَّمَا كَانَتْ حِلْيَتُهُمُ الْعَلاَبِىَّ وَالآنُكَ وَالْحَدِيدَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الحمائل وتعليق السيف بالعنق 2908 - (سليمان بن حرب) ضد الصلح (حَمّاد) بفتح الحاء وتشديد الميم، روى في الباب حديث أنس أنه (وقع فزع بالمدينة، قد ركب رسول الله فرسًا لأبي طلحة عري) بضم العين، أي: بلا سرج، وقد تقدم مرارًا، وموضع الدلالة هنا قوله: (وفي عنقه سيف) دل على جواز ذلك. فإن قلت: ذكر في الترجمة الحمايل أيضًا؟ قلت: قوله: وتعليف السيف في العنق، هو شرح الحمائل وتفسيره. (لم تُراعوا) بضم التاء، أي: لم يكن هناك ما يخاف منه. باب ما جاء في حلية السيوف 2909 - (الأوزاعي) بفتح الهمزة، عبد الرحمن شيخ أهل الشام في زمانه (أبو أمامة) بضم الهمزة، هو الباهلي صدي بن عجلان (لقد فتح الفتوح قوم ما كانت حلية سيوفهم الذهب والفضة) يريد بذلك الصحابة (إنما كانت حليتهم العَلابي) بفتح العين جمع علبا، وهو نوع من الرصاص، وقيل: عصب العنق (والآنك) بفتح الهمزة: الأسرب، مفرد لا نظير له

84 - باب من علق سيفه بالشجر فى السفر عند القائلة

84 - باب مَنْ عَلَّقَ سَيْفَهُ بِالشَّجَرِ فِي السَّفَرِ عِنْدَ الْقَائِلَةِ 2910 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى سِنَانُ بْنُ أَبِى سِنَانٍ الدُّؤَلِىُّ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَ أَنَّهُ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قِبَلَ نَجْدٍ، فَلَمَّا قَفَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَفَلَ مَعَهُ، فَأَدْرَكَتْهُمُ الْقَائِلَةُ فِي وَادٍ كَثِيرِ الْعِضَاهِ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَتَفَرَّقَ النَّاسُ يَسْتَظِلُّونَ بِالشَّجَرِ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَحْتَ سَمُرَةٍ وَعَلَّقَ بِهَا سَيْفَهُ وَنِمْنَا نَوْمَةً، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدْعُونَا وَإِذَا عِنْدَهُ أَعْرَابِىٌّ فَقَالَ «إِنَّ هَذَا اخْتَرَطَ عَلَىَّ سَيْفِى وَأَنَا نَائِمٌ، فَاسْتَيْقَظْتُ وَهْوَ فِي يَدِهِ صَلْتًا». فَقَالَ مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّى فَقُلْتُ «اللَّهُ». ثَلاَثًا وَلَمْ يُعَاقِبْهُ وَجَلَسَ. أطرافه 2913، 4134، 4135، 4136 ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: جمع آنكة، وفيه دلالة على جواز تحلية السيوف بالذهب والفضة، لأنه إنما ذكر أبو أمامة هذا لما أحدثوا التحلية بهما. باب من علق سيفه بالشجر في السفر عند القائلة مصدر كالعافية، أو صفة مقدر، أي: السّاعة التي تقع القيلولة فيها على المجاز، {عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} [الحاقة: 21]. 2910 - (سنان الدُّولي) -بضم الذال وفتح الهمزة- اسم قبيلة (عن جابر أنه غزا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبلَ نجد) قِبَلَ: بكسر القاف وفتح الباء، أي: الجهة، والنجد: ما ارتفع من بلاد الحجاز، قال ابن إسحاق: هذه كانت غزوة غطفان، وقيل غزوة أنمار، وقيل: ذات الرقاع (فلما قفل) أي: رجع من تلك الغزوة (فأدركتهم القائلة في واد كثير العضاه) بالهاء قال ابن الأثير: جمع عضة بالتاء، أصله عضهة وقيل: واحدها عضاهة، وهي شجر أم غيلان (فنزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحت سَمُرة) بفتح السين وضم الميم شجرة الطّلح (فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعونا) إذا للمفاجأة، وكذا في قوله: (وإذا أعرابي عنده، فقال: إن هذا اخترط عليَّ سيفي) أي: سله من غمده (صلتا) أي: مجردًا نُصب على الحال، وفي بعضها فشام السيف أي: أغمده، وهو من الأضداد، يقال: شامه إذا سله ولم يعاقب أي: كان حربيًّا ولو عاقبه كان قادرًا عليه لكن عفا عنه، وقيل: أسلم وقيل: لا، وهذا هو الظاهر، وقد جاء أنه سأله

85 - باب لبس البيضة

85 - باب لُبْسِ الْبَيْضَةِ 2911 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلٍ - رضى الله عنه - أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ جُرْحِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ أُحُدٍ. فَقَالَ جُرِحَ وَجْهُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ وَهُشِمَتِ الْبَيْضَةُ عَلَى رَأْسِهِ، فَكَانَتْ فَاطِمَةُ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ - تَغْسِلُ الدَّمَ وَعَلِىٌّ يُمْسِكُ، فَلَمَّا رَأَتْ أَنَّ الدَّمَ لاَ يَزِيدُ إِلاَّ كَثْرَةً أَخَذَتْ حَصِيرًا فَأَحْرَقَتْهُ حَتَّى صَارَ رَمَادًا ثُمَّ أَلْزَقَتْهُ، فَاسْتَمْسَكَ الدَّمُ. طرفه 243 86 - باب مَنْ لَمْ يَرَ كَسْرَ السِّلاَحِ عِنْدَ الْمَوْتِ 2912 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ قَالَ مَا تَرَكَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلاَّ سِلاَحَهُ وَبَغْلَةً بَيْضَاءَ وَأَرْضًا جَعَلَهَا صَدَقَةً. طرفه 2739 ـــــــــــــــــــــــــــــ الإسلام فلم يسلم، وعاهده ألا يكون عليه، ولم يذكره أحد في الصحابة واسمه: غورث، بالغين المعجمة على وزن جعفر. باب لُبْس البيضة 2911 - (مسلمة) بفتح الميم واللام (أبي حازم) بالحاء المهملة، روى حديث كسر البيضة أي: الخوذة على رأس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد، وقد شرحناه آنفًا في باب المجّن. باب من لم يَرَ كسر السلاح عند الموت 2912 - (عمرو بن عباس) بالباء الموحدة بعدها مهملة (ما ترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا سلاحه وبغلة بيضاء وأرضًا جعلها صدقة) استدل به على عدم جواز كسر السلاح عند الموت، كما يفعله الناس في موت الأمراء، وجه الدلالة أن لو كان ذلك مشروعًا لكان أولى الناس به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ لا مصيبة فوق موته، ألا ترى إلى قوله: "لن يصابوا بمثلي" لما ذكر أنه فرط لأمته قيل: أراد بكسر السلاح بيعه فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان عليه دين ومع هذا لم يبع شيئًا منه في الدين، قلت: هذا شيء لم يساعده لغة ويلزم منه أن من مات وعليه دين لا يباع سلاحه في دينه وهو خلاف الإجماع.

87 - باب تفرق الناس عن الإمام عند القائلة، والاستظلال بالشجر

87 - باب تَفَرُّقِ النَّاسِ عَنِ الإِمَامِ عِنْدَ الْقَائِلَةِ، وَالاِسْتِظْلاَلِ بِالشَّجَرِ 2913 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَنَا سِنَانُ بْنُ أَبِى سِنَانٍ وَأَبُو سَلَمَةَ أَنَّ جَابِرًا أَخْبَرَهُ. حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ سِنَانِ بْنِ أَبِى سِنَانٍ الدُّؤَلِىِّ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ أَنَّهُ غَزَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَدْرَكَتْهُمُ الْقَائِلَةُ فِي وَادٍ كَثِيرِ الْعِضَاهِ، فَتَفَرَّقَ النَّاسُ فِي الْعِضَاهِ يَسْتَظِلُّونَ بِالشَّجَرِ، فَنَزَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - تَحْتَ شَجَرَةٍ فَعَلَّقَ بِهَا سَيْفَهُ ثُمَّ نَامَ، فَاسْتَيْقَظَ وَعِنْدَهُ رَجُلٌ وَهْوَ لاَ يَشْعُرُ بِهِ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ هَذَا اخْتَرَطَ سَيْفِى». فَقَالَ مَنْ يَمْنَعُكَ قُلْتُ «اللَّهُ». فَشَامَ السَّيْفَ، فَهَا هُوَ ذَا جَالِسٌ، ثُمَّ لَمْ يُعَاقِبْهُ. طرفه 2910 88 - باب مَا قِيلَ فِي الرِّمَاحِ وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «جُعِلَ رِزْقِى تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِى، وَجُعِلَ الذِّلَّةُ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِى». 2914 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب تفرق الناس عن الإمام عند القائلة، والاستظلال بالشجر 2913 - تقدم في باب من علق السيف بالشجر أن القائلة مصدر كالعافية [....] مجازًا، كـ {عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} وقد تقدم شرح الحديث هناك وغرضه أنه عند الاستراحة يجوز البعد عن الإمام وأمثاله من رؤساء القوم عند الأرض. باب ما قيل في الرماح (ويذكر عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - جُعِلَ رزقي تحت ظل رمحي) كناية عن حل الغنائم له ولأمته دون سائر الأنبياء والأمم، وهذا التعليق عن ابن عمر أسنده عبد الحق في الجمع بين الصّحيحين. 2914 - (عن أبي النضر) بالضاد المعجمة اسمه سالم، ثم روى عن أبي قتادة حديث

89 - باب ما قيل فى درع النبى - صلى الله عليه وسلم - والقميص فى الحرب

عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى أَبِى قَتَادَةَ الأَنْصَارِىِّ عَنْ أَبِى قَتَادَةَ - رضى الله عنه - أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى إِذَا كَانَ بِبَعْضِ طَرِيقِ مَكَّةَ تَخَلَّفَ مَعَ أَصْحَابٍ لَهُ مُحْرِمِينَ وَهْوَ غَيْرُ مُحْرِمٍ، فَرَأَى حِمَارًا وَحْشِيًّا فَاسْتَوَى عَلَى فَرَسِهِ، فَسَأَلَ أَصْحَابَهُ أَنْ يُنَاوِلُوهُ سَوْطَهُ فَأَبَوْا، فَسَأَلَهُمْ رُمْحَهُ فَأَبَوْا، فَأَخَذَهُ ثُمَّ شَدَّ عَلَى الْحِمَارِ فَقَتَلَهُ، فَأَكَلَ مِنْهُ بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَأَبَى بَعْضٌ، فَلَمَّا أَدْرَكُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَأَلُوهُ عَنْ ذَلِكَ قَالَ «إِنَّمَا هِىَ طُعْمَةٌ أَطْعَمَكُمُوهَا اللَّهُ». وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى قَتَادَةَ فِي الْحِمَارِ الْوَحْشِىِّ مِثْلُ حَدِيثِ أَبِى النَّضْرِ قَالَ «هَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَىْءٌ». طرفه 1821 89 - باب مَا قِيلَ فِي دِرْعِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَالْقَمِيصِ فِي الْحَرْبِ وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَمَّا خَالِدٌ فَقَدِ احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ». 2915 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ فِي قُبَّةٍ «اللَّهُمَّ إِنِّى أَنْشُدُكَ عَهْدَكَ وَوَعْدَكَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ تخلقة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو وأصحابه محرومون ولم يكن محرمًا فقتل حمارًا وحشيًّا، وقد سلف في كتاب الحج [باب] جزاء الصيد. وموضع الدّلالة أنه طعنه برمحه، فدل على أن اتخاذ الأرماح سنه، فكيف لا وأكثر العرب لا يعرفون السلاح غيره؟. باب ما قيل في درع النبي - صلى الله عليه وسلم - والقميص في الحرب (وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أما خالد فقد احتبس أدراعه في سبيل الله) هذا التعليق تقدم في أبواب الزكاة مسندًا، وموضع الدلالة هنا ذكر الدرع وأنه يستحب إعداده للحرب. 2915 - (ابن المثنى) اسم مفعول من الثنية (قال النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في قبة) كان ذلك يوم بدر، والقبة: بيت من بيوت العرب صغير (اللهم أنشدك عهدك ووعدك) العهد والوعد

اللَّهُمَّ إِنْ شِئْتَ لَمْ تُعْبَدْ بَعْدَ الْيَوْمِ». فَأَخَذَ أَبُو بَكْرٍ بِيَدِهِ فَقَالَ حَسْبُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَدْ أَلْحَحْتَ عَلَى رَبِّكَ، وَهْوَ فِي الدِّرْعِ، فَخَرَجَ وَهْوَ يَقُولُ (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ * بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ). وَقَالَ وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا خَالِدٌ يَوْمَ بَدْرٍ. أطرافه 3953، 4875، 4877 2916 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ تُوُفِّىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عِنْدَ يَهُودِىٍّ بِثَلاَثِينَ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ. وَقَالَ يَعْلَى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ دِرْعٌ مِنْ حَدِيدٍ. وَقَالَ مُعَلًّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ وَقَالَ رَهَنَهُ دِرْعًا مِنْ حَدِيدٍ. طرفه 2068 2917 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَثَلُ الْبَخِيلِ وَالْمُتَصَدِّقِ ـــــــــــــــــــــــــــــ متقاربان والعهد أبلغ فإن ضده الغدر وهو كذب مع نوع مكر ومكيدة وقيل العهد إشارة إلى قوله: {أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} [التوبة: 33] والوعد إلى قوله: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ} [الأنفال: 7] (اللهم إن شئت لم تعبد بعد اليوم فأخذ أبو بكر بيده، وقال: حسبك يا رسول الله) أي: كفاك ما ذكرته، فلا تبالغ فوقه (فخرج وهو يقول {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} [القمر: 45] قال عمر بن الخطاب: لما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يثب في الدرع يتلوها علمت أن تأويل الآية ذلك، وإنما بالغ رسول - صلى الله عليه وسلم - الله - صلى الله عليه وسلم - هذه المبالغة تقوية لقلوبهم، فإنهم كانوا يوقنون بإجابة دعائه وإلا قبل ذلك كان أخبرهم بمصرع كل كافر يقتل في ذلك اليوم. 2916 - ثم روى (عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مات ودرعه مرهونة عند يهودي على ثلاثين صاعًا من شعير) وقد تقدم مرارًا، واليهودي اسمه أبو شحم (معلى) بضم الميم وتشديد اللام المفتوحة. 2917 - (وُهيب) بضم الواو مصغر ابن طاوس اسمه عبد الله (مثل البخيل والمتصدق

90 - باب الجبة فى السفر والحرب

مَثَلُ رَجُلَيْنِ عَلَيْهِمَا جُبَّتَانِ مِنْ حَدِيدٍ، قَدِ اضْطَرَّتْ أَيْدِيَهُمَا إِلَى تَرَاقِيهِمَا، فَكُلَّمَا هَمَّ الْمُتَصَدِّقُ بِصَدَقَتِهِ اتَّسَعَتْ عَلَيْهِ حَتَّى تُعَفِّىَ أَثَرَهُ، وَكُلَّمَا هَمَّ الْبَخِيلُ بِالصَّدَقَةِ انْقَبَضَتْ كُلُّ حَلْقَةٍ إِلَى صَاحِبَتِهَا وَتَقَلَّصَتْ عَلَيْهِ وَانْضَمَّتْ يَدَاهُ إِلَى تَرَاقِيهِ». فَسَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «فَيَجْتَهِدُ أَنْ يُوَسِّعَهَا فَلاَ تَتَّسِعُ». 90 - باب الْجُبَّةِ فِي السَّفَرِ وَالْحَرْبِ 2918 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ أَبِى الضُّحَى مُسْلِمٍ - هُوَ ابْنُ صُبَيْحٍ - عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ حَدَّثَنِى الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ قَالَ انْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِحَاجَتِهِ ثُمَّ أَقْبَلَ، فَلَقِيتُهُ بِمَاءٍ، وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ شَأْمِيَّةٌ، فَمَضْمَضَ ـــــــــــــــــــــــــــــ مثل رجلين عليهما جبتان من حديد) بالباء، وقد يروى بالنون وقيل: الصواب الباء لأن الجنة بالنون الترس ولا معنى له في الحديث، قلت: الجبة هي الوقاية كما قال ابن الأثير في معنى الحديث، فلا خلاف في المعنى؛ لأن الجنة بالباء فيها الوقاية (وقد اضطرت أيديهما إلى تراقيهما) جمع ترقوة ما بين المنكب والعنق (حتى تُعَفِّيَ أثره) بضم التاء وتشديد الفاء المكسورة ونصب أثره، يقال: عفا الشيء: اندرس، وعفاه غيره أزال أثره (تقلصت) ارتفعت عكس المتصدق ومحصِّل المثالية أن الجواد في صرف المال يوفق، كلما همَّ بالإحسان وصرف المال تمكن من ذلك، والبخيل غير موفق، كلما أراد حرف المال [....] التوفيق فالكلام على تمثل المعقول بالمحسوس (فسمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: فيجتهد أن يوسعها فلا تتسع) [...] أبو هريرة. فإن قلت: روى الحديث أبو هريرة وقد سمع الحديث كله فما وجه قوله فسمع؟ قلت: أجابوا بأن يقول يدل على الاستمرار والتكرار فلعله كرر هذا دون غيره وهذا ليس بشيء أما أولًا: فلان المضارع لا يدلُّ على الاستمرار بدون قرينة، وأما ثانيًا: فلأن دأبه أن يقول: قال ثلثًا أو كرره إذا سمعه كذلك، بل الجواب أنه سمع الحديث أولًا بدون هذه الزيادة، ثم سمع معها، والدليل على ذلك، أن الحديث تقدم في أبواب الزكاة، بدون هذه الزيادة، وقوله هنا: فسمع، بالفاء أيضًا يدل على أن سماع هذا متأخر، عن ذلك المتقدم. باب الجبَّة في السفر والحوب 2918 - (عن أبي الضُّحى) بالضاد المعجمة (مسلم بن صبيح) حديث المغيرة أن رسول

91 - باب الحرير فى الحرب

وَاسْتَنْشَقَ وَغَسَلَ وَجْهَهُ، فَذَهَبَ يُخْرِجُ يَدَيْهِ مِنْ كُمَّيْهِ فَكَانَا ضَيِّقَيْنِ، فَأَخْرَجَهُمَا مِنْ تَحْتُ، فَغَسَلَهُمَا وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَعَلَى خُفَّيْهِ. طرفه 182 91 - باب الْحَرِيرِ فِي الْحَرْبِ 2919 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - رَخَّصَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَالزُّبَيْرِ فِي قَمِيصٍ مِنْ حَرِيرٍ، مِنْ حِكَّةٍ كَانَتْ بِهِمَا. أطرافه 2920، 2921، 2922، 5839 2920 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَالزُّبَيْرَ شَكَوَا إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَعْنِى الْقَمْلَ - فَأَرْخَصَ لَهُمَا فِي الْحَرِيرِ، فَرَأَيْتُهُ عَلَيْهِمَا فِي غَزَاةٍ. طرفه 2919 ـــــــــــــــــــــــــــــ الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ ومسح على الخف تقدم في أبواب الوضوء، وموضع الدلالة هنا أنه كان لابسًا جبة شامية. فإن قلت: ليس في الحديث ذكر الحرب كما ترجم عليه؟ قلت: كان هذا في غزوة تبوك، ولا شك أنه كان ذلك السفر مظنة الحرب، أو يكون في الحديث زيادة لم تكن على شرطه، فأشار إليها في الترجمة، كما هو دأبه في أمثاله. باب الحرير في الحرب 2919 - (أحمد بن المقدام) بكسر الميم (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رخص لعبد الرحمن بن عوف والزبير في قميص من حرير، من حكة كانت بهما). فإن قلت: في الرواية بعدها، رخص لهما ذلك للقمل؟ قلت: لا ينافي لجواز الجمع، قيل: والوجه أن تلك الحكَّة كانت ناشئة من القمل وإلا فالحرير يكون أكثر قملًا. 2920 - (شكوا) وفي رواية: شكيا، كلاهما من الشكاية، وقد أجاز الشافعي لبس الحرير في الحرب لأنه أهيب في عين العدو.

92 - باب ما يذكر فى السكين

2921 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ أَخْبَرَنِى قَتَادَةُ أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ قَالَ رَخَّصَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ فِي حَرِيرٍ. طرفه 2919 2922 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ سَمِعْتُ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ رَخَّصَ أَوْ رُخِّصَ لِحِكَّةٍ بِهِمَا. طرفه 2919 92 - باب مَا يُذْكَرُ فِي السِّكِّينِ 2923 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَأْكُلُ مِنْ كَتِفٍ يَحْتَزُّ مِنْهَا، ثُمَّ دُعِىَ إِلَى الصَّلاَةِ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ وَزَادَ فَأَلْقَى السِّكِّينَ. طرفه 208 93 - باب مَا قِيلَ فِي قِتَالِ الرُّومِ 2924 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ يَزِيدَ الدِّمَشْقِىُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنِى ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ: ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: إذا كانت الرخصة للحكة أو للقمل فلا حاجة إلى ذكر الحرب كما ترجم عليه؟ قلت: أشار إلى أن الجهاد عبادة ويجوز فيها لبس الحرير للضرورة. باب ما يذكر في السّكين 2923 - (عمرو بن أمية) بضم الهمزة وتشديد الياء (الضَّمْري) بفتح الضاد وإسكان الميم، نسبة إلى ضمرة، بطن من كنانة، والحديث مَرَّ في باب من لم يتوضأ من لحم الشاة، وموضع الدّلالة هنا الدّلالة على استعمال السّكين، وذكره في باب الجهاد لأنه من آلة الحرب أيضًا. باب ما قيل في قتال الروم 2924 - (ثور بن يزيد) بالثاء المثلثة لفظ الحيوان المعروف (خالد بن معدان) بفتح

94 - باب قتال اليهود

أَنَّ عُمَيْرَ بْنَ الأَسْوَدِ الْعَنْسِىَّ حَدَّثَهُ أَنَّهُ أَتَى عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ وَهْوَ نَازِلٌ فِي سَاحِلِ حِمْصَ، وَهْوَ فِي بِنَاءٍ لَهُ وَمَعَهُ أُمُّ حَرَامٍ، قَالَ عُمَيْرٌ فَحَدَّثَتْنَا أُمُّ حَرَامٍ أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «أَوَّلُ جَيْشٍ مِنْ أُمَّتِى يَغْزُونَ الْبَحْرَ قَدْ أَوْجَبُوا». قَالَتْ أُمُّ حَرَامٍ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا فِيهِمْ. قَالَ «أَنْتِ فِيهِمْ». ثُمَّ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَوَّلُ جَيْشٍ مِنْ أُمَّتِى يَغْزُونَ مَدِينَةَ قَيْصَرَ مَغْفُورٌ لَهُمْ». فَقُلْتُ أَنَا فِيهِمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «لاَ». 94 - باب قِتَالِ الْيَهُودِ 2925 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرْوِىُّ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «تُقَاتِلُونَ الْيَهُودَ حَتَّى يَخْتَبِىَ أَحَدُهُمْ وَرَاءَ الْحَجَرِ فَيَقُولُ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا يَهُودِىٌّ وَرَائِى فَاقْتُلْهُ». طرفه 3593 2926 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا ـــــــــــــــــــــــــــــ الميم (عُمير) بضم العين مصغر (ابن الأسود العنسي) بالنون، قال الجوهري: عنس قبيلة من عرب اليمن وبالباء من عرب البصرة (أمُّ حرام) ضد الحلال (أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا) أي: على الله رحمته وغفران بموجب وعده، وإلا فلا وجوب عليه تعالى عن ذلك، وكان هذا في غزوة قبرس في خلافة عثمان وأمير الجيش معاوية (ثم قال: أول جيش يغزون مدينة قيصر) هي القسطنطينية، أول من غزاها يزيد بن معاوية، وفيها أبو أيوب الأنصاري، فإن كان جهاده مجود القتال فلا يلزم أن يكون يزيد مغفورًا له، لأن مغفرة الجيش باعتبار الغالب وإن كان المراد فتح المدينة، فنحن أولئك "الجيش من فضل الله تعالى كنا في فتحه، مع السلطان المجاهد السلطان محمد بن مراد بن عثمان وفقه الله للخيرات وأيده. باب قتال اليهود 2925 - (الفروي) نسبة إلى فروه أحد أجداده. 2926 - (عماره) بضم وتخفيف الميم (القعقاع) بالقاف والمين المكررتين. (عن أبي زرعة) بضم المعجمة بعدها مهملة، اسمه هرم (لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا

95 - باب قتال الترك

الْيَهُودَ حَتَّى يَقُولَ الْحَجَرُ وَرَاءَهُ الْيَهُودِىُّ يَا مُسْلِمُ، هَذَا يَهُودِىٌّ وَرَائِى فَاقْتُلْهُ». 95 - باب قِتَالِ التُّرْكِ 2927 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ قَالَ سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ تُقَاتِلُوا قَوْمًا يَنْتَعِلُونَ نِعَالَ الشَّعَرِ، وَإِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ تُقَاتِلُوا قَوْمًا عِرَاضَ الْوُجُوهِ، كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الْمَجَانُّ الْمُطَرَّقَةُ». طرفه 3592 2928 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ صَالِحٍ عَنِ الأَعْرَجِ قَالَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا التُّرْكَ صِغَارَ الأَعْيُنِ، حُمْرَ الْوُجُوهِ، ذُلْفَ الأُنُوفِ، كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الْمَجَانُّ الْمُطَرَّقَةُ، وَلاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا قَوْمًا نِعَالُهُمُ الشَّعَرُ». أطرافه 2929، 3587، 3590، 3591 ـــــــــــــــــــــــــــــ اليهود) والخطاب لأمته المرجودين والذين سيوجدون، فإن هذا يكون في آخر الزمان، وقيل: بعد نزول عيسى في قتال الذجال، فإن عسكره أكثرهم يهود (حتى يقول المحجر وراءه اليهودي يا مسلم هذا يهودي ورائي فاقتله) ينطقه الله الذي أنطق كل شيء. باب قتال الترك 2927 - (أبو النُعمان) بضم النون محمد بن الفضل (جرير بن حازم) بالحاء المهملة (عمرو بن تغلب) بالتاء المثناة فوق آخر ياء موحدة (إن من أشراط الساعة أن تقاتلوا قومًا ينتعلون [نعال] الشَّعر] الأشراط جمع شرط بفتح الرّاء وهو العلامة وهذا القوم هم الأكراد رؤساؤهم يلبسون نعال الشَّعر يسمونه: رَشك، بفتح الراء وكسر المعجمة. (المجانّ) بتشديد النون جمع مِجنّ بكسر الميم وتشديد النون، الترس (المُطرقة) بضم الميم وسكون الفاء من أطرقت الترس، إذا جعلت الجلود بعضها فوق بعض يريد أنهم عراض الوجوه مع الغلظ.

96 - باب قتال الذين ينتعلون الشعر

96 - باب قِتَالِ الَّذِينَ يَنْتَعِلُونَ الشَّعَرَ 2929 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ الزُّهْرِىُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا قَوْمًا نِعَالُهُمُ الشَّعَرُ، وَلاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا قَوْمًا كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الْمَجَانُّ الْمُطَرَّقَةُ». قَالَ سُفْيَانُ وَزَادَ فِيهِ أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، رِوَايَةً «صِغَارَ الأَعْيُنِ، ذُلْفَ الأُنُوفِ، كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ». طرفه 2928 97 - باب مَنْ صَفَّ أَصْحَابَهُ عِنْدَ الْهَزِيمَةِ، وَنَزَلَ عَنْ دَابَّتِهِ، وَاسْتَنْصَرَ 2930 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ أَكُنْتُمْ فَرَرْتُمْ يَا أَبَا عُمَارَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 2929 - (أبو الزناد) بالزاء بعدها نون (صغار الأعين) في سنن ابن ماجه: "كأن عيونهم حدق الجراد" (ذلف الأنوف) بالذال المعجمة ولام ساكنة جمع أذلف، وهو قصر الأنف، وقيل: الذي في طرف أنفه استواء، وهذا قد وقع في خروج جنكيز وابن ابنه هولاكو، وقيل: إنما سُمي هؤلاء الترك لأن عبد شمس بن شحب لما خسر أرض بابل أجاز طائفة، وقال: أتركوهم، وهم من ولد يافث بن نوح، وقيل من بني قاطوراء جارية إبراهيم الخليل. باب من صف أصحابه عند الهزيمة ونزل عن دابته واستنصر 2930 - (عمرو بن خالد الحرَّاني) بفتح الحاء وتشديد الرَّاء نسبة إلى حران، بلد بقرب الرها من بلاد ديار بكر (زُهير) بضم الزّاء مصغر (فررتم يا أبا عمارة؟) بضم العين وتخفيف

98 - باب الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة

يَوْمَ حُنَيْنٍ قَالَ لاَ، وَاللَّهِ مَا وَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَلَكِنَّهُ خَرَجَ شُبَّانُ أَصْحَابِهِ وَأَخِفَّاؤُهُمْ حُسَّرًا لَيْسَ بِسِلاَحٍ، فَأَتَوْا قَوْمًا رُمَاةً، جَمْعَ هَوَازِنَ وَبَنِى نَصْرٍ، مَا يَكَادُ يَسْقُطُ لَهُمْ سَهْمٌ، فَرَشَقُوهُمْ رَشْقًا مَا يَكَادُونَ يُخْطِئُونَ، فَأَقْبَلُوا هُنَالِكَ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ عَلَى بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ، وَابْنُ عَمِّهِ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَقُودُ بِهِ، فَنَزَلَ وَاسْتَنْصَرَ ثُمَّ قَالَ أَنَا النَّبِىُّ لاَ كَذِبْ أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ ثُمَّ صَفَّ أَصْحَابَهُ. طرفه 2864 98 - باب الدُّعَاءِ عَلَى الْمُشْرِكِينَ بِالْهَزِيمَةِ وَالزَّلْزَلَةِ 2931 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عِيسَى حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ الأَحْزَابِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَلأَ اللَّهُ بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا، شَغَلُونَا عَنِ الصَّلاَةِ الْوُسْطَى حِينَ غَابَتِ الشَّمْسُ». أطرافه 4111، 4533، 6396 ـــــــــــــــــــــــــــــ الميم، كنية البراء بن عازب (يوم حُنين) بضم الحاء مصغر واد بين مكة والطائف (حُسَّرًا) بضم الحاء وتشديد السين جمع حاسر، الذي ليس عليه جبة القتال، قال ابن الأثير: الحاسر من لا درع عليه (هوازن وبني نضر) هوازن: قبيلة من قيس بن غيلان وبنو نضر: بطن من أسد (فرشقوهم رشقًا) الرشق الضرب والرمي بالسّهام، والحديث تقدم مرارًا، وموضع الدلالة قوله: (ثم صف أصحابه) أي: بعدما رجعوا عن فرارهم. باب الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة 2931 - (عن عبيدة عن علي) عبيدة: بفتح العين وكسر الموحدة، هو السّلماني التابعي الجليل القدر (لما كان يوم الأحزاب) أي: يومًا من أيامه، فإن المدة طالت في هذه الغزوة (شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس) هذا صريح في أن صلاة الوسطى هي العصر.

2932 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَدْعُو فِي الْقُنُوتِ «اللَّهُمَّ أَنْجِ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ، اللَّهُمَّ أَنْجِ عَيَّاشَ بْنَ أَبِى رَبِيعَةَ، اللَّهُمَّ أَنْجِ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، اللَّهُمَّ سِنِينَ كَسِنِى يُوسُفَ». طرفه 797 2933 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِى خَالِدٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِى أَوْفَى - رضى الله عنهما - يَقُولُ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الأَحْزَابِ عَلَى الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ «اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ سَرِيعَ الْحِسَابِ، اللَّهُمَّ اهْزِمِ الأَحْزَابَ، اللَّهُمَّ اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ». أطرافه 2965، 3025، 4115، 6392، 7489 2934 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَنَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ، وَنُحِرَتْ جَزُورٌ بِنَاحِيَةِ مَكَّةَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: ليس في الحديث الدعاء بالهزيمة؟ قلت: إذا أملأ الله بيوتهم نارًا فلا هزيمة أبلغ منها. 2932 - (قبيصة) بفتح القاف وكسر الموحدة (ابن ذكوان) هو عبد الله أبو الزناد (عياش بن أبي ربيعة) بفتح العين والياء المثناة آخره شين معجمة (اللهم أشدد وطأتك على مضر) كناية عن العذاب والعقوبة فإن من داس على شيء برجليه فقد بالغ في إفساده، ومضر غير منصوب؛ لأنه صار علم القبيلة (اللهم سنين كسني يوسف) نُصِبَ باجعل مقدّرًا كما جاء في الرواية الأخرى صريحًا، ووجه الشبه شدة القحط. 2933 - (اللهم منزل الكتاب سريع الحساب) بدل من الأول، خصَّص هذين الوصفين لدلالتهما على كمال القدرة، وحمله على قرب وقوع الحساب لا يلائم المقام. 2934 - (ابن عون) بفتح العين وسكون النون (فقال أبو جهل وناس من قريش)

فَأَرْسَلُوا فَجَاءُوا مِنْ سَلاَهَا، وَطَرَحُوهُ عَلَيْهِ، فَجَاءَتْ فَاطِمَةُ فَأَلْقَتْهُ عَنْهُ، فَقَالَ «اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ». لأَبِى جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ، وَعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ، وَأُبَىِّ بْنِ خَلَفٍ، وَعُقْبَةَ بْنِ أَبِى مُعَيْطٍ». قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَلَقَدْ رَأَيْتُهُمْ فِي قَلِيبِ بَدْرٍ قَتْلَى. قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ وَنَسِيتُ السَّابِعَ. وَقَالَ يُوسُفُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ. وَقَالَ شُعْبَةُ أُمَيَّةُ أَوْ أُبَىٌّ. وَالصَّحِيحُ أُمَيَّةُ. طرفه 240 2935 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ الْيَهُودَ دَخَلُوا عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا السَّامُ عَلَيْكَ. فَلَعَنْتُهُمْ. فَقَالَ «مَا لَكِ». قُلْتُ أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا قَالَ «فَلَمْ تَسْمَعِى مَا قُلْتُ وَعَلَيْكُمْ». أطرافه 6024، 6030، 6256، 6395، 6401، 6927 ـــــــــــــــــــــــــــــ مقول القول محذوف، أي: من يأتي بسلا جزور بني فلان كما تقدم في أبواب الصلاة (فجاؤا بسلاها) الجائي ابن أبي مُعيط بضم الميم مصغر، والإسناد إلى الكل لوقوع الفعل بينهم، والسلا بفتح السين مقصور ما فيه ولد الجزور (قال عبد الله) هو ابن مسعود (فلقد رأيتهم في قليب بدر) القليب البئر قبل أن تطوى، وقد سلف هذا فإن عمارة بن الوليد مات بالحبشة وعقبة ابن أبي معيط قتل بعد أن رحل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من بدر أمر بقتله علي بن أبي طالب (قال شعبة: أمية أو أُبيِّ والصحيح أمية) بل الصواب، فإن النقلة اتفقوا على أن أبي بن خلف قتله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده يوم أحد. 2935 - (سليمان بن حرب) ضد الصلح (عن ابن أبي مليكة) بضم الميم مصغر عبيد الله بن عبد الله، واسم أبي مليكة زهير روى حديث عائشة (إن اليهود قالوا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - السّام عليك) والسّام هو الموت، وموضع الدلالة قوله: (عليكم) فإنه دعاء على الكافرين بالموت.

99 - باب هل يرشد المسلم أهل الكتاب أو يعلمهم الكتاب

99 - باب هَلْ يُرْشِدُ الْمُسْلِمُ أَهْلَ الْكِتَابِ أَوْ يُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ 2936 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِى ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمِّهِ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَتَبَ إِلَى قَيْصَرَ، وَقَالَ «فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الأَرِيسِيِّينَ». طرفه 2940 100 - باب الدُّعَاءِ لِلْمُشْرِكِينَ بِالْهُدَى لِيَتَأَلَّفَهُمْ 2937 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ قَالَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه قَدِمَ طُفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو الدَّوْسِىُّ وَأَصْحَابُهُ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ دَوْسًا عَصَتْ وَأَبَتْ، فَادْعُ اللَّهَ عَلَيْهَا. فَقِيلَ هَلَكَتْ دَوْسٌ. قَالَ «اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وَائْتِ بِهِمْ». طرفاه 4392، 6397 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب هل يرشد المسلم أهل الكتاب أو يعلمهم الكتاب 2936 - (ابن أخي ابن شهاب) هو محمد بن عبد الله بن مسلم الزهري، روى عن ابن عباس (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتب إلى قيصر)، والذي كتبه: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا} [آل عمران: 64] إلى آخر الآية، وكان في ذلك دعاء للمشركين إلى التوحيد، وتعليمًا لهم فإنه لا بد من أن نفسر لهم معناه (فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين) بفتح الهمزة وتشديد الياء الثانية ويروى بالياء بدل الهمزة، وقد سلف الحديث بطوله في أول الكتاب مع شرحه والأريسيون: الفلاحة والرعايا، فإنهم أتباع الملوك، وقد انعقد الإجماع على وجوب هداية الكافر وإرشاده، وأما تعليم الكتاب فأجازه أبو حنيفة والشافعي ومنعه مالك. باب الدعاء للمشركين بالهدى 2937 - (أبو اليمان) بتخفيف النون الحكم بن نافع (أبو الزناد) بكسر الزاي بعدها نون عبد الله بن ذكوان (قدم طفيل بن عمرو الدوسي) طُفيل بضم الطاء مصغر ودوس بفتح الدال قبيلة من عرب اليمن من الأزد (اللهم اهد دوسًا وأت بهم) طلبوا منه أن يدعوا عليهم فدعا لهم؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - رحمة للعالمين، فأجاب الله دعاءه فيهم.

101 - باب دعوة اليهودى والنصرانى، وعلى ما يقاتلون عليه وما كتب النبى - صلى الله عليه وسلم - إلى كسرى وقيصر، والدعوة قبل القتال

101 - باب دَعْوَةِ الْيَهُودِىِّ وَالنَّصْرَانِىِّ، وَعَلَى مَا يُقَاتَلُونَ عَلَيْهِ وَمَا كَتَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى كِسْرَى وَقَيْصَرَ، وَالدَّعْوَةِ قَبْلَ الْقِتَالِ 2938 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ الْجَعْدِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا - رضى الله عنه - يَقُولُ لَمَّا أَرَادَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَكْتُبَ إِلَى الرُّومِ، قِيلَ لَهُ إِنَّهُمْ لاَ يَقْرَءُونَ كِتَابًا إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَخْتُومًا. فَاتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ، فَكَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِهِ فِي يَدِهِ، وَنَقَشَ فِيهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. طرفه 65 2939 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ بِكِتَابِهِ إِلَى كِسْرَى، فَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ الْبَحْرَيْنِ، يَدْفَعُهُ عَظِيمُ الْبَحْرَيْنِ إِلَى كِسْرَى، فَلَمَّا قَرَأَهُ كِسْرَى خَرَّقَهُ، فَحَسِبْتُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ فَدَعَا عَلَيْهِمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُمَزَّقُوا كُلَّ مُمَزَّقٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: قد دعا على الكفار وغيرهم؟ قلت: أعلمه الله أن لا يجاب دعوته فيهم. باب دعوة اليهود والنصارى وعلى ما يقاتلون عليه 2938 - (وما كتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى قيصر وكسرى والدعوة قبل القتال) كسرى: بكسر الكاف وفتحها كل من ملك الفرس، كقيصر لمن ملك الروم، واسم الذي كتب إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كسر برويز. 2939 - (بعث بكتابه إلى كسرى)، بعثه مع عبد الله بن حذافة (فأمره أن يدفعه إلى عظيم البحرين) بلد، قال الجوهري والنسبة إليه بحراني وكان أرسل له الكتاب سنة ست من الهجرة (فلما قرأه حرّقه) بتشديد الرّاء هو معنى الرواية الأخرى: مزقه، قيل: إنما فعل ذلك لأنه رأى اسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سابقًا على اسمه في الكتاب (فدعا عليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يمزقوا كل ممزق) كل ممزق في موضع المصدر. [...] مزقت الثوب إذا خزَّقته، والتشديد للمبالغة، فاستجاب الله دعاءه، مات أربع عشر من ملوكهم في سنة، ثم ولوا عليهم بنتًا من بنات كسرى، فلما سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لن يفلح قوم ولّوا عليهم امرأة" لأنها ناقصة عقل ودين وهما مقدمتا الخذلان.

102 - باب دعاء النبى - صلى الله عليه وسلم - إلى الإسلام والنبوة، وأن لا يتخذ بعضهم بعضا أربابا من دون الله

102 - باب دُعَاءِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الإِسْلاَمِ وَالنُّبُوَّةِ، وَأَنْ لاَ يَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى (مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ) إِلَى آخِرِ الآيَةِ. 2940 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَتَبَ إِلَى قَيْصَرَ يَدْعُوهُ إِلَى الإِسْلاَمِ، وَبَعَثَ بِكِتَابِهِ إِلَيْهِ مَعَ دِحْيَةَ الْكَلْبِىِّ، وَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى لِيَدْفَعَهُ إِلَى قَيْصَرَ، وَكَانَ قَيْصَرُ لَمَّا كَشَفَ اللَّهُ عَنْهُ جُنُودَ فَارِسَ مَشَى مِنْ حِمْصَ إِلَى إِيلِيَاءَ، شُكْرًا لِمَا أَبْلاَهُ اللَّهُ، فَلَمَّا جَاءَ قَيْصَرَ كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ حِينَ قَرَأَهُ الْتَمِسُوا لِى هَا هُنَا أَحَدًا مِنْ قَوْمِهِ لأَسْأَلَهُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. 2941 - قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَأَخْبَرَنِى أَبُو سُفْيَانَ أَنَّهُ كَانَ بِالشَّأْمِ فِي رِجَالٍ مِنْ قُرَيْشٍ، قَدِمُوا ـــــــــــــــــــــــــــــ باب دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الإسلام والنبوة وأن لا يتخذ بعضهم بعضًا أربابًا من دون الله 2940 - روى في الباب حديث أبي سفيان عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتب إلى قيصر يدعوه إلى الإسلام وأرسل بالكتاب دحية، والحديث سلف في أول الكتاب وبعده في مواضع، ونشير هنا إلى بعض ألفاظه: (كيسان) بفتح الكاف (دحية الكلبي) بفتح الكاف وكسرها، قال الجوهري: كلب حي من قضاعة (بصرى) بضم الباء مدينة حوران (وكان قيصر لما كشف الله عنه جنود فارس) أي: هزمهم الله وهذه الهزيمة هي التي أشير إليها في سورة الروم: {وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ} [الروم: 3] (مشى من حمص إلى إيلياء) بكسر الهمزة، اسم لبيت المقدس (شكرًا لما أبلاه الله) أي: أعطاه. 2941 - (قال ابن عباس أخبرني أبو سفيان أنه كان بالشام في رجال من قريش، قدموا

تِجَارًا فِي الْمُدَّةِ الَّتِى كَانَتْ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَبَيْنَ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، قَالَ أَبُو سُفْيَانَ فَوَجَدَنَا رَسُولُ قَيْصَرَ بِبَعْضِ الشَّأْمِ فَانْطَلَقَ بِى وَبِأَصْحَابِى حَتَّى قَدِمْنَا إِيلِيَاءَ، فَأُدْخِلْنَا عَلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ فِي مَجْلِسِ مُلْكِهِ وَعَلَيْهِ التَّاجُ، وَإِذَا حَوْلَهُ عُظَمَاءُ الرُّومِ فَقَالَ لِتُرْجُمَانِهِ سَلْهُمْ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ الَّذِى يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِىٌّ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ فَقُلْتُ أَنَا أَقْرَبُهُمْ نَسَبًا. قَالَ مَا قَرَابَةُ مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ فَقُلْتُ هُوَ ابْنُ عَمِّى، وَلَيْسَ فِي الرَّكْبِ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ مِنْ بَنِى عَبْدِ مَنَافٍ غَيْرِى. فَقَالَ قَيْصَرُ أَدْنُوهُ. وَأَمَرَ بِأَصْحَابِى فَجُعِلُوا خَلْفَ ظَهْرِى عِنْدَ كَتِفِى، ثُمَّ قَالَ لِتُرْجُمَانِهِ قُلْ لأَصْحَابِهِ إِنِّى سَائِلٌ هَذَا الرَّجُلَ عَنِ الَّذِى يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِىٌّ، فَإِنْ كَذَبَ فَكَذِّبُوهُ. قَالَ أَبُو سُفْيَانَ وَاللَّهِ لَوْلاَ الْحَيَاءُ يَوْمَئِذٍ مِنْ أَنْ يَأْثُرَ أَصْحَابِى عَنِّى الْكَذِبَ لَكَذَبْتُهُ حِينَ سَأَلَنِى عَنْهُ، وَلَكِنِّى اسْتَحْيَيْتُ أَنْ يَأْثُرُوا الْكَذِبَ عَنِّى فَصَدَقْتُهُ، ثُمَّ قَالَ لِتُرْجُمَانِهِ قُلْ لَهُ كَيْفَ نَسَبُ هَذَا الرَّجُلِ فِيكُمْ قُلْتُ هُوَ فِينَا ذُو نَسَبٍ. قَالَ فَهَلْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ أَحَدٌ مِنْكُمْ قَبْلَهُ قُلْتُ لاَ. فَقَالَ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ عَلَى الْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ قُلْتُ لاَ. قَالَ فَهَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ قُلْتُ لاَ. قَالَ فَأَشْرَافُ النَّاسِ يَتَّبِعُونَهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ قُلْتُ بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ. قَالَ فَيَزِيدُونَ أَوْ يَنْقُصُونَ قُلْتُ بَلْ يَزِيدُونَ. قَالَ فَهَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ قُلْتُ لاَ. قَالَ فَهَلْ يَغْدِرُ قُلْتُ لاَ، وَنَحْنُ الآنَ مِنْهُ فِي مُدَّةٍ، نَحْنُ نَخَافُ أَنْ يَغْدِرَ. قَالَ أَبُو سُفْيَانَ وَلَمْ يُمْكِنِّى كَلِمَةٌ أُدْخِلُ فِيهَا شَيْئًا أَنْتَقِصُهُ بِهِ لاَ أَخَافُ أَنْ تُؤْثَرَ عَنِّى غَيْرُهَا. قَالَ فَهَلْ قَاتَلْتُمُوهُ أَوْ قَاتَلَكُمْ قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ فَكَيْفَ كَانَتْ حَرْبُهُ وَحَرْبُكُمْ قُلْتُ كَانَتْ دُوَلاً وَسِجَالاً، يُدَالُ عَلَيْنَا ـــــــــــــــــــــــــــــ تُجارًا) بضم التاء وتشديد الجيم، وبكسرها وتخفيف الجيم (في المدة التي كانت بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين كفار قريش) أي: عشرة سنين، صلح الحديبية (فقال لترجمانه) بضم التاء وفتحها (فإن كذب فكذبوه) الأول مخفف والثاني مشدد، من التكذيب (قال أبو سفيان: والله لولا الحباء يومئذ من أن يأثُر أصحابي عني الكذب) أي: ينقلوا، من أثرت الحديث إذا نقلته (لحدثته عني) أي: من عندي من الأشياء والأخبار الكاذبة (قال: هل يغدر؟) أي: لا يفي بالعهد (قلت: لا، ونحن الآن منه في مدة) أي: في صلح (نحن نخاف أن يغدر) وهذا القدر أمكن أبا سفيان من الإنقاص منه (قال: فكيف كان حربكم وحربه؟ قلت: كانت دِولا) بكسر الدال جمع دولة (وسجالا) مصدر ساجل من السجل وهو الدلو وقد فسره بقوله: (يدال علينا

الْمَرَّةَ وَنُدَالُ عَلَيْهِ الأُخْرَى. قَالَ فَمَاذَا يَأْمُرُكُمْ قَالَ يَأْمُرُنَا أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ لاَ نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَيَنْهَانَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا، وَيَأْمُرُنَا بِالصَّلاَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْعَفَافِ وَالْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ وَأَدَاءِ الأَمَانَةِ. فَقَالَ لِتُرْجُمَانِهِ حِينَ قُلْتُ ذَلِكَ لَهُ قُلْ لَهُ إِنِّى سَأَلْتُكَ عَنْ نَسَبِهِ فِيكُمْ، فَزَعَمْتَ أَنَّهُ ذُو نَسَبٍ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِي نَسَبِ قَوْمِهَا، وَسَأَلْتُكَ هَلْ قَالَ أَحَدٌ مِنْكُمْ هَذَا الْقَوْلَ قَبْلَهُ فَزَعَمْتَ أَنْ لاَ، فَقُلْتُ لَوْ كَانَ أَحَدٌ مِنْكُمْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ قَبْلَهُ قُلْتُ رَجُلٌ يَأْتَمُّ بِقَوْلٍ قَدْ قِيلَ قَبْلَهُ. وَسَأَلْتُكَ هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ فَزَعَمْتَ أَنْ لاَ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَدَعَ الْكَذِبَ عَلَى النَّاسِ وَيَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ فَزَعَمْتَ أَنْ لاَ، فَقُلْتُ لَوْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مَلِكٌ قُلْتُ يَطْلُبُ مُلْكَ آبَائِهِ. وَسَأَلْتُكَ أَشْرَافُ النَّاسِ يَتَّبِعُونَهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ فَزَعَمْتَ أَنَّ ضُعَفَاءَهُمُ اتَّبَعُوهُ، وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَزِيدُونَ أَوْ يَنْقُصُونَ فَزَعَمْتَ أَنَّهُمْ يَزِيدُونَ، وَكَذَلِكَ الإِيمَانُ حَتَّى يَتِمَّ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ فَزَعَمْتَ أَنْ لاَ، فَكَذَلِكَ الإِيمَانُ حِينَ تَخْلِطُ بَشَاشَتُهُ الْقُلُوبَ لاَ يَسْخَطُهُ أَحَدٌ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَغْدِرُ فَزَعَمْتَ أَنْ لاَ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لاَ يَغْدِرُونَ. وَسَأَلْتُكَ هَلْ قَاتَلْتُمُوهُ وَقَاتَلَكُمْ فَزَعَمْتَ أَنْ قَدْ فَعَلَ، وَأَنَّ حَرْبَكُمْ وَحَرْبَهُ تَكُونُ دُوَلاً، وَيُدَالُ عَلَيْكُمُ الْمَرَّةَ وَتُدَالُونَ عَلَيْهِ الأُخْرَى، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْتَلَى، وَتَكُونُ لَهَا الْعَاقِبَةُ، وَسَأَلْتُكَ بِمَاذَا يَأْمُرُكُمْ فَزَعَمْتَ أَنَّهُ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَيَنْهَاكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ، وَيَأْمُرُكُمْ بِالصَّلاَةِ وَالصِّدْقِ وَالْعَفَافِ وَالْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ، وَأَدَاءِ الأَمَانَةِ، قَالَ وَهَذِهِ صِفَةُ النَّبِيِّ، قَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارِجٌ، وَلَكِنْ لَمْ أَظُنَّ أَنَّهُ مِنْكُمْ، وَإِنْ يَكُ مَا قُلْتَ حَقًّا، فَيُوشِكُ أَنْ يَمْلِكَ مَوْضِعَ قَدَمَىَّ هَاتَيْنِ، وَلَوْ أَرْجُو أَنْ أَخْلُصَ إِلَيْهِ لَتَجَشَّمْتُ لُقِيَّهُ، وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ قَدَمَيْهِ. قَالَ أَبُو سُفْيَانَ ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُرِئَ فَإِذَا فِيهِ «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ، سَلاَمٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى، أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّى أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الإِسْلاَمِ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ، وَأَسْلِمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ ـــــــــــــــــــــــــــــ وندال عليه) تارة له الغلبة، وتارة لنا، يقال: اللهم أدلني على فلان، أي: اجعلني غالبًا (وكذلك الإيمان حين يخالط بشاسة القلوب لا يسخطه أحد) قال ابن الأثير: البشاشة الفرح

مَرَّتَيْنِ، فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَعَلَيْكَ إِثْمُ الأَرِيسِيِّينَ وَ (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَنْ لاَ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ). قَالَ أَبُو سُفْيَانَ فَلَمَّا أَنْ قَضَى مَقَالَتَهُ، عَلَتْ أَصْوَاتُ الَّذِينَ حَوْلَهُ مِنْ عُظَمَاءِ الرُّومِ، وَكَثُرَ لَغَطُهُمْ، فَلاَ أَدْرِى مَاذَا قَالُوا، وَأُمِرَ بِنَا فَأُخْرِجْنَا، فَلَمَّا أَنْ خَرَجْتُ مَعَ أَصْحَابِى وَخَلَوْتُ بِهِمْ قُلْتُ لَهُمْ لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ ابْنِ أَبِى كَبْشَةَ، هَذَا مَلِكُ بَنِى الأَصْفَرِ يَخَافُهُ، قَالَ أَبُو سُفْيَانَ وَاللَّهِ مَا زِلْتُ ذَلِيلاً مُسْتَيْقِنًا بِأَنَّ أَمْرَهُ سَيَظْهَرُ، حَتَّى أَدْخَلَ اللَّهُ قَلْبِى الإِسْلاَمَ وَأَنَا كَارِهٌ. طرفه 7 2942 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِىُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ - رضى الله عنه - سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ يَوْمَ خَيْبَرَ «لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلاً يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ». فَقَامُوا يَرْجُونَ لِذَلِكَ أَيُّهُمْ يُعْطَى، فَغَدَوْا وَكُلُّهُمْ يَرْجُو أَنْ يُعْطَى فَقَالَ «أَيْنَ عَلِىٌّ». فَقِيلَ يَشْتَكِى عَيْنَيْهِ، فَأَمَرَ فَدُعِىَ لَهُ، فَبَصَقَ فِي عَيْنَيْهِ، فَبَرَأَ مَكَانَهُ حَتَّى كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِهِ شَىْءٌ فَقَالَ نُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا. فَقَالَ «عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ ـــــــــــــــــــــــــــــ بالمرء والانبساط (وكثر لغطهم) بالغين اختلاط الأصوات (لقد أَمِر أَمْرُ ابن أبي كبشة) أَمِر بفتح الهمزة وكسر الميم، أي: عظم، وإنما سمى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابن أبي كبشه، قيل: لأن من أجداد أمه شخصًا اسمه أبو كبشة، وقيل: أبو كبشة رجل مبتدع في الجاهلية انفرد بعبادة الشِّعْرَى، فأراد أبو سفيان أن ابتداع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالدين يشبه ابتداع ذلك الرجل فجعله ابنه على طريقة الاستهزاء، وتمام الكلام على الحديث في أول الكتاب. 2942 - (عبد الله بن مسلمة) بفتح الميم واللام (أبي حازم) بالحاء المهملة سلمة بن دينار (فغدوا) أي: ذهبوا إليه في الغداة (وكلهم يرجوها توقعًا) أن يكون الفتح على يديه فإنه قال في الرواية الأخرى: "يحبه الله ورسوله" (فبصق في عينه) أي: تفل، يقال بالصاد والسين والزاء، قاله ابن الأثير (على رسلك) بكسر الرّاء، أي: على تؤدة ووقار (نزل

بِسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ، فَوَاللَّهِ لأَنْ يُهْدَى بِكَ رَجُلٌ وَاحِدٌ خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ». أطرافه 3009، 3701، 4210 2943 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا - رضى الله عنه - يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا غَزَا قَوْمًا لَمْ يُغِرْ حَتَّى يُصْبِحَ، فَإِنْ سَمِعَ أَذَانًا أَمْسَكَ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ أَذَانًا أَغَارَ بَعْدَ مَا يُصْبِحُ، فَنَزَلْنَا خَيْبَرَ لَيْلاً. طرفه 371 2944 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا غَزَا بِنَا. طرفه 371 2945 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ إِلَى خَيْبَرَ فَجَاءَهَا لَيْلاً، وَكَانَ إِذَا جَاءَ قَوْمًا بِلَيْلٍ لاَ يُغِيرُ عَلَيْهِمْ حَتَّى يُصْبِحَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ، خَرَجَتْ يَهُودُ بِمَسَاحِيهِمْ وَمَكَاتِلِهِمْ، فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا مُحَمَّدٌ وَاللَّهِ، مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اللَّهُ أَكْبَرُ، خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ». ـــــــــــــــــــــــــــــ بساحتهم) ساحت الدار والبلد المتسع من جوانبه من السيّاحة (فوالله لأن يهدي بك رجل واحد خير لك من حمر النعم) تملكها أو تتصدق بها، وإنما خصها بالذكر لأنها أعز أموال العرب. 2943 - (إذا غزا قوم لم يغزر) بضم الياء من الإغارة. 2945 - (فلما أصبح) أي: بخيبر (خرجت يهود بمساحهم) قال ابن الأثير: جمع مسحاة وهي المجرفة من الحديد من السحّو وهو الكشف (ومكاتلهم) جمع مكتل، وهو الزنبيل (محمد والخميس) وهو الجيش وإنما سمي خميسًا؛ لاشتماله على المقدمة والساقة والقلب والميمنة والميسرة. فإن قلت: ليس في هذا الحديث أنه دعاهم إلى الله والإسلام، كما ترجم له؟ قلت: كان بلغهم الدعوة.

103 - باب من أراد غزوة فورى بغيرها، ومن أحب الخروج يوم الخميس

2946 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. فَمَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، فَقَدْ عَصَمَ مِنِّى نَفْسَهُ وَمَالَهُ، إِلاَّ بِحَقِّهِ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ». رَوَاهُ عُمَرُ وَابْنُ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 371 103 - باب مَنْ أَرَادَ غَزْوَةً فَوَرَّى بِغَيْرِهَا، وَمَنْ أَحَبَّ الْخُرُوجَ يَوْمَ الْخَمِيسِ 2947 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبٍ - رضى الله عنه - وَكَانَ قَائِدَ كَعْبٍ مِنْ بَنِيهِ قَالَ سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُرِيدُ غَزْوَةً إِلاَّ وَرَّى بِغَيْرِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ 2946 - (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله) "ومحمد رسول الله" كما في الرواية الأخرى، وإنما اقتصر عليه لأن الكلام كان مع المشركين والا فاليهود والنصارى إذا قالوا لا إله إلا الله لا يحكم بإسلامهم ما لم يتبرؤوا عن سائر الأديان (فمن قال: لا إله إلا الله عصم مني نفسه وماله إلا بحقه) أي: إلا بحق الإسلام، كمن قتل مؤمنًا عمدًا أو خطأ فعليه القصاص أو الدية، وقس عليه سائر الضمانات، وقد سبق الكلام مستوفى في أبواب الزكاة، وقضية مانعي الزكاة. باب من أراد غزوة فورَّى بغيرها ومن أراد الخروج يوم الخميس 2947 - (بكير) بضم الباء مصغر، وكذا (عُقيل)، (لم يكن يريد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غزوة إلا ورى بغيرها) أي: سترها بغيرها، قال ابن الأثير: اشتقاقه من الوراء، أي: ألقى ذكرها وراء ظهره، قال السيرافي شرح كتاب سيبويه: قياسه الهمزة، إلا أن أصحاب الحديث لم يضبطوه بالهمزة، قال الجوهري: وريت الخبر تورية إذا سترته وأظهرت غيره، كأنه مأخوذ من الوراء

2948 - وَحَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَلَّمَا يُرِيدُ غَزْوَةً يَغْزُوهَا إِلاَّ وَرَّى بِغَيْرِهَا، حَتَّى كَانَتْ غَزْوَةُ تَبُوكَ، فَغَزَاهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي حَرٍّ شَدِيدٍ، وَاسْتَقْبَلَ سَفَرًا بَعِيدًا وَمَفَازًا، وَاسْتَقْبَلَ غَزْوَ عَدُوٍّ كَثِيرٍ، فَجَلَّى لِلْمُسْلِمِينَ أَمْرَهُمْ، لِيَتَأَهَّبُوا أُهْبَةَ عَدُوِّهِمْ، وَأَخْبَرَهُمْ بِوَجْهِهِ الَّذِى يُرِيدُ. طرفه 2757 2949 - وَعَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - كَانَ يَقُولُ لَقَلَّمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَخْرُجُ إِذَا خَرَجَ فِي سَفَرٍ إِلاَّ يَوْمَ الْخَمِيسِ. طرفه 2757 2950 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ يَوْمَ الْخَمِيسِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يَخْرُجَ يَوْمَ الْخَمِيسِ. طرفه 1089 ـــــــــــــــــــــــــــــ وإنما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعل ذلك؛ لأن الحرب خدعة، فلا يطلع العدو على قصده، وأما غزوة تبوك فكان السفر طويلًا والعدو كثيرًا فأعلم بذلك ليأخذوا الأهبة لذلك. 2948 - كما أشار إليه بقوله: (فجلى للمسلمين) وأما اختياره الخميس للسفر فلأنه يستقبل يوم الجمعة وهو عيد المسلمين، فيكون في ذلك تفاؤل بالسرور، وأما قول العامة: بارك الله في السبت والخميس، فلا أصل له، سوى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان سفره في يوم الخميس والسبت، وروي في حديث ضعيف رواه الطّبراني: "بورك لأمتي في بكورها يوم الخميس" وزاد الغزالي: "السبت"، وأما قوله: "بورك لأمتي في بكورها" فحديث صحيح رواه عشرون من الصحابة، كذا قاله شيخنا في شرحه.

104 - باب الخروج بعد الظهر

104 - باب الْخُرُوجِ بَعْدَ الظُّهْرِ 2951 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى بِالْمَدِينَةِ الظُّهْرَ أَرْبَعًا، وَالْعَصْرَ بِذِى الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، وَسَمِعْتُهُمْ يَصْرُخُونَ بِهِمَا جَمِيعًا. أطرافه 2757 105 - باب الْخُرُوجِ آخِرَ الشَّهْرِ وَقَالَ كُرَيْبٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - انْطَلَقَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْمَدِينَةِ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ ذِى الْقَعْدَةِ، وَقَدِمَ مَكَّةَ لأَرْبَعِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ ذِى الْحِجَّةِ. 2952 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهَا سَمِعَتْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - تَقُولُ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِخَمْسِ لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ ذِى الْقَعْدَةِ، وَلاَ نُرَى إِلاَّ الْحَجَّ، فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنْ مَكَّةَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْىٌ إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَنْ يَحِلَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الخروج بعد الظهر 2951 - (حرب) ضد الصلح (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم (عن أبي قلابه) بكسر القاف، عبد الله بن زيد الجرمي (روى عن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر أربعًا في المدينة والعصر ركعتين بذي الحليفة في حجة الوداع) وقد تقدم في كتاب الحج الكلام على فالحديث بطوله (يصرخون بها) أي: بالحج والعمرة لكن هذا كان لمن له الهدى وكان قارنًا. باب الخروج آخر الشهر (وقال كُريب عن ابن عباس) بضم الكاف مصغر، هذا التعليق سلف في أبواب الحج مسندًا (انطلق النبي - صلى الله عليه وسلم - من المدينة لخمس بقين من ذي القعدة) أي: لخمس ليال قيل: اختياره الخروج آخر الشهر لأن أهل الجاهلية كانوا يتطيرون بالخروج آخر الشهر فأراد إبطال ذلك ليكون هدية مخالفًا لهدى أهل الأوثان. 2952 - (ولا نرى إلا الحج) يروى بضم النون، أي: لا نظن وبالفتح، أي: لا نعلم

106 - باب الخروج فى رمضان

قَالَتْ عَائِشَةُ فَدُخِلَ عَلَيْنَا يَوْمَ النَّحْرِ بِلَحْمِ بَقَرٍ فَقُلْتُ مَا هَذَا فَقَالَ نَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ أَزْوَاجِهِ. قَالَ يَحْيَى فَذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ لِلْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ فَقَالَ أَتَتْكَ وَاللَّهِ بِالْحَدِيثِ عَلَى وَجْهِهِ. طرفه 294 106 - باب الْخُرُوجِ فِي رَمَضَانَ 2953 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنِى الزُّهْرِىُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي رَمَضَانَ، فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ الْكَدِيدَ أَفْطَرَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ (قالت عائشة فلما كان يوم النحر دخل علينا بلحم بقرٍ فقلت: ما هذا؟ فقال) أي: الآتي بلحم البقر أو قائل آخر (نحر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أزواجه) فإنهن كن متمتعات سوى عائشة، وسؤال عائشة عن اللحم لا يدل على عدم إذن الأزواج في نحر الهدي، فلا إشكال (قال يحيى) هو ابن سعيد الذي تقدم في السند. باب الخروج في رمضان 2953 - روى عن ابن عباس (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج في رمضان) وكان هذا سنة الفتح (حتى بلغ الكديد أفطر) بفتح الكاف على وزن عليم، موضع على مرحلتين من مكة (قال سفيان: قال الزهري أخبرني عبيد الله عن ابن عباس، وساق الحديث) فائدة هذا الكلام ذكر الإخبار بدل عن وفيه الأمن من التدليس، بخلاف السند الأول، وفي بعض النسخ: (قال أبو عبد الله هذا قول الزهري: وإنما يوخذ بالآخر من فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) هذا ردّ من البخاري على من يقول إن من خرج في رمضان لا يجوز له الإفطار لقوله: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185]، وهو مذهب علي بن أبي طالب، وهو مردود بهذا الحديث وبالآية، فإنه قال بعده: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} قال: بعضهم في الحديث دلالة على أن الإفطار أفضل، لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يفعل من المباح المخير فيه إلا الأفضل، وهذا الذي قاله مردود من وجوه، الأول: أن المباح ما استوى طرفاه لا أفضيلة لأحدهما الثاني: أن رسول الله قد يفعل المرجوح وخلاف الأولى تشريعًا لأمته، الثالث: أن الإفطار رخصة والصوم عزيمة، وقد صرح الفقهاء بأن الصوم أفضل لمن لم يتضرر.

107 - باب التوديع

قَالَ سُفْيَانُ قَالَ الزُّهْرِىُّ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَسَاقَ الْحَدِيثَ. طرفه 1944 107 - باب التَّوْدِيعِ 2954 - وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِى عَمْرٌو عَنْ بُكَيْرٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّهُ قَالَ بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي بَعْثٍ، وَقَالَ لَنَا «إِنْ لَقِيتُمْ فُلاَنًا وَفُلاَنًا». - لِرَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ سَمَّاهُمَا - فَحَرِّقُوهُمَا بِالنَّارِ. قَالَ ثُمَّ أَتَيْنَاهُ نُوَدِّعُهُ حِينَ أَرَدْنَا الْخُرُوجَ فَقَالَ «إِنِّى كُنْتُ أَمَرْتُكُمْ أَنْ تُحَرِّقُوا فُلاَنًا وَفُلاَنًا بِالنَّارِ، وَإِنَّ النَّارَ لاَ يُعَذِّبُ بِهَا إِلاَّ اللَّهُ، فَإِنْ أَخَذْتُمُوهُمَا فَاقْتُلُوهُمَا». طرفه 3016 108 - باب السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لِلإِمَامِ 2955 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَحَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ صَبَّاحٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب التوديع 2954 - (قال ابن وهب) هذا التعليق سيأتي عن قريب مسندًا (بُكير) بضم الباء مصغر (يسار) ضد اليمين (عن أبي هريرة قال: بعثنا وسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعث) أي: جيش أو سرية (فقال لنا: إن لقيتم فلانًا وفلانًا لرجلين من فريش) هما: هبار بن الأسود، وناقع بن عبد عمرو، وأسلم منهما هبار وحسن إسلامه (إني كنت قلت لكم احرقوا فلانًا وفلانًا فلا تفعلوا فإن النار لا يعذب بها إلا الله). فإن قلت: فقد حرق علي من ادعى فيه الألوهية؟ قلت: محمول على أنه لم يبلغه الحديث، ألا ترى أن ابن عباس أنكر عليه في ذلك واستدل بهذا الحديث. باب السمع والطاعة للإمام

109 - باب يقاتل من وراء الإمام ويتقى به

زَكَرِيَّاءَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ حَقٌّ، مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِالْمَعْصِيَةِ، فَإِذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلاَ سَمْعَ وَلاَ طَاعَةَ». طرفه 7144 109 - باب يُقَاتَلُ مِنْ وَرَاءِ الإِمَامِ وَيُتَّقَى بِهِ 2956 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ أَنَّ الأَعْرَجَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ». طرفه 238 2957 - وَبِهَذَا الإِسْنَادِ «مَنْ أَطَاعَنِى فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ، وَمَنْ عَصَانِى فَقَدْ عَصَى اللَّهَ، وَمَنْ يُطِعِ الأَمِيرَ فَقَدْ أَطَاعَنِى، وَمَنْ يَعْصِ الأَمِيرَ فَقَدْ عَصَانِى، وَإِنَّمَا الإِمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ، فَإِنْ أَمَرَ بِتَقْوَى اللَّهِ وَعَدَلَ، فَإِنَّ لَهُ بِذَلِكَ أَجْرًا، وَإِنْ قَالَ بِغَيْرِهِ، فَإِنَّ عَلَيْهِ مِنْهُ». طرفه 7137 ـــــــــــــــــــــــــــــ 2955 - (صباح) بفتح الصاد وتشديد الموحدة (عن النبي - صلى الله عليه وسلم - السمع والطاعة حق) أي: واجب لقوله تعالى: {وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59] ما لم يؤمر بمعصية (فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة) ويروى: "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق" وفي قوله: "فلا سمع ولا طاعة" فيه الوجوه المذكورة في لا حول ولا قوة من الإعراب. باب يقاتل من وراء الإمام ويتقي به 2956 - (أبو اليمان) بتخفيف النون الحكم بن نافع (أبو الزناد) بكسر الزاي بعدها نون عبد الله بن يزيد ذكوان (نحن الآخرون السابقون) الآخرون زمانًا السابقون يوم القيامة حسابًا ودخولًا الجنة كذا جاء في الرواية الأخرى. 2957 - (ومن يطع الأمير فقد أطاعني ومن يعص الأمير فقد عصاني) لأن الأمير نائبه وقائم مقامه في تنفيذ أوامره (وإنما الإمام جنة) أي: الأمير كائنًا من كان قال ابن الأثير: الجنة الوقاية، ألا ترى أن أمير الجيش إذا أصيب انهزم الجيش (فإن أمر بتقوى الله وعدل فإن له بذلك أجر) أي: أجرًا، أيُّ أجرٍ (وإن يفروا فإن عليه منه) أي: من ذلك القول وزرًا وأيُّ وزر والله أعلم.

110 - باب البيعة فى الحرب أن لا يفروا، وقال بعضهم على الموت

110 - باب الْبَيْعَةِ فِي الْحَرْبِ أَنْ لاَ يَفِرُّوا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ عَلَى الْمَوْتِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (لَقَدْ رَضِىَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ). 2958 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ قَالَ قَالَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - رَجَعْنَا مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ فَمَا اجْتَمَعَ مِنَّا اثْنَانِ عَلَى الشَّجَرَةِ الَّتِى بَايَعْنَا تَحْتَهَا، كَانَتْ رَحْمَةً مِنَ اللَّهِ. فَسَأَلْتُ نَافِعًا عَلَى أَىِّ شَىْءٍ بَايَعَهُمْ عَلَى الْمَوْتِ قَالَ لاَ، بَايَعَهُمْ عَلَى الصَّبْرِ. 2959 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا كَانَ زَمَنَ الْحَرَّةِ أَتَاهُ آتٍ فَقَالَ لَهُ إِنَّ ابْنَ حَنْظَلَةَ يُبَايِعُ النَّاسَ عَلَى الْمَوْتِ. فَقَالَ لاَ أُبَايِعُ عَلَى هَذَا أَحَدًا بَعْدَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب البيعة في الحرب على أن لا يفروا (وقال بعضهم على الموت) استدل على جواز البيعة في الحرب بقوله تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح: 18] والوجه فيه ظاهر. 2958 - (جويرية) بضم الجيم مصغر (قال ابن عمر: رجعنا من المقبل فما اجتمع منا اثنان على شجرة) أي: فتشوا على تلك الشجرة لم يجدوها (كانت رحمة من الله) أي: عدم وجدان تلك الشجرة، التأنيث باعتبار الخبر، قال النووي: إنما كان عدم وجدانها رحمة لأنها كان فتنة لجهال الأعراب، كما ترى الآن من البدع في بعض المزارات، وتفسيره بأن تلك الشجرة كانت رحمة من الله لوقوع البيعة تحتها ليس بشيء (بايعهم على الموت، قال؛ لا بل بايعهم على الصبر) وفي الرواية الأخرى: "على أن لا يفروّا". فإن قلت: هذا مخالف لما روى بعده عن سلمة بن الأكوع أنهم بايعوا على الموت؟ قلت: لا منافاة في المعنى؛ لأنهم إذ بايعوا أن لا يفرّوا فقد بايعوا على الموت. 2959 - (وهيب) بضم الواو مصغر (عبَّاد) بفتح العين وتشديد الموحدة (عن عبد الله بن زيد قال: لما كان زمن الحرة) لغة أرض ذات حجارة سود، والمراد حرة المدينة الشريفة على

رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 4167 2960 - حَدَّثَنَا الْمَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِى عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ - رضى الله عنه - قَالَ بَايَعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ عَدَلْتُ إِلَى ظِلِّ الشَّجَرَةِ، فَلَمَّا خَفَّ النَّاسُ قَالَ «يَا ابْنَ الأَكْوَعِ، أَلاَ تُبَايِعُ». قَالَ قُلْتُ قَدْ بَايَعْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «وَأَيْضًا». فَبَايَعْتُهُ الثَّانِيَةَ،. فَقُلْتُ لَهُ يَا أَبَا مُسْلِمٍ، عَلَى أَىِّ شَىْءٍ كُنْتُمْ تُبَايِعُونَ يَوْمَئِذٍ قَالَ عَلَى الْمَوْتِ. أطرافه 4169، 7206، 7208 2961 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا - رضى الله عنه - يَقُولُ كَانَتِ الأَنْصَارُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ تَقُولُ: ـــــــــــــــــــــــــــــ ساكنها أفضل الصلاة (فقال: إن ابن حنظلة يبايع الناس علي الموت) عبد الله بن زيد هو ابن عاصم المازني البخاري راوي الحديث في باب الوضوء، وعبد الله بن حنظفة بن الراهب ولد في عهد رسول الله، وليس بصحابي قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ابن عبد البر ورد على يزيد في إمارته فلما رجع خلع يزيد وادعى الإمارة لنفسه وبايعه الأنصار، فأرسل يزيد جيشًا مع مسلم بن عقبة، فقتل عبد الله بن زيد المذكور، وعبد الله بن حنظلة، وهذه الحادثة هي وقعة الحرة المشهورة وكانت سنة ثلاث وستين. قال بعض الشارحين: ابن حنظلة هو الذي أخذ البيعة ليزيد بن معاوية، أو المراد بابن حنظلة هو يزيد نفسه، لأن أبا سفيان يكنى أبا حنظلة، على هذا يكون لفظ الأب محذوفًا بين الابن وحنظلة تخفيفًا، كما أنه محذوف معنى لأنه نسبة إلى الجد، أو جعله منسوبًا إلى العم استقباحًا واستبشاعًا لهذه الكلمة المرة، هذا كلامه ومع كونه غلط غلطًا فاحشًا نقلًا ذكر أشياء لا يقدر على تخيلها غيره، وقد وقفناك على جلية الحال، والله الموفق. 2960 - (يزيد بن أبي عبيد) بضم العين مصغر (يا أبا مسلم كنية لسلمة) ابن الأكوع. 2961 - (حميد) بضم الحاء مصغر، حديث أنس في حفر الخندق تقدم مرارًا.

111 - باب عزم الإمام على الناس فيما يطيقون

2962 و 2963 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ فُضَيْلٍ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ عَنْ مُجَاشِعٍ - رضى الله عنه - قَالَ أَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَا وَأَخِى فَقُلْتُ بَايِعْنَا عَلَى الْهِجْرَةِ. فَقَالَ «مَضَتِ الْهِجْرَةُ لأَهْلِهَا». فَقُلْتُ عَلاَمَ تُبَايِعُنَا قَالَ «عَلَى الإِسْلاَمِ وَالْجِهَادِ». حديث 2962 أطرافه 3078، 4305، 4307 حديث 2963 أطرافه 3079، 4306، 4308 111 - باب عَزْمِ الإِمَامِ عَلَى النَّاسِ فِيمَا يُطِيقُونَ 2964 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ - رضى الله عنه - لَقَدْ أَتَانِى الْيَوْمَ رَجُلٌ فَسَأَلَنِى عَنْ أَمْرٍ مَا دَرَيْتُ مَا أَرُدُّ عَلَيْهِ، فَقَالَ أَرَأَيْتَ رَجُلاً مُؤْدِيًا نَشِيطًا، يَخْرُجُ مَعَ أُمَرَائِنَا فِي الْمَغَازِى، ـــــــــــــــــــــــــــــ 2963 - 2962 - (فضيل) بضم الفاء مصغر (عن أبي عثمان) هو النهدي عبد الرحمن (عن مجاشع) بكسر الشين المعجمة (أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - أنا وأخي) اسمه مجالد بضم الميم وكسر اللام (مضت الهجرة لأهلها) كان هذا بعد فتح مكة وقد سبق أن لا هجرة بعد الفتح، ومعنى قوله: "مضت لأهلها" أي: أحاطوا بثوابها لم يدرك ذلك بعد الفتح أحد. باب عزم الإمام على الناس فيما يطيقون كذا في جميع النسخ ولكن المناسب لحديث الباب فيما يطيعون. 2964 - (عن أبي وائل) شقيق بن سلمة (أرأيت رجلًا مؤديًا نشيطًا يخرج مع أمرائنا في المغازي، فيعزم علينا في أشياء لا نحصيها) نخرج: بالنون، ويروى بالياء، قوله: مؤذيًا، بالهمزة مهموز الفاء معتل اللام، من الأداة، أي: الآلة والهمزة ساكنة، وضبطه بعضهم بفتح الهمزة وتشديد الدال وعلى الوجين معناه كامل السلاح، وافر أداة الحرب فيأمرنا بذلك الرجل بأوامر لا نقدر عليها، فقوله مع أمرائنا، أي: أمير من جمله أمرائنا، فالتبس على بعضهم (فقال) أي رجل في معنى أحدنا أو صفه محذوف، أي: رجل منَّا أو هو من باب الالتفات، وكل هذا لأنه ظن أن الرجل المؤدى من الأتباع، وذهل عن كونه أميرًا عليهم وهو الآمر.

112 - باب كان النبى - صلى الله عليه وسلم - إذا لم يقاتل أول النهار أخر القتال حتى تزول الشمس

فَيَعْزِمُ عَلَيْنَا فِي أَشْيَاءَ لاَ نُحْصِيهَا. فَقُلْتُ لَهُ وَاللَّهِ مَا أَدْرِى مَا أَقُولُ لَكَ إِلاَّ أَنَّا كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَعَسَى أَنْ لاَ يَعْزِمَ عَلَيْنَا فِي أَمْرٍ إِلاَّ مَرَّةً حَتَّى نَفْعَلَهُ، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَنْ يَزَالَ بِخَيْرٍ مَا اتَّقَى اللَّهَ، وَإِذَا شَكَّ فِي نَفْسِهِ شَىْءٌ سَأَلَ رَجُلاً فَشَفَاهُ مِنْهُ، وَأَوْشَكَ أَنْ لاَ تَجِدُوهُ، وَالَّذِى لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ مَا أَذْكُرُ مَا غَبَرَ مِنَ الدُّنْيَا إِلاَّ كَالثَّغْبِ شُرِبَ صَفْوُهُ وَبَقِىَ كَدَرُهُ. 112 - باب كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا لَمْ يُقَاتِلْ أَوَّلَ النَّهَارِ أَخَّرَ الْقِتَالَ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ 2965 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمٍ أَبِى النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَكَانَ كَاتِبًا لَهُ قَالَ كَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى ـــــــــــــــــــــــــــــ وقوله (فيعزم علينا) صريح فيما قلنا إذ لو لم يكن أميرًا لم نعتد بأمره ولا يطابق الترجمة، ولا كان لاستدلال ابن مسعود بأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معنى (كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي: في غزواته (فعسى أن لا يعزم علينا في أمر إلا مرَّة حتى نفعله) أي: كنا نبادر إلى ما أمر به لم يرخص له مخالفة الأمير في كل أمر، واستدل على ذلك بما كانوا يفعلونه مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (وإذا شك في نفسه شيء) أراد بالشك لازمه، وهو القلق والاضطراب، كما في الحديث الذي رواه الزمخشري: "الشك ريبة" أي: قلق النفس، والحديث في الترمذي والنسائي، كذا قال صاحب الكشاف، فلا حاجة إلى أن يقال: إنه من باب القلب، أي: إذا شك نفسه في شيء. (ما غبر من) أي: ما بقي وهو من الأضداد، ويطلق على الماضي والمستقبل (إلا كالثغب شرب صفوه وبقي كدره) الثغب بفتح المثلثة وسكون الغين المعجمة آخره ياء موحدة وقد تفتح الغين، غدير الماء، وقيل: القدح. باب كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا لم يقاتل أول النهار أخَّر القتال حتى تزول الشمس 2965 - (أبو إسحاق) إبراهيم الفزاري (أبي النضر) بالضاد المعجمة (عبد الله بن أبي

113 - باب استئذان الرجل الإمام

أَوْفَى - رضى الله عنهما - فَقَرَأْتُهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي بَعْضِ أَيَّامِهِ الَّتِى لَقِىَ فِيهَا انْتَظَرَ حَتَّى مَالَتِ الشَّمْسُ. طرفه 2933 2966 - ثُمَّ قَامَ فِي النَّاسِ قَالَ «أَيُّهَا النَّاسُ، لاَ تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ، وَسَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلاَلِ السُّيُوفِ، ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ وَمُجْرِىَ السَّحَابِ وَهَازِمَ الأَحْزَابِ، اهْزِمْهُمْ وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ». طرفه 2818 113 - باب اسْتِئْذَانِ الرَّجُلِ الإِمَامَ لِقَوْلِهِ (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ) إِلَى آخِرِ الآيَةِ. 2967 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنِ الْمُغِيرَةِ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ فَتَلاَحَقَ ـــــــــــــــــــــــــــــ أوفى) بفتح الهمزة (إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض أيامه) أي: حروبه (التي لقي فيها) أي: العدو (انتظر حتى زالت الشمس) وذلك ليحضر وقت الصلاة، وتهبّ رياح النصر، كما جاء ذلك صريحًا في الرواية الأخرى في باب الجزية والموادعة، وإليه أشار في الترجمة، وإلا ليس في حديث الباب ذكر القتال آخر النهار. 2966 - (واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف) وقد سبق: تحت بارقة السيوف، والمراد قرب الجنة من المجاهد، حتى لو قتل يكون سقوطه في الجنة ولا يحتاج إلى الانتقال، ومحصلة أن الجهاد من أقوى أسباب دخول الجنة. باب استئذان الرجل الإمام استدل عليه بقوله تعالى: {وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ} [النور: 62]) والقيد بالجامع لإخراج الاستئذان في كل أمر جزئي قول البخاري: استئذان الرجل الإمام ردٌّ على من زعم أن ذلك كان خاصًّا برسول الله - صلى الله عليه وسلم-. 2967 - روى في الباء حديث جابر أنه كان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة على جمل بطيء السير، فضربه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمحجن ودعا له، فكان بعد ذلك أمام القوم، ثم باعه

بِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا عَلَى نَاضِحٍ لَنَا قَدْ أَعْيَا فَلاَ يَكَادُ يَسِيرُ فَقَالَ لِى «مَا لِبَعِيرِكَ». قَالَ قُلْتُ عَيِىَ. قَالَ فَتَخَلَّفَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَزَجَرَهُ وَدَعَا لَهُ، فَمَا زَالَ بَيْنَ يَدَىِ الإِبِلِ قُدَّامَهَا يَسِيرُ. فَقَالَ لِى «كَيْفَ تَرَى بَعِيرَكَ». قَالَ قُلْتُ بِخَيْرٍ قَدْ أَصَابَتْهُ بَرَكَتُكَ. قَالَ «أَفَتَبِيعُنِيهِ». قَالَ فَاسْتَحْيَيْتُ، وَلَمْ يَكُنْ لَنَا نَاضِحٌ غَيْرَهُ، قَالَ فَقُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «فَبِعْنِيهِ». فَبِعْتُهُ إِيَّاهُ عَلَى أَنَّ لِى فَقَارَ ظَهْرِهِ حَتَّى أَبْلُغَ الْمَدِينَةَ. قَالَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى عَرُوسٌ، فَاسْتَأْذَنْتُهُ فَأَذِنَ لِى، فَتَقَدَّمْتُ النَّاسَ إِلَى الْمَدِينَةِ حَتَّى أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ، فَلَقِيَنِى خَالِى فَسَأَلَنِى عَنِ الْبَعِيرِ، فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا صَنَعْتُ فِيهِ فَلاَمَنِى، قَالَ وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لِى حِينَ اسْتَأْذَنْتُهُ «هَلْ تَزَوَّجْتَ بِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا». فَقُلْتُ تَزَوَّجْتُ ثَيِّبًا. فَقَالَ «هَلاَّ تَزَوَّجْتَ بِكْرًا تُلاَعِبُهَا وَتُلاَعِبُكَ». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ تُوُفِّىَ وَالِدِى - أَوِ اسْتُشْهِدَ - وَلِى أَخَوَاتٌ صِغَارٌ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَزَوَّجَ مِثْلَهُنَّ، فَلاَ تُؤَدِّبُهُنَّ، وَلاَ تَقُومُ عَلَيْهِنَّ، فَتَزَوَّجْتُ ثَيِّبًا لِتَقُومَ عَلَيْهِنَّ وَتُؤَدِّبَهُنَّ. قَالَ فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ غَدَوْتُ عَلَيْهِ بِالْبَعِيرِ، فَأَعْطَانِى ثَمَنَهُ، وَرَدَّهُ عَلَىَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد سلف الحديث مرارًا، ونشير إلى بعض ألفاظه، قوله: (وأنا على ناضح لنا) الناضح: البعير الذي يسقى عليه (قد أعيا) يقال: أعيى وَعَيَّن على وزن علم، أي: عجز عن السير، وقد استعمله في الحديث على الوجين (قال: أفتبيعنيه؟ فاستحييت ولم يكن لنا ناضح غيره). فإن قلت: قد جاء في الرواية الأخرى من قول جابر: ولم يكن شيء أبغض عليَّ منه؟ قلت: لا مناقاة، وكم من مكروه نختار للضرورة. (فبعته على أن لي فقار ظهره) بفتح الفاء جمع فقارة خرزات الظهر ولم يكن هذا شرطًا في البيع لكن إعارة (فقلت يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إني عروس فاستأذنته) هذا موضع الدلالة في الباب (هلا تزوجت بكرًا تلاعبك) من اللعب، وقد جعله بعضهم من اللّعاب بضم اللام وهو الذي سال من فم الإنسان (فلما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - غدوت عليه بالبعير فأعطاني ثمنه، ورده عليّ قال المغيرة: هذا في قضائنا حسن) أي: الزيادة على الثمن وإن لم يكن في هذه الرواية استثناء فقار الظهر.

114 - باب من غزا وهو حديث عهد بعرسه

قَالَ الْمُغِيرَةُ هَذَا فِي قَضَائِنَا حَسَنٌ لاَ نَرَى بِهِ بَأْسًا. طرفه 443 114 - باب مَنْ غَزَا وَهُوَ حَدِيثُ عَهْدٍ بِعُرْسِهِ فِيهِ جَابِرٌ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 115 - باب مَنِ اخْتَارَ الْغَزْوَ بَعْدَ الْبِنَاءِ فِيهِ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 116 - باب مُبَادَرَةِ الإِمَامِ عِنْدَ الْفَزَعِ 2968 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ حَدَّثَنِى قَتَادَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ بِالْمَدِينَةِ فَزَعٌ، فَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَرَسًا لأَبِى طَلْحَةَ، فَقَالَ «مَا رَأَيْنَا مِنْ شَىْءٍ، وَإِنْ وَجَدْنَاهُ لَبَحْرًا». طرفه 2627 117 - باب السُّرْعَةِ وَالرَّكْضِ فِي الْفَزَعِ 2969 - حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من اختار الغزو بعد البناء (فيه أبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -) قيل: إنما لم يرود حديث أبي هريرة لأنه لم يكن على شرط، وليس كمال قال فإنه رواه عنه مسندًا في كتاب الخمس، ولما كان سنده تقدم أشار إليه هنا اكتفاء به. باب مبادرة الإمام عند الفزع 2968 - روى في الباب حديث أنس أنه وقع فزع بالمدينة فركب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرسًا لأبي طلحة، والحديث سلف مرارًا، وموضع الدلالة هنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بادر قبل كل أحد، والحكمة في ذلك أن يسرع الناس وراءه، بخلاف ما إذا تقاعد. باب السرعة والركض في الفزع 2969 - (حازم) بالحاء المهملة، روى في الباب الحديث الذي في الباب قبله وزاد

118 - باب الخروج فى الفزع وحده

عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ فَزِعَ النَّاسُ فَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَرَسًا لأَبِى طَلْحَةَ بَطِيئًا، ثُمَّ خَرَجَ يَرْكُضُ وَحْدَهُ، فَرَكِبَ النَّاسُ يَرْكُضُونَ خَلْفَهُ، فَقَالَ «لَمْ تُرَاعُوا، إِنَّهُ لَبَحْرٌ». فَمَا سُبِقَ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ. طرفه 2627 118 - باب الْخُرُوجِ فِي الْفَزَعِ وَحْدَهُ 119 - باب الْجَعَائِلِ وَالْحُمْلاَنِ فِي السَّبِيلِ وَقَالَ مُجَاهِدٌ قُلْتُ لاِبْنِ عُمَرَ الْغَزْوُ. قَالَ إِنِّى أُحِبُّ أَنْ أُعِينَكَ بِطَائِفَةٍ مِنْ مَالِى. قُلْتُ أَوْسَعَ اللَّهُ عَلَىَّ. قَالَ إِنَّ غِنَاكَ لَكَ، وَإِنِّى أُحِبُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ مَالِى فِي هَذَا الْوَجْهِ. وَقَالَ عُمَرُ إِنَّ نَاسًا يَأْخُذُونَ مِنْ هَذَا الْمَالِ لِيُجَاهِدُوا، ثُمَّ لاَ يُجَاهِدُونَ، فَمَنْ فَعَلَهُ فَنَحْنُ أَحَقُّ بِمَالِهِ، حَتَّى نَأْخُذَ مِنْهُ مَا أَخَذَ. وَقَالَ طَاوُسٌ وَمُجَاهِدٌ إِذَا دُفِعَ إِلَيْكَ شَىْءٌ تَخْرُجُ بِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاصْنَعْ بِهِ مَا شِئْتَ، وَضَعْهُ عِنْدَ أَهْلِكَ. 2970 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ سَأَلَ زَيْدَ بْنَ ـــــــــــــــــــــــــــــ في هذه الرواية لفظ الركض، وهو سوق الدابة (فما سبق بعد ذلك اليوم) أي: مع كونه كان قطوفًا وهذه معجزة ظاهرة، وذلك أنّ أرباب الخيل مجمعون على أن الفرس سواء كان قطوفًا أو سريع المشي ذلك خلقي لا يمكن أين يصير القطوف سريع المشي، ولا العكس. باب الجعائل والحملان في سبيل الله قال ابن الأثير: الجعائل جعيلة أو جعالة نفتح الجيم، وقيده الجوهري بالكسر، وهو ما يُجعل في مقابله عمل ويقال فيه: الجعل، بالضم أيضًا والحملان بضم الحاء أجرة الحمل إلى مكان أو مصدر (فقلت لابن عمر: الغزو) بالنصب أي: أريد الغزو، ويجوز فيه الرفع على الابتداء، والخبر وفي حديث ابن عمر دلالة على فضل إعانة الغازي، وإن لم يكن محتاجًا إحراز لثواب ذلك (وقال عمر إن ناسًا يأخذون من هذا المال) يريد الفيء، ومال بيت المال (ليجاهدون، فمن فعله فنحن أحق بماله) أي: بما أخذه وهذا كلام ظاهر، فإن الجندي إنما يستحق ذلك إذا قام بأمر الجهاد، إذ لا نفع فيه سوى ذلك. 2970 - ثم روى حديث عمر أنه كان حمل على فرس في سبيل الله، فأراد ذلك الرجل

أَسْلَمَ، فَقَالَ زَيْدٌ سَمِعْتُ أَبِى يَقُولُ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - حَمَلْتُ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَرَأَيْتُهُ يُبَاعُ، فَسَأَلْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - آشْتَرِيهِ فَقَالَ «لاَ تَشْتَرِهِ، وَلاَ تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ». طرفه 1490 2971 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حَمَلَ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَوَجَدَهُ يُبَاعُ، فَأَرَادَ أَنْ يَبْتَاعَهُ، فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «لاَ تَبْتَعْهُ، وَلاَ تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ». طرفه 1489 2972 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو صَالِحٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِى مَا تَخَلَّفْتُ عَنْ سَرِيَّةٍ، وَلَكِنْ لاَ أَجِدُ حَمُولَةً، وَلاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُهُمْ عَلَيْهِ، وَيَشُقُّ عَلَىَّ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنِّى، وَلَوَدِدْتُ أَنِّى قَاتَلْتُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقُتِلْتُ، ثُمَّ أُحْيِيتُ ثُمَّ قُتِلْتُ، ثُمَّ أُحْيِيتُ». طرفه 36 ـــــــــــــــــــــــــــــ بيعه وأراد عمر شراءه فمنعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهذا تقدم مرارًا، وكان هذا صدقة عليه، ولهذا جاز له بيعه وإنما ذكره في كتاب الوقف للمناسبة، بينهما. 2972 - (لولا أن أشق على أمتي لما تخلفت عن سرية) أي: قطعة من الجيش سميت بذلك لأنها خيار رجال الجيش من سرو (ولوددت أني قاتلت في سبيل الله فقتلت ثم أحييت ثم قتلت ثم أحييت) قال بعض الشارحين، فإن قلت: تقدمت في كتاب الجهاد من الإيمان، ختم الحديث بالقتل وهنا ختمه بالإحياء؟ قلت: الختم بالقتل نظرًا إلى ما هو سبب السعادة التي هي المقصود وبالإحياء إلى ما هو الواقع وهو الخاتمة، وأنا أقول: هذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فهم أن المراد بالإحياء في الحديث الإحياء يوم القيامة، وهذا غلط بل وقعت هذه الرواية مختصرة من الراوي، ألا ترى أن المذكور هناك القتل ثلاث مرات وهنا مرتين، ولا يشك عاقل أن الخاتمة في الدنيا هي القتل ولو كان بعد الإحياء ألف مرة. ونبهاك هناك على أن الغرض هو الكثرة، لا هذا العدد بدليل ما روينا في الرواية الأخرى عشر مرات. فإن قلت: ما معنى قوله: (لا أجد حمولة، ولا أجد ما أحملهم عليه)؟ قلت: أراد بالأول ملك نفسه وبالثاني أعم، أو أراد بالحمولة ما يحمل المتاع وآلة السفر، وبالثاني المراكب للرجال.

الْكَوْثَرُ الْجَارِي إلى رِيَاض أحَادِيثِ البُخَارِيّ [6]

حُقُوق الطَّبْع مَحْفُوظَة الطبعة الأولى 1429 هـ - 2008 م مؤسسة التَّارِيخ الْعَرَبِيّ للطباعة والنشر والتوزيع العنوان الْجَدِيد بيروت - طَرِيق المطار - خلف غولدن بلازا هَاتِف: 540000/ 01 - 455559/ 01 فاكس: 850717 - ص. ب: 7957/ 11

120 - باب الأجير

120 - باب الأَجِيرِ وَقَالَ الْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ يُقْسَمُ لِلأَجِيرِ مِنَ الْمَغْنَمِ. وَأَخَذَ عَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ فَرَسًا عَلَى النِّصْفِ، فَبَلَغَ سَهْمُ الْفَرَسِ أَرْبَعَمِائَةِ دِينَارٍ، فَأَخَذَ مِائَتَيْنِ وَأَعْطَى صَاحِبَهُ مِائَتَيْنِ. طرفه 1848 2973 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - قَالَ غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - غَزْوَةَ تَبُوكَ، فَحَمَلْتُ عَلَى بَكْرٍ، فَهْوَ أَوْثَقُ أَعْمَالِى فِي نَفْسِى، فَاسْتَأْجَرْتُ أَجِيرًا، فَقَاتَلَ رَجُلاً، فَعَضَّ أَحَدُهُمَا الآخَرَ فَانْتَزَعَ يَدَهُ مِنْ فِيهِ، وَنَزَعَ ثَنِيَّتَهُ، فَأَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَهْدَرَهَا فَقَالَ «أَيَدْفَعُ يَدَهُ إِلَيْكَ فَتَقْضَمُهَا كَمَا يَقْضَمُ الْفَحْلُ». طرفه 1848 ـــــــــــــــــــــــــــــ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ باب الأجير (وقال الحسن وابن: سيرين يقسم للأجير) قال بذلك الأئمة الأربعة إذا قاتل؛ لأنه داخل في الخطاب، بقوله: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41] إلا رواية عن مالك وأبي حنيفة وما رواه عن عطية، من إجازة الفرس في الجهاد على نصف السهم، قال به الإِمام أحمد قياسًا على المخابرة، وأما ما رواه عن عطية بن قيس، أنه أخذ فرسًا على النصف، فلم يقولوا به لكون الأجرة مجهولة. 2973 - (ابن جريج) بضم الجيم على وزن المصغر عبد الملك (يعلى) على وزن يحيى (فحملت على بكر) هو الفتي من الإبل (فهو أوثق أحمالي) للحموي بالحاء المهملة جمع حمل، وللمستملي بالجيم جمع جمل، وفي بعضها: أعمالي، والمراد مدح غزوة تبوك (فاستأجرت أجيرًا فقاتل رجلًا فَعَضَّ أحدهما الآخر) أي: عض يده لقوله: (أيدفع إليك يده فتقضمها) بفتح الضاد اشتقاقه من القضم وهو الأكل بمقدم الأسنان، وبالخاء المعجمة بدل القاف، الأكل بجميع الفم، واعلم أن استدلاله إن كان بجواز الاستئجار في الغزو فقد تم،

121 - باب ما قيل فى لواء النبى - صلى الله عليه وسلم -

121 - باب مَا قِيلَ فِي لِوَاءِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - 2974 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ قَالَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ قَالَ أَخْبَرَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى ثَعْلَبَةُ بْنُ أَبِى مَالِكٍ الْقُرَظِىُّ أَنَّ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ الأَنْصَارِىَّ - رضى الله عنه - وَكَانَ صَاحِبَ لِوَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَرَادَ الْحَجَّ فَرَجَّلَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وإن كان لإعطاء السّهم فليس في الحديث ما يدل عليه، لكن اتفق الأئمة على أنه إذا قاتل يسهم له (والثنية) على وزن العطية مقدم الأسنان. باب استعارة الفرس في الغزو باب ما قيل في لواء النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكر اللواء في ترجمة الباب وأورد الأحاديث بلفظ الرّاية، دلالة على أنهما بمعنى واحد، وعليه يدل كلام ابن الأثير، فإنه قال: اللواء الرّاية، وقال ابن العربي: اللواء ما يلف على طرف الرمح، ولذلك يسمى لواء، والراية ترسل على الرمح على هيئتها تصفقها الريح، قال ابن الأثير: وأصل الراية هي، يقال: ربيت الراية، أي: ركزتها. 2974 - (ثعلبة) بالثاء المثلثة (القرظي) بضم القاف، نسبة إلى قريظة قبيلة من اليهود (أن قيس بن سعد بن عبادة) الخزرجي الجواد البطل كان من خيار أصحاب علي بن أبي طالب، ولما سلم الحسن الإمارة إلى معاوية، حلق رأسه مع خمسة آلاف رجل، وقال: إن شئتم جالدت معكم معاوية، وإن شئتم أخذت لكم الأمان، قالوا: ليس لنا أمين، ماذا نفعل بالقتال، فأخذ لهم الأمان، ورحل إلى المدينة، ولم يزل بها إلى أن مات رحمه الله في آخر إمارة معاوية (وكان صاحب لواء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أراد الحج فرجل) -بتشديد الجيم- تسريح الشعر، وتمام الحديث يأتي في آخر الكتاب، وحاصله أنه أراد الحج فرجل أحد شقي رأسه، فرأى غلامه قد قلد الهدي، فترك الشق الآخر، فإنه كان يرى أن تقليد الهدي بمثابة الإحرام.

2975 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ عَلِىٌّ - رضى الله عنه - تَخَلَّفَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي خَيْبَرَ، وَكَانَ بِهِ رَمَدٌ، فَقَالَ أَنَا أَتَخَلَّفُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَخَرَجَ عَلِىٌّ فَلَحِقَ بِالنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَمَّا كَانَ مَسَاءُ اللَّيْلَةِ الَّتِى فَتَحَهَا فِي صَبَاحِهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ - أَوْ قَالَ لَيَأْخُذَنَّ - غَدًا رَجُلٌ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ - أَوْ قَالَ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ - يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَيْهِ». فَإِذَا نَحْنُ بِعَلِىٍّ، وَمَا نَرْجُوهُ، فَقَالُوا هَذَا عَلِىٌّ، فَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ. طرفاه 3702، 4209 2976 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ الْعَبَّاسَ يَقُولُ لِلزُّبَيْرِ رضى الله عنهما هَا هُنَا أَمَرَكَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تَرْكُزَ الرَّايَةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 2975 - ثم روى عن علي (أنه كان تخلف عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة خيبر لرمد كان به ثم بدا له فقال: أنا أتخلف عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أنكر على نفسه التخلف، كأن نفى أن يكون ذلك المتخلف هو إياه (فلما كان مساء الليلة التي فتحها) برفع مساء؛ لأن كان تامة (فأعطاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ففتح الله عليه) فكان في ذلك معجزة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديث وقع الأمر كما أخبر، ومنقبة جليلة لعلي حيث كان محبوبًا لله ولرسوله. 2976 - (محمَّد بن العلاء) بفتح العين واللام والمدّ (أبو أسامة) بضم الهمزة حماد بن أسامة (سمعت العباس يقول للزبير: هنا أمرك النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تركز الرواية) كان ذلك يوم فتح مكة، كانت الراية مع قيس بن سعد، ولما قال لأبي سفيان: هذا يوم الملحمة، هذا يوم تباح فيه الكعبة، أخذها منه ودفعها إلى الزبير، وفيه إشارة إلى أن الراية تكون مع الأمير، أو من يقيمه مقامه.

122 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - «نصرت بالرعب مسيرة شهر»

122 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ» وَقَوْلِهِ جَلَّ وَعَزَّ (سَنُلْقِى فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ). قَالَ جَابِرٌ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 2977 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بُعِثْتُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، فَبَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الأَرْضِ، فَوُضِعَتْ فِي يَدِى». قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "نصرت بالرعب مسيرة شهر" وقوله: {سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ} [آل عمران: 151] استدل بالآية، وإن لم يكن فيها ذكر الشهر؛ لأنها بإطلاقها تتناوله. 2977 - (عقيل) بضم العين مصغر (بعثت بجوامع الكلم) أي: بالكلمات الجامعة من إضافة الصفة إلى الموصوف، قيل: أراد بها القرآن، فإن فيه علم الأولين والآخرين مع قلة الألفاظ، والظاهر أنه أراد ما أوتي من البلاغة، يأتي بألفاظ قليلة حاملة لمعان كثيرة، كقوله: "لا ضرر ولا ضرر" و"الغنم مع الغرم" (ونصرت بالرعب) أي: مسيرة شهر، كما في الرواية الأخرى. فإن قلت: قد يخاف سائر الملوك أيضًا؟ قلت: الكلام في النصر والرعب، والحق أن هذا من خواصه لازم له في كل زمان ومكان، وسائر الملوك ربما يقع لهم تارة. (فبينا أنا نائم أتيت بمفاتيح خزائن الأرض) هي ما فتح الله على أمته من كنوز كسرى وقيصر وغيرهما، إلى آخر الدهر، وحمل الخزائن على المعادن ليس بشيء إذ قد جاء في

123 - باب حمل الزاد فى الغزو

وَقَدْ ذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنْتُمْ تَنْتَثِلُونَهَا. أطرافه 6998، 7013، 7273 2978 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ أَخْبَرَهُ أَنَّ هِرَقْلَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ وَهُمْ بِإِيلِيَاءَ، ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الْكِتَابِ كَثُرَ عِنْدَهُ الصَّخَبُ، فَارْتَفَعَتِ الأَصْوَاتُ، وَأُخْرِجْنَا، فَقُلْتُ لأَصْحَابِى حِينَ أُخْرِجْنَا لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ ابْنِ أَبِى كَبْشَةَ، إِنَّهُ يَخَافُهُ مَلِكُ بَنِى الأَصْفَرِ. طرفه 7 123 - باب حَمْلِ الزَّادِ فِي الْغَزْوِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى). 2979 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى وَحَدَّثَتْنِى أَيْضًا فَاطِمَةُ عَنْ أَسْمَاءَ - رضى الله عنها - قَالَتْ صَنَعْتُ سُفْرَةَ رَسُولِ ـــــــــــــــــــــــــــــ الرواية الأخرى: "لتنفقن كنوز كسرى وقيصر في سبيل الله" ألا ترى إلى قول أبي هريرة: (وقد ذهب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنتم تنتثلونها) بالثاء المثلثة أي: تنقلونها من نثلت الخزانة أخرجت المال منها. 2978 - ثم روى حديث أبي سفيان مع قيصر، وموضع الدلالة قوله: (يخافه ملك بني الأصفر) فإنه كان بين هرقل ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسافة شهر وأكثر، وفي رواية الطبراني: "مسيرة شهرين، شهر خلفي وشهر أمامي" قال شيخنا: والحكمة في الاقتصار: أنه لم يكن بينه وبين مصر والشام والعراق أكثر من شهر. باب: حمل الزاد في الغزو استدل عليه بقوله تعالى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة: 197] وهذا وإن كان واردًا في سفر الحج إلا أنهما يشركان في المعنى. 2979 - (حدثتني فاطمة عن أسماء) فاطمة بنت المنذر وأسماء بنت أبي بكر الصديق (صنعت سفرة) بضم الصّاد على بناء المجهول، السفرة: طعام يُتخذ للسفر، ثم أطلق على

اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي بَيْتِ أَبِى بَكْرٍ حِينَ أَرَادَ أَنْ يُهَاجِرَ إِلَى الْمَدِينَةِ، قَالَتْ فَلَمْ نَجِدْ لِسُفْرَتِهِ وَلاَ لِسِقَائِهِ مَا نَرْبِطُهُمَا بِهِ، فَقُلْتُ لأَبِى بَكْرٍ وَاللَّهِ مَا أَجِدُ شَيْئًا أَرْبِطُ بِهِ إِلاَّ نِطَاقِى. قَالَ فَشُقِّيهِ بِاثْنَيْنِ، فَارْبِطِيهِ بِوَاحِدٍ السِّقَاءَ وَبِالآخَرِ السُّفْرَةَ. فَفَعَلْتُ، فَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ ذَاتَ النِّطَاقَيْنِ. طرفاه 3907، 5388 2980 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو قَالَ أَخْبَرَنِى عَطَاءٌ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ كُنَّا نَتَزَوَّدُ لُحُومَ الأَضَاحِىِّ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الْمَدِينَةِ. طرفه 1719 2981 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى قَالَ أَخْبَرَنِى بُشَيْرُ بْنُ يَسَارٍ أَنَّ سُوَيْدَ بْنَ النُّعْمَانِ - رضى الله عنه - أَخْبَرَهُ أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ خَيْبَرَ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالصَّهْبَاءِ - وَهْىَ مِنْ خَيْبَرَ وَهْىَ أَدْنَى خَيْبَرَ - فَصَلَّوُا الْعَصْرَ، فَدَعَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالأَطْعِمَةِ، فَلَمْ يُؤْتَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلاَّ بِسَوِيقٍ، فَلُكْنَا فَأَكَلْنَا وَشَرِبْنَا، ثُمَّ قَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَمَضْمَضَ وَمَضْمَضْنَا، وَصَلَّيْنَا. طرفه 209 ـــــــــــــــــــــــــــــ وعائه وغلب عليه حتى صار حقيقة فيه (فلم نجد لسفرته ولا لسقائه) بكسر السين كل إناء يسقى فيه الإنسان إما نربطهما به، فقلت لأبي بكر: والله ما أجد شيئًا أربط به إلا نطاقي) بكسر النون، قال ابن الأثير: هو شيء تشد به المرأة وسطها، ثم ترفع وسط الثوب وترسله على الأسفل (قال: فشقيه باثنين فاربطي بواحد السقاء وبالآخر السفرة). فإن قلت: قد جاء في الرواية الأخرى أنها أخذت لنفسها إحدى الشقتين؟ قلت: لا تنافي، شقت إحدى الشقتين مرة أخرى. 2980 - (كنا نتزود لحوم الأضاحي إلى المدينة) أي: من مكة، وهذا كان ناسخًا للنهي أولًا. 2981 - (بشير بن يسار) بضم الموحدة وستين معجمة مصغر، وكذا (سويد)، (حتى إذا كنا بالصهباء) قال ابن الأثير: روحة من خيبر (وهي من خيبر) أي: من لواحقها (وهي أدنى خيبر) إلى المدينة (ولم يؤت النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا بالسويق، فلكنا) بضم اللام، قال ابن الأثير: اللوك إدارة الشيء في الفم.

124 - باب حمل الزاد على الرقاب

2982 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مَرْحُومٍ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ - رضى الله عنه قَالَ خَفَّتْ أَزْوَادُ النَّاسِ وَأَمْلَقُوا، فَأَتَوُا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فِي نَحْرِ إِبِلِهِمْ، فَأَذِنَ لَهُمْ، فَلَقِيَهُمْ عُمَرُ فَأَخْبَرُوهُ فَقَالَ مَا بَقَاؤُكُمْ بَعْدَ إِبِلِكُمْ فَدَخَلَ عُمَرُ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا بَقَاؤُهُمْ بَعْدَ إِبِلِهِمْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «نَادِ فِي النَّاسِ يَأْتُونَ بِفَضْلِ أَزْوَادِهِمْ». فَدَعَا وَبَرَّكَ عَلَيْهِ، ثُمَّ دَعَاهُمْ بِأَوْعِيَتِهِمْ، فَاحْتَثَى النَّاسُ حَتَّى فَرَغُوا، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَنِّى رَسُولُ اللَّهِ». 124 - باب حَمْلِ الزَّادِ عَلَى الرِّقَابِ 2983 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ خَرَجْنَا وَنَحْنُ ثَلاَثُمِائَةٍ نَحْمِلُ زَادَنَا عَلَى رِقَابِنَا، فَفَنِىَ زَادُنَا، حَتَّى كَانَ الرَّجُلُ مِنَّا يَأْكُلُ فِي كُلِّ يَوْمٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ 2982 - (بشر) بكسر الموحدة بعده شين معجمة (مرحوم) بالحاء (خفت أزواد النّاس وأملقوا) أي: افتقروا إلى الزاد، قال ابن الأثير: الإملاق أصله الإنفاق، يقال أملق ما معه، أي: أنفق وكان هذا في غزوة تبوك (فأتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - في نحر إبلهم، فأذن لهم، فلقيهم عمر فأخبروه، فقال: ما بقاؤكم بعد إبلكم؟) الاستفهام بمعنى الإنكار، وفيه معنى النفي (نادِ في الناس) الخطاب لعمر أو لمن كان حاضرًا (يأتون بفضل أزوادهم فدعا وبَرَّك عليه) بالتشديد، أي: دعا بالبركة (فاحتثى الناس حتى فرعوا) يقالي حثوت وحثيت الشيء إذا أخذته بيدك، واحتثى فلان: أخذه لنفسه، وكان ذلك معجزة باهرة، ولذلك قال: (أشهد لا إله إلاّ الله وأشهد أني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -). باب حمل الزاد على الرقاب 2983 - (صدقة) أخت الزكاة (عبدة) بفتح العين وسكون الموحدة (كيسان) بفتح الكاف وسكون الياء، روى عن جابر أنهم كانوا في غزاة، يحملون الأزواد على الرقاب، هذه كانت سرية أبي عبيدة إلى سيف البحر، وقد سلف مرارًا (كان الرجل منا يأكل كل يوم

125 - باب إرداف المرأة خلف أخيها

تَمْرَةً. قَالَ رَجُلٌ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، وَأَيْنَ كَانَتِ التَّمْرَةُ تَقَعُ مِنَ الرَّجُلِ قَالَ لَقَدْ وَجَدْنَا فَقْدَهَا حِينَ فَقَدْنَاهَا، حَتَّى أَتَيْنَا الْبَحْرَ فَإِذَا حُوتٌ قَدْ قَذَفَهُ الْبَحْرُ، فَأَكَلْنَا مِنْهَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا مَا أَحْبَبْنَا. طرفه 2483 125 - باب إِرْدَافِ الْمَرْأَةِ خَلْفَ أَخِيهَا 2984 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الأَسْوَدِ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَرْجِعُ أَصْحَابُكَ بِأَجْرِ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ، وَلَمْ أَزِدْ عَلَى الْحَجِّ. فَقَالَ لَهَا «اذْهَبِى وَلْيَرْدِفْكِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ». فَأَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَنْ يُعْمِرَهَا مِنَ التَّنْعِيمِ، فَانْتَظَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِأَعْلَى مَكَّةَ حَتَّى جَاءَتْ. طرفه 294 2985 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رضى الله عنهما - قَالَ أَمَرَنِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ أُرْدِفَ عَائِشَةَ وَأُعْمِرَهَا مِنَ التَّنْعِيمِ. طرفه 1784 126 - باب الاِرْتِدَافِ فِي الْغَزْوِ وَالْحَجِّ 2986 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ تمرة، قال رجل: وأين كانت التمرة تقع من الرجل؟ قال: وجدنا فقدها) أي: أثر فقدها، وفي الحديث ما يدل على ما كان فيه الصحابة من تحمل المشاق في طاعة الله. باب إرداف المرأة خلف أخيها 2984 - 2985 - (أبو عاصم) هو النبيل الضحاك بن مخلد (ابن أبي مليكة) بضم الميم مصغر عبد الله بن عبيد الله، واسم أبي مليكة زهير، روى في الباب حديث عائشة أن أخاها عبد الرحمن أردفها إلى التنعيم للعمرة، والحديث مع شرحه تقدم مرارًا في أبواب الحج. باب الارتداف في الغزو والحج 2986 - (قتيبة) بضم القاف مصغر (أبي قلابة) بكسر القاف عبد الله بن زيد الجرمي

127 - باب الردف على الحمار

عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ كُنْتُ رَدِيفَ أَبِى طَلْحَةَ، وَإِنَّهُمْ لَيَصْرُخُونَ بِهِمَا جَمِيعًا الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ. طرفه 1089 127 - باب الرِّدْفِ عَلَى الْحِمَارِ 2987 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو صَفْوَانَ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَكِبَ عَلَى حِمَارٍ، عَلَى إِكَافٍ عَلَيْهِ قَطِيفَةٌ، وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ وَرَاءَهُ. أطرافه 4566، 5663، 5964، 6207 2988 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ يُونُسُ أَخْبَرَنِى نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَقْبَلَ يَوْمَ الْفَتْحِ مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ (عن أنس كنت رديف أبي طلحة) فعيل بمعنى المفعول (ليصرخون بهما) أي: يرفعون الصّوت بالتلبية بالحج والعمرة. فإن قلت: ليس في الباب ذكر الغزو، كما ترجم عليه؟ قلت: أراد الإشارة إلى أن الغزو يقاس على الحج؛ ولو روى حديث إرداف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صفية كان أحسن. باب الردف على الحمار الردف: فعل بمعنى المفعول كالذبح والطحن. 2987 - (قتيبة) بضم القاف مصغر (أبو صفوان) عبد الله بن سعيد الأموي، روى (عن أسامة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أردفه على حمار إكافٍ) بكسر الهمزة، ويقال: وكاف أيضًا (عليه قطيفة) أي: على الإكاف، والقطيفة: ثوب له خمل. 2988 - (بُكير) بضم الباء مصغر. فإن قلت: سيأتي في سورة آل عمران هذا الإرداف كان حين عاد سعد بن عبادة، فما وجه دخوله في أبواب الجهاد؟ قلت: عيادة المريض أيضًا عبادة أو باعتبار ما وقع يومئذٍ بين المسلمين والمشركين من القتال (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقبل يوم الفتح من أعلى مكة

128 - باب من أخذ بالركاب ونحوه

عَلَى رَاحِلَتِهِ، مُرْدِفًا أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ وَمَعَهُ بِلاَلٌ وَمَعَهُ عُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ مِنَ الْحَجَبَةِ، حَتَّى أَنَاخَ فِي الْمَسْجِدِ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْتِىَ بِمِفْتَاحِ الْبَيْتِ، فَفَتَحَ وَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَعَهُ أُسَامَةُ وَبِلاَلٌ وَعُثْمَانُ، فَمَكَثَ فِيهَا نَهَارًا طَوِيلاً ثُمَّ خَرَجَ، فَاسْتَبَقَ النَّاسُ، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَوَّلَ مَنْ دَخَلَ، فَوَجَدَ بِلاَلاً وَرَاءَ الْبَابِ قَائِمًا، فَسَأَلَهُ أَيْنَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَشَارَ لَهُ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِى صَلَّى فِيهِ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَنَسِيتُ أَنْ أَسْأَلَهُ كَمْ صَلَّى مِنْ سَجْدَةٍ طرفه 397 128 - باب مَنْ أَخَذَ بِالرِّكَابِ وَنَحْوِهِ 2989 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «كُلُّ سُلاَمَى مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ، يَعْدِلُ بَيْنَ الاِثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، وَيُعِينُ الرَّجُلَ عَلَى دَابَّتِهِ، فَيَحْمِلُ عَلَيْهَا، أَوْ يَرْفَعُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ، وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ خَطْوَةٍ يَخْطُوهَا إِلَى الصَّلاَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ على راحلته) قال ابن الأثير: هي الناقة القوية (مردفًا أسامة، ومعه بلال ومعه عثمان بن طلحة من الحجبة) بفتح الحاء والجيم [جمع] حاجب، وهم سدنة البيت الشريف، والحديث تقدم في أبواب الصلاة وغيرها , وأشرنا هناك أن الناس أخذوا برواية بل الذي الصلاة في داخل البيت، دون رواية الفضل؛ لأنه مثبت، والمثبت مقدم على النافي. باب من أخذ بالركاب ونحوه 2989 - (إسحاق) كذا وقع هنا غير منسوب، وقد نسبه البخاري في مواضع: إسحاق بن إبراهيم بن نصر السعدي البخاري، عن عبد الرزاق (عن أبي هريرة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كل سلامى من الناس عليه صدقة) قيل: جمع سلامية، وقيل: مفرده وجمعه سواء، وهذا هو الظاهر من دخول كل عليه، وهي في الأصل الأنامل، والمراد بها مفاصل بدن الإنسان، وفي رواية مسلم أنها ثلاث مئة وستون، والحديث سلف هناك في كتاب الجهاد وغيره، وموضع الدلالة هنا إعانة الرجل على دابته، فإنه يشمل الأخذ بالركاب

129 - باب السفر بالمصاحف إلى أرض العدو

صَدَقَةٌ، وَيُمِيطُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ». طرفه 2707 129 - باب السَّفَرِ بِالْمَصَاحِفِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ وَكَذَلِكَ يُرْوَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَتَابَعَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَدْ سَافَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ الْقُرْآنَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيره (ويميط الأذى عن الطريق) أي: يبعده لئلا يؤذي المارَّة. باب كراهية السّفر بالمصاحف إلى أرض العدّو (وكذلك يروى عن محمَّد بن بشر) بكسر الموحدة وستين معجمة، قال ابن بطال: هذا غلط من الناسخ والصواب أن يقدم الحديث المسند، ثم يقال: وكذلك يروى، قلت: كذلك إشارة إلى ما ترجم عليه، ودأبه أن يقدم التعليق ثم يأتي بالمسند ترقيًا في الاستدلال (وقد سافر النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه في أرض العدو وهم يعلمون القرآن) -بفتح الياء- من العلم، واعترض على البخاري بأن استدلاله ليس بصحيح؛ لأن المراد السفر بالمصاحف كما في رواية مسلم، وهذا الاعتراض ساقط؛ لأن غرض البخاري أن الحديث الذي رواه بعده في الباب، وهو نهى أن يُسافر بالقرآن إلى أرض العدّو، القرآن الذي مكتوب في المصاحف، لا الذي في صدور الرِّجال وإلا لم يصح لحافظ القرآن [أن] يغزو، والدليل على أن هذا مراده ترجمة الباب فتأمل. فإن قلت: قد كتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى قيصر القرآن، وهو قوله تعالى: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا} [آل عمران: 64] إلى آخر الآية؟ قلت: أجابوا بأن المراد السفر بالكل، وهذا ليس بشيء وإلا لجاز حمل أجزاء القرآن، وليس كذلك، بل الجواب أن ذلك لم يكن على قصد كونه قرآنًا، ولا يدري المكتوب إليه بأنه قرآن، واعلم أن هذا النهي إنما يكون إذا كان في عسكر المسلمين احتمال مغلوبية، ذكره الفقهاء، وذلك أن الحكمة في المنع احترام المصحف، من أن يقع في يد الكفار الذين لا يحترمونه، كما وقع ذلك مرفوعًا في رواية مسلم وغيره.

130 - باب التكبير عند الحرب

2990 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى أَنْ يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ. 130 - باب التَّكْبِيرِ عِنْدَ الْحَرْبِ 2991 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ صَبَّحَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَيْبَرَ وَقَدْ خَرَجُوا بِالْمَسَاحِى عَلَى أَعْنَاقِهِمْ، فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا هَذَا مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ، مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ. فَلَجَئُوا إِلَى الْحِصْنِ، فَرَفَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَدَيْهِ وَقَالَ «اللَّهُ أَكْبَرُ، خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ». وَأَصَبْنَا حُمُرًا فَطَبَخْنَاهَا، فَنَادَى مُنَادِى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ، فَأُكْفِئَتِ الْقُدُورُ بِمَا فِيهَا. تَابَعَهُ عَلِىٌّ عَنْ سُفْيَانَ رَفَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَدَيْهِ. طرفه 371 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب التكبير عند الحرب قيل تقديره: باب جواز التكبير، أو مشروعيته، قلت: بل تقديره [......] لفعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولقوله تعالى: {إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا} [الأنفال: 45]. 2991 - روى حديث أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صبح خيبر، أي: دخل في حريمها وقت الصبح (وقد خرجوا بالمساحي) جمع مسحاة من السحو وهو الكشف، قال ابن الأثير: هي مجرفة الحديد، والخميس الجيش فرفع النبي - صلى الله عليه وسلم - يديه تفويضًا للأمر إلى الله تعالى (الله أكبر خربت خيبر) دعاء أو إخبار بما سيقع (إنا إذا نزلنا بساحة قوم، فساء صباح المنذرين) كان الظاهر أن يقول صباحهم، إلا أنه عمم ليتناولهم وغيرهم (إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر) قيل: إنما حرمت لأنها حمولة، وقيل: لأنها تأكل النجس, قال الخطابي: والحق أنها حرمت لعينها، وتمام الكلام في كتاب الصلاة، في باب ما يُذكر في الفخذ.

131 - باب ما يكره من رفع الصوت فى التكبير

131 - باب مَا يُكْرَهُ مِنْ رَفْعِ الصَّوْتِ فِي التَّكْبِيرِ 2992 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَكُنَّا إِذَا أَشْرَفْنَا عَلَى وَادٍ هَلَّلْنَا وَكَبَّرْنَا ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُنَا، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، فَإِنَّكُمْ لاَ تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلاَ غَائِبًا، إِنَّهُ مَعَكُمْ، إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ، تَبَارَكَ اسْمُهُ وَتَعَالَى جَدُّهُ». أطرافه 4205، 6384، 6409، 6610، 7386 132 - باب التَّسْبِيحِ إِذَا هَبَطَ وَادِيًا 2993 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِى الْجَعْدِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ كُنَّا إِذَا صَعِدْنَا كَبَّرْنَا، وَإِذَا نَزَلْنَا سَبَّحْنَا. طرفه 2994 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ما يكره من رفع الصوت في التكبير 2992 - (عن أبي عثمان) هو النهدي عبد الرحمن (كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أشرفنا على واد) أي: اطلعنا وعلونا (وكبرنا ارتفعت أصواتنا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: يا أيها الناس أربعوا على أنفسكم) أي: أبقوا على أنفسكم وترحموا عليها، من ربع إذا وقف، وإنما نهاهم عن المبالغة في رفع الصوت، لا عن مطلق رفع الصوت لما تقدم من قوله: "خربت خيبر"، ولما يأتي في الباب بعده، وقد أشار إلى علة النهي في الحديث والله أعلم، قيل: غرض البخاري أن رفع الصوت كراهته مخصوصة بحالة القتال، بخلاف غيره، قلت: بل عكسه هو مراده، وحديث أبي موسى صريح في ذلك. 2993 - (حصين) بضم الحاء (أبي الجَعْد) بفتح الجيم وسكون العين.

133 - باب التكبير إذا علا شرفا

133 - باب التَّكْبِيرِ إِذَا عَلاَ شَرَفًا 2994 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا إِذَا صَعِدْنَا كَبَّرْنَا، وَإِذَا تَصَوَّبْنَا سَبَّحْنَا. طرفه 2993 2995 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا قَفَلَ مِنَ الْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ - وَلاَ أَعْلَمُهُ إِلاَّ قَالَ الْغَزْوِ - يَقُولُ كُلَّمَا أَوْفَى عَلَى ثَنِيَّةٍ أَوْ فَدْفَدٍ كَبَّرَ ثَلاَثًا ثُمَّ قَالَ «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهْوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ، آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ سَاجِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ، صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ». قَالَ صَالِحٌ فَقُلْتُ لَهُ أَلَمْ يَقُلْ عَبْدُ اللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ لاَ. طرفه 1797 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب التكبير إذا علا شرفًا أي: موضعًا مرتفعًا. 2994 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (ابن أبي عدي) محمَّد بن إبراهيم (عن جابر كنا إذا صعدنا كبرنا، وإذا تصوبنا) أي: نزلنا في الأودية والوهاد (سبحنا) والحكم في ذلك أن الإنسان إذا على مرتفعًا يرى في نفسه علوًا وارتفاعًا، فالملائم أن يذكر الله بكبريائه، وعكسه إذا سفل فيذكره بصفة التنزيه والتقديس. 2995 - (عبد الله) كذا وقع غير منسوب، قال الغسّاني: هو عبد الله بن يوسف، وقيل: عبد الله بن صالح كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا قفل) أي: رجع من حج أو غزوة كلما أوفى على ثنية أو (فدفد) أي: وصل، والفدفد على وزن جعفر، هو المكان المرتفع الغليظ، وأو للتنويع (آيبون) أي: راجعون، خبر مبتدأ محذوف، وكذا المذكورات بعده أخبار أو صفات (صدق الله وعده ونصر عبده) يريد به نفسه الكريمة.

134 - باب يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل فى الإقامة

134 - باب يُكْتَبُ لِلْمُسَافِرِ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ فِي الإِقَامَةِ 2996 - حَدَّثَنَا مَطَرُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ حَدَّثَنَا الْعَوَّامُ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ أَبُو إِسْمَاعِيلَ السَّكْسَكِىُّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا بُرْدَةَ وَاصْطَحَبَ هُوَ وَيَزِيدُ بْنُ أَبِى كَبْشَةَ فِي سَفَرٍ، فَكَانَ يَزِيدُ يَصُومُ فِي السَّفَرِ فَقَالَ لَهُ أَبُو بُرْدَةَ سَمِعْتُ أَبَا مُوسَى مِرَارًا يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ، كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا». 135 - باب السَّيْرِ وَحْدَهُ 2997 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - يَقُولُ نَدَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - النَّاسَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ، ثُمَّ نَدَبَهُمْ فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ، ثُمَّ نَدَبَهُمْ فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ، قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ لِكُلِّ نَبِىٍّ حَوَارِيًّا، وَحَوَارِىَّ الزُّبَيْرُ». قَالَ سُفْيَانُ الْحَوَارِىُّ النَّاصِرُ. طرفه 2846 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب يكتب للمسافر ما كان يعمل في الإقامة 2996 - (مطر) مرادف الغيث (العوام) بتشديد الواو (أبو إسماعيل السكسكي) بالسين المهملة نسبه إلى سكاسك أبو قبيلة بيمن سكاسك بن وائلة بن حمير بن سبأ (إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيمًا صحيحًا) حالان على طريق اللَّف والنشر غير المرتب، وأصل هذا من قوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (6)} [التين: 6] وهذا كله من فضله تعالى. باب السير وحده 2997 - (الحُميدي) بضم الحاء مصغر منسوب (محمَّد بن المنكدر) بكسر الدّال (ندب النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الخندق فانتدب الزبير) يقال: ندبه، أي: دعاه فانتدب، أي: أجاب (إن لكل نبي حواريًّا وحواري الزبير، قال سفيان: الحواري الناصر) فالمراد كمال النصرة وزيادة القيام بالأمر، وإلا فالصحابة كلهم أنصار، أصل الحور البياض، وإنما سمي أنصار عيسى الحواريين؛ لكونهم كانوا قصارين، قاله الجوهري وغيره، والقياس فيه حوَّارون والياء فيه للمبالغة، كما في الأحمري.

136 - باب السرعة فى السير

2998 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي الْوَحْدَةِ مَا أَعْلَمُ مَا سَارَ رَاكِبٌ بِلَيْلٍ وَحْدَهُ». 136 - باب السُّرْعَةِ فِي السَّيْرِ قَالَ أَبُو حُمَيْدٍ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنِّى مُتَعَجِّلٌ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَعَجَّلَ مَعِى فَلْيُعَجِّلْ». ـــــــــــــــــــــــــــــ 2998 - (عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: لو يعلم الناس [ما] في الوحدة ما أعلم ما سار راكب بليل وحده) وإذا كان هذا حال الراكب، فالماشي من باب الأولى، وغفل بعضهم في قضية الزبير عن قوله يوم الخندق، فظن أنه كان بليل فتكلف ما لا ضرورة إليه، والحكمة في المنع أن شياطين الإنس والجن منتشرون في الليل، وكذا السّباع والهوام وأما قضية حذيفة ليلة الخندق فلقصر المسافة، والأمن من العدو، والله أعلم. باب السرعة في السير (وقال أبو حميد) بضم الحاء مصغر واسمه المنذر، أو عبد الرحمن (قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إني متعجل إلى المدينة) قاله لما رجع من تبوك، والحكمة في ذلك أن يفرح به أهله والضّعفاء الذين لم يكونوا معه الذين أشار إليهم بقوله: "ما سرنا مسيرًا إلا كانوا معنا حبسهم العذر" وأيضًا يريح نفسه ودابته، فلما أشرف على المدينة، أي قال: "هذه المدينة طابة، واحد جبل يحبنا ونحبه".

2999 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى قَالَ سُئِلَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ - رضى الله عنهما - كَانَ يَحْيَى يَقُولُ وَأَنَا أَسْمَعُ فَسَقَطَ عَنِّى - عَنْ مَسِيرِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، قَالَ فَكَانَ يَسِيرُ الْعَنَقَ، فَإِذَا وَجَدَ فَجْوَةً نَصَّ. وَالنَّصُّ فَوْقَ الْعَنَقِ. طرفه 1666 3000 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ أَخْبَرَنِى زَيْدٌ - هُوَ ابْنُ أَسْلَمَ - عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - بِطَرِيقِ مَكَّةَ، فَبَلَغَهُ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِى عُبَيْدٍ شِدَّةُ وَجَعٍ، فَأَسْرَعَ السَّيْرَ حَتَّى إِذَا كَانَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّفَقِ، ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعَتَمَةَ، يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا، وَقَالَ إِنِّى رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ أَخَّرَ الْمَغْرِبَ وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا. أطرافه 1091 3001 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ سُمَىٍّ مَوْلَى أَبِى بَكْرٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ، يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ نَوْمَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ 2999 - (سئل أسامة بن زيد كان يحيى يقول وأنا أسمع فسقط عني عن مسير النبي - صلى الله عليه وسلم -) قوله: كان يحيى يقول، من كلام ابن المثنى يحكي عن يحيى وهو شيخه، أن عروة قال: سئل أسامة وأنا أسمع فسقط لفظ أنا أسمع، من يحيى ثم تذكره، وقوله: عن مسير النبي - صلى الله عليه وسلم - يتعلق بقوله: سئل مقول عروة (كان يسير العنق فإذا وجد فجوة نصَّ) العنق بفتح العين والنون السير السريع، والنص غايته. 3000 - (كنت مع عبد الله بن عمر بطريق مكة فبلغه عن صفية بنت أبي عبيد شدة وجع) كانت زوجة ابن عمر (فأسرع السير حتى إذا كان بعد غروب الشفق، ثم نزل فصلى المغرب والعتمة جمع بينهما، وقال: إني رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وإذا جد به السير أخَّر المغرب وجمع بينهما) هذا يقطع دابر شبهة المخالف في منع الجمع في السفر. 3001 - (السّفر قطعة من العذاب) وقد بينه بقوله: (يمنع أحدكم نومه وطعامه وشرابه

137 - باب إذا حمل على فرس فرآها تباع

فَإِذَا قَضَى أَحَدُكُمْ نَهْمَتَهُ فَلْيُعَجِّلْ إِلَى أَهْلِهِ». طرفه 1804 137 - باب إِذَا حَمَلَ عَلَى فَرَسٍ فَرَآهَا تُبَاعُ 3002 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حَمَلَ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَوَجَدَهُ يُبَاعُ، فَأَرَادَ أَنْ يَبْتَاعَهُ، فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «لاَ تَبْتَعْهُ، وَلاَ تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ». طرفه 1489 3003 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - يَقُولُ حَمَلْتُ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَابْتَاعَهُ - أَوْ فَأَضَاعَهُ - الَّذِى كَانَ عِنْدَهُ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِيَهُ، وَظَنَنْتُ أَنَّهُ بَائِعُهُ بِرُخْصٍ، فَسَأَلْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «لاَ تَشْتَرِهِ وَإِنْ بِدِرْهَمٍ، فَإِنَّ الْعَائِدَ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ». طرفه 1490 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإذا قضى أحدكم نهمته) بفتح النون ويروى فيه الكسر، قال ابن الأثير: النهمة بلوغ النهمة: في الشيء ومنه النهم في الجوع. باب إذا حمل على [فرس] فرآها تباع 3003 - روى في الباب حديث عمر أنه حمل على فرس في سبيل الله، أي: تصدق به على رجل ليجاهد عليه، فأراد أن يشتريه حين رآه يباع، فمنعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد مرّ الحديث مرارًا، وعلله بقوله: (فإن العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه) وقد أشرنا إلى أن الجمهور على أن هذا مكروه مع الجواز؛ لأنه شبّهه بشيء مستقذر.

138 - باب الجهاد بإذن الأبوين

138 - باب الْجِهَادِ بِإِذْنِ الأَبَوَيْنِ 3004 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِى ثَابِتٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ الشَّاعِرَ - وَكَانَ لاَ يُتَّهَمُ فِي حَدِيثِهِ - قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو - رضى الله عنهما - يَقُولُ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتَأْذَنَهُ فِي الْجِهَادِ فَقَالَ «أَحَىٌّ وَالِدَاكَ». قَالَ نَعَمْ. قَالَ «فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ». طرفه 5972 139 - باب مَا قِيلَ فِي الْجَرَسِ وَنَحْوِهِ فِي أَعْنَاقِ الإِبِلِ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الجهاد بإذن الأبوين 3004 - (أبو العباس الشاعر) اسمه ثابت (وكان لا يتّهم) إنما ذكاه لئلا يظن من كونه شاعرًا سقوط روايته (جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فاستأذنه في الجهاد، فقال: أحيٌّ والداك؟) ارتفع والداك بحي، وهو ساد مسدّ الخبر (قال: ففيهما فجاهد) الفاء الأولى فصيحة والثانية داخلة على المفسر، مثله قوله تعالى: {فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} [النحل: 51] وفي الحديث دلالة على أن الجهاد بلا إذن الأبوين لا يجوز وعليه الأئمة، لكن هذا إذا لم يكن فرض عين، فإن خدمة الوالدين، وإن كان فرض عين أيضًا؛ إلا أن الجهاد أهم لعموم الضرر في تركه، ولا فرق في ذلك بين الحر والعبد. باب ما قيل في الجرس ونحوه في أعناق الإبل قال ابن الأثير: الجرس هو الجلجل الذي يُعلق على الدّواب، قيل: إنما كرهه لأنه يدل على أصحابه بصوته، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحب أن لا يعلم به العدو حتى يأتيهم، وقيل: غير ذلك، قلت: ومن ذلك أن الملائكة لا تصحب رفقة فيهم الجرس، روي مرفوعًا وذلك لأنه يشبه صوت الناقوس.

140 - باب من اكتتب فى جيش فخرجت امرأته حاجة، وكان له عذر، هل يؤذن له

3005 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ أَنَّ أَبَا بَشِيرٍ الأَنْصَارِىَّ - رضى الله عنه - أَخْبَرَهُ أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ - قَالَ عَبْدُ اللَّهِ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ - وَالنَّاسُ فِي مَبِيتِهِمْ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَسُولاً أَنْ لاَ يَبْقَيَنَّ فِي رَقَبَةِ بَعِيرٍ قِلاَدَةٌ مِنْ وَتَرٍ أَوْ قِلاَدَةٌ إِلاَّ قُطِعَتْ. 140 - باب مَنِ اكْتُتِبَ فِي جَيْشٍ فَخَرَجَتِ امْرَأَتُهُ حَاجَّةً، وَكَانَ لَهُ عُذْرٌ، هَلْ يُؤْذَنُ لَهُ 3006 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبِى مَعْبَدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ، وَلاَ تُسَافِرَنَّ امْرَأَةٌ إِلاَّ وَمَعَهَا مَحْرَمٌ». فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، اكْتُتِبْتُ فِي ـــــــــــــــــــــــــــــ 3005 - (عن عباد بن تميم) بفتح العين وتشديد الباء (أن أبا بشير) بفتح الباء على وزن فعيل الأنصاري المازني، يقال له: قيس الأكبر وليس له في "البخاري" إلا هذا الحديث (لا تبقين في رقبة بعير زيادة من وتر، أو قلادة) الشك من الراوي، أي: لا يوجد [....] لابدّ من هذا التأويل ليستقيم. فإن قلت: ما الحكمة في ذلك؟ قلت: كانوا على طريقة الجاهلية، يزعمون أنها ترد العين، وقيل: كانوا يرسلون الإبل إلى الرعي، فيتعلق بنحو شجرة فينخنق الذي في رقبته، وأما ما لا يقصد به ذلك بل يجعل للزينة والجمال فلا بأس به. فإن قلت: ليس في الباب ذكر الجرس؟ قلت: الظاهر أنه لم يكن على شرطه، وقد رواه الدّارقطني، أو اكتفى بذكر القلادة فإنهم كانوا يعلقون الأجراس فيها. باب من اكتتب في غزوة فخرجت امرأته حاجَّة، أو كان له عذر هل يؤذن له 3006 - (أبي مَعْبد) بفتح الميم وسكون العين مولى ابن عباس، واسمه: نافد، بالنون والفاء وذال معجمة (لا تسافر امرأة إلا ومعها محرم) أي: بالغ عاقل، أو زوج، وقال

141 - باب الجاسوس

غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا، وَخَرَجَتِ امْرَأَتِى حَاجَّةً. قَالَ «اذْهَبْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ». طرفه 1862 141 - باب الْجَاسُوسِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّى وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ) التَّجَسُّسُ التَّبَحُّثُ. 3007 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ سَمِعْتُهُ مِنْهُ مَرَّتَيْنِ قَالَ أَخْبَرَنِى حَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى رَافِعٍ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيًّا - رضى الله عنه - يَقُولُ بَعَثَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَا وَالزُّبَيْرَ وَالْمِقْدَادَ بْنَ الأَسْوَدِ قَالَ «انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ، فَإِنَّ بِهَا ظَعِينَةً وَمَعَهَا كِتَابٌ، فَخُذُوهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ الشافعي: أو كان نسوة ثقات لوقوع الأمن عن الفتنة (فقال رجل: اكتتبت في غزوة كذا وخرجت امرأتي حاجة، قال: اذهب فاحجج مع امرأتك) هذا إذا لم يكن فرض عين. فإن قلت: لم يذكر من له عذر؟ قلت: الأعذار كثيرة، كمن به مرض، أو بأحدٍ من أهله، ولم يوجد من يقوم مقامه. باب الجاسوس قال البخاري: (التجسّس التبحث) أي: الكشف عن أحوال الناس ومعايبهم، والاطلاع على عوراتهم، ولذلك قيل: الجاسوس صاحب السرّ الشر، كما أن الناموس صاحب السر الخير. 3007 - (حسن بن محمَّد) هو ابن الحنفية بن علي بن أبي طالب (سمعت عليًّا قال: بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا) (تأكيد للضمير المنصوب بالمرفوع، وذلك شائع (والزبير والمقداد) وفي رواية: وعمارًا وطلحة وأبا مرثد، ولا إشكال لجواز الجمع (انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ) بالخاء المعجمة المكررة موضع بين مكة والمدينة على اثني عشر ميلًا من المدينة، وذكره بعضهم بالحاء المهملة (فإن بها ظعينة) قالوا: هي المرأة ما دامت في الهودج، ثم

مِنْهَا». فَانْطَلَقْنَا تَعَادَى بِنَا خَيْلُنَا حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى الرَّوْضَةِ، فَإِذَا نَحْنُ بِالظَّعِينَةِ فَقُلْنَا أَخْرِجِى الْكِتَابَ. فَقَالَتْ مَا مَعِى مِنْ كِتَابٍ. فَقُلْنَا لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ أَوْ لَنُلْقِيَنَّ الثِّيَابَ. فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ عِقَاصِهَا، فَأَتَيْنَا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَإِذَا فِيهِ مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِى بَلْتَعَةَ إِلَى أُنَاسٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، يُخْبِرُهُمْ بِبَعْضِ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَا حَاطِبُ، مَا هَذَا». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لاَ تَعْجَلْ عَلَىَّ، إِنِّى كُنْتُ امْرَأً مُلْصَقًا فِي قُرَيْشٍ، وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهَا، وَكَانَ مَنْ مَعَكَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ لَهُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــ اتُّسِع فيه، فأُطلق على المرأة مطلقًا، بظاء معجمة وعين مهملة (فانطلقنا تعادى بنا خيلنا) أي: تتعادى، حذف إحدى التاءين (فقلنا: أخرجي الكتاب، فقالت: ما معي من كتاب، فقلنا: لتخرجن الكتاب أو لنلقين الثياب) بكسر القاف وفتح الياء والنون الثقيلة، وكان القياس إبقاء الياء ساكنة؛ لأن التقاء الساكنين على حدة، كما في وأبه، أو بحذف الياء، والقول بأنه محمول على المؤنث الغائب على طريق الالتفات لغو من الكلام، وأيُّ فائدة في هذا الالتفات؟ (فأخرجته من عِقَاصها) بكسر العين والقاف وصاد مهملة، الخصلة من الشعر، وقيل: خيط يربط به الدواب، والأول هو الواقع في شعر امرئ القيس قال: تضل العقاص في مثنى ومرسل فإن قلت: قد جاء في رواية أنها أخرجته من حجزتها؟ قلت: أجابوا بأنها أخرجته من أحدهما وأخفته في الآخر (فإذا فيه من حاطب بن أبي بَلْتَعة) بفتح الباء وسكون اللام وفتح التاء (إلى أناس من المشركين من أهل مكة، يخبرهم ببعض خبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) قال السهيلي: كان عبارة الكتاب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد توجه إليكم بجيش كالليل يسير كالسيل، وأقسم باللهِ لو سار إليكم وحده لنصره الله، فإنه منجز له ما وعده، وقال يحيى بن سلام المغربي: كان فيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد نفر إما إليكم أو إلى غيركم، فعليكم الحذر، قال: واسم تلك المرأة سارة مولاة لعمران بن صيفي بالصاد المهملة، وقيل: اسمها كنود المزنية (فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا حاطب ما هذا؟ قال: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا تعجل على إني كنت امرأً ملصقًا في قريش) قال ابن عبد البر: كان حليفًا للزبير، وقيل: كان عبدًا فأدى كتابته، والأصح أنه كان حليفًا لبني

142 - باب الكسوة للأسارى

قَرَابَاتٌ بِمَكَّةَ، يَحْمُونَ بِهَا أَهْلِيهِمْ وَأَمْوَالَهُمْ، فَأَحْبَبْتُ إِذْ فَاتَنِى ذَلِكَ مِنَ النَّسَبِ فِيهِمْ أَنْ أَتَّخِذَ عِنْدَهُمْ يَدًا يَحْمُونَ بِهَا قَرَابَتِى، وَمَا فَعَلْتُ كُفْرًا وَلاَ ارْتِدَادًا وَلاَ رِضًا بِالْكُفْرِ بَعْدَ الإِسْلاَمِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَقَدْ صَدَقَكُمْ». قَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِى أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ. قَالَ «إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَكُونَ قَدِ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ، فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ». قَالَ سُفْيَانُ وَأَىُّ إِسْنَادٍ هَذَا. أطرافه 3081، 3983، 4274، 4890، 6259، 6939 142 - باب الْكِسْوَةِ لِلأُسَارَى 3008 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمَ بَدْرٍ أُتِىَ بِأُسَارَى، وَأُتِىَ بِالْعَبَّاسِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ثَوْبٌ، فَنَظَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لَهُ قَمِيصًا فَوَجَدُوا قَمِيصَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَىٍّ يَقْدُرُ عَلَيْهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ أسد (فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: صدقكم، قال عمر: دعني يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أضرب عنق هذا المنافق). فإن قلت: بعدما أخبر رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أنه صدق، كيف وسع عمر هذا الكلام؟ قلت: عمر شدته في الدين معروفة، وكان فعل حاطب يشبه فعل المنافق، فظن عمر أنه وإن صدق لا ينفعه ذلك (قال: إنه شهد بدرًا وما يدريك لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم) إنما ذكر لعل تأدبًا. فإن قلت: هذا إذن في المعاصي والله لا يأمر بالفحشاء؟ قلت: لم [يكن] إذنًا، بل كناية عن غاية الرضا، وإن حالهم يشبه بحال من قال الله له هذا الكلام. (قال سفيان: وأيُّ إسناد هذا؟) فإن عمرو بن دينار سمعه من حسن بن محمَّد مرتين، وحسن من أبيه محمَّد وهو من علي وعلي صاحب القضية، وناهيك بهذا قوة. باب الكسوة للأسارى 3008 - (عن جابر لما كان يوم بدر) برفع يوم؛ لأن كان تامة، و (أُتِيَ بعبّاس ولم يكن عليه ثوب) لأنه أُخِذَ منه حين أسِرَ فوقع في المغانم (فنظر النبي - صلى الله عليه وسلم - له قميصًا) أي: طلب له؛ لأن النظر من أسباب الطلب (فوجدوا قميص عبد الله بن أُبي يَقْدُر عليه) بضم الياء وتخفيف الدال على بناء المجهول، أي: على قدر قامته، فإن عباسًا كان رجلًا طوالًا، قيل: كان ابنه

143 - باب فضل من أسلم على يديه رجل

فَكَسَاهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِيَّاهُ، فَلِذَلِكَ نَزَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَمِيصَهُ الَّذِى أَلْبَسَهُ. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ كَانَتْ لَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَدٌ فَأَحَبَّ أَنْ يُكَافِئَهُ. طرفه 1270 143 - باب فَضْلِ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ رَجُلٌ 3009 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِىُّ عَنْ أَبِى حَازِمٍ قَالَ أَخْبَرَنِى سَهْلٌ - رضى الله عنه يَعْنِى ابْنَ ـــــــــــــــــــــــــــــ عبد الله إذا مشى بين الناس كان كأنه راكب، والعبّاس أطول منه، وكان عبد المطلب أطول من العباس. (فكساه النبي - صلى الله عليه وسلم -) هذا عندي لا يصح، وذلك أنهم اتفقوا على عدد أصحاب بدر بأسمائهم، ولم يذكر أحد أن ابن أُبي -رأس المنافقين- كان هناك، وأيضًا اتفقوا على أنه لم يكن إذ ذاك أظهر الإيمان, بل كان على الإشراك ظاهرًا، وأما كون النبي - صلى الله عليه وسلم - كَفنه في قميصه، فكان ذلك رعاية لابنه المتقي النقي رضي الله عنه ولعن أباه لعنًا كبيرًا. وقد وقع في "البخاري" وغيره أنه أعطاه لابنه، حين طلبه منه، وابن أُبي مات بعد تبوك بالاتفاق، فلو كان الغرض المكافأة كيف كان يؤخر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدة الطويلة؟ أو أيّ معنىً للمكافأة بعد الموت؟ وإنما بالغت في هذا المقام لئلا تفسر بهذا الحديث، وتقول رواه البخاري، والذي يظهر لي أن لفظ عبد الله سقط من الرُّواة، أو من الناسخ، وحق العبارة: عبد الله بن عبد الله بن أبي، فإن ذلك التقي الفاضل ابن ذلك المنافق اسمه عبد الله، وهو من أصحاب بدر، ذكره ابن عبد البر في "الاستيعاب"، فيستقيم حديث المكافأة ويتفق الحديثان. باب فضل من أسلم على يديه رجل 3009 - روي في الباب حديث إعطاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الراية يوم خيبر علي بن أبي طالب، وقد مر الحديث مرارًا، وموضع الدلالة هنا قوله: (لأن يهدي الله بك رجلًا خير لك من أن تكون لك حمر النعم) هذا ونشير إلى بعض الألفاظ (قتيبة) بضم القاف مصغر،

144 - باب الأسارى فى السلاسل

سَعْدٍ - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ خَيْبَرَ «لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلاً يُفْتَحُ عَلَى يَدَيْهِ، يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ». فَبَاتَ النَّاسُ لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطَى فَغَدَوْا كُلُّهُمْ يَرْجُوهُ فَقَالَ «أَيْنَ عَلِىٌّ». فَقِيلَ يَشْتَكِى عَيْنَيْهِ، فَبَصَقَ فِي عَيْنَيْهِ وَدَعَا لَهُ، فَبَرَأَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ، فَأَعْطَاهُ فَقَالَ أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا. فَقَالَ «انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ، فَوَاللَّهِ لأَنْ يَهْدِىَ اللَّهُ بِكَ رَجُلاً خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ». طرفه 2942 144 - باب الأُسَارَى فِي السَّلاَسِلِ 3010 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «عَجِبَ اللَّهُ مِنْ قَوْمٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ فِي السَّلاَسِلِ». طرفه 4557 145 - باب فَضْلِ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ 3011 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ حَىٍّ أَبُو حَسَنٍ قَالَ سَمِعْتُ الشَّعْبِىَّ يَقُولُ ـــــــــــــــــــــــــــــ وقد ذكرنا أن الراية غير اللواء، وأصلها ربية، ويقال في الفعل: ربّيت بتشديد الياء الأولى، أي؛ ركزتها، قاله ابن الأثير (فبات الناس ليلتهم أيهم يُعطى) على هذه الحالة، وفسره بقولهم: (كلهم يرضوه) وقد تقدم في الرواية الأخرى: كلهم يرجوه، وحذف النون هنا باعتبار الكل، كما في قوله: {وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ} [البقرة: 285] (فبرأ) بفتح الرّاء، أي: خَلُص من الرمد، وإنما خصَّ حمر النعم بالذكر؛ لأنها أعز أموال العرب. 3010 - (بشار) بفتح الباء وتشديد المعجمة (غندر) بضم المعجمة وفتح الدال (عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: عجب الله من قدوم يدخلون الجنة في السلاسل) معنى العجب على الله محال يراد لازمه، وهو الرضا والاعتناء بهم، ومعنى دخولهم الجنة في السلاسل أن يؤتى بهم أسارى من بلاد الكفر، ثم يرزقون الإيمان فيدخلون الجنة، وقيل: هم أسارى المسلمين يموتون في أيدي الكفار، وهذا فاسد إذ لا معنى للعجب هناك؛ لأنه يكون في الأمر الغريب المستعبد. باب فضل من أسلم من أهل الكتابين 3011 - (صالح بن حي) ضد الميت يُكنَى (أبا حسن)، (الشعبي) هو أبو عمرو عامر

146 - باب أهل الدار يبيتون فيصاب الولدان والذرارى

حَدَّثَنِى أَبُو بُرْدَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «ثَلاَثَةٌ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ الرَّجُلُ تَكُونُ لَهُ الأَمَةُ فَيُعَلِّمُهَا فَيُحْسِنُ تَعْلِيمَهَا، وَيُؤَدِّبُهَا فَيُحْسِنُ أَدَبَهَا، ثُمَّ يُعْتِقُهَا فَيَتَزَوَّجُهَا، فَلَهُ أَجْرَانِ، وَمُؤْمِنُ أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِى كَانَ مُؤْمِنًا، ثُمَّ آمَنَ بِالنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَهُ أَجْرَانِ، وَالْعَبْدُ الَّذِى يُؤَدِّى حَقَّ اللَّهِ وَيَنْصَحُ لِسَيِّدِهِ». ثُمَّ قَالَ الشَّعْبِىُّ وَأَعْطَيْتُكَهَا بِغَيْرِ شَىْءٍ وَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يَرْحَلُ فِي أَهْوَنَ مِنْهَا إِلَى الْمَدِينَةِ. طرفه 97 146 - باب أَهْلِ الدَّارِ يُبَيَّتُونَ فَيُصَابُ الْوِلْدَانُ وَالذَّرَارِىُّ (بَيَاتًا) لَيْلاً (لَنُبَيِّتَنَّهُ) لَيْلاً، يُبَيِّتُ لَيْلاً. ـــــــــــــــــــــــــــــ الكوفي (أبو بردة) عامر بن أبي موسى (ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين) أي: يُضَاعف لهم الأجر في كل طاعة عملوها, لِتَضَاعُفِ علة الاستحقاق، وذلك ظاهر (إلا في قول الرجل يكون له الأمة فيعلمها) أي: أمور الدّين (وُيْحِسن تعليمها) لتقع طاعتها على الوجه المشروع، علة الاستحقاق (ويؤدبها فيحسن أدبها) ما يتعلق بالأخلاق، وذكر في التعليم الواو وهنا الفاء تفسيرًا، وكلاهما له وجه ثم يعتقها فيتزوجها. فإن قيل: هذا يقتضي أن يكون له أربعة أجور؟ والجواب: أنه جعل التأديب من توابع التعليم، والتزوج من توابع العتق، أو بالعكس، والمراد من المؤمن الذي آمن بنبيه، وآمن برسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو الذي أدرك زمانه وقد آمن بنبيه حين كان شَرْعُ نبيه غير منسوخ، كذا قالوا، وعندي أن من بلغه الدّعوة اليوم وآمن بلا توقف داخل في زمرتهم (قال الشعبي: أعطيتكما بغير شيء وقد كان يرحل في أهون منها إلى المدينة) قال هذا الكلام وهو بالكوفة، وليس غرضه أخذ الشيء في مقابلته، بل حثُّ المخاطب على الاهتمام به، واغتنامه العلم على وجه السهولة. باب أهل الدّار يُبيتون فيصاب الوالدان والذراري يبيتون على بناء المفعول، والتبييت، قال ابن الأثير: هو أن يقصد العدو بغتة من غير أن يعلم، قلت: مأخذه البيات فإن أكثر ما يقع بالليل؛ لأنه وقت النوم والغفلة، أراد بالذراري ما يعمُّ النساء.

3012 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ - رضى الله عنهم - قَالَ مَرَّ بِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالأَبْوَاءِ - أَوْ بِوَدَّانَ - وَسُئِلَ عَنْ أَهْلِ الدَّارِ يُبَيَّتُونَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَيُصَابُ مِنْ نِسَائِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ قَالَ «هُمْ مِنْهُمْ». وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ «لاَ حِمَى إِلاَّ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم -». 3013 - وَعَنِ الزُّهْرِىِّ أَنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدَ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ حَدَّثَنَا الصَّعْبُ فِي الذَّرَارِىِّ كَانَ عَمْرٌو يُحَدِّثُنَا عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَمِعْنَاهُ مِنَ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ الصَّعْبِ قَالَ «هُمْ مِنْهُمْ» وَلَمْ يَقُلْ كَمَا قَالَ عَمْرٌو «هُمْ مِنْ آبَائِهِمْ». طرفه 2370 ـــــــــــــــــــــــــــــ 3012 - (عن الصعب بن جثامة) الصعب ضد الذلول، وجثامة بفتح الجيم وتشديد الثاء المثلثة (مَرّ بي النبي - صلى الله عليه وسلم - بالأبواء) بفتح الهمزة والباء الموحدة، قال ابن الأثير: جبل بين مكة والمدينة (أو بودان) بفتح الواو وتشديد الدال، قرية بقرب الجحفة (فسئل عن أهل الدار من المشركين، فيصاب من نسائهم وذراريهم) أي: يقتلون، والذرية قال الجوهري: نسل الثقلين، والمراد بها: دار الكفر، والإصابة: القتل (قال: هم منهم) أي: لا بأس بذلك، لكن هذا إنما يجوز إذا وقع من غير قصد لورود النهي عن قتل النّساء والصبيان، والقرينة أيضًا دالة عليه؛ لأنه سئل عن وقوع ذلك في التبييت وهو الأخذ بالليل بغتة، فلا يمكن الاحتراز، وهذا السائل هو الصعب بن جثامة، جاء صريحًا في "صحيح ابن حبان". 3013 - (وعن الزهريّ) وفي بعضها: وعن ابن شهاب، عطف على قوله: حدّثنا الزهريّ من كلام سفيان، وكان عمرو يحدثنا عن ابن شهاب، وحاصل هذا الكلام أن سفيان سمع الحديث من عمرو عن الزهريّ مرسلًا، ثم سمعه من الزهريّ مسندًا، والتفاوت في الرّوايتين أن إحداهما لفظ: منهم، وفي الأخرى: من آبائهم، ولفظ السماع بين الزهريّ وبين عبيد الله.

147 - باب قتل الصبيان فى الحرب

147 - باب قَتْلِ الصِّبْيَانِ فِي الْحَرْبِ 3014 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ - رضى الله عنه - أَخْبَرَهُ أَنَّ امْرَأَةً وُجِدَتْ فِي بَعْضِ مَغَازِى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مَقْتُولَةً، فَأَنْكَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَتْلَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ. طرفه 3015 148 - باب قَتْلِ النِّسَاءِ فِي الْحَرْبِ 3015 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ قُلْتُ لأَبِى أُسَامَةَ حَدَّثَكُمْ عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ وُجِدَتِ امْرَأَةٌ مَقْتُولَةً فِي بَعْضِ مَغَازِى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ. طرفه 3014 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قتل الصبيان في الحرب 3014 - (أن امرأة وجدت مقتولة فأنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم - قتل النّساء والصبيان) وقد تقدم أن هذا إذا قصد بالقتل، ثم قال البخاري: باب قتل النساء في الحرب 3015 - وروى فيه الحديث المتقدم. فإن قلت: قول إسحاق بن إبراهيم قال: قلت لأبي أسامة: حدثكم عبيد الله فلم يجبه بنفي ولا إثبات، فكيف حال هذه الرواية؟ قلت: إذا سكت المسؤول في أمثاله، يجوز الرواية عنه لدلالة القرينة. واعلم أن النهي في قتل المرأة مقيد بما إذا لم تقاتل، وأما إذا قاتلت فيجوز قتلها، وكذا الصبي والمراهق.

149 - باب لا يعذب بعذاب الله

149 - باب لاَ يُعَذَّبُ بِعَذَابِ اللَّهِ 3016 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ بُكَيْرٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّهُ قَالَ بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي بَعْثٍ فَقَالَ «إِنْ وَجَدْتُمْ فُلاَنًا وَفُلاَنًا فَأَحْرِقُوهُمَا بِالنَّارِ» ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ أَرَدْنَا الْخُرُوجَ «إِنِّى أَمَرْتُكُمْ أَنْ تُحْرِقُوا فُلاَنًا وَفُلاَنًا، وَإِنَّ النَّارَ لاَ يُعَذِّبُ بِهَا إِلاَّ اللَّهُ، فَإِنْ وَجَدْتُمُوهُمَا فَاقْتُلُوهُمَا». طرفه 2954 3017 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ عَلِيًّا - رضى الله عنه - حَرَّقَ قَوْمًا، فَبَلَغَ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ لَوْ كُنْتُ أَنَا لَمْ أُحَرِّقْهُمْ، لأَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ اللَّهِ». وَلَقَتَلْتُهُمْ كَمَا قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ». طرفه 6922 150 - باب (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً) فِيهِ حَدِيثُ ثُمَامَةَ، وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ (مَا كَانَ لِنَبِىٍّ أَنْ تَكُونَ لَهُ أَسْرَى) الآيَةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب لا يعذب بعذاب الله 3016 - روى في الباب حديث أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأيتم فلانًا وفلانًا فأحرقوهما) ثم نهى عن ذلك، وقال: (إن النار لا يعذب بها إلا الله) وقد سلف منا أن اسم أحدهما هبار بفتح الهاء وتشديد الموحدة، واسم الآخر نافع بن عبد القيس، وأشرنا إلى أن إحراق علي من ادَّعى فيه الألوهية بناء على عدم بلوغه الحديث. باب: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد: 4] نصبهما على المصدر بفعل مقدر (فيه حديث ثمامة) بضم الثاء وتخفيف الميم، هو ثمامة بن أثال سيد اليمامة، تقدم حديثه في أبواب الصّلاة في باب ربط الأسير في

151 - باب هل للأسير أن يقتل ويخدع الذين أسروه حتى ينجو من الكفرة

151 - باب هَلْ لِلأَسِيرِ أَنْ يَقْتُلَ وَيَخْدَعَ الَّذِينَ أَسَرُوهُ حَتَّى يَنْجُوَ مِنَ الْكَفَرَةِ فِيهِ الْمِسْوَرُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 152 - باب إِذَا حَرَّقَ الْمُشْرِكُ الْمُسْلِمَ هَلْ يُحَرَّقُ 3018 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَهْطًا مِنْ عُكْلٍ ثَمَانِيَةً قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَاجْتَوَوُا الْمَدِينَةَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْغِنَا رِسْلاً. ـــــــــــــــــــــــــــــ المسجد، واستدل على جواز أخذ الكافر أسيرًا، بقوله: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} [الأنفال: 67] ذهب مالك والشافعي وأحمد إلى أن الإمام مخير في الرجال المقاتلة إذا أسروا بين أمور خمسة: الاسترقاق، والجزية إن كان كتابيا، والمنّ، والفداء، والقتل، وفي النساء والصبيان بين ثلاثة أمور: المن, والفداء، والاسترقاق، والدليل على ذلك ثبوت الأمور المذكورة كلها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزواته، وعند أبي حنيفة لا يجوز المن؛ لأن في ذلك تقوية المشركين، وهل يفادى أسارى المسلمين بالكفار؟ عنه روايتان إحداهما: الجواز وهو قول صاحبيه. باب هل للأسير أن يَقْتُل: أو يَخْدَع الذين أسروه (فيه المِسْوَرُ) بكسر الميم، حديثه سلف في باب الشروط في قتل أبي بصير أحد الرجلين من مشركة مكة، وفيه دليل على الجواز، ولذلك لم يَلُمْه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على فعله. باب إذا حرَق المشرك المسلم هل يحرق؟ 3018 - (معلى بن أسد) بضم الميم وتشديد اللام. (وُهيب) بضم الواو مصغر (عن أبي قلابة) بكسر القاف عبد الله بن زيد الجرمي (أن رهطًا من عُكل ثمانية) بضم العين وسكون الكاف قبيلة من عرب المدينة (قدموا [على] النبي - صلى الله عليه وسلم - فاجتووا المدينة) بالجيم كرهوا هواها وفي الرواية الأخرى: استوخموا (فقالوا: يا رسول الله ابغنا رسلا) بهمزة القطع، يقال: بغيتك الشيء طلبته لك، وأبغيتكه إذا أعنته على

153 - باب

قَالَ «مَا أَجِدُ لَكُمْ إِلاَّ أَنْ تَلْحَقُوا بِالذَّوْدِ». فَانْطَلَقُوا فَشَرِبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا حَتَّى صَحُّوا وَسَمِنُوا، وَقَتَلُوا الرَّاعِىَ، وَاسْتَاقُوا الذَّوْدَ، وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ، فَأَتَى الصَّرِيخُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَبَعَثَ الطَّلَبَ، فَمَا تَرَجَّلَ النَّهَارُ حَتَّى أُتِىَ بِهِمْ، فَقَطَّعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ، ثُمَّ أَمَرَ بِمَسَامِيرَ فَأُحْمِيَتْ فَكَحَلَهُمْ بِهَا، وَطَرَحَهُمْ بِالْحَرَّةِ، يَسْتَسْقُونَ فَمَا يُسْقَوْنَ حَتَّى مَاتُوا. قَالَ أَبُو قِلاَبَةَ قَتَلُوا وَسَرَقُوا وَحَارَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ - صلى الله عليه وسلم - وَسَعَوْا فِي الأَرْضِ فَسَادًا. طرفه 233 153 - بابٌ 3019 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِى سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «قَرَصَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــ طلبه، والرسل بكسر الراء اللبن (وقال: ما أجد لكم إلا أن تلحقوا بالذود) بفتح الذال المعجمة، الإبل من الاثنين إلى العشرة، والظاهر أنه من إطلاق المقيد على المطلق (فأتى الصريخ) قال الجوهري: هو صوت المستصرخ، قلت: من الصراخ وهو رفع الصوت (فما ترجل النهار حتى أتى بهم) أي: ما ارتفع، من ترجل الصبي إذا صار رجلًا (فأُحميت) ويروى حميت، الأول هو الصواب (قال أبو قلابة: فهولاء سرقوا) ليس فعلهم سرقة حقيقة بل شبه السرقة؛ لأنهم قتلوا الراعي أولًا، وقد سلف الحديث وأشرنا إلى أنه منسوخ بآية المحاربين، فلا دليل فيه على جواز الإحراق قصاصًا استدلالًا بما رواه مسلم: إنما سَمَّل أعينهم؛ لأنهم سَملوا أعين الراعي. باب كذا وجد من غير ترجمة؛ لأن حديثه يناسب الباب الأول من الإحراق بالنار. 3019 - (بكير) بضم الباء مصغر (عن أبي هريرة سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم - يقول: قرصت

154 - باب حرق الدور والنخيل

نَمْلَةٌ نَبِيًّا مِنَ الأَنْبِيَاءِ، فَأَمَرَ بِقَرْيَةِ النَّمْلِ فَأُحْرِقَتْ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنْ قَرَصَتْكَ نَمْلَةٌ أَحْرَقْتَ أُمَّةً مِنَ الأُمَمِ تُسَبِّحُ». طرفه 3319 154 - باب حَرْقِ الدُّورِ وَالنَّخِيلِ 3020 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنِى قَيْسُ بْنُ أَبِى حَازِمٍ قَالَ قَالَ لِى جَرِيرٌ قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَلاَ تُرِيحُنِى مِنْ ذِى الْخَلَصَةِ». وَكَانَ بَيْتًا فِي خَثْعَمَ يُسَمَّى كَعْبَةَ الْيَمَانِيَةَ قَالَ فَانْطَلَقْتُ فِي خَمْسِينَ وَمِائَةِ فَارِسٍ مِنْ أَحْمَسَ، وَكَانُوا أَصْحَابَ خَيْلٍ - قَالَ - وَكُنْتُ لاَ أَثْبُتُ عَلَى الْخَيْلِ، فَضَرَبَ فِي صَدْرِى حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ أَصَابِعِهِ فِي صَدْرِى وَقَالَ «اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ وَاجْعَلْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ نملة نبيًّا من الأنبياء) وهذا النبي قيل: هو موسى، وقيل: عزير (فأمر بقرية النملة فأحرقت) القرية مكان الاجتماع (فأوحى الله إليه أن قرصتك نملة) أي: لأن، مفعول له، لقوله: (أحرقت أمة من الأمم تسبح). فإن قلت: كيف صدر منه هذا الفعل؟ قلت: لم يكن سبق له نهي فأخطأ في الاجتهاد، ظن أن جنس المؤذي يقتل ذنبه على خطئه، وهذا شأن الأنبياء لا يُقَرُّون على الخطأ. باب حرق الدور والنخيل صوابه الإحراق. 3020 - (أبي حازم) بالحاء المهملة (عن جرير قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ألا تُريحني من ذي الخَلَصَة) بفتح الخاء المعجمة واللام والصاد، وقد تسكن اللام، وقد يقال: بضم الخاء واللام (وكان بيتًا في خثعم) بالخاء المعجمة وثاء مثلثة قبيلة من العرب في بلاد الدوس باليمن (يسمى كعبة اليمانية) بالجر من إضافة الموصوف إلى الصفة، وكان خثعم تحج إليه كما يحج الناس إلى البيت المعظم شرفه الله وزاده شرفًا (فانطلقت في خمسين ومئة فارس من أحمس) قبيلة من بني قحطان أولاد أحمس بن غوث بن أنمار، وهم وهي جرير، ولكن جريرًا ليس من أولاد أحمس، بل من أولاد عبقر بن أنمار، كذا قاله ابن عبد البرّ (اللهَّم ثبته

155 - باب قتل النائم المشرك

هَادِيًا مَهْدِيًّا». فَانْطَلَقَ إِلَيْهَا فَكَسَرَهَا وَحَرَّقَهَا، ثُمَّ بَعَثَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُخْبِرُهُ فَقَالَ رَسُولُ جَرِيرٍ وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا جِئْتُكَ حَتَّى تَرَكْتُهَا كَأَنَّهَا جَمَلٌ أَجْوَفُ أَوْ أَجْرَبُ. قَالَ فَبَارَكَ فِي خَيْلِ أَحْمَسَ وَرِجَالِهَا خَمْسَ مَرَّاتٍ. أطرافه 3036، 3076، 3823، 4355، 4356، 6089، 6333 3021 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ حَرَّقَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - نَخْلَ بَنِى النَّضِيرِ. طرفه 2326 155 - باب قَتْلِ النَّائِمِ الْمُشْرِكِ 3022 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّاءَ بْنِ أَبِى زَائِدَةَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ - رضى الله عنهما - قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَهْطًا مِنَ الأَنْصَارِ إِلَى أَبِى رَافِعٍ لِيَقْتُلُوهُ، فَانْطَلَقَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَدَخَلَ حِصْنَهُمْ قَالَ فَدَخَلْتُ فِي مَرْبِطِ دَوَابَّ لَهُمْ، قَالَ وَأَغْلَقُوا بَابَ الْحِصْنِ، ثُمَّ إِنَّهُمْ فَقَدُوا حِمَارًا لَهُمْ، فَخَرَجُوا يَطْلُبُونَهُ، فَخَرَجْتُ فِيمَنْ خَرَجَ أُرِيهِمْ أَنَّنِى أَطْلُبُهُ مَعَهُمْ، فَوَجَدُوا الْحِمَارَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ واجعله هاديًا مهديًا) فيه تقديم وتأخير، أي: اجعله مهديًا هاديًا وإنما قدمه لكونه أهم؛ لأن نفعه متعد (فانطلق إليها فكسرها) من قول الراوي، أو فيه التفات من الخطاب إلى الغيبة (كأنها جمل أجوف أو أجرب) والأجوف أبيض البطن، قال القاضي: فيه تصحيف، والصواب: الأجرب. 3021 - (محمَّد بن كثير) ضد القليل (حرق النبي - صلى الله عليه وسلم - نخيل بني النضير) قبيلة من اليهود دخلوا في العرب، وسيأتي حديثهم في المغازي مستوفى. باب قتل النائم المشرك لو قال: المشرك النائم كان أظهر وأحسن. 3022 - (علي بن مسلم) ضد الكافر (أبي زائدة) من الزيادة (بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رهطًا من الأنصار إلى أبي رافع ليقتلوه) واسم أبي رافع عبد الله بن الحقيق بضم الحاء و [فتح]

فَدَخَلُوا وَدَخَلْتُ، وَأَغْلَقُوا بَابَ الْحِصْنِ لَيْلاً، فَوَضَعُوا الْمَفَاتِيحَ فِي كَوَّةٍ حَيْثُ أَرَاهَا، فَلَمَّا نَامُوا أَخَذْتُ الْمَفَاتِيحَ، فَفَتَحْتُ بَابَ الْحِصْنِ ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ يَا أَبَا رَافِعٍ. فَأَجَابَنِى، فَتَعَمَّدْتُ الصَّوْتَ، فَضَرَبْتُهُ فَصَاحَ، فَخَرَجْتُ ثُمَّ جِئْتُ، ثُمَّ رَجَعْتُ كَأَنِّى مُغِيثٌ فَقُلْتُ يَا أَبَا رَافِعٍ، وَغَيَّرْتُ صَوْتِى، فَقَالَ مَا لَكَ لأُمِّكَ الْوَيْلُ قُلْتُ مَا شَأْنُكَ قَالَ لاَ أَدْرِى مَنْ دَخَلَ عَلَىَّ فَضَرَبَنِى. قَالَ فَوَضَعْتُ سَيْفِى فِي بَطْنِهِ، ثُمَّ تَحَامَلْتُ عَلَيْهِ حَتَّى قَرَعَ الْعَظْمَ، ثُمَّ خَرَجْتُ وَأَنَا دَهِشٌ، فَأَتَيْتُ سُلَّمًا لَهُمْ لأَنْزِلَ مِنْهُ فَوَقَعْتُ فَوُثِئَتْ رِجْلِى، فَخَرَجْتُ إِلَى أَصْحَابِى فَقُلْتُ مَا أَنَا بِبَارِحٍ حَتَّى أَسْمَعَ النَّاعِيَةَ، فَمَا بَرِحْتُ حَتَّى سَمِعْتُ نَعَايَا أَبِى رَافِعٍ تَاجِرِ أَهْلِ الْحِجَازِ. قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ القاف مصغر ساكن الياء، وقيل: اسمه سلام (فانطلق رجل منهم فدخل الحصين) هو عبد الله بن عتيك كما صرح به في آخر الحديث، ثم إنهم فقدوا حمارا لهم فخرجوا يطلبونه (فخرجت فيمن خرج أُريهم أني أطلبه معهم). فإن قلت: كان قد دخل الحصين واختبأ في مربط الدواب، ما الحكمة في خروجه معهم؟ قلت: خاف أن يدخلوا ذلك المكان. (بالحمار إن وجدوه)، (فوضعوا المفاتيح في كوة) بضم الكاف وتشديد الواو (فلما ناموا أخذت المفاتيح ففتحت باب الحصين ثم دخلت عليه). فإن قلت: لم فتح باب الحصين؟ قلت: لأنه إذا قتله يجد الباب مفتوحًا فيكون عليه أهون للفرار، والتبس على بعضهم؛ فقال: فإن قلت: هو كان داخل الحصين فما معناه؟ قلتا: كان للحصن مغاليق وطبقات، ولو كان كما ظن لقال: فتحت باب البيت، الذي هو فيه، وسيأتي الكلام بأظهر من هذا. (ثم رجعت كأني مغيث) من الإغاثة (فقلت: يا أبا رافع وغيرت صوتي) لئلا يعلم من هو (فقال لأمك الويل) ظنه أنه من أصدقائه (فوقعت فوثئت رجلي) بضم الواو بعده ثاء مثلثة بعدها بباء، ويقرأ بالهمزة أيضًا، وهو أن يصاب العظم من غير كسر (ما أنا ببارح) أي: زائل عن مكاني (حتى أسمع الناعية) من النعي وهو خبر الموت (نعايا أبي رافع) على وزن صحارى، قال صاحب "الكشاف": فيه ثلاثة أوجه: أن يكون جمع نعي كصفي وصفايا، وأن يكون اسم جمع كأخية وأخايا، وأن يكون جمع نعاء على وزن فعال اسم فعل بمعنى الأمر

156 - باب لا تمنوا لقاء العدو

فَقُمْتُ وَمَا بِى قَلَبَةٌ حَتَّى أَتَيْنَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرْنَاهُ. أطرافه 3023، 4038، 4039، 4040 3023 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِى زَائِدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ - رضى الله عنهما - قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَهْطًا مِنَ الأَنْصَارِ إِلَى أَبِى رَافِعٍ فَدَخَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَتِيكٍ بَيْتَهُ لَيْلاً، فَقَتَلَهُ وَهْوَ نَائِمٌ. طرفه 3022 156 - باب لاَ تَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ 3024 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ يُوسُفَ الْيَرْبُوعِىُّ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِىُّ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِى سَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ كُنْتُ كَاتِبًا لَهُ قَالَ كَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى أَوْفَى حِينَ خَرَجَ إِلَى الْحَرُورِيَّةِ فَقَرَأْتُهُ فَإِذَا فِيهِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي بَعْضِ أَيَّامِهِ الَّتِى لَقِىَ فِيهَا الْعَدُوَّ انْتَظَرَ حَتَّى مَالَتِ الشَّمْسُ. طرفه 2818 ـــــــــــــــــــــــــــــ (فقمت وما بي قلبة) بفتح القاف واللام والباء، أي: لم أجد ألمًا برجلي، أصله في ألم الرجل تقلب لتعالج ثم اتسع فيه. 3023 - (عبد الله بن عتيك) بفتح العين والتاء على وزن عليم. فإن قلت: كيف قتل بغتة من غير دعوة؟ قلت: كان قد بلَّغه الدعوة، وكان رجلًا مالأ [.....] لغطفان وسائر القبائل لحرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، واختلف في وقت قتله اختلافًا كثيرًا، والله أعلم. بذلك. فإن قلت: لم يقتله نائمًا فإنه ناداه فأجابه، فلا يوافق الترجمة؟ قلت: فيه تسامح؛ لأنه كان في حكم النائم لكونه في فراشه من غير عدة. باب لا تتمنوا لقاء العدو 3024 - (عاصم بن يوسف اليربوعي) بفتح الياء، بنو يربوع حي من تميم أولاد يربوع بن حنظلة بن مالك بن عمرو بن تميم (أبو إسحاق الفزاري) بفتح الفاء بعدها زاي معجمة نسبة إلى فزارة، قال الجوهري؛ هو سعد بن زيد مناة بن تميم، وفزارة لقبه (أبو النضر) بضاد معجمة (أوفى) بفتح الهمزة (إلى الحرورية) هم الخوارج نسبة إلى حروراء قرية بالعراق، كان بها الخوارج (لا تمنوا لقاء العدو) بحذف إحدى التاءين.

157 - باب الحرب خدعة

3025 - ثُمَّ قَامَ فِي النَّاسِ فَقَالَ «أَيُّهَا النَّاسُ لاَ تَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ وَسَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلاَلِ السُّيُوفِ - ثُمَّ قَالَ - اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ وَمُجْرِىَ السَّحَابِ وَهَازِمَ الأَحْزَابِ اهْزِمْهُمْ وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ». وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ حَدَّثَنِى سَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ كُنْتُ كَاتِبًا لِعُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ فَأَتَاهُ كِتَابُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى أَوْفَى - رضى الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ». طرفه 2933 3026 - وَقَالَ أَبُو عَامِرٍ حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا». 157 - باب الْحَرْبُ خَدْعَةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ 3025 - (اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب) ذكر الألفاظ الدالة على القدرة القاهرة، نظرًا إلى مقتضى المقام (واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف) يشير إلى أن الجهاد من أقوى أسباب دخول الجنة، وأن المقتول بمجرد القتل ساقط في الجنة بحيث لا يحتاج إلى الانتقال، وإنما نهى عن تمني لقاء العدو؛ لأن فيه إعجاب المرء بقوته، ولقد نعى الله على الصحابة بقوله: {وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ} [آل عمران: 143] أي: أسبابه من قبل أن تلقوه. (وقال موسى بن عقبة) تعليق من البخاري، وقال شيخنا: عطف على الإسناد المذكور، ثم نقل عن الكرماني أن أبا عامر الرّاوي يجوز أن يكون عبد الله بن مراد الأشعري، قال: وهذا غلط، فإن عبد الله بن مراد ليس له رواية عن المغيرة بن عبد الرحمن، وكذا قوله: 3026 - (وقال أبو عامر) أي: العقدي واسمه عبد الملك أردف المسند بما علقه عنهما تقوية لما أسنده، على أن تعليق أبي عامر رواه مسلم مسندًا، لكن في التعليق اختصار. باب الحرب خدعة قال ابن الأثير: يروى بفتح الخاء وضمها مع سكون الدال، فالأول معناه أن الحرب

3027 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «هَلَكَ كِسْرَى ثُمَّ لاَ يَكُونُ كِسْرَى بَعْدَهُ، وَقَيْصَرٌ لَيَهْلِكَنَّ ثُمَّ لاَ يَكُونُ قَيْصَرٌ بَعْدَهُ، وَلَتُقْسَمَنَّ كُنُوزُهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ». أطرافه 3120، 3618، 6630 3028 - وَسَمَّى الْحَرْبَ خُدْعَةً. طرفه 3029 3029 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَصْرَمَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ سَمَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْحَرْبَ خُدْعَةً. طرفه 3028 3030 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الْحَرْبُ خُدْعَةٌ». ـــــــــــــــــــــــــــــ ينقضي أمرها بخدعة واحدة، أي: المقاتل إذا خدع مرة واحدة لم يكن له الإقالة، قال: وهذا أفصح الروايات، قال النووي: بلغنا أنها لغة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: واتفقوا على جواز خداع الكافر في الحرب، إلا إذا كان له عهد وأمان، ومعنى الثاني: هو الاسم من الخداع، ومعنى الثالث: وهو الخدعة بضم الخاء وفتح الدّال كالهمزة، أي: الحرب تخدع الرجال ولا تفي لهم، ثم روى الحديث في الخدعة عن أبي هريرة من طريقين وعن جابر من طريق. 3027 - (معمر) بفتح الميمين وعين ساكنة (عن همام) بفتح الهاء وتشديد الميم (هلك كسرى [ثم] لا يكون كسرى بعده، وقيصر ليهلكن ثم لا يكون قيصر). فإن قلت: قال هذا لما هلك برويز، وقد ملك بعده ابنه وغيره، والقياصرة بعد هرقل كثيرون؟ قلت: أراد أن تلك الشوكة لا توجد لمن بعدهما، والأمر كان كذلك قسمت كنوزهما في زمن الصحابة. 3029 - (أصرم) بالصاد المهملة (منبه) بضم الميم وفتح النون وتشديد الباء المكسورة (سمع جابرًا) هذه فائدة لم تكن في رواية أبي هريرة فإنها معنعنة.

158 - باب الكذب فى الحرب

158 - باب الْكَذِبِ فِي الْحَرْبِ 3031 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ، فَإِنَّهُ قَدْ آذَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ». قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ أَتُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «نَعَمْ». قَالَ فَأَتَاهُ فَقَالَ إِنَّ هَذَا - يَعْنِى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ عَنَّانَا وَسَأَلَنَا الصَّدَقَةَ، قَالَ وَأَيْضًا وَاللَّهِ قَالَ فَإِنَّا قَدِ اتَّبَعْنَاهُ فَنَكْرَهُ أَنْ نَدَعَهُ حَتَّى نَنْظُرَ إِلَى مَا يَصِيرُ أَمْرُهُ قَالَ فَلَمْ يَزَلْ يُكَلِّمُهُ حَتَّى اسْتَمْكَنَ مِنْهُ فَقَتَلَهُ. طرفه 2510 159 - باب الْفَتْكِ بِأَهْلِ الْحَرْبِ 3032 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ». فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ أَتُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَهُ قَالَ «نَعَمْ». قَالَ فَأْذَنْ لِى فَأَقُولَ. قَالَ «قَدْ فَعَلْتُ». طرفاه 243، 2510 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الكذب في الحرب 3031 - (قتيبة) بضم القاف مصغر (من لكعب بن الأشرف) أي: لقتله كان من يهود قريظة فنقض العهد وشرع في إيذاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (فإنه قد آذى الله ورسوله) ذكر الله في أمثاله للتوطئة وتشريف صدر الكلام، أو المضاف إليه مقدر، أي: أولياء الله أو المراد من الإيذاء القدح في شرع الله (محمَّد بن مسلمة) بفتح الميم والسلام (إن هذا قد عنانا) بفتح العين وتشديد النون أي: أوقعنا في المعناء وهو المشقة (قال: وأيضًا والله لتملنه) بضم اللام، أي: لتزدادن ملالة، واعترض على البخاري بأنه ترجم على الكذب وليس له ذكر في الباب، وهذا الاعتراض عنه ساقط؛ لأنه روى الحديث على دأبه هنا مختصرًا، وسيأتي بطوله، وفيه أنهم قالوا: جئنا لنستلف منك، وقالوا: نرهنك اللأمة، وكل ذلك كذب؛ لأنه خلاف الواقع، وروى الترمذي مرفوعًا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجاز الكذب في ثلاثة مواضع، في الحرب، ومع الزوجة، وفي إصلاح ذات البين، ولو لم يكن كذب في كلام لم يقل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فأذن لي، فأقول كما رواه في الباب بعده قال النووي: لكن الأولى التلويح دون التصريح.

160 - باب ما يجوز من الاحتيال والحذر مع من يخشى معرته

160 - باب مَا يَجُوزُ مِنَ الاِحْتِيَالِ وَالْحَذَرِ مَعَ مَنْ يَخْشَى مَعَرَّتَهُ 3033 - قَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ قَالَ انْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَعَهُ أُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ قِبَلَ ابْنِ صَيَّادٍ، فَحُدِّثَ بِهِ فِي نَخْلٍ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - النَّخْلَ، طَفِقَ يَتَّقِى بِجُذُوعِ النَّخْلِ، وَابْنُ صَيَّادٍ فِي قَطِيفَةٍ لَهُ فِيهَا رَمْرَمَةٌ، فَرَأَتْ أُمُّ ابْنِ صَيَّادٍ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا صَافِ، هَذَا مُحَمَّدٌ، فَوَثَبَ ابْنُ صَيَّادٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ تَرَكَتْهُ بَيَّنَ». طرفه 1355 161 - باب الرَّجَزِ فِي الْحَرْبِ وَرَفْعِ الصَّوْتِ فِي حَفْرِ الْخَنْدَقِ فِيهِ سَهْلٌ وَأَنَسٌ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَفِيهِ يَزِيدُ عَنْ سَلَمَةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ما يجوز من الاحتيال والحذر مع من يخشى معرّته المعرفة: بفتح الميم وتشديد اللام المهملة، العرو: هو المكروه من العرة وهو الشدة. 3033 - روى حديث ابن صياد عن الليث تعليقًا وقد سلف في أبواب الجنائز مسندًا (قبل ابن صياد) بكسر القاف وفتح الباء (فحدث به في نخل) على بناء المجهول، أي: قيل له: إنه في حائط (طلق يتقي بجذوع النخل) أي: شرع في ذلك لئلا يراه ابن صياد (وابن صياد في قطيفة له رمرمة) القطيفة ثوب له خمل، والرمرمة بالراء المهملة والمعجمة، الصوت الخفي الذي لا يفهم معناه (فرأت أم ابن صياد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا صاف) بكسر الفاء وضمها اسم ابن صياد (لو تركته لبين) أي: حاله من الكهانة وغيرها. فإن قلت: ما كانت المعرفة التي تخشى من ابن صياد؟ قلت: كانوا يقولون: إنه الدجال. باب الرجز في الحرب ورفع الصوت في حفر الخندق الرجز -بفتح الراء والجيم وزاي معجمة- ضرب من الشعر، وبعضهم لم يعده شعرًا (فيه سهل وأنس) حديث سهل يأتي مسندًا في فضل الأنصار وحديث أنس تقدم في حفر

162 - باب من لا يثبت على الخيل

3034 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ - رضى الله عنه - قَالَ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَهُوَ يَنْقُلُ التُّرَابَ حَتَّى وَارَى التُّرَابُ شَعَرَ صَدْرِهِ، وَكَانَ رَجُلاً كَثِيرَ الشَّعَرِ وَهْوَ يَرْتَجِزُ بِرَجَزِ عَبْدِ اللَّهِ بن رواحة: 162 - باب مَنْ لاَ يَثْبُتُ عَلَى الْخَيْلِ 3035 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ عَنْ جَرِيرٍ - رضى الله عنه - قَالَ مَا حَجَبَنِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مُنْذُ أَسْلَمْتُ، وَلاَ رَآنِى إِلاَّ تَبَسَّمَ فِي وَجْهِى. طرفاه 3822، 6090 3036 - وَلَقَدْ شَكَوْتُ إِلَيْهِ إِنِّى لاَ أَثْبُتُ عَلَى الْخَيْلِ. فَضَرَبَ بِيَدِهِ فِي صَدْرِى وَقَالَ «اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا». طرفه 3020 ـــــــــــــــــــــــــــــ الخندق, وحديث يزيد عن سلمة بن الأكوع في المغازي. 3034 - (أبو الأحوص) سلام بن سليم (أبو إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي (رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الخندق ينقل التراب، حتى وارى التراب شعر صدره وكان كثير الشعر) لم يكن شعره في سائر البدن، قال ابن الأثير: جاء في وصفه: أجرد ذو مسربة بفتح الميم وضم [الراء] الذي على بدنه شعر، قال: ولم يكن كذلك، وإنما أراد أن الشعر كان على بعض أماكن من بدنه كالبطن والساعدين والساقين، قال: المسربة ما دق من شعر الصدر إلى الجوف، فوصفه بكثرة الشعر بالنسبة إلى سائر المواضع الخالية من بدنه، لا أنه كان أشعر كما تُوهِم ظاهر العبارة، وشرح ما في الحديث تقدم مرارًا. باب من لا يثبت على الخيل 3035 - 3036 - (عبد الله بن نمير) بضم النون مصغر (ابن إدريس) هو عبد الله بن يزيد الكوفي (ما حجبني النبي - صلى الله عليه وسلم - منذ أسلمت) أي: عن الدخول عليه حيث كان الدخول ممكنًا (ولقد شكوت إليه أني لا أثبت على الخيل فضرب بيده في صدري، وقال: اللهم ثبته) إنما ضرب بيده في صدره؛ لأن فيه القلب، وهو محل الثبات واليد محل القدرة.

163 - باب دواء الجرح بإحراق الحصير وغسل المرأة عن أبيها الدم عن وجهه، وحمل الماء فى الترس

163 - باب دَوَاءِ الْجُرْحِ بِإِحْرَاقِ الْحَصِيرِ وَغَسْلِ الْمَرْأَةِ عَنْ أَبِيهَا الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ، وَحَمْلِ الْمَاءِ فِي التُّرْسِ 3037 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ قَالَ سَأَلُوا سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِىَّ - رضى الله عنه - بِأَىِّ شَىْءٍ دُووِىَ جُرْحُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ مَا بَقِىَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّى، كَانَ عَلِىٌّ يَجِئُ بِالْمَاءِ فِي تُرْسِهِ، وَكَانَتْ - يَعْنِى فَاطِمَةَ - تَغْسِلُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ، وَأُخِذَ حَصِيرٌ فَأُحْرِقَ، ثُمَّ حُشِىَ بِهِ جُرْحُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. 164 - باب مَا يُكْرَهُ مِنَ التَّنَازُعِ وَالاِخْتِلاَفِ فِي الْحَرْبِ وَعُقُوبَةِ مَنْ عَصَى إِمَامَهُ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى (وَلاَ تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ). قَالَ قَتَادَةُ الرِّيحُ الْحَرْبُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: [.......] قول البخاري: باب من لا يثبت على الخيل؟ قلت: أشار إلى أنه من كان كذلك ينبغي أن يدعو له أهل الصلاح بالثبات. باب دواء الجرح بإحراق الحصير وغسل المرأة عن أبيها الدم عن وجهه وحمل الماء في الترس 3037 - (أبو حازم) بالحاء المهملة سلمة بن دينار، والحديث تقدم في أبواب الوضوء وبعده مرارًا، ولا إشكال في ألفاظه. باب ما يكره من التنازع والاختلاف في الحرب وعقوبة من عصى إمامه واستدل عليه بقوله تعالى: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال: 46] قال الجوهري: الريح تكون بمعنى الغلبة والقوة، ومنه قوله تعالى: {وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال: 46].

3038 - حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ مُعَاذًا وَأَبَا مُوسَى إِلَى الْيَمَنِ قَالَ «يَسِّرَا وَلاَ تُعَسِّرَا، وَبَشِّرَا وَلاَ تُنَفِّرَا، وَتَطَاوَعَا وَلاَ تَخْتَلِفَا». طرفاه 2261، 4341 3039 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ - رضى الله عنهما - يُحَدِّثُ قَالَ جَعَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الرَّجَّالَةِ يَوْمَ أُحُدٍ - وَكَانُوا خَمْسِينَ رَجُلاً - عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جُبَيْرٍ فَقَالَ «إِنْ رَأَيْتُمُونَا تَخْطَفُنَا الطَّيْرُ، فَلاَ تَبْرَحُوا مَكَانَكُمْ هَذَا حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ، وَإِنْ رَأَيْتُمُونَا هَزَمْنَا الْقَوْمَ وَأَوْطَأْنَاهُمْ فَلاَ تَبْرَحُوا حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ» فَهَزَمُوهُمْ. قَالَ فَأَنَا وَاللَّهِ رَأَيْتُ النِّسَاءَ يَشْتَدِدْنَ قَدْ بَدَتْ خَلاَخِلُهُنَّ وَأَسْوُقُهُنَّ رَافِعَاتٍ ثِيَابَهُنَّ، فَقَالَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُبَيْرٍ الْغَنِيمَةَ - أَىْ قَوْمِ - ـــــــــــــــــــــــــــــ 3038 - (يحيى) كذا وقع، قيل: هو ابن جعفر، وقيل: هو ابن موسى (أبي بردة) بضم الباء (عن جده) هو أبو موسى الأشعري (بعث معاذًا وأبا موسى إلى اليمن فقال: يسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا) جمع بين الأمر بالشيء والنهي عن ضده مبالغة في البيان (وتطاوعا ولا تختلفا) هذا موضع الدلالة على الترجمة. فإن قلت: كل منهما كان واليًا على مِخْلاف على حدة، فأيُّ معنى للوصية بعدم الاختلاف؟ قلت: كانا قريبين فربما أفتى أحدهما، أو حكم وخالفه الآخر. 3039 - ثم روى عن البراء (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جعل على الرَّجَّالة) بفتح الرّاء وتشديد الجيم جمع راجل (عبد الله بن جُبير) بضم الجيم مصغر، هو ابن النعمان بن أمية بن امرئ القيس الأنصاري، شهد العقبة وبدرًا، وقتل يوم أحد (أن رأيتمونا تخطفنا الطير فلا تبرحوا عن مكانكم) الخطف: أخذ الشيء بسرعة، وعادة الطير خطف اللحم، أراد بما قاله المبالغة في الانهزام والهلاك (قال: فأنا والله رأيت النساء يشتددن) أي: نساء الكفار (أي قوم

الْغَنِيمَةَ، ظَهَرَ أَصْحَابُكُمْ فَمَا تَنْتَظِرُونَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جُبَيْرٍ أَنَسِيتُمْ مَا قَالَ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالُوا وَاللَّهِ لَنَأْتِيَنَّ النَّاسَ فَلَنُصِيبَنَّ مِنَ الْغَنِيمَةِ. فَلَمَّا أَتَوْهُمْ صُرِفَتْ وُجُوهُهُمْ فَأَقْبَلُوا مُنْهَزِمِينَ، فَذَاكَ إِذْ يَدْعُوهُمُ الرَّسُولُ فِي أُخْرَاهُمْ، فَلَمْ يَبْقَ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - غَيْرُ اثْنَىْ عَشَرَ رَجُلاً، فَأَصَابُوا مِنَّا سَبْعِينَ، وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ أَصَابَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ أَرْبَعِينَ وَمِائَةً سَبْعِينَ أَسِيرًا وَسَبْعِينَ قَتِيلاً، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ أَفِى الْقَوْمِ مُحَمَّدٌ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، فَنَهَاهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُجِيبُوهُ ثُمَّ قَالَ أَفِى الْقَوْمِ ابْنُ أَبِى قُحَافَةَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَالَ أَفِى الْقَوْمِ ابْنُ الْخَطَّابِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَمَّا هَؤُلاَءِ فَقَدْ قُتِلُوا. فَمَا مَلَكَ عُمَرُ نَفْسَهُ فَقَالَ كَذَبْتَ وَاللَّهِ يَا عَدُوَّ اللَّهِ، إِنَّ الَّذِينَ عَدَدْتَ لأَحْيَاءٌ كُلُّهُمْ، وَقَدْ بَقِىَ لَكَ مَا يَسُوؤُكَ. قَالَ يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ، وَالْحَرْبُ سِجَالٌ، إِنَّكُمْ سَتَجِدُونَ فِي الْقَوْمِ مُثْلَةً لَمْ آمُرْ بِهَا وَلَمْ تَسُؤْنِى، ثُمَّ أَخَذَ يَرْتَجِزُ أُعْلُ هُبَلْ، أُعْلُ هُبَلْ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَلاَ تُجِيبُوا لَهُ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا نَقُولُ قَالَ «قُولُوا اللَّهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ». قَالَ إِنَّ لَنَا الْعُزَّى وَلاَ عُزَّى لَكُمْ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَلاَ تُجِيبُوا لَهُ». قَالَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا نَقُولُ قَالَ «قُولُوا اللَّهُ مَوْلاَنَا وَلاَ مَوْلَى لَكُمْ». أطرافه 3986، 4043، 4067، 4561 ـــــــــــــــــــــــــــــ الغنيمة) بفتح الهمزة حرف النداء (فلما أتوهم صرفت وجوههم) أي: ألقى الله الرعب في قلوبهم، بشؤم المخالفة لأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (فذلك إذ يدعوهم الرسول في أخراهم) أي: في الطائفة المتأخرة معه، وهم اثنا عشر رجلًا (فأصابوا منا سبعين) أي: قتلوا، كان أربعة من المهاجرين، والباقي من الأنصار (فقال أبو سفيان: أني القوم محمَّد؟ ثلاث مرات) وإنما سأل ذلك لأن ابن قميئة قال لهم: قتلت محمدًا حين شج رأسه (فنهاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يجيبوه) لعل الحكمة في هذا النهي أن يظن أن هؤلاء قتلوا، فيهجم عليهم فيتمكنوا من قتله، وإنما أجاب عمر مع تقدم النهي؛ لأنه فهم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه يرضى بالجواب، أو لشدة ما به من [...] لم يملك نفسه، كما يدل عليه قوله: (فلم يملك عمر نفسه)، (يوم بيوم بدر) أي: هذا يوم بيوم (والحرب سجال) أي: دول تارة لنا وتارة علينا (اعل هبل اعل هبل) أراد علو الشأن؛ لأن النصر كالعبادة، قال الأزرقي في تاريخ مكة: هبل صنم جاء به عمرو بن لحي الخزاعي من هيت بلد بالعراق، وكان من عقيق أحمر مكسور اليد اليمنى، فعملت له قريش يدًا من الذهب (إن لنا مولى ولا مولى لكم) المولى هنا بمعنى الناصر، فلا ينافي قوله تعالى:

165 - باب إذا فزعوا بالليل

165 - باب إِذَا فَزِعُوا بِاللَّيْلِ 3040 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَحْسَنَ النَّاسِ، وَأَجْوَدَ النَّاسِ، وَأَشْجَعَ النَّاسِ، قَالَ وَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ لَيْلَةً سَمِعُوا صَوْتًا، قَالَ فَتَلَقَّاهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى فَرَسٍ لأَبِى طَلْحَةَ عُرْىٍ، وَهُوَ مُتَقَلِّدٌ سَيْفَهُ فَقَالَ «لَمْ تُرَاعُوا، لَمْ تُرَاعُوا». ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «وَجَدْتُهُ بَحْرًا». يَعْنِى الْفَرَسَ. طرفه 2627 166 - باب مَنْ رَأَى الْعَدُوَّ فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ يَا صَبَاحَاهْ. حَتَّى يُسْمِعَ النَّاسَ 3041 - حَدَّثَنَا الْمَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِى عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ قَالَ خَرَجْتُ مِنَ الْمَدِينَةِ ذَاهِبًا نَحْوَ الْغَابَةِ، حَتَّى إِذَا كُنْتُ بِثَنِيَّةِ الْغَابَةِ لَقِيَنِى ـــــــــــــــــــــــــــــ {ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ} [الأنعام: 62] لأن ذلك بمعنى المالك المتصرف. باب إذا فزعوا بالليل روى حديث أنس أنه وقع فزع بالمدينة بالليل، فركب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرسًا لأبي طلحة، وقد سلف الحديث مرارًا، والغرض هنا أن الركوب بالليل إلى العدو لا بأس به. 3040 - (قتيبة) بضم القاف مصغر (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم (عري) بضم العين وسكون الراء (لم تراعوا) أي: لم يكن شيء يوجب الشروع والخوف. باب من رأى العدو فنادى بصوته: يا صباحاه قال ابن الأثير: هذه كلمة يقولها المستغيث، وأصلها أنهم كانوا يغزون في الصباح، فكأنه يقول قد جاء وقت القتال والغارة. 3041 - (خرجت من المدينة ذاهبًا نحو الغابة) موضع على مسيرة يوم من المدينة

167 - باب من قال خذها وأنا ابن فلان

غُلاَمٌ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قُلْتُ وَيْحَكَ، مَا بِكَ قَالَ أُخِذَتْ لِقَاحُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. قُلْتُ مَنْ أَخَذَهَا قَالَ غَطَفَانُ وَفَزَارَةُ. فَصَرَخْتُ ثَلاَثَ صَرَخَاتٍ أَسْمَعْتُ مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا يَا صَبَاحَاهْ، يَا صَبَاحَاهْ. ثُمَّ انْدَفَعْتُ حَتَّى أَلْقَاهُمْ وَقَدْ أَخَذُوهَا، فَجَعَلْتُ أَرْمِيهِمْ وَأَقُولُ أَنَا ابْنُ الأَكْوَعِ، وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ، فَاسْتَنْقَذْتُهَا مِنْهُمْ قَبْلَ أَنْ يَشْرَبُوا، فَأَقْبَلْتُ بِهَا أَسُوقُهَا، فَلَقِيَنِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ الْقَوْمَ عِطَاشٌ، وَإِنِّى أَعْجَلْتُهُمْ أَنْ يَشْرَبُوا سِقْيَهُمْ، فَابْعَثْ فِي إِثْرِهِمْ، فَقَالَ «يَا ابْنَ الأَكْوَعِ، مَلَكْتَ فَأَسْجِحْ. إِنَّ الْقَوْمَ يُقْرَوْنَ فِي قَوْمِهِمْ». طرفه 4194 167 - باب مَنْ قَالَ خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ فُلاَنٍ وَقَالَ سَلَمَةُ خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ الأَكْوَعِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ (أُخذت لقاح النبي - صلى الله عليه وسلم -) بكسر اللام جمع لقحة وهي اللبون من النوق (فقلت: من أخذها فقال: غطفان وفزارة) بثلاث فتحات قبيلة من العرب، أولاد غطفان بن سعد بن قيس بن غيلان، وفزارة أولاد سعد بن زيد مناة بن تميم (فصرخت ثلاث صرخات) من الصراخ وهو رفع الصوت (ثم اندفعت حتى ألقاهم) أي: حتى لقيتهم، حكاية حال ماضية (أنا ابن الأكوع) يريد اشتهار نفسه، وهو دأب الشجاع، فإنه يوقع الرعب في قلب العدو (واليوم يوم الرضع) بضم الراء وفتح الضاد، جمع راضع من الرضاع، قيل: أراد اللئام الذين يرضعون الناقة ولا يحلبونها لئلا يرى الناس فيطلبون منه اللبن، قال الجوهري: وقولهم: لئيم راضع، فَفَسره بما ذكرنا، ومعنى قوله: اليوم يوم الرضع، أي: يوم زوالهم (فقلت يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إن القوم عطاش، وإني أعجلتهم أن يشربوا سقيهم) بكسر السين، أي: حظهم من الشرب (يابن الأكوع ملكت فأسجح) بهمزة القطع وتقديم الجيم، يقال: أسجح الكريم إذا عفا (إن القوم يُقرون) بضم الياء علي بناء المجهول من القرى، ويروى بتشديد الراء من القرار، وفيه معجزة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه إخبار بالغيب. فإن قلت: القوم كانوا أهل حرب، فلم عفا عنهم بعد أن قدر عليهم؟ قلت: لما علم أن منهم من يؤمن، وهذا كان شأنه رحمة للعالمين. باب من قال: خذ وأنا ابن فلان

168 - باب إذا نزل العدو على حكم رجل

3042 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ الْبَرَاءَ - رضى الله عنه - فَقَالَ يَا أَبَا عُمَارَةَ، أَوَلَّيْتُمْ يَوْمَ حُنَيْنٍ قَالَ الْبَرَاءُ وَأَنَا أَسْمَعُ أَمَّا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يُوَلِّ يَوْمَئِذٍ، كَانَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ آخِذًا بِعِنَانِ بَغْلَتِهِ، فَلَمَّا غَشِيَهُ الْمُشْرِكُونَ نَزَلَ، فَجَعَلَ يَقُولُ أَنَا النَّبِىُّ لاَ كَذِبْ، أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ قَالَ فَمَا رُئِىَ مِنَ النَّاسِ يَوْمَئِذٍ أَشَدُّ مِنْهُ. طرفه 2864 168 - باب إِذَا نَزَلَ الْعَدُوُّ عَلَى حُكْمِ رَجُلٍ 3043 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِى أُمَامَةَ - هُوَ ابْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ - عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ بَنُو قُرَيْظَةَ عَلَى حُكْمِ سَعْدٍ - هُوَ ابْنُ مُعَاذٍ - بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَكَانَ قَرِيبًا مِنْهُ، فَجَاءَ عَلَى حِمَارٍ، فَلَمَّا دَنَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ـــــــــــــــــــــــــــــ 3042 - روى في الباب حديث سلمة بن الأكوع حيث قال: (خذها وأنا ابن الأكوع) وحديث الكراء أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: يوم حنين (أنا النبي - صلى الله عليه وسلم - لا كذب، أنا ابن عبد المطلب) وقد سلف مع شرحه مرارًا، والغرض أن مثل هذه الألفاظ في الحروب ليست من الافتخار، بل فيها من الأجر لإرهاب العدوّ. باب إذا نزل العدو على حكم رجل 3043 - (سليمان بن حرب) ضد الصلح (أبي أمامة) واسمه سعد (هو ابن سهل بن حُنيف) بضم الحاء مصغر (لما نزلت بنو قُريظة) بضم القاف وفتح الراء مصغر كانوا معاهدين لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ناقضوا العهد معه في غزوة الخندق، على حكم سعد بن معاذ، وكانوا أولًا رضوا بأن ينزلوا على حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلم يرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن بني قينقاع لما نزلوا على ذلك، فشفع ابن أبي رأس النفاق، فأطلقهم فخاف أن يشفع في هؤلاء أيضًا فنزلوا على حكم سعد؛ لأنهم كانوا في الجاهلية حلفاء له. (فجاء على حمار) إنما جاء على حمار؛ لأنه كان مجروحًا أصابه سهم في أكحلة يوم

169 - باب قتل الأسير وقتل الصبر

«قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ». فَجَاءَ فَجَلَسَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لَهُ «إِنَّ هَؤُلاَءِ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِكَ». قَالَ فَإِنِّى أَحْكُمُ أَنْ تُقْتَلَ الْمُقَاتِلَةُ، وَأَنْ تُسْبَى الذُّرِّيَّةُ. قَالَ «لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ الْمَلِكِ». أطرافه 3804، 4121، 6262 169 - باب قَتْلِ الأَسِيرِ وَقَتْلِ الصَّبْرِ 3044 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَامَ الْفَتْحِ وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ، فَلَمَّا نَزَعَهُ جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ إِنَّ ابْنَ خَطَلٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ، فَقَالَ «اقْتُلُوهُ». طرفه 1846 ـــــــــــــــــــــــــــــ الخندق، ومن ذلك مات، كما سيأتي ذكره (قوموا إلى سيدكم) فيه دلالة على استحباب القيام لأهل الفضل، وقال مالك: إنما قال ذلك لأنه كان مريضًا بيساعدوه، ويردُّ ماف له لفظ السيّد (إن هولاء نزلوا على حكمك، قال: فإني أحكم أن تقتل المقاتِلة وأن تسْبَى الذرية، قال: لقد حكمت فيهم بحكم الملِك) بكسر اللام في النسخ المعوّل عليها، وهو الله تعالى الذي له الحكم، ويروى بفتح اللام على الإسناد المجازي لكونه نازلًا من عند الله وروى ابن الأثير أنه قال في جوابه: "لقد حكمت بحكم الله من فوق سبع أرقعة" على وزن أرغفة، جمع رقيع، والرّقيع السّماء، وقيل: سماء الدنيا، فأعطى كل سماء اسمها. باب قتل الأسير وقتل الصَّبْر 3044 - (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل عام الفتح وعلى رأسه المغفر فلما نزعه جاء رجل فقال: إن ابن خطل متعلق بأستار الكعبة، قال: اقتلوه) المِغفر بكسر الميم وغين معجمة، زرد يلبس تحت القلنسوة. فإن قلت: قد روى أصحاب السير أنه دخل وعلى رأسه عمامة سوداء قد أرخى طرفها؟ قلت: لا منافاة لكون العمامة فوق القلنسوة. ابن خطل: -بالخاء المعجمة- اسم عبد الله وكان مسلمًا فارتد وقتل مسلمًا، وكان

170 - باب هل يستأسر الرجل ومن لم يستأسر، ومن ركع ركعتين عند القتل

170 - باب هَلْ يَسْتَأْسِرُ الرَّجُلُ وَمَنْ لَمْ يَسْتَأْسِرْ، وَمَنْ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ عِنْدَ الْقَتْلِ 3045 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرُو بْنُ أَبِى سُفْيَانَ بْنِ أَسِيدِ بْنِ جَارِيَةَ الثَّقَفِىُّ - وَهْوَ حَلِيفٌ لِبَنِى زُهْرَةَ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِى هُرَيْرَةَ - أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَشَرَةَ رَهْطٍ سَرِيَّةً عَيْنًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَاصِمَ بْنَ ثَابِتٍ الأَنْصَارِىَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ يهجو رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كانت له قينتان تغنيان بهجاء المسلمين، فهدر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دمه، وفيه دليل على أن مكة فتحت عنوة، وأن المستحق للقتل يجوز قتله في الحرم، كما قاله الشافعي. فإن قلت: لم يذكر للقتل صبرًا ما يدل عليه؟ قلت: الصبر هو الحبس، وقتل الأسير دلَّ عليه إذ لا يفرق بين أن يقتل الأسير في الحال أو بعد الحبس، فأشار إليه في الترجمة. باب هل يستأسر الرجل ومن لم يستأسر ومن صلى ركعتين عند القتل يقال: استأسر الرّجل إذا صار أسيرًا باختياره. 3045 - (عمرو بن أبي سفيان بن أَسيد بن جارية) عمرو: بفتح العين آخره واو، وقد يوجد عمر بضم العين، قال البخاري في "تاريخه": الصّواب الفتح، وأسيد: بفتح الهمزة على وزن فعيل، والجارية: ضد الغلام. (بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشرة رهط) أي: عشرة أشخاص، قال ابن الأثير: الرهط ما دون العشرة من الرجال، وقيل: إلى الأربعين، وهؤلاء العشرة: عاصم بن ثابت، ومرثد، بن أبي مرثد وعبد الله بن طارق، وخبيب بن عدي، وزيد بن الدثنة، وخالد بن البكير، ومعقب بن عبيد، هؤلاء سبعة ولم أظفر بالثلاثة (سرية عبنًا) صفة سرية، والعين الجاموس يطلق على الجمع، وهذه من تسمية الكل باسم الجزء الذي به قوامه، فإن العمدة في الجاسوس العين، وقال ابن سعد: هذه تسمى سرية الرجيع، وقال ابن الأثير: والرجيع اسم ماء لهذيل، وكانت هذه الغزوة على رأس ستة وثلاثين شهرًا في شهر صفر، وقال ابن إسحاق: كانت بعد أحد سنة أربع. (فأمَّر عليهم عاصم بن ثابت الأنصاري) هو عاصم بن ثابت بن قيس بن عصمة

جَدَّ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ، فَانْطَلَقُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْهَدَأَةِ وَهْوَ بَيْنَ عُسْفَانَ وَمَكَّةَ ذُكِرُوا لِحَىٍّ مِنْ هُذَيْلٍ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو لِحْيَانَ، فَنَفَرُوا لَهُمْ قَرِيبًا مِنْ مِائَتَىْ رَجُلٍ، كُلُّهُمْ رَامٍ، فَاقْتَصُّوا آثَارَهُمْ حَتَّى وَجَدُوا مَأْكَلَهُمْ تَمْرًا تَزَوَّدُوهُ مِنَ الْمَدِينَةِ فَقَالُوا هَذَا تَمْرُ يَثْرِبَ. فَاقْتَصُّوا آثَارَهُمْ، فَلَمَّا رَآهُمْ عَاصِمٌ وَأَصْحَابُهُ لَجَئُوا إِلَى فَدْفَدٍ، وَأَحَاطَ بِهِمُ الْقَوْمُ فَقَالُوا لَهُمُ انْزِلُوا وَأَعْطُونَا بِأَيْدِيكُمْ، وَلَكُمُ الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ، وَلاَ نَقْتُلُ مِنْكُمْ أَحَدًا. قَالَ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ أَمِيرُ السَّرِيَّةِ أَمَّا أَنَا فَوَاللَّهِ لاَ أَنْزِلُ الْيَوْمَ فِي ذِمَّةِ كَافِرٍ، اللَّهُمَّ أَخْبِرْ عَنَّا نَبِيَّكَ. فَرَمَوْهُمْ بِالنَّبْلِ، فَقَتَلُوا عَاصِمًا فِي سَبْعَةٍ، فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ بِالْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ، مِنْهُمْ خُبَيْبٌ الأَنْصَارِىُّ وَابْنُ دَثِنَةَ وَرَجُلٌ آخَرُ، فَلَمَّا اسْتَمْكَنُوا مِنْهُمْ أَطْلَقُوا أَوْتَارَ قِسِيِّهِمْ فَأَوْثَقُوهُمْ فَقَالَ الرَّجُلُ الثَّالِثُ هَذَا أَوَّلُ الْغَدْرِ، وَاللَّهِ لاَ أَصْحَبُكُمْ، إِنَّ فِي هَؤُلاَءِ لأُسْوَةً. يُرِيدُ الْقَتْلَى، فَجَرَّرُوهُ وَعَالَجُوهُ عَلَى أَنْ يَصْحَبَهُمْ فَأَبَى فَقَتَلُوهُ، فَانْطَلَقُوا بِخُبَيْبٍ وَابْنِ دَثِنَةَ حَتَّى بَاعُوهُمَا بِمَكَّةَ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، فَابْتَاعَ خُبَيْبًا بَنُو الْحَارِثِ بْنِ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ قَتَلَ الْحَارِثَ بْنَ عَامِرٍ يَوْمَ بَدْرٍ، فَلَبِثَ خُبَيْبٌ عِنْدَهُمْ أَسِيرًا، فَأَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عِيَاضٍ أَنَّ بِنْتَ الْحَارِثِ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهُمْ حِينَ ـــــــــــــــــــــــــــــ الأوسي، وأما قوله: (جد عاصم بن عمر) بالجيم، قال ابن عبد البر وغيره: الصواب خال عاصم بن عمر؛ لأن أم عاصم بن عمر جميلة بنت ثابت أخت عاصم، كان اسمها عاصية، فسماها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جميلة (فانطلقوا حتى إذا كانوا بالهدأة) بفتح الهاء ودال ساكنة بعدها همزة، ويروى بإسقاط الهمزة (ذكروا لحي من هذيل، يقال لهم: بنو لحيان) هذيل بضم الهاء وذال معجمة مصغر، قال الجوهري: هي من مضر، أولاد هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر، لحيان: بكسر اللام، ابن هذيل (فلما رأوهم لجؤوا) بفتح اللام والجيم (إلى فدفد) بالفاء على وزن جعفر المكان المرتفع (انزلوا فأعطونا بأيديكم) أي: أنفسكم من غير قتال (فقتلوا عاصمًا في سبعة) أي: واحدًا من جملة السبعة (فنزل إليهم ثلاثة رهط بالعهد والميثاق، منهم خبيب الأنصاري) بضم المعجمة مصغر، هو ابن عدي الأوسي من أصحاب بدر ذكره ابن عبد البرّ وغيره، وقال الدّمياطي: خبيب [بن] يساق الخزرجي وابن عدي لم يشهدا بدرًا، والعمدة على ما قاله ابن عبد البر. (فانطلقوا بخبيب وابن الدثنة) بفتح الدال وكسر الثاء المثلثة، اسمه زيد (فلبث خبيب عندهم أسيرًا) لأن ذلك الشهر كان من أشهر الحرم، ما كانوا يقتلون فيه أسيرًا

اجْتَمَعُوا اسْتَعَارَ مِنْهَا مُوسَى يَسْتَحِدُّ بِهَا فَأَعَارَتْهُ، فَأَخَذَ ابْنًا لِى وَأَنَا غَافِلَةٌ حِينَ أَتَاهُ قَالَتْ فَوَجَدْتُهُ مُجْلِسَهُ عَلَى فَخِذِهِ وَالْمُوسَى بِيَدِهِ، فَفَزِعْتُ فَزْعَةً عَرَفَهَا خُبَيْبٌ فِي وَجْهِى فَقَالَ تَخْشَيْنَ أَنْ أَقْتُلَهُ مَا كُنْتُ لأَفْعَلَ ذَلِكَ. وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ أَسِيرًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ خُبَيْبٍ، وَاللَّهِ لَقَدْ وَجَدْتُهُ يَوْمًا يَأْكُلُ مِنْ قِطْفِ عِنَبٍ فِي يَدِهِ، وَإِنَّهُ لَمُوثَقٌ فِي الْحَدِيدِ، وَمَا بِمَكَّةَ مِنْ ثَمَرٍ وَكَانَتْ تَقُولُ إِنَّهُ لَرِزْقٌ مِنَ اللَّهِ رَزَقَهُ خُبَيْبًا، فَلَمَّا خَرَجُوا مِنَ الْحَرَمِ لِيَقْتُلُوهُ فِي الْحِلِّ، قَالَ لَهُمْ خُبَيْبٌ ذَرُونِى أَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ. فَتَرَكُوهُ، فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ لَوْلاَ أَنْ تَظُنُّوا أَنَّ مَا بِى جَزَعٌ لَطَوَّلْتُهَا اللَّهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدًا: وَلَسْتُ أُبَالِى حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِمًا ... عَلَى أَىِّ شِقٍّ كَانَ لِلَّهِ مَصْرَعِى وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الإِلَهِ وَإِنْ يَشَأْ ... يُبَارِكْ عَلَى أَوْصَالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ فَقَتَلَهُ ابْنُ الْحَارِثِ، فَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ سَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ (فلما خرجوا من الحرم ليقتلوه) فإنهم كانوا يعظمون الحرم في الحل، كان ذلك في التنعيم، وهو أقرب أماكن الحل (اللهم أحصهم عددًا) كناية عن إهلاك الكل (واقتلهم بددًا) أي: متفرقين من التبديد، قال ابن الأثير: ويروى بكسر الباء من البدة وهي الحصة، أي: اجعل لكل واحد نصيبًا منه. (ولست أبالي حين أقتل مسلمًا) هذا الشعر من الطويل، قال بعض الشارحين: ويروى: وما أبالي، والظاهر سقوط أنا والذي قاله فاسد؛ لأنه يخرج البحر به من الظويل والصواب سقوط إن، إن صحت الرواية (على أي شق كان لله مصرعي) على أي شتق كان متعلق بأقتل، والشق: بكسر الشين الجانب، وقوله: الله مصرعي، كلام مستأنف، والمصرع: موضع سقوط الميت (وذلك في ذات الإله) أي: القتل والمصرع، وذات الإله كنايته عن إخلاصه في الجهاد (وإن يشأ يبارك على أوصال شلو ممزع) الأوصال: جمع وصل، وهي العضو والشلو: بكسر الشين المعجمة بقية الجسم، والممزع: بالزاي المعجمة اسم مفعول من التمزيع، وهو التفريق (فقتله ابن الحارث) قتله صلبًا، فأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أنزله [عن] الخشبة فقال: الرجل الذي أنزله -هو عمرو بن أمية الضمري، أنزله لما وقع على الأرض- سمعت دحية خلفي فالتفت فلم أر شيئًا، والظاهر أن الملائكة كانوا يزورونه

171 - باب فكاك الأسير

الرَّكْعَتَيْنِ لِكُلِّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ قُتِلَ صَبْرًا، فَاسْتَجَابَ اللَّهُ لِعَاصِمِ بْنِ ثَابِتٍ يَوْمَ أُصِيبَ، فَأَخْبَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَصْحَابَهُ خَبَرَهُمْ وَمَا أُصِيبُوا، وَبَعَثَ نَاسٌ مِنْ كُفَّارِ قُرَيْشٍ إِلَى عَاصِمٍ حِينَ حُدِّثُوا أَنَّهُ قُتِلَ لِيُؤْتَوْا بِشَىْءٍ مِنْهُ يُعْرَفُ، وَكَانَ قَدْ قَتَلَ رَجُلاً مِنْ عُظَمَائِهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ، فَبُعِثَ عَلَى عَاصِمٍ مِثْلُ الظُّلَّةِ مِنَ الدَّبْرِ، فَحَمَتْهُ مِنْ رَسُولِهِمْ، فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى أَنْ يَقْطَعَ مِنْ لَحْمِهِ شَيْئًا. أطرافه 3989، 4086، 7402 171 - باب فَكَاكِ الأَسِيرِ فِيهِ عَنْ أَبِى مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 3046 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «فُكُّوا الْعَانِىَ - يَعْنِى الأَسِيرَ - وَأَطْعِمُوا الْجَائِعَ وَعُودُوا الْمَرِيضَ». أطرافه 5174، 5373، 5649، 7173 ـــــــــــــــــــــــــــــ (فكان خبيب سن الركعتين لكل مسلم قتل صبرًا) أي: أسيرًا، وسمِّيَ بذلك لأنه يقتل بعد الحبس غالبًا، والصبر هو الحبس. (وكان عاصم قد قتل رجلًا من عظمائهم يوم بدر، فبعث الله على عاصم مثل الظلة من الدّبر) بفتح الدال وسكون الباء، قال ابن الأثير: النحل، وقيل: الزنابير، والظلة السحابة التي تظلل (فحمته) بالتخفيف، أي: حفظته من الوصول، قال ابن عبد البرّ: فلما لم يقدروا عليه قالوا: نتوقف إلى الليل، فإن الدّبر يذهب بالليل، فأرسل الله سيلًا فأخذه، فلم يدر أحد أين ذهب. باب فكاك الأسير 3046 - (قُتيبة) بضم القاف مصغر (أبي وائل) شقيق بن سلمة (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فكوا العاني) فسره بالأسير، من عنا يعنو، أي: ذل واستكان، قال تعالى: {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ} [طه: 111] (وأطعموا الجائع) الأمر فيهما للوجوب على الكفاية، وكذا قوله: (وعودوا المريض) والأصح أن هذا ندب.

172 - باب فداء المشركين

3047 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ أَنَّ عَامِرًا حَدَّثَهُمْ عَنْ أَبِى جُحَيْفَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قُلْتُ لِعَلِىٍّ - رضى الله عنه هَلْ عِنْدَكُمْ شَىْءٌ مِنَ الْوَحْىِ إِلاَّ مَا فِي كِتَابِ اللَّهِ قَالَ وَالَّذِى فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ مَا أَعْلَمُهُ إِلاَّ فَهْمًا يُعْطِيهِ اللَّهُ رَجُلاً فِي الْقُرْآنِ، وَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ. قُلْتُ وَمَا فِي الصَّحِيفَةِ قَالَ الْعَقْلُ وَفَكَاكُ الأَسِيرِ، وَأَنْ لاَ يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ. طرفه 111 172 - باب فِدَاءِ الْمُشْرِكِينَ 3048 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِى أُوَيْسٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رِجَالاً مِنَ الأَنْصَارِ اسْتَأْذَنُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ فَلْنَتْرُكْ لاِبْنِ أُخْتِنَا عَبَّاسٍ فِدَاءَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 3047 - (زهير) بضم الزاي مصغر (مطرِّف) بكسر الراء المشددة (عن أبي جحيفة) بضم الجيم بعده حاء مصغر، وهب بن عمرو صحابي مكرّم، روى عن علي أنه لم يكن عنده من علم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سوى القرآن وما في الصحيفة والذي في الصحيفة العقل، أي: مقادير الدّيات (وفكاك الأسير) والحديث مع شرحه في أبواب العلم، في باب كتابة العلم (والذي فلق الحبة) أي: شقها وأنبت منها (وبرأ النسمة) أي: خلقها بريئة من الخلل، والنسمة اففس (وأن لا يقتل مسلم بكافر) هذا حجة على أبي حنيفة رحمه الله ولعله لم يبلغه هذا الحديث، وفي الحديث دلالة على أن القرآن الكريم بحر العلوم، ومن تبحر في العلم لم يتبحر إلا بالتأمل فيه. باب فداء المشركين 3048 - (أويس) بضم الهمزة مصغر (أن رجالًا من الأنصار استأذنوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: ائذن فلنترك لابن أختنا عباس فداءه) وإنما كان ابن أخت لهم، لأن هاشمًا تزوج سلمى بنت زيد أو بنت عمرو بن زيد، من بني النجار، وقيل: لأن أم عباس كانت من الأنصار؛ وهذا وهم فإن أم عبّاس اسمها نثلة بالنون والثاء المثلثة، قال ابن عبد البرة هي

173 - باب الحربى إذا دخل دار الإسلام بغير أمان

فَقَالَ «لاَ تَدَعُونَ مِنْهَا دِرْهَمًا». طرفه 2537 3049 - وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ أُتِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِمَالٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ، فَجَاءَهُ الْعَبَّاسُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَعْطِنِى فَإِنِّى فَادَيْتُ نَفْسِى، وَفَادَيْتُ عَقِيلاً. فَقَالَ «خُذْ». فَأَعْطَاهُ فِي ثَوْبِهِ. طرفه 421 3050 - حَدَّثَنِى مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ - وَكَانَ جَاءَ فِي أُسَارَى بَدْرٍ - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِالطُّورِ. طرفه 765 173 - باب الْحَرْبِىِّ إِذَا دَخَلَ دَارَ الإِسْلاَمِ بِغَيْرِ أَمَانٍ 3051 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْعُمَيْسِ عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَيْنٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ـــــــــــــــــــــــــــــ امرأة من النمر بن قاسط، وإنما أتاه الوهم من أن من أجدادها الخزرج وليس هو خزرج الأنصار، فإن الأوس والخزرج ابنا حارثة بن ثعلبة، والخزرج الذي هو من أجداد العبّاس هو من الخزرج بن تيم الله بن النمر، كذا نسبه ابن عبد البر والجوهري (فقال: لا تدعون منه درهمًا) وذلك لئلا يتوهم الناس لكونه عمًّا له، [..................] كل أحد في أقاربه. 3049 - (وقال إبراهيم بن طهمان) بفتح الظاء وسكون الهاء (صُهيب) بضم الصاد مصغر (أتي بمال من البحرين) على صيغة المثنى. 3050 - (محمود) هو ابن غيلان (معمر) بفتح الميمين وعين ساكنة (محمد بن جُبير) بضم الجيم مصغر (وكان جاء في أسارى بدر) أي: جبير جاء في الأسرى (قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في المغرب بالطور) قال ابن عبد البر عنه: إنه قال كنت خارج المسجد، فلما سمعته يقرأ: {إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ} [الطور: 7] فكأنما صدع قلبي. باب إذا دخل الحربي دار الإسلام بغير أمان 3051 - (أبو نعيم) بضم النون مصغر، فضل بن دكين (أبو العميس) بضم العين مصغر، عتبة بن عبد الله (أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - عين من المشركين) هو الجاسوس، يسمَّى عينًا؛ لأن

174 - باب يقاتل عن أهل الذمة ولا يسترقون

وَهْوَ فِي سَفَرٍ، فَجَلَسَ عِنْدَ أَصْحَابِهِ يَتَحَدَّثُ ثُمَّ انْفَتَلَ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اطْلُبُوهُ وَاقْتُلُوهُ». فَقَتَلَهُ فَنَفَّلَهُ سَلَبَهُ. 174 - باب يُقَاتَلُ عَنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَلاَ يُسْتَرَقُّونَ 3052 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عُمَرَ - رضى الله عنه - قَالَ وَأُوصِيهِ بِذِمَّةِ اللَّهِ وَذِمَّةِ رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُوفَى لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ، وَأَنْ يُقَاتَلَ مِنْ وَرَائِهِمْ، وَلاَ يُكَلَّفُوا إِلاَّ طَاقَتَهُمْ. طرفه 1392 175 - باب جَوَائِزِ الْوَفْدِ ـــــــــــــــــــــــــــــ كونه جاسوسًا لا يمكن بدون العين؛ فكأنه هو (في سفر) كان غزوة حنين، جاء صريحًا في رواية مسلم (فقتله) القاتل سلمة بن الأكوع (فنفله سلبه) أي: أعطاه، وفي رواية: قال من قتله؟ قالوا: سلمة بن الأكوع، فقال: "له سلبة أجمع". باب يقاتل عن أهل الذمة ولا يسترقون 3052 - (أبو عوانة) بفتح العين الوضاح الواسطي (عن حصين) بضم الحاء مصغر (عن عمر قال: وأوصيه) أي: من كان خليفة بعده (بذمة الله) أي: بعهد الله، وهو [..........] به رسول الله على عباده (أن يوفى لهم) أي: بعهد الله ورسوله (وأن يقاتل من ورائهم) أي: من بين أيديهم، فإن لفظ الوراء مشترك، واختلفوا في الذمي إذا نقض العهد هل يسترق؟ الأصح لا، بل يبلغ مأمنه كالمستأمن. فإن قلت: ليس في الحديث ما يدل عليه؟ قلت: يدل عليه ذمة الله؛ لأنه قبل دخوله في الذمة لم يكن يقتل بل يلحق مأمنه، فبعد خروجه كذلك. باب جوائز الوفد الجوائز جمع جائزة وهي العطية، كأنها تجوز بالوافد إلى منزله، وتسمَّى الجيزة، أيضًا بكسر الجيم.

176 - باب هل يستشفع إلى أهل الذمة ومعاملتهم

176 - باب هَلْ يُسْتَشْفَعُ إِلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ وَمُعَامَلَتِهِمْ 3053 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ الأَحْوَلِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ قَالَ يَوْمُ الْخَمِيسِ، وَمَا يَوْمُ الْخَمِيسِ ثُمَّ بَكَى حَتَّى خَضَبَ دَمْعُهُ الْحَصْبَاءَ فَقَالَ اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَجَعُهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ فَقَالَ «ائْتُونِى بِكِتَابٍ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَدًا». فَتَنَازَعُوا وَلاَ يَنْبَغِى عِنْدَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب هل يستشفع إلى أهل الذمة ومعاملتهم 3053 - (قبيصة) بفتح القاف وكسر الباء (يوم الخميس وما يوم الخميس) أي: لا يمكن شرحه من الفظاعة؛ إذ لا شك يكون عند من يؤمن مصجة أعظم من مرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، نفسي الفداء لقبر هو ساكنه (ائتوني بكتاب أكتب لكم كتابًا) أي: أئتوني بقرطاس، سمَّاه كتابًا باعتبار المال، المحققون على أنه أراد كتابة الخلافة للصديق، كما جاء في مسلم ومسند البزار النص على الكتاب لأبي بكر، ثم قال: معاذ الله أن يختلف الناس على أبي بكر وترك الكتاب، فقالوا: هجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال الجوهري: هجر المريض إذا قال ما ليس بحق، وأهجر إذا أفحش. قال القاضي في معنى الحديث: اتفقت رواة البخاري على إثبات الهمزة مثل أكرم، ومعناه بالغ في الإنكار على من قال لا يكتب الكتاب، وفي رواية المستملي: أهجر بهمزة الاستفهام، والمعنى على هذا مخاطبة بعضهم بعضًا، بانتقاله من الدنيا، وهجرته إلى الله، هذا ما قاله القاضي، وفيه نظر، أما أولًا قوله: اتفقت رواةٍ "البخاري" على إثبات الهمزة، فالذي وقعنا عليه من النسخ كلها بلا همزة، وأما ثانيًا فلأن قوله: هجر معناه أفحش، وأوَّلَه بأنه أنكر غاية الإنكار على من قال: لا تكتب، فالقائل لا حاجة بالكتاب هو عمر، وإنما قاله إشفاقًا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه غلبه الوجع كما صرح به البخاري؛ فلا وجه لغاية الإنكار على مثل عمر، فالحق أن رواية الهمزة محمولة على الاستفهام، فيوافق الرواية بدون الهمزة، ومحصل الروايتين الهجرة من الدنيا بقرينة قوله: "لن تضلوا بعدي" ولا يلتفت إلى غير هذا، فإنه لا يليق بتلك الحضرة.

177 - باب التجمل للوفود

نَبِىٍّ تَنَازُعٌ فَقَالُوا هَجَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ «دَعُونِى فَالَّذِى أَنَا فِيهِ خَيْرٌ مِمَّا تَدْعُونِى إِلَيْهِ». وَأَوْصَى عِنْدَ مَوْتِهِ بِثَلاَثٍ «أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَأَجِيزُوا الْوَفْدَ بِنَحْوِ مَا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ». وَنَسِيتُ الثَّالِثَةَ. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ سَأَلْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ. فَقَالَ مَكَّةُ وَالْمَدِينَةُ وَالْيَمَامَةُ وَالْيَمَنُ. وَقَالَ يَعْقُوبُ وَالْعَرْجُ أَوَّلُ تِهَامَةَ. طرفه 114 177 - باب التَّجَمُّلِ لِلْوُفُودِ 3054 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ وَجَدَ عُمَرُ حُلَّةَ إِسْتَبْرَقٍ تُبَاعُ فِي السُّوقِ فَأَتَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْتَعْ هَذِهِ الْحُلَّةَ فَتَجَمَّلْ بِهَا لِلْعِيدِ وَلِلْوُفُودِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّمَا هَذِهِ لِبَاسُ مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ، أَوْ إِنَّمَا يَلْبَسُ ـــــــــــــــــــــــــــــ (أخرجوا المشركين من جزيرة العرب) قال أبو عبيد: جزيرة العرب من حفر أبي موسى الأشعري إلى أقصى اليمن في الطّول، وما بين يبرين إلى منقطع السّماوة في العرض، وقيل: أقصى عدن إلى ريف العراق طولًا، ومن جدّة وساحل البحر إلى أطراف الشام عرضًا، قال الأزهري: سميت جزيرة؛ لأن بكر فارس وبحر السودان أحاطا بجانبيه، وأحاط بجانب الشمال دجلة والفرات (وأجيزوا الوفد) جمع وافد، وهو من يرد على الخلفاء والملوك لمهم، والجائزة العطية (ونسيت والثالثة) القائل سعيد بن جبير، قيل: هي تجهيز جيش أسامة جهَّزه الصديق، وقال: لا أضع راية رفعها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (وقال يعقوب: العرج أول تهامة) العرج بفتح العين وسكون الرّاء، قال ابن الأثير: قرية جامعة من أعمال فرع على أيّام من المدينة. باب التجمل للوفد 3054 - (بكير) بضم الباء مصغر، وكذا (عقيل) روى في الباب أن عمر رأى حلة تباع، فقال: لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - اشترها لتجمل بها في العيد وللوفود، وقد سبق الحديث مع شرحه في أبواب الجمعة، ونشير إلى بعض ألفاظه (الحلة) بضم الحاء ثوبان من جنس واحد (استبرق) الغليظ من الحرير معرب إستبرك (هذا لباس من لا خلاق له) أي: نصيب من

178 - باب كيف يعرض الإسلام على الصبى

هَذِهِ مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ». فَلَبِثَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِجُبَّةِ دِيبَاجٍ، فَأَقْبَلَ بِهَا عُمَرُ حَتَّى أَتَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قُلْتَ «إِنَّمَا هَذِهِ لِبَاسُ مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ أَوْ إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذِهِ مَنْ لا خَلاَقَ لَهُ». ثُمَّ أَرْسَلْتَ إِلَىَّ بِهَذِهِ فَقَالَ «تَبِيعُهَا، أَوْ تُصِيبُ بِهَا بَعْضَ حَاجَتِكَ». طرفه 886 178 - باب كَيْفَ يُعْرَضُ الإِسْلاَمُ عَلَى الصَّبِىِّ 3055 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ عُمَرَ انْطَلَقَ فِي رَهْطٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قِبَلَ ابْنِ صَيَّادٍ حَتَّى وَجَدُوهُ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ عِنْدَ أُطُمِ بَنِى مَغَالَةَ، وَقَدْ قَارَبَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ صَيَّادٍ يَحْتَلِمُ، فَلَمْ يَشْعُرْ حَتَّى ضَرَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ظَهْرَهُ بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَتَشْهَدُ أَنِّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -». فَنَظَرَ إِلَيْهِ ابْنُ صَيَّادٍ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ الأُمِّيِّينَ. فَقَالَ ابْنُ صَيَّادٍ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَتَشْهَدُ أَنِّى رَسُولُ اللَّهِ. قَالَ لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «آمَنْتُ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ» قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَاذَا ـــــــــــــــــــــــــــــ الجنة، من الخلاقة، وهي الملابسة، والإشارة إلى الجنس. باب كيف يعرض الإسلام على الصبي 3055 - روى في الباب حديث ابن الصّياد، وقد سلف مرارًا، ونشير إلى بعض ألفاظه (في رهط) من الواحد إلى العشرة (قِبَل ابن الصياد) بكسر القاف وفتح الباء الجانب والجهة (وجده يلعب مع الغلمان عند أطم بني مغالة) أطم بضم الهمزة والطّاء القصر، وجمعه آطام، ومغالة بفتح الميم وغين معجمة (ضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - ظهره ليده) لعله ضرب ظهره ليخرج ما في صدره (أتشهد أني رسول الله) هذا موضع الدَّلالة على الترجمة (قال: أشهد أنك رسول الأمين) أي: العرب، هذا معتقد طائفة من اليهود، أنه مبعوث إلى العرب (قال ابن الصياد: أتشهد أني رسول الله؟ قال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: آمنت بالله ورسله). فإن قلت: كان الظّاهر تكذيبه؟ قلت: كذَّبه كناية، وهي أبلغ من التصريح، وجه ذلك أنه خاتم الرُسل، ويلزم منه أن يكون كاذبًا في دعواه.

تَرَى». قَالَ ابْنُ صَيَّادٍ يَأْتِينِى صَادِقٌ وَكَاذِبٌ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «خُلِطَ عَلَيْكَ الأَمْرُ». قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنِّى قَدْ خَبَأْتُ لَكَ خَبِيئًا». قَالَ ابْنُ صَيَّادٍ هُوَ الدُّخُّ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اخْسَأْ فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ». قَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، ائْذَنْ لِى فِيهِ أَضْرِبْ عُنُقَهُ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنْ يَكُنْهُ فَلَنْ تُسَلَّطَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْهُ فَلاَ خَيْرَ لَكَ فِي قَتْلِهِ». طرفه 1354 ـــــــــــــــــــــــــــــ قال بعض الشارحين: إنما لم يكذبه؛ لأنه أراد إرخاء العنان معه ليستنزله عند الغير، وفي بعضها عند المغتر به، وهذا لا وجه له كما ترى. (يأتيني صادق وكاذب) هذا على طريقة الكهان، ولذلك قال له: (خلط عليك الأمر) على بناء المجهول بالتشديد. (قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: قد خبأت لك خبيئًا) أي: أضمرت لك ضميرًا (قال هو: الدّخ) -بضم الدَّال وتشديد الخاء- لغة في الدخان، روى الترمذي بإسناد صحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أضمر له قوله تعالى: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (10)} [الدخان: 10] وعلى هذا سقط ما قاله الحاكم هو الزخ بالراء، وكذا ما قاله الخطابي: الزخ نبت بين النخيل (قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: اخسأ فلن تعدو قدرك) الخسأ: طرد الكلب وحقر شأنه، وقوله: "لن تعدو قدرك" أي: رتبتك رتبة الكهان. (قال عمر: ائذن لي فيه أضرب عنقه، قال: إن يكن هو فلن تسَلْط عليه) أي: إن يكن فلست قاتله، فإن قتله على يد عيسى، وكان الظّاهر أن يقول: إن يكنْ إياه، إلا أن الضمائر يقع بعضها موقع بعض (وإن لم يكن هو فلا خير لك) بتقدير حرف العطف، أي: (في قتله) وقال الخطابي: إنما لم يقتله مع دعواه النبوة؛ لأنه كان معاهدًا، وقال شيخنا: في السؤال نظر لأنه لم يدَّع النبوة بل الرسالة؛ لا يلزم من دعوى الرسالة دعوى النبوة، لقوله تعالى: {أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ} [مريم: 83] وفيه نظر؛ لأن قوله: أتشهد أني رسول الله، لم يرد به إلا النبوة؛ ولذلك قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جوابه: "آمنت بالله ورسله" عطف على قوله: عن ابن عمر داخل تحت الإسناد أو تعليق.

179 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - لليهود «أسلموا تسلموا»

3056 - قَالَ ابْنُ عُمَرَ انْطَلَقَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ يَأْتِيَانِ النَّخْلَ الَّذِى فِيهِ ابْنُ صَيَّادٍ، حَتَّى إِذَا دَخَلَ النَّخْلَ طَفِقَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَّقِى بِجُذُوعِ النَّخْلِ وَهْوَ يَخْتِلُ ابْنَ صَيَّادٍ أَنْ يَسْمَعَ مِنِ ابْنِ صَيَّادٍ شَيْئًا قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ، وَابْنُ صَيَّادٍ مُضْطَجِعٌ عَلَى فِرَاشِهِ فِي قَطِيفَةٍ لَهُ فِيهَا رَمْزَةٌ، فَرَأَتْ أُمُّ ابْنِ صَيَّادٍ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ يَتَّقِى بِجُذُوعِ النَّخْلِ، فَقَالَتْ لاِبْنِ صَيَّادٍ أَىْ صَافِ - وَهْوَ اسْمُهُ - فَثَارَ ابْنُ صَيَّادٍ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ تَرَكَتْهُ بَيَّنَ». طرفه 1355 3057 - وَقَالَ سَالِمٌ قَالَ ابْنُ عُمَرَ ثُمَّ قَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي النَّاسِ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ ذَكَرَ الدَّجَّالَ فَقَالَ «إِنِّى أُنْذِرُكُمُوهُ، وَمَا مِنْ نَبِىٍّ إِلاَّ قَدْ أَنْذَرَهُ قَوْمَهُ، لَقَدْ أَنْذَرَهُ نُوحٌ قَوْمَهُ، وَلَكِنْ سَأَقُولُ لَكُمْ فِيهِ قَوْلاً لَمْ يَقُلْهُ نَبِىٌّ لِقَوْمِهِ، تَعْلَمُونَ أَنَّهُ أَعْوَرُ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ». أطرافه 3337، 3439، 4402، 6175، 7123، 7127، 7407 179 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لِلْيَهُودِ «أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا» قَالَهُ الْمَقْبُرِىُّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ. 180 - باب إِذَا أَسْلَمَ قَوْمٌ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَلَهُمْ مَالٌ وَأَرَضُونَ، فَهْىَ لَهُمْ 3058 - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عَلِىِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيْنَ تَنْزِلُ غَدًا فِي حَجَّتِهِ. قَالَ «وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ 3056 - (طفق) شرع (يختل) -بالخاء المعجمة- أي: يختال (في قطيفة) أي: كساء له خمل (زمزمة) بالزاي المكررة مهملة ومعجمة، الصوت الذي لا يفهم منه المعنى (أي: صاف) بفتح الهمزة حرف النداء، ويجوز في الفاء الضم والكسر. باب إذا أسلم قوم في دار الحرب ولهم مال وأرضون فهي لهم على عطف الأراضي على الأموال من عطف الخاص على العام، أو أحد المقابلين إن أريد بالأموال الحدائق على ما كان في عرفهم في ذلك، والحديث حجة على أبي حنيفة في قوله: إذا أسلم بدار الحرب يكون [........] فيئًا للمسلمين. 3058 - (عن أسامة بن زيد قال: يا رسول الله أين تنزل غدًا؟ قال: وهل ترك عقيل من

مَنْزِلاً». ثُمَّ قَالَ نَحْنُ نَازِلُونَ غَدًا بِخَيْفِ بَنِى كِنَانَةَ الْمُحَصَّبِ، حَيْثُ قَاسَمَتْ قُرَيْشٌ عَلَى الْكُفْرِ». وَذَلِكَ أَنَّ بَنِى كِنَانَةَ حَالَفَتْ قُرَيْشًا عَلَى بَنِى هَاشِمٍ أَنْ لاَ يُبَايِعُوهُمْ وَلاَ يُئْوُوهُمْ. قَالَ الزُّهْرِىُّ وَالْخَيْفُ الْوَادِى. 3059 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - اسْتَعْمَلَ مَوْلًى لَهُ يُدْعَى هُنَيًّا عَلَى الْحِمَى فَقَالَ يَا هُنَىُّ، اضْمُمْ جَنَاحَكَ عَنِ الْمُسْلِمِينَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ منزل) معنى هذا الكلام أن عقيلًا كان على دين قريش حين مات أبو طالب فلم يرثه عليٌّ ولا جعفر، ثم باع عقيل تلك المنازل. فإن قلت: منازل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن لعقيل أن يبيع شيئًا منها؟ قلت: الأمر كذلك ولكن تَصَرُّفُ عقيلٍ فيها، لم يرد إبطال ما فعله بعد أن آمن وأسلم. فإن قلت: كيف دل هذا على الترجمة، وهي إذا أسلم قوم بدار الحرب ولهم أموال فهي لهم؟ قلت: أجابوا بأن عقيلًا لم يعرف قبل إسلامه سلّم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إسلامه ولم ينقض تصرفه، فبعد الإسلام من باب الأولى، وهذا شيء لا يدل عليه اللفظ، ولا هو صحيح في ذاته، وذلك أنا أشرنا إلى أن تصرف عقيل لم يكن على وجه الشرع، غايته أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سامحه [بعد] الإسلام، ولم ينقض تصرفه. وأجاب آخرون بأنه منَّ على أهل مكة، فإذا ملكوا منازلهم بالمنِّ وهم كفار، فلو أسلموا قبل الاستيلاء عليهم كانوا مالكين أيضًا من باب الأولى، وهذه الملازمة أيضًا غير مسلمة وهو ظاهر، بل الجواب أن المراد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والأصحاب لما خرجوا من مكة -وهي دار الحرب- كانت الدُّور ملكًا لهم، وبخروجهم من مكة لم يزل ملكهم، وعليه يدل قول تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ} [الحشر: 8] أضاق الدِّيار إليهم. (بخَيف بني كنانة) -بفتح الخاء المعجمة- موضع بمنى والخيف لغة كل موضع ارتفع من مسيل الوادي ولم يبلغ أن يكون جبلًا (أن بني كنانة حالفت قريشًا) -بالحاء المهملة- من الحلف على طريقة الجاهلية، وسيأتي الكلام على هذا مستوفى إن شاء الله تعالى. 3059 - (أن عمر بن الخطاب استعمل مولى له يدعى هُنيًا) بضم الهاء وفتح النون وتشديد الياء مصفر، ويروى بالهمزة بدل الياء (والحمى) موضع يُحمَى عن الدَّواب لإبل الصدقة، فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء بعده (اضمم جناحك عن المسلمين) تمثيل بحال الطائر، والمراد به عدم الظلم، وكف اليد عن إيذاء الناس كما يفعله غلمان الأمراء.

وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ، فَإِنَّ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ مُسْتَجَابَةٌ، وَأَدْخِلْ رَبَّ الصُّرَيْمَةِ وَرَبَّ الْغُنَيْمَةِ، وَإِيَّاىَ وَنَعَمَ ابْنِ عَوْفٍ، وَنَعَمَ ابْنِ عَفَّانَ، فَإِنَّهُمَا إِنْ تَهْلِكْ مَاشِيَتُهُمَا يَرْجِعَا إِلَى نَخْلٍ وَزَرْعٍ، وَإِنَّ رَبَّ الصُّرَيْمَةِ وَرَبَّ الْغُنَيْمَةِ إِنْ تَهْلِكْ مَاشِيَتُهُمَا يَأْتِنِى بِبَنِيهِ فَيَقُولُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. أَفَتَارِكُهُمْ أَنَا لاَ أَبَا لَكَ فَالْمَاءُ وَالْكَلأُ أَيْسَرُ عَلَىَّ مِنَ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ، وَايْمُ اللَّهِ، إِنَّهُمْ لَيَرَوْنَ أَنِّى قَدْ ظَلَمْتُهُمْ، إِنَّهَا لَبِلاَدُهُمْ فَقَاتَلُوا عَلَيْهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَأَسْلَمُوا عَلَيْهَا فِي الإِسْلاَمِ، وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَوْلاَ الْمَالُ الَّذِى أَحْمِلُ عَلَيْهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا حَمَيْتُ عَلَيْهِمْ مِنْ بِلاَدِهِمْ شِبْرًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ (واتق دعوة المظلوم فإن دعوة المظلوم مستجابة). فإن قلت: كم مظلوم يقتل ظلمًا وقاتله سالم، مع أنه يدعو عليه بأنواع من الدّعاء؟ قلت: سيأتي الكلام في أبواب الأدعية أنه إما يُستجاب له في الحال، أو يُدَّخر ما هو خير له في الآخرة، فهذا الإطلاق مقيد بذلك القيد. (وأَدْخِل ربَّ الصُّريمة) -بضم الصاد مصغر- قال ابن الأثير: هي من عشرين إلى أربعين من الصرم، وهو القطع؛ لأنها إذا بلغت هذا القدد يقطعها صاحبها عن إبله (وإيَّاي ونعم ابن عوف ونعم ابن عفان) أصله إياك، فإنه مخاطب غلامه ويأمره وينهاه، وإنما عدل إلى تحذير نفسه فإنه أبلغ في المنع، وقيع: عطف على اتق سابقًا، أي: واتقِّ إيَّايَ، وليس بملائم للمقام، كذا قالوا. وقد روى الدارقطني مما يدل على أنهم أهل المدينة ومن هو لهم، وهو الظاهر من قوله: (إنها بلادهم قاتلوا عليها)، (وايم الله إنهم يرون أني ظلمتهم) -بضم الياء- أي: يظنون، والضمير للأغنياء، بقرينة أنه ذكر ابن عوف وابن عفان، ومن كان حاله حالهما في الغنى (إنها بلادهم قاتلوا عليها في الجاهلية، وأسلموا عليها في الإسلام) هذا موضع الدلالة فإنه دل على أنهم بالإسلام أحرزوا الأراضي، ولولا أن مصالح المسلمين تقتضي ذلك ما حمى الأرض عليهم، و (لولا المال) أراد بالمال: الإبل والخيل.

181 - باب كتابة الإمام الناس

181 - باب كِتَابَةِ الإِمَامِ النَّاسَ 3060 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اكْتُبُوا لِى مَنْ تَلَفَّظَ بِالإِسْلاَمِ مِنَ النَّاسِ». فَكَتَبْنَا لَهُ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةِ رَجُلٍ، فَقُلْنَا نَخَافُ وَنَحْنُ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ فَلَقَدْ رَأَيْتُنَا ابْتُلِينَا حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيُصَلِّى وَحْدَهُ وَهْوَ خَائِفٌ. 3060 م - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِى حَمْزَةَ عَنِ الأَعْمَشِ فَوَجَدْنَاهُمْ خَمْسَمِائَةٍ. قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ مَا بَيْنَ سِتِّمِائَةٍ إِلَى سَبْعِمِائَةٍ. 3061 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِى مَعْبَدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا ـــــــــــــــــــــــــــــ باب كتابة الإمام الناس 3060 - (قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: اكتبوا في من تلفظ بالإسلام فكتبنا له ألفًا وخمسمائة) وروى بعده (فوجدناهم خمسمائة) بلا ألف، وبعدها: (ما بين ستمائة إلى سبعمائة) قيل: وجه التوفيق بين الرِّوايات أن مجموع الرّجال والنّساء ألف وخمسمائة، وليس بشيء لقول حذيفة: كتبنا له ألفًا وخمسمائة رجل، وقيل: خمسمائة من أهل المدينة. وهذا أيضًا باطل لقوله: من تلفظ بالإسلام، فأيُّ دلالة فيه على هذا، بل الجواب الحمل على تعدد الواقعة، وأما حمل الرجل في رواية حذيفة على النفس ليشمل الذكر والأنثى، ففي غاية البعد. (عبدان) على وزن شعبان عبد الله المروزي (عن أبي حمزة) بالحاء محمد بن ميمون السكري (أبو معاوية) محمد بن خازم بالخاء المعجمة. 3061 - (عن ابن جريج) -بضم الجيم مصر- اسمه عبد الملك (عن أبي معبد) -بفتح الميم وسكون العين- واسمه نافذ بالنون والذّال المعجمة. فإن قلت: هل ضُبِطَ عدد الصحابة؟ قلت: قال أبو زرعة عدد من روي عنه أو سمع منه مئة وأربعة عشر ألفًا، وكان معه في حجة الوداع أربعون ألفًا، وفي تبوك سبعون ألفًا، وهذا يدل على أنه لم ينحضر عددهم.

182 - باب إن الله يؤيد الدين بالرجل الفاجر

رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّى كُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا، وَامْرَأَتِى حَاجَّةٌ. قَالَ «ارْجِعْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ». 182 - باب إِنَّ اللَّهَ يُؤَيِّدُ الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ 3062 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ ح وَحَدَّثَنِى مَحْمُودُ بْنُ غَيْلاَنَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ شَهِدْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لِرَجُلٍ مِمَّنْ يَدَّعِى الإِسْلاَمَ «هَذَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ». فَلَمَّا حَضَرَ الْقِتَالُ قَاتَلَ الرَّجُلُ قِتَالاً شَدِيدًا، فَأَصَابَتْهُ جِرَاحَةٌ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، الَّذِى قُلْتَ إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَإِنَّهُ قَدْ قَاتَلَ الْيَوْمَ قِتَالاً شَدِيدًا وَقَدْ مَاتَ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِلَى النَّارِ». قَالَ فَكَادَ بَعْضُ النَّاسِ أَنْ يَرْتَابَ، فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ إِذْ قِيلَ إِنَّهُ لَمْ يَمُتْ، وَلَكِنَّ بِهِ جِرَاحًا شَدِيدًا. فَلَمَّا كَانَ مِنَ اللَّيْلِ لَمْ يَصْبِرْ عَلَى الْجِرَاحِ، فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَأُخْبِرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِذَلِكَ فَقَالَ «اللَّهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنِّى عَبْدُ اللَّهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ وحديث الرجل الذي قال (ارجع فحج مع امرأتك) تقدم الإشارة إلى أن هذا إذا لم تجد محرمًا ولا يكون الجهاد فرض عين. باب إن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر هذا بعض الحديث الذي رواه في الباب. 3062 - (محمود) هو ابن غيلان (معمر) بفتح الميمين بينهما عين ساكنة (عن أبي هريرة قال: شهدنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي: شهدا، قيل: كان هذا بغزوة خيبر، وقيل: غزوة أحد (فقال لرجل ممن يدعي الإسلام: هذا من أهل النار) ذكر ابن إسحاق والواقدي أن اسم هذا الرجل قزمان -بالقاف والزاي المعجمة- قيل: كان منافقًا، وهو الظاهر من قوله: (وإنه من أهل النار) وإلا فالإنسان يقتل نفسه لا يكفر إلا أن يعتقد جواز ذلك (فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك) أي: بأنه قتل نفسه (فقال: الله أكبر) عظم وبه حيث صدقه فيما أخبر به من الغيب، قيل: هذا ينافي قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنا لا نستعين بمشرك" قلت: قوله: رجل ممن يدعي الإسلام، يدفع

183 - باب من تأمر فى الحرب من غير إمرة إذا خاف العدو

وَرَسُولُهُ». ثُمَّ أَمَرَ بِلاَلاً فَنَادَى بِالنَّاسِ «إِنَّهُ لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلاَّ نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ، وَإِنَّ اللَّهَ لَيُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ». أطرافه 4203، 4204، 6606 183 - باب مَنْ تَأَمَّرَ فِي الْحَرْبِ مِنْ غَيْرِ إِمْرَةٍ إِذَا خَافَ الْعَدُوَّ 3063 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ غَيْرِ إِمْرَةٍ فَفُتِحَ عَلَيْهِ، وَمَا يَسُرُّنِى - أَوْ قَالَ مَا يَسُرُّهُمْ - أَنَّهُمْ عِنْدَنَا». وَقَالَ وَإِنَّ عَيْنَيْهِ لَتَذْرِفَانِ. طرفه 1246 ـــــــــــــــــــــــــــــ الإشكال، وأما صفوان بن أمية لما تبع المسلمين في غزوة حنين لم يكن باستعانة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعدم منعه لا يصدق عليه الاستعانة، لأنها طلب الإعانة. باب من تأمر من غير إمرة إذا خاف العدو الإمرة: -بكسر الهمزة- الإمارة، ولا يلزم أن يكون كل ما كان على هذا الوزن مصدرًا نوعيًّا كنشدة وغيره، والمراد بقوله: من غير إمرة، أي: من الإمام، وإلا فخالد إنما صار أميرًا باتفاق الجيش، ذكره أصحاب السير. 3063 - (ابن علية) -بضم العين وتشديد الباء مصغر- واسمه إسماعيل بن إبراهيم وعلية أمه (أخذ الراية زيد فأصيب) كان زيد أميرًا في ذلك الجيش، وهذه غزوة مؤتة وقد سبق الكلام عليها في أبواب الجنائز (فما يسرني أو قال: ما يسرهم أنهم عندنا) لأنهم نالوا شرفًا ورتبة عند الله (وإن عينيه لتذرفان) أي: تسيلان دمعًا، أسند الفعل إلى المحل مبالغة. فإن قلت: قد أخبر أنهم نالوا كرامة عند الله، فلأيِّ معنى كان البكاء؟ قلت: البكاء ليس أمرًا اختياريًّا منشؤه الشوق والحنو، فلا منافاة.

184 - باب العون بالمدد

184 - باب الْعَوْنِ بِالْمَدَدِ 3064 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ وَسَهْلُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَتَاهُ رِعْلٌ وَذَكْوَانُ وَعُصَيَّةُ وَبَنُو لِحْيَانَ، فَزَعَمُوا أَنَّهُمْ قَدْ أَسْلَمُوا، وَاسْتَمَدُّوهُ عَلَى قَوْمِهِمْ، فَأَمَدَّهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِسَبْعِينَ مِنَ الأَنْصَارِ قَالَ أَنَسٌ كُنَّا نُسَمِّيهِمُ الْقُرَّاءَ، يَحْطِبُونَ بِالنَّهَارِ وَيُصَلُّونَ بِاللَّيْلِ، فَانْطَلَقُوا بِهِمْ حَتَّى بَلَغُوا بِئْرَ مَعُونَةَ غَدَرُوا بِهِمْ وَقَتَلُوهُمْ، فَقَنَتَ شَهْرًا يَدْعُو عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَبَنِى لِحْيَانَ. قَالَ قَتَادَةُ وَحَدَّثَنَا أَنَسٌ أَنَّهُمْ قَرَءُوا بِهِمْ قُرْآنًا أَلاَ بَلِّغُوا عَنَّا قَوْمَنَا بِأَنَّا قَدْ لَقِينَا رَبَّنَا فَرَضِىَ عَنَّا وَأَرْضَانَا. ثُمَّ رُفِعَ ذَلِكَ بَعْدُ. طرفه 1001 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: العون بالمدد 3064 - (بشار) بفتح الباء وتشديد المعجمة (ابن أبي عُدي) بضم العين مصغر (وبنو لحيان) -بكسر اللام- أسماء قبائل، وقد ذكرناهم في أول كتاب الجهاد، وسيأتي حديثهم في المغازي بطوله (فاستمدوه على قومهم فأمدهم) هذا موضع الدلالة على الترجمة (حتى بلغوا بئر معونة) -بفتح الميم- اسم موضع (قال قتادة: وحدثنا أنس أنهم قرؤوا لهم قرآنًا) أي: لأجلهم (ثم رفع) أي: نسخ تلاوته كان كان حكمه باقيًا، قيل: ذكر رعل وذكوان هنا وَهْم، فإن هؤلاء ليسوا أصحاب بئر معونة، بل أصحاب الرجيع، قلت: لا وَهْمَ، فإن غزوة الرجيع هي غزوة عاصم وأصحابه مع عضل والقارة، وبئر معونة غزوة القراء كما رواه أنس، إلا أن فيه إشكالًا من وجه آخر، وهو أن أهل السير متفقون على أن الذين استمدوا أبو براء من بني عامر، والذين قتلوا القراء رعل وذكوان وعصيّة. فإن قلت: يجوز أن يكون الاستمداد من الطائفتين؟ قلت: نعم، إلا أنه سيأتي في المغازي أن رعلًا وذكوان تعرضوا للقراء فقالوا: والله ما إيّاكم أردنا، إنما نحن مجتازون في حاجة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهذا صريح في أن الاستمداد لم يكن منهم، ففي الجملة في الجمع بين روايتي أنس إشكال.

185 - باب من غلب العدو فأقام على عرصتهم ثلاثا

185 - باب مَنْ غَلَبَ الْعَدُوَّ فَأَقَامَ عَلَى عَرْصَتِهِمْ ثَلاَثًا 3065 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ ذَكَرَ لَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنْ أَبِى طَلْحَةَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ كَانَ إِذَا ظَهَرَ عَلَى قَوْمٍ أَقَامَ بِالْعَرْصَةِ ثَلاَثَ لَيَالٍ. تَابَعَهُ مُعَاذٌ وَعَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنْ أَبِى طَلْحَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 3976 186 - باب مَنْ قَسَمَ الْغَنِيمَةَ فِي غَزْوِهِ وَسَفَرِهِ وَقَالَ رَافِعٌ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِذِى الْحُلَيْفَةِ، فَأَصَبْنَا غَنَمًا وَإِبِلاً، فَعَدَلَ عَشَرَةً مِنَ الْغَنَمِ بِبَعِيرٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من غلب العدو فأقام على عرصتهم ثلاثًا أي: ثلاث ليال. 3065 - (روح) بفتح الراء وسكون الواو (عُبَادة) بضم العين وتخفيف الباء (عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان إذا ظهر على قوم أقام بالعرصة ثلاث ليال) العرصة: المكان الواسع بين الدور، والمراد هنا مكان الحرب، وإقامته - صلى الله عليه وسلم - كانت لأنه مكان لُطْفِ الله، ألا ترى أنه لما بلغ وادي ثمود. كيف تَقَنَّعَ وأسرع حتى جاز الوادي، وقيل: الاستراحة، وقيل: إظهار للقوة على العدو، وقيل: لتقع الطاعة موقع المعصية. باب من قسم الغنيمة في غزوه وفي سفره (وقال رافع) هو ابن خديج الأنصاري كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بذي الحليفة) -بضم الحاء مصغر- وهذا ليس ذا الحليفة المشهور ميقات أهل المدينة، بل مكان بقرب مكة (فأصبنا إبلًا وغنمًا فعدل عشرة من الغنم ببعير) أي: قومه، قال الجوهري: عدل مخففًا ومثقلًا، أي: قوَّمه.

187 - باب إذا غنم المشركون مال المسلم ثم وجده المسلم

3066 - حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَنَسًا أَخْبَرَهُ قَالَ اعْتَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْجِعْرَانَةِ، حَيْثُ قَسَمَ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ. طرفه 1778 187 - باب إِذَا غَنِمَ الْمُشْرِكُونَ مَالَ الْمُسْلِمِ ثُمَّ وَجَدَهُ الْمُسْلِمُ 3067 - قَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ ذَهَبَ فَرَسٌ لَهُ، فَأَخَذَهُ الْعَدُوُّ، فَظَهَرَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ فَرُدَّ عَلَيْهِ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَأَبَقَ عَبْدٌ لَهُ فَلَحِقَ بِالرُّومِ، فَظَهَرَ عَلَيْهِمُ الْمُسْلِمُونَ، فَرَدَّهُ عَلَيْهِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بَعْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفاه 3068، 3069 ـــــــــــــــــــــــــــــ 3066 - (اعتمر النبي من الجعرانة) بكسر الجيم والعين وتخفيف الراء وتشديد (حيث قسم غنائم حنين) هذا موضع الدلالة على الترجمة، إن أراد بالاستدال على جواز القسمة في السفر، فالاستدال تام، وإن أراد أن القسمة جائزة قبل الإحراز بدار الإسلام -ردًّا على أبي حنيفة- فغير تام؛ لأن الجعرانة إذ ذاك كان دار الإسلام. باب إذا غنم المشركون مال المسلم ثم وجده المسلم 3067 - (ابن نُمير) -بضم النون مصغر- اسمه عبد الله، روى في الباب (أن فرسًا لابن عمر ذهب فأخذه العدو ثم ظهر عليه المسلمون فرده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليه، وأبق له عبد فلحق بالروم فظهر عليه خالد بن الوليد فرده عليه) واعلم أن هذه مسألة مختلف فيها، قال أبو حنيفة ومالك وأحمد: إن وجد المسلم ماله قبل قسمة الغنيمة يأخذه مجانًا، كان بعد القسمة يأخذه بثمنه؛ لما روى أبو داود أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن أحبه بعد القسم أخذه بالثمن" ودليل الجمهور هذه الأحاديث، وحديث ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنها وقعت في أيدي الكفار ثم ركبها امرأة وجاءت بها فأخذها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مجانًا قال الشافعي: وإن وجده في يد من اشتراه ياخذه مجانًا، ويُعْطَى للمشتري ثمنه من مال المصالح، وهو الخمس المرصد.

188 - باب من تكلم بالفارسية والرطانة

3068 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِى نَافِعٌ أَنَّ عَبْدًا لاِبْنِ عُمَرَ أَبَقَ فَلَحِقَ بِالرُّومِ، فَظَهَرَ عَلَيْهِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، فَرَدَّهُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ، وَأَنَّ فَرَسًا لاِبْنِ عُمَرَ عَارَ فَلَحِقَ بِالرُّومِ، فَظَهَرَ عَلَيْهِ فَرَدُّوهُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ. طرفه 3067 3069 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما أَنَّهُ كَانَ عَلَى فَرَسٍ يَوْمَ لَقِىَ الْمُسْلِمُونَ، وَأَمِيرُ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، بَعَثَهُ أَبُو بَكْرٍ، فَأَخَذَهُ الْعَدُوُّ، فَلَمَّا هُزِمَ الْعَدُوُّ رَدَّ خَالِدٌ فَرَسَهُ. طرفه 3067 188 - باب مَنْ تَكَلَّمَ بِالْفَارِسِيَّةِ وَالرَّطَانَةِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى (وَاخْتِلاَفُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ) (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ). 3070 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ أَخْبَرَنَا حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِى سُفْيَانَ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: روى أولًا أن فرس ابن عمر كان في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وروى ثانيًا أن ذلك كان في إمارة الصِّديق؟ قلت: قالوا: الرواية الأولى مرجحة؛ لأن نافعًا أثبت من موسى بن عقبة، وعندي أن هذا ليس موضع الالتباس، فحمل على تعدد الواقعة، ولا يقدح في رواية ثقة مع هذا الاحتمال الظاهر. باب من تكلم بالفارسية والرطانة قال ابن الأثير: الرَّطانة -بكسر الراء وفتحها- كلام لا يفهمه الجمهور، وإنما يكون مواضعة بين اثنين أو جماعة، والعرب تخصُّه غالبًا بكلام المعجم، واستدل على جواز التكلم به بقوله تعالى: {وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ} [الروم: 22] وجه الدلالة أنه ذكره في موضع الامتنان. 3070 - (أبو عاصم) الضحاك بن مخلد (سعيد بن ميناء) بكسر الميم والمد (جابر بن

عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَبَحْنَا بُهَيْمَةً لَنَا، وَطَحَنْتُ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، فَتَعَالَ أَنْتَ وَنَفَرٌ، فَصَاحَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «يَا أَهْلَ الْخَنْدَقِ، إِنَّ جَابِرًا قَدْ صَنَعَ سُؤْرًا، فَحَىَّ هَلاً بِكُمْ». طرفاه 4101، 4102 3071 - حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ خَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أُمِّ خَالِدٍ بِنْتِ خَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَتْ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَعَ أَبِى وَعَلَىَّ قَمِيصٌ أَصْفَرُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «سَنَهْ سَنَهْ». قَالَ عَبْدُ اللَّهِ وَهْىَ بِالْحَبَشِيَّةِ حَسَنَةٌ. قَالَتْ فَذَهَبْتُ أَلْعَبُ بِخَاتَمِ النُّبُوَّةِ، فَزَبَرَنِى أَبِى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «دَعْهَا». ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ «أَبْلِى وَأَخْلِفِى، ثُمَّ أَبْلِى وَأَخْلِفِى، ثُمَّ أَبْلِى وَأَخْلِفِى». ـــــــــــــــــــــــــــــ عبد الله، قلت: يا رسول الله ذبحنا بُهيْمة لنا) بضم الباء وتخفيف الباء مصغر بهمة، بفتح الباء وسكون الهاء، ولد الضأن، يطلق على الذكر والأنثى (فتعال أنت ونفر) أي: وأناس قليلون غايتهم عشرة (فقال: يا أهل الخندق إن جابرًا قد صنع سؤرًا) -بضم السين وواو ساكنة- هذا موضع الدلالة، فإنه لفظ فارسي وهو الطعام الذي يدعى إليه الناس (فحي هلا) أي: تعالوا، ويروى كل واحد من الكلمتين بهذا المعنى، كقول المؤذن: حي على الصلاة، وكقول الشاعر: ألا أبلغا ليلى وقولا لها هلا 3071 - (عن أم خالد بن سعيد) واسمها أمة ضد الحرة (أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليَّ قميص أصفر، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: سنَه سنَه) وفي رواية "سنا سنا" وفي رواية "سناه سناه" وفي الكل تُشَدَّد النون وتُخَفَّف. فإن قلت: قد جاء في الرواية الأخرى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كساها خميصة لها أعلام، وقال: "سنة سنة" مشيرًا إلى أعلامها؟ قلت: لا منافاة، قال لها مرتين. (ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبلي وأخلفي ثم أبلي وأخلفي ثم أبلي وأخلفي) أمران من

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَبَقِيَتْ حَتَّى ذَكَرَ. أطرافه 3874، 5823، 5845، 5993 3072 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِىٍّ أَخَذَ تَمْرَةً مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ، فَجَعَلَهَا فِي فِيهِ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْفَارِسِيَّةِ «كَخٍ كَخٍ، أَمَا تَعْرِفُ أَنَّا لاَ نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ». طرفه 1485 ـــــــــــــــــــــــــــــ أخلفت الثواب، أي: قطعته وأبليته، أي: جعلته باليًا، ومعناه أخلفي هذا، ثم بعده غيره، ثم بعده غيره، ويدل عليه ما قال ابن الأثير: إنه روي بالفاء موضع القاف، وقال: هذا أحسن، أي: اجعل له عوضًا، وبه يظهر فساد ما قيل. فإن قلت: هذا عطف الشيء على نفسه؟ قلت: في المعطوف تأكيد ليس في المعطوف عليه، وأنت تعلم أن هذا ليس من باب التأكيد، وأن الثاني غير الأول كما أشرنا إليه، ويدل عليه قول البخاري في آخر الباب: (لم تعش امرأة ما عاشت) قال شيخنا: ويدل عليه رواية موسى بن عقبة [عنها]، فإمه لم يدرك من الصحابة أحدًا، وقد روى عنها، وتشبيهه بقوله تعالى: {كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ} [التكاثر: 3، 4] ليس بصحيح؛ لأن العلم هناك واحد، غايته أن لفظ: ثم، دلَّ على أن الإنذار الثاني أبلغ من الأول. (فبقيت حتى ذكر) -بالذال المعجمة- أي: طال عمرها بدعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى ذكر بين الناس طول عمرها، وفي بعضها: ذكرت، أي: أم خالد وفي بعضها: دكن -بفتح الدال المهملة- قال ابن الأثير: الدّكانة اغبرار اللون، أي: عاشت أم خالد حتى تغير لون ذلك الثوب، وهذه الرواية عندي غير مرضية؛ لأن دعاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما كان لأم خالد بطول العمر لا للقميص، ولذلك كرر: "أبلي وأخلفي" وموضع الدلالة في الحديث قوله: "سنه" فإنه بمعنى الحسن بلغة الحبشة، وإنما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك؛ لأن أم خالد ولدت بأرض الحبشة، فتلطف معها. 3072 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (غندر) بضم الغين وفتح الدال (زياد) بالزاي المعجمة بعدها ياء - (كخ كخ) - بفتح الكاف وكسرها وسكون الخاء وكسرها مع التنوين وبدونه- وذكره في الباب دليل على أنها كلمة معربة. فإن قلت: أيُّ وجه لذكر التلفظ بالرطانة والفارسية في أبواب الجهاد؟ قلت: للدلالة

189 - باب الغلول

189 - باب الْغُلُولِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ). 3073 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ أَبِى حَيَّانَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو زُرْعَةَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَامَ فِينَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَ الْغُلُولَ فَعَظَّمَهُ وَعَظَّمَ أَمْرَهُ قَالَ «لاَ أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ شَاةٌ لَهَا ثُغَاءٌ عَلَى رَقَبَتِهِ فَرَسٌ لَهُ حَمْحَمَةٌ يَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَغِثْنِى. فَأَقُولُ لاَ أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا، قَدْ أَبْلَغْتُكَ. وَعَلَى رَقَبَتِهِ بَعِيرٌ لَهُ رُغَاءٌ، يَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِى. فَأَقُولُ لاَ أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا، قَدْ أَبْلَغْتُكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ على أن تعلم اللغات مما يحتاج إليه المجاهدون في أسفارهم، وللقصَّاد الواردين من الأقطار. فإن قلت: كيف تكلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالفارسية، فقد روى الحاكم: "الفارسية كلام أهل النار" وروي أيضًا مرفوعا: "من أحسن العربية فلا يتكلمن بالفارسية"؟ قلت: قال شيخنا: سند الحديثين واه. باب الغلول وقول الله عزّ وجل: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: 161] الغلول: الخيانة في الغنيمة، ثم أُطلقت على كل خيانة، واشتقاقها من الغل، وهي الحديدة التي تجمع بيد الأسير إلى عنقه، وجه التسمية كون الأيدي ممنوعة عنه. 3073 - (أبي حيان) -بفتح الحاء وتشديد المثناة- كنية يحيى التيمي (أبو زرعة) -بضم المعجمة- اسمه هرم البجلي (لا أُلفين أحدكم يوم القيامة على رقبته شاة لها ثغاء) "لا ألفينَّ": -بضم الهمزة- أي: لا أجدن، أصل الكلام لا يأت أحد منكم، وإنما عدل إلى قوله: "لا ألفين"؛ لأنه كناية، وهي أبلغ من التصريح، والثغاء -بالثاء المثلثة وغين معجمة- حديث صوت الشاة (على رقبته فرس له حمحمة) -بالحاء المهملة المكررة- صوت الفرس عند طلب العليق، وهذا أخفى من الصهيل (على رقبته بعير له رغاء) -بالراء وغين معجمة-

190 - باب القليل من الغلول

وَعَلَى رَقَبَتِهِ صَامِتٌ، فَيَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِى. فَأَقُولُ لاَ أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا، قَدْ أَبْلَغْتُكَ. أَوْ عَلَى رَقَبَتِهِ رِقَاعٌ تَخْفِقُ، فَيَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِى. فَأَقُولُ لاَ أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا، قَدْ أَبْلَغْتُكَ». وَقَالَ أَيُّوبُ عَنْ أَبِى حَيَّانَ فَرَسٌ لَهُ حَمْحَمَةٌ. طرفه 1402 190 - باب الْقَلِيلِ مِنَ الْغُلُولِ وَلَمْ يَذْكُرْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ حَرَّقَ مَتَاعَهُ، وَهَذَا أَصَحُّ. 3074 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِى الْجَعْدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ كَانَ عَلَى ثَقَلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ـــــــــــــــــــــــــــــ (على رقبته صامت) الذهب والفضة (على رقبته رقاع) جمع رقعة، وهي الخرقة، قال ابن الأثير: أراد الأوراق التي يكتب فيها حقوق الناس، وفيه بعد لأنه بصدد بيان الغلول في الغنائم وسائر الأموال. فإن قلت: شفاعته - صلى الله عليه وسلم - في أهل الكبائر، فكيف قال: "لا أملك لك شيئًا"؟ قلت: هذا محمول على أوَّل الأمر قبل الإذن في الشفاعة. (قال أيوب) هو السختياني (فرس له حمحمة) أي: اقتصر عليه ولم يذكر غيره، وقال بعضهم: غرض البخاري من تعليق أيوب أنه صرح بلفظ الفرس، بخلاف الرواية السابقة فإنه لم يصرح فيها باسم الفرس، وهذا سهو، فإن الرواية السابقة أيضًا فيها ذكر الفرس، وكيف يعقل ذكر الحمحمة بدون ذكر الفرس، قيل: وهي رواية النسفي وابن شبويه. باب القليل من الغلول (ولم يذكر عبد الله بن عمرو عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه حرق متاعه وهذا أصح) حديث عبد الله هذا الذي رواه في الباب بعده، ولو أخر هذا الكلام عن الحديث كان [.......] بقوله هذا أصح على ما رواه أبو داود عن عمرو بن شعيب عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر حرقوا متاع الغال، وبه قال أحمد وإسحاق والثوري، قال البخاري في "تاريخه": حديث باطل. 3074 - (أبي الجعد) بفتح الجيم وسكون العين (على ثقل النبي - صلى الله عليه وسلم -) -بفتح الثاء

191 - باب ما يكره من ذبح الإبل والغنم فى المغانم

رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ كِرْكِرَةُ فَمَاتَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هُوَ فِي النَّارِ». فَذَهَبُوا يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ فَوَجَدُوا عَبَاءَةً قَدْ غَلَّهَا. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ ابْنُ سَلاَمٍ كَرْكَرَةُ، يَعْنِى بِفَتْحِ الْكَافِ، وَهْوَ مَضْبُوطٌ كَذَا. 191 - باب مَا يُكْرَهُ مِنْ ذَبْحِ الإِبِلِ وَالْغَنَمِ فِي الْمَغَانِمِ 3075 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ جَدِّهِ رَافِعٍ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِذِى الْحُلَيْفَةِ، فَأَصَابَ النَّاسَ جُوعٌ وَأَصَبْنَا إِبِلاً وَغَنَمًا، وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي أُخْرَيَاتِ النَّاسِ، فَعَجِلُوا فَنَصَبُوا الْقُدُورَ، فَأَمَرَ بِالْقُدُورِ فَأُكْفِئَتْ، ثُمَّ قَسَمَ فَعَدَلَ عَشَرَةً مِنَ الْغَنَمِ بِبَعِيرٍ، فَنَدَّ مِنْهَا بَعِيرٌ، وَفِى الْقَوْمِ خَيْلٌ يَسِيرٌ فَطَلَبُوهُ فَأَعْيَاهُمْ، فَأَهْوَى إِلَيْهِ رَجُلٌ بِسَهْمٍ، فَحَبَسَهُ اللَّهُ فَقَالَ «هَذِهِ الْبَهَائِمُ لَهَا أَوَابِدُ كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ، فَمَا نَدَّ عَلَيْكُمْ فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا». فَقَالَ جَدِّى إِنَّا نَرْجُو - أَوْ نَخَافُ - أَنْ نَلْقَى الْعَدُوَّ غَدًا ـــــــــــــــــــــــــــــ والقاف- متاع الرجل (رجل يقال له كركرة) بكسر الكاف (قال: ابن سلام) هو محمد بن سلام (كركرة) بفتح الكاف. باب ما يكره من ذبح الإبل والغنم في المغانم 3075 - (أبو عوانة) -بفتح العين- الوضاح الواسطي (عن عباية بن رفاعة) بفتح العين وكسر الراء (كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بذي الحليفة) بضم الحاء مصغر، قد سلف أن هذا مكان بقرب مكة، وليس هو ميقات أهل المدينة (مكان النبي - صلى الله عليه وسلم - في أُخريات القوم) أي: في الطوائف المتأخرة (فعجلوا [فنصبوا] القدور فأمر بالقدور فأكفئت) الآمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإنما فعل ذلك لأنهم كانوا قد خرجوا من دار الحرب، فلا يجوز لهم الأكل من مال الغنيمة، وقيل: لأنهم عجَّلوا فعاقبهم بالحرمان، والأول هو الوجه. فإنا قلت: إضاعة المال لا تجوز، فكيف أمر بإكفاء القدور؟ قلت: ليس في ذلك إتلاف. (هذه البهائم لها أوابد كأوابد الوحوش) جمع آبدة وهي المتوحشة (فما ندَّ عليكم) أي:

192 - باب البشارة فى الفتوح

وَلَيْسَ مَعَنَا مُدًى، أَفَنَذْبَحُ بِالْقَصَبِ فَقَالَ «مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ فَكُلْ، لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ، وَسَأُحَدِّثُكُمْ عَنْ ذَلِكَ، أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ، وَأَمَّا الظُّفُرُ فَمُدَى الْحَبَشَةِ». طرفه 2488 192 - باب الْبِشَارَةِ فِي الْفُتُوحِ 3076 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى قَيْسٌ قَالَ قَالَ لِى جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَلاَ تُرِيحُنِى مِنْ ذِى الْخَلَصَةِ». وَكَانَ بَيْتًا فِيهِ خَثْعَمُ يُسَمَّى كَعْبَةَ الْيَمَانِيَةَ، فَانْطَلَقْتُ فِي خَمْسِينَ وَمِائَةٍ مِنْ أَحْمَسَ، وَكَانُوا أَصْحَابَ خَيْلٍ، فَأَخْبَرْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَنِّى لاَ أَثْبُتُ عَلَى الْخَيْلِ، فَضَرَبَ فِي صَدْرِى حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ أَصَابِعِهِ فِي صَدْرِى فَقَالَ «اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا». فَانْطَلَقَ إِلَيْهَا فَكَسَرَهَا وَحَرَّقَهَا، فَأَرْسَلَ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يُبَشِّرُهُ فَقَالَ رَسُولُ جَرِيرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا جِئْتُكَ حَتَّى تَرَكْتُهَا كَأَنَّهَا جَمَلٌ أَجْرَبُ، فَبَارَكَ عَلَى خَيْلِ أَحْمَسَ وَرِجَالِهَا خَمْسَ مَرَّاتٍ. قَالَ مُسَدَّدٌ بَيْتٌ فِي خَثْعَمَ. طرفه 3020 ـــــــــــــــــــــــــــــ عصيُ عليكم، من ندَّ البعير، و (مدى) جمع مدية، وهي السكين و (أنهر) أي: أجرى، وتمام الكلام على الحديث في كتاب الشركة، في باب قسمة الغنائم. باب البشارة في الفتوح 3076 - روى في الباب حديث جرير في كسر ذي الخلصة (وكان بيتًا فيه خثعم) -بفتح الخاء وثاء مثلثة- قبيلة من عرب اليمن، أبوهم خثعم بن أنمار، ويروي: بيت في خثعم، وهذا أظهر (يسمى كعبة اليمانية) من إضافة الموصوف إلى الصفة، كان خثعم يحج إليها كما يحج الناس البيت المعظم، و (أحمس) قبيلة من أولاد قيس غيلان، والحديث سلف عن قريب، وموضع الدّلالة هنا أن جريرًا أرسل مبشِّرًا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويؤخذ منه استحباب بشارة المسلم فيما فيه سرور.

193 - باب ما يعطى البشير

193 - باب مَا يُعْطَى الْبَشِيرُ وَأَعْطَى كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ ثَوْبَيْنِ حِينَ بُشِّرَ بِالتَّوْبَةِ. 194 - باب لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ 3077 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ «لاَ هِجْرَةَ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا». طرفه 1349 3078 و 3079 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ خَالِدٍ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ النَّهْدِىِّ عَنْ مُجَاشِعِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ جَاءَ مُجَاشِعٌ بِأَخِيهِ مُجَالِدِ بْنِ مَسْعُودٍ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ هَذَا مُجَالِدٌ يُبَايِعُكَ عَلَى الْهِجْرَةِ. فَقَالَ «لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَلَكِنْ أُبَايِعُهُ عَلَى الإِسْلاَمِ». طرفه في 2962، 2963 3080 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌو وَابْنُ جُرَيْجٍ سَمِعْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ما يعطى البشير روى في الباب حديث كعب بن مالك حين أعطى البشير ثوبيه وسيأتي مطولًا في غزوة تبوك. باب لا هجرة بعد الفتح 3077 - (أبي إياس) بكسر الهمزة (شيبان) على وزن شعبان من الشيب (قال النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم فتح مكة: لا هجرة بعد الفتح) أي: الهجرة التي كانت واجبة قبل الفتح على كل مسلم بمكة إلى المدينة، وإلا فلكل أحد الخروج من مكة إلى حيث شاء (وإذا استنفرتم فانفروا) أي: إذا دعيتم إلى الجهاد فاخرجوا إليه. 3078 - 3079 - (يزيد بن زريع) بضم الزاي مصغر زرع (عن أبي عثمان النهدي) واسمه عبد الرحمن (مجاشع) على وزن اسم فاعل، وكذا (مجالد) وفي الحديث كما تقدم.

195 - باب إذا اضطر الرجل إلى النظر فى شعور أهل الذمة والمؤمنات إذا عصين الله وتجريدهن

عَطَاءً يَقُولُ ذَهَبْتُ مَعَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ إِلَى عَائِشَةَ - رضى الله عنها - وَهْىَ مُجَاوِرَةٌ بِثَبِيرٍ فَقَالَتْ لَنَا انْقَطَعَتِ الْهِجْرَةُ مُنْذُ فَتَحَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَكَّةَ. طرفاه 3900، 4312 195 - باب إِذَا اضْطَرَّ الرَّجُلُ إِلَى النَّظَرِ فِي شُعُورِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَالْمُؤْمِنَاتِ إِذَا عَصَيْنَ اللَّهَ وَتَجْرِيدِهِنَّ 3081 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ الطَّائِفِىُّ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَكَانَ عُثْمَانِيًّا فَقَالَ لاِبْنِ عَطِيَّةَ وَكَانَ عَلَوِيًّا إِنِّى لأَعْلَمُ مَا الَّذِى جَرَّأَ صَاحِبَكَ عَلَى الدِّمَاءِ سَمِعْتُهُ يَقُولُ بَعَثَنِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَالزُّبَيْرَ، فَقَالَ «ائْتُوا رَوْضَةَ كَذَا، وَتَجِدُونَ بِهَا امْرَأَةً أَعْطَاهَا حَاطِبٌ كِتَابًا». فَأَتَيْنَا الرَّوْضَةَ فَقُلْنَا الْكِتَابَ. قَالَتْ لَمْ يُعْطِنِى. فَقُلْنَا لَتُخْرِجِنَّ أَوْ لأُجَرِّدَنَّكِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إذا اضطر الرجل إلى النظر في شعور أهل الذمة، والمؤمنات إذا عصين الله، وتجريدهن 3081 - (حوشب) بفتح الحاء على وزن جعفر (هشيم) بضم الهاء مصغر، وكذا (حصين)، وكذا (عبيدة)، (عن أبي عبد الرحمن) هو عبد الله السّلمي بضم السين (وكان عثمانيًّا) أي: ممن يفصّل عثمان على علي (فقال لابن عطية وكان علويًّا) أي: يفضل عليًّا على عثمان (إني لأعلم الذي جرأ صاحبك على الدماء) جرأ على وزن فرح، أي: حَسَّرَ، وذلك (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم) وهذا الذي قاله كلام باطل، فإن تقوى علي وخوفه من الله أشهر من الشمس، كيف يريق دماء المسلمين ظلمًا، بناء على أنه موقن بدخول الجنة (ائتوا روضة كذا) أي: روضة خاخ، كما تقدم (وتجدون بها امرأة أعطاها حاطب كتابًا) هي سارة مولاة لعمران بن صيفي، وقيل: هي كنود المزنية (فقلنا: لتخرجن الكتاب أو لأجردنك) هذا موضع الدلالة. فإن قلت: النظر إلى الأجنبيات حرام سواء كانت ذمية أو مسلمة؛ قلت: الحسن ما حسنَّه الشارع، وأيضًا ربما كان هذا على وجه التهديد. فإن قلت: الذي في الحديث لا دلالة له على الذمية والمسلمة، فإن تلك المرأة كانت مشركة؟ قلت: حرمة النظر إلى المرأة لا يتفاوت بالإسلام وغيره، لا سيما وقد تقيدت في الترجمة بالعصيان.

196 - باب استقبال الغزاة

فَأَخْرَجَتْ مِنْ حُجْزَتِهَا، فَأَرْسَلَ إِلَى حَاطِبٍ فَقَالَ لاَ تَعْجَلْ، وَاللَّهِ مَا كَفَرْتُ وَلاَ ازْدَدْتُ لِلإِسْلاَمِ إِلاَّ حُبًّا، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِكَ إِلاَّ وَلَهُ بِمَكَّةَ مَنْ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهِ عَنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ، وَلَمْ يَكُنْ لِى أَحَدٌ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَتَّخِذَ عِنْدَهُمْ يَدًا. فَصَدَّقَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ عُمَرُ دَعْنِى أَضْرِبْ عُنُقَهُ، فَإِنَّهُ قَدْ نَافَقَ. فَقَالَ «مَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ، فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ». فَهَذَا الَّذِى جَرَّأَهُ. طرفه 3007 196 - باب اسْتِقْبَالِ الْغُزَاةِ 3082 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى الأَسْوَدِ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ وَحُمَيْدُ بْنُ الأَسْوَدِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ لاِبْنِ جَعْفَرٍ - رضى الله عنهم أَتَذْكُرُ إِذْ تَلَقَّيْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَا وَأَنْتَ وَابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ نَعَمْ، فَحَمَلَنَا وَتَرَكَكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ (فأخرجت من حُجزتها) -بضم الحاء- موضع التكة من السراويل. فإن قلت: قد تقدم أنها أخرجته من عقيصتها؟ قلت: محمول على أنها أخرجته من موضع، وأخفته في الآخر ثم أخرجته لهم، وقيل: أو كانت عقيصتها تبلغ حجرتها، ولا يخفى بعده، وهو مختار الشيخ ابن حجر. (لعل الله اطلع على أهل بدر وقال: اعملوا ما شئتم) ليس هذا إذنًا في المعاصي، بل تمثيل يحال من يكون كذلك فإنه غافر ذنبه مهما كان. باب استقبال الغزاة 3082 - (زريع) بضم الزاي مصغر، وكذا (حميد)، (ابن أبي مليكة) عبد الله بن عبيد الله، وأبو مليكة بلفط المصغر اسمه زهير (قال ابن الزبير لأبن جعفر) كلاهما اسمه عبد الله (أتذكر إذ تلقينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أنا وأنت وابن عباس؟ قال: نعم، فحملنا وتركك) القائل: حملنا وتركك، عبد الله بن جعفر، وفي رواية مسلم ومسند الإمام أحمد أن القائل: أتذكر، هو عبد الله بن جعفر، والعمدة على ما في البخاري؛ لما سيأتي أنه حمل عبد الله بن جعفر.

197 - باب ما يقول إذا رجع من الغزو

3083 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ قَالَ السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ - رضى الله عنه ذَهَبْنَا نَتَلَقَّى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَعَ الصِّبْيَانِ إِلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ. طرفاه 4426، 4427 197 - باب مَا يَقُولُ إِذَا رَجَعَ مِنَ الْغَزْوِ 3084 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا قَفَلَ كَبَّرَ ثَلاَثًا قَالَ «آيِبُونَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَائِبُونَ عَابِدُونَ حَامِدُونَ لِرَبِّنَا سَاجِدُونَ، صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ». طرفه 1797 3085 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مَقْفَلَهُ مِنْ عُسْفَانَ، وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَقَدْ أَرْدَفَ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَىٍّ، فَعَثَرَتْ نَاقَتُهُ فَصُرِعَا ـــــــــــــــــــــــــــــ 3083 - (السائب بن يزيد) من صغار الصحابة (إلى ثنية الوداع) سميت بذلك لأن من يُشَيِّع المسافر يودعه هناك، وهي في طريق مكة. باب ما يقول إذ رجع من الغزو 3084 - (جويرية) مصغر جارية (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قفل كبر ثلاثًا) أي: إذا رجع من غزوة (آيبون إن شاء الله تائبون) متعلق بقوله: "تائبون" وما بعده. 3085 - (أبو معمر) -بفتح الميمين- عبد الله المنقري (عن أنس كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - مقفله من عسفان) أي: زمان رجوعه من تلك الغزوة، ويجوز أن يكون مصدرًا فيقدر حين (ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - على راحلته وقد أردف صفية) اتفقوا على أن هذا وَهْمٌ، وهو أنه مقفله من خيبر، وذلك أن غزوة عسفان كانت سنة ست، وصفية من سبي خيبر، وكانت في سنة سبع. قال شيخنا: يمكن تأويله؛ لأن خيبر كانت بعد عسفان فلم يعتد الراوي بالإقامة، قلت: هذا شيء في غاية البعد لا سيما وقد قيده بمقفله (فعثرت ناقته فصرعا) أي: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصفية

198 - باب الصلاة إذا قدم من سفر

جَمِيعًا، فَاقْتَحَمَ أَبُو طَلْحَةَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، جَعَلَنِى اللَّهُ فِدَاءَكَ. قَالَ «عَلَيْكَ الْمَرْأَةَ». فَقَلَبَ ثَوْبًا عَلَى وَجْهِهِ وَأَتَاهَا، فَأَلْقَاهَا عَلَيْهَا وَأَصْلَحَ لَهُمَا مَرْكَبَهُمَا فَرَكِبَا، وَاكْتَنَفْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَمَّا أَشْرَفْنَا عَلَى الْمَدِينَةِ قَالَ «آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ». فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ ذَلِكَ حَتَّى دَخَلَ الْمَدِينَةَ. طرفه 371 3086 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه أَنَّهُ أَقْبَلَ هُوَ وَأَبُو طَلْحَةَ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَمَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - صَفِيَّةُ مُرْدِفَهَا عَلَى رَاحِلَتِهِ، فَلَمَّا كَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ عَثَرَتِ النَّاقَةُ، فَصُرِعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَالْمَرْأَةُ، وَإِنَّ أَبَا طَلْحَةَ - قَالَ أَحْسِبُ قَالَ - اقْتَحَمَ عَنْ بَعِيرِهِ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا نَبِىَّ اللَّهِ جَعَلَنِى اللَّهُ فِدَاءَكَ، هَلْ أَصَابَكَ مِنْ شَىْءٍ قَالَ «لاَ، وَلَكِنْ عَلَيْكَ بِالْمَرْأَةِ». فَأَلْقَى أَبُو طَلْحَةَ ثَوْبَهُ عَلَى وَجْهِهِ، فَقَصَدَ قَصْدَهَا فَأَلْقَى ثَوْبَهُ عَلَيْهَا، فَقَامَتِ الْمَرْأَةُ، فَشَدَّ لَهُمَا عَلَى رَاحِلَتِهِمَا فَرَكِبَا، فَسَارُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِظَهْرِ الْمَدِينَةِ - أَوْ قَالَ أَشْرَفُوا عَلَى الْمَدِينَةِ - قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ». فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُهَا حَتَّى دَخَلَ الْمَدِينَةَ. طرفه 371 198 - باب الصَّلاَةِ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ 3087 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضى الله عنهما قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي سَفَرٍ فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ قَالَ لِى «ادْخُلِ الْمَسْجِدَ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ». طرفه 443 ـــــــــــــــــــــــــــــ (فاقتحم أبو طلحة) أي: نزل عن راحلته، الاقتحام الدخول في الشيء من غير رَوِيَّة (عليك المرأة) بالنصب (فقلب ثوبًا على وجهه) لئلا يقع بصره عليها (فألقاه عليها) ليسترها به. 3086 - (بشر بن المفضل) -بكسر الموحدة وشين معجمة- والمفضل اسم مفعول من التفضيل، وفي الحديث دلالة على أن الإنسان إذا رجع من سفر يحمد الله ويثني عليه بما هو أهله، شكرًا لما أنعم. باب الصلاة إذا قدم من سفر 3087 - روى في الباب عن جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له لما قدم من السفر (قال لي: أدخل المسجد وصلِ ركعتين).

199 - باب الطعام عند القدوم

3088 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ أَبِيهِ وَعَمِّهِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ كَعْبٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ ضُحًى دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ. طرفه 2757 199 - باب الطَّعَامِ عِنْدَ الْقُدُومِ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُفْطِرُ لِمَنْ يَغْشَاهُ. 3089 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ نَحَرَ جَزُورًا أَوْ بَقَرَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ 3088 - وروى عن كعب بن مالك (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قدم من سفر ضحىً دخل المسجد وصلى ركعتين قبل أن يجلس) وكانه جعل ذلك شكرًا للرجوع سالمًا (حرب) ضد الصلح (محارب) اسم فاعل من الحرب (دثار) بكسر الدال وثاء مثلث. باب الطعام عند القدوم يستحب اتخاذ الطعام عند القدوم واسم ذلك الطعام النقيعة -بالنون والقاف- من النقع، وهو الغبار (وكان ابن عمر يفطر لمن يغشاه) بالتشديد في أكثر النسخ، لكن لا تساعده اللغة؛ لأن التفطر جَعلُ آخر مفطرًا، وليس المعنى عليه، اللهم إلا إن يجعل بمعنى الإفطار، لأنا قدَّمنا أنه كان يفطر ولا يصوم قضاء رمضان رعاية لمن يزوره، ليوافقه في الأكل والشرب. روى إسماعيل عن نافع عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يصوم في السفر، فإذا قدم أفطر أيامًا لمن يأتيه زائرًا، ومعنى قوله: أفطر، أنه لم يشتغل في تلك الأيام بقضاء رمضان، لا أنه يفطر في رمضان وهو مقيم. 3089 - 3090 - ثم روى عن جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قدم من غزوة تبوك، فلما بلغ

زَادَ مُعَاذٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مُحَارِبٍ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ اشْتَرَى مِنِّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَعِيرًا بِوَقِيَّتَيْنِ وَدِرْهَمٍ أَوْ دِرْهَمَيْنِ، فَلَمَّا قَدِمَ صِرَارًا أَمَرَ بِبَقَرَةٍ فَذُبِحَتْ فَأَكَلُوا مِنْهَا، فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ أَمَرَنِى أَنْ آتِىَ الْمَسْجِدَ فَأُصَلِّىَ رَكْعَتَيْنِ، وَوَزَنَ لِى ثَمَنَ الْبَعِيرِ. طرفه 433 3090 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَدِمْتُ مِنْ سَفَرٍ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «صَلِّ رَكْعَتَيْنِ». صِرَارٌ مَوْضِعٌ نَاحِيَةً بِالْمَدِينَةِ. طرفه 443 ـــــــــــــــــــــــــــــ صرارًا -بالصاد المهملة- موضع على ثلاثة أميال من المدينة، قال الخطابي: وهو على طريق العراق، وتابعه من بعده وليس كذلك، فإن هذا كان مقفل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من تبوك، فإن تمام الحديث: أنه اشترى من جابر جمله، وهو كان في غزوة تبوك بلا خلاف على ما وقع من البخاري، وإنما التبس على الخطابي أن صرارًا ليس مكانًا واحدًا بعينه، وذلك أن الجوهري قال: الصرار: الأماكن المرتفعة، فيجوز أن يكون بطريق العراق مكان معروف بصرار، ولكن ليس حمل ما في الحديث على ذلك مستقيم، بل مكان آخر مرتفع [على] طريق تبوك واسم حجر؛ صادق عليه، هذا على ما وقع في البخاري من أن قضية جابر كانت في غزوة تبوك، لكن قد تقدم أن أهل السير على أن هذا كان في غزوة ذات الرقاع، واختاره شيخنا ابن حجر؛ لأن جابرًا علَّل تزوّجه بالمرأة الثيب أن أباه قتل وتخلف عنه بنات، وبين أُحد وبين تبوك مدة طويلة.

57 - كتاب فرض الخمس

57 - كتاب فرض الخمس 1 - باب فَرْضِ الْخُمُسِ 3091 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عَلِىُّ بْنُ الْحُسَيْنِ أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِىٍّ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ كَانَتْ لِى شَارِفٌ مِنْ نَصِيبِى مِنَ الْمَغْنَمِ يَوْمَ بَدْرٍ، وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَعْطَانِى شَارِفًا مِنَ الْخُمُسِ، فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَبْتَنِىَ بِفَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَاعَدْتُ رَجُلاً صَوَّاغًا مِنْ بَنِى قَيْنُقَاعَ، أَنْ يَرْتَحِلَ مَعِىَ فَنَأْتِىَ بِإِذْخِرٍ أَرَدْتُ أَنْ أَبِيعَهُ الصَّوَّاغِينَ، وَأَسْتَعِينَ بِهِ فِي وَلِيمَةِ عُرْسِى، فَبَيْنَا أَنَا أَجْمَعُ لِشَارِفَىَّ مَتَاعًا مِنَ الأَقْتَابِ وَالْغَرَائِرِ وَالْحِبَالِ، وَشَارِفَاىَ مُنَاخَانِ إِلَى جَنْبِ حُجْرَةِ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ، رَجَعْتُ حِينَ جَمَعْتُ مَا جَمَعْتُ، فَإِذَا شَارِفَاىَ ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب فرض الخمس قالوا: فرض الخمس في غزوة حنين، لكن حديث علي في الباب يدل على أنه نزل في غنائم بدر، وأيضًا قصة سعد بن أبي وقاص، أنه أخذ سيفًا من المغنم، وقال: أعطني يا رسول الله هذا السّيف، فقال له: "رده إلى القبض" يريد به المغنم، ثم ناداه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال: "طلبت السيف ولم يكن أمره إليَّ، والآن قد صار الأمر إليَّ خذ السيف" وإنما صار إليه بقوله: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41] كيف وقوله: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم ...} [الأنفال: 41] إنما نزل في غنائم بدر. 3091 - (عبدان) على وزن شعبان، عبد الله المروزي (علي بن الحسين) هو الإمام زين العابدي، يروي عن أبيه الشهيد بكربلاء، عن جدِّه الإمام بالحق رضي الله عنهم أجمعين، ما أعظم هذا السند (كانت لي شارف) أي: نافة مُسِنَّة كأنها بشرف الموت (واعدت رجلًا صَوَّاغًا من بني قينقاع) -بفتح القاف بعدها ياء ساكنة وبعدها نون مضمومة، بعدها قاف أخرى- طائفة من اليهود من أولاد يوسف الصديق، منهم عبد الله بن سلام المشهود له بالجنة (فيما أنا أجمع لشَارِفيَّ متاعًا من الأقتاب والغرائر والحبال) الأقتاب: جمع قتب، وهو للبعير

قَدِ اجْتُبَّ أَسْنِمَتُهُمَا وَبُقِرَتْ خَوَاصِرُهُمَا، وَأُخِذَ مِنْ أَكْبَادِهِمَا، فَلَمْ أَمْلِكْ عَيْنَىَّ حِينَ رَأَيْتُ ذَلِكَ الْمَنْظَرَ مِنْهُمَا، فَقُلْتُ مَنْ فَعَلَ هَذَا فَقَالُوا فَعَلَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَهْوَ فِي هَذَا الْبَيْتِ فِي شَرْبٍ مِنَ الأَنْصَارِ. فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَعِنْدَهُ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، فَعَرَفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي وَجْهِى الَّذِى لَقِيتُ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَا لَكَ» فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهَ، مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ قَطُّ، عَدَا حَمْزَةُ عَلَى نَاقَتَىَّ، فَأَجَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا وَبَقَرَ خَوَاصِرَهُمَا، وَهَا هُوَ ذَا فِي بَيْتٍ مَعَهُ شَرْبٌ. فَدَعَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِرِدَائِهِ فَارْتَدَى ثُمَّ انْطَلَقَ يَمْشِى، وَاتَّبَعْتُهُ أَنَا وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ حَتَّى جَاءَ الْبَيْتَ الَّذِى فِيهِ حَمْزَةُ، فَاسْتَأْذَنَ فَأَذِنُوا لَهُمْ فَإِذَا هُمْ شَرْبٌ، فَطَفِقَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَلُومُ حَمْزَةَ فِيمَا فَعَلَ، فَإِذَا حَمْزَةُ قَدْ ثَمِلَ مُحْمَرَّةً عَيْنَاهُ، فَنَظَرَ حَمْزَةُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ فَنَظَرَ إِلَى رُكْبَتِهِ، ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ فَنَظَرَ إِلَى سُرَّتِهِ، ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ فَنَظَرَ إِلَى وَجْهِهِ ثُمَّ قَالَ حَمْزَةُ هَلْ أَنْتُمْ إِلاَّ عَبِيدٌ لأَبِى فَعَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَدْ ثَمِلَ، فَنَكَصَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى عَقِبَيْهِ الْقَهْقَرَى وَخَرَجْنَا مَعَهُ. طرفه 2089 ـــــــــــــــــــــــــــــ كالبردعة للحمار (فإذا شارفايَّ قد اجتُبَّ أسنمتهما) جمع سنام، أي: قطعت (وبقرت خواصرهما) أي: شُقَّت، والأشهر جبت، من الثلاي من الجبّ -بتشديد الباء- وهو القطع (فلم أملك عيني) كناية عن غلبة البكاء، والبكاء منه لم يكن على فوات الدنيا، بل إنه يقع تقصير في السرعة إلى الوصول إلى فاطمة رضي الله عنها (فقلت من فعل هذا؟ قالوا: حمزة ين عبد المطلب وهو في هذا البيت في شَرْب من الأنصار) -بفتح الشين وسكون الراء- جمع شارب، أو اسم جمع (فانطلقت حتى أدخل) بالرفع، والنصب أيضًا جائز، إن أريد ببيته ما قبل (عدا حمزة على ناقتي) -بعين مهملة- من العدوان (فاستأذن) أي: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (فأذنوا لهم) أي: له ولمن معه، وهما: علي وزيد بن حارثة (فإذا حمزة ثمل) على وزن فعِل -بكسر العين- أي: سكران غايته، ضد النشان (فنكص رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[على عقبيه] القهقرى) إلى جهة الخلف، وذلك لمّا علم أنه أثر فيه السكر، بحيث لا يدري الحسن من القبح، فربما يصيبه منه شيء يكره، وموضع الدلالة ذكر شارف الخمس.

3092 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ - رضى الله عنها - أَخْبَرَتْهُ أَنَّ فَاطِمَةَ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ - ابْنَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَأَلَتْ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَقْسِمَ لَهَا مِيرَاثَهَا، مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ. أطرافه 3711، 4035، 4240، 6725 3093 - فَقَالَ لَهَا أَبُو بَكْرٍ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ». فَغَضِبَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَهَجَرَتْ أَبَا بَكْرٍ، فَلَمْ تَزَلْ مُهَاجِرَتَهُ حَتَّى تُوُفِّيَتْ وَعَاشَتْ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سِتَّةَ أَشْهُرٍ. قَالَتْ وَكَانَتْ فَاطِمَةُ تَسْأَلُ أَبَا بَكْرٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ 3092 - 3093 - ثم روى عن عائشة (أن فاطمة سألت: أبا بكر الصديق ميراثها من أبيها مما أفاء الله عليه) الفيء: المال الحاصل من الكفار بلا قتال، وهذا كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاصة بنص القرآن (فقال أبو بكر: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا نورث) -بالنون- أي: معشر الأنبياء، كما صرَّح به في الروّاية الأخرى (ما تركناه صدقه) أي: كل شيء تركناه صدقه، أي: سوى نفقة زوجاته ومؤنة عامله، وصحَّفه بعض الرَّوافض -بياء الغيبة بدل النون، ونصب صدقة- على الحال، أي: لا يورث ما تركناه حال كونه صدقة، وهذا مع كونه تحريفًا لكلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. لا يجديه، فإن هذا ليس مخصوصًا بالأنبياء، بل كل أحد كذلك، فإنما ترك حال كونه صدقة لا يورث، فأيُّ فائدة في ذلك الخبر؟ (فلم تزل مهاجرته حتى توفيت). فإن قلت: قد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فاطمة بضعة مني يريبني ما رابها" وفي رواية: "من آذاها فقد آذاني"؟ قلت: لم يكن فعل أبي بكر معها إيذاء شرعًا، فإنه دلها على الصواب، ولو أجابها إلى سؤالها كان معصية من وجهين: الأول: مخالفة أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإبطال صدقته. الثاني: أنه كان ما يعطي لفاطمة مالًا حرامًا بلا خلاف.

نَصِيبَهَا مِمَّا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ خَيْبَرَ وَفَدَكٍ وَصَدَقَتِهِ بِالْمَدِينَةِ، فَأَبَى أَبُو بَكْرٍ عَلَيْهَا ذَلِكَ، وَقَالَ لَسْتُ تَارِكًا شَيْئًا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَعْمَلُ بِهِ إِلاَّ عَمِلْتُ بِهِ، فَإِنِّى أَخْشَى إِنْ تَرَكْتُ شَيْئًا مِنْ أَمْرِهِ أَنْ أَزِيغَ. فَأَمَّا صَدَقَتُهُ بِالْمَدِينَةِ فَدَفَعَهَا عُمَرُ إِلَى عَلِىٍّ وَعَبَّاسٍ، فَأَمَّا خَيْبَرُ وَفَدَكٌ فَأَمْسَكَهَا عُمَرُ وَقَالَ هُمَا صَدَقَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَتَا لِحُقُوقِهِ الَّتِى تَعْرُوهُ وَنَوَائِبِهِ، وَأَمْرُهُمَا إِلَى مَنْ وَلِىَ الأَمْرَ. قَالَ فَهُمَا عَلَى ذَلِكَ إِلَى الْيَوْمِ. أطرافه 3712، 4036، 4241، 6726 ـــــــــــــــــــــــــــــ وأمَّا هجرها مع أنه لا يجوز هجران المؤمن فوق ثلاث، فقد أجابوا بأنه لم يكن على ذلك الوجه، وهو أن يلتقيا فلا يسلم أحدهما على الآخر، والظاهر أن هذا كان على مقتضى البشرية من نوع دلالة، ألا ترى أن عليًّا لما صار أبو بكر خليفة ولم يشاوره كيف تغير خاطره وهاجره على ذلك؟ (وَفَدَك) -بفتحتين- يصرف ولا يصرف، قال الجوهري: قرية من أعمال خيبر، والصواب من أعمال المدينة على مرحلتين منها، وصدقته بالمدينة هي: أموال بني النضير، قال القاضي: الأموال التي صارت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبع حوائط كانت [لمخيريق]، أو أوصى له يوم أُحد، وكانت في بني النضير، وما أعطاه الأنصار ما لا يبلغه الماء، ونصف فدك صالح عليه أهلها بعد فتح خيبر، وثلث أرض وادي القرى أخذه من اليهود حين صالح، والوطيح والسلالم من حصون خيبر، وخمس ما فتح غيره من بلاد خيبر، هذا كله كان له خاصة، يأخذ منه نفقة سنة لأزواجه، ويجعل الباقي في مصالح المسلمين (وأما فدك وخيبر فامسكهما عمر) أي: بعض فدك وبعض خيبر، كما فصَّلناه آنفًا (وقال هما صدقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانتا لحقوقه التي تعروه) -بالعين المهملة- أي: تجب عليه وتلحقه (ونوائبه) جمع نائبه، وهي: ما يصيب الإنسان من الخير والشر. قصة فدك -بفتح الفاء والدال- قرية بينها وبين المدينة ثلاث مراحل، كان بها طائفة من اليهود، فلما فتح خيبر سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يخلي سبيلهم ويتركوا له البلد، فأجابهم إلى ذلك.

3094 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرْوِىُّ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ، وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرٍ ذَكَرَ لِى ذِكْرًا مِنْ حَدِيثِهِ ذَلِكَ، فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ الْحَدِيثِ فَقَالَ مَالِكٌ بَيْنَا أَنَا جَالِسٌ فِي أَهْلِى حِينَ مَتَعَ النَّهَارُ، إِذَا رَسُولُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يَأْتِينِى فَقَالَ أَجِبْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى عُمَرَ، فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى رِمَالِ سَرِيرٍ، لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فِرَاشٌ مُتَّكِئٌ عَلَى وِسَادَةٍ مِنْ أَدَمٍ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ جَلَسْتُ فَقَالَ يَا مَالِ، إِنَّهُ قَدِمَ عَلَيْنَا مِنْ قَوْمِكَ أَهْلُ أَبْيَاتٍ، وَقَدْ أَمَرْتُ فِيهِمْ بِرَضْخٍ فَاقْبِضْهُ فَاقْسِمْهُ بَيْنَهُمْ. فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَوْ أَمَرْتَ بِهِ غَيْرِى. قَالَ اقْبِضْهُ أَيُّهَا الْمَرْءُ. فَبَيْنَا أَنَا جَالِسٌ عِنْدَهُ أَتَاهُ حَاجِبُهُ يَرْفَا فَقَالَ هَلْ لَكَ فِي عُثْمَانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَالزُّبَيْرِ وَسَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ 3094 - (إسحاق بن محمد الفروي) بالفاء نسبة إلى جده فروة (مالك بن أوس) بفتح الدال والثاء (محمد بن جُبير) بضم الجيم مصغر (وكان محمد بن جبير ذكر لي من حديثه) هذا كلام الزهريّ، يريد أنه كان سمع الحديث من محمد بن جبير، وهو يرويه بالواسطة، فسأل مالك بن أوس ليرويه بلا واسطه (مَتْع النهار) -بفتح الميم وتخفيف التاء- أي: ارتفع، من متع الشيء: إذا بقي. (فإذا رسول عمر بن الخطاب، فقال: أجب [أمير] المؤمنين، فانطلقت معه حتى أُدخل على عمر) برفع أدخل، ويجوز نصبه (فإذا هو جالس على رمال سرير) -بضم الراء- من إضافة الصفة إلى الموصوف، أي: مرمول من رمل الحصير، نسجه، قال ابن الأثير: يقال: رمله ورمَّله -بالتشديد للمبالغة- ومحصلة: أنه جلس عليه بلا فراش (فقال يا مال) -بكسر اللام وضمها مرخَّم مالك (إنه قدم علينا أهل أبيات من قومك فأمرت لهم بِرَضْخ) قومه: بنو نصر، فإنه مالك بن أوس بن الحدثان بن نصر بن معاوية، قال الجوهري: هم قبلة من أسد، والرَّضخ -بفتح الراء وسكون الضَّاد والخاء المعجمة- السهم الذي لا تقدير فيه للشارع. (فبينما أنا جالس عنده أتى حاجبه يرفأ) بالفاء على وزن يعلم، ويقال: يرفا على وزن يحيى، اسم حاجبه (فقال: هل لك في عثمان، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد

يَسْتَأْذِنُونَ قَالَ نَعَمْ. فَأَذِنَ لَهُمْ فَدَخَلُوا فَسَلَّمُوا وَجَلَسُوا، ثُمَّ جَلَسَ يَرْفَا يَسِيرًا ثُمَّ قَالَ هَلْ لَكَ فِي عَلِىٍّ وَعَبَّاسٍ قَالَ نَعَمْ. فَأَذِنَ لَهُمَا، فَدَخَلاَ فَسَلَّمَا فَجَلَسَا، فَقَالَ عَبَّاسٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، اقْضِ بَيْنِى وَبَيْنَ هَذَا. وَهُمَا يَخْتَصِمَانِ فِيمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ بَنِى النَّضِيرِ. فَقَالَ الرَّهْطُ عُثْمَانُ وَأَصْحَابُهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، اقْضِ بَيْنَهُمَا وَأَرِحْ أَحَدَهُمَا مِنَ الآخَرِ. قَالَ عُمَرُ تَيْدَكُمْ، أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِى بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ». يُرِيدُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَفْسَهُ. قَالَ الرَّهْطُ قَدْ قَالَ ذَلِكَ. فَأَقْبَلَ عُمَرُ عَلَى عَلِىٍّ وَعَبَّاسٍ فَقَالَ أَنْشُدُكُمَا اللَّهَ، أَتَعْلَمَانِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ قَالَ ذَلِكَ قَالاَ قَدْ قَالَ ذَلِكَ. قَالَ عُمَرُ فَإِنِّى أُحَدِّثُكُمْ عَنْ هَذَا الأَمْرِ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ خَصَّ رَسُولَهُ - صلى الله عليه وسلم - فِي هَذَا الْفَىْءِ بِشَىْءٍ لَمْ يُعْطِهِ أَحَدًا غَيْرَهُ - ثُمَّ قَرَأَ (وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ) إِلَى قَوْلِهِ (قَدِيرٌ) - فَكَانَتْ هَذِهِ خَالِصَةً لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. وَاللَّهِ مَا احْتَازَهَا دُونَكُمْ، وَلاَ اسْتَأْثَرَ بِهَا عَلَيْكُمْ قَدْ أَعْطَاكُمُوهُ، وَبَثَّهَا فِيكُمْ حَتَّى بَقِىَ مِنْهَا هَذَا الْمَالُ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَتِهِمْ مِنْ هَذَا الْمَالِ، ثُمَّ يَأْخُذُ مَا بَقِىَ فَيَجْعَلُهُ مَجْعَلَ مَالِ اللَّهِ، فَعَمِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِذَلِكَ حَيَاتَهُ، أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمُونَ ذَلِكَ قَالُوا نَعَمْ. ثُمَّ قَالَ لِعَلِىٍّ وَعَبَّاسٍ أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمَانِ ذَلِكَ قَالَ عُمَرُ ثُمَّ تَوَفَّى اللَّهُ نَبِيَّهُ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا وَلِىُّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَقَبَضَهَا أَبُو بَكْرٍ، فَعَمِلَ فِيهَا بِمَا عَمِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُ فِيهَا لَصَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ، ثُمَّ تَوَفَّى اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ، فَكُنْتُ أَنَا وَلِىَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ يستأذنون؟ فقال: نعم، فجاؤوا وسلموا، ثم قال: هل لك في علي وعباس؟ قال: نعم، فأذن لهما، فقال العباس: يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هذا، فقال الرهط: اقضِ بينهما وأرح أحدهما من الآخر، فقال عمر: تيدكم) -بفتح التاء الفوقانية وسكون الياء- مصدر تئيد على وزن مهوز العين، قلبت همزته ياء، ورواه الأصيلي بكسر التاء وسكون الهمزة، من التؤدة، نصبه على الإغراء، أي: الزموا، وقيل: اسم فعل كرويد. (إن الله قد خص رسوله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الفيء بشيء لم يعطه أحدًا غيره) استدل على ذلك بالآية، وهو ظاهر (فكانت هذه خالصة لرسوله - صلى الله عليه وسلم -) يشير إلى الفيء، وأنَّثه باعتبار الأموال (ووالله ما احتازها دونكم) -بالحاء المهملة- يقال: حازه واحتازه، بمعنى، أي: جمعه (فقال أبو بكر: أنا ولي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: القائم مقامه ومتولي أموره (بارٌّ راشد) أي: آت

أَبِى بَكْرٍ، فَقَبَضْتُهَا سَنَتَيْنِ مِنْ إِمَارَتِى، أَعْمَلُ فِيهَا بِمَا عَمِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَا عَمِلَ فِيهَا أَبُو بَكْرٍ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنِّى فِيهَا لَصَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ، ثُمَّ جِئْتُمَانِى تُكَلِّمَانِى وَكَلِمَتُكُمَا وَاحِدَةٌ، وَأَمْرُكُمَا وَاحِدٌ، جِئْتَنِى يَا عَبَّاسُ تَسْأَلُنِى نَصِيبَكَ مِنِ ابْنِ أَخِيكَ، وَجَاءَنِى هَذَا - يُرِيدُ عَلِيًّا - يُرِيدُ نَصِيبَ امْرَأَتِهِ مِنْ أَبِيهَا، فَقُلْتُ لَكُمَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ». فَلَمَّا بَدَا لِى أَنْ أَدْفَعَهُ إِلَيْكُمَا قُلْتُ إِنْ شِئْتُمَا دَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا عَلَى أَنَّ عَلَيْكُمَا عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ لَتَعْمَلاَنِ فِيهَا بِمَا عَمِلَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَبِمَا عَمِلَ فِيهَا أَبُو بَكْرٍ، وَبِمَا عَمِلْتُ فِيهَا مُنْذُ وَلِيتُهَا، فَقُلْتُمَا ادْفَعْهَا إِلَيْنَا. فَبِذَلِكَ دَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا، فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ، هَلْ دَفَعْتُهَا إِلَيْهِمَا بِذَلِكَ قَالَ الرَّهْطُ نَعَمْ. ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى عَلِىٍّ وَعَبَّاسٍ فَقَالَ أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ هَلْ دَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا بِذَلِكَ قَالاَ نَعَمْ. قَالَ فَتَلْتَمِسَانِ مِنِّى قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ فَوَاللَّهِ الَّذِى بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ، لاَ أَقْضِى فِيهَا قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ، فَإِنْ عَجَزْتُمَا عَنْهَا فَادْفَعَاهَا إِلَىَّ، فَإِنِّى أَكْفِيكُمَاهَا. طرفه 2904 ـــــــــــــــــــــــــــــ بالبر، رشيد في ما يفعله، يضع كل شيء موضعه، روى أبو داود أنهما كانا طلبا من عمر أن يقسم تلك الأموال بينهما على طريق الاستقلال، كل منهما بطائفة منها، وإنما أبى عمر عن ذلك خوفًا من أنه بمرور الزمان يدِّعي ورثة كل منهما الملك في ذلك، ولذلك لما تولى علي لم يغير شيئًا مما فعله عمر. روي أن السَّفاح -وهو أوّل خلفاء بني العباس- لما استولى على المنبر أول يوم من خلافته، قام إليه علوي وفي عنقه مصحف، فقال: أنشدك بالله أن تحكم بما فيه، قال: وما هو؟ قال: سهمي من فدك، قال: من ظلمك؟ قال: أبو بكر، قال: ومن بعده؟ قال: عمر، قال: ومن بعده؟ قال: عثمان، قال: ومن بعده؟ فسكت العلوي. فإن قلت: ذكر البرقاني أن بني علي استقلوا بالكل؟ قلت: المحذور كان قسمه، لا التولي عليه.

2 - باب أداء الخمس من الدين

2 - باب أَدَاءُ الْخُمُسِ مِنَ الدِّينِ 3095 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَبِى حَمْزَةَ الضُّبَعِىِّ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - يَقُولُ قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا هَذَا الْحَىَّ مِنْ رَبِيعَةَ، بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ كُفَّارُ مُضَرَ، فَلَسْنَا نَصِلُ إِلَيْكَ إِلاَّ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ، فَمُرْنَا بِأَمْرٍ نَأْخُذُ مِنْهُ وَنَدْعُو إِلَيْهِ مَنْ وَرَاءَنَا. قَالَ «آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ، وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ، الإِيمَانِ بِاللَّهِ شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ - وَعَقَدَ بِيَدِهِ - وَإِقَامِ الصَّلاَةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَصِيَامِ رَمَضَانَ، وَأَنْ تُؤَدُّوا لِلَّهِ خُمُسَ مَا غَنِمْتُمْ، وَأَنْهَاكُمْ عَنِ الدُّبَّاءِ وَالنَّقِيرِ وَالْحَنْتَمِ وَالْمُزَفَّتِ». طرفه 53 3 - باب نَفَقَةِ نِسَاءِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ وَفَاتِهِ 3096 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَقْتَسِمُ وَرَثَتِى دِينَارًا، مَا تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَةِ نِسَائِى وَمَئُونَةِ عَامِلِى فَهْوَ صَدَقَةٌ». طرفه 2776 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب باب أداء الخمس من الدين 3095 - (أبو النعمان) -بضم النون- محمد بن الفضل (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم (عن أبي جمرة) -بفتح الجيم- نصر بن عمران، روى في الباب حديث وفد عبد القيس، وقد سلف مع شرحه في كتاب الإيمان بلا مزيد عليه. باب نفقة نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - 3096 - (عن أبي الزناد) -بكسر الزاي بعدها نون- عبد الله بن ذكوان (لا يقتسم ورثتي دينارًا) أي: شيئًا منه [أشار] بالأدنى على الأعلى لقوله: (ما تركت نفقة نسائي ومونة عاملي صدقه) قيل: عامله الخليفة بعده، والصواب أن عامله هو الذي كان يعمل في أمواله التي بفدك وغيرها، وأمّا الخليفة فرزقه في بيت المال.

3097 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ تُوُفِّىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَا فِي بَيْتِى مِنْ شَىْءٍ يَأْكُلُهُ ذُو كَبِدٍ، إِلاَّ شَطْرُ شَعِيرٍ فِي رَفٍّ لِى، فَأَكَلْتُ مِنْهُ حَتَّى طَالَ عَلَىَّ، فَكِلْتُهُ فَفَنِىَ. طرفه 6451 3098 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ الْحَارِثِ قَالَ مَا تَرَكَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلاَّ سِلاَحَهُ وَبَغْلَتَهُ الْبَيْضَاءَ، وَأَرْضًا تَرَكَهَا صَدَقَةً. طرفه 2739 ـــــــــــــــــــــــــــــ 3097 - (أبو أسامة) -بضم الهمزة- حماد بن أسامة (عن عائشة توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما في بيتي من شيء يأكله ذو كبد) أي: ذو حياة، فإن الكبد هو سبب تصريف الغذاء في البدن (إلا شطر شعير) أي: نصف وسق (في رفّ) الرَّف: مثل الطَّاق في الحائط. فإن قلت: ما وجه دلالة الحديث على ما ترجم؟ قلت: الوجه في ذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان في حياته يعطي نساءه نفقة سنة كما تقدم آنفًا، فلما انتقل إلى جوار الله، لو لم يكن لها نفقة عليه لكان الذي بيدها صدقة، فكان الواجب عليها إخراجها. فإن قلت: ما الحكم في إيجاب النفقة على نسائه بعده؟ قلت: لأنهن في حكم المعتدات من الموت، فلا بد لهن من معاش. (فأكلت منه حتى طال علي فكلته ففني). فإن قلت: قد سلف في كتاب البيع في باب ما يستحبُّ من الكيل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "كيلوا طعامكم يُبَارك لكم فيه" وقول عائشة فيه دلالة على أن الكيل كان سببًا لنفاده؟ قلت: قوله: قوله: "كيلوا طعامكم يبارك لكم فيه" إشارة إلى أنهم إذا كالوه وعلموا قدره، يكون الإنفاق منه بقدر القناعة، ويتوجه الهم إلى بقائه، وأما قضية عائشة فبالعكس من ذلك، فإنها استطالت بقاءه فجوزيت على قدر قصدها، وقيل: قوله: "كيلوا طعامكم" أي: عند المبايعة، وعدم الكيل في الإنفاق، وهذا شيء لا يدل عليه، بل لفظ "طعامكم ناءٍ" عنه،

4 - باب ما جاء فى بيوت أزواج النبى - صلى الله عليه وسلم -، وما نسب من البيوت إليهن

4 - باب مَا جَاءَ فِي بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَمَا نُسِبَ مِنَ الْبُيُوتِ إِلَيْهِنَّ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) وَ (لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ). 3099 - حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى وَمُحَمَّدٌ قَالاَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ وَيُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ لَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِى فَأَذِنَّ لَهُ. 3100 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا نَافِعٌ سَمِعْتُ ابْنَ أَبِى مُلَيْكَةَ قَالَ قَالَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: قوله: "كيلوا" أي: عند الإنفاق بشرط أن يكون الباقي مجهولًا، وهذا أيضًا مما لا دلالة عليه، فالعمدة على ما ذكرناه. باب ما جاء في بيوت أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -، وما نسب من البيوت إليهن (وقوله عز وجل: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب: 33]، {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ} [الأحزاب: 53]). ذكر الآيتين، في إحداهما أضاف البيوت إلى النساء، وفي الأخرى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، واختلف العلماء في أن البيوت كانت ملكًا لهنَّ، أو كان لهنَّ حق السُّكنى وهذا هو الظَّاهر، إذ لو كانت ملكًا لهنَّ لوقعت فيها المواريث بعد موتهن، وليس كذلك، ولذلك أضيفت إلى المسجد في زمن خلافة الوليد بن عبد الملك، فالإضافة إليهن لأدنى ملابسة. فإن قلت: فلم استأذن عمر من عائشة في أن يدفن في بيتها؟ قلت: لأنه كان لها حق السكنى. 3099 - (حِبَّان بن موسى) بكسر الحاء وتشديد الموحدة (لما ثقل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استأذن أزواجه أن يمرَّض في بيتي) هذا موضع الدلالة على الترجمة، وقد شرحناه، والتمريض تعاهد المريض. 3100 - (ابن أبي مريم) اسمه سعيد (ابن أبي مُليكة) بضم الميم مصغر

عَائِشَةُ - رضى الله عنها تُوُفِّىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي بَيْتِى، وَفِى نَوْبَتِى، وَبَيْنَ سَحْرِى وَنَحْرِى، وَجَمَعَ اللَّهُ بَيْنَ رِيقِى وَرِيقِهِ. قَالَتْ دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بِسِوَاكٍ، فَضَعُفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْهُ، فَأَخَذْتُهُ فَمَضَغْتُهُ ثُمَّ سَنَنْتُهُ بِهِ. أطرافه 890 3101 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِىِّ بْنِ حُسَيْنٍ أَنَّ صَفِيَّةَ زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَزُورُهُ، وَهْوَ مُعْتَكِفٌ فِي الْمَسْجِدِ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ ثُمَّ قَامَتْ تَنْقَلِبُ فَقَامَ مَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى إِذَا بَلَغَ قَرِيبًا مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ عِنْدَ بَابِ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مَرَّ بِهِمَا رَجُلاَنِ مِنَ الأَنْصَارِ، فَسَلَّمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ نَفَذَا فَقَالَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «عَلَى رِسْلِكُمَا». قَالاَ سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ. وَكَبُرَ عَلَيْهِمَا ذَلِكَ. فَقَالَ «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَبْلُغُ مِنَ الإِنْسَانِ مَبْلَغَ الدَّمِ، وَإِنِّى خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَيْئًا». أطرافه 2035، 2038، 2039، 3281، 6219، 7171 ـــــــــــــــــــــــــــــ (عبد الله بن عبيد الله) نسبه إلى جده (توفي النبي - صلى الله عليه وسلم - في بيتي) هذا موضع الدّلالة (وبين سحري ونحري) -بفتح السين والنون- الرئة، وموضع القلادة من الصدر (دخل عبد الرحمن وفي يده سواك) قد جاء في الرواية الأخرى: أنه مدَّ بصره إلى السِّواك، قالت عائشة: قلت له: تريده؟ فأشار أن نعم، فمضيفته ليلين ثم سننته به، لعدم قدرته على الاستتنان. 3101 - (سعيد بن عفير) بضم العين مصغر، روى في الباب حديث صفية أنها جاءت تزور رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو معتكف، وقد سلف مع شرحه في أبواب الاعتكاف، وموضع الدلالة قوله عند باب أمِّ سلمة (مر بهما رجلان من الأنصار فقال لهما: على رسلكما) أي: امشيا على مهل (وكبر عليهما) بفتح الباء.

3102 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنْ وَاسِعِ بْنِ حَبَّانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ ارْتَقَيْتُ فَوْقَ بَيْتِ حَفْصَةَ، فَرَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْضِى حَاجَتَهُ، مُسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةِ، مُسْتَقْبِلَ الشَّأْمِ. طرفه 145 3103 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ لَمْ تَخْرُجْ مِنْ حُجْرَتِهَا. طرفه 522 3104 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ قَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَطِيبًا فَأَشَارَ نَحْوَ مَسْكَنِ عَائِشَةَ فَقَالَ «هُنَا الْفِتْنَةُ - ثَلاَثًا - مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ». أطرافه 3279، 3511، 5296، 7092، 7093 3105 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ عَنْ عَمْرَةَ ابْنَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرَتْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ عِنْدَهَا، وَأَنَّهَا سَمِعَتْ صَوْتَ إِنْسَانٍ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا رَجُلٌ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أُرَاهُ فُلاَنًا، لِعَمِّ حَفْصَةَ مِنَ الرَّضَاعَةِ، الرَّضَاعَةُ تُحَرِّمُ مَا تُحَرِّمُ الْوِلاَدَةُ». طرفاه 2646 ـــــــــــــــــــــــــــــ 3102 - (أنس بن عياض) بكسر العين وضاد معجمة (حبَان) بفتح الحاء وتشديد الموحدة في الموضعين (عن عبد الله بن عمر قال: ارتقيت فوق بيت حفصة) الحديث سلف في أبواب الطهارة، وموضع الدّلالة إضافة البيت إلى حفصة.

5 - باب ما ذكر من درع النبى - صلى الله عليه وسلم - وعصاه وسيفه وقدحه وخاتمه وما استعمل الخلفاء بعده من ذلك مما لم يذكر قسمته، ومن شعره ونعله وآنيته، مما يتبرك أصحابه وغيرهم بعد وفاته

5 - باب مَا ذُكِرَ مِنْ دِرْعِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَعَصَاهُ وَسَيْفِهِ وَقَدَحِهِ وَخَاتَمِهِ وَمَا اسْتَعْمَلَ الْخُلَفَاءُ بَعْدَهُ مِنْ ذَلِكَ مِمَّا لَمْ يُذْكَرْ قِسْمَتُهُ، وَمِنْ شَعَرِهِ وَنَعْلِهِ وَآنِيَتِهِ، مِمَّا يَتَبَرَّكُ أَصْحَابُهُ وَغَيْرُهُمْ بَعْدَ وَفَاتِهِ 3106 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ ثُمَامَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رضى الله عنه - لَمَّا اسْتُخْلِفَ بَعَثَهُ إِلَى الْبَحْرَيْنِ، وَكَتَبَ لَهُ هَذَا الْكِتَابَ وَخَتَمَهُ، وَكَانَ نَقْشُ الْخَاتَمِ ثَلاَثَةَ أَسْطُرٍ مُحَمَّدٌ سَطْرٌ، وَرَسُولُ سَطْرٌ، وَاللَّهِ سَطْرٌ. طرفه 1448 3107 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِىُّ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ طَهْمَانَ قَالَ أَخْرَجَ إِلَيْنَا أَنَسٌ نَعْلَيْنِ جَرْدَاوَيْنِ لَهُمَا قِبَالاَنِ، فَحَدَّثَنِى ثَابِتٌ الْبُنَانِىُّ بَعْدُ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُمَا نَعْلاَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفاه 5857، 5858 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب مَا ذُكِرَ مِنْ دِرْعِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَعَصَاهُ وَسَيْفِهِ وَقَدَحِهِ وَخَاتَمِهِ وَمَا اسْتَعْمَلَ الْخُلَفَاءُ بَعْدَهُ مِنْ ذَلِكَ مِمَّا لَمْ يُذْكَرْ قِسْمَتُهُ، وَمِنْ شَعَرِهِ وَنَعْلِهِ وَآنِيَتِهِ، مِمَّا يَتَبَرَّكُ أَصْحَابُهُ وَغَيْرُهُمْ بَعْدَ وَفَاتِهِ وفي بعضها: يتبرك (وغيرهم بعد وفاته) قال القاضي: للأصيلي: الشركة، ولغيره: التبرك، وكلّ منهما يناسب، والشين أنسب. 3106 - (عن ثمامة) بضم الثاء (عن أنس أن أبا بكر لما استخلف بعثه إلى البحرين بهذا الكتاب) أي: الذي فيه مقادير الصدقات (وختمه بخاتم النبي - صلى الله عليه وسلم -) هذا موضع الدلالة على الترجمة. 3107 - (طهمان) بفتح الطّاء وسكون الهاء (أخرج إلينا أنس نعلين جرداوتين) وفي بعضها: جرادوين، وهذا هو الصواب، مثل: حمراوين وأمثاله، أي: لا شعر عليهما، وقيل: عتيقتين لهما قبالان -بكسر القاف- السير الذي بين الإصبعين.

3108 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ قَالَ أَخْرَجَتْ إِلَيْنَا عَائِشَةُ - رضى الله عنها - كِسَاءً مُلَبَّدًا وَقَالَتْ فِي هَذَا نُزِعَ رُوحُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَزَادَ سُلَيْمَانُ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ قَالَ أَخْرَجَتْ إِلَيْنَا عَائِشَةُ إِزَارًا غَلِيظًا مِمَّا يُصْنَعُ بِالْيَمَنِ، وَكِسَاءً مِنْ هَذِهِ الَّتِى يَدْعُونَهَا الْمُلَبَّدَةَ. طرفه 5818 3109 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِى حَمْزَةَ عَنْ عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ قَدَحَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - انْكَسَرَ، فَاتَّخَذَ مَكَانَ الشَّعْبِ سِلْسِلَةً مِنْ فِضَّةٍ. قَالَ عَاصِمٌ رَأَيْتُ الْقَدَحَ وَشَرِبْتُ فِيهِ. طرفه 5638 3110 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَرْمِىُّ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبِى أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ كَثِيرٍ حَدَّثَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ الدُّؤَلِىِّ حَدَّثَهُ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ حَدَّثَهُ أَنَّ عَلِىَّ بْنَ حُسَيْنٍ حَدَّثَهُ أَنَّهُمْ حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ مِنْ عِنْدِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ مَقْتَلَ حُسَيْنِ بْنِ عَلِىٍّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ 3108 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (حُميد) بضم الحاء مصغر (أخرجت لنا عائشة كساء ملبدًا) قال ابن الأثير: أي: مرقعًا، من اللبدة، وهي الرقعة وقيل: ثخن من اللبس حتى صار كاللّباد، وقيل: قوي النسيج. 3109 - (عبدان) على وزن شعبان، عبد الله المروزي (عن أبي حمزة) بالحاء محمد بن ميمون (عن أنس بن مالك أن قدح النبي - صلى الله عليه وسلم - انكسر فاتخذ مكان الشعب سلسلة) -بفتح الشين وسكون العين- الشق، وفاعل اتخذ أنس. 3110 - (سعيد بن محمد الجَرمي) بفتح الجيم نسبة إلى القبيلة، قال الجوهري: جرم بطنان، أحدهما: من قضاعة، والآخر، من طي (عمرو بن حلحلة الدؤلي) نسبة إلى جده دئل بن بكر بن كنانة، قال الجوهري: ويقال فيه الديلي بكسر الدال (علي بن حسين) الإمام زين العابدين (مقتل حسين) أي: زمان قتله، عام إحدى وستين يوم عاشوراء

لَقِيَهُ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ فَقَالَ لَهُ هَلْ لَكَ إِلَىَّ مِنْ حَاجَةٍ تَأْمُرُنِى بِهَا فَقُلْتُ لَهُ لاَ. فَقَالَ لَهُ فَهَلْ أَنْتَ مُعْطِىَّ سَيْفَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَإِنِّى أَخَافُ أَنْ يَغْلِبَكَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ، وَايْمُ اللَّهِ، لَئِنْ أَعْطَيْتَنِيهِ لاَ يُخْلَصُ إِلَيْهِمْ أَبَدًا حَتَّى تُبْلَغَ نَفْسِى، إِنَّ عَلِىَّ بْنَ أَبِى طَالِبٍ خَطَبَ ابْنَةَ أَبِى جَهْلٍ عَلَى فَاطِمَةَ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ - فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ النَّاسَ فِي ذَلِكَ عَلَى مِنْبَرِهِ هَذَا وَأَنَا يَوْمَئِذٍ مُحْتَلِمٌ فَقَالَ «إِنَّ فَاطِمَةَ مِنِّى، وَأَنَا أَتَخَوَّفُ أَنْ تُفْتَنَ فِي دِينِهَا». ثُمَّ ذَكَرَ صِهْرًا لَهُ مِنْ بَنِى عَبْدِ شَمْسٍ، فَأَثْنَى عَلَيْهِ فِي مُصَاهَرَتِهِ إِيَّاهُ قَالَ «حَدَّثَنِى فَصَدَقَنِى، وَوَعَدَنِى فَوَفَى لِى، وَإِنِّى لَسْتُ أُحَرِّمُ حَلاَلاً وَلاَ أُحِلُّ حَرَامًا، وَلَكِنْ وَاللَّهِ لاَ تَجْتَمِعُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَبِنْتُ عَدُوِّ اللَّهِ أَبَدًا». طرفه 926 ـــــــــــــــــــــــــــــ (لقيه المسور بن مخرمة) بكسر الميم في الأول وفتحها في الثاني (هل أنت معطي سيف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟) الظاهر أنه ذو الفقار المعروف، فإنه سيف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصابه يوم بدر (فإني أخاف أن يغلبك القوم عليه) أي: يزيد وأتباعه (وايم الله لئن أعطيتنيه لا يخلص إليه أبدًا) على بناء المجهول (حتى تبلغ نفسي) أي: الموت (إن علي بن أبي طالب خطب بنت أبي جهل). فإن قلت: أيُّ مناسبة لهذا الكلام في هذا المقام؟ قلت: قيل: أراد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحترز مما يجدد الكدورة بين الأقرباء، فأنت أيضًا لا تجدد الكدورة بسبب السيف، أو كما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يراعي جانب بني أعمامه العبشمية، فأنت أيضًا يجب أن تراعي جانب بني أعمامك النوفلية، وهذا كلام لغو ينادي على فساده السياف بعد قتل الحسين [ولا] كدورة فوقه، أو يقول عاقل: أعطني سيف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإني ابن عمك؟ والصواب أنه أراد حفظ السيف لزين العابدين، فإنه كان صغيرًا، خاف أن يؤخذ منه ظلمًا، وأورد قصة علي مع بنت أبي جهل لدلالتها على أن فاطمة كانت عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكان، فيجب على كل مؤمن حب أولادها، والله الموفق. على أن اتفاق الثقات أن المسور زهري لا نوفلي، وإنما التبس عليه من جد المسور، فإنه ابن مخرمة بن نوفل بن أهيب بن عبد مناف بنت زهرة، وأما نوفل الذي توهمه هذا.

3111 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ عَنْ مُنْذِرٍ عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ لَوْ كَانَ عَلِىٌّ - رضى الله عنه - ذَاكِرًا عُثْمَانَ - رضى الله عنه - ذَكَرَهُ يَوْمَ جَاءَهُ نَاسٌ فَشَكَوْا سُعَاةَ عُثْمَانَ، فَقَالَ لِى عَلِىٌّ اذْهَبْ إِلَى عُثْمَانَ فَأَخْبِرْهُ أَنَّهَا صَدَقَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَمُرْ سُعَاتَكَ يَعْمَلُونَ فِيهَا. فَأَتَيْتُهُ بِهَا فَقَالَ أَغْنِهَا عَنَّا. فَأَتَيْتُ بِهَا عَلِيًّا فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ ضَعْهَا حَيْثُ أَخَذْتَهَا. طرفه 3112 3112 - قَالَ الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُوقَةَ قَالَ سَمِعْتُ مُنْذِرًا الثَّوْرِىَّ عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ أَرْسَلَنِى أَبِى، خُذْ هَذَا الْكِتَابَ فَاذْهَبْ بِهِ إِلَى عُثْمَانَ، فَإِنَّ فِيهِ أَمْرَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي الصَّدَقَةِ. طرفه 3111 ـــــــــــــــــــــــــــــ 3111 - (قتيبة بن سعيد) بضم القاف مصغر. (عن محمد بن سوقة) بضم السين. (عن منذر) اسم فاعل من الإنذار. (عن ابن الحنيفة) هو محمد بن علي، اشتهر بأمه خولة من سبي بني حنيفة. (لو كان علي ذاكرًا عثمان) أي: بما لا يليق ذكره. (لذكره يوم جاء ناس فشكوا سقاة عثمان، فقال: اذهب بها) كأنها كانت مكنونة عنده. (إنها صدقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمر سعاتك يعملوا بها فأتيته بها فقال: أغنها عنا) -بهمزة القطع وغين معجمة- أي: اصرفها عنا، ومنه قوله تعالى: {لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} [عبس: 37] ويروى بهمزة الوصل من غني، على وزن علم، أي: اتركها، فيحتاج إلى التضمين، أي: اتركها مجانبًا عنا. فإن قلت: كيف جاز لعثمان ردُّ ذلك؟ قلت: كان له علم بما فيها. فإن قلت: لم يذكر الدِّرع في الباب؟ قلت: تقدم ذكرها مرارًا، وهي داخلة في الصدَّقة، غايته أنه لم يلبسها أحد بعده احترامًا، وكل حديث رواه في الباب دال على أن ما تركه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يورث، ولذلك كان تُنقل آثاره من شخص إلى شخص.

6 - باب الدليل على أن الخمس لنوائب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمساكين وإيثار النبى - صلى الله عليه وسلم - أهل الصفة والأرامل حين سألته فاطمة وشكت إليه الطحن والرحى أن يخدمها من السبى، فوكلها إلى الله

6 - باب الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْخُمُسَ لِنَوَائِبِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالْمَسَاكِينِ وَإِيثَارِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَهْلَ الصُّفَّةِ وَالأَرَامِلَ حِينَ سَأَلَتْهُ فَاطِمَةُ وَشَكَتْ إِلَيْهِ الطَّحْنَ وَالرَّحَى أَنْ يُخْدِمَهَا مِنَ السَّبْىِ، فَوَكَلَهَا إِلَى اللَّهِ 3113 - حَدَّثَنَا بَدَلُ بْنُ الْمُحَبَّرِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى الْحَكَمُ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ أَبِى لَيْلَى حَدَّثَنَا عَلِىٌّ أَنَّ فَاطِمَةَ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ - اشْتَكَتْ مَا تَلْقَى مِنَ الرَّحَى مِمَّا تَطْحَنُ، فَبَلَغَهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أُتِىَ بِسَبْىٍ، فَأَتَتْهُ تَسْأَلُهُ خَادِمًا فَلَمْ تُوَافِقْهُ، فَذَكَرَتْ لِعَائِشَةَ، فَجَاءَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَتْ ذَلِكَ عَائِشَةُ لَهُ، فَأَتَانَا وَقَدْ دَخَلْنَا مَضَاجِعَنَا، فَذَهَبْنَا لِنَقُومَ فَقَالَ «عَلَى مَكَانِكُمَا» حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَى صَدْرِى فَقَالَ «أَلاَ أَدُلُّكُمَا عَلَى خَيْرٍ مِمَّا سَأَلْتُمَاهُ، إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا فَكَبِّرَا اللَّهَ أَرْبَعًا وَثَلاَثِينَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الدليل على أن الخمس لنوائب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإيثار النبي - صلى الله عليه وسلم - عطف على الدليل وقوله: (حين سألته فاطمة) ظرف له، وقوله: (وشكت إليه الطحن) جملة معترضة، وقوله: (أن يخدمها) -بضم الياء وكسر الدال- مفعول سألت. 3113 - (يدل بن المحبر) بضم الميم وتشديد المفتوحة (الحكم) بفتح الحاء والكاف (ابن أبي ليلى) قال ابن الأثير: إذا قال المحدثون: ابن أبي ليلى، يريدون عبد الرحمن بن أبي ليلى، وإذا قاله الفقهاء، يريدون عبد الرحمن أبو ليلى والد عبد الرحمن. قال ابن عبد البر: صحابي من الأنصار وفي اسمه خلاف، قيل: يسار، وقيل: داود، وقيل: بلالًا، وقيل: أويس (فأتته) أي: فاطمة (تسأله خادمًا) يطلق على الذكر والأنثى (فلم توافقه) أي: لم تجده عند عائشة (على مكانكما) اثبتا على مكانكما (فقال ألا أدلكما على ضير سألتماه). فإن قلت: السائل فاطمة؟ قلت: علي كان قد أرسلها، ذكره أصحاب السِّير، وإنما كان الذي دلهما عليه من التكبير والتسبيح والتحميد خيرًا مما سألاه؛ لأنه باق ثوابه وما سألاه فانٍ. قال بعضهم: فإن قلت: كيف دل على الترجمة؟ قلت: إيثار الصبر على فاطمة دليل عليها وهذا لغو من الكلام؛ لأن الترجمة دليل على أن الخمس لنوائب

7 - باب قول الله تعالى (فأن لله خمسه)

وَاحْمَدَا ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَسَبِّحَا ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، فَإِنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمَا مِمَّا سَأَلْتُمَاهُ». أطرافه 3705، 5361، 5362، 6318 7 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ) يَعْنِى لِلرَّسُولِ قَسْمَ ذَلِكَ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَخَازِنٌ، وَاللَّهُ يُعْطِى». 3114 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ وَمَنْصُورٍ وَقَتَادَةَ سَمِعُوا سَالِمَ بْنَ أَبِى الْجَعْدِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ وُلِدَ لِرَجُلٍ مِنَّا مِنَ ـــــــــــــــــــــــــــــ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والمساكين وإيثار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهل الصُّفة، فإن الترجمة معناها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يؤثر الفقراء والمساكين في إعطاء الخمس دون أهله، والحديث دل عليه بلا خفاء. باب قول الله تعالى: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} [الأنفال: 41] قال البخاري: (يعني للرسول قسم ذلك) -بفتح القاف- أي: قسمته، وغرضه من هذا الكلام، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يملك من الغنيمة شيئًا كما قال الشافعي، مع أنه كان له خمس الخمس، استدلالًا بالآية، وعليه الجمهور، وهو الموافق لقانون اللغة، فإن اللام أصله ذلك، واستدل البخاري على ما قال بقوله: - صلى الله عليه وسلم - "إنما أنا قاسم وخازن" رواه أبو داود مسندًا، وليس فيه دلالة على ما قاله، فإن هذا قصر الموصوف على الصفة قصرًا إضافيًّا، أي: ليس لي العطاء، بل المعطى هو الله، كما صرح به الرواية الأخرى، ونظيره {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ} [آل عمران: 144]. 3114 - (سالم بن أبي الجعد) بفتح الجيم ..........................................

الأَنْصَارِ غُلاَمٌ، فَأَرَادَ أَنْ يُسَمِّيَهُ مُحَمَّدًا - قَالَ شُعْبَةُ فِي حَدِيثِ مَنْصُورٍ إِنَّ الأَنْصَارِىَّ قَالَ حَمَلْتُهُ عَلَى عُنُقِى فَأَتَيْتُ بِهِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -. وَفِى حَدِيثِ سُلَيْمَانَ وُلِدَ لَهُ غُلاَمٌ، فَأَرَادَ أَنْ يُسَمِّيَهُ مُحَمَّدًا - قَالَ «سَمُّوا بِاسْمِى، وَلاَ تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِى، فَإِنِّى إِنَّمَا جُعِلْتُ قَاسِمًا أَقْسِمُ بَيْنَكُمْ». وَقَالَ حُصَيْنٌ «بُعِثْتُ قَاسِمًا أَقْسِمُ بَيْنَكُمْ». قَالَ عَمْرٌو أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ سَمِعْتُ سَالِمًا عَنْ جَابِرٍ أَرَادَ أَنْ يُسَمِّيَهُ الْقَاسِمَ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «سَمُّوا بِاسْمِى وَلاَ تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِى». أطرافه 3115، 3538، 6186، 6187، 6189، 6196 3115 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِى الْجَعْدِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِىِّ قَالَ وُلِدَ لِرَجُلٍ مِنَّا غُلاَمٌ فَسَمَّاهُ الْقَاسِمَ فَقَالَتِ الأَنْصَارُ لاَ نَكْنِيكَ أَبَا الْقَاسِمِ وَلاَ نُنْعِمُكَ عَيْنًا، فَأَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وُلِدَ لِى غُلاَمٌ، فَسَمَّيْتُهُ الْقَاسِمَ فَقَالَتِ الأَنْصَارُ لاَ نَكْنِيكَ أَبَا الْقَاسِمِ وَلاَ نُنْعِمُكَ عَيْنًا. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَحْسَنَتِ الأَنْصَارُ، سَمُّوا بِاسْمِى، وَلاَ تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِى، فَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ». طرفه 3114 ـــــــــــــــــــــــــــــ (سموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي) بفتح التاء على أن إحدى التاءين محذوفة، وبضمها وفتح الكاف من التكنية (فإني جعلت قاسمًا أقسم بينكم). فإن قلت: هذا التعليل يدل على أن لا يسمَّي قاسمًا، والكلام في الكنية؟ قلت: تسمية الولد قاسمًا يستلزم الكنية بأبي القاسم. فإن قلت: قوله: "بعثت قاسمًا" يدل على أنّ هذا الاسم كان بعد البعثة، وكان قبل البعثة أيضًا يكنى أبا القاسم؟ قلت: أراد أن هذا المعنى بعد البعثة خاص به لا يشاركه فيه أحد. والحديث مع شرحه مستوفى، وبيان مذاهب العلماء في كتاب العلم، في باب من كذب علي. 3115 - (فقالت الأنصار: لا نكنيك أبا القاسم ولا نُنعمك عينًا) -بضم النون- من أنعم، أي: لا يُقرُّ به عينك، يقال: نعم عين ونعمى عين، أي: قرة عين.

8 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - «أحلت لكم الغنائم»

3116 - حَدَّثَنَا حِبَّانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَاللَّهُ الْمُعْطِى وَأَنَا الْقَاسِمُ، وَلاَ تَزَالُ هَذِهِ الأُمَّةُ ظَاهِرِينَ عَلَى مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِىَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ». طرفه 71 3117 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ حَدَّثَنَا هِلاَلٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى عَمْرَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا أُعْطِيكُمْ وَلاَ أَمْنَعُكُمْ، أَنَا قَاسِمٌ أَضَعُ حَيْثُ أُمِرْتُ». 3118 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو الأَسْوَدِ عَنِ ابْنِ أَبِى عَيَّاشٍ - وَاسْمُهُ نُعْمَانُ - عَنْ خَوْلَةَ الأَنْصَارِيَّةِ - رضى الله عنها - قَالَتْ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّ رِجَالاً يَتَخَوَّضُونَ فِي مَالِ اللَّهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَلَهُمُ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». 8 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «أُحِلَّتْ لَكُمُ الْغَنَائِمُ» وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى (وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ) وَهْىَ لِلْعَامَّةِ حَتَّى يُبَيِّنَهُ الرَّسُولُ - صلى الله عليه وسلم -. ـــــــــــــــــــــــــــــ 3116 - (حبان بن موسى) بكسر الحاء وتشديد الموحدة (لا تزال هذه الأمة) أراد أمته (ظاهرين على من خالفهم حتى يأتي أمر الله) أي: بقيام الساعة. 3117 - (إنما أنا قاسم أضع حيث أمرت) بالوحي أو بالاجتهاد. 3118 - (عن ابن أبي عياش) بالياء المثناة آخره معجمه (إن رجالًا يتخوضون في مال الله) الخوض: أصله الدخول في الماء، واشتهر في الباطل، يريد هؤلاء الظلمة الذين لم يجعلوا الفيء والغنيمة في مصرفه (فلهم النار يوم القيامة) أي: يستحقون ذلك، إلا أن يغفر الله لهم. باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أحلت لكم الغنائم" وقول الله: {وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً} [الفتح: 20] الآية، فهي للعامة حتى يبينه الرسول - صلى الله عليه وسلم -. الذي رواه في الباب: "أحلت لي"، وفي الأخرى: "لنا"، وفي بعضها: "لكم" إن صح فذاك، وإلا فالذي ترجم عليه نقل بالمعنى، أو وقف عليه ولم يكن من شرطه.

3119 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا خَالِدٌ حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ عَنْ عَامِرٍ عَنْ عُرْوَةَ الْبَارِقِىِّ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ الأَجْرُ وَالْمَغْنَمُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ». طرفه 2850 3120 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلاَ كِسْرَى بَعْدَهُ، وَإِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلاَ قَيْصَرَ بَعْدَهُ، وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ، لَتُنْفِقُنَّ كُنُوزَهُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ». طرفه 3027 3121 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ سَمِعَ جَرِيرًا عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلاَ كِسْرَى بَعْدَهُ، وَإِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلاَ قَيْصَرَ بَعْدَهُ، وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ، لَتُنْفَقَنَّ كُنُوزُهُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ». طرفاه 3619، 6629 3122 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا سَيَّارٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ الْفَقِيرُ حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أُحِلَّتْ لِى الْغَنَائِمُ». طرفه 335 ـــــــــــــــــــــــــــــ 3119 - (الخيل معقود في نواصيها الخير الأجر والمغنم) إمَّا معًا، أو هذا في وقت، وذاك في وقت. 3120 - (إذ هلك كسرى فلا كسرى بعده) يريد أن لا يكون لهم شوكة؛ لأنه قد تولى بعد برويز ابنة شيرويه، وكذا في قيصر، وموضع الدّلالة قوله: (لتنفقن كنوزهما في سبيل الله). 3121 - (إسحاق) قال الغساني: لم ينسبه أحد، قلت: نسبه أبو نعيم: إسحاق بن إبراهيم (سنان) بكسر السين. 3122 - (هشيم) بضم الهاء مصغر (سيار) بفتح السين، وتشديد الياء (الفقير) ليس من الفقر، بل أصيب فقاره من من ظهره.

3123 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «تَكَفَّلَ اللَّهُ لِمَنْ جَاهَدَ فِي سَبِيلِهِ، لاَ يُخْرِجُهُ إِلاَّ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ وَتَصْدِيقُ كَلِمَاتِهِ، بِأَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، أَوْ يَرْجِعَهُ إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذِى خَرَجَ مِنْهُ {مَعَ مَا نَالَ} مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ». طرفه 36 3124 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «غَزَا نَبِىٌّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ فَقَالَ لِقَوْمِهِ لاَ يَتْبَعْنِى رَجُلٌ مَلَكَ بُضْعَ امْرَأَةٍ وَهْوَ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِىَ بِهَا وَلَمَّا يَبْنِ بِهَا، وَلاَ أَحَدٌ بَنَى بُيُوتًا وَلَمْ يَرْفَعْ سُقُوفَهَا، وَلاَ أَحَدٌ اشْتَرَى غَنَمًا أَوْ خَلِفَاتٍ وَهْوَ يَنْتَظِرُ وِلاَدَهَا. فَغَزَا فَدَنَا مِنَ الْقَرْيَةِ صَلاَةَ الْعَصْرِ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ لِلشَّمْسِ إِنَّكِ مَأْمُورَةٌ وَأَنَا مَأْمُورٌ، اللَّهُمَّ احْبِسْهَا عَلَيْنَا. فَحُبِسَتْ، حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَجَمَعَ الْغَنَائِمَ، فَجَاءَتْ - يَعْنِى ـــــــــــــــــــــــــــــ 3123 - (تكفل الله لمن جاهد في سبيل الله لا يخرجه إلا الجهاد) كلام على طريق المثل، أي: أوجب ذلك بموجب وعده. 3124 - (العلاء) بفتح العين والمد (ابن المبارك) هو عبد الله (معمر) بفتح الميمين وسكون العين (همام) بفتح الهاء وتشديد الميم (منبه) بضم الميم وتشديد الموحدة (غزا نبي من الأنبياء) هو يوشع بن نون، فتى موسى (فقال لقومه: لا يتبعني رجل ملك بُضع امرأة) بضم الباء يطلق على الفرج والوقاع (وهو يريد أن يبني بها ولما يبن) كناية عن الدخول (ولا رجل اشترى غنمًا أو خلفاتٍ) -بفتح الخاء وكسر اللام جمع خلفة- وهي الحامل من الإبل، وإنما منع هؤلاء لاشتغال خواطرهم، أو ضياع ما لهم، وكان الغزو فرض كفاية (فدنا من القرية) هي بيت المقدس، وقيل: أريحا (صلاة العصر أو قريبًا منها، فقال للشمس: إنك مأمورة وأنا مأمور اللهم احبسها عنَّا) وإنَّما قال ذلك لأنه كان يوم الجمعة، ولم يكن يوم السبت مشروعًا فيه القتال (فحبست) هذا صريح في أنها وقفت بإذن الله، لا أنها أبطأت في الحركة، وما يروى أنها حبست لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرتين آخر أيام الخندق، ولما شغلوه عن صلاة العصر، يخالف ما تقدم في أبواب الصلاة من أنه صلى العصر بعدما غربت الشمس.

9 - باب الغنيمة لمن شهد الوقعة

النَّارَ - لِتَأْكُلَهَا، فَلَمْ تَطْعَمْهَا، فَقَالَ إِنَّ فِيكُمْ غُلُولاً، فَلْيُبَايِعْنِى مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ رَجُلٌ. فَلَزِقَتْ يَدُ رَجُلٍ بِيَدِهِ فَقَالَ فِيكُمُ الْغُلُولُ. فَلْتُبَايِعْنِى قَبِيلَتُكَ، فَلَزِقَتْ يَدُ رَجُلَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةٍ بِيَدِهِ فَقَالَ فِيكُمُ الْغُلُولُ، فَجَاءُوا بِرَأْسٍ مِثْلِ رَأْسِ بَقَرَةٍ مِنَ الذَّهَبِ فَوَضَعُوهَا، فَجَاءَتِ النَّارُ فَأَكَلَتْهَا، ثُمَّ أَحَلَّ اللَّهُ لَنَا الْغَنَائِمَ، رَأَى ضَعْفَنَا وَعَجْزَنَا فَأَحَلَّهَا لَنَا». طرفه 1757 9 - باب الْغَنِيمَةُ لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ 3125 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه لَوْلاَ آخِرُ الْمُسْلِمِينَ مَا فَتَحْتُ قَرْيَةً إِلاَّ قَسَمْتُهَا بَيْنَ أَهْلِهَا كَمَا قَسَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَيْبَرَ. طرفه 2334 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: ربَّما ردَّت الشمس بعدما غربت؟ قلت: وأيُّ فائدة في ذلك؟ فإن الصلاة بالغروب صارت قضاء، والذي شق له القمر لا يبعد في حقه رجوع الشمس، إنما الكلام في صحة الخبر، والذي يؤيد ما ذكرناه رواية الإمام أحمد مرفوعًا: إنَّ الشمس لم تحبس لأحد إلَّا ليوشع بن نون". باب الغنيمة لمن شهد الوقعة 3125 - (صدقة) أخت الزكاة (قال عمر: لولا آخر المسلمين) أي: محتاجون، يجب حذف الخبر في أمثاله (ما فتحت قرية إلا قسمتها بين أهلها) أي: بين الغانمين، والإضافة لأدنى ملابسة. واعلم أن أراضي الكفار على ثلاثة أقسام: أرض أسلم عليها أهلها، فهي ملك لهم وفيه العشر، وأرض فتحت صلحًا على خراج معلوم، فهي خراجية، وأرض فتحت عنوة، فهي للغانمين عند الشافعي وطائفة، واستدلّوا على ذلك بما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخيبر، وقال أبو حنيفة ورواية عن أحمد: إن النظر فيها إلى الإمام، إن شاء قسمها وإن شاء فعل ما فعل عمر، واستدلُّوا على ذلك بإعطاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصحاب السفينة من غنائم خيبر، وسيأتي

10 - باب من قاتل للمغنم هل ينقص من أجره

10 - باب مَنْ قَاتَلَ لِلْمَغْنَمِ هَلْ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ 3126 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو قَالَ سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِىُّ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ أَعْرَابِىٌّ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - الرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُذْكَرَ، وَيُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ، مَنْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَالَ «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِىَ الْعُلْيَا فَهْوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ». طرفه 123 11 - باب قِسْمَةِ الإِمَامِ مَا يَقْدَمُ عَلَيْهِ، وَيَخْبَأُ لِمَنْ لَمْ يَحْضُرْهُ أَوْ غَابَ عَنْهُ 3127 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أُهْدِيَتْ لَهُ أَقْبِيَةٌ مِنْ دِيبَاجٍ مُزَرَّرَةٌ بِالذَّهَبِ، فَقَسَمَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــ الجواب عنه، وعن أحمد في رواية تصير وقفًا بمجرد الاستيلاء، وهو مذهب مالك. باب من قاتل للمغنم هل ينقص أجره؟ 3126 - (بشار) بفتح الباب وتشديد المعجمة (غُنَدر) بضم الغين وفتح الدال (والرجل يقاتل ليذكر) أي: بالشجاعة (ويقاتل ليرى مكانه) على بناء المجهول، أي: قربه من العدو، وقيل: لترى مرتبته في الشهداء، وهذا ليس بشيء، فإن هذا مرضيٌ عند الله، وقيل: لترَى مرتبته في الشجاعة، والفرق بين الأول وبين هذا، أن الأول للسمعة وهذا للرياء، وهذا أيضًا من ذلك النَّمط، فإن الرِّياء والسمعة واحد بالذات. (من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله) وعلى هذا لو قال البخاري: من قاتل للمغنم هل له أجر؟ كان هو الصَّواب؛ لأن قوله: هل ينقص من أجره، يدل على أن له أجرًا، وإنما الكلام في نقصانه وليس كذلك، لأن قتالًا لا يكون في سبيل الله لا أجر فيه. باب قسمة الإمام ما يقدم عليه على بناء المجهول (ويخبأ لمن لم يحضره أو غاب عنه) أي: كان حاضرًا ثم غاب وقت القسمة. 3127 - (ابن أبي مليكة) بضم الميم مصغر (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أهديت له أقبية) جمع قباء، وهو المشقوق قدامه خلاف الجبة (من ديباج) الرفيع من الحرير معرب ويباه (مزرَّدة) بالتشديد

12 - باب كيف قسم النبى - صلى الله عليه وسلم - قريظة والنضير، وما أعطى من ذلك فى نوائبه

فِي نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَعَزَلَ مِنْهَا وَاحِدًا لِمَخْرَمَةَ بْنِ نَوْفَلٍ، فَجَاءَ وَمَعَهُ ابْنُهُ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ، فَقَامَ عَلَى الْبَابِ فَقَالَ ادْعُهُ لِى. فَسَمِعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - صَوْتَهُ فَأَخَذَ قَبَاءً فَتَلَقَّاهُ بِهِ وَاسْتَقْبَلَهُ بِأَزْرَارِهِ فَقَالَ «يَا أَبَا الْمِسْوَرِ، خَبَأْتُ هَذَا لَكَ، يَا أَبَا الْمِسْوَرِ، خَبَأْتُ هَذَا لَكَ». وَكَانَ فِي خُلُقِهِ شِدَّةٌ. وَرَوَاهُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ. قَالَ حَاتِمُ بْنُ وَرْدَانَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنِ الْمِسْوَرِ قَدِمَتْ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَقْبِيَةٌ. تَابَعَهُ اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ. طرفه 2599 12 - باب كَيْفَ قَسَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرَ، وَمَا أَعْطَى مِنْ ذَلِكَ فِي نَوَائِبِهِ 3128 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى الأَسْوَدِ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - يَقُولُ كَانَ الرَّجُلُ يَجْعَلُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - النَّخَلاَتِ حَتَّى افْتَتَحَ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرَ، فَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ. طرفه 2630 ـــــــــــــــــــــــــــــ اسم مفعول (المسور بن مخرمة) بكسر الميم في الأول وفتحة في الثاني (فأخذ قباء فتلقاه به واستقبله بأزراره) لأنها كانت من الذهب ليفرح به، لما ذكر بعده من شدة خلقه، ولذلك كنَّاه بأبي المسور وكرره. وفي الحديث دلالةً على كمال جود رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإن الهدايا وأموال الفيء كانت له خاصة، ومع هذا لم يستأثر بشيء منه. (رواه ابن علية) بضم العين مصغر. باب كيف قسم النبي - صلى الله عليه وسلم - قريظة والنضير وما أعطى من ذلك في نوائبه قريضة مصغر، والنضير قبيلتان من يهود. 3128 - (كان الرجل يجعل للنبي - صلى الله عليه وسلم - النخلات) أي: ثمارها، ولذلك ردَّها بعد (حتى افتتح قريظة والنضير) والفتح يكون بقتال وبدونه، قال الله تعالى {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح:

13 - باب بركة الغازى فى ماله حيا وميتا مع النبى - صلى الله عليه وسلم - وولاة الأمر

13 - باب بَرَكَةِ الْغَازِى فِي مَالِهِ حَيًّا وَمَيِّتًا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَوُلاَةِ الأَمْرِ 3129 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ قُلْتُ لأَبِى أُسَامَةَ أَحَدَّثَكُمْ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ لَمَّا وَقَفَ الزُّبَيْرُ يَوْمَ الْجَمَلِ دَعَانِى، فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ فَقَالَ يَا بُنَىِّ، إِنَّهُ لاَ يُقْتَلُ الْيَوْمَ إِلاَّ ظَالِمٌ أَوْ مَظْلُومٌ، وَإِنِّى لاَ أُرَانِى إِلاَّ سَأُقْتَلُ الْيَوْمَ مَظْلُومًا، وَإِنَّ مِنْ أَكْبَرِ هَمِّى لَدَيْنِى، أَفَتُرَى يُبْقِى دَيْنُنَا مِنْ مَالِنَا شَيْئًا فَقَالَ يَا بُنَىِّ بِعْ مَالَنَا فَاقْضِ دَيْنِى. وَأَوْصَى بِالثُّلُثِ، وَثُلُثِهِ لِبَنِيهِ، يَعْنِى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ ثُلُثُ الثُّلُثِ، فَإِنْ فَضَلَ مِنْ مَالِنَا فَضْلٌ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ شَىْءٌ فَثُلُثُهُ لِوَلَدِكَ. قَالَ هِشَامٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ وأراد صلح الحديبية، أو فتح مكة ولا قتال فيه، فلا ضرورة إلى التخيلات الركيكة، فبني النضير لم يكن معهم قتال. فإن قلت: ليس في الباب ذكر القسمة على ما ترجم عليه؟ قلت: روى الحديث مختصرًا، وسيأتي في الأحزاب بطوله، ومحصله أنه لم يعط من مال النضير للأنصار شيئًا وأعطى للمهاجرين، وذلك برضا الأنصار، فردَّ المهاجرون حينئذٍ منائح الأنصار. باب بركة الغازي [في ماله] حيًّا وميتًا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وولاة الأمر 3129 - (لأبي أسامة) -بضم الهمزة- حماد بن أسامة (لما وقف الزبير يوم الجمل) هذه وقعة بين الإمام علي وأم المؤمنين عائشة، عام ست وثلاثين بالكوفة، وكانت عائشة في هودج على جمل اسمه عسكر، وكان ليعلى بن أمية، اشتراه بمئتي دينار، فسميت الوقعة بالجمل لذلك (قال: يا بني إنه لا يقتل اليوم إلا ظالم أو مظلوم) أي: لا يقع قتل على وجه الحق (وإني لا أراني اليوم إلا سأقتل مظلومًا) وكذلك جرى، قتله ابن الجرموز غدرًا بعد انصرافه من القتال؛ لحديث ذكره له علي (وأوصى بالثلث وثلثه) أي: عن الثلث (لبنيه) أي: لبني عبد الله (فإن فضل من مالنا فضل فثلثه لولدك) أي: ثلث الثلث؛ لئلا يخالف ما تقدمه.

وَكَانَ بَعْضُ وَلَدِ عَبْدِ اللَّهِ قَدْ وَازَى بَعْضَ بَنِى الزُّبَيْرِ خُبَيْبٌ وَعَبَّادٌ، وَلَهُ يَوْمَئِذٍ تِسْعَةُ بَنِينَ وَتِسْعُ بَنَاتٍ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَجَعَلَ يُوصِينِى بِدَيْنِهِ وَيَقُولُ يَا بُنَىِّ، إِنْ عَجَزْتَ عَنْهُ فِي شَىْءٍ فَاسْتَعِنْ عَلَيْهِ مَوْلاَىَ. قَالَ فَوَاللَّهِ مَا دَرَيْتُ مَا أَرَادَ حَتَّى قُلْتُ يَا أَبَتِ مَنْ مَوْلاَكَ قَالَ اللَّهُ. قَالَ فَوَاللَّهِ مَا وَقَعْتُ فِي كُرْبَةٍ مِنْ دَيْنِهِ إِلاَّ قُلْتُ يَا مَوْلَى الزُّبَيْرِ، اقْضِ عَنْهُ دَيْنَهُ. فَيَقْضِيهِ، فَقُتِلَ الزُّبَيْرُ - رضى الله عنه - وَلَمْ يَدَعْ دِينَارًا وَلاَ دِرْهَمًا، إِلاَّ أَرَضِينَ مِنْهَا الْغَابَةُ، وَإِحْدَى عَشْرَةَ دَارًا بِالْمَدِينَةِ، وَدَارَيْنِ بِالْبَصْرَةِ، وَدَارًا بِالْكُوفَةِ، وَدَارًا بِمِصْرَ. قَالَ وَإِنَّمَا كَانَ دَيْنُهُ الَّذِى عَلَيْهِ أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ يَأْتِيهِ بِالْمَالِ فَيَسْتَوْدِعُهُ إِيَّاهُ فَيَقُولُ الزُّبَيْرُ لاَ وَلَكِنَّهُ سَلَفٌ، فَإِنِّى أَخْشَى عَلَيْهِ الضَّيْعَةَ، وَمَا وَلِىَ إِمَارَةً قَطُّ وَلاَ جِبَايَةَ خَرَاجٍ وَلاَ شَيْئًا، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ فِي غَزْوَةٍ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَوْ مَعَ أَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ - رضى الله عنهم - قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ فَحَسَبْتُ مَا عَلَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ فَوَجَدْتُهُ أَلْفَىْ أَلْفٍ وَمِائَتَىْ أَلْفٍ قَالَ فَلَقِىَ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ فَقَالَ يَا ابْنَ أَخِى، كَمْ عَلَى أَخِى مِنَ الدَّيْنِ فَكَتَمَهُ. فَقَالَ مِائَةُ أَلْفٍ. فَقَالَ حَكِيمٌ وَاللَّهِ مَا أُرَى أَمْوَالَكُمْ تَسَعُ لِهَذِهِ. فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ أَفَرَأَيْتَكَ إِنْ كَانَتْ أَلْفَىْ أَلْفٍ وَمِائَتَىْ أَلْفٍ قَالَ مَا أُرَاكُمْ تُطِيقُونَ هَذَا، فَإِنْ عَجَزْتُمْ عَنْ شَىْءٍ مِنْهُ فَاسْتَعِينُوا بِى. قَالَ وَكَانَ الزُّبَيْرُ اشْتَرَى الْغَابَةَ بِسَبْعِينَ وَمِائَةِ أَلْفٍ، فَبَاعَهَا عَبْدُ اللَّهِ بِأَلْفِ أَلْفٍ وَسِتِّمِائَةِ أَلْفٍ ثُمَّ قَامَ فَقَالَ مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى الزُّبَيْرِ حَقٌّ فَلْيُوَافِنَا بِالْغَابَةِ، فَأَتَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، وَكَانَ لَهُ عَلَى الزُّبَيْرِ أَرْبَعُمِائَةِ أَلْفٍ فَقَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ إِنْ شِئْتُمْ تَرَكْتُهَا لَكُمْ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ لاَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ (وكان بعض ولد عبد الله قد وازى بعض بني الزبير خبيب وعباد) عطف بيان لولد عبد الله، وخبيب -بضم المعجمة مصغر- أكبر ولد عبد الله، به كان يكنى، وقيل: آزاه أي: في الميراث وليس بشيء؛ إذ لو كان المراد ذلك لم يكن لذكر البعض معنى، لتساوي الكل في ذلك، قال الجوهري: يقال آزاه، ولا يقال: وازاه، وما في الحديث يرد ما قاله. قوله: (وله تسعة بنين وتسع بنات) الضمير للزبير، وجَعْلُه لعبد الله ابنه سهو، وقد ذكر ابن عبد البر من أبناء الزبير في "الاستيعاب" عشرة (فقتل الزبير ولم يدع دينارًا ولا درهمًا إلا أرضين منها الغابة) موضع من عوالي المدينة على مرحلة منها (وإنما كان دينه الذي عليه أن الرجل يأتيه بالمال فيستودعه إياه فيقول الزبير: لا ولكنه سلف) ليكون رفقًا بصاحب المال، فإن الوديعة ربما كانت تلفت، كما أشار إليه بقوله: (فإني أخشى الضيعة وما وليَ إمارة قط ولا جباية) هذا موضع الدلالة، فإن البركة في ماله إنما كانت لكونه غازيًا في سبيل الله.

14 - باب إذا بعث الإمام رسولا فى حاجة أو أمره بالمقام هل يسهم له

قَالَ فَإِنْ شِئْتُمْ جَعَلْتُمُوهَا فِيمَا تُؤَخِّرُونَ إِنْ أَخَّرْتُمْ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ لاَ. قَالَ قَالَ فَاقْطَعُوا لِى قِطْعَةً. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ لَكَ مِنْ هَا هُنَا إِلَى هَا هُنَا. قَالَ فَبَاعَ مِنْهَا فَقَضَى دَيْنَهُ فَأَوْفَاهُ، وَبَقِىَ مِنْهَا أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ وَنِصْفٌ، فَقَدِمَ عَلَى مُعَاوِيَةَ وَعِنْدَهُ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ وَالْمُنْذِرُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَابْنُ زَمْعَةَ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ كَمْ قُوِّمَتِ الْغَابَةُ قَالَ كُلُّ سَهْمٍ مِائَةَ أَلْفٍ. قَالَ كَمْ بَقِىَ قَالَ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ وَنِصْفٌ. قَالَ الْمُنْذِرُ بْنُ الزُّبَيْرِ قَدْ أَخَذْتُ سَهْمًا بِمِائَةِ أَلْفٍ. قَالَ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ قَدْ أَخَذْتُ سَهْمًا بِمِائَةِ أَلْفٍ. وَقَالَ ابْنُ زَمْعَةَ قَدْ أَخَذْتُ سَهْمًا بِمِائَةِ أَلْفٍ. فَقَالَ مُعَاوِيَةُ كَمْ بَقِىَ فَقَالَ سَهْمٌ وَنِصْفٌ. قَالَ أَخَذْتُهُ بِخَمْسِينَ وَمِائَةِ أَلْفٍ. قَالَ وَبَاعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ نَصِيبَهُ مِنْ مُعَاوِيَةَ بِسِتِّمِائَةِ أَلْفٍ، فَلَمَّا فَرَغَ ابْنُ الزُّبَيْرِ مِنْ قَضَاءِ دَيْنِهِ قَالَ بَنُو الزُّبَيْرِ اقْسِمْ بَيْنَنَا مِيرَاثَنَا. قَالَ لاَ، وَاللَّهِ لاَ أَقْسِمُ بَيْنَكُمْ حَتَّى أُنَادِىَ بِالْمَوْسِمِ أَرْبَعَ سِنِينَ أَلاَ مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى الزُّبَيْرِ دَيْنٌ فَلْيَأْتِنَا فَلْنَقْضِهِ. قَالَ فَجَعَلَ كَلَّ سَنَةٍ يُنَادِى بِالْمَوْسِمِ، فَلَمَّا مَضَى أَرْبَعُ سِنِينَ قَسَمَ بَيْنَهُمْ قَالَ فَكَانَ لِلزُّبَيْرِ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ، وَرَفَعَ الثُّلُثَ، فَأَصَابَ كُلَّ امْرَأَةٍ أَلْفُ أَلْفٍ وَمِائَتَا أَلْفٍ، فَجَمِيعُ مَالِهِ خَمْسُونَ أَلْفَ أَلْفٍ وَمِائَتَا أَلْفٍ. 14 - باب إِذَا بَعَثَ الإِمَامُ رَسُولاً فِي حَاجَةٍ أَوْ أَمَرَهُ بِالْمُقَامِ هَلْ يُسْهَمُ لَهُ 3130 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مَوْهَبٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــ (فلما فراغ ابن الزبير من قضاء دينه قال بنو الزبير: اقسم بيننا ميراثًا قال: والله لا أقسم بينكم حتى أنادي بالموسم أربع سنين) إنما خصَّ هذا العدد لأن أطراف بلاد الإسلام يمكن الذهاب إليه في سنتين، والإياب أيضًا في مثله، وما يقال: فلأن الأربعة هي الغاية في الآحاد بحسب ما يمكن أن يتركب منه العشرات؛ لأنه يتضمن واحدًا واثنين وثلاثة وأربعة فشيءٌ لا مساس له بالمقام، ولا خطر بخاطر ابن الزبير ذلك (فجميع ماله خمسون ألف ألف ومئتا ألف) قيل: فيه وَهْمٌ، بل: سبعة وخمسون ألف ألف، وأجاب عنه بعضهم بأن ما قاله البخاري أصل المال والزَّيادة من الربع، فليس ذلك مال الزبير بل مال الورثة. باب إذا بعث الإمام رسولًا في حاجة أو أمره بالمقام هل يسهم له؟ 3130 - (أبو عوانة) -بفتح العين- الوضاح اليشكري (موهب) -بفتح الميم والهاء-

15 - باب ومن الدليل على أن الخمس لنوائب المسلمين ما سأل هوازن النبى - صلى الله عليه وسلم - برضاعه فيهم فتحلل من المسلمين

- رضى الله عنهما - قَالَ إِنَّمَا تَغَيَّبَ عُثْمَانُ عَنْ بَدْرٍ، فَإِنَّهُ كَانَتْ تَحْتَهُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَتْ مَرِيضَةً. فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ لَكَ أَجْرَ رَجُلٍ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا وَسَهْمَهُ». أطرافه 3698، 3704، 4066، 4513، 4514، 4650، 4651، 7095 قصة شهادة الزبير 15 - باب وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْخُمُسَ لِنَوَائِبِ الْمُسْلِمِينَ مَا سَأَلَ هَوَازِنُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بِرَضَاعِهِ فِيهِمْ فَتَحَلَّلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَمَا كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَعِدُ النَّاسَ أَنْ يُعْطِيَهُمْ مِنَ الْفَىْءِ وَالأَنْفَالِ مِنَ الْخُمُسِ، وَمَا أَعْطَى الأَنْصَارَ، وَمَا أَعْطَى جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ تَمْرَ خَيْبَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــ استدل على ذلك بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر عثمان بالإقامة على ابنته؛ لأنها كانت مريضة، ذهب طائفة إلى هذا، وقال مالك والشافعي: الغنيمة لمن شهد الوقعة؛ لما تقدم في البخاري، وقالوا: هذا كان من خواص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما أعطى لجعفر ورفقائه من غنيمة خيبر، أو كان ما أعطاه عثمان من الخمس. فإن قلت: لم يذكر الرسول كما ترجم عليه؟ قلت: إما قاسه على ما رواه من الإقامة، أو لم يكن على شرطه، وقد روى ابن عبد البر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرسل طلحة بن عبيد الله، وسعيد بن زيد إلى طريق الشام يتجسسان فقدما بعد وقعة بدر، فأسهم لهما، قالا: فالأجر يا رسول الله قال: "والأجر". باب من قال: ومن الدليل على أن الخمس لنوائب المسلمين (ما سأل هوازن النبي - صلى الله عليه وسلم - برضاعهِ فيهم). لأن حليمة السعدية التي أرضعته من هوازن، وذلك أنها بنت أبي ذئب عبد الله بن الحارث بن شجنة بن جابر بن رزام بن ناضرة بن سعد بن بكر بن هوازن (وما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعد الناس أن يعطيهم من الفيء) ولا يقال: من الخمس (الأنفال) جمع نفل على وزن فرس، وهو زيادة يعطيها الإمام لمن فيه زيادة نكاية في الكفار.

3131 و 3132 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ وَزَعَمَ عُرْوَةُ أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ وَمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ حِينَ جَاءَهُ وَفْدُ هَوَازِنَ مُسْلِمِينَ، فَسَأَلُوهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَسَبْيَهُمْ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَحَبُّ الْحَدِيثِ إِلَىَّ أَصْدَقُهُ، فَاخْتَارُوا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ إِمَّا السَّبْىَ وَإِمَّا الْمَالَ، وَقَدْ كُنْتُ اسْتَأْنَيْتُ بِهِمْ». وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - انْتَظَرَ آخِرَهُمْ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، حِينَ قَفَلَ مِنَ الطَّائِفِ، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - غَيْرُ رَادٍّ إِلَيْهِمْ إِلاَّ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ. قَالُوا فَإِنَّا نَخْتَارُ سَبْيَنَا، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْمُسْلِمِينَ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ إِخْوَانَكُمْ هَؤُلاَءِ قَدْ جَاءُونَا تَائِبِينَ، وَإِنِّى قَدْ رَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّ إِلَيْهِمْ سَبْيَهُمْ، مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُطَيِّبَ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَظِّهِ حَتَّى نُعْطِيَهُ إِيَّاهُ مِنْ أَوَّلِ مَا يُفِئُ اللَّهُ عَلَيْنَا فَلْيَفْعَلْ ـــــــــــــــــــــــــــــ 3131 - 3132 - (عفير) بضم العين مصغر، وكذا (عقيل)، (وزعم عروة أن مروان بن الحكم والمسور بن مخرمة أخبراه) رواية مروان عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرسلة بلا خلاف، وأمَّا المسور فإنه يروي بلا إرسال، كما تقدم آنفًا في باب الأقبية (وقد كنت استأنيت بهم) أي: استنظرت من الإناية، وهو عدم العجلة، والضمير في بهم لأصحابه وإن لم يتقدم ذكرهم بقرينة المقام (ومن أحبَّ أن يكون على حظه حتى يعطيه إيَّاه من أول ما يفيء الله علينا فليفعل) قال ابن الأثير: الفيء على اختلاف تصرفه: هو ما حصل للمسلمين من مال الكفار من غير حرب، والظَّاهر من سياق الكلام أنَّه أراد أعم منه. قال بعض الشارحين: فإن قلت: أين موضع الدَّلالة على الترجمة؟ قلت: لفظ: "حتى يفيء الله علينا" فإنه ظاهر في الخمس، بل من الغنائم. قلت: لا دلالة للفيء عليه، بل إنما دل عليه إعطاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منه لمن لم يتحلل، فإن وعده بالإعطاء منصرف إليه، كما في وعد جابر، فإن أبا بكر أعطاه من مال البحرين، فإنه كان من مال الفيء، وفيه دليل للشافعي في أن مال الفيء يخرج منه الخمس، كما يخرج من الغنائم.

فَقَالَ النَّاسُ قَدْ طَيَّبْنَا ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ. فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّا لاَ نَدْرِى مَنْ أَذِنَ مِنْكُمْ فِي ذَلِكَ مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ، فَارْجِعُوا حَتَّى يَرْفَعَ إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ أَمْرَكُمْ» فَرَجَعَ النَّاسُ، فَكَلَّمَهُمْ عُرَفَاؤُهُمْ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُمْ قَدْ طَيَّبُوا فَأَذِنُوا. فَهَذَا الَّذِى بَلَغَنَا عَنْ سَبْىِ هَوَازِنَ. طرفه 2307، 2308 3133 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ قَالَ وَحَدَّثَنِى الْقَاسِمُ بْنُ عَاصِمٍ الْكُلَيْبِىُّ - وَأَنَا لِحَدِيثِ الْقَاسِمِ أَحْفَظُ - عَنْ زَهْدَمٍ قَالَ كُنَّا عِنْدَ أَبِى مُوسَى، فَأُتِىَ ذَكَرَ دَجَاجَةً وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِى تَيْمِ اللَّهِ أَحْمَرُ كَأَنَّهُ مِنَ الْمَوَالِى، فَدَعَاهُ لِلطَّعَامِ فَقَالَ إِنِّى رَأَيْتُهُ يَأْكُلُ شَيْئًا، فَقَذِرْتُهُ، فَحَلَفْتُ لاَ آكُلُ. فَقَالَ هَلُمَّ فَلأُحَدِّثْكُمْ عَنْ ذَاكَ، إِنِّى أَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فِي نَفَرٍ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ نَسْتَحْمِلُهُ فَقَالَ «وَاللَّهِ لاَ أَحْمِلُكُمْ، وَمَا عِنْدِى مَا أَحْمِلُكُمْ». وَأُتِىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِنَهْبِ إِبِلٍ، فَسَأَلَ عَنَّا فَقَالَ «أَيْنَ النَّفَرُ الأَشْعَرِيُّونَ». فَأَمَرَ لَنَا بِخَمْسِ ذَوْدٍ غُرِّ الذُّرَى، فَلَمَّا انْطَلَقْنَا قُلْنَا مَا صَنَعْنَا لاَ يُبَارَكُ لَنَا، فَرَجَعْنَا إِلَيْهِ فَقُلْنَا إِنَّا سَأَلْنَاكَ أَنْ تَحْمِلَنَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ 3133 - (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم (عن أبي قلابة) -بكسر القاف- عبد الله الجرمي (القاسم بن العاصم الكليبي) بضم الكاف منسوب مصغر نسبة إلى كليب بن يربوع بن حنظلة (وأنا لحديث القاسم أحفظ عن زَهْدَم) هذا كلام أيوب احتج برواية القاسم عن زهدم على روايته عن أبي قلابة، ثم روى عن أبي موسى الأشعري أنه جاء مع نفر من الأشعريين إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يستحملونه (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أُتي بنهب إبل) -بفتح النون وسكون الهاء- فعل بمعنى المفعول، وهذا موضع الدّلالة على الترجمة؛ لأن الظاهر أنه كان من الخمس؛ وقد جاء في البخاري أنه اشتراها من سعد بن مالك، إلا أن يحمل على أنه اشتراها بمال الخمس. (فأمر لنا بخمس ذود) -بذال معجمة- ما بين الثلاث إلى العشر من الإبل خاصة (غر الذرى) -بضم الذال، جمع ذروة بالحركات الثلاث- وذروة كل شيء: أعلاه، أي: بيض الأسنمة، كناية عن الحسن (لست أنا حملتكم ولكن الله حملكم) هذا على طريقة التحقيق فإن الله هو المعطي حقيقة، وأما عرفًا ولغةً فالفعل مسند إليه، ولذلك كفَّر عن يمينه.

فَحَلَفْتَ أَنْ لاَ تَحْمِلَنَا أَفَنَسِيتَ قَالَ «لَسْتُ أَنَا حَمَلْتُكُمْ، وَلَكِنَّ اللَّهَ حَمَلَكُمْ، وَإِنِّى وَاللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لاَ أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا إِلاَّ أَتَيْتُ الَّذِى هُوَ خَيْرٌ وَتَحَلَّلْتُهَا». أطرافه 4385، 4415، 5517، 5518، 6623، 6649، 6678، 6680، 6718، 6719، 6721، 7555 3134 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ سَرِيَّةً فِيهَا عَبْدُ اللَّهِ قِبَلَ نَجْدٍ، فَغَنِمُوا إِبِلاً كَثِيرًا، فَكَانَتْ سِهَامُهُمُ اثْنَىْ عَشَرَ بَعِيرًا أَوْ أَحَدَ عَشَرَ بَعِيرًا، وَنُفِّلُوا بَعِيرًا بَعِيرًا. طرفه 4338 3135 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُنَفِّلُ بَعْضَ مَنْ يَبْعَثُ مِنَ السَّرَايَا لأَنْفُسِهِمْ خَاصَّةً سِوَى قِسْمِ عَامَّةِ الْجَيْشِ. 3136 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ بَلَغَنَا مَخْرَجُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ بِالْيَمَنِ فَخَرَجْنَا مُهَاجِرِينَ إِلَيْهِ، أَنَا وَأَخَوَانِ لِى، أَنَا أَصْغَرُهُمْ، أَحَدُهُمَا أَبُو بُرْدَةَ وَالآخَرُ ـــــــــــــــــــــــــــــ 3134 - ثم روى حديث ابن عمر أنهم غنموا إبلًا كثيرة فكانت سهامهم اثني عشر بعيرًا، أو أحد عشر، سيأتي في البخاري من غير شك، وفي غير رواية مالك: اثني عشر، من غير شك (ونفلوا بعيرًا بعيرًا) هذا موضع الدلالة، فإن النفل يكون من الخمس. 3135 - (بُكير) بضم الباء مصغر، وكذا (عقيل). 3136 - (أنا وأخوان لي أنا أصغرهم، أحدهما أبو بردة) -بضم الباء- واسمه عامر بن قيس، والقول بأنه عامر بن عبد الله بن قيس غلظ، فإن ذلك ابن أبي موسى، وعبد الله بن

أَبُو رُهْمٍ، إِمَّا قَالَ فِي بِضْعٍ، وَإِمَّا قَالَ فِي ثَلاَثَةٍ وَخَمْسِينَ أَوِ اثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ رَجُلاً مِنْ قَوْمِى فَرَكِبْنَا سَفِينَةً، فَأَلْقَتْنَا سَفِينَتُنَا إِلَى النَّجَاشِىِّ بِالْحَبَشَةِ، وَوَافَقْنَا جَعْفَرَ بْنَ أَبِى طَالِبٍ وَأَصْحَابَهُ عِنْدَهُ فَقَالَ جَعْفَرٌ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَنَا هَا هُنَا، وَأَمَرَنَا بِالإِقَامَةِ فَأَقِيمُوا مَعَنَا. فَأَقَمْنَا مَعَهُ، حَتَّى قَدِمْنَا جَمِيعًا، فَوَافَقْنَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ افْتَتَحَ خَيْبَرَ، فَأَسْهَمَ لَنَا. أَوْ قَالَ فَأَعْطَانَا مِنْهَا. وَمَا قَسَمَ لأَحَدٍ غَابَ عَنْ فَتْحِ خَيْبَرَ مِنْهَا شَيْئًا، إِلاَّ لِمَنْ شَهِدَ مَعَهُ، إِلاَّ أَصْحَابَ سَفِينَتِنَا مَعَ جَعْفَرٍ وَأَصْحَابِهِ، قَسَمَ لَهُمْ مَعَهُمْ. أطرافه 3876، 4230، 4233 3137 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ سَمِعَ جَابِرًا - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ قَدْ جَاءَنِى مَالُ الْبَحْرَيْنِ لَقَدْ أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا». فَلَمْ يَجِئْ حَتَّى قُبِضَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَمَّا جَاءَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ أَمَرَ أَبُو بَكْرٍ مُنَادِيًا فَنَادَى مَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - دَيْنٌ أَوْ عِدَةٌ فَلْيَأْتِنَا. فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لِى كَذَا وَكَذَا. فَحَثَا لِى ثَلاَثًا - وَجَعَلَ سُفْيَانُ يَحْثُو بِكَفَّيْهِ جَمِيعًا، ثُمَّ قَالَ لَنَا هَكَذَا قَالَ لَنَا ابْنُ الْمُنْكَدِرِ - وَقَالَ مَرَّةً فَأَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ فَسَأَلْتُ فَلَمْ يُعْطِنِى، ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَلَمْ يُعْطِنِى، ثُمَّ أَتَيْتُهُ الثَّالِثَةَ فَقُلْتُ سَأَلْتُكَ فَلَمْ تُعْطِنِى، ثُمَّ سَأَلْتُكَ فَلَمْ تُعْطِنِى، ثُمَّ سَأَلْتُكَ فَلَمْ تُعْطِنِى، ـــــــــــــــــــــــــــــ قيس هو أبو موسى وهذا أخوه، وإنما التبس عليه أن كل واحد من أبيه وأخيه اسمه عامر وكنيته أبو بردة، و (أبو رهم) -بضم الراء- واسمه مجدين -بفتح الميم على وزن يقطين- كذا ضبطه ابن عبد البر (فوافقنا النبي - صلى الله عليه وسلم - حين افتتح خيبر، فأسهم لنا) هذا ظاهر في أنه أعطاهم سهم الغانمين، وكذا قوله: (ما قسم لأحد غاب عن فتح خيبر) ولا يوافق استدلال البخاري على الترجمة، بل فيه دليل لأبي حنيفة أن من دخل دار الحرب قبل انفصال الجيش -ولو كان بعد القتال- له السهم، وسيأتي تمام الكلام عليه في غزوة خيبر إن شاء الله. 3137 - (ابن المنكدر) -بضم الميم وكسر الدال- اسمه محمد (عن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: لو جاء مال البحرين) -بفتح الراء وكسر النون- بلد على ساحل البحر، وهذا المال

16 - باب ما من النبى - صلى الله عليه وسلم - على الأسارى من غير أن يخمس

فَإِمَّا أَنْ تُعْطِيَنِى، وَإِمَّا أَنْ تَبْخَلَ عَنِّى. قَالَ قُلْتَ تَبْخَلُ عَلَىَّ مَا مَنَعْتُكَ مِنْ مَرَّةٍ إِلاَّ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُعْطِيَكَ. قَالَ سُفْيَانُ وَحَدَّثَنَا عَمْرٌو عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِىٍّ عَنْ جَابِرٍ فَحَثَا لِى حَثْيَةً وَقَالَ عُدَّهَا. فَوَجَدْتُهَا خَمْسَمِائَةٍ قَالَ فَخُذْ مِثْلَهَا مَرَّتَيْنِ. وَقَالَ يَعْنِى ابْنَ الْمُنْكَدِرِ وَأَىُّ دَاءٍ أَدْوَأُ مِنَ الْبُخْلِ طرفه 2296 3138 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا قُرَّةُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقْسِمُ غَنِيمَةً بِالْجِعْرَانَةِ إِذْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ اعْدِلْ. فَقَالَ لَهُ «شَقِيتَ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ». 16 - باب مَا مَنَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الأُسَارَى مِنْ غَيْرِ أَنْ يُخَمَّسَ 3139 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ فِي أُسَارَى ـــــــــــــــــــــــــــــ كان قد صالح عليه أهل البلد، فهو مال الفيء (أعطيتك هكذا وهكذا) كذا وقع هنا، وفي الرواية الأخرى: ثلاث مرات (فحثى لي حثية) يقال: حثا يحثو حثوة وحثى يحثي حثية، أي: ألقى إليَّ بملء كفيه (وأي دار أدوأ من البخل) أفعل تفضيل، أي: لا داء فوق البخل، ويروى: أدوي -بالياء- من دوي الرجل -بالكسر- إذ مرض، وتمام الكلام على الحديث في أبواب الهبة. 3138 - (قرة) بضم القاف وتشديد الراء (بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقسم بالجعرانة) بكسر الجيم وتشديد الراء وتخفيفها (إذ قال له رجل: اعدل) هو ذو الخويصرة. فإن قلت: أين موضع الدَّلالة على ما ترجم؟ قلت: قوله: اعدل، إنما نشأ من أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعطى المؤلفة من الخمس مالًا جزيلًا. (لقد شقيت إن لم أعدل) -بضم التاء- هو الرواية، والأشهر فتح التاء، أي: إن اعتقدت ما تقوله فأنت من الأشقياء، وهو كذلك عليه لعائن الله. باب ما من النبي - صلى الله عليه وسلم - على الأسرى يوم بدر من غير أن يخمس 3139 - (معمر) بفتح الميمين (جبير) بضم الجيم مصغر (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في أسارى

17 - باب ومن الدليل على أن الخمس للإمام وأنه يعطى بعض قرابته دون بعض ما قسم النبى - صلى الله عليه وسلم - لبنى المطلب وبنى هاشم من خمس خيبر

بَدْرٍ «لَوْ كَانَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِىٍّ حَيًّا، ثُمَّ كَلَّمَنِى فِي هَؤُلاَءِ النَّتْنَى، لَتَرَكْتُهُمْ لَهُ». طرفه 4024 17 - باب وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْخُمُسَ لِلإِمَامِ وَأَنَّهُ يُعْطِى بَعْضَ قَرَابَتِهِ دُونَ بَعْضٍ مَا قَسَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِبَنِى الْمُطَّلِبِ وَبَنِى هَاشِمٍ مِنْ خُمُسِ خَيْبَرَ قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَمْ يَعُمَّهُمْ بِذَلِكَ، وَلَمْ يَخُصَّ قَرِيبًا دُونَ مَنْ أَحْوَجُ إِلَيْهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ بدر: لو كان مطعم بن عدي حيًّا وكلمني في هؤلاء النتنى لتركتهم له) مطعم: على وزن اسم الفاعل، ابن عدي بن نوفل بن عبد مناف، وكان له يد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما عاد من دعوة أهل الطائف، دخل مكة في جواره، وأيضًا كان ممن قام في نقض الصحيفة الملعونة، وهي أن سائر قريش في حياة أبي طالب تحالفوا أن لا يناكحوا ولا يبايعوا بني هاشم وبني المطلب حتى يسلموا إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكتبوا بذلك صحيفة علَّقوها في باب الكعبة المعظمة، وكاتب الصحيفة قيل: منصور بن عكرمة وقيل: بفيض بن عامر، والنتنى على وزن فعلى، جمع نتن كزمنى في زَمِن، وإنما قال لهم ذلك تحقيرًا لهم. فإن قلت: ليس في الباب دلالة على أنه منَّ على أحد من غير أن يخمس؟ قلت: قوله: "لو كان مطعم حيًّا وكلمني فيهم لتركتهم له" كافٍ في الدلالة. فإن قلت: أربعة أخماس ملك الغانمين فكيف يمنُّ على الكل؟ قلت: كان هذا قبل نزول الآية، على أن الغانمين إنما يملكون بعد القسمة كما قاله أبو حنيفة ومالك، كذا قيل، ولا حاجة إليه؛ لأن الإمام مخير في الرجال بين القتل والمن والفداء والاسترقاق. باب ومن الدليل على أن الخمس للإمام وأنه يعطي بعض قرابته دون بعض ما قسم النبي - صلى الله عليه وسلم - لبني المطلب وبني هاشم من خمس خيبر قال بعض الشارحين: فإن قلت: ترجم أولًا في باب على أن الخمس لنوائب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وثانيًا: على أن الخمس لنوائب المسلمين، وثالثًا: على أن الخمس للإمام، فما وجه التلفيق؟ قلت: المذاهب فيه مختلفة، بَوَّبَ لكل مذهب بابًا ولا تفاوت في المعنى؛ إذ نوائب المسلمين ونوائب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واحدة، هذا كلامه، وهو متناقض؛ لأن المعنى إذا كان واحدًا فكيف يعقل أن يكون في كل باب دليل لمذهب؛ وقد أشرنا نحن مرارًا على أن البخاري يترجم كل باب بحكم خاص ويورد الحديث له، ولذلك ترى حديثًا واحدًا يورده في أبواب كثيرة بقدر ما يدل عليه الحديث، ولا شك أن نوائب رسول - صلى الله عليه وسلم - غير نوائب المسلمين، ألا ترى أنه ذكر في باب نوائب الرسول الله - صلى الله عليه وسلم - المساكين والأرامل بطريق العطف، وخص

وَإِنْ كَانَ الَّذِى أَعْطَى لِمَا يَشْكُو إِلَيْهِ مِنَ الْحَاجَةِ، وَلِمَا مَسَّتْهُمْ فِي جَنْبِهِ، مِنْ قَوْمِهِمْ وَحُلَفَائِهِمْ. 3140 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ مَشَيْتُ أَنَا وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَعْطَيْتَ بَنِى الْمُطَّلِبِ وَتَرَكْتَنَا، وَنَحْنُ وَهُمْ مِنْكَ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّمَا بَنُو الْمُطَّلِبِ وَبَنُو هَاشِمٍ شَىْءٌ وَاحِدٌ». قَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يُونُسُ وَزَادَ قَالَ جُبَيْرٌ وَلَمْ يَقْسِمِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِبَنِى عَبْدِ شَمْسٍ وَلاَ لِبَنِى نَوْفَلٍ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ عَبْدُ شَمْسٍ وَهَاشِمٌ وَالْمُطَّلِبُ إِخْوَةٌ لأُمٍّ، وَأُمُّهُمْ عَاتِكَةُ بِنْتُ مُرَّةَ، وَكَانَ نَوْفَلٌ أَخَاهُمْ لأَبِيهِمْ. طرفاه 3502، 4229 ـــــــــــــــــــــــــــــ هنا بني هاشم وبني المطلب، ولا شك أن هذا جهات مختلفة، وأما قوله: إن الخص للإمام، فمعناه أنه الذي يتولى صرفه. (وإن كان الذي أعطى أبعد قرابة ممن لم يعط) كذا جاء في بعض الروايات (لما شكوا إليه من الحاجة ولما مستهم في جنبه) إن مخففة من المثقلة حذف منها ضمير الشأن، أي: الشأن أن إعطاءه كان للحاجة، إما للرجل الذي يعطيه أو لمن له قرابة معه وحلف، ومعنى قوله: في جنبه، أي: لأجله ومن جهته كقوله: {فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ} [الزمر: 56]. 3140 - (عن جبير بن مطعم قال: مشيت أنا وعثمان إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: يوم حنين (فقلنا: يا رسول الله أعطيت بني المطلب وتركتنا ونحن وهم منك بمنزلة واحدة؟) وذلك أن هاشمًا ونوفلًا وعبد شمس والمطلب أولاد عبد مناف (فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد) وتمام الحديث: "لم يفارقونا في الجاهلية والإسلام" قوله: "في الجاهلية" إشارة إلى ما قدمنا من أن بني المطلب لم يوافقوا سائر قريش على الصحيفة الملعونة. قال البخاري: (وكان نوفل أخاهم من أبيهم) قلت: قال ابن إسحاق: وأمه هي واقدة -بالقاف- بنت عدي المازنية.

18 - باب من لم يخمس الأسلاب ومن قتل قتيلا فله سلبه من غير أن يخمس، وحكم الإمام فيه

18 - باب مَنْ لَمْ يُخَمِّسِ الأَسْلاَبَ وَمَنْ قَتَلَ قَتِيلاً فَلَهُ سَلَبُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُخَمِّسَ، وَحُكْمِ الإِمَامِ فِيهِ 3141 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ الْمَاجِشُونِ عَنْ صَالِحِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ بَيْنَا أَنَا وَاقِفٌ فِي الصَّفِّ يَوْمَ بَدْرٍ فَنَظَرْتُ عَنْ يَمِينِى وَشِمَالِى فَإِذَا أَنَا بِغُلاَمَيْنِ مِنَ الأَنْصَارِ حَدِيثَةٍ أَسْنَانُهُمَا، تَمَنَّيْتُ أَنْ أَكُونَ بَيْنَ أَضْلَعَ مِنْهُمَا، فَغَمَزَنِى أَحَدُهُمَا فَقَالَ يَا عَمِّ، هَلْ تَعْرِفُ أَبَا جَهْلٍ قُلْتُ نَعَمْ، مَا حَاجَتُكَ إِلَيْهِ يَا ابْنَ أَخِى قَالَ أُخْبِرْتُ أَنَّهُ يَسُبُّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَئِنْ رَأَيْتُهُ لاَ يُفَارِقُ سَوَادِى سَوَادَهُ حَتَّى يَمُوتَ الأَعْجَلُ مِنَّا. فَتَعَجَّبْتُ لِذَلِكَ، فَغَمَزَنِى الآخَرُ فَقَالَ لِى مِثْلَهَا، فَلَمْ أَنْشَبْ أَنْ نَظَرْتُ إِلَى أَبِى جَهْلٍ يَجُولُ فِي النَّاسِ، قُلْتُ أَلاَ إِنَّ هَذَا صَاحِبُكُمَا الَّذِى سَأَلْتُمَانِى. فَابْتَدَرَاهُ بِسَيْفَيْهِمَا فَضَرَبَاهُ حَتَّى قَتَلاَهُ، ثُمَّ انْصَرَفَا إِلَى رَسُولِ اللَّهُ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرَاهُ فَقَالَ «أَيُّكُمَا قَتَلَهُ». قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَا قَتَلْتُهُ. فَقَالَ «هَلْ مَسَحْتُمَا سَيْفَيْكُمَا». قَالاَ لاَ. فَنَظَرَ فِي السَّيْفَيْنِ فَقَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من لم يخمس الأسلاب بفتح الهمزة، جمع سلب على وزن فرس، قال ابن الأثير: هو ما يأخذه أحد القِرنين في الحرب من قِرنه من ثياب وسلاح ودابة، فَعَل بمعنى المفعول (ومن قتل قتيلًا فله سلبه) هذا حديث سيأتي مسندًا في غزوة حنين (من غير الخمس) هذا الكلام البخاري يرد به على أبي حنيفة ومالك (وحكم الإمام فيه) بالجر عطف على من. 3141 - (الماجشون) -بكسر الجيم- معرب ماه كون، أي: لونه لون القمر (عن عبد الرحمن بن عوف لينا أنا واقف يوم بدر بين غلامين [تمنيت] أن أكون بين أضلع منهما) أي: أقوى من الضلاعة -بالضاد المعجمة- وهي القوة، ولم يدر أنهما خير من كهول كثيرة (لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده) أي: شخصي شخصه، وإنما أطلق على الشخص لأن كل شخص يرى من بعيد أسود (فلم أنشب) -بالشين المعجمة- أي: لم ألبث (أن نظرت إلى أبي جهل يجول في الناس) -بالجيم- من الجولان (فابتدراه فضرباه حتى قتلاه، ثم انصرفا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال كل واحد منهما: أنا قتلته) بناء على الظن فإنهما ضرباه (فقال:

«كِلاَكُمَا قَتَلَهُ». سَلَبُهُ لِمُعَاذِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ. وَكَانَا مُعَاذَ ابْنَ عَفْرَاءَ وَمُعَاذَ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ. طرفاه 3964، 3988 3142 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ أَفْلَحَ عَنْ أَبِى مُحَمَّدٍ مَوْلَى أَبِى قَتَادَةَ عَنْ أَبِى قَتَادَةَ - رضى الله عنه - قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ حُنَيْنٍ، فَلَمَّا الْتَقَيْنَا كَانَتْ لِلْمُسْلِمِينَ جَوْلَةٌ، فَرَأَيْتُ رَجُلاً مِنَ الْمُشْرِكِينَ عَلاَ رَجُلاً مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَاسْتَدَرْتُ حَتَّى أَتَيْتُهُ مِنْ وَرَائِهِ حَتَّى ضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ عَلَى حَبْلِ عَاتِقِهِ، فَأَقْبَلَ عَلَىَّ فَضَمَّنِى ضَمَّةً وَجَدْتُ مِنْهَا رِيحَ الْمَوْتِ، ثُمَّ أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ فَأَرْسَلَنِى، فَلَحِقْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَقُلْتُ مَا بَالُ النَّاسِ قَالَ أَمْرُ اللَّهِ، ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ رَجَعُوا، وَجَلَسَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ». فَقُمْتُ فَقُلْتُ مَنْ يَشْهَدُ لِى ثُمَّ جَلَسْتُ ثُمَّ قَالَ «مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ كلاكما قتله، سلبه لمعاذ بن عمرو). فإن قلت: إذا كان كل منهما قاتلًا، فكيف أعطى سلبه لواحد؟ قلت: علم من النظر في السيف أن ابن الجموح هو القاتل، وقوله: "كلاكما قاتل" كان تطييبًا لقلوبهما، وهذا على مذهب الشافعي وأحمد القائلين بأن السَّلَب للقاتل، وأبو حنيفة ومالك فلا إشكال عندهما؛ لأن السَّلَب فيء يعطيه الإمام لمن شاء. فإن قلت: قد جاء في البخاري ومسلم أن ابني عفراء ضرباه وأن مسعود حزَّ رأسه؟ قلت: الضرب لا يستلزم القتل، وابن مسعود لما احتز رأسه كان في حكم الموتى. 3142 - (عن ابن أفلح) هو محمد بن كثير (عن أبي محمد) اسمه نافع (كانت للمسلمين جولة) أي: انهزام (فرأيت رجلًا من المشركين علا رجلًا من المسلمين) أي: أشرف على قتله (فضمني ضمة وجدت منها ريح الموت) كناية عن شدة الألم (فلحقت عمر ابن الخطاب، فقلت: ما بال النّاس؟ فقال: أمر الله) أي: لا موجب لفرارهم إلا لذلك، لا لقله عُدَدٍ؟ وعَدَدٍ (من قتل قتيلًا له عليه بينه فله سلبه) سماه قتيلًا باعتبار المآل، كقوله تعالى:

19 - باب ما كان النبى - صلى الله عليه وسلم - يعطى المؤلفة قلوبهم وغيرهم من الخمس ونحوه

فَقُمْتُ فَقُلْتُ مَنْ يَشْهَدُ لِى ثُمَّ جَلَسْتُ، ثُمَّ قَالَ الثَّالِثَةَ مِثْلَهُ فَقَالَ رَجُلٌ صَدَقَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَسَلَبُهُ عِنْدِى فَأَرْضِهِ عَنِّى. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ - رضى الله عنه لاَهَا اللَّهِ إِذًا يَعْمِدُ إِلَى أَسَدٍ مِنْ أُسْدِ اللَّهِ يُقَاتِلُ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - يُعْطِيكَ سَلَبَهُ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «صَدَقَ». فَأَعْطَاهُ فَبِعْتُ الدِّرْعَ، فَابْتَعْتُ بِهِ مَخْرِفًا فِي بَنِى سَلِمَةَ، فَإِنَّهُ لأَوَّلُ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ فِي الإِسْلاَمِ. طرفه 2100 19 - باب مَا كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُعْطِى الْمُؤَلَّفَةَ قُلُوبُهُمْ وَغَيْرَهُمْ مِنَ الْخُمُسِ وَنَحْوِهِ رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. ـــــــــــــــــــــــــــــ {إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا} [يوسف: 36] (فقلت: من يشهد لي) فإنه طلب البينة على القتل (فقال رجل: صدق يا رسول الله وسلبه عندي فأرضه عني، فقال أبو بكر الصديق: لاها الله) قال ابن الأثير: هذا قسم، والهاء بدل عن الواو، وفي ألفه مذهبان: حذفه لالتقاء الساكنين، وإبقاؤه لأن الأول حرف ما والثاني مدغم. قوله: (إذًا لا يعمد) جواب القسم، قيل صوابه ذا إشارة إلى قول القائل، وأنا أقول: قد تقرر أن إذن جواب لا جزاء، فالمعنى: والله لا يكون ما قلت؛ إذ لو فعل ذلك كان عدولًا عن الحق، وقد طولوا فيه بأشياء أضربنا عن ذكرها، ولا يعمد: الرّواية بالياء وقد يروى بالنون (فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: صدق أبو بكر) وفي الحديث دلالة على جواز الاجتهاد لآحاد الناس بحضرة الرّسل. فإن قلت: طلب البينة على القتل ولم يقم أبو قتادة البينة؟ قلت: اعترف خصمه فلا حاجة إلى البينة، هكذا قيل، وفيه نظر، لأن إقرار ذلك غير كاف لأنَّ مال الغنيمة بين الغانمين كلهم، والصواب أن الغانمين لم ينازعوه في ذلك، أو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علم ذلك وحيًا، على أنّ الواقدي روى أن أوس بن خولى أيضًا شهد له بذلك. باب ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعطي المؤلفة قلوبهم المؤلفة طائفتان: مَنْ أسْلَمَ ولم يَكْمُل إسلامُهُ، وفيه تزلزلٌ، ومَنَ يكون ذا شرف يرجى بإعطائه إسلام نظرائه (من الخمس ونحوه) أي: من مال الفيء.

3143 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ - رضى الله عنه - قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَعْطَانِى، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِى، ثُمَّ قَالَ لِى «يَا حَكِيمُ، إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرٌ حُلْوٌ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، وَكَانَ كَالَّذِى يَأْكُلُ وَلاَ يَشْبَعُ، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى». قَالَ حَكِيمٌ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لاَ أَرْزَأُ أَحَدًا بَعْدَكَ شَيْئًا حَتَّى أُفَارِقَ الدُّنْيَا. فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَدْعُو حَكِيمًا لِيُعْطِيَهُ الْعَطَاءَ، فَيَأْبَى أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ شَيْئًا، ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ دَعَاهُ لِيُعْطِيَهُ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، إِنِّى أَعْرِضُ عَلَيْهِ حَقَّهُ الَّذِى قَسَمَ اللَّهُ لَهُ مِنْ هَذَا الْفَىْءِ، فَيَأْبَى أَنْ يَأْخُذَهُ. فَلَمْ يَرْزَأْ حَكِيمٌ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ بَعْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى تُوُفِّىَ. طرفه 1472 3144 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ كَانَ عَلَىَّ اعْتِكَافُ يَوْمٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَفِىَ بِهِ. قَالَ وَأَصَابَ عُمَرُ جَارِيَتَيْنِ مِنْ سَبْىِ حُنَيْنٍ، فَوَضَعَهُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــ 3143 - (الأوزاعي) بفتح الهمزة (حكيم بن حزام) بكسر الحاء وزاي معجمة، تقدم شرحه في أبواب الزكاة وبعدها، ونشير إلى بعض ألفاظه (إن هذا المال خضرة حلوة) أنث باعتبار الأنواع، أو لأنه في معنى الدنيا (ومن أخذه بإشراف نفس) أي: باطلاعها؛ كناية عن الحرص (والذي بعثك بالحق لا أرزأ أحدًا بعدك) أي: لا أسأل من الرزء بضم الراء وهو النقص. فإن قلت: فما وجه دلالته على ما ترجم؟ قلت: وجهه أنّه من المؤلفة؛ لأنه أسلم عام الفتح وحسن إسلامه، وكان من أشراف قريش عاش في الجاهلية ستين، سنة وفي الإسلام ستين وأعتق في الجاهلية مئة رقبة وفي الإسلام مئة. 3144 - (أبو النّعمان) بضم النّون محمد بن الفضل (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم (وأصاب عمر جاريتين من السّبي) هذا موضع الدّلالة على الترجمة، فإن الجاريتين كانتا من

فِي بَعْضِ بُيُوتِ مَكَّةَ - قَالَ - فَمَنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى سَبْىِ حُنَيْنٍ، فَجَعَلُوا يَسْعَوْنَ فِي السِّكَكِ فَقَالَ عُمَرُ يَا عَبْدَ اللَّهِ، انْظُرْ مَا هَذَا فَقَالَ مَنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى السَّبْىِ. قَالَ اذْهَبْ فَأَرْسِلِ الْجَارِيَتَيْنِ. قَالَ نَافِعٌ وَلَمْ يَعْتَمِرْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْجِعْرَانَةِ وَلَوِ اعْتَمَرَ لَمْ يَخْفَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ. وَزَادَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ مِنَ الْخُمُسِ. وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي النَّذْرِ وَلَمْ يَقُلْ يَوْمَ. طرفه 2032 3145 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ قَالَ حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ - رضى الله عنه - قَالَ أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَوْمًا وَمَنَعَ آخَرِينَ، فَكَأَنَّهُمْ عَتَبُوا عَلَيْهِ فَقَالَ «إِنِّى أُعْطِى قَوْمًا أَخَافُ ظَلَعَهُمْ وَجَزَعَهُمْ، وَأَكِلُ أَقْوَامًا إِلَى مَا جَعَلَ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الْخَيْرِ وَالْغِنَى، مِنْهُمْ عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ». فَقَالَ عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ مَا أُحِبُّ أَنَّ لِى بِكَلِمَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حُمْرَ النَّعَمِ. وَزَادَ أَبُو عَاصِمٍ عَنْ جَرِيرٍ قَالَ سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أُتِىَ بِمَالٍ أَوْ بِسَبْىٍ فَقَسَمَهُ. بِهَذَا. طرفه 923 ـــــــــــــــــــــــــــــ السّبي، كذا جاء في الرواية الأخرى، وحديث اعتكاف عمر ونذره في الجاهلية تقدم في أبواب الاعتكاف. فإن قلت: تقدم هناك أنه نذر ليلة؟ قلت: لا تنافي لجواز الجمع. (ورواه معمر عن أيوب عن نافع عن ابن عمر في النذر) أي ليس فيه ذكر الجاريتين، ولا قيد يوم. 3145 - (حازم) بالحاء المهملة (عمرو بن تغلب) بالغين المعجمة مضارع غلب (إني أعطي قومًا أخاف هلعهم وجزعهم) قال ابن الأثير: الهلع أشد الجزع، قلت: قد فسره تعالى في قوله: {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا} [المعارج: 19 - 20] الآية (وأكِلُ أقوامًا إلى ما جعل الله في قلوبهم من الخير والغنى، منهم عمرو بن تغلب) عطف الغنى على الخير من عطف الخاص على العامّ (زاد أبو عاصم) هو الضحاك بن مخلد (أُتِيَ بمال أو سبي) بالمهملة والباء الموحدة، وفي بعضها: بلفظ الشيء.

3146 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنِّى أُعْطِى قُرَيْشًا أَتَأَلَّفُهُمْ، لأَنَّهُمْ حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ». أطرافه 3147، 3528، 3778، 3793، 4331، 4332، 4333، 4334، 4337، 5860، 6762، 7441 3147 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ نَاسًا مِنَ الأَنْصَارِ قَالُوا لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَمْوَالِ هَوَازِنَ مَا أَفَاءَ، فَطَفِقَ يُعْطِى رِجَالاً مِنْ قُرَيْشٍ الْمِائَةَ مِنَ الإِبِلِ فَقَالُوا يَغْفِرُ اللَّهُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُعْطِى قُرَيْشًا وَيَدَعُنَا، وَسُيُوفُنَا تَقْطُرُ مِنْ دِمَائِهِمْ قَالَ أَنَسٌ فَحُدِّثَ رَسُولُ اللَّهِ بِمَقَالَتِهِمْ، فَأَرْسَلَ إِلَى الأَنْصَارِ، فَجَمَعَهُمْ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ، وَلَمْ يَدْعُ مَعَهُمْ أَحَدًا غَيْرَهُمْ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا جَاءَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مَا كَانَ حَدِيثٌ بَلَغَنِى عَنْكُمْ». قَالَ لَهُ فُقَهَاؤُهُمْ أَمَّا ذَوُو آرَائِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَلَمْ يَقُولُوا شَيْئًا، وَأَمَّا أُنَاسٌ مِنَّا حَدِيثَةٌ أَسْنَانُهُمْ فَقَالُوا يَغْفِرُ اللَّهُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُعْطِى قُرَيْشًا وَيَتْرُكُ الأَنْصَارَ، وَسُيُوفُنَا تَقْطُرُ مِنْ دِمَائِهِمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنِّى أُعْطِى رِجَالاً حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ بِكُفْرٍ، أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالأَمْوَالِ وَتَرْجِعُونَ إِلَى رِحَالِكُمْ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، ـــــــــــــــــــــــــــــ 3147 - (أن ناسًا من الأنصار قالوا لرسول الله) أي: عن فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقولهم: يغفر الله لرسول الله. (حين أفاء الله على رسوله من مال هوازن ما أفاء) قد سلف أن الفيء هو المال الحاصل من الكفار من غير قتال وليس المراد ذلك، بل المراد الغنائم، كما جاء في الرواية الأخرى (فطفق) أي: شرع (يعطي رجالًا من قريش المئة من الإبل، فقالوا: ينفر الله لرسوله). فإن قلت: هذا نسبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الجور؟ قلت ليس كذلك، فإن ما أعطاه كان من الخمس إلا أنه لما آثر المؤلفة على الذين آووا ونصروا ظنوا أنه خلاف الأولى، لعدم اطلاعهم على علة الإعطاء (وسيوفنا تقطر من دمائهم) فيه قلب للمبالغة، وأصله تقطر دماؤهم من سيوفنا (في قبة أدم) بفتح الهمزة والدّال جمع أديم، وهو الجلد المدبوغ (فقال فقهاؤهم: أما ذوو رأينا يا رسول الله، فلم يقولوا شيئًا) أي: ذوو العقول (وأما أناس حديثة أسنانهما) كناية عن صغر السن (إنكم سترون بعدي أثره شديدة) الأثرة -بفتح الهمزة والتاء والمثلثة- اسم من الإيثار، أراد أن الأمراء يؤثرون على الأنصار غيرهم، ولا يعطونهم من أموال الفيء حقهم.

فَوَاللَّهِ مَا تَنْقَلِبُونَ بِهِ خَيْرٌ مِمَّا يَنْقَلِبُونَ بِهِ». قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ رَضِينَا. فَقَالَ لَهُمْ «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِى أُثْرَةً شَدِيدَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوُا اللَّهَ وَرَسُولَهُ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الْحَوْضِ». قَالَ أَنَسٌ فَلَمْ نَصْبِرْ. طرفه 3146 3148 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأُوَيْسِىُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جُبَيْرٍ قَالَ أَخْبَرَنِى جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ أَنَّهُ بَيْنَا هُوَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَعَهُ النَّاسُ مُقْبِلاً مِنْ حُنَيْنٍ عَلِقَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الأَعْرَابُ يَسْأَلُونَهُ حَتَّى اضْطَرُّوهُ إِلَى سَمُرَةٍ، فَخَطِفَتْ رِدَاءَهُ، فَوَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «أَعْطُونِى رِدَائِى، فَلَوْ كَانَ عَدَدُ هَذِهِ الْعِضَاهِ نَعَمًا لَقَسَمْتُهُ بَيْنَكُمْ، ثُمَّ لاَ تَجِدُونِى بَخِيلاً وَلاَ كَذُوبًا وَلاَ جَبَانًا». طرفه 2821 3149 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه قَالَ كُنْتُ أَمْشِى مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِىٌّ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ، فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِىٌّ فَجَذَبَهُ جَذْبَةً شَدِيدَةً، حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ أَثَّرَتْ بِهِ حَاشِيَةُ الرِّدَاءِ مِنْ شِدَّةِ جَذْبَتِهِ، ثُمَّ قَالَ مُرْ لِى مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِى عِنْدَكَ. فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ، فَضَحِكَ ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ. طرفاه 5809، 6088 ـــــــــــــــــــــــــــــ 3148 - (الأويسي) بضم الهمزة مصغر منسوب (جببر بن مطعم) اسم فاعل من الإطعام (علقت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأعراب) أي: تعلقت (حتى اضطروه إلى سَمُرة) -بفتح السين وضم الميم- شجر الطلح (فلو كان عدد هذه العِضاه) -بكسر العين وضاد معجمة آخره هاء- جمع عضة، قال ابن الأثير: شجرة أم الغيلان وكل شجر عظيم (ثم لا تجدوني بخيلًا ولا كذوبًا ولا جبانًا) ذكر الوصفين الأخيرين لأنهما من لوازم البخل غالبًا. 3149 - (عن أنس كنت أمشي مع النبي - صلى الله عليه وسلم -[وعليه] برد نجراني) بفتح النون والجيم نسبة إلى نجران ناحية باليمن (فأدركه أعرابي فجذبه أجذبة، قد أثرت به حاشية الرّداء فالتفت إليه فضحك) إما تعجبًا من جرأته وجلافته، أو أظهر له حسن الخلق تألفًا له، ولذلك أمر له بعطاء.

3150 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ آثَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أُنَاسًا فِي الْقِسْمَةِ، فَأَعْطَى الأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ مِائَةً مِنَ الإِبِلِ، وَأَعْطَى عُيَيْنَةَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَأَعْطَى أُنَاسًا مِنْ أَشْرَافِ الْعَرَبِ، فَآثَرَهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْقِسْمَةِ. قَالَ رَجُلٌ وَاللَّهِ إِنَّ هَذِهِ الْقِسْمَةَ مَا عُدِلَ فِيهَا، وَمَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ. فَقُلْتُ وَاللَّهِ لأُخْبِرَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -. فَأَتَيْتُهُ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ «فَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ يَعْدِلِ اللَّهُ وَرَسُولُهُ رَحِمَ اللَّهُ مُوسَى قَدْ أُوذِىَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ». أطرافه 3405، 4335، 4336، 6059، 6100، 6291، 6336 3151 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلاَنَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ أَسْمَاءَ ابْنَةِ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما - قَالَتْ كُنْتُ أَنْقُلُ النَّوَى مِنْ أَرْضِ الزُّبَيْرِ الَّتِى أَقْطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى رَأْسِى، وَهْىَ مِنِّى عَلَى ثُلُثَىْ فَرْسَخٍ. وَقَالَ أَبُو ضَمْرَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَقْطَعَ الزُّبَيْرَ أَرْضًا مِنْ أَمْوَالِ بَنِى النَّضِيرِ. طرفه 5224 3152 - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ قَالَ أَخْبَرَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَجْلَى الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا ظَهَرَ عَلَى أَهْلِ خَيْبَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 3150 - (لما كان يوم حنين أثر النبي - صلى الله عليه وسلم - في القسمة أناسًا) قسمة الخمس الذي أمْرُهُ إليه لا الغنيمة، فإن ذلك حق الغانمين (الأقرع بن حابس) بالباء الموحدة و (عيينة) ابن حصن مصغر عين (قال رجل: هذه قسمة ما أريد بها وجه الله) هذا رجل منافق لم يشم رائحة الإسلام. 3151 - (محمود بن غيلان) بفتح المعجمة وسكون المثناة تحت (أبو ضمرة) بفتح الضاد وسكون الميم أنس بن عياض (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقطع الزبير أرضًا من أموال بني النضير) فإنها كانت فيئًا خاصًّا به، كان له أن يعطي لمن شاء. 3152 - (المِقدام) بكسر الميم (الفضيل) مصغر الفضل (وكانت الأرض لما ظهر

20 - باب ما يصيب من الطعام فى أرض الحرب

أَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ الْيَهُودَ مِنْهَا، وَكَانَتِ الأَرْضُ لَمَّا ظَهَرَ عَلَيْهَا لِلْيَهُودِ وَلِلرَّسُولِ وَلِلْمُسْلِمِينَ، فَسَأَلَ الْيَهُودُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَتْرُكَهُمْ عَلَى أَنْ يَكْفُوا الْعَمَلَ، وَلَهُمْ نِصْفُ الثَّمَرِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «نُقِرُّكُمْ عَلَى ذَلِكَ مَا شِئْنَا». فَأُقِرُّوا حَتَّى أَجْلاَهُمْ عُمَرُ فِي إِمَارَتِهِ إِلَى تَيْمَاءَ وَأَرِيحَا. طرفه 2285 20 - باب مَا يُصِيبُ مِنَ الطَّعَامِ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ 3153 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا مُحَاصِرِينَ قَصْرَ خَيْبَرَ، فَرَمَى إِنْسَانٌ بِجِرَابٍ فِيهِ شَحْمٌ، فَنَزَوْتُ لآخُذَهُ، فَالْتَفَتُّ فَإِذَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ. طرفاه 4224، 5508 3154 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ كُنَّا نُصِيبُ فِي مَغَازِينَا الْعَسَلَ وَالْعِنَبَ فَنَأْكُلُهُ وَلاَ نَرْفَعُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عليها) أي: أرض خيبر (لله ولرسوله وللمسلمين) ذِكْرُ الله للتشريف، بل كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وللمسلمين، فإنها كانت غنيمة قسمها بين الغانمين (إلى تيماء) بفتح التاء وسكون الياء التحتانية (وأريحاء) بفتح الهمزة وياء ساكنة والمدّ بلدتان من بلاد الشام وكان أصل يهود الحجاز منها. باب ما يصيب من الطّعام في أرض الحرب 3153 - (حميد) بضم الحاء مصغر (عن عبد الله بن مغفل) اسم مفعول التغضيل (فرمى إنسان بجراب فيه شحم) بكسر الجيم وحكي الفتح أيضًا (فنزوت) أي: وثبت (فالتفت فإذا النبي - صلى الله عليه وسلم - فاستحييت منه) لوثوبه للطعام، أو لقوله: لا أعطي أحدًا منه شيئًا، كما جاء في الرواية الأخرى.

3155 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِىُّ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ أَبِى أَوْفَى - رضى الله عنهما - يَقُولُ أَصَابَتْنَا مَجَاعَةٌ لَيَالِىَ خَيْبَرَ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ وَقَعْنَا فِي الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ، فَانْتَحَرْنَاهَا فَلَمَّا غَلَتِ الْقُدُورُ، نَادَى مُنَادِى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اكْفَئُوا الْقُدُورَ، فَلاَ تَطْعَمُوا مِنْ لُحُومِ الْحُمُرِ شَيْئًا. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَقُلْنَا إِنَّمَا نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لأَنَّهَا لَمْ تُخَمَّسْ. قَالَ وَقَالَ آخَرُونَ حَرَّمَهَا الْبَتَّةَ. وَسَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ فَقَالَ حَرَّمَهَا الْبَتَّةَ. أطرافه 4220، 4222، 4224، 5526 ـــــــــــــــــــــــــــــ 3155 - (الشيباني) -بفتح المعجمة وسكون المثناة- نسبة إلى القبيلة (ابن أبي أوفى) بفتح الهمزة عبد الله (أكفئوا القدور ولا تطعموا من لحوم الحمر) بهمزة القطع يقال: كفأته أكفأته، أي قلبته (وسألت سعيد بن جبير فقال: حرمها أَلبتة) السائل الشباني، أي: لا لعلة، يقال: بته قطعه، بتة مصدره واللام فيه للتعريف وهمزة الوصل، ومن قال: همزته للقطع وهو شاذ فقد غلط والله أعلم، وأحاديث الباب ظاهرة في حِلِّ أكل طعام الكفار في دار الحرب وذبح دوابهم.

58 - كتاب الجزية والموادعة

كتاب الجزية والموادعة 1 - باب الْجِزْيَةِ وَالْمُوَادَعَةِ مَعَ أَهْلِ الْحَرْبِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (قَاتِلُوا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) أَذِلاَّءُ. وَمَا جَاءَ فِي أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسِ وَالْعَجَمِ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ أَبِى نَجِيحٍ قُلْتُ لِمُجَاهِدٍ مَا شَأْنُ أَهْلِ الشَّأْمِ، عَلَيْهِمْ أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ وَأَهْلُ الْيَمَنِ عَلَيْهِمْ دِينَارٌ قَالَ جُعِلَ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ الْيَسَارِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الجزية والموادعة باب الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب (وقوله الله تعالى {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ} إلى قوله: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ} [التوبة: 29]) هذا موضع الدِّلالة من الآية. قال ابن الأثير: الجزية المال الذي يعقد عليه الذمة لأهل الكتاب، والموادعة: المتاركة والصلح (وما جاء في أخذ الجزية من اليهود والنصارى) هذا أيضًا من الترجمة (والمجوس والعجم) عطف العجم على المجوس من عطف الخاص على العام، قيل: الجزية من جزأت الشيء قسمته فعلة من الجزاء، وقيل: من أجزأ إذا كفى، والغرض في الكل ظاهر (ابن أبي نجيح) -بفتح النون وكسر الجيم- عبد الله. (قلت لمجاهد: ما شأن أهل الشام عليهم أربعة دنانير، وأهل اليمن عليهم دينار؟ قال جُعِل ذلك من قبل اليسار) اختلف العلماء فيمن يؤخذ منه وفي مقدار ما يؤخذ، قال مالك: يؤخذ من كل كافر أكثرها أربعة دنانير من أهل الذهب، وأربعون درهمًا من أهل الورق، وقال أبو حنيفة: يؤخذ من أهل الكتاب والمجوس وعبدة الأوثان من العجم دون العرب، وكذا قال أحمد في رواية، قالا: ويؤخذ من الغني ثمانية وأربعون درهمًا، ومن الوسط أربعة وعشرون درهمًا ومن الفقير المعتمل اثنا عشر، وقال الشافعي: لا يؤخذ إلا من أهل الكتاب

3156 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْتُ عَمْرًا قَالَ كُنْتُ جَالِسًا مَعَ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَعَمْرِو بْنِ أَوْسٍ، فَحَدَّثَهُمَا بَجَالَةُ سَنَةَ سَبْعِينَ - عَامَ حَجَّ مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ بِأَهْلِ الْبَصْرَةِ - عِنْدَ دَرَجِ زَمْزَمَ قَالَ كُنْتُ كَاتِبًا لِجَزْءِ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَمِّ الأَحْنَفِ، فَأَتَانَا كِتَابُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ فَرِّقُوا بَيْنَ كُلِّ ذِى مَحْرَمٍ مِنَ الْمَجُوسِ. وَلَمْ يَكُنْ عُمَرُ أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنَ الْمَجُوسِ. 3157 - حَتَّى شَهِدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَخَذَهَا مِنْ مَجُوسِ هَجَرٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والمجوس؛ لأن لهم شُبْهَة كتاب، وهو صحف إبراهيم قبل ظهور زرادشت، فإنه هو الذي دعاهم إلى عبادة النار، ولقوله عليه الصلاة والسلام: "سنوا بهم سنة أهل الكتاب من كلّ واحد دينارًا" لحديث معاذ: أمرني رسول الله عليه الصلاة والسلام: "أن آخذ من كل حالم دينارًا"، ويجوز الزيادة إلى أربعة دنانير باعتبار حال الرّجل. 3156 - (بجالة) ابن عبدة التميمي بفتح الباء وتخفيف الجيم (مصعب) بضم الميم اسم مفعول (قال: كنت كاتبًا لجزء بن معاوية) القائل هو بجالة، وجزء: بفتح الجيم وسكون الزاي، قال الدّارقطني: أهل الحديث يكسرون الجيم وأهل العربية يفتحونه، وخبط الأصيلي بفتح الجيم وكسر الزاي، قال شيخنا: أهل العربية يقولونه بفتح الجيم وكسر الزاي وياء ساكنة بعدها همزة، ومن قاله مصغرًا فقد أخطأ (فرقوا بين كل ذي محرم) فإن المجوس ينكحون المحارم. 3157 - (أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذها من مجوس هجر) غير منصرف علم البقعة كذا يرويه المحدثون، لكن قال الجوهري: منصرف؛ لأنه علم البلد.

3158 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَمْرَو بْنَ عَوْفٍ الأَنْصَارِىَّ وَهْوَ حَلِيفٌ لِبَنِى عَامِرِ بْنِ لُؤَىٍّ وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ إِلَى الْبَحْرَيْنِ يَأْتِى بِجِزْيَتِهَا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - هُوَ صَالَحَ أَهْلَ الْبَحْرَيْنِ وَأَمَّرَ عَلَيْهِمُ الْعَلاَءَ بْنَ الْحَضْرَمِىِّ، فَقَدِمَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِمَالٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ، فَسَمِعَتِ الأَنْصَارُ بِقُدُومِ أَبِى عُبَيْدَةَ فَوَافَتْ صَلاَةَ الصُّبْحِ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَمَّا صَلَّى بِهِمِ الْفَجْرَ انْصَرَفَ، فَتَعَرَّضُوا لَهُ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ رَآهُمْ وَقَالَ «أَظُنُّكُمْ قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ قَدْ جَاءَ بِشَىْءٍ». قَالُوا أَجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «فَأَبْشِرُوا وَأَمِّلُوا مَا يَسُرُّكُمْ، فَوَاللَّهِ لاَ الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلَكِنْ أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ». طرفاه 4015، 6425 3159 - حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ يَعْقُوبَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّىُّ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الثَّقَفِىُّ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِىُّ وَزِيَادُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ حَيَّةَ قَالَ بَعَثَ عُمَرُ النَّاسَ فِي أَفْنَاءِ الأَمْصَارِ يُقَاتِلُونَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 3158 - (المسور بن المخرمة) بكسر الميم في الأول وفتحة في الثاني (عمرو بن عوف) كذا في البخاري، وذكر ابن إسحاق وابن سعد أنّ الذي شهد بدرًا هو عمرو بن عوف وهو مولى سهيل بن عمرو، قال ابن عبد البر: عمرو بن عوف الأنصاري، ويقال له: عمير، ثم نقل عن إسحاق ما ذكرنا (فسمعت الأنصار بقدوم أبي عبيدة فوافت صلاة الصبح مع النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي: صلوا معه؛ قال الجوهري: وافيت فلانًا إذا أتيته (وأملوا) بالتشديد من التأميل الثلاثي والمزيد بمعنى، سوى ما في المزيد من الزيادة (لا الفقر أخشى عليكم) بالنصب مفعول أخشى. 3159 - (الرّقي) -بفتح الراء وتشديد القاف- نسبة إلى البلد (معتمر) اسم فاعل (بعث عمر الناس في أفناء الأمصار يقاتلون) جمع فناء -بكسر الفاء والمدّ- ما امتدّ من جوانب

الْمُشْرِكِينَ، فَأَسْلَمَ الْهُرْمُزَانُ فَقَالَ إِنِّى مُسْتَشِيرُكَ فِي مَغَازِىَّ هَذِهِ. قَالَ نَعَمْ، مَثَلُهَا وَمَثَلُ مَنْ فِيهَا مِنَ النَّاسِ مِنْ عَدُوِّ الْمُسْلِمِينَ مَثَلُ طَائِرٍ لَهُ رَأْسٌ وَلَهُ جَنَاحَانِ وَلَهُ رِجْلاَنِ، فَإِنْ كُسِرَ أَحَدُ الْجَنَاحَيْنِ نَهَضَتِ الرِّجْلاَنِ بِجَنَاحٍ وَالرَّأْسُ، فَإِنْ كُسِرَ الْجَنَاحُ الآخَرُ نَهَضَتِ الرِّجْلاَنِ وَالرَّأْسُ، وَإِنْ شُدِخَ الرَّأْسُ ذَهَبَتِ الرِّجْلاَنِ وَالْجَنَاحَانِ وَالرَّأْسُ، فَالرَّأْسُ كِسْرَى، وَالْجَنَاحُ قَيْصَرُ، وَالْجَنَاحُ الآخَرُ فَارِسُ، فَمُرِ الْمُسْلِمِينَ فَلْيَنْفِرُوا إِلَى كِسْرَى. وَقَالَ بَكْرٌ وَزِيَادٌ جَمِيعًا عَنْ جُبَيْرِ بْنِ حَيَّةَ قَالَ فَنَدَبَنَا عُمَرُ وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْنَا النُّعْمَانَ بْنَ مُقَرِّنٍ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِأَرْضِ الْعَدُوِّ، وَخَرَجَ عَلَيْنَا عَامِلُ كِسْرَى فِي أَرْبَعِينَ أَلْفًا، فَقَامَ تُرْجُمَانٌ فَقَالَ لِيُكَلِّمْنِى رَجُلٌ مِنْكُمْ. فَقَالَ الْمُغِيرَةُ سَلْ عَمَّا شِئْتَ. قَالَ مَا أَنْتُمْ قَالَ نَحْنُ أُنَاسٌ مِنَ الْعَرَبِ كُنَّا فِي شَقَاءٍ شَدِيدٍ وَبَلاَءٍ شَدِيدٍ، نَمَصُّ الْجِلْدَ وَالنَّوَى مِنَ الْجُوعِ، وَنَلْبَسُ الْوَبَرَ وَالشَّعَرَ، وَنَعْبُدُ الشَّجَرَ وَالْحَجَرَ، فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ، إِذْ بَعَثَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الأَرَضِينَ تَعَالَى ذِكْرُهُ وَجَلَّتْ عَظَمَتُهُ إِلَيْنَا نَبِيًّا مِنْ أَنْفُسِنَا، نَعْرِفُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ، فَأَمَرَنَا نَبِيُّنَا رَسُولُ رَبِّنَا - صلى الله عليه وسلم - أَنْ نَقَاتِلَكُمْ حَتَّى تَعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ أَوْ تُؤَدُّوا الْجِزْيَةَ، وَأَخْبَرَنَا نَبِيُّنَا - صلى الله عليه وسلم - عَنْ رِسَالَةِ رَبِّنَا أَنَّهُ مَنْ قُتِلَ مِنَّا صَارَ إِلَى الْجَنَّةِ فِي نَعِيمٍ لَمْ يَرَ مِثْلَهَا قَطُّ، وَمَنْ بَقِىَ مِنَّا مَلَكَ رِقَابَكُمْ. طرفه 7530 ـــــــــــــــــــــــــــــ الدّار، وقيل: مفرده فنو -بكسر الفاء- يقال: فلان من أفناه الناس إذا لم يُعْلَم ممن هو (فأسلم الهرمزان من عظماء الملوك) أسره أبو موسى فأرسله مع أنس إلى عمر فأسلم، ولذلك قال له عمر: أني مستشيرك في مغازيَّ هذه، وقيل: وكان عمر عارفًا بما قال، إلا أنه أراد أن يختبر إسلامه، قال ابن قتيبة: ثم اتُّهِمَ بقتل عمر فقتل. (عبيد الله) بضم العين مصغر عبد الله (قال: مثلها ومثل من فيها من الناس من عدّو المسلمين مثل طائر له رأس وله جناحان وله رجلان فالرأس كسرى) قال ابن قتيبة في "المعارف": إنما جعل الرأس كسرى؛ لأنه كان أعظم المذكورين، إلا أن فيه إشكالًا، وهو أن مُلكَ فارس كان لكسرى فلا يصح جعله قسيمًا له (عن جبير بن حية) بالياء المثناة الحيوان المعروف (النعمان بن مقرن) بتشديد الرّاء المكسورة (فقام ترجمان) بضم التاء وفتحها (فقال: ليكلمني رجل منكم فقال المغيرة سل عما شئت) إنما بادر المغيرة إلى هذا الكلام بإذن الأمير، أو خاف أن الأمير لا يقدر على مثل جوابه، فإن المغيرة كان من دهاة العرب، ورجالها ثلاثة لا رابع لهم: المغيرة ومعاوية وعمر بن العاص.

2 - باب إذا وادع الإمام ملك القرية هل يكون ذلك لبقيتهم

3160 - فَقَالَ النُّعْمَانُ رُبَّمَا أَشْهَدَكَ اللَّهُ مِثْلَهَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يُنَدِّمْكَ وَلَمْ يُخْزِكَ، وَلَكِنِّى شَهِدْتُ الْقِتَالَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا لَمْ يُقَاتِلْ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ انْتَظَرَ حَتَّى تَهُبَّ الأَرْوَاحُ وَتَحْضُرَ الصَّلَوَاتُ. 2 - باب إِذَا وَادَعَ الإِمَامُ مَلِكَ الْقَرْيَةِ هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ لِبَقِيَّتِهِمْ 3161 - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى عَنْ عَبَّاسٍ السَّاعِدِىِّ عَنْ أَبِى حُمَيْدٍ السَّاعِدِىِّ قَالَ غَزَوْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - تَبُوكَ، وَأَهْدَى مَلِكُ أَيْلَةَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بَغْلَةً بَيْضَاءَ، وَكَسَاهُ بُرْدًا، وَكَتَبَ لَهُ بِبَحْرِهِمْ. طرفاه 1481، 1862 ـــــــــــــــــــــــــــــ (نمص الجلد) بفتح النون وضم الجيم (وتلبس الوبر) هو صوف الإبل (نقاتلكم حتى تعبدوا الله أو تؤدوا الجزية) هذا موضع الدّلالة فإنه دّل على جواز الجزية من المجوس. 3160 - (فقال النعمان: ربّما أشهدك الله مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يندمك) بضم الياء، غرض النعمان من هذا الكلام أن المغيرة وإن كان عارفًا بالحرب إلا أن النعمان أيضًا عالم بها، ولذلك استدرك بقوله: ولكني شهدت القتال مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (كان إذا لم يقاتل في أول النهار، انتظر حتى تهب الأرواح) أي رياح النّصر كما صرّح به في الرّواية الأخرى (وتحضر الصلوات) أي: صلاة العصر، والجمع باعتبار المصلين، فإن ذلك الوقت يقع فيه الأدعية لنصر المؤمنين من الملائكة والناس، وكان النعمان في هذه الغزوة أول قتيل، قال أخوه: مررت به وهو مقتول فسترته بثوبه لئلا يعرف فيقع وهن في المسلمين، قال ابن عبد البرّ: كان قتله يوم الجمعة بنهاوند وهو راجع من فتح أصبهان، وتحت رايته الزبير وحذيفة والمغيرة وعبد الله بن عمرو ولما قتل تناول الراية حذيفة. باب إذا وادع الإمام ملك القرية هل يكون ذلك لبقيتهم 3161 - (بكار) بفتح الباء وتشديد الكات (وهيب) بضم الواو مصغر (عن أبي حميد الساعدي) -بضم الحاء مصغر- اسمه المنذر أو عبد الرحمن (أهدى ملك أيلة للنبي - صلى الله عليه وسلم - بغلة بيضاء) أيلة: -بفتح الهمزة وسكون الياء- بلدة على ساحل البحر من بلاد الشام (وكساه بردًا وكتب له ببحرهم) البحر: البلد، أي: كسا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ملك أيلة بردًا، مكافأة عن هديته، وكتب له بلدهم، أي: صالحه، وأعطى كتاب الأمان، وفي رواية أبي داود: فكساه

3 - باب الوصايا بأهل ذمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

3 - باب الْوَصَايَا بِأَهْلِ ذِمَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالذِّمَّةُ الْعَهْدُ، وَالإِلُّ الْقَرَابَةُ. 3162 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو جَمْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ جُوَيْرِيَةَ بْنَ قُدَامَةَ التَّمِيمِىَّ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - قُلْنَا أَوْصِنَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ أُوصِيكُمْ بِذِمَّةِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ ذِمَّةُ نَبِيِّكُمْ، وَرِزْقُ عِيَالِكُمْ. طرفه 1392 4 - باب مَا أَقْطَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْبَحْرَيْنِ وَمَا وَعَدَ مِنْ مَالِ الْبَحْرَيْنِ وَالْجِزْيَةِ، وَلِمَنْ يُقْسَمُ الْفَىْءُ وَالْجِزْيَةُ 3163 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا - رضى الله عنه - قَالَ دَعَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الأَنْصَارَ لِيَكْتُبَ لَهُمْ بِالْبَحْرَيْنِ فَقَالُوا ـــــــــــــــــــــــــــــ بالفاء، وهذه الرّواية أظهر، وفيه دلالة على أن موادعة الأمير سارية إلى الرعية، قبل: وجه الدلالة في الحديث: أن العادة جارية بأن الملك إنما يصالح إبقاء للرعية، وقيل: بل أشار البخاري إلى ما جاء في بعض طرق الحديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكر أهل أيلة في ذلك الكتاب، قلت: قوله: وكتب له ببحرهم كاف في الدلالة؛ إذ معناه: أمَّنَهُ وأهل بلده. باب الوصاءة بأهل ذمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الوصاءة بفتح الواو وكسرها وآخره همزة بعدها تاء، اسم من الإيصاء، قال البخاري: (الذمة العهد، والإلُّ: القرابة) يشير إلى معنى قوله تعالى: {لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً} [التوبة: 8]. 3162 - (أبي إياس) بكسر الهمزة (أبو جمرة) بالجيم نصر بن عمران (جورية) بضم الجيم مصغر (قدامة) بضم القاف (أوصيكم بذمة الله فإنه ذمة نبيكم - صلى الله عليه وسلم - ورزق عيالكم) يريد الوفاء لأهل الذمة على ما كان في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال ابن الأثير: سمُّوا أهل الذّمة لدخولهم في عهد المسلمين وأمانهم، يريد أن الذمة تطلق على العهد والأمان. باب ما أقطع النبي - صلى الله عليه وسلم - من البحرين وما وعد من مال البحرين والجزية، ولمن يقسم الفيء والجزية؟ عطف الجزية على مال الفيء عطف الخاص على العام. 3163 - (دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - الأنصار ليكتب لهم بالبحرين) أي: من مال البحرين (فقالوا:

لاَ وَاللَّهِ حَتَّى تَكْتُبَ لإِخْوَانِنَا مِنْ قُرَيْشٍ بِمِثْلِهَا. فَقَالَ ذَاكَ لَهُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ يَقُولُونَ لَهُ قَالَ «فَإِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِى أُثْرَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِى». طرفه 2376 3164 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنِى رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لِى «لَوْ قَدْ جَاءَنَا مَالُ الْبَحْرَيْنِ قَدْ أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا». فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَجَاءَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ مَنْ كَانَتْ لَهُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عِدَةٌ فَلْيَأْتِنِى. فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ كَانَ قَالَ لِى «لَوْ قَدْ جَاءَنَا مَالُ الْبَحْرَيْنِ لأَعْطَيْتُكَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا». فَقَالَ لِى احْثُهْ. فَحَثَوْتُ حَثْيَةً فَقَالَ لِى عُدَّهَا. فَعَدَدْتُهَا فَإِذَا هِىَ خَمْسُمِائَةٍ، فَأَعْطَانِى أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ. طرفه 2296 3165 - وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ أُتِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِمَالٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ فَقَالَ «انْثُرُوهُ فِي الْمَسْجِدِ» فَكَانَ أَكْثَرَ مَالٍ أُتِىَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ جَاءَهُ الْعَبَّاسُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَعْطِنِى إِنِّى فَادَيْتُ نَفْسِى وَفَادَيْتُ عَقِيلاً. قَالَ «خُذْ». فَحَثَا فِي ثَوْبِهِ، ثُمَّ ذَهَبَ يُقِلُّهُ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ. فَقَالَ أْمُرْ ـــــــــــــــــــــــــــــ ألا والله حتى تكتب لإخواننا المهاجرين) لم يكن ذلك منهم مخالفة لأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بل فهموا أنه يريد مكافأة إحسانهم، كرهوا أن يكون ذلك في الدنيا (فقال: لهم ذلك ما شاء الله) أي: كرر الكلام في ذلك معهم؛ ولما استحسن منهم ذلك الإباء، قال: (إنكم سترون بعدي أثرة) بفتح الهمزة والتاء، اسم من الاستثار أي: سيكون أمراء يمنعونكم حقكم. 3164 - (روح) بفتح الراء وسكون الواو (محمد بن المنكدر) اسم فاعل من الانكدار، روى حديث جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعده أن لو جاء مال البحرين أعطيتك هكذا ثلاث مرات بيديه، فلم يجئ المال حتى انتقل إلى الله، وجاء المال في خلافة الصديق، فأعطاه ما وعده، وقد مر الحديث مرارًا. 3165 - (ابن طهمان) بفتح الطّاء وسكون الهاء (صُهيب) بضم الصاد مصغر. ثم روى عن أنس تعليقًا: (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُتى بمال من البحرين، وكان أكثر مال أُتي به فقال: انثروه في المسجد، فنثروه، فجاء عباس وقال: يا رسول الله أعطني فإني فاديت نفسي وعقيلًا) يريد

5 - باب إثم من قتل معاهدا بغير جرم

بَعْضَهُمْ يَرْفَعْهُ إِلَىَّ. قَالَ «لاَ». قَالَ فَارْفَعْهُ أَنْتَ عَلَىَّ. قَالَ «لاَ». فَنَثَرَ مِنْهُ، ثُمَّ ذَهَبَ يُقِلُّهُ فَلَمْ يَرْفَعْهُ. فَقَالَ أْمُرْ بَعْضَهُمْ يَرْفَعْهُ عَلَىَّ. قَالَ «لاَ». قَالَ فَارْفَعْهُ أَنْتَ عَلَىَّ. قَالَ «لاَ». فَنَثَرَ ثُمَّ احْتَمَلَهُ عَلَى كَاهِلِهِ ثُمَّ انْطَلَقَ، فَمَا زَالَ يُتْبِعُهُ بَصَرَهُ حَتَّى خَفِىَ عَلَيْنَا عَجَبًا مِنْ حِرْصِهِ، فَمَا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَثَمَّ مِنْهَا دِرْهَمٌ. طرفه 421 5 - باب إِثْمِ مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا بِغَيْرِ جُرْمٍ 3166 - حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا مُجَاهِدٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا». طرفه 6914 ـــــــــــــــــــــــــــــ لما أُسرا يوم بدر، وهذا الحديث قد سلف مسندًا في باب القسمة في المسجد ومعنى قوله: يقله -بضم الياء وكسر القاف- يرفعه، اشتقاقه من القلة؛ لأن الرفع يكون في القليل. باب إثم من قتل معاهدًا بغير جرم 3166 - (من قتل معاهدًا لم يرح رائحة الجنة) قال ابن الأثير: يقال راح يريح وراح يراح وأراح يريح بمعنى، أي لم يجد كناية عن البعد فإن ريح الجنة يوجد من أربعين عامًا قال: والثالثة قد روي بها الحديث (وإن ريحها يوجد من مسيرة أربعين عامًا) فإن قلت: روى مالك "خمسمائة عام" قلت: لا تنافي، فإن مفهوم العدد إنما يقول به إذ لم يعارضه منطوق. فإن قلت: "من قال: لا إله إلا دخل الجنة" قلت: يعاقب هذا بأن لا يشم هذه الرائحة قبل الدخول أو يحمل على المستحل أو كلام وارد على سبيل التحذير.

6 - باب إخراج اليهود من جزيرة العرب

6 - باب إِخْرَاجِ الْيَهُودِ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَقَالَ عُمَرُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «أُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّكُمُ اللَّهُ بِهِ». 3167 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى سَعِيدٌ الْمَقْبُرِىُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ فِي الْمَسْجِدِ خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «انْطَلِقُوا إِلَى يَهُودَ». فَخَرَجْنَا حَتَّى جِئْنَا بَيْتَ الْمِدْرَاسِ فَقَالَ «أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، وَإِنِّى أُرِيدُ أَنْ أُجْلِيَكُمْ مِنْ هَذِهِ الأَرْضِ، فَمَنْ يَجِدْ مِنْكُمْ بِمَالِهِ شَيْئًا فَلْيَبِعْهُ، وَإِلاَّ فَاعْلَمُوا أَنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ». طرفاه 6944، 7348 3168 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ الأَحْوَلِ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إخراج اليهود من جزيرة العرب قد سلف تحديد جزيرة العرب، قال أبو عبيدة: ما بين حفر أبي موسى إلى أقصى اليمن طولًا، وما بين رمل يبرين بفتح المثناة تحت بعدها موحدة على وزن يقطين إلى منقطع السماوة عرضًا، وقيل: هي من أقصى عدن إلى ريف العراق طولًا، ومن جدّة وساحل البحر إلى أطراف الشام عرضًا، وإنما سُمِّيت جزيرة لإحاطة بحر الفرس وبحر السودان بطرفيه، والفرات ودجلة بالجانب الآخر، هذا وتعليق حديث عمر: أقركم ما أقركم الله، تقدم في أبواب المزارعة. 3167 - (المقبري) بضم الباء وفتحها (خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: انطلقوا إلى يهود، فخرجنا حتى جئنا بيت المِدْرَاس) مفعال من الدرس، قال ابن الأثير: المفعال للمكان غريب، قلت: لا يلزم حمله على المكان، بل أريد به الرّجل الذي يدرس لهم التوراة اسم فاعل كالمضراب لكثير الضرب، يدل عليه إضافة البيت إليه (إني أريد أن أجليكم) الإجلاء إخراج الرّجل من وطنه (فمن يجد منكم بماله شيئًا فليبعه) أراد بالمال العقار. 3168 - (محمّد) كذا وقع غير منسوب، قال النسائي: يجوز أن يكون ابن سلام وابن

جُبَيْرٍ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - يَقُولُ يَوْمُ الْخَمِيسِ، وَمَا يَوْمُ الْخَمِيسِ ثُمَّ بَكَى حَتَّى بَلَّ دَمْعُهُ الْحَصَى. قُلْتُ يَا أَبَا عَبَّاسٍ، مَا يَوْمُ الْخَمِيسِ قَالَ اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَجَعُهُ فَقَالَ «ائْتُونِى بِكَتِفٍ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لاَ تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَدًا». فَتَنَازَعُوا وَلاَ يَنْبَغِى عِنْدَ نَبِىٍّ تَنَازُعٌ فَقَالُوا مَا لَهُ أَهَجَرَ اسْتَفْهِمُوهُ. فَقَالَ «ذَرُونِى، فَالَّذِى أَنَا فِيهِ خَيْرٌ مِمَّا تَدْعُونِى إِلَيْهِ - فَأَمَرَهُمْ بِثَلاَثٍ قَالَ - أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَأَجِيزُوا الْوَفْدَ بِنَحْوِ مَا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ». وَالثَّالِثَةُ خَيْرٌ، إِمَّا أَنْ سَكَتَ عَنْهَا، وَإِمَّا أَنْ قَالَهَا فَنَسِيتُهَا. قَالَ سُفْيَانُ هَذَا مِنْ قَوْلِ سُلَيْمَانَ. طرفه 114 ـــــــــــــــــــــــــــــ يوسف، فإن كل واحد منهما يروي عن ابن عيينة، قلت: رواه الإسماعيلي عن محمد بن خلَّاد عن ابن عيينة (يوم الخميس وما يوم الخميس) كناية عن عظم المصيبة فيه، وذلك أن المرض اشتد برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهذا قد سلف مع شرحه مستوفى في باب الحربي إذا دخل دار الإسلام، وموضع الدلالة هنا قوله: (أخرجوا المشركين من جزيرة العرب). فإن قلت: وضع الباب لإخراج اليهود؟ قلت: اليهود أيضًا مشركون، لقولهم: عزير ابن الله، أو ذكر المشركين بعد اليهود مناسبة، فإنهم أولى بالإخراج. فإن قلت: ما الحكمة في تخصيص جزيرة العرب؟ قلت: خاف مكيدة منهم بعده كما أرادوا أن يلقوا عليه حجرًا لما ذهب يستعين بهم في دية الرجلين. فإن قلت: فلم لم يبادروا إلى ما أمر به؟ قلت: الأمر لا يقتضي الفورية، ربما كانوا يحتاجون إليهم في تلك الأيام، أو صبروا على أن يبدوا منهم شيء، ولذلك لما فدعوا ابن عمر أجلاهم عمر. (والثالثة إمّا أن سكت عنها وإما أن قالها فنسيتها) هذا كلام سليمان بن مسلم، صرح به ابن عيينة، وقد جاء في الروّاية الأخرى: أن الثالثة تجهير جيش أسامة.

7 - باب إذا غدر المشركون بالمسلمين هل يعفى عنهم

7 - باب إِذَا غَدَرَ الْمُشْرِكُونَ بِالْمُسْلِمِينَ هَلْ يُعْفَى عَنْهُمْ 3169 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى سَعِيدٌ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا فُتِحَتْ خَيْبَرُ أُهْدِيَتْ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - شَاةٌ فِيهَا سُمٌّ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اجْمَعُوا إِلَىَّ مَنْ كَانَ هَا هُنَا مِنْ يَهُودَ». فَجُمِعُوا لَهُ فَقَالَ «إِنِّى سَائِلُكُمْ عَنْ شَىْءٍ فَهَلْ أَنْتُمْ صَادِقِىَّ عَنْهُ». فَقَالُوا نَعَمْ. قَالَ لَهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ أَبُوكُمْ». قَالُوا فُلاَنٌ. فَقَالَ «كَذَبْتُمْ، بَلْ أَبُوكُمْ فُلاَنٌ». قَالُوا صَدَقْتَ. قَالَ «فَهَلْ أَنْتُمْ صَادِقِىَّ عَنْ شَىْءٍ إِنْ سَأَلْتُ عَنْهُ» فَقَالُوا نَعَمْ يَا أَبَا الْقَاسِمِ، وَإِنْ كَذَبْنَا عَرَفْتَ كَذِبَنَا كَمَا عَرَفْتَهُ فِي أَبِينَا. فَقَالَ لَهُمْ «مَنْ أَهْلُ النَّارِ». قَالُوا نَكُونُ فِيهَا يَسِيرًا ثُمَّ تَخْلُفُونَا فِيهَا. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اخْسَئُوا فِيهَا، وَاللَّهِ لاَ نَخْلُفُكُمْ فِيهَا أَبَدًا - ثُمَّ قَالَ - هَلْ أَنْتُمْ صَادِقِىَّ عَنْ شَىْءٍ إِنْ سَأَلْتُكُمْ عَنْهُ». فَقَالُوا نَعَمْ يَا أَبَا الْقَاسِمِ. قَالَ «هَلْ جَعَلْتُمْ فِي هَذِهِ الشَّاةِ سُمًّا». قَالُوا نَعَمْ. قَالَ «مَا حَمَلَكُمْ عَلَى ذَلِكَ». قَالُوا أَرَدْنَا إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا نَسْتَرِيحُ، وَإِنْ كُنْتَ نَبِيًّا لَمْ يَضُرَّكَ. طرفاه 4249، 5777 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إذا غدر المشركون بالمسلمين، هل يُعْفَى عنهم؟ 3169 - (لما فتحت خيبر أهديت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - شاة فيها سُمّ) بضم السين وفتحه لغتان، قيل: أهدتها أخت مرحب الذي قتله علي مبارزة (فقال: من أهل النار؟ قالوا: نكون فيها يسيرًا ثم تخلفونا فيها، قال: اخسؤوا فيها) كلمة طرد، أي: كونوا فيها خاسئين (والله لا نخلفكم فيها أبدًا) ولا ينافي هذا دخول بعض المؤمنين؛ لأنه ليس على طريق الخلافة (قال: هل جعلتم في هذه الشاة سمًّا؟ قالوا: نعم، قال: ما حملكم على ذلك؟ قالوا: أردنا إن كنت كاذبًا نستريح منك، وإن كنت صادقًا لا يضرك) وهذا إمّا كذب منهم، أو جهل، فإن الأنبياء من البشر تعرض لهم الأمراض كما تعرض لسائر الناس. فإن قلت: ليس في الحديث أنه عفا عنها ولا في الترجمة الجزم به؟ قلت: أمّا لنفسه فقد عفا عنها؛ لأن شأنه عدم الانتقام لنفسه، وأما القتل فالصحيح أنه قتلها لما مات بشر بن البراء من أكلها قصاصًا. فإن قلت: كَلَّمه الذراع بأنه مسموم بعدما أكل منه فهلا كان ذلك قبل أن يأكل منه؟

8 - باب دعاء الإمام على من نكث عهدا

8 - باب دُعَاءِ الإِمَامِ عَلَى مَنْ نَكَثَ عَهْدًا 3170 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسًا - رضى الله عنه - عَنِ الْقُنُوتِ. قَالَ قَبْلَ الرُّكُوعِ. فَقُلْتُ إِنَّ فُلاَنًا يَزْعُمُ أَنَّكَ قُلْتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ، فَقَالَ كَذَبَ. ثُمَّ حَدَّثَنَا عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَنَتَ شَهْرًا بَعْدَ الرُّكُوعِ يَدْعُو عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ بَنِى سُلَيْمٍ - قَالَ - بَعَثَ أَرْبَعِينَ أَوْ سَبْعِينَ - يَشُكُّ فِيهِ - مِنَ الْقُرَّاءِ إِلَى أُنَاسٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَعَرَضَ لَهُمْ هَؤُلاَءِ فَقَتَلُوهُمْ، وَكَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - عَهْدٌ، فَمَا رَأَيْتُهُ وَجَدَ عَلَى أَحَدٍ مَا وَجَدَ عَلَيْهِمْ. طرفه 1001 9 - باب أَمَانِ النِّسَاءِ وَجِوَارِهِنَّ 3171 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّ أَبَا مُرَّةَ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ ابْنَةِ أَبِى طَالِبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أُمَّ هَانِئٍ ابْنَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قلت: أراد الله أن يجمع له بين الرسالة والشهادة، لما تقدم أنه قال في آخر حياته: "لا زالت أكلة خيبر تعاودني حتى الآن، قطعت أبهري". باب دعاء الإمام على من نكث عهدًا 3170 - (أبو النعمان) محمد بن الفضل (ثابت بن يزيد) ويقال: ابن زيد، والأول أصح، قاله أبو الفضل المقدسي (عاصم) هو أبو سليمان الأحول (فقنت شهرًا يدعو على أحياء من بني سليم) بضم السين مصغر، والأحياء بنو لحيان وذكوان وعصية (بعث أريعين أو سبعين) تقدم في أبواب القنوت سبعين جزمًا (فما رأيته وجد على أحد ما وجد عليهم) أي: حزن، من الموجدة. باب أمان النساء وجوارهن الجوار بكسر الجيم من الإجارة. 3171 - (عن أبي النضر) -بالضاد المعجمة- اسمه سالم (أن أبا مُرة) -بضم الميم- اسمه يزيد بن مرة، تارة يقول: مولى أم هانئ، وأخرى مولى عُقيل، إمّا مجاز في أحدهما، أو كان

10 - باب ذمة المسلمين وجوارهم واحدة يسعى بها أدناهم

أَبِى طَالِبٍ تَقُولُ ذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ الْفَتْحِ فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ، وَفَاطِمَةُ ابْنَتُهُ تَسْتُرُهُ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ «مَنْ هَذِهِ». فَقُلْتُ أَنَا أُمُّ هَانِئٍ بِنْتُ أَبِى طَالِبٍ. فَقَالَ «مَرْحَبًا بِأُمِّ هَانِئٍ». فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ غُسْلِهِ قَامَ، فَصَلَّى ثَمَانَ رَكَعَاتٍ مُلْتَحِفًا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، زَعَمَ ابْنُ أُمِّى عَلِىٌّ أَنَّهُ قَاتِلٌ رَجُلاً قَدْ أَجَرْتُهُ فُلاَنُ بْنُ هُبَيْرَةَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ». قَالَتْ أُمُّ هَانِئٍ وَذَلِكَ ضُحًى. طرفاه 357، 6158 10 - باب ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَجِوَارُهُمْ وَاحِدَةٌ يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ 3172 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِىِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ خَطَبَنَا عَلِىٌّ فَقَالَ مَا عِنْدَنَا كِتَابٌ نَقْرَؤُهُ إِلاَّ كِتَابُ اللَّهِ، وَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ فَقَالَ فِيهَا الْجِرَاحَاتُ وَأَسْنَانُ الإِبِلِ، وَالْمَدِينَةُ حَرَمٌ مَا بَيْنَ عَيْرٍ إِلَى كَذَا، فَمَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا أَوْ آوَى فِيهَا مُحْدِثًا، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ ـــــــــــــــــــــــــــــ مشتركًا، والحديث مع شرحه في أبواب الغسل وموضع الدلالة هنا قبول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إجارة أم هانئ (فلان بن هُبيرة) بضم الهاء وفتح الباء مصغر، قيل: أرادت بفلان ابنها منه جعدة. باب ذمة المسلمين وجوارهم واحدة يسعى بها أدناهم 3172 - (محمد) كذا وقع غير منسوب قال الغساني نسبه ابن السكن محمد بن سلام، وقال الكلاباذي محمد بن سلام وابن مفاتل ومحمد بن نمير كلهم يروي عن وكيع (ما عندنا إلا كتاب الله وما في هذه الصحيفة، فقال: فيها الجراحات) أي: أروش الجراحات (وأسنان الإبل) أي: أعمارها، فإنها تعرف بالأسنان في الحيوان، فيعرف الواجب في الديات والزكوات (والمدينة حرم من عير إلى كذا) العير -بفتح العين وسكون الياء- اسم جبل، وأما قوله: إلى كذا فقد فسرته الرّواية الأخرى: إلى ثور بالثاء المثلثة (فمن أحدث فيها حدثًا أو آوى محدثًا فعليه لعنة الله). فإن قلت: لعن المؤمن لا يجوز؟ قلت: هذا كلام وارد على طريق التحذير، أو يحمل على المستحل كما في نظائره.

11 - باب إذا قالوا صبأنا ولم يحسنوا أسلمنا

أَجْمَعِينَ، لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلاَ عَدْلٌ، وَمَنْ تَوَلَّى غَيْرَ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ مِثْلُ ذَلِكَ، وَذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ، فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ مِثْلُ ذَلِكَ. طرفه 111 11 - باب إِذَا قَالُوا صَبَأْنَا وَلَمْ يُحْسِنُوا أَسْلَمْنَا وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ فَجَعَلَ خَالِدٌ يَقْتُلُ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ». وَقَالَ عُمَرُ إِذَا قَالَ مَتْرَسْ. فَقَدْ آمَنَهُ، إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ الأَلْسِنَةَ كُلَّهَا. وَقَالَ تَكَلَّمْ لاَ بَأْسَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ (لا يقبل الله منه صرفًا ولا عدلًا) أي: نفلًا وفرضًا (وذمة المسلمين واحدة فمن أخفر مسلمًا فعليه مثل ذلك) يقال: أخفره إذا نقض عهده، وخفره مخففًا، أي: حفظ عهده، وفي الحديث دلالة على جواز أمان كل مسلم، وفي الصبي المميز خلاف الشافعي، لأنه غير مكلف كالمجنون اتفاقًا، وقال أبو حنيفة: لا يصح أمان العبد إلا إذا قاتل، وظاهر الأحاديث الإطلاق. باب إذا [قالوا] صبأنا ولم يحسنوا أسلمنا (وقال ابن عمر: فجعل خالد يقتل) هذا التعليق سيأتي في المغازي مسندًا، وأصله: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث خالدًا إلى بني جذيمة -بالجيم والذال المعجمة- قبيلة من عبد القيس فلما جاء خالد قالوا: صبأنا بالهمزة، يقال: صبأ إذا مال عن دين إلى آخر، وكان المشركون إذا أسلم واحد من القوم يقولون: صبأ، استهزاء، فظن خالد أن قولهم: صبأنا إنما يقولونه استهزاء، ولذلك شرع بقتلهم، وما يقال: إنما قتلهم لأنه لم يدر أن صبأنا يقوم مقام أسلمنا، فليس بشيء؛ إذ لو كان الأمر كذلك لأعلمهم بذلك كما يفعل واحد منا مع من أسلم (قال مترَسْ) بفتح الميم والتاء وسكون السين لفظ معناه لا تخف، [و] الله أعلم.

12 - باب الموادعة والمصالحة مع المشركين بالمال وغيره، وإثم من لم يف بالعهد

12 - باب الْمُوَادَعَةِ وَالْمُصَالَحَةِ مَعَ الْمُشْرِكِينَ بِالْمَالِ وَغَيْرِهِ، وَإِثْمِ مَنْ لَمْ يَفِ بِالْعَهْدِ وَقَوْلِهِ (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا) الآيَةَ. 3173 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا بِشْرٌ - هُوَ ابْنُ الْمُفَضَّلِ - حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِى حَثْمَةَ قَالَ انْطَلَقَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةُ بْنُ مَسْعُودِ بْنِ زَيْدٍ إِلَى خَيْبَرَ، وَهْىَ يَوْمَئِذٍ صُلْحٌ، فَتَفَرَّقَا، فَأَتَى مُحَيِّصَةُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ وَهْوَ يَتَشَحَّطُ فِي دَمٍ قَتِيلاً، فَدَفَنَهُ ثُمَّ قَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَانْطَلَقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةُ وَحُوَيِّصَةُ ابْنَا مَسْعُودٍ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَذَهَبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَتَكَلَّمُ فَقَالَ «كَبِّرْ كَبِّرْ». وَهْوَ أَحْدَثُ الْقَوْمِ، فَسَكَتَ فَتَكَلَّمَا فَقَالَ «أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ قَاتِلَكُمْ أَوْ صَاحِبَكُمْ». قَالُوا وَكَيْفَ نَحْلِفُ وَلَمْ نَشْهَدْ وَلَمْ نَرَ قَالَ «فَتُبْرِيكُمْ يَهُودُ بِخَمْسِينَ». فَقَالُوا كَيْفَ نَأْخُذُ أَيْمَانَ قَوْمٍ كُفَّارٍ فَعَقَلَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ عِنْدِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الموادعة والمصالحة مع المشركين ولا يظهر فرق بين الموادعة والمصالحة إلا من جهة المفهوم بالمال وغيره (وإثم من لم يف بالعهد) استدل على جواز ذلك بقوله تعالى: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا} [الأنفال: 61] فإنه بإطلاقه يشمل الصّلح بالمال وغيره. 3173 - (بشر) بكسر الموحدة وشين معجمة (المفضل) اسم مفعول من التفضيل (بشير) بضم الباء مصغر (يسار) ضد اليمين (عن سهل بن أبي حثمة) بفتح الحاء وسكون المثلثة (ومُحيصة) بضم الميم وفتح الحاء وسكون الياء وقد تشدد الياء (فأتى محيّصة إلى عبد الله بن سهيل وهو يتشحط في دمه) قال ابن الأثير: أي: يضطرب ويتمرغ. (فذهب عبد الرحمن يتكلم لأنه كان المدّعي، فإنه أخ المقتول، فقال: كبر كبر) [........] وتشديد الباء صيغة الأمر، أي: فوّض الكلام إلى الأكبر منك، وإنما قال ذلك لأن الكبير أعرف [......] (فتكلما) أي: محيصة وحويصة (فقال: تحلفون وتستحقون دم صاحبكم؟) وفيه دليل للشافعي ومالك [...] ومن وافقهم على أن اليمين في القسامة على المدَّعي (فعقله النبي - صلى الله عليه وسلم - من عنده من مال الفيء) قطعًا للنزاع، يقال: عقلته إذا أدّيت ديته، وعقلت عنه إذا ألزمته دية أديتها عنه، قال الأصمعي: سألت أبا يوسف عن الفرق في مجلس

13 - باب فضل الوفاء بالعهد

13 - باب فَضْلِ الْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ 3174 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ هِرَقْلَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ فِي رَكْبٍ مِنْ قُرَيْشٍ كَانُوا تِجَارًا بِالشَّأْمِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِى مَادَّ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَبَا سُفْيَانَ فِي كُفَّارِ قُرَيْشٍ. طرفه 7 14 - باب هَلْ يُعْفَى عَنِ الذِّمِّىِّ إِذَا سَحَرَ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ سُئِلَ أَعَلَى مَنْ سَحَرَ مِنْ أَهْلِ الْعَهْدِ قَتْلٌ قَالَ بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ صُنِعَ لَهُ ذَلِكَ، فَلَمْ يَقْتُلْ مَنْ صَنَعَهُ، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الرشيد فلم يدر، هذا وفي رواية النسائي أنه أعطى نصف الديّة وقسم النصف الآخر على اليهود. فإن قلت: ليس في الحديث بيان إثم من لم يف بالعهد؟ قلت: قتل الرجل نقض للعهد، غايته أنه لم يُعْلَم قاتله، ولو روى في الباب الحديث السابق: "من أخفر مسلمًا" كان أظهر. باب فضل الوفاء بالعهد 3174 - (بُكير) بضم الباء مصغر، روى حديث أبي سفيان مع هرقل. فإن قلت: ليس فيه ذكر الوفاء بالعهد؟ قلت: هذا على دأبه من الاستدلال بما فيه خفاء، وقد سلف مرارًا أنه سأله هل يغدر؟ قال: لا، فقال هرقل: هذا شأن الرُّسل، وبه يظهر فضل الوفاء بالعهد. باب هل يعفى عن الذمي إذا سحر (عن ابن شهاب سئل أَعَلَى مَنْ سحر من أهل العهد قتل؟ قال: بلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صنع به ذلك فلم يقتل من صنعه) وكان من أهل الكتاب، هو لبيد بن الأعصم اليهودي، سبق

15 - باب ما يحذر من الغدر

3175 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - سُحِرَ حَتَّى كَانَ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ صَنَعَ شَيْئًا وَلَمْ يَصْنَعْهُ. أطرافه 3268، 5763، 5765، 5766، 6063، 6391 15 - باب مَا يُحْذَرُ مِنَ الْغَدْرِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى (وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ) الآيَةَ. 3176 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلاَءِ بْنِ زَبْرٍ قَالَ سَمِعْتُ بُسْرَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا إِدْرِيسَ قَالَ سَمِعْتُ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، وَهْوَ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ حديثه مستوفى، وموضع الدّلالة أنه لم يقتل. فإن قلت: كيف أثر فيه السحر، وقد قال الله تعالى: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: 67]؟ قلت: إما أن يكون ذلك قبل نزول الآية، أو المراد العصمة من القتل وقد شج رأسه - صلى الله عليه وسلم -، وكسرت رباعيته يوم أحد. 3175 - (سحر حتى كان يخيل إليه أنه صنع شيئًا ولم يصنعه) فسَّرتْه الرّواية الأخرى أنه كان يظن أنه أتى النساء ولم يأتهن. فإن قلت: كيف جاز أن يلتبس عليه الأمر؟ قلت: هذا ليس له تعليق بأمر التبليغ، جاز عروضه له كالإغماء. باب ما يحذر من الغدر استدل على قبح الغدر بقوله تعالى {وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ} [الأنفال: 62] والوجه فيه ظاهر. 3176 - (الحميدي) بضم الحاء عبد الله بن الزبير (العلاء بن زبير) بفتح العين والمدّ وزاي معجمة وباء موحدة (بسر بن عبد الله) بالباء الموحدة وسين مهملة (سمع أبا إدريس) هو الخولاني عائذ الله (أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك وهو في قبة أدم) -بفتح الهمزة والدّال-

16 - باب كيف ينبذ إلى أهل العهد

فَقَالَ «اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَىِ السَّاعَةِ، مَوْتِى، ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، ثُمَّ مُوتَانٌ يَأْخُذُ فِيكُمْ كَقُعَاصِ الْغَنَمِ، ثُمَّ اسْتِفَاضَةُ الْمَالِ حَتَّى يُعْطَى الرَّجُلُ مِائَةَ دِينَارٍ فَيَظَلُّ سَاخِطًا، ثُمَّ فِتْنَةٌ لاَ يَبْقَى بَيْتٌ مِنَ الْعَرَبِ إِلاَّ دَخَلَتْهُ، ثُمَّ هُدْنَةٌ تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِى الأَصْفَرِ فَيَغْدِرُونَ، فَيَأْتُونَكُمْ تَحْتَ ثَمَانِينَ غَايَةً، تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا». طرفه 111 16 - باب كَيْفَ يُنْبَذُ إِلَى أَهْلِ الْعَهْدِ وَقَوْلُهُ (وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ) الآيَةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ جمع أديم (فقال: أعدد ستًّا) أي: ست علامات. (موتان) -بضم الميم- الموت العام كالطاعون نعوذ بالله (يأخذ فيكم كقعاص الغنم) بضم القاف والعين والصاد المهملتين، قال ابن الأثير: داء يأخذ الغنم، فتموت في الحال من القعص، وهو جذب الإنسان إلى أن يموت (فيظل ساخطًا) بفتح الظاء والياء، أي: يقضي نهاره كذلك (ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر) الهدنة بضم الهاء الصّلح، وبنو الأصفر أولاد الأصفر بن روم بن عيص (فيغدرون فيأتونكم تحت ثمانين غاية) بالياء المثناة هي الرّاية، ويروى بالباء الموحدة، وهي الأجمة، كأن الرماح من كثرتها أجمة، وهذا معروف في كلام العرب، قال الشاعر: أسود غابها الرّماح (تحت كل غاية اثنا عشر ألفًا) فالمجموع ثمانمئة وثمان وستون ألفًا. باب كيف ينبذ العهد استدل على جواز نبذ العهد بالآية، وطريقه أن يخبره بأن لا عهد بيننا، هذا معنى قوله تعالى: {فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ} [الأنفال: 58] أي: عهدهم {عَلَى سَوَاءٍ}: بحيث تعلم أنت وهم.

17 - باب إثم من عاهد ثم غدر

3177 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ بَعَثَنِى أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - فِيمَنْ يُؤَذِّنُ يَوْمَ النَّحْرِ بِمِنًى لاَ يَحُجُّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَلاَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ. وَيَوْمُ الْحَجِّ الأَكْبَرِ يَوْمُ النَّحْرِ، وَإِنَّمَا قِيلَ الأَكْبَرُ مِنْ أَجْلِ قَوْلِ النَّاسِ الْحَجُّ الأَصْغَرُ. فَنَبَذَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى النَّاسِ فِي ذَلِكَ الْعَامِ، فَلَمْ يَحُجَّ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ الَّذِى حَجَّ فِيهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مُشْرِكٌ. طرفه 369 17 - باب إِثْمِ مَنْ عَاهَدَ ثُمَّ غَدَرَ وَقَوْلِهِ (الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لاَ يَتَّقُونَ). 3178 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَرْبَعُ خِلاَلٍ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا مَنْ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا». طرفه 34 ـــــــــــــــــــــــــــــ 3177 - (وإنما قيل الأكبر لأجل قول الناس: الحج الأصغر) يريدون به العمرة، وفي الآية دلالة على أن الصديق وقف بعرفات يوم عرفة، وأن حجه كان صحيحًا موافقًا لما حكم الله به، ولم يكن على طريقة النسيء (ولا يطوف بالبيت عريان) كان من مخترعات الجاهلية [.......] لا يطوف بثيابه؛ لأنه قد أذنب فيها فلا يليق فيها العبادة، وأما أهل الحرم فإنهم يطوفون فيها ويعيرونها لمن أرادوا من الأقامي، وإنما يطوف عريانًا من لم يجد من أهل الحرم ثيابًا. باب [إثم] من عاهد ثم غدر 3178 - (قتيبة) بضم القاف مصغر (مرة) بضم الميم وتشديد الراء (أربع خلال) بكسر الخاء جمع خلة بفتحها، أي: الخصلة، والحديث سلف في أبواب الإيمان وموضع الدلالة هنا أن القدر من صفات المنافق بنص الحديث.

3179 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِىِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - قَالَ مَا كَتَبْنَا عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِلاَّ الْقُرْآنَ، وَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ، قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الْمَدِينَةُ حَرَامٌ مَا بَيْنَ عَائِرٍ إِلَى كَذَا، فَمَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا، أَوْ آوَى مُحْدِثًا، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ عَدْلٌ وَلاَ صَرْفٌ، وَذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ. فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلاَ عَدْلٌ، وَمَنْ وَالَى قَوْمًا بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلاَ عَدْلٌ». 3180 - قَالَ أَبُو مُوسَى حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا لَمْ تَجْتَبُوا دِينَارًا وَلاَ دِرْهَمًا فَقِيلَ لَهُ وَكَيْفَ تَرَى ذَلِكَ كَائِنًا يَا أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ إِىْ وَالَّذِى نَفْسُ أَبِى هُرَيْرَةَ بِيَدِهِ عَنْ قَوْلِ الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ. قَالُوا عَمَّ ذَاكَ قَالَ تُنْتَهَكُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَيَشُدُّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قُلُوبَ أَهْلِ الذِّمَّةِ، فَيَمْنَعُونَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 3179 - (عن علي رضي الله عنه: ما كتبنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا القرآن وما في هذه الصحيفة) تقدم شرح الحديث آنفًا في باب ذمة المسلمين واحدة، وموضع الدّلالة قوله: (من أخضر مسلمًا) أي: نقض العهد الذي عهده المسلم (فعليه لعنة الله) إلى آخره. فإن قلت: مِثْلُ عَليٍّ في العلم كيف لم يكن عنده من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا ما في الصحيفة؟ قلت: كان عنده من الأحاديث كثير إلا أنّهم ما كانوا يكتبون في الأوراق إلا القرآن، لورود النهي عن كتابة غير القرآن. (ومن والى بغير إذن مواليه) ليس معناه أنه إن والى بإذن مواليه صح له ذلك بل بيان للواقع بأن الموالي لا يأذنون بذلك. 3180 - (وقال: أبو موسى) هذا شيخ البخاري (محمد بن المثنى) عبر عنه بكنيته وبلفظ قال: لأنه سمعه مذاكرة (عن أبي هريرة قال: كيف أنتم إذا لم تجتبوا دينارًا ولا درهمًا) الاجتباء من الجباية، وأراد أموال الخراج والجزية (قالوا: عم ذلك؟) ترى أيقع (قال: تنتهك ذمة الله وذمة رسوله) أي: لا يعلمون مع أهل الذمة، ما قال الله ورسوله فيقوي الله قلوب أهل الذمة على المنع والمقاتله بشؤم المعصية.

18 - باب

18 - بابٌ 3181 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا أَبُو حَمْزَةَ قَالَ سَمِعْتُ الأَعْمَشَ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا وَائِلٍ شَهِدْتَ صِفِّينَ قَالَ نَعَمْ، فَسَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ يَقُولُ اتَّهِمُوا رَأْيَكُمْ، رَأَيْتُنِى يَوْمَ أَبِى جَنْدَلٍ وَلَوْ أَسْتَطِيعُ أَنْ أَرُدَّ أَمْرَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لَرَدَدْتُهُ، وَمَا وَضَعْنَا أَسْيَافَنَا عَلَى عَوَاتِقِنَا لأَمْرٍ يُفْظِعُنَا إِلاَّ أَسْهَلْنَ بِنَا إِلَى أَمْرٍ، نَعْرِفُهُ غَيْرِ أَمْرِنَا هَذَا. أطرافه 3182، 4189، 4844، 7308 3182 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِى ثَابِتٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو وَائِلٍ قَالَ كُنَّا بِصِفِّينَ فَقَامَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ اتَّهِمُوا أَنْفُسَكُمْ فَإِنَّا كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب كذا وقع من غير ترجمة 3181 - (عبدان) على وزن شعبان (أبو حمزة) بالحاء المهملة محمد بن ميمون (أبا وائل) شقيق بن سلمة (سمعت سهيل بن حنيف يقول اتهموا رأيكم) أي: ما ظننتم ظنًّا فاسدًا وأصل هذا أنه كان مع علي في صفين، كان الناس ظنوا فيه تقصيرًا في حق عليٍّ، فأزاله بأنه لم يكن في الأسباب تقصير، وإنما المانع من الله في إتمام أمره، كنا إذا أصلحنا جانبًا فسد علينا الآخر. (رأيتني يوم أبي جندل) يريد يوم الحديبية (ولو أستطيع أن أرد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - لرددته) استدل بهذا على أنه لم يقصِّر في مثل ذلك الموطن، وصعب عليه صلح الحديبية، وعبر عن يوم الحديبية بيوم أبي جندل؛ لأن أبا جندل بن سهيل بن عمرو جاء يرسف في القيد في ذلك اليوم، كما تقدم بطوله في صلح الحديبية. 3182 - ثم ذكر ما جرى لعمر بن الخطاب مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وكل ذلك سلف مشروحًا هناك. فإن قلت: ما وجه دلالة الحديث هنا؟ قلت: أراد أن قريشًا نقضوا ذلك العهد، وصاروا مقهورين بعد ذلك النقض بفتح مكة.

19 - باب المصالحة على ثلاثة أيام، أو وقت معلوم

الْحُدَيْبِيَةِ، وَلَوْ نَرَى قِتَالاً لَقَاتَلْنَا، فَجَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ وَهُمْ عَلَى الْبَاطِلِ فَقَالَ «بَلَى». فَقَالَ أَلَيْسَ قَتْلاَنَا فِي الْجَنَّةِ وَقَتْلاَهُمْ فِي النَّارِ قَالَ «بَلَى». قَالَ فَعَلَى مَا نُعْطِى الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا أَنَرْجِعُ وَلَمَّا يَحْكُمِ اللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ فَقَالَ «ابْنَ الْخَطَّابِ، إِنِّى رَسُولُ اللَّهِ، وَلَنْ يُضَيِّعَنِى اللَّهُ أَبَدًا». فَانْطَلَقَ عُمَرُ إِلَى أَبِى بَكْرٍ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ إِنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، وَلَنْ يُضَيِّعَهُ اللَّهُ أَبَدًا. فَنَزَلَتْ سُورَةُ الْفَتْحِ، فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى عُمَرَ إِلَى آخِرِهَا. فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوَفَتْحٌ هُوَ قَالَ «نَعَمْ». طرفه 3181 3183 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَاتِمٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَسْمَاءَ ابْنَةِ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما - قَالَتْ قَدِمَتْ عَلَىَّ أُمِّى وَهْىَ مُشْرِكَةٌ فِي عَهْدِ قُرَيْشٍ، إِذْ عَاهَدُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمُدَّتِهِمْ، مَعَ أَبِيهَا، فَاسْتَفْتَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أُمِّى قَدِمَتْ عَلَىَّ، وَهْىَ رَاغِبَةٌ، أَفَأَصِلُهَا قَالَ «نَعَمْ، صِلِيهَا». طرفه 2620 19 - باب الْمُصَالَحَةِ عَلَى ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ، أَوْ وَقْتٍ مَعْلُومٍ 3184 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِى الْبَرَاءُ - رضى الله عنه أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَعْتَمِرَ أَرْسَلَ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ يَسْتَأْذِنُهُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــ 3183 - (عن أسماء بنت أبي بكر قالت: قدمت على أمي وهي مشركة) تقدم الحديث آنفًا (استفتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الإحسان إليها فقال: صلي أمك) وموضع الدّلالة هنا قوله: (في عهد قريش) فإنه يدل على وجوب الوفاء للمشرك المعاهد (وهي راغبة) أي: في العطاء والإحسان، أو راغبة عن الإسلام, فأفتاها بأنها وإن كانت كذلك فلا بأس بالإحسان. باب المصالحة على ثلاثة أيام أو وقت معلوم 3184 - (شريح) مصغر شرح (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أراد أن يعتمر) أي: في العام القابل

20 - باب الموادعة من غير وقت

لِيَدْخُلَ مَكَّةَ، فَاشْتَرَطُوا عَلَيْهِ أَنْ لاَ يُقِيمَ بِهَا إِلاَّ ثَلاَثَ لَيَالٍ، وَلاَ يَدْخُلَهَا إِلاَّ بِجُلُبَّانِ السِّلاَحِ، وَلاَ يَدْعُوَ مِنْهُمْ أَحَدًا، قَالَ فَأَخَذَ يَكْتُبُ الشَّرْطَ بَيْنَهُمْ عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ، فَكَتَبَ هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. فَقَالُوا لَوْ عَلِمْنَا أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ لَمْ نَمْنَعْكَ وَلَبَايَعْنَاكَ، وَلَكِنِ اكْتُبْ هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. فَقَالَ «أَنَا وَاللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَأَنَا وَاللَّهِ رَسُولُ اللَّهِ». قَالَ وَكَانَ لاَ يَكْتُبُ قَالَ فَقَالَ لِعَلِىٍّ «امْحُ رَسُولَ اللَّهِ». فَقَالَ عَلِىٌّ وَاللَّهِ لاَ أَمْحَاهُ أَبَدًا. قَالَ «فَأَرِنِيهِ». قَالَ فَأَرَاهُ إِيَّاهُ، فَمَحَاهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِهِ، فَلَمَّا دَخَلَ وَمَضَى الأَيَّامُ أَتَوْا عَلِيًّا فَقَالُوا مُرْ صَاحِبَكَ فَلْيَرْتَحِلْ. فَذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «نَعَمْ» ثُمَّ ارْتَحَلَ. طرفه 1781 20 - باب الْمُوَادَعَةِ مِنْ غَيْرِ وَقْتٍ وَقَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «أُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّكُمُ اللَّهُ بِهِ». 21 - باب طَرْحِ جِيَفِ الْمُشْرِكِينَ فِي الْبِئْرِ وَلاَ يُؤْخَذُ لَهُمْ ثَمَنٌ 3185 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَاجِدٌ وَحَوْلَهُ نَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِذْ جَاءَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِى مُعَيْطٍ بِسَلَى جَزُورٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ (بعد الحديبية) شرطوا عليه شروطًا، منها: (أن لا يقيم بها إلا ثلاثًا) ليفرغ من أعمال العمرة (ولا يدخلها إلا بجلبان السلاح) بضم الجيم وتشديد الباء، ويروى بسكون اللام وتخفيف الباء، قال ابن الأثير: هو شبه الجراب يلقى في ذلك السيف مع غمده، والسّوط وسائر الأدوات، هذا وأما قوله (أرسل إلى مكة يستأذنهم ليدخل مكة) هذا إنما كان يوم الحديبية لما أرسل عثمان، وتمام الكلام هناك. باب طرح جيف المشركين في البئر ولا يؤخذ لهم ثمن 3185 - (عبدان) على وزن شعبان، هو عبد الله المروزي (عن عبد الله) هو ابن مسعود (بينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ساجدٌ إذ جاءه عقبة بن أبي معيط) بضم الميم وفتح العين (بسلى جزور)

22 - باب إثم الغادر للبر والفاجر

فَقَذَفَهُ عَلَى ظَهْرِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ حَتَّى جَاءَتْ فَاطِمَةُ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ - فَأَخَذَتْ مِنْ ظَهْرِهِ، وَدَعَتْ عَلَى مَنْ صَنَعَ ذَلِكَ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اللَّهُمَّ عَلَيْكَ الْمَلأَ مِنْ قُرَيْشٍ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ، وَعُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَعُقْبَةَ بْنَ أَبِى مُعَيْطٍ، وَأُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ - أَوْ أُبَىَّ بْنَ خَلَفٍ». فَلَقَدْ رَأَيْتُهُمْ قُتِلُوا يَوْمَ بَدْرٍ، فَأُلْقُوا فِي بِئْرٍ، غَيْرَ أُمَيَّةَ أَوْ أُبَىٍّ، فَإِنَّهُ كَانَ رَجُلاً ضَخْمًا، فَلَمَّا جَرُّوهُ تَقَطَّعَتْ أَوْصَالُهُ قَبْلَ أَنْ يُلْقَى فِي الْبِئْرِ. طرفه 240 22 - باب إِثْمِ الْغَادِرِ لِلْبَرِّ وَالْفَاجِرِ 3186 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ ـــــــــــــــــــــــــــــ بفتح السين مقصور، وعاء الولد كالمشيمة في الإنسان، والحديث مع شرحه [.........] في باب طرح المرأة عند ظهر المصلي شيئًا، وموضع الدّلالة هنا قوله: (قتلوا فألقوا في بئر). (عليك الملأ) فعل، أي: ألزمهم بالإهلاك، والملأ: الأشراف، لفظ مفرد ومعناه الجمع (غير أمية أو أبي) الصواب أمية، فإن أبيًّا قتله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده يوم أحد (فإنه كان رجلًا ضخمًا) أي: سمينًا (فلما جروه تقطعت أوصاله) أي: أعضاؤه وقد أشرنا هناك أن في الرواية وهم، فإن الذين عدهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يقتلوا كلّهم ببدر، فإن عمارة بن الوليد لم [يقتل] ببدر، بل مات بالحبشة، وله قصة مع النجاشي ذكرناها، وعقبة بن أبي معيط قتله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد أن رحل من بدر. فإن قلت: ما معنى قوله في الترجمة: ولا يؤخذ لهم ثمن؟ قلت: روى الترمذي أن المشركين أرادوا شراء رجل من القتلى، فأبى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأشار إلى ذلك في الترجمة، وحيث لم يكن الحديث على شرطه، لم يروه في الباب وكم له من هذا القبيل. باب إثم الغادر للبرّ والفاجر 3186 - 3187 - (أبو الوليد) هشام الطيالسي (عن أبي وائل) شقيق بن سلمة (عن عبد

اللَّهِ. وَعَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ - قَالَ أَحَدُهُمَا يُنْصَبُ وَقَالَ الآخَرُ - يُرَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُعْرَفُ بِهِ». 3188 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يُنْصَبُ لِغَدْرَتِهِ». أطرافه 6177، 6178، 6966، 7111 3189 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ «لاَ هِجْرَةَ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا». وَقَالَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ «إِنَّ هَذَا الْبَلَدَ ـــــــــــــــــــــــــــــ الله) هو ابن مسعود (وعن ثابت) عطف على سليمان (لكل غادر لواء يوم القيامة، قال: أحدهما ينصب، وقال الآخر: يعرف به) هذا كلام شعبة التبس عليه، فقال الأعمش بمقالة ثابت، ولا بأس بذلك. 3188 - (سليمان بن حرب) ضدّ الصلح (لكل غادر لواء ينصب بغدرته) بفتح الغين، أي: لأجل ذلك لا لذنب آخر، كان دأب العرب نصب لواء أبيض لمن وَفَى بالعهد، ولواء أسود للغادر، يخاطبهم بما كانوا يعهدون ويحذرون. 3189 - (إنّ هذا البلد) أي: مكة شرفها الله (حَرَّمه الله يوم خلق السموات). فإن قلت: التحريم حكم وحكم الله قديم، فما وجه تقييده بخلق السموات؟ قلت: أراد إظهاره في اللّوح. (ولا يلتقط لقطته إلا من عرفها) أي: على الدّوام لا كسائر البلاد إلى تمام الحول. فإن قلت: ما وجه إيراد هذا الحديث في باب إثم الغادر؟ قلت: قالوا: وجه ذلك أن قوله: (إذا استنفرتم فانفروا) دلّ على وجوب الخروج، فمن لم يخرج فقد غدر، وقيل: أراد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - باستحلال القتال لم يكن غادرًا، والأظهر أنه أشار إلى أنّ الأحكام المذكورة في الحديث عهود من الله تعالى، فالتارك لها حكمه حكم الغادر، حتى لا يظن أن الغدر مخصوص بما بين العباد، ويدل على ما ذكرنا قوله تعالى: {الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ} [البقرة: 27]. ولما كان فتح مكة سببه غدر قريش ونقض عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أشار إليه. هذا آخر أبواب الجهاد، ونسأل الله التوفيق والسّداد، والصلوات التامات على خير العباد إلى يوم التناد.

حَرَّمَهُ اللَّهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، فَهْوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَإِنَّهُ لَمْ يَحِلَّ الْقِتَالُ فِيهِ لأَحَدٍ قَبْلِى، وَلَمْ يَحِلَّ لِى إِلاَّ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، فَهْوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، لاَ يُعْضَدُ شَوْكُهُ، وَلاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهُ، وَلاَ يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهُ إِلاَّ مَنْ عَرَّفَهَا، وَلاَ يُخْتَلَى خَلاَهُ». فَقَالَ الْعَبَّاسُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلاَّ الإِذْخِرَ، فَإِنَّهُ لِقَيْنِهِمْ وَلِبُيُوتِهِمْ. قَالَ «إِلاَّ الإِذْخِرَ». طرفه 1349

59 - كتاب بدء الخلق

59 - كتاب بدء الخلق 1 - باب مَا جَاءَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَهُوَ الَّذِى يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ وَالْحَسَنُ كُلٌّ عَلَيْهِ هَيِّنٌ. هَيْنٌ وَهَيِّنٌ مِثْلُ لَيْنٍ وَلَيِّنٍ، وَمَيْتٍ وَمَيِّتٍ، وَضَيْقٍ وَضَيِّقٍ. (أَفَعَيِينَا) أَفَأَعْيَا عَلَيْنَا حِينَ أَنْشَأَكُمْ وَأَنْشَأَ خَلْقَكُمْ، لُغُوبٌ النَّصَبُ. (أَطْوَارًا) طَوْرًا كَذَا، وَطَوْرًا كَذَا، عَدَا طَوْرَهُ أَىْ قَدْرَهُ. 3190 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ - رضى الله عنهما - قَالَ جَاءَ نَفَرٌ مِنْ بَنِى تَمِيمٍ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «يَا بَنِى تَمِيمٍ، أَبْشِرُوا». قَالُوا بَشَّرْتَنَا فَأَعْطِنَا. فَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ، فَجَاءَهُ أَهْلُ الْيَمَنِ، فَقَالَ «يَا أَهْلَ الْيَمَنِ، اقْبَلُوا الْبُشْرَى إِذْ لَمْ يَقْبَلْهَا بَنُو تَمِيمٍ». قَالُوا ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب بدء الخلق باب ما جاء في قول الله: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} [الروم: 27] (قال الربيع) ضد الخريف (خثيم) بضم المعجمة وفتح الثاء مصغر (والحسن) هو البصري (كل عليه هين) تفسير لقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} وأشار إلى أن اسم التفضيل ليس على ظاهره، وذلك أن الممكنات نسبتها إلى قدرته [....] والجمهور على أنه على ظاهره على طريقة المثل إلزامًا لمنكر البعث، فإن الإتيان بالفعل [...] عندهم. 3190 - (كثير) ضد القليل (محرز) بضم الميم آخره زاي معجمة (حُصين) بضم الحاء مصغر (جاء نفر من تميم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا بني تميم أبشروا) أي: بما أعده الله للمؤمنين (قالوا: بشرتنا فأعطنا) قيل: القائل هو الأقرع بن حابس، وإنما نسب القول إلى الكل لوقوعه

قَبِلْنَا. فَأَخَذَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُحَدِّثُ بَدْءَ الْخَلْقِ وَالْعَرْشِ، فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا عِمْرَانُ، رَاحِلَتُكَ تَفَلَّتَتْ، لَيْتَنِى لَمْ أَقُمْ. أطرافه 3191، 4365، 4386، 7418 3191 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا جَامِعُ بْنُ شَدَّادٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ - رضى الله عنهما - قَالَ دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَعَقَلْتُ نَاقَتِى بِالْبَابِ، فَأَتَاهُ نَاسٌ مِنْ بَنِى تَمِيمٍ فَقَالَ «اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا بَنِى تَمِيمٍ». قَالُوا قَدْ بَشَّرْتَنَا فَأَعْطِنَا. مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ فَقَالَ «اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا أَهْلَ الْيَمَنِ، إِذْ لَمْ يَقْبَلْهَا بَنُو تَمِيمٍ». قَالُوا قَدْ قَبِلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالُوا جِئْنَاكَ نَسْأَلُكَ عَنْ هَذَا الأَمْرِ قَالَ «كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَىْءٌ غَيْرُهُ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ، وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَىْءٍ، وَخَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ». فَنَادَى مُنَادٍ ذَهَبَتْ نَاقَتُكَ يَا ابْنَ الْحُصَيْنِ. فَانْطَلَقْتُ فَإِذَا هِىَ يَقْطَعُ دُونَهَا السَّرَابُ، فَوَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّى كُنْتُ تَرَكْتُهَا. طرفه 3190 ـــــــــــــــــــــــــــــ بينهم (فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحدث بدء الخلق) أي: يذكر، أي: شرع في ذلك (والعرش) بالجر عطف على الخلق. 3191 - (غياث) بكسر الغين آخره ثاء مثلثة (جامع بن شّداد) بفتح الدال المشددة (محرز) بضم الميم آخره زاي معجمة (جئناك لنسألك عن هذا الأمر) أي: بدء الخلق، ولذلك قال: (كان الله ولم يكن شيء غيره [...] بالقِدَم، وفيه دليل لأهل الحق في أنه تعالى فاعل بالاختيار (وكان عرشه على الماء) أي: قبل خلق السموات، ليس معناه أن العرش كان على سطح الماء بعد خلق السموات والأرض ارتفع، بل معناه أنه كان بموازاته ليس بينهما حائل وقد روى الترمذي أنّ أول مخلوق هو الماء ثم العرش وقيل بعد الماء خلق القلم، وأما حديث: "أول ما خلقه هو العقل" فليس له صحة. (وكتب في الذكر كل شيء) الذكر هنا اللّوح المحفوظ وكأن يسمى بذلك؛ لأن فيه ذكر كل شيء (فنادى مناد ذهبت ناقتك [يا] ابن الحصين فإذا هي يقطع دونها السّراب) هو ما في أثناء النهار على الأرض السبخة من شبه الماء، والمعنى أنها بعدت حتى يرى دونها السّحاب، ويقطع يروى مضارع قطع، وبلفظ الماضي على وزن تكسر.

3192 - وَرَوَى عِيسَى عَنْ رَقَبَةَ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَامَ فِينَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَقَامًا، فَأَخْبَرَنَا عَنْ بَدْءِ الْخَلْقِ حَتَّى دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ مَنَازِلَهُمْ، وَأَهْلُ النَّارِ مَنَازِلَهُمْ، حَفِظَ ذَلِكَ مَنْ حَفِظَهُ، وَنَسِيَهُ مَنْ نَسِيَهُ. 3193 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ عَنْ أَبِى أَحْمَدَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أُرَاهُ «يَقُولُ اللَّهُ شَتَمَنِى ابْنُ آدَمَ وَمَا يَنْبَغِى لَهُ أَنْ يَشْتِمَنِى، وَتَكَذَّبَنِى وَمَا يَنْبَغِى لَهُ، أَمَّا شَتْمُهُ فَقَوْلُهُ إِنَّ لِى وَلَدًا. وَأَمَّا تَكْذِيبُهُ فَقَوْلُهُ لَيْسَ يُعِيدُنِى كَمَا بَدَأَنِى». طرفاه 4974، 4975 ـــــــــــــــــــــــــــــ 3192 - (وروى عيسى) هو أبو موسى البخاري، يلقب غنجار بضم الغين المعجمة والجيم (عن رَقَبة) بثلاث فتحات وباء موحّدة، قال الغسّائي: ليس لعيسى هذا رواية عن رقبة وإنما يروي عن رقبة أبو حمزة السكري، ويروي عيسى عن أبي حمزة، كذا وقع من غير طريق الفربري، وقد رواه حمّاد بن شاكر على الصّواب (قام فينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقامًا) إما أن يكون محمولًا على ظاهره، أو هو من قام بالأمر إذا أتى به (فأخبرنا عن بدء الخلق حتى دخل أهل الجنة منازلهم، وأهل النار منازلهم) أي: أخبر بأحوال المبدأ والمعاد على الوجه الأكمل. 3193 - (عن أبي أحمد) محمد بن عبد الله الأسدي (عن أبي الزناد) بكسر الزّاي المعجمة عبد الله بن ذكوان (قال الله: شتمني ابن آدم) الشتم: نسبة الشخص إلى ما فيه عار ونقص، وفسَّره بأن له ولدًا وذلك نقص، تعالى عن ذلك علوًا كبيرًا؛ لأن ذلك يقتضي أن يكون له مجانس وصاحبة (وأما تكذيبه فقوله: ليس يعيدني كما بدأني) هذا نقض قوله تعالى: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ} [الأنبياء: 104]. فإن قلت: لم آثر في الشتم صيغة الماضي، وفي التكذيب المضارع؟ قلت: نسبة الولد إليه كان في اليهود والنصارى، وأما إنكار الإعادة قول الذهرية، فذلك أمر مستمر فيهم. واعلم أن أمثال هذا يسمى بالحديث القدسي؛ لأن لفظه من الله تعالى، لكنه غير معجز كالتوراة والإنجيل، هذا القدر هو الفارق بينه وبين القرآن، وما يقال إن الحديث القدسي ما

3194 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِىُّ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَمَّا قَضَى اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ فِي كِتَابِهِ، فَهْوَ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ إِنَّ رَحْمَتِى غَلَبَتْ غَضَبِى». أطرافه 7404، 7412، 7453، 7553، 7554 ـــــــــــــــــــــــــــــ ألهمه الله رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ثم هو عبّر عنه بعبارة نفسه فليس بشيء؛ لأن كل ما أخبر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمته بإلهام من الله. 3194 - (لما قضى الله الخلق كتب في كتابه فهو عنده فوق العرش: إن رحمتي غلبت على غضبي) وفي رواية: "سبقت". قال بعضهم: فإن قلت: الغضب غليان دم القلب، فكيف صح إسناده إليه تعالى؟ قلت: المراد لازمه وهو إرادة الانتقام، فإن قلت: صفاته قديمة فكيف يقول: سبق بعضها؟ قلت: السبق باعتبار التعلق، وتعلق الرحمة مقدم على تعلق الغضب، على أن الغضب والرحمة فعلان يجوز تقدم أحدهما على الآخر. هذا كلامه وفيه خبط من وجوه: الأول: أنه قدم أن المراد من الغضب إرادة الإنتقام، وهي صفة ذاتية، فقوله بعده: ليست صفة بل فعل، متناقض. الثاني: قوله: تعلق الرحمة سابق ممنوع، فإن أهل النار يدخلونها قبل أهل الجنة كما سيأتي في البخاري. الثالث: أن هذا فهم أن المراد بالسبق التقدم الزماني، وليس كذلك، بل المراد سعة رحمته، فسَّره الرواية الأخرى: "غلبت"، والمراد من قوله: "قضى الله الخلق" أي: أظهره في اللّوح كتب في كتاب أضافه إليه لعدم اطلاع الملائكة على ما فيه ولذلك قال: "فهو عنده" إذ ليس المراد العندية المكانية، وقوله: "فوق العرش" قيل: أراد دون العرش، كقوله تعالى: {بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} [البقرة: 26] أي: دون البعوضة، وهذا تكلف، والظاهر حمله على الحقيقة؛ إذ لا صارف عنه وتعليلهم بأن العرش أعظم من أن يكون فوقه شيء ذهول عن قوله: "في كتابه فهو عنده".

2 - باب ما جاء فى سبع أرضين

2 - باب مَا جَاءَ فِي سَبْعِ أَرَضِينَ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (اللَّهُ الَّذِى خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَىْءٍ عِلْمًا) (وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ) السَّمَاءُ. (سَمْكَهَا) بِنَاءَهَا، كَانَ فِيهَا حَيَوَانٌ. الْحُبُكُ اسْتِوَاؤُهَا وَحُسْنُهَا (وَأَذِنَتْ) سَمِعَتْ وَأَطَاعَتْ. (وَأَلْقَتْ) أَخْرَجَتْ مَا فِيهَا مِنَ الْمَوْتَى، (وَتَخَلَّتْ) عَنْهُمْ. (طَحَاهَا) دَحَاهَا. السَّاهِرَةُ وَجْهُ الأَرْضِ، كَانَ فِيهَا الْحَيَوَانُ نَوْمُهُمْ وَسَهَرُهُمْ. 3195 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ عَلِىِّ بْنِ الْمُبَارَكِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُنَاسٍ خُصُومَةٌ فِي أَرْضٍ، فَدَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ فَذَكَرَ لَهَا ذَلِكَ، فَقَالَتْ يَا أَبَا سَلَمَةَ اجْتَنِبِ الأَرْضَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ ظَلَمَ قِيدَ شِبْرٍ طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ». طرفه 2453 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ما جاء في سبع أرضين (وقوله عز وجل: {خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} [الطلاق: 12] أي: في العدد، ولذلك قال: {يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ} وفيه دلالة على أن في كل طبقة خلقًا، وما يروى عن ابن عباس على ما رواه البيهقي: "أن في كل أرضٍ منها نبيًّا كنبيكم وآدم كآدم ونوحًا كنوح مخالف للإجماع وصريح الآيات ({وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ} [الطور: 5]) السماء إشارة إلى ما في سورة الطور ({سَمْكَهَا} [النازعات: 28] بناؤها) مبتدأ وخبر، والنصب على الحكاية، مكذا دأبه في تفسير الألفاظ، و {الْحُبُكِ} [لذاريات: 7] استواؤها) وقيل: جمع حبيك، وهي الطريقة ({بِالسَّاهِرَةِ} [النازعات: 14]) قال: لأن نوم الحيوان والسّهر فيها، فعلى هذا الإسناد مجاز كما في {عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} [لحاقة: 21]. 3195 - (من ظلم قيد شبر طُوِّقه من سبع أرضين) أي: يجعل طوفًا في عنقه، وقيل:

3196 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ أَخَذَ شَيْئًا مِنَ الأَرْضِ بِغَيْرِ حَقِّهِ خُسِفَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى سَبْعِ أَرَضِينَ». طرفه 2454 3197 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنِ ابْنِ أَبِى بَكْرَةَ عَنْ أَبِى بَكْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الزَّمَانُ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلاَثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِى بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ». طرفه 67 3198 - حَدَّثَنِى عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ تكلف حمله إلى المحشر، لقوله تعالى: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: 161] والقيد بالكسر المقدار. 3196 - (بشر بن محمد) بكسر الباء وشين معجمة (من أخذ شيئًا من الأرض بغير حق خسف به يوم القيامة إلى سبع أرضين) هذا يؤيد أن المراد من قوله: "طوقه" جعِل طوقًا في عنقه. 3197 - (محمد بن المثنى) اسم مفعول من التثنية (عن [ابن] أبي بكرة) اسمه عبد الرحمن، و (أبو بكرة) نفيع بن الحارث (الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق السموات) كانت العرب تقدم وتؤخر في الأشهر، وتغير أسماء الشهور، وتجعل بعض السنة ثلاثة عشر شهرًا، وكان تلك السنة التي حج فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذو الحجة في محله، كما هو الوضع الإلهي (ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان) قال ابن الأثير: أضاف رجب إلى مضر؛ لأنهم كانوا يحرمونه دون غيرهم، وقال الجوهري: اشتقاق رجب من رجبته إذا عظمته، وإضافته إلى مضر لأنهم كانوا أشد تعظيمًا له من غيرهم، وتوهَّم بعضهم من هذا أنّ حج أبي بكر في السنة التي قبله كان في ذي القعدة، وهذا غلط لقوله تعالى: {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} [التوبة: 3] وذلك حج أبي بكر لما سبق. 3198 - (عبيد) بضم العين مصغر (أبو أُسامة) -بضم الهمزة- حماد بن أسامة (عن

3 - باب فى النجوم

سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ أَنَّهُ خَاصَمَتْهُ أَرْوَى فِي حَقٍّ زَعَمَتْ أَنَّهُ انْتَقَصَهُ لَهَا إِلَى مَرْوَانَ، فَقَالَ سَعِيدٌ أَنَا أَنْتَقِصُ مِنْ حَقِّهَا شَيْئًا، أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَنْ أَخَذَ شِبْرًا مِنَ الأَرْضِ ظُلْمًا، فَإِنَّهُ يُطَوَّقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ». قَالَ ابْنُ أَبِى الزِّنَادِ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ لِى سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 2452 3 - باب فِي النُّجُومِ وَقَالَ قَتَادَةُ (وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ) خَلَقَ هَذِهِ النُّجُومَ لِثَلاَثٍ، جَعَلَهَا زِينَةً لِلسَّمَاءِ، وَرُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ، وَعَلاَمَاتٍ يُهْتَدَى بِهَا، فَمَنْ تَأَوَّلَ فِيهَا بِغَيْرِ ذَلِكَ أَخْطَأَ وَأَضَاعَ نَصِيبَهُ، وَتَكَلَّفَ مَا لاَ عِلْمَ لَهُ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (هَشِيمًا) مُتَغَيِّرًا. وَالأَبُّ مَا يَأْكُلُ الأَنْعَامُ الأَنَامُ الْخَلْقُ (بَرْزَخٌ) حَاجِبٌ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ (أَلْفَافًا) مُلْتَفَّةً. وَالْغُلْبُ الْمُلْتَفَّةُ (فِرَاشًا) مِهَادًا كَقَوْلِهِ (وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ) (نَكِدًا) قَلِيلاً. ـــــــــــــــــــــــــــــ سعيد بن زيد بن عمرو بن نُفيل) بضم النون وفتح الفاء مصغر (أنه خاصمته أروى) بنت أوس (إلى مروان) هو ابن الحكم، كان حاكمًا على المدينة، وسيأتي في البخاري أن سعيدًا دعا عليها وقال: اللهم إن كانت كاذبة فاقتلها في أرضها، فعميت، وقامت ليلة من الليالي، فوقعت في بئر من تلك الأرض فكانت قبرها. باب في النجوم (خلق الله هذه النجوم لثلاث) أي: لثلاث خصال (جعلها زينة السماء ورجومًا للشاطين وعلامات بها يهتدى). فإن قلت: ليس في الآية ما يدّل على الحصر، فكيف قال: فيه تأوّل منها غير ذلك فقد أخطأ؟ قلت: أخذ الحصر من القرينة، فإن الله تعالى ذكرها في معرض الامتنان، فلو كان هناك أمر آخر منوطًا بها لذكره، وفيه دلالة على أن الرّجم إنما هو بالكواكب نفسه، وفيه

4 - باب صفة الشمس والقمر

واعلم أنها أجرامٌ تَسْبَحُ في الجو بأنفسها، لا أنها مَرْكُوزَةٌ في السموات تَدُورُ بدورها. والقرآنُ لا يهتمُّ بأمرها، ولا يَذْكُرُهَا إلَّا بالنور والاهتداء. أمَّا النُّحُوسَةُ والبركةُ، فإنها أهونُ على الله من ذلك. كيف! وأنها مسخَّرةٌ تَصْعَدُ وتَغْرَب، تَغِيبُ وتُشْرِقُ، وتَدُورُ في كلّ ساعةٍ كالخدَّام، فهي أصغرُ من أن تكونَ فيها النُّحُوسَةُ والبركةُ. نعم يُعْلمُ من القرآن أن في السموات دفاتر، وفيها تدابير أيضاً، وإليه أشار البخاريُّ من قوله: فمن تأوَّل فيها بغير ذلك أخطأ. 4 - باب صِفَةِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ (بِحُسْبَانٍ) قَالَ مُجَاهِدٌ كَحُسْبَانِ الرَّحَى، وَقَالَ غَيْرُهُ بِحِسَابٍ وَمَنَازِلَ لاَ يَعْدُوَانِهَا. حُسْبَانٌ جَمَاعَةُ حِسَابٍ مِثْلُ شِهَابٍ وَشُهْبَانٍ. (ضُحَاهَا) ضَوْؤُهَا. (أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ) لاَ يَسْتُرُ ضَوْءُ أَحَدِهِمَا ضَوْءَ الآخَرِ، وَلاَ يَنْبَغِى لَهُمَا ذَلِكَ. (سَابِقُ النَّهَارِ) يَتَطَالَبَانِ حَثِيثَانِ. نَسْلَخُ نُخْرِجُ أَحَدَهُمَا مِنَ الآخَرِ، وَنُجْرِى كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَاهِيَةٌ وَهْيُهَا تَشَقُّقُهَا. أَرْجَائِهَا مَا لَمْ يَنْشَقَّ مِنْهَا فَهْىَ عَلَى حَافَتَيْهِ، كَقَوْلِكَ عَلَى أَرْجَاءِ الْبِئْرِ (أَغْطَشَ) وَ (جَنَّ) أَظْلَمَ وَقَالَ الْحَسَنُ (كُوِّرَتْ) تُكَوَّرُ حَتَّى يَذْهَبَ ضَوْؤُهَا، (وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ) جَمَعَ مِنْ دَابَّةٍ (اتَّسَقَ) اسْتَوَى. (بُرُوجًا) ـــــــــــــــــــــــــــــ بطلان ما تقول الفلاسفة من كونها مركوزة في الفلك لا يمكن الانفصال. باب صفة الشمس والقمر ({بِحُسْبَانٍ} قال مجاهد: كحسبان الرحى) الحسبان بالضم مصدر حسَب يحسُب بفتح السين في الماضي والضم في المضارع، ومعنى قول مجاهد أن حركة الشمس والقمر دورية كالرحى، وعند غيره جمع حساب، كما مثل به من جمع شهبان في شهاب (يتطالبان حثيثين) أي: سريعين لا يلحق أحدهما الآخر (نخرج أحدهما من الآخر) أي: النهار من الليل لقوله تعالى: {فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ} [يس: 37] ({أَرْجَائِهَا}) جمع رجا بالقصر، أي: أطرافها (فهو على حافتيه) أي: الملك، والمراد به الجنس (تكور حتى يذهب ضوءها) قيل: تلف لفّ العمامة، وقيل: تلقى في النّار، من قولك: تورته ألقيته، زيادة في عذاب من كان يعبدها ({اتَّسَقَ} [الانشقاق: 18] استوى) أي: كمل نوره.

مَنَازِلَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ. الْحَرُورُ بِالنَّهَارِ مَعَ الشَّمْسِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَرُؤْبَةُ الْحَرُورُ بِاللَّيْلِ، وَالسَّمُومُ بِالنَّهَارِ يُقَالُ يُولِجُ يُكَوِّرُ. (وَلِيجَةً) كُلُّ شَىْءٍ أَدْخَلْتُهُ فِي شَىْءٍ. 3199 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِىِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى ذَرٍّ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لأَبِى ذَرٍّ حِينَ غَرَبَتِ الشَّمْسُ «تَدْرِى أَيْنَ تَذْهَبُ». قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ «فَإِنَّهَا تَذْهَبُ حَتَّى تَسْجُدَ تَحْتَ الْعَرْشِ، فَتَسْتَأْذِنَ فَيُؤْذَنَ لَهَا، وَيُوشِكُ أَنْ تَسْجُدَ فَلاَ يُقْبَلَ مِنْهَا، وَتَسْتَأْذِنَ فَلاَ يُؤْذَنَ لَهَا، يُقَالُ لَهَا ارْجِعِى مِنْ حَيْثُ جِئْتِ. فَتَطْلُعُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى (وَالشَّمْسُ تَجْرِى لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ)». أطرافه 4802، 4803، 7424، 7433 3200 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ الدَّانَاجُ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ مُكَوَّرَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ 3199 - (أنّها تذهب حتى تسجد تحت العرش). فإن قلت: قد أخبر القرآن أنها تغرب في عين حمئة؟ قلت: لا تنافي، فإن الأرض والبحار والسموات بالنسبة إلى العرش كحلقة في فلاة. فإن قلت: ما المراد بالسجدة؟ قلت: كما يسجد الإنسان. فإن قلت: سجدة الإنسان يوضع الجبهة؟ قلت: لم يرد في الشرع ما يدلّ على أن لا رأس لها، بل الاستئذان صريح في أن لها رأسًا ولسانًا، وأن حركتها إرادية لا كما يزعم الفلاسفة من أن الحركة للفلك، وما يقال: إن المراد بالسّجدة الغروب على طريقة التشبيه، فمما لا يُلتفت إليه، وهب أنه تكلف في ذلك فما قوله في الاستئذان. 3200 - (الداناج) بالجيم معرب داناه، أي: عارف (الشمس والقمر مكوران يوم القيامة) قد شرنا في أول الباب إلى معنى التكوير.

3201 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرٌو أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ كَانَ يُخْبِرُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لاَ يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَصَلُّوا». طرفه 1042 3202 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِى أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لاَ يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ». طرفه 29 3203 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ خَسَفَتِ الشَّمْسُ قَامَ فَكَبَّرَ وَقَرَأَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ «سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ» وَقَامَ كَمَا هُوَ، فَقَرَأَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً وَهْىَ أَدْنَى مِنَ الْقِرَاءَةِ الأُولَى، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً وَهْىَ أَدْنَى مِنَ الرَّكْعَةِ الأُولَى، ثُمَّ سَجَدَ سُجُودًا طَوِيلاً، ثُمَّ فَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ سَلَّمَ وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ، فَخَطَبَ النَّاسَ، فَقَالَ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ «إِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لاَ يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ، وَلاَ لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَافْزَعُوا إِلَى الصَّلاَةِ». طرفه 1044 3204 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنِى قَيْسٌ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لاَ يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَصَلُّوا». طرفه 1041 ـــــــــــــــــــــــــــــ 3201 - 3202 - 3203 - 3204 - وأحاديث كسوف الشمس وصلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تقدّمت في أبواب الكسوف مع شرحها.

5 - باب ما جاء فى قوله (وهو الذى أرسل الرياح نشرا بين يدى رحمته)

5 - باب مَا جَاءَ فِي قَوْلِهِ (وَهْوَ الَّذِى أَرْسَلَ الرِّيَاحَ نُشُرًا بَيْنَ يَدَىْ رَحْمَتِهِ) (قَاصِفًا) تَقْصِفُ كُلَّ شَىْءٍ. (لَوَاقِحَ) مَلاَقِحَ مُلْقِحَةً. (إِعْصَارٌ) رِيحٌ عَاصِفٌ، تَهُبُّ مِنَ الأَرْضِ إِلَى السَّمَاءِ كَعَمُودٍ فِيهِ نَارٌ. (صِرٌّ) بَرْدٌ. (نُشُرًا) مُتَفَرِّقَةً. 3205 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «نُصِرْتُ بِالصَّبَا، وَأُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ». طرفه 1035 3206 - حَدَّثَنَا مَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا رَأَى مَخِيلَةً فِي السَّمَاءِ أَقْبَلَ وَأَدْبَرَ وَدَخَلَ وَخَرَجَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ما جاء في قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} [الفرقان: 48] قراءة عاصم بالباء الموحدة على أنه جمع بشير، وحمزة والكسائي بفتح النون على أنه مصدر، والثلاثة بسكون الشين، ونافع وابن كثير وأبو عمرو بضم النون والشين جمع ناشر أو نشور، وقرأ ابن عامر بسكون الشين على أنه جمع ناشر أو نشور، والإسكان للتخفيف ({لَوَاقِحَ} [الحجر: 22]) قال الجوهري: ولا يقال: ملاقيح، وهذا من النّوادر، قال: وقد قيل: الأصل فيه ملحقة ولكن لا تلقح إلاّ وهي في نفسها لاقح، كأن الرّياح لقحت بخير، فإذا أنشأت السّحاب وفيها خير وصل ذلك إلى السحاب ({إِعْصَارٌ} [البقرة: 266] ريح عاصف) قال ابن الأثير: هو الغبار الصاعد إلى السّماء مستطيلًا، ويقال له: الزّوبعة. 3205 - (الحكم) بفتح الحاء والكاف (نصرت بالصّبا وأهلكت عاديا الدَّبُور) قال ابن الأثير: الدّبور مقابل الصبا، وقيل: سمّي دبورًا؛ لأنه يأتي من دبر الكعبة، قال: وهذا ليس بشيء، وقيل: الصّبا يأتي من المشرق، والدبور من المغرب، وقد أكثر النّاس في جهات الريح، والله أعلم. 3206 - (ابن جريج) بضم الجيم مصغر عبد الملك ابن عبد العزيز (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا رأى مخيلة في السّماء) بفتح الميم وكسر الخاء، موضع الخال [..................] الغيم

6 - باب ذكر الملائكة

وَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ، فَإِذَا أَمْطَرَتِ السَّمَاءُ سُرِّىَ عَنْهُ، فَعَرَّفَتْهُ عَائِشَةُ ذَلِكَ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَا أَدْرِى لَعَلَّهُ كَمَا قَالَ قَوْمٌ (فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ)». الآيَةَ. طرفه 4829 6 - باب ذِكْرِ الْمَلاَئِكَةِ وَقَالَ أَنَسٌ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّ جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - عَدُوُّ الْيَهُودِ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (لَنَحْنُ الصَّافُّونَ) الْمَلاَئِكَةُ. 3207 - حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ. وَقَالَ لِى خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ وَهِشَامٌ قَالاَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «بَيْنَا أَنَا عِنْدَ الْبَيْتِ بَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ - وَذَكَرَ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ - ـــــــــــــــــــــــــــــ الذي يتخيل منه المطر (فإذا أمطرت سري عنه) بضم السِّين وكسر الرّاء المشدّدة [.......] الغيم، يقال: أمطرت ومطرت بمعنى، إلا أن أمطرت أكثر ما يستعمل في العذاب (ما أدري لعله كما قال قوم: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ} [الأحقاف: 24]) هؤلاء قوم عاد، وفي الكلام تسامح، إذ ليس هذا مقولهم بل حكاية حالهم ومقولهم: هذا عارض ممطرنا. باب ذكر الملائكة الملائكة جمع ملك من الألوكة وهي الرسّالة قدّمت اللاّم فيه، وقيل: هو من لاك ولا تقديم فيه، واستدل عليه بالملائكة فإن التكسير يرد الأشياء إلى أصلها (قال عبد الله بن سلام) بتخفيف اللام (إن جبريل عدو اليهود) قد جاء تعليله في رواية أخرى، قالوا: إنه يأتي بالعذاب وإهلاك الأمم وسيأتي هذا مسندًا ({لَنَحْنُ الصَّافُّونَ} [الصافات: 165] الملائكة) أي: قول الملائكة. 3207 - (هدبة) بضم الهاء وسكون الدّال (همّام) بفتح الهاء وتشديد الميم (وقال [لي] خليفة) هو خليفة بن الخياط شيخ البخاري، والرّواية عنه بقال لأنه سمعه مذاكرة (صعصعة) بصاد وعين مكررتين (بينا أنا عند البيت بين النائم واليقظان) هذه الحالة هي السنة، قال تعالى: {لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ} [البقرة: 255] (فذكر رجلًا بين الرجلين) أي: جاء ثلاثة من

فَأُتِيتُ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مُلِئَ حِكْمَةً وَإِيمَانًا، فَشُقَّ مِنَ النَّحْرِ إِلَى مَرَاقِّ الْبَطْنِ، ثُمَّ غُسِلَ الْبَطْنُ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ مُلِئَ حِكْمَةً وَإِيمَانًا، وَأُتِيتُ بِدَابَّةٍ أَبْيَضَ دُونَ الْبَغْلِ وَفَوْقَ الْحِمَارِ الْبُرَاقُ، فَانْطَلَقْتُ مَعَ جِبْرِيلَ حَتَّى أَتَيْنَا السَّمَاءَ الدُّنْيَا قِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ جِبْرِيلُ. قِيلَ مَنْ مَعَكَ قِيلَ مُحَمَّدٌ. قِيلَ وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ قَالَ نَعَمْ. قِيلَ مَرْحَبًا بِهِ، وَلَنِعْمَ الْمَجِئُ جَاءَ. فَأَتَيْتُ عَلَى آدَمَ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ مَرْحَبًا بِكَ مِنِ ابْنٍ وَنَبِىٍّ. فَأَتَيْنَا السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ، قِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ جِبْرِيلُ. قِيلَ مَنْ مَعَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم -. قِيلَ أُرْسِلَ إِلَيْهِ قَالَ نَعَمْ. قِيلَ مَرْحَبًا بِهِ، وَلَنِعْمَ الْمَجِئُ جَاءَ. فَأَتَيْتُ عَلَى عِيسَى وَيَحْيَى فَقَالاَ مَرْحَبًا بِكَ مِنْ أَخٍ وَنَبِىٍّ. فَأَتَيْنَا السَّمَاءَ الثَّالِثَةَ، قِيلَ مَنْ هَذَا قِيلَ جِبْرِيلُ. قِيلَ مَنْ مَعَكَ قِيلَ مُحَمَّدٌ. قِيلَ وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ قَالَ نَعَمْ. قِيلَ مَرْحَبًا بِهِ وَلَنِعْمَ الْمَجِئُ جَاءَ. فَأَتَيْتُ يُوسُفَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، قَالَ مَرْحَبًا بِكَ مِنْ أَخٍ وَنَبِىٍّ فَأَتَيْنَا السَّمَاءَ الرَّابِعَةَ، قِيلَ مَنْ هَذَا قِيلَ جِبْرِيلُ. قِيلَ مَنْ مَعَكَ قِيلَ مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم -. قِيلَ وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ قِيلَ نَعَمْ. قِيلَ مَرْحَبًا بِهِ، وَلَنِعْمَ الْمَجِئُ جَاءَ. فَأَتَيْتُ عَلَى إِدْرِيسَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ مَرْحَبًا مِنْ أَخٍ وَنَبِىٍّ. فَأَتَيْنَا السَّمَاءَ الْخَامِسَةَ، قِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ جِبْرِيلُ. قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ قِيلَ مُحَمَّدٌ. قِيلَ وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ قَالَ نَعَمْ. قِيلَ مَرْحَبًا بِهِ، وَلَنِعْمَ الْمَجِئُ جَاءَ. فَأَتَيْنَا عَلَى هَارُونَ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ مَرْحَبًا بِكَ مِنْ أَخٍ وَنَبِىٍّ. فَأَتَيْنَا عَلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ، قِيلَ مَنْ هَذَا قِيلَ جِبْرِيلُ. قِيلَ مَنْ مَعَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم -. قِيلَ وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ مَرْحَبًا بِهِ، وَلَنِعْمَ الْمَجِئُ جَاءَ. فَأَتَيْتُ عَلَى مُوسَى، فَسَلَّمْتُ {عَلَيْهِ} فَقَالَ مَرْحَبًا بِكَ مِنْ أَخٍ وَنَبِىٍّ. فَلَمَّا جَاوَزْتُ بَكَى. فَقِيلَ مَا أَبْكَاكَ قَالَ يَا رَبِّ، هَذَا الْغُلاَمُ الَّذِى بُعِثَ بَعْدِى يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِهِ أَفْضَلُ مِمَّا يَدْخُلُ مِنْ أُمَّتِى. فَأَتَيْنَا السَّمَاءَ السَّابِعَةَ، قِيلَ مَنْ هَذَا ـــــــــــــــــــــــــــــ الملائكة على صفة الرّجال (فأتيت بطست ملآن حكمة وإيمانًا) علم العقائد والفروع، انتصابهما على التمييز (فشق من النحر) أسفل الصدر (إلى مراق البطن) -بتشديد القاف- إلى الموضع التي رقّ جلده (البراق) اسم تلك الدّابة، قيل: لأن لونها يبرق (ثم غسل البطن بماء زمزم) لأنه أشرف المياه (قيل: وقد أرسل إليه) الجمهور على أن المراد أرسل إليه بالعروج وإلاّ كانوا عالمين رسالته (فأتيت على موسى، فلما جاوزت بكى، قال: يا ربّ هذا الغلام الذي بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أفضل مما يدخل من أمتي) بكاؤه تأسف على ما فاته،

قِيلَ جِبْرِيلُ. قِيلَ مَنْ مَعَكَ قِيلَ مُحَمَّدٌ. قِيلَ وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ مَرْحَبًا بِهِ، وَنِعْمَ الْمَجِئُ جَاءَ. فَأَتَيْتُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ مَرْحَبًا بِكَ مِنِ ابْنٍ وَنَبِىٍّ، فَرُفِعَ لِىَ الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ، فَسَأَلْتُ جِبْرِيلَ فَقَالَ هَذَا الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ يُصَلِّى فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، إِذَا خَرَجُوا لَمْ يَعُودُوا إِلَيْهِ آخِرَ مَا عَلَيْهِمْ، وَرُفِعَتْ لِى سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى فَإِذَا نَبِقُهَا كَأَنَّهُ قِلاَلُ هَجَرٍ، وَوَرَقُهَا كَأَنَّهُ آذَانُ الْفُيُولِ، فِي أَصْلِهَا أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ نَهْرَانِ بَاطِنَانِ وَنَهْرَانِ ظَاهِرَانِ، فَسَأَلْتُ جِبْرِيلَ فَقَالَ أَمَّا الْبَاطِنَانِ فَفِى الْجَنَّةِ، وَأَمَّا الظَّاهِرَانِ النِّيلُ وَالْفُرَاتُ، ثُمَّ فُرِضَتْ عَلَىَّ خَمْسُونَ صَلاَةً، فَأَقْبَلْتُ حَتَّى جِئْتُ مُوسَى، فَقَالَ مَا صَنَعْتَ قُلْتُ فُرِضَتْ عَلَىَّ خَمْسُونَ صَلاَةً. قَالَ أَنَا أَعْلَمُ بِالنَّاسِ مِنْكَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ ومثله جائز، وأما قوله: هذا الغلام، قاله استعظامًا لما أفاض الله عليه مع ذلك العمر القليل، وقيل: هذا على طريقة العرب، فإنهم إذا مدحوا شخصًا قالوا: هذا غلام كيس، ولا يتوهم منه الحسد، غايته أنه أراد أن يكون في أمته مثل ما كان في أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - وعلى سائر الأنبياء (فأتيت على إبراهيم). فإن قلت: تقدم في أبواب الصلاة: أنه رأى إبراهيم في السّماء السادسة؟ قلت: وقد جاء أنه رآه مع الأنبياء في بيت المقدس، ورأى موسى معه ورآه في قبره يصلي، والجواب عنه أن الأنبياء في عالم الأرواح يسيرون بأجسادهم حيث شاؤوا، ولذلك وصفهم بصورهم وأشكالهم (فرفع لي البيت المعمور) واسمه الضراح، ويقال له: الضريح بالضّاد المعجمة، قال ابن الأثير: اشتقاقه من الضراحة وهي المقابلة؛ لأنه في موازاة البيت المعظم (يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك؛ إذا خرجوا لم يعودوا آخر ما عليهم) أي: ما بقي لهم من العمر، نصب على الظروف، ويجوز رفعه، أي: ذلك آخر ما عليهم من الدّخول فيه. (ورفعت لي سدرّة المنتهى) السدرة شجرة النبوة والمنتهى مصدر أي: سدره الانتهاء قال ابن الأثير: شجرة في أقصى الجنة إليها ينتهي علم الأولين والآخرين لا يتعداها، وهذا يدل على أن ما يقال إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جاوزها لا يصح (فإذا نبقها كأنه قلال) جمع قلة كل

عَالَجْتُ بَنِى إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ الْمُعَالَجَةِ، وَإِنَّ أُمَّتَكَ لاَ تُطِيقُ، فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَسَلْهُ. فَرَجَعْتُ فَسَأَلْتُهُ، فَجَعَلَهَا أَرْبَعِينَ، ثُمَّ مِثْلَهُ ثُمَّ ثَلاَثِينَ، ثُمَّ مِثْلَهُ فَجَعَلَ عِشْرِينَ، ثُمَّ مِثْلَهُ فَجَعَلَ عَشْرًا، فَأَتَيْتُ مُوسَى فَقَالَ مِثْلَهُ، فَجَعَلَهَا خَمْسًا، فَأَتَيْتُ مُوسَى فَقَالَ مَا صَنَعْتَ قُلْتُ جَعَلَهَا خَمْسًا، فَقَالَ مِثْلَهُ، قُلْتُ سَلَّمْتُ بِخَيْرٍ، فَنُودِىَ إِنِّى قَدْ أَمْضَيْتُ فَرِيضَتِى وَخَفَّفْتُ عَنْ عِبَادِى، وَأَجْزِى الْحَسَنَةَ عَشْرًا». وَقَالَ هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «فِي الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ». أطرافه 3393، 3430، 3887 3208 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ قَالَ «إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قلة تسع مئتا رطل بالبغدادي، قال ابن الأثير: وهجر بلد معروف بالبحرين (فنودي أني قد أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي) أي: قد أوجبت خمسين وهي باقية في الحكم، فإن الحسنة بعشر أمثالها، وقد صرح بهذا في الرّواية الأخرى: "هن خمس وهي خمسون". (الحسن بن أبي الحسن عن أبي هريرة) فإن قلت: قال يحيى بن معين: ليس للحسن رواية عن أبي هريرة؟ قلت: لم يذكر لفظ السماع فيحمل على [...]. 3208 - (الربيع) ضدّ الخريف (أبو الأحوص) واسمه سلّام بتشديد اللام الحنفي (إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يومًا) قال ابن الأثير: إن النطفة إذا وقعت في الرحم، وأراد الله أن يخلق منها بشرًا طارت في جسم المرأة تحت كل ظفر وشعر، ثم تمكث أربعين ليلة، ثم تنزل دمًا إلى الرحم، فذلك جمعها، كذا فسره ابن مسعود فيما قيل، ويجوز أن يريد بالجمع مكث النطفة أربعين ليلة تتخمر فيه وتتهيأ للتصوير (ثم يكون علقة) دمًا جامدًا (مثل

ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكًا، فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ، وَيُقَالُ لَهُ اكْتُبْ عَمَلَهُ وَرِزْقَهُ وَأَجَلَهُ وَشَقِىٌّ أَوْ سَعِيدٌ. ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ، فَإِنَّ الرَّجُلَ مِنْكُمْ لَيَعْمَلُ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ إِلاَّ ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ كِتَابُهُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، وَيَعْمَلُ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ إِلاَّ ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ». أطرافه 3332، 6594، 7454 3209 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا مَخْلَدٌ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَتَابَعَهُ أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَبْدَ نَادَى جِبْرِيلَ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلاَنًا فَأَحْبِبْهُ. فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، فَيُنَادِى جِبْرِيلُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلاَنًا فَأَحِبُّوهُ. فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الأَرْضِ». طرفاه 6040، 7485 3210 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - ـــــــــــــــــــــــــــــ ذلك) أي: أربعين ليلة (ثم يكون مضغة) قدر ما يمضغ من اللّحم (ثم يبعث الله ملكًا، فيؤمر بأربع كلمات ويقال له: اكتب عمله ورزقه وأجله وشقي أو سعيد) أشار بلفظ أو إلى أن أحدهما بدل عن الآخر لئلا يزيد الكلمات على الأربع (حتى ما يكون بينه وبين الجنة إلا ذراع) تمثيل للمعقول بالمحسوس، إشارة إلى غاية القرب عرفًا (فيسبق عليه الكتاب) أي: ما كتب عليه في الأزل قضاء مبرمًا لا يبدّل، ولهذا يرى المشايخ المحققين على أن العبرة بالسابقة لا باللّاحقة، أي: الخاتمة، فإنها على وفق الفاتحة. 3209 - (محمد بن سلام) بتخفيف اللام (ابنِ جريج) بضم الجيم مصغر اسمه عبد الملك (إذا أحبّ الله عبدًا) محبة الله عباده إرادة الخير لهم وتوفيقه إياهم، لما يرضيه ليكافئهم عليه (ثم يوضع له القبول في الأرض) كل من على وجه الأرض يحبه سواء رآه أو سمع به، وذلك أيضًا من محبة الله إياه حتى سخر له قلوب عباده. 3210 - (محمد) اتفق الأكثر على أنه البخاري نفسه؛ لأنه يروي عن ابن مريم، وهو

زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّ الْمَلاَئِكَةَ تَنْزِلُ فِي الْعَنَانِ - وَهْوَ السَّحَابُ - فَتَذْكُرُ الأَمْرَ قُضِىَ فِي السَّمَاءِ، فَتَسْتَرِقُ الشَّيَاطِينُ السَّمْعَ، فَتَسْمَعُهُ فَتُوحِيهِ إِلَى الْكُهَّانِ، فَيَكْذِبُونَ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ». أطرافه 3288، 5762، 6213، 7561 3211 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ وَالأَغَرِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ كَانَ عَلَى كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ الْمَلاَئِكَةُ، يَكْتُبُونَ الأَوَّلَ فَالأَوَّلَ، فَإِذَا جَلَسَ الإِمَامُ طَوَوُا الصُّحُفَ وَجَاءُوا يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ». طرفه 929 3212 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ مَرَّ عُمَرُ فِي الْمَسْجِدِ وَحَسَّانُ يُنْشِدُ، فَقَالَ كُنْتُ أُنْشِدُ فِيهِ، وَفِيهِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَبِى هُرَيْرَةَ، فَقَالَ أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، أَسَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «أَجِبْ عَنِّى، اللَّهُمَّ أَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ». قَالَ نَعَمْ. طرفه 453 ـــــــــــــــــــــــــــــ شيخه، هكذا في بعض النُّسخ وفي أكثرها لا وجود له وهو الظاهر؛ إذ ليس من دأب الفربري ذلك (أن الملائكة تنزل في العنان) بفتح العين فسره بالسّحاب، كأنه من عنّ الشيء إذا ظهر (فتوحيه إلى الكهان) أي: ما استرق إليه السّمع (فيكذبون معها مئة كذبة) ليس العدد على ظاهره، بل المراد كثرة الكذب في كلامهم، قد يكون أكثر من مئة وقد يكون دونه. 3211 - هذا وحديث أبي هريرة أن الملائكة يوم الجمعة يكتبون الأول فالأول، قد سلف في أبواب الجمعة مشروحًا بما لا مزيد عليه، وأشرنا إلى ما وقع من الخبط في معنى السّاعة، فراجعه. 3212 - (مرّ عمر وحسان ينشد الشعر) إنشاد الشعر قراءته سواء كان للشاعر أو لغيره (اللهم أيده بروح القدس) هو جبريل، وإنما خصه بين الملائكة بالذكر؛ لأنه مظهر العلم، فإذا أيده به صح فكره وازدادت معرفته في اختراع المعاني الحسنة المجانبة للكذب، نقلوا في مناقب حسان أنه قيل له: تنزلت في الشعر؟ قال: بلى، الإسلام منعني عن ارتكاب الكذب.

3213 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِىِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنِ الْبَرَاءِ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِحَسَّانَ «اهْجُهُمْ - أَوْ هَاجِهِمْ - وَجِبْرِيلُ مَعَكَ». أطرافه 4123، 4124، 6153 3214 - وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا أَبِى قَالَ سَمِعْتُ حُمَيْدَ بْنَ هِلاَلٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَى غُبَارٍ سَاطِعٍ فِي سِكَّةِ بَنِى غَنْمٍ. زَادَ مُوسَى مَوْكِبَ جِبْرِيلَ. 3215 - حَدَّثَنَا فَرْوَةُ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ سَأَلَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْىُ قَالَ «كُلُّ ذَاكَ يَأْتِى الْمَلَكُ أَحْيَانًا فِي مِثْلِ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ، فَيَفْصِمُ عَنِّى وَقَدْ وَعَيْتُ مَا قَالَ، وَهْوَ أَشَدُّهُ عَلَىَّ، وَيَتَمَثَّلُ لِى الْمَلَكُ أَحْيَانًا رَجُلاً، فَيُكَلِّمُنِى فَأَعِى مَا يَقُولُ». طرفه 2 ـــــــــــــــــــــــــــــ 3214 - (عن أنس بن مالك قال: كأني أنظر إلى كبار ساطع في سكة بني غنم) -بفتح الغين المعجمة وسكون النّون- طائفة من الأنصار أولاد غنم بن عدي بن الحارث بن مرة بن ظفر بن الخزرج، قال ابن الأثير: الموكب جماعة الركبان الذين يسيرون برفق، وأطلقه الجوهري، وهو المناسب لسطوع الغبار وارتفاعه على أنه خبر مبتدأ محذوف، ويجوز نصبه على الاختصاص، أو بنزع الخافض، والجر على بدل الكل من الاشتمال، نظيره في بدل الكلّ عن الجزء: رحم الله أعظمًا دفنوها ... بسجستان طلحة الطلحات 3215 - (فردة) بفتح الفاء (مسهر) اسم فاعل (أن الحارث بن هشام) هو أخو أبي جهل رضي الله عنه ولعن الآخر (سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - كيف يأتيك الوحي قال: كل ذاك) مبتدأ وخبره محذوف، أي: أخبره، وذاك إشارة إلى ما سئل، ويجوز النصب على المفعولية ثم فصَّل الجواب بقوله: (يأتي الملك أحيانًا كذا وأحيانًا كذا) وتمام الكلام تقدم في أول الكتاب في بدء الوحي.

3216 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ دَعَتْهُ خَزَنَةُ الْجَنَّةِ أَىْ فُلُ هَلُمَّ». فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ ذَاكَ الَّذِى لاَ تَوَى عَلَيْهِ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ». طرفه 1897 3217 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَهَا «يَا عَائِشَةُ، هَذَا جِبْرِيلُ يَقْرَأُ عَلَيْكِ السَّلاَمَ». فَقَالَتْ وَعَلَيْهِ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ. تَرَى مَا لاَ أَرَى. تُرِيدُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 3768، 6201، 6249 3218 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ ح قَالَ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ ذَرٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِجِبْرِيلَ «أَلاَ تَزُورُنَا أَكْثَرَ مِمَّا تَزُورُنَا» قَالَ فَنَزَلَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــ 3216 - (من أنفق زوجين في سبيل الله دعته خزنه الجنة) أي: من كل باب (أي: فل) بضم اللام لغة في فلان، ويروى فل بسكون اللام ويؤيدها ما قلنا من كونه لغة، وقيل: مرخم فلان على الشذوذ (قال أبو بكر: ذاك الذي لا توى عليه) -بفتح التاء والقصر- أصله الهلاك والمراد به الخسارة، أي: لا خسارة على من كان كذلك، والزوجان شيئان من صنف واحد، وقد جاء مفسرًا أنه سئل ما الزوجان؟ قال: جاريتان أو عبدان. 3217 - (معمر) بفتح الميمين وسكون العين (يا عائشة هذا جبريل يقرأ عليك السلام) فيه دلالة على فضل عائشة (ترى ما لا أرى) فيه دلالة على أن الرؤية بمحض خلق الله وإرادته. 3218 - (أبو نُعيم) بضم النون مصغر (عمر بن ذر) بالذال المعجمة وتشديد الرّاء (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لجبريل: ألا تزورنا أكثر ما تزورنا؟) هذا يسمى عرضًا والمراد منه إظهار المودة.

(وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا) الآيَةَ. طرفاه 4731، 7455 3219 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَقْرَأَنِى جِبْرِيلُ عَلَى حَرْفٍ، فَلَمْ أَزَلْ أَسْتَزِيدُهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ». طرفه 4991 3220 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ جِبْرِيلُ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ بِهَذَا الإِسْنَادِ نَحْوَهُ. وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ وَفَاطِمَةُ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُهُ الْقُرْآنَ. طرفه 6 3221 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَخَّرَ الْعَصْرَ شَيْئًا فَقَالَ لَهُ عُرْوَةُ أَمَا إِنَّ جِبْرِيلَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 3219 - (أقرأني جبريل على حرف واحد) أي: لغة وهي لغة، قريش أول ما نزل القرآن بها إلى سبعة أحرف، وقد أشرنا سابقًا أنها اللغات. 3220 - (ابن مقاتل) اسمه محمد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان) برفع أجود اسم كان وفي رمضان خبره، ويجوز نصبه على أن في كان ضمير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والوجه هو الأول لما فيه من المبالغة حيث جعل كونه أجود، وإنما كان في رمضان أجود لكونه حديث عهد برئه لملاقاة جبريل كلّ ليلة، فيكون أوفر نشاطًا وأكثر أريحية، وهما مقدمتا البذل والجود. 3221 - (قتيبة)، (أن عمر بن عبد العزيز أخر العصر شيئًا فقال له عروة: أما إن جبريل

قَدْ نَزَلَ فَصَلَّى أَمَامَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَقَالَ عُمَرُ اعْلَمْ مَا تَقُولُ يَا عُرْوَةُ. قَالَ سَمِعْتُ بَشِيرَ بْنَ أَبِى مَسْعُودٍ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا مَسْعُودٍ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «نَزَلَ جِبْرِيلُ فَأَمَّنِى، فَصَلَّيْتُ مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ». يَحْسُبُ بِأَصَابِعِهِ خَمْسَ صَلَوَاتٍ. طرفه 521 3222 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِى ثَابِتٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ أَبِى ذَرٍّ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «قَالَ لِى جِبْرِيلُ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِكَ لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ، أَوْ لَمْ يَدْخُلِ النَّارَ، قَالَ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ قَالَ وَإِنْ». طرفه 1237 3223 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الْمَلاَئِكَةُ يَتَعَاقَبُونَ، مَلاَئِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلاَةِ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قد نزل فصلى) أما مخفف، وصلى أي: في أول الوقت، وقد سلف الحديث في أبواب المواقيت من الصلاة وقوله: (أمام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) بفتح الهمزة، وانتصابه على الظرف، ويروى بكسر الهمزة، قال ابن مالك: وفيه إشكال؛ لأن بالإضافة يتعرف فلا يجوز أن يكون حالًا إلا أن يؤول، كأرسلتها العراك، قلت: نصبه على الاختصاص بتقدير: أعني، أظهر، ولفظ: "أمتي" بعده يؤيد كسر الهمزة. 3222 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (ابن أبي عدي) محمد بن إبراهيم (حبيب) ضد العدّو (من مات من أمتك لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة أو لم يدخل النّار) لا بد من تأويله بعدم الخلود، لدلالة سائر الأحاديث على أن بعض المؤمنين يدخل النّار (وإن زنى وسرق، قال: وإن) كذا في كل النسخ، حذف الفعل لدلالة السابق عليه. 3223 - (الملائكة يتعاقبون فيكم) التعاقب التناوب في الفعل، وظاهر العبارة أن هؤلاء غير الكرام الكتبة، وتمام الكلام في أبواب الصلاة في باب المواقيت.

7 - باب إذا قال أحدكم آمين والملائكة فى السماء، فوافقت إحداهما الأخرى، غفر له ما تقدم من ذنبه

فَيَسْأَلُهُمْ وَهْوَ أَعْلَمُ، فَيَقُولُ كَيْفَ تَرَكْتُمْ {عِبَادِى} فَيَقُولُونَ تَرَكْنَاهُمْ يُصَلُّونَ، وَأَتَيْنَاهُمْ يُصَلُّونَ». طرفه 555 7 - باب إِذَا قَالَ أَحَدُكُمْ آمِينَ. وَالْمَلاَئِكَةُ فِي السَّمَاءِ، فَوَافَقَتْ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ 3224 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا مَخْلَدٌ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّ نَافِعًا حَدَّثَهُ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ حَدَّثَهُ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ حَشَوْتُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وِسَادَةً فِيهَا تَمَاثِيلُ كَأَنَّهَا نُمْرُقَةٌ، فَجَاءَ فَقَامَ بَيْنَ الْبَابَيْنِ وَجَعَلَ يَتَغَيَّرُ وَجْهُهُ، فَقُلْتُ مَا لَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «مَا بَالُ هَذِهِ الْوِسَادَةِ». قَالَتْ وِسَادَةٌ جَعَلْتُهَا لَكَ لِتَضْطَجِعَ عَلَيْهَا. قَالَ «أَمَا عَلِمْتِ أَنَّ الْمَلاَئِكَةَ لاَ تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ، وَأَنَّ مَنْ صَنَعَ الصُّورَةَ يُعَذَّبُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَقُولُ أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ». طرفه 2105 3225 - حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا طَلْحَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إذا قال أحدكم آمين والملائكة في السماء آمين فوافقت إحداهما الأخرى غفر له ما تقدم من ذنبه هذا الباب لم يوجد في كثير من النسخ، وحذفه أولى، لأن أحاديث الباب لا توافقه. 3224 - (محمّد) كذا وقع غير منسوب ونسبه أبو نعيم: محمد بن سلام (ابن جريج) بضم الجيم مصغر، وكذا (أمية)، (نُمْرقَةٌ) بضم النون والراء الوسادة الصغيرة (فيها تماثيل) جمع تمثال وهو الصورة، يقال: مثله مخففًا ومثقلًا، أي: صوره (إن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه صورة) أي: صورة الحيوان، كما قاله ابن عبّاس وقيده الفقهاء بأن يكون كامل الصورة، حتى لو كان مقطوع الرّأس، أو كان مهانًا على البسط المفروشة لا بأس به (يقال لهم: أحيوا ما خلقتم أي: صورتم) الأمر للتعجيز. 3225 - (ابن مقاتل) اسمه محمد (معمر) بفتح الميمين وعين ساكنة.

يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ تَدْخُلُ الْمَلاَئِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلاَ صُورَةُ تَمَاثِيلَ». أطرافه 3226، 3322، 4002، 5949، 5958 3226 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنَا عَمْرٌو أَنَّ بُكَيْرَ بْنَ الأَشَجِّ حَدَّثَهُ أَنَّ بُسْرَ بْنَ سَعِيدٍ حَدَّثَهُ أَنَّ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ الْجُهَنِىَّ - رضى الله عنه - حَدَّثَهُ وَمَعَ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عُبَيْدُ اللَّهِ الْخَوْلاَنِىُّ الَّذِى كَانَ فِي حَجْرِ مَيْمُونَةَ - رضى الله عنها - زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حَدَّثَهُمَا زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَدْخُلُ الْمَلاَئِكَةُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ». قَالَ بُسْرٌ فَمَرِضَ زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ، فَعُدْنَاهُ فَإِذَا نَحْنُ فِي بَيْتِهِ بِسِتْرٍ فِيهِ تَصَاوِيرُ، فَقُلْتُ لِعُبَيْدِ اللَّهِ الْخَوْلاَنِىِّ أَلَمْ يُحَدِّثْنَا فِي التَّصَاوِيرِ فَقَالَ إِنَّهُ قَالَ «إِلاَّ رَقْمٌ فِي ثَوْبٍ». أَلاَ سَمِعْتَهُ قُلْتُ لاَ. قَالَ بَلَى قَدْ ذَكَرَهُ. طرفه 3225 3227 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِى عُمَرُ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ وَعَدَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - جِبْرِيلُ فَقَالَ إِنَّا لاَ نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ وَلاَ كَلْبٌ. طرفه 5960 ـــــــــــــــــــــــــــــ (لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب) قيل: أراد ما عدا كلب الزرع والماشية والصيد، وقال النووي: الظاهر العموم، وهو كما قال، وإلا لاستثناه كما استثنى في قوله: "من اقتنى كلبًا نقص من أجره كل يوم قيراط، إلا كلب الزرع والماشية". 3226 - (أحمد) هو ابن أبي صالح المصري، قاله أبو نعيم، وقيل: هو ابن عيسى (بكير) بضم الباء مصغر (الأشج) بتشديد الجيم (بشر بن سعيد) بضم الباء وشين معجمة (الجهني) بضم الجيم وفتح الهاء (الخولاني) بفتح الخاء المعجمة نسبة إلى خولان، قبيلة من عرب اليمن (قال: إلا رقم في ثوب) قال ابن الأثير: الرقم النقش والوشي، وأصله الكتابة.

3228 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ سُمَىٍّ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا قَالَ الإِمَامُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. فَقُولُوا اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلاَئِكَةِ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». طرفه 796 3229 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ هِلاَلِ بْنِ عَلِىٍّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى عَمْرَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ أَحَدَكُمْ فِي صَلاَةٍ مَا دَامَتِ الصَّلاَةُ تَحْبِسُهُ، وَالْمَلاَئِكَةُ تَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ. مَا لَمْ يَقُمْ مِنْ صَلاَتِهِ أَوْ يُحْدِثْ». طرفه 176 3230 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ عَلَى الْمِنْبَرِ (وَنَادَوْا يَا مَالِكُ). قَالَ سُفْيَانُ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ وَنَادَوْا يَا مَالِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 3228 - (سمّي) بضم السين وكسر الميم مصغر (عن أبي صالح) هو ذكوان السّمان (فقولوا: اللهم ربّنا لك الحمد) سلف شرحه في أبواب الصلاة. 3229 - (المنذر) واسم فاعل من الإنذار (فليج) بضم الفاء مصغر (إن أحدكم في صلاة) أي: في ثوابها، ونكره لأنه أراد جنس الصلاة لا التي ينتظرها (ما لم يقم من صلاته) أي: من مكان صلاته (أو يحدث) أو يحصل له الحديث، وقيل: "ما لم يحدث"، أي: يؤذي أحدًا، وقد تقدم مشروحًا في أبواب الصلاة. 3230 - ({وَنَادَوْا يَامَالِكُ} [الزخرف: 77] قال سفيان: وقراءة عبد الله) أي: عبد الله بن مسعود: (يا مال)، على الترجم بكسر اللّام، علم صاحب النّار، عافانا الله منها.

3231 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِى عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا قَالَتْ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ قَالَ «لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ مَا لَقِيتُ، وَكَانَ أَشَدُّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ الْعَقَبَةِ، إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِى عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلاَلٍ، فَلَمْ يُجِبْنِى إِلَى مَا أَرَدْتُ، فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِى، فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلاَّ وَأَنَا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِى، فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِى، فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ فَنَادَانِى فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ، وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ، فَنَادَانِى مَلَكُ الْجِبَالِ، فَسَلَّمَ عَلَىَّ ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ، فَقَالَ ذَلِكَ فِيمَا شِئْتَ، إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمِ الأَخْشَبَيْنِ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلاَبِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا». طرفه 7389 ـــــــــــــــــــــــــــــ 3231 - (وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة) قيل: أراد بالعقبة المشهورة بمنى، والظّاهر أنَّه أراد قرن الثعالب، كما جاء في الرّواية الأخرى. (عرضت نفسي على [ابن] عبد ياليل بن كلال) -بضم الكاف وتخفيف اللّام- هذا هو الذي أراد به المشركون من قولهم: {وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} [الزخرف: 31] وله أخوان آخران كانوا رؤساء طائف، ذهب إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعوهم إلى الله، فلم ير منهم ما أراده، وكان معه زيد بن حارثة، فقال لهم بعد: "إن لم تدخلوا فيما دعوتكم إليه فاكتموا الأمر الذي ذكرته لكم" فأبوا إلا إيذاءه وأغروا به السفهاء. (فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب) أي: استغرق في الهمّ بحيث غفل عن حاله (فناداني مالك الجبال) أي: الموكّل بأمر الجبال (أن أردت أن أطبق عليهم الأخشبين) بالخاء المعجمة، أبو قبيس والجبل الأحمر الذّي وجهه على قعيقعان، والأخشب لغة: كل جبل غليظ (بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يوحد الله، ولا يشرك به شيئًا) هذا شأن رحمة العالمين لا كنوح حيث قال: {رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا} [نوح: 26] ولا كموسى حيث قال: {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا} [يونس: 88].

3232 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِىُّ قَالَ سَأَلْتُ زِرَّ بْنَ حُبَيْشٍ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى). قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ مَسْعُودٍ أَنَّهُ رَأَى جِبْرِيلَ لَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ. طرفاه 4856، 4857 3233 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - (لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى) قَالَ رَأَى رَفْرَفًا أَخْضَرَ سَدَّ أُفُقَ السَّمَاءِ. طرفه 4858 3234 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِىُّ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ أَنْبَأَنَا الْقَاسِمُ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ أَعْظَمَ، وَلَكِنْ قَدْ رَأَى جِبْرِيلَ فِي صُورَتِهِ، وَخَلْقُهُ سَادٌّ مَا بَيْنَ الأُفُقِ. 3235 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ أَبِى زَائِدَةَ عَنِ ابْنِ الأَشْوَعِ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ قُلْتُ لِعَائِشَةَ - رضى الله عنها - فَأَيْنَ قَوْلُهُ (ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى) قَالَتْ ذَاكَ جِبْرِيلُ كَانَ يَأْتِيهِ فِي صُورَةِ الرَّجُلِ، وَإِنَّهُ أَتَاهُ هَذِهِ الْمَرَّةَ فِي صُورَتِهِ الَّتِى هِىَ صُورَتُهُ، فَسَدَّ الأُفُقَ. طرفه 3234 ـــــــــــــــــــــــــــــ 3232 - (زر بن حبيش) بكسر الزّاي المعجمة وتشديد الرّاء وضم الحاء بعدها موحدة، على وزن المصغر. 3234 - (عن ابن عون) بفتح العين وسكون الواو عبد الله (رأي جبريل في صورته سادًّا ما بين الأفق) أي: ما بين الآفاق، لاقتضاء التعدد. 3235 - (أبي زائدة) من الزيادة (عن ابن الأشوع) اسمه سعيد (قلت: أين قوله {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى} [النجم: 8]) ظن أن هذا الدّنو من الله تعالى، والصواب ما قالته عائشة.

3236 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا جَرِيرٌ حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ عَنْ سَمُرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِى قَالاَ الَّذِى يُوقِدُ النَّارَ مَالِكٌ خَازِنُ النَّارِ، وَأَنَا جِبْرِيلُ، وَهَذَا مِيكَائِيلُ». طرفه 845 3237 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ، فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا، لَعَنَتْهَا الْمَلاَئِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ». تَابَعَهُ شُعْبَةُ وَأَبُو حَمْزَةَ وَابْنُ دَاوُدَ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ. طرفاه 5193، 5194 3238 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ قَالَ أَخْبَرَنِى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «ثُمَّ فَتَرَ عَنِّى الْوَحْىُ فَتْرَةً، فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِى سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ، فَرَفَعْتُ بَصَرِى قِبَلَ السَّمَاءِ فَإِذَا الْمَلَكُ الَّذِى جَاءَنِى بِحِرَاءٍ قَاعِدٌ عَلَى كُرْسِىٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، فَجُئِثْتُ مِنْهُ حَتَّى هَوَيْتُ إِلَى الأَرْضِ، فَجِئْتُ أَهْلِى فَقُلْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــ 3236 - (أبو رجاء) -بفتح الرّاء والجيم والمدّ- عمران العطاردي. 3237 - (عن أبي حازم) -بالحاء المهملة- سلمان الأشجعي (إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت، فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح) وفيه دلالة على عظم حق الزوج على المرأة، ولذلك جاء في الرواية الأخرى: "لو أمرت أحدًا أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها". 3238 - (فجئثت) قال ابن الأثير: أصله جثّ بثاءين مثلثتين، فجعل موضع الثاء الهمزة، ومعناه: قلقت كقوله تعالى: {اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ} [إبراهيم: 26] وقال في موضع آخر في باب الهمزة الثاء: يقال: جئث وجئف وجثَّ الأول بالهمزة، والثاني بالفاء بعد

زَمِّلُونِى زَمِّلُونِى. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ) إِلَى (فَاهْجُرْ)». قَالَ أَبُو سَلَمَةَ وَالرِّجْزُ الأَوْثَانُ. طرفه 4 3239 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ. وَقَالَ لِى خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِى الْعَالِيَةِ حَدَّثَنَا ابْنُ عَمِّ نَبِيِّكُمْ يَعْنِى ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِىَ بِى مُوسَى رَجُلاً آدَمَ طُوَالاً جَعْدًا، كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ، وَرَأَيْتُ عِيسَى رَجُلاً مَرْبُوعًا مَرْبُوعَ الْخَلْقِ إِلَى الْحُمْرَةِ وَالْبَيَاضِ، سَبْطَ الرَّأْسِ، وَرَأَيْتُ مَالِكًا خَازِنَ النَّارِ». وَالدَّجَّالَ فِي آيَاتٍ أَرَاهُنَّ اللَّهُ إِيَّاهُ، فَلاَ تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ. قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ الهمزة، والثالث بالإدغام، إذا فزع، وقد سلف الكلام عليه مستوفى في باب بدء الوحي (قال أبو سلمة: والرّجز الأوثان)، أي: قوله تعالى: {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} [المدثر: 5] بضم الراء وكسرها، وفي الأصل العذاب. 3239 - (بشار) بفتح الباء وتشديد المعجمة (فندر) بضم الغين المعجمة وفتح الدّال (يزيد بن زريع) مصغر زرع (عن أبي العالية) رفيع بن مهران الرياحي (رأيت ليلة أسري لي موسى رجلًا آدم طوالًا جعدًا) بضم الطّاء وتخفيف الواو وهو الرّواية، قال الجوهري: الطوال الطّويل، فإذا زاد في الطول يقال: طوال بتشديد الواو. فإن قلت: جاء في سائر الزوايات أن موسى رجل سبط، قال النّووي: الوجه أن يراد جعودة البدن واكتناز لحمه؟ قلت: الظاهر أنه أراد جعودة شعره، والوصف بهما إشارة إلى أنه لم يكن سبط الشعر في الغاية، كالهنود ولا جعدًا فاحشًا كالحبوش، وهو الجعد القطط. (كأنه من رجال شنوءة) بفتح الشين على وزن فعولة قال الجوهري: حيّ باليمن (ورأيت عيسى رجلًا مربوع الخلق) يقال: رجل ربعة ومربوع إذا كان بين القصر والطول (إلى الحمرة والبياض) أي: مائل إليهما (سبط الرأس) وفي سائر الرّويات: جعد، والوجه ما ذكرنا في موسى آنفًا ({فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ} [السجدة: 23]) الظّاهر أنّه كلام الراوي، ويحتمل أن يكون من كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعلى الوجهين الخطاب عام، والضّمير في لقائه لرسول

8 - باب ما جاء فى صفة الجنة وأنها مخلوقة

أَنَسٌ وَأَبُو بَكْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «تَحْرُسُ الْمَلاَئِكَةُ الْمَدِينَةَ مِنَ الدَّجَّالِ». طرفه 3396 8 - باب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ الْجَنَّةِ وَأَنَّهَا مَخْلُوقَةٌ قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ مُطَهَّرَةٌ مِنَ الْحَيْضِ وَالْبَوْلِ وَالْبُزَاقِ. (كُلَّمَا رُزِقُوا) أُتُوا بِشَىْءٍ ثُمَّ أُتُوا بِآخَرَ (قَالُوا هَذَا الَّذِى رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ) أُتِينَا مِنْ قَبْلُ (وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا) يُشْبِهُ بَعْضُهُ بَعْضًا، وَيَخْتَلِفُ فِي الطُّعُومِ (قُطُوفُهَا) يَقْطِفُونَ كَيْفَ شَاءُوا دَانِيَةٌ قَرِيبَةٌ. الأَرَائِكُ السُّرُرُ. وَقَالَ الْحَسَنُ النَّضْرَةُ فِي الْوُجُوهِ وَالسُّرُورُ فِي الْقَلْبِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ (سَلْسَبِيلاً) حَدِيدَةُ الْجِرْيَةِ. (غَوْلٌ) وَجَعُ الْبَطْنِ (يُنْزَفُونَ) لاَ تَذْهَبُ عُقُولُهُمْ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (دِهَاقًا) مُمْتَلِئًا (كَوَاعِبَ) نَوَاهِدَ. الرَّحِيقُ الْخَمْرُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الله - صلى الله عليه وسلم -، فعلى تقدير أن يكون هو القائل ففيه التفات من التكلم إلى الغيبة، وتعليق أنس أنّ الملائكة تحرس المدينة، سبق في أبواب الحج. باب ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة دار النعيم سميت جنة لاجتِنَان أرضها استتارها بالأشجار ({مُطَهَّرَةٌ} من الحيض) تفسير لقوله تعالى: {فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ} [البقرة: 25] ({هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا} [البقرة: 25] أوتينا) وفي بعض أوتيا من الإتيان، وهو الملائم لقوله: {وَأُتُوا بِهِ} [البقرة: 25] ({قُطُوفُهَا} [الحاقة: 23]) جمع قطف (يقطفون كيف شاؤوا) لو أخَّره عن ({دَانِيَةٌ}) كان أحسن ({الْأَرَائِكِ} [الكهف: 31]) جمع أريكة فسره بالسرر جمع سرير، وقيل: لا يكون أريكة إلا إذا كان عليه الحجلة (قال الحسن: النظرة في الوجه) أخذه من قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ} [القيامة: 22] (حديدة الجرية) -بفتح في الأول وكسر الجبم في الثاني- أي: سريعة الجريان، وفي ذلك حسن المنظر ({غَوْلٌ} وجع البطن) تفسير لقوله تعالى في وصف الخمر {لَا فِيهَا غَوْلٌ} [الصافات: 27]، وقيل: وجع الرأس, وقيل لا يغتال العقول كخمر الدّنيا ({يُنْزَفُونَ} [الصافات: 47] [لا] تذهب عقولهم) وقيل: لا يشكرون، وقيل: لا ينفد شرابهم، من أنزف إذا نفد ({دِهَاقًا} [النبأ: 34] ممتلئًا) وقيل: مواليًا يتبع بعضه بعضًا ({وَكَوَاعِبَ} [النبأ: 33]) نواهد أي:

التَّسْنِيمُ يَعْلُو شَرَابَ أَهْلِ الْجَنَّةِ (خِتَامُهُ) طِينُهُ (مِسْكٌ) (نَضَّاخَتَانِ) فَيَّاضَتَانِ. يُقَالُ مَوْضُونَةٌ مَنْسُوجَةٌ، مِنْهُ وَضِينُ النَّاقَةِ. وَالْكُوبُ مَا لاَ أُذُنَ لَهُ وَلاَ عُرْوَةَ. وَالأَبَارِيقُ ذَوَاتُ الآذَانِ وَالْعُرَا. (عُرُبًا) مُثَقَّلَةً وَاحِدُهَا عَرُوبٌ، مِثْلُ صَبُورٍ وَصُبُرٍ، يُسَمِّيهَا أَهْلُ مَكَّةَ الْعَرِبَةَ، وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ الْغَنِجَةَ، وَأَهْلُ الْعِرَاقِ الشَّكِلَةَ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ (رَوْحٌ) جَنَّةٌ وَرَخَاءٌ، (وَالرَّيْحَانُ) الرِّزْقُ، وَالْمَنْضُودُ الْمَوْزُ، وَالْمَخْضُودُ الْمُوقَرُ حَمْلاً وَيُقَالُ أَيْضًا لاَ شَوْكَ لَهُ، وَالْعُرُبُ الْمُحَبَّبَاتُ إِلَى أَزْوَاجِهِنَّ. وَيُقَالُ مَسْكُوبٌ جَارٍ، وَ (فُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ) بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ. (لَغْوًا) بَاطِلاً. (تَأْثِيمًا) كَذِبًا. أَفْنَانٌ أَغْصَانٌ (وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ) مَا يُجْتَنَى قَرِيبٌ. (مُدْهَامَّتَانِ) سَوْدَاوَانِ مِنَ الرِّىِّ. 3240 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ فَإِنَّهُ يُعْرَضُ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِىِّ، فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ مرتفعة الثدي ({خِتَامُهُ مِسْكٌ} [المطففين: 26]) طينه الذي يختم به، وقيل: آخر طعمه ({مَوْضُونَةٍ} [الواقعة: 15] منسوجة) بالذهب واليواقيت (منه وضين الناقة) قال ابن الأثير: هو ما يشد به الرحل كالحزام للسرّج (والكوب) جمعه أكواب كالعود والأعواد ({عُرُبًا} [الواقعة: 37] مثقلة) يريد بالمثقلة أنّ الراء فيه متحركة وليس بلازم، وقد قرأه حمزة وأبو بكر بسكون الرّاء (يسميها أهل مكة العربة والمدينة الغنجة وأهل العراق الشكلة) ومحصل الكل أنها ذات دلال ولطف خلق ({رَّوْحٌ} [الواقعة: 89] جنة ورخاء) وقيل: روح فرح (والمنضود الموز) وقيل: هو الطّلح، وهو شجر لا ثمر له في البادية، أشمار إلى أنه موجود في الجنة لكن مع الثمر ({وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ} [الواقعة: 34] بعضها فوق بعض) روى الترمذي وابن حبّان أن ارتفاعها كما بين السّماء والأرض، وقيل: الفرس المرفوعة كناية عن الحور الرفيعة الأقدار. 3240 - (إذا مات أحدكم فإنه يعرض عليه مقعده بالغداة والعشي) ولعل تعيين الوقتين

أَهْلِ النَّارِ فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ». طرفه 1379 3241 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ زَرِيرٍ حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «اطَّلَعْتُ فِي الْجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْفُقَرَاءَ، وَاطَّلَعْتُ فِي النَّارِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ». أطرافه 5198، 6449، 6546 3242 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ قَالَ «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِى فِي الْجَنَّةِ، فَإِذَا امْرَأَةٌ تَتَوَضَّأُ إِلَى جَانِبِ قَصْرٍ، فَقُلْتُ لِمَنْ هَذَا الْقَصْرُ فَقَالُوا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَذَكَرْتُ غَيْرَتَهُ، فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا». فَبَكَى عُمَرُ وَقَالَ أَعَلَيْكَ أَغَارُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. أطرافه 3680، 5227، 7023، 7025 ـــــــــــــــــــــــــــــ لأنهما أطيب الأوقات (فإن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة) أي: فقد بلغك شأن أهل الجنة، كما تقدم من قوله: "فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله". 3241 - (سَلْم) بفتح السين وسكون اللام (زرير) بفتح الزّاي المعجمة وكسر المهملة، ورواه الأصيلي بضمّ الزّاي مصغرًا (اطلعت في النّار فرأيت أكثر أهلها النّساء) قال: في أبواب الإيمان في تعليله: لا لأنهن ناقصات عقل ودين، ويَكْفُرن العشير، ويَكْفُرن الإحسان، قال الحكيم الترمذي: وهن أكثر أهل الجنة أيضًا؛ لأن كل رجل له زوجتان. فإن قلت: ظاهره تناقض؟ قلت: محمول على أوّل الأمر قبل إخراج المؤمنات من النّار. 3242 - (بينما أنا نائم رأيتني في الجنة فإذا امرأة تتوضأ إلى جانب قصر) من الوضاءة وهو الجمال، أي: تزين، أو المراد الوضوء، فإن أهل الجنة يعبدون الله تلذذًا لا تكليفًا (فبكى عمر) فرحًا بما سمعه.

3243 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عِمْرَانَ الْجَوْنِىَّ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِى بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ الأَشْعَرِىِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْخَيْمَةُ دُرَّةٌ مُجَوَّفَةٌ، طُولُهَا فِي السَّمَاءِ ثَلاَثُونَ مِيلاً، فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ مِنْهَا لِلْمُؤْمِنِ أَهْلٌ لاَ يَرَاهُمُ الآخَرُونَ». قَالَ أَبُو عَبْدِ الصَّمَدِ وَالْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ أَبِى عِمْرَانَ سِتُّونَ مِيلاً. طرفه 4879 3244 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «قَالَ اللَّهُ أَعْدَدْتُ لِعِبَادِى الصَّالِحِينَ مَا لاَ عَيْنَ رَأَتْ، وَلاَ أُذُنَ سَمِعَتْ، وَلاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ 3243 - (مِنْهال) بكسر الميم وسكون النّون (أبا عمران الجوني) بفتح الجيم نسبة إلى صنعته، واسمه عبد الملك (الخيمة دّرة مجوفة طولها في السّماء ثلاثون ميلًا) اللام في الخيمة للعهد يشير إلى معنى قوله: {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} [الرحمن: 72] في كل زاوية منها للمؤمنين أهل لا يراهم الآخرون، لاشتغال كل بالملاذ. فإن قلت: تقدم أن لكل واحد زوجين؟ قلت: لا منافاة فإن الأهل أعمّ من الزوجة، فإنه يشمل الحور، والمراد بالزوجتين نساء الدّنيا. (قال أبو عبد الصّمد) هو عبد العزيز البصري (أبو عمران) عبد الملك الجوني (ستون ميلًا) بدل ثلاثون، وقد رواه مسلم مسندًا: "طولها ستون ميلًا" وفي رواية أخرى لمسلم أيضًا: "عرضها ستون ميلًا" فإذًا العرض والطّول سواء، نسأل الله الرؤوف من فضله ورحمته أن يجعلنا من ساكنيها أمنين من سخطه. 3244 - (الحُميدي) بضم الحاء (أبو الزناد) -بكسر الزّاي بعدها نون- عبد الله بن ذكوان (أعددت لعبادي الصّالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر) وإذا كان هذا للصالحين فالأنبياء والصديقون والشهداء من باب الأولى، ويجوز أن يراد

فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ (فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِىَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ). أطرافه 4779، 4780، 7498 3245 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَلِجُ الْجَنَّةَ صُورَتُهُمْ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، لاَ يَبْصُقُونَ فِيهَا وَلاَ يَمْتَخِطُونَ وَلاَ يَتَغَوَّطُونَ، آنِيَتُهُمْ فِيهَا الذَّهَبُ، أَمْشَاطُهُمْ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَمَجَامِرُهُمُ الأَلُوَّةُ، وَرَشْحُهُمُ الْمِسْكُ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ، يُرَى مُخُّ سُوقِهِمَا مِنْ وَرَاءِ اللَّحْمِ، مِنَ الْحُسْنِ، لاَ ـــــــــــــــــــــــــــــ بالصالحين أعم ليشمل الكل، وقد وصف الله الأنبياء في كتابه الكريم بالصلاح. فإن قلت: كل ما في الجنة له أغوذج في الدّنيا لتكون النّفس راغبة فيه، فما الحكمة في إخفاء هذا؟ قلت: إذا علم الإنسان أنواعًا من الملاذ ثم قيل له فوق هذه شيء لا نسبة لها إليه، سعى في تحصيله أشد سعي، والتقييد بقلب بشر ليس فيه احتراز بل بيان الواقع، فإن الملائكة لا حظ لهم في ذلك، والجن ليس لهم ما للإنسان، فإذا لم يخطر بقلب البشر فالجن من باب الأولى، وقوله (وإن شئتم فاقرؤا) الظّاهر أنّه من كلام أبي هريرة. 3245 - (محمد من مقاتل) اسم الفاعل (هَمّام) بفتح الهاء وتشديد الميم (مُنبِه) بضم الميم وكسر الباء الموحدة (وأمشاطهم من الذهب). فإن قلت: كون الأواني من الذهب له وجه، فأيُّ وجه للأمشاط، فإن أهل الجنة جرد مرد؟ قلت: الظاهر أن في رأسهم الشعر، أو للنساء، أو للزينة لا للحاجة. (ومجامرهم الألوة) المجامر جمع المجمرة بكسر الميم، آلة البخور، قال ابن الأثير: وبالضمّ هو البخور، قال: وهو المراد، قلت: الآلة هي المراد ويقدر مضاف، أي: وقود مجامرهم كما صرح به في الرّواية بعده، وبه سقط ما قيل أن في الجنة نفس المجمرة هو العود على أنه معنى ركيك، فإن الزينة أن تكون الآلة من الذهب، والألوّة -بفتح الهمزة وضمها وتشديد الواو- العود، وهو معرب، قاله الجوهري. فإن قلت: لا نار في الجنة فما معنى الوقود؟ قلت: الوقود لا يتوقف على وجود النار، بل حاصل بإرادته تعالى. (لكل واحد منهم زوجتان) أي: من نساء الدنيا بهذه الصفة، وهي أن يرى مخ ساقها من وراء اللّحم من الحُسْن، وفي رواية الترمذي: "يرى مخ ساقها من وراء سبعين حلة".

اخْتِلاَفَ بَيْنَهُمْ وَلاَ تَبَاغُضَ، قُلُوبُهُمْ قَلْبٌ وَاحِدٌ، يُسَبِّحُونَ اللَّهَ بُكْرَةً وَعَشِيًّا». أطرافه 3246، 3254، 3327 3246 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، وَالَّذِينَ عَلَى إِثْرِهِمْ كَأَشَدِّ كَوْكَبٍ إِضَاءَةً، قُلُوبُهُمْ عَلَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، لاَ اخْتِلاَفَ بَيْنَهُمْ وَلاَ تَبَاغُضَ، لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ، كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا يُرَى مُخُّ سَاقِهَا مِنْ وَرَاءِ لَحْمِهَا مِنَ الْحُسْنِ، يُسَبِّحُونَ اللَّهَ بُكْرَةً وَعَشِيًّا، لاَ يَسْقَمُونَ وَلاَ يَمْتَخِطُونَ، وَلاَ يَبْصُقُونَ، آنِيَتُهُمُ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ، وَأَمْشَاطُهُمُ الذَّهَبُ، وَقُودُ مَجَامِرِهِمُ الأُلُوَّةُ - قَالَ أَبُو الْيَمَانِ يَعْنِى الْعُودَ - وَرَشْحُهُمُ الْمِسْكُ». وَقَالَ مُجَاهِدٌ الإِبْكَارُ أَوَّلُ الْفَجْرِ، وَالْعَشِىُّ مَيْلُ الشَّمْسِ أَنْ تُرَاهُ تَغْرُبَ. طرفه 3245 3247 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ الْمُقَدَّمِىُّ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «لَيَدْخُلَنَّ مِنْ أُمَّتِى سَبْعُونَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قال بعض الشارحين: فإن قلت: ما وجه تثنية الزوجتان وقد يكون أكثر؟ قلت: نظرًا إلى قوله: {جَنَّتَانِ} [الرحمن: 46] و {عَيْنَانِ} [الرحمن: 66]، و {مُدْهَامَّتَانِ} [الرحمن: 64]، أو أريد بالتثنية التكرير كما في لبيك، أو باعتبار الوصف بأن تكون إحداهما طويلة والأخرى قصيرة، أو إحداهما كبيرة والأخرى صغيرة، وفساده غنيٌّ عن البيان. (يسبحون الله بكرة وعشيًّا) تلذذًا بعبادة ربهم. فإن قلت: ليس هناك ليل ونهار حتى يكون بكرة وعشيًّا؟ قلت: الكلام على طريقة المثل، أي: في مقدار الذّي كان دأبهم في الدّنيا، أو المراد كلّ الأوقات. 3246 - (وقود مجامرهم الألوه) بفتح الواو ما يوقد به، وقد ذكرنا أن الألوة هو العود وهو أفخر ما يبخَّر به، وقول الخطابي: الوقود الجمر الذي يطرح عليه البخور سهو منه، على أن وجود النّار في الجنة ممنوع. 3247 - (المقدمي) بضم الميم وتشديد الدّال المفتوحة (فُضيل) بضم الفاء مصغر فضل (عن أبي حازم) بالحاء المهملة سلمة بن دينار (ليدخلن الجنة من أمتي سبعون ألفًا أو سبعمئة

أَلْفًا - أَوْ سَبْعُمِائَةِ أَلْفٍ - لاَ يَدْخُلُ أَوَّلُهُمْ حَتَّى يَدْخُلَ آخِرُهُمْ، وَجُوهُهُمْ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ». طرفاه 6543، 6554 3248 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِىُّ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ قَتَادَةَ حَدَّثَنَا أَنَسٌ - رضى الله عنه - قَالَ أُهْدِىَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - جُبَّةُ سُنْدُسٍ، وَكَانَ يَنْهَى عَنِ الْحَرِيرِ، فَعَجِبَ النَّاسُ مِنْهَا، فَقَالَ «وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا». طرفه 2615 3249 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ - رضى الله عنهما - قَالَ أُتِىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِثَوْبٍ مِنْ حَرِيرٍ، فَجَعَلُوا يَعْجَبُونَ مِنْ حُسْنِهِ وَلِينِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْجَنَّةِ أَفْضَلُ مِنْ هَذَا». أطرافه 3802، 5836، 6640 ـــــــــــــــــــــــــــــ ألف) وفي رواية الترمذي: "سبعون ألفًا لا حساب عليهم مع كلّ ألف سبعون ألفًا وثلاث حثيات من حثيات ربي" بثلاث فتحات جمع حثية على وزن رحمة، وهو ملء الكف، والكلام على طريقة المثل، جلّ تعالى عن التشبيه وصفات الأجسام، وفي "الجمع" للحميدي: "سبعون ألفًا وسبعمئة سماطين" بكسر السين، قال الجوهري: الجانبان من النخل والناس، وفي هذه الكيفية رتبة لا تخفى (لا يدخل أولهم حتى يدخل آخرهم) وذلك لأنه بين مصراعي كل باب أربعين عامًا أو أربعون يومًا. ومن الشارحين من استشكل هذا بأنه دور، وأجاب بأن هذا دور معية، وهو جائز. 3248 - 3249 - (أبو إسحاق) هو السّبيعي عبد الله بن أعبيد، المناديل سعد بن معاذ في الجنة أفضل من هذا) وقد سبق في باب قبول هدية المشركين إنما خصّ سعد بن معاذ بالذكر، لأنه كان قد مات قريبًا، أو تطييبًا قلوب الأنصار، ولا مفهوم للكلام، وقد أشرنا إلى ما وقع لبعضهم في وجه التخصيص من الخبط.

3250 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِىِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَوْضِعُ سَوْطٍ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا». طرفه 2794 3251 - حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَشَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ لاَ يَقْطَعُهَا». 3252 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا هِلاَلُ بْنُ عَلِىٍّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى عَمْرَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَشَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ سَنَةٍ، وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ (وَظِلٍّ مَمْدُودٍ)». طرفه 4881 3253 - «وَلَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُمْ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ أَوْ تَغْرُبُ». طرفه 2793 3254 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ هِلاَلٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى عَمْرَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، وَالَّذِينَ عَلَى آثَارِهِمْ ـــــــــــــــــــــــــــــ 3250 - (وموضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها) قيل: المراد بالخيرية الحسن، وقبل: البقاء، والأول هو الطاهر. 3251 - (روح) بفتح الراء وسكون الواو (زريع) مصغر زرع (إن في الجنة شجرة يسير الرّاكب في ظلها مئة عام لا يقطعها). قيل شجرة طوبى، وقيل: شجرة الخلد، والمراد بالظل ما تحتها؛ لأن الأجرام كلها نورانِيَّة لا شمس هناك ولا ليل. 3252 - (فليح) بضم الفاء مصغر (ولقاب قوس أحدكم) القاب والقيب: كالقاد والقيد، هو المقدار، وإنما ضرب المثل تارة بالسَّوط وأخرى بالقوس، لكونهما معروفين عند العرب. 3254 - (أوَّل زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر، والذين على آثارهم

كَأَحْسَنِ كَوْكَبٍ دُرِّىٍّ فِي السَّمَاءِ إِضَاءَةً، قُلُوبُهُمْ عَلَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، لاَ تَبَاغُضَ بَيْنَهُمْ وَلاَ تَحَاسُدَ، لِكُلِّ امْرِئٍ زَوْجَتَانِ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، يُرَى مُخُّ سُوقِهِنَّ مِنْ وَرَاءِ الْعَظْمِ وَاللَّحْمِ». طرفه 3245 3255 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ عَدِىُّ بْنُ ثَابِتٍ أَخْبَرَنِى قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَمَّا مَاتَ إِبْرَاهِيمُ قَالَ «إِنَّ لَهُ مُرْضِعًا فِي الْجَنَّةِ». طرفه 1382 3256 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَتَرَاءَيُونَ أَهْلَ الْغُرَفِ مِنْ فَوْقِهِمْ كَمَا يَتَرَاءَيُونَ الْكَوْكَبَ الدُّرِّىَّ الْغَابِرَ فِي الأُفُقِ مِنَ الْمَشْرِقِ أَوِ الْمَغْرِبِ، لِتَفَاضُلِ مَا بَيْنَهُمْ». ـــــــــــــــــــــــــــــ كأحسن كوكب دري) -بكسر الدَّال وضمها وبتشديد الياء والمدّ والهمز- من الدرء وهو الدفع؛ لأنه يدفع به الشياطين، أو من الدّر، فإنه مشبه الدر بين النجوم. 3255 - (حجاج بن منهال) بكسر الميم وسكون النون (لما مات إبراهيم) أي: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (أنَّ له مرضعًا في الجنة) تكمل له الرضاع صرح به الرّواية الأخرى. 3256 - (سليم) بضم السين مصغر (يسار) ضدّ اليمين (أن أهل الجنة يتراءون أهل الغرف كما تتراءون الكوكب الدُّرِّي الغابر في الأفق) قال ابن الأثير: تراءى القوم إذا رأى بعضهم بعضًا، قلت: ذلك لا يستقيم في الحديث، فإن المراد رؤية من في الأسفل أصحاب الغرف، فالمراد منه الرؤية مع التكلف لبعد المسافة، كما يقال: تقاعد عن الحرب، والغابر مشترك بين الماضي والمستقبل، أي: الماضي إلى الأفق، أو الطالع من الأفق، والقيد بالأفق لأنه أبعد ما يكون من الإنسان. فإن قلت: قد ورد في القرآن أن أهل الجنة في الفرقان؟ قلت: الفرقان متفاوتة في الدرجة على قدر أصحابها.

9 - باب صفة أبواب الجنة

قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، تِلْكَ مَنَازِلُ الأَنْبِيَاءِ لاَ يَبْلُغُهَا غَيْرُهُمْ قَالَ «بَلَى وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ، رِجَالٌ آمَنُوا بِاللَّهِ وَصَدَّقُوا الْمُرْسَلِينَ». طرفه 6556 9 - باب صِفَةِ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ دُعِىَ مِنْ بَابِ الْجَنَّةِ». فِيهِ عُبَادَةُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 3257 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «فِي الْجَنَّةِ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ، فِيهَا بَابٌ يُسَمَّى الرَّيَّانَ لاَ يَدْخُلُهُ إِلاَّ الصَّائِمُونَ». طرفه 1896 ـــــــــــــــــــــــــــــ (قالوا يا رسول الله: تلك منازل الأنبياء، قال: بلى والذي نفسي بيده رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين) أراد الرجال الكمل، وإلا كل من يدخل الجنة مؤمن بالله مصدَّق رسله كائنًا من كان. قال بعض الشارحين: أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - كلهم أهل تلك الغرف، وهذا شيء لم يدل عليه نقل، بل النقل دلَّ على عدم صدقه، وذلك أن الحكيم الترمذي روى بسنده إلى سهل بن سعد تمام هذا الحديث، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما قال هذا الكلام قال: "أبو بكر وعمر منهم"، وهذا صريح فيه؛ إذ لو كان عامًّا لكل أمته لم يكن لتخصيص أبي بكر وعمر وجه. باب صفة أبواب الجنة (وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: من أنفق زوجين دُعِيَ من أبوابها) تقدم قريبًا مسندًا، وأشرنا إلى أن المراد من الزوجين شيئان من كل صنف كفرسين عبدين (عبادة) بضم العين وتخفيف الباء. 3257 - (محمد بن مطرف) بتشديد الراء المكسورة (أبو حازم) -بالحاء المهملة- سلمة بن دينار (فيها باب يسمى الرّيان لا يدخله إلا الصائمون) وجه التسمية ظاهر، والظاهر أن المراد كثرة الصوم لا الاقتصار على القرض. فإن قلت: ليس في الباب وصف أبواب الجنة؟ قلت: كونها ثمانية وصف من

10 - باب صفة النار وأنها مخلوقة

وقد أَجَادَ الشاه عبد القادر في نكتة كون أبوابها ثمانية، فراجعه. ثُمَّ اعلم أن أهلَ الجنة إنما أُوتُوا في الجنَّة مثل الدنيا، وما فيها، وعشرة أضعاف ذلك، لأنهم دُعُوا بالملوك في حديث عند مسلم، والملوكُ تناسِبُهم السَّعَة في مملكتهم. فاندفع ما قد يَخْتَلِجُ في الصدور، أنهم ماذا يفعلون بهذا الملك الوسيع، فإنه ليس للحاجة إليه، بل لأجل التشريف. 10 - باب صِفَةِ النَّارِ وَأَنَّهَا مَخْلُوقَةٌ (غَسَاقًا) يُقَالُ غَسَقَتْ عَيْنُهُ وَيَغْسِقُ الْجُرْحُ، وَكَأَنَّ الْغَسَاقَ وَالْغَسْقَ وَاحِدٌ. (غِسْلِينَ) كُلُّ شَىْءٍ غَسَلْتَهُ فَخَرَجَ مِنْهُ شَىْءٌ فَهُوَ غِسْلِينَ، فِعْلِينَ مِنَ الْغَسْلِ مِنَ الْجُرْحِ وَالدَّبَرِ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ (حَصَبُ جَهَنَّمَ) حَطَبُ بِالْحَبَشِيَّةِ. وَقَالَ غَيْرُهُ (حَاصِبًا) الرِّيحُ الْعَاصِفُ، وَالْحَاصِبُ مَا تَرْمِى بِهِ الرِّيحُ، وَمِنْهُ حَصَبُ جَهَنَّمَ، يُرْمَى بِهِ فِي جَهَنَّمَ هُمْ حَصَبُهَا، وَيُقَالُ حَصَبَ فِي الأَرْضِ ذَهَبَ، وَالْحَصَبُ مُشْتَقٌّ مِنْ حَصْبَاءِ الْحِجَارَةِ. (صَدِيدٌ) قَيْحٌ وَدَمٌ. (خَبَتْ) ـــــــــــــــــــــــــــــ الأوصاف، وقد وصف واحدًا منها بالريان، أو أشار على دأبه إلى ما رواه الترمذي وغيره: "بين كل مصراعين أربعون سنة". باب صفة النار وأنها مخلوقة ({وَغَسَّاقًا} [النبأ: 25]) مخفف ومشدَّد قراءتان، قيل: هو صديد أهل النار، وقيل: قيح غليظ (من الجرح والدبر) -بفتح الدَّال والباء- الجرح على ظهر البعير، الجار يتعلق بمقدر، أي: الغسلين ما خرج منها ({حَصَبُ} [الأنبياء: 98] حطب بالحبشية) وقال الخليل: ما يوقد به من الحطب، فيكون من توافق اللغتين (والحاصب ما ترمي الريح) مخالف لما ذكره الجوهري قال: الحاصب الريح الشديدة (والقيُ الفقر) قال الجوهري: مغازه لا بها {زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ} [هود: 106] صوت خفيف وشديد) لف ونشر مرتب، قال الجوهري: الزفير إدخال نفس الحمار والشهيق إخراجه ({غَيًّا} [مريم: 59] خسرانًا) -بفتح الغين

طَفِئَتْ. (تُورُونَ) تَسْتَخْرِجُونَ، أَوْرَيْتُ أَوْقَدْتُ. (لِلْمُقْوِينَ) لِلْمُسَافِرِينَ، وَالْقِىُّ الْقَفْرُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ صِرَاطُ الْجَحِيمِ سَوَاءُ الْجَحِيمِ وَوَسَطُ الْجَحِيمِ (لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ) يُخْلَطُ طَعَامُهُمْ وَيُسَاطُ بِالْحَمِيمِ. (زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ) صَوْتٌ شَدِيدٌ، وَصَوْتٌ ضَعِيفٌ. (وِرْدًا) عِطَاشًا. (غَيًّا) خُسْرَانًا، وَقَالَ مُجَاهِدٌ (يُسْجَرُونَ) تُوقَدُ بِهِمُ النَّارُ (وَنُحَاسٌ) الصُّفْرُ، يُصَبُّ عَلَى رُءُوسِهِمْ، يُقَالُ (ذُوقُوا) بَاشِرُوا وَجَرِّبُوا، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ ذَوْقِ الْفَمِ. مَارِجٌ خَالِصٌ مِنَ النَّارِ، مَرَجَ الأَمِيرُ رَعِيَّتَهُ إِذَا خَلاَّهُمْ يَعْدُو بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ. (مَرِيجٍ) مُلْتَبِسٌ، مَرَجَ أَمْرُ النَّاسِ اخْتَلَطَ، (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ) مَرَجْتَ دَابَّتَكَ تَرَكْتَهَا. 3258 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُهَاجِرٍ أَبِى الْحَسَنِ قَالَ سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ وَهْبٍ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ - رضى الله عنه - يَقُولُ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي سَفَرٍ فَقَالَ «أَبْرِدْ». ثُمَّ قَالَ «أَبْرِدْ». حَتَّى فَاءَ الْفَىْءُ، يَعْنِى لِلتُّلُولِ، ثُمَّ قَالَ «أَبْرِدُوا بِالصَّلاَةِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ». طرفه 535 3259 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ ذَكْوَانَ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ رضى الله عنه قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَبْرِدُوا بِالصَّلاَةِ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ». طرفه 538 ـــــــــــــــــــــــــــــ وتشديد الياء- مصدر في الأصل، وقيل: أريد به وادٍ في جهنم ({مَارِجٍ} الرحمن: 15]) روى ابن الأثير عن عائشة: مارج: مختلط، وهذا أوفق لغة. 3258 - (أبو الوليد) هشام الطيالسي (مهاجر) اسم فاعل كان النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر) كان في غزوة تبوك (قال: أبرد، ثم [قال] أبرد) -بهمزة القطع- يقال أبرد إذا دخل في البرد (حتى فاء الفيء) أي يرجع، وهذا يدل على أن المراد تأخير الصلاة عن أوَّل الوقت، لا كما قال بعضهم معنى أبردوا بالصلاة صلوها أول الوقت، نقله ابن الأثير (فإن شدة الحرّ من فيح جهنم) فلا يلائم العبادة فيها، يقالِ: فيح وفوح، قال ابن الأثير: يقال فاح القِدْر إذا غلا.

3260 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا، فَقَالَتْ رَبِّ أَكَلَ بَعْضِى بَعْضًا، فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ، فَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ فِي الْحَرِّ، وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الزَّمْهَرِيرِ». طرفه 537 3261 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ أَبِى جَمْرَةَ الضُّبَعِىِّ قَالَ كُنْتُ أُجَالِسُ ابْنَ عَبَّاسٍ بِمَكَّةَ، فَأَخَذَتْنِى الْحُمَّى، فَقَالَ أَبْرِدْهَا عَنْكَ بِمَاءِ زَمْزَمَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَأَبْرِدُوهَا بِالْمَاءِ». أَوْ قَالَ «بِمَاءِ زَمْزَمَ». شَكَّ هَمَّامٌ. 3262 - حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ قَالَ أَخْبَرَنِى رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «الْحُمَّى مِنْ فَوْرِ جَهَنَّمَ، فَأَبْرِدُوهَا عَنْكُمْ بِالْمَاءِ». طرفه 5726 ـــــــــــــــــــــــــــــ 3260 - (اشتكت النّار إلى ربّها) الشكاية: إظهار العذر ممن أصابه مكروه لمن يقدر على إزالته، والكلام محمول على ظاهره، دلَّ عليه حديث محاجَّة النَّار والجنة، ولذلك أثبت لها النفس التي هي من خواص الحي (وأشد ما تجدون من الزمهرير). فإن قلت: النار حارة بالطبع، فكيف نكون نفسها زمهريرًا؟ قلت: الكل بخلق الله ليس شيء منهما لذات النار، ألا ترى كيف جعلها بردًا وسلامًا على إبرهيم. 3261 - 3262 - (أبو عامر) هو عبد الملك العقدي (همام) بفتح الهاء وتشديد الميم (عن أبي جمرة الضُّبعي) -بالجيم- هو نصر بن عمران، والضُّبعي -بضم المعجمة وفتح الباء- نسبة إلى ضبيعة, على وزن المصغر، قال الجوهري: هو أبو حيِّ ضبعة بن قيس بن ثعلبة (كنت أجالس ابن عباس بمكة فأخذتني الحمى، فقال: أبردها بماء زمزم) -بهمزة الوصل- يقال: بردت الشيء أبرده -بضم الرَّاء- أي: جعلته باردًا، وأما قوله: "أبردوا بالصلاة" -بهمزة القطع- إذ معناه: أدخلوها في الوقت البارد، والتقييد بماء زمزم تبركًا. (عن عباية بن رفاعة) بكسر العين والراء (فأبردوها بالماء أو بماء زمزم شك همام) وقد

3263 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، فَأَبْرِدُوهَا بِالْمَاءِ». طرفه 5725 3264 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَأَبْرِدُوهَا بِالْمَاءِ». طرفه 5723 3265 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِى أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «نَارُكُمْ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ». قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ كَانَتْ لَكَافِيَةً. قَالَ «فُضِّلَتْ عَلَيْهِنَّ بِتِسْعَةٍ وَسِتِّينَ جُزْءًا، كُلُّهُنَّ مِثْلُ حَرِّهَا». 3266 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو سَمِعَ عَطَاءً يُخْبِرُ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ عَلَى الْمِنْبَرِ (وَنَادَوْا يَا مَالِكُ). طرفه 3230 ـــــــــــــــــــــــــــــ رواه بعده عن عائشة من غير شك بالماء، وكذا بعده عن ابن عمر. 3263 - (زُهير) بضم الزاي مصغر. 3265 - (عن أبي الزناد) -بكسر الزاي بعدها نون- عبد الله بن ذكوان (ناركم جزء من [سبعين جزءًا من] نار جهنم) أي: حرها جزء من سبعين جزءًا من حرِّ نار جهنم، وفي رواية الإمام أحمد: "جزء من مئة"، ظَهَر أن المراد الكثرة لا العدد المذكور (إن كانت لكافية) إن مخففة من المثقلة (وبه فضلت عليهن) أي: على نيران الدنيا، وفي بعضها: "عليها" وهو ظاهر. فإن قلت: كيف وقع قوله: "فُضِّلت عليها" جواب قولهم: إن كانت لكافية؟ قلت: من حيث إن الحكيم لا يفعل إلا ما فيه حكمة، فلو كانت كافية لما جعل فيها تلك الزيادة. 3266 - (سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ على المنبر: {وَنَادَوْا يَامَالِكُ} [الزخرف: 77]) هو خازن النّار، ولذلك أورده في صفة النار.

11 - باب صفة إبليس وجنوده

3267 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ، قَالَ قِيلَ لأُسَامَةَ لَوْ أَتَيْتَ فُلاَنًا فَكَلَّمْتَهُ. قَالَ إِنَّكُمْ لَتَرَوْنَ أَنِّى لاَ أُكَلِّمُهُ إِلاَّ أُسْمِعُكُمْ، إِنِّى أُكُلِّمُهُ فِي السِّرِّ دُونَ أَنْ أَفْتَحَ بَابًا لاَ أَكُونُ أَوَّلَ مَنْ فَتَحَهُ، وَلاَ أَقُولُ لِرَجُلٍ أَنْ كَانَ عَلَىَّ أَمِيرًا إِنَّهُ خَيْرُ النَّاسِ بَعْدَ شَىْءٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. قَالُوا وَمَا سَمِعْتَهُ يَقُولُ قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ «يُجَاءُ بِالرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ، فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُهُ فِي النَّارِ، فَيَدُورُ كَمَا يَدُورُ الْحِمَارُ بِرَحَاهُ، فَيَجْتَمِعُ أَهْلُ النَّارِ عَلَيْهِ، فَيَقُولُونَ أَىْ فُلاَنُ، مَا شَأْنُكَ أَلَيْسَ كُنْتَ تَأْمُرُنَا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ قَالَ كُنْتُ آمُرُكُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَلاَ آتِيهِ، وَأَنْهَاكُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَآتِيهِ». رَوَاهُ غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنِ الأَعْمَشِ. طرفه 7098 11 - باب صِفَةِ إِبْلِيسَ وَجُنُودِهِ وَقَالَ مُجَاهِدٌ (يُقْذَفُونَ) يُرْمَوْنَ. (دُحُورًا) مَطْرُودِينَ. (وَاصِبٌ) دَائِمٌ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (مَدْحُورًا) مَطْرُودًا يُقَالُ (مَرِيدًا) مُتَمَرِّدًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ 3267 - (قيل لأسامة: لو أتيت فلانًا فكلمته) هو عثمان بن عفان، فإن أسامة بن زيد كان من خواصِّه (إنكم لترون) بضم التاء، أي: تظنون (يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتابه) الاندلاق -بالدال المهملة- خروج الشيء من مكانه، الأقتاب -بفتح الهمزة جمع قتب- وهي الأمعاء (كما يدور الحمار برحاه) أي: يجر أمعاءه، ولا يتخلص منها. باب صفة إبليس وجنوده قال الجوهري: إبلس من رحمة الله، أي: يئس، ومنه سمي إبليس، كان اسمه عزازيل، قلت: الحق أنه عجمي دلَّ عليه منع صرفه ({دُحُورًا} [الصافات: 9]) جمع داحر، كقعود في قاعد، دل عليه بقوله: (مطرود)، ({وَاصِبٌ} [الصافات: 9] دائم) الواصب: الوجع الدائم، ثم اتُّسع فيه ({مَرِيدًا} [النساء: 117] متمردًا) وقيل: متمرد من الخير، من المَرْودة،

بَتَّكَهُ قَطَّعَهُ. (وَاسْتَفْزِزْ) اسْتَخِفَّ. (بِخَيْلِكَ) الْفُرْسَانُ. وَالرَّجْلُ الرَّجَّالَةُ وَاحِدُهَا رَاجِلٌ مِثْلُ صَاحِبٍ وَصَحْبٍ، وَتَاجِرٍ وَتَجْرٍ، (لأَحْتَنِكَنَّ) لأَسْتَأْصِلَنَّ. (قَرِينٌ) شَيْطَانٌ. 3268 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عِيسَى عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ سُحِرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ اللَّيْثُ كَتَبَ إِلَىَّ هِشَامٌ أَنَّهُ سَمِعَهُ وَوَعَاهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سُحِرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى كَانَ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّىْءَ وَمَا يَفْعَلُهُ، حَتَّى كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ دَعَا وَدَعَا، ثُمَّ قَالَ «أَشَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ أَفْتَانِى فِيمَا فِيهِ شِفَائِى أَتَانِى رَجُلاَنِ، فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِى وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَىَّ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلآخَرِ مَا وَجَعُ الرَّجُلِ قَالَ مَطْبُوبٌ. قَالَ وَمَنْ طَبَّهُ قَالَ لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ. قَالَ فِي مَاذَا قَالَ فِي مُشُطٍ وَمُشَاقَةٍ وَجُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ. قَالَ فَأَيْنَ هُوَ قَالَ فِي بِئْرِ ذَرْوَانَ». فَخَرَجَ إِلَيْهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لِعَائِشَةَ حِينَ رَجَعَ «نَخْلُهَا كَأَنَّهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ». فَقُلْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــ ومنه الأمر (بتكه) بالتخفيف (قطعه) وقوله: لأبتكن بالتشديد للمبالغة (الرَّجْل) -بسكون الجيم وكسرها- قراءتان (الرَّجال) -بفتح الراء وتشديد الجيم- ضد الفرسان، والكلام على طريقة التمثيل بأن يمثل القوي من جنده بالفارس، والضعيف بالزاجل، أو على الحقيقة {لَأَحْتَنِكَنَّ} [الإسراء: 62] لأستأصلن) من قولهم: احتنك الجراد الأرض، إذا أكل ما عليها من النبات. 3268 - (سحر النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى كان يخيل إليه أنه يفعل الشيء ولم يفعله) قيل: كان هذا في أمر نسائه خاصة، هكذا يجب أن يعلم، لا في أمر الرسالة (ما وجع الرجل؟ قال: مطبوب) قال ابن الأثير: كنُّوا عن السِّحر بالطبِّ تفاؤلًا، كما كنُّوا عن اللَدِيغ بالسليم، لكن كلام الجوهري في أنه مرادف السّحر (في مشط ومشاقة) -بتخفيف الشين والقاف- ما يخرج من ذرى الكتان، وفي رواية: مشاطة، وهو ما يخرج على المشط من تسريح الشعر (وجفَّ طلعه ذكر) -بضم الجيم وتشديد الفاء- وهو وعاء الطلع، وقيل: ما في جوفه، وذكر، أي: نخل ذكر وقد يروى بقطع الإضافة، فعلى هذا صفة جفَّ (في بئر ذروان) ويردى: ذي أروان، وصوَّبه الأصمعي، واقتصر ابن الأثير على الأول، وقال: هي بئر لبني زريق بالمدينة (نخلها كأنها رووس الشياطين) أي: في القباحة، هذا موضع الدلالة على الترجمة (فقلت:

اسْتَخْرَجْتَهُ فَقَالَ «لاَ أَمَّا أَنَا فَقَدْ شَفَانِى اللَّهُ، وَخَشِيتُ أَنْ يُثِيرَ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ شَرًّا، ثُمَّ دُفِنَتِ الْبِئْرُ». طرفه 3175 3269 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِى أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَخِى عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلاَلٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلاَثَ عُقَدٍ، يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ مَكَانَهَا عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ. فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقَدُهُ كُلُّهَا، فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ، وَإِلاَّ أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلاَنَ». طرفه 1142 3270 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ نَامَ لَيْلَهُ حَتَّى أَصْبَحَ، قَالَ «ذَاكَ رَجُلٌ بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنَيْهِ - أَوْ قَالَ - فِي أُذُنِهِ». طرفه 1144 ـــــــــــــــــــــــــــــ استخرجته؟ قال: لا). فإن قلت: سيأتي أنه أخرجه؟ قلت: معنى النفي أنه لم يخرجه ليراه عموم الناس وحلله بقوله: (وخشيت أن يثير ذلك على الناس شرًّا). وفي الحديث دلالة على أنَّ السِّحر له حقيقة وتأثير بإذن الله، وقد نطق القرآن الكريم بذلك، ويجوز عروضه للأنبياء؛ لأنه نوع مرض لا يختل به أمر النبوة. 3269 - (إسماعيل) هو ابن أويس (أخي) أخوه عبد الحميد (يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد) قال ابن الأثير: القافية القفا، وقيل: مؤخر الرأس، وقيل: وسطه، أراد تثقيل النوم عليه وإطالته، فكأنه شدَّ عليه شدّا، وأما عدد العقد ففيه إشارة إلى مبالغته في الوسوسة إليه بأنَّ الليل طويل (فإن صلى انحلت عقده كلها) يريد صلاة الليل؛ لقوله (وإلّا فاصبح) وأيضًا قوله: (عليك ليل طويل) يريد منعه من القيام إلى التهجد. 3270 - (ذكر عند النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل نام ليلة حتى أصبح قال: ذاك رجل بال الشيطان في أذنيه أو في أذنه) الشك من ابن مسعود، يجوز حمله على الحقيقة، فإن لا شيطان جسم خبيث. وقال ابن الأثير البول في الأذن كناية عن السخرية، كقوله الشاعر:

3271 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِى الْجَعْدِ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَمَا إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا أَتَى أَهْلَهُ وَقَالَ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ، وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا. فَرُزِقَا وَلَدًا، لَمْ يَضُرُّهُ الشَّيْطَانُ». طرفه 141 3272 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا طَلَعَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَدَعُوا الصَّلاَةَ حَتَّى تَبْرُزَ، وَإِذَا غَابَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَدَعُوا الصَّلاَةَ حَتَّى تَغِيبَ». طرفه 583 ـــــــــــــــــــــــــــــ بال سهيل في الفضيخ ففسد لكن ما رواه الحسن مرسلًا: "إذا نام شغر الشيطان فبال بأذنه" يدل على أنه حقيقة، لأن الشغر -بالشين والغين المعجمتين- رفع الرَّجل عند والبول، كما يفعله الكلب. 3271 - (هَمام) بفتح الهاء وتشديد الميم (سالم بن أبي الجعد) بفتح الجيم وسكون العين (أما إن أحدكم إذا أتى أهله) أراد بالإتيان الوقاع (اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا) أي: بعدنا عنه وبعده عن الولد إن قدَّرته، وإنما أوقع الفعل أولًا على نفسه ثم إلى الشيطان، وعكس في الولد فأوقعه أولًا على الشيطان: لأن الغرض الدعاء للولد أصالة، ألا ترى إلى قوله: (لم يضره الشيطان) ولا شك أن إيقاع التبعيد عليه أوفى بهذا الغرض، والحديث سلف في أبواب الطهارة. 3272 - (إذا طلع صاحب الشمس) أي: أول جانبه، فإنه يحجب ما بعده، وكذا في الغروب هو أول ما يغيب، وقد صرح في جانب الطلوع بالعلة، فإنها تطلع بين قرني الشيطان، ويقاس على ذلك الغروب، وقد تقدّم الحديث بشرحه مستوفى في أبواب الصلاة.

3273 - «وَلاَ تَحَيَّنُوا بِصَلاَتِكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلاَ غُرُوبَهَا، فَإِنَّهَا تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَىْ شَيْطَانٍ». أَوِ الشَّيْطَانِ. لاَ أَدْرِى أَىَّ ذَلِكَ قَالَ هِشَامٌ. طرفه 582 3274 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا مَرَّ بَيْنَ يَدَىْ أَحَدِكُمْ شَىْءٌ وَهُوَ يُصَلِّى فَلْيَمْنَعْهُ، فَإِنْ أَبَى فَلْيَمْنَعْهُ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ». طرفه 509 3275 - وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ وَكَّلَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ، فَأَتَانِى آتٍ، فَجَعَلَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ، فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ لأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فَقَالَ إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِىِّ لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ، وَلاَ يَقْرَبُكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «صَدَقَكَ وَهْوَ كَذُوبٌ، ذَاكَ شَيْطَانٌ». طرفه 2311 ـــــــــــــــــــــــــــــ 3274 - (أبو معمر) -بفتح الميمين وسكون العين-[عبد الله بن عمرو] (حميد) بضم الحاء مصغر (عن أبي صالح) هو ذكوان السمان (إذا مرّ بين يدي أحدكم شيء وهو يصلي فليمنعه، فإن أبى فليقاتله، فإنه شيطان) هو الحديث سبق في أبواب الصلاة، وموضع الدّلالة هنا قوله: "فليقاتله فإنه شيطان". 3275 - (وقال عثمان بن الهيثم) عطف على أول السند، فإن هذا شيخ البخاري، والرواية عنه بلفظ قال؛ لأنه سمع مذاكرة. وحديث أبي هريرة مع الشيطان؛ لما وكله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحفظ الزكاة تقدم في أبواب الزكاة مستوفى (صدقك وهو كذوب).

3276 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَأْتِى الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ مَنْ خَلَقَ كَذَا مَنْ خَلَقَ كَذَا حَتَّى يَقُولَ مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ، وَلْيَنْتَهِ». 3277 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ أَبِى أَنَسٍ مَوْلَى التَّيْمِيِّينَ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ، وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ». طرفه 1898 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: جِبِلَّة إبليس على الشر فكيف، دل على ما فيه خير؟ قلت: لو كان أسيرًا في يده سمح له بذلك ليخلص من تلك الورطة، كما يفعله كثير ممن يقع في ورطة، وأيضًا هذا أمر نادر، كما أن شيطان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسلم. 3276 - (بكير) بضم الكاف مصغر، وكذا (عقيل)، (يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا؟ من خلق كذا؟) إتيانه إمَّا أن يكون بأن يتصوَّر بصورة الرجل، كما فعل في قريش في دار الندوة، حيث زعم أنه شيخ من نجد، ويوم بدر في صورة سراقة الكناني، أو على طريق الوسوسة (فليستعذ بالله) ليدفعه عن أمثال ذلك، وفي رواية: "فليقل: آمنت بالله"، وفي رواية أبي داود: "فليقل: الله الصمد". فإن قلت: هلَّا قال في جوابه: الله خالق كل شيء؛ لأن الدور والتسلسل باطلان؟ قلت: في ذلك كلام طويل، وفيه غموض، وذلك الاستدلا إنما يكون مع السائل المسترشد لا المعاين، إذ لا مناظرة مع المكابرة. 3277 - (ابن أبي أنس) نافع بن مالك، يكنى أبا سهيل (مولى التيميين) نسبة إلى تيم، وتيم في العرب كثير، والله أعلم بما أراد (إذا دخل رمضان فتحت أبواب السماء) وفي رواية: "أبواب الجنة" (وغلقت أبواب جهنم) بتشديد اللام مبالغة في سَدّها (وسلسلت الشياطين) قد أشرنا في أبواب الصوم إلى جواز كون الكلام حقيقة؛ لأنه ممكن، أخبر عنه

3278 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرٌو قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ قُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ حَدَّثَنَا أُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّ مُوسَى قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا، قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ، فَإِنِّى نَسِيتُ الْحُوتَ، وَمَا أَنْسَانِيهِ إِلاَّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ، وَلَمْ يَجِدْ مُوسَى النَّصَبَ حَتَّى جَاوَزَ الْمَكَانَ الَّذِى أَمَرَ اللَّهُ بِهِ». طرفه 74 3279 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُشِيرُ إِلَى الْمَشْرِقِ فَقَالَ «هَا إِنَّ الْفِتْنَةَ هَا هُنَا إِنَّ الْفِتْنَةَ هَا هُنَا مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ». طرفه 3104 ـــــــــــــــــــــــــــــ صادق القول، وأن يكون فتح أبواب الجنة مجازًا عن وفور قيضان عفو الله وغفرانه على المؤمنين، وتغليق أبواب النيران منع القوى الشهوانية، وما يتولد منها عن مقتضاها، ولا شك أنها جنود الشيطان. 3278 - وأما قصه موسى وفتاه ستأتي إن شاء الله في تفسير سورة الكهف مستوفى، وإنما ذكره هنا لقوله: {وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ} [الكهف: 63]). قال بعض الشارحين: فإن قلت: ما الغرض من هذا وقد علم من القرآن؟ قلت: الغرض الجملة الأخيرة، معنى قوله (ولم يجد موسى النصب حتى جاوز المكان الذي أمره الله) وهذا ليس بشيء؛ لأن الباب موضوع لصفة إبليس وجنوده، ولا يقدح في ذلك كونه مذكورًا في القرآن، وكم حكم يستدل عليه بالآية، أيُّ تعلق لنصب موسى بباب صفة إبليس وجنوده؟ على أنّ هذا الذي قاله مستفاد من القرآن أيضًا؛ لأن قوله: {مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا} [الكهف: 62] إشارة بهذا -الموضوع للقريب- إلى الذهاب من المكان الذي فقد فيه الحوت، وصرفه الغضب. 3279 - (إن الفتنة هاهنا من حيث يطلع قرن الشيطان) المراد بقرن الشيطان: قوته وشره؛ لأن الحيوان الذي له قرن إنما يفسد بقرنه، ولا ترى الفتن والشرور والبدع إلا من ناحية الشرق، ومنها يخرج الدجال ويأجوج ومأجوج.

3280 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِىُّ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَطَاءٌ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا اسْتَجْنَحَ {اللَّيْلُ} - أَوْ كَانَ جُنْحُ اللَّيْلِ - فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ، فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ تَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ، فَإِذَا ذَهَبَ سَاعَةٌ مِنَ الْعِشَاءِ فَحُلُّوهُمْ وَأَغْلِقْ بَابَكَ، وَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ، وَأَطْفِئْ مِصْبَاحَكَ، وَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ، وَأَوْكِ سِقَاءَكَ، وَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ، وَخَمِّرْ إِنَاءَكَ، وَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ، وَلَوْ تَعْرُضُ عَلَيْهِ شَيْئًا». أطرافه 3304، 3316، 5623، 5624، 6295، 6296 3281 - حَدَّثَنِى مَحْمُودُ بْنُ غَيْلاَنَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عَلِىِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ صَفِيَّةَ ابْنَةِ حُيَىٍّ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُعْتَكِفًا، فَأَتَيْتُهُ أَزُورُهُ لَيْلاً فَحَدَّثْتُهُ ثُمَّ قُمْتُ، فَانْقَلَبْتُ فَقَامَ مَعِى لِيَقْلِبَنِى. وَكَانَ مَسْكَنُهَا فِي دَارِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، فَمَرَّ رَجُلاَنِ مِنَ الأَنْصَارِ، فَلَمَّا رَأَيَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَسْرَعَا، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ـــــــــــــــــــــــــــــ 3280 - (إذا استجنح الليل أو كان ضحى الليل) قال ابن الأثير: جنح الليل -بضم الجيم وكسرها- أوَّله، وقيل: قطعة منه إلى النصف، قال: والأول أشبه، قلت: بيَّنه في آخر الحديث بقوله: (فإذا ذهب ساعة من العشاء) وفي رواية: "فحمة العشاء" يريد شدة الظلام. فإن قلت: لِمَ أمر بكفِّ الصبيان دون الكبار؟ قلت: الكبار يذكرون اسم الله، وبه يندفع شرهم، بخلاف الصغار. فإن قلت: لِمَ ينتشرون في شدة الظلام؟ قلت: لأنهم مخلوقون من الظلمة فلهم في ذلك الوقت سلطان. (وخمر إناءك واذكر اسم الله ولو تعرض عليه شيئًا) تعرض -بضم الراء- أي: تجعل على عرضه نحو عود، وقد دلّ الحديث على أنّ الشيطان لا يقدر على إبطال ما ذكر عليه اسم الله ولو كان أدنى شيء. 3281 - (محمود) هو ابن غيلان (معمر) بفتح الميمين وسكون العين. روى عن صفية زوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنها زارته وهو معتكف، وقد سلف الحديث في

عَلَى رِسْلِكُمَا إِنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَىٍّ». فَقَالاَ سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِى مِنَ الإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ، وَإِنِّى خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا سُوءًا - أَوْ قَالَ - شَيْئًا». طرفه 2035 3282 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِى حَمْزَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ عَدِىِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ قَالَ كُنْتُ جَالِسًا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَرَجُلاَنِ يَسْتَبَّانِ، فَأَحَدُهُمَا احْمَرَّ وَجْهُهُ وَانْتَفَخَتْ أَوْدَاجُهُ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنِّى لأَعْلَمُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا ذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ، لَوْ قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ. ذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ». فَقَالُوا لَهُ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «تَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ». فَقَالَ وَهَلْ بِى جُنُونٌ طرفاه 6048، 6115 3283 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِى الْجَعْدِ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا أَتَى أَهْلَهُ قَالَ {اللَّهُمَّ} جَنِّبْنِى الشَّيْطَانَ، وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنِى. فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ لَمْ يَضُرُّهُ الشَّيْطَانُ، وَلَمْ يُسَلَّطْ عَلَيْهِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الاعتكاف، وموضع الدلالة هنا قوله للرجلين من الأنصار: (على رسلكما) أي: امشيا على تؤدة (فإن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم) إمَّا كناية عن شدة وسوسته، أو محمول على الحقيقة، فإن الشيطان يقدر على تبدل الشكل. 3282 - (عن سليمان بن صرد) بضم الصاد على وزن عمر (كنت جالسًا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ورجلان يستبَّان، فأحدهما أحمر وجهه وانتفخت أوداجه) قال ابن الأثير: جمع ودج بتحريك الدال، وهي عرق يحيط بالعنق، وقيل: عرقان غليظان من جانبي العنق، قلت: هذا الثاني هو الذي ذكره الفقهاء، فعلى هذا إطلاق الجمع باعتبار الأجزاء. (فقالوا له [إن] النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: تعوذ بالله، فقال: وهل بي جنون؟) إما أن يكون صدر منه هذا الكلام في حال الغضب، أو كان منافقًا. 3283 - (عن سالم بن أبي الجعد) بفتح الجيم وسكون العين.

قَالَ وَحَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ سَالِمٍ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ. طرفه 141 3284 - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ صَلَّى صَلاَةً فَقَالَ «إِنَّ الشَّيْطَانَ عَرَضَ لِى، فَشَدَّ عَلَىَّ يَقْطَعُ الصَّلاَةَ عَلَىَّ، فَأَمْكَنَنِى اللَّهُ مِنْهُ». فَذَكَرَهُ. طرفه 461 3285 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا نُودِىَ بِالصَّلاَةِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ وَلَهُ ضُرَاطٌ، فَإِذَا قُضِىَ أَقْبَلَ، فَإِذَا ثُوِّبَ بِهَا أَدْبَرَ، فَإِذَا قُضِىَ أَقْبَلَ، حَتَّى يَخْطِرَ بَيْنَ الإِنْسَانِ ـــــــــــــــــــــــــــــ 3284 - (محمود) هو ابن غيلان (شبابة) بفتح الباء مخففة (زياد) بكسر الزاي بعدها ياء (إن الشيطان عرض لي فشد علي) أي: حمل علي (يقطع الصلاة علي) استئناف على الجواب (فأمكنني الله منه) فذكر الحديث، أي: تمام الحديث، وهو قوله: "فأردت أن أربطه إلى سارية من سواري المسجد، فذكرت دعوة أخي سليمان" وقد مرَّ الحديث في أبواب الصلاة، في باب ربط الأسير في المسجد. 3285 - (الأوزاعي) -بفتح الهمزة- عبد الرحمن شيخ أهل الشام في زمان (إذا نودي بالصلاة أدبر الشيطان وله ضراط) فإنه جسم خبيث، أو شبه دمدمته بالضراط تشبيهًا بما له ضراط، لئلا يسمع الأذان. فإن قلت: ما باله لا يفرُّ من قراءة القرآن، ويفرُّ من الأذان؟ قلت: قالوا: إنما يَفِرُّ من الآذان، لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يشهد المؤذن يوم القيامة مدى صوته"، فيكره أن يشهد له بذلك. (فإذا قضى) أي: فرغ من الأذان (أقبل حتى يخطر) بكسر الطاء وضمها (بين الإنسان

وَقَلْبِهِ، فَيَقُولُ اذْكُرْ كَذَا وَكَذَا. حَتَّى لاَ يَدْرِى أَثَلاَثًا صَلَّى أَمْ أَرْبَعًا فَإِذَا لَمْ يَدْرِ ثَلاَثًا صَلَّى أَوْ أَرْبَعًا سَجَدَ سَجْدَتَىِ السَّهْوِ». طرفه 608 3286 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «كُلُّ بَنِى آدَمَ يَطْعُنُ الشَّيْطَانُ فِي جَنْبَيْهِ بِإِصْبَعِهِ حِينَ يُولَدُ، غَيْرَ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ، ذَهَبَ يَطْعُنُ فَطَعَنَ فِي الْحِجَابِ». طرفاه 3431، 4548 3287 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ قَدِمْتُ الشَّأْمَ {فَقُلْتُ مَنْ هَا هُنَا} قَالُوا أَبُو الدَّرْدَاءِ قَالَ أَفِيكُمُ الَّذِى أَجَارَهُ اللَّهُ مِنَ الشَّيْطَانِ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم -. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقلبه) ليوسوس، كما أشار إليه بقوله: (أذكر كذا اذكر كذا) وقد سلف الحديث في أبواب الأذان. 3286 - (كل بني آدم) أي: كل فرد منهم (يطعن الشيطان في جنبيه بأصبعيه) -بضم العين- قال الجوهري: قال الفراء: بفتح العين في المضارع في الطَّعن بالرمح والطعن في السِّن والطعن في العرض، قال ابن الأثير: طعن فيه وعليه بالقول يطعن بالفتح والضم (إلا عيسى ابن مريم ذهب يطعن فطعن في الحجاب) قيل: هو المشيمة، وقيل: ثوب يلف فيه الصبي، وهذه الفضيلة خاصَّة به، دلَّ على ذلك لفظ الاستثناء، وقوله القاضي: يشارك سائر الأنبياء، يأباه ظاهر الاستثناء. فإن قلت: أيُّ فائدة له في ذلك الطعن؟ قلت: يريد أن يجعل فيه سمة كالنجاسة تقع في الماء الصَّافي. 3287 - (أبو الدرداء) واسمه عويمر، أنصاري خزرجي (قال: أفيكم الذي أجاره الله من الشيطان على لسانه نبيه؟) يريد عمارًا، تقدم الحديث في أبواب الصَّلاة، ولم نقف على مقالة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعمار كيف قال.

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُغِيرَةَ وَقَالَ الَّذِى أَجَارَهُ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَعْنِى عَمَّارًا. أطرافه 3742، 3743، 3761، 4943، 4944، 6278 3288 - قَالَ وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى هِلاَلٍ أَنَّ أَبَا الأَسْوَدِ أَخْبَرَهُ عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْمَلاَئِكَةُ تَتَحَدَّثُ فِي الْعَنَانِ - وَالْعَنَانُ الْغَمَامُ - بِالأَمْرِ يَكُونُ فِي الأَرْضِ، فَتَسْمَعُ الشَّيَاطِينُ الْكَلِمَةَ، فَتَقُرُّهَا فِي أُذُنِ الْكَاهِنِ، كَمَا تُقَرُّ الْقَارُورَةُ، فَيَزِيدُونَ مَعَهَا مِائَةَ كَذِبَةٍ». طرفه 3210 3289 - حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «التَّثَاؤُبُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــ 3288 - (أن أبا الأسود) هو محمد بن عبد الرحمن (الملائكة تتحدث في العنان) -بفتح العين- فسره الراوي بالغمام، وقال ابن الأثير: هو السحاب، فإمَّا أن يكون مشتركًا، أو في أحدهما حقيقة وفي الآخر مجاز لقرت المجاورة (فتسمع الشياطين كلمة فتقرها في أذن الكاهن) -بفتح التاء وضم القاف- قال في المحكم: يقال: قره في أذنه، أي: أفرغه فيه، وقيل: سارَّه، وقيل: ردد الكلام ليُفْهَم (كما تقر القارورة) علي بناء المجهول، أي: كما يطبق رأس القارورة على رأس الوعاء الذي يفرغ فيه (فيزيدون معها مئة كذبة) -بفتح الكاف- المراد منه الكثرة لا الحصر. 3289 - (أبن أبي ذئب) بلفظ الحيوان المعروف، محمد بن عبد الرحمن (المقبري) بضم الباء وفتحها (التثاؤب من الشيطان) مهموز العين ومعناه معروف. فإن قلت: ليس للإنسان فيه اختيار، فما وجه كونه من الشيطان؟ قلت: التثاؤب إنا يكون من كثرة الأكل والشرب، فدواعي الشهوات من جنود الشيطان. (فليرده ما استطاع) قيل: الآدب في ذلك أن يضع ظهر يده اليسرى على فمه، قالوا:

إِذَا قَالَ هَا. ضَحِكَ الشَّيْطَانُ». طرفاه 6223، 6226 3290 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ هِشَامٌ أَخْبَرَنَا عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها قَالَتْ لَمَّا كَانَ يَوْمَ أُحُدٍ هُزِمَ الْمُشْرِكُونَ فَصَاحَ إِبْلِيسُ أَىْ عِبَادَ اللَّهِ أُخْرَاكُمْ. فَرَجَعَتْ أُولاَهُمْ فَاجْتَلَدَتْ هِىَ وَأُخْرَاهُمْ، فَنَظَرَ حُذَيْفَةُ فَإِذَا هُوَ بِأَبِيهِ الْيَمَانِ فَقَالَ أَىْ عِبَادَ اللَّهِ أَبِى أَبِى. فَوَاللَّهِ مَا احْتَجَزُوا حَتَّى قَتَلُوهُ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ غَفَرَ اللَّهُ لَكُمْ. قَالَ عُرْوَةُ فَمَا زَالَتْ فِي حُذَيْفَةَ مِنْهُ بَقِيَّةُ خَيْرٍ حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ. أطرافه 3824، 4065، 6668، 6883، 6890 3291 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنْ أَشْعَثَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - سَأَلْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْتِفَاتِ الرَّجُلِ فِي الصَّلاَةِ. فَقَالَ «هُوَ اخْتِلاَسٌ يَخْتَلِسُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلاَةِ أَحَدِكُمْ». طرفه 752 ـــــــــــــــــــــــــــــ ولو خلى فمه مفتوحًا بصق الشيطان فيه (إذا قال: ها) لفظ: ها، حكاية فعله عند التثاؤب، وإنما يضحك الشيطان إذا قال؛ لأنه ضم إلى التثاؤب كلمة: ها، فإنه لفظ انضم إلى فعل مكروه. 3290 - (لما كان يوم أحد هزم المشركون، فصاح إبليس: أي عباد الله أخراكم) نصب على مقدر، أي: جاءكم العدو في أخراكم (فنظر حذيفة فإذا هو بأبيه اليمان) اسمه حسيل -بضم الحاء وسين مهملة مصغر- وإنما قيل له اليمان؛ لأنه حليف الأنصار، وهم أهل يمن، وكان شيخًا كبيرًا لم يخرج مع الجيش، فاجتمع هو وثابت بن وقش، فقالا: أي عمر بقي لنا؟ نخرج عسى يرزقنا الله الشهادة (فقال: أي عباد الله، فوالله ما احتجزوا حتى قتلوه) أي: ما امتنعوا من الحجر، وهو المنع، قتلوه خطأ (فقال حذيفة: غفر الله لكم) علم أنهم قتلوه خطأ، قال ابن إسحاق: فأمر له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالدية، فأبى أن يأخذ شيئًا منها (فما زالت في حذيفة بقيه خير) ويروى: بقية حزن، أي: على أبيه. 3291 - (الحسن بن الربيع) ضد الخريف (أبو الأحوص) سلام بن سليم (عن أشعث) آخره ثاء مثلثة (سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن التفات الرجل في الصلاة، فقال: اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة أحكم) الاختلاس خطف الشيء وأخذه بسرعة، شبَّه وسوسة الشيطان التي يلتفت المصلي لأجلها بالاختلاس.

3292 - حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ أَبِى كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنَ اللَّهِ، وَالْحُلُمُ مِنَ الشَّيْطَانِ فَإِذَا حَلَمَ أَحَدُكُمْ حُلُمًا يَخَافُهُ فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ، وَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا، فَإِنَّهَا لاَ تَضُرُّهُ». أطرافه 5747، 6984، 6986، 6995، 6996، 7005، 7044 3293 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ سُمَىٍّ مَوْلَى أَبِى بَكْرٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ. فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ، كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ، وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِىَ، وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ، إِلاَّ أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ». طرفه 6403 ـــــــــــــــــــــــــــــ 3292 - (أبو المغيرة) اسمه عبد القدوس بن الحجاج (الأوزاعي) -بفتح الهمزة- عبد الرحمن، شيخ الشام في زمانه (الرؤيا الصالحة من الله والحلم من الشيطان) قال ابن الأثير: الرؤيا والحلم عبارة عما يراه النائم، إلا أن الرؤيا غلبت في الخير، والحلم في الشر فرقًا بينهما. فإن قلت: الكل بخلق الله، فما معنى قوله "من الشيطان"؟ قلت: الرؤيا الصالحة توجب سرور الرائي، ولذلك نُسِبت إلى الله تعالى، والكاذبة توقع الحزن والوسوسة في قلب الرائي، ولذلك أُمِر بأن يتفل عن يسار. 3293 - (سمي) بضم السين مصغر (عن أبي صالح) هو ذكوان السمان (من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في اليوم مئة مرة كانت له عدل عشر رقاب) قال ابن الأثير: العدل -بفتح العين وكسرها- مثل الشيء، وقيل: بالفتح ما عاد له من جنسه، وبالكسر من غير جنسه، وقيل: بالعكس (وكانت له حرزًا من الشيطان) الحرز -بكسر الحاء المهملة- الذي يحفظ فيه النفائس، وفي رواية مسلم: "من قال

3294 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَاهُ سَعْدَ بْنَ أَبِى وَقَّاصٍ قَالَ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَعِنْدَهُ نِسَاءٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُكَلِّمْنَهُ وَيَسْتَكْثِرْنَهُ، عَالِيَةً أَصْوَاتُهُنَّ، فَلَمَّا اسْتَأْذَنَ عُمَرُ، قُمْنَ يَبْتَدِرْنَ الْحِجَابَ، فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَضْحَكُ، فَقَالَ عُمَرُ أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «عَجِبْتُ مِنْ هَؤُلاَءِ اللاَّتِى كُنَّ عِنْدِى، فَلَمَّا سَمِعْنَ صَوْتَكَ ابْتَدَرْنَ الْحِجَابَ». قَالَ عُمَرُ فَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كُنْتَ أَحَقَّ أَنْ يَهَبْنَ. ثُمَّ قَالَ أَىْ عَدُوَّاتِ أَنْفُسِهِنَّ، أَتَهَبْنَنِى وَلاَ تَهَبْنَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قُلْنَ نَعَمْ، أَنْتَ أَفَظُّ وَأَغْلَظُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ قَطُّ سَالِكًا فَجًّا إِلاَّ سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ». طرفاه 3683، 6085 ـــــــــــــــــــــــــــــ في يوم مئة مرة سبحان الله وبحمده، حُطَّت عنه خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر". 3294 - (استأذن عمر على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعنده نسوة من قريش يكلمنه ويستكثرنه عالية أصواتهن) انتصاب عالية على الحال، والمراد من الاستكثار كثرة الكلام (أضحك الله سنك) دعاء بدوام السرور؛ لأنه لازمه، وإسناده إلى السن لأنه مظهره (أتهبنني؟) -بفتح الهاء- من الهيبة (قلن نعم أنت أفظ وأغلظ). فإن قلت: هذا يدل على وجود أصل الفعل من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قلت: أجاب بعضهم بأنه لا يلزم ذلك؛ لأنهما صفتان مشتبهتان لا تدلان إلا على نفس الفظاظة والغلظة، والعام لا يستلزم الخاص، أو الأفعل ليس بمعنى الزيادة كقوله تعالى: {هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} [النجم: 32] وكلا الجوابين فاسد، أمَّا الثاني: فلأن الزيادة المطلقة في اسم التفضيل إنما تمكن إذا لم يكن أفعل مستعملًا بمن كالآية التي ذكرها؛ ويظهر سقوط الأول؛ لأن الصفة المشبهة لا تستعمل مع من، والجواب الحق أن أصل الفعل موجود في رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 73] وقال في الآية الأخرى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً} [التوبة: 123] ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - أول داخل في هذا الخطاب، لأنه سيد المؤمنين. (والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكًا فجًّا إلا سلك فجًّا غير فجك) الفج: الطريق

3295 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ يَزِيدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا اسْتَيْقَظَ - أُرَاهُ - أَحَدُكُمْ مِنْ مَنَامِهِ فَتَوَضَّأَ فَلْيَسْتَنْثِرْ ثَلاَثًا، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَبِيتُ عَلَى خَيْشُومِهِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ الواسع، وفيه مبالغة حيث دلَّ على غاية بعده وخوفه منه، حتى ترك الطريق الواسع له، والمراد به كمال شدته في الدِّين، وأن الشيطان قد أيس منه، ويجوز حمله على الحقيقة، كما تخاف سائر الحيوانات من الأسد. قال بعض الشارحين: فإن قلت: يلزم أن يكون عمر أفضل من أيوب، حيث قال: {رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ} [ص: 41] قلت: لا يلزم؛ لأن التركيب لا يدل إلا على الزمان الماضي، وأيضًا ذلك مخصوص بحال الإسلام، فليس على ظاهره، وأيضًا هو مخصوص بحال سلوك الطريق، فجاز أن يلقاه في غير ذلك الوقت، وكل هذا خبط ظاهر لا معنى له في نفسه أصلًا، مع قطع الحقيقة، فلا إشكال أيضًا؛ لأن ذلك من خواص عمر، كما تقدم في طعن إبليس في الحجاب مع عيسى، على أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفضل، والإشكال ليس خاصًّا بأيوب، ألا ترى أن الشيطان تلسط على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يريد قطع صلاته، كما تقدم آنفًا. 3295 - (أبن أبي حازم) -بالحاء المهملة- عبد العزيز بن سلمة بن دينار (إذا استيقظ أحدكم من منامه فتوضأ فليستنثر ثلاثًا، فإن الشيطان يبيت على خيشومه) سلف الحديث في أبواب الطهارة، والغرض هنا ذكر الشيطان، وقد أشرنا هناك إلى أن بيتوته على الخيشوم -وهو أقصى الأنف- يجوز أن يكون حقيقة، وأن يكون مجازًا عن اجتماع الأوساخ هناك المانعة عن النشاط في الطاعة، وكل ما كان من هذا القبيل فهو من جنود الشيطان.

12 - باب ذكر الجن وثوابهم وعقابهم

12 - باب ذِكْرِ الْجِنِّ وَثَوَابِهِمْ وَعِقَابِهِمْ لِقَوْلِهِ (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِى) إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى (عَمَّا يَعْمَلُونَ). (بَخْسًا) نَقْصًا. قَالَ مُجَاهِدٌ (وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا) قَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ الْمَلاَئِكَةُ بَنَاتُ اللَّهِ، وَأُمَّهَاتُهُمْ بَنَاتُ سَرَوَاتِ الْجِنِّ. قَالَ اللَّهُ (وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ) سَتُحْضَرُ لِلْحِسَابِ. (جُنْدٌ مُحْضَرُونَ) عِنْدَ الْحِسَابِ. 3296 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى صَعْصَعَةَ الأَنْصَارِىِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ - رضى الله عنه - قَالَ لَهُ «إِنِّى أَرَاكَ تُحِبُّ الْغَنَمَ وَالْبَادِيَةَ، فَإِذَا كُنْتَ فِي غَنَمِكَ وَبَادِيَتِكَ فَأَذَّنْتَ بِالصَّلاَةِ، فَارْفَعْ صَوْتَكَ بِالنِّدَاءِ، فَإِنَّهُ لاَ يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلاَ إِنْسٌ وَلاَ شَىْءٌ إِلاَّ شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». قَالَ أَبُو سَعِيدٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 609 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ذكر الجن سُمُّوا جنًّا لاجتنانهم، ومنه الجنين، واستدل البخاري على أن الجن لهم العقاب والثواب كالإنسان، بقوله تعالى: {يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ} [الأنعام: 130] وموضع الدلالة قوله تعالى: {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا} [الأنعام: 132] فإنه شامل للإنس والجن، ورد بهذا على أبي حنيفة، فإنه ذهب إلى أن مؤمني الجن لا ثواب لهم؛ لقوله تعالى: {وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الأحقاف: 31] ولا دليل له فيه (قال [كفار] قريش: الملائكة بنات الله، وأمهاتهم بنات سروات الجن) أي أشرافهم، مفرده: سراة، من سرو الرجل شرف ({وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ} [الصافات: 158] للحساب) ولو كان الأمر كما يقول الكفار لم يحضروا. 3296 - (صعصعة) بصاد وعين مكروتين مهملتين. وحديث أبي سعيد: (يشهد للمؤذن كل شيء مدى صوته) قد سلف في أبواب الصلاة.

13 - باب قول الله جل وعز (وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن) إلى قوله (أولئك فى ضلال مبين)

13 - باب قَوْلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ) إِلَى قَوْلِهِ (أُولَئِكَ فِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ) (مَصْرِفًا) مَعْدِلاً (صَرَفْنَا) أَىْ وَجَّهْنَا. 14 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ الثُّعْبَانُ الْحَيَّةُ الذَّكَرُ مِنْهَا يُقَالُ الْحَيَّاتُ أَجْنَاسٌ الْجَانُّ وَالأَفَاعِى وَالأَسَاوِدُ. (آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا) فِي مِلْكِهِ وَسُلْطَانِهِ يُقَالُ (صَافَّاتٍ) بُسُطٌ أَجْنِحَتَهُنَّ. (يَقْبِضْنَ) يَضْرِبْنَ بِأَجْنِحَتِهِنَّ. 3297 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ «اقْتُلُوا الْحَيَّاتِ، وَاقْتُلُوا ذَا الطُّفْيَتَيْنِ وَالأَبْتَرَ، فَإِنَّهُمَا يَطْمِسَانِ الْبَصَرَ، وَيَسْتَسْقِطَانِ الْحَبَلَ». أطرافه 3310، 3312، 4016 3298 - قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَبَيْنَا أَنَا أُطَارِدُ حَيَّةً لأَقْتُلَهَا فَنَادَانِى أَبُو لُبَابَةَ لاَ تَقْتُلْهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله تعالى: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ} [الأحقاف: 29]. قيل: كانوا سبعة، وقيل: تسعة رئيسهم زوبعة، وكانوا من جن نصيبين. باب قوله تعالى: {وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ} [البقرة: 164] (والحيات أجناس) عَدَّ بعضهم سبعين جنسًا ({صَافَّاتٍ} [الملك: 19] بسط أجنحتهن) بضم الباء والسين جمع باسطة. 3297 - (معمر) بفتح الميمين وسكون العين (اقتلوا ذا الطُّفْيَتَيْنِ والأبتر فإنهما يطمسان البصر) أصل الطفية -بضم الطاء- خَوْصَة المقل، شبه بها الخط الأبيض على ظهر الحية، والطمس استئصال أثر الشيء، وهذا يكون في ذلك النوع، مثل جذب الحديد في المغناطيس بالخاصية. 3298 - (قال عبد الله) هو ابن عمر (فبينا أنا أطارد حيَّة) أي: أو منها من مكان إلى آخر (فناداني أبو لبابة) -بضم اللام- هو بشير بن عبد المنذر.

15 - باب خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال

فَقُلْتُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ أَمَرَ بِقَتْلِ الْحَيَّاتِ. قَالَ إِنَّهُ نَهَى بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ ذَوَاتِ الْبُيُوتِ، وَهْىَ الْعَوَامِرُ. أطرافه 3311، 3313 3299 - وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ فَرَآنِى أَبُو لُبَابَةَ أَوْ زَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ. وَتَابَعَهُ يُونُسُ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَإِسْحَاقُ الْكَلْبِىُّ وَالزُّبَيْدِىُّ. وَقَالَ صَالِحٌ وَابْنُ أَبِى حَفْصَةَ وَابْنُ مُجَمِّعٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَآنِى أَبُو لُبَابَةَ وَزَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ. 15 - باب خَيْرُ مَالِ الْمُسْلِمِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ 3300 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِى أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى صَعْصَعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ الرَّجُلِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ، يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنَ الْفِتَنِ». طرفه 19 ـــــــــــــــــــــــــــــ (نهى عن ذوات البيوت وهي العوامر) قال ابن الأثير: سميت عوامر لطول أعمارها والظاهر أنه سهو منه، بل الظاهر لكونها تسكن البيوت من العمارة، وتمام الحديث: "فخرجوا عليها ثلاثًا" أي: قولوا لها: إن وجدناك بعد ثلاث قتلناك. 3299 - (والزبيدي) -بضم الزاي مصغر- هو محمد بن الوليد، نسبة إلى القبيلة، قال الجوهري: زبيد بطن من مذجح (وابن أبي حفصة) اسمه محمد (وابن مجمع) -بكسر الميم المشددة- واسمه يعقوب (أبو لبابه) بلام مضمومة، اسمه بشير -بفتح الموحدة- وقيل: غير ذلك، وقيل: اسمه كنيته، وليس له في البخاري إلا هذا الحديث (وزيد بن الخطاب) وفي الرواية الأولى: أو، على الشك. باب خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال 3300 - (صعصعة) بصاد وعين مهملتين مكررتين (يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم) أي: يقرب، والشعف -بثلاث فتحات- جمع شعفة، وهي أعلى كل شيء (ومواقع القطر) من عطف العام على الخاص، وقد سلف تمامه في كتاب الإيمان.

3301 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «رَأْسُ الْكُفْرِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ، وَالْفَخْرُ وَالْخُيَلاَءُ فِي أَهْلِ الْخَيْلِ وَالإِبِلِ، وَالْفَدَّادِينَ أَهْلِ الْوَبَرِ، وَالسَّكِينَةُ فِي أَهْلِ الْغَنَمِ». أطرافه 3499، 4388، 4389، 4390 3302 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنِى قَيْسٌ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَمْرٍو أَبِى مَسْعُودٍ قَالَ أَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِهِ نَحْوَ الْيَمَنِ فَقَالَ «الإِيمَانُ يَمَانٍ هَا هُنَا، أَلاَ إِنَّ الْقَسْوَةَ وَغِلَظَ الْقُلُوبِ فِي الْفَدَّادِينَ عِنْدَ أُصُولِ أَذْنَابِ الإِبِلِ، حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنَا الشَّيْطَانِ فِي رَبِيعَةَ وَمُضَرَ». أطرافه 3498، 4387، 5303 ـــــــــــــــــــــــــــــ 3301 - (أبي الزناد) -بكسر الزاي بعدها نون- عبد الله بن ذكوان (الكفر نحو المشرق) بالنصب على الظرف، والكلام على التشبيه والاستعارة، إشارة إلى قوة الشر وأسباب الضلال، وناهيك خروج الدجال ويأجوج ومأجوج وجنكيز وتيمورلنك (والخيلاء في أهل الخيل) الخيلاء: على وزن العلماء من الخيال؛ لأنه تكبُّر بلا حقيقة (والفدادين أهل الوبر) -بفتح الباء- صوف الإبل، قال ابن الأثير: الفداد -بالتشديد- من الفديد، وهو الصوت الشديد، وهذا أَمْرُ مشاهدٌ من الأتراك والأعراب، وقيل: لا يقال له الفداد حتى لا يبلغ إبله مئتين، ويروى مخففًا، واحد فدان -بتشديد الدال- وهي البقر وآلة الحرث، فإن الفلَّاح جافٍ غليظ الأخلاق (والسَّكينة من أهل الغنم) أي: الطمأنينة، مصدر كالضريبة من ضرب. 3302 - (أشار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده نحو اليمن، وقال: الإيمان يمان ههنا) قيل: الأوس والخزرج الذين آووا ونصروا، وقيل: قال هذا القول وهو بتبوك، أشار إلى المدينة ومكة، والظاهر أنه أراد أهل اليمن مطلقًا؛ لقوله في الحديث الآخر: "أهل اليمن أرقُّ أفئدةً، وألينُ قلوبًا" (حيث يطلع قرنا الشيطان) يجوز أن يكون حقيقة، وأن يكون مجازًا عن كثرة الشرور (في ربيعة ومضر) بدل من: "حيث يطلع" وهما قبيلتان أولاد نزار بن معد.

3303 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا سَمِعْتُمْ صِيَاحَ الدِّيَكَةِ فَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ، فَإِنَّهَا رَأَتْ مَلَكًا، وَإِذَا سَمِعْتُمْ نَهِيقَ الْحِمَارِ فَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِنَّهُ رَأَى شَيْطَانًا». 3304 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا رَوْحٌ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَطَاءٌ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا كَانَ جُنْحُ اللَّيْلِ - أَوْ أَمْسَيْتُمْ - فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ، فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ تَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ، فَإِذَا ذَهَبَ سَاعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ فَحُلُّوهُمْ، وَأَغْلِقُوا الأَبْوَابَ، وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَفْتَحُ بَابًا مُغْلَقًا». قَالَ وَأَخْبَرَنِى عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ نَحْوَ مَا أَخْبَرَنِى عَطَاءٌ وَلَمْ يَذْكُرْ «وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ». طرفه 3280 3305 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ خَالِدٍ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «فُقِدَتْ أُمَّةٌ مِنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ لاَ يُدْرَى مَا فَعَلَتْ، وَإِنِّى لاَ أُرَاهَا إِلاَّ الْفَارَ إِذَا وُضِعَ لَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــ 3303 - (إذا سمعتم صياح الديك) -بكسر الدال وفتح الياء- جمع ديك (فاسألوا الله من فضله فإنها رأت ملكًا) فإذا سأل الإنسانُ في ذلك الوقت أمَّن الملك على دعائه، وفي الحديث دلالة على أن سائر الحيوانات قد ترى الملائكة والشياطين. 3304 - (إسحاق) كذا وقع غير منسوب، يجوز أن يكون إسحاق بن إبراهيم، وابن منصور؛ لأن كل واحد منهما يروي عن روح (إذا كان جنح الليل) أي: أوله، تقدم الحديث بشرحه قريبًا، ونهايته ذهاب ظلمة العشاء (وأخبرني عمرو بن دينار) عطف على قوله: (أخبرني عطاء)، من كلام ابن جريج. 3305 - (وهيب) بضم الواو مصغر (فُقِدَت أمَّةٌ من بني إسرائيل لا يُدرى ما فعلت، وإني لا أراها إلا الفَأْر).

أَلْبَانُ الإِبِلِ لَمْ تَشْرَبْ، وَإِذَا وُضِعَ لَهَا أَلْبَانُ الشَّاءِ شَرِبَتْ». فَحَدَّثْتُ كَعْبًا فَقَالَ أَنْتَ سَمِعْتَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُهُ قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ لِى مِرَارًا. فَقُلْتُ أَفَأَقْرَأُ التَّوْرَاةَ. 3306 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ يُحَدِّثُ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لِلْوَزَغِ الْفُوَيْسِقُ. وَلَمْ أَسْمَعْهُ أَمَرَ بِقَتْلِهِ. وَزَعَمَ سَعْدُ بْنُ أَبِى وَقَّاصٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ بِقَتْلِهِ. طرفه 1831 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: روى ابن مسعود أن رسول الله قال: "لم يجعل الله لمن مَسِخ نسلًا" رواه مسلم؟ قلت: هنا إخبار لم يكن عن وحيٍّ، وإنما استدل على ذلك بأنها لم تشرب ألبان الإبل؛ لأنها كانت محرَّمة على بني إسرائيل، ولما علم وحيًا أخبر به جزمًا، كما في رواية مسلم، فلا إشكال. (فحدثت كعبًا) هو كعب الأحبار، كان يهوديًّا وأسلم في خلافة الصديق، ومات في خلافة عثمان (فقال: أنت سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال؟ قلت: نعم، فقال لي مرارًا، قلت: أَفَأَقْرَ التوراة؟) تعريض بكعب، فإنه عالم بالتوراة. 3306 - (عفير) بضم العين مصغر (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: الوزغ فويسق) الوزغ -بفتح الواو والزاي- دويبة معروفة، والتصغير يجوز فيه إن يكون للتحقير، فإنها ليس لها زيادة ضرر، وأن يكون للتعظيم؛ لما سيأتي أنها كانت تنفخ على نار إبراهيم عليه السلام (وزعم سعد بن أبي وقاص أنه أمر بقتله) هذا هو الحق، لما جاء أن من قتله بأول ضرب له مئة حسنة، وبضربتين تسعون، وكذا ينزل الجزء في كل ضربة.

3307 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ شَيْبَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أُمَّ شَرِيكٍ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَهَا بِقَتْلِ الأَوْزَاغِ. طرفه 3359 3308 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اقْتُلُوا ذَا الطُّفْيَتَيْنِ، فَإِنَّهُ يَلْتَمِسُ الْبَصَرَ، وَيُصِيبُ الْحَبَلَ». طرفه 3309 3309 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ أَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِقَتْلِ الأَبْتَرِ وَقَالَ «إِنَّهُ يُصِيبُ الْبَصَرَ، وَيُذْهِبُ الْحَبَلَ». طرفه 3308 3310 - حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنْ أَبِى يُونُسَ الْقُشَيْرِىِّ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقْتُلُ الْحَيَّاتِ ثُمَّ نَهَى قَالَ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - هَدَمَ حَائِطًا لَهُ، فَوَجَدَ فِيهِ سِلْخَ حَيَّةٍ فَقَالَ «انْظُرُوا أَيْنَ هُوَ». فَنَظَرُوا فَقَالَ «اقْتُلُوهُ». فَكُنْتُ أَقْتُلُهَا لِذَلِكَ. طرفه 3297 ـــــــــــــــــــــــــــــ 3308 - (اقتلوا ذا الطفيتين) اقتصر على هذا في هذه الرواية، واقتصر على الأبتر في الرواية التي بعدها، وقد جمعهما فيما تقدم، وهذا بحسب ضبط الراوي، أو اختلاف أوقات السماع. 3310 - (ابن أبي عدي) محمد بن إبراهيم (عن [أبي] يونس القشيري) -بضم القاف مصغر- نسبة إلى القبيلة، قشير أبوها من هوازن (عن ابن أبي مليكة) -بضم الميم مصغر ملكة- عبد الله بن عبيد الله، واسم أبي مليكة: زهير (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل حائطًا) أي: حديقة، من تسمية الكل باسم الجزء (فوجد سلخ حيَّة) -بكسر السين- قِشْرها الذي انسلخ منها، فعيل بمعنى المفعول، كالذبح بمعنى المذبوح.

16 - باب خمس من الدواب فواسق يقتلن فى الحرم

3311 - فَلَقِيتُ أَبَا لُبَابَةَ فَأَخْبَرَنِى أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَقْتُلُوا الْجِنَّانَ، إِلاَّ كُلَّ أَبْتَرَ ذِى طُفْيَتَيْنِ، فَإِنَّهُ يُسْقِطُ الْوَلَدَ، وَيُذْهِبُ الْبَصَرَ، فَاقْتُلُوهُ». طرفه 3298 3312 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقْتُلُ الْحَيَّاتِ. طرفه 3297 3313 - فَحَدَّثَهُ أَبُو لُبَابَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ قَتْلِ جِنَّانِ الْبُيُوتِ، فَأَمْسَكَ عَنْهَا. طرفه 3298 16 - باب خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ فَوَاسِقُ يُقْتَلْنَ فِي الْحَرَمِ 3314 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عَنْهَا - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «خَمْسٌ فَوَاسِقُ يُقْتَلْنَ فِي الْحَرَمِ الْفَأْرَةُ، وَالْعَقْرَبُ، وَالْحُدَيَّا، وَالْغُرَابُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ». طرفه 1829 3315 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ مَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ 3312 - 3313 - (جرير بن حازم) بالحاء المهملة (نهى عن قتل جنان البيوت) -بكسر الجيم وتشديد النون- جمع جان، وهي الرقيق الخفيف من الحيات، والظاهر أنه أراد مطلق سكَّان البيوت، ووجه الإطلاق أن أكثرها تكون رقيقة خفيفة، وتوافق على هذه الرواية التي تقدمت من نهى قتل العوامر. باب خمسٌ من الدواب فواسق يقتلن في الحلِّ والحرمِ هذه الترجمة بعض من الحديث الذي بعده، والفسق لغة: الخروج، وسَمِّى هذه الخمس فواسق لخروجها عن العصمة، واستحقت القتل؛ لأنها مفسدة، والمؤذي طبعًا يُقْتَلُ شرعًا، ولذلك يقتل ما سوى هذه من المؤذيات، ولا مفهوم للعدد. 3314 - 3315 - (زريع) مصغر زرع (الفأرة والعقرب والحديَّا) -بضم الحاء وتشديد الياء مصغر الحدة- وكان القياس الحدأة بالهمزة، أو بالياء المشددة، ولكن في النسب أمثاله كثيرة.

قَتَلَهُنَّ وَهْوَ مُحْرِمٌ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ الْعَقْرَبُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ، وَالْغُرَابُ، وَالْحِدَأَةُ». طرفه 1826 3316 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ كَثِيرٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - رَفَعَهُ قَالَ «خَمِّرُوا الآنِيَةَ، وَأَوْكُوا الأَسْقِيَةَ، وَأَجِيفُوا الأَبْوَابَ، وَاكْفِتُوا صِبْيَانَكُمْ عِنْدَ الْعِشَاءِ، فَإِنَّ لِلْجِنِّ انْتِشَارًا وَخَطْفَةً، وَأَطْفِئُوا الْمَصَابِيحَ عِنْدَ الرُّقَادِ، فَإِنَّ الْفُوَيْسِقَةَ رُبَّمَا اجْتَرَّتِ الْفَتِيلَةَ فَأَحْرَقَتْ أَهْلَ الْبَيْتِ». قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَحَبِيبٌ عَنْ عَطَاءٍ فَإِنَّ لِلشَّيَاطِينِ. طرفه 3280 3317 - حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي غَارٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ 3316 - (خمروا الآنية) أي: استروها، والمراد الأواني التي فيها شيء من الطعام أو الشراب، وقد سلف قوله: "ولو أن تعرض عليه عودًا" وأشرنا إلى أن الفعل المقرون باسم الله لا سبيل له إليه، ولو كان ذلك الفعل في الظاهر لا يُرَى مانعًا، كعرض العود على الإناء (وأجيفوا الأبواب) أي: ردوها. فإن قلت: تقدم: "أغلقوا الأبواب، فإن الشيطان لا يفتح بابًا مغلقًا"؟ قلت: لا تنافي، لا يفتح بابًا مغلقًا ولا بابًا مردودًا (وأطفئوا المصابيح) وعلله بأنه مظنة جر الفويسقة الفتيلة وإحراق البيت على من فيها، ولذلك إذا لم يكن مظنة ذلك لا بأس به، كما في القناديل المعلقة (قال ابن جريج: فإن للشياطين) أي: وقع لفظ الشياطين موضع الجن وفيه دلالة على أن المراد بالجن في تلك الرواية الشياطين، وهم مَرَدةُ الجن كالكفار في النار، وقال بعضهم: يجوز انتشار الصنفين، ثم قال: وقيل: هما حقيقة واحدة، هذا كلامه وفيه خبط؛ إذ على تقدير كونها صنفين أيضًا حقيقة واحدة. 3317 - (عبدة) بفتح العين وسكون الباء (كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غار) كانوا بمنى،

فَنَزَلَتْ (وَالْمُرْسَلاَتِ عُرْفًا) فَإِنَّا لَنَتَلَقَّاهَا مِنْ فِيهِ، إِذْ خَرَجَتْ حَيَّةٌ مِنْ جُحْرِهَا فَابْتَدَرْنَاهَا لِنَقْتُلَهَا، فَسَبَقَتْنَا فَدَخَلَتْ جُحْرَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «وُقِيَتْ شَرَّكُمْ، كَمَا وُقِيتُمْ شَرَّهَا». وَعَنْ إِسْرَائِيلَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مِثْلَهُ قَالَ وَإِنَّا لَنَتَلَقَّاهَا مِنْ فِيهِ رَطْبَةً. وَتَابَعَهُ أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مُغِيرَةَ. وَقَالَ حَفْصٌ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَسُلَيْمَانُ بْنُ قَرْمٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ. طرفه 1830 3318 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِىٍّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ فِي هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا، فَلَمْ تُطْعِمْهَا، وَلَمْ تَدَعْهَا تَأْكُلُ مِنْ خِشَاشِ الأَرْضِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ صرح به في الرواية الأخرى (فنزلت: {وَالْمُرْسَلَاتِ} [المرسلات:1] أي: في ذلك الغار (وإنا لنتلقاها من فيه) أي: نتعلمها (وُقِيَتْ شركم كما وقيتم شرها). فإن قلت: قتل الحيَّة فيه أجر، فكيف يكون قتلهم إياها شرًّا؟ قلت: سماه شرًّا بالنظر إليها مع رعاية حسن المشاكلة. (وعن إسرائيل) يجوز أن يكون عطفًا على قوله: عن إسرائيل داخلًا تحت السند، وأن يكون ابتداءً تعليقًا (وإنا لنتلقاها من فيه رطبة) استعارة لطيفة، كأنها في حال النزول جديدة تمرة طرية (أبو عوانة) -بفتح العين- الوضاح اليشكري (وقال حفص وأبو معاوية) الضرير محمد بن خازم -بالخاء المعجمة -كلاهما شيخ البخاري، والرواية بقال عنهما؛ لكونه سمع الحديث مذاكرة، ويجوز أن يكون تعليقًا، إلَّا إن عطف (سليمان بن قرم) يؤيد هذا الثاني؛ لأنه من أفراد مسلم، ليس للبخاري عنه رواية، وفي مسلم له حديث واحد، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "المرء مع من أحب". 3318 - (نصر بن علي) بالصاد المهملة (دخلت امرأة النار في هرة) أي: لأجلها، وقد أشار إلى العلة في الحديث (ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض) -بالخاء والمعجمة مع الحركات الثلاثة- هوام الأرض وحشراتها.

17 - باب إذا وقع الذباب فى شراب أحدكم فليغمسه، فإن فى إحدى جناحيه داء وفى الأخرى شفاء

قَالَ وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَهُ. طرفه 2365 3319 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِى أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «نَزَلَ نَبِىٌّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ تَحْتَ شَجَرَةٍ فَلَدَغَتْهُ نَمْلَةٌ، فَأَمَرَ بِجَهَازِهِ فَأُخْرِجَ مِنْ تَحْتِهَا، ثُمَّ أَمَرَ بِبَيْتِهَا فَأُحْرِقَ بِالنَّارِ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ فَهَلاَّ نَمْلَةً وَاحِدَةً». طرفه 3019 17 - باب إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي شَرَابِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ، فَإِنَّ فِي إِحْدَى جَنَاحَيْهِ دَاءً وَفِى الأُخْرَى شِفَاءً 3320 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ قَالَ حَدَّثَنِى عُتْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ بْنُ حُنَيْنٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي شَرَابِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ، ثُمَّ لِيَنْزِعْهُ، فَإِنَّ فِي إِحْدَى جَنَاحَيْهِ دَاءً وَالأُخْرَى شِفَاءً». طرفه 5782 ـــــــــــــــــــــــــــــ 3319 - (نزل نبي من الأنبياء تحت شجرة فلدغته نملة) هو عزير، وقيل: موسى صلوات الله عليهما (فأمر بجهازه فأخرج من تحتها) الجهاز -بفتح الجيم وكسرها- ما يحتاج إليه من عدة السفر (فهلا نملة واحدة) نُصِبَ بمقدر، أي: فهلا أحرقت نملة واحدة، فإن الضرر كان منها، وما فعله كان اجتهادًا منه، فإنه ظن أن قتل الجنس جائز، لكونه مؤذيًا، قال النووي: قتل النمل كان جائزًا في شرعه، وإنما الآن يجوز. باب إذا وقع الذباب في إناء أحدكم هذه الترجمة بعض الحديث الذي رواه. 3320 - (إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه، ثم لينزعه فإن في إحدى جناحيه داء والأخرى شفاء) فيه العطف على معمولي عاملين مختلفين، وذلك جائز إذا تقدم المجرور، وذكر الشراب للتمثيل، فلا يمنع غيره، وفي رواية ابن حبَّان والترمذي والإمام أحمد أنه يقدِّم الجناح الذي فيه الدَّاء يَتَّقِي به.

3321 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الأَزْرَقُ حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنِ الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «غُفِرَ لاِمْرَأَةٍ مُومِسَةٍ مَرَّتْ بِكَلْبٍ عَلَى رَأْسِ رَكِىٍّ يَلْهَثُ، قَالَ كَادَ يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ، فَنَزَعَتْ خُفَّهَا، فَأَوْثَقَتْهُ بِخِمَارِهَا، فَنَزَعَتْ لَهُ مِنَ الْمَاءِ، فَغُفِرَ لَهَا بِذَلِكَ». طرفه 3467 3322 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَفِظْتُهُ مِنَ الزُّهْرِىِّ كَمَا أَنَّكَ هَا هُنَا أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أَبِى طَلْحَةَ - رضى الله عنهم - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَدْخُلُ الْمَلاَئِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلاَ صُورَةٌ». طرفه 3225 3323 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ بِقَتْلِ الْكِلاَبِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 3321 - (الحسن بن صباح) بفتح المهملة وتشديد الباء (غفر لامرأة مومسة) أي: زانية (مرت بكلب على رأس رَكيّ) اسم جنس واحده ركية، وهي البئر، مرَّ الحديث في أبواب الشرب ولفظه: "رجل" بدل المرأة، ولا تنافي لجواز الوقوع منهما، وفي الحديث دلالة على أن القليل إذا كان من إخلاص كثير، وأن الحسنات مكفرات للكبائر إذا أراد الله ذلك. 3322 - (حفظته من الزهري كما أنك هاهنا) أي: كالمحسوس المشاهد، أراد تحقيق السماع (لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب [ولا] صورة) تقدم مرارًا أن المراد: صورة الحيوان والملائكة ما عدا الكرام الكتبة. 3323 - (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتل الكلاب) كان أولًا، ثم استثنى كلب الزرع والماشية والصيد، قال ابن عبد البر: لا يُقْتَل من الكلام إلا العقور، ألا ترى أن المومسة أُجِرَت على سقي كلب.

3324 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - حَدَّثَهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ أَمْسَكَ كَلْبًا يَنْقُصْ مِنْ عَمَلِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ، إِلاَّ كَلْبَ حَرْثٍ أَوْ كَلْبَ مَاشِيَةٍ». طرفه 2322 3325 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ قَالَ أَخْبَرَنِى يَزِيدُ بْنُ خُصَيْفَةَ قَالَ أَخْبَرَنِى السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ سَمِعَ سُفْيَانَ بْنَ أَبِى زُهَيْرٍ الشَّنَئِىَّ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا لاَ يُغْنِى عَنْهُ زَرْعًا وَلاَ ضَرْعًا، نَقَصَ مِنْ عَمَلِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ». فَقَالَ السَّائِبُ أَنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ إِىْ وَرَبِّ هَذِهِ الْقِبْلَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 3324 - (من أمسك كلبًا نقص من عمله كل يوم قيراط) وفي الرواية الأخرى: "قيراطان" قيل: ذلك باعتبار شرف المكان، والظاهر العموم، ولا تنافي لعلمه أولًا بالقيراط، ثم بالقيراطين، وقد سلف أن المراد بالقيراط شيء من عمله لا يعلمه غير الله، أو أعلم رسوله ولم يبين لنا ذلك. 3325 - (أبي زهير الشنائي) -بالشين المعجمة والهمزة- وفي بعضها: الشنوئي -بالواو- نسبة إلى شنوءة، هي من عرب اليمن، قال الجوهري في النسبة: شنآني وشنوئي (زرعًا ولا ضرعًا) أي: ماشية، وقد تقدم، أو كلب صيد.

60 - كتاب الأنبياء

60 - كتاب الأنبياء 1 - باب خَلْقِ آدَمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَذُرِّيَّتِهِ صَلْصَالٌ طِينٌ خُلِطَ بِرَمْلٍ فَصَلْصَلَ كَمَا يُصَلْصِلُ الْفَخَّارُ. وَيُقَالُ مُنْتِنٌ. يُرِيدُونَ بِهِ صَلَّ، كَمَا يُقَالُ صَرَّ الْبَابُ وَصَرْصَرَ عِنْدَ الإِغْلاَقِ مِثْلُ كَبْكَبْتُهُ يَعْنِى كَبَبْتُهُ. (فَمَرَّتْ بِهِ) اسْتَمَرَّ بِهَا الْحَمْلُ فَأَتَمَّتْهُ. (أَنْ لاَ تَسْجُدَ) أَنْ تَسْجُدَ. وقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّى جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً). (1 أ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ) إِلاَّ عَلَيْهَا حَافِظٌ (فِي كَبَدٍ) فِي شِدَّةِ خَلْقٍ. وَرِيَاشًا الْمَالُ. وَقَالَ غَيْرُهُ الرِّيَاشُ وَالرِّيشُ وَاحِدٌ، وَهْوَ مَا ظَهَرَ مِنَ اللِّبَاسِ. (مَا تُمْنُونَ) النُّطْفَةُ فِي أَرْحَامِ النِّسَاءِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ (إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ) النُّطْفَةُ فِي الإِحْلِيلِ. كُلُّ شَىْءٍ خَلَقَهُ فَهْوَ شَفْعٌ، السَّمَاءُ شَفْعٌ، وَالْوِتْرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ. (فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) فِي أَحْسَنِ خَلْقٍ (أَسْفَلَ سَافِلِينَ) إِلاَّ مَنْ آمَنَ (خُسْرٍ) ضَلاَلٌ، ثُمَّ اسْتَثْنَى ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الأنبياء باب خلق آدم وذريته آدم: قيل عجمي ومنع صرفه للعلمية والعجمية، وقيل: عربي أفعل صفة، أو منقول عن الماضي، وعن ابن عباس: لأنه مأخوذ من أديم الأرض ({صَلْصَالٍ} [الحجر: 33]) اسم فاعل من صل إذا صوت، والتكرار للمبالغة، كما مثل به في: (صرَّ وصرصر)، ({فَمَرَّتْ بِهِ} [الأعراف: 189] استمر بها الحمل) أي: ما في بطن حواء (قال: ابن عباس {لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} [الطارق: 4] إلا) هذا إنما يستقيم على قراءة تشديد لمَّا، أما على قراءة التخفيف فإن مخففة واللام في لما هي الفارقة ({فِي كَبَدٍ} [البلد: 4] في شدة) من حين ولادته إلى دخول الجنة (الريش والرياش واحد وهو ما ظهر من اللباس) ومنه ريش الطائر؛ لأنه زينة له (السماء شفع)

إِلاَّ مَنْ آمَنَ (لاَزِبٍ) لاَزِمٌ. (نُنْشِئَكُمْ) فِي أَىِّ خَلْقٍ نَشَاءُ. (نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ) نُعَظِّمُكَ. وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ) فَهْوَ قَوْلُهُ (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا)، (فَأَزَلَّهُمَا) فَاسْتَزَلَّهُمَا. وَ (يَتَسَنَّهْ) يَتَغَيَّرْ، آسِنٌ مُتَغَيِّرٌ، وَالْمَسْنُونُ الْمُتَغَيِّرُ (حَمَإٍ) جَمْعُ حَمْأَةٍ وَهْوَ الطِّينُ الْمُتَغَيِّرُ. (يَخْصِفَانِ) أَخْذُ الْخِصَافِ (مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ) يُؤَلِّفَانِ الْوَرَقَ وَيَخْصِفَانِ بَعْضَهُ إِلَى بَعْضٍ (سَوْآتُهُمَا) كِنَايَةٌ عَنْ فَرْجِهِمَا (وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ) هَا هُنَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، الْحِينُ عِنْدَ الْعَرَبِ مِنْ سَاعَةٍ إِلَى مَا لاَ يُحْصَى عَدَدُهُ. (قَبِيلُهُ) جِيلُهُ الَّذِى هُوَ مِنْهُمْ. 3326 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ وَطُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا، ثُمَّ قَالَ اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ، فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ، تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ. فَقَالَ السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ. فَقَالُوا السَّلاَمُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ. فَزَادُوهُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ. فَكُلُّ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ آدَمَ، فَلَمْ يَزَلِ الْخَلْقُ يَنْقُصُ حَتَّى الآنَ». طرفه 6227 ـــــــــــــــــــــــــــــ إما مع الأرضين، أو مع الكرس، وله نظائر كالبر مع البحر، والشمس مع القمر ({وَقَبِيلُهُ} [الأعراف: 27] جيله الذين هو منهم) -بكسر الجيم- قال ابن الأثير: صنف من الناس، وقيل: بمعنى الأمة، وقيل: كل قوم خصوا بلغة. 3326 - (معمر) بفتح الميمين وعين ساكنة (هَمام) بفتح الهاء وتشديد الميم (خلق الله آدم طوله ستون ذراعًا) قيل: بذراعه، وقيل: بذراعنا، والذراع: ربع القامة (إذهب فسلم على أولئك النفر من الملائكة) هذا يدل على أن السلام أول مشروع من الأحكام (فلم يزل الخلق ينقص حتى الآن) فيه دلالة على أن النقصان لم يكن في هذه الأمة.

3327 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ عُمَارَةَ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ أَوَّلَ زُمْرَةٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ عَلَى أَشَدِّ كَوْكَبٍ دُرِّىٍّ فِي السَّمَاءِ إِضَاءَةً، لاَ يَبُولُونَ وَلاَ يَتَغَوَّطُونَ وَلاَ يَتْفِلُونَ وَلاَ يَمْتَخِطُونَ، أَمْشَاطُهُمُ الذَّهَبُ، وَرَشْحُهُمُ الْمِسْكُ، وَمَجَامِرُهُمُ الأَلُوَّةُ الأَنْجُوجُ عُودُ الطِّيبِ، وَأَزْوَاجُهُمُ الْحُورُ الْعِينُ، عَلَى خَلْقِ رَجُلٍ وَاحِدٍ عَلَى صُورَةِ أَبِيهِمْ آدَمَ، سِتُّونَ ذِرَاعًا فِي السَّمَاءِ». طرفه 3245 3328 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِى مِنَ الْحَقِّ، فَهَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ الْغُسْلُ إِذَا احْتَلَمَتْ قَالَ «نَعَمْ، إِذَا رَأَتِ الْمَاءَ». فَضَحِكَتْ أُمُّ سَلَمَةَ، فَقَالَتْ تَحْتَلِمُ الْمَرْأَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «فَبِمَا يُشْبِهُ الْوَلَدُ». طرفه 130 3329 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا الْفَزَارِىُّ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى ـــــــــــــــــــــــــــــ 3327 - (قتيبة) بضم القاف مصغر (عمارة) بضم العين وتخفيف الميم (عن أبي زرعة) -بضم الزاي- اسمه هرم، وقيل: غير ذلك (الألوة) بفتح الهمزة وتشديد الواو، وفيه لغات أخر سبق ضبطها في باب صفة الجنة (الأنجوج) بجيمين، ويقال فيه: يلنجوج، وألنجج، قال ابن الأثير: الألف والنون زائدتان، اشتقاق من لج، كأنه يلج في انتشار الرائحة والتَّضوّع (على خلق رجل واحد على صورة أبيهم آدم) بدل من قوله: "على خلق رجل" (ستون ذراعًا في السماء) إنما قيده بذلك لعدم تقدم ذكر الطول. 3328 - (أن أم سليم) على وزن المصغر، أم أنس، واسمها رملة (هل على المرأة غسل إذا احتلمت؟) أي: رأت أنها تجامع (فضحكت أم سلمة، فقالت: تحتلم المرأة؟) بتقدير استفهام الإنكار، وإنما كان ضحكها تعجبًا (فَبِم يشبه الولد) بالرفع، أي: مَه، وهذا بناء على الأكثر وجري العادة، وإلا فكم ولد لا يشبه الوالدين؟. 3329 - (ابن سلام) بالتخفيف، محمد (الفزاري) -بتخفيف الزاي- نسبة إلى فزارة

الله عنه - قَالَ بَلَغَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلاَمٍ مَقْدَمُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ، فَأَتَاهُ، فَقَالَ إِنِّى سَائِلُكَ عَنْ ثَلاَثٍ لاَ يَعْلَمُهُنَّ إِلاَّ نَبِىٌّ، {قَالَ مَا} أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ وَمَا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ وَمِنْ أَىِّ شَىْءٍ يَنْزِعُ الْوَلَدُ إِلَى أَبِيهِ وَمِنْ أَىِّ شَىْءٍ يَنْزِعُ إِلَى أَخْوَالِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «خَبَّرَنِى بِهِنَّ آنِفًا جِبْرِيلُ». قَالَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ ذَاكَ عَدُوُّ الْيَهُودِ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَمَّا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ فَنَارٌ تَحْشُرُ النَّاسَ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ. وَأَمَّا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ فَزِيَادَةُ كَبِدِ حُوتٍ. وَأَمَّا الشَّبَهُ فِي الْوَلَدِ فَإِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَشِىَ الْمَرْأَةَ فَسَبَقَهَا مَاؤُهُ كَانَ الشَّبَهُ لَهُ، وَإِذَا سَبَقَ مَاؤُهَا كَانَ الشَّبَهُ لَهَا». قَالَ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ. ثُمَّ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الْيَهُودَ قَوْمٌ بُهُتٌ، إِنْ عَلِمُوا بِإِسْلاَمِى قَبْلَ أَنْ تَسْأَلَهُمْ بَهَتُونِى عِنْدَكَ، فَجَاءَتِ الْيَهُودُ وَدَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ الْبَيْتَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَىُّ رَجُلٍ فِيكُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ». قَالُوا أَعْلَمُنَا وَابْنُ أَعْلَمِنَا وَأَخْبَرُنَا وَابْنُ أَخْيَرِنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَفَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ عَبْدُ اللَّهِ». قَالُوا أَعَاذَهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ. فَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ إِلَيْهِمْ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. فَقَالُوا شَرُّنَا وَابْنُ شَرِّنَا. وَوَقَعُوا فِيهِ. أطرافه 3911، 3938، 4480 3330 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - نَحْوَهُ يَعْنِى «لَوْلاَ بَنُو إِسْرَائِيلَ لَمْ يَخْنَزِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قبيلة، هو أبو إسحاق واسمه إبراهيم (بلغ عبد الله بن سلام مقدم النبي - صلى الله عليه وسلم -) مصدر قدم، أي: قدومه (من أيِّ شيء ينزع الولد إلى أبيه) أي: يذهب إليه في الشبه (أخبرني بهن جبريل آنفًا) فيه المد والقصر، يراد به أقرب الأوقات (يا رسول الله إن اليهود قوم بهت) جمع بهوت، كصبور وصبر، من البهتان، وهو الكذب الذي يبهت المكذوب عليه، أي: يجعله حيران (أخيرنا) وفيه دلالة على أن دخول الهمزة في خير تصح، خلاف ما قاله الجوهري (ووقعوا فيه) كناية عن شدة المبالغة في الذم. 3330 - (بشر) بكسر الموحدة (معمر) بفتح الميمين (همام) بفتح الهاء وتشديد الميم (لولا بنو إسرائيل لم يخنز اللحم) -بفتح الياء والخاء المعجمة، وزاي كذلك- أي: لم ينتن،

اللَّحْمُ، وَلَوْلاَ حَوَّاءُ لَمْ تَخُنْ أُنْثَى زَوْجَهَا». طرفه 3399 3331 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ وَمُوسَى بْنُ حِزَامٍ قَالاَ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِىٍّ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ مَيْسَرَةَ الأَشْجَعِىِّ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَىْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلاَهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ». طرفاه 5184، 5186 ـــــــــــــــــــــــــــــ وذلك أن المنَّ والسلوى كانا يمطران عليهم كل صباح، فأمِروا بعدم الادخار فادخروا فأنتن، فبقيَ سُنَّة في بني آدم، والمضاف مقدر، أي: لولا ادخار بني إسرائيل، وقيل: ادخره أصحاب المائدة. (ولولا حواء لم تخن أنثى زوجها) قالوا: خيانتها أنها دعت آدم على أكل الشجرة، وسمعت بعض العلماء أن خيانتها أنها قطعت من الشجرة ثلاث حبات، فناولت آدم واحدة، وأكلت واحدة، وأخفت الأخرى، ولذلك جعل الله سهم البنات من الميراث نصف سهم الذكور بشؤم فعلها. 3331 - (أبو كريب) هو محمد بن العلاء (حرام) ضد الحلال (عن ميسرة) ضد الميمنة (الأشجعي) بشين معجمة نسبة إلى قبيلة (عن أبي حازم) بالحاء المهملة (استوصوا بالنساء خيرًا) قيل: معناه أوصوا غيركم، وقيل: أوصوا أنفسكم، وفي السين زيادة مبالغة، كأنه يطلب من نفسه ذلك، نظيره قوله تعالى: {سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا} [آل عمران: 181] وهذا أظهر في معنى الخيانة، على أنه لم يصح في المعنى الأول خبر ويأباه ظاهر الآية: {وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ (21) فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ} [الأعراف: 21، 22]. (فإن المرأة خلقت من ضلع أعوج) -بكسر الضاد وفتح اللام وقد تسكن اللام- وذلك الضلع اسمه قُصير -بضم القاف مصغر- (فإن أعوج شيء في الضِّلَع أعلاه) وفي هذا دلالة على أن أخلاق الأصول تسري في الفروع، ولذلك سرى خلق حواء في بناتها إلى آخر

3332 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ «إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ إِلَيْهِ مَلَكًا بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ، فَيُكْتَبُ عَمَلُهُ وَأَجَلُهُ وَرِزْقُهُ وَشَقِىٌّ أَوْ سَعِيدٌ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ، فَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلاَّ ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلاَّ ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُ النَّارَ». طرفه 3208 3333 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ اللَّهَ وَكَّلَ فِي الرَّحِمِ مَلَكًا فَيَقُولُ يَا رَبِّ نُطْفَةٌ، يَا رَبِّ عَلَقَةٌ، يَا رَبِّ مُضْغَةٌ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْلُقَهَا قَالَ يَا ـــــــــــــــــــــــــــــ الدهر، وقيل: الأوجه أن يكون معناه: اقبلوا وصيتي فيهن، ولا [...] إن اللفظ لا دلالة فيه عليه. فإن قلت: اسم التفصيل لا يبنى من العيوب؟ قلت: هذا كلام أفصح الخلق، فيكون من قبيل الشذوذ. 3332 - (حدثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصادق المصدوق) أي: الصادق فيما يقول وفيما يقال له من الله (أن أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يومًا) قد سبق أن معنى الجمع أن النطفة تتفرق في أجزاء البدن، ثم تنزل إلى الرحم، وهو معنى الجمع، وقيل: تستقر في الرحم أربعين يومًا ثم تستحيل علقة (وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع) تمثيل لغاية القرب (فيسبق عليه الكتاب) أي: ما كتب عليه في الأزل. 3333 - (أبو النعمان) -بضم النون- محمد بن الفضل (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم (أن الله وكل في الرحم ملكًا) أي: بالرحم، كما في الرواية الأخرى، أو بالولد (يا رب نطفة) بالرفع خبر مبتدأ، ويجوز فيه النصب بمقدر، وكذا المذكورات بعده. فإن قلت: أيُّ فائدة لقوله: "يا رب نطفة" وما بعده؟ إذ علام الغيوب لا تخفى عليه خافية؟ قلت: فائدته إظهار الامتثال، وأنه قائم بما وكل به، وإليه يشير قوله تعالى: {وَيَفْعَلُونَ

رَبِّ، أَذَكَرٌ أَمْ يَا رَبِّ أُنْثَى يَا رَبِّ شَقِىٌّ أَمْ سَعِيدٌ فَمَا الرِّزْقُ فَمَا الأَجَلُ فَيُكْتَبُ كَذَلِكَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ». طرفه 318 3334 - حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى عِمْرَانَ الْجَوْنِىِّ عَنْ أَنَسٍ يَرْفَعُهُ «أَنَّ اللَّهَ يَقُولُ لأَهْوَنِ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا لَوْ أَنَّ لَكَ مَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَىْءٍ كُنْتَ تَفْتَدِى بِهِ قَالَ نَعَمْ. قَالَ فَقَدْ سَأَلْتُكَ مَا هُوَ أَهْوَنُ مِنْ هَذَا وَأَنْتَ فِي صُلْبِ آدَمَ أَنْ لاَ تُشْرِكَ بِى. فَأَبَيْتَ إِلاَّ الشِّرْكَ». طرفاه 6538، 6557 3335 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُرَّةَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمًا إِلاَّ كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا، لأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ». طرفاه 6867، 7321 ـــــــــــــــــــــــــــــ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6] (فيكتب كذلك) إشارة إلى الشقاوة والسعادة، ويجوز أن يكون إشارة إلى كل ما ذكره، وتمام الكلام تقدم في باب ذكر الملائكة. 3334 - (عن أبي عمران) اسمه عبد الملك (إن الله يقول لأهون النار عذابًا: لو أن لك ما في الأرض من شيء كنت تفتدي به) الظاهر أنه أبو طالب، فإنه أخف الكفار عذابًا (فقد سألتك أهون من هذا وأنت في صلب آدم) يريد به قوله تعالى: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: 172] وهذا يدل على أن القول محمول على الحقيقة، لا كما قيل: إنه ينصب الأدلة. 3335 - (غياث) بكسر المعجمة آخره ثاء مثلثة (لا تقتل نفس ظلمًا إلَّا كان على ابن آم الأول كفل من دمها) الكفل: النصيب الكامل، وابن آدم الأول هو قابيل، والمقتول هابيل، والقصة معروفة، وعلله بقوله: (لأنه أول من سن القتل) ومثله قوله: "من سن سنة

2 - باب الأرواح جنود مجندة

2 - باب الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ 3336 - قَالَ قَالَ اللَّيْثُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها قَالَتْ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ، فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ، وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ». وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ بِهَذَا. 3 - باب قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (بَادِئَ الرَّأْىِ) مَا ظَهَرَ لَنَا (أَقْلِعِى) أَمْسِكِى. (وَفَارَ التَّنُّورُ) نَبَعَ الْمَاءُ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ وَجْهُ الأَرْضِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ الْجُودِىُّ جَبَلٌ بِالْجَزِيرَةِ. دَأْبٌ مِثْلُ حَالٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة". باب الأرواح جنود مجندة 3336 - هذه الترجمة بعض الأحاديث الذي بعده، قال ابن الأثير: معناه جنود مجتمعة، كقولهم: ألوف مؤلفة، قلت: هذا يدلُّ على الكثرة، كما في المثل الذي مثل به، وقال: معنى قوله (ما تعارف منها أئتلف وما تناكر منها اختلف) الحديث إن أهل السعادة يحبون أهل السعادة، وكذلك أهل الشقاوة، وهذا الذي قال ليس ظاهرًا من الحديث، بل المعنى: أن الأرواح حين خُلِقت تعارف بعضها مع بعض، ففي الدنيا أيضًا كذلك، من لم يتعارف هناك لا معرفة في الدنيا بينهم، ولذلك ترى الإنسان يحبُّ بعض أولاده دون بعض، وإن كان الذي لا يحبه أتقى وأصلح، وفي الحديث دلالة على خلق الأرواح قبل الأجساد، وأنها أجساد لطيفة ذات عقل ونطق، كما هو مذهب أهل الحق. باب قوله الله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ} [هود: 25] ({بَادِيَ الرَّأْيِ} [هود: 27] ما ظهر لنا) هذا المقول عن ابن عباس خلاف الظاهر، وذلك أن هذا قول كفار قوم نوح، وأرادوا به القدح في الذين آمنوا به، وتحقيقه: أن بادئ قرئ بالهمزة وبالياء في السبع، فالمعنى على الأول: أن الذين آمنوا بك في أول رأيهم، من غير تأمل ومشورة، وعلى الثاني: أنهم اتبعوك فيما ظهر لهم من الرأي الفاسد (وقال عكرمة: وجه الأرض) تفسير للتنور {الْجُودِيِّ} [هود: 44] جبل بالجزيرة) فيه تسامح، هو بقرب

4 - باب قول الله تعالى (إنا أرسلنا نوحا إلى قومه أن أنذر قومك من قبل أن يأتيهم عذاب أليم) إلى آخر السورة

(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِى وَتَذْكِيرِى بِآيَاتِ اللَّهِ) إِلَى قَوْلِهِ (مِنَ الْمُسْلِمِينَ). 4 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) إِلَى آخِرِ السُّورَةِ 3337 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ سَالِمٌ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي النَّاسِ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ ذَكَرَ الدَّجَّالَ، فَقَالَ «إِنِّى لأُنْذِرُكُمُوهُ، وَمَا مِنْ نَبِىٍّ إِلاَّ أَنْذَرَهُ قَوْمَهُ، لَقَدْ أَنْذَرَ نُوحٌ قَوْمَهُ، وَلَكِنِّى أَقُولُ لَكُمْ فِيهِ قَوْلاً لَمْ يَقُلْهُ نَبِىٌّ لِقَوْمِهِ، تَعْلَمُونَ أَنَّهُ أَعْوَرُ، وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ». طرفه 3057 3338 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَلاَ أُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا عَنِ الدَّجَّالِ مَا حَدَّثَ بِهِ نَبِىٌّ قَوْمَهُ، إِنَّهُ أَعْوَرُ، وَإِنَّهُ يَجِئُ مَعَهُ بِمِثَالِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَالَّتِى يَقُولُ إِنَّهَا الْجَنَّةُ. هِىَ النَّارُ، وَإِنِّى أُنْذِرُكُمْ كَمَا أَنْذَرَ بِهِ نُوحٌ قَوْمَهُ». ـــــــــــــــــــــــــــــ الجزيرة على مرحلة، على شمال الدجلة، وقد شاهدناه من فضله تعالى، ونزلنا قرية تسمَّى ثمانين باسم الذين كانوا مع نوح في السفينة، أول عمارة في الأرض بعد الفرق. باب {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا} [نوح: 1] 3337 - (عبدان) على وزن شعبان عبد الله المروزي (لقد أنذر نوح قومه) أي: الدجال، وإنما خصَّ نوحًا بالذكر بعد قوله: (ما من نبي إلا أنذره قومه) إما لأن نوحًا أول نبي عَذَّب قومه، أو لأنه أبو البشر ثانيًا، وشرح الحديث تقدم في باب ذكر ابن الصياد. 3338 - (بمثال الجنة والنار) أي صورة الجنة، قاله الجوهري.

3339 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَجِئُ نُوحٌ وَأُمَّتُهُ فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى هَلْ بَلَّغْتَ فَيَقُولُ نَعَمْ، أَىْ رَبِّ. فَيَقُولُ لأُمَّتِهِ هَلْ بَلَّغَكُمْ فَيَقُولُونَ لاَ، مَا جَاءَنَا مِنْ نَبِىٍّ. فَيَقُولُ لِنُوحٍ مَنْ يَشْهَدُ لَكَ فَيَقُولُ مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - وَأُمَّتُهُ، فَنَشْهَدُ أَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ، وَهْوَ قَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ) وَالْوَسَطُ الْعَدْلُ». طرفاه 4487، 7349 3340 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا أَبُو حَيَّانَ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي دَعْوَةٍ، فَرُفِعَ إِلَيْهِ الذِّرَاعُ، وَكَانَتْ تُعْجِبُهُ، فَنَهَسَ مِنْهَا نَهْسَةً وَقَالَ «أَنَا سَيِّدُ الْقَوْمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، هَلْ ـــــــــــــــــــــــــــــ 3339 - (فيقول لنوح: من يشهد لك فيقول محمد وأمته) هذا ليس مخصوصًا بنوح، بل كل نبي كذَّبه قومه، وإنما ذكر لغاية بعده عن هذه الأمة، وسيأتي الحديث بأطول من هذا (وهو قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [البقرة: 143] وعبَّر بالوسط عن العدل لكونه بين الإفراط والتفريط، وفي المثل: خير الأمور الوسط. 3340 - (إسحاق بن نصر) بالصاد المهملة (أبو حيان) -بالمثناة المشددة- هو يحيى بن سعيد (عن أبي زرعة) اسمه هرم، وقيل: غيره (كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في دعوة) -بفتح الدال- في الدعاء إلى الطعام -وبكسرها- في دعوى النسب، وقيل [في] دال الدعوة إلى الطعام: يجوز الحركات الثلاثة (فرفع اليه الذراع) ناولوه ذراع الغنم (وكانت تعجبه) قيل: إنما كانت تعجبه لأنها ألذ طعمًا، وأسرع نضجًا وهضمًا (فنهس منها نهسة) النهس: الأخذ بأطراف الأسنان،

تَدْرُونَ بِمَنْ يَجْمَعُ اللَّهُ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَيُبْصِرُهُمُ النَّاظِرُ وَيُسْمِعُهُمُ الدَّاعِى، وَتَدْنُو مِنْهُمُ الشَّمْسُ، فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ أَلاَ تَرَوْنَ إِلَى مَا أَنْتُمْ فِيهِ، إِلَى مَا بَلَغَكُمْ، أَلاَ تَنْظُرُونَ إِلَى مَنْ يَشْفَعُ لَكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ أَبُوكُمْ آدَمُ، فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُونَ يَا آدَمُ أَنْتَ أَبُو الْبَشَرِ، خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، وَأَمَرَ الْمَلاَئِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ، وَأَسْكَنَكَ الْجَنَّةَ، أَلاَ تَشْفَعُ لَنَا إِلَى رَبِّكَ أَلاَ تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ وَمَا بَلَغَنَا فَيَقُولُ رَبِّى غَضِبَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلاَ يَغْضَبُ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَنَهَانِى عَنِ الشَّجَرَةِ فَعَصَيْتُهُ، نَفْسِى نَفْسِى، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِى، اذْهَبُوا إِلَى نُوحٍ. فَيَأْتُونَ نُوحًا فَيَقُولُونَ يَا نُوحُ أَنْتَ أَوَّلُ الرُّسُلِ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ، وَسَمَّاكَ اللَّهُ عَبْدًا شَكُورًا، أَمَا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ أَلاَ تَرَى إِلَى مَا بَلَغَنَا أَلاَ تَشْفَعُ لَنَا إِلَى رَبِّكَ فَيَقُولُ رَبِّى غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلاَ يَغْضَبُ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، نَفْسِى نَفْسِى، ائْتُوا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَيَأْتُونِى، فَأَسْجُدُ تَحْتَ الْعَرْشِ فَيُقَالُ يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، وَسَلْ تُعْطَهُ». قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ لاَ أَحْفَظُ سَائِرَهُ. طرفاه 3361، 4712 ـــــــــــــــــــــــــــــ وفي رواية أبي ذر: بالمعجمة، وهو الأخذ بالأضراس، وقيل: هما بمعنى (يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد فيبصرهم الناظر ويسمعهم الداعي) لاستواء أجزاء الأرض، أي: يمكن ذلك، أو يقع بالفعل من واحد، أو من كل أحد (ألا ترون إلى ما أنتم فيه إلى ما بلغكم) بدل من: إلى ما ترون (فيقول: ربي قد غضب غضبًا) قد أشرنا مرارًا أن الغضب ثوران دم القلب إرادة الانتقام، وذلك محال عليه تعالى، فأريد حيث وقع لازمه، وهو إرادة الانتقام. (يا نوح أنت أول الرسل إلى أهل الأرض) وآدم وإن كان نبيًّا إلا أنه لم يكن مبعوثًا إلى أهل الأرض، وتوهَّم ابن بطال من ظاهره أن آدم لم يكن نبيًّا، وفيه بعد؛ إذ لا بد لآدم وذريته من شرع بينهم، وقد روي أن آدم نزلت عليه الصحف (ائتوا محمدًا فيأتوني) بتشديد النون وتخفيفها (فأسجد تحت العرش في الجنة) لم سيأتي أنه [قال]: "أذهب فأستأذن ربي في داره"، وفي مسند الإمام أحمد: أنه يمكث في تلك السجدة قدر جمعة من أيام الدنيا.

5 - باب

3341 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِىِّ بْنِ نَصْرٍ أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَرَأَ (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) مِثْلَ قِرَاءَةِ الْعَامَّةِ. أطرافه 3345، 3376، 4869، 4870، 4871، 4872، 4873، 4874 5 - بابٌ (وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلاَ تَتَّقُونَ * أَتَدْعُونَ بَعْلاً وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ * اللَّهُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الأَوَّلِينَ * فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ * إِلاَّ عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ * وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ) (4) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُذْكَرُ بِخَيْرٍ (سَلاَمٌ عَلَى آلِ يَاسِينَ * إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِى الْمُحْسِنِينَ * إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ). يُذْكَرُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ إِلْيَاسَ هُوَ إِدْرِيسُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 3341 - (أبو أحمد) هو محمد [بن] عبد الله (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر: 15] مثل قراءة العامة، أي: بالدَّال المهملة، وإنما تعرَّض له البخاري، لأنه مذكور في قصة نوح عليه السلام في القرآن. باب {وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (123)} [الصافات: 123] بهمزة القطع مكسورة، وبحذفها في الوصل، قرئ بهما في السبع {وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الْآخِرِينَ} [الصافات: 119] قال ابن عباس يذكر بخير) هذا الذي قال لازم المعنى، وأخذٌ بالحاصل، وإلا فمعنى الكلام: وتركنا عليه ثناء حسنًا إلى آخر الدهر، لم يذكره أحد من الملل بشرٍّ أبدًا {سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ} [الصافات: 130] أي: من الله، قرئ بالمد بلفظ آل، وبالقصر وكسر الهمزة وسكون اللام، فعلى الأول لفظ الآل مضاف إلى ياسين، كما تقول: آل محمد، وعلى الثاني هو اسم النبي - صلى الله عليه وسلم - فيكون في اسمه لغتان، كما يقولون طور سيناء، وطور سينين. (وعن ابن مسعود وابن عباس أن إلياس هو إدريس) فهذه ثلاثة أسام له، والظاهر أن هذا النقل عنهما لا يصح؛ لأنه ذكر في سورة الأنعام أن إلياس من ذرية نوح، وأهل السَّيَر قالوا: هو من ذرية هارون، اللهم إلا أن يكون إدريس بعد نوح، وهذا مخالف لإجماع الفلاسفة وتواريخ اليونان، ويذكرون أنه كان عالمًا بوقوع الطوفان، فخاف اندراس علمه

6 - باب ذكر إدريس عليه السلام وهو جد أبي نوح، ويقال جد نوح عليه السلام

6 - باب ذِكْرِ إِدْرِيسَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وهو جدُّ أبي نوح، ويقال جد نوح عليه السلام وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا). 3342 - قَالَ عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ ح حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ قَالَ أَنَسٌ كَانَ أَبُو ذَرٍّ - رضى الله عنه - يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «فُرِجَ سَقْفُ بَيْتِى وَأَنَا بِمَكَّةَ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ، فَفَرَجَ صَدْرِى، ثُمَّ غَسَلَهُ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ جَاءَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وَإِيمَانًا فَأَفْرَغَهَا فِي صَدْرِى، ثُمَّ أَطْبَقَهُ ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِى، فَعَرَجَ بِى إِلَى السَّمَاءِ، فَلَمَّا جَاءَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، قَالَ جِبْرِيلُ لِخَازِنِ السَّمَاءِ افْتَحْ. قَالَ مَنْ هَذَا قَالَ هَذَا جِبْرِيلُ. قَالَ مَعَكَ أَحَدٌ قَالَ مَعِىَ مُحَمَّدٌ. قَالَ أُرْسِلَ إِلَيْهِ قَالَ نَعَمْ، فَافْتَحْ. فَلَمَّا عَلَوْنَا السَّمَاءَ إِذَا رَجُلٌ عَنْ يَمِينِهِ أَسْوِدَةٌ، وَعَنْ يَسَارِهِ أَسْوِدَةٌ، فَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ يَمِينِهِ ضَحِكَ، وَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ شِمَالِهِ بَكَى فَقَالَ مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالاِبْنِ الصَّالِحِ. قُلْتُ مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ قَالَ هَذَا آدَمُ، وَهَذِهِ الأَسْوِدَةُ عَنْ يَمِينِهِ، وَعَنْ شِمَالِهِ نَسَمُ بَنِيهِ، فَأَهْلُ الْيَمِينِ ـــــــــــــــــــــــــــــ فكتبه في الحجر نقشًا لئلا يفسده الماء، وميل البخاري أيضًا إلى ما قلنا، ولذلك وضع باب ذكر إدريس بعد باب ذكر إلياس (وقول الله: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا} [مريم: 57] أي: آتيناه النبوة، فإنها كمال البشر، والرفع إلى السماء، وأمَّا ما يقال إنه صاحب ملك الموت، وتدرج معه إلى أن استأذنه في قبض روحه، ثم دخول الجنة مع خرافات أُخر، فلا يصحُّ، وذلك أن أوُّل من يأخذ بحلقة باب الجنة هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إجماعًا من أهل القبلة". 3342 - ثم روى حديث الإسراء، ورؤيته الأنبياء، وقد سلف الحديث في أول كتاب الصلاة، وبينا هناك وجه التوفيق بين الأحاديث المخالفة في مراتب الأنبياء، وتعدُّد أماكنهم، وإنما رواه هنا لكونه ذكر فيه إدريس في السماء، والذي يدل على أنه ليس في الجنة هذا الحديث، وإلا لقال: رأيته في الحنة. (بطست) قال ابن الأثير: التاء فيه بدل عن السين (قال: أرسل إليه) أي: للعروج، وإلا كانوا عالمين برسالته (أسودة) جمع سواد، وهو الشخص، لأنه يُرى سوادًا من بعيد

مِنْهُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ، وَالأَسْوِدَةُ الَّتِى عَنْ شِمَالِهِ أَهْلُ النَّارِ، فَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ يَمِينِهِ ضَحِكَ، وَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ شِمَالِهِ بَكَى، ثُمَّ عَرَجَ بِى جِبْرِيلُ، حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ، فَقَالَ لِخَازِنِهَا افْتَحْ. فَقَالَ لَهُ خَازِنُهَا مِثْلَ مَا قَالَ الأَوَّلُ، فَفَتَحَ». قَالَ أَنَسٌ فَذَكَرَ أَنَّهُ وَجَدَ فِي السَّمَوَاتِ إِدْرِيسَ وَمُوسَى وَعِيسَى وَإِبْرَاهِيمَ، وَلَمْ يُثْبِتْ لِى كَيْفَ مَنَازِلُهُمْ، غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ أَنَّهُ وَجَدَ آدَمَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا، وَإِبْرَاهِيمَ فِي السَّادِسَةِ. وَقَالَ أَنَسٌ فَلَمَّا مَرَّ جِبْرِيلُ بِإِدْرِيسَ. قَالَ مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالأَخِ الصَّالِحِ. فَقُلْتُ مَنْ هَذَا قَالَ هَذَا إِدْرِيسُ، ثُمَّ مَرَرْتُ بِمُوسَى فَقَالَ مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالأَخِ الصَّالِحِ. قُلْتُ مَنْ هَذَا قَالَ هَذَا مُوسَى. ثُمَّ مَرَرْتُ بِعِيسَى، فَقَالَ مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالأَخِ الصَّالِحِ. قُلْتُ مَنْ هَذَا قَالَ عِيسَى. ثُمَّ مَرَرْتُ بِإِبْرَاهِيمَ، فَقَالَ مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالاِبْنِ الصَّالِحِ. قُلْتُ مَنْ هَذَا قَالَ هَذَا إِبْرَاهِيمُ. قَالَ وَأَخْبَرَنِى ابْنُ حَزْمٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَأَبَا حَبَّةَ الأَنْصَارِىَّ كَانَا يَقُولاَنِ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «ثُمَّ عُرِجَ بِى حَتَّى ظَهَرْتُ لِمُسْتَوًى أَسْمَعُ صَرِيفَ الأَقْلاَمِ». قَالَ ابْنُ حَزْمٍ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنهما - قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «فَفَرَضَ اللَّهُ عَلَىَّ خَمْسِينَ صَلاَةً، فَرَجَعْتُ بِذَلِكَ حَتَّى أَمُرَّ بِمُوسَى، فَقَالَ مُوسَى مَا الَّذِى فُرِضَ عَلَى أُمَّتِكَ قُلْتُ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسِينَ صَلاَةً. قَالَ فَرَاجِعْ رَبَّكَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لاَ تُطِيقُ ذَلِكَ. فَرَجَعْتُ فَرَاجَعْتُ رَبِّى فَوَضَعَ شَطْرَهَا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى، فَقَالَ رَاجِعْ رَبَّكَ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ، فَوَضَعَ شَطْرَهَا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى، فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ رَاجِعْ رَبَّكَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لاَ تُطِيقُ ذَلِكَ، فَرَجَعْتُ فَرَاجَعْتُ رَبِّى فَقَالَ هِىَ خَمْسٌ، وَهْىَ خَمْسُونَ، لاَ يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَىَّ. فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى، فَقَالَ رَاجِعْ رَبَّكَ. فَقُلْتُ قَدِ اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَبِّى، ثُمَّ انْطَلَقَ، حَتَّى أَتَى السِّدْرَةَ الْمُنْتَهَى، فَغَشِيَهَا أَلْوَانٌ لاَ أَدْرِى مَا هِىَ، ثُمَّ أُدْخِلْتُ {الْجَنَّةَ} فَإِذَا فِيهَا جَنَابِذُ اللُّؤْلُؤِ وَإِذَا تُرَابُهَا الْمِسْكُ». طرفه 163 ـــــــــــــــــــــــــــــ (ظهرت على مستوى) أي: علوت مكانًا سويًّا لا اعوجاج فيه (أسمع صريف الأقلام) صوت جريانها حال الكتابة، فإن الملائكة يكتبون أحكام الله التي تجري في تلك السنة (ثم أُدخلت الجنه فإذا فيها جنابذ اللؤلؤ) بالجيم جمع جنبذ، لفظ معرب، يرادفه القبَّة.

7 - باب قول الله تعالى (وإلى عاد أخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا الله)

7 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ) وَقَوْلِهِ (إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالأَحْقَافِ) إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى (كَذَلِكَ نَجْزِى الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ). فِيهِ عَنْ عَطَاءٍ وَسُلَيْمَانَ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ) شَدِيدَةٍ (عَاتِيَةٍ) قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَتَتْ عَلَى الْخُزَّانِ (سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا) مُتَتَابِعَةً (فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ) أُصُولُهَا (فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ) بَقِيَّةٍ. 3343 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «نُصِرْتُ بِالصَّبَا، وَأُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ». طرفه 1035 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قول الله تعالى: {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا} [هود: 50] (وقوله {إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ} [الأحقاف: 21]) جمع حقف -بكسر الحاء- قال الأزهري: هو الرمل العظيم المستدير (فيه عطاء وسليمان عن عائشة) حديث عطاء تقدم في بدء الخلق، وحديث سليمان عن عائشة سيأتي في سورة الأحقاف. (وقول الله: {وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ} [الحاقة: 6] هذا أيضًا من الترجمة، وعاد قوم هود بن سام بن نوح، وكانوا اثني عشر قبيلة، قال ابن قتيبة: كانوا يسكنون بالدهناء إلى حضرموت، وكانت بلادهم أكثر البلاد جنانًا، فلما سخط الله عليهم وأهلكهم جعلها مفاوز. 3343 - (محمد بن عرعرة) بعين وراء مهملتين مكررتين (الحكم) بفتح الحاء والكاف (نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور) قال ابن الأثير: الدبور ريح تقابل الصبا، وقيل: هو ريح يأتي من دبر الكعبة، وليس بشيء، قال: وقد اختلف الناس في جهات الريح ومهابِّها.

3344 - قَالَ وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِى نُعْمٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ - رضى الله عنه - قَالَ بَعَثَ عَلِىٌّ - رضى الله عنه - إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِذُهَيْبَةٍ فَقَسَمَهَا بَيْنَ الأَرْبَعَةِ الأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ الْحَنْظَلِىِّ ثُمَّ الْمُجَاشِعِىِّ، وَعُيَيْنَةَ بْنِ بَدْرٍ الْفَزَارِىِّ، وَزَيْدٍ الطَّائِىِّ ثُمَّ أَحَدِ بَنِى نَبْهَانَ، وَعَلْقَمَةَ بْنِ عُلاَثَةَ الْعَامِرِىِّ ثُمَّ أَحَدِ بَنِى كِلاَبٍ، فَغَضِبَتْ قُرَيْشٌ وَالأَنْصَارُ، قَالُوا يُعْطِى صَنَادِيدَ أَهْلِ نَجْدٍ وَيَدَعُنَا. قَالَ «إِنَّمَا أَتَأَلَّفُهُمْ». فَأَقْبَلَ رَجُلٌ غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ، نَاتِئُ الْجَبِينِ، كَثُّ اللِّحْيَةِ، مَحْلُوقٌ فَقَالَ اتَّقِ اللَّهَ يَا مُحَمَّدُ. فَقَالَ «مَنْ يُطِعِ اللَّهَ إِذَا عَصَيْتُ، أَيَأْمَنُنِى اللَّهُ عَلَى أَهْلِ الأَرْضِ فَلاَ تَأْمَنُونِى». فَسَأَلَهُ رَجُلٌ قَتْلَهُ - أَحْسِبُهُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ - فَمَنَعَهُ، فَلَمَّا وَلَّى قَالَ «إِنَّ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا - أَوْ فِي عَقِبِ هَذَا - قَوْمٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ، لاَ يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، ـــــــــــــــــــــــــــــ 3344 - (وقال ابن كثير: يقول شعبة عن ابن أبي نُعْم) -بضم النون وسكون العين- واسم الابن عبد الرحمن (بعث علي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بذهيبة) أنثه باعتبار القطعة، وكان تبرًا غير مضروب (الأقرع بن حابس المجاشعي) -بضم الميم وكسر الشين- بطن من تميم، وهو مجاشع بن دارم بن مالك (وعينية بن بدر الفزاري) -بفتح الفاء- نسبة إلى فزارة حي من غطفان أولاد فزارة بن ذبيان بن بغيض (وزيد الطائي ثم أحد بني نبهان) -بالنون بعدها موحدة- هو زيد الخيل (وعلقمة بن علاثة العامري) -بضم العين وثاء مثلثة- نسبة إلى عامر بن طفيل بن كلاب (يعطي صناديد نجد) قال الجوهري: جمع صنديد -بكسر الصاد- وهو السيد الشجاع. (فأقبل رجل غائر العينين) بالغين المعجمة ضد الجاحظ، وهو مرتفع العين (مشرف الوجنتين) مرتفعها (ناتئ الجبين) -بالنون- أي: بارز الجبين (محلوق) أي: رأسه، هو ذو الخويصرة لعنه الله (فسأله رجل قتله أحسبه خالد بن الوليد) مر في بعض الروايات عمر، بدل خالد (فلما وَلَّى، قال: إن من ضئضيء هذا) -بكسر الضاد المعجمة على وزن القنديل- أصل الشيء (قومٌ يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم) أي: حلوقهم، أي: إيمانهم إنما يقولونه باللسان، وقيل: لا يرفع لهم عمل إلى الله تعالى، وهذا وإن كان صحيحًا، إلا أنه ليس معنى التركيب.

8 - باب قصة يأجوج ومأجوج

يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يَقْتُلُونَ أَهْلَ الإِسْلاَمِ، وَيَدَعُونَ أَهْلَ الأَوْثَانِ، لَئِنْ أَنَا أَدْرَكْتُهُمْ لأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ». أطرافه 3610، 4351، 4667، 5058، 6163، 6931، 6933، 7432، 7562 3345 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الأَسْوَدِ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ). طرفه 3341 8 - باب قِصَّةِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ) وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِى الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا * إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَىْءٍ سَبَبًا * فَاتَّبَعَ سَبَبًا) إِلَى قَوْلِهِ (ائْتُونِى زُبَرَ الْحَدِيدِ) وَاحِدُهَا زُبْرَةٌ وَهْىَ الْقِطَعُ (حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ) يُقَالُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْجَبَلَيْنِ، وَالسُّدَّيْنِ الْجَبَلَيْنِ (خَرْجًا) أَجْرًا (قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ (يمرقون) من الذين كما يمرق السهم من الرمية) -بفتح الراء وكسر الميم وتشديد الياء- الصيد المرمي (لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد) أي: كما قتل الله عادًا، حيث لم يبق منهم أحدًا قال تعالى: {فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ} [الحاقة: 8] هذا وجه الشبه، فمن قال: إن عادًا فاعل القتل؛ لأن عادًا مشهورون بالعزة، فقد التبس عليه وجه الشبه وإنما لم يمكن خالدًا من قتله؛ لأنه كان يظهر الإيمان، فلا يقال إن محمدًا يقتل أصحابه. باب قول الله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ} [الكهف: 83] السائل يهود، ولم يكن له ذكر في التوراة إلا في موضع واحد، وذو القرنين اسمه إسكندر، من أولاد عيصو بن إسحاق، وليس قابلدار، ذاك ابن فيلقوس فلسفي تلميذ أرسطو، وهذا إما وليٌّ أو نبيٌّ، والثاني هو الظاهر، لقوله تعالى: {يَاذَا الْقَرْنَيْنِ} [الكهف: 86] وإنما لُقب بهذا؛ لأنه ملك المشرق والمغرب، والقرن: طرف الشيء، وقيل: كان في رأسه شبه القرنين، وقيل: رأى في النوم أنه أخذ بقرني الشمس. (عن ابن عباس الصدفين والسدين الجبلين) -بضم الصاد والسين وفتحهما وبضم دال

نَارًا قَالَ آتُونِى أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا) أَصْبُبْ عَلَيْهِ رَصَاصًا، وَيُقَالُ الْحَدِيدُ. وَيُقَالُ الصُّفْرُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ النُّحَاسُ. (فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ) يَعْلُوهُ، اسْتَطَاعَ اسْتَفْعَلَ مِنْ أَطَعْتُ لَهُ فَلِذَلِكَ فُتِحَ أَسْطَاعَ يَسْطِيعُ وَقَالَ بَعْضُهُمُ اسْتَطَاعَ يَسْتَطِيعُ، (وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا * قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّى فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّى جَعَلَهُ دَكًّا) أَلْزَقَهُ بِالأَرْضِ، وَنَاقَةٌ دَكَّاءُ لاَ سَنَامَ لَهَا، وَالدَّكْدَاكُ مِنَ الأَرْضِ مِثْلُهُ حَتَّى صَلُبَ مِنَ الأَرْضِ وَتَلَبَّدَ. (وَكَانَ وَعْدُ رَبِّى حَقًّا * وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ) (حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ) قَالَ قَتَادَةُ حَدَبٍ أَكَمَةٍ. قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - رَأَيْتُ السَّدَّ مِثْلَ الْبُرْدِ الْمُحَبَّرِ. قَالَ «رَأَيْتَهُ». 3346 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ زَيْنَبَ ابْنَةَ أَبِى سَلَمَةَ حَدَّثَتْهُ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِى سُفْيَانَ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ - رضى الله عنهن أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَلَيْهَا فَزِعًا يَقُولُ «لاَ إِلَهَ إِلاَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ الصدفين وتُسكَّن- والسد: الحاجز بين الشيئين، وقيل: بضم السين، فعل الخالق، وبالفتح فعل المخلوق، ويتعارضان {يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ} [الكهف: 94] بالهمزة وبالألف قرئ بهما، قيل: علمان لرجلين من أولاد يافث بن نوح، لفظان أعجميان، وقيل: عربيان، وقد بسطنا الكلام عليهما في تفسيرنا: "غاية الأماني" {وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ} [الأنبياء: 96]) الحدب المكان المرتفع، والنسلان الإسرع، و (قال رجل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: رأيت السد مثل البرد المحبَّر) -بفتح المشددة- الذي فيه الحظ الأحمر والأسود، وإنما كان كذلك؛ لأنه مركب من الحديد والنحاس. 3346 - (بُكير) بضم الباء مصغر، وكذا (عقيل)، (زينب بنت جحش) بتقديم الجيم

اللَّهُ، وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ». وَحَلَّقَ بِإِصْبَعِهِ الإِبْهَامِ وَالَّتِى تَلِيهَا. قَالَتْ زَيْنَبُ ابْنَةُ جَحْشٍ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ قَالَ «نَعَمْ، إِذَا كَثُرَ الْخُبْثُ». أطرافه 3598، 7059، 7135 3347 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «فَتَحَ اللَّهُ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلَ هَذَا». وَعَقَدَ بِيَدِهِ تِسْعِينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ (ويل للعرب من شرٍّ قد اقترب فتح من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه، وحلق بإصبعيه الإبهام والتي تليها) إنما خصَّ العرب بالذكر، لأن الفتن فيهم أكثر ما وقع، ألا ترى إلى ما وقع من معاوية من الإمام علي بن أبي طالب، وما وقع بعد ذلك من الخوارج وقتل الحسين، وما وقع من مسلم بن عقبة مع أهل المدينة، وما قتل مروان من الصحابة والتابعين، وما يقال: أشار إلى خروج جنكيز، وهولاكو، وقتل الخليفة ببغداد، استدلالًا بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "يأجوج ومأجوج من الترك" فليس بشيء لأن إفساد أولئك في العجم أكثر، بل لم يدخلوا في أرض العرب إلا نادرًا. فإن قلت: كيف دلَّ فتح مقدار قليل من ردم يأجوج ومأجوج على اقتراب الشر من العرب؟ قلت: ذاك علامة في باب الشر، ومثله لا يعلمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلَّا وحيًا أو إلهامًا. (أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم إذا كثر الخبث) -بفتح الحاء والياء- هي الرواية وهو الشيء النجس، أراد به الفسوق والمعاصي، فإنه بشؤم ذلك يهلك الصالحون أيضًا، قال تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال: 25]. 3347 - (مسلم) ضد الكافر (وهيب) مصغر (فتح الله من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا وعقد بيده تسعين) هو أن يجعل رأس المسبِّحة في أصل الإبهام، بحيث لا يبقى إلا فرجة يسيرة، وهذا نوع من الحساب يتعاطاه العرب في عقود الأصابع، كقوله - صلى الله عليه وسلم - في الإشارة

3348 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنِ الأَعْمَشِ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى يَا آدَمُ. فَيَقُولُ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ. فَيَقُولُ أَخْرِجْ بَعْثَ النَّارِ. قَالَ وَمَا بَعْثُ النَّارِ قَالَ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَمِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ، فَعِنْدَهُ يَشِيبُ الصَّغِيرُ، وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا، وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى، وَمَا هُمْ بِسُكَارَى، وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَيُّنَا ذَلِكَ الْوَاحِدُ قَالَ «أَبْشِرُوا فَإِنَّ مِنْكُمْ رَجُلٌ، وَمِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ أَلْفٌ». ثُمَّ قَالَ «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ، إِنِّى أَرْجُو أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ». فَكَبَّرْنَا. فَقَالَ «أَرْجُو أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ». فَكَبَّرْنَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ بالأصابع: "الشهر هكذا" فلا ينافي قوله: "نحن أمة أمية لا نكتب ولا نحسب" على أن هذا إدراج من الراوي ليس من كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. 3348 - (يقول الله: يا آدم، فيقول: لبيك وسعديك) قد سلف أن المراد من هذا التكرار، أي: إقامة بعد إقامة وإسعاد بعد إسعاد (والخير في يديك) أي: في قبضة قدرتك، وذكر اليدين إشارة إلى كمال القدرة (أخرج بعث النار)، قال الجوهري وابن الأثير: البعث هو الجيش، فالكلام على طريقة التشبيه (قال: وما بعث النار؟ قال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين، فعنده يشيب الصغير) من شدة الغم، وهذا مثل قوله تعالى: {يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا} [المزمل: 17] (أبشروا فإن منكم رجلًا ومن يأجوج ومأجوج ألفًا) لم يرد المخاطبين وحده، بل أمتهم كلهم، بدليل ما ذكر بعده من قوله: (أرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة) وفي رواية الترمذي ورفعه وحسنه: "إن أهل الجنة مئة وعشرون صَفٍّ، ثمانون من هذه الأمة وأربعون من سائر الأمم".

9 - باب قول الله تعالى (واتخذ الله إبراهيم خليلا)

فَقَالَ «أَرْجُو أَنْ تَكُونُوا نِصْفَ أَهْلِ الْجَنَّةِ». فَكَبَّرْنَا. فَقَالَ «مَا أَنْتُمْ فِي النَّاسِ إِلاَّ كَالشَّعَرَةِ السَّوْدَاءِ فِي جِلْدِ ثَوْرٍ أَبْيَضَ، أَوْ كَشَعَرَةٍ بَيْضَاءَ فِي جِلْدِ ثَوْرٍ أَسْوَدَ». 9 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً) وَقَوْلِهِ (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا) وَقَوْلِهِ (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ) وَقَالَ أَبُو مَيْسَرَةَ: ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: لم لم يخبر ابتداء بهذا العدد؟ قلت: إما أن أراد الترقي في البشارة، أو لم يكن عالمًا إلا على التدريج، فكما أخبره الله وأعلمه أخبر وأعلم، وهذا يدل على أن بعث النار هم الكفار؛ للقطع بأن بعض أمته يدخل النار ثم يخرج بشفاعته، وشفاعة سائر الشافعين. (ما أنتم في الناس إلا كالشعرة السوداء في جلد ثور أبيض) يريد الناس كلهم المؤمن والكافر، وإلا فهم أكثر أهل الجنة. فإن قلت: أيُّ فائدة لذكر هذا الكلام؟ قلت: إشارة إلى ما منَّ الله عليهم، فإنهم مع قلتهم في الناس هم أكثر أهل الجنة، ونحمد الله على أن جعلنا من هذه الأمة. باب قول الله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [النساء: 125] {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا} [النحل: 120] قال صاحب "الكشاف": فيه وجهان: أحدهما: أنه كان وحده أمة من الأمم؛ لكماله في صفات الخير كقول أبي نواس: وليس على الله بمستنكر ... أن يجمع العالم في واحد وعن مجاهد أنه كان مؤمنًا وحده، والناس كلهم كفار. والثاني: أن يكون المعنى أنه مأموم يؤمه الناس لتعلم الخير، كقولهم: فلان رحلة ونخبة. والقانت: المطيع لله. (وقوله: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ} [التوبة: 114] قال أبو ميسرة) -ضد الميمنة- هو

الرَّحِيمُ بِلِسَانِ الْحَبَشَة. 3349 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلاً - ثُمَّ قَرَأَ - (كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ) وَأَوَّلُ مَنْ يُكْسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ [عمرو بن شرحبيل] (الرحيم بلسان الحبشة) تفسير الأواه، قال ابن الأثير: معناه كثير التأوه والتضرع، وقيل: كثير البكاء. 3349 - (إنكم محشورون حفاة عراة غرلًا) -بالغين المعجمة- جمع أغرل، الذي لم يختن، والغرلة: هي القلفة التي يقطعها الخاتن (ثم قرأ {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ} [الأنبياء: 104] استدل به على أن الحشر والإعادة على نمط البدء، وقد ذكر الغزالي أنه يستحبُّ لمن به الجنابة أن يغتسل ثم يحلق رأسه؛ لأن تلك الشعرة تعاد يوم القيامة فتكون بوصف الطهارة (وأول من يُكسَى يوم القيامة إبراهيم) لأنه جرد في الله حين ألقي [في] النار، وهذا كصعقة موسى عليه السلام في الطور، فلم يصعق حين صعق الناس يوم القيامة، وأمثال هذه الأمور لا تنافي أفضلية نبينا سيد المرسلين - صلى الله عليه وسلم -، فإنها أمور جزئية. قال بعضهم في دفع الإشكال: إن المتكلم غير داخل، فلا يلزم تقدمه على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهذا غلط منه، لما روى البيهقي وأبو نعيم: "ثم أوتى بكسوتي" بلفظ ثم، وفي بعض الروايات: "فيجلسني الله عن يمينه" يشير إلى أن إبراهيم وإن قدم في اللبس، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقدم عليه في المرتبة، ولذلك عبر عنه باليمين، وإلا فالله تعالى منزه عن اليمين

وَإِنَّ أُنَاسًا مِنْ أَصْحَابِى يُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ فَأَقُولُ أَصْحَابِى أَصْحَابِى. فَيَقُولُ، إِنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ. فَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ (وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ) إِلَى قَوْلِهِ (الْحَكِيمُ) أطرافه 3447، 4625، 4626، 4740، 6524، 6525، 6526 3350 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِى أَخِى عَبْدُ الْحَمِيدِ عَنِ ابْنِ أَبِى ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَلْقَى إِبْرَاهِيمُ أَبَاهُ آزَرَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَعَلَى وَجْهِ آزَرَ قَتَرَةٌ وَغَبَرَةٌ، فَيَقُولُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ لاَ تَعْصِنِى فَيَقُولُ أَبُوهُ فَالْيَوْمَ لاَ أَعْصِيكَ. فَيَقُولُ إِبْرَاهِيمُ يَا رَبِّ، إِنَّكَ وَعَدْتَنِى أَنْ لاَ تُخْزِيَنِى يَوْمَ يُبْعَثُونَ، فَأَىُّ خِزْىٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ العرش ويؤتى بي فأكسى حلة لا تقوم لها البشر". (وإن ناسًا من أصحابي يؤخذ بهم ذات الشمال) أي: إلى طريق جهنم (فأقول أصيحابي) على المصغر، أي: هؤلاء أصحابي، فكيف يؤخذ بهم ذات الشمال؟ (فيقول) أي: والله، أو ملك موكل بهم (إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم، منذ فارقتهم) قيل: هم أهل الكبائر، ولذلك قيد بأعقابهم وهذا ليس بشيء لما في الرواية الأخرى: "فأقول سحقًا لمن بدل بعدي". فإن قلت: قد أطبقوا على أن الأصحاب كلهم خيار عدول؟ قلت: مقيد بمن لم يتبدل، ألا ترى إلى قول ذي الخويصرة: اعدل يا محمد، وأيضًا لفظ التبديل لا يصدق على الذنب. 3350 - (عن ابن أبي ذئب) بلفظ الحيوان المعروف، محمد بن عبد الرحمن (المقبري) بضم الباء وفتحها (يَلْقَى إبراهيم أباه آزر على وجهه قترة وغبرة) القترة: السَّواد، من القتار، وهو أقبح الأشكال (فيقول إبراهيم يا رب إنك وعدتني لا تخزني يوم يبعون، وأيُّ خزي

أَخْزَى مِنْ أَبِى الأَبْعَدِ فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى إِنِّى حَرَّمْتُ الْجَنَّةَ عَلَى الْكَافِرِينَ، ثُمَّ يُقَالُ يَا إِبْرَاهِيمُ مَا تَحْتَ رِجْلَيْكَ فَيَنْظُرُ فَإِذَا هُوَ بِذِيخٍ مُلْتَطِخٍ، فَيُؤْخَذُ بِقَوَائِمِهِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ». طرفاه 4768، 4769 3351 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرٌو أَنَّ بُكَيْرًا حَدَّثَهُ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ دَخَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْبَيْتَ فَوَجَدَ فِيهِ صُورَةَ إِبْرَاهِيمَ وَصُورَةَ مَرْيَمَ فَقَالَ «أَمَا لَهُمْ، فَقَدْ سَمِعُوا أَنَّ الْمَلاَئِكَةَ لاَ تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ، هَذَا إِبْرَاهِيمُ مُصَوَّرٌ فَمَا لَهُ يَسْتَقْسِمُ». طرفه 398 3352 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا رَأَى الصُّوَرَ فِي الْبَيْتِ لَمْ يَدْخُلْ، حَتَّى أَمَرَ بِهَا فَمُحِيَتْ، وَرَأَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ - عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ - بِأَيْدِيهِمَا الأَزْلاَمُ فَقَالَ «قَاتَلَهُمُ اللَّهُ، وَاللَّهِ إِنِ اسْتَقْسَمَا بِالأَزْلاَمِ قَطُّ». طرفه 398 ـــــــــــــــــــــــــــــ أخزى من أبي الأبعد؟) بالجر صفة الأب، أي: في غاية البعد من الخير (فإذا هو يذبح) بكسر الذال المعجمة وياء مثناة وخاء معجمة (ملتطخ) أي: ملوث، فسره الرواية الأخرى: "فإذا هو ضبعان أمد" أي: ذكر من الضبع، وأمدر: قال ابن الأثير: الأمدر الذي انتفخ جنباه عظيم البطن، وقيل: الذي تَتَرَّب جَنْباه من المَدَر، والغبرة: الغبار فوق ذلك القتار، وقيل: الكثير التغوط الذي لا يقدر على حبسه، وإنما أراه الله في هذه الصورة ليعرض عنه. 3351 - 3352 - (دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - البيت) أي: الكعبة الشريفة (ورأى إبراهيم وإسماعيل بأيديهما الأزلام) جمع زلم، كأفراس في فرس، وهذه الأقداح كانوا يستقسمون بها، يظنون بها معرفة الأقسام والحظوظ المقدرة، إذا أرادوا سفورًا أو نكاحًا أو غير ذلك، وهي ثلاثة مكتوب على أحدها أمرني ربي، وعلى الأخرى: نهاني ربي، والأخرى: غفل، يضربها إن خرج الذي فيه الأمر مضى فيما قصد، وإن خرج النهي أمسك، وإن خرج الغفل أعاد ضربها، وإنما ورد النهي عن ذلك؛ لأنه طلب علم الغيب.

3353 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ أَبِى سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَكْرَمُ النَّاسِ قَالَ «أَتْقَاهُمْ». فَقَالُوا لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ. قَالَ «فَيُوسُفُ نَبِىُّ اللَّهِ ابْنُ نَبِىِّ اللَّهِ ابْنِ نَبِىِّ اللَّهِ ابْنِ خَلِيلِ اللَّهِ». قَالُوا لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ. قَالَ «فَعَنْ مَعَادِنِ الْعَرَبِ تَسْأَلُونَ خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الإِسْلاَمِ إِذَا فَقُهُوا». قَالَ أَبُو أُسَامَةَ وَمُعْتَمِرٌ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 3374، 3383، 3490، 4689 3354 - حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا عَوْفٌ حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ حَدَّثَنَا سَمُرَةُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَتَانِى اللَّيْلَةَ آتِيَانِ، فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ طَوِيلٍ، لاَ أَكَادُ أَرَى رَأْسَهُ طُولاً، وَإِنَّهُ إِبْرَاهِيمُ - صلى الله عليه وسلم -». أطرافه 845 ـــــــــــــــــــــــــــــ 3353 - (من أكرم الناس) أي: عند الله (قال: أتقاهم) لقوله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13] (فيوسف نبي الله) ليس في الأنبياء من يكون نبيًّا وأبوه وجده كذلك غير يوسف (خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا) -بضم القاف- أي: صاروا فقهاء في الدين، وإذا انتفى هذا القيد فلا فضل في النسب المجرد (أبو أسامة) حمَّاد بن أسامة. 3354 - (مؤمل) بفتح الميم المشددة (أبو رجَاء) -بفتح الجيم مع المد- عمران العطاردي (أتى الليلة آتيان) أي: ملكان (فأتينا على رجل طويل لا أكاد أرى رأسه وإنه إبراهيم). فإن قلت: قد تقدم في حديث الإسراء، وذكر في هذا الحديث أيضًا أنه قال: "رأيت إبراهيم أشبه الناس به صاحبكم "، يريد نفسه؟ قلت: وجه التشبيه لا يلزم من كل وجه، على أنه يمكن أن يراه في عالم الملكوت على أنحاء شتى، ولا مانع من ذلك.

3355 - حَدَّثَنِى بَيَانُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا النَّضْرُ أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - وَذَكَرُوا لَهُ الدَّجَّالَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ مَكْتُوبٌ كَافِرٌ أَوْ ك ف ر. قَالَ لَمْ أَسْمَعْهُ وَلَكِنَّهُ قَالَ «أَمَّا إِبْرَاهِيمُ فَانْظُرُوا إِلَى صَاحِبِكُمْ، وَأَمَّا مُوسَى فَجَعْدٌ آدَمُ عَلَى جَمَلٍ أَحْمَرَ مَخْطُومٍ بِخُلْبَةٍ، كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَيْهِ انْحَدَرَ فِي الْوَادِى». طرفه 1555 3356 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِىُّ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - وَهْوَ ابْنُ ثَمَانِينَ سَنَةً بِالْقَدُّومِ». حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ «بِالْقَدُومِ». مُخَفَّفَةً. تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ. تَابَعَهُ عَجْلاَنُ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ. وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِى سَلَمَةَ. طرفه 6298 3357 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ تَلِيدٍ الرُّعَيْنِىُّ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ إِلاَّ ثَلاَثًا». طرفه 2217 ـــــــــــــــــــــــــــــ 3355 - (بيان) بالموحدة بعدها مثناة (النضر) بالضاد المعجمة (ابن عود) عبد الله بن عيينة (كافر أو ك ف ر) هذا الثاني هو الصواب؛ لقوله في الرواية الأخرى: ("يقرأ أكل أحد") "مخطوم بخلبة" بضم الخاء والباء الموحدة، ليف النخل. 3356 - (اختتن إبراهيم) النبي (وهو ابن ثمانين سنة بالقدوم) قال ابن الأثير: قرية بالشام، وقيل: هو آلة النجاري، ويروى بدون اللام، وعلى كل وجه يجوز تخفيف الدال وتشديده، ونقل الجوهري عن ابن السَّكيت أنه آلة البخاري بالتخفيف لا غير، وفي الأول وجهان (عجلان) على وزن شعبان. 3357 - (الرَّعيني) بضم الراء وفتح العين نسبة إلى رعينة، اسم بلد من بلاد المغرب، ومنه ولي الله أبو القاسم الشاطبي، واسم بلد أيضًا باليمن (سعيد بن تليد) بفتح التاء وكسر اللام (لم يكذب إبراهيم إلا ثلاثًا) فسَّرها في الرواية الأخرى.

3358 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - إِلاَّ ثَلاَثَ كَذَبَاتٍ ثِنْتَيْنِ مِنْهُنَّ فِي ذَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَوْلُهُ (إِنِّى سَقِيمٌ) وَقَوْلُهُ (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا)، وَقَالَ بَيْنَا هُوَ ذَاتَ يَوْمٍ وَسَارَةُ إِذْ أَتَى عَلَى جَبَّارٍ مِنَ الْجَبَابِرَةِ فَقِيلَ لَهُ إِنَّ هَا هُنَا رَجُلاً مَعَهُ امْرَأَةٌ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ، فَسَأَلَهُ عَنْهَا. فَقَالَ مَنْ هَذِهِ قَالَ أُخْتِى، فَأَتَى سَارَةَ قَالَ يَا سَارَةُ، لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ مُؤْمِنٌ غَيْرِى وَغَيْرُكِ، وَإِنَّ هَذَا سَأَلَنِى، فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّكِ أُخْتِى فَلاَ تُكَذِّبِينِى. فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا، فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ ذَهَبَ يَتَنَاوَلُهَا بِيَدِهِ، فَأُخِذَ فَقَالَ ادْعِى اللَّهَ لِى وَلاَ أَضُرُّكِ. فَدَعَتِ اللَّهَ فَأُطْلِقَ، ثُمَّ تَنَاوَلَهَا الثَّانِيَةَ، فَأُخِذَ مِثْلَهَا أَوْ أَشَدَّ فَقَالَ ادْعِى اللَّهَ لِى وَلاَ أَضُرُّكِ. فَدَعَتْ فَأُطْلِقَ. فَدَعَا بَعْضَ حَجَبَتِهِ فَقَالَ إِنَّكُمْ لَمْ تَأْتُونِى بِإِنْسَانٍ، إِنَّمَا أَتَيْتُمُونِى بِشَيْطَانٍ. فَأَخْدَمَهَا هَاجَرَ فَأَتَتْهُ، وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّى، فَأَوْمَأَ بِيَدِهِ مَهْيَا قَالَتْ رَدَّ اللَّهُ كَيْدَ الْكَافِرِ - أَوِ الْفَاجِرِ - فِي نَحْرِهِ، وَأَخْدَمَ هَاجَرَ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ تِلْكَ أُمُّكُمْ يَا بَنِى مَاءِ السَّمَاءِ. طرفه 2217 ـــــــــــــــــــــــــــــ 3358 - (قوله: إن سقيم) في كسر الأصنام (وفعله كبيرهم) وقوله لسارة: هذه أختي، وقد أشرنا إلى أن صورتها صورة الكذب، وإلا فهي معاريض. فإن قلت: قوله هناك: "في ذات الله" فما وجهه؟ قلت: أي خالصًا لوجه الله، بحيث لا حظ له في ذلك، بخلاف قوله في سارة، وإن كان فيه حظٌّ، لكن أيضًا كان واجبًا عليه بكل ما أمكن، إلا أن كونها زوجة له للنفس في ذلك حظ، وفي رواية هشام بن حسان "ثلاث كذبات كلَّها في ذات الله". فإن قلت: في حديث الشفاعة علل اقتناعه منها بقوله: "إن لي ثلاث كذبات" فلو كانت معاريض، وفي ذات الله فكيف يصح ذلك؟ قلت: حسنات الأبرار سيئات المقربين كونه تكلم بشيء يشبه الكذب رآه حجابًا (مهيم) ويقال بالنون بدل الميم، ومهيَّا بالألف، قال ابن الأثير: كلمة يمانية، يُسْتَفْهم بها (ردَّ الله كيد الكافر أو الفاجر في نحره) أي: في صدره، لم يقدر على إخراجه. (وأخدم هاجر) أي: الله تعالى، ويحتمل أن يريد ذلك الفاجر لأنه المعطي ظاهرًا، وإن كان حقيقة هو الله تعالى (قال أبو هريرة: تلك أمكم يا بني ماء السَّماء) الظاهر أنه أراد

10 - باب (يزفون) النسلان فى المشى

3359 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى أَوِ ابْنُ سَلاَمٍ عَنْهُ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أُمِّ شَرِيكٍ - رضى الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ بِقَتْلِ الْوَزَغِ وَقَالَ «كَانَ يَنْفُخُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ». 3360 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا نَزَلَتِ (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ) قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّنَا لاَ يَظْلِمُ نَفْسَهُ قَالَ «لَيْسَ كَمَا تَقُولُونَ (لَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ) بِشِرْكٍ، أَوَلَمْ تَسْمَعُوا إِلَى قَوْلِ لُقْمَانَ لاِبْنِهِ (يَا بُنَىَّ لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ). طرفه 32 10 - باب (يَزِفُّونَ) النَّسَلاَنُ فِي الْمَشْىِ 3361 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَصْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ أَبِى حَيَّانَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قريشًا، ومن كان من ولد إسماعيل، فإن عيش العرب بالمطر، وقيل: أراد ماء زمزم، وبُعْدُه لا يخفى، وقيل: أراد الأنصار؛ لأن جدهم عامر بن ماء السماء، وهذا أيضًا لا يصح؛ لأن الأنصار ليسوا من أولاد إسماعيل. 3360 - (غياث) بالغين المعجمة (لما نزلت: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82]). فإن قلت: أي وجه لإيراد هذه الآية في قصة إبراهيم؟ قلت: قيل لأنها متصلة بقوله: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ} [الأنعام: 83] وليس بشيء؛ لأن اتصال آية بأخرى في النظم لا يدخلها في القصة، بل الجواب أن هذا من قول إبراهيم جواب لقومه حين حاجَّه قومه، وقوله تعالى: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ} [الأنعام: 83] إشارة إلى هذه الآية: (أينا لا يظلم نفسه) أي: كلنا ظالم لنفسه (أو لم تسمعوا إلى قول لقمان {لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13] فهموا من الظلم العموم، فأشار إلى أن المطلق مصروف إلى الكامل. باب قوله تعالى: {فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ} [الصافات: 94] الزفيف: سرعة المشي، وفي بعضها: النَّسلان في المشي، في تفسير يزفون. 3361 - (أبو أسامة) حماد بن أسامة (عن أبي حيان) -بفتح الحاء وتشديد المثناة-

عَنْ أَبِى زُرْعَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ أُتِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمًا بِلَحْمٍ فَقَالَ «إِنَّ اللَّهَ يَجْمَعُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، فَيُسْمِعُهُمُ الدَّاعِى، وَيُنْفِدُهُمُ الْبَصَرُ، وَتَدْنُو الشَّمْسُ مِنْهُمْ - فَذَكَرَ حَدِيثَ الشَّفَاعَةِ - فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ فَيَقُولُونَ أَنْتَ نَبِىُّ اللَّهِ وَخَلِيلُهُ مِنَ الأَرْضِ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ. فَيَقُولُ - فَذَكَرَ كَذَبَاتِهِ - نَفْسِى نَفْسِى اذْهَبُوا إِلَى مُوسَى». تَابَعَهُ أَنَسٌ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 3340 3362 - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَرْحَمُ اللَّهُ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ، لَوْلاَ أَنَّهَا عَجِلَتْ لَكَانَ زَمْزَمُ عَيْنًا مَعِينًا». طرفه 2368 3363 - قَالَ الأَنْصَارِىُّ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَمَّا كَثِيرُ بْنُ كَثِيرٍ فَحَدَّثَنِى قَالَ إِنِّى وَعُثْمَانَ بْنَ أَبِى سُلَيْمَانَ جُلُوسٌ مَعَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فَقَالَ مَا هَكَذَا حَدَّثَنِى ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ أَقْبَلَ إِبْرَاهِيمُ بِإِسْمَاعِيلَ وَأُمِّهِ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ وَهْىَ تُرْضِعُهُ، مَعَهَا شَنَّةٌ - لَمْ يَرْفَعْهُ - ثُمَّ جَاءَ بِهَا إِبْرَاهِيمُ وَبِابْنِهَا إِسْمَاعِيلَ. طرفه 2368 ـــــــــــــــــــــــــــــ يحيى بن سعيد (عن أبي زرعة) اسمه هرم (إن الله يجمع يوم القيامة الأولين والآخرين في صعيد واحد، فيسمعهم الداعي، وينفذهم البصر) -بالذال المعجمة- أي: يحيط بهم البصر؛ لاستواء الأرض، والحديث تقدم قريبًا، وسيأتي بطوله. 3362 - (رحم الله أم إسماعيل لولا أنها عجلت لكان زمزم عينًا معينًا) أي: جاريًا على وجه الأرض، من عانه يعينه إذا رآه، أو من معن إذا انقاد، وقد سلف أنها من شدة الحرص سدت طريق الماء. 3363 - (وقال الأنصاري) هو محمد بن عبد الله بن المثنى شيخ البخاري، والرواية عنه بقال لأنه سمع الحديث مذاكرة (ابن جريج) على وزن المصغر عبد الملك (كثير بن كثير) كلاهما ضد القليل (شنة) -بفتح الشين وتشديد النون- القربة العتيقة.

3364 - وَحَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِىِّ وَكَثِيرِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِى وَدَاعَةَ، يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى الآخَرِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَوَّلَ مَا اتَّخَذَ النِّسَاءُ الْمِنْطَقَ مِنْ قِبَلِ أُمِّ إِسْمَاعِيلَ، اتَّخَذَتْ مِنْطَقًا لَتُعَفِّىَ أَثَرَهَا عَلَى سَارَةَ، ثُمَّ جَاءَ بِهَا إِبْرَاهِيمُ، وَبِابْنِهَا إِسْمَاعِيلَ وَهْىَ تُرْضِعُهُ حَتَّى وَضَعَهُمَا عِنْدَ الْبَيْتِ عِنْدَ دَوْحَةٍ، فَوْقَ زَمْزَمَ فِي أَعْلَى الْمَسْجِدِ، وَلَيْسَ بِمَكَّةَ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ، وَلَيْسَ بِهَا مَاءٌ، فَوَضَعَهُمَا هُنَالِكَ، وَوَضَعَ عِنْدَهُمَا جِرَابًا فِيهِ تَمْرٌ وَسِقَاءً فِيهِ مَاءٌ، ثُمَّ قَفَّى إِبْرَاهِيمُ مُنْطَلِقًا فَتَبِعَتْهُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ فَقَالَتْ يَا إِبْرَاهِيمُ أَيْنَ تَذْهَبُ وَتَتْرُكُنَا بِهَذَا الْوَادِى الَّذِى لَيْسَ فِيهِ إِنْسٌ وَلاَ شَىْءٌ فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ مِرَارًا، وَجَعَلَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 3364 - (أبي وداعة) بفتح الدال (قال ابن عباس: أولي ما اتخذ النساء المِنطق) -بكسر الجيم- قال ابن الأثير: ويقال له: النطاق، وهو أن تشد المرأة وسطها وترفع الثوب الذي عليها، ثم ترسله على الأسفل، عند معاناة الأشغال، لئلا يعثر ذيلها (من قبل أم إسماعيل) -بكسر القاف- أي: من جهتها (اتخذت منطقًا لتعفي أثره على سارة). فإن قلت: ما معنى هذا الكلام؟ قلت: قيل أرادت بذلك الفعل أنها في صورة الخادم [.....] أصلح ما أفسد، وقيل: معناه أن سارة غضبت عليها فحلفت أن تقطع ثلاثة أعضاء، منها فقال إبراهيم: أنقب أذنيها وتختن لِتَبَرَّ يمينها [فلا]، فتحنث، فلما جرى منها الدم اتخذت منطقة لئلا يُرَى أثر الدّم، هكذا قال بعضهم، ولا معنى للقولين، والذي ظهر لي أنها غارت على هاجر كما هو دأب النساء، خافت هاجر منها أن تذهب إلى إبراهيم ظاهرًا، فإن سارة تعاقبها على ذلك، فاتخذت المنطق، فإن الثوب إذا أرسل من فوق بعد شد الوسط بحيث يقع على الأرض، فهو لكونه غليظًا يعفي، أي: ويستر ويستر آثار المشي والأقدام، بخلاف الذيل فإنه خفيف رقيق لا يمحو آثار الأقدام، وقال شيخنا: إنما اتخذت منطقًا لما غارت عليها سارة وهربت منها، والله أعلم بالصَّواب. (وضعهما عند البيت) أي: بقرب موضع البيت؛ إذ لم يكن هناك بناء (عند دوحة) بدل من: عند البيت، والدوحة: الشجرة العظيمة (ووضع عندهما جرابًا فيه تمر، وسقاء فيه ماء) بكسر الجيم والسين ويجوز فتح الجيم (ثم قفى) أي: ولى، بتشديد الفاء من القفا

لاَ يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا فَقَالَتْ لَهُ آللَّهُ الَّذِى أَمَرَكَ بِهَذَا قَالَ نَعَمْ. قَالَتْ إِذًا لاَ يُضَيِّعُنَا. ثُمَّ رَجَعَتْ، فَانْطَلَقَ إِبْرَاهِيمُ حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ الثَّنِيَّةِ حَيْثُ لاَ يَرَوْنَهُ اسْتَقْبَلَ بِوَجْهِهِ الْبَيْتَ، ثُمَّ دَعَا بِهَؤُلاَءِ الْكَلِمَاتِ وَرَفَعَ يَدَيْهِ، فَقَالَ (رَبَّنَا إِنِّى أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِى بِوَادٍ غَيْرِ ذِى زَرْعٍ) حَتَّى بَلَغَ (يَشْكُرُونَ). وَجَعَلَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ تُرْضِعُ إِسْمَاعِيلَ، وَتَشْرَبُ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ، حَتَّى إِذَا نَفِدَ مَا فِي السِّقَاءِ عَطِشَتْ وَعَطِشَ ابْنُهَا، وَجَعَلَتْ تَنْظُرُ إِلَيْهِ يَتَلَوَّى - أَوْ قَالَ يَتَلَبَّطُ - فَانْطَلَقَتْ كَرَاهِيَةَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَوَجَدَتِ الصَّفَا أَقْرَبَ جَبَلٍ فِي الأَرْضِ يَلِيهَا، فَقَامَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ اسْتَقْبَلَتِ الْوَادِىَ تَنْظُرُ هَلْ تَرَى أَحَدًا فَلَمْ تَرَ أَحَدًا، فَهَبَطَتْ مِنَ، الصَّفَا حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْوَادِىَ رَفَعَتْ طَرَفَ دِرْعِهَا، ثُمَّ سَعَتْ سَعْىَ الإِنْسَانِ الْمَجْهُودِ، حَتَّى جَاوَزَتِ الْوَادِىَ، ثُمَّ أَتَتِ الْمَرْوَةَ، فَقَامَتْ عَلَيْهَا وَنَظَرَتْ هَلْ تَرَى أَحَدًا، فَلَمْ تَرَ أَحَدًا، فَفَعَلَتْ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ - قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «فَذَلِكَ سَعْىُ النَّاسِ بَيْنَهُمَا». - فَلَمَّا أَشْرَفَتْ عَلَى الْمَرْوَةِ سَمِعَتْ صَوْتًا، فَقَالَتْ صَهٍ. تُرِيدَ نَفْسَهَا، ثُمَّ تَسَمَّعَتْ، فَسَمِعَتْ أَيْضًا، فَقَالَتْ قَدْ أَسْمَعْتَ، إِنْ كَانَ عِنْدَكَ غِوَاثٌ. فَإِذَا هِىَ بِالْمَلَكِ، عِنْدَ مَوْضِعِ زَمْزَمَ، فَبَحَثَ بِعَقِبِهِ - أَوْ قَالَ بِجَنَاحِهِ - حَتَّى ظَهَرَ الْمَاءُ، فَجَعَلَتْ تُحَوِّضُهُ وَتَقُولُ بِيَدِهَا هَكَذَا، وَجَعَلَتْ تَغْرِفُ مِنَ الْمَاءِ فِي سِقَائِهَا، وَهْوَ يَفُورُ بَعْدَ مَا ـــــــــــــــــــــــــــــ (آلله أمرك بهذا؟) بالاستفهام (حتى إذا نفِد) -بفتح النون وكسر الفاء ودال مهملة- أي: لم يبق منه شيء (فعطشت) بكسر الطاء (وعطش ابنها وجعلت تنظر إليه يتلوى) -بتشديد اللام- أي: يتقلب من ألم العطش، أو يتلبط، هو بمعنى يتلوى، وقيل: هو الضرب باليد كالخيط بالرجل (رفعت طرف درعها) أي قميصها، ولا يطلق على قميص الرجل، وإنما رفعته ليمكن لها السعي. (ثم سعت سعي الإنسان المجهود) أي: الذي أصابه الجهد، أي: المشقة، فإنه يبالغ في ذلك (فلما أشرفت على المروة سمعت صوتًا فقالت: صه) بسكون الهاء، ويروى بالتنوين أي: اسكت (تريد نفسها) والظاهر أنها كانت تناجي نفسها كما ترى من الواقع في المشقة يحدث نفسه (ثم تسمعت) بالتشديد أي: تكلفت للسماع (قد أسمعت إن كان عندك غواث) -بضم الغين المعجمة- قال ابن الأثير: هو كالغياث اسم من الإغاثة، أي: إن كان عندك إغاثة فاعجل فيه (فجعلت تحوضه) -بضم التاء وتشديد الواو- أي: تجعله حوضًا (وتقول بيدها هكذا) أي: تعمل بيدها الحوض، فإن القول يطلق على كل فعل (فجعلت تغرف من الماء في سقائها) خوفًا من انقطاعه (وهو يفور) أي: ينبع بكثرة، من فوران القدر.

تَغْرِفُ - قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَرْحَمُ اللَّهُ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ لَوْ تَرَكَتْ زَمْزَمَ - أَوْ قَالَ لَوْ لَمْ تَغْرِفْ مِنَ الْمَاءِ - لَكَانَتْ زَمْزَمُ عَيْنًا مَعِينًا». - قَالَ فَشَرِبَتْ وَأَرْضَعَتْ وَلَدَهَا، فَقَالَ لَهَا الْمَلَكُ لاَ تَخَافُوا الضَّيْعَةَ، فَإِنَّ هَا هُنَا بَيْتَ اللَّهِ، يَبْنِى هَذَا الْغُلاَمُ، وَأَبُوهُ، وَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَهْلَهُ. وَكَانَ الْبَيْتُ مُرْتَفِعًا مِنَ الأَرْضِ كَالرَّابِيَةِ، تَأْتِيهِ السُّيُولُ فَتَأْخُذُ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ، فَكَانَتْ كَذَلِكَ، حَتَّى مَرَّتْ بِهِمْ رُفْقَةٌ مِنْ جُرْهُمَ - أَوْ أَهْلُ بَيْتٍ مِنْ جُرْهُمَ - مُقْبِلِينَ مِنْ طَرِيقِ كَدَاءٍ فَنَزَلُوا فِي أَسْفَلِ مَكَّةَ، فَرَأَوْا طَائِرًا عَائِفًا. فَقَالُوا إِنَّ هَذَا الطَّائِرَ لَيَدُورُ عَلَى مَاءٍ، لَعَهْدُنَا بِهَذَا الْوَادِى وَمَا فِيهِ مَاءٌ، فَأَرْسَلُوا جَرِيًّا أَوْ جَرِيَّيْنِ، فَإِذَا هُمْ بِالْمَاءِ، فَرَجَعُوا فَأَخْبَرُوهُمْ بِالْمَاءِ، فَأَقْبَلُوا، قَالَ وَأُمُّ إِسْمَاعِيلَ عِنْدَ الْمَاءِ فَقَالُوا أَتَأْذَنِينَ لَنَا أَنْ نَنْزِلَ عِنْدَكِ فَقَالَتْ نَعَمْ، وَلَكِنْ لاَ حَقَّ لَكُمْ فِي الْمَاءِ. قَالُوا نَعَمْ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «فَأَلْفَى ذَلِكَ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ، وَهْىَ تُحِبُّ الإِنْسَ» فَنَزَلُوا وَأَرْسَلُوا إِلَى أَهْلِيهِمْ، فَنَزَلُوا مَعَهُمْ حَتَّى إِذَا كَانَ بِهَا أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْهُمْ، وَشَبَّ الْغُلاَمُ، وَتَعَلَّمَ الْعَرَبِيَّةَ مِنْهُمْ، وَأَنْفَسَهُمْ وَأَعْجَبَهُمْ حِينَ شَبَّ، فَلَمَّا أَدْرَكَ زَوَّجُوهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ (لا تخافي الصنيعة) أي: الضياع (فإن هاهنا بيت الله) أي: موضع بنيته، لقوله: (يبني هذا الغلام وأبوه، وإن الله لا يضيع أهله) أي: أهل هذا البيت، أو أهل إبراهيم (فكانت كذلك) أي: سارة (حتى مرت بهم رُفْقة) -بضم الراء- جمع رفيق (من جرهم) -بضم الهاء- قال الجوهري: حيٌّ من اليمن، قلت: هم أولاد جرهم بن قحطان، ذكره ابن هشام في السير (من طريق كداء) -بفتح الكاف والمد- أعلى مكة، وفي بعضها: كُدَى -بضم الكاف والقصر- وهو أسفل مكة (فرأوا طائرًا عائفًا) بالفاء أي: حاتمًا دائمًا. (فأرسلوا جريًّا) -بالجيم- على وزن حييًّا- الذي يجري ويسرع (أو جريين) أتى بعد الأول آخران اهتمامًا بتحقيق الخبر، لقوله: (فإذا هم بالماء فرجعوا) فأو بمعنى الواو لا الشك كما قيل (فألقى ذلك أُمَّ إسماعيل) بالنصب، أي: نزولهم هناك صادف أمَّ إسماعيل محلًّا حسنًا، أو الرفع لوجود الفاصل، أي: وجدت ذلك حسنًا لوجود الأُنس بهم (وشبَّ الغلام) أي: صار شابًّا بعد كونه غلامًا (وتعلم العربية) هذا يدلُّ على بطلان قول من يقول: إن إسماعيل أوَّل من تكلم بالعربية (وأنفسهم) على وزن الماضي، أي: رغبتهم فيه كونهم رأوا فيه أثر النَّفَاسة ساطعًا، ومنه التنافسُ في الشيء، كيف لا وفي جبينه نور سيِّد المرسلين، وهو بضعة من قدوة الموحِّدِين، خليل ربِّ العالمين؟.

امْرَأَةً مِنْهُمْ، وَمَاتَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ، فَجَاءَ إِبْرَاهِيمُ، بَعْدَ مَا تَزَوَّجَ إِسْمَاعِيلُ يُطَالِعُ تَرِكَتَهُ، فَلَمْ يَجِدْ إِسْمَاعِيلَ، فَسَأَلَ امْرَأَتَهُ عَنْهُ فَقَالَتْ خَرَجَ يَبْتَغِى لَنَا. ثُمَّ سَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ فَقَالَتْ نَحْنُ بِشَرٍّ، نَحْنُ فِي ضِيقٍ وَشِدَّةٍ. فَشَكَتْ إِلَيْهِ. قَالَ فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِى عَلَيْهِ السَّلاَمَ، وَقُولِى لَهُ يُغَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِهِ. فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ، كَأَنَّهُ آنَسَ شَيْئًا، فَقَالَ هَلْ جَاءَكُمْ مِنْ أَحَدٍ قَالَتْ نَعَمْ، جَاءَنَا شَيْخٌ كَذَا وَكَذَا، فَسَأَلَنَا عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ، وَسَأَلَنِى كَيْفَ عَيْشُنَا فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا فِي جَهْدٍ وَشِدَّةٍ. قَالَ فَهَلْ أَوْصَاكِ بِشَىْءٍ قَالَتْ نَعَمْ، أَمَرَنِى أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ السَّلاَمَ، وَيَقُولُ غَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِكَ. قَالَ ذَاكِ أَبِى وَقَدْ أَمَرَنِى أَنْ أُفَارِقَكِ الْحَقِى بِأَهْلِكِ. فَطَلَّقَهَا، وَتَزَوَّجَ مِنْهُمْ أُخْرَى، فَلَبِثَ عَنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَتَاهُمْ بَعْدُ، فَلَمْ يَجِدْهُ، فَدَخَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ، فَسَأَلَهَا عَنْهُ. فَقَالَتْ خَرَجَ يَبْتَغِى لَنَا. قَالَ كَيْفَ أَنْتُمْ وَسَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ، وَهَيْئَتِهِمْ. فَقَالَتْ نَحْنُ بِخَيْرٍ وَسَعَةٍ. وَأَثْنَتْ عَلَى اللَّهِ. فَقَالَ مَا طَعَامُكُمْ قَالَتِ اللَّحْمُ. قَالَ فَمَا شَرَابُكُمْ قَالَتِ الْمَاءُ. فَقَالَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي اللَّحْمِ وَالْمَاءِ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ حَبٌّ، وَلَوْ كَانَ لَهُمْ دَعَا لَهُمْ فِيهِ». قَالَ فَهُمَا لاَ يَخْلُو عَلَيْهِمَا أَحَدٌ بِغَيْرِ مَكَّةَ إِلاَّ لَمْ يُوَافِقَاهُ. قَالَ فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِى عَلَيْهِ السَّلاَمَ، وَمُرِيهِ يُثْبِتُ عَتَبَةَ بَابِهِ، فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ قَالَ هَلْ أَتَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ قَالَتْ نَعَمْ أَتَانَا شَيْخٌ حَسَنُ الْهَيْئَةِ، وَأَثْنَتْ عَلَيْهِ، فَسَأَلَنِى عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَسَأَلَنِى كَيْفَ عَيْشُنَا فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا بِخَيْرٍ. قَالَ فَأَوْصَاكِ بِشَىْءٍ قَالَتْ نَعَمْ، هُوَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ ـــــــــــــــــــــــــــــ (فجاء إبراهيم بعدما تزوَّج إسماعيل يُطالع تركته) بفتح التاء وسكون الراء، فَعْل بمعنى المفعول، أي: ما تركه، قال ابن الأثير: ولو رُوِيَ بكسر الراء لكان وجهًا، وهو الشيء المتروك، كما في ترك الميت (خرج يبتغي لنا) أي: ما نعيش به، وكان صيادًا يصطاد (فسألها عن عشهم فقالت: بشرٍّ وضيق) أي: في جواب إبراهيم لما قال: كيف عيشكم؟ قال: (فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام، وقولي له: يغيِّر عتبة بابه) كنَّى بالعتبة عن الزوجة؛ لأنها لا تخرج من البيت. (فلما جاء إسماعيل كأنه آنس شيئًا) من روائح إبراهيم وآثار أنواره (فأخبرتُه أنَّا في جَهد) بفتح الجين وضمها المشقة (الحقي بأهلك) بكسر الهمزة، كناية عن الطلاق، ولما سأل المرأة عن تزوجتها بعد الأولى، ورآها شاكرةً، فأمره بإمساكها (قالت: هو يقرأ عليك

السَّلاَمَ، وَيَأْمُرُكَ أَنْ تُثْبِتَ عَتَبَةَ بَابِكَ. قَالَ ذَاكِ أَبِى، وَأَنْتِ الْعَتَبَةُ، أَمَرَنِى أَنْ أُمْسِكَكِ. ثُمَّ لَبِثَ عَنْهُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِسْمَاعِيلُ يَبْرِى نَبْلاً لَهُ تَحْتَ دَوْحَةٍ قَرِيبًا مِنْ زَمْزَمَ، فَلَمَّا رَآهُ قَامَ إِلَيْهِ، فَصَنَعَا كَمَا يَصْنَعُ الْوَالِدُ بِالْوَلَدِ وَالْوَلَدُ بِالْوَالِدِ، ثُمَّ قَالَ يَا إِسْمَاعِيلُ، إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِى بِأَمْرٍ. قَالَ فَاصْنَعْ مَا أَمَرَكَ رَبُّكَ. قَالَ وَتُعِينُنِى قَالَ وَأُعِينُكَ. قَالَ فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِى أَنْ أَبْنِىَ هَا هُنَا بَيْتًا. وَأَشَارَ إِلَى أَكَمَةٍ مُرْتَفِعَةٍ عَلَى مَا حَوْلَهَا. قَالَ فَعِنْدَ ذَلِكَ رَفَعَا الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ، فَجَعَلَ إِسْمَاعِيلُ يَأْتِى بِالْحِجَارَةِ، وَإِبْرَاهِيمُ يَبْنِى، حَتَّى إِذَا ارْتَفَعَ الْبِنَاءُ جَاءَ بِهَذَا الْحَجَرِ فَوَضَعَهُ لَهُ، فَقَامَ عَلَيْهِ وَهْوَ يَبْنِى، وَإِسْمَاعِيلُ يُنَاوِلُهُ الْحِجَارَةَ، وَهُمَا يَقُولاَنِ (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ). قَالَ فَجَعَلاَ يَبْنِيَانِ حَتَّى يَدُورَا حَوْلَ الْبَيْتِ، وَهُمَا يَقُولاَنِ (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ). طرفه 2368 3365 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ عَنْ كَثِيرِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا كَانَ بَيْنَ إِبْرَاهِيمَ وَبَيْنَ أَهْلِهِ مَا كَانَ، خَرَجَ بِإِسْمَاعِيلَ وَأُمِّ إِسْمَاعِيلَ، وَمَعَهُمْ شَنَّةٌ فِيهَا مَاءٌ، فَجَعَلَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ تَشْرَبُ مِنَ الشَّنَّةِ فَيَدِرُّ لَبَنُهَا عَلَى صَبِيِّهَا حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ، فَوَضَعَهَا تَحْتَ دَوْحَةٍ، ثُمَّ رَجَعَ إِبْرَاهِيمُ إِلَى أَهْلِهِ، فَاتَّبَعَتْهُ أُمُّ ـــــــــــــــــــــــــــــ السلام، ويأمرك أن تثبت عتبة بابك) بالتشديد، من التثبيت، ويجوز فيه التخفيف، قيل: المرأة الأولى التي طلقها جداء بنت سعد، والتي أمسكها شامة بنت مهلهل، وقيل: عاتكة، وقيل غير هذا إلى ثمانية أقوال. (ثم جاء بعد ذلك وإسماعيل يبري نبلًا له تحت دوحة قريبًا من زمزم، فلما رآه، قام إليه، فصنعا كما يصنع الوالد بالولد) من حسن التلاقي (فإن الله أمرني أن أبني ها هنا بيتًا، وأشار إلى أكمة) بفتح الهمزة والكاف، الموضع المرتفع، هي الرابية التي تقدم ذكرها، قيل: أوَّل من بنى البيت آدم، وقيل: الملائكة، وقيل: شيث، ثم إبراهيم، ثم قريش، ثم ابن الزبير، ثم الحجاج، ثم استمرَّ على ذلك (حتى إذا ارتفع البناء جاء بهذا الحجر) هو الذي غاص فيه نعله، وهو الذي أشار إليه تعالى بقوله: {فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ} [آل عمران: 97] وكان متصلًا بالبيت، فأخذه السيل في خلافة عمر، فنقله إلى الموضع الذي به الآن، وبنى عليه صيانة عن السِّيل.

إِسْمَاعِيلَ، حَتَّى لَمَّا بَلَغُوا كَدَاءً نَادَتْهُ مِنْ وَرَائِهِ يَا إِبْرَاهِيمُ إِلَى مَنْ تَتْرُكُنَا قَالَ إِلَى اللَّهِ. قَالَتْ رَضِيتُ بِاللَّهِ. قَالَ فَرَجَعَتْ فَجَعَلَتْ تَشْرَبُ مِنَ الشَّنَّةِ وَيَدِرُّ لَبَنُهَا عَلَى صَبِيِّهَا، حَتَّى لَمَّا فَنِىَ الْمَاءُ قَالَتْ لَوْ ذَهَبْتُ فَنَظَرْتُ لَعَلِّى أُحِسُّ أَحَدًا. قَالَ فَذَهَبَتْ فَصَعِدَتِ الصَّفَا فَنَظَرَتْ وَنَظَرَتْ هَلْ تُحِسُّ أَحَدًا فَلَمْ تُحِسَّ أَحَدًا، فَلَمَّا بَلَغَتِ الْوَادِىَ سَعَتْ وَأَتَتِ الْمَرْوَةَ فَفَعَلَتْ ذَلِكَ أَشْوَاطًا، ثُمَّ قَالَتْ لَوْ ذَهَبْتُ فَنَظَرْتُ مَا فَعَلَ - تَعْنِى الصَّبِىَّ - فَذَهَبَتْ فَنَظَرَتْ، فَإِذَا هُوَ عَلَى حَالِهِ كَأَنَّهُ يَنْشَغُ لِلْمَوْتِ، فَلَمْ تُقِرَّهَا نَفْسُهَا، فَقَالَتْ لَوْ ذَهَبْتُ فَنَظَرْتُ لَعَلِّى أُحِسُّ أَحَدًا، فَذَهَبَتْ فَصَعِدَتِ الصَّفَا فَنَظَرَتْ وَنَظَرَتْ فَلَمْ تُحِسَّ أَحَدًا، حَتَّى أَتَمَّتْ سَبْعًا، ثُمَّ قَالَتْ لَوْ ذَهَبْتُ فَنَظَرْتُ مَا فَعَلَ، فَإِذَا هِىَ بِصَوْتٍ فَقَالَتْ أَغِثْ إِنْ كَانَ عِنْدَكَ خَيْرٌ. فَإِذَا جِبْرِيلُ، قَالَ فَقَالَ بِعَقِبِهِ هَكَذَا، وَغَمَزَ عَقِبَهُ عَلَى الأَرْضِ، قَالَ فَانْبَثَقَ الْمَاءُ، فَدَهَشَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ فَجَعَلَتْ تَحْفِزُ. قَالَ فَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ تَرَكَتْهُ كَانَ الْمَاءُ ظَاهِرًا». قَالَ فَجَعَلَتْ تَشْرَبُ مِنَ الْمَاءِ، وَيَدِرُّ لَبَنُهَا عَلَى صَبِيِّهَا - قَالَ - فَمَرَّ نَاسٌ مِنْ جُرْهُمَ بِبَطْنِ الْوَادِى، فَإِذَا هُمْ بِطَيْرٍ، كَأَنَّهُمْ أَنْكَرُوا ذَاكَ، وَقَالُوا مَا يَكُونُ الطَّيْرُ إِلاَّ عَلَى مَاءٍ. فَبَعَثُوا رَسُولَهُمْ، فَنَظَرَ فَإِذَا هُمْ بِالْمَاءِ، فَأَتَاهُمْ فَأَخْبَرَهُمْ فَأَتَوْا إِلَيْهَا، فَقَالُوا يَا أُمَّ إِسْمَاعِيلَ، أَتَأْذَنِينَ لَنَا أَنْ نَكُونَ مَعَكِ أَوْ نَسْكُنَ مَعَكِ فَبَلَغَ ابْنُهَا فَنَكَحَ فِيهِمُ امْرَأَةً، قَالَ ثُمَّ إِنَّهُ بَدَا لإِبْرَاهِيمَ فَقَالَ لأَهْلِهِ إِنِّى مُطَّلِعٌ تَرِكَتِى. قَالَ فَجَاءَ فَسَلَّمَ فَقَالَ أَيْنَ إِسْمَاعِيلُ فَقَالَتِ امْرَأَتُهُ ذَهَبَ يَصِيدُ. قَالَ قُولِى لَهُ إِذَا جَاءَ غَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِكَ. فَلَمَّا جَاءَ أَخْبَرَتْهُ قَالَ أَنْتِ ذَاكِ فَاذْهَبِى إِلَى أَهْلِكِ. قَالَ ثُمَّ إِنَّهُ بَدَا لإِبْرَاهِيمَ فَقَالَ لأَهْلِهِ إِنِّى مُطَّلِعٌ تَرِكَتِى. قَالَ فَجَاءَ فَقَالَ أَيْنَ إِسْمَاعِيلُ فَقَالَتِ امْرَأَتُهُ ذَهَبَ يَصِيدُ، فَقَالَتْ أَلاَ تَنْزِلُ فَتَطْعَمَ وَتَشْرَبَ فَقَالَ وَمَا طَعَامُكُمْ وَمَا شَرَابُكُمْ قَالَتْ طَعَامُنَا اللَّحْمُ، وَشَرَابُنَا الْمَاءُ. قَالَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي طَعَامِهِمْ وَشَرَابِهِمْ. قَالَ فَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم - «بَرَكَةٌ بِدَعْوَةِ إِبْرَاهِيمَ». قَالَ ثُمَّ إِنَّهُ بَدَا لإِبْرَاهِيمَ فَقَالَ لأَهْلِهِ إِنِّى مُطَّلِعٌ تَرِكَتِى. فَجَاءَ فَوَافَقَ إِسْمَاعِيلَ مِنْ وَرَاءِ زَمْزَمَ، يُصْلِحُ نَبْلاً لَهُ، فَقَالَ يَا إِسْمَاعِيلُ، إِنَّ رَبَّكَ أَمَرَنِى أَنْ أَبْنِىَ لَهُ بَيْتًا. قَالَ أَطِعْ رَبَّكَ. قَالَ إِنَّهُ قَدْ أَمَرَنِى أَنْ تُعِينَنِى عَلَيْهِ. قَالَ إِذًا أَفْعَلَ. أَوْ كَمَا قَالَ. قَالَ فَقَامَا فَجَعَلَ إِبْرَاهِيمُ يَبْنِى، وَإِسْمَاعِيلُ يُنَاوِلُهُ الْحِجَارَةَ، وَيَقُولاَنِ (رَبَّنَا تَقَبَّلْ

11 - باب

مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) قَالَ حَتَّى ارْتَفَعَ الْبِنَاءُ وَضَعُفَ الشَّيْخُ عَلَى نَقْلِ الْحِجَارَةِ، فَقَامَ عَلَى حَجَرِ الْمَقَامِ، فَجَعَلَ يُنَاوِلُهُ الْحِجَارَةَ، وَيَقُولاَنِ (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ). طرفه 2368 11 - بابٌ 3366 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِىُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ - رضى الله عنه - قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَىُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الأَرْضِ أَوَّلُ قَالَ «الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ». قَالَ قُلْتُ ثُمَّ أَىٌّ قَالَ «الْمَسْجِدُ الأَقْصَى». قُلْتُ كَمْ كَانَ بَيْنَهُمَا قَالَ «أَرْبَعُونَ سَنَةً، ثُمَّ أَيْنَمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلاَةُ بَعْدُ فَصَلِّهْ، فَإِنَّ الْفَضْلَ فِيهِ». طرفه 3425 ـــــــــــــــــــــــــــــ 3366 - (أيُّ مسجد وُضع أوَّل؟) مبنيٌّ على الضم؛ لأنه ظرف مقطوع عن الإضافة، كقبلُ وبعدُ (قال: المسجد الحرام) أراد به نفس المسجد، لا الكعبة الشريفة (قلت: ثم أي؟ قال: المسجد الأقصى، قلت: كم بينهما؟ قال: أربعون سنة). فإن قلت: المسجد الحرام بناه إبراهيم، والمسجد الأقصى سليمان، وبين إبراهيم وسليمان مدَّةً متطاولة؟ قلت: الذي بناه إبراهيم هي الكعبة، وأما المسجد الحرام بناه آدم، وبعد بناؤهه أُمِرَ بالذهاب إلى البيت المقدس، فذهب فبنى المسجد الأقصى، وأما بناء سليمان كان أمرًا خارقًا للعادة، ذكروا في تاريخ بيت المقدس الشريف: أن سليمان بنى قُبَّةً على الصخرة، طولها ستون ميلًا، لبنةٌ من ذهب، ولبنةٌ من فضة، وأمر الجنَّ فأخرجوا له من البحار والمعادن جواهرَ مضيئة، فزيَّن بها محرابه، قالوا: فكانت الشمس إذا طلعت يقع ظلُّ القُبَّة إلى مسافة يومين وأكثر، وقيل: المراد بالمسجد الحرام الكعبة الشريفة، وقد بناهما آدم، وبين البناءين أربعون سنة، والأول أظهر. (ثم أينما أدركتك الصلاة فصلِّه، فإن الفضل فيه) أي: في الوقت، فإنه رضوانًا لله، ولا شيء فوق رضوان الله.

3367 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِى عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - طَلَعَ لَهُ أُحُدٌ فَقَالَ «هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ، اللَّهُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ، وَإِنِّى أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا». رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 371 3368 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ ابْنَ أَبِى بَكْرٍ أَخْبَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنهم - زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَلَمْ تَرَىْ أَنَّ قَوْمَكِ بَنَوُا الْكَعْبَةَ اقْتَصَرُوا عَنْ قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ». فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلاَ تَرُدُّهَا عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ. فَقَالَ «لَوْلاَ حِدْثَانُ قَوْمِكِ بِالْكُفْرِ». فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ لَئِنْ كَانَتْ عَائِشَةُ سَمِعَتْ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا أُرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَرَكَ اسْتِلاَمَ الرُّكْنَيْنِ اللَّذَيْنِ يَلِيَانِ الْحِجْرَ إِلاَّ أَنَّ الْبَيْتَ لَمْ يُتَمَّمْ عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 3367 - (طلع أحد، فقال: هذا جبلٌ يحبنا ونحبه) قد سبق منا أن العلماء حملوه على أنه أراد محبَّة أهل المدينة، وأشرنا إلى أن هذا تكُّفٌ بلا فائدة، مع عدم دلالة اللفظ على ذلك، والحقُّ أنه أراد محبة نفس الجبل، ومن سلَّم أن الحجر كان يسلِّم عليه - صلى الله عليه وسلم -، وفي البخاري: كنا نأكل الطعام مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ونسمع تسبيح الطعام، فَلِمَ لا يُسَلِّم أن الجبل يُحبُّهُ، وكأنه خصَّ أحدٌ بذلك؛ لأنه قُتل به أصحابه، وأصابه الجراح، فلا يتشاءم به. (إن إبراهيم حرَّم مكة) قد سلف أن المراد إظهار الحرمة، فإن التحريم حكم الله، وقد قدم. 3368 - (لولا حدثان قومك بالكفر) بكسر الحاء، مصدر حدُث -بضم الدال- معناه: قُرْب العهد بالشيء، وهذا الحديث سلف في أبواب الحج.

وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ. طرفه 126 3369 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِىِّ أَخْبَرَنِى أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِىُّ - رضى الله عنه - أَنَّهُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ نُصَلِّى عَلَيْكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ». طرفه 6360 3370 - حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالاَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ حَدَّثَنَا أَبُو قُرَّةَ مُسْلِمُ بْنُ سَالِمٍ الْهَمْدَانِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِيسَى سَمِعَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِى لَيْلَى قَالَ لَقِيَنِى كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ فَقَالَ أَلاَ أُهْدِى لَكَ هَدِيَّةً سَمِعْتُهَا مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ بَلَى، فَأَهْدِهَا لِى. فَقَالَ سَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْنَا يَا ـــــــــــــــــــــــــــــ 3369 - (عمرو بن حزم) بالزاي المعجمة (سليم) بضم السين مصغر (الزرقي) بضم المعجمة (أبو حميد) بضم الحاء مصغر، صحابي جليل معروف، اسمه عبد الرحمن (قالوا: يا رسول الله كيف نصلي عليك؟ قال: قولوا اللهم صلِّ على محمد وعلى أزواجه وذريته، كما صليت على إبراهيم) شرح الحديث مستوفى في أبواب الشهيد، مع نفائس، فراجعه فإنه يشفي العليل، والأشهر في وجه الشبه شهرة إبراهيم وآله، بذلك نطق القرآن: {رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ} [هود: 73]. 3370 - (زياد) بكسر الزاي بعدها ياء (أبو فروة) بالفاء (الهمداني) بسكون الميم ودال مهملة، قبيلة من عرب اليمن (كعب بن عجرة) بضم العين وسكون الجيم.

12 - باب

رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ الصَّلاَةُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ عَلَّمَنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ. قَالَ «قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ». طرفاه 4797، 6357 3371 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنِ الْمِنْهَالِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُعَوِّذُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ وَيَقُولُ «إِنَّ أَبَاكُمَا كَانَ يُعَوِّذُ بِهَا إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ، أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لاَمَّةٍ». 12 - بابٌ {وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ} [الحجر: 52]، الآيَةَ لاَ تَوْجَلْ لاَ تَخَفْ، وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي المَوْتَى} [البقرة: 260] الآيَةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 3371 - (المنهال) بكسر الميم (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعوِّذ الحسن والحسين) بضم الياء وتشديد الواو المكسورة، المفعول محذوف، وهو الكلمات، وإنما صدق لدلالة المذكور بعده عليه (إن أباكما كان يعوِّذ بها إسماعيل واسحاق) يريد إبراهيم، وإطلاق الأب على الجدِّ مجاز معروف (بكلمات الله التامة) الوصف للمدح؛ لأن كلماته تعالى كلها تامَّة (من كل شيطان وهامَّة) الحشرات المؤذية (ومن كل عين لامة) بتشديد الميم، من أَلَمَّ إذا نزل، وإن القياس: بِلُمَّة، لكنه أراد الإزدواج مع هامَّة، والمعنى ذات لَمَمٍ، أي: خررٍ. باب قوله تعالى: {وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ} [الحجر: 51] هم الملائكة الذين جاءوا لإهلاك قوم لوط.

3372 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «نَحْنُ أَحَقُّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ (رَبِّ أَرِنِى كَيْفَ تُحْيِى الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِى) وَيَرْحَمُ اللَّهُ لُوطًا، لَقَدْ كَانَ يَأْوِى إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ 3372 - (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: نحن أحقُّ بالشكِّ من إبراهيم) قيل: لما نزل قوله تعالى: {أَوَلَمْ تُؤْمِنْ} [البقرة: 260] في جواب قوله تعالى: {أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى} [البقرة: 260] قال بعض الناس: شك إبراهيم، فأشار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أنه لم يَشُكَّ، ولو كان الشك جائزًا عليه لكنا نحنُ أحقَّ بالشك، وحيث لم نَشُكَّ نحنُ، فهو أَوْلى بذلك، وإنما قال رفعًا لمنزلته، وتأدُّبًا معه، فلا دلالة فيه على أفضليته، وكثيرًا ما يفعل الفاضل مع المفضول مثلَ هذا. فإن قلت: قوله: {لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: 260] يدل على أنه طلب التَّرَقِّي في اليقين، وقد نُقل عن علي بن أبي طالب: لو كُشِف الغطاءُ ما ازددتُ يقينًا؟ قلتُ: كلام علي في نفس اليقين بالإحياء، وكلامُ الخليل إنما هو في الكيفية. فإن قلتَ: إذا كان كلامه في الكيفية، فما وجه قوله تعالى: {أَوَلَمْ تُؤْمِنْ} [البقرة: 260] إذا لم يكن له علمٌ بالكيفية؟ قلت: أشار إلى الكيفية الإجمالية، إذ كان معلومًا له أن الفعل الواقع لا يخلو عن كيفيةٍ ما، فأشار بقوله: بلى، إلى أنه عالم بذلك، ولكن للبيان معنىً ليس بذلك في الإجمال، وقد بسطنا الكلامَ على هذا المقام في تفسير "غاية الأماني"، واللهُ الموفق. (ويرحم الله لوطًا لقد كان يأوي إلى ركنٍ شديد) قيل: أشار إلى أن قوله لما ضاق ذرعًا بالأضياف: {لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} [هود: 80] كان خلاف الأولى؛ لأن الله كان أشد الأركان له، وقيل: بل مدح؛ لأن معنى قوله تعالى: {لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي

13 - باب قول الله تعالى (واذكر فى الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد)

وَلَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ طُولَ مَا لَبِثَ يُوسُفُ لأَجَبْتُ الدَّاعِىَ». أطرافه 3375، 3387، 4537، 4694، 6992 13 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ) 3373 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَاتِمٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ - رضى الله عنه - قَالَ مَرَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى نَفَرٍ مِنْ أَسْلَمَ يَنْتَضِلُونَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «ارْمُوا بَنِى إِسْمَاعِيلَ، فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا، وَأَنَا مَعَ بَنِى فُلاَنٍ». قَالَ فَأَمْسَكَ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ بِأَيْدِيهِمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا لَكُمْ لاَ تَرْمُونَ». فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَرْمِى وَأَنْتَ مَعَهُمْ قَالَ «ارْمُوا وَأَنَا مَعَكُمْ كُلِّكُمْ». طرفه 2899 ـــــــــــــــــــــــــــــ إِلَى رُكْنٍ} [هود: 80] أي: عشيرة لاستندتُ إليه، ولكن أستند وألجأ إلى الله (ولو لبثتُ طُولَ ما لبث يوسف لأجبتُ الداعي) مدحه بكمال صبره، فإنه بعد لبثه سبع سنين حين دعاه المَلِكُ لم يُسرع إلى إجابته حتى ظهرتْ براءة ساحته، وقيل: معناه: أنه لو خرج حين دُعي متوكلًا على الله، كان أحسن، والأولُ هو الظاهر. باب قول الله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا} [مريم: 54] فيه دلالة على أن الرسول يطلق على من ليس له شرع، للاتفاق على أن إسماعيل كان على شرع إبراهيم. 3373 - (يزيد) من الزيادة (الأكوع) بفتح الهمزة (مرَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على نفر من أَسْلَمَ ينتضلون) أسلَمَ على وزن الماضي، قبيلة من نسل إسماعيل، والانتضال المغالبة في النضال وهو رمي من السهام (وأنا مع بني فلان) أي: بإمداد الخاطر، ولذلك أمسكت الطائفة الأخرى، لعلمهم بأن من كان إمداد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معه لا يكون مغلوبًا، وفي الحديث دلالة على أن الأمر بالرمي وتعلمه سنَّة، وتمام الكلام في كتاب الجهاد.

14 - باب قصة إسحاق بن إبراهيم عليهما السلام

14 - باب قِصَّةِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ فِيهِ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 15 - باب (أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ) إِلَى قَوْلِهِ (وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) 3374 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ سَمِعَ الْمُعْتَمِرَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قِيلَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مَنْ أَكْرَمُ النَّاسِ قَالَ «أَكْرَمُهُمْ أَتْقَاهُمْ». قَالُوا يَا نَبِىَّ اللَّهِ، لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ. قَالَ «فَأَكْرَمُ النَّاسِ يُوسُفُ نَبِىُّ اللَّهِ ابْنُ نَبِىِّ اللَّهِ ابْنِ نَبِىِّ اللَّهِ ابْنِ خَلِيلِ اللَّهِ». قَالُوا لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ. قَالَ «فَعَنْ مَعَادِنِ الْعَرَبِ تَسْأَلُونِى». قَالُوا نَعَمْ. قَالَ «فَخِيَارُكُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُكُمْ فِي الإِسْلاَمِ إِذَا فَقِهُوا». طرفه 3353 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قصة إسحاق بن إبراهيم (فيه ابن عمر وأبو هريرة) قيل: إنما لم يسند الحديث؛ لأنه لم يكن على شرطه، قلتُ: قد أسند في المناقب عن ابن عمر، وأبي هريرة: إن الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، فالظاهر أنه أشار هنا إلى ذلك، إلا أن ترجمة الباب بقصة إسحاق ليس كما ينبغي؛ لأن ذلك الحديث إنما سيق لفضل يوسف. باب {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ} [البقرة: 133] 3374 - (المعتمر) اسم فاعل (المُقْبُري) بضم الباء وفتحها، روى في الباب حديث يوسف الكريم ابن الكريم، وقد سلف في الباب قبله، وحديث (خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام) وقد سلف أيضًا قريبًا، ثم أردفه بقصة لوط، وقد تقدم قريبًا في قصة إبراهيم، وأشرنا إلى أن قوله: (يرحم الله لوطًا) يحتمل أن يكون مدحًا له بأنه كان يأوي إلى ركن شديد وهو اللهُ تعالى، وأن يكون إشارةً إلى أنه أتى بخلاف الأَوْلَى، وهذا هو الظاهر من لفظ: "يغفر الله" وقوله في قصة لوط: بركنه لمن معه إشارةً إلى قصة فرعون، وإنما أورده لوقوع لفظ الركن فيهما.

16 - باب

16 - بابٌ (وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ * أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ * فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ * فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ * وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ). 3375 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَغْفِرُ اللَّهُ لِلُوطٍ إِنْ كَانَ لَيَأْوِى إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ». طرفه 3372 17 - باب (فَلَمَّا جَاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ * قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ) (بِرُكْنِهِ) بِمَنْ مَعَهُ لأَنَّهُمْ قُوَّتُهُ (تَرْكَنُوا) تَمِيلُوا فَأَنْكَرَهُمْ وَنَكِرَهُمْ وَاسْتَنْكَرَهُمْ وَاحِدٌ (يُهْرَعُونَ) يُسْرِعُونَ، دَابِرٌ آخِرٌ. صَيْحَةٌ هَلَكَةٌ (لِلْمُتَوَسِّمِينَ) لِلنَّاظِرِينَ. (لَبِسَبِيلٍ) لَبِطَرِيقٍ. 3376 - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ قَرَأَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ). طرفه 3341 ـــــــــــــــــــــــــــــ 3375 - 3376 - (محمود) هو ابن غيلان (أبو أحمد) هو محمد بن عبد الله الزبيري (قرأة النبي - صلى الله عليه وسلم -: {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر: 15] أي: بالدال المهملة كقراءة العامة.

18 - باب قول الله تعالى (وإلى ثمود أخاهم صالحا)

18 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا) (كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ) مَوْضِعُ ثَمُودَ، وَأَمَّا (حَرْثٌ حِجْرٌ) حَرَامٌ، وَكُلُّ مَمْنُوعٍ فَهْوَ حِجْرٌ مَحْجُورٌ، وَالْحِجْرُ كُلُّ بِنَاءٍ بَنَيْتَهُ، وَمَا حَجَرْتَ عَلَيْهِ مِنَ الأَرْضِ فَهْوَ حِجْرٌ وَمِنْهُ سُمِّىَ حَطِيمُ الْبَيْتِ حِجْرًا، كَأَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنْ مَحْطُومٍ، مِثْلُ قَتِيلٍ مِنْ مَقْتُولٍ، وَيُقَالُ لِلأُنْثَى مِنَ الْخَيْلِ الْحِجْرُ. وَيُقَالُ لِلْعَقْلِ حِجْرٌ وَحِجًى. وَأَمَّا حَجْرُ الْيَمَامَةِ فَهْوَ مَنْزِلٌ. 3377 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنَ زَمْعَةَ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -. وَذَكَرَ الَّذِى عَقَرَ النَّاقَةَ قَالَ «انْتَدَبَ لَهَا رَجُلٌ ذُو عِزٍّ وَمَنَعَةٍ فِي قُوَّةٍ كَأَبِى زَمْعَةَ». أطرافه 4942، 5204، 6042 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا} [هود: 61] هذا على طريقة العرب، يسمون قد كان مِن قومٍ أخا القومِ، والحجر موضعٌ بقرب وادي القرى، ثم ذكر له معانٍ أُخر تشتمل على معنى المنع (ومنه سُمي حطيم البيت حجرًا كأنه مشتق من محطوم) أصل الحطم الكسرُ، قال ابن الأثير: إنما سُمي حطيمًا؛ لأنه رفع البيت وترك. فإن قلت: إذا كان فعيلًا بمعنى المفعول فهو محطوم، فما معنى قوله: مشتق من محطوم؟ قلتُ: فيه تسامح، كأنه قال هو بمعناه، وأيضًا إذا كان أحد اللفظين في معنى، يجعلون الآخرَ مشتقًا منه، كما فعله صاحب "الكشاف" فإنه قال: [...] مشتق من [...] (وأما حِجر اليمامة فهو المنزل) هذا ظاهر في أنه بكسر الحاء، ونقل الحازمي وغيره أنه بالفتح. 3377 - (الحُميدي) بضم الحاء مصغر (زَمَعة) بفتح الزاي والميم (ذكر الذي عقر الناقة، فقال: انتدب لها رجلٌ ذو عزةٍ ومَنَعة) -بفتح النون- أي: قوة وشوكة، يقال: ندبت فلانًا فانتدب، أي: دعوتُه فأجاب، قال السهيلي: كان ولد الزنا واسمه قدار، لقبه أحمر ثمود، يُضرب به المثلُ في الشؤم، أشقى الناس هو وقاتل علي (كأبي زمعة) هو الأسود بن المطلب الأسدي، وزمعة ابنه قُتل كافرًا يوم بدر، وكان أحد المطعمين، وأبوه الأسود، كان من المستهزئين، فرماه جبرئيل بورقة فأعماه.

3378 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِسْكِينٍ أَبُو الْحَسَنِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ بْنِ حَيَّانَ أَبُو زَكَرِيَّاءَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا نَزَلَ الْحِجْرَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ أَمَرَهُمْ أَنْ لاَ يَشْرَبُوا مِنْ بِئْرِهَا، وَلاَ يَسْتَقُوا مِنْهَا فَقَالُوا قَدْ عَجَنَّا مِنْهَا، وَاسْتَقَيْنَا. فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَطْرَحُوا ذَلِكَ الْعَجِينَ وَيُهَرِيقُوا ذَلِكَ الْمَاءَ. وَيُرْوَى عَنْ سَبْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ وَأَبِى الشُّمُوسِ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ بِإِلْقَاءِ الطَّعَامِ. وَقَالَ أَبُو ذَرٍّ عَنِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنِ اعْتَجَنَ بِمَائِهِ». طرفه 3379 3379 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ أَنَّ النَّاسَ نَزَلُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَرْضَ ثَمُودَ الْحِجْرَ، فَاسْتَقَوْا مِنْ بِئْرِهَا، وَاعْتَجَنُوا بِهِ، فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُهَرِيقُوا مَا اسْتَقَوْا مِنْ بِئْرِهَا، وَأَنْ يَعْلِفُوا الإِبِلَ الْعَجِينَ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْتَقُوا مِنَ الْبِئْرِ الَّتِى كَانَ تَرِدُهَا النَّاقَةُ. تَابَعَهُ أُسَامَةُ عَنْ نَافِعٍ. طرفه 3378 ـــــــــــــــــــــــــــــ 3378 - (حسان بن حَيَّان) بتشديد المثناة تحت (غزوة تبوك) -غير منصرف- عَلَمُ البقعة، قريةٌ بناحية الشام بينها وبين وادي القرى مراحل (أمرهم أن لا يَشْربوا من بئرها) لأنها محلٌّ غضوب (فأمرهم أن يطرحوا ذلك العجين) لِما ذكرنا. فإن قلت: طرْحُ العجين إتلافٌ للمال؟ قلتُ: ليس كذلك، بل هو بمثابة النجس وأقبح، وأيضًا أمرهم أن يطعموه الدواب. (عن سَبْرة بن مَعْبد) بفتح السين والميم، وسكون الباء فيهما (وأبي الشموس) -بفتح الشين المعجمة- واسمه عبدٌ، صحابي مُكَرَّم بلوي، وإنما نقل الحديث عنهما تعليقًا، لأن رجاله لم يكن على شرطه، وحديث سبرة أسنده أبو داود، وحديث البلوي أسنده الطبراني. 3379 - (إبراهيم بن المنذِر) بكسر الذال (أنس بن عياض) بالضاد المعجمة (فأمرهم أن يُهريقوا) بضم الياء وفتح الهاء واسكانها.

19 - باب (أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت)

3380 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنهم أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا مَرَّ بِالْحِجْرِ قَالَ «لاَ تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا إِلاَّ أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ، أَنْ يُصِيبَكُمْ مَا أَصَابَهُمْ». ثُمَّ تَقَنَّعَ بِرِدَائِهِ، وَهْوَ عَلَى الرَّحْلِ». طرفه 433 3381 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا وَهْبٌ حَدَّثَنَا أَبِى سَمِعْتُ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ إِلاَّ أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ، أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَهُمْ». طرفه 433 19 - باب (أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ) 3382 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ «الْكَرِيمُ ابْنُ الْكَرِيمِ ابْنِ الْكَرِيمِ ابْنِ الْكَرِيمِ يُوسُفُ ابْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ». طرفاه 3390، 4688 20 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ) 3383 - حَدَّثَنِى عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِى أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ أَبِى سَعِيدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَنْ أَكْرَمُ ـــــــــــــــــــــــــــــ 3380 - 3381 - (محمد) كذا وقع غير منسوب، وقد نسبه البخاري في سائر المواضع: محمد بن مقاتل، وكذا نسبه غيره (عبد الله) هو ابن المبارك (مَعْمَر) بفتح الميمين وعين ساكنة (لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا إلا أن تكونوا باكين؛ أن يصيبكم ما أصابهم) أي: كراهيةَ ذلك، فإنه موضع غضب الله تعالى، إلا أن البكاء والتضرع يَدْفَعان ذلك برحمته الواسعة. باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ} [يوسف: 7] روى في الباب حديث الكريم بن الكريم، وقد سلف آنفًا.

النَّاسِ قَالَ «أَتْقَاهُمْ لِلَّهِ». قَالُوا لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ. قَالَ «فَأَكْرَمُ النَّاسِ يُوسُفُ نَبِىُّ اللَّهِ ابْنُ نَبِىِّ اللَّهِ ابْنِ نَبِىِّ اللَّهِ ابْنِ خَلِيلِ اللَّهِ». قَالُوا لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ. قَالَ «فَعَنْ مَعَادِنِ الْعَرَبِ تَسْأَلُونِى، النَّاسُ مَعَادِنُ خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الإِسْلاَمِ إِذَا فَقِهُوا». حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِهَذَا. طرفه 3353 3384 - حَدَّثَنَا بَدَلُ بْنُ الْمُحَبَّرِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ سَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَهَا «مُرِى أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّى بِالنَّاسِ». قَالَتْ إِنَّهُ رَجُلٌ أَسِيفٌ، مَتَى يَقُمْ مَقَامَكَ رَقَّ. فَعَادَ فَعَادَتْ، قَالَ شُعْبَةُ فَقَالَ فِي الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ «إِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ، مُرُوا أَبَا بَكْرٍ». طرفه 198 3385 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ يَحْيَى الْبَصْرِىُّ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ بْنِ أَبِى مُوسَى عَنْ أَبِيهِ قَالَ مَرِضَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ». فَقَالَتْ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ. فَقَالَ مِثْلَهُ فَقَالَتْ مِثْلَهُ. فَقَالَ «مُرُوهُ فَإِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ». فَأَمَّ أَبُو بَكْرٍ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَقَالَ حُسَيْنٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ 3384 - 3385 - ثم رَوَى حديثَ عائشة (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: مُري أبا بكر يصلي بالناس) وقد سلف مرارًا بطوله، والغرض من إيراده هنا قوله في آخر الحديث: (إنكن صواحب يوسف) وقد أشرنا هناك إلى أن الصواب في وجه الشبهِ الدعوةُ إلى الباطل، إذ رُوي أن النسوة بعدما رأينَ جمالَهُ واعْذَرْنَ زليخه في عشقه، قلن هذه مولاتك أَطِعْها، وزيَّنَ له الفاحشة، وإليه يشير قوله: {قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ} [يوسف: 33]. (بدل بن المحبر) بفتح الباء (أسيف) الأسف: شدة الحُزن (عن زائدة رجل رقيق) أي: مكان أسيف. 3386 - ثم أورد حديث دعاء الله على مضر بأن يجعلها عليهم سنين كسنّي يوسف.

عَنْ زَائِدَةَ رَجُلٌ رَقِيقٌ. طرفه 678 3386 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اللَّهُمَّ أَنْجِ عَيَّاشَ بْنَ أَبِى رَبِيعَةَ، اللَّهُمَّ أَنْجِ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ اللَّهُمَّ أَنْجِ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا سِنِينَ كَسِنِى يُوسُفَ». طرفه 797 3387 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ ابْنِ أَخِى جُوَيْرِيَةَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ وَأَبَا عُبَيْدٍ أَخْبَرَاهُ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَرْحَمُ اللَّهُ لُوطًا، لَقَدْ كَانَ يَأْوِى إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ، وَلَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ مَا لَبِثَ يُوسُفُ ثُمَّ أَتَانِى الدَّاعِى لأَجَبْتُهُ». طرفه 3372 3388 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ سَأَلْتُ أُمَّ رُومَانَ، وَهْىَ أُمُّ عَائِشَةَ، عَمَّا قِيلَ فِيهَا مَا قِيلَ قَالَتْ بَيْنَمَا أَنَا مَعَ عَائِشَةَ جَالِسَتَانِ، إِذْ وَلَجَتْ عَلَيْنَا امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ، وَهْىَ تَقُولُ فَعَلَ اللَّهُ بِفُلاَنٍ وَفَعَلَ. قَالَتْ فَقُلْتُ لِمَ قَالَتْ إِنَّهُ نَمَا ذِكْرَ الْحَدِيثِ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ أَىُّ ـــــــــــــــــــــــــــــ وقد سلف بطوله في أبواب الصلاة. 3387 - ثم روى حديث الأول عن عائشة، والغرضُ منه قول عائشة في آخر الحديث: (مثلي ومثلكم كمثل يعقوب وبنيه). (محمد) كذا وقع غير منسوب وهو ابن سَلاَم بالتخفيف (عن مسروق قال: سألت أم رومان) فيه إشكال، وذلك أن أم رومان أمَّ عائشة زينب بنت عامر، قالوا: الصحيح أنها ماتت في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلا يمكن سماع مسروقٍ منها، لأنه تابعي، لكن قال أبو نُعيم: عاشت بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دهرًا، إلَّا أن الأكثرين كما أشرنا على القول الأول (نمى الحديث) بالتشديد، قال ابن الأثير: بالتشديد رفع الحديث وإظهاره على وجه الإفساد،

حَدِيثٍ فَأَخْبَرَتْهَا. قَالَتْ فَسَمِعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ نَعَمْ. فَخَرَّتْ مَغْشِيًّا عَلَيْهَا، فَمَا أَفَاقَتْ إِلاَّ وَعَلَيْهَا حُمَّى بِنَافِضٍ، فَجَاءَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مَا لِهَذِهِ». قُلْتُ حُمَّى أَخَذَتْهَا مِنْ أَجْلِ حَدِيثٍ تُحُدِّثَ بِهِ، فَقَعَدَتْ فَقَالَتْ وَاللَّهِ لَئِنْ حَلَفْتُ لاَ تُصَدِّقُونِى، وَلَئِنِ اعْتَذَرْتُ لاَ تَعْذِرُونِى، فَمَثَلِى وَمَثَلُكُمْ كَمَثَلِ يَعْقُوبَ وَبَنِيهِ، فَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ. فَانْصَرَفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَنْزَلَ اللَّهُ مَا أَنْزَلَ، فَأَخْبَرَهَا فَقَالَتْ بِحَمْدِ اللَّهِ لاَ بِحَمْدِ أَحَدٍ. أطرافه 4143، 4691، 4751 3389 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَرَأَيْتِ قَوْلَهُ (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِّبُوا) أَوْ كُذِبُوا. قَالَتْ بَلْ كَذَّبَهُمْ قَوْمُهُمْ. فَقُلْتُ وَاللَّهِ لَقَدِ اسْتَيْقَنُوا أَنَّ قَوْمَهُمْ كَذَّبُوهُمْ وَمَا هُوَ بِالظَّنِّ. فَقَالَتْ يَا عُرَيَّةُ، لَقَدِ اسْتَيْقَنُوا بِذَلِكَ. قُلْتُ فَلَعَلَّهَا أَوْ كُذِبُوا. قَالَتْ مَعَاذَ اللَّهِ، لَمْ تَكُنِ الرُّسُلُ تَظُنُّ ـــــــــــــــــــــــــــــ وبالتخفيف على وجه الإصلاح (حمَّى بنافض) أي: الحرارة مع البرودة (قالت: بحمد الله، لا بحمد أحد) عرَّضت برسول الله - صلى الله عليه وسلم - كونه تخيل من مقالة المنافقين، فبرأها الله بوحي يتلي إلى آخر الدهر. 3389 - (أرأيتِ قول الله) بتاء التأنيث، خطاب من عروة لعائشة ({حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا} [يوسف: 110] أو كذبوا) أي: مخففًا أو مثقلًا (قالت: بل كذبهم قومهم) ليس عندها أن يقرأ مخففًا، لكنها قراءة الكوفيين حمزة وعاصم والكسائي. والتبس على بعض الشارحين، فقال: معنى قول عروة كُذِبُوا -بالتخفيف- أي: من عند ربهم، فقالت: بل من جهة أَتْبَاعهم. أي ظن الرسلُ أن أتباعهم لم يكونوا صادقين في إيمانهم، وهذا كلامٌ باطل لا مساسَ له بالمقام. وقولها: (يا عُريَّة) مصغر عروة؛ لأنه ابن أختها تصغير تحبب، وحاصل المقام أن عروة استشكل لفظ الظن، فإن الكفار قد كذبوا الرسل تحقيقًا، فما وجهُ الظن؟ وأجابت عائشة أن الكفار كذبوهم يقينًا ولما أبطأ النصر ظن الرسل أن المؤمنين كذبوهم فيما وعدوهم. هذا وأما وجه قراءة التخفيف أن الرسل لما أبطأ النصر ولم يكن سَبَقَ وعدٌ من الله بالنصر في ذلك، لكن نفوسهم كانت تحدث ظنًّا ورجاء من الله، فلما تأخر ظنوا أنَّ حديث النفس كان خلاف الواقع، ونقل الجَعْبَري عن ابن عباس أن الظنَّ بمعنى الوسوسة، وذلك جائز على الرسل.

21 - باب قول الله تعالى (وأيوب إذ نادى ربه أنى مسنى الضر وأنت أرحم الراحمين)

ذَلِكَ بِرَبِّهَا وَأَمَّا هَذِهِ الآيَةُ قَالَتْ هُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ الَّذِينَ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَصَدَّقُوهُمْ، وَطَالَ عَلَيْهِمُ الْبَلاَءُ، وَاسْتَأْخَرَ عَنْهُمُ النَّصْرُ حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَتْ مِمَّنْ كَذَّبَهُمْ مِنْ قَوْمِهِمْ، وَظَنُّوا أَنَّ أَتْبَاعَهُمْ كَذَّبُوهُمْ جَاءَهُمْ نَصْرُ اللَّهِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (اسْتَيْأَسُوا) افْتَعَلُوا مِنْ يَئِسْتُ. (مِنْهُ) مِنْ يُوسُفَ. (لاَ تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ) مَعْنَاهُ الرَّجَاءُ. أطرافه 4525، 4695، 4696 3390 - أَخْبَرَنِى عَبْدَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْكَرِيمُ ابْنُ الْكَرِيمِ ابْنِ الْكَرِيمِ ابْنِ الْكَرِيمِ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِمِ السَّلاَمُ». طرفه 3382 21 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّى مَسَّنِىَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) (ارْكُضْ) اضْرِبْ. (يَرْكُضُونَ) يَعْدُونَ. 3391 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِىُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بَيْنَمَا أَيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا خَرَّ عَلَيْهِ رِجْلُ جَرَادٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَجَعَلَ يَحْثِى فِي ثَوْبِهِ، فَنَادَى رَبُّهُ يَا أَيُّوبُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قول الله تعالى: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} {ارْكُضْ} [ص: 42]: اضربْ) تفسير قوله تعالى: {ارْكُضْ بِرِجْلِكَ} في قصة أيوب، تفسير باللازم؛ لأن الركض هو العَدْوُ، وإليه أشار بقوله: (يركُضُون يَعْدُون). 3390 - (بينما أيوب يغتسل عريانًا خَرَّ عليه رجل جرادٍ من ذهب) الرَّجل -بكسر الراء- بمعنى الجماعة الكثيرة، مخصوصٌ بالجراد، لا يقال في غير الجراد إلا مجازًا، لم يثبت عند البخاري في قصة أيوب إلا هذا الحديث، وله حديث طويل، أخرجه الحاكم وغيره، والله أعلم.

22 - باب (واذكر فى الكتاب موسى إنه كان مخلصا وكان رسولا نبيا * وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجيا) كلمه (22) (ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا)

أَلَمْ أَكُنْ أَغْنَيْتُكَ عَمَّا تَرَى قَالَ بَلَى يَا رَبِّ، وَلَكِنْ لاَ غِنَى لِى عَنْ بَرَكَتِكَ». طرفه 279 22 - باب (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلِصًا وَكَانَ رَسُولاً نَبِيًّا * وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا) كَلَّمَهُ. (22) (وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا) يُقَالُ لِلْوَاحِدِ وَلِلاِثْنَيْنِ وَالْجَمِيعِ نَجِىٌّ. وَيُقَالُ خَلَصُوا نَجِيًّا اعْتَزَلُوا نَجِيًّا وَالْجَمِيعُ أَنْجِيَةٌ يَتَنَاجَوْنَ. 23 - باب (وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ) إِلَى قَوْلِهِ (مُسْرِفٌ كَذَّابٌ) 3392 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ سَمِعْتُ عُرْوَةَ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها فَرَجَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى خَدِيجَةَ يَرْجُفُ فُؤَادُهُ، فَانْطَلَقَتْ بِهِ إِلَى وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ، وَكَانَ رَجُلاً تَنَصَّرَ يَقْرَأُ الإِنْجِيلَ بِالْعَرَبِيَّةِ. فَقَالَ وَرَقَةُ مَاذَا تَرَى فَأَخْبَرَهُ. فَقَالَ وَرَقَةُ هَذَا النَّامُوسُ الَّذِى أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُوسَى، وَإِنْ أَدْرَكَنِى يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا. النَّامُوسُ صَاحِبُ السِّرِّ الَّذِى يُطْلِعُهُ بِمَا يَسْتُرُهُ عَنْ غَيْرِهِ. طرفه 3 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قول الله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى} [مريم: 51] (يقال للواحد والاثنين والجمع: نجي) وهذا في فعيلٍ كثيرٌ، كالصَّدِيق والرفيق. فإن قلت: إذا كان كذلك، فما قوله: (والجمع أنجيه)؟ قلتُ: هذا لا ينافي ذلك الإطلاق. (تلْقَّفْ: تَلْقَّم) بالتشديد فيهما والتخفيف. 3392 - ثم روى حديثَ بدء الوحي، وموضع الدلالة قول ورقة: (هذا الناموس الذي أنزل الله على موسى) والحديثُ سَلَفَ مع شرحه في أول الكتاب (أَنْصُرْكَ نصرًا مُؤَزَّرًا)

24 - باب قول الله عز وجل (وهل أتاك حديث موسى * إذ رأى نارا) إلى قوله (بالوادى المقدس طوى) (آنست) أبصرت (نارا لعلى آتيكم منها بقبس) الآية

24 - باب قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى * إِذْ رَأَى نَارًا) إِلَى قَوْلِهِ (بِالْوَادِى الْمُقَدَّسِ طُوًى) (آنَسْتُ) أَبْصَرْتُ (نَارًا لَعَلِّى آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ) الآيَةَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْمُقَدَّسُ الْمُبَارَكُ. طُوًى اسْمُ الْوَادِى (سِيرَتَهَا) حَالَتَهَا وَ (النُّهَى) التُّقَى (بِمَلْكِنَا) بِأَمْرِنَا. (هَوَى) شَقِىَ. (فَارِغًا) إِلاَّ مِنْ ذِكْرِ مُوسَى. (رِدْءًا) كَىْ يُصَدِّقَنِى. وَيُقَالُ مُغِيثًا أَوْ مُعِينًا. يَبْطُشُ وَيَبْطِشُ. (يَأْتَمِرُونَ) يَتَشَاوَرُونَ. وَالْجِذْوَةُ قِطْعَةٌ غَلِيظَةٌ مِنَ الْخَشَبِ لَيْسَ فِيهَا لَهَبٌ. (سَنَشُدُّ) سَنُعِينُكَ كُلَّمَا عَزَّزْتَ شَيْئًا فَقَدْ جَعَلْتَ لَهُ عَضُدًا. وَقَالَ غَيْرُهُ كُلَّمَا لَمْ يَنْطِقْ بِحَرْفٍ أَوْ فِيهِ تَمْتَمَةٌ أَوْ فَأْفَأَةٌ فَهْىَ عُقْدَةٌ (أَزْرِى) ظَهْرِى (فَيُسْحِتَكُمْ) فَيُهْلِكَكُمْ. (الْمُثْلَى) تَأْنِيثُ الأَمْثَلِ، يَقُولُ بِدِينِكُمْ، يُقَالُ خُذِ الْمُثْلَى، خُذِ الأَمْثَلَ. (ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا) يُقَالُ هَلْ أَتَيْتَ الصَّفَّ الْيَوْمَ يَعْنِى الْمُصَلَّى الَّذِى يُصَلَّى فِيهِ. (فَأَوْجَسَ) ـــــــــــــــــــــــــــــ أي: قويًّا بالغًا، من الأَزرِ وهو القوةُ. الناموس: صاحب السرِّ الذي يطلعه بما يستره عن غيره، لا بُدَّ من قيدٍ آخر وهو أن يكون ذلك في الخير كالجاسوس في الشرِّ. باب قول الله: {وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى} [طه: 9] قوله: ({آنَسْتُ} [طه: 10] أبصرتُ) أي: إبصارًا لا شبهةَ معه ({طُوًى} [طه: 12] اسم الوادي) عطف بيان للوادي المقدس، وقرئ منونًا وغير منون (و {النُّهَى} [طه: 128] التُّقى) تفسير باللازم، إذ هو جمع نُهْية -بضم النون- وهو العقل. {بِمَلْكِنَا} [طه: 87] بأمرنا) أي: باختيارنا، قُرئ بالحركات الثلاث في الميم {هَوَى} [طه: 71] شقي) أصله السقوط من علوٍ (والجذوة: قطعة غليظة من الخشب) إذا كان فيها نار دون اللهب، قرئ بالحركات الثلاث في الجيم، كل ما لم ينطق بحرف في موضع (أو فيه تمتمة) أي: تقع في لفظ التاء كثيرًا في غير موضعه (أو فأفأة) على وزن تمتمة، كثير وقوع الفاء في لفظه عقدة {أَزْرِي} [طه: 31] ظهري) تفسير باللازم لِما قدمنا أن الأَزْرَ هو القوةُ ({فَيُسْحِتَكُمْ} [طه: 61] بضم الياء وكسر الحاء وبفتحهما، فسره بالإهلاك، وأصله قلع الشيء من أصله {فَأَوْجَسَ} [طه: 67] أَضْمَر)

أَضْمَرَ خَوْفًا، فَذَهَبَتِ الْوَاوُ مِنْ (خِيفَةً) لِكَسْرَةِ الْخَاءِ. (فِي جُذُوعِ النَّخْلِ) عَلَى جُذُوعِ (خَطْبُكَ) بَالُكَ. (مِسَاسَ) مَصْدَرُ مَاسَّهُ مِسَاسًا. (لَنَنْسِفَنَّهُ) لَنُذْرِيَنَّهُ. الضَّحَاءُ الْحَرُّ. (قُصِّيهِ) اتَّبِعِى أَثَرَهُ، وَقَدْ يَكُونُ أَنْ تَقُصَّ الْكَلاَمَ (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ). (عَنْ جُنُبٍ) عَنْ بُعْدٍ وَعَنْ جَنَابَةٍ وَعَنِ اجْتِنَابٍ وَاحِدٌ. قَالَ مُجَاهِدٌ (عَلَى قَدَرٍ) مَوْعِدٌ (لاَ تَنِيَا) {لاَ تَضْعُفَا} (يَبَسًا) يَابِسًا (مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ) الْحُلِىِّ الَّذِى اسْتَعَارُوا مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ (فَقَذَفْتُهَا) أَلْقَيْتُهَا. (أَلْقَى) صَنَعَ. (فَنَسِىَ) مُوسَى هُمْ يَقُولُونَهُ أَخْطَأَ الرَّبَّ أَنْ لاَ يَرْجِعَ إِلَيْهِمْ قَوْلاً فِي الْعِجْلِ. 3393 - حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَدَّثَهُمْ عَنْ لَيْلَةِ أُسْرِىَ بِهِ حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الْخَامِسَةَ، فَإِذَا هَارُونُ قَالَ هَذَا هَارُونُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ. فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ ثُمَّ قَالَ مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ. تَابَعَهُ ثَابِتٌ وَعَبَّادُ بْنُ أَبِى عَلِىٍّ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 3207 ـــــــــــــــــــــــــــــ قال الجوهري: الوجس فزع القلب ({فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه: 71] على جذوع) وإيثار في للدلالة على زيادة التمكن {خَطْبُكَ} [طه: 95] بالُكَ) تفسير باللازم؛ لأن الخَطْبَ هو الأمر العظيم الذي يقع في شأنه الخطاب ({لَنَنْسِفَنَّهُ} [طه: 97] لنذرينَّهُ) بضم النون وتشديد الراء المكسورة، وأصل النسف: القلع {مَكَانًا سُوًى} [طه: 58] بالضم والكسر (منصف) بفتح الميم والصاد موضع النصف، أي يكون متوسطًا اشتقاقه من السَّواء {قُصِّيهِ} [القصص: 11] اتبعي أثره) ومنه القصة؛ لأن القاص يتبع ما قيل له {مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ} [طه: 87] الحَلْي الذي استعاروا) بفتح الحاء وسكون اللام، استعاروا من القبط لعيد لهم، فلما دخلوا بالليل لم يتمكنوا من ردِّه. 3393 - (هدبة) بضم الهاء وسكون الدال (هَمَّام) بفتح الهاء وتشديد الميم (صعصعة) بصاد وعين مكررتين، روى حديث المعراج مختصرًا، وغرضه أنه رأى هارون.

25 - باب {وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه} [غافر: 28]- إلى قوله - {مسرف كذاب} [غافر: 28]

25 - بَابُ {وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ} [غافر: 28]- إِلَى قَوْلِهِ - {مُسْرِفٌ كَذَّابٌ} [غافر: 28] 26 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى) (وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا) 3394 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةَ أُسْرِىَ بِهِ «رَأَيْتُ مُوسَى وَإِذَا رَجُلٌ ضَرْبٌ رَجِلٌ، كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ، وَرَأَيْتُ عِيسَى، فَإِذَا هُوَ رَجُلٌ رَبْعَةٌ أَحْمَرُ كَأَنَّمَا خَرَجَ مِنْ دِيمَاسٍ، وَأَنَا أَشْبَهُ وَلَدِ إِبْرَاهِيمَ - صلى الله عليه وسلم - بِهِ، ثُمَّ أُتِيتُ بِإِنَاءَيْنِ، فِي أَحَدِهِمَا لَبَنٌ، وَفِى الآخَرِ خَمْرٌ فَقَالَ اشْرَبْ أَيَّهُمَا شِئْتَ. فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ فَشَرِبْتُهُ فَقِيلَ أَخَذْتَ الْفِطْرَةَ، أَمَا إِنَّكَ لَوْ أَخَذْتَ الْخَمْرَ غَوَتْ أُمَّتُكَ». أطرافه 3437، 4709، 5576، 5603 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قول الله: {وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى} [طه: 9] ({وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164]) توكيد الفعل بالمصدر، دلَّ على أنه كلَّمه بلا واسطة. 3394 - (مَعْمَر) بفتح الميمين وسكون العين (رأيتُ موسى فإذا رجل ضَرْبٌ) قال ابن الأثير: أي خفيف اللحم المستدق، فلا ينافي وصفه بالطول في الحديث بعده (ورأيت عيسى فإذا هو رجلٌ رَبْعة) -بفتح الراء وسكون الباء- المعتدل بين الطول والقصر (كأنما خَرَج من ديماس) لطراوة لونه وحُسْن منظره. والديماس: بكسر الدال: الحمامُ في لغة الحبشة، وقيل: هو السَّرَب (ثم أُتيتُ بإناءين في أحدهما لبن، وفي الآخر خمر) وفي الرواية الأخرى: "بثلاث أوانٍ" والثالث العسلُ (فأخذتُ اللبن فشربتُهُ، فقيل: أخذت الفطرة) أي: التوحيدَ ودينَ الإسلام، وذلك أن اللَّبن سبب الحياة الدنيوية، والتوحيد والإسلام سبب البقاء في الآخرة أبدًا (أَمَا إنك لو أَخذْتَ الخمرَ غَوَتْ أمتُك) أي: ضَلَّتْ عن طريق الحق كاليهود والنصارى؛ لأن النبي في أمته كالروح في البدن.

3395 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْعَالِيَةِ حَدَّثَنَا ابْنُ عَمِّ نَبِيِّكُمْ - يَعْنِى ابْنَ عَبَّاسٍ - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَنْبَغِى لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى». وَنَسَبَهُ إِلَى أَبِيهِ. أطرافه 3413، 4630، 7539 3396 - وَذَكَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةَ أُسْرِىَ بِهِ فَقَالَ «مُوسَى آدَمُ طُوَالٌ كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ». وَقَالَ «عِيسَى جَعْدٌ مَرْبُوعٌ». وَذَكَرَ مَالِكًا خَازِنَ النَّارِ، وَذَكَرَ الدَّجَّالَ. طرفه 3239 3397 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ السَّخْتِيَانِىُّ عَنِ ابْنِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَجَدَهُمْ يَصُومُونَ يَوْمًا، يَعْنِى عَاشُورَاءَ، فَقَالُوا هَذَا يَوْمٌ عَظِيمٌ، وَهْوَ يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ فِيهِ مُوسَى، وَأَغْرَقَ آلَ فِرْعَوْنَ، فَصَامَ مُوسَى شُكْرًا لِلَّهِ. فَقَالَ «أَنَا أَوْلَى بِمُوسَى مِنْهُمْ». فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ. طرفه 2004 ـــــــــــــــــــــــــــــ 3395 - (بَشَّار) بفتح الباء وتشديد الشين (غُنْدر) بفتح الغين المعجمة (أبا العالية) رفيع بن مهران (لا ينبغي لعبدٍ أن يقول أنا خيرٌ من يونس بن متى) إنما خصَّ بالذكر بين الأنبياء لقوله تعالى: {فَاصْبِرْ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ} [القلم: 48] فإنه يتبادر منه شيء، فدفعه بأن الله مع عباده مقامًا ليس لغيره. فإن قلتَ: قوله: "أنا سيد ولد آدم"، وقوله: "أنا أكرم الخَلْق "ثم علم وذكر يونس بخصوصية لما أشرنا إليه، ونسبه إلى أبيه كأنه رَدٌّ على مَنْ زعم أن مَتَّى أمه. (موسى آدم طُوال) بضم الطاء وتخفيف الواو كانه من رجال شنوءة) من حيث الطول، فلا ينافي ما في الرواية الأخرى: كأنه من الزطِّ؛ لأنه من حيث السواد.

27 - باب قول الله تعالى (وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة وقال موسى لأخيه هارون اخلفنى فى قومى وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين * ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرنى أنظر إليك قال لن ترانى) إلى قوله (وأنا أول المؤمنين)

27 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِى فِي قَوْمِى وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ * وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِى أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِى) إِلَى قَوْلِهِ (وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) يُقَالُ دَكَّهُ زَلْزَلَهُ. (فَدُكَّتَا) فَدُكِكْنَ، جَعَلَ الْجِبَالَ كَالْوَاحِدَةِ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (أَنَّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا) وَلَمْ يَقُلْ كُنَّ. رَتْقًا مُلْتَصِقَتَيْنِ (أُشْرِبُوا) ثَوْبٌ مُشَرَّبٌ مَصْبُوغٌ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (انْبَجَسَتْ) انْفَجَرَتْ (وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ) رَفَعْنَا. 3398 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «النَّاسُ يَصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ، فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى آخِذٌ بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ، فَلاَ أَدْرِى أَفَاقَ قَبْلِى، أَمْ جُوزِىَ بِصَعْقَةِ الطُّورِ». طرفه 2412 ـــــــــــــــــــــــــــــ 3397 - (السختياني) بالخاء المعجمة (أنا أَوْلَى بموسى من اليهود فَصَامَهُ) أي: يوم عاشوراء (وأمر بصيامه) لما رأى ذلك لم يمنعه موافقة اليهود عن صومه، وإنما أَوَّلْنا هذا التأويل، لِما تقدم في كتاب الصوم أنه كان يصوم عاشوراء وهو بمكة. باب قول الله تعالى: {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ} [الاعراف:142] كان الأول ثلاثين ثم استاك بعدها، قيل له: إن خلوف فم الصائم عند الله أطيبُ من ريح المسك، فصام عشر ذي الحجة (دكه: زلزله) تفسير باللازم، فإن الدكَّ التسويةُ، ناقة دكَّاء لا سنام لها ({فَانْبَجَسَتْ} [الأعراف: 160]: انفجرت) وقيل: الانبجاس ابتداء الانفجار قبل قوته. 3398 - (الناس يُصْعقون يوم القيامة، فأكون أول من يفيق، فإذا موسى آخذ بقائمةٍ من قوائمِ العرش، فلا أدري أَفَاقَ قبلُ أم جوزيَ بصعقة الطور) قد اضطرب أهلُ الحديث في هذا المقام حتى قالوا: إن هذه الرواية غير صحيحة، والصحيح قوله في الرواية الأخرى: "يُصْعَقُ

28 - باب طوفان من السيل

3399 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِىُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْلاَ بَنُو إِسْرَائِيلَ لَمْ يَخْنَزِ اللَّحْمُ، وَلَوْلاَ حَوَّاءُ لَمْ تَخُنْ أُنْثَى زَوْجَهَا الدَّهْرَ». طرفه 3330 28 - باب طُوفَانٍ مِنَ السَّيْلِ يُقَالُ لِلْمَوْتِ الْكَثِيرِ طُوفَانٌ. الْقُمَّلُ الْحُمْنَانُ يُشْبِهُ صِغَارَ الْحَلَمِ. (حَقِيقٌ) حَقٌّ. (سُقِطَ) كُلُّ مَنْ نَدِمَ فَقَدْ سُقِطَ فِي يَدِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الناس فأكون أول من تنشق عنه الأرض" وهذا أوهم، وكلا القولين صحيح؛ لأن الصعق يطلق على الموت وعلى الغشي، فالمراد هو به في قوله: يصعق الناس فأنا أولُ مَنْ تنشق عنه الأرض، الموت، وأما في هذا الحديث فالمراد به الغشي، بدليل الإفاقة فإنها تكون من الغشي، ولذلك صَحَّ استثناء موسى؛ إذ لو كان من الموت لم يصحَّ، وأيضًا يوم القيامة ظرف ليُصْعَقُون، ولا موت حينئذٍ قطعًا. 3399 - (مَعْمَر) بفتح الميمين وعين ساكنة (هَمّام) بتشديد الميم وفتح الهاء (لولا بنو إسرائيل لم يَخْنَزِ اللحمُ) -بالخاء والزاي المعجمتين- أي: لم ينتن، قد أشرنا إلى أن هذا كان حين ادَّخروا لحم السماني في التيه (ولولا حواء لم تَخُنْ أنثى) قيل: خيانتها أنها دعت آدمَ إلى أكل الشجرة، وقد قدمنا أنها أكلت حَبَّتَين وناولَتْ آدمَ حبةً، وهذا هو الظاهر من لفظ الخيانة. (القمل الحُمْنَان) -بضم الحاء وسكون الميم وتخفيف النون- جمع حمانة، كذلك قال الجوهري: هي القراد، ثم نقل عن الأصمعي أن الصغيرة جدًّا هي القمقامة، وفوقها حمنانة، وفوقها قراد، وفوق القراد حَلَمَة (كل من ندم فقد سقط في يده) السقوطُ في اليد كنايةٌ عن الندم، قال صاحب "الكشاف": لأنه يعض يده غمًّا فتكون يده مسقوطًا فيها، لأن فاه قد سقط في يده.

29 - باب حديث الخضر مع موسى - عليهما السلام -

29 - باب حَدِيثِ الْخَضِرِ مَعَ مُوسَى - عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ - 3400 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ تَمَارَى هُوَ وَالْحُرُّ بْنُ قَيْسٍ الْفَزَارِىُّ فِي صَاحِبِ مُوسَى، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ هُوَ خَضِرٌ، فَمَرَّ بِهِمَا أُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ، فَدَعَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، فَقَالَ إِنِّى تَمَارَيْتُ أَنَا وَصَاحِبِى هَذَا فِي صَاحِبِ مُوسَى الَّذِى سَأَلَ السَّبِيلَ إِلَى لُقِيِّهِ، هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَذْكُرُ شَأْنَهُ قَالَ نَعَمْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «بَيْنَمَا مُوسَى فِي مَلإٍ مِنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ جَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ هَلْ تَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنْكَ قَالَ لاَ. فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى مُوسَى بَلَى عَبْدُنَا خَضِرٌ. فَسَأَلَ مُوسَى السَّبِيلَ إِلَيْهِ، فَجُعِلَ لَهُ الْحُوتُ آيَةً، وَقِيلَ لَهُ إِذَا فَقَدْتَ الْحُوتَ فَارْجِعْ، فَإِنَّكَ سَتَلْقَاهُ. فَكَانَ يَتْبَعُ الْحُوتَ فِي الْبَحْرِ، فَقَالَ لِمُوسَى فَتَاهُ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ، فَإِنِّى نَسِيتُ الْحُوتَ، وَمَا أَنْسَانِيهِ إِلاَّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ. فَقَالَ مُوسَى ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ. فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا فَوَجَدَا خَضِرًا، فَكَانَ مِنْ شَأْنِهِمَا الَّذِى قَصَّ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ». طرفه 74 3401 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ قُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ إِنَّ نَوْفًا الْبَكَالِىَّ يَزْعُمُ أَنَّ مُوسَى صَاحِبَ الْخَضِرِ لَيْسَ هُوَ مُوسَى بَنِى إِسْرَائِيلَ، إِنَّمَا هُوَ مُوسَى آخَرُ. فَقَالَ كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ حَدَّثَنَا أُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «أَنَّ مُوسَى قَامَ خَطِيبًا فِي بَنِى إِسْرَائِيلَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب حديث موسى مع الخضر يجوزُ فيه الكلام وتركه، وفتح الخاء وكسر الضاد، وكسر الخاء وسكون الضاد. 3400 - (عن ابن عباس أنه تمارى والحر بن قيس الفزاري) التماري: من المِرَاء وهي الجدال، والحر ضد العبد، والفزاري -بفتح الفاء- نسبة إلى فزارة (سأل السبيل إلى لُقيه) بضم اللام وكسر القاف وتشديد الياء (بينما موسى في ملأٍ من بني إسرائيل) أي: أشرافهم. 3401 - (إن نوفًا البِكَالي) -بكسر الباء وتخفيف الكاف- ويُروى: بفتح الباء وتشديد الكاف- نسبةً إلى جده وهو نوف بن فضالة أبو يزيد الحميري، قيل: كان في الأصل يهوديًّا، ولذلك استنكف وأنكر أن يكون موسى تلميذَ الخضر (أن موسى قام خطيبًا في بني إسرائيل،

فَسُئِلَ أَىُّ النَّاسِ أَعْلَمُ فَقَالَ أَنَا. فَعَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ إِذْ لَمْ يَرُدَّ الْعِلْمَ إِلَيْهِ. فَقَالَ لَهُ بَلَى، لِى عَبْدٌ بِمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ. قَالَ أَىْ رَبِّ وَمَنْ لِى بِهِ - وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ أَىْ رَبِّ وَكَيْفَ لِى بِهِ - قَالَ تَأْخُذُ حُوتًا، فَتَجْعَلُهُ فِي مِكْتَلٍ، حَيْثُمَا فَقَدْتَ الْحُوتَ فَهْوَ ثَمَّ - وَرُبَّمَا قَالَ فَهْوَ ثَمَّهْ - وَأَخَذَ حُوتًا، فَجَعَلَهُ فِي مِكْتَلٍ، ثُمَّ انْطَلَقَ هُوَ وَفَتَاهُ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ، حَتَّى أَتَيَا الصَّخْرَةَ، وَضَعَا رُءُوسَهُمَا فَرَقَدَ مُوسَى، وَاضْطَرَبَ الْحُوتُ فَخَرَجَ فَسَقَطَ فِي الْبَحْرِ، فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا، فَأَمْسَكَ اللَّهُ عَنِ الْحُوتِ جِرْيَةَ الْمَاءِ، فَصَارَ مِثْلَ الطَّاقِ، فَقَالَ هَكَذَا مِثْلُ الطَّاقِ. فَانْطَلَقَا يَمْشِيَانِ بَقِيَّةَ لَيْلَتِهِمَا وَيَوْمَهُمَا، حَتَّى إِذَا كَانَ مِنَ الْغَدِ قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا. وَلَمْ يَجِدْ مُوسَى النَّصَبَ حَتَّى جَاوَزَ حَيْثُ أَمَرَهُ اللَّهُ. قَالَ لَهُ فَتَاهُ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّى نَسِيتُ الْحُوتَ، وَمَا أَنْسَانِيهِ إِلاَّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ، وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا، فَكَانَ لِلْحُوتِ سَرَبًا وَلَهُمَا عَجَبًا. قَالَ لَهُ مُوسَى ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِى، فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا، رَجَعَا يَقُصَّانِ آثَارَهُمَا حَتَّى انْتَهَيَا إِلَى الصَّخْرَةِ، فَإِذَا رَجُلٌ مُسَجًّى بِثَوْبٍ، فَسَلَّمَ مُوسَى، فَرَدَّ عَلَيْهِ. فَقَالَ وَأَنَّى بِأَرْضِكَ السَّلاَمُ. قَالَ أَنَا مُوسَى. قَالَ مُوسَى بَنِى إِسْرَائِيلَ قَالَ نَعَمْ، أَتَيْتُكَ لِتُعَلِّمَنِى مِمَّا عُلِّمْتَ رَشَدًا. قَالَ يَا مُوسَى إِنِّى عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ، عَلَّمَنِيهِ اللَّهُ لاَ تَعْلَمُهُ وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَلَّمَكَهُ اللَّهُ لاَ أَعْلَمُهُ. قَالَ هَلْ أَتَّبِعُكَ قَالَ (إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِىَ صَبْرًا * وَكَيْفَ تَصْبِرُ ـــــــــــــــــــــــــــــ فسئل أيُّ الناس أعلم؟ فقال: أنا فعَتَبَ الله عليه إذ لم يردَّ العلم إليه). فإن قلت: موسى كان أعلمَ من الخضر فلم عُوتب؟ قلتُ: لم يكن أعلمَ مطلقًا، ولو كان الأمر كما قال إلا أن الأنبياء يُعاتبون على أدنى شيءٍ. (عبد بمجمع البحرين) قيل: هما بحر فارس والروم (في مِكْتَل) -بكسر الميم- الزنبيل العظيم (واضطرب الحوت) سيأتي أنه أصابه قطرة من ماء الحياة (فأمسك الله عنه جرية) بكسر الجيم (فانطلقا يمشيان بقية ليلتهما ويومهما) -بالنصب- أي: ذلك اليوم وبقية الليلة لقوله: (حتى كان من الغد). (يا موسى ما نقص علمي وعلمك من علم الله إلا مثل ما نقص هذا العصفور بمنقاره) هذا كلامٌ على ضرب المثل تقريبًا للأفهام، وإلا لم ينقص علمهما من علم الله شيئًا؛ لأن النقصان من غير المتناهي محالٌ، أي: لو كان يعقل نقصان لكان بهذه المثابة، والأحسن أن

عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا) إِلَى قَوْلِهِ (إِمْرًا) فَانْطَلَقَا يَمْشِيَانِ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ، فَمَرَّتْ بِهِمَا سَفِينَةٌ، كَلَّمُوهُمْ أَنْ يَحْمِلُوهُمْ، فَعَرَفُوا الْخَضِرَ، فَحَمَلُوهُ بِغَيْرِ نَوْلٍ، فَلَمَّا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ جَاءَ عُصْفُورٌ، فَوَقَعَ عَلَى حَرْفِ السَّفِينَةِ، فَنَقَرَ فِي الْبَحْرِ نَقْرَةً أَوْ نَقْرَتَيْنِ، قَالَ لَهُ الْخَضِرُ يَا مُوسَى، مَا نَقَصَ عِلْمِى وَعِلْمُكَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ إِلاَّ مِثْلَ مَا نَقَصَ هَذَا الْعُصْفُورُ بِمِنْقَارِهِ مِنَ الْبَحْرِ. إِذْ أَخَذَ الْفَأْسَ فَنَزَعَ لَوْحًا، قَالَ فَلَمْ يَفْجَأْ مُوسَى إِلاَّ وَقَدْ قَلَعَ لَوْحًا بِالْقَدُّومِ. فَقَالَ لَهُ مُوسَى مَا صَنَعْتَ قَوْمٌ حَمَلُونَا بِغَيْرِ نَوْلٍ، عَمَدْتَ إِلَى سَفِينَتِهِمْ فَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا، لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا. قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِىَ صَبْرًا. قَالَ لاَ تُؤَاخِذْنِى بِمَا نَسِيتُ وَلاَ تُرْهِقْنِى مِنْ أَمْرِى عُسْرًا، فَكَانَتِ الأُولَى مِنْ مُوسَى نِسْيَانًا. فَلَمَّا خَرَجَا مِنَ الْبَحْرِ مَرُّوا بِغُلاَمٍ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ، فَأَخَذَ الْخَضِرُ بِرَأْسِهِ فَقَلَعَهُ بِيَدِهِ هَكَذَا - وَأَوْمَأَ سُفْيَانُ بِأَطْرَافِ أَصَابِعِهِ كَأَنَّهُ يَقْطِفُ شَيْئًا - فَقَالَ لَهُ مُوسَى أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا. قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِىَ صَبْرًا. قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَىْءٍ بَعْدَهَا فَلاَ تُصَاحِبْنِى، قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّى عُذْرًا. فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ مَائِلاً - أَوْمَأَ بِيَدِهِ هَكَذَا وَأَشَارَ سُفْيَانُ كَأَنَّهُ يَمْسَحُ شَيْئًا إِلَى فَوْقُ، فَلَمْ أَسْمَعْ سُفْيَانَ يَذْكُرُ مَائِلاً إِلاَّ مَرَّةً - قَالَ قَوْمٌ أَتَيْنَاهُمْ فَلَمْ يُطْعِمُونَا وَلَمْ يُضَيِّفُونَا عَمَدْتَ إِلَى حَائِطِهِمْ لَوْ شِئْتَ لاَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا. قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِى وَبَيْنِكَ، سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «وَدِدْنَا أَنَّ مُوسَى كَانَ صَبَرَ، فَقَصَّ اللَّهُ عَلَيْنَا مِنْ خَبَرِهِمَا». قَالَ سُفْيَانُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَرْحَمُ اللَّهُ مُوسَى، لَوْ كَانَ صَبَرَ يُقَصُّ عَلَيْنَا مِنْ أَمْرِهِمَا». وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْبًا، وَأَمَّا الْغُلاَمُ فَكَانَ كَافِرًا وَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ النقصان مجازٌ عن الأخذ؛ لأنه من لوازمه، أي: ما أخذ علمي وعلمك (مَرُّوا بغلامٍ يلعب مع الصبيان، فأخذ الخضر برأسه، فقَلَعَهُ بيده) لا ينافي هذا ما ذكره في الرواية الأخرى: فذبحه بالسكين؛ لإمكان الجمع بأن يذبحه ثم يقلع (يرحم الله موسى لو كان صبر لَقَصَّ علينا من أمرهما) أي: أكثر مما قصَّ، واستدل به على عدم وجود الخضر ولا دليل فيه، والمختار عند المحققين من أهل الحديث أنه حيٌّ، وعليه إطباق الفقراء والصالحين.

30 - باب

ثُمَّ قَالَ لِى سُفْيَانُ سَمِعْتُهُ مِنْهُ مَرَّتَيْنِ وَحَفِظْتُهُ مِنْهُ. قِيلَ لِسُفْيَانَ حَفِظْتَهُ قَبْلَ أَنْ تَسْمَعَهُ مِنْ عَمْرٍو، أَوْ تَحَفَّظْتَهُ مِنْ إِنْسَانٍ فَقَالَ مِمَّنْ أَتَحَفَّظُهُ وَرَوَاهُ أَحَدٌ عَنْ عَمْرٍو غَيْرِى سَمِعْتُهُ مِنْهُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا وَحَفِظْتُهُ مِنْهُ. طرفه 74 3402 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الأَصْبَهَانِىُّ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّمَا سُمِّىَ الْخَضِرُ أَنَّهُ جَلَسَ عَلَى فَرْوَةٍ بَيْضَاءَ فَإِذَا هِىَ تَهْتَزُّ مِنْ خَلْفِهِ خَضْرَاءَ». قال الحموي: قال محمد بن يوسف بن مطر الفربري: حدثنا علي بن خشرم عن سفيان: بطوله. 30 - بابٌ 3403 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «قِيلَ لِبَنِى إِسْرَائِيلَ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ. فَبَدَّلُوا فَدَخَلُوا يَزْحَفُونَ عَلَى أَسْتَاهِهِمْ، وَقَالُوا حَبَّةٌ فِي شَعْرَةٍ». طرفاه 4479، 4641 ـــــــــــــــــــــــــــــ 3402 - (الأصبهاني) بكسر الهمزة وفتحها (هَمَّام) بفتح الهاء وتشديد الميم (مُنَبِّه) بضم الميم وتشديد الباء المكسورة (إنما سُمّي الخضرَ لأنه جلس على فروة بيضاء، فإذا هي تهتز من خلفه خضراءَ) الفَرْوَةُ -بالفاء- وجهُ الأرض، واسمه بليا، وهذا لقبٌ له. بابٌ كذا وقع من غير ترجمة؛ لأنه كالفصل من الباب قبله. 3403 - (قيل لبني إسرائيل: {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا} [البقرة: 58]) أي: باب القرية بيت المقدس، أو أريحا أو غيرهما ({وَقُولُوا حِطَّةٌ} [البقرة: 58]) بالرفع أي: مسألتنا أن تَحطَّ عنا ذنوبنا (فبدلوا) أي: قولًا وفعلًا (فدخلوا يَزْحَفُون على أستاهِهِم) كالصبي الطفل (وقالوا حبة في شعرة) سفاهةً وجهلًا وشقاوةً.

3404 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنِ الْحَسَنِ وَمُحَمَّدٍ وَخِلاَسٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ مُوسَى كَانَ رَجُلاً حَيِيًّا سِتِّيرًا، لاَ يُرَى مِنْ جِلْدِهِ شَىْءٌ، اسْتِحْيَاءً مِنْهُ، فَآذَاهُ مَنْ آذَاهُ مِنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ، فَقَالُوا مَا يَسْتَتِرُ هَذَا التَّسَتُّرَ إِلاَّ مِنْ عَيْبٍ بِجِلْدِهِ، إِمَّا بَرَصٌ وَإِمَّا أُدْرَةٌ وَإِمَّا آفَةٌ. وَإِنَّ اللَّهَ أَرَادَ أَنْ يُبَرِّئَهُ مِمَّا قَالُوا لِمُوسَى فَخَلاَ يَوْمًا وَحْدَهُ فَوَضَعَ ثِيَابَهُ عَلَى الْحَجَرِ ثُمَّ اغْتَسَلَ، فَلَمَّا فَرَغَ أَقْبَلَ إِلَى ثِيَابِهِ لِيَأْخُذَهَا، وَإِنَّ الْحَجَرَ عَدَا بِثَوْبِهِ، فَأَخَذَ مُوسَى عَصَاهُ وَطَلَبَ الْحَجَرَ، فَجَعَلَ يَقُولُ ثَوْبِى حَجَرُ، ثَوْبِى حَجَرُ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَلإٍ مِنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ، فَرَأَوْهُ عُرْيَانًا أَحْسَنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ، وَأَبْرَأَهُ مِمَّا يَقُولُونَ، وَقَامَ الْحَجَرُ فَأَخَذَ ثَوْبَهُ فَلَبِسَهُ، وَطَفِقَ بِالْحَجَرِ ضَرْبًا بِعَصَاهُ، فَوَاللَّهِ إِنَّ بِالْحَجَرِ لَنَدَبًا مِنْ أَثَرِ ضَرْبِهِ ثَلاَثًا أَوْ أَرْبَعًا أَوْ خَمْسًا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا). طرفه 278 3405 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ قَسَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَسْمًا، فَقَالَ رَجُلٌ إِنَّ هَذِهِ لَقِسْمَةٌ مَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ. فَأَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرْتُهُ، فَغَضِبَ حَتَّى رَأَيْتُ الْغَضَبَ فِي وَجْهِهِ، ثُمَّ قَالَ «يَرْحَمُ اللَّهُ مُوسَى قَدْ أُوذِىَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ». ـــــــــــــــــــــــــــــ 3404 - (روح) بفتح الراء (عُبادَة) بضم العين وتخفيف الباء (عن الحسن، ومحمد، وخِلاس) -بكسر الخاء المعجمة وتخفيف اللام- وإنما جمع بين الثلاثة، لأن الحَسَن ليس له سماعٌ عن أبي هريرة، صَرَّح به الترمذي وغيره (إن موسى كان حَيِيًّا) أي: كثير الحياء (سِتِّيرًا) -بكسر السين وتشديد الياء المكسورة- أي: شديد الستر، وروي سَتِير على وزن كريم (فقالوا: ما يستر هذا الستر إلا من عيب بجلده، إما برص وإما أُدرة) -بضم الهمزة ودال مهملة- القيلة، وهي انتفاخ الخصية (وطفق بالحجر ضربًا) أي: شَرَعَ يضرب الحجر ضربًا، والحديثُ سَلَفَ في باب الغسل (إن بالحجر لندبًا) أي: أثرًا من ضرب موسى.

31 - باب (يعكفون على أصنام لهم)

31 - باب (يَعْكِفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ) (مُتَبَّرٌ) خُسْرَانٌ (وَلِيُتَبِّرُوا) يُدَمِّرُوا (مَا عَلَوْا) مَا غَلَبُوا. 3406 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَجْنِى الْكَبَاثَ، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «عَلَيْكُمْ بِالأَسْوَدِ مِنْهُ، فَإِنَّهُ أَطْيَبُهُ». قَالُوا أَكُنْتَ تَرْعَى الْغَنَمَ قَالَ «وَهَلْ مِنْ نَبِىٍّ إِلاَّ وَقَدْ رَعَاهَا». طرفه 5453 32 - باب (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً) الآيَةَ قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ الْعَوَانُ النَّصَفُ بَيْنَ الْبِكْرِ وَالْهَرِمَةِ. (فَاقِعٌ) صَافٍ. (لاَ ذَلُولٌ) لَمْ يُذِلَّهَا الْعَمَلُ، (تُثِيرُ الأَرْضَ) لَيْسَتْ بِذَلُولٍ تُثِيرُ الأَرْضَ وَلاَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب {يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ} [الأعراف: 138] ({مُتَبَّرٌ} خسران) أشار إلى أنه مصدر ميمي، وأصل التبار: الهلاك. 3406 - (بُكير) بضم الباء مصغر (كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نجني الكَبَاث) -بفتح الكاف وثاء مثلثة- وهو النضيج من ثمر الأراك (قالوا: كنتَ ترعى الغنم؟ قال: وهل من نبي إلا رَعَاها) قال النووي: والحكمة في ذلك الاعتياد بالرياضة، والتواضع، والترقي بعد ذلك في السياسة، وأما خصوص الغنم فلسلامة أخلاقها. فإن قلت: ما وجه مناسبة الحديث للترجمة؟ قلت: من حيث إن موسى أكثر الأنبياء رعيًا، وقيل: للدلالة على أن بني إسرائيل مع كونهم جُهَّالًا، فَضَّلهم الله على العالمين، لأنهم كانوا مستضعفين، وكذا الأنبياء كانوا مستضعفين يرعون الغنم، فتأمل. باب {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} [البقرة: 67] (أبو العالية) رفيع بن مهران ({عَوَانٌ} [البقرة: 68] النَّصَف) -بفتح النون والصاد-

33 - باب وفاة موسى، وذكره بعد

تَعْمَلُ فِي الْحَرْثِ (مُسَلَّمَةٌ) مِنَ الْعُيُوبِ. (لاَ شِيَةَ) بَيَاضٌ. (صَفْرَاءُ) إِنْ شِئْتَ سَوْدَاءُ، وَيُقَالُ صَفْرَاءُ، كَقَوْلِهِ (جِمَالاَتٌ صُفْرٌ). (فَادَّارَأْتُمْ) اخْتَلَفْتُمْ. 33 - باب وَفَاةِ مُوسَى، وَذِكْرُهُ بَعْدُ 3407 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ أُرْسِلَ مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى مُوسَى - عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ - فَلَمَّا جَاءَهُ صَكَّهُ، فَرَجَعَ إِلَى رَبِّهِ، فَقَالَ أَرْسَلْتَنِى إِلَى عَبْدٍ لاَ يُرِيدُ الْمَوْتَ. قَالَ ارْجِعْ إِلَيْهِ، فَقُلْ لَهُ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى مَتْنِ ثَوْرٍ، فَلَهُ بِمَا غَطَّتْ يَدُهُ بِكُلِّ شَعَرَةٍ سَنَةٌ. قَالَ أَىْ رَبِّ، ثُمَّ مَاذَا قَالَ ثُمَّ الْمَوْتُ. قَالَ فَالآنَ. قَالَ فَسَأَلَ اللَّهَ أَنْ يُدْنِيَهُ مِنَ الأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بِحَجَرٍ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ كُنْتُ ثَمَّ لأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ إِلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ تَحْتَ الْكَثِيبِ الأَحْمَرِ». قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - نَحْوَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أي: لا شابة ولا مسنة {صَفْرَاءُ فَاقِعٌ} [البقرة: 69]) أي: شديدة الصُّفرة، كقولهم: أسود حَالِكٌ وأحمر، وقوله: (إن شئت سوداء) إشارة إلى ما نُقل عن الحسن، أي: شديدة السواد، قال صاحب "الكشاف": ولعله مستعارٌ من صفرة الإبل؛ لأن صفرتها يعلوها السواد. باب وفاة موسى وذكره بعد أي: بعد وفاته، أراد به ما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أن قبره إلى جانب الطريق. 3407 - (أرسل ملك الموت إلى موسى) أي: بقبض روحه (فلما جاءه صَكَّه) أي: ضربه في وجهه، لما في الرواية الأخرى: ففقأ عينه، والصكُّ: الضربُ مطلقًا (فسأل اللهَ أن يدنيه من الأرض المقدسة ولو [رمية] بحجر) فإنه كان في التيه، وإنما لم يسأله نفسَ بيت المقدس لأنه لم يكن تحت حكمه، كان في يد الجبارين، أو لأنه لما بدر منه في شأن ملك الموت ما بدر استحى أن يطلب البقاء، ويؤيد هذا قوله: (ولو رمية حجر)، (وأخبرنا مَعْمَر) هذا كلام عبد الرزاق، روى أولًا عن مَعْمَر عن عبد الله بن طاووس، وثانيًا عن مَعْمَر عن هَمَّام.

3408 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ اسْتَبَّ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَرَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ. فَقَالَ الْمُسْلِمُ وَالَّذِى اصْطَفَى مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الْعَالَمِينَ. فِي قَسَمٍ يُقْسِمُ بِهِ. فَقَالَ الْيَهُودِىُّ وَالَّذِى اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْعَالَمِينَ. فَرَفَعَ الْمُسْلِمُ عِنْدَ ذَلِكَ يَدَهُ، فَلَطَمَ الْيَهُودِىَّ، فَذَهَبَ الْيَهُودِىُّ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرَهُ الَّذِى كَانَ مِنْ أَمْرِهِ وَأَمْرِ الْمُسْلِمِ فَقَالَ «لاَ تُخَيِّرُونِى عَلَى مُوسَى، فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ، فَإِذَا مُوسَى بَاطِشٌ بِجَانِبِ الْعَرْشِ، فَلاَ أَدْرِى أَكَانَ فِيمَنْ صَعِقَ فَأَفَاقَ قَبْلِى أَوْ كَانَ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ». طرفه 2411 3409 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى فَقَالَ لَهُ مُوسَى أَنْتَ آدَمُ الَّذِى أَخْرَجَتْكَ خَطِيئَتُكَ مِنَ الْجَنَّةِ. فَقَالَ لَهُ آدَمُ أَنْتَ مُوسَى الَّذِى اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِرِسَالاَتِهِ وَبِكَلاَمِهِ، ثُمَّ تَلُومُنِى عَلَى أَمْرٍ قُدِّرَ عَلَىَّ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ». فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى» مَرَّتَيْنِ. أطرافه 4736، 4738، 6614، 7515 ـــــــــــــــــــــــــــــ 3408 - (استبَّ رجلٌ من المسلمين ورجل من اليهود) في "جامع سفيان": أن المسلم هو أبو بكر الصديق، واليهوديَ فِنْحاص بن عازوراء (لا تخيروني على موسى، فإن الناس يُصْعَقُون) أي: يوم القيامة، وقد أشرنا آنفًا أن المراد هو الغَشْي لا الموتُ، بدليل قيده بيوم القيامة، والإفاقة فإنها تكون في الإغماء والغشي (فلا أدري أكان فيمن صعق فأفاقَ قبلي، أو كان ممن استثنى الله بقوله: {إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} [الزمر: 68]) وقد سَبق منا أن هذا الكلام كان قبل علمه بأنه سيد الخَلْق، أو قاله تواضعًا، أو على وجهٍ يؤدي إلى نقص بعض الأنبياء، هذا وسياق الكلام يدل على الوجه الأول. 3409 - (حُميد) بضم الحاء مصغر (احتجَّ آدم وموسى) عليهما السلام، أي: تناظرا وكلٌّ منهما أقام الحجة (أخرجَتْكَ خطيئتُكَ من الجنة) إسناد إلى السبب (فحَجَّ اَدمُ موسى) أي: غَلَبَ في المناظرة (مرتين) قيد لقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أي: كرَّر هذا القول مرتين.

34 - باب قول الله تعالى (وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون) إلى قوله (وكانت من القانتين)

3410 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمًا قَالَ «عُرِضَتْ عَلَىَّ الأُمَمُ، وَرَأَيْتُ سَوَادًا كَثِيرًا سَدَّ الأُفُقَ فَقِيلَ هَذَا مُوسَى فِي قَوْمِهِ». أطرافه 5705، 5752، 6472، 6541 34 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ) إِلَى قَوْلِهِ (وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ) ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلتَ: في طريق المناظرة كان القياس أن تكون الغلبة لموسى؛ لأن الإنسان مؤاخذ بفعله؛ لأنه مختار في فعله، وعلى ذلك بناء التكليف؟ قلتُ: أجاب النووي بأن موسى كان عالمًا بأن الله تاب عليه واجتباه، وبعد التوبة لا يُلام، فمن لامَهُ كان محجوجًا في الشرع، وفيه نظر؛ لأن آدم إنما حَجَّه بالقدر، وليس ذلك مذهبًا، بل الجواب أن هذا كان في عالم الملكوت وانقطاع التكليف، فلم يكن في ذلك اللوم فائدة، وأيضًا كان ذلك مع أبيه، وليس للولد أن يواجه أباه بما فيه فظاظة، وأما قول الخطابي: إنما حَجَّه آدم في دفع اللوم؛ إذ ليس لأحدٍ من الآدميين أن يلوم أحدًا، فليس بصحيح على الإطلاق. 3410 - (حصَين بن نُمير) كلاهما مصغر (عُرضتْ عليَّ الأمَم) أي: ليلة المعراج، وقد سلف الكلام عليه. باب قول الله: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ} [التحريم: 11] قال ابن الأثير: ضرب المثل هو اعتبار الشيء بغيره وتمثيله به، ومعنى ضرب الله المَثَل بامرأة فرعون للذين آمنوا أن يسعوا في الأعمال التي تحلت بها امرأة فرعون، وأن يتحلَّى كلُّ مؤمن خلاها.

3411 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِىِّ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «كَمَلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ آسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، وَمَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَإِنَّ فَضْلَ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ». أطرافه 3433، 3769، 5418 ـــــــــــــــــــــــــــــ 3411 - (مُرَّة) بضم الميم وتشديد [الراء] (الهمداني) -بفتح الهاء وسكون الميم- قبيلة من عرب اليمن (كَمُل من الرجال كثير) قال الجوهري: كمال الشيء تمامُهُ، ويقال فيه بالحركات الثلاث في الميم، قال: والكسر أرداها (وإن فَضْلَ عائشة على النساء كفضل الثريد على الطعام) الثريد: كِسَر الخبز في المرق، وهو أفخر طعام العرب، قالوا: ومن فوائده أنه يجذب رسم المرق، ولا يحتاج في تناوله إلى المضغ، وهو سريع الهضم، وأما قول الشاعر: إذا ما الخبز تأدمه بلحمٍ ... فذاك أمانة الله الثريدُ فلا يجوز حمل الحديث عليه؛ لأن غرض الشاعر أن هذا هو الحقيق باسم الثريد من المتعارف. فإن قلت: فيلزم أن تكون عائشة أفضل النساء على الإطلاق؟ قلت: هو الظاهر، ولا نَصَّ بخلافه. فإن قلت: قد جاء: "خير نسائها خديجة"؟ قلتُ: الضمير للعرب، هذا وإذا نظر إلى ما به الفضل والكمال من العلم والتُّقى وحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إياها، وسائر ما به يقع التفاضل، فلا نجد من يوازيها. فإن قلتَ: ففاطمة؟ قلت: هي بضعة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك خرجتْ من هذا العموم، وكذا مريم، لأنها أفضل من فاطمة، أو مساوية لها، لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في فاطمة:

35 - باب (إن قارون كان من قوم موسى) الآية

35 - باب (إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى) الآيَةَ (لَتَنُوءُ) لَتُثْقِلُ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (أُولِى الْقُوَّةِ) لاَ يَرْفَعُهَا الْعُصْبَةُ مِنَ الرِّجَالِ، يُقَالُ (الْفَرِحِينَ) الْمَرِحِينَ (وَيْكَأَنَّ اللَّهَ) مِثْلُ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ (يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ) وَيُوَسِّعُ عَلَيْهِ وَيُضَيِّقُ. 36 - باب (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا) إِلَى أَهْلِ مَدْيَنَ، لأَنَّ مَدْيَنَ بَلَدٌ، وَمِثْلُهُ (وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ) وَاسْأَلِ (الْعِيرَ) يَعْنِى أَهْلَ الْقَرْيَةِ وَأَهْلَ الْعِيرِ (وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا) لَمْ يَلْتَفِتُوا إِلَيْهِ، يُقَالُ إِذَا لَمْ يَقْضِ حَاجَتَهُ ظَهَرَتْ حَاجَتِى وَجَعَلَتْنِى ظِهْرِيًّا. ـــــــــــــــــــــــــــــ "سيدة نساء العالمين ما عدا مريم" وفي الرواية الأخرى: "الحمد لله الذي جعلك شبيهة سيدة نساء العالمين"، يريد مريم. باب قوله تعالى: {إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى} [القصص: 76] قيل: كان ابن عَمِّه ({وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ} [القصص: 76]) أي: (لتثقل) أي: لا يقدر العصبة على حَمْلِها، والعُصْبة: أربعون رجلًا، وقيل: من عشر إلى أربعين، وفسر الفَرِحين: بالمَرِحين، إشارةً إلى أن فَرْحه لم يكن شكرًا لما آتاه الله، بل كان بطرًا ({وَيْكَأَنَّهُ} [القصص: 82] مثل: ألم تر) يريد أنه تعجب مثل، ولم يورد في الباب حديثًا، لأنه لم يظفر به على شرطه. باب قوله: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا} [هود: 84] أي: أهل مَدْين؛ لأن مدين بلدٌ، قيل: سُمِّي باسم أبيه ظِهْريًّا -بكسر الظاء- والقياسُ

37 - باب قول الله تعالى (وإن يونس لمن المرسلين) إلى قوله (فمتعناهم إلى حين)

قَالَ الظِّهْرِىُّ أَنْ تَأْخُذَ مَعَكَ دَابَّةً أَوْ وِعَاءً تَسْتَظْهِرُ بِهِ مَكَانَتُهُمْ وَمَكَانُهُمْ وَاحِدٌ (يَغْنَوْا) يَعِيشُوا (يَأْيَسُ) يَحْزَنُ (آسَى) أَحْزَنُ. وَقَالَ الْحَسَنُ (إِنَّكَ لأَنْتَ الْحَلِيمُ) يَسْتَهْزِئُونَ بِهِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ لَيْكَةُ الأَيْكَةُ (يَوْمِ الظُّلَّةِ) إِظْلاَلُ الْغَمَامِ الْعَذَابَ عَلَيْهِمْ. 37 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) إِلَى قَوْلِهِ (فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ) (وَلاَ تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ) (كَظِيمٌ) وَهْوَ مَغْمُومٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الفتح، كناية عن كونه غير ملْتَفَتٍ إليه، وأشار إلى أن له معنىً آخرَ وهو الاستعانة. (قال مجاهد: ليلة الأيكة) أي: هما مترادفان، والثاني أيكة دخل عليه الألف واللام وقرئ بهما في سورة الشعراء وسورة ص. باب قوله تعالى: {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ... فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ} (قال مجاهد: مذنب) تغير باللَّازم؛ لأنَّ مليم اسم فاعل من لامَّ الرجل إذا أتى بما يلام عليه، إلا أنَّ في عبارته سوء أدب بالنسبة إلى النبي المرسل. (فنبذناه بالعراء: بوجه الأرض) قال الجوهري: بالمد، الفضاء الذي لا ساتر له (إذ نادى وهو مكضوم) كظيم مغموم، إشارة إلى أن الكظيم في الآية الأخرى بمعنى المفعول {مِنْ يَقْطِينٍ} [من غير] ذات أصل) لا ساق لها، وهذا خلاف المتعارف، فإن الشجر ماله ساق. (وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون) أو بمعنى الواو؛ لما روي عن ابن عباس أنهم كانوا مائة وثلاثين ألفًا، وقيل: أو بمعنى بل، أي: كانوا أزيد، وقيل: أو للشك على معنى أنَّ النَّاظر كان يشك في أنهم مائة ألفًا ويزيدون.

3412 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِى الأَعْمَشُ. حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ إِنِّى خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ». زَادَ مُسَدَّدٌ «يُونُسَ بْنِ مَتَّى». طرفاه 4603، 4804 3413 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِى الْعَالِيَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا يَنْبَغِى لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ إِنِّى خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى». وَنَسَبَهُ إِلَى أَبِيهِ. طرفه 3395 3414 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ بَيْنَمَا يَهُودِىٌّ يَعْرِضُ سِلْعَتَهُ أُعْطِىَ بِهَا شَيْئًا كَرِهَهُ. فَقَالَ لاَ وَالَّذِى اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْبَشَرِ، فَسَمِعَهُ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَامَ، فَلَطَمَ وَجْهَهُ، وَقَالَ تَقُولُ وَالَّذِى اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْبَشَرِ، وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ أَظْهُرِنَا فَذَهَبَ إِلَيْهِ، فَقَالَ أَبَا الْقَاسِمِ، إِنَّ لِى ذِمَّةً وَعَهْدًا، فَمَا بَالُ فُلاَنٍ لَطَمَ وَجْهِى. فَقَالَ «لِمَ لَطَمْتَ وَجْهَهُ». فَذَكَرَهُ، فَغَضِبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى رُئِىَ فِي وَجْهِهِ، ثُمَّ قَالَ «لاَ تُفَضِّلُوا بَيْنَ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ، فَيَصْعَقُ مَنْ فِي ـــــــــــــــــــــــــــــ 3412 - 3413 - (أبو نعيم) بضم النون مصغر (عن أبي وائل) شقيق بن سلمة (لا يقول أحدكم أنا خير من يونس) قد أشرنا إلى أن تخصيص يونس إنما هو لقوله تعالى: {وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ} فلا يتوهم فيه نقص، وقوله: "أنا" يريد نفسه الكريمة، ويؤيِّده رواية الطبراني: "لا ينبغي لبني أن يقول: أنا خير من يونس"، وقيل: الضمير لكل أحد، وقد سبق تحقيقه [...]. 3414 - (فقال) أي: اليهودي (لا والذي اصطفى موسى على البشر فسمعه رجل من الأنصار فلطم وجهه) قد سلف أن الذي لطمه أبو بكر، فإن صحت تلك الرواية فلعل الواقعة متعددة، ويدلُّ على ذلك قوله: (لا تفضلوا بين الأنبياء) هن، وهناك "لا

38 - باب (واسألهم عن القرية التى كانت حاضرة البحر إذ يعدون فى السبت)

السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ، إِلاَّ مَنْ شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ أُخْرَى، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ بُعِثَ فَإِذَا مُوسَى آخِذٌ بِالْعَرْشِ، فَلاَ أَدْرِى أَحُوسِبَ بِصَعْقَتِهِ يَوْمَ الطُّورِ أَمْ بُعِثَ قَبْلِى». 3415 - «وَلاَ أَقُولُ إِنَّ أَحَدًا أَفْضَلُ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى». أطرافه 3416، 4604، 4631، 4805 3416 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ سَمِعْتُ حُمَيْدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَنْبَغِى لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى». طرفه 3415 38 - باب (وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِى كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ) يَتَعَدَّوْنَ يُجَاوِزُونَ فِي السَّبْتِ (إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا) شَوَارِعَ إِلَى قَوْلِهِ (كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ). 39 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا) الزُّبُرُ الْكُتُبُ، وَاحِدُهَا زَبُورٌ، زَبَرْتُ كَتَبْتُ. (وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلاً يَا جِبَالُ ـــــــــــــــــــــــــــــ تخيروني" وقد تقدم شرح الحديث هناك. باب قوله تعالى: {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ} هي أيله، وقيل: طبرية، حرَّم الله عليهم الصيَّد في يوم السبت، فكانت الحيتان تظهر في يوم السبت على وجه الماء، فإذا كان يوم الأحد لا يرى منها شيء، فاحتالوا في ذلك وشرَّعوا جداول، فإذا دخلت الحيتان سدَّوا عليها الطريق فاصطادوها يوم الأحد. باب قوله تعالى: {وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا} قرئ بضم الزاي وفتحها، فعول بمعنى المفعول إن كان عربيًّا، وإنما خصه بالذكر

أَوِّبِى مَعَهُ) قَالَ مُجَاهِدٌ سَبِّحِى مَعَهُ، (وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ * أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ) الدُّرُوعَ، (وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ) الْمَسَامِيرِ وَالْحَلَقِ، وَلاَ يُدِقَّ الْمِسْمَارَ فَيَتَسَلْسَلَ، وَلاَ يُعَظِّمْ فَيَفْصِمَ، (وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّى بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ). 3417 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «خُفِّفَ عَلَى دَاوُدَ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - الْقُرْآنُ، فَكَانَ يَأْمُرُ بِدَوَابِّهِ فَتُسْرَجُ، فَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ قَبْلَ أَنْ تُسْرَجَ دَوَابُّهُ، وَلاَ يَأْكُلُ إِلاَّ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ». رَوَاهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 2073 3418 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ أَخْبَرَهُ وَأَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو - رضى الله عنهما - قَالَ أُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنِّى أَقُولُ وَاللَّهِ لأَصُومَنَّ النَّهَارَ وَلأَقُومَنَّ اللَّيْلَ مَا عِشْتُ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَنْتَ الَّذِى تَقُولُ وَاللَّهِ لأَصُومَنَّ النَّهَارَ وَلأَقُومَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ إشارة إلى أن فضل داود كان بالنبوة والكتاب لا بالملك والخلافة، وقيل: ذكر لأنه لم يكن فيه الأحكام بل كان ثناء على الله، وتمجيدًا، ومع هذا كان فيه أن الأرض يرثها عبادي الصالحون (والحَلَق) جمع حلقة (لا يُدَقُّ) بضم التاء، من أدقَّه، أي: جعله دقيقًا (يتسلسل) أي: لا يقف في مكانه (ولا يُعَظِّم فَيُفْصَم) أي: بكسر الفاء كسر الشيء بدون إبانة، وفي بعضها: ينفصم. 3417 - (خفف على داود القرآن) أي: قراءة القرآن، وأراد به الزبور لوجود القرنية (فكان يأمر بدوابه فَتُسْرج فيقرأ القرآن قبل أن نُسْرَج دوابه) عبارة الشارحين: أن الله يطوي الزمان للأنبياء والأولياء كما يطوي المكان، وهذا ليس بصحيح، والصَّواب يبسط الزمان كما يطوي المكان ليكون خرق العادة، ولو طوى الزمان لم يكن قادرًا على إيقاع الفعل فيه، والحاصل أن في الزمان القليل كان يفعل فعلًا كثيرًا. 3418 - (بكير) بضم الباء مصغر، وكذا (عقيل) ثم روى حديث عبد الله بن عمرو أنه قال: (لأصومن النهار، ولأقومن الليل) فبلغ ذلك رسول الله فنهاه عن ذلك، وقال:

اللَّيْلَ مَا عِشْتُ» قُلْتُ قَدْ قُلْتُهُ. قَالَ «إِنَّكَ لاَ تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ، فَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، وَصُمْ مِنَ الشَّهْرِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَذَلِكَ مِثْلُ صِيَامِ الدَّهْرِ». فَقُلْتُ إِنِّى أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «فَصُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمَيْنِ». قَالَ قُلْتُ إِنِّى أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ «فَصُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا، وَذَلِكَ صِيَامُ دَاوُدَ، وَهْوَ عَدْلُ الصِّيَامِ». قُلْتُ إِنِّى أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «لاَ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ». طرفه 1131 3419 - حَدَّثَنَا خَلاَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِى ثَابِتٍ عَنْ أَبِى الْعَبَّاسِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَلَمْ أُنَبَّأْ أَنَّكَ تَقُومُ اللَّيْلَ وَتَصُومُ». فَقُلْتُ نَعَمْ. فَقَالَ «فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ هَجَمَتِ الْعَيْنُ وَنَفِهَتِ النَّفْسُ، صُمْ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، فَذَلِكَ صَوْمُ الدَّهْرِ - أَوْ كَصَوْمِ الدَّهْرِ». قُلْتُ إِنِّى أَجِدُ بِى - قَالَ مِسْعَرٌ يَعْنِى - قُوَّةً. قَالَ «فَصُمْ صَوْمَ دَاوُدَ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - وَكَانَ يَصُومُ يَوْمًا، وَيُفْطِرُ يَوْمًا، وَلاَ يَفِرُّ إِذَا لاَقَى». طرفه 1131 ـــــــــــــــــــــــــــــ (صم صوم داود، صم يومًا وأفطر يومًا) وقد سلف الحديث في أبواب الصوم. فإن قلت: قوله في صوم الدهر دلَّ على كراهية، مع أن الفقهاء قالوا سنة لمن لم يتضرّر؟ قلت: كأنه رأى فيه عدم القدرة على ذلك على وجه الاستمرار، ولذلك لما كبر سنه كان يقول: يا ليتني قبلت قول رسول الله. 3419 - (خلاد) بفتح الخاء المعجمة وتشديد اللام (مسعر) بكسر الميم (حبيب) ضد العدو (عن أبي العباس) هو الشاعر، اسمه: سائب (إذا فعلت ذلك) من صلاة الليل وصوم النهار (هجمت العين) أي: غارت، ومنه هجم عليه، أي: دخل عليه (وتفهت النفس) بالنون وكسر الفاء، أي: كلّت وملّت، ولا فائدة في العبادة على تلك الحالة (ولا يَفِرُّ إذ لاقى) أي: العدو، يشير إلى كمال قوته مع تلك العبادة.

40 - باب أحب الصلاة إلى الله صلاة داود وأحب الصيام إلى الله صيام داود، كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه، وينام سدسه، ويصوم يوما، ويفطر يوما

40 - باب أَحَبُّ الصَّلاَةِ إِلَى اللَّهِ صَلاَةُ دَاوُدَ وَأَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ، كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ، وَيَصُومُ يَوْمًا، وَيُفْطِرُ يَوْمًا. قَالَ عَلِىٌّ وَهْوَ قَوْلُ عَائِشَةَ مَا أَلْفَاهُ السَّحَرُ عِنْدِى إِلاَّ نَائِمًا. 3420 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ الثَّقَفِىِّ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو قَالَ قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ، كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا، وَأَحَبُّ الصَّلاَةِ إِلَى اللَّهِ صَلاَةُ دَاوُدَ، كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ وَيَنَامُ سُدُسَهُ». طرفه 1131 41 - باب (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ) إِلَى قَوْلِهِ (وَفَصْلَ الْخِطَابِ) قَالَ مُجَاهِدٌ الْفَهْمُ فِي الْقَضَاءِ. (وَلاَ تُشْطِطْ) لاَ تُسْرِفْ (وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ * إِنَّ هَذَا أَخِى لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً) يُقَالُ لِلْمَرْأَةِ نَعْجَةٌ، وَيُقَالُ لَهَا أَيْضًا شَاةٌ، (وَلِى نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا) مِثْلُ (وَكَفَلَهَا زَكَرِيَّاءُ) ضَمَّهَا (وَعَزَّنِى) غَلَبَنِى، صَارَ أَعَزَّ مِنِّى، أَعْزَزْتُهُ جَعَلْتُهُ عَزِيزًا. (فِي الْخِطَابِ) يُقَالُ الْمُحَاوَرَةُ. (قَالَ لَقَدْ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب أحب الصلاة إلى الله صلاة داود قد سلف شرح الحديث آنفًا (قال علي). هو ابن المديني (وهو قول عائشة ما ألفاه السّحَر عندي إلا نائمًا) يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقول علي هو قول عائشة إشارة إلى أن رسول الله كان يصلي بالليل صلاة داود، ولذلك كان ينام آخر الليل. باب قوله تعالى: {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ... وَآتَيْنَاهُ الحكمة وَفَصْلَ الْخِطَابِ} (قال مجاهد: الفهم بالقضاء) الفصل مصدر إما بمعنى الفاصل، أي: بين الحق والباطل، أو المفصول أي: يفهمه من يخاطب به (يقال للمرأة: نعجة ويقال لها أيضًا: شاة) كلاهما مجاز، فإن النعجة لغة الشاة من الضأن {وَكَفَّلَهَا} [آل عمران: 37] ضمّها) ومنه الكفالة عند الفقهاء ضم دفَّة إلى أخرى ({فِي الْخِطَابِ} يقال: المحاورة) بالحاء،

ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ) الشُّرَكَاءِ (لَيَبْغِى) إِلَى قَوْلِهِ (أَنَّمَا فَتَنَّاهُ). قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ اخْتَبَرْنَاهُ. وَقَرَأَ عُمَرُ فَتَّنَّاهُ بِتَشْدِيدِ التَّاءِ (فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ). 3421 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ سَمِعْتُ الْعَوَّامَ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ قُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ أَسْجُدُ فِي (ص) فَقَرَأَ (وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ) حَتَّى أَتَى (فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ) فَقَالَ نَبِيُّكُمْ - صلى الله عليه وسلم - مِمَّنْ أُمِرَ أَنْ يَقْتَدِىَ بِهِمْ. أطرافه 4632، 4806، 4807 3422 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ لَيْسَ (ص) مِنْ عَزَائِمِ السُّجُودِ، وَرَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَسْجُدُ فِيهَا. طرفه 1069 ـــــــــــــــــــــــــــــ الكلام بين الاثنين، أشار إلى قوله: (وعزني في الخطاب) أي: غلبني في المحاورة. (فتناه) قال ابن عباس: (خترناه) أي: عاملناه معاملة المختبر، أو حقيقته على الله محال تعالى عن ذلك. 3421 - (محمد) هو ابن المثنى (عن مجاهد قلت لابن عباس: اسجد في سورة ص فقرأ الآية) إلى قوله: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}، (فقال نبيكم ممن أُمِر أن يَقْتَدِي بهم) هذا مخالف لما ذهب إليه الجمهور، وهو أن الأمر بالاقتداء بهم إنما هو في الأصول والاعتقادات، لا في الفروع؛ لقوله تعالى: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: 48] والظاهر أنه قاله على طريقة الاستحباب في الموافقة، ولذلك قال ابن عباس في الحديث بعده: (ص ليس من عزائم السجود) والعزم يكون بمعنى الوجوب، كما في الحديث: "الزكاة غرمة من غرمات الله"، وقال في تأخير عمر الوتر إلى آخر الليل: "أخذ بالعزم"، أي: بالأفضل، فعند الشافعي مستحبة خارج الصلاة، وعند أبي حنيفة ومالك واجبة كسائر السجدات.

42 - باب قول الله تعالى (ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب) الراجع المنيب

42 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) الرَّاجِعُ الْمُنِيبُ وَقَوْلُهُ (هَبْ لِى مُلْكًا لاَ يَنْبَغِى لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِى) وَقَوْلُهُ (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ) (وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ) أَذَبْنَا لَهُ عَيْنَ الْحَدِيدِ (وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ) إِلَى قَوْلِهِ (مِنْ مَحَارِيبَ) قَالَ مُجَاهِدٌ بُنْيَانٌ مَا دُونَ الْقُصُورِ (وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ) كَالْحِيَاضِ لِلإِبِلِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ كَالْجَوْبَةِ مِنَ الأَرْضِ (وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ) إِلَى قَوْلِهِ (الشَّكُورُ)، (فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الأَرْضِ) الأَرَضَةُ (تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ) عَصَاهُ (فَلَمَّا خَرَّ) إِلَى قَوْلِهِ (الْمُهِينِ) (حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّى) (فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالأَعْنَاقِ) يَمْسَحُ أَعْرَافَ الْخَيْلِ وَعَرَاقِيبَهَا الأَصْفَادُ الْوَثَاقُ. قَالَ مُجَاهِدٌ (الصَّافِنَاتُ) صَفَنَ الْفَرَسُ رَفَعَ إِحْدَى رِجْلَيْهِ حَتَّى تَكُونَ عَلَى طَرَفِ الْحَافِرِ. (الْجِيَادُ) السِّرَاعُ. (جَسَدًا) شَيْطَانًا. (رُخَاءً) طَيِّبَةً، (حَيْثُ أَصَابَ) حَيْثُ شَاءَ. (فَامْنُنْ) أَعْطِ. (بِغَيْرِ حِسَابٍ) بِغَيْرِ حَرَجٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله تعالى: {وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ} ذكر في شأن سليمان آيات من القرآن وشرحها مبسوط في التفاسير. ({مَحَارِيبَ} بنيان دون القصور) قال ابن الأثير: هو الموضع العالي المُشْرِف، وفي حديث أنس: كان يكره المحاريب، قال ابن الأثير: أي: لم يكن يحب أن يجلس في صدر المجالس (قال ابن عباس: كالجَوْبَة من الأرض) أي: كالحفرة {مِنْسَأَتَه} عصاه) من النساء، وهو التأخير؛ لأنه يدفع به الشيء (جسدًا) فسَّره بالشيطان، وقال غيره: ابنه الذي كان يدنيه في الهواء مخافة الجن

3423 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ عِفْرِيتًا مِنَ الْجِنِّ تَفَلَّتَ الْبَارِحَةَ لِيَقْطَعَ عَلَىَّ صَلاَتِى، فَأَمْكَنَنِى اللَّهُ مِنْهُ، فَأَخَذْتُهُ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَرْبُطَهُ عَلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِى الْمَسْجِدِ حَتَّى تَنْظُرُوا إِلَيْهِ كُلُّكُمْ فَذَكَرْتُ دَعْوَةَ أَخِى سُلَيْمَانَ رَبِّ هَبْ لِى مُلْكًا لاَ يَنْبَغِى لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِى. فَرَدَدْتُهُ خَاسِئًا». عِفْرِيتٌ مُتَمَرِّدٌ مِنْ إِنْسٍ أَوْ جَانٍّ، مِثْلُ زِبْنِيَةٍ جَمَاعَتُهَا الزَّبَانِيَةُ. طرفه 461 3424 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ لأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى سَبْعِينَ امْرَأَةً تَحْمِلُ كُلُّ امْرَأَةٍ فَارِسًا يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. فَلَمْ يَقُلْ، وَلَمْ تَحْمِلْ شَيْئًا إِلاَّ وَاحِدًا سَاقِطًا إِحْدَى شِقَّيْهِ». فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ قَالَهَا لَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ». قَالَ شُعَيْبٌ وَابْنُ أَبِى الزِّنَادِ «تِسْعِينَ». وَهْوَ أَصَحُّ. طرفه 2819 ـــــــــــــــــــــــــــــ 3423 - (بشار) بفتح الباب وتشديد المعجمة (زيادة) نداء بعدها ياء (إن عفريتًا من الجن) هو العاتي المتمرد من كفرة الجن (تفلَّت البارحة) على وزن تَكَسَّر، أي: حجم وتسلط، والكلام عليه تقدم في أبواب الصلاة في باب ربط الأيسر في المسجد (مثل زينيّة) بكسر الزاء وسكون الياء وكسر النون وتشديد الياء، أي: عفريت على وزنه وكذا الجمع مثل الجمع. 3424 - (عن خالد بن مخلد) بفتح الميم (عن أبي الزناد) بكسر الزاء بعدها نون عبد الله بن ذكوان (قال سليمان بن داود: لأطوفن الليلة على سبعين امرأة) كناية عن الوقاع، واختلفت الروايات في بعضها: سبعين، وفي بعضها: ستين، ولا منافاة؛ لأنها زيادة الثقة مقبولة، وقد سلف نظيره في قوله: "الإيمان بضع وستون شعبة" فقال له صاحبه: إن شاء الله) الظاهر أنه آصف، وقيل: الملك (فلم تحمل شيئًا إلا واحدًا) أي: لم تحمل منهن إلا امرأة، وجاء ولدًا واحدًا لم يكن له إلا شعر واحد، وقد استوفنيا الكلام عليه في أبواب الجهاد (قال شعيب وابن أبي الزناد: تسعبن وهو أصح) من سائر الروايات.

3425 - حَدَّثَنِى عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِىُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى ذَرٍّ - رضى الله عنه - قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. أَىُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ أَوَّلُ قَالَ «الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ». قُلْتُ ثُمَّ أَىٌّ قَالَ «ثُمَّ الْمَسْجِدُ الأَقْصَى». قُلْتُ كَمْ كَانَ بَيْنَهُمَا قَالَ «أَرْبَعُونَ». ثُمَّ قَالَ «حَيْثُمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلاَةُ فَصَلِّ، وَالأَرْضُ لَكَ مَسْجِدٌ». طرفه 3366 3426 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَثَلِى وَمَثَلُ النَّاسِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَوْقَدَ نَارًا، فَجَعَلَ الْفَرَاشُ وَهَذِهِ الدَّوَابُّ تَقَعُ فِي النَّارِ». طرفه 6483 3427 - وَقَالَ «كَانَتِ امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا ابْنَاهُمَا جَاءَ الذِّئْبُ فَذَهَبَ بِابْنِ إِحْدَاهُمَا، فَقَالَتْ صَاحِبَتُهَا إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ. وَقَالَتِ الأُخْرَى إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ. فَتَحَاكَمَتَا إِلَى دَاوُدَ، فَقَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى فَخَرَجَتَا عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ فَأَخْبَرَتَاهُ. فَقَالَ ائْتُونِى بِالسِّكِّينِ أَشُقُّهُ بَيْنَهُمَا. فَقَالَتِ الصُّغْرَى لاَ تَفْعَلْ يَرْحَمُكَ اللَّهُ، هُوَ ابْنُهَا. فَقَضَى ـــــــــــــــــــــــــــــ 3426 - (مثلي ومثل الناس) أي: حالي العجيبة البديعة (كمثل رجل استوقد نارًا فجعل الفراش وهذه الداوب يقع في النار) قوله: حبل، أي شرع، والفراش بفتح الفاء وتخفيف الزاء، شيء أكبر من البعوض، وقال الفراء: هو غوغاء الجراد، وتمام الحديث: "فجعل ينزعهن ويغلبنه، فأنا آخذكم بِحُجَرِكم، وأنتم تقتحمون في النار" القحم: الدخول في الشيء من غير رَوِيَّة (وقال) أي: رسول الله صلى الله عليه وسلم. 3427 - (كانت امرأتان معهما ابناهما فذهب الذئب بابن إحداهما) فتنازعتا كل منهما تدعي أن الذئب ذهب بابن الأخرى، فارتفعتا إلى داود (فحكم بالولد للكبرى) فلما خرجتا وعلم سليمان بالحال (فحكم للصغرى). فإن قلت: كيف نقض حكم داود؟ قلت: حكم داود كان بالاجتهاد، وكذا حكم سليمان، ولم يكن هناك بينة، فلما رُفِعَ الأمر إلى داود وافق اجتهاده اجتهاد سليمان. فإن قلت: أيُّ مناسبة بين هذا وبين الحديث الأول؟ قلت: لا مناسبة، ولكن سمع

43 - باب قول الله تعالى (ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله) إلى قوله (إن الله لا يحب كل مختال فخور)

بِهِ لِلصُّغْرَى». قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَاللَّهِ إِنْ سَمِعْتُ بِالسِّكِّينِ إِلاَّ يَوْمَئِذٍ، وَمَا كُنَّا نَقُولُ إِلاَّ الْمُدْيَةُ. طرفه 6769 43 - باب قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى (وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ) إِلَى قَوْلِهِ (إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) (وَلاَ تُصَعِّرْ) الإِعْرَاضُ بِالْوَجْهِ. 3428 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ لَمَّا نَزَلَتِ (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ) قَالَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَيُّنَا لَمْ يَلْبِسْ إِيمَانَهُ بِظُلْمٍ فَنَزَلَتْ (لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ). طرفه 32 3429 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا نَزَلَتِ (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ) شَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّنَا لاَ يَظْلِمُ نَفْسَهُ قَالَ «لَيْسَ ذَلِكَ، إِنَّمَا هُوَ الشِّرْكُ، أَلَمْ تَسْمَعُوا مَا قَالَ لُقْمَانُ لاِبْنِهِ وَهْوَ يَعِظُهُ (يَا بُنَىَّ لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ). طرفه 32 ـــــــــــــــــــــــــــــ الحديثين في مجلس واحد رواهما كما سمع، ويمكن أن يكون الوجه أن سائر الحيوانات كانت مسخّرة لسليمان، فدخل فيه الجراد والفراش. (إن سمعت بالسّكين إلا يومئذ) أن نافية، أي: ما سمعت وما كنا نقول إلا المدية بضم الميم وسكون الدَّال. باب قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ} اختلف في نبوته، حرًّا أو عبدًا، وكان في زمان داود {تُصَعِّرْ} الإعراض بالوه) فيه تسامح، فإنه تفسير لمصدر الفعل المذكور، وقرئ بالمد أيضًا. 3428 - {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} قد سلف مرارًا أن الصحابة فهموا من قوله: {وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} ما يقع عليه اسم الظلم على ما يتعارفه أهل اللغة، فأشار إلى أن المطلق محمول على الكامل وهو الشرك.

44 - باب (واضرب لهم مثلا أصحاب القرية) الآية

44 - باب (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ) الآيَةَ (فَعَزَّزْنَا) قَالَ مُجَاهِدٌ شَدَّدْنَا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (طَائِرُكُمْ) مَصَائِبُكُمْ. 45 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّاءَ * إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا * قَالَ رَبِّ إِنِّى وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّى وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا) إِلَى قَوْلِهِ (لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ مِثْلاً. يُقَالُ رَضِيًّا مَرْضِيًّا عُتِيًّا عَصِيًّا يَعْتُو (قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِى غُلاَمٌ) إِلَى قَوْلِهِ (ثَلاَثَ لَيَالٍ سَوِيًّا) وَيُقَالُ صَحِيحًا، (فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا) (فَأَوْحَى) فَأَشَارَ (يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ) إِلَى قَوْلِهِ (وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا) (حَفِيًّا) لَطِيفًا (عَاقِرًا) الذَّكَرُ وَالأُنْثَى سَوَاءٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ [باب {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ} الآية] (وقال ابن عباس: طائركم مصابئكم) كانوا يتشاءمون بالطائر البارح، وهو الذي يمرُّ من جانب اليسار أو اليمين، فالكلام نزل على ما يتعارفون بينهم. باب قوله تعالى: {ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا ... {لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا} أي: مثالًا، أي: على صفته، وفي الحديث: "ما من عبد إلا سيئه أوهم بها إلا يحيى بن زكريا"، وكان في وجهه خطان أسودان من جريان الدَّمع، قال صاحب الكشاف: مرَّ على الصبيان وهم يلعبون، فقالوا: يا يحيى هلمَّ إلى اللعب، فقال: ما للعب خلقنا، وقال بعضهم: لم يكن قبله مَنِ اسمه يحيى، كما أن رسول الله لم يُسَمَّ أحدٌ قبله محمدًا، وفي ذلك منقبة {ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا} ويقال: صحيحًا) تفسير سويًّا صفة كبير، أي: لا يقدر على الكلام مع كونه سالمًا من آفة الخرس.

46 - باب قول الله تعالى (واذكر فى الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا)

3430 - حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَدَّثَهُمْ عَنْ لَيْلَةَ أُسْرِىَ «ثُمَّ صَعِدَ حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ جِبْرِيلُ. قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ. قِيلَ وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ قَالَ نَعَمْ. فَلَمَّا خَلَصْتُ، فَإِذَا يَحْيَى وَعِيسَى وَهُمَا ابْنَا خَالَةٍ. قَالَ هَذَا يَحْيَى وَعِيسَى فَسَلِّمْ عَلَيْهِمَا. فَسَلَّمْتُ فَرَدَّا ثُمَّ قَالاَ مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ». طرفه 3207 46 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا) (إِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ). (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ) إِلَى قَوْلِهِ (يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ). قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَآلُ عِمْرَانَ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَآلِ عِمْرَانَ، وَآلِ يَاسِينَ، وَآلِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ) وَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ، وَيُقَالُ آلُ يَعْقُوبَ، أَهْلُ يَعْقُوبَ. فَإِذَا صَغَّرُوا (آلَ) ثُمَّ رَدُّوهُ إِلَى الأَصْلِ قَالُوا أُهَيْلٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 3430 - (هدبة بن خالد) بضم الهاء وسكون الدال (صعصعة) بصاد وعين مهملتين. روى الحديث الإسراء مختصرًا، والفرض ذكر يحيى (فإذا يحيى وعيسى وهما ابنا خالة) لأن عيسى ابن مريم ويحيى ابن إيشاع وإشاع وحنَّة وأم مريم أختان، ففي الكلام تسامح ظاهر. باب قوله: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ} أورد في البا آيات دالة على فضل مريم، ثم نقل عن ابن عباس أن آل عمران هم مؤمنوا ذلك العهد، وكذا آل إبراهيم، وآل ياسين، وآل محمد المؤمنون، واستدل ابن عباس على ذلك بقوله تعالى: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ} أي: المؤمنون (إذا صفر الآل قالوا: أُهَيْل ردوه إلى الأصل) وقد يقال فيه أويل، بناء على أن ألفه مقلوبة من الواو.

47 - باب (وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين) (46) (يا مريم اقنتى لربك واسجدى واركعى مع الراكعين * ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون)

3431 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ قَالَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَا مِنْ بَنِى آدَمَ مَوْلُودٌ إِلاَّ يَمَسُّهُ الشَّيْطَانُ حِينَ يُولَدُ، فَيَسْتَهِلُّ صَارِخًا مِنْ مَسِّ الشَّيْطَانِ، غَيْرَ مَرْيَمَ وَابْنِهَا». ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ (وَإِنِّى أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ). طرفه 3286 47 - باب (وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ). (46) (يَا مَرْيَمُ اقْنُتِى لِرَبِّكِ وَاسْجُدِى وَارْكَعِى مَعَ الرَّاكِعِينَ * ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ) يُقَالُ يَكْفُلُ يَضُمُّ، كَفَلَهَا ضَمَّهَا، مُخَفَّفَةً لَيْسَ مِنْ كَفَالَةِ الدُّيُونِ وَشِبْهِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ 3431 - (ما من بني آدم من مولود لا يمسه الشيطان حين يود غير مريم وابنها). فإن قلت: قد سلف: إلا عيسى ابن مريم قلت: التفاوت من حفظ الرواة كما في نظائره، وقال بعض الشارحين: الحصر الأول بالنسبة إلى الطعن، وهذا بالنسبة إلى المسِّ، فالأول مخصوص بعيسى، وهذا مشترك بينهما، أو ذكر مريم توطئة، كقولك: أعجبني زيد وكرمه، أو الأول قبل الوحي إليه، هذا كلامه والكل خبط ظاهر، أما الأول فلأن المراد بالطعن والمس شيء واحد بلا ريب، وأما الثاني فلأن قياسه إلى: أعجبني زيد وكرمه فاسد؛ لأن الثاني بدل اشتمال في المقيس عليه، غايته أنه ذكره بالواو وليكون أبلغ، ذكره صاحب الكشاف والمحققون بعده، وأما الثالث فلأن مثله لا يقوله إلا وحيًا، وإذا كان وحيًا كيف يوحى إليه [...] يتناقصان، فتأمل والله الموفق. [باب {وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ ... لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ}] (يكفل: بضم {كَفَّلَهَا} ضمها مخففة) أي: فهما قيد لهما، لكن الثاني قرئ مثقلًا (ليس من كفالة الديون) هذا كلام لا يجدي، فإن أحدًا لم يتوهم هنا ذلك المعنى، وأما لغة فالكفالة في الديون أيضًا فهي ضم ذمة إلى أخرى.

48 - باب قوله تعالى (إذ قالت الملائكة يا مريم) إلى قوله (فإنما يقول له كن فيكون)

3432 - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ أَبِى رَجَاءٍ حَدَّثَنَا النَّضْرُ عَنْ هِشَامٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيًّا - رضى الله عنه - يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «خَيْرُ نِسَائِهَا مَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ، وَخَيْرُ نِسَائِهَا خَدِيجَةُ». طرفه 3815 48 - باب قَوْلِهِ تَعَالَى (إِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ) إِلَى قَوْلِهِ (فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (يُبَشِّرُكِ) وَيَبْشُرُكِ وَاحِدٌ (وَجِيهًا) شَرِيفًا. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ الْمَسِيحُ الصِّدِّيقُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ الْكَهْلُ الْحَلِيمُ، وَالأَكْمَهُ مَنْ يُبْصِرُ بِالنَّهَارِ وَلاَ يُبْصِرُ بِاللَّيْلِ. وَقَالَ غَيْرُهُ مَنْ يُولَدُ أَعْمَى. 3433 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ سَمِعْتُ مُرَّةَ الْهَمْدَانِىَّ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «فَضْلُ عَائِشَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 3432 - (خير نسائها مريم بنت عمران، وخير نسائها خديجة) أي: نساء الدنيا، أو نساء بني إسرائيل ونساء العرب. فإن قلت: إذا كان الضمير للدنيا فكيف يكون كل منهما خيرًا؟ قلت: أفعل التفضيل لا يقتضي أن يكون واحدًا بالشخص؟ فإن قلت: قد سلف أن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام؟ قلت: يريد هنا ما عدا عائشة، أو هناك ما عدا مريم وخديجة، والله أعلم بما أراده. باب قول الله {إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ} من ابتدائية، وإطلاق الكلمة على عيسى؛ لأنه جُعِل بكلمة كن مجاز من إطلاق اسم السبب على المسبب، وفائدة هذا المجاز الرد على اليهود القائلين بأنه من غير رشده لعنهم الله (يبشرك) و (يشرك) أي: المخفَّف والمثقَّل، المراد الاتحاد في أصل المعنى، وإلا المثقل أبلغ (وقال مجاهد: الكهل الحليم) الكهل لغة: من جاوز سنة ثلاثين سنة، وما قاله مجاهد لا يناسب تفسير الآية؛ لأن المعنى أنه كان يكلم الناس في الطفولية والكهولة على سواء. 3433 - (مرة الهمداني) بفتح الهاء وإسكان الميم.

49 - باب قوله (يا أهل الكتاب لا تغلوا فى دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد له ما فى السموات وما فى الأرض وكفى بالله وكيلا)»

عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ، كَمَلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ». طرفه 3411 3434 - وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «نِسَاءُ قُرَيْشٍ خَيْرُ نِسَاءٍ رَكِبْنَ الإِبِلَ، أَحْنَاهُ عَلَى طِفْلٍ، وَأَرْعَاهُ عَلَى زَوْجٍ فِي ذَاتِ يَدِهِ». يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ عَلَى إِثْرِ ذَلِكَ وَلَمْ تَرْكَبْ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ بَعِيرًا قَطُّ. تَابَعَهُ ابْنُ أَخِى الزُّهْرِىِّ وَإِسْحَاقُ الْكَلْبِىُّ عَنِ الزُّهْرِىِّ. طرفاه 5082، 5365 49 - باب قَوْلُهُ (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُوا ثَلاَثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً)» قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ (كَلِمَتُهُ) كُنْ فَكَانَ، وَقَالَ غَيْرُهُ (وَرُوحٌ مِنْهُ) أَحْيَاهُ فَجَعَلَهُ رُوحًا، (وَلاَ تَقُولُوا ثَلاَثَةٌ). ـــــــــــــــــــــــــــــ 3434 - (وقال ابن وهب) هذا التعليق أسنده في موضع آخر عن حرملة بن يحيى (نساء قريش خير نساء ركبن الإبل، أحناه على طفل، وارعاه على زوج في ذات يده) أحنى أفعل من الحنو، وهو العطف والشفقة، ويقال: حنى يحيى أيضًا، قال ابن الأثير: كان لا قياس أحناهن أو أحناها، وإنما ذكر الضمير باعتبار المعنى، كأنه قال: أحنى من وجد، ولفظ ذات مقحم، والمراد ما في يده من الأموال، ولفظ الذات مقحم (قال أبو هريرة ولم تركب مريم بنت عمران بعيرًا قط) دفع بهذا وهم تفضيل نساء قريش على مريم. باب قوله تعالى: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} ({وَرُوحٌ مِنْهُ} أحياه فجعله روحًا) أي: ذا روح.

50 - باب (واذكر فى الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها)

3435 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ عَنِ الأَوْزَاعِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى عُمَيْرُ بْنُ هَانِئٍ قَالَ حَدَّثَنِى جُنَادَةُ بْنُ أَبِى أُمَيَّةَ عَنْ عُبَادَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ شَهِدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ وَكَلِمَتُهُ، أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ، وَرُوحٌ مِنْهُ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ وَالنَّارُ حَقٌّ، أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ مِنَ الْعَمَلِ». قَالَ الْوَلِيدُ حَدَّثَنِى ابْنُ جَابِرٍ عَنْ عُمَيْرٍ عَنْ جُنَادَةَ وَزَادَ «مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ، أَيَّهَا شَاءَ». 50 - باب (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا) نَبَذْنَاهُ أَلْقَيْنَاهُ. اعْتَزَلَتْ (شَرْقِيًّا) مِمَّا يَلِى الشَّرْقَ (فَأَجَاءَهَا) أَفْعَلْتُ مِنْ جِئْتُ، وَيُقَالُ أَلْجَأَهَا اضْطَرَّهَا. (تَسَّاقَطْ) تَسْقُطْ (قَصِيًّا) قَاصِيًا (فَرِيًّا) عَظِيمًا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (نِسْيًا) لَمْ أَكُنْ شَيْئًا. وَقَالَ غَيْرُهُ النِّسْىُ الْحَقِيرُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 3435 - (عن الأوزاعي) اسمه عبد الرحمن (عمير) بضم العين مصغر (جنادة) بضم الجيم بعده نون (عباده) بضم العين وتخفيف الياء (إن عيسى عبد الله ورسوله وكلمة ألقاها إلى مريم وروح منه) هذا شرح عدم الغلوِّ الذي ترجم له (أدخله الجنة على ما كان من العمل) للعلماء في مثله خلاف وأقوال. الأول: أن هذا فيمن قال هذا ومات بعده، ويرده قوله: "على ما كان من عمل" وقيل هذا كان قبل نزول الفرائض، وهذا بعيد؛ لأن راوي الحديث عبادة بن الصامت، وكان الصلاة والزكاة فرضتا حين إسلامه، والثالث: أنه الجنة لا محالة، إما ابتداء [بفضل] الله وكرمه، أو بعد عذاب قُدِّر عليه وهذا هو الظاهر من الحديث، والموافق لسائر النصوص. باب قوله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ} (فاجاءها أفعل من جئت، ويقال ألجأها) هذا تفسير بالنظر إلى المقام، وإلا قال الجوهري: أجاءه جاء به (قال ابن عباس: {نَسِيَا} لم أكن) هذا بالنظر إلى المقام، وإلى قصد مريم، كقول عمر: ليت أم عمر لم تلده، وإلا فالنسي بفتح النون وسكون السين:

وَقَالَ أَبُو وَائِلٍ عَلِمَتْ مَرْيَمُ أَنَّ التَّقِىَّ ذُو نُهْيَةٍ حِينَ قَالَتْ (إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا). قَالَ وَكِيعٌ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ (سَرِيًّا) نَهَرٌ صَغِيرٌ بِالسُّرْيَانِيَّةِ. 3436 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَمْ يَتَكَلَّمْ فِي الْمَهْدِ إِلاَّ ثَلاَثَةٌ عِيسَى، وَكَانَ فِي بَنِى إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ جُرَيْجٌ، كَانَ يُصَلِّى، ـــــــــــــــــــــــــــــ الشيء الحقير. (وقال أبو وائل: علمت مريم أن التقى ذو نُهْيَة) أي: حين قالت: {أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا} والنهية بضم النون: العقل الناهي عن القبيح {سَرِيًّا} نهر صغير بالسريانية) قال الجوهري: السري النهر الصغير، وجمعه أسرية، فعلى هذا يكون من توافق اللغات. 3436 - (جرير بن حازم) بالحاء المهملة (لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة). فإن قلت: كيف يصح هذا، وفي رواية مسلم: ابن المرأة من أصحاب الأخدود وغيره، قال الطبراني: ومنهم شاهد يوسف، وابن ماشطةِ [امرأة] فرعون، وبالجملة قد عَدُّوا عشرة؟ قلت: قبل هذا الحصر بالنسبة إلى بني إسرائيل، لأن هذه الثلاثة منهم، وقيل: كان هذا قبل علمه بالغير، كأنه قال: فيما أوحي إليَّ، والأظهر أن يقال: المهد قيد [وغيره] وإن تكلم في صباه لم يكن في المهد. (كان رجل في بني إسْرائيل يقال له: جريج) بضم الجيم مصغر (جاءته أمه فدعته فقال: أجيبها أو أصلي) الظاهر أن هذا القول خطر لخاطره؛ إذ لو جاز الكلام في الصلاة لفي شرعهم لم يكن لهذا التردد وجه، وفي حديث يزيد بن حوشب أن رسول الله قال: "لو كان

فَجَاءَتْهُ أُمُّهُ فَدَعَتْهُ، فَقَالَ أُجِيبُهَا أَوْ أُصَلِّى. فَقَالَتِ اللَّهُمَّ لاَ تُمِتْهُ حَتَّى تُرِيَهُ وُجُوهَ الْمُومِسَاتِ. وَكَانَ جُرَيْجٌ فِي صَوْمَعَتِهِ، فَتَعَرَّضَتْ لَهُ امْرَأَةٌ وَكَلَّمَتْهُ فَأَبَى، فَأَتَتْ رَاعِيًا، فَأَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا فَوَلَدَتْ غُلاَمًا، فَقَالَتْ مِنْ جُرَيْجٍ. فَأَتَوْهُ فَكَسَرُوا صَوْمَعَتَهُ، وَأَنْزَلُوهُ وَسَبُّوهُ، فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى ثُمَّ أَتَى الْغُلاَمَ فَقَالَ مَنْ أَبُوكَ يَا غُلاَمُ قَالَ الرَّاعِى. قَالُوا نَبْنِى صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَبٍ. قَالَ لاَ إِلاَّ مِنْ طِينٍ. وَكَانَتِ امْرَأَةٌ تُرْضِعُ ابْنًا لَهَا مِنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ، فَمَرَّ بِهَا رَجُلٌ رَاكِبٌ ذُو شَارَةٍ، فَقَالَتِ اللَّهُمَّ اجْعَلِ ابْنِى مِثْلَهُ. فَتَرَكَ ثَدْيَهَا، وَأَقْبَلَ عَلَى الرَّاكِبِ فَقَالَ اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْنِى مِثْلَهُ. ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى ثَدْيِهَا يَمَصُّهُ - قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَمَصُّ إِصْبَعَهُ - ثُمَّ مُرَّ بِأَمَةٍ فَقَالَتِ اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلِ ابْنِى مِثْلَ هَذِهِ. فَتَرَكَ ثَدْيَهَا فَقَالَ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِى مِثْلَهَا. فَقَالَتْ لِمَ ذَاكَ فَقَالَ الرَّاكِبُ جَبَّارٌ مِنَ الْجَبَابِرَةِ، وَهَذِهِ الأَمَةُ يَقُولُونَ سَرَقْتِ زَنَيْتِ. وَلَمْ تَفْعَلْ». طرفه 1206 3437 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ مَعْمَرٍ. حَدَّثَنِى مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَيْلَةَ أُسْرِىَ بِهِ لَقِيتُ مُوسَى - قَالَ فَنَعَتَهُ - فَإِذَا رَجُلٌ - حَسِبْتُهُ قَالَ - مُضْطَرِبٌ رَجِلُ الرَّأْسِ، كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ - قَالَ - وَلَقِيتُ عِيسَى - فَنَعَتَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ - رَبْعَةٌ أَحْمَرُ كَأَنَّمَا خَرَجَ مِنْ دِيمَاسٍ - يَعْنِى الْحَمَّامَ - وَرَأَيْتُ إِبْرَاهِيمَ، وَأَنَا أَشْبَهُ وَلَدِهِ بِهِ - قَالَ - وَأُتِيتُ بِإِنَاءَيْنِ أَحَدُهُمَا لَبَنٌ وَالآخَرُ ـــــــــــــــــــــــــــــ جريج فقيهًا لعلم أن إجابة أمه أولى من صلاته". وقال الشافعي في التطوع (المومسات) الزواني (ذو شارة) بالشين المعجمة، أي: ما لبس حسن، من الشور وهو الإظهار. 3437 - (محمود) هو ابن غيلان (معمر) بفتح الميمين وعين ساكنة (لقيت موسى فإذا رجل مضطرب) أي: خفيف اللحم (وعيسى ربعة) أي: معتدل القامة (أحمر كأنما خرج من ديماس) بكسر الدال، هو الحمام، أي: من طراوة لونه.

فِيهِ خَمْرٌ، فَقِيلَ لِى خُذْ أَيَّهُمَا شِئْتَ. فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ فَشَرِبْتُهُ، فَقِيلَ لِى هُدِيتَ الْفِطْرَةَ، أَوْ أَصَبْتَ الْفِطْرَةَ، أَمَا إِنَّكَ لَوْ أَخَذْتَ الْخَمْرَ غَوَتْ أُمَّتُكَ». طرفه 3394 3438 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «رَأَيْتُ عِيسَى وَمُوسَى وَإِبْرَاهِيمَ، فَأَمَّا عِيسَى فَأَحْمَرُ جَعْدٌ عَرِيضُ الصَّدْرِ، وَأَمَّا مُوسَى فَآدَمُ جَسِيمٌ سَبْطٌ كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ الزُّطِّ». 3439 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ حَدَّثَنَا مُوسَى عَنْ نَافِعٍ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ ذَكَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمًا بَيْنَ ظَهْرَىِ النَّاسِ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ، فَقَالَ «إِنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ، أَلاَ إِنَّ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى، كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ». طرفه 3057 3440 - «وَأَرَانِى اللَّيْلَةَ عِنْدَ الْكَعْبَةِ فِي الْمَنَامِ، فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ كَأَحْسَنِ مَا يُرَى مِنْ أُدْمِ الرِّجَالِ، تَضْرِبُ لِمَّتُهُ بَيْنَ مَنْكِبَيْهِ، رَجِلُ الشَّعَرِ، يَقْطُرُ رَأْسُهُ مَاءً، وَاضِعًا يَدَيْهِ عَلَى مَنْكِبَىْ رَجُلَيْنِ وَهْوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ. فَقُلْتُ مَنْ هَذَا فَقَالُوا هَذَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ. ثُمَّ رَأَيْتُ رَجُلاً وَرَاءَهُ جَعْدًا قَطَطًا أَعْوَرَ عَيْنِ الْيُمْنَى ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: في الحديث الذي بعده في وصف عيسى أنه رجل أدم، فكيف وجه الجمع؟ قلت: وصفه بالأدمة لئلا يتوهم أنه كان أبيض أمهق [...]، بل مضرَّجًا بالحمرة، كأنه وصفه تارة بالجعودة، وتارة بالسبوطة إشارة إلى أنه لم يكن جعدًا قططًا كالحوش، ولا سبطًا مسترسل الشعر كما سيكون في الهنود، وكذا قوله في موسى. 3440 - (لمته بين منكبيه) اللمة بكسر اللام، شعر الرأس إذا جاوز الأذنين، من لَمَّ إذا نزل، وإذا لم يجاوز الأذن يسمى وفرة، وإذا بلغت المنكب فهي جُمَّة بضم الجيم وتشديد الميم ثم رأيت ورأه (رجلًا جعدًا قططًا) بثلاث فتحات، شديد الجعودة (أعور العين اليمنى كأن عينه عنبة طافية) روي بالهمزة والياء، فعلى الأولى معناه عينه غائرة، وعلى الثاني طالعة من طفا يطفو ارتفع. فإن قلت: في رواية مسلم: "عينه اليسرى"؟ قلت: قال النووي لفظ الحديث "كلتا

كَأَشْبَهِ مَنْ رَأَيْتُ بِابْنِ قَطَنٍ، وَاضِعًا يَدَيْهِ عَلَى مَنْكِبَىْ رَجُلٍ، يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، فَقُلْتُ مَنْ هَذَا قَالُوا الْمَسِيحُ الدَّجَّالُ». تَابَعَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ. أطرافه 3441، 5902، 6999، 7026، 7128 3441 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَكِّىُّ قَالَ سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنِى الزُّهْرِىُّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ لاَ وَاللَّهِ مَا قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِعِيسَى أَحْمَرُ، وَلَكِنْ قَالَ «بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ أَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ عينيه غائرتان (كأشبه من رأيت بابن قطن) بفتح القاف والطاء، وهو عبد العزى بن قطن الخزاعي بن علي. فإن قلت: في البخاري وغيره أن الدجال لا يدخل مكة والمدينة، فكيف رآه طائفًا بالبيت؟ قلنا: أجاب بعضهم بأن ذلك زمن خروجه ودعواه الألوهية، وأيضًا لفظ الحديث: "لا يدخل مكة" فلا ينافي دخوله في الزمن الماضي، وليس بشيء، وذلك أن هذا رؤية منام فرئي مثاله لانفسه، ألا ترى أنه رأى عيسى يطول بالبيت، ونحن نقطع بأن عيسى من يوم رُفِع لم ينزل إلى الأرض، والمنام له تأويل يصرف به عن ظاهره، كما رأى رسول الله أبا جهل في رؤياه في الجنة، وأسيدًا وكانا هلكا كافرين، فكان تأويل الرؤيا إسلام عكرمة بن أبي جهل وعتاب بن أسيد، ألا ترى أنه قال في الرواية الأخرى: "تمثل لي الأنبياء" إذ معناه تصوروا بصوتهم، وفي رؤياه إذا رآه الإنسان فإنه رآه حيًّا، وإنما رأى مثاله، ألا ترى أنه قال في آخر الحديث: "فإن الشيطان لا يتمصل بي" وفي الرواية الأخرى "لا يتصورني" وهذا لا يجوز الشك فيه.

فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ سَبْطُ الشَّعَرِ، يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ، يَنْطِفُ رَأْسُهُ مَاءً أَوْ يُهَرَاقُ رَأْسُهُ مَاءً فَقُلْتُ مَنْ هَذَا قَالُوا ابْنُ مَرْيَمَ، فَذَهَبْتُ أَلْتَفِتُ، فَإِذَا رَجُلٌ أَحْمَرُ جَسِيمٌ، جَعْدُ الرَّأْسِ، أَعْوَرُ عَيْنِهِ الْيُمْنَى، كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ. قُلْتُ مَنْ هَذَا قَالُوا هَذَا الدَّجَّالُ. وَأَقْرَبُ النَّاسِ بِهِ شَبَهًا ابْنُ قَطَنٍ». قَالَ الزُّهْرِىُّ رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ هَلَكَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. طرفه 3440 3442 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عَنْهُ - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِابْنِ مَرْيَمَ، وَالأَنْبِيَاءُ أَوْلاَدُ عَلاَّتٍ، لَيْسَ بَيْنِى وَبَيْنَهُ نَبِىٌّ». طرفه 3443 3443 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا هِلاَلُ بْنُ عَلِىٍّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى عَمْرَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَالأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ لِعَلاَّتٍ، أُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى، وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ». ـــــــــــــــــــــــــــــ 3441 - (فإذا رجل أدم بسط الشعر يهادى بين رجلين) على بناء المفعول، أي: يمشي معتمدًا على كل واحد منهما (يَنْطِف رأسه ماء) أي: يقطر (أو يُهْراق) بضم الياء وفتح الهاء وسكونها، وهي زائدة أصله يريق. 3442 - (أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم والأنبياء أولاد علات) بفتح العين، جمع علة، وهي الغّرَّة (أبوهم واحد وأمهاتهم شتى) يريد أن أصل الدين، وما يتعلق بالاعتقاد متفق عليه، والفروع يختلف بحسب مصالح العباد (ليس بيني وبينه نبي) هذا صرحي في أن لا نبي بنهما، وما يقال من أن بينهما خالد بن سنان وجرجيس لو صح كان هذا محمولًا على النبي الذي هو صاحب الشرع، بدليل السياق، وهو قوله: "الأنبياء أولاد علات" فإن هذا إنما يكون في أصحاب الشرائع، فقول من قال: إنما يقال بينهما خالد بن سنان لا اعتبار له قصور منه. 3443 - (فليح) بضم الفاء مصغر (أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم في الدنيا والآخرة). فإن قلت: كونه أولى الناس في الدنيا قد علم بأنه لا نبي بينهما، فما وجه الأولوية في الآخرة؟ قلت: كونه مبشِّرًا برسول يأتي من بعده اسمه أحمد، أوجب له رتبة في الآخرة قريبة

وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 3442 3444 - وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «رَأَى عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَجُلاً يَسْرِقُ، فَقَالَ لَهُ أَسَرَقْتَ قَالَ كَلاَّ وَاللَّهِ الَّذِى لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ. فَقَالَ عِيسَى آمَنْتُ بِاللَّهِ وَكَذَّبْتُ عَيْنِى». ـــــــــــــــــــــــــــــ من رأسه رسول الله، وما يقال من أن أمه مريم تكون زوجة رسول الله في الجنة إن صح فيكون عيسى في معنى الولد هناك. قال بعضهم: فإن قلت: ما التوفيق بين قوله هنا: "أنا أولى الناس بعيسى" وبين قوله تعالى: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ} [آل عمران: 68]؟ قلت: الحديث دلَّ على أنه متبوع والقرآن على أنه تابع، وله الفضل تابعًا ومتبوعًا، هذا كلامه وليس بشيء، أما أولًا فلأنه لا توجُّه للسؤال أصلًا، فإنه يجوز أن يكون أولى الناس بهما معًا، كما أن الولد يكون أولى الناس بأبويه والإشكال إنما كان يظهر أنه لو قال: إن أولى الناس بإبراهيم هذا النبي، وقال في موضع آخر: إن أولى الناس بإبراهيم عيسى [.......] ذلك أيضًا مرفوع بأن أفضل التفضيل لا يستلزم أن يكون المفضل شخصًا واحدًا، ألا ترى إلى قوله تعالى: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ}. وأما ثانيًا فإن قوله: "أنا أولى الناس بعيسى" لا يدل على أنه متبوع لعيسى، وكيف يعقل أن يكون الثاني متبوعًا، وأما بعد نزوله فليس بتابع، غايته أن هذه الشريعة لا تنسخ بنزوله. 3444 - (إبراهيم بن طهمان) بفتح الطاء وسكون الهاء (سليم) بضم السين مصغر (معمر) بفتح الميمين وسكون العين (همام) بفتح الهاء وتشديد الميم (رأى عيسى بن مريم رجلًا يسرق فقال له: أسرقت؟ قال: كلا، والذي لا إله إلا هو فقال عيسى: آمنت بالله وكذَّبت عيني) بياء التكلم ولمسلم: "كَذَبَت عيني" بياء التأنيث والتخفيف.

3445 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِىَّ يَقُولُ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ سَمِعَ عُمَرَ - رضى الله عنه - يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ تُطْرُونِى كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ، فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ». طرفه 2462 3446 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا صَالِحُ بْنُ حَىٍّ أَنَّ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ قَالَ لِلشَّعْبِىِّ. فَقَالَ الشَّعْبِىُّ أَخْبَرَنِى أَبُو بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا أَدَّبَ الرَّجُلُ أَمَتَهُ فَأَحْسَنَ تَأْدِيبَهَا، وَعَلَّمَهَا فَأَحْسَنَ تَعْلِيمَهَا ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَتَزَوَّجَهَا، كَانَ لَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا آمَنَ بِعِيسَى ثُمَّ آمَنَ بِى، فَلَهُ أَجْرَانِ، وَالْعَبْدُ إِذَا اتَّقَى رَبَّهُ وَأَطَاعَ مَوَالِيَهُ، فَلَهُ أَجْرَانِ». طرفه 97 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: ما وجه هذا الكلام، فإنه حكم أولًا بأنه رآه قد سرق؟ قلت: إنما رأى سورة السرقة، فربما كان ماله، أو مالًا مشتركًا، أو لابنه مثلًا. فإن قلت: في بعض النسخ: أسرقت بالاستفهام والمستفهم هناك شاك، ولا حكم للشاك، فكيف قال: كذبت عيسى؟ قلت: الاستفهام للتقرير، بدليل الرواية الأخرى، وبه يسقط ما قيل: لا يصح الاستفهام لجزم رسول الله بأن عيسى رأى رجلًا يسرق. فإن قلت: ما معنى قوله: آمنت بالله، بعد أن حلف السارق؟ قلت: تقديره: صدَّقة من حلف بالله، هذا كلام القاضي. وقال بعض الشارحين: لا ضرورة إلى هذا الجواز تعلقه بلفظ: آمنت، وهذا قد يحصل عن كون آمنت لا يصلح جوابًا بلا ذلك التقدير. 3445 - (لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم) بضم التاء: التجاوز بالمدح إلى حدِّ الكذب، من طرا يطر. 3446 - (محمد بن مقاتل) بكسر التاء (حي) ضد الميت (أن رجلًا من أهل خراسان) هي البلاد المعروفة (قال الشعبي) بفتح الشين أبو عامر عمرو بن شراحيل (أبو بردة) بضم الباء، عامر بن أبي موسى "إذا أدَّب الرجل أَمَتَهُ فأحسن تأديبها" من أدب بضم الدال، أي: صار ذا أدب، وإنما قيده بقوله: "وأحسن تأديبها"، لأنه مطلق الأخلاق في الأصل. فإن قلت: ظاهره يقتضي أن يكون له أربعة أجور؟ قلت: التأديب والتعليم شيء واحد

3447 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «تُحْشَرُونَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلاً، ثُمَّ قَرَأَ (كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ) فَأَوَّلُ مَنْ يُكْسَى إِبْرَاهِيمُ، ثُمَّ يُؤْخَذُ بِرِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِى ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ فَأَقُولُ أَصْحَابِى فَيُقَالُ إِنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ، فَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ (وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِى كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ شَهِيدٌ) إِلَى قَوْلِهِ (الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ). قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ ذُكِرَ عَنْ أَبِى عَبْدِ اللَّهِ عَنْ قَبِيصَةَ قَالَ هُمُ الْمُرْتَدُّونَ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى عَهْدِ أَبِى بَكْرٍ، فَقَاتَلَهُمْ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه. طرفه 3349 ـــــــــــــــــــــــــــــ معنىً، والإعتاق والتزوج واحد، وتماما لكلام سلف في كتاب العلم في باب تعليم الرجل أمته. 3447 - (يحشرون حفاة) جمع حاف، الذي لا نعل له (عراة) جمع عار (غرلًا) بالعين المعجمة، جمع أغرل، وهو الذي له غرله، وهو القلقلة التي يقطعها الخاتن (فأول من يكسها إبراهيم) لأنه جُرِّد في الله حين أُلقي في النار (ثم يؤخذ برجال ذات اليمين وذات الشمال) أي: من جانبي طريق الجنة إلى جهنم (فأقول أصحابي) أي: المأخوذين، قال بعضهم: أراد الذين أخذوا من ذات الشمال، أو المراد المجموع، ومعنى الأخذ شد اليمين والشمال بحيث لا يقدر على الحركة، وهذا شيء لا دلالة للفظ عليه، مع أنه قد سلف مرارًا ذات الشمال وحدة. (قال محمد بن يوسف) هو الفَرَبْري (عن أبي عبد الله عن قبيصة هم المرتدون على عهد أبي بكر) فقوله: "أصحابي" بناء على ظنه أنهم [لا زالوا] على ما كانوا؛ لأن الارتداد يسلب ذلك الاسم الشريف.

51 - باب نزول عيسى ابن مريم عليهما السلام

51 - باب نُزُولُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عليهما السلام 3448 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ، لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمُ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا عَدْلاً، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ، وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ، وَيَفِيضَ الْمَالُ حَتَّى لاَ يَقْبَلَهُ أَحَدٌ، حَتَّى تَكُونَ السَّجْدَةُ الْوَاحِدَةُ خَيْرًا مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا». ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا). طرفه 2222 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب نزول عيسى بن مريم 3448 - (والذي نفسي بيده يوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم) أكَّد الكلام من وجود الغرابة الحكم، ولكثرة المنكرين، ولوشك القرب، وفديه دلالة على أن ما بقي من أيام الدنيا أقل مما مضى (فيكسر الصليب) إما حقيقة، أو يبطله (ويقتل الخنزير ويصنع الجزية) أي: لا يقبلها؛ لأنه لا يكون في الأرض إلا الإسلام. فإن قلت: قوله تعالى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ} [التوبة: 29]؟ قلت: موقت إلى ذلك الوقت. (ويفيض المال حتى لا يقبله، أحد حتى تكون السجدة الواحدة خيرًا من الدنيا وما فيها) غايةٌ لمقدر، أي يكون همم الناس معروفة إلى هذا الحدِّ. فإن قلت: السجدة الواحدة دائمًا تكون [خير] من الدنيا وما فيها؟ قلت: ليس المراد أنها تكون عند الله كذلك، بل عند الناس لعدم الاحتياج إلى تحصيل المال مع علمهم بقرب القيامة، وعدم بقاء التقريب بالمال؛ لأنه لا يقبل أحد صدقة ولا جهاد ضد لقاء الدين واحد، أو المراد بالسجدة الركعة. (ثم يقول أبو هريرة: واقرؤوا ما شئتم: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} هذا يدل على أن أبا هريرة جعل الضمير في "به" لعيسى، وبعض المفسرين على أنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا: ولا يموت أحد من أهل الكتاب حتى يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم حين لا ينفعه ذلك الإيمان.

52 - باب ما ذكر عن بنى إسرائيل

3449 - حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى أَبِى قَتَادَةَ الأَنْصَارِىِّ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا نَزَلَ ابْنُ مَرْيَمَ فِيكُمْ وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ». تَابَعَهُ عُقَيْلٌ وَالأَوْزَاعِىُّ. طرفه 2222 52 - باب مَا ذُكِرَ عَنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ 3450 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ رِبْعِىِّ بْنِ حِرَاشٍ قَالَ قَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو لِحُذَيْفَةَ أَلاَ تُحَدِّثُنَا مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ إِنِّى سَمِعْتُهُ يَقُولُ «إِنَّ مَعَ الدَّجَّالِ إِذَا خَرَجَ مَاءً وَنَارًا، فَأَمَّا الَّذِى يَرَى النَّاسُ أَنَّهَا النَّارُ فَمَاءٌ بَارِدٌ، وَأَمَّا الَّذِى يَرَى النَّاسُ أَنَّهُ مَاءٌ بَارِدٌ فَنَارٌ تُحْرِقُ، فَمَنْ أَدْرَكَ مِنْكُمْ فَلْيَقَعْ فِي الَّذِى يَرَى أَنَّهَا نَارٌ، فَإِنَّهُ عَذْبٌ بَارِدٌ». طرفه 7130 ـــــــــــــــــــــــــــــ 3449 - (كيف أنتم إذا نزل فيكم ابن مريم وإمامكم منكم) أي: أنتم حينئذٍ أحسن حالًا؛ لأنه يؤيد شرع محمد صلى الله عليه وسلم ولا يترك على وجه الأرض من يخالف شرعه، والحكمة في نزوله دون سائر الأنبياء أنه حيٌّ لم يمت بعد، وقد كتب الله على كل نفس من أولاد آدم أن يكون موته في الأرض، قال تعالى: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى (55)} [طه: 55]. باب ما ذكر عن بني إسرائيل إسرائيل معناه عبد الله، وهو لقب يعقوب، والمراد ذكر أمور غريبة كانت فيهم. 3450 - (أبو عوانة) بفتح العين، الوضاح اليشكري (عن ربعي بن حراش) بكسر الراء والحاء المهملة آخره معجمة "إن مع الدجال إذا خرج ماء ونارًا) لا ينافي ما تقدم بلفظ الجنة والنار. (إن رجلًا كان فيمن كان قبلكم) الظاهر أنه من بني إسرائيل، ولذلك أورد حديثه في الباب (أتاه ملك الموت ليقبض روحه، فقيل له: هل عملت من خير؟) الظاهر أنه يقال له بعد موته؛ لقوله: (فأدخله الله الجنة) بالفاء (فأنظر الموسر) بضم الفاء، من الإنظار، وهو الإمهال (وأتجاوز عن المسعر) أي: لا يطالبه إلى الميسرة، أو يبرئه من الدين.

3451 - قَالَ حُذَيْفَةُ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ «إِنَّ رَجُلاً كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ أَتَاهُ الْمَلَكُ لِيَقْبِضَ رُوحَهُ فَقِيلَ لَهُ هَلْ عَمِلْتَ مِنْ خَيْرٍ قَالَ مَا أَعْلَمُ، قِيلَ لَهُ انْظُرْ. قَالَ مَا أَعْلَمُ شَيْئًا غَيْرَ أَنِّى كُنْتُ أُبَايِعُ النَّاسَ فِي الدُّنْيَا وَأُجَازِيهِمْ، فَأُنْظِرُ الْمُوسِرَ، وَأَتَجَاوَزُ عَنِ الْمُعْسِرِ. فَأَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ». طرفه 2077 3452 - فَقَالَ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ «إِنَّ رَجُلاً حَضَرَهُ الْمَوْتُ، فَلَمَّا يَئِسَ مِنَ الْحَيَاةِ أَوْصَى أَهْلَهُ إِذَا أَنَا مُتُّ فَاجْمَعُوا لِى حَطَبًا كَثِيرًا وَأَوْقِدُوا فِيهِ نَارًا حَتَّى إِذَا أَكَلَتْ لَحْمِى، وَخَلَصَتْ إِلَى عَظْمِى، فَامْتَحَشْتُ، فَخُذُوهَا فَاطْحَنُوهَا، ثُمَّ انْظُرُوا يَوْمًا رَاحًا فَاذْرُوهُ فِي الْيَمِّ. فَفَعَلُوا، فَجَمَعَهُ فَقَالَ لَهُ لِمَ فَعَلْتَ ذَلِكَ قَالَ مِنْ خَشْيَتِكَ. فَغَفَرَ اللَّهُ لَهُ». قَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو، وَأَنَا سَمِعْتُهُ يَقُولُ ذَاكَ، وَكَانَ نَبَّاشًا. طرفاه 3479، 6480 ـــــــــــــــــــــــــــــ 3452 - (إن رجلًا حضره الموت) أي: ظهر فيه علامته (إذا أنا مت فاجمعوا لي حَطبًا كثيرًا وأوقدوا فيه نارًا حتى إذا أكلت لحمي، وخلصت إلى عظمي فامتحشت) أي: احترقت (ثم انظروا يومًا راحًا) أي: فيه ريح شديد، كقولهم: رجل مال، إذا كان ذا مال كثير، وإذا كان اليوم طيب الريح يقال: ريّح بفتح الراء وتشديد الياء (فاذروه) بهمزة الوصل، ويروى بهمزة القطع أيضًا (ففعلوا فجمعه، فقال: لم فعلت؟ قال: من خشيتك، فَغُفِر له) وفي روياة: "لعلي أضل الله" وفي رواية أخرى: "لئن قدر الله عليَّ ليعذبني"، وهذا مشكل، فإن ظاهر هذه العبارة كفر، والجواب أنه لم يكن شاكًّا في قدرة الله، بل من غاية الخوف لم يدر ما يقول، نظيره قول من أضل دابته ثم وجدها، قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك (وكان نباشًا) هو الذي يسرق أكفان الموتى.

3453 و 3454 - حَدَّثَنِى بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنِى مَعْمَرٌ وَيُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَائِشَةَ وَابْنَ عَبَّاسٍ رضى الله عنهم قَالاَ لَمَّا نَزَلَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - طَفِقَ يَطْرَحُ خَمِيصَةً عَلَى وَجْهِهِ، فَإِذَا اغْتَمَّ كَشَفَهَا عَنْ وَجْهِهِ، فَقَالَ وَهْوَ كَذَلِكَ «لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ». يُحَذِّرُ مَا صَنَعُوا. طرفاه 436، 437 3455 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ فُرَاتٍ الْقَزَّازِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا حَازِمٍ قَالَ قَاعَدْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ خَمْسَ سِنِينَ، فَسَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمُ الأَنْبِيَاءُ، كُلَّمَا هَلَكَ نَبِىٌّ خَلَفَهُ نَبِىٌّ، وَإِنَّهُ لاَ نَبِىَّ بَعْدِى، وَسَيَكُونُ خُلَفَاءُ فَيَكْثُرُونَ. قَالُوا فَمَا تَأْمُرُنَا قَالَ فُوا بِبَيْعَةِ الأَوَّلِ فَالأَوَّلِ، أَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ». 3456 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنِى زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 3453 - 3454 - (بئر) بكسر الموحدة وشين معجمة (معمر) بفتح الميمين وعين ساكنة (لما نزل برسول الله) على بناء الفاعل، أي: حادث الموت، ويروى على بناء المجهول (طفق يطرح خميصة على وجهه) أي: شرع، والخميصة: الكساء التي هلا علامة (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يحذِّر ما صنعوا) أي: عن مثله، وقد أشرنا في أبواب الجنائز أن مشهد رسول الله وإن كان في المسجد إلا أنه أفرد بالبناء بحيث انفضل ولم يدخله أحد للعبادة. 3455 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (عن فرات) بضم الفاء (القزاز) بفتح القاف وتشديد الزاء المعجمة (أبا حازم) بالحاء المهملة سلمان الأشجعي (كانت بنوا إسرائيل تسوسهم الأنبياء) من سياسة الرعية، أي: يقومون ويحملونهم على طريق الحق (فوا ببيعة الأول فالأول) أَمْرق من الوفاء. 3456 - (أبو غسان) بالغين المعجمة وسين مهملة مشددة، مالك بن عبد الواحد (عن

عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ». قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى قَالَ «فَمَنْ». طرفه 7320 3457 - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ ذَكَرُوا النَّارَ وَالنَّاقُوسَ، فَذَكَرُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى، فَأُمِرَ بِلاَلٌ أَنْ يَشْفَعَ الأَذَانَ وَأَنْ يُوتِرَ الإِقَامَةَ. طرفه 603 3458 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها كَانَتْ تَكْرَهُ أَنْ يَجْعَلَ {الْمُصَلِّى} يَدَهُ فِي خَاصِرَتِهِ وَتَقُولُ إِنَّ الْيَهُودَ تَفْعَلُهُ. تَابَعَهُ شُعْبَةُ عَنِ الأَعْمَشِ. 3459 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّمَا أَجَلُكُمْ فِي أَجَلِ مَنْ خَلاَ مِنَ الأُمَمِ مَا بَيْنَ صَلاَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ عطاء بن يسار) ضد اليمين (لتتبعن سنن من قبلكم) بفتح السين، الطريقة (شبرًا بشبر وذراعًا بذراع) نصبهما على الحال من الفاعل، أي: مماثلين لهم من غير تفاوت، وأكَّد ذلك بقوله: (لو دخلوا جحر ضبٍّ لدخلتموه) والضَّب: دويبة معروفة، قيل: إنما خصَّه بالذكر؛ لأنه يحتاط في الحفر غاية الخوف، وقد يذكرون أنه قاضي الوحوش والطيور، ولما خُلق الإنسان وُصِفَ للضبَّ، فقالوا: ما ترى فيه؟ قال: هذا أمره مشكل، فإنه ينزل الطير من الهواء، ويخرج الحوت من الماء، قالوا: فما تأمرنا؟ قال: من كان ذا جناح فليطر، ومن كان ذا مخلب فليحفر (فقلنا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟) أي: تريد بقوله: "من قبلكم" هؤلاء؟ (قال: عمن؟) استفهام تقرير، أي: أريد أولئك. 3457 - (عمران بن ميسرة) ضد الميمنة (عن أبي قلابة) بكسر القاف عبد الله بن زيد الحري، وحديث الأذان تقدم في أبواب الأذان. 3458 - (عن أبي الضحى) مسلم بن صبيح (عن عائشة أنه كانت تكره أن يجعل يده في خاصرته) أي: في الصلاة، قيل: لأنه فعل الجبابرة، وقيل: فعل اليهود، وقيل: صفة أهل النار، وكراهته لا تختص بحال الصلاة وإن كان فيها أشد كراهة. 3459 - (قتيبة) بضم القاف (إنما أجلكم في أجل من خلا من الأمم ما بين صلاة

الْعَصْرِ إِلَى مَغْرِبِ الشَّمْسِ، وَإِنَّمَا مَثَلُكُمْ وَمَثَلُ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى كَرَجُلٍ اسْتَعْمَلَ عُمَّالاً فَقَالَ مَنْ يَعْمَلُ لِى إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ فَعَمِلَتِ الْيَهُودُ إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ، ثُمَّ قَالَ مَنْ يَعْمَلُ لِى مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ إِلَى صَلاَةِ الْعَصْرِ عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ فَعَمِلَتِ النَّصَارَى مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ إِلَى صَلاَةِ الْعَصْرِ، عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ، ثُمَّ قَالَ مَنْ يَعْمَلُ لِى مِنْ صَلاَةِ الْعَصْرِ إِلَى مَغْرِبِ الشَّمْسِ عَلَى قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ أَلاَ فَأَنْتُمُ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ مِنْ صَلاَةِ الْعَصْرِ إِلَى مَغْرِبِ الشَّمْسِ عَلَى قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ، أَلاَ لَكُمُ الأَجْرُ مَرَّتَيْنِ، فَغَضِبَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، فَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ عَمَلاً وَأَقَلُّ عَطَاءً، قَالَ اللَّهُ هَلْ ظَلَمْتُكُمْ مِنْ حَقِّكُمْ شَيْئًا قَالُوا لاَ. قَالَ فَإِنَّهُ فَضْلِى أُعْطِيهِ مَنْ شِئْتُ». طرفه 557 3460 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَاتَلَ اللَّهُ فُلاَنًا، أَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ، حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ، فَجَمَّلُوهَا فَبَاعُوهَا». تَابَعَهُ جَابِرٌ وَأَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 2223 3461 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ أَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِىُّ حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِى كَبْشَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بَلِّغُوا عَنِّى وَلَوْ آيَةً، ـــــــــــــــــــــــــــــ العصر إلى مغرب الشمس) فيه دلالة على أن مدة الدنيا أكثرها قد مضى قبل بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديث الأجر قيراطين لهذه الأمة تقدم مع شرحه في أبواب المواقيت. 3460 - (سمعت عمر يقول: قاتل الله فلانًا) أي: لعنه (لعن الله اليهود حُرِّمت عليهم الشحوم فجمَّلوها) بالتخفيف والتشديد، أي: أذابوها (وأبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم) أي: رفعه. 3461 - (أبو عاصم الضحاك بن مخلد) بفتح الميم (الأوزاعي) بفتح الهمزة (عن أبي كبشة) بفتح الكاف وسكون الواحدة، اسمه كنيته (بلغوا عني ولو آية) قيل: أراد آية من آيات القرآن، وإذا وجب تبليغ الآية مع كون القرآن محفوظًا بحفظ الله، لقوله تعالى:

وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ وَلاَ حَرَجَ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَىَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ». 3462 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ قَالَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى لاَ يَصْبُغُونَ، فَخَالِفُوهُمْ». طرفه 5899 3463 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنِى حَجَّاجٌ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الْحَسَنِ حَدَّثَنَا جُنْدُبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ، وَمَا نَسِينَا مُنْذُ حَدَّثَنَا، وَمَا نَخْشَى أَنْ يَكُونَ جُنْدُبٌ كَذَبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــ {وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9] فتبليغ الحديث من باب الأولى، والأحسن أن يحمل على أعم منه، فإن الآية لغة العلامة، أي: بلِّغوا وإن كان علامة، أو إشارة صادرة عني، وفيه مبالغة وحثٌّ على نقل الحديث، ويؤيده سائر النصوص، كقوله: "رحم الله امرءًا وعى مقالتي وأداها كما وعاها". (وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج) قيل: أراد به ما جاء في الأحاديث والفرقان من قوائعهم، واللفظ يأباه، والظاهر أنه أشار إلى كثرة وقائعهم، وما لا يكون كذبًا يجوز حكايته، بخلاف الحديث ما لم يصح لا يجوز روايته؛ لأنه شرع يُتَّبَعُ، وسبب ورود الحديث أنه لما استأذنه عمر في كتابه أشياء يسمعونها من اليهود، وغضب من ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوهم الناس أن الحديث عنهم مثل الكتابة، فرفع ذلك الوهم، وقيل: ولا حرج في عدم التحديث؛ لأن قوله: "حدثوا" أمر يتبادر منه الوجوب ولا يخفى بعده. 3462 - (إن اليهود لا يصبغون) بالباء الموحدة، يريد صبغ شعر الرأس واللحية، والأمر فيه للندب باتفاق العلماء، ولذلك كان أبو بكر يصبغ وعمر وعلي لا يصبغان، وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم اختلفت الرواية، أثبته ابن عمر وأنس. 3463 - (محمد) كذا وقع غير منسوب، قال الغساني: قال الحاكم هو محمد بن يحيى الذهلي، قال: ونسبه ابن السكن عن الفربري: محمد بن معمر: قال: وهذا هو المشهور بالرواية عن حجاج بن منهال (جندب) بضم الجيم وفتح الدال (فيمن كان قبلكم

53 - باب حديث أبرص وأعمى وأقرع فى بنى إسرائيل

رَجُلٌ بِهِ جُرْحٌ، فَجَزِعَ فَأَخَذَ سِكِّينًا فَحَزَّ بِهَا يَدَهُ، فَمَا رَقَأَ الدَّمُ حَتَّى مَاتَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى بَادَرَنِى عَبْدِى بِنَفْسِهِ، حَرَّمْتُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ». طرفه 1364 53 - باب حَدِيثُ أَبْرَصَ وَأَعْمَى وَأَقْرَعَ فِي بَنِى إِسْرَائِيلَ 3464 - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى عَمْرَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - ح وَحَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى عَمْرَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّ ثَلاَثَةً فِي بَنِى إِسْرَائِيلَ أَبْرَصَ وَأَقْرَعَ وَأَعْمَى بَدَا لِلَّهِ أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ مَلَكًا، فَأَتَى الأَبْرَصَ. فَقَالَ أَىُّ شَىْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ لَوْنٌ حَسَنٌ وَجِلْدٌ حَسَنٌ، قَدْ قَذِرَنِى النَّاسُ. قَالَ فَمَسَحَهُ، فَذَهَبَ عَنْهُ، فَأُعْطِىَ لَوْنًا حَسَنًا وَجِلْدًا حَسَنًا. فَقَالَ أَىُّ الْمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ الإِبِلُ - أَوْ قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ رجل به جُرح فأخذ سكينًا فَحَزَّ بها يده) بالحاء المهملة، أي: قطع (فما رقأ الدم حتى مات) بفتح الراء والقاف آخره همزة، أي: سكن (بادرني عبدي بنفسه حرمت عليه الجنة) إن كان مستحلًا فذاك كفر، وإن كان غير مستحل معناه حرمت عليه من غير عذاب، وهذا الاتفاق الشرائع على أن المؤمن لا يخلد في النار. حديث أبرص وأعمى وأقرع 3464 - (محمد حدثنا عبد الله) اتفقوا على أنه محمد بن مقاتل، وعبد الله هو ابن المبارك (أن ثلاثة في بني إسرائيل أبرص وأقرع وأعمى بدا لله أن يبتليهم) أي: شاء الله ابتلاءهم، وفي بعضها: "بدا لله" باللام الجارة، قال الخطابي: البداء عليه محالٌ فهذه الرواية خطأ، قلت: مجرد كون الظاهر محالًا لا يوجب ردَّ الرواية، وكم مثله في القرآن، فالمراد علقت إرادته، فإن البداء هو الظهور وتعلق الإرادة سبب له. (فبعث الله إليهم ملكًا، فقال للأبرص: أي شيء أصبُّ إليك؟ فقال: لون حسن وجلد حسن، قد قذرني الناس) بذال معجمة مكسورة (أيُّ المال أحبُّ إليك؟ فقال: الإبل،

الْبَقَرُ هُوَ شَكَّ فِي ذَلِكَ، إِنَّ الأَبْرَصَ وَالأَقْرَعَ، قَالَ أَحَدُهُمَا الإِبِلُ، وَقَالَ الآخَرُ الْبَقَرُ - فَأُعْطِىَ نَاقَةً عُشَرَاءَ. فَقَالَ يُبَارَكُ لَكَ فِيهَا. وَأَتَى الأَقْرَعَ فَقَالَ أَىُّ شَىْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ شَعَرٌ حَسَنٌ، وَيَذْهَبُ عَنِّى هَذَا، قَدْ قَذِرَنِى النَّاسُ. قَالَ فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ، وَأُعْطِىَ شَعَرًا حَسَنًا. قَالَ فَأَىُّ الْمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ الْبَقَرُ. قَالَ فَأَعْطَاهُ بَقَرَةً حَامِلاً، وَقَالَ يُبَارَكُ لَكَ فِيهَا. وَأَتَى الأَعْمَى فَقَالَ أَىُّ شَىْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ يَرُدُّ اللَّهُ إِلَىَّ بَصَرِى، فَأُبْصِرُ بِهِ النَّاسَ. قَالَ فَمَسَحَهُ، فَرَدَّ اللَّهُ إِلَيْهِ بَصَرَهُ. قَالَ فَأَىُّ الْمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ الْغَنَمُ. فَأَعْطَاهُ شَاةً وَالِدًا، فَأُنْتِجَ هَذَانِ، وَوَلَّدَ هَذَا، فَكَانَ لِهَذَا وَادٍ مِنْ إِبِلٍ، وَلِهَذَا وَادٍ مِنْ بَقَرٍ، وَلِهَذَا وَادٍ مِنَ الْغَنَمِ. ثُمَّ إِنَّهُ أَتَى الأَبْرَصَ فِي صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ فَقَالَ رَجُلٌ مِسْكِينٌ، تَقَطَّعَتْ بِىَ الْحِبَالُ فِي سَفَرِى، فَلاَ بَلاَغَ الْيَوْمَ إِلاَّ بِاللَّهِ ثُمَّ بِكَ، أَسْأَلُكَ بِالَّذِى أَعْطَاكَ اللَّوْنَ الْحَسَنَ وَالْجِلْدَ الْحَسَنَ وَالْمَالَ بَعِيرًا أَتَبَلَّغُ عَلَيْهِ فِي سَفَرِى. فَقَالَ لَهُ إِنَّ الْحُقُوقَ كَثِيرَةٌ. فَقَالَ لَهُ كَأَنِّى أَعْرِفُكَ، أَلَمْ تَكُنْ أَبْرَصَ يَقْذَرُكَ النَّاسُ فَقِيرًا فَأَعْطَاكَ اللَّهُ فَقَالَ لَقَدْ وَرِثْتُ لِكَابِرٍ عَنْ كَابِرٍ. فَقَالَ إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَصَيَّرَكَ اللَّهُ إِلَى مَا كُنْتَ، وَأَتَى الأَقْرَعَ فِي صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِهَذَا، فَرَدَّ عَلَيْهِ مِثْلَ مَا رَدَّ عَلَيْهِ هَذَا فَقَالَ إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَصَيَّرَكَ اللَّهُ إِلَى مَا كُنْتَ. وَأَتَى الأَعْمَى فِي صُورَتِهِ فَقَالَ رَجُلٌ مِسْكِينٌ وَابْنُ سَبِيلٍ وَتَقَطَّعَتْ بِىَ الْحِبَالُ فِي سَفَرِى، ـــــــــــــــــــــــــــــ فأعطيَ ناقة عشراء) بضم العين والمد، هي الحامل التي أتى عليها عشرة أشهر (فأيُّ المال أحب إليك؟ قال: الغنم، فأعطي شاة والدًا) أي: حاملًا، أو من شأنها الولادة (فأنتج هذان وولد هذا) بتشديد اللام، هذان إشارة إلى صاحب الإبل والبقر، وفيه تغليب؛ لأن الإنتاج خاص بالإبل، قال ابن الأثير: وقع في حديث الأبرص: أنتج، والثابت في اللغة: نتجت الناقة على بناء المجهول، قال: والناتج لها كالقابلة للنساء (تقطعت بي الحبال) بالحاء جمع حبل، أراد بها الأسباب الموصلة، ويروي بالجيم، وتقطعت بصة التكلم ولفظ في مكان بي، وفي بعض رويات مسلم بالحاء والياء المثناة، من الحيلة

54 - باب {أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم}

فَلاَ بَلاَغَ الْيَوْمَ إِلاَّ بِاللَّهِ، ثُمَّ بِكَ أَسْأَلُكَ بِالَّذِى رَدَّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ شَاةً أَتَبَلَّغُ بِهَا فِي سَفَرِى. فَقَالَ قَدْ كُنْتُ أَعْمَى فَرَدَّ اللَّهُ بَصَرِى، وَفَقِيرًا فَقَدْ أَغْنَانِى، فَخُذْ مَا شِئْتَ، فَوَاللَّهِ لاَ أَجْهَدُكَ الْيَوْمَ بِشَىْءٍ أَخَذْتَهُ لِلَّهِ. فَقَالَ أَمْسِكْ مَالَكَ، فَإِنَّمَا ابْتُلِيتُمْ، فَقَدْ رَضِىَ اللَّهُ عَنْكَ وَسَخِطَ عَلَى صَاحِبَيْكَ». طرفه 6653 54 - باب (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ) الْكَهْفُ الْفَتْحُ فِي الْجَبَلِ، وَالرَّقِيمُ الْكِتَابُ. مَرْقُومٌ مَكْتُوبٌ مِنَ الرَّقْمِ (رَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ) أَلْهَمْنَاهُمْ صَبْرًا (شَطَطًا) إِفْرَاطًا، الْوَصِيدُ الْفِنَاءُ وَجَمْعُهُ وَصَائِدُ وَوُصُدٌ، وَيُقَالُ الْوَصِيدُ الْبَابُ (مُؤْصَدَةٌ) مُطْبَقَةٌ، آصَدَ الْبَابَ وَأَوْصَدَ (بَعَثْنَاهُمْ) أَحْيَيْنَاهُمْ (أَزْكَى) أَكْثَرُ رَيْعًا. فَضَرَبَ اللَّهُ عَلَى آذَانِهِمْ، فَنَامُوا (رَجْمًا بِالْغَيْبِ) لَمْ يَسْتَبِنْ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ (تَقْرِضُهُمْ) تَتْرُكُهُمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ (فوالله لا أجهدك اليوم) بالجيم أي: لا أشق عليك في شيء أخذته، أو لا أقلك مهما أخطت فهو لك، وفي بعضها: لا أحمدك، أي: على ترك شيء، وفي بعضها بدون إلهي أحمدك على كل شيء أخذته (فقد رضي عنك، وسخط على صاحبيك) بضم الراء والسيد علي بناء المجهول، وإضافة الصاحب إليه لأدنى ملابسة لكونهما مشاركين له في الابتلاء. باب قوله تعالى: {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا (9)} هؤلاء سبعة نفر كانوا في زمن دقيانوس، وكانوا في بلاد الشام، قيل: الكهف المذكور في القرآن بين أيلة وفلسطين، فرُّوا بدينهم كما قُصَّ في كتاب الله المجيد على أبلغ وجه، والرقيم فعل بمعنى المرقوم، اللوح الذي عليه أسماؤهم (أصد الباب) وأوصد أشار إلى أنه جاء مهموزًا ومعتل الفاء.

55 - باب حديث الغار

55 - باب حَدِيثُ الْغَارِ 3465 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيلٍ أَخْبَرَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بَيْنَمَا ثَلاَثَةُ نَفَرٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ يَمْشُونَ إِذْ أَصَابَهُمْ مَطَرٌ، فَأَوَوْا إِلَى غَارٍ، فَانْطَبَقَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ إِنَّهُ وَاللَّهِ يَا هَؤُلاَءِ لاَ يُنْجِيكُمْ إِلاَّ الصِّدْقُ، فَلْيَدْعُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ بِمَا يَعْلَمُ أَنَّهُ قَدْ صَدَقَ فِيهِ. فَقَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمُ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ لِى أَجِيرٌ عَمِلَ لِى عَلَى فَرَقٍ مِنْ أَرُزٍّ، فَذَهَبَ وَتَرَكَهُ، وَأَنِّى عَمَدْتُ إِلَى ذَلِكَ الْفَرَقِ فَزَرَعْتُهُ، فَصَارَ مِنْ أَمْرِهِ أَنِّى اشْتَرَيْتُ مِنْهُ بَقَرًا، وَأَنَّهُ أَتَانِى يَطْلُبُ أَجْرَهُ فَقُلْتُ اعْمِدْ إِلَى تِلْكَ الْبَقَرِ. فَسُقْهَا، فَقَالَ لِى إِنَّمَا لِى عِنْدَكَ فَرَقٌ مِنْ أَرُزٍّ. فَقُلْتُ لَهُ اعْمِدْ إِلَى تِلْكَ الْبَقَرِ فَإِنَّهَا مِنْ ذَلِكَ الْفَرَقِ، فَسَاقَهَا، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّى فَعَلْتُ ذَلِكَ مِنْ خَشْيَتِكَ، فَفَرِّجْ عَنَّا. فَانْسَاحَتْ عَنْهُمُ الصَّخْرَةُ. فَقَالَ الآخَرُ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ لِى أَبَوَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ، فَكُنْتُ آتِيهِمَا كُلَّ لَيْلَةٍ بِلَبَنِ غَنَمٍ لِى، فَأَبْطَأْتُ عَلَيْهِمَا لَيْلَةً فَجِئْتُ وَقَدْ رَقَدَا ـــــــــــــــــــــــــــــ باب حديث الغار هذا الحديث قد سلف مع شرحه في أبواب البيوع، ونشير هنا إلى بعض مواضعه (فأووا إلى غار) بالقصر ويوز فيه المد (كان لي أجير عمل لي على فرق من أرز) الفرق بفتح الفاء والراء ثلاثة آصع (وأني عمدت على ذلك الفرق فزرعته). فإن قلت: زراعته وبيعه وشراؤه له لا يجوز؛ لأنه بيع فضولي؟ قلت: أجابوا بأن هذا كان في شرعهم، وهذا رجم بالغيب، من أين علم ذلك؟ والصواب أن هذا كله كان تبرعًا من المالك، وذلك أن الأجرة إنما تملك بالقبض، وذلك الأجير لم يقبل الأجرة، ألا ترى إلى قوله: "فذهب وتركه"؟ إذ لو قبله كان يقول: أودعه عندي، وكذا أخر الحديث قوله: "أتى فطلب أجره" صريح في أنه لم يكن أخد الأجرة، والذي يقطع الشبه رواية أنس وأبو هريرة في آخر الحديث: "ولو شئت لم أعطه إلا أجره الأول" ورواه الطبراني. (فانسلخت) بالخاء المعجمة من ساخ يسوخ، أي: غارت وذهبت عن مكانها قال الخطابي وابن الأثير: الصواب بالحاء المهملة أي: اتسعت ومنه ساحة الدار، ويرى بالباء

56 - باب

وَأَهْلِى وَعِيَالِى يَتَضَاغَوْنَ مِنَ الْجُوعِ، فَكُنْتُ لاَ أَسْقِيهِمْ حَتَّى يَشْرَبَ أَبَوَاىَ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَهُمَا، وَكَرِهْتُ أَنْ أَدَعَهُمَا، فَيَسْتَكِنَّا لِشَرْبَتِهِمَا، فَلَمْ أَزَلْ أَنْتَظِرُ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّى فَعَلْتُ ذَلِكَ مِنْ خَشْيَتِكَ، فَفَرِّجْ عَنَّا. فَانْسَاحَتْ عَنْهُمُ الصَّخْرَةُ، حَتَّى نَظَرُوا إِلَى السَّمَاءِ. فَقَالَ الآخَرُ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ لِى ابْنَةُ عَمٍّ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَىَّ، وَأَنِّى رَاوَدْتُهَا عَنْ نَفْسِهَا فَأَبَتْ إِلاَّ أَنْ آتِيَهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ، فَطَلَبْتُهَا حَتَّى قَدَرْتُ، فَأَتَيْتُهَا بِهَا فَدَفَعْتُهَا إِلَيْهَا، فَأَمْكَنَتْنِى مِنْ نَفْسِهَا، فَلَمَّا قَعَدْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا، فَقَالَتِ اتَّقِ اللَّهَ وَلاَ تَفُضَّ الْخَاتَمَ إِلاَّ بِحَقِّهِ. فَقُمْتُ وَتَرَكْتُ الْمِائَةَ دِينَارٍ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّى فَعَلْتُ ذَلِكَ مِنْ خَشْيَتِكَ فَفَرِّجْ عَنَّا. فَفَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَخَرَجُوا». طرفه 2215 56 - بابٌ 3466 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «بَيْنَمَا امْرَأَةٌ تُرْضِعُ ابْنَهَا إِذْ مَرَّ بِهَا رَاكِبٌ وَهْىَ تُرْضِعُهُ، فَقَالَتِ اللَّهُمَّ لاَ تُمِتِ ابْنِى حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ هَذَا. فَقَالَ اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْنِى مِثْلَهُ. ثُمَّ رَجَعَ فِي الثَّدْىِ، وَمُرَّ بِامْرَأَةٍ تُجَرَّرُ وَيُلْعَبُ بِهَا فَقَالَتِ اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلِ ابْنِى مِثْلَهَا. فَقَالَ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِى مِثْلَهَا. فَقَالَ أَمَّا الرَّاكِبُ ـــــــــــــــــــــــــــــ بدل السين (وعيالي يتضارعون من الجوع) بالضاد والعين المعجمتين، أي: يصيحون، ولا يستعمل إلا في الصياح عن الذلة والمسكنة (فكرهت أن أوقظها وكرهت أن أدعهما فيستكنا لشربتهما) من المسكنة والاحتياج، وفي هذا الحديث دلالة ظاهرة على أن العمل الصالح الذي لا يشوبه رياء ينفع في الدنيا والآخرة، وقد سلف الكلام بتمامه في أبواب البيع. باب كذا وقع من غير ترجمة 3466 - (بينما امرأة ترضع ابنها إذ مرّ بها راكب) هذا الحديث تقدم قريبًا والمعنى من اللفظ ظاهر، وإنما أعاده هنا إعلامًا بأن الواقعة كانت في بني إسرائيل، وكذا الحديث الذي بعدها المرأة التي سقت الكلب من الركية.

فَإِنَّهُ كَافِرٌ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ لَهَا تَزْنِى. وَتَقُولُ حَسْبِى اللَّهُ. وَيَقُولُونَ تَسْرِقُ. وَتَقُولُ حَسْبِى اللَّهُ». طرفه 1206 3467 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ تَلِيدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «بَيْنَمَا كَلْبٌ يُطِيفُ بِرَكِيَّةٍ كَادَ يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ، إِذْ رَأَتْهُ بَغِىٌّ مِنْ بَغَايَا بَنِى إِسْرَائِيلَ، فَنَزَعَتْ مُوقَهَا فَسَقَتْهُ، فَغُفِرَ لَهَا بِهِ». طرفه 3321 3468 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِى سُفْيَانَ، عَامَ حَجَّ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَتَنَاوَلَ قُصَّةً مِنْ شَعَرٍ وَكَانَتْ فِي يَدَىْ ـــــــــــــــــــــــــــــ (يموقها) تقدم قريبًا، قال ابن الأثير: الموق بضم الميم آخره قاف الخف فارسي معرَّب. 3467 - ([سعيد] بن تليد) بفتح التاء وكسر اللام (جرير بن حازم) بالحاء المهملة (يطيف بركية) يقال: طاف بالشيء وأطاف واستطاف، أي: دار حوله، والركية البئر سواء كانت مطوية أولًا، وعن الفراء: ركية قبل أن تطوى. 3468 - (عن حميد بن عبد الرحمن أنه سمع معاوية عام حج على المنبر) أي: منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم (فتناول قصه من شعر) بضم القاف وتشديد الصاد، قطعة من الشعر يصل

حَرَسِىٍّ فَقَالَ يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ، أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَنْهَى عَنْ مِثْلِ هَذِهِ، وَيَقُولُ «إِنَّمَا هَلَكَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ حِينَ اتَّخَذَهَا نِسَاؤُهُمْ». أطرافه 3488، 5932، 5938 3469 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّهُ قَدْ كَانَ فِيمَا مَضَى قَبْلَكُمْ مِنَ الأُمَمِ مُحَدَّثُونَ، وَإِنَّهُ إِنْ كَانَ فِي أُمَّتِى هَذِهِ مِنْهُمْ، فَإِنَّهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ». طرفه 3689 3470 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِى الصِّدِّيقِ النَّاجِىِّ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «كَانَ فِي بَنِى إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ إِنْسَانًا ثُمَّ خَرَجَ يَسْأَلُ، فَأَتَى رَاهِبًا فَسَأَلَهُ، فَقَالَ لَهُ هَلْ مِنْ تَوْبَةٍ قَالَ لاَ. فَقَتَلَهُ، فَجَعَلَ يَسْأَلُ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ ائْتِ قَرْيَةَ كَذَا وَكَذَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ النساء بهن شعورهن، ولذلك أنكر على علماء المدينة، وهذا الإنكار لا يدل على أن العلماء كانوا عالمين بذلك، فإن هذا أمر خفي على الناس كلهم، و (الحرس) بتشديد الياء نسبة إلى الحرس، جمع حارس، وإنما نسب إليه والقياس عدم جوازه لكونه صار بمنزلة اسم الجنس. 3469 - (كان فيما مضى قبلكم من الأمم محدثون) بفتح الدال المشددة، أي: ملهمون الصواب نوع كرامة من الله لا يخطئ ظنه كان يرويه عن غيره في قوة الاعتماد، ولذلك قيل: محدثون (إن كان في أمتي هذه فإنه عمر بن الخطاب) هذا ليس شكًّا في وجود المحدثين في أمته، فإنها خير الأمم، إلا أنه دلَّ بهذا الكلام على أنه لو وُجِد واحد لكان عمر، وفيه غاية المدح. 3470 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (عن أبي الصديق الناجي) بكسر الصاد والدال المشددة، واسمه أبو بكر، وقيل: بكر بن قيس (كان في بني إسرائيل رجل قتل تسعة وتسعين) وتمام المئة قتل الراهب الذي قال له: لا توبة لك (فقال له رجل أنت قرية كذا، فإن

فَأَدْرَكَهُ الْمَوْتُ فَنَاءَ بِصَدْرِهِ نَحْوَهَا، فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلاَئِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلاَئِكَةُ الْعَذَابِ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى هَذِهِ أَنْ تَقَرَّبِى. وَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى هَذِهِ أَنْ تَبَاعَدِى. وَقَالَ قِيسُوا مَا بَيْنَهُمَا. فَوُجِدَ إِلَى هَذِهِ أَقْرَبُ بِشِبْرٍ، فَغُفِرَ لَهُ». 3471 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلاَةَ الصُّبْحِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ «بَيْنَا رَجُلٌ يَسُوقُ بَقَرَةً إِذْ رَكِبَهَا فَضَرَبَهَا فَقَالَتْ إِنَّا لَمْ نُخْلَقْ لِهَذَا، إِنَّمَا خُلِقْنَا لِلْحَرْثِ». فَقَالَ النَّاسُ سُبْحَانَ اللَّهِ بَقَرَةٌ تَكَلَّمُ. فَقَالَ «فَإِنِّى أُومِنُ بِهَذَا أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ - وَمَا هُمَا ثَمَّ - وَبَيْنَمَا رَجُلٌ فِي غَنَمِهِ إِذْ عَدَا الذِّئْبُ فَذَهَبَ مِنْهَا بِشَاةٍ، فَطَلَبَ حَتَّى كَأَنَّهُ اسْتَنْقَذَهَا مِنْهُ، فَقَالَ لَهُ الذِّئْبُ هَذَا اسْتَنْقَذْتَهَا مِنِّى فَمَنْ لَهَا يَوْمَ السَّبُعِ، يَوْمَ لاَ رَاعِىَ لَهَا غَيْرِى». فَقَالَ النَّاسُ سُبْحَانَ اللَّهِ ذِئْبٌ يَتَكَلَّمُ. قَالَ «فَإِنِّى أُومِنُ بِهَذَا أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ». وَمَا هُمَا ثَمَّ. وَحَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِمِثْلِهِ. طرفه 2324 ـــــــــــــــــــــــــــــ فيه رجلًا يرشدك وفي الرواية الأخرى قال له هذا الرجل: "ومن يدخل بينك وبين ربك؟ " (فأدركه الموت فناء بصدره نحوها) أي: مال إلى صوب القرية التي بهذا ذلك المرشد (فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب) فإنه لم يكن تاب بل كان عازمًا على التوبة ولم يكن ذلك العزم توبة، ولذلك أمر الله أن يتقرب تلك الأرض التي بينه وبين ذلك، وفي الحديث دلالة على فضل العالم على العابد، وفيه دلالة أيضًا على أن الله إذا رضي على عبد يرضي خصماءه عنه، ومناط الأمر فيها لله تعالى. 3471 - (عن الأعرج عن أبي سلمة) وفي بعضها بدون أبي سلمة، وذلك صحيح أيضًا، فإن الأعرج يروي عن أبي هريرة بلا واسطة أيضًا (بنيا رجل يسوق بقرة إذ ركبها، فقالت: إنا لم نخلق لهذا، فقال الناس: سبحان الله بقرة تكلَّم؟ فقال: إني أؤمن بهذا أنا وأبو بكر وعمرو لم يكونا هناك) وفائدة هذا القيد أنه لكمال اعماده على إيمانهما أخبر عن حالهما مع غيبتهما (فمن لها يوم السبع يوم لا راعي لها غيري) يريد يوم القيامة، وقيل: يوم العيد، وقيل: يوم الفتن، وإيراده في هذا الباب يدل على أن هذا كان في بني إسرائيل، لكن نقل ابن الأثير في النهاية أن هذا كان في مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وتمكين الجمع.

3472 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ عَقَارًا لَهُ، فَوَجَدَ الرَّجُلُ الَّذِى اشْتَرَى الْعَقَارَ فِي عَقَارِهِ جَرَّةً فِيهَا ذَهَبٌ، فَقَالَ لَهُ الَّذِى اشْتَرَى الْعَقَارَ خُذْ ذَهَبَكَ مِنِّى، إِنَّمَا اشْتَرَيْتُ مِنْكَ الأَرْضَ، وَلَمْ أَبْتَعْ مِنْكَ الذَّهَبَ. وَقَالَ الَّذِى لَهُ الأَرْضُ إِنَّمَا بِعْتُكَ الأَرْضَ وَمَا فِيهَا، فَتَحَاكَمَا إِلَى رَجُلٍ، فَقَالَ الَّذِى تَحَاكَمَا إِلَيْهِ أَلَكُمَا وَلَدٌ قَالَ أَحَدُهُمَا لِى غُلاَمٌ. وَقَالَ الآخَرُ لِى جَارِيَةٌ. قَالَ أَنْكِحُوا الْغُلاَمَ الْجَارِيَةَ، وَأَنْفِقُوا عَلَى أَنْفُسِهِمَا مِنْهُ، وَتَصَدَّقَا». 3473 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ وَعَنْ أَبِى النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَسْأَلُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ مَاذَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي الطَّاعُونِ فَقَالَ أُسَامَةُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «الطَّاعُونُ رِجْسٌ أُرْسِلَ عَلَى طَائِفَةٍ مِنْ بَنِى ـــــــــــــــــــــــــــــ 3472 - (اشترى رجل من رجل عقارًا) هو ما عدا المنقول من الأراضي والدور من العُقُر، وهو أصل الشيء (فوجد فيها جرة فيها ذهب، فقال له الذي اشتراه: خذ ذهبك، وقال الذي له الأرض: إنما بعتك الأرض وبما فيها) دلَّ هذا على أن هذه الواقعة كانت في بني إسرائيل فتحاكما إلى رجل، فقال: ألكما ولد؟ قال أحدهما: لي غلام، وقال الآخر لي جارية، قال: أنكحوا الغلام الجارية وانفقوا على أنفسهما وتصدقا. فإن قلت: المال المدفون إن كان جاهليًّا فهو ركاز، وإن كان إسلاميًّا فهو لُقَطَة؟ قلت: هذا المال لم يكن حاله معلومًا، وكونه موجودًا في الأرض المملوكة فالظاهر أنه ملك للبائع، ولما أبى من أخذه صالح بينهما، على أن الشرائع مختلفة ربما كا هذا في شرعهم، [وفي هذا الحديث دليل على أن هذا لأنه أولى بالتورع والزهد في الدنيا فإنها خير الأمم]. 3473 - (عن أبي النضر مولى عمر) اسمه سالم الطاعون رجس أي:

إِسْرَائِيلَ أَوْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَإِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلاَ تَقْدَمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلاَ تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ». قَالَ أَبُو النَّضْرِ «لاَ يُخْرِجُكُمْ إِلاَّ فِرَارًا مِنْهُ». طرفاه 5728، 6974 3474 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِى الْفُرَاتِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الطَّاعُونِ، فَأَخْبَرَنِى «أَنَّهُ عَذَابٌ يَبْعَثُهُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ، وَأَنَّ اللَّهَ جَعَلَهُ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ، لَيْسَ مِنْ أَحَدٍ يَقَعُ الطَّاعُونُ فَيَمْكُثُ فِي بَلَدِهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا، يَعْلَمُ أَنَّهُ لاَ يُصِيبُهُ إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ، إِلاَّ كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ شَهِيدٍ». طرفاه 5734، 6619 3475 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَرْأَةِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِى سَرَقَتْ، فَقَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ عذاب كما جاء في الرواية الأخرى، وفي الأصل ما يستقذر (فإذا وقع بأرض وأنتم فيها فلا تخرجوا فيها فلا تخرجوا فرارًا). فإن قلت: هذا ظاهر، فإنه يتوكل على الله ويعلم أن ما يصيب مقدر، وأما إذا وقع بأرض فالمنع من الدخول منافٍ للتوكل؟ قلت: أراد دفع الوسوسة، فإنه لو دخل وأصاب شيء يقول له الشيطان: لو لم تدخل لم يصبك. (لا تخرجكم إلا فرارًا منه) وإلا لو عرض له باعث فلا مانع، أي: الممنوع الخروج المعلل بالفرار، فالقيد للنهي لا للمنهي. 3474 - (إلا كان له مثل أجر شهيد) من صبره وتوكله. 3475 - (أن قريشًا أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت) كان ذلك في غزوة الفتح، وهي فاطمة بنت الأسود بن عبد الأسد، قُتِل أبوها كافرًا يوم بدر، حلف أن يكسر

وَمَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلاَّ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ». ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ، ثُمَّ قَالَ «إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَايْمُ اللَّهِ، لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ ابْنَةَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا». طرفه 2648 3476 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ قَالَ سَمِعْتُ النَّزَّالَ بْنَ سَبْرَةَ الْهِلاَلِىَّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ رَجُلاً قَرَأَ، وَسَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ خِلاَفَهَا فَجِئْتُ بِهِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرْتُهُ فَعَرَفْتُ فِي وَجْهِهِ الْكَرَاهِيَةَ وَقَالَ «كِلاَكُمَا مُحْسِنٌ، وَلاَ تَخْتَلِفُوا، فَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ اخْتَلَفُوا فَهَلَكُوا». طرفه 2410 3477 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِى شَقِيقٌ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَحْكِى نَبِيًّا مِنَ الأَنْبِيَاءِ ضَرَبَهُ قَوْمُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ حوض محمد، فأقدم على ذلك فأدركه حمزة وهو يكسره فقتله، فاختلط دمه بالماء (أسامة بن زيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم) بكسر الحاء فعل بمعنى المفعول كالذبح والطحين (وأيم الله) يجوز قطع. همزته ووصلها. 3476 - (ميسرة) ضد الميمنة (النزال بن سبرة) بفتح النون وتشديد الزاء المعجمة وفتح السين وسكون الباء (لا تختلفوا) أي: في القرآن على وجه تردى إلى تكذيب بعض القرآن مما يتعلق بالقراءات. 3477 - (كأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحكي نبيًّا) أي: حالته (ضربه قومه فأدره) قال القرطبي: هذا النبي هو رسول الله صلى الله عليه وسلم أوحيَ إليه أن يخبر بذلك قبل ووقعه، ووقع ما أخبر به يوم أحد، وهذا الذي قاله لا يكاد يصح، أما أولًا فلأن البخاري أورد الحديث في وقائع بين إسرائيل، وأما ثانيًا فلأن آخر الحديث في أحد: "كيف يفلح قوم أدموا وجه بيتهم"، وهنا

فَأَدْمَوْهُ، وَهْوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ، وَيَقُولُ «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِى فَإِنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ». طرفه 6929 3478 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَبْدِ الْغَافِرِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «أَنَّ رَجُلاً كَانَ قَبْلَكُمْ رَغَسَهُ اللَّهُ مَالاً فَقَالَ لِبَنِيهِ لَمَّا حُضِرَ أَىَّ أَبٍ كُنْتُ لَكُمْ قَالُوا خَيْرَ أَبٍ. قَالَ فَإِنِّى لَمْ أَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ، فَإِذَا مُتُّ فَأَحْرِقُونِى ثُمَّ اسْحَقُونِى ثُمَّ ذَرُّونِى فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ. فَفَعَلُوا، فَجَمَعَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَقَالَ مَا حَمَلَكَ قَالَ مَخَافَتُكَ. فَتَلَقَّاهُ بِرَحْمَتِهِ». وَقَالَ مُعَاذٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَبْدِ الْغَافِرِ سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفاه 6481، 7508 3479 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ رِبْعِىِّ بْنِ حِرَاشٍ قَالَ قَالَ عُقْبَةُ لِحُذَيْفَةَ أَلاَ تُحَدِّثُنَا مَا سَمِعْتَ مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ سَمِعْتُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: (اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون)، وفي رواية الإمام أحمد أنه قال هذا الكلام لما ازدحم الأعراب عليه بالجعرانة حين أقسم غنائم حنين، وروى ابن إسحاق أن هذا النبي هو نوح، قلت: هذا الذي في الحديث يجب أن يكون في بني إسرائيل، ولا ينافي ذلك أن يقع لنوح مثله. 3478 - (أبو الوليد) هشام (أبو عوانة) بفتح العين الوضاح اليشكري (أن رجلًا قبلكم رغسه الله مالًا) بالغين المعجمة وسين مهملة، أي: أعطاه مالًا كثيرًا، ويروى: "راشه الله" من الريش والرياش، وهو المال، وشرح الحديث تقدم قريبًا (في يوم عاصف) أي: شديد الريح (فتلقاه برحمته) بالقاف ويروى: "فتلافاه" بالفاء. فإن قلت: قوله: "لم أعمل خيرًا قط" يشمل الإيمان وغيره، فكيف يغفر لمن لا إيمان له؟ قلت: أراد عمل الجوارح بشهادة سائر النصوص. 3479 - (عمير) بضم العين مصغر (ربعي بن حراش) بكسر الراء بعدها باء موحدة

يَقُولُ «إِنَّ رَجُلاً حَضَرَهُ الْمَوْتُ، لَمَّا أَيِسَ مِنَ الْحَيَاةِ، أَوْصَى أَهْلَهُ إِذَا مُتُّ فَاجْمَعُوا لِى حَطَبًا كَثِيرًا، ثُمَّ أَوْرُوا نَارًا حَتَّى إِذَا أَكَلَتْ لَحْمِى، وَخَلَصَتْ إِلَى عَظْمِى، فَخُذُوهَا فَاطْحَنُوهَا، فَذَرُّونِى فِي الْيَمِّ فِي يَوْمٍ حَارٍّ أَوْ رَاحٍ. فَجَمَعَهُ اللَّهُ، فَقَالَ لِمَ فَعَلْتَ قَالَ خَشْيَتَكَ. فَغَفَرَ لَهُ». قَالَ عُقْبَةُ وَأَنَا سَمِعْتُهُ يَقُولُ. حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ وَقَالَ «فِي يَوْمٍ رَاحٍ». طرفه 3452 3480 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «كَانَ الرَّجُلُ يُدَايِنُ النَّاسَ، فَكَانَ يَقُولُ لِفَتَاهُ إِذَا أَتَيْتَ مُعْسِرًا فَتَجَاوَزْ عَنْهُ، لَعَلَّ اللَّهُ أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا. قَالَ فَلَقِىَ اللَّهَ فَتَجَاوَزَ عَنْهُ». طرفه 2078 3481 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «كَانَ رَجُلٌ يُسْرِفُ عَلَى نَفْسِهِ، فَلَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ قَالَ لِبَنِيهِ إِذَا أَنَا مُتُّ فَأَحْرِقُونِى ثُمَّ اطْحَنُونِى ثُمَّ ذَرُّونِى فِي الرِّيحِ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ عَلَىَّ رَبِّى لَيُعَذِّبَنِّى عَذَابًا مَا عَذَّبَهُ أَحَدًا. فَلَمَّا مَاتَ فُعِلَ بِهِ ذَلِكَ، فَأَمَرَ اللَّهُ الأَرْضَ، فَقَالَ اجْمَعِى مَا فِيكِ مِنْهُ. فَفَعَلَتْ فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ، فَقَالَ مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ قَالَ يَا رَبِّ، خَشْيَتُكَ. فَغَفَرَ لَهُ». وَقَالَ غَيْرُهُ «مَخَافَتُكَ يَا رَبِّ». طرفه 7506 ـــــــــــــــــــــــــــــ وحاء مهملة وشين معجمة (يوم حار) وفي بعضها: "راح" أي: شديد الريح. 3480 - (لئن قدر قدر علي رَبجي ليعذبني عذابًا ما عذب به أحدًا) قد أشرنا أنه لم يكن شاكًّا في قدرة الله، ولكن قاله من شدة الخوف والحيرة. 3481 - (جويرية) بضم الجيم مصغر (عذبت امرأة في هرة) أي: لأجل هرة (ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض) بالحركات الثلاث في الخاء المعجمة، حشرات الأرض.

3482 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ سَجَنَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ، فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ، لاَ هِىَ أَطْعَمَتْهَا وَلاَ سَقَتْهَا إِذْ حَبَسَتْهَا، وَلاَ هِىَ تَرَكَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ». طرفه 2365 3483 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ عَنْ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ عَنْ رِبْعِىِّ بْنِ حِرَاشٍ حَدَّثَنَا أَبُو مَسْعُودٍ عُقْبَةُ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلاَمِ النُّبُوَّةِ، إِذَا لَمْ تَسْتَحِى فَافْعَلْ مَا شِئْتَ». طرفاه 3484، 6120 3484 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ قَالَ سَمِعْتُ رِبْعِىَّ بْنَ حِرَاشٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلاَمِ النُّبُوَّةِ إِذَا لَمْ تَسْتَحِى فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ». طرفه 3483 3485 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى سَالِمٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَجُرُّ إِزَارَهُ مِنَ الْخُيَلاَءِ ـــــــــــــــــــــــــــــ 3484 - (إن فما أدرك الناس) برفع الناس (من كلام النبوة الأولى) من الأولى تبعيضية والثانية ابتدائية أو بيانية (إذا لم تستحي فاصنع ما شئت) أن تصنع الإنشاء في معنى الإخبار، كما في قول أبي الدرداء: وجدت الناس أخبر بقتله، ومعنى الحديث أن المانع من القبائح هو الحياء، فإذا فُقِد الحياء يفعل الإنسان ما أراد، وقيل: الأمر للتهديد، وليس بقوي، وفي الحديث دلالة على فضيلة الحياء، وأنها مجموعة على لسان الأنبياء كلهم، وتحقيق معناها سلف في أبواب الإيمان في باب الحياء من الإيمان. 3485 - (بشر بن محمد) بكسر الباء وشين معجمة (بينما رجل يجر إزاره من الخيلاء) بضم الخاء والمد مصدر خال، أي: تكبَّر من الخيال؛ لأن التكبُّر من الإنسان لا حقيقة له؛

خُسِفَ بِهِ، فَهْوَ يَتَجَلْجَلُ فِي الأَرْضِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ». تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ. طرفه 5790 3486 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، بَيْدَ كُلُّ أُمَّةٍ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا وَأُوتِينَا مِنْ بَعْدِهِمْ، فَهَذَا الْيَوْمُ الَّذِى اخْتَلَفُوا، فَغَدًا لِلْيَهُودِ وَبَعْدَ غَدٍ لِلنَّصَارَى». طرفه 238 3487 - «عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِي كُلِّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ يَوْمٌ يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَجَسَدَهُ». طرفه 897 3488 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ قَدِمَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِى سُفْيَانَ الْمَدِينَةَ آخِرَ قَدْمَةٍ قَدِمَهَا، فَخَطَبَنَا فَأَخْرَجَ كُبَّةً مِنْ شَعَرٍ فَقَالَ مَا كُنْتُ أُرَى أَنَّ أَحَدًا يَفْعَلُ هَذَا غَيْرَ الْيَهُودِ، وَإِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - سَمَّاهُ الزُّورَ - يَعْنِى الْوِصَالَ فِي الشَّعَرِ. تَابَعَهُ غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ. طرفه 3468 ـــــــــــــــــــــــــــــ لأن الكبرياء رداء الله (خسف به وهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة) قال ابن الأثير: التجليل: التحرك مع الصوت، قال: ويروى بالخاء المعجمة، من قولهم: تخلخل إذا دخل في خلال الشيء وأعماقه، وقال القاضي: رويناه في غير الصحيحين بالحاء المهملة. 3486 - (وهيب) بضم الواو مصغر (نحن الآخرون السابقون) أي: الآخرون زمانًا والسابقون حسابًا، وفي دخول الجنة، سبق الحديث بشرحه في كتاب الجمعة (بيد كل أمة أوتوا الكتاب من قبلنا) بيد بفتح الباء وسكون الياء، أي: غير، أو لكن، أو إلا والثلاثة متقاربة. 3488 - (عمرو بن مرة) بضم الميم وتشديد الراء (أخر قدمه) بفتح القاف (كبة من الشعر) بضم الكاف وتشديد الباء، يطلق على كل جماعة (ما كنت أُرَى) بضم الهمزة، أي: أظن (أن النبي صلى الله عليه وسلم سماه الزور) يعني: الوصال في الشعر، هذا تشبيه بليغ؛ لأن الزور من صفات القول.

61 - كتاب المناقب

61 - كتاب المناقب 1 - باب قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) وَقَوْلُهُ (وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِى تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا). وَمَا يُنْهَى عَنْ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ. الشُّعُوبُ النَّسَبُ الْبَعِيدُ، وَالْقَبَائِلُ دُونَ ذَلِكَ. 3489 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ الْكَاهِلِىُّ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَنْ أَبِى حَصِينٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسِ رضى الله عنهما. (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ) قَالَ الشُّعُوبُ الْقَبَائِلُ الْعِظَامُ، وَالْقَبَائِلُ الْبُطُونُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ [كتاب المناقب] باب قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ} المناقب جمع منقبة، قال الجوهري: هو ضد المَثْلَبَة، قال البخاري: (الشعوب: النسب البعيد) لأنه جمع شعب، وهو الأعلى في النسب، ودونه القبيلة، ودون القبيلة البطن، ودون البطن العمارة، ودون العمارة الفخد، ودون الفخد الفصيلة، مثاله خزيمة بن مدركة شعب، وكنانة قبيلة، وقريش بطن، وقصيّ عمارة، وهاشم فخد، وعباس فصيلة، وزاد بعضهم قبل الشعب الجذم -بالجيم وذال معجمة- وبعد الفصيلة العشيرة، وبعد العشيرة الأسرة (وما ينهى من دعوى الجاهلية) هذا أيضًا من تتمة الترجمة. 3489 - (خالد بن يزيد الكاهلي) نسبه إلى كاهلة، قبيلة من أسد أولاد كاهل بن أسد بن خزيمة (أبو بكر) هو ابن عياش الراوي قراءة عاصم (عن أبي حصين) بفتح الحاء وكسر الصاد، عثمان بن عاصم.

3490 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ أَبِى سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَكْرَمُ النَّاسِ قَالَ «أَتْقَاهُمْ». قَالُوا لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ. قَالَ «فَيُوسُفُ نَبِىُّ اللَّهِ». طرفه 3353 3491 - حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا كُلَيْبُ بْنُ وَائِلٍ قَالَ حَدَّثَتْنِى رَبِيبَةُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - زَيْنَبُ ابْنَةُ أَبِى سَلَمَةَ قَالَ قُلْتُ لَهَا أَرَأَيْتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَكَانَ مِنْ مُضَرَ قَالَتْ فَمِمَّنْ كَانَ إِلاَّ مِنْ مُضَرَ مِنْ بَنِى النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ. طرفه 3492 3492 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا كُلَيْبٌ حَدَّثَتْنِى رَبِيبَةُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَظُنُّهَا زَيْنَبَ قَالَتْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالْمُقَيَّرِ وَالْمُزَفَّتِ. وَقُلْتُ لَهَا أَخْبِرِينِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِمَّنْ كَانَ مِنْ مُضَرَ كَانَ قَالَتْ فَمِمَّنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ 3490 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (قيل يا رسول الله: من أكرم الناس؟ قال: أتقاهم) سلف الحديث في قصة إبراهيم وبعده. 3491 - (كليب) بضم الكاف مصغر (ابن أبي وائل)، (أرأيتِ النبي صلى الله عليه وسلم كان من مضر؟) هو ابن نزار، بن معد، بن عدنان، ويقال له: مضر الحمراء؛ لأن نزار ولد ربيعة ومضر وترك بعد موته من المال الخيل والذهب، فأخذ مضر الذهب وربيعة الخيل، فقيل لهذا مضر الحمراء، ولذلك ربيعة الفرس (قال فمن أي): إن لم يكن من مضر فمن أيِّ طائفة يكون؟ والظاهر أنه وقع هذا الالتباس من قول أبي سفيان وعباس، فإنهما كانا تاجرين، فإذا سافرا يقولان: نحن أولاد آكل المرار، يرايدان بذلك الانتساب التقرُّب عند أقبال اليمن وحمير، أشار إلى هذا ابن هشام في السِّيَر، قال: لما قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفدهم قالوا: يا رسول الله نحن وإياك أولاد آكل المرار، قال: "قولوا لأبي سفيان وعباس، ونحن من مضر من بني النضر بن كنانة" أي: من قريش، فإن قريشًا أولاد النضر، هذا هو المعروف، وقال شخينا: هم أولاد فهر، وما فوق فهو ليس بقريش. 3492 - (نهى رسول الله عن الدباء) القرع (والحنتم) الجرة الخضراء (والمزفت)

كَانَ إِلاَّ مِنْ مُضَرَ، كَانَ مِنْ وَلَدِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ. طرفه 3491 3493 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ عُمَارَةَ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «تَجِدُونَ النَّاسَ مَعَادِنَ، خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الإِسْلاَمِ إِذَا فَقِهُوا، وَتَجِدُونَ خَيْرَ النَّاسِ فِي هَذَا الشَّأْنِ أَشَدَّهُمْ لَهُ كَرَاهِيَةً». طرفاه 3496، 3588 3494 - «وَتَجِدُونَ شَرَّ النَّاسِ ذَا الْوَجْهَيْنِ، الَّذِى يَأْتِى هَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ، وَيَأْتِى هَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ». طرفاه 6058، 7179 3495 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «النَّاسُ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ فِي هَذَا الشَّأْنِ، مُسْلِمُهُمْ تَبَعٌ لِمُسْلِمِهِمْ، وَكَافِرُهُمْ تَبَعٌ لِكَافِرِهِمْ». ـــــــــــــــــــــــــــــ المطلي بالزفت، سلف الحديث في أبواب الإيمان، وأشرنا إلى أنه منسوخ، وبينا هنا الحكمة في النهي. 3493 - (عمارة) بضم العين وتخفيف الميم (عن أبي زرعة) بضم الراء، واسمه هرم (الناس معادن) أي: يتفاوتون في الشرف بحسب النسب، كالمعادن بعضها ذهب، وبعضها نحاس (إذا فقهوا) بهذا القيد، وإلا فالحبشي العالم خير من القرشي الجاهل (وتجدون خير الناس أشدهم لهذا الشأن كراهية) أي: الإمارة، حتى يقع فيه غاية الخيرية أو الكراهية، فإنه إذا ذاق طعم الرياسة تزول تلك الكراهية، وقيل: معناه أنه كان يخاف أن لا يقوم بحقها، فلما ولي من غير رغبة وفقه الله للقيام به، وقيل: معناه أنه إذا وقع فيه فلا يجوز له أن يكره. 3494 - (وتجدون شر الناس ذا الوجهين الذي يأتي هولاء بوجهه وهولاء بوجهه) المراد بالوجه الصفة والحال، وإنما كان شرًّا لأنه يشبه المنافق، ولأنه يوقع الفتنة بين المؤمنين، والفتنة أشد وأكبر من القتل. 3495 - (الناس تبع لقريش في هذا الشأن) أي: في الإمارة مسلمهم تبع لمسلمهم وكافرهم تبع لكافرهم.

3496 - «وَالنَّاسُ مَعَادِنُ، خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الإِسْلاَمِ إِذَا فَقِهُوا، تَجِدُونَ مِنْ خَيْرِ النَّاسِ أَشَدَّ النَّاسِ كَرَاهِيَةً لِهَذَا الشَّأْنِ حَتَّى يَقَعَ فِيهِ». 3497 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ حَدَّثَنِى عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - (إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) قَالَ فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قُرْبَى مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -. فَقَالَ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَكُنْ بَطْنٌ مِنْ قُرَيْشٍ إِلاَّ وَلَهُ فِيهِ قَرَابَةٌ، فَنَزَلَتْ عَلَيْهِ إِلاَّ أَنْ تَصِلُوا قَرَابَةً بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ. طرفه 4818 3498 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مِنْ هَا هُنَا جَاءَتِ الْفِتَنُ نَحْوَ الْمَشْرِقِ، وَالْجَفَاءُ وَغِلَظُ الْقُلُوبِ فِي الْفَدَّادِينَ أَهْلِ الْوَبَرِ عِنْدَ أُصُولِ أَذْنَابِ الإِبِلِ، وَالْبَقَرِ فِي رَبِيعَةَ وَمُضَرَ». ـــــــــــــــــــــــــــــ 3497 - فإن قلت: تقدم قريش في الإسلام ظاهر لقوله: "الأئمة من قريش" فما وجه تقدمهم في الكفر؟ قلت: كانوا سَدَنَه البيت، وجار بيت الله، لم ينازعهم في ذلك أحد. (عن ابن عباس: {إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} أي: في تفسير هذه (لم يكن بطن من قريش إلا وله فيه قرابة) فمعنى قوله: {لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}: (إلا أن تصلوا قرابة بيني وبينكم) وهذا خلاف ما اشتهر من أن المراد مودة العترة الظاهرة وهذا الذي قاله ابن عباس هو الظاهرة؛ لأن سورة الشورى مكية من أوائل القرآن نزولًا. 3498 - (عن ابن مسعود) البدري، اسمه عقبة (الفتنة نحو المشرق) نصب بتقدير: أعني، والقول بأنه بيان أو بدل من هاهنا؟؟ وذلك أن محل هاهنا جر (والجفاء وغلظ القلوب من الفدادين) من الفديد، وهو الصوت العالي، هذا إن قرئ مشددًا، وإن قرئ مخففًا فهي البقر الني يُحْرَث عليها، مفردة فدَّان بالتشديد قاله ابن الأثير (في ربيعة ومضر) بدل من الفدادين (عند أصول أذناب الإبل) حال من المستكن في الفدادين. فإن قلت: البدل موضوع وهذه الأشياء مثال؟ قلت: روى الحديث مختصرًا، وتمامه:

2 - باب مناقب قريش

3499 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «الْفَخْرُ وَالْخُيَلاَءُ فِي الْفَدَّادِينَ أَهْلِ الْوَبَرِ، وَالسَّكِينَةُ فِي أَهْلِ الْغَنَمِ، وَالإِيمَانُ يَمَانٍ، وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ». سُمِّيَتِ الْيَمَنَ لأَنَّهَا عَنْ يَمِينِ الْكَعْبَةِ، وَالشَّأْمَ عَنْ يَسَارِ الْكَعْبَةِ، وَالْمَشْأَمَةُ الْمَيْسَرَةُ، وَالْيَدُ الْيُسْرَى الشُّؤْمَى، وَالْجَانِبُ الأَيْسَرُ الأَشْأَمُ. طرفه 3301 2 - باب مَنَاقِبِ قُرَيْشٍ 3500 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ يُحَدِّثُ أَنَّهُ بَلَغَ مُعَاوِيَةَ وَهْوَ عِنْدَهُ فِي وَفْدٍ مِنْ قُرَيْشٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَيَكُونُ مَلِكٌ مِنْ قَحْطَانَ، فَغَضِبَ مُعَاوِيَةُ، فَقَامَ فَأَثْنَى ـــــــــــــــــــــــــــــ "السكينة والوقار في أهل الغنم". 3499 - (والإيمان يمان والحكمة يمانية) قيل: لأن مكة من بلاد اليمن، وقيل: لأن الأنصار من اليمن، وهم الذين تبوؤا الدار والإيمان، وقد استوفينا الكلام على هذا في أبواب الإيمان، والحكمة ترد لمعان، والمراد بها حيث وقعت في مقابلة الإيمان علم شرائع الإسلام. باب مناقب قريش قال ابن عباس: قريش دابة تسكن البحر تأكل دواب البحر، وأنشد في ذلك: وقريش تسكن البحـ ... ــــر بها سميت قريش قريشًا أي: يحكمون على سائر الناس، وقيل القريش الكسب والجمع، فإن لهم رحلة الشتاء والصيف. 3500 - (جبير بن مطعم) بضم الميم وكسر العين (سيكون ملك من قحطان) هو أبو

عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ بَلَغَنِى أَنَّ رِجَالاً مِنْكُمْ يَتَحَدَّثُونَ أَحَادِيثَ لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ، وَلاَ تُؤْثَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَأُولَئِكَ جُهَّالُكُمْ، فَإِيَّاكُمْ وَالأَمَانِىَّ الَّتِى تُضِلُّ أَهْلَهَا، فَإِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّ هَذَا الأَمْرَ فِي قُرَيْشٍ، لاَ يُعَادِيهِمْ أَحَدٌ إِلاَّ كَبَّهُ اللَّهُ عَلَى وَجْهِهِ، مَا أَقَامُوا الدِّينَ». طرفه 7139 3501 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لا يَزَالُ هَذَا الأَمْرُ فِي قُرَيْشٍ، مَا بَقِىَ مِنْهُمُ اثْنَانِ». طرفه 7140 3502 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ مَشَيْتُ أَنَا وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْطَيْتَ بَنِى الْمُطَّلِبِ ـــــــــــــــــــــــــــــ العرب ابن عامر بن شاملخ بن أرفخشد بن سام بن نوح (ولا تؤثَر عن رسول الله) أي: ينقل، يقال: أثرت الحديث، نقلتته (إن هذا الأمر في قريش) أي: الإمارة (لا يعاديهم أحد إلا كبه الله على وجهه) أي: في النار، يقال: كبته فأكبَّ، وعدُّوه من النوادر، فإن قاعدة اللغة أن يكون الثلاثي مطاوعًا للمزيد، وهذا بالعكس، وردَّه صاحب الكشاف بان أكبَّ ليس مطاوعًا للكبِّ مطاوعَة انكبَّ، وأما أكبَّ فهمزته للصيرورة كأغَّد البعير، وأعلم أن إنكار معاوية على عبد الله بن عمرو لعدم اطلاعه على الحديث الذي رواه البخاري: "لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من قحطان يسوق النسا بعصاه"، وأيضًا الحديث الذي رواه معاوية مقيد بإقامة الدين. 3501 - (لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان). فإن قلت: كيف وجهه؟ قلت: ظاهر الخلافة فيهم إلى يوم القيامة، وهذا الخليفة العباس في مصر هو الذي يولِّي السلطانة. 3502 - (بكير) بضم الباء مصغر، وكذا (عقيل)، (عن جبير بن مطعم قال: مشيت أنا وعثمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال) أي: عثمان (يا رسول الله أعطيت بني المطلب) أي: الخمس

وَتَرَكْتَنَا، وَإِنَّمَا نَحْنُ وَهُمْ مِنْكَ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّمَا بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ شَىْءٌ وَاحِدٌ». طرفه 3140 3503 - وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى أَبُو الأَسْوَدِ مُحَمَّدٌ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ ذَهَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ مَعَ أُنَاسٍ مِنْ بَنِى زُهْرَةَ إِلَى عَائِشَةَ، وَكَانَتْ أَرَقَّ شَىْءٍ لِقَرَابَتِهِمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفاه 3505، 6073 3504 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَعْدٍ ح قَالَ يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ أَبِيهِ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ هُرْمُزَ الأَعْرَجُ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «قُرَيْشٌ وَالأَنْصَارُ وَجُهَيْنَةُ وَمُزَيْنَةُ وَأَسْلَمُ وَأَشْجَعُ وَغِفَارُ مَوَالِىَّ لَيْسَ لَهُمْ مَوْلًى، دُونَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ». طرفه 3512 3505 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو الأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ أَحَبَّ الْبَشَرِ إِلَى عَائِشَةَ بَعْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبِى بَكْرٍ، وَكَانَ أَبَرَّ النَّاسِ بِهَا، وَكَانَتْ لاَ تُمْسِكُ شَيْئًا مِمَّا جَاءَهَا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ {إِلاَّ} تَصَدَّقَتْ. فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَنْبَغِى أَنْ يُؤْخَذَ عَلَى يَدَيْهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ (وتركتنا وإنما نحن وهم منك بمنزلة واحدة) وذلك أن عبد الشمس وعثمان منهم، ونوفل ومطعم منهم أبناء عبد مناف، وكذا هاشم والمطلب، وهذا الحديث سبق في أبواب الخمس، وأشرنا إلى أن عدم مفارقة بين المطلب في الجاهلية بني هاشم حين دخلوا معهم الشعب، لما كتب سائر قريش الصحيفة الملعونة أن لا يناكحوهم ولا يساكنوهم حتى يدفعوا إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم. 3503 - (ذهب عبد الله بن الزبير مع إياس من بني زهرة إلى عائشة وكانت أرق شيء عليهم) أي: أرحم وأبر (لقرابتهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم) وذلك أن بني زهرة أخوال رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن آمنة أمة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة، وذهاب عبد الله إليها معه فسَّره الحديث بعده، وذلك أن عائشة كانت تتصدق بكل شيء يقع. في يدها ادخارًا للدار الآخرة. 3505 - (فقال ابن الزبير: ينبغي أن يوخذ على يديها) كناية عن الحجر عليها للسنة،

3 - باب نزل القرآن بلسان قريش

فَقَالَتْ أَيُؤْخَذُ عَلَى يَدَىَّ عَلَىَّ نَذْرٌ إِنْ كَلَّمْتُهُ. فَاسْتَشْفَعَ إِلَيْهَا بِرِجَالٍ مِنْ قُرَيْشٍ، وَبِأَخْوَالِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَاصَّةً فَامْتَنَعَتْ، فَقَالَ لَهُ الزُّهْرِيُّونَ أَخْوَالُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ وَالْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ إِذَا اسْتَأْذَنَّا فَاقْتَحِمِ الْحِجَابَ. فَفَعَلَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا بِعَشْرِ رِقَابٍ، فَأَعْتَقَتْهُمْ، ثُمَّ لَمْ تَزَلْ تُعْتِقُهُمْ حَتَّى بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ. فَقَالَتْ وَدِدْتُ أَنِّى جَعَلْتُ حِينَ حَلَفْتُ عَمَلاً أَعْمَلُهُ فَأَفْرُغَ مِنْهُ. طرفه 3503 3 - باب نَزَلَ الْقُرْآنُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ 3506 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ عُثْمَانَ دَعَا زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ فَنَسَخُوهَا فِي الْمَصَاحِفِ، وَقَالَ عُثْمَانُ لِلرَّهْطِ الْقُرَشِيِّينَ الثَّلاَثَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ فغضب من ذلك غضبًا شديدًا (فقال عليَّ نذرٌ إن كلمته .. فأرسل إليها ابن الزبير بعشر رقاب) لكفارة نزرها (ثم لم تزل تعتقهم) أي: الرقاب (حتى بلغت أربعين، وقالت: وددت أني جعلت حين خلفت عملًا أعمله، فأفرغ منه). فإن قلت: كفارة اليمين عتق رقبة فلم هذه المبالغة؟ قلت: كانت أطلقت النذر ولم تقده بعتق، أو صوم، كانت تخاف أن لا تكفر عن مطلق النذر ما فعلته. باب نزل القرآن بلغة قريش 3506 - (أبو نعيم) بضم النون، و (قال يعقوب بن إبراهيم) عطف على: حدثنا أبو نعيم، اتفقنا في رواية هذا الحديث عن الأعرج، فإن سعد برويةُ عن الأعرج، ويعقوب عن أبيه عن جده عن الأعرج (قريش، والأنصار، وجهينة، ومزينة، وأشجع، وأسلم، وغفار موالي ليس لهم مولى دون الله ورسوله) قال ابن الأثير: المولى يطلق على الربِّ، والمالك، والسَّيد، والمعتق، والمنعم، والناصر، والمحب، والتابع، وابن العلم، والجار، والحليف، قلت: الذي يلائم هذا المقام في الأول الناصر، والمحب، والتابع، وفي الثاني الناصر والسيد والأول يروى بتشديد الياء وتخفيفها مثل يمان.

4 - باب نسبة اليمن إلى إسماعيل

إِذَا اخْتَلَفْتُمْ أَنْتُمْ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي شَىْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ، فَاكْتُبُوهُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ، فَإِنَّمَا نَزَلَ بِلِسَانِهِمْ. فَفَعَلُوا ذَلِكَ. طرفاه 4984، 4987 4 - باب نِسْبَةِ الْيَمَنِ إِلَى إِسْمَاعِيلَ مِنْهُمْ أَسْلَمُ بْنُ أَفْصَى بْنِ حَارِثَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ مِنْ خُزَاعَةَ. 3507 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ - رضى الله عنه - قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَسْلَمَ، يَتَنَاضَلُونَ بِالسُّوقِ، فَقَالَ «ارْمُوا بَنِى إِسْمَاعِيلَ، فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا، وَأَنَا مَعَ بَنِى فُلاَنٍ». لأَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ، فَأَمْسَكُوا بِأَيْدِيهِمْ فَقَالَ «مَا لَهُمْ». قَالُوا وَكَيْفَ نَرْمِى وَأَنْتَ مَعَ بَنِى فُلاَنٍ. قَالَ «ارْمُوا وَأَنَا مَعَكُمْ كُلِّكُمْ». طرفه 2899 ـــــــــــــــــــــــــــــ (إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن) أي: في صورة الكتابة، فإن زيدًا كان من الأنصار، قيل: اختلفوا في لفظ التابوت، هل يكتب بالياء أو الهاء؟ فكتبوه بالياء؛ لأنه لغة قريش (فاكتبوه بلسان قريش فإنما نزل بلسانهم). فإن قلت: كيف يصحُّ هذا الحصر مع أن القرآن المتواتر كلها ليس لغة قريش؟ قلت: أول ما نزل بلغته، ثم لما سئل رسول الله أن ييسر على أمته، فأذن الله في سبع لغات، كأسد، وقيس كذا قاله الجعبري. باب نسبة اليمن إلى إسماعيل (منهم أسلم بن أفصى) بالفاء وصاد مهملة (ابن ارثة بن عمرو بن عامر بن خزاعة) قال الجوهري: طائفة من الأزد، ولما تفرقت أهل سبأ تخلفت عنهم هذه الطائفة بمكة، فسميت خزاعة من تخزع إذا تخلَّف، قال الشاعر: فلما هبطا بطن مَرٍّ تخزَّعت ... خزاعة عنا بالجموع الكراكر 3507 - (خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على قوم من أسلم يتناضلون) أي يتغالبون في رمي السهام، وقد سلف هذا الحديث في باب قوله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ}، وأشرنا إلى أن معنى قوله: "ارموا وأنا معكم ككلكم"، أي: بالهمَّة، وفائدته أن يكونوا سواء لا يغلب أحد الفريقين.

5 - باب

5 - بابٌ 3508 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنِ الْحُسَيْنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ قَالَ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ أَنَّ أَبَا الأَسْوَدِ الدِّيلِىَّ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِى ذَرٍّ - رضى الله عنه - أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ ادَّعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ وَهْوَ يَعْلَمُهُ إِلاَّ كَفَرَ، وَمَنِ ادَّعَى قَوْمًا لَيْسَ لَهُ فِيهِمْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ». طرفه 6045 3509 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنَا حَرِيزٌ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّصْرِىُّ قَالَ سَمِعْتُ وَاثِلَةَ بْنَ الأَسْقَعِ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْفِرَى أَنْ يَدَّعِىَ الرَّجُلُ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ، أَوْ يُرِىَ عَيْنَهُ مَا لَمْ تَرَ، أَوْ يَقُولُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا لَمْ يَقُلْ». ـــــــــــــــــــــــــــــ 3508 - (أبو معمر) هو عبد الله بن عمرو المقعد (بريدة) بضم الباء، مصغر بردة (يحيى بن يعمر) بفتح الياء والميم وقد يضم الميم (أن أبا الأسود الدؤلي) بفتح الهمزة، قال الجوهري: نسبة إلى دُئل بضم الدال وكسر الهمزة، إلا أنهم فتحوا الهمزة تخفيفًا، ربما قالوا الدولي بالواو، ويقال فيه الديلي بكسر الدال والياء، وأبو الأسود هو ظالم بن عمرو، نسب إلى جده الديلي بن بكر الكناني (ليس من رجل ادعى إلى غير أبيه) أي: انتسب إليه (وهو يعلمه إلا كفر) إن اعتقد جواز ذلك، أو كفر بنعمة الله، أو ذلك الفعل من أخلاق الكفار كما تقدم مثله في المنافق (فليتبوأ مقعده من النار) من بوأت المزل هيأته، وأصل الكلام أن يقول: فقد تبوأ، وإنما عدل إلي صيغة الأمر مبالغة في استحقاقه ذلك، كأنه مأسور به ملزم. 3509 - (عياش) بالياء المثناة المشددة وشين معجمة (حريز) بالحاء المهملة آخره زاء معجمة (النصري) بالصاد المهملة، قال الجوهري: نصر أبو قبيلة من أسد هو نصر بن قعين [بالغين المعجمة] على وزن كريم (إن من أعظم الفرى) وفي رواية: "إن من أخرى القرى" جمع فرية بكسر الفاء، وهي الكذب عمدًا، من الفري وهو القطع؛ لأنه يقطعه من عند نفسه (أو يُرِي عينه فلم تَر) بضم الياء في الأول من الإراءة.

3510 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَبِى جَمْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - يَقُولُ قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا مِنْ هَذَا الْحَىِّ مِنْ رَبِيعَةَ قَدْ حَالَتْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ كُفَّارُ مُضَرَ، فَلَسْنَا نَخْلُصُ إِلَيْكَ إِلاَّ فِي كُلِّ شَهْرٍ حَرَامٍ، فَلَوْ أَمَرْتَنَا بِأَمْرٍ، نَأْخُذُهُ عَنْكَ، وَنُبَلِّغُهُ مَنْ وَرَاءَنَا. قَالَ «آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ، وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ، الإِيمَانِ بِاللَّهِ شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَأَنْ تُؤَدُّوا إِلَى اللَّهِ خُمْسَ مَا غَنِمْتُمْ، وَأَنْهَاكُمْ عَنِ الدُّبَّاءِ، وَالْحَنْتَمِ، وَالنَّقِيرِ، وَالْمُزَفَّتِ». طرفه 53 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: كونه الكذب على النبي -صلى الله عليه وسلم- من أعظم الفِرى ظاهر؛ لأنه يصير شرعًا متبعًا وأما أن الإنسان يقول: رأيت في المنام كذا، ويكون كاذبًا فما وجه كونه من أعظم الفِرى، واندراجه مع الكذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قلت: أجاب بعضهم بأن الرؤيا جزء من النبوة، فمن زعم أنه رأى شيئًا لم يره فقد ادَّعى أنه أعطى جزءًا من النبوة، وهذا افتراء على الله تعالى، والافتراء عليه تعالى أعظم من الافتراء على النبي -صلى الله عليه وسلم- وهذا ليس بشيء؛ لأن الرؤيا الصادقة هي جزء من النبوة كما سبق لا مطلق الرؤيا، بل الجواب أن خلق الرؤيا في قلب النائم فعل الله تعالى، فإذا أخبر بما لم يره فقد افترى على الله، ومن أظلم ممن افترى على الله كذبًا. فإن قلت: فأيُّ فرق في الكذب على الله بين اليقظة والمنام؟ قلت: الفرق أن حالة النوم ليس للرأي إحساس وكسب، بل بمحض خلق الله، فهو في ذلك يدعى الاتصال بعالم الملكوت وحلول الفيض عليه، ولا شك أن الجناية في ذلك أعظم. 3510 - (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم (عن أبي جمرة) بالجيم نصر بن عمران (قدم وفد عبد القيس) جمع وافد، من يَرِدُ على الملوك لهم عام، وعبد القيس قبيلة من قيس عيلان، والحديث سلف في باب أداء الخمس من كتاب الإيمان (عن الدباء) هو القرع (والختم) الجرة الخضراء (والمزفت) المطلي بالزفت.

6 - باب ذكر أسلم وغفار ومزينة وجهينة وأشجع

3511 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ وَهْوَ عَلَى الْمِنْبَرِ «أَلاَ إِنَّ الْفِتْنَةَ هَا هُنَا - يُشِيرُ إِلَى الْمَشْرِقِ - مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ». طرفه 3104 6 - باب ذِكْرِ أَسْلَمَ وَغِفَارَ وَمُزَيْنَةَ وَجُهَيْنَةَ وَأَشْجَعَ 3512 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَعْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «قُرَيْشٌ وَالأَنْصَارُ وَجُهَيْنَةُ وَمُزَيْنَةُ وَأَسْلَمُ وَغِفَارُ وَأَشْجَعُ مَوَالِىَّ، لَيْسَ لَهُمْ مَوْلًى دُونَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ». طرفه 3504 3513 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ غُرَيْرٍ الزُّهْرِىُّ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحٍ حَدَّثَنَا نَافِعٌ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ عَلَى الْمِنْبَرِ «غِفَارُ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا، وَأَسْلَمُ سَالَمَهَا اللَّهُ، وَعُصَيَّةُ عَصَتِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ». ـــــــــــــــــــــــــــــ 3511 - (ألا أن الفتنة هاهنا) يشير إلى المشرق (من حيث يطلع قرن الشيطان) قد سلف مرارًا أن طلوع قرن الشيطان مجاز عن كثرة الفتن والشرور، وكثرة أعوان الشيطان، وإن جار حمله على الحقيقة. باب ذكر أسلم وغفار ومزينة وجهينة وأشجع هؤلاء قبائل من الأعراب. 3512 - أسلم على وزن الماضي، قبيلة من خزاعة، وغفار بكسر الغين المعجمة، ورهط أي: ذر، بطن من كنانة، ومزينة بضم الميم على وزن المصغر، قبيلة من مضر أولاد مزينة بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر، وكذا جهينة بضم الجيم مصغر أولاد جهينيّة بن زيد بن ليث بن سود بن أسلم بن إلحاف بن قضاعة بن مسعد بن عدنان، وأشجع أيضًا قبيلة من غطفان. 3513 - (محمد بن غرير) بضم المعجمة وتكرير المهملة مصغر (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال على المنبر: غفار غفر الله لها، وأسلم سالمها الله) راعى في الدعاء ألفاظ أن تاسب من دعا

3514 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِىُّ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَسْلَمُ سَالَمَهَا اللَّهُ، وَغِفَارُ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا». 3515 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ. حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِىٍّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ جُهَيْنَةُ وَمُزَيْنَةُ وَأَسْلَمُ وَغِفَارُ خَيْرًا مِنْ بَنِى تَمِيمٍ وَبَنِى أَسَدٍ، وَمِنْ بَنِى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَطَفَانَ وَمِنْ بَنِى عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ». فَقَالَ رَجُلٌ خَابُوا وَخَسِرُوا. فَقَالَ «هُمْ خَيْرٌ مِنْ بَنِى تَمِيمٍ وَمِنْ بَنِى أَسَدٍ، وَمِنْ بَنِى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَطَفَانَ، وَمِنْ بَنِى عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ». طرفاه 3516، 6635 3516 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى يَعْقُوبَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِى بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ الأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ قَالَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّمَا بَايَعَكَ سُرَّاقُ الْحَجِيجِ مِنْ أَسْلَمَ وَغِفَارَ وَمُزَيْنَةَ - وَأَحْسِبُهُ وَجُهَيْنَةَ ابْنُ أَبِى يَعْقُوبَ شَكَّ - قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ أَسْلَمُ وَغِفَارُ وَمُزَيْنَةُ - وَأَحْسِبُهُ - ـــــــــــــــــــــــــــــ له، وقيل: إنما خصَّ غفار بالمغفرة؛ لأنهم كانوا سُرَّاق الحاج، وفيه بعد؛ لأن الإسلام قد جَبَّ ما قبله (وعصية) بلفظ المصغر بطن من سليم، هم الذين قتلوا القراء ببئر معونة. 3514 - (محمد) كذا وقع غير منسووب قال الغساني: هو ابن سلام، ويجوز أن يكون ابن المثنى وابن بشار، فإن كل واحد من هؤلاء يروي عن عبد الوهاب. 3515 - (قبيعة) بفتح القاف وكسر الموحدة (ابن مهدي) هو محمد بن إبراهيم (عمير) بضم العين مصغر (غطفان) بالغين المعجمة وثلاث فتحات (صعصعة) بصاد وعين مهملة. 3516 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (أن الأقرع بن حابس) من رؤساء بني تميم ومن المُؤَلَّفَة (إنما بايعك) بالباء الموحدة، وفي بعضها بالمثناة فوق من المتابعة (سُرَّاق الحجيج من أسلم وغفار) لما كان عند العرب تميم أفخر نسبًا من تلك القبائل، ظن الأقرع

7 - باب ذكر قحطان

وَجُهَيْنَةُ خَيْرًا مِنْ بَنِى تَمِيمٍ وَبَنِى عَامِرٍ وَأَسَدٍ وَغَطَفَانَ، خَابُوا وَخَسِرُوا». قَالَ نَعَمْ. قَالَ «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ، إِنَّهُمْ لَخَيْرٌ مِنْهُمْ». طرفه 3515 3517 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ: " أَسْلَمُ، وَغِفَارُ، وَشَيْءٌ مِنْ مُزَيْنَةَ، وَجُهَيْنَةَ، - أَوْ قَالَ: شَيْءٌ مِنْ جُهَيْنَةَ أَوْ مُزَيْنَةَ - خَيْرٌ عِنْدَ اللَّهِ - أَوْ قَالَ: يَوْمَ القِيَامَةِ - مِنْ أَسَدٍ، وَتَمِيمٍ، وَهَوَازِنَ، وَغَطَفَانَ. 7 - باب ذِكْرِ قَحْطَانَ 3518 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِى الْغَيْثِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَخْرُجَ رَجُلٌ مِنْ قَحْطَانَ يَسُوقُ النَّاسَ بِعَصَاهُ». طرفه 7117 8 - باب مَا يُنْهَى مِنْ دَعْوَةِ الْجَاهِلِيَّةِ 3519 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى ـــــــــــــــــــــــــــــ أن ذلك كاف في الشرف، ولم يدر أن أكرم الناس أتقاهم (والذي نفسي بيده إنهم لخير) فيه دلالة على أن دخول الهمزة على خبر فصيح خلاف ما قاله الجوهري، وفيه دلالة أيضًا على أنه إنما يرد الهمزة إذا كان فطنة التأكيد. [باب ذكر قحطان] 3518 - (ثور) بلفظ الحيوان المعروف (عن أبي الغيث) مرادف المطر، واسمه سالم (لا تقوم الساعة حتى يقوم رجل من قحطان يسوق الناس بعصاه) قد سلف مثلان قحطان أبو اليمن، وهو ابن أرفخشيد بن شالخ بن أرم بن سام بن نوح، وقوله: "يسوق الناس بعصاه" كناية عن غاية شوكته، وشدة غايته، كان الناس غنم تحت حكمه. باب ما ينهى عنه من دعوة الجاهلية 3519 - (محمد) كذا وقع غير منسوب، قال النسائي: نسبة شيوخنا محمد بن سلام، وكذا نسبة البخاري في بعض المواضع عن (مخلد) بفتح الميم (ابن جريج) بضم الجيم

عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا - رضى الله عنه - يَقُولُ غَزَوْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ ثَابَ مَعَهُ نَاسٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ حَتَّى كَثُرُوا، وَكَانَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلٌ لَعَّابٌ فَكَسَعَ أَنْصَارِيًّا، فَغَضِبَ الأَنْصَارِىُّ غَضَبًا شَدِيدًا، حَتَّى تَدَاعَوْا، وَقَالَ الأَنْصَارِىُّ يَا لَلأَنْصَارِ. وَقَالَ الْمُهَاجِرِىُّ يَا لَلْمُهَاجِرِينَ. فَخَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مَا بَالُ دَعْوَى أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ». ثُمَّ قَالَ «مَا شَأْنُهُمْ». فَأُخْبِرَ بِكَسْعَةِ الْمُهَاجِرِىِّ الأَنْصَارِىَّ قَالَ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «دَعُوهَا فَإِنَّهَا خَبِيثَةٌ». وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ ابْنُ سَلُولَ أَقَدْ تَدَاعَوْا عَلَيْنَا، لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ. فَقَالَ عُمَرُ أَلاَ نَقْتُلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الْخَبِيثَ لِعَبْدِ اللَّهِ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّهُ كَانَ يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ». طرفاه 4905، 4907 3520 - حَدَّثَنِى ثَابِتُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَعَنْ سُفْيَانَ عَنْ زُبَيْدٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ، وَشَقَّ الْجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ». أطرافه 1294 ـــــــــــــــــــــــــــــ مصغر، واسمه عبد الملك (غزونا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد ثاب معه ناس) بالثاء المثلثة، أي: اجتمع، وهذه الغزوة كانت عزوة تبوك ذكره أبو داود والنسائي (وكان مع المهاجر رجل لعَّاب) أي: كثير اللعب (فَكَسع أنصاريًّا) الكسع: الضرب في دُبُر الإنسان باليد أو بالرجل (تداعوا) أي: من الطرفين (وقال الأنصاري بالأنصار) اللام فيه للاستعانة (ما بال دعوى الجاهلية) فإن هذا كان دَأْبُ الجاهلية، يأخذون البريء بجرم المجرم (دعوها فإنها خبيثة) أي: هذه الدعوة أو القصة؛ لأنها تنافي الإسلام، وفي رواية: "فإنها منتنة" على الوجهين الكلام على الشبيه والاستعادة. (وقال عبد الله بن أُبَيٍّ بن سلول) بتنوين أبي وألف ابن فإنه صفة عبد الله، فإن سلول أم عبد الله، لعبد الله الأصل والفرع (لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل) هذا صريح في أن ابن أبي كان في غزوة تبوك مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقد وقع في سير ابن هشام أنه كان من المتخلفين (فقال عمر: ألا نقتل هذا الخبيث؟ قال: لا) أي: نقتله، ثم استأنف بقوله: (يتحدث الناس أنه كان يقتل أصحابه) ويجوز أن يكون: لا يتحدث، إشارة إلى العلة، والجواب محذوف دلَّ عليه السّياق، وهذا الذي أشار إليه -صلى الله عليه وسلم- باب كبير في السياسة، فإنه كان الإيمان، فكان في قتله مفسدة، ودفع المفاسد مقدَّم على جلب المصالح. 3520 - (زبيد) بضم الزاء مصغر (ليس منا من ضرب الخدود) أي: ليس على هدينا

9 - باب قصة خزاعة

9 - باب قِصَّةُ خُزَاعَةَ 3521 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى حَصِينٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «عَمْرُو بْنُ لُحَىِّ بْنِ قَمَعَةَ بْنِ خِنْدِفَ أَبُو خُزَاعَةَ». 3522 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ الْبَحِيرَةُ الَّتِى يُمْنَعُ دَرُّهَا لِلطَّوَاغِيتِ وَلاَ يَحْلُبُهَا أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ، وَالسَّائِبَةُ الَّتِى كَانُوا يُسَيِّبُونَهَا لآلِهَتِهِمْ فَلاَ يُحْمَلُ عَلَيْهَا شَىْءٌ. قَالَ وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ عَامِرِ بْنِ لُحَىٍّ الْخُزَاعِىَّ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ، وَكَانَ أَوَّلَ ـــــــــــــــــــــــــــــ وطريقتنا، وإن اعتقد حلّه فقد كفر، وقد سلف الحديث في أبواب الجنائم. باب قصة خزاعة قد أسلفنا أن هؤلاء قوم من الأزد، وسُمُّوا خزاعة لتخزُّعهم بمكة، أي: تخلفهم. 3521 - (عن أبي حصين) بفتح الحاء، على وزن كريم (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: عمرو بن لحي) بضم اللام وكسر الحاء والياء المشددة (ابن قمعة) بضم القاف وسكون الميم، كذا قال القاضي، قال: ومنهم من فتحه، أي: القاف والميم، قال: ورواه الباجي عن ابن ماهان بكسر القاف وتشديد الميم المكسورة، وضبطه بضم القاف ابن بكار (ابن خذوف) بكسر الخاء المعجمة وسكون النون، لقب لليلى بنت إلياس بن مضر. فإن قلت: في بعض الروايات: عمرو بن عامر بدل في؟ قلت: أجاب بعضهم بأن عمرًا اسم، ولحي لقب، أو أحدهما اسم وآخر اسم أبيه، وهذا غلط بل هذا مختلف فيه، قال ابن بكار: هذا الذي في الحديث خزاعة لا يقولون به، بل يقولون: نحن بنو عمرو بن عامر، وكذا قاله ابن هشام في سيره، فإنه لما نقل في الحديث وخزاعة يقول: نحن بنو عمرو بن عامر بن ربيعة بن حارثة، وفي هذه الطريقة ليس لقمعه ذكر. وعمرو بن لحيّ هذا هو أول من نصب الأصنام في بلاد العرب، اشترى هُبَل من بلاد الشام ووضعها في داخل الكعبة الشريفة، وكان رجلًا قصير أشقر. 3522 - (رأيت عمرو بن عامر الخزاعي يجر قصبة في النار) بضم القاف وصاد

10 - باب قصة إسلام أبى ذر الغفارى رضى الله عنه

مَنْ سَيَّبَ السَّوَائِبَ». طرفه 4623 10 - باب قِصَّةِ إِسْلاَمِ أَبِى ذَرٍّ الْغِفَارِىِّ رضى الله عنه 11 - باب قِصَّةِ زَمْزَمَ 3523 - حَدَّثَنَا زَيْدٌ - هُوَ ابْنُ أَخْزَمَ - قَالَ أَبُو قُتَيْبَةَ سَلْمُ بْنُ قُتَيْبَةَ حَدَّثَنِى مُثَنَّى بْنُ سَعِيدٍ الْقَصِيرُ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو جَمْرَةَ قَالَ لَنَا ابْنُ عَبَّاسِ أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِإِسْلاَمِ أَبِى ذَرٍّ قَالَ قُلْنَا بَلَى. قَالَ قَالَ أَبُو ذَرٍّ كُنْتُ رَجُلاً مِنْ غِفَارٍ، فَبَلَغَنَا أَنَّ رَجُلاً قَدْ خَرَجَ بِمَكَّةَ، يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِىٌّ، فَقُلْتُ لأَخِى انْطَلِقْ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ كَلِّمْهُ وَأْتِنِى بِخَبَرِهِ. فَانْطَلَقَ فَلَقِيَهُ، ثُمَّ رَجَعَ فَقُلْتُ مَا عِنْدَكَ فَقَالَ وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ رَجُلاً يَأْمُرُ بِالْخَيْرِ وَيَنْهَى عَنِ الشَّرِّ. فَقُلْتُ لَهُ لَمْ تَشْفِنِى مِنَ الْخَبَرِ. فَأَخَذْتُ جِرَابًا وَعَصًا، ثُمَّ أَقْبَلْتُ إِلَى مَكَّةَ فَجَعَلْتُ لاَ أَعْرِفُهُ، وَأَكْرَهُ أَنْ أَسْأَلَ عَنْهُ، وَأَشْرَبُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ وَأَكُونُ فِي الْمَسْجِدِ. قَالَ فَمَرَّ بِى عَلِىٌّ فَقَالَ كَأَنَّ الرَّجُلَ غَرِيبٌ. قَالَ قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ مهملة، أمعاءه (وكان أول من سيب السوائب) أي: هو الذي ضع هذه البدعة الملعونة، وقد أسلفنا عنه أنه هو الذي أدخل عبادة الأصنام في أرض العرب، وأول صنم في العرب هبل الذي اشتراه من أرض الشام، وهو أول من بدّل شريعة إبراهيم خليل الله، فقد فاز بالرقيب والمعلي في مضمار الشقاوة، عفانا الله منها بمنه وكرمه، وثبَّت قلوبنا وأقدامنا على صراطه المستقيم. باب قصة إسلام أبي ذر وفي بعض النسخ قصة زمزم وحديث الباب واحد وإنما الاختلاف في الترجمة لا غير. 3523 - (ابن أخزم) بالخاء والراء المعجمتين (أبو قتيبة) بضم القاف، اسمه: سلم بفتح السين وسكون اللام (أبو جمرة) بالجيم، نصر بن عمران (ألا أخبركم بإسلام أبي ذر) واسمه جندب (فقلت لأخي: انطلق إلى هذا) اسم أخيه أنيس مصغر (فجعلت لا أعرفه) من الأفعال الناقصة، فكنت لا أعرف (وكنت أكره أن أسأل عنه) لئلا يُخبقر أحد بخلاف ما هو عليه، أو يصاب بمكروه (فمرّ بي عليٌّ، فقال: كأن الرجل غريب؟). فإن قلت: في رواية مسلم: أنه لقي رسول الله يطوف بالليل بعد أن أقام ثلثين بين يوم

فَانْطَلِقْ إِلَى الْمَنْزِلِ. قَالَ فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ لاَ يَسْأَلُنِى عَنْ شَىْءٍ، وَلاَ أُخْبِرُهُ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ غَدَوْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ لأَسْأَلَ عَنْهُ، وَلَيْسَ أَحَدٌ يُخْبِرُنِى عَنْهُ بِشَىْءٍ. قَالَ فَمَرَّ بِى عَلِىٌّ فَقَالَ أَمَا نَالَ لِلرَّجُلِ يَعْرِفُ مَنْزِلَهُ بَعْدُ قَالَ قُلْتُ لاَ. قَالَ انْطَلِقْ مَعِى. قَالَ فَقَالَ مَا أَمْرُكَ وَمَا أَقْدَمَكَ هَذِهِ الْبَلْدَةَ قَالَ قُلْتُ لَهُ إِنْ كَتَمْتَ عَلَىَّ أَخْبَرْتُكَ. قَالَ فَإِنِّى أَفْعَلُ. قَالَ قُلْتُ لَهُ بَلَغَنَا أَنَّهُ قَدْ خَرَجَ هَا هُنَا رَجُلٌ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِىٌّ، فَأَرْسَلْتُ أَخِى لِيُكَلِّمَهُ فَرَجَعَ وَلَمْ يَشْفِنِى مِنَ الْخَبَرِ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَلْقَاهُ. فَقَالَ لَهُ أَمَا إِنَّكَ قَدْ رَشَدْتَ، هَذَا وَجْهِى إِلَيْهِ، فَاتَّبِعْنِى، ادْخُلْ حَيْثُ أَدْخُلُ، فَإِنِّى إِنْ رَأَيْتُ أَحَدًا أَخَافُهُ عَلَيْكَ، قُمْتُ إِلَى الْحَائِطِ، كَأَنِّى أُصْلِحُ نَعْلِى، وَامْضِ أَنْتَ، فَمَضَى وَمَضَيْتُ مَعَهُ، حَتَّى دَخَلَ وَدَخَلْتُ مَعَهُ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــ وليلة؟ قلت: هذه الرواية أيضًا رواها مسلم، ووجه الجمع أنه أقام على ذلك ثلثين يومًا ولم يتفق له الاجتماع به إلا مع علي، ويدل على ذلك قوله هنا: وأشرب ماء زمزم، وأكون في المسجد، ثم أردفه بمرور علي عليه. فإن قلت: في رواية مسلم: إني تضعفت رجلًا، فقلت: أين هذا الذي دعوني الصابئ؟ فوقع عليَّ أهل الوادي فضربوني؟ قلت: قصة علي بعد هذا، فإنه أسلم فعاد وخرج عنهم بالتوحيد. فإن قلت: ذكر في رواية أيضًا أنه رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبا بكر وضيفة من زبير لطائف، وقال: ذاك أول طعام أكلته بمكة، وفي رواية ابن عباس أن عليًّا أضافه ثلاثة أيام؟ قلت: ليس في روايته أنه أكل عنده شيئًا. فإن قلت: إذا كانت قصة عليٍّ متقدمة فما معنى قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"من أنت"؟ قلت: كان ليلًا لم يَرَ شخصه. هذا ملخص كلام شيخنا، والظاهر أن قصة عليٍّ بعد هذا، فإنه سأله من أنت؟ فقال نبي، وأسلم وليس في قصة أبي بكر ذكر إسلامه، وأيضا كونه في بيت عليٍّ ثلاث ليال ولم يأكل عنده طعامًا في غاية البعد. (أما نال للرجل) ويروى: إن وكذا يروي: أَنِيَ، والكل بمعنى القرب (هذا وجهي إليه) أي: توجهي وذهابي (ودخلت معه على النبي -صلى الله عليه وسلم- فقلت:

12 - باب قصة زمزم وجهل العرب

لَهُ اعْرِضْ عَلَىَّ الإِسْلاَمَ. فَعَرَضَهُ فَأَسْلَمْتُ مَكَانِى، فَقَالَ لِى «يَا أَبَا ذَرٍّ اكْتُمْ هَذَا الأَمْرَ، وَارْجِعْ إِلَى بَلَدِكَ، فَإِذَا بَلَغَكَ ظُهُورُنَا فَأَقْبِلْ». فَقُلْتُ وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لأَصْرُخَنَّ بِهَا بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ. فَجَاءَ إِلَى الْمَسْجِدِ، وَقُرَيْشٌ فِيهِ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إِنِّى أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. فَقَالُوا قُومُوا إِلَى هَذَا الصَّابِئِ. فَقَامُوا فَضُرِبْتُ لأَمُوتَ فَأَدْرَكَنِى الْعَبَّاسُ، فَأَكَبَّ عَلَىَّ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ وَيْلَكُمْ تَقْتُلُونَ رَجُلاً مِنْ غِفَارَ، وَمَتْجَرُكُمْ وَمَمَرُّكُمْ عَلَى غِفَارَ. فَأَقْلَعُوا عَنِّى، فَلَمَّا أَنْ أَصْبَحْتُ الْغَدَ رَجَعْتُ فَقُلْتُ مِثْلَ مَا قُلْتُ بِالأَمْسِ، فَقَالُوا قُومُوا إِلَى هَذَا الصَّابِئِ. فَصُنِعَ {بِى} مِثْلَ مَا صُنِعَ بِالأَمْسِ وَأَدْرَكَنِى الْعَبَّاسُ فَأَكَبَّ عَلَىَّ، وَقَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ بِالأَمْسِ. قَالَ فَكَانَ هَذَا أَوَّلَ إِسْلاَمِ أَبِى ذَرٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ. طرفه 3861 12 - باب قِصَّةِ زَمْزَمَ وَجَهْلِ الْعَرَبِ 3524 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ اعرض عليَّ الإسلام). فإن قلت: كيف أسلم من غير رؤية معجزة؟ قلت: لا يلزم في الإسلام رؤية المعجزة، أو يكون قُرِءَ عليه القرآن، ودعاه إلى الله، لكنه لم يذكره (والذي بعثك بالحق لأصرفن بها) أي: بكلمة التوحيد. فإن قلت: أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بكتمان إسلامه، فكيف خالفه؟ قلت: أَمحرُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان مخافةً عليه، فلما أبى ورضي بذلك لم يمنعه عن إظهار دين الله. (قوموا إلى هذا الصابئ) آخره همزة، من صبأ إذا خرج من دين إلى دين، ومنه قوله تعالى: {وَالصَّابِئُونَ} [المائدة: 69] ومن قال: من صبا يصبو إذا مال إلى الجهل فقد مال إلى الصواب. فإن قلت: جمعه على صباه يدل على أن أصله الواو، كغزاة في غاز؟ قلت: قال ابن الأثير: أصله الهمزة، لكن قلبوا الهمزة واوًا. (فأقلعوا عني) أي كفوا وتجاوزوا. باب جهل العرب 3524 - (أبو النعمان) محمد بن الفضل (أبو عوانة) بفتح الميم، الوضاح اليشكري

13 - باب من انتسب إلى آبائه فى الإسلام والجاهلية

عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ إِذَا سَرَّكَ أَنْ تَعْلَمَ جَهْلَ الْعَرَبِ فَاقْرَأْ مَا فَوْقَ الثَّلاَثِينَ وَمِائَةٍ فِي سُورَةِ الأَنْعَامِ (قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلاَدَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ) إِلَى قَوْلِهِ (قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ). 13 - باب مَنِ انْتَسَبَ إِلَى آبَائِهِ فِي الإِسْلاَمِ وَالْجَاهِلِيَّةِ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ الْكَرِيمَ ابْنَ الْكَرِيمِ ابْنِ الْكَرِيمِ ابْنِ الْكَرِيمِ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اللَّهِ». وَقَالَ الْبَرَاءُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ». 3525 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) جَعَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُنَادِى «يَا بَنِى فِهْرٍ، يَا بَنِى عَدِىٍّ لِبُطُونِ قُرَيْشٍ». طرفه 1394 3526 - وَقَالَ لَنَا قَبِيصَةُ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِى ثَابِتٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ (عن أبي بشر) بكسر الموحدة، اسمه جعفر (عن ابن عباس إذا سرك أن تعلم جهل العرب فاقرأ ما فوق الثلاثين ومائة آية في سورة الأنعام {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ}) يريد أنهم حَرَّموا ما أحلَّ الله، وأحلوا ما حرمه، كما قال تعالى في آخر الآيات، افتراء عليه تعالى. باب من انتسب إلى آبائه في الجاهلية والإسلام (قال ابن عمر وأبو هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: أنا الكريم ابن الكريم) تقدم مسندًا في قصة يوسف وإسحاق (قال البراء عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: أنا ابن عبد المطلب) تقدم مسندًا في أبواب الجهاد. 3525 - (عمرو بن مرة) بضم الميم وتشديد الراء. 3526 - (وقال لنا قبيصة) بفتح القاف وكسر الموحدة، شيخ البخاري، وإنما روي عنه بلفظ: قال؛ لأنه سمعه مذاكرة.

14 - باب ابن أخت القوم ومولى القوم منهم

جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) جَعَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَدْعُوهُمْ قَبَائِلَ قَبَائِلَ. طرفه 1394 3527 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ أَخْبَرَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَا بَنِى عَبْدِ مَنَافٍ، اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ اللَّهِ، يَا بَنِى عَبْدِ الْمُطَّلِبِ اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ اللَّهِ، يَا أُمَّ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ، يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ، اشْتَرِيَا أَنْفُسَكُمَا مِنَ اللَّهِ، لاَ أَمْلِكُ لَكُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، سَلاَنِى مِنْ مَالِى مَا شِئْتُمَا». طرفه 2753 14 - باب ابْنُ أُخْتِ الْقَوْمِ وَمَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ 3528 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ دَعَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الأَنْصَارَ فَقَالَ «هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ مِنْ غَيْرِكُمْ». قَالُوا لاَ، إِلاَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ 3527 - (يا بني عبد مناف) هذا موضع الولاية؛ لأنه نسبهم إلى جدهم في الجاهلية (يا فاطمة بنت رسول الله) هذا أيضًا موضع الدلالة؛ إذا فيه نسبة إلى الأب في الإسلام. فإن قلت: ما معنى قوله: (اشتروا أنفسكم) على أنه قد قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ} [التوبة: 111] قلت: معنى الاشترا في الحديث تخليصها من عذاب الله بالإيمان، فإنهم إذا آمنوا ملكوا أمر أنفسهم، قال تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38)} [المدثر: 38] ومعناه في الآية أن الله تعالى جعل الجنة ثمنًا لمن بذل نفسه في طاعته. باب ابن أخت القوم منهم، ومولى القوم منهم 3528 - (سليمان بن حرب) ضد الصلح (وغفار وشيء من مزنية). فإن قلت: في الرواية السابقة أطلق مزينة وهنا قيده بطائفة منهم؟ قلت: ذلك المطلق محمول على هذا المقيد، أو على ذلك الإطلاق بعد، فلا تنافي. هذه الترجمة نفس حديث الباب، ومن تبعيضية.

15 - باب قصة الحبش (15) وقول النبى - صلى الله عليه وسلم - «يا بنى أرفدة»

ابْنُ أُخْتٍ لَنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «ابْنُ أُخْتِ الْقَوْمِ مِنْهُمْ». طرفه 3146 15 - باب قِصَّةِ الْحَبَشِ. (15) وَقَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «يَا بَنِى أَرْفَدَةَ» 3529 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رضى الله عنه - دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا جَارِيَتَانِ فِي أَيَّامِ مِنًى تُدَفِّفَانِ وَتَضْرِبَانِ، وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مُتَغَشٍّ بِثَوْبِهِ، فَانْتَهَرَهُمَا أَبُو بَكْرٍ، فَكَشَفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ وَجْهِهِ، فَقَالَ «دَعْهُمَا يَا أَبَا بَكْرٍ، فَإِنَّهَا أَيَّامُ عِيدٍ، وَتِلْكَ الأَيَّامُ أَيَّامُ مِنًى». طرفه 454 3530 - وَقَالَتْ عَائِشَةُ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتُرُنِى، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى الْحَبَشَةِ، وَهُمْ يَلْعَبُونَ فِي الْمَسْجِدِ فَزَجَرَهُمْ {عُمَرُ} فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «دَعْهُمْ أَمْنًا بَنِى أَرْفَدَةَ». يَعْنِى مِنَ الأَمْنِ. طرفه 949 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: ما معنى كون ابن أخت القوم منهم؟ قلت: لأنهم يرثونه ويرث منهم. فإن قلت: مولى القوم؟ قلت: يورث منه وإن لم يرث. فإن قلت: لِمَ لَمْ يرو حديثه في الباب؟ قلت: لعله لم يكن على شرطه، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"سلمان منا أهل البيت"، لما تنازع فيه المهاجرون والأنصار، وقيل: إنما لم يرو حديثه؛ لأنه يعلم قياسًا على ابن الأخت، وفيه نظر لعدم الجامع في هذا القياس. باب قصة الحبش وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "يا بني أرفدة". قال الجوهري: الحبش والحبشة جنس من السودان، وبنو أرفدة طائفة منهم يرقصون (وأرفدة) بفتح الهمزة وسكون الراء. 3529 - (بكير) بضم الباء مصغر، وكذا (عقيل)، (عن عائشة أن أبا بكر دخل عليها وعندها جاريتان في أيام منى تغنيان وتدفِّفان وتضربان) الظاهر أن يكون غير الدف معهما، ويجوز أن يكون عطف التفسير (فانتهرهما أبو بكر) قال الجوهري: نهره وانتهره، أي: زجره، والحديث مع شرحه في أبواب العيدين. 3530 - (أمنا بني أرفدة) يعني: من الأمن، أشار إلى أن أمنا من الأمن ضد الخوف؛

16 - باب من أحب أن لا يسب نسبه

16 - باب مَنْ أَحَبَّ أَنْ لاَ يُسَبَّ نَسَبُهُ 3531 - حَدَّثَنِى عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتِ اسْتَأْذَنَ حَسَّانُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فِي هِجَاءِ الْمُشْرِكِينَ، قَالَ «كَيْفَ بِنَسَبِى». فَقَالَ حَسَّانُ لأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعَرَةُ مِنَ الْعَجِينِ. وَعَنْ أَبِيهِ قَالَ ذَهَبْتُ أَسُبُّ حَسَّانَ عِنْدَ عَائِشَةَ فَقَالَتْ لاَ تَسُبُّهُ فَإِنَّهُ كَانَ يُنَافِحُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفاه 4145، 6150 ـــــــــــــــــــــــــــــ لأنه جاء بمعنى الأمان، قال الجوهري: أمنت غيري من الأمن والأمان والإيمان، وقيل: أشار إلى أنه مشتق من الأمن، وفساده لائح؛ لأنه عينه، أو أشار إلى أن ينويه للتبعيض، أو أنه منصوب؛ لأنه مفعول له، أو ينزع الخافض، أو مشتق من الأمن لا مصدر، والكل خبط ظاهر. باب من أحبَّ أن لا يُسَبَّ نسبه يسب بضم الياء على بناء المجهول، أي: يقدح في نسبه. 3531 - (عبده) بفتح العين وإسكان الباء (أستأذن حسان في هجاء المشكرين). فإن قلت: في الحديث أن رسول الله قال لحسان: "اهجهم فإنه أشق عليه من رشق النبل"؟ قلت: محمول على أنه بعد استئذان حسان. (قال: كيف بنسبي)؟ فإنه متصل بهم (قال: لأسئلتك كما تسل الشعرة من العجين) أي: لا أثر يكون للعجين فيها، فلذلك أخلصه من سبَّهم وكذلك فعل، فإنه لما هجا أبا سفيان ابن الحارث وهو ابن عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: وإن سنام المجد من آل هاشم ... بنو بنت مخزوم ووالدك العبد أراد جده من طرف أمه، وذلك أن أم عبد الله والد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبي طالب والزبير بن عبد المطلب. فاطمة بنت عمرو المخزومية، وأم الحارث سمراء بنت جندب من هوازن (كان ينافح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-) أي يدافع.

17 - باب ما جاء فى أسماء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

17 - باب مَا جَاءَ فِي أَسْمَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ) وَقَوْلِهِ (مِنْ بَعْدِى اسْمُهُ أَحْمَدُ). 3532 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنِى مَعْنٌ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لِى خَمْسَةُ أَسْمَاءٍ أَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَحْمَدُ، وَأَنَا الْمَاحِى الَّذِى يَمْحُو اللَّهُ بِى الْكُفْرَ، وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِى يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمِى، وَأَنَا الْعَاقِبُ». طرفه 4896 3533 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَلاَ تَعْجَبُونَ كَيْفَ يَصْرِفُ اللَّهُ عَنِّى شَتْمَ قُرَيْشٍ وَلَعْنَهُمْ يَشْتِمُونَ مُذَمَّمًا وَيَلْعَنُونَ مُذَمَّمًا وَأَنَا مُحَمَّدٌ». ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ماجاء في أسماء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- 3532 - (معن) بفتح الميم وسكون العين (قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لي خمسة أسماء) ليس فيه دلالة على الحصر، وقد قيل: إن له ألف اسم، وإنما تعرض لهذه الخمسة؛ لأنها مذكورة في الكتب المنزلة، والمراد بالاسم أعم من أن يكون علَمًا أو وصفًا كما يظهر من الأمثلة. (وأنا الحاشر الذي يَحشُر الله على قدمي) فالحاشر حقيقةً هو الله، وقدميّ يروى بتشديد الياء وتخفيفها (وأنا العاقب) قد جاء في رواية الترمذي مفسرًا، أي: لا نبي بعدي. 3533 - (ألا تعجبون كيف صرف الله عني شتم قريش ولعنهم، يشتمون مذممًا ويلعنون مذممًا وأنا محمد) ظاهر العبارة أن كثيرًا منهم كان يفعل، والمشهور بذلك حمالة الحطب، حتى نظمت في ذلك: مذممًا قَلَينا ... ودينه أبينا

18 - باب خاتم النبيين - صلى الله عليه وسلم -

18 - باب خَاتِمِ النَّبِيِّينَ - صلى الله عليه وسلم - 3534 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا سَلِيمٌ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَثَلِى وَمَثَلُ الأَنْبِيَاءِ كَرَجُلٍ بَنَى دَارًا فَأَكْمَلَهَا وَأَحْسَنَهَا، إِلاَّ مَوْضِعَ لَبِنَةٍ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَدْخُلُونَهَا وَيَتَعَجَّبُونَ، وَيَقُولُونَ لَوْلاَ مَوْضِعُ اللَّبِنَةِ». 3535 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ مَثَلِى وَمَثَلَ الأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِى كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بَيْتًا فَأَحْسَنَهُ وَأَجْمَلَهُ، إِلاَّ مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِنْ زَاوِيَةٍ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ بِهِ وَيَعْجَبُونَ لَهُ، وَيَقُولُونَ هَلاَّ وُضِعَتْ هَذِهِ اللَّبِنَةُ قَالَ فَأَنَا اللَّبِنَةُ، وَأَنَا خَاتِمُ النَّبِيِّينَ». ـــــــــــــــــــــــــــــ باب خاتم النبيين 3534 - 3535 - (سُلَيْم بن حيان) سليم: مصغر، وحيان بفتح الحاء، وياء مثناة مشددة (عن سعيد بن ميناء) بكسر الميم والمد (مثلي ومثل الأنبياء) الغرض تشبيه الحال بالحال، فلا يتوجه أن المشبه مفرد، والمشبه به جمع (لولا موضع اللبنة) بفتح اللام وكسر الباء، وبكسر اللام، وسكون الباء، لولا امتناعية، وحذف الخبر في مثله واجب، ويجوز أن يكون تخصيصًا، فيجب النصب بعده.

19 - باب وفاة النبى - صلى الله عليه وسلم -

19 - باب وَفَاةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - 3536 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - تُوُفِّىَ وَهْوَ ابْنُ ثَلاَثٍ وَسِتِّينَ. وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَأَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ مِثْلَهُ. طرفه 4466 20 - باب كُنْيَةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - 3537 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي السُّوقِ فَقَالَ رَجُلٌ يَا أَبَا الْقَاسِمِ. فَالْتَفَتَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «سَمُّوا بِاسْمِى، وَلاَ تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِى». طرفه 2120 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- 3536 - (عن عائشة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- توفي وهو ابن ثلاث وستين سنة) وفي رواية في مسلم: "ابن خمس وستين سنة" وفي رواية أنس "ستين"، ووجه الجمع أنه مات وهو ابن ثلاث وستين كوامل وأما من روى خمسًا وستين، فقد عد سنة الولادة وسنة الوفاة، ومن قال: ستين فقد أسقط الكسر، ومثله يفعل العرب كثيرًا، والأصح أنه انتقل إلى الله يوم الإثنين، ضحوة ثاني عشر ربيع الأول، وكان دخوله المدينة في مثل ذلك اليوم، ذلك الوقت، وقيل غير هذا، وأبعد ما قيل: إنه كان يوم أحد وعشرين من رمضان. باب كنية النبي -صلى الله عليه وسلم- الكنية -بضم الكاف- علمٌ صُدِّر بأب أو أم أو ابن أو بنت، من الكناية لأنه عدل به عن صريح الاسم.

21 - باب

3538 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «تَسَمَّوْا بِاسْمِى، وَلاَ تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِى». طرفه 3114 3539 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم - «سَمُّوا بِاسْمِى، وَلاَ تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِى». طرفه 110 21 - بابٌ 3540 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى عَنِ الْجُعَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ رَأَيْتُ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ ابْنَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ جَلْدًا مُعْتَدِلاً فَقَالَ قَدْ عَلِمْتُ مَا مُتِّعْتُ بِهِ سَمْعِى وَبَصَرِى إِلاَّ بِدُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، إِنَّ خَالَتِى ذَهَبَتْ بِى إِلَيْهِ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ ابْنَ أُخْتِى شَاكٍ فَادْعُ اللَّهَ. قَالَ فَدَعَا لِى. طرفه 190 ـــــــــــــــــــــــــــــ 3539 - (قال أبو القاسم) -صلى الله عليه وسلم- (سموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي) بفتح التاء والكاف والنون، والحديث مع شرحه مستوفى في كتاب العلم في باب من كذب عليّ متعمدًا. 3540 - (عن الجُعيد) بضم الجيم مصغر (رأيْت السائب بن يريد من صغار الصحابة ابن أربع وتسعين جَلدًا) -بفتح الجيم وسكون اللام- أي: شديد القوى (قد علمت ما متعت به سمعي وبصري إلا بدعاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-) ما موصولة وضمير به عائد إليه، وسمعي وبصري بدل بعض من: ما مُتِّعْتُ، ولا بد من تقدير النفي، أي: لم يكن ذلك بشيء إلا بدعاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (إن أبن أختى شاكٍ) أي: مريض، وفي الرواية الأخرى بعدها: وَجِعٌ، وفي الأخرى: وَقِع بالقاف.

22 - باب خاتم النبوة

22 - باب خَاتِمِ النُّبُوَّةِ 3541 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا حَاتِمٌ عَنِ الْجُعَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ سَمِعْتُ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ قَالَ ذَهَبَتْ بِى خَالَتِى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ ابْنَ أُخْتِى. وَقَعَ فَمَسَحَ رَأْسِى وَدَعَا لِى بِالْبَرَكَةِ، وَتَوَضَّأَ فَشَرِبْتُ مِنْ وَضُوئِهِ، ثُمَّ قُمْتُ خَلْفَ ظَهْرِهِ فَنَظَرْتُ إِلَى خَاتَمٍ بَيْنَ كَتِفَيْهِ. قَالَ ابْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحُجْلَةُ مِنْ حُجَلِ الْفَرَسِ الَّذِى بَيْنَ عَيْنَيْهِ. قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ مِثْلَ زِرِّ الْحَجَلَةِ طرفه 190 23 - باب صِفَةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - 3542 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِى حُسَيْنٍ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ صَلَّى أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - الْعَصْرَ، ثُمَّ خَرَجَ يَمْشِى فَرَأَى الْحَسَنَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 3541 - (فشربت من وَضوئه) بفتح الواو (فنظرت إلى خاتَم بين كتفيه) بفتح التاء وكسرها (مثل زر الحجلة) بتقديم المعجمة، وقد أشار البخاري أن الصحيح تقديم المهملة، قال ابن الأثير: الزر بتقديم المعجمة أحد الأزرار، والحَجَلة بتقديم الحاء: قبة العروس، وأما بتقديم المهملة فالمراد به بيض الحجلة، وهي القَبَج الطائر المعروف، قال الجوهري: يقال رزَّت الجرارة، وأرزت إذا أدخلت ذنبها في الأرض تلقي بيضها فيها، قال ابن الأثير: ويؤيد هذا ما رواه الترمذي "مثل بيض الحمامة". فإن قلت: إذا كان مختار البخاري هذا فما معنى ما رواه عن ابن عبيد الله: من حجل الفرس؟ قلت: أراد الرد عليه بأنه مخالف للرواية الصحيحة، على أن في إطلاق الحجلة على ما في جبهة الفرس تسامح؛ لأن ما في الجبهة غرة، والتحجيل يكون في القوائم. باب صفة النبي -صلى الله عليه وسلم- 3542 - (أبو عاصم) هو النبيل الضحاك بن مخلد (صلى أبو بكر العصر فحمل الحسن

يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ، فَحَمَلَهُ عَلَى عَاتِقِهِ وَقَالَ بِأَبِى شَبِيهٌ بِالنَّبِيِّ لاَ شَبِيهٌ بِعَلِىٍّ. وَعَلِىٌّ يَضْحَكُ. طرفه 3750 3543 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ أَبِى جُحَيْفَةَ - رضى الله عنه - قَالَ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَ الْحَسَنُ يُشْبِهُهُ. طرفه 3544 3544 - حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِى خَالِدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جُحَيْفَةَ - رضى الله عنه - قَالَ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِىٍّ - عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ - يُشْبِهُهُ قُلْتُ لأَبِى جُحَيْفَةَ صِفْهُ لِى. قَالَ كَانَ أَبْيَضَ قَدْ شَمِطَ. وَأَمَرَ لَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِثَلاَثَ عَشْرَةَ قَلُوصًا قَالَ فَقُبِضَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَبْلَ أَنْ نَقْبِضَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ على عاتقه فقال: بأبي شبيه بالنبي -صلى الله عليه وسلم- لا شبيه بعلي) أي: يفدَّى بأبي، وقيل: قَسَم، وفيه أن الحلف بالآباء منهي عنه، اللهم إلا أن يراد به معنى القسم، وإن كان صورته ذلك. 3543 - (زهير) بضم الزاي، مصغر (عن أبي جحيفة) -بضم الجيم- رجب بن عبد الله (رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- والحسن يشبهه). فإن قلت: قد جاء في صحيح ابن حبان: أن الحسين كان أشبه برسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قلت: هذه الرواية لا تنافي تلك الرواية، فإن الحسن شبيه والحسين أشبه، إلا أن الناقلين قالوا: كان الحسن أشبه به في أعالي البدن، والحسين في أسافله، قال ابن عبد البر: الذين كانوا يُشْبِهُون رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: جعفر بن أبي طالب، والحسن بن علي، وقثم بن العباس، وأبو سفيان بن الحارث، والسائب بن عبيد بن يزيد بن هاشم بن المطلب. 3544 - (ابن فضيل) -بضم الفاء، مصغر- اسمه محمد. (قلت لأبي جحيفة: صِفْهُ لي. قال: كان أبيض قد شمِط) -بكسر الميم- أي: اختلط بياض شعره بسواده (وأمر لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثلاث عشرة قلوصًا) -بفتح القاف- الناقة.

3545 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ وَهْبٍ أَبِى جُحَيْفَةَ السُّوَائِىِّ قَالَ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَرَأَيْتُ بَيَاضًا مِنْ تَحْتِ شَفَتِهِ السُّفْلَى الْعَنْفَقَةَ. 3546 - حَدَّثَنَا عِصَامُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا حَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بُسْرٍ صَاحِبَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ أَرَأَيْتَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ شَيْخًا قَالَ كَانَ فِي عَنْفَقَتِهِ شَعَرَاتٌ بِيضٌ. 3547 - حَدَّثَنِى ابْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ عَنْ خَالِدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى هِلاَلٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَصِفُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ كَانَ رَبْعَةً مِنَ الْقَوْمِ، لَيْسَ بِالطَّوِيلِ وَلاَ بِالْقَصِيرِ، أَزْهَرَ اللَّوْنِ لَيْسَ بِأَبْيَضَ أَمْهَقَ وَلاَ آدَمَ، لَيْسَ بِجَعْدٍ قَطَطٍ وَلاَ سَبْطٍ رَجِلٍ، أُنْزِلَ عَلَيْهِ وَهْوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ، فَلَبِثَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ يُنْزَلُ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ 3545 - (عبد الله بن رجاء) بفتح الراء والمد (عن أبي إسحاق) هو الحضرميّ (السُّوَائي) بضم السين والمد (ورأيت بياضًا من تحت شفعه السفلى العَنْفَقَة) -بفتح العين وسكون النون وفاء مفتوحة وقاف كذلك- ما بين الشفة إلى الذقن. 3546 - (عصام) بكسر العين (قال) أي: أنس (كان ربعةً من القوم) أي: في قومه، أو "من" ابتدائية، يقال: فلان ربعة ومربوع، أي: معتدل القامة، وما بعده في الحديث شرح له. (عبد الله بن بسر) بالباء الموحدة وسين مهملة. 3547 - (أزهر اللون) أي: أنور (ليس بأبيض أمهق) الذي لا يخالط لونه حمرة (ولا آدم) أي: أسمر (بل كان بياضه ما أصابه الشمس مشربًا بالحمرة) وما لا يصيبه كأنه سبيكة فضة (ليس بجعد قطط) -بفتح القاف والطاء- شديد الجعودة كالحبشة (ولا سبط) رجل مسترسل الشعر كالهنود (فلبث بمكة عشر سنين ينزل عليه) لم يعد أيام الفترة ولذلك قيده

وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ، وَلَيْسَ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ عِشْرُونَ شَعَرَةً بَيْضَاءَ. قَالَ رَبِيعَةُ فَرَأَيْتُ شَعَرًا مِنْ شَعَرِهِ، فَإِذَا هُوَ أَحْمَرُ فَسَأَلْتُ فَقِيلَ احْمَرَّ مِنَ الطِّيبِ. طرفاه 3548، 5900 3548 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيْسَ بِالطَّوِيلِ الْبَائِنِ وَلاَ بِالْقَصِيرِ، وَلاَ بِالأَبْيَضِ الأَمْهَقِ، وَلَيْسَ بِالآدَمِ وَلَيْسَ بِالْجَعْدِ الْقَطَطِ وَلاَ بِالسَّبْطِ، بَعَثَهُ اللَّهُ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، فَأَقَامَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ، وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ، فَتَوَفَّاهُ اللَّهُ، وَلَيْسَ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ عِشْرُونَ شَعْرَةً بَيْضَاءَ. طرفه 5347 3549 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَحْسَنَ النَّاسِ وَجْهًا وَأَحْسَنَهُ خَلْقًا، لَيْسَ بِالطَّوِيلِ الْبَائِنِ وَلاَ بِالْقَصِيرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بنزول الوحي وإلا فمقامه بمكة ثلاث عشرة سنة، واتفقوا على أن ابتداء نزول الوحي كان في رمضان. 3549 - (عن أبي إسحاق) هو عمرو بن عبد الله السبيعي (كان أحسن الناس)، (وأحسنه خلقًا) كذا وقع، والأظهر أحسنهم، كيف لا يكون أحسن الناس خُلُقًا وقد نزل في شأنه {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4]. فإن قلت: ما حقيقة الخلق؟ قلت: قال ابن الأثير: هو صورة الإنسان الباطنة من كمالات النفس كالخلق -بفتح الخاء- لصورته الظاهرة، قال: والأول هو الذي يتعلق به الثواب والعقاب غالبًا، ولذلك مدح الله رسوله.

3550 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسًا هَلْ خَضَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لاَ، إِنَّمَا كَانَ شَىْءٌ فِي صُدْغَيْهِ. طرفاه 5894، 5895 3551 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَرْبُوعًا، بَعِيدَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ، لَهُ شَعَرٌ يَبْلُغُ شَحْمَةَ أُذُنِهِ، رَأَيْتُهُ فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ، لَمْ أَرَ شَيْئًا قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهُ. قَالَ يُوسُفُ بْنُ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ أَبِيهِ إِلَى مَنْكِبَيْهِ. طرفاه 5848، 5901 3552 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ سُئِلَ الْبَرَاءُ أَكَانَ وَجْهُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَ السَّيْفِ قَالَ لاَ بَلْ مِثْلَ الْقَمَرِ. 3553 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مَنْصُورٍ أَبُو عَلِىٍّ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَعْوَرُ بِالْمَصِّيصَةِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جُحَيْفَةَ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْهَاجِرَةِ إِلَى الْبَطْحَاءِ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ صَلَّى الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ، وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ 3551 - (له شعر يبلغ شحمة أذنيه) فإن قلت: ذكر في الرواية بعده: يبلغ منكبيه؟ قلت: كان إذا رجل يبلغ المنكب، أو باعتبار الوقتين فإنه حلق رأسه في حجة الوداع. 3552 - (سئل البراء أكان وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مثل السيف) أي: في الصفاء والاستقامة، وكان هذا التشبيه معروفًا عندهم (قال: لا بل مثل القمر) وقد جاء في الرواية الأخرى: كنت أنظر إلى القمر ليلة البدر، وإلى وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان أحسن من القمر. 3553 - (بالمصيصة) -بفتح الميم وكسر الصاد وياء مفتوحة مخففة- قال الجوهري: بلد من بلاد الشام (خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالهاجرة [إلي] البطحاء) فيه دقاق.

عَنَزَةٌ. {قَالَ شُعْبَةُ} وَزَادَ فِيهِ عَوْنٌ عَنْ أَبِيهِ أَبِى جُحَيْفَةَ قَالَ كَانَ يَمُرُّ مِنْ وَرَائِهَا الْمَرْأَةُ، وَقَامَ النَّاسُ فَجَعَلُوا يَأْخُذُونَ يَدَيْهِ، فَيَمْسَحُونَ بِهَا وُجُوهَهُمْ، قَالَ فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ، فَوَضَعْتُهَا عَلَى وَجْهِى، فَإِذَا هِىَ أَبْرَدُ مِنَ الثَّلْجِ، وَأَطْيَبُ رَائِحَةً مِنَ الْمِسْكِ. طرفه 187 3554 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَجْوَدَ النَّاسِ، وَأَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ، حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ فَلَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ. طرفه 6 3555 - حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَلَيْهَا مَسْرُورًا تَبْرُقُ أَسَارِيرُ وَجْهِهِ، فَقَالَ «أَلَمْ تَسْمَعِى مَا قَالَ الْمُدْلِجِىُّ لِزَيْدٍ وَأُسَامَةَ - وَرَأَى أَقْدَامَهُمَا - إِنَّ بَعْضَ هَذِهِ الأَقْدَامِ مِنْ بَعْضٍ». أطرافه 3731، 6770، 6771 ـــــــــــــــــــــــــــــ الحصى، واللام فيه للعهد، يريد بطحاء مكة، وكان هذا في حجة الوداع (عَنَزَة) -بثلاث فتحات- أطول من العصا وأقصر من الرمح. 3554 - (عبدان) -على وزن شعبان- عبد الله بن عمر المروزي، وحديث ابن عباس في ملاقاة جبريل في رمضان كل ليلة تقدم في أول الكتاب في بدء الوحي. 3555 - (عن عائشة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل عليها تبرق أسارير وجهه) جمع سرر -بضم السين- خطوط في الجبين يظهر أثر السرور فيها (ألم تسمعي ما قال المُدْلجيُّ) -بضم الميم وكسر اللام- قبيلة من كنانة كانت فيهم القيافة، واسم هذا الرجل مجوز [بفتح] الجيم وتشديد الزاي المعجمة الأولى، وسبب سروره أن أسامة كان شديد السواد وزيد أبوه شديد الحمرة وكانت الكفار يطعنون في نسبه، وبه استدل على قبول قول القائف، وفي المسألة بحث طويل أورده ابن الحاجب في مختصر الأصول.

3556 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبٍ قَالَ سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ تَبُوكَ قَالَ فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ يَبْرُقُ وَجْهُهُ مِنَ السُّرُورِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا سُرَّ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ، حَتَّى كَأَنَّهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ، وَكُنَّا نَعْرِفُ ذَلِكَ مِنْهُ. طرفه 2757 3557 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَمْرٍو عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بُعِثْتُ مِنْ خَيْرِ قُرُونِ بَنِى آدَمَ قَرْنًا فَقَرْنًا، حَتَّى كُنْتُ مِنَ الْقَرْنِ الَّذِى كُنْتُ فِيهِ». 3558 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَسْدِلُ شَعَرَهُ، وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَفْرُقُونَ رُءُوسَهُمْ فَكَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَسْدِلُونَ رُءُوسَهُمْ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ ـــــــــــــــــــــــــــــ 3556 - (بُكَير) بضم الباء، مصغر، وكذا (عُقَيل) روى حديث كعب بن مالك عن تخلفه في تبوك مختصرًا، وغرضه (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا سُرّ استنار وجهه كأنه قطعة قمر). فإن قلت: هلا قال: كأنه قمر، وقيده بالقطعة؟ قلت: لأن على وجه القمر مسحة كلف أراد الجانب الذي ليس فيه ذلك. 3557 - (بعثت من خير قرون بني آدم قرنًا فقرنًا حتى كنت في القرن الذي كنت منه) القرن: أهل زمان واحد. فإن قلت: إنما بعث من القرن الذي ولد فيه، فما معنى قوله: "بعثت من خير قرون بني آدم قرنًا فقرنًا"؟ قلت: أراد أن مجده عريق تليد من لدن آدم كان ينتقل في أصلاب الآباء والأمهات الكرام؛ والنسب كلما بعد كان أدخل في المجد. 3558 - كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسدل شعره) -بضم الدال- أي: يرسل شعر ناصيته على الجبهة (وكان المشركون يفرقون) أي: يجعلونه فرقتين (وكان يحب موافقة أهل الكتاب).

فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ بِشَىْءٍ، ثُمَّ فَرَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَأْسَهُ. طرفاه 3944، 5917 3559 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِى حَمْزَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - رضى الله عنهما - قَالَ لَمْ يَكُنِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَاحِشًا وَلاَ مُتَفَحِّشًا وَكَانَ يَقُولُ «إِنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ أَحْسَنَكُمْ أَخْلاَقًا». أطرافه 3759، 6029، 6035 3560 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا قَالَتْ مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلاَّ أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا، مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا، فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: قد قال: خالفوا أهل الكتاب فإنهم لا يصبغون؟ قلت: قيد هنا بقوله: (فيما لم يؤمر فيه بشيء) فلعل ذلك مما أمر به أو أحدهما ناسخ الآخر، وإنما كان يحب موافقتهم لأنهم أهل دين في الجملة بخلاف المشركين، وفيه دلالة على أنه لم يكن متعبدًا بشرع من قبله وإلا لم يكن لذكر المحبة معنى. 3559 - (عبدان) -على وزن شعبان- عبد الله المروزي (عن أبي حمزة) -بالحاء المهملة- محمد بن ميمون (عن أبي وائل) شقيق بن سلمة (لم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- فاحشًا ولا متفحشًا) الفحش في الذنوب ما ازداد قبحه، وإن كان إثمه دون غيره كالزنى فإن إثمه دون القتل، وهو أقبح منه، والذي في الحديث: الخشون في الكلام، أي: لم يكن ذلك في جبلته، ولا كان يفعله تكلفًا. 3560 - (ما خير رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين أمرين إلا اختار أيسرهما) كالصوم في السفر والفطر والقصر في الصلاة والإتمام، وفيه دلالة على أن التخيير لا يلزم أن يكون بين أمرين

وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِنَفْسِهِ، إِلاَّ أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللَّهِ فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ بِهَا. أطرافه 6126، 6786، 6853 3561 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ مَا مَسِسْتُ حَرِيرًا وَلاَ دِيبَاجًا أَلْيَنَ مِنْ كَفِّ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَلاَ شَمِمْتُ رِيحًا قَطُّ أَوْ عَرْفًا قَطُّ أَطْيَبَ مِنْ رِيحِ أَوْ عَرْفِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 1141 3562 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى عُتْبَةَ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا. حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى وَابْنُ مَهْدِىٍّ قَالاَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ مِثْلَهُ وَإِذَا كَرِهَ شَيْئًا عُرِفَ فِي وَجْهِهِ. طرفاه 6102، 6119 ـــــــــــــــــــــــــــــ متساويين بل قد يكون بين الفاضل والمفضول (وما انتقم لنفسه إلا أن تُنْتَهك حرمة الله) -على بناء المجهول- من النهك وهو النقص، والمراد بحرمة الله: الحد الذي لا يجوز التجاوز عنه. فإن قلت: قد هدر دم من كان يهجوه؟ قلت: ذلك أيضًا من حرمات الله، فإنه كان قد هجاه في نبوته لا في حسبه ولا في تسبه. 3561 - (ما مِسست) بكسر السين على الأفصح (حريرًا ولا ديباجًا) الرقيق من الحرير (ولا شممت ريحًا أو عرفًا) الظاهر أن هذا شك من الراوي، وإلا فالريح والعرف مترادفان على ما قاله الجوهري وابن الأثير، أو كان في عرفهم العرف أخص. 3562 - (كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أشد حياء من العذراء في خدرها) -بكسر الخاء المعجمة- الستر الذي يكون وراءه العذارى، وقد سلف أن الحياء من الإيمان فكان حياؤء على قدر كماله في الإيمان. (ابن بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (ابن مهدي) محمد بن إبراهيم (وإذا كره شيئًا عرف في وجهه) أي لم يظهر حياء، ولكن يظهر أثره.

3563 - حَدَّثَنِى عَلِىُّ بْنُ الْجَعْدِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ مَا عَابَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - طَعَامًا قَطُّ، إِنِ اشْتَهَاهُ أَكَلَهُ، وَإِلاَّ تَرَكَهُ. طرفه 5409 3564 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ ابْنِ بُحَيْنَةَ الأَسْدِىِّ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا سَجَدَ فَرَّجَ بَيْنَ يَدَيْهِ حَتَّى نَرَى إِبْطَيْهِ. قَالَ وَقَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا بَكْرٌ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ. طرفه 390 3565 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَنَسًا - رضى الله عنه - حَدَّثَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ لاَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَىْءٍ مِنْ دُعَائِهِ، إِلاَّ فِي الاِسْتِسْقَاءِ، فَإِنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إِبْطَيْهِ. طرفه 1031 ـــــــــــــــــــــــــــــ 3563 - (عن أبي حازم) بالحاء المهملة (ما عاب [النبي -صلى الله عليه وسلم- طعامًا قط) من كمال حسن خلقه إذ لو عابه لم يأكله أحد أو كره في أعينهم. 3564 - (عن عبد الله بن مالك ابن بحينة) بتنوين مالك وهمزة ابن؛ لأنه صفة عبد الله، فإن بحينة أم عبد الله، فقد نسب إلى أبيه وأمه (الأَسْدي) -بفتح الهمزة وسكون السين- نسبة إلى الأزد، والسين بدل عنه، وهذا كثير في كلام العرب، ومن لم يتأمل خطّأ البخاري، وهو المخطئ (بياض إبطيه). فإن قلت: في بعض الروايات: عفرة إبطيه؟ قلت: لا تنافي؛ فإن العفرة بياض غير خالص. 3565 - (زريع) بضم الزاي، مصغر زرع (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان لا يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستقساء) أراد المبالغة في الرفع، أو أن أنسًا كان صغيرًا في الصف الأخير لم يكن يراه حين يرفع يديه إلا في الاستقساء، فإنه دعاء قائمًا، ودعاء الاستقساء وهو على المنبر.

3566 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ قَالَ سَمِعْتُ عَوْنَ بْنَ أَبِى جُحَيْفَةَ ذَكَرَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ دُفِعْتُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ بِالأَبْطَحِ فِي قُبَّةٍ كَانَ بِالْهَاجِرَةِ، خَرَجَ بِلاَلٌ فَنَادَى بِالصَّلاَةِ، ثُمَّ دَخَلَ فَأَخْرَجَ فَضْلَ وَضُوءِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَوَقَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ يَأْخُذُونَ مِنْهُ، ثُمَّ دَخَلَ فَأَخْرَجَ الْعَنَزَةَ، وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ سَاقَيْهِ فَرَكَزَ الْعَنَزَةَ، ثُمَّ صَلَّى الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ، يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ الْحِمَارُ وَالْمَرْأَةُ. طرفه 187 3567 - حَدَّثَنِى الْحَسَنُ بْنُ صَبَّاحٍ الْبَزَّارُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُحَدِّثُ حَدِيثًا لَوْ عَدَّهُ الْعَادُّ لأَحْصَاهُ. طرفه 3568 3568 - وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ أَلاَ يُعْجِبُكَ أَبُو فُلاَنٍ جَاءَ فَجَلَسَ إِلَى جَانِبِ حُجْرَتِى يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، يُسْمِعُنِى ذَلِكَ وَكُنْتُ أُسَبِّحُ فَقَامَ قَبْلَ أَنْ أَقْضِىَ سُبْحَتِى، ـــــــــــــــــــــــــــــ 3566 - (الحسن بن الصباح) بفتح الصاد وتشديد الموحدة (مالك بن مِغول) بكسر الميم وغين معجمة (الأبطح) هو الذي يقال فيه البطحاء، واد بمكة (كأني أنظر إلى وبيص ساقيه) بالصاد المهملة أي لمعانها من شدة البياض، وتمام الكلام سلف في أبواب الحج. 3567 - (الحسن بن الصبّاح البزار) بتقديم المعجمة، وصفه ليميز بينه وبين الذي تقدم في الحديث قبله، فإنه الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني البغدادي أحد رواة قول الشافعي. 3568 - (ألا يعجبك أبو فلان) يدخلك في العجب، استفهام إنكار دخل النفي، وأبو فلان هذا هو أبو هريرة، جاء صريحًا في رواية مسلم.

24 - باب كان النبى - صلى الله عليه وسلم - تنام عينه ولا ينام قلبه

وَلَوْ أَدْرَكْتُهُ لَرَدَدْتُ عَلَيْهِ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَكُنْ يَسْرُدُ الْحَدِيثَ كَسَرْدِكُمْ. طرفه 3567 24 - باب كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - تَنَامُ عَيْنُهُ وَلاَ يَنَامُ قَلْبُهُ رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 3569 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - كَيْفَ كَانَتْ صَلاَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي رَمَضَانَ قَالَتْ مَا كَانَ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلاَ غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُصَلِّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فَلاَ تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّى أَرْبَعًا فَلاَ تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّى ثَلاَثًا فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ قَالَ «تَنَامُ عَيْنِى وَلاَ يَنَامُ قَلْبِى». طرفه 1147 3570 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى أَخِى عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ ـــــــــــــــــــــــــــــ (إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يكن يسرد الحديث كسردكم) سرد الحديث: وصل كلماته بحيث يعسره الفهم، وضده هو الذي وصفه الله تعالى بفصل الخطاب. باب كان النبي -صلى الله عليه وسلم- تنام عينه ولا ينام قلبه (سعيد بن ميناء) بكسر الميم والمد. 3569 - (يصلي ثلاثًا فقلت: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تنام قبل أن توتر). فإن قلت: الثلاثة التي صلاها هي الوتر، فما معنى هذا الكلام؟ قلت: الفاء للترتيب في الذكر ليوافق سائر الروايات، أو التقديم والتأخير من الراوي. (تنام عيني ولا ينام قلبي) وفي الحديث بعده: "وكذا الأنبياء كلهم" وقد سلف في أبواب الصلاة الجواب عن الإشكال بأنه إذا لم ينم قلبه، فكيف فاتته صلاة الصبح؟ فإن إدراك الوقت يتعلق بالعين؛ لأنه محسوس. 3570 - (أبي نَمِر) بفتح النون وكسر الميم.

25 - باب علامات النبوة فى الإسلام

اللَّهِ بْنِ أَبِى نَمِرٍ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُنَا عَنْ لَيْلَةِ أُسْرِىَ بِالنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ مَسْجِدِ الْكَعْبَةِ جَاءَ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ، وَهُوَ نَائِمٌ فِي مَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَقَالَ أَوَّلُهُمْ أَيُّهُمْ هُوَ فَقَالَ أَوْسَطُهُمْ هُوَ خَيْرُهُمْ وَقَالَ آخِرُهُمْ خُذُوا خَيْرَهُمْ. فَكَانَتْ تِلْكَ، فَلَمْ يَرَهُمْ حَتَّى جَاءُوا لَيْلَةً أُخْرَى، فِيمَا يَرَى قَلْبُهُ، وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - نَائِمَةٌ عَيْنَاهُ وَلاَ يَنَامُ قَلْبُهُ وَكَذَلِكَ الأَنْبِيَاءُ تَنَامُ أَعْيُنُهُمْ وَلاَ تَنَامُ قُلُوبُهُمْ، فَتَوَلاَّهُ جِبْرِيلُ ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ. أطرافه 4964، 5610، 6581 25 - باب عَلاَمَاتِ النُّبُوَّةِ فِي الإِسْلاَمِ 3571 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ زَرِيرٍ سَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ قَالَ حَدَّثَنَا ـــــــــــــــــــــــــــــ (أسري بالنبي -صلى الله عليه وسلم- من مسجد الكعبة جاءه ثلاثة نفر قبل أن يوحى إليه) هذا لا يكاد يصح؛ فإن المعراج كان بعد الوحي والبعثة؛ ولذلك فرض عليه الصلاة، وقد يجاب بأن قوله: جاؤوا ليلةً أخرى يجوز أن يكون بعد مدة متطاولة، أو أن يكون الإسراء متعددًا، والله أعلم. باب علامات النبوة في الإسلام علامة الشيء: ما يعلم به الشيء، اشتقاقه من العلم، إلا أنه اشتهر في العرف بالأَمَارة، وعند الأصولي ما لم يكن سببًا ولا شرطًا، كالإحصان للرجم، والمراد بالعلامات هنا المعجزات، قيل: إنما قيد بلفظ العلامة دون المعجزة ليكون ما دون التحدي أعم من المعجزة والكرامة؛ لأن المعجزة شرطها التحدي بأن يقول لمن يكذبه: إن فعلت كذا تصدقني، وفيه نظر؛ لأن العلامة في الترجمة مضافة إلى النبوة، فلا مجال لأن كون كرامة، وأما التحدي المشروط في المعجزة أن يكون شأنه ذلك، لا أن يقع بالفعل، ألا ترى أن الذين عدوا معجزاته عدوا كل خارق منه معجزة، مع العلم بأنه لم يقع في كل واحدة منها مع التحدي بالفعل. وقيد الترجمة بالإسلام احترازًا عما كان مذكورًا في التوراة والإنجيل، وقد ألف البيهقي في ضبط المعجزات، فعد منها ألفًا، قلت: كل ثلاث آيات معجزة مستقلة، وهي ألوف صلى الله على صاحبها وسلم. 3571 - (سَلْم بن زرير) بفتح السين وسكون اللام، وتقديم المعجمة (أبو رجاء) -بفتح

عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي مَسِيرٍ، فَأَدْلَجُوا لَيْلَتَهُمْ حَتَّى إِذَا كَانَ وَجْهُ الصُّبْحِ عَرَّسُوا فَغَلَبَتْهُمْ أَعْيُنُهُمْ حَتَّى ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنِ اسْتَيْقَظَ مِنْ مَنَامِهِ أَبُو بَكْرٍ، وَكَانَ لاَ يُوقَظُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ مَنَامِهِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، فَاسْتَيْقَظَ عُمَرُ فَقَعَدَ أَبُو بَكْرٍ عِنْدَ رَأْسِهِ فَجَعَلَ يُكَبِّرُ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ، حَتَّى اسْتَيْقَظَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَنَزَلَ وَصَلَّى بِنَا الْغَدَاةَ، فَاعْتَزَلَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ لَمْ يُصَلِّ مَعَنَا فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ «يَا فُلاَنُ مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تُصَلِّىَ مَعَنَا». قَالَ أَصَابَتْنِى جَنَابَةٌ. فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ بِالصَّعِيدِ، ثُمَّ صَلَّى وَجَعَلَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي رَكُوبٍ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَقَدْ عَطِشْنَا عَطَشًا شَدِيدًا فَبَيْنَمَا نَحْنُ نَسِيرُ إِذَا نَحْنُ بِامْرَأَةٍ سَادِلَةٍ رِجْلَيْهَا بَيْنَ مَزَادَتَيْنِ، فَقُلْنَا لَهَا أَيْنَ الْمَاءُ فَقَالَتْ إِنَّهُ لاَ مَاءَ. فَقُلْنَا كَمْ بَيْنَ أَهْلِكِ وَبَيْنَ الْمَاءِ قَالَتْ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ. فَقُلْنَا انْطَلِقِى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَتْ وَمَا رَسُولُ اللَّهِ فَلَمْ نُمَلِّكْهَا مِنْ أَمْرِهَا حَتَّى اسْتَقْبَلْنَا بِهَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -، ـــــــــــــــــــــــــــــ الراء والمد- عمران بن تميم العطاردي (عن عمران بن حصين) بضم الحاء (كانوا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأدلجوا ليلتهم) -بفتح همزة القطع وسكون الدال- السير أول الليل، وبالوصل وتشديد الدال: السير آخر الليل (حتى إذا كان في وجه الصبح عرسوا) التعريس: نزول المسافر آخر الليل (وكان لا يوقظ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-) في كان هذه والتي تقدمت ضمير الشأن، وإنما لم يكونوا يوقظونه لأنه لا يُدرى ما يحدث الله في منامه، جاء صريحًا في الرواية الأخرى، (فاستيقظ عمر، فقعد أبو بكر عند رأسه، فجعل يكبر) أي: أبو بكر. فإن قلت: سلف في كتاب التيمم أن المكبر هو عمر، قلت: لا ينافي لجواز الجمع، (وجعلني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ركوب بين يديه) أي قدمه، وفي رواية مسلم فعجلني من التعجيل، وهو أظهر، والركوب -[بفتح] الراء-: جمع راكب، وهي الدابة المركوبة (إذا نحن بامرأة سادلة رجليها بين مزادتين) -بفتح الميم- القربة التي زيد فيها من جلد آخر (قالت وما رسول الله -صلى الله عليه وسلم-) -أي وصفه- فإنهم كانوا يقولون له: الصابئ (فلم نملكها من أمرها) -بضم الميم وتشديد اللام- أي: أخذناها قهرًا، ولم يلتفت إلى كلامها، وإنما أخذوها قهرًا

فَحَدَّثَتْهُ بِمِثْلِ الَّذِى حَدَّثَتْنَا غَيْرَ أَنَّهَا حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا مُؤْتِمَةٌ، فَأَمَرَ بِمَزَادَتَيْهَا فَمَسَحَ فِي الْعَزْلاَوَيْنِ، فَشَرِبْنَا عِطَاشًا أَرْبَعِينَ رَجُلاً حَتَّى رَوِينَا، فَمَلأْنَا كُلَّ قِرْبَةٍ مَعَنَا وَإِدَاوَةٍ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ نَسْقِ بَعِيرًا وَهْىَ تَكَادُ تَنِضُّ مِنَ الْمِلْءِ ثُمَّ قَالَ «هَاتُوا مَا عِنْدَكُمْ». فَجُمِعَ لَهَا مِنَ الْكِسَرِ وَالتَّمْرِ، حَتَّى أَتَتْ أَهْلَهَا قَالَتْ لَقِيتُ أَسْحَرَ النَّاسِ، أَوْ هُوَ نَبِىٌّ كَمَا زَعَمُوا، فَهَدَى اللَّهُ ذَاكَ الصِّرْمَ بِتِلْكَ الْمَرْأَةِ فَأَسْلَمَتْ وَأَسْلَمُوا. 3572 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ أُتِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِإِنَاءٍ وَهْوَ بِالزَّوْرَاءِ، فَوَضَعَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ، فَجَعَلَ الْمَاءُ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ، فَتَوَضَّأَ الْقَوْمُ. قَالَ قَتَادَةُ قُلْتُ لأَنَسٍ كَمْ كُنْتُمْ قَالَ ثَلاَثَمِائَةٍ، أَوْ زُهَاءَ ثَلاَثِمِائَةٍ. 3573 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّهُ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَحَانَتْ صَلاَةُ الْعَصْرِ، فَالْتُمِسَ الْوَضُوءُ فَلَمْ يَجِدُوهُ فَأُتِىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِوَضُوءٍ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَهُ فِي ذَلِكَ الإِنَاءِ، فَأَمَرَ النَّاسَ أَنْ يَتَوَضَّئُوا مِنْهُ، فَرَأَيْتُ الْمَاءَ يَنْبُعُ مِنْ تَحْتِ أَصَابِعِهِ، فَتَوَضَّأَ النَّاسُ حَتَّى تَوَضَّئُوا مِنْ عِنْدِ آخِرِهِمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ لأنها كانت حربية، أو للضرورة (مؤتِمَة) -بكسر التاء- أي: ذات أيتام (فمسح بالعزلاوين) تثنية عزلاء، قال ابن الأثير: هو فم القربة من أسفل (يكاد ينِضّ من الملء) -بكسر النون وضاد معجمة مشددة- وقد حكي فيه لغاتٌ أخرى إلى عشر أي: تسيل، من نضَّ الماء خرج، وفي رواية مسلم تنضرج -بالجيم- أي: تنشق ولا شك أنه أبلغ. 3572 - (بَشار) بفتح الباء وتشديد الشين (ابن أبي عدي) محمد بن إبراهيم (أُتِي النبي -صلى الله عليه وسلم- بإناء وهو بالزوراء) موضع بالمدينة، والحديث تقدم في أبواب الصلاة. 3573 - (فتوضأ الناس حتى توضؤوا من عند آخرهم) من: بيانية، أي: الذين عند آخرهم، وإذا توضأ الآخر، فالأول من باب الأولى.

3574 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُبَارَكٍ حَدَّثَنَا حَزْمٌ قَالَ سَمِعْتُ الْحَسَنَ قَالَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي بَعْضِ مَخَارِجِهِ وَمَعَهُ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَانْطَلَقُوا يَسِيرُونَ، فَحَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَلَمْ يَجِدُوا مَاءً يَتَوَضَّئُونَ، فَانْطَلَقَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ، فَجَاءَ بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ يَسِيرٍ فَأَخَذَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ مَدَّ أَصَابِعَهُ الأَرْبَعَ عَلَى الْقَدَحِ ثُمَّ قَالَ «قُومُوا فَتَوَضَّئُوا». فَتَوَضَّأَ، الْقَوْمُ حَتَّى بَلَغُوا فِيمَا يُرِيدُونَ مِنَ الْوَضُوءِ، وَكَانُوا سَبْعِينَ أَوْ نَحْوَهُ. 3575 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ سَمِعَ يَزِيدَ أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ حَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَقَامَ مَنْ كَانَ قَرِيبَ الدَّارِ مِنَ الْمَسْجِدِ يَتَوَضَّأُ، وَبَقِىَ قَوْمٌ، فَأُتِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِمِخْضَبٍ مِنْ حِجَارَةٍ فِيهِ مَاءٌ، فَوَضَعَ كَفَّهُ فَصَغُرَ الْمِخْضَبُ أَنْ يَبْسُطَ فِيهِ كَفَّهُ، فَضَمَّ أَصَابِعَهُ فَوَضَعَهَا فِي الْمِخْضَبِ، فَتَوَضَّأَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ جَمِيعًا. قُلْتُ كَمْ كَانُوا قَالَ ثَمَانُونَ رَجُلاً. ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: ما فائدة عند، وهلا قال: حتى توضأ آخرهم قلت: فائدته المبالغة، كأن الماء كان عند آخرهم عند وضوء الكل، ومن له ذوق يعرف هذه المبالغة، واختلاف الروايات: في بعضها: ثلاثمئة، وفي بعضها سبعون، وفي بعضها: ثمانون بناء على تعدد الواقعة، ومدار الحديث على أنس؛ لأنه كان خادم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فهو أعرف الناس بالقصة. فرأيت الماء يثور من بين أصابعه الثوران الخروج بكثرة. فإن قلت: الماء كان يزيد ببركته، أو كان يخرج من أصابعه؟ قلت: يحتمل الأمرين، إلا أن مختار بعض المحققين هو الثاني، ولذلك عدوا هذه المعجزة أقوى من معجزة موسى حيث كان يضرب بعصاه الحجر، فيخرج منه الماء؛ لأن خروج الماء من الأحجار متعارف. فإن قلت: لو كان متعارفًا لم يكن معجزة؟ قلت: كونها معجزة باعتبار الكيفية المخصوصة، وهي أن يخرج منها بضربة واحدة ثنتا عشرة عينًا، وإذا ضربه ثانيًا بعد الكفاية انقطع الماء، وفي رواية الطبراني عن ابن عباس: نبع الماء من أصابع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهذا يؤيد مختار المحققين. 3575 - (عبد الله بن مُنير) بضم الميم وكسر النون (في المِخضب) بكسر الميم،

3576 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِى الْجَعْدِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ عَطِشَ النَّاسُ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ فَتَوَضَّأَ فَجَهَشَ النَّاسُ نَحْوَهُ، فَقَالَ «مَا لَكُمْ». قَالُوا لَيْسَ عِنْدَنَا مَاءٌ نَتَوَضَّأُ وَلاَ نَشْرَبُ إِلاَّ مَا بَيْنَ يَدَيْكَ، فَوَضَعَ يَدَهُ فِي الرَّكْوَةِ فَجَعَلَ الْمَاءُ يَثُورُ بَيْنَ أَصَابِعِهِ كَأَمْثَالِ الْعُيُونِ، فَشَرِبْنَا وَتَوَضَّأْنَا. قُلْتُ كَمْ كُنْتُمْ قَالَ لَوْ كُنَّا مِائَةَ أَلْفٍ لَكَفَانَا، كُنَّا خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً. أطرافه 4152، 4153، 4154، 4840، 5639 3577 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً، وَالْحُدَيْبِيَةُ بِئْرٌ فَنَزَحْنَاهَا حَتَّى لَمْ نَتْرُكْ فِيهَا قَطْرَةً، فَجَلَسَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى شَفِيرِ الْبِئْرِ، فَدَعَا بِمَاءٍ فَمَضْمَضَ وَمَجَّ فِي الْبِئْرِ، فَمَكَثْنَا غَيْرَ بَعِيدٍ ثُمَّ اسْتَقَيْنَا حَتَّى رَوِينَا وَرَوَتْ - أَوْ صَدَرَتْ - رَكَائِبُنَا. طرفاه 4150، 4151 3578 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ قَالَ أَبُو طَلْحَةَ لأُمِّ سُلَيْمٍ لَقَدْ سَمِعْتُ صَوْتَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ضَعِيفًا، أَعْرِفُ فِيهِ الْجُوعَ فَهَلْ عِنْدَكِ مِنْ شَىْءٍ قَالَتْ نَعَمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والخاء المعجمة، وضاد كذلك، قال ابن الأثير: هو المركن يشبه الإجانة. قلت: في هذا الحديث لا يجوز ذلك التفسير، فإن بعض الروايات: صغر المخضب عن أن يبسط فيه يده فالصواب أنه القدح. 3577 - (يوم الحديبية) -بضم الحاء، مصغر- ويجوز في يائه التشديد والتخفيف اسم بئر، وكان ذلك سنة ست من الهجرة. 3578 - (قال أبو طلحة لأم سليم) اسم أبي طلحة: زيد بن سهل، وأم سليم -على

فَأَخْرَجَتْ أَقْرَاصًا مِنْ شَعِيرٍ، ثُمَّ أَخْرَجَتْ خِمَارًا لَهَا فَلَفَّتِ الْخُبْزَ بِبَعْضِهِ، ثُمَّ دَسَّتْهُ تَحْتَ يَدِى وَلاَثَتْنِى بِبَعْضِهِ، ثُمَّ أَرْسَلَتْنِى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ فَذَهَبْتُ بِهِ، فَوَجَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْمَسْجِدِ وَمَعَهُ النَّاسُ، فَقُمْتُ عَلَيْهِمْ فَقَالَ لِى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «آرْسَلَكَ أَبُو طَلْحَةَ». فَقُلْتُ نَعَمْ. قَالَ بِطَعَامٍ. فَقُلْتُ نَعَمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِمَنْ مَعَهُ «قُومُوا». فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقْتُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ حَتَّى جِئْتُ أَبَا طَلْحَةَ فَأَخْبَرْتُهُ. فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ، قَدْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالنَّاسِ، وَلَيْسَ عِنْدَنَا مَا نُطْعِمُهُمْ. فَقَالَتِ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَانْطَلَقَ أَبُو طَلْحَةَ حَتَّى لَقِىَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو طَلْحَةَ مَعَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هَلُمِّى يَا أُمَّ سُلَيْمٍ مَا عِنْدَكِ». فَأَتَتْ بِذَلِكَ الْخُبْزِ، فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَفُتَّ، وَعَصَرَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ عُكَّةً فَأَدَمَتْهُ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِيهِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ، ثُمَّ قَالَ «ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ». فَأَذِنَ لَهُمْ، فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا، ثُمَّ قَالَ «ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ». فَأَذِنَ لَهُمْ، فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا، ثُمَّ قَالَ «ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ». فَأَذِنَ لَهُمْ، فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا ثُمَّ قَالَ «ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ». فَأَكَلَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ وَشَبِعُوا، وَالْقَوْمُ سَبْعُونَ - أَوْ ثَمَانُونَ - رَجُلاً. طرفه 422 ـــــــــــــــــــــــــــــ وزن المصغر- أم أنس (فأخرجت أقراصًا من شعير)، جمع قُرص -بضم القاف- وقرصة، قال الجوهري: من قرصت المرأة العجين إذا قطعته (ثم دَسَّته تحت يدي، ولاثتني ببعضه) أي لفتني من لاث العمامة إذا لفّها (أرسلك أبو طلحة) بحذف حرف الاستفهام، ولذلك قال: نعم في الجواب (هلمي يا أم سليم) كذا في رواية أبي ذر، وهي على لغة الكوفة، وأهل البصرة يقولون: هلم في المذكر والمؤنث، ومعناه: هات (فَفُتَّ) -على بناء المجهول- أي: كسر الخبز (وعصرت أم سليم عُكّة) -بضم العين وتشديد الكاف- قال ابن الأثير: وعاء مستدير من الجلد يكون فيه السمن والعسل، وهو بالسمن أخص (فَأَدَمَتْه) -بفتح الهمزة والدال والميم- أي: جعلته إدامًا بكسر الهمزة، وكذا الأُدْم بضم الهمزة وسكون الدال. قال ابن الأثير: كل ما يؤكل به الخبز، وفي الحديث: "سيد إدام أهل الدنيا والآخرة اللحم" قال ابن الأثير: والفقهاء لا يجعلون اللحم إدامًا في باب الأيمان، قلت: لأن مبنى الأيمان على العرف.

3579 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِىُّ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنَّا نَعُدُّ الآيَاتِ بَرَكَةً وَأَنْتُمْ تَعُدُّونَهَا تَخْوِيفًا، كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي سَفَرٍ فَقَلَّ الْمَاءُ فَقَالَ «اطْلُبُوا فَضْلَةً مِنْ مَاءٍ». فَجَاءُوا بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ قَلِيلٌ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ، ثُمَّ قَالَ «حَىَّ عَلَى الطَّهُورِ الْمُبَارَكِ، وَالْبَرَكَةُ مِنَ اللَّهِ» فَلَقَدْ رَأَيْتُ الْمَاءَ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَلَقَدْ كُنَّا نَسْمَعُ تَسْبِيحَ الطَّعَامِ وَهْوَ يُؤْكَلُ. 3580 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ قَالَ حَدَّثَنِى عَامِرٌ قَالَ حَدَّثَنِى جَابِرٌ - رضى الله عنه - أَنَّ أَبَاهُ تُوُفِّىَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَأَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ إِنَّ أَبِى تَرَكَ عَلَيْهِ دَيْنًا وَلَيْسَ عِنْدِى إِلاَّ مَا يُخْرِجُ نَخْلُهُ، وَلاَ يَبْلُغُ مَا يُخْرِجُ سِنِينَ مَا عَلَيْهِ، فَانْطَلِقْ مَعِى ـــــــــــــــــــــــــــــ 3579 - (محمد بن المثنى) بضم الميم وتشديد النون (أبو أحمد الزبيري) اسمه محمد بن عبد الله نسب إلى جده (كنا نعد الآيات بركة) أي: الأمور الخارقة (وأنتم تعدونها تخويفًا) وهذا باعتبار الزمان، فإن لما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- موجودًا كانوا آمنين؛ لقوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ} [الأنفال: 33]، وفي الحديث: "أنا أَمَنَةٌ لأصحابي، فإذا ذهبت أنا جاء أصحابي ما يوعدون". (حيَّ على الطَّهور المبارك) حي اسم فعل بمعنى أسرع، ومنه قول المؤذن حيّ على الصلاة، ويجوز إفراده في موضع التثنية والجمع، والطَّهور -بفتح الطاء على الأشهر-: الماء المعد للطهارة. 3580 - (أبو نعيم) -بضم النون، مصغر- فضل بن دكين. وحديث جابر وفاء دين أبيه تقدم مع شرحه مستوفى في أبواب الإفلاس وغيرها (وليس عندي إلا ما يخرج نخله ولا يبلغ ما يخرج سنين) بلفظ الجمع.

لِكَىْ لاَ يُفْحِشَ عَلَىَّ الْغُرَمَاءُ. فَمَشَى حَوْلَ بَيْدَرٍ مِنْ بَيَادِرِ التَّمْرِ فَدَعَا ثَمَّ آخَرَ، ثُمَّ جَلَسَ عَلَيْهِ فَقَالَ «انْزِعُوهُ». فَأَوْفَاهُمُ الَّذِى لَهُمْ، وَبَقِىَ مِثْلُ مَا أَعْطَاهُمْ. طرفه 2127 3581 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ أَصْحَابَ الصُّفَّةِ كَانُوا أُنَاسًا فُقَرَاءَ، وَأَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ مَرَّةً «مَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ اثْنَيْنِ فَلْيَذْهَبْ بِثَالِثٍ، وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ أَرْبَعَةٍ فَلْيَذْهَبْ بِخَامِسٍ أَوْ سَادِسٍ». أَوْ كَمَا قَالَ، وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ جَاءَ بِثَلاَثَةٍ وَانْطَلَقَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِعَشَرَةٍ، وَأَبُو بَكْرٍ وَثَلاَثَةً، قَالَ فَهْوَ أَنَا وَأَبِى وَأُمِّى - وَلاَ أَدْرِى هَلْ قَالَ امْرَأَتِى وَخَادِمِى - بَيْنَ بَيْتِنَا وَبَيْنَ بَيْتِ أَبِى بَكْرٍ، وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ تَعَشَّى عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ لَبِثَ حَتَّى صَلَّى الْعِشَاءَ، ثُمَّ رَجَعَ فَلَبِثَ حَتَّى تَعَشَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَجَاءَ بَعْدَ مَا مَضَى مِنَ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللَّهُ، قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ مَا حَبَسَكَ عَنْ أَضْيَافِكَ أَوْ ضَيْفِكَ. قَالَ أَوَ عَشَّيْتِهِمْ قَالَتْ أَبَوْا حَتَّى تَجِئَ، قَدْ عَرَضُوا عَلَيْهِمْ فَغَلَبُوهُمْ، فَذَهَبْتُ فَاخْتَبَأْتُ، فَقَالَ يَا غُنْثَرُ. فَجَدَّعَ وَسَبَّ وَقَالَ كُلُوا وَقَالَ لاَ أَطْعَمُهُ أَبَدًا. قَالَ وَايْمُ اللَّهِ مَا كُنَّا نَأْخُذُ مِنَ اللُّقْمَةِ إِلاَّ رَبَا مِنْ أَسْفَلِهَا أَكْثَرُ مِنْهَا حَتَّى شَبِعُوا، ـــــــــــــــــــــــــــــ 3581 - (معتمر) اسم فاعل (أبو عثمان) هو النهدي، واسمه عبد الرحمن. روى حديث أبي بكر وأضيافه حين أرسلهم إلى بيته، وتعشى هو عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأبوا أن يأكلوا حتى يأتي أبو بكر، والحديث بطوله تقدم في أبواب الصلاة، والغرض من إيراده هنا الإشارة إلى كثرة الطعام، وهي قول امرأة أبي بكر لهي الآن أكثر ما كانت قبل بثلاث مرات، وذهل بعضهم، فزعم أن موضع الإعجاز كونهم أكلوا منه أجمعين. (كان أصحاب الصفة فقراء) هي صفّة مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكان أصحاب الصفة يشتغلون بالقرآن والعبادة، وكانوا يزيدون تارة وينقصون، لم يكونوا محصورين في عدد (فهو أنا، وأبي وأمي) الضمير للشأن، وهذا الكلام من هنا إلى قوله: ثم رجع، بيان من تعشى في بيت أبي يكر و (ثم رجع) عطف على انطلق أبو بكر، وما في البين كلام معترض كما أشرنا إليه، وقد أشكل على بعضهم حل هذا الموضع، فزعم أن التعشي الأول لأبي بكر، والثاني لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أو الأول من العِشاء بكسر العين، والثاني من العَشاء بفتح العين، وكله

وَصَارَتْ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَتْ قَبْلُ، فَنَظَرَ أَبُو بَكْرٍ فَإِذَا شَىْءٌ أَوْ أَكْثَرُ قَالَ لاِمْرَأَتِهِ يَا أُخْتَ بَنِى فِرَاسٍ. قَالَتْ لاَ وَقُرَّةِ عَيْنِى لَهْىَ الآنَ أَكْثَرُ مِمَّا قَبْلُ بِثَلاَثِ مَرَّاتٍ. فَأَكَلَ مِنْهَا أَبُو بَكْرٍ، وَقَالَ إِنَّمَا كَانَ الشَّيْطَانُ - يَعْنِى يَمِينَهُ - ثُمَّ أَكَلَ مِنْهَا لُقْمَةً، ثُمَّ حَمَلَهَا إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَصْبَحَتْ عِنْدَهُ. وَكَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمٍ عَهْدٌ، فَمَضَى الأَجَلُ، فَتَفَرَّقْنَا اثْنَا عَشَرَ رَجُلاً مَعَ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ أُنَاسٌ. اللَّهُ أَعْلَمُ كَمْ مَعَ كُلِّ رَجُلٍ، غَيْرَ أَنَّهُ بَعَثَ مَعَهُمْ، قَالَ أَكَلُوا مِنْهَا أَجْمَعُونَ. أَوْ كَمَا قَالَ. طرفه 602 3582 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ وَعَنْ يُونُسَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ أَصَابَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ قَحْطٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَبَيْنَا هُوَ يَخْطُبُ يَوْمَ جُمُعَةٍ إِذْ قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَتِ الْكُرَاعُ، هَلَكَتِ الشَّاءُ، فَادْعُ اللَّهَ يَسْقِينَا، فَمَدَّ يَدَيْهِ وَدَعَا. قَالَ أَنَسٌ وَإِنَّ السَّمَاءَ لَمِثْلُ الزُّجَاجَةِ فَهَاجَتْ رِيحٌ أَنْشَأَتْ سَحَابًا ثُمَّ اجْتَمَعَ، ثُمَّ أَرْسَلَتِ السَّمَاءُ عَزَالِيَهَا، فَخَرَجْنَا نَخُوضُ الْمَاءَ حَتَّى أَتَيْنَا مَنَازِلَنَا، فَلَمْ نَزَلْ نُمْطَرُ إِلَى الْجُمُعَةِ الأُخْرَى، فَقَامَ إِلَيْهِ ذَلِكَ الرَّجُلُ - أَوْ غَيْرُهُ - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَهَدَّمَتِ الْبُيُوتُ، فَادْعُ اللَّهَ يَحْبِسْهُ. فَتَبَسَّمَ ثُمَّ قَالَ «حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا». فَنَظَرْتُ إِلَى السَّحَابِ تَصَدَّعَ حَوْلَ الْمَدِينَةِ كَأَنَّهُ إِكْلِيلٌ. طرفه 932 ـــــــــــــــــــــــــــــ خبط، كيف وفي الرواية الأخرى:"وتعشى أبو بكر عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-". (يا أخت بني فراس) -بكسر الفاء- اسم قبيلة، وهي أم رومان أم عائشة. فإن قلت: هذه كرامة لأبي بكر، فكيف عدها من علامات النبوة؟ قلت: كل ما كان كرامة لأمته، فهي في المعنى معجزة له لدلالتها على صدقه، إذ لو لم يكن نبيًّا لم يبلغ مالك طريقة هذا الكمال، وأما الجواب لجواز إظهار المعجزة على يد الغير، فباطل عقلًا ونقلًا. (فتفرقنا) من التفرقة (اثني عشر رجلًا) خبر مبتدأ أي: ونحن، ولا يجوز أن يكون بدلًا من ضمير تفرقنا، وفي بعضها تعرفنا من المعرفة أي تبع كل واحد عريفه. 3582 - (حماد) -بفتح الحاء، وتشديد الميم- روى حديث أنس (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يخطب فقام إليه رجل وشكا عدم المطر) وقد سلف في أبواب الجمعة، وموضع الدلالة هنا: كونه حين سأل المطر جاء على الفور، وحين سأل رفعه انقطع في الحال.

3583 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ أَبُو غَسَّانَ حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ - وَاسْمُهُ عُمَرُ بْنُ الْعَلاَءِ أَخُو أَبِى عَمْرِو بْنِ الْعَلاَءِ - قَالَ سَمِعْتُ نَافِعًا عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ إِلَى جِذْعٍ فَلَمَّا اتَّخَذَ الْمِنْبَرَ تَحَوَّلَ إِلَيْهِ، فَحَنَّ الْجِذْعُ فَأَتَاهُ فَمَسَحَ يَدَهُ عَلَيْهِ. وَقَالَ عَبْدُ الْحَمِيدِ أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ الْعَلاَءِ عَنْ نَافِعٍ بِهَذَا. وَرَوَاهُ أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ أَبِى رَوَّادٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 3584 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقُومُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَى شَجَرَةٍ أَوْ نَخْلَةٍ، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ - أَوْ رَجُلٌ - يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلاَ نَجْعَلُ لَكَ مِنْبَرًا قَالَ «إِنْ شِئْتُمْ». فَجَعَلُوا لَهُ مِنْبَرًا، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ دُفِعَ إِلَى الْمِنْبَرِ، فَصَاحَتِ النَّخْلَةُ صِيَاحَ الصَّبِىِّ، ثُمَّ نَزَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَضَمَّهُ إِلَيْهِ تَئِنُّ أَنِينَ الصَّبِىِّ، الَّذِى يُسَكَّنُ، قَالَ «كَانَتْ تَبْكِى عَلَى مَا كَانَتْ تَسْمَعُ مِنَ الذِّكْرِ عِنْدَهَا». طرفه 449 ـــــــــــــــــــــــــــــ 3583 - (أبو غسّان) بفتح المعجمة وتشديد السين (عمرو بن العلاء) بفتح العين والمد (وقال عبد الحميد) هو عبد بن حميد الكبشي، قال المقدسي: كان اسمه عبد الحميد أولًا، وليس له في البخاري، ولا لمعاذ بن العلاء إلا هذا تعليقًا (ورواه أبو عاصم) هو النبيل (عن ابن أبي ورّاد) بفتح الواو وتشديد الراء، واسمه عبد العزيز. 3584 - (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقوم يوم الجمعة إلى شجرة أي متكئًا عليها، فقالت [امرأة] من الأنصار أو رجل: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ألا نجعل لك منبرًا) -بكسر الميم- من النبر وهو الرفع، قال مالك: عمله غلام لسعد بن عبادة، وقيل: غلام للعباس، وقيل: غلام تلك المرأة، بهذا جزم البخاري في أبواب الصلاة، وقد سلف اسم المرأة والغلام في أبواب الجمعة، (فلما كان يوم الجمعة دُفع إلي المنبر) -بضم الدال على بناء المجهول- أي: صرف نحوه بإذن الله، ويروى على بناء الفاعل مجازًا عن الذهاب (فصاحت النخلة صياح الصبي).

3585 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى أَخِى عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلاَلٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِى حَفْصُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - يَقُولُ كَانَ الْمَسْجِدُ مَسْقُوفًا عَلَى جُذُوعٍ مِنْ نَخْلٍ فَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا خَطَبَ يَقُومُ إِلَى جِذْعٍ مِنْهَا، فَلَمَّا صُنِعَ لَهُ الْمِنْبَرُ، وَكَانَ عَلَيْهِ فَسَمِعْنَا لِذَلِكَ الْجِذْعِ صَوْتًا كَصَوْتِ الْعِشَارِ، حَتَّى جَاءَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا فَسَكَنَتْ. طرفه 449 3586 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنْ شُعْبَةَ. حَدَّثَنِى بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ يُحَدِّثُ عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - قَالَ أَيُّكُمْ يَحْفَظُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْفِتْنَةِ فَقَالَ حُذَيْفَةُ أَنَا أَحْفَظُ كَمَا قَالَ. قَالَ هَاتِ إِنَّكَ لَجَرِئٌ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَجَارِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلاَةُ وَالصَّدَقَةُ وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْىُ عَنِ الْمُنْكَرِ». قَالَ لَيْسَتْ هَذِهِ، وَلَكِنِ الَّتِى تَمُوجُ كَمَوْجِ الْبَحْرِ. قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لاَ بَأْسَ عَلَيْكَ مِنْهَا، إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا. قَالَ يُفْتَحُ الْبَابُ أَوْ يُكْسَرُ قَالَ لاَ بَلْ يُكْسَرُ. قَالَ ذَاكَ أَحْرَى أَنْ لاَ يُغْلَقَ. قُلْنَا عَلِمَ الْبَابَ قَالَ نَعَمْ، كَمَا أَنَّ دُونَ غَدٍ اللَّيْلَةَ، إِنِّى حَدَّثْتُهُ حَدِيثًا لَيْسَ بِالأَغَالِيطِ. فَهِبْنَا أَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: في الحديث بعده صياح العِشار بكسر العين جمع عشراء التي أتت عليها عشرة أشهر من مدة الحمل؟ قلت: كلاهما صحيح باعتبار الحالين، أولًا كان كالعشار، ثم كالصبي، وقد جاء في رواية تقدمت: فَأنَّ أنين الصبي نزل وضمه إليه. 3586 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (ابن أبي عدي) محمد بن إبراهيم (بشر بن خالد) -بكسر الباء الموحدة، وسكون المعجمة- روى عن حذيفة (قول عمر بن الخطاب: أيكم يحفظ قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الفتنة) وقد سلف الحديث مع شرحه في باب مواقيت الصلاة (إني حدثته حديثًا ليس بالأغاليط) جمع أغلوطة -بفتح الهمزة-: المسألة التي يغلط فيها الإنسان. فإن قلت: أين في الحديث علامة النبوة؟ قلت: إخباره بالغيب الذي رواه حذيفة.

نَسْأَلَهُ، وَأَمَرْنَا مَسْرُوقًا، فَسَأَلَهُ فَقَالَ مَنِ الْبَابُ قَالَ عُمَرُ. طرفه 525 3587 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا قَوْمًا نِعَالُهُمُ الشَّعَرُ، وَحَتَّى تُقَاتِلُوا التُّرْكَ، صِغَارَ الأَعْيُنِ، حُمْرَ الْوُجُوهِ، ذُلْفَ الأُنُوفِ كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ». طرفه 2928 3588 - «وَتَجِدُونَ مِنْ خَيْرِ النَّاسِ أَشَدَّهُمْ كَرَاهِيَةً لِهَذَا الأَمْرِ، حَتَّى يَقَعَ فِيهِ، وَالنَّاسُ مَعَادِنُ، خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الإِسْلاَمِ». 3589 - «وَلَيَأْتِيَنَّ عَلَى أَحَدِكُمْ زَمَانٌ لأَنْ يَرَانِى أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ مِثْلُ أَهْلِهِ وَمَالِهِ». 3590 - حَدَّثَنِى يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَقُومُ ـــــــــــــــــــــــــــــ 3587 - (أبو الزناد) -بكسر الزاي بعدها نون- عبد الله بن ذكوان (لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قومًا نعالهم الشَّعر) أي يلبسون شيئًا منسوجًا من الشعر، وقد شاهدنا منه في ديار بكر في الأكراد (ذلف الأنوف) -بذال معجمة ولام ساكنة- جمع أذلف وهو صغير الأنف. فإن قلت: في الرواية الأخرى فطس الأنف؟ قلت: لا ينافي لأن الفطوسة افتراش الأنف، يجوز أن يكون مع الصغر. (كأن وجوههم المَجان المُطرقة) -بفتح الميم وتشديد النون- جمع مجن وهو الترس، والمُطْرقة بضم الميم، وسكون الطاء من طارقت النعل إذا جعلت طرقه فوق طرقه. وقيل: هو من الطرق، وهو الجلد الأحمر الذي يجعل على وجه الترس. 3588 - (وتجدون من خير الناس أشدهم كراهية لهذا الأمر) أي الإمارة، وقد سلف الحديث ومحصله: أنه إذا وقع وقد على القيام به، وحلا له لما في ذلك من جزيل الأجر، أو لما ذاق طعم الرياسة. 3590 - (مَعْمَر) بفتح الميمين وعين ساكنة (هَمّام) بفتح الهاء، وتشديد الميم (لا تقوم

السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا خُوزًا وَكَرْمَانَ مِنَ الأَعَاجِمِ، حُمْرَ الْوُجُوهِ، فُطْسَ الأُنُوفِ، صِغَارَ الأَعْيُنِ، وُجُوهُهُمُ الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ، نِعَالُهُمُ الشَّعَرُ». تَابَعَهُ غَيْرُهُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ. طرفه 2928 3591 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ قَالَ إِسْمَاعِيلُ أَخْبَرَنِى قَيْسٌ قَالَ أَتَيْنَا أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - فَقَالَ صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثَلاَثَ سِنِينَ لَمْ أَكُنْ فِي سِنِىَّ أَحْرَصَ عَلَى أَنْ أَعِىَ الْحَدِيثَ مِنِّى فِيهِنَّ سَمِعْتُهُ يَقُولُ وَقَالَ هَكَذَا بِيَدِهِ «بَيْنَ يَدَىِ السَّاعَةِ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نِعَالُهُمُ الشَّعَرُ، وَهُوَ هَذَا الْبَارِزُ». وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً وَهُمْ أَهْلُ الْبَازَرِ. طرفه 2928 3592 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «بَيْنَ يَدَىِ السَّاعَةِ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا يَنْتَعِلُونَ الشَّعَرَ، وَتُقَاتِلُونَ قَوْمًا كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ». طرفه 2927 ـــــــــــــــــــــــــــــ الساعة حتى تقاتلوا خُوزًا وكرمَان) -بضم الخاء المعجمة آخره زاي كذلك- وهذا الذي أخبر به قد وقع على وفق ما ذكر. 3591 - قال أبو هريرة: (صحبت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثلاث سنين) لأنه أسلم سنة سبع بخيبر (لم أكن في سِنِيَّ) بكسر السين والنون، وتشديد الياء بإضافة السين إلى ياء المتكلم، فسقط النون بالإضافة فأدغمت الياء في الياء (أحرص على أن أعي الحديث مني فيهن) هذا تفضيل الشيء على نفسه باعتبار الحالين (تقاتلون قومًا نعالهم الشعر وهو هذا البارز، وقال سفيان مرة: وهم أهل البارز) اختلفوا في ضبط لفظه ومعناه، قال ابن السكن وغيره بتقديم الراء المكسورة، وكذا قال الأصيلي إلا أنه قال: الراء مفتوحة، قالوا: وهم البارزون إلى الفضاء لقتال المسلمين، وقيل: بتقديم المعجمة اسم طائفة بكرمان، وقول سفيان: هم أهل البارز يؤيد الأول. 3592 - (سليمان بن حرب) ضد الصلح (جرير بن حازم) بالحاء المهملة (عمرو بن تغلب) بفتح التاء وكسر اللام.

3593 - حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «تُقَاتِلُكُمُ الْيَهُودُ فَتُسَلَّطُونَ عَلَيْهِمْ ثُمَّ يَقُولُ الْحَجَرُ يَا مُسْلِمُ، هَذَا يَهُودِىٌّ وَرَائِى فَاقْتُلْهُ». طرفه 2925 3594 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَأْتِى عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَغْزُونَ، فَيُقَالُ فِيكُمْ مَنْ صَحِبَ الرَّسُولَ - صلى الله عليه وسلم - فَيَقُولُونَ نَعَمْ. فَيُفْتَحُ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ يَغْزُونَ فَيُقَالُ لَهُمْ هَلْ فِيكُمْ مَنْ صَحِبَ مَنْ صَحِبَ الرَّسُولَ - صلى الله عليه وسلم - فَيَقُولُونَ نَعَمْ. فَيُفْتَحُ لَهُمْ». طرفه 2897 3595 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْحَكَمِ أَخْبَرَنَا النَّضْرُ أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ أَخْبَرَنَا سَعْدٌ الطَّائِىُّ أَخْبَرَنَا مُحِلُّ بْنُ خَلِيفَةَ عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ بَيْنَا أَنَا عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ فَشَكَا إِلَيْهِ الْفَاقَةَ، ثُمَّ أَتَاهُ آخَرُ، فَشَكَا قَطْعَ السَّبِيلِ. فَقَالَ «يَا عَدِىُّ هَلْ رَأَيْتَ الْحِيرَةَ». قُلْتُ لَمْ أَرَهَا وَقَدْ أُنْبِئْتُ عَنْهَا. قَالَ «فَإِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ لَتَرَيَنَّ الظَّعِينَةَ تَرْتَحِلُ مِنَ الْحِيرَةِ، حَتَّى تَطُوفَ بِالْكَعْبَةِ، لاَ تَخَافُ أَحَدًا إِلاَّ اللَّهَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ 3593 - (الحكم) بفتح الحاء والكاف (تقاتلون اليهود فتسلطون عليهم حتى يقول الحجر: يا مسلم هذا يهودي ورائي فاقتله) هذا يكون عند ظهور الدجال، فإن أكثر تبعه يهود، وفي رواية الإمام أحمد: "لا يبقى شيء يتوارى به يهودي إلا أنطقهُ الله: يا مسلم هذا اليهودي إلا الغرقد فإنه شجر اليهود". 3595 - (النضر) بضاد معجمة (مُحِل بن خليفة) بضم الميم وكسر الحاء وتشديد اللام (بينا أنا عند النبي -صلى الله عليه وسلم- إذ أتاه رجل فشكا إليه الفاقة) أي الفقر، والحديث مر في أبواب الزكاة. ونشير إلى مواضع منه (رأيت الحِيرة) -بكسر الحاء وسكون الياء-: بلد بقرب الكوفة (لَتَرَينّ الظعينة ترحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة) -بفتح الظاء وكسر العين-: المرأة ما دامت في الهودج، ثم اتسع فيه، فأطلق على المرأة مطلقًا، وهو المراد في

قُلْتُ فِيمَا بَيْنِى وَبَيْنَ نَفْسِى فَأَيْنَ دُعَّارُ طَيِّئٍ الَّذِينَ قَدْ سَعَّرُوا الْبِلاَدَ «وَلَئِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ لَتُفْتَحَنَّ كُنُوزُ كِسْرَى». قُلْتُ كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ قَالَ «كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ، وَلَئِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ، لَتَرَيَنَّ الرَّجُلَ يُخْرِجُ مِلْءَ كَفِّهِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، يَطْلُبُ مَنْ يَقْبَلُهُ مِنْهُ، فَلاَ يَجِدُ أَحَدًا يَقْبَلُهُ مِنْهُ، وَلَيَلْقَيَنَّ اللَّهَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ يَلْقَاهُ، وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ يُتَرْجِمُ لَهُ. فَيَقُولَنَّ أَلَمْ أَبْعَثْ إِلَيْكَ رَسُولاً فَيُبَلِّغَكَ فَيَقُولُ بَلَى. فَيَقُولُ أَلَمْ أُعْطِكَ مَالاً وَأُفْضِلْ عَلَيْكَ فَيَقُولُ بَلَى. فَيَنْظُرُ عَنْ يَمِينِهِ فَلاَ يَرَى إِلاَّ جَهَنَّمَ، وَيَنْظُرُ عَنْ يَسَارِهِ فَلاَ يَرَى إِلاَّ جَهَنَّمَ». قَالَ عَدِىٌّ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقَّةِ تَمْرَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ شِقَّةَ تَمْرَةٍ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ». قَالَ عَدِىٌّ فَرَأَيْتُ الظَّعِينَةَ تَرْتَحِلُ مِنَ الْحِيرَةِ حَتَّى تَطُوفَ بِالْكَعْبَةِ، لاَ تَخَافُ إِلاَّ اللَّهَ، وَكُنْتُ فِيمَنِ افْتَتَحَ كُنُوزَ كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ، وَلَئِنْ طَالَتْ بِكُمْ حَيَاةٌ لَتَرَوُنَّ مَا قَالَ النَّبِىُّ أَبُو الْقَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم - «يُخْرِجُ مِلْءَ كَفِّهِ». حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ أَخْبَرَنَا سَعْدَانُ بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُجَاهِدٍ حَدَّثَنَا مُحِلُّ بْنُ خَلِيفَةَ سَمِعْتُ عَدِيًّا كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 1413 3596 - حَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ شُرَحْبِيلَ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ يَزِيدَ عَنْ أَبِى الْخَيْرِ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ الحديث (فقلت فيما بيني وبين نفسي: فأين دُعَّار طيء) -بضم الدال وتشديد العين-: جمع داعر وهو المفسد، أراد قطاع الطريق، ولذلك وصفهم بقوله: (الذين سعروا البلاد) -بتخفيف العين- أي: أوقدوها نارًا من شدة الشر والفساد (كسرى بن هرمز) بفتح الكاف وكسرها معرب خسرو (لترين الرجل يخرج ملء كفه من ذهب أو فضة [يطلب من] يقبله فلا يجد) سمعت بعض المشايخ أن هذا وقع ببغداد في أيام الخلفاء، وروى البيهقي بالإسناد أن ذلك وقع في خلافة عمر بن عبد العزيز، وهذا هو المعتمد؛ لأن لفظ الحديث: "لئن طالت بك الحياة" يدل على قرب الوقوع. (أبو عاصم) هو النبيل روى عنه بالواسطة، وإنما أردف بهذا الإسناد لتصريح مخل بالسماع، فيندفع به وهم الإرسال والتدليس. 3596 - (شرحبيل) [بضم] الشين، وفتح الراء (عن أبى الخير) واسمه مرثد (إني

عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ يَوْمًا فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلاَتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَ «إِنِّى فَرَطُكُمْ، وَأَنَا شَهِيدٌ عَلَيْكُمْ، إِنِّى وَاللَّهِ لأَنْظُرُ إِلَى حَوْضِى الآنَ، وَإِنِّى قَدْ أُعْطِيتُ خَزَائِنَ مَفَاتِيحِ الأَرْضِ، وَإِنِّى وَاللَّهِ مَا أَخَافُ بَعْدِى أَنْ تُشْرِكُوا، وَلَكِنْ أَخَافُ أَنْ تَنَافَسُوا فِيهَا». طرفه 1344 3597 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ أُسَامَةَ - رضى الله عنه - قَالَ أَشْرَفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى أُطُمٍ مِنَ الآطَامِ، فَقَالَ «هَلْ تَرَوْنَ مَا أَرَى إِنِّى أَرَى الْفِتَنَ تَقَعُ خِلاَلَ بُيُوتِكُمْ مَوَاقِعَ الْقَطْرِ». طرفه 1878 3598 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ زَيْنَبَ ابْنَةَ أَبِى سَلَمَةَ حَدَّثَتْهُ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ أَبِى سُفْيَانَ حَدَّثَتْهَا عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَلَيْهَا فَزِعًا يَقُولُ «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ، فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذَا». وَحَلَّقَ بِإِصْبَعِهِ وَبِالَّتِى تَلِيهَا، فَقَالَتْ زَيْنَبُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ قَالَ «نَعَمْ، إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ». أطرافه 3346 ـــــــــــــــــــــــــــــ فرطكم) -بثلاث فتحات- هو الذي يتقدم بين يدي القوم لتهيئة الأسباب في المنزل (وأنا شهيد عليكم) أي: لكم، وإنما عدّاه بعلى للدلالة على أن تلك الشهادة عن اطلاع، كأنه رقيب عليهم (وإني قد أعطيت خزائن مفاتيح الأرض) كذا وقع، فإما أن يكون من غلط الناسخ أو المراد أن المفاتيح من كثرتها في خزائن، والمراد بها ما فتح الله عليه، ويفتحه على أمته إلى قيام الساعة، و (تنافسوا فيها) أي: تنازعوا. 3597 - (أشرف النبي -صلى الله عليه وسلم- على أُطم من الآطام) -بضم الهمزة- شبه القصر (إني أرى الفتن تقع خلال بيوتكم مواقع القطر) كناية عن كثرتها، وهي الفتنة التي وقعت في أيام يزيد على يد مسلم بن عقبة أباح المدينة ثلاثة أيام، وقتل فيها عشرة آلاف. 3598 - (ويل للعرب من شر قد اقترب) ويل كلمة عذاب وخزي قيل: إنما تقال فيمن وقع في عذاب يستحقه، وويح فيمن لا يستحقه، وهذا لا يلائم المقام. فإن قلت: ما المراد بذلك الشر؟ قلت: ما وقع من معاوية، ويزيد من قتل الحسين، وسائر أهل البيت والصحابة.

3599 - وَعَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَتْنِى هِنْدُ بِنْتُ الْحَارِثِ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ قَالَتِ اسْتَيْقَظَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «سُبْحَانَ اللَّهِ، مَاذَا أُنْزِلَ مِنَ الْخَزَائِنِ وَمَاذَا أُنْزِلَ مِنَ الْفِتَنِ». طرفه 115 3600 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ الْمَاجِشُونِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى صَعْصَعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ لِى إِنِّى أَرَاكَ تُحِبُّ الْغَنَمَ، وَتَتَّخِذُهَا، فَأَصْلِحْهَا وَأَصْلِحْ رُعَامَهَا، فَإِنِّى سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «يَأْتِى عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ تَكُونُ الْغَنَمُ فِيهِ خَيْرَ مَالِ الْمُسْلِمِ، يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ - أَوْ سَعَفَ الْجِبَالِ - فِي مَوَاقِعِ الْقَطْرِ، يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنَ الْفِتَنِ». طرفه 19 3601 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ الأُوَيْسِىُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «سَتَكُونُ فِتَنٌ، الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِى، وَالْمَاشِى فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِى، وَمَنْ يُشْرِفْ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ، وَمَنْ وَجَدَ مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ». طرفاه 7081، 7082 ـــــــــــــــــــــــــــــ 3599 - (سبحان الله ماذا أنزل من الخزائن وماذا أنزل من الفتن) إشارة إلى كثرتها، والمراد علمه بنزولها لا أنها نزلت بالفعل. كيسان بفتح الكاف. 3600 - (أبو نعيم) بضم النون، مصغر (الماجشون) بكسر الجيم، معرب: ماه كون أي: لونه لون الورد (إني أراك تحب الغنم، وتتخذها فأصلحها، وأصلح رغامها) -بضم الراء وغين معجمة-: هو ما يسيل من الأنف، كناية عن حسن الرعاية، فإن ذلك لم تجر العادة بإصلاحه، وفي بعضها بلفظ رعاتها [جمع] راع (شعف الجبال) بشين معجمة، وعين مهملة، جمع شعفة أعلى الجبل (أو سعفة) شكٌّ من الراوي هل قال بالمعجمة، أو بالمهملة، قال الجوهري: هو غصن النخل، ولا معنى له إلا أن يكون على طريق التشبيه. 3601 - (الأويس) بضم الهمزة (ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم) لأنه أقرب إلى الوقوع فيها، وقس عليها حال الماشي وغيره (من تشرف لها تستشرفه) أي: من تطلع لها

3602 - وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِى أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُطِيعِ بْنِ الأَسْوَدِ عَنْ نَوْفَلِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، مِثْلَ حَدِيثِ أَبِى هُرَيْرَةَ هَذَا، إِلاَّ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ يَزِيدُ «مِنَ الصَّلاَةِ صَلاَةٌ مَنْ فَاتَتْهُ فَكَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ». 3603 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «سَتَكُونُ أَثَرَةٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا تَأْمُرُنَا قَالَ «تُؤَدُّونَ الْحَقَّ الَّذِى عَلَيْكُمْ، وَتَسْأَلُونَ اللَّهَ الَّذِى لَكُمْ». طرفه 7052 3604 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى التَّيَّاحِ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى ـــــــــــــــــــــــــــــ جذبته جذب المغناطيس الحديد، وفيه حث على البعد منها. 3602 - (من الصلاة) أي من هذا الجنس صلاة (من فاتته فكأنما وتر أهله وماله) على بناء المجهول؛ ونصب أهله لاستتار الضمير فيه على أنه متعد إلى مفعولين، ويجوز الرفع، قال ابن الأثير: معناه النقص، فمن رد النقص إلى الرجل نصبهما، ومن رد إلى الأهل والمال رفعهما، قلت: الأولى أن يجعل الأهل والمال مرفوعين لوقوع الفعل على الأهل والمال؛ لأنهما المسلوبان حقيقة. 3603 - (سيكون أَثَرَة) -بثلاث فتحات- أي إيثار المال ومنعه عن المستحق كما يفعله الظلمة في زماننا (تؤدون الحق الذي عليكم) من الطاعة (وتسألون الله الذي لكم)، إما في الدنيا وإما في الآخرة. 3604 - (أبو أُسامة) -بضم الهمزة- حماد بن أُسامة (عن أبي التياح) -بفتح الفوقانية وتشديد التحتانية- اسمه يزيد (عن أبي زُرعة) -بضم الزاي- هرم بن عمرو بن جرير بن عبد الله، الأولى بضم الهمزة.

الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يُهْلِكُ النَّاسَ هَذَا الْحَىُّ مِنْ قُرَيْشٍ». قَالُوا فَمَا تَأْمُرُنَا قَالَ «لَوْ أَنَّ النَّاسَ اعْتَزَلُوهُمْ». قَالَ مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى التَّيَّاحِ سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ. طرفاه 3605، 7058 3605 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَكِّىُّ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأُمَوِىُّ عَنْ جَدِّهِ قَالَ كُنْتُ مَعَ مَرْوَانَ وَأَبِى هُرَيْرَةَ فَسَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ الصَّادِقَ الْمَصْدُوقَ يَقُولُ «هَلاَكُ أُمَّتِى عَلَى يَدَىْ غِلْمَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ». فَقَالَ مَرْوَانُ غِلْمَةٌ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ إِنْ شِئْتَ أَنْ أُسَمِّيَهُمْ بَنِى فُلاَنٍ وَبَنِى فُلاَنٍ. طرفه 3604 3606 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ جَابِرٍ قَالَ حَدَّثَنِى بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلاَنِىُّ أَنَّهُ سَمِعَ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ يَقُولُ كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِى. فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ، فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ، فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ قَالَ «نَعَمْ». قُلْتُ وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ قَالَ «نَعَمْ، وَفِيهِ دَخَنٌ». قُلْتُ وَمَا دَخَنُهُ قَالَ «قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِى تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ». قُلْتُ فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ قَالَ «نَعَمْ دُعَاةٌ إِلَى أَبْوَابِ ـــــــــــــــــــــــــــــ 3605 - (هلاك أمتي على يدي غلمة من قريش) هم يزيد وبنو مروان، ولذلك قال أبو هريرة: (إن شئت سميتهم) بنو فلان، وبنو فلان. 3606 - (بُسر بن عبيد الله) بضم الباء وسين مهملة (الحَضرمي) -بفتح المهملة- نسبة إلى حضرموت موضع بيمن (أبو إدريس الخولاني) اسمه عائذ الله، وخولان قبيلة من عرب اليمن (قلت: هل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم) مثل قتل عمر وعثمان، وما وقع من معاوية في حق علي (قلت: هل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: نعم، وفيه دَخنٌ) إشارة إلى ظهور البدع، والأهواء كالخوارج، والقرامطة، والدخن -بفتح الخاء- لغة في الدخان، وقيل: لون غير صاف (دعاة على أبواب جهنم) أي الطرق الموصلة إليه، وهم هؤلاء الجهلة الذين لا علم لهم بالشريعة، ويزعمون أنهم أولياء الله، قال الغزالي: قتل واحد منهم أفضل

جَهَنَّمَ، مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا فَقَالَ «هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا» قُلْتُ فَمَا تَأْمُرُنِى إِنْ أَدْرَكَنِى ذَلِكَ قَالَ «تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ». قُلْتُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلاَ إِمَامٌ قَالَ «فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ». طرفاه 3607، 7084 3607 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنِى قَيْسٌ عَنْ حُذَيْفَةَ - رضى الله عنه - قَالَ تَعَلَّمَ أَصْحَابِى الْخَيْرَ وَتَعَلَّمْتُ الشَّرَّ. طرفه 3606 3608 - حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَقْتَتِلَ فِئَتَانِ دَعْوَاهُمَا وَاحِدَةٌ». طرفه 85 3609 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَقْتَتِلَ فِئَتَانِ، فَيَكُونَ بَيْنَهُمَا مَقْتَلَةٌ عَظِيمَةٌ، دَعْوَاهُمَا وَاحِدَةٌ، وَلاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُبْعَثَ دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ قَرِيبًا مِنْ ثَلاَثِينَ، كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ». طرفه 85 ـــــــــــــــــــــــــــــ من إحياء عشرة. (ولو أن تعضّ بأصل شجرة حتى يدركك الموت) -بفتح التاء والعين- كناية عن الاعتزال بما أمكن فرارًا بدينه. 3608 - (لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان، دعواهما واحدة) أي: كل يدعي أن الحق معه، والظاهر أنه ما وقع من معاوية في شأن الإمام علي بن أبي طالب. 3609 - (ولا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون) اشتقاق الدجال من الدجل، وهو الستر (كلهم يزعم أنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -)، قال شيخنا بعدما ذكر من أرباب الشوكة الذي ادعى النبوة، وأهلك في أيام الخلفاء، قال: وسيلحقهم من ادعى النبوة بعد ذلك، وآخرهم

3610 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ - رضى الله عنه - قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ يَقْسِمُ قَسْمًا أَتَاهُ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ - وَهْوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِى تَمِيمٍ - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْدِلْ. فَقَالَ «وَيْلَكَ، وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ قَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ». فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِى فِيهِ، فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ. فَقَالَ «دَعْهُ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا، يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلاَتَهُ مَعَ صَلاَتِهِمْ وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يُنْظَرُ إِلَى نَصْلِهِ فَلاَ يُوجَدُ فِيهِ شَىْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى رِصَافِهِ فَمَا يُوجَدُ فِيهِ شَىْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى نَضِيِّهِ - وَهْوَ قِدْحُهُ - فَلاَ يُوجَدُ فِيهِ شَىْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى قُذَذِهِ فَلاَ يُوجَدُ فِيهِ شَىْءٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الدجال، قلت: فيه ذهول؛ لأن الدجال الأكبر إنما يدعي الألوهية، وهذه الدعوى مقيدة بالرسالة، إلا أن الشيخ ذكر أن الدجال أول ما يدعي النبوة، ثم الألوهية، فالظاهر أنه أراد ابتداء أمره. 3610 - (بينما نحن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يقسم قسْمًا؛ أتاه ذو الخُويصَرَة) -بضم الخاء، مصغر- تقدم ذكره في قصة كلاب الخوارج (قال: اعدل يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل) إذ لا يمكن أن يكون في الخَلق من يوازيه أو يدانيه في التقوى، والخشية - صلى الله عليه وسلم - (قد خبت وخسرت)، بتاء الخطاب، ويروى بتاء المتكلم (فقال عمر: ائذن لي فيه أضرب عنقه) وقد سلف أن خالد بن الوليد قال ذلك، ولا ينافي لجواز قول كل منهما، (يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم) جمع ترقوة، وهو العظم بين ثُغْرة النحر وبين المنكب أي: إيمانهم لا يجاوز إلى القلب، وقيل: لا يرفع لهم عمل لكن قيد التلاوة باللسان بمجاوزة الحلقوم، دال على أن الوجه هو الأول (كما يمرق السهم من الرمية) -على وزن الوصية- الصيد المرمي (ينظر إلى نصله ثم ينظر إلى رصافه) -بكسر الراء- جمع رصفة بكسر الراء أيضًا (ثم ينظر إلى نضية) -بفتح النون وضاد معجمة، وتشديد الياء المكسورة- ما بين النصل إلى الريش قال ابن الأثير: فعيل بمعنى المفعول، سمي بذلك لأنه من كثرة البري صار نضوًا (ثم ينظر إلى قذذه) -بالقاف المضمومة- جمع قذَّة -بضم القاف، وذال معجمة مشددة-

قَدْ سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدَّمَ، آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْىِ الْمَرْأَةِ، أَوْ مِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ وَيَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ». قَالَ أَبُو سَعِيدٍ فَأَشْهَدُ أَنِّى سَمِعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِىَّ بْنَ أَبِى طَالِبٍ قَاتَلَهُمْ وَأَنَا مَعَهُ، فَأَمَرَ بِذَلِكَ الرَّجُلِ، فَالْتُمِسَ فَأُتِىَ بِهِ حَتَّى نَظَرْتُ إِلَيْهِ عَلَى نَعْتِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - الَّذِى نَعَتَهُ. طرفه 3344 3611 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ خَيْثَمَةَ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ قَالَ قَالَ عَلِىٌّ - رضى الله عنه - إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلأَنْ أَخِرَّ مِنَ السَّمَاءِ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ أَنْ أَكْذِبَ عَلَيْهِ، وَإِذَا حَدَّثْتُكُمْ فِيمَا بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ، فَإِنَّ الْحَرْبَ خَدْعَةٌ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «يَأْتِى فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ حُدَثَاءُ الأَسْنَانِ، سُفَهَاءُ الأَحْلاَمِ، يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ الْبَرِيَّةِ، يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلاَمِ كَمَا يَمْرُقُ ـــــــــــــــــــــــــــــ وهي الريش، وفي المثل: فلان أشبه بفلان من القذة بالقذة (قد سبق الفرث) هو ما كان في كرش الحيوان (آيتهم رجل أسود) أي: علامتهم (إحدى يديه مثل ثدي المرأة [أو مثل بضعة]) بفتح الباء، ويجوز فيه الضم (تدردر) بفتح التاء، ودال مهملة أي تضطرب أصله صوت الماء في بطون الأودية، (ويخرجون على حين فرقة من الناس) كان ذلك حين خرج معاوية على الإمام علي بن أبي طالب، ويروى: على خير فِرقة بكسر الفاء، وهم علي وأصحابه. 3611 - (عن خيثمة) بالخاء المعجمة، وثاء مثلثة (عن سويد بن غفَلة) بالغين المعجمة وفاء مفتوحة، قال الدارقطني: ليس لسويد عن علي غير هذا الحديث (فَلأن أَخرّ من السماء أحب إليّ من أن أكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -)، كناية عن شدة العذاب، أي يختار كل عذاب دون الكذب عليه (فإن الحرب خدعة) يجوز في الخاء الحركات الثلاثة، والفتح أفصح، قال ابن الأثير: معناه أن الحرب تنقضي بخدعة واحدة، ومعنى الضم مع سكون الدال اسم من الانخداع، ومعنى الخُدَعة بضم الخاء و [فتح] الدال أن الحرب كثيرة الخدع للرجال كالهمزة واللمزة (يقولون من قول خير البرية) أي يقولون بعض ما يقوله المؤمنون بلسانهم،

السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، لاَ يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ، فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ، فَإِنَّ قَتْلَهُمْ أَجْرٌ لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». طرفاه 5057، 6930 3612 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا قَيْسٌ عَنْ خَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ قَالَ شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ، قُلْنَا لَهُ أَلاَ تَسْتَنْصِرُ لَنَا أَلاَ تَدْعُو اللَّهَ لَنَا قَالَ «كَانَ الرَّجُلُ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ يُحْفَرُ لَهُ فِي الأَرْضِ فَيُجْعَلُ فِيهِ، فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ، فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُشَقُّ بِاثْنَتَيْنِ، وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ، مَا دُونَ لَحْمِهِ مِنْ عَظْمٍ أَوْ عَصَبٍ، وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَاللَّهِ لَيُتِمَّنَّ هَذَا الأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ، لاَ يَخَافُ إِلاَّ اللَّهَ أَوِ الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ». طرفاه 3852، 6943 3613 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ أَنْبَأَنِى مُوسَى بْنُ أَنَسٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - افْتَقَدَ ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ، فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا أَعْلَمُ لَكَ عِلْمَهُ. فَأَتَاهُ فَوَجَدَهُ جَالِسًا فِي بَيْتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ وليس في قلوبهم منه شيء، ولذلك كان الأجر في قتلهم؛ لأنهم منافقون شر الكفرة. 3612 - (عن خباب بن الأرث) -بفتح الخاء المعجمة وتشديد الباء- والأرت: بتاء مثناة مشددة، (شكونا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، و [هو] متوسد بردة) أي: جعلها وسادة، والبردة: هي الشملة، أي شكونا إليه ما نلقى من أذى المشركين (فيجاء بالمِنشار) -بكسر الميم بعدها نون- مفعال من نشر: آلة النجاري معروفة، يقال بالياء من وشر (ما دون لحمه) أي ما تحته من العظم (ليتمنّ هذا الأمر) أي شأن الإسلام (من صنعاء إلى حضرموت) بلدان من بلاد اليمن، وحملها على صنعاء الروم، وحضرموت اليمن لا وجه له؛ لأن المخاطب لا علم له بذلك. 3613 - (ابن عون) عبد الله الفقيه المعروف (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - افتقد ثابت بن قيس) الأنصاري خطيب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قُتل شهيدًا في حرب مسيلمة يوم اليمامة، وأوصى بعد موته إلى أبي بكر، فأمضى وصيته (فقال رجل يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا أعلم لك علمه) أي: شأنه

مُنَكِّسًا رَأْسَهُ، فَقَالَ مَا شَأْنُكَ فَقَالَ شَرٌّ، كَانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ، وَهْوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ. فَأَتَى الرَّجُلُ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَالَ كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ مُوسَى بْنُ أَنَسٍ فَرَجَعَ الْمَرَّةَ الآخِرَةَ بِبِشَارَةٍ عَظِيمَةٍ، فَقَالَ «اذْهَبْ إِلَيْهِ فَقُلْ لَهُ إِنَّكَ لَسْتَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَلَكِنْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ». طرفه 4846 3614 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ - رضى الله عنهما - قَرَأَ رَجُلٌ الْكَهْفَ وَفِى الدَّارِ الدَّابَّةُ فَجَعَلَتْ تَنْفِرُ فَسَلَّمَ، فَإِذَا ضَبَابَةٌ - أَوْ سَحَابَةٌ - غَشِيَتْهُ، فَذَكَرَهُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «اقْرَأْ فُلاَنُ، فَإِنَّهَا السَّكِينَةُ نَزَلَتْ لِلْقُرْآنِ، أَوْ تَنَزَّلَتْ لِلْقُرْآنِ». طرفاه 4839، 5011 ـــــــــــــــــــــــــــــ الذي يعلم. (وهذا الرجل) هو عاصم العجلاني (كان يرفع صوته فوق صوت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقد حبط عمله) لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ} [الحجرات: 2] أي كراهة ذلك (فقل له: إنك لست من أهل النار، بل من أهل الجنة) هذا موضع الدلالة؛ لأنه إخبار عن الغيب، فهو من أعلام النبوة. 3614 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (غُندَر) بضم الغين ودال مفتوحة (قرأ رجل الكهف) أي: سورة الكهف، والرجل أسيد بن حضير (فإذا ضبابة أو سحابة شكٌ) من الراوي، فإن الضبابة بضاد معجمة هي السحابة، قاله الجوهري (فقال إقرأ يا فلان، فإنها السكينة نزلت للقرآن) السكينة: الملائكة، قال ابن الأثير: وقيل خلقٌ آخر له وجه كوجه الإنسان، وسائره خلق رقيق كالريح. فإن قلت: أخبر رجل أنه كان يقرأ في الزمان الماضي فأي معنى لقوله: "اقرأ يا فلان"؟ قلت: له وجهان: الأول: أنه علم أن الدابة لما نفرت قطع القراءة، أشار بقوله اقرأ إلى أنه ما كان ينبغي قطع القراءة؛ لأن الملائكة تسمع قراءته.

3615 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ أَبُو الْحَسَنِ الْحَرَّانِىُّ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ يَقُولُ جَاءَ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - إِلَى أَبِى فِي مَنْزِلِهِ، فَاشْتَرَى مِنْهُ رَحْلاً فَقَالَ لِعَازِبٍ ابْعَثِ ابْنَكَ يَحْمِلْهُ مَعِى. قَالَ فَحَمَلْتُهُ مَعَهُ، وَخَرَجَ أَبِى يَنْتَقِدُ ثَمَنَهُ، فَقَالَ لَهُ أَبِى يَا أَبَا بَكْرٍ حَدِّثْنِى كَيْفَ صَنَعْتُمَا حِينَ سَرَيْتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ نَعَمْ أَسْرَيْنَا لَيْلَتَنَا، وَمِنَ الْغَدِ حَتَّى قَامَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ، وَخَلاَ الطَّرِيقُ لاَ يَمُرُّ فِيهِ أَحَدٌ، فَرُفِعَتْ لَنَا صَخْرَةٌ طَوِيلَةٌ، لَهَا ظِلٌّ لَمْ تَأْتِ عَلَيْهِ الشَّمْسُ فَنَزَلْنَا عِنْدَهُ، وَسَوَّيْتُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مَكَانًا بِيَدِى يَنَامُ عَلَيْهِ، وَبَسَطْتُ فِيهِ فَرْوَةً، وَقُلْتُ نَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَأَنَا أَنْفُضُ لَكَ مَا حَوْلَكَ. فَنَامَ وَخَرَجْتُ أَنْفُضُ مَا حَوْلَهُ، فَإِذَا أَنَا بِرَاعٍ مُقْبِلٍ بِغَنَمِهِ إِلَى الصَّخْرَةِ يُرِيدُ مِنْهَا مِثْلَ الَّذِى أَرَدْنَا فَقُلْتُ لِمَنْ أَنْتَ يَا غُلاَمُ فَقَالَ لِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَوْ مَكَّةَ. قُلْتُ أَفِى غَنَمِكَ لَبَنٌ قَالَ نَعَمُ. قُلْتُ أَفَتَحْلُبُ قَالَ نَعَمْ. فَأَخَذَ شَاةً. فَقُلْتُ انْفُضِ الضَّرْعَ مِنَ ـــــــــــــــــــــــــــــ والوجه الآخر: أن يكون أمرًا له بأن يداوم على القراءة، فإن الملائكة تلازم قراءته، والوجه الأول أولى؛ لما جاء في الرواية الأخرى أنه اعتذر بأنه خاف أن تدوس الفرس ابنه في نحيّ وقد أشرنا إلى أن هذا وأمثاله من أمته معجزة له. 3615 - (أبو الحسن الحراني) -بفتح الحاء، وراء مشددة- نسبة إلى حران بلد بديار بكر (زهير) -بضم الزاي مصغر-، روى حديث الهجرة، وقد سلف ونشير إلى مواضع منه (أسرينا) يقال: سرى وأسرى لغتان (حتى قام قائم الظهيرة) وقت الاستواء، الكلام على التشبيه؛ وذلك أن الشمس إذا بلغ سيرها إلى وسط السماء أبطأ حركة الظل، فيظن أن الشمس واقفة (فرُفِعَت لنا صخرة) على بناء المجهول -أي: ظهرت من بعيد- (نمْ يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا أنفض لك ما حولك) أي: أتحسس، في مثل للعرب بالليل أحفظ وبالنهار أنفض (لمن أنت يا غلام؟ فقال لرجل من أهل المدينة، أو بمكة) الشك من الراوي، والمدينة هي مكة، فإن كل بلد يطلق عليها مدينة، وفي الرواية الأخرى، فعرفته وبه يرتفع الإشكال، وهو أنه كيف يشرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غير إذن صاحبه وقد قال بعض من لم يدر هذا القيد: إنما شرب منه لأنه كان مضطرًا، أو لأنه كان مال الحربي، أما عدم الاضطرار

التُّرَابِ وَالشَّعَرِ وَالْقَذَى. قَالَ فَرَأَيْتُ الْبَرَاءَ يَضْرِبُ إِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الأُخْرَى يَنْفُضُ، فَحَلَبَ فِي قَعْبٍ كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ، وَمَعِى إِدَاوَةٌ حَمَلْتُهَا لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يَرْتَوِى مِنْهَا، يَشْرَبُ وَيَتَوَضَّأُ، فَأَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَهُ، فَوَافَقْتُهُ حِينَ اسْتَيْقَظَ، فَصَبَبْتُ مِنَ الْمَاءِ عَلَى اللَّبَنِ حَتَّى بَرَدَ أَسْفَلُهُ، فَقُلْتُ اشْرَبْ يَا رَسُولَ اللَّهِ - قَالَ - فَشَرِبَ، حَتَّى رَضِيتُ ثُمَّ قَالَ «أَلَمْ يَأْنِ لِلرَّحِيلِ». قُلْتُ بَلَى - قَالَ - فَارْتَحَلْنَا بَعْدَ مَا مَالَتِ الشَّمْشُ، وَاتَّبَعَنَا سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ، فَقُلْتُ أُتِينَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ «لاَ تَحْزَنْ، إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا». فَدَعَا عَلَيْهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَارْتَطَمَتْ بِهِ فَرَسُهُ إِلَى بَطْنِهَا - أُرَى فِي جَلَدٍ مِنَ الأَرْضِ، شَكَّ زُهَيْرٌ - فَقَالَ إِنِّى أُرَاكُمَا قَدْ دَعَوْتُمَا عَلَىَّ فَادْعُوَا لِى، فَاللَّهُ لَكُمَا أَنْ أَرُدَّ عَنْكُمَا الطَّلَبَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فظاهر، وأما كونه مال الحربي فلأن حل الغنائم إنما نزل بعد الهجرة (يرتوي) من الري ضد العطش، وفي الأساس روى وارتوى وتروى بمعنى، قال ابن الأثير: يرتوي منها، أي: يسقي للشرب والوضوء، قال: ورواه بعضهم روائها بالهمزة وهو خطأ، وجوابه رويتها بالياء أي: شدتها. و (القَعب) -بفتح القاف - القدح الضخم والكُتبة بضم الكاف القليل من كل شيء، ثم قال (ألم يأنِ للرحيل) أي يقرب الوقت من أنى يأني (واتبعنا سراقه بن مالك) المدلجي الكتاني، يكنى أبا سفيان كان يسكن قديدًا (فدعا عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - فارتطمت به فرسه إلى بطنها) أي ساخت في الأرض من رطمت الفرس في الوحل أدخلته فيه (أرى في جلد من الأرض) -بضم الهمزة- أي: أظن، من كلام الراوي، والجَلَد -بفتح الجيم واللام- اليابس الصلب، وله أبيات في هذه الواقعة يخاطب أبا جهل: أبا حكم والله لو كنت شاهدًا ... لأمر جوادي إذ تسوخ قوائمه علمت ولم تشكك بأن محمدًا ... رسولٌ ببرهان فمن ذا يقاومه عليك بكف القوم عنه فإنني ... أرى أمره يومًا ستبدو معالمه وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كيف بك يا سراقة إذا لبست سواري كسرى" فلما أتى عمر بسواري كسرى فدعا سراقة، فألبسهما إياه، وقال عمر يرفع صوته: الله أكبر الحمد لله الذي سلبهما كسرى الذي كان يقول: أنا رب الناس، وألبسهما أعرابيًّا من بني مدلج، هذا الكلام قاله سراقة بالجعرانة بعد إسلامه (فالله لكما) بالنصب على حذف حرف القسم، وفي بعضها

فَدَعَا لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَنَجَا فَجَعَلَ لاَ يَلْقَى أَحَدًا إِلاَّ قَالَ كَفَيْتُكُمْ مَا هُنَا. فَلاَ يَلْقَى أَحَدًا إِلاَّ رَدَّهُ. قَالَ وَوَفَى لَنَا. طرفه 2439 3616 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُخْتَارٍ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَلَى أَعْرَابِىٍّ - يَعُودُهُ - قَالَ وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا دَخَلَ عَلَى مَرِيضٍ يَعُودُهُ قَالَ لاَ بَأْسَ طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. فَقَالَ لَهُ «لاَ بَأْسَ طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ». قَالَ قُلْتَ طَهُورٌ كَلاَّ بَلْ هِىَ حُمَّى تَفُورُ - أَوْ تَثُورُ - عَلَى شَيْخٍ كَبِيرٍ، تُزِيرُهُ الْقُبُورَ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «فَنَعَمْ إِذًا». أطرافه 5656، 5662، 7470 3617 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ رَجُلٌ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ وَقَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ، فَكَانَ يَكْتُبُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَعَادَ نَصْرَانِيًّا ـــــــــــــــــــــــــــــ بالواو، ويروى بالرفع أي: دعا لهما بالسلامة، وقد سلف أنه طلب من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتاب أمان، فكتب له عامر بن فهيرة كتابًا قطعه من الأدم. 3616 - (معلّى بن أسد) بضم الميم وتشديد اللام (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل على أعرابي يعوده) كان يُظهر الإسلام (وكان إذا دخل على مريض يعوده قال لا بأس) يدعو له بالسلامة (طهور إن شاء الله) أي: من الذنوب، فلما قال للأعرابي الجلف (قال: قلتَ: طهور كلا) أي: ليس كما قلت (بل هي حمى تفور أو تثور على شيخ كبير تُزِيرُهُ القبور) -بضم التاء- تجعله زائرًا للقبور (نعم إذًا) فدل هذا على أن الأمر وقع كما قال، فإنَّ إذًا جواب وجزاء، وهو كلام من لا ينطق عن الهوى، وفي الحديث دلالة على أن العائد للمريض يدعو له بالسلامة، وينفس عنه، وقد جاء في الحديث صريحًا. 3617 - (أبو مَعْمَر) -بفتح الميمين وسكون العين- اسمه عبد الله كان رجل نصراني يكتب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -) وفي رواية مسلم عن أنس: رجل منا من بني النجار ويجوز الجمع

فَكَانَ يَقُولُ مَا يَدْرِى مُحَمَّدٌ إِلاَّ مَا كَتَبْتُ لَهُ، فَأَمَاتَهُ اللَّهُ فَدَفَنُوهُ، فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْضُ فَقَالُوا هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ، لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا. فَأَلْقُوهُ فَحَفَرُوا لَهُ فَأَعْمَقُوا، فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْضُ، فَقَالُوا هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ. فَأَلْقَوْهُ فَحَفَرُوا لَهُ، وَأَعْمَقُوا لَهُ فِي الأَرْضِ مَا اسْتَطَاعُوا، فَأَصْبَحَ قَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْضُ، فَعَلِمُوا أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ فَأَلْقَوْهُ. 3618 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ وَأَخْبَرَنِى ابْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلاَ كِسْرَى بَعْدَهُ، وَإِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلاَ قَيْصَرَ بَعْدَهُ، وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَتُنْفِقُنَّ كُنُوزَهُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ». طرفه 3027 3619 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رَفَعَهُ قَالَ «إِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلاَ كِسْرَى بَعْدَهُ - وَذَكَرَ وَقَالَ - لَتُنْفَقَنَّ كُنُوزُهُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ». طرفه 3121 3620 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى حُسَيْنٍ حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَدِمَ مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَجَعَلَ يَقُولُ إِنْ جَعَلَ لِى مُحَمَّدٌ الأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِ تَبِعْتُهُ. وَقَدِمَهَا فِي بَشَرٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ بأنه كان من بني النجار، وكان قد تنصر كما تنصر فرقة من قريش، أو وقع هذا من رجلين (فكان يقول: ما يدري محمد إلا ما كتبت له فأماته الله فدفنوه فأصبح وقد لفظته الأرض) أي: ألقته على وجه الأرض، وهذه من أبهر المعجزات إذ لم يُحك في الدهر مثلها. 3618 - (بُكير) بضم الباء، مصغر (إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده) أي بتلك الشوكة، فلا ينافي وجود من كان بعده من ذريته، وكذا قيصر. 3620 - (قدم مسيلمة الكذاب على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -) مع وفد اليمامة في خلق كثير،

كَثِيرٍ مِنْ قَوْمِهِ، فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَعَهُ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، وَفِى يَدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قِطْعَةُ جَرِيدٍ، حَتَّى وَقَفَ عَلَى مُسَيْلِمَةَ فِي أَصْحَابِهِ فَقَالَ «لَوْ سَأَلْتَنِى هَذِهِ الْقِطْعَةَ مَا أَعْطَيْتُكَهَا، وَلَنْ تَعْدُوَ أَمْرَ اللَّهِ فِيكَ، وَلَئِنْ أَدْبَرْتَ لَيَعْقِرَنَّكَ اللَّهُ، وَإِنِّى لأَرَاكَ الَّذِى أُرِيتُ فِيكَ مَا رَأَيْتُ». أطرافه 4373، 4378، 7033، 7461 3621 - فَأَخْبَرَنِى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ فِي يَدَىَّ سِوَارَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ، فَأَهَمَّنِى شَأْنُهُمَا، فَأُوحِىَ إِلَىَّ فِي الْمَنَامِ أَنِ انْفُخْهُمَا، فَنَفَخْتُهُمَا فَطَارَا فَأَوَّلْتُهُمَا كَذَّابَيْنِ يَخْرُجَانِ بَعْدِى». فَكَانَ أَحَدُهُمَا الْعَنْسِىَّ وَالآخَرُ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابَ صَاحِبَ الْيَمَامَةِ. أطرافه 4374، 4375، 4379، 7034، 7037 3622 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ واسم مسيلمة: يمامة بن قيس، وكان أقبح الناس شكلًا، قصير القد، كبير البطن، جاحظ العين، رقيق الساقين، ضيق ما بين المنكبين أفطس الأنف، أصفر اللون، كوسج، كان يزعم أنه نبي يتنزل عليه الوحي، وكان يقول: إن جعل محمد الأمر بعده إلي تبعه، ولذلك أقبل إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليظهر كذبه بين قومه (وفي يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قطعة جريد) من النخل ما جرد عن الخوص (ولئن أدبرت ليعقرنك الله) العقر: ضرب قوائم الفرس، أراد به الإهلاك لأنه لازمه، هذا موضع الدلالة، فإنه أخبار إخبار بالغيب، وقد قتله الوحشي يوم اليمامة مع خالد بن الوليد، وما نقل عن القاضي عياض أن إقبال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان لأجل أنه كان وافدًا عليه إكرامًا له، أو أن مسيلمة كان يُظهر الإسلام فلا يكاد يصح؛ لأن قوله: لو جعل محمد الأمر لي تبعته صريح في أنه لم يكن مسلمًا، وكيف وقد كتب قبل: هذا من مسيلمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. 3621 - (الأسود العنسي) بالعين والنون قبيلة من عرب اليمن، واسمه عيهلة بن كعب ذو الحمار، وإنما لُقِب به لأنه كان يزعم أن الذي يأتيه بالوحي راكب حمار، ولم يدر أن الحمار نفسه الخبيثة، وراكبها الشيطان. 3622 - (محمد بن العلاء) بفتح العين والمد (حماد) بفتح الحاء والتشديد (بريد) بضم

أَبِى بُرْدَةَ عَنْ جَدِّهِ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى - أُرَاهُ - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ أَنِّى أُهَاجِرُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى أَرْضٍ بِهَا نَخْلٌ، فَذَهَبَ وَهَلِى إِلَى أَنَّهَا الْيَمَامَةُ أَوْ هَجَرُ، فَإِذَا هِىَ الْمَدِينَةُ يَثْرِبُ، وَرَأَيْتُ فِي رُؤْيَاىَ هَذِهِ أَنِّى هَزَزْتُ سَيْفًا فَانْقَطَعَ صَدْرُهُ، فَإِذَا هُوَ مَا أُصِيبَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ أُحُدٍ، ثُمَّ هَزَزْتُهُ بِأُخْرَى فَعَادَ أَحْسَنَ مَا كَانَ، فَإِذَا هُوَ مَا جَاءَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْفَتْحِ وَاجْتِمَاعِ الْمُؤْمِنِينَ، وَرَأَيْتُ فِيهَا بَقَرًا وَاللَّهُ خَيْرٌ فَإِذَا هُمُ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَإِذَا الْخَيْرُ مَا جَاءَ اللَّهُ مِنَ الْخَيْرِ، وَثَوَابِ الصِّدْقِ الَّذِى آتَانَا اللَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ الباء، مصغر برد (أبي بردة) -بضم الباء- عامر بن أبي موسى (رأيت في المنام أني أهاجر من مكة إلى أرض بها نخل فذهب وَهلي إلى أنها اليمامة أو هجَرُ)، الوهل: -بفتح الهاء- الوهم. واليمامة مدينة بيمن بينها وبين مكة أربع مراحل، قيل: سميت باسم زرقاء اليمامة التي يضرب المثل بحدة بصرها، وهجر اسم بلدة، هي قاعدة البحرين، قال الجوهري: وفي المثل: كمستبضع تمرٍ إلى هجر. (فإذا هي المدينة يثرب). فإن قلت: قد نهى عن هذا الاسم؟ قلت: لعله كان قبل النهي، أو أراد تعريفه بما كان يعرفون، ولهذا قدم ذكر المدينة عليها. (ورأيت فيها بقرًا) أي: في تلك الرؤيا، وفي الرواية الأخرى "بقرًا تُنحر" وفي هذه الزيادة تأويل الرؤيا، فإن البقر التي تنحر هي قتل أصحابه يوم أحد (والله خير) بالجر على القسم، كقولك: واللهِ رأيت في المنام كذا، وخير كلام على طريق التفاؤل كمن يقول لك: رأيت منامًا تقول له: خير إن شاء الله، ويؤيد هذا رواية هشام "رأيت والله خيرًا رأيت بقرًا تنحر على" (والله) قسم معترض، ويجوز أن يكون والله خير من جملة المنام كأنه لما رأى البقر تنحر قال له قائل: هذا الذي تراه، والله خير، لا تحزن، ويؤيده قوله: وإذا الخير ما جاء الله به، ويروى بالرفع على أنه مبتدأ وخبر كأنه قيل: (واللهُ خير) لمن قتل يوم أحد، (وإذا الخير ما جاء الله به من الخير وثواب الصدق الذي أتانا الله) بعدُ بضم الدال على البناء

بَعْدَ يَوْمِ بَدْرٍ». أطرافه 3987، 4081، 7035، 7041 3623 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ عَنْ فِرَاسٍ عَنْ عَامِرٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ أَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ تَمْشِى، كَأَنَّ مِشْيَتَهَا مَشْىُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَرْحَبًا بِابْنَتِى». ثُمَّ أَجْلَسَهَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ، ثُمَّ أَسَرَّ إِلَيْهَا حَدِيثًا، فَبَكَتْ فَقُلْتُ لَهَا لِمَ تَبْكِينَ ثُمَّ أَسَرَّ إِلَيْهَا حَدِيثًا فَضَحِكَتْ فَقُلْتُ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ فَرَحًا أَقْرَبَ مِنْ حُزْنٍ، فَسَأَلْتُهَا عَمَّا قَالَ. أطرافه 3625، 3715، 4433، 6285 3624 - فَقَالَتْ مَا كُنْتُ لأُفْشِىَ سِرَّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى قُبِضَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلْتُهَا فَقَالَتْ أَسَرَّ إِلَىَّ «إِنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُنِى الْقُرْآنَ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً، وَإِنَّهُ عَارَضَنِى الْعَامَ مَرَّتَيْنِ، وَلاَ أُرَاهُ إِلاَّ حَضَرَ أَجَلِى، وَإِنَّكِ أَوَّلُ أَهْلِ بَيْتِى لَحَاقًا بِى». فَبَكَيْتُ فَقَالَ «أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِى سَيِّدَةَ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ - أَوْ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ». فَضَحِكْتُ لِذَلِكَ. أطرافه 3626، 3716، 4434، 6286 ـــــــــــــــــــــــــــــ (يوم بدر) نصب على الظرف، أي: الخير ما جاء الله به بعد ذلك المنام يوم بدر، ويروى بإضافة يوم، والمعنى استمرار شوكته بعد ذلك اليوم، وحمل يوم بدر على البدر الصغرى في السنة القابلة بعد أحد، حين ذهب إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لوعد أبي سفيان، فلا يلتفت إليه؛ لأن يوم بدر لا يفهم منه إلا البدر الكبرى. 3623 - (أبو نعيم) بضم النون، مصغر (فِراس) بكسر الفاء (أقبلت فاطمة كان مشيتها مشي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) المِشية -بكسر الميم-: نوع من المشي (ما رأيت كاليوم فرحًا أقرب من حزن) فإنه اجتمع البكاء والضحك، وقد فسرت وبينت بأنه لما قال: لها إنه منتقل من الدنيا بكت. 3624 - ولما قال (أما ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة) فكان ذلك موجب الضحك. فإن قلت: يدخل في هذا اليوم نساء الدنيا بأسرها؟ قلت: لا بُعد فإنها بضعة من خير

3625 - حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ دَعَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَاطِمَةَ ابْنَتَهُ فِي شَكْوَاهُ الَّذِى قُبِضَ فِيهِ، فَسَارَّهَا بِشَىْءٍ فَبَكَتْ، ثُمَّ دَعَاهَا، فَسَارَّهَا فَضَحِكَتْ، قَالَتْ فَسَأَلْتُهَا عَنْ ذَلِكَ. طرفه 3623 3626 - فَقَالَتْ سَارَّنِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرَنِى أَنَّهُ يُقْبَضُ فِي وَجَعِهِ الَّذِى تُوُفِّىَ فِيهِ فَبَكَيْتُ، ثُمَّ سَارَّنِى فَأَخْبَرَنِى أَنِّى أَوَّلُ أَهْلِ بَيْتِهِ أَتْبَعُهُ فَضَحِكْتُ. طرفه 3624 3627 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - يُدْنِى ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ إِنَّ لَنَا أَبْنَاءً مِثْلَهُ. فَقَالَ إِنَّهُ مِنْ حَيْثُ تَعْلَمُ. فَسَأَلَ عُمَرُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ). فَقَالَ أَجَلُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَعْلَمَهُ إِيَّاهُ. قَالَ مَا أَعْلَمُ مِنْهَا إِلاَّ مَا تَعْلَمُ. أطرافه 4294، 4430، 4969، 4970 ـــــــــــــــــــــــــــــ خلق الله؛ إلا أنه في بعض الروايات استثنى مريم. فإن قلت: ذكرت في الرواية بعدها أنها إنما ضحكت لما قال لها: "أنت أول من يلحقني من أهل بيتي"؟ قلت: لا ينافي كون الباعث على الضحك الأمران، وفي هذه القضية إخبار بالغيب أنها أول لا حق به. 3625 - (قزعة) بالقاف وثلاث فتحات. 3627 - (عرعرة) بعين مهملة مكررة، وراء كذلك (عن أبي بشر) -بالموحدة- بيان بن بشر الكوفي، (كان عمر بن الخطاب يدني ابن عباس) أي إليه في كل مجلس ويرفع شأنه، فأنكروا على عمر فعله، فألقى عمر مسألة امتحانًا، وسألهم عن معنى {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر: 1]، فأجابوا عنه، قال ابن عباس: (هو أجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -)؛ لأنه كان مبعوثًا لإظهار الدين، فإذا دخل الناس في الدين أفواجًا، فلم يبق له إلا الرجوع إلى ربه، فلم يرض بجواب القوم. وارتضى جواب ابن عباس، وكذا القوم، فعلموا أنما كان يعلم عمر منه

3628 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ حَنْظَلَةَ بْنِ الْغَسِيلِ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي مَرَضِهِ الَّذِى مَاتَ فِيهِ بِمِلْحَفَةٍ قَدْ عَصَّبَ بِعِصَابَةٍ دَسْمَاءَ، حَتَّى جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ النَّاسَ يَكْثُرُونَ وَيَقِلُّ الأَنْصَارُ، حَتَّى يَكُونُوا فِي النَّاسِ بِمَنْزِلَةِ الْمِلْحِ فِي الطَّعَامِ، فَمَنْ وَلِىَ مِنْكُمْ شَيْئًا يَضُرُّ فِيهِ قَوْمًا، وَيَنْفَعُ فِيهِ آخَرِينَ، فَلْيَقْبَلْ مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَيَتَجَاوَزْ عَنْ مُسِيئِهِمْ». فَكَانَ آخِرَ مَجْلِسٍ جَلَسَ بِهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 927 3629 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْجُعْفِىُّ عَنْ أَبِى مُوسَى عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِى بَكْرَةَ - رضى الله عنه - أَخْرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ يَوْمٍ الْحَسَنَ فَصَعِدَ بِهِ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَ «ابْنِى هَذَا سَيِّدٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــ ذلك، وكذلك العلم يرفع كل من لم يرفع، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله يرفع بهذا العلم أقوامًا ويضع آخرين". 3628 - (أبو نُعيم) بضم النون (حنظلة بن الغسيل) الغسيل أيضًا اسم حنظلة ابن أبي عامر الراهب، قتل يوم أحد شهيدًا رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الملائكة تغسله، فسألوا امرأته، فقالت: كان قد اغتسل أحدَ شقيه فترك الآخر، وخرج إلى أحد. (خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مرضه الذين مات فيه بمِلحفة) -بكسر الميم- معروفة (قد عصب رأسه بعصابة دَسماء) -بفتح الدال والمد- أي: سوداء، وقيل: عتيقة، والوجه في الجمع أنها من غاية العتق اسودت، (أما بعد: فإن الناس يكثرون ويقل الأنصار) وهذا من إعلام النبوة فإنهم اليوم أقل قليل (فليقبل من محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم)، هذا فيما لم يكن حدًّا من حدود الله. 3629 - (حسين الجعفي) -بضم الجيم- نسبة إلى القبيلة، قال الجوهري: أولاد جعفر بن سعد العشيرة بن مدحج (عن أبي بكرة) نفيع بن الحارث (إن ابني هذا سيد) يريد

وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ». طرفه 2704 3630 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَعَى جَعْفَرًا وَزَيْدًا قَبْلَ أَنْ يَجِئَ خَبَرُهُمْ، وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ. طرفه 1246 3631 - حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِىٍّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «هَلْ لَكُمْ مِنْ أَنْمَاطٍ». قُلْتُ وَأَنَّى يَكُونُ لَنَا الأَنْمَاطُ قَالَ «أَمَا إِنَّهُ سَيَكُونُ لَكُمُ الأَنْمَاطُ». فَأَنَا أَقُولُ لَهَا - يَعْنِى امْرَأَتَهُ - أَخِّرِى عَنِّى أَنْمَاطَكِ. فَتَقُولُ أَلَمْ يَقُلِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّهَا سَتَكُونُ لَكُمُ الأَنْمَاطُ». فَأَدَعُهَا. طرفه 5161 3632 - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ انْطَلَقَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ مُعْتَمِرًا - قَالَ - فَنَزَلَ عَلَى أُمَيَّةَ بْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ الحسن (ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين)، وكذا جرى، ترك الأمر لمعاوية، وحقن بذلك دماء المسلمين. 3630 - (سليمان بن حرب) ضد الصلح (حُميد بن هلال) مصغر (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نعى جعفرًا وزيدًا) كان هذا في غزوة مؤتة، وفي الرواية الأخرى: "وعبد الله بن رواحة قال وعرضت علي أسرّتهم فرأيت في سرير عبد الله بن رواحة إزورارًا، وذلك لتوقفه بعض توقف في لقاء العدو، لما رأى كثرته، فكان نقصانًا عن رفيقيه زيد وجعفر. 3631 - (عمرو بن عباس) بالموحدة (ابن مهدي) محمد بن إبراهيم (هل لكم من أنماط) البسط التي لها خمل. (وأنى يكون لنا الأنماط) أي ذاك شأن المتمولين، فبشرة بأنه سيكون له الأنماط، وكذا وقع كما صرح به. 3632 - (انطلق سعد بن معاذ معتمرًا، فنزل على أمية بن خلف) لما كان بينهما

خَلَفٍ أَبِى صَفْوَانَ، وَكَانَ أُمَيَّةُ إِذَا انْطَلَقَ إِلَى الشَّأْمِ فَمَرَّ بِالْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى سَعْدٍ، فَقَالَ أُمَيَّةُ لِسَعْدٍ انْتَظِرْ حَتَّى إِذَا انْتَصَفَ النَّهَارُ، وَغَفَلَ النَّاسُ انْطَلَقْتُ فَطُفْتُ، فَبَيْنَا سَعْدٌ يَطُوفُ إِذَا أَبُو جَهْلٍ فَقَالَ مَنْ هَذَا الَّذِى يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ فَقَالَ سَعْدٌ أَنَا سَعْدٌ. فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ تَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ آمِنًا، وَقَدْ آوَيْتُمْ مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ فَقَالَ نَعَمْ. فَتَلاَحَيَا بَيْنَهُمَا. فَقَالَ أُمَيَّةُ لِسَعْدٍ لاَ تَرْفَعْ صَوْتَكَ عَلَى أَبِى الْحَكَمِ، فَإِنَّهُ سَيِّدُ أَهْلِ الْوَادِى. ثُمَّ قَالَ سَعْدٌ وَاللَّهِ لَئِنْ مَنَعْتَنِى أَنْ أَطُوفَ بِالْبَيْتِ لأَقْطَعَنَّ مَتْجَرَكَ بِالشَّأْمِ. قَالَ فَجَعَلَ أُمَيَّةُ يَقُولُ لِسَعْدٍ لاَ تَرْفَعْ صَوْتَكَ. وَجَعَلَ يُمْسِكُهُ، فَغَضِبَ سَعْدٌ فَقَالَ دَعْنَا عَنْكَ، فَإِنِّى سَمِعْتُ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - يَزْعُمُ أَنَّهُ قَاتِلُكَ. قَالَ إِيَّاىَ قَالَ نَعَمْ. قَالَ وَاللَّهِ مَا يَكْذِبُ مُحَمَّدٌ إِذَا حَدَّثَ. فَرَجَعَ إِلَى امْرَأَتِهِ، فَقَالَ أَمَا تَعْلَمِينَ مَا قَالَ لِى أَخِى الْيَثْرِبِىُّ قَالَتْ وَمَا قَالَ قَالَ زَعَمَ أَنَّهُ سَمِعَ مُحَمَّدًا يَزْعُمُ أَنَّهُ قَاتِلِى. قَالَتْ فَوَاللَّهِ مَا يَكْذِبُ مُحَمَّدٌ. قَالَ فَلَمَّا خَرَجُوا إِلَى بَدْرٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الصداقة القديمة (فبينا سعد يطوف إذا أبو جهل) أي: صَادَفَهُ. (تطوف بالكعبة آمنًا وقد آويتم محمدًا وأصحابه، فتلاحيا) أي: تخاصمًا من الطرفين (فقال أمية لسعد لا ترفع صوتك على أبي الحكم، فإنه سيد أهل الوادي) أي: أهل مكة، وعمرو بن هشام كان يكنى أبا الحكم -بفتح الكاف - (فقال: دعنا عنك) يقول سعد لأمية: (فإني سمعت محمدًا - صلى الله عليه وسلم - يزعم أنه قاتلك) العجب من شارح يفهم من هذا أن الضمير في أنه قاتلك لأبي جهل، وقد ارتكب لهذا؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يقتل أمية بنفسه، ولم يعلم أنه أمر بالقتل، وقتل تحت رايته، فكل من قتل كان مقتولًا له حكمًا، وكون أبي جهل قاتلًا له، لأنه كان سببًا في خروجه أبعد من كل بعيد. على أن في بعض الروايات هذا الحديث صريح اسم محمد بدل الضمير، وإنما الكلام على تقدير أن لو لم يكن ذلك، فإنه كالصريح معلوم لكل أحد، وليت شعري إذا كان بمعنى الكلام أن أبا جهل هو القاتل، فأي معنى لامتناع أمية من الخروج إلى بدر، وقوله لامرأته: (أما تعلمين ما قاله لي أخي اليثربي؟ قالت: وما قال لك؟ قال زعم أنه سمع محمدًا يزعم أنه قاتلي) هذا لفظ البخاري، وليس هنا ذكر لأبي جهل، فكيف يفهم من هذا الكلام أن أبا جهل هو القاتل؟ لأنه سبب في إخراجه، على أنه يلزم أن يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاتل كل من قتل بأحد؛ لأنه سبب لخروجه، والله الموفق.

وَجَاءَ الصَّرِيخُ قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ أَمَا ذَكَرْتَ مَا قَالَ لَكَ أَخُوكَ الْيَثْرِبِىُّ قَالَ فَأَرَادَ أَنْ لاَ يَخْرُجَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو جَهْلٍ إِنَّكَ مِنْ أَشْرَافِ الْوَادِى، فَسِرْ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ، فَسَارَ مَعَهُمْ فَقَتَلَهُ اللَّهُ. طرفه 3950 3633 - حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «رَأَيْتُ النَّاسَ مُجْتَمِعِينَ فِي صَعِيدٍ، فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ فَنَزَعَ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ، وَفِى بَعْضِ نَزْعِهِ ضَعْفٌ، وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ، ثُمَّ أَخَذَهَا عُمَرُ، فَاسْتَحَالَتْ بِيَدِهِ غَرْبًا، فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا فِي النَّاسِ يَفْرِى فَرِيَّهُ، حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ بِعَطَنٍ». وَقَالَ هَمَّامٌ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «فَنَزَعَ أَبُو بَكْرٍ ذَنُوبَيْنِ». أطرافه 3676، 3682، 7019، 7020 3634 - حَدَّثَنِى عَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ النَّرْسِىُّ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ قَالَ أُنْبِئْتُ أَنَّ جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - أَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَعِنْدَهُ أُمُّ سَلَمَةَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ 3633 - (رأيت الناس) في المنام (في صعيد) في فضاء (فقام أبو بكر فنزع ذنوبًا أو ذنوبين) -بفتح الذال المعجمة-: الدلو العظيم، وفي رواية أبي هريرة جزم بالذنوبين وهو الحق لكون خلافته سنتين (وفي نزعة ضعف) لقلة المال والرجال، وارتداد أكثر الأعراب (والله يغفر له) إما دعاء أو إخبار (ثم أخذ عمر فاستحالت [بيده] غَرْبًا) -بفتح المعجمة، وسكون الراء-: الدلو الأعظم (فلم أر عبقريًّا في الناس يَفْري فَريه) -بفتح الفاء وكسر الراء وتشديد الياء-: الفعل العجيب، ومنه قوله تعالى: {يَامَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا} [مريم: 27]، قال ابن الأثير: يزعمون أن قرية اسمها عبقر سكنها الجن، فإذا رأوا شيئًا غريبًا خارجًا عن أشكاله فائقًا نسبوه إليه (ضرب الناس بعَطَن) بفتح العين والطاء، مبرك الإبل، إشارة إلى كثرة الفتوح في أيامه وازدياد شوكة الإسلام، فإن الماء مفَسَّر بالرزق، وأيضًا به الحياة الدنيوية، ففسر بالإسلام الذي به الحياة الأبدية. 3634 - (عباس بن الوليد النَّرْسي) بفتح النون وإسكان الراء (أبو عثمان) عبد الرحمن

26 - باب قول الله تعالى (يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون)

فَجَعَلَ يُحَدِّثُ ثُمَّ قَامَ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لأُمِّ سَلَمَةَ «مَنْ هَذَا». أَوْ كَمَا قَالَ. قَالَ قَالَتْ هَذَا دِحْيَةُ. قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ ايْمُ اللَّهِ مَا حَسِبْتُهُ إِلاَّ إِيَّاهُ حَتَّى سَمِعْتُ خُطْبَةَ نَبِىِّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُخْبِرُ جِبْرِيلَ أَوْ كَمَا قَالَ. قَالَ فَقُلْتُ لأَبِى عُثْمَانَ مِمَّنْ سَمِعْتَ هَذَا قَالَ مِنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ. طرفه 4980 26 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ). 3635 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ الْيَهُودَ جَاءُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرُوا لَهُ أَنَّ رَجُلاً مِنْهُمْ وَامْرَأَةً زَنَيَا فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ فِي شَأْنِ الرَّجْمِ». فَقَالُوا نَفْضَحُهُمْ وَيُجْلَدُونَ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ كَذَبْتُمْ، إِنَّ فِيهَا الرَّجْمَ. فَأَتَوْا بِالتَّوْرَاةِ فَنَشَرُوهَا، فَوَضَعَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ، فَقَرَأَ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا. فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ ارْفَعْ يَدَكَ. فَرَفَعَ يَدَهُ فَإِذَا فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ. فَقَالُوا صَدَقَ يَا ـــــــــــــــــــــــــــــ النهدي (قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأم سلمة: من هذا) يشير إلى جبرائيل وكان أتاه في صورة دحية (ايم الله) بهمزة الوصل والقطع أيضًا (ما حسبته إلا إياه) أي: دحية (فقلت لأبي عثمان: ممن سمعته؟ قال من أسامة بن زيد) وبهذا يخرج الحديث عن الإرسال. باب قول الله: {يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ} [البقرة: 146] 3635 - (ما تجدون في التوراة في شأن الرجم) يقول هذا لأحبار اليهود (نفضحهم ويجلدون) وقد جاء تفسيره بأن يسود وجهه، ويركب على الحمار معكوسًا (فقال عبد الله بن سلام) كان أعلم الناس بالتوراة، وكان قد أسلم، من يهود قينقاع ومن ذرية يوسف الصديق، من سادات الصحابة (كذبتم إن فيها الرجم، فوضع أحدهم يده على آية الرجم) هو ابن

27 - باب سؤال المشركين أن يريهم النبى - صلى الله عليه وسلم - آية فأراهم انشقاق القمر

مُحَمَّدُ، فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ. فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَرُجِمَا. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَرَأَيْتُ الرَّجُلَ يَجْنَأُ عَلَى الْمَرْأَةِ يَقِيهَا الْحِجَارَةَ. طرفه 1329 27 - باب سُؤَالِ الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُرِيَهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - آيَةً فَأَرَاهُمُ انْشِقَاقَ الْقَمَرِ 3636 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ أَبِى نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِى مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ انْشَقَّ الْقَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شِقَّتَيْنِ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اشْهَدُوا». أطرافه 3869، 3871، 4864، 4865 ـــــــــــــــــــــــــــــ صوريا (فرأيت الرجل يجنأ عليها) -بالجيم وفتح النون آخره همزة- أي: يميل إلى المرأة، يقيها من الحجارة ويروى: يحابي عليها، ويحنى بالحاء المهملة، قال الخطابي: ورواية الحاء هي المحفوظة، والمعنى واحد، وفي الحديث دليل للشافعي وأحمد أن الإسلام ليس بشرط في الرجم. فإن قلت: وضع الباب على قوله {يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ} [البقرة: 146] ولا دليل في الحديث عليه. قلت: هذا من دأبه فإنه يستدل بالحديث الذي في دلالته خفاء، وعبد الله بن سلام كما سيجيء هو الذي قال: أنا أعرف بنبوة محمد مني بابني، فقال له عمر: كيف ذلك؟ قال: لأن ابني ربما خانت أمه، وأما محمد فلا احتمال في نبوته، فقبل عمر يافوخه -بالخاء المعجمة- طرف الرأس، وفي الآية زيادة تحقيق في تفسيرنا "غاية الأماني". باب سؤال المشركين أن يريهم النبي - صلى الله عليه وسلم - آية فأراهم انشقاق القمر 3636 - (صدقة بن الفضل) أخت الزكاة (ابن أبي نَجيح) -بفتح النون وكسر الجيم- عبد الله بن يسار (عن أبي مَعْمَر) -بفتح الميمين وعين ساكنة- عبد الله بن سخبره (انشق القمر على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شقتين، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: اشهدوا) روى هذا الحديث في الباب بثلاث طرق، وله طريق آخر، وكان هذا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - والناس معه في منى المشرك والمؤمن، وسيأتي في سورة القمر من رواية أنس صار القمر فرقتين حتى رأوا الحراء بين

28 - باب

3637 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. وَقَالَ لِى خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً، فَأَرَاهُمُ انْشِقَاقَ الْقَمَرِ. أطرافه 3868، 4867، 4868 3638 - حَدَّثَنِى خَلَفُ بْنُ خَالِدٍ الْقُرَشِىُّ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما أَنَّ الْقَمَرَ انْشَقَّ فِي زَمَانِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرافاه 3870، 4866 28 - بابٌ 3639 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا مُعَاذٌ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ قَتَادَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ الفليقتين فقال أبو جهل: هذا سحر محمد وإليه يشير قوله تعالى: {وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ} [القمر: 2] فلما جاء الخلق من الآفاق كلهم أخبروا بذلك. هذه المعجزة من أبهر المعجزات وأغربها، فإنه تصرف في عالم الملكوت، فكيف لم تتواتر؟ قلت: تواتر آية القرآن بها أغنت عن الاغتناء بنقله، وقال بعضهم: كان هذا بالليل والناس نيام، ولا يكون إلا لحظة، ألا ترى أن الخسوف. لا يطلع عليه كثير من الناس؟ قلت: هذا فائدة فيه، فإنه فعل هذا بسؤال المشركين في جمع عظيم، وأخبر به الواردون من الآفاق. 3637 - (شيبان) بفتح الشين وسكون المثناة (قال لي خليفة) هو ابن الخياط، وروى عنه بلفظ قال: لأنه سمعه مذاكرة (زُريع) بضم الزاي، مصغّر زرع. 3638 - (بكر بن مضر) بضم الميم وفتح الضاد (عِراك) بكسر العين. باب كذا وقع من غير ترجمة. 3639 - (محمد بن المثنى) بضم الميم وتشديد النون.

حَدَّثَنَا أَنَسٌ - رضى الله عنه - أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَا مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ وَمَعَهُمَا مِثْلُ الْمِصْبَاحَيْنِ، يُضِيآنِ بَيْنَ أَيْدِيهِمَا، فَلَمَّا افْتَرَقَا صَارَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَاحِدٌ حَتَّى أَتَى أَهْلَهُ. طرفه 465 3640 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى الأَسْوَدِ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا قَيْسٌ سَمِعْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَزَالُ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِى ظَاهِرِينَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ». طرفاه 7311، 7459 3641 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ جَابِرٍ قَالَ حَدَّثَنِى عُمَيْرُ بْنُ هَانِئٍ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ يَزَالُ مِنْ أُمَّتِى أُمَّةٌ قَائِمَةٌ بِأَمْرِ اللَّهِ، لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ وَلاَ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ». قَالَ عُمَيْرٌ فَقَالَ مَالِكُ بْنُ يُخَامِرَ قَالَ مُعَاذٌ وَهُمْ بِالشَّأْمِ. فَقَالَ مُعَاوِيَةُ هَذَا مَالِكٌ يَزْعُمُ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاذًا يَقُولُ وَهُمْ بِالشَّامِ. طرفه 71 ـــــــــــــــــــــــــــــ (أن رجلين من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -) هذان الرجلان عباد بن بشر، وأسيد بن حضير. 3640 - (لا يزال طائفة من أمتي ظاهرين) أي قائمين بالحق غالبين على من خالفهم، والحديث سلف في أبواب العلم. وموضع الدلالة هنا أن هذا من أعلام النبوة، فإنه إخبار بالغيب. 3641 - (عمرو بن هانئ) آخره همزة (فقال مالك بن يخامر قال معاذ وهم بالشام) هذا وإن لم يكن مرفوعًا لكن في حكم المرفوع إذ لا مجال للرأي فيه، وقول معاذ: وهم بالشام، معناه: في آخر الزمان عند فساد الخلق يكونون بالشام، وإلا حين أخبر معاذ بهذا، كان الإسلام قائمًا في كل البلاد لا سيما الحجاز. فإن قلت: ما المراد بأمر الله؟ قلت: أحد أشراط السَّاعة، وذلك أن آخر ما يكون الإسلام بالحجاز، دلت عليه النصوص.

3642 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا شَبِيبُ بْنُ غَرْقَدَةَ قَالَ سَمِعْتُ الْحَىَّ يُحَدِّثُونَ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَعْطَاهُ دِينَارًا يَشْتَرِى بِهِ شَاةً، فَاشْتَرَى لَهُ بِهِ شَاتَيْنِ، فَبَاعَ إِحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ وَجَاءَهُ بِدِينَارٍ وَشَاةٍ، فَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ فِي بَيْعِهِ، وَكَانَ لَوِ اشْتَرَى التُّرَابَ لَرَبِحَ فِيهِ. قَالَ سُفْيَانُ كَانَ الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ جَاءَنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْهُ، قَالَ سَمِعَهُ شَبِيبٌ مِنْ عُرْوَةَ، فَأَتَيْتُهُ فَقَالَ شَبِيبٌ إِنِّى لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ عُرْوَةَ، قَالَ سَمِعْتُ الْحَىَّ يُخْبِرُونَهُ عَنْهُ. 3643 - وَلَكِنْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «الْخَيْرُ مَعْقُودٌ بِنَوَاصِى الْخَيْلِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ». قَالَ وَقَدْ رَأَيْتُ فِي دَارِهِ سَبْعِينَ فَرَسًا. قَالَ سُفْيَانُ يَشْتَرِى لَهُ شَاةً كَأَنَّهَا أُضْحِيَّةٌ. طرفه 2850 3644 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْخَيْلُ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ». طرفه 2849 ـــــــــــــــــــــــــــــ 3642 - (شَبيب) بفتح الشين وبالموحدتين بينهما مثناة من تحت (عن عروة البارقي) نسبة إلى بارق، قبيلة من عرب يمن (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطاه دينارًا يشتري له به شاة، فاشترى بالدينار شاتين فباع إحداهما بدينار فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالدينار وبالشاة). فإن قلت: هذا بيع الفضولي؟ قلت: كذلك، وإنما لم يعمل به الشافعي؛ لأن شبيبًا لم يروه عن عروة، بل قال: سمعت الناس يقولون، وأما أبو حنيفة من أصله العمل بالمنقطع، فقال به موقوفًا على رضى صاحبه. 3643 - (لكن سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة)

3645 - حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى التَّيَّاحِ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ». طرفه 2851 3646 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِى صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْخَيْلُ لِثَلاَثَةٍ لِرَجُلٍ أَجْرٌ، وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ وَعَلَى رَجُلٍ وِزْرٌ. فَأَمَّا الَّذِى لَهُ أَجْرٌ، فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَطَالَ لَهَا فِي مَرْجٍ أَوْ رَوْضَةٍ، وَمَا أَصَابَتْ فِي طِيَلِهَا مِنَ الْمَرْجِ أَوِ الرَّوْضَةِ كَانَتْ لَهُ حَسَنَاتٍ، وَلَوْ أَنَّهَا قَطَعَتْ طِيَلَهَا، فَاسْتَنَّتْ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ، كَانَتْ أَرْوَاثُهَا حَسَنَاتٍ لَهُ، وَلَوْ أَنَّهَا مَرَّتْ بِنَهْرٍ فَشَرِبَتْ، وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَسْقِيَهَا، كَانَ ذَلِكَ لَهُ حَسَنَاتٍ، وَرَجُلٌ رَبَطَهَا تَغَنِّيًا وَسِتْرًا وَتَعَفُّفًا، لَمْ يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ فِي رِقَابِهَا وَظُهُورِهَا، فَهِىَ لَهُ كَذَلِكَ سِتْرٌ. وَرَجُلٌ رَبَطَهَا فَخْرًا وَرِيَاءً، وَنِوَاءً لأَهْلِ الإِسْلاَمِ فَهْىَ وِزْرٌ. وَسُئِلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْحُمُرِ ـــــــــــــــــــــــــــــ وقد فسر الخير في الرواية الأخرى بالأجر والغنيمة، وهذه الزيادة في آخر الحديث أوجب رواية هذا الحديث لأنه متصل، وإن كان أوله منقطعًا. 3645 - (عن أبي التياح) -بفتح الفوقانية وتحتانية مشددة- يزيد بن حميد. 3646 - (الخيل لثلاثة: لرجل أجر، ولرجل ستر، وعلى رجل وزر) والحديث ظاهر المعنى، وقد سبق في أبواب الزكاة والجهاد، ونشير إلى بعض ألفاظه: (فأطال لها في مرج أو روضة) المرج: الموضع الذي ترعى فيه الدواب، قال الجوهري: والروضة مكان يستقى فيه الماء (ولو أنها قطعت طيلها) ويقال: طول الخيل الذي يطال به الفرس للرعي (فاستنت شرفًا أو شرفين) أي: شوطًا أو شوطين نشاطًا، قال ابن الأثير: استن الفرس: إذا عدا فرحًا ونشاطًا بلا راكب. (ولو أنها مرت بنهر فشربت ولم يرد أن يسقيها) يشير إلى أن نية الجهاد في ربطها كاف في حصول الأجر، ولا يحتاج إلى النية في كل فعل (ورجل ربطها فخرًا ورياءٌ ونواءٌ لأهل الإسلام) النواء: بكسر النون، المعاداة أصله النوء، وقيد الإسلام؛ لأنه نواء أهل الكفر

فَقَالَ «مَا أُنْزِلَ عَلَىَّ فِيهَا إِلاَّ هَذِهِ الآيَةُ الْجَامِعَةُ الْفَاذَّةُ (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ). طرفه 2371 3647 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدٍ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - يَقُولُ صَبَّحَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَيْبَرَ بُكْرَةً وَقَدْ خَرَجُوا بِالْمَسَاحِى، فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ. وَأَحَالُوا إِلَى الْحِصْنِ يَسْعَوْنَ، فَرَفَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَدَيْهِ وَقَالَ «اللَّهُ أَكْبَرُ، خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ». 3648 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى الْفُدَيْكِ عَنِ ابْنِ أَبِى ذِئْبٍ عَنِ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى سَمِعْتُ مِنْكَ كَثِيرًا فَأَنْسَاهُ. قَالَ «ابْسُطْ رِدَاءَكَ». فَبَسَطْتُ فَغَرَفَ بِيَدِهِ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: ـــــــــــــــــــــــــــــ يوجب الأجر بل هو أصل الرباط (ما أنزل علي فيها) أي: الحمر (إلا هذه الآية الجامعة الفاذة) ويقال الفذة أي المنفردة؛ إذ ليس في القرآن أجمع من قوله ({فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)} [الزلزلة: 7، 8]). 3647 - (صبَّح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيبر) أي: دخلها صباحًا (وقد خرجوا بالمِساحي) جمع مسحاة -بكسر الميم-: ما يكسح به ويكنس كالمجرفة من سحا يسحو، قاله ابن الأثير (محمد والخميس) أي: الجيش (وأحالوا إلى الحصن) -بالحاء المهملة- أي: انتقلوا، ومنه الحديث: "إذا ثوب بالصلاة أحال الشيطان" ويروى جال أي جول إليه (الله أكبر خربت خيبر) يجوز أن يكون خبرًا، وأن يكون دعاء (إنا [إذا] أنزلنا بساحة قوم) ساحة البلد والدار فناؤه، والموضع الخالي عن العمارة. 3648 - (ابن أبي فُدَيك) محمد بن إسماعيل مولى المدنيين (عن أبي هريرة قلت: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سمعت منك حديثًا كثيرًا فأنساه، قال ابسط رداءك فبسطت فغرف فيه) بيده. فإن قلت: ماذا غرف فيه؟ قلت: القوة الحافظة من بحر معرفة الله تعالى.

«ضُمَّهُ» فَضَمَمْتُهُ، فَمَا نَسِيتُ حَدِيثًا بَعْدُ. طرفه 118 ـــــــــــــــــــــــــــــ (قال: ضمة فضممته فما نسيت حديثًا بعد) وقد تقدم له حديث آخر حين قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من يبسط رداءه حتى أقضي مقالتي" قال أبو هريرة فبسطتها ثم ضممت الرداء، فما نسيت من مقالته شيئًا وهذا الحديث أعم وأشمل والله أعلم.

62 - كتاب فضائل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -

62 - كتاب فضائل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - 1 - باب فَضَائِلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَمَنْ صَحِبَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَوْ رَآهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَهْوَ مِنْ أَصْحَابِهِ. 3649 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - يَقُولُ حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِىُّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَأْتِى عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ فَيَغْزُو فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ، فَيَقُولُونَ فِيكُمْ مَنْ صَاحَبَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَيَقُولُونَ نَعَمْ. فَيُفْتَحُ لَهُمْ. ثُمَّ يَأْتِى عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ فَيَغْزُو فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ، فَيُقَالُ هَلْ فِيكُمْ مَنْ صَاحَبَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَيَقُولُونَ نَعَمْ. فَيُفْتَحُ لَهُمْ، ثُمَّ يَأْتِى عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ فَيَغْزُو فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ، فَيُقَالُ هَلْ فِيكُمْ مَنْ صَاحَبَ مَنْ صَاحَبَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَيَقُولُونَ نَعَمْ. فَيُفْتَحُ لَهُمْ». طرفه 2897 ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب فضائل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فضائل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ورضي الله عنهم ومن صاحب النبي - صلى الله عليه وسلم - أو رآه من المسلمين فهو من أصحابه هذا تعريف معروف، والأحسن أن يزاد فيه قيدٌ آخر: أو رآه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليدخل فيه من كان أعمى، كابن أم مكتوم، وقيل: لا بد من طول الصحبة، وقيل: أقله سنة، وقيل من ولد في زمانه وإن لم يره، وفي "الترمذي" من رواية جابر مرفوعًا وقال: حديث حسن غريب "لا تمس النار مسلمًا رآني أو رأى من رآني" قلت: إذا كان رؤيته في المنام حقيقة فبشرى لمن رآه في المنام، ونرجو ذلك من فضل الله. 3649 - (يأتي على الناس زمان فيغزوا فِئام من الناس) -بكسر الفاء، مهموز- قال الجوهري: العامة تقول بلا همزة جماعة كثيرة، لا واحد من لفظه (من صاحب أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -)، هذا موافق للرواية بعدد خير القرون ثلاث مرات.

3650 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا النَّضْرُ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى جَمْرَةَ سَمِعْتُ زَهْدَمَ بْنَ مُضَرِّبٍ سَمِعْتُ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ - رضى الله عنهما - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «خَيْرُ أُمَّتِى قَرْنِى ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ». قَالَ عِمْرَانُ فَلاَ أَدْرِى أَذَكَرَ بَعْدَ قَرْنِهِ قَرْنَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا «ثُمَّ إِنَّ بَعْدَكُمْ قَوْمًا يَشْهَدُونَ وَلاَ يُسْتَشْهَدُونَ، وَيَخُونُونَ وَلاَ يُؤْتَمَنُونَ، وَيَنْذُرُونَ وَلاَ يَفُونَ، وَيَظْهَرُ فِيهِمُ السِّمَنُ». طرفه 2651 3651 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَجِئُ قَوْمٌ تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ». قَالَ إِبْرَاهِيمُ وَكَانُوا يَضْرِبُونَا عَلَى الشَّهَادَةِ وَالْعَهْدِ وَنَحْنُ صِغَارٌ. طرفه 2652 ـــــــــــــــــــــــــــــ 3650 - (إسحاق) كذا وقع غير منسوب يحتمل أن يكون ابن إبراهيم وأن يكون ابن منصور؛ لأن كل واحد منهما يروي عن النضر بن شميل (عن أبي جمرة) -بالجيم- نصر بن عمران (عن زهدم) بالزاي المعجمة (عن مضرب) بكسر الراء المشددة (حصين) بضم الحاء مصغر (إن بعدكم قومًا يشهدون ولا يستشهدون)، أي يظهر فيهم الزور وعدم المبالاة، وأما ما ورد في الحديث "خير الشهداء من يشهد قبل أن يُستَشهد" فذلك معنى آخر يشير إلى أنه يقوم بالشهادة لإحياء حق المسلم من غير تهاون، وكذا الحديث بعده: تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمسنه شهادته" كناية عن عدم المبالاة (ويظهر فيهم السمن) لأنهم يأكلون كما تأكل الأنعام من غير فكر في العاقبة، ويجوز أن يكون السمن مجازًا عن التكبر كما في الحديث الآخر "يكون في آخر الزمان قوم يتسمنون" قال ابن الأثير: أي: يتكبرون، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كيف أنعم وقد التقم صاحب الصور قرنه، وأصغى سمعه، وحنى جبهته" رواه الترمذي. هذا وهو من قد غفر له ما تقدم من ذنبه. 3651 - (عن عَبِيدة) -بفتح العين وكسر الموحدة- هو السلماني (وقال إبراهيم) هو النخعي (كانوا يضربوننا على الشهادة والعهد ونحن صغار) يريد أنهم كانوا يمنعونهم من

2 - باب مناقب المهاجرين وفضلهم

2 - باب مَنَاقِبِ الْمُهَاجِرِينَ وَفَضْلِهِمْ مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى قُحَافَةَ التَّيْمِىُّ - رضى الله عنه - وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) وَقَالَ (إِلاَّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ) إِلَى قَوْلِهِ (إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا). قَالَتْ عَائِشَةُ وَأَبُو سَعِيدٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهم - وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْغَارِ. 3652 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ اشْتَرَى أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - مِنْ عَازِبٍ رَحْلاً بِثَلاَثَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعَازِبٍ مُرِ الْبَرَاءَ فَلْيَحْمِلْ إِلَىَّ رَحْلِى. فَقَالَ عَازِبٌ لاَ حَتَّى تُحَدِّثَنَا كَيْفَ صَنَعْتَ أَنْتَ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ خَرَجْتُمَا مِنْ مَكَّةَ وَالْمُشْرِكُونَ يَطْلُبُونَكُمْ قَالَ ارْتَحَلْنَا مِنْ مَكَّةَ، فَأَحْيَيْنَا أَوْ سَرَيْنَا لَيْلَتَنَا وَيَوْمَنَا حَتَّى أَظْهَرْنَا ـــــــــــــــــــــــــــــ تحمل الشهادة؛ لئلا يقع منهم خلل في الأداء، والعهد هو اليمين، أي: يضربونا على الحلف لئلا يتعودوا كثرة الحلف، وقيل يمنعوننا عن الجمع بين اليمين والشهادة، والأول أحسن لأن اليمين يكون عند أداء الشهادة، والصغير لا يؤدي الشهادة. مناقب المهاجرين وفضلهم (منهم أبو بكر عبد الله بن أبي قحافة) -بضم القاف- واسمه عثمان التيمي، نسبة إلى جده الأعلى تيم بن مرة بن كعب، وهناك يلاقي نسبه نسب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. أورد آيتين في فضل المهاجرين، الأولى ظاهرة، وأما قوله: ({إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ} [التوبة: 40]) يشير إلى فضل أبي بكر في آخر الآية {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} [التوبة: 40]. 3652 - (عبد الله بن رجاء) بفتح الراء والمد (اشترى أبو بكر من عازب رَحْلًا) الرحل للبعير مثل السرج للفرس، روى حديث هجرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد تقدم قريبًا في علامات النبوة. فإن قلت: قول عازب (آتني الرحل حتى تحدثنا حديث الهجرة) فيه أخذ الأجر على العلم. قلت: هذا كان على طريق التحابب من الأصحاب (وسرينا ليلتنا ويومنا حتى أظهرنا)

وَقَامَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ، فَرَمَيْتُ بِبَصَرِى هَلْ أَرَى مِنْ ظِلٍّ فَآوِىَ إِلَيْهِ، فَإِذَا صَخْرَةٌ أَتَيْتُهَا فَنَظَرْتُ بَقِيَّةَ ظِلٍّ لَهَا فَسَوَّيْتُهُ، ثُمَّ فَرَشْتُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِيهِ، ثُمَّ قُلْتُ لَهُ اضْطَجِعْ يَا نَبِىَّ اللَّهِ. فَاضْطَجَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ انْطَلَقْتُ أَنْظُرُ مَا حَوْلِى، هَلْ أَرَى مِنَ الطَّلَبِ أَحَدًا فَإِذَا أَنَا بِرَاعِى غَنَمٍ يَسُوقُ غَنَمَهُ إِلَى الصَّخْرَةِ يُرِيدُ مِنْهَا الَّذِى أَرَدْنَا، فَسَأَلْتُهُ فَقُلْتُ لَهُ لِمَنْ أَنْتَ يَا غُلاَمُ قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ سَمَّاهُ فَعَرَفْتُهُ. فَقُلْتُ هَلْ فِي غَنَمِكَ مِنْ لَبَنٍ قَالَ نَعَمْ. قُلْتُ فَهَلْ أَنْتَ حَالِبٌ لَبَنًا قَالَ نَعَمْ. فَأَمَرْتُهُ فَاعْتَقَلَ شَاةً مِنْ غَنَمِهِ، ثُمَّ أَمَرْتُهُ أَنْ يَنْفُضَ ضَرْعَهَا مِنَ الْغُبَارِ، ثُمَّ أَمَرْتُهُ أَنْ يَنْفُضَ كَفَّيْهِ، فَقَالَ هَكَذَا ضَرَبَ إِحْدَى كَفَّيْهِ بِالأُخْرَى فَحَلَبَ لِى كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ، وَقَدْ جَعَلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِدَاوَةً عَلَى فَمِهَا خِرْقَةٌ، فَصَبَبْتُ عَلَى اللَّبَنِ حَتَّى بَرَدَ أَسْفَلُهُ، فَانْطَلَقْتُ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَوَافَقْتُهُ قَدِ اسْتَيْقَظَ، فَقُلْتُ اشْرَبْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ ثُمَّ قُلْتُ قَدْ آنَ الرَّحِيلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «بَلَى». فَارْتَحَلْنَا وَالْقَوْمُ يَطْلُبُونَا، فَلَمْ يُدْرِكْنَا أَحَدٌ مِنْهُمْ غَيْرُ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ عَلَى فَرَسٍ لَهُ. فَقُلْتُ هَذَا الطَّلَبُ قَدْ لَحِقَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ «لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا». طرفه 2439 ـــــــــــــــــــــــــــــ أي دخلنا في وقت الظهر (وقام قائم الظهيرة) أي وقت الاستواء، الكلام على طريق التشبيه، وذلك أن عند الاستواء تبطؤ حركة الظل، ويظن أن الشمس واقفة (فإذا أنا براعي غنم، فقلت: لمن أنت يا غلام؟ فقال لرجل من قريش، سماه فعرفته) وفي هذا رفع الإشكال الذي يقال: كيف شرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منه من غير إذن صاحبه؟ ووجد رفع الإشكال أن ذلك الرجل من أصدقاء أبي بكر، وقد قال تعالى: {أَوْ صَدِيقِكُمْ} [النور: 61]. فإن قلت: قد سلف أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ألم يأن للرجل" قلت: لا ينافي كل منهما حالة كما يقع مثله كثيرًا من الرفقة.

3 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - «سدوا الأبواب إلا باب أبى بكر»

3653 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ عَنْ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنه - قَالَ قُلْتُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا فِي الْغَارِ لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ تَحْتَ قَدَمَيْهِ لأَبْصَرَنَا. فَقَالَ «مَا ظَنُّكَ يَا أَبَا بَكْرٍ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا». طرفاه 3922، 4663 3 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «سُدُّوا الأَبْوَابَ إِلاَّ بَابَ أَبِى بَكْرٍ» قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 3654 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ قَالَ حَدَّثَنِى سَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - النَّاسَ وَقَالَ «إِنَّ اللَّهَ خَيَّرَ عَبْدًا بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ فَاخْتَارَ ذَلِكَ الْعَبْدُ مَا عِنْدَ اللَّهِ». قَالَ فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ، فَعَجِبْنَا لِبُكَائِهِ أَنْ يُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ عَبْدٍ خُيِّرَ. فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - هُوَ الْمُخَيَّرُ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ مِنْ أَمَنِّ النَّاسِ عَلَىَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبَا بَكْرٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ 3653 - (ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما)؟ أي: بالحفظ والكلاءة، استفهام إنكار (فلو نظر أحدهم تحت رجليه رآنا) فإنه يدل على نوع خوف. باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - سدوا الأبواب إلا باب أبي بكر يريد الأبواب التي كانوا يدخلون منها إلى المسجد، وكأن في هذا إشارة إلى أنه الإمام بعده فيكون مراده أسهل عليه. 3654 - (أبو عامر) هو العقدي، واسمه عبد الملك (فُليح) بضم الفاء، مصغر (أبو النضر) -بضاد المعجمة- اسمه سالم (بسر) بالباء الموحدة بعدها مهملة (فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المخير) -بفتح الياء- أي: بين الدنيا والانتقال إلى الله تعالى (وكان أبو بكر أعلمنا) اسم التفضيل للزيادة المطلقة إذ لم يشاركه في ذلك أحد، دل عليه السياق (إن من أمن الناس علي أبا بكر) قال ابن الأثير: هذا من المن الذي هو الإحسان والجود، لا من المِنّة التي تفسد

4 - باب فضل أبى بكر بعد النبى - صلى الله عليه وسلم -

وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلاً غَيْرَ رَبِّى لاَتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الإِسْلاَمِ وَمَوَدَّتُهُ، لاَ يَبْقَيَنَّ فِي الْمَسْجِدِ بَابٌ إِلاَّ سُدَّ، إِلاَّ بَابَ أَبِى بَكْرٍ». طرفه 466 4 - باب فَضْلِ أَبِى بَكْرٍ بَعْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - 3655 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ كُنَّا نُخَيِّرُ بَيْنَ النَّاسِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَنُخَيِّرُ أَبَا بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، ثُمَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رضى الله عنهم. طرفه 3697 5 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلاً» قَالَهُ أَبُو سَعِيدٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الإحسان (ولو كنت متخذًا خليلًا لاتخذت أبا بكر خليلًا) وفي الرواية الأخرى: "لكن صاحبكم خليل الله" فعيل بمعنى الفاعل، وفيه دلالة على أن الخليل مع واحد لا يكون غيره؛ لأن الخفة الدخول في خلال الشيء وأعماقه بحيث لا يخلو منه جزء. فإن قلت: قد اتخذ الله إبراهيم خليلًا، ومحمدًا خليلًا؟ قلت: ذاك مقام الربوبية لا يشغله شأن عن شأن، ولكن أخوة الإسلام ومودته أي: بعد الخلة أفضل كما جاء في الرواية الأخرى، وقد سلف الحديث في أبواب الصلاة، في باب أبواب المسجد، وبسطنا الكلام هناك على معنى الخلة، وكذا في تفسيرنا "غاية الأماني" في قوله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [النساء: 125]. 3655 - (عن ابن عمر: كنا نخير بين الناس) أي يقولون: فلان خير من فلان، وكانوا متفقين على أن أبا بكر أفضل الكل، والله أعلم. باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لو كنت متخذًا خليلًا لاتخذت أبا بكر (قاله أبو سعيد الخدري) تقدم حديثه مسندًا في باب قبله.

3656 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أُمَّتِى خَلِيلاً لاَتَّخَذْتُ، أَبَا بَكْرٍ وَلَكِنْ أَخِى وَصَاحِبِى». طرفه 367 3657 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى وَمُوسَى قَالاَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ أَيُّوبَ وَقَالَ «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلاً لاَتَّخَذْتُهُ خَلِيلاً، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الإِسْلاَمِ أَفْضَلُ». طرفه 367 حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ أَيُّوبَ مِثْلَهُ. 3658 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ قَالَ كَتَبَ أَهْلُ الْكُوفَةِ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فِي الْجَدِّ. فَقَالَ أَمَّا الَّذِى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ خَلِيلاً لاَتَّخَذْتُهُ». أَنْزَلَهُ أَبًا يَعْنِى أَبَا بَكْرٍ. 3659 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالاَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَتَتِ امْرَأَةٌ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَمَرَهَا أَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ 3657 - (معلى بن أسد) بضم الميم وتشديد اللام (وُهيب) بضم الواو، مصغر. 3658 - (سليمان بن حرب) ضد الصلح (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم (عن عبد الله بن أبي مليكة) -بضم الميم، مصغر- واسمه زهير كتب أهل الكوفة إلى ابن الزبير) أي: في أيام خلافته (في الجد) أي في شأنه في الميراث مع الأخوة، فأجاب بأنه مقدم على الإخوة نقلًا عمن قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شأنه (لو كنت متخذًا خليلًا لاتخذت أبا بكر خليلًا) وبه أخذ أبو حنيفة، وقال الشافعي وسائر الأئمة: للجد مع الإخوة خير الأمرين من المقاسمة، وأخذ ثلث المال، وهذا مذهب زيد بن ثابت الذي قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شأنه "أفرضكم زيد". 3659 - (الحُميدي) بضم الحاء، مصغر منسوب (أتت امرأة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمرها أن

تَرْجِعَ إِلَيْهِ. قَالَتْ أَرَأَيْتَ إِنْ جِئْتُ وَلَمْ أَجِدْكَ كَأَنَّهَا تَقُولُ الْمَوْتَ. قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ «إِنْ لَمْ تَجِدِينِى فَأْتِى أَبَا بَكْرٍ». طرفاه 7220، 7360 3660 - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ أَبِى الطَّيِّبِ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُجَالِدٍ حَدَّثَنَا بَيَانُ بْنُ بِشْرٍ عَنْ وَبَرَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ هَمَّامٍ قَالَ سَمِعْتُ عَمَّارًا يَقُولُ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَا مَعَهُ إِلاَّ خَمْسَةُ أَعْبُدٍ وَامْرَأَتَانِ وَأَبُو بَكْرٍ. طرفه 3857 3661 - حَدَّثَنِى هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَاقِدٍ عَنْ بُسْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَائِذِ اللَّهِ أَبِى إِدْرِيسَ عَنْ أَبِى الدَّرْدَاءِ - رضى الله عنه - قَالَ كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ آخِذًا بِطَرَفِ ثَوْبِهِ حَتَّى أَبْدَى عَنْ رُكْبَتِهِ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَمَّا صَاحِبُكُمْ فَقَدْ غَامَرَ». فَسَلَّمَ، وَقَالَ إِنِّى كَانَ بَيْنِى وَبَيْنَ ابْنِ الْخَطَّابِ شَىْءٌ فَأَسْرَعْتُ إِلَيْهِ ثُمَّ نَدِمْتُ، فَسَأَلْتُهُ أَنْ يَغْفِرَ لِى فَأَبَى عَلَىَّ، فَأَقْبَلْتُ إِلَيْكَ فَقَالَ «يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ». ثَلاَثًا، ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ نَدِمَ فَأَتَى مَنْزِلَ أَبِى بَكْرٍ فَسَأَلَ ـــــــــــــــــــــــــــــ ترجع إليه قالت أرأيت إن جئت [و] لم أجدك كأنها تقول الموت، قال: إن لم تجديني فائتي أبا بكر) إشارة إلى أنه الخليفة بعده. 3660 - (مُجالِد) بضم الميم وكسر اللام (بيان) بالموحدة بعدها مثناة من تحت (ابن بِشر) -بكسر الموحدة- من البشارة (وبرة) بالموحدة على وزن سجدة (رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما معه إلا خمسة أَعْبُد، وامرأتان) الخمسة عمار راوي الحديث، وبلال، وعامر بن فهيرة، وشقران مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وزيد بن حارثة، والمرأتان: خديجة، وأم الفضل امرأة العباس. فإن قلت: قد قال سعد بن أبي وقاص: مكثت سبعة أيام وأنا ثلث الإسلام؟ قلت: أراد الرجال الأحرار، على أن ذلك إنما أخبر عن رؤيته، ولا تعلق له بحديث سعد. 3661 - (عن عائذ الله أبي إدريس) الخولاني (عن أبي الدرداء) واسمه عويمر (كنت جالسًا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ أقبل أبو بكر آخذًا بطرف ثوبه) أي: بذيله لقوله: (حتى أبدى عن ركبته). (فقال: أما صاحبكم فقد غامر) أي دخل في غمرة الخصومة، من غمر الشيء ستره (يغفر الله لك يا أبا بكر ثلاثًا) كرره ثلاث مرات، يحتمل الدعاء (فجعل وجه النبي - صلى الله عليه وسلم - يَتَمَعّر)

أَثَمَّ أَبُو بَكْرٍ فَقَالُوا لاَ. فَأَتَى إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَسَلَّمَ فَجَعَلَ وَجْهُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَمَعَّرُ حَتَّى أَشْفَقَ أَبُو بَكْرٍ، فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ أَنَا كُنْتُ أَظْلَمَ مَرَّتَيْنِ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ اللَّهَ بَعَثَنِى إِلَيْكُمْ فَقُلْتُمْ كَذَبْتَ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ صَدَقَ. وَوَاسَانِى بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَهَلْ أَنْتُمْ تَارِكُو لِى صَاحِبِى». مَرَّتَيْنِ فَمَا أُوذِىَ بَعْدَهَا. طرفه 4640 3662 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ قَالَ خَالِدٌ الْحَذَّاءُ حَدَّثَنَا عَنْ أَبِى عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَهُ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السَّلاَسِلِ، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ أَىُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ «عَائِشَةُ». فَقُلْتُ مِنَ الرِّجَالِ فَقَالَ «أَبُوهَا». قُلْتُ ثُمَّ مَنْ قَالَ «ثُمَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ». فَعَدَّ رِجَالاً. طرفه 4358 3663 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو ـــــــــــــــــــــــــــــ أي: يتغير غضبًا (حتى أشفق أبو بكر) أي خاف أن يصيب عمر شيء لغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (فجثا على ركبتيه) تأدبًا وشفاعة لعمر. (فقال يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والله أنا كنت أظلم هل أنتم تاركو لي صاحبي) كان القياس تاركون حذفت النون تخفيفًا، أو حرف الجر فاصل بين المضاف والمضاف إليه. 3662 - (مُعلّى بن أسد) بضم الميم وتشديد اللام (خالد الحذاء) بفتح الحاء وتشديد الذال المعجمة (عن أبي عثمان) هو عبد الرحمن النهدي (ذات السلاسل) سميت هذه الغزوة ذات السلاسل، لسهولة الأرض التي كانت بها، وقيل: لارتباط المشركين بعضهم مع بعض لئلا يفر أحد، وكان وراء وادي القرى بين المكان وبين المدينة عشر مراحل، وكانت سنة سبع، والأمير فيها عمرو بن العاص، وفيها أبو بكر وعمر. 3663 - وحديث الراعي والذئب تقدم في علامات النبوة، وإنما رواه لدلالته على فضل الصدّيق.

سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «بَيْنَمَا رَاعٍ فِي غَنَمِهِ عَدَا عَلَيْهِ الذِّئْبُ، فَأَخَذَ مِنْهَا شَاةً، فَطَلَبَهُ الرَّاعِى، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ الذِّئْبُ فَقَالَ مَنْ لَهَا يَوْمَ السَّبُعِ، يَوْمَ لَيْسَ لَهَا رَاعٍ غَيْرِى، وَبَيْنَا رَجُلٌ يَسُوقُ بَقَرَةً قَدْ حَمَلَ عَلَيْهَا، فَالْتَفَتَتْ إِلَيْهِ فَكَلَّمَتْهُ فَقَالَتْ إِنِّى لَمْ أُخْلَقْ لِهَذَا، وَلَكِنِّى خُلِقْتُ لِلْحَرْثِ». قَالَ النَّاسُ سُبْحَانَ اللَّهِ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «فَإِنِّى أُومِنُ بِذَلِكَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضى الله عنهما». طرفه 2324 3664 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ الْمُسَيَّبِ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِى عَلَى قَلِيبٍ عَلَيْهَا دَلْوٌ، فَنَزَعْتُ مِنْهَا مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أَخَذَهَا ابْنُ أَبِى قُحَافَةَ، فَنَزَعَ بِهَا ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ، وَفِى نَزْعِهِ ضَعْفٌ، وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ ضَعْفَهُ، ثُمَّ اسْتَحَالَتْ غَرْبًا، فَأَخَذَهَا ابْنُ الْخَطَّابِ، فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا مِنَ النَّاسِ يَنْزِعُ نَزْعَ عُمَرَ، حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ بِعَطَنٍ». أطرافه 7021، 7022، 7475 3665 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاَءَ لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنَّ أَحَدَ شِقَّىْ ثَوْبِى ـــــــــــــــــــــــــــــ 3664 - وكذا حديث نزع الماء من القليب، وهو البئر قبل أن يطوى (والذَّنُوب) الدلو العظيم (والغَرْب) -بفتح الغين وسكون الراء- أعظم منه. (عبدان) -على وزن شعبان- عبد الله المروزي (فلم أر عبقريًّا) قد سلف أن العرب كانت تزعم أن بلد الجن تسمى عبقرًا، وكانوا ينسبون إليه كل أمر غريب، فجرى على ذلك العرف و (العطن) مبرك الإبل عند الماء. 3665 - (محمد بن مقاتِل) بكسر التاء (من جر ثوبه خُيلاء) -بضم الخاء-: التكبر، مأخوذ من الخيال؛ لأن التكبر حقيقة لله تعالى وحده (لم ينظر الله إليه) كناية عن السخط؛

يَسْتَرْخِى إِلاَّ أَنْ أَتَعَاهَدَ ذَلِكَ مِنْهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّكَ لَسْتَ تَصْنَعُ ذَلِكَ خُيَلاَءَ» قَالَ مُوسَى فَقُلْتُ لِسَالِمٍ أَذَكَرَ عَبْدُ اللَّهِ مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ قَالَ لَمْ أَسْمَعْهُ ذَكَرَ إِلاَّ ثَوْبَهُ. أطرافه 5783، 5784، 5791، 6062 3666 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ مِنْ شَىْءٍ مِنَ الأَشْيَاءِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ دُعِىَ مِنْ أَبْوَابِ - يَعْنِى الْجَنَّةَ - يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا خَيْرٌ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلاَةِ دُعِىَ مِنْ بَابِ الصَّلاَةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ دُعِىَ مِنْ بَابِ الْجِهَادِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِىَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِىَ مِنْ بَابِ الصِّيَامِ، وَبَابِ الرَّيَّانِ». فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ مَا عَلَى هَذَا الَّذِى يُدْعَى مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ، وَقَالَ هَلْ يُدْعَى مِنْهَا كُلِّهَا أَحَدٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «نَعَمْ، وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ يَا أَبَا بَكْرٍ». طرفه 1897 ـــــــــــــــــــــــــــــ لأن النظر تقليب الحدقة، وهو محال عليه تعالى (فقال: إنك لست تصنع خيلاء) دل على أن مناط الذم هو الخيلاء (فقال أبو بكر إن أحد شقَّي ثوبي يسترخي) الكلام وقد استثنى في الحديث الآخر موضعين: الخيلاء في الحرب، وفي الصدقة منهم فإن الله يحبها. 3666 - (من أنفق زوجين) أي: فردين من أي صنف كان، قال ابن الأثير: جاء مفسرًا لما سئل ما الزوجان؟ قال: فرسين أو عبدين (ما على الذي يدعى من تلك الأبواب من ضرورة) أي: الدخول إنما يكون من باب واحد، فلا ضرورة له بالدعاء من الأبواب كلها (ثم سئل هل يُدعَى أحد من الأبواب كلها؟ فقال: بلى وأبو بكر منهم) والمقصود من ذلك إظهار الشرف، فإنه يستحق الدخول من كل واحد لإيتانه بالأعمال التي استحق بها. هذا معنى الحديث عند كل ذي فطرة، ومن الشارحين من قال: "من تلك الأبواب" تقديره من أحد تلك الأبواب، ففيه إضمار، أو هو من باب توزيع الأفراد؛ لأن الموصول والجمع عامان. ثم قال: والمقصود دخول الجنة، فلا ضرر على من دخل من أي باب شاء. انظر أي كلام أفسده، وأي معنى أتلفه، وكيف خفي عليه أن الدعاء إذا كان من أحد تلك الأبواب، فأي فائدة في السؤال بقوله: هل يدعى أحد منها كلها؟

3667 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَاتَ وَأَبُو بَكْرٍ بِالسُّنْحِ - قَالَ إِسْمَاعِيلُ يَعْنِى بِالْعَالِيَةِ - فَقَامَ عُمَرُ يَقُولُ وَاللَّهِ مَا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَتْ وَقَالَ عُمَرُ وَاللَّهِ مَا كَانَ يَقَعُ فِي نَفْسِى إِلاَّ ذَاكَ وَلَيَبْعَثَنَّهُ اللَّهُ فَلَيَقْطَعَنَّ أَيْدِىَ رِجَالٍ وَأَرْجُلَهُمْ. فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَكَشَفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَبَّلَهُ قَالَ بِأَبِى أَنْتَ وَأُمِّى طِبْتَ حَيًّا وَمَيِّتًا، وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لاَ يُذِيقُكَ اللَّهُ الْمَوْتَتَيْنِ أَبَدًا. ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ أَيُّهَا الْحَالِفُ عَلَى رِسْلِكَ. فَلَمَّا تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ جَلَسَ عُمَرُ. طرفه 1241 3668 - فَحَمِدَ اللَّهَ أَبُو بَكْرٍ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ أَلاَ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَىٌّ لاَ يَمُوتُ. وَقَالَ (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) وَقَالَ (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِى اللَّهُ الشَّاكِرِينَ) قَالَ فَنَشَجَ النَّاسُ يَبْكُونَ - قَالَ - وَاجْتَمَعَتِ الأَنْصَارُ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فِي سَقِيفَةِ بَنِى سَاعِدَةَ فَقَالُوا مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ، فَذَهَبَ إِلَيْهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، فَذَهَبَ عُمَرُ يَتَكَلَّمُ فَأَسْكَتَهُ أَبُو بَكْرٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ 3667 - (عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مات وأبو بكر بالسُّنح) بضم السين وسكون النون، ويروى بضم النون أيضًا، وفسره بالحديث (بالعالية) وهي قرى في أعلى المدينة، وكان الصديق يسكنها؛ لأنه كان قد تزوج من بني حارثة، فقال عمر: من يقول مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال ابن إسحاق: عن ابن عباس أن عمر قال: والله إنما قلت تلك المقالة أني فهمت من قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 143] أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يموت بعد أمته ليكون شهيدًا عليهم (بأبي وأمي) أي: فُدي بهما. (أيها الحالف على رِسلك) -بكسر الراء- اسم فعل، أي: تأنى في الكلام. 3668 - (فنشج الناس يبكون) بفتح النون وشين معجمة، من النشيج وهو: صوت البكاء في الحلق (فاجتمعت الأنصار إلى سعد بن عبادة) يريدون أن يجعلوه الخليفة بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (في سقيفة بني ساعدة) السقيفة: الصّفة المسقفة، (فقالوا: منا أمير ومنكم

وَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ وَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ بِذَلِكَ إِلاَّ أَنِّى قَدْ هَيَّأْتُ كَلاَمًا قَدْ أَعْجَبَنِى خَشِيتُ أَنْ لاَ يَبْلُغَهُ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَتَكَلَّمَ أَبْلَغَ النَّاسِ فَقَالَ فِي كَلاَمِهِ نَحْنُ الأُمَرَاءُ وَأَنْتُمُ الْوُزَرَاءُ. فَقَالَ حُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ لاَ وَاللَّهِ لاَ نَفْعَلُ، مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لاَ، وَلَكِنَّا الأُمَرَاءُ وَأَنْتُمُ الْوُزَرَاءُ هُمْ أَوْسَطُ الْعَرَبِ دَارًا، وَأَعْرَبُهُمْ أَحْسَابًا فَبَايِعُوا عُمَرَ أَوْ أَبَا عُبَيْدَةَ. فَقَالَ عُمَرُ بَلْ نُبَايِعُكَ أَنْتَ، فَأَنْتَ سَيِّدُنَا وَخَيْرُنَا وَأَحَبُّنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَأَخَذَ عُمَرُ بِيَدِهِ فَبَايَعَهُ، وَبَايَعَهُ النَّاسُ، فَقَالَ قَائِلٌ قَتَلْتُمْ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ. فَقَالَ عُمَرُ قَتَلَهُ اللَّهُ. طرفه 1242 3669 - وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ عَنِ الزُّبَيْدِىِّ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ أَخْبَرَنِى الْقَاسِمُ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ شَخَصَ بَصَرُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قَالَ «فِي الرَّفِيقِ الأَعْلَى». ثَلاَثًا، وَقَصَّ الْحَدِيثَ، قَالَتْ فَمَا كَانَتْ مِنْ خُطْبَتِهِمَا مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ أمير، فتكلم أبو بكر أبلغ الناس) من البلاغة، وهي: إيراد الكلام على وفق مقتضى الحال (فقال حُبَاب بن المنذر) -بضم الحاء وفتح الباء المخففة- الأنصاري السلمي، وكان لبيبًا ذا رأي، هو الذي أشار إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر بالنزول على الماء، فجاء جبريل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك (هم أوسط العرب دارًا) أي: قريش أشرف العرب، والدار القبيلة كما في قوله: "خير دور الأنصار بنو النجار"، وقيل: أراد المنزل يريد مكة (وأعربهم نسبًا) لأنهم من ولد إسماعيل، وكان الوفود والحاج ترد عليهم من كل صوب، فيختارون من كل لغة أحسنها (أحسابًا) جمع حسب -بفتح الحاء والسين- ما يعد من المناقب (فقال قائل: قتلتم سعد بن عبادة) إما لأنه عارض الأمر، أو لقول عمر في الرواية الأخرى: فنزونا على سعد، وكان ضعيفًا (فقال عمر: قتله الله) لأنه لم يبايع الصديق، وارتحل إلى الشام فتوفي في خلافة عمر بحوران، ولم يبايع أحدًا بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. 3669 - (عن الزُّبيدي) -بضم الزاي- محمد بن الوليد (شَخَصَ بَصَر النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي: ارتفع ناظراه إلى السماء (في الرفيق الأعلى) أي الذين أنعمت عليهم من النبيين، وقيل:

خُطْبَةٍ إِلاَّ نَفَعَ اللَّهُ بِهَا، لَقَدْ خَوَّفَ عُمَرُ النَّاسَ وَإِنَّ فِيهِمْ لَنِفَاقًا، فَرَدَّهُمُ اللَّهُ بِذَلِكَ. طرفه 1241 3670 - ثُمَّ لَقَدْ بَصَّرَ أَبُو بَكْرٍ النَّاسَ الْهُدَى وَعَرَّفَهُمُ الْحَقَّ الَّذِى عَلَيْهِمْ وَخَرَجُوا بِهِ يَتْلُونَ (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ) إِلَى (الشَّاكِرِينَ). 3671 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا جَامِعُ بْنُ أَبِى رَاشِدٍ حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ قُلْتُ لأَبِى أَىُّ النَّاسِ خَيْرٌ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ أَبُو بَكْرٍ. قُلْتُ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ عُمَرُ. وَخَشِيتُ أَنْ يَقُولَ عُثْمَانُ قُلْتُ ثُمَّ أَنْتَ قَالَ مَا أَنَا إِلاَّ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ طرفه 1242 3672 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ أَوْ بِذَاتِ الْجَيْشِ انْقَطَعَ عِقْدٌ لِى، فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ـــــــــــــــــــــــــــــ الملائكة، ولفظ الرّفيق كالصديق يطلق على الجمع والواحد (لقد خوف عمر الناس، وإن فيهم لنفاقًا) ووقع للأصيلي أبو بكر بدل عمر، والأول هو الصواب وفي "الجمع" للحميدي: تفرقًا بدل نفاقًا، وهو قريب في المعنى، قال القاضي: لا أدري أهو إصلاح منه، أو وقع له به رواية يعني قول عمر: من قال: مات محمد ضربت عنقه، كان فيه زجر وتخويف للمنافقين عن الخوض في الفساد. 3671 - (أبو يعلى) على وزن يحيى واسمه المنذر (عن محمد بن الحنفية) هو ابن علي اشتهر بأمه خولة من بني حنيفة من سبي في زمن الصديق (فقلت لأبي: أي الناس خير بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال أبو بكر ثم عمر، وخشيت أن يقول عثمان) أي بعدها (قلت ثم أنت، قال: ما أنا إلا رجل من المسلمين) لما فضل أبو بكر وعمر شق عليه، فبادر إلى مطلوبه، وقيل: إنما خاف أن يقول عثمان تواضعًا، وهذا يجري في أبي بكر وعمر أيضًا. 3672 - ثم روى حديث عائشة لما ضاع منها العقد، وأقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على طلبه،

عَلَى الْتِمَاسِهِ، وَأَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَأَتَى النَّاسُ أَبَا بَكْرٍ، فَقَالُوا أَلاَ تَرَى مَا صَنَعَتْ عَائِشَةُ أَقَامَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَبِالنَّاسِ مَعَهُ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَاضِعٌ رَأْسَهُ عَلَى فَخِذِى قَدْ نَامَ، فَقَالَ حَبَسْتِ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالنَّاسَ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ قَالَتْ فَعَاتَبَنِى، وَقَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ، وَجَعَلَ يَطْعُنُنِى بِيَدِهِ فِي خَاصِرَتِى، فَلاَ يَمْنَعُنِى مِنَ التَّحَرُّكِ إِلاَّ مَكَانُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى فَخِذِى، فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى أَصْبَحَ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ، فَتَيَمَّمُوا، فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ مَا هِىَ بِأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ يَا آلَ أَبِى بَكْرٍ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ فَبَعَثْنَا الْبَعِيرَ الَّذِى كُنْتُ عَلَيْهِ فَوَجَدْنَا الْعِقْدَ تَحْتَهُ. طرفه 334 3673 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ سَمِعْتُ ذَكْوَانَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِى، فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلاَ نَصِيفَهُ». ـــــــــــــــــــــــــــــ وقد تقدم الحديث في كتاب التيمم في بعض إسناده. كان في غزوة بني المصطلق (وجعل يطعُنني) بضم العين بالإصبع ونحوه، وبفتح العين إذا كان الطعن بالقول (فلا يمنعني إلا مكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على فخذي) أي: كونه، مصدر ميمي (أسيد بن الحضير) بتصغير الاسمين. 3673 - (أبي إياس) بكسر الهمزة (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تسبوا أصحابي). فإن قلت: هذا خطاب للأصحاب، فما معنى قوله: لا تسبوا أصحابي؟ قلت: ذكر ابن عبد البر أنه أراد بأصحابه السابقين الأولين، والقرينة أنه قال هذا الكلام في فتح مكة لما تنازع خالد بن الوليد وعبد الرحمن بن عوف، فقال هذا الخالد، ويجوز أن يراد العموم، كأنه استحضر من بعدهم وخاطبهم. (فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبًا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه) فعيل بمعنى الفعل،

تَابَعَهُ جَرِيرٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَمُحَاضِرٌ عَنِ الأَعْمَشِ. 3674 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِسْكِينٍ أَبُو الْحَسَنِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ شَرِيكِ بْنِ أَبِى نَمِرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِىُّ أَنَّهُ تَوَضَّأَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ خَرَجَ، فَقُلْتُ لأَلْزَمَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَلأَكُونَنَّ مَعَهُ يَوْمِى هَذَا. قَالَ فَجَاءَ الْمَسْجِدَ، فَسَأَلَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا خَرَجَ وَوَجَّهَ هَا هُنَا، فَخَرَجْتُ عَلَى إِثْرِهِ أَسْأَلُ عَنْهُ، حَتَّى دَخَلَ بِئْرَ أَرِيسٍ، فَجَلَسْتُ عِنْدَ الْبَابِ، وَبَابُهَا مِنْ جَرِيدٍ حَتَّى قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَاجَتَهُ، فَتَوَضَّأَ فَقُمْتُ إِلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى بِئْرِ أَرِيسٍ، وَتَوَسَّطَ قُفَّهَا، وَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ وَدَلاَّهُمَا فِي الْبِئْرِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ انْصَرَفْتُ، فَجَلَسْتُ عِنْدَ الْبَابِ، فَقُلْتُ لأَكُونَنَّ بَوَّابَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْيَوْمَ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَدَفَعَ الْبَابَ. فَقُلْتُ مَنْ هَذَا فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ. فَقُلْتُ عَلَى رِسْلِكَ. ثُمَّ ذَهَبْتُ فَقُلْتُ يَا ـــــــــــــــــــــــــــــ أي: النصيف، قال الخطابي: لأن مدهم في الضيق خير من ذلك المبلغ في حال السعة، وفيه نظر؛ لأن السياق يدل على أن ذلك لشرف الصحبة. 3674 - (عن شريك بن أبي نَمِر) بفتح النون وكسر الميم (أبو موسى الأشعري) عبد الله بن قيس (فسأل عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: وَجَّهَ ههنا) -بفتح الواو- أي: وجه وجهه، كقوله تعالى: {إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ} [الأنعام: 79] (فإذا هو جالس على بئر أريس) -على وزن كريم-: بئر بقباء، قال ابن مالك: منصرف باعتبار المكان، والأريس لغة: الأكار، وهذا البئر هو الذي وقع خاتم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه في خلافة عثمان، كان قد أخرجه من إصبعه وهو جالس على شفير البئر فوقع فيه، وبالغ في نزح البئر ولم يظفر بالخاتم، ومن ذلك الحين بدأ أمره في التراجع والخلل، قال أبو موسى: (فقلت لأكونن بواب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -). فإن قلت: سيأتي في مناقب عثمان أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو الذي أمره بأن يكون على الباب، قلت: لا يمكن أن يكون بوابًا إلا بإذنه، وقوله (فانصرفت) بفاء التعقيب يدل على ذلك وقوله: لأكونن، كلام قاله في نفسه فرحًا بذلك، فإنه نوع خدمة له فيه شرف. (على رِسلك) -بكسر الراء- تقدم مرارًا اسم فعل، أي: تأنى واصبر.

رَسُولَ اللَّهِ هَذَا أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ. فَقَالَ «ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ». فَأَقْبَلْتُ حَتَّى قُلْتُ لأَبِى بَكْرٍ ادْخُلْ، وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُبَشِّرُكَ بِالْجَنَّةِ. فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَجَلَسَ عَنْ يَمِينِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَعَهُ فِي الْقُفِّ، وَدَلَّى رِجْلَيْهِ فِي الْبِئْرِ، كَمَا صَنَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -، وَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ، ثُمَّ رَجَعْتُ فَجَلَسْتُ وَقَدْ تَرَكْتُ أَخِى يَتَوَضَّأُ وَيَلْحَقُنِى، فَقُلْتُ إِنْ يُرِدِ اللَّهُ بِفُلاَنٍ خَيْرًا - يُرِيدُ أَخَاهُ - يَأْتِ بِهِ. فَإِذَا إِنْسَانٌ يُحَرِّكُ الْبَابَ. فَقُلْتُ مَنْ هَذَا فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ. فَقُلْتُ عَلَى رِسْلِكَ. ثُمَّ جِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ هَذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَسْتَأْذِنُ. فَقَالَ «ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ». فَجِئْتُ فَقُلْتُ ادْخُلْ وَبَشَّرَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْجَنَّةِ. فَدَخَلَ، فَجَلَسَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْقُفِّ عَنْ يَسَارِهِ، وَدَلَّى رِجْلَيْهِ فِي الْبِئْرِ، ثُمَّ رَجَعْتُ فَجَلَسْتُ، فَقُلْتُ إِنْ يُرِدِ اللَّهُ بِفُلاَنٍ خَيْرًا يَأْتِ بِهِ. فَجَاءَ إِنْسَانٌ يُحَرِّكُ الْبَابَ، فَقُلْتُ مَنْ هَذَا فَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ. فَقُلْتُ عَلَى رِسْلِكَ. فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرْتُهُ. فَقَالَ «ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ عَلَى بَلْوَى تُصِيبُهُ» فَجِئْتُهُ فَقُلْتُ لَهُ ادْخُلْ وَبَشَّرَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْجَنَّةِ عَلَى بَلْوَى تُصِيبُكَ. فَدَخَلَ فَوَجَدَ الْقُفَّ قَدْ مُلِئَ، فَجَلَسَ وُجَاهَهُ مِنَ الشِّقِّ الآخَرِ. قَالَ شَرِيكٌ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ فَأَوَّلْتُهَا قُبُورَهُمْ. أطرافه 3693، 3695، 6216، 7097، 7262 3675 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - حَدَّثَهُمْ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَعِدَ أُحُدًا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ ـــــــــــــــــــــــــــــ (فقلت: إن يرد الله بفلان خيرًا) فلان: كناية عن أخيه، فإنه لما رأى أن باب [الفيض] مفتوح، وكل من جاء بشر بالجنة، وهذه البشرى لا يوازيها شيء رجاء أن يكون في زمرة هؤلاء، فلم يقدر فوجد القف قد ملئ من الثلاثة لم يكن له إلا أن يعقد إلا بحاجة، وكان ذلك إشارة كما قال سعيد بن المسيب إلى القبور كما وقع الأمر على ذلك. 3675 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صعد أُحدًا وأبو بكر) عطف

وَعُثْمَانُ فَرَجَفَ بِهِمْ فَقَالَ «اثْبُتْ أُحُدُ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ نَبِىٌّ وَصِدِّيقٌ وَشَهِيدَانِ». طرفاه 3686، 3699 3676 - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا صَخْرٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «بَيْنَمَا أَنَا عَلَى بِئْرٍ أَنْزِعُ مِنْهَا جَاءَنِى أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَأَخَذَ أَبُو بَكْرٍ الدَّلْوَ، فَنَزَعَ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ وَفِى نَزْعِهِ ضَعْفٌ، وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ، ثُمَّ أَخَذَهَا ابْنُ الْخَطَّابِ مِنْ يَدِ أَبِى بَكْرٍ، فَاسْتَحَالَتْ فِي يَدِهِ غَرْبًا، فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا مِنَ النَّاسِ يَفْرِى فَرِيَّهُ، فَنَزَعَ حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ بِعَطَنٍ». قَالَ وَهْبٌ الْعَطَنُ مَبْرَكُ الإِبِلِ، يَقُولُ حَتَّى رَوِيَتِ الإِبِلُ فَأَنَاخَتْ. طرفه 3633 3677 - حَدَّثَنِى الْوَلِيدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِى الْحُسَيْنِ الْمَكِّىُّ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ إِنِّى لَوَاقِفٌ فِي قَوْمٍ، فَدَعَوُا اللَّهَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَقَدْ وُضِعَ عَلَى سَرِيرِهِ، إِذَا رَجُلٌ مِنْ خَلْفِى قَدْ وَضَعَ مِرْفَقَهُ عَلَى مَنْكِبِى، يَقُولُ رَحِمَكَ اللَّهُ، إِنْ كُنْتُ لأَرْجُو أَنْ يَجْعَلَكَ اللَّهُ مَعَ صَاحِبَيْكَ، لأَنِّى كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ كُنْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــ على ضمير صعد لوجود الفاصلة بالمفعول (أُثبت أحد) بالضم على البناء؛ لأنه علم منادى (عليك نبي وصديق وشهيدان) عمر وعثمان. فإن قلت: في رواية مسلم "على حراء"؟ قلت: يجوز كل واحد لتعدد الواقعة. 3676 - وحديث عمر، ومعنى كونه عبقريًّا قد تقدم عن قريب مرارًا (كنت وأبو بكر وعمر) عطف على المرفوع المتصل بلا تأكيد، بدل على صحة قول الكوفيين. 3677 - (وإني كنت لأرجو أن يجعلك الله مع صاحبيك) هذا كلام علي.

6 - باب مناقب عمر بن الخطاب أبى حفص القرشى العدوى رضى الله عنه

وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَفَعَلْتُ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَانْطَلَقْتُ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ. فَإِنْ كُنْتُ لأَرْجُو أَنْ يَجْعَلَكَ اللَّهُ مَعَهُمَا. فَالْتَفَتُّ فَإِذَا هُوَ عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ. طرفه 3685 3678 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْكُوفِىُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ عَنِ الأَوْزَاعِىِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو عَنْ أَشَدِّ مَا صَنَعَ الْمُشْرِكُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ رَأَيْتُ عُقْبَةَ بْنَ أَبِى مُعَيْطٍ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يُصَلِّى، فَوَضَعَ رِدَاءَهُ فِي عُنُقِهِ فَخَنَقَهُ بِهِ خَنْقًا شَدِيدًا، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى دَفَعَهُ عَنْهُ فَقَالَ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّىَ اللَّهُ. وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ. طرفاه 3856، 4815 6 - باب مَنَاقِبُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَبِى حَفْصٍ الْقُرَشِىِّ الْعَدَوِىِّ رضى الله عنه ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: الباب في فضل أبي بكر، وهذا دلّ على فضل عمر، قلت: قوله: كنت وأبو بكر كاف في تقدمه وفضله غاية الأمر أنه روى عن علي ما دل على فضل عمر. 3678 - (محمد بن يزيد) هكذا في أكثر الأصول، وفي بعضها: محمد بن كثير بدل يزيد (رأيت عقبة بن أبي معيط جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي فوضع رداءه في عنقه فخنقه به خنقًا شديدًا) الخنق -بكسر النون- كذا يقوله الجوهري وقد تسكن النون، هذا الذي فعله مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، هذا الفعل مكنه الله منه أخذًا أسيرًا في وقعة بدر فكان مع الأُسَراء إلى وادي الصفراء فَضُرب عنقه جزاء بما فعل بذلك العنق الذي هو أكرم الأعناق عند الله (أتقتلون رجلًا أن يقول: ربي الله) هذا كلام مؤمن آل فرعون إما أن يكون نازلًا ذلك الوقت قرأه عليه على طريق الاقتباس، أو تكلم به فوافق كلام الله، فإن هذا القدر لا يكون معجزًا، أقل المعجز أن يكون ثلاث آيات. باب مناقب عمر بن الخطاب هو أمير المؤمنين أبو حفص عمر بن الخطاب بن نفيل العدوي من ذرية عدي بن كعب بن لؤي، وفي كعب يلاقي نسب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولد بعد الفيل بثلاث عشرة سنة، وأسلم بعد تسع وأربعين رجلًا وإحدى عشرة امرأة، وقيل غير ذلك، وروى الحاكم أن

3679 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ الْمَاجِشُونُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «رَأَيْتُنِى دَخَلْتُ الْجَنَّةَ، فَإِذَا أَنَا بِالرُّمَيْصَاءِ امْرَأَةِ أَبِى طَلْحَةَ وَسَمِعْتُ خَشَفَةً، فَقُلْتُ مَنْ هَذَا فَقَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: "اللهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك" أبي جهل [أو] عمر بن الخطاب. فإن قلت: أحب يدل على زيادة بعد المشاركة في أصل المعنى، وأبو جهل لا حظّ له من ذلك؟ قلت: أفعل التفضيل إذا أضيف قد يقصد به الزيادة المطلقة، وهذا من ذلك، روي أيضًا قوله: "أعز الإسلام بعمر بن الخطاب"، وهذا الذي يأتي في الباب بعض فضائله شكر الله سعيه للإسلام من فضله وكرمه، وتجاوز عنا جزاء لمحبته، قتل وهو ابن ثلاث وستين سنة، ولما قتل ناحت عليه الجن، وسمع الناس هذه الأبيات من الجن: عليك سلام من أمير وباركت ... يد الله في ذاك الأديم الممزق قضيت أمورًا ثم غادرت بعدها ... نوافح في أكمامها لم تفتق فمن يسع يركب جناحي نعامة ... ليدرك ما قدمت بالأمس يُسبق وما كنت أخشى أن تكون وفاته ... بكفي سَبَنَّى أزرق العين مطرق فلقاك ربي في الجنان ومن ... كسوة الفردوس ما لم تمزق 3679 - (مِنهال) بكسر الميم (الماجشون) -بكسر الجيم- معرب: ماه كون، أي: شبه القمر في اللون (رأيتني دخلت الجنة، فإذا أنا بالرُميصاء امرأة أبي طلحة) -بضم الراء على وزن المصغر الممدود. قال الدارقطني، ويقال بالسين أيضًا، وفي رواية لمسلم "الغميصاء" بالغين بدل الراء، وهي أم سليم، واسمها سهلة على الأصح، وهذه ألقاب، وكنية (وسمعت خشفة) -بفتح الخاء المعجمة وتخفيف شين كذلك- الصوت الخفي، وكان ذهاب بلال قدامه

هَذَا بِلاَلٌ. وَرَأَيْتُ قَصْرًا بِفِنَائِهِ جَارِيَةٌ، فَقُلْتُ لِمَنْ هَذَا فَقَالَ لِعُمَرَ. فَأَرَدْتُ أَنْ أَدْخُلَهُ فَأَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَذَكَرْتُ غَيْرَتَكَ». فَقَالَ عُمَرُ بِأُمِّى وَأَبِى يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعَلَيْكَ أَغَارُ طرفاه 5226، 7024 3680 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ قَالَ «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِى فِي الْجَنَّةِ، فَإِذَا امْرَأَةٌ تَتَوَضَّأُ إِلَى جَانِبِ قَصْرٍ، فَقُلْتُ لِمَنْ هَذَا الْقَصْرُ قَالُوا لِعُمَرَ فَذَكَرْتُ غَيْرَتَهُ فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا». فَبَكَى وَقَالَ أَعَلَيْكَ أَغَارُ يَا رَسُولَ اللَّهِ طرفه 3242 3681 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ أَبُو جَعْفَرٍ الْكُوفِىُّ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى حَمْزَةُ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ شَرِبْتُ - يَعْنِى اللَّبَنَ - حَتَّى أَنْظُرُ إِلَى الرِّىِّ يَجْرِى فِي ظُفُرِى أَوْ فِي أَظْفَارِى، ثُمَّ نَاوَلْتُ عُمَرَ». فَقَالُوا فَمَا أَوَّلْتَهُ قَالَ «الْعِلْمَ». طرفه 82 3682 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ ـــــــــــــــــــــــــــــ على طريق الخدام (ورأيت قصرًا بفنائه جارية فقلت: لمن هذا؟ فقال لعمر) أي: قال له قائل (فأردت أن أدخله فأنظر إليه فذكرت غيرتك فقال عمر بأبي وأمي عليك أغار) وفي رواية "بكى عمر" أي: سرورًا. 3681 - ثم روى حديث منامه - صلى الله عليه وسلم - (أنه شرب اللبن، وأعطى فضله عمر وأنه أوله بالعلم) تقدم هذا الحديث بشرحه في أبواب العلم، وأشرنا أن وجه تفسير اللبن بالعلم أن صلاح الإنسان ونشوءه في مبدإ الفطرة اللبن، والعلم سبب لحياة الروح، والبقاء الأبدي. فإن قلت: ما معنى جريان الري في الأضفار؟ قلت: مجاز عن كمال الإحاطة بحيث لم تقبل الزيادة، وفيه إيماء إلى أن ما كان ممكنًا في البشر قد قاربه من معرفة الله. 3682 - (نمير) بضم النون، مصغر (بشر) بكسر الموحدة وشين معجمة (بدلو بكرة)

اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو بَكْرِ بْنُ سَالِمٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أُرِيتُ فِي الْمَنَامِ أَنِّى أَنْزِعُ بِدَلْوِ بَكْرَةٍ عَلَى قَلِيبٍ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَنَزَعَ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ نَزْعًا ضَعِيفًا، وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ، ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَاسْتَحَالَتْ غَرْبًا، فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا يَفْرِى فَرِيَّهُ حَتَّى رَوِىَ النَّاسُ وَضَرَبُوا بِعَطَنٍ». قَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ الْعَبْقَرِىُّ عِتَاقُ الزَّرَابِىِّ. وَقَالَ يَحْيَى الزَّرَابِىُّ الطَّنَافِسُ لَهَا خَمْلٌ رَقِيقٌ (مَبْثُوثَةٌ) كَثِيرَةٌ. طرفه 3633 3683 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى عَبْدُ الْحَمِيدِ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ سَعْدٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَاهُ قَالَ ح حَدَّثَنِى عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَعِنْدَهُ نِسْوَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُكَلِّمْنَهُ وَيَسْتَكْثِرْنَهُ، عَالِيَةً أَصْوَاتُهُنَّ عَلَى صَوْتِهِ فَلَمَّا اسْتَأْذَنَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قُمْنَ فَبَادَرْنَ الْحِجَابَ فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَدَخَلَ عُمَرُ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَضْحَكُ، فَقَالَ عُمَرُ أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «عَجِبْتُ مِنْ هَؤُلاَءِ اللاَّتِى كُنَّ عِنْدِى فَلَمَّا سَمِعْنَ صَوْتَكَ ابْتَدَرْنَ الْحِجَابِ». فَقَالَ عُمَرُ فَأَنْتَ أَحَقُّ أَنْ يَهَبْنَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. ثُمَّ قَالَ عُمَرُ يَا عَدُوَّاتِ أَنْفُسِهِنَّ، أَتَهَبْنَنِى وَلاَ تَهَبْنَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْنَ نَعَمْ، أَنْتَ أَفَظُّ وَأَغْلَظُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِيهًا يَا ابْنَ ـــــــــــــــــــــــــــــ بفتح الباء والكاف، آلة معروفة، وحديث العبقري في شأن عمر قد مرَّ قريبًا مرارًا فلا نعيده. 3683 - (استأذن عمر على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان عنده طائفة من نساء قريش) يستكثرنه أي في الكلام (عالية أصواتهن) برفع عالية على أنه صفة نسوة، والنصب على الحال؛ لأن ذا الحال نكرة موصوفة (أنت أفظ وأغلظ).

الْخَطَّابِ وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ سَالِكًا فَجًّا قَطُّ إِلاَّ سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ». طرفه 3294 3684 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا قَيْسٌ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ مَا زِلْنَا أَعِزَّةً مُنْذُ أَسْلَمَ عُمَرُ. طرفه 3863 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: اسم التفضيل يدل على المشاركة؟ قلت: كذا، قال تعالى: {وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 73] وفي موضع آخر {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً} [التوبة: 123] وهو سيد المؤمنين، وأول داخل في هذا الخطاب. فإن قلت: ما الفرق بين الفظاظة والغلاظة؟ قلت: الفظاظة في القول، والغلاظة في القلب، قال تعالى: {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ} [آل عمران: 159]، وقال بعضهم: إن الأفظ والأغلظ بمعنى الفظ والغليظ، فلا يقتضي المشاركة؛ لأن اسم التفضيل إذا استعمل بمن لا بد وأن يكون المفضل عليه. في هذا (إيه يا عمر) كلمة فيها معنى الأمر، وأصل وضعها على السكون، فإن وصلت بما بعدها كسرت مع التنوين، والمعنى طلب الزيادة من الكلام، وإذا نونت مع النصب كان أمرًا بالسكوت، وقد رويت هنا بالوجهين. فإن قلت: إذا كان معناه طلب الزيادة في الكلام فما معناه في هذا المقام؟ قلت: معناه أنه لما استأذن عمر علم أن له حاجة، وكلام النساء كان وافيًا بالغرض، فقال له: اذكر الأمر الذي جئت بسببه، وقيل: لما مدح عمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال له أي زيدني مدحًا، ولا يخفى بعد هذا الكلام. (والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكًا فجًّا إلا سلك فجًّا آخر) إما كناية عن بعد الشيطان عن القدرة على إغوائه، أو حقيقة، وليس فيه ما يفيد الحصر، فيجوز أن يكون أبو بكر أيضًا كذلك، ولئن سلم لا يلزم منه التفضيل مطلقًا، نظيره عدم مس الشيطان لعيسى وأمه، ولم يلزم من ذلك أن يكون أفضل من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والفج: الطريق، وقط: لفظ يؤكد به المنفي في الماضي. 3684 - (قال ابن مسعود: ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر). فإن قلت: كيف هاجر [ابن] مسعود وكثير من الأصحاب بعد إسلام عمر؟ قلت: أراد بالنسبة إلى ما كانوا فيه أولًا من إخفاء الدين.

3685 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ وُضِعَ عُمَرُ عَلَى سَرِيرِهِ، فَتَكَنَّفَهُ النَّاسُ يَدْعُونَ وَيُصَلُّونَ قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ، وَأَنَا فِيهِمْ، فَلَمْ يَرُعْنِى إِلاَّ رَجُلٌ آخِذٌ مَنْكِبِى، فَإِذَا عَلِىٌّ فَتَرَحَّمَ عَلَى عُمَرَ، وَقَالَ مَا خَلَّفْتَ أَحَدًا أَحَبَّ إِلَىَّ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ بِمِثْلِ عَمَلِهِ مِنْكَ، وَايْمُ اللَّهِ، إِنْ كُنْتُ لأَظُنُّ أَنْ يَجْعَلَكَ اللَّهُ مَعَ صَاحِبَيْكَ، وَحَسِبْتُ أَنِّى كُنْتُ كَثِيرًا أَسْمَعُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ ذَهَبْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَدَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَخَرَجْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ. طرفه 3677 3686 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ وَقَالَ لِى خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ وَكَهْمَسُ بْنُ الْمِنْهَالِ قَالاَ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ صَعِدَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى أُحُدٍ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ فَرَجَفَ بِهِمْ، فَضَرَبَهُ بِرِجْلِهِ، قَالَ «اثْبُتْ أُحُدُ فَمَا عَلَيْكَ إِلاَّ نَبِىٌّ أَوْ صِدِّيقٌ أَوْ شَهِيدَانِ». طرفه 3675 3687 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِى عُمَرُ هُوَ ابْنُ مُحَمَّدٍ أَنَّ زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَأَلَنِى ابْنُ عُمَرَ عَنْ بَعْضِ شَأْنِهِ - يَعْنِى عُمَرَ - فَأَخْبَرْتُهُ. فَقَالَ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا قَطُّ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ حِينَ قُبِضَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 3685 - (ابن أبي مليكة) -بضم الميم، مصغر- اسمه عبد الله، واسم أبي مليكة، زهير (وضع عمر على سريره) أي: بعد موته (فتكنفه الناس) أي: أحاطوا به من الكَنِف -بفتح الكاف وكسر النون-: وهو الوعاء (يدعون ويصلون) أي يترحمون عليه، أو يصلون على النبي - صلى الله عليه وسلم - (كنت لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك، وحسبت) جمع بين الظن والحسبان مبالغة ودلالة على غلبة الظن، فإن الظن له مراتب. 3686 - (زُريع) بضم الزاي، مصغر زرع (وقال لي خليفة) هو خليفة بن خياط شيخ البخاري، والرواية عن بقال؛ لأنه سمع الحديث مذاكرة (محمد بن سواء) بفتح السين والمد (وكَهْمَس بن المِنْهال) بفتح الكاف وسكون الهاء، وكسر الميم بعده نون (اثبت أُحُد) بضم الدال منادى (فما عليك إلا نبيّ أو صديق أو شهيدان) وفي بعضها "أو شهيد" على إرادة الجنس وأو، بمعنى الواو كما تقدم في مناقب الصديق. 3687 - (ما رأيت أحدًا بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: في زمانه، أو بعد زمانه، فالبعدية

كَانَ أَجَدَّ وَأَجْوَدَ حَتَّى انْتَهَى مِنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. 3688 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ السَّاعَةِ، فَقَالَ مَتَى السَّاعَةُ قَالَ «وَمَاذَا أَعْدَدْتَ لَهَا». قَالَ لاَ شَىْءَ إِلاَّ أَنِّى أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ - صلى الله عليه وسلم -. فَقَالَ «أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ». قَالَ أَنَسٌ فَمَا فَرِحْنَا بِشَىْءٍ فَرَحَنَا بِقَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ». قَالَ أَنَسٌ فَأَنَا أُحِبُّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ مَعَهُمْ بِحُبِّى إِيَّاهُمْ، وَإِنْ لَمْ أَعْمَلْ بِمِثْلِ أَعْمَالِهِمْ. أطرافه 6167، 6171، 7153 حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَقَدْ كَانَ فِيمَا قَبْلَكُمْ مِنَ الأُمَمِ مُحَدَّثُونَ، فَإِنْ يَكُ فِي أُمَّتِى أَحَدٌ فَإِنَّهُ عُمَرُ». زَادَ زَكَرِيَّاءُ بْنُ أَبِى زَائِدَةَ عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَقَدْ كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ مِنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ رِجَالٌ يُكَلَّمُونَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونُوا أَنْبِيَاءَ، فَإِنْ يَكُنْ مِنْ أُمَّتِى مِنْهُمْ أَحَدٌ فَعُمَرُ». طرفه 3469 ـــــــــــــــــــــــــــــ تحتمل الأمرين (أجدّ) أي: في شأن كالإسلام (وأجود) أي في شأن المسلمين (من عمر). 3688 - (سليمان بن حرب) ضد الصلح (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم (أنت مع من أحببت) أي: في الجنة، ولا يلزم التساوي في الرتبة، كقولك: زيد جالس مع الأميرين، لكن المهم أن تتبع آثار من تدعي محبته. 3689 - (قَزَعة) بالقاف والزاي المعجمة، وثلاث فتحات (لقد كان فيما قبلكم محدّثون) -بفتح الدال- أي: ملهمون، فإذا ظن شيئًا وقع، كأنه سمعه من غيره (فإن يكن في أمتي أحد فهو عمر) بناه على الاحتمال؛ لأنه لم يقُلْهُ وحيًا، ويجوز أن يريد المبالغة، فإن وجوده في هذه الأمة كالمقطوع به، فإنها خير الأمم، وهذا أظهر (لقد كان قبلكم من بني إسرائيل رجالٌ يكَلّمون) يجوز أن يكون معناه: يلهون كما تقدم، وأن يكون حقيقة تكلمهم الملائكة كما كلمت مريم، وهذا هو الظاهر من قوله (من غير أن يكونوا أنبياء) وسيأتي أن عمران بن حصين كان تسلم عليه الملائكة قبل أن يكوى.

3690 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنَا عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالاَ سَمِعْنَا أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «بَيْنَمَا رَاعٍ فِي غَنَمِهِ عَدَا الذِّئْبُ فَأَخَذَ مِنْهَا شَاةً، فَطَلَبَهَا حَتَّى اسْتَنْقَذَهَا، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ الذِّئْبُ فَقَالَ لَهُ مَنْ لَهَا يَوْمَ السَّبُعِ، لَيْسَ لَهَا رَاعٍ غَيْرِى. فَقَالَ النَّاسُ سُبْحَانَ اللَّهِ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «فَإِنِّى أُومِنُ بِهِ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ» وَمَا ثَمَّ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ. طرفه 2324 3691 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ النَّاسَ عُرِضُوا عَلَىَّ وَعَلَيْهِمْ قُمُصٌ، فَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ الثَّدْىَ، وَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ دُونَ ذَلِكَ، وَعُرِضَ عَلَىَّ عُمَرُ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ اجْتَرَّهُ». قَالُوا فَمَا أَوَّلْتَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «الدِّينَ». طرفه 23 3692 - حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ لَمَّا طُعِنَ عُمَرُ جَعَلَ يَأْلَمُ، فَقَالَ لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ 3690 - (عُقيل) بضم العين، مصغر (بينما راع في غنمه عدا الذئب فأخذ [منها] شاة) سبق الحديث في أعلام النبوة. (فالتفت إليه الذئب وقال: من لها يوم السبع؟) قد أشرنا أنه أراد يوم القيامة، أو يوم عيد لهم أو أيام الفتنة (فإني أؤمن به وأبو بكر وعمر وما ثم أبو بكر وعمر) أي مع الفتنة، أخبر عنهما اعتمادًا على اكتمال إيمانهما. 3691 - (أبو أمامة) بضم الهمزة (حنيف) بضم الحاء مصغر (الخدري) بضم الخاء المعجمة (الثدي) -بضم الثاء المثلثة، على وزن الحلي- جمع ثدي روى حديث عائشة رؤيا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه عرض عليه الناس، وعليهم قُمُص تتفاوت في الطول، وعلى عمر قميص يجتَره من غاية الطول، أوله بالدين؛ لأن القميص ساتر العورة، وكذلك يوم القيامة {وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ} [الأعراف:26] وقوله الدين بالنصب لأنه مفعول أُولت. 3692 - (الصلت بن محمد) بالصاد المهملة. (عن ابن أبي مُليكة) بضم الميم، مصغر (عن المِسور بن مخرمة) بكسر الميم في

ابْنُ عَبَّاسٍ - وَكَأَنَّهُ يُجَزِّعُهُ - يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَئِنْ كَانَ ذَاكَ لَقَدْ صَحِبْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَحْسَنْتَ صُحْبَتَهُ، ثُمَّ فَارَقْتَهُ وَهْوَ عَنْكَ رَاضٍ، ثُمَّ صَحِبْتَ أَبَا بَكْرٍ فَأَحْسَنْتَ صُحْبَتَهُ، ثُمَّ فَارَقْتَهُ وَهْوَ عَنْكَ رَاضٍ، ثُمَّ صَحِبْتَ صَحَبَتَهُمْ فَأَحْسَنْتَ صُحْبَتَهُمْ، وَلَئِنْ فَارَقْتَهُمْ لَتُفَارِقَنَّهُمْ وَهُمْ عَنْكَ رَاضُونَ. قَالَ أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ صُحْبَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَرِضَاهُ، فَإِنَّمَا ذَاكَ مَنٌّ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى مَنَّ بِهِ عَلَىَّ، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ صُحْبَةِ أَبِى بَكْرٍ وَرِضَاهُ، فَإِنَّمَا ذَاكَ مَنٌّ مِنَ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ مَنَّ بِهِ عَلَىَّ، وَأَمَّا مَا تَرَى مِنْ جَزَعِى، فَهْوَ مِنْ أَجْلِكَ وَأَجْلِ أَصْحَابِكَ، وَاللَّهِ لَوْ أَنَّ لِى طِلاَعَ الأَرْضِ ذَهَبًا لاَفْتَدَيْتُ بِهِ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَبْلَ أَنْ أَرَاهُ. قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ دَخَلْتُ عَلَى عُمَرَ بِهَذَا. 3693 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنِى عُثْمَانُ بْنُ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِىُّ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي حَائِطٍ مِنْ حِيطَانِ الْمَدِينَةِ، فَجَاءَ رَجُلٌ فَاسْتَفْتَحَ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «افْتَحْ لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ الأول، وفتحه في الثاني (لما طعن عمر جعل يألم) -على وزن يعلم- من الألم (فقال له ابن عباس وكأنه يُجزّعه) -بضم الياء وتشديد الزاي المكسورة- أي: يزيل جزعه وخوفه من الله بما ذكره من محاسنه (وأما ما ترى بي من جزعي فهو من أجلك ومن أجل أصحابك) لأنه كان قد علم من حديث حذيفة أنه باب مغلق الفتنة، فإذا كسر جاءت الفتن وكذا جرى (والله لو أن لي طِلاع الأرض ذهبًا لافتديت به) الطلاع -بكسر الطاء-: ملء الشيء، وقيل: ما طلع عليه الشمس. 3693 - (أبو أُسامة) -بضم الهمزة-: حماد بن أسامة (غياث) بكسر الغين المعجمة آخره ثاء مثلثة (أبو عثمان) عبد الرحمن النهدي (عن أبي موسى كنت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في حائط)

7 - باب مناقب عثمان بن عفان أبى عمرو القرشى رضى الله عنه

وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ». فَفَتَحْتُ لَهُ، فَإِذَا أَبُو بَكْرٍ، فَبَشَّرْتُهُ بِمَا قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَحَمِدَ اللَّهَ، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ فَاسْتَفْتَحَ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «افْتَحْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ». فَفَتَحْتُ لَهُ، فَإِذَا هُوَ عُمَرُ، فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَحَمِدَ اللَّهَ، ثُمَّ اسْتَفْتَحَ رَجُلٌ، فَقَالَ لِى «افْتَحْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ عَلَى بَلْوَى تُصِيبُهُ». فَإِذَا عُثْمَانُ، فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَحَمِدَ اللَّهَ ثُمَّ قَالَ اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ. طرفه 3674 3694 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى حَيْوَةُ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو عَقِيلٍ زُهْرَةُ بْنُ مَعْبَدٍ أَنَّهُ سَمِعَ جَدَّهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ هِشَامٍ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. طرفاه 6264، 6632 7 - باب مَنَاقِبُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَبِى عَمْرٍو الْقُرَشِىِّ رضى الله عنه وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ يَحْفِرْ بِئْرَ رُومَةَ فَلَهُ الْجَنَّةُ». فَحَفَرَهَا عُثْمَانُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أي: في حديقة، من إطلاق اسم الجزء على الكل، والحديث في مناقب الصديق مع شرحه. 3694 - (حَيْوة) بفتح الحاء وسكون الياء (أبو عَقيل) بفتح العين وكسر القاف. مناقب عثمان بن عفان رضي الله عنه عفان هو ابن أبي العاص بن أمية بن عبد الشمس بن عبد مناف، وفي عبد مناف يلاقي نسب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وعثمان أمير المؤمنين، يكنى أبا عمرو وأبا ليلى، من السابقين الأولين، أسلم على يد أبي بكر، تولى الخلافة بعد عمر بن الخطاب، مدة خلافته إحدى عشرة سنة وإحدى عشرة شهرًا قتل مظلومًا، وهو ابن ثمانين سنة، وقيل: ثمان وثمانين سنة، وقيل: تسعين، وقيل غير هذا. (وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: من حفر بئر رومة فله الجنة، فحفرها عثمان) قال ابن عبد البر: كانت ركية ليهودي في المدينة يبيع ماءها، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من يشتريها ويجعلها للمسلمين ويضرب بدلوه في دلائهم، وله مشرب في الجنة، فساومه عثمان فأبى أن يبيع كلها، فاشترى نصفها وجعلها مناوبة يوم له ويوم لعثمان، وسبلها عثمان، فكان المسلمون يأخذون في نوبة

وَقَالَ «مَنْ جَهَّزَ جَيْشَ الْعُسْرَةِ فَلَهُ الْجَنَّةُ». فَجَهَّزَهُ عُثْمَانُ. 3695 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ حَائِطًا وَأَمَرَنِى بِحِفْظِ بَابِ الْحَائِطِ، فَجَاءَ رَجُلٌ يَسْتَأْذِنُ، فَقَالَ «ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ». فَإِذَا أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ جَاءَ آخَرُ يَسْتَأْذِنُ فَقَالَ «ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ». فَإِذَا عُمَرُ، ثُمَّ جَاءَ آخَرُ يَسْتَأْذِنُ، فَسَكَتَ هُنَيْهَةً ثُمَّ قَالَ «ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ عَلَى بَلْوَى سَتُصِيبُهُ». فَإِذَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ. قَالَ حَمَّادٌ وَحَدَّثَنَا عَاصِمٌ الأَحْوَلُ وَعَلِىُّ بْنُ الْحَكَمِ سَمِعَا أَبَا عُثْمَانَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِى مُوسَى بِنَحْوِهِ، وَزَادَ فِيهِ عَاصِمٌ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ قَاعِدًا فِي مَكَانٍ فِيهِ مَاءٌ، قَدِ انْكَشَفَتْ عَنْ رُكْبَتَيْهِ أَوْ رُكْبَتِهِ، فَلَمَّا دَخَلَ عُثْمَانُ غَطَّاهَا. طرفه 3674 ـــــــــــــــــــــــــــــ عثمان ما يكفيهم يومين، فقال اليهودي: أفسدت علي، فاشترى النصف الثاني بثمانية آلاف درهم. فإن قلت: فما معنى قوله في البخاري: من يحفر؟ قلت: كانت ركية، فأصلحها وزاد في حفرها. (وقال: من جهز جيش العسرة فله الجنة) جيش العسرة كان في غزوة تبوك، والتجهيز: تهيئة أسباب السفر، وإنما سمي جيش العسرة؛ لأن السفر كان بعيدًا، كما أخبر الله تعالى عنه: {وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ} [التوبة:42] وكان في أيام الحر، والناس في قلة، وقد طابت الثمار، وكان هذا في غزوة تبوك، والعدو بنو الأصفر، واتفق الثقات على أن عثمان أتى رسولَ الله بتسعمئة بعير بأقتابها وأحلاسها، وخمسين فرسًا وقيل: -مئتي فرس- وألف دينار. 3695 - (سليمان بن حرب) ضد الصلح (حَمّاد) بفتح الحاء وتشديد الميم (أبو عثمان) هو عبد الرحمن النهدي. حديث أبي موسى في كونه بوابًا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهو في حائط سلف في مناقب الصديق والفاروق (وزاد عاصم الأحول أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان قاعدًا في مكان فيه ماء قد انكشف عن ركبتيه أو ركبته، فلما دخل عثمان غطاها) قيل: هذه الزيادة

3696 - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ يُونُسَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَدِىِّ بْنِ الْخِيَارِ أَخْبَرَهُ أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ قَالاَ مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تُكَلِّمَ عُثْمَانَ لأَخِيهِ الْوَلِيدِ فَقَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ فِيهِ. فَقَصَدْتُ لِعُثْمَانَ حَتَّى خَرَجَ إِلَى الصَّلاَةِ، قُلْتُ إِنَّ لِى إِلَيْكَ حَاجَةً، وَهِىَ نَصِيحَةٌ لَكَ. قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَرْءُ - قَالَ مَعْمَرٌ أُرَاهُ قَالَ - أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ. فَانْصَرَفْتُ، فَرَجَعْتُ إِلَيْهِمْ إِذْ جَاءَ رَسُولُ عُثْمَانَ فَأَتَيْتُهُ، فَقَالَ مَا نَصِيحَتُكَ فَقُلْتُ إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ بَعَثَ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - بِالْحَقِّ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ، وَكُنْتَ مِمَّنِ اسْتَجَابَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ، فَهَاجَرْتَ الْهِجْرَتَيْنِ، وَصَحِبْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَرَأَيْتَ هَدْيَهُ، وَقَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ فِي شَأْنِ الْوَلِيدِ. قَالَ أَدْرَكْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قُلْتُ لاَ وَلَكِنْ خَلَصَ إِلَىَّ مِنْ عِلْمِهِ مَا يَخْلُصُ إِلَى الْعَذْرَاءِ فِي سِتْرِهَا. قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - بِالْحَقِّ، فَكُنْتُ مِمَّنِ اسْتَجَابَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَآمَنْتُ بِمَا بُعِثَ بِهِ، وَهَاجَرْتُ الْهِجْرَتَيْنِ كَمَا قُلْتَ، وَصَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَبَايَعْتُهُ، فَوَاللَّهِ مَا عَصَيْتُهُ وَلاَ غَشَشْتُهُ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ أَبُو بَكْرٍ مِثْلُهُ، ثُمَّ عُمَرُ مِثْلُهُ، ثُمَّ اسْتُخْلِفْتُ، أَفَلَيْسَ لِى مِنَ الْحَقِّ مِثْلُ الَّذِى لَهُمْ قُلْتُ بَلَى. قَالَ فَمَا هَذِهِ الأَحَادِيثُ الَّتِى تَبْلُغُنِى عَنْكُمْ أَمَّا مَا ـــــــــــــــــــــــــــــ وهم، بل كان ذلك ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بيت عائشة، والراوي عائشة، قلت: يجوز تعدد الواقعة، فلا وجه لنسبة الوهم إلى الثقات ما أمكن الجمع، على أن هذه الزيادة أسندها عبد الله بن أحمد [في] فضائل عثمان. 3696 - (أن المِسْوَرَ بن مَخْرمَةَ) بكسر الميم الأول، وفتحه في الثاني، والراء. (عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث) بفتح الياء وضم الغين آخره ثاء مثلثة (قالا: ما يمنعك أن تكلم عثمان لأخيه الوليد) قالا هذا الكلام لعبيد الله بن عدي، والوليد بن عقبة بن أبي معيط كان أخا عثمان من أمه كان قد ولاه عثمان الكوفة، وكان رجلًا فاسقًا، شرب الخمر، وصلى بالناس الصبح أربعًا فلما سلم التفت إلى الناس، وقال: أزيدكم؟ قال رجل منهم: لم يزل معك من الزيادة (هاجرت الهجرتين) إحداهما إلى الحبشة والأخرى إلى المدينة (ورأيت هديه) أي: طريقته في الدين (قال رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قلت: لا ولكن خلص إلي من علمه ما يخلص إلى العذراء في سترها) أي: لم يبق شيء من هديه عليّ مخفيًا ولا على أحد من المسلمين، (ولا غششته) بكسر الشين ترك النصح، والخيانة في الصحبة من

ذَكَرْتَ مِنْ شَأْنِ الْوَلِيدِ، فَسَنَأْخُذُ فِيهِ بِالْحَقِّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ دَعَا عَلِيًّا فَأَمَرَهُ أَنْ يَجْلِدَهُ فَجَلَدَهُ ثَمَانِينَ. طرفاه 3872، 3927 3697 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ بَزِيغٍ حَدَّثَنَا شَاذَانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى سَلَمَةَ الْمَاجِشُونُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ كُنَّا فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لاَ نَعْدِلُ بِأَبِى بَكْرٍ أَحَدًا ثُمَّ عُمَرَ ثُمَّ عُثْمَانَ، ثُمَّ نَتْرُكُ أَصْحَابَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لاَ نُفَاضِلُ بَيْنَهُمْ. تَابَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ. طرفه 3655 3698 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ - هُوَ ابْنُ مَوْهَبٍ - قَالَ جَاءَ رَجُلٌ مَنْ أَهْلِ مِصْرَ حَجَّ الْبَيْتَ فَرَأَى قَوْمًا جُلُوسًا، فَقَالَ مَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ الغش، وهو المشرب الكدر (ثم دعا عليًّا فأمره أن يجلده) أي: الوليد (فجلده ثمانين). فإن قلت: هذا مخالف لما رواه مسلم وأبو داود وغيرهما أنه جلده عبد الله بن جعفر بأمر علي أربعين، وعلي يعد، فلما بلغ أربعين قال: أمسك، فإن عثمان لما أمر عليًّا بجلده لم يباشره، وقال لابنه الحسن: قم فاجلده، فقال: وَلِّ حارها من تولى قارها [القارّ]-بتشديد الراء-: البارد ضد الحار، وهذا مثل أن يتولى أمر جلده من كان يعتني به ويوليه الولايات. قلت: الصواب رواية مسلم. وقد روى البخاري على الصواب كما في مسلم في هجرة الحبشة، ويمكن تأويل هذا بأن الإسناد إلى علي مجاز؛ لأنه الآمر بالجلد كما صرح به الحديث. 3697 - (بزيع) بالباء الموحدة وزاي معجمة، آخره عين مهملة (شاذان) بذال معجمة معرب (كنا في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- لا نعدل بأبي بكر أحدًا ثم عمر ثم عثمان، ثم نترك أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- لا تفاضل بينهم) وفي رواية الطبراني: ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسمع ذلك ولا ينكر قلت: لأهل السنة خلاف مشهور في عثمان وعلي وأجمعوا على أن عليًّا أفضل الناس بعد عثمان.

هَؤُلاَءِ الْقَوْمُ قَالَ هَؤُلاَءِ قُرَيْشٌ. قَالَ فَمَنِ الشَّيْخُ فِيهِمْ قَالُوا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ. قَالَ يَا ابْنَ عُمَرَ إِنِّى سَائِلُكَ عَنْ شَىْءٍ فَحَدِّثْنِى هَلْ تَعْلَمُ أَنَّ عُثْمَانَ فَرَّ يَوْمَ أُحُدٍ قَالَ نَعَمْ. قَالَ تَعْلَمُ أَنَّهُ تَغَيَّبَ عَنْ بَدْرٍ وَلَمْ يَشْهَدْ قَالَ نَعَمْ. قَالَ تَعْلَمُ أَنَّهُ تَغَيَّبَ عَنْ بَيْعَةِ الرُّضْوَانِ فَلَمْ يَشْهَدْهَا قَالَ نَعَمْ. قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ. قَالَ ابْنُ عُمَرَ تَعَالَ أُبَيِّنْ لَكَ أَمَّا فِرَارُهُ يَوْمَ أُحُدٍ فَأَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ عَفَا عَنْهُ وَغَفَرَ لَهُ، وَأَمَّا تَغَيُّبُهُ عَنْ بَدْرٍ، فَإِنَّهُ كَانَتْ تَحْتَهُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَتْ مَرِيضَةً، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ لَكَ أَجْرَ رَجُلٍ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا وَسَهْمَهُ». وَأَمَّا تَغَيُّبُهُ عَنْ بَيْعَةِ الرُّضْوَانِ فَلَوْ كَانَ أَحَدٌ أَعَزَّ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ عُثْمَانَ لَبَعَثَهُ مَكَانَهُ فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عُثْمَانَ وَكَانَتْ بَيْعَةُ الرُّضْوَانِ بَعْدَ مَا ذَهَبَ عُثْمَانُ إِلَى مَكَّةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِهِ الْيُمْنَى «هَذِهِ يَدُ عُثْمَانَ». فَضَرَبَ بِهَا عَلَى يَدِهِ، فَقَالَ «هَذِهِ لِعُثْمَانَ». فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ اذْهَبْ بِهَا الآنَ مَعَكَ. طرفه 3130 3699 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَنَسًا - رضى الله عنه - حَدَّثَهُمْ قَالَ صَعِدَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أُحُدًا، وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ، فَرَجَفَ وَقَالَ «اسْكُنْ أُحُدُ - أَظُنُّهُ ضَرَبَهُ بِرِجْلِهِ - فَلَيْسَ عَلَيْكَ إِلاَّ نَبِىٌّ وَصِدِّيقٌ وَشَهِيدَانِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ 3698 - (أبو عوانة) بفتح العين الوضاح اليشكري (موهَب) بفتح الهاء (جاء رجل من أهل مصر، وحج البيت) هذا من أعداء عثمان، ولهذا أراد كشف معايبه بأنه فر يوم أحد، وغاب عن يوم بدر، وعن بيعة الرضوان يوم الحديبية، ولما اعترف له ابن عمر كبّر فرحًا، ولما بين له ابن عمر بأن تخلفه يوم بدر كان بإذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ لأن ابنته كانت مريضة، وأما يوم أحد فقد غفر له لقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ} [آل عمران:155] وأما غيبته عن بيعة الرضوان، فإنه كان في حاجة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- , ولذلك جعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يده اليمنى في البيعة لعثمان، وكانت يد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعثمان خيرًا له من يده، ولما أجاب بجواب ألقمه المصري حجرًا، فقال (اذهب بها الآن معك). 3699 - (صعد أحدًا) وفي مسلم: حراء، وقد سبق جواز الجمع في مناقب الصديق والفاروق.

8 - باب قصة البيعة، والاتفاق على عثمان بن عفان رضى الله عنه

8 - باب قِصَّةُ الْبَيْعَةِ، وَالاِتِّفَاقُ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضى الله عنه 3700 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - قَبْلَ أَنْ يُصَابَ بِأَيَّامٍ بِالْمَدِينَةِ وَقَفَ عَلَى حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ وَعُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ، قَالَ كَيْفَ فَعَلْتُمَا أَتَخَافَانِ أَنْ تَكُونَا قَدْ حَمَّلْتُمَا الأَرْضَ مَا لاَ تُطِيقُ قَالاَ حَمَّلْنَاهَا أَمْرًا هِىَ لَهُ مُطِيقَةٌ، مَا فِيهَا كَبِيرُ فَضْلٍ. قَالَ انْظُرَا أَنْ تَكُونَا حَمَّلْتُمَا الأَرْضَ مَا لاَ تُطِيقُ، قَالَ قَالاَ لاَ. فَقَالَ عُمَرُ لَئِنْ سَلَّمَنِى اللَّهُ لأَدَعَنَّ أَرَامِلَ أَهْلِ الْعِرَاقِ لاَ يَحْتَجْنَ إِلَى رَجُلٍ بَعْدِى أَبَدًا. قَالَ فَمَا أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاَّ رَابِعَةٌ حَتَّى أُصِيبَ. قَالَ إِنِّى لَقَائِمٌ مَا بَيْنِى وَبَيْنَهُ إِلاَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ غَدَاةَ أُصِيبَ، وَكَانَ إِذَا مَرَّ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ قَالَ اسْتَوُوا. حَتَّى إِذَا لَمْ يَرَ فِيهِنَّ خَلَلاً تَقَدَّمَ فَكَبَّرَ، وَرُبَّمَا قَرَأَ سُورَةَ يُوسُفَ، أَوِ النَّحْلَ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ، فَمَا هُوَ إِلاَّ أَنْ كَبَّرَ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ قَتَلَنِى - أَوْ أَكَلَنِى - الْكَلْبُ. حِينَ طَعَنَهُ، فَطَارَ الْعِلْجُ بِسِكِّينٍ ذَاتِ طَرَفَيْنِ لاَ يَمُرُّ عَلَى أَحَدٍ يَمِينًا وَلاَ شِمَالاً إِلاَّ طَعَنَهُ حَتَّى ـــــــــــــــــــــــــــــ قصة البيعة والاتفاق على عثمان 3700 - (أبو عوانة) بفتح العين (حصين) بفتح الصاد على وزن فُعيل (قال وقف عمر على حذيفة بن اليمان، وعثمان بن حُنيف) -بضم الحاء مصغرًا- جد سهل بن حنيف، أنصاري من الأوس، وكان واليًا لعمر على البصرة، فولاه عمر مساحة الأرض، ووضع الخراج عليها مع حذيفة، ولذلك قال لهما: كيف فعلتما؟ أتخافان أن تكونا حَمّلتما الأرض ما لا تطيق) قال ابن عبد البر: كانا وضعا على كل جريب من الأرض يناله الماء عامرًا وغامرًا درهمًا وقفيزًا، قال: فبلغت جبانة الكوفة مائة ألف ألف ونيفًا (قال عمر: لئن سلمني الله لأدعن أرامل أهل العراق لا يَحْتَجْنَ بعدي إلى رجل) لكثرة المال وإيصاله إلى المستحقين، لا كَظَلمَة زماننا (فما أتت عليه إلا رابعة) أي ليلة رابعة بعد ذلك الكلام (فما هو إلا أن كبّر) أي: تكبيرة التحريم، وفي رواية مالك قبل أن يدخل في الصلاة (قتلني الكلب، أو أكلني الكلب) قيل: لم يدر أنه إنسان، أو أراد التشبيه به (فطار العلج) -بكسر العين، وسكون اللام-: الكافر الغليظ، اسمه أبو لؤلؤة عبد للمغيرة بن شعبة نصراني، وقيل: مجوسي (بسكين ذات طرفين) تسمى الحجر (لا يمر على أحد يمينًا وشمالًا إلا طعنه) قيل

طَعَنَ ثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً، مَاتَ مِنْهُمْ سَبْعَةٌ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، طَرَحَ عَلَيْهِ بُرْنُسًا، فَلَمَّا ظَنَّ الْعِلْجُ أَنَّهُ مَأْخُوذٌ نَحَرَ نَفْسَهُ، وَتَنَاوَلَ عُمَرُ يَدَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَقَدَّمَهُ، فَمَنْ يَلِى عُمَرَ فَقَدْ رَأَى الَّذِى أَرَى، وَأَمَّا نَوَاحِى الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُمْ لاَ يَدْرُونَ غَيْرَ أَنَّهُمْ قَدْ فَقَدُوا صَوْتَ عُمَرَ وَهُمْ يَقُولُونَ سُبْحَانَ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ. فَصَلَّى بِهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ صَلاَةً خَفِيفَةً، فَلَمَّا انْصَرَفُوا. قَالَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، انْظُرْ مَنْ قَتَلَنِى. فَجَالَ سَاعَةً، ثُمَّ جَاءَ، فَقَالَ غُلاَمُ الْمُغِيرَةِ. قَالَ الصَّنَعُ قَالَ نَعَمْ. قَالَ قَاتَلَهُ اللَّهُ لَقَدْ أَمَرْتُ بِهِ مَعْرُوفًا، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى لَمْ يَجْعَلْ مَنِيَّتِى بِيَدِ رَجُلٍ يَدَّعِى الإِسْلاَمَ، قَدْ كُنْتَ أَنْتَ وَأَبُوكَ تُحِبَّانِ أَنْ تَكْثُرَ الْعُلُوجُ بِالْمَدِينَةِ وَكَانَ {الْعَبَّاسُ} أَكْثَرَهُمْ رَقِيقًا. فَقَالَ إِنْ شِئْتَ فَعَلْتُ. أَىْ إِنْ شِئْتَ قَتَلْنَا. قَالَ كَذَبْتَ، بَعْدَ مَا تَكَلَّمُوا بِلِسَانِكُمْ، وَصَلَّوْا قِبْلَتَكُمْ وَحَجُّوا حَجَّكُمْ فَاحْتُمِلَ إِلَى بَيْتِهِ فَانْطَلَقْنَا مَعَهُ، وَكَأَنَّ النَّاسَ لَمْ تُصِبْهُمْ مُصِيبَةٌ قَبْلَ يَوْمَئِذٍ، فَقَائِلٌ يَقُولُ لاَ بَأْسَ. وَقَائِلٌ يَقُولُ أَخَافُ عَلَيْهِ، فَأُتِىَ بِنَبِيذٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ (طعن ثلاثة عشر مات منهم سبعة فلما رأى ذلك رجل من المسلمين طرح عليه بُرنسًا) -بضم الباء- كساء شبيه القلنسوة، وقيل: الذي ألقاه عبد الرحمن بن عوف، والظاهر غيره، فإن عمر لما طعن قدم عبد الرحمن إمامًا، اللهم إلا أن يكون ترك الصلاة، كما روي أنه ما صلوا إلا قريب طلوع الشمس فصلى صلاة طفيفة قيل: قرأ في الركعة الأولى: إنا أعطيناك، وفي الثانية إذا جاء نصر الله (قال الصنع) -بفتح الصاد وكسر النون- ويجوز في همزة الاستفهام المد والتسهيل أي: الصانع قيل: كان حدادًا وقيل: نجارًا، وقيل: نقاشًا، وكان يصنع الرحى، كما وقع في البخاري. (قال: قاتله الله، لقد أمرت به معروفًا) وذلك أنه قال لعمر كلمة مولاي يضع عني بعض الخراج، قال: كم عليك؟ قال: دينار، قال: لا أفعل لأنك صانع محسن، ثم قال عمر: ألا تعمل لي رحى؟ قال: بلى فلما ولى عمر قال: لأعملن لك رحى يتحدث ما بين المشرق والمغرب، وأعجب من هذا ما أذكره، وهو أن في بلاد العجم بلد يسمى كاشان، فيه غلاة الروافض، لهم مزار عظيم معظم، يقولون: إنه قبر أبي لؤلؤة قاتِلُ عمر، ولما تواتر أن الرجل قتل هناك -وضعوا شعرًا معناه مدح علي بن أبي طالب الذي يقتل أبا لؤلؤة في ليلة السهم، تأمل، وقل: نعوذ بالله من الندامة والخذلان (إن شئت فعلت) بتاء الخطاب والتكلم، أي: إن أردت قتلنا الكل (قال: كُذبت)؛ لأنهم في الظاهر يدعون

فَشَرِبَهُ فَخَرَجَ مِنْ جَوْفِهِ، ثُمَّ أُتِىَ بِلَبَنٍ فَشَرِبَهُ فَخَرَجَ مِنْ جُرْحِهِ، فَعَلِمُوا أَنَّهُ مَيِّتٌ، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ، وَجَاءَ النَّاسُ يُثْنُونَ عَلَيْهِ، وَجَاءَ رَجُلٌ شَابٌّ، فَقَالَ أَبْشِرْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِبُشْرَى اللَّهِ لَكَ مِنْ صُحْبَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدَمٍ فِي الإِسْلاَمِ مَا قَدْ عَلِمْتَ، ثُمَّ وَلِيتَ فَعَدَلْتَ، ثُمَّ شَهَادَةٌ. قَالَ وَدِدْتُ أَنَّ ذَلِكَ كَفَافٌ لاَ عَلَىَّ وَلاَ لِى. فَلَمَّا أَدْبَرَ، إِذَا إِزَارُهُ يَمَسُّ الأَرْضَ. قَالَ رُدُّوا عَلَىَّ الْغُلاَمَ قَالَ ابْنَ أَخِى ارْفَعْ ثَوْبَكَ، فَإِنَّهُ أَبْقَى لِثَوْبِكَ وَأَتْقَى لِرَبِّكَ، يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ انْظُرْ مَا عَلَىَّ مِنَ الدَّيْنِ. فَحَسَبُوهُ فَوَجَدُوهُ سِتَّةً وَثَمَانِينَ أَلْفًا أَوْ نَحْوَهُ، قَالَ إِنْ وَفَى لَهُ مَالُ آلِ عُمَرَ، فَأَدِّهِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَإِلاَّ فَسَلْ فِي بَنِى عَدِىِّ بْنِ كَعْبٍ، فَإِنْ لَمْ تَفِ أَمْوَالُهُمْ فَسَلْ فِي قُرَيْشٍ، وَلاَ تَعْدُهُمْ إِلَى غَيْرِهِمْ، فَأَدِّ عَنِّى هَذَا الْمَالَ، انْطَلِقْ إِلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ فَقُلْ يَقْرَأُ عَلَيْكِ عُمَرُ السَّلاَمَ. وَلاَ تَقُلْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ. فَإِنِّى لَسْتُ الْيَوْمَ لِلْمُؤْمِنِينَ أَمِيرًا، وَقُلْ يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنْ يُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَيْهِ. فَسَلَّمَ وَاسْتَأْذَنَ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهَا، فَوَجَدَهَا قَاعِدَةً تَبْكِى فَقَالَ يَقْرَأُ عَلَيْكِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ السَّلاَمَ وَيَسْتَأْذِنُ أَنْ يُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَيْهِ. فَقَالَتْ كُنْتُ أُرِيدُهُ لِنَفْسِى، وَلأُوثِرَنَّ بِهِ الْيَوْمَ عَلَى نَفْسِى. فَلَمَّا أَقْبَلَ قِيلَ هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَدْ جَاءَ. قَالَ ارْفَعُونِى، فَأَسْنَدَهُ رَجُلٌ إِلَيْهِ، فَقَالَ مَا لَدَيْكَ قَالَ الَّذِى تُحِبُّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَذِنَتْ. قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ، مَا كَانَ مِنْ شَىْءٍ أَهَمُّ إِلَىَّ مِنْ ذَلِكَ، فَإِذَا أَنَا قَضَيْتُ فَاحْمِلُونِى ثُمَّ سَلِّمْ فَقُلْ يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَإِنْ أَذِنَتْ لِى فَأَدْخِلُونِى، وَإِنْ رَدَّتْنِى رُدُّونِى إِلَى مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الإسلام (وجاء شاب من المسلمين، فقال أبشر يا أمير المومنين) تقدم في أبواب الجنائز أنه من الأنصار (فلما أدبر إذا إزاره يمس الأرض قال ردوا علي الغلام، قال ابن أخي أرفع ثوبك، فإنه أنقى لثوبك) يروى بالنون والتاء، انظر في هذه الحالة لم يترك الأمر بالمعروف، عليه من الرحمن تحية، بكرة وعشيًّا (يا عبد الله اذهب إلى عائشة، وقيل: عمر يقرأ [عليك] السلام، ولا تقل أمير المؤمنين فإني لست اليوم أميرًا) لأن شرط الإمارة القدرة على القيام بأمور الناس (فإذا أنا قضيت فاحملوني ثم سلم) أي: على عائشة (فقل: يستأذن عمر). فإن قلت: كاد قد استأذن في حياته، وكانت قد أذنت له، فلا حاجة إلى الإذن بعد

وَجَاءَتْ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ حَفْصَةُ وَالنِّسَاءُ تَسِيرُ مَعَهَا، فَلَمَّا رَأَيْنَاهَا قُمْنَا، فَوَلَجَتْ عَلَيْهِ فَبَكَتْ عِنْدَهُ سَاعَةً، وَاسْتَأْذَنَ الرِّجَالُ، فَوَلَجَتْ دَاخِلاً لَهُمْ، فَسَمِعْنَا بُكَاءَهَا مِنَ الدَّاخِلِ. فَقَالُوا أَوْصِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اسْتَخْلِفْ. قَالَ مَا أَجِدُ أَحَقَّ بِهَذَا الأَمْرِ مِنْ هَؤُلاَءِ النَّفَرِ أَوِ الرَّهْطِ الَّذِينَ تُوُفِّىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ عَنْهُمْ رَاضٍ. فَسَمَّى عَلِيًّا وَعُثْمَانَ وَالزُّبَيْرَ وَطَلْحَةَ وَسَعْدًا وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ وَقَالَ يَشْهَدُكُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَلَيْسَ لَهُ مِنَ الأَمْرِ شَىْءٌ - كَهَيْئَةِ التَّعْزِيَةِ لَهُ - فَإِنْ أَصَابَتِ الإِمْرَةُ سَعْدًا فَهْوَ ذَاكَ، وَإِلاَّ فَلْيَسْتَعِنْ بِهِ أَيُّكُمْ مَا أُمِّرَ، فَإِنِّى لَمْ أَعْزِلْهُ عَنْ عَجْزٍ وَلاَ خِيَانَةٍ وَقَالَ أُوصِى الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِى بِالْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ أَنْ يَعْرِفَ لَهُمْ حَقَّهُمْ، وَيَحْفَظَ لَهُمْ حُرْمَتَهُمْ، وَأُوصِيهِ بِالأَنْصَارِ خَيْرًا، الَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ، أَنْ يُقْبَلَ مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَأَنْ يُعْفَى عَنْ مُسِيئِهِمْ، وَأُوصِيهِ بِأَهْلِ الأَمْصَارِ خَيْرًا فَإِنَّهُمْ رِدْءُ الإِسْلاَمِ، وَجُبَاةُ الْمَالِ، وَغَيْظُ الْعَدُوِّ، وَأَنْ لاَ يُؤْخَذَ مِنْهُمْ إِلاَّ فَضْلُهُمْ عَنْ رِضَاهُمْ، وَأُوصِيهِ بِالأَعْرَابِ خَيْرًا، فَإِنَّهُمْ أَصْلُ الْعَرَبِ وَمَادَّةُ الإِسْلاَمِ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ حَوَاشِى أَمْوَالِهِمْ وَتُرَدَّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الموت. قلت: هذا من غاية تقواه، خشي أنه لما كان حيًّا أذنت له حياء منه. (يشهدكم عبد الله بن عمر وليس له من الأمر شيء) أي الإمارة (كهيئة التعزية) أي إذا لم يكن له في الأمر شيء، فأي فائدة في حضوره؟ فقال: ليكون تعْزية وتسلية في الجملة، حيث أدخل في المشورة (داخلًا لهم) أي بيتًا لهم في داخل الدار، يقال: داخل الدار وداخلته، ومنه قوله: فلينفض فراشه بداخلة إزاره، فلا ضرورة إلى أن يقول: داخل بمعنى المدخل، والمعنى سمعنا بكاء الداخل من الشخص الداخل. (وأوصيه بأهل الأمصار خيرًا فإنهم ردء الإِسلام) الردء -بكسر الراء- العون والمعين (وجُباة الأموال) -بضم الجيم- جمع الجابي، الذي يجمع الأموال (وأن لا يؤخذ منهم إلا فضلهم عن رضاهم) أي: الفاضل عن حاجتهم؛ لأنهم جيش الإسلام، بهم يسد الثغور وحماية البلدان (وأوصيه بالأعراب خيرًا، فإنهم أصل العرب) فإنهم من أولاد جرهم بن قحطان (ومادة الإسلام) الاشتقاق من المدد، قال ابن الأثير: كل من عاون آخر في حرب وغيره، فهو مادة له، والأعراب كانوا أصحاب الأنعام والموالي، يتقوى بأموالهم وزكاتهم الفقراء وأبناء السبيل، وجيوش الإسلام في الحروب (أن يؤخذ من حواشي أموالهم) جمع الحاشية، وهي

وَأُوصِيهِ بِذِمَّةِ اللَّهِ وَذِمَّةِ رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُوفَى لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ، وَأَنْ يُقَاتَلَ مِنْ وَرَائِهِمْ، وَلاَ يُكَلَّفُوا إِلاَّ طَاقَتَهُمْ. فَلَمَّا قُبِضَ خَرَجْنَا بِهِ فَانْطَلَقْنَا نَمْشِى فَسَلَّمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ. قَالَتْ أَدْخِلُوهُ. فَأُدْخِلَ، فَوُضِعَ هُنَالِكَ مَعَ صَاحِبَيْهِ، فَلَمَّا فُرِغَ مِنْ دَفْنِهِ اجْتَمَعَ هَؤُلاَءِ الرَّهْطُ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ اجْعَلُوا أَمْرَكُمْ إِلَى ثَلاَثَةٍ مِنْكُمْ. فَقَالَ الزُّبَيْرُ قَدْ جَعَلْتُ أَمْرِى إِلَى عَلِىٍّ. فَقَالَ طَلْحَةُ قَدْ جَعَلْتُ أَمْرِى إِلَى عُثْمَانَ. وَقَالَ سَعْدٌ قَدْ جَعَلْتُ أَمْرِى إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ. فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَيُّكُمَا تَبَرَّأَ مِنْ هَذَا الأَمْرِ فَنَجْعَلُهُ إِلَيْهِ، وَاللَّهُ عَلَيْهِ وَالإِسْلاَمُ لَيَنْظُرَنَّ أَفْضَلَهُمْ فِي نَفْسِهِ. فَأُسْكِتَ الشَّيْخَانِ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَفَتَجْعَلُونَهُ إِلَىَّ، وَاللَّهُ عَلَىَّ أَنْ لاَ آلُوَ عَنْ أَفْضَلِكُمْ قَالاَ نَعَمْ، فَأَخَذَ بِيَدِ أَحَدِهِمَا فَقَالَ لَكَ قَرَابَةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالْقَدَمُ فِي الإِسْلاَمِ مَا قَدْ عَلِمْتَ، فَاللَّهُ عَلَيْكَ لَئِنْ أَمَّرْتُكَ لَتَعْدِلَنَّ، وَلَئِنْ أَمَّرْتُ عُثْمَانَ لَتَسْمَعَنَّ وَلَتُطِيعَنَّ. ثُمَّ خَلاَ بِالآخَرِ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَلَمَّا أَخَذَ الْمِيثَاقَ قَالَ ارْفَعْ يَدَكَ يَا عُثْمَانُ. فَبَايَعَهُ، فَبَايَعَ لَهُ عَلِىٌّ، وَوَلَجَ أَهْلُ الدَّارِ فَبَايَعُوهُ. طرفه 1392 ـــــــــــــــــــــــــــــ طرف الشيء، هذا معنى قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لمعاذ بن جبل: "اتق كرائم أموالهم". (أوصيه بذمة الله، وذمة رسوله) يريد أهل الذمة (وأن يقاتل من وراءهم) أي قدامهم لا يصل إليهم العدو، أو من وراء ظهرهم ليأمن, أو الوراء بمعنى الخلف أي: يحفظ أطراف بلادهم (والله عليه والإسلام) بالرفع فيهما، أي: الله والإسلام رقيبان عليه مطلقًا، فيه معنى القسم، ولذلك أتى باللام في الجواب (فأُسكت الشيخان) على بناء الفاعل، يقال: سكت وأسْكَت، ومنه قول أبي هريرة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- إسكاتك بين التكبير والقراءة وفي لفظ الشيخان تغليب؛ لأن عليًّا إذ ذاك لم يكن شيخًا (لك قرابة من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والقدم في الإسلام) -بفتح القاف- أي: أفعال حسنة من كل نوع، قال ابن الأثير: القَدمُ كل شيء قدمته من خير وشر، ويروى في الحديث بكسر القاف، والمعنى قريب، إلا أن الفتح أرسخ، ولم يذكر طلبة؛ لأنه كان غائبًا، وكان قد جعل أمره إلى عثمان.

9 - باب مناقب على بن أبى طالب القرشى الهاشمى أبى الحسن رضى الله عنه

9 - باب مَنَاقِبُ عَلِىِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ الْقُرَشِىِّ الْهَاشِمِىِّ أَبِى الْحَسَنِ رضى الله عنه وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِعَلِىٍّ «أَنْتَ مِنِّى وَأَنَا مِنْكَ». وَقَالَ عُمَرُ تُوُفِّىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ عَنْهُ رَاضٍ. 3701 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلاً يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ» قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ مناقب علي بن أبي طالب رضي الله عنه واسم أبي طالب عبد مناف، وعلي أصغر بنيه، قال ابن عبد البر: كان أصغر من جعفر بعشر سنين، وجعفر أصغر من عقيل بعشر سنين، وعقيل أصغر من طالب بعشر سنين، وأم علي فاطمة بنت أسد توفيت مسلمة قبل الهجرة، أول هاشمية ولدت هاشميًّا، قال ابن عبد البر: كان سلمان الفارسي وأبو ذر، والمقداد، وخباب وجابر وأبو سعيد الخدري وزيد بن أرقم يقولون: إن عليًّا كان أفضل الصحابة، وأول من أسلم، قلت: محمول على أنه أول من أسلم من الصبيان، وأن أول من أسلم على الإطلاق خديجة، وبعدها زيد بن الحارثة، وقيل: أبو بكر، بويع له بالخلافة سنة خمس وثلاثين في ذي الحجة، وقيل: في رمضان سنة أربع وثلاثين، وعمره ثلاث وستون، وقيل: سبع وخمسون، وقيل ثمان (وقال لعلي: أنت مني وأنا منك) قاله في فتح مكة وسيأتي مسندًا بعد، ومِنْ هذه قيل إنها اتصالية، أي: أنت متصل بي، وهذا أخذٌ بالحاصل، وإلا فهي ابتدائية، ومن هذا أخذ الروافض لَحْمكَ لَحْمي. 3701 - (قُتيبة) بضم القاف، مصغر (عن أبي حازم) -بالحاء المهملة- سلمة بن دينار (لأعطين الراية غدًا [رجلًا] يفتح الله على يديه) وفي الرواية الأخرى: "يحبه الله ورسوله، ويحب الله ورسوله" قال الحاكم: روى كثير من الصحابة أن أول ما أعطى الراية أبو بكر ثم عمر، ولم يحصل الفتح، وكان علي مخالفًا في المدينة لرمد، ثم قال: أنا أتخلف عن

فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطَاهَا فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ، غَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كُلُّهُمْ يَرْجُو أَنْ يُعْطَاهَا فَقَالَ «أَيْنَ عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ». فَقَالُوا يَشْتَكِى عَيْنَيْهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «فَأَرْسِلُوا إِلَيْهِ فَأْتُونِى بِهِ». فَلَمَّا جَاءَ بَصَقَ فِي عَيْنَيْهِ، وَدَعَا لَهُ، فَبَرَأَ حَتَّى كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ، فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ. فَقَالَ عَلِىٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا فَقَالَ «انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ اللَّهِ فِيهِ، فَوَاللَّهِ لأَنْ يَهْدِىَ اللَّهُ بِكَ رَجُلاً وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ». طرفه 2942 3702 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا حَاتِمٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ قَالَ كَانَ عَلِىٌّ قَدْ تَخَلَّفَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي خَيْبَرَ وَكَانَ بِهِ رَمَدٌ فَقَالَ أَنَا أَتَخَلَّفُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَخَرَجَ عَلِىٌّ فَلَحِقَ بِالنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَمَّا كَانَ مَسَاءُ اللَّيْلَةِ الَّتِى فَتَحَهَا اللَّهُ فِي صَبَاحِهَا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ - أَوْ لَيَأْخُذَنَّ الرَّايَةَ - غَدًا رَجُلاً يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ - أَوْ قَالَ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ - يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَيْهِ». فَإِذَا نَحْنُ بِعَلِىٍّ وَمَا نَرْجُوهُ، فَقَالُوا هَذَا عَلِىٌّ. فَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ. طرفه 2975 3703 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلاً جَاءَ إِلَى سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فَقَالَ هَذَا فُلاَنٌ - لأَمِيرِ الْمَدِينَةِ - يَدْعُو عَلِيًّا عِنْدَ الْمِنْبَرِ. قَالَ فَيَقُولُ مَاذَا قَالَ يَقُولُ لَهُ أَبُو تُرَابٍ. فَضَحِكَ قَالَ وَاللَّهِ مَا سَمَّاهُ إِلاَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -، وَمَا كَانَ لَهُ اسْمٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْهُ. فَاسْتَطْعَمْتُ الْحَدِيثَ سَهْلاً، وَقُلْتُ يَا أَبَا عَبَّاسٍ كَيْفَ قَالَ دَخَلَ عَلِىٌّ عَلَى فَاطِمَةَ ثُمَّ خَرَجَ فَاضْطَجَعَ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَيْنَ ابْنُ عَمِّكِ». قَالَتْ فِي الْمَسْجِدِ. فَخَرَجَ إِلَيْهِ فَوَجَدَ رِدَاءَهُ قَدْ سَقَطَ ـــــــــــــــــــــــــــــ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فتوجه وبه الرمد (فبات الناس يَدُوْكُون) -بالدال- أي: يخوضون في أمر الراية من تعطى، قال ابن الأثير: من الدّوكة، وهي الاختلاط والاضطراب (فلما جاء بصق في عينيه، ودعا له فبرأ) بفتح الراء، وبصق بالصاد والسين بمعنى، وفي الحديث معجزتان لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: شفاؤه في الحال، والفتح على يديه. 3703 - (فاستطعمت الحديث) الكلام على طريقة التشبيه، شبه طلب الحديث بطلب الطعام، والوجه التلذذ بكل منهما (يا أبا عباس) بالباء الموحدة.

عَنْ ظَهْرِهِ، وَخَلَصَ التُّرَابُ إِلَى ظَهْرِهِ، فَجَعَلَ يَمْسَحُ التُّرَابَ عَنْ ظَهْرِهِ فَيَقُولُ «اجْلِسْ يَا أَبَا تُرَابٍ». مَرَّتَيْنِ. طرفه 441 3704 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ أَبِى حَصِينٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عُمَرَ، فَسَأَلَهُ عَنْ عُثْمَانَ، فَذَكَرَ عَنْ مَحَاسِنِ عَمَلِهِ، قَالَ لَعَلَّ ذَاكَ يَسُوؤُكَ. قَالَ نَعَمْ. قَالَ فَأَرْغَمَ اللَّهُ بِأَنْفِكَ. ثُمَّ سَأَلَهُ عَنْ عَلِىٍّ، فَذَكَرَ مَحَاسِنَ عَمَلِهِ قَالَ هُوَ ذَاكَ، بَيْتُهُ أَوْسَطُ بُيُوتِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. ثُمَّ قَالَ لَعَلَّ ذَاكَ يَسُوؤُكَ. قَالَ أَجَلْ. قَالَ فَأَرْغَمَ اللَّهُ بِأَنْفِكَ، انْطَلِقْ فَاجْهَدْ عَلَىَّ جَهْدَكَ. طرفه 3130 3705 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ سَمِعْتُ ابْنَ أَبِى لَيْلَى قَالَ حَدَّثَنَا عَلِىٌّ أَنَّ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلاَمُ شَكَتْ مَا تَلْقَى مِنْ أَثَرِ الرَّحَا، فَأَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - سَبْىٌ، فَانْطَلَقَتْ فَلَمْ تَجِدْهُ، فَوَجَدَتْ عَائِشَةَ، فَأَخْبَرَتْهَا، فَلَمَّا جَاءَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ بِمَجِئِ فَاطِمَةَ، فَجَاءَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَيْنَا، وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا، فَذَهَبْتُ لأَقُومَ فَقَالَ «عَلَى مَكَانِكُمَا». فَقَعَدَ بَيْنَنَا حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــ (اجلس يا أبا تراب) وذكر ابن إسحاق عن بعض أهل العلم أن عليًّا لما كان يرى من فاطمة ما لا يعجبه يضع التراب على رأسه، فإذا رآه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول مالك يا أبا تراب؟، وقيل: لما آخى بين أصحابه، ولم يؤاخ بينه وبين أحد ذهب إلى كثيب من الرمل فنام عليه، فجاءه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "قم يا أبا تراب لا تغضب أنا أخوك". 3704 - (أبي حَصين) -بفتح الحاء وكسر الصاد- اسمه عثمان (عبيدة) بفتح العين وكسر الموحدة (وجاء رجل إلى ابن عمر) هذا الرجل من أشقى الناس، لا يحب عثمان ولا عليًّا (هو ذاك) الضمير لعلي، أي: هو الموصوف بتلك المحاسن، ثم استأنف الكلام بقوله: (بيته أوسط بيوت النبي -صلى الله عليه وسلم-) يجوز أن يكون المراد من البيت فاطمة؛ فإن إطلاق البيت على المرأة متعارف، ومعنى الأوسط: الأشرف، فإن فاطمة أشرف بنات رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أو أراد البيت حقيقة، فإن بيته إذا كان أوسط بيوته دل على غاية قربه منه. 3705 - (بشَّار) بفتح الباء وتشديد الشين (الحَكَم) بفتح الحاء والكاف (ابن أبي ليلى)

صَدْرِى وَقَالَ «أَلاَ أُعَلِّمُكُمَا خَيْرًا مِمَّا سَأَلْتُمَانِى إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا تُكَبِّرَا أَرْبَعًا وَثَلاَثِينَ، وَتُسَبِّحَا ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَتَحْمَدَا ثَلاَثَةً وَثَلاَثِينَ، فَهْوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ». طرفه 3113 3706 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدٍ قَالَ سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِعَلِىٍّ «أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّى بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى». طرفه 4416 3707 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ الْجَعْدِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - قَالَ اقْضُوا كَمَا كُنْتُمْ تَقْضُونَ، فَإِنِّى أَكْرَهُ الاِخْتِلاَفَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قال ابن الأثير: هو عند المحدثين عبد الرحمن، وعند الفقهاء ابنه محمد (أرغَم بأنفك) أي: أَلصق أنفك بالرغام، وهو التراب دعا عليه بالذل والهوان (فاجْهَدْ عليَّ) بتشديد الياء (جَهْدَك) أي اجتهد في فراري مهما قدرت عليه. وحديث فاطمة، وطلبها من السبي خادمًا تقدم في أبواب الخمس (على مكانكما) أي: كونا على حالكما من عدم القيام (إذا أخذتما مضاجعكما تكبرا) جُزم بإذا، وأكثر النحاة على أن الجزم بإذا شاذٌّ، وفي بعضها: فكبرا. 3706 - (بَشّار) بفتح الباء وتشديد الشين (غُندَر) بضم الغين المعجمة وفتح الدال (قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لعلي: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى) قاله لمّا خلفه في تبوك، قال المنافقون: إنما خلفه لكراهية، واستدلال الرّوافض على أن المراد خلافته بعده ساقط؛ لأن هارون مات قبل موسى، بل إنما أراد خلافته لما ذهب إلى الطور كما حكى الله عنه بقوله: {اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ} [الأعراف:142]. 3707 - (علي بن الجَعْد) بفتح الجيم (عن عَبِيْدة) بفتح العين وكسر الموحدة (عن علي قال: اقضوا كما كنتم تقضون فإني أكره الاختلاف) سبب هذا الكلام أنه لما قدم الكوفة قال: كنت رأيت مع عمر عتقُ أُمهات الأولاد، والآن أرى بيعهن قالوا: رأيك مع الجماعة

10 - باب مناقب جعفر بن أبى طالب وقال النبى - صلى الله عليه وسلم - «أشبهت خلقى وخلقى»

حَتَّى يَكُونَ لِلنَّاسِ جَمَاعَةٌ، أَوْ أَمُوتَ كَمَا مَاتَ أَصْحَابِى. فَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَرَى أَنَّ عَامَّةَ مَا يُرْوَى عَلَى عَلِىٍّ الْكَذِبُ. 10 - باب مَنَاقِبُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِى طَالِبٍ وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَشْبَهْتَ خَلْقِى وَخُلُقِى». 3708 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ دِينَارٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْجُهَنِىُّ عَنِ ابْنِ أَبِى ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يَقُولُونَ أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ. وَإِنِّى كُنْتُ أَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِشِبَعِ بَطْنِى، حَتَّى لاَ آكُلُ الْخَمِيرَ، وَلاَ أَلْبَسُ الْحَبِيرَ، وَلاَ يَخْدُمُنِى فُلاَنٌ وَلاَ فُلاَنَةُ، وَكُنْتُ أُلْصِقُ بَطْنِى بِالْحَصْبَاءِ مِنَ الْجُوعِ، وَإِنْ كُنْتُ لأَسْتَقْرِئُ الرَّجُلَ الآيَةَ هِىَ مَعِى كَىْ يَنْقَلِبَ بِى فَيُطْعِمَنِى، وَكَانَ أَخْيَرَ النَّاسِ لِلْمِسْكِينِ جَعْفَرُ بْنُ أَبِى طَالِبٍ، كَانَ يَنْقَلِبُ بِنَا فَيُطْعِمُنَا مَا ـــــــــــــــــــــــــــــ أحب، قال اقضوا وترك ما كان عليه عزم، (فكان ابن سيرين يقول: إن عامّة ما يروى عن علي الكذب) الحديث فإنه لم يخالف الجماعة فيها. مناقب جعفر بن أبي طالب تقدم أنه أكبر من علي بعشر سنين أبو عبد الله، هاجر الهجرتين، جاء ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد فتح خيبر فعانقه وقال: "ما أدري بفتح خيبر أنا أفرح، أم بقدوم جعفر" قتل شهيدًا في غزوة مؤتة سنة ثمان وجد به بضع وثمانون ضربة في مقدم بدنه، كانت الراية بيده فلما قطعت يده اليمنى تناولها باليسار، فلما قطعت ضم الراية إلى صدره، ونادى ابن رواحة فتناولها منه قتل وهو ابن أربعين سنة. (وقال [له] النبي -صلى الله عليه وسلم-: أشبهت خَلْقي وخُلُقي) قاله في فتح مكة، وقد تقدم مسندًا. 3708 - (قال أبو هريرة كان جعفر بن أبي طالب أخْيَر الناس للمساكين، إنْ كان ليُخرج لنا العُكَّة) إنْ هنا مخففة، والعكة -بضم العين وتشديد الكاف-: وعاء العسل والسمن من الجلد قال: وهو بالسمن أخص.

11 - باب ذكر العباس بن عبد المطلب رضى الله عنه

كَانَ فِي بَيْتِهِ، حَتَّى إِنْ كَانَ لَيُخْرِجُ إِلَيْنَا الْعُكَّةَ الَّتِى لَيْسَ فِيهَا شَىْءٌ، فَنَشُقُّهَا فَنَلْعَقُ مَا فِيهَا. طرفه 5432 3709 - حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِى خَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - كَانَ إِذَا سَلَّمَ عَلَى ابْنِ جَعْفَرٍ قَالَ السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ ذِى الْجَنَاحَيْنِ. طرفه 4264 11 - باب ذِكْرُ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رضى الله عنه ـــــــــــــــــــــــــــــ 3709 - (أن ابن عمر كان إذا سلم على ابن جعفر قال: السلام عليك يا ابن ذي الجناحين) روى ابن عبد البر عن سالم بن أبي الجعد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى جعفرًا في نومه وله جناحان مضرجًا بالدم، وروي أيضًا عن ابن عباس أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "دخلت البارحة الجنة فإذا جعفر يطير مع الملائكة" فهذا كان معنى قول ابن عمر: السلام عليك يابن ذي الجناحين. ذكر العباس أبو الفضل كان أسن من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بسنتين، وقيل بثلاث، أمه: نُتَيلة -بضم النون بعده تاء مثناة فوق، ويقال: نتلة بفتح النون أيضًا، مصغرًا ومكبرًا- بنت خباب بن نمير بن قاسط، قال ابن عبد البر: وهي أول عربية كست البيت الحرام بالحرير والديباج، وذلك أن عباسًا ضلّ وهو صغير، فنذرت إن وجدته أن تكسو البيت، وكان في الجاهلية رئيسًا مطاعًا، إليه سقاية الحاج، وعمارة المسجد الحرام، وكان قد أسلم قبل بدر، وأراد أن يقدم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فكتب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إليه أن إقامتك خير لنا، فإنه كان يخبره بأخبار المشركين، ولما أُسر يوم بدر قال إنما جئت مكرهًا، فلم يقبل منه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقال: إنما نحكم بالظاهر، فلما أُسر شدوا وثاقه، فسهر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تلك الليلة، فقال له في ذلك بعض أصحابه، فقال: أسمع أنين العباس فذهب الرجل، فأرخى وثاقه، فقال: ما لي لا أسمع أنينه، فقال الرجل: أنا أرْخَيْتَ عنه، فقال: فأرْخِ عن الأسرى كلهم، وكان جميلًا جوادًا، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "عباس أجود قريش وأوصلها رحمًا".

12 - باب مناقب قرابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

3710 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِىُّ حَدَّثَنِى أَبِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُثَنَّى عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ إِذَا قَحَطُوا اسْتَسْقَى بِالْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا - صلى الله عليه وسلم - فَتَسْقِينَا، وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا. قَالَ فَيُسْقَوْنَ. طرفه 1010 12 - باب مَنَاقِبُ قَرَابَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَنْقَبَةِ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلاَمُ بِنْتِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «فَاطِمَةُ سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ 3710 - (ثمامة) بالثاء المثلثة (أن عمر بن الخطاب كان إذا قحطوا استسقى بعباس) وروى ابن عبد البر أنه لما استسقى به أرخت السماء عذالها حتى استوت الحفر، وفيه يقول حسان بن ثابت: سئل الإمام وقد تتابع جدبنا ... سقي الغمام بغرة العباس من أحيا الإله به البلاد فأصبحت ... مخضرة الأجناب بعد الياس مات رضي الله عنه في خلافة عثمان، وهو ابن ثمان وثمانين سنة. مناقب قرابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومنقبة فاطمة كانت أصغر بناته وأفضلها وأحبها إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، زُفت إلى علي وسنها خمس عشرة سنة، وسن علي إحدى وعشرين، وأصْدَقَها علي درعه بأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وتوفيت وهي بنت ثلاثين سنة، قال ابن عبد البر: كان عبد الله بن حسن بن علي عند هشام بن عبد الملك فقال: يا أبا محمد كم كان عُمُر فاطمة حين تُوُفِّيَت؟ قال: كان عُمرها ثلاثين وكان الكلبي حاضرًا، فقال: كان عُمرها خمسًا وثلاثين، فقال هشام لعبد الله ما قاله الكلبي، فقال: سلني عن أمي، وسل الكلبي عن أمه. (وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: فاطمة سيدة نساء أهل الجنة) وقد جاء في رواية عن ابن عباس: "سيدة نساء أهل الجنة مريم، ثم فاطمة ثم خديجة، ثم آسية امرأة فرعون".

3711 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ فَاطِمَةَ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ - أَرْسَلَتْ إِلَى أَبِى بَكْرٍ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِيمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم -، تَطْلُبُ صَدَقَةَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - الَّتِى بِالْمَدِينَةِ وَفَدَكٍ وَمَا بَقِىَ مِنْ خُمُسِ خَيْبَرَ. طرفه 3092 3712 - فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا فَهْوَ صَدَقَةٌ، إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ مِنْ هَذَا الْمَالِ - يَعْنِى مَالَ اللَّهِ - لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَزِيدُوا عَلَى الْمَأْكَلِ». وَإِنِّى وَاللَّهِ لاَ أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْ صَدَقَاتِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - الَّتِى كَانَتْ عَلَيْهَا فِي عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَلأَعْمَلَنَّ فِيهَا بِمَا عَمِلَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَتَشَهَّدَ عَلِىٌّ، ثُمَّ قَالَ إِنَّا قَدْ عَرَفْنَا يَا أَبَا بَكْرٍ فَضِيلَتَكَ. وَذَكَرَ قَرَابَتَهُمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَحَقَّهُمْ. فَتَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ، لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَحَبُّ إِلَىَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِى. طرفه 3093 3713 - أَخْبَرَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ وَاقِدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهم - قَالَ ارْقُبُوا مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - فِي أَهْلِ بَيْتِهِ. طرفه 3751 ـــــــــــــــــــــــــــــ 3711 - (أن فاطمة أرسلت إلى أبي بكر تطلب ميراثها, تطلب صدقة النبي -صلى الله عليه وسلم- التي بالمدينة وفدك) -بفتح الفاء- غير منصرف، قال الجوهري: قرية بخيبر وليس كما قال، بل موضع آخر ليس من أعمال خيبر. فإن قلت: طلبت ميراثها. ثم قال: تطلب صدقته؟ قلت: سماه أولًا ميراثًا باعتبار زعمها، وثانيًا صدقة باعتبار الواقع، ولم تكن عالمة بأنها صدقة. 3712 - (فشهد عليٌّ ثم قال: إنا قد عرفنا يا أبا بكر فضيلتك) هذا الكلام يوهم أن هذا كان حين طلبت فاطمة الميراث، وليس كذلك بل إنما كان هذا بعد موت فاطمة دل عليه سائر الروايات، وإنما رواه هكذا لأنه سمعه مجموعًا هكذا. 3713 - (واقد) باقاف (عن أبي بكر قال ارْقُبُوا محمدًا في أهل بيته) أي: أكرموهم لأجله، من رقَبْتُ الشيء حفظته.

13 - باب مناقب الزبير بن العوام

3714 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّى، فَمَنْ أَغْضَبَهَا أَغْضَبَنِى». طرفه 926 3715 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ دَعَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَاطِمَةَ ابْنَتَهُ فِي شَكْوَاهُ الَّذِى قُبِضَ فِيهَا، فَسَارَّهَا بِشَىْءٍ فَبَكَتْ، ثُمَّ دَعَاهَا فَسَارَّهَا فَضَحِكَتْ، قَالَتْ فَسَأَلْتُهَا عَنْ ذَلِكَ. طرفه 3623 3716 - فَقَالَتْ سَارَّنِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرَنِى أَنَّهُ يُقْبَضُ فِي وَجَعِهِ الَّذِى تُوُفِّىَ فِيهِ فَبَكَيْتُ، ثُمَّ سَارَّنِى فَأَخْبَرَنِى أَنِّى أَوَّلُ أَهْلِ بَيْتِهِ أَتْبَعُهُ فَضَحِكْتُ. طرفه 3624 13 - باب مَنَاقِبُ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ هُوَ حَوَارِىُّ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَسُمِّىَ الْحَوَارِيُّونَ لِبَيَاضِ ثِيَابِهِمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 3714 - (عن ابن أبي مليكة) -بضم الميم المصغر- اسمه عبد الله، واسم أبي مليكة زهير (عن المِسْوَر بن مَخْرَمَة) بكسر الميم في الأول، وفتحه في الثاني (فاطمة بضعة مني) بفتح الباء وقد تكسر القطعة من الشيء (من أغضبها أغضبني) وتمسك به الروافض في الطعن على أبي بكر، فإنه لما منعها ما سألت هاجرته حتى توفيت، وهذا جهل عظيم فإنه لو أعطاها ما سألت خالف رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأبطل صدقته، وكانت فاطمة ومن بعدها يأكلون الحرام إلى آخر الدهر، فكان ما فعله الصديق حفظًا لصدقة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ونصحًا لفاطمة. 3715 - (قَزَعَة) بالقاف وزاي معجمة، وثلاث فتحات. وحديث بكاء فاطمة وضحكها سلف في علامات النبوة وغيرها. مناقب الزبير هو ابن العوّام بن أسد بن عبد العُزَّى بن قصي. قال ابن عبد البر: أسلم وهو ابن

3717 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَخْبَرَنِى مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ قَالَ أَصَابَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رُعَافٌ شَدِيدٌ سَنَةَ الرُّعَافِ، حَتَّى حَبَسَهُ عَنِ الْحَجِّ وَأَوْصَى، فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ قَالَ اسْتَخْلِفْ. قَالَ وَقَالُوهُ قَالَ نَعَمْ. قَالَ وَمَنْ فَسَكَتَ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ آخَرُ - أَحْسِبُهُ الْحَارِثَ - فَقَالَ اسْتَخْلِفْ. فَقَالَ عُثْمَانُ وَقَالُوا فَقَالَ نَعَمْ. قَالَ وَمَنْ هُوَ فَسَكَتَ قَالَ فَلَعَلَّهُمْ قَالُوا الزُّبَيْرَ قَالَ نَعَمْ. قَالَ أَمَا وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ إِنَّهُ لَخَيْرُهُمْ مَا عَلِمْتُ، وَإِنْ كَانَ لأَحَبَّهُمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 3718 ـــــــــــــــــــــــــــــ خمس عشرة سنة، وقيل: اثني عشرة، وقيل: ثمان سنين، وروى عروة ابنه أنه يوم أسلم كان عمره ست عشرة سنة، قال ابن عبد البر: وهذا أصح الأقوال، هو أول من سل السيف في سبيل الله، ولما آخى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين المهاجرين والأنصار آخى بينه وبين سلامة بن سلام، وكان يوم بدر معتجرًا بعمامة صفراء، ونزلت الملائكة على لبسه، وروى ابن عبد البر بإسناده أن الزبير كان له ألف مملوك يؤدون إليه الخراج، ولا يدخل بيته منه درهم فرد، بل يتصدق بكل ما حصل، ومدحه حسان بقصيدة، وفضله على جميع الصحابة في هذا البيت، وهو قوله شعر: فما مثله فيهم ولا كان قبله ... وليس يكون الدهر ما دام يذبل وهو أحد العشرة المبشرة بالجنة، وأحد الستة أصحاب الشورى، وفداه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأبيه وأمه يوم قريظة، قتل وهو ابن سبع وستين سنة، وقيل ست، قتله ابن الجرموز بعد انصرافه من وقعة الجمل، فإن عليًّا كان خلا به، وذكر له حديثًا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان قال له: "إنك ستقاتل عليًّا وأنت ظالم عليه" فقتله غرة، وقيل: كان نائمًا. 3717 - ولما رعف عثمان سنة كثر فيه الرعاف وقيل له (استخلف) قال عثمان: قال الناس هذا الكلام؟ قال: بلى، قال: لعله الزبير؟ (قال: نعم، قال: والذي نفسي بيده إنه لخيرهم) يريد خير الموجودين بعده. فإن قلت: أجمعت الأمة على علي، قلت: قاله ظنًّا منه كما قاله حسان فيما ذكرنا من شعره، وكذا قوله: (وإن كان لأحبهم إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-).

3718 - حَدَّثَنِى عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ أَخْبَرَنِى أَبِى سَمِعْتُ مَرْوَانَ كُنْتُ عِنْدَ عُثْمَانَ، أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ اسْتَخْلِفْ. قَالَ وَقِيلَ ذَاكَ قَالَ نَعَمْ، الزُّبَيْرُ. قَالَ أَمَا وَاللَّهِ إِنَّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أَنَّهُ خَيْرُكُمْ. ثَلاَثًا. طرفه 3717 3719 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ - هُوَ ابْنُ أَبِى سَلَمَةَ - عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ لِكُلِّ نَبِىٍّ حَوَارِيًّا، وَإِنَّ حَوَارِىَّ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ». طرفه 2846 3720 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا {عَبْدُ اللَّهِ} أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ كُنْتُ يَوْمَ الأَحْزَابِ جُعِلْتُ أَنَا وَعُمَرُ بْنُ أَبِى سَلَمَةَ فِي النِّسَاءِ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا بِالزُّبَيْرِ عَلَى فَرَسِهِ، يَخْتَلِفُ إِلَى بَنِى قُرَيْظَةَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا، فَلَمَّا رَجَعْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــ 3718 - 3719 - (عُبَيد) مصغر (عن محمد بن المنكدر) بكسر الدال (قال النبي -صلى الله عليه وسلم- إن لكل نبي حواريًّا وحواري الزبير) لفظ الحواري نسبة إلى الحَوَر -بفتح الحاء والواو- وكان القياس الحوري نسبةً إليه، وهو البياض، وأصل هذا من حواري عيسى بن مريم صلوات الله عليه، فإنهم كانوا قصّارين وأما عرفًا فالمراد خليل الرجل وخلاصة أصحابه، وهذا لا يفيد حصرًا، فإن كل ناصر يطلق عليه الحواري، إلا أن المتعارف من يكون فيه زيادة نصرة، وخلوص صداقة، وقد ذكر ابن عبد البر أن لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- الحواريين كما كان لعيسى وهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وحمزة وجعفر وأبو عبيدة بن الجراح وعثمان بن مظعون، وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وطلحة والزبير، وإنما اشتهر لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- صرح فيه بلفظ الحواري، وإلا فلا شك أن أبا بكر وعمر وعثمان وعليًّا وحمزة أولى بهذا الاسم. 3720 - (يوم الأحزاب) أي: في الخندق، ولم يكن يومًا واحدًا بل أيامًا.

14 - باب ذكر طلحة بن عبيد الله

قُلْتُ يَا أَبَتِ، رَأَيْتُكَ تَخْتَلِفُ. قَالَ أَوَهَلْ رَأَيْتَنِى يَا بُنَىَّ قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ يَأْتِ بَنِى قُرَيْظَةَ فَيَأْتِينِى بِخَبَرِهِمْ». فَانْطَلَقْتُ، فَلَمَّا رَجَعْتُ جَمَعَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَبَوَيْهِ فَقَالَ «فِدَاكَ أَبِى وَأُمِّى». 3721 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالُوا لِلزُّبَيْرِ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ أَلاَ تَشُدُّ فَنَشُدَّ مَعَكَ فَحَمَلَ عَلَيْهِمْ، فَضَرَبُوهُ ضَرْبَتَيْنِ عَلَى عَاتِقِهِ، بَيْنَهُمَا ضَرْبَةٌ ضُرِبَهَا يَوْمَ بَدْرٍ. قَالَ عُرْوَةُ فَكُنْتُ أُدْخِلُ أَصَابِعِى فِي تِلْكَ الضَّرَبَاتِ أَلْعَبُ وَأَنَا صَغِيرٌ. طرفاه 3973، 3975 14 - باب ذِكْرِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَقَالَ عُمَرُ تُوُفِّىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ عَنْهُ رَاضٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 3721 - (ابن المبارك) هو علي بن المبارك لا عبد الله (أن أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- قالوا للزبير يوم اليرموك: ألا تَشُدّ فَنَشُدّ معك) اليَرموك -بفتح الياء-: على وزن يعقوب، موضع بناحية الشام كانت به وقعة بين الكفار بني الأصفر وبين المسلمين في أيام عمر، وكان النصر للمؤمنين. ذكر طلحة بن عبيد الله ابن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تميم بن مرة بنكعب وفي [مرة] يلاقي نسب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وسماه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طلحة الفياض، وطلحة الخير، وطلحة الجود، وكان مؤاخيًا لكعب ابن مالك الأنصاري قال الواقدي: أرسله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل بدر مع سعيد بن زيد إلى طريق الشام يتحسسان الأخبار، ثم رجعا إلى المدينة يوم وقعة بدر فأسهم لهما من الغنيمة، قال طلحة: والآجر يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- , قال: "والأجر" ثم لم يتخلف في مشهد، قتل في وقعة الجمل وهو ابن ستين سنة، وقيل أربع، وقيل اثنين وستين، قال ابن عبد البر: لم يختلف العلماء الثقات أن قاتله مروان بن الحكم، وكان معه في جيش عائشة، وإنما قتله لأنه كان مساعدًا لقتلة عثمان، ولما رماه التفت إلى أبان بن عثمان وقال: قد كفيناك لأكفيتك بعض قتلة أبيك.

15 - باب مناقب سعد بن أبى وقاص الزهرى وبنو زهرة أخوال النبى - صلى الله عليه وسلم - وهو سعد بن مالك

3722 و 3723 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ الْمُقَدَّمِىُّ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ قَالَ لَمْ يَبْقَ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي بَعْضِ تِلْكَ الأَيَّامِ الَّتِى قَاتَلَ فِيهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - غَيْرُ طَلْحَةَ وَسَعْدٍ. عَنْ حَدِيثِهِمَا. حديث 3722 طرفه 4060 - حديث 3723 طرفه 4061 3724 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا خَالِدٌ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِى حَازِمٍ، قَالَ رَأَيْتُ يَدَ طَلْحَةَ الَّتِى وَقَى بِهَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ شَلَّتْ. طرفه 4063 15 - باب مَنَاقِبُ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ الزُّهْرِىِّ وَبَنُو زُهْرَةَ أَخْوَالُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ 3722 - 3723 (المُقَدّمي) بضم الميم وفتح الدال المشددة (معتمِر) بكسر التاء (لم يَبْقَ مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بعض الأيام التي قاتل فيهنّ غير طلحة) هو يوم أحد، كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ظاهرًا بين درعين، فأتى صخرة ليصعد عليها فلم يتمكن حمله طلحة على ظهره حتى صعد، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أوجب طلحة، يا أبا بكر إذا ذكر يوم أحد يقول ذاك يوم كله لطلحة". (عن حديثهما) أي: قول أبي عثمان (لم يبق مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غير طلحة وسعد) سمعه منهما، وقيل: نقله عن حالهما، فعلى هذا في الحديث إرسال. 3724 - (ابن أبي خالد) اسمه إسماعيل (أبي حازم) بالحاء المهملة (رأيت يد طلحة التي وقى بها النبي -صلى الله عليه وسلم-) قال ابن عبد البر: وقى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بنفسه، فأصابه سهم في أصبعه (قد شَلَّت) بفتح الشين، والأكثرون على أن الضم خطأ، وقيل: لغةٌ رديئة. مناقب سعد بن أبي وقاص واسم أبي وقاص مالك بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب، وهناك يلاقي نسبه نسب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يُكَنّى أبا إسحاق، أحد العشرة المبشرة، وأحد الستة في الشورى.

3725 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ سَمِعْتُ سَعْدًا يَقُولُ جَمَعَ لِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَبَوَيْهِ يَوْمَ أُحُدٍ. 3726 - حَدَّثَنَا مَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ هَاشِمٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَقَدْ رَأَيْتُنِى وَأَنَا ثُلُثُ الإِسْلاَمِ. طرفاه 3727، 3858 3727 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِى زَائِدَةَ حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِى وَقَّاصٍ يَقُولُ مَا أَسْلَمَ أَحَدٌ إِلاَّ فِي الْيَوْمِ الَّذِى أَسْلَمْتُ فِيهِ، وَلَقَدْ مَكَثْتُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ وَإِنِّى لَثُلُثُ الإِسْلاَمِ. تَابَعَهُ أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا هَاشِمٌ. طرفاه 3726، 3858 3728 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ قَالَ سَمِعْتُ سَعْدًا - رضى الله عنه - يَقُولُ إِنِّى لأَوَّلُ الْعَرَبِ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَكُنَّا نَغْزُو مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَمَا لَنَا طَعَامٌ إِلاَّ وَرَقُ الشَّجَرِ، حَتَّى إِنَّ أَحَدَنَا لَيَضَعُ كَمَا يَضَعُ الْبَعِيرُ أَوِ الشَّاةُ، مَا لَهُ خِلْطٌ، ثُمَّ أَصْبَحَتْ بَنُو أَسَدٍ تُعَزِّرُنِى عَلَى الإِسْلاَمِ، لَقَدْ ـــــــــــــــــــــــــــــ 3728 - (وأول من رمى بسهم في سبيل الله) وكان ذلك في سرية عبيدة بن الحارث، وكان من أخوال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، كان يقول: "هذا خالي فليأت كلكم بخاله يشير إلى"، إنه عديم النظير (جمع له بين أبويه يوم أحد) ودعا له فقال: "اللهم سدد رميته، وأجب دعوته" وروي أنه رمى يوم أحد ألف سهم، وهو الذي أسس الكوفة في أيام عمر، وعلى [يديه] كان فتح القادسية وأكثر بلاد الفرس، لم يخالط عليًّا ولا معاوية، مات في إمارة معاوية في قصيرة

16 - باب ذكر أصهار النبى - صلى الله عليه وسلم - منهم أبو العاص بن الربيع

خِبْتُ إِذًا وَضَلَّ عَمَلِى. وَكَانُوا وَشَوْا بِهِ إِلَى عُمَرَ، قَالُوا لاَ يُحْسِنُ يُصَلِّى. طرفاه 5412، 6453 16 - باب ذِكْرُ أَصْهَارِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْهُمْ أَبُو الْعَاصِ بْنُ الرَّبِيعِ 3729 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى عَلِىُّ بْنُ حُسَيْنٍ أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ قَالَ إِنَّ عَلِيًّا خَطَبَ بِنْتَ أَبِى جَهْلٍ، فَسَمِعَتْ بِذَلِكَ فَاطِمَةُ، فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَزْعُمُ قَوْمُكَ أَنَّكَ لاَ تَغْضَبُ لِبَنَاتِكَ، هَذَا عَلِىٌّ نَاكِحٌ بِنْتَ أَبِى جَهْلٍ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَمِعْتُهُ حِينَ تَشَهَّدَ يَقُولُ «أَمَّا بَعْدُ أَنْكَحْتُ أَبَا الْعَاصِ بْنَ الرَّبِيعِ، فَحَدَّثَنِى وَصَدَقَنِى، وَإِنَّ فَاطِمَةَ بَضْعَةٌ مِنِّى، وَإِنِّى أَكْرَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ بالعقيق على عشرة أميال من المدينة، حمله الرجال على أعناقهم إلى البقيع، قال الواقدي: توفي وعمره بضع وسبعون، وقال الإمام أحمد: توفي وعمره ثلاث وثمانون سنة، ولما حضره الموت دعا بخلق جببه فقال كفنوني فيها، فإني كنت لابسها يوم بدر. (بنو أَسْد تُعَزِّرُني على الإسلام) أي تعزرني على تهاوني في أمر من أعمال الإسلام، وقد سلف في أبواب الصلاة أن هؤلاء طائفة من أهل الكوفة شكوا سعدًا إلى عمر. ذكر أصهار النبي -صلى الله عليه وسلم- قال الجوهري: الأصهار أهل المرأة، وهذا لا يوافق، لكن نقل عن الخليل أنه يطلق على الأختان أيضًا. منهم أبو العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد الشمس بن عبد مناف بن قصي، واسمه لقيط على الأشهر، وقيل: هشيم، وقيل: مهشم، لقبه جرو البطحاء، أُسر في بدر، فأرسلت زينب بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قلادة كانت خديجة أعطتها وهي عروس، فلما رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- القلادة رق لها فأَطلقه ورد القلادة، وشرط عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يرسل إليه بزينب ففعل، وهذا الذي أشار إليه في الحديث: "وعدني فوفى لي" ثم كان قبل الفتح في ركب من قريش مقبلًا من الشام، فأجاب زيد بن حارثة في سرية ذلك الركب، وأفلت أبو العاص، فجاء بالليل فاستجار بزينب فأجارته، فأمضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جوارها ورد أموال وما كان معه من بضائع قريش، فلما ورد مكة وأدى البضائع إلى أربابها أسلم. وقدم المدينة مهاجرًا، فرد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إليه زينب بالنكاح الأول، وعاش بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سنتين. 3729 - (إن فاطمة مُضغة مني) -بضم الميم- قدر ما يُمضغ من اللحم.

17 - باب مناقب زيد بن حارثة مولى النبى - صلى الله عليه وسلم -

أَنْ يَسُوءَهَا، وَاللَّهِ لاَ تَجْتَمِعُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَبِنْتُ عَدُوِّ اللَّهِ عِنْدَ رَجُلٍ وَاحِدٍ». فَتَرَكَ عَلِىٌّ الْخِطْبَةَ. وَزَادَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِىٍّ عَنْ مِسْوَرٍ، سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَذَكَرَ صِهْرًا لَهُ مِنْ بَنِى عَبْدِ شَمْسٍ فَأَثْنَى عَلَيْهِ فِي مُصَاهَرَتِهِ إِيَّاهُ فَأَحْسَنَ قَالَ «حَدَّثَنِى فَصَدَقَنِى، وَوَعَدَنِى فَوَفَى لِى». طرفه 926 17 - باب مَنَاقِبُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ مَوْلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ الْبَرَاءُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «أَنْتَ أَخُونَا وَمَوْلاَنَا». ـــــــــــــــــــــــــــــ (والله لا تجتمع بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع بنت عدو الله) أي: بنت أبي جهل، واسمها جويرية وقيل: جميلة وفي رواية: "إني لا أحل حرامًا ولا أحرم حلالًا" أي: منعه ليس مبنيًّا على عدم الجواز شرعًا، بل لعدم اللياقة (حَلْحَلة) بحاء مهملة مكررة (عن مسور) بكسر الميم. مناقب زيد بن حارثة الكلبي القضاعي، كانت أمه سعدى بنت ثعلبة من طيئ من بني معن أتت بزيد معها يزور قومها فأغارت خيل لبني عبس، فأخذوا زيدًا وهو غلام، وهو ابن ثماني سنين، فوردوا عكاظًا فعرضوه على البيع، فاشتراه حكيم بن حزام لخديجة فوهبته لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فبلغ خبره أهله أنه في مكة عند محمد بن عبد المطلب، فجاء في طلبه أبوه وعمه، فقالا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أجئتنا في فدائه؟ فأحسن إلينا، فإنكم أهل الكرم والجود، تفكون العاني، وتطعمون الأسير، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أو غير ذلك؟ " قالا: ما هو؟ قال: "تخيره فإن اختاركم فهو لكم، وإن اختارني فوالله ما أنا الذي أختار على من اختارني أحدًا"، فقالا له: أنصفت، فدعاه فقال: "يا زيد، من هذا؟ " قال: هذا أبي، وهذا عمي قال: "فأنا الذي رأيتني فاخترني، أو اخترهما" فقال: لا أختار عليك أحدًا، فأخرجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى الحجر فقال: "أشهدكم يا من حضر أن زيدًا ابني يرثني وأرثه"، وكان يُدْعَى زيد بن محمد حتى نزل قوله تعالى: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} [الأحزاب:5] فدعي زيد بن حارثة، وهو أول من أسلم من [الموالي]. قال الزهري: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أنت أخبرنا ومولانا) قاله في غزوة الفتح، والمولى يطلق

3730 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ بَعَثَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَعْثًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، فَطَعَنَ بَعْضُ النَّاسِ فِي إِمَارَتِهِ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنْ تَطْعُنُوا فِي إِمَارَتِهِ فَقَدْ كُنْتُمْ تَطْعُنُونَ فِي إِمَارَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلُ، وَايْمُ اللَّهِ، إِنْ كَانَ لَخَلِيقًا لِلإِمَارَةِ، وَإِنْ كَانَ لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَىَّ، وَإِنَّ هَذَا لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَىَّ بَعْدَهُ». أطرافه 4250، 4468، 4469، 6627، 7187 3731 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ دَخَلَ عَلَىَّ قَائِفٌ وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - شَاهِدٌ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ مُضْطَجِعَانِ، فَقَالَ إِنَّ هَذِهِ الأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ. قَالَ فَسُرَّ بِذَلِكَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَعْجَبَهُ، فَأَخْبَرَ بِهِ عَائِشَةَ. طرفه 3555 ـــــــــــــــــــــــــــــ على معان، والمناسب أن يكون بمعنى الناصر؛ لأن كونه عبدًا له معلوم، فلا يحتاج إلى الإخبار. 3730 - (خالد بن مخلد) بفتح الميم (وايم الله) بهمزة القطع والوصل (إن كان لخليقًا للإمارة) أي: لا يقال: جديرًا (إن كان لمن أحب الناس إليّ) إنْ مخففة، أي إنه كان بعض من اتصف بزيادة المحبة. 3731 - (قزعة) بالقاف والزاي المعجمة، وثلاث فتحات (دخل قائف) هو الذي يُلْحق الأولاد بالآباء عند الاشتباه، وهذا القائف هو المجزِّز المدلجي، بضم الميم وتشديد الزاي الأولى مكسورة معجمة (وأسامة بن زيد وزيد مضجعان، فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض، فَسرّ بذلك النبي -صلى الله عليه وسلم-) استدل بسروره الشافعي على أن قول القائف حجة، وأجاب الآخرون بأن سروره كان لدفع طعن المشركين والله أعلم بحقيقة الحال.

18 - باب ذكر أسامة بن زيد

18 - باب ذِكْرُ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ 3732 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَخْزُومِيَّةِ، فَقَالُوا مَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلاَّ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 2648 3733 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ ذَهَبْتُ أَسْأَلُ الزُّهْرِىَّ عَنْ حَدِيثِ الْمَخْزُومِيَّةِ فَصَاحَ بِى، قُلْتُ لِسُفْيَانَ فَلَمْ تَحْتَمِلْهُ عَنْ أَحَدٍ قَالَ وَجَدْتُهُ فِي كِتَابٍ كَانَ كَتَبَهُ أَيُّوبُ بْنُ مُوسَى عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها أَنَّ امْرَأَةً مِنْ بَنِى مَخْزُومٍ سَرَقَتْ، فَقَالُوا مَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يَجْتَرِئْ أَحَدٌ أَنْ يُكَلِّمَهُ، فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، فَقَالَ «إِنَّ بَنِى إِسْرَائِيلَ كَانَ إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ الضَّعِيفُ قَطَعُوهُ، لَوْ كَانَتْ فَاطِمَةُ لَقَطَعْتُ يَدَهَا». طرفه 2648 19 - بابٌ 3734 - حَدَّثَنِى الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَبَّادٍ يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ حَدَّثَنَا الْمَاجِشُونُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ قَالَ نَظَرَ ابْنُ عُمَرَ يَوْمًا وَهْوَ فِي الْمَسْجِدِ إِلَى رَجُلٍ يَسْحَبُ ثِيَابَهُ فِي نَاحِيَةٍ مِنَ الْمَسْجِدِ فَقَالَ انْظُرْ مَنْ هَذَا لَيْتَ هَذَا عِنْدِى. قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ ذكر أُسامة بن زيد تارةً يقول مناقب فلان، وتارة يقول ذكر فلان تفننًا كما قال قبل ذكر أصهار النبي -صلى الله عليه وسلم- , وقيل: إنما قال ذكر دون مناقب؛ لأنه ذكر في الباب غير مناقبه، وليس بشيء؛ لأنه كثيرًا ما يقع مثله في المناقب كما تقدم في مناقب عمر وأبي بكر. 3733 - (أن امرأة من بني مخزوم سرقت) هي فاطمة بنت الأسود بن عبد الأسد، كان ذلك في غزوة الفتح قطع يدها فتابت وحسنت توبتها، قال ابن عبد البر: كانت سرقت حليًّا. 3734 - (أبو عبّاد) بفتح العين والمد وتشديد الباء (الماجِشون) -بكسر الجيم والفتح- معرب ماه كون، أي: لونه لون القمر (نظر ابن عمر إلى رجل يسحب ثيابه، فقال: ليت هذا عندي) يريد نصحه في عدم جر الثياب، ثم سأل عنه، فقال قائل: محمد بن أسامة

لَهُ إِنْسَانٌ أَمَا تَعْرِفُ هَذَا يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ أُسَامَةَ، قَالَ فَطَأْطَأَ ابْنُ عُمَرَ رَأْسَهُ، وَنَقَرَ بِيَدَيْهِ فِي الأَرْضِ، ثُمَّ قَالَ لَوْ رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لأَحَبَّهُ. 3735 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ - رضى الله عنهما - حَدَّثَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُهُ وَالْحَسَنَ فَيَقُولُ «اللَّهُمَّ أَحِبَّهُمَا فَإِنِّى أُحِبُّهُمَا». طرفاه 3747، 6003 3736 - وَقَالَ نُعَيْمٌ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى مَوْلًى لأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ. أَنَّ الْحَجَّاجَ بْنَ أَيْمَنَ ابْنِ أُمِّ أَيْمَنَ، وَكَانَ أَيْمَنُ ابْنُ أُمِّ أَيْمَنَ أَخَا أُسَامَةَ لأُمِّهِ، وَهْوَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَرَآهُ ابْنُ عُمَرَ لَمْ يُتِمَّ رُكُوعَهُ وَلاَ سُجُودَهُ فَقَالَ أَعِدْ. طرفه 3737 3737 - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَحَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ نَمِرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَنِى حَرْمَلَةُ مَوْلَى أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ بَيْنَمَا هُوَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ إِذْ دَخَلَ الْحَجَّاجُ بْنُ أَيْمَنَ فَلَمْ يُتِمَّ رُكُوعَهُ وَلاَ سُجُودَهُ، فَقَالَ أَعِدْ. فَلَمَّا وَلَّى قَالَ لِى ابْنُ عُمَرَ مَنْ هَذَا قُلْتُ الْحَجَّاجُ بْنُ أَيْمَنَ ابْنِ أُمِّ أَيْمَنَ. فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ لَوْ رَأَى هَذَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لأَحَبَّهُ، فَذَكَرَ حُبَّهُ وَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّ أَيْمَنَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ (فقال ابن عمر: لو رآه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأحبه) لما فيه من مخايل الرشد، أو كرامة لأم أيمن أم أسامة، فإنها كانت حاضنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأمه بعد أمه كما أشار إليه فيما بعد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحب أم أيمن وما ولدته. 3735 - (معتمِر) بكسر [الميم] (أبو عثمان) النهدي عبد الرحمن. 3736 - (نعيم) بضم النون، مصغر. 3737 - (نَمِر) بفتح النون وكسر الميم. قال ابن عبد البر كانت أم أيمن لعبد الله بن عبد المطلب، ورثها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، واسمها بركة، وكانت تُعرف بأُم الظباء، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يزورها، وكذا أبو بكر وعمر بعده.

20 - باب مناقب عبد الله بن عمر بن الخطاب رضى الله عنهما

قَالَ وَحَدَّثَنِى بَعْضُ أَصْحَابِى عَنْ سُلَيْمَانَ وَكَانَتْ حَاضِنَةَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 3736 20 - باب مَنَاقِبُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضى الله عنهما 3738 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ الرَّجُلُ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا رَأَى رُؤْيَا قَصَّهَا عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَتَمَنَّيْتُ أَنْ أَرَى رُؤْيَا أَقُصُّهَا عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَكُنْتُ غُلاَمًا أَعْزَبَ، وَكُنْتُ أَنَامُ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَرَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ مَلَكَيْنِ أَخَذَانِى فَذَهَبَا بِى إِلَى النَّارِ، فَإِذَا هِىَ مَطْوِيَّةٌ كَطَىِّ الْبِئْرِ، فَإِذَا لَهَا قَرْنَانِ كَقَرْنَىِ الْبِئْرِ، وَإِذَا فِيهَا نَاسٌ قَدْ عَرَفْتُهُمْ، فَجَعَلْتُ أَقُولُ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ، أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ. فَلَقِيَهُمَا مَلَكٌ آخَرُ فَقَالَ لِى لَنْ تُرَاعَ. فَقَصَصْتُهَا عَلَى حَفْصَةَ. طرفه 440 ـــــــــــــــــــــــــــــ مناقب عبد الله بن عمر بن الخطاب الإمام في الحديث والفقه والزهد، واتباع آثار النبي -صلى الله عليه وسلم- وإعتاق الرقاب قيل: أعتق ألف نسمة، وكان إذا رأى عبدًا يواظب على الصلاة أعتقه فقيل له: إنهم يراؤونك بذلك فقال: من غرنا في الله اغتررنا له، ونقل عنه ابن عبد البر أنه لما حضرته الوفاة فقال: لا أجد في نفسي شيئًا إلا أني لم أقاتل مع علي الفئة الباغية، أسلم وهو صغير، أول مشاهده الخندق ولم يتخلف عن سرية في أيام رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم بعده، كان مولعًا بالحج. 3738 - (إسحاق بن نصر) بالصاد المهملة (وكنت غلامًا أعزب) ويروى عزبًا، وهو الذي لا زوجة له، وحديث رؤياه تقدم في باب قيام الليل (كقرني البئر) هما الخشبتان تكون عليهما البكرة (لن ترع) بضم التاء على بناء المجهول، والرواية بالجزم، وهي لغة في لن، وفي بعضها: بدون الجزم ولا إشكال فيه، وبلم بدل لن، وفيه مبالغة من وجه آخر لدلالته على المضي.

21 - باب مناقب عمار وحذيفة رضى الله عنهما

3739 - فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ، لَوْ كَانَ يُصَلِّى بِاللَّيْلِ». قَالَ سَالِمٌ فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ لاَ يَنَامُ مِنَ اللَّيْلِ إِلاَّ قَلِيلاً. طرفه 1122 3740 و 3741 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ أُخْتِهِ حَفْصَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَهَا «إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ رَجُلٌ صَالِحٌ». طرفاه 440، 1121 21 - باب مَنَاقِبُ عَمَّارٍ وَحُذَيْفَةَ رضى الله عنهما ـــــــــــــــــــــــــــــ 3739 - (نَعم الرجل عبد الله لو كان يصلي بالليل) يجوز أن يكون تمنيًا وشرطًا محذوف الجواب (فكان عبد الله لا ينام من الليل إلا قليلًا) لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- , وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تلك الروايات لهائلة إشارة إلى أن يقوم بعض الليل، روي عن مالك أنه أفتى ابن عمر ستين سنة، وروى الدارقطني أنه كان يتبع آثار النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى خيف عليه، والصحيح أنه قتله الحجاج، أو رجل معه حربة مسمومة شك بها رجله على الغرز. مناقب عمار وحذيفة عمار بن ياسر أبوه ياسر، عربي من قحطان، لكن لما قدم مكة تزوج أَمة لبني مخزوم واسمها سُميّة فولدت عمارًا فهو مولى بني مخزوم مولاه أبو حذيفة المخزومي فأعتقه، يكنى أبا اليقظان من السابقين الأولين، هو وأبوه، وأمه قتلها أبو جهل، وعُذّب عمارُ حتى تكلم بكلمة الكفر، وفيه نزل قوله تعالى: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} [النحل:106] شهد المشاهد كلها، وأبلى يوم بدر بلاءً حسنًا، وكذا يوم اليمامة في قتال مسيلمة، وقال فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن عمارًا ملئ إيمانًا إلى مشاشه، وقيل: إلى أخمص قدمه واستأذن يومًا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "مرحبًا بالطيب المطيب" وقال: "من أبغض عمارًا أبغضه الله"، وقال: "عليكم بابن سمية فإنه لا يفارق الحق حتى يموت"

3742 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ قَدِمْتُ الشَّأْمَ فَصَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قُلْتُ اللَّهُمَّ يَسِّرْ لِى جَلِيسًا صَالِحًا، فَأَتَيْتُ قَوْمًا فَجَلَسْتُ إِلَيْهِمْ، فَإِذَا شَيْخٌ قَدْ جَاءَ حَتَّى جَلَسَ إِلَى جَنْبِى، قُلْتُ مَنْ هَذَا قَالُوا أَبُو الدَّرْدَاءِ. فَقُلْتُ إِنِّى دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُيَسِّرَ لِى جَلِيسًا صَالِحًا فَيَسَّرَكَ لِى، قَالَ مِمَّنْ أَنْتَ قُلْتُ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ. قَالَ أَوَلَيْسَ عِنْدَكُمُ ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ صَاحِبُ النَّعْلَيْنِ وَالْوِسَادِ وَالْمِطْهَرَةِ وَفِيكُمُ الَّذِى أَجَارَهُ اللَّهُ مِنَ الشَّيْطَانِ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَوَلَيْسَ فِيكُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال: "إن الجنة اشتاقت إلى علي وعمار وسلمان وبلال"، وكان مع علي يوم صفين يقاتل ويرتجز بهذا: نحن ضربناكم على تنزيله ... فاليوم نضربكم على تأويله قتل وهو فوق تسعين سنة عن عمره. وأما حذيفة بن اليمان، واسم اليمان حُسِيل -بضم الحاء وكسر السين مصغر- وإنما قيل له اليمان لأنه من ولد اليمان، وهو لقب جِروة بن الحارث الغطفاني -بكسر الجيم آخره تاء- وإنما قيل له اليمان لأنه أصاب دمًا في قومه، فهرب إلى المدينة فحالف بني عبد الأشهل وهم أهل اليُمن، وهو من كبار الصحابة، صاحب سر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي لا يعلمه غيره وكان عالمًا بالمنافقين، وكان عمر لا يحضر جنازة إلا إذا حضرها حذيفة ومناقبه لا تعد. 3742 - (أوليس عندكم ابن أم عبد) هو عبد الله بن مسعود، وأم عبد أمه بنت سود بن قُرَيْم -بضم القاف بعده راء على وزن المصغر- وقال الكلاباذي: عبد ود بن سواء لم يعرف لها اسم. (صاحب النعلين والوسادة والمطهرة) كان يحفظ هذه الأشياء لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- (أفيكم الذي أجاره الله من الشيطان على لسان نبيه) يريد عمارًا، ولم نقف على كيفية قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- له في إجارته عن الشيطان، وقد ذكروا أن ذلك يؤخذ من قوله -صلى الله عليه وسلم-: "ويح عمار

22 - باب مناقب أبى عبيدة بن الجراح رضى الله عنه

صَاحِبُ سِرِّ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - الَّذِى لاَ يَعْلَمُ أَحَدٌ غَيْرُهُ ثُمَّ قَالَ كَيْفَ يَقْرَأُ عَبْدُ اللَّهِ (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى)، فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى * وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى). قَالَ وَاللَّهِ لَقَدْ أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ فِيهِ إِلَى فِىَّ. طرفه 3287 3743 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ ذَهَبَ عَلْقَمَةُ إِلَى الشَّأْمِ، فَلَمَّا دَخَلَ الْمَسْجِدَ قَالَ اللَّهُمَّ يَسِّرْ لِى جَلِيسًا صَالِحًا. فَجَلَسَ إِلَى أَبِى الدَّرْدَاءِ فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ مِمَّنْ أَنْتَ قَالَ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ. قَالَ أَلَيْسَ فِيكُمْ - أَوْ مِنْكُمْ - صَاحِبُ السِّرِّ الَّذِى لاَ يَعْلَمُهُ غَيْرُهُ يَعْنِى حُذَيْفَةَ. قَالَ قُلْتُ بَلَى. قَالَ أَلَيْسَ فِيكُمُ - أَوْ مِنْكُمُ - الَّذِى أَجَارَهُ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَعْنِى مِنَ الشَّيْطَانِ، يَعْنِى عَمَّارًا. قُلْتُ بَلَى. قَالَ أَلَيْسَ فِيكُمْ - أَوْ مِنْكُمْ - صَاحِبُ السِّوَاكِ أَوِ السِّرَارِ قَالَ بَلَى. قَالَ كَيْفَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَقْرَأُ (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى) قُلْتُ (وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى). قَالَ مَا زَالَ بِى هَؤُلاَءِ حَتَّى كَادُوا يَسْتَنْزِلُونِى عَنْ شَىْءٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 3287 22 - باب مَنَاقِبُ أَبِى عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ رضى الله عنه ـــــــــــــــــــــــــــــ تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار"، وقيل غير هذا مما ليس بصريح (وصاحب السر) حذيفة ({الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى} [الليل:3]) هذه القراءة لم تتواتر. 3743 - (أليس فيكم صاحب السواك والسِّوَرَار) بكسر السين، السرار في الكلام: قال ابن الأثير: يقال ساورته أي ساررته (كادوا يَسْتَنْزِلوني) أي: بالمنع عن تلك القراءة التي سمعها من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يقال: استنزله إذا طلب إيقاعه في الذلة. فإن قلت: كيف جاز له مخالفة القراءة المتواترة؟ قلت: لم تتواتر عنده، وكان سماعه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عنده قطيعًا. مناقب أبي عبيدة بن الجراح هو عامر بن عبد الله بن الجراح، شهد مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المشاهد كلها، وسماه أمين

23 - باب ذكر مصعب بن عمير

3744 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ قَالَ حَدَّثَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا، وَإِنَّ أَمِينَنَا أَيَّتُهَا الأُمَّةُ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ». طرفاه 4382، 7255 3745 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ صِلَةَ عَنْ حُذَيْفَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لأَهْلِ نَجْرَانَ «لأَبْعَثَنَّ - يَعْنِى عَلَيْكُمْ - يَعْنِى أَمِينًا - حَقَّ أَمِينٍ». فَأَشْرَفَ أَصْحَابُهُ، فَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ رضى الله عنه. أطرافه 4380، 4381، 7254 23 - باب ذِكْرِ مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ هذه الأمة، رضي الله عنه آمين، وأراد الصديق أن يكون الخليفةَ بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولاه عمر إمارة الشام، ولما قدم عمر الشام نزل عليه، ألقى له وسادة حشوها الليف، فقدم له كسرات شعير فأعطاه عمر مئتي دينار فتصدق بها. 3744 - (عن أبي قِلابة) -بكسر القاف- عبد الله الجرمي (أبو عبيدة أميننا أيتها الأمة) رفع على الاختصاص. فإن قلت: سائر أكابر الصحابة كانوا أيضًا أمناء؟ قلت: هذا لا يفيد الحصر، ولو سلم فباعتبار غلبة هذه الصفة فيه كالحياء في عثمان. 3745 - (عن أبي إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي (عن صِلَة) بكسر الصاد (لأهل نَجْران) بفتح النون وسكون الجيم واد في يمن وبه بلاد، وكان قدوم وفد نجران في سنة تسع، وكان بينهم نزاع، وهم نصارى، فسألوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يرسل معهم من يقضي بينهم، فأرسل أبا عبيدة مات بالأردن في طاعون عمواس، وعمره نيف وخمسون. باب ذكر مصعب بن عمير

24 - باب مناقب الحسن والحسين رضى الله عنهما

24 - باب مَنَاقِبُ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ رضى الله عنهما قَالَ نَافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَانَقَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْحَسَنَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مناقب الحسن والحسين سماهما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بهذين الاسمين وهما ريحانتاه في الدنيا، سيدا شبان أهل الجنة، والحسن كان أجود الناس كذا قاسم ماله ثلاث مرات، وكان أشبه أشد الناس برسول الله -صلى الله عليه وسلم- من صدره إلى الرأس، والحسين أشبه به في أَسافل البدن، قال ابن عبد البر: تواترت الروايات بأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال للحسن: "إن ابني هذا سيد" وكان العهد بينه وبين معاوية أن يكون الأمر له بعده فدسَّ عليه السم ثلاث مرات، قال ابن عبد البر: وكان السم على يد امرأة الحسن بنت الأشعث الكندي، قال: وفي المرة الثالثة تقطع كبده ولما سلم الأمر إلى معاوية جاء شيخ من همدان فقال: السلام عليك يا مذل المسلمين، قال: لا تقل ذلك يا أبا عمر، إني كرهت أن أقتل المؤمنين في طلب الملك، وكان ما فعله تصديقًا لقول الصادق المصدوق "إن ابني هذا سيد، وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين" وفضائله لا تعد ولا تحصى مشهورة بين الناس فلا نطول الكتاب، وكانت عائشة قد أذنت أن يدفن في بيتها عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأبى مروان بن الحكم، فرُد إلى البقيع، فدفن عند العباس، وصلى عليه سعيد بن العاص، وكان واليًا على المدينة، فقال له حسين: لولا أنها سُنّة ما قدمتك. وأما الحسين قال الواقدي: علقت فاطمة بعد ولادة الحسن بخمسين ليلة، ولد لخمس خلون من شعبان سنة أربع، وقتل شهيدًا يوم الجمعة يوم عاشوراء سنة إحدى وستين بموضع يقال له: كربلاء بل هو كرب وبلاء، قتله سنان بن أبي سنان النخعي، وقيل: رجلٌ من مدحج وقيل: قتله شمس بن ذي الجوشن، وكان رجلًا أبرص، وحزَّ رأْسَه مولى ابن يزيد الأصبحي، قال ابن عبد البر: قتل معه من أولاد فاطمة سبعة عشر رجلًا. (وقال نافع: عانق النبي -صلى الله عليه وسلم- الحسن) هذا التعليق تقدم في أبواب البيوع مسندًا.

3746 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى عَنِ الْحَسَنِ سَمِعَ أَبَا بَكْرَةَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الْمِنْبَرِ وَالْحَسَنُ إِلَى جَنْبِهِ، يَنْظُرُ إِلَى النَّاسِ مَرَّةً وَإِلَيْهِ مَرَّةً، وَيَقُولُ «ابْنِى هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ». طرفه 2704 3747 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُهُ وَالْحَسَنَ وَيَقُولُ «اللَّهُمَّ إِنِّى أُحِبُّهُمَا فَأَحِبَّهُمَا». أَوْ كَمَا قَالَ. طرفه 3735 3748 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنِى حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أُتِىَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ بِرَأْسِ الْحُسَيْنِ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - فَجُعِلَ فِي طَسْتٍ، فَجَعَلَ يَنْكُتُ، وَقَالَ فِي حُسْنِهِ شَيْئًا. فَقَالَ أَنَسٌ كَانَ أَشْبَهَهُمْ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَكَانَ مَخْضُوبًا بِالْوَسْمَةِ. 3749 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى عَدِىٌّ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ - رضى الله عنه - قَالَ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَالْحَسَنُ عَلَى عَاتِقِهِ يَقُولُ «اللَّهُمَّ إِنِّى أُحِبُّهُ فَأَحِبَّهُ». ـــــــــــــــــــــــــــــ 3746 - (أبو موسى) هو إسرائيل بن موسى البصري (أبو بكرة) نفيع بن الحارث. 3747 - (المعتمِر) بكسر التاء (أبو عثمان) هو النهدي عبد الرحمن. 3748 - (أتي عبيد بن زياد برأس الحسين) هو ابن أبيه، ألحقه معاوية بأبي سفيان، وزعم أن أبا سفيان كان زنى بأُمه في الجاهلية (فجُعل ينكت) أي: في رأس الحسين، وقيل: في فمه. (وقال في حسنه شيئًا) أي: عاب حسنه، وكذا الحال، فإن المريض يجد العسل مرا، وإلا فالحسين شبيه برسول الله -صلى الله عليه وسلم- أجمل الخلق. 3749 - (مِنهال) بكسر الميم.

3750 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِى عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِى حُسَيْنٍ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ - رضى الله عنه - وَحَمَلَ الْحَسَنَ وَهْوَ يَقُولُ بِأَبِى شَبِيهٌ بِالنَّبِيِّ، لَيْسَ شَبِيهٌ بِعَلِىٍّ. وَعَلِىٌّ يَضْحَكُ. طرفه 3542 3751 - حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَصَدَقَةُ قَالاَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ وَاقِدِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ ارْقُبُوا مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - فِي أَهْلِ بَيْتِهِ. طرفه 3713 3752 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَنَسٍ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى أَنَسٌ قَالَ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَشْبَهَ بِالنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِىٍّ. 3753 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى يَعْقُوبَ سَمِعْتُ ابْنَ أَبِى نُعْمٍ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَسَأَلَهُ عَنِ الْمُحْرِمِ، قَالَ شُعْبَةُ أَحْسِبُهُ يَقْتُلُ الذُّبَابَ فَقَالَ أَهْلُ الْعِرَاقِ يَسْأَلُونَ عَنِ الذُّبَابِ ـــــــــــــــــــــــــــــ 3750 - (عبدان) -على وزن شعبان- عبد الله المروزي (عن ابن أبي مُليكة) بضم الميم، مصغر عبد الله (رأيت أبا بكر وحمل الحسن وهو يقول: بأبي شبيه بالنبي -صلى الله عليه وسلم- ليس شبيهًا بعلي) أي مفدي بأبي، وقيل: حلف، أي: على صورة الحلف. 3751 - (ارقبوا محمدًا في أهل بيته) أي: أكرموهم، من رقبت الشيء إذا لاحظته على الدوام. فإن قلت: لم يكن أشبه بالنبي -صلى الله عليه وسلم- من الحسن، قلت: قد أشرنا إلى أن ذلك كان في أعالي البدن، والحسين في الأسافل والأطراف. 3753 - قال عبد الله بن عمر لمن استفتاه من أهل العراق في رجل قتل الذباب وهو محرم، فقال ابن عمر على طريق السخرية بتقواهم: (أهل العراق يسألون عن قتل الذباب،

25 - باب مناقب بلال بن رباح مولى أبى بكر رضى الله عنهما

وَقَدْ قَتَلُوا ابْنَ ابْنَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «هُمَا رَيْحَانَتَاىَ مِنَ الدُّنْيَا». طرفه 5994 25 - باب مَنَاقِبُ بِلاَلِ بْنِ رَبَاحٍ مَوْلَى أَبِى بَكْرٍ رضى الله عنهما ـــــــــــــــــــــــــــــ وقد قتلوا ابن بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-) ولم يسألوا عما وجب عليهم في قتله, قيل: لما قتلوا الحسين، قال أحد اليهود: ما تقولون في اليهود، ولو قيل لحمار: هذا حمار عزير لرصّعوا بالجواهر ذنبه، وأمة محمد قتلوا ابن نبيهم، وسألهم أن يدعوه يسيح في الأرض مع الوحوش لم يرضوا إلا بقتله، وكنا نسمع ونحن بمصر في الاشتغال بالحديث على شيخنا شيخ الإسلام ابن حجر، يقولون في أمر يكون فيه شَيْنٌ في الإسلام: يا شماتة اليهود، وهذا أصله. مناقب بلال بن رباح بالباء الموحدة، وأمه حمامة من مولدات السراة، كان مولى لامرأة من بني جمح، وكانوا يعذبونه في الله وهو يقول: أحد أحد، الله الله، وكان أكثر ما يتولى عذابه أمية بن خلف، نَقل ابن عبد البر في "الاستيعاب": أن أبا جهل أخذ بلالًا، وبطحه على الأرض في حر الشمس، وألقى على صدره حجر الرحى، وكان يمر عليه ورقة بن نوفل، ويقول والله لو قتلتموه لاتخذ قبره حنانًا، يعني مزارًا أزوره؛ لأنه مقتول في حب [الله] ومرضاته، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يومًا لأبي بكر: لو كان عندنا مال اشتريناه، فلقي أبو بكر العباس، فقال: اشتره لي، فاشتراه فلما دخل في ملكه أعتقه. وكان مؤذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والقائم بأكثر أموره، وهو الخازن والأمين على الأموال من غير محاسبة، وهو المقرب للحضرة النبوية، ولما انتقل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى جوار الله ودار الكرامة أذن في خلافة أبي بكر أيضًا، فلما اتصل أيضًا برضوان الله قال بلال: إنما أذنت له لأنه مولاي، وله علي النعمة، وقد سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "يا بلال عليك بالجهاد فإنه أفضل الأعمال"، ولما قدم عمر إلى الشام دعاه فأذن له، فبكى عمر وبكى المسلمون على فراق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. قال ابن عبد البر: بلغوا في عذابه حتى جعلوا في عنقه حبلًا، وكانوا يدورون به بين الأخشبين، والأخشبان جبلان معروفان بمكة شرفها الله ولما دلّ بلال يوم بدر على أمية طائفة من الأنصار قتلوه، قال أبو بكر الصديق أبياتًا في بلال منها هذا البيت:

26 - باب ذكر ابن عباس رضى الله عنهما

وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «سَمِعْتُ دَفَّ نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَىَّ فِي الْجَنَّةِ». 3754 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ أَخْبَرَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ عُمَرُ يَقُولُ أَبُو بَكْرٍ سَيِّدُنَا، وَأَعْتَقَ سَيِّدَنَا. يَعْنِى بِلاَلاً. 3755 - حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ قَيْسٍ أَنَّ بِلاَلاً قَالَ لأَبِى بَكْرٍ إِنْ كُنْتَ إِنَّمَا اشْتَرَيْتَنِى لِنَفْسِكَ فَأَمْسِكْنِى، وَإِنْ كُنْتَ إِنَّمَا اشْتَرَيْتَنِى لِلَّهِ فَدَعْنِى وَعَمَلَ اللَّهِ. 26 - باب ذِكْرُ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما 3756 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ خَالِدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ ضَمَّنِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى صَدْرِهِ وَقَالَ «اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الْحِكْمَةَ». ـــــــــــــــــــــــــــــ هنيئًا زادك الرحمن خيرًا ... فقد أدركت ثأرك يا بلال 3754 - كان عمر يقول: (أبو بكر سَيّدُنا، وأعتق سَيّدَنا) هذا من كمال دينه، وإلا فهو أفضل من ألفٍ مثل بلال، لا يوازيه في شيء من الأشياء، ولما قالوا تكلم الذئب، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أنا أؤمن بذلك وأبو بكر وعمر" لم يذكر بلالًا، إن لعمر مقامًا عند الله، لم يقل قضية أو يأمر بأمر يتعلق بالدين إلا أتى الوحي على وفق قوله، حتى قال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إني أخاف أن أخالفك"، فما قولك في رجل يفر الشيطان منه؟. ذكر بن عباس 3756 - هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، انتقل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى دار البقاء وعمره ثلاث عشرة سنة، وقيل: عشر، وقيل: خمسة عشر عامًا، أعظم مناقبه ما رواه عنه البخاري: (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ضمه إلى صدره، وقال: اللهم علمه الحكمة) وفسر البخاري

حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ وَقَالَ «عَلِّمْهُ الْكِتَابَ». حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ خَالِدٍ مِثْلَهُ. طرفه 75 ـــــــــــــــــــــــــــــ الحكمة بالإصابة من غير النبوة، وهذا تفسير غريب، والمشهور أن الحكمة علم الشرائع، وقيل: العلم المشفوع بالعمل، والمحققون على أن الحكمة العقائد الصحيحة لقوله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} [النحل:125] وهي الخطابيات لعوام الناس، {وَجَادِلْهُمْ} أي من يخالف فيها، وقد تواترت الأخبار بفضائله، وكثرة علومه، وقد تقدم في مناقب عمر سؤاله أشياخ بدر عن معنى قوله تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ} [النصر:1] مع صغره لم يرض عمر جواب غيره، وفي بعض الروايات أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "اللهم بارك فيه وانشر منه، واجعله من عبادك الصالحين" فقد نشر الله علمه في الآفاق ناهيك أن اسمه بحر هذه الأمة، وحبرها من غير مدافع، قال حسان بن ثابت فيه أبياتًا: إذا ما ابن عباس بدا لك وجهه ... رأيت له في كل أحواله فضلًا إذا قال لم يترك مقالًا لقائل ... بملتقطات لا ترى بينها فصلا نفاه ابن الزبير وأخاه عبيد الله إلى الطائف، وذلك أن عبد الله بن صفوان بن أمية مر يومًا على باب بيت عبد الله بن عباس فرأى جماعة يستفتون، ومر على دار أخيه عبيد الله فوافى جماعة تتناول الطعام منه، ويسألون معروفه، فدخل على ابن الزبير وأنشده قول الشاعر: وإن تُصبك من الأيام قارعة ... لم أبك منك على دنيا ولا دين فقال: ما ذاك يا أعرج، فقال: عبد الله بن عباس يفقه الناس، وأخوه يطعم الناس فما أسألك مكرمة، فأرسل إليهما أن أخرجا من مكة وإلا فعلت وفعلت، قال ابن عباس لرسوله: قل لابن الزبير: نحن ما يأتينا إلا رجلان: رجل يطلب معروفًا، أو يطلب فقهًا فأي: هذا منع؟ ومات بالطائف رضي الله عنه، وكان قد عمي، ونقل ابن عبد البر كلامًا، وكنت أسمعه ولا أصدقه، وذلك أن ابن عباس رأى جبريل فسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من هذا؟ فقال: "رأَيْتَه"؟ قال: نعم، قال "ذاك جبريل وستكون أعمى"، وهذا الذي قالوه إن كان لرؤية جبريل، فقد

27 - باب مناقب خالد بن الوليد رضى الله عنه

27 - باب مَنَاقِبُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ رضى الله عنه 3757 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ وَاقِدٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَعَى زَيْدًا وَجَعْفَرًا وَابْنَ رَوَاحَةَ لِلنَّاسِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَهُمْ خَبَرُهُمْ، فَقَالَ «أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَ جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَ ابْنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ - وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ - حَتَّى أَخَذَ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ». طرفه 1246 ـــــــــــــــــــــــــــــ رآه ناس كثيرون، رأته أم سلمة، وفي حديث السؤال عن الإيمان رآه عمر وخلق كثير والله أعلم. مناقب خالد بن الوليد 3757 - ابن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم, أمه لبابة الصغرى بنت الحارث أخت ميمونة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- , يكنى أبا سليمان من أشرف قريش، كان في الجاهلية إليه القبة والأعنة، أما القبة فكانوا يضربون قبة يجمعون فيها ما يجهزون به الجيش، وأما الأعنة أرباب الخيل، وكان على الأعنة مع المشركين يوم أحد، وعلى الأعنة يوم الفتح مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- , واختُلف في وقت إسلامه اختلافًا كثيرًا، قال ابن عبد البر: لا يصح له مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مشهد إلا الفتح وما بعده، أسلم هو [و] عمرو بن العاص وعثمان بن أبي شيبة وهاجروا، فلما رآهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "رمتكم مكة بأفلاذ كبدها" لأنهم كانوا رؤساء مشاهير، وجعله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الأعنة، وكان يوم حنين مقدمة الجيش مع بني سُلَيم، وكان فتح مؤتة على يده، وقتل مسيلمة وأكثر المرتدين وفتح الشام، وسماه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: سيف الله وفضائله لا تعد فلا نطول الكلام فيها، فلما حضره الموت قال: لقد شهدت مئة زحف وما في جسدي موضع شبر إلا وفيه ضربة أو طعنة أو رمية، ثم أنا أموت على فراشي كما يموت العَيْر فلا نامت أعين الجبناء، مات بحمص في خلافة عمر، وقيل: مات بالمدينة والأول هو المتواتر، له مزار معروف، زرناه رضي الله عنه، ولما جاء نعيه بكت عليه نساء قومه، فقيل لعمر، فقال: ما عليهن أن يبكين أبا سليمان ما لم يكن نقع أو لقلقة. ونقل ابن عبد البر أنه لم تبق امرأة من بني المغيرة إلا وضعت لمتها على قبره أي: حلقت رأسها.

28 - باب مناقب سالم مولى أبى حذيفة رضى الله عنه

28 - باب مَنَاقِبُ سَالِمٍ مَوْلَى أَبِى حُذَيْفَةَ رضى الله عنه 3758 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ ذُكِرَ عَبْدُ اللَّهِ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، فَقَالَ ذَاكَ رَجُلٌ لاَ أَزَالُ أُحِبُّهُ بَعْدَ مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «اسْتَقْرِئُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، فَبَدَأَ بِهِ، وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِى حُذَيْفَةَ، وَأُبَىِّ بْنِ كَعْبٍ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ». قَالَ لاَ أَدْرِى بَدَأَ بِأُبَىٍّ أَوْ بِمُعَاذٍ. أطرافه 3760، 3806، 3808، 4999 29 - باب مَنَاقِبُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضى الله عنه ـــــــــــــــــــــــــــــ مناقب سالم مولى أبي حذيفة قال ابن عبد البر: هو مولى بنت يعار زوج أبي حذيفة أعتقته، فتبناه أبو حذيفة وزوجه بنت أخيه، وأصله من الفرس، يعد في المهاجرين؛ لأنه هاجر من مكة وكان يؤم المهاجرين، ويعد في الأنصار؛ لأن سيدته من الأنصار، قال ابن عبد البر: قال عمر لما طُعن: لو كان سالم حيًّا ما جعلت الخلافة شورى، على معنى أنه مفوض إليه من يختاره، وإلا فهو من الموالي، والأئمة من قريش، قتل شهيدًا هو وأبو حذيفة في قتال مسيلمة وُجدَ رأسُ أحدهما عند رجل الآخر. 3758 - (سليمان بن حرب) ضد الصلح (عمرو بن مُرّةَ) بضم الميم وتشديد الراء. مناقب عبد الله بن مسعود ابن غافل الهذلي، وهذيل بن مدركة بن إلياس، وفي مدركة يلاقي نسب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأمه أم عبد بنت عبد ود بن سواء من هذيل، وقيل: بنت سود بن مريم، قديم الإسلام هاجر إلى الحبشة ثم إلى المدينة، مقرب الحضرة، صاحب الطهور والوساد والنعلين قال ابن عبد البر: كان يمشي أمام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويوقظه إذا نام، ويستره إذا اغتسل، وقال له: "إذنك علي إذا رفع الحجاب، وسمعت سواري" -بكسر السين- السرار في الكلام، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "رضيت لأمتي ما رضي لها ابن أم عبد، وسخطت ما سخط لها"، وقال:

3759 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ قَالَ سَمِعْتُ مَسْرُوقًا قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا وَلاَ مُتَفَحِّشًا وَقَالَ «إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَىَّ أَحْسَنَكُمْ أَخْلاَقًا». طرفه 3559 3760 - وَقَالَ «اسْتَقْرِئُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِى حُذَيْفَةَ، وَأُبَىِّ بْنِ كَعْبٍ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ». طرفه 3758 3761 - حَدَّثَنَا مُوسَى عَنْ أَبِى عَوَانَةَ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ دَخَلْتُ الشَّأْمَ فَصَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ، فَقُلْتُ اللَّهُمَّ يَسِّرْ لِى جَلِيسًا. فَرَأَيْتُ شَيْخًا مُقْبِلاً، فَلَمَّا دَنَا قُلْتُ أَرْجُو أَنْ يَكُونَ اسْتَجَابَ. قَالَ مِنْ أَيْنَ أَنْتَ قُلْتُ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ. قَالَ أَفَلَمْ يَكُنْ فِيكُمْ صَاحِبُ النَّعْلَيْنِ وَالْوِسَادِ وَالْمِطْهَرَةِ أَوَلَمْ يَكُنْ فِيكُمُ الَّذِى أُجِيرَ مِنَ الشَّيْطَانِ أَوَلَمْ يَكُنْ فِيكُمْ صَاحِبُ السِّرِّ الَّذِى لاَ يَعْلَمُهُ غَيْرُهُ كَيْفَ قَرَأَ ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ (وَاللَّيْلِ) فَقَرَأْتُ (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى * وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى). قَالَ أَقْرَأَنِيهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَاهُ إِلَى فِىَّ، فَمَا زَالَ هَؤُلاَءِ حَتَّى كَادُوا يَرُدُّونِى. طرفه 3287 ـــــــــــــــــــــــــــــ "من أحب أن يقرأ القرآن غضًّا فليقرأ على قراءة ابن أم عبد". وكان يقول: لست بخير أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولكن ما نزلت آيةٌ إلا وأنا أعلم متى نزلت، وفيم نزلت، ولو أعلم [أحدًا أعلم] مني بكتاب الله تبلغه الإبل لأتيته، مات في خلافة عثمان في المدينة، وأوصى إلى الزبير أن يدفنه بالليل، ويصلي عليه، وقيل: صلى عليه عثمان، وهو الذي حز رأس أبي جهل يوم بدر. 3759 - (إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يكن فاحشًا) أي: في كلامه في جبلته (ولا متفحشًا) أي: تكلف. 3760 - (ومعاذ بن جبل) جزم بتقديمه على أبىّ في هذا الطريق، ورواه أولًا على الشك، كأنه يذكر بعد النسيان، أو بالعكس. 3761 - (موسى عن أبي عوانة) -بفتح العين- وحديث علقمة مع أبي الدرداء مر مرارًا.

30 - باب ذكر معاوية رضى الله عنه

3762 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ سَأَلْنَا حُذَيْفَةَ عَنْ رَجُلٍ قَرِيبِ السَّمْتِ وَالْهَدْىِ مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى نَأْخُذَ عَنْهُ فَقَالَ مَا أَعْرِفُ أَحَدًا أَقْرَبَ سَمْتًا وَهَدْيًا وَدَلاًّ بِالنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ. طرفه 6097 3763 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِى الأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا مُوسَى الأَشْعَرِىَّ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَدِمْتُ أَنَا وَأَخِى مِنَ الْيَمَنِ، فَمَكُثْنَا حِينًا مَا نُرَى إِلاَّ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، لِمَا نَرَى مِنْ دُخُولِهِ وَدُخُولِ أُمِّهِ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 4384 30 - باب ذِكْرُ مُعَاوِيَةَ رضى الله عنه 3764 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا الْمُعَافَى عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الأَسْوَدِ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ قَالَ أَوْتَرَ مُعَاوِيَةُ بَعْدَ الْعِشَاءِ بِرَكْعَةٍ وَعِنْدَهُ مَوْلًى لاِبْنِ عَبَّاسٍ، فَأَتَى ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ دَعْهُ، فَإِنَّهُ صَحِبَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 3765 ـــــــــــــــــــــــــــــ 3762 - (سليمان بن حرب) ضد الصلح (قال حذيفة: ما أعرف أحدًا أقرب سمتًا وهديًا ودلًّا بالنبي -صلى الله عليه وسلم- من ابن أم عبد) قال ابن الأثير: السمت والدل والهدي عبارة عما عليه الإنسان من الوقار، قلت: السمت عبارة عما خلق عليه الإنسان من تناسب الأعضاء، والدَّلُّ: -بفتح الدال، وتشديد اللام- وكذا الدلال: حسن الشمائل والمنظر، والهدي: ما يتعلق بالديانة. ذكر معاوية 3763 - هو ابن أبي سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس، واسم أبي سفيان صخر. 3764 - (الحسن بن بِشْر) بكسر الموحدة وشين معجمة، (ابن أبي مليكة) -بضم الميم- مصغر، وأبيه عبد الله بن عبيد الله.

31 - باب مناقب فاطمة عليها السلام

3765 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنِى ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ قِيلَ لاِبْنِ عَبَّاسٍ هَلْ لَكَ فِي أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مُعَاوِيَةَ، فَإِنَّهُ مَا أَوْتَرَ إِلاَّ بِوَاحِدَةٍ. قَالَ إِنَّهُ فَقِيهٌ. طرفه 3764 3766 - حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى التَّيَّاحِ قَالَ سَمِعْتُ حُمْرَانَ بْنَ أَبَانَ عَنْ مُعَاوِيَةَ - رضى الله عنه - قَالَ إِنَّكُمْ لَتُصَلُّونَ صَلاَةً لَقَدْ صَحِبْنَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَمَا رَأَيْنَاهُ يُصَلِّيهَا، وَلَقَدْ نَهَى عَنْهُمَا، يَعْنِى الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ. طرفه 587 31 - باب مَنَاقِبُ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلاَمُ وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «فَاطِمَةُ سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ». 3767 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّى، فَمَنْ أَغْضَبَهَا أَغْضَبَنِى». طرفه 926 ـــــــــــــــــــــــــــــ 3766 - (عن أبي التَيّاح) بفتح الفوقانية وتشديد التحتانية، اسمه يزيد، لم ينقل عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيئًا في مناقب معاوية سوى أن ابن عباس قال: إنه فقيه، والظاهر أن ابن عباس إنما قال هذا الكلام تقية؛ لأن ابن عباس من أعظم أصحاب علي، بل كان وزيرًا له ومشيرًا. باب مناقب فاطمة رضي الله عنها أصغر بنات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الأصح، وأحب الخلق إليه، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "فاطمة سيدة نساء أهل الجنة" سلف الحديث في آخر باب علامات النبوة، وقد أشرنا أن في بعض الروايات مقيد بما عدا مريم. 3767 - (المسوّر بن مَخْرَمَة) بكسر الميم في الأول وفتحه في الثاني (فاطمة بَضعة مني) -بفتح الباء وقد يقال بالكسر- القطعة من اللحم، وللحاكم: "مُضغة" -بضم الميم

32 - باب فضل عائشة رضى الله عنها

32 - باب فَضْلِ عَائِشَةَ رضى الله عنها 3768 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَبُو سَلَمَةَ إِنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمًا «يَا عَائِشَ، هَذَا جِبْرِيلُ يُقْرِئُكِ السَّلاَمَ». فَقُلْتُ وَعَلَيْهِ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، تَرَى مَا لاَ أَرَى. تُرِيدُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 3217 3769 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ وَحَدَّثَنَا عَمْرٌو أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ مُرَّةَ عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «كَمَلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، وَفَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ». طرفه 3411 ـــــــــــــــــــــــــــــ وغين معجمة- مقدار ما يمضغ من اللحم، قال السهيلي: من صلى على فاطمة فقد صلى على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ لأن فاطمة قطعة من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-قلت: ومن صلى على الحسن والحسين، فقد صلى على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنهما قطعة من تلك البضعة. باب فضل عائشة رضي الله عنها الصديقة بنت الصديق، أجود النساء وأفقههن، لم يتزوج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بكرًا غيرها، تزوجها وهي بنت ست سنين، وزفت إليه وهي بنت ثمان أو تسع، وتوفي عنها وهي بنت ثمان عشرة. 3768 - (بُكير) بضم الباء، مصغر (قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يومًا: يا عائش)، يجوز فيه الضم والفتح (هذا جبريل يُقرئكِ السلام) -بضم الياء- من الإقراء، قال ابن الأثير: معناه الحمل على رد السلام، فإن الرد كما يجب على من سلمت عليه يجب على من بلغه سلام من غائب، قالوا: وكذا إذا كتب إليه السلام في كتاب، فإذا قرأ المكتوب إليه يجب عليه الرد. 3769 - (عمرو بن مرة) بضم الميم وتشديد الراء (كمل من الرجال كثير) -بفتح الميم وضمها- الكمال: بلوغ الشيء إلى غاية ما يمكن في نوعه، وهو أيضًا يتفاوت في أفراده بحسب القابلية (ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران، وآسية امرأة فرعون) لم يذكر في هذه الرواية خديجة بنت خويلد (وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على الطعام) أي:

3770 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى الطَّعَامِ». طرفاه 5419، 5428 3771 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّ عَائِشَةَ اشْتَكَتْ، فَجَاءَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، تَقْدَمِينَ عَلَى فَرَطِ صِدْقٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَعَلَى أَبِى بَكْرٍ. طرفاه 4753، 4754 3772 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ قَالَ لَمَّا بَعَثَ عَلِىٌّ عَمَّارًا وَالْحَسَنَ إِلَى الْكُوفَةِ لِيَسْتَنْفِرَهُمْ خَطَبَ عَمَّارٌ فَقَالَ إِنِّى لأَعْلَمُ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَلَكِنَّ اللَّهَ ابْتَلاَكُمْ لِتَتَّبِعُوهُ أَوْ إِيَّاهَا. طرفاه 7100، 7101 ـــــــــــــــــــــــــــــ على سائر أنواعه، والحديث سلف، وأشرنا إلى أن اللفظ ظاهر في الاستغراق؛ لأنه ذكره بعدما تقدم ذكره من فضلهن على سائر النساء، لكن الفضل من كل الوجه فيه إشكال؛ لأن فاطمة بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بضعةٌ منه، وقد نقلنا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- استثنى مريم، قال: "فاطمة سيدة نساء أهل الجنة ما عدا مريم". 3770 - 3771 - (بَشّار) بفتح الباء وتشديد الشين (أن عائشة شكت) أي: مرضت (فجاء ابن عباس فقال يا أم المؤمنين تَقْدَمِين على فرط صدق) قد أشرنا سابقًا أن الفرط من يتقدم القوم إلى المنزل لتهيئة الأسباب، وأضافه إلى الصدق للقطع بوقوعه. 3772 - (لما بعث علي عمارًا والحسن إلى الكوفة يستنفرهم) أي: يطلبهم إلى قتال عائشة وطلحة والزبير (خطب عمار فقال: إني لأعلم أنها زوجته في الدنيا والآخرة) لقوله

3773 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها أَنَّهَا اسْتَعَارَتْ مِنْ أَسْمَاءَ قِلاَدَةً فَهَلَكَتْ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَاسًا مِنْ أَصْحَابِهِ فِي طَلَبِهَا، فَأَدْرَكَتْهُمُ الصَّلاَةُ، فَصَلَّوْا بِغَيْرِ وُضُوءٍ، فَلَمَّا أَتَوُا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - شَكَوْا ذَلِكَ إِلَيْهِ، فَنَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ. فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ جَزَاكِ اللَّهُ خَيْرًا، فَوَاللَّهِ مَا نَزَلَ بِكِ أَمْرٌ قَطُّ إِلاَّ جَعَلَ اللَّهُ لَكِ مِنْهُ مَخْرَجًا، وَجَعَلَ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ بَرَكَةً. طرفه 334 3774 - حَدَّثَنِى عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا كَانَ فِي مَرَضِهِ، جَعَلَ يَدُورُ فِي نِسَائِهِ وَيَقُولُ «أَيْنَ أَنَا غَدًا أَيْنَ أَنَا غَدًا». حِرْصًا عَلَى بَيْتِ عَائِشَةَ، قَالَتْ عَائِشَةُ فَلَمَّا كَانَ يَوْمِى سَكَنَ. 3775 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ كَانَ النَّاسُ يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ قَالَتْ عَائِشَةُ فَاجْتَمَعَ صَوَاحِبِى إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَقُلْنَ يَا أُمَّ سَلَمَةَ، وَاللَّهِ إِنَّ النَّاسَ يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ، وَإِنَّا نُرِيدُ ـــــــــــــــــــــــــــــ تعالى في آية التخيير: {وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا (29)} [الأحزاب: 29]. 3773 - (عُبيد) مصغر (أبو أسامة) -بضم الهمزة- حماد بن أسامة، وحديث ضياع القلادة سلف، وموضع الدلالة قول أُسيد بن حضير (فوالله ما نزل بك أمر قط) تكرهينه (إلا جعل الله لك منه مخرجًا وللمسلمين فيه بركة) وكذا حديث عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مرضه كان يقول: 3774 - (أين أنا غدًا حرصًا على يوم عائشة) وفيه فضل ظاهر لها. 3775 - (وكان الناس يتحرّون بهداياهم يوم عائشة) أي: يتقصدون ليكون عيش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك اليوم هنيئًا، اشتقاقه من الحري على وزن الغني معناه: اللباقة والخلاقة

الْخَيْرَ كَمَا تُرِيدُهُ عَائِشَةُ، فَمُرِى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَأْمُرَ النَّاسَ أَنْ يُهْدُوا إِلَيْهِ حَيْثُ مَا كَانَ أَوْ حَيْثُ مَا دَارَ، قَالَتْ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ أُمُّ سَلَمَةَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ فَأَعْرَضَ عَنِّى، فَلَمَّا عَادَ إِلَىَّ ذَكَرْتُ لَهُ ذَاكَ فَأَعْرَضَ عَنِّى، فَلَمَّا كَانَ فِي الثَّالِثَةِ ذَكَرْتُ لَهُ فَقَالَ «يَا أُمَّ سَلَمَةَ لاَ تُؤْذِينِى فِي عَائِشَةَ، فَإِنَّهُ وَاللَّهِ مَا نَزَلَ عَلَىَّ الْوَحْىُ وَأَنَا فِي لِحَافِ امْرَأَةٍ مِنْكُنَّ غَيْرِهَا». طرفه 2574 ـــــــــــــــــــــــــــــ لأنه المطلوب بالعطاء. (واللهِ ما نزل الوحي علي وأنا في لحاف امرأة منكن غيرها) ولا منقبة فوق هذا، وإنما قدّمن أم سلمة؛ لأنها كانت ذات جمال وعزة. ـــــــــــــــــــــــــــــ

الْكَوْثَرُ الْجَارِي إلى رِيَاض أحَادِيثِ البُخَارِيّ [7]

حُقُوق الطَّبْع مَحْفُوظَة الطبعة الأولى 1429 هـ - 2008 م مؤسسة التَّارِيخ الْعَرَبِيّ للطباعة والنشر والتوزيع العنوان الْجَدِيد بيروت - طَرِيق المطار - خلف غولدن بلازا هَاتِف: 540000/ 01 - 455559/ 01 فاكس: 850717 - ص. ب: 7957/ 11

63 - كتاب مناقب الأنصار

63 - كتاب مناقب الأنصار 1 - باب مَنَاقِبُ الأَنْصَارِ (وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا). ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب مناقب الأنصار مناقب الأنصار {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ} [الحشر: 9] والأنصار صار علمًا للذين نصروا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد الهجرة، وهم الأوس والخزرج ومن كان حليفًا لهم من أولاد قحطان لما خَرب السيلُ بلادَ اليمن تفرقوا، وفي المثل: تفرقوا أيدي سبأ. هم أولاد سبأ بن يشجب، وقد قال الله تعالى في شأنهم: {وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ} [سبأ: 19]. وقد أثنى الله على الأنصار بعد مناقب المهاجرين عطفًا عليهم بقوله: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ} [الحشر: 9] قال صاحب "الكشاف": معناه تبوءوا الدار وأخلصوا الإيمان، كقول الشاعر: علفتها تبنًا وماءً باردًا أو التقدير: جعلوا الإيمان مستقرًا ومستوطنًا بفتح القاف والطاء، لتمكنهم منه واستقامتهم عليه كما جعلوا المدينة كذلك، أو دار الهجرة والإيمان، قلت: الأوجه الثلاثة وجوه حسنة إلا أنّ هنا وجهًا آخر أحسن منها، وهو أن يقدر: ونصروا الإيمان أي أهل الإيمان، فإن الكلام في الأنصار الذين نصروا الدين وأظهروه، ألا ترى إلى قوله تعالى:

3776 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا مَهْدِىُّ بْنُ مَيْمُونٍ حَدَّثَنَا غَيْلاَنُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ قُلْتُ لأَنَسٍ أَرَأَيْتَ اسْمَ الأَنْصَارِ كُنْتُمْ تُسَمَّوْنَ بِهِ، أَمْ سَمَّاكُمُ اللَّهُ قَالَ بَلْ سَمَّانَا اللَّهُ، كُنَّا نَدْخُلُ عَلَى أَنَسٍ فَيُحَدِّثُنَا مَنَاقِبَ الأَنْصَارِ وَمَشَاهِدَهُمْ، وَيُقْبِلُ عَلَىَّ أَوْ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الأَزْدِ فَيَقُولُ فَعَلَ قَوْمُكَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا. طرفه 3844 3777 - حَدَّثَنِى عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ يَوْمُ بُعَاثَ يَوْمًا قَدَّمَهُ اللَّهُ لِرَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدِ افْتَرَقَ مَلَؤُهُمْ، وَقُتِلَتْ سَرَوَاتُهُمْ، وَجُرِّحُوا، فَقَدَّمَهُ اللَّهُ لِرَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي دُخُولِهِمْ فِي الإِسْلاَمِ. طرفاه 3846، 3930 ـــــــــــــــــــــــــــــ {وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [الحشر: 8]، وأحسن من هذا الوجه وجه آخر، وهو أن يقدر مظهر الإيمان ومنشؤه أي: رسول الله - صلى الله عليه وسلم أو لا يقدر شيء، ويراد بالإيمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم مبالغة، كقولهم: رجل عدل، هكذا ينبغي أن يحقق المقام بإلهام الملك العلام. 3776 - (غيلان بن جرير) بن عبد الله البجلي من سادات اليمن وسراتها تأتي مناقبه إن شاء الله، ويذكر هناك بقية أحواله. سُئل أنس عن هذا الاسم هل هم سموا أنفسهم بذلك افتخارًا أم شيء من عند الله، فقال: بل من عند الله. صدق والله قال تعالى: {مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ} [التوبة: 100] وفي موضع آخر {آوَوْا وَنَصَرُوا} [الأنفال: 72] (ويقبل علي أو على رجل من الأزد) -بفتح الهمزة- من عرب اليمن، والأزد أيضًا طوائف، قال الجوهري: أزد سراة وأزد شنوءة وأزد عمان، والأوس والخزرج منهم. 3777 - (كان يوم بعاث يومًا قدمه الله لرسوله - صلى الله عليه وسلم -) معناه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان سببًا لتأليفهم، إذ لو لم يأت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان من المحال أن يرتفع القتال، وإليه يشير قوله تعالى خطابًا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ} [الأنفال: 63] وقيل: معناه أن في ذلك اليوم قُتِلت سرواتهم فلو كانوا موجودين لاستنكفوا عن الإسلام وليس بشيء؛ إذ أولادهم خير منهم، وقد آمنوا [حق] إيمان (افترق مَلَؤهم) مَلأ القوم أشرافهم (وقُتِلَت سرواتهم) جمع سراة، جمع سري وهو سيد القوم المتقدم عليهم.

2 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - «لولا الهجرة لكنت من الأنصار»

3778 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى التَّيَّاحِ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا - رضى الله عنه - يَقُولُ قَالَتِ الأَنْصَارُ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ - وَأَعْطَى قُرَيْشًا - وَاللَّهِ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْعَجَبُ، إِنَّ سُيُوفَنَا تَقْطُرُ مِنْ دِمَاءِ قُرَيْشٍ، وَغَنَائِمُنَا تُرَدُّ عَلَيْهِمْ. فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَدَعَا الأَنْصَارَ قَالَ فَقَالَ «مَا الَّذِى بَلَغَنِى عَنْكُمْ». وَكَانُوا لاَ يَكْذِبُونَ. فَقَالُوا هُوَ الَّذِى بَلَغَكَ. قَالَ «أَوَلاَ تَرْضَوْنَ أَنْ يَرْجِعَ النَّاسُ بِالْغَنَائِمِ إِلَى بُيُوتِهِمْ، وَتَرْجِعُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى بُيُوتِكُمْ لَوْ سَلَكَتِ الأَنْصَارُ وَادِيًا أَوْ شِعْبًا، لَسَلَكْتُ وَادِىَ الأَنْصَارِ أَوْ شِعْبَهُمْ». طرفه 3146 2 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْلاَ الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ مِنَ الأَنْصَارِ» قَالَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 3779 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَوْ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ أَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ 3778 - (أبي التَيَّاح) -بفتح الفوقانية وتشديد التحتانية- اسمه يزيد (قالت الأنصار: والله إن هذا لهو العجب. إن سيوفنا تقطر من دماء قريش) أصله: إن دماء قريش تقطر من سيوفنا، وفي القلب مبالغة حسنة، فإن أكثر صناديد قريش قتل على يد الأنصار (وإن غنائمنا ترد عليهم) فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آثر في غنائم حنين أبا سفيان وأمثاله من المؤلفة، والمراد من الغنائم خمس الغنائم (لو سلكت الأنصار واديًا أو شِعبًا) -بكسر الشين- الطريق بين الجبلين، بالغ في إيثارهم على سائر الناس بما ضرب من المثل لهم. باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لولا الهجرة لكنت رجلًا من الأنصار" لولا هذه امتناعية تدل على امتناع الثاني لوجود الأول، أي: لولا أني مهاجر لا يمكنني أن أكون من الأنصار، لجعلت نفسي معدودًا منهم، وفيه دلالة على فضل المهاجرين على الأنصار، وكذلك وقع في كلامه تعالى، قدم المهاجرين على الأنصار حيث ذكرهم، ومن حيث المعنى أيضًا فإن ترك الوطن أشق شيء على النفس. 3779 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (زياد) بالزاي بعده الياء.

3 - باب إخاء النبى - صلى الله عليه وسلم - بين المهاجرين والأنصار

الأَنْصَارَ سَلَكُوا وَادِيًا أَوْ شِعْبًا، لَسَلَكْتُ فِي وَادِى الأَنْصَارِ، وَلَوْلاَ الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنَ الأَنْصَارِ». فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ مَا ظَلَمَ بِأَبِى وَأُمِّى، آوَوْهُ وَنَصَرُوهُ. أَوْ كَلِمَةً أُخْرَى. طرفه 7244 3 - باب إِخَاءُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ 3780 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ لَمَّا قَدِمُوا الْمَدِينَةَ آخَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، قَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنِّى أَكْثَرُ الأَنْصَارِ مَالاً فَأَقْسِمُ مَالِى نِصْفَيْنِ، وَلِى امْرَأَتَانِ، فَانْظُرْ أَعْجَبَهُمَا إِلَيْكَ فَسَمِّهَا لِى أُطَلِّقْهَا، فَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَتَزَوَّجْهَا. قَالَ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ، أَيْنَ سُوقُكُمْ فَدَلُّوهُ عَلَى سُوقِ بَنِى قَيْنُقَاعَ، فَمَا انْقَلَبَ إِلاَّ وَمَعَهُ فَضْلٌ مِنْ أَقِطٍ وَسَمْنٍ، ثُمَّ تَابَعَ الْغُدُوَّ، ثُمَّ جَاءَ يَوْمًا وَبِهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَهْيَمْ». قَالَ تَزَوَّجْتُ. قَالَ «كَمْ سُقْتَ إِلَيْهَا». قَالَ نَوَاةً مِنْ ذَهَبٍ. أَوْ وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ، شَكَّ إِبْرَاهِيمُ. طرفه 2048 ـــــــــــــــــــــــــــــ (قال أبو هريرة: ما ظلم بأبي وأمي) أي: مفديٌ بأمي وأبي، أي: ما نقص من حق الأنصار شيئًا حيث مدح الأنصار. باب إخاء النبي - صلى الله عليه وسلم - بين المهاجرين والأنصار الإخاء مصدر كالمؤاخاة، وفي هذا الإخاء كان حكمه من وجوه: الأول: أن المهاجرين لم يكن لهم مال ومأوى ويشاركون الأنصار في ذلك بعد الإخاء، الثاني: زيادة الإلفة والمحبة، الثالث: أن يكون بعضهم يشد بعضًا في الحروب. ألا ترى إلى كلام سعد بن الربيع، كيف أراد أن يشارك عبد الرحمن بن عوف في الأهل والمال. 3780 - (بني قينقاع) بقافين بينهما نون ساكنة طائفة من اليهود من نسل يوسف الصديق صلوات الله عليه، منهم عبد الله بن سلام (ثم تابع الغدو) أي استمر على الذهاب إلى ذلك السوق للمكث (ثم جاء يومًا وبه أثر الصفرة) أي أثر الخلوق فإنهم كانوا يفعلون ذلك في الأفراح (فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: مَهْيَم) على وزن مريم كلمة يمانية أي: ما أمرك (قال تزوجت قال: ما سقت إليها) أي: من المهر (قال: نواة من ذهب) قال ابن الأثير: النواة اسمٌ لخمسة

3781 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّهُ قَالَ قَدِمَ عَلَيْنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَآخَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، وَكَانَ كَثِيرَ الْمَالِ، فَقَالَ سَعْدٌ قَدْ عَلِمَتِ الأَنْصَارُ أَنِّى مِنْ أَكْثَرِهَا مَالاً، سَأَقْسِمُ مَالِى بَيْنِى وَبَيْنَكَ شَطْرَيْنِ، وَلِى امْرَأَتَانِ، فَانْظُرْ أَعْجَبَهُمَا إِلَيْكَ فَأُطَلِّقُهَا، حَتَّى إِذَا حَلَّتْ تَزَوَّجْتَهَا. فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ. فَلَمْ يَرْجِعْ يَوْمَئِذٍ حَتَّى أَفْضَلَ شَيْئًا مِنْ سَمْنٍ وَأَقِطٍ، فَلَمْ يَلْبَثْ إِلاَّ يَسِيرًا، حَتَّى جَاءَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَعَلَيْهِ وَضَرٌ مِنْ صُفْرَةٍ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَهْيَمْ». قَالَ تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ. فَقَالَ «مَا سُقْتَ فِيهَا». قَالَ وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ، أَوْ نَوَاةً مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ «أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ». طرفه 2049 3782 - حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَبُو هَمَّامٍ قَالَ سَمِعْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَتِ الأَنْصَارُ اقْسِمْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ النَّخْلَ. قَالَ «لاَ». قَالَ يَكْفُونَا الْمَئُونَةَ وَتُشْرِكُونَا فِي التَّمْرِ. قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا. طرفه 2325 ـــــــــــــــــــــــــــــ دراهم كالأوقية لأربعين درهمًا والنش بالنون وشين معجمة مشددة لعشرين، وقيل أراد ذهبًا قيمته خمسة دراهم، وأنكره أبو عبيد قال الأزهري: لا أدري لم أنكر أبو عبيد ولفظ الحديث نواة من ذهب يدل على أنه كان ذهبًا. 3781 - (جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليه وضرٌ) الوضر -بفتح الواو والضاد المعجمة- الأثر، والمراد به في الحديث اللطخ من الخلوق كما تقدم (أولِمْ ولو بشاة) الوليمة: طعام العرس، وقوله: "ولو بشاة" يدل على أن هذا أقل ما يكون، والأمر فيه للندب.

4 - باب حب الأنصار من الإيمان

4 - باب حُبُّ الأَنْصَارِ من الإيمان 3783 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى عَدِىُّ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَوْ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الأَنْصَارُ لاَ يُحِبُّهُمْ إِلاَّ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يُبْغِضُهُمْ إِلاَّ مُنَافِقٌ، فَمَنْ أَحَبَّهُمْ أَحَبَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ أَبْغَضَهُ اللَّهُ». 3784 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبْرٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «آيَةُ الإِيمَانِ حُبُّ الأَنْصَارِ، وَآيَةُ النِّفَاقِ بُغْضُ الأَنْصَارِ». طرفه 17 5 - باب قَوْلُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لِلأَنْصَارِ «أَنْتُمْ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَىَّ» 3785 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ رَأَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - النِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ مُقْبِلِينَ - قَالَ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ مِنْ عُرُسٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب حب الأنصار من الإيمان أي بعض الإيمان الكامل. 3783 - (منهال) بكسر الميم (الأنصار لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق) أي من حيث إنهم أنصار دين الله، فلا ينافي العداوة من وجه آخر ألا ترى أن عمر لما كان يوم السقيفة وثب الناس على سعد بن عبادة، وقال رجلٌ قتلهم سعدًا، قال: قتله الله. 3784 - (عن عبد الله بن جبر) بفتح الجيم وسكون الباء. باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - للأنصار: "أنتم أحب الناس إلي" أي: من أحب الناس إذ لا شك أن فاطمة وأولادها أحب، وقد سلف في حديث عمرو بن العاص أنه سأله عن أحب الناس إليه فقال: "أبو بكر" وقال من النساء؟ قال: "عائشة" ودل عليه أيضًا الرواية بعده بإظهار مِن. 3785 - (رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - النساء والصبيان) أي: من الأنصار (مقبلين من عرس) أي

6 - باب أتباع الأنصار

فَقَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مُمْثِلاً، فَقَالَ «اللَّهُمَّ أَنْتُمْ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَىَّ». قَالَهَا ثَلاَثَ مِرَارٍ. طرفه 5180 3786 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كَثِيرٍ حَدَّثَنَا بَهْزُ بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى هِشَامُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَعَهَا صَبِىٌّ لَهَا، فَكَلَّمَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ، إِنَّكُمْ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَىَّ». مَرَّتَيْنِ. طرفاه 5234، 6645 6 - باب أَتْبَاعُ الأَنْصَارِ 3787 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو سَمِعْتُ أَبَا حَمْزَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَتِ الأَنْصَارُ {يَا رَسُولَ اللَّهِ} لِكُلِّ نَبِىٍّ أَتْبَاعٌ، وَإِنَّا قَدِ اتَّبَعْنَاكَ، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَ أَتْبَاعَنَا مِنَّا. فَدَعَا بِهِ. فَنَمَيْتُ ذَلِكَ إِلَى ابْنِ أَبِى لَيْلَى. قَالَ قَدْ زَعَمَ ذَلِكَ زَيْدٌ. طرفه 3788 ـــــــــــــــــــــــــــــ راجعين إلى بيوتهم (فقام مُمثلًا) قال ابن الأثير: روي بكسر الميم المشددة وفتحها أي: منتصبًا، قال وفيه نظر من جهة الصرف. قلت: الذي ذكره أهل اللغة: مثل يمثل مخففًا، إذا انتصب قائمًا، والذي في الحديث محمول على المبالغة، وأما النظر الذي ذكره في فتح الميم فليس بوارد؛ لأنه أراد المبالغة، كأنه مثله غيره، وروي "فتمثَّل" على وزن تفعّل. باب أَتباع الأنصار بفتح الهمزة، جمع تابع، كأنصار في ناصر. 3787 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (غُندَر) بضم الغين وفتح الدال (أبا حمزة) -بالحاء المهملة- هو طلحة بن يزيد مولى لقرظة بن كعب الأَنصاري (قالت الأنصار: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لكل نبي أتباع) المراد النصرة والقيام معه في أول أمره، وإلا فكل من آمن به إلى يوم القيامة فهو من أتباعه (فادع الله أن يجعل أتباعنا منا) أي في الشرف والرتبة (فدعا به) أي سأل الله أن يجعل أتباع الأنصار منهم (فنميت إلى ابن أبي ليلى) عبد الرحمن، هو المراد عند أهل الحديث، يقال: نمى الحديث -بتخفيف النون- إذا رفعه على وجه الإصلاح، وبالتشديد إذا رفعه على وجه الإفساد (فقال قد زعم ذلك زيد) قد أشرنا إلى أن الزعم يستعمل

7 - باب فضل دور الأنصار

3788 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا حَمْزَةَ - رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ - قَالَتِ الأَنْصَارُ إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ أَتْبَاعًا، وَإِنَّا قَدِ اتَّبَعْنَاكَ، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَ أَتْبَاعَنَا مِنَّا. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اللَّهُمَّ اجْعَلْ أَتْبَاعَهُمْ مِنْهُمْ». قَالَ عَمْرٌو فَذَكَرْتُهُ لاِبْنِ أَبِى لَيْلَى. قَالَ قَدْ زَعَمَ ذَاكَ زَيْدٌ. قَالَ شُعْبَةُ أَظُنُّهُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ. طرفه 3787 7 - باب فَضْلُ دُورِ الأَنْصَارِ 3789 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِى أُسَيْدٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «خَيْرُ دُورِ الأَنْصَارِ بَنُو النَّجَّارِ، ثُمَّ بَنُو عَبْدِ الأَشْهَلِ، ثُمَّ بَنُو الْحَارِثِ بْنِ خَزْرَجٍ، ثُمَّ بَنُو سَاعِدَةَ، وَفِى كُلِّ دُورِ الأَنْصَارِ خَيْرٌ». فَقَالَ سَعْدٌ مَا أَرَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - إِلاَّ قَدْ فَضَّلَ عَلَيْنَا فَقِيلَ قَدْ فَضَّلَكُمْ عَلَى كَثِيرٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ في القول المحقق، وزيد بن أرقم صحابي مكرم، وقد قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين نقل كلام ابن سلول: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، وأنكر ابن أبَيّ ونزل قوله تعالى: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ} [المنافقون: 1] "أوفى الله بأُذنك يا غلام". فيبعد أن يكون ابن أبي ليلى نسبه إلى الشبهة لكون زيد من الأنصار. 3788 - (عمرو بن مُرّة) بضم الميم وتشديد الراء. باب فضل دُوْر الأنصار 3789 - الدور جمع الدار وهي المحلة، قال ابن الأثير: والمراد القبائل لا الأماكن، ألا ترى إلى قوله: (خير دور الأنصار بنو النجار) على طريقة الحمل، والمراد به الفضل والقرب من الله تعالى. (بنو النجار) -بفتح النون-: هؤلاء بطن من الأوس وكذا المذكورون بعضهم من الأوس وبعضهم من الخزرج، ومما يجب التنبيه له أن هذا لا يقتضي أن يكون كل فرد من القبيلة المفضلة على الأخرى خيرًا من كل فرد من الطائفة الأخرى، ألا ترى أن سعد بن

وَقَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ سَمِعْتُ أَنَسًا قَالَ أَبُو أُسَيْدٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِهَذَا، وَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ. أطرافه 3789، 3790، 3807، 6053 3790 - حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى قَالَ أَبُو سَلَمَةَ أَخْبَرَنِى أَبُو أُسَيْدٍ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «خَيْرُ الأَنْصَارِ - أَوْ قَالَ خَيْرُ دُورِ الأَنْصَارِ - بَنُو النَّجَّارِ وَبَنُو عَبْدِ الأَشْهَلِ وَبَنُو الْحَارِثِ وَبَنُو سَاعِدَةَ». طرفه 3789 3791 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ قَالَ حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ يَحْيَى عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ عَنْ أَبِى حُمَيْدٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ خَيْرَ دُورِ الأَنْصَارِ دَارُ بَنِى النَّجَّارِ، ثُمَّ عَبْدِ الأَشْهَلِ، ثُمَّ دَارُ بَنِى الْحَارِثِ، ثُمَّ بَنِى سَاعِدَةَ، وَفِى كُلِّ دُورِ الأَنْصَارِ خَيْرٌ». فَلَحِقْنَا سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ فَقَالَ أَبَا أُسَيْدٍ أَلَمْ تَرَ أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَيَّرَ الأَنْصَارَ فَجَعَلَنَا أَخِيرًا فَأَدْرَكَ سَعْدٌ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، خُيِّرَ دُورُ الأَنْصَارِ فَجُعِلْنَا آخِرًا. فَقَالَ «أَوَلَيْسَ بِحَسْبِكُمْ أَنْ تَكُونُوا مِنَ الْخِيَارِ». طرفه 1481 ـــــــــــــــــــــــــــــ عبادة بدريٌّ عقبيٌّ أحد النقباء، ومن أهل بيعة الرضوان مع أن دار بني ساعدة فضل عليها جميع القبائل. 3790 - (أَبو سيد) -بضم الهمزة-. 3791 - وكذا (أبو حميد) كلاهما صحابي مكرم. (أوليس بحسبكم أن تكونوا من الخيار) يريد أن كونهم من الخيار نعمة يجب شكرها والزيادة فضل من الله تعالى يؤتيها من يشاء، والخيار جمع خير بالتشديد أو التخفيف منه بمعنى ذو خير وقيل: خير اسم التفضيل على غيرهم، وفيه ذهول لأن المفاضلة إنما هو بين الأنصار، فالمفضل والمفضل عليه يجب أن يكون منهم.

8 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - للأنصار «اصبروا حتى تلقونى على الحوض»

8 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لِلأَنْصَارِ «اصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِى عَلَى الْحَوْضِ» قَالَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 3792 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلاَ تَسْتَعْمِلُنِى كَمَا اسْتَعْمَلْتَ فُلاَنًا قَالَ «سَتَلْقَوْنَ بَعْدِى أَثَرَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِى عَلَى الْحَوْضِ». طرفه 7057 3793 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ هِشَامٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِلأَنْصَارِ «إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِى أَثَرَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِى، وَمَوْعِدُكُمُ الْحَوْضُ». طرفه 3146 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - للأنصار: "اصبروا حتى تلقوني علي الحوض" 3792 - 3793 - (بَشّار) بفتح الموحدة وتشديد الشين المعجمة (غُندَر) بضم الغين وفتح الدال (أُسيد بن حُضير) بضم الاسمين على وزن المصغر (أن رجلًا من الأنصار قال: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألا تستعملني كما استعملت فلانًا) أي: توليني عملًا من الأعمال (قال: ستلقون أَثَرَة بعدي) بفتح الهمزة والراء اسم من الاستئثار، وهو منع الشيء عن مستحقه. فإن قلت: كيف طابق هذا الجواب سؤاله: أن يوليه عملًا؟ قلت: أشار بهذا الكلام إلى أنه أهل لذلك، ولكن سيأتي زمان لا يعرف لهم قدرهم ولا يعطى حقهم فأمرهم بالصبر حتى يلقوه على الحوض، فإنه أول مجمع لأمته بعد الصراط، فإذا وردوا عليه تَقَدّمهم إلى الجنة كالبدر بين الأنجم، اللهم بحرمته لديك أن تجعلنا من الواردين عليه.

9 - باب دعاء النبى - صلى الله عليه وسلم - أصلح الأنصار والمهاجرة

3794 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - حِينَ خَرَجَ مَعَهُ إِلَى الْوَلِيدِ قَالَ دَعَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الأَنْصَارَ إِلَى أَنْ يُقْطِعَ لَهُمُ الْبَحْرَيْنِ. فَقَالُوا لاَ، إِلاَّ أَنْ تُقْطِعَ لإِخْوَانِنَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مِثْلَهَا. قَالَ «إِمَّا لاَ، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِى، فَإِنَّهُ سَيُصِيبُكُمْ بَعْدِى أُثْرَةٌ». طرفه 2376 9 - باب دُعَاءُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَصْلِحِ الأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَةَ 3795 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو إِيَاسٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ عَيْشَ إِلاَّ عَيْشُ الآخِرَةِ، فَأَصْلِحِ الأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَةَ». وَعَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَهُ، وَقَالَ فَاغْفِرْ لِلأَنْصَارِ. طرفه 2834 ـــــــــــــــــــــــــــــ 3794 - (دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأنصار إلى أن يُقطع لهم بالبحرين) بلد على جانب بحر فارس ويُقطع بضم الياء، الإقطاع: أن يفرز الإمام لشخص أو لطائفة أرضًا أو خراجًا، قال ابن الأثير: يكون ذلك على طريق التمليك وطريق الانتفاع، ولما أبوا الانفراد بذلك دون المهاجرين استحسن منهم ذلك، وأمرهم بالصبر إذا آثر عليهم الأمراء بعده وقوله: (إما لا) أصله وإن لا تقبلوا ذلك، ما زائدة، والمحدثون يميلون ألف لا إشارة إلى الفعل المحذوف. باب دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أصلح الأنصار والمهاجرة" 3795 - (أبو إياس) هو معاوية بن قُرّة، بضم القاف وتشديد الراء (لا عيش إلا عيش الآخرة) أي عيش كامل لأنه العيش الباقي الخالي عن الكدر، قال الشاعر: لا طِيْبَ للعيش ما دامت منغّصة ... لذاته بادكار الموت والهرم (فأصلح الأنصار والمهاجرة) أي أصلح أحوالهم في الدنيا والآخرة، أو أدخلهم في زمرة الصالحين، وفي الرواية بعده (فاغفر) وفي أخرى "أكرم" والمعاني متقاربة.

10 - باب (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة)

3796 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَتِ الأَنْصَارُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ تَقُولُ نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا عَلَى الْجِهَادِ مَا حَيِينَا أَبَدَا فَأَجَابَهُمُ اللَّهُمَّ لاَ عَيْشَ إِلاَّ عَيْشُ الآخِرَهْ فَأَكْرِمِ الأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَهْ طرفه 2834 3797 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلٍ قَالَ جَاءَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ نَحْفِرُ الْخَنْدَقَ وَنَنْقُلُ التُّرَابَ عَلَى أَكْتَادِنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اللَّهُمَّ لاَ عَيْشَ إِلاَّ عَيْشُ الآخِرَهْ فَاغْفِرْ لِلْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ». طرفاه 4098، 6414 10 - باب (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ) 3798 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ عَنْ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَبَعَثَ إِلَى نِسَائِهِ فَقُلْنَ مَا مَعَنَا إِلاَّ الْمَاءُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ يَضُمُّ، أَوْ يُضِيفُ هَذَا». فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ أَنَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ 3796 - 3797 - (ابن أبي حازم) هو عبد العزيز، وأبو حازم -بالحاء المهملة- سلمة بن دينار (حُميد) بضم الحاء مصغر (وننقل التراب على أكتادنا) -بفتح الهمزة والتاء- جمع كَتَد، على وزن فرس ما بين الكاهل والظهر. باب قول الله عز وجل: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ} [الحشر: 9] 3798 - (مسدَّد) بفتح الدال المشددة (عن فضيل بن غزوان) بضم الفاء مصغر، وغين معجمة وزاي كذلك (عن أبي حازم) -بالحاء المهملة- سلمان الأشجعي (أن رجلًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي نزل به ضيفًا ولما لم يجد في أحد بيوته ما يكون له عشاءً (قال: من يَضُمَّ أو يُضيف) الشك من الراوي (فقال رجل من الأنصار: أنا) هو أبو طلحة زيد بن سهل زوج أم

11 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - «اقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم»

فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى امْرَأَتِهِ، فَقَالَ أَكْرِمِى ضَيْفَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ مَا عِنْدَنَا إِلاَّ قُوتُ صِبْيَانِى. فَقَالَ هَيِّئِى طَعَامَكِ، وَأَصْبِحِى سِرَاجَكِ، وَنَوِّمِى صِبْيَانَكِ إِذَا أَرَادُوا عَشَاءً. فَهَيَّأَتْ طَعَامَهَا وَأَصْبَحَتْ سِرَاجَهَا، وَنَوَّمَتْ صِبْيَانَهَا، ثُمَّ قَامَتْ كَأَنَّهَا تُصْلِحُ سِرَاجَهَا فَأَطْفَأَتْهُ، فَجَعَلاَ يُرِيَانِهِ أَنَّهُمَا يَأْكُلاَنِ، فَبَاتَا طَاوِيَيْنِ، فَلَمَّا أَصْبَحَ، غَدَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «ضَحِكَ اللَّهُ اللَّيْلَةَ - أَوْ عَجِبَ - مِنْ فَعَالِكُمَا» فَأَنْزَلَ اللَّهُ (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) طرفه 4889 11 - باب قَوْلُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «اقْبَلُوا مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَتَجَاوَزُوا عَنْ مُسِيئِهِمْ» 3799 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى أَبُو عَلِىٍّ حَدَّثَنَا شَاذَانُ أَخُو عَبْدَانَ حَدَّثَنَا ـــــــــــــــــــــــــــــ سليم، وقال الخطيب: رجل يكنى أبا طلحة آخر، وقيل: ثابت بن قيس (وأصبحي سراجك) أو قدي، مأخوذ من المصباح أو الصباح (فباتا طاويين) أي: جائعين من طويت الشيء إذا ألففته لأن البطن الخالي كالمطوي (فلما أصبح كدا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ضحك الله الليلة أو عجب من فعالكما) الضحك والتعجب من الأعراض النفسانية وهما محالان عليه تعالى، والمراد لازِمُهما وهو كمال الرضا، وقبول العمل، والمخاطبون بلغاء مبدعون في أنواع المجاز، لا يخفى عليهم أمثال هذه المجازات. فإن قلت: كان إطعام الصبيان أولى لقوله: "ابدأ بنفسك ثم بمن تعول". قلت: محمول على أن الصبيان لم يكونوا مضطرين. (فأنزل الله) في شأنه: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: 9]، قال ابن الأثير: أصلها الفقر والاحتياج. باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم" الضمير للأنصار، وهو بعض حديث الباب. 3799 - (شاذان) بشين وذال معجمتين (أخو عبدان) على وزن شعبان.

أَبِى أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ مَرَّ أَبُو بَكْرٍ وَالْعَبَّاسُ - رضى الله عنهما - بِمَجْلِسٍ مِنْ مَجَالِسِ الأَنْصَارِ وَهُمْ يَبْكُونَ، فَقَالَ مَا يُبْكِيكُمْ قَالُوا ذَكَرْنَا مَجْلِسَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنَّا. فَدَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ - قَالَ - فَخَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ عَصَبَ عَلَى رَأْسِهِ حَاشِيَةَ بُرْدٍ - قَالَ - فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ وَلَمْ يَصْعَدْهُ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ «أُوصِيكُمْ بِالأَنْصَارِ، فَإِنَّهُمْ كَرِشِى وَعَيْبَتِى، وَقَدْ قَضَوُا الَّذِى عَلَيْهِمْ، وَبَقِىَ الَّذِى لَهُمْ، فَاقْبَلُوا مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَتَجَاوَزُوا عَنْ مُسِيئِهِمْ». طرفه 3801 3800 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَعْقُوبَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْغَسِيلِ سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - يَقُولُ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَعَلَيْهِ مِلْحَفَةٌ، مُتَعَطِّفًا بِهَا عَلَى مَنْكِبَيْهِ، وَعَلَيْهِ عِصَابَةٌ دَسْمَاءُ حَتَّى جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ، أَيُّهَا النَّاسُ، فَإِنَّ النَّاسَ يَكْثُرُونَ وَتَقِلُّ الأَنْصَارُ، حَتَّى يَكُونُوا كَالْمِلْحِ فِي الطَّعَامِ، فَمَنْ وَلِىَ مِنْكُمْ أَمْرًا يَضُرُّ فِيهِ أَحَدًا أَوْ يَنْفَعُهُ، فَلْيَقْبَلْ مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَيَتَجَاوَزْ عَنْ مُسِيئِهِمْ». طرفه 927 3801 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الأَنْصَارُ كَرِشِى وَعَيْبَتِى، ـــــــــــــــــــــــــــــ (مر أبو بكر والعباس على مجلس [من] مجالس الأنصار وهم يبكون) كان ذلك في مرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (فدخل على النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره بذلك) كان الظاهر دخلا، والتقدير كل واحد أو أحدهما يكون الداخل (فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد عصَب على رأسه حاشية برد) -بتخفيف الصاد- أي: شد (أوصيكم بالأنصار فإنهم كرشي وعيبتي) إن الكرش بفتح الكاف وكسر الراء- مقر غذاء الحيوان في البطن والعَيْبة -بفتح العين وسكون الياء موضع نفائس الأموال، أراد أنهم كانوا سبب بقائه وموضع أسراره. 3800 - (ابن الغسيل) هو عبد الرحمن بن سليمان بن عبد الله بن حنظلة غسيل الملائكة غسلته الملائكة لما قتل يوم أحد؛ لأنه كان جنبًا حين خرج من بيته (والمِلْحفة) بكسر الميم (والدسماء) العتيقة وقيل سوداء ووجه الجمع أنها اسودت من طول اللبس.

12 - باب مناقب سعد بن معاذ رضى الله عنه

وَالنَّاسُ سَيَكْثُرُونَ وَيَقِلُّونَ، فَاقْبَلُوا مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَتَجَاوَزُوا عَنْ مُسِيئِهِمْ». طرفه 3799 12 - باب مَنَاقِبُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ رضى الله عنه 3802 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ - رضى الله عنه - يَقُولُ أُهْدِيَتْ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - حُلَّةُ حَرِيرٍ، فَجَعَلَ أَصْحَابُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ مناقب سعد بن معاذ ابن النعمان بن امرئ القيس سيد الأوس بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من بني الأشهل، رماه حبان بن العرقة يوم الخندق بسهم في أكحله فمات منه بعد شهر، وبعد غزوة قريظة بأيام، قال ابن عبد البر: عن جابر أنه لما رأى سعدٌ أنه ميت لأنه لزمه الدم فقال: اللهم لا تخرج نفسي حتى تقر عيني في بني قريظة، فما قطر منه قطرة من الدم حتى حكم في بني قريظة بأن تُقتل مقاتلتهم وتُسبى ذراريهم، فإنهم نزلوا على حكمه، وكانوا حلفاء الأوس، فقروا على حكمه لعله يشفع فيهم، كما يشفع ابن سلول المنافق في بني قينقاع، وروى سعد بن أبي وقاص أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "نزل سبعون ألفًا من الملائكة لجنازة سعد ما وطئوا الأرض إلى هذا اليوم" قالت عائشة: لم يكن من المسلمين بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفضل من ثلاثة: سعد بن معاذ، وأسيد بن حضير، وعباد بن بشر، وهؤلاء كلهم من بني عبد الأشهل، ومعناه من الأنصار، فلا يناقض الإجماع على أفضلية الصديق والفاروق. قال ابن عبد البر: وأما قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (اهتز العرش لموت سعد) فقد تواترت به الروايات، قال: "ونزل جبريل معتمًا بعمامة من إستبرق. وقال: يا نبي الله من هذا الذي فتحت له أبواب السماء واهتز له العرش". 3802 - (غُنْدَر) بضم الغين وفتح الدال (أُهديت للنبي - صلى الله عليه وسلم - حلة حرير) تقدم في باب قبول هدية المشركين أنها أهداها أكيدر دومة الجندل، وكانت جبة من سندس (فجعل

يَمَسُّونَهَا وَيَعْجَبُونَ مِنْ لِينِهَا فَقَالَ «أَتَعْجَبُونَ مِنْ لِينِ هَذِهِ لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ خَيْرٌ مِنْهَا». أَوْ أَلْيَنُ. رَوَاهُ قَتَادَةُ وَالزُّهْرِىُّ سَمِعَا أَنَسًا عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 3249 3803 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا فَضْلُ بْنُ مُسَاوِرٍ خَتَنُ أَبِى عَوَانَةَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «اهْتَزَّ الْعَرْشُ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ». وَعَنِ الأَعْمَشِ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَهُ. فَقَالَ رَجُلٌ لِجَابِرٍ فَإِنَّ الْبَرَاءَ يَقُولُ اهْتَزَّ السَّرِيرُ. فَقَالَ إِنَّهُ كَانَ بَيْنَ هَذَيْنِ الْحَيَّيْنِ ضَغَائِنُ، سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «اهْتَزَّ عَرْشُ الرَّحْمَنِ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ». ـــــــــــــــــــــــــــــ أصحابه يَمَسّونها وبعجبون من لينها، قال: أتعجبون من لين هذه، لمناديل سعد بن معاذ خيرٌ منها) أي: في الجنة، وقد أشرنا سابقًا أن ذكرَ سعد دون غيره لأنه كان قد مات في ذلك القرب، أو كان تسلية لبعض قومه في ذلك المجلس، ولبعض الشارحين هنا أمور غريبة منها قال: إما لأن مناديل سعد كانت من ذلك الجنس، أو كان سعد يحب ذلك الجنس وأشياء من هذا النمط مما لم يخطر بخاطر أحد. 3803 - (مُساوِر) بضم الميم وكسر الواو (أبو عَوانة) -بفتح العين- الوضاح الواسطي والختن يطلق على الأحماء والأصهار (اهتز العرش لموت سعد بن معاذ) الاهتزاز مجاز عن الفرح، فإن من استبثسر بشيء هز عطفه، والمعنى أن العرش فرح بصعود روحه، وقيل: أهل العرش الملأ الأعلى (فقال رجل لجابر: إن البراء يقول اهتز السرير) فإن العرش يطلق على السرير، ولما قال له الرجل هذا عن البراء قال جابر منكرًا هذا بقوله: (إنه كان بين هذين الحيين) أي: أوس وخزرج، فإن البراء خزرجي وسعد بن معاذ أوسي (ضغائن) جمع ضغينة -بالضاد والغين المعجمتين- وهو الحقد (سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ) هذا قطع دابر الشبهة، وفي لفظ الرحمن هنا دون سائر أسمائه الحسنى لطف لا يخفى، هذا القول قاله الخطابي وكثير من الشراح، وليس بصواب، فإن البراء أوسي أيضًا، وجابر هو الخزرجي، ولا يصح، فإن قول جابر في جواب الرجل لما نقل كلام البراء: (إن بين هذين ضغائن) قال شيخنا: معنى الكلام أن جابرًا قال: أنا وإن كنت خزرجيًّا فلا أقول إلا الحق، وهذا الذي قاله لا دلالة للكلام عليه، صريح في أن البراء قاله حقدًا والصواب مصغر، حديث بني قريظة ونزولهم بني نهشل وبني حارثة، فإن البراء حارثي، وسعد بن معاذ نهشلي، وكلاهما من الأوس.

13 - باب منقبة أسيد بن حضير وعباد بن بشر رضى الله عنهما

3804 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِى أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - أَنَّ أُنَاسًا نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَجَاءَ عَلَى حِمَارٍ، فَلَمَّا بَلَغَ قَرِيبًا مِنَ الْمَسْجِدِ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «قُومُوا إِلَى خَيْرِكُمْ أَوْ سَيِّدِكُمْ». فَقَالَ «يَا سَعْدُ، إِنَّ هَؤُلاَءِ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِكَ». قَالَ فَإِنِّى أَحْكُمُ فِيهِمْ أَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ وَتُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ. قَالَ «حَكَمْتَ بِحُكْمِ اللَّهِ، أَوْ بِحُكْمِ الْمَلِكِ». طرفه 3043 13 - باب مَنْقَبَةُ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ وَعَبَّادِ بْنِ بِشْرٍ رضى الله عنهما 3805 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا حَبَّانُ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ 3804 - (عرعرة) بعين وراء مكررتين (وعن أبي أُمامة) -بضم الهمزة- أسعد (ابن سهل بن حُنيف) -بضم الحاء بعدها نون مصغر، حديث بني قريظة ونزولهم على حكمه وأمره بقتل المقاتلة وسبي الذراري، تقدم في أول مناقبه آنفًا، ولما حكم بذلك قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (حكمت بحكم الله أو بحكم الملك) بكسر اللام وهو الله تعالى، ويروى: "الملك" بفتح اللام أي: حامل الوحي وروى ابن الأثير في "النهاية" أنه قال: "حكمت بحكم الله فوق سبع أرقعة"، قال وهو جمع رقيع وكل سماء يقال لها رقيع وقيل: الرقيع سماء الدنيا ففيه تغليب. مناقب أسيد بن حضير وعباد بن بشر 3805 - أسيد بن حضير من سادات الأَوس، كان أحسن الصحابة صوتًا، وقد سلف استماع الملائكة إلى قرآنه، واختلف في كنيته على خمسة أقوال، قال ابن عبد البر: والأصح أبو يحيى، وكان من الواقفين مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد، وجرح سبع جراحات، ولما قدم عامر بن الطفيل وأربد، وسألاه أن يجعل لهما شيئًا من تمر المدينة أخذ أسيد رمحه، وشرع يضرب على رؤوسهما ويقول: اخرجا أيها الهجرسان، قال الأصمعي: الهِجرس -بكسر الهاء والجيم-: الثعلب، مات في خلافة عمر، فحمل جنازته بنفسه إلى البقيع وصلى عليه. وأما عباد بن بشر فهو أيضًا من سادات عبد الأشهل: وقد أشرنا في مناقب سعد أن عائشة قالت: ثلاثة لم يكن أفضل منهم كلهم من بني عبد الأشهل، سعد بن معاذ، وأسيد بن

14 - باب مناقب معاذ بن جبل رضى الله عنه

أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَجُلَيْنِ خَرَجَا مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ، وَإِذَا نُورٌ بَيْنَ أَيْدِيهِمَا حَتَّى تَفَرَّقَا، فَتَفَرَّقَ النُّورُ مَعَهُمَا. وَقَالَ مَعْمَرٌ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أُسَيْدَ بْنَ حُضَيْرٍ وَرَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ. قَالَ حَمَّادٌ أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ كَانَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ وَعَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 465 14 - باب مَنَاقِبُ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضى الله عنه 3806 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - رضى الله عنهما - سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «اسْتَقْرِئُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ مِنَ ابْنِ مَسْعُودٍ وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِى حُذَيْفَةَ، وَأُبَىٍّ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ». طرفه 3758 ـــــــــــــــــــــــــــــ حضير، وعباد بن بشر، يكنى أبا بشر، وقيل أبو الربيع، وهو أحد الخمسة الذين قتلوا كعب بن الأشرف، وإليه أشار بقوله: وكان الله سادسنا فإننا بأنعم نعمة وأعز نصر، وروت عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان عندها في ليلة فسمع صوت قارئ فقال: "يا عائشة، صوت عباد بن بشر؟ " قلت: نعم، قال: "اللهم اغفر لعباد". مناقب معاذ بن جبل 3806 - الخزرجي يكنى أبا عبد الرحمن، أعلم الناس بالحلال والحرام، ولما ولاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مخالف اليمن الجَنَد -بفتح الجيم والنون- بلد من بلاد اليمن، قال له "بم تقضي يا معاذ؟ قال: بكتاب الله، قال: "فإن لم تجد"، قال: بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: "فإن لم تجد" قال: أجتهد برأيي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"الحمد لله الذي وفق رسولَ رسولِ الله لما يحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " قال ابن عبد البر روايةً عن ابن مسعود: إن معاذًا كان أمةً قانتًا لله، قال: وكان شابًا جميلًا طوالًا حسن الشعر، عظيم العينين، برّاق الثنايا أجود الناس، لا يمسك مالًا، وإذا لم يجد عنده شيئًا اذّان من الناس فشكوه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فباع ماله في

15 - باب منقبة سعد بن عبادة رضى الله عنه

15 - باب مَنْقَبَةُ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ رضى الله عنه وَقَالَتْ عَائِشَةُ وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رَجُلاً صَالِحًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ أداء ديونه، فقام مفلسًا، فبعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن ليصيب مالًا، فقدم بمال بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال أبو بكر: لا آخذ منه شيئًا، وقال عمر: يا معاذ أدِّ المال إلى أبي بكر فقال: إنما أرسلني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لِما رأى من إفلاسي، ثم جاء إلى عمر وقال: رأيت في المنام أني أشرفت على الغرق وأنت خلصتني منه، فجاء بالمال مع عمر إلى أبي بكر، فقال أبو بكر: لمن يعطى أحق منك فاذهب به، فقال عمر: خذ الآن قد حلَّ لك أخذه، مات وهو ابن ثمان وثلاثين سنة في طاعون عمواس بالشام، وعمواس: قرية بين رملة وبيت المقدس، كان ابتداء الطاعون بها، قال ابن عبد البر نقلًا عن الزهري: إن عمرو بن العاص لما وقع الطاعون بالجابية قال أيها الناس تفرقوا عن هذا الطاعون فإنه بمنزلة النار، قال له معاذ بن جبل لأنت أجهل من حمار أهلك سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "الطاعون رحمة" اللهم اذكر معاذًا وآل معاذ فيمن يذكر في هذه الرحمة. مناقب [سعد] بن عبادة ابن دليم سيد الخزرج أحد النقباء ليلة العقبة، الأكثرون على أنه شهد بدرًا والذين قالوا لم يشهدها، قالوا ضرب له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسهم، قال ابن عبدالبر: كان لدليم أطم، في [كل] عام له ينادي مناديه على الأطم من أراد الشحم واللحم فليأت دار دليم فلما مات دليم نادت ابنة عبادة، فلما مات تادت ابنة سعد وكان دليم يهدي لمناة -صنم لهم- كل عام عشر بدنات وكذلك كان يفعل عبادة وبعده سعد إلى أن أسلم. وكان قيس ابنه يهدي في الإسلام إلى الكعبة، ولما هاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يدر أهل مكة إلى أين وجهه سمعوا ليلة على أبي قبيس صالحًا يقول: فإن يُسلم السعدان يصبح محمد ... بمكة لا يخشى خلاف مخالف فظنوا أنه يريد سعد بن زيد مناة بن تميم، وسعد هذيم من قضاعة فلما كان الليلة الثانية سمعوا على أبي قبيس:

16 - باب مناقب أبى بن كعب رضى الله عنه

3807 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ أَبُو أُسَيْدٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «خَيْرُ دُورِ الأَنْصَارِ بَنُو النَّجَّارِ، ثُمَّ بَنُو عَبْدِ الأَشْهَلِ، ثُمَّ بَنُو الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، ثُمَّ بَنُو سَاعِدَةَ وَفِى كُلِّ دُورِ الأَنْصَارِ خَيْرٌ». فَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ - وَكَانَ ذَا قِدَمٍ فِي الإِسْلاَمِ - أَرَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ فَضَّلَ عَلَيْنَا. فَقِيلَ لَهُ قَدْ فَضَّلَكُمْ عَلَى نَاسٍ كَثِيرٍ. طرفه 3789 16 - باب مَنَاقِبُ أُبَىِّ بْنِ كَعْبٍ رضى الله عنه 3808 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ ألا يا سعد سعد الأوس كن أنت ناصرًا ... ويا سعد [سعد] الخزرجين الغطارف وكان يوم الفتح بيده راية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخذها منه وأعطاها لابنه قيس، وقيل: بل أعطاها الزبير، وقيل عليًّا، ولما بويع لأبي بكر لم يبايع وخرج إلى الشام فمات بحوران، قتلته الجن فرأوه ميتًا في مغتسله، وسمعوا الجن تقول: نحن قتلنا سيد الخزرج سعد بن عبادة فرميناه بسهمين فلم يخط فؤاده قال الخطابي: أوله بعضهم بأن أصابوه بالعين فالسهمان كناية عن العينين. (قالت عائشة: وكان قبل ذلك رجلًا صالحًا) تقدم في قصة الإفك شرحه، وأرادت بذلك أنه لم يكن من أصحاب الإفك، ولكنّ ابن سلول المنافق كان خزرجيًّا حملته الحمية له على ذلك الكلام. 3807 - (إسحاق) قال الغسّاني: لم أجد أحدًا نسبه في هذا الموضع، لكن نسبه البخاري في باب مقدم النبي - صلى الله عليه وسلم -، إسحاق بن منصور عن عبد الصمد، لكن ذكر أبو نصر أن ابن منصور، وإسحاق بن إبراهيم يرويان عن عبد الصمد، وحديث المفاضلة بين الدّور تقدم آنفًا. مناقب أبي بن كعب ابن قيس الخزرجي النجاري، أحد القراء، بل أقرأ الناس. 3808 - أمر الله رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يقرأ عليه سورة {لَمْ يَكُنِ} [البينة: 1] وفي رواية: {قُلْ

مَسْرُوقٍ قَالَ ذُكِرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَقَالَ ذَاكَ رَجُلٌ لاَ أَزَالُ أُحِبُّهُ، سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «خُذُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - فَبَدَأَ بِهِ - وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِى حُذَيْفَةَ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَأُبَىِّ بْنِ كَعْبٍ». طرفه 3758 3809 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ قَالَ سَمِعْتُ شُعْبَةَ سَمِعْتُ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لأُبَىٍّ «إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِى أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا)». قَالَ وَسَمَّانِى قَالَ «نَعَمْ» فَبَكَى. أطرافه 4959، 4960، 4961 ـــــــــــــــــــــــــــــ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا} [يونس: 58]، ومعنى قراءة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليه أنه كان أشد قابلية في باب القراءة يأخذ منه طريق التلاوة والمد وغير ذلك، وأبيّ أحد فقهاء الصحابة، وأحد الكتاب للوحي، وكان يكتب مراسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الأمور من الإقطاعات والرسائل، ليس على ذلك أكثر مواظبة منه ومن زيد بن ثابت، قال ابن عبد البر: مرسلًا: "أقرؤكم أُبيّ، وأقضاكم علي، وأفرضكم زيد، وأعلم الناس بالحلال والحرام معاذ بن جبل" وبالجملة محاسنه في غاية الكثرة، وقد تكلم بعضهم في إيثار لم يكن على سائر السور بأن فيها ذكر الإخلاص في الدين، وذكر المؤمنين والمشركين وأهل الكتاب، وذكر مآل المؤمنين وأهل النار، فريق في الجنة وفريق في السعير، وحديث الباب سلف في مناقب ابن مسعود. 3809 - (قال: وسماني؟ قال: نعم، فبكى) بكاء السرور، وفي بعض الروايات "قال سماك باسمك ونسبك في الملأ الأعلى".

17 - باب مناقب زيد بن ثابت رضى الله عنه

17 - باب مَنَاقِبُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضى الله عنه 3810 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ جَمَعَ الْقُرْآنَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَرْبَعَةٌ، كُلُّهُمْ مِنَ الأَنْصَارِ أُبَىٌّ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأَبُو زَيْدٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ. قُلْتُ لأَنَسِ مَنْ أَبُو زَيْدٍ قَالَ أَحَدُ عُمُومَتِى. أطرافه 3996، 5003، 5004 18 - باب مَنَاقِبُ أَبِى طَلْحَةَ رضى الله عنه 3811 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ انْهَزَمَ النَّاسُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو طَلْحَةَ بَيْنَ يَدَىِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ـــــــــــــــــــــــــــــ مناقب زيد بن ثابت ابن الضحاك الأنصاري الخزرجي، أول مشاهده أحد، وكان ممتازًا بالفرائض والقرآن. 3810 - قال ابن عبد البر: حديث أنس (جمعَ القرآن على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - أربَعَة كلهم من الأنصار، أبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد) فقد عارضه قوم بأنه إذا كان جامعًا للقرآن فلماذا كان يدور على الناس في جمعه، حتى قال: كنت أجمعه من صدور الرجال والرقاع والعسب؟ وهذا الذي ذكره ليس بوارد، لأن شرط القراءة التواتر، وإنما جمع استظهارًا بحفظه. مناقب أبي طلحة زيد بن سهل النجاري الخزرجي، أحد النقباء، شهد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المشاهد كلها، قَتَل يوم حنين عشرين مشركًا، وأخذ أسلابهم ولم يتخلف في مشهد من المشاهد، وسرد الصوم بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعين سنة. 3811 - (انهزم الناس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي يوم أحد (وأبو طلحة بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم -

19 - باب مناقب عبد الله بن سلام رضى الله عنه

مُجَوِّبٌ بِهِ عَلَيْهِ بِحَجَفَةٍ لَهُ، وَكَانَ أَبُو طَلْحَةَ رَجُلاً رَامِيًا شَدِيدَ الْقِدِّ، يَكْسِرُ يَوْمَئِذٍ قَوْسَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا، وَكَانَ الرَّجُلُ يَمُرُّ مَعَهُ الْجَعْبَةُ مِنَ النَّبْلِ فَيَقُولُ انْشُرْهَا لأَبِى طَلْحَةَ. فَأَشْرَفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَنْظُرُ إِلَى الْقَوْمِ، فَيَقُولُ أَبُو طَلْحَةَ يَا نَبِىَّ اللَّهِ بِأَبِى أَنْتَ وَأُمِّى، لاَ تُشْرِفْ يُصِيبُكَ سَهْمٌ مِنْ سِهَامِ الْقَوْمِ، نَحْرِى دُونَ نَحْرِكَ. وَلَقَدْ رَأَيْتُ عَائِشَةَ بِنْتَ أَبِى بَكْرٍ وَأُمَّ سُلَيْمٍ وَإِنَّهُمَا لَمُشَمِّرَتَانِ، أَرَى خَدَمَ سُوقِهِمَا، تُنْقِزَانِ الْقِرَبَ عَلَى مُتُونِهِمَا، تُفْرِغَانِهِ فِي أَفْوَاهِ الْقَوْمِ، ثُمَّ تَرْجِعَانِ فَتَمْلآنِهَا، ثُمَّ تَجِيآنِ فَتُفْرِغَانِهِ فِي أَفْوَاهِ الْقَوْمِ، وَلَقَدْ وَقَعَ السَّيْفُ مِنْ يَدَىْ أَبِى طَلْحَةَ إِمَّا مَرَّتَيْنِ، وَإِمَّا ثَلاَثًا. طرفه 2880 19 - باب مَنَاقِبُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلاَمٍ رضى الله عنه ـــــــــــــــــــــــــــــ مُجَوّب به عليه بحجفة) -بتقديم الحاء، أي: مترس عليه من الجوبة وهي الترس، والحجفة الترس الكبير من الجلود (وكان أبو طلحة شديد القد) بكسر القاف وتشديد الدال الوتر وبالفتح مدّ القوس ونزعه، قاله ابن الأثير (وكان الرجل يمر معه الجعبة من النبل فيقول: انثرها لأبي طلحة) لأنه أرمى من الذي معه النبل (ولقد رأيت عائشة وأم سليم أرى خدم سوقهما تنقزان القرب على متونهما) الخدم -بفتح المعجمة وذال مهملة- جمع خدمة وهي الخلخال، أصله سير غليظ يشد في رسغ البعير، قال ابن الأثير:] تنقز -بالنون والقاف، والزاي المعجمة- فعل لازم معناه الوثوب، وانتصاب القرب بنزع الخافض، قال: ويروى بضم الياء من باب الأفعال، فانتصابه على المفعولية، ويروى برفع القرب على الابتداء على أن الجملة في محل النصب على الحال. أي تثبان والحال أن القرب على متونهما، إلا أن وقوع الاسمية حالًا بدون الواو ضعيف (ولقد وقع السيف من يد أبي طلحة مرتين أو ثلاثًا) من النعاس وهو الذي أشير إليه في قوله تعالى: {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ} [الأنفال: 11] فإن ذلك الأمر الشديد وانهزام الجيش الحال يقتضي الرعب والخوف، فالنوم مع الأمن كان من نعم الله، وقد قيل: النوم في موطن الحرب من الله، وفي الصلاة من الشيطان. مناقب عبد الله بن سلام أبو يوسف الإسرائيلي من نسل يوسف الصديق، كان اسمه حصين، سماه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبد الله، كان من أحبار اليهود، فلما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذهب إليه، فلما رآه من بعيد قال وجهه ليس وجه كاذب، وقال أول ما سمعته يقول: "أيها الناس أفشوا السلام، وأطعموا

3812 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ سَمِعْتُ مَالِكًا يُحَدِّثُ عَنْ أَبِى النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ مَا سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ لأَحَدٍ يَمْشِى عَلَى الأَرْضِ إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ. إِلاَّ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلاَمٍ قَالَ وَفِيهِ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ (وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ) الآيَةَ. قَالَ لاَ أَدْرِى قَالَ مَالِكٌ الآيَةَ أَوْ فِي الْحَدِيثِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الطعام، وصِلوا الأرحام، وصلوا والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام"، وروي عن عبد الله بن سلام قال: كنت على نخل أقطف الثمر إذ سمعت قائلًا يقول: قدم محمد، قلت: الله أكبر، وكانت عمتي تحت النخل، فلما سمعت مني التكبير قالت: ويلك لو كان موسى بن عمران ما كبرت هذا التكبير، قلت: يا عمتاه هذا أخو موسى بن عمران، قالت فذاك إذًا وأسلمت معه، وقد روي أنه رآه بمكة وأنس به. 3812 - (عن سعد بن أبي وقاص ما سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول لأحد يمشي على وجه الأرض: إنه من أهل الجنة إلا عبد الله بن سلام) وروى ابن عبد البر عن معاذ بن جبل أنه قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعبد الله بن سلام "إنه عاشر عشرة في الجنة". فإن قلت: سعد بن أبي وقاص من العشرة المبشرين بالجنة، فكيف قال: لم أسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لأحد: إنه من أهل الجنة غيره؟ قلت: ربما لم يسمع حدّث بهذا الحديث ثم سمع، أو يكون سمع هذا مشافهة، وسمع حديث العشرة من غيره. (وفيه نزلت هذه الآية {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ} [الأحقاف: 10]) ونقل ابن عبد البر عن الحسن وعكرمة أنهما أنكرا هذا، فإن هذه السورة مكية وعبد الله أسلم بالمدينة، والجواب عن هذا: أن كون السورة مكية لا يلزم أن تكون كل آية منها مكية وأيضًا قوله: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ} [الأحقاف: 10]، لا يقتضي أن تكون الشهادة وقت النزول. وأيضًا لا يلزم أن تكون وقت السؤال مسلمًا، ألا ترى إلى قوله تعالى: {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ} [يونس: 94].

3813 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَزْهَرُ السَّمَّانُ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ قَالَ كُنْتُ جَالِسًا فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ، فَدَخَلَ رَجُلٌ عَلَى وَجْهِهِ أَثَرُ الْخُشُوعِ، فَقَالُوا هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ. فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ تَجَوَّزَ فِيهِمَا ثُمَّ خَرَجَ، وَتَبِعْتُهُ فَقُلْتُ إِنَّكَ حِينَ دَخَلْتَ الْمَسْجِدَ قَالُوا هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ. قَالَ وَاللَّهِ مَا يَنْبَغِى لأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ مَا لاَ يَعْلَمُ وَسَأُحَدِّثُكَ لِمَ ذَاكَ رَأَيْتُ رُؤْيَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَصَصْتُهَا عَلَيْهِ، وَرَأَيْتُ كَأَنِّى فِي رَوْضَةٍ - ذَكَرَ مِنْ سَعَتِهَا وَخُضْرَتِهَا - وَسْطَهَا عَمُودٌ مِنْ حَدِيدٍ، أَسْفَلُهُ فِي الأَرْضِ وَأَعْلاَهُ فِي السَّمَاءِ، فِي أَعْلاَهُ عُرْوَةٌ فَقِيلَ لَهُ ارْقَهْ. قُلْتُ لاَ أَسْتَطِيعُ. فَأَتَانِى مِنْصَفٌ فَرَفَعَ ثِيَابِى مِنْ خَلْفِى، فَرَقِيتُ حَتَّى كُنْتُ فِي أَعْلاَهَا، فَأَخَذْتُ بِالْعُرْوَةِ، فَقِيلَ لَهُ اسْتَمْسِكْ. فَاسْتَيْقَظْتُ وَإِنَّهَا لَفِى يَدِى، فَقَصَصْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «تِلْكَ الرَّوْضَةُ الإِسْلاَمُ، وَذَلِكَ الْعَمُودُ عَمُودُ الإِسْلاَمِ، وَتِلْكَ الْعُرْوَةُ عُرْوَةُ الْوُثْقَى، فَأَنْتَ عَلَى الإِسْلاَمِ حَتَّى تَمُوتَ». وَذَاكَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ (عن أبي النضر) -بالضاد المعجمة- اسمه سالم. 3813 - (أزهر) بفتح الهمزة (عن ابن عوف) آخره نون، اسمه عبد الله. (عُبَاد) بضم العين وتخفيف الباء (قالوا هذا من أهل الجنة) أي عبد الله بن سلام، (قال: والله ما ينبغي لأحد أن يقول ما لا يعلم) كأنه أنكر على من جزم بأنه من أهل الجنة فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتلفظ بذلك، لكنه لزم ذلك من قوله (فإنه أخبره أنه يموت على الإسلام) وذكر سبب ذلك القول، وهو ذاته الذي رواه البخاري (فأتاني مِنصَف) بكسر الميم. وحكي فيه الفتح -الخادم- وفي الرواية الأُخرى وصيف على وزن كريم، وهو الخادم أيضًا (فقال: الروضة الإسلام) لأنه يوصل إلى روضة الجنة، أو لأن أنواره كأزهار الروضة، (وذلك العمود عمود الإسلام) أي أركانه من الإيمان والصلاة والزكاة والصوم والحج (وتلك العروة الوثقى) قيل: من الوثاقة، الظاهر أنه تصديق القلب المنجي على طريقة الاستعارة شبه المعقول بالمحسوس المحكم كما أشير إليه في قوله تعالى: {لَا انْفِصَامَ لَهَا} [البقرة: 256]. فإن قلت: قوله: (فاستيقظت وإنها لفي يدي) حقيقة أو أُريد معناه المجازي؟ قلت:

20 - باب تزويج النبى - صلى الله عليه وسلم - خديجة، وفضلها - رضى الله عنها

وَقَالَ لِى خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا مُعَاذٌ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ عُبَادٍ عَنِ ابْنِ سَلاَمٍ قَالَ وَصِيفٌ مَكَانَ مِنْصَفٌ. طرفاه 7010، 7014 3814 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ فَلَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلاَمٍ - رضى الله عنه - فَقَالَ أَلاَ تَجِئُ فَأُطْعِمَكَ سَوِيقًا وَتَمْرًا، وَتَدْخُلَ فِي بَيْتٍ ثُمَّ قَالَ إِنَّكَ بِأَرْضٍ الرِّبَا بِهَا فَاشٍ، إِذَا كَانَ لَكَ عَلَى رَجُلٍ حَقٌّ فَأَهْدَى إِلَيْكَ حِمْلَ تِبْنٍ، أَوْ حِمْلَ شَعِيرٍ أَوْ حِمْلَ قَتٍّ، فَلاَ تَأْخُذْهُ، فَإِنَّهُ رِبًا. وَلَمْ يَذْكُرِ النَّضْرُ وَأَبُو دَاوُدَ وَوَهْبٌ عَنْ شُعْبَةَ الْبَيْتَ. طرفه 4342 20 - باب تَزْوِيجُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - خَدِيجَةَ، وَفَضْلُهَا - رضى الله عنها ـــــــــــــــــــــــــــــ كونها حقيقة أمر جائز، ولكن كونها مفسرة بما أشرنا إليه من موته على الإسلام من كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دالٌّ على أنه مجاز والاستيقاظ عبارة عن الموت: الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا. 3814 - (أبي بُرْدة) بضم الباء وسكون الراء (عن أبيه) قال: (أتيت المدينة فلقيت عبد الله بن سلام فقال: ألا تجيء فأطعمك سويقًا وتمرًا وتدخل في بيت) التنوين في بيت عوض عن ياء الإضافة، وهذا كما يقول واحد منا لصاحبه: ادخل بيتي لتحصل به البركة، وقيل: معناه تدخل في بيت عظيم لأنه دخله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهذا لو صح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل بيته كان وجهًا، ولكن لم نقف على ذلك "إذا كان لك على رجل حق فأهدى إليك حمل تبن أو شعير أو حمل قَتٍّ) -بفتح القاف وتشديد التاء- معروف (فلا تأخذه فإنه رِبا) وليس معناه أنه ربًا شرعي بل معناه زيادة على حق لك فهو في معنى الربا. تزويج النبي - صلى الله عليه وسلم - خديجة وفضلها هي بنت خويلد بن نفيل بن عبد العزى بن قصي، كانت في الجاهلية تدعى الطاهرة، كانت عند أبي هالة التميمي ثم خلف عليها عتيق بن عائد المخزومي، ثم تزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعمرها أربعون سنة، وعمر رسول - صلى الله عليه وسلم - إحدى وعشرون سنة، وقيل:

3815 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيًّا - رضى الله عنه - يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ حَدَّثَنِى صَدَقَةُ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنهم - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «خَيْرُ نِسَائِهَا مَرْيَمُ، وَخَيْرُ نِسَائِهَا خَدِيجَةُ». طرفه 3432 3816 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ كَتَبَ إِلَىَّ هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ مَا غِرْتُ عَلَى امْرَأَةٍ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ، هَلَكَتْ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَنِى، لِمَا كُنْتُ أَسْمَعُهُ يَذْكُرُهَا، وَأَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يُبَشِّرَهَا بِبَيْتٍ مِنْ قَصَبٍ، وَإِنْ كَانَ لَيَذْبَحُ الشَّاةَ فَيُهْدِى فِي خَلاَئِلِهَا مِنْهَا مَا يَسَعُهُنَّ. أطرافه 3817، 3818، 5229، 6004، 7484 ـــــــــــــــــــــــــــــ ثلاثون، وقيل: خمس وعشرون سنة، قال ابن عبد البر: وهذا القول أكثر، فأقامت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعًا وعشرين سنة، وتوفيت وهي بنت أربع وستين سنة واتفقوا على أن أولاده كلهم منها سوى إبراهيم فإنه من مارية، فولدت له القاسم، وبه كان يكنى، وهو أكبر أولاده وزينب، وأم كلثوم ورقية وفاطمة، هذا مما لا خلاف فيه، وقيل: له ثلاثة أخرى عبد الله والطيب والطاهر، قال عبد العزيز الجرجاني النسابة: الطيب والطاهر لقبان لعبد الله وغير هذا تخليط، هذا كلامه. واتفق العلماء على أن خديجة أول من آمن بعد ورقة، وأول من صلى بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. 3815 - (محمد) كذا وقع غير منسوب، قال الغساني: نسبه ابن السكن محمد بن سلام، وكذا البخاري في بعض المواضع محمد بن سلام عن عَبْدَة: وكذا قاله أبو نصر (عَبْدة) بفتح العين وسكون الباء (خير نسائها مريم، وخير نسائها خديجة) الضمير للأرض وتقيد كل واحدة بزيادة أو الضمير لبني إسرائيل والعرب، وإن لم يسبق ذكرهما لدلالة القرينة، هذا وقد روى ابن عبد البر من طريقين: "خير النساء مريم ثم فاطمة ثم خديجة". 3816 - (أمره الله أن يبشرها ببيت من قصب) قال ابن الأثير: القصب اللؤلؤ المجوف المستطيل كالقبة، وفي الرواية بعدها (لا صخب فيه ولا نصب) الصخب: ارتفاع الأصوات

3817 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ مَا غِرْتُ عَلَى امْرَأَةٍ مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ، مِنْ كَثْرَةِ ذِكْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِيَّاهَا. قَالَتْ وَتَزَوَّجَنِى بَعْدَهَا بِثَلاَثِ سِنِينَ، وَأَمَرَهُ رَبُّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَوْ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - أَنْ يُبَشِّرَهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ. طرفه 3816 3818 - حَدَّثَنِى عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَسَنٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا حَفْصٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ مَا غِرْتُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ نِسَاءِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ، وَمَا رَأَيْتُهَا، وَلَكِنْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُكْثِرُ ذِكْرَهَا، وَرُبَّمَا ذَبَحَ الشَّاةَ، ثُمَّ يُقَطِّعُهَا أَعْضَاءً، ثُمَّ يَبْعَثُهَا فِي صَدَائِقِ خَدِيجَةَ، فَرُبَّمَا قُلْتُ لَهُ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الدُّنْيَا امْرَأَةٌ إِلاَّ خَدِيجَةُ. فَيَقُولُ إِنَّهَا كَانَتْ وَكَانَتْ، وَكَانَ لِى مِنْهَا وَلَدٌ. طرفه 3816 ـــــــــــــــــــــــــــــ والنصب: التعب، قيل: إنما كان البيت بهذا الوصف لأنها أسلمت من غير قيل وقال ومراجعه من جنس العمل. 3817 - (قالت عائشة: وتزوجني بعدها بثلاث سنين) قال ابن عبد البر: توفيت خديجة قبل الهجرة بخمس سنين وقيل بأربع، وقال قتادة بثلاث سنين قال: وقول قتادة أصح، وقاله ابن إسحاق والإمام أحمد، وكذا قاله عروة بن الزبير لما سأله عبد الملك بن مروان قال ابن عبد البر بعدما ذكر هذه الأقوال، واختار قول قتادة، قال: وأعرس بها بالمدينة في شوال على رأس ثمانية عشر شهرًا من مهاجره إلى المدينة، فمن قال: المراد بقول عائشة: تزوجني بعد خديجة بثلاث سنين المراد الدخول لأن مدة العقد أكثر من ثلاث سنين، فقد خالف نقل هؤلاء الثقات، وإنما التبس عليه من قولها (تزوجني بعدها) فإن طائفة ذهبوا إلى أن خديجة توفيت قبل الهجرة بخمس سنين. 3818 - (فربما قالت له) أي: عائشة (كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة، فيقول: إنها كانت وكانت) كناية عن كثرة صفاتها الحميدة.

21 - باب ذكر جرير بن عبد الله البجلى رضى الله عنه

3819 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ قَالَ قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى أَوْفَى - رضى الله عنهما - بَشَّرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَدِيجَةَ قَالَ نَعَمْ بِبَيْتٍ مِنْ قَصَبٍ، لاَ صَخَبَ فِيهِ وَلاَ نَصَبَ. طرفه 1792 3820 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ عُمَارَةَ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ أَتَى جِبْرِيلُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذِهِ خَدِيجَةُ قَدْ أَتَتْ مَعَهَا إِنَاءٌ فِيهِ إِدَامٌ أَوْ طَعَامٌ أَوْ شَرَابٌ، فَإِذَا هِىَ أَتَتْكَ فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلاَمَ مِنْ رَبِّهَا وَمِنِّى، وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ، لاَ صَخَبَ فِيهِ وَلاَ نَصَبَ. طرفه 7497 3821 - وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيلٍ أَخْبَرَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتِ اسْتَأْذَنَتْ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ أُخْتُ خَدِيجَةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَعَرَفَ اسْتِئْذَانَ خَدِيجَةَ فَارْتَاعَ لِذَلِكَ، فَقَالَ «اللَّهُمَّ هَالَةَ». قَالَتْ فَغِرْتُ فَقُلْتُ مَا تَذْكُرُ مِنْ عَجُوزٍ مِنْ عَجَائِزِ قُرَيْشٍ، حَمْرَاءِ الشِّدْقَيْنِ، هَلَكَتْ فِي الدَّهْرِ، قَدْ، أَبْدَلَكَ اللَّهُ خَيْرًا مِنْهَا. 21 - باب ذِكْرُ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِىِّ رضى الله عنه ـــــــــــــــــــــــــــــ 3820 - (محمد بن فُضيل) بضم الفاء، مصغر (عُمارة) بضم العين وتخفيف الميم (عن أبي زُرعة) -بضم الزاي والمعجمة- اسمه هرم. 3821 - (استأذنت هالة بنت خويلد) بضم الخاء (أخت خديجة) لم أرَ أحدًا ذكرها في الصحابة (اللهمّ هالة) كأنه أدى شكرًا لما أنعم عليه بوجدانها (كما تذكر من عجوز من عجائز قريش حمراء الشدقين) كناية عن سقوط الأسنان (قد أبدلك الله خيرًا منها) الظاهر أنها أرادت نفسها؛ لأنه تزوجها بكرًا. ذكر جرير بن عبد الله البجلي قال ابن عبد البر: يكنى أبا عبد الله، قال: وبَجيلة أم القبيلة -بفتح الباء- بنت

3822 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْوَاسِطِىُّ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ بَيَانٍ عَنْ قَيْسٍ قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ قَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه مَا حَجَبَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُنْذُ أَسْلَمْتُ، وَلاَ رَآنِى إِلاَّ ضَحِكَ. طرفه 3035 3823 - وَعَنْ قَيْسٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بَيْتٌ يُقَالَ لَهُ ذُو الْخَلَصَةِ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ الْكَعْبَةُ الْيَمَانِيَةُ، أَوِ الْكَعْبَةُ الشَّأْمِيَّةُ، فَقَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هَلْ أَنْتَ مُرِيحِى مِنْ ذِى الْخَلَصَةِ». قَالَ فَنَفَرْتُ إِلَيْهِ فِي خَمْسِينَ وَمِائَةِ فَارِسٍ مِنْ أَحْمَسَ - قَالَ - فَكَسَرْنَا، وَقَتَلْنَا مَنْ وَجَدْنَا عِنْدَهُ، فَأَتَيْنَاهُ، فَأَخْبَرْنَاهُ، فَدَعَا لَنَا وَلأَحْمَسَ. طرفه 3020 ـــــــــــــــــــــــــــــ صعب بن علي بن سعد العشيرة وقال ابن إسحاق: بجيل بن أنمار ابن نزار، قال جرير: أسلمت قبل انتقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى دار البقاء بأربعين يومًا، ولا يصح هذا لما روى البخاري وغيره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له: "يا جرير استنصت الناس" في حجة الوداع. قال ابن عبد البر: ولما أقبل وافدًا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال؟ "يطلع عليكم خيرَ ذي يُمن كان على وجهه مسحة ملك فطلع جرير"، وكان عمر بن الخطاب يقول: جرير بن عبد الله يوسف هذه الأمة، وكان سيدًا في قومه مطاعًا، وهو الذي قال لعمر لما وجد رائحة في مجلسه: عزمت على صاحب الرائحة إلا قام فتوضأ فقال جرير: اعزم علينا كلنا يا أمير المؤمنين، فقال عمر: ما زلت يا جرير في الجاهلية والإسلام سيدًا. وكان من أصحاب الإمام علي، وكان رسول علي إلى معاوية وله معه قصة طويلة. 3823 - قال جرير: (كان في الجاهلية بيت يقال له: ذو الخَلَصَة) بفتح الخاء واللام والصاد. وقال ابن الأثير: اسم البيت وقيل: اسم الصنم، وفيه نظر، فإن الجوهري قال: كان فيه صنم يسمى الخلصة، وكان خثعم ودوس وبجيلة (وكان يقال له: الكعبة اليمانية، والكعبة الشامية) ظاهر هذه العبارة يوهم أن ذلك البيت كان يسمى بهذين الاسمين وليس كذلك، قال النووي: التقدير: والكعبة الشامية، كان يقال عند الناس للبيت الشريف المعظم شرفه الله، قال بعض الشارحين نقلًا عن النووي ما نقلناه، ونقل عن القاضي أن ذكر الشامية هنا غلط قال: وأقول: الضمير في له راجع إلى بيت والمراد بيت الصنم ثم فسره بقوله، أي:

22 - باب ذكر حذيفة بن اليمان العبسى رضى الله عنه

22 - باب ذِكْرُ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ الْعَبْسِىِّ رضى الله عنه 3824 - حَدَّثَنِى إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيلٍ أَخْبَرَنَا سَلَمَةُ بْنُ رَجَاءٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها قَالَتْ لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ هُزِمَ الْمُشْرِكُونَ هَزِيمَةً بَيِّنَةً، فَصَاحَ إِبْلِيسُ أَىْ عِبَادَ اللَّهِ أُخْرَاكُمْ، فَرَجَعَتْ أُولاَهُمْ عَلَى أُخْرَاهُمْ، فَاجْتَلَدَتْ أُخْرَاهُمْ، فَنَظَرَ حُذَيْفَةُ، فَإِذَا هُوَ بِأَبِيهِ فَنَادَى أَىْ عِبَادَ اللَّهِ، أَبِى أَبِى. فَقَالَتْ فَوَاللَّهِ مَا احْتَجَزُوا حَتَّى قَتَلُوهُ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ غَفَرَ اللَّهُ لَكُمْ. قَالَ أَبِى فَوَاللَّهِ مَا زَالَتْ فِي حُذَيْفَةَ مِنْهَا بَقِيَّةُ خَيْرٍ حَتَّى لَقِىَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ. طرفه 3290 ـــــــــــــــــــــــــــــ يقال بيت الصنم الكعبة اليمانية والكعبة الشامية فلا غلط، انظر كيف خبط هل تقدّم إلا ذكر البيت، وهل نشأ الإشكال إلا منه نعوذ بالله من الغفلة، ولشيخنا توجيه آخر لا يعني أعرضنا عنه، وربما نشير إليه في غير هذا الموضع. ذكر حذيفة بن اليمان من سادات الصحابة صاحب سرّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي لا يعلمه غيره، العارف بالمنافقين وبالفتن وفي حديث مسلم: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخبره بما يقع إلى قيام الساعة. وأبو اليمان -بتخفيف النون-: اسمه حسيل -بضم الحاء مصغر، قال ابن عبد البر: إنما قيل له اليمان لأنه نسب إلى جده اليمان، وهو جروة بن الحارث، وجروة عبسي نسبة إلى عبس بفتح العين وسكون الموحدة أبو قبيلة من قيس؛ وإنما قيل له اليمان لأنه أصاب دمًا في قومه فهرب إلى المدينة وحالف بني عبد الأشهل والأنصار من اليمن، فمن قال: يميني ثم أنصاري فقد قال ما ليس بواقع. 3824 - (رجاء) بفتح الراء والمد (لما كان يوم أحد هُزم المشركون) على بناء المجهول. (فصاح إبليس عباد الله آخراكم) نصب على الإغراء، أي: الزموا الطائفة المتأخرة (فاجتلدت مع أخوانهم) أي: ضرب كل طائفة في الأخرى بالسيف ومنه الجلاد والجلد في الحد (فوالله ما احتجزوا) أي ما امتنعوا من الحجز وهو المنع، ومنه الحاجز بين الشيئين، قال ابن عبد البر: الذي قتله عتبة بن مسعود، فحكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه بالدية، فلم يقبلها حذيفة (فوالله ما زالت في حذيفة بقية خير منها حتى لقي الله) كذا وقع، وفي بعض الروايات "بقية حزن" وهو ظاهر.

23 - باب ذكر هند بنت عتبة بن ربيعة رضى الله عنها

23 - باب ذِكْرُ هِنْدٍ بِنْتِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ رضى الله عنها 3825 - وَقَالَ عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَنِى عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ جَاءَتْ هِنْدٌ بِنْتُ عُتْبَةَ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا كَانَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ مِنْ أَهْلِ خِبَاءٍ أَحَبُّ إِلَىَّ أَنْ يَذِلُّوا مِنْ أَهْلِ خِبَائِكَ، ثُمَّ مَا أَصْبَحَ الْيَوْمَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَهْلُ خِبَاءٍ أَحَبَّ إِلَىَّ أَنْ يَعِزُّوا مِنْ أَهْلِ خِبَائِكَ. قَالَ وَأَيْضًا وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ، قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ مِسِّيكٌ، فَهَلْ عَلَىَّ حَرَجٌ أَنْ أُطْعِمَ مِنَ الَّذِى لَهُ عِيَالَنَا قَالَ «لاَ أُرَاهُ إِلاَّ بِالْمَعْرُوفِ». طرفه 2211 وهي زوجة أبي سفيان، وأم معاوية - رضي الله عنهما -. ـــــــــــــــــــــــــــــ ذكر هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف أسلمت يوم الفتح بعد زوجها، شهدت أحدًا وهي التي مثلت بحمزة وشقت بطنه وأخذت كبده وشوته ولاكت منه، وقيل: أكلته، وقيل: لم تبلعه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لو أكلته لم تمسها النار" وكان حمزة قد قتل أباها يوم بدر، ولما أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - البيعة على النساء كانت بينهن متنكرة، فلما قال: "ولا يسرقن ولا يزنين" قالت: أوتزني الحرة أو تسرق؟ فلما قال: "ولا يقتلن أولادهن" قالت: ربيناهم صغارًا وقتلتهم كبارًا، عرفها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. 3825 - (عبدان) -على وزن شعبان- عبد الله المرزوقي (قالت هند يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما كان على الأرض أهل خباء أحب إليّ أن يُذلوا من أهل خِبائك) الخِباء -بكسر الخاء والباء والموحدة-: بيت من بيوت العرب، يكون من وبر أو صوف قال ابن الأثير: يطلق على المنازل أيضًا، قلت: هنا هو المراد (ثم ما أصبح اليوم على وجه الأرض أهل خباء أحب أن يَعِزوا من أهل خبائك، قال؟ وأيضًا والذي نفسي بيده) ظاهره يدل على أنه قال: تحب عزّ أهل خبائها، وقال النووي: معناه وأيضًا ليزداد من المحبة كلما تقرر الإسلام في قلبك، (إن أبا سفيان رجل مِسّيك) -بكسر الميم وتشديد السين- الإمساك بماله، قال ابن الأثير: ويروى بفتح الميم وتخفيف السين وهو البخيل قال والأول هو المحفوظ. وفي الحديث دلالة على جواز [أخذ] قدر الحق من مال الظالم.

24 - باب حديث زيد بن عمرو بن نفيل

24 - باب حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ 3826 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضى الله عنهما أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لَقِىَ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ بِأَسْفَلِ بَلْدَحَ، قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - الْوَحْىُ فَقُدِّمَتْ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - سُفْرَةٌ، فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا ثُمَّ قَالَ زَيْدٌ إِنِّى لَسْتُ آكُلُ مِمَّا تَذْبَحُونَ عَلَى أَنْصَابِكُمْ، وَلاَ آكُلُ إِلاَّ مَا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ. وَأَنَّ زَيْدَ بْنَ عَمْرٍو كَانَ يَعِيبُ عَلَى قُرَيْشٍ ذَبَائِحَهُمْ، وَيَقُولُ الشَّاةُ خَلَقَهَا اللَّهُ، وَأَنْزَلَ لَهَا مِنَ السَّمَاءِ الْمَاءَ، وَأَنْبَتَ لَهَا مِنَ الأَرْضِ، ثُمَّ تَذْبَحُونَهَا عَلَى غَيْرِ اسْمِ اللَّهِ إِنْكَارًا لِذَلِكَ وَإِعْظَامًا لَهُ. طرفه 5499 ـــــــــــــــــــــــــــــ ذكر زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى يلاقي نسبه نسب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كعب بن لؤي، قال ابن عبد البر: ذهب هو وورقة بن نوفل إلى الشام يطلبان الدّين، أما ورقة فتنصر، وأما زيد فقال له الراهب: ما تطلب؟ قال: دين إبراهيم، فعرض عليه النصرانية فلم يقبلها، فقال له: إن الدين الذي تطلب سيظهر بأرضك، فأقبل وهو يقول: لبيك حقًّا حقًّا تعبدًا ورقًا، فتوجه إلى مكة ففتل في بلاد لُخم، وقيل: بالبلقاء قبل البعثة بخمس سنين، وقيل بل كان بلغه مبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال ابن عبد البر: قال ابنه سعيد: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن زيدًا كما قد علمت فاستغفرْ له، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يبعث يوم القيامة أمة وحده"، كان موحدًا في الجاهلية، لم يعبد صنمًا قط، وهذا شعره يدل على ذلك: أربًا واحدًا أم ألف رب ... أدين إذا تقسمت الأمور تركت اللات والعزى جميعًا ... كذلك يفعل الرجل البصير 3826 - (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقي زيد بن عمرو بن نفيل بأسفل بلدح) -بالحاء المهملة على وزن جعفر- موضع في طريق التنعيم، وقيل: وادٍ بارض فزارة (قُدّمت سفرةٌ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأبى أن يأكل) لأنه ما كان يأكل ما ذبح على الأنصاب. فإن قلت: كيف أكل منها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قلت: ليس في الحديث أنه أكل منها، ولئن

3827 - قَالَ مُوسَى حَدَّثَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَلاَ أَعْلَمُهُ إِلاَّ تُحُدِّثَ بِهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ خَرَجَ إِلَى الشَّأْمِ، يَسْأَلُ عَنِ الدِّينِ وَيَتْبَعُهُ فَلَقِىَ عَالِمًا مِنَ الْيَهُودِ، فَسَأَلَهُ عَنْ دِينِهِمْ، فَقَالَ إِنِّى لَعَلِّى أَنْ أَدِينَ دِينَكُمْ، فَأَخْبِرْنِى. فَقَالَ لاَ تَكُونُ عَلَى دِينِنَا حَتَّى تَأْخُذَ بِنَصِيبِكَ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ. قَالَ زَيْدٌ مَا أَفِرُّ إِلاَّ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ، وَلاَ أَحْمِلُ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ شَيْئًا أَبَدًا، وَأَنَّى أَسْتَطِيعُهُ فَهَلْ تَدُلُّنِى عَلَى غَيْرِهِ قَالَ مَا أَعْلَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ حَنِيفًا. قَالَ زَيْدٌ وَمَا الْحَنِيفُ قَالَ دِينُ إِبْرَاهِيمَ لَمْ يَكُنْ يَهُودِيًّا وَلاَ نَصْرَانِيًّا وَلاَ يَعْبُدُ إِلاَّ اللَّهَ. فَخَرَجَ زَيْدٌ فَلَقِىَ عَالِمًا مِنَ النَّصَارَى، فَذَكَرَ مِثْلَهُ، فَقَالَ لَنْ تَكُونَ عَلَى دِينِنَا حَتَّى تَأْخُذَ بِنَصِيبِكَ مِنْ لَعْنَةِ اللَّهِ. قَالَ مَا أَفِرُّ إِلاَّ مِنْ لَعْنَةِ اللَّهِ، وَلاَ أَحْمِلُ مِنْ لَعْنَةِ اللَّهِ وَلاَ مِنْ غَضَبِهِ شَيْئًا أَبَدًا، وَأَنَّى أَسْتَطِيعُ فَهَلْ تَدُلُّنِى عَلَى غَيْرِهِ قَالَ مَا أَعْلَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ حَنِيفًا. قَالَ وَمَا الْحَنِيفُ قَالَ دِينُ إِبْرَاهِيمَ لَمْ يَكُنْ يَهُودِيًّا وَلاَ نَصْرَانِيًّا وَلاَ يَعْبُدُ إِلاَّ اللَّهَ. فَلَمَّا رَأَى زَيْدٌ قَوْلَهُمْ فِي إِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - خَرَجَ، فَلَمَّا بَرَزَ رَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّى أَشْهَدُ أَنِّى عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ. 3828 - وَقَالَ اللَّيْثُ كَتَبَ إِلَىَّ هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما - قَالَتْ رَأَيْتُ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ قَائِمًا مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ يَقُولُ يَا مَعَاشِرَ قُرَيْشٍ، وَاللَّهِ مَا مِنْكُمْ عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ غَيْرِى، وَكَانَ يُحْيِى الْمَوْءُودَةَ، يَقُولُ ـــــــــــــــــــــــــــــ سُلّم لم يلزم أن يكون مما ذُبح على الأنصاب، هذا ولكن قال ابن عبد البر: أكل منها ولما سمع ذلك الكلام من زيد لم يأكل بعده إلى أن بعث قيل: ولو أكل منه لا ضرر لأنه كان قبل البعثة، وعندي أن هذا ليس بمرضي لأنه وإن كان الأمر كذلك إلا أنه كان مصونًا من الرذائل. 3827 - (فلقي عالمًا من اليهود) فأراد أن يدخل في دينه (فقال: لا تكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك من غضب الله). فإن قلت: كيف صدر هذا الكلام من اليهودي؟ قلت: كان عالمًا بقرب البعثة ونسخ شرعهم أرشده إلى الصواب قال زيد: (فهل تدلني على غيره، قال: ما أعلمه إلا أن يكون حنيفًا، قال زيد: وما الحنيف؟ قال: دين إبراهيم وإنما قيل فيمن على دين إبراهيم حنيفًا لكونه مائلًا عن كل باطل. 3828 - (وكان يحيى الموءودة) قد بيّن وجه إحيائها بأنه كان يخلصها من القتل

25 - باب بنيان الكعبة

لِلرَّجُلِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْتُلَ ابْنَتَهُ لاَ تَقْتُلْهَا، أَنَا أَكْفِيكَهَا مَئُونَتَهَا. فَيَأْخُذُهَا فَإِذَا تَرَعْرَعَتْ قَالَ لأَبِيهَا إِنْ شِئْتَ دَفَعْتُهَا إِلَيْكَ، وَإِنْ شِئْتَ كَفَيْتُكَ مَئُونَتَهَا. 25 - باب بُنْيَانُ الْكَعْبَةِ 3829 - حَدَّثَنِى مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا بُنِيَتِ الْكَعْبَةُ ذَهَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَعَبَّاسٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ (ترعرعت) براء وعين مهملتين، أي نشأت وكبرت، روى ابن سعد في "الطبقات"، والطبراني أن عامر بن ربيعة لقي زيدًا، فأوصاه زيد بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سيبعث، فإن أدركته فأسرع إليه. باب بنيان الكعبة بنيت الكعبة الشريفة خمس مرات، أول من بناها الملائكة، ثم بناها إبراهيم خليل الله، ثم في الجاهلية فإنها احترقت، ثم ابن الزبير أسس على قواعد إبراهيم، ثم الحجاج أعادها كما كانت في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فإن قلت: قد سلف أن أول من بنى البيت آدم عليه السلام. قلت: الذي تقدم هو بناء المسجد الحرام، ولو صح أنه بنى البيت لعله كان بمشاركة الملائكة والأول هو المعتمد لما في الأخبار أن آدم حج من سرنديب إلى البيت سبع مرات. وكان بناء الجاهلية سنة خمس وعشرين من عام الفيل، وعمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ ذاك أيضًا خمس وعشرون، وفي ذلك العام تزوج خديجة. ولما رفعوا الجدار إلى موضع الحجر اختلفوا في وضع الحجر، وبلغ الأمر إلى أن تداعوا إلى السلاح، ثم وقع الاتفاق على أن أول داخل من هذا الباب يكون حكمًا بينهما، حكم لا يتجاوز عنه، فدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان بينهم يدعى بالأمين لفرط أمانته وديانته عندهم، والصدق في الأحوال حتى واعده إنسان أن يأتيه سريعًا ولا يبرح عن مكانه حتى يأتيه فأقام يومًا وليلة حتى وافاه، ولما حكموه ألهمه الله أمرًا رشيدًا، فقال ائتوني بثوب فجاؤوا به فقال: ضعوا الحجر فيه فلما وضعوه قال: لتأخذ كل قبيلة بطرف من الثوب فأخذوا فلما ساوى الحجر المكان من الركن أخذه بيده فوضعه في موضعه، ففاز بالوضع دون الكل، وأصلح الله ببركته بين الطوائف، هكذا تكون مقدمات النبوة، وتباشير صبح الرسالة على الموصوف بها أفضل الصلوات وأكمل التسليمات. 3829 - وحديث الباب هنا (أن الكعبة المعظمة لما بنيت ذهب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والعباس

26 - باب أيام الجاهلية

يَنْقُلاَنِ الْحِجَارَةَ، فَقَالَ عَبَّاسٌ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - اجْعَلْ إِزَارَكَ عَلَى رَقَبَتِكَ يَقِيكَ مِنَ الْحِجَارَةِ، فَخَرَّ إِلَى الأَرْضِ، وَطَمَحَتْ عَيْنَاهُ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ «إِزَارِى إِزَارِى». فَشَدَّ عَلَيْهِ إِزَارَهُ. طرفه 364 3830 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى يَزِيدَ قَالاَ لَمْ يَكُنْ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حَوْلَ الْبَيْتِ حَائِطٌ، كَانُوا يُصَلُّونَ حَوْلَ الْبَيْتِ، حَتَّى كَانَ عُمَرُ، فَبَنَى حَوْلَهُ حَائِطًا - قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ - جَدْرُهُ قَصِيرٌ، فَبَنَاهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ. 26 - باب أَيَّامِ الْجَاهِلِيَّةِ 3831 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ هِشَامٌ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ عَاشُورَاءُ يَوْمًا تَصُومُهُ قُرَيْشٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ـــــــــــــــــــــــــــــ ينقلان الحجارة فقال عباس للنبي - صلى الله عليه وسلم -: اجعل إزارك على رقبتك) على دأب الجاهلية من كشف العورة والطواف عريانًا، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أول نشأته محفوظًا من كل ما يشين مروءة وديانة، وقبل قول عمه احترامًا له فعوتب على أنه لم يكن ذلك من شأنه، وكذلك حال المقربين لا سيما إذا كان سيد المقربين (فوقع فطمحت عيناه إلى السماء) أي: ارتفعت أي من شدة الوقوع والألم أو توجهًا إلى الله بالإنابة لعلمه بأنه إنما جاء من ذلك الفعل الذي لم يلق به وهذا الوجه أقرب، والأول أظهر. 3830 - (لم يكن على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - حول البيت حائط) يريد الحجر (لما كان عمر) أي: أيام خلافته (بنى حوله حائطًا) لأن ذلك من داخل البيت حكمًا لأنه من أساس إبراهيم وقيل: ليس كله بل مقدار ستة أذرع فأراد بذلك بيان أساس البيت لئلا يطوف إنسان داخله، فإن طوافه باطل لأنه طواف في البيت لا بالبيت مخالف للنص وهو قوله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29]. أيام الجاهلية الجاهلية مصدر في الأصل، غلب في عرف الشرع على زمان الفترة بين عيسى ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى أخيه عيسى لظهور الجهل والشرك بالله من جميع الطوائف أهل الكتاب وعبدة الأوثان، والمجوس. 3831 - (كان يوم عاشوراء يومًا تصومه قريش) هو اليوم العاشر من المحرم قال ابن

يَصُومُهُ، فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ صَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ كَانَ مَنْ شَاءَ صَامَهُ، وَمَنْ شَاءَ لاَ يَصُومُهُ. طرفه 1592 3832 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنَ الْفُجُورِ فِي الأَرْضِ، وَكَانُوا يُسَمُّونَ الْمُحَرَّمَ صَفَرًا وَيَقُولُونَ إِذَا بَرَا الدَّبَرْ، وَعَفَا الأَثَرْ، حَلَّتِ الْعُمْرَةُ لِمَنِ اعْتَمَرْ. قَالَ فَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ رَابِعَةً مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ وَأَمَرَهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً. قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَىُّ الْحِلِّ قَالَ «الْحِلُّ كُلُّهُ». طرفه 1085 ـــــــــــــــــــــــــــــ الأثير: وهذا الاسم إسلامي لم يكن في الجاهلية تقدم في أبواب الصوم، والحديث معروف مشهور. 3832 - (كانوا يرون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور) وليس لهم في ذلك ما يتمسك به إلا أنه من مخترعاتهم كالطواف عريانًا، وعدم الوقوف بعرفة، ولذلك أبطله الشارع. (مسلم) ضد الكافر (وُهَيب) بضم الواو، مصغر (ابن طاوس) عبد الله (كانوا يسمون المحرم صفر) كانوا يقدمون هذا الاسم لأن محرم كان من الأشهر الحرم، وكان رزقهم من الغارات، وكان ثلاثة أشهر تطول عليهم فيجعلون اسم المحرم مكان صفر وبالعكس جهلًا منهم كما أخبر الله عنهم بقوله: {لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ} [التوبة: 37]، قال ابن إسحاق: أول من اخترع هذه البدعة قلَمّس -بفتح اللام وتشديد الميم المفتوحة- وهو رجل من مضر من نسل خزيمة، واستمر ذلك في أولاده آخرهم عبادة، وعليه قام الإسلام، وكان ينادي في ذلك إذا صدر الحاج، وفي ذلك يقول شاعرهم: ألسنا الناسئين على معد ... شهور الحل نجعلها حراما (ويقولون إذا برأ الدَّبر) بفتح الراء، من برئ المريض، والدبر -بفتح الدال والباء- جمع دبرة، وهي العقر في ظهر البعير، والحديث مع شرحه في أبواب الحج.

3833 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ كَانَ عَمْرٌو يَقُولُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ جَاءَ سَيْلٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَكَسَا مَا بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ. قَالَ سُفْيَانُ وَيَقُولُ إِنَّ هَذَا لَحَدِيثٌ لَهُ شَأْنٌ. 3834 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ بَيَانٍ أَبِى بِشْرٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِى حَازِمٍ قَالَ دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى امْرَأَةٍ مِنْ أَحْمَسَ يُقَالُ لَهَا زَيْنَبُ، فَرَآهَا لاَ تَكَلَّمُ، فَقَالَ مَا لَهَا لاَ تَكَلَّمُ قَالُوا حَجَّتْ مُصْمِتَةً. قَالَ لَهَا تَكَلَّمِى، فَإِنَّ هَذَا لاَ يَحِلُّ، هَذَا مِنْ عَمَلِ الْجَاهِلِيَّةِ. فَتَكَلَّمَتْ، فَقَالَتْ مَنْ أَنْتَ قَالَ امْرُؤٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ. قَالَتْ أَىُّ الْمُهَاجِرِينَ قَالَ مِنْ قُرَيْشٍ. قَالَتْ مِنْ أَىِّ قُرَيْشٍ أَنْتَ قَالَ إِنَّكِ لَسَئُولٌ أَنَا أَبُو بَكْرٍ. قَالَتْ مَا بَقَاؤُنَا عَلَى هَذَا الأَمْرِ الصَّالِحِ الَّذِى جَاءَ اللَّهُ بِهِ بَعْدَ الْجَاهِلِيَّةِ قَالَ بَقَاؤُكُمْ عَلَيْهِ مَا اسْتَقَامَتْ بِكُمْ أَئِمَّتُكُمْ. قَالَتْ وَمَا الأَئِمَّةُ قَالَ أَمَا ـــــــــــــــــــــــــــــ 3833 - (جاء سيل في الجاهلية فكسا ما بين الجبلين) هما الأخشبان أبو قبيس والأحمر (قال سفيان: ويقول: إن هذا حديث له شأن) فاعل يقول عمرو، قيل: إنما أشار بقوله: [له] شأن، إلى أنه جاء في حديث "إن مكان البيت كان ربوة لا يعلوه الماء" وكان سيل الحرم لا يدخل الحل وسيل الحل لا يدخل الحرم فأشار إلى بطلان ذلك. قال بعضهم: فإن قلت: ما الحكمة في أن غرق البيت ولم يغرق في أيام الطوفان بل رفع إلى السماء؟ قلت: لعله لأن ذلك كان عذابًا بخلاف هذا. قلت: الذي رفع إلى السماء، وهو البيت المعمور، كان من الجنة ياقوتة حمراء، ومتاع الجنة محفوظ عن الآفات. 3834 - (أبو النعمان) -بضم النون- محمد بن الفضل (أبو عَوانة) بفتح العين (بيان) بفتح الموحدة (أبي بشر) -بكسر الموحدة بعدها معجمة- واسمه جعفر (حازم) بالحاء المهملة (دخل أبو بكر على امرأة من أحمس) قال ابن الأثير: الأحمس قريش ومن ولدت قريش وكنانة وجديلة قيس؛ سموا بذلك لأنهم تحمسوا في دينهم، أي شددوا على زعمهم الباطل من عدم الخروج من الحرم وعدم الدخول في البيوت من أبوابها إذا كانوا محرمين (حجت مصمتة) يقال: صمت وأصمت بمعنى ذكره الجوهري (إنكِ لسؤول) على وزن فعول بمعنى الفاعل، ولذلك استوى فيه المذكر والمؤنث (ما بقاؤنا على هذا الأمر الصالح) يريد قانون الشرع (ما استقامت بكم أئمتكم) فإن ضلالهم سبب لضلال الرعية، فإن الناس على

كَانَ لِقَوْمِكِ رُءُوسٌ وَأَشْرَافٌ يَأْمُرُونَهُمْ فَيُطِيعُونَهُمْ قَالَتْ بَلَى. قَالَ فَهُمْ أُولَئِكَ عَلَى النَّاسِ. 3835 - حَدَّثَنِى فَرْوَةُ بْنُ أَبِى الْمَغْرَاءِ أَخْبَرَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ أَسْلَمَتِ امْرَأَةٌ سَوْدَاءُ لِبَعْضِ الْعَرَبِ، وَكَانَ لَهَا حِفْشٌ فِي الْمَسْجِدِ قَالَتْ فَكَانَتْ تَأْتِينَا فَتَحَدَّثُ عِنْدَنَا فَإِذَا فَرَغَتْ مِنْ حَدِيثِهَا قَالَتْ وَيَوْمُ الْوِشَاحِ مِنْ تَعَاجِيبِ رَبِّنَا أَلاَ إِنَّهُ مِنْ بَلْدَةِ الْكُفْرِ أَنْجَانِى فَلَمَّا أَكْثَرَتْ قَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ وَمَا يَوْمُ الْوِشَاحِ قَالَتْ خَرَجَتْ جُوَيْرِيَةٌ لِبَعْضِ أَهْلِى، وَعَلَيْهَا وِشَاحٌ مِنْ أَدَمٍ فَسَقَطَ مِنْهَا، فَانْحَطَّتْ عَلَيْهِ الْحُدَيَّا وَهْىَ تَحْسِبُهُ لَحْمًا، فَأَخَذَتْ فَاتَّهَمُونِى بِهِ فَعَذَّبُونِى، حَتَّى بَلَغَ مِنْ أَمْرِى أَنَّهُمْ طَلَبُوا فِي قُبُلِى، فَبَيْنَا هُمْ حَوْلِى وَأَنَا فِي كَرْبِى إِذْ أَقْبَلَتِ الْحُدَيَّا حَتَّى وَازَتْ بِرُءُوسِنَا ثُمَّ أَلْقَتْهُ، فَأَخَذُوهُ فَقُلْتُ لَهُمْ هَذَا الَّذِى اتَّهَمْتُمُونِى بِهِ وَأَنَا مِنْهُ بَرِيئَةٌ. 3836 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَلاَ مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلاَ يَحْلِفْ إِلاَّ بِاللَّهِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ دين ملوكهم (رؤوس وأشراف) العطف تفسيري. 3835 - (فروة بن أبي المَغراء) بفتح الميم وغين معجمة مع المد (مُسْهِر) بضم الميم وكسر الهاء (أسلمت امرأة سوداء لبعض العرب، وكان لها حِفْشٌ في المسجد) قال ابن الأثير: هو بكسر الحاء المهملة البيت الصغير، أصله السقط، شُبه به البيت الصغير (قالت: ويوم الوشاح من تَعاجيب ربنا) جمع تعجيب، يقال: فلانًا أي: أدخلته في العجب، والوشاح بكسر الواو قال ابن الأثير: شيء يصنع من الأديم العريض وربما رصع بالجواهر، تشده المرأة بين عاتقها وكشحها (الحدية) على وزن ثرية، مصغر الحدأة على غير قياس، وموضع الدلالة في الحديث إدخال اليد في قبلها فإنه من أمر الجاهلية (وازت) بالزاي المعجمة من الموازاة، أي قابلت، ويروى آزت بالمد بإبدال الهمزة على الواو. 3836 - (لا تحلفوا بآبائكم) فإن الحلف إحدى الحجتين فلا يكون إلا باسم بأسمائه تعالى، وإليه أشار في الحديث الآخر: (من كان حالفًا فليحلف بالله).

فَكَانَتْ قُرَيْشٌ تَحْلِفُ بِآبَائِهَا، فَقَالَ «لاَ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ». طرفه 2679 3837 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرٌو أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ حَدَّثَهُ أَنَّ الْقَاسِمَ كَانَ يَمْشِى بَيْنَ يَدَىِ الْجَنَازَةِ وَلاَ يَقُومُ لَهَا، وَيُخْبِرُ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُومُونَ لَهَا، يَقُولُونَ إِذَا رَأَوْهَا كُنْتِ فِي أَهْلِكِ مَا أَنْتِ. مَرَّتَيْنِ. 3838 - حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ قَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه - إِنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا لاَ يُفِيضُونَ مِنْ جَمْعٍ حَتَّى تَشْرُقَ الشَّمْسُ عَلَى ثَبِيرٍ، فَخَالَفَهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَفَاضَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ. طرفه 1684 3839 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ قُلْتُ لأَبِى أُسَامَةَ حَدَّثَكُمْ يَحْيَى بْنُ الْمُهَلَّبِ حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ عَنْ عِكْرِمَةَ (وَكَأْسًا دِهَاقًا) قَالَ مَلأَى مُتَتَابِعَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ 3837 - (كان أهل الجاهلية يقومون لها) لها أي للجنازة (ويقولون إذا رأوها كنت في أهلك ما أنت) وفي بعضها: ما كنت، أي كنت عزيزة .... أي كنت على صفة غريبة (مرتين) قيدٌ ليقولون، قال بعضهم: ما نافية، ومرتين معناه على معتقد الجاهلية أي: لا غير، أي كنت مرة في القوم ولست كائنة مرة أخرى، وهذا شيء لا يدل عليه اللفظ بوجهٍ، ولا يلائم المقام، وتأباه رواية ما أنت، وكيف يدل ما كنت على عدم الكون في المستقبل، ثم قال في وجه آخر: ما موصولة؛ أي: الذي كنت فيه في الدنيا، والآن أنت في مثله إن خيرًا فخيرًا، وإن شرًّا فشرًا، وهذا يناقض الأول؛ لأنهم لم يعتقدوا بعد الموت خيرًا وشرًّا. 3838 - (إن المشركين كانوا لا يفيضون من الجمع) أي من المزدلفة إلى منى، وسمي جمعًا لأن آدم وحواء لما هبطا اجتمعا فيه، قال ابن الأثير، وقال الجوهري: سمي بذلك لاجتماع الناس فيه، (حتى تشرق الشمس على ثبير) بضم الثاء وفتحها لغتان، يقال: شرق وأشرق، وثبير جبل بمكة على يسار الذاهب إلى منى، قال الجوهري: كانوا إذا وقفوا بالمزدلفة يقولون أشرق ثُبير كما نُغير -بضم النون وغين معجمة- من أغار إذا أسرع، أي: لنسرع إلى ذبح القرابين. 3839 - (أبو أسامة) -بضم الهمزة- حماد بن أسامة (المُهلّب) بضم الميم وتشديد اللام (حُصين) بضم الحاء، مصغّر (قال ابن عباس: سمعت أبي في الجاهلية يقول: اسقنا كأسًا دهاقًا) وقد فسر الدهاق بقوله: (ملأى متتابعة).

3840 - قَالَ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ سَمِعْتُ أَبِى يَقُولُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ اسْقِنَا كَأْسًا دِهَاقًا. 3841 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَصْدَقُ كَلِمَةٍ قَالَهَا الشَّاعِرُ كَلِمَةُ لَبِيدٍ: أَلاَ كُلُّ شَىْءٍ مَا خَلاَ اللَّهَ بَاطِلٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: ابن عباس ولد بعد البعثة، وقد ذكرت أن الجاهلية هي أيام الفترة قبل البعثة، قلت: أراد قبل إسلام أبيه، أو كان ذلك على دأب أهل الجاهلية. 3841 - (أصدق كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد) أي: أصدق كلام فإنّ الصدق من لوازم الخبر، والكلمة لغة: تُطلق على الكلام كما في كلمة الشهادة، وتخصيصها باللفظ المفرد عرف النحاة، ولبيد هذا هو لبيد بن ربيعة، كان شاعرًا في الجاهلية موصوفًا من بني عامر من الأشراف، يكنى أبا عقيل، أسلم وحَسُن إسلامه، قالوا لم يقل شعرًا منذ أسلم إلا هذا البيت، وبيت آخر بعده: وكل امرئ يومًا سيعلم سعيه ... إذا كشفت عند الإله المحاصل وكان من الأجواد، ونذر على نفسه أن لا تهب الصبا إلا نحر وأطعم، وكان بالكوفة وقد أُفقر، وكان أمير الكوفة الوليد بن عقبة، فهبت الصبا يومًا فخطب فقال في خطبته: قد عرفتم أيها الناس نذر أبي عقيل، فأعينوه ونزل فبعث له مئةَ ناقة، وبعث الناس أيضًا حتى اجتمع عنده ألف ناقة، وكتب إليه الوليد شعرًا منه قوله: أرى الجزّار يشحذ شفرتيه ... إذا هبت رياح أبي عقيل أغر الوجه أبيض عامريٌّ ... طويل الباع كالسيف الصقيل فلما بلغه الشعر قال لابنته أجيبي الوليد، فإني لا أقول الشعر فقالت: إذا هبت رياح أبي عقيل ... دعونا عند هبتها الوليدا قال ابن عبد البر: قال له عمر: يا أبا عقيل أنشدنا من شعرك شيئًا، قال ما كنت أقول

وَكَادَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِى الصَّلْتِ أَنْ يُسْلِمَ». طرفاه 6147، 6489 ـــــــــــــــــــــــــــــ شعرًا بعدما علمني الله البقرة وآل عمران فزاد عمر في عطائه خمسمئة، وعن أنس أن لبيدًا مات وعمره مئة وأربعون سنة. فإن قلت: ما وجه إيراد هذه القصيدة في أيام الجاهلية؟ قلت: في قوله: ألا كل شيء ما خلا الله باطلُ إشارة إلى بطلان ما كان فيه الناس أيام الجاهلية وقد استشكل قوله: وكل نعيم لا محالة زائل، فإن نعيم الجنة دائم، وهذا ليس بشيء فإنه يريد نعيم الدنيا لأنه قاله في الإسلام. وحتى قال بعض القاصرين: إنه لما قال ذلك قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كذبت فإن نعيم الجنة غير زائلة، وهذا لم نجده في كلام من يعتمد عليه كابن عبد البر وغيره على أنه روي عنه بيت بعده: سوى جنة الفردوس إن نعيمها لكن نقل شيخنا أنه قال أحد المشركين لما سمع البيت. (وكاد أمية بن الصلت أن يُسلم) كان رجلًا من ثقيف، وكان يؤمن بالدار الآخرة، وكان قد قرأ الكتب وخالط أهل الكتاب ويعلم أن نبينا كائن في العرب ويسعى أن يكون هو، فلما بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كفر به ومات حسدًا، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستنشد شعره، وقال لما سمع قوله في التوحيد وأحوال القيامة: "آمن شعره وكفر قلبه"، وله أخت اسمها فارعة، وردت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد موته فسألها عن أحواله، فقالت: كان راقدًا يومًا فكشف عن سقف البيت فنزل رجلان فقعد أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه، فقال أحدهما للآخر: وعى ثم ذهبا، فلما استيقظ سأل أخته هل جرى أمرٌ فأخبَرته بما كان، فقال كان خيرًا صرف عني.

3842 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى أَخِى عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ لأَبِى بَكْرٍ غُلاَمٌ يُخْرِجُ لَهُ الْخَرَاجَ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَأْكُلُ مِنْ خَرَاجِهِ، فَجَاءَ يَوْمًا بِشَىْءٍ فَأَكَلَ مِنْهُ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ لَهُ الْغُلاَمُ تَدْرِى مَا هَذَا فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَمَا هُوَ قَالَ كُنْتُ تَكَهَّنْتُ لإِنْسَانٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَمَا أُحْسِنُ الْكِهَانَةَ، إِلاَّ أَنِّى خَدَعْتُهُ، فَلَقِيَنِى فَأَعْطَانِى بِذَلِكَ، فَهَذَا الَّذِى أَكَلْتَ مِنْهُ. فَأَدْخَلَ أَبُو بَكْرٍ يَدَهُ فَقَاءَ كُلَّ شَىْءٍ فِي بَطْنِهِ. 3843 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَتَبَايَعُونَ لُحُومَ الْجَزُورِ إِلَى حَبَلِ الْحَبَلَةِ، قَالَ وَحَبَلُ الْحَبَلَةِ أَنْ تُنْتَجَ النَّاقَةُ مَا فِي بَطْنِهَا، ثُمَّ تَحْمِلَ الَّتِى نُتِجَتْ، فَنَهَاهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ ذَلِكَ. طرفه 2143 ـــــــــــــــــــــــــــــ 3842 - (كان لأبي بكر كلام يَخرج له الخراج) -بفتح الياء- أي: يعمل له الأجرة، (فجاء يومًا بشيء فأكل منه أبو بكر، فقال الغلام: أتدري ما هذا؟ فقال أبو بكر وما هو؟ قال: كنت تكهنت لإنسان في الجاهلية) قال الجوهري: يقال: كهن يكهن مثل نصر ينصر (كِهانة) -بكسر الكاف- إذا تكهن أي: عمل الكهانة وكُهِن -بضم الكاف- أي: صار كاهنًا ومصدره كَهانة، بفتح الكاف (فقاء أبو بكر كلَّ شيء في بطنه). فإن قلت: ما فائدة القيء وفد فسد ذلك الطعام، وقد استفاد منه المقصود، وهو اللذة ودفع الجوع؟ قلت: فائدته ألا ينبت منه اللحم، فإن في الحديث: "كل لحم نبت من الحرام فالنار أولى به". فإن قلت: الواجب على أبي بكر قيمة الطعام. قلت: الأمر كذلك، والحديث ساكت، ولا بد من أحد الأمرين إما القيمة، أو الاستحلال، وقيل: لأنه كان مال الحربي وفيه نظر لأن حل مال الحربي كان بعد غزوة بدر. 3843 - كان أهل الجاهلية يتبايعون لحوم الجزور إلى حَبَل الحبلة) بفتح الباء فيهما، وقد فسر في الحديث (تُنتج الناقة) -بضم التاء على بناء المجهول- قال ابن الأثير: الناتج للناقة كالقابلة للمرأة.

27 - باب القسامة فى الجاهلية

3844 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا مَهْدِىٌّ قَالَ غَيْلاَنُ بْنُ جَرِيرٍ كُنَّا نَأْتِى أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ فَيُحَدِّثُنَا عَنِ الأَنْصَارِ، وَكَانَ يَقُولُ لِى فَعَلَ قَوْمُكَ كَذَا وَكَذَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا، وَفَعَلَ قَوْمُكَ كَذَا وَكَذَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا. طرفه 3776 27 - باب الْقَسَامَةُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ 3845 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَطَنٌ أَبُو الْهَيْثَمِ حَدَّثَنَا أَبُو يَزِيدَ الْمَدَنِىُّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ إِنَّ أَوَّلَ قَسَامَةٍ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَفِينَا بَنِى هَاشِمٍ، كَانَ رَجُلٌ مِنْ بَنِى هَاشِمٍ اسْتَأْجَرَهُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ فَخِذٍ أُخْرَى، فَانْطَلَقَ مَعَهُ فِي إِبِلِهِ، فَمَرَّ رَجُلٌ بِهِ مِنْ بَنِى هَاشِمٍ قَدِ انْقَطَعَتْ عُرْوَةُ جُوَالِقِهِ فَقَالَ أَغِثْنِى بِعِقَالٍ أَشُدُّ بِهِ عُرْوَةَ جُوَالِقِى، لاَ تَنْفِرُ الإِبِلُ. فَأَعْطَاهُ عِقَالاً، فَشَدَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ 3844 - (أبو النعمان) -بضم النون- محمد بن الفضل (غيلان) بفتح المعجمة (فكان يقول) أي: أنس (فعل قومك كذا وكذا) كناية عن أمور الجاهلية وهو مفسر في كلام أنس إلا أن الراوي طوى ذكرها لشناعتها. القسامة في الجاهلية القَسامة -بفتح القاف-: اسم الأيمان على الوجه المذكور في الحديث، واختلف في أول من حكم بها في الجاهلية، قيل: القلمس صاحب النسيء رجل من ذرية خزيمة، وقيل: أبو سارة، وقيل: النضر بن كنانة أبو قريش، وقيل: معاوية بن بكر قتل أخاه، فحكم حكيم العرب عامر بن الضرب فيها بمئة من الإبل. وقال ابن إسحاق: أول من سنها عبد المطلب. وقول ابن عباس يخالف كل ذلك؛ لأن في روايته أول من حكم فيها أبو طالب. 3845 - (أبو مَعمَر) بفتح الميمين بينهما عين ساكنة (قَطن) بفتح القاف (أبو الهيثم) بفتح الهاء (إن أول قسامة كانت في الجاهلية رجل من بني هاشم استأجره رجل من قريش من فخذ أخرى) قد أشرنا سابقًا أن الأعلى الشعب ثم القبيلة ثم الفخذ ثم البطن. قال ابن بكار: الرجل الذي من بني هاشم عمرو بن علقمة بن المطلب، والرجل الآخر الذي من قريش عداس بن عبد الله بن قيس، وهذا لا يوافق قول ابن عباس، فإن هذا مطلبي، وأجاب بعضهم بأن هذا صواب فإن بني هاشم وبني المطلب شيء واحد، وليس بشيء فإن قوله: (من بني هاشم) صريح، وقوله بعده: (يا لبني هاشم) أصرح منه في كونه هاشميًّا. يا: حرف النداء،

بِهِ عُرْوَةَ جُوَالِقِهِ، فَلَمَّا نَزَلُوا عُقِلَتِ الإِبِلُ إِلاَّ بَعِيرًا وَاحِدًا، فَقَالَ الَّذِى اسْتَأْجَرَهُ مَا شَأْنُ هَذَا الْبَعِيرِ لَمْ يُعْقَلْ مِنْ بَيْنِ الإِبِلِ قَالَ لَيْسَ لَهُ عِقَالٌ. قَالَ فَأَيْنَ عِقَالُهُ قَالَ فَحَذَفَهُ بِعَصًا كَانَ فِيهَا أَجَلُهُ، فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ، فَقَالَ أَتَشْهَدُ الْمَوْسِمَ قَالَ مَا أَشْهَدُ، وَرُبَّمَا شَهِدْتُهُ. قَالَ هَلْ أَنْتَ مُبْلِغٌ عَنِّى رِسَالَةً مَرَّةً مِنَ الدَّهْرِ قَالَ نَعَمْ. قَالَ فَكُنْتَ إِذَا أَنْتَ شَهِدْتَ الْمَوْسِمَ فَنَادِ يَا آلَ قُرَيْشٍ. فَإِذَا أَجَابُوكَ، فَنَادِ يَا آلَ بَنِى هَاشِمٍ. فَإِنْ أَجَابُوكَ فَسَلْ عَنْ أَبِى طَالِبٍ، فَأَخْبِرْهُ أَنَّ فُلاَنًا قَتَلَنِى فِي عِقَالٍ، وَمَاتَ الْمُسْتَأْجَرُ، فَلَمَّا قَدِمَ الَّذِى اسْتَأْجَرَهُ أَتَاهُ أَبُو طَالِبٍ فَقَالَ مَا فَعَلَ صَاحِبُنَا قَالَ مَرِضَ، فَأَحْسَنْتُ الْقِيَامَ عَلَيْهِ، فَوَلِيتُ دَفْنَهُ. قَالَ قَدْ كَانَ أَهْلَ ذَاكَ مِنْكَ. فَمَكُثَ حِينًا، ثُمَّ إِنَّ الرَّجُلَ الَّذِى أَوْصَى إِلَيْهِ أَنْ يُبْلِغَ عَنْهُ وَافَى الْمَوْسِمَ فَقَالَ يَا آلَ قُرَيْشٍ. قَالُوا هَذِهِ قُرَيْشٌ. قَالَ يَا آلَ بَنِى هَاشِمٍ. قَالُوا هَذِهِ بَنُو هَاشِمٍ. قَالَ أَيْنَ أَبُو طَالِبٍ قَالُوا هَذَا أَبُو طَالِبٍ. قَالَ أَمَرَنِى فُلاَنٌ أَنْ أُبْلِغَكَ رِسَالَةً أَنَّ فُلاَنًا قَتَلَهُ فِي عِقَالٍ. فَأَتَاهُ أَبُو طَالِبٍ فَقَالَ لَهُ اخْتَرْ مِنَّا إِحْدَى ثَلاَثٍ، إِنْ شِئْتَ أَنْ تُؤَدِّىَ مِائَةً مِنَ الإِبِلِ، فَإِنَّكَ قَتَلْتَ صَاحِبَنَا، وَإِنْ شِئْتَ حَلَفَ خَمْسُونَ مِنْ قَوْمِكَ أَنَّكَ لَمْ تَقْتُلْهُ، فَإِنْ أَبَيْتَ قَتَلْنَاكَ بِهِ فَأَتَى قَوْمَهُ، فَقَالُوا نَحْلِفُ. فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِى هَاشِمٍ كَانَتْ تَحْتَ رَجُلٍ مِنْهُمْ قَدْ وَلَدَتْ لَهُ. فَقَالَتْ يَا أَبَا طَالِبٍ أُحِبُّ أَنْ تُجِيزَ ابْنِى هَذَا بِرَجُلٍ مِنَ الْخَمْسِينَ وَلاَ تَصْبُرْ يَمِينَهُ حَيْثُ تُصْبَرُ الأَيْمَانُ. فَفَعَلَ فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَقَالَ يَا أَبَا طَالِبٍ، أَرَدْتَ خَمْسِينَ رَجُلاً أَنْ يَحْلِفُوا مَكَانَ مِائَةٍ مِنَ الإِبِلِ، يُصِيبُ كُلَّ رَجُلٍ بَعِيرَانِ، هَذَانِ بَعِيرَانِ فَاقْبَلْهُمَا عَنِّى وَلاَ تَصْبُرْ يَمِينِى حَيْثُ تُصْبِرُ الأَيْمَانُ. فَقَبِلَهُمَا، وَجَاءَ ـــــــــــــــــــــــــــــ واللام بعده مفتوحة هي اللام الاستغاثة، والصواب أن يقال: أمه هاشمية، وإن كان أبوه مطلبيًّا وبالعكس ومثله كثير في الأسماء (عقال) -بكسر العين- ما يُربط به البعير ومنه الحديث ظاهر، لكن نشير إلى بعض الألفاظ (فحذفه بعصًا) بالحاء المهملة وذال معجمة قال ابن الأثير: الحذف يستعمل في الرمي والضرب (يا آل قريش) لفظ الآل مقحم (فجاءته امرأة من بني هاشم كانت تحت رجل منهم) أي الطائفة الأخرى التي فيها القائل (ولا تصبر يمينه حيث تصبر الأيمان) قال ابن الأثير: اليمين المصبورة هي التي حكم حاكم عليه بها وألزمه، والصبر هو الحبس، وصفًا يوصف صاحبها، وحيث تصبر: المكان الذي بين الركن والمقام،

ثَمَانِيةٌ وَأَرْبَعُونَ فَحَلَفُوا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَوَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ، مَا حَالَ الْحَوْلُ وَمِنَ الثَّمَانِيَةِ وَأَرْبَعِينَ عَيْنٌ تَطْرِفُ. 3846 - حَدَّثَنِى عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ يَوْمُ بُعَاثٍ يَوْمًا قَدَّمَهُ اللَّهُ لِرَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدِ افْتَرَقَ مَلَؤُهُمْ، وَقُتِّلَتْ سَرَوَاتُهُمْ وَجُرِّحُوا، قَدَّمَهُ اللَّهُ لِرَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي دُخُولِهِمْ فِي الإِسْلاَمِ. طرفه 3777 3847 - وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنَا عَمْرٌو عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الأَشَجِّ أَنَّ كُرَيْبًا مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ حَدَّثَهُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ لَيْسَ السَّعْىُ بِبَطْنِ الْوَادِى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ سُنَّةً، إِنَّمَا كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَسْعَوْنَهَا وَيَقُولُونَ لاَ نُجِيزُ الْبَطْحَاءَ إِلاَّ شَدًّا. 3848 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ أَخْبَرَنَا مُطَرِّفٌ سَمِعْتُ أَبَا السَّفَرِ يَقُولُ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - يَقُولُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ، اسْمَعُوا مِنِّى مَا أَقُولُ لَكُمْ، وَأَسْمِعُونِى مَا تَقُولُونَ، وَلاَ تَذْهَبُوا فَتَقُولُوا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ فَلْيَطُفْ مِنْ وَرَاءِ الْحِجْرِ، وَلاَ تَقُولُوا الْحَطِيمُ، فَإِنَّ الرَّجُلَ فِي ـــــــــــــــــــــــــــــ ويجوز أن يكون حيث مستعارًا للزمان، أي: أنى وقت تصبر (ما حال الحول ومن الثمانية والأريعين عين تطرف) بفتح التاء يقال: طرفت العين إذا أطبقت جفنًا على الآخر، مجاز عن الموت فإنه لازمه. 3846 - (عبيد) بضم العين مصغر (أبو أسامة) بضم الهمزة (يوم بُعاث) بضم الباء وعين مهملة، وقد تقدم أنه اسم لحصن لأوس بقرب المدينة، وكان في ذلك اليوم النصر للأوس، وإن معنى قولها: (يومًا قدمه الله لرسوله) أنه كان سببًا للإلفة والاتفاق على الإسلام. 3847 - (بُكير بن الأشج) بضم الباء، مصغر (كُريب) كذلك (ليس السعي بين الصفا والمروة سنة) أراد من الصفا إلى المروة وإلا السعي وهو الإسراع إلى الميل الأخضر سُنة، دلّ على أن مراده من عند الصفا إلى المروة قوله: (ولا نجيز الوادي إلا شدًا) أي: عدوًا، يقال: جزت المكان إذا سرت فيه، وأجزته إذا خلفته، وقيل: هما بمعنى. 3848 - (مُطرِّف) بكسر الراء المشددة (أبا السفر) -بفتح الفاء- سعيد بن محمد الهمداني (من طاف بالبيت فليطف من وراء الحِجر، ولا تقولوا الحطيم فإن الرجل في

الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ يَحْلِفُ فَيُلْقِى سَوْطَهُ أَوْ نَعْلَهُ أَوْ قَوْسَهُ. 3849 - حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ رَأَيْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قِرْدَةً اجْتَمَعَ عَلَيْهَا قِرَدَةٌ قَدْ زَنَتْ، فَرَجَمُوهَا فَرَجَمْتُهَا مَعَهُمْ. 3850 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ خِلاَلٌ مِنْ خِلاَلِ الْجَاهِلِيَّةِ الطَّعْنُ فِي الأَنْسَابِ وَالنِّيَاحَةُ، وَنَسِىَ الثَّالِثَةَ، قَالَ سُفْيَانُ وَيَقُولُونَ إِنَّهَا الاِسْتِسْقَاءُ بِالأَنْوَاءِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الجاهلية كان يحلف فيلقي سوطه أو نعله أو قوسه) الحطيم: هو الحجر؛ وإنما قالوا فيه حطيم لأنه منخفض عن بناء البيت، من حطمه كسره؛ وإنما كان ابن عباس يكره هذا الاسم لأنه جاهلي. فإن قلت: ما معنى إلقاء السوط ونحوه فيه عند الحلف؟ قلت: معناه أنه يكون على يمينه ما دام ذلك السوط هناك، يدل عليه ما قاله ابن الأثير في وجه تسميته حطيمًا لأن العرب كانت تلقي فيه ما طافت فيه من الثياب فتبقى حتى تنحطم بطول الزمان، فهو فعيل بمعنى الفاعل، هذا كلامه، وقيل: هو الحِلف بكسر الحاء، يريد أنهم في الجاهلية إذا عقدوا حلفًا يلقون فيه ذلك علامة له. 3849 - (نُعيم) و (هُشيم) و (حصين) على وزن المصغر (رأيت في الجاهلية قِرْدَةً) -بكسر القاف- الأُنثى (اجتمع عليها القرود فرجموها فرجمتها معهم) لم يكن هذا الرجم حكم الشرع إلا أن القرد أذكى الحيوانات أنف زوجها من ذلك، وكانوا يعرفون أن الناس ترجم الزاني فعاقبوا بما رأوا. وما يقال: إن هؤلاء القردة من بقايا الإنس الذين مُسخوا فشيء لم يدل عليه نقل، على أنه تقدم أن الله لم يُبق من الأمة التي مُسِخت نسلًا. 3850 - (من خلال الجاهلية) -بكسر الخاء- أي: خصال جمع خلّة، بفتح الخاء واللام (الاستسقاء بالأنواء) جمع نوء، وهو الكوكب، وقد أشرنا سابقًا أن المراد بذلك أن يعتقد التأثير من الكوكب، وأما إذا كان المراد جري عادة الله تعالى فلا بأس، ألا ترى أن عمر بن الخطاب لما استسقى قال: لقد استسقيت بمجاديح السماء، والمجاديح: جمع مجدوح، وهو الكوكب قيل: الدبران، وقيل: ثلاث كواكب كالأثافي تشبهًا بالمِجدح -بكسر الميم- وهو خشب له ثلاث شعب يحرك به السويق إذا صُب عليه الماء، قال ابن الأثير:

28 - باب مبعث النبى - صلى الله عليه وسلم -

28 - باب مَبْعَثِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَىِّ بْنِ كِلاَبِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَىِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ. 3851 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِى رَجَاءٍ حَدَّثَنَا النَّضْرُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ أُنْزِلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ، فَمَكَثَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً، ثُمَّ أُمِرَ بِالْهِجْرَةِ، فَهَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَمَكَثَ بِهَا عَشْرَ سِنِينَ، ثُمَّ تُوُفِّىَ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 3902، 3903، 4465، 4979 ـــــــــــــــــــــــــــــ الياء في جمعه على خلاف القياس، روى الحديث عن عمر ابن الأثير في "النهاية". مبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - نسبه الشريف إلى عدنان قدمناه في صدر الكتاب، وقد روى ابن هشام تمامه إلى آدم، لم تذكره لأن أكثر الأسامي لا يعرف ضبطها. ونشير هنا إلى بعض الأسماء: (عبد المطلب) اسمه شيبة الحمد (قصي) بضم القاف اسمه ورد (مُرّة) بضم الميم وتشديد الراء (فِهر) بكسر الفاء (خُزيمة) بضم الخاء، مصغر (مدركة) بضم الميم وكسر الدال (مُضَر) بضم الميم وفتح الضاد (نزار) بكسر النون. 3851 - (أبي رَجاء) بفتح الراء والمد (مكث ثلاث عشرة سنة) أي بمكة. فإن قلت: روى البخاري عن عائشة وأم سلمة أنه مكث بمكة عشرين سنين، قلت: أرادت زمان استمرار الوحي، ولهذا قالتا: عشر سنين يوحي إليه، وقد تقدم منا أنه بعد البعثة انقطع الوحي قريبًا من ثلاث سنين.

29 - باب ما لقى النبى - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه من المشركين بمكة

29 - باب مَا لَقِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ بِمَكَّةَ 3852 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا بَيَانٌ وَإِسْمَاعِيلُ قَالاَ سَمِعْنَا قَيْسًا يَقُولُ سَمِعْتُ خَبَّابًا يَقُولُ أَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً، وَهْوَ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ، وَقَدْ لَقِينَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ شِدَّةً فَقُلْتُ أَلاَ تَدْعُو اللَّهَ فَقَعَدَ وَهْوَ مُحْمَرٌّ وَجْهُهُ فَقَالَ «لَقَدْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ لَيُمْشَطُ بِمِشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ عِظَامِهِ مِنْ لَحْمٍ أَوْ عَصَبٍ مَا يَصْرِفُهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَيُوضَعُ الْمِنْشَارُ عَلَى مَفْرِقِ رَأْسِهِ، فَيُشَقُّ بِاثْنَيْنِ، مَا يَصْرِفُهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَلَيُتِمَّنَّ اللَّهُ هَذَا الأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ مَا يَخَافُ إِلاَّ اللَّهَ». زَادَ بَيَانٌ وَالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ. طرفه 3612 3853 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه قَالَ قَرَأَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - النَّجْمَ، فَسَجَدَ فَمَا بَقِىَ أَحَدٌ إِلاَّ سَجَدَ، إِلاَّ رَجُلٌ رَأَيْتُهُ أَخَذَ كَفًّا مِنْ حَصًا فَرَفَعَهُ فَسَجَدَ عَلَيْهِ وَقَالَ هَذَا يَكْفِينِى. فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ بَعْدُ قُتِلَ كَافِرًا بِاللَّهِ. طرفه 1067 ـــــــــــــــــــــــــــــ ذكر ما لقي النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه من المشركين بمكة 3852 - (عياش بن الوليد) بفتح العين وتشديد المثناة آخره شين معجمة (الأوزاعي) بفتح الهمزة (بَيان) بفتح الموحدة بعدها مثناة (خبابًا) بفتح المعجمة وتشديد الموحدة (متوسد ببردة) أي: شملة جعلها وسادة (فقعد وهو محمرٌ وجهه) غضبًا من قول خباب وشكواه (ليمشط بمشاط) -على بناء المجهول وكسر الميم- جمع مُشط بضم الميم وهو معروف (ويوضع المِنشار على مفرق رأسه) بكسر الميم بعده نون، ويروى بالياء، قال ابن الأثير: يقال وشر ونشر بمعنى، والحديث سلف قريبًا في علامات النبوة (يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئبَ على غنمه) بالنصب عطف على المستثنى، ومن قال عطف على المستثنى منه فقد غلط. 3853 - (حرب) ضد الصلح (عن عبد الله) وهو ابن مسعود حيث أُطلق (قرأ النبي - صلى الله عليه وسلم - النجم) أي: سورة النجم (فما بقي أحد إلا سجد) أما المؤمنون موافقةً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأما المشركون فلأنهم سمعوا ذكر اللات والعزى ومناة (إلا رجل) هو أُمية بن خلف، وقيل:

3854 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ بَيْنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - سَاجِدٌ وَحَوْلَهُ نَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ جَاءَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِى مُعَيْطٍ بِسَلَى جَزُورٍ، فَقَذَفَهُ عَلَى ظَهْرِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ فَجَاءَتْ فَاطِمَةُ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ - فَأَخَذَتْهُ مِنْ ظَهْرِهِ، وَدَعَتْ عَلَى مَنْ صَنَعَ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اللَّهُمَّ عَلَيْكَ الْمَلأَ مِنْ قُرَيْشٍ أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ، وَعُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَأُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ - أَوْ أُبَىَّ بْنَ خَلَفٍ». شُعْبَةُ الشَّاكُّ - فَرَأَيْتُهُمْ قُتِلُوا يَوْمَ بَدْرٍ، فَأُلْقُوا فِي بِئْرٍ غَيْرَ أُمَيَّةَ أَوْ أُبَىٍّ تَقَطَّعَتْ أَوْصَالُهُ، فَلَمْ يُلْقَ فِي الْبِئْرِ. طرفه 240 3855 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ حَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ أَوْ قَالَ حَدَّثَنِى الْحَكَمُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ أَمَرَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبْزَى قَالَ سَلِ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ هَاتَيْنِ الآيَتَيْنِ مَا أَمْرُهُمَا (وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ) (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا) فَسَأَلْتُ ابْنَ ـــــــــــــــــــــــــــــ الوليد بن المغيرة، والأول هو الصواب؛ لأن الوليد مات قبل بدر حتف أنفه. والحديث بشرحه في أبواب السجود. 3854 - (بَشّار) بفتح الباء وتشديد الشين (بينما النبي - صلى الله عليه وسلم - ساجد) كان هذا في أوائل النبوة، وكان في المسجد الحرام، وقد سلف الحديث في أبواب الصلاة، وأشرنا إلى أن الصواب أُمية بدل أبيّ؛ لأن أبيًّا قتل بأحد، قتله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده. و (سلا جزور) -بفتح السين، مقصور- هو وعاء الولد. قال صاحب "الكشاف" في "الفائق": الجَزور -بفتح الجيم- الناقة قبل أن تنحر، فإذا نحرت فهي جُزور بالضم. 3855 - (سل ابن عباس عن هاتين الآيتين) أي: التوفيق بينهما ({وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ} [الأنعام: 151]) كذا وقع، والصواب: {وَلَا يَقْتُلُونَ} [الفرقان: 68]، والآية الأخرى ({وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} [النساء: 93]) وجه الإشكال أنه صرح بأن التوبة

30 - باب إسلام أبى بكر الصديق رضى الله عنه

عَبَّاسٍ فَقَالَ لَمَّا أُنْزِلَتِ الَّتِى فِي الْفُرْقَانِ قَالَ مُشْرِكُو أَهْلِ مَكَّةَ فَقَدْ قَتَلْنَا النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ، وَدَعَوْنَا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ، وَقَدْ أَتَيْنَا الْفَوَاحِشَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ (إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ) الآيَةَ فَهَذِهِ لأُولَئِكَ وَأَمَّا الَّتِى فِي النِّسَاءِ الرَّجُلُ إِذَا عَرَفَ الإِسْلاَمَ وَشَرَائِعَهُ، ثُمَّ قَتَلَ فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ. فَذَكَرْتُهُ لِمُجَاهِدٍ فَقَالَ إِلاَّ مَنْ نَدِمَ. أطرافه 4590، 4762، 4763، 4764، 4765، 4766 3856 - حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنِى الأَوْزَاعِىُّ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَخْبِرْنِى بِأَشَدِّ شَىْءٍ صَنَعَهُ الْمُشْرِكُونَ بِالنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ بَيْنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى فِي حِجْرِ الْكَعْبَةِ إِذْ أَقْبَلَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِى مُعَيْطٍ، فَوَضَعَ ثَوْبَهُ فِي عُنُقِهِ فَخَنَقَهُ خَنْقًا شَدِيدًا، فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى أَخَذَ بِمَنْكِبِهِ وَدَفَعَهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ (أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّىَ اللَّهُ) الآيَةَ. تَابَعَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ، قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو. وَقَالَ عَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ قِيلَ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِى سَلَمَةَ حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ. طرفه 3678 30 - باب إِسْلاَمُ أَبِى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضى الله عنه 3857 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَمَّادٍ الآمُلِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ حَدَّثَنَا ـــــــــــــــــــــــــــــ مقبولة بعد القتل، والآية الثانية حكمت بالخلود من غير ذكر التوبة، قال ابن عباس: الآية الأولى في الكفار، وهذه في المؤمنين، وهذا الذي قاله الإجماع على خلافه. وقد روي عنه أيضًا قول الجماعة، وقول مجاهد: (إلا من ندم) يشبه أن يكون ردًّا على الراوي بأن ابن عباس لم يطلق القول بل قيد بعد الندم، لكن السياق في وجه التوفيق بين الآيتين يدل على أنه كان يقول بعدم قبول التوبة. اسلام أبي بكر رضي الله عنه قد سلف في مناقبه ما فيه كفاية عن الإعادة، بل هي أكثر من أن تُحصر، وأشهر من أن يحتاج إلى أن تذكر. 3857 - (يحيى بن مَعِين) بفتح الميم وكسر العين (مُجالِد) بضم الميم وكسر اللام

31 - باب إسلام سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -

إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُجَالِدٍ عَنْ بَيَانٍ عَنْ وَبَرَةَ عَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ قَالَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَا مَعَهُ إِلاَّ خَمْسَةُ أَعْبُدٍ وَامْرَأَتَانِ، وَأَبُو بَكْرٍ. طرفه 3660 31 - باب إِسْلاَمُ سَعْدٍ بن أبي وقاص - رضي الله عنه - 3858 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا هَاشِمٌ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ سَعْدَ بْنَ أَبِى وَقَّاصٍ يَقُولُ مَا أَسْلَمَ أَحَدٌ إِلاَّ فِي الْيَوْمِ الَّذِى أَسْلَمْتُ فِيهِ، وَلَقَدْ مَكَثْتُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ وَإِنِّى لَثُلُثُ الإِسْلاَمِ طرفه 3726 ـــــــــــــــــــــــــــــ (وَبَرة) بفتح الواو والباء (بيان) بالموحدة بعدها مثناة (قال عمار: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما معه إلا خمسة أعبد وامرأتان وأبو بكر) قد سبق تمام الكلام هناك فراجعه، ولم يلزم من عدم رؤيته العدم في نفس الأمر، والمراد الرجال الذين بلغوا مبالغ الرجال، ولذلك لم يعد عليًّا. إسلام سعد بن أبي وقاص وقد رفعنا نسبه في مناقبه. 3858 - (إسحاق) كذا وقع غير منسوب، قال الغساني: روى البخاري في سورة التوبة والأدب عن إسحاق بن إبراهيم عن أبي أسامة، وفي سورة التوبة السجدة والعقيقة، عن إسحاق بن إبراهيم عن أبي أسامة (ما أسلم أحد إلا في اليوم الذي أسلمت فيه) لم يُرد باليوم اليوم المتعارف، بل مطلق الزمان لما روى ابن عبد البر وغيره أنه سابع سبعة في الإسلام، كذا قالوا، والذي عندي أن المعنى كان مسلمًا قبل الكل إلا أنه لم يظهر الإسلام إلا مع هؤلاء الستة، وهم عبد الرحمن بن عوف، والزبير وطلحة بن عبيد الله، وأبو بكر، وزيد بن حارثة وعلي بن أبي طالب. فإن قلت: فما قولك في قوله: (مكثت سبعة أيام، وأنا ثلث الإسلام)؛ قلت: محمول على الأيام التي لم يظهر فيها الإسلام. ذكر الجن وقول الله تعالى: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ} [الجن: 1].

32 - باب ذكر الجن وقول الله تعالى (قل أوحى إلى أنه استمع نفر من الجن)

32 - باب ذِكْرُ الْجِنِّ وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى (قُلْ أُوحِىَ إِلَىَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ) 3859 - حَدَّثَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ عَنْ مَعْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى قَالَ سَأَلْتُ مَسْرُوقًا مَنْ آذَنَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْجِنِّ لَيْلَةَ اسْتَمَعُوا الْقُرْآنَ. فَقَالَ حَدَّثَنِى أَبُوكَ - يَعْنِى عَبْدَ اللَّهِ - أَنَّهُ آذَنَتْ بِهِمْ شَجَرَةٌ. 3860 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِى جَدِّى عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه أَنَّهُ كَانَ يَحْمِلُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِدَاوَةً لِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ، فَبَيْنَمَا هُوَ يَتْبَعُهُ بِهَا فَقَالَ «مَنْ هَذَا». فَقَالَ أَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ. فَقَالَ «ابْغِنِى أَحْجَارًا أَسْتَنْفِضْ بِهَا، وَلاَ تَأْتِنِى بِعَظْمٍ وَلاَ بِرَوْثَةٍ». فَأَتَيْتُهُ بِأَحْجَارٍ أَحْمِلُهَا فِي طَرَفِ ثَوْبِى حَتَّى وَضَعْتُ إِلَى جَنْبِهِ ثُمَّ انْصَرَفْتُ، حَتَّى إِذَا فَرَغَ مَشَيْتُ، فَقُلْتُ مَا بَالُ الْعَظْمِ وَالرَّوْثَةِ قَالَ «هُمَا مِنْ طَعَامِ الْجِنِّ، وَإِنَّهُ أَتَانِى وَفْدُ جِنِّ نَصِيبِينَ وَنِعْمَ الْجِنُّ، فَسَأَلُونِى الزَّادَ، فَدَعَوْتُ اللَّهَ لَهُمْ أَنْ لاَ يَمُرُّوا بِعَظْمٍ وَلاَ ـــــــــــــــــــــــــــــ أحد الثقلين مكلفون بأحكام الشرع منهم المؤمن، ومنهم الكافر، وقد سلف أن مؤمنهم يدخل الجنة لقوله تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (46)} [الرحمن: 46] مع أن الخطاب بمعنى الفريقين، ونُقل عن أبي حنيفة خلافه. 3859 - (من آذن النبي - صلى الله عليه وسلم - بالجن ليلة استمعوا القرآن) قال ابن مسعود: (أنه آذنت بهم شجرة) آذنت في الموضعين بالمد، أي: أعلمت. فإن قلت: هذا يخالف القرآن لأنه قال: أوحى إلي؟ قلت: لا يخالفه لأن إعلام الشجرة أيضًا وحي من الله. 3860 - (أتاني وفد جن نصيبين) بكسر النون وتشديد الصاد بلد بديار بكر قال الجوهري: من العرب من يعربه بإعراب المفرد بالحركة ومنهم من يعربه بالواو والنون (ونِعم الجن) مدحهم لأنه لما قرأ عليهم سورة الرحمن فكلما قال: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (13)} [الرحمن: 13] قالوا لا بشيء من آلائك ربنا نكذب، ولما قرأها على أصحابه وهم ساكتون، قال: الجن كانوا أَحسن منكم ردًّا (فسألوني الزاد، فدعوت الله أن لا يمروا بعظم ولا

33 - باب إسلام أبى ذر - رضى الله عنه -

بِرَوْثَةٍ إِلاَّ وَجَدُوا عَلَيْهَا طَعَامًا». طرفه 155 33 - باب إِسْلاَمُ أَبِى ذَرٍّ - رضى الله عنه - 3861 - حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِىٍّ حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى عَنْ أَبِى جَمْرَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا بَلَغَ أَبَا ذَرٍّ مَبْعَثُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لأَخِيهِ ارْكَبْ إِلَى هَذَا الْوَادِى، فَاعْلَمْ لِى عِلْمَ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِى يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِىٌّ، يَأْتِيهِ الْخَبَرُ مِنَ السَّمَاءِ، وَاسْمَعْ مِنْ قَوْلِهِ، ثُمَّ ائْتِنِى. فَانْطَلَقَ الأَخُ حَتَّى قَدِمَهُ وَسَمِعَ مِنْ قَوْلِهِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَبِى ذَرٍّ، فَقَالَ لَهُ رَأَيْتُهُ يَأْمُرُ بِمَكَارِمِ الأَخْلاَقِ، وَكَلاَمًا مَا هُوَ بِالشِّعْرِ. فَقَالَ مَا شَفَيْتَنِى مِمَّا أَرَدْتُ، فَتَزَوَّدَ وَحَمَلَ شَنَّةً لَهُ فِيهَا مَاءٌ حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ، فَأَتَى الْمَسْجِدَ، فَالْتَمَسَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَلاَ يَعْرِفُهُ، وَكَرِهَ أَنْ يَسْأَلَ عَنْهُ حَتَّى أَدْرَكَهُ بَعْضُ اللَّيْلِ، فَرَآهُ عَلِىٌّ فَعَرَفَ أَنَّهُ غَرِيبٌ. فَلَمَّا رَآهُ تَبِعَهُ، فَلَمْ يَسْأَلْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ عَنْ شَىْءٍ حَتَّى أَصْبَحَ، ثُمَّ احْتَمَلَ قِرْبَتَهُ وَزَادَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ بروثة إلا وجدوا عليها طعامًا) على العظم لأنفسهم، وعلى الروثة لدوابهم كذا وقع في رواية مسلم، وفي رواية يجدون العظم أوفر ما كان لحمًا. إسلام أبي ذر رضي الله عنه 3861 - قال ابن عبد البر: اختلف في اسمه واسم أبيه اختلافًا كبيرًا، والأصح اسمه جندب بن جنادة وأخوه أنيس مصغر، وهو من غفار، وغفار -بكسر الغين المعجمة بعدها فاء- بطن من كنانة، ورابع المسلمين أو الخامس، والحديث سلف في مناقبه، ولا حصر في مناقبه وهو أحد العلماء العارفين والزهاد، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه: "شبه عيسى بن مريم في زهده".

34 - باب إسلام سعيد بن زيد رضى الله عنه

إِلَى الْمَسْجِدِ، وَظَلَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَلاَ يَرَاهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى أَمْسَى، فَعَادَ إِلَى مَضْجَعِهِ، فَمَرَّ بِهِ عَلِىٌّ فَقَالَ أَمَا نَالَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَعْلَمَ مَنْزِلَهُ فَأَقَامَهُ، فَذَهَبَ بِهِ مَعَهُ لاَ يَسْأَلُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ عَنْ شَىْءٍ، حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمَ الثَّالِثِ، فَعَادَ عَلِىٌّ مِثْلَ ذَلِكَ، فَأَقَامَ مَعَهُ ثُمَّ قَالَ أَلاَ تُحَدِّثُنِى مَا الَّذِى أَقْدَمَكَ قَالَ إِنْ أَعْطَيْتَنِى عَهْدًا وَمِيثَاقًا لَتُرْشِدَنَّنِى فَعَلْتُ فَفَعَلَ فَأَخْبَرَهُ. قَالَ فَإِنَّهُ حَقٌّ وَهُوَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَإِذَا أَصْبَحْتَ فَاتْبَعْنِى، فَإِنِّى إِنْ رَأَيْتُ شَيْئًا أَخَافُ عَلَيْكَ قُمْتُ كَأَنِّى أُرِيقُ الْمَاءَ، فَإِنْ مَضَيْتُ فَاتْبَعْنِى حَتَّى تَدْخُلَ مَدْخَلِى. فَفَعَلَ، فَانْطَلَقَ يَقْفُوهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَدَخَلَ مَعَهُ، فَسَمِعَ مِنْ قَوْلِهِ، وَأَسْلَمَ مَكَانَهُ فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «ارْجِعْ إِلَى قَوْمِكَ، فَأَخْبِرْهُمْ حَتَّى يَأْتِيَكَ أَمْرِى». قَالَ وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لأَصْرُخَنَّ بِهَا بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ، فَخَرَجَ حَتَّى أَتَى الْمَسْجِدَ فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. ثُمَّ قَامَ الْقَوْمُ فَضَرَبُوهُ حَتَّى أَضْجَعُوهُ، وَأَتَى الْعَبَّاسُ فَأَكَبَّ عَلَيْهِ قَالَ وَيْلَكُمْ أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ مِنْ غِفَارٍ وَأَنَّ طَرِيقَ تِجَارِكُمْ إِلَى الشَّأْمِ فَأَنْقَذَهُ مِنْهُمْ، ثُمَّ عَادَ مِنَ الْغَدِ لِمِثْلِهَا، فَضَرَبُوهُ وَثَارُوا إِلَيْهِ، فَأَكَبَّ الْعَبَّاسُ عَلَيْهِ. طرفه 3522 34 - باب إِسْلاَمُ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ رضى الله عنه ـــــــــــــــــــــــــــــ (أما نال) ويروى: أن، وكلهما بمعنى أي قرب (يقفوه) يتبعه. فإن قلت: لم كره أن يسأل عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قلت: خوفًا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو على نفسه، كذا قيل، ولا وجه له؛ إذ لو كان الأمر كذلك لم يصرخ بكلمة الشهادة بين المشركين، والظاهر أنما ذكره لئلا يقال له شيء يكرهه من قول المشركين، ساحر شاعر وأمثال هذا قال أبو ذر: لقد تركنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما يحرك طير في السماء بجناحيه إلا لما ذكر منه علمًا. إسلام سعيد بن زيد ابن عمرو بن نفيل قد رفعنا نسبه إلى كعب بن لؤي في قصة أبيه، أحد العشرة المبشرة بالجنة.

35 - باب إسلام عمر بن الخطاب رضى الله عنه

3862 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ يَقُولُ وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُنِى وَإِنَّ عُمَرَ لَمُوثِقِى عَلَى الإِسْلاَمِ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ عُمَرُ، وَلَوْ أَنَّ أُحُدًا ارْفَضَّ لِلَّذِى صَنَعْتُمْ بِعُثْمَانَ لَكَانَ {مَحْقُوقًا أَنْ يَرْفَضَّ}. طرفاه 3867، 6942 35 - باب إِسْلاَمِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضى الله عنه 3863 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِى خَالِدٍ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ 3862 - (عن إسماعيل بن قيس: قال سعيد بن زيد: والله لقد رأيتُني وإن عمر لموثقي على الإسلام) قال بعض الشارحين: في معنى هذا الكلام، حاصله: أن المخالفين في الدين كانوا يرغبون المسلمين في الخير، وذاك أن عمر بن الخطاب مع كونه على دين قومه كان يثني على الإسلام. وهذا الذي قاله غلط؛ فإن أهل السير متفقون على شدة بلائه على المسلمين، وضربه هذا، وشج رأس أخته التي كانت عند سعيد معروف مشهور، والصواب: أن غرض زيد أن ما فعل بنا عمر في كفره، لم يبلغ ما فعلتم بعثمان، وأنتم مسلمون (ولو أن أُحُدًا ارْفَضَّ للذي صنعتم بعثمان لكان محقوقًا) أي: لازمًا عليه، من حققت الشيء إذا لزمته (ارفض) ويروى انقض بالقاف، والمعنى واحد، أي: زال عن مكانه. إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه تقدم في مناقبه رفع نسبه إلى كعب بن لؤي قال ابن إسحاق: توشح سيفًا يريد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا غير، فلقيه رجل وهو نعيم بن عبد الله، فقال: أين تريد يا عمر؟ فقال: أريد محمدًا هذا الصابئ الذي فرق القوم عن دين الآباء وسفه الأحلام، فقال: أختك وختنك سعيد بن زيد على دينه فرجع إليهما عمر وأوقع فيهما ضربًا وشج رأس أخته ثم رق لها ووقع الإسلام في قلبه ثم دعا بما كانوا يقرؤون من أول سورة طه، فقالت أخته: أنت مشرك نجس، وهذا كلام الله لا يمسه إلا المطهرون، فاغتسل وتأمل أول سورة طه، قال: وما أحسن هذا الكلام فتوجه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في دار عند الصفا، فلما رآه بعض الناس يدق على الباب متوشحًا، فقال: يا رسول الله، هذا عمر بن الخطاب على الباب متوشح سيفه، فقال حمزة: دعوه يدخل فإن جاء لخير فذاك وإلا قتلنا بسيفه الذي معه، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "افتحوا له" وتقدم إليه وأخذ بردائه وجذبه جذبةً شديدة، وقال: "ما لك يا ابن الخطاب تأتيني حتى ينزل الله عليك قارعة" قال: يا

قَيْسِ بْنِ أَبِى حَازِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ مَا زِلْنَا أَعِزَّةً مُنْذُ أَسْلَمَ عُمَرُ. طرفه 3684 3864 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِى عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ فَأَخْبَرَنِى جَدِّى زَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ بَيْنَمَا هُوَ فِي الدَّارِ خَائِفًا، إِذْ جَاءَهُ الْعَاصِ بْنُ وَائِلٍ السَّهْمِىُّ أَبُو عَمْرٍو، عَلَيْهِ حُلَّةُ حِبَرَةٍ، وَقَمِيصٌ مَكْفُوفٌ بِحَرِيرٍ، وَهُوَ مِنْ بَنِى سَهْمٍ، وَهُمْ حُلَفَاؤُنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقَالَ لَهُ مَا بَالُكَ قَالَ زَعَمَ قَوْمُكَ أَنَّهُمْ سَيَقْتُلُونِى إِنْ أَسْلَمْتُ. قَالَ لاَ سَبِيلَ إِلَيْكَ. بَعْدَ أَنْ قَالَهَا أَمِنْتُ، فَخَرَجَ الْعَاصِ، فَلَقِىَ النَّاسَ قَدْ سَالَ بِهِمُ الْوَادِى فَقَالَ أَيْنَ تُرِيدُونَ فَقَالُوا نُرِيدُ هَذَا ابْنَ الْخَطَّابِ الَّذِى صَبَا. قَالَ لاَ سَبِيلَ إِلَيْهِ. فَكَرَّ النَّاسُ. طرفه 3865 3865 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ سَمِعْتُهُ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - لَمَّا أَسْلَمَ عُمَرُ اجْتَمَعَ النَّاسُ عِنْدَ دَارِهِ وَقَالُوا صَبَا عُمَرُ. وَأَنَا غُلاَمٌ فَوْقَ ظَهْرِ بَيْتِى، فَجَاءَ رَجُلٌ عَلَيْهِ قَبَاءٌ مِنْ دِيبَاجٍ فَقَالَ قَدْ صَبَا عُمَرُ. فَمَا ذَاكَ فَأَنَا لَهُ جَارٌ. قَالَ فَرَأَيْتُ النَّاسَ تَصَدَّعُوا عَنْهُ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا قَالُوا الْعَاصِ بْنُ وَائِلٍ. طرفه 3864 ـــــــــــــــــــــــــــــ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جئتك مؤمنًا، فكبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين سمع ذلك. 3863 - 3864 - (حبرة) -بكسر الحاء وفتح الباء- نوع من البرود (قميص مكفوف بحرير) أي حاشه حرير من الكُفة -بضم الكاف- وهي ما يعطف من الذيل، والعاص هذا أبو عمرو بن العاص (لا سبيل إليك) هذا كلامه لعمر (بعد أن قالها أمنتُ) بضم التاء للمتكلم من كلام عمر، ويروى بتاء الخطاب، كأَن قائلًا قال له أمنت بعد قول العاص: لا سبيل إليك (فلقي الناس) أي: العاص (وقد سئل بهم الوالدي) كناية عن الكل؛ فإن دأب السيل أن يذهب بكل شيء في الوادي، والإسناد إلى الوادي أيضًا مجازٌ عقلي يفيد المبالغة (الذي صبأ) بالهمزة في آخره أي: مال عن دينه إلى دين آخر. 3865 - (تصدعوا عنه) أي تفرقوا.

3866 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِى عُمَرُ أَنَّ سَالِمًا حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ مَا سَمِعْتُ عُمَرَ لِشَىْءٍ قَطُّ يَقُولُ إِنِّى لأَظُنُّهُ كَذَا. إِلاَّ كَانَ كَمَا يَظُنُّ، بَيْنَمَا عُمَرُ جَالِسٌ إِذْ مَرَّ بِهِ رَجُلٌ جَمِيلٌ فَقَالَ لَقَدْ أَخْطَأَ ظَنِّى، أَوْ إِنَّ هَذَا عَلَى دِينِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، أَوْ لَقَدْ كَانَ كَاهِنَهُمْ، عَلَىَّ الرَّجُلَ، فَدُعِىَ لَهُ، فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ اسْتُقْبِلَ بِهِ رَجُلٌ مُسْلِمٌ، قَالَ فَإِنِّى أَعْزِمُ عَلَيْكَ إِلاَّ مَا أَخْبَرْتَنِى. قَالَ كُنْتُ كَاهِنَهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. قَالَ فَمَا أَعْجَبُ مَا جَاءَتْكَ بِهِ جِنِّيَّتُكَ قَالَ بَيْنَمَا أَنَا يَوْمًا فِي السُّوقِ جَاءَتْنِى أَعْرِفُ فِيهَا الْفَزَعَ، فَقَالَتْ أَلَمْ تَرَ الْجِنَّ وَإِبْلاَسَهَا وَيَأْسَهَا مِنْ بَعْدِ إِنْكَاسِهَا وَلُحُوقَهَا بِالْقِلاَصِ وَأَحْلاَسِهَا قَالَ عُمَرُ صَدَقَ، بَيْنَمَا أَنَا عِنْدَ آلِهَتِهِمْ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ بِعِجْلٍ فَذَبَحَهُ، فَصَرَخَ بِهِ صَارِخٌ، لَمْ أَسْمَعْ ـــــــــــــــــــــــــــــ 3866 - (عن عبد الله بن عمر: ما سمعت عمر يقول لشيء قط: إني أظنه إلا كان كما يظن) أي: يقع على وفق ظنه (بينهما عمر جالس إذ مر به رجل جميل فقال: لقد أخطأ ظني أو إن هذا على دينه في الجاهلية، أو لقد كان كاهنهم) أي لا بد من أحد هذه الأشياء مانعه الخلو وهذا الرجل هو سواد بن قارب، والواقع هو الشق الثالث كما صرح به في الحديث (ما رأيت كاليوم اسْتَقْبَلَ به رجلًا مسلمًا) وفي بعضها. رجلٌ، على أن استُقْبِل على بناء المجهول، ورجل قائم مقام فاعله. ومعنى هذا الكلام: أن يشق على سواد نسبته إلى الكهانة بعد كونه صحابيًّا ولذلك سلاه عمر بأن ما كنا عليه من عبادة الأحجار شره ما كنت فيه (قال: فما أعجب ما جاءت به جنيتك) فإن الكهان إنما يخبرون بما استرق إليه الشياطين، وكل كاهن له واحدة، قال ابن الأثير، ويقال لذلك الجني أي وزن وحي على وزن كمي، وعلى هذا التأنيث، إما باعتبار النفس أو لكون ذلك في إناث الجن. (ألم تر الجن وإبلاسَها) -بالباء الموحدة- من أبلس إذا أيس، بدل بعض من الجن، كقولك أعجبني زيدٌ وكرمُه (ويأسَها من بعد أَنكاسها) -بفتح الهمزة- جمع نكس -بكسر النون- مصدر نكس انقلب معكوسًا، ويروى: وأنساكها، جمع نسك، قال ابن الأثير: أي متعبداتها والظاهر أنه أراد مكان استراقها، ويروى وإيناسها من الأنس، (ولحوقها بالقلاص وأحلاسها) القصاص جمع قلوص: الناقة الشابة، والأحلاس جمع حِلس -بكسر الحاء- كَساء يجعل تحت القتب. فإن قلت: ما المراد بهذا الكلام؟ قلت: قال بعضهم أرادت أن الجن كرهوا الإسلام. وليس بشئ، بل أرادت أن الجن نزلوا إلى بلاد العرب طلبًا للرشد والفلاح. يدل عليه ما

36 - باب انشقاق القمر

صَارِخًا قَطُّ أَشَدَّ صَوْتًا مِنْهُ يَقُولُ يَا جَلِيحْ، أَمْرٌ نَجِيحْ رَجُلٌ فَصِيحْ يَقُولُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ. فَوَثَبَ الْقَوْمُ قُلْتُ لاَ أَبْرَحُ حَتَّى أَعْلَمَ مَا وَرَاءَ هَذَا ثُمَّ نَادَى يَا جَلِيحْ، أَمْرٌ نَجِيحْ، رَجُلٌ فَصِيحْ، يَقُولُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. فَقُمْتُ فَمَا نَشِبْنَا أَنْ قِيلَ هَذَا نَبِىٌّ. 3867 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا قَيْسٌ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ يَقُولُ لِلْقَوْمِ لَوْ رَأَيْتُنِى مُوثِقِى عُمَرُ عَلَى الإِسْلاَمِ أَنَا وَأُخْتُهُ وَمَا أَسْلَمَ، وَلَوْ أَنَّ أُحُدًا انْقَضَّ لِمَا صَنَعْتُمْ، بِعُثْمَانَ لَكَانَ مَحْقُوقًا أَنْ يَنْقَضَّ. طرفه 3862 36 - باب انْشِقَاقِ الْقَمَرِ ـــــــــــــــــــــــــــــ رواه ابن إسحاق عن البراء أنه كان بالهند فسمع جنًّا تقول: عجبت للجن وأنحاسها مصدر، يقال: انحلس فلان، إذا أشغله بأسباب السفر. ...................... ... وشدها العيس بأحلاسها تسعى إلى مكة تبتغي الهدى ... ما مؤمنوا الجن كان أنحاسها فانهض إلى الصفوة من هاشم ... واسمُ بعينك إلى رأسها وتصديق عمر إياه بأنه سمع صارخًا يقول: لا إله إلا الله إنما يصح على ما ذكرنا (يا جَلِيح) إما اسم رجل، أو وصف من الجلاحة وهي انحسار الرأس فوق النزع قاله الجوهري: (رجل فصيح) من الفصاحة، ويروى يصيح فعل مضارع صاح. باب انشقاق القمر حديث الباب عن أنس وابن مسعود تقدم شرحه في علامات النبوة وأشرنا إلى أن هذه القضية أغرب ما يكون، وإنما لم تتواتر الحديث به اكتفاء بما ورد به القرآن، وما قيل من غير هذا فلا يلتفت إليه ومن يلحد في آيات الله ويؤول الانشقاق إلى ما عنده من الكفر بآيات [الله] إذا لم يعتقد تواتر القرآن، فتواتر الحديث أبعد.

3868 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً، فَأَرَاهُمُ الْقَمَرَ شِقَّتَيْنِ، حَتَّى رَأَوْا حِرَاءً بَيْنَهُمَا. طرفه 3637 3869 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِى حَمْزَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِى مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ انْشَقَّ الْقَمَرُ وَنَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِمِنًى فَقَالَ «اشْهَدُوا». وَذَهَبَتْ فِرْقَةٌ نَحْوَ الْجَبَلِ وَقَالَ أَبُو الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ انْشَقَّ بِمَكَّةَ. وَتَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنِ ابْنِ أَبِى نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِى مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ. طرفه 3636 3870 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ قَالَ حَدَّثَنِى جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما أَنَّ الْقَمَرَ انْشَقَّ عَلَى زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 3638 3871 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ عَنْ أَبِى مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ انْشَقَّ الْقَمَرُ. طرفه 3636 ـــــــــــــــــــــــــــــ 3868 - (بشر بن المفضل) بكسر الموحدة وشين معجمة، والمفضَّل -بتشديد الضاد المفتوحة (أبي عروبه) بفتح العين. 3869 - (عبدان) على وزن شعبان عبد الله المروزي (عن أبي مَعْمَر) بفتح الميمين بينهما عين ساكنة عبد الله بن سخبرة (أبو الضحى) مسلم بن صبيح بضم الصاد بعدها موحدة على وزن المصغر (أبن أبي نَجِيح) بفتح النون وكسر الجيم عبد الله. 3870 - (مضر) بضم الميم (عراك) بضم العين.

37 - باب هجرة الحبشة

37 - باب هِجْرَةِ الْحَبَشَةِ وَقَالَتْ عَائِشَةُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أُرِيتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ ذَاتَ نَخْلٍ بَيْنَ لاَبَتَيْنِ». فَهَاجَرَ مَنْ هَاجَرَ قِبَلَ الْمَدِينَةِ، وَرَجَعَ عَامَّةُ مَنْ كَانَ هَاجَرَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ. فِيهِ عَنْ أَبِى مُوسَى وَأَسْمَاءَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 3872 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِىُّ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَنَا عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَدِىِّ بْنِ الْخِيَارِ أَخْبَرَهُ أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ قَالاَ لَهُ مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تُكَلِّمَ خَالَكَ عُثْمَانَ فِي أَخِيهِ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ وَكَانَ أَكْثَرَ النَّاسُ فِيمَا فَعَلَ بِهِ. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ فَانْتَصَبْتُ لِعُثْمَانَ حِينَ خَرَجَ إِلَى الصَّلاَةِ فَقُلْتُ لَهُ إِنَّ لِى إِلَيْكَ حَاجَةً وَهْىَ نَصِيحَةٌ. فَقَالَ أَيُّهَا الْمَرْءُ، أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ، فَانْصَرَفْتُ، فَلَمَّا قَضَيْتُ الصَّلاَةَ جَلَسْتُ إِلَى الْمِسْوَرِ وَإِلَى ابْنِ عَبْدِ يَغُوثَ، فَحَدَّثْتُهُمَا بِالَّذِى قُلْتُ لِعُثْمَانَ وَقَالَ لِى. فَقَالاَ قَدْ قَضَيْتَ الَّذِى كَانَ عَلَيْكَ. فَبَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ مَعَهُمَا، إِذْ جَاءَنِى رَسُولُ عُثْمَانَ، فَقَالاَ لِى قَدِ ابْتَلاَكَ اللَّهُ. فَانْطَلَقْتُ حَتَّى دَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ مَا نَصِيحَتُكَ الَّتِى ذَكَرْتَ آنِفًا ـــــــــــــــــــــــــــــ هجرة الحبشة (وقالت عائشة: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أُرِيت دار هجرتكم ذات نخل بين لابتين) أرض ذات حجارة سود، هذا التعليق والذي بعده عن أبي موسى تقدم مسندًا. 3872 - (أن عبيد الله بن عَديِّ) بفتح العين وكسر الياء المشددة (ابن الخِيار) بكسر الخاء المعجمة (أن المِسور بن مَخرمة) بكسر الميم في الأول وفتحه في الثاني (وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث) بالغين المعجمة آخره ثاء مثلثة على وزن يقول (قالا له) أي: لعبيد الله (ما يمنعك أن تكلم خالك عثمان في أخيه الوليد) فيه تسامح، لأنه ليس خالًا له بل القرابة له من جهة الأم؛ لأن أم عدي أم قتال بن أُسيد بن أبي العيص بن أمية، والوليد بن عقبة أخو عثمان لأمه، وهي أروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس،

قَالَ فَتَشَهَّدْتُ ثُمَّ قُلْتُ إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ، وَكُنْتَ مِمَّنِ اسْتَجَابَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - وَآمَنْتَ بِهِ، وَهَاجَرْتَ الْهِجْرَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ، وَصَحِبْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَرَأَيْتَ هَدْيَهُ، وَقَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ فِي شَأْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ، فَحَقٌّ عَلَيْكَ أَنْ تُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدَّ. فَقَالَ لِى يَا ابْنَ أَخِى أَدْرَكْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ قُلْتُ لاَ، وَلَكِنْ قَدْ خَلَصَ إِلَىَّ مِنْ عِلْمِهِ مَا خَلَصَ إِلَى الْعَذْرَاءِ فِي سِتْرِهَا. قَالَ فَتَشَهَّدَ عُثْمَانُ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - بِالْحَقِّ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ، وَكُنْتُ مِمَّنِ اسْتَجَابَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - وَآمَنْتُ بِمَا بُعِثَ بِهِ مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم -. وَهَاجَرْتُ الْهِجْرَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ كَمَا قُلْتَ، وَصَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَبَايَعْتُهُ، وَاللَّهِ مَا عَصَيْتُهُ وَلاَ غَشَشْتُهُ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ اسْتَخْلَفَ اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ فَوَاللَّهِ مَا عَصَيْتُهُ وَلاَ غَشَشْتُهُ، ثُمَّ اسْتُخْلِفَ عُمَرُ، فَوَاللَّهِ مَا عَصَيْتُهُ وَلاَ غَشَشْتُهُ، ثُمَّ اسْتُخْلِفْتُ، أَفَلَيْسَ لِى عَلَيْكُمْ مِثْلُ الَّذِى كَانَ لَهُمْ عَلَىَّ قَالَ بَلَى. قَالَ فَمَا هَذِهِ الأَحَادِيثُ الَّتِى تَبْلُغُنِى عَنْكُمْ فَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ شَأْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ، فَسَنَأْخُذُ فِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِالْحَقِّ قَالَ فَجَلَدَ الْوَلِيدَ أَرْبَعِينَ جَلْدَةً، وَأَمَرَ عَلِيًّا أَنْ يَجْلِدَهُ، وَكَانَ هُوَ يَجْلِدُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والحديث سلف في مناقب عثمان (وهاجرت الهجرتين الأوليين) إحداهما إلى الحبشة والأخرى إلى المدينة. والوصف بالأوليين نسبة إلى بعض الناس كذا قيل وليس كذلك، بل كلتاهما إلى الحبشة والأخرى هجرة المدينة. قال أهل السِّيَرة لما اشتد أذى الكفار على المسلمين أذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للناس في الهجرة إلى الحبشة؛ لأن النجاشي كان ملكًا عادلًا فهاجر في السنة الخامسة من البعثة في رجب اثنا عشر رجلًا، وقيل أحد عشر وأربع نسوة فأقاموا بها شعبان ورمضان، ثم بلغهم أن أهل مكة أسلموا وذلك لما قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سورة النجم وسجد معه المشركون، فقدموا إلى مكة أو دون مكة، فلقيهم ركب من كنانة فأخبروهم أن الأمر ليس كذلك، فلم يقدر أحد على الدخول إلا بجوار إلا ابن مسعود، فلما اشتد عليهم الأمر أذن لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الهجرة ثانيًا، فرحل ثلاثة وثمانون رجلًا، [و] من النساء إحدى عشرة امرأة. (خلص إليّ من علمه ما خلص إلى العذراء في سترها) يريد أن الذي جاء به من العلم والذي لم يخف على أحد (ولهم عليًّا أن يجلده، وكان هو يجلد) ظاهر العبارة تدل على أن

وَقَالَ يُونُسُ وَابْنُ أَخِى الزُّهْرِىِّ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَفَلَيْسَ لِى عَلَيْكُمْ مِنَ الْحَقِّ مِثْلُ الَّذِى كَانَ لَهُمْ. طرفه 3696 3873 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ ذَكَرَتَا كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا بِالْحَبَشَةِ، فِيهَا تَصَاوِيرُ، فَذَكَرَتَا لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «إِنَّ أُولَئِكَ إِذَا كَانَ فِيهِمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَمَاتَ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا، وَصَوَّرُوا فِيهِ تِيكَ الصُّوَرَ، أُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». طرفه 427 3874 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدٍ السَّعِيدِىُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أُمِّ خَالِدٍ بِنْتِ خَالِدٍ قَالَتْ قَدِمْتُ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ وَأَنَا جُوَيْرِيَةٌ فَكَسَانِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَمِيصَةً لَهَا أَعْلاَمٌ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَمْسَحُ الأَعْلاَمَ بِيَدِهِ وَيَقُولُ «سَنَاهْ، سَنَاهْ». قَالَ الْحُمَيْدِىُّ يَعْنِى حَسَنٌ حَسَنٌ. طرفه 3071 ـــــــــــــــــــــــــــــ عليًّا هو الذي جلده، وليس كذلك بل جلده عبد الله بن جعفر كذا جاء صريحًا في رواية مسلم، وقد تقدم في مناقب عثمان. 3873 - (أم سلمة) حرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، واسمها هند (وأم حبيبة) بنت أبى سفيان زوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيضًا، واسمها رملة (كنيسة رأينها) كأن الظاهر رأتاها كما في (ذكرتا) إلا أنه محمول عليهما وتوابعهما، والحديث سلف في باب هل نبش قبور المشركين في أبواب الصلاة. 3874 - (الحُميدي) بضم الحاء، مصغر منسوب (أم خالد بنت خالد) ابن سعيد بن العاص، واسمها أمَة ضد الحرة، ولدت بالحبشة، وتزوجها الزبير، قالت (فكساني خميصة لها أعلام) وقد تقدم أن الخميصة كساء لها أعلام، فالوصف على طريق المدح أو التأكيد (يا أم خالد سَنَاةْ سَنَاهْ) بفتح السين وتخفيف النون، وفيه لغات أخرى، تقدم ضبطها في كتاب الجهاد في باب المتكلم بالرطانة. فإن قلت: قد سبق هناك أن ذلك القول قاله القميص أصفر عليها. قلت: لا ينافي قاله في ذلك، وفي هذه.

38 - باب موت النجاشى

3875 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ يُصَلِّى فَيَرُدُّ عَلَيْنَا، فَلَمَّا رَجَعْنَا مِنْ عِنْدِ النَّجَاشِىِّ سَلَّمْنَا عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْنَا، فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَيْكَ فَتَرُدُّ عَلَيْنَا قَالَ «إِنَّ فِي الصَّلاَةِ شُغْلاً». فَقُلْتُ لإِبْرَاهِيمَ كَيْفَ تَصْنَعُ أَنْتَ قَالَ أَرُدُّ فِي نَفْسِى. طرفه 1199 3876 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - بَلَغَنَا مَخْرَجُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ بِالْيَمَنِ فَرَكِبْنَا سَفِينَةً فَأَلْقَتْنَا سَفِينَتُنَا إِلَى النَّجَاشِىِّ بِالْحَبَشَةِ، فَوَافَقْنَا جَعْفَرَ بْنَ أَبِى طَالِبٍ، فَأَقَمْنَا مَعَهُ حَتَّى قَدِمْنَا، فَوَافَقْنَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ افْتَتَحَ خَيْبَرَ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَكُمْ أَنْتُمْ يَا أَهْلَ السَّفِينَةِ هِجْرَتَانِ». طرفه 3136 38 - باب مَوْتُ النَّجَاشِىِّ 3877 - حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ 3875 - (حَمّاد) بفتح الحاء وتشديد الميم (أبو عوانة) بفتح العين: الوضاح اليشكري روى عن ابن مسعود أنهم كانوا يسلمون على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في الصلاة فلما رجعوا من حبشة سلموا عليه فلم يرد عليهم وقال: (إن في الصلاة لشغلًا) أي بذكر الله والقرآن فلا يلائم الجمع بينهما. باب موت النجاشي 3877 - بتشديد الياء وتخفيفها، الياء فيه أصلية ليست ياء النسبة، لقب كل من مَلَك الحبشة واسمه أَصحمه بفتح الهمزة وصاد مهملة، قالوا وتفسيره بالعربي عطية، وكان موته سنة تسع بعد فتح مكة هو الصواب، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتب إليه يدعوه إلى الإسلام كما كتب إلى سائر الملوك، فآمن برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبما جاء به، وحديث الباب في صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليه دليل قاطع على إسلامه، وقد سلف في أبواب الجنائز أن فيه دليلًا للشافعي ومن وافقه في الصلاة على الغائب، وأما ما يقال من أن نفسه رُفِع لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى نظره أو أحضر روحه بين يديه فشيء لا يعول عليه لأنه وإن كان أمرًا ممكنًا، كما كشف

جَابِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ مَاتَ النَّجَاشِىُّ «مَاتَ الْيَوْمَ رَجُلٌ صَالِحٌ، فَقُومُوا فَصَلُّوا عَلَى أَخِيكُمْ أَصْحَمَةَ». طرفه 1317 3878 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ أَنَّ عَطَاءً حَدَّثَهُمْ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِىِّ - رضى الله عنهما - أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى عَلَى النَّجَاشِىِّ فَصَفَّنَا وَرَاءَهُ فَكُنْتُ فِي الصَّفِّ الثَّانِى أَوِ الثَّالِثِ. طرفه 1317 3879 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ عَنْ سَلِيمِ بْنِ حَيَّانَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى عَلَى أَصْحَمَةَ النَّجَاشِىِّ، فَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا. تَابَعَهُ عَبْدُ الصَّمَدِ. طرفه 1317 3880 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَابْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَخْبَرَهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَعَى لَهُمُ النَّجَاشِىَّ صَاحِبَ الْحَبَشَةِ فِي الْيَوْمِ الَّذِى مَاتَ فِيهِ، وَقَالَ «اسْتَغْفِرُوا لأَخِيكُمْ». طرفه 1245 3881 - وَعَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَخْبَرَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَفَّ بِهِمْ فِي الْمُصَلَّى، فَصَلَّى عَلَيْهِ وَكَبَّرَ أَرْبَعًا. طرفه 1245 ـــــــــــــــــــــــــــــ له عن بيت المقدس، إلا أنه ليس له مستند نقلًا. 3878 - (زريع) مصغر زرع. 3879 - (سليم) بضم السين (حيان) بالحاء والمثناة تحت (منهال) بكسر الميم والمد. 3880 - (زهير) بضم الزاي، مصغر. 3881 - (صفّ بهم في المصلى) إنما خرج إلى المصلى إعلامًا للناس ليجتمعوا إليه.

39 - باب تقاسم المشركين على النبى - صلى الله عليه وسلم -

39 - باب تَقَاسُمُ الْمُشْرِكِينَ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - 3882 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ أَرَادَ حُنَيْنًا «مَنْزِلُنَا غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِخَيْفِ بَنِى كِنَانَةَ، حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الْكُفْرِ». 40 - باب قِصَّةُ أَبِى طَالِبٍ 3883 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ حَدَّثَنَا عَبْدُ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب تقاسم المشركين 3882 - (حنين أراد حنينًا) أي: غزوة حنين (منزلنا غدًا إن شاء الله بِخَيْفِ بني كنانة) الخَيف -بفتح الخاء المعجمة وسكون المثناة-: ما ارتفع عن سيل الماء ولم يبلغ أن يكون جبلًا. فإن قلت: قد تقدم في أبواب الحج أنه قال هذا الكلام في حجة الوداع، قلت: تكرر منه في الوقتين. (حيث تقاسموا على الكفر) التقاسم: التحالف، وقد سلف [في] أبواب الجنائز أن فيه الحج أنهم تحَالفوا أن لا تناكحوا بني هاشم وبني المطلب وحصروهم في الشعب، ومنعوا أن يدخل إليهم أحد بأسباب المعاش، وكتبوا بذلك الصحيفة الملعونة. فإن قلت: ترجم على تقاسم المشركين على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي الحديث (تقاسموا على الكفر) قلت: أشار إلى أن تقاسمهم على النبي - صلى الله عليه وسلم - تقاسم على الكفر. باب قصة أبي طالب 3883 - اسمه عبد مناف باسم جده.

اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ - رضى الله عنه - قَالَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مَا أَغْنَيْتَ عَنْ عَمِّكَ فَإِنَّهُ كَانَ يَحُوطُكَ وَيَغْضَبُ لَكَ. قَالَ «هُوَ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ، وَلَوْلاَ أَنَا لَكَانَ فِي الدَّرَكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ». طرفاه 6208، 6572 3884 - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أَبَا طَالِبٍ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ دَخَلَ عَلَيْهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَعِنْدَهُ أَبُو جَهْلٍ فَقَالَ «أَىْ عَمِّ، قُلْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. كَلِمَةً أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ». فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى أُمَيَّةَ يَا أَبَا طَالِبٍ، تَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَلَمْ يَزَالاَ يُكَلِّمَانِهِ حَتَّى قَالَ آخِرَ شَىْءٍ كَلَّمَهُمْ بِهِ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْهُ». فَنَزَلَتْ (مَا كَانَ لِلنَّبِىِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِى قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ) وَنَزَلَتْ (إِنَّكَ لاَ تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ) طرفه 1360 ـــــــــــــــــــــــــــــ (قال العباس للنبي - صلى الله عليه وسلم -: ما أغنيت عن عمك فإنه كان يحوطك) من حاط الشيء: حفظه وقام بأمره، ومنه حائط البيت فأجابه بأنه (في ضحضاح من النار) -بضاد معجمة وحاء مهملة- قال ابن الأثير: استعارة، أصله الماء الذي يرق حتى يبلغ الكعبين (ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل). فإن قلت: الدرك الأسفل موضع المنافقين بنص القرآن، قلت: ما في القرآن لم يدل على حصره في المنافقين، وفيه مراتب ومنازل على قدر جرمهم، فإن المنافقين أيضًا ليسوا في طبقة واحدة، وهذا مثل الفردوس لأهل السعادة جعَلَنا الله من أهله بفضله وكرمه. 3884 - (عن ابن المسيب عن أبيه) قال بعض الشارحين: فإن قلت: لم يرو عن المسيب إلا ابنه، وشرط البخاري أن لا يروي عن رجل له راو واحد قلت: ربما كان هذا الشرط في غير الصحابي، قلت: قدمنا في أول الشرح أن هذا الكلام نُقل عن أبي بكر المغربي شارح "البخاري"، ورُد عليه بحديث "إنما الأعمال" إذ لم يروه من الصحابة إلا عمر، وكذا بعد عمر إلى يحيى بن سعيد فراجعه (فنزلت {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 113] ونزلت: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} [القصص: 56]).

41 - باب حديث الإسراء

3885 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنَا ابْنُ الْهَادِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَذُكِرَ عِنْدَهُ عَمُّهُ فَقَالَ «لَعَلَّهُ تَنْفَعُهُ شَفَاعَتِى يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُجْعَلُ فِي ضَحْضَاحٍ مِنَ النَّارِ، يَبْلُغُ كَعْبَيْهِ، يَغْلِى مِنْهُ دِمَاغُهُ». حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى حَازِمٍ وَالدَّرَاوَرْدِىُّ عَنْ يَزِيدَ بِهَذَا، وَقَالَ تَغْلِى مِنْهُ أُمُّ دِمَاغِهِ. طرفه 6564 41 - باب حَدِيثِ الإِسْرَاءِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى). ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: الآية الثانية ظاهرة لأنها نزلت بمكة، وأبو طالب حيٌ بمكة، وأما الآية الأولى نزلت بعد غزوة تبوك في سنة تسع. قلت: أجابوا بأنه تستغفر له بعد موته إلى نزول الآية. فإن قلت: بعد موته على الكفر كيف استغفر له؟ قلت: لم يكن نهي عن الاستغفار له، ولما مات جاء علي ابنه وقال: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مات الشيخ الضال، قال: "اذهب واره في التراب". باب الإسراء سرى وأسرى لغتان قُرِئَ بهما.

42 - باب المعراج

3886 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لَمَّا كَذَّبَنِى قُرَيْشٌ قُمْتُ فِي الْحِجْرِ، فَجَلاَ اللَّهُ لِى بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَطَفِقْتُ أُخْبِرُهُمْ عَنْ آيَاتِهِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ». طرفه 4710 42 - باب الْمِعْرَاجِ 3887 - حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ - رضى الله عنهما - أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَدَّثَهُمْ عَنْ لَيْلَةَ أُسْرِىَ بِهِ «بَيْنَمَا أَنَا فِي الْحَطِيمِ - وَرُبَّمَا قَالَ فِي الْحِجْرِ - مُضْطَجِعًا، إِذْ أَتَانِى آتٍ فَقَدَّ - قَالَ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ فَشَقَّ - مَا بَيْنَ هَذِهِ إِلَى هَذِهِ - فَقُلْتُ لِلْجَارُودِ وَهْوَ إِلَى جَنْبِى مَا يَعْنِى بِهِ قَالَ مِنْ ثُغْرَةِ نَحْرِهِ إِلَى شِعْرَتِهِ، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ مِنْ قَصِّهِ إِلَى شِعْرَتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ 3886 - (لما كذبني قريش قُمت في الحِجْر فجلا الله لي بيت المقدس) أي: كشف الحجاب، وسيأتي تفصيله إن شاء الله تعالى. باب المِعراج بكسر الميم: آلة العروج، قيل: سُلّم من النور صعد فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة أُسري به، وإفراد البخاري لكل من الإسراء والمعراج بابًا يدل على تغايرهما. والجمهور على أنهما في ليلة واحدة، والحديث سلف في أبواب الصلاة، إلا أن كلامه هناك ظاهر في الاتحاد ولعله أفرد كل واحد هنا لأن الإسراء ثبت بالقرآن، والمعراج بالحديث ونشير هنا إلى بعض مواضعه. 3887 - (مالك بن صعصعة) بصاد وعين مهملتين (فشق من ثغرة نحره إلى شِعْرَته) ثغرة النحر بثاء مثلثة وغين معجمة فوق الصدر، والشِعرة -بكسر الشين-: موضع شعر العانة (فقلت للجارود) بالجيم تابعي مشهور (من قصة) -بفتح القاف وصاد مهملة مشددة- وسط

فَاسْتَخْرَجَ قَلْبِى، ثُمَّ أُتِيتُ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مَمْلُوءَةٍ إِيمَانًا، فَغُسِلَ قَلْبِى ثُمَّ حُشِىَ، ثُمَّ أُوتِيتُ بِدَابَّةٍ دُونَ الْبَغْلِ وَفَوْقَ الْحِمَارِ أَبْيَضَ». - فَقَالَ لَهُ الْجَارُودُ هُوَ الْبُرَاقُ يَا أَبَا حَمْزَةَ قَالَ أَنَسٌ نَعَمْ، يَضَعُ خَطْوَهُ عِنْدَ أَقْصَى طَرْفِهِ - «فَحُمِلْتُ عَلَيْهِ، فَانْطَلَقَ بِى جِبْرِيلُ حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الدُّنْيَا فَاسْتَفْتَحَ، فَقِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ جِبْرِيلُ. قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ. قِيلَ وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ قَالَ نَعَمْ. قِيلَ مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ الْمَجِئُ جَاءَ فَفَتَحَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ، فَإِذَا فِيهَا آدَمُ، فَقَالَ هَذَا أَبُوكَ آدَمُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ. فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ السَّلاَمَ ثُمَّ قَالَ مَرْحَبًا بِالاِبْنِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ. ثُمَّ صَعِدَ حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ جِبْرِيلُ. قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ. قِيلَ وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ قَالَ نَعَمْ. قِيلَ مَرْحَبًا بِهِ فَنِعْمَ الْمَجِئُ جَاءَ. فَفَتَحَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ، إِذَا يَحْيَى وَعِيسَى، وَهُمَا ابْنَا الْخَالَةِ قَالَ هَذَا يَحْيَى وَعِيسَى فَسَلِّمْ عَلَيْهِمَا. فَسَلَّمْتُ فَرَدَّا، ثُمَّ قَالاَ مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ. ثُمَّ صَعِدَ بِى إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ، فَاسْتَفْتَحَ قِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ جِبْرِيلُ. قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ. قِيلَ وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ قَالَ نَعَمْ. قِيلَ مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ الْمَجِئُ جَاءَ. فَفُتِحَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ إِذَا يُوسُفُ. قَالَ هَذَا يُوسُفُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ. فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ، ثُمَّ قَالَ مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، ثُمَّ صَعِدَ بِى حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الرَّابِعَةَ، فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ جِبْرِيلُ. قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ. قِيلَ أَوَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ قَالَ نَعَمْ. قِيلَ مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ الْمَجِئُ جَاءَ. فَفُتِحَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ إِلَى إِدْرِيسَ قَالَ هَذَا إِدْرِيسُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ. فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ ثُمَّ قَالَ مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ. ثُمَّ صَعِدَ بِى حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الْخَامِسَةَ، فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ جِبْرِيلُ. قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم -. قِيلَ وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ قَالَ نَعَمْ. قِيلَ مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ الْمَجِئُ جَاءَ. فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا هَارُونُ قَالَ هَذَا هَارُونُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ. فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ ثُمَّ قَالَ مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ. ثُمَّ صَعِدَ بِى حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ السَّادِسَةَ، فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ جِبْرِيلُ. قِيلَ مَنْ مَعَكَ ـــــــــــــــــــــــــــــ الصدر، قال ابن الأثير: القص والقصص عظم الصدر المغروز فيه شراشير الأضلاع (ثم أُتِيْتُ بدابة دون البغل وفوق الحمار) وهو البراق. فال ابن الأثير: إنما قيل له البراق لصفاء

قَالَ مُحَمَّدٌ. قِيلَ وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ قَالَ نَعَمْ. قَالَ مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ الْمَجِئُ جَاءَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ، فَإِذَا مُوسَى قَالَ هَذَا مُوسَى فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ ثُمَّ قَالَ مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ. فَلَمَّا تَجَاوَزْتُ بَكَى، قِيلَ لَهُ مَا يُبْكِيكَ قَالَ أَبْكِى لأَنَّ غُلاَمًا بُعِثَ بَعْدِى، يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِهِ أَكْثَرُ مَنْ يَدْخُلُهَا مِنْ أُمَّتِى. ثُمَّ صَعِدَ بِى إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، قِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ جِبْرِيلُ. قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ. قِيلَ وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ. قَالَ نَعَمْ. قَالَ مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ الْمَجِئُ جَاءَ فَلَمَّا خَلَصْتُ، فَإِذَا إِبْرَاهِيمُ قَالَ هَذَا أَبُوكَ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ. قَالَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ السَّلاَمَ قَالَ مَرْحَبًا بِالاِبْنِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ. ثُمَّ رُفِعَتْ لِى سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى، فَإِذَا نَبِقُهَا مِثْلُ قِلاَلِ هَجَرَ، وَإِذَا وَرَقُهَا مِثْلُ آذَانِ الْفِيَلَةِ قَالَ هَذِهِ سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى، وَإِذَا أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ نَهْرَانِ بَاطِنَانِ، وَنَهْرَانِ ظَاهِرَانِ. فَقُلْتُ مَا هَذَانِ يَا جِبْرِيلُ قَالَ أَمَّا الْبَاطِنَانِ، فَنَهَرَانِ فِي الْجَنَّةِ، وَأَمَّا الظَّاهِرَانِ فَالنِّيلُ وَالْفُرَاتُ. ثُمَّ رُفِعَ لِى الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ، ثُمَّ أُتِيتُ بِإِنَاءٍ مِنْ خَمْرٍ، وَإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ وَإِنَاءٍ مِنْ عَسَلٍ، فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ، فَقَالَ هِىَ الْفِطْرَةُ أَنْتَ عَلَيْهَا وَأُمَّتُكَ. ثُمَّ فُرِضَتْ عَلَىَّ الصَّلَوَاتُ خَمْسِينَ صَلاَةً كُلَّ يَوْمٍ. فَرَجَعْتُ فَمَرَرْتُ عَلَى مُوسَى، فَقَالَ بِمَا أُمِرْتَ قَالَ أُمِرْتُ بِخَمْسِينَ صَلاَةً كُلَّ يَوْمٍ. قَالَ إِنَّ أُمَّتَكَ لاَ تَسْتَطِيعُ خَمْسِينَ صَلاَةً كُلَّ يَوْمٍ، وَإِنِّى وَاللَّهِ قَدْ جَرَّبْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ، وَعَالَجْتُ بَنِى إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ الْمُعَالَجَةِ، فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ لأُمَّتِكَ. فَرَجَعْتُ، فَوَضَعَ عَنِّى عَشْرًا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ مِثْلَهُ، فَرَجَعْتُ فَوَضَعَ ـــــــــــــــــــــــــــــ لونه وشدة بريقه، وقيل: لسرعة حركته كأنه البرق. (قال: موسى) القائل جبريل (فسلم عليه فسلمت فلما تجاوزت بكى، قيل له: ما يبكيك قال: أبكي لأن غلامًا بعث بعدي يدخل الجنةَ من أمته كثر من أمتي) هذا ليس من الحسد، بل من الغبطة، تجوز بينهما وأما قوله: غلام، فإنه كان أصغر سنًّا منه (ثم رفعتُ إلى سدرة المنتهى) مصدر من النهاية، قال ابن الأثير: سميت بذلك لأنه لم يتجاوزها أحد، أو لأنها إليها ينتهي علم الخلق من الملائكة والرسل (فإذا نبِقها مثل قِلال هجر) -بكسر القاف- جمع قلة وهي الجرة، وإضافتها إلى هجر -وهي بلدة بقرب المدينة- لإعلامه بمقدارها. قالوا: كل قلة تسع مئتين وخمسين رطلًا (وإذا وَرَقَها مثل آذان الفِيلة) -بكسر الفاء على وزن عنبة-: جمع فيل (ثم أتيت بإناء من لبن، وإناء من خمر، وإناء من عسل) ضيافةً له (فأخذت اللبن فقال: هي الفطرة) أي التوحيد، ووجه

43 - باب وفود الأنصار إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - بمكة وبيعة العقبة

عَنِّى عَشْرًا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ مِثْلَهُ، فَرَجَعْتُ فَوَضَعَ عَنِّى عَشْرًا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ مِثْلَهُ، فَرَجَعْتُ فَأُمِرْتُ بِعَشْرِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ، فَرَجَعْتُ فَقَالَ مِثْلَهُ، فَرَجَعْتُ فَأُمِرْتُ بِخَمْسِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى، فَقَالَ بِمَا أُمِرْتَ قُلْتُ أُمِرْتُ بِخَمْسِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ. قَالَ إِنَّ أُمَّتَكَ لاَ تَسْتَطِيعُ خَمْسَ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ، وَإِنِّى قَدْ جَرَّبْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ، وَعَالَجْتُ بَنِى إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ الْمُعَالَجَةِ، فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ لأُمَّتِكَ. قَالَ سَأَلْتُ رَبِّى حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ، وَلَكِنْ أَرْضَى وَأُسَلِّمُ - قَالَ - فَلَمَّا جَاوَزْتُ نَادَى مُنَادٍ أَمْضَيْتُ فَرِيضَتِى وَخَفَّفْتُ عَنْ عِبَادِى». طرفه 3207 3888 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرٌو عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - فِي قَوْلِهِ تَعَالَى (وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِى أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ) قَالَ هِىَ رُؤْيَا عَيْنٍ، أُرِيَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةَ أُسْرِىَ بِهِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ. قَالَ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ قَالَ هِىَ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ. طرفاه 4716، 6613 43 - باب وُفُودُ الأَنْصَارِ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِمَكَّةَ وَبَيْعَةُ الْعَقَبَةِ 3889 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الشبه: أن اللبن سبب بحياة الدنيا كالإيمان للبقاء الأبدي (فلما جاوزت) أي: موسى (نادى مناد: أمضيتُ فريضتي) من أمضيت الكتاب: إذا أنفذته وحكمت بما فيه، وفيه الرواية الأخرى "هي خمس وخمسون، الحسنة بعشر أمثالها" قال الخطابي: يشبه أن يكون الأمر الأول غير حتم؛ إذ لو كان حتمًا لم تكن المراجعة فيه، قلت: لو لم يكن حتمًا لم يكن دليلًا على جواز النسخ قبل الفعل، وأيّ معنى لقوله: فرض عليّ خمسين صلاة، وأما كونها خمسًا في علم الله فذاك شيء آخر، وكذلك في كل ما نسخ. باب وفود الأنصار 3889 - الوفود -بضم الواو-: القدوم على الملوك لمهمٍ عام، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبٍ - وَكَانَ قَائِدَ كَعْبٍ حِينَ عَمِىَ - قَالَ سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ حِينَ تَخَلَّفَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ. بِطُولِهِ، قَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ فِي حَدِيثِهِ وَلَقَدْ شَهِدْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ حِينَ تَوَاثَقْنَا عَلَى الإِسْلاَمِ، وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِى بِهَا مَشْهَدَ بَدْرٍ وَإِنْ كَانَتْ بَدْرٌ، أَذْكَرَ فِي النَّاسِ مِنْهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ يعرض نفسه على القبائل في المواسم، ويدعوهم إلى الله تعالى، ويسألهم النصر والإعانة على تبليغ ما أرسل به، ولم يلتفت إليه قوم، لما أراد الله من كرامة الأنصار والفوز بالسعادة الأبدية، فخرج في موسم على عادته فلقي ستة نفر منهم فأسلموا وصار لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكر في كل بيت في المدينة، ثم في العام القابل لقيه اثنا عشر رجلًا في العقبة، وهذه هي العقبة الأولى، وبايعهم على الإسلام، وهذه البيعة يقال لها: بيعة النساء؛ لا شرط عليهم ما ذكره الله في بيعة النساء في قوله: {إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ} [الممتحنة: 12]، وأرسل مع هؤلاء مصعب بن عمير يفقههم في الدين، ويعلمهم القرآن، فأسلم على يده سعد بن معاذ، وأسيد بن حضير. ثم رجع من القوم إلى مكة في العام القابل سبعون فلقي القومُ رسولَ الله في العقبة أوسط أيام التشريق بالليل، ومع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العباس عمه وهو على دين قومه، إلا أنه كان يحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أراد أن يتوثق له، ولما اجتمعوا قالوا: نمنعه مما نمنع منه أزرنا، الأزر -جمع الإزار-: كنوا به عن النساء والمتكلم البراء بن معرور، فاعترض بين كلامه أبو الهيثم بن التيهان فقال: هل عسيت إن نحن فعلنا ذلك ثم أظهرك الله أن ترجع إلى قومك، فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: "لا بل الدم الدم والهدم الندم أنا منكم وأنتم مني". وأول يد بايعت يد بايعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدُ البراء بن معرور، وقال: نحن أبناء الحرب وأهل الحلقة، ورثناها كابرًا عن كابر، فهذه العقبة هي التي أراد كعب في قوله: (وما أحب أن لي بها مَشهد بدر وإن كانت بدر أذكر في الناس منها) أي: أكثر ذكرًا وأشهر فضلًا.

3890 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ كَانَ عَمْرٌو يَقُولُ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - يَقُولُ شَهِدَ بِى خَالاَىَ الْعَقَبَةَ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ أَحَدُهُمَا الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ. طرفه 3891 3891 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ عَطَاءٌ قَالَ جَابِرٌ أَنَا وَأَبِى وَخَالِى مِنْ أَصْحَابِ الْعَقَبَةِ. طرفه 3890 3892 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِى ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمِّهِ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو إِدْرِيسَ عَائِذُ اللَّهِ أَنَّ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ - مِنَ الَّذِينَ شَهِدُوا بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمِنْ أَصْحَابِهِ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ - أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 3890 - (قال عمر سمعت جابرًا يقول: شهد بي خالاي العقبة، قال ابن عيبنة: أحدهما البراء بن معرور) قيل: في قول سفيان وهم فإن البراء ليس خالًا لجابر فإن أم جابر نسيبة بنت عقبة بن عدي بن سنان وخالاه ثعلبة وعمرو أبناء عتبة، كذا قال ابن عبد البر في "الاستيعاب"، وأما ابن هشام ضبطه عنمة بعين مهملة ونون والله أعلم، قلت: لا وهم في ذلك، فإن البراء أيضًا من بني غنم والعرب تطلق على قرابة الأم الأخوال كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سعد بن أبي وقاص: "هذا خالي" وبنو زهرة أخوال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديث عائشة، وذلك أن أم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من زهرة هذا ولكن الظاهر أن جابرًا أراد الخال حقيقة، وذلك أن عمرًا وثعلبة خالاه من أصحاب العقبة ذكرهما ابن هشام، فالحمل على البراء مع وجودهما بعيد. فإن قلت: أبو جابر عبد الله بن عمرو من النقباء ليلة العقبة، فأي وجه لقول جابر: شهد بي خالاي مع وجود أبيه؟ قلت: لعله كان ركوبه ونزوله معهما كما يفعل كثير من الناس مثله. 3892 - (أبو إدريس عائذ الله) الأول كنيته وهذا اسمه، وحديث عبادة بن الصامت تقدم في أبواب الإيمان، وأشرنا هناك إلى أن ما يقال: حق العباد لا بد من أدائه ليس معناه أنه لا بد من أن يأخذ المظلوم من الظالم، بل إن أراد الله أن يعطيه من خزائن فضله

44 - باب تزويج النبى - صلى الله عليه وسلم - عائشة وقدومها المدينة وبناؤه بها

اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ وَحَوْلَهُ عِصَابَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ «تَعَالَوْا بَايِعُونِى عَلَى أَنْ لاَ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلاَ تَسْرِقُوا، وَلاَ تَزْنُوا، وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلاَدَكُمْ، وَلاَ تَأْتُونَ بِبُهْتَانٍ تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ، وَلاَ تَعْصُونِى فِي مَعْرُوفٍ، فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ بِهِ فِي الدُّنْيَا فَهْوَ لَهُ كَفَّارَةٌ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَسَتَرَهُ اللَّهُ فَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ، إِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ، وَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ». قَالَ فَبَايَعْتُهُ عَلَى ذَلِكَ. طرفه 18 3893 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى حَبِيبٍ عَنْ أَبِى الْخَيْرِ عَنِ الصُّنَابِحِىِّ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ - رضى الله عنه - أَنَّهُ قَالَ إِنِّى مِنَ النُّقَبَاءِ الَّذِينَ بَايَعُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ بَايَعْنَاهُ عَلَى أَنْ لاَ نُشْرِكَ بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلاَ نَسْرِقَ، وَلاَ نَزْنِىَ، وَلاَ نَقْتُلَ النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ، وَلاَ نَنْتَهِبَ، وَلاَ نَعْصِىَ بِالْجَنَّةِ إِنْ فَعَلْنَا ذَلِكَ، فَإِنْ غَشِينَا مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا كَانَ قَضَاءُ ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ. طرفه 18 44 - باب تَزْوِيجُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - عَائِشَةَ وَقُدُومُهَا الْمَدِينَةَ وَبِنَاؤُهُ بِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــ ويرضيه كان ذلك، وصريح الحديث يدل عليه، ومعنى قوله: (ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم) إشارة إلى القلب الذي يخترع الكذب، فإن اللسان ترجمانُه، وأشرنا إلى أن ما يقال من أن ذكر اليد والرجل لأن أكثر الأعمال بهما، لا وجه له هنا؛ لأن ذلك إنما يكون فيما أُسند إلى اليد أو الرجل ويكون أعم كقوله تعالى: {فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} [الشورى: 30]. 3893 - (ولا نعصي بالجنة) الجار متعلق بمقدر، أي: بايعناه على ذلك بالجنة، وفي بعضها: نقضي، من القضاء أي لا تجزم بالجنة لأن الخاتم لا يعلمها إلا الله، وهو بعيد عن المساق. باب تزويج النبي - صلى الله عليه وسلم - عائشة كذا وقع، فهو من زَوّجَ بمعنى تزوج، كقولهم في المقدمة: إنها من قدم بمعنى تقدم، أو المراد تزويج أبي بكر فالمصدر مضاف إلى المفعول.

3894 - حَدَّثَنِى فَرْوَةُ بْنُ أَبِى الْمَغْرَاءِ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ تَزَوَّجَنِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ، فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَنَزَلْنَا فِي بَنِى الْحَارِثِ بْنِ خَزْرَجٍ، فَوُعِكْتُ فَتَمَرَّقَ شَعَرِى فَوَفَى جُمَيْمَةً، فَأَتَتْنِى أُمِّى أُمُّ رُومَانَ وَإِنِّى لَفِى أُرْجُوحَةٍ وَمَعِى صَوَاحِبُ لِى، فَصَرَخَتْ بِى فَأَتَيْتُهَا لاَ أَدْرِى مَا تُرِيدُ بِى فَأَخَذَتْ بِيَدِى حَتَّى أَوْقَفَتْنِى عَلَى بَابِ الدَّارِ، وَإِنِّى لأَنْهَجُ، حَتَّى سَكَنَ بَعْضُ نَفَسِى، ثُمَّ أَخَذَتْ شَيْئًا مِنْ مَاءٍ فَمَسَحَتْ بِهِ وَجْهِى وَرَأْسِى ثُمَّ أَدْخَلَتْنِى الدَّارَ فَإِذَا نِسْوَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ فِي الْبَيْتِ فَقُلْنَ عَلَى الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ، وَعَلَى خَيْرِ طَائِرٍ. فَأَسْلَمَتْنِى إِلَيْهِنَّ فَأَصْلَحْنَ مِنْ شَأْنِى، فَلَمْ يَرُعْنِى إِلاَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ضُحًى، فَأَسْلَمَتْنِى إِلَيْهِ، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ. أطرافه 3896، 5133، 5134، 5156، 5158، 5160 3895 - حَدَّثَنَا مُعَلًّى حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَهَا «أُرِيتُكِ فِي الْمَنَامِ مَرَّتَيْنِ، أَرَى أَنَّكِ فِي سَرَقَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ 3894 - (فَروة بن أبي المغراء) بفتح الفاء والميم وغين معجمة والمد (مُسهر) بضم الميم، اسمِ فاعل (فَوُعكت) -بضم الواو على بناء المجهول- أي: أصابني الوعك، وهو الحمى، (فَتَمَزَّق شعري) -بالزاي المعجمة- أي: تساقط، وفي رواية أبي ذر: بالراء المهملة، أي: انتشر، والمعنيان متقاربان (فوفى جُمَيْمَة) -بضم الجيم، مصغر جمة- وهي الشعر الذي لا يبلغ المنكب وهي أكثر من الوفدة، فإذا نزل إلى المنكب فهي لِمة بكسر اللام وتشديد الميم (فأتتني أمي أم رومان) هي زينب الفراسية (وإني لفي أُرجوحة) -بضم الهمزة- قال ابن الأثير: ويروى مرجوحة، قال: وهو حبل يشد طرفاه في موضع عالٍ تركبه الصغار نوبة هذا ونوبة ذاك ويحرك الحبل فتجيء وتذهب (أوقفتني على باب الدار وإني لأَنهج) -بفتح الهمزة- من نهج على وزن علم، من النَهَج -بفتح النون والهاء- وهو تواتر النَفَس من التعب، ويروى على بناء المجهول من أنهجه غيره، (فإذا نسوة من الأنصار في البيت فقلن: على الخير والبركة وعلى خير طائر) الجار متعلق بمقدر، أي: قدمت أو دخلت والطائر على ما كانوا يقولون بالسانح والبادح. 3895 - (معلى) بضم الميم وتشديد اللام (وُهيب) مصغر (رأيتك في المنام مرتين أرى

مِنْ حَرِيرٍ وَيَقُولُ هَذِهِ امْرَأَتُكَ فَاكْشِفْ عَنْهَا فَإِذَا هِىَ أَنْتِ فَأَقُولُ إِنْ يَكُ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ». أطرافه 5078، 5125، 7011، 7012 3896 - حَدَّثَنِى عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ تُوُفِّيَتْ خَدِيجَةُ قَبْلَ مَخْرَجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الْمَدِينَةِ بِثَلاَثِ سِنِينَ، فَلَبِثَ سَنَتَيْنِ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ، وَنَكَحَ عَائِشَةَ وَهْىَ بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ، ثُمَّ بَنَى بِهَا وَهْىَ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ. طرفه 3894 ـــــــــــــــــــــــــــــ أنك في سَرَقَةٍ من حرير ويقول: هذه امرأتك) القائل الملك الذي جاء بها في، والسَرَقَة -بثلاث فتحات: القطعة من الحرير معرب سره، أي: الجيد، قاله الجوهري وكذا عن الأصمعي (فأقول: إن يك هذا من عند الله يُمضه). فإن قلت: رؤياه وحي فأي معنى لقوله: إن يك هذا من عند الله بإن الدالة على الشك؟ قلت: المنام قد يؤول على خلاف الظاهر كما رأى أبا جهل في الجنة، فكان تأويله ابنه عكرمة، وكذا في أسيد فكان مؤولًا بعتّاب ابنه. 3896 - (توفيت خديجة قبل مخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة بثلاث سنين فلبث سنتين أو قريبًا من ذلك ونكح عائشة) أي: بعد موت خديجة لبث هذه المدة، قال ابن عبد البر: واختلف في وقت وفاة خديجة، قيل: قبل الهجرة بثلاث سنين، وقيل: بخمس، قاله أبو عبيدة، وقيل: بأربع وقال قتادة: بثلاث سنين قال: وقول قتادة أصح. ثم روي حديث عروة هذا عن عائشة أنه تزوجها بعد موت خديجة بسنتين، قال نقلًا عن أحمد بن زهير: إن هذا يقضي لقول أبي عبيدة بالصواب إن خديجة توفيت قبل الهجرة بخمس سنين هذا كلام ابن عبد البر، وأنا أقول: لا دلالة في هذا على أن ما قاله أبو عبيدة هو الصواب وذلك أن ابن عبد البر نقل الاتفاق على أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوج عائشة وهي بنت ست سنين أو سبع، واتفقوا أنه بنى بها بعد مقدمه بعد وقعة بدر بعد ثمانية عشر شهرًا، ذكره ابن عبد البر وغيره من الحفاظ، وإذا كان الأمر على هذا فلا يمكن موت خديجة بخمس وإلا يلزم أن يكون بناء ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعائشة بعد عشر سنين وستة أشهر، فإن ثلاث سنين قبل الهجرة فإنه تزوجها بعد موتها بسنتين، فلا بد من بقاء ثلاث من الخمس، وفي المدينة سنة وستة أشهر بلا خلاف، فهذه أربع سنين ونصف، وكانت وقت الزواح بنت ست

45 - باب هجرة النبى - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه إلى المدينة

45 - باب هِجْرَةُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْلاَ الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنَ الأَنْصَارِ». وَقَالَ أَبُو مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ أَنِّى أُهَاجِرُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى أَرْضٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ أو سبع، وعلى تقدير السبع يلزم [أن] تكون بنت إحدى عشرة ونصف، فالاعتمال على ما في "البخاري" من السنتين فيستقيم الحساب. فإن قلت: فعلى تقدير أن تكون بنت ست سنين أيضًا لا يصح؛ لأن المدة تكون قبل الهجرة بسنة، وبعدها بسنة وستة أشهر. قلت: كانت في السنة التاسعة فصح أنها بنت تسع، إلا أن السنة لم تكمل بعد، ومثله كثير، وإن كانت بنت سبع فتكون البناء بعد تسع وستة أشهر فيكون أسقطت الكسر، والعرب تفعله كثيرًا. ومن الشارحين من قال: إذا تزوجها بعد موت خديجة بثلاث سنين يلزم أن يكون في حال الهجرة وهذا لم يفهم رواية البخاري أن خديجة توفيت قبل الهجرة بثلاث سنين، وتزوج عائشة بعدها بسنتين فيكون الباقي من الثلاث سنة كما قدمنا. فإن قلت: روى ابن عبد البر عن الزهري أنه تزوج رَسولُ الله عائشة بعد موت خديجة بشهر فإنها ماتت في رمضان، وتزوج عائشة في شوال فكيف نجمع ذلك مع ما في البخاري، والتفاوت بين الروايتين سنتان؟ قلت: رواية البخاري هي الأصل، وقد نقلنا عن ابن عبد البر أنه لما نقل رواية البخاري عن قتادة قال: هذا أصح الأقوال، هذا تحقيق المقام بتوفيق الملك العلام. هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه (وقال عبد الله بن زيد وأبو هريرة قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لولا الهجرة لكنت امرأً من الأنصار) هذا التعليق تقدم مسندًا في باب لولا الهجرة، وقد أشرنا إلى أن غرضه تسلية الأنصار، وأنهم من الشرف في المحل الأعلى، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لو لم يكن مهاجرًا كان داخلًا في زمرة الأنصار، وفيه إيماء إلى أن المهاجرين أفضل من الأنصار؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يكون إلا في خير الأصناف والطوائف. (وقال أبو موسى عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: رأيت في المنام أني أهاجر من مكة إلى أرض بها

بِهَا نَخْلٌ، فَذَهَبَ وَهَلِى إِلَى أَنَّهَا الْيَمَامَةُ أَوْ هَجَرُ، فَإِذَا هِىَ الْمَدِينَةُ يَثْرِبُ». 3897 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ يَقُولُ عُدْنَا خَبَّابًا فَقَالَ هَاجَرْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - نُرِيدُ وَجْهَ اللَّهِ، فَوَقَعَ أَجْرُنَا عَلَى اللَّهِ، فَمِنَّا مَنْ مَضَى، لَمْ يَأْخُذْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا، مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَتَرَكَ نَمِرَةً، فَكُنَّا إِذَا غَطَّيْنَا بِهَا رَأْسَهُ بَدَتْ رِجْلاَهُ، وَإِذَا غَطَّيْنَا رِجْلَيْهِ بَدَا رَأْسُهُ، فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ نُغَطِّىَ رَأْسَهُ، وَنَجْعَلَ عَلَى رِجْلَيْهِ شَيْئًا مِنْ إِذْخِرٍ. وَمِنَّا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهْوَ يَهْدِبُهَا. طرفه 1276 3898 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ - هُوَ ابْنُ زَيْدٍ - عَنْ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ نخل، فذهب وَهَلِي إلى أنها اليمامة أو هَجَر فإذا هي المدينة يثرب) الوَهَل -بفتح الواو والهاء-: الوهم، وهَجَر -بفتح الهاء والجيم-: بلد بالبحرين به نخل قال الجوهري: وهو من أمثال العرب: كبضع التمر إلى هجر، واليمامة من بلاد الجَوّ -بفتح الجيم وتشديد الواو-، سمي باسم الزرقاء التي يضرب بحدة رؤيتها المثل. فإن قلت: الوهم أحكامه كاذبة، فكيف تطرق إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قلت: الوهم الطرف المرجوح والشك تساوي الطرفين والشك ليس فيه حكم، فالوهم المرجوح من باب الأولى، وحيث لا حكم لا كذب لأنه من لوازمه وإنما ذكر المدينة وأردف هذا الاسم بيثرب، لأنه في ابتداء الحال لا يعرف المخاطب إلا ذلك الاسم ولما تقرر اسم المدينة وتعرفت به نهى عن تسميتها بيثرب. 3897 - (عن أبي وائل قال: عُدنا خَبَّابًا) بفتح المعجمة وتشديد الباء الموحدة، من السابقين إلى الإسلام وممن عُذِّب في الله، نقل ابن عبد البر عنه أنه قال: سجروني يومًا على النار حتى انطفأت النار من ودك ظهري، تميمي الأصل، واستُرق في الجاهلية فأعتقتهُ امرأة من خزاعة وكان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مشاهده كلها ومع علي بن أبي طالب في حروبه كلها (هاجرنا نريد وجه الله) أي دينه خالصًا لا لأمر آخر، هذا فائدة ذكر الوجه (فوقع أجرنا عليه، أي وجب ذلك ولزم بموجب وعده لأنه لا يخلف الميعاد (وقتل مصعب بن عمير يوم أحد وتركه نمرة) بفتح النون وكسر الميم هي الشملة (ومنا من أينعت له ثمرته فهو يهدبها) -بكسر الدال المهملة- أي: تقطف، أينع الثمر: إذا أدرك وطاب. 3898 - وحديث الأعمال بالنيات قد استوفينا الكلام عليه في صدر الكتاب،

إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم -». طرفه 1 3899 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ يَزِيدَ الدِّمَشْقِىُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو عَمْرٍو الأَوْزَاعِىُّ عَنْ عَبْدَةَ بْنِ أَبِى لُبَابَةَ عَنْ مُجَاهِدِ بْنِ جَبْرٍ الْمَكِّىِّ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - كَانَ يَقُولُ لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ. أطرافه 4309، 4310، 4311 3900 - وَحَدَّثَنِى الأَوْزَاعِىُّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِى رَبَاحٍ قَالَ زُرْتُ عَائِشَةَ مَعَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِىِّ فَسَأَلْنَاهَا عَنِ الْهِجْرَةِ فَقَالَتْ لاَ هِجْرَةَ الْيَوْمَ، كَانَ الْمُؤْمِنُونَ يَفِرُّ أَحَدُهُمْ بِدِينِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَإِلَى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - مَخَافَةَ أَنْ يُفْتَنَ عَلَيْهِ، فَأَمَّا الْيَوْمَ فَقَدْ أَظْهَرَ اللَّهُ الإِسْلاَمَ، وَالْيَوْمَ يَعْبُدُ رَبَّهُ حَيْثُ شَاءَ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ. طرفه 3080 3901 - حَدَّثَنِى زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ قَالَ هِشَامٌ فَأَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ سَعْدًا قَالَ اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَىَّ أَنْ أُجَاهِدَهُمْ فِيكَ مِنْ قَوْمٍ كَذَّبُوا رَسُولَكَ - صلى الله عليه وسلم - ـــــــــــــــــــــــــــــ ومحصله: أن لا صحة لعمل يتقرب به إلى الله ما لم يكن مقرونًا بنية سابقة سواء كان فعل الجوارح أو القلب، ومعنى الحصر الثاني أعني قوله: (ولكل امرئ ما نوى) أن المنوي هو الذي يحصل لا غير المنوي، فلو أراد أن يصلي الظهر ونوى العصر لا يحصل الظهر، فالأول حصر المسند إليه في المسند، والثاني بالعكس. 3899 - (الأوزاعي) بفتح الهمزة (عَبْدة) بفتح العين وسكون الباء. 3900 - (مجاهد بن جبر) بفتح الجيم وسكون الباء (عطاء بن أبي رباح) بفتح الراء بعدها باء موحدة (ولكن جهادٌ ونية) أي: نية الجهاد، أو النية في كل عمل فإنهما مستمران إلى آخر الدهر. 3901 - (ابن نمير) بضم النون، مصغر (أن سعدًا) أي: ابن معاذ (قال اللهم إنك تعلم أنه ليس أحد أحب إلي أن أجاهدهم فيك من قوم كذبوا رسولك) يريد قريشًا كما صرح به في

وَأَخْرَجُوهُ، اللَّهُمَّ فَإِنِّى أَظُنُّ أَنَّكَ قَدْ وَضَعْتَ الْحَرْبَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ. وَقَالَ أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ أَخْبَرَتْنِى عَائِشَةُ مِنْ قَوْمٍ كَذَّبُوا نَبِيَّكَ وَأَخْرَجُوهُ مِنْ قُرَيْشٍ. طرفه 463 3902 - حَدَّثَنَا مَطَرُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا رَوْحٌ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لأَرْبَعِينَ سَنَةً، فَمَكُثَ بِمَكَّةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً يُوحَى إِلَيْهِ، ثُمَّ أُمِرَ بِالْهِجْرَةِ فَهَاجَرَ عَشْرَ سِنِينَ، وَمَاتَ وَهُوَ ابْنُ ثَلاَثٍ وَسِتِّينَ. 3903 - حَدَّثَنِى مَطَرُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ مَكَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِمَكَّةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ، وَتُوُفِّىَ وَهْوَ ابْنُ ثَلاَثٍ وَسِتِّينَ. طرفه 3851 3904 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَبِى النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عُبَيْدٍ - يَعْنِى ابْنَ حُنَيْنٍ - عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ «إِنَّ عَبْدًا خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ أَنْ يُؤْتِيَهُ مِنْ زَهْرَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ الرواية الأخرى. وموضع الدلالة قوله (أخرجوه) فإنه يدل على الهجرة (وقال أبَان) -بفتح الهمزة وتخفيف الباء- يحتمل أن يكون عطفًا على قوله: حدثنا يحيى بن نمير داخلًا تحت الإسناد، وأن يكون تعليقًا وفيه زيادة لفظ قريش. 3902 - (مطر) مرادف الغيث (رَوْح) بفتح الراء وسكون الواو (مكث بمكة ثلاث عشرة سنة) تقدم الكلام عليه في باب المبعث. 3904 - (أبو النضر) -بالضاد المعجمة- اسمه سالم (عُبيد الله بن حُنين) كلاهما مصغر (إن عبدًا خيره الله بين أن يؤتيه زهرة الدنيا) يربد نفسه الكريمة، والحديث سلف في أبواب

الدُّنْيَا مَا شَاءَ، وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ، فَاخْتَارَ مَا عِنْدَهُ». فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا. فَعَجِبْنَا لَهُ، وَقَالَ النَّاسُ انْظُرُوا إِلَى هَذَا الشَّيْخِ، يُخْبِرُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ عَبْدٍ خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ أَنْ يُؤْتِيَهُ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ وَهْوَ يَقُولُ فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا. فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - هُوَ الْمُخَيَّرَ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ هُوَ أَعْلَمَنَا بِهِ. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ مِنْ أَمَنِّ النَّاسِ عَلَىَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبَا بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلاً مِنْ أُمَّتِى لاَتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ، إِلاَّ خُلَّةَ الإِسْلاَمِ، لاَ يَبْقَيَنَّ فِي الْمَسْجِدِ خَوْخَةٌ إِلاَّ خَوْخَةُ أَبِى بَكْرٍ». طرفه 466 3905 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَأَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَىَّ قَطُّ إِلاَّ وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ، وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إِلاَّ يَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - طَرَفَىِ النَّهَارِ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً، فَلَمَّا ابْتُلِىَ الْمُسْلِمُونُ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا نَحْوَ أَرْضِ الْحَبَشَةِ، حَتَّى بَلَغَ بَرْكَ الْغِمَادِ لَقِيَهُ ابْنُ الدَّغِنَةِ وَهْوَ سَيِّدُ الْقَارَةِ. فَقَالَ أَيْنَ تُرِيدُ يَا أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَخْرَجَنِى قَوْمِى، فَأُرِيدُ أَنْ أَسِيحَ فِي الأَرْضِ وَأَعْبُدَ رَبِّى. قَالَ ابْنُ ـــــــــــــــــــــــــــــ الصلاة وبعدها (فبكى أبو بكر، قال الناس انظروا إلى هذا الشيخ) أي: نظر التعجب. فإن قلت: أين موضع الدلالة على الهجرة في الحديث؟ قلت: قوله (إن من أمَنِّ الناس عليّ في صحبته) فإن فيه إشارة إلى قوله تعالى: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة: 40] والمن هو الإحسان لا من المنة المذمومة. 3905 - (بُكير) بضم الباء مصغر، وكذا (عُقيل) روى عن عائشة حديث هجرة أبي بكر ورجوعه في جوار ابن الدَّغنَة -بفتح الدال وكسر الغين المعجمة وفتح النون- اسم أمه، واسمه مالك، والحديث سلف في أبواب الكفالة. ونشير إلى بعض ألفاظه: (لم أعقل أبويَّ إلا وهما يدينان الدين) أي: يعبدان الله بهذا الدين وهو الإسلام، وذلك أن عائشة ولدت في الإسلام (بُرك الغِماد) بالباء الموحدة، وكسر الغين المعجمة، ويروى بكسر الباء وضم الغين اسم واد في أقاصي هجر (والقارة) اسم قبيلة.

الدَّغِنَةِ فَإِنَّ مِثْلَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ لاَ يَخْرُجُ وَلاَ يُخْرَجُ، إِنَّكَ تَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَقْرِى الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ، فَأَنَا لَكَ جَارٌ، ارْجِعْ وَاعْبُدْ رَبَّكَ بِبَلَدِكَ. فَرَجَعَ وَارْتَحَلَ مَعَهُ ابْنُ الدَّغِنَةِ، فَطَافَ ابْنُ الدَّغِنَةِ عَشِيَّةً فِي أَشْرَافِ قُرَيْشٍ، فَقَالَ لَهُمْ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ لاَ يَخْرُجُ مِثْلُهُ وَلاَ يُخْرَجُ، أَتُخْرِجُونَ رَجُلاً يَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَيَصِلُ الرَّحِمَ، وَيَحْمِلُ الْكَلَّ، وَيَقْرِى الضَّيْفَ، وَيُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ فَلَمْ تُكَذِّبْ قُرَيْشٌ بِجِوَارِ ابْنِ الدَّغِنَةِ، وَقَالُوا لاِبْنِ الدَّغِنَةِ مُرْ أَبَا بَكْرٍ فَلْيَعْبُدْ رَبَّهُ فِي دَارِهِ، فَلْيُصَلِّ فِيهَا وَلْيَقْرَأْ مَا شَاءَ، وَلاَ يُؤْذِينَا بِذَلِكَ، وَلاَ يَسْتَعْلِنْ بِهِ، فَإِنَّا نَخْشَى أَنْ يَفْتِنَ نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا. فَقَالَ ذَلِكَ ابْنُ الدَّغِنَةِ لأَبِى بَكْرٍ، فَلَبِثَ أَبُو بَكْرٍ بِذَلِكَ يَعْبُدُ رَبَّهُ فِي دَارِهِ، وَلاَ يَسْتَعْلِنُ بِصَلاَتِهِ، وَلاَ يَقْرَأُ فِي غَيْرِ دَارِهِ، ثُمَّ بَدَا لأَبِى بَكْرٍ فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ وَكَانَ يُصَلِّى فِيهِ وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ، فَيَنْقَذِفُ عَلَيْهِ نِسَاءُ الْمُشْرِكِينَ وَأَبْنَاؤُهُمْ، وَهُمْ يَعْجَبُونَ مِنْهُ، وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلاً بَكَّاءً، لاَ يَمْلِكُ عَيْنَيْهِ إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ، وَأَفْزَعَ ذَلِكَ أَشْرَافَ قُرَيْشٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَأَرْسَلُوا إِلَى ابْنِ الدَّغِنَةِ، فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ. فَقَالُوا إِنَّا كُنَّا أَجَرْنَا أَبَا بَكْرٍ بِجِوَارِكَ، عَلَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ فِي دَارِهِ، فَقَدْ جَاوَزَ ذَلِكَ، فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ، فَأَعْلَنَ بِالصَّلاَةِ وَالْقِرَاءَةِ فِيهِ، وَإِنَّا قَدْ خَشِينَا أَنْ يَفْتِنَ نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا فَانْهَهُ، فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ فِي دَارِهِ فَعَلَ، وَإِنْ أَبَى إِلاَّ أَنْ يُعْلِنَ بِذَلِكَ فَسَلْهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْكَ ذِمَّتَكَ، فَإِنَّا قَدْ كَرِهْنَا أَنْ نُخْفِرَكَ، وَلَسْنَا مُقِرِّينَ لأَبِى بَكْرٍ الاِسْتِعْلاَنَ. قَالَتْ عَائِشَةُ فَأَتَى ابْنُ الدَّغِنَةِ إِلَى أَبِى بَكْرٍ فَقَالَ قَدْ عَلِمْتَ الَّذِى عَاقَدْتُ لَكَ عَلَيْهِ، فَإِمَّا أَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ (إنك تكسب المعدوم) أي: تعطي المحتاج الشيء المعدوم عنده، أو الرجل المحتاج الذي صار من شدة الاحتياج كالشيء المعدوم (وتَقري الضيف) -بفتح التاء- من القِرى (وتعين على نوائب الحق) جمع نائبة مصائب الدهر، وقيده بالحق إخراجًا لنوائب الباطل كما كانت العرب تفعله من صرف الأموال رياءً وفخرًا (فلم تكذب قريش بجوار ابن الدغنة) أريد لازمه أي: امضوا جواره وقبلوا منه (فابتنى أبو بكرًا بفِناء داره) بكسر الفاء ما أسند من جوانب الدار أي: بناه لنفسه يتعبد فيه، فهو أول مسجد بني في الإسلام (فتقصف عليه نساء المشركين) على وزن تكسر ومعناه من القصف وهو الكسو، وفي بعضها: يتقذف -بذال معجمة- من القذف وهو الرمي، كأنهم من الكثرة يدفع بعضهم بعضًا (فإنا قد كرهنا أن نُخفِرك) -بضم النون وكسر الفاء- يقال: خفرت فلانًا إذا وفيت بعهده، وأخفرته إذا نقضته

تَقْتَصِرَ عَلَى ذَلِكَ، وَإِمَّا أَنْ تَرْجِعَ إِلَىَّ ذِمَّتِى، فَإِنِّى لاَ أُحِبُّ أَنْ تَسْمَعَ الْعَرَبُ أَنِّى أُخْفِرْتُ فِي رَجُلٍ عَقَدْتُ لَهُ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ فَإِنِّى أَرُدُّ إِلَيْكَ جِوَارَكَ وَأَرْضَى بِجِوَارِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِلْمُسْلِمِينَ «إِنِّى أُرِيتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ ذَاتَ نَخْلٍ بَيْنَ لاَبَتَيْنِ». وَهُمَا الْحَرَّتَانِ، فَهَاجَرَ مَنْ هَاجَرَ قِبَلَ الْمَدِينَةِ، وَرَجَعَ عَامَّةُ مَنْ كَانَ هَاجَرَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَتَجَهَّزَ أَبُو بَكْرٍ قِبَلَ الْمَدِينَةِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «عَلَى رِسْلِكَ، فَإِنِّى أَرْجُو أَنْ يُؤْذَنَ لِى». فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَهَلْ تَرْجُو ذَلِكَ بِأَبِى أَنْتَ قَالَ «نَعَمْ». فَحَبَسَ أَبُو بَكْرٍ نَفْسَهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِيَصْحَبَهُ، وَعَلَفَ رَاحِلَتَيْنِ كَانَتَا عِنْدَهُ وَرَقَ السَّمُرِ وَهْوَ الْخَبَطُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ قَالَ عُرْوَةُ قَالَتْ عَائِشَةُ فَبَيْنَمَا نَحْنُ يَوْمًا جُلُوسٌ فِي بَيْتِ أَبِى بَكْرٍ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ قَالَ قَائِلٌ لأَبِى بَكْرٍ هَذَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُتَقَنِّعًا - فِي سَاعَةٍ لَمْ يَكُنْ يَأْتِينَا فِيهَا - فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ فِدَاءٌ لَهُ أَبِى وَأُمِّى، وَاللَّهِ مَا جَاءَ بِهِ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ إِلاَّ أَمْرٌ. قَالَتْ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتَأْذَنَ، فَأُذِنَ لَهُ فَدَخَلَ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لأَبِى بَكْرٍ «أَخْرِجْ مَنْ عِنْدَكَ». فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنَّمَا هُمْ أَهْلُكَ بِأَبِى أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «فَإِنِّى قَدْ أُذِنَ لِى فِي الْخُرُوجِ». فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصَّحَابَةُ بِأَبِى أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «نَعَمْ». قَالَ أَبُو بَكْرٍ فَخُذْ بِأَبِى أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِحْدَى رَاحِلَتَىَّ هَاتَيْنِ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «بِالثَّمَنِ». قَالَتْ عَائِشَةُ فَجَهَّزْنَاهُمَا أَحَثَّ الْجَهَازِ، وَصَنَعْنَا لَهُمَا سُفْرَةً فِي جِرَابٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ (إني رأيت دار هجرتكم ذات نخل بين لابَتين وهما الحرتان)، والحرة أرض ذات حجارة سود (وتجهز أبو بكر قِبَل المدينة) أي: قاصدًا تلك الجهة (على رِسلك) -بكسر الراء-، قال ابن الأثير: هو الهينة والتأني أي: الزم التأني (علف راحلتين كانتا عنده ورق السمُر) هو الشجر الطلح (وهو الخَبَط) الخبط: بفتح الخاء المعجمة وفتح الباء الموحدة قال ابن الأثير: الخبط بسكون الباء ضرب الشجر ليتناثر ورقه، وبفتح الباء الورق الذي تناثر (قال: فإني قد أذن لي في الخروج قال أبو بكر: الصحابة بأبي أنت) أي: أسألك المصاحبة، وفي بعضها: الصحبة (قالت عائشة: فجهزناهما أحثَّ الجهاز) أي: أسرعه، والجهاز -بكسر الجيم-: ما يحتاج إليه المسافر، قال الجوهري: جهاز العروس والمسافر بفتح وبكسر، (وصنعنا لهما سفرة في جراب) السفرة: طعام المسافر وزاده وهو المراد، وقد اشتهر في

فَقَطَعَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِى بَكْرٍ قِطْعَةً مَنْ نِطَاقِهَا فَرَبَطَتْ بِهِ عَلَى فَمِ الْجِرَابِ، فَبِذَلِكَ سُمِّيَتْ ذَاتَ النِّطَاقِ - قَالَتْ - ثُمَّ لَحِقَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بَكْرٍ بِغَارٍ فِي جَبَلِ ثَوْرٍ فَكَمَنَا فِيهِ ثَلاَثَ لَيَالٍ، يَبِيتُ عِنْدَهُمَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى بَكْرٍ وَهْوَ غُلاَمٌ شَابٌّ ثَقِفٌ لَقِنٌ، فَيُدْلِجُ مِنْ عِنْدِهِمَا بِسَحَرٍ، فَيُصْبِحُ مَعَ قُرَيْشٍ بِمَكَّةَ كَبَائِتٍ، فَلاَ يَسْمَعُ أَمْرًا يُكْتَادَانِ بِهِ إِلاَّ وَعَاهُ، حَتَّى يَأْتِيَهُمَا بِخَبَرِ ذَلِكَ حِينَ يَخْتَلِطُ الظَّلاَمُ، وَيَرْعَى عَلَيْهِمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ مَوْلَى أَبِى بَكْرٍ مِنْحَةً مِنْ غَنَمٍ، فَيُرِيحُهَا عَلَيْهِمَا حِينَ يَذْهَبُ سَاعَةٌ مِنَ الْعِشَاءِ، فَيَبِيتَانِ فِي رِسْلٍ وَهْوَ لَبَنُ مِنْحَتِهِمَا وَرَضِيفِهِمَا، حَتَّى يَنْعِقَ بِهَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ بِغَلَسٍ، يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ تِلْكَ اللَّيَالِى الثَّلاَثِ، وَاسْتَأْجَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بَكْرٍ رَجُلاً مِنْ بَنِى الدِّيلِ، وَهْوَ مِنْ بَنِى عَبْدِ بْنِ عَدِىٍّ هَادِيًا خِرِّيتًا ـــــــــــــــــــــــــــــ وعاء الطعام سواء كان في السفر أو في الحضر (فقطعت أسماء بنت أبي بكر قطعة من نطاقها فربطت به على فم الجراب فبذلك سُميت ذات النطاقين) النطاق -بكسر النون- ويقال له المنطق، قال ابن الأثير: هو ما تشد به المرأة وسطها فوق الثياب ثم رفع وسط الثوب، وترسله على الأسفل لئلا تعثر على ذيلها عند معاناة الأشغال. (ثم لحق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر بغار في جبل ثور) -بالثاء المثلثة- قال ابن الأثير: هو جبل بمكة، وقال الجوهري: اسم الجبل الطحل، وإنما قيل له: ثور لأن ثور بن عبد مناف نزله (يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر وهو كلام ثَقِفٌ لقن) كلاهما على وزن فَعِل بكسر العين، والثقافة -بالثاء المثلثة-: الحذاقة والفطانة، واللقن: حسن التلقن للأخبار من أفواه الناس (فيدّلجُ من عندهما بسحر) -بتشديد الدال- السير في آخر الليل (فلا يسمع أمرًا يكتادان به إلا وعاه) وفي بعضها: يكتادان وكلاهما من الكيد (ويرعى عليهما عامر بن فُهيرة) بضم الفاء، مصغر (مِنحة من غنم) أي لبنًا، وكانت الغنم لأبي بكر، قال الجوهري: المنح العطاء والمِنحة -بكسر الميم-: الاسم منه وهي العطية، والمراد به في الحديث الغنم الذي فيه اللبن، وإنما عبر عنه بالمنحة لأن الناس في ذلك العهد كانوا يعيرون الشاة والناقة للمحتاج لينتفع بدرها ثم يردها، واسم تلك الشاة عندهم المنيحة (فيبيتان في رِسْل) بكسر الراء اللبن لأنه مسترسل مستمر (وَرضيفهما) -بفتح الراء وضاد معجمة- فعيل بمعنى المفعول، وهو اللبن الذي يُلقى الرضف فيه -وهو الحجر المحماة بالنار- ليصفيه (حتى ينعق بها) النعيق: صوت الراعي على غنمه (واستأجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلًا من بني الدِّيل) -بكسر الدال المهملة- قال الجوهري: نسبة إلى ديل من بكر الكناني، ويقال فيه: الدأل بفتح الهمزة

- وَالْخِرِّيتُ الْمَاهِرُ بِالْهِدَايَةِ - قَدْ غَمَسَ حِلْفًا فِي آلِ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ السَّهْمِىِّ، وَهْوَ عَلَى دِينِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ فَأَمِنَاهُ، فَدَفَعَا إِلَيْهِ رَاحِلَتَيْهِمَا، وَوَاعَدَاهُ غَارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلاَثِ لَيَالٍ بِرَاحِلَتَيْهِمَا صُبْحَ ثَلاَثٍ، وَانْطَلَقَ مَعَهُمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ وَالدَّلِيلُ فَأَخَذَ بِهِمْ طَرِيقَ السَّوَاحِلِ. طرفه 476 3906 - قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَأَخْبَرَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَالِكٍ الْمُدْلِجِىُّ - وَهْوَ ابْنُ أَخِى سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ - أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ سُرَاقَةَ بْنَ جُعْشُمٍ يَقُولُ جَاءَنَا رُسُلُ كُفَّارِ قُرَيْشٍ يَجْعَلُونَ فِي رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبِى بَكْرٍ دِيَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، مَنْ قَتَلَهُ أَوْ أَسَرَهُ، فَبَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ فِي مَجْلِسٍ مِنْ مَجَالِسِ قَوْمِى بَنِى مُدْلِجٍ أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْهُمْ حَتَّى قَامَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ جُلُوسٌ، فَقَالَ يَا سُرَاقَةُ، إِنِّى قَدْ رَأَيْتُ آنِفًا أَسْوِدَةً بِالسَّاحِلِ - أُرَاهَا مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ. قَالَ سُرَاقَةُ فَعَرَفْتُ أَنَّهُمْ هُمْ، فَقُلْتُ لَهُ إِنَّهُمْ لَيْسُوا بِهِمْ، وَلَكِنَّكَ رَأَيْتَ فُلاَنًا وَفُلاَنًا انْطَلَقُوا بِأَعْيُنِنَا. ثُمَّ لَبِثْتُ فِي الْمَجْلِسِ سَاعَةً، ثُمَّ قُمْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــ وكسرها، وأهل الحجاز يكسرون الدال ويتركون الهمزة، واسم الرجل: عبد الله بن أُريقط -بضم الهمزة- على وزن المصغر (والخريت) -بكسر الخاء المعجمة وتشديد الراء المكسورة- على وزن السكين، وقد فسره في الحديث (قد غمس حلفًا في آل العاص بن وائل) الحلف -بكسر الحاء- قال ابن الأثير: هو المعاهدة والمعاضدة على القتال والغارات هذا في الجاهلية، وأما في الإسلام على التناصر على الحق، وكان عند المعاقدة يحضرون جفنة فيها دم أو خلوق يغمسون فيه الأيدي إشهارًا لذلك. 3906 - (قال ابن شهاب: وأخبرني عبد الرحمن) أي: كما أخبرني عروة، (المدلِجي) -بكسر اللام-: نسبة إلى مدلج، قبيلة من كنانة أولاد مدلج بن مرة (سراقة بن جُعشم) بضم الجيم على وزن قنفذ. قال بعض الشارحين: إنما قال هنا سراقة بن جعشم وبعده سراقة بن مالك، لاختلافهم في نسبه وهذا غلط منه إذ لم يختلف فيه، ولكن أبوه مالك وجَدّه جعشم، فتارة نسبه إلى أبيه، وتارة إلى جده كما قالوا في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تارة محمد بن عبد الله وأخرى ابن المطلب، قال ابن عبد البر: هو سراقة بن مالك بن جعشم بن مالك بن عمرو بن مالك بن تيم بن مدلج. (إني قد رأيت آنفًا أسْوِدَةً) جمع سواد، أي: أشخاصًا، وإنما أطلق على الشخص

فَدَخَلْتُ فَأَمَرْتُ جَارِيَتِى أَنْ تَخْرُجَ بِفَرَسِى وَهْىَ مِنْ وَرَاءِ أَكَمَةٍ فَتَحْبِسَهَا عَلَىَّ، وَأَخَذْتُ رُمْحِى، فَخَرَجْتُ بِهِ مِنْ ظَهْرِ الْبَيْتِ، فَحَطَطْتُ بِزُجِّهِ الأَرْضَ، وَخَفَضْتُ عَالِيَهُ حَتَّى أَتَيْتُ فَرَسِى فَرَكِبْتُهَا، فَرَفَعْتُهَا تُقَرَّبُ بِى حَتَّى دَنَوْتُ مِنْهُمْ، فَعَثَرَتْ بِى فَرَسِى، فَخَرَرْتُ عَنْهَا فَقُمْتُ، فَأَهْوَيْتُ يَدِى إِلَى كِنَانَتِى فَاسْتَخْرَجْتُ مِنْهَا الأَزْلاَمَ، فَاسْتَقْسَمْتُ بِهَا أَضُرُّهُمْ أَمْ لاَ فَخَرَجَ الَّذِى أَكْرَهُ، فَرَكِبْتُ فَرَسِى، وَعَصَيْتُ الأَزْلاَمَ، تُقَرِّبُ بِى حَتَّى إِذَا سَمِعْتُ قِرَاءَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ لاَ يَلْتَفِتُ، وَأَبُو بَكْرٍ يُكْثِرُ الاِلْتِفَاتَ سَاخَتْ يَدَا فَرَسِى فِي الأَرْضِ حَتَّى بَلَغَتَا الرُّكْبَتَيْنِ، فَخَرَرْتُ عَنْهَا ثُمَّ زَجَرْتُهَا فَنَهَضَتْ، فَلَمْ تَكَدْ تُخْرِجُ يَدَيْهَا، فَلَمَّا اسْتَوَتْ قَائِمَةً، إِذَا لأَثَرِ يَدَيْهَا عُثَانٌ سَاطِعٌ فِي السَّمَاءِ مِثْلُ الدُّخَانِ، فَاسْتَقْسَمْتُ بِالأَزْلاَمِ، فَخَرَجَ الَّذِى أَكْرَهُ، فَنَادَيْتُهُمْ بِالأَمَانِ فَوَقَفُوا، فَرَكِبْتُ فَرَسِى حَتَّى جِئْتُهُمْ، وَوَقَعَ فِي نَفْسِى حِينَ لَقِيتُ مَا لَقِيتُ مِنَ الْحَبْسِ عَنْهُمْ أَنْ سَيَظْهَرُ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ لَهُ إِنَّ قَوْمَكَ قَدْ جَعَلُوا فِيكَ الدِّيَةَ. وَأَخْبَرْتُهُمْ أَخْبَارَ مَا يُرِيدُ النَّاسُ بِهِمْ، وَعَرَضْتُ عَلَيْهِمِ الزَّادَ وَالْمَتَاعَ، فَلَمْ يَرْزَآنِى وَلَمْ يَسْأَلاَنِى إِلاَّ أَنْ قَالَ أَخْفِ عَنَّا. فَسَأَلْتُهُ أَنْ يَكْتُبَ لِى كِتَابَ أَمْنٍ، فَأَمَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــ السواد لأنه أول ما يرى بعيدًا سواده (فأمرت جاريتي أن تخرج بفرسي من وراء أكَمَة) الموضع المرتفع، وأواد بهذا أن لا يراه أحد فيرافقه ويشاركه فيما بذلت قريش ولذلك خفض رأس الرمح وخط بُزجّة -بضم الزاي وتشديد الجيم- ما في عقب الرمح من الحديد (أتيت فرسي فركبتها فرفعتها) أي: أسرعتها (تُقرّب بي) -بضم التاء وتشديد الراء- المهملة- قال الأصمعي: التقريب أن ترفع الدابة يديها معًا، وتضعهما معًا (فأهويت يدي إلى كِنانتي) -بكسر التاء-: جعبة السهام (فاستخرجت منها الأزلام) جمع زلم -بفتح اللام وسكونها- وهي الأقداح، كانوا يستقسمون بها، أي: يطلبون بها معرفة الحظ والبخت، وهي ثلاث مكتوب على واحد افعل، وعلى الآخر: لا تفعل، والثالث: غفلت، فإن خرج افعل مضى فيما عزم، وإن خرج لا تفعل أمسك، وإن خرج الغفلت أعاد (ساخت يدا فرسي في الأرض حتى بلغتا الركبتين) -بالسين المهملة- أي: دخلتا في الأرض (فلما استوت قائمة إذا لأثر يديها غبار ساطع) وفي بعضها: (عثان) بضم العين وثاء مثلثة، المهملة مخففة آخره نون، وهو الدخان (وعرضت عليهما الزاد والمتاع فلم يرزآني) -بالراء المهملة ثم المعجمة- أي: لم يقبلا من ذلك من الرزء وهو النقص (فسألته أن يكتب لي كتاب أمن) أي: أمان فإنه

عَامِرَ بْنَ فُهَيْرَةَ، فَكَتَبَ فِي رُقْعَةٍ مِنْ أَدِيمٍ، ثُمَّ مَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَأَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَقِىَ الزُّبَيْرَ فِي رَكْبٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا تِجَارًا قَافِلِينَ مِنَ الشَّأْمِ، فَكَسَا الزُّبَيْرُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبَا بَكْرٍ ثِيَابَ بَيَاضٍ، وَسَمِعَ الْمُسْلِمُونَ بِالْمَدِينَةِ مَخْرَجَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ مَكَّةَ، فَكَانُوا يَغْدُونَ كُلَّ غَدَاةٍ إِلَى الْحَرَّةِ فَيَنْتَظِرُونَهُ، حَتَّى يَرُدَّهُمْ حَرُّ الظَّهِيرَةِ، فَانْقَلَبُوا يَوْمًا بَعْدَ مَا أَطَالُوا انْتِظَارَهُمْ، فَلَمَّا أَوَوْا إِلَى بُيُوتِهِمْ، أَوْفَى رَجُلٌ مِنْ يَهُودَ عَلَى أُطُمٍ مِنْ آطَامِهِمْ لأَمْرٍ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَبَصُرَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابِهِ مُبَيَّضِينَ يَزُولُ بِهِمُ السَّرَابُ، فَلَمْ يَمْلِكِ الْيَهُودِىُّ أَنْ قَالَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ يَا مَعَاشِرَ الْعَرَبِ هَذَا جَدُّكُمُ الَّذِى تَنْتَظِرُونَ. فَثَارَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى السِّلاَحِ، فَتَلَقَّوْا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِظَهْرِ الْحَرَّةِ، فَعَدَلَ بِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ حَتَّى نَزَلَ بِهِمْ فِي بَنِى عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وَذَلِكَ يَوْمَ الاِثْنَيْنِ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ، فَقَامَ ـــــــــــــــــــــــــــــ عرف أن له شأنًا، فلما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالجعرَّانة مقفله من حنين أتى بذلك الكتاب فأسلم وفي هذه الواقعة يخاطب أبا جهل: أبا حكم والله لو كنت شاهدًا ... لأمر جوادي إذ تسوخ قوائمه علمت ولم تشكك بأن محمدًا ... رسولٌ ببرهان فمن ذا يقاومه (قال ابن شهاب: فأخبرني عروة) يجوز أن يكون عطفًا على أول السند بتقدير حرف العطف، وأن يكون تعليقًا (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقي زبيرًا في ركب من المسلمين، فكسا رسولَ الله وأبا بكر ثياب بياض) قال الدمياطي: ذكر الزبير هنا وهم، بل هو طلحة، وكذا قاله ابن سعد في "الطبقات". (فلما أووا إلى بيوتهم) -بفتح الهمزة والقصر- أي: رجعوا (أوفى رجل من يهود على أُطُم من آطامهم) الأُطُم -بضم الهمزة والطاء-: شبه القصر، والآطام بالمد: جمعه، وأوفى على الشيء: أشرف (فبصُر برسول الله - صلى الله عليه وسلم -) -بضم الصاد- أي: علم به، قال الجوهري: والظاهر أنه العلم المتعلق بالمبصرات (مبيضين يزول بهم السراب) هو ما يرى في شدة الحر في المواضع السبخة شبه الماء، ومعنى قوله: يزول بهم: أنهم في دخوله فيه زال ما كان يتوهم من وجود الشرب (فلم يملك اليهودي أن قال يا معشر العرب هذا جدكم) أي لم يملك نفسه عن هذا القول كأنه صدر عنه بلا اختيار، والجد: الحظ (نزل في بني عمرو بن عوف) هم أهل قُباء.

أَبُو بَكْرٍ لِلنَّاسِ، وَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَامِتًا، فَطَفِقَ مَنْ جَاءَ مِنَ الأَنْصَارِ مِمَّنْ لَمْ يَرَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُحَيِّى أَبَا بَكْرٍ، حَتَّى أَصَابَتِ الشَّمْسُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى ظَلَّلَ عَلَيْهِ بِرِدَائِهِ، فَعَرَفَ النَّاسُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ ذَلِكَ، فَلَبِثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي بَنِى عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً وَأُسِّسَ الْمَسْجِدُ الَّذِى أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى، وَصَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ فَسَارَ يَمْشِى مَعَهُ النَّاسُ حَتَّى بَرَكَتْ عِنْدَ مَسْجِدِ الرَّسُولِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْمَدِينَةِ، وَهْوَ يُصَلِّى فِيهِ يَوْمَئِذٍ رِجَالٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَكَانَ مِرْبَدًا لِلتَّمْرِ لِسُهَيْلٍ وَسَهْلٍ غُلاَمَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي حَجْرِ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ بَرَكَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ «هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ الْمَنْزِلُ». ثُمَّ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْغُلاَمَيْنِ، فَسَاوَمَهُمَا بِالْمِرْبَدِ لِيَتَّخِذَهُ مَسْجِدًا، فَقَالاَ لاَ بَلْ نَهَبُهُ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، ثُمَّ بَنَاهُ مَسْجِدًا، وَطَفِقَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَنْقُلُ مَعَهُمُ اللَّبِنَ فِي بُنْيَانِهِ، وَيَقُولُ وَهُوَ يَنْقُلُ اللَّبِنَ «هَذَا الْحِمَالُ لاَ حِمَالَ خَيْبَرْ هَذَا أَبَرُّ رَبَّنَا وَأَطْهَرْ». وَيَقُولُ «اللَّهُمَّ إِنَّ الأَجْرَ أَجْرُ ـــــــــــــــــــــــــــــ (فلبث في بني عمرو بن عوف بضع عشرة ليلة) البضع: ما بين الثلاث إلى التسع، وروى غيره أربعة أيام، وكان نزوله على كلثوم بن الهِدْم -بكسر الهاء وسكون الدال المهملة- رجل من بني عمرو وكان شيخ قومه، مات بعد مقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيام. وقيل: نزل على سعد بن خيثمة، والصواب الأول. قال ابن عبد البر: كان يجلس في بيت سعد بن خيثمة للناس لأنه كان موضع العزاب. (ثم ركب راحلته فسار يمشي معه الناس حتى بركت عند مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) قال ابن إسحاق: تجاوزت ذلك المكان ثم عادت فبركت وألقت جرانها (وكان مربدًا للتمر) المِربد: -بكسر الميم وباء موحدة- موضع يجمع فيه الرطب ليصير تمرًا كالجرين للحبوب (لسهيل وسهل) ابني رافع بن عمرو بن عائذ من بني النجار (غلامين يتيمين في حجْر أسعد بن زرارة) الظاهر أنهما كلانا يتيمين قبل ذلك لقوله: (فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الغلامين فساومهما المربد) -بكسر الميم الموضع الذي يجمع فيه التمر (فقالا: لا بل نهبه لك) هذا صريح في أنهما كانا بالغين فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقبل الهبة إنما أبى قبول الهبة ليكون الأجر كاملًا كما أبى قبول الناقة من أبي بكر حين هاجر (يقول وهو ينقل التراب هذا الحمال لا حمال خيبر) بالحاء المهملة قال ابن الأثير: كأنه جمع حمل، ويجوز أن يكون مصدرًا، ومعنى هذا الكلام أن هذا الحمل خير من التمر الذي يؤتى به من خيبر، فإن هذه تجارة الآخرة، وتلك تجارة الدنيا، ويروى بالجيم هذا هو الجمال لأنه الموصل إلى كل جمال وكمال إلى آخر الدهر وفيه

الآخِرَهْ فَارْحَمِ الأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَهْ». فَتَمَثَّلَ بِشِعْرِ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يُسَمَّ لِى. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَلَمْ يَبْلُغْنَا فِي الأَحَادِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَمَثَّلَ بِبَيْتِ شِعْرٍ تَامٍّ غَيْرِ هَذَا الْبَيْتِ. 3907 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ وَفَاطِمَةَ عَنْ أَسْمَاءَ رضى الله عنها صَنَعْتُ سُفْرَةً لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبِى بَكْرٍ حِينَ أَرَادَا الْمَدِينَةَ، فَقُلْتُ لأَبِى مَا أَجِدُ شَيْئًا أَرْبُطُهُ إِلاَّ نِطَاقِى. قَالَ فَشُقِّيهِ. فَفَعَلْتُ، فَسُمِّيتُ ذَاتَ النِّطَاقَيْنِ. طرفه 2979 3908 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا أَقْبَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الْمَدِينَةِ تَبِعَهُ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ، فَدَعَا عَلَيْهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَاخَتْ بِهِ فَرَسُهُ. قَالَ ادْعُ اللَّهَ لِى وَلاَ أَضُرُّكَ. فَدَعَا لَهُ. قَالَ فَعَطِشَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَمَرَّ بِرَاعٍ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذْتُ قَدَحًا فَحَلَبْتُ فِيهِ كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ، فَأَتَيْتُهُ فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ. طرفه 2439 3909 - حَدَّثَنِى زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَبِى أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَسْمَاءَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا حَمَلَتْ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَتْ فَخَرَجْتُ وَأَنَا مُتِمٌّ، فَأَتَيْتُ الْمَدِينَةَ، فَنَزَلْتُ بِقُبَاءٍ، فَوَلَدْتُهُ بِقُبَاءٍ، ثُمَّ أَتَيْتُ بِهِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَوَضَعْتُهُ فِي ـــــــــــــــــــــــــــــ إشارة إلى خراب معابد اليهود بخيبر (فتمثل بشعر رجل من المسلمين) هو عبد الله بن رواحة (قال ابن شهاب: ولم يبلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تمثل ببيت شعر غير هذا الأبيات) اعترض على هذا الكلام بأن هذا ليس شعرًا لأنه رجز وليمس الرجز من أقسام الشعر، وهذا ليس بوارد وذلك أن المتأخرين قد أطبقوا على أنه شعر، وابن شهاب أعرف بكلام العرب. 3908 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (غندر) بضم الغين المعجمة، ودال مهملة. روى حديث سراقة وقد تقدم آنفًا (والكُثبة) -بضم الكاف- القليل من كل شيء. 3909 - (عن أسماء أنها حملت بعبد الله بن الزبير، قال فخرجت وأنا مُتم) قال الجوهري: أتمت الحَبل فهي مُتِمٌ: إذا ولدت لتمام مدة الحمل، قلت: وجه ذلك أن تحمل

حَجْرِهِ، ثُمَّ دَعَا بِتَمْرَةٍ، فَمَضَغَهَا، ثُمَّ تَفَلَ فِي فِيهِ، فَكَانَ أَوَّلَ شَىْءٍ دَخَلَ جَوْفَهُ رِيقُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ حَنَّكَهُ بِتَمْرَةٍ ثُمَّ دَعَا لَهُ وَبَرَّكَ عَلَيْهِ، وَكَانَ أَوَّلَ مَوْلُودٍ وُلِدَ فِي الإِسْلاَمِ. تَابَعَهُ خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ عَلِىِّ بْنِ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَسْمَاءَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا هَاجَرَتْ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْىَ حُبْلَى. طرفه 5469 3910 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ عَنْ أَبِى أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ أَوَّلُ مَوْلُودٍ وُلِدَ فِي الإِسْلاَمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَتَوْا بِهِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخَذَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - تَمْرَةً فَلاَكَهَا ثُمَّ أَدْخَلَهَا فِي فِيهِ، فَأَوَّلُ مَا دَخَلَ بَطْنَهُ رِيقُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 3911 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ أَقْبَلَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الْمَدِينَةِ وَهْوَ مُرْدِفٌ أَبَا بَكْرٍ، وَأَبُو بَكْرٍ شَيْخٌ يُعْرَفُ، وَنَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَابٌّ لاَ يُعْرَفُ، قَالَ فَيَلْقَى الرَّجُلُ أَبَا بَكْرٍ فَيَقُولُ يَا أَبَا بَكْرٍ، مَنْ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِى بَيْنَ يَدَيْكَ فَيَقُولُ هَذَا الرَّجُلُ يَهْدِينِى السَّبِيلَ. قَالَ فَيَحْسِبُ الْحَاسِبُ أَنَّهُ إِنَّمَا يَعْنِى الطَّرِيقَ، وَإِنَّمَا يَعْنِى سَبِيلَ الْخَيْرِ، فَالْتَفَتَ أَبُو بَكْرٍ، فَإِذَا هُوَ بِفَارِسٍ قَدْ لَحِقَهُمْ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا فَارِسٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ من النسب كلابن وتامر أي: ذات تمام، ولذلك أسقط التاء (وكان أول مولود ولد في الإسلام) أي: بالمدينة. (مَخلد) بفتح الميم وخاء معجمة (مُسهر) بضم الميم وكسر الهاء. 3911 - (محمد) كذا وقع غير منسوب. قال الغساني: نسبه ابن السكن وأبو نصر محمد بن بشار (صهيب) بضم الصاد، مصغر (أقبل نبي الله إلى المدينة وهو مردف أبا بكر) الظاهر أنهما كانا راكبين على ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إلا أن سائر الأحاديث تدل على أن كل واحد كان على ناقته، والإرداف يطلق على المعنيين، قال تعالى: {مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ} [الأنفال: 9] أي: يتبع بعضهم بعضًا (وأبو بكر شيخ يُعرف، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - شابٌ لا يعرف) أما كون أبي بكر معروفًا فلإنه كان يتردد في تجارته إلى المدينة، وأما كونه شيخًا فإنه كان فيه البياض وإن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسن منه، وحديث سراقة قد تقدم مرارًا.

قَدْ لَحِقَ بِنَا. فَالْتَفَتَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «اللَّهُمَّ اصْرَعْهُ». فَصَرَعَهُ الْفَرَسُ، ثُمَّ قَامَتْ تُحَمْحِمُ فَقَالَ يَا نَبِىَّ اللَّهِ مُرْنِى بِمَا شِئْتَ. قَالَ «فَقِفْ مَكَانَكَ، لاَ تَتْرُكَنَّ أَحَدًا يَلْحَقُ بِنَا». قَالَ فَكَانَ أَوَّلَ النَّهَارِ جَاهِدًا عَلَى نَبِىِّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَكَانَ آخِرَ النَّهَارِ مَسْلَحَةً لَهُ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جَانِبَ الْحَرَّةِ، ثُمَّ بَعَثَ إِلَى الأَنْصَارِ، فَجَاءُوا إِلَى نَبِىِّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَلَّمُوا عَلَيْهِمَا، وَقَالُوا ارْكَبَا آمِنَيْنِ مُطَاعَيْنِ. فَرَكِبَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بَكْرٍ، وَحَفُّوا دُونَهُمَا بِالسِّلاَحِ، فَقِيلَ فِي الْمَدِينَةِ جَاءَ نَبِىُّ اللَّهِ، جَاءَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَأَشْرَفُوا يَنْظُرُونَ وَيَقُولُونَ جَاءَ نَبِىُّ اللَّهِ، جَاءَ نَبِىُّ اللَّهِ. فَأَقْبَلَ يَسِيرُ حَتَّى نَزَلَ جَانِبَ دَارِ أَبِى أَيُّوبَ، فَإِنَّهُ لَيُحَدِّثُ أَهْلَهُ، إِذْ سَمِعَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ وَهْوَ فِي نَخْلٍ لأَهْلِهِ يَخْتَرِفُ لَهُمْ، فَعَجِلَ أَنْ يَضَعَ الَّذِى يَخْتَرِفُ لَهُمْ فِيهَا، فَجَاءَ وَهْىَ مَعَهُ، فَسَمِعَ مِنْ نَبِىِّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ، فَقَالَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَىُّ بُيُوتِ أَهْلِنَا أَقْرَبُ». فَقَالَ أَبُو أَيُّوبَ أَنَا يَا نَبِىَّ اللَّهِ، هَذِهِ دَارِى، وَهَذَا بَابِى. قَالَ «فَانْطَلِقْ فَهَيِّئْ لَنَا مَقِيلاً». قَالَ قُومَا عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ. فَلَمَّا جَاءَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَّكَ جِئْتَ بِحَقٍّ، وَقَدْ عَلِمَتْ يَهُودُ أَنِّى سَيِّدُهُمْ وَابْنُ سَيِّدِهِمْ، وَأَعْلَمُهُمْ وَابْنُ أَعْلَمِهِمْ، فَادْعُهُمْ فَاسْأَلْهُمْ عَنِّى قَبْلَ أَنْ يَعْلَمُوا أَنِّى قَدْ أَسْلَمْتُ، فَإِنَّهُمْ إِنْ يَعْلَمُوا أَنِّى قَدْ أَسْلَمْتُ قَالُوا فِىَّ مَا لَيْسَ فِىَّ. فَأَرْسَلَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَقْبَلُوا فَدَخَلُوا عَلَيْهِ. فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ ـــــــــــــــــــــــــــــ (فكان أول النهار جاهدًا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: على قتله أو أسره (وكان آخر النهار مسلحة له) المسلحة: مكان السلاح، فالكلام على طريقة الشبه، كأن حامل السلاح مكانه؛ لأنه كان يرد عنه العدو (فنزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جانب الحرة) هذا انتقاله من قباء بدليل قوله: (ثم بعث إلى الأنصار) لأنه حين قدمه أخبرهم اليهود (وأقبل يسير حتى نزل جانب دار أبي أيوب) هو موضع المسجد حيث نزلت ناقته (سمع به عبد الله بن سلام وهو في نخل لأهله يخترف) بالخاء المهملة المعجمة من الاختراف وهو جذاذ الثمر (فعَجِل) بفتح العين وكسر الجيم (فقال نبي الله: أي بيوت أهلنا أقرب) يريد بني النجار لأن أم عبد المطلب سلمى بنت عمرو بن زيد من [بني] النجار (فقال أبو أيوب: هذه داري، فقال: انطلق فهيئ لنا مقيلًا) أي: مكان قيلولة، وحديث عبد الله بن سلام تقدم في كتاب الأنبياء وفي مناقبه.

اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ، وَيْلَكُمُ اتَّقُوا اللَّهَ، فَوَاللَّهِ الَّذِى لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ إِنَّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أَنِّى رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا، وَأَنِّى جِئْتُكُمْ بِحَقٍّ فَأَسْلِمُوا». قَالُوا مَا نَعْلَمُهُ. قَالُوا لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَهَا ثَلاَثَ مِرَارٍ. قَالَ «فَأَىُّ رَجُلٍ فِيكُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ». قَالُوا ذَاكَ سَيِّدُنَا وَابْنُ سَيِّدِنَا، وَأَعْلَمُنَا وَابْنُ أَعْلَمِنَا. قَالَ «أَفَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ». قَالُوا حَاشَا لِلَّهِ، مَا كَانَ لِيُسْلِمَ. قَالَ «أَفَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ». قَالُوا حَاشَا لِلَّهِ، مَا كَانَ لِيُسْلِمَ. قَالَ «يَا ابْنَ سَلاَمٍ، اخْرُجْ عَلَيْهِمْ». فَخَرَجَ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ، اتَّقُوا اللَّهَ، فَوَاللَّهِ الَّذِى لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ إِنَّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَّهُ جَاءَ بِحَقٍّ. فَقَالُوا كَذَبْتَ. فَأَخْرَجَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. 3912 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ يَعْنِى عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضى الله عنه قَالَ كَانَ فَرَضَ لِلْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ أَرْبَعَةَ آلاَفٍ فِي أَرْبَعَةٍ، وَفَرَضَ لاِبْنِ عُمَرَ ثَلاَثَةَ آلاَفٍ وَخَمْسَمِائَةٍ فَقِيلَ لَهُ هُوَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، فَلِمَ نَقَصْتَهُ مِنْ أَرْبَعَةِ آلاَفٍ فَقَالَ إِنَّمَا هَاجَرَ بِهِ أَبَوَاهُ. يَقُولُ لَيْسَ هُوَ كَمَنْ هَاجَرَ بِنَفْسِهِ. 3913 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ خَبَّابٍ قَالَ هَاجَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 1276 ـــــــــــــــــــــــــــــ 3912 - (عن عمر بن الخطاب: كان فرض للمهاجرين الأولين أربعة آلاف في أربعة) أي: لكل واحد أربعة آلاف، وقيل: أربعة آلاف في أربعة أعوام، والأول هو الظاهر، والمهاجرون الأولون هم الذين صلوا إلى القبلتين، وقيل هم أهل بيعة الرضوان (وفرض لابن عمر ثلاثة آلاف) وكان من المهاجرين الأولين (فلما قيل له في ذلك قال: إنما هاجر به أبواه ليس كمن هاجر بنفسه) انظر هذا الإيمان والتقوى. 3913 - (عن أبي وائل) هو شقيق بن سلمة الذي صرح به بعد (عن خبّاب) بتشديد الباء، وهذا الذي تقدم في مناقب المهاجرين.

3914 - وَحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ سَمِعْتُ شَقِيقَ بْنَ سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا خَبَّابٌ قَالَ هَاجَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَبْتَغِى وَجْهَ اللَّهِ، وَوَجَبَ أَجْرُنَا عَلَى اللَّهِ، فَمِنَّا مَنْ مَضَى لَمْ يَأْكُلْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا، مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ فَلَمْ نَجِدْ شَيْئًا نُكَفِّنُهُ فِيهِ، إِلاَّ نَمِرَةً كُنَّا إِذَا غَطَّيْنَا بِهَا رَأْسَهُ خَرَجَتْ رِجْلاَهُ، فَإِذَا غَطَّيْنَا رِجْلَيْهِ خَرَجَ رَأْسُهُ، فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ نُغْطِىَ رَأْسَهُ بِهَا، وَنَجْعَلَ عَلَى رِجْلَيْهِ مِنْ إِذْخِرٍ، وَمِنَّا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهْوَ يَهْدِبُهَا. طرفه 1276 3915 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا رَوْحٌ حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو بُرْدَةَ بْنُ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىُّ قَالَ قَالَ لِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ هَلْ تَدْرِى مَا قَالَ أَبِى لأَبِيكَ قَالَ قُلْتُ لاَ. قَالَ فَإِنَّ أَبِى قَالَ لأَبِيكَ يَا أَبَا مُوسَى، هَلْ يَسُرُّكَ إِسْلاَمُنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهِجْرَتُنَا مَعَهُ، وَجِهَادُنَا مَعَهُ، وَعَمَلُنَا كُلُّهُ مَعَهُ، بَرَدَ لَنَا، وَأَنَّ كُلَّ عَمَلٍ عَمِلْنَاهُ بَعْدَهُ نَجَوْنَا مِنْهُ كَفَافًا رَأْسًا بِرَأْسٍ فَقَالَ أَبِى لاَ وَاللَّهِ، قَدْ جَاهَدْنَا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَصَلَّيْنَا، وَصُمْنَا، وَعَمِلْنَا خَيْرًا كَثِيرًا، وَأَسْلَمَ عَلَى أَيْدِينَا بَشَرٌ كَثِيرٌ، وَإِنَّا لَنَرْجُو ذَلِكَ. فَقَالَ أَبِى لَكِنِّى أَنَا وَالَّذِى نَفْسُ عُمَرَ بِيَدِهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ ذَلِكَ بَرَدَ لَنَا، وَأَنَّ كُلَّ شَىْءٍ عَمِلْنَاهُ بَعْدُ نَجَوْنَا مِنْهُ كَفَافًا رَأْسًا بِرَأْسٍ. فَقُلْتُ إِنَّ أَبَاكَ وَاللَّهِ خَيْرٌ مِنْ أَبِى. ـــــــــــــــــــــــــــــ 3914 - (مصعب بن عمير) بضم الميم وفتح العين (فلم نجد شيئًا نكفنه فيه إلا نَمِرة) -بفتح النون وكسر الميم-: الشملة التي تشبه لون النمر (ومنا من أينعت له ثمرته أدركت فهو يهديها) -بالدال المهملة وباء موحدة- أي: يقطعها. 3915 - (بشر) بالباء الموحدة وشين معجمة (روح) بفتح الراء وسكون الواو (قُرَّة) بضم القاف وتشديد الراء (أبو بردة) -بضم الباء- عامر بن أبي موسى (قال لي عبد الله بن عمر: هل تدري ما قال أبي لأبيك؟ قلت: لا، قال هل يسرك أن كل عمل عملناه مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برد لنا) أي سلم لنا، لأنهم يكنون عن كل خير بالبرد، قاله ابن الأثير (وما عملناه بعده نجونا منه كفافًا) بفتح الكاف. قال ابن الأثير: نصبه على الحال كأنك تكف عن غيرك ويكف عنك (فقال أبي لا والله) قيل: الصواب أن يقول: فقال أبوك، فإن كلام ابن عمر لأبي بردة بن أبي موسى وتوجيه ما في الكتاب أن أبا بردة يكون قد حكى لمعاوية بن قرة ما قاله ابن عمر نقلًا بالمعنى بلفظ من عنده، مثله قوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ} [آل عمران: 12] بتاء الغيبة فإنه حكاية كلام الله في شأنهم (فقلت: والله إن أباك خير من أبي) هذا كلام أبي بردة

3916 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ صَبَّاحٍ - أَوْ بَلَغَنِى عَنْهُ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - إِذَا قِيلَ لَهُ هَاجَرَ قَبْلَ أَبِيهِ يَغْضَبُ، قَالَ وَقَدِمْتُ أَنَا وَعُمَرُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَوَجَدْنَاهُ قَائِلاً فَرَجَعْنَا إِلَى الْمَنْزِلِ، فَأَرْسَلَنِى عُمَرُ وَقَالَ اذْهَبْ فَانْظُرْ هَلِ اسْتَيْقَظَ فَأَتَيْتُهُ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَبَايَعْتُهُ، ثُمَّ انْطَلَقْتُ إِلَى عُمَرَ، فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّهُ قَدِ اسْتَيْقَظَ، فَانْطَلَقْنَا إِلَيْهِ نُهَرْوِلُ هَرْوَلَةً حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهِ فَبَايَعَهُ ثُمَّ بَايَعْتُهُ. طرفاه 4186، 4187 ـــــــــــــــــــــــــــــ فضّلَ عن عمر على أبيه لأن عمر مع كماله رأى نفسه أولى بالذم، وهذا كمال عظيم. 3916 - (محمد بن صَبّاح) بفتح الصاد وتشديد الباء (كان ابن عمر إذا قيل له هاجَر قبل أبيه يغضب) قد سلف أن عمر قال في ابنه إنه هاجر به أبواه (قال: قدمت أنا وعمر على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوجدناه قائلًا، فرجعنا إلى المنزل فأرسلني عمر وقال: اذهب فانظر هل استيقظ فدخلت عليه فبايعته) غرضه من هذا بيان غلط الناس فإنه بايع قبل أبيه، فالتبس على الناس، وفي هذا الكلام اشتباه، فاستمع إلى ما أذكره: وهو أن ابن عمر أسلم بعد إسلام أبيه وهو صغير، ولم يحضر بدرًا ولا أحدًا لصغره. قاله ابن عبد البرة والصواب أن أول مشاهده الخندق، وشهد الحديبية وكانت هذه البيعة بيعة الرضوان لا البيعة على الإسلام، فقوله: فقدمت أنا وعمر على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يريد وهو بالحديبية، وسيأتي في غزوة الحديبية أن ابن عمر قال: "أرسلني عمر إلى رجل من الأنصار يطلب منه فرسًا يقاتل عليه، قال فذهبت فرأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبايع النالس فبايعته، فرجعته فأخبرت عمر" وبهذا التقرير سقط ما قاله الداودي ومن قلده بأن هذه البيعة كانت عند مقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة، والذي يقطع دابر الشبهة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما كان يبايع الصغار، وقد نقلنا لك الاتفاق على أن ابن عمر عند مقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان صغيرًا. فإن قلت: فما معنى قول ابن عمر: (قدمت أنا وعمر على رسول الله)؟ قلت: معناه أتيناه وذلك أن عمر هاجر قبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة باتفاق أهل السير فتأمل. فإن قلت: كان ابن عمر بايع أولًا قبل عمر فلِمَ بايعه ثانيًا؟ قلت: تأدبًا لتكون بيعته بعد بيعة أبيه.

3917 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يُحَدِّثُ قَالَ ابْتَاعَ أَبُو بَكْرٍ مِنْ عَازِبٍ رَحْلاً فَحَمَلْتُهُ مَعَهُ قَالَ فَسَأَلَهُ عَازِبٌ عَنْ مَسِيرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ أُخِذَ عَلَيْنَا بِالرَّصَدِ، فَخَرَجْنَا لَيْلاً، فَأَحْثَثْنَا لَيْلَتَنَا وَيَوْمَنَا حَتَّى قَامَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ، ثُمَّ رُفِعَتْ لَنَا صَخْرَةٌ، فَأَتَيْنَاهَا وَلَهَا شَىْءٌ مِنْ ظِلٍّ قَالَ فَفَرَشْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَرْوَةً مَعِى، ثُمَّ اضْطَجَعَ عَلَيْهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَانْطَلَقْتُ أَنْفُضُ مَا حَوْلَهُ، فَإِذَا أَنَا بِرَاعٍ قَدْ أَقْبَلَ فِي غُنَيْمَةٍ يُرِيدُ مِنَ الصَّخْرَةِ مِثْلَ الَّذِى أَرَدْنَا فَسَأَلْتُهُ لِمَنْ أَنْتَ يَا غُلاَمُ فَقَالَ أَنَا لِفُلاَنٍ. فَقُلْتُ لَهُ هَلْ فِي غَنَمِكَ مِنْ لَبَنٍ قَالَ نَعَمْ. قُلْتُ لَهُ هَلْ أَنْتَ حَالِبٌ قَالَ نَعَمْ. فَأَخَذَ شَاةً مِنْ غَنَمِهِ فَقُلْتُ لَهُ انْفُضِ الضَّرْعَ. قَالَ فَحَلَبَ كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ، وَمَعِى إِدَاوَةٌ مِنْ مَاءٍ عَلَيْهَا خِرْقَةٌ قَدْ رَوَّأْتُهَا لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَصَبَبْتُ عَلَى اللَّبَنِ حَتَّى بَرَدَ أَسْفَلُهُ، ثُمَّ أَتَيْتُ بِهِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ اشْرَبْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَشَرِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى رَضِيتُ، ثُمَّ ارْتَحَلْنَا وَالطَّلَبُ فِي إِثْرِنَا. طرفه 2439 3918 - قَالَ الْبَرَاءُ فَدَخَلْتُ مَعَ أَبِى بَكْرٍ عَلَى أَهْلِهِ، فَإِذَا عَائِشَةُ ابْنَتُهُ مُضْطَجِعَةٌ، قَدْ أَصَابَتْهَا حُمَّى، فَرَأَيْتُ أَبَاهَا فَقَبَّلَ خَدَّهَا، وَقَالَ كَيْفَ أَنْتِ يَا بُنَيَّةُ. 3919 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِى عَبْلَةَ أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ وَسَّاجٍ حَدَّثَهُ عَنْ أَنَسٍ خَادِمِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَلَيْسَ فِي أَصْحَابِهِ أَشْمَطُ غَيْرَ أَبِى بَكْرٍ، فَغَلَفَهَا بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ. طرفه 3920 ـــــــــــــــــــــــــــــ 3917 - (شُريح بن مسلمة) بضم الشين، مصغر الشرح، ومَسْلَمة: بفتح الميم واللام. ثم روى عن البراء بن عازب عن أبي بكر كيفية ابتداء الخروج من مكة حين هاجر هو مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد سلف مرارًا. 3919 - (محمد بن جَبْر) بفتح الجيم وإسكان الباء (عَبْلة) بفتح العين وإسكان الباء (وَسّاج) بفتح الواو وسين مهملة.

3920 - وَقَالَ دُحَيْمٌ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ حَدَّثَنِى أَبُو عُبَيْدٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ وَسَّاجٍ حَدَّثَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ، فَكَانَ أَسَنَّ أَصْحَابِهِ أَبُو بَكْرٍ، فَغَلَفَهَا بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ حَتَّى قَنَأَ لَوْنُهَا. طرفه 3919 3921 - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رضى الله عنه - تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ كَلْبٍ يُقَالُ لَهَا أُمُّ بَكْرٍ، فَلَمَّا هَاجَرَ أَبُو بَكْرٍ طَلَّقَهَا، فَتَزَوَّجَهَا ابْنُ عَمِّهَا، هَذَا الشَّاعِرُ الَّذِى قَالَ هَذِهِ الْقَصِيدَةَ، رَثَى كُفَّارَ قُرَيْشٍ: وَمَاذَا بِالْقَلِيبِ قَلِيبِ بَدْرٍ ... مِنَ الشِّيزَى تُزَيَّنُ بِالسَّنَامِ وَمَاذَا بِالْقَلِيبِ، قَلِيبِ بَدْرٍ ... مِنَ الْقَيْنَاتِ وَالشَّرْبِ الْكِرَامِ ـــــــــــــــــــــــــــــ 3920 - (دُحَيْم) -بضم الدال، على وزن المصغر- لقب لعبد الرحمن بن إبراهيم، يكنى أبا سعيد، شيخ البخاري، وإنما روى عنه بقال؛ لأنه سمع الحديث منه مذاكرةً. (أبو عُبيد) اسمه: حُيي -بضم الحاء على وزن قصي- وقيل: حي ضد الميت (قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - وليس في أصحابه أشمط غير أبي بكر) الأشمط: من اختلط بياض شعره بسواده (فغلّفها بالحناء والكتم) -بتشديد اللام- أي: خضبها، والصغير للحْيَة للدلالة الأشمط عليها، والكَتم -بفتح الكاف والتاء المثناة- الوسمة (قَنَأ لونها) -بفتح القاف والنون- قال الجوهري: يقال قنأ يقنأ قنوءًا -بضم القاف آخره همزة- على وزن قعودًا، وقنا يقنو بالواو قنوًا وهو اشتداد الحمرة. 3921 - (أَصْبغ) بالصاد المهملة والغين المعجمة (أن أبا بكر تزوج امرأة من كلب) اسم قبيلة (فلما هاجر طلقها) لما نزل قوله تعالى: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: 10] (فتزوجها هذا الشاعر) قال ابن إسحاق في هذا الشاعر: هو شداد بن الأسود بن عبد الشمس. (وماذا بالقليب قليب بدر ... من الشيزى تزين بالسنام) قال ابن الأثير: الشيزى بكسر الشين المعجمة نوع من الشجر، يتخذ منه الجفان أطلقه على الجفان مجازًا، ولا بد من تقدير، أي: أصحاب الشيزى. وماذا بالقليب قليب بدر ... من القينات والشَّرب الكرام)

تُحَيِّى بِالسَّلاَمَةِ أُمُّ بَكْرٍ ... وَهَلْ لِى بَعْدَ قَوْمِى مِنْ سَلاَمِ يُحَدِّثُنَا الرَّسُولُ بِأَنْ سَنَحْيَا ... وَكَيْفَ حَيَاةُ أَصْدَاءٍ وَهَامِ 3922 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ عَنْ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنه - قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْغَارِ فَرَفَعْتُ رَأْسِى، فَإِذَا أَنَا بِأَقْدَامِ الْقَوْمِ، فَقُلْتُ يَا نَبِىَّ اللَّهِ، لَوْ أَنَّ بَعْضَهُمْ طَأْطَأَ بَصَرَهُ رَآنَا. قَالَ «اسْكُتْ يَا أَبَا بَكْرٍ، اثْنَانِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا». طرفه 3653 3923 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو سَعِيدٍ - رضى الله عنه - قَالَ جَاءَ أَعْرَابِىٌّ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلَهُ عَنِ الْهِجْرَةِ فَقَالَ «وَيْحَكَ إِنَّ الْهِجْرَةَ شَأْنُهَا شَدِيدٌ، فَهَلْ لَكَ ـــــــــــــــــــــــــــــ القينات: جمع قينة، وهي المغنية، والشَّرب -بفتح الشين وسكون الراء- جمع شارب أو اسم جمع لا بد من تقدير المضاف أيضًا أي: أصحاب القينات. (تحيينا السلامة أم بكرٍ ... فهل [لي] بعد قومي من سلام) أي سلامة، حذفت التاء لوزن الشعر. (يحدثنا الرسول بأن سنحيا) سماه رسولًا على زعمه إذ لو اعتقد ذلك كان مسلمًا وقد بين مراده بقوله: وكيف حياةُ أصداءٍ وهامٍ) والأصداء: جمع صدى، على وزن عصى كان من زعم أهل الجاهلية أن عظام الميت وقيل روحه يصير طيرًا، قالا ابن الأثير:: وكانوا يسمون ذلك الطير الصدء، والهامة فعلى هذا عطف إلهام تفسيري، وقال الجوهري: كانوا يزعمون أن القتيل إذا لم يؤخذ بثأره يصير هامة فرقوا وتقولا: أسقوني فإذا أدرك بثأره طارت قال: والصدي: ذكر اليوم. 3922 - (قال أبو بكر: كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في الغار، فرفعت بصري فإذا أنا بأقدام القوم، فقلت يا نبي الله لو أن بعضهم طأطأ بصره رآنا يا أبا بكر اثنان الله ثالثهما) خبر مبتدأ، أي: نحن والمعية بالنصر والإعانة. 3923 - (جاء أعرابي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأله عن الهجرة) أي: عن فضلها وكان يريد الهجرة. (فقال: ويحك إن الهجرة شأنها شديد) فإن فيها ترك الوطن والأصحاب. (فهل لك

46 - باب مقدم النبى - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه المدينة

مِنْ إِبِلٍ». قَالَ نَعَمْ. قَالَ «فَتُعْطِى صَدَقَتَهَا». قَالَ نَعَمْ. قَالَ «فَهَلْ تَمْنَحُ مِنْهَا». قَالَ نَعَمْ. قَالَ «فَتَحْلُبُهَا يَوْمَ وُرُودِهَا». قَالَ نَعَمْ. قَالَ «فَاعْمَلْ مِنْ وَرَاءِ الْبِحَارِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَنْ يَتِرَكَ مِنْ عَمَلِكَ شَيْئًا». طرفه 1452 46 - باب مَقْدَمِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابِهِ الْمَدِينَةَ 3924 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ سَمِعَ الْبَرَاءَ - رضى الله عنه - قَالَ أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْنَا عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ وَبِلاَلٌ رضى الله عنهم. 3925 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ - رضى الله عنهما - قَالَ أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَكَانَا يُقْرِئَانِ النَّاسَ، فَقَدِمَ بِلاَلٌ وَسَعْدٌ وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، ثُمَّ قَدِمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي عِشْرِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَمَا رَأَيْتُ أَهْلَ ـــــــــــــــــــــــــــــ من إبل؟ قال: نعم، قال فهل تمنح منها) أي: تعطي من لبنها لمن احتاج (قال: نعم، قال: فتحلبها يوم وردها) أي: يوم ترد الماء فإنه أسهل على الإبل وعلى المحتاج الطالب لدرها (قال: فاعمل من وراء البحار) أي: البلاد، والعرب تسمي البلد بحرًا (فإن الله يَترك من عملك شيئًا) -بفتح الياء والراء- أي: لن ينقصك، ويروى بسكون التاء من الترك، والحديث سلف في أبواب الزكاة. باب مقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة وأصحابه 3924 - (أبو الوليد) هشام الطيالسي (أبو اسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي (أول من قدم علينا مصعب بن عمير وابن أم مكتوم) عبد الله بن قيس، وقيل: عمرو الأعمى مؤذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهذا كان بعد العقبة الأولى، وهذا صريح في أنه لم يقدم قبلهما أحد، ممن قال قدم قبلهما أبو سلمة لقول أم سلمة كما سيأتي: أول من هاجر في سبيل الله فقد التبس عليه، وذلك أنه أول من هاجر إلى الحبشة، قال ابن عبد البر. 3925 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (غُندَر) بضم الغين المعجمة وفتح الدال

الْمَدِينَةِ فَرِحُوا بِشَىْءٍ فَرَحَهُمْ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، حَتَّى جَعَلَ الإِمَاءُ يَقُلْنَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَمَا قَدِمَ حَتَّى قَرَأْتُ (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى) فِي سُوَرٍ مِنَ الْمُفَصَّلِ. 3926 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا قَالَتْ لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ وُعِكَ أَبُو بَكْرٍ وَبِلاَلٌ - قَالَتْ - فَدَخَلْتُ عَلَيْهِمَا فَقُلْتُ يَا أَبَتِ كَيْفَ تَجِدُكَ وَيَا بِلاَلُ، كَيْفَ تَجِدُكَ قَالَتْ فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا أَخَذَتْهُ الْحُمَّى يَقُولُ: كُلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحٌ فِي أَهْلِهِ ... وَالْمَوْتُ أَدْنَى مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ وَكَانَ بِلاَلٌ إِذَا أَقْلَعَ عَنْهُ الْحُمَّى يَرْفَعُ عَقِيرَتَهُ وَيَقُولُ: أَلاَ لَيْتَ شِعْرِى هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً ... بِوَادٍ وَحَوْلِى إِذْخِرٌ وَجَلِيلُ ـــــــــــــــــــــــــــــ (وكانوا يقرؤون القرآن) الظاهر يقرئان؛ لأن الضمير لمصعب وابن أم مكتوم، فإما أن يكون من إطلاق الجمع على الاثنين أو باعتبار إتباعهما. 3926 - (لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة وُعِكَ أبو بكر) -بضم الواو، مصغر على بناء المجهول- أي: أصابه وعك وهو الحمى. (كلُّ امرئٍ مُصبحٌ في أهله ... والموت أدنى من شراك نعله) مُصبَّح -بفتح الباء المشددة- من صبحه، إذا أتاه صباحًا والشِّراك -بكسر الشين- السير الذي بين الأصابع من النعل (وكان بلال إذا أقلع عنه الحمى) أقلع -بفتح الهمزة- أي: فارقته (يرفع عقيرته) أي: صوته، أصله أن رجلًا قطعت إحدى رجليه، فكان يرفعها على الأخرى ويصيح، فأطلقت على كل صياح لتلك الملابسة. (أَلاَ لَيْتَ شِعْرِى هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً) أدخل فيه نون التأكيد ليضمنه معنى الطلب، وكذا في قوله: (وهل أردن. بِوَادٍ وَحَوْلِى إِذْخِرٌ وَجَلِيلُ)

وَهَلْ أَرِدَنْ يَوْمًا مِيَاهَ مَجَنَّةٍ ... وَهَلْ يَبْدُوَنْ لِى شَامَةٌ وَطَفِيلُ قَالَتْ عَائِشَةُ فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ «اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ، وَصَحِّحْهَا وَبَارِكْ لَنَا فِي صَاعِهَا وَمُدِّهَا، وَانْقُلْ حُمَّاهَا فَاجْعَلْهَا بِالْجُحْفَةِ». طرفه 1889 3927 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَنِى عُرْوَةُ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَدِىٍّ أَخْبَرَهُ دَخَلْتُ عَلَى عُثْمَانَ. وَقَالَ بِشْرُ بْنُ شُعَيْبٍ حَدَّثَنِى أَبِى عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَدِىِّ بْنِ خِيَارٍ أَخْبَرَهُ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى عُثْمَانَ فَتَشَهَّدَ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - بِالْحَقِّ، وَكُنْتُ مِمَّنِ اسْتَجَابَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ، وَآمَنَ بِمَا بُعِثَ بِهِ مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ هَاجَرْتُ هِجْرَتَيْنِ، وَنِلْتُ صِهْرَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَبَايَعْتُهُ، فَوَاللَّهِ مَا عَصَيْتُهُ وَلاَ غَشَشْتُهُ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ. تَابَعَهُ إِسْحَاقُ الْكَلْبِىُّ حَدَّثَنِى الزُّهْرِىُّ مِثْلَهُ. طرفه 3696 ـــــــــــــــــــــــــــــ نبتان معروفان، (مَجَنَّة) -بثلاث فتحات- سوق من أسواق الجاهلية. (وهل يبدون لي شامَةٌ وطفيلُ) جبلان مشرفان على مجنة، وقيل عينان. قال ابن الأثير: وشابة بالباء رواية (وبارك لنا في صاعها ومدها) من إطلاق المحل وإرادة الحال، أي: ما يكال ويوزن (وانقل حُمَّاها فاجعلها بالجُحفة) -بضم الجيم- كانت قرية بها اليهود، وهي على سبع مراحل من المدينة الشريفة، وكانت ميقات أهل مصر تركوها وجعلوا الرابغ ميقاتًا لشؤمها، حتى قيل: إن من بات بها اليوم يحصل له الحمى. 3927 - (عبيد الله بن عدِيّ) بكسر الدال وتشديد الياء (الخِيار) بكسر الخاء وياء مثناة. والحديث تقدم في الباب قبله، وموضع الدلالة قوله: (هاجرت هجرتين) فإن إحداهما إلى المدينة. فإن قلت: تقدم في مناقب عثمان أن الهجرتين كلتاهما إلى الحبشة؟ قلت: قيدهما هناك كما شرحنا بالأولين.

3928 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنَا مَالِكٌ. وَأَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ وَهْوَ بِمِنًى، فِي آخِرِ حَجَّةٍ حَجَّهَا عُمَرُ، فَوَجَدَنِى، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ الْمَوْسِمَ يَجْمَعُ رَعَاعَ النَّاسِ، وَإِنِّى أَرَى أَنْ تُمْهِلَ حَتَّى تَقْدَمَ الْمَدِينَةَ، فَإِنَّهَا دَارُ الْهِجْرَةِ وَالسُّنَّةِ، وَتَخْلُصَ لأَهْلِ الْفِقْهِ وَأَشْرَافِ النَّاسِ وَذَوِى رَأْيِهِمْ. قَالَ عُمَرُ لأَقُومَنَّ فِي أَوَّلِ مَقَامٍ أَقُومُهُ بِالْمَدِينَةِ. طرفه 2462 3929 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ أُمَّ الْعَلاَءِ - امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِمْ بَايَعَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرَتْهُ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ طَارَ لَهُمْ فِي السُّكْنَى حِينَ اقْتَرَعَتِ الأَنْصَارُ عَلَى سُكْنَى ـــــــــــــــــــــــــــــ 3928 - (قال ابن عباس إن عبد الرحمن بن عوف رجع إلى أهله) أي: من عند عمر (وهو بمنى، في آخر حجة حجها عمر، فقال عبد الرحمن: فقلت: يا أمير المؤمنين إن الموسم يجمع رَعاع الناس) -بفتح الراء والعين- أي: الأراذل والأسقاط، هذا حديث طويل رواه مختصرًا، وأصله أن رجلًا قال لعمر: إن فلانًا يقول لو مات عمر بايعت فلانًا فغضب عمر فأراد أن يختطب في ذلك اليوم ويهدد الناس على مثل ذلك القول، فنصحه عبد الرحمن بأن الموسم فيه الجهَّال الذين لا يعلمون الفقه وأمور الدين فلا يضعون الكلام موضعه، وموضع الدلالة قوله في المدينة (وغوغاءهم) -بفتح الغين المعجمة والمد- اختلاط الأصوات، وهو في الأصل الجراد حين طيرانه، وموضع الدلالة قوله في شأن المدينة (فإنها دار الهجرة). 3929 - (أم العلاء امرأة من نسائهم) أي: من نساء الأنصار، وهذه العبارة دلت على أن أم العلاء هذه ليست أم خارجة بن زيد، ولا ينافي هذا ما ذكره الترمذي من أن أم العلاء أم خارجة؛ لأن أم العلاء في الأنصار ثلاث، لكن عبارة الذهبي تدل على أن أم العلاء امرأة زيد بن ثابت، فإنه قال: كأنها أم خارجة ولم يجزم به. (أن عثمان بن مظعون طارَ لهم في السكنى لما أقسم الأنصار المهاجرين) وإليه أشارت بقوله: (حين قرعت الأنصار) كذا وقع والمشهور أقرع، والاسم منه القُرعة بضم القاف

الْمُهَاجِرِينَ، قَالَتْ أُمُّ الْعَلاَءِ فَاشْتَكَى عُثْمَانُ عِنْدَنَا، فَمَرَّضْتُهُ حَتَّى تُوُفِّىَ، وَجَعَلْنَاهُ فِي أَثْوَابِهِ، فَدَخَلَ عَلَيْنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ أَبَا السَّائِبِ، شَهَادَتِى عَلَيْكَ لَقَدْ أَكْرَمَكَ اللَّهُ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «وَمَا يُدْرِيكِ أَنَّ اللَّهَ أَكْرَمَهُ». قَالَتْ قُلْتُ لاَ أَدْرِى بِأَبِى أَنْتَ وَأُمِّى يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَنْ قَالَ «أَمَّا هُوَ فَقَدْ جَاءَهُ وَاللَّهِ الْيَقِينُ، وَاللَّهِ إِنِّى لأَرْجُو لَهُ الْخَيْرَ، وَمَا أَدْرِى وَاللَّهِ وَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ مَا يُفْعَلُ بِى». قَالَتْ فَوَاللَّهِ لاَ أُزَكِّى أَحَدًا بَعْدَهُ قَالَتْ فَأَحْزَنَنِى ذَلِكَ فَنِمْتُ فَأُرِيتُ لِعُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ عَيْنًا تَجْرِى، فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرْتُهُ. فَقَالَ «ذَلِكَ عَمَلُهُ». طرفه 1243 3930 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ يَوْمُ بُعَاثٍ يَوْمًا قَدَّمَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِرَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ وَقَدِ افْتَرَقَ مَلَؤُهُمْ، وَقُتِلَتْ سَرَاتُهُمْ فِي دُخُولِهِمْ فِي الإِسْلاَمِ. طرفه 3777 ـــــــــــــــــــــــــــــ (فاشتكى عثمان فمرضته) -بتشديد الراء- أي: تعاهدته في مرضه (وما أدري وأنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يفعل به) هذه الرواية ظاهرة، ويروى كما تقدم في الجنائز "ما يفعل بي"، والوجه فيه: أنه لا يعلم حرمات أحواله، وإن كان سيد أهل الجنة جازمًا به أو ما يصبه في الدنيا، وحرصًا عن الجزم بالغيب، واستشكل بعضهم حتى طعن في الرواية الصحيحة، وهَبْ أنه تخلص من هذا فما قوله في قوله تعالى: {وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ} [الأحقاف: 9]. 3930 - (أبو أسامة) -بضم الهمزة- حماد بن أسامة (كان يوم بُعَاث يومًا قدم الله لرسوله)، قد سلف الحديث في مناقب الأنصار، وأشرنا إلى أن (بُعاث) -بضم الباء وعين مهملة آخره ثاء مثلثة- حصن للأوس، وكان به حرب بين الأوس والخزرج، وكان النصر فيه للأوس، ومعنى تقديم الله ذلك اليوم لرسوله أنه كان سببًا للإصلاح، وإلى هذا أشارت بقولها: (في دخولهم في الإسلام)، (سَرَواتُهم) جمع سراة، جمع سريّ، على وزن صبيّ: السيد المختار.

3931 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ دَخَلَ عَلَيْهَا وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَهَا يَوْمَ فِطْرٍ أَوْ أَضْحًى، وَعِنْدَهَا قَيْنَتَانِ {تُغَنِّيَانِ} بِمَا تَقَاذَفَتِ الأَنْصَارُ يَوْمَ بُعَاثَ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ مِزْمَارُ الشَّيْطَانِ مَرَّتَيْنِ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «دَعْهُمَا يَا أَبَا بَكْرٍ، إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا، وَإِنَّ عِيدَنَا هَذَا الْيَوْمُ». طرفه 949 3932 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ. وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى يُحَدِّثُ حَدَّثَنَا أَبُو التَّيَّاحِ يَزِيدُ بْنُ حُمَيْدٍ الضُّبَعِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ، نَزَلَ فِي عُلْوِ الْمَدِينَةِ فِي حَىٍّ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ - قَالَ - فَأَقَامَ فِيهِمْ أَرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى مَلإِ بَنِى النَّجَّارِ - قَالَ - فَجَاءُوا مُتَقَلِّدِى سُيُوفِهِمْ، قَالَ وَكَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَأَبُو بَكْرٍ رِدْفَهُ، وَمَلأُ بَنِى النَّجَّارِ حَوْلَهُ حَتَّى أَلْقَى بِفِنَاءِ أَبِى أَيُّوبَ، قَالَ فَكَانَ يُصَلِّى حَيْثُ أَدْرَكَتْهُ الصَّلاَةُ، وَيُصَلِّى فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ، قَالَ ثُمَّ إِنَّهُ أَمَرَ بِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ، فَأَرْسَلَ إِلَى مَلإِ بَنِى النَّجَّارِ، فَجَاءُوا فَقَالَ «يَا بَنِى النَّجَّارِ، ثَامِنُونِى حَائِطَكُمْ هَذَا». فَقَالُوا لاَ، وَاللَّهِ لاَ نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلاَّ إِلَى اللَّهِ. قَالَ فَكَانَ فِيهِ مَا أَقُولُ لَكُمْ كَانَتْ فِيهِ قُبُورُ الْمُشْرِكِينَ، وَكَانَتْ فِيهِ خِرَبٌ، وَكَانَ فِيهِ نَخْلٌ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِقُبُورِ الْمُشْرِكِينَ فَنُبِشَتْ، وَبِالْخِرَبِ فَسُوِّيَتْ، وَبِالنَّخْلِ فَقُطِعَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ 3931 - (المثنى) بضم الميم وتشديد النون (غُندر) بضم الغين وفتح الدال. ذكر حديث عائشة (أنها كانت قينتان عندها تغنيان بما تعازفت به الأنصار يوم بعاث) قال ابن الأثير: أرادت به: أنشد به الأنصار في الحرب على دأبهم من العزيف وهو الصوت، ويروى بالراء المهملة أي: تعارفت من المعرفة، ويروى: تقاذفت -بالقاف والذال المعجمة- أي: ترامت (مِزمار الشيطان) -بكسر الميم- آلة معروفة. 3932 - (أبو التَيّاح) بفتح التاء وتشديد التحتانية (لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نزل في عِلْو المدينة) -بكسر العين وسكون اللام- يريد قباء، والحديث تقدم في باب الهجرة قريبًا (ويصلي في مرابض الغنم) أي في أماكنها من ربض بالمكان أقام.

47 - باب إقامة المهاجر بمكة بعد قضاء نسكه

قَالَ فَصَفُّوا النَّخْلَ قِبْلَةَ الْمَسْجِدِ - قَالَ - وَجَعَلُوا عِضَادَتَيْهِ حِجَارَةً. قَالَ قَالَ جَعَلُوا يَنْقُلُونَ ذَاكَ الصَّخْرَ وَهُمْ يَرْتَجِزُونَ، وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَعَهُمْ يَقُولُونَ اللَّهُمَّ إِنَّهُ لاَ خَيْرَ إِلاَّ خَيْرُ الآخِرَهْ فَانْصُرِ الأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَهْ. طرفه 234 47 - باب إِقَامَةِ الْمُهَاجِرِ بِمَكَّةَ بَعْدَ قَضَاءِ نُسُكِهِ 3933 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنَا حَاتِمٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدٍ الزُّهْرِىِّ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَسْأَلُ السَّائِبَ ابْنَ أُخْتِ النَّمِرِ مَا سَمِعْتَ فِي سُكْنَى مَكَّةَ قَالَ سَمِعْتُ الْعَلاَءَ بْنَ الْحَضْرَمِىِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «ثَلاَثٌ لِلْمُهَاجِرِ بَعْدَ الصَّدَرِ». 48 - باب التَّارِيخِ مِنْ أَيْنَ أَرَّخُوا التَّارِيخَ 3934 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ مَا عَدُّوا مِنْ مَبْعَثِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَلاَ مِنْ وَفَاتِهِ، مَا عَدُّوا إِلاَّ مِنْ مَقْدَمِهِ الْمَدِينَةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ (وجعلوا عضادتيه حجارة) -بكسر العين وضاد معجمة- أي: جانبيه. باب إقامة المهاجر بمكة 3933 - (حُميد) بضم الحاء مصغر (العلاء بن الحضرمي) بفتح العين والمد (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ثلاث) أي: ثلاث ليال (للمهاجر بعد الصَدَر) -بفتح الدال- اليوم الثالث من أيام التشريق، سُمِّيَ بذلك لأن الناس يصدرون فيه، قال ابن الأثير: والصدر بالتحريك رجوع المسافر عن مقصده. باب التاريخ ومن أين أرخوا 3934 - (ما عدوا من مبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا من وفاته إلا من مقدمه المدينة) ابتداء التاريخ كان في زمن عمر في السابع عشرة من الهجرة، والباعث على ذلك أنه رفع إلى عمر

49 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - «اللهم أمض لأصحابى هجرتهم»

3935 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ فُرِضَتِ الصَّلاَةُ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ هَاجَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَفُرِضَتْ أَرْبَعًا، وَتُرِكَتْ صَلاَةُ السَّفَرِ عَلَى الأُولَى. تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ. طرفه 350 49 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «اللَّهُمَّ أَمْضِ لأَصْحَابِى هِجْرَتَهُمْ» وَمَرْثِيَتِهِ لِمَنْ مَاتَ بِمَكَّةَ. 3936 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عَامِرِ بْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب حكم مؤرخ بأن محله شعبان، فلم يدر أي شعبان، وقيل: بل أرسل أبو موسى عمر: تأتينا الكتب ما ندري متى كتبت؟ فشاور عمر الأصحاب في ذلك، قال بعضهم: اجعل التاريخ من المبعث، وبعضهم قال من الوفاة فقال عمر: نجعله من الهجرة؛ لأن الهجرة فرقت بين الحق والباطل، وجعله من المحرم لأنه أول السنة الشرعية، وشهر الله المحرم. قال بعض الشارحين: فإن قلت لم جعل أوله المحرم؟ قلت لأنه أول السنة، أو لأن الهجرة من مكة كانت فيه، وهذا شيء لا يعقل فإنه لا يلزم أن يكون في محرم وصفر في الطريق لاتفاقهم على أنه قدم في ربيع الأول. 3935 - (زُريع) بضم الزاي مصغر زرع (مَعْمَر) بفتح الميمين بينهما عين ساكنة (فرضت الصلاة ركعتين ثم هاجر النبي - صلى الله عليه وسلم - ففرضت أربعًا) أي زيد في الرباعيات ركعتان. فإن قلت: هذا يدل على أن القصر واجب؟ قلت: أجاب النووي بأن المعنى: تركت صلاة السفر على جواز الإتمام والقصر وذلك أنه ثبت من فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والأصحاب الإتمام في السفر. فلا بد من تأويل هذا، قال شيخنا: إنما اختاروا سنة الهجرة للتاريخ؛ لأن المولد والمبعث مختلف فيه، وذكر الوفاة موحش، وقد ذكرنا نحن أن عمر إنما اختاره لأنه وقت ظهور الإسلام. باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: اللهم أمض لأصحابي هجرتهم هذا بعض حديث الباب، ومعنى الإمضاء: القبول، من قولهم: أمضى الأمر والحكم: إذا أنفذه، ويجوز أن يكون المراد الإتمام وعدم العود إلى مكة، ويؤيده قوله: (ولا تردهم على أعقابهم). 3936 - (قزعة) -بالقاف وزاي معجمة وثلاث فتحات- روى حديث سعد بن أبي

سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ عَادَنِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ مِنْ مَرَضٍ أَشْفَيْتُ مِنْهُ عَلَى الْمَوْتِ، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَلَغَ بِى مِنَ الْوَجَعِ مَا تَرَى، وَأَنَا ذُو مَالٍ وَلاَ يَرِثُنِى إِلاَّ ابْنَةٌ لِى وَاحِدَةٌ، أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَىْ مَالِى قَالَ «لاَ». قَالَ فَأَتَصَدَّقُ بِشَطْرِهِ قَالَ «الثُّلُثُ يَا سَعْدُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ ذُرِّيَّتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ». قَالَ أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ «أَنْ تَذَرَ ذُرِّيَّتَكَ، وَلَسْتَ بِنَافِقٍ نَفَقَةً تَبْتَغِى بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلاَّ آجَرَكَ اللَّهُ بِهَا، حَتَّى اللُّقْمَةَ تَجْعَلُهَا فِي فِي امْرَأَتِكَ». قُلْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُخَلَّفُ بَعْدَ أَصْحَابِى قَالَ «إِنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ فَتَعْمَلَ عَمَلاً تَبْتَغِى بِهِ وَجْهَ اللَّهِ إِلاَّ ازْدَدْتَ بِهِ دَرَجَةً وَرِفْعَةً، وَلَعَلَّكَ تُخَلَّفُ حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ، وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ، اللَّهُمَّ أَمْضِ لأَصْحَابِى هِجْرَتَهُمْ، وَلاَ تَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ، لَكِنِ الْبَائِسُ سَعْدُ ابْنُ خَوْلَةَ يَرْثِى لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تُوُفِّىَ بِمَكَّةَ». ـــــــــــــــــــــــــــــ وقاص أنه مرض في حجة الوداع بمكة، وكانوا يكرهون الموت بمكة؛ لأنها دار هجروها لوجه الله. والحديث مع شرحه في أبواب الحج، ونشير إلى بعض المواضع. قوله: (أشفيت) -بالشين المعجمة والفاء- أي: أشرفت وقاربت (ولا يرثني إلا ابنة واحدة) أي: من أصحاب الفرض، وكانت له عصبات سواها يدل عليه قول رسول الله: (إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة) أي: فقراء، جمع عائل (يتكففون الناس) أي يمدون أكفهم عند السؤال (قلت: يا رسول الله: اختلف بعد أصحابي) الظاهر أنه أراد بقاؤه وموته بمكة (قال: إنك لن تخلف فتعمل عملًا) أشار بهذا الكلام إلى أنه لا يموت في هذه الأيام، ولذلك أردفه بقوله: (لكن البائس سعد بن خولة) البائس -بالباء الموحدة- مَن أصابه البؤس وهو الشدة والحاجة. قال ابن عبد البر: سعد بن خولة من بني عامر بن لؤي، وقيل: حليف لهم، وقيل: مولى أبي رهم من عجم الفرس، وهو من مهاجرة الحبشة، ومن أصحاب بدر (يرثي له رسول الله) أي: يرق له؛ لأنه مات بمكة. قال الداودي: في قوله: (أن مات بمكة) -بفتح أن- دلالة على أنه أقام بمكة بعد الصدر، ولو أقام لعذر لا بأس به، وهذا الذي قاله خبط ظاهر، وذلك أن رسول الله رحل من مكة بعد النفر الآخر كما تقدم في أبواب

50 - باب كيف آخى النبى - صلى الله عليه وسلم - بين أصحابه

وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ وَمُوسَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ «أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ». طرفه 56 50 - باب كَيْفَ آخَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ أَصْحَابِهِ وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ آخَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنِى وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ لَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ. وَقَالَ أَبُو جُحَيْفَةَ آخَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ سَلْمَانَ وَأَبِى الدَّرْدَاءِ. 3937 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، فَآخَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِىِّ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ أَنْ يُنَاصِفَهُ أَهْلَهُ وَمَالَهُ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ، دُلَّنِى عَلَى السُّوقِ. فَرَبِحَ شَيْئًا مِنْ أَقِطٍ وَسَمْنٍ، فَرَآهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ أَيَّامٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ الحج وقوله هذا الكلام لسعد بن أبي وقاص كان قبل النفر وبعد موت سعد بن خولة (وقال أحمد بن يونس وموسى عن إبراهيم: أن تذر ورثتك) أي بأن الناصبة، وفي الرواية الأولى أن الشرطية. باب كيف آخى النبي - صلى الله عليه وسلم - بين أصحابه المؤاخاة والإخاء: جعل الرجل رجلًا آخر أخًا له كما في النسب بأن يجري بينهما الإرث، وكانوا يتوارثون به إلى أن نزل قوله تعالى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} [الأنفال: 75] قال ابن عبد البر: هذه المؤاخاة كانت بعد مقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخمسة أشهر. (إن رسول الله آخى بينه وبين سعد بن الربيع) تعليق عبد الرحمن بن عوف تقدم في مناقب الأنصار مسندًا. وسيأتي في الباب بعده، وتعليق أبي جحيفة -بضم الجيم مصغّر- اسمه وهب بن عبد الله. (أن رسول الله آخى بين سلمان وأبي الدرداء) تقدم مسندًا في أبواب التهجد. 3937 - (حميد) بضم الحاء مصغر (فرأى رسول الله عليه وضَرًا) -بفتح الضاد

51 - باب

وَعَلَيْهِ وَضَرٌ مِنْ صُفْرَةٍ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَهْيَمْ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ. قَالَ «فَمَا سُقْتَ فِيهَا». فَقَالَ وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ». طرفه 2049 51 - بابٌ 3938 - حَدَّثَنِى حَامِدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ بِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ حَدَّثَنَا أَنَسٌ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلاَمٍ بَلَغَهُ مَقْدَمُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ، فَأَتَاهُ يَسْأَلُهُ عَنْ أَشْيَاءَ، فَقَالَ إِنِّى سَائِلُكَ عَنْ ثَلاَثٍ لاَ يَعْلَمُهُنَّ إِلاَّ نَبِىٌّ مَا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ وَمَا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ وَمَا بَالُ الْوَلَدِ يَنْزِعُ إِلَى أَبِيهِ أَوْ إِلَى أُمِّهِ قَالَ «أَخْبَرَنِى بِهِ جِبْرِيلُ آنِفًا». قَالَ ابْنُ سَلاَمٍ ذَاكَ عَدُوُّ الْيَهُودِ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ. قَالَ «أَمَّا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ فَنَارٌ تَحْشُرُهُمْ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ، وَأَمَّا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ، فَزِيَادَةُ كَبِدِ الْحُوتِ، وَأَمَّا الْوَلَدُ، فَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَةِ نَزَعَ الْوَلَدَ، وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الْمَرْأَةِ مَاءَ الرَّجُلِ نَزَعَتِ الْوَلَدَ». قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ. قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ المعجمة- أي لطخًا من الزعفران كان ذلك دأبهم في الأفراح. وإلى الآن في أهل مصر كثير (مهيم) على وزن مريم، كلمة يمانية، أي: ما شأنك على هذا الحال (تزوجت من الأنصار قال فما سبقت فيها) أي: من المهر المعجل (قال: وزن نواة من ذهب) قد سلف أن وزن نواة عندهم عبارة عن خمسة دراهم كالأوقية في الأربعين والنَّش في عشرين، والأصح أنه أراد وزن النواة ذهبًا لقوله: من ذهب، (أولم ولو بشاة) الأمر للاستحباب وفيه دلالة على أن الشاة أقله، ولا حد لأكثر. [باب] 3938 - (بشر بن المفضل) بكسر الموحدة وشين معجمة، والمفضل بتشديد الضاد [الموحدة]، (حميد) بضم الحاء، مصغر (أن عبد الله بن سلام) بتخفيف اللام. (قال لرسول الله: إني سائلك عن ثلاث) أي ثلاث خصال (لا يعلمهن إلا نبي: ما أول أشراط الساعة) جمع شرط -بفتح الراء- وهي العلامة (وما أول طعام يأكله أهل الجنة وما بال الولد ينزع إلى أبيه) قال الجوهري: نزع إلى أبيه: أي: ذهب إليه في الشبه. فإن قلت: في رواية مسلم عن عائشة إذا علا ماء الرجل ماء المرأة أشبه الولد أعمامه

يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ الْيَهُودَ قَوْمٌ بُهُتٌ، فَاسْأَلْهُمْ عَنِّى قَبْلَ أَنْ يَعْلَمُوا بِإِسْلاَمِى، فَجَاءَتِ الْيَهُودُ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَىُّ رَجُلٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ فِيكُمْ». قَالُوا خَيْرُنَا وَابْنُ خَيْرِنَا وَأَفْضَلُنَا وَابْنُ أَفْضَلِنَا. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ». قَالُوا أَعَاذَهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ. فَأَعَادَ عَلَيْهِمْ، فَقَالُوا مِثْلَ ذَلِكَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ عَبْدُ اللَّهِ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. قَالُوا شَرُّنَا وَابْنُ شَرِّنَا. وَتَنَقَّصُوهُ. قَالَ هَذَا كُنْتُ أَخَافُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. طرفه 3329 3939، 3940 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو سَمِعَ أَبَا الْمِنْهَالِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مُطْعِمٍ قَالَ بَاعَ شَرِيكٌ لِى دَرَاهِمَ فِي السُّوقِ نَسِيئَةً فَقُلْتُ سُبْحَانَ اللَّهِ أَيَصْلُحُ هَذَا فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ، وَاللَّهِ لَقَدْ بِعْتُهَا فِي السُّوقِ فَمَا عَابَهُ أَحَدٌ، فَسَأَلْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ فَقَالَ قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ نَتَبَايَعُ هَذَا الْبَيْعَ، فَقَالَ «مَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ فَلَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وَمَا كَانَ نَسِيئَةً فَلاَ يَصْلُحُ». وَالْقَ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ فَاسْأَلْهُ فَإِنَّهُ كَانَ أَعْظَمَنَا تِجَارَةً، فَسَأَلْتُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ فَقَالَ مِثْلَهُ. وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً فَقَالَ قَدِمَ عَلَيْنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ وَنَحْنُ نَتَبَايَعُ، وَقَالَ نَسِيئَةً إِلَى الْمَوْسِمِ أَوِ الْحَجِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وبالعكس أشبه أخواله، وفي البخاري: بدل علا قلت: كلاهما بمعنى، وقيل العلو في حديث ثوبان علامة الشبه بالأعمام والأخوال، وفي حديث عائشة محمول على السبق (إن اليهود قوم بهت) قال ابن الأثير: جمع بهوت كصبر في صبور، والبهوت من يفتري الكذب من عنده، وتمام الكلام عليه سلف في كتاب الأنبياء. 3939 - 3940 - (أبا المنهال) بكسر الميم. (باع شريك إلي دراهم في السوق نسيئة) هذا بيع باطل وهذا يسمى ربا النسيئة وهو كربا الفضل، وقد سلف في أبواب البيع، في باب بيع الورق.

52 - باب إتيان اليهود النبى - صلى الله عليه وسلم - حين قدم المدينة

52 - باب إِتْيَانِ الْيَهُودِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ (هَادُوا) صَارُوا يَهُودَ وَأَمَّا قَوْلُهُ (هُدْنَا) تُبْنَا. هَائِدٌ تَائِبٌ. 3941 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا قُرَّةُ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَوْ آمَنَ بِى عَشَرَةٌ مِنَ الْيَهُودِ لآمَنَ بِى الْيَهُودُ». 3942 - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ - أَوْ مُحَمَّدُ - بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْغُدَانِىُّ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَيْسٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ دَخَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ وَإِذَا أُنَاسٌ مِنَ الْيَهُودِ يُعَظِّمُونَ عَاشُورَاءَ وَيَصُومُونَهُ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إتيان اليهود ({هَادُوا} [البقرة: 62] صاروا يهود. وأما قوله: {هُدْنَا} [الأعراف: 156] تبنا) يشير إلى أنه لفظ مشترك. 3941 - (قرة) بضم القاف وراء مشددة (لو آمن لي عشرة من اليهود لآمن بي اليهود) أي كلهم، وقد بينه رواية الإسماعيل: "لم يبق على ظهرها يهودي إلا آمن". فإن قلت: الباب في بيان إتيان اليهود النبي حين قدم وليس في الحديث ذكر الإتيان؟ قلت: قاله حيث جاؤوا إليه بينه الرواية الأخرى. فإن قلت: قد آمن به أكثر من عشرة من اليهود بلا ريب؟ قلت: أراد الذين كانوا هناك من الأحبار فإنهم كانوا يعرفونه في التوراة لو أقروا لعوامهم بأنه النبي الموعود الذي أنزل الله شأنه على موسى بن عمران لا شك أنه لم يكن تخلف أحد بعدهم لأن هؤلاء عمدتهم، في الدين، وأما بعد تكذيب أولئك قلدهم من غاب عنهم يقولون: لو كان الموعود لأقرّ له أولئك الأحبار. 3942 - (دخل المدينة فإذا ناس من اليهودي يعظمون عاشوراء) أي يوم ليلة عاشوراء (بالصوم) لكن في عبارة الحديث نوع اشتباه وذلك أن تقييده بناس من اليهود يدل على أن طائفة من اليهود كانت تعظم اليوم بالصوم ولم يكن حتمًا بل ندبًا كما هو عندنا اليوم (فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:

«نَحْنُ أَحَقُّ بِصَوْمِهِ». فَأَمَرَ بِصَوْمِهِ. طرفه 2005 3943 - حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ وَجَدَ الْيَهُودَ يَصُومُونَ عَاشُورَاءَ، فَسُئِلُوا عَنْ ذَلِكَ، فَقَالُوا هَذَا الْيَوْمُ الَّذِى أَظْفَرَ اللَّهُ فِيهِ مُوسَى وَبَنِى إِسْرَائِيلَ عَلَى فِرْعَوْنَ، وَنَحْنُ نَصُومُهُ تَعْظِيمًا لَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «نَحْنُ أَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ». ثُمَّ أَمَرَ بِصَوْمِهِ. طرفه 2004 3944 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَسْدِلُ شَعْرَهُ، وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَفْرُقُونَ رُءُوسَهُمْ، وَكَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَسْدِلُونَ رُءُوسَهُمْ، وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ بِشَىْءٍ، ثُمَّ فَرَقَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - رَأْسَهُ. طرفه 3558 ـــــــــــــــــــــــــــــ نحن أحق بموسى فأمر بصومه) قد سلف أن رسول الله كان يصوم عاشوراء قبل الهجرة على طريق الوجوب، فلما نزل رمضان نسخ وجوبه وبقي كونه ندبًا، وقوله: نحن أحق بموسى معناه أنه لم يخالف اليهود فيما فيه تعظيم موسى كما كان يخالفهم في كل أمر. 3944 - (إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسدل شعره وكان المشركون يفرقون رؤوسهم) السدل: إرسال الشعر على الناصية، والفرق: إلقاؤه إلى الجانبين، (وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء) لأنهم أهل الكتاب أقرب إلى الحق من عبدة الأوثان (ثم فرق) مخالفة لهم، وكم من شيء أمر به مخالفة ليمتاز هديه عن هديهم واستدل به على أن شرع من قبلنا شرعنا، ولا دلالة فيه؛ لأن تلك الموافقة كانت في الآداب والعادات لا ما يتعلق بالديانة ألا ترى إلى قوله لعمر لما قال: نرى أشياء من اليهود هل تأذن لنا أن نكتبها قال: "أمتهوكون أنتم لو كان ابن عمران لما وسعه إلا اتباعي".

53 - باب إسلام سلمان الفارسى رضى الله عنه

3945 - حَدَّثَنِى زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ هُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ، جَزَّءُوهُ أَجْزَاءً، فَآمَنُوا بِبَعْضِهِ وَكَفَرُوا بِبَعْضِهِ. {يَعْنِى قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى (الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ)}. طرفاه 4705، 4706 53 - باب إِسْلاَمُ سَلْمَانَ الْفَارِسِىِّ رضى الله عنه 3946 - حَدَّثَنِى الْحَسَنُ بْنُ عُمَرَ بْنِ شَقِيقٍ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ أَبِى وَحَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِىِّ أَنَّهُ تَدَاوَلَهُ بِضْعَةَ عَشَرَ مِنْ رَبٍّ إِلَى رَبٍّ. 3947 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَوْفٍ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ سَلْمَانَ - رضى الله عنه - يَقُولُ أَنَا مِنْ رَامَ هُرْمُزَ. 3948 - حَدَّثَنِى الْحَسَنُ بْنُ مُدْرِكٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ عَنْ سَلْمَانَ قَالَ فَتْرَةٌ بَيْنَ عِيسَى وَمُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - سِتُّمِائَةِ سَنَةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إسلام سلمان 3945 - 3946 - (معتمر) بكسر الميم (أبو عثمان) هو النهدي عبد الرحمن (عن سلمان أنه تداوله بضعة عشر من رب إلى رب) البضع: ما بين الثلاث إلى التسع وآخر أربابه سيد المرسلين. قال ابن عبد البر: اشتراه رسول الله بكذا وكذا درهمًا، وكذا وكذا نخلًا بغرسها ويعمل فيها سلمان حتى يدرك فأدرك الكل إلا نخلة غرزها عمر [...] فقطعها رسول الله وغرس مكانها أخرى فأدركت في تلك السنة صلى الله على صاحب المعجزات. 3947 - (كان سلمان يقول: أنا من رام هرمز) اسم مركب مثل: حضرموت وبعلبك ناحية في بلاد العجم وسلمان من قرية تسمى: جَيّء بقح الجيم وتشديد الياء، وعن ابن عباس أنه من أصبهان، والقرية المذكورة من أعمالها. 3948 - (عن سلمان: فترة ما بين عيسى ومحمد ستمائة سنة) ولا يمكن أن يكون أصح منه خبر فإنهم قالوا: إنه أدرك وحي عيسى. قال ابن عساكر: أكثر ما قيل في عمره ثلاثمائة وخمسون سنة والأكثرون على مائتين وخمسين.

64 - كتاب المغازي

64 - كتاب المغازي 1 - باب غَزْوَةِ الْعُشَيْرَةِ أَوِ الْعُسَيْرَةِ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ أَوَّلُ مَا غَزَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الأَبْوَاءَ، ثُمَّ بُوَاطَ، ثُمَّ الْعُشَيْرَةَ. 3949 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَهْبٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ كُنْتُ إِلَى جَنْبِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، فَقِيلَ لَهُ كَمْ غَزَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ غَزْوَةٍ قَالَ تِسْعَ عَشْرَةَ. قِيلَ كَمْ غَزَوْتَ أَنْتَ مَعَهُ قَالَ سَبْعَ عَشْرَةَ. قُلْتُ فَأَيُّهُمْ كَانَتْ أَوَّلَ قَالَ الْعُسَيْرَةُ أَوِ الْعُشَيْرُ. فَذَكَرْتُ لِقَتَادَةَ فَقَالَ الْعُشَيْرُ. طرفاه 4404، 4471 ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب المغازي المغازي جمع مغزى، اسم مكان أو زمان، كلاهما حسن هنا والمراد بيان الوقائع في تلك الأمكنة والأزمنة. غزوة العشيرة 3949 - غزوة العشرة: قال ابن الأثير: يقال والعشيرة والعشيرة وذات العشرة والعشر الكل بضم العين وشين معجمة، وهو اسم موضع ببطن ينبع بينه وبين المدينة سبعة برد قال القاضي: وإذا قيل بالسين المهملة فهي غزوة تبوك وكانت هذه على رأس ستة عشر شهرًا من مقدمه، وكان معه مئة وخمسون رجلًا ولواؤه بيد حمزة، وكان قصده العير الذي وقعت وقعة بدر لأجله لما عادوا من الشام فلم يدركهم، وكانت في جمادى الأولى ولم يلق عدوًا ووادع فيها بني مدلج، وعلى قول ابن إسحاق يتقدمها الأنواء، وكانت في صفر في تلك السنة وبواط كانت في الربيع الأول.

2 - باب ذكر النبى - صلى الله عليه وسلم - من يقتل ببدر

2 - باب ذِكْرُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مَنْ يُقْتَلُ بِبَدْرٍ 3950 - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - حَدَّثَ عَنْ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ أَنَّهُ قَالَ كَانَ صَدِيقًا لأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، وَكَانَ أُمَيَّةُ إِذَا مَرَّ بِالْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى سَعْدٍ، وَكَانَ سَعْدٌ إِذَا مَرَّ بِمَكَّةَ نَزَلَ عَلَى أُمَيَّةَ، فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ انْطَلَقَ سَعْدٌ مُعْتَمِرًا، فَنَزَلَ عَلَى أُمَيَّةَ بِمَكَّةَ، فَقَالَ لأُمَيَّةَ انْظُرْ لِى سَاعَةَ خَلْوَةٍ لَعَلِّى أَنْ أَطُوفَ بِالْبَيْتِ. فَخَرَجَ بِهِ قَرِيبًا مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ فَلَقِيَهُمَا أَبُو جَهْلٍ فَقَالَ يَا أَبَا صَفْوَانَ، مَنْ هَذَا مَعَكَ فَقَالَ هَذَا سَعْدٌ. فَقَالَ لَهُ أَبُو جَهْلٍ أَلاَ أَرَاكَ تَطُوفُ بِمَكَّةَ آمِنًا، وَقَدْ أَوَيْتُمُ الصُّبَاةَ، وَزَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ تَنْصُرُونَهُمْ وَتُعِينُونَهُمْ، أَمَا وَاللَّهِ لَوْلاَ أَنَّكَ مَعَ أَبِى صَفْوَانَ مَا رَجَعْتَ إِلَى أَهْلِكَ سَالِمًا. فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ وَرَفَعَ صَوْتَهُ عَلَيْهِ أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ مَنَعْتَنِى هَذَا لأَمْنَعَنَّكَ مَا هُوَ أَشَدُّ عَلَيْكَ مِنْهُ طَرِيقَكَ عَلَى الْمَدِينَةِ. فَقَالَ لَهُ أُمَيَّةُ لاَ تَرْفَعْ صَوْتَكَ يَا سَعْدُ عَلَى أَبِى الْحَكَمِ سَيِّدِ أَهْلِ الْوَادِى. فَقَالَ سَعْدٌ دَعْنَا عَنْكَ يَا أُمَيَّةُ، فَوَاللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ إِنَّهُمْ قَاتِلُوكَ. قَالَ بِمَكَّةَ قَالَ لاَ أَدْرِى. فَفَزِعَ لِذَلِكَ أُمَيَّةُ فَزَعًا شَدِيدًا، فَلَمَّا رَجَعَ أُمَيَّةُ إِلَى أَهْلِهِ قَالَ يَا أُمَّ صَفْوَانَ، أَلَمْ تَرَىْ مَا قَالَ لِى سَعْدٌ قَالَتْ وَمَا قَالَ لَكَ قَالَ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُمْ قَاتِلِىَّ، فَقُلْتُ لَهُ بِمَكَّةَ قَالَ لاَ أَدْرِى. فَقَالَ أُمَيَّةُ وَاللَّهِ لاَ أَخْرُجُ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - من يُقْتَلُ ببدر 3950 - روى الحديث الذي في مناقب سعد حين قدم مكة معتمرًا ومضى يطوف فصادف أبا جهل، وتقاول أبو جهل وسعد حتى قال أمية بن خلف: (لا ترفع صوتك يا سعد على أبي الحكم فإنه سيد أهل الوادي، فقال سعد: دعنا عنك يا أمية فوالله لقد سمعت رسول الله يقول إنهم قاتلوك) قد سلف هذا الحديث وأشرنا إلى أن ما وقع من الغلط من بعضهم بأن المراد من قول سعد: إنهم قاتلوك، أن أبا جهل يقتل أمية وذهل عن قول أمية لامرأته (ألم تري ما قال لي سعد؟ قالت: وما قال لك؟ قال: زعم أن محمدًا قاتلي) فأين هنا أبو جهل أو من يفهم من ذلك الكلام قوله: قاتلوك عبارة عن أبي جهل، وإنما وقع في

3 - باب قصة غزوة بدر

مَكَّةَ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمَ بَدْرٍ اسْتَنْفَرَ أَبُو جَهْلٍ النَّاسَ قَالَ أَدْرِكُوا عِيرَكُمْ. فَكَرِهَ أُمَيَّةُ أَنْ يَخْرُجَ، فَأَتَاهُ أَبُو جَهْلٍ فَقَالَ يَا أَبَا صَفْوَانَ، إِنَّكَ مَتَى مَا يَرَاكَ النَّاسُ قَدْ تَخَلَّفْتَ وَأَنْتَ سَيِّدُ أَهْلِ الْوَادِى تَخَلَّفُوا مَعَكَ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ أَبُو جَهْلٍ حَتَّى قَالَ أَمَّا إِذْ غَلَبْتَنِى، فَوَاللَّهِ لأَشْتَرِيَنَّ أَجْوَدَ بَعِيرٍ بِمَكَّةَ ثُمَّ قَالَ أُمَيَّةُ يَا أُمَّ صَفْوَانَ جَهِّزِينِى. فَقَالَتْ لَهُ يَا أَبَا صَفْوَانَ وَقَدْ نَسِيتَ مَا قَالَ لَكَ أَخُوكَ الْيَثْرِبِىُّ قَالَ لاَ، مَا أُرِيدُ أَنْ أَجُوزَ مَعَهُمْ إِلاَّ قَرِيبًا. فَلَمَّا خَرَجَ أُمَيَّةُ أَخَذَ لاَ يَنْزِلُ مَنْزِلاً إِلاَّ عَقَلَ بَعِيرَهُ، فَلَمْ يَزَلْ بِذَلِكَ حَتَّى قَتَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِبَدْرٍ. طرفه 3632 3 - باب قِصَّةُ غَزْوَةِ بَدْرٍ وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ مُنْزَلِينَ * بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلاَفٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ مُسَوَّمِينَ * وَمَا ـــــــــــــــــــــــــــــ هذه الورطة؛ لأن أمية قتل ببدر على يد الأنصار، ولم يقتله رسول الله، واشتبه عليه أن من قُتِل تحت راية رسول الله فهو قتيل له كما يقال: قتل الأمير فلانًا وإن كان المباشر الجلاد (فلما خرج أمية أخذ لا ينزل منزلًا إلا عقل بعيره) أي سرع في ذلك يريد أن يرجع فإنه كان قوله مع امرأته أن لا يسير إلا قليلًا ثم يرجع. قصة بدر (وقول الله عز وجل: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ} [آل عمران: 123]) كانوا ثلاثمائة رجل وثلاثة عشر أو أربعة عشر أو خمسة عشر، وبدر اسم ماء سمي باسم صاحبه بدر بن الحارث، رجل من أولاد النضر بن كنانة، وقيل: رجل من بني الساد اسمه كلدة، وقيل: بل اسم لبئر ذكره الجوهري. واعلم أن لرسول الله ثلاث غزوات إلى بدر، أولاها: ويقال لها البدر الأول على رأس ثلاثة عشر شهرًا، خرج في طلب كرز بن جابر لما أغار على سرح المدينة، والبدر الكبرى: التي قتل فيها صناديد قريش، على رأس تسعة عشر شهرًا، في اليوم الثامن عشر من رمضان، وبدر الصغرى: بعد أحد في العام القابل لما واعده يوم أحد أبو سفيان، فحضر رسول الله وأحجم أبو سفيان.

4 - باب قول الله تعالى (إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أنى ممدكم بألف من الملائكة مردفين * وما جعله الله إلا بشرى ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم *

جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ * لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ). وَقَالَ وَحْشِىٌّ قَتَلَ حَمْزَةُ طُعَيْمَةَ بْنَ عَدِىِّ بْنِ الْخِيَارِ يَوْمَ بَدْرٍ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى (وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ) الآيَةَ. 3951 - حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبٍ قَالَ سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - يَقُولُ لَمْ أَتَخَلَّفْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا إِلاَّ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، غَيْرَ أَنِّى تَخَلَّفْتُ عَنْ غَزْوَةِ بَدْرٍ، وَلَمْ يُعَاتَبْ أَحَدٌ تَخَلَّفَ عَنْهَا، إِنَّمَا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُرِيدُ عِيرَ قُرَيْشٍ، حَتَّى جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عَدُوِّهِمْ عَلَى غَيْرِ مِيعَادٍ. طرفه 2757 4 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّى مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ مُرْدِفِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * ـــــــــــــــــــــــــــــ (وقال وحشي: قتل حمزة طعيمة بن عدي بن الخيار يوم بدر) طعيمة مصغر، اتفقوا على أن هذا سهو، وصوابه: طعيمة بن عدي بن نوفل بن عبد مناف. (الشوكة: الحدة)، ويروى الحد، قال ابن الأثير: شوكة القتال: شدّته وحدته. 3951 - (بكير) بضم الباء مصغر، وكذا (عقيل)، (لم أتخلف عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة إلا غزوة تبوك غير أني تخلفت في غزوة بدر). فإن قلت: ما وجه هذا الاستثناء بعد قوله: إلا غزوة تبوك؟ قلت: قال بعضهم: صفة مصدر، تقدير الكلام: حال مغاير تخلف بدر تخلف تبوك، وهذا الكلام كلام لا حاصل له؛ إذ لا يشتبه على أحد أن تخلف بدر مغاير لتخلف تبوك، والحق أنه قيد للاستثناء الأول، فإنه لما حضر تخلفه في تبوك، وردَّ عليه أنك تخلفت في بدر، أجاب بأنه لم يعدّ ذلك تخلف؛ لأنه لم يكن هناك أمر من رسول الله. باب قوله تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ} [الأنفال: 9] الاستغاثة طلب الغوث قاله ابن الأثير: الغوث والغواث: الإعانة، يقال: أغاثه أعانه.

إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ * إِذْ يُوحِى رَبُّكَ إِلَى الْمَلاَئِكَةِ أَنِّى مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِى فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ). 3952 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ مُخَارِقٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ شَهِدْتُ مِنَ الْمِقْدَادِ بْنِ الأَسْوَدِ مَشْهَدًا، لأَنْ أَكُونَ صَاحِبَهُ أَحَبُّ إِلَىَّ مِمَّا عُدِلَ بِهِ، أَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ يَدْعُو عَلَى الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ لاَ نَقُولُ كَمَا قَالَ قَوْمُ مُوسَى (اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلاَ) وَلَكِنَّا نُقَاتِلُ عَنْ يَمِينِكَ وَعَنْ شِمَالِكَ وَبَيْنَ يَدَيْكَ وَخَلْفَكَ. فَرَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَشْرَقَ وَجْهُهُ وَسَرَّهُ. يَعْنِى قَوْلَهُ. طرفه 4609 3953 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ بَدْرٍ «اللَّهُمَّ أَنْشُدُكَ عَهْدَكَ وَوَعْدَكَ، اللَّهُمَّ إِنْ شِئْتَ لَمْ تُعْبَدْ». فَأَخَذَ أَبُو بَكْرٍ بِيَدِهِ فَقَالَ حَسْبُكَ. فَخَرَجَ وَهْوَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 3952 - (أبو نعيم) -بضم النون- مصغر، فضل بن دكين (مخارق) بضم الميم وخاء معجمة وراء مكسورة، (قال ابن مسعود: شهدت من المقداد بن الأسود مشهدًا لأن أكون صاحبه أحب إلي مما عدل به) أي: مما سواه من سائر الأعمال. المقداد -بكسر الميم- هو مقداد بن عمر البهراني -بضم الباء- قبيلة من قضاعة، واسم القبيلة بهران والنسبة إليه بهراني على غير قياس، قاله الجوهري، ثم الكندي -بكسر الكاف- قبيلة من عرب اليمن أولاد كند بن الزهري،، تبناه الأسود بن يغوث لما تزوج أمية فأشهر به، قال شيخنا أبو الفضل بن حجر: لم يكن يوم بدر فارس؟ 3953 - (حوشب) بفتح الحاء، على وزن جعفر. (اللهم أنشدك عهدك ووعدك) العهد: الميثاق، وهو آكد وأبلغ من الوعد، فإنما ذكر الوعد على طريق التيمم. فإن قلت: كان رسول الله حين التشاور قال لهم: "أبشروا فإني أرى مصارع

5 - باب

يَقُولُ (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ). طرفه 2915 5 - بابٌ 3954 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ الْكَرِيمِ أَنَّهُ سَمِعَ مِقْسَمًا مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ (لاَ يَسْتَوِى الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) عَنْ بَدْرٍ وَالْخَارِجُونَ إِلَى بَدْرٍ. طرفه 4595 ـــــــــــــــــــــــــــــ القوم" ولا شك أن ذلك بإعلام الله تعالى، فأي وجه لهذه المبالغة؟ قلت: فعله تسكينًا لقلوب أصحابه، فإنهم كانوا يوقنون بإجابة دعائه، وأيضًا ربما كان ذلك النصر مقيدًا بهذه الاستكانة، كما أن قبول شفاعته مقيد بسجدته وتلك المحامد التي يلهمه الله إياها. ({سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (45)} [القمر: 45]) قال عمر بن الخطاب: ما كنت أعلم تأويل هذه الآية حتى رأيت رسول الله يوم بدر وهو يثب في الدرع وهو يتلوها وإنما وثب، والوثوب ليس من شأنه سرورًا وإنما بشره الله به في ذلك الحين، كما ذكر أرباب السير أنه قال لأبي بكر وهو في العريش: "هذا جبريل وعلى ثناياه الغبار"، أو وثب إظهارًا للجلادة ترغيمًا للعدو. باب من شهد بدرًا 3954 - لم يرو فيه، واكتفى بقوله تعالى: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 95] فسره ابن عباس أي (عن بدر والخارجون) والظاهر أن هذا سبب النزول أو تمثيل من ابن عباس، وإلا فالآية عامة، ولو روى حديث حاطب من قول رسول الله: "لعل الله اطلع على أهل بدر وقال: اعملوا ما شئتم، فقد غفرت لكم" كان في غاية الحسن.

6 - باب عدة أصحاب بدر

6 - باب عِدَّةِ أَصْحَابِ بَدْرٍ 3955 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ اسْتُصْغِرْتُ أَنَا وَابْنُ عُمَرَ. طرفه 3956 3956 - حَدَّثَنِى مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا وَهْبٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ اسْتُصْغِرْتُ أَنَا وَابْنُ عُمَرَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَكَانَ الْمُهَاجِرُونَ يَوْمَ بَدْرٍ نَيِّفًا عَلَى سِتِّينَ، وَالأَنْصَارُ نَيِّفًا وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ. طرفه 3955 3957 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ - رضى الله عنه - يَقُولُ حَدَّثَنِى أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا أَنَّهُمْ كَانُوا عِدَّةَ أَصْحَابِ طَالُوتَ الَّذِينَ جَازُوا مَعَهُ النَّهَرَ، بِضْعَةَ عَشَرَ وَثَلاَثَمِائَةٍ. قَالَ الْبَرَاءُ لاَ وَاللَّهِ مَا جَاوَزَ مَعَهُ النَّهَرَ إِلاَّ مُؤْمِنٌ. طرفاه 3958، 3959 3958 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ كُنَّا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - نَتَحَدَّثُ أَنَّ عِدَّةَ أَصْحَابِ بَدْرٍ عَلَى عِدَّةِ أَصْحَابِ طَالُوتَ الَّذِينَ جَاوَزُوا مَعَهُ النَّهَرَ، وَلَمْ يُجَاوِزْ مَعَهُ إِلاَّ مُؤْمِنٌ، بِضْعَةَ عَشَرَ وَثَلاَثَمِائَةٍ. طرفه 3957 3959 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب عدة أصحاب بدر 3955 - (قال البراء: استُصغرت أنا وابن عمر) على بناء المجهول، قيل كان عمرهما أربع عشرة سنة، والظاهر أن يكون أقل؛ لأن ابن عبد البر قال: إن أول مَشَاهد ابن عمر الخندق، ولو كان يوم بدر عمره أربع عشرة سنة لحضر أحدًا في العام القابل. 3956 - (كان المهاجرون يوم بدر نيفًا على ستين) النيف على وزن السيد، وقد يخفف، هو ما زاد على عقد من عقود الأعداد، من ناف ينوف إذا زاد وفاق. 3958 - (كانوا عدة أصحاب طالوت الذين جاوزوا معه النهر بضعة عشر وثلاث مئة) قد أشرنا إلى أنهم كانوا ثلاثة عشر أو أربعة عشر أو خمسة عشر، والبضع من الثلاثة إلى التسعة.

7 - باب دعاء النبى - صلى الله عليه وسلم - على كفار قريش شيبة وعتبة والوليد وأبى جهل بن هشام وهلاكهم

وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ أَصْحَابَ بَدْرٍ ثَلاَثُمِائَةٍ وَبِضْعَةَ عَشَرَ، بِعِدَّةِ أَصْحَابِ طَالُوتَ الَّذِينَ جَاوَزُوا مَعَهُ النَّهَرَ، وَمَا جَاوَزَ مَعَهُ إِلاَّ مُؤْمِنٌ. 7 - باب دُعَاءُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى كُفَّارِ قُرَيْشٍ شَيْبَةَ وَعُتْبَةَ وَالْوَلِيدِ وَأَبِى جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ وَهَلاَكُهُمْ 3960 - حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ اسْتَقْبَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْكَعْبَةَ فَدَعَا عَلَى نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ، عَلَى شَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ، وَأَبِى جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ. فَأَشْهَدُ بِاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُهُمْ صَرْعَى، قَدْ غَيَّرَتْهُمُ الشَّمْسُ، وَكَانَ يَوْمًا حَارًّا. طرفه 240 8 - باب قَتْلِ أَبِى جَهْلٍ 3961 - حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ أَخْبَرَنَا قَيْسٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه أَنَّهُ أَتَى أَبَا جَهْلٍ وَبِهِ رَمَقٌ يَوْمَ بَدْرٍ، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ هَلْ أَعْمَدُ مِنْ رَجُلٍ قَتَلْتُمُوهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - 3960 - روي في حديث ابن مسعود (أن رسول الله كان يصلي عند البيت فدعا على نفر من قريش) وقد رواه مطولًا في أبواب الصلاة، وأضرنا هناك إلى أن قول ابن مسعود: (لقد رأيتهم صرعى يوم بدر) فيه تسامح، فإن الذين عدّهم، منهم عمارة بن الوليد، مات بالحبشة، وعقبة بن أبي معيط قتله صبرًا بوادي الصفراء عند عرق الظبية. باب قتل أبي جهل 3961 - (ابن نمير) -بضم النون مصغر نمر- اسمه عبد الله (أبو أسامة) -بضم الهمزة- حماد بن أسامة (هل أعمَد من رجل قتلتموه؟). قال ابن الأثير: أعمد أفعل تفضيل من عمد

3962 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِىُّ أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ح وَحَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِىِّ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ يَنْظُرُ مَا صَنَعَ أَبُو جَهْلٍ» فَانْطَلَقَ ابْنُ مَسْعُودٍ، فَوَجَدَهُ قَدْ ضَرَبَهُ ابْنَا عَفْرَاءَ حَتَّى بَرَدَ قَالَ آأَنْتَ أَبُو جَهْلٍ قَالَ فَأَخَذَ بِلِحْيَتِهِ. قَالَ وَهَلْ فَوْقَ رَجُلٍ قَتَلْتُمُوهُ أَوْ رَجُلٍ قَتَلَهُ قَوْمُهُ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ أَنْتَ أَبُو جَهْلٍ. طرفاه 3963، 4020 3963 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِىِّ عَنْ أَنَسٍ رضى الله عنه قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ بَدْرٍ «مَنْ يَنْظُرُ مَا فَعَلَ أَبُو جَهْلٍ». فَانْطَلَقَ ابْنُ مَسْعُودٍ، فَوَجَدَهُ قَدْ ضَرَبَهُ ابْنَا عَفْرَاءَ حَتَّى بَرَدَ، فَأَخَذَ بِلِحْيَتِهِ فَقَالَ أَنْتَ أَبَا جَهْلٍ قَالَ وَهَلْ فَوْقَ رَجُلٍ قَتَلَهُ قَوْمُهُ أَوْ قَالَ قَتَلْتُمُوهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ إذا عجب وقيل عمد إذا غضب، وقيل توجع وأشكي، وعلى كل وجه غرضه أنه لا يبالي بقتله، وقد بينته الرواية الأخرى. "وهل فوق رجل قتله قومه". 3962 - (قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: من ينظر ما صنع أبو جهل) لم يكن بلغه شأنه. 3963 - (فذهب ابن مسعود فوجده، قد ضربه ابنا عفراء حتى برد) كناية عن مقدمات الموت، فإن جسده وأطرافه تبرّد، وعفراء بالمد أمهما وأبوهما الحارث بن رفاعة من بني النجار واسم أحدهما معوذ، واسم الآخر معاذ، وقد تقدم في باب من لم يَخمس الأسلاب أن أول ضارب معاذ بن عمرو بن الجموح وهو الذي أخذ سلبه، قال ابن هشام: قال ابن الجموح: سمعت الناس يقولون أبا الحكم لا يخلص إليه، وأبو جهل في مثل الحَرَجَة -بالحاء المهملة وثلاث فتحات آخره جيم- والحَرَجة: الشجر الملتف فصمدت نحوه فضربته ضربة أطننت قدمه بنصف ساقه، وعلى هذا ضرب ابن عفراء بعده، وأما ابن مسعود فقد أدركه وبه بعض رمق (أنت، أبا جهل) كذا بالألف، وهو خبر مبتدأ على لغة من يجعله مقصورًا، كقول الشاعر:

حَدَّثَنِى ابْنُ الْمُثَنَّى أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ نَحْوَهُ. طرفه 3962 3964 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كَتَبْتُ عَنْ يُوسُفَ بْنِ الْمَاجِشُونِ عَنْ صَالِحِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ فِي بَدْرٍ. يَعْنِى حَدِيثَ ابْنَىْ عَفْرَاءَ. طرفه 3141 3965 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِىُّ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى يَقُولُ حَدَّثَنَا أَبُو مِجْلَزٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ عَنْ عَلِىِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ - رضى الله عنه - أَنَّهُ قَالَ أَنَا أَوَّلُ مَنْ يَجْثُو بَيْنَ يَدَىِ الرَّحْمَنِ لِلْخُصُومَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَقَالَ قَيْسُ بْنُ عُبَادٍ وَفِيهِمْ أُنْزِلَتْ (هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ) قَالَ هُمُ الَّذِينَ تَبَارَزُوا يَوْمَ بَدْرٍ حَمْزَةُ وَعَلِىٌّ وَعُبَيْدَةُ أَوْ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْحَارِثِ وَشَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ وَعُتْبَةُ وَالْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ. طرفاه 3967، 4744 3966 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى هَاشِمٍ عَنْ أَبِى مِجْلَزٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ عَنْ أَبِى ذَرٍّ - رضى الله عنه - قَالَ نَزَلَتْ (هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ) فِي سِتَّةٍ مِنْ قُرَيْشٍ عَلِىٍّ وَحَمْزَةَ وَعُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ. أطرافه 3968، 3969، 4743 ـــــــــــــــــــــــــــــ إن أباها وأبا وأباها ... قد بلغا في المجد غايتاها ويجوز تقدير الخبر، أي: أنت الذي على هذه الحالة التي تَسُرُّنا وأبا جهل منادى. 3964 - (الرقاشي) -بفتح الراء والقاف- نسبة إلى رقاش على وزن قطام اسم امرأة أم قبيلة (معتمِر) بكسر الميم. 3965 - (أبو مِجْلز) -بكسر الميم وسكون الجيم وزاي معجمة- اسمه لاحق بن تميم (عن قيس بن عُبَاد) بضم العين وتخفيف الباء.

3967 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الصَّوَّافُ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ - كَانَ يَنْزِلُ فِي بَنِى ضُبَيْعَةَ وَهْوَ مَوْلًى لِبَنِى سَدُوسَ - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِىُّ عَنْ أَبِى مِجْلَزٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ قَالَ قَالَ عَلِىٌّ - رضى الله عنه فِينَا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ (هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ). طرفه 3965 3968 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِى هَاشِمٍ عَنْ أَبِى مِجْلَزٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ - رضى الله عنه - يُقْسِمُ لَنَزَلَتْ هَؤُلاَءِ الآيَاتُ فِي هَؤُلاَءِ الرَّهْطِ السِّتَّةِ يَوْمَ بَدْرٍ. نَحْوَهُ. طرفه 3966 3969 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا أَبُو هَاشِمٍ عَنْ أَبِى مِجْلَزٍ عَنْ قَيْسٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ يُقْسِمُ قَسَمًا إِنَّ هَذِهِ الآيَةَ (هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ) نَزَلَتْ فِي الَّذِينَ بَرَزُوا يَوْمَ بَدْرٍ حَمْزَةَ وَعَلِىٍّ وَعُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ وَعُتْبَةَ وَشَيْبَةَ ابْنَىْ رَبِيعَةَ وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ. طرفه 3966 3970 - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ سَأَلَ رَجُلٌ الْبَرَاءَ وَأَنَا أَسْمَعُ قَالَ أَشَهِدَ عَلِىٌّ بَدْرًا قَالَ بَارَزَ وَظَاهَرَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 3967 - (الصواف) بتشديد الواو كان ينزل في بني ضبيعة) بضم الضاد المعجمة، وفتح الباء مصغر، هو ابن قيس بن ثعلبة أبو حي من بكر. (وهو مولى لبني سَدوس) -بفتح السين- على وزن فعول، أبو قبيلة من بني شيبان. (عن علي بن أبي طالب: أنا أول من يجثو بين يدي الرحمن للخصومة يوم القيامة) الجثو الجلوس على الركب للجدال، وهذا القول محمول على السماع (الذين تبارزوا) أي: تقدم كل واحد إلى صاحبه، إذ لا مجال للرأي في أمثاله، ثلاثة من المؤمنين: حمزة، وعلي بن أبي طالب، وعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب ابن عم رسول الله، وثلاثة من المشركين عتبة وشيبة والوليد. 3969 - (قال علي: فينا نزلت هذه الآية: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} [الحج: 19]). 3970 - (سأل رجلٌ البراء: شهد علي بدرًا؟ قال: بارز وظاهر) إما من ظهر على خصمه إلا أنه أخرجه على زنة المفاعلة مبالغة، أو من ظاهر أي: أعان ونصر.

3971 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى يُوسُفُ بْنُ الْمَاجِشُونِ عَنْ صَالِحِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ كَاتَبْتُ أُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ، فَذَكَرَ قَتْلَهُ وَقَتْلَ ابْنِهِ، فَقَالَ بِلاَلٌ لاَ نَجَوْتُ إِنْ نَجَا أُمَيَّةُ. طرفه 2301 3972 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَرَأَ (وَالنَّجْمِ) فَسَجَدَ بِهَا، وَسَجَدَ مَنْ مَعَهُ، غَيْرَ أَنَّ شَيْخًا أَخَذَ كَفًّا مِنْ تُرَابٍ فَرَفَعَهُ إِلَى جَبْهَتِهِ فَقَالَ يَكْفِينِى هَذَا. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ بَعْدُ قُتِلَ كَافِرًا. طرفه 1067 3973 - أَخْبَرَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ عُرْوَةَ قَالَ كَانَ فِي الزُّبَيْرِ ثَلاَثُ ضَرَبَاتٍ بِالسَّيْفِ، إِحْدَاهُنَّ فِي عَاتِقِهِ، قَالَ إِنْ كُنْتُ لأُدْخِلُ أَصَابِعِى فِيهَا. قَالَ ضُرِبَ ثِنْتَيْنِ يَوْمَ بَدْرٍ، وَوَاحِدَةً يَوْمَ الْيَرْمُوكِ. قَالَ عُرْوَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــ 3971 - (الماجِشون) بكسر الجيم معرب ماه لونه، أي: لونه لون القمر (عن عبد الرحمن بن عوف قال: كاتبت أمية بن خلف) أي: في أن يحفظ صاغيتي وأحفظ صاغيته، كما جاء في الرواية الأخرى، والصاغية بالصاد المهملة وغين معجمة بعدها ياء مثناة على وزن جارية: خواصُّ الإنسان، قاله ابن الأثير. 3972 - (عبدان) على وزن [شعبان] عبد الله المروزي (قرأ رسول الله سورة النجم فسجد بها وسجد من معه) أي: من المسلمين والمشركين، تقدم الحديث، وإنما رواه هنا لقوله: (غير شيخ أخذ كفًّا من تراب فرفعه إلى جبهته وقال: يكفيني هذا) وكان هذا الشيخ أمية بن خلف قتل كافرًا يوم بدر. 3973 - (كان في الزبير ثلاث ضربات، ضُرِب ثنتين يوم بدر وواحدة يوم اليرموك) -بفتح الياء وسكون [الراء]- موضع بناحية الشام، وكانت هذه الواقعة في خلافة عمر بن الخطاب.

وَقَالَ لِى عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ حِينَ قُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ يَا عُرْوَةُ، هَلْ تَعْرِفُ سَيْفَ الزُّبَيْرِ قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ فَمَا فِيهِ قُلْتُ فِيهِ فَلَّةٌ فُلَّهَا يَوْمَ بَدْرٍ. قَالَ صَدَقْتَ. بِهِنَّ فُلُولٌ مِنْ قِرَاعِ الْكَتَائِبِ ثُمَّ رَدَّهُ عَلَى عُرْوَةَ. قَالَ هِشَامٌ فَأَقَمْنَاهُ بَيْنَنَا ثَلاَثَةَ آلاَفٍ، وَأَخَذَهُ بَعْضُنَا، وَلَوَدِدْتُ أَنِّى كُنْتُ أَخَذْتُهُ. طرفه 3721 3974 - حَدَّثَنَا فَرْوَةُ عَنْ عَلِىٍّ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ سَيْفُ الزُّبَيْرِ مُحَلًّى بِفِضَّةٍ. قَالَ هِشَامٌ وَكَانَ سَيْفُ عُرْوَةَ مُحَلًّى بِفِضَّةٍ. 3975 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالُوا لِلزُّبَيْرِ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ أَلاَ تَشُدُّ فَنَشُدَّ مَعَكَ فَقَالَ إِنِّى إِنْ شَدَدْتُ كَذَبْتُمْ. فَقَالُوا لاَ نَفْعَلُ، فَحَمَلَ عَلَيْهِمْ حَتَّى شَقَّ صُفُوفَهُمْ، فَجَاوَزَهُمْ وَمَا مَعَهُ أَحَدٌ، ثُمَّ رَجَعَ مُقْبِلاً، فَأَخَذُوا بِلِجَامِهِ، فَضَرَبُوهُ ضَرْبَتَيْنِ عَلَى عَاتِقِهِ بَيْنَهُمَا ضَرْبَةٌ ضُرِبَهَا يَوْمَ بَدْرٍ. قَالَ عُرْوَةُ كُنْتُ أُدْخِلُ أَصَابِعِى فِي تِلْكَ الضَّرَبَاتِ أَلْعَبُ ـــــــــــــــــــــــــــــ (قال عبد الملك بن مروان لما قتل الحجاج عبد الله بن الزبير وأرسل إليه بسيفه: يا عروة هل تعرف سيف الزبير؟ قلت نعم، قال فما فيه؟ [قلت] فلة فُلها يوم بدر) فُلة -بفتح الفاء- أي: كسرة، وفُلها -بضم الفاء- على أنه فعل مجهول، والهاء مفعول مطلق؛ لأنه كناية عن الفلة (قال: صدقت، بهن فلول من قراع الكتائب) أول البيت: ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم والقراع من القرع والمراد ضرب الأقران في الحرب، والكتائب جمع الكتيبة وهي الجيش (فأقمناه بيننا ثلاثة آلاف) أي قومنا. 3974 - (فروة) بفتح الفاء (أبي المَغراء) بفتح الميم وغين معجمة مع المد. 3975 - (قالوا للزبير ألا تشد فنشد معك) أي: تحمل على العدو (فأخذوا بلجامه فضربوه ضربتين على عاتقه لينهما ضربة ضُربها يوم بدر). فإن قلت: تقدم في الرواية الأولى أن أحدى الضربات كانت على عاتقه، والضربتان كانتا يوم بدر، وواحدة يوم اليرموك ففيه مخالفة من وجهين. قلت: أجاب بعضهم بأن

وَأَنَا صَغِيرٌ. قَالَ عُرْوَةُ وَكَانَ مَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ يَوْمَئِذٍ وَهْوَ ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ، فَحَمَلَهُ عَلَى فَرَسٍ وَكَّلَ بِهِ رَجُلاً. طرفه 3721 3976 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ سَمِعَ رَوْحَ بْنَ عُبَادَةَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ ذَكَرَ لَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنْ أَبِى طَلْحَةَ أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ يَوْمَ بَدْرٍ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ رَجُلاً مِنْ صَنَادِيدِ قُرَيْشٍ فَقُذِفُوا فِي طَوِىٍّ مِنْ أَطْوَاءِ بَدْرٍ خَبِيثٍ مُخْبِثٍ، وَكَانَ إِذَا ظَهَرَ عَلَى قَوْمٍ أَقَامَ بِالْعَرْصَةِ ثَلاَثَ لَيَالٍ، فَلَمَّا كَانَ بِبَدْرٍ الْيَوْمَ الثَّالِثَ، أَمَرَ بِرَاحِلَتِهِ فَشُدَّ عَلَيْهَا رَحْلُهَا، ثُمَّ مَشَى وَاتَّبَعَهُ أَصْحَابُهُ وَقَالُوا مَا نُرَى يَنْطَلِقُ إِلاَّ لِبَعْضِ حَاجَتِهِ، حَتَّى قَامَ عَلَى شَفَةِ الرَّكِىِّ، فَجَعَلَ يُنَادِيهِمْ بِأَسْمَائِهِمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِهِمْ «يَا فُلاَنُ بْنَ فُلاَنٍ، وَيَا فُلاَنُ بْنَ فُلاَنٍ، أَيَسُرُّكُمْ أَنَّكُمْ أَطَعْتُمُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّا قَدْ ـــــــــــــــــــــــــــــ تكون الضربة الواحدة على العاتق والضربتان في طرفيه، هذا الجواب عن الإشكال الأول، وأما الجواب عن الإشكال الثاني، "كيف لا وقد قيده في الحديث بقوله: ثلاث ضربات بالسيف"، بأن الضربتان يوم اليرموك، بعد قوله الضربتان يوم بدر محمول على أن الأولين بالسيف، والأخريين بغير السيف، والجوابان ليسا بشيء، أما الأول فظاهر؛ إذ لا دلالة للفظ عليه، وأما الثاني فلأن الضرب لا يستعمل إلا في السيف، وفي الرمح يقال الطعن، كيف لا وقد قيده في الحديث بقوله: ثلاث ضربات بالسيف بل الجواب أن يقال: إنه كان ضرب في إحدى عاتقيه ضربتان يوم اليرموك، بينهما واحدة من يوم بدر، وهي الذي أشار إليها في الرواية الأولى بقوله: إحداهن في عاتقه، وهذا صريح في أن الضربة الأخرى يوم بدر لم تكن في عاتقه، ولا إشكال في ذلك، وإن لم يعلم موضع تلك الضربة. 3976 - (روح بن عُبادة) بفتح الراء وضم العين (عَروبة) بفتح العين وضم الراء (صناديد قريش) جمع صنديد على وزن قنديل، الرجل العظيم (فقذفوا في طَوِي من أطواء بدر خبيث مخبث) الطوي على وزن الوصي والخبيث الفاسد، والمخبِث -بكسر الباء المشددة- المفسد لما أُلقي فيه (كان إذا ظهر على قوم أقام بالعرصة) العرصة: الفضاء المتسع الذي لا بناء فيه، والحكمة في الإقامة أنه مكان فرح وسرور، ومحل نزول رحمة الله ونصره، ألا ترى في عكسه لما وصل إلى ديار ثمود كيف أسرع، ونهى عن الدخول في ذلك المكان. (الرَّكي) مثل الطوي لفظًا ومعنىً.

وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا، فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا». قَالَ فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا تُكَلِّمُ مِنْ أَجْسَادٍ لاَ أَرْوَاحَ لَهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ». قَالَ قَتَادَةُ أَحْيَاهُمُ اللَّهُ حَتَّى أَسْمَعَهُمْ قَوْلَهُ تَوْبِيخًا وَتَصْغِيرًا وَنَقِيمَةً وَحَسْرَةً وَنَدَمًا. طرفه 3065 3977 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرٌو عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما (الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا) قَالَ هُمْ وَاللَّهِ كُفَّارُ قُرَيْشٍ. قَالَ عَمْرٌو هُمْ قُرَيْشٌ وَمُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - نِعْمَةُ اللَّهِ (وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ) قَالَ النَّارَ يَوْمَ بَدْرٍ. طرفه 4700 3978 - حَدَّثَنِى عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ ذُكِرَ عِنْدَ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَفَعَ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ فِي قَبْرِهِ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ». فَقَالَتْ إِنَّمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّهُ لَيُعَذَّبُ بِخَطِيئَتِهِ وَذَنْبِهِ، وَإِنَّ أَهْلَهُ لَيَبْكُونَ عَلَيْهِ الآنَ». طرفه 1288 ـــــــــــــــــــــــــــــ (والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع لما أقول) وقد سلف أن عائشة أنكرت هذه الرواية، وليس لها في ذلك حجة إلا قوله تعالى: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [فاطر: 22] ولا دلالة فيه؛ لأن الله تعالى ذكر ذلك على مجرى العادة استبعادًا، ولو لم يسمع الميت لم يشرع السلام عليه، وقيل ما أنت بمسمع بل الله، وفيه نظر؛ لأن الله هو الخالق، ولكن الفعل إنما يسند إلى من صدر عنه لغة، كقول أبي هريرة "ما أسمعنا رسول الله أسمعناكم". 3977 - (الحُميدي) بضم الحاء مصغر منسوب ({وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ} [إبراهيم: 28]) أي الهلاك، وفسره بالنار يوم بدر؛ وذلك أن القبر حفرة من حفر النيران للكافر. 3978 - 3979 - (عُبيد) بضم العين مصغر (أبو أسامة) -بضم الهمزة-، حماد بن أسامة (ابن عمر رفع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -: إن الميت يُعَذب ببكاء أهله فقالت وهل ابن عمر) أي:

9 - باب فضل من شهد بدرا

3979 - قَالَتْ وَذَاكَ مِثْلُ قَوْلِهِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَامَ عَلَى الْقَلِيبِ وَفِيهِ قَتْلَى بَدْرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ لَهُمْ مَا قَالَ إِنَّهُمْ لَيَسْمَعُونَ مَا أَقُولُ. إِنَّمَا قَالَ «إِنَّهُمُ الآنَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّ مَا كُنْتُ أَقُولُ لَهُمْ حَقٌّ». ثُمَّ قَرَأَتْ (إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَى) (وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ) تَقُولُ حِينَ تَبَوَّءُوا مَقَاعِدَهُمْ مِنَ النَّارِ. طرفه 1371 3980، 3981 - حَدَّثَنِى عُثْمَانُ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ وَقَفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى قَلِيبِ بَدْرٍ فَقَالَ «هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا ثُمَّ قَالَ إِنَّهُمُ الآنَ يَسْمَعُونَ مَا أَقُولُ». فَذُكِرَ لِعَائِشَةَ فَقَالَتْ إِنَّمَا قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّهُمُ الآنَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّ الَّذِى كُنْتُ أَقُولُ لَهُمْ هُوَ الْحَقُّ». ثُمَّ قَرَأَتْ (إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَى) حَتَّى قَرَأَتِ الآيَةَ. طرفاه 1370، 1371 9 - باب فَضْلُ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا 3982 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ وهم (قام على القليب) هو الطوي المذكور، والحديث قد تقدم مع الجواب آنفًا. 3980 - 3981 - (عَبْدة) بفتح العين وسكون الباء (قالت عائشة: إنما قال إنهم ليعلمون الآن أنما كنت أقول لهم حق ثم قرأت {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} [النمل: 80]) تقدم من قول ابن عباس في تفسير قوله: {وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ} [إبراهيم: 28] أي النار يوم بدر، ومن الناس من فهم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول هذا الكلام يوم القيامة إذا دخل المشركون النار استدلالًا بقوله تعالى: {وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ} [الأعراف: 44] وأنت تعلم أن هذا كلام لا تعلق له بالمقام، فإن عائشة خالفت في أن قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما هو الآن يعلمون في النار لا السماع، ولو كان المعنى ما توهمه هذا القائل أنكرت على ابن عباس تفسيره بدخول النار يوم بدر، كما أنكرت على ابن عمر سماع الموتى. فضل من شهد بدرًا 3982 - (أبو إسحاق) الفزاري إبراهيم.

عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا - رضى الله عنه - يَقُولُ أُصِيبَ حَارِثَةُ يَوْمَ بَدْرٍ وَهْوَ غُلاَمٌ، فَجَاءَتْ أُمُّهُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ عَرَفْتَ مَنْزِلَةَ حَارِثَةَ مِنِّى، فَإِنْ يَكُنْ فِي الْجَنَّةِ أَصْبِرْ وَأَحْتَسِبْ، وَإِنْ تَكُ الأُخْرَى تَرَى مَا أَصْنَعُ فَقَالَ «وَيْحَكِ أَوَهَبِلْتِ أَوَجَنَّةٌ وَاحِدَةٌ هِىَ إِنَّهَا جِنَانٌ كَثِيرَةٌ، وَإِنَّهُ فِي جَنَّةِ الْفِرْدَوْسِ». طرفه 2809 3983 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ قَالَ سَمِعْتُ حُصَيْنَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِىِّ عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - قَالَ بَعَثَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبَا مَرْثَدٍ وَالزُّبَيْرَ وَكُلُّنَا فَارِسٌ قَالَ «انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ، فَإِنَّ بِهَا امْرَأَةً مِنَ الْمُشْرِكِينَ، مَعَهَا كِتَابٌ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ (أصيب حارثة يوم بدر) هو حارثة بن سراقة بن الحارث النجاري، وأمه: الرُّبيّع -بضم الراء وفتح الباء، وتشديد المثناة- مصغر بنت النضر بن ضمضم عمة أنس بن مالك (إن تك في الجنة أصبر، وإن تك الأخرى ترى ما أصنع) جُزِم على أنه جزاء الشرط (ويحك) كلمة ترحم (أوَهَبِلتِ) -بفتح الهاء وكسر الباء- يقال هَبلته أمه أي ثكلته، وهبلت، المرأة: إذا طاش عقلها من فقد الولد. فإن قلت: في "مسند الإمام أحمد" أن هذا القول إنما هو في حارثة بن النعمان، قلت: هنا قضيتان، وحارثة بن النعمان قتل شهيدًا في أحد وأما حارثة بن سراقة كان غلامًا خرج في النظارة إلى بواط وكان على الحوض يشرب الماء فجاءه سهم غرب، وقيل رماه حبان بن العرقة. 3983 - (حصين) بضم الحاء مصغر، وكذا (عبيدة عن أبي عبد الرحمن السُلمي) -بضم السين- نسبة إلى سليم، قبيلة من قيس غيلان (أبو مرثد) -بفتح الميم وسكون الراء اسمه كَنّاز بفتح الكاف وتشديد النون، آخره زاي معجمة، روى حديث حاطب لما أرسل كتابًا إلى أهل مكة يخبرهم بقصد رسول الله إياهم، وقد سلف الحديث في أبواب الجهاد، ونشير إلى بعض ألفاظه. (روضة خاخ) بخاءين معجمتين، موضع بقرب المدينة (فإن بها امرأة من المشركين) اسمها سارة، أو أم سارة.

حَاطِبِ بْنِ أَبِى بَلْتَعَةَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ». فَأَدْرَكْنَاهَا تَسِيرُ عَلَى بَعِيرٍ لَهَا حَيْثُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْنَا الْكِتَابُ. فَقَالَتْ مَا مَعَنَا كِتَابٌ. فَأَنَخْنَاهَا فَالْتَمَسْنَا فَلَمْ نَرَ كِتَابًا، فَقُلْنَا مَا كَذَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ أَوْ لَنُجَرِّدَنَّكِ. فَلَمَّا رَأَتِ الْجِدَّ أَهْوَتْ إِلَى حُجْزَتِهَا وَهْىَ مُحْتَجِزَةٌ بِكِسَاءٍ فَأَخْرَجَتْهُ، فَانْطَلَقْنَا بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ، فَدَعْنِى فَلأَضْرِبْ عُنُقَهُ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ». قَالَ حَاطِبٌ وَاللَّهِ مَا بِى أَنْ لاَ أَكُونَ مُؤْمِنًا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - أَرَدْتُ أَنْ يَكُونَ لِى عِنْدَ الْقَوْمِ يَدٌ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهَا عَنْ أَهْلِى وَمَالِى، وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِكَ إِلاَّ لَهُ هُنَاكَ مِنْ عَشِيرَتِهِ مَنْ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهِ عَنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «صَدَقَ، وَلاَ تَقُولُوا لَهُ إِلاَّ خَيْرًا». فَقَالَ عُمَرُ إِنَّهُ قَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ، فَدَعْنِى فَلأَضْرِبَ عُنُقَهُ. فَقَالَ «أَلَيْسَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ». فَقَالَ «لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ إِلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ وَجَبَتْ لَكُمُ الْجَنَّةُ، أَوْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ». فَدَمَعَتْ عَيْنَا عُمَرَ وَقَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. طرفه 3007 ـــــــــــــــــــــــــــــ (فأنخناها) أصله فأنخنا بها حذف الياء وأوصل الفعل (فلما رأت الجد أهوت إلى حجزتها) -بضم الحاء وسكون الجيم- معقد الإزار. فإن قلت: تقدم في أبواب الجهاد أنها أخرجته من عقاصها؟ قلت: أخرجته من أحد الموضعين، وأخفته في الآخر، ثم لما رأت الجد أخرجته لهم. (لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم) قال بعضهم: أي غفرت لكم ما مضى من الذنوب واستدل عليه بأنه لو كان على الاستقبال لقال سأغفر لكم، وأيضًا لو كان على الاستقبال لكان إذنًا في المعاصي، وليس بشيء، أما أولًا فلأنه يرد قوله: "اعملوا"؛ فإنه مستقبلٌ قطعًا، وأما ثانيًا: فلأن قضية حاطب بعد بدر فكيف يصح الاستدلال؟ وسيأتي في البخاري من قول عمران بن حصين: إن علي بن أبي طالب إنما جره، هذا الحديث، قال النووي: معنى الترجي في لعل راجع إلى عمر؛ فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان جازمًا بذلك، قلت: رجوعه إلى عمر بعيد عن السياق، وأما كون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جازمًا ما لا ينافي ذلك؛ فإنه يقوله تأدبًا، ولئلا يتكل السامعون كل الاتكال.

10 - باب

10 - بابٌ 3984 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِىُّ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِىُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْغَسِيلِ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِى أُسَيْدٍ وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ أَبِى أُسَيْدٍ عَنْ أَبِى أُسَيْدٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ بَدْرٍ «إِذَا أَكْثَبُوكُمْ فَارْمُوهُمْ وَاسْتَبْقُوا نَبْلَكُمْ». طرفه 2900 3985 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِىُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْغَسِيلِ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِى أُسَيْدٍ وَالْمُنْذِرِ بْنِ أَبِى أُسَيْدٍ عَنْ أَبِى أُسَيْدٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ بَدْرٍ «إِذَا أَكْثَبُوكُمْ - يَعْنِى كَثَرُوكُمْ - فَارْمُوهُمْ، وَاسْتَبْقُوا نَبْلَكُمْ». طرفه 2900 3986 - حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ - رضى الله عنهما - قَالَ جَعَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الرُّمَاةِ يَوْمَ أُحُدٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جُبَيْرٍ، فَأَصَابُوا مِنَّا سَبْعِينَ، وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ أَصَابُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ أَرْبَعِينَ وَمِائَةً سَبْعِينَ أَسِيرًا وَسَبْعِينَ قَتِيلاً. قَالَ أَبُو سُفْيَانَ يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ، وَالْحَرْبُ سِجَالٌ. طرفه 3039 3987 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ جَدِّهِ أَبِى ـــــــــــــــــــــــــــــ باب 3984 - (أبو أحمد الزبيري) هو محمد بن عبد الله بن الزبير (عبد الرحمن بن الغسيل) غسيل الملائكة هو حنظلة بن أبي عامر الفاسق (عن أبي أُسيد) -بضم الهمزة مصغر- هو مالك بن ربيعة (إذا أكثبوكم) أي قربوا منكم من الكثب بفتح الكاف والثاء المثلثة، وهو القرب، وتفسير البخاري أكثروكم أنكره أهل اللغة أيضًا. استبقاء النبل يدل على ما ذكرناه، فإنه مع القرب لا يفوت السهم، والنبل سهام العرب، ولا مفرد له من لفظه. 3986 - (قال أبو سفيان) أي يوم أحد (يوم بيوم) أي هذا في مقابلة ذلك اليوم (والحرب سجال) مصدر ساجل من السجل، وهو الدلو أصله في المتباريين في الاستقاء، أي تارة لنا وتارة علينا. 3987 - (محمد بن العلاء) بفتح العين والمد (أبو أسامة) -بضم الهمزة- حماد بن

بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى، أُرَاهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «وَإِذَا الْخَيْرُ مَا جَاءَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْخَيْرِ بَعْدُ، وَثَوَابُ الصِّدْقِ الَّذِى آتَانَا بَعْدَ يَوْمِ بَدْرٍ». طرفه 3622 3988 - حَدَّثَنِى يَعْقُوبُ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ إِنِّى لَفِى الصَّفِّ يَوْمَ بَدْرٍ إِذِ الْتَفَتُّ، فَإِذَا عَنْ يَمِينِى وَعَنْ يَسَارِى فَتَيَانِ حَدِيثَا السِّنِّ، فَكَأَنِّى لَمْ آمَنْ بِمَكَانِهِمَا، إِذْ قَالَ لِى أَحَدُهُمَا سِرًّا مِنْ صَاحِبِهِ يَا عَمِّ أَرِنِى أَبَا جَهْلٍ. فَقُلْتُ يَا ابْنَ أَخِى، وَمَا تَصْنَعُ بِهِ قَالَ عَاهَدْتُ اللَّهَ إِنْ رَأَيْتُهُ أَنْ أَقْتُلَهُ أَوْ أَمُوتَ دُونَهُ. فَقَالَ لِى الآخَرُ سِرًّا مِنْ صَاحِبِهِ مِثْلَهُ قَالَ فَمَا سَرَّنِى أَنِّى بَيْنَ رَجُلَيْنِ مَكَانَهُمَا، فَأَشَرْتُ لَهُمَا إِلَيْهِ، فَشَدَّا عَلَيْهِ مِثْلَ الصَّقْرَيْنِ حَتَّى ضَرَبَاهُ، وَهُمَا ابْنَا عَفْرَاءَ. طرفه 3141 3989 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُمَرُ بْنُ أَسِيدِ بْنِ جَارِيَةَ الثَّقَفِىُّ حَلِيفُ بَنِى زُهْرَةَ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ ـــــــــــــــــــــــــــــ أسامة (بُريد) بضم الباء مصغر برد (أُراه عن النبي) بضم الهمزة أي أظن (وإذا الخير ما جاء الله به من الخير، وثواب الصدق الذي آتانا بعد بدر) هذا مختصر حديث سلف في آخر باب علامات النبوة، وقد شرحناه هناك مستوفى، وقوله: بعد بدر يجوز أن يكون ظرفًا لآتانا، والصدق كان يوم بدر حيث قاتلوا ذلك الجم الغفير، وهم أذلة كما أخبر الله عنهم بقوله: {وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ} [آل عمران: 123] ولكن قاموا بصدق الهمة كما قال سعد بن معاذ: نحن صدق عند اللقاء أبناء حرب. 3988 - (قال عبد الرحمن بن عوف: إني لفي الصف يوم بدر اذ التفت فإذا عن يميني وعن يساري فتيان حديثا السن، فكأني لم آمن بمكانهما) لكونهما حديثي السن، كما أشار إليه في الرواية الأخرى بقوله: وددت أن أكون بين أضلع منهما، ولذلك لما ظهر له من شجاعتهما قال (فما سرني أني بين رجلين مكانهما) وهما ابنا عفراء بالمد: اسم أمهما وقد تقدم قريبًا تفصيل قتلهما في باب قتل أبي جهل. 3989 - (عمرو بن أُسيد بن جارية) عمرو بفتح العين قال البخاري في "تاريخه":

أَبِى هُرَيْرَةَ - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَشَرَةً عَيْنًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَاصِمَ بْنَ ثَابِتٍ الأَنْصَارِىَّ، جَدَّ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْهَدَةِ بَيْنَ عُسْفَانَ وَمَكَّةَ ذُكِرُوا لِحَىٍّ مِنْ هُذَيْلٍ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو لِحْيَانَ، فَنَفَرُوا لَهُمْ بِقَرِيبٍ مِنْ مِائَةِ رَجُلٍ رَامٍ، فَاقْتَصُّوا آثَارَهُمْ حَتَّى وَجَدُوا مَأْكَلَهُمُ التَّمْرَ فِي مَنْزِلٍ نَزَلُوهُ فَقَالُوا تَمْرُ يَثْرِبَ. فَاتَّبَعُوا آثَارَهُمْ، فَلَمَّا حَسَّ بِهِمْ عَاصِمٌ وَأَصْحَابُهُ لَجَئُوا إِلَى مَوْضِعٍ، فَأَحَاطَ بِهِمُ الْقَوْمُ، فَقَالُوا لَهُمْ انْزِلُوا فَأَعْطُوا بِأَيْدِيكُمْ وَلَكُمُ الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ أَنْ لاَ نَقْتُلَ مِنْكُمْ أَحَدًا. فَقَالَ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ أَيُّهَا الْقَوْمُ، أَمَّا أَنَا فَلاَ أَنْزِلُ فِي ذِمَّةِ كَافِرٍ. ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ أَخْبِرْ عَنَّا نَبِيَّكَ - صلى الله عليه وسلم -. فَرَمَوْهُمْ بِالنَّبْلِ، فَقَتَلُوا عَاصِمًا، وَنَزَلَ إِلَيْهِمْ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ عَلَى الْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ، مِنْهُمْ خُبَيْبٌ وَزَيْدُ بْنُ الدَّثِنَةِ، وَرَجُلٌ آخَرُ، فَلَمَّا اسْتَمْكَنُوا مِنْهُمْ أَطْلَقُوا أَوْتَارَ قِسِيِّهِمْ فَرَبَطُوهُمْ بِهَا. قَالَ الرَّجُلُ الثَّالِثُ هَذَا أَوَّلُ الْغَدْرِ، وَاللَّهِ لاَ أَصْحَبُكُمْ، إِنَّ لِى بِهَؤُلاَءِ أُسْوَةً. يُرِيدُ الْقَتْلَى، فَجَرَّرُوهُ وَعَالَجُوهُ، فَأَبَى أَنْ يَصْحَبَهُمْ، فَانْطُلِقَ بِخُبَيْبٍ وَزَيْدِ بْنِ الدَّثِنَةِ حَتَّى بَاعُوهُمَا بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، فَابْتَاعَ بَنُو الْحَارِثِ بْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ ويقال عمر بالضم، والأول أصح، وأُسيد بضم الهمزة مصغر (بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشرة عينًا، وأمر عليهم عاصم بن ثابت الأنصاري جد عاصم بن عمر بن الخطاب) قوله: جد عاصم بن عمر، قيل: فيه تسامح؛ لأنه خال عاصم. بن عمر؛ لأن أم عاصم: عاصية بنت ثابت، فسماها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جميلة، هذه الغزوة غزوة الرجيع، ماء لهذيل كانت الوقعة بها سنة ثلاث من الهجرة وذلك لما قتل سفيان بن طالب، مشى بنو لحيان إلى عُضَل والقارة، وهما قبيلتان، وجعلوا لهم أموالًا ليذهبوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويطلبوا منه بعض أصحابه يدعونهم إلى الإسلام ويعلمونهم القرآن، وكان غرضهم أن يقتلوا واحدًا بصاحبهم ويبيعوا الباقي بمكة، فبعث هؤلاء، هذا الذي ذكرناه ذكره الواقدي، وكذا قال ابن هشام، إلا أنه ذكر سنة، ولكن لا دلالة فيه على أنهم كانوا عينًا كما في البخاري (بنو لِحيان) أولاد لحيان بن هذيل بن مدرك، (حتى إذا كانوا بالهَدْأة) -بفتح الهاء وسكون الدال- موضع على سبعة أميال من عسفان (اللهم أخبر عنا نبيك) وكذا جرى، جاء جبريل بخبرهم كما صرح به في الحديث (خبيب) هو ابن عدي الأنصاري الأوسي، كذا قاله ابن عبد البر وابن هشام، فلا يلتفت إلى ما قاله الدمياطي من أن هذا خبيب بن يساف؛ لأن خبيب بن عدي لم يشهد بدرًا (ورجل آخر) هو عبد الله بن طارق.

عَامِرِ بْنِ نَوْفَلٍ خُبَيْبًا، وَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ قَتَلَ الْحَارِثَ بْنَ عَامِرٍ يَوْمَ بَدْرٍ، فَلَبِثَ خُبَيْبٌ عِنْدَهُمْ أَسِيرًا حَتَّى أَجْمَعُوا قَتْلَهُ، فَاسْتَعَارَ مِنْ بَعْضِ بَنَاتِ الْحَارِثِ مُوسَى يَسْتَحِدُّ بِهَا فَأَعَارَتْهُ، فَدَرَجَ بُنَىٌّ لَهَا وَهْىَ غَافِلَةٌ حَتَّى أَتَاهُ، فَوَجَدَتْهُ مُجْلِسَهُ عَلَى فَخِذِهِ وَالْمُوسَى بِيَدِهِ قَالَتْ فَفَزِعْتُ فَزْعَةً عَرَفَهَا خُبَيْبٌ فَقَالَ أَتَخْشَيْنَ أَنْ أَقْتُلَهُ مَا كُنْتُ لأَفْعَلَ ذَلِكَ قَالَتْ وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ أَسِيرًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ خُبَيْبٍ، وَاللَّهِ لَقَدْ وَجَدْتُهُ يَوْمًا يَأْكُلُ قِطْفًا مِنْ عِنَبٍ فِي يَدِهِ، وَإِنَّهُ لَمُوثَقٌ بِالْحَدِيدِ، وَمَا بِمَكَّةَ مِنْ ثَمَرَةٍ وَكَانَتْ تَقُولُ إِنَّهُ لَرِزْقٌ رَزَقَهُ اللَّهُ خُبَيْبًا، فَلَمَّا خَرَجُوا بِهِ مِنَ الْحَرَمِ لِيَقْتُلُوهُ فِي الْحِلِّ قَالَ لَهُمْ خُبَيْبٌ دَعُونِى أُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ. فَتَرَكُوهُ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ، فَقَالَ وَاللَّهِ لَوْلاَ أَنْ تَحْسِبُوا أَنَّ مَا بِى جَزَعٌ لَزِدْتُ، ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدًا، وَاقْتُلْهُمْ بَدَدًا، وَلاَ تُبْقِ مِنْهُمْ أَحَدًا. ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ: فَلَسْتُ أُبَالِى حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِمًا ... عَلَى أَىِّ جَنْبٍ كَانَ لِلَّهِ مَصْرَعِى وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الإِلَهِ وَإِنْ يَشَأْ ... يُبَارِكْ عَلَى أَوْصَالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ ثُمَّ قَامَ إِلَيْهِ أَبُو سِرْوَعَةَ عُقْبَةُ بْنُ الْحَارِثِ، فَقَتَلَهُ وَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ سَنَّ لِكُلِّ مُسْلِمٍ قُتِلَ صَبْرًا الصَّلاَةَ، وَأَخْبَرَ أَصْحَابَهُ يَوْمَ أُصِيبُوا خَبَرَهُمْ، وَبَعَثَ نَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَى عَاصِمِ بْنِ ثَابِتٍ حِينَ حُدِّثُوا أَنَّهُ قُتِلَ أَنْ يُؤْتَوْا بِشَىْءٍ مِنْهُ يُعْرَفُ، وَكَانَ قَتَلَ رَجُلاً عَظِيمًا مِنْ عُظَمَائِهِمْ، فَبَعَثَ اللَّهُ لِعَاصِمٍ مِثْلَ الظُّلَّةِ مِنَ الدَّبْرِ، فَحَمَتْهُ مِنْ رُسُلِهِمْ، فَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَقْطَعُوا مِنْهُ شَيْئًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ (اللهم أحصهم عددًا) بحيث لا يخرج واحد منهم (واقتلهم بددًا) أي: متفرقين: (ولست أبالي حين أقتل مسلمًا ... على أي شق كان لله مصرعي) أي موتي. (وذلك في ذات الإله وإن يشأ ... يبارك على أوصال شِلوٍ مُمَزّع) الأوصال جمع الوصل وهو العضو، والشِلْو -بكسر الشين وسكون اللام- الجسد والممزع: المتفرق، وباقي الحديث ظاهر بلا خفاء (فبعث الله لعاصم مثل الظلة من الدَّبر) بفتح الدال وسكون الباء- جماعة النحل أو ما يشبه النحل من عند الله، وقد أشرنا قبل هذا

وَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ ذَكَرُوا مُرَارَةَ بْنَ الرَّبِيعِ الْعَمْرِىَّ وَهِلاَلَ بْنَ أُمَيَّةَ الْوَاقِفِىَّ، رَجُلَيْنِ صَالِحَيْنِ قَدْ شَهِدَا بَدْرًا. طرفه 3045 3990 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - ذُكِرَ لَهُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ - وَكَانَ بَدْرِيًّا - مَرِضَ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ فَرَكِبَ إِلَيْهِ بَعْدَ أَنْ تَعَالَى النَّهَارُ وَاقْتَرَبَتِ الْجُمُعَةُ، وَتَرَكَ الْجُمُعَةَ. 3991 - وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ أَبَاهُ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَرْقَمِ الزُّهْرِىِّ، يَأْمُرُهُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى سُبَيْعَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ الأَسْلَمِيَّةِ، فَيَسْأَلَهَا عَنْ حَدِيثِهَا وَعَنْ مَا قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ اسْتَفْتَتْهُ، فَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَرْقَمِ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ يُخْبِرُهُ أَنَّ سُبَيْعَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ سَعْدِ ابْنِ خَوْلَةَ، وَهْوَ مِنْ بَنِى عَامِرِ بْنِ لُؤَىٍّ، وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا، فَتُوُفِّىَ عَنْهَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَهْىَ حَامِلٌ، فَلَمْ تَنْشَبْ أَنْ وَضَعَتْ حَمْلَهَا بَعْدَ وَفَاتِهِ، فَلَمَّا تَعَلَّتْ مِنْ نِفَاسِهَا تَجَمَّلَتْ لِلْخُطَّابِ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا أَبُو السَّنَابِلِ بْنُ بَعْكَكٍ - رَجُلٌ مِنْ بَنِى عَبْدِ الدَّارِ - فَقَالَ لَهَا مَا لِى أَرَاكِ تَجَمَّلْتِ ـــــــــــــــــــــــــــــ الباب أن المشركين لما لم يتمكن أحد منهم الوصول إليه قالوا نصبر إلى الليل، فإن الدبر يذهب بالليل، فأرسل الله مطرًا، وجاء السيل فذهب بعاصم حيث أراد الله (وقال كعب بن مالك: ذكروا مرارة بن الربيع العَمْرِيَّ) -بفتح العين- نسبة إلى عمرو بن عوف الأنصاري (وهلال بن أمية الواقِفِيَّ رجلين صالحين قد شهدا بدرًا) كانا قد تخلفا عن تبوك مع كعب بن مالك. 3990 - (عن نافع أن ابن عمر ذكر له أن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وكان بدريًّا) قال ابن عبد البر: لم يشهد بدرًا، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرسله مع طلحة بن عبيد الله إلى طريق الشام يتجسسان الخبر، لكن ضرب له ولطلحة بسهم من القسمة، ولذلك توهم أنه بدري (مرض في يوم جمعة، فركب إليه ابن عمر وترك الجمعة)؛ لأنه ابن عم عمر وزوج أخته فاطمة، وما يقال: زوج أُخت ابن عمر سهو. 3991 - (أن أباه) أي: عبد الله (كتب إلى عمر بن عبد الله بن الأرقم يأمره أن يدخل على سُبَيعة بنت الحارث) بضم السين وفتح الباء مصغر (فيسألها عن حديثها) يريد حديثهما في العدة لما وضعت الحمل بعد موت زوجها والمعنى ظاهر من لفظ الحديث. (أبو السنابل بن بعكك) على وزن جعفر، قال البخاري: اسم أبي السنابل لبيد، وقال الحاكم وابن عبد البر حبّة بالباء الموحدة وقيل أحرم، وقيل عمر، وسعد بن خولة تقدم الكلام على

11 - باب شهود الملائكة بدرا

لِلْخُطَّابِ تُرَجِّينَ النِّكَاحَ فَإِنَّكِ وَاللَّهِ مَا أَنْتِ بِنَاكِحٍ حَتَّى تَمُرَّ عَلَيْكِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ. قَالَتْ سُبَيْعَةُ فَلَمَّا قَالَ لِى ذَلِكَ جَمَعْتُ عَلَىَّ ثِيَابِى حِينَ أَمْسَيْتُ، وَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَأَفْتَانِى بِأَنِّى قَدْ حَلَلْتُ حِينَ وَضَعْتُ حَمْلِى، وَأَمَرَنِى بِالتَّزَوُّجِ إِنْ بَدَا لِى. تَابَعَهُ أَصْبَغُ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ. وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَسَأَلْنَاهُ فَقَالَ أَخْبَرَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ مَوْلَى بَنِى عَامِرِ بْنِ لُؤَىٍّ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ إِيَاسِ بْنِ الْبُكَيْرِ وَكَانَ أَبُوهُ شَهِدَ بَدْرًا أَخْبَرَهُ. طرفه 5319 11 - باب شُهُودِ الْمَلاَئِكَةِ بَدْرًا 3992 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِىِّ عَنْ أَبِيهِ - وَكَانَ أَبُوهُ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ - قَالَ جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مَا تَعُدُّونَ أَهْلَ بَدْرٍ فِيكُمْ قَالَ مِنْ أَفْضَلِ الْمُسْلِمِينَ - أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا - قَالَ وَكَذَلِكَ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْمَلاَئِكَةِ». طرفه 3994 3993 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ، وَكَانَ رِفَاعَةُ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ، وَكَانَ رَافِعٌ مِنْ أَهْلِ الْعَقَبَةِ، فَكَانَ يَقُولُ لاِبْنِهِ مَا يَسُرُّنِى أَنِّى شَهِدْتُ بَدْرًا بِالْعَقَبَةِ قَالَ سَأَلَ جِبْرِيلُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -. بِهَذَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ نسبه في مناقب سعد بن أبي وقاص (تعلّت من نفاسها) -بالعين المهملة وتشديد اللام- أي: خرجت من العلالة، وهي بقية الشيء كأنها خرجت من تلك البقية (تُرجين) بضم التاء وفتح الراء وتشديد الجيم ويروى بفتح التاء والتخفيف. باب شهود الملائكة بدرًا 3992 - (مُعاذ بن رفاعة) بضم الميم وكسر الراء (الزُّرقي) بضم المعجمة بعدها مهملة، نسبة إلى جده زريق بطن من الأنصار (جاء جبريل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال ما تعدون فيكم أهل بدر؟ قال من أفضل المسلمين قال: وكذلك من شهد بدرًا من الملائكة). 3993 - فإن قلت: رافع روى الحديث أن أهل بدر من أفاضل المسلمين، ثم قال: (ما يسرني أن شهدت بدرًا بالعقبة)، فكيف جاز له أن يفضل أهل العقبة على أهل بدر مع أنه راوي حديث أفضلية أهل بدر؟ قلت: أجاب بعضهم بأنه ربما أدى إلى هذا اجتهاده

12 - باب

3994 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا يَزِيدُ أَخْبَرَنَا يَحْيَى سَمِعَ مُعَاذَ بْنَ رِفَاعَةَ أَنَّ مَلَكًا سَأَلَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -. وَعَنْ يَحْيَى، أَنَّ يَزِيدَ بْنَ الْهَادِ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ كَانَ مَعَهُ يَوْمَ حَدَّثَهُ مُعَاذٌ هَذَا الْحَدِيثَ، فَقَالَ يَزِيدُ فَقَالَ مُعَاذٌ إِنَّ السَّائِلَ هُوَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ. طرفه 3992 3995 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ يَوْمَ بَدْرٍ «هَذَا جِبْرِيلُ آخِذٌ بِرَأْسِ فَرَسِهِ - عَلَيْهِ أَدَاةُ الْحَرْبِ». طرفه 4041 12 - بابٌ 3996 - حَدَّثَنِى خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِىُّ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ مَاتَ أَبُو زَيْدٍ وَلَمْ يَتْرُكْ عَقِبًا، وَكَانَ بَدْرِيًّا. طرفه 3810 3997 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ خَبَّابٍ أَنَّ أَبَا سَعِيدِ بْنِ مَالِكٍ الْخُدْرِىَّ - رضى الله عنه - قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ، فَقَدَّمَ إِلَيْهِ أَهْلُهُ لَحْمًا مِنْ لُحُومِ الأَضْحَى فَقَالَ مَا أَنَا بِآكِلِهِ حَتَّى أَسْأَلَ، فَانْطَلَقَ إِلَى أَخِيهِ لأُمِّهِ وَكَانَ بَدْرِيًّا قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ ـــــــــــــــــــــــــــــ وليس بشيء، فإن الاجتهاد في مقابلة النص مردود. الجواب أنه ليس في رواية حديث أهل بدر أنهم أفضل ممن عداهم مطلقًا، بل لفظ الحديث أنهم من الأفاضل كما إذا قلت: زيد من أفاضل الناس، لا يمنع أن يكون عمرو أفضل منه، وأغرب من جوابه هذا قوله: ما، في قوله: ما يسرني أني شهدت بدرًا، استفهامية بمعنى تمنى شهود بدر تأمل وتعجب. 3994 - (قال: السائل هو جبريل) هذا حديث مرسل، وكذا الذي بعده. 3995 - (عن ابن عباس هذا جبريل آخذ برأس فرسه عليه أداة الحرب) -بفتح الهمزة- أي: آلة الحرب قيل: رآه نازلًا من السماء يزع الملائكة. باب 3996 - كذا من غير ترجمة (خليفة) هو ابن الخياط شيخ البخاري (أبو زيد) هو قيس بن السكن أحد عمومة أنس بن مالك، والغرض من ذكره أنه بدري. 3997 - (خَبّاب) بفتح المعجمة وتشديد الباء (قتادة بن النعمان) هو الذي فقئت عينه

فَسَأَلَهُ، فَقَالَ إِنَّهُ حَدَثَ بَعْدَكَ أَمْرٌ نَقْضٌ لِمَا كَانُوا يُنْهَوْنَ عَنْهُ مِنْ أَكْلِ لُحُومِ الأَضْحَى بَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ. طرفه 5568 3998 - حَدَّثَنِى عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ الزُّبَيْرُ لَقِيتُ يَوْمَ بَدْرٍ عُبَيْدَةَ بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ وَهْوَ مُدَجَّجٌ لاَ يُرَى مِنْهُ إِلاَّ عَيْنَاهُ، وَهْوَ يُكْنَى أَبُو ذَاتِ الْكَرِشِ، فَقَالَ أَنَا أَبُو ذَاتِ الْكَرِشِ. فَحَمَلْتُ عَلَيْهِ بِالْعَنَزَةِ، فَطَعَنْتُهُ فِي عَيْنِهِ فَمَاتَ. قَالَ هِشَامٌ فَأُخْبِرْتُ أَنَّ الزُّبَيْرَ قَالَ لَقَدْ وَضَعْتُ رِجْلِى عَلَيْهِ ثُمَّ تَمَطَّأْتُ، فَكَانَ الْجَهْدَ أَنْ نَزَعْتُهَا وَقَدِ انْثَنَى طَرَفَاهَا. قَالَ عُرْوَةُ فَسَأَلَهُ إِيَّاهَا ـــــــــــــــــــــــــــــ يوم أحد حتى سالت عن خده فردها رسول الله مكانها فكانت أحسن عينيه (فقال: إنه حدث بعدك أمر نَقْضٌ) -بفتح النون وسكون القاف وضاد معجمة- أي: ناقض بمعنى ناسخ (فإنه كان نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث). 3998 - (عُبيد) بضم العين مصغر (أبو أسامة) -بضم الهمزة- حماد بن أسامة (قال الزبير: لقيت يوم بدر عبيدة بن سعيد بن العاص) الجاهلي سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية، أبوه العاصي وجده سعيد بن العاص جاهليان، أبوه العاصي قتله علي يوم بدر على الشرك وأخوه كذلك وهو أبو ذات الكرش الذي قتله الزبير. قال عمر بن الخطاب: رأيت العاص بن سعيد بن العاص يوم بدر كأنه الأسد يبحث التراب فعدلت عنه، فصمد له علي بن أبي طالب فقتله (وهو مدجج) -بفتح الجيم الأولى وكسرها، أي: بالسلاح، قال الجوهري: مدجج في سكَّتِه، أي يغطى بها. (فقال: أنا أبو ذات الكرش) على دأب الشجعان يعرف قربه تخفيفًا له، كقول رسول الله: "أنا ابن عبد المطلب" وقول علي: أنا الذي سمتني أمي حيدرة (فحملت عليه بالعنزة) تقدم أنها أطول من العصا وأقصر من الرمح (وضعت رجلي عليه ثم تمطأت) كذا وقع، والمعروف: تمطيت من المطو أو من المط، قال ابن الأثير: وهو مَدُّ

رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَعْطَاهُ، فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَخَذَهَا، ثُمَّ طَلَبَهَا أَبُو بَكْرٍ فَأَعْطَاهُ، فَلَمَّا قُبِضَ أَبُو بَكْرٍ سَأَلَهَا إِيَّاهُ عُمَرُ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهَا، فَلَمَّا قُبِضَ عُمَرُ أَخَذَهَا، ثُمَّ طَلَبَهَا عُثْمَانُ مِنْهُ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهَا، فَلَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ وَقَعَتْ عِنْدَ آلِ عَلِىٍّ، فَطَلَبَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، فَكَانَتْ عِنْدَهُ حَتَّى قُتِلَ. 3999 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو إِدْرِيسَ عَائِذُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بَايِعُونِى». طرفه 18 4000 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ أَبَا حُذَيْفَةَ وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَبَنَّى سَالِمًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ اليدين. وذكر أرباب السير أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذ تلك العنزة من الزبير. 3999 - "أبو إدريس عائذ الله" بالذال المعجمة. 4000 - (بكير) بضم الباء، مصغر (عقيل) كذلك. (إن أبا حذيفة وكان ممن شهد بدرًا) اسمه هشام، وقيل: هشيم، وقيل: هاشم، وقيل: مهشم بن عقبة بن ربيعة بن عبد شمس، من المهاجرين الأولين الذين صلوا إلى القبلتين، وهاجر إلى الحبشة ثم قدم مكة وشهد المشاهد كلها وكان أبوه مشركًا يوم بدر، فدعاه أبو حذيفة إلى البراز، وقالت هند أخته: تهجوه: شكرتَ أبًا رباك من صغرٍ ... أبو حذيفة شر الناس في الدين كذبت بل كان من خيار الناس في الدين (تبنى سالمًا) أي: دعاه ابنًا، كما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بزيد بن حارثة، وسالم هذا يقال فيه: سالم بن معقل من عجم الفرس كان مولى ثُبَيْتَه، وقيل: بثينة الأول بضم المثناة بعدها موحدة بعدها مثناة تحت بعدها مثناة فوق آخره هاء التأنيث، والثاني بضم الموحدة بعد مثلثة، بعدها مثناة. بعدها نون: بنت يعار الأنصارية زوج أبي حذيفة، فأعتقته، قال ابن عبد البر من المهاجرين الأولين وأحد القراء الموصوفين، معدود من المهاجرين ومن الأنصار لولائه، وروي عن عمر أنه لما طعن قال: لو كان سالم حيًّا لما جعلتها شورى ابن الخلافة، وقد أشرنا سابقًا أن مراده أن

وَأَنْكَحَهُ بِنْتَ أَخِيهِ هِنْدَ بِنْتَ الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ - وَهْوَ مَوْلًى لاِمْرَأَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ - كَمَا تَبَنَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - زَيْدًا، وَكَانَ مَنْ تَبَنَّى رَجُلاً فِي الْجَاهِلِيَّةِ دَعَاهُ النَّاسُ إِلَيْهِ، وَوَرِثَ مِنْ مِيرَاثِهِ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى (ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ) فَجَاءَتْ سَهْلَةُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. طرفه 5088 4001 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ ذَكْوَانَ عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ قَالَتْ دَخَلَ عَلَىَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - غَدَاةَ بُنِىَ عَلَىَّ، فَجَلَسَ عَلَى فِرَاشِى كَمَجْلِسِكَ مِنِّى، وَجُوَيْرِيَاتٌ يَضْرِبْنَ بِالدُّفِّ، يَنْدُبْنَ مَنْ قُتِلَ مِنْ آبَائِهِنَّ يَوْمَ بَدْرٍ حَتَّى قَالَتْ جَارِيَةٌ وَفِينَا نَبِىٌّ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَقُولِى هَكَذَا، وَقُولِى مَا كُنْتِ تَقُولِينَ». طرفه 5147 ـــــــــــــــــــــــــــــ يجعل الأمر إليه لمن يختاره للمسلمين فهو يكون خليفة، ولا بد من هذا، لأن سالمًا من الموالي والموالي لا تصلح للخلافة. قال ابن عبد البر: قتل أبو حذيفة وسالم يوم اليمامة في قتال مسلم هو وسالم، وُجِدَ رأس أحدهما عند رجل الآخر. هكذا تكون السعادة بعد تلك الكمالات هذا الموت على هذا الحال، اللهم ارزقنا شهادة صادقة في سبيلك (وأنكحه بنت أخيه هند بنت الوليد بن عقبة) لم يذكر أحد ممن ذكر الصحابيات هند بنت الوليد. 4001 - (بشر بن المفضل) -بكسر الموحدة وشين معجمة- والمفضل: اسم المفعول من التفضيل (الربيع بنت معوذ) بضم الراء وفتح الباء وتشديد المثناة تحت، ومعوذ بكسر الواو المشددة (دخل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غداة بُنِيَ عَليَّ) صباح ليلة الزفاف، وإنما عبرت بالبناء؛ لأن العرب كانت تنصب فيه خارج الحلة للعروس. قال ابن عبد البر: هذه الربيع بنت معوذ بن عفراء، وهي من اللاتي بايعن تحت الشجرة (يندبن من قتل من آبائي يوم بدر) أبوه معوّذ قتل يوم بدر، وهو أحد الذين ضرب أبا جهل حتى برد ولفظ الآباء [بالجمع] إما للتعظيم أو معه أعمامها من الأنصار (قالت جارية: وفينا رسول الله يعلم ما في غد، فنهى عن ذلك وقال: لا تقولي هكذا وقولي ما كنت تقولين) لأن ذلك علم الغيب مخصوص به تعالى وإن كان يجوز تأويله لقوله تعالى: {فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} [الجن: 26، 27].

4002 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى أَخِى عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى عَتِيقٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو طَلْحَةَ - رضى الله عنه - صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ «لاَ تَدْخُلُ الْمَلاَئِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلاَ صُورَةٌ». يُرِيدُ التَّمَاثِيلَ الَّتِى فِيهَا الأَرْوَاحُ. طرفه 3225 4003 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنَا عَلِىُّ بْنُ حُسَيْنٍ أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِىٍّ - عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ - أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ كَانَتْ لِى شَارِفٌ مِنْ نَصِيبِى مِنَ الْمَغْنَمِ يَوْمَ بَدْرٍ، وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَعْطَانِى مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنَ الْخُمُسِ يَوْمَئِذٍ، فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَبْتَنِىَ بِفَاطِمَةَ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ - بِنْتِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَاعَدْتُ رَجُلاً صَوَّاغًا فِي بَنِى قَيْنُقَاعَ أَنْ يَرْتَحِلَ مَعِى فَنَأْتِىَ بِإِذْخِرٍ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَبِيعَهُ مِنَ الصَّوَّاغِينَ فَنَسْتَعِينَ بِهِ فِي وَلِيمَةِ عُرْسِى، فَبَيْنَا أَنَا أَجْمَعُ لِشَارِفَىَّ مِنَ الأَقْتَابِ وَالْغَرَائِرِ وَالْحِبَالِ، وَشَارِفَاىَ مُنَاخَانِ إِلَى جَنْبِ حُجْرَةِ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ، حَتَّى جَمَعْتُ مَا جَمَعْتُ فَإِذَا أَنَا بِشَارِفَىَّ قَدْ ـــــــــــــــــــــــــــــ 4002 - وحديث (أبي طلحة أن رسول الله قال: لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب ولا صورة) قد سبق شرحه مستوفى في أبواب المزارعة، وذكرنا أن المراد به غير كلب الماشية والزرع والصيد عند طائفة قياسًا على نقصان الأجر، فإنه مستثنى منه كلب الزرع والصيد والماشية. و (التماثيل) جمع تمثال: صورة الحيوان إذا كان في شيء محترم بخلاف البساط ونحوه. 4003 - (عبدان) على وزن شعبان (عنبسة) بفتح العين ونون ساكنة. روى عن الحسين بن علي بن أبي طالب حديث ناقتيه حين نحرهما حمزة وهو يشرب الخمر في بيت من بيوت الأنصار وقد سلف هذا الحديث في أبواب البيوع، ونشير إلى ألفاظه، وملخص معناه، وأنه كانت عنده قينة فغنت بهذه الأبيات:

أُجِبَّتْ أَسْنِمَتُهَا، وَبُقِرَتْ خَوَاصِرُهُمَا، وَأُخِذَ مِنْ أَكْبَادِهِمَا، فَلَمْ أَمْلِكْ عَيْنَىَّ حِينَ رَأَيْتُ الْمَنْظَرَ، قُلْتُ مَنْ فَعَلَ هَذَا قَالُوا فَعَلَهُ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَهْوَ فِي هَذَا الْبَيْتِ، فِي شَرْبٍ مِنَ الأَنْصَارِ، عِنْدَهُ قَيْنَةٌ وَأَصْحَابُهُ فَقَالَتْ فِي غِنَائِهَا أَلاَ يَا حَمْزَ لِلشُّرُفِ النِّوَاءِ، فَوَثَبَ حَمْزَةُ إِلَى السَّيْفِ، فَأَجَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا، وَبَقَرَ خَوَاصِرَهُمَا، وَأَخَذَ مِنْ أَكْبَادِهِمَا قَالَ عَلِىٌّ فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَعِنْدَهُ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، وَعَرَفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الَّذِى لَقِيتُ فَقَالَ «مَا لَكَ». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ، عَدَا حَمْزَةُ عَلَى نَاقَتَىَّ، فَأَجَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا، وَبَقَرَ خَوَاصِرَهُمَا وَهَا هُوَ ذَا فِي بَيْتٍ مَعَهُ شَرْبٌ، فَدَعَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِرِدَائِهِ، فَارْتَدَى ثُمَّ انْطَلَقَ يَمْشِى، وَاتَّبَعْتُهُ أَنَا وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، حَتَّى جَاءَ الْبَيْتَ الَّذِى فِيهِ حَمْزَةُ، فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ فَأُذِنَ لَهُ، فَطَفِقَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَلُومُ حَمْزَةَ فِيمَا فَعَلَ، فَإِذَا حَمْزَةُ ثَمِلٌ مُحْمَرَّةٌ عَيْنَاهُ، فَنَظَرَ حَمْزَةُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ، فَنَظَرَ إِلَى رُكْبَتِهِ، ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ، فَنَظَرَ إِلَى وَجْهِهِ، ثُمَّ قَالَ حَمْزَةُ وَهَلْ أَنْتُمْ إِلاَّ عَبِيدٌ لأَبِى فَعَرَفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ ثَمِلٌ، فَنَكَصَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى عَقِبَيْهِ الْقَهْقَرَى، فَخَرَجَ وَخَرَجْنَا مَعَهُ. طرفه 2089 ـــــــــــــــــــــــــــــ (ألا يا حمز للشرف النواء) حمز -بحذف التاء- رخم، والشرف -جمع شارف- المسنة من النوق، والنواء -بكسر النون- جمع ناوية وهي السمينة: ....................... ... وهن معقلات بالفناء ضع السكين في اللّبابَ منها ... وخرجهنّ [حمزة] بالدماء (واعدت صواغًا من بني قينقاع) -بفتح القافين بينهما ياء ساكنة ونون مضمومة- طائفة من اليهود (الإذخر) -بكسر الهمزة وذال معجمة- نبت معروف (أجبَّ أسنمتهما) على بناء المجهول والمعروف جبَّ بلفظ الثلاثي أي: قطعت (وبقرت خواصرهما) أي: شقت (هو ذا في بيت معه شرب) بفتح الشين وسكون الراء جمع شارب (فإذا حمزة ثمل) -بفتح الثاء وكسر الميم- أي: تام السكر (فنكص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على عقبيه القهقرى) أي: وجهه إلى حمزة وهو خارج وذلك لأنه رآى مستغرقًا فلا يناله منه مكروه.

4004 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ أَنْفَذَهُ لَنَا ابْنُ الأَصْبَهَانِىِّ سَمِعَهُ مِنِ ابْنِ مَعْقِلٍ أَنَّ عَلِيًّا - رضى الله عنه - كَبَّرَ عَلَى سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ فَقَالَ إِنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا. 4005 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يُحَدِّثُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حِينَ تَأَيَّمَتْ حَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ مِنْ خُنَيْسِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِىِّ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ شَهِدَ بَدْرًا تُوُفِّىَ بِالْمَدِينَةِ قَالَ عُمَرُ فَلَقِيتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ حَفْصَةَ فَقُلْتُ إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ. قَالَ سَأَنْظُرُ فِي أَمْرِى. فَلَبِثْتُ لَيَالِىَ، فَقَالَ قَدْ بَدَا لِى أَنْ لاَ أَتَزَوَّجَ يَوْمِى هَذَا. قَالَ عُمَرُ فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ. فَصَمَتَ أَبُو بَكْرٍ، فَلَمْ يَرْجِعْ إِلَىَّ شَيْئًا، فَكُنْتُ عَلَيْهِ أَوْجَدَ مِنِّى عَلَى عُثْمَانَ، فَلَبِثْتُ لَيَالِىَ، ثُمَّ خَطَبَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَنْكَحْتُهَا إِيَّاهُ، فَلَقِيَنِى أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ لَعَلَّكَ وَجَدْتَ عَلَىَّ حِينَ عَرَضْتَ عَلَىَّ حَفْصَةَ فَلَمْ أَرْجِعْ ـــــــــــــــــــــــــــــ 4004 - (عباد) بفتح العين وتشديد الباء (ابن الأصبهاني) -بكسر الهمزة- اسمه عبد الرحمن (ابن معقل) بفتح الميم وكسر القاف (إن عليًّا كبر على سهل بن حنيف) بضم الحاء مصغر، فيه اختصار، وفي الرواية الأخرى: كبر عليه خمسًا، وفي "تاريخ البخاري": كبر عليه ستًّا. 4005 - (أن عمر بن الخطاب حين تأيَّمت حفصة) -بفتح التاء، بعدها همزة مفتوحة وياء مشددة- أي صارت أيّمًا لا زوج لها وكانت زوجة خُنيس بن حذافة -بضم الخاء المعجمة بعدها نون مفتوحة- على وزن المصغر والغرض [من] ذكره أنه من أصحاب بدر. وحديث تزويج حفصة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - سيأتي بأطول من هذا في أبواب النكاح إن شاء الله والمعنى ظاهر من اللفظ. وقوله: (فكنت عليه أوجد من على عثمان) يقال: وجد عليه، أي: غضب، ومصدره وجدًا بفتح الواو، وموجِدة بكسر الجيم، قال ابن الأثير: وفيه تفضيل الشيء على نفسه باعتبار الحالين.

إِلَيْكَ قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ فَإِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِى أَنْ أَرْجِعَ إِلَيْكَ فِيمَا عَرَضْتَ إِلاَّ أَنِّى قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ ذَكَرَهَا، فَلَمْ أَكُنْ لأُفْشِىَ سِرَّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَلَوْ تَرَكَهَا لَقَبِلْتُهَا. أطرافه 5122، 5129، 5145 4006 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِىٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ سَمِعَ أَبَا مَسْعُودٍ الْبَدْرِىَّ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «نَفَقَةُ الرَّجُلِ عَلَى أَهْلِهِ صَدَقَةٌ». طرفه 55 4007 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ سَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ يُحَدِّثُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي إِمَارَتِهِ أَخَّرَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ الْعَصْرَ وَهْوَ أَمِيرُ الْكُوفَةِ، فَدَخَلَ أَبُو مَسْعُودٍ عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو الأَنْصَارِىُّ جَدُّ زَيْدِ بْنِ حَسَنٍ شَهِدَ بَدْرًا فَقَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ نَزَلَ جِبْرِيلُ فَصَلَّى فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَمْسَ صَلَوَاتٍ ثُمَّ قَالَ هَكَذَا أُمِرْتَ. كَذَلِكَ كَانَ بَشِيرُ بْنُ أَبِى مَسْعُودٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ. طرفه 521 4008 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ الْبَدْرِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «الآيَتَانِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مَنْ قَرَأَهُمَا فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ». قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ 4006 - (سمع أبا مسعود البدري) اسمه عقبة قد سلف أن الأصلح أنَّه لم يشهد قتال بدر، بل إنما قيل له: البدري؛ لأنه سكن بدرًا، ففي استدلال البخاري نظر؛ لأنه يعد من شهد وقعة بدر. 4007 - (لقد علمت أن جبريل نزل فصلى، فصلى رسول الله) أي: في أول الوقت، اعترض به على المغيرة في تأخير الصلاة، وقد سلف في أبواب المواقيت. 4008 - (أبو عوانة) -بفتح العين- الوضاح اليشكري. (الآيتان من سورة البقرة من قرأهما كفتاه) أي: في قيام الليل وإن لم يزد لكثرة فضلهما من قوله تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ} إلى آخره [البقرة: 285].

فَلَقِيتُ أَبَا مَسْعُودٍ وَهْوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، فَسَأَلْتُهُ فَحَدَّثَنِيهِ. أطرافه 5008، 5009، 5040، 5051 4009 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ أَنَّ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الأَنْصَارِ أَنَّهُ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 424 4010 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ - هُوَ ابْنُ صَالِحٍ - حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ ثُمَّ سَأَلْتُ الْحُصَيْنَ بْنَ مُحَمَّدٍ - وَهْوَ أَحَدُ بَنِى سَالِمٍ وَهْوَ مِنْ سَرَاتِهِمْ - عَنْ حَدِيثِ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ فَصَدَّقَةُ. طرفه 424 4011 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ وَكَانَ مِنْ أَكْبَرِ بَنِى عَدِىٍّ وَكَانَ أَبُوهُ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ عُمَرَ اسْتَعْمَلَ قُدَامَةَ بْنَ مَظْعُونٍ عَلَى الْبَحْرَيْنِ، وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا، وَهُوَ خَالُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَحَفْصَةَ رضى الله عنهم. ـــــــــــــــــــــــــــــ 4009 - (محمود بن الربيع) ضد الخريف (عتبان) بكسر العين ومثناة فوق، وباء موحدة وحديثه تقدم في أبواب الصلاة أنَّه دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليصلي في بيته في موضع يتخذه مسجدًا يصلي فيه فإنه كان ضرير البصر. 4011 - (أن عمر استعمل قدامة بن مظعون على البحرين) بفتح القاف وظاء معجمة (وهو خال عبد الله بن عمر وحفصة) وكان زوج أخت عمر، ولعمر معه حكاية، وهو أنَّه شرب الخمر فشهد عليه الجارود سيد عبد القيس وأبو هريرة، فأقدمه عمر وأخبره بما قيل عنه، فقال: ولو شربت ليس عليَّ حدٌّ، قال: لماذا؟، قال: لقوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا} [المائدة: 93] فقال عمر: أخطأت التأويل فجلده عمر، وحج تلك السنة ومعه قدامة مغاضبًا لعمر، فلما قفل من الحج وهو بالسقيا رأى في المنام أن آتيًا أتاه وقال: سالم قدامة فإنه أخوك، فلما استيقظ طلب قدامة،

4012 و 4013 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ قَالَ أَخْبَرَ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَنَّ عَمَّيْهِ وَكَانَا شَهِدَا بَدْرًا أَخْبَرَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ كِرَاءِ الْمَزَارِعِ. قُلْتُ لِسَالِمٍ فَتُكْرِيهَا أَنْتَ قَالَ نَعَمْ، إِنَّ رَافِعًا أَكْثَرَ عَلَى نَفْسِهِ. طرفه 2339 4014 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ اللَّيْثِىَّ قَالَ رَأَيْتُ رِفَاعَةَ بْنَ رَافِعٍ الأَنْصَارِىَّ، وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا. 4015 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ وَيُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَمْرَو بْنَ عَوْفٍ وَهْوَ حَلِيفٌ لِبَنِى عَامِرِ بْنِ لُؤَىٍّ، وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ـــــــــــــــــــــــــــــ فأبى أن يأتيه، فقال: جروه، فلما جاء صالحه واستغفر له عمر. 4012 - 4013 - (جويرية) بضم الجيم مصغر. (أخبر رافع بن خديج عبد الله بن عمر أن عميه) خديج -بفتح الخاء، على وزن فعيل- وعماه مظهر -بكسر الهاء- وظهير مصغر بالظاء المعجمة فيهما (وكانا شهدا بدرًا) لم يذكر أحد من أهل السير أنهما من أهل بدر بل شهدا أحدًا قاله ابن عبد البر، ومظهر قتله غلمانه بخيبر وكان أحد أسباب إجلاء عمر أهل خيبر. وحديث إكراء المزارع قد استوفينا الكلام عليه في أبواب المزارعة فراجعه. فإن قلت: رافع روى الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكيف الطعن في روايته. قلت: الطعن إنما هو في فهمه المراد. 4014 - (آدم) هو ابن أبي إياس (حصين) بضم الحاء مصغر (شداد) بفتح الشين ودال مشددة. 4015 - (عبدان) على وزن شعبان (معمر) بفتح الميمين وعين ساكنة (المسور بن مخرمة) بكسر الميم. (أن عمرو بن عوف وهو حليف لبني عامر بن لؤي) كذا في البخاري، وعند ابن

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ إِلَى الْبَحْرَيْنِ يَأْتِى بِجِزْيَتِهَا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - هُوَ صَالَحَ أَهْلَ الْبَحْرَيْنِ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمِ الْعَلاَءَ بْنَ الْحَضْرَمِىِّ، فَقَدِمَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِمَالٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ فَسَمِعَتِ الأَنْصَارُ بِقُدُومِ أَبِى عُبَيْدَةَ، فَوَافَوْا صَلاَةَ الْفَجْرِ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَمَّا انْصَرَفَ تَعَرَّضُوا لَهُ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ رَآهُمْ ثُمَّ قَالَ «أَظُنُّكُمْ سَمِعْتُمْ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ قَدِمَ بِشَىْءٍ». قَالُوا أَجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «فَأَبْشِرُوا وَأَمِّلُوا مَا يَسُرُّكُمْ، فَوَاللَّهِ مَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلَكِنِّى أَخْشَى أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا، وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ». طرفه 3158 4016 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - كَانَ يَقْتُلُ الْحَيَّاتِ كُلَّهَا. حَتَّى حَدَّثَهُ أَبُو لُبَابَةَ الْبَدْرِىُّ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ قَتْلِ جِنَّانِ الْبُيُوتِ، فَأَمْسَكَ عَنْهَا. طرفه 3297 ـــــــــــــــــــــــــــــ إسحاق وعند أبي معشر وموسى بن عقبة والواقدي وابن سعد (عمير) بضم العين مصغر. (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث أبا عبيدة بن الجراح إلى البحرين يأتي بجزيتها) تقدم الحديث في باب فداء المشركين (فقدم أبو عبيدة بالمال فسمعت الأنصار بقدوم أبي عبيدة فوافوا صلاة الصبح مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي أدركوا الصلاة معه (أمِّلوا) -بتشديد الميم- مبالغة في الأمل. 4016 - (أبو النعمان) -بضم النون- محمد بن الفضل (أبو لبابة البدري) ابن عبد المنذر الأنصاري، اسمه بشير -بفتح الباء- وقيل: رفاعة ولم يشهد بدرًا، ورده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الروحاء أميرًا على المدينة، وضرب له بسهمين في الغنيمة ولذلك قيل له: البدري، كذا ذكره ابن عبد البر "نهى عن [قتل] جنان البيوت"، لكن ظاهر قول ابن إسحاق موافق للبخاري في أنَّه شهد بدرًا، والأول أشهر (نهى عن جنان البيوت) -بكسر الجيم وتشديد النون- جمع جان وهو الرقيق من الحيات. والحديث سلف في باب الجن.

4017، 4018 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رِجَالاً مِنَ الأَنْصَارِ اسْتَأْذَنُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا ائْذَنْ لَنَا فَلْنَتْرُكْ لاِبْنِ أُخْتِنَا عَبَّاسٍ فِدَاءَهُ. قَالَ «وَاللَّهِ لاَ تَذَرُونَ مِنْهُ دِرْهَمًا». 4019 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِىٍّ عَنِ الْمِقْدَادِ بْنِ الأَسْوَدِ حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِى ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمِّهِ قَالَ أَخْبَرَنِى عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِىُّ ثُمَّ الْجُنْدَعِىُّ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَدِىِّ بْنِ الْخِيَارِ أَخْبَرَهُ أَنَّ الْمِقْدَادَ بْنَ عَمْرٍو الْكِنْدِىَّ، وَكَانَ حَلِيفًا لِبَنِى زُهْرَةَ، وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَرَأَيْتَ إِنْ لَقِيتُ رَجُلاً مِنَ الْكُفَّارِ فَاقْتَتَلْنَا، فَضَرَبَ إِحْدَى يَدَىَّ بِالسَّيْفِ فَقَطَعَهَا، ثُمَّ لاَذَ مِنِّى بِشَجَرَةٍ فَقَالَ أَسْلَمْتُ لِلَّهِ. آأَقْتُلُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَعْدَ أَنْ قَالَهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 4017 - 4018 - (أن رجالًا من الأنصار استأذنوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: ائذن [لنا] فلنترك لابن أختنا عباس فداءه) ابن أخت الأنصار فيه تسامح؛ لأن هاشمًا تزوج سلمى بنت عمر، ومن قال ابن أخت لهم؛ لأن أم عباس من الخزرج فقد وَهِمَ وذلك أن أم عباس نَثْلة، وقيل: نُثيلة -الأول بفتح النون وسكون المثلثة، والثاني بضم النون والثاء المثناة فوق على وزن المصغر- بنت حباب بن كلب الخزرجي والخزرج هو ابن تيم الله بن النمر بن قاسط أما الخزرج الَّذي هو جد الأنصار هو ابن حارثة. 4019 - (أبو عاصم) النبيل اسمه الضحاك (إسحاق) كذا وقع غير منسوب، قال الغساني: يروي عن يعقوب بن راهويه وابن منصور (عطاء بن يزيد الليثي ثم الجُندعي) بضم الجيم وفتح الدال (أن المقداد بن عمرو الكندي) تقدم قبل هذا مقداد بن الأسود وهو زوج أمه وتبناه وأن أباه عمرو، لكن ليس كنديًّا حقيقة بل قضاعي، وإنما كان حليفًا لكندة، كذا قاله ابن حبان (لاذ مني بشجرة) أي: جعلها ملاذًا وملجأ (فقال: أسلمت لله، فقال: لا

تَقْتُلْهُ». فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ قَطَعَ إِحْدَى يَدَىَّ، ثُمَّ قَالَ ذَلِكَ بَعْدَ مَا قَطَعَهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَقْتُلْهُ، فَإِنْ قَتَلْتَهُ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَتِكَ قَبْلَ أَنْ تَقْتُلَهُ، وَإِنَّكَ بِمَنْزِلَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ كَلِمَتَهُ الَّتِى قَالَ». طرفه 6865 4020 - حَدَّثَنِى يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِىُّ حَدَّثَنَا أَنَسٌ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ بَدْرٍ «مَنْ يَنْظُرُ مَا صَنَعَ أَبُو جَهْلٍ». فَانْطَلَقَ ابْنُ مَسْعُودٍ، فَوَجَدَهُ قَدْ ضَرَبَهُ ابْنَا عَفْرَاءَ حَتَّى بَرَدَ، فَقَالَ آنْتَ أَبَا جَهْلٍ قَالَ ابْنُ عُلَيَّةَ قَالَ سُلَيْمَانُ هَكَذَا قَالَهَا أَنَسٌ. قَالَ أَنْتَ أَبَا جَهْلٍ قَالَ وَهَلْ فَوْقَ رَجُلٍ قَتَلْتُمُوهُ قَالَ سُلَيْمَانُ أَوْ قَالَ قَتَلَهُ قَوْمُهُ. قَالَ وَقَالَ أَبُو مِجْلَزٍ قَالَ أَبُو جَهْلٍ فَلَوْ غَيْرُ أَكَّارٍ قَتَلَنِى. طرفه 3962 4021 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِى ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ - رضى الله عنهم - لَمَّا تُوُفِّىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قُلْتُ لأَبِى بَكْرٍ انْطَلِقْ بِنَا إِلَى إِخْوَانِنَا مِنَ الأَنْصَارِ. فَلَقِيَنَا مِنْهُمْ رَجُلاَنِ صَالِحَانِ شَهِدَا بَدْرًا. فَحَدَّثْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ فَقَالَ هُمَا عُوَيْمُ بْنُ سَاعِدَةَ، وَمَعْنُ بْنُ عَدِىٍّ. طرفه 2462 ـــــــــــــــــــــــــــــ تقتله، فإنك إن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وإنك بمنزلته قبل أن يقول) معناه: إن اعتقد حل قتله بعد الإسلام، أو وجه الشبه إباحة الدم، فإن من قتل مسلمًا يقتل به. وفي الحديث دلالة على أن المشرك إذا قال: أسلمت، يحكم بإسلامه. 4020 - (أبن عُلَيَّةَ) -بضم العين وفتح اللام وتشديد الياء- اسمه إسماعيل، وعلية أمه (آنت أبا جهل؟) كذا تقدم في باب قبله وهو على لغة من يجعله اسمًا مقصورًا، ويجوز أن تقدر في آنت حرف الاستفهام إظهارًا للشماتة به وتقدر حرف النداء في أبا جهل، و (ابنا عفراء) بالمد اسم أمهما، واسم أحدهما معاذ والآخر معوذ (أبو مجلز) -بكسر الميم وسكون الجيم- اسم لاحق السدوسي (فلو غير أكَّار قتلتي) يريد بالأكار الأنصاري؛ لأنهم أهل حرث، ولو للتمني. 4021 - وروى حديث البيعة مختصرًا لأن غرضه الإشارة إلى أن الرجلين كانا من أهل بدر وهما: (عويم) بضم العين مصغر، و (معن بن عدي) بفتح الميم وسكون العين.

4022 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ فُضَيْلٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ كَانَ عَطَاءُ الْبَدْرِيِّينَ خَمْسَةَ آلاَفٍ خَمْسَةَ آلاَفٍ. وَقَالَ عُمَرُ لأُفَضِّلَنَّهُمْ عَلَى مَنْ بَعْدَهُمْ. 4023، 4024 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِالطُّورِ، وَذَلِكَ أَوَّلَ مَا وَقَرَ الإِيمَانُ فِي قَلْبِى. طرفه 765 وَعَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ فِي أُسَارَى بَدْرٍ «لَوْ كَانَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِىٍّ حَيًّا ثُمَّ كَلَّمَنِى فِي هَؤُلاَءِ النَّتْنَى لَتَرَكْتُهُمْ لَهُ». ـــــــــــــــــــــــــــــ 4022 - (كان عطاء البدريين خمسة آلاف) أي: في خلافة عمر (وقال لأُفَضِّلَنَّهم على غيرهم). 4023 - 4024 - (جبير) بضم الجيم مصغر. (سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في المغرب بالطور وذلك أول ما وقر الإيمان في قلبي) قال ابن عبد البر رواية عنه: كنت خارج المسجد فلما بلغ قوله تعالى: {إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ (7)} [الطور: 7] فكأنما صدع قلبي، وقيل: قوله تعالى: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35)} [الطور: 35] (كان قد جاء في أسرى بدر) أي: في فدائهم (فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لو كان الشيخ حيًّا لشفعناه) -بالتشديد- أي: قبلنا شفاعته في كل من أسر من المشركين، وقد تقدم في رواية البخاري "لو كان مطعم بن عدي حيًّا ثم كلمني في هؤلاء النتنى لتركتهم له" وكذا رواه هنا لأنه كان له يد على رسول - صلى الله عليه وسلم - فإنه لما رجع من الطائف دخل مكة في جواره، وكان من الذين سعوا في نقض الصحيفة الملعونة، وقد فهم من لفظ النتنى -بفتح النون بعدها تاء مثناة فوق- على وزن قتلى جمع نتن -بفتح النون وكسر التاء- بعضهم أن المشار إليه في هؤلاء هم القتلى، وهذا شيء لا يعقل، فإن المقتول في الحرب كيف يعفى عنه، وإن أراد أنَّه لم يكن يقتل الأسرى فهذا خلاف الواقع؛ لأنه لم يقتلهم بل أخذ الفداء، وعليه عوتب في قوله تعالى: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى} [الأنفال: 67].

وَقَالَ اللَّيْثُ عَنْ يَحْيَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ الأُولَى - يَعْنِى مَقْتَلَ عُثْمَانَ - فَلَمْ تُبْقِ مِنْ أَصْحَابِ بَدْرٍ أَحَدًا، ثُمَّ وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ الثَّانِيَةُ - يَعْنِى الْحَرَّةَ - فَلَمْ تُبْقِ مِنْ أَصْحَابِ الْحُدَيْبِيَةِ أَحَدًا ثُمَّ وَقَعَتِ الثَّالِثَةُ فَلَمْ تَرْتَفِعْ وَلِلنَّاسِ طَبَاخٌ. طرفه 3139 4025 - حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ النُّمَيْرِىُّ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِىَّ قَالَ سَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ وَعَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ وَعُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - كُلٌّ - حَدَّثَنِى طَائِفَةً مِنَ الْحَدِيثِ - قَالَتْ فَأَقْبَلْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ فَعَثَرَتْ أُمُّ ـــــــــــــــــــــــــــــ (عن سعيد بن المسيب: وقعت الفتنة الأولى يعني مقتل عثمان فلم تبق من أصحاب بدر أحدًا) اتفقوا على أن هذا وهم؛ لأن أهل السير يتفقون على أن في [صفين] كان مع علي سبعون بدريًّا. والجواب: بأن قتل عثمان كان سببًا لهلاك أصحاب بدر في خلافة علي، وقتال معاوية لا يلتفت إليه. قالوا: والصواب أن الفتنة الأولى مقتل حسين. وقال شيخنا: ليس هذا وهم، بل المراد أن بين مقتل عثمان وبين وقعة الحرة مات كل بدري. قلت: هذا لا يساعده اللفظ فإن فاعل: لم يبق من أصحاب بدر أحد، الضمير العائد إلى الفتنة المفسرة بمقتل عثمان لا لقولهم مقتل حسين، فإن المراد منه السنة التي قتل فيها أو الشهر (والفتنة الثانية -يعني الحرة-) يريد حرة المدينة وما قتل فيها مسلم بن عقبة في إمارة يزيد بن معاوية (ثم وقعت الفتنة الثالثة فلم ترتفع وللناس طَبَاخ) قالوا: الفتنة الثالثة: قتل الحجاج ابن الزبير ومن معه. والطباخ -بفتح الطاء والباء المخففة والخاء المعجمة- القوة والسمن، ويستعمل في العقل والخير، ويقال: فلان لا طباخ له أي: لا عقل له أو لا خير فيه، وأراد أنَّه لم يبق من الصحابة أحدًا. قال ابن الأثير وفي شعر حسان ما يدل عليه قال: المال يغشى رجالًا لا طباخ لهم ... كالسيل يغشى أصول الدندن البالي قال الدمياطي: المعروف في الرواية: لو بدل ثم، كما رواه ابن أبي خيثمة، فعلى هذا يكون هذا القول قبل قتل الحجاجِ ابنَ الزبير. 4025 - (مِنْهال) بكسر الميم وسكون النون (النُّميري) -بضم النون- مصغر منسوب، ثم روى حديث الإفك مختصرًا وغرضه أن مسطح من أصحاب بدر (فعثرت في مرطها) -بكسر الميم- كساء تتخذها النساء إزارًا.

مِسْطَحٍ فِي مِرْطِهَا فَقَالَتْ تَعِسَ مِسْطَحٌ. فَقُلْتُ بِئْسَ مَا قُلْتِ، تَسُبِّينَ رَجُلاً شَهِدَ بَدْرًا فَذَكَرَ حَدِيثَ الإِفْكِ. طرفه 2593 4026 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ هَذِهِ مَغَازِى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ يُلْقِيهِمْ «هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَكُمْ رَبُّكُمْ حَقًّا». قَالَ مُوسَى قَالَ نَافِعٌ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ تُنَادِى نَاسًا أَمْوَاتًا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا قُلْتُ مِنْهُمْ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فَجَمِيعُ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنْ قُرَيْشٍ مِمَّنْ ضُرِبَ لَهُ بِسَهْمِهِ أَحَدٌ وَثَمَانُونَ رَجُلاً، وَكَانَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ يَقُولُ قَالَ الزُّبَيْرُ قُسِمَتْ سُهْمَانُهُمْ فَكَانُوا مِائَةً، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. طرفه 1370 4027 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الزُّبَيْرِ قَالَ ضُرِبَتْ يَوْمَ بَدْرٍ لِلْمُهَاجِرِينَ بِمِائَةِ سَهْمٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 4026 - (فليح) بضم الفاء مصغر (عن ابن شهاب قال: هذه مغازي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي: بعد أن عدها (فقال رسول الله وهو يلقيهم: هل وجدتم ما وعد ريكم) يلقيهم: بالقاف، وفي رواية: "يلعنهم" بالعين، وفي رواية: "يلقنهم" بالقاف والنون، وفي بعضها "يلغيهم" بالغين المعجمة من الإلغاء. فإن قلت: رواية "يلقيهم في القليب" من الإلقاء كيف يجتمع مع ما تقدم من أنَّه وقف على القليب بعد ثلاث؟ قلت: يجوز أن يتكرر منه هذا، والظاهر أنَّه مضارع أريد به الماضي وإيثار المضارع لاستحضار تلك الصورة. (وكان عروة بن الزبير يقول: قال الزبير: قسمت سهمانهم فكانوا مائة) وتقدم من قول البخاري واحد وثمانون، فالوجه بين قول الزبير وما في البخاري أن الزبير عد كل من كان حاجزًا وغائبًا ممن ضُرِب له بسهم كعثمان وطلحة وسعيد وأبي لبابة.

13 - باب تسمية من سمى من أهل بدر فى الجامع الذى وضعه أبو عبد الله على حروف المعجم

13 - باب تَسْمِيةُ مَنْ سُمِّىَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ فِي الْجَامِعِ الَّذِى وَضَعَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَى حُرُوفِ الْمُعْجَمِ النَّبِىُّ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَاشِمِىُّ - صلى الله عليه وسلم -، إِيَاسُ بْنُ الْبُكَيْرِ، بِلاَلُ بْنُ رَبَاحٍ مَوْلَى أَبِى بَكْرٍ الْقُرَشِىِّ، حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الْهَاشِمِىُّ، حَاطِبُ بْنُ أَبِى بَلْتَعَةَ حَلِيفٌ لِقُرَيْشٍ، أَبُو حُذَيْفَةَ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ الْقُرَشِىُّ، حَارِثَةُ بْنُ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِىُّ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ وَهْوَ حَارِثَةُ بْنُ سُرَاقَةَ كَانَ فِي النَّظَّارَةِ، خُبَيْبُ بْنُ عَدِىٍّ الأَنْصَارِىُّ، خُنَيْسُ بْنُ حُذَافَةَ السَّهْمِىُّ، رِفَاعَةُ بْنُ رَافِعٍ الأَنْصَارِىُّ، رِفَاعَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُنْذِرِ أَبُو لُبَابَةَ الأَنْصَارِىُّ، الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ الْقُرَشِىُّ، زَيْدُ بْنُ سَهْلٍ أَبُو طَلْحَةَ الأَنْصَارِىُّ - أَبُو زَيْدٍ الأَنْصَارِىُّ - سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ الزُّهْرِىُّ، سَعْدُ ابْنُ خَوْلَةَ الْقُرَشِىُّ، سَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ الْقُرَشِىُّ، سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ الأَنْصَارِىُّ، ظُهَيْرُ بْنُ رَافِعٍ الأَنْصَارِىُّ وَأَخُوهُ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ الْقُرَشِىُّ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ الْهُذَلِىُّ، عُتْبَةُ بْنُ مَسْعُودٍ الْهُذَلِىُّ، عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ الزُّهْرِىُّ، عُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ الْقُرَشِىُّ، عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ الأَنْصَارِىُّ، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب تسمية من سمي من أهل بدر في الجامع (عثمان بن عفان) ليس من أهل بدر بالاتفاق إلا أنَّه في حكم من حضر لأنه تخلف لبنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال له: "لك أجر من شهد بدرًا وسهمه" (حارثة بن الرُّبَيِّع) -بضم الراء وفتح الباء وتشديد المثناة- اسم أمه، وأبوه سراقة (أبو لبابة الأنصاري) تقدم أنَّه لم يشهد بدرًا على ما ذكروا، وكلام ابن إسحاق يوافق ما في البخاري وقيل أراد إلى السهام من الخمس، وكان واليًا على المدينة، واسمه بشير -بفتح الباء على وزن كريم، وقيل رفاعة بن المنذر اسم أبي لبابة قاله أحمد بن حنبل ويحيى بن معين (أبو زيد الأنصاري) هو قيس بن السكن، أحد عمومة أنس (سعيد بن زيد) قد تقدم أنَّه لم يحضرها وكان مع طلحة بن عبيد الله في التجسس (سهل بن حُنيف) بضم الحاء مصغر (ظهير بن رافع الأنصاري وأخوه) اسمه مظهر قد قدمنا أن أحدًا، لم يذكرهما في البدريين وإنما شهدا أحدًا قاله ابن عبد البر (عبيدة بن الحارث) -بضم العين مصغر- ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ممن بارز وقتل

14 - باب حديث بنى النضير ومخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليهم فى دية الرجلين، وما أرادوا من الغدر برسول الله - صلى الله عليه وسلم -

عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ الْعَدَوِىُّ، عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ الْقُرَشِىُّ خَلَّفَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى ابْنَتِهِ وَضَرَبَ لَهُ بِسَهْمِهِ، عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ الْهَاشِمِىُّ، عَمْرُو بْنُ عَوْفٍ حَلِيفُ بَنِى عَامِرِ بْنِ لُؤَىٍّ، عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو الأَنْصَارِىُّ، عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ الْعَنَزِىُّ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ الأَنْصَارِىُّ، عُوَيْمُ بْنُ سَاعِدَةَ الأَنْصَارِىُّ، عِتْبَانُ بْنُ مَالِكٍ الأَنْصَارِىُّ، قُدَامَةُ بْنُ مَظْعُونٍ، قَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ الأَنْصَارِىُّ، مُعَاذُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ، مُعَوِّذُ ابْنُ عَفْرَاءَ وَأَخُوهُ، مَالِكُ بْنُ رَبِيعَةَ أَبُو أُسَيْدٍ الأَنْصَارِىُّ، مُرَارَةُ بْنُ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِىُّ، مَعْنُ بْنُ عَدِىٍّ الأَنْصَارِىُّ، مِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ بْنِ عَبَّادِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، مِقْدَادُ بْنُ عَمْرٍو الْكِنْدِىُّ حَلِيفُ بَنِى زُهْرَةَ، هِلاَلُ بْنُ أُمَيَّةَ الأَنْصَارِىُّ - رضى الله عنهم. 14 - باب حَدِيثِ بَنِى النَّضِيرِ وَمَخْرَجِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَيْهِمْ فِي دِيَةِ الرَّجُلَيْنِ، وَمَا أَرَادُوا مِنَ الْغَدْرِ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ الزُّهْرِىُّ عَنْ عُرْوَةَ كَانَتْ عَلَى رَأْسِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْعَةِ بَدْرٍ قَبْلَ أُحُدٍ. وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (هُوَ الَّذِى أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ الْحَشْرِ) وَجَعَلَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ بَعْدَ بِئْرِ مَعُونَةَ وَأُحُدٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ شهيدًا (عمرو بن عوف) وقيل: اسمه عمير (عقبة بن عمرو) هو أبو مسعود البدري، وقد أشرنا إلى أنَّه ليس من البدريين بل كان يسكن بدرًا (عاصم بن ثابت الأنصاري) الَّذي قتله بنو لحيان، وأما عاصم بن عدي فرده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الروحاء، قيل: لأنه بلغه شيء من أهل مسجد الضرار (مرارة بن الربيع) بضم الميم وتخفيف الراء (معن بن عدي) قيل: لم يشهد بدرًا، وقيل: من المهاجرين ستة ومن الأنصار ثمانية: ستة من الخزرج واثنان من الأوس. باب حديث بني النضير وقريظة قبيلتان من اليهود دخلوا في أرض العرب لما تنصر ملك الروم خوفًا من قتلهم، وهؤلاء من أولاد هارون أخي موسى. قال ابن شهاب وغيره: سبب هذه الغزوة أن عمرو بن أمية قتل رجلين من بني عامر غرة وهما نائمان، وكان بين بني عامر ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - حلف وعقد، وكذا بين بني عامر وبين [بني] النضير، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بني النضير يستعين بهم على دية ذلك الرجلين، ومعه أبو بكر وعمر وعلي، فقالوا: حبًّا وكرامة، وأجلسوه في صفة وتشاوروا فيما بينهم وقالوا: ما لنا فرصة أحسن منها، فانتدب عمرو بن جحاش فقال: أنا له، فأخذ صخرة وصعد إلى السطح ليلقي عليه، فجاء رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك الخبرُ من الله، فقام من مقامه وترك أصحابه

4028 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ حَارَبَتِ النَّضِيرُ وَقُرَيْظَةُ، فَأَجْلَى بَنِى النَّضِيرِ، وَأَقَرَّ قُرَيْظَةَ وَمَنَّ عَلَيْهِمْ، حَتَّى حَارَبَتْ قُرَيْظَةُ فَقَتَلَ رِجَالَهُمْ وَقَسَمَ نِسَاءَهُمْ وَأَوْلاَدَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إِلاَّ بَعْضَهُمْ لَحِقُوا بِالنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَآمَنَهُمْ وَأَسْلَمُوا، وَأَجْلَى يَهُودَ الْمَدِينَةِ كُلَّهُمْ بَنِى قَيْنُقَاعَ وَهُمْ رَهْطُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلاَمٍ وَيَهُودَ بَنِى حَارِثَةَ، وَكُلَّ يَهُودِ الْمَدِينَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وكر إلى المدينة، وإنما لم يخبرهم لئلا يفطن اليهود لذلك فلما استلبث الأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاموا طالبين له فرأوا رجلًا مقبلًا من المدينة فسألوه، فقال: رأيته داخلًا المدينة فدخلوا وراءه، فأخبرهم بقصد اليهود، فأنذرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتهيأ لقتالهم، فأرسل ابن سلول وبعض المنافقين إليهم أن تحصنوا في الحصون فإنا معكم كما أخبر الله عنهم {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (11)} [الحشر: 11]. قال ابن هشام: حاصرهم ست ليال، وقيل خمسة عشر يومًا، وقيل خمسًا وعشرين وقيل: ثلاثًا وعشرين، فألقى الله الرعب في قلوبهم فسألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يكف عن دمائهم ويجليهم على أن لهم ما حملت الإبل من الأموال إلا السلاح، فلحق أشرافهم بخيبر، والباقون لحقوا بالشام، فقسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أموالهم في المهاجرين دون الأنصار إلا أبا دجانة وسهل بن حنيف، وكانت هذه الأموال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاصة بنص القرآن، إلا أنَّه لم يستقل به كرمًا، وأسلم منهم رجلان: يامين بن عمير وأبو سعد بن وهب، فأحرزا أموالهما. قال ابن هشام: وكان عمرو بن جحاش الَّذي أراد الكيد برسول الله ابن عم يامين فأعطى رجلًا جعلًا فقتل عمرو بن جحاش. 4028 - (وأجلى يهود المدينة كلهم بني قينقاع رهط عبد الله بن سلام) كان إجلاء هؤلاء بعد بدر بشهر قبل النضير، كان بينهم وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عهد فنقضوا العهد فحاربهم فنزلوا على حكمه فأراد قَتْلَهُم، فشفع فيهم ابن سلول رأس النفاق.

4029 - حَدَّثَنِى الْحَسَنُ بْنُ مُدْرِكٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ قُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ سُورَةُ الْحَشْرِ. قَالَ قُلْ سُورَةُ النَّضِيرِ. تَابَعَهُ هُشَيْمٌ عَنْ أَبِى بِشْرٍ. أطرافه 4645، 4882، 4883 4030 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى الأَسْوَدِ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ أَبِيهِ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه قَالَ كَانَ الرَّجُلُ يَجْعَلُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - النَّخَلاَتِ حَتَّى افْتَتَحَ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرَ، فَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ. طرفه 2630 4031 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ حَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَخْلَ بَنِى النَّضِيرِ وَقَطَعَ وَهْىَ الْبُوَيْرَةُ فَنَزَلَتْ (مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ) طرفه 2326 4032 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا حَبَّانُ أَخْبَرَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - حَرَّقَ نَخْلَ بَنِى النَّضِيرِ قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 4029 - (مدرك) اسم فاعل (حَمَّاد) بفتح الحاء وتشديد الميم (عن أبي بشر) -بكسر الموحدة وشين معجمة- اسمه جعفر (هشيم) بضم الهاء مصغر. 4031 - (حرق رسول الله نخل بني النضير. وقطع وهي البُوَيْرَةُ) بضم الباء موضع، كان فيه حدائق لبني النضير، (فنزلت: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ} [الحشر: 5] فإن اليهود عابوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الإحراق وقالوا: كان ينهى عن الفساد. 4032 - (إسحاق) كذا وقع غير منسوب، قال الغساني: لم أجد أحدًا من رواة الكتاب نسبه، والظاهر إسحاق بن منصور؛ لأن مسلمًا روى عن إسحاق بن منصور عن (حبان بن هلال) بفتح الحاء وتشديد الموحدة (جُويرية) بضم الجيم مصغر

وَلَهَا يَقُولُ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ: وَهَانَ عَلَى سَرَاةِ بَنِى لُؤَىٍّ ... حَرِيقٌ بِالْبُوَيْرَةِ مُسْتَطِيرُ قَالَ فَأَجَابَهُ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ: أَدَامَ اللَّهُ ذَلِكَ مِنْ صَنِيعٍ ... وَحَرَّقَ فِي نَوَاحِيهَا السَّعِيرُ سَتَعْلَمُ أَيُّنَا مِنْهَا بِنُزْهٍ ... وَتَعْلَمُ أَىَّ أَرْضَيْنَا تَضِيرُ طرفه 2326 4033 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى مَالِكُ بْنُ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ النَّصْرِىُّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - دَعَاهُ إِذْ جَاءَهُ حَاجِبُهُ يَرْفَا فَقَالَ هَلْ لَكَ فِي عُثْمَانَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَالزُّبَيْرِ وَسَعْدٍ يَسْتَأْذِنُونَ فَقَالَ نَعَمْ، ـــــــــــــــــــــــــــــ (ولها يقول حسان: وهان على سراة بني لؤي ... حريق بالبويرة مستطير فأجابه أبو سفيان بن الحارث: أدام الله ذلك من صنيع ... وحرَّق في نواحيها السعير هكذا رواه البخاري، وروى غيره أن البيت الأول لأبي سفيان بن الحارث: وعز على سراة بني لؤي ... حريق بالبويرة مستطير فأجابه حسان بقوله: أدام الله ذلك من صنيع ... ...................... وهذا أشبه بالصواب وذلك أن أبا سفيان كان مشركًا بمكة إنما أسلم يوم الفتح، وكان مشركوا مكة مصادقين مع اليهود موافقين إياهم على عداواة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. 4033 - (مالك بن أوس بن الحدثان) على وزن رمضان (النصري) نسبة إلى بني النصر من اليهود، روى حديث تنازع علي والعباس في صدقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي كانا ناظرين عليها في خلافة الفاروق، وقدم مع شرحه في باب فرض الخمس من كتاب الجهاد، ومعناه ظاهر، نشير إلى بعض ألفاظه. (يرفأ) بالفاء آخره همزة على وزن يعلم صاحب عمر.

فَأَدْخِلْهُمْ. فَلَبِثَ قَلِيلاً، ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ هَلْ لَكَ فِي عَبَّاسٍ وَعَلِىٍّ يَسْتَأْذِنَانِ قَالَ نَعَمْ.، فَأَدْخِلْهُمْ. فَلَبِثَ قَلِيلاً، ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ هَلْ لَكَ فِي عَبَّاسٍ وَعَلِىٍّ يَسْتَأْذِنَانِ قَالَ نَعَمْ. فَلَمَّا دَخَلاَ قَالَ عَبَّاسٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، اقْضِ بَيْنِى وَبَيْنَ هَذَا، وَهُمَا يَخْتَصِمَانِ فِي الَّذِى أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ بَنِى النَّضِيرِ، فَاسْتَبَّ عَلِىٌّ وَعَبَّاسٌ، فَقَالَ الرَّهْطُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، اقْضِ بَيْنَهُمَا وَأَرِحْ أَحَدَهُمَا مِنَ الآخَرِ. فَقَالَ عُمَرُ اتَّئِدُوا، أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِى بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ». يُرِيدُ بِذَلِكَ نَفْسَهُ. قَالُوا قَدْ قَالَ ذَلِكَ. فَأَقْبَلَ عُمَرُ عَلَى عَبَّاسٍ وَعَلِىٍّ فَقَالَ أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمَانِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ قَالَ ذَلِكَ قَالاَ نَعَمْ. قَالَ فَإِنِّى أُحَدِّثُكُمْ عَنْ هَذَا الأَمْرِ، إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ كَانَ خَصَّ رَسُولَهُ - صلى الله عليه وسلم - فِي هَذَا الْفَىْءِ بِشَىْءٍ لَمْ يُعْطِهِ أَحَدًا غَيْرَهُ فَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ (وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلاَ رِكَابٍ) إِلَى قَوْلِهِ (قَدِيرٌ) فَكَانَتْ هَذِهِ خَالِصَةً لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ وَاللَّهِ مَا احْتَازَهَا دُونَكُمْ، وَلاَ اسْتَأْثَرَهَا عَلَيْكُمْ، لَقَدْ أَعْطَاكُمُوهَا وَقَسَمَهَا فِيكُمْ، حَتَّى بَقِىَ هَذَا الْمَالُ مِنْهَا، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَتِهِمْ مِنْ هَذَا الْمَالِ، ثُمَّ يَأْخُذُ مَا بَقِىَ فَيَجْعَلُهُ مَجْعَلَ مَالِ اللَّهِ، فَعَمِلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَيَاتَهُ، ثُمَّ تُوُفِّىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ فَأَنَا وَلِىُّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَقَبَضَهُ أَبُو بَكْرٍ، فَعَمِلَ فِيهِ بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ. فَأَقْبَلَ عَلَى عَلِىٍّ وَعَبَّاسٍ وَقَالَ تَذْكُرَانِ أَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ (فاستب علي والعباس) السبب نسبة الشخص إلى ما فيه عار، ولا يلزم أن يكون بما يوجب حدًّا أو تعزيرًا (فقال الرَّهط: يا أمير المؤمنين اقض بينهما) الرَّهط: هم عثمان وسعد والزبير وعبد الرحمن بن عوف (فقال عمر: اتَّئِدُوا) أي: تأنوا، قال ابن الأثير: يقال اتَّأَد في فعله وقوله، أي: تأنى والواو بمعناه وأصل الياء الواو (إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا نورث ما تركناه صدقة، يريد بذلك نفسه) إنما شرحه لئلا يتوهم من نون الجمع أنَّه يريد نفسه وأمته، وفيه اختصار بينه الرواية الأخرى: "نحن معاشر الأنبياء لا نورث" (ما احتازها) -بالحاء المهملة والزاي المعجمة- وهي الإحاطة بالشيء (فأقبل على عليٍّ وعباس وقال: تذكران أن

أَبَا بَكْرٍ عَمِلَ فِيهِ كَمَا تَقُولاَنِ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُ فِيهِ لَصَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ ثُمَّ تَوَفَّى اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ أَنَا وَلِىُّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبِى بَكْرٍ. فَقَبَضْتُهُ سَنَتَيْنِ مِنْ إِمَارَتِى أَعْمَلُ فِيهِ بِمَا عَمِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بَكْرٍ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّى فِيهِ صَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ، ثُمَّ جِئْتُمَانِى كِلاَكُمَا وَكَلِمَتُكُمَا وَاحِدَةٌ وَأَمْرُكُمَا جَمِيعٌ، فَجِئْتَنِى - يَعْنِى عَبَّاسًا - فَقُلْتُ لَكُمَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ». فَلَمَّا بَدَا لِى أَنْ أَدْفَعَهُ إِلَيْكُمَا قُلْتُ إِنْ شِئْتُمَا دَفَعْتُهُ إِلَيْكُمَا عَلَى أَنَّ عَلَيْكُمَا عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ لَتَعْمَلاَنِ فِيهِ بِمَا عَمِلَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بَكْرٍ، وَمَا عَمِلْتُ فِيهِ مُذْ وَلِيتُ، وَإِلاَّ فَلاَ تُكَلِّمَانِى، فَقُلْتُمَا ادْفَعْهُ إِلَيْنَا بِذَلِكَ. فَدَفَعْتُهُ إِلَيْكُمَا، أَفَتَلْتَمِسَانِ مِنِّى قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ فَوَاللَّهِ الَّذِى بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ أَقْضِى فِيهِ بِقَضَاءٍ غَيْرِ ذَلِكَ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، فَإِنْ عَجَزْتُمَا عَنْهُ، فَادْفَعَا إِلَىَّ فَأَنَا أَكْفِيكُمَاهُ. طرفه 2904 4034 - قَالَ فَحَدَّثْتُ هَذَا الْحَدِيثَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ فَقَالَ صَدَقَ مَالِكُ بْنُ أَوْسٍ، أَنَا سَمِعْتُ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - تَقُولُ أَرْسَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - عُثْمَانَ إِلَى أَبِى بَكْرٍ يَسْأَلْنَهُ ثُمُنَهُنَّ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَكُنْتُ أَنَا أَرُدُّهُنَّ، فَقُلْتُ لَهُنَّ أَلاَ تَتَّقِينَ اللَّهَ، أَلَمْ تَعْلَمْنَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقُولُ «لاَ نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا ـــــــــــــــــــــــــــــ أبا بكر كما تقولان) أي تنسبانه إلى أنَّه لم يعمل فيه بالحق، ولذلك أتبعه بقوله: (والله يعلم أنَّه فيه بارٌّ راشد). فإن قلت: كيف يتصور من علي وعباس نسبة أبي بكر إلى الجور؟ قلت: محمول على أنهما لم يعلما بعد بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما تركناه صدقة". فإن قلت: بعدما علما ذلك وكانت الصدقة في أيديهما يتوليانها فأي وجه للنزاع؟ قلت: أراد كل واحد منهما أن يكون في يده طائفة من ذلك منفردًا. فإن قلت: فلم منع عمر ذلك؟ قلت: خاف أن تدعي كل طائفة من بني علي وبني عباس الملك فيه بعد مرور الزمان. روي أن السفاح أول خليفة في بني عباس لما صعد المنبر أول يوم من خلافته صعد إليه علوي في عنقه مصحف، وقال: احكم لي بما في هذا، قال: ما هو؟ قال: ظلمني أبو بكر في فدك قال: وبعد أبي بكر؟ قال: عمر، قال: وبعد عمر؟ قال: عثمان؟ قال: وبعد عثمان، فسكت العلوي لأن عليًّا لم يغير ما كان في زمن الصِّدِّيق والفاروق.

15 - باب قتل كعب بن الأشرف

صَدَقَةٌ - يُرِيدُ بِذَلِكَ نَفْسَهُ - إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - فِي هَذَا الْمَالِ». فَانْتَهَى أَزْوَاجُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى مَا أَخْبَرَتْهُنَّ. قَالَ فَكَانَتْ هَذِهِ الصَّدَقَةُ بِيَدِ عَلِىٍّ، مَنَعَهَا عَلِىٌّ عَبَّاسًا فَغَلَبَهُ عَلَيْهَا، ثُمَّ كَانَ بِيَدِ حَسَنِ بْنِ عَلِىٍّ، ثُمَّ بِيَدِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِىٍّ، ثُمَّ بِيَدِ عَلِىِّ بْنِ حُسَيْنٍ وَحَسَنِ بْنِ حَسَنٍ، كِلاَهُمَا كَانَا يَتَدَاوَلاَنِهَا، ثُمَّ بِيَدِ زَيْدِ بْنِ حَسَنٍ، وَهْىَ صَدَقَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَقًّا. طرفاه 6727، 6730 4035، 4036 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ فَاطِمَةَ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ - وَالْعَبَّاسَ أَتَيَا أَبَا بَكْرٍ يَلْتَمِسَانِ مِيرَاثَهُمَا، أَرْضَهُ مِنْ فَدَكٍ، وَسَهْمَهُ مِنْ خَيْبَرَ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ، إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ فِي هَذَا الْمَالِ». وَاللَّهِ لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَحَبُّ إِلَىَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِى. 15 - باب قَتْلُ كَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ 4037 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌو سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ فَإِنَّهُ قَدْ ـــــــــــــــــــــــــــــ 4035 - 4036 - (مَعْمَر) بفتح الميمين وسكون العين (أن فاطمة وعباسًا أتيا أبا بكر يلتمسان ميراثهما) أي: من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد أشرنا إلى أنهما لم يبلغهما الحديث. قتل كعب بن الأشرف قال ابن هشام: هو عربي من طيء ثم أحد نبهان، وأمه من بني النضير، وكان له حصْن، وكان شاعرًا فلما قتل صناديد قريش يوم بدر ذهب إلى مكة شرع يرثي أصحاب القليب ولا يرثي على ضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سأله المشركون: أنت من أهل الكتاب ديننا [...] وفيه نزل قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا (51)} [النساء: 51] وشرع بعد رجوعه من مكة يشبب بنساء المسلمين فحينئذٍ دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى قتله بقوله: 4037 - (من لكعب بن الأشرف فإنه قد آذى الله ورسوله) أي: المؤمنين بالقدح في

آذَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ». فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَهُ قَالَ «نَعَمْ». قَالَ فَأْذَنْ لِى أَنْ أَقُولَ شَيْئًا. قَالَ «قُلْ». فَأَتَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَقَالَ إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ سَأَلَنَا صَدَقَةً، وَإِنَّهُ قَدْ عَنَّانَا، وَإِنِّى قَدْ أَتَيْتُكَ أَسْتَسْلِفُكَ. قَالَ وَأَيْضًا وَاللَّهِ لَتَمَلُّنَّهُ قَالَ إِنَّا قَدِ اتَّبَعْنَاهُ فَلاَ نُحِبُّ أَنْ نَدَعَهُ حَتَّى نَنْظُرَ إِلَى أَىِّ شَىْءٍ يَصِيرُ شَأْنُهُ، وَقَدْ أَرَدْنَا أَنْ تُسْلِفَنَا وَسْقًا، أَوْ وَسْقَيْنِ - وَحَدَّثَنَا عَمْرٌو غَيْرَ مَرَّةٍ، فَلَمْ يَذْكُرْ وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ أَوْ فَقُلْتُ لَهُ فِيهِ وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ فَقَالَ أُرَى فِيهِ وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ - فَقَالَ نَعَمِ ارْهَنُونِى. قَالُوا أَىَّ شَىْءٍ تُرِيدُ قَالَ فَارْهَنُونِى نِسَاءَكُمْ. قَالُوا كَيْفَ نَرْهَنُكَ نِسَاءَنَا وَأَنْتَ أَجْمَلُ الْعَرَبِ قَالَ فَارْهَنُونِى أَبْنَاءَكُمْ. قَالُوا كَيْفَ نَرْهَنُكَ أَبْنَاءَنَا فَيُسَبُّ أَحَدُهُمْ، فَيُقَالُ رُهِنَ بِوَسْقٍ أَوْ وَسْقَيْنِ. هَذَا عَارٌ عَلَيْنَا، وَلَكِنَّا نَرْهَنُكَ اللأْمَةَ - قَالَ سُفْيَانُ يَعْنِى السِّلاَحَ - فَوَاعَدَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ، فَجَاءَهُ لَيْلاً وَمَعَهُ أَبُو نَائِلَةَ وَهْوَ أَخُو كَعْبٍ مِنَ الرَّضَاعَةِ، فَدَعَاهُمْ إِلَى الْحِصْنِ، فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ أَيْنَ تَخْرُجُ هَذِهِ السَّاعَةَ فَقَالَ إِنَّمَا هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، وَأَخِى أَبُو نَائِلَةَ - وَقَالَ غَيْرُ عَمْرٍو قَالَتْ أَسْمَعُ صَوْتًا كَأَنَّهُ يَقْطُرُ مِنْهُ الدَّمُ. قَالَ إِنَّمَا هُوَ أَخِى مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَرَضِيعِى أَبُو نَائِلَةَ - إِنَّ الْكَرِيمَ لَوْ دُعِىَ إِلَى طَعْنَةٍ بِلَيْلٍ لأَجَابَ قَالَ وَيُدْخِلُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ مَعَهُ رَجُلَيْنِ - قِيلَ لِسُفْيَانَ سَمَّاهُمْ عَمْرٌو قَالَ سَمَّى بَعْضَهُمْ قَالَ عَمْرٌو جَاءَ مَعَهُ بِرَجُلَيْنِ وَقَالَ غَيْرُ عَمْرٍو أَبُو عَبْسِ بْنُ جَبْرٍ، وَالْحَارِثُ بْنُ أَوْسٍ وَعَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ قَالَ عَمْرٌو وَجَاءَ مَعَهُ بِرَجُلَيْنِ - فَقَالَ إِذَا مَا جَاءَ فَإِنِّى قَائِلٌ بِشَعَرِهِ فَأَشَمُّهُ، فَإِذَا ـــــــــــــــــــــــــــــ الدين (فأْذَن لي أن أقول) أي: في حق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليأمن إليه قائله محمد بن مسلمة فإن الحرب خدعة (فأتاه محمد بن مسلمة) كذا وقع، وأهل السير على أن أول من أتاه أخوه من الرضاعة أبو نائلة سلكان بن سلامة، ومحمد بن مسلمة أيضًا أخوه من الرضاعة (أن هذا الرجل قد عنَّانا) -بالعين المهملة وتشديد النون- من العناء، أي: أوقعنا في العناء والمشقة (وَسَقًا) -بفتح الواو- ستون صاعًا (فدعاهم إلى الحصن فنزل إليهم) بعد ما دخلوا الحصن نزل إليهم، ظاهر البخاري أنهم قتلوا هناك، لكن قال ابن هشام قالوا: -لما نزل- هل لك يا ابن الأشرف أن تمشي بنا إلى شعب العجوز أن نتحدث بقية ليلتنا. قال إن شئتم فلما تمشوا ساعة قتلوه. قال محمد بن مسلمة: فلما ضربناه بالسيوف لم يعمل شيئًا أخرجت مغولًا كان في قراب سيفي فوضعته في ثنته حتَّى بلغ غايته. (فأشمه) -بفتح الشين- مضارع شميم على

16 - باب قتل أبى رافع عبد الله بن أبى الحقيق

رَأَيْتُمُونِى اسْتَمْكَنْتُ مِنْ رَأْسِهِ فَدُونَكُمْ فَاضْرِبُوهُ. وَقَالَ مَرَّةً ثُمَّ أُشِمُّكُمْ. فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ مُتَوَشِّحًا وَهْوَ يَنْفَحُ مِنْهُ رِيحُ الطِّيبِ، فَقَالَ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ رِيحًا - أَىْ أَطْيَبَ - وَقَالَ غَيْرُ عَمْرٍو قَالَ عِنْدِى أَعْطَرُ نِسَاءِ الْعَرَبِ وَأَكْمَلُ الْعَرَبِ قَالَ عَمْرٌو فَقَالَ أَتَأْذَنُ لِى أَنْ أَشَمَّ رَأْسَكَ قَالَ نَعَمْ، فَشَمَّهُ، ثُمَّ أَشَمَّ أَصْحَابَهُ ثُمَّ قَالَ أَتَأْذَنُ لِى قَالَ نَعَمْ. فَلَمَّا اسْتَمْكَنَ مِنْهُ قَالَ دُونَكُمْ. فَقَتَلُوهُ ثُمَّ أَتَوُا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرُوهُ. طرفه 2510 16 - باب قَتْلُ أَبِى رَافِعٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى الْحُقَيْقِ وَيُقَالُ سَلاَّمُ بْنُ أَبِى الْحُقَيْقِ كَانَ بِخَيْبَرَ، وَيُقَالُ فِي حِصْنٍ لَهُ بِأَرْضِ الْحِجَازِ. وَقَالَ الزُّهْرِىُّ هُوَ بَعْدَ كَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ. 4038 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى زَائِدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ - رضى الله عنهما - قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَهْطًا إِلَى أَبِى رَافِعٍ فَدَخَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَتِيكٍ بَيْتَهُ لَيْلاً وَهْوَ نَائِمٌ فَقَتَلَهُ. طرفه 3022 ـــــــــــــــــــــــــــــ وزن عليم (ثم أُشِمكم) بضم الهمزة وكسر الشين (دونكم) اسم فعل أي: خذوا في قتله (فنزل إليهم متوشحًا) أي: متعطفًا بإزاره. قتل أبي رافع عبد الله بن أبي الحقيق وقيل: اسمه سلام وحُقيق بضم الحاء مصغر مخفف الياء. قال ابن هشام: كان الأوس والخزرج يتصاولان -بالصاد المهملة- ولأن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا فعلت إحدى الطائفتين شيئًا فيه منقبة بادرت الأخرى إلى مثلها فلما قتل الأوس كعب بن الأشرف، فتذاكر الخزرج رجلًا يعادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكروا ابن الحقيق هذا، وكان بخيبر له حصن، فاستأذن خمسة من الخزرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قتله فأذن لهم وهم: عبد الله بن عتيك ومسعود بن سنان وعبد الله بن أنيس وأبو قتادة وخزاعي بن أسود، وأمَّر عليهم عبد الله بن عتيك (قال الزهري: وهو بعد كعب بن الأشرف) قال ابن سعد: كان قتل كعب بن الأشرف في رابع عشرة ليلة في رمضان على رأس خمسة وعشرين شهرًا من الهجرة. 4038 - (ابن أبي زائدة) اسمه زكريا (أبي إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي.

4039 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى أَبِى رَافِعٍ الْيَهُودِىِّ رِجَالاً مِنَ الأَنْصَارِ، فَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَتِيكٍ، وَكَانَ أَبُو رَافِعٍ يُؤْذِى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَيُعِينُ عَلَيْهِ، وَكَانَ فِي حِصْنٍ لَهُ بِأَرْضِ الْحِجَازِ، فَلَمَّا دَنَوْا مِنْهُ، وَقَدْ غَرَبَتِ الشَّمْسُ، وَرَاحَ النَّاسُ بِسَرْحِهِمْ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ لأَصْحَابِهِ اجْلِسُوا مَكَانَكُمْ، فَإِنِّى مُنْطَلِقٌ، وَمُتَلَطِّفٌ لِلْبَوَّابِ، لَعَلِّى أَنْ أَدْخُلَ. فَأَقْبَلَ حَتَّى دَنَا مِنَ الْبَابِ ثُمَّ تَقَنَّعَ بِثَوْبِهِ كَأَنَّهُ يَقْضِى حَاجَةً، وَقَدْ دَخَلَ النَّاسُ، فَهَتَفَ بِهِ الْبَوَّابُ يَا عَبْدَ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ أَنْ تَدْخُلَ فَادْخُلْ، فَإِنِّى أُرِيدُ أَنْ أُغْلِقَ الْبَابَ. فَدَخَلْتُ فَكَمَنْتُ، فَلَمَّا دَخَلَ النَّاسُ أَغْلَقَ الْبَابَ، ثُمَّ عَلَّقَ الأَغَالِيقَ عَلَى وَتَدٍ قَالَ فَقُمْتُ إِلَى الأَقَالِيدِ، فَأَخَذْتُهَا فَفَتَحْتُ الْبَابَ، وَكَانَ أَبُو رَافِعٍ يُسْمَرُ عِنْدَهُ، وَكَانَ فِي عَلاَلِىَّ لَهُ، فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْهُ أَهْلُ سَمَرِهِ صَعِدْتُ إِلَيْهِ، فَجَعَلْتُ كُلَّمَا فَتَحْتُ بَابًا أَغْلَقْتُ عَلَىَّ مِنْ دَاخِلٍ، قُلْتُ إِنِ الْقَوْمُ نَذِرُوا بِى لَمْ يَخْلُصُوا إِلَىَّ حَتَّى أَقْتُلَهُ. فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ فِي بَيْتٍ مُظْلِمٍ وَسْطَ عِيَالِهِ، لاَ أَدْرِى أَيْنَ هُوَ مِنَ الْبَيْتِ فَقُلْتُ يَا أَبَا رَافِعٍ. قَالَ مَنْ هَذَا فَأَهْوَيْتُ نَحْوَ الصَّوْتِ، فَأَضْرِبُهُ ضَرْبَةً بِالسَّيْفِ، وَأَنَا دَهِشٌ فَمَا أَغْنَيْتُ شَيْئًا، وَصَاحَ فَخَرَجْتُ مِنَ الْبَيْتِ، فَأَمْكُثُ غَيْرَ بَعِيدٍ ثُمَّ دَخَلْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ مَا هَذَا الصَّوْتُ يَا أَبَا رَافِعٍ. فَقَالَ لأُمِّكَ الْوَيْلُ، إِنَّ رَجُلاً فِي الْبَيْتِ ضَرَبَنِى قَبْلُ بِالسَّيْفِ، قَالَ فَأَضْرِبُهُ ضَرْبَةً أَثْخَنَتْهُ وَلَمْ أَقْتُلْهُ، ثُمَّ وَضَعْتُ ظُبَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 4039 - (راح الناس بسرحهم) أي: جاؤوا آخر النهار بدوابهم السارحة (فدخلت فكمنت) أي: تسرت من الكمون وهو الخفاء، وقد فسره في الرواية بعده بأنه دخل مربط حمار (فلما دخل الناس علق الأغاليق على ود) بالعين المهملة في الأول والمعجمة في الثاني جمع إغليق بكسر الهمزة كالأقاليد في إقليد لفظًا ومعنى هو المفتاح بلغة اليمن (وكان أبو رافع يُسْمَرُ عنده) على بناء المجهول من السمر وهو حديث الليل (في عَلالِيَّ) على وزن جواري: جمع علية -بضم العين وكسر اللام والتاء المشددتين وهي الغرفة- (أن القوم نَذِروا بي) إن مخففة، والقوم مرفوع بفعل يفسره نذروا -بالكسر وذال معجمة- أي: علموا (قلت: يا أبا رافع قال: من هذا؟ فأهويت نحو الصوت) أي: نزلت بالسيف (فأضربه ضربة بالسيف وأنا دهش فما أغنيت شيئًا) الدهش -بفتح الدال وكسر الهاء- الخائف الدهشة: الحيرة جاء لازمًا ومتعديًا (ثم وضعت ضبيب السيف في بطنه حتَّى أخذ في ظهره) وقال في الرواية بعده:

السَّيْفِ فِي بَطْنِهِ حَتَّى أَخَذَ فِي ظَهْرِهِ، فَعَرَفْتُ أَنِّى قَتَلْتُهُ، فَجَعَلْتُ أَفْتَحُ الأَبْوَابَ بَابًا بَابًا حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى دَرَجَةٍ لَهُ، فَوَضَعْتُ رِجْلِى وَأَنَا أُرَى أَنِّى قَدِ انْتَهَيْتُ إِلَى الأَرْضِ فَوَقَعْتُ فِي لَيْلَةٍ مُقْمِرَةٍ، فَانْكَسَرَتْ سَاقِى، فَعَصَبْتُهَا بِعِمَامَةٍ، ثُمَّ انْطَلَقْتُ حَتَّى جَلَسْتُ عَلَى الْبَابِ فَقُلْتُ لاَ أَخْرُجُ اللَّيْلَةَ حَتَّى أَعْلَمَ أَقَتَلْتُهُ فَلَمَّا صَاحَ الدِّيكُ قَامَ النَّاعِى عَلَى السُّورِ فَقَالَ أَنْعَى أَبَا رَافِعٍ تَاجِرَ أَهْلِ الْحِجَازِ. فَانْطَلَقْتُ إِلَى أَصْحَابِى فَقُلْتُ النَّجَاءَ، فَقَدْ قَتَلَ اللَّهُ أَبَا رَافِعٍ. فَانْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَحَدَّثْتُهُ فَقَالَ «ابْسُطْ رِجْلَكَ». فَبَسَطْتُ رِجْلِى، فَمَسَحَهَا، فَكَأَنَّهَا لَمْ أَشْتَكِهَا قَطُّ. طرفه 3022 4040 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا شُرَيْحٌ - هُوَ ابْنُ مَسْلَمَةَ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ - رضى الله عنه - قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى أَبِى رَافِعٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَتِيكٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُتْبَةَ فِي نَاسٍ مَعَهُمْ، فَانْطَلَقُوا حَتَّى دَنَوْا مِنَ الْحِصْنِ، فَقَالَ لَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَتِيكٍ امْكُثُوا أَنْتُمْ حَتَّى أَنْطَلِقَ أَنَا فَأَنْظُرَ. قَالَ فَتَلَطَّفْتُ أَنْ أَدْخُلَ الْحِصْنَ، فَفَقَدُوا حِمَارًا لَهُمْ - قَالَ - فَخَرَجُوا بِقَبَسٍ يَطْلُبُونَهُ - قَالَ - فَخَشِيتُ أَنْ أُعْرَفَ - قَالَ - فَغَطَّيْتُ رَأْسِى كَأَنِّى أَقْضِى حَاجَةً، ثُمَّ نَادَى صَاحِبُ الْبَابِ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ فَلْيَدْخُلْ قَبْلَ أَنْ أُغْلِقَهُ. فَدَخَلْتُ ثُمَّ اخْتَبَأْتُ فِي مَرْبِطِ حِمَارٍ عِنْدَ بَابِ الْحِصْنِ، فَتَعَشَّوْا عِنْدَ أَبِى رَافِعٍ وَتَحَدَّثُوا حَتَّى ذَهَبَتْ سَاعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى بُيُوتِهِمْ، فَلَمَّا هَدَأَتِ الأَصْوَاتُ وَلاَ أَسْمَعُ حَرَكَةً خَرَجْتُ - قَالَ - وَرَأَيْتُ صَاحِبَ الْبَابِ حَيْثُ وَضَعَ مِفْتَاحَ الْحِصْنِ، فِي كَوَّةٍ فَأَخَذْتُهُ فَفَتَحْتُ بِهِ بَابَ الْحِصْنِ. قَالَ قُلْتُ إِنْ نَذِرَ بِى الْقَوْمُ انْطَلَقْتُ عَلَى مَهَلٍ، ثُمَّ عَمَدْتُ إِلَى أَبْوَابِ بُيُوتِهِمْ، فَغَلَّقْتُهَا عَلَيْهِمْ مِنْ ظَاهِرٍ، ثُمَّ صَعِدْتُ إِلَى أَبِى رَافِعٍ فِي سُلَّمٍ، فَإِذَا الْبَيْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــ حتَّى سمعت صوت العظم (فانكسرت ساقي فعصبتها بعمامة) بتخفيف الصاد والباء (فلما صاح الديك قام الناعي على السور) النعي: خبر الموت ثم اتسع فيه فأطلعه على الميت (فانطلقت إلى أصحابي فقلت: النجاء) يمد ويقصر والمد أشهر، وإذا كرر فالقصر لا غير، وهو منصوب على المصدر بتشديد النون أي انجو. 4040 - (شريح) بضم المعجمة مصغر (فلما هدأت الأصوات) بثلاث فتحات (ورأيت حيث وضع مفتاح الحصن في كَوَّة) بفتح الكاف وقد تضم الكاف وتشديد الواو

مُظْلِمٌ قَدْ طَفِئَ سِرَاجُهُ، فَلَمْ أَدْرِ أَيْنَ الرَّجُلُ، فَقُلْتُ يَا أَبَا رَافِعٍ. قَالَ مَنْ هَذَا قَالَ فَعَمَدْتُ نَحْوَ الصَّوْتِ فَأَضْرِبُهُ، وَصَاحَ فَلَمْ تُغْنِ شَيْئًا - قَالَ - ثُمَّ جِئْتُ كَأَنِّى أُغِيثُهُ فَقُلْتُ مَا لَكَ يَا أَبَا رَافِعٍ وَغَيَّرْتُ صَوْتِى. فَقَالَ أَلاَ أُعْجِبُكَ لأُمِّكَ الْوَيْلُ، دَخَلَ عَلَىَّ رَجُلٌ فَضَرَبَنِى بِالسَّيْفِ. قَالَ فَعَمَدْتُ لَهُ أَيْضًا فَأَضْرِبُهُ أُخْرَى فَلَمْ تُغْنِ شَيْئًا، فَصَاحَ وَقَامَ أَهْلُهُ، قَالَ ثُمَّ جِئْتُ وَغَيَّرْتُ صَوْتِى كَهَيْئَةِ الْمُغِيثِ، فَإِذَا هُوَ مُسْتَلْقٍ عَلَى ظَهْرِهِ، فَأَضَعُ السَّيْفَ فِي بَطْنِهِ ثُمَّ أَنْكَفِئُ عَلَيْهِ حَتَّى سَمِعْتُ صَوْتَ الْعَظْمِ، ثُمَّ خَرَجْتُ دَهِشًا حَتَّى أَتَيْتُ السُّلَّمَ أُرِيدُ أَنْ أَنْزِلَ، فَأَسْقُطُ مِنْهُ فَانْخَلَعَتْ رِجْلِى فَعَصَبْتُهَا، ثُمَّ أَتَيْتُ أَصْحَابِى أَحْجُلُ فَقُلْتُ انْطَلِقُوا فَبَشِّرُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَإِنِّى لاَ أَبْرَحُ حَتَّى أَسْمَعَ النَّاعِيَةَ، فَلَمَّا كَانَ فِي وَجْهِ الصُّبْحِ صَعِدَ النَّاعِيَةُ فَقَالَ أَنْعَى أَبَا رَافِعٍ. قَالَ فَقُمْتُ أَمْشِى مَا بِى قَلَبَةٌ، فَأَدْرَكْتُ أَصْحَابِى قَبْلَ أَنْ يَأْتُوا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَبَشَّرْتُهُ. طرفه 3022 ـــــــــــــــــــــــــــــ (ثم وضعت ضبيب السيف في بطنه) -على وزن فعيل بضاد معجمة- أي: طرفه كذا وقع. قال الخطابي: والظاهر أنَّه مصحف من الظبيب بالظاء المعجمة. قلت: وكذا بالظاء ذكره ابن الأثير، ثم قال: قال الحربي: والصواب: ظبة السيف وهو طرفه (فانخلعت رجلي) أي: انفكت (ثم أتيت أصحابي أحجل) الحجل -بتقديم الحاء المفتوحة على الجيم- المشي مع قرب الخطا كالمشي في القيد (فقمت أمشي ما بي قَلَبَةٌ) -بالقاف وثلاث فتحات- أي آفة ومرض أصله في الرجل إذا كان بها وضع يحتاج إلى قلبها ثم اتسع فيه. فإن قلت: في الرواية الأولى: انكسرت رجلي، وفي الثانية: انخلعت والقضية واحدة؟ قلت: الظاهر الخلع وفي الكسر تسامح أو وقع الأمران في كلتا رجليه أو إحداهما في موضعين وهذا أوفق بلفظ الرجل. فإن قلت: ذكر في الرواية الأولى أنَّه ضربه ضربتين، وفي الثانية ثلاث ضربات؟ قلت: زيادة الثقة مقبولة. فإن قلت: في الرواية الأولى: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له لما جاء: "ابسط رجلك"، فبسطها فمسحها فكأنما لم أشتكها، وقال في الثانية بعد أن سمع النعي: فقمت أمشي ما بين قلبة؟ قلت: الرجل المكسورة في ذلك القدر من الزمان لا تبرأ، غايته أن الله أقدره على المشي وتمام الشفاء وكان على يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

17 - باب غزوة أحد

17 - باب غَزْوَةِ أُحُدٍ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) وَقَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ (وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ * أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ * وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) وَقَوْلِهِ (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) (وَلاَ تَحْسِبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا) الآيَةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب غزوة أحد بضم الهمزة جبل بالمدينة الشريفة -على ساكنها أفضل الصلوات وأكمل تسليم- وكانت هذه الغزوة في شوال سنة ثلاث من الهجرة. وكان من حديثها أن نجد صناديد قريش لما قتلوا ببدر، ونجا أبو سفيان بالعير، مشى صفوان بن أمية وعكرمة بن أبي جهل، وسائر من قتل أباؤهم وأبناؤهم في قريش وقالوا: إن محمدًا فعل ما فعل، تعالوا نجعل ربح هذا المال الَّذي سلم في حرب محمد. وقال أبو سفيان -وكان رئيس القوم-: أنا أول من أجاب. وفرقوا الناس على سائر القبائل من كنانة وغيرهم جمعوا من الأحابيش. قال ابن الأثير: والأحابيش: الأحياء من القارة وبني الليث وغيرهم. حتَّى اجتمع ثلاثة آلاف فيهم سبعمائة دارع ومائتا فارس، ومعهم نساؤهم ليقاتلوا على الحريم، فلما بلغوا المدينة نزلوا بعينين -تثنية عين- على شفير الوادي مقابل المدينة. وخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعه ألف رجل فانخزل عنه ابن سلول رأس النفاق بثلث العساكر من أهل الريب والنفاق، فناداهم عبد الله بن حرام أخو بني سلمة وقال: يا قوم أذكركم الله في قومكم وبينكم فقالوا: {لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ [آل عمران: 167] كما أخبر الله عنهم، فنزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الشعب في عروة الوادي وجعل ظهره وعسكره إلى أحد، هذا ابتداء الأمر، وسيأتي مفصلًا في الباب. ({وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ} [آل عمران: 121]) كان في حجرة عائشة.

4041 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ أُحُدٍ «هَذَا جِبْرِيلُ آخِذٌ بِرَأْسِ فَرَسِهِ عَلَيْهِ أَدَاةُ الْحَرْبِ». طرفه 3995 4042 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ عَدِىٍّ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ حَيْوَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى حَبِيبٍ عَنْ أَبِى الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ بَعْدَ ثَمَانِى سِنِينَ، كَالْمُوَدِّعِ لِلأَحْيَاءِ وَالأَمْوَاتِ، ثُمَّ طَلَعَ الْمِنْبَرَ فَقَالَ «إِنِّى بَيْنَ أَيْدِيكُمْ فَرَطٌ، وَأَنَا عَلَيْكُمْ شَهِيدٌ، وَإِنَّ مَوْعِدَكُمُ الْحَوْضُ، وَإِنِّى لأَنْظُرُ إِلَيْهِ مِنْ مَقَامِى هَذَا، وَإِنِّى لَسْتُ أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا، وَلَكِنِّى أَخْشَى عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا أَنْ تَنَافَسُوهَا». قَالَ فَكَانَتْ آخِرَ نَظْرَةٍ نَظَرْتُهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 1344 4043 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ - رضى الله عنه - قَالَ لَقِينَا الْمُشْرِكِينَ يَوْمَئِذٍ، وَأَجْلَسَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - جَيْشًا مِنَ الرُّمَاةِ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ وَقَالَ «لاَ تَبْرَحُوا، إِنْ رَأَيْتُمُونَا ظَهَرْنَا عَلَيْهِمْ فَلاَ تَبْرَحُوا وَإِنْ رَأَيْتُمُوهُمْ ظَهَرُوا عَلَيْنَا فَلاَ تُعِينُونَا». فَلَمَّا لَقِينَا هَرَبُوا حَتَّى رَأَيْتُ النِّسَاءَ يَشْتَدِدْنَ فِي الْجَبَلِ، رَفَعْنَ عَنْ سُوقِهِنَّ قَدْ بَدَتْ خَلاَخِلُهُنَّ، ـــــــــــــــــــــــــــــ 4042 - (حيوة) بفتح الحاء وسكون الياء المثناة بعدها واو (يزيد) من الزيادة (حبيب) ضد العدو (صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على قتلى أحد بعد ثمان سنين) فيه تسامح لما قدمنا أن هذه الغزوة كانت سنة ثلاث من الهجرة في شوال (طَلَعَ المنبر) -بثلاث فتحات- وقول الجوهري يقال: طلعت الجبل -بالكسر- الظاهر. فإن قلت: الحديث دل على مشروعية الصلاة على الشهيد فما جواب الشافعي؟ قلت: ... الموتى، بل دعا لهم كما صلى على أهل البقيع، ودع الأحياء والأموات (إني بين أيديكم فرط) -بفتح الفاء والراء- من يتقدم المسافرين إلى المنزل لتحصيل الأسباب. 4043 - (وأجلس النبي - صلى الله عليه وسلم - جيشًا من الرماة) كانوا خمسين رجلًا (وأمر عليهم عبد الله بن جُبير) -بضم الجيم مصغر- الأنصاري من بني عمرو بن عوف، وقتل يومئذٍ شهيدًا (فلما لقيناهم هربوا حتَّى رأيت النساء يشتدون في الجبل) -بالشين المعجمة- أي يسرعن. وفي بعضها يسندن بالمهملة والنون من السَّند وهو ما ارتفع من الجبل، ويؤيده

فَأَخَذُوا يَقُولُونَ الْغَنِيمَةَ الْغَنِيمَةَ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ عَهِدَ إِلَىَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ لاَ تَبْرَحُوا. فَأَبَوْا، فَلَمَّا أَبَوْا صُرِفَ وُجُوهُهُمْ، فَأُصِيبَ سَبْعُونَ قَتِيلاً، وَأَشْرَفَ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ أَفِى الْقَوْمِ مُحَمَّدٌ فَقَالَ «لاَ تُجِيبُوهُ». فَقَالَ أَفِى الْقَوْمِ ابْنُ أَبِى قُحَافَةَ قَالَ «لاَ تُجِيبُوهُ». فَقَالَ أَفِى الْقَوْمِ ابْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ إِنَّ هَؤُلاَءِ قُتِلُوا، فَلَوْ كَانُوا أَحْيَاءً لأَجَابُوا، فَلَمْ يَمْلِكْ عُمَرُ نَفْسَهُ فَقَالَ كَذَبْتَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ، أَبْقَى اللَّهُ عَلَيْكَ مَا يُخْزِيكَ. قَالَ أَبُو سُفْيَانَ أُعْلُ هُبَلْ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَجِيبُوهُ». قَالُوا مَا نَقُولُ قَالَ «قُولُوا اللَّهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ». قَالَ أَبُو سُفْيَانَ لَنَا الْعُزَّى وَلاَ عُزَّى لَكُمْ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَجِيبُوهُ». قَالُوا مَا نَقُولُ قَالَ «قُولُوا اللَّهُ مَوْلاَنَا وَلاَ مَوْلَى لَكُمْ». قَالَ أَبُو ـــــــــــــــــــــــــــــ رواية أبي داود: يصعدون (فأخذوا يقولون الغنيمة الغنيمة) أي: شرع الرماة في هذا القول، وانتصابه على الإغراء (فقال عبد الله: عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - لا تبرحوا فلما أبوا صُرِفَ وجوههم) أي: قلوبهم، كناية عن الانهزام بشؤم مخالفته كما قال تعالى: {قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} [آل عمران: 165] (وأشرف أبو سفيان فقال: أفي القوم محمد) وإنما فعل ذلك لأن الَّذي رمى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لهم: قتلت محمدًا. ولعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما منعهم عن الجواب؛ لأن الناس كان فيهم قلة وضعف لا يجترئ عليهم الكفار. فإن قلت: فكيف خالف عمر قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث قال: (كذبت عدوَّ الله)؟ قلت: علم أنَّه ليس في المنع غرض ديني، ويجوز الاجتهاد لغيره بحضرته، ولا سيما ما يتعلق بأمر الحروب، ألا ترى إلى ما تقدم في غزاة بدر لما نزل دون الماء قال له حباب: هذا المنزل شيء أُمِرْتَ به أم لأن الحرب خدعة؟ فقال: "لم اؤمر بذلك في شيء". فقال: الرأي أن ننزل على الماء نشرب ولا يشربون، فانتقل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الموضع الَّذي أشار به. (قال أبو سفيان: اعل هبل) -بضم الهاء وفتح الباء- صنم لقريش كان في داخل الكعبة جاء بها عمرو بن لحي الخزاعي من الشام. قال ابن هشام: أول صنم دخل بلاد العرب وهذا الملعون هو الَّذي غير ملة إبراهيم (إن لنا عزى ولا عزى لكم) هذه صنم لقريش وكنانة، وقيل: شجرة ثمرة بنوا عليها بيتًا لغطفان فأحرقها خالد بن الوليد، فعلى هذا تكون قريش

سُفْيَانَ يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ، وَالْحَرْبُ سِجَالٌ، وَتَجِدُونَ مُثْلَةً لَمْ آمُرْ بِهَا وَلَمْ تَسُؤْنِى. طرفه 3039 4044 - أَخْبَرَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ جَابِرٍ قَالَ اصْطَبَحَ الْخَمْرَ يَوْمَ أُحُدٍ نَاسٌ ثُمَّ قُتِلُوا شُهَدَاءَ. طرفه 2815 4045 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ أُتِىَ بِطَعَامٍ، وَكَانَ صَائِمًا فَقَالَ قُتِلَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَهْوَ خَيْرٌ مِنِّى، كُفِّنَ فِي بُرْدَةٍ، إِنْ غُطِّىَ رَأْسُهُ بَدَتْ رِجْلاَهُ، وَإِنْ غُطِّىَ رِجْلاَهُ بَدَا رَأْسُهُ - وَأُرَاهُ قَالَ - وَقُتِلَ حَمْزَةُ وَهْوَ خَيْرٌ مِنِّى، ثُمَّ بُسِطَ لَنَا مِنَ الدُّنْيَا مَا بُسِطَ، أَوْ قَالَ أُعْطِينَا مِنَ الدُّنْيَا مَا أُعْطِينَا، وَقَدْ خَشِينَا أَنْ تَكُونَ حَسَنَاتُنَا عُجِّلَتْ لَنَا. ثُمَّ جَعَلَ يَبْكِى حَتَّى تَرَكَ الطَّعَامَ. طرفه 1274 ـــــــــــــــــــــــــــــ أيضًا عابدين لها قائلين بها، فإن تعدد الآلهة عندهم جائز (وستجدون مثلة) بضم الميم وللأصيلي بكسر الميم وسكون الثاء، ويروى بضم الميم والثاء أيضًا، وعلى الوجوه هو اسم ما يقطع من أطراف الحيوان وهو حيٌّ، يقال: مثل به مخففًا، وإذا أريد المبالغة شدد. وقوله: (يوم بيوم بدر والحرب سجال) أي: دول، تارة وتارة، لنا وعلينا، وفي بعض السير أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[قال] قولوا في جوابه: "ولا سواء قتلانا في الجنَّة وقتلاكم في النار". 4044 - (اصطبح الخمر يوم أحد أناس قتلوا شهداء) قيل: فيهم نزل: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا} [المائدة: 93] ولا إشكال في هذا فإن حرمة الخمر إنما هو بقول الشارع، وقيل: التحريم حكمه حكم الخبز والماء. 4045 - (عبدان) على وزن شعبان. روى حديث عبد الرحمن بن عوف أنَّه (أتي بطعام وكان صائمًا) فذكر مصعب بن عمير وحمزة أنهما قتلا بأحد ولم يجدوا لمصعب كفنًا، فكفنوه في بردته فلم يف بالكفن ولم يجدوا له تمام الكفن حتَّى قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "غطوا رأسه واعملوا الإذخر على رجليه" والحديث سلف في كتاب الجنائز وأشرنا إلى أن قوله: {وهو خير مني) قاله تواضعًا،

4046 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ أُحُدٍ أَرَأَيْتَ إِنْ قُتِلْتُ فَأَيْنَ أَنَا قَالَ «فِي الْجَنَّةِ» فَأَلْقَى تَمَرَاتٍ فِي يَدِهِ، ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ. 4047 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ خَبَّابٍ - رضى الله عنه - قَالَ هَاجَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَبْتَغِى وَجْهَ اللَّهِ، فَوَجَبَ أَجْرُنَا عَلَى اللَّهِ، وَمِنَّا مَنْ مَضَى أَوْ ذَهَبَ لَمْ يَأْكُلْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا، كَانَ مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، لَمْ يَتْرُكْ إِلاَّ نَمِرَةً، كُنَّا إِذَا غَطَّيْنَا بِهَا رَأْسَهُ خَرَجَتْ رِجْلاَهُ، وَإِذَا غُطِّىَ بِهَا رِجْلاَهُ خَرَجَ رَأْسُهُ، فَقَالَ لَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «غَطُّوا بِهَا رَأْسَهُ، وَاجْعَلُوا عَلَى رِجْلِهِ الإِذْخِرَ - أَوْ قَالَ أَلْقُوا عَلَى رِجْلِهِ مِنَ الإِذْخِرِ». وَمِنَّا مَنْ قَدْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهْوَ يَهْدُبُهَا. طرفه 1276 4048 - أَخْبَرَنَا حَسَّانُ بْنُ حَسَّانَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ عَمَّهُ غَابَ عَنْ بَدْرٍ فَقَالَ غِبْتُ عَنْ أَوَّلِ قِتَالِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، لَئِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ والأولى أن يقال: كونه من العشرة المبشرة بالجنَّة يلزم؟ بأن يكون أفضل ممن استشهد بأحد. 4046 - (قال رجل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: أرأيت إن قُتلت فأين أنا؟ قال: في الجنَّة. فألقى تمرات في يده ثم قاتل حتَّى قتل) قالوا هذا الرجل عمرو بن حرام الأنصاري ..... عمرو بن حرام إلا هذا، وفي رواية أنس أن ذلك كان يوم بدر والرجل عمير بن الحمام، رواه مسلم. فالوجه الحمل على التعدد. 4047 - (زُهير) بضم الزاي مصغر، روى حديث مصعب بن عمير الَّذي قبله وقد شرحنا. 4048 - (حسان بن حسان) أبو علي الواسطي يجوز في الاسمين الصرف وعدمه بناء على جواز زيادة الألف والنون (عن أنس أن عمه غاب عن بدر) عمه أنس بن النضر (غبت عن أول قتال النبي - صلى الله عليه وسلم -) يريد قتال بدو والغرض من هذا الكلام التمني على ما فات، ولذلك

أَشْهَدَنِى اللَّهُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لَيَرَيَنَّ اللَّهُ مَا أُجِدُّ. فَلَقِىَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَهُزِمَ النَّاسُ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّى أَعْتَذِرُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلاَءِ - يَعْنِى الْمُسْلِمِينَ - وَأَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا جَاءَ بِهِ الْمُشْرِكُونَ. فَتَقَدَّمَ بِسَيْفِهِ فَلَقِىَ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ فَقَالَ أَيْنَ يَا سَعْدُ إِنِّى أَجِدُ رِيحَ الْجَنَّةِ دُونَ أُحُدٍ. فَمَضَى فَقُتِلَ، فَمَا عُرِفَ حَتَّى عَرَفَتْهُ أُخْتُهُ بِشَامَةٍ أَوْ بِبَنَانِهِ، وَبِهِ بِضْعٌ وَثَمَانُونَ مِنْ طَعْنَةٍ وَضَرْبَةٍ وَرَمْيَةٍ بِسَهْمٍ. طرفه 2805 4049 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ سَمِعَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ - رضى الله عنه - يَقُولُ فَقَدْتُ آيَةً مِنَ الأَحْزَابِ حِينَ نَسَخْنَا الْمُصْحَفَ، كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ بِهَا، فَالْتَمَسْنَاهَا فَوَجَدْنَاهَا مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ الأَنْصَارِىِّ (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ) فَأَلْحَقْنَاهَا فِي سُورَتِهَا فِي الْمُصْحَفِ. طرفه 2807 4050 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِىِّ بْنِ ثَابِتٍ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ، يُحَدِّثُ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى أُحُدٍ، رَجَعَ نَاسٌ مِمَّنْ خَرَجَ مَعَهُ، وَكَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِرْقَتَيْنِ، فِرْقَةً تَقُولُ نُقَاتِلُهُمْ. وَفِرْقَةً ـــــــــــــــــــــــــــــ أردفه بقوله (لئن أشهدني الله مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ليرين الله ما أصنع) يريد قضاء ما فاته ويروى مكانه ما أصنع: ما أُجِدَّ -بضم الهمزة وفتحها وكسر الجيم- من جَدَّ في الأمر وأجد اجتهد، ويروى ما أَجد -بفتح الهمزة وتخفيف الدال- معناه معنى ما أصنع. 4049 - (زيد بن ثابت قال: فقدت آية من الأحزاب كنت أسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ بها فوجدناها عند خزيمة بن ثابت) الآية قوله تعالى: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} [الأحزاب: 23]) نزلت في أنس بن النضر وأشباهه من شهداء أحد. فإن قلتَ: شرط القرآن التواتر ولم يوجد إلا عند رجل واحد؟ قلتُ: كان القرآن متفرقًا بعضه مكتوب عند هذا، وبعضه عند هذا وإلا كانوا كلهم عارفين بالقرآن، ألا ترى أنَّه قال: فقدت، وقال: كنت أسمعها من رسول الله، ألا ترى قوله: (فألحقناها في سورتها)، فإنه يدل على كمال علمهم. 4050 - (لما خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أحد رجع ناس ممن خرج معه) قد تقدم قريبًا أنَّه ابن سلول ومن وافقه ثلاثمائة رجل لم يؤمنوا بالله ورسوله.

18 - باب (إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما وعلى الله فليتوكل المؤمنون)

تَقُولُ لاَ نُقَاتِلُهُمْ. فَنَزَلَتْ (فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا) وَقَالَ «إِنَّهَا طَيْبَةُ تَنْفِى الذُّنُوبَ كَمَا تَنْفِى النَّارُ خَبَثَ الْفِضَّةِ». طرفه 1884 18 - باب (إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلاَ وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) 4051 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِينَا (إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلاَ) بَنِى سَلِمَةَ وَبَنِى حَارِثَةَ، وَمَا أُحِبُّ أَنَّهَا لَمْ تَنْزِلْ، وَاللَّهُ يَقُولُ (وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا) طرفه 4558 4052 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ أَخْبَرَنَا عَمْرٌو عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هَلْ نَكَحْتَ يَا جَابِرُ». قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «مَاذَا أَبِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا». قُلْتُ لاَ بَلْ ثَيِّبًا. قَالَ «فَهَلاَّ جَارِيَةً تُلاَعِبُكَ». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبِى قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ وَتَرَكَ تِسْعَ بَنَاتٍ كُنَّ لِى تِسْعَ أَخَوَاتٍ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَجْمَعَ إِلَيْهِنَّ جَارِيَةً خَرْقَاءَ مِثْلَهُنَّ، وَلَكِنِ امْرَأَةً تَمْشُطُهُنَّ وَتَقُومُ عَلَيْهِنَّ. قَالَ «أَصَبْتَ». طرفه 443 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا} [آل عمران: 122] 4051 - روي عن جابر (أن هذه الآية نزلت في بني سلمة) بكسر اللام (وبني حارثة) بنو سلمة -ومنهم جابر- طائفة من الخزرج، وبنو حارثة طائفة من الخزرج الأوس، فإنما أحب جابر نزول الآية وإن كان فيها عتاب قومه بالهمِّ بالفشل والرخاوة في الدين؛ لأن آخر الآية: {وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا}، ولا سعادة فوق أن يكون الله وليًّا لعبده. 4052 - (قتيبة) روى حديث تزوج جابر والمعنى ظاهر (تلاعبك) من اللعب وهو جلب السرور وقيل: من اللعاب وهو الريق (إن أبي قتل يوم أحد فترك تسع بنات كن لي تسع أخوات) بدل من الأول وفائدته: دفع التجوز لاحتمال أن يكون بعض تلك البنات في حجر أبيه من القرابات.

4053 - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ أَبِى سُرَيْجٍ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ فِرَاسٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما أَنَّ أَبَاهُ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ وَتَرَكَ عَلَيْهِ دَيْنًا، وَتَرَكَ سِتَّ بَنَاتٍ، فَلَمَّا حَضَرَ جِذَاذُ النَّخْلِ قَالَ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ وَالِدِى قَدِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَتَرَكَ دَيْنًا كَثِيرًا، وَإِنِّى أُحِبُّ أَنْ يَرَاكَ الْغُرَمَاءُ. فَقَالَ «اذْهَبْ فَبَيْدِرْ كُلَّ تَمْرٍ عَلَى نَاحِيَةٍ». فَفَعَلْتُ ثُمَّ دَعَوْتُهُ، فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَيْهِ كَأَنَّهُمْ أُغْرُوا بِى تِلْكَ السَّاعَةَ، فَلَمَّا رَأَى مَا يَصْنَعُونَ أَطَافَ حَوْلَ أَعْظَمِهَا بَيْدَرًا ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ جَلَسَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ «ادْعُ لَكَ أَصْحَابَكَ». فَمَا زَالَ يَكِيلُ لَهُمْ حَتَّى أَدَّى اللَّهُ عَنْ وَالِدِى أَمَانَتَهُ، وَأَنَا أَرْضَى أَنْ يُؤَدِّىَ اللَّهُ أَمَانَةَ وَالِدِى، وَلاَ أَرْجِعَ إِلَى أَخَوَاتِى بِتَمْرَةٍ، فَسَلَّمَ اللَّهُ الْبَيَادِرَ كُلَّهَا وَحَتَّى إِنِّى أَنْظُرُ إِلَى الْبَيْدَرِ الَّذِى كَانَ عَلَيْهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - كَأَنَّهَا لَمْ تَنْقُصْ تَمْرَةً وَاحِدَةً. طرفه 2127 4054 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ - رضى الله عنه - قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ أُحُدٍ، وَمَعَهُ رَجُلاَنِ يُقَاتِلاَنِ عَنْهُ، عَلَيْهِمَا ثِيَابٌ بِيضٌ، كَأَشَدِّ الْقِتَالِ، مَا رَأَيْتُهُمَا قَبْلُ وَلاَ بَعْدُ. طرفه 5826 ـــــــــــــــــــــــــــــ 4053 - (شيبان) -بفتح الشين وسكون الياء- على وزن شعبان (عن فراس) بكسر الفاء (فلما حضر جِذاذ النخل) -بكسر الجيم وداله مهملة وذال معجمة- أي: وقت القطاف، من الجذ، وهو القطاف (قال اذهب بيدره) -بالدال المهملة- أي اجعله في بيدر، مكان تجمع فيه الزرع (فلما انظروا إليه) أي: إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (فكأنهم أُغْروا) أي: من الإغراء ... القوم كانوا يهودًا، وعلموا أن جابرًا إنما جاء به ليصالح ...... (أطاف حول أعظمها بيدرًا ثلاث مرات) يقال: طاف وأطاف بمعنى والأول أكثر دورًا، والقيد بالثلاث ليفيض عليه بركات أنواره وسيره وآثاره، والتوفيق بين الروايات المختلفة اختلافًا كبيرًا ذكرناه في كتاب الصلح، وملخصه أن قضيته مع الغرماء متعددة. 4054 - (عن سعد بن أبي وقاص: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد ومعه رجلان يقاتلان) أي: ملكان.

4055 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ هَاشِمٍ السَّعْدِىُّ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِى وَقَّاصٍ يَقُولُ نَثَلَ لِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - كِنَانَتَهُ يَوْمَ أُحُدٍ فَقَالَ «ارْمِ فِدَاكَ أَبِى وَأُمِّى». طرفه 3725 4056 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ سَمِعْتُ سَعْدًا يَقُولُ جَمَعَ لِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَبَوَيْهِ يَوْمَ أُحُدٍ. طرفه 3725 4057 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ يَحْيَى عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ قَالَ قَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِى وَقَّاصٍ - رضى الله عنه - لَقَدْ جَمَعَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ أُحُدٍ أَبَوَيْهِ كِلَيْهِمَا. يُرِيدُ حِينَ قَالَ «فِدَاكَ أَبِى وَأُمِّى». وَهُوَ يُقَاتِلُ. طرفه 3725 4058 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شَدَّادٍ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيًّا - رضى الله عنه - يَقُولُ مَا سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَجْمَعُ أَبَوَيْهِ لأَحَدٍ غَيْرَ سَعْدٍ. طرفه 2905 ـــــــــــــــــــــــــــــ وفي رواية مسلم: جبريل وميكائيل عن عبد الرحمن بن عوف أيضًا أنَّه رأى ذلك. فإن قلت: قد سبق منك أن الملائكة لم تقاتل سوى يوم بدر؟ قلت: يحمل على عموم النازلين فلا ينافي هذا. 4055 - (هاشم بن هاشم السعدي) هاشم الثاني هو ابن عتبة بن أبي وقاص أخو سعد، وإنما نسبه إلى سعد؛ لأن عتبة مات كافرًا قاله ابن عبد البر وغيره نسبه إلى سعد للشرف فسعد أخوه جد هاشم بن هاشم كما ذكرنا، ومن قال عم جده فقد سها، وكذا من قال: هو ابن أخي سعد (فداك أبي وأمي) قال ابن الأثير: كسر الفاء مع المد والفتح مع القصر وهذا كلام على طريقة العرب إذا رضوا من شخص يفدونه بالأب والأم. 4058 - (أبو نُعيم) بضم النون مصغر (مسعر) بكسر الميم وما رواه عن علي أنَّه لم يسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جمع أبويه إلا لسعد، لا ينافي ما تقدم من رواية عروة عن الزبير أن

4059 - حَدَّثَنَا يَسَرَةُ بْنُ صَفْوَانَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - قَالَ مَا سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - جَمَعَ أَبَوَيْهِ لأَحَدٍ إِلاَّ لِسَعْدِ بْنِ مَالِكٍ، فَإِنِّى سَمِعْتُهُ يَقُولُ يَوْمَ أُحُدٍ «يَا سَعْدُ ارْمِ، فِدَاكَ أَبِى وَأُمِّى». طرفه 2905 4060 و 4061 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ مُعْتَمِرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ زَعَمَ أَبُو عُثْمَانَ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي بَعْضِ تِلْكَ الأَيَّامِ الَّتِى يُقَاتِلُ فِيهِنَّ غَيْرُ طَلْحَةَ وَسَعْدٍ. عَنْ حَدِيثِهِمَا. طرفه 3722 4062 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى الأَسْوَدِ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ سَمِعْتُ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ قَالَ صَحِبْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَطَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ وَالْمِقْدَادَ وَسَعْدًا رضى الله عنهم فَمَا سَمِعْتُ أَحَدًا مِنْهُمْ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، إِلاَّ أَنِّى سَمِعْتُ طَلْحَةَ يُحَدِّثُ عَنْ يَوْمِ أُحُدٍ طرفه 2824 ـــــــــــــــــــــــــــــ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فداه بأبويه يوم قريظة لأن عليًّا إنما أخبر عن سماعه. 4059 - (يَسَرَة بن صفوان) بفتح الياء المثناة تحت. 4060 - 4061 - (لم يبق مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في بعض تلك الأيام) يريد يوم أحد بلا خلاف (غير طلحة وسعد عن حديثهما) يعني إنما سمع هذا الكلام منهما. فإن قلت: في رواية مسلم: انفرد رسول الله يوم أحد في سبعة من الأنصار ورجلين من المهاجرين؟ قلت: في رواية النسائي: أحد عشر من الأنصار وطلحة، وأحسن ما يقال أن الكل صحيح باختلاف الأوقات بعد الانهزام وما رواه الواقدي أن أبا بكر وعمر وعليًّا وغيرهم ثبتوا يوم أحد فمحمول على الثبات في الحرب، وإن لم يكونوا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (معتمر) اسم فاعل زعم أبو عثمان هو النهدي والحديث مرسل لأنه تابعي. 4062 - (سمعت طلحة يحدث عن يوم أحد) وذلك أن يوم أحد كان لطلحة فيه شأن.

4063 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ قَالَ رَأَيْتُ يَدَ طَلْحَةَ شَلاَّءَ، وَقَى بِهَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ أُحُدٍ. طرفه 3724 4064 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمَ أُحُدٍ انْهَزَمَ النَّاسُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو طَلْحَةَ بَيْنَ يَدَىِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مُجَوِّبٌ عَلَيْهِ بِحَجَفَةٍ لَهُ، وَكَانَ أَبُو طَلْحَةَ رَجُلاً رَامِيًا شَدِيدَ النَّزْعِ، كَسَرَ يَوْمَئِذٍ قَوْسَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا، وَكَانَ الرَّجُلُ يَمُرُّ مَعَهُ بِجَعْبَةٍ مِنَ النَّبْلِ فَيَقُولُ انْثُرْهَا لأَبِى طَلْحَةَ. قَالَ وَيُشْرِفُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَنْظُرُ إِلَى الْقَوْمِ، فَيَقُولُ أَبُو طَلْحَةَ بِأَبِى أَنْتَ وَأُمِّى، لاَ تُشْرِفْ يُصِيبُكَ سَهْمٌ مِنْ سِهَامِ الْقَوْمِ، نَحْرِى دُونَ نَحْرِكَ. وَلَقَدْ رَأَيْتُ عَائِشَةَ بِنْتَ أَبِى بَكْرٍ وَأُمَّ سُلَيْمٍ، وَإِنَّهُمَا لَمُشَمِّرَتَانِ أَرَى خَدَمَ سُوقِهِمَا تَنْقُزَانِ الْقِرَبَ عَلَى مُتُونِهِمَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ قال ابن هشام: لما رمى عتبة بن أبي وقاص عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكسر رباعية النبي - صلى الله عليه وسلم - السفلى، وجرح شفته السفلى، ورماه عبد الله بن شهاب الزهري فشجَّ جبينه، وابن قمئة جرح وجنته ودخل حلقتان من المغفر في وجهه. (ابن قمئة) -بفتح القاف وكسر الميم وفتح الهمزة- وكان أبو عامر الفاسق الراهب قد حفر في مواضع حفرًا ليقع فيها المسلمون فوقع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في واحدة من تلك الحفر فأخذ علي بيده ورفعه طلحة، ولما انحاز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الشعب، وجاء إلى صحرة ليعلوها، وكان ذلك اليوم ظاهرًا بين درعين فلم يتمكن، جلس طلحة، فوضع رجله عليه حتَّى نهض، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:" أوجب طلحة". 4064 - (أبو معمر) -بفتح الميمين وبينهما عين ساكنة- عبد الله المنقري. (لما كان يوم أحد انهزم الناس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو طلحة بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - فجوِّب عنه بحَجَفَةٍ) -بضم الجيم وتشديد الواو- أي: ترس عليه. قالا ابن الأثير: والجوبة: اسم الترس، والحَجَفَة -بتقديم الحاء على الجيم وثلاث فتحات-: ترس كبير من الجلود (لا تشرف يصيبك سهم) بالرفع، ويروى بالجزم ولم يجوز مثله أحد من النحاة إلا الكسائي (ولقد رأيت عائشة بنت أبي بكر وأم سليم لمشمرتان أرى خدم سوقهما) أي: الخلخال جمع خدمة (تُنْقزان القرب على متونهما) -بالقاف والزاي المعجمة- من نقز إذا وثب، ونصب القرب

تُفْرِغَانِهِ فِي أَفْوَاهِ الْقَوْمِ ثُمَّ تَرْجِعَانِ فَتَمْلآنِهَا، ثُمَّ تَجِيئَانِ فَتُفْرِغَانِهِ فِي أَفْوَاهِ الْقَوْمِ، وَلَقَدْ وَقَعَ السَّيْفُ مِنْ يَدَىْ أَبِى طَلْحَةَ إِمَّا مَرَّتَيْنِ وَإِمَّا ثَلاَثًا. طرفه 2880 4065 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ لَمَّا كَانَ يَوْمَ أُحُدٍ هُزِمَ الْمُشْرِكُونَ، فَصَرَخَ إِبْلِيسُ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَىْ عِبَادَ اللَّهِ أُخْرَاكُمْ. فَرَجَعَتْ أُولاَهُمْ فَاجْتَلَدَتْ هِىَ وَأُخْرَاهُمْ فَبَصُرَ حُذَيْفَةُ فَإِذَا هُوَ بِأَبِيهِ الْيَمَانِ فَقَالَ أَىْ عِبَادَ اللَّهِ أَبِى أَبِى. قَالَ قَالَتْ فَوَاللَّهِ مَا احْتَجَزُوا حَتَّى قَتَلُوهُ فَقَالَ حُذَيْفَةُ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ. قَالَ عُرْوَةُ فَوَاللَّهِ مَا زَالَتْ فِي حُذَيْفَةَ بَقِيَّةُ خَيْرٍ حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ. بَصُرْتُ عَلِمْتُ، مِنَ الْبَصِيرَةِ فِي الأَمْرِ، وَأَبْصَرْتُ مِنْ بَصَرِ الْعَيْنِ وَيُقَالُ بَصُرْتُ وَأَبْصَرْتُ وَاحِدٌ. طرفه 3290 ـــــــــــــــــــــــــــــ بنزع الخافض، ويروى بالرفع على الابتداء والجار والمجرور خبره على أن الجملة حال إلا أن الاسمية وقوعها حالًا بالضمير وحده فيه ضعف، ويروى تُنقر -بضم التاء وكسر الزاي- إلا أن معنى الوثوب على هذا غير ظاهر إلا أن يشبه تحرك القرب من سرعة المشي بالوثوب. وقال غيره: تنقلان، والمعنى ظاهر (ولقد وقع السيف من يد أبي طلحة إما مرتين وإما ثلاثًا) من النعاس كما أخبر الله تعالى بقوله: {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ} [الأنفال: 11] في ذلك الوقت قوي جأشهم حتَّى غلبهم النوم من غاية الأمن. وقد قيل: النوم في الحرب من الله تعالى، وفي الصلاة من الشيطان. 4065 - وحديث قتل أبي حذيفة تقدم في مناقبه. (أخراكم) نصب على الإغراء، أي: عليكم الطائفة التي وراءكم.

19 - باب قول الله تعالى (إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم)

19 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ) 4066 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا أَبُو حَمْزَةَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مَوْهَبٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ حَجَّ الْبَيْتَ فَرَأَى قَوْمًا جُلُوسًا فَقَالَ مَنْ هَؤُلاَءِ الْقُعُودُ قَالُوا هَؤُلاَءِ قُرَيْشٌ. قَالَ مَنِ الشَّيْخُ قَالُوا ابْنُ عُمَرَ. فَأَتَاهُ فَقَالَ إِنِّى سَائِلُكَ عَنْ شَىْءٍ أَتُحَدِّثُنِى، قَالَ أَنْشُدُكَ بِحُرْمَةِ هَذَا الْبَيْتِ أَتَعْلَمُ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَرَّ يَوْمَ أُحُدٍ قَالَ نَعَمْ. قَالَ فَتَعْلَمُهُ تَغَيَّبَ عَنْ بَدْرٍ فَلَمْ يَشْهَدْهَا قَالَ نَعَمْ. قَالَ فَتَعْلَمُ أَنَّهُ تَخَلَّفَ عَنْ بَيْعَةِ الرُّضْوَانِ فَلَمْ يَشْهَدْهَا قَالَ نَعَمْ. قَالَ فَكَبَّرَ. قَالَ ابْنُ عُمَرَ تَعَالَ لأُخْبِرَكَ وَلأُبَيِّنَ لَكَ عَمَّا سَأَلْتَنِى عَنْهُ، أَمَّا فِرَارُهُ يَوْمَ أُحُدٍ فَأَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ عَفَا عَنْهُ، وَأَمَّا تَغَيُّبُهُ عَنْ بَدْرٍ فَإِنَّهُ كَانَ تَحْتَهُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَتْ مَرِيضَةً، فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ لَكَ أَجْرَ رَجُلٍ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا وَسَهْمَهُ». وَأَمَّا تَغَيُّبُهُ عَنْ بَيْعَةِ الرُّضْوَانِ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ أَحَدٌ أَعَزَّ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ لَبَعَثَهُ مَكَانَهُ، فَبَعَثَ عُثْمَانَ، وَكَانَ بَيْعَةُ الرُّضْوَانِ بَعْدَ مَا ذَهَبَ عُثْمَانُ إِلَى مَكَّةَ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِهِ الْيُمْنَى «هَذِهِ يَدُ عُثْمَانَ». فَضَرَبَ بِهَا عَلَى يَدِهِ فَقَالَ «هَذِهِ لِعُثْمَانَ». اذْهَبْ بِهَذَا الآنَ مَعَكَ. طرفه 3130 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ} [آل عمران: 155] 4066 - (عبدان) على وزن شعبان (أبو حمزة) بالحاء محمد بن ميمون (موهب) بفتح الهاء. (قال: جاء رجل حج البيت) هذا رجل من أهل مصر من أعداء عثمان قال شيخنا: واسم الرجل العلاء بن عرار -بالمهملات- وقيل: حكم. وحديثه سلف في مناقب عثمان، والمعنى ظاهر من لفظ الحديث، و (بيعة الرضوان) كانت بالحديبية، وسميت بذلك لقوله تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح: 18] (اذهب بها الآن معك) أي بالأجوبة، وقوله: "معك" نوع سخرية به حيث ذهب محرومًا ملزمًا وكان ظنه خلاف ذلك.

20 - باب

20 - بابٌ (إِذْ تُصْعِدُونَ وَلاَ تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلاَ تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) (تُصْعِدُونَ) تَذْهَبُونَ، أَصْعَدَ وَصَعِدَ فَوْقَ الْبَيْتِ. 4067 - حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ - رضى الله عنهما - قَالَ جَعَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الرَّجَّالَةِ يَوْمَ أُحُدٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جُبَيْرٍ، وَأَقْبَلُوا مُنْهَزِمِينَ، فَذَاكَ إِذْ يَدْعُوهُمُ الرَّسُولُ فِي أُخْرَاهُمْ. طرفه 3039 21 - بابٌ (ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الأَمْرِ مِنْ شَىْءٍ قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لاَ يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَىْءٌ مَا قُتِلْنَا هَا هُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِىَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ). 4068 - وَقَالَ لِى خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنْ أَبِى طَلْحَةَ - رضى الله عنهما - قَالَ كُنْتُ فِيمَنْ تَغَشَّاهُ النُّعَاسُ يَوْمَ أُحُدٍ، حَتَّى سَقَطَ سَيْفِى مِنْ يَدِى مِرَارًا، يَسْقُطُ وَآخُذُهُ، وَيَسْقُطُ فَآخُذُهُ. طرفه 4562 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ} [آل عمران: 153] هذا كان عند الانهزام وقد فسر البخاري أصعد.

22 - باب (ليس لك من الأمر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون)

22 - باب (لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَىْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ) قَالَ حُمَيْدٌ وَثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ شُجَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ أُحُدٍ فَقَالَ «كَيْفَ يُفْلِحُ قَوْمٌ شَجُّوا نَبِيَّهُمْ». فَنَزَلَتْ (لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَىْءٌ). 4069 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السُّلَمِىُّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَنِى سَالِمٌ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ مِنَ الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ مِنَ الْفَجْرِ يَقُولُ «اللَّهُمَّ الْعَنْ فُلاَنًا وَفُلاَنًا وَفُلاَنًا». بَعْدَ مَا يَقُولُ «سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ». فَأَنْزَلَ اللَّهُ (لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَىْءٌ) إِلَى قَوْلِهِ (فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ). أطرافه 4070، 4559، 7346 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران: 128] (قال حميد وثابت عن أنس) تعليق حميد أسنده الترمذي، وتعليق ثابت أسنده مسلم. 4069 - (مَعْمَر) بفتح الميمين وسكون العين، وحديث القنوت في صلاة الصبح تقدم في أبواب القنوت. كان رسول الله يدعو على صفوان بن أمية وسهيل بن عمرو والحارث بن هشام) هؤلاء الثلاثة من مسلمة الفتح وحسن إسلامهم وهم الذين أشار إليهم بقوله: {العن فلانًا وفلانًا) في الحديث الَّذي قبله. فإن قلت: كيف لم يجب دعاؤه بعد لعنهم قلت: إنما يقبل دعاؤه على من يكون محكومًا بشقاوة في الأزل، وأما من لا يستحقه فإنه رحمة به، كما صرح به الحديث، ولعل هذا هو السر في نزول قوله تعالى: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران: 128] وهؤلاء الذين أرادهم بقوله: {أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} [آل عمران: 128]. فإن قلت: روى أولًا أن الآية نزلت في الذين شجوه يوم أحد، وثانيًا أنها نزلت لما

23 - باب ذكر أم سليط

4070 - وَعَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِى سُفْيَانَ سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدْعُو عَلَى صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ وَسُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو وَالْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ فَنَزَلَتْ (لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَىْءٌ) إِلَى قَوْلِهِ (فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ). طرفه 4069 23 - باب ذِكْرِ أُمِّ سَلِيطٍ 4071 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَقَالَ ثَعْلَبَةُ بْنُ أَبِى مَالِكٍ إِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - قَسَمَ مُرُوطًا بَيْنَ نِسَاءٍ مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، فَبَقِىَ مِنْهَا مِرْطٌ جَيِّدٌ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ مَنْ عِنْدَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَعْطِ هَذَا بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الَّتِى عِنْدَكَ. يُرِيدُونَ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عَلِىٍّ. فَقَالَ عُمَرُ أُمُّ سَلِيطٍ أَحَقُّ بِهِ. وَأُمُّ سَلِيطٍ مِنْ نِسَاءِ الأَنْصَارِ مِمَّنْ بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ عُمَرُ فَإِنَّهَا كَانَتْ تُزْفِرُ لَنَا الْقِرَبَ يَوْمَ أُحُدٍ. طرفه 2881 ـــــــــــــــــــــــــــــ كان يدعو على المشركين .... ؟ قلت: قد ذكرنا مرارًا أن لا تزاحم في أسباب النزول يجوز أن يكون .... 4070 - (حنظلة بن أبي سفيان) عطف على قوله: أخبرنا معمر. والراوي عن حنظلة: عبد الله بن المبارك كذا قال شيخنا، ولا يصح إذ لو كان عطفًا على معمر يلزم أن يكون داخلًا تحت الإسناد راويًا عن الزهري، ولا رواية له عنه، وكذا لا رواية لعبد الله بن المبارك عن حنظلة والله. أعلم. ذكر أم سليط 4071 - (أن عمر بن الخطاب قسم مروطًا بين نساء من نساء المدينة) جمع مِرط -بكسر الميم- كساء من خز أو صوف يتزر بها النساء (أم سليط) على وزن فعيل، أم أبي سعيد الخدري، تزوجها مالك بن سنان أبو أبي سعيد بعد موت أبي سليط (كانت تزفر لنا القرب يوم أحد) -بالزاي المعجمة أولًا والمهملة أخرى- أي: تحمل، قال الجوهري: من الزفر -بكسر الزاي- وهو الحمل، وفي بعض النسخ فسره البخاري تزفر: تخيط، ولم يوجد له أصل في اللغة وأيضًا لا معنى للخياطة في ذلك اليوم.

24 - باب قتل حمزة رضى الله عنه

24 - باب قَتْلُ حَمْزَةَ رضى الله عنه 4072 - حَدَّثَنِى أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا حُجَيْنُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِىِّ قَالَ خَرَجْتُ مَعَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِىِّ بْنِ الْخِيَارِ، فَلَمَّا قَدِمْنَا حِمْصَ قَالَ لِى عُبَيْدُ اللَّهِ هَلْ لَكَ فِي وَحْشِىٍّ نَسْأَلُهُ عَنْ قَتْلِ حَمْزَةَ قُلْتُ نَعَمْ. وَكَانَ وَحْشِىٌّ يَسْكُنُ حِمْصَ فَسَأَلْنَا عَنْهُ فَقِيلَ لَنَا هُوَ ذَاكَ فِي ظِلِّ قَصْرِهِ، كَأَنَّهُ حَمِيتٌ. قَالَ فَجِئْنَا حَتَّى وَقَفْنَا عَلَيْهِ بِيَسِيرٍ، فَسَلَّمْنَا، فَرَدَّ السَّلاَمَ، قَالَ وَعُبَيْدُ اللَّهِ مُعْتَجِرٌ بِعِمَامَتِهِ، مَا يَرَى وَحْشِىٌّ إِلاَّ عَيْنَيْهِ وَرِجْلَيْهِ، فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ يَا وَحْشِىُّ أَتَعْرِفُنِى قَالَ فَنَظَرَ إِلَيْهِ ثُمَّ قَالَ لاَ وَاللَّهِ إِلاَّ أَنِّى أَعْلَمُ أَنَّ عَدِىَّ بْنَ الْخِيَارِ تَزَوَّجَ امْرَأَةً يُقَالُ لَهَا أُمُّ قِتَالٍ بِنْتُ أَبِى الْعِيصِ، فَوَلَدَتْ لَهُ غُلاَمًا بِمَكَّةَ، فَكُنْتُ أَسْتَرْضِعُ لَهُ، فَحَمَلْتُ ذَلِكَ الْغُلاَمَ مَعَ أُمِّهِ، فَنَاوَلْتُهَا إِيَّاهُ، فَلَكَأَنِّى نَظَرْتُ إِلَى قَدَمَيْكَ. قَالَ فَكَشَفَ عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ وَجْهِهِ ثُمَّ قَالَ أَلاَ تُخْبِرُنَا بِقَتْلِ حَمْزَةَ قَالَ نَعَمْ، إِنَّ حَمْزَةَ قَتَلَ طُعَيْمَةَ بْنَ عَدِىِّ بْنِ الْخِيَارِ بِبَدْرٍ، فَقَالَ لِى مَوْلاَىَ جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ إِنْ قَتَلْتَ حَمْزَةَ بِعَمِّى فَأَنْتَ حُرٌّ، قَالَ فَلَمَّا أَنْ خَرَجَ النَّاسُ عَامَ عَيْنَيْنِ - وَعَيْنَيْنِ جَبَلٌ بِحِيَالِ أُحُدٍ، بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَادٍ - خَرَجْتُ مَعَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قتل حمزة بن عبد المطلب أسد الله وعم رسوله وأخوه من الرضاعة قديم الإسلام، أسلم في السنة الثانية من البعثة، وأول من عقد له رسول الله اللواء عند بعضهم. 4072 - (حُجَيْن) -بضم الحاء آخره نون- من أقران شيوخ البخاري لكنه ليس له عنه رواية، ولا ذكر له إلا في هذا الموضع (عن عمرو بن أمية الضَمْري) -بفتح المعجمة وسكون الميم- قال الجوهري: بنو ضمرة بطن من كنانة رهط عمرو بن أمية. (قدمنا حمص) غير منصرف للعلمية والتأنيث والعجمة (هل مالك في وحشي) قال ابن عبد البر: هو وحشي بن حرب الحبشي من السودان (كأنه حميت) على وزن فعيل (أم قِتال) بكسر القاف (بنت أبي العيص) نسبها إلى جدها، فإنها بنت أسد بن أبي العيص أخت عتاب (وعينين جبل بِحيال أحدًا) -بكسر الحاء- أي: في مقابله، يروى بلفظ التثنية والجمع (مولاي: جبير بن مطعم) يكنى أبا دسمة بفتح الدال وسكون السين. (قال: إن حمزة قتل طعيمة بن عدي بن الخبار) كذا وقع وصوابه: طعيمة بن عدي بن

النَّاسِ إِلَى الْقِتَالِ، فَلَمَّا اصْطَفُّوا لِلْقِتَالِ خَرَجَ سِبَاعٌ فَقَالَ هَلْ مِنْ مُبَارِزٍ قَالَ فَخَرَجَ إِلَيْهِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ يَا سِبَاعُ يَا ابْنَ أُمِّ أَنْمَارٍ مُقَطِّعَةِ الْبُظُورِ، أَتُحَادُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ ثُمَّ شَدَّ عَلَيْهِ فَكَانَ كَأَمْسِ الذَّاهِبِ - قَالَ - وَكَمَنْتُ لِحَمْزَةَ تَحْتَ صَخْرَةٍ فَلَمَّا دَنَا مِنِّى رَمَيْتُهُ بِحَرْبَتِى، فَأَضَعُهَا فِي ثُنَّتِهِ حَتَّى خَرَجَتْ مِنْ بَيْنِ وَرِكَيْهِ - قَالَ - فَكَانَ ذَاكَ الْعَهْدَ بِهِ، فَلَمَّا رَجَعَ النَّاسُ رَجَعْتُ مَعَهُمْ فَأَقَمْتُ بِمَكَّةَ، حَتَّى فَشَا فِيهَا الإِسْلاَمُ، ثُمَّ خَرَجْتُ إِلَى الطَّائِفِ، فَأَرْسَلُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَسُولاً، فَقِيلَ لِى إِنَّهُ لاَ يَهِيجُ الرُّسُلَ - قَالَ - فَخَرَجْتُ مَعَهُمْ حَتَّى قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا رَآنِى قَالَ «آنْتَ وَحْشِىٌّ». قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «أَنْتَ قَتَلْتَ حَمْزَةَ». قُلْتُ قَدْ كَانَ مِنَ الأَمْرِ مَا بَلَغَكَ. قَالَ «فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُغَيِّبَ وَجْهَكَ عَنِّى». قَالَ فَخَرَجْتُ، فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَخَرَجَ مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ قُلْتُ لأَخْرُجَنَّ إِلَى مُسَيْلِمَةَ لَعَلِّى أَقْتُلُهُ فَأُكَافِئَ بِهِ حَمْزَةَ - قَالَ - فَخَرَجْتُ مَعَ النَّاسِ، فَكَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ - قَالَ - فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ فِي ثَلْمَةِ جِدَارٍ، كَأَنَّهُ جَمَلٌ أَوْرَقُ ثَائِرُ الرَّأْسِ - قَالَ - فَرَمَيْتُهُ بِحَرْبَتِى، فَأَضَعُهَا بَيْنَ ـــــــــــــــــــــــــــــ نوفل، فإنه عم جبير طعيمة ومطعم بن عدي بن نوفل (فلما اصطفوا للقتال خرج سباع فقال: هل من مبارز) -بكسر السين وتخفيف الباء- هو سباع بن عبد العزى (يا ابن أم أنمار مقطعة البظور) عيَّره بأن أمه ختانة النساء، البظور: جمع بظر -بفتح الباء والظاء المعجمة- موضع الخفض من الفرج (فكان كأمس الذاهب) كناية عن سرعة قتله، كأن لم يكن موجودًا في ذلك اليوم، ومعنى قوله: (تحاد الله) أي: يخاصمه كأن كل واحد من المتخاصمين في غير صدد الآخر، أي: طرف وجانب (كمنت لحمزة) أي: دخلت في المكان الَّذي لا يراني، من الكمون، وهو الخفاء (فلما دنا مني رميته بحربتي فأضعها في ثنته) -بفتح الثاء وتشديد النون- بين سرته وعانته، وقيل في عانته لا يوقع (فأرسلوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رسلًا وقيل لي: إنه لا يهيج الرسل) -بفتح الياء- من هاج يهج أي: لا يوقع في الرسل مكروهًا، وأصل الهيج: التحريك (قال: فهل تستطيع أن تغيب عني وجهك). فإن قلت: الإسلام يجب ما تقدمه؟ قلت: الأمر كذلك، وإنما أمره بالغيبة عنه؛ لأنه كلما رآه ذكر حمزة فتألم، فلا ضرورة إلى ذلك (مُسيلمة الكذاب) بضم الميم مصغر (كأنه جمل أورق) [...] الرماد وقد ذكرنا أنَّه كان أقبح الناس شكلًا (ووثب إليه رجل

25 - باب ما أصاب النبى - صلى الله عليه وسلم - من الجراح يوم أحد

ثَدْيَيْهِ حَتَّى خَرَجَتْ مِنْ بَيْنِ كَتِفَيْهِ - قَالَ - وَوَثَبَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ عَلَى هَامَتِهِ. قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْفَضْلِ فَأَخْبَرَنِى سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ فَقَالَتْ جَارِيَةٌ عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ وَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَتَلَهُ الْعَبْدُ الأَسْوَدُ. 25 - باب مَا أَصَابَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْجِرَاحِ يَوْمَ أُحُدٍ 4073 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى قَوْمٍ فَعَلُوا بِنَبِيِّهِ - يُشِيرُ إِلَى رَبَاعِيَتِهِ - اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى رَجُلٍ يَقْتُلُهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي سَبِيلِ اللَّهِ». 4074 - حَدَّثَنِى مَخْلَدُ بْنُ مَالِكٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأُمَوِىُّ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي سَبِيلِ اللَّهِ، اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى قَوْمٍ دَمَّوْا وَجْهَ نَبِىِّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 4076 ـــــــــــــــــــــــــــــ من الأنصار فضربه بالسيف) قيل: هذا الرجل عبد الله بن زيد المازني، وقيل: عدي بن سهل (وأمير المومنين قتله العبد الأسود) كان يدعي النبوة، لم يساعده الكذب إلا على أن سمى نفسه أمير المؤمنين؛ لأنه أمير من آمن به على زعمه، هذا قول ابن دحية، قال النووي: لا يلزم من قول الجارية أمير المؤمنين أن يكون سمى نفسه بذلك، بل كان يدعي الرسالة وكان ملقبًا برحمن اليمامة. باب ما أصاب النبي - صلى الله عليه وسلم - من الجراح يوم أحد قد أسلفنا أن الثلاثة: عبد الله بن شهاب وعتبة بن أبي وقاص وعبد الله بن أبي قمئة كل واحد أصابه، وفصلناه في أول الباب في غزوة أحد. 4074 - (مَخلد بن مالك) بفتح الميم.

26 - باب

26 - بابٌ 4075 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ عَنْ أَبِى حَازِمٍ أَنَّهُ سَمِعَ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ، وَهْوَ يُسْأَلُ عَنْ جُرْحِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَمَا وَاللَّهِ إِنِّى لأَعْرِفُ مَنْ كَانَ يَغْسِلُ جُرْحَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَنْ كَانَ يَسْكُبُ الْمَاءَ وَبِمَا دُووِىَ - قَالَ - كَانَتْ فَاطِمَةُ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ - بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَغْسِلُهُ وَعَلِىٌّ يَسْكُبُ الْمَاءَ بِالْمِجَنِّ، فَلَمَّا رَأَتْ فَاطِمَةُ أَنَّ الْمَاءَ لاَ يَزِيدُ الدَّمَ إِلاَّ كَثْرَةً أَخَذَتْ قِطْعَةً مِنْ حَصِيرٍ، فَأَحْرَقَتْهَا وَأَلْصَقَتْهَا فَاسْتَمْسَكَ الدَّمُ، وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ يَوْمَئِذٍ، وَجُرِحَ وَجْهُهُ، وَكُسِرَتِ الْبَيْضَةُ عَلَى رَأْسِهِ. طرفه 243 4076 - حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ نَبِىٌّ، اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى مَنْ دَمَّى وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 4074 27 - باب (الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ) 4077 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا ـــــــــــــــــــــــــــــ [باب] 4075 - (قتيبة) بضم القاف مصغر (عن أبي حازم) -بالحاء المهملة- سلمة بن دينار. (وكسرت رباعيته) الرباعية على وزن: الثمانية السن التي تلي الثنية، ولكل إنسان أربع رباعيات. وقد تقدم منا قريبًا أن الَّذي كسر رباعيته السفلى عتبة بن أبي وقاص، والذي هشم [رباعيته] وشجه عبد الله بن قمئه، وعبد الله بن شهاب الزهري جرح وجهه. 4076 - (أبو عاصم) الضحاك بن مخلد (اشتد غضب الله على من دَمَّى وجه رسول الله) -بفتح الدال وتشديد الميم- أي: أسال الدم على وجهه. باب {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} [آل عمران: 172] 4077 - (محمد) كذا وقع غير منسوب، وقد روي عن محمد بن سلام عن أبي معاوية

28 - باب من قتل من المسلمين يوم أحد، منهم حمزة بن عبد المطلب واليمان وأنس بن النضر ومصعب بن عمير

أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها (الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ) قَالَتْ لِعُرْوَةَ يَا ابْنَ أُخْتِى كَانَ أَبُوكَ مِنْهُمُ الزُّبَيْرُ وَأَبُو بَكْرٍ، لَمَّا أَصَابَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا أَصَابَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَانْصَرَفَ عَنْهُ الْمُشْرِكُونَ خَافَ أَنْ يَرْجِعُوا قَالَ «مَنْ يَذْهَبُ فِي إِثْرِهِمْ». فَانْتَدَبَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ رَجُلاً، قَالَ كَانَ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَالزُّبَيْرُ. 28 - باب مَنْ قُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ أُحُدٍ، مِنْهُمْ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَالْيَمَانُ وَأَنَسُ بْنُ النَّضْرِ وَمُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ في بعض المواضع، وفي بعضها عن محمد بن المثنى عن أبي معاوية و (أبو معاوية) الضرير محمد بن خازم بالخاء المعجمة. (لما أصاب رسول الله يوم أحد ما أصاب من الجرح وقتل بعض أصحابه خاف أن يرجعوا) وكان المشركون أيضًا قد هموا بذلك وقالوا: لا محمدًا قتلتم ولا كواعبًا ردفتم أين تذهبون، فنادى منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالخروج وأن لا يخرج معه إلا من كان بأحد فأجابه ذلك سبعون رجلًا، وخرج معه جابر بن عبد الله ولم يحضر أحدًا؛ لأن أباه خلفه على بناته، فلما ذكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأذن له في الخروج، فخرج حتَّى بلغ حمراء الأسد وهو على المدينة على ثمانية أميال، أقام به الإثنين والثلاثاء والأربعاء، فمر به معبد الخزاعي وكان خزاعة مشركهم ومسلمهم عيبة نصح رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلقي معبد أبا سفيان في المشركين بالروحاء وقد عزموا على الرجوع، فقال أبو سفيان: يا معبد ما وراءك؟ فقال: محمد قد خرج يطلبكم، وهو في جمع لم أر مثله ولا أرى أن ترتحل، ألا ترى نواصي الخيل، فخافوا وانصرفوا، ومرَّ بهم ركب من عبد القيس، فقال أبو سفيان: [أبلغوا] محمدًا أنا قد أجمعنا السير إليه، ولئن بلغتم هذه الرسالة لأملأن عيركم هذه بعكاظ زبيبًا، فلما وصل [الركب إلى حمراء الأسد واجتمعوا برسول الله] هناك أخبروه بذلك الخبر، فقالوا كما حكى الله: {حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران: 173]. باب من قتل من المسلمين يوم أحد (النضر بن أنس).

4078 - حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ قَتَادَةَ قَالَ مَا نَعْلَمُ حَيًّا مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ أَكْثَرَ شَهِيدًا أَعَزَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الأَنْصَارِ. قَالَ قَتَادَةُ وَحَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّهُ قُتِلَ مِنْهُمْ يَوْمَ أُحُدٍ سَبْعُونَ، وَيَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ سَبْعُونَ، وَيَوْمَ الْيَمَامَةِ سَبْعُونَ، قَالَ وَكَانَ بِئْرُ مَعُونَةَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَيَوْمُ الْيَمَامَةِ عَلَى عَهْدِ أَبِى بَكْرٍ يَوْمَ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ. 4079 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِي ثَوْبٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ 4078 - (قال قتادة: ما نعلم حيًّا من أحياء العرب أكثر شهيدًا أعز يوم القيامة من الأنصار) أعز: -بعين مهملة وزاي معجمة- من العزة ويروى بغين معجمة وراء مهملة من الغرة، وكلاهما حسن. وحديث أنس أنَّه قتل منهم يوم أحد سبعون الَّذي ذكره ابن إسحاق وغيره في قتلى أحد ستة وتسعون: من المهاجرين أحد عشر، ومن الأنصار خمسة وثمانون: من الأوس ثمانية وثلاثون، ومن الخزرج ثمانية وأربعون. وعند ابن إسحاق: جملة من قتل خمسة وستون: أربعة من المهاجرين، واحد وستون من الأنصار. وهذا مخالف لرواية البخاري عن أنس والرواية الأولى. وقوله تعالى: {أَقَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا} [آل عمران: 165] يريد يوم بدر؛ إذ قتل من المشركين سبعون رجلًا وأسر سبعون. والصواب حمل هذه الروايات على التقريب كما هو دأب العرب في طرح الكسور، أو على التفاوت من حفظ الرواة. (وسبعون في بئر معونة) -بفتح الميم- موضع بين عسفان ومكة، وقيل: على أربع مراحل من المدينة، وهؤلاء القراء السبعون الذين قتلهم عامر بن الطفيل، وسيأتي تفصيل ذلك، وهذا باعتبار الغالب وإلا فقد كان فيهم عامر بن فهيرة، ونافع بن ورقاء الخزاعي (ويوم اليمامة) موضع باليمن على مرحلتين من طائفة، قال الأزهري: اسم الموضع: جَوَّا -بفتح الجيم وتشديد الواو- وسمي يمامة باسم امرأة وهي زرقاء اليمامة الموصوفة بحدة النظر. 4079 - عن جابر (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب

وَاحِدٍ ثُمَّ يَقُولُ «أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ». فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى أَحَدٍ، قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ، وَقَالَ «أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلاَءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». وَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ بِدِمَائِهِمْ، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يُغَسَّلُوا. طرفه 1343 4080 - وَقَالَ أَبُو الْوَلِيدِ عَنْ شُعْبَةَ عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرًا قَالَ لَمَّا قُتِلَ أَبِى جَعَلْتُ أَبْكِى وَأَكْشِفُ الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ، فَجَعَلَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَنْهَوْنِى وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَنْهَ، وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَبْكِيهِ أَوْ مَا تَبْكِيهِ، مَا زَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا حَتَّى رُفِعَ». طرفه 1244 ـــــــــــــــــــــــــــــ واحد) ظاهره أنَّه كان يجمع بين الإثنين في ثوب واحد، أي: في كفن واحد وهذا محال، بل المراد أنَّه يجعل ثوبًا واحدًا كفنًا لرجلين بقدر الوسع، أو المراد بالثوب: القبر، أو وقع سهوًا من الراوي فوضع الثوب موضع القبر كما أشار إليه بقوله: (فإذا أشير إلى أحد قدمه في اللحد) إذ لو كان محمولًا على ظاهره من كونهما في ثوب امتنع تقديم أحدهما على الآخر بعد التكفين تأمل (ولم يصل عليهم) أي: صلاة الميت، وأما صلاته بعد ثمان سنين كما تقدم كان دعاءً واستغفارًا. 4080 - (قال أبو الوليد) هو شيخ البخاري والرواية عنه بقال لأنه سمع الحديث مذاكرة (عن ابن المنكدر) -بكسر الدال- اسمه محمد (قال جابر: لما قتل أبي جعلت أبكي) أي: شرعت في البكاء (فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تبكه أو ما تبكيه؟) استفهام إنكار؛ فإن الموضع موضع السرور، ظاهره أنَّه خطاب لجابر، وليس كذلك بينه رواية مسلم عن جابر قال: وجعلت بنت عمرو عمه أبي تبكيه فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تبكيه"، وكذا تقدم في البخاري في أبواب الجنائز، كذا قاله شيخنا وفيه نظر، فإن قول جابر: جعلت أبكي وأكشف الثوب، لا يقبل التأويل، ولا تنافي، ففد قال لكل منهما: (ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتَّى رفع) تعظيمًا له. فإن قلت: تقدم في الجنائز أن الباكية أخت عبد الله؟ قلت: لا تنافي، وقع البكاء منهما.

4081 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ جَدِّهِ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - أُرَى عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «رَأَيْتُ فِي رُؤْيَاىَ أَنِّى هَزَزْتُ سَيْفًا فَانْقَطَعَ صَدْرُهُ، فَإِذَا هُوَ مَا أُصِيبَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ أُحُدٍ، ثُمَّ هَزَزْتُهُ أُخْرَى فَعَادَ أَحْسَنَ مَا كَانَ، فَإِذَا هُوَ مَا جَاءَ بِهِ اللَّهُ مِنَ الْفَتْحِ وَاجْتِمَاعِ الْمُؤْمِنِينَ، وَرَأَيْتُ فِيهَا بَقَرًا وَاللَّهُ خَيْرٌ، فَإِذَا هُمُ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ أُحُدٍ». طرفه 3622 4082 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ خَبَّابٍ - رضى الله عنه - قَالَ هَاجَرْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ نَبْتَغِى وَجْهَ اللَّهِ، فَوَجَبَ أَجْرُنَا عَلَى اللَّهِ، فَمِنَّا مَنْ مَضَى أَوْ ذَهَبَ لَمْ يَأْكُلْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا، كَانَ مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَلَمْ يَتْرُكْ إِلاَّ نَمِرَةً كُنَّا إِذَا غَطَّيْنَا بِهَا رَأْسَهُ خَرَجَتْ رِجْلاَهُ، وَإِذَا غُطِّىَ بِهَا رِجْلاَهُ خَرَجَ رَأْسُهُ، فَقَالَ لَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «غَطُّوا بِهَا رَأْسَهُ، وَاجْعَلُوا عَلَى رِجْلَيْهِ الإِذْخِرَ». أَوْ قَالَ «أَلْقُوا عَلَى رِجْلَيْهِ مِنَ الإِذْخِرِ». وَمِنَّا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهْوَ يَهْدِبُهَا. طرفه 1276 ـــــــــــــــــــــــــــــ 4081 - (محمد بن العلاء) العلاء بفتح العين والمد (أبو أُسامة) -بضم الهمزة- حماد بن أسامة (عن يزيد) بضم الباء، مصغر (عن أبي بردة) -بضم الباء- عامر بن أبي أسامة (ورأيت بقرًا) أي: في تلك الرؤيا، وفي رواية "بقرًا تُنحر" وبه تمَّ المعنى، فإن البقر هي تأويل قتل أصحابه (والله خير) مبتدأ وخبر أي: ثواب الله خير لنا، أو لمن قتل يوم أحد، ويروى بالجر على القسم كأنه لما رأى الرؤيا وظاهرها مكروه قيل له في المنام: والله خير، أي: رؤياك، كما يقوله المعبر لمن رأى رؤيا: خير، أي: ما رأيته، وقد سلف الكلام عليه بأزيد منه في باب علامات النبوة. 4082 - (زهير) بضم الزاي (عن خباب) بفتح المعجمة وتشديد الموحدة، وحديثه سلف مرارًا. (أينعت له ثمرته) أي: أدركت، والكلام كالمثل، وتشبيه ما جعل من الدنيا بلا تعب بالثمرة التي أدركت (فهو يهدبها) بالباء الموحدة أي يقطفها.

29 - باب أحد يحبنا {ونحبه}

29 - باب أُحُدٌ يُحِبُّنَا {وَنُحِبُّهُ} قَالَهُ عَبَّاسُ بْنُ سَهْلٍ عَنْ أَبِى حُمَيْدٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 4083 - حَدَّثَنِى نَصْرُ بْنُ عَلِىٍّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ قُرَّةَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ قَتَادَةَ سَمِعْتُ أَنَسًا - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ». طرفه 371 4084 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - طَلَعَ لَهُ أُحُدٌ فَقَالَ «هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ، اللَّهُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ، وَإِنِّى حَرَّمْتُ مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا». طرفه 371 4085 - حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى حَبِيبٍ عَنْ أَبِى الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ يَوْمًا فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلاَتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ «إِنِّى فَرَطٌ لَكُمْ، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب أحد جبل يحبنا ونحبه هذه الترجمة بعض حديث الباب، قيل: مراده أهل أحد وهم الأنصار، وعندي هذا ليس بشيء، فإن محبة الأنصار قد صرح به في مواضع، والظاهر: أنَّه لما وقع بعض انهزام لبعض أصحابه بأحد، أشار بهذا الكلام لئلا يتشاءم الناس به إذ لولا أن يكون بقعة شريفة لم يكن مسكن أولئك الأبرار المقربين، واتفقوا على أن الحجر كان يسلم عليه حقيقة فإذا سلم عليه الحجر فأي مانع من أن يخلق الله في الجبل حبه؟ ولما حدثه رجف به أحد ضربه برجله وقال: "اسكن يا أحد" فلو لم يكن له إدراك فأي معنى لضربه وخطابه. 4083 - (عن قرة) بضم القاف وتشديد الراء. 4085 - (إني فرط لكم) -بفتح الفاء والراء- مَن يتقدم مِن المسافرين إلى المنزل

30 - باب غزوة الرجيع ورعل وذكوان وبئر معونة

وَأَنَا شَهِيدٌ عَلَيْكُمْ، وَإِنِّى لأَنْظُرُ إِلَى حَوْضِى الآنَ، وَإِنِّى أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الأَرْضِ - أَوْ مَفَاتِيحَ الأَرْضِ - وَإِنِّى وَاللَّهِ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا بَعْدِى، وَلَكِنِّى أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنَافَسُوا فِيهَا». طرفه 1344 30 - باب غَزْوَةُ الرَّجِيعِ وَرِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَبِئْرِ مَعُونَةَ وَحَدِيثِ عَضَلٍ وَالْقَارَةِ وَعَاصِمِ بْنِ ثَابِتٍ وَخُبَيْبٍ وَأَصْحَابِهِ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ أَنَّهَا بَعْدَ أُحُدٍ. 4086 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِى سُفْيَانَ الثَّقَفِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ بَعَثَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - سَرِيَّةً عَيْنًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَاصِمَ بْنَ ثَابِتٍ - وَهْوَ جَدُّ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - فَانْطَلَقُوا حَتَّى إِذَا كَانَ بَيْنَ عُسْفَانَ وَمَكَّةَ ذُكِرُوا لَحِىٍّ مِنْ هُذَيْلٍ، يُقَالُ لَهُمْ: ـــــــــــــــــــــــــــــ لتحصيل الأسباب (وأنا شهيد عليكم) ظاهره: لكم فكأنه ضمنه معنى الرقيب (وإني أعطيت مفاتيح خزائن الأرض) هي الفتوح التي لأمته إلى آخر الدهر. باب غزوة الرجيع ورعل وذكوان وبئر معونة وحديث عضل والقارة قال الجوهري: العضل ابن الهون من خزيمة وأخوه الديش -بشين معجمة وهما القارة، فعلى هذا عطف القارة من عطف العام على الخاص. قال ابن هشام: الرجيع ماء لهذيل بناحية الحجاز على صدور الهدأة. وكانت هذه الغزوة سنة ثلاث، أن رهطًا من عضل والقارة وهما قبيلتان من مضر من ذرية خزيمة بن مدركة قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقالوا: إن فينا إسلامًا فابعث معنا من يعلمنا القرآن وشرائع الإسلام وكان هذا مكرًا منهم، فلما بَلغوا الرجيع استصرخوا عليهم هذيلًا. ما ساقه ابن هشام وهو يخالف البخاري من وجهين: أحدهما: أن في البخاري أنَّه أرسل هؤلاء عينًا. والثاني أنَّه لم يكن منهم عذر، ولكن ذكر والنبي - صلى الله عليه وسلم - حيان. 4086 - (هو جد عاصم بن عمر بن الخطاب) قد أشرنا إلى أنَّه وهم، والصواب: على

بَنُو لَحْيَانَ، فَتَبِعُوهُمْ بِقَرِيبٍ مِنْ مِائَةِ رَامٍ، فَاقْتَصُّوا آثَارَهُمْ حَتَّى أَتَوْا مَنْزِلاً نَزَلُوهُ فَوَجَدُوا فِيهِ نَوَى تَمْرٍ تَزَوَّدُوهُ مِنَ الْمَدِينَةِ فَقَالُوا هَذَا تَمْرُ يَثْرِبَ. فَتَبِعُوا آثَارَهُمْ حَتَّى لَحِقُوهُمْ، فَلَمَّا انْتَهَى عَاصِمٌ وَأَصْحَابُهُ لَجَئُوا إِلَى فَدْفَدٍ، وَجَاءَ الْقَوْمُ فَأَحَاطُوا بِهِمْ، فَقَالُوا لَكُمُ الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ إِنْ نَزَلْتُمْ إِلَيْنَا أَنْ لاَ نَقْتُلَ مِنْكُمْ رَجُلاً. فَقَالَ عَاصِمٌ أَمَّا أَنَا فَلاَ أَنْزِلُ فِي ذِمَّةِ كَافِرٍ، اللَّهُمَّ أَخْبِرْ عَنَّا نَبِيَّكَ. فَقَاتَلُوهُمْ حَتَّى قَتَلُوا عَاصِمًا فِي سَبْعَةِ نَفَرٍ بِالنَّبْلِ، وَبَقِىَ خُبَيْبٌ، وَزَيْدٌ وَرَجُلٌ آخَرُ، فَأَعْطَوْهُمُ الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ، فَلَمَّا أَعْطَوْهُمُ الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ نَزَلُوا إِلَيْهِمْ، فَلَمَّا اسْتَمْكَنُوا مِنْهُمْ حَلُّوا أَوْتَارَ قِسِيِّهِمْ فَرَبَطُوهُمْ بِهَا. فَقَالَ الرَّجُلُ الثَّالِثُ الَّذِى مَعَهُمَا هَذَا أَوَّلُ الْغَدْرِ. فَأَبَى أَنْ يَصْحَبَهُمْ فَجَرَّرُوهُ وَعَالَجُوهُ عَلَى أَنْ يَصْحَبَهُمْ، فَلَمْ يَفْعَلْ، فَقَتَلُوهُ، وَانْطَلَقُوا بِخُبَيْبٍ وَزَيْدٍ حَتَّى بَاعُوهُمَا بِمَكَّةَ، فَاشْتَرَى خُبَيْبًا بَنُو الْحَارِثِ بْنِ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلٍ، وَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ قَتَلَ الْحَارِثَ يَوْمَ بَدْرٍ، فَمَكَثَ عِنْدَهُمْ أَسِيرًا حَتَّى إِذَا أَجْمَعُوا قَتْلَهُ اسْتَعَارَ مُوسَى مِنْ بَعْضِ بَنَاتِ الْحَارِثِ أَسْتَحِدَّ بِهَا فَأَعَارَتْهُ، قَالَتْ فَغَفَلْتُ عَنْ صَبِىٍّ لِى فَدَرَجَ إِلَيْهِ حَتَّى أَتَاهُ، فَوَضَعَهُ عَلَى فَخِذِهِ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ فَزِعْتُ فَزْعَةً عَرَفَ ذَاكَ مِنِّى، وَفِى يَدِهِ الْمُوسَى فَقَالَ أَتَخْشَيْنَ أَنْ أَقْتُلَهُ مَا كُنْتُ لأَفْعَلَ ذَاكِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. وَكَانَتْ تَقُولُ مَا رَأَيْتُ أَسِيرًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ خُبَيْبٍ، لَقَدْ رَأَيْتُهُ يَأْكُلُ مِنْ قِطْفِ عِنَبٍ، وَمَا بِمَكَّةَ يَوْمَئِذٍ ثَمَرَةٌ، وَإِنَّهُ لَمُوثَقٌ فِي الْحَدِيدِ، وَمَا كَانَ إِلاَّ رِزْقٌ رَزَقَهُ اللَّهُ، فَخَرَجُوا بِهِ مِنَ الْحَرَمِ، لِيَقْتُلُوهُ فَقَالَ دَعُونِى أُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ. ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ لَوْلاَ أَنْ تَرَوْا أَنَّ مَا بِى جَزَعٌ مِنَ الْمَوْتِ، لَزِدْتُ. فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ سَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ عِنْدَ الْقَتْلِ هُوَ، ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدًا ثُمَّ قَالَ: مَا أُبَالِى حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِمًا ... عَلَى أَىِّ شِقٍّ كَانَ لِلَّهِ مَصْرَعِى ـــــــــــــــــــــــــــــ ما قاله، فإن جميلة بنت ثابت أخت عاصم زوج عمر (لحيان) -بكسر اللام- من أعالي وجوه هذيل (خبيب) -بضم الخاء المعجمة مصغر- هو ابن عدي على الصواب وليس بشيء (اللهم أحصهم عددًا) أي لا تفوت منهم أحدًا، وقد جاء في الرواية الأخرى واقتلهم بددًا أي: متفرقين فإن الموت في الغربة لا سيما بطريق القتل من أعظم المصائب. هذا شعر خبيب رضي الله عنه: (ولست أبالي حين أُقْتَل مسلمًا)

وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الإِلَهِ وَإِنْ يَشَأْ ... يُبَارِكْ عَلَى أَوْصَالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ ثُمَّ قَامَ إِلَيْهِ عُقْبَةُ بْنُ الْحَارِثِ فَقَتَلَهُ، وَبَعَثَ قُرَيْشٌ إِلَى عَاصِمٍ لِيُؤْتَوْا بِشَىْءٍ مِنْ جَسَدِهِ يَعْرِفُونَهُ، وَكَانَ عَاصِمٌ قَتَلَ عَظِيمًا مِنْ عُظَمَائِهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ، فَبَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِثْلَ الظُّلَّةِ مِنَ الدَّبْرِ، فَحَمَتْهُ مِنْ رُسُلِهِمْ، فَلَمْ يَقْدِرُوا مِنْهُ عَلَى شَىْءٍ. طرفه 3045 4087 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ الَّذِى قَتَلَ خُبَيْبًا هُوَ أَبُو سِرْوَعَةَ. 4088 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ بَعَثَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - سَبْعِينَ رَجُلاً لِحَاجَةٍ يُقَالُ لَهُمُ الْقُرَّاءُ، فَعَرَضَ لَهُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــ لأن الموت لا بد منه، والشهادة من أصل طرق الوصول إلى الله. (على أي شق كان لله مصرعي) سواء متُّ على اليمين أو على الشمال موتي في ذات الله وحفظ دينه فهذه السعادة. ............... وإن يشأ ... يبارك على أوصال شلو ممزع الشلو -بكسر الشين المعجمة-: الجسد، والممزوع: المفرق. (وبعثت قريش إلى عاصم ليأتوا بشيء من جسده يعرفونه وكان قتل عظيمًا من عظمائهم يوم بدر) قال ابن هشام: كان عاصم قتل ابنين لسلافة بنت سعد بن سهيل فنذرت أن لو قدرت على رأس عاصم لتشربن الخمر في قحف رأسه، وكان عاصم قد عاهد الله أن لا يمسه مشرك، فأوفى الله بعهده (فأرسل ظلة من الدَّبر) الظلة -بضم [الظاء]- ما يظلل، والدَّبْر -بفتح الدال وسكون الباء- جماعة الزنابير والنحل، قال الأصمعي: لا واحد له من لفظه. قال ابن هشام: قالوا دعوه حتَّى نمسي ويذهب عنه الدبر فنأخذه، فبعث الله الوادي قبل الليل وذهب بعاصم السيل حيث أراد الله. 4087 - (قتله أبو سِرْوعة) -بكسر السين وسكون الراء- عقبة بن الحارث. 4088 - (أبو مَعْمَر) -بفتح الميمين وسكون العين- عبد الله المنقري (بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - سبعين رجلًا لحاجة يقال لهم: القراء، فعرض لهم حيان من بني سليم: رعل وذكوان عند بئر

حَيَّانِ مِنْ بَنِى سُلَيْمٍ رِعْلٌ وَذَكْوَانُ، عِنْدَ بِئْرٍ يُقَالُ لَهَا بِئْرُ مَعُونَةَ، فَقَالَ الْقَوْمُ وَاللَّهِ مَا إِيَّاكُمْ أَرَدْنَا، إِنَّمَا نَحْنُ مُجْتَازُونَ فِي حَاجَةٍ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَتَلُوهُمْ فَدَعَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَيْهِمْ شَهْرًا فِي صَلاَةِ الْغَدَاةِ، وَذَلِكَ بَدْءُ الْقُنُوتِ وَمَا كُنَّا نَقْنُتُ. قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ وَسَأَلَ رَجُلٌ أَنَسًا عَنِ الْقُنُوتِ أَبَعْدَ الرُّكُوعِ، أَوْ عِنْدَ فَرَاغٍ مِنَ الْقِرَاءَةِ قَالَ لاَ بَلْ عِنْدَ فَرَاغٍ مِنَ الْقِرَاءَةِ. طرفه 1001 4089 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَهْرًا بَعْدَ الرُّكُوعِ يَدْعُو عَلَى أَحْيَاءٍ مِنَ الْعَرَبِ. طرفه 1001 4090 - حَدَّثَنِى عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رِعْلاً وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ وَبَنِى لَحْيَانَ اسْتَمَدُّوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى عَدُوٍّ، فَأَمَدَّهُمْ بِسَبْعِينَ مِنَ الأَنْصَارِ، كُنَّا نُسَمِّيهِمُ الْقُرَّاءَ فِي ـــــــــــــــــــــــــــــ يقال لها: بئر معونة) وقد قدمناه أنه موضع بين مكة وعسفان، وهذه الغزوة كانت في صفر سنة أربع (فقال القوم) أي: أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (ما إيَّاكم أردنا نحن مجتازون في حاجة النبي - صلى الله عليه وسلم -) وكانوا في هذا صادقين بارين راشدين. والحديث سلف في أبواب الصلاة أن هذا القنوت على هذا الوجه منسوخ إلا عند مالك في رواية. 4090 - (عن أنس بن مالك أن رعلًا وذكوان وعصيَّة وبني لحيان استمدوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - على عدوهم فأمدهم بسبعين رجلًا من الأنصار) هذا الكلام لا يستقيم؛ لأن أهل السِّير اتفقوا على أن أبا براء ملاعب الأسنة قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو من سادات نجد، ورئيس بني عامر لم يسلم ولكن كان قريبًا من الإسلام، فسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يرسل معه رجلًا إلى أهل نجد يدعوهم إلى الله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أخشى من كفار نجد"، قال أبو براء: أنا لهم جار، فأرسل هؤلاء السبعين، فلما بلغوا بئر معونة وهي بين أرض بني عامر وحرَّة بني سليم نزلوا هناك وبعثوا بكتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع حرام بن ملحان إلى عامر بن الطفيل لعنه الله، فلم

زَمَانِهِمْ، كَانُوا يَحْتَطِبُونَ بِالنَّهَارِ وَيُصَلُّونَ بِاللَّيْلِ، حَتَّى كَانُوا بِبِئْرِ مَعُونَةَ قَتَلُوهُمْ، وَغَدَرُوا بِهِمْ، فَبَلَغَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَنَتَ شَهْرًا يَدْعُو فِي الصُّبْحِ عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ، عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ وَبَنِى لَحْيَانَ. قَالَ أَنَسٌ فَقَرَأْنَا فِيهِمْ قُرْآنًا ثُمِّ إِنَّ ذَلِكَ رُفِعَ بَلِّغُوا عَنَّا قَوْمَنَا، أَنَّا لَقِينَا رَبَّنَا، فَرَضِىَ عَنَّا وَأَرْضَانَا. وَعَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ حَدَّثَهُ أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَنَتَ شَهْرًا فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ يَدْعُو عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ، عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ وَبَنِى لَحْيَانَ. زَادَ خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا ابْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ حَدَّثَنَا أَنَسٌ أَنَّ أُولَئِكَ السَّبْعِينَ مِنَ الأَنْصَارِ قُتِلُوا بِبِئْرِ مَعُونَةَ، قُرْآنًا كِتَابًا. نَحْوَهُ. طرفه 1001 4091 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ قَالَ حَدَّثَنِى أَنَسٌ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ خَالَهُ أَخٌ لأُمِّ سُلَيْمٍ فِي سَبْعِينَ رَاكِبًا، وَكَانَ رَئِيسَ الْمُشْرِكِينَ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ خَيَّرَ بَيْنَ ثَلاَثِ خِصَالٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ ينظر في الكتاب، وقتل حرامًا، واستصرخ على القراء بني عامر، قالوا: والله لا نخفر جوار أبي براء، فاستصرخ عليهم قبائل من سُليم: عصيَّة ورعل وذكوان، قال الجوهري: سليم قبيلة من قيس غيلان، وسليم قبيلة من يمن من جذام، فهذا أهو الذي يعتمد عليه، وذكر لحيان هنا غلط، وإنما هم في غزوة الرجيع كما قدمنا، ويجوز الجمع بأنهم كانوا في غزوة الرجيع مفردين وجاؤوا ثانيًا مع هؤلاء، هذا وأما التوفيق بين ما في البخاري وأهل السير أن: لا منافاة بين استمداد أبي البراء لإسلام القوم، وبين استمداد هؤلاء القبائل، لكن كان استمداد هؤلاء مكرًا ولذلك غدروا بهم. فإن قلت: جاء في الحديث: أن الذين أرسلهم مع أبي براء أربعون رجلًا؟ قلت: أجاب شيخنا بأن الأربعين كانوا رؤساءهم، أو غفلة من بعض الرواة. قال أنس (أولئك السبعون من الأنصار) أي: غالبهم، فإن فيهم عامر بن فهيرة مولى أبي بكر. 4091 - (وكان رئيس المشركين عامر بن الطفيل خَيَّر بين ثلاث خصال) لما وفد عليه

فَقَالَ يَكُونُ لَكَ أَهْلُ السَّهْلِ، وَلِى أَهْلُ الْمَدَرِ، أَوْ أَكُونُ خَلِيفَتَكَ، أَوْ أَغْزُوكَ بِأَهْلِ غَطَفَانَ بِأَلْفٍ وَأَلْفٍ، فَطُعِنَ عَامِرٌ فِي بَيْتِ أُمِّ فُلاَنٍ فَقَالَ غُدَّةٌ كَغُدَّةِ الْبَكْرِ فِي بَيْتِ امْرَأَةٍ مِنْ آلِ فُلاَنٍ ائْتُونِى بِفَرَسِى. فَمَاتَ عَلَى ظَهْرِ فَرَسِهِ، فَانْطَلَقَ حَرَامٌ أَخُو أُمِّ سُلَيْمٍ هُوَ {وَ} رَجُلٌ أَعْرَجُ وَرَجُلٌ مِنْ بَنِى فُلاَنٍ قَالَ كُونَا قَرِيبًا حَتَّى آتِيَهُمْ، فَإِنْ آمَنُونِى كُنْتُمْ، وَإِنْ قَتَلُونِى أَتَيْتُمْ أَصْحَابَكُمْ. فَقَالَ أَتُؤْمِنُونِى أُبَلِّغْ رِسَالَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَجَعَلَ يُحَدِّثُهُمْ وَأَوْمَئُوا إِلَى رَجُلٍ، فَأَتَاهُ مِنْ خَلْفِهِ فَطَعَنَهُ - قَالَ هَمَّامٌ أَحْسِبُهُ حَتَّى أَنْفَذَهُ - بِالرُّمْحِ، قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ فُزْتُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ. فَلُحِقَ الرَّجُلُ، فَقُتِلُوا كُلُّهُمْ غَيْرَ الأَعْرَجِ كَانَ فِي رَأْسِ جَبَلٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْنَا، ثُمَّ كَانَ مِنَ الْمَنْسُوخِ إِنَّا قَدْ لَقِينَا رَبَّنَا ـــــــــــــــــــــــــــــ ومعه أربد (فقال: يكون لك أهل السهل ولي أهل المدر) أي: سكان البوادي (وأكون خليفتك) أي: بعدك ولم يدر أن قد قرب سيره إلى الدرك الأسفل عند أبي جهل وعتبة (أو أغزوك بغطفان بألف وألف) وفي رواية أبي عثمان بن أبي سعيد: بألف أشقر وبألف شقراء، إنما قال هذا الكلام لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما وفد عليه ومعه أربد فقال لأربد: أنا أشغله بالحديث وأنت من ورائه لضربه بالسيف. قال: كذلك أفعل، فلما شغل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحديث ولم يرد من أربد ما كان واعده قال: هذه المهملات، فلما لم يفعل أربد ما أمره به، فقال له: لم لا تقتله؟ قال: والله كلما هممت بقتله وجدتك بيني وبينه أفاقتلك، فلما أدبرا قال: "اللهم اكفنيهما" فأما عامر فمات في بيت السلولية. (وقال غدة كغدة البعير) فإنه طلع فيه الطاعون (وموت في بيت السلولية) وسلول قبيلة من هوازن، فلما أنكر أن يكون موته في بيت السلولية ركب فرسه ومات على ظهر الفرس فسقط في جهنم. وأما أربد أصابه صاعقة أوصلته إلى نار سقر. وهذه القضية كانت بعد قتله الأصحاب، وإنما وقع ذكرها استطرادًا. وقوله: (فانطلق حرام) عطف على قوله: بعث خاله حرامًا (وهو رجل أعرج) كذا وقع بالواو، والصواب: بلا واو قبل هو بل بعده، أي: هو ورجل أعرج ورجل آخر، دل عليه قوله: كونا قريبًا، قال شيخنا: الأرجل الآخر لم يعلم وهذا الأعرج كعب بن زيد (ورجل من بني فلان فقال: كونا قريبًا) لينظرا قصته معه (فقتلوا كلهم غير الأعرج) كأنه أراد الحاضرين، لما سيروى أن عمرو بن أمية أسر. قال ابن هشام: كان عمرو بن أمية ورجل من الأنصار من بني عمرو بن عوف في شرح القوم فرأوا الطير تحوم على موضع أصحابهما، فقال الأنصاري لعمرو بن أمية: ما ترى؟

فَرَضِىَ عَنَّا وَأَرْضَانَا. فَدَعَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَيْهِمْ ثَلاَثِينَ صَبَاحًا، عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَبَنِى لَحْيَانَ وَعُصَيَّةَ، الَّذِينَ عَصَوُا اللَّهَ وَرَسُولَهُ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 1001 4092 - حَدَّثَنِى حِبَّانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ قَالَ حَدَّثَنِى ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - يَقُولُ لَمَّا طُعِنَ حَرَامُ بْنُ مِلْحَانَ - وَكَانَ خَالَهُ - يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ قَالَ بِالدَّمِ هَكَذَا، فَنَضَحَهُ عَلَى وَجْهِهِ وَرَأْسِهِ، ثُمَّ قَالَ فُزْتُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ. طرفه 1001 4093 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتِ اسْتَأْذَنَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَبُو بَكْرٍ فِي الْخُرُوجِ حِينَ اشْتَدَّ عَلَيْهِ الأَذَى، فَقَالَ لَهُ «أَقِمْ». فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَطْمَعُ أَنْ يُؤْذَنَ لَكَ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنِّى لأَرْجُو ذَلِكَ» قَالَتْ فَانْتَظَرَهُ أَبُو بَكْرٍ فَأَتَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ يَوْمٍ ظُهْرًا فَنَادَاهُ فَقَالَ «أَخْرِجْ مَنْ عِنْدَكَ». فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنَّمَا هُمَا ابْنَتَاىَ. فَقَالَ «أَشَعَرْتَ أَنَّهُ قَدْ أُذِنَ لِى فِي الْخُرُوجِ». فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ الصُّحْبَةُ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الصُّحْبَةُ». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ عِنْدِى نَاقَتَانِ قَدْ كُنْتُ أَعْدَدْتُهُمَا لِلْخُرُوجِ. فَأَعْطَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - إِحْدَاهُمَا وَهْىَ الْجَدْعَاءُ، فَرَكِبَا فَانْطَلَقَا حَتَّى أَتَيَا الْغَارَ، وَهْوَ بِثَوْرٍ، فَتَوَارَيَا فِيهِ، فَكَانَ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ غُلاَمًا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الطُّفَيْلِ بْنِ سَخْبَرَةَ أَخُو عَائِشَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قال: أرى أن نلحق برسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال الأنصاري: لكن لا أرغب بنفسي عن موطن قتل فيه المنذر بن عمر وكان أمير السرية، فقتل الأنصاري وهو يقاتل، وأما عمرو بن أمية فأطلقه عامر بن الطفيل بعد أن جر ناصيته، [...]. 4093 - ثم روى حديث هجرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد سلف مرارًا، وموضع الدلالة ذكر عامر بن فهيرة، فإنه كان رفيقًا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الهجرة، ثم قتل في بئر معونة (وكان عامر بن فهيرة كلامًا لعبد الله بن الطفيل) قال ابن عبد البر: الصواب كان غلامًا للطفيل بن عبد الله، وذلك أن أم عائشة اسمها أم رومان كانت تحت عبد الله بن الحارث بن سخبرة

لأُمِّهَا، وَكَانَتْ لأَبِى بَكْرٍ مِنْحَةٌ، فَكَانَ يَرُوحُ بِهَا وَيَغْدُو عَلَيْهِمْ، وَيُصْبِحُ فَيَدَّلِجُ إِلَيْهِمَا ثُمَّ يَسْرَحُ، فَلاَ يَفْطُنُ بِهِ أَحَدٌ مِنَ الرِّعَاءِ، فَلَمَّا خَرَجَ خَرَجَ مَعَهُمَا يُعْقِبَانِهِ حَتَّى قَدِمَا الْمَدِينَةَ، فَقُتِلَ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ. وَعَنْ أَبِى أُسَامَةَ قَالَ قَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ فَأَخْبَرَنِى أَبِى قَالَ لَمَّا قُتِلَ الَّذِينَ بِبِئْرِ مَعُونَةَ وَأُسِرَ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ الضَّمْرِىُّ قَالَ لَهُ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ مَنْ هَذَا فَأَشَارَ إِلَى قَتِيلٍ، فَقَالَ لَهُ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ هَذَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ. فَقَالَ لَقَدْ رَأَيْتُهُ بَعْدَ مَا قُتِلَ رُفِعَ إِلَى السَّمَاءِ حَتَّى إِنِّى لأَنْظُرُ إِلَى السَّمَاءِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الأَرْضِ، ثُمَّ وُضِعَ. فَأَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - خَبَرُهُمْ فَنَعَاهُمْ فَقَالَ «إِنَّ أَصْحَابَكُمْ قَدْ أُصِيبُوا، وَإِنَّهُمْ قَدْ سَأَلُوا رَبَّهُمْ، فَقَالُوا رَبَّنَا أَخْبِرْ عَنَّا إِخْوَانَنَا بِمَا رَضِينَا عَنْكَ وَرَضِيتَ عَنَّا. فَأَخْبَرَهُمْ عَنْهُمْ». وَأُصِيبَ يَوْمَئِذٍ فِيهِمْ عُرْوَةُ بْنُ أَسْمَاءَ بْنِ الصَّلْتِ، فَسُمِّىَ عُرْوَةُ بِهِ، وَمُنْذِرُ بْنُ عَمْرٍو سُمِّىَ بِهِ مُنْذِرًا. طرفه 476 4094 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِىُّ عَنْ أَبِى مِجْلَزٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَنَتَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ الرُّكُوعِ شَهْرًا يَدْعُو عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَيَقُولُ «عُصَيَّةُ عَصَتِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ». طرفه 1001 4095 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى ـــــــــــــــــــــــــــــ وكان حليفًا للصديق، فتزوجها أبو بكر، فولدت عائشة، فطفيل هو أخو عائشة لا عبد الله. 4594 - (محمد) كذا وقع غير منسوب إلا أنه أسند في موضع آخر عن محمد بن سلام عن عبد الله. فإن قلت: لم يذكر حديث عضل والقارة؟ قلت: لم يصح على شرطه وقال شيخنا: غزوة الرجيع هي مع عضل والقارة. وعندي فيه نظر؛ لأن بني لحيان الذين قتلوا عاصمًا وأصحابه ليسوا من عضل والقارة في شيء والذي يدل عليه كلام ابن هشام أنه كان فيهما غدر، وذلك أن قريظة لما نقضوا العهد بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سعد بن معاذ وأسيد بن حضير وقال: إن صح النقض فأشيروا بإشارة ولا تصرحوا لئلا يقع وهن في الناس، فلما رجعوا قالوا: عضل والقارة، أي: بعض كبعضهم.

31 - باب غزوة الخندق وهى الأحزاب

طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ دَعَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الَّذِينَ قَتَلُوا - يَعْنِى - أَصْحَابَهُ بِبِئْرِ مَعُونَةَ ثَلاَثِينَ صَبَاحًا حِينَ يَدْعُو عَلَى رِعْلٍ وَلِحْيَانَ وَعُصَيَّةَ عَصَتِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ أَنَسٌ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي الَّذِينَ قُتِلُوا أَصْحَابِ بِئْرِ مَعُونَةَ قُرْآنًا قَرَأْنَاهُ حَتَّى نُسِخَ بَعْدُ بَلِّغُوا قَوْمَنَا فَقَدْ لَقِينَا رَبَّنَا فَرَضِىَ عَنَّا وَرَضِينَا عَنْهُ. طرفه 1001 4096 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الأَحْوَلُ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - عَنِ الْقُنُوتِ فِي الصَّلاَةِ فَقَالَ نَعَمْ. فَقُلْتُ كَانَ قَبْلَ الرُّكُوعِ أَوْ بَعْدَهُ قَالَ قَبْلَهُ. قُلْتُ فَإِنَّ فُلاَنًا أَخْبَرَنِى عَنْكَ أَنَّكَ قُلْتَ بَعْدَهُ، قَالَ كَذَبَ إِنَّمَا قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ الرُّكُوعِ شَهْرًا، أَنَّهُ كَانَ بَعَثَ نَاسًا يُقَالُ لَهُمُ الْقُرَّاءُ، وَهُمْ سَبْعُونَ رَجُلاً إِلَى نَاسٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَبَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَهْدٌ قِبَلَهُمْ، فَظَهَرَ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَهْدٌ، فَقَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ الرُّكُوعِ شَهْرًا يَدْعُو عَلَيْهِمْ. طرفه 1001 31 - باب غَزْوَةُ الْخَنْدَقِ وَهْىَ الأَحْزَابُ قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ كَانَتْ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ. 4097 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَرَضَهُ يَوْمَ أُحُدٍ وَهْوَ ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ فَلَمْ يُجِزْهُ، وَعَرَضَهُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَهْوَ ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ فَأَجَازَهُ. طرفه 2664 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب غزوة الخندق قال ابن هشام: كانت في شوال، وكان الموجب لها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما أجلى اليهود من المدينة ذهب أشرافهم إلى مكة ودعوا قريشًا إلى حرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإلى غطفان وأشجع وأسد بني مرة، فاجتمع القبائل والأحابيش، ولذلك سميت بالأحزاب. 4097 - (وعن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عرضه يوم أحد وهو ابن أربع عشرة سنة فلم يجزه وعرضه يوم الخندق وهو ابن خمسة عشر سنة فأجازه) هذا موافق لما ذكره موسى بن

4098 - حَدَّثَنِى قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْخَنْدَقِ، وَهُمْ يَحْفِرُونَ، وَنَحْنُ نَنْقُلُ التُّرَابَ عَلَى أَكْتَادِنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اللَّهُمَّ لاَ عَيْشَ إِلاَّ عَيْشُ الآخِرَهْ، فَاغْفِرْ لِلْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ». طرفه 3797 4099 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ حُمَيْدٍ سَمِعْتُ أَنَسًا - رضى الله عنه - يَقُولُ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الْخَنْدَقِ، فَإِذَا الْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ يَحْفِرُونَ فِي غَدَاةٍ بَارِدَةٍ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَبِيدٌ يَعْمَلُونَ ذَلِكَ لَهُمْ، فَلَمَّا رَأَى مَا بِهِمْ مِنَ النَّصَبِ وَالْجُوعِ قَالَ «اللَّهُمَّ إِنَّ الْعَيْشَ عَيْشُ الآخِرَهْ فَاغْفِرْ لِلأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَهْ» فَقَالُوا مُجِيبِينَ لَهُ: نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا ... عَلَى الْجِهَادِ مَا بَقِينَا أَبَدَا طرفه 2834 ـــــــــــــــــــــــــــــ عقبة أن هذه الغزوة كانت سنة أربع. 4098 - (قتيبة) بضم القاف مصغر (عن أبي حازم) -بالحاء المهملة- سلمة بن دينار (وننقل التراب على أكتادنا) جمع كتد -على وزن فرس- ما بين الكاهل إلى الظهر، هذا رواية التاء، وقد رواه بعضهم بالباء الموحدة جمع كبد. (نحن الذين بايعوا محمدًا) قال بعض الشارحين: بايعوا باعتبار الذين، وأما باعتبار نحن فيقال: بايعنا كقوله: أنا الذي سمتني أمي حيدره وهذا يوهم أن كل واحد على طريق القياس، وليس كذلك فإن حق الموصول أن يكون العائد إليه ضمير الغائب، وأما قول علي بن أبي طالب: أنا الذي سمتني أمي حيدره فشاذ، قال المازني: لولا شهرة مورده لرددته، وإنما كان يرد هذه الرواية فإن الوزن يستقيم لو قال: سمته.

4100 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ جَعَلَ الْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ يَحْفِرُونَ الْخَنْدَقَ حَوْلَ الْمَدِينَةِ، وَيَنْقُلُونَ التُّرَابَ عَلَى مُتُونِهِمْ وَهُمْ يَقُولُونَ: نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا ... عَلَى الإِسْلاَمِ مَا بَقِينَا أَبَدَا 4101 - حَدَّثَنَا خَلاَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَتَيْتُ جَابِرًا - رضى الله عنه - فَقَالَ إِنَّا يَوْمَ الْخَنْدَقِ نَحْفِرُ فَعَرَضَتْ كُدْيَةٌ شَدِيدَةٌ، فَجَاءُوا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا هَذِهِ كُدْيَةٌ عَرَضَتْ فِي الْخَنْدَقِ، فَقَالَ «أَنَا نَازِلٌ». ثُمَّ قَامَ وَبَطْنُهُ مَعْصُوبٌ بِحَجَرٍ، وَلَبِثْنَا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ لاَ نَذُوقُ ذَوَاقًا، فَأَخَذَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمِعْوَلَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 4100 - (أبو مَعْمَر) بفتح الميمين وسكون العين ويأتون بملء كف من شعير، ويصنع لهم بإهالة سَنِخَة الإهالة -بكسر الهمزة- الشحم المذاب، والسَنِخَة: بفتح السين وكسر النون والخاء المعجمة - (وتوضع بي يدي القوم والقوم جياع وهي بَشِعة) -بفتح الباء وكسر الشين- الطعام الذي يأخذ بالحلق ولها ريح منتن قيل: الصواب منتنة؛ لأن الريح مؤنث. قلت: الصواب جواز الأمرين، قال تعالى: {رِيحٌ عَاصِفٌ} [يونس: 22]. 4101 - (خَلَّاد) بفتح الخاء وتشديد اللام (قال جابر: إنا يوم الخندق نحفر فعرضت كُدْيَة) بضم الكاف وسكون الدال الأرض الصلبة، وفي رواية أبي الهيثم: كُدَيَّة مصغر، ويروى: كبدة -بكسر الكاف وسكون الباء الموحدة- قال الخطابي: إن كانت هذه الرواية محفوظة فالمراد: الأرض الصلبة من قولهم: قوس كبد، أي: تشديد (ولبثنا ثلاثة أيام لا نذوق ذواقًا) الذواق: -بفتح الذال- شيء يؤكل ويذاق (فقال) أي: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (أنا نازل) أي: في الخندق للكدية (ثم قام وبطنه معصوب بحجر) كانت العرب عند الجوع يشدون الحجر على بطونهم لتقيد البطن، وأنكر ابن حسان هذه الرواية وقال: إنما هو الحجز بالزاي المعجمة وهو طرف الإزار، وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصوم الوصال ويقول: "أبيت عند ربي فيطعمني ويسقين" وهذا الذي قاله ليس بشيء. أما أولًا: فلقول جابر بعد هذا: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - خَمَصًا، ولرواية الإمام أحمد: معصوب بحجر من الجوع.

فَضَرَبَ، فَعَادَ كَثِيبًا أَهْيَلَ أَوْ أَهْيَمَ، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِى إِلَى الْبَيْتِ. فَقُلْتُ لاِمْرَأَتِى رَأَيْتُ بِالنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - شَيْئًا، مَا كَانَ فِي ذَلِكَ صَبْرٌ، فَعِنْدَكِ شَىْءٌ قَالَتْ عِنْدِى شَعِيرٌ وَعَنَاقٌ. فَذَبَحْتُ الْعَنَاقَ وَطَحَنَتِ الشَّعِيرَ، حَتَّى جَعَلْنَا اللَّحْمَ فِي الْبُرْمَةِ، ثُمَّ جِئْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَالْعَجِينُ قَدِ انْكَسَرَ، وَالْبُرْمَةُ بَيْنَ الأَثَافِىِّ قَدْ كَادَتْ أَنْ تَنْضَجَ فَقُلْتُ طُعَيِّمٌ لِى، فَقُمْ أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَرَجُلٌ أَوْ رَجُلاَنِ. قَالَ «كَمْ هُوَ». فَذَكَرْتُ لَهُ، قَالَ «كَثِيرٌ طَيِّبٌ». قَالَ «قُلْ لَهَا لاَ تَنْزِعُ الْبُرْمَةَ وَلاَ الْخُبْزَ مِنَ التَّنُّورِ حَتَّى آتِىَ». فَقَالَ «قُومُوا». فَقَامَ الْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ قَالَ وَيْحَكِ جَاءَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَمَنْ مَعَهُمْ. قَالَتْ هَلْ سَأَلَكَ قُلْتُ نَعَمْ. فَقَالَ «ادْخُلُوا وَلاَ تَضَاغَطُوا». فَجَعَلَ يَكْسِرُ الْخُبْزَ وَيَجْعَلُ عَلَيْهِ اللَّحْمَ، وَيُخَمِّرُ الْبُرْمَةَ وَالتَّنُّورَ إِذَا أَخَذَ مِنْهُ، وَيُقَرِّبُ إِلَى أَصْحَابِهِ ثُمَّ يَنْزِعُ، فَلَمْ يَزَلْ يَكْسِرُ الْخُبْزَ وَيَغْرِفُ حَتَّى شَبِعُوا وَبَقِىَ بَقِيَّةٌ قَالَ «كُلِى هَذَا وَأَهْدِى، فَإِنَّ النَّاسَ أَصَابَتْهُمْ مَجَاعَةٌ». طرفه 3070 4102 - حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ أَخْبَرَنَا حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِى سُفْيَانَ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا حُفِرَ الْخَنْدَقُ رَأَيْتُ بِالنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - خَمَصًا شَدِيدًا، فَانْكَفَأْتُ إِلَى امْرَأَتِى فَقُلْتُ هَلْ ـــــــــــــــــــــــــــــ وأما ثانيًا: فلأن قياسه على الصوم قياس فاسد؛ لأن في الصوم أيضًا يجوع ولكن يمده الله بالروحانية وهي المراد من الطعام والسقي، وأي فائدة في الصوم إن لم يكن معه جوع. (فضرب فعاد كثيبًا أهْيَل أو أهْيَم) الكثيب: الرمل المجتمع، والأهْيَل: الذي لا يماسك وكذا الأهيم (عندي شعير وعناق) -بفتح العين- ولد المعز (ثم جئت النبي - صلى الله عليه وسلم - والعجين قد انكسر) أي: اختمر (والبرمة على الأثافي) البرمة: -بضم الباء- قال ابن الأثير: هي القدر مطلقًا، وأصلها القدرة من الحجارة. والأثافي: جمع أثفية وهي الحجارة التي تنصب للقدر (قد كادت أن تنضج) بفتح الضاد (فقال: ادخلوا ولا تضاغطوا) أي: لا تزاحموا (فجعل يكسر الخبز ويجعل عليه اللحم ويخمِّر البرمة والتنور) لئلا تقع عليه أعين الناس فيستقلونه فتذهب بركته. 4102 - (أبو عاصم) النبيل (سعيد بن ميناء) قال ابن الأثير: انكفأت، ويقال بالتاء بدل الهمزة أي: انقلبت.

عِنْدَكِ شَىْءٌ فَإِنِّى رَأَيْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَمَصًا شَدِيدًا. فَأَخْرَجَتْ إِلَىَّ جِرَابًا فِيهِ صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ، وَلَنَا بُهَيْمَةٌ دَاجِنٌ فَذَبَحْتُهَا، وَطَحَنَتِ الشَّعِيرَ فَفَرَغَتْ إِلَى فَرَاغِى، وَقَطَّعْتُهَا فِي بُرْمَتِهَا، ثُمَّ وَلَّيْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ لاَ تَفْضَحْنِى بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَبِمَنْ مَعَهُ. فَجِئْتُهُ فَسَارَرْتُهُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَبَحْنَا بُهَيْمَةً لَنَا وَطَحَنَّا صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ كَانَ عِنْدَنَا، فَتَعَالَ أَنْتَ وَنَفَرٌ مَعَكَ. فَصَاحَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «يَا أَهْلَ الْخَنْدَقِ، إِنَّ جَابِرًا قَدْ صَنَعَ سُورًا فَحَىَّ هَلاً بِكُمْ». فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تُنْزِلُنَّ بُرْمَتَكُمْ، وَلاَ تَخْبِزُنَّ عَجِينَكُمْ حَتَّى أَجِئَ». فَجِئْتُ وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقْدُمُ النَّاسَ حَتَّى جِئْتُ امْرَأَتِى، فَقَالَتْ بِكَ وَبِكَ. فَقُلْتُ قَدْ فَعَلْتُ الَّذِى قُلْتِ. فَأَخْرَجَتْ لَهُ عَجِينًا، فَبَصَقَ فِيهِ وَبَارَكَ، ثُمَّ عَمَدَ إِلَى بُرْمَتِنَا فَبَصَقَ وَبَارَكَ ثُمَّ قَالَ «ادْعُ خَابِزَةً فَلْتَخْبِزْ مَعِى وَاقْدَحِى مِنْ بُرْمَتِكُمْ وَلاَ تُنْزِلُوهَا، وَهُمْ أَلْفٌ، فَأُقْسِمُ بِاللَّهِ لَقَدْ أَكَلُوا حَتَّى تَرَكُوهُ وَانْحَرَفُوا، وَإِنَّ بُرْمَتَنَا لَتَغِطُّ كَمَا هِىَ، وَإِنَّ عَجِينَنَا لَيُخْبَزُ كَمَا هُوَ. طرفه 3070 4103 - حَدَّثَنِى عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها (إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ) قَالَتْ كَانَ ذَاكَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ (ولنا بهيمة داجن) البهيمة: -مصغر بهمة على وزن روضة- الصغير من أولاد الغنم، والداجن ما يربى في البيت، ولم يؤنثه لأنه صار في عداد الأسماء (فساررته) إنما ساره لقلة الطعام وكثرة الخلق، ولم يدر أن صاحب المعجزات لا ينفرد بالأكل دون الأصحاب (فصاح يا أهل الخندق إن جابرًا قد صنع سُورًا) -بضم السين بعده واو- هذا لفظ عجمي مرادف الوليمة ثم اتسع فيه فأطلقه على الدعوة للأكل (فحي هلا) أي: أسرعوا، اسم فعل وقد يستعمل حي وحده وهلا وحده بمعنى (فأخرجت له عجينًا فبسق فيه) ويقال: بالصاد أيضًا، أي: تفل فيه من ريقه فإنه أكثر تلك البركة (واقدحي من برمتكم ولا تنزلوها) أي: اغرفي، والمقدحة: المغرفة (وهم ألف فأقسم بالله لقد أكلوا حتى تركوه وانحرفوا وإن برمتنا لتغط) -بالغين المعجمة والطاء المهملة- من الغطيط وهو صوت النائم، شبه به شدة ملئها وصوت غليانها وهذه وكم له من هذه من باهر المعجزات لا يطلع على سبب ذلك إلا الله.

4104 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَنْقُلُ التُّرَابَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ حَتَّى أَغْمَرَ بَطْنَهُ أَوِ اغْبَرَّ بَطْنُهُ يَقُولُ: وَاللَّهِ لَوْلاَ اللَّهُ مَا اهْتَدَيْنَا ... وَلاَ تَصَدَّقْنَا وَلاَ صَلَّيْنَا فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا ... وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاَقَيْنَا إِنَّ الأُلَى قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا ... إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا وَرَفَعَ بِهَا صَوْتَهُ أَبَيْنَا أَبَيْنَا. طرفه 2836 4105 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ شُعْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِى الْحَكَمُ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِىَ الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «نُصِرْتُ بِالصَّبَا وَأُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ». طرفه 1035 4106 - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنِى ـــــــــــــــــــــــــــــ 4104 - (حتى أغمر بطنه أو أغبر) ويروى اللفظان بهمزة القطع على وزن أكرم- ونصب بطنه وهمزة الوصل والتشديد على وزن أحمر، ورفع بطنه ورواه بعضهم: أعفر -بالعين المهملة- من العفر -بفتح الفاء- من التراب وروى عن البراء أنه قال: (رأيته) يريد رسول الله (ينقل تراب الخندق حتى وارى عني الغبار جلدة بطنه وكان كثير الشعر) ليس معناه أنه بالنسبة إلى الناس كان كذلك، بل في نفسه كان كثير الشعر في الجملة، ولا بد من هذا التأويل لما في الحديث: أنه كان دقيق المسربة -بفتح الميم وسكون السين وضم الباء- شعر البطن. 4105 - (نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور). فإن قلت: ما وجه إيراده هنا للدبور في غزوة الخندق؟ قلت: وجهه أن قوله تعالى: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} [الأحزاب: 9] في حال وقعة الخندق فعلم أن ذلك الريح كان ريح الصبا. 4106 - (شريح) بضم الشين، مصغر شرح.

إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يُحَدِّثُ قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ الأَحْزَابِ، وَخَنْدَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَأَيْتُهُ يَنْقُلُ مِنْ تُرَابِ الْخَنْدَقِ حَتَّى وَارَى عَنِّى الْغُبَارُ جِلْدَةَ بَطْنِهِ، وَكَانَ كَثِيرَ الشَّعَرِ، فَسَمِعْتُهُ يَرْتَجِزُ بِكَلِمَاتِ ابْنِ رَوَاحَةَ، وَهْوَ يَنْقُلُ مِنَ التُّرَابِ يَقُولُ: 4107 - حَدَّثَنِى عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ - هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ - عَنْ أَبِيهِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ أَوَّلُ يَوْمٍ شَهِدْتُهُ يَوْمُ الْخَنْدَقِ. 4108 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ وَأَخْبَرَنِى ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ وَنَسْوَاتُهَا تَنْطُفُ، قُلْتُ قَدْ كَانَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ مَا تَرَيْنَ، فَلَمْ يُجْعَلْ لِى مِنَ الأَمْرِ شَىْءٌ. فَقَالَتِ الْحَقْ فَإِنَّهُمْ يَنْتَظِرُونَكَ، وَأَخْشَى أَنْ يَكُونَ فِي احْتِبَاسِكَ عَنْهُمْ فُرْقَةٌ. فَلَمْ تَدَعْهُ حَتَّى ذَهَبَ، فَلَمَّا تَفَرَّقَ النَّاسُ خَطَبَ مُعَاوِيَةُ قَالَ مَنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي هَذَا الأَمْرِ فَلْيُطْلِعْ لَنَا قَرْنَهُ، فَلَنَحْنُ أَحَقُّ بِهِ مِنْهُ وَمِنْ أَبِيهِ. قَالَ حَبِيبُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَهَلاَّ أَجَبْتَهُ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَحَلَلْتُ حُبْوَتِى وَهَمَمْتُ أَنْ أَقُولَ أَحَقُّ بِهَذَا الأَمْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــ 4107 - (عبدة) بفتح العين وسكون الموحدة. 4108 - (ابن طاوس) عبد الله وفاعل قال (معمر) فإنه روى الحديث عنه كما رواه عن الزهري عن ابن عمر. (دخلت على حفصة ونسْوَاتُهَا تنطف) النسوات -بفتح النون وسكون السين- قيل: والصواب نقديم الواو من النوس وهو التحرك يريد ظفائر شعرها، ومعنى تنطف -بضم الطاء المهملة وكسرها- تقطر (فلما تفرق الناس) أي: عن بيعة معاوية، وقيل: أراد تفرق الحكمان: أبو موسى وعمرو بن العاص (خطب معاوية وقال: من كان يريد أن يتكلم في هذا الأمر) يريد الخلافة (فليطلع لنا قرنه) أي: طرف رأسه عند المقالة (فلنحن أحق به منه ومن أبيه) هذه زلة من معاوية فإن من الحاضرين ابن عمرو وابن أبي بكر (قال ابن عمر: فحللت حُبْوَتي) -بضم الحاء وسكون الباء- اسم من الاحتباء، أراد أنه من حرارة كلامه لم يصر على حاله وجعله مقدمة للنزاع كما يفعله كثير من الناس (وهممت أن أقول: أحق بهذا الأمر

مِنْكَ مَنْ قَاتَلَكَ وَأَبَاكَ عَلَى الإِسْلاَمِ. فَخَشِيتُ أَنْ أَقُولَ كَلِمَةً تُفَرِّقُ بَيْنَ الْجَمْعِ، وَتَسْفِكُ الدَّمَ، وَيُحْمَلُ عَنِّى غَيْرُ ذَلِكَ، فَذَكَرْتُ مَا أَعَدَّ اللَّهُ فِي الْجِنَانِ. قَالَ حَبِيبٌ حُفِظْتَ وَعُصِمْتَ. قَالَ مَحْمُودٌ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَنَوْسَاتُهَا. 4109 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الأَحْزَابِ «نَغْزُوهُمْ وَلاَ يَغْزُونَنَا». طرفه 4110 4110 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ يَقُولُ سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ صُرَدٍ يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ حِينَ أَجْلَى الأَحْزَابُ عَنْهُ «الآنَ نَغْزُوهُمْ وَلاَ يَغْزُونَنَا، نَحْنُ نَسِيرُ إِلَيْهِمْ». طرفه 4109 4111 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا رَوْحٌ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ من قاتلك وأباك على الإسلام) ويلزم أن يكون أكثر الحاضرين أولى به فإن معاوية وأبا سفيان من مسلمة الفتح، وأراد بعضهم توجيه هذا الكلام من معاوية بأنه إنما قال هذا لأن حسنًا كان صاحب الحق وقد سلمه إليه، وهذا ليس بشيء، لقوله: منه ومن أبيه، وقد قدمناه، فكيف يصح هذا الكلام -وهذا موضع الدلالة- فإن أبا سفيان كان رأس الكفار في الأحزاب. (قال محمود) هو ابن غيلان شيخ البخاري (عن عبد الرزاق: ونوساتها) بتقديم الواو على الصواب. 4109 - 4110 - (صرد) على وزن عمر. (سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول حين أجلى عنه الأحزاب) على بناء الفاعل والمفعول فإنه لازم ومتعد (الآن نغزوهم ولا يغزوننا) هذه إحدى معجزاته فإنه بعد الخندق لم يعمر لقريش راية معه، ويوم الحديبية والفتح كان الغزو من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. 4111 - (إسحاق) كذا وقع، قال الغساني: لم أجد أحدًا نسبه في هذا الموضع، لكن تارة أسند البخاري عن إسحاق بن إبراهيم عن روح بن عبادة، وتارة عن إسحاق بن منصور عن روح بن عبادة.

عَلِىٍّ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ «مَلأَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا كَمَا شَغَلُونَا عَنْ صَلاَةِ الْوُسْطَى حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ». طرفه 2931 4112 - حَدَّثَنَا الْمَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - جَاءَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ جَعَلَ يَسُبُّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كِدْتُ أَنْ أُصَلِّىَ حَتَّى كَادَتِ الشَّمْسُ أَنْ تَغْرُبَ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «وَاللَّهِ مَا صَلَّيْتُهَا» فَنَزَلْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بُطْحَانَ، فَتَوَضَّأَ لِلصَّلاَةِ وَتَوَضَّأْنَا لَهَا، فَصَلَّى الْعَصْرَ بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا الْمَغْرِبَ. أطرافه 596 4113 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الأَحْزَابِ «مَنْ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ». فَقَالَ الزُّبَيْرُ أَنَا. ثُمَّ قَالَ «مَنْ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ». فَقَالَ الزُّبَيْرُ أَنَا. ثُمَّ قَالَ «مَنْ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ». فَقَالَ الزُّبَيْرُ أَنَا. ثُمَّ قَالَ «إِنَّ لِكُلِّ نَبِىٍّ حَوَارِيًّا، وَإِنَّ حَوَارِىَّ الزُّبَيْرُ». طرفه 2846 ـــــــــــــــــــــــــــــ وحديث صلاة الوسطى قد سلف في أبواب الصلاة مع تحقيق شاف، وأشرنا إلى من قال ردت الشمس لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلاها في الوقت فقد أبعد عن الصواب، وذلك أن لفظ الحديث صريح أنه قضاها بعد الغروب وقدمها على المغرب؛ لأن الفائتة تقدم على المؤقتة عند اتساع الوقت ولئن سلم أيُّ فائدة في الرد بعد الغروب؛ فإن الوقت بالغروب قد فات، ولو ردت كانت الصلاة قضاء قطعًا. 4112 - (بُطحان) -بضم الباء- على وزن عثمان اسم موضع هناك. 4113 - (المنكدر) بكسر الدال. (إن لكل نبي حواريًّا وحواريَّ الزبير) قد أشرنا مرارًا أن المراد بيان كماله ولا يلزم منه الحصر فإنهم ذكروا أن لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - اثني عشر حواريًّا، عدد حواري عيسى منهم الخلفاء الراشدين، أبو بكر ومن بعده، ونسبه إلى الحور وهو البياض، قيل: لأن حواري عيسى كانوا قصارين وقوله: (من يأتينا بخبر القوم) يريد بالقوم بني قريظة، فإنهم كانوا خائفين من غدرهم، وكذا جرى.

4114 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقُولُ «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ، أَعَزَّ جُنْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَغَلَبَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ، فَلاَ شَىْءَ بَعْدَهُ». 4115 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا الْفَزَارِىُّ وَعَبْدَةُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِى خَالِدٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِى أَوْفَى - رضى الله عنهما - يَقُولُ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الأَحْزَابِ فَقَالَ «اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ، سَرِيعَ الْحِسَابِ، اهْزِمِ الأَحْزَابَ، اللَّهُمَّ اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ». طرفه 2933 4116 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمٍ وَنَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا قَفَلَ مِنَ الْغَزْوِ، أَوِ الْحَجِّ، أَوِ الْعُمْرَةِ، يَبْدَأُ فَيُكَبِّرُ ثَلاَثَ مِرَارٍ ثُمَّ يَقُولُ «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ 4114 - (نصر عبده) يريد نفسه لأنه لا يلتبس على أحد ولأنه أشرف أسمائه، ألا ترى في موضع تعظيمه كيف قال: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا} [الإسراء: 1] ولنا في هذا المقام تحقيق في إيثار لفظ العبد في {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ} من أراد أن يقر عينه بذلك فعليه بتفسير غاية الأماني (وغلب الأحزاب وحده) لأنهم فروا بما أوقع الله في قلوبهم الرعب وفاء بقوله: {سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ)} [آل عمران: 151] ولم يكن من المؤمنين معهم قتال يعتد به، ولكن كما أخبر الله. {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} [الأحزاب: 9] فقلع الريح خيامهم وكسر قدورهم وصاحت الملائكة على خيولهم وجمالهم فانخذلت، وقال قائل منهم: النجاء النجاء، سحر محمد قد أثر، فشرعوا في الفرار بالليل، حتى نُقِل أن أبا سفيان من شدة العجلة ركب راحلته وهي معقولة، فشرع يضربها وهي لا تمشي ثم نزل فأصلحه. وفي القصة طول وبسط في السير والحمد لله وحده. وقصة نعيم بن مسعود مع قريظة وقريش كَيف أوقع الحلف بينهم نذكرها في غزوة قريظة. 4115 - 4116 - (محمد) كذا وقع غير منسوب، قال الغساني: نسبه أبو نصر وابن السكن: محمد بن سلام.

32 - باب مرجع النبى - صلى الله عليه وسلم - من الأحزاب ومخرجه إلى بنى قريظة ومحاصرته إياهم

لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهْوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ، آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونُ سَاجِدُونَ، لِرَبِّنَا حَامِدُونَ، صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ». طرفه 1797 32 - باب مَرْجَعِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الأَحْزَابِ وَمَخْرَجِهِ إِلَى بَنِى قُرَيْظَةَ وَمُحَاصَرَتِهِ إِيَّاهُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب مرجع النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأحزاب ومخرجه إلى قريظة كانت قريظة في عهد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى جاءت الأحزاب، فجاء حيي بن أخطب -وهو من النضير- إلى بني قريظة ورئيسهم كعب بن أسد فقفل عليه الباب وقال: يا حيي أنت رجل مشؤوم وتقاولا حتى قال حيي: إنما قفلت باب الحصن لئلا آكل خبزك، ففتح له الباب ولم يزل يدعوه إلى نقض العهد، وحلف أنه إن رجعت قريش ولم يصيبوا محمدًا ليدخلن الحصن مع قريظة وكذلك فعل، فلما بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نقض العهد منهم أرسل السعد بن معاذ وابن عبادة واين رواحة، فقال: اعلموا خبرهم، فإن كانوا على العهد، فأظهروا للناس، وإلا أشيروا إشارة إلي، فلما رجعوا قالوا: عضل والقارة، أي: غدروا مثلهم، فاشتد على المسلمين الأمر كما أخبر الله: {وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا} [الأحزاب: 10]. وكان من لطفه تعالى أن جاء نعيم بن مسعود الأشجعي الغطفاني، وقال: يا رسول الله إني قد أسلمت ولم يدر القوم بإسلامي فمرني بما شئت، فقال: "إنما أنت رجل واحد فخذل القوم إن قدرت" فجاء نعيم إلى بني قريظة وقال: يا بني قريظة كيف تعرفون ودي لكم؟ قالوا: لست عندنا بمتهم. قال: فإني أنصحكم. فقالوا: هاته. قال: تعلمون أنكم لستم كقريش وسائر القبائل، فإنهم إن رأوا فرصة فذاك، وإلا انصرفوا إلى بلادهم وبقيتم أنتم، ولا طاقة لكم بحرب محمد، فالرأي أن لا تقاتلوا حتى تأخذوا من أشراف قريش رجالًا رهائن تدخلونهم في الحصن. قالوا: أرشدت ونصحت. ثم جاء إلى قريش وقال: عرفتم ودي ونصحي. قالوا: أنت كذلك قال: هل عرفنم ما قصدت قريظة؟ قالوا: لا. قال: فإنهم قد ندموا على نقض العهد وعزموا على أن يأخذوا منكم رجالًا رهائن، ويسلموهم إلى محمد يضرب رقابهم ثم يقومون معه عليكم. وكذلك قال لغطفان وسائر القبائل فلما كانت ليلة السبت أرسلوا عكرمة بن أبي جهل إلى قريظة وقالوا: إنا لسنا بدار مقام، أعدوا إلى الحرب حتى نناجز محمدًا، قالوا: والله نحن يوم السبت لا نقاتل، وأيضًا لا نقاتل حتى تعطونا رجالًا رهائن فإنا نخاف أن تذهبوا وتتركونا مع محمد ولا طاقة لنا به. فقالت قريش: والله

4117 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ لَمَّا رَجَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْخَنْدَقِ وَوَضَعَ السِّلاَحَ وَاغْتَسَلَ، أَتَاهُ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - فَقَالَ قَدْ وَضَعْتَ السِّلاَحَ وَاللَّهِ مَا وَضَعْنَاهُ، فَاخْرُجْ إِلَيْهِمْ. قَالَ «فَإِلَى أَيْنَ». قَالَ هَا هُنَا، وَأَشَارَ إِلَى بَنِى قُرَيْظَةَ، فَخَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَيْهِمْ. طرفه 463 4118 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَى الْغُبَارِ سَاطِعًا فِي زُقَاقِ بَنِى غَنْمٍ مَوْكِبِ جِبْرِيلَ حِينَ سَارَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى بَنِى قُرَيْظَةَ. 4119 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الأَحْزَابِ «لاَ يُصَلِّيَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ إن نعيمًا قد صدقكم. وكذا قالت غطفان {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} [الأحزاب: 9] {وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ} [الأحزاب: 25]. 4117 - (ابن نمير) -بضم النون- مصغر نمر عبد الله (لما رجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الخندق) صباح ذلك الليل الذي رحل المشركون فيه (أتاه جبريل فقال: قد وضعت السلاح) قال ابن هشام: جاء راكبًا بغلة معتمرًا بعمامة من إستبرق عليها رجاله، عليها قطيفة من ديباج (أخرج إليهم. قال: فإلى أين؟ قال: هنا وأشار إلى بني قريظة) كأنه أشار لئلا يبلغهم الخبر. 4118 - (حازم) بالحاء المهملة (حميد عن أنس كأني أنظر إلى الغبار ساطعًا في زقاق بني غَنْم) -بفتح الغين المعجمة وسكون النون- هو غَنْم بن كعب بن سلمة، أو غنم بن مالك. ومن قال: غَنْم أبو حيّ من تغلب فقد غلط، فإن ذلك غنم بن تغلب بن وائل بن قاسط، بين نسل ربيعة بن نزَار وهذا من الأنصار (موكب جبرائيل) بالجر بتقدير المضاف، أي: غبار موكب، والموكب -بفتح الميم وسكون الواو- جماعة الفرسان. 4119 - (قال النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الأحزاب) أي: يوم ذهاب الأحزاب (لا يصلين

أَحَدٌ الْعَصْرَ إِلاَّ فِي بَنِى قُرَيْظَةَ». فَأَدْرَكَ بَعْضُهُمُ الْعَصْرَ فِي الطَّرِيقِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لاَ نُصَلِّى حَتَّى نَأْتِيَهَا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ نُصَلِّى، لَمْ يُرِدْ مِنَّا ذَلِكَ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يُعَنِّفْ وَاحِدًا مِنْهُمْ. طرفه 946 4120 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى الأَسْوَدِ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ وَحَدَّثَنِى خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ الرَّجُلُ يَجْعَلُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - النَّخَلاَتِ حَتَّى افْتَتَحَ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرَ، وَإِنَّ أَهْلِى أَمَرُونِى أَنْ آتِىَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَسْأَلَهُ الَّذِينَ كَانُوا أَعْطَوْهُ أَوْ بَعْضَهُ. وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ أَعْطَاهُ أُمَّ أَيْمَنَ، فَجَاءَتْ أُمُّ أَيْمَنَ فَجَعَلَتِ الثَّوْبَ فِي عُنُقِى تَقُولُ كَلاَّ وَالَّذِى لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لاَ يُعْطِيكَهُمْ وَقَدْ أَعْطَانِيهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ أحد العصر إلا في بني قريظة) وكذا رواه فيما تقدم في صلاة الخوف. وفي رواية مسلم بهذا السند "صلاة الظهر" بدل العصر: والوجه في ذلك أنه صدر منه القولان؛ لأن منازلهم كانت متفاوتة قربًا وبعدًا أي: منازل الأصحاب. وقيل: يحتمل أن بعضهم كان صلى الظهر وبعضهم لم يصل فقال لمن صلى الظهر: لا يصل العصر، ولمن لم يصل الظهر: لا يصل الظهر، أو كان خروج بعضهم بعد بعض فصح القولان. ولا دلالة فيه (فلم يعنف واحدًا منهم) أي: ممن صلى في الطريق ومن لم يصل؛ لأن الغرض كان الاستعجال. وفي السّير أن بعضهم صلى العصر بعد العشاء. ولا دلالة فيه على أن كل مجتهد مصيب. 4120 - (ابن أبي الأسود) اسمه: محمد (معتمر) اسم فاعل من الاعتمارا (كان الرجل يجعل للنبي - صلى الله عليه وسلم - النخلات حتى افتتح قريظة والنضير) وكذلك كانت الأنصار جعلت للمهاجرين فلما افتتح قريظة والنضير قال للأنصار: إن شئتم قسمنا بينكم وبين المهاجرين وإن شئتم أعطينا للمهاجرين وردوا إليكم أموالكم فاختاروا رد أموالهم (وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أعطاه أم أيمن) اسمها بركة، حاضنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أم أسامة بن زيد (فجعلت الثوب في عنقي) من شدة الغضب، وإنما فعلت ذلك لأنها ظنت أنها ملكت ذلك

أَوْ كَمَا قَالَتْ، وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لَكِ كَذَا». وَتَقُولُ كَلاَّ وَاللَّهِ. حَتَّى أَعْطَاهَا، حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ «عَشَرَةَ أَمْثَالِهِ». أَوْ كَمَا قَالَ. طرفه 2630 4121 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ - رضى الله عنه - يَقُولُ نَزَلَ أَهْلُ قُرَيْظَةَ عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، فَأَرْسَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى سَعْدٍ، فَأَتَى عَلَى حِمَارٍ، فَلَمَّا دَنَا مِنَ الْمَسْجِدِ قَالَ لِلأَنْصَارِ «قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ - أَوْ - خَيْرِكُمْ». فَقَالَ «هَؤُلاَءِ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِكَ». فَقَالَ تَقْتُلُ مُقَاتِلَتَهُمْ وَتَسْبِى ذَرَارِيَّهُمْ. قَالَ «قَضَيْتَ بِحُكْمِ اللَّهِ». وَرُبَّمَا قَالَ «بِحُكْمِ الْمَلِكِ». طرفه 3043 ـــــــــــــــــــــــــــــ المال ولم يكن كذلك، بل كان الملك للأنصار. غايته أنهم أباحوا لهم الثمار. 4121 - (محمد بن بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (نزل أهل قريظة على حكم سعد بن معاذ) كانت يهود بني قينقاع حلفًا للخزرج فلما نزلوا على حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شفع فيهم ابن سلول فأطلقهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلما أرادوا أن ينزلوا على حكم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شرع الأوس يقولون: يا رسول الله، هؤلاء، موالينا وقد فعلت في موالي إخواننا الخزرج ما فعلت، فقال: "ألا ترضون يا معشر الأوس أن يحكم فيهم رجل منكم"، قالوا: بلى، قال: "فذاك إلى سعد بن معاذ" ولم يكن سعد حاضرًا فإنه أصابه يوم الخندق سهم رماه، فقطع الأكمل منه، فأرسلوا إليه، فجاء على حمار فقام إليه الأوس يقولون: يا أبا عمرو مواليك وقد جعل أمرهم إليك. قال ابن هشام: فقال سعد: عليكم الميثاق أن ترضوا بحكمي. قالوا: نعم. قالوا: وعلى من ههنا -يشير إلى الناحية التي فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم ينظر إليه إجلالًا له؛ إذ لا ينبغي لأحد أن يحكم في أمر بحضرته أو يواجهه بالحكم عليه، فعرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه يريده فقال: نعم. وكان قبل وصوله إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تلقاه قومه ورغبوه في الترفق بهم. فقال سعد: لقد آن لسعد أن لا يأخذه في الله لومة لائم فلما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "نعم" (قال: فإني أحكم أن يقتل الرجال وتقسم لأموال وتسبى الذراري والنساء، قال: قضيت بحكم الله، وربما قال: بحكم الملك) -بكسر اللام- أي: الله هو الله تعالى، ويروى بالفتح على طريق المجاز إسنادًا إلى السبب. وفي رواية ابن هشام: بحكم الله فوق سبعة أرقعة، جمع الرقيع وهو السماء. قال ابن هشام: هذه أول غنيمة وقعت فيه السهمان:

4122 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ أُصِيبَ سَعْدٌ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، رَمَاهُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالُ لَهُ حِبَّانُ ابْنُ الْعَرِقَةِ، رَمَاهُ فِي الأَكْحَلِ، فَضَرَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَيْمَةً فِي الْمَسْجِدِ لِيَعُودَهُ مِنْ قَرِيبٍ، فَلَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْخَنْدَقِ وَضَعَ السِّلاَحَ وَاغْتَسَلَ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - وَهْوَ يَنْفُضُ رَأْسَهُ مِنَ الْغُبَارِ فَقَالَ قَدْ وَضَعْتَ السِّلاَحَ وَاللَّهِ مَا وَضَعْتُهُ، اخْرُجْ إِلَيْهِمْ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «فَأَيْنَ». فَأَشَارَ إِلَى بَنِى قُرَيْظَةَ، فَأَتَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَنَزَلُوا عَلَى حُكْمِهِ، فَرَدَّ الْحُكْمَ إِلَى سَعْدٍ، قَالَ فَإِنِّى أَحْكُمُ فِيهِمْ أَنْ تُقْتَلَ الْمُقَاتِلَةُ، وَأَنْ تُسْبَى النِّسَاءُ وَالذُّرِّيَّةُ، وَأَنْ تُقْسَمَ أَمْوَالُهُمْ. قَالَ هِشَامٌ فَأَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ سَعْدًا قَالَ اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَىَّ أَنْ أُجَاهِدَهُمْ فِيكَ مِنْ قَوْمٍ كَذَّبُوا رَسُولَكَ - صلى الله عليه وسلم - وَأَخْرَجُوهُ، اللَّهُمَّ فَإِنِّى أَظُنُّ أَنَّكَ قَدْ وَضَعْتَ الْحَرْبَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ، فَإِنْ كَانَ بَقِىَ مِنْ حَرْبِ قُرَيْشٍ شَىْءٌ، فَأَبْقِنِى لَهُ حَتَّى أُجَاهِدَهُمْ فِيكَ، وَإِنْ كُنْتَ وَضَعْتَ ـــــــــــــــــــــــــــــ للراجل سهم وللفارس سهمان لفرسه سهم وسهم له، وأخرج منه الخمس. وضرب أعناق الرجال في المدينة خندق لذلك خنادق. وكان عدد من ضرب أعناقهم من سبعمائة إلى ثمانمائة إلى تسعمائة. قال ابن إسحاق: وأسلم تلك الليلة ثعلبة بن سعيد وأسيد بن سعيد وأسد بن عبيد، ولم يكونوا هؤلاء من قريظة والنضير، بل أبناء عم لهم من قبيلة هذل. (أبو أمامة) أسعد بن سهل، ولد قبل وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعامين فأتي به حين ولد فدعا له وسماه أسعد باسم أبي أمية بن أسعد بن زرارة وكناه بكنيته (فلما دنا من المسجد) المكان الذي كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي فيه (قال: قوموا إلى صيدكم) إكرامًا له، وقيل: لأنه كان جريحًا ليأخذوا بيده. ولفظ سيدكم يؤيد الأول. 4122 - (حِبّان بن العَرِقة) بكسر الحاء وتشديد الموحدة، والعَرِقة -بفتح العين والراء والقاف- قيل: هذا اسم أمه (فأتاه جبريل وهو ينفض رأسه عن الغبار) الضمير لجبريل، وفي التركيب قلب أي: ينفض الغبار عن رأسه (إن كنت قد وضعت الحرب) وفي رواية عائشة: كأني برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يمسح الغبار عن وجه جبريل وأنا أظن دحية. (إن كنت قد وضعت

33 - باب غزوة ذات الرقاع

الْحَرْبَ فَافْجُرْهَا، وَاجْعَلْ مَوْتَتِى فِيهَا. فَانْفَجَرَتْ مِنْ لَبَّتِهِ، فَلَمْ يَرُعْهُمْ وَفِى الْمَسْجِدِ خَيْمَةٌ مِنْ بَنِى غِفَارٍ إِلاَّ الدَّمُ يَسِيلُ إِلَيْهِمْ فَقَالُوا يَا أَهْلَ الْخَيْمَةِ مَا هَذَا الَّذِى يَأْتِينَا مِنْ قِبَلِكُمْ فَإِذَا سَعْدٌ يَغْذُو جُرْحُهُ دَمًا، فَمَاتَ مِنْهَا رضى الله عنه. طرفه 463 4123 - حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى عَدِىٌّ أَنَّهُ سَمِعَ الْبَرَاءَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِحَسَّانَ «اهْجُهُمْ - أَوْ هَاجِهِمْ - وَجِبْرِيلُ مَعَكَ». طرفه 3213 4124 - وَزَادَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنِ الشَّيْبَانِىِّ عَنْ عَدِىِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ قُرَيْظَةَ لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ «اهْجُ الْمُشْرِكِينَ، فَإِنَّ جِبْرِيلَ مَعَكَ». طرفه 3213 33 - باب غَزْوَةُ ذَاتِ الرِّقَاعِ وَهْىَ غَزْوَةُ مُحَارِبِ خَصَفَةَ مِنْ بَنِى ثَعْلَبَةَ مِنْ غَطَفَانَ، فَنَزَلَ نَخْلاً. وَهْىَ بَعْدَ خَيْبَرَ، لأَنَّ أَبَا مُوسَى جَاءَ بَعْدَ خَيْبَرَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الحرب فافجرها فانفجرت من لبَّته) -بفتح اللام وتشديد الموحدة- موضع القلادة من الصدر (فإذا سعد يغذو جرحه) -بالذال المعجمة- أي يسيل. وكان مدة الحصار خمس عشر ليلة. وقيل: خمس وعشرون. وقال الحاكم: بضعًا وعشرين. وعدد الجيش ثلاثة آلاف، والخيل ستة وثلاثون. غزوة ذات الرقاع قال ابن إسحاق: هذه الغزوة كانت بعد بني النضير سنة أربع. وإنما سميت ذات الرقاع؛ لأنهم رقعوا راياتهم، وقيل: ذات الرقاع اسم شجرة هناك. وفي حديث أبي موسى: إنما سميت ذات الرقاع لأن أقدامهم ثقبت فلف الخروق عليها. ويجوز الجمع بين الأقوال كما لا يخفى. واستدل البخاري على أنها بعد خيبر سنة سبع، وذلك أن من رواة الحديث أبا موسى، وأبو موسى إنما قدم مع جعفر بن أبي طالب ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - على فتح خيبر وكذا أبو هريرة. (وهي غزوة محارب خَصَفَةَ بن بني ثعلبة من غطفان) محارب: أبو قبيلة، وخصفة

4125 - وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ الْقَطَّانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى بِأَصْحَابِهِ فِي الْخَوْفِ فِي غَزْوَةِ السَّابِعَةِ غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ صَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْخَوْفَ بِذِى قَرَدٍ. أطرافه 4126، 4127، 4130، 4137 4126 - وَقَالَ بَكْرُ بْنُ سَوَادَةَ حَدَّثَنِى زِيَادُ بْنُ نَافِعٍ عَنْ أَبِى مُوسَى أَنَّ جَابِرًا حَدَّثَهُمْ صَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِهِمْ يَوْمَ مُحَارِبٍ وَثَعْلَبَةَ. طرفه 4125 4127 - وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ سَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ كَيْسَانَ سَمِعْتُ جَابِرًا خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى ذَاتِ الرِّقَاعِ مِنْ نَخْلٍ فَلَقِىَ جَمْعًا مِنْ غَطَفَانَ، فَلَمْ يَكُنْ قِتَالٌ، وَأَخَافَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَصَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - رَكْعَتَىِ الْخَوْفِ. وَقَالَ يَزِيدُ عَنْ سَلَمَةَ غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الْقَرَدِ. طرفه 4125 4128 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي غَزَاةٍ وَنَحْنُ سِتَّةُ نَفَرٍ بَيْنَنَا بَعِيرٌ نَعْتَقِبُهُ، فَنَقِبَتْ أَقْدَامُنَا وَنَقِبَتْ قَدَمَاىَ وَسَقَطَتْ أَظْفَارِى، ـــــــــــــــــــــــــــــ -بالخاء المعجمة وصاد مهملة وثلاث [فتحات]- ابن قيس بن عيلان، وعيلان على وزن شعبان لقب مضر، قاله الجوهري، وأما قوله: من بني ثعلبة فاتفقوا على أنه غلط وجوابه بني ثعلبة بالواو من زاذان. 4125 - (وقال ابن عباس: صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - الخوف بذي قرد) -بفتح القاف والراء، ويقال بضمهما أيضًا- اسم ماء بين غطفان وخيبر، وسيأتي الكلام عليه، كانت بعد الحديبية سنة ست. 4127 - (خرج إلى ذات الرقاع من نخل) -بفتح النون وسكون الخاء- اسم موضع بنجد من بلاد غطفان. 4128 - (العلاء) بفتح العين والمد (أبو أسامة) حمّاد بن أسامة (بُريد) بضم الباء مصغر برد (أبو بردة) عامر بن أبي موسى (بيننا [بعير] نعتقبه) أي: نتناوب ركوبه (فنقبت) -بفتح

وَكُنَّا نَلُفُّ عَلَى أَرْجُلِنَا الْخِرَقَ، فَسُمِّيَتْ غَزْوَةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ، لِمَا كُنَّا نَعْصِبُ مِنَ الْخِرَقِ عَلَى أَرْجُلِنَا، وَحَدَّثَ أَبُو مُوسَى بِهَذَا، ثُمَّ كَرِهَ ذَاكَ، قَالَ مَا كُنْتُ أَصْنَعُ بِأَنْ أَذْكُرَهُ. كَأَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَكُونَ شَىْءٌ مِنْ عَمَلِهِ أَفْشَاهُ. 4129 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ عَمَّنْ شَهِدَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ ذَاتِ الرِّقَاعِ صَلَّى صَلاَةَ الْخَوْفِ أَنَّ طَائِفَةً صَفَّتْ مَعَهُ، وَطَائِفَةٌ وُجَاهَ الْعَدُوِّ، فَصَلَّى بِالَّتِى مَعَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ ثَبَتَ قَائِمًا، وَأَتَمُّوا لأَنْفُسِهِمْ ثُمَّ انْصَرَفُوا، فَصَفُّوا وُجَاهَ الْعَدُوِّ، وَجَاءَتِ الطَّائِفَةُ الأُخْرَى فَصَلَّى بِهِمِ الرَّكْعَةَ الَّتِى بَقِيَتْ مِنْ صَلاَتِهِ، ثُمَّ ثَبَتَ جَالِسًا، وَأَتَمُّوا لأَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ سَلَّمَ بِهِمْ. 4130 - وَقَالَ مُعَاذٌ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِى الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِنَخْلٍ. فَذَكَرَ صَلاَةَ الْخَوْفِ. قَالَ مَالِكٌ وَذَلِكَ أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي صَلاَةِ الْخَوْفِ. تَابَعَهُ اللَّيْثُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ حَدَّثَهُ صَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي غَزْوَةِ بَنِى أَنْمَارٍ. طرفه 4125 4131 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِىِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِى حَثْمَةَ قَالَ يَقُومُ الإِمَامُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، وَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَهُ وَطَائِفَةٌ مِنْ قِبَلِ الْعَدُوِّ، وُجُوهُهُمْ إِلَى ـــــــــــــــــــــــــــــ النون وكسر القاف- أي: تجرَّحت (وكنا نعصب من الخرق على أرجلنا) -بفتح النون وسكون العين- أي: نلف. 4129 - (خوات) بفتح المعجمة وتشديد الواو (عمن شهد [مع] رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) هذا سهل بن أبي حثمة صرح باسمه في الحديث بعده في غزوة بني أنمار -بفتح الهمزة- هو أخو مضر وربيعة ثلاثة، أبناء نزار بن معد بن عدنان. 4131 - (عن سهل بن أبي حثمة قال: يقوم الإمام مستقبل القبلة) رواه موقوفًا ثم رواه مرفوعًا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

الْعَدُوِّ، فَيُصَلِّى بِالَّذِينَ مَعَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ يَقُومُونَ، فَيَرْكَعُونَ لأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً وَيَسْجُدُونَ سَجْدَتَيْنِ فِي مَكَانِهِمْ، ثُمَّ يَذْهَبُ هَؤُلاَءِ إِلَى مَقَامِ أُولَئِكَ فَيَرْكَعُ بِهِمْ رَكْعَةً، فَلَهُ ثِنْتَانِ، ثُمَّ يَرْكَعُونَ وَيَسْجُدُونَ سَجْدَتَيْنِ. حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِى حَثْمَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ يَحْيَى سَمِعَ الْقَاسِمَ أَخْبَرَنِى صَالِحُ بْنُ خَوَّاتٍ عَنْ سَهْلٍ حَدَّثَهُ قَوْلَهُ. 4132 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قِبَلَ نَجْدٍ، فَوَازَيْنَا الْعَدُوَّ فَصَافَفْنَا لَهُمْ. طرفه 942 4133 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى بِإِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ، وَالطَّائِفَةُ الأُخْرَى مُوَاجِهَةُ الْعَدُوِّ، ثُمَّ انْصَرَفُوا، فَقَامُوا فِي مَقَامِ أَصْحَابِهِمْ، فَجَاءَ أُولَئِكَ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً، ثُمَّ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ قَامَ هَؤُلاَءِ فَقَضَوْا رَكْعَتَهُمْ، وَقَامَ هَؤُلاَءِ فَقَضَوْا رَكْعَتَهُمْ. طرفه 942 4134 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى سِنَانٌ وَأَبُو سَلَمَةَ أَنَّ جَابِرًا أَخْبَرَ أَنَّهُ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قِبَلَ نَجْدٍ. طرفه 2910 ـــــــــــــــــــــــــــــ 4132 - 4134 - (زريع) مصغر زرع (فوازينا العدو) أي قابلنا.

4135 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى أَخِى عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى عَتِيقٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سِنَانِ بْنِ أَبِى سِنَانٍ الدُّؤَلِىِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ أَنَّهُ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قِبَلَ نَجْدٍ، فَلَمَّا قَفَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَفَلَ مَعَهُ، فَأَدْرَكَتْهُمُ الْقَائِلَةُ فِي وَادٍ كَثِيرِ الْعِضَاهِ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَتَفَرَّقَ النَّاسُ فِي الْعِضَاهِ يَسْتَظِلُّونَ بِالشَّجَرِ، وَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَحْتَ سَمُرَةٍ، فَعَلَّقَ بِهَا سَيْفَهُ، قَالَ جَابِرٌ فَنِمْنَا نَوْمَةً، ثُمَّ إِذَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدْعُونَا، فَجِئْنَاهُ فَإِذَا عِنْدَهُ أَعْرَابِىٌّ جَالِسٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ هَذَا اخْتَرَطَ سَيْفِى، وَأَنَا نَائِمٌ فَاسْتَيْقَظْتُ، وَهْوَ فِي يَدِهِ صَلْتًا، فَقَالَ لِى مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّى قُلْتُ اللَّهُ. فَهَا هُوَ ذَا جَالِسٌ». ثُمَّ لَمْ يُعَاقِبْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 2910 4136 - وَقَالَ أَبَانُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِذَاتِ الرِّقَاعِ، فَإِذَا أَتَيْنَا عَلَى شَجَرَةٍ ظَلِيلَةٍ تَرَكْنَاهَا ـــــــــــــــــــــــــــــ 4135 - 4137 - (عن جابر أنه غزا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل نجد، فأدركتهم القائلة) الساعة التي تكون فيها القيلولة، الإسناد مجازي كـ: {عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} [الحاقة: 21] (في واد كثير العضاة) مفرده: عضة أو عضهة أو عضاهة: شجر من شجر البوادي كالطلح (ونزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحت سمرة) -بفتح السين- شجر الطلح، قاله الجوهري (فنمنا نومة ثم إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعونا فجئناه فإذا أعرابي جالس عنده فقال: إن هذا اخترط سيفي) أي: سله من غمده، من خرطت العود إذا قشرته، وقد ذكر بعد هذا أن السيف كان معلقًا على الشجر وذكر أن اسم الرجل غورث -بالغين المعجمة وثاء مثلثة-. قال ابن هشام: [...]، فقال: يا محمد أرني سيفك، فناوله فأخذ بيده وقال: يا محمد ما تخاف مني؟، قال: لا. وهذه الرواية مخالفة لما في البخاري. والوجه: أن تكون الواقعة متعددة وإلا فالعمدة على ما في البخاري. قال ابن هشام أيضًا: روى الحديث عن جابر.

34 - باب غزوة بنى المصطلق من خزاعة وهى غزوة المريسيع

لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَسَيْفُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مُعَلَّقٌ بِالشَّجَرَةِ فَاخْتَرَطَهُ فَقَالَ تَخَافُنِى قَالَ «لاَ». قَالَ فَمَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّى قَالَ «اللَّهُ». فَتَهَدَّدَهُ أَصْحَابُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَأُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَصَلَّى بِطَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ تَأَخَّرُوا، وَصَلَّى بِالطَّائِفَةِ الأُخْرَى رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَرْبَعٌ وَلِلْقَوْمِ رَكْعَتَيْنِ. وَقَالَ مُسَدَّدٌ عَنْ أَبِى عَوَانَةَ عَنْ أَبِى بِشْرٍ اسْمُ الرَّجُلِ غَوْرَثُ بْنُ الْحَارِثِ، وَقَاتَلَ فِيهَا مُحَارِبَ خَصَفَةَ. وَقَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِنَخْلٍ فَصَلَّى الْخَوْفَ. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - غَزْوَةَ نَجْدٍ صَلاَةَ الْخَوْفِ. وَإِنَّمَا جَاءَ أَبُو هُرَيْرَةَ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَيَّامَ خَيْبَرَ. الحديث 4136 طرفه 2910. الحديث 4137 طرفه 4125 34 - باب غَزْوَةُ بَنِى الْمُصْطَلِقِ مِنْ خُزَاعَةَ وَهْىَ غَزْوَةُ الْمُرَيْسِيعِ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَذَلِكَ سَنَةَ سِتٍّ. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ سَنَةَ أَرْبَعٍ. وَقَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ (وقال ابن عطاء) هو ابن يزيد العطار (أبو عوانة) -بفتح العين- الوضاح اليشكري (أبو بشر) -بالموحدة وشين معجمة- اسمه جعفر (أبو الزبير) هنا، وقد جاء في رواية سعيد بن منصور زيادة على هذا، وهي زيادة حسنة: عن جابر أنه سقط السيف من يده فأخذه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال له: "من يمنعك مني" فقال الرجل: كن خير آخذ. فقال: "أتشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله" قال: لا، ولكن لا أقاتلك ولا أكون مع قوم يقاتلونك. فخلى سبيله، فلما جاء قومه قال: جئتكم من عند خير الناس. غزوة بني المصطلق المصطلق -على وزن اسم الفاعل- أبو حي بن خزاعة هو ابن سعد بن كعب بن عمرو بن أحي (وهي غزوة المريسيع) على وزن المصغر ماء لخزاعة بينه وبين القرع يوم، وبين القرع والمدينة ثمانية برد، قال ابن هشام: هو من ناحية قديد إلى الساحل (قال ابن إسحاق: وذلك سنة ست. وقال موسى بن عقبة: سنة أربع) وقال ابن سعد والواقدي: سنة خمس. ورجحه الحاكم.

النُّعْمَانُ بْنُ رَاشِدٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ كَانَ حَدِيثُ الإِفْكِ فِي غَزْوَةِ الْمُرَيْسِيعِ. 4138 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ أَنَّهُ قَالَ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَرَأَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ فَسَأَلْتُهُ عَنِ الْعَزْلِ، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي غَزْوَةِ بَنِى الْمُصْطَلِقِ، فَأَصَبْنَا سَبْيًا مِنْ سَبْىِ الْعَرَبِ، فَاشْتَهَيْنَا النِّسَاءَ وَاشْتَدَّتْ عَلَيْنَا الْعُزْبَةُ، وَأَحْبَبْنَا الْعَزْلَ، فَأَرَدْنَا أَنْ نَعْزِلَ، وَقُلْنَا نَعْزِلُ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ أَظْهُرِنَا قَبْلَ أَنْ نَسْأَلَهُ فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ «مَا عَلَيْكُمْ أَنْ لاَ تَفْعَلُوا، مَا مِنْ نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلاَّ وَهْىَ كَائِنَةٌ». طرفه 2229 4139 - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - غَزْوَةَ نَجْدٍ، فَلَمَّا أَدْرَكَتْهُ الْقَائِلَةُ وَهْوَ فِي وَادٍ كَثِيرِ الْعِضَاهِ، فَنَزَلَ تَحْتَ شَجَرَةٍ وَاسْتَظَلَّ بِهَا وَعَلَّقَ سَيْفَهُ، فَتَفَرَّقَ النَّاسُ فِي الشَّجَرِ يَسْتَظِلُّونَ، وَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ دَعَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَجِئْنَا، فَإِذَا أَعْرَابِىٌّ قَاعِدٌ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ «إِنَّ هَذَا أَتَانِى وَأَنَا نَائِمٌ، فَاخْتَرَطَ سَيْفِى فَاسْتَيْقَظْتُ، وَهْوَ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِى، مُخْتَرِطٌ صَلْتًا، قَالَ مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّى قُلْتُ اللَّهُ. فَشَامَهُ، ثُمَّ قَعَدَ، فَهْوَ هَذَا». قَالَ وَلَمْ يُعَاقِبْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. ـــــــــــــــــــــــــــــ وسببها: أنه بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنهم يجمعون الناس لغزوه، وقائدهم الحارث بن ضرار أبو جويرية حرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. 4138 - روى في الباب حديث أبي سعيد الخدري (أنهم أرادوا العزل في غزوة بني المصطلق، فسألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقال: ما عليكم ألا تفعلوا) أي: لا ضرر عليكم في عدم العزل؛ لأن الغرض من العزل عدم الولد، ومن قدر كونه مولودًا فهو كائن لا محالة. هذا معنى الحديث بلا ريب. وقال بعض الشارحين: معناه عدم العزل ليس واجبًا عليكم. وهذا مخالف لغرض الشارع؛ لأنه يريد المنع من العزل وإن كان جائزًا؛ لأنه لا طائل تحته وينافي تعليله وهو قوله: (ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إلا وهي كائنة) وأيضًا ما قاله ليس في التركيب] وذلك أن من سألك: هل أفعل كذا؟ فقلت: لا عليك أن لا تفعل. كأن معناه: لا بأس عليك في عدم الفعل.

35 - باب غزوة أنمار

35 - باب غَزْوَةُ أَنْمَارٍ 4140 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُرَاقَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِىِّ قَالَ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فِي غَزْوَةِ أَنْمَارٍ يُصَلِّى عَلَى رَاحِلَتِهِ، مُتَوَجِّهًا قِبَلَ الْمَشْرِقِ مُتَطَوِّعًا. طرفه 400 36 - باب حَدِيثُ الإِفْكِ وَالأَفَكِ بِمَنْزِلَةِ النَّجْسِ وَالنَّجَسِ. يُقَالُ إِفْكُهُمْ. 4141 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا، وَكُلُّهُمْ حَدَّثَنِى طَائِفَةً مِنْ حَدِيثِهَا، وَبَعْضُهُمْ كَانَ أَوْعَى لِحَدِيثِهَا مِنْ بَعْضٍ وَأَثْبَتَ لَهُ اقْتِصَاصًا، وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمُ الْحَدِيثَ ـــــــــــــــــــــــــــــ غزوة أنمار بفتح الهمزة -قد ذكرنا في غزوة ذات الرقاع أن أنمار-بفتح الهمزة- ابن نزار بن معد بن عدنان، والمراد أولاده وذريته. 4140 - (ابن أبي ذئب) بلفظ الحيوان المعروف، محمد بن عبد الرحمن. حديث الإِفْك الإفك: قال ابن الأثير: هو في الأصل الكذب. وكذا قاله الجوهري. والظاهر أن أصله الصرف عن الشيء لقوله تعالى: {قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [التوبة: 30] أي: يصرفون. وقال في موضع آخر: {وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} [الأحقاف: 28] فإن عطف الافتراء عليه ظاهر في التغاير. والإفك في الحديث صار علمًا لما افتراه المنافقون على أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق. قد سلف الحديث بطوله في أبواب الشهادات. ونشير هنا إلى بعض ألفاظه والأوهام الواقعة فيه:

الَّذِى حَدَّثَنِى عَنْ عَائِشَةَ، وَبَعْضُ حَدِيثِهِمْ يُصَدِّقُ بَعْضًا، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضٍ، قَالُوا قَالَتْ عَائِشَةُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ أَزْوَاجِهِ، فَأَيُّهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا، خَرَجَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَعَهُ، قَالَتْ عَائِشَةُ فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا فَخَرَجَ فِيهَا سَهْمِى، فَخَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ مَا أُنْزِلَ الْحِجَابُ، فَكُنْتُ أُحْمَلُ فِي هَوْدَجِى وَأُنْزَلُ فِيهِ، فَسِرْنَا حَتَّى إِذَا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ غَزْوَتِهِ تِلْكَ وَقَفَلَ، دَنَوْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ قَافِلِينَ، آذَنَ لَيْلَةً بِالرَّحِيلِ، فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بِالرَّحِيلِ فَمَشَيْتُ حَتَّى جَاوَزْتُ الْجَيْشَ، فَلَمَّا قَضَيْتُ شَأْنِى أَقْبَلْتُ إِلَى رَحْلِى، فَلَمَسْتُ صَدْرِى، فَإِذَا عِقْدٌ لِى مِنْ جَزْعِ ظَفَارِ قَدِ انْقَطَعَ، فَرَجَعْتُ فَالْتَمَسْتُ عِقْدِى، فَحَبَسَنِى ابْتِغَاؤُهُ، قَالَتْ وَأَقْبَلَ الرَّهْطُ الَّذِينَ كَانُوا يُرَحِّلُونِى فَاحْتَمَلُوا هَوْدَجِى، فَرَحَلُوهُ عَلَى بَعِيرِى الَّذِى كُنْتُ أَرْكَبُ عَلَيْهِ، وَهُمْ يَحْسِبُونَ أَنِّى فِيهِ، وَكَانَ النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ خِفَافًا لَمْ يَهْبُلْنَ وَلَمْ يَغْشَهُنَّ اللَّحْمُ، إِنَّمَا يَأْكُلْنَ الْعُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ، فَلَمْ يَسْتَنْكِرِ الْقَوْمُ خِفَّةَ الْهَوْدَجِ حِينَ رَفَعُوهُ وَحَمَلُوهُ، وَكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ، فَبَعَثُوا الْجَمَلَ فَسَارُوا، وَوَجَدْتُ عِقْدِى بَعْدَ مَا اسْتَمَرَّ الْجَيْشُ، فَجِئْتُ مَنَازِلَهُمْ وَلَيْسَ بِهَا مِنْهُمْ دَاعٍ وَلاَ مُجِيبٌ، فَتَيَمَّمْتُ مَنْزِلِى الَّذِى كُنْتُ بِهِ، وَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ سَيَفْقِدُونِى فَيَرْجِعُونَ إِلَىَّ، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسَةٌ فِي مَنْزِلِى غَلَبَتْنِى ـــــــــــــــــــــــــــــ (فأيهن خرج سهمها خرج بها) كذا وقع، وفي بعضها: أيتهن بالتاء بعد الياء (فأقرع بيننا في غزوة غزاها) هي هذه الغزوة، غزوة بني المصطلق، وهي المريسيع أيضًا (فكنت أُحمل في هودج) على وزن جعفر. قال الجوهري: مركب من مراكب النساء يكون مضببًا وغير مضبب (وقفل) أي: رجع من غزوته (فإذا عقد لي من جزع أظفار قد انقطع) قد سلف أن الصواب من جزع ظفار -على وزن قطام- اسم بلد بيمن، ومنه يجلب الجزع (وكان النساء إذ ذاك لم يَهْبُلْن ولم يَغْشَهُنَّ اللحم إنما يأكلن العُلْقَةَ من الطعام) الهبل: الثقل، ويروى بضم الباء وتشديد الموحدة المفتوحة على بناء المجهول، والعلقة: -بضم العين- قال ابن الأثير: البلغة من الطعام. قلت: هو اسم من التعليق كأنها تربط النفس بالحياة. (فلم يستنكر القوم خفة الهودج) وفي باب الشهادات: ثقل الهودج، والمعنى واحد (فاستمر الجيش) أي: ذهبوا (فجئت منازلهم وليس بها داع ولا مجيب) كناية عن عدم أحد

عَيْنِى فَنِمْتُ، وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ السُّلَمِىُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِىُّ مِنْ وَرَاءِ الْجَيْشِ، فَأَصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِى فَرَأَى سَوَادَ إِنْسَانٍ نَائِمٍ، فَعَرَفَنِى حِينَ رَآنِى، وَكَانَ رَآنِى قَبْلَ الْحِجَابِ، فَاسْتَيْقَظْتُ بِاسْتِرْجَاعِهِ حِينَ عَرَفَنِى، فَخَمَّرْتُ وَجْهِى بِجِلْبَابِى، وَاللَّهِ مَا تَكَلَّمْنَا بِكَلِمَةٍ وَلاَ سَمِعْتُ مِنْهُ كَلِمَةً غَيْرَ اسْتِرْجَاعِهِ، وَهَوَى حَتَّى أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ، فَوَطِئَ عَلَى يَدِهَا، فَقُمْتُ إِلَيْهَا فَرَكِبْتُهَا، فَانْطَلَقَ يَقُودُ بِى الرَّاحِلَةَ حَتَّى أَتَيْنَا الْجَيْشَ مُوغِرِينَ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ، وَهُمْ نُزُولٌ - قَالَتْ - فَهَلَكَ {فِىَّ} مَنْ هَلَكَ، وَكَانَ الَّذِى تَوَلَّى كِبْرَ الإِفْكِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَىٍّ ابْنَ سَلُولَ. قَالَ عُرْوَةُ أُخْبِرْتُ أَنَّهُ كَانَ يُشَاعُ وَيُتَحَدَّثُ بِهِ عِنْدَهُ، فَيُقِرُّهُ وَيَسْتَمِعُهُ وَيَسْتَوْشِيهِ. وَقَالَ عُرْوَةُ أَيْضًا لَمْ يُسَمَّ مِنْ أَهْلِ الإِفْكِ أَيْضًا إِلاَّ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ، وَمِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ، وَحَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ فِي نَاسٍ آخَرِينَ، لاَ عِلْمَ لِى بِهِمْ، غَيْرَ أَنَّهُمْ عُصْبَةٌ - كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنَّ كُبْرَ ذَلِكَ يُقَالُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ ابْنُ سَلُولَ. قَالَ عُرْوَةُ كَانَتْ عَائِشَةُ تَكْرَهُ أَنْ يُسَبَّ عِنْدَهَا حَسَّانُ، وَتَقُولُ إِنَّهُ الَّذِى قَالَ: ـــــــــــــــــــــــــــــ من الناس (وكان صفوان بن المعطل) -بتشديد الطاء المكسورة (السليمي) -بضم السين- نسبة إلى سليم (فاستيقظت باسترجاعه) أي بقوله: إنا لله وإنا إليه راجعون (فخمرت وجهي بجلبابي) أي: سترته (وأهوى) أي أسرع (أتينا الجيش موغرين في نحر الظهيرة) -بالغين المعجمة- أي: داخلين في الوغر، وهو أول وقت الهاجرة (وكان الذي تولى كبر الإفك عبد الله بن أبي أبن، سلول) بتنوين أبي وألف ابن؛ لأنه صفة عبد الله، فإن سلول أنه، لعن الله الأصل والفرع، والكبر -بكسر الكاف- قال ابن الأثير: معظم الشيء. وقيل: الإثم. قلت: في الحديث يجب حمله على معظم الإثم؛ لأن نفس الإثم اشترك فيه أصحاب الإفك كلهم. (كان يشاع ويتحدث به عنده فيقره) أي يسلم صحته. ويجوز أن يكون من القر وهو الصب (ويستوشيه) أي: يبحث عنه ويظهره، من استوشيت الفرس إذا ضربته بالعقب لتعلم غاية مشيه، ومنه الواشي في نقل الحديث. ويجوز أن يكون من الوشي بمعنى الزينة، فإنه يزين صدقه للسامعين. (وقال عروة: لم يسم من أهل الإفكِ إلا حسان بن ثابت ومسطح بن أثاثة وحمنة) -بفتح الحاء والميم- قاله الجوهري (وإن كبر ذلك يقال: عبد الله) أي: هو الذي تولاه (والناس يفيضون) بضم الياء وكسر الفاء- أي: يخوضون فيه، من الفوض، أي: بعضهم ينقل عن بعض (يقول: كيف تيكم) أي: كيف هذه (فذلك يريبني) -بفتح الياء ويروى بضم الياء- من أرابني أي: أقلقني (كانت عائشة تكره أن يُسَبَّ حسان عندها وتقول: إنه الذي يقول:

فَإِنَّ أَبِى وَوَالِدَهُ وَعِرْضِى ... لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ قَالَتْ عَائِشَةُ فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَاشْتَكَيْتُ حِينَ قَدِمْتُ شَهْرًا، وَالنَّاسُ يُفِيضُونَ فِي قَوْلِ أَصْحَابِ الإِفْكِ، لاَ أَشْعُرُ بِشَىْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَهْوَ يَرِيبُنِى فِي وَجَعِى أَنِّى لاَ أَعْرِفُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اللُّطْفَ الَّذِى كُنْتُ أَرَى مِنْهُ حِينَ أَشْتَكِى، إِنَّمَا يَدْخُلُ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَيُسَلِّمُ ثُمَّ يَقُولُ «كَيْفَ تِيكُمْ» ثُمَّ يَنْصَرِفُ، فَذَلِكَ يَرِيبُنِى وَلاَ أَشْعُرُ بِالشَّرِّ، حَتَّى خَرَجْتُ حِينَ نَقَهْتُ، فَخَرَجْتُ مَعَ أُمِّ مِسْطَحٍ قِبَلَ الْمَنَاصِعِ، وَكَانَ مُتَبَرَّزَنَا، وَكُنَّا لاَ نَخْرُجُ إِلاَّ لَيْلاً إِلَى لَيْلٍ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ نَتَّخِذَ الْكُنُفَ قَرِيبًا مِنْ بُيُوتِنَا. قَالَتْ وَأَمْرُنَا أَمْرُ الْعَرَبِ الأُوَلِ فِي الْبَرِّيَّةِ قِبَلَ الْغَائِطِ، وَكُنَّا نَتَأَذَّى بِالْكُنُفِ أَنْ نَتَّخِذَهَا عِنْدَ بُيُوتِنَا، قَالَتْ فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ وَهْىَ ابْنَةُ أَبِى رُهْمِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَأُمُّهَا بِنْتُ صَخْرِ بْنِ عَامِرٍ خَالَةُ أَبِى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَابْنُهَا مِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ بْنِ عَبَّادِ بْنِ الْمُطَّلِبِ، فَأَقْبَلْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ بَيْتِى، حِينَ فَرَغْنَا مِنْ شَأْنِنَا، فَعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ فِي مِرْطِهَا فَقَالَتْ تَعِسَ مِسْطَحٌ. فَقُلْتُ لَهَا بِئْسَ مَا قُلْتِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن أبي ووالدي وعرضي ... لعرض محمد منكم وِقَاء) قال ابن عبد البر: أنكر قوم أن يكون حسان من أهل الإفك. ويدل عليه جلية شعره هنا: فإن كان ما قد قيل عني قلته ... فلا رفعت سوطي إليَّ أناملي وإن الذي قد قيل ليس بلائط ... ولكنه قول امرئ بي ماجل (خرجت حيث نقَهت) -بفتح القاف وكسرها- والنقاهة حالة بين المرض والصحة (قبل المناصع) الموضع الذي يتخلى فيه أهل المدينة، واحده منصع أي: موضع الظهور؛ لأنهم كانوا يظهرون إليه لقضاء حاجة الإنسان (قبل أن نتخذ الكُنُف) -بضم الكاف والنون- جمع كنيف وهو الموضع المستور لقضاء الحاجة (أبي رُهْم) بضم الراء وسكون الهاء (وابنها مسطح بن أثاثة) -بكسر الميم- لقب له واسمه عوف، بضم الهمزة أثاثة وتاءين مثلثتن (فعثرت في مِرطها) -بكسر الميم- كساء يتزر بها النساء (تعِس مسطح) -بفتح التاء وكسر

أَتَسُبِّينَ رَجُلاً شَهِدَ بَدْرًا فَقَالَتْ أَىْ هَنْتَاهْ وَلَمْ تَسْمَعِى مَا قَالَ قَالَتْ وَقُلْتُ مَا قَالَ فَأَخْبَرَتْنِى بِقَوْلِ أَهْلِ الإِفْكِ - قَالَتْ - فَازْدَدْتُ مَرَضًا عَلَى مَرَضِى، فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى بَيْتِى دَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ «كَيْفَ تِيكُمْ». فَقُلْتُ لَهُ أَتَأْذَنُ لِى أَنْ آتِىَ أَبَوَىَّ قَالَتْ وَأُرِيدُ أَنْ أَسْتَيْقِنَ الْخَبَرَ مِنْ قِبَلِهِمَا، قَالَتْ فَأَذِنَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقُلْتُ لأُمِّى يَا أُمَّتَاهُ مَاذَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ قَالَتْ يَا بُنَيَّةُ هَوِّنِى عَلَيْكِ، فَوَاللَّهِ لَقَلَّمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ وَضِيئَةً عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا لَهَا ضَرَائِرُ إِلاَّ كَثَّرْنَ عَلَيْهَا. قَالَتْ فَقُلْتُ سُبْحَانَ اللَّهِ أَوَلَقَدْ تَحَدَّثَ النَّاسُ بِهَذَا قَالَتْ فَبَكَيْتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، حَتَّى أَصْبَحْتُ لاَ يَرْقَأُ لِى دَمْعٌ، وَلاَ أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، ثُمَّ أَصْبَحْتُ أَبْكِى - قَالَتْ - وَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلِىَّ بْنَ أَبِى طَالِبٍ وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ حِينَ اسْتَلْبَثَ الْوَحْىُ يَسْأَلُهُمَا وَيَسْتَشِيرُهُمَا فِي فِرَاقِ أَهْلِهِ - قَالَتْ - فَأَمَّا أُسَامَةُ فَأَشَارَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالَّذِى يَعْلَمُ مِنْ بَرَاءَةِ أَهْلِهِ، وَبِالَّذِى يَعْلَمُ لَهُمْ فِي نَفْسِهِ، فَقَالَ أُسَامَةُ أَهْلَكَ وَلاَ نَعْلَمُ إِلاَّ خَيْرًا. وَأَمَّا عَلِىٌّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ، وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ، وَسَلِ الْجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ. قَالَتْ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَرِيرَةَ فَقَالَ «أَىْ بَرِيرَةُ هَلْ رَأَيْتِ مِنْ شَىْءٍ يَرِيبُكِ». قَالَتْ لَهُ بَرِيرَةُ وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا رَأَيْتُ عَلَيْهَا أَمْرًا قَطُّ أَغْمِصُهُ، غَيْرَ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ تَنَامُ عَنْ عَجِينِ أَهْلِهَا، فَتَأْتِى الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ - قَالَتْ - فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ يَوْمِهِ، فَاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَىٍّ وَهْوَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ «يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَعْذِرُنِى مِنْ رَجُلٍ قَدْ بَلَغَنِى عَنْهُ أَذَاهُ فِي أَهْلِى، وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِى إِلاَّ خَيْرًا، وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلاً مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلاَّ خَيْرًا، وَمَا يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِى إِلاَّ مَعِى». قَالَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــ العين وفتحها (أَي هنتاه) -بفتح الهمزة- ومعنى هنتاه هذه، وقيل بأهلها الغافلة عن مكائد الناس (لقلما كلانت امرأة وضيئة عند رجل حبها لها ضرائر إلا كثرن عليها) الوضيئة: على وزن حبيبة من الوضاءة، وهي الحسن والجمال (والذي بعثك بالحق ما رأيت عليها أمرًا أغمصه) -بغين معجمة وصاد مهملة- أي: أعيبه (جارية حديثه السن تنام عن عجين أهلها فتأتي الداجن فتكله) الداجن -بالدال المهملة- الشاة التي تربى في البيوت (يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغني عنه أذاه) أي: من يقبل عذري إن عاقبته على

فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ أَخُو بَنِى عَبْدِ الأَشْهَلِ فَقَالَ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْذِرُكَ، فَإِنْ كَانَ مِنَ الأَوْسِ ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا مِنَ الْخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا أَمْرَكَ. قَالَتْ فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْخَزْرَجِ، وَكَانَتْ أُمُّ حَسَّانَ بِنْتَ عَمِّهِ مِنْ فَخِذِهِ، وَهْوَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، وَهْوَ سَيِّدُ الْخَزْرَجِ - قَالَتْ - وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رَجُلاً صَالِحًا، وَلَكِنِ احْتَمَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ فَقَالَ لِسَعْدٍ كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لاَ تَقْتُلُهُ، وَلاَ تَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِ، وَلَوْ كَانَ مِنْ رَهْطِكَ مَا أَحْبَبْتَ أَنْ يُقْتَلَ. فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ - وَهْوَ ابْنُ عَمِّ سَعْدٍ - فَقَالَ لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ، فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ الْمُنَافِقِينَ. قَالَتْ فَثَارَ الْحَيَّانِ الأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَقْتَتِلُوا، وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ - قَالَتْ - فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُخَفِّضُهُمْ حَتَّى سَكَتُوا وَسَكَتَ - قَالَتْ - فَبَكَيْتُ يَوْمِى ذَلِكَ كُلَّهُ، لاَ يَرْقَأُ لِى دَمْعٌ، وَلاَ أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ - قَالَتْ - وَأَصْبَحَ أَبَوَاىَ عِنْدِى، وَقَدْ بَكَيْتُ لَيْلَتَيْنِ وَيَوْمًا، لاَ يَرْقَأُ لِى دَمْعٌ، وَلاَ أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، حَتَّى إِنِّى لأَظُنُّ أَنَّ الْبُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِى، فَبَيْنَا أَبَوَاىَ جَالِسَانِ عِنْدِى وَأَنَا أَبْكِى فَاسْتَأْذَنَتْ عَلَىَّ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَأَذِنْتُ لَهَا، فَجَلَسَتْ تَبْكِى مَعِى - قَالَتْ - فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَيْنَا، فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ - قَالَتْ - وَلَمْ يَجْلِسْ عِنْدِى مُنْذُ قِيلَ مَا قِيلَ قَبْلَهَا، وَقَدْ لَبِثَ شَهْرًا لاَ يُوحَى إِلَيْهِ فِي شَأْنِى بِشَىْءٍ - قَالَتْ - فَتَشَهَّدَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ جَلَسَ ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ، يَا عَائِشَةُ إِنَّهُ بَلَغَنِى عَنْكِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً، فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ، وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرِى اللَّهَ وَتُوبِى إِلَيْهِ، فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا اعْتَرَفَ ثُمَّ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ». قَالَتْ فَلَمَّا قَضَى ـــــــــــــــــــــــــــــ سوء فعله، ومعنى العذر: الإتيان بالفعل أو القول على طريق الرخصة (فقام سعد أخو بني [عبد] الأشهل) سعد بن معاذ سيد الأوس، قيل: هذا وهم فإن سعدًا مات بعد قريظة سنة أربع، وإنما قال هذا القول أسيد بن حضير كما قاله ابن إسحاق. وأجاب بعضهم بأن هذا إنما يشكل على قول ابن إسحاق: إنها كانت سنة ست أو خمس كما قاله الواقدي. وأما على قول موسى بن عقبة: إنها كانت سنة أربع يمكن ذلك، فإن سعدًا مات بعد قريظة وكانت سنة أربع والله أعلم بذلك. (أسيد بن حضير) بتصغير الاسمين وحاء مهملة (فلم يزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخفِّضهم) -بضم، الياء وتشديد الفاء- أي: يسكتهم (لا يرقأ دمعي) -بالقاف والهمزة- أي: لا يسكن

رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَقَالَتَهُ قَلَصَ دَمْعِى حَتَّى مَا أُحِسُّ مِنْهُ قَطْرَةً، فَقُلْتُ لأَبِى أَجِبْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِّى فِيمَا قَالَ. فَقَالَ أَبِى وَاللَّهِ مَا أَدْرِى مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَقُلْتُ لأُمِّى أَجِيبِى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِيمَا قَالَ. قَالَتْ أُمِّى وَاللَّهِ مَا أَدْرِى مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَقُلْتُ وَأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ لاَ أَقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ كَثِيرًا إِنِّى وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُ لَقَدْ سَمِعْتُمْ هَذَا الْحَدِيثَ حَتَّى اسْتَقَرَّ فِي أَنْفُسِكُمْ وَصَدَّقْتُمْ بِهِ، فَلَئِنْ قُلْتُ لَكُمْ إِنِّى بَرِيئَةٌ لاَ تُصَدِّقُونِى، وَلَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بِأَمْرٍ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّى مِنْهُ بَرِيئَةٌ لَتُصَدِّقُنِّى، فَوَاللَّهِ لاَ أَجِدُ لِى وَلَكُمْ مَثَلاً إِلاَّ أَبَا يُوسُفَ حِينَ قَالَ (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ) ثُمَّ تَحَوَّلْتُ وَاضْطَجَعْتُ عَلَى فِرَاشِى، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّى حِينَئِذٍ بَرِيئَةٌ، وَأَنَّ اللَّهَ مُبَرِّئِى بِبَرَاءَتِى وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ اللَّهَ مُنْزِلٌ فِي شَأْنِى وَحْيًا يُتْلَى، لَشَأْنِى فِي نَفْسِى كَانَ أَحْقَرَ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ فِىَّ بِأَمْرٍ، وَلَكِنْ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِى اللَّهُ بِهَا، فَوَاللَّهِ مَا رَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَجْلِسَهُ، وَلاَ خَرَجَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ، حَتَّى أُنْزِلَ عَلَيْهِ، فَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنَ الْبُرَحَاءِ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِنَ الْعَرَقِ مِثْلُ الْجُمَانِ وَهْوَ فِي يَوْمٍ شَاتٍ، مِنْ ثِقَلِ الْقَوْلِ الَّذِى أُنْزِلَ عَلَيْهِ - قَالَتْ - فَسُرِّىَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ يَضْحَكُ، فَكَانَتْ أَوَّلَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا أَنْ قَالَ «يَا عَائِشَةُ أَمَّا اللَّهُ فَقَدْ بَرَّأَكِ». قَالَتْ فَقَالَتْ لِى أُمِّى قُومِى إِلَيْهِ. فَقُلْتُ وَاللَّهِ لاَ أَقُومُ إِلَيْهِ، فَإِنِّى لاَ أَحْمَدُ إِلاَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ - قَالَتْ - وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى (إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ) الْعَشْرَ الآيَاتِ، ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ هَذَا فِي بَرَاءَتِى. قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ - وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ وَفَقْرِهِ - وَاللَّهِ لاَ أُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ شَيْئًا أَبَدًا بَعْدَ الَّذِى قَالَ لِعَائِشَةَ مَا قَالَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ (وَلاَ يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ) إِلَى قَوْلِهِ (غَفُورٌ رَحِيمٌ) قَالَ أَبُو بَكْرٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ (والله ما كنت أظن أن الله ينزل في شأني وحيًا يتلى) وفي سير ابن هشام: قرآنًا يصلى به في المساجد (فوالله ما رام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مجلسه) أي: ما فارق (فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء) أي: من شدة الوحي -بضم الباء والمد- (حتى إنه ليتحدر منه مثل الجمان) -بتشديد الدال المهملة- أي: يسقط، والجمان مثل فلان -بضم الجيم- ما يتخذ من الفضة على شكل اللؤلؤ (فسري عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) -بضم السين وتشديد الراء- أي: كشف عنه ذلك الحال (يا عائشة: أما الله فقد برأك) بفتح الباء ............................................

الصِّدِّيقُ بَلَى وَاللَّهِ إِنِّى لأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِى. فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتِى كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ وَقَالَ وَاللَّهِ لاَ أَنْزِعُهَا مِنْهُ أَبَدًا. قَالَتْ عَائِشَةُ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَأَلَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ عَنْ أَمْرِى، فَقَالَ لِزَيْنَبَ «مَاذَا عَلِمْتِ أَوْ رَأَيْتِ». فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحْمِى سَمْعِى وَبَصَرِى، وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِلاَّ خَيْرًا. قَالَتْ عَائِشَةُ وَهْىَ الَّتِى كَانَتْ تُسَامِينِى مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. فَعَصَمَهَا اللَّهُ بِالْوَرَعِ - قَالَتْ - وَطَفِقَتْ أُخْتُهَا حَمْنَةُ تُحَارِبُ لَهَا، فَهَلَكَتْ فِيمَنْ هَلَكَ. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَهَذَا الَّذِى بَلَغَنِى مِنْ حَدِيثِ هَؤُلاَءِ الرَّهْطِ. ثُمَّ قَالَ عُرْوَةُ قَالَتْ عَائِشَةُ وَاللَّهِ إِنَّ الرَّجُلَ الَّذِى قِيلَ لَهُ ما قِيلَ لَيَقُولُ سُبْحَانَ اللَّهِ فَوَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ مَا كَشَفْتُ مِنْ كَنَفِ أُنْثَى قَطُّ. قَالَتْ ثُمَّ قُتِلَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. طرفه 2593 4142 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَمْلَى عَلَىَّ هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ مِنْ حِفْظِهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ قَالَ لِى الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَبَلَغَكَ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ فِيمَنْ قَذَفَ عَائِشَةَ قُلْتُ لاَ. وَلَكِنْ قَدْ أَخْبَرَنِى رَجُلاَنِ مِنْ قَوْمِكِ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ لَهُمَا كَانَ عَلِىٌّ مُسَلِّمًا فِي شَأْنِهَا. فراجعوه فلم يرجع. وقال: مسلِّمًا بلا شك فيه وعليه، وكان في أصل العتيق كذلك. ـــــــــــــــــــــــــــــ (وهي التي [كانت] تساميني) أي: في المنزلة من السمو وهو العلو (وطفقت أختها حمنة) أي: شرعت في الإفك (قالت عائشة: والرجل الذي قيل له ما قيل ليقول: سبحان الله، فوالذي نفسي بيده ما كشفت عن كنف أنثى) -بفتح الكاف والنون- أي: سترها. قال ابن هشام: وكان رجلًا حصورًا لم يأت النساء قط. 4142 - كان عليٌّ مُسَلِّمًا في شأنها) -بتشديد [اللام]- أي: لم ينكر على القائل، هذا على رواية كسر اللام والتشديد كما رواه القابسي. وفي رواية الحموي: بفتح اللام المشددة أي: سلمه من الوقوع في شيء، ورواه ابن السكن والنسفي: مشيئًا من الإشاءة، ومعنى الإشاءة: أنه أشار بفراقها لما رأى من تألم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وروى ابن هشام أنه ضرب بريرة عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضربًا شديدًا ويقول لها: اصدقي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

4143 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ قَالَ حَدَّثَنِى مَسْرُوقُ بْنُ الأَجْدَعِ قَالَ حَدَّثَتْنِى أُمُّ رُومَانَ - وَهْىَ أُمُّ عَائِشَةَ رضى الله عنها - قَالَتْ بَيْنَا أَنَا قَاعِدَةٌ أَنَا وَعَائِشَةُ إِذْ وَلَجَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَتْ فَعَلَ اللَّهُ بِفُلاَنٍ وَفَعَلَ. فَقَالَتْ أُمُّ رُومَانَ وَمَا ذَاكَ قَالَتْ ابْنِى فِيمَنْ حَدَّثَ الْحَدِيثَ. قَالَتْ وَمَا ذَاكَ قَالَتْ كَذَا وَكَذَا. قَالَتْ عَائِشَةُ سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ نَعَمْ. قَالَتْ وَأَبُو بَكْرٍ قَالَتْ نَعَمْ. فَخَرَّتْ مَغْشِيًّا عَلَيْهَا، فَمَا أَفَاقَتْ إِلاَّ وَعَلَيْهَا حُمَّى بِنَافِضٍ، فَطَرَحْتُ عَلَيْهَا ثِيَابَهَا فَغَطَّيْتُهَا. فَجَاءَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مَا شَأْنُ هَذِهِ». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخَذَتْهَا الْحُمَّى بِنَافِضٍ. قَالَ «فَلَعَلَّ فِي حَدِيثٍ تُحُدِّثَ بِهِ». قَالَتْ نَعَمْ. فَقَعَدَتْ عَائِشَةُ فَقَالَتْ وَاللَّهِ لَئِنْ حَلَفْتُ لاَ تُصَدِّقُونِى، وَلَئِنْ قُلْتُ لاَ تَعْذِرُونِى، مَثَلِى وَمَثَلُكُمْ كَيَعْقُوبَ وَبَنِيهِ، وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ، قَالَتْ وَانْصَرَفَ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عُذْرَهَا - قَالَتْ - بِحَمْدِ اللَّهِ لاَ بِحَمْدِ أَحَدٍ وَلاَ بِحَمْدِكَ. طرفه 3388 ـــــــــــــــــــــــــــــ 4143 - (أبو عوانة) -بفتح العين- الوضاح اليشكري (حصين) بضم الحاء، مصغر (حدثني مسروق بن الأجدع حدثتني أم رومان) اتفقوا على أن هذا وهم؛ لأن مسروقًا لم يدرك أم رومان، وذلك أنها ماتت في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سنة ست من الهجرة، أو أربع، أو خمس ومسروق قدم المدينة في خلافة الصديق، فالحديث عن أم رومان منقطع. فإن قلت: كيف يمكن أن يكون منقطعًا ومسروق [قال] حدثتني أم رومان؟ قلت: قال الخطيب: التصريح بالسماع غلط وقع من حصين؛ فإنه اختلط في آخر عمره. (ولجت امرأة من الأنصار، فقالت: فعل الله بفلان). فإن قلت: هذا يدل على أن عائشة إنما سمعت حديث الإفك من الأنصارية وهي في بيت أبي بكر، وقد تقدم أنها سمعت من أم مسطح وهي ببيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قلت: ليس هنا ما يدل على أنها أول ما سمعت من الأنصارية. (عائشة سألت: هل سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أم لا؟) تريد تحقيق الخبر فإنه خبر الآحاد. فإن قلت: قولها: (فانصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يقل شيئًا) يخالف ما تقدم من أنه دخل وجلس فنزل عليه الوحي بدليل أن أبا بكر كان حاضرًا هناك.

4144 - حَدَّثَنِى يَحْيَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ نَافِعِ بْنِ عُمَرَ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - كَانَتْ تَقْرَأُ (إِذْ تَلِقُونَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ) وَتَقُولُ الْوَلْقُ الْكَذِبُ. قَالَ ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ وَكَانَتْ أَعْلَمَ مِنْ غَيْرِهَا بِذَلِكَ لأَنَّهُ نَزَلَ فِيهَا. طرفه 4752 4145 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ ذَهَبْتُ أَسُبُّ حَسَّانَ عِنْدَ عَائِشَةَ فَقَالَتْ لاَ تَسُبَّهُ، فَإِنَّهُ كَانَ يُنَافِحُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَتْ عَائِشَةُ اسْتَأْذَنَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فِي هِجَاءِ الْمُشْرِكِينَ قَالَ «كَيْفَ بِنَسَبِى». قَالَ لأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعْرَةُ مِنَ الْعَجِينِ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ فَرْقَدٍ سَمِعْتُ هِشَامًا عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَبَبْتُ حَسَّانَ، وَكَانَ مِمَّنْ كَثَّرَ عَلَيْهَا. طرفه 3531 4146 - حَدَّثَنِى بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِى الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ دَخَلْنَا عَلَى عَائِشَةَ - رضى الله عنها - وَعِنْدَهَا حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ يُنْشِدُهَا شِعْرًا، يُشَبِّبُ بِأَبْيَاتٍ لَهُ وَقَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 4144 - (نافع بن عمر) بضم العين بدون الواو (ابن أبي مليكة) بضم الميم مصغر ملكة (وعن عائشة كانت تقرأ {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ} [النور: 15] بفتح اللام وكسر اللام من (الولق) وقد فسره بـ (الكذب) وهذه قراءة شاذة إلا أن عائشة أعرف الناس بهذا. 4145 - (عبدة) بفتح العين وسكون الباء (ينافح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) -بالحاء المهملة- أي: يدافع (فرقد) -بالفاء والقاف- على وزن جعفر. 4146 - (بشر بن خالد) بالباء الموحدة وشين معجمة (عن أبي الضحى) مسلم [بن] صيح (عن مسروق قال: دخلنا على عائشة وعندها حسان بن ثابت يشبب بأبيات) الشبيب لغة: التزيين وتحسين الشيء. وفي عرف الشعراء: ترقيق الشعر وتزيينه. قال له ابن الأثير.

37 - باب غزوة الحديبية

حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُزَنُّ بِرِيبَةٍ ... وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُومِ الْغَوَافِلِ فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ لَكِنَّكَ لَسْتَ كَذَلِكَ. قَالَ مَسْرُوقٌ فَقُلْتُ لَهَا لِمَ تَأْذَنِينَ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْكِ. وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (وَالَّذِى تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ). فَقَالَتْ وَأَىُّ عَذَابٍ أَشَدُّ مِنَ الْعَمَى. قَالَتْ لَهُ إِنَّهُ كَانَ يُنَافِحُ - أَوْ يُهَاجِى - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفاه 4755، 4756 37 - باب غَزْوَةِ الْحُدَيْبِيَةِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (لَقَدْ رَضِىَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ). ـــــــــــــــــــــــــــــ (حصان رزان ما تُزنُّ بريبةٍ ... وتصبح غرثى من لحوم الغوافل) يمدح بهذا البيت عائشة، وقبله أبيات، ذكرنا منها بيتين قبل هذا أول الباب. والحصان: بفتح الحاء: العفيفة. والرزان بفتح المهملة بعدها معجمة: ذات وقار، ما تزن -بضم التاء وزاي معجمة وتشديد النون- أي: تتهم، يقال: زنه، يزنه، وأزنه بمعنى، وغرثى فعلى، الغرث بالزاي المعجمة: وهو الجوع. كنى به عن عدم الغيبة؛ لقوله تعالى في المغتاب: {يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا} [الحجرات: 12]. وقول عائشة: (لكن لست كذلك) إشارة إلى أنه خاض في حديث الإفك. وأما قول مسروق في حسان أنه الذي تولى كبره فليس بشيء؛ لأن ذلك ابن سلول كما تقدم، والله أعلم وأحكم. غزوة الحديبية (وقول الله تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح: 18]. قد سلف أن الحديبية، بضم الحاء وفتح الدال وتخفيف الباء وقد تشدد الياء: اسم بئر، وكانت هناك قرية بينها وبين مكة مرحلة، بعضها حرم وبعضها حِلّ. وهذه لم تكن غزوة، بل خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأصحابه ونادى في الأعراب أنه يزور بيت الله معتمرًا، لا يقصد قتالًا، وإنما نادى في الأعراب ليجتمع معه جيش يخاف معرة المشركين.

4147 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ قَالَ حَدَّثَنِى صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ - رضى الله عنه - قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ، فَأَصَابَنَا مَطَرٌ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَصَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الصُّبْحَ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَقَالَ «أَتَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ». قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَقَالَ «قَالَ اللَّهُ أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِى مُؤْمِنٌ بِى وَكَافِرٌ بِى، فَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِرَحْمَةِ اللَّهِ وَبِرِزْقِ اللَّهِ وَبِفَضْلِ اللَّهِ. فَهْوَ مُؤْمِنٌ بِى، كَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ. وَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِنَجْمِ كَذَا. فَهْوَ مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ، كَافِرٌ بِى». طرفه 846 4148 - حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَنَسًا - رضى الله عنه - أَخْبَرَهُ قَالَ اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَرْبَعَ عُمَرٍ كُلُّهُنَّ فِي ذِى الْقَعْدَةِ، إِلاَّ الَّتِى كَانَتْ مَعَ حَجَّتِهِ. عُمْرَةً مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي ذِى الْقَعْدَةِ، وَعُمْرَةً مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ فِي ذِى الْقَعْدَةِ، وَعُمْرَةً مِنَ الْجِعْرَانَةِ حَيْثُ قَسَمَ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ فِي ذِى الْقَعْدَةِ، وَعُمْرَةً مَعَ حَجَّتِهِ. طرفه 1778 4149 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى قَتَادَةَ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ قَالَ انْطَلَقْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ فَأَحْرَمَ أَصْحَابُهُ، وَلَمْ أُحْرِمْ. طرفه 1821 ـــــــــــــــــــــــــــــ 4147 - (خالد بن مخلد) بفتح الميم (كيسان) بفتح الكاف (ومن قال: مطرنا بنجم كذا فهو مؤمن بالكواكب كافر بي) قد أشرنا أن هذا إذا كان يرى التأئير من الكوكب وأما إذا كان يرى التأثير على جري العادة، فلا بأس، ونقلنا عن عمر أنه في الاستقساء نهى عن ذلك. 4148 - (هدبة) بضم الهاء وسكون الدال (همام) بفتح الهاء وتشديد الميم (الجعرانة) -بكسر الجيم والعين وتشديد الراء وتخفيفها، والتخفيف أكثر- موضع بقرب مكة، أحد مواقيت العمرة. 4149 - (عن عبد الله بن أبي قتادة) واسمه: الحارث على الأكثر. قال: (انطلقنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - عام الحديبية، فأحرم أصحابه ولم يحرِم) إنما لم يحرم؛ لأنه كان أرسله رسول الله ليكشف طريق الساحل خوفًا من مكيدة العدو.

4150 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ - رضى الله عنه - قَالَ تَعُدُّونَ أَنْتُمُ الْفَتْحَ فَتْحَ مَكَّةَ، وَقَدْ كَانَ فَتْحُ مَكَّةَ فَتْحًا، وَنَحْنُ نَعُدُّ الْفَتْحَ بَيْعَةَ الرُّضْوَانِ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ. كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً، وَالْحُدَيْبِيَةُ بِئْرٌ فَنَزَحْنَاهَا، فَلَمْ نَتْرُكْ فِيهَا قَطْرَةً، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَتَاهَا، فَجَلَسَ عَلَى شَفِيرِهَا، ثُمَّ دَعَا بِإِنَاءٍ مِنْ مَاءٍ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ مَضْمَضَ وَدَعَا، ثُمَّ صَبَّهُ فِيهَا فَتَرَكْنَاهَا غَيْرَ بَعِيدٍ ثُمَّ إِنَّهَا أَصْدَرَتْنَا مَا شِئْنَا نَحْنُ وَرِكَابَنَا. طرفه 3577 4151 - حَدَّثَنِى فَضْلُ بْنُ يَعْقُوبَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَعْيَنَ أَبُو عَلِىٍّ الْحَرَّانِىُّ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ أَنْبَأَنَا الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ - رضى الله عنهما أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ أَوْ أَكْثَرَ، فَنَزَلُوا عَلَى بِئْرٍ فَنَزَحُوهَا، فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَتَى الْبِئْرَ، وَقَعَدَ عَلَى شَفِيرِهَا ثُمَّ قَالَ «ائْتُونِى بِدَلْوٍ مِنْ مَائِهَا». فَأُتِىَ بِهِ فَبَصَقَ فَدَعَا ثُمَّ قَالَ «دَعُوهَا سَاعَةً». فَأَرْوَوْا أَنْفُسَهُمْ وَرِكَابَهُمْ حَتَّى ارْتَحَلُوا. طرفه 3577 ـــــــــــــــــــــــــــــ 4150 - 4151 - (وقد كان فتح مكة فتحًا) أي: فتحًا عظيمًا، ولكن أعظم منه فتح الحديبية؛ لأن بعد الانصراف عن الحديبية نزلت سورة الفتح. قال عمر: أَفَتْحٌ يا رسول الله؟ قال: نعم. ثم قال في آخر السورة: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} [الفتح: 27] في أول السورة هو فتح حديبية أعظم الفتوح؛ لأن ببركة ذلك الصلح اجتمع الكفار بالمؤمنين وشاهدوا محاسن الإسلام، فأهرعوا على الإسلام. وكثر المسلم وقويت شوكة الإسلام، حتى دخل مكة من غير قتال، ومَلَكَ الرجال والمال وأعتقهم، ولذلك يقال لهم: الطلقاء (ونحن نعدُّ الفتح بيعة الرضوان) لأنها سبب رضوان الله عمن حضرها بنص القرآن {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح: 18] (والحديبية بئر، فنزحناها)، أي: لم يبقَ فيها ماء (فجلس على شفيرها) أي: طرفها (ثم دعا بإناء من ماء) في الحديث بعده قال: "أئتوني بدلوٍ من مائها" فهذه الرواية مقيدة بذلك، أو هما مرتان، فإنه أقام أيامًا.

4152 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ عَنْ سَالِمٍ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ عَطِشَ النَّاسُ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ، فَتَوَضَّأَ مِنْهَا، ثُمَّ أَقْبَلَ النَّاسُ نَحْوَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا لَكُمْ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ لَيْسَ عِنْدَنَا مَاءٌ نَتَوَضَّأُ بِهِ، وَلاَ نَشْرَبُ إِلاَّ مَا فِي رَكْوَتِكَ. قَالَ فَوَضَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَدَهُ فِي الرَّكْوَةِ، فَجَعَلَ الْمَاءُ يَفُورُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ كَأَمْثَالِ الْعُيُونِ، قَالَ فَشَرِبْنَا وَتَوَضَّأْنَا. فَقُلْتُ لِجَابِرٍ كَمْ كُنْتُمْ يَوْمَئِذٍ قَالَ لَوْ كُنَّا مِائَةَ أَلْفٍ لَكَفَانَا، كُنَّا خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً. طرفه 3576 4153 - حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ بَلَغَنِى أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ كَانَ يَقُولُ كَانُوا أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً. فَقَالَ لِى سَعِيدٌ حَدَّثَنِى جَابِرٌ كَانُوا خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً الَّذِينَ بَايَعُوا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا قُرَّةُ عَنْ قَتَادَةَ. طرفه 3576 ـــــــــــــــــــــــــــــ 4152 - وأما حديث جابر أنه وضع يده في الركوة ففار الماء من أصابعه حتى قال: (لو كنّا مائة ألف كفانا) فهي قضية أخرى. فإن قلت: ذكر براء أربع عشرة مائة وثانيًا ألفًا وأربعمائة، قلت: كلاهما جائز، لكن الأكثر في عرف العرب تقديم الأول على الأكثر اهتمامًا بضبطه. فإن قلت: في رواية جابر بعده أنهم كانوا خمس عشرة مائة، وفي الرواية بعدها عن جابر ألف وأربعمائة؟ [قلت:] والإشكال في ذلك؛ لأن زيادة الثقة مقبولة، والتفاوت إنما هو بواسطة حفظ الرواة. وفي رواية ألف وثلاثمائة، وفي أخرى وفي مغازي موسى بن عقبة: كانوا ألفًا وستمائة، وفي أخرى: بضع عشرة مائة، والبعض من الثلث إلى التسع. فيحتمل أن يكون أكثر ما قيل فيه. 4153 - (الصلت بن محمد) بالصاد المهملة (زريع) بضم المعجمة مصغر زرع (قرة) بضم القاف.

4154 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌو سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ «أَنْتُمْ خَيْرُ أَهْلِ الأَرْضِ». وَكُنَّا أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ، وَلَوْ كُنْتُ أُبْصِرُ الْيَوْمَ لأَرَيْتُكُمْ مَكَانَ الشَّجَرَةِ. تَابَعَهُ الأَعْمَشُ سَمِعَ سَالِمًا سَمِعَ جَابِرًا أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ. طرفه 3576 4155 - وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى أَوْفَى - رضى الله عنهما - كَانَ أَصْحَابُ الشَّجَرَةِ أَلْفًا وَثَلاَثَمِائَةٍ، وَكَانَتْ أَسْلَمُ ثُمْنَ الْمُهَاجِرِينَ. 4156 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عِيسَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ أَنَّهُ سَمِعَ مِرْدَاسًا الأَسْلَمِىَّ يَقُولُ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ - يُقْبَضُ الصَّالِحُونَ الأَوَّلُ فَالأَوَّلُ، وَتَبْقَى حُفَالَةٌ كَحُفَالَةِ التَّمْرِ وَالشَّعِيرِ، لاَ يَعْبَأُ اللَّهُ بِهِمْ شَيْئًا. طرفه 6434 4157 و 4158 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ مَرْوَانَ وَالْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالاَ خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي بِضْعَ عَشْرَةَ مِائَةً مِنْ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا كَانَ بِذِى الْحُلَيْفَةِ قَلَّدَ الْهَدْىَ وَأَشْعَرَ وَأَحْرَمَ مِنْهَا. لاَ أُحْصِى كَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــ 4154 - (عن جابر قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الحديبية: أنتم خير أهل الأرض) كيف لا وهم الذين أخبر الله عنهم بالقسم الذي هو أبلغ أدوات التأكيد مع مدّ الدال على التحقيق مع الإشعار بأنهم كانوا يتوقعون ذلك من اللهِ، وعلى كل مؤمن أن يقطع بأن كل من كان هناك من أهل الجنة قطعًا. 4156 - (يقبض الصالحون الأول فالأول) الرواية بالرفع. ونقل عن أبي البقاء النصب على الحال. قلت: والرفع أنه على حال في المعنى إذ معناه: مرتين (وتبقى حفالة كحفالة الشعير) -بضم الحاء والفاء ويروى بالثاء مكان الفاء- الرديء من كل شيء. 4158 - (المسور بن مخرمة) بكسر الميم في الأول وفتحه في الثاني. (قلد الهدي وأشعر) تقليد الهدي: جعل القلادة في عنق البعير والبقر والشاة دلالة على

سَمِعْتُهُ مِنْ سُفْيَانَ حَتَّى سَمِعْتُهُ يَقُولُ لاَ أَحْفَظُ مِنَ الزُّهْرِىِّ الإِشْعَارَ وَالتَّقْلِيدَ، فَلاَ أَدْرِى - يَعْنِى - مَوْضِعَ الإِشْعَارِ وَالتَّقْلِيدِ، أَوِ الْحَدِيثَ كُلَّهُ. طرفه 1694 4159 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ أَبِى بِشْرٍ وَرْقَاءَ عَنِ ابْنِ أَبِى نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَآهُ وَقَمْلُهُ يَسْقُطُ عَلَى وَجْهِهِ فَقَالَ «أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّكَ». قَالَ نَعَمْ. فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَحْلِقَ وَهْوَ بِالْحُدَيْبِيَةِ، لَمْ يُبَيِّنْ لَهُمْ أَنَّهُمْ يَحِلُّونَ بِهَا، وَهُمْ عَلَى طَمَعٍ أَنْ يَدْخُلُوا مَكَّةَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ الْفِدْيَةَ، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُطْعِمَ فَرَقًا بَيْنَ سِتَّةِ مَسَاكِينَ، أَوْ يُهْدِىَ شَاةً، أَوْ يَصُومَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ. طرفه 1814 4160 و 4161 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - إِلَى السُّوقِ، فَلَحِقَتْ عُمَرَ امْرَأَةٌ شَابَّةٌ فَقَالَتْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَلَكَ زَوْجِى وَتَرَكَ صِبْيَةً صِغَارًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ أنها هدي فلا يتعرض أحد لها. والإشعار أن يضرب سنام البعير بحربة ونحوها ليسيل الدم إشعارًا بأنها هدي. وقد تقدم في أبواب الحج أن أبا حنيفة لم يقل بالإشعار، قال: لأنه مثلة. وقد ورد النهي عنه، ولا دليل له في ذلك؛ لأنه ثابت من فعل الشارع بل كاد أن يكون متواترًا عن ابن أبي نجيح بفتح النون وكسر الجيم اسمه عبد الله (لأحصي كم سمعته من سفيان، حتى سمعته يقول: لا أحفظ من الزهري الإشعار والتقليد) يريد أنه سمع كثيرًا منه هذا الحديث. وقيل معناه: أنه لم يدرِ كم عدد الجيش ألف وأربعمائة أو أقل أو أكثر وليس بشيء؛ لأن قوله: حتى سمعته يقول لا أحفظ ا. هـ. لا يصلح أن يكون غاية لذلك، وهو ظاهر فتأمل. 4159 - (عن ابن أبي نجيح) عبد الله (عن أبي بشر) بالباء الموحدة (ورقاء) بالقاف والمد (عجرة) بضم العين وسكون [الجيم]. (أيؤذيك هوامك) جمع هامة. قال ابن الأثير: والهامة كل ذات سمّ. وفي الحديث يريد به القمل، كما دلّ عليه السياق (فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يطعم فرقًا) -بفتح الفاء والراء- قال ابن الأثير: مكيال يسع ستة عشر رطلًا، وإن سكنت الراء فهو مائة وعشرون رطلًا. 4161 - أن امرأة شابة قالت لعمر: (يا أمير المؤمنين، هلك زوجي وترك بنيه صغارًا،

وَاللَّهِ مَا يُنْضِجُونَ كُرَاعًا، وَلاَ لَهُمْ زَرْعٌ وَلاَ ضَرْعٌ، وَخَشِيتُ أَنْ تَأْكُلَهُمُ الضَّبُعُ، وَأَنَا بِنْتُ خُفَافِ بْنِ إِيمَاءَ الْغِفَارِىِّ، وَقَدْ شَهِدَ أَبِى الْحُدَيْبِيَةَ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَوَقَفَ مَعَهَا عُمَرُ، وَلَمْ يَمْضِ، ثُمَّ قَالَ مَرْحَبًا بِنَسَبٍ قَرِيبٍ. ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى بَعِيرٍ ظَهِيرٍ كَانَ مَرْبُوطًا فِي الدَّارِ، فَحَمَلَ عَلَيْهِ غِرَارَتَيْنِ مَلأَهُمَا طَعَامًا، وَحَمَلَ بَيْنَهُمَا نَفَقَةً وَثِيَابًا، ثُمَّ نَاوَلَهَا بِخِطَامِهِ ثُمَّ قَالَ اقْتَادِيهِ فَلَنْ يَفْنَى حَتَّى يَأْتِيَكُمُ اللَّهُ بِخَيْرٍ. فَقَالَ رَجُلٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَكْثَرْتَ لَهَا. قَالَ عُمَرُ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، وَاللَّهِ إِنِّى لأَرَى أَبَا هَذِهِ وَأَخَاهَا قَدْ حَاصَرَا حِصْنًا زَمَانًا، فَافْتَتَحَاهُ، ثُمَّ أَصْبَحْنَا نَسْتَفِئُ سُهْمَانَهُمَا فِيهِ. 4162 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ أَبُو عَمْرٍو الْفَزَارِىُّ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَقَدْ رَأَيْتُ الشَّجَرَةَ، ثُمَّ أَتَيْتُهَا بَعْدُ فَلَمْ أَعْرِفْهَا. قَالَ مَحْمُودٌ ثُمَّ أُنْسِيتُهَا بَعْدُ. أطرافه 4163، 4164، 4165 ـــــــــــــــــــــــــــــ والله ما ينضجون كراعًا) -بضم الراء وكسر الضاد وأضم، الجيم- والكراع -بضم الكاف- من الحيوان ما دون الكعب من الرجل، ومن الإنسان ما دون الركبة. والمراد: أنهم لصغرهم الا يقدرون على هذا القدر من الفعل أو لفقرهم (وليس لهم زرع ولا ضرع) مجازًا عما يحلب من النعم. (وخشيت أن تأكلهم الضبع) بالضاد المعجمة: الحيوان المعروف وعند العرب سنة القحط؛ لأن الناس يموتون فيأكلهم الضبع (وأنا بنت خفاف بن إيماء) بكسر الهمزة (قال: مرحبًا بنسب قريب) وذلك أن غفار بطن من كنانه بن مدركة. وفي كنانة يجتمع نسبه مع عمر (ثم انصرف إلى بعير ظهير) أي: قوي (اقتاديه) أي: خذي الجمل وما عليه لنفسك واذهبي به (فقال رجل: يا أمير المؤمنين، أكثرت) أي: في العطاء (ثكلتك أمك) أي: فقدتك كلام يعاتب به من غير قصد إلى معناه (إني لأرى أبا هذه وأخاها قد حاصرا حصنًا زمانًا فافتتحاه، ثم أصبحنا نستفيء سهمانهما) بالفاء من الفيء، وبالقاف من السقي عليه، التشبيه للمال بالماء. فإن قلت: ما معنى هذا الكلام؟ قلت: مراده أنهما ماتا سريعًا ولم ينالا مما فتحا مالًا، ونحن نأكل المال. 4162 - 4163 - (شبابة) بفتح المعجمة والباء الموحدة مخففة (سوار) بفتح السين وتشديد الواو. (محمود) هو ابن غيلان.

4163 - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ طَارِقِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ انْطَلَقْتُ حَاجًّا فَمَرَرْتُ بِقَوْمٍ يُصَلُّونَ قُلْتُ مَا هَذَا الْمَسْجِدُ قَالُوا هَذِهِ الشَّجَرَةُ، حَيْثُ بَايَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْعَةَ الرُّضْوَانِ. فَأَتَيْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ سَعِيدٌ حَدَّثَنِى أَبِى أَنَّهُ كَانَ فِيمَنْ بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَحْتَ الشَّجَرَةِ، قَالَ فَلَمَّا خَرَجْنَا مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ نَسِينَاهَا، فَلَمْ نَقْدِرْ عَلَيْهَا. فَقَالَ سَعِيدٌ إِنَّ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَعْلَمُوهَا وَعَلِمْتُمُوهَا أَنْتُمْ، فَأَنْتُمْ أَعْلَمُ. طرفه 4162 4164 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا طَارِقٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ مِمَّنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، فَرَجَعْنَا إِلَيْهَا الْعَامَ الْمُقْبِلَ فَعَمِيَتْ عَلَيْنَا. طرفه 4162 4165 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ طَارِقٍ قَالَ ذُكِرَتْ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ الشَّجَرَةُ فَضَحِكَ فَقَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى وَكَانَ شَهِدَهَا. طرفه 4162 ـــــــــــــــــــــــــــــ (قلت: ما هذا المسجد؟ قالوا: هذه الشجرة حيث بايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيعة الرضوان) قالوا هذه تخمينًا، ولذلك ردّ عليهم سعيد بن المسيّب أن أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - الذين بايعوا تحتها، ما علموها بعد ذلك فكيف بمن لم يكن حاضرًا؟! وقد أشرنا إلى أن الحكمة في أن أخفاها الله ألا تفتن الناس بمرور الزمان. فإن قلت: تقدم من قول جابر: لو كنت أُبصر لأريتكم الشجرة، يدل على علمه بما قال؟ قلت: صار كالذين طلبوها فلم يقدروا عليها. 4165 - (قبيصة) بفتح القاف وكسر الباء الموحدة (ذكرت عند سعيد بن المسيب الشجرة فضحك) إنما ضحك تعجبًا ممن يطلب معرفة الشجرة، ولذلك ذكر أن أباه ممن شهدها ولم يعرف مكانها بعد ذلك. قال الثوري: هذا الحديث لم يروه عن المسيب إلا ابنه سعيد وفيه رد على من زعم أن البخاري لم يروِ في الكتاب إلا حديثًا له راويان. وقد أشرنا نحن إلى بطلان هذا القول، وإلى بطلان قول من وجه هذا؛ بأن المراد اثنان من الصحابة، لا مَنْ بعدهم؛ لأن حديث "إنما الأعمال" لم يروه من الصحابة إلا عمر.

4166 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِى أَوْفَى - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَتَاهُ قَوْمٌ بِصَدَقَةٍ قَالَ «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِمْ». فَأَتَاهُ أَبِى بِصَدَقَتِهِ فَقَالَ «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِى أَوْفَى». طرفه 1497 4167 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ أَخِيهِ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْحَرَّةِ وَالنَّاسُ يُبَايِعُونَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ فَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ عَلَى مَا يُبَايِعُ ابْنُ حَنْظَلَةَ النَّاسَ قِيلَ لَهُ عَلَى الْمَوْتِ. قَالَ لاَ أُبَايِعُ عَلَى ذَلِكَ أَحَدًا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. وَكَانَ شَهِدَ مَعَهُ الْحُدَيْبِيَةَ. طرفه 2959 4168 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَعْلَى الْمُحَارِبِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى حَدَّثَنَا إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ قَالَ حَدَّثَنِى - أَبِى وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ - قَالَ كُنَّا نُصَلِّى مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - الْجُمُعَةَ ثُمَّ نَنْصَرِفُ، وَلَيْسَ لِلْحِيطَانِ ظِلٌّ نَسْتَظِلُّ فِيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 4167 - (عبّاد) بفتح العين وتشديد الموحدة (لما كان يوم الحرة) أي: قتال ذلك اليوم مع مسلم بن عقبة أمير يزيد بن معاوية (والناس يتبايعون لعبد الله بن حنظلة) ابن أبي عامر الراهب من الأنصار غسيل الملائكة. قال ابن عبد البر: عبد الله بن حنظلة ولد في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان خيّرًا دينًا، وَرَد على يزيد بن معاوية فرأى منه أمورًا منكرة، فلما عاد خلعه ودعا إلى نفسه فبايعه الأنصاري وبايع المهاجرون عبد الله بن مطيع، فأرسل يزيد مسلما بن عقبة، فكانت وقعة الحرة. وزعم بعض الشارحين أن عبد الله بن حنظلة أخذ البيعة ليزيد، وهذا غلط فاحش، فكيف التبس عليه لفظ الحديث والناس يبايعون لعبد الله بن حنظلة؟! (فقال ابن زيد): هو عبد الله صاحب الحديث الوضوء (على [ما] يبايع ابن حنظلة الناس؟ قيل له: على الموت. قال: لا أبايع على ذلك أحدًا بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -). فإن قلت: تقدم في صلح الحديبية أنهم بايعوا على ألا يفروا؟ قلت: وتقدمت هذه الرواية أيضًا. وأشرنا هناك إلى أن المعنى واحد، فإنهم لم يفروا، فقد اختاروا الموت.

4169 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَاتِمٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى عُبَيْدٍ قَالَ قُلْتُ لِسَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ عَلَى أَىِّ شَىْءٍ بَايَعْتُمْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ. قَالَ عَلَى الْمَوْتِ. طرفه 2960 4170 - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ إِشْكَابٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنِ الْعَلاَءِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَقِيتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ - رضى الله عنهما - فَقُلْتُ طُوبَى لَكَ صَحِبْتَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَبَايَعْتَهُ تَحْتَ الشَّجَرَةِ. فَقَالَ يَا ابْنَ أَخِى إِنَّكَ لاَ تَدْرِى مَا أَحْدَثْنَا بَعْدَهُ. 4171 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ - هُوَ ابْنُ سَلاَّمٍ - عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ أَنَّ ثَابِتَ بْنَ الضَّحَّاكِ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ بَايَعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - تَحْتَ الشَّجَرَةِ. طرفه 1363 4172 - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا) قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 4169 - (قتيبة) بضم القاف مصغّر قتب (سلمة بن الأكوع) بثلاث فتحات وفتح الهمزة، بايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك اليوم ثلاث مرات، كل ذلك تلطفًا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معه (المحاربي) -بضم الميم وباء موحدة- نسبة إلى القبيلة. 4170 - (إشكاب) بكسر الهمزة وشين معجمة آخره باء موحدة (فضيل) بضم الفاء، مصغر. (طوبى لك) أي: الصفة الطيبة والحالة المرضية، أو شجرة طوبى في الجنة. 4171 - (إسحاق) هو ابن منصور كذا قاله الغساني (هو ابن سلام) بتشديد اللام (عن أبي قلابة) -بكسر القاف- عبد الله الجرمي. 4172 - (عن أنس بن مالك قال: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: 1] الحديبية) أي نزل في غزوة الحديبية، أو قال بمعنى ذكر الحديبية. (قال أصحابه: {هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: 4]) أي: قالوا

الْحُدَيْبِيَةُ. قَالَ أَصْحَابُهُ هَنِيئًا مَرِيئًا فَمَا لَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ (لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ) قَالَ شُعْبَةُ فَقَدِمْتُ الْكُوفَةَ فَحَدَّثْتُ بِهَذَا كُلِّهِ عَنْ قَتَادَةَ ثُمَّ رَجَعْتُ فَذَكَرْتُ لَهُ فَقَالَ أَمَّا (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ) فَعَنْ أَنَسٍ، وَأَمَّا هَنِيئًا مَرِيئًا فَعَنْ عِكْرِمَةَ. طرفه 4834 4173 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ مَجْزَأَةَ بْنِ زَاهِرٍ الأَسْلَمِىِّ عَنْ أَبِيهِ - وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ الشَّجَرَةَ - قَالَ إِنِّى لأُوقِدُ تَحْتَ الْقِدْرِ بِلُحُومِ الْحُمُرِ إِذْ نَادَى مُنَادِى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَنْهَاكُمْ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ. 4174 - وَعَنْ مَجْزَأَةَ عَنْ رَجُلٍ مِنْهُمْ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ اسْمُهُ أُهْبَانُ بْنُ أَوْسٍ وَكَانَ اشْتَكَى رُكْبَتَهُ، وَكَانَ إِذَا سَجَدَ جَعَلَ تَحْتَ رُكْبَتِهِ وِسَادَةً. 4175 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ النُّعْمَانِ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ - كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ أُتُوا بِسَوِيقٍ فَلاَكُوهُ. تَابَعَهُ مُعَاذٌ عَنْ شُعْبَةَ. طرفه 209 ـــــــــــــــــــــــــــــ لرسول الله لما سمعوا قوله تعالى: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح: 2] الهنيء: الذي يسهل في الحلق. والمريء: الطعام الذي يحمد عاقبته، والكلام على طريق الاستعارة (فما لنا؟) أي: من حضر بيعة الرضوان (فأنزل الله تعالى: {لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} [الفتح: 5]. 4173 - (أبو عامر) هو العقدي عبد الملك (عن مجزأة بن زاهر) -بفتح الميم وسكون المعجمة وزاي معجمة بعدها همزة- وليس لزاهر في البخاري غير هذا الحديث (نادى منادي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد حرم لحوم الحمر) قال الداودي: هذا وهم، فإن تحريم لحوم الحمر كان في خيبر، وهذا وهم فإنه تكرر منه ذلك. 4174 - (أهبان) -بضم الهمزة- يقال فيه: وهبان أيضًا قاله ابن عبد البر، وهذا الذي كلمه الذئب، وقيل: هو غيره. 4175 - (بشير بن يسار) بضم الباء الموحدة مصغر بشر، وكذا (سويد)، (بشار) بفتح الباء وتشديد الموحدة المعجمة (ابن أبي عدي) هو محمد بن إبراهيم.

4176 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ بَزِيعٍ حَدَّثَنَا شَاذَانُ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِى جَمْرَةَ قَالَ سَأَلْتُ عَائِذَ بْنَ عَمْرٍو - رضى الله عنه - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ هَلْ يُنْقَضُ الْوِتْرُ قَالَ إِذَا أَوْتَرْتَ مِنْ أَوَّلِهِ، فَلاَ تُوتِرْ مِنْ آخِرِهِ. 4177 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَسِيرُ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَسِيرُ مَعَهُ لَيْلاً، فَسَأَلَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَنْ شَىْءٍ فَلَمْ يُجِبْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ سَأَلَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا عُمَرُ، نَزَرْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، كُلُّ ذَلِكَ لاَ يُجِيبُكَ. قَالَ عُمَرُ فَحَرَّكْتُ بَعِيرِى ثُمَّ تَقَدَّمْتُ أَمَامَ الْمُسْلِمِينَ، وَخَشِيتُ أَنْ يَنْزِلَ فِىَّ قُرْآنٌ، فَمَا نَشِبْتُ أَنْ سَمِعْتُ صَارِخًا يَصْرُخُ بِى - قَالَ - فَقُلْتُ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ نَزَلَ فِىَّ قُرْآنٌ. وَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ «لَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَىَّ اللَّيْلَةَ سُورَةٌ لَهِىَ أَحَبُّ إِلَىَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ، ثُمَّ قَرَأَ (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا)». طرفاه 4833، 5012 ـــــــــــــــــــــــــــــ 4176 - (حاتم) بكسر التاء (بزيع) بفتح الباء وزاي معجمة (شاذان) بالذال المعجمة (عن أبي جمرة) -بالجيم- نصر بن عمران، قاله الغساني. وقد وقع في رواية أبي ذر -بالحاء المهملة- وهو وَهْمٌ (سألت عائذ) -بالذال المعجمة- هو ابن عمرو المدني، وليس له في البخاري حديث إلا هذا الحديث الموقوف عليه، وكذا في مسلم من طريق الحسن بن أبي الحسن، ومعاوية بن قرة (هل ينقص الوتر) بالضاد المعجمة بأن يصلي بعده وترًا آخر فإنه يصير به شفعًا، وأما مطلق الصلاة بعد الوتر فلا بأس به. دلّ عليه قوله: (إذا أوترت من أوله فلا توتر من آخره). 4177 - (أن رسول الله كان يسير في بعض أسفاره) هو غزوة الحديبية، لما قفل منها (ثكلتك أمك [يا] عمر نزرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاث مرات) بالنون والزاي. قال الجوهري نزرت عليه: أي ألححت. فعلى هذا ينصب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنزع الخافض، أو: يضمن معنى آذيت (وخشيت أن ينزل فيَّ قرآن) لإيذائه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (فما نشبت) -بفتح النون وكسر الشين- لبثت (أن سمعت صارخًا يصرخ بي) أي: يناديني (لقد أنزل عليّ الليلة سورة) أي:

4178 و 4179 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِىَّ حِينَ حَدَّثَ هَذَا الْحَدِيثَ، حَفِظْتُ بَعْضَهُ، وَثَبَّتَنِى مَعْمَرٌ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ قَالاَ خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي بِضْعَ عَشْرَةَ مِائَةً مِنْ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا أَتَى ذَا الْحُلَيْفَةِ قَلَّدَ الْهَدْىَ، وَأَشْعَرَهُ، وَأَحْرَمَ مِنْهَا بِعُمْرَةٍ، وَبَعَثَ عَيْنًا لَهُ مِنْ خُزَاعَةَ، وَسَارَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى كَانَ بِغَدِيرِ الأَشْطَاطِ، أَتَاهُ عَيْنُهُ قَالَ إِنَّ قُرَيْشًا جَمَعُوا لَكَ جُمُوعًا، وَقَدْ جَمَعُوا لَكَ الأَحَابِيشَ، وَهُمْ مُقَاتِلُوكَ وَصَادُّوكَ عَنِ الْبَيْتِ وَمَانِعُوكَ. فَقَالَ «أَشِيرُوا أَيُّهَا النَّاسُ عَلَىَّ، أَتَرَوْنَ أَنْ أَمِيلَ إِلَى عِيَالِهِمْ وَذَرَارِىِّ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَصُدُّونَا عَنِ الْبَيْتِ، فَإِنْ يَأْتُونَا كَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ قَطَعَ عَيْنًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَإِلاَّ تَرَكْنَاهُمْ مَحْرُوبِينَ». قَالَ أَبُو بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ، خَرَجْتَ عَامِدًا لِهَذَا الْبَيْتِ، لاَ تُرِيدُ قَتْلَ أَحَدٍ وَلاَ حَرْبَ أَحَدٍ، فَتَوَجَّهْ لَهُ، فَمَنْ صَدَّنَا عَنْهُ قَاتَلْنَاهُ. قَالَ «امْضُوا عَلَى اسْمِ اللَّهِ». طرفه 1694 ـــــــــــــــــــــــــــــ سورة الفتح. قيل: نزلت بكراع، وقيل: بالجحفة، وقيل: بضجنان. 4179 - (المسور بن مخرمة) بكسر الميم في الأول (فلما أتى ذا الحليفة قلّد الهدي وأشعره، وأحرم منها بعمرة، وبعث عينًا من خزاعة) أي: جاسوسًا -من إطلاقه الجزء على الكل- قيل: هذا العين بشر بن سفيان بن عمرو بن عويمر. وقال ابن هشام: بشر بن سفيان الكعبي. (وسار النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى كان بغدير الأشطاط) بفتح الهمزة وشين معجمة وطاء مهملة مكررة، وقيل: معجمة، موضع تلقاء الحديبية (وقد جمعوا لك الأحابيش) -بفتح الهمزة جمع أحبوش- كأنابيب في أنبوب. ناس من قبائل شتى. وقال ابن دريد: هم حلفاء قريش تحلفوا تحت جبل اسمه حبيش، سُمُّوا بذلك (فإن يأتونا كان الله قد قطع عينًا من المشركين) من الإتيان. وفي رواية ابن السكن: بأتونا بالموحدة وتشديد التاء من البتِّ، وهو القطع كان الله قد قطع عينًا من المشركين) أي: لم يبق لهم عينًا، أي: جاسوسًا يخبرهم، كناية عن قتلهم عن آخرهم، علم ذلك بإعلام الله، هذا الذي ذكرناه هو الذي قاله ابن الأثير. وقال بعضهم: من المشركين متعلق بقوله: قطع، أي: كان الله قد قطع من المشركين الجاسوس الذي أرسلناه، أي: لو قاتلونا كنا كأن لم نبعث جاسوسًا، وهذا معنى فاسد مخالف لغرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويدل عليه قسيمه وهو قوله: (تركناهم محروبين) أي: مسلوبي الأموال. قال ابن الأثير: من الحرب بتحريك الراء وباء موحدة نهب الإنسان وتركه: لا شيء له، ولو كان هذا العين هو الأول كان المناسب تعريفه؛ لأن النكرة إذا اعيدت تكون هي غير الأولى في الأكثر.

4180 و 4181 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ حَدَّثَنِى ابْنُ أَخِى ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمِّهِ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ يُخْبِرَانِ خَبَرًا مِنْ خَبَرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي عُمْرَةِ الْحُدَيْبِيَةِ فَكَانَ فِيمَا أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ عَنْهُمَا أَنَّهُ لَمَّا كَاتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو، يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى قَضِيَّةِ الْمُدَّةِ، وَكَانَ فِيمَا اشْتَرَطَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو أَنَّهُ قَالَ لاَ يَأْتِيكَ مِنَّا أَحَدٌ وَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ إِلاَّ رَدَدْتَهُ إِلَيْنَا، وَخَلَّيْتَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ. وَأَبَى سُهَيْلٌ أَنْ يُقَاضِىَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلاَّ عَلَى ذَلِكَ، فَكَرِهَ الْمُؤْمِنُونَ ذَلِكَ وَامَّعَضُوا، فَتَكَلَّمُوا فِيهِ، فَلَمَّا أَبَى سُهَيْلٌ أَنْ يُقَاضِىَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلاَّ عَلَى ذَلِكَ، كَاتَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَرَدَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَبَا جَنْدَلِ بْنَ سُهَيْلٍ يَوْمَئِذٍ إِلَى أَبِيهِ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، وَلَمْ يَأْتِ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَحَدٌ مِنَ الرِّجَالِ إِلاَّ رَدَّهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ، وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا، وَجَاءَتِ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ، فَكَانَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عُقْبَةَ بْنِ مُعَيْطٍ مِمَّنْ خَرَجَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْىَ عَاتِقٌ، فَجَاءَ أَهْلُهَا يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَرْجِعَهَا إِلَيْهِمْ، حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْمُؤْمِنَاتِ مَا أَنْزَلَ. طرفه 1694 4182 - قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَأَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَمْتَحِنُ مَنْ هَاجَرَ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ بِهَذِهِ الآيَةِ (يَا أَيُّهَا النَّبِىُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ). وَعَنْ عَمِّهِ قَالَ بَلَغَنَا حِينَ أَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَرُدَّ إِلَى الْمُشْرِكِينَ مَا أَنْفَقُوا عَلَى مَنْ هَاجَرَ مِنْ أَزْوَاجِهِمْ، وَبَلَغَنَا أَنَّ أَبَا بَصِيرٍ. فَذَكَرَهُ بِطُولِهِ. طرفه 2713 ـــــــــــــــــــــــــــــ 4181 - (إسحاق) كذا وقع غير منسوب، قال الغساني: قال أبو نصر يروي عن يعقوب بن إبراهيم: إسحاق بن منصور وإسحاق بن إبراهيم (لما كاتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سهيل بن عمرو يوم الحديبية على قضية المدّة) هي الصلح على عشر سنين أن يضعوا الحرب (فكره المؤمنون ذلك) أي: رَدُّ من أسلم إلى الكفار (وامتعضوا) بالضاد، أي: سخطوا وشقّ عليهم، وروي: امعضوا، بتشديد الميم على أن أصله: انمعضوا بالنون على وزن انقطعوا فاندغم النون. (أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط) بضم الميم مصغر، (وهي عاتق) العاتق من النساء: أول ما تدرك. وقيل: التي لم تفارق أمها في التزوج. 4182 - (وبلغنا أن أبا بصير) وله خلف (فذكره بطوله) قد سلف حديثه بطوله في كتاب

4183 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - خَرَجَ مُعْتَمِرًا فِي الْفِتْنَةِ فَقَالَ إِنْ صُدِدْتُ عَنِ الْبَيْتِ، صَنَعْنَا كَمَا صَنَعْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَأَهَلَّ بِعُمْرَةٍ مِنْ أَجْلِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ. طرفه 1639 4184 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَهَلَّ وَقَالَ إِنْ حِيلَ بَيْنِى وَبَيْنَهُ لَفَعَلْتُ كَمَا فَعَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ حَالَتْ كُفَّارُ قُرَيْشٍ بَيْنَهُ. وَتَلاَ (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ). طرفه 1639 4185 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَسَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَاهُ أَنَّهُمَا كَلَّمَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ. وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ بَعْضَ بَنِى عَبْدِ اللَّهِ قَالَ لَهُ لَوْ أَقَمْتَ الْعَامَ، فَإِنِّى أَخَافُ أَنْ لاَ تَصِلَ إِلَى الْبَيْتِ. قَالَ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَحَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ دُونَ الْبَيْتِ، فَنَحَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - هَدَايَاهُ، وَحَلَقَ وَقَصَّرَ أَصْحَابُهُ، وَقَالَ «أُشْهِدُكُمْ أَنِّى أَوْجَبْتُ عُمْرَةً». فَإِنْ خُلِّىَ بَيْنِى وَبَيْنَ الْبَيْتِ طُفْتُ، وَإِنْ حِيلَ بَيْنِى وَبَيْنَ الْبَيْتِ صَنَعْتُ كَمَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَارَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ مَا أُرَى شَأْنَهُمَا إِلاَّ وَاحِدًا، أُشْهِدُكُمْ أَنِّى قَدْ أَوْجَبْتُ حَجَّةً مَعَ عُمْرَتِى. فَطَافَ طَوَافًا وَاحِدًا وَسَعْيًا وَاحِدًا، حَتَّى حَلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا. طرفه 1639 ـــــــــــــــــــــــــــــ الصلح أسلم بعد الحديبية، وهو رجل من ثقيف، بفتح الباء وكسر الصاد، في قريش في بني زهرة، واسمه: عتبة، وقيل: عبيد، وقيل: خليفة. 4183 - 4184 - 4185 - (أن عبد الله بن عمر خرج معتمرًا في الفتنة) أي: عام حرب الحجاج بن الزبير، وقوله: معتمرًا إنما كان نوى العمرة ليكون متمتعًا، وإلا كان خروجه للحج، ألا ترى أنه قال: (ما [أرى] شأنهما إلا واحدًا) فجعله قرانًا (فطاف طوافًا واحدًا) هذا ما ذهب إليه الشافعي في أن القارن له طواف واحد. (جويرية) بضم الجيم مصغر.

4186 - حَدَّثَنِى شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ سَمِعَ النَّضْرَ بْنَ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا صَخْرٌ عَنْ نَافِعٍ قَالَ إِنَّ النَّاسَ يَتَحَدَّثُونَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَسْلَمَ قَبْلَ عُمَرَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَلَكِنْ عُمَرُ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ أَرْسَلَ عَبْدَ اللَّهِ إِلَى فَرَسٍ لَهُ عِنْدَ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ يَأْتِى بِهِ لِيُقَاتِلَ عَلَيْهِ، وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُبَايِعُ عِنْدَ الشَّجَرَةِ، وَعُمَرُ لاَ يَدْرِى بِذَلِكَ، فَبَايَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ، ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى الْفَرَسِ، فَجَاءَ بِهِ إِلَى عُمَرَ، وَعُمَرُ يَسْتَلْئِمُ لِلْقِتَالِ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُبَايِعُ تَحْتَ الشَّجَرَةِ - قَالَ - فَانْطَلَقَ فَذَهَبَ مَعَهُ حَتَّى بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَهِىَ الَّتِى يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَسْلَمَ قَبْلَ عُمَرَ. طرفه 3916 4187 - وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُمَرِىُّ أَخْبَرَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّاسَ كَانُوا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، تَفَرَّقُوا فِي ظِلاَلِ الشَّجَرِ، فَإِذَا النَّاسُ مُحْدِقُونَ بِالنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ، انْظُرْ مَا شَأْنُ النَّاسِ قَدْ أَحْدَقُوا بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَوَجَدَهُمْ يُبَايِعُونَ، فَبَايَعَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى عُمَرَ فَخَرَجَ فَبَايَعَ. طرفه 3916 4188 - حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا يَعْلَى حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِى أَوْفَى - رضى الله عنهما - قَالَ كُنَّا مَعَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 4187 - (النضر بن محمد) بالضاد المعجم (صخر) بالصاد المهملة. (أن ناسًا يتحدثون أن ابن عمر أسلم قبل عمر) قد أوضحنا المسألة في باب هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تقدم ابن عمر إنما هو في هذه البيعة لا عند قدومهم، فإن ابن عمر كان صغيرًا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يبايع الصغار كما جاء صريحًا في البخاري. فمن قال: إن البيعة وقعت مكررة، إحداهما عند قدوم عمر وابنه، الأخرى هنا في الحديبية؛ فقد زلّت به القدم. وبيعة عند القدوم، فإن إسلام عمر قديم كما تقدم هناك، فإنه بايع قبل عمر ثم بعده أيضًا تأدبًا (وعمر يستلئم للقتال) أي: يلبس اللأمة بالهمزة أي: السلاح. (وقال هشام بن عمار) عطف على قوله حدثنا شجاع، فإن هشامًا شيخ البخاري. 4188 - (ابن نمير) بضم النون، مصغر نمر، [(يعلى)] على وزن يحيى (كنّا مع

النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ اعْتَمَرَ فَطَافَ فَطُفْنَا مَعَهُ، وَصَلَّى وَصَلَّيْنَا مَعَهُ، وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَكُنَّا نَسْتُرُهُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، لاَ يُصِيبُهُ أَحَدٌ بِشَىْءٍ. طرفه 1600 4189 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا حَصِينٍ قَالَ قَالَ أَبُو وَائِلٍ لَمَّا قَدِمَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ مِنْ صِفِّينَ أَتَيْنَاهُ نَسْتَخْبِرُهُ فَقَالَ اتَّهِمُوا الرَّأْىَ، فَلَقَدْ رَأَيْتُنِى يَوْمَ أَبِى جَنْدَلٍ وَلَوْ أَسْتَطِيعُ أَنْ أَرُدَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَمْرَهُ لَرَدَدْتُ، وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، وَمَا وَضَعْنَا أَسْيَافَنَا عَلَى عَوَاتِقِنَا لأَمْرٍ يُفْظِعُنَا إِلاَّ أَسْهَلْنَ بِنَا إِلَى أَمْرٍ نَعْرِفُهُ قَبْلَ هَذَا الأَمْرِ، مَا نَسُدُّ مِنْهَا خُصْمًا إِلاَّ انْفَجَرَ عَلَيْنَا خُصْمٌ مَا نَدْرِى كَيْفَ نَأْتِى لَهُ. طرفه 3181 4190 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ أَبِى لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ أَتَى عَلَىَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِى فَقَالَ «أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّ رَأْسِكَ». قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «فَاحْلِقْ، وَصُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، أَوِ انْسُكْ نَسِيكَةً». قَالَ أَيُّوبُ لاَ أَدْرِى بِأَىِّ هَذَا بَدَأَ. طرفه 1814 ـــــــــــــــــــــــــــــ النبي - صلى الله عليه وسلم -[حين] اعتمر فطاف) أي في عمرة القضاء، وإنما أورده في باب غزوة الحديبية لأنه من توابعه. 4189 - (مغوَل) بكسر الميم وإسكان الغين (سمعت أبا حصين) -بفتح الحاء- اسمه: عثمان الأسدي (أبو وائل) شقيق بن سلمة (لما قدم سهل بن حنيف من صفين) -بكسر الصاد المهملة، وفاء مشددة- موضع بجانب الفرات، فيه كان حرب معاوية مع الإمام علي بن أبي طالب، ومحصّل هذا الحديث، كأنهم نسبوه إلى نوع من التقصير، فاعتذر بأنه لم يكن منه تقصير، وكيف يوجد منه ذلك ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي كان يأتيه الوحي لو أمكنه مخالفته لخالفه حين ردّ أبا جندل وسماه يوم أبي جندل لأدنى ملابسة، ولكن إرادته تعالى إذا تعلقت بشيء كان كائنًا (وما وضعنا أسيافنا على عواتقنا لأمر يُفظِعُنَا) أي يشق علينا (إلا أسهلن بنا) أي: أدخلنا في أمر سهل لا مشقة فيه الإسناد مجازي (ما نسدّ منها خصمًا) بضم الخاء المعجمة وصاد مهملة، أي: جانبًا شبه القضية بحوض فيه ماء فائض، واستعار له الخصم ورشحه بالانفجار. 4190 - (حرب) ضد الصلح (ابن أبي ليلى) عبد الرحمن (عجرة) بضم العين بعده جيم ساكنة (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم (نسيكة) -بفتح النون وكسر السين- الشاة التي تجعل قربانًا.

38 - باب قصة عكل وعرينة

4191 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ هِشَامٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْحُدَيْبِيَةِ وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ، وَقَدْ حَصَرَنَا الْمُشْرِكُونَ - قَالَ - وَكَانَتْ لِى وَفْرَةٌ فَجَعَلَتِ الْهَوَامُّ تَسَّاقَطُ عَلَى وَجْهِى، فَمَرَّ بِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّ رَأْسِكَ». قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ وَأُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ). طرفه 1814 38 - باب قِصَّةِ عُكْلٍ وَعُرَيْنَةَ 4192 - حَدَّثَنِى عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَنَسًا - رضى الله عنه - حَدَّثَهُمْ أَنَّ نَاسًا مِنْ عُكْلٍ وَعُرَيْنَةَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَتَكَلَّمُوا بِالإِسْلاَمِ فَقَالُوا يَا نَبِىَّ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا أَهْلَ ضَرْعٍ، وَلَمْ نَكُنْ أَهْلَ رِيفٍ. وَاسْتَوْخَمُوا الْمَدِينَةَ، فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِذَوْدٍ وَرَاعٍ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا فِيهِ، فَيَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا، فَانْطَلَقُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا نَاحِيَةَ الْحَرَّةِ كَفَرُوا بَعْدَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 4191 - (هشيم) بضم الهاء على وزن المصغر (عن أبي بشر) بكسر الموحدة وشين معجمة، اسمه: جعفر (وكانت لي وفرة) الوفرة: شعر الرأس إذا بلغ شحمة الأذن والله أعلم. قصة عكل وعرينة عكل: بضم العين وإسكان الكاف: قبيلة. قيل: عكل اسم أم القبيلة. قالوا وهي أم حصيب بن العوف بن وائل بن قيس بن عوف بن عبد مناة، قال الجوهري: العكل من النساء: الحمقاء. وعرينة: -بضم العين- مصغر بطن من بجيلة. 4192 - (أن ناسًا من عكل وعرينة قدموا المدينة) أي: مسلمين. الحديث سلف في كتاب: الطهارة، في باب: أبوال الإبل. وأشرنا إلى أن الحديث منسوخ (قالوا يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنا كنّا أهل ضرع، ولم نكن أهل ريف) أي: كنّا سكان البوادي، نشرب اللبن، والريف القرى والرستاق (واستوخموا المدينة) أي: عدوها وخيمة، عبر بداية الأمر (فأمرهم بذود): الذود -بالذال المعجمة- الإبل خاصة من الثلاث إلى التسع. والظاهر أنه

إِسْلاَمِهِمْ، وَقَتَلُوا رَاعِىَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَاسْتَاقُوا الذَّوْدَ، فَبَلَغَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَبَعَثَ الطَّلَبَ فِي آثَارِهِمْ فَأَمَرَ بِهِمْ فَسَمَرُوا أَعْيُنَهُمْ، وَقَطَعُوا أَيْدِيَهُمْ، وَتُرِكُوا فِي نَاحِيَةِ الْحَرَّةِ حَتَّى مَاتُوا عَلَى حَالِهِمْ. قَالَ قَتَادَةُ بَلَغَنَا أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ يَحُثُّ عَلَى الصَّدَقَةِ، وَيَنْهَى عَنِ الْمُثْلَةِ. وَقَالَ شُعْبَةُ وَأَبَانُ وَحَمَّادٌ عَنْ قَتَادَةَ مِنْ عُرَيْنَةَ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَبِى كَثِيرٍ وَأَيُّوبُ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ قَدِمَ نَفَرٌ مِنْ عُكْلٍ. طرفه 233 4193 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ أَبُو عُمَرَ الْحَوْضِىُّ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ وَالْحَجَّاجُ الصَّوَّافُ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو رَجَاءٍ مَوْلَى أَبِى قِلاَبَةَ وَكَانَ مَعَهُ بِالشَّأْمِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ اسْتَشَارَ النَّاسَ يَوْمًا قَالَ مَا تَقُولُونَ فِي هَذِهِ الْقَسَامَةِ فَقَالُوا حَقٌّ، قَضَى بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَضَتْ بِهَا الْخُلَفَاءُ، قَبْلَكَ. قَالَ وَأَبُو قِلاَبَةَ خَلْفَ سَرِيرِهِ فَقَالَ عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ فَأَيْنَ حَدِيثُ أَنَسٍ فِي الْعُرَنِيِّينَ قَالَ أَبُو قِلاَبَةَ إِيَّاىَ حَدَّثَهُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أراد الإبل مطلقًا إطلاقًا للمقيد على المطلق (فسمروا) بالتخفيف، أي: كحل أعينهم بالمسامير المحماة. (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يحثُّ على الصدقة وينهى عن المثلة) -بسكون الثاء المثلة- قطع شيء من أطراف الحيوان حيًّا. 4193 - (أبو رجاء مولى أبي قلابة) بفتح الراء والمد، اسمه: سلمان الجرمي (أن عمر بن عبد العزيز استشار الناس يومًا فقال: ما تقولون في هذه القسامة، قالوا: حق قضى بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والخلفاء قبلك) القسامة: قال ابن الأثير: اسم من أقسم إذا حلف، وجاء على وزن العزامة والحمالة للزومه. فمن قال معناها: قسمة الأيمان على أولياء القتيل؛ فقد التبس عليه، ثم قال: هذا القاتل. فإن قلت: كيف يرفع حديث العرنيين القسامة. قلت: قتلوا الراعي، وكان ثَمَّ إرث، ولم يحكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيهم بحكم القسامة، بل اقتص منهم هذا كلامه، وليس بصحيح، ولا علم معنى قول (عنبسة) بفتح العين وسكون النون بعده موحدة (فأين حديث أنس في) ولا قول أبي قلابة: (أياني حديث أنس) فإن شئت تحقيق الحق فاستمع إلى ما أذكره لك ملخصًا.

39 - باب غزوة ذات القرد

قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ مِنْ عُرَيْنَةَ. وَقَالَ أَبُو قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ مِنْ عُكْلٍ. ذَكَرَ الْقِصَّةَ. طرفه 233 39 - باب غَزْوَةُ ذَاتِ الْقَرَدِ وَهْىَ الْغَزْوَةُ الَّتِى أَغَارُوا عَلَى لِقَاحِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَبْلَ خَيْبَرَ بِثَلاَثٍ. 4194 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَاتِمٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى عُبَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ سَلَمَةَ بْنَ الأَكْوَعِ يَقُولُ خَرَجْتُ قَبْلَ أَنْ يُؤَذَّنَ بِالأُولَى، وَكَانَتْ لِقَاحُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ـــــــــــــــــــــــــــــ سؤال عمر كان عن جريان القصاص بعد القسامة، فأشار القوم إلى جريانه تأييدًا لقول القوم استدلالًا بحديث العرنيين، فرده أبو قلابة، بأن الذي قاله أنس من أن رسول الله اقتص لم يكن بذلك بطريق القسامة، بل كانوا قتلوا وسرقوا وحاربوا الله ورسوله. والدليل على ما ذكرناه ما سيأتي في سورة المائدة أن عمر بن عبد العزيز لما سأل القوم قالوا: قد أقاد بها رسول الله، فالتفت إلى أي قلابة فقال: ما تقول؟ قال: ما علمت نفسًا حلّ قتلها في الإسلام إلا في زنًا بعد إحصان، أو قتل نفسًا بغير نفس، أو حارب الله ورسوله. واعترض عنبسة بحديث العرنيين، فأجاب أبو قلابة بأن حديث العرنيين ليس فيه دليل ولا هو من القسامة في شيء، فإنهم كانوا محاربين كما صرح به أبو قلابة في آخر الحديث بأنهم قتلوا وسرقوا وحاربوا الله ورسوله، والله الموفق. غزوة ذي قرد بفتح القاف والراء، مكان في طريق خيبر، بينه وبين المدينة مسير ليلتين. (أغاروا على لقاح النبي - صلى الله عليه وسلم -) وكانت بالعامة، وهناك الراعي وامرأته، فقتلوا الراعي، وأخذوا المرأة، وهذه المرأة هي التي بعد أيام ركبت ناقة من النوق وهربت ولما جاءت قالت: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إني نذرت إن نجوت عليها أنحرها، قال: "بئس ما جازيتها لأن نجوت عليها تنحرها" والذي أغار عينية بن حصن الفؤاري في رجال من غطفان، وكانت هذه قبل عكل بستة أشهر، وقبل خيبر بسنة. وأما قول البخاري (قبل خيبر بثلاث) إما وَهْمٌ أو مصحف منه. 4194 - (قال سلمة بن الأكوع: خرجت قبل يؤذن بالأولى) أي: الظهر. قال ابن هشام:

تَرْعَى بِذِى قَرَدٍ - قَالَ - فَلَقِيَنِى غُلاَمٌ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَقَالَ أُخِذَتْ لِقَاحُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قُلْتُ مَنْ أَخَذَهَا قَالَ غَطَفَانُ. قَالَ فَصَرَخْتُ ثَلاَثَ صَرَخَاتٍ - يَا صَبَاحَاهْ - قَالَ فَأَسْمَعْتُ مَا بَيْنَ لاَبَتَىِ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ انْدَفَعْتُ عَلَى وَجْهِى حَتَّى أَدْرَكْتُهُمْ وَقَدْ أَخَذُوا يَسْتَقُونَ مِنَ الْمَاءِ، فَجَعَلْتُ أَرْمِيهِمْ بِنَبْلِى، وَكُنْتُ رَامِيًا، وَأَقُولُ: أَنَا ابْنُ الأَكْوَعْ ... الْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعْ وَأَرْتَجِزُ حَتَّى اسْتَنْقَذْتُ اللِّقَاحَ مِنْهُمْ، وَاسْتَلَبْتُ مِنْهُمْ ثَلاَثِينَ بُرْدَةً، قَالَ وَجَاءَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَالنَّاسُ فَقُلْتُ يَا نَبِىَّ اللَّهِ قَدْ حَمَيْتُ الْقَوْمَ الْمَاءَ وَهُمْ عِطَاشٌ، فَابْعَثْ إِلَيْهِمُ السَّاعَةَ. فَقَالَ «يَا ابْنَ الأَكْوَعِ، مَلَكْتَ فَأَسْجِحْ». قَالَ ثُمَّ رَجَعْنَا وَيُرْدِفُنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى نَاقَتِهِ حَتَّى دَخَلْنَا الْمَدِينَةَ. طرفه 3041 ـــــــــــــــــــــــــــــ كان ذاهبًا إلى الغابة وليس له خبر من هذه القضية (فصرخت ثلاث صرخات: واصباحاه) هذه كلمة يقولها المستغيث للغارة، وذلك أن أكثر ما كانوا يغيرون في الصباح حتى سقوا يوم الغارة يوم الصباح. (أرميهم بنبلي وكنت راميًا) أي: حسن الرمي (وأقول: أنا ابن الأكوع). هذا على دأب الشجعان في الحرب، يقرّ للقران بنسبة أو الوصف الذي به يعرف، كقول رسول الله: "أنا ابن عبد المطلب". قال ابن عبد البر: والأكوع جده وهو سلمة بن عمرو بن الأكوع، وهو لقب سنان بن عبد الله البشيري الأسلمي، يكنى أبا مسلم، وقيل: أبا إياس وقيل: أبا عمرو. (واليوم يوم الرضع) أي يوم اللئام، جمع راضع، وهو الذي يشرب اللبن من الثدي، ولا يحلبه لئلا يسمع الفقراء صوت الحلب، أو لئلا يلصق بعضه بالإناء. قال ابن الأثير: الفعل منه رضع، بضم الضاد، والمصدر منه الرضاعة (وجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا نبي الله قد حميت القوم وهم عطاش فابعث إليهم، الساعة فقال: يا ابن الأكوع، ملكت فأسجح)، أي: أَحسِنْ وسامح من السجاحة وهي السماحة والسهولة. الحوض، نسبة إلى حوضي، على وزن ليلي اسم مكان.

40 - باب غزوة خيبر

40 - باب غَزْوَةُ خَيْبَرَ 4195 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ سُوَيْدَ بْنَ النُّعْمَانِ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ خَيْبَرَ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالصَّهْبَاءِ - وَهْىَ مِنْ أَدْنَى خَيْبَرَ - صَلَّى الْعَصْرَ، ثُمَّ دَعَا بِالأَزْوَادِ فَلَمْ يُؤْتَ إِلاَّ بِالسَّوِيقِ، فَأَمَرَ بِهِ فَثُرِّىَ، فَأَكَلَ وَأَكَلْنَا، ثُمَّ قَامَ إِلَى الْمَغْرِبِ، فَمَضْمَضَ وَمَضْمَضْنَا، ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. طرفه 209 4196 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ - رضى الله عنه - قَالَ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى خَيْبَرَ فَسِرْنَا لَيْلاً، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ لِعَامِرٍ يَا عَامِرُ أَلاَ تُسْمِعُنَا مِنْ هُنَيْهَاتِكَ. وَكَانَ عَامِرٌ رَجُلاً شَاعِرًا فَنَزَلَ يَحْدُو بِالْقَوْمِ يَقُولُ: اللَّهُمَّ لَوْلاَ أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا ... وَلاَ تَصَدَّقْنَا وَلاَ صَلَّيْنَا ـــــــــــــــــــــــــــــ غزوة خيبر قال ابن هشام: وكان المسير إلى خيبر بعد الحديبية سنة سبع في المحرم، وخيبر كان بها حصون، حصن ناعم وهو أول حصن فُتح ثَمَّ القموص -بفتح القاف- حصن بني التحقيق، وبه كانت صفية حرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ونسق ونطاق وسلالم والوطيح، وهذان الحصنان هما كان فتحهما على يد علي بن أبي طالب. 4195 - (بشير بن يسار) بضم الباء مصغر (سويد بن النعمان) بضم السين مصغر (كنا بالصهباء وهي [من] أدنى خيبر)، قال ابن الأثير: بينها وبين خيبر وجه، وباقي الحديث [تقدم] في أبواب الصلاة. 4196 - (عن سلمة بن الأكوع، خرجنا مع رسول الله إلى خيبر فسرنا ليلًا فقال رجل من القوم لعامر) هو عامر بن الأكوع عم سلمة، وفي مسلم: وابن سعد أخو سلمة (يا عامر ألا تسمعنا من هنيهاتك) الهاء بدل على الياء، ويروى: هنياتك على الأصل بتشديد الياء، وهنياتك مكبرًا جمع هنة مؤنث هي. قال ابن الأثير: والهن اسم جنس يطلق على كل شيء، والمراد به الأراجيز. وفي

فَاغْفِرْ فِدَاءً لَكَ مَا أَبْقَيْنَا ... وَأَلْقِيَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاَقَيْنَا ... إِنَّا إِذَا صِيحَ بِنَا أَبَيْنَا وَبِالصِّيَاحِ عَوَّلُوا عَلَيْنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ هَذَا السَّائِقُ». قَالُوا عَامِرُ بْنُ الأَكْوَعِ. قَالَ «يَرْحَمُهُ اللَّهُ». قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ وَجَبَتْ يَا نَبِىَّ اللَّهِ، لَوْلاَ أَمْتَعْتَنَا بِهِ. فَأَتَيْنَا خَيْبَرَ، فَحَاصَرْنَاهُمْ حَتَّى أَصَابَتْنَا مَخْمَصَةٌ شَدِيدَةٌ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَتَحَهَا عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا أَمْسَى النَّاسُ مَسَاءَ الْيَوْمِ الَّذِى فُتِحَتْ عَلَيْهِمْ أَوْقَدُوا نِيرَانًا كَثِيرَةً، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَا هَذِهِ النِّيرَانُ عَلَى أَىِّ شَىْءٍ تُوقِدُونَ». قَالُوا عَلَى لَحْمٍ. قَالَ «عَلَى أَىِّ لَحْمٍ». قَالُوا لَحْمِ حُمُرِ الإِنْسِيَّةِ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَهْرِيقُوهَا وَاكْسِرُوهَا». فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوْ نُهَرِيقُهَا وَنَغْسِلُهَا قَالَ «أَوْ ذَاكَ». فَلَمَّا تَصَافَّ الْقَوْمُ كَانَ سَيْفُ عَامِرٍ قَصِيرًا فَتَنَاوَلَ بِهِ سَاقَ يَهُودِىٍّ لِيَضْرِبَهُ، وَيَرْجِعُ ذُبَابُ سَيْفِهِ، فَأَصَابَ عَيْنَ رُكْبَةِ عَامِرٍ، فَمَاتَ مِنْهُ قَالَ فَلَمَّا قَفَلُوا، قَالَ سَلَمَةُ رَآنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ آخِذٌ بِيَدِى، قَالَ «مَا لَكَ». قُلْتُ لَهُ فِدَاكَ أَبِى وَأُمِّى، زَعَمُوا أَنَّ عَامِرًا حَبِطَ عَمَلُهُ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «كَذَبَ مَنْ قَالَهُ، إِنَّ لَهُ لأَجْرَيْنِ - وَجَمَعَ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ - إِنَّهُ لَجَاهِدٌ مُجَاهِدٌ قَلَّ عَرَبِىٌّ مَشَى بِهَا مِثْلَهُ». حَدَّثَنَا ـــــــــــــــــــــــــــــ رواية ابن هشام إن القائل لعامر رسول الله. (هن هذا السائق) كأن الظاهر من الحادي، إلا أنه من إطلاق المسبب على السبب، فإن الحداء سبب لسير الإبل. قالوا: أول من حَدَا مُضر بن نزار، وذلك أنه سقط عن البعير فانكسرت يده، فشرع يقول: وايداه، (قالوا: عامر بن الأكوع قال: يرحمه الله. قال رجل من القوم: وجبت)، أي: له الشهادة، فإنه كان من دأبه إذا خصّ إنسانًا بالدعاء بالرحمة والمغفرة يحدث شهيدًا. والقائل وجبت عمر بن الخطاب، وهو الذي قال: (لولا أمتعتنا به) أي: لعامر، أي متعنا به، هكذا قيل. وفيه بُعد؛ لأن بقاءه ليس إليه. والظاهر أنه أراد الدعاء بالشهادة. (أصابتنا مخمصة) أي: جوع (الحمر الإنسية): بكسر الهمزة أنسبة، إلى الإنس والأكثر فتح الهمزة والنون على غير قياس من تغيرات النسب. (أهريقوها) بفتح الهاء وسكونها وهي معجمة، الأصل: أريقوها. (فلما تصاف القوم) بتشديد الفاء، عطف على قوله: خرجنا من كلامه (إن له أجرين)، (لجاهد مجاهد) أي: جاد في الجهاد. وفي رواية جهد فعل ماض، والأول أحسن، (قل عربي مشى بها) الضمير في بها للحرب، أو للبلاد. وروي "نشأبها" أي

قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا حَاتِمٌ قَالَ «نَشَأَ بِهَا». طرفه 2477 4197 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَتَى خَيْبَرَ لَيْلاً، وَكَانَ إِذَا أَتَى قَوْمًا بِلَيْلٍ لَمْ يُغِرْ بِهِمْ حَتَّى يُصْبِحَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ خَرَجَتِ الْيَهُودُ بِمَسَاحِيهِمْ وَمَكَاتِلِهِمْ، فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا مُحَمَّدٌ وَاللَّهِ، مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ». طرفه 371 4198 - أَخْبَرَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ صَبَّحْنَا خَيْبَرَ بُكْرَةً، فَخَرَجَ أَهْلُهَا بِالْمَسَاحِى، فَلَمَّا بَصُرُوا بِالنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالُوا مُحَمَّدٌ وَاللَّهِ، مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اللَّهُ أَكْبَرُ خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ». فَأَصَبْنَا مِنْ لُحُومِ الْحُمُرِ فَنَادَى مُنَادِى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ، فَإِنَّهَا رِجْسٌ. طرفه 371 4199 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جَاءَهُ جَاءٍ فَقَالَ أُكِلَتِ الْحُمُرُ. فَسَكَتَ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ فَقَالَ أُكِلَتِ الْحُمُرُ. فَسَكَتَ، ثُمَّ الثَّالِثَةَ فَقَالَ أُفْنِيَتِ الْحُمُرُ. فَأَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى فِي النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ. فَأُكْفِئَتِ الْقُدُورُ، وَإِنَّهَا لَتَفُورُ بِاللَّحْمِ. طرفه 371 ـــــــــــــــــــــــــــــ قام بها، من نشأ الصبي إذا شب وكبر، وروي مُشابهًا: اسم فاعل من المشابهة. وانتصابه برأيت مقدرًا على الحال. 4197 - (كان إذا أتى قومًا لم يُغْرِ بهم) بالياء من القرب (حتى يصبح) بالقلة بعده؛ بأنه ينظر الآذان إن سمع، والإشن الفارة (خرج اليهود بمساحيهم) جمع مسحاة، آلة معروفة من السِّحو وهو الكشف (ومكاتلهم) جمع مكتل، وهو الزنبيل (الله أكبر خربت خيبر) يمكن أن يكون خبرًا ودعاء.

4200 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ صَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الصُّبْحَ قَرِيبًا مِنْ خَيْبَرَ بِغَلَسٍ ثُمَّ قَالَ «اللَّهُ أَكْبَرُ خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ، فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ». فَخَرَجُوا يَسْعَوْنَ فِي السِّكَكِ، فَقَتَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمُقَاتِلَةَ، وَسَبَى الذُّرِّيَّةَ، وَكَانَ فِي السَّبْىِ صَفِيَّةُ، فَصَارَتْ إِلَى دِحْيَةَ الْكَلْبِىِّ، ثُمَّ صَارَتْ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا. فَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ لِثَابِتٍ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ آنْتَ قُلْتَ لأَنَسٍ مَا أَصْدَقَهَا فَحَرَّكَ ثَابِتٌ رَأْسَهُ تَصْدِيقًا لَهُ. طرفه 371 4201 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - يَقُولُ سَبَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - صَفِيَّةَ، فَأَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا. فَقَالَ ثَابِتٌ لأَنَسٍ مَا أَصْدَقَهَا قَالَ أَصْدَقَهَا نَفْسَهَا فَأَعْتَقَهَا. طرفه 371 4202 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِىِّ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْتَقَى هُوَ وَالْمُشْرِكُونَ فَاقْتَتَلُوا، فَلَمَّا مَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى عَسْكَرِهِ، وَمَالَ الآخَرُونَ إِلَى عَسْكَرِهِمْ، وَفِى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ لاَ يَدَعُ لَهُمْ شَاذَّةً وَلاَ فَاذَّةً إِلاَّ اتَّبَعَهَا، يَضْرِبُهَا بِسَيْفِهِ، فَقِيلَ مَا أَجْزَأَ مِنَّا الْيَوْمَ أَحَدٌ كَمَا أَجْزَأَ فُلاَنٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَمَا إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ». فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ أَنَا صَاحِبُهُ. قَالَ فَخَرَجَ مَعَهُ كُلَّمَا وَقَفَ وَقَفَ مَعَهُ، وَإِذَا أَسْرَعَ أَسْرَعَ مَعَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ 4200 - (حرب) ضد الصلح، (وكان في السبي صفية فصارت إلى دحية) فإنه سأل رسول الله أن ينقل جارية، ثم صارت إلى النبي، وذلك أنه ذكر له جمالها وإنها [من] بنات هارون أخي موسى. قالوا: اشتراها من دحية بسبعة رؤوس من السبي، (فجعل عتقها صداقها) اتفق الفقهاء على أن هذا خاص برسول الله - صلى الله عليه وسلم -. 4201 - (صهيب) بضم الصاد مصغر. 4202 - (قتيبة) بضم القاف مصغر (عن أبي حازم) -بالحاء المهملة- سلمة بن دينار. (وفي أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجل لا يدع شاذة) أي: نفسًا منفردة عن القوم، ومنه الشاذ في علم الصرف: الخارج عن القانون (ولا فاذّة) أي منفردة في حذ ذاتها (أجزأ منها اليوم رجل ما أجزأ فلان) الإجزاء: الإغناء والكفاية، (فقال رسول الله أما إنه من أهل النار)

- قَالَ - فَجُرِحَ الرَّجُلُ جُرْحًا شَدِيدًا، فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ، فَوَضَعَ سَيْفَهُ بِالأَرْضِ وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ، ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَى سَيْفِهِ، فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ «وَمَا ذَاكَ». قَالَ الرَّجُلُ الَّذِى ذَكَرْتَ آنِفًا أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَأَعْظَمَ النَّاسُ ذَلِكَ، فَقُلْتُ أَنَا لَكُمْ بِهِ. فَخَرَجْتُ فِي طَلَبِهِ، ثُمَّ جُرِحَ جُرْحًا شَدِيدًا، فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ، فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ فِي الأَرْضِ وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ، ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَيْهِ، فَقَتَلَ نَفْسَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ ذَلِكَ «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ، وَهْوَ مِنَ أَهْلِ النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ، فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ، وَهْوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ». طرفه 2898 4203، 4204 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ شَهِدْنَا خَيْبَرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِرَجُلٍ مِمَّنْ مَعَهُ يَدَّعِى الإِسْلاَمَ «هَذَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ». فَلَمَّا حَضَرَ الْقِتَالُ قَاتَلَ الرَّجُلُ أَشَدَّ الْقِتَالِ، حَتَّى كَثُرَتْ بِهِ الْجِرَاحَةُ، فَكَادَ بَعْضُ النَّاسِ يَرْتَابُ، فَوَجَدَ الرَّجُلُ أَلَمَ الْجِرَاحَةِ، فَأَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى كِنَانَتِهِ، فَاسْتَخْرَجَ مِنْهَا أَسْهُمًا، فَنَحَرَ بِهَا نَفْسَهُ، فَاشْتَدَّ رِجَالٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، صَدَّقَ اللَّهُ حَدِيثَكَ، انْتَحَرَ فُلاَنٌ فَقَتَلَ نَفْسَهُ. فَقَالَ «قُمْ يَا فُلاَنُ فَأَذِّنْ أَنَّهُ لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلاَّ مُؤْمِنٌ، إِنَّ اللَّهَ يُؤَيِّدُ الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ». تَابَعَهُ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ. طرفه 3062 ـــــــــــــــــــــــــــــ (فوضع سيفه في الأرض ووضع ذبابه بين يديه) أي: طرفه الحاد (فقتل نفسه) وهذا الرجل اسمه: قزحان بالقاف والزاي المعجمة. وحديثه مع شرحه سلف في كتاب الجهاد، في باب: لا يقال فلان شهيد. (الرجل الذي ذكرت أنه من أهل النار، فأعظم الناس ذلك) أي: عدوه شيئًا عظيمًا، وهو أن يكون من قاتل في سبيل الله يكون [من] أهل النار. وإليه أشار في الرواية بعضها. 4203 - 4204 - (فكاد بعض الناس أن يرتاب) أي: في قول رسول الله (فوجد الرجل ألم الجراحة فأهوى بيده إلى كنانته فاستخرج منها أسهمًا فنحر نفسه). فإن قلت: تقدم في الرواية الأولى أنه قتل نفسه بذبابة سيفه، وهنا بالسهم!. قلت: يجوز الجمع بين السيف والسهم، أو يكون الرجل غير الأول.

وَقَالَ شَبِيبٌ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى ابْنُ الْمُسَيَّبِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ شَهِدْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حُنَيْنًا. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. تَابَعَهُ صَالِحٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ. وَقَالَ الزُّبَيْدِىُّ أَخْبَرَنِى الزُّهْرِىُّ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ كَعْبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى مَنْ شَهِدَ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - خَيْبَرَ. قَالَ الزُّهْرِىُّ وَأَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَسَعِيدٌ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 3062 4205 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا غَزَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَيْبَرَ - أَوْ قَالَ لَمَّا تَوَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَشْرَفَ النَّاسُ عَلَى وَادٍ، فَرَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّكْبِيرِ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، إِنَّكُمْ لاَ تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلاَ غَائِبًا، إِنَّكُمْ تَدْعُونَ سَمِيعًا قَرِيبًا وَهْوَ مَعَكُمْ». وَأَنَا خَلْفَ دَابَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَمِعَنِى وَأَنَا أَقُولُ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ، فَقَالَ لِى «يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ». قُلْتُ لَبَّيْكَ ـــــــــــــــــــــــــــــ (شبيب) بفتح المعجمة، على وزن كريم (الزبيدي) بضم الزاي المعجمة، محمد بن الوليد. 4205 - (عن أبي عثمان) هو النهدي عبد الرحمن (عن أبي موسى لما غزا رسول الله خيبر أو توجه إليها) الصواب هو الأول، فإن أبا موسى قدم مع جعفر بن أبي طالب من الحبشة ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد فتح خيبر وقال: "لا أدري أبفتح خيبر، ما أفرح، أو بقدوم الناس، جعفر" (أشرفوا على وادٍ) أي: اطلعوا (أصواتهم بالتكبير) أي: بالقراءة في ذلك، وإلا رفع الصوت بالتكبير سنة إذا علا مكانًا (أربعوا على أنفسكم) بفتح الباء من ربع على وزن علم أي: ابقوا عليها وارحموها (قال: يا عبد الله بن قيس) هو اسم موسى (قلت: لبيك

رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «أَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى كَلِمَةٍ مِنْ كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ». قُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ فِدَاكَ أَبِى وَأُمِّى. قَالَ «لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ». طرفه 2992 4206 - حَدَّثَنَا الْمَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِى عُبَيْدٍ قَالَ رَأَيْتُ أَثَرَ ضَرْبَةٍ فِي سَاقِ سَلَمَةَ، فَقُلْتُ يَا أَبَا مُسْلِمٍ، مَا هَذِهِ الضَّرْبَةُ قَالَ هَذِهِ ضَرْبَةٌ أَصَابَتْنِى يَوْمَ خَيْبَرَ، فَقَالَ النَّاسُ أُصِيبَ سَلَمَةُ. فَأَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَنَفَثَ فِيهِ ثَلاَثَ نَفَثَاتٍ، فَمَا اشْتَكَيْتُهَا حَتَّى السَّاعَةِ. 4207 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلٍ قَالَ الْتَقَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَالْمُشْرِكُونَ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ فَاقْتَتَلُوا، فَمَالَ كُلُّ قَوْمٍ إِلَى ـــــــــــــــــــــــــــــ يا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «أَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى كَلِمَةٍ مِنْ كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ». قُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ». قال النووي: معناه أن ثوابه مدخر في الجنة، وفيه أن كل عمل كذلك، وذلك أن التكبير لما كان مشتملًا على أنواع من الأقوال فكذا ثواب هذه الكلمة من جهات؛ لأنه تفويض الأمور كلها إليه تعالى، أو لأن التكبير يكون فيه نفائس مخفية فكذلك ثواب هذه الكلمة كما أشير إليه في قوله تعالى: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} [السجدة: 17]. 4206 - (يا أبا مسلم)، كنية سلمة بن الأكوع (نفث فيها) النفث: هو النفخ الذي لم يكن معه ريق، والذي معه الريق: التفل (فما اشتكيتها حتى الساعة) يجوز فيه النصب على أنه عطف على الضمير المنصوب، والجر على أن حتى بمعنى مع. فإن قلت: فهي للغاية، فكيف تكون عاطفة؟ قلت: قدمنا أن معنى الغاية لا تفارق حتى أي استعمال كان. ذكره المولى الفاضل التفتازاني في بحث الحرف في التلويح وهذا ظاهر من قولهم: مات الناس حتى الأنبياء فإنها عاطفة بلا نزاع مع الغاية. 4207 - (في بعض مغازبه) هي هذه الغزوة خيبر لدلالة سائر الروايات، وإنما عبّر بلفظ البعض المبهم؛ لأنه سمعه كذلك.

عَسْكَرِهِمْ، وَفِى الْمُسْلِمِينَ رَجُلٌ لاَ يَدَعُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ شَاذَّةً وَلاَ فَاذَّةً إِلاَّ اتَّبَعَهَا فَضَرَبَهَا بِسَيْفِهِ، فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَجْزَأَ أَحَدُهُمْ مَا أَجْزَأَ فُلاَنٌ. فَقَالَ «إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ». فَقَالُوا أَيُّنَا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ إِنْ كَانَ هَذَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ لأَتَّبِعَنَّهُ، فَإِذَا أَسْرَعَ وَأَبْطَأَ كُنْتُ مَعَهُ. حَتَّى جُرِحَ فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ، فَوَضَعَ نِصَابَ سَيْفِهِ بِالأَرْضِ، وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ، ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَيْهِ، فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَجَاءَ الرَّجُلُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ «وَمَا ذَاكَ». فَأَخْبَرَهُ. فَقَالَ «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ، وَإِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وَهْوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ». طرفه 2898 4208 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الْخُزَاعِىُّ حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنْ أَبِى عِمْرَانَ قَالَ نَظَرَ أَنَسٌ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَرَأَى طَيَالِسَةً فَقَالَ كَأَنَّهُمُ السَّاعَةَ يَهُودُ خَيْبَرَ. 4209 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا حَاتِمٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ رضى الله عنه قَالَ كَانَ عَلِىٌّ - رضى الله عنه - تَخَلَّفَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي خَيْبَرَ، وَكَانَ رَمِدًا فَقَالَ أَنَا أَتَخَلَّفُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَحِقَ، فَلَمَّا بِتْنَا اللَّيْلَةَ الَّتِى فُتِحَتْ قَالَ «لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا - أَوْ لَيَأْخُذَنَّ الرَّايَةَ غَدًا - رَجُلٌ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، يُفْتَحُ عَلَيْهِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ 4208 - (زياد) بزاي معجمة بعدها ياء، (عن أبي عمران) بكسر العين اسم عبد الملك (نظر أنس إلى الناس يوم الجمعة فرأى طيالسة فقال: كأنهم الساعة يهود خيبر) لفظ الساعة قيد للمشبه دون المشبه به، والطيالسة: جمع طيلسان على وزن فعلان، مقرب طالسان، شيء يشبه الكساء، تغطى به العمامة بدعة؛ ولذلك أنكرها أنس. 4209 - (كان علي تخلّف عن رسول الله يوم خيبر) هذا مخالف لما روى ابن هشام بأنه خرج من المدينة مع رسول الله، ودفع إليه الراية، وكانت بيضاء (وكان رمدًا) وفي أخرى: أرمدًا (فقال: أنا أتخلف عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؟) على تقدير استفهام الإنكار على نفسه (لأعطين الراية عليًّا يحبه الله ورسوله) قال ابن هشام: هذا الكلام إنما كان بعد أن أرسل أولًا أبا بكر فجاهد ورجع، ثم عمر كذلك. وقد أشرنا إلى أن الوطيح والسلام حصنان لم يكن أصعب منها.

فَنَحْنُ نَرْجُوهَا فَقِيلَ هَذَا عَلِىٌّ، فَأَعْطَاهُ فَفُتِحَ عَلَيْهِ. طرفه 2975 4210 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى حَازِمٍ قَالَ أَخْبَرَنِى سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ يَوْمَ خَيْبَرَ «لأُعْطِيَنَّ هَذِهِ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلاً، يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ، يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ». قَالَ فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطَاهَا فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ غَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، كُلُّهُمْ يَرْجُو أَنْ يُعْطَاهَا فَقَالَ «أَيْنَ عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ». فَقِيلَ هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ يَشْتَكِى عَيْنَيْهِ. قَالَ «فَأَرْسِلُوا إِلَيْهِ». فَأُتِىَ بِهِ فَبَصَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي عَيْنَيْهِ، وَدَعَا لَهُ، فَبَرَأَ حَتَّى كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ، فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ، فَقَالَ عَلِىٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا، فَقَالَ «انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ اللَّهِ فِيهِ، فَوَاللَّهِ لأَنْ يَهْدِىَ اللَّهُ بِكَ رَجُلاً وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ». طرفه 2942 ـــــــــــــــــــــــــــــ 4210 - (على رسلك) بكسر الراء، أي: تأن في الأمر، اسم فعل (يدوكون) بالدال المهملة أي: يخوضون فيمن يعطى، فإن هذه منقبة أن يكون الرجل محبوب الله ورسوله. وأصل الدوك الاختلاط. (فوالله لأن يهدي الله بك رجلًا واحدًا خير لك من أن يكون لك حمر النعم) لأن ذلك فانٍ وهذا باقٍ، أو المعنى: أن ينفق ذلك كله في سبيل الله، وهذا أبلغ وأوفق بالترغيب الذي هو بصدده. فإن قلت: روى أبو داود وأحمد عن عائشة: "صفية كانت من الصفي" -بفتح الصاد وكسر الفاء وتشديد الياء- شيء واحد من أنفس ما يكون من الخمس إن شاء. كان هذا من خواص رسول الله؟ قلت: بعد ما اشتراها وأعطى عوضها لدحية، صارت صفية، وبهذا سقط ما قيل بعد أن وهبها له كيف رجع منها؟ وما قيل من أن الشراء مجاز.

4211 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ دَاوُدَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ح وَحَدَّثَنِى أَحْمَدُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِىُّ عَنْ عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَدِمْنَا خَيْبَرَ، فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْحِصْنَ ذُكِرَ لَهُ جَمَالُ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَىِّ بْنِ أَخْطَبَ، وَقَدْ قُتِلَ زَوْجُهَا وَكَانَتْ عَرُوسًا، فَاصْطَفَاهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِنَفْسِهِ، فَخَرَجَ بِهَا، حَتَّى بَلَغْنَا سَدَّ الصَّهْبَاءِ حَلَّتْ، فَبَنَى بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ صَنَعَ حَيْسًا فِي نِطَعٍ صَغِيرٍ، ثُمَّ قَالَ لِى «آذِنْ مَنْ حَوْلَكَ». فَكَانَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــ 4211 - (فاصطفاها النبي - صلى الله عليه وسلم - لنفسه) فإن له صفي المغنم لكن كان قد اشتراها كما تقدم، فيه بعض تسامح. وقبل زوجها كانت تحت كنانة بن رافع بن الحقيق، قتله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صبرًا فإنه كان يعرف كنز بني النضير. قال ابن هشام: [.......] فأتى يهودي إلى رسول الله فقال: لم يزل كنانة يطيف بهذه الخربة، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن وجد الكنز في الخربة نقتلك" قال كذلك، فلما فتشوا الخربة وجدوا بعض الكنز، فسألوه عن الباقي، فلم يقرّ بشيء، فسلمه إلى الزبير وقال: "عذِّبْه حتى تستأصل ما عنده، ففعل ذلك ثم سلّمه إلى محمد بن مسلمة فقتله بأخيه محمود بن مسلمة". قال ابن هشام: رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بوجهِ صفية أثر ضرب، فسألها عنه قالت: رأيت في المنام أن القمر وقع في حجري، فذكرت المنام لكنانة فضربني هذا الضرب، فقالت: تزعم أنك امرأة أمير الحجاز محمد القرشي (بلغنا سدَّ الصهباء فحلت) أي كمل استبراؤها. فإن قلت: تقدم في أبواب البيع بلغ سد الروحاء. قلت: قال ابن الأثير: هما موضعان. ووجه الجمع أنه أقام ثلاثة أيام كما ذكره في الحديث. فالظاهر أنهما موضعان يقرب أحدهما الآخر، فانتقل من أحدهما إلى الآخر. (صنع حيسًا) -بفتح المهملة- طعام مركب من التمر والسمن والأقط فذلك حيس إذا ما اختلط (في نِطْعٍ)، بكسر النون وإسكان الطاء، وفيه لغاتٌ أُخَر.

تِلْكَ وَلِيمَتَهُ عَلَى صَفِيَّةَ، ثُمَّ خَرَجْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ، فَرَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يُحَوِّى لَهَا وَرَاءَهُ بِعَبَاءَةٍ، ثُمَّ يَجْلِسُ عِنْدَ بَعِيرِهِ، فَيَضَعُ رُكْبَتَهُ، وَتَضَعُ صَفِيَّةُ رِجْلَهَا عَلَى رُكْبَتِهِ حَتَّى تَرْكَبَ. طرفه 371 4212 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى أَخِى عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ يَحْيَى عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَقَامَ عَلَى صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَىٍّ، بِطَرِيقِ خَيْبَرَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، حَتَّى أَعْرَسَ بِهَا، وَكَانَتْ فِيمَنْ ضُرِبَ عَلَيْهَا الْحِجَابُ. طرفه 371 4213 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِى كَثِيرٍ قَالَ أَخْبَرَنِى حُمَيْدٌ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا - رضى الله عنه - يَقُولُ أَقَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ خَيْبَرَ وَالْمَدِينَةِ ثَلاَثَ لَيَالٍ يُبْنَى عَلَيْهِ بِصَفِيَّةَ، فَدَعَوْتُ الْمُسْلِمِينَ إِلَى وَلِيمَتِهِ، وَمَا كَانَ فِيهَا مِنْ خُبْزٍ وَلاَ لَحْمٍ، وَمَا كَانَ فِيهَا إِلاَّ أَنْ أَمَرَ بِلاَلاً بِالأَنْطَاعِ فَبُسِطَتْ، فَأَلْقَى عَلَيْهَا التَّمْرَ وَالأَقِطَ وَالسَّمْنَ، فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُهُ قَالُوا إِنْ حَجَبَهَا فَهْىَ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَإِنْ لَمْ يَحْجُبْهَا فَهْىَ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ. فَلَمَّا ارْتَحَلَ وَطَّأَ لَهَا خَلْفَهُ، وَمَدَّ الْحِجَابَ. طرفه 371 4214 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. وَحَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَهْبٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا مُحَاصِرِى خَيْبَرَ فَرَمَى إِنْسَانٌ بِجِرَابٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: ذكر بعده الانقطاع، قلت: صنع في نطع وألقي في الأنطاع وقت الأكل. قال أنس (فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يُحوي لها وراءه بعباءة) بضم الياء وتشديد الواو المكسورة. قال ابن الأثير: التحوية أن يدير حول السنام بعباءة أو نحوها ليمكن الركوب عليها. 4212 - (وكانت فيمن ضرب عليها الحجاب) وفي بعض النسخ: كان باعتبار لفظ: من، وإنما ضرب الحجاب؛ لأنها إحدى أمهات المؤمنين. 4214 - (مُغَفَّل) بتشديد الفاء المفتوحة (قال: كنا محاصري خيبر فرمى إنسان بجراب

فِيهِ شَحْمٌ، فَنَزَوْتُ لآخُذَهُ، فَالْتَفَتُّ فَإِذَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَاسْتَحْيَيْتُ. 4215 - حَدَّثَنِى عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِى أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ وَسَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ أَكْلِ الثَّوْمِ، وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ. نَهَى عَنْ أَكْلِ الثَّوْمِ هُوَ عَنْ نَافِعٍ وَحْدَهُ. وَلُحُومُ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ عَنْ سَالِمٍ. طرفه 853 4216 - حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَالْحَسَنِ ابْنَىْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِىٍّ عَنْ أَبِيهِمَا عَنْ عَلِىِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ يَوْمَ خَيْبَرَ، وَعَنْ أَكْلِ الْحُمُرِ الإِنْسِيَّةِ. أطرافه 5115، 5523، 6961 4217 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ. طرفه 853 4218 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ وَسَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ. طرفه 853 ـــــــــــــــــــــــــــــ فيه شحم، فنزوت لآخذه) أي: وثبت (فالتفتّ فإذا النبي - صلى الله عليه وسلم - فاستحييت) إنما استحيا لوثوبه، أو لكونه شيئًا حقيرًا. 4215 - (نهى عن أكل الثوم ولحوم [الحمر] الأهلية). فإن قلت: النهي في الأول للتنزيه، وفي الثاني للتحريم، قلت: من لم يجوز الجمع بين الحقيقة والمجاز يجعله من عموم المجاز، يراد به مطلق المنع. 4216 - 4217 - (يحيى بن قزعة) بفتح الزاي والقاف. (محمد بن مقاتل) بكسر التاء.

4219 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرٍو عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِىٍّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ، وَرَخَّصَ فِي الْخَيْلِ. طرفاه 5520، 5524 4220 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا عَبَّادٌ عَنِ الشَّيْبَانِىِّ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ أَبِى أَوْفَى - رضى الله عنهما - أَصَابَتْنَا مَجَاعَةٌ يَوْمَ خَيْبَرَ، فَإِنَّ الْقُدُورَ لَتَغْلِى - قَالَ وَبَعْضُهَا نَضِجَتْ - فَجَاءَ مُنَادِى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لاَ تَأْكُلُوا مِنْ لُحُومِ الْحُمُرِ شَيْئًا وَأَهْرِيقُوهَا. قَالَ ابْنُ أَبِى أَوْفَى فَتَحَدَّثْنَا أَنَّهُ إِنَّمَا نَهَى عَنْهَا لأَنَّهَا لَمْ تُخَمَّسْ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ نَهَى عَنْهَا الْبَتَّةَ، لأَنَّهَا كَانَتْ تَأْكُلُ الْعَذِرَةَ. طرفه 3155 ـــــــــــــــــــــــــــــ 4219 - (ورخص في الخيل) هذه حجة على أبي حنيفة. فإن قلت: ربما كان ذلك للضرورة. قلت: لو سلم فكذا الحمر. (محمد بن علي) هو ابن الحنفية (نهى عن متعة النساء يوم خيبر وعن أكل لحوم الحمر الإنسيّة) هذا نكاح مؤقت، ولا يشترط فيه لفظ التمتيع عند الجمهور. فإن قلت: في رواية مسلم حرم عام الفتح. قلت: قال ابن الأثير: تكرر ذلك أُبيح في أول الإسلام ثم حُرم يوم خيبر ثم أُبيح في عمرة القضاء ثم حُرِّم عام الفتح ... 4220 - (ابن أبي أوفى) اسمه: عبد الله (تأكل العذرة) قال ابن الأثير: العذرة: فناء الدار. وإنما قيل لغائط الإنسان؛ لأنهم كانوا يلقونه في الأفنية. (عباد) بفتح العين وتشديد الباء (عن الشيباني) نسبة إلى القبيلة. هو أبو زرعة يحيى (قال ابن أبي أوفى فتحدثنا أنه إنما نهى عنها؛ لأنها لم تُخمَّس. وقال بعضهم: لأنها [كانت] تأكل العذرة نهى عنها البتَّة)، أي دائمًا. وهذه العلة التي أخذ بها أرباب

4221 و 4222 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى عَدِىُّ بْنُ ثَابِتٍ عَنِ الْبَرَاءِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى أَوْفَى رضى الله عنهم أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَصَابُوا حُمُرًا فَطَبَخُوهَا، فَنَادَى مُنَادِى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَكْفِئُوا الْقُدُورَ. أطرافه 4223، 4224، 4225، 4226، 5525، 5526 4223 و 4224 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَدِىُّ بْنُ ثَابِتٍ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ وَابْنَ أَبِى أَوْفَى يُحَدِّثَانِ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ يَوْمَ خَيْبَرَ وَقَدْ نَصَبُوا الْقُدُورَ أَكْفِئُوا الْقُدُورَ. طرفاه 3153، 3155 4225 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِىِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ غَزَوْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - نَحْوَهُ. طرفه 4221 4226 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِى زَائِدَةَ أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ عَنْ عَامِرٍ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ - رضى الله عنهما - قَالَ أَمَرَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ أَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ المذاهب. قال بعض الشارحين في التعليل بعدم إخراج الخمس وأكل العذرة نظر، وذلك أن الأكل من مال الغنيمة جائز في دار الحرب. وإنما أكل العذرة فلأنه لا يوجب التحريم بل الكراهة، وكلاهما مردود. أما الأول: فلأن بعد الفتح صار دار الإسلام، وأما الثاني فلأنهم قالوا: نهى. والنهي يكون للتنزيه أيضًا. قال النووي: المالكية قائلون بإباحة أكلها، وعللوا النهي بأنها كانت معمولة، أو لعدم إخراج الخمس. وإنما أقول: لو كان كذلك لم يأمر بكسر القدور أو غسلها وإلقاء ما فيها، فالصواب أن هذا أمر تعبدي، كنجاسة الكلب والتعفير سبع مرات. 4221 - (حجاج) بفتح الحاء وتشديد الجيم (منهال) بكسر الميم. 4222 - 4223 - 4225 - 4226 - 4227 - (إسحاق) كذا وقع غير منسوب. قال الغساني: نسبه البخاري في بعض المواضع: إسحاق بن منصور عن عبد الصمد. وقال أبو النصر: إسحاق بن إبراهيم وإسحاق بن منصور يرويان عن عبد الصمد.

نُلْقِىَ الْحُمُرَ الأَهْلِيَّةَ نِيئَةً وَنَضِيجَةً، ثُمَّ لَمْ يَأْمُرْنَا بِأَكْلِهِ بَعْدُ. طرفه 4221 4227 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى الْحُسَيْنِ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ عَاصِمٍ عَنْ عَامِرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ لاَ أَدْرِى أَنَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ كَانَ حَمُولَةَ النَّاسِ، فَكَرِهَ أَنْ تَذْهَبَ حَمُولَتُهُمْ، أَوْ حَرَّمَهُ فِي يَوْمِ خَيْبَرَ، لَحْمَ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ. 4228 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ خَيْبَرَ لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ، وَلِلرَّاجِلِ سَهْمًا. قَالَ فَسَّرَهُ نَافِعٌ فَقَالَ إِذَا كَانَ مَعَ الرَّجُلِ فَرَسٌ فَلَهُ ثَلاَثَةُ أَسْهُمٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَرَسٌ فَلَهُ سَهْمٌ. طرفه 2863 4229 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ أَخْبَرَهُ قَالَ مَشَيْتُ أَنَا وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْنَا أَعْطَيْتَ بَنِى الْمُطَّلِبِ مِنْ خُمْسِ خَيْبَرَ، وَتَرَكْتَنَا، وَنَحْنُ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْكَ. فَقَالَ «إِنَّمَا بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ شَىْءٌ وَاحِدٌ». قَالَ جُبَيْرٌ وَلَمْ يَقْسِمِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِبَنِى عَبْدِ شَمْسٍ وَبَنِى نَوْفَلٍ شَيْئًا. طرفه 3140 ـــــــــــــــــــــــــــــ 4228 - (قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للفرس سهمين وللراجل سهم) فيه دليل للشافعي ومن وافقه وحجة على أبي حنيفة رحمه الله في جعله للفرس سهمًا، وتمام الكلام تقدم في أبواب الجهاد. 4229 - (بكير) بضم الباء مصغر، وكذا (جبير)، (أن جبير مطعم) على لفظ اسم الفاعل (قال: مشيت أنا وعثمان بن عفان) فإن جبيرًا نوفلي وعثمان عبشمي، وعبد شمس ونوفل ومطلب وهاشم أربعة أخوة أولاد عبد مناف، ولذلك قال: (نحن وبنو المطلب منك بمنزلة واحدة، فلم أعطيتهم وتركتنا) وفي هذه الرواية (شيء واحد)، والمعنى واحد. قال ابن الأثير: وروى مكان شيء، سيئٌ بكسر السين المهملة وتشديد الياء، ومعناه المثل، يقال: زيد وعمرو سيّان أي: مثلان (ولم يقسم النبي - صلى الله عليه وسلم - لبني عبد شمس وبني نوفل شيئًا) أي: من الخمس.

4230 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ بَلَغَنَا مَخْرَجُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ بِالْيَمَنِ، فَخَرَجْنَا مُهَاجِرِينَ إِلَيْهِ أَنَا، وَأَخَوَانِ لِى أَنَا أَصْغَرُهُمْ، أَحَدُهُمَا أَبُو بُرْدَةَ، وَالآخَرُ أَبُو رُهْمٍ - إِمَّا قَالَ بِضْعٌ وَإِمَّا قَالَ - فِي ثَلاَثَةٍ وَخَمْسِينَ أَوِ اثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ رَجُلاً مِنْ قَوْمِى، فَرَكِبْنَا سَفِينَةً، فَأَلْقَتْنَا سَفِينَتُنَا إِلَى النَّجَاشِىِّ بِالْحَبَشَةِ، فَوَافَقْنَا جَعْفَرَ بْنَ أَبِى طَالِبٍ فَأَقَمْنَا مَعَهُ حَتَّى قَدِمْنَا جَمِيعًا، فَوَافَقْنَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ افْتَتَحَ خَيْبَرَ، وَكَانَ أُنَاسٌ مِنَ النَّاسِ يَقُولُونَ لَنَا - يَعْنِى لأَهْلِ السَّفِينَةِ - سَبَقْنَاكُمْ بِالْهِجْرَةِ، وَدَخَلَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ، وَهْىَ مِمَّنْ قَدِمَ مَعَنَا، عَلَى حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - زَائِرَةً، وَقَدْ كَانَتْ هَاجَرَتْ إِلَى النَّجَاشِىِّ فِيمَنْ هَاجَرَ، فَدَخَلَ عُمَرُ عَلَى حَفْصَةَ وَأَسْمَاءُ عِنْدَهَا، فَقَالَ عُمَرُ حِينَ رَأَى أَسْمَاءَ مَنْ هَذِهِ قَالَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ. قَالَ عُمَرُ الْحَبَشِيَّةُ هَذِهِ الْبَحْرِيَّةُ هَذِهِ قَالَتْ أَسْمَاءُ نَعَمْ. قَالَ سَبَقْنَاكُمْ بِالْهِجْرَةِ، فَنَحْنُ أَحَقُّ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْكُمْ. فَغَضِبَتْ وَقَالَتْ كَلاَّ وَاللَّهِ، كُنْتُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُطْعِمُ جَائِعَكُمْ، وَيَعِظُ جَاهِلَكُمْ، وَكُنَّا فِي دَارِ أَوْ فِي أَرْضِ الْبُعَدَاءِ الْبُغَضَاءِ بِالْحَبَشَةِ، وَذَلِكَ فِي اللَّهِ وَفِى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - وَايْمُ اللَّهِ، لاَ أَطْعَمُ طَعَامًا، وَلاَ أَشْرَبُ شَرَابًا حَتَّى أَذْكُرَ مَا قُلْتَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ كُنَّا نُؤْذَى وَنُخَافُ، وَسَأَذْكُرُ ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 4230 - (محمد بن العلاء) بفتح العين والمدّ (أبو أسامة) بضم الهمزة (بُريد) بضم الباء مصغر برد. (عن أبي بردة) بضم الباء (بلغنا مخرج النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي من مكة مهاجرًا (أنا وأخوان لي أحدهما أبو بردة، والآخر أبو رُهْم) بضم الراء واسم بردة عامر، واسم أبي رهم مجدين على وزن يقطين. كذا وقع. ونقل ابن عبد البر أنه قدم وثلاث إخوة له: أبو بردة واسمه عامر، وأبو رهم، ومجدي. وقيل: مجدي اسم أبي رهم. ثم ذكر في باب أبي عامر وقال: إسلامه مع أخوته، ومحصّل حديثه أنهم خرجوا قاصدين رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فألقت الريح سفينتهم إلى الحبشة، ثم قدموا رسول الله على فتح خيبر. هذا ونشير إلى بعض ألفاظ الحديث قوله: (فوافقنا) أي: صادفنا (جعفر، وكان أناس من الناس يقولون لنا: سبقناكم بالهجرة) أي: طائفة منهم، (ودخلت أسماء بنت عميس) بضم العين مصغر زوجة جعفر (على حفصة) أي بنت عمر (فقال عمر لما رآها: سبقناكم بالهجرة) فغضبت أسماء (وقالت: والله لا أطعم طعامًا، ولا أشرب ماءً حتى أذكر ما قلته لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -).

لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَسْأَلُهُ، وَاللَّهِ لاَ أَكْذِبُ وَلاَ أَزِيغُ وَلاَ أَزِيدُ عَلَيْهِ. طرفه 3136 4231 - فَلَمَّا جَاءَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ يَا نَبِىَّ اللَّهِ إِنَّ عُمَرَ قَالَ كَذَا وَكَذَا. قَالَ «فَمَا قُلْتِ لَهُ». قَالَتْ قُلْتُ لَهُ كَذَا وَكَذَا. قَالَ «لَيْسَ بِأَحَقَّ بِى مِنْكُمْ، وَلَهُ وَلأَصْحَابِهِ هِجْرَةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَكُمْ أَنْتُمْ أَهْلَ السَّفِينَةِ هِجْرَتَانِ». قَالَتْ فَلَقَدْ رَأَيْتُ أَبَا مُوسَى وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ يَأْتُونِى أَرْسَالاً، يَسْأَلُونِى عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، مَا مِنَ الدُّنْيَا شَىْءٌ هُمْ بِهِ أَفْرَحُ وَلاَ أَعْظَمُ فِي أَنْفُسِهِمْ مِمَّا قَالَ لَهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ أَبُو بُرْدَةَ قَالَتْ أَسْمَاءُ فَلَقَدْ رَأَيْتُ أَبَا مُوسَى وَإِنَّهُ لَيَسْتَعِيدُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنِّى. 4232 - قَالَ أَبُو بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنِّى لأَعْرِفُ أَصْوَاتَ رُفْقَةِ الأَشْعَرِيِّينَ بِالْقُرْآنِ، حِينَ يَدْخُلُونَ بِاللَّيْلِ، وَأَعْرِفُ مَنَازِلَهُمْ مِنْ أَصْوَاتِهِمْ بِالْقُرْآنِ بِاللَّيْلِ، وَإِنْ كُنْتُ لَمْ أَرَ مَنَازِلَهُمْ حِينَ نَزَلُوا بِالنَّهَارِ، وَمِنْهُمْ حَكِيمٌ، إِذَا لَقِىَ الْخَيْلَ - أَوْ قَالَ الْعَدُوَّ - قَالَ لَهُمْ إِنَّ أَصْحَابِى يَأْمُرُونَكُمْ أَنْ تَنْظُرُوهُمْ». ـــــــــــــــــــــــــــــ 4231 - فلما ذكرت له (قال: ليس بأحق بي منكم، وله ولأصحابه هجرة، ولكم أنتم -أهل السفينة- هجرتان. قالت: فلقد رأيت أبا موسى وأصحاب السفينة يأتونني أرسالا) -بفتح الهمزة جمع رسل بكسر الراء- بمعنى الفوج، أي: أفواجًا. 4232 - (قال أبو بردة: قالت أسماء) أبو بردة هذا ابن أبي موسى لا أخوه (إني لأعرف أصوات رُفقة الأشعريين بالقرآن). قال الجوهري: العرب تقول: الأشعرون بلا ياء، هم أولاد أشعر بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان (ومنهم حكيم إذا لقي العدو أو الخيل، قال: إن أصحابي يأمرونكم أن تنتظروهم) كناية عن شجاعته، بأنه مقدم على القوم في لقاء العدو، غير مُبالٍ بالعدو، ولذلك يأمرهم بالوقوف، وهو وحده. ولم أجد في "الاستيعاب" ولا في "أسماء الصحابة" للذهبي مَنْ هذا الحكم، ثم وجد في كلام غسان أنه اسم رجل من الأشريين ومن غريب ما وقع من كلام شيخنا أنه شرح الحديث كما شرحنا، ثم قال: هذا بالنظر إلى لفظ العدو. وأما بالنظر إلى لفظ الخيل فمعناه أنه: إذا لقي فرسان المسلمين قال لهم: انتظروا حتى نلحق الرجالة،

4233 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ سَمِعَ حَفْصَ بْنَ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ أَنِ افْتَتَحَ خَيْبَرَ، فَقَسَمَ لَنَا، وَلَمْ يَقْسِمْ لأَحَدٍ لَمْ يَشْهَدِ الْفَتْحَ غَيْرَنَا. طرفه 3136 4234 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ حَدَّثَنِى ثَوْرٌ قَالَ حَدَّثَنِى سَالِمٌ مَوْلَى ابْنِ مُطِيعٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ افْتَتَحْنَا خَيْبَرَ، وَلَمْ نَغْنَمْ ذَهَبًا وَلاَ فِضَّةً، إِنَّمَا غَنِمْنَا الْبَقَرَ وَالإِبِلَ وَالْمَتَاعَ وَالْحَوَائِطَ، ثُمَّ انْصَرَفْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى وَادِى الْقُرَى، ـــــــــــــــــــــــــــــ وهذا شيء لا يتعلق بالمقام، في هذا على أن لقاء الخيل عند العرب نصّ في لقاء العدو عليه أسفارهم. 4233 - (غياث) بغين معجمة مكسورة (بريد) مصغر برد (ثور) (قال أبو موسى: قدمنا بعد أن افتتح خيبر فقسم لنا) أي: من الغنيمة، (ولم يقسم لأحد لم يشهد الفتح غيرنا) استدل به أبو حنيفة رحمه الله على أن من حضر قبل القسمة يقسم له، والجمهور على خلافه، عملًا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما الغنيمة لمن يشهد الوقعة" وعقلًا: فإنه لم يوجد منه إعانة. والحديث الذي استدل به لا دلالة فيه، بل يدل على عدم ذلك، وهو قول أبي موسى: لم يقسم لأحد لم يشهد الفتح غيرنا، إذ لو كان الأمر عامًّا لم يكن لهذا معنى صريح. 4234 - (أبو إسحاق) هو إبراهيم بن الحارث الفزاري (ثور) لفظ الحيوان المعروف (وإنما غنمنا البقر والإبل والغنم والمتاع والحوائط) أي: ما عدا الذهب والفضة. والحائط: جمع حائط وهي الحديقة (ثم انصرفنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى وادي القرى) قال ابن هشام: لما فتح علي الوطيح والسلالم مسألة اليهود على أن يعاملهم على شطر ما يخرج من الثمر

وَمَعَهُ عَبْدٌ لَهُ يُقَالُ لَهُ مِدْعَمٌ، أَهْدَاهُ لَهُ أَحَدُ بَنِى الضِّبَابِ، فَبَيْنَمَا هُوَ يَحُطُّ رَحْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ جَاءَهُ سَهْمٌ عَائِرٌ حَتَّى أَصَابَ ذَلِكَ الْعَبْدَ، فَقَالَ النَّاسُ هَنِيئًا لَهُ الشَّهَادَةُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «بَلَى وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ، إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِى أَصَابَهَا يَوْمَ خَيْبَرَ مِنَ الْمَغَانِمِ لَمْ تُصِبْهَا الْمَقَاسِمُ لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا». فَجَاءَ رَجُلٌ حِينَ سَمِعَ ذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِشِرَاكٍ أَوْ بِشِرَاكَيْنِ، فَقَالَ هَذَا شَىْءٌ كُنْتُ أَصَبْتُهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «شِرَاكٌ أَوْ شِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ». طرفه 6707 4235 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ أَخْبَرَنِى زَيْدٌ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - يَقُولُ أَمَا وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ، لَوْلاَ ـــــــــــــــــــــــــــــ والزرع، فعاملهم بذلك فشرط علي أن يخرج اليهود متى شاء، فوقع الصلح على ذلك. فلما ظهرت خيانتهم أجلاهم عمر، ولما رأى أهل فدك ما جرى على أهل خيبر، صالح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثل ما صالح أهل خيبر، فكانت فدك صاحبة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لأنه لم يحارب عليه، فتوجه إلى وادي القرى. وسيأتي ذكر غزوة وادي القرى. (قال: ومعه عبدٌ له يقال له مدعم) بكسر الميم (أهداه له أحد بني الضباب) بالضاد المعجمة وبالموحدتين. قال ابن هشام: هو رفاعة بن زيد الجذامي، ثم الضبني -بضم الضاد المعجمة بعدها باء موحدة، بعدها نون- وضبط بعضهم الضبيبي بالياء بين الموحدتين، وقال بعضهم: الصواب الصَّببي بالصاد المهملة وباء موحدة مكررة. والظاهر ما في "البخاري" وهو ضباب بن كتاب بن ربيعة، ورفاعة كان قد وفد مع قومه على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأسلم وأسلم قومه، وعقد له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على قومه (إذ جاءه سهم عائرٌ) بالعين المهملة لا يدري من راميه (فقال الناس: هنيئًا له الشهادة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: بلى والذي نفسي بيده إن الشملة) ... إلى آخر الحديث. قال البيهقي في روايته: لما فتح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وادي القرى أرسل إليه أهل تيماء فصالحوه. فإن قلت: بلى، أجيب بعد النفي كيف وقع بعد قولهم: هنيئًا له؟ قلت: إضراب عن ظاهر الجواب إثبات لنقيضه الذي هو أبلغ أو استعارة في موضع النفي استعارة النقيض للنقيض. (شراك من نار) -بكسر الشين- ما يُجعل بين الأصبعين من سير النعل.

أَنْ أَتْرُكَ آخِرَ النَّاسِ بَبَّانًا لَيْسَ لَهُمْ شَىْءٌ، مَا فُتِحَتْ عَلَىَّ قَرْيَةٌ إِلاَّ قَسَمْتُهَا كَمَا قَسَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَيْبَرَ، وَلَكِنِّى أَتْرُكُهَا خِزَانَةً لَهُمْ يَقْتَسِمُونَهَا. طرفه 2334 4236 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِىٍّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ - رضى الله عنه - قَالَ لَوْلاَ آخِرُ الْمُسْلِمِينَ مَا فُتِحَتْ عَلَيْهِمْ قَرْيَةٌ إِلاَّ قَسَمْتُهَا، كَمَا قَسَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَيْبَرَ. طرفه 2334 4237 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِىَّ وَسَأَلَهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ قَالَ أَخْبَرَنِى عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلَهُ، قَالَ لَهُ بَعْضُ بَنِى سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ لاَ تُعْطِهِ. فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ هَذَا قَاتِلُ ابْنِ قَوْقَلٍ. فَقَالَ وَاعَجَبَاهْ لِوَبْرٍ تَدَلَّى مِنْ قَدُومِ الضَّأْنِ. طرفه 2827 4238 - وَيُذْكَرُ عَنِ الزُّبَيْدِىِّ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يُخْبِرُ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِى قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَبَانَ عَلَى سَرِيَّةٍ مِنَ الْمَدِينَةِ قِبَلَ نَجْدٍ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَقَدِمَ أَبَانُ وَأَصْحَابُهُ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِخَيْبَرَ، بَعْدَ مَا افْتَتَحَهَا، وَإِنَّ حُزْمَ خَيْلِهِمْ لَلِيفٌ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لاَ تَقْسِمْ لَهُمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 4236 - (لولا أن أترك الناس ببَّانًا) -بتشديد الموحدة الثانية- وهو الشيء الواحد. وقد فسره بقوله: (ليس لهم شيء) فإنه لو قسم الأراضي بين الغانمين مكنوها ولا يبقي لمن يأتي بعدهم شيئًا، فلذلك وقف الأراضي ليشترك الناس فيها إلى آخر الدهر. قال أبو عبيد: لا أحب هذا اللفظ غريبًا. وقال أبو سعيد الضرير: ليس في كلام العرب ببّان وإنما هو بيّان بالياء المثناة المشددة، فإن إذا ذكروا رجلًا لا يعرف قالوا: هذا هيان بن بيان. وردّه الأزهري وقال: هذه كلمة رواها أهل الإتقان مشهورة بين أرباب هذا الشأن، إلا أنها كلمة يمانية لم تُنشد بين بني معد. 4238 - (عنبسة) بفتح العين وسكون النون والباء الموحدة (أن أبا هريرة أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - حين أسلم في خيبر فسأله) أي شيءٍ من المغنم (فقال بعض بني سعيد بن العاص لا تعطه فقال أبو هريرة: هذا قاتل ابن قوقل) بقافين، قال ابن عبد البر: هو ابن ثعلبة وثعلبة هو الذي يقال له قوقل لكن قال ابن إسحاق: قوقل هو لقب النعمان وهو نعمان بن مالك بن ثعلبة. ففي هذه الرواية أن السائل أبو هريرة، وذكر بعده أن السائل أبان بن سعيد. والحديثان متفقان على أن قاتل بن قوقل هو أبان بن سعيد. وأهل السير على أن قاتله صفوان بن أمية بن خلف (واعجباه لوبرٍ تدلَّى من قدوم الضأن) الوبر -بسكون الباء وقد تفتح الباء- قال ابن

قَالَ أَبَانُ وَأَنْتَ بِهَذَا يَا وَبْرُ تَحَدَّرَ مِنْ رَأْسِ ضَأْنٍ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَا أَبَانُ اجْلِسْ» فَلَمْ يَقْسِمْ لَهُمْ. طرفه 2827 4239 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِى جَدِّى أَنَّ أَبَانَ بْنَ سَعِيدٍ أَقْبَلَ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا قَاتِلُ ابْنِ قَوْقَلٍ. وَقَالَ أَبَانُ لأَبِى هُرَيْرَةَ وَاعَجَبًا لَكَ وَبْرٌ تَدَأْدَأَ مِنْ قَدُومِ ضَأْنٍ. يَنْعَى عَلَىَّ امْرَأً أَكْرَمَهُ اللَّهُ بِيَدِى، وَمَنَعَهُ أَنْ يُهِينَنِى بِيَدِهِ. طرفه 2827 4240 و 4241 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ فَاطِمَةَ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ - بِنْتَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَرْسَلَتْ إِلَى أَبِى بَكْرٍ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ وَفَدَكَ، وَمَا بَقِىَ ـــــــــــــــــــــــــــــ الأثير: دويبة حجازية على قدر السنور حسنة العينين. والكلام على طريق الاستعارة تحقيرًا له، قال القاضي: تدلَّى وتروى برواية المروزي وروى غيره تَدَأْدَأَ على وزن تدحرج تدهده قلبت الهاء همزة من تدهده الحجر إذا وقع من فوق إلى أسفل (وقدوم الضأن) -بفتح القاف وتخفيف الدال- جبل بسراة من أرض دوس. وقيل: هو مقدم رأس الضأن شبهه به تحقيرًا. ورواه بعد الضأل باللام بدل النون. وفسره البخاري بالسدر، والصواب الأول وأبان بن سعيد هذا هو الذي أجار عثمان لما بعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى مكة يوم الحديبية أسم في أيام الصلح. فإن قلت: قد روى أولًا أن السائل أبو هريرة والمانع أبان وثانيًا بالعكس فأيهما الصواب. قلت: كل منهما جاء بعد الفتح فيجوز وقوع السؤال. (تحدر) بتشديد الدال أي نزل (وأنت بهذا) أي وأنت بهذا المنزل. 4239 - (ينعى عليَّ امرأً أكرمه الله بيدي ومنعه أن يهينني بيده) ينعى على وزن يحيى خبر الموت أراد به العيب. ملخصه أنه ليس في ذلك علي عارٌ، فإن الله أكرم ابن قوقل على يدي بالشهادة. 4241 - (بكير) بضم الباء مصغر وكذا (عقيل) (روى عن عائشة أن فاطمة أرسلت إلى أبي بكر سألته ميراثها من رسول الله) والحديث سلف في أبواب الخمس. ونشير إلى

مِنْ خُمُسِ خَيْبَرَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ، إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - فِي هَذَا الْمَالِ». وَإِنِّى وَاللَّهِ لاَ أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْ صَدَقَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ حَالِهَا الَّتِى كَانَ عَلَيْهَا فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلأَعْمَلَنَّ فِيهَا بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَبَى أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَدْفَعَ إِلَى فَاطِمَةَ مِنْهَا شَيْئًا فَوَجَدَتْ فَاطِمَةُ عَلَى أَبِى بَكْرٍ فِي ذَلِكَ فَهَجَرَتْهُ، فَلَمْ تُكَلِّمْهُ حَتَّى تُوُفِّيَتْ، وَعَاشَتْ بَعْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - سِتَّةَ أَشْهُرٍ، فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ، دَفَنَهَا زَوْجُهَا عَلِىٌّ لَيْلاً، وَلَمْ يُؤْذِنْ بِهَا أَبَا بَكْرٍ وَصَلَّى عَلَيْهَا، وَكَانَ لِعَلِىٍّ مِنَ النَّاسِ وَجْهٌ حَيَاةَ فَاطِمَةَ، فَلَمَّا تُوُفِّيَتِ اسْتَنْكَرَ عَلِىٌّ وُجُوهَ النَّاسِ، فَالْتَمَسَ مُصَالَحَةَ أَبِى بَكْرٍ وَمُبَايَعَتَهُ، وَلَمْ يَكُنْ يُبَايِعُ تِلْكَ الأَشْهُرَ، فَأَرْسَلَ إِلَى أَبِى بَكْرٍ أَنِ ائْتِنَا، وَلاَ يَأْتِنَا أَحَدٌ مَعَكَ، كَرَاهِيَةً لِمَحْضَرِ عُمَرَ. فَقَالَ عُمَرُ لاَ وَاللَّهِ لاَ تَدْخُلُ عَلَيْهِمْ وَحْدَكَ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَمَا عَسَيْتَهُمْ أَنْ يَفْعَلُوا بِى، وَاللَّهِ لآتِيَنَّهُمْ. فَدَخَلَ عَلَيْهِمْ أَبُو بَكْرٍ، فَتَشَهَّدَ عَلِىٌّ فَقَالَ إِنَّا قَدْ عَرَفْنَا فَضْلَكَ، وَمَا أَعْطَاكَ، اللَّهُ وَلَمْ نَنْفَسْ عَلَيْكَ خَيْرًا سَاقَهُ اللَّهُ إِلَيْكَ، وَلَكِنَّكَ اسْتَبْدَدْتَ عَلَيْنَا بِالأَمْرِ، وَكُنَّا نَرَى لِقَرَابَتِنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَصِيبًا. حَتَّى فَاضَتْ عَيْنَا أَبِى بَكْرٍ، فَلَمَّا تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَحَبُّ إِلَىَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِى، وَأَمَّا الَّذِى شَجَرَ بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ مِنْ هَذِهِ الأَمْوَالِ، فَلَمْ آلُ فِيهَا عَنِ الْخَيْرِ، وَلَمْ أَتْرُكْ أَمْرًا ـــــــــــــــــــــــــــــ ألفاظ منه (فوجدت فاطمة على أبي بكر) أي غضبت، من الموجدة (وعاشت بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - ستة أشهر) هو الصحيح وقيل غيره (وكان لعلي وجهٌ حياةَ فاطمة) إي إقبال ورتبة من الناس (فقال أبو بكر: وما عَسِيتُم أن يفعلوه) أي كان الظاهر وما عسى أن يفعلوا فقيل معنى ما في الكتاب ما رجوت أن يفعلوا، والأوفق أن يقال ما خفتهم فإن الرجاء والخوف متقاربان وقال ابن مالك عسى ضمن معنى الحسبان فانتصب ضمير الغائب على أنه مفعوله (ولم ننفس) -بفتح الفاء من نفس على وزن علم- قال ابن الأثير: نفس عليه إذا لم يره أهلا لذلك الأمر. (ولكنك استبدت علينا بالأمر) أي استقللت فإنه بُويع بالخلافة وعليٌّ غائب وهو حاضر في المدينة فكان لغيظه وجه ظاهر. وأما عذر الصديق في ذلك فإنه خاف أن يولي الأنصار واحدًا كما تقدم في قصة البيعة. والاستبداد من البدد، وهو التفرق

رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَصْنَعُهُ فِيهَا إِلاَّ صَنَعْتُهُ. فَقَالَ عَلِىٌّ لأَبِى بَكْرٍ مَوْعِدُكَ الْعَشِيَّةُ لِلْبَيْعَةِ. فَلَمَّا صَلَّى أَبُو بَكْرٍ الظُّهْرَ رَقِىَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَتَشَهَّدَ وَذَكَرَ شَأْنَ عَلِىٍّ، وَتَخَلُّفَهُ عَنِ الْبَيْعَةِ، وَعُذْرَهُ بِالَّذِى اعْتَذَرَ إِلَيْهِ، ثُمَّ اسْتَغْفَرَ، وَتَشَهَّدَ عَلِىٌّ فَعَظَّمَ حَقَّ أَبِى بَكْرٍ، وَحَدَّثَ أَنَّهُ لَمْ يَحْمِلْهُ عَلَى الَّذِى صَنَعَ نَفَاسَةً عَلَى أَبِى بَكْرٍ، وَلاَ إِنْكَارًا لِلَّذِى فَضَّلَهُ اللَّهُ بِهِ، وَلَكِنَّا نَرَى لَنَا فِي هَذَا الأَمْرِ نَصِيبًا، فَاسْتَبَدَّ عَلَيْنَا، فَوَجَدْنَا فِي أَنْفُسِنَا، فَسُرَّ بِذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ وَقَالُوا أَصَبْتَ. وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى عَلِىٍّ قَرِيبًا، حِينَ رَاجَعَ الأَمْرَ الْمَعْرُوفَ. طرفاه 3092، 3093 4242 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا حَرَمِىٌّ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى عُمَارَةُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ وَلَمَّا فُتِحَتْ خَيْبَرُ قُلْنَا الآنَ نَشْبَعُ مِنَ التَّمْرِ. 4243 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ حَبِيبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ مَا شَبِعْنَا حَتَّى فَتَحْنَا خَيْبَرَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ (فَسُرَّ بذلك المسلمون) على بناء المجهول. 4242 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين. (حرمي بن عمارة) بفتح الحاء والراء، وضم العين وتخفيف الميم، وهذا في السند توسط شعبة بن الوالد، والوالد، وهذا السياق يدل على أن عليًّا لم يكن بايع ويؤيده ما رواه مسلم عن الزهريّ أن رجلًا سأله: لم يبايع عليًّا قبل موت فاطمة؟ قال: لا ولا أحد من بني هاشم، وما رواه ابن حبان أن هذه مبايعة عامة بأنها أي بين العامة غير مقيد، وأي معنى لمبايعته سِرًّا.

41 - باب استعمال النبى - صلى الله عليه وسلم - على أهل خيبر

41 - باب اسْتِعْمَالُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى أَهْلِ خَيْبَرَ 4244 و 4245 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ وَأَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اسْتَعْمَلَ رَجُلاً عَلَى خَيْبَرَ، فَجَاءَهُ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «كُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا». فَقَالَ لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا لَنَأْخُذُ الصَّاعَ مِنْ هَذَا بِالصَّاعَيْنِ {وَالصَّاعَيْنِ} بِالثَّلاَثَةِ. فَقَالَ «لاَ تَفْعَلْ، بِعِ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا». طرفه 2201 4246، 4247 - وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ عَنْ سَعِيدٍ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ وَأَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَاهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ أَخَا بَنِى عَدِىٍّ مِنَ الأَنْصَارِ إِلَى خَيْبَرَ فَأَمَّرَهُ عَلَيْهَا. وَعَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ عَنْ أَبِى صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ وَأَبِى سَعِيدٍ مِثْلَهُ. طرفه 2201 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب استعمال النبي - صلى الله عليه وسلم - على أهل خيبر 4244 - 4246 - (سهيل) بضم السين مصغر (استعمل رجلًا على أهل خيبر) قال ابن عبد البر وغيره: هذا الرجل سواد بن عويمة بتخفيف الواو. قال ابن هشام: ويقال بتخفيف الواو وتشديدها. قال ابن عبد البر: من بني النجّار. وقال ابن إسحاق: بلوي حليف بني النجار. قال ابن عبد البر: وقع في أصل شيخنا: شوار بتشديد الواو والراء، وهو خطأ. قال: وهو الذي ضربه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقدح في يده في بطنه لما عدّل الصفوف يوم بدر فقال: أوجعني اقدني فقال: "أستدَّ"، وأعطاه القدح فأكب على بطن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبله، فقال: "ما حملك على هذا؟ " قال: أردت أن يكون أجلي هنا أن يكون هذا آخر العهد بك، له خيرًا. (فجاء تمر جنيب) -بفتح الجيم بعده نون آخره باء موحدة- نوع من خيار التمر. والمسألة تقدمت في أبواب البيع (بعث أخا بني عدي). 4247 - (جويرية) بضم الجيم مصغر.

42 - باب معاملة النبى - صلى الله عليه وسلم - أهل خيبر

42 - باب مُعَامَلَةُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَهْلَ خَيْبَرَ 4248 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ أَعْطَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَيْبَرَ الْيَهُودَ أَنْ يَعْمَلُوهَا وَيَزْرَعُوهَا، وَلَهُمْ شَطْرُ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا. طرفه 2285 43 - باب الشَّاةِ الَّتِى سُمَّتْ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِخَيْبَرَ رَوَاهُ عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 4249 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنِى سَعِيدٌ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا فُتِحَتْ خَيْبَرُ أُهْدِيَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَاةٌ فِيهَا سُمٌّ. طرفه 3169 44 - باب غَزْوَةُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الشاة التي سمت أي جعل فيها السم. وفي سين السم الحركات الثلاث (رواه عروة). تقدم مسندًا في وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. 4249 - (لما فتحت خيبر أهديت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - شاة فيها سم) قال ابن هشام: أهدتها زينب بنت الحارث بن سلّام بن مشكم، وقيل: أخت مرحب الذي قتله علي مبارزة، واختلف في قتلها. قال ابن هشام: تجاوز عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما اعترفت قيل: بل قتلها. ووجه الجمع أنه لم يقتلها لنفسه، ولكن كان معه بشر بن البراء، فمات منه، فقتلها به. ونقل عن الزهريّ إسلامها وكذا قال سليمان [التيمي في] "مغازيه": ولا يصح. باب غزوة زيد بن حارثة زيد بن حارثة: مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، [عقد] له الإمارة في عدّةٍ من الغزوات أعظمها مؤتة، وله غزوة: جذام، وفزارة، والفردة وغيرها. وجملة غزواته سبع.

45 - باب عمرة القضاء

4250 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ أَمَّرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أُسَامَةَ عَلَى قَوْمٍ، فَطَعَنُوا فِي إِمَارَتِهِ، فَقَالَ «إِنْ تَطْعَنُوا فِي إِمَارَتِهِ، فَقَدْ طَعَنْتُمْ فِي إِمَارَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلِهِ، وَايْمُ اللَّهِ لَقَدْ كَانَ خَلِيقًا لِلإِمَارَةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَىَّ، وَإِنَّ هَذَا لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَىَّ بَعْدَهُ». طرفه 3730 45 - باب عُمْرَةُ الْقَضَاءِ ذَكَرَهُ أَنَسٌ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 4251 - حَدَّثَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا اعْتَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي ذِى الْقَعْدَةِ، فَأَبَى أَهْلُ مَكَّةَ أَنْ يَدَعُوهُ يَدْخُلُ مَكَّةَ، حَتَّى قَاضَاهُمْ عَلَى أَنْ يُقِيمَ بِهَا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، فَلَمَّا كَتَبُوا الْكِتَابَ كَتَبُوا، هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. قَالُوا لاَ نُقِرُّ بِهَذَا، لَوْ نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ مَا مَنَعْنَاكَ شَيْئًا، وَلَكِنْ أَنْتَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. فَقَالَ «أَنَا رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ـــــــــــــــــــــــــــــ 4250 - (أمّر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسامة بن زيد فطعنوا في إمارته)، كان صغير السن، يقال: طعن يطعن على وزن سأل يسأل. إذا علي بالقول، ويطعن على وزن ينصر إذا طعن بالرمح. (خليقًا) أي جديرًا لائقًا من الخلاقة، وهي الملابسة (لمن أحبّ الناس إليّ) بعضهم، فلا يلزم تفضيله على غيره، مثل: فاطمة وابنيها. عمرة القضاء القضاء بمعنى الحكم والفصل، لا بمصطلح الفقهاء لأن عمرته لم تكن مؤقتة، وإنما سميت عمرة القضاء لما وقع بينه وبين المشركين من الصلح، وكتب في الكتاب: "هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله"، ذكره أنس وما ذكره تعليقًا عن أنس أسنده عنه البيهقي. 4251 - وفي الحديث بطوله تقدم في أبواب الصلح وإنما أورده في المغازي لأن منشأه غزوة الحديبية قال: (هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله، قالوا: لا نُقِرُّ لك، فقال

عَبْدِ اللَّهِ». ثُمَّ قَالَ لِعَلِىٍّ «امْحُ رَسُولَ اللَّهِ». قَالَ عَلِىٌّ لاَ وَاللَّهِ لاَ أَمْحُوكَ أَبَدًا. فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْكِتَابَ، وَلَيْسَ يُحْسِنُ يَكْتُبُ، فَكَتَبَ هَذَا مَا قَاضَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ لاَ يُدْخِلُ مَكَّةَ السِّلاَحَ، إِلاَّ السَّيْفَ فِي الْقِرَابِ، وَأَنْ لاَ يَخْرُجَ مِنْ أَهْلِهَا بِأَحَدٍ، إِنْ أَرَادَ أَنْ يَتْبَعَهُ، وَأَنْ لاَ يَمْنَعَ مِنْ أَصْحَابِهِ أَحَدًا، إِنْ أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ بِهَا. فَلَمَّا دَخَلَهَا وَمَضَى الأَجَلُ أَتَوْا عَلِيًّا فَقَالُوا قُلْ لِصَاحِبِكَ اخْرُجْ عَنَّا، فَقَدْ مَضَى الأَجَلُ. فَخَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَتَبِعَتْهُ ابْنَةُ حَمْزَةَ تُنَادِى يَا عَمِّ يَا عَمِّ. فَتَنَاوَلَهَا عَلِىٌّ، فَأَخَذَ بِيَدِهَا وَقَالَ لِفَاطِمَةَ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ - دُونَكِ ابْنَةَ عَمِّكِ. حَمَلَتْهَا فَاخْتَصَمَ فِيهَا عَلِىٌّ وَزَيْدٌ وَجَعْفَرٌ. قَالَ عَلِىٌّ أَنَا أَخَذْتُهَا وَهْىَ بِنْتُ عَمِّى. وَقَالَ جَعْفَرٌ ابْنَةُ عَمِّى وَخَالَتُهَا تَحْتِى. وَقَالَ زَيْدٌ ابْنَةُ أَخِى. فَقَضَى بِهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِخَالَتِهَا وَقَالَ «الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الأُمِّ». وَقَالَ لِعَلِىٍّ «أَنْتَ مِنِّى وَأَنَا مِنْكَ». وَقَالَ لِجَعْفَرٍ «أَشْبَهْتَ خَلْقِى وَخُلُقِى». وَقَالَ لِزَيْدٍ «أَنْتَ أَخُونَا وَمَوْلاَنَا». وَقَالَ عَلِىٌّ أَلاَ تَتَزَوَّجُ بِنْتَ حَمْزَةَ. قَالَ «إِنَّهَا ابْنَةُ أَخِى مِنَ الرَّضَاعَةِ». طرفه 4251 ـــــــــــــــــــــــــــــ لعلي: امح رسول الله، قال لا والله لا أمحوك) أي اسمك (فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الكتاب وليس يحسن يكتب، فكتب) هذا صريح بهذا في أنه كتبه بنفسه ولا يقدح في ذلك كونه أميًّا فإن الأمي من لا يحسن الكتابة لا من لا يقدر على الكتابة رأسًا وقيل: كتب، معناه: أمر من الكتابة، والأول هو المعتمد (لا يدخل مكة السلاح إلا السيف في القراب) -بكسر القاف- غلاف يجعل فيه السيف بغمده ويلقى فيه السوط ونحوه (فخرح النبي - صلى الله عليه وسلم - فتبعته ابنة حمزة تنادي يا عم) هي بنت عمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سمته عمًّا إما إجلالًا أو كانت صغيرة (فقضى بها لخالتها) وهي أسماء فإن أم بنت حمزة سلمى أخت أسماء. فإن قلت: كيف قد أعطاها لفاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. أولًا قلت: ذلك لما خرجت ولمَّا وصلوا إلى المدينة تنازعوا فيها فحكم بها للخالة وعلله بأنها بمنزلة الأم. (وقال لعلي: أنت مني وأنا منك)، من ابتدائية ويقال: اتصالية ولا منافاة، وفي هذا زيادة قرب لعلي فكأنه أخذ منه ما اشتهر بين الناس من أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له: "لحمك لحمي" (وقال لزيد أنت أخونا ومولانا)، الأخوة في الدين والمولى: المحب والناصر وأما الإشارة إلى أنه عبده فلا يناسب المقام وإنما لم يمنعوه من أخذ بنت حمزة لأن الشرط كان على الرجال.

4252 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا سُرَيْجٌ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ ح وَحَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ مُعْتَمِرًا، فَحَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ، فَنَحَرَ هَدْيَهُ، وَحَلَقَ رَأْسَهُ بِالْحُدَيْبِيَةِ، وَقَاضَاهُمْ عَلَى أَنْ يَعْتَمِرَ الْعَامَ الْمُقْبِلَ، وَلاَ يَحْمِلَ سِلاَحًا عَلَيْهِمْ إِلاَّ سُيُوفًا، وَلاَ يُقِيمَ بِهَا إِلاَّ مَا أَحَبُّوا، فَاعْتَمَرَ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ، فَدَخَلَهَا كَمَا كَانَ صَالَحَهُمْ، فَلَمَّا أَنْ أَقَامَ بِهَا ثَلاَثًا أَمَرُوهُ أَنْ يَخْرُجَ، فَخَرَجَ. طرفه 2701 4253 - حَدَّثَنِى عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ دَخَلْتُ أَنَا وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ الْمَسْجِدَ فَإِذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - جَالِسٌ إِلَى حُجْرَةِ عَائِشَةَ ثُمَّ قَالَ كَمِ اعْتَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ أَرْبَعًا {إِحْدَاهُنَّ فِي رَجَبٍ}. طرفه 1775 4254 - ثُمَّ سَمِعْنَا اسْتِنَانَ عَائِشَةَ قَالَ عُرْوَةُ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَلاَ تَسْمَعِينَ مَا يَقُولُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - اعْتَمَرَ أَرْبَعَ عُمَرٍ. فَقَالَتْ مَا اعْتَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عُمْرَةً إِلاَّ وَهْوَ شَاهِدُهُ، وَمَا اعْتَمَرَ فِي رَجَبٍ قَطُّ. طرفه 1776 ـــــــــــــــــــــــــــــ 4252 - (شريح) بضم الشين، مصغر شرح (فليح) بضم الفاء مصغر (فلما أن أقام بها ثلاثًا فأمروه أن يخرج فخرج) كان الشرط معه كذلك، ونقل في السِّيَر أنه كان تزوج ميمونة فأراد أن يبتني بها وقال: "أعمل لكم طعامًا" لم يرضوا بذلك وقالوا: ما لنا حاجة بطعامك. 4254 - (يا أم المؤمنين ألا تسمعين ما يقول أبو عبد الرحمن) هو ابن عمر (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اعتمر أربع عُمَرٍ فقالت: ما اعتمر النبي - صلى الله عليه وسلم - عمرةً إلا وهو حاضر وما اعتمر في رجب قط). فإن قلت: ما وجه كلام عائشة هذا إذ ليس في كلام أبن عمر أنه اعتمر في رجب؟ قلت: جاء في سائر الروايات وهذا على دأبه من ذكر الخفي في موضع الاستدلال.

4255 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِى خَالِدٍ سَمِعَ ابْنَ أَبِى أَوْفَى يَقُولُ لَمَّا اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَتَرْنَاهُ مِنْ غِلْمَانِ الْمُشْرِكِينَ وَمِنْهُمْ، أَنْ يُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 1600 4256 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ - هُوَ ابْنُ زَيْدٍ - عَنْ أَيُّوبَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ إِنَّهُ يَقْدَمُ عَلَيْكُمْ وَفْدٌ وَهَنَهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ. وَأَمَرَهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَرْمُلُوا الأَشْوَاطَ الثَّلاَثَةَ، وَأَنْ يَمْشُوا مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ، وَلَمْ يَمْنَعْهُ أَنْ يَأْمُرَهُمْ أَنْ يَرْمُلُوا الأَشْوَاطَ كُلَّهَا إِلاَّ الإِبْقَاءُ عَلَيْهِمْ. وَزَادَ ابْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِعَامِهِ الَّذِى اسْتَأْمَنَ قَالَ ارْمُلُوا لِيَرَى الْمُشْرِكُونَ قُوَّتَهُمْ، وَالْمُشْرِكُونَ مِنْ قِبَلِ قُعَيْقِعَانَ. طرفه 1602 4257 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ إِنَّمَا سَعَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِيُرِىَ الْمُشْرِكِينَ قُوَّتَهُ. طرفه 1649 ـــــــــــــــــــــــــــــ 4255 - (ابن أبي أوفى) بفتح الهمزة عبد الله. 4256 - وحديث الرمل في الطواف مع شرحه سلف في أبواب الحج، ونشير إلى بعض ألفاظه: (حرب) ضد الصلح (حماد بفتح الحاء وتشديد الميم والرمل: سرعة المشي فوق العادة ودون العدو (وهنتهم حُمَّى يثرب) يقال: وهنه ووهّنه مخففًا ومشددًا وأوهنه: أضعفه. 4257 - (إنما سعى النبي - صلى الله عليه وسلم - ليرى المشركين قوته) المراد بالسعي هنا الرمل (المشركين قِبَل قُعَيقِعَان) على وزن فعيعلان بضم الفاء مصغر جبل في مقابلة أبي قبيس.

46 - باب غزوة موتة من أرض الشأم

4258 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ تَزَوَّجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَيْمُونَةَ وَهْوَ مُحْرِمٌ، وَبَنَى بِهَا وَهْوَ حَلاَلٌ وَمَاتَتْ بِسَرِفَ. طرفه 1837 4259 - وَزَادَ ابْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِى ابْنُ أَبِى نَجِيحٍ وَأَبَانُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ تَزَوَّجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَيْمُونَةَ فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ. طرفه 1837 46 - باب غَزْوَةُ مُوتَةَ مِنْ أَرْضِ الشَّأْمِ ـــــــــــــــــــــــــــــ 4259 - (تزوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ميمونة وهو محرم وبنى بها وهو حلال) وفي رواية يزيد الأصم وأبي رافع أنه تزوجها وهو حلال، وإنما التبس على ابن عباس أن عباسًا لقي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام العمرة بالجحفة، وأخبره أن ميمونة نائمة وكانت عند أبي رهم بن عبد العزى فبعث رسول الله جعفر بن أبي طالب يخطبها إليه، وكانت أختها عند عباس فجعلت أمرها إلى العباس، وقد روى الدارقطني عن ابن عباس موافقًا لرواية هؤلاء المذكورين. وأما [ابن] عبد البر فلم يذكر إلا رواية ابن عباس هذه. (ابن أبي نجيح) عبد الله، بفتح النون وكسر الجيم (وأبان) بفتح الهمزة (ابن أبي صالح). غزوة مؤتة من أرض الشام مؤتة بضم الميم وهمزة ساكنة، وقد يروى بالواو، قرية من أرض بلقاء، وبلقاء بفتح الباء والمد بلاد دون دمشق. وكانت هذه الغزوة سنة ثمان في جمادى الأول والأمير فيها زيد بن حارثة. وعدد جيشه ثلاثة آلاف والعدو بنو الأصفر في مائة ألف، وانضم إليه مائة ألف من عرب لخم وجذام وبهرام وبلى، فأقام جيش المسلمين في معان يفكرون في ذلك، ثم عزموا على لقاء العدو.

4260 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرٍو عَنِ ابْنِ أَبِى هِلاَلٍ قَالَ وَأَخْبَرَنِى نَافِعٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ وَقَفَ عَلَى جَعْفَرٍ يَوْمَئِذٍ وَهْوَ قَتِيلٌ، فَعَدَدْتُ بِهِ خَمْسِينَ بَيْنَ طَعْنَةٍ وَضَرْبَةٍ، لَيْسَ مِنْهَا شَىْءٌ فِي دُبُرِهِ. يَعْنِى فِي ظَهْرِهِ. طرفه 4261 4261 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ أَمَّرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي غَزْوَةِ مُوتَةَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنْ قُتِلَ زَيْدٌ فَجَعْفَرٌ، وَإِنْ قُتِلَ جَعْفَرٌ فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ». قَالَ عَبْدُ اللَّهِ كُنْتُ فِيهِمْ فِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ فَالْتَمَسْنَا جَعْفَرَ بْنَ أَبِى طَالِبٍ، فَوَجَدْنَاهُ فِي الْقَتْلَى، وَوَجَدْنَا مَا فِي جَسَدِهِ بِضْعًا وَتِسْعِينَ مِنْ طَعْنَةٍ وَرَمْيَةٍ. طرفه 4260 4262 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ وَاقِدٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَعَى زَيْدًا وَجَعْفَرًا وَابْنَ رَوَاحَةَ لِلنَّاسِ، قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَهُمْ خَبَرُهُمْ فَقَالَ «أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَ جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَ ابْنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ - وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ - حَتَّى أَخَذَ الرَّايَةَ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ». ـــــــــــــــــــــــــــــ 4260 - 4261 - (ابن أبي هلال) اسمه: سعد، ويكنى: أبا العلاء (عن ابن عُمر: أنه وقف على جعفر يومئذٍ فعددت به خمسين من طعنة وضربة). فإن قلت: في الرواية بعده بعضًا وتسعين من طعنة ورمية؟ قلت: هناك الضربة مع الطعنة، وهنا مع الرمية وأيضًا لم يحصرها ابن عمر في خمسين بل قال: عددت أي: عدّ هذا القدر ولم يعدّ موضع الرمي. وفي رواية عن نافع بضعًا وتسعين فيما أقل من جسده. 4262 - (أحمد بن واقد) بالقاف (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نعى زيدًا وجعفرًا وابن رواحة) أخبر بقتلهم قبل مجيء الخبر بإعلام الله إياه (وعيناه تذرفان) -بالذال المعجمة- أي: تسيلان (حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم) يريد خالد بن الوليد. قال ابن هشام: لما أصيب هؤلاء تناول الرّاية ثابت بن أقرم -بالقاف والراء- أخو بني عجلان، وقال لهم: يا قوم اصطلحوا على أمير، فاصطلحوا على خالد. فإن قلت: ذكر حتى مرتين؟ قلت: أولًا غاية لنصر النصارى، أي: لم يزل العدو غالبًا

4263 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَتْنِى عَمْرَةُ قَالَتْ سَمِعْتُ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - تَقُولُ لَمَّا جَاءَ قَتْلُ ابْنِ حَارِثَةَ وَجَعْفَرِ بْنِ أَبِى طَالِبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ - رضى الله عنهم - جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُعْرَفُ فِيهِ الْحُزْنُ - قَالَتْ عَائِشَةُ - وَأَنَا أَطَّلِعُ مِنْ صَائِرِ الْبَابِ - تَعْنِى مِنْ شَقِّ الْبَابِ - فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ أَىْ رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ نِسَاءَ جَعْفَرٍ قَالَ وَذَكَرَ بُكَاءَهُنَّ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَنْهَاهُنَّ قَالَ فَذَهَبَ الرَّجُلُ ثُمَّ أَتَى فَقَالَ قَدْ نَهَيْتُهُنَّ. وَذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يُطِعْنَهُ قَالَ فَأَمَرَ أَيْضًا فَذَهَبَ ثُمَّ أَتَى فَقَالَ وَاللَّهِ لَقَدْ غَلَبْنَنَا. فَزَعَمَتْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «فَاحْثُ فِي أَفْوَاهِهِنَّ مِنَ التُّرَابِ» قَالَتْ عَائِشَةُ فَقُلْتُ أَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفَكَ، فَوَاللَّهِ مَا أَنْتَ تَفْعَلُ، وَمَا تَرَكْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْعَنَاءِ. طرفه 1299 4264 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِىٍّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِى خَالِدٍ عَنْ عَامِرٍ قَالَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا حَيَّا ابْنَ جَعْفَرٍ قَالَ السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ ذِى الْجَنَاحَيْنِ. طرفه 3709 ـــــــــــــــــــــــــــــ حتى أخذ الراية خالد بن [الوليد]، وبعد الأخذ لم تزل الغلبة للمسلمين إلى أن انهزم العدو {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} [الروم: 47]. وروى الواقدي أن الأمراء لما قتلوا انحاز خالد إلى موضع وغيّر هيئة العسكر بأن جعل المقدمة ساقة وبالعكس وجعل الميمنة ميسرة وبالعكس، وتوجه إلى العدو، فظنوا أن المدد قد لحق المسلمين، فانهزموا. وحديث عائشة: أن رجلًا جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذكر بكاء نساء جعفر. سلف في باب الجنائز. 4263 - (صائر الباب) ويقال: سير -بكسر الصاد- فسره بـ (شق الباب) بفتح الشين (فقلت: أرغم الله أنفك) الظاهر: أنها قالت في نفسها لما رأت منه التقصير. وإيذاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وفي رواية ابن هشام: فقلت في نفسي: أبعدك الله. و (العَنَاء) -بفتح العين- التعب، قيل: لعل تقصير الرجل كأنه لم يفهم من الأمر الوجوب. والسياق يدل على فساده. 4264 - (كان ابن عمر إذا حيًّا ابن جعفر قال: السلام عليك يابن ذي الجناحين)

4265 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِى حَازِمٍ قَالَ سَمِعْتُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ يَقُولُ لَقَدِ انْقَطَعَتْ فِي يَدِى يَوْمَ مُوتَةَ تِسْعَةُ أَسْيَافٍ، فَمَا بَقِىَ فِي يَدِى إِلاَّ صَفِيحَةٌ يَمَانِيَةٌ. طرفه 4266 4266 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنِى قَيْسٌ قَالَ سَمِعْتُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ يَقُولُ لَقَدْ دُقَّ فِي يَدِى يَوْمَ مُوتَةَ تِسْعَةُ أَسْيَافٍ، وَصَبَرَتْ فِي يَدِى صَفِيحَةٌ لِى يَمَانِيَةٌ. طرفه 4265 4267 - حَدَّثَنِى عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ عَامِرٍ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ - رضى الله عنهما - قَالَ أُغْمِىَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ، فَجَعَلَتْ أُخْتُهُ عَمْرَةُ تَبْكِى وَاجَبَلاَهْ وَاكَذَا وَاكَذَا. تُعَدِّدُ عَلَيْهِ فَقَالَ حِينَ أَفَاقَ مَا قُلْتِ شَيْئًا إِلاَّ قِيلَ لِى آنْتَ كَذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وذلك أن يديه قطعتا في الحرب فعوضه الله عنهما جناحين، رآه رسول الله يطير مع الملائكة في الجنة. 4265 - 4266 - (أبو نعيم) بضم النون مصغر (أبي حازم) -بالحاء المهملة- سلمة بن دينار (يقول خالد: لقد انقطعت في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف، فما بقي في يدي إلا صفيحة يمانية) قال الجوهري: الصفيحة: السيف العريض، ويمانية -بفتح الياء- هي الرواية، ويجوز التشديد. 4267 - (ميسرة) ضد ميمنة (فُضيل) بضم الفاء مصغر وكذا (حصين) (بشير) بفتح الباء على وزن فعيل (أغمي على عبد الله بن رواحة فجعلت أخته تبكي) أي: شرعت (واجبلاه واكذا واكذا تعدد) مناقبه على دأب النوائح (فقال حين أفاق: ما قلت في شيئًا إلا قيل لي: أنت كذلك؟). قال بعض الشارحين: قيل له ذلك على وجه الإهانة والإيذاء، وهذا ليس بشيء؛ لأن الإنسان لا يؤخذ بمثله إلا إذا كان أوصى به، ولعل الحكمة في ذلك منع النوائح إذا عرفن ذلك؛ ولذلك لم تفعل أخته شيئًا من ذلك لما مات ولهذه النكتة أدخل هذا الحديث في هذا الباب.

47 - باب بعث النبى - صلى الله عليه وسلم - أسامة بن زيد إلى الحرقات من جهينة

4268 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْثَرُ عَنْ حُصَيْنٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ أُغْمِىَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ بِهَذَا، فَلَمَّا مَاتَ لَمْ تَبْكِ عَلَيْهِ. 47 - باب بَعْثُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ إِلَى الْحُرَقَاتِ مِنْ جُهَيْنَةَ 4269 - حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ أَخْبَرَنَا أَبُو ظَبْيَانَ قَالَ سَمِعْتُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ - رضى الله عنهما - يَقُولُ بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الْحُرَقَةِ، فَصَبَّحْنَا الْقَوْمَ فَهَزَمْنَاهُمْ وَلَحِقْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ رَجُلاً مِنْهُمْ، فَلَمَّا غَشِينَاهُ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. فَكَفَّ الأَنْصَارِىُّ، فَطَعَنْتُهُ بِرُمْحِى حَتَّى قَتَلْتُهُ، فَلَمَّا قَدِمْنَا بَلَغَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «يَا أُسَامَةُ أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ» قُلْتُ كَانَ مُتَعَوِّذًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: الاستفهام فيه الإنكار؟ قلت: الإنكار لا يدل على الإهانة، كقوله تعالى لعيسى: {أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [المائدة: 116]. باب بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - أسامة بن زيد إلى الحرقات جمع حرقة على وزن نمرة، لقب جيش بن عامر الجهني. قيل: لقب بذلك لأنه أحرق بني مرّة بن عوف. وإنما جمع لأنه أريد به بطون تلك القبيلة، وقال الكلبي: إنما لقب بذلك؛ لأنه بالغ في القتل. 4269 - (هشيم) بضم الهاء مصغر، وكذا (حصين) بضم الحاء (أبو ظبيان) اسمه حصين أيضًا (الجنبي) بفتح الجيم بعده نون، آخره باء موحدة. المذحجي (فلحقت أنا ورجل من الأنصار رجلًا منهم) قيل: هذا الرجل بن مرادس بن نهيك بن ظالم (فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا أسامة أقتلته بعدما قال: لا إله إلا الله، فما زال يكررها حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم) لأن الإسلام يجبّ ما قبله، ولا يلزم منه تمني الكفر؛ لأنه أراد معنى آخر. قال الخطابي: كأن أسامة تأول قوله تعالى: {فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا} [غافر: 85] وأيده مَن بعده؛ لأن قول أسامة: (إنما قالها متعوذًا) يدل على ذلك. وفيه خبط ظاهر؛ وذلك أن قوله تعالى: {فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا} [غافر: 85] المراد به الإيمان حقيقته من قلبه لكن لم يكن في وقته، ولكن قول أسامة: إنما قالها متعوذًا، صريح

فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّى لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ. طرفه 6872 4270 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَاتِمٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى عُبَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ سَلَمَةَ بْنَ الأَكْوَعِ يَقُولُ غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - سَبْعَ غَزَوَاتٍ، وَخَرَجْتُ فِيمَا يَبْعَثُ مِنَ الْبُعُوثِ تِسْعَ غَزَوَاتٍ، مَرَّةً عَلَيْنَا أَبُو بَكْرٍ، وَمَرَّةً عَلَيْنَا أُسَامَةُ. أطرافه 4271، 4272، 4273 4271 - وَقَالَ عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى عُبَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ سَلَمَةَ يَقُولُ غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - سَبْعَ غَزَوَاتٍ، وَخَرَجْتُ فِيمَا يَبْعَثُ مِنَ الْبَعْثِ تِسْعَ غَزَوَاتٍ، عَلَيْنَا مَرَّةً أَبُو بَكْرٍ، وَمَرَّةً أُسَامَةُ. أطرافه 4270 4272 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ - رضى الله عنه - قَالَ غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - سَبْعَ غَزَوَاتٍ، وَغَزَوْتُ مَعَ ابْنِ حَارِثَةَ اسْتَعْمَلَهُ عَلَيْنَا. طرفه 4270 4273 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ قَالَ غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - سَبْعَ غَزَوَاتٍ. فَذَكَرَ خَيْبَرَ وَالْحُدَيْبِيَةَ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ وَيَوْمَ الْقَرَدِ. قَالَ يَزِيدُ وَنَسِيتُ بَقِيَّتَهُمْ. أطرافه 4270 ـــــــــــــــــــــــــــــ في أنه لم يكن قوله إيمانًا من قلبه، بل قاله تقية ودفعًا للسيف، فإن هذا من ذلك. 4272 - (أبو عاصم الضحاك بن مخلد) بفتح الميم. (وقال عمرو بن حفص) هو شيخ البخاري، والرواية عنه بقال لأنه سمع الحديث منه مذاكرة. وحديث أبي عاصم من الثلاثيات. 4273 - (مسعدة) بفتح الميم (ويوم القرد) بفتح القاف والراء. قد سبق أنه اسم ماء قال الجوهري: والقرد المكان الغليظ.

48 - باب غزوة الفتح وما بعث حاطب بن أبى بلتعة إلى أهل مكة يخبرهم بغزو النبي - صلى الله عليه وسلم -

48 - باب غَزْوَةِ الْفَتْحِ وَمَا بَعَثَ حَاطِبُ بْنُ أَبِى بَلْتَعَةَ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ يُخْبِرُهُمْ بِغَزْوِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - 4274 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ أَخْبَرَنِى الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِى رَافِعٍ يَقُولُ سَمِعْتُ عَلِيًّا - رضى الله عنه - يَقُولُ بَعَثَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَا وَالزُّبَيْرَ وَالْمِقْدَادَ فَقَالَ «انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ، فَإِنَّ بِهَا ظَعِينَةً مَعَهَا كِتَابٌ، فَخُذُوا مِنْهَا». قَالَ فَانْطَلَقْنَا تَعَادَى بِنَا خَيْلُنَا حَتَّى أَتَيْنَا الرَّوْضَةَ، فَإِذَا نَحْنُ بِالظَّعِينَةِ قُلْنَا لَهَا أَخْرِجِى الْكِتَابَ. قَالَتْ مَا مَعِى كِتَابٌ. فَقُلْنَا لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ أَوْ لَنُلْقِيَنَّ الثِّيَابَ، قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب غزوة الفتح وما بعث حاطب بن أبي بلتعة قال ابن إسحاق: كان فتح مكة في شهر رمضان سنة ثمان، وذلك أن في صلح الحديبية دخلت خزاعة في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبني بكر في عهد قريش. وكان بين بني بكر وخزاعة عداوة دائمة ودماء، فقتل بنو بكر رجلًا من خزاعة غرة، فوقع القتال بين الطائفتين وساعدت قريش بني بكر، ونقضوا العهد فخرج رجل من خزاعة وهو عمرو بن سالم حتى وقف على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنشده أبياتًا في آخرها: فانصر هداك الله نصرًا أيَّدا وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: نصرت يا عمرو بن سالم. فتجهز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان الفتح. وحاطب -بالحاء المهملة- رجل من أصحاب بدر لخمي حليف قريش، قال ابن عبد البر: الأكثر أنه كان حليفًا لبني أسد بن عبد العزى. وقيل: كان حليفًا للزبير. 4274 - (عن علي: بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا والزبير والمقداد بن الأسود فقال: انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ) -بخاءين معجمتين- موضع بقرب المدينة على طريق مكة (فإن بها ظعينة) هي المرأة في الهودج، ثم اتسع فيه وأُطلق على مطلق المرأة (فانطلقنا تعادى بنا خيلنا) أصله: تتعادى، حذف منه إحدى التاءين (لتُخرِجِنَّ الكتاب أو لنلقين الثياب) قد مرّ في

49 - باب غزوة الفتح فى رمضان

فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ عِقَاصِهَا، فَأَتَيْنَا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَإِذَا فِيهِ مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِى بَلْتَعَةَ إِلَى نَاسٍ بِمَكَّةَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، يُخْبِرُهُمْ بِبَعْضِ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَا حَاطِبُ مَا هَذَا». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لاَ تَعْجَلْ عَلَىَّ، إِنِّى كُنْتُ امْرَأً مُلْصَقًا فِي قُرَيْشٍ - يَقُولُ كُنْتُ حَلِيفًا وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهَا - وَكَانَ مَنْ مَعَكَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مَنْ لَهُمْ قَرَابَاتٌ، يَحْمُونَ أَهْلِيهِمْ وَأَمْوَالَهُمْ، فَأَحْبَبْتُ إِذْ فَاتَنِى ذَلِكَ مِنَ النَّسَبِ فِيهِمْ أَنْ أَتَّخِذَ عِنْدَهُمْ يَدًا يَحْمُونَ قَرَابَتِى، وَلَمْ أَفْعَلْهُ ارْتِدَادًا عَنْ دِينِى، وَلاَ رِضًا بِالْكُفْرِ بَعْدَ الإِسْلاَمِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَمَا إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكُمْ». فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِى أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ. فَقَالَ «إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى مَنْ شَهِدَ بَدْرًا قَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ». فَأَنْزَلَ اللَّهُ السُّورَةَ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّى وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ) إِلَى قَوْلِهِ (فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ). طرفه 3007 49 - باب غَزْوَةِ الْفَتْحِ فِي رَمَضَانَ 4275 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - غَزَا غَزْوَةَ الْفَتْحِ فِي رَمَضَانَ. قَالَ وَسَمِعْتُ ابْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ مِثْلَ ذَلِكَ. وَعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسِ - رضى الله عنهما - قَالَ صَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الجهاد أن الصواب: لنلقين بحذف الياء الساكنة. (فأخرجته من عقاصها) جمع عقيصة أو عقصة وهي ضفائر الشعر وقد تقدم في أبواب الجهاد أنها أخرجته من حجزتها. وأشرنا أنها أخرجته من أحد الموضعين، وأخفته في الآخر. ولما رأت الجَدَّ أخرجته لهم. واسم المرأة سارة مولاة بعض بني عبد المطلب. وقيل: امرأة من مزينة (فأنزل الله السورة {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} [الممنحنة:1] صدّر السورة بخطاب المؤمنين دلالة على أن حاطبًا مؤمن حقًّا، وإن ما فعله كان خطأ منه. 4275 - (صام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى .....................................

إِذَا بَلَغَ الْكَدِيدَ - الْمَاءَ الَّذِى بَيْنَ قُدَيْدٍ وَعُسْفَانَ - أَفْطَرَ، فَلَمْ يَزَلْ مُفْطِرًا حَتَّى انْسَلَخَ الشَّهْرُ. طرفه 4276 - حَدَّثَنِى مَحْمُودٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنِى مَعْمَرٌ قَالَ أَخْبَرَنِى الزُّهْرِىُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ فِي رَمَضَانَ مِنَ الْمَدِينَةِ، وَمَعَهُ عَشَرَةُ آلاَفٍ، وَذَلِكَ عَلَى رَأْسِ ثَمَانِ سِنِينَ وَنِصْفٍ مِنْ مَقْدَمِهِ الْمَدِينَةَ، فَسَارَ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى مَكَّةَ، يَصُومُ وَيَصُومُونَ حَتَّى بَلَغَ الْكَدِيدَ - وَهْوَ مَاءٌ بَيْنَ عُسْفَانَ وَقُدَيْدٍ - أَفْطَرَ وَأَفْطَرُوا. قَالَ الزُّهْرِىُّ وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الآخِرُ فَالآخِرُ. طرفه 1944 4277 - حَدَّثَنِى عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي رَمَضَانَ إِلَى حُنَيْنٍ، وَالنَّاسُ مُخْتَلِفُونَ ـــــــــــــــــــــــــــــ بلغ الكديد فأفطر) كان خروجه من المدينة لعشر ليالٍ خلون من رمضان، ودخل مكة التاسع والعشرين من رمضان. وقيل غير هذا، وفيه اختلاف كثير بعد اتفاقهم على رمضان. وقد سلف أن الكديد ماء بين قديد وعسفان (فلم يزل مفطرًا حتى انسلخ الشهر). فإن قلت: ذكر في الرواية بعده أنه أفطر حتى دخل مكة؟ قلت: فإنهما متلازمان. فإن دخل اليوم التاسع والعشرين، فإما أن يكون آخر ذلك الشهر أو فيه تسامح. 4276 - (محمود) هو ابن غيلان (مَعمَر) بفتح الميمين (وذلك على رأس ثمان سنين ونصف من مَقْدِمِهِ المدينة). فإن قلت: هذا مخالف لما ذكره أهل السير من أن فتح مكة سنة ثمان. قال ابن إسحاق: كاتت غزوة مؤتة في جمادى الآخر، وغزوة الفتح في رمضان. قلت: لا مخالفة، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قدم المدينة في الربيع الأول. فالذي في "البخاري" اعتبر المقدم كما صرّح به. وأهل السير اعتبروا المحرم أول السنة الشرعية. (قال الزهريّ: إنما يوخذ من أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الآخر فالآخر) يريد أن هذا الحديث ليس له ناسخ، أو أشار إلى أنه لو أفطر أول الشهر ثم صام كان فيه تأمّل. وأما عكسه فلا تأمل فيه.

50 - باب أين ركز النبى - صلى الله عليه وسلم - الراية يوم الفتح

فَصَائِمٌ وَمُفْطِرٌ، فَلَمَّا اسْتَوَى عَلَى رَاحِلَتِهِ دَعَا بِإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ أَوْ مَاءٍ، فَوَضَعَهُ عَلَى رَاحَتِهِ أَوْ عَلَى رَاحِلَتِهِ، ثُمَّ نَظَرَ إِلَى النَّاسِ فَقَالَ الْمُفْطِرُونَ لِلصُّوَّامِ أَفْطِرُوا. طرفه 1944 4278 - وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ الْفَتْحِ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 1944 4279 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ سَافَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي رَمَضَانَ، فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ عُسْفَانَ، ثُمَّ دَعَا بِإِنَاءٍ مِنْ مَاءٍ فَشَرِبَ نَهَارًا، لِيُرِيَهُ النَّاسَ، فَأَفْطَرَ حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ. قَالَ وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ صَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي السَّفَرِ وَأَفْطَرَ، فَمَنْ شَاءَ صَامَ، وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ. 50 - باب أَيْنَ رَكَزَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الرَّايَةَ يَوْمَ الْفَتْحِ 4280 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَمَّا سَارَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ الْفَتْحِ فَبَلَغَ ذَلِكَ قُرَيْشًا، خَرَجَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ 4278 - (عياش) بفتح العين وتشديد المثناة. 4279 - (سافر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في رمضان فصام حتى بلغ عسفان). فيه تسامح لما تقدم من أنه أفطر بكديد بين قديد وعسفان. باب أين ركز النبي - صلى الله عليه وسلم - الراية يوم الفتح؟ 4280 - (عبيد) بضم العين مصغر (أبو أسامة) -بضم الهمزة- حماد بن أسامة (لما سار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح فبلغ قريشًا فخرج أبو سفيان بن حرب) قال إسحاق: ولما صمم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العزم قال: "اللهم خذ العيون والأخبار عن قريش حتى [نبغتها في بلادها]

وَحَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ وَبُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ يَلْتَمِسُونَ الْخَبَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَقْبَلُوا يَسِيرُونَ حَتَّى أَتَوْا مَرَّ الظَّهْرَانِ، فَإِذَا هُمْ بِنِيرَانٍ كَأَنَّهَا نِيرَانُ عَرَفَةَ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ مَا هَذِهِ لَكَأَنَّهَا نِيرَانُ عَرَفَةَ. فَقَالَ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ نِيرَانُ بَنِى عَمْرٍو. فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ عَمْرٌو أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ. فَرَآهُمْ نَاسٌ مِنْ حَرَسِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَدْرَكُوهُمْ فَأَخَذُوهُمْ، فَأَتَوْا بِهِمْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَسْلَمَ أَبُو سُفْيَانَ، فَلَمَّا سَارَ قَالَ لِلْعَبَّاسِ «احْبِسْ أَبَا سُفْيَانَ عِنْدَ حَطْمِ الْخَيْلِ حَتَّى يَنْظُرَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ». فَحَبَسَهُ الْعَبَّاسُ، فَجَعَلَتِ الْقَبَائِلُ تَمُرُّ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - تَمُرُّ كَتِيبَةً كَتِيبَةً عَلَى أَبِى سُفْيَانَ، فَمَرَّتْ كَتِيبَةٌ قَالَ يَا عَبَّاسُ مَنْ هَذِهِ قَالَ هَذِهِ غِفَارُ. قَالَ مَا لِى وَلِغِفَارَ ثُمَّ مَرَّتْ جُهَيْنَةُ، قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ مَرَّتْ سَعْدُ بْنُ هُذَيْمٍ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَمَرَّتْ سُلَيْمُ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، حَتَّى أَقْبَلَتْ كَتِيبَةٌ لَمْ يَرَ مِثْلَهَا، قَالَ مَنْ هَذِهِ قَالَ هَؤُلاَءِ الأَنْصَارُ عَلَيْهِمْ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ مَعَهُ الرَّايَةُ. فَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ يَا أَبَا سُفْيَانَ الْيَوْمُ يَوْمُ الْمَلْحَمَةِ، الْيَوْمَ تُسْتَحَلُّ الْكَعْبَةُ. فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ يَا عَبَّاسُ حَبَّذَا يَوْمُ الذِّمَارِ. ثُمَّ جَاءَتْ كَتِيبَةٌ، وَهْىَ ـــــــــــــــــــــــــــــ وكان كذلك، لم يبلغهم خبر حتى نزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والجيش بمر الظهران. فكان ما ذكره في الكتاب، إلا أن في كيفية ذلك مخالفة لما ذكره أهل السير، من أن عباسًا خرج من جيش رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإنه كان قد لاقى رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فأراد أن ينبِّه أهل مكة عسى أن يتأمنوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فرأى أبا سفيان وحكيم بن حزام وبديل بن ورقاء، فأخذ أبو سفيان وأردفه على بغلة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فأدخله على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأسلم. وأما حكيم وبديل بن ورقاء فكرّا راجعين. ورقاء بالقاف والمدّ (ناس من حرس رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) الذين يحرسون الجيش هو جمع حارس (قال للعباس: احبس أبا سفيان عند حَطم الخيل) بفتح الحاء المهملة وبالجيم وباء موحدة، الموضع المنعطف من الجبل. ورواه الحميدي بالخاء المعجمة: أنف الجبل البارز منه. قال ابن الأثير: الذي رأيناه بالخاء المعجمة والياء المثناة تحت، يريد: الموضع الذي يزدحم فيه الخيل لضيق الطريق فإنه يتمكن من رؤية الكل ثَمَّ (كتيبة كتيبة) بالتاء المثناة: الجيش من الكتائب وهو الجمع. (سعد بن هذيم) بالذال المعجمة مصغر لأن هذيمًا جده الأعلى وهو سعد بن زيد بن أثبت. والمعروف فيه سعد هذيم بالإضافة. (سليم) بضم السين مصغر (ثم جاءت كتيبة وهي

أَقَلُّ الْكَتَائِبِ، فِيهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ، وَرَايَةُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مَعَ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ، فَلَمَّا مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِأَبِى سُفْيَانَ قَالَ أَلَمْ تَعْلَمْ مَا قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ «مَا قَالَ». قَالَ كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ «كَذَبَ سَعْدٌ، وَلَكِنْ هَذَا يَوْمٌ يُعَظِّمُ اللَّهُ فِيهِ الْكَعْبَةَ، وَيَوْمٌ تُكْسَى فِيهِ الْكَعْبَةُ». قَالَ وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تُرْكَزَ رَايَتُهُ بِالْحَجُونِ. قَالَ عُرْوَةُ وَأَخْبَرَنِى نَافِعُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ سَمِعْتُ الْعَبَّاسَ يَقُولُ لِلزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، هَا هُنَا أَمَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تَرْكُزَ الرَّايَةَ، قَالَ وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَئِذٍ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ أَنْ يَدْخُلَ مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ مِنْ كَدَاءٍ، وَدَخَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ كُدَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ أقل الكتائب)، كذا وقع في سير ابن هشام: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جاء في الكتيبة الخضراء، قال: وإنما قيل فيها الخضراء؛ لكونهم كانوا في الحديد، وكان معه المهاجرون والأنصار، وهذا ظاهر في أنهم أعظم الكتائب وأكثرها. ويؤيده أن في رواية الحميدي أجلُّ الكتائب بالجيم. وأما قول شيخنا: يمكن الجمع بأن المهاجرين كانوا أقل عددًا. يردّه أن الأنصار كانوا في كتيبة، ولذلك (كانت رايته بيد سعد بن عبادة، فقال سعد بن عبادة: يا أبا سفيان اليوم يوم الملحمة) أي: يوم القتل (يا حبذاه يوم الذمار) -بكسر الذال المعجمة- هو حفظ العهد والحُرَم خاف من قول سعد فأراد الحماية من العبّاس (وراية النبي - صلى الله عليه وسلم - مع الزبير فلما مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأبي سفيان قال: ألم تعلم ما قال سعد بن عبادة؟ قال: ما قال؟ قال كذا وكذا) أي ما تقدم من قوله: اليوم يوم الملحمة هكذا في "البخاري" ولكن الظاهر ما رواه أبو إسحاق أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما مر بأبي سفيان لم تكن الراية مع الزبير بل مع سعد بن عبادة وإنما أخذها بأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منه لما بلغه هذا منه فقال له عمر: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما نأمن أن يكون في سعد صولةٌ في قريش. فإن قلت: قد قال ابن هشام في السير أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر عليًّا بأن يأخذ منه الراية وهو يدخل بها، قلت: لا منافاة أخذها علي وقتًا بأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم أعطاها الزبير. (وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تركز رايته بالحجون) -بفتح الحاء- أعلى مكة موضع المقابر (وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خالد بن الوليد أن يدخل من أعلى مكة من كَداء) بفتح الكاف والمد (ودخل النبي - صلى الله عليه وسلم - من كُدا) بضم الكاف مصغر مقصور، وفي بعضها كدي بضم الكاف مصغر، كذا في "البخاري" والصواب عكسه قال ابن إسحاق دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أذاخر فنزل بأعلى مكة ودخل خالد بن الوليد من الليط من أسفل مكة وقد رواه فيما بعد على

فَقُتِلَ مِنْ خَيْلِ خَالِدٍ يَوْمَئِذٍ رَجُلاَنِ حُبَيْشُ بْنُ الأَشْعَرِ وَكُرْزُ بْنُ جَابِرٍ الْفِهْرِىُّ. 4281 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُغَفَّلٍ يَقُولُ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ عَلَى نَاقَتِهِ، وَهْوَ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفَتْحِ يُرَجِّعُ، وَقَالَ لَوْلاَ أَنْ يَجْتَمِعَ النَّاسُ حَوْلِى لَرَجَّعْتُ كَمَا رَجَّعَ. أطرافه 4835، 5034، 5047، 7540 4282 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى حَفْصَةَ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عَلِىِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ قَالَ زَمَنَ الْفَتْحِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيْنَ تَنْزِلُ غَدًا قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مِنْ مَنْزِلٍ». طرفه 1588 ـــــــــــــــــــــــــــــ الصواب من رواية أبي عمرو (وقتل من خيل خالد بن الوليد يومئذٍ رجلان حبيش بن الأشعر) بضم الحاء المهملة بعدها باء موحدة آخره شين معجمة كذا قال الغساني وقال ابن إسحاق: هو بالخاء المعجمة بعدها نون آخرها سين مهملة كذا رواه إبراهيم [بن] سعد وسلمة بن الفضل وابن هشام (وكرز بن جابر الفهري) هذا الذي كان قد أغار على سرح المدينة فلم يدركه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهذه في البدر الأولى. وكان كرز [من] رؤساء المشركين، أسلم بعد ذلك قديمًا، وهو الذي بعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في طلب العرنيين. 4281 - (مغفل) بضم الميم وفتح الغين المعجمة وتشديد الفاء (رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم فتح مكة على ناقته [وهو] يقرأ سورة الفتح يرجع فيها) الترجيع في القراءة مدّ الصوت. قال ابن الأثير: وقد جاء في الحديث الآخر النهي عن الترجيح قال: ووجه الجمع أنه كان راكبًا من تحريك الناقة وقع في قراءته ذلك الترجيع [قلت:] لو وقع ذلك وبلغ إلى المد المنهي لترك القراءة، والأحسن أن النهي مرجعه الإفراط في المد كما يفعله القراء وترجيعه لم يكن كذلك وقد جاء في رواية أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يمدّ القراءة وقد فسر ابن الأثير قوله - صلى الله عليه وسلم -: "اقرؤوا القرآن بلحون العرب" اللحن: بترجيع الصوت ومعناه الذي أشرنا إليه.

4283 - ثُمَّ قَالَ «لاَ يَرِثُ الْمُؤْمِنُ الْكَافِرَ، وَلاَ يَرِثُ الْكَافِرُ الْمُؤْمِنَ». قِيلَ لِلزُّهْرِىِّ وَمَنْ وَرِثَ أَبَا طَالِبٍ قَالَ وَرِثَهُ عَقِيلٌ وَطَالِبٌ. قَالَ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَيْنَ تَنْزِلُ غَدًا. فِي حَجَّتِهِ، وَلَمْ يَقُلْ يُونُسُ حَجَّتِهِ وَلاَ زَمَنَ الْفَتْحِ. 4284 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْزِلُنَا - إِنْ شَاءَ اللَّهُ، إِذَا فَتَحَ اللَّهُ - الْخَيْفُ، حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الْكُفْرِ». طرفه 1589 4285 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ أَرَادَ حُنَيْنًا «مَنْزِلُنَا غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِخَيْفِ بَنِى كِنَانَةَ، حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الْكُفْرِ». طرفه 1589 ـــــــــــــــــــــــــــــ 41283 - (عن أسامة بن زيد أنه قال زمن الفتح: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أين تنزل غدًا؟ قال: وهل ترك لنا عقيل من منزل ثم قال: لا يرث الكافر المؤمن ولا المؤمن الكافر) قد سلف الحديث في أبواب الحج وأشرنا إلى أن عقيلًا كان كافرًا، فلما مات أبو طالب ورثه وباع البيوت ومن جملة ما باع بيوت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وكان أبو طالب قد مات ورسول الله - صلى الله عليه وسلم -كان قادرًا على نقض ذلك لأنه لم يصح بيع بيوت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا أنه احترم عقيلًا. وفيه دلالة على أن مكة فتحت صلحًا وإلا لم يكن لهذا الكلام معنىً ظاهر؛ لأن البيوت كانت حينئذٍ غنيمة بلا ريب، وإليه ذهب الشافعي وهو رواية عن الإمام أحمد، والجمهور على أنها فتحت عنوة وعليه تدل ظواهر الأحاديث. (قال معمر عن الزهري في حجته) يجوز وقوع هذا الكلام في الفتح والحج. 4284 - 4285 - (أبو الزناد) -بكسر الزاي بعدها نون- عبد الله بن ذكوان (أين ننزل غدًا؟) (منزلنا إن شاء الله إن فتح الخيف) اللام للعهد أي: خيف بني كنانة صرَّح به في الرواية الأخرى، والخيف -بالخاء المعجمة- ما ارتفع من السيل ولم يبلغ أن يكون جبلًا (حيث تقاسموا على الكفر) أي: تحالفوا حين كتبوا الصحيفة الملعونة.

4286 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ، فَلَمَّا نَزَعَهُ جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ ابْنُ خَطَلٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ. فَقَالَ «اقْتُلْهُ» قَالَ مَالِكٌ وَلَمْ يَكُنِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِيمَا نُرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ يَوْمَئِذٍ مُحْرِمًا. طرفه 1846 4287 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ أَبِى نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِى مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ دَخَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَحَوْلَ الْبَيْتِ سِتُّونَ وَثَلاَثُمِائَةِ نُصُبٍ، فَجَعَلَ يَطْعُنُهَا بِعُودٍ فِي يَدِهِ وَيَقُولُ «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ، جَاءَ الْحَقُّ، وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ». طرفه 2478 ـــــــــــــــــــــــــــــ 4286 - (قزعة) بالقاف والزاي المعجمة وثلاث فتحات (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل مكة وعلى رأسه المغفر) -بكسر الميم- نسج من الدرع يلبس تحت القلنسوة. قال الجوهري: فلا ينافي ما ورد أنَّه دخل مكة وعلى رأسه عمامة سوداء قد أرخى طرفها (فلما نزعه جاء رجل فقال: ابن خطل متعلق بأستار الكعبة) التجأ إلى الكعبة لئلا يُقْتَل فأمر بقتله. قال ابن هشام: هذا رجل من تيم بن غالب واسمه: عبد الله، كان قد أسلم فبعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على بعض الصدقات، وبعث رجلًا من الأنصار يخدمه، فأمره بطبخ الطعام ونام، فلما استيقظ رآه لم يطبخ له شيئًا، فعدا عليه فقتله وارتد مشركًا، فدخل مكة، وكان له جاريتان فرتَنَى بفتح الفاء وسكون الراء بعدها تاء مثناة من فوق بعدها نون بألف مقصورة،. . . . علمهما هجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغنيان به (وقال مالك: لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما نرى) -بضم النون- أي نظن (يومئذٍ مُحْرِمًا) هو كذلك بلا خلاف إذ لو كان محرمًا لعدُّوها عمرة. ولم يقله أحد. وقتل ذلك اليوم ثمانية من الرجال وست من النساء. وقَبِل إسلام من أسلم ممن كان أهدر دمه. 4287 - (صدقة بن الفضل) -بصاد مهملة- أخت الزكاة (ابن أبي نجيح) بفتح النون وكسر الجيم (دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - مكة وَحَول البيت ستون وثلاثمائة نصب) النصب -بضم النون والصاد- الأصنام، ويطلق على الأحجار التي كانوا يذبحون عليها لآلهتهم. والمراد بها في الحديث الأصنام. وبلفظ الصنم جاءت رواية ابن أبي شيبة، وكان هذا جعلوه بقدر أيام السنة أو بقدر مفاصل الإنسان (فجعل يطعنها بعود في يده) قال ابن هشام: طاف على راحلته وكان في يده محجن والأصنام حول البيت مشددة بالرصاص. . . . . فما أشار إلى صنم في وجهه إلا وقع على قفاه وما أشار إلى قفاه إلَّا وقع على وجهه.

51 - باب دخول النبى - صلى الله عليه وسلم - من أعلى مكة

4288 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ أَبَى أَنْ يَدْخُلَ الْبَيْتَ وَفِيهِ الآلِهَةُ، فَأَمَرَ بِهَا فَأُخْرِجَتْ، فَأُخْرِجَ صُورَةُ إِبْرَاهِيمَ، وَإِسْمَاعِيلَ فِي أَيْدِيهِمَا مِنَ الأَزْلاَمِ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «قَاتَلَهُمُ اللَّهُ لَقَدْ عَلِمُوا مَا اسْتَقْسَمَا بِهَا قَطُّ». ثُمَّ دَخَلَ الْبَيْتَ، فَكَبَّرَ فِي نَوَاحِى الْبَيْتِ، وَخَرَجَ وَلَمْ يُصَلِّ فِيهِ. تَابَعَهُ مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ. وَقَالَ وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 398 51 - باب دُخُولُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ 4289 - وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يُونُسُ قَالَ أَخْبَرَنِى نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَقْبَلَ يَوْمَ الْفَتْحِ مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ عَلَى رَاحِلَتِهِ، مُرْدِفًا أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ وَمَعَهُ بِلاَلٌ وَمَعَهُ عُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ، مِنَ الْحَجَبَةِ حَتَّى أَنَاخَ فِي الْمَسْجِدِ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْتِىَ بِمِفْتَاحِ الْبَيْتِ، فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَعَهُ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَبِلاَلٌ وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ، فَمَكَثَ فِيهِ نَهَارًا طَوِيلاً ثُمَّ خَرَجَ، فَاسْتَبَقَ النَّاسُ، فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَوَّلَ مَنْ دَخَلَ، فَوَجَدَ بِلاَلاً وَرَاءَ الْبَابِ قَائِمًا، فَسَأَلَهُ أَيْنَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَشَارَ لَهُ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِى صَلَّى فِيهِ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَنَسِيتُ أَنْ أَسْأَلَهُ كَمْ صَلَّى مِنْ سَجْدَةٍ طرفه 397 ـــــــــــــــــــــــــــــ 4288 - (الأزلام) -جمع زلم بضم الزاي واللام وقد تسكن اللام- هي الأقداح التي كانوا يستقسمون بها أي يطلبون إظهار الحظ والقسمة بها. دخول النبي - صلى الله عليه وسلم - من أعلى مكة 4289 - قد أشرنا أن هذا هو الصواب وأن ما تقدم من أن خالدًا هو الذي دخل من أعلى مكة وهم، وما رواه عن الليث تعليقًا رواه في باب غلق المساجد وسلف شرح الحديث هناك ونشير إلى بعض ألفاظه (ومعه عثمان بن طلحة من الحجبة) جمع حاجب مثل كتيبة في كاتب (أين صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأشار إلى المكان الذي صلى فيه).

52 - باب منزل النبى - صلى الله عليه وسلم - يوم الفتح

4290 - حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَخْبَرَتْهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَامَ الْفَتْحِ مِنْ كَدَاءٍ الَّتِى بِأَعْلَى مَكَّةَ. تَابَعَهُ أَبُو أُسَامَةَ وَوُهَيْبٌ فِي كَدَاءٍ. طرفه 1577 4291 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ دَخَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ الْفَتْحِ مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ مِنْ كَدَاءٍ. طرفه 1577 52 - باب مَنْزِلُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الْفَتْحِ 4292 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو عَنِ ابْنِ أَبِى لَيْلَى مَا أَخْبَرَنَا أَحَدٌ أَنَّهُ رَأَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى الضُّحَى غَيْرَ أُمِّ هَانِئٍ، فَإِنَّهَا ذَكَرَتْ أَنَّهُ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ اغْتَسَلَ فِي بَيْتِهَا ثُمَّ صَلَّى ثَمَانِىَ رَكَعَاتٍ، قَالَتْ لَمْ أَرَهُ صَلَّى صَلاَةً أَخَفَّ مِنْهَا غَيْرَ أَنَّهُ يُتِمُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ. طرفه 1103 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: تقدم في الرواية الأولى عن ابن عباس أنَّه لم يصل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في البيت قلت: المثبِت مقدم على النافي وبلال كان داخل البيت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. 4290 - 4291 - (الهيثم) بفتح الهاء وسكون الياء (ميسرة) ضد الميمنة (دخل عام الفتح من كداء) بفتح الكاف والمد (تابعه أبو أسامة ووهيب في كداء) أي لا في الزيادة عليه، والضمير في تابعه لحفص بن ميسرة وما رواه بعده عن عبيد بن إسماعيل مرسل أكَّد به المسند. منزل النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الفتح 4292 - (عن ابن أبي ليلى) واسمه عبد الرحمن (ما أخبرنا أحد أنَّه رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي الضحى غير أم هانئٍ فإنها ذكرت أنَّه يوم فتح مكة اغتسل في بيتها) كذا وقع. وروى ابن هشام عن أم هانئ أن عليًّا لما أراد قتل رجلين من أحمائي من بني مخزوم فأغلقت عليهما بيتي ثمَّ جئت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بأعلى مكة فوجدته يغتسل من جفنة وإن فيها لأثر العجين فتوشح بثوبه فصلى ثمان ركعات، وهذا هو الصواب إن شاء الله. وأما قوله: منزل النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الفتح، ثمَّ إيراده هذا الحديث لا وجه له لاتفاقهم على أنَّه نزل بأعلى مكة في قبة، وقد تقدم أن أسامة لما سأله أين ننزل غدًا؟ وقوله

53 - باب

53 - بابٌ 4293 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ، رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى». طرفه 794 4294 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ عُمَرُ يُدْخِلُنِى مَعَ أَشْيَاخِ بَدْرٍ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِمَ تُدْخِلُ هَذَا الْفَتَى مَعَنَا، وَلَنَا أَبْنَاءٌ مِثْلُهُ فَقَالَ إِنَّهُ مِمَّنْ قَدْ عَلِمْتُمْ. قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ في جوابه: "وهل ترك لنا عقيل من منزل"؟ صريح في أنَّه لم ينزل في بيت من البيوت، وأجاب شيخنا بأن دخول بيت أم هانئ لم يكن بكونه منزلًا بل ليغتسل ويصلي. قلت: هذا أحسن إلا أنَّه يلزم فيه تكرار صلاة الضحى في يوم الفتح، اللهم إلا أن يحمل اليوم على مطلق الوقت وفيه بُعد لا يخفى. وأما قول ابن أبي ليلى: ما أخبرنا أحد أنَّه رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى الضحى غير أم هانئ، فلا يدل على قدمه. وقد أسلفنا في أبواب الصلاة عن جماعة رواية صلاة الضحى منهم: عتبان بن مالك وأبو هريرة. 4293 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (عن أبي الضحى) مسلم بن صبيح (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم). فإن قلت: ما وجه إيراد هذا الحديث في غزوة الفتح؟ قلت: لما أنزل الله عليه: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ} [النصر: 1] وقال فيها: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} [النصر: 3] فكان يسبِّح امتثالًا لأمر الله؛ إلا أن البخاري لو أخر هذا الحديث عن الحديث الذي بعده كان أظهر. 4294 - (أبو النعمان) -بضم النون- محمَّد بن الفضل (عن أبي بشر) -بكسر الموحدة وشين معجمة- اسمه: جعفر (عن ابن عباس كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر) أي: الذين كانوا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة بدر (فقال بعضهم لم تُدخل هذا الفتى ولنا أبناء مثله) القائل: عبد الرحمن بن عوف جاء صريحًا (فقال: إنه ممن علمتم) أي: من الفضلاء، وإن

فَدَعَاهُمْ ذَاتَ يَوْمٍ، وَدَعَانِى مَعَهُمْ قَالَ وَمَا رُئِيتُهُ دَعَانِى يَوْمَئِذٍ إِلاَّ لِيُرِيَهُمْ مِنِّى فَقَالَ مَا تَقُولُونَ (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ) حَتَّى خَتَمَ السُّورَةَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ أُمِرْنَا أَنْ نَحْمَدَ اللَّهَ وَنَسْتَغْفِرَهُ، إِذَا نُصِرْنَا وَفُتِحَ عَلَيْنَا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ لاَ نَدْرِى. أَوْ لَمْ يَقُلْ بَعْضُهُمْ شَيْئًا. فَقَالَ لِى يَا ابْنَ عَبَّاسٍ أَكَذَاكَ تَقُولُ قُلْتُ لاَ. قَالَ فَمَا تَقُولُ قُلْتُ هُوَ أَجَلُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَعْلَمَهُ اللَّهُ لَهُ (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) فَتْحُ مَكَّةَ، فَذَاكَ عَلاَمَةُ أَجَلِكَ (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا) قَالَ عُمَرُ مَا أَعْلَمُ مِنْهَا إِلاَّ مَا تَعْلَمُ. طرفه 3627 4295 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ شُرَحْبِيلَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنِ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى شُرَيْحٍ الْعَدَوِىِّ أَنَّهُ قَالَ لِعَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ وَهْوَ يَبْعَثُ الْبُعُوثَ إِلَى مَكَّةَ ائْذَنْ لِى أَيُّهَا الأَمِيرُ أُحَدِّثْكَ قَوْلاً قَامَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْغَدَ يَوْمَ الْفَتْحِ، سَمِعَتْهُ أُذُنَاىَ وَوَعَاهُ قَلْبِى، وَأَبْصَرَتْهُ عَيْنَاىَ، حِينَ تَكَلَّمَ بِهِ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ «إِنَّ مَكَّةَ حَرَّمَهَا اللَّهُ وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ، لاَ يَحِلُّ لاِمْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ يَسْفِكَ بِهَا دَمًا، وَلاَ يَعْضِدَ بِهَا شَجَرًا، فَإِنْ أَحَدٌ تَرَخَّصَ لِقِتَالِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِيهَا فَقُولُوا لَهُ إِنَّ اللَّهَ أَذِنَ لِرَسُولِهِ، وَلَمْ يَأْذَنْ لَكُمْ. وَإِنَّمَا أَذِنَ لِى فِيهَا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، وَقَدْ عَادَتْ حُرْمَتُهَا الْيَوْمَ كَحُرْمَتِهَا بِالأَمْسِ، وَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ». فَقِيلَ لأَبِى شُرَيْحٍ مَاذَا قَالَ لَكَ عَمْرٌو قَالَ قَالَ أَنَا أَعْلَمُ بِذَلِكَ مِنْكَ يَا أَبَا شُرَيْحٍ، إِنَّ الْحَرَمَ لاَ يُعِيذُ عَاصِيًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ كان صغيرًا في العمر فهو كبير في القدر، فأراد عمر الامتحان حتى يظهر لهم فضله فليسألهم عن معنى قوله تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ} [النصر: 1] فلما سمع مقالتهم ولم يوافقهم ابن عباس ووافق رأيه رأي عمر سكتوا. فإن قلت: ما معنى قول ابن عباس: هو أجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن أين أخذ ذلك؟ قلت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مبعوثًا لدعوة الناسُ إلى الدين وإذا بلَّغ وجاهد وشرع في قبول ذلك الناس أفواجًا فلا بد من رجوعه إلى من أرسله. 4295 - (شرحبيل) بضم الشين وكسر الموحدة (عن أبي شريح) مصغر شرح هو: خويلد بن عمرو بن صخر الخزاعي وحديثه مع عمرو بن سعيد الأشدق، سلف في كتاب

54 - باب مقام النبى - صلى الله عليه وسلم - بمكة زمن الفتح

وَلاَ فَارًّا بِدَمٍ، وَلاَ فَارًّا بِخَرْبَةٍ. قال أبو عبد الله: الخربة البلية. طرفه 104 4296 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى حَبِيبٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِى رَبَاحٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ عَامَ الْفَتْحِ وَهْوَ بِمَكَّةَ «إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ». طرفه 2236 54 - باب مَقَامُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِمَكَّةَ زَمَنَ الْفَتْحِ 4297 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ. حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ أَقَمْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - عَشْرًا نَقْصُرُ الصَّلاَةَ. طرفه 1081 ـــــــــــــــــــــــــــــ العلم وبعده مرارًا (ولا فارًّا بخربة) -بفتح الخاء المعجمة وباء موحدة- فسَّره البخاري، وفي رواية الترمذي: خزية بكسر الخاء وزاي معجمة. 4296 - (حبيب) ضد العدو (ابن [أبي] رباح) بالباء الموحدة، وحديث تحريم بيع الخمر تقدم في أبواب البيع، وإيراده هنا لكونه قال: يوم الفتح. مقام النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة زمن الفتح مقام -بضم الميم- من الإقامة: اسم الزمان. 4297 - (أبو نعيم) بضم النون مصغر (قبيصة) بفتح القاف وكسر الموحدة (أقمنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة عشرًا نقصر) بفتح النون من القصر. فإن قلت: في رواية ابن عباس تسعة عشر؟ قلت: لا تنافي، زيادة الثقة مقبولة، ومفهوم العدد لا يعارض المنطوق، والأظهر أن رواية أنس مقيدة بالحج ورواية ابن عباس

55 - باب

4298 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما قَالَ أَقَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِمَكَّةَ تِسْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا يُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ. طرفه 1080 4299 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَقَمْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي سَفَرٍ تِسْعَ عَشْرَةَ نَقْصُرُ الصَّلاَةَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَنَحْنُ نَقْصُرُ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ تِسْعَ عَشْرَةَ، فَإِذَا زِدْنَا أَتْمَمْنَا. طرفه 1080 55 - بابٌ 4300 - وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْرٍ، وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ مَسَحَ وَجْهَهُ عَامَ الْفَتْحِ. طرفه 6356 ـــــــــــــــــــــــــــــ يوم الفتح، والذي يدل عليه رواية الإسماعيلي عن أنس أقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة عشرة أيام يقصر، ثمَّ رجع إلى المدينة، وذلك أن سنة الفتح لم يرجع إلى المدينة بل توجه إلى هوازن. 4298 - (عبدان) على وزن شعبان. 4299 - (أبو شهاب) قال الغساني: هذا أبو شهاب الأصغر، اسمه: عبد [ربه] بن نافع. وأما أبو شهاب الكبير اسمه موسى بن نافع الهذلي كل منهما حَنَّاط بفتح المهملة بعدها نون، الأكبر كوفي والأصغر مدني. قال: والأكبر يروي عن التابعين، والأصغر عن التبع، وليس للأكبر حديث في "البخاري "، إلا حديثًا واحدًا في كتاب الحج. 4300 - (عبد الله بن ثعلبة بن صعير) بضم الصاد وعين مهملة مصغر، قال ابن عبد البر: من بني عذرة. ولد قبل وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأربع سنين. فعلى هذا يكون عمره سنة الفتح سنتين، [فهل] يكون عقل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذا القدر من العمر؟ ونقل أيضًا أنَّه ولد قبل الهجرة بأربع سنين، وهذا القول أشبه. قال وروى عنه ابن شهاب وعبد الحميد، ولم ينقل ما روياه ولا في "البخاري" ذكر ذلك، وإنما ذكره لأنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسح وجهه يوم الفتح.

4301 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سُنَيْنٍ أَبِى جَمِيلَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا وَنَحْنُ مَعَ ابْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ وَزَعَمَ أَبُو جَمِيلَةَ أَنَّهُ أَدْرَكَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -، وَخَرَجَ مَعَهُ عَامَ الْفَتْحِ. 4302 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلِمَةَ قَالَ قَالَ لِى أَبُو قِلاَبَةَ أَلاَ تَلْقَاهُ فَتَسْأَلَهُ، قَالَ فَلَقِيتُهُ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ كُنَّا بِمَاءٍ مَمَرَّ النَّاسِ، وَكَانَ يَمُرُّ بِنَا الرُّكْبَانُ فَنَسْأَلُهُمْ مَا لِلنَّاسِ مَا لِلنَّاسِ مَا هَذَا الرَّجُلُ فَيَقُولُونَ يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ أَوْحَى إِلَيْهِ، أَوْ أَوْحَى اللَّهُ بِكَذَا. فَكُنْتُ أَحْفَظُ ذَلِكَ الْكَلاَمَ، وَكَأَنَّمَا يُغْرَى فِي صَدْرِى، وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَلَوَّمُ بِإِسْلاَمِهِمِ الْفَتْحَ، فَيَقُولُونَ اتْرُكُوهُ وَقَوْمَهُ، فَإِنَّهُ إِنْ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ فَهْوَ نَبِىٌّ صَادِقٌ. فَلَمَّا كَانَتْ وَقْعَةُ أَهْلِ الْفَتْحِ بَادَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 4301 - (عن سنين) بضم السين مصغر سن (أبي الجميلة) سلمي (وزعم أبو الجميلة أنَّه أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - الزعم محمول على القول الجازم؛ لأنَّ ابن عبد البر ذكره في الصحابة من غير تردد، وذكر أنَّه كان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع. 4302 - (حرب) ضد الصلح (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم (أبو قلابة) بكسر القاف (قال لي أبو قلابة ألا تلقاه) هذا كلام أيوب. كأن أبا قلابة دلَّ على عمرو بن مسلمة ليساويه بالحديث، وحديثه تقدم، وإنما أورده هنا لقوله: (وكانت العرب تلوم بإسلامهم الفتح) ومحصله: أنهم لما أسلموا لم يجدوا أكثر قرآنًا فقدموه إمامًا لهم، واشتروا له قميصًا ليستر به عورته. ومعنى التلوّم الانتظار والتربص (وكنت أحفظ ذلك الكلام) أي القرآن الذي أسمعه من الركبان، (فكأنما يُقرأ في صدري) من القراءة، مجاز عن غاية الحفظ وثبوته، وفي رواية أبي الهيثم بالألف بدون الهمزة، من: قريت الشيء جمعته. ورواه بعضهم بالغين المعجمة مكان القاف وتشديد الراء، من الغراء، واستحسنه القاضي؛ لدلالته صريحًا على اللصوق و (عمرو بن سلمة) هذا جرمي، قال ابن عبد البر: لا خلاف في وفود أبيه على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وسياق البخاري ظاهر في أنَّه لم يفد مع أبيه، ورواه بعضهم يقر بفتح الياء وتشديد الراء. من القرة ومعنى تقلصت: ارتفعت.

كُلُّ قَوْمٍ بِإِسْلاَمِهِمْ، وَبَدَرَ أَبِى قَوْمِى بِإِسْلاَمِهِمْ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ جِئْتُكُمْ وَاللَّهِ مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حَقًّا فَقَالَ «صَلُّوا صَلاَةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا، وَصَلُّوا كَذَا فِي حِينِ كَذَا، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ، فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا». فَنَظَرُوا فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَكْثَرَ قُرْآنًا مِنِّى، لِمَا كُنْتُ أَتَلَقَّى مِنَ الرُّكْبَانِ، فَقَدَّمُونِى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، وَأَنَا ابْنُ سِتٍّ أَوْ سَبْعِ، سِنِينَ وَكَانَتْ عَلَىَّ بُرْدَةٌ، كُنْتُ إِذَا سَجَدْتُ تَقَلَّصَتْ عَنِّى، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْحَىِّ أَلاَ تُغَطُّوا عَنَّا اسْتَ قَارِئِكُمْ. فَاشْتَرَوْا فَقَطَعُوا لِى قَمِيصًا، فَمَا فَرِحْتُ بِشَىْءٍ فَرَحِى بِذَلِكَ الْقَمِيصِ. 4303 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِى وَقَّاصٍ عَهِدَ إِلَى أَخِيهِ سَعْدٍ أَنْ يَقْبِضَ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ، وَقَالَ عُتْبَةُ إِنَّهُ ابْنِى. فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَكَّةَ فِي الْفَتْحِ أَخَذَ سَعْدُ بْنُ أَبِى وَقَّاصٍ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ، فَأَقْبَلَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَأَقْبَلَ مَعَهُ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ، فَقَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِى وَقَّاصٍ هَذَا ابْنُ أَخِى، عَهِدَ إِلَىَّ أَنَّهُ ابْنُهُ. قَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا أَخِى، هَذَا ابْنُ زَمْعَةَ، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ. فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى ابْنِ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ، فَإِذَا أَشْبَهُ النَّاسِ بِعُتْبَةَ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هُوَ لَكَ، هُوَ أَخُوكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ». مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «احْتَجِبِى مِنْهُ يَا سَوْدَةُ». لِمَا رَأَى مِنْ شَبَهِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ قَالَتْ عَائِشَةُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ». وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَصِيحُ بِذَلِكَ. طرفه 2053 ـــــــــــــــــــــــــــــ 4303 - (كان عتبة بن أبي وقاص عَهِدَ إلى أخيه سعد أن [يقبض] ابن وليدة زمعة) لكن في رواية ابن منده والطبراني ما يدل على وفود معدودة من الصحابة على عادة الجاهلية، فإنَّه كان زنى بها، فألحق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الولد بالفراش، واستدلَّ به الشافعي على أن الدعوة لا تشترط (الولد للفراش وللعاهر الحجر) الرجم بالحجارة، أو يقال هذا على طريق الذم

4304 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ امْرَأَةً سَرَقَتْ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ، فَفَزِعَ قَوْمُهَا إِلَى أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ يَسْتَشْفِعُونَهُ، قَالَ عُرْوَةُ فَلَمَّا كَلَّمَهُ أُسَامَةُ فِيهَا تَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «أَتُكَلِّمُنِى فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ». قَالَ أُسَامَةُ اسْتَغْفِرْ لِى يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَلَمَّا كَانَ الْعَشِىُّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَطِيبًا، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ النَّاسَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمِ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا». ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِتِلْكَ الْمَرْأَةِ، فَقُطِعَتْ يَدُهَا، فَحَسُنَتْ تَوْبَتُهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَتَزَوَّجَتْ. قَالَتْ عَائِشَةُ فَكَانَتْ تَأْتِى بَعْدَ ذَلِكَ فَأَرْفَعُ حَاجَتَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 2648 4305، 4306 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِى مُجَاشِعٌ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بِأَخِى بَعْدَ الْفَتْحِ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، جِئْتُكَ بِأَخِى لِتُبَايِعَهُ عَلَى الْهِجْرَةِ. قَالَ «ذَهَبَ أَهْلُ الْهِجْرَةِ بِمَا فِيهَا». فَقُلْتُ عَلَى أَىِّ شَىْءٍ تُبَايِعُهُ قَالَ «أُبَايِعُهُ عَلَى الإِسْلاَمِ وَالإِيمَانِ وَالْجِهَادِ». فَلَقِيتُ أَبَا مَعْبَدٍ بَعْدُ وَكَانَ أَكْبَرَهُمَا فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ صَدَقَ مُجَاشِعٌ. طرفه 2962 ـــــــــــــــــــــــــــــ والخيبة، كما يقال: ترب بأفواه الوشاة وهو أوفق لأنَّ الرجم بالمحصَّن، وأمر سودة بالاحتجاب على سبيل التورع لظهور الأمارة. 4304 - (أن امرأة سرقت في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة الفتح) هي: فاطمة بنت الأسود بن عبد الأسود، وهذا الأسود أبوها، أول من قتل يوم بدر، فإنَّه حلف ليشربنَّ من حوض محمَّد أو ليهدمنه أو ليجوبن، فأدركه حمزة وهو يكسر الحوض فقتله، فاختلط دمه بالماء (ففزع قومها إلى أسامة) أي: التجأ إليه في الشفاعة، يقال: فزع إليه إذا التجأ إليه فَفَزَّع عنه، بالتشديد، أي: أزال عنه الفزع. 4306 - (زهير) بضم الزاي مصغر (مجاشع) ابن ميسرة، وأخوه مجالد بكسر الميم في الأوَّل والسلام في الثاني، ابنا مسعود بن ثعلبة السلمي من بني يربوع (فقلت: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، جئتك بأخي لتبايعه على الهجرة، فقال: ذهب الهجرة بما فيها) أي: من الثواب الجزيل لا يمكن إدراكه. قال ابن عبد البر: وقبراهما بالبصرة معروفان.

4307، 4308 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ النَّهْدِىِّ عَنْ مُجَاشِعِ بْنِ مَسْعُودٍ انْطَلَقْتُ بِأَبِى مَعْبَدٍ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لِيُبَايِعَهُ عَلَى الْهِجْرَةِ، قَالَ «مَضَتِ الْهِجْرَةُ لأَهْلِهَا، أُبَايِعُهُ عَلَى الإِسْلاَمِ وَالْجِهَادِ». فَلَقِيتُ أَبَا مَعْبَدٍ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ صَدَقَ مُجَاشِعٌ. وَقَالَ خَالِدٌ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ عَنْ مُجَاشِعٍ أَنَّهُ جَاءَ بِأَخِيهِ مُجَالِدٍ. طرفه 2962 4309 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قُلْتُ لاِبْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - إِنِّى أُرِيدُ أَنْ أُهَاجِرَ إِلَى الشَّأْمِ. قَالَ لاَ هِجْرَةَ وَلَكِنْ جِهَادٌ، فَانْطَلِقْ فَاعْرِضْ نَفْسَكَ، فَإِنْ وَجَدْتَ شَيْئًا وَإِلاَّ رَجَعْتَ. طرفه 3899 4310 - وَقَالَ النَّضْرُ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ سَمِعْتُ مُجَاهِدًا قُلْتُ لاِبْنِ عُمَرَ فَقَالَ لاَ هِجْرَةَ الْيَوْمَ، أَوْ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَهُ. طرفه 3899 4311 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو عَمْرٍو الأَوْزَاعِىُّ عَنْ عَبْدَةَ بْنِ أَبِى لُبَابَةَ عَنْ مُجَاهِدِ بْنِ جَبْرٍ الْمَكِّىِّ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - كَانَ يَقُولُ لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ. طرفه 3899 4312 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنِى الأَوْزَاعِىُّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِى رَبَاحٍ قَالَ زُرْتُ عَائِشَةَ مَعَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ فَسَأَلَهَا عَنِ الْهِجْرَةِ فَقَالَتْ لاَ هِجْرَةَ الْيَوْمَ، كَانَ الْمُؤْمِنُ يَفِرُّ أَحَدُهُمْ بِدِينِهِ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - مَخَافَةَ أَنْ يُفْتَنَ عَلَيْهِ، فَأَمَّا الْيَوْمَ فَقَدْ أَظْهَرَ اللَّهُ الإِسْلاَمَ، فَالْمُؤْمِنُ يَعْبُدُ رَبَّهُ حَيْثُ شَاءَ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ. طرفه 3080 ـــــــــــــــــــــــــــــ 4308 - (انطلقت بأبي معبد إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أبو معبد -بفتح الميم وسكون العين- كنية أخيه. 4309 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (غُندر) بضم الغين المعجمة وفتح الدال (عن أبي بشر) -بكسر الموحدة وشين معجمة- اسمه: جعفر.

56 - باب قول الله تعالى (ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين * ثم أنزل الله سكينته) إلى قوله (غفور رحيم)

4313 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى حَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَامَ يَوْمَ الْفَتْحِ فَقَالَ «إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مَكَّةَ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، فَهْىَ حَرَامٌ بِحَرَامِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، لَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ قَبْلِى، وَلاَ تَحِلُّ لأَحَدٍ بَعْدِى، وَلَمْ تَحْلِلْ لِى إِلاَّ سَاعَةً مِنَ الدَّهْرِ، لاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلاَ يُعْضَدُ شَوْكُهَا، وَلاَ يُخْتَلَى خَلاَهَا وَلاَ تَحِلُّ لُقَطَتُهَا إِلاَّ لِمُنْشِدٍ». فَقَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِلاَّ الإِذْخِرَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّهُ لاَ بُدَّ مِنْهُ لِلْقَيْنِ وَالْبُيُوتِ، فَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ «إِلاَّ الإِذْخِرَ فَإِنَّهُ حَلاَلٌ». وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِى عَبْدُ الْكَرِيمِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِمِثْلِ هَذَا أَوْ نَحْوِ هَذَا. رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 56 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ * ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ) إِلَى قَوْلِهِ (غَفُورٌ رَحِيمٌ) ـــــــــــــــــــــــــــــ 4313 - (إسحاق) كذا وقع غير منسوب، قال الغساني: قال الحاكم هو إسحاق بن نصر، قال: وذكر أبو نصر أن راوي أبي عاصم إسحاق بن منصور، وقد بيَّنه مسلم. قال: وقول أبي نصر أشبه (أبو عاصم) الضحاك بن مخلد (إن الله حرَّم مكة يوم خلق السموات) أي: أظهر تحريمه؛ لأنَّ الحكم قديم. باب قول الله تعالى: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ} [التوبة: 25] حنين: بضم الحاء مصغَّر، وبينه وبين مكة ثلاثة أيام، سُمِّي باسم ساكنه حنين بن قابثة بن مهلائيل. قال ابن إسحاق: وكان من حديث غزوة حنين أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما فتح مكة اجتمعت هوازن، قبيلة من قيس عيلان أبوهم هوازن بن منصور، وهم بطون نصر وجُشَيم وسعد بن بكر وكعب وكلاب، ولم يشهد معهم كعب وكلاب، واجتمعت مع هوازن ثقيف ورئيس ثقيف سبيع بن الحارث ذو الخمار، ومن بني جُشَيم دريد بن الصمة، وهو شيخ كبير أعمى يحمل في شجار تيمنًا به ولمعرفته بالحروب. وكان يلقب. . . . الحرب، وجماع

4314 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ رَأَيْتُ بِيَدِ ابْنِ أَبِى أَوْفَى ضَرْبَةً، قَالَ ضُرِبْتُهَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ حُنَيْنٍ. قُلْتُ شَهِدْتَ حُنَيْنًا قَالَ قَبْلَ ذَلِكَ. 4315 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ رضى الله عنه وَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا أَبَا عُمَارَةَ أَتَوَلَّيْتَ يَوْمَ حُنَيْنٍ فَقَالَ أَمَّا أَنَا فَأَشْهَدُ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ لَمْ يُوَلِّ، وَلَكِنْ عَجِلَ سَرَعَانُ الْقَوْمِ، فَرَشَقَتْهُمْ هَوَازِنُ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ آخِذٌ بِرَأْسِ بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ يَقُولُ «أَنَا النَّبِىُّ لاَ كَذِبْ، أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ». طرفه 2864 4316 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قِيلَ لِلْبَرَاءِ وَأَنَا ـــــــــــــــــــــــــــــ أمر الناس إلى مالك بن عوف البصري، وعزموا على المسير إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما سمع نبي الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك أرسل عبد الله بن أبي حدرد عينًا له، فدخل فيهم وعرف خبرهم. 4314 - (رأيت [بيد] عبد الله بن أبي أوفى ضربة، قال: ضُرِبتها مع النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين، قلت: شهدتها؟ قال: قبل ذلك) يتعلق بمقدر، أي: قبل حنين شهدت أيضًا، فإنَّه من أصحاب الشجرة وبيعة الرضوان. 4315 - 4316 - (يا أبا عمارة أتوليت يوم حنين؟ قال: أما أنا فأشهد على النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّه لم يول) والظاهر أن هذا السائل فهم من قوله تعالى: {ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ} [التوبة: 25] أن الفرار عام، فكان أولهم استثناء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإن كان طائفة ثبتوا معه. فإن قلت: ما وجه هذا الكلام؟ قلت: عدل عن ظاهر الجواب دفعًا للوهم بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيضًا ممن تولى، وقد فهم أن البراء تولى. (ولكن عجلت سرعان القوم فرشقهم هوازن) السرعان بفتح السين والراء، وقد تُسَكَّن الراء لفظ مفرد أوائل. [وبغلته البيضاء] أهداها له المقوقس صاحب الإسكندرية. وقيل: التي أهداها له ملك أيلة، وقيل: التي أهداها له فروة بن نفاثة -بضم النون بعدها فاء بعدها شاء مثلثة- وهذا أصح؛ لوقوعه في "مسلم" صريحًا. (أنا النبي لا كذب. . . أنا ابن عبد المطلب)

أَسْمَعُ أَوَلَّيْتُمْ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ حُنَيْنٍ فَقَالَ أَمَّا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَلاَ، كَانُوا رُمَاةً فَقَالَ «أَنَا النَّبِىُّ لاَ كَذِبْ أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ». طرفه 2864 4317 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ سَمِعَ الْبَرَاءَ - وَسَأَلَهُ رَجُلٌ مِنْ قَيْسٍ - أَفَرَرْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ حُنَيْنٍ فَقَالَ لَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَفِرَّ، كَانَتْ هَوَازِنُ رُمَاةً، وَإِنَّا لَمَّا حَمَلْنَا عَلَيْهِمِ انْكَشَفُوا، فَأَكْبَبْنَا عَلَى الْغَنَائِمِ، فَاسْتُقْبِلْنَا بِالسِّهَامِ، وَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ، وَإِنَّ أَبَا سُفْيَانَ آخِذٌ بِزِمَامِهَا وَهْوَ يَقُولُ «أَنَا النَّبِىُّ لاَ كَذِبْ». قَالَ إِسْرَائِيلُ وَزُهَيْرٌ نَزَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ بَغْلَتِهِ. طرفه 2864 4318 و 4319 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى لَيْثٌ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. وَحَدَّثَنِى إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِى ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ شِهَابٍ وَزَعَمَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ مَرْوَانَ وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَامَ حِينَ جَاءَهُ وَفْدُ هَوَازِنَ مُسْلِمِينَ، فَسَأَلُوهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِمْ ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا على دأب الشجعان يشهر نفسه، وكان بين العرب مشهور بابن عبد المطلب، فإن أباه مات وهو صغيره وقيل: كان رأى عبد المطلب منامًا يدل على ظهوره، وكانت الرؤيا مشهورة بين العرب. وقال شيخنا: وكان سيف بن ذي يزن أخبر عبد المطلب قبل أن يتزوج عبد الله أم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّه يخرج من ذرية عبد المطلب نبيُ آخر الزمان. وهذا لا يكاد يصح، فإن ورود عبد المطلب على سيف إنما كان بعد الفيل وهلاك جيشه، وأخذ اليمن من يكسوم بن أبرهة، كذا ذكره أهل السير. ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولد عام الفيل. 4317 - 4319 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين المعجمة (غندر) بضم الغين المعجمة وفتح الدال (زهير) بضم الزاي مصغر. وكذا (عقيل) (المسور بن مخرمة) بكسر الميم في الأوَّل وفتحه في الثاني (عُفير) بضم العين مصغر (إسحاق) كذا وقع غير منسوب. قال الغساني: روى عن يعقوب بن إبراهيم إسحاق بن منصور وابن راهويه، والحديث سلف في أبواب الخمس ونشير إلى بعض

أَمْوَالَهُمْ وَسَبْيَهُمْ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَعِى مَنْ تَرَوْنَ، وَأَحَبُّ الْحَدِيثِ إِلَىَّ أَصْدَقُهُ، فَاخْتَارُوا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ إِمَّا السَّبْىَ، وَإِمَّا الْمَالَ، وَقَدْ كُنْتُ اسْتَأْنَيْتُ بِكُمْ». وَكَانَ أَنْظَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، حِينَ قَفَلَ مِنَ الطَّائِفِ، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - غَيْرُ رَادٍّ إِلَيْهِمْ إِلاَّ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ قَالُوا فَإِنَّا نَخْتَارُ سَبْيَنَا. فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْمُسْلِمِينَ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ إِخْوَانَكُمْ قَدْ جَاءُونَا تَائِبِينَ، وَإِنِّى قَدْ رَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّ إِلَيْهِمْ سَبْيَهُمْ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُطَيِّبَ ذَلِكَ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَظِّهِ، حَتَّى نُعْطِيَهُ إِيَّاهُ مِنْ أَوَّلِ مَا يُفِئُ اللَّهُ عَلَيْنَا، فَلْيَفْعَلْ». فَقَالَ النَّاسُ قَدْ طَيَّبْنَا ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّا لاَ نَدْرِى مَنْ أَذِنَ مِنْكُمْ فِي ذَلِكَ مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ فَارْجِعُوا حَتَّى يَرْفَعَ إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ أَمْرَكُمْ». فَرَجَعَ النَّاسُ فَكَلَّمَهُمْ عُرَفَاؤُهُمْ ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُمْ قَدْ طَيَّبُوا وَأَذِنُوا. هَذَا الَّذِى بَلَغَنِى عَنْ سَبْىِ هَوَازِنَ. طرفه 2307 4320 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عُمَرَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا قَفَلْنَا مِنْ حُنَيْنٍ سَأَلَ عُمَرُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ نَذْرٍ كَانَ نَذَرَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ اعْتِكَافٍ، فَأَمَرَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِوَفَائِهِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ألفاظه (استأنيت) أنظرت من آن يأني، أنظرهم بهمزة القطع، يقال: نظر وأنظر وانتظر بمعنى (قفل من الطائف) رجع (عرفاؤكم) جمع عريف، على وزن كريم، مقدم القوم: العارف بأحوالهم. 4320 - (أبو النعمان) محمَّد بن الفضل، روى عنه حديث عمر نذره اعتكاف يوم في الجاهلية، تقدم مع شرحه في أبواب الاعتكاف. وأشرنا بأن أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بوفاء النذر لم يكن؛ لأنَّ ذلك النذر كان لازمًا؛ لأنَّ الإيمان شرط في العبادات، بل لأنه أراد عبادة، فلم يمنعه منها؛ لئلا يتوهم أنه من أمر الجاهلية (وقال بعضهم: حماد عن أيوب) أي: بدل معمر.

وَرَوَاهُ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 2032 4321 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ عَنْ أَبِى مُحَمَّدٍ مَوْلَى أَبِى قَتَادَةَ عَنْ أَبِى قَتَادَةَ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ حُنَيْنٍ، فَلَمَّا الْتَقَيْنَا كَانَتْ لِلْمُسْلِمِينَ جَوْلَةٌ، فَرَأَيْتُ رَجُلاً مِنَ الْمُشْرِكِينَ، قَدْ عَلاَ رَجُلاً مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَضَرَبْتُهُ مِنْ وَرَائِهِ عَلَى حَبْلِ عَاتِقِهِ بِالسَّيْفِ، فَقَطَعْتُ الدِّرْعَ، وَأَقْبَلَ عَلَىَّ فَضَمَّنِى ضَمَّةً وَجَدْتُ مِنْهَا رِيحَ الْمَوْتِ، ثُمَّ أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ فَأَرْسَلَنِى، فَلَحِقْتُ عُمَرَ فَقُلْتُ مَا بَالُ النَّاسِ قَالَ أَمْرُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. ثُمَّ رَجَعُوا وَجَلَسَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ». فَقُلْتُ مَنْ يَشْهَدُ لِى ثُمَّ جَلَسْتُ - قَالَ - ثُمَّ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَهُ فَقُمْتُ فَقُلْتُ مَنْ يَشْهَدُ لِى ثُمَّ جَلَسْتُ قَالَ ثُمَّ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَهُ، فَقُمْتُ فَقَالَ «مَالَكَ يَا أَبَا قَتَادَةَ». فَأَخْبَرْتُهُ. فَقَالَ رَجُلٌ صَدَقَ وَسَلَبُهُ عِنْدِى، فَأَرْضِهِ مِنِّى. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لاَهَا اللَّهِ، إِذًا لاَ يَعْمِدُ إِلَى أَسَدٍ مِنْ أُسْدِ اللَّهِ يُقَاتِلُ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - فَيُعْطِيَكَ سَلَبَهُ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «صَدَقَ فَأَعْطِهِ». فَأَعْطَانِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ 4321 - (عن أبي محمَّد مولى أبي قتادة) اسم المولى: نافع، واسم أبي قتادة: نعمان. وقيل غيره (كانت للمسلمين جولة) أي: اضطراب واختلاط (فضربت على حبل عاتقه) قال ابن الأثير: هو موضع الرداء من العنق. وقيل: ما بين العنق والمنكب. وقيل: عرق أو عصب هناك. وإليه يشير قوله تعالى: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [ق: 16] (فجلس النبي - صلى الله عليه وسلم -[فقال]: من قتل قتيلًا له عليه بيِّنَةٌ فله سلبه) سماه قتيلًا مجازًا بإعتبار ما يؤول إليه. ومن زعم أنَّه يجوز أن يكون حقيقة باعتبار هذا القتل فقد غلط؛ لأنَّ عند تعلق الفعل شرطه أن يكون موصوفًا بذلك الوصف كما في قولك: ضربت مضروبًا (لا ها الله) بالجر والهاء بدل واو القسم، وفيه زيادة تنبيه لا توجد في الواو. قال: (لا يعمد إلى أسدٍ من أسد الله) أي: لا يقصد (قال: صدق فأعطه). فإن قلت: قد تقدم من كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من كان له بينة، فكيف أعطاه بلا بينة؟ قلت: أشرنا سابقًا أنَّه علم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صدقه كما علم صدق حاطب، أو أقام البينة عليه أنها لم تذكر، أو كان الحق فيه للحاضرين ولم ينكر أحد، وقد سلف أنَّه شهد له آخر.

فَابْتَعْتُ بِهِ مَخْرَفًا فِي بَنِى سَلِمَةَ، فَإِنَّهُ لأَوَّلُ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ فِي الإِسْلاَمِ. طرفه 2100 4322 - وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ عَنْ أَبِى مُحَمَّدٍ مَوْلَى أَبِى قَتَادَةَ أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ نَظَرْتُ إِلَى رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُقَاتِلُ رَجُلاً مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَآخَرُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَخْتِلُهُ مِنْ وَرَائِهِ لِيَقْتُلَهُ، فَأَسْرَعْتُ إِلَى الَّذِى يَخْتِلُهُ فَرَفَعَ يَدَهُ لِيَضْرِبَنِى، وَأَضْرِبُ يَدَهُ، فَقَطَعْتُهَا، ثُمَّ أَخَذَنِى، فَضَمَّنِى ضَمًّا شَدِيدًا حَتَّى تَخَوَّفْتُ، ثُمَّ تَرَكَ فَتَحَلَّلَ، وَدَفَعْتُهُ ثُمَّ قَتَلْتُهُ، وَانْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ، وَانْهَزَمْتُ مَعَهُمْ، فَإِذَا بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي النَّاسِ، فَقُلْتُ لَهُ مَا شَأْنُ النَّاسِ قَالَ أَمْرُ اللَّهِ، ثُمَّ تَرَاجَعَ النَّاسُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى قَتِيلٍ قَتَلَهُ فَلَهُ سَلَبُهُ». فَقُمْتُ لأَلْتَمِسَ بَيِّنَةً عَلَى قَتِيلِى، فَلَمْ أَرَ أَحَدًا يَشْهَدُ لِى فَجَلَسْتُ، ثُمَّ بَدَا لِى، فَذَكَرْتُ أَمْرَهُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ جُلَسَائِهِ سِلاَحُ هَذَا الْقَتِيلِ الَّذِى يَذْكُرُ عِنْدِى فَأَرْضِهِ مِنْهُ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ كَلاَّ لاَ يُعْطِهِ أُصَيْبِغَ مِنْ قُرَيْشٍ، وَيَدَعَ أَسَدًا مِنْ أُسْدِ ـــــــــــــــــــــــــــــ (فابتعت به مخرفًا في بني سلمة) المخرف: البستان، وبنو سلمة بكسر اللام (لأوَّل مال تأثلته) أي: تحصلته. (نظرت إلى رجل من المسلمين يقاتل رجلًا من المشركين وآخر من المشركين من ورائه يختل) بالخاء المعجمة أي: يحتال في قتله. فإن قلت: تقدم في الحديث أنَّه قال: رأيت من المشركين رجلًا علا رجلًا من المسلمين! قلت: رآه يختله أولًا ثمَّ علاه. (وانهزم المسلمون وانهزمت معهم، فإذا بعمر بن الخطاب في الناس) هذا يدل على أن عمر من المنهزمين، ولكن أهل السير على أن عمر بن الخطاب من الذين ثبتوا، قال ابن هشام: ممن ثبت معه من المهاجرين: أبو بكر وعمر، ومن أهل بيته: علي والعباس وأبو سفيان بن الحارث، وابنه. اسم أبي سفيان: المغيرة، واسم ابنه: جعفر، وأسامة بن زيد وأيمن ابن أم أيمن والفضل وربيعة بن الحارث. وبعضهم عدَّ قيثم أيضًا (لا يعطه أضيبع) بضم الهمزة وضاد معجمة مصغر الضبع، الحيوان المعروف على غير قياس، وقيل: مصغَّر أضبع، وهو الذي في ضبعه قِصَر، والضبع: العضد، كني به عن الضعف؛ لأنَّ العضد مظهر القوة. ورواه أبو ذر بالصاد المهملة مصغر أصبع، وأبو زيد بالصاد المهملة وغين معجمة وهو الأسود الجلد.

57 - باب غزاة أوطاس

اللَّهِ يُقَاتِلُ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَدَّاهُ إِلَىَّ، فَاشْتَرَيْتُ مِنْهُ خِرَافًا فَكَانَ أَوَّلَ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ فِي الإِسْلاَمِ. طرفه 2100 57 - باب غَزَاةِ أَوْطَاسٍ 4323 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا فَرَغَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ حُنَيْنٍ بَعَثَ أَبَا عَامِرٍ عَلَى جَيْشٍ إِلَى أَوْطَاسٍ فَلَقِىَ دُرَيْدَ بْنَ الصِّمَّةِ، فَقُتِلَ دُرَيْدٌ وَهَزَمَ اللَّهُ أَصْحَابَهُ. قَالَ أَبُو مُوسَى وَبَعَثَنِى مَعَ أَبِى عَامِرٍ فَرُمِىَ أَبُو عَامِرٍ فِي رُكْبَتِهِ، رَمَاهُ جُشَمِىٌّ بِسَهْمٍ فَأَثْبَتَهُ فِي رُكْبَتِهِ، فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ يَا عَمِّ مَنْ رَمَاكَ فَأَشَارَ إِلَى أَبِى مُوسَى فَقَالَ ذَاكَ قَاتِلِى الَّذِى رَمَانِى. فَقَصَدْتُ لَهُ فَلَحِقْتُهُ فَلَمَّا رَآنِى وَلَّى فَاتَّبَعْتُهُ وَجَعَلْتُ أَقُولُ لَهُ أَلاَ تَسْتَحِى، أَلاَ تَثْبُتُ. فَكَفَّ فَاخْتَلَفْنَا ضَرْبَتَيْنِ بِالسَّيْفِ فَقَتَلْتُهُ ثُمَّ قُلْتُ لأَبِى ـــــــــــــــــــــــــــــ والحديث دليل الشافعي في أن القاتل يستحق سلب المقتول، والسلب مذكور في الفروع. غزوة أوطاس بفتح الهمزة: اسم موضع. وقيل: ماءٌ لبني سُليم. 4323 - لما انهزم المشركون يوم حنين وتشردوا ذهب طائفة منهم إلى الطائف وأخرى إلى بجيلة، وأخرى إلى أوطاس فَعَقَد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي عامر لواءً وأرسله خلفهم فأدركهم، وبارز أبو عامر فقُتِل بعد أن قتل منهم سبعة. وفي رواية ابن هشام تسعة وفر العاشر (فلقي دريد بن الصمة) بكسر الصاد وتشديد الميم. قال ابن هشام: قتل دريد ربيعةُ بن رُفَيْع السلمي ضربه بسيفه فلم يعمل شيئًا. فقال دريد: بئس ما سَلحتك أمك، وناوله سيفه، قال: اضرب به فوق العظام ودون الدماغ، فإني كنت هكذا أضرب أعناق الرجال. وفي رواية البزار أن قاتل دريد الزبير بن العوام والظاهر أن الزبير كان أميرًا على من قتله (رماه جشمي) -بضم الجيم وفتح الشين- نسبة إلى جشيم بن معاوية بن بكر بن هوازن، قال ابن عبد البر: الذي قتل أبا عامر؛ ابنُ دريد بن الصمة واسمه سلمة. واختلف في سن دريد لما قتل، قيل: كان ابن مائة وعشرين وقيل: مائة وستين (فاتبعته) من الإفتعال، وضبطه بعضهم: أتبعته بهمزة القطع، والأول هو الصواب؛ لأنه بهمزة القطع معناه الإدراك، وليس

58 - باب غزوة الطائف فى شوال سنة ثمان

عَامِرٍ قَتَلَ اللَّهُ صَاحِبَكَ. قَالَ فَانْزِعْ هَذَا السَّهْمَ فَنَزَعْتُهُ فَنَزَا مِنْهُ الْمَاءُ. قَالَ يَا ابْنَ أَخِى أَقْرِئِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - السَّلاَمَ، وَقُلْ لَهُ اسْتَغْفِرْ لِى. وَاسْتَخْلَفَنِى أَبُو عَامِرٍ عَلَى النَّاسِ، فَمَكَثَ يَسِيرًا ثُمَّ مَاتَ، فَرَجَعْتُ فَدَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي بَيْتِهِ عَلَى سَرِيرٍ مُرْمَلٍ وَعَلَيْهِ فِرَاشٌ قَدْ أَثَّرَ رِمَالُ السَّرِيرِ بِظَهْرِهِ وَجَنْبَيْهِ، فَأَخْبَرْتُهُ بِخَبَرِنَا وَخَبَرِ أَبِى عَامِرٍ، وَقَالَ قُلْ لَهُ اسْتَغْفِرْ لِى، فَدَعَا بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعُبَيْدٍ أَبِى عَامِرٍ». وَرَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ ثُمَّ قَالَ «اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَوْقَ كَثِيرٍ مِنْ خَلْقِكَ مِنَ النَّاسِ». فَقُلْتُ وَلِى فَاسْتَغْفِرْ. فَقَالَ «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ ذَنْبَهُ وَأَدْخِلْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُدْخَلاً كَرِيمًا». قَالَ أَبُو بُرْدَةَ إِحْدَاهُمَا لأَبِى عَامِرٍ وَالأُخْرَى لأَبِى مُوسَى. طرفه 2884 58 - باب غَزْوَةُ الطَّائِفِ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَمَانٍ قَالَهُ مُوسَى بْنُ عُقَبْةَ. 4324 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ سَمِعَ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أُمِّهَا أُمِّ سَلَمَةَ - رضى الله عنها - دَخَلَ عَلَىَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَعِنْدِى مُخَنَّثٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ المعنى عليه (على سرير مُرْمل) أي منسوج كالحصير (وعليه فراش) كذا وقع، الصواب ليس عليه فراش. (اللهم اغفر لعبيدٍ أبي عامر) الأوَّل علم والثاني كنية بدلٌ منه. غزوة الطائف قيل: بين الطائف وبين مكة مرحلتان، وإنما سمي به لأنَّ الجنة التي أخبر الله عنها بقوله: {فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ} [القلم: 19] قلعها جبريل ووضعها هناك، كانت بعد حنين في شوال سنة ثمان. قال ابن هشام: هي بلاد ثقيف وبها حصن شديد. ولما بلغ فل ثقيف إلى الطائف غلقوا الأبواب وتهيؤوا للقتال، فحاصرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيامًا ونصب عليهم من المجانيق، ثمَّ رأى منامًا، فلم يؤذن له فرحل عنها، ثمَّ أسلموا. 4324 - (عن زينب بنت أبي سلمة: دخل عليَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - وعندي مخنث) بتشديد النون

فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى أُمَيَّةَ يَا عَبْدَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الطَّائِفَ غَدًا فَعَلَيْكَ بِابْنَةِ غَيْلاَنَ، فَإِنَّهَا تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ. وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَدْخُلَنَّ هَؤُلاَءِ عَلَيْكُنَّ». قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ الْمُخَنَّثُ هِيتٌ. حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ بِهَذَا، وَزَادَ وَهْوَ مُحَاصِرٌ الطَّائِفَ يَوْمَئِذٍ. طرفاه 5235، 5887 4325 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبِى الْعَبَّاسِ الشَّاعِرِ الأَعْمَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ لَمَّا حَاصَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الطَّائِفَ فَلَمْ يَنَلْ مِنْهُمْ شَيْئًا قَالَ «إِنَّا قَافِلُونَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ». فَثَقُلَ عَلَيْهِمْ وَقَالُوا نَذْهَبُ وَلاَ نَفْتَحُهُ - وَقَالَ مَرَّةً نَقْفُلُ - فَقَالَ «اغْدُوا عَلَى الْقِتَالِ». فَغَدَوْا فَأَصَابَهُمْ جِرَاحٌ فَقَالَ «إِنَّا قَافِلُونَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ». فَأَعْجَبَهُمْ فَضَحِكَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -، وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً ـــــــــــــــــــــــــــــ مكسورة ومفتوحة، والفتح أقل، وأصله: تكسير الأعضاء كأخلاق النساء. هذا المخنث اسمه: هيت، بكسر الهاء آخره تاء مثناة من فوق، قيل: هيت: لقبه واسمه ماتع -بالميم وتاء فوقانية- وفي بعض الروايات: كان هذا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحاصر الطائف (ابنة غيلان) بغين معجمة، واسم ابنته بادية بالياء بعد الدال وقيل بالنون. أسلمت وتزوجها عبد الرحمن بن عوف. وغيلان من سادات ثقيف، أسلم وتحته عشر نسوة. فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أمسك أربعًا وفارق سائرهن". قال ابن هشام: قالت خولة بنت حكيم بن أمية يا رسول الله: إن فتح عليك الطائف أعطني حلي بادية بنت غيلان أو حُلي الفارعة بنت عقيل، وكانتا أحلى نساء ثقيف، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "وإن كان لم يؤذن لي في ثقيف؟ " ومعنى قوله: (تقبل بأربع وتدبر بثمان) أن أعكان بطنها أربع، وإذا أدبرت ترى ثمانيًا. وذكر الواقدي زيادة وهي: لها ثغر كالأقحوان، إن جلست ثبتت، وإن تكلمت تفتنت (محمود) هو ابن غيلان (أبو أسامة) بضم الهمزة. 4325 - (أبو العباس الشاعر) اسمه السائب (عن عبد الله بن عمرو) بفتح العين آخره [واو]، كذا وقع، واتفقوا على أنَّه سهو، هو ابن عمر.

فَتَبَسَّمَ. قَالَ قَالَ الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الْخَبَرَ كُلَّهُ. طرفاه 6086، 7480 4326 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَاصِمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ سَعْدًا - وَهْوَ أَوَّلُ مَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ - وَأَبَا بَكْرَةَ - وَكَانَ تَسَوَّرَ حِصْنَ الطَّائِفِ فِي أُنَاسٍ - فَجَاءَ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالاَ سَمِعْنَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ وَهْوَ يَعْلَمُ فَالْجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ». وَقَالَ هِشَامٌ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِى الْعَالِيَةِ أَوْ أَبِى عُثْمَانَ النَّهْدِىِّ قَالَ سَمِعْتُ سَعْدًا وَأَبَا بَكْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ عَاصِمٌ قُلْتُ لَقَدْ شَهِدَ عِنْدَكَ رَجُلاَنِ حَسْبُكَ بِهِمَا. قَالَ أَجَلْ أَمَّا أَحَدُهُمَا فَأَوَّلُ مَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَأَمَّا الآخَرُ فَنَزَلَ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ثَالِثَ ثَلاَثَةٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الطَّائِفِ. الحديث 4326 طرفه طرفه 6766 الحديث 4327 طرفه 6767 ـــــــــــــــــــــــــــــ 4327 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (غندر) بضم الغين ودال مهملة مفتوحة (قال الحميدي: حدثنا سفيان) الخبر كله روايته عن علي بن أبي عبد الله معنعنة وسفيان يدلس فأشار إلى أن في رواية الحميدي لفظ التحديث، وبه يزول وهم التدليس. (أبا عثمان) هو النهدي عبدًا وكان عبد للحارث بن كلدة (وأبا بكرة) نفيع بن الحارث لقب أبا بكرة؛ لأنه نزل من حصن الطائف على بكرة قال البخاري: كانوا ثلاثة وعشرين عبدًا. قال ابن هشام: لما أسلمت ثقيف سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العبيد، فقال: هم عتقاء الله، وفي الحقيقة هم عتقاء رسوله؛ لأنهم نزلوا من غير عهد، (وكان تسور حصن الطائف) التسور: الصعود بغير سلم (من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم فالجنة عليه حرام) إن اعتقد جِلَّ ذلك، فإنَّه كفر، وإلا فالمراد منه الزجر كما في نظائره.

4328 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ نَازِلٌ بِالْجِعْرَانَةِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَمَعَهُ بِلاَلٌ، فَأَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَعْرَابِىٌّ فَقَالَ أَلاَ تُنْجِزُ لِى مَا وَعَدْتَنِى. فَقَالَ لَهُ «أَبْشِرْ». فَقَالَ قَدْ أَكْثَرْتَ عَلَىَّ مِنْ أَبْشِرْ. فَأَقْبَلَ عَلَى أَبِى مُوسَى وَبِلاَلٍ كَهَيْئَةِ الْغَضْبَانِ فَقَالَ «رَدَّ الْبُشْرَى فَاقْبَلاَ أَنْتُمَا». قَالاَ قَبِلْنَا. ثُمَّ دَعَا بِقَدَحٍ فِيهِ مَاءٌ فَغَسَلَ يَدَيْهِ وَوَجْهَهُ فِيهِ، وَمَجَّ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ «اشْرَبَا مِنْهُ، وَأَفْرِغَا عَلَى وُجُوهِكُمَا وَنُحُورِكُمَا، وَأَبْشِرَا». فَأَخَذَا الْقَدَحَ فَفَعَلاَ، فَنَادَتْ أُمُّ سَلَمَةَ مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ أَنْ أَفْضِلاَ لأُمِّكُمَا. فَأَفْضَلاَ لَهَا مِنْهُ طَائِفَةً. طرفه 188 4329 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَطَاءٌ أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ أَخْبَرَ أَنَّ يَعْلَى كَانَ يَقُولُ لَيْتَنِى أَرَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ يُنْزَلُ عَلَيْهِ. قَالَ فَبَيْنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْجِعْرَانَةِ وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ قَدْ أُظِلَّ بِهِ، مَعَهُ فِيهِ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، إِذْ جَاءَهُ أَعْرَابِىٌّ عَلَيْهِ جُبَّةٌ مُتَضَمِّخٌ بِطِيبٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَرَى فِي رَجُلٍ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ فِي جُبَّةٍ بَعْدَ مَا تَضَمَّخَ بِالطِّيبِ فَأَشَارَ عُمَرُ إِلَى يَعْلَى بِيَدِهِ أَنْ تَعَالَ. فَجَاءَ يَعْلَى فَأَدْخَلَ رَأْسَهُ، فَإِذَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مُحْمَرُّ الْوَجْهِ، يَغِطُّ ـــــــــــــــــــــــــــــ 4328 - (كنت عند النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو نازل بالجعرانة) بكسر الجيم وتشديد الراء وتخفيفها (بين مكة والمدينة) اتفقوا على أنَّه وهم بل بين مكة والطائف (فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ألا تنجز لي ما وعدتني). فإن قلت: روى أبو موسى في موضع آخر هذا الحديث أن الذين قالوا: قد أكثرت من أبشر فأعطنا، هم بنو تميم، قلت: يجوز الجمع بأن يقول لهذا وأولئك أو هذا الأعرابي أيضًا من بني تميم، فتارةً أسند القول إليه وأخرى لبني تميم؛ لوقوع القول بينهم. 4329 - (ابن جريج) بضم الجيم مصغَّر، اسمه عبد الملك (جاء أعرابي عليه جُبَّة متضمخ بطيب) أي: متلطخ مع الإكثار، حديثه سلف في أول كتاب الحج في باب غسل الخلوق. (يعلى) على وزن يحيى (يغطّ) بكسر الغين المعجمة وتشديد الطاء من الغطيط، وهو الصوت الذي يخرج بشدة، كصوت النائم.

كَذَلِكَ سَاعَةً، ثُمَّ سُرِّىَ عَنْهُ فَقَالَ «أَيْنَ الَّذِى يَسْأَلُنِى عَنِ الْعُمْرَةِ آنَفًا». فَالْتُمِسَ الرَّجُلُ فَأُتِىَ بِهِ فَقَالَ «أَمَّا الطِّيبُ الَّذِى بِكَ فَاغْسِلْهُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، وَأَمَّا الْجُبَّةُ فَانْزِعْهَا، ثُمَّ اصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ كَمَا تَصْنَعُ فِي حَجِّكَ». طرفه 1536 4330 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ قَالَ لَمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ حُنَيْنٍ قَسَمَ فِي النَّاسِ فِي الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ، وَلَمْ يُعْطِ الأَنْصَارَ شَيْئًا، فَكَأَنَّهُمْ وَجَدُوا إِذْ لَمْ يُصِبْهُمْ مَا أَصَابَ النَّاسَ فَخَطَبَهُمْ فَقَالَ «يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ أَلَمْ أَجِدْكُمْ ضُلاَّلاً فَهَدَاكُمُ اللَّهُ بِى، وَكُنْتُمْ مُتَفَرِّقِينَ فَأَلَّفَكُمُ اللَّهُ بِى وَعَالَةً، فَأَغْنَاكُمُ اللَّهُ بِى». كُلَّمَا قَالَ شَيْئًا قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ. قَالَ «مَا يَمْنَعُكُمْ أَنْ تُجِيبُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -». قَالَ كُلَّمَا قَالَ شَيْئًا قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ. قَالَ «لَوْ شِئْتُمْ قُلْتُمْ جِئْتَنَا كَذَا وَكَذَا. أَتَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاةِ وَالْبَعِيرِ، وَتَذْهَبُونَ بِالنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى رِحَالِكُمْ، لَوْلاَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 4330 - (وهيب) بضم الهاء مصغر (عبّاد) بفتح العين وتشديد الباء (قسم) أي: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (في الناس في المؤلفة قلوبهم) قال ابن الأثير: هم طائفة إيمانهم ليس بثابت، يدارون بالمال، ليثبتوا عليه (فلم يُعْطِ الأنصار، فكأنهم وجدوا إذ لم يصبهم ما أصاب الناس) أي: حزنوا على ذلك. ويروى وجد بضم الواو وسكون الجيم جمع واجد كصبر في جمع صابر. قال بعض الشارحين: فإن قلت: ما فائدة هذا التكرار؟ قلت: إذا كان الأوَّل اسمًا والثاني فعلًا فهو ظاهر، أو يكون أحدهما بمعنى الغضب والآخر بمعنى الحزن. هذا كلامه، وقد التبس عليه، وذلك أن الكلام إنما هو في اختلاف النسخ [لا أن] كلاَ الكلامين واقع، وهل يقول أحد: كأنهم وجدوا كأنهم وجدوا، بل لو كان واقعًا كان الثاني تأكيدًا، ولكن ليس بواقع ولا المقام لمقام التأكيد (الله ورسوله أمنَّ) مِنَ المن بمعنى الإحسان، لا مِنَ المِنَّة (قال) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما اعترف الأنصار بمنِّه وإحسانه (لو شئتم قلتم جئتنا كذا وكذا) فسره في رواية ابن هشام: لقلتم أتيتنا بكذا فصدقناك ومخذولًا فنصرناك وطريدًا فآويناك وعائلًا فواسيناك.

الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنَ الأَنْصَارِ، وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا وَشِعْبًا لَسَلَكْتُ وَادِىَ الأَنْصَارِ وَشِعْبَهَا، الأَنْصَارُ شِعَارٌ وَالنَّاسُ دِثَارٌ، إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِى أَثَرَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِى عَلَى الْحَوْضِ». طرفه 7245 4331 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ نَاسٌ مِنَ الأَنْصَارِ حِينَ أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا أَفَاءَ مِنْ أَمْوَالِ هَوَازِنَ، فَطَفِقَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُعْطِى رِجَالاً الْمِائَةَ مِنَ الإِبِلِ فَقَالُوا يَغْفِرُ اللَّهُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُعْطِى قُرَيْشًا وَيَتْرُكُنَا، وَسُيُوفُنَا تَقْطُرُ مِنْ دِمَائِهِمْ. قَالَ أَنَسٌ فَحُدِّثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِمَقَالَتِهِمْ، فَأَرْسَلَ إِلَى الأَنْصَارِ فَجَمَعَهُمْ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ وَلَمْ يَدْعُ مَعَهُمْ غَيْرَهُمْ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا قَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِى عَنْكُمْ». فَقَالَ فُقَهَاءُ الأَنْصَارِ أَمَّا رُؤَسَاؤُنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَلَمْ يَقُولُوا شَيْئًا، وَأَمَّا نَاسٌ مِنَّا حَدِيثَةٌ أَسْنَانُهُمْ فَقَالُوا يَغْفِرُ اللَّهُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُعْطِى قُرَيْشًا وَيَتْرُكُنَا، وَسُيُوفُنَا تَقْطُرُ مِنْ دِمَائِهِمْ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «فَإِنِّى أُعْطِى رِجَالاً حَدِيثِى عَهْدٍ بِكُفْرٍ، أَتَأَلَّفُهُمْ، أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالأَمْوَالِ وَتَذْهَبُونَ بِالنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى رِحَالِكُمْ، فَوَاللَّهِ لَمَا تَنْقَلِبُونَ بِهِ خَيْرٌ مِمَّا يَنْقَلِبُونَ بِهِ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ رَضِينَا. فَقَالَ لَهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «سَتَجِدُونَ أُثْرَةً شَدِيدَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوُا اللَّهَ وَرَسُولَهُ - صلى الله عليه وسلم - فَإِنِّى عَلَى الْحَوْضِ». قَالَ أَنَسٌ فَلَمْ يَصْبِرُوا. طرفه 3146 4332 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى التَّيَّاحِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 4331 - (فطفق) أي: شرع (وسيوفنا تقطر من دمائهم) كأن الظاهر ودماؤهم تقطر من سيوفنا لكن قلبه مبالغة (حديثه أسنانهم) كناية عن الصغر، فإن السنن يعبر به عن العمر لأنَّ ما عدا الإنسان يعرف عمره بالأسنان. (ستجدون أثرة شديدة) أي: الاستيثار عليكم من الأمراء الذين يمنعونكم حقَّكم. 4332 - (حرب) ضد الصلح (عن أبي التياح) بالتاء الفوقانية وتشديد التحتانية اسم يزيد

لَمَّا كَانَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - غَنَائِمَ بَيْنَ قُرَيْشٍ. فَغَضِبَتِ الأَنْصَارُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالدُّنْيَا، وَتَذْهَبُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -». قَالُوا بَلَى. قَالَ «لَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا أَوْ شِعْبًا لَسَلَكْتُ وَادِىَ الأَنْصَارِ أَوْ شِعْبَهُمْ». طرفه 3146 4333 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا أَزْهَرُ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ أَنْبَأَنَا هِشَامُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمَ حُنَيْنٍ الْتَقَى هَوَازِنُ وَمَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - عَشَرَةُ آلاَفٍ وَالطُّلَقَاءُ فَأَدْبَرُوا قَالَ «يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ». قَالُوا لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، لَبَّيْكَ نَحْنُ بَيْنَ يَدَيْكَ، فَنَزَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «أَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ». فَانْهَزَمَ الْمُشْرِكُونَ، فَأَعْطَى الطُّلَقَاءَ وَالْمُهَاجِرِينَ وَلَمْ يُعْطِ الأَنْصَارَ شَيْئًا فَقَالُوا، فَدَعَاهُمْ فَأَدْخَلَهُمْ فِي قُبَّةٍ فَقَالَ «أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاةِ وَالْبَعِيرِ، وَتَذْهَبُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -»، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا وَسَلَكَتِ الأَنْصَارُ شِعْبًا لاَخْتَرْتُ شِعْبَ الأَنْصَارِ». طرفه 3146 4334 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ جَمَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - نَاسًا مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ «إِنَّ قُرَيْشًا حَدِيثُ عَهْدٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ (أزهر [عن] ابن عون) بالزاي المعجمة. 4333 - (ومع النبي - صلى الله عليه وسلم - عشرة آلاف) الذين جاؤوا معه من المدينة (والطلقاء) ألفان من أهل مكة، قال ابن إسحاق: لما صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل البيت ثمَّ خرج ووقف على باب الكعبة وأهل مكة حافون في المسجد الحرام فقال: "يا معشر قريش ما تقولون أني فاعل بكم؟ " قالوا: أخٌ كريم وابن أخ كريم، قال: "اذهبوا إنهم الطلقاء"، قال ابن الأثير: الطلقاء من قريش والعتقاء من ثقيف، يريد بالعتقاء الذين نزلوا من الحصن مع أبي بكرة، وكانوا ثلاثة وعشرين عبدًا. 4334 - (أن قريشًا حديث عهد) جوابه: حديثو عهد، كذا قيل ويمكن توجيه الأوَّل أي

بِجَاهِلِيَّةٍ وَمُصِيبَةٍ، وَإِنِّى أَرَدْتُ أَنْ أَجْبُرَهُمْ وَأَتَأَلَّفَهُمْ أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَرْجِعَ النَّاسُ بِالدُّنْيَا، وَتَرْجِعُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى بُيُوتِكُمْ». قَالُوا بَلَى. قَالَ «لَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا وَسَلَكَتِ الأَنْصَارُ شِعْبًا لَسَلَكْتُ وَادِىَ الأَنْصَارِ أَوْ شِعْبَ الأَنْصَارِ». طرفه 3146 4335 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ لَمَّا قَسَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قِسْمَةَ حُنَيْنٍ قَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ مَا أَرَادَ بِهَا وَجْهَ اللَّهِ. فَأَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرْتُهُ، فَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ ثُمَّ قَالَ «رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى مُوسَى، لَقَدْ أُوذِىَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ». طرفه 3150 4336 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ آثَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - نَاسًا، أَعْطَى الأَقْرَعَ مِائَةً ـــــــــــــــــــــــــــــ حديث عهدهم أو جعل قريش بمعنى الفرج (بجاهلية ومصيبة) لأنه قتل صناديدهم يوم بدر (وإني أريد أن أجيزهم) -بضم الهمزة والزاي- من الإجازة، بمعنى إعطاء الجائرة وهي العطية ويروى بفتح الهمزة والباء الموحدة. من الجبران. (بشار) بفتح الباء وتشديد المعجمة. 4335 - 4336 - (قبيصة) بفتح القاف [وكسر] الموحدة (لما قسم النبي - صلى الله عليه وسلم - وقسم قسمة حنين قال رجل من الأنصار: ما أراد بها وجه الله) هذا القائل كافر لأنَّ لا إيمان له؛ لأنَّ نسب أمين وحي الله إلى الجور في حطام الدنيا، وأما كونه من الأنصار معناه أنَّه من الأوس أو الخزرج، وكم في الأوس والخزرج من منافق؟ ألا ترى أن عبد الله بن سلول رأس الكفر من الخزرج، قالوا والصواب أن هذا ذو الخويصرة الخارجي واسمه: خرقوص بن زهير من سعد تميم. قال شيخنا: هذا خطأ، وحديث خرقوص سيأتي من رواية أبي سعيد. وهو كما قاله فإن خرقوص ليس من الأنصار بلا خلاف. قال الواقدي: هذا القائل معتب بن قشير من بني عمرو بن عوف رجل منافق. قلت: فيه بعد لأنَّ ابن عبد البر ذكره فيمن شهد بدرًا وأحدًا والعقبة.

مِنَ الإِبِلِ، وَأَعْطَى عُيَيْنَةَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَأَعْطَى نَاسًا، فَقَالَ رَجُلٌ مَا أُرِيدَ بِهَذِهِ الْقِسْمَةِ وَجْهُ اللَّهِ. فَقُلْتُ لأُخْبِرَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «رَحِمَ اللَّهُ مُوسَى. قَدْ أُوذِىَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ». طرفه 3150 4337 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ أَقْبَلَتْ هَوَازِنُ وَغَطَفَانُ وَغَيْرُهُمْ بِنَعَمِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ، وَمَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - عَشَرَةُ آلاَفٍ وَمِنَ الطُّلَقَاءِ، فَأَدْبَرُوا عَنْهُ حَتَّى بَقِىَ وَحْدَهُ، فَنَادَى يَوْمَئِذٍ نِدَاءَيْنِ لَمْ يَخْلِطْ بَيْنَهُمَا، الْتَفَتَ عَنْ يَمِينِهِ، فَقَالَ «يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ». قَالُوا لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَبْشِرْ نَحْنُ مَعَكَ. ثُمَّ الْتَفَتَ عَنْ يَسَارِهِ، فَقَالَ «يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ». قَالُوا لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَبْشِرْ نَحْنُ مَعَكَ. وَهْوَ عَلَى بَغْلَةٍ بَيْضَاءَ، فَنَزَلَ فَقَالَ «أَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ»، فَانْهَزَمَ الْمُشْرِكُونَ، فَأَصَابَ يَوْمَئِذٍ غَنَائِمَ كَثِيرَةً، فَقَسَمَ فِي الْمُهَاجِرِينَ وَالطُّلَقَاءِ وَلَمْ يُعْطِ الأَنْصَارَ شَيْئًا، فَقَالَتِ الأَنْصَارُ إِذَا كَانَتْ شَدِيدَةٌ فَنَحْنُ نُدْعَى، وَيُعْطَى الْغَنِيمَةَ غَيْرُنَا. فَبَلَغَهُ ذَلِكَ، فَجَمَعَهُمْ فِي قُبَّةٍ، فَقَالَ «يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِى عَنْكُمْ». فَسَكَتُوا فَقَالَ «يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ أَلاَ تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالدُّنْيَا، وَتَذْهَبُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَحُوزُونَهُ إِلَى بُيُوتِكُمْ». قَالُوا بَلَى. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا، وَسَلَكَتِ الأَنْصَارُ شِعْبًا لأَخَذْتُ شِعْبَ الأَنْصَارِ». فَقَالَ هِشَامٌ يَا أَبَا حَمْزَةَ، وَأَنْتَ شَاهِدٌ ذَاكَ قَالَ وَأَيْنَ أَغِيبُ عَنْهُ طرفه 3146 كان النبي - صلى الله عليه وسلم - حاصر أهل الطائف، فلم يفتح له، فرجع منها ـــــــــــــــــــــــــــــ 4337 - (معاذ بن معاذ) بضم الميم وذال معجمة فيها (ابن عون)، (لما كان يوم حنين أقبلت هوازن وغطفان) لم يذكر ابن هشام غطفان بل ثقيفًا وهو الظاهر (فأدبروا عنه حتى بقي وحده). فإن قلت: قد سلف أن جماعة ثبتوا معه منهم أصحاب أبو بكر قلت: هنا تسامح لاتفاقهم أن سفيان بن الحارث كان ثابتًا معه أخذ بعنان بغلته وأيضًا قال لعباس: نادِ أصحاب سورة البقرة.

59 - باب السرية التى قبل نجد

59 - باب السَّرِيَّةِ الَّتِى قِبَلَ نَجْدٍ 4338 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ بَعَثَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - سَرِيَّةً قِبَلَ نَجْدٍ، فَكُنْتُ فِيهَا، فَبَلَغَتْ سِهَامُنَا اثْنَىْ عَشَرَ بَعِيرًا، وَنُفِّلْنَا بَعِيرًا بَعِيرًا، فَرَجَعْنَا بِثَلاَثَةَ عَشَرَ بَعِيرًا. طرفه 3134 60 - باب بَعْثِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى بَنِى جَذِيمَةَ 4339 - حَدَّثَنِى مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ وَحَدَّثَنِى نُعَيْمٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ بَعَثَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى بَنِى جَذِيمَةَ، فَدَعَاهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ فَلَمْ يُحْسِنُوا أَنْ يَقُولُوا أَسْلَمْنَا. فَجَعَلُوا ـــــــــــــــــــــــــــــ باب السرية قِبَل نجد قد سلف أن السرية قطعة من الجيش أقصاها أربعمائة، كذا قال ابن الأثير، وقال شيخنا: أقصاها ستمائة فإن زادوا عن ذلك فهم منسر بفتح الميم وسكون النون إلى ثمانمائة وبعده جيش، ونجد: قال ابن الأثير: ولغةً ما ارتفع من الأرض، وهم اسم خاص لما دون الحجاز من أرض العراق، قال ابن سعد: كانت هذه السرية في شعبان سنة [ثمان] والأمين فيها أبو قتادة ومن معه خمسة عشر رجلًا. 4338 - (ونُفِّلنا بعيرًا بعيرًا) على بناء المجهول، وفي رواية أبي داود: نفَّلهم أميرهم، وفي رواية مسلم: نفِّلوا بعيرًا بعيرًا ولم يُغيِّره رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. باب بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - خالد بن الوليد إلى بني جذيمة بفتح الجيم وذال معجمة، قال ابن هشام: بنو جذيمة بطن من كنانة كانوا بأسفل مكة من ناحية يلملم وليسوا بني جذيمة بن عوف كما ظُنَّ، فإنهم من عبد القيس، وكانت هذه السرية بعد فتح مكة قبل الخروج إلى هوازن، فهذا يدل على أن الصواب ما في "البخاري". 4339 - (فدعاهم) أي: خالد (إلى الإِسلام فلم يحسنوا أن يقولوا أسلمنا، فجعلوا

61 - باب سرية عبد الله بن حذافة السهمى وعلقمة بن مجزز المدلجى

يَقُولُونَ صَبَأْنَا، صَبَأْنَا. فَجَعَلَ خَالِدٌ يَقْتُلُ مِنْهُمْ وَيَأْسِرُ، وَدَفَعَ إِلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنَّا أَسِيرَهُ، حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمٌ أَمَرَ خَالِدٌ أَنْ يَقْتُلَ كُلُّ رَجُلٍ مِنَّا أَسِيرَهُ فَقُلْتُ وَاللَّهِ لاَ أَقْتُلُ أَسِيرِى، وَلاَ يَقْتُلُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِى أَسِيرَهُ، حَتَّى قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرْنَاهُ، فَرَفَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَدَهُ فَقَالَ «اللَّهُمَّ إِنِّى أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ». مَرَّتَيْنِ. طرفه 7189 61 - باب سَرِيَّةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِىِّ وَعَلْقَمَةَ بْنِ مُجَزِّزٍ الْمُدْلِجِىِّ وَيُقَالُ إِنَّهَا سَرِيَّةُ الأَنْصَارِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يقولون: صبأنا صبأنا فجعل خالد يقتل ويأسر) هذا ونقل ابن هشام أن القوم أخذوا السلاح للقتال قال لهم خالد: ضعوا السلاح فإن الناس قد أسلموا، فلم يضعوا السلاح، فلا يمكن منهم عرضهم على السيف، لكن نُقِل أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرسل عليًّا بمالٍ جزيل أدى دية كل قبيلة، وفضل شيءٌ من المال أعطاهم أيضًا وقسمه فيهم، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أصبت وأحسنت (اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد) إذا كان الواجب التأني والتأمل لكن مجتهدًا أخطأ. سرية عبد الله بن حذافة وعلقمة بن مجزز المدلجي قال ابن هشام: سئل علقمة بن مجزز -بضم الميم وفتح الجيم وكسر الزاي المعجمة المشددة آخره معجمة مخففة- هذا هو الذي قال في زيد وأسامة: هذه الأقدام بعضها من بعض، فمن قال بفتح الحاء المهملة وتشديد الراء المهملة فتح وكسر فقد أخطأ، يوم ذي قرد لما قتل أخوه، سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليرسله في آثار القوم لعل أن يدرك ثأر أخيه فلما كان بعض الطريق استعمل على طائفة من الجيش عبد الله بن حذافة فهذا يدل على أن عبد الله بن حذافة وأما قول البخاري: رجل من الأنصار هذا لا يكاد يصح فإن عبد الله بن حذافة سهمي قرشي وعلقمة مدلجي والحمل على أنَّه نصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحملة، ولذلك قيل فيه: الأنصاري بعيد غيره متعارف الأقرب أن [يقال]: كانت أمه من الأنصار أو إحدى جداته، كما قالت الأنصار في العباس: ابن أختنا لأنَّ سلمى بنت عمرو كانت زوجة هاشم.

62 - باب بعث أبى موسى ومعاذ إلى اليمن قبل حجة الوداع

4340 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِى سَعْدُ بْنُ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - قَالَ بَعَثَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - سَرِيَّةً فَاسْتَعْمَلَ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُطِيعُوهُ، فَغَضِبَ فَقَالَ أَلَيْسَ أَمَرَكُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تُطِيعُونِى. قَالُوا بَلَى. قَالَ فَاجْمَعُوا لِى حَطَبًا. فَجَمَعُوا، فَقَالَ أَوْقِدُوا نَارًا. فَأَوْقَدُوهَا، فَقَالَ ادْخُلُوهَا. فَهَمُّوا، وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يُمْسِكُ بَعْضًا، وَيَقُولُونَ فَرَرْنَا إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ النَّارِ. فَمَا زَالُوا حَتَّى خَمَدَتِ النَّارُ، فَسَكَنَ غَضَبُهُ، فَبَلَغَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ». طرفاه 7145، 7257 62 - باب بَعْثُ أَبِى مُوسَى وَمُعَاذٍ إِلَى الْيَمَنِ قَبْلَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ 4341 و 4342 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَبَا مُوسَى وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ إِلَى الْيَمَنِ، قَالَ وَبَعَثَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــ 4340 - (خمدت النار) بفتح الميم، وحكى المطرزي الكسر، وأنكره الزمخشري (فسكن غضبه) قال الجوهري: خمدت النار: سكن لهبها وهذا صريح في أنَّه كان أمره القوم بدخول النار جزمًا، بخلاف ما ذكره ابن عبد البر وابن هشام أن عبد الله بن حذافة كان فيه دعابة ومزح وما أرادوا الدخول ضحك (لو دخولها ما خرجوا منها إلى يوم القيامة) هذا شيء علمه وحيًا ولا يلزم أن كل من يفعل مثله يعذب ذلك العذاب، أو يحمل على المستحل، والضمير في منها راجع إلى مطلق النار لا إلى نار الدنيا. فإن قلت: ما فائدة قوله إلى يوم القيامة؟ قلت: أراد به الأبد لما في رواية حفص: "لم يخرجوا منها أبدًا". بعث أبي موسى ومعاذ بن جبل إلى اليمن قبل حجة الوداع 4342 - (أبو عوانة) بفتح العين (أبو بردة) بضم الباء (بعث كل واحد منهما على

مِخْلاَفٍ قَالَ وَالْيَمَنُ مِخْلاَفَانِ ثُمَّ قَالَ «يَسِّرَا وَلاَ تُعَسِّرَا، وَبَشِّرَا وَلاَ تُنَفِّرَا». فَانْطَلَقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَى عَمَلِهِ، وَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِذَا سَارَ فِي أَرْضِهِ كَانَ قَرِيبًا مِنْ صَاحِبِهِ أَحْدَثَ بِهِ عَهْدًا، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَسَارَ مُعَاذٌ فِي أَرْضِهِ قَرِيبًا مِنْ صَاحِبِهِ أَبِى مُوسَى، فَجَاءَ يَسِيرُ عَلَى بَغْلَتِهِ حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهِ، وَإِذَا هُوَ جَالِسٌ، وَقَدِ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ النَّاسُ، وَإِذَا رَجُلٌ عِنْدَهُ قَدْ جُمِعَتْ يَدَاهُ إِلَى عُنُقِهِ فَقَالَ لَهُ مُعَاذٌ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ، أَيَّمَ هَذَا قَالَ هَذَا رَجُلٌ كَفَرَ بَعْدَ إِسْلاَمِهِ. قَالَ لاَ أَنْزِلُ حَتَّى يُقْتَلَ. قَالَ إِنَّمَا جِئَ بِهِ لِذَلِكَ فَانْزِلْ. قَالَ مَا أَنْزِلُ حَتَّى يُقْتَلَ فَأَمَرَ بِهِ فَقُتِلَ ثُمَّ نَزَلَ فَقَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ، كَيْفَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ قَالَ أَتَفَوَّقُهُ تَفَوُّقًا. قَالَ فَكَيْفَ تَقْرَأُ أَنْتَ يَا مُعَاذُ قَالَ أَنَامُ أَوَّلَ اللَّيْلِ فَأَقُومُ وَقَدْ قَضَيْتُ جُزْئِى مِنَ النَّوْمِ، فَأَقْرَأُ مَا كَتَبَ اللَّهُ لِى، فَأَحْتَسِبُ نَوْمَتِى كَمَا أَحْتَسِبُ قَوْمَتِى. طرفه 4345 4343 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنِ الشَّيْبَانِىِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ، فَسَأَلَهُ عَنْ أَشْرِبَةٍ تُصْنَعُ بِهَا، فَقَالَ «وَمَا هِىَ». قَالَ الْبِتْعُ وَالْمِزْرُ. فَقُلْتُ لأَبِى بُرْدَةَ مَا ـــــــــــــــــــــــــــــ مخلاف) بكسر الميم وخاء معجمة. قال ابن الأثير: هو في لغة اليمن كالرستاق في لغة العراق (قال: يسرا ولا تعسرا) جمع الأمر بالشيء والنهي عن ضده مبالغةً وتصريحًا بما علم ضمنًا (وكان كلٌّ منهما إذا سار في أرضه وكان قريبًا من صاحبه أحدث به عهدًا) أحدث فعل ماض، ومعناه: دار صاحبه (يا عبد الله بن قيس، أيُّمَ هذا) أي: أيُّ شيء، أصله أيَّما، حذف منه الألف تخفيفًا (يا عبد الله كيف تقرأ القرآن؟ قال: أتفوَّقه تفوقًا) أي: شيئًا بعد شيء، مأخوذ من فواق الناقة وهو الذمام بين الحلبتين. (قال: فكيف تقرأ؟ قال: أنام أول الليل، فقمت وقد قضيت جزئي من النوم) أي: نصيبي، قاله ابن الأثير (أحتسب نومتي كما أحتسب قومتي) لأنه نوى بنومه أن يكون بعد قضاء وطره منه ذا نشاط وأريحية. 4343 - (إسحاق) كذا وقع غير منسوب. قال الغساني: نسبه ابن السكن إسحاق بن شاهين حيث يروي عن خالد الحذاء (عن الشيباني) سليمان (البتع) بكسر الموحدة وسكون

الْبِتْعُ قَالَ نَبِيذُ الْعَسَلِ، وَالْمِزْرُ نَبِيذُ الشَّعِيرِ. فَقَالَ «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ». رَوَاهُ جَرِيرٌ وَعَبْدُ الْوَاحِدِ عَنِ الشَّيْبَانِىِّ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ. طرفه 2261 4344، 4345 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ بَعَثَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - جَدَّهُ أَبَا مُوسَى، وَمُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ فَقَالَ «يَسِّرَا وَلاَ تُعَسِّرَا، وَبَشِّرَا وَلاَ تُنَفِّرَا، وَتَطَاوَعَا». فَقَالَ أَبُو مُوسَى يَا نَبِىَّ اللَّهِ، إِنَّ أَرْضَنَا بِهَا شَرَابٌ مِنَ الشَّعِيرِ الْمِزْرُ، وَشَرَابٌ مِنَ الْعَسَلِ الْبِتْعُ. فَقَالَ «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ». فَانْطَلَقَا فَقَالَ مُعَاذٌ لأَبِى مُوسَى كَيْفَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ قَالَ قَائِمًا وَقَاعِدًا وَعَلَى رَاحِلَتِهِ وَأَتَفَوَّقُهُ تَفَوُّقًا. قَالَ أَمَّا أَنَا فَأَنَامُ وَأَقُومُ، فَأَحْتَسِبُ نَوْمَتِى كَمَا أَحْتَسِبُ قَوْمَتِى، وَضَرَبَ فُسْطَاطًا، فَجَعَلاَ يَتَزَاوَرَانِ، فَزَارَ مُعَاذٌ أَبَا مُوسَى، فَإِذَا رَجُلٌ مُوثَقٌ، فَقَالَ مَا هَذَا فَقَالَ أَبُو مُوسَى يَهُودِىٌّ أَسْلَمَ ثُمَّ ارْتَدَّ. فَقَالَ مُعَاذٌ لأَضْرِبَنَّ عُنُقَهُ. تَابَعَهُ الْعَقَدِىُّ وَوَهْبٌ عَنْ شُعْبَةَ. وَقَالَ وَكِيعٌ وَالنَّضْرُ وَأَبُو دَاوُدَ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. رَوَاهُ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنِ الشَّيْبَانِىِّ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ. طرفه 4342 4346 - حَدَّثَنِى عَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ عَائِذٍ حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ سَمِعْتُ طَارِقَ بْنَ شِهَابٍ يَقُولُ حَدَّثَنِى أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِىُّ - رضى ـــــــــــــــــــــــــــــ المثناة فوق (والمزر) بكسر الميم وتقديم المعجمة، فسَّره بأنَّه نبيذ الشعير. وفي "النسائي": المرز من الأرز، وأما نبيذ الشعير جعه على وزن عنب، بالجيم وعين مهملة آخره هاء. قاله ابن الأثير. 4345 - (وضرب فسطاطًا) أي: خالد. والفسطاط قال الزمخشري: ضرب من البيت دون السرادق. 4346 - (عباس بن الوليد) -بالباء الموحدة آخره سين مهملة- كذا قاله الغساني، وصاحب "المطالع" و (هو النرسي) -بفتح النون- نسبة إلى جدِّه. وقال الدمياطي: عياش بالمثناة تحت آخره معجمة، والأول هو الصواب، وليس له في "البخاري" إلا هذا الحديث،

الله عنه - قَالَ بَعَثَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى أَرْضِ قَوْمِى، فَجِئْتُ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُنِيخٌ بِالأَبْطَحِ فَقَالَ «أَحَجَجْتَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ». قُلْتُ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «كَيْفَ قُلْتَ». قَالَ قُلْتُ لَبَّيْكَ إِهْلاَلاً كَإِهْلاَلِكَ. قَالَ «فَهَلْ سُقْتَ مَعَكَ هَدْيًا». قُلْتُ لَمْ أَسُقْ. قَالَ «فَطُفْ بِالْبَيْتِ وَاسْعَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ حِلَّ». فَفَعَلْتُ حَتَّى مَشَطَتْ لِى امْرَأَةٌ مِنْ نِسَاءِ بَنِى قَيْسٍ، وَمَكُثْنَا بِذَلِكَ حَتَّى اسْتُخْلِفَ عُمَرُ. طرفه 1559 4347 - حَدَّثَنِى حِبَّانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ زَكَرِيَّاءَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِىٍّ عَنْ أَبِى مَعْبَدٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ «إِنَّكَ سَتَأْتِى قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَإِذَا جِئْتَهُمْ فَادْعُهُمْ إِلَى أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَإِنْ هُمْ طَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ طَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْكُمْ صَدَقَةً، تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ، فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، فَإِنْ هُمْ طَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ، فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ». ـــــــــــــــــــــــــــــ وحديث آخر تقدم في علامات النبوة. (أبو الوليد) عباس بن أبو الوليد الرقام. روى حديث أبي موسى الأشعري أنَّه قدم من اليمن حاجًّا ولم يكن ساق الهدي، فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يجعلها عمرة، ويحل. وقد سلف مرارًا في أبواب الحج. ونشير إلى بعض ألفاظه: (الأبطح) هو المحصب الوادي بين منى ومكة (ومكثنا بذلك حتى استخلف عمر) منعه عن العمرة بالتمتع فإنَّه لم يكن يرى ذلك. 4347 - (حبَّان) بكسر الحاء وتشديد الموحدة هو ابن موسى (عبد الله بن صيفي) ضد الخريف (عن أبي معبد) اسمه نافذ بالنون والفاء والذال المعجمة روى عن ابن عباس حديث معاذ لما بعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن وقد سلف في أبواب الزكاة.

63 - باب بعث على بن أبى طالب - عليه السلام - وخالد بن الوليد - رضى الله عنه - إلى اليمن قبل حجة الوداع

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (طَوَّعَتْ) طَاعَتْ وَأَطَاعَتْ لُغَةٌ، طِعْتُ وَطُعْتُ وَأَطَعْتُ. طرفه 1395 4348 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِى ثَابِتٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ أَنَّ مُعَاذًا - رضى الله عنه - لَمَّا قَدِمَ الْيَمَنَ صَلَّى بِهِمِ الصُّبْحَ فَقَرَأَ (وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً) فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ لَقَدْ قَرَّتْ عَيْنُ أُمِّ إِبْرَاهِيمَ. زَادَ مُعَاذٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ حَبِيبٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ، فَقَرَأَ مُعَاذٌ فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ سُورَةَ النِّسَاءِ فَلَمَّا قَالَ (وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً) قَالَ رَجُلٌ خَلْفَهُ قَرَّتْ عَيْنُ أُمِّ إِبْرَاهِيمَ. 63 - باب بَعْثُ عَلِىِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - وَخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ - رضى الله عنه - إِلَى الْيَمَنِ قَبْلَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ 4349 - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانُ حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِى إِسْحَاقَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ - رضى الله عنه -. بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَعَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ إِلَى الْيَمَنِ، قَالَ ثُمَّ بَعَثَ عَلِيًّا بَعْدَ ذَلِكَ مَكَانَهُ فَقَالَ مُرْ أَصْحَابَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 4348 - (حبيب) ضد العدو (لقد قرت عين أم إبراهيم) كناية عن غاية السرور؛ لأنَّ الإنسان إذا سُرَّ غاية السرور يبكي ودمع بكاء السرور بارد. قال بعض الشارحين: قرت: يحتمل الدعاء والإخبار بخلاف: لقد قرت، وهذا وهم فإن هذه قضية واحدة، وحذف اللام إنما هو من بعض الرواة، وأيضًا إذا أخبر الله عن إبراهيم بأنَّه اتخذه خليلًا فأيُّ وجه للدعاء بأن تقر عين بعد موتها بألف سنة. بعث علي بن أبي طالب وخالد بن الوليد إلى اليمن بعث أولًا خالدًا، ثمَّ بعث عليًّا مكانه، وكان بعث علي بعد قسمته الغنائم بالجعرانة. وسببه: أن خالدًا كتب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أبعث إلينا من خمس الغنيمة. 4349 - (شريح) بضم الشين مصغر شرح (فقال) أي: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (مر أصحاب

خَالِدٍ، مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ أَنْ يُعَقِّبَ مَعَكَ فَلْيُعَقِّبْ، وَمَنْ شَاءَ فَلْيُقْبِلْ. فَكُنْتُ فِيمَنْ عَقَّبَ مَعَهُ، قَالَ فَغَنِمْتُ أَوَاقٍ ذَوَاتِ عَدَدٍ. 4350 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ سُوَيْدِ بْنِ مَنْجُوفٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - قَالَ بَعَثَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلِيًّا إِلَى خَالِدٍ لِيَقْبِضَ الْخُمُسَ وَكُنْتُ أُبْغِضُ عَلِيًّا، وَقَدِ اغْتَسَلَ، فَقُلْتُ لِخَالِدٍ أَلاَ تَرَى إِلَى هَذَا فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ «يَا بُرَيْدَةُ أَتُبْغِضُ عَلِيًّا». فَقُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «لاَ تُبْغِضْهُ فَإِنَّ لَهُ فِي الْخُمُسِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ». 4351 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ شُبْرُمَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى نُعْمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ يَقُولُ بَعَثَ عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ - رضى الله عنه - إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْيَمَنِ بِذُهَيْبَةٍ فِي أَدِيمٍ مَقْرُوظٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ خالد من شاء أن يعقِّب معك فليعقب) بضم الياء وكسر القاف المشددة من التعقيب، وله معنيان: أحدهما: أن يفرَّ من العدو خداعًا ثمَّ يعود إليه. والثاني: أن يغزوا غزوة بعد أخرى وهذا مراد الحديث (أواقي ذوات العدو) بتشديد الياء وتخفيفها جمع أوقية أو وقية، وذوات العدد يحتمل القلة والكثرة. 4350 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (روح) بفتح الراء وسكون الواو (عبادة) بضم العين وتخفيف الباء (منجوف) بفتح الميم وسكون النون وضم الجيم (بريدة) بضم الباء مصغر (وكنت أُبْغِضُ عليًّا وقد اغتسل) لأنَّ اغتساله كان من إصابة جارية من الخمس فرد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليه بأن لعلي في الخمس أكثر من تلك الجارية. قال الخطابي: وفيه إشكالان، الأوَّل: أن عليًّا كيف قسم الخمس؟ الثاني: كيف حل له ذلك قبل الاستبراء؟ ودفع الأوَّل: بأنَّه كان قائمًا مقام الإمام، والثاني بأنها ربما كانت غير بالغة أو بكرًا. وإنما أقول ليس في الحديث: أن ذلك كان قبل الاستبراء، والاستبراء يكون بعد حيضة وأقلها يوم وليلة. 4351 - (قتيبة بن سعيد) بضم القاف مصغر (عمارة بن القعقاع بن شبرمة) بضم العين وتخفيف الميم والقاف والعين المكررتين وضم الشين وسكون الموحدة. (بعث علي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذُهيبة) بضم الذال مصغر (في أديم مقروظ) أي: مدبوغ

لَمْ تُحَصَّلْ مِنْ تُرَابِهَا، قَالَ فَقَسَمَهَا بَيْنَ أَرْبَعَةِ نَفَرٍ بَيْنَ عُيَيْنَةَ بْنِ بَدْرٍ، وَأَقْرَعَ بْنِ حَابِسٍ وَزَيْدِ الْخَيْلِ، وَالرَّابِعُ إِمَّا عَلْقَمَةُ وَإِمَّا عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ كُنَّا نَحْنُ أَحَقَّ بِهَذَا مِنْ هَؤُلاَءِ. قَالَ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «أَلاَ تَأْمَنُونِى وَأَنَا أَمِينُ مَنْ فِي السَّمَاءِ، يَأْتِينِى خَبَرُ السَّمَاءِ صَبَاحًا وَمَسَاءً». قَالَ فَقَامَ رَجُلٌ غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ، مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ، نَاشِزُ الْجَبْهَةِ، كَثُّ اللِّحْيَةِ، مَحْلُوقُ الرَّأْسِ، مُشَمَّرُ الإِزَارِ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، اتَّقِ اللَّهَ. قَالَ «وَيْلَكَ أَوَلَسْتُ أَحَقَّ أَهْلِ الأَرْضِ أَنْ يَتَّقِىَ اللَّهَ». قَالَ ثُمَّ وَلَّى الرَّجُلُ، قَالَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلاَ أَضْرِبُ عُنُقَهُ قَالَ «لاَ، لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ يُصَلِّى». فَقَالَ خَالِدٌ وَكَمْ مِنْ مُصَلٍّ يَقُولُ بِلِسَانِهِ مَا لَيْسَ فِي قَلْبِهِ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنِّى لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ قُلُوبَ النَّاسِ، وَلاَ أَشُقَّ بُطُونَهُمْ» قَالَ ثُمَّ نَظَرَ إِلَيْهِ وَهْوَ مُقَفٍّ فَقَالَ «إِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا قَوْمٌ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ رَطْبًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ بالقرظ، وهو ورق السلم (لم تُحَصَّل) -بضم التاء- أي: لم تخلص من ترابها ولم تخلص؟ (فقسمها بين أربعة نفر: عيينة بن حصن) الفزاري (وأقرع بن حابس) التميمي (وزيد الخيل) الطائي (والرابع: إما علقمة) ابن علاثة بضم العين وثاء مثلثة التميمي (وإما عامر بن الطفيل) عامر غلط فإنَّه وفد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يؤمن فلما خرج طعن في بيت السلولية وانتقل إلى ظهر فرسه كراهية أن يموت في بيت السلولية فمات على ظهر فرسه ثمَّ سقط إلى نار جهنم. (فقام رجل غائر العينين مشرف الوجنتين ناشز الجبهة) بالزاي المعجمة: المرتفع وروي بالراء المهملة والمعنى قريب (كثُّ اللحية محلوق الرأس مشمر الإزار) أقبح الناس شكلًا وهيئةً وأكفرهم قلبًا (قال خالد بن الوليد يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ألا أضرب عنقه قال: لا لعله يصلي) وفيه إشارة إلى أن تارك الصلاة يُقتل كما قاله الشافعي وأحمد وقد سلف في علامات النبوة أن القائل عمر وأشرنا إلى جواز الجمع (إن لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس) بفتح الهمزة ورواه ابن ماهان بضم الهمزة وتشديد النون، يقال: نقب ونقب إذا كشف (يخرج من ضئضيء) بكسر المعجمة المكررة على وزن القنديل، وبكسر الأولى وفتح الثانية وبضمهما ضؤضؤ، وبصادين مهملتين، ذكر ابن الأثير أن المعنى أصل الشيء وهذا هو ذو الخويصرة واسمه خرقوص (يتلون كتاب الله رطبًا) يداومون على تلاوته فإن من يكثر الكلام يكون فمه

لاَ يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ». وَأَظُنُّهُ قَالَ «لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ ثَمُودَ». طرفه 3344 4352 - حَدَّثَنَا الْمَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ عَطَاءٌ قَالَ جَابِرٌ أَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلِيًّا أَنْ يُقِيمَ عَلَى إِحْرَامِهِ. زَادَ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ عَطَاءٌ قَالَ جَابِرٌ فَقَدِمَ عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ رضى الله عنه بِسِعَايَتِهِ، قَالَ لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «بِمَ أَهْلَلْتَ يَا عَلِىُّ». قَالَ بِمَا أَهَلَّ بِهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «فَأَهْدِ وَامْكُثْ حَرَامًا كَمَا أَنْتَ». قَالَ وَأَهْدَى لَهُ عَلِىٌّ هَدْيًا. طرفه 1557 ـــــــــــــــــــــــــــــ رطبًا، فالكلام مجاز (لا يجاوز حناجرهم) قيل لا يرفع لهم عمل إلى الله وهذا صحيح، ولكن ليس معنى التركيب بل المعنى أن التلاوة إنما هي بأفواههم وليس لقلوبهم منه نصيب (لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل ثمود) وسلف في قصة ثمود قتل عاد بدل ثمود، ولا منافاة؛ لأنَّ المراد استئصالهم فيصح كل منهما، وإنما لم يقتل ذو الخويصرة؛ لأنه لم يكن مأمورًا بذلك، ولأنه: أخبر أنَّه يخرج من ذريته أقوام فلا سبيل إلى قتله وما قيل: إنما [لم] يقتله لأنَّ ما قاله ليس كبيرة فهو من قائله؛ لأنَّ نسبته إلى ترك العدل كفر. 4352 - (ابن جريج) بضم الجيم، واسمه: عبد الملك، روى أن (عليًّا قدم من اليمن بسعاتيه، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: بم أهللت؟ قال بما أهل به النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: فأهد وامكث حرامًا) هذا يدل على عدم حلِّه، إنما كان لقوله: أهل بما أَهل به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وليس كذلك؛ لأنه تقدم آنفًا أن أبا موسى أيضًا قال كذلك، أمره بأن يحل؛ لأنه لم يكن معه هدي، قال ابن هشام: ولم يكن مع علي هديًا فأمره بأن يحل ولم يفعل وقال: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إنما أهللت كإهلالك، فأشركه في الهدي وأمره بالإمساك. فإن قلت: ما معنى قوله: قدم علي بسعايته؟ قلت: معناه بمالٍ حصلَّه من ولايته؛ لأنَّ سعاية الصدقة عليه حرام، كذا قيل. وفيه نظر؛ لأنَّ الصدقة هي التي حرمت عليه، لا السعي يحصلها.

64 - باب غزوة ذى الخلصة

4354، 4354 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ حَدَّثَنَا بَكْرٌ أَنَّهُ ذَكَرَ لاِبْنِ عُمَرَ أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ، فَقَالَ أَهَلَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْحَجِّ، وَأَهْلَلْنَا بِهِ مَعَهُ، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ قَالَ «مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْىٌ فَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً». وَكَانَ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - هَدْىٌ، فَقَدِمَ عَلَيْنَا عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ مِنَ الْيَمَنِ حَاجًّا فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «بِمَ أَهْلَلْتَ فَإِنَّ مَعَنَا أَهْلَكَ». قَالَ أَهْلَلْتُ بِمَا أَهَلَّ بِهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ «فَأَمْسِكْ، فَإِنَّ مَعَنَا هَدْيًا». 64 - باب غَزْوَةُ ذِى الْخَلَصَةِ 4355 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا خَالِدٌ حَدَّثَنَا بَيَانٌ عَنْ قَيْسٍ عَنْ جَرِيرٍ قَالَ كَانَ بَيْتٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يُقَالُ لَهُ ذُو الْخَلَصَةِ وَالْكَعْبَةُ الْيَمَانِيَةُ وَالْكَعْبَةُ الشَّأْمِيَّةُ، فَقَالَ لِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَلاَ تُرِيحُنِى مِنْ ذِى الْخَلَصَةِ». فَنَفَرْتُ فِي مِائَةٍ وَخَمْسِينَ رَاكِبًا، فَكَسَرْنَاهُ وَقَتَلْنَا مَنْ وَجَدْنَا عِنْدَهُ، فَأَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرْتُهُ، فَدَعَا لَنَا وَلأَحْمَسَ. طرفه 3020 ـــــــــــــــــــــــــــــ 4354 - (بشر بن المفضل) بكسر الموحدة وشين معجمة، والمفضل بفتح الضاد المشددة. غزوة ذي الخَلَصَةِ بفتح الخاء واللام، وقد يضمان. 4355 - 4356 - 4357 - (كان بيت في الجاهلية يقال له: ذو الخلصة، والكعبة اليمانية والكعبة الشامية) ظاهر هذه العبارة يوهم أن الثلاثة اسم لذلك البيت، وليس كذلك، بل المعنى أن ذلك البيت كان يقال له: ذو الخلصة، يكون صنم فيه اسمه: خلصة. قال الجوهري: ويقال له أيضًا: الكعبة اليمانية؛ لأنه في مقابلة الكعبة الشامية، وهي التي بناها خليل الله. وتقدير الكلام: والكعبة الشامية هي التي بمكة؛ على أن الخبر محذوف، ويجوز أن يكون: والكعبة الشامية جملة في موضع الحال، وقال شيخنا: ويجوز أن يكون ما في الكتاب على ظاهره، وذلك أن الكعبة اليمانية كان بَابُها إلى جهة الشام، وهذا مع بُعدِه يتوقف على كون الباب وأنى له ثبوت ذلك؟! (فدعا لنا ولأحمس) أي: لكل أحمس، فإن

4356 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا قَيْسٌ قَالَ قَالَ لِى جَرِيرٌ - رضى الله عنه - قَالَ لِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَلاَ تُرِيحُنِى مِنْ ذِى الْخَلَصَةِ». وَكَانَ بَيْتًا فِي خَثْعَمَ يُسَمَّى الْكَعْبَةَ الْيَمَانِيَةَ، فَانْطَلَقْتُ فِي خَمْسِينَ وَمِائَةِ فَارِسٍ مِنْ أَحْمَسَ، وَكَانُوا أَصْحَابَ خَيْلٍ، وَكُنْتُ لاَ أَثْبُتُ عَلَى الْخَيْلِ، فَضَرَبَ فِي صَدْرِى حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ أَصَابِعِهِ فِي صَدْرِى، وَقَالَ «اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ، وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا». فَانْطَلَقَ إِلَيْهَا فَكَسَرَهَا وَحَرَّقَهَا، ثُمَّ بَعَثَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ رَسُولُ جَرِيرٍ وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا جِئْتُكَ حَتَّى تَرَكْتُهَا كَأَنَّهَا جَمَلٌ أَجْرَبُ. قَالَ فَبَارَكَ فِي خَيْلِ أَحْمَسَ وَرِجَالِهَا خَمْسَ مَرَّاتٍ. طرفه 3020 4357 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِى خَالِدٍ عَنْ قَيْسٍ عَنْ جَرِيرٍ قَالَ قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَلاَ تُرِيحُنِى مِنْ ذِى الْخَلَصَةِ». فَقُلْتُ بَلَى. فَانْطَلَقْتُ فِي خَمْسِينَ وَمِائَةِ فَارِسٍ مِنْ أَحْمَسَ وَكَانُوا أَصْحَابَ خَيْلٍ وَكُنْتُ لاَ أَثْبُتُ عَلَى الْخَيْلِ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَضَرَبَ يَدَهُ عَلَى صَدْرِى حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ يَدِهِ فِي صَدْرِى وَقَالَ «اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا». قَالَ فَمَا وَقَعْتُ عَنْ فَرَسٍ بَعْدُ. قَالَ وَكَانَ ذُو الْخَلَصَةِ بَيْتًا بِالْيَمَنِ لِخَثْعَمَ وَبَجِيلَةَ، فِيهِ نُصُبٌ تُعْبَدُ، يُقَالُ لَهُ الْكَعْبَةُ. قَالَ فَأَتَاهَا فَحَرَّقَهَا بِالنَّارِ وَكَسَرَهَا. طرفه 3020 قَالَ وَلَمَّا قَدِمَ جَرِيرٌ الْيَمَنَ كَانَ بِهَا رَجُلٌ يَسْتَقْسِمُ بِالأَزْلاَمِ فَقِيلَ لَهُ إِنَّ رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - هَا هُنَا فَإِنْ قَدَرَ عَلَيْكَ ضَرَبَ عُنُقَكَ. قَالَ فَبَيْنَمَا هُوَ يَضْرِبُ بِهَا إِذْ وَقَفَ عَلَيْهِ جَرِيرٌ فَقَالَ لَتَكْسِرَنَّهَا وَلَتَشْهَدَنَّ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ أَوْ لأَضْرِبَنَّ عُنُقَكَ. قَالَ فَكَسَرَهَا وَشَهِدَ، ثُمَّ بَعَثَ جَرِيرٌ رَجُلاً مِنْ أَحْمَسَ يُكْنَى أَبَا أَرْطَاةَ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يُبَشِّرُهُ بِذَلِكَ، فَلَمَّا أَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا جِئْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــ جريرًا ورفقه أيضًا من أحمس، قال ابن الأثير: الحمس: قريش وكنانة وجذيلة قيس، وجذيلة -من حمير- اسم أمهم، وهؤلاء أولاد أحمس بن الغوث بن أنمار من نسل ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان، وكان ينافي خثعم بن أنمار أخو الغوث (كان ذو الخلصة بيتًا لخثعم وبجيلة) بالجيم على وزن فتيلة. أخو خثعم بطن من أحمس (ثمَّ بعث رجلًا يكنى أبا أرطاة) بفتح الهمزة، اسمه: حصين.

65 - باب غزوة ذات السلاسل

حَتَّى تَرَكْتُهَا كَأَنَّهَا جَمَلٌ أَجْرَبُ. قَالَ فَبَرَّكَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى خَيْلِ أَحْمَسَ وَرِجَالِهَا خَمْسَ مَرَّاتٍ. 65 - باب غَزْوَةُ ذَاتِ السَّلاَسِلِ وَهْىَ غَزْوَةُ لَخْمٍ وَجُذَامَ. قَالَهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِى خَالِدٍ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ يَزِيدَ عَنْ عُرْوَةَ هِىَ بِلاَدُ بَلِىٍّ وَعُذْرَةَ وَبَنِى الْقَيْنِ. 4358 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السَّلاَسِلِ قَالَ فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ أَىُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ «عَائِشَةُ». قُلْتُ مِنَ الرِّجَالِ قَالَ «أَبُوهَا». قُلْتُ ثُمَّ مَنْ قَالَ «عُمَرُ». فَعَدَّ رِجَالاً فَسَكَتُّ مَخَافَةَ أَنْ يَجْعَلَنِى فِي آخِرِهِمْ. طرفه 3662 ـــــــــــــــــــــــــــــ غزوة ذات السلاسل كانت هذه الغزوة سنة سبع، وقيل: ثمان. قال البخاري: كانت إلى لخم وجذام، ونقل عن ابن إسحاق أنها كانت إلى بلي وعذرة، قال ابن هشام: إنما أمَّر على الجيش عمرو بن العاص؛ لأنَّ أمه كانت من بلي فيستألفهم، وكان الغرض أن يستنفر العرب إلى الشام فلما بلغ ما يسمى سلسل بضم السين. ولذلك قيل لتلك الغزوة: ذات السلاسل، وقيل: لأنهم رابطوا فيها الأسرى في السلاسل، وعن الأزهري: السلاسل جبل بالدهناء. وقيل: لأنَّ المشركين كانوا قد ارتبطوا بعضهم ببعض لكيلا يفروا، فأرسل عمرو يستمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمده بجيش فيهم أبو بكر وعمر والأمير عليهم أبو عبيدة، فلما تلاقوا قال عمرو: أنا الأمير وأنتم مدد؟ وقال أبو عبيدة: أنا أمير جيشي وأنت أمير جيشك فتقاولا فقال أبو عبيدة: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا تختلفا وإن لم توافقنا وافقتك وصلَّى عمرو بالناس. 4358 - (إسحاق): كذا وقع غير منسوب واتفقوا على أنَّه إسحاق بن شاهين أبو بشر الواسطي، يروي أن خالد بن عبد الله الطحان. فإن قلت: قول أبي عثمان: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمرو بن العاص على جيش، حديث مرسل قلت: قول أبي عثمان في آخر الحديث: إن عمرًا قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من أحب الناس إليك؟ أخرجه عن الإرسال لأنَّ أبا عثمان له رواية عن عمرو.

66 - باب ذهاب جرير إلى اليمن

66 - باب ذَهَابُ جَرِيرٍ إِلَى الْيَمَنِ 4359 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ الْعَبْسِىُّ حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِى خَالِدٍ عَنْ قَيْسٍ عَنْ جَرِيرٍ قَالَ كُنْتُ بِالْبَحْرِ فَلَقِيتُ رَجُلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ ذَا كَلاَعٍ وَذَا عَمْرٍو، فَجَعَلْتُ أُحَدِّثُهُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لَهُ ذُو عَمْرٍو لَئِنْ كَانَ الَّذِى تَذْكُرُ مِنْ أَمْرِ صَاحِبِكَ، لَقَدْ مَرَّ عَلَى أَجَلِهِ مُنْذُ ثَلاَثٍ. وَأَقْبَلاَ مَعِى حَتَّى إِذَا كُنَّا فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ رُفِعَ لَنَا رَكْبٌ مِنْ قِبَلِ الْمَدِينَةِ فَسَأَلْنَاهُمْ فَقَالُوا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ وَالنَّاسُ صَالِحُونَ. فَقَالاَ أَخْبِرْ صَاحِبَكَ أَنَّا قَدْ جِئْنَا وَلَعَلَّنَا سَنَعُودُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَرَجَعَا إِلَى الْيَمَنِ فَأَخْبَرْتُ أَبَا بَكْرٍ بِحَدِيثِهِمْ قَالَ أَفَلاَ جِئْتَ بِهِمْ. فَلَمَّا كَانَ بَعْدُ قَالَ لِى ذُو عَمْرٍو يَا جَرِيرُ إِنَّ بِكَ عَلَىَّ كَرَامَةً، وَإِنِّى مُخْبِرُكَ خَبَرًا، إِنَّكُمْ مَعْشَرَ الْعَرَبِ لَنْ تَزَالُوا بِخَيْرٍ مَا كُنْتُمْ إِذَا هَلَكَ أَمِيرٌ تَأَمَّرْتُمْ فِي آخَرَ، فَإِذَا كَانَتْ بِالسَّيْفِ كَانُوا مُلُوكًا يَغْضَبُونَ غَضَبَ الْمُلُوكِ وَيَرْضَوْنَ رِضَا الْمُلُوكِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ذهاب جرير إلى اليمن 4359 - (العبسي) بالباء الموحدة، نسبة إلى القبيلة (ابن إدريس) عبد الله الأودي (عن جرير قال: كنت باليمن فلقيت رجلين من أهل اليمن ذا كلاع وذا عمرو) قال ابن عبد البرَّ: أرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جريرًا إلى ذي كلاع وذي عمرو، وهما من سادات اليمن، فدعاهما إلى الإِسلام، فأسلما، فأراد القدوم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكان من الأمر ما ذكره البخاري (قال جرير: فجعلت أحدثهم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: عن شأنه من صفاته وأخلاقه وعمره (فقال ذو عمرو: لئن كان الذي تذكر من أمر صاحبك حقًّا لقد مَرَّ على أجله منذ ثلاث). فإن قلت: هذا إخبار عن الغيب! قلت: إن كانا مسلمين كما ذكرنا فلا بُعْد أن يكون بإلهام من الله، وإن كانا كافرين فربما كان ذلك في الكتب متوارثًا عندهم كما أخبر سيف بن ذي يزن عبد المطلب بصفات رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وأما الحمل على أنَّه سمع من بعض من قدم من المدينة سِرًّا أو أنَّه كان كاهنًا ففيه بُعْدٌ. كيف لا وذا عمرو إنما استدلَّ له على موته بصفاتها التي سمعها من جرير في رواية من يصلح.

67 - باب غزوة سيف البحر وهم يتلقون عيرا لقريش وأميرهم أبو عبيدة

67 - باب غَزْوَةُ سِيفِ الْبَحْرِ وَهُمْ يَتَلَقَّوْنَ عِيرًا لِقُرَيْشٍ وَأَمِيرُهُمْ أَبُو عُبَيْدَةَ 4360 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعْثًا قِبَلَ السَّاحِلِ وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ وَهُمْ ثَلاَثُمِائَةٍ، فَخَرَجْنَا وَكُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ فَنِىَ الزَّادُ فَأَمَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِأَزْوَادِ الْجَيْشِ، فَجُمِعَ فَكَانَ مِزْوَدَىْ تَمْرٍ، فَكَانَ يَقُوتُنَا كُلَّ يَوْمٍ قَلِيلٌ قَلِيلٌ حَتَّى فَنِىَ، فَلَمْ يَكُنْ يُصِيبُنَا إِلاَّ تَمْرَةٌ تَمْرَةٌ فَقُلْتُ مَا تُغْنِى عَنْكُمْ تَمْرَةٌ فَقَالَ لَقَدْ وَجَدْنَا فَقْدَهَا حِينَ فَنِيَتْ. ثُمَّ انْتَهَيْنَا إِلَى الْبَحْرِ، فَإِذَا حُوتٌ مِثْلُ الظَّرِبِ فَأَكَلَ مِنْهَا الْقَوْمُ ثَمَانَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، ثُمَّ أَمَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِضِلَعَيْنِ مِنْ أَضْلاَعِهِ فَنُصِبَا، ثُمَّ أَمَرَ بِرَاحِلَةٍ فَرُحِلَتْ ثُمَّ مَرَّتْ تَحْتَهُمَا فَلَمْ تُصِبْهُمَا. طرفه 2483 ـــــــــــــــــــــــــــــ غزوة سيف البحر يلقون عيرًا لقريش والسيف: -بكسر السين-: ساحل البر، والعير في الأصل إبل تحمل الميرة ثمَّ اتسع فيه (وأميرهم أبو عبيدة) عامر بن الجراح (وكانوا ثلاثمائة) وفيهم عمر بن الخطاب، كذا نقله ابن الملقن في "شرحه". 4360 - (فأمر أبو عبيدة بأزواد الجيش، فكان مزود تمر) بكسر الميم ما يُجعل فيه الزاد كالجراب (وكان يقوتنا) بضم الياء وتشديد الواو، وكذا مخففًا (فلم يكن يُصيبنا إلا تمرة تمرة، فقلت: "وما تغني تمرة؟ فقال: لقد وجدنا فقدها") أي: أثر فقدها. قال في الرواية الأخرى: كنا نمصُّها ونشرب عليها الماء (فإذا حوت مثل الظرب) بفتح الظاء المعجمة وكسر الراء. قال الجوهري: هو الرواية (فأكل منه القوم ثماني عشر ليلة) وفي رواية مسلم: أكلنا منه شهرًا (ثمَّ أمر بضلعين من أضلاعه) قيل: صوابه نصبتا فنصبان الضلع مؤنث، وأجاب بعضهم بأنَّه يجوز ذلك؛ لأنَّ المؤنث غير حقيقي، وهذا سهوٌ؛ لأنَّ الاستثناء إلى الضمير لا يتفاوت في الحقيقي وغيره. والحق أن الضلع يذكر ويؤنث كما في الحديث: "إن المرأة خلقت من ضلع أعوج".

4361 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ الَّذِى حَفِظْنَاهُ مِنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثَلاَثَمِائَةِ رَاكِبٍ أَمِيرُنَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ نَرْصُدُ عِيرَ قُرَيْشٍ، فَأَقَمْنَا بِالسَّاحِلِ نِصْفَ شَهْرٍ فَأَصَابَنَا جُوعٌ شَدِيدٌ حَتَّى أَكَلْنَا الْخَبَطَ، فَسُمِّىَ ذَلِكَ الْجَيْشُ جَيْشَ الْخَبَطِ، فَأَلْقَى لَنَا الْبَحْرُ دَابَّةً يُقَالُ لَهَا الْعَنْبَرُ، فَأَكَلْنَا مِنْهُ نِصْفَ شَهْرٍ وَادَّهَنَّا مِنْ وَدَكِهِ حَتَّى ثَابَتْ إِلَيْنَا أَجْسَامُنَا، فَأَخَذَ أَبُو عُبَيْدَةَ ضِلَعًا مِنْ أَضْلاَعِهِ فَنَصَبَهُ فَعَمَدَ إِلَى أَطْوَلِ رَجُلٍ مَعَهُ - قَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً ضِلَعًا مِنْ أَعْضَائِهِ فَنَصَبَهُ وَأَخَذَ رَجُلاً وَبَعِيرًا - فَمَرَّ تَحْتَهُ قَالَ جَابِرٌ وَكَانَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ نَحَرَ ثَلاَثَ جَزَائِرَ، ثُمَّ نَحَرَ ثَلاَثَ جَزَائِرَ، ثُمَّ نَحَرَ ثَلاَثَ جَزَائِرَ، ثُمَّ إِنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ نَهَاهُ. وَكَانَ عَمْرٌو يَقُولُ أَخْبَرَنَا أَبُو صَالِحٍ أَنَّ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ قَالَ لأَبِيهِ كُنْتُ فِي الْجَيْشِ فَجَاعُوا. قَالَ انْحَرْ. قَالَ نَحَرْتُ. قَالَ ثُمَّ جَاعُوا قَالَ انْحَرْ. قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 4361 - (فأصابنا جوع شديد، حتى أكلنا الخبط) -بفتح الخاء المعجمة والباء الموحدة- ما سقط من الورق، وبسكون الباء مصدر خبط إذا ضرب الشجر ليسقط ورقه (وادهنا من ودكه) -بفتح الواو والدال- الشحم الذي على اللحم لا غير (أن قيس بن سعد بن عبادة قال لأبيه: كنتُ في الجيش فجاعوا، قال: انحر) قال ذلك ثلاث مرات، وأبوه يعيد قوله: انحر. فإن قلت: أبوه لم يكن حاضرًا معه في ذلك الجيش، فما معنى قوله: انحر؟ قلت: لما سمع مقالة ابنه أن القوم جاعوا جعل نفسه كأنه حاضرًا. وأنا أسمعك بعض فضائل هذا السيد المفضال. قال ابن عبد البر رواية عن جابر: كنا في بعث وعلينا قيس بن سعد، فنحر لنا تسع ركائب، فلما قدمنا ذكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "إن الجود من شيمة ذلك البيت". . . . وقال أنس: كان قيس عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمثابة صاحب الشرطة من الأمير.

نَحَرْتُ. قَالَ ثُمَّ جَاعُوا قَالَ انْحَرْ. قَالَ نَحَرْتُ ثُمَّ جَاعُوا قَالَ انْحَرْ. قَالَ نُهِيتُ. طرفه 2483 4362 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرٌو أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا - رضى الله عنه - يَقُولُ غَزَوْنَا جَيْشَ الْخَبَطِ وَأُمِّرَ أَبُو عُبَيْدَةَ، فَجُعْنَا جُوعًا ـــــــــــــــــــــــــــــ قال ابن عبد البر: كان يلقب قيس الرأي، قال: وكان يقول: لولا الإِسلام لمكرت مكرًا لا تطيقه العرب، وكان مع هذا الرأي شجاعًا باسلًا جوادًا قيافًا، وكان من أكبر أصحاب علي، وبيده اللواء، ويقول: هذا اللواء الذي كنا نخفُّ به. . . مع النبي وجبريل لنا مددٌ ما ضرَّ ما كانت الأنصار عيبته. . . أن لا يكون له من غيرهم أحد قوم إذا حاربوا طالت أكفهم. . . بالمشرفية حتى يفتح البلد ولما مات أبوه وكان قد قسم ماله بين بنيه، فظهر حملٌ، فكلم أبو بكر وعمر قيسًا في ذلك، فقال: سهمي للمولود، ولا أنقض ما فعله سعد بن عبادة، رُوي أنَّه نادى: من يبيع جزورًا بوسقٍ من التمر. فقال أعرابي: من أنت؟ قال: قيس بن سعد بن عبادة، فأتاه بخمس جزائر، فأشهد على نفسه من الصحابة، وقال عمر بن الخطاب: أنا لا أشهد؛ لأنَّ قيسًا لا تمر له، فقال الأعرابي: أنا أعلم أن سعدًا لا ينقض فعل أبيه، فلما بلغ سعدًا وهب لابنه قيس أربع حدائق كل واحدة توفي خمسين وسقًا. وأما ما نقل أن ملك الروم أرسل إنسانًا مفرطًا في الطول ليباهي بأنَّه لم يوجد في الإِسلام مثله، فطلب معاوية. قيسًا وخلع سراويله فلبسها الكافر، فكانت من قدمه إلى قدميه، وإنْ نَقَلَهُ شيخنا مع أبيات في هذا المعنى ولا يصح نقلنا من بعده لمعاوية وعداوته، وهذا لا يمكن خلافه معلوم عند أهل الفن، كيف وهذا ابن عبد البر إمام الكل قال: لما [سَلَّم] الحسن الأمر لمعاوية يوم قيس المدينة وأقبل وأقبل على العبادة حتى مات بها - رضي الله عنه - وأرضاه، ولما مات علي وترك الحسن الأمر لمعاوية قال قيس -ومعه خمسة آلاف قد حلقوا رؤوسهم في غزاة علي-: لو شئتم جالدت معكم معاوية، وإن شئتم أخذت لكم الأمان. فقالوا: لِمَ نقاتل، خذ لنا الأمان. فأخذ لهم الأمان ولم يأخذه لنفسه، ولم يكن له شعرة في وجهه، ومع ذلك كان طويلًا، حسن الوجه.

68 - باب حج أبى بكر بالناس فى سنة تسع

شَدِيدًا فَأَلْقَى الْبَحْرُ حُوتًا مَيِّتًا، لَمْ نَرَ مِثْلَهُ، يُقَالُ لَهُ الْعَنْبَرُ، فَأَكَلْنَا مِنْهُ نِصْفَ شَهْرٍ، فَأَخَذَ أَبُو عُبَيْدَةَ عَظْمًا مِنْ عِظَامِهِ فَمَرَّ الرَّاكِبُ تَحْتَهُ. فَأَخْبَرَنِى أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ كُلُوا. فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ ذَكَرْنَا ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «كُلُوا رِزْقًا أَخْرَجَهُ اللَّهُ، أَطْعِمُونَا إِنْ كَانَ مَعَكُمْ». فَأَتَاهُ بَعْضُهُمْ {بِعُضْوٍ} فَأَكَلَهُ. طرفه 2483 68 - باب حَجُّ أَبِى بَكْرٍ بِالنَّاسِ فِي سَنَةِ تِسْعٍ 4363 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ - رضى الله عنه - بَعَثَهُ فِي الْحَجَّةِ الَّتِى أَمَّرَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَبْلَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ يَوْمَ النَّحْرِ فِي رَهْطٍ يُؤَذِّنُ فِي النَّاسِ لاَ يَحُجُّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ وَلاَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ. طرفه 369 4364 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ - رضى الله عنه - قَالَ آخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ كَامِلَةً بَرَاءَةٌ، وَآخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ خَاتِمَةُ سُورَةِ النِّسَاءِ (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ). أطرافه 4605، 4654، 6744 ـــــــــــــــــــــــــــــ حج أبي [بكر] بالناس سنة تسعٍ قيل: كان حج أبي بكر في ذي القعدة على دأب المشركين. وقد أشرنا في أبواب الحج إلى فساد هذا القول، كيف وفي حجه نزل صدر سورة براءة، ومنه قوله تعالى: {وَأَذانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ} [التوبة: 3] وهو حج أبي بكر، وإنما التبس عليهم بأن المشركين كانوا مع المسلمين في تلك الحجة. وكنت أستدل بالآية على بطلان ما قالوا، ثمَّ وقعت على كلام شيخنا فرأيته نقل عن المحققين الثقات أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما رجع من تبوك أقام رمضان وشوال وذا القعدة، ثمَّ بعث أبا بكر أميرًا على الحج، وهذا هو المعتمد؛ لأنه لا يمكن تأويله بوجه. 4363 - (أبو الربيع) ضد الخريف (فليح) بضم الفاء مصغَّر. 4364 - (رجاء) بفتح الراء والمد (آخر سورة نزلت سورة براءة) فيه منع ظاهر، وذلك أن صدر السورة نزل فيه، وأما ما عداه فإنَّه نزل في غزوة تبوك حين تخلف عنه المنافقون (وآخر آية نزلت آخر سورة النساء) كذا في جميع النسخ. وقد وقع لبعض

69 - باب وفد بنى تميم

69 - باب وَفْدُ بَنِى تَمِيمٍ 4365 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى صَخْرَةَ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ الْمَازِنِىِّ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ - رضى الله عنهما - قَالَ أَتَى نَفَرٌ مِنْ بَنِى تَمِيمٍ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا بَنِى تَمِيمٍ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ بَشَّرْتَنَا فَأَعْطِنَا. فَرِئَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ فَجَاءَ نَفَرٌ مِنَ الْيَمَنِ فَقَالَ «اقْبَلُوا الْبُشْرَى إِذْ لَمْ يَقْبَلْهَا بَنُو تَمِيمٍ». قَالُوا قَدْ قَبِلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. طرفه 3190 70 - بابٌ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ غَزْوَةُ عُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ الشارحين: آخر سورة نزلت خاتمة سورة النساء، فأشكل عليه، وبنى على ذلك أوهامًا لا يجوز ذكرها. وفد تميم 4365 - قال ابن إسحاق: وكان ذلك سنة تسع بعد مرجعه من تبوك، وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما فتح مكة، وكانت العرب تتربص مع قريش، فلما ظهر عليهم وأسلموا تتابعت القبائل على الإِسلام كما قال الله تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا} [النصر: 1، 2] وتميم قبيلة عظيمة، أولاد تميم بن مرة بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. قال ابن إسحاق: وفدوا وهم على شركهم فنادوه: يا محمَّد أخرج إلينا وفيهم نزل: {إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ} [الحجرات: 4] فلم خرج إليهم قالوا: جئناك نفاخرك، فائذن لشاعرنا وخطيبنا، قال: أذنت، فقام خطيبهم ثمَّ شاعرهم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لثابت بن قيس: أحب خطيبهم، ولحسّان أحب شاعرهم. فلما سمعوا خطبة ثابت وشعر حسَّان قالوا: خطيبك أخطب من خطيبنا، وشاعرك أشعر من شاعرنا فأسلموا. هذا وما رواه البخاري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لنفر من تميم: "أبشروا"، لم يكن ذلك حين الوفود بل هذا من استدلاله بالخفي ليتفحص عن أصله، والذي يدل على ذلك أن في تلك الرواية لما قال: "أبشروا يا بني تميم" قالوا: أكثرت علينا من قولك البشرى، أعطنا، وهذا يدلُّ على تقدم وفودهم وتكرر قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أبشروا". غزوة عيينة بن حصين بن حذيفة بن بدر الفزاري وفزارة حي من غطفان، قال ابن عبد البر: شهد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتح مكة مسلمًا،

بَنِى الْعَنْبَرِ مِنْ بَنِى تَمِيمٍ بَعَثَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَيْهِمْ فَأَغَارَ وَأَصَابَ مِنْهُمْ نَاسًا وَسَبَى مِنْهُمْ نِسَاءً. 4366 - حَدَّثَنِى زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ لاَ أَزَالُ أُحِبُّ بَنِى تَمِيمٍ بَعْدَ ثَلاَثٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُهَا فِيهِمْ «هُمْ أَشَدُّ أُمَّتِى عَلَى الدَّجَّالِ». وَكَانَتْ فِيهِمْ سَبِيَّةٌ عِنْدَ عَائِشَةَ فَقَالَ «أَعْتِقِيهَا فَإِنَّهَا مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ». وَجَاءَتْ صَدَقَاتُهُمْ فَقَالَ «هَذِهِ صَدَقَاتُ قَوْمٍ، أَوْ قَوْمِى». طرفه 2543 4367 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ قَدِمَ رَكْبٌ مِنْ بَنِى تَمِيمٍ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَمِّرِ الْقَعْقَاعَ بْنَ مَعْبَدِ بْنِ زُرَارَةَ. قَالَ عُمَرُ بَلْ أَمِّرِ الأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ مَا أَرَدْتَ إِلاَّ خِلاَفِى. قَالَ عُمَرُ مَا أَرَدْتُ خِلاَفَكَ. فَتَمَارَيَا حَتَّى ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا فَنَزَلَ فِي ذَلِكَ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُقَدِّمُوا) حَتَّى انْقَضَتْ. أطرافه 4845، 4847، 7302 ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو من جفاة الأعراب، وهو الذي قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأم المؤمنين عائشة عنده: مَنْ هذه؟ قال: "أم المؤمنين" فقال: ألا أنزل لك عن أجمل منها (بني العنبر من تميم) بطن منهم أولاد عنبر بن عمرو بن تميم. 4366 - (زهير) بضم الزاي مصغَّر (حرب) ضد الصلح (عمارة بن القعقاع) بضم العين في الأوَّل وتخفيف الميم وتكرير القاف والعين في الثاني (هذه صدقات قوم أو قومي) الشك من الرواي الأوَّل بكسر الميم بلا تنوين، والثاني بياء الإضافة، وقد رفعنا نسب تميم إلى عدنان في وفد تميم آنفًا. 4367 - (ابن جريج) بضم الجيم الأوَّل (ابن أبي مليكة) بضم الميم مصغر، اسمه: عبد الله (معبد بن زرارة) بفتح الميم وضم الزاي.

71 - باب وفد عبد القيس

71 - باب وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ 4368 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِىُّ حَدَّثَنَا قُرَّةُ عَنْ أَبِى جَمْرَةَ قُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - إِنَّ لِى جَرَّةً يُنْتَبَذُ لِى نَبِيذٌ، فَأَشْرَبُهُ حُلْوًا فِي جَرٍّ إِنْ أَكْثَرْتُ مِنْهُ، فَجَالَسْتُ الْقَوْمَ، فَأَطَلْتُ الْجُلُوسَ خَشِيتُ أَنْ أَفْتَضِحَ فَقَالَ قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مَرْحَبًا بِالْقَوْمِ غَيْرَ خَزَايَا وَلاَ النَّدَامَى». فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ مُضَرَ، وَإِنَّا لاَ نَصِلُ إِلَيْكَ إِلاَّ فِي أَشْهُرِ الْحُرُمِ، حَدِّثْنَا بِجُمَلٍ مِنَ الأَمْرِ، إِنْ عَمِلْنَا بِهِ دَخَلْنَا الْجَنَّةَ، وَنَدْعُو بِهِ مَنْ وَرَاءَنَا. قَالَ «آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ، وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ، الإِيمَانِ بِاللَّهِ، هَلْ تَدْرُونَ مَا الإِيمَانُ بِاللَّهِ شَهَادَةُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَإِقَامُ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ وَصَوْمُ رَمَضَانَ، وَأَنْ تُعْطُوا مِنَ الْمَغَانِمِ الْخُمُسَ، وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ مَا انْتُبِذَ فِي الدُّبَّاءِ، وَالنَّقِيرِ، وَالْحَنْتَمِ، وَالْمُزَفَّتِ». طرفه 53 4369 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِى جَمْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ وفد عبد القيس قد ذكرنا أن الوفد جمع وافد، وهو من يرد على الملوك لمُهِمٍّ عام، وعبد القيس قبيلة من ربيعة أولاد عبد القيس بن أفصى بالفاء وصاد مهملة بن دعمي بفتح الدال وسكون العين وكسر الميم وتشديد الياء بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان. وحديثهم سلف في أبواب الإيمان. وأشرنا إلى حكمة تحريم هذه الأربعة، وأن الحديث منسوخ، ونشير إلى بعض ألفاظه. 4368 - (إسحاق) كذا وقع غير منسوب. قال الغساني: هو ابن راهويه حيث روى عن (أبي عامر بن العقدي) بفتح العين والقاف، اسمه عبد الملك (قرَّة) بضم القاف وتشديد الراء (عن أبي جمرة) بالجيم، نصر بن عمران الضُّبَّعي (إن لي جرة تنتبذ [لي] نبيذًا فأشربه حلوًا في جرٍّ) يتعلق بمقدَّر، أي: تلك الجرة من جملة الجرار المتعارفة (حدِّثنا بِجُمَل من الأمر) أي: جامع لكل ما يحتاج إليه في الدين.

إِنَّا هَذَا الْحَىَّ مِنْ رَبِيعَةَ، وَقَدْ حَالَتْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ كُفَّارُ مُضَرَ، فَلَسْنَا نَخْلُصُ إِلَيْكَ إِلاَّ فِي شَهْرٍ حَرَامٍ، فَمُرْنَا بِأَشْيَاءَ نَأْخُذُ بِهَا وَنَدْعُو إِلَيْهَا مَنْ وَرَاءَنَا. قَالَ «آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ، الإِيمَانِ بِاللَّهِ شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ - وَعَقَدَ وَاحِدَةً - وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَأَنْ تُؤَدُّوا لِلَّهِ خُمْسَ مَا غَنِمْتُمْ، وَأَنْهَاكُمْ عَنِ الدُّبَّاءِ، وَالنَّقِيرِ وَالْحَنْتَمِ وَالْمُزَفَّتِ». طرفه 53 4370 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِى عَمْرٌو. وَقَالَ بَكْرُ بْنُ مُضَرَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ بُكَيْرٍ أَنَّ كُرَيْبًا مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ حَدَّثَهُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَزْهَرَ وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَرْسَلُوا إِلَى عَائِشَةَ - رضى الله عنها - فَقَالُوا اقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلاَمَ مِنَّا جَمِيعًا، وَسَلْهَا عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ، وَإِنَّا أُخْبِرْنَا أَنَّكِ تُصَلِّيهَا، وَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْهَا، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَكُنْتُ أَضْرِبُ مَعَ عُمَرَ النَّاسَ عَنْهُمَا. قَالَ كُرَيْبٌ فَدَخَلْتُ عَلَيْهَا، وَبَلَّغْتُهَا مَا أَرْسَلُونِى، فَقَالَتْ سَلْ أُمَّ سَلَمَةَ. فَأَخْبَرْتُهُمْ، فَرَدُّونِى إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ بِمِثْلِ مَا أَرْسَلُونِى إِلَى عَائِشَةَ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَنْهَى عَنْهُمَا، وَإِنَّهُ صَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ دَخَلَ عَلَىَّ وَعِنْدِى نِسْوَةٌ مِنْ بَنِى حَرَامٍ مِنَ الأَنْصَارِ، فَصَلاَّهُمَا، فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهِ الْخَادِمَ فَقُلْتُ قُومِى إِلَى جَنْبِهِ فَقُولِى تَقُولُ أُمُّ سَلَمَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَمْ أَسْمَعْكَ تَنْهَى عَنْ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ فَأَرَاكَ تُصَلِّيهِمَا. فَإِنْ أَشَارَ بِيَدِهِ فَاسْتَأْخِرِى. فَفَعَلَتِ الْجَارِيَةُ، فَأَشَارَ بِيَدِهِ، فَاسْتَأْخَرَتْ عَنْهُ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ «يَا بِنْتَ أَبِى أُمَيَّةَ، سَأَلْتِ عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ، إِنَّهُ أَتَانِى أُنَاسٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ بِالإِسْلاَمِ مِنْ قَوْمِهِمْ، فَشَغَلُونِى عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ، فَهُمَا هَاتَانِ». طرفه 1233 ـــــــــــــــــــــــــــــ 4370 - (عن بكير) بضم الباء مصغر، وكذا (كريب)، (والمسور بن مخرمة) بكسر الميم في الأوَّل وفتحه في الثاني. وحديث الركعتين بعد العصر تقدم في أبواب الصلاة أنهما ركعتان من سنة الظهر، وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا عمل عملًا استمرَّ عليه فهما من خواصِّه.

72 - باب وفد بنى حنيفة، وحديث ثمامة بن أثال

4371 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِىُّ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ عَبْدُ الْمَلِكِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ - هُوَ ابْنُ طَهْمَانَ - عَنْ أَبِى جَمْرَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما قَالَ أَوَّلُ جُمُعَةٍ جُمِّعَتْ بَعْدَ جُمُعَةٍ جُمِّعَتْ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي مَسْجِدِ عَبْدِ الْقَيْسِ بِجُوَاثَى. يَعْنِى قَرْيَةً مِنَ الْبَحْرَيْنِ. طرفه 892 72 - باب وَفْدِ بَنِى حَنِيفَةَ، وَحَدِيثِ ثُمَامَةَ بْنِ أُثَالٍ 4372 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ أَبِى سَعِيدٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ بَعَثَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَيْلاً قِبَلَ نَجْدٍ، فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِى حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ، فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِى الْمَسْجِدِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ». فَقَالَ عِنْدِى خَيْرٌ يَا مُحَمَّدُ، إِنْ تَقْتُلْنِى تَقْتُلْ ذَا دَمٍ، وَإِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْمَالَ فَسَلْ مِنْهُ مَا شِئْتَ. حَتَّى كَانَ الْغَدُ ثُمَّ قَالَ لَهُ «مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ». قَالَ مَا قُلْتُ لَكَ إِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ. فَتَرَكَهُ حَتَّى كَانَ بَعْدَ الْغَدِ، فَقَالَ «مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ». فَقَالَ عِنْدِى مَا قُلْتُ لَكَ. فَقَالَ «أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ»، فَانْطَلَقَ إِلَى نَخْلٍ قَرِيبٍ مِنَ الْمَسْجِدِ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ 4371 - (أول جمعة جمعت) بضم الجيم وتشديد الميم (بعد جمعة جمعت في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مسجد عبد القيس بجواثى) بضم الجيم وفتح الواو وآخره ثاء مثلثة، قرية. واستدل به الشافعي على إقامة الجمعة في القرى، واعلم أن هذا الوفد غير الوفد الذي سألوه عن الإيمان، فإن هؤلاء كانوا أربعين، والذين سألوه عن الإيمان كانوا ثلاثة عشر، وفدوا عليه سنة خمس من الهجرة، وهؤلاء سنة تسع مع سائر الوفود، ذكره ابن عبد البر وغيره. وقال ابن منده: كان عددهم أربعين، وفيهم الجارود. وفد بني حنيفة حي من بني وائل أولاد حنيفة بن لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل. 4372 - (حديث ثمامة بن أثال) بضم الثاء المثلثة وضم الهمزة، تقدم حديثه في أبواب الصلاة في باب: ربط الأسير في المسجد. وأشرنا إلى أن الحكمة في ذلك أن يسمع القرآن ويشاهد محاسن الإسلام، قال ابن هشام: أخذه خيل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يعلموا من

دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، يَا مُحَمَّدُ وَاللَّهِ مَا كَانَ عَلَى الأَرْضِ وَجْهٌ أَبْغَضَ إِلَىَّ مِنْ وَجْهِكَ، فَقَدْ أَصْبَحَ وَجْهُكَ أَحَبَّ الْوُجُوهِ إِلَىَّ، وَاللَّهِ مَا كَانَ مِنْ دِينٍ أَبْغَضَ إِلَىَّ مِنْ دِينِكَ، فَأَصْبَحَ دِينُكَ أَحَبَّ الدِّينِ إِلَىَّ، وَاللَّهِ مَا كَانَ مِنْ بَلَدٍ أَبْغَضُ إِلَىَّ مِنْ بَلَدِكَ، فَأَصْبَحَ بَلَدُكَ أَحَبَّ الْبِلاَدِ إِلَىَّ، وَإِنَّ خَيْلَكَ أَخَذَتْنِى وَأَنَا أُرِيدُ الْعُمْرَةَ، فَمَاذَا تَرَى فَبَشَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَمَرَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ، فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ قَالَ لَهُ قَائِلٌ صَبَوْتَ. قَالَ لاَ، وَلَكِنْ أَسْلَمْتُ مَعَ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَلاَ وَاللَّهِ لاَ يَأْتِيكُمْ مِنَ الْيَمَامَةِ حَبَّةُ حِنْطَةٍ حَتَّى يَأْذَنَ فِيهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 462 4373 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى حُسَيْنٍ حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَدِمَ مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَجَعَلَ يَقُولُ إِنْ جَعَلَ لِى مُحَمَّدٌ مِنْ بَعْدِهِ تَبِعْتُهُ. وَقَدِمَهَا فِي بَشَرٍ كَثِيرٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ هو وهو من سادات قومه، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هذا ثمامة فأحسنوا إساره، وأمر له بلقحة تغدو عليه وتروح، وأمر أن يؤتى بأطعمة وكان يأكلها، فلما أسلم لم ينل من الطعام إلا قليلًا، فعجب الناس من ذلك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن المؤمن يأكل في معى والكافر في سبعة أمعاء". (فلما قدم مكة قال أبو سفيان: صبأت؟) بالهمزة، أي: خرجت من دينك (قال: لا ولكن أسلمت مع محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -). قال ابن هشام: فأراد قتله، فقال بعضهم: إن طعامكم [من] اليمامة، وفيه يقول شاعرهم: ومنّا الذي لبَّى بمكة معلنًا ... بزعم أبي سفيان في الأشهر الحرم فلما خرج إلى اليمامة منع أهلها أن يحملوا إلى مكة شيئًا، فكتبَ قريش إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، فكتب إلى ثمامة فخلّى سبيل قومه. 4373 - (قدم مسيلمة الكذاب مع قومه في بشر كثير) قد ذكرنا في علامات النبوة أن

مِنْ قَوْمِهِ، فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَعَهُ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، وَفِى يَدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قِطْعَةُ جَرِيدٍ حَتَّى وَقَفَ عَلَى مُسَيْلِمَةَ فِي أَصْحَابِهِ، فَقَالَ «لَوْ سَأَلْتَنِى هَذِهِ الْقِطْعَةَ مَا أَعْطَيْتُكَهَا وَلَنْ تَعْدُوَ أَمْرَ اللَّهِ فِيكَ، وَلَئِنْ أَدْبَرْتَ لَيَعْقِرَنَّكَ اللَّهُ، وَإِنِّى لأَرَاكَ الَّذِى أُرِيتُ فِيهِ مَا رَأَيْتُ، وَهَذَا ثَابِتٌ يُجِيبُكَ عَنِّى». ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهُ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَسَأَلْتُ عَنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّكَ أُرَى الَّذِى أُرِيتُ فِيهِ مَا أُرِيتُ». فَأَخْبَرَنِى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ فِي يَدَىَّ سِوَارَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ، فَأَهَمَّنِى شَأْنُهُمَا، فَأُوحِىَ إِلَىَّ فِي الْمَنَامِ أَنِ انْفُخْهُمَا، فَنَفَخْتُهُمَا فَطَارَا فَأَوَّلْتُهُمَا كَذَّابَيْنِ يَخْرُجَانِ بَعْدِى، أَحَدُهُمَا الْعَنْسِىُّ، وَالآخَرُ مُسَيْلِمَةُ». طرفه 3621 4374، 4375 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِخَزَائِنِ الأَرْضِ، فَوُضِعَ فِي كَفِّى سِوَارَانِ مِنْ ذَهَبٍ، فَكَبُرَا عَلَىَّ فَأُوحِىَ إِلَىَّ أَنِ انْفُخْهُمَا، فَنَفَخْتُهُمَا فَذَهَبَا فَأَوَّلْتُهُمَا الْكَذَّابَيْنِ اللَّذَيْنِ أَنَا بَيْنَهُمَا صَاحِبَ صَنْعَاءَ، وَصَاحِبَ الْيَمَامَةِ». طرفه 3621 4376 - حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ سَمِعْتُ مَهْدِىَّ بْنَ مَيْمُونٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ الْعُطَارِدِىَّ يَقُولُ كُنَّا نَعْبُدُ الْحَجَرَ، فَإِذَا وَجَدْنَا حَجَرًا هُوَ أَخْيَرُ مِنْهُ أَلْقَيْنَاهُ وَأَخَذْنَا الآخَرَ، فَإِذَا لَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما ذهب إليه ليفضحه بين قومه، وذلك [أنه] لم يرضَ أن يخاطبه، وقال: (ثابت بن قيس يجيبك) وأشرنا إلى أنه كان أقبح الناس شكلًا من وجوه، وفي "سير ابن هشام": أنه آمن ثم ارتد، وهذا نقل غريب. وما يقال إنه ذهب إليه إكرامًا له فمِمَّا لا يُلتفت إليه، كيف وكان قد كتب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إني قد شوركت معك في الرسالة، وكتب إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [من] محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى مسيلمة الكذاب. 4375 - (صاحب صنعاء وصاحب اليمامة) صاحب صنعاء هو الأسود العنسي، وصاحب اليمامة مسيلمة الكذاب. 4376 - 4377 - (الصلت بن محمد) بصاد مهملة (أبو رجاء العطاردي) بضم العين (قال: كنا نعبد الحجر) أي: في الجاهلية (فإذا وجدنا خيرًا منه ألقيناه وأخذنا الآخر، فإذا لم

73 - باب قصة الأسود العنسى

نَجِدْ حَجَرًا جَمَعْنَا جُثْوَةً مِنْ تُرَابٍ، ثُمَّ جِئْنَا بِالشَّاةِ فَحَلَبْنَاهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُفْنَا بِهِ، فَإِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَجَبٍ قُلْنَا مُنَصِّلُ الأَسِنَّةِ. فَلاَ نَدَعُ رُمْحًا فِيهِ حَدِيدَةٌ وَلاَ سَهْمًا فِيهِ حَدِيدَةٌ إِلاَّ نَزَعْنَاهُ وَأَلْقَيْنَاهُ شَهْرَ رَجَبٍ. 4377 - وَسَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ يَقُولُ كُنْتُ يَوْمَ بُعِثَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - غُلاَمًا أَرْعَى الإِبِلَ عَلَى أَهْلِى، فَلَمَّا سَمِعْنَا بِخُرُوجِهِ فَرَرْنَا إِلَى النَّارِ إِلَى مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ. 73 - باب قِصَّةُ الأَسْوَدِ الْعَنْسِىِّ 4378 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَرْمِىُّ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عُبَيْدَةَ بْنِ نَشِيطٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ نجد حجرًا جمعنا جثوة من تراب) -بالجيم والثاء المثلثة-: القطعة من التراب (ثم جئنا بالشاة فحلبناه عليه ثم طفنا به) قال شيخنا: إنما كان يحلبون عليه ليصير مثل الحجر، وفيه نظر؛ إذ لو كان الغرض ذلك كان الماء أولى بذلك. والأظهر أن ذلك لأن قومه كانوا يعبدون الشاة. ذكره أبو عمر بن عبد البر في مناقب أبي رجاء (فإذا دخل رجي قلنا: منصِّل الأسنة) -بضم الميم وكسر الصاد- من الإنصال وهو الإخراج، كانوا يخرجون سنان الرمح؛ لأنه شهر حرام محرم، لا يحاربون فيه، يقال: نصلت السهم إذا أدخلت فيه النصل أو أخرجته؛ لأنه من الأضداد (فلما سمعنا بخروجه) أي: بخروج النبي - صلى الله عليه وسلم -. يحتمل أن يكون المراد بعثه أو توجهه إلى فتح مكة (فررنا إلى النار إلى مسيلمة الكذاب) بدل من النار واقع موقعه لفظًا ومعنى. قصة الأسود العنسي بفتح العين وسكون النون: قبيلة من عرب يمن أولاد زيد بن مالك بن أدد بن يزيد بن يشجب الأسود لقبه، واسمه: عبهلة، ويلقب ذو الحمار. قيل: لأنه مرّ بحمار، فعثر الحمار بوجهه، فزعم أنه سجد له، قيل: لم يقم الحمار حتى قيل له: قم، ولا شك أنه كان من الكهان. وذكر ابن عبد البر: ذو الخمار بالخاء المعجمة. قال: لأن الذي كان يأتيه من الجن له خمار. 4378 - 4379 - (عبيدة بن نشيط) بضم العين مصغر عبدة وفتح النون وكسر المعجمة،

- وَكَانَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ - أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ بَلَغَنَا أَنَّ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَنَزَلَ فِي دَارِ بِنْتِ الْحَارِثِ، وَكَانَ تَحْتَهُ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ كُرَيْزٍ، وَهْىَ أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ، فَأَتَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَعَهُ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، وَهْوَ الَّذِى يُقَالُ لَهُ خَطِيبُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَفِى يَدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَضِيبٌ، فَوَقَفَ عَلَيْهِ فَكَلَّمَهُ فَقَالَ لَهُ مُسَيْلِمَةُ إِنْ شِئْتَ خَلَّيْتَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الأَمْرِ، ثُمَّ جَعَلْتَهُ لَنَا بَعْدَكَ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ سَأَلْتَنِى هَذَا الْقَضِيبَ مَا أَعْطَيْتُكَهُ وَإِنِّى لأَرَاكَ الَّذِى أُرِيتُ فِيهِ مَا أُرِيتُ، وَهَذَا ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ وَسَيُجِيبُكَ عَنِّى». فَانْصَرَفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 3620 4379 - قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ عَنْ رُؤْيَا رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الَّتِى ذَكَرَ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ذُكِرَ لِى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُرِيتُ أَنَّهُ وُضِعَ فِي يَدَىَّ سِوَارَانِ مِنْ ذَهَبٍ، فَفُظِعْتُهُمَا وَكَرِهْتُهُمَا، فَأُذِنَ لِى فَنَفَخْتُهُمَا فَطَارَا، فَأَوَّلْتُهُمَا كَذَّابَيْنِ يَخْرُجَانِ». فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ أَحَدُهُمَا الْعَنْسِىُّ الَّذِى قَتَلَهُ فَيْرُوزُ بِالْيَمَنِ، وَالآخَرُ مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ. طرفه 3621 ـــــــــــــــــــــــــــــ اسمه عبد الله (بلغنا أن مسيلمة الكذاب قدم المدينة في دار بنت الحارث وكانت تحنه ابنة الحارث بن كريز) بفحم الكاف [مصغر] كرز، واسم المرأة: كيسة بفتح الكاف وسكون الياء، وقيل: الياء مشددة (وهي أم عبد الله بن عامر) قيل: صوابه: أم أولاد عبد الله (بينا أنا نائم وضع في يدي سواران من ذهب فَفُظِعتهما) بكسر الظاء. قال ابن الأثير: فظع لازِم، لكن تقديره: رأيتهما فظعين، أي شاقين عليَّ (أحدهما: الأسود العنسي الذي قتله فيروز باليمن) قال ابن عبد البر: شارك في قتله ثلاثة: فيروز الديلمي، وذادويه، وقيس بن المشتوح، قتله ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مرضه الذي انتقل فيه. إلى جوار الله ولكن بشر أصحابه ليلة قتل وكان مدة دعواه النبوة أربعة أشهر، وقيل: ثلاثة، وكان خروجه بكهف حنان وقيل بعمدان.

74 - باب قصة أهل نجران

74 - باب قِصَّةُ أَهْلِ نَجْرَانَ 4380 - حَدَّثَنِى عَبَّاسُ بْنُ الْحُسَيْنِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ جَاءَ الْعَاقِبُ وَالسَّيِّدُ صَاحِبَا نَجْرَانَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُرِيدَانِ أَنْ يُلاَعِنَاهُ، قَالَ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ لاَ تَفْعَلْ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ كَانَ نَبِيًّا فَلاَعَنَّا، لاَ نُفْلِحُ نَحْنُ وَلاَ عَقِبُنَا مِنْ بَعْدِنَا. قَالاَ إِنَّا نُعْطِيكَ مَا سَأَلْتَنَا، وَابْعَثْ مَعَنَا رَجُلاً أَمِينًا، وَلاَ تَبْعَثْ مَعَنَا إِلاَّ أَمِينًا. فَقَالَ «لأَبْعَثَنَّ مَعَكُمْ رَجُلاً أَمِينًا حَقَّ أَمِينٍ». فَاسْتَشْرَفَ لَهُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «قُمْ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ قصة أهل نجران بفتح النون وسكون الجيم، من مخاليف اليمن، بين مكة واليمن، قاله الحازمي في "المؤتلف والمختلف". وقال الجوهري: بلد باليمن. وقال ابن الأثير: موضع معروف بين الحجاز والشام واليمن، وكان بها ثلاث وسبعون قرية. 4380 - (عن صلة بن زفر) بكسر الصاد وفتح اللام (جاء السيد والعاقب صاحبا نجران) قال ابن إسحاق: وفد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من نصارى نجران ستون راكبًا، الأشراف منهم أربعة عشر والأمير فيهم العاقب، واسمه: عَبد المسيح، والسيد ثمالهم وعنده الاجتماع، واسمه الأيهم بفتح الهمزة وسكون الياء، في مناظرتهم نزل أول آل عمران ثمانون آية (يريدان أن يلاعناه) الملاعنة: أن يقول كل واحدٍ لمن ينازعه: لعنة الله على الكاذبين منا، وهي المباهلة التي أمر الله رسوله بها في قوله تعالى: {تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ} إلى قوله: {ثُمَّ نَبْتَهِلْ} [آل عمران: 61]. (قالا إنا نعطيك ما سألت) فقرر عليهم ألفي حُلَّة، يؤدون ألفًا في رجب وألفًا في صفر (وابعث معنا رجلًا أمينًا) كان بينهم نزاع في أشياء يحكم بينهم فيها (فاستشرف لها أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: لتلك المقالة كل يرجو أن يكون ذلك الرجل (فقال: قم يا أبا عبيدة) ولا يلزم من هذا فضله على الصدّيق والفاروق؛ إذ لا يلزم من كونه كذلك أن لا يكون غيره كذلك. ونقل ابن سعد في "الطبقات" أن العاقب والسيّد رجعا بعد ذلك وأسلما.

75 - باب قصة عمان والبحرين

فَلَمَّا قَامَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هَذَا أَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ». طرفه 3745 4381 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ عَنْ حُذَيْفَةَ - رضى الله عنه - قَالَ جَاءَ أَهْلُ نَجْرَانَ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا ابْعَثْ لَنَا رَجُلاً أَمِينًا. فَقَالَ «لأَبْعَثَنَّ إِلَيْكُمْ رَجُلاً أَمِينًا حَقَّ أَمِينٍ». فَاسْتَشْرَفَ لَهُ النَّاسُ، فَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ. طرفه 3745 4382 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ خَالِدٍ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ، وَأَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ». طرفه 3744 75 - باب قِصَّةُ عُمَانَ وَالْبَحْرَيْنِ 4383 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ سَمِعَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - يَقُولُ قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ قَدْ جَاءَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ لَقَدْ أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا وَهَكَذَا ثَلاَثًا». فَلَمْ يَقْدَمْ مَالُ الْبَحْرَيْنِ حَتَّى قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى أَبِى بَكْرٍ أَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى مَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - دَيْنٌ أَوْ عِدَةٌ فَلْيَأْتِنِى. قَالَ جَابِرٌ فَجِئْتُ أَبَا بَكْرٍ، فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَوْ جَاءَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا وَهَكَذَا ثَلاَثًا». قَالَ فَأَعْطَانِى. قَالَ جَابِرٌ فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ فَسَأَلْتُهُ، فَلَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــ قصة عمان والبحرين قال ابن الأثير: هو بضم العين وتخفيف الميم صقع عند البحرين، وأما بفتح العين وتشديد الميم مدينة قديمة بالشام من أرض البلقاء. 4383 - روى حديث جابر (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان وعده إن جاء مال البحرين ليعطيه كذا وكذا) فلم يرتاب إلا في خلافة الصدّيق، فوفى له ما وعده رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. والحديث مرّ في أبواب الجهاد وغيره. ونشير إلى ألفاظٍ على طريقه التضمن. (ابن المنكدر) بضم الميم وكسر الدال ..............................................

76 - باب قدوم الأشعريين وأهل اليمن

يُعْطِنِى، ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَلَمْ يُعْطِنِى، ثُمَّ أَتَيْتُهُ الثَّالِثَةَ فَلَمْ يُعْطِنِى، فَقُلْتُ لَهُ قَدْ أَتَيْتُكَ فَلَمْ تُعْطِنِى، ثُمَّ أَتَيْتُكَ فَلَمْ تُعْطِنِى، ثُمَّ أَتَيْتُكَ فَلَمْ تُعْطِنِى، فَإِمَّا أَنْ تُعْطِيَنِى، وَإِمَّا أَنْ تَبْخَلَ عَنِّى. فَقَالَ أَقُلْتَ تَبْخَلُ عَنِّى وَأَىُّ دَاءٍ أَدْوَأُ مِنَ الْبُخْلِ - قَالَهَا ثَلاَثًا - مَا مَنَعْتُكَ مِنْ مَرَّةٍ إِلاَّ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُعْطِيَكَ. 76 - باب قُدُومُ الأَشْعَرِيِّينَ وَأَهْلِ الْيَمَنِ وَقَالَ أَبُو مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «هُمْ مِنِّى وَأَنَا مِنْهُمْ». 4384 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ قَالاَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى زَائِدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ قَدِمْتُ أَنَا وَأَخِى مِنَ الْيَمَنِ، فَمَكَثْنَا حِينًا ـــــــــــــــــــــــــــــ (فإما أن تعطيني أو تبخل عني) الجار والمجرور يتعلقان بمقدر، أي: تتجاوز عني. والبخل: منع الشيء عن مستحقه، وفيه لغتان بضم الباء وسكون الخاء وفتحهما (وأيُّ داء أدوي من البخل) قال ابن الأثير: كذا وقع بالياء، من دَوَى يدوى دوًا وهو دابة في البطن، والصواب الهمزة من الداء، أي: لا داء أعظم من البخل. فإن قلت: ترجم على عمان ولم يورد له حديثًا قلت: لم يكن على شرطه، أشار إليه كما هو دأبُهُ. وقد ذكروا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرسل إلى أهل عُمَان عمرو بن العاص فآمنوا به. قدوم الأشعريين وأهل اليمن الأشعريون: نسبة إلى أشعر بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، ويقال الأشعرون بحذف الباء (وقال أبو موسى عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: هم مني وأما منهم) أي: أهل اليمن. ومِنْ هذه ابتدائية، فيها معنى الاتصال (ابن أبي زائدة) يحيى بن زكريا. 4384 - (وعن أبي موسى قال: قدمت أنا وأخي من اليمن) قد سبق أن له إخوة ثلاثة قدموا معه في السفينة، لكن يمكن أن يكون حين أسلم، فإنه قدم مكة. وهذا التعليق وصله

مَا نُرَى ابْنَ مَسْعُودٍ وَأُمَّهُ إِلاَّ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ، مِنْ كَثْرَةِ دُخُولِهِمْ وَلُزُومِهِمْ لَهُ. طرفه 3763 4385 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلاَمِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ زَهْدَمٍ قَالَ لَمَّا قَدِمَ أَبُو مُوسَى أَكْرَمَ هَذَا الْحَىَّ مِنْ جَرْمٍ، وَإِنَّا لَجُلُوسٌ عِنْدَهُ وَهْوَ يَتَغَدَّى دَجَاجًا، وَفِى الْقَوْمِ رَجُلٌ جَالِسٌ، فَدَعَاهُ إِلَى الْغَدَاءِ، فَقَالَ إِنِّى رَأَيْتُهُ يَأْكُلُ شَيْئًا فَقَذِرْتُهُ. فَقَالَ هَلُمَّ، فَإِنِّى رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَأْكُلُهُ. فَقَالَ إِنِّى حَلَفْتُ لاَ آكُلُهُ. فَقَالَ هَلُمَّ أُخْبِرْكَ عَنْ يَمِينِكَ، إِنَّا أَتَيْنَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَفَرٌ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ، فَاسْتَحْمَلْنَاهُ فَأَبَى أَنْ يَحْمِلَنَا فَاسْتَحْمَلْنَاهُ، فَحَلَفَ أَنْ لاَ يَحْمِلَنَا، ثُمَّ لَمْ يَلْبَثِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ أُتِىَ بِنَهْبِ إِبِلٍ، فَأَمَرَ لَنَا بِخَمْسِ ذَوْدٍ، فَلَمَّا قَبَضْنَاهَا قُلْنَا تَغَفَّلْنَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَمِينَهُ، لاَ نُفْلِحُ بَعْدَهَا أَبَدًا فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ حَلَفْتَ أَنْ لاَ تَحْمِلَنَا وَقَدْ حَمَلْتَنَا. قَالَ «أَجَلْ، وَلَكِنْ لاَ أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا إِلاَّ أَتَيْتُ الَّذِى هُوَ خَيْرٌ مِنْهَا وتحللتها». طرفه 3133 ـــــــــــــــــــــــــــــ البخاري في أبواب الشركة ......... (ما نُرى ابن مسعود) بضم النون أي: نظن وأمه: أم عبد بنت عبد ود الزهرية من قرابة أم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث منقبة لابن مسعود وأمه. 4385 - (أبو نعيم) بضم النون مصغر (عن أبي قلابة) بكسر القاف عبد الله بن زيد الجرمي (لما قدم أبو موسى أكرم هذا الحي من جرم) بفتح الجحم وسكون الواء. قال الجوهري: جرم بطنان من العرب، أحدهما من قضاعة والآخر من طيء والظاهر أنه أراد الذي من قضاعة، والحديث سلف في أبواب الخمس (ثم لم يلبث النبي - صلى الله عليه وسلم - أن أُتي بنهب إبل) من إضافة الصفة إلى الموصوف أي: إيل نهب والنهب الغنيمة. قال ابن الأثير: وقد سلف أنه كان اشتراها من سعد، إلا أنها كانت من الغنيمة وسيأتي الحديث بأطول إن شاء الله (فأمر لنا بخمس ذود) بالذال المعجمة، ما بين الثلاث إلى العشر، من الإبل خاصة (قلنا تغفلنا النبي - صلى الله عليه وسلم -) تَغَفَّل على وزن تكسَّرَ بفتح التاء أي جعلنا غافلًا عن يمينه.

4386 - حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا أَبُو صَخْرَةَ جَامِعُ بْنُ شَدَّادٍ حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ مُحْرِزٍ الْمَازِنِىُّ حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ قَالَ جَاءَتْ بَنُو تَمِيمٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «أَبْشِرُوا يَا بَنِى تَمِيمٍ». قَالُوا أَمَّا إِذْ بَشَّرْتَنَا فَأَعْطِنَا. فَتَغَيَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَجَاءَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اقْبَلُوا الْبُشْرَى إِذْ لَمْ يَقْبَلْهَا بَنُو تَمِيمٍ». قَالُوا قَدْ قَبِلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. طرفه 3190 4387 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِىُّ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِى خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الإِيمَانُ هَا هُنَا». وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْيَمَنِ «وَالْجَفَاءُ وَغِلَظُ الْقُلُوبِ فِي الْفَدَّادِينَ، عِنْدَ أُصُولِ أَذْنَابِ الإِبِلِ مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنَا الشَّيْطَانِ رَبِيعَةَ وَمُضَرَ». طرفه 3302 ـــــــــــــــــــــــــــــ 4386 - (أبو عاصم النبيل) ضحاك بن مخلد (أبو صخرة) بصاد مهملة وخاء معجمة (جامع بن شداد المحاربي الكوفي (محرز) بتقديم المهملة على [المعجمة] (عمران بن حصين) بضم الحاء مصغّر. وشرح الحديث سلف آنفًا في وفد تميم. 4387 - (أبي حازم) بالحاء المهملة (عن أبي مسعود) البدري، واسمه: عقبة. (الإيمان ههنا وأشار بيده إلى اليمن) أي: أهل الإيمان، والمراد: الكمال في الإيمان، قيل: أراد الأوس والخزرج فإنهم من اليمن، والحق أنه أعم لقوله: بيده. (وغلظ القلوب في الفدّادين) بتشديد الدّال جمع قراد وهو الشديد الصوت، من الفديد. قال ابن الأثير: ويروى فدادين مخففًا، وهم أصحاب فدان مشدد، وهي البقر التي بها ينحرث. (حيث يطلع قرنا الشيطان) مجاز عن كثرة الشرور، فإن الحيوان إنما يؤذي بقرنه، وأتى بالتثنية دلالة على الكثرة.

4388 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ ذَكْوَانَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ، هُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَةً وَأَلْيَنُ قُلُوبًا، الإِيمَانُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ، وَالْفَخْرُ وَالْخُيَلاَءُ فِي أَصْحَابِ الإِبِلِ، وَالسَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ فِي أَهْلِ الْغَنَمِ». وَقَالَ غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ سَمِعْتُ ذَكْوَانَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 3301 4389 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى أَخِى عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِى الْغَيْثِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الإِيمَانُ يَمَانٍ، وَالْفِتْنَةُ هَا هُنَا، هَا هُنَا يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ». طرفه 3301 4390 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ، أَضْعَفُ قُلُوبًا وَأَرَقُّ أَفْئِدَةً، الْفِقْهُ يَمَانٍ، وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ». طرفه 3301 4391 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِى حَمْزَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ كُنَّا جُلُوسًا مَعَ ابْنِ مَسْعُودٍ، فَجَاءَ خَبَّابٌ فَقَالَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَيَسْتَطِيعُ هَؤُلاَءِ الشَّبَابُ أَنْ يَقْرَءُوا كَمَا تَقْرَأُ قَالَ أَمَا إِنَّكَ لَوْ شِئْتَ أَمَرْتُ بَعْضَهُمْ يَقْرَأُ عَلَيْكَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 4388 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (ابن أبي عدي) محمد بن إبراهيم. (أتاكم أهل اليمن هم أرق أفئدة) جمع فؤاد قيل: هو غشاء القلب. وقيل: هو القلب. وقيل: وسط القلب. كذا نقل ابن الأثير. قلت: الظاهر من قوله تعالى: {وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ} [إبراهيم: 43] أن يكون مرادف القلب، وليس المراد ذلك العضو، فإن الناس المؤمن والكافر في ذلك متقاربون، بل السرّ الذي يتعلق به، وذلك سريرة، وإليه يشير قوله تعالى: {لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ} [ق: 37] والوصف بالرقة واللين باعتبار المحل تسامح. 4389 - (ثور) بالثاء المثلثة بلفظ الحيوان المعروف (عن أبي الغيث) مرادف المطر، اسمه: سالم. 4390 - (الإيمان [يمان] والحكمة يمانية) قال ابن الأثير: الحكمة معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم. والظاهر أن الفقه: معرفة الفروع، والحكمة: معرفة العقائد. وقد تفسر بمعرفة علم الشرائع. 4391 - (عبدان) على وزن شعبان (عن أبي حمزة) بالحاء محمد بن ميمون (خباب)

77 - باب قصة دوس والطفيل بن عمرو الدوسى

قَالَ أَجَلْ. قَالَ اقْرَأْ يَا عَلْقَمَةُ. فَقَالَ زَيْدُ بْنُ حُدَيْرٍ أَخُو زِيَادِ بْنِ حُدَيْرٍ أَتَأْمُرُ عَلْقَمَةَ أَنْ يَقْرَأَ وَلَيْسَ بِأَقْرَئِنَا قَالَ أَمَا إِنَّكَ إِنْ شِئْتَ أَخْبَرْتُكَ بِمَا قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي قَوْمِكَ وَقَوْمِهِ. فَقَرَأْتُ خَمْسِينَ آيَةً مِنْ سُورَةِ مَرْيَمَ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ كَيْفَ تَرَى قَالَ قَدْ أَحْسَنَ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ مَا أَقْرَأُ شَيْئًا إِلاَّ وَهُوَ يَقْرَؤُهُ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى خَبَّابٍ وَعَلَيْهِ خَاتَمٌ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ أَلَمْ يَأْنِ لِهَذَا الْخَاتَمِ أَنْ يُلْقَى قَالَ أَمَا إِنَّكَ لَنْ تَرَاهُ عَلَىَّ بَعْدَ الْيَوْمِ، فَأَلْقَاهُ. رَوَاهُ غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ. 77 - باب قِصَّةُ دَوْسٍ وَالطُّفَيْلِ بْنِ عَمْرٍو الدَّوْسِىِّ 4392 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ جَاءَ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ إِنَّ دَوْسًا قَدْ هَلَكَتْ، عَصَتْ وَأَبَتْ، فَادْعُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ. فَقَالَ «اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وَأْتِ بِهِمْ». طرفه 2937 ـــــــــــــــــــــــــــــ بفتح الخاء المعجمة وتشديد الباء (زيد بن حُدَير) بضم الحاء ودال مهملة مصغّر (إن شئت أخبرتك بما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في قومك وقومه) قيل: لأن زيد بن حدير أسديّ، وقد ذمَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بني أسد، وعلقمة نخعي طائفة باليمن (ثم التفت إلى خباب وعليه خاتم من ذهب فقال: ألم يأن لهذا الخاتم أن يلقى؟). فإن قلت: خباب من السابقين الأوليين فكيف لبس الخاتم من الذهب؟ قلت: إما أنه لم يبلغه الحديث، أو حمله النهي عن التنزيه، والأول هو الظاهر ولذلك قال: (لن تراه عليّ بعد اليوم). قصة دوس وطفيل بن عمرو الدوسي طفيل: بضم الطاء مصغر، ودوس قبيلة من أزد رهط أبي هريرة، أولاد دوس بن عُدثان، بضم العين وسكون الدال آخره مثلثة. 4392 - (أبو نعيم) بضم النون مصغّر (ابن ذكوان) عبد الله بن ذكوان أبو الزناد (إن دوسًا هلكت، عصت وأَبَتْ) بدل من هلكت بدل الكل بإقامة السبب مقام المسبب (اللهم اهدِ دوسًا وأتِ بهم) وكذا جرى. وحديث أبي هريرة وإباق غلامه تقدم في أبواب الصلاة. فإن قلت: ذكر هناك أن غلامه ضَلَّ. قلت: كان الأمر كذلك، لكن ظن أبو هريرة أنه

78 - باب قصة وفد طيئ وحديث عدى بن حاتم

4393 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ قَيْسٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ لَمَّا قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قُلْتُ فِي الطَّرِيقِ: يَا لَيْلَةً مِنْ طُولِهَا وَعَنَائِهَا ... عَلَى أَنَّهَا مِنْ دَارَةِ الْكُفْرِ نَجَّتِ وَأَبَقَ غُلاَمٌ لِى فِي الطَّرِيقِ، فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَبَايَعْتُهُ، فَبَيْنَا أَنَا عِنْدَهُ إِذْ طَلَعَ الْغُلاَمُ، فَقَالَ لِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ هَذَا غُلاَمُكَ». فَقُلْتُ هُوَ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى. فَأَعْتَقْتُهُ. 78 - باب قِصَّةِ وَفْدِ طَيِّئٍ وَحَدِيثِ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ 4394 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ أَتَيْنَا عُمَرَ فِي وَفْدٍ، فَجَعَلَ يَدْعُو رَجُلاً رَجُلاً وَيُسَمِّيهِمْ فَقُلْتُ أَمَا تَعْرِفُنِى يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ بَلَى، أَسْلَمْتَ إِذْ كَفَرُوا، وَأَقْبَلْتَ إِذْ أَدْبَرُوا، وَوَفَيْتَ إِذْ غَدَرُوا، وَعَرَفْتَ إِذْ أَنْكَرُوا. فَقَالَ عَدِىٌّ فَلاَ أُبَالِى إِذًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ أبق. فهذه الرواية على ما ظن، وتلك بيان الواقع. وأما جعل الإباق تفسيرًا للإضلال فلا يستقيم لأنهما معنيان متباينان. 4393 - (أيا ليلة من طولها وعنائها) الجار متعلق بمقدر، أي: أشكو العناء، بالمد، المشقة. (على أنها من دارة الكفر نجت) نوع مدح لتلك الليلة، قال ابن الأثير: الدارة أخصُّ من الدار. قلت: لأن الدارة يُعتبر في مفهومها الإحاطة. [قصة وفد طي وحديث عدي بن حاتم] عدي بن حاتم بن عبد الله بن عبد القيس بن سعد بن حشرج، يتصل نسبه إلى ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان، الجواد بن الجواد، أسلم في شعبان سنة سبع. وقال الواقدي: سنة عشرٍ، وهذا هو الصواب. كان قد تنضّر وأسرت أخته لما أغار خيل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على طيئ فمنَّ عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكساها وأعطاها المركب والنفقة، فذهبت إلى الشام وجاءت بأخيها (أبو عوانة) بفتح العين، الوضاح اليشكري. 4394 - (عن عدي بن حاتم قال: جئنا عمر في وفد فجعل يدعو رجلًا رجلًا ويسميهم، فقلت: أما تعرفني يا أمير المؤمنين؟ قال: أسلمت إذ كفروا، وأقبلت إذ أدبروا،

79 - باب حجة الوداع

79 - باب حَجَّةُ الْوَدَاعِ 4395 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَأَهْلَلْنَا بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْىٌ فَلْيُهْلِلْ بِالْحَجِّ مَعَ الْعُمْرَةِ، ثُمَّ لاَ يَحِلَّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا». فَقَدِمْتُ مَعَهُ مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ، وَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ وَلاَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَشَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «انْقُضِى رَأْسَكِ، وَامْتَشِطِى وَأَهِلِّى بِالْحَجِّ وَدَعِى الْعُمْرَةَ». فَفَعَلْتُ فَلَمَّا قَضَيْنَا الْحَجَّ أَرْسَلَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ إِلَى التَّنْعِيمِ فَاعْتَمَرْتُ فَقَالَ «هَذِهِ مَكَانَ عُمْرَتِكِ». قَالَتْ فَطَافَ الَّذِينَ أَهَلُّوا بِالْعُمْرَةِ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ حَلُّوا، ثُمَّ طَافُوا طَوَافًا آخَرَ بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا مِنْ مِنًى، وَأَمَّا الَّذِينَ جَمَعُوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَإِنَّمَا طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا. طرفه 294 ـــــــــــــــــــــــــــــ ووفيت إذا غدروا، وعرفت إذ أنكروا فقال عدي: فلا أبالي إذًا) قال ابن عبد البر: هذه المناقب التي عدّها عمر صدرت منه في خلافة الصديق أخذ صدقات قومه، وأتى بها حين ارتد الناس ومنع قومه الارتداد، وثبت طائفة أخرى لما رأوا ثبوته. حجة الوداع بفتح الواو اسم من التوديع، وإنما سميت بذلك؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيها الناس. وكانت سنة عشر، وأحاديث الباب كلها سلفت في أبواب الحج، وإنما أوردها هنا إشارة إلى وقت تلك الحجة. 4395 - (من كان معه هدي فليهل بالحج مع العمرة) الإهلال: رفع الصوت، أريد به منه الإحرام مجازًا؛ لكونه لازمًا له عرفًا (ثم [لا] يحل حتى يحل منها جميعًا) بضم الياء وفتحها لغتان (انقضي رأسك وامتشطي) قد ذكرنا في أبواب الحج أن هذا لم يكن أمرًا بالخروج من الإحرام. وقوله: (هذا مكان عمرتك) أي: عمرة مستقلة، وإلا فعائشة كانت قارنة.

4396 - حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ حَدَّثَنِى عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ فَقَدْ حَلَّ. فَقُلْتُ مِنْ أَيْنَ قَالَ هَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ) وَمِنْ أَمْرِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَصْحَابَهُ أَنْ يَحِلُّوا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ. قُلْتُ إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْمُعَرَّفِ. قَالَ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَرَاهُ قَبْلُ وَبَعْدُ. 4397 - حَدَّثَنِى بَيَانٌ حَدَّثَنَا النَّضْرُ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَيْسٍ قَالَ سَمِعْتُ طَارِقًا عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْبَطْحَاءِ فَقَالَ «أَحَجَجْتَ». قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «كَيْفَ أَهْلَلْتَ». قُلْتُ لَبَّيْكَ بِإِهْلاَلٍ كَإِهْلاَلِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ «طُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ حِلَّ». فَطُفْتُ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَأَتَيْتُ امْرَأَةً مِنْ قَيْسٍ فَفَلَتْ رَأْسِى. طرفه 1559 ـــــــــــــــــــــــــــــ 4396 - (ابن جريج) بضم الجيم مصغر (إنما كان ذلك بعد المعرّف) بتشديد المفتوحة أي: الوقوف بعرفة قبله للمتمتع وبعده للقارن والمفرد، ويجوز أن يكون ذلك رأيًا منه ولم يوافق عليه. قال شيخنا: هذا مذهب مشهور عن ابن عباس، سواء كان المعتمر متمتعًا أَوْ قارنًا (إذا طاف بالبيت حل من إحرامه) قلت: قوله: إذا طاف بالبيت فقد حل، واستدلاله بقوله تعالى: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 33] يدل على أنه ليس مقيدًا بالمعتمر. 4397 - (بيان) بفتح الموحدة بعدها مثناة (النضر) بضاد معجمة هو ابن شميل، روى فيه حج أبي موسى، وكان علّق إحرامه على إحرام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لكن لم يكن معه هدي، فأمره بأن يجعله عمرة كما أمر الذين كانوا معه، فقوله: (أحججت) يريد به الحج. فمن قال: يريد أعم من الحج والعمرة؛ لأن العمرة حج أصغر، فقد زلت به الأقدام، وذلك أن أبا موسى لم يخطر بباله العمرة حين نوى. كيف وكانوا يرون العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور (وأتيت امرأة من قيس ففلت رأسي) بالفاء واللام مخففة، إخراج القمل ونحوه من الشعر.

4398 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ أَنَّ حَفْصَةَ - رضى الله عنها - زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرَتْهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ أَزْوَاجَهُ أَنْ يَحْلِلْنَ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَقَالَتْ حَفْصَةُ فَمَا يَمْنَعُكَ فَقَالَ «لَبَّدْتُ رَأْسِى وَقَلَّدْتُ هَدْيِى، فَلَسْتُ أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ هَدْيِى». طرفه 1566 4399 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ حَدَّثَنِى شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ شِهَابٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ امْرَأَةً مِنْ خَثْعَمَ اسْتَفْتَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَالْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ رَدِيفُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ أَدْرَكَتْ أَبِى شَيْخًا كَبِيرًا لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْتَوِىَ عَلَى الرَّاحِلَةِ، فَهَلْ يَقْضِى أَنْ أَحُجَّ عَنْهُ قَالَ «نَعَمْ». طرفه 1513 4400 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ أَقْبَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ الْفَتْحِ وَهْوَ مُرْدِفٌ أُسَامَةَ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــ 4398 - (عياض) بكسر العين وضاد معجمة، (لبدت رأسي وقلدت هَدْيي) بتشديد الباء واللام. التلبيد: جمع شعر الرأس وخلطه بالصمغ لخلا يدخل قمل أو غبار. والتقليد: جعل القلادة في عنق الهدي علامةً. (فلست أحل حتى أنحر هديي) ولا يكون إلا بعد الوقوف. 4399 - (الأوزاعي) بفتح الهمزة (امرأة من خثعم) على وزن جعفر، قبيلة بيمن (فهل يقضي أن أحج عنه) أي: يجزئ. 4400 - (محمد) كذا وقع غير منسوب، قال الغساني: هو محمد بن رافع (سُريج) بضم السين مصغّر آخره جيم، وكذا (فليح) روى عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل البيت يوم الفتح وقد سلف مرارًا. فإن قلت: ما وجه إيراده في أبواب الحج؟ قلت: دلالة على أن دخول البيت سُنَّةَ للحجاج.

الْقَصْوَاءِ. وَمَعَهُ بِلاَلٌ وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ حَتَّى أَنَاخَ عِنْدَ الْبَيْتِ، ثُمَّ قَالَ لِعُثْمَانَ «ائْتِنَا بِالْمِفْتَاحِ»، فَجَاءَهُ بِالْمِفْتَاحِ فَفَتَحَ لَهُ الْبَابَ، فَدَخَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأُسَامَةُ وَبِلاَلٌ وَعُثْمَانُ، ثُمَّ أَغْلَقُوا عَلَيْهِمِ الْبَابَ، فَمَكَثَ نَهَارًا طَوِيلاً ثُمَّ خَرَجَ، وَابْتَدَرَ النَّاسُ الدُّخُولَ، فَسَبَقْتُهُمْ فَوَجَدْتُ بِلاَلاً قَائِمًا مِنْ وَرَاءِ الْبَابِ فَقُلْتُ لَهُ أَيْنَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ صَلَّى بَيْنَ ذَيْنِكَ الْعَمُودَيْنِ الْمُقَدَّمَيْنِ. وَكَانَ الْبَيْتُ عَلَى سِتَّةِ أَعْمِدَةٍ سَطْرَيْنِ، صَلَّى بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ مِنَ السَّطْرِ الْمُقَدَّمِ، وَجَعَلَ بَابَ الْبَيْتِ خَلْفَ ظَهْرِهِ، وَاسْتَقْبَلَ بِوَجْهِهِ الَّذِى يَسْتَقْبِلُكَ حِينَ تَلِجُ الْبَيْتَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِدَارِ، قَالَ وَنَسِيتُ أَنْ أَسْأَلَهُ كَمْ صَلَّى وَعِنْدَ الْمَكَانِ الَّذِى صَلَّى فِيهِ مَرْمَرَةٌ حَمْرَاءُ. طرفه 397 4401 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرَتْهُمَا أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَىٍّ زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حَاضَتْ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَحَابِسَتُنَا هِىَ». فَقُلْتُ إِنَّهَا قَدْ أَفَاضَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَطَافَتْ بِالْبَيْتِ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «فَلْتَنْفِرْ». طرفه 294 4402 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِى عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ كُنَّا نَتَحَدَّثُ بِحَجَّةِ الْوَدَاعِ وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ أَظْهُرِنَا، وَلاَ نَدْرِى مَا حَجَّةُ الْوَدَاعِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ ذَكَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــ (وكان البيت على ستة أعمدة سطرين) بالسيف المهملة تثنية سطر، ورواه بعضهم بالمعجمة. قال القاضي: مُصَحَّف، والصواب المهملة. 4401 - وحديث صفية [يدل] على سقوط طواف الوداع عن الحائض. 4402 - (عن ابن عمر كنا نتحدث بحجة الوداع والنبي - صلى الله عليه وسلم - بين أظهرنا وما ندري ما حجة الوداع) هذا محمول على أن هذا كان بعد الحج، ولم يدروا سبب التسمية، ثم علموا

الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ فَأَطْنَبَ فِي ذِكْرِهِ وَقَالَ «مَا بَعَثَ اللَّهُ مِنْ نَبِىٍّ إِلاَّ أَنْذَرَ أُمَّتَهُ، أَنْذَرَهُ نُوحٌ وَالنَّبِيُّونَ مِنْ بَعْدِهِ، وَإِنَّهُ يَخْرُجُ فِيكُمْ، فَمَا خَفِىَ عَلَيْكُمْ مِنْ شَأْنِهِ فَلَيْسَ يَخْفَى عَلَيْكُمْ أَنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ عَلَى مَا يَخْفَى عَلَيْكُمْ ثَلاَثًا، إِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ، وَإِنَّهُ أَعْوَرُ عَيْنِ الْيُمْنَى، كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ». طرفه 3057 4403 - «أَلاَ إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ». قَالُوا نَعَمْ. قَالَ «اللَّهُمَّ اشْهَدْ، ثَلاَثًا، وَيْلَكُمْ، أَوْ وَيْحَكُمُ، انْظُرُوا لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِى كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ». طرفه 1742 4404 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِى زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - غَزَا تِسْعَ عَشْرَةَ غَزْوَةً، وَأَنَّهُ حَجَّ بَعْدَ مَا هَاجَرَ حَجَّةً وَاحِدَةً لَمْ يَحُجَّ بَعْدَهَا حَجَّةَ الْوَدَاعِ. قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ وَبِمَكَّةَ أُخْرَى. طرفه 3949 4405 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَلِىِّ بْنِ مُدْرِكٍ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ عَنْ جَرِيرٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ لِجَرِيرٍ «اسْتَنْصِتِ النَّاسَ» فَقَالَ «لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِى كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ». طرفه 121 ـــــــــــــــــــــــــــــ من خطبته. فإنه ودّع الناس فيها كما جاء في الرواية الأخرى (لا ترجعوا بعدي كفارًا) أي: بعد مفارقتي، أو بعد انتقالي من الدنيا. والمراد: الكفر حقيقة، أو كفران نعمة أخوّة الإيمان (فما خفي عليكم من شأنه) ما شرطية، وجواب الشرط مقدر أي: فقد خفي. وقوله: (فليس يخفى عليكم) عطف على الجواب. (أن ربكم ليس بأعور) بدل من قوله: إن ربكم ليس على ما يخفى كأن عينه عنبة طافية) قال النووي: روي بالهمزة والياء على الأول معناه: داخلة، وعلى الثاني: خارجة، ووجه الجمع أن كلتا عينيه مختلتان. 4404 - (زهير) بضم الزاي مصغر. 4405 - (مدرك) بضم الميم وكسر الراء (عن أبي زرعة) بضم المعجمة، اسمه: هرم.

4406 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ أَبِى بَكْرَةَ عَنْ أَبِى بَكْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الزَّمَانُ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَةِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ثَلاَثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِى بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ، أَىُّ شَهْرٍ هَذَا» قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ. قَالَ «أَلَيْسَ ذُو الْحِجَّةِ». قُلْنَا بَلَى. قَالَ «فَأَىُّ بَلَدٍ هَذَا». قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ. قَالَ «أَلَيْسَ الْبَلْدَةَ». قُلْنَا بَلَى. قَالَ «فَأَىُّ يَوْمٍ هَذَا» قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ. قَالَ «أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ». قُلْنَا بَلَى. قَالَ «فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ - قَالَ مُحَمَّدٌ وَأَحْسِبُهُ قَالَ وَأَعْرَاضَكُمْ - عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا وَسَتَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ، فَسَيَسْأَلُكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ، أَلاَ فَلاَ تَرْجِعُوا بَعْدِى ضُلاَّلاً، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ، أَلاَ لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، فَلَعَلَّ بَعْضَ مَنْ يُبَلَّغُهُ أَنْ يَكُونَ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضِ مَنْ سَمِعَهُ - فَكَانَ مُحَمَّدٌ إِذَا ذَكَرَهُ يَقُولُ صَدَقَ مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قَالَ - أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ. مَرَّتَيْنِ». طرفه 67 4407 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِىُّ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ أَنَّ أُنَاسًا مِنَ الْيَهُودِ قَالُوا لَوْ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِينَا لاَتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا. فَقَالَ عُمَرُ أَيَّةُ آيَةٍ فَقَالُوا (الْيَوْمَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 4406 - (عن أبي بكرة) اسم الابن عبد الرحمن، والأب نفيع بن الحارث (الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السموات والأرض) إشارة إلى رفع النسيء الذي كان يفعله المشركون، وقد سلف منّا أنه لم يلزم منه أن يكون حج أبي بكر على دأب المشركين الحج (ليبلغ الشاهد الغائب، فلعل بعض من يبلغه) على بناء المجهول، والضمير المنصوب عائد إلى الحديث، أي: الخطبة وكان كلّ سِنِيِّهِ حج حجة واحدة، وبمكة أخرى، ربما يوهم أنه لم يحج بمكة إلا واحدة، وليس كذلك. قال ابن الأثير: كان وهو بمكة يحج كل سنة. وكذا أفاده شيخنا ([وكان محمد] إذا ذكره يقول: صدق النبي - صلى الله عليه وسلم -) محمد: هو ابن سيرين، وقيل: راوي الحديث محمد بن المثنى. 4407 - ثم روى حديث اليهودي أنه قال لعمر: (لو نزل علينا معشر اليهود: {اَلْيَوْمَ

أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى). فَقَالَ عُمَرُ إِنِّى لأَعْلَمُ أَىَّ مَكَانٍ أُنْزِلَتْ، أُنْزِلَتْ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ. طرفه 45 4408 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِى الأَسْوَدِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجَّةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ، وَأَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْحَجِّ، فَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ أَوْ جَمَعَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَلَمْ يَحِلُّوا حَتَّى يَوْمَ النَّحْرِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ وَقَالَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا مَالِكٌ مِثْلَهُ. طرفه 294 4409 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ - هُوَ ابْنُ سَعْدٍ - حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ عَادَنِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ مِنْ وَجَعٍ، أَشْفَيْتُ مِنْهُ عَلَى الْمَوْتِ، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَلَغَ بِى مِنَ الْوَجَعِ مَا تَرَى، وَأَنَا ذُو مَالٍ وَلاَ يَرِثُنِى إِلاَّ ابْنَةٌ لِى وَاحِدَةٌ أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَىْ مَالِى قَالَ «لاَ». قُلْتُ أَفَأَتَصَدَّقُ بِشَطْرِهِ قَالَ «لاَ». قُلْتُ فَالثُّلُثِ قَالَ «وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ، وَلَسْتَ تُنْفِقُ نَفَقَةً تَبْتَغِى بِهَا وَجْهَ ـــــــــــــــــــــــــــــ {أَكْمَلْتُ لَكُمْ} [المائدة: 3] لا تخذنا ذلك اليوم عيدًا). وقد سلف مع شرحه في أبواب الحج. وأشرنا إلى أن المراد بالعيد يوم يعظم، كالسبت لليهود ويوم الأحد للنصارى، لا العيد المصطلح. ومن قال: إن المراد هو العيد بأن يعدَّ يوم عرفة عيدًا، فقد زَلَّت به القدم، ألا ترى الجمعة عيد هذه الأمة، وقول عمر: (إني لأعلم أي مكان أنزلت) مع أن السؤال كان عن الزمان من الأسلوب الحكيم؛ لاشتماله على الجواب وزيادة. 4408 - 4409 - وحديث سعد: أنه مر في حجة الوداع وعاده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرَّ مرارًا (أشّفَيتُ) قاربت (ولا يرثني إلا ابنة) أي: من ذوي الفروض لقوله: (أن تذر ورثتك عالة) جمع عائل وهو الفقير (يتكففون) أي: يسألون الناس بأكفهم ...............................

اللَّهِ إِلاَّ أُجِرْتَ بِهَا، حَتَّى اللُّقْمَةَ تَجْعَلُهَا فِي فِي امْرَأَتِكَ». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ آأُخَلَّفُ بَعْدَ أَصْحَابِى قَالَ «إِنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ فَتَعْمَلَ عَمَلاً تَبْتَغِى بِهِ وَجْهَ اللَّهِ إِلاَّ ازْدَدْتَ بِهِ دَرَجَةً وَرِفْعَةً، وَلَعَلَّكَ تُخَلَّفُ حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ، اللَّهُمَّ أَمْضِ لأَصْحَابِى هِجْرَتَهُمْ، وَلاَ تَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ. لَكِنِ الْبَائِسُ سَعْدُ ابْنُ خَوْلَةَ رَثَى لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تُوُفِّىَ بِمَكَّةَ». طرفه 56 4410 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَلَقَ رَأْسَهُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ. طرفه 1726 4411 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِى مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ أَخْبَرَهُ ابْنُ عُمَرَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - حَلَقَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَأُنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَقَصَّرَ بَعْضُهُمْ. طرفه 1726 4412 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ أَنَّهُ أَقْبَلَ يَسِيرُ عَلَى حِمَارٍ، وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَائِمٌ بِمِنًى فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ يُصَلِّى بِالنَّاسِ، فَسَارَ الْحِمَارُ بَيْنَ يَدَىْ بَعْضِ الصَّفِّ، ثُمَّ نَزَلَ عَنْهُ، فَصَفَّ مَعَ النَّاسِ. طرفه 76 ـــــــــــــــــــــــــــــ البائس) الشديد الحاجة (رثى له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تُوفِّيَ بمكة) لأنهم كانوا يكرهون الموت بها؛ لأنهم هجروا منها لله. 4410 - 4411 - (أبو ضمرة) بفتح الضاد المعجمة أنس بن عياض. 4412 - (قزعة) بفتح القاف والزاي المعجمة وثلاث فتحات كان يسير في إفاضة من عرفات).

80 - باب غزوة تبوك، وهى غزوة العسرة

4413 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى قَالَ سُئِلَ أُسَامَةُ وَأَنَا شَاهِدٌ عَنْ سَيْرِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي حَجَّتِهِ. فَقَالَ الْعَنَقَ، فَإِذَا وَجَدَ فَجْوَةً نَصَّ. طرفه 1666 4414 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَدِىِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْخَطْمِىِّ أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا. طرفه 1674 80 - باب غَزْوَةُ تَبُوكَ، وَهْىَ غَزْوَةُ الْعُسْرَةِ 4415 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ أَرْسَلَنِى أَصْحَابِى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَسْأَلُهُ الْحُمْلاَنَ لَهُمْ، إِذْ هُمْ مَعَهُ فِي جَيْشِ الْعُسْرَةِ وَهْىَ غَزْوَةُ تَبُوكَ فَقُلْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــ 4413 - (العنق) بفتح العين سرعة السير (فإذا وجد فجوة) بفتح الفاء، الفضاء (نصّ) بتشديد المهملة هو نهاية العدو. 4414 - (الخطمي) بالخاء المعجمة نسبة إلى بيع ذلك العلف. غزوة تبوك وهي غزوة العسرة تبوك بضم الباء مضارع باك إذا ثور الماء. قال ابن الأثير: وبذلك سمي لأن بعض المنافقين باك عينًا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وضع فيها سهمًا. يجوز صرفه باعتبار المكان. وبينه وبين المدينة أربع عشرة مرحلة. وكانت في رجب سنة تسع. وسميت غزوة العسرة؛ لأنها كانت في حرٍّ شديد مع شقّة بعيدة، وفي وقت طيب الثمار، والعدو بنو الأصفر، وإليها أشير في قوله تعالى: {اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ} [التوبة: 117]. 4415 - (أبو أسامة) -بضم الهمزة- حماد بن أسامة (بريد) بضم الباء مصغر برد (أبو بردة) بضم الباء، روى حديث أبي موسى: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما غزا تبوك سأله هو ورفقته أن يحملهم، وقد سلف، مختصرًا في قدوم الأشعريين (الحملان) بضم الحاء، مصدر، وفيه

يَا نَبِىَّ اللَّهِ، إِنَّ أَصْحَابِى أَرْسَلُونِى إِلَيْكَ لِتَحْمِلَهُمْ. فَقَالَ «وَاللَّهِ لاَ أَحْمِلُكُمْ عَلَى شَىْءٍ». وَوَافَقْتُهُ، وَهْوَ غَضْبَانُ وَلاَ أَشْعُرُ، وَرَجَعْتُ حَزِينًا مِنْ مَنْعِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَمِنْ مَخَافَةِ أَنْ يَكُونَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَجَدَ فِي نَفْسِهِ عَلَىَّ، فَرَجَعْتُ إِلَى أَصْحَابِى فَأَخْبَرْتُهُمُ الَّذِى قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَمْ أَلْبَثْ إِلاَّ سُوَيْعَةً إِذْ سَمِعْتُ بِلاَلاً يُنَادِى أَىْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ. فَأَجَبْتُهُ، فَقَالَ أَجِبْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدْعُوكَ، فَلَمَّا أَتَيْتُهُ، قَالَ «خُذْ هَذَيْنِ الْقَرِينَيْنِ - وَهَذَيْنِ الْقَرِينَيْنِ لِسِتَّةِ أَبْعِرَةٍ ابْتَاعَهُنَّ حِينَئِذٍ مِنْ سَعْدٍ - فَانْطَلِقْ بِهِنَّ إِلَى أَصْحَابِكَ فَقُلْ إِنَّ اللَّهَ - أَوْ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَحْمِلُكُمْ عَلَى هَؤُلاَءِ فَارْكَبُوهُنَّ». فَانْطَلَقْتُ إِلَيْهِمْ بِهِنَّ، فَقُلْتُ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَحْمِلُكُمْ عَلَى هَؤُلاَءِ وَلَكِنِّى وَاللَّهِ لاَ أَدَعُكُمْ حَتَّى يَنْطَلِقَ مَعِى بَعْضُكُمْ إِلَى مَنْ سَمِعَ مَقَالَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لاَ تَظُنُّوا أَنِّى حَدَّثْتُكُمْ شَيْئًا لَمْ يَقُلْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا لِى إِنَّكَ عِنْدَنَا لَمُصَدَّقٌ، وَلَنَفْعَلَنَّ مَا أَحْبَبْتَ. فَانْطَلَقَ أَبُو مُوسَى بِنَفَرٍ مِنْهُمْ حَتَّى أَتَوُا الَّذِينَ سَمِعُوا قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَنْعَهُ إِيَّاهُمْ، ثُمَّ إِعْطَاءَهُمْ بَعْدُ، فَحَدَّثُوهُمْ بِمِثْلِ مَا حَدَّثَهُمْ بِهِ أَبُو مُوسَى. طرفه 3133 ـــــــــــــــــــــــــــــ مواضع اشتباه نشير إليها: (خذ هذين القرينين وهذين القرينين لستة أبعرة ابتاعهن حينئذ من سعد). فإن قلت: ذكر القرينين مرتين، فكيف قال بعد لستة أبعرة؟ قلت: الاختصار، إما من أبي موسى أو من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والثاني أظهر لما روى ابن الأثير: أنه قال: خذ هذين القرينين مرة واحدة، وفسّره ابن الأثير بالجملين. فإن قلت هناك: إنه أتى بخمسة ذود؟ قلت: لا ينافي، زيادة الثقة مقبولة، والمفهوم لا يقاوم المنطوق. فإن قلت: هناك [قال]: إنه أُتي بنهب إبل، وهنا قال: ابتاعها حينئذٍ من سعد. قلت: كان في الأصل بها وقعت في سهم سعد، هذا وقال بعضهم: هما قضيتان الأولى عند قدومهم والثانية هذه، وليس بشيء، لأن قدومهم كان ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد فتح خيبر، وقسم لهم من الغنيمة ولم يكن هناك سفر. ثم قال: فإن قلت: ذَكَرَ القرينين مرتين، فالقياس أن يكون أربعة لا ستة. قلت: القرين يطلق على الاثنين وأكثر، وهذا أيضًا ليس بشيء؛ لأن التثنية نص في مدلوله، وقد نقلنا عن ابن الأثير أنه فسّره بجملين، ثم قال: أو ذكر المرة الثانية توكيد، وهذا أيضًا من ذلك النمط؛

4416 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ إِلَى تَبُوكَ، وَاسْتَخْلَفَ عَلِيًّا فَقَالَ أَتُخَلِّفُنِى فِي الصِّبْيَانِ وَالنِّسَاءِ قَالَ «أَلاَ تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّى بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلاَّ أَنَّهُ لَيْسَ نَبِىٌّ بَعْدِى». وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ سَمِعْتُ مُصْعَبًا. طرفه 3706 4417 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ سَمِعْتُ عَطَاءً يُخْبِرُ قَالَ أَخْبَرَنِى صَفْوَانُ بْنُ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - الْعُسْرَةَ قَالَ كَانَ يَعْلَى يَقُولُ تِلْكَ الْغَزْوَةُ أَوْثَقُ أَعْمَالِى عِنْدِى. قَالَ عَطَاءٌ فَقَالَ صَفْوَانُ قَالَ يَعْلَى فَكَانَ لِى أَجِيرٌ فَقَاتَلَ إِنْسَانًا فَعَضَّ أَحَدُهُمَا يَدَ الآخَرِ، قَالَ عَطَاءٌ فَلَقَدْ أَخْبَرَنِى صَفْوَانُ أَيُّهُمَا عَضَّ الآخَرَ فَنَسِيتُهُ، قَالَ فَانْتَزَعَ الْمَعْضُوضُ يَدَهُ مِنْ فِي الْعَاضِّ، فَانْتَزَعَ إِحْدَى ثَنِيَّتَيْهِ، فَأَتَيَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَهْدَرَ ثَنِيَّتَهُ. قَالَ عَطَاءٌ وَحَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَفَيَدَعُ يَدَهُ فِي فِيكَ تَقْضَمُهَا، كَأَنَّهَا فِي فِي فَحْلٍ يَقْضَمُهَا». طرفه 1848 ـــــــــــــــــــــــــــــ لأن المؤكد لا يكون مع الواو. ألا ترى أن الفقهاء قالوا: إذا قال: أنت طالق طالق ونوى التأكيد تقبل منه بخلاف ما إذا قال: أنت طالق وطالق، ونوى بالثانية التأكيد لا يقبل منه. واعتمد على ما شيدنا أركانه وبالله التوفيق. 4416 - (خرج إلى تبوك واستخلف عليًّا وقال: أتُخَلِّفُني في الصبيان والنساء؟ قال: ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى) في معنى الخلافة، إلا أن هارون مفضل بالنبوة. 4417 - (يعلى بن أمية)، (غزوت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - العسرة) هي تبوك، وقد أشرنا في أول الباب إلى وجه التسمية (فكان لي أجير فقاتل إنسانًا، فعضَّ أحدهما يد الآخر فانتزع المعضوض يده من فِيّ العاض، فانتزع إحدى ثنيتيه) التثنية: على وزن الوصية مقدم الأسنان أربع، ثنتان من أعلى، وثنتان من أسفل (فأهدر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثنيته) وعلله بأنه الظالم في بدء أخيه المؤمن (يقضمها) بفتح الضاد المعجمة: الأكل بأطراف الأسنان.

81 - باب حديث كعب بن مالك (80) وقول الله عز وجل (وعلى الثلاثة الذين خلفوا)

81 - باب حَدِيثُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ. (80) وَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا) 4418 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ - وَكَانَ قَائِدَ كَعْبٍ مِنْ بَنِيهِ حِينَ عَمِىَ - قَالَ سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ قِصَّةِ تَبُوكَ قَالَ كَعْبٌ لَمْ أَتَخَلَّفْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا إِلاَّ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، غَيْرَ أَنِّى كُنْتُ تَخَلَّفْتُ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ، وَلَمْ يُعَاتِبْ أَحَدًا تَخَلَّفَ، عَنْهَا إِنَّمَا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُرِيدُ عِيرَ قُرَيْشٍ، حَتَّى جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عَدُوِّهِمْ عَلَى غَيْرِ مِيعَادٍ وَلَقَدْ شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ حِينَ تَوَاثَقْنَا عَلَى الإِسْلاَمِ، وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِى بِهَا مَشْهَدَ بَدْرٍ، وَإِنْ كَانَتْ بَدْرٌ أَذْكَرَ فِي النَّاسِ مِنْهَا، كَانَ مِنْ خَبَرِى أَنِّى لَمْ أَكُنْ قَطُّ أَقْوَى وَلاَ أَيْسَرَ حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْهُ فِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ، وَاللَّهِ مَا اجْتَمَعَتْ عِنْدِى قَبْلَهُ رَاحِلَتَانِ قَطُّ حَتَّى جَمَعْتُهُمَا فِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ، وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُرِيدُ غَزْوَةً إِلاَّ وَرَّى بِغَيْرِهَا، حَتَّى كَانَتْ تِلْكَ الْغَزْوَةُ، غَزَاهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي حَرٍّ شَدِيدٍ، وَاسْتَقْبَلَ سَفَرًا بَعِيدًا وَمَفَازًا وَعَدُوًّا كَثِيرًا، فَجَلَّى لِلْمُسْلِمِينَ أَمْرَهُمْ لِيَتَأَهَّبُوا أُهْبَةَ غَزْوِهِمْ، فَأَخْبَرَهُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــ حديث كعب بن مالك وقول الله: {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} [التوبة: 118] 4418 - كعب بن مالك أحد سادات الأنصار الخزرجي السلمي روى ابن عبد البر: قال [يا] رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ماذا ترى في الشعر؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه قال له: أترى الله نسي لك قولك: زعمت سخينة أن ستغلب ربها ... وليغلبن مغالب الغلاب قاله ابن الأثير، وقد مرَّ مرارًا لكنه أورده هنا بأطول الطرق؛ لأنه موضع الإطناب، ونشير إلى بعض ألفاظه. زعم أنه لم يشهد بدرًا ولكن عنده ليلة العقبة حين بايعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعظم من بدر (وإن كان بدرًا أذكر في الناس) أي: أشهر (فجلى للمسلمين أمرهم) أي كشف، وصرح بجهة

بِوَجْهِهِ الَّذِى يُرِيدُ، وَالْمُسْلِمُونَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَثِيرٌ، وَلاَ يَجْمَعُهُمْ كِتَابٌ حَافِظٌ - يُرِيدُ الدِّيوَانَ - قَالَ كَعْبٌ فَمَا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَتَغَيَّبَ إِلاَّ ظَنَّ أَنْ سَيَخْفَى لَهُ مَا لَمْ يَنْزِلْ فِيهِ وَحْىُ اللَّهِ، وَغَزَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تِلْكَ الْغَزْوَةَ حِينَ طَابَتِ الثِّمَارُ وَالظِّلاَلُ، وَتَجَهَّزَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالْمُسْلِمُونَ مَعَهُ، فَطَفِقْتُ أَغْدُو لِكَىْ أَتَجَهَّزَ مَعَهُمْ فَأَرْجِعُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا، فَأَقُولُ فِي نَفْسِى أَنَا قَادِرٌ عَلَيْهِ. فَلَمْ يَزَلْ يَتَمَادَى بِى حَتَّى اشْتَدَّ بِالنَّاسِ الْجِدُّ، فَأَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالْمُسْلِمُونَ مَعَهُ وَلَمْ أَقْضِ مِنْ جَهَازِى شَيْئًا، فَقُلْتُ أَتَجَهَّزُ بَعْدَهُ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ ثُمَّ أَلْحَقُهُمْ، فَغَدَوْتُ بَعْدَ أَنْ فَصَلُوا لأَتَجَهَّزَ، فَرَجَعْتُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا، ثُمَّ غَدَوْتُ ثُمَّ رَجَعْتُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا، فَلَمْ يَزَلْ بِى حَتَّى أَسْرَعُوا وَتَفَارَطَ الْغَزْوُ، وَهَمَمْتُ أَنْ أَرْتَحِلَ فَأُدْرِكَهُمْ، وَلَيْتَنِى فَعَلْتُ، فَلَمْ يُقَدَّرْ لِى ذَلِكَ، فَكُنْتُ إِذَا خَرَجْتُ فِي النَّاسِ بَعْدَ خُرُوجِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَطُفْتُ فِيهِمْ، أَحْزَنَنِى أَنِّى لاَ أَرَى إِلاَّ رَجُلاً مَغْمُوصًا عَلَيْهِ النِّفَاقُ أَوْ رَجُلاً مِمَّنْ عَذَرَ اللَّهُ مِنَ الضُّعَفَاءِ، وَلَمْ يَذْكُرْنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى بَلَغَ تَبُوكَ، فَقَالَ وَهْوَ جَالِسٌ فِي الْقَوْمِ بِتَبُوكَ «مَا فَعَلَ كَعْبٌ». فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِى سَلِمَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، حَبَسَهُ بُرْدَاهُ وَنَظَرُهُ فِي عِطْفِهِ. فَقَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ بِئْسَ مَا قُلْتَ، وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ إِلاَّ خَيْرًا. فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ فَلَمَّا بَلَغَنِى أَنَّهُ تَوَجَّهَ قَافِلاً حَضَرَنِى هَمِّى، ـــــــــــــــــــــــــــــ السفر خلاف ما كان يفعله من الخدعة والتورية (والمسلمون مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كثير) في رواية البيهقي ثلاثون ألفًا، وفي رواية الواقدي عن أبي زرعة: أربعون ألفًا، وفي رواية الحاكم: عن أبي زرعة الداري: سبعون ألفًا، والجمع بين الروايتين باعتبار التابع بدون المتبوع وتارة معًا (ولم أقض من جهازي شيئًا) بفتح الجيم: ما يحتاج إليه المسافر (تفارط الغزو) أي: فات، من فرط إذا سبق (أني لا أرى إلا رجلًا مغموصًا عليه النفاق) بالغين المعجمة وصاد مهملة أي: مطعونًا فيه في دينه، يقال: غمصه: إذا عابه وإنما عدَّاه بعلى لتضمين معنى غاب. (فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو جالس في القوم بتبوك: ما فعل كعب، فقال رجل من بني سلمة: حبسه برداه ونظره في عطفيه) بني سلمة بكسر اللام هم قوم كعب بن مالك، والعطف بكسر العين جانب العنق؛ لأنه موضع المعطف وهو الرداء، وكنّى بهذا عن غروره واغتراره بالدنيا وزخرفها، هذا الرجل عبد الله بن أنيس، والذي رذ عليه معاذ بن جبل. وقيل: أبو

وَطَفِقْتُ أَتَذَكَّرُ الْكَذِبَ وَأَقُولُ بِمَاذَا أَخْرُجُ مِنْ سَخَطِهِ غَدًا وَاسْتَعَنْتُ عَلَى ذَلِكَ بِكُلِّ ذِى رَأْىٍ مِنْ أَهْلِى، فَلَمَّا قِيلَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ أَظَلَّ قَادِمًا زَاحَ عَنِّى الْبَاطِلُ، وَعَرَفْتُ أَنِّى لَنْ أَخْرُجَ مِنْهُ أَبَدًا بِشَىْءٍ فِيهِ كَذِبٌ، فَأَجْمَعْتُ صِدْقَهُ، وَأَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَادِمًا، وَكَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ فَيَرْكَعُ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ جَلَسَ لِلنَّاسِ، فَلَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ جَاءَهُ الْمُخَلَّفُونَ، فَطَفِقُوا يَعْتَذِرُونَ إِلَيْهِ، وَيَحْلِفُونَ لَهُ، وَكَانُوا بِضْعَةً وَثَمَانِينَ رَجُلاً فَقَبِلَ مِنْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلاَنِيَتَهُمْ، وَبَايَعَهُمْ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ، وَوَكَلَ سَرَائِرَهُمْ إِلَى اللَّهِ، فَجِئْتُهُ فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَيْهِ تَبَسَّمَ تَبَسُّمَ الْمُغْضَبِ، ثُمَّ قَالَ «تَعَالَ». فَجِئْتُ أَمْشِى حَتَّى جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ لِى «مَا خَلَّفَكَ أَلَمْ تَكُنْ قَدِ ابْتَعْتَ ظَهْرَكَ». فَقُلْتُ بَلَى، إِنِّى وَاللَّهِ لَوْ جَلَسْتُ عِنْدَ غَيْرِكَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا، لَرَأَيْتُ أَنْ سَأَخْرُجُ مِنْ سَخَطِهِ بِعُذْرٍ، وَلَقَدْ أُعْطِيتُ جَدَلاً، وَلَكِنِّى وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُ لَئِنْ حَدَّثْتُكَ الْيَوْمَ حَدِيثَ كَذِبٍ تَرْضَى بِهِ عَنِّى لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يُسْخِطَكَ عَلَىَّ، وَلَئِنْ حَدَّثْتُكَ حَدِيثَ صِدْقٍ تَجِدُ عَلَىَّ فِيهِ إِنِّى لأَرْجُو فِيهِ عَفْوَ اللَّهِ، لاَ وَاللَّهِ مَا كَانَ لِى مِنْ عُذْرٍ، وَاللَّهِ مَا كُنْتُ قَطُّ أَقْوَى وَلاَ أَيْسَرَ مِنِّى حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَمَّا هَذَا فَقَدْ صَدَقَ، فَقُمْ حَتَّى يَقْضِىَ اللَّهُ فِيكَ». فَقُمْتُ وَثَارَ رِجَالٌ مِنْ بَنِى سَلِمَةَ فَاتَّبَعُونِى، فَقَالُوا لِى وَاللَّهِ مَا عَلِمْنَاكَ كُنْتَ أَذْنَبْتَ ذَنْبًا قَبْلَ هَذَا، وَلَقَدْ عَجَزْتَ أَنْ لاَ تَكُونَ اعْتَذَرْتَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِمَا اعْتَذَرَ إِلَيْهِ الْمُتَخَلِّفُونَ، قَدْ كَانَ كَافِيَكَ ذَنْبَكَ اسْتِغْفَارُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَكَ، فَوَاللَّهِ مَا زَالُوا يُؤَنِّبُونِى حَتَّى أَرَدْتُ أَنْ أَرْجِعَ فَأُكَذِّبُ نَفْسِى، ثُمَّ قُلْتُ لَهُمْ هَلْ لَقِىَ هَذَا مَعِى أَحَدٌ قَالُوا نَعَمْ، رَجُلاَنِ قَالاَ مِثْلَ مَا قُلْتَ، فَقِيلَ لَهُمَا مِثْلُ مَا قِيلَ لَكَ. فَقُلْتُ مَنْ هُمَا قَالُوا مُرَارَةُ بْنُ الرَّبِيعِ الْعَمْرِىُّ ـــــــــــــــــــــــــــــ قتادة. الثلاثة من قوم كعب من الخزرج (طفقت) بكسر الفاء: شرعت (زاح عين الباطل) أي: زال (فأجمعت صِدْقه) أي: عزمت على الصدق في القول (بضعة وثمانين) بكسر الباء ما بين الثلاثة إلى العشرة، هؤلاء من أهل المدينة ومن الأعراب مثلهم، والذين كانوا مع ابن أُبي بن سلول أكثر (تبسم المغضب) بفتح الضاد (ليوشكنّ الله) أي: ليسرعنّ (ثاروا) وثبوا (قد كان كافيك استغفار ذنبك) أي: استغفار رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكافيك بالنصب خبر كان (مرارة بن الربيع) صوابه: مرارة بن ربيعة كما في رواية مسلم، وكذا ذكره ابن عبد البر

وَهِلاَلُ بْنُ أُمَيَّةَ الْوَاقِفِىُّ. فَذَكَرُوا لِى رَجُلَيْنِ صَالِحَيْنِ قَدْ شَهِدَا بَدْرًا فِيهِمَا إِسْوَةٌ، فَمَضَيْتُ حِينَ ذَكَرُوهُمَا لِى، وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمُسْلِمِينَ عَنْ كَلاَمِنَا أَيُّهَا الثَّلاَثَةُ مِنْ بَيْنِ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ، فَاجْتَنَبَنَا النَّاسُ وَتَغَيَّرُوا لَنَا حَتَّى تَنَكَّرَتْ فِي نَفْسِى الأَرْضُ، فَمَا هِىَ الَّتِى أَعْرِفُ، فَلَبِثْنَا عَلَى ذَلِكَ خَمْسِينَ لَيْلَةً، فَأَمَّا صَاحِبَاىَ فَاسْتَكَانَا وَقَعَدَا فِي بُيُوتِهِمَا يَبْكِيَانِ، وَأَمَّا أَنَا فَكُنْتُ أَشَبَّ الْقَوْمِ وَأَجْلَدَهُمْ، فَكُنْتُ أَخْرُجُ فَأَشْهَدُ الصَّلاَةَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ وَأَطُوفُ فِي الأَسْوَاقِ، وَلاَ يُكَلِّمُنِى أَحَدٌ، وَآتِى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأُسَلِّمُ عَلَيْهِ وَهْوَ فِي مَجْلِسِهِ بَعْدَ الصَّلاَةِ، فَأَقُولُ فِي نَفْسِى هَلْ حَرَّكَ شَفَتَيْهِ بِرَدِّ السَّلاَمِ عَلَىَّ أَمْ لاَ ثُمَّ أُصَلِّى قَرِيبًا مِنْهُ فَأُسَارِقُهُ النَّظَرَ، فَإِذَا أَقْبَلْتُ عَلَى صَلاَتِى أَقْبَلَ إِلَىَّ، وَإِذَا الْتَفَتُّ نَحْوَهُ أَعْرَضَ عَنِّى، حَتَّى إِذَا طَالَ عَلَىَّ ذَلِكَ مِنْ جَفْوَةِ النَّاسِ مَشَيْتُ حَتَّى تَسَوَّرْتُ جِدَارَ حَائِطِ أَبِى قَتَادَةَ وَهْوَ ابْنُ عَمِّى وَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَىَّ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَوَاللَّهِ مَا رَدَّ عَلَىَّ السَّلاَمَ، فَقُلْتُ يَا أَبَا قَتَادَةَ، أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمُنِى أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَسَكَتَ، فَعُدْتُ لَهُ فَنَشَدْتُهُ فَسَكَتَ، فَعُدْتُ لَهُ فَنَشَدْتُهُ. فَقَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَفَاضَتْ عَيْنَاىَ وَتَوَلَّيْتُ حَتَّى تَسَوَّرْتُ الْجِدَارَ، قَالَ فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِى بِسُوقِ الْمَدِينَةِ إِذَا نَبَطِىٌّ مِنْ أَنْبَاطِ أَهْلِ الشَّأْمِ مِمَّنْ قَدِمَ بِالطَّعَامِ يَبِيعُهُ بِالْمَدِينَةِ يَقُولُ مَنْ يَدُلُّ عَلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ فَطَفِقَ النَّاسُ يُشِيرُونَ لَهُ، حَتَّى إِذَا جَاءَنِى دَفَعَ إِلَىَّ كِتَابًا مِنْ مَلِكِ غَسَّانَ، فَإِذَا فِيهِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِى أَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ لكن في رواية مسلم: العامري، والصواب: العمري بفتح العين وسكون الميم، نسبة إلى عمرو بن عوف (وهلال بن أمية الواقفي) بكسر القاف. (فذكروا لي رجلين صالحين قد شهدا بدرًا) قال بعض الشارحين: هذا غريب لم يذكر أحد من أهل السير، أنهما شهدا بدرًا. قلت: ذكرهما ابن عبد البر في "الاستيعاب" بلا خلاف. وإنما غلط من غلط بأنهما لو كانا من أصحاب بدر لم يكونا معاقبين كما لم يعاقب حاطب، وهذا خطأ؛ فإن الحدود لا تسقط بوجه. ألا ترى أن عمر حدّ قدامة بن مظعون على شرب الخمر مع كونه بدريًّا باتفاق. (أيها الثلاثة) رفع على الاختصاص (وتسورت) أي: صعدت من غير سلّم (وأمّا صاحباي فاستكانا) أي: تذللا (من جفوة الناس) بفتح الجيم وسكون الفاء، أي: من لومهم

صَاحِبَكَ قَدْ جَفَاكَ، وَلَمْ يَجْعَلْكَ اللَّهُ بِدَارِ هَوَانٍ وَلاَ مَضْيَعَةٍ، فَالْحَقْ بِنَا نُوَاسِكَ. فَقُلْتُ لَمَّا قَرَأْتُهَا وَهَذَا أَيْضًا مِنَ الْبَلاَءِ. فَتَيَمَّمْتُ بِهَا التَّنُّورَ فَسَجَرْتُهُ بِهَا، حَتَّى إِذَا مَضَتْ أَرْبَعُونَ لَيْلَةً مِنَ الْخَمْسِينَ إِذَا رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَأْتِينِى فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَأْمُرُكَ أَنْ تَعْتَزِلَ امْرَأَتَكَ فَقُلْتُ أُطَلِّقُهَا أَمْ مَاذَا أَفْعَلُ قَالَ لاَ بَلِ اعْتَزِلْهَا وَلاَ تَقْرَبْهَا. وَأَرْسَلَ إِلَى صَاحِبَىَّ مِثْلَ ذَلِكَ، فَقُلْتُ لاِمْرَأَتِى الْحَقِى بِأَهْلِكِ فَتَكُونِى عِنْدَهُمْ حَتَّى يَقْضِىَ اللَّهُ فِي هَذَا الأَمْرِ. قَالَ كَعْبٌ فَجَاءَتِ امْرَأَةُ هِلاَلِ بْنِ أُمَيَّةَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ هِلاَلَ بْنَ أُمَيَّةَ شَيْخٌ ضَائِعٌ لَيْسَ لَهُ خَادِمٌ فَهَلْ تَكْرَهُ أَنْ أَخْدُمَهُ قَالَ «لاَ وَلَكِنْ لاَ يَقْرَبْكِ». قَالَتْ إِنَّهُ وَاللَّهِ مَا بِهِ حَرَكَةٌ إِلَى شَىْءٍ، وَاللَّهِ مَا زَالَ يَبْكِى مُنْذُ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ إِلَى يَوْمِهِ هَذَا. فَقَالَ لِى بَعْضُ أَهْلِى لَوِ اسْتَأْذَنْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي امْرَأَتِكَ كَمَا أَذِنَ لاِمْرَأَةِ هِلاَلِ بْنِ أُمَيَّةَ أَنْ تَخْدُمَهُ فَقُلْتُ وَاللَّهِ لاَ أَسْتَأْذِنُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَا يُدْرِينِى مَا يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا اسْتَأْذَنْتُهُ فِيهَا وَأَنَا رَجُلٌ شَابٌّ فَلَبِثْتُ بَعْدَ ذَلِكَ عَشْرَ لَيَالٍ حَتَّى كَمَلَتْ لَنَا خَمْسُونَ لَيْلَةً مِنْ حِينِ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ كَلاَمِنَا، فَلَمَّا صَلَّيْتُ صَلاَةَ الْفَجْرِ صُبْحَ خَمْسِينَ لَيْلَةً، وَأَنَا عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِنَا، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسٌ عَلَى الْحَالِ الَّتِى ذَكَرَ اللَّهُ، قَدْ ضَاقَتْ عَلَىَّ نَفْسِى، وَضَاقَتْ عَلَىَّ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ، سَمِعْتُ صَوْتَ صَارِخٍ أَوْفَى عَلَى جَبَلِ سَلْعٍ بِأَعْلَى صَوْتِهِ يَا كَعْبُ بْنَ مَالِكٍ، أَبْشِرْ. قَالَ فَخَرَرْتُ سَاجِدًا، وَعَرَفْتُ أَنْ قَدْ جَاءَ فَرَجٌ، وَآذَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِتَوْبَةِ اللَّهِ عَلَيْنَا حِينَ صَلَّى صَلاَةَ الْفَجْرِ، فَذَهَبَ النَّاسُ يُبَشِّرُونَنَا، وَذَهَبَ قِبَلَ صَاحِبَىَّ مُبَشِّرُونَ، وَرَكَضَ إِلَىَّ رَجُلٌ فَرَسًا، وَسَعَى سَاعٍ مِنْ أَسْلَمَ فَأَوْفَى عَلَى الْجَبَلِ وَكَانَ الصَّوْتُ أَسْرَعَ مِنَ الْفَرَسِ، فَلَمَّا جَاءَنِى الَّذِى سَمِعْتُ صَوْتَهُ يُبَشِّرُنِى نَزَعْتُ لَهُ ثَوْبَىَّ، فَكَسَوْتُهُ إِيَّاهُمَا بِبُشْرَاهُ، وَاللَّهِ مَا أَمْلِكُ غَيْرَهُمَا يَوْمَئِذٍ، وَاسْتَعَرْتُ ثَوْبَيْنِ فَلَبِسْتُهُمَا، وَانْطَلَقْتُ إِلَى ـــــــــــــــــــــــــــــ وعدم الاعتداد بهم (فتيممت بها التنور فسجرته بها) أنث الضمير العائد إلى الكتاب باعتبار الورقة و (النبطي) بفتح النون وسكون الباء الفلاح (أوفى على سلع) اسم جبل (أوفى) أشرت (فلما جاءني الذي يبشرني نزعت ثوبيّ فكسوته إياهما، والله ما أملك غيرهما) أي: من نجس الثياب بقوله بعده: أنخلع من مالي.

رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَيَتَلَقَّانِى النَّاسُ فَوْجًا فَوْجًا يُهَنُّونِى بِالتَّوْبَةِ، يَقُولُونَ لِتَهْنِكَ تَوْبَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ. قَالَ كَعْبٌ حَتَّى دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جَالِسٌ حَوْلَهُ النَّاسُ فَقَامَ إِلَىَّ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ يُهَرْوِلُ حَتَّى صَافَحَنِى وَهَنَّانِى، وَاللَّهِ مَا قَامَ إِلَىَّ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ غَيْرُهُ، وَلاَ أَنْسَاهَا لِطَلْحَةَ، قَالَ كَعْبٌ فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ يَبْرُقُ وَجْهُهُ مِنَ السُّرُورِ «أَبْشِرْ بِخَيْرِ يَوْمٍ مَرَّ عَلَيْكَ مُنْذُ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ». قَالَ قُلْتُ أَمِنْ عِنْدِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ قَالَ «لاَ، بَلْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ». وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا سُرَّ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ حَتَّى كَأَنَّهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ، وَكُنَّا نَعْرِفُ ذَلِكَ مِنْهُ، فَلَمَّا جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ مِنْ تَوْبَتِى أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِى صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِ اللَّهِ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ». قُلْتُ فَإِنِّى أُمْسِكُ سَهْمِى الَّذِى بِخَيْبَرَ، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ إِنَّمَا نَجَّانِى بِالصِّدْقِ، وَإِنَّ مِنْ تَوْبَتِى أَنْ لاَ أُحَدِّثَ إِلاَّ صِدْقًا مَا بَقِيتُ، فَوَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَبْلاَهُ اللَّهُ فِي صِدْقِ الْحَدِيثِ مُنْذُ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَحْسَنَ مِمَّا أَبْلاَنِى، مَا تَعَمَّدْتُ مُنْذُ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى يَوْمِى هَذَا كَذِبًا، وَإِنِّى لأَرْجُو أَنْ يَحْفَظَنِى اللَّهُ فِيمَا بَقِيتُ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - (لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ) إِلَى قَوْلِهِ (وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) فَوَاللَّهِ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَىَّ مِنْ نِعْمَةٍ قَطُّ بَعْدَ أَنْ هَدَانِى لِلإِسْلاَمِ أَعْظَمَ فِي نَفْسِى مِنْ صِدْقِى لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ لاَ أَكُونَ كَذَبْتُهُ، فَأَهْلِكَ كَمَا هَلَكَ الَّذِينَ كَذَبُوا، فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ لِلَّذِينَ كَذَبُوا حِينَ أَنْزَلَ الْوَحْىَ شَرَّ مَا قَالَ لأَحَدٍ، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى (سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ) إِلَى قَوْلِهِ (فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ). ـــــــــــــــــــــــــــــ قال الواقدي: الذي أوفى على سلع أبو بكر الصديق، والذي جاء على الفرس الزبير بن العوام، والذي بشره وخلع [له] ثوبيه حمزة بن عمرو الأسلمي. (فوجًا فوجًا) جماعة جماعة، نصب على الحال (لتهنك التوبة) بكسر النون وفيه شذوذ؛ لأنه من هنأ (فقام طلحة) لأنه كان أخاه لما آخى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين المهاجرين والأنصار (وما أعلم أحدًا من المسلمين أبلاه الله الحسنى مما أبلاني) أي: أكرمه وأنعم عليه (فوالله ما أنعم الله علي من نعمة قط أن لا أكون كذبته) قال القاضي: لا زائدة كما في قوله

82 - باب نزول النبى - صلى الله عليه وسلم - الحجر

قَالَ كَعْبٌ وَكُنَّا تَخَلَّفْنَا أَيُّهَا الثَّلاَثَةُ عَنْ أَمْرِ أُولَئِكَ الَّذِينَ قَبِلَ مِنْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ حَلَفُوا لَهُ، فَبَايَعَهُمْ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ وَأَرْجَأَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَمْرَنَا حَتَّى قَضَى اللَّهُ فِيهِ، فَبِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ (وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا) وَلَيْسَ الَّذِى ذَكَرَ اللَّهُ مِمَّا خُلِّفْنَا عَنِ الْغَزْوِ إِنَّمَا هُوَ تَخْلِيفُهُ إِيَّانَا وَإِرْجَاؤُهُ أَمْرَنَا عَمَّنْ حَلَفَ لَهُ وَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ، فَقَبِلَ مِنْهُ. طرفه 2757 82 - باب نُزُولُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - الْحِجْرَ 4419 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِىُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا مَرَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْحِجْرِ قَالَ «لاَ تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ، أَنْ يُصِيبَكُمْ مَا أَصَابَهُمْ إِلاَّ أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ». ثُمَّ قَنَّعَ رَأْسَهُ وَأَسْرَعَ السَّيْرَ حَتَّى أَجَازَ الْوَادِىَ. طرفه 433 4420 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لأَصْحَابِ الْحِجْرِ «لاَ تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلاَءِ الْمُعَذَّبِينَ إِلاَّ أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ، أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَهُمْ». طرفه 433 ـــــــــــــــــــــــــــــ تعالى: {أَلَّا تَسْجُدَ} [الأعراف: 12]. قلت: هو بدل من صدقي، ولا على أصله (وليس الذي ذكر الله ممّا) أي: من أجله (خلفنا عن الغزو) كما يتبادر من قوله: {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} [التوبة: 118] بل التخليف في الآية هو إرجاء توبته وتأخيره زجرًا لهم ولأمثالهم عن فعل مثله. نزول النبي - صلى الله عليه وسلم - الحجر بكسر الحاء منازل قوم صالح عند وادي القرى مرَّ عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو متوجه إلى تبوك. 4419 - (لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أن يصيبكم ما أصابهم) أي كراهة الإصابة (ثم قنَّع رأسه) بفتح القاف وتشديد النون أي: شدَّه. 4420 - (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحاب الحجر: لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين) أي: قال في شأنهم كما في قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ} [الأحقاف: 11] ومن قال أصحاب الحجر هم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمرورهم بالحجر فقد أتى بمنكر من القول.

83 - باب

83 - بابٌ 4421 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِيهِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ ذَهَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِبَعْضِ حَاجَتِهِ، فَقُمْتُ أَسْكُبُ عَلَيْهِ الْمَاءَ - لاَ أَعْلَمُهُ إِلاَّ قَالَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ - فَغَسَلَ وَجْهَهُ، وَذَهَبَ يَغْسِلُ ذِرَاعَيْهِ فَضَاقَ عَلَيْهِ كُمُّ الْجُبَّةِ، فَأَخْرَجَهُمَا مِنْ تَحْتِ جُبَّتِهِ فَغَسَلَهُمَا ثُمَّ مَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ. طرفه 182 4422 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ قَالَ حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ يَحْيَى عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِى حُمَيْدٍ قَالَ أَقْبَلْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ حَتَّى إِذَا أَشْرَفْنَا عَلَى الْمَدِينَةِ قَالَ «هَذِهِ طَابَةُ، وَهَذَا أُحُدٌ، جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ». طرفه 1481 4423 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجَعَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ فَدَنَا مِنَ الْمَدِينَةِ فَقَالَ «إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا وَلاَ قَطَعْتُمْ وَادِيًا إِلاَّ كَانُوا مَعَكُمْ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ قَالَ «وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ، حَبَسَهُمُ الْعُذْرُ». طرفه 2838 ـــــــــــــــــــــــــــــ 4421 - وحديث المغيرة بن شعبة: أنه سكب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الماء فتوضأ ومسح على الخفين، سلف في أبواب الصلاة، وإنما أورده هنا دلالة على أن ذلك في غزوة تبوك، وجاء صريحًا في رواية مسلم. 4422 - (مخلد) بفتح الميم وخاء معحمة. (أبو حميد) بضم الحاء مصغر، الصحابي المكرم اسمه: منذر (هذه طابة) اسم المدينة الشريفة (وهذا أحد جبل يحبُّنا ونحبه) سلف منا أن هذا محمول على الحقيقة؛ لأنه أمر ممكن، وفيه دلالة على كمال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإذا سلم عليه الحجر فأي مات من [أن] يحبه الجبل، وقولهم المراد. أهل أحد شيء لا يعتد به. 4423 - (أن بالمدينة أقوامًا ما سرتم مسيرًا ولا قطعتم واديًا إلا كانوا معكم) بالقلوب والنيّات، ولذلك قالوا: (يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهم بالمدينة).

84 - باب كتاب النبى - صلى الله عليه وسلم - إلى كسرى وقيصر

84 - باب كِتَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى كِسْرَى وَقَيْصَرَ 4424 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ بِكِتَابِهِ إِلَى كِسْرَى مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِىِّ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ الْبَحْرَيْنِ، فَدَفَعَهُ عَظِيمُ الْبَحْرَيْنِ إِلَى كِسْرَى، فَلَمَّا قَرَأَهُ مَزَّقَهُ - فَحَسِبْتُ أَنَّ ابْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ - فَدَعَا عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُمَزَّقُوا كُلَّ مُمَزَّقٍ. طرفه 64 4425 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِى بَكْرَةَ قَالَ لَقَدْ نَفَعَنِى اللَّهُ بِكَلِمَةٍ سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَيَّامَ الْجَمَلِ، بَعْدَ مَا كِدْتُ أَنْ أَلْحَقَ بِأَصْحَابِ الْجَمَلِ فَأُقَاتِلَ مَعَهُمْ قَالَ لَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ أَهْلَ فَارِسَ قَدْ مَلَّكُوا عَلَيْهِمْ بِنْتَ كِسْرَى قَالَ «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً». طرفه 7099 4426 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِىَّ عَنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى كسرى وقيصر لما صالح قريشًا وأسلم من الأعراب من أسلم، كاتب الملوك يدعوهم إلى الله؛ لأنه مبعوث إلى الناس كافة، وكسرى -بفتح الكاف وكسرها- معَرب خسرو، وهو لقب كل من ملك الفرس كقيصر لمن ملك الروم بعث دحية بن خليفة إلى قيصر، وحذافة إلى كسرى، وحاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس بالإسكندرية، وعمرو بن أمية إلى النجاشي. 4424 - (إسحاق) كذا وقع غير منسوب، قال أبو نصر: إسحاق بن منصور، وابن راهويه يرويان عن يعقوب بن إبراهيم (بعث بكتابه إلى كسرى فلما قرأه مزقه) قيل: إنما مزقه لأن اسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقدم على اسمه في صدر الكتاب هكذا: من محمد بن عبد الله ورسوله إلى كسرى عظيم الفرس (فدعا عليهم أن يمزقوا كل ممزق) أي: كل تمزيق، وكذا جرى، قتله ابنه شيرويه فإنه عشق امرأته شيرين، والمجوس ينكحون الأمهات، ثم بعد سنة مات شيرويه بل قيل: مات في سنة أربعة عشر ملكًا منهم، ثم ولُّوا عليهم امرأةً من بنات كسرى اسمها: بوران ومضت أيضًا، ولم يقم للفرس ملك، ولا يكون إلى آخر الدهر. 4425 - (الهيثم) بفتح الهاء وسكون الياء بعدها مثلثة.

85 - باب مرض النبى - صلى الله عليه وسلم - ووفاته

السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ يَقُولُ أَذْكُرُ أَنِّى خَرَجْتُ مَعَ الْغِلْمَانِ إِلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ نَتَلَقَّى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً مَعَ الصِّبْيَانِ. طرفه 3083 4427 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنِ السَّائِبِ أَذْكُرُ أَنِّى خَرَجْتُ مَعَ الصِّبْيَانِ نَتَلَقَّى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ مَقْدَمَهُ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ. طرفه 3083 85 - باب مَرَضِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَوَفَاتِهِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 4427 - (خرجت مع الغلمان إلى ثنية الوداع) بفتح الواو سميت بذلك؛ لأن المشيع للمسافر يرجع منها قال البيهقي: ذكر العلماء: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما قدم من مكة جعل الولائد والصبيان يقولون: طلع البدر علينا ... من ثنيات الوداع وجب الشكر علينا ... ما دعا لله داع وليس كذلك بل إنما كان هذا لما رجع من تبوك، ويمكن الجمع بوقوعه مرتين. فإن قلت: ثنية الوداع لا خلاف في شرقي المدينة، فكيف يمكن أن يكون في طريق تبوك؟ قلت: يمكن أن يكون خرج من طريق وجاء من طريق آخر. فإن قلت: ما وجه مناسبة حديث رجوعه من تبوك باب إرسال الكتب إلى الملوك؟! قلت: قال بعضهم: التوجه إلى ملك قيصر يحتاج إليه التدبير في تسخيره ببعث الكتاب، وهذا شيء ركيك بعيد عن الأوهام. والصواب: أنه أشار بأن قضية تبوك كانت بعد الكتاب؛ لأنه دعاه إلى الإسلام فلم يجبه، فسار إلى جهاده. وأجاب شيخنا: بأنه كتب إلى قيصر مرتين، رواه الإمام أحمد، قلت: ذلك الحديث لم يثبت عند البخاري وجَمْعُهُ في الترجمة بين كسرى وقيصر يدفع ما قاله؛ لاتفاق الكل على أنه لم يكتب إلى كسرى إلا مرة فالعمدة على ما آثرناه، والله الموفق. باب مرض النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ابن إسحاق: كان ابتداء شكواه في أواخر صفر ({إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30)} [الزمر: 30])

ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ). 4428 - وَقَالَ يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ عُرْوَةُ قَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ فِي مَرَضِهِ الَّذِى مَاتَ فِيهِ «يَا عَائِشَةُ مَا أَزَالُ أَجِدُ أَلَمَ الطَّعَامِ الَّذِى أَكَلْتُ بِخَيْبَرَ، فَهَذَا أَوَانُ وَجَدْتُ انْقِطَاعَ أَبْهَرِى مِنْ ذَلِكَ السَّمِّ». 4429 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ بِنْتِ الْحَارِثِ قَالَتْ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِـ (الْمُرْسَلاَتِ عُرْفًا) ثُمَّ مَا صَلَّى لَنَا بَعْدَهَا حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ. طرفه 763 4430 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - يُدْنِى ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ إِنَّ لَنَا أَبْنَاءً مِثْلَهُ. فَقَالَ إِنَّهُ مِنْ حَيْثُ تَعْلَمُ. فَسَأَلَ عُمَرُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ (إِذَا جَاءَ ـــــــــــــــــــــــــــــ [الزمر: 30] اسم الفاعل حقيقة في الحال، ولم يكن ميتًا، ولكن أشار بأن يكون قابلًا للموت، فهو في حكم الموتى. 4428 - (ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر) في أزال ضمير الشأن. فإن قلت: تقدم أنه لم يأكل منها وإنما لاك قطعةً ثم لفظها؟ قلت: فيه تسامح لأنه تأثر فيها فكأنه بمثابة الأكل. (فهذا أوان وجدت انقطاع أبهري) -بفتح الهمزة- عرق متصل بالقلب. 4429 - (بكير) بضم الباء مصغر وكذا (عقيل)، (عن أم الفضل أم ابن عباس: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في الغرب (والمرسلات) ثم ما صلى لنا حتى قبضه الله). فإن قلت: قد صلى بعدها صلوات؟ قلت: غير مُسَلَّم سوى أنه صلى إمامًا وأبو بكر بجانبه ولم تكن صلاة جهرية، أو لم يكن أم الفضل حاضرة بعدها فأخبرت بقدر علمها. 4430 - وحديث ابن عباس أن عمر كان يدخله مع أشياخ بدر تقدم قريبًا (إنه من حيث يعلم) أي: في العلم، والعلم يرفع الشاب على الشيخ فضلًا عن الأقران ({إِذَا جَاءَ

نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) فَقَالَ أَجَلُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَعْلَمَهُ إِيَّاهُ، فَقَالَ مَا أَعْلَمُ مِنْهَا إِلاَّ مَا تَعْلَمُ. طرفه 3627 4431 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سُلَيْمَانَ الأَحْوَلِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَوْمُ الْخَمِيسِ وَمَا يَوْمُ الْخَمِيسِ اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَجَعُهُ فَقَالَ «ائْتُونِى أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَدًا». فَتَنَازَعُوا، وَلاَ يَنْبَغِى عِنْدَ نَبِىٍّ تَنَازُعٌ، فَقَالُوا مَا شَأْنُهُ أَهَجَرَ اسْتَفْهِمُوهُ فَذَهَبُوا يَرُدُّونَ عَلَيْهِ. فَقَالَ «دَعُونِى فَالَّذِى أَنَا فِيهِ خَيْرٌ مِمَّا تَدْعُونِى إِلَيْهِ». وَأَوْصَاهُمْ بِثَلاَثٍ قَالَ «أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَأَجِيزُوا الْوَفْدَ بِنَحْوِ مَا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ». وَسَكَتَ عَنِ الثَّالِثَةِ، أَوْ قَالَ فَنَسِيتُهَا. طرفه 114 ـــــــــــــــــــــــــــــ نَصْرُ اللَّهِ} [النصر: 1] أجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أشرنا إلى أن وجه الدلالة أنه كان مرسلًا للدعوة إلى دينه، فإذا تم ذلك لا بد من الرجوع إلى من أرسله. 4431 - (ائتوني أكتب لكم كتابًا) الجمهور على أنه أراد عقد الخلافة (فقالوا: ما شأنه، أهجر، استفهموه؟) الهمزة للاستفهام قد أكثر الناس في هذا الحديث، قال النووي: الاستفهام فيه للإنكار، وكأنه لما قالوا: لا حاجة لنا بالكتاب، أنكر عليهم القائل بأنكم تظنون أنه هجر كما يهجر المريض من القول الذي لا يعرف غرضه، قلت: الأحسن أن يكون الاستفهام على أصله كأنه قال القائل: لم يكتب الكتاب أهجر من الدنيا؟ ويدل عليه قوله: استفهموه، فإنه إنما يصح إذا كان الاستفهام على أصله (فذهبوا يردونه) أي: عن كتابة الكتاب. (فالذي أنا فعه خير مما تدعونني إليه) من قولك: هجر لِمَ لَمْ يكتب، والذي هو فيه إصلاح حال أمته لئلا يضلوا بعده، كما صرح به في نص الحديث، ويحتمل أن يكون ما هو فيه من التوجه إلى الله. وما يقال: إن عمر إنما منع من كتابة الكتاب لئلا ينسد باب الاجتهاد على العلماء فمما لا وجه له، فإن كتاب الله من أوله إلى آخره، وأحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأجمعها لم تكن مانعة من الاجتهاد، فكيف يكون ذلك الكتاب مانعًا؟ على أن عمر قد صرح بالباعث على ترك الكتاب، وهو قوله: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد تمكنه الوجع، على أن الحق أن الكتاب كان لتعيين الإمام أبي بكر، دل عليه سائر الأحاديث. (أخرجوا المشركين من جزيرة العرب) هي من أقصى عدن إلى ريف العراق طولًا، ومن جدة إلى أطراف الشام عرضًا (وأجيزوا الوفد) أي: أعطوهم الجائرة، وهي: العطية التي يجوز بها إلى بلاده (وسكت عن الثالثة أو قال: فنسيتها) قيل الثالثة: بعث جيش أسامة، وقيل: قوله: الصلاة وما ملكت أيمانكم.

4432 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا حُضِرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَفِى الْبَيْتِ رِجَالٌ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «هَلُمُّوا أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لاَ تَضِلُّوا بَعْدَهُ». فَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ غَلَبَهُ الْوَجَعُ وَعِنْدَكُمُ الْقُرْآنُ، حَسْبُنَا كِتَابُ اللَّهِ. فَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْبَيْتِ وَاخْتَصَمُوا، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ قَرِّبُوا يَكْتُبُ لَكُمْ كِتَابًا لاَ تَضِلُّوا بَعْدَهُ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ غَيْرَ ذَلِكَ، فَلَمَّا أَكْثَرُوا اللَّغْوَ وَالاِخْتِلاَفَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «قُومُوا». قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ فَكَانَ يَقُولُ ابْنُ عَبَّاسٍ إِنَّ الرَّزِيَّةَ كُلَّ الرَّزِيَّةِ مَا حَالَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَبَيْنَ أَنْ يَكْتُبَ لَهُمْ ذَلِكَ الْكِتَابَ لاِخْتِلاَفِهِمْ وَلَغَطِهِمْ. طرفه 114 4433، 4434 - حَدَّثَنَا يَسَرَةُ بْنُ صَفْوَانَ بْنِ جَمِيلٍ اللَّخْمِىُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ دَعَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَاطِمَةَ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ - فِي شَكْوَاهُ الَّذِى قُبِضَ فِيهِ، فَسَارَّهَا بِشَىْءٍ، فَبَكَتْ، ثُمَّ دَعَاهَا فَسَارَّهَا بِشَىْءٍ فَضَحِكَتْ فَسَأَلْنَا عَنْ ذَلِكَ. فَقَالَتْ سَارَّنِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ يُقْبَضُ فِي وَجَعِهِ الَّذِى تُوُفِّىَ فِيهِ فَبَكَيْتُ، ثُمَّ سَارَّنِى فَأَخْبَرَنِى أَنِّى أَوَّلُ أَهْلِهِ يَتْبَعُهُ فَضَحِكْتُ. طرفه 3623، 3624 ـــــــــــــــــــــــــــــ 4432 - (فقال بعضهم: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد غلبه الوجع) هذا القائل عمر بن الخطاب (إن الرزية كل الرزية) بالهمزة أصله، وقد يروى بتشديد الياء، وهى: المصيبة من الرزء وهو: النقص، ومنه قوله لصاحب المزادتين: ما رزأنا من مائك شيئًا. 4434 - (يسرة بن صفوان) بالياء المثناة وثلاث فتحات (اللخمي) بالخاء المعجمة نسبة إلى لخم قبيلة من يمن, قال الجوهري: كانوا ملوكًا في الجاهلية، وحديث مُسَارَّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاطمة سلف في مناقبها ووفقنا بين الروايات المختلفة وكذا الأحاديث بعده.

4435 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كُنْتُ أَسْمَعُ أَنَّهُ لاَ يَمُوتُ نَبِىٌّ حَتَّى يُخَيَّرَ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، فَسَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ فِي مَرَضِهِ الَّذِى مَاتَ فِيهِ وَأَخَذَتْهُ بُحَّةٌ يَقُولُ (مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ) الآيَةَ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ خُيِّرَ. أطرافه 4436، 4437، 4463، 4586، 6348، 6509 4436 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَمَّا مَرِضَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمَرَضَ الَّذِى مَاتَ فِيهِ جَعَلَ يَقُولُ «فِي الرَّفِيقِ الأَعْلَى». طرفه 4435 4437 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ إِنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ صَحِيحٌ يَقُولُ «إِنَّهُ لَمْ يُقْبَضْ نَبِىٌّ قَطُّ حَتَّى يَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ ثُمَّ يُحَيَّا أَوْ يُخَيَّرَ». فَلَمَّا اشْتَكَى وَحَضَرَهُ الْقَبْضُ وَرَأْسُهُ عَلَى فَخِذِ عَائِشَةَ غُشِىَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا أَفَاقَ شَخَصَ بَصَرُهُ نَحْوَ سَقْفِ الْبَيْتِ ثُمَّ قَالَ «اللَّهُمَّ فِي الرَّفِيقِ الأَعْلَى». فَقُلْتُ إِذًا لاَ يُجَاوِرُنَا. فَعَرَفْتُ أَنَّهُ حَدِيثُهُ الَّذِى كَانَ يُحَدِّثُنَا وَهْوَ صَحِيحٌ. طرفه 4435 4438 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَفَّانُ عَنْ صَخْرِ بْنِ جُوَيْرِيَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ 4435 - (وأخذته بَحَّة) -بضم الباء وتشديد الحاء- الصوت المحبوس في الحلق. 4436 - (الرفيق الأعلى) الرفيق: كالصديق يطلق على الواحد والجمع، وأراد به الأنبياء والملأ الأعلى. 4437 - (ثم يحيَّا) بضم الياء الأولى وفتح الحاء، وتشديد الياء الثانية من الحياة، وهو بمعنى يخير. 4438 - (محمد) كذا وقع في غير منسوب قال الغساني: هو محمد يحيى الذهلي (جويرية)

الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى بَكْرٍ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا مُسْنِدَتُهُ إِلَى صَدْرِى، وَمَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سِوَاكٌ رَطْبٌ يَسْتَنُّ بِهِ، فَأَبَدَّهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَصَرَهُ، فَأَخَذْتُ السِّوَاكَ فَقَصَمْتُهُ وَنَفَضْتُهُ وَطَيَّبْتُهُ، ثُمَّ دَفَعْتُهُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتَنَّ بِهِ، فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اسْتَنَّ اسْتِنَانًا قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهُ، فَمَا عَدَا أَنْ فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَفَعَ يَدَهُ أَوْ إِصْبَعَهُ ثُمَّ قَالَ «فِي الرَّفِيقِ الأَعْلَى». ثَلاَثًا ثُمَّ قَضَى، وَكَانَتْ تَقُولُ مَاتَ بَيْنَ حَاقِنَتِى وَذَاقِنَتِى. طرفه 890 4439 - حَدَّثَنِى حِبَّانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا اشْتَكَى نَفَثَ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ وَمَسَحَ عَنْهُ بِيَدِهِ فَلَمَّا اشْتَكَى وَجَعَهُ الَّذِى تُوُفِّىَ فِيهِ طَفِقْتُ أَنْفِثُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ، الَّتِى كَانَ يَنْفِثُ، وَأَمْسَحُ بِيَدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْهُ. أطرافه 5016، 5735، 5751 4440 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُخْتَارٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْغَتْ إِلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ، وَهْوَ مُسْنِدٌ إِلَىَّ ظَهْرَهُ يَقُولُ «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى وَارْحَمْنِى، وَأَلْحِقْنِى بِالرَّفِيقِ». طرفه 5674 ـــــــــــــــــــــــــــــ بضم الجيم (فأخذت السواك فقصمته) بالقاف: هو الأخذ بأطراف الأسنان، قال القاضي: بالضاد المعجمة، ورواه بعضهم بالمهملة، ومعناه الكسر، قلت: يؤيده ما في النسخ (قال أبو عبد الله: قصمنا: أهلكنا) يشير إلى قوله تعالى: {وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ} [الأنبياء: 11] (مات بين حاقنتي وذاقنتي) ما بين الترقوتين والذاقنة: الذقن، قاله ابن الأثير. 4440 - (معلى) بضم الميم وتشديد اللام.

4441 - حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ هِلاَلٍ الْوَزَّانِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي مَرَضِهِ الَّذِى لَمْ يَقُمْ مِنْهُ «لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ». قَالَتْ عَائِشَةُ لَوْلاَ ذَلِكَ لأُبْرِزَ قَبْرُهُ. خَشِىَ أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا. 4442 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ لَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَاشْتَدَّ بِهِ وَجَعُهُ اسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِى، فَأَذِنَّ لَهُ، فَخَرَجَ وَهْوَ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ تَخُطُّ رِجْلاَهُ فِي الأَرْضِ، بَيْنَ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَبَيْنَ رَجُلٍ آخَرَ. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ فَأَخْبَرْتُ عَبْدَ اللَّهِ بِالَّذِى قَالَتْ عَائِشَةُ، فَقَالَ لِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ هَلْ تَدْرِى مَنِ الرَّجُلُ الآخَرُ الَّذِى لَمْ تُسَمِّ عَائِشَةُ قَالَ قُلْتُ لاَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ هُوَ عَلِىٌّ. وَكَانَتْ عَائِشَةُ زَوْجُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - تُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا دَخَلَ بَيْتِى وَاشْتَدَّ بِهِ وَجَعُهُ قَالَ «هَرِيقُوا عَلَىَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ 4441 - (الصلت) بالصاد المهملة (أبو عوانة) بفتح العين الوضاح اليشكري. 4442 - (عفير) بضم العين مصغر وكذا (عقيل)، (استأذن أزواجه أن يُمرض في بيتي) -بضم الياء وتشديد الراء- التمريض: محافظة المريض وتعاهده (فخرج وهو بين رجلين تخط رجلاه في الأرض) لعدم القدرة على رفعهما (هل تدري من الرجل الآخر الذي لم تسمه عائشة؟ قلت: لا، قال: هو علي بن أبي طالب) قال العلماء: سمت عباسًا ولم تسمِّ الآخر؛ لأن إحدى يديه الكريمتين خصَّ بها عباسًا إكرامًا له، وأما يده الأخرى فكانت تارةً بيد الفضل بن عباس، وتارةً بيد علي، وتارةً بيد أسامة، وأنا أقول: قول ابن عباس: هل تدري من الرجل الآخر الذي لم تسمه عائشة؟ صريح في خلاف ما قالوا و [خلاف] علي وعائشة معروف، وقضية الجمل كافية في الدلالة. فإن قلت: قد ورد في الأحاديث أن الفضل أخذ بيده وكذا أسامة وثوبان وبريدة قلت: على تقدير صحتها يحمل على التعدد؛ لأن مرضه كان أيامًا (هريقوا) الهاء بدل الهمزة أي:

مِنْ سَبْعِ قِرَبٍ لَمْ تُحْلَلْ أَوْكِيَتُهُنَّ لَعَلِّى أَعْهَدُ إِلَى النَّاسِ». فَأَجْلَسْنَاهُ فِي مِخْضَبٍ لِحَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ طَفِقْنَا نَصُبُّ عَلَيْهِ مِنْ تِلْكَ الْقِرَبِ، حَتَّى طَفِقَ يُشِيرُ إِلَيْنَا بِيَدِهِ أَنْ قَدْ فَعَلْتُنَّ قَالَتْ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى النَّاسِ فَصَلَّى لَهُمْ وَخَطَبَهُمْ. طرفه 198 4443 و 4444 - وَأَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ عَائِشَةَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رضى الله عنهم قَالاَ لَمَّا نَزَلَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - طَفِقَ يَطْرَحُ خَمِيصَةً لَهُ عَلَى وَجْهِهِ، فَإِذَا اغْتَمَّ كَشَفَهَا عَنْ وَجْهِهِ وَهْوَ كَذَلِكَ يَقُولُ «لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ». يُحَذِّرُ مَا صَنَعُوا. طرفاه 435، 436 4445 - أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ لَقَدْ رَاجَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي ذَلِكَ، وَمَا حَمَلَنِى عَلَى كَثْرَةِ مُرَاجَعَتِهِ إِلاَّ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِي قَلْبِى أَنْ يُحِبَّ النَّاسُ بَعْدَهُ رَجُلاً قَامَ مَقَامَهُ أَبَدًا، وَلاَ كُنْتُ أُرَى أَنَّهُ لَنْ يَقُومَ أَحَدٌ مَقَامَهُ إِلاَّ تَشَاءَمَ النَّاسُ بِهِ، فَأَرَدْتُ أَنْ يَعْدِلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ أَبِى بَكْرٍ. رَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو مُوسَى وَابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهم - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 198 4446 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ الْهَادِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ مَاتَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَإِنَّهُ لَبَيْنَ حَاقِنَتِى وَذَاقِنَتِى، فَلاَ أَكْرَهُ شِدَّةَ الْمَوْتِ لأَحَدٍ أَبَدًا بَعْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 890 ـــــــــــــــــــــــــــــ أريقوا (من سبع قرب لم تحلل أوكيتهن) جمع وكاء: ما يربط به فم القربة، قيل: إنما قيَّد بهذا القيد ........ والظاهر أن هذا القيد لكثرة الماء، ولذلك قيده بسبع قرب. 4444 - (طفق يطرح خميصة له على وجهه) الخميصة: كساء لها أعلام.

4447 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ أَبِى حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الأَنْصَارِىُّ - وَكَانَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ أَحَدَ الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ تِيبَ عَلَيْهِمْ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِىَّ بْنَ أَبِى طَالِبٍ - رضى الله عنه - خَرَجَ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي وَجَعِهِ الَّذِى تُوُفِّىَ فِيهِ، فَقَالَ النَّاسُ يَا أَبَا حَسَنٍ، كَيْفَ أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَصْبَحَ بِحَمْدِ اللَّهِ بَارِئًا، فَأَخَذَ بِيَدِهِ عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَ لَهُ أَنْتَ وَاللَّهِ بَعْدَ ثَلاَثٍ عَبْدُ الْعَصَا، وَإِنِّى وَاللَّهِ لأُرَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَوْفَ يُتَوَفَّى مِنْ وَجَعِهِ هَذَا، إِنِّى لأَعْرِفُ وُجُوهَ بَنِى عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عِنْدَ الْمَوْتِ، اذْهَبْ بِنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلْنَسْأَلْهُ فِيمَنْ هَذَا الأَمْرُ، إِنْ كَانَ فِينَا عَلِمْنَا ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِنَا عَلِمْنَاهُ فَأَوْصَى بِنَا. فَقَالَ عَلِىٌّ إِنَّا وَاللَّهِ لَئِنْ سَأَلْنَاهَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَمَنَعَنَاهَا لاَ يُعْطِينَاهَا النَّاسُ بَعْدَهُ، وَإِنِّى وَاللَّهِ لاَ أَسْأَلُهَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 6266 4448 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ الْمُسْلِمِينَ بَيْنَا هُمْ فِي صَلاَةِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ الاِثْنَيْنِ وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّى لَهُمْ لَمْ يَفْجَأْهُمْ إِلاَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ كَشَفَ سِتْرَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ، فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ وَهُمْ فِي صُفُوفِ الصَّلاَةِ. ثُمَّ تَبَسَّمَ يَضْحَكُ، فَنَكَصَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى عَقِبَيْهِ لِيَصِلَ الصَّفَّ، وَظَنَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُرِيدُ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الصَّلاَةِ فَقَالَ أَنَسٌ وَهَمَّ الْمُسْلِمُونَ أَنْ يَفْتَتِنُوا فِي صَلاَتِهِمْ فَرَحًا بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ بِيَدِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ أَتِمُّوا صَلاَتَكُمْ، ثُمَّ دَخَلَ الْحُجْرَةَ وَأَرْخَى السِّتْرَ. أطرافه 680 ـــــــــــــــــــــــــــــ 4447 - (إسحاق) كذا وقع غير منسوب، قال الغساني: هو إسحاق بن منصور هو الراوي عن (بشر) بكسر الموحدة وشين معجمة (أبي حمزة) بالحاء (عن الزهري أخبرني عبد الله بن كعب بن مالك) قال الدمياطي: في رواية الزهري عن عبد الله بن كعب نظر، قلت: النظر ساقط، فإن الدهني وأبا الفضل المقدسي ذكرا أن الزهري يروي عن عبد الله بن كعب (أصبح بحمد الله بارئًا) من البراء بفتح الراء إذا خلص من المرض (أنت والله بعد ثلاث عبدُ العصا) كناية عن الانفراد، وعدم الاعتبار فيمن هذا الأمر أي: الخلافة. 4448 - (عفير) بضم العين مصغر وكذا (عقيل)، (فنكص أبو بكر) أي: رجع القهقرى.

4449 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ أَنَّ أَبَا عَمْرٍو ذَكْوَانَ مَوْلَى عَائِشَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَقُولُ إِنَّ مِنْ نِعَمِ اللَّهِ عَلَىَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تُوُفِّىَ فِي بَيْتِى وَفِى يَوْمِى، وَبَيْنَ سَحْرِى وَنَحْرِى، وَأَنَّ اللَّهَ جَمَعَ بَيْنَ رِيقِى وَرِيقِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ، دَخَلَ عَلَىَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَبِيَدِهِ السِّوَاكُ وَأَنَا مُسْنِدَةٌ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَرَأَيْتُهُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، وَعَرَفْتُ أَنَّهُ يُحِبُّ السِّوَاكَ فَقُلْتُ آخُذُهُ لَكَ فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ أَنْ نَعَمْ، فَتَنَاوَلْتُهُ فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ وَقُلْتُ أُلَيِّنُهُ لَكَ فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ أَنْ نَعَمْ، فَلَيَّنْتُهُ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ - أَوْ عُلْبَةٌ يَشُكُّ عُمَرُ - فِيهَا مَاءٌ، فَجَعَلَ يُدْخِلُ يَدَيْهِ فِي الْمَاءِ فَيَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ يَقُولُ «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، إِنَّ لِلْمَوْتِ سَكَرَاتٍ». ثُمَّ نَصَبَ يَدَهُ فَجَعَلَ يَقُولُ «فِي الرَّفِيقِ الأَعْلَى». حَتَّى قُبِضَ وَمَالَتْ يَدُهُ. طرفه 890 4450 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَسْأَلُ فِي مَرَضِهِ الَّذِى مَاتَ فِيهِ يَقُولَ «أَيْنَ أَنَا غَدًا أَيْنَ أَنَا غَدًا» يُرِيدُ يَوْمَ عَائِشَةَ، فَأَذِنَ لَهُ أَزْوَاجُهُ يَكُونُ حَيْثُ شَاءَ، فَكَانَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ حَتَّى مَاتَ عِنْدَهَا، قَالَتْ عَائِشَةُ فَمَاتَ فِي الْيَوْمِ الَّذِى كَانَ يَدُورُ عَلَىَّ فِيهِ فِي بَيْتِى، فَقَبَضَهُ اللَّهُ وَإِنَّ رَأْسَهُ لَبَيْنَ نَحْرِى وَسَحْرِى، وَخَالَطَ رِيقُهُ رِيقِى - ثُمَّ قَالَتْ - دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى بَكْرٍ وَمَعَهُ سِوَاكٌ يَسْتَنُّ بِهِ فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ لَهُ أَعْطِنِى هَذَا السِّوَاكَ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ. فَأَعْطَانِيهِ فَقَضِمْتُهُ، ثُمَّ مَضَغْتُهُ فَأَعْطَيْتُهُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتَنَّ بِهِ وَهْوَ مُسْتَنِدٌ إِلَى صَدْرِى. ـــــــــــــــــــــــــــــ 4449 - (ابن أبي مليكة): بضم الميم مصغر، واسم الابن: عبد الله (إن للموت سكرات) جمع سكرة وهي الشدة من السكر بفتح السين والكاف ...... 4450 - (أين أنا غدًا أين أنا غدًا يريد يوم عائشة فأذن له أزواجه) أي: بعد أن استأذن ليوافق ما تقدم (وإن رأسه [لبين] نحري وسحري) -بفتح السين وسكون الحاء- الرئة، قال ابن الأثير: وقيل: ما لصق بالحلقوم. قلت: هذا أوفق، ليوافق رواية: حاقنتي وذاقنتي.

4451 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ تُوُفِّىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي بَيْتِى وَفِى يَوْمِى، وَبَيْنَ سَحْرِى وَنَحْرِى، وَكَانَتْ إِحْدَانَا تُعَوِّذُهُ بِدُعَاءٍ إِذَا مَرِضَ، فَذَهَبْتُ أُعَوِّذُهُ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَ «فِي الرَّفِيقِ الأَعْلَى فِي الرَّفِيقِ الأَعْلَى». وَمَرَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى بَكْرٍ وَفِى يَدِهِ جَرِيدَةٌ رَطْبَةٌ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَظَنَنْتُ أَنَّ لَهُ بِهَا حَاجَةً فَأَخَذْتُهَا، فَمَضَغْتُ رَأْسَهَا وَنَفَضْتُهَا فَدَفَعْتُهَا إِلَيْهِ، فَاسْتَنَّ بِهَا كَأَحْسَنِ مَا كَانَ مُسْتَنًّا ثُمَّ نَاوَلَنِيهَا فَسَقَطَتْ يَدُهُ - أَوْ سَقَطَتْ مِنْ يَدِهِ - فَجَمَعَ اللَّهُ بَيْنَ رِيقِى وَرِيقِهِ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنَ الدُّنْيَا وَأَوَّلِ يَوْمٍ مِنَ الآخِرَةِ. طرفه 890 4452، 4453 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رضى الله عنه - أَقْبَلَ عَلَى فَرَسٍ مِنْ مَسْكَنِهِ بِالسُّنْحِ حَتَّى نَزَلَ، فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ فَلَمْ يُكَلِّمِ النَّاسَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ، فَتَيَمَّمَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ مُغَشًّى بِثَوْبِ حِبَرَةٍ، فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ ثُمَّ أَكَبَّ عَلَيْهِ فَقَبَّلَهُ وَبَكَى. ثُمَّ قَالَ بِأَبِى أَنْتَ وَأُمِّى، وَاللَّهِ لاَ يَجْمَعُ اللَّهُ عَلَيْكَ مَوْتَتَيْنِ، أَمَّا الْمَوْتَةُ الَّتِى كُتِبَتْ عَلَيْكَ فَقَدْ مُتَّهَا. طرفاه 1241، 1242 4454 - قَالَ الزُّهْرِىُّ وَحَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ خَرَجَ وَعُمَرُ يُكَلِّمُ النَّاسَ فَقَالَ اجْلِسْ يَا عُمَرُ، فَأَبَى عُمَرُ أَنْ يَجْلِسَ. فَأَقْبَلَ النَّاسُ إِلَيْهِ وَتَرَكُوا عُمَرَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَمَّا بَعْدُ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَىٌّ لاَ يَمُوتُ، قَالَ اللَّهُ (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ) إِلَى قَوْلِهِ (الشَّاكِرِينَ) وَقَالَ وَاللَّهِ لَكَأَنَّ النَّاسَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ هَذِهِ الآيَةَ حَتَّى تَلاَهَا أَبُو بَكْرٍ، فَتَلَقَّاهَا مِنْهُ النَّاسُ كُلُّهُمْ فَمَا أَسْمَعُ بَشَرًا مِنَ النَّاسِ إِلاَّ يَتْلُوهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ 4453 - 4454 - (بكير) بضم الباء مصغر وكذا (عقيل)، (أن أبا بكر أقبل على فرس من مسكنه بالسنح) -بضم السين وسكون النون- موضع بالعوالي في بنى حارثة، وكان قد تزوج امرأة منهم (فتيمم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: قصده (وعمر يكلم الناس) منكرًا على من يقول: مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (لكأن الناس) بتشديد النون (فعقرت) بكسر القاف من العقر بفتح

فَأَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ عُمَرَ قَالَ وَاللَّهِ مَا هُوَ إِلاَّ أَنْ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ تَلاَهَا فَعَقِرْتُ حَتَّى مَا تُقِلُّنِى رِجْلاَىَ، وَحَتَّى أَهْوَيْتُ إِلَى الأَرْضِ حِينَ سَمِعْتُهُ تَلاَهَا أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ مَاتَ. طرفه 1242 4455 و 4456 و 4457 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِى عَائِشَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رضى الله عنه - قَبَّلَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ مَوْتِهِ. حديث 4456 طرفه 5709 4458 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا يَحْيَى وَزَادَ قَالَتْ عَائِشَةُ لَدَدْنَاهُ فِي مَرَضِهِ فَجَعَلَ يُشِيرُ إِلَيْنَا أَنْ لاَ تَلُدُّونِى فَقُلْنَا كَرَاهِيَةُ الْمَرِيضِ لِلدَّوَاءِ. فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ «أَلَمْ أَنْهَكُمْ أَنْ تَلُدُّونِى». قُلْنَا كَرَاهِيَةَ الْمَرِيضِ لِلدَّوَاءِ. فَقَالَ «لاَ يَبْقَى أَحَدٌ فِي الْبَيْتِ إِلاَّ لُدَّ - وَأَنَا أَنْظُرُ - إِلاَّ الْعَبَّاسَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَشْهَدْكُمْ». رَوَاهُ ابْنُ أَبِى الزِّنَادِ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 5712، 6886، 6897 4459 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا أَزْهَرُ أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ ـــــــــــــــــــــــــــــ العين والقاف، وهو أن ترجف قوائم الإنسان من الخوف، وقيل: هو الحيرة، وقوله: (حتى ما تقلني رجلاي) بضم الياء وتشديد اللام أي: ترفعني. يؤيد الأول (تلاها [علمت] أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) بفتح الهمزة بتقدير اللام، أي: لأن، أي: لأجل موت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، استدلالًا به، ويجوز أن يكون بدل اشتمال من الهاء. 4457 - 4458 - (لا تلدّوني) بفتح التاء وتشديد اللام من اللدود بضم اللام، وهو أن يجعل الدواء في أحد شقي الفم من اللديد وهو أحد جانبي الفم (قلنا كراهية المريض) بالنصب. أي: قوله: تلدوني ليس إلا لكراهية ذلك (أبو الزناد) بكسر الزاي بعدها نون. 4459 - (ذكر عند عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أوصى إلى علي) فأنكرت ذلك استدلالًا بأنه

عَنِ الأَسْوَدِ قَالَ ذُكِرَ عِنْدَ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَوْصَى إِلَى عَلِىٍّ، فَقَالَتْ مَنْ قَالَهُ لَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَإِنِّى لَمُسْنِدَتُهُ إِلَى صَدْرِى، فَدَعَا بِالطَّسْتِ فَانْخَنَثَ فَمَاتَ، فَمَا شَعَرْتُ، فَكَيْفَ أَوْصَى إِلَى عَلِىٍّ طرفه 2741 4460 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ عَنْ طَلْحَةَ قَالَ سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِى أَوْفَى - رضى الله عنهما - أَوْصَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لاَ. فَقُلْتُ كَيْفَ كُتِبَ عَلَى النَّاسِ الْوَصِيَّةُ أَوْ أُمِرُوا بِهَا قَالَ أَوْصَى بِكِتَابِ اللَّهِ. طرفه 2740 4461 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ قَالَ مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - دِينَارًا وَلاَ دِرْهَمًا وَلاَ عَبْدًا وَلاَ أَمَةً، إِلاَّ بَغْلَتَهُ الْبَيْضَاءَ الَّتِى كَانَ يَرْكَبُهَا، وَسِلاَحَهُ، وَأَرْضًا جَعَلَهَا لاِبْنِ السَّبِيلِ صَدَقَةً. طرفه 2739 4462 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ لَمَّا ثَقُلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - جَعَلَ يَتَغَشَّاهُ، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ - وَاكَرْبَ أَبَاهُ. فَقَالَ لَهَا «لَيْسَ عَلَى أَبِيكِ كَرْبٌ بَعْدَ الْيَوْمِ». فَلَمَّا مَاتَ قَالَتْ يَا أَبَتَاهْ، أَجَابَ رَبًّا دَعَاهُ، يَا ـــــــــــــــــــــــــــــ حين مات كانت مسندته إلى صدرها فكيف أوصى إلى علي؟ وقد أسلفنا أن هذا لا دلالة فيه على عدم الوصية، إلا أنهم كانوا متفقين على أنه قبل ذلك الوقت لم يوصِ، فصح الاستدلال. فإن قلت: قد ورد في أحاديث كثيرة أنه أوصى إلى علي؟ قلت: أوردها ابن الجوزي في الموضوعات. 4460 - (أبو نعيم) بضم النون مصغر (مِغول) بكسر الميم وغين معجمة (أوفى) بفتح الهمزة (أوصى بكتاب الله) وفي كتاب الله الأمر بالوصية إذا كان عليه حق. 4461 - (أبو الأحوص) سلام، بتشديد اللام. 4462 - (حرب) ضد الصلح (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم (واكرب أبتاه) على لغة من يجعل إعرابه بالألف في الأحوال الثلاثة، وفي رواية مبارك بن فضالة واكرباه كما هو المشهور.

86 - باب آخر ما تكلم النبى - صلى الله عليه وسلم -

أَبَتَاهْ مَنْ جَنَّةُ الْفِرْدَوْسِ مَأْوَاهُ، يَا أَبَتَاهْ إِلَى جِبْرِيلَ نَنْعَاهْ. فَلَمَّا دُفِنَ قَالَتْ فَاطِمَةُ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ - يَا أَنَسُ، أَطَابَتْ أَنْفُسُكُمْ أَنْ تَحْثُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - التُّرَابَ؟ 86 - باب آخِرِ مَا تَكَلَّمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - 4463 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ يُونُسُ قَالَ الزُّهْرِىُّ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ فِي رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ وَهْوَ صَحِيحٌ «إِنَّهُ لَمْ يُقْبَضْ نَبِىٌّ حَتَّى يَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ، ثُمَّ يُخَيَّرَ». فَلَمَّا نَزَلَ بِهِ وَرَأْسُهُ عَلَى فَخِذِى غُشِىَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاقَ، فَأَشْخَصَ بَصَرَهُ إِلَى سَقْفِ الْبَيْتِ ثُمَّ قَالَ «اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأَعْلَى». فَقُلْتُ إِذًا لاَ يَخْتَارُنَا. وَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَدِيثُ الَّذِى كَانَ يُحَدِّثُنَا وَهْوَ صَحِيحٌ قَالَتْ فَكَانَتْ آخِرَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا «اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأَعْلَى». طرفه 4435 87 - باب وَفَاةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - 4464 و 4465 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهم أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لَبِثَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ يُنْزَلُ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ، وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرًا. طرفه 3851 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: هذا نوع من النياحة. قلت: النياحة عد شمائل الميت، وليس من كلامها شيء من ذلك. باب آخر ما تكلم [به] النبي 4463 - روي فيه عن عائشة آخر ما تكلم به (اللهم الرفيق الأعلى). باب وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - 4465 - (لبث بمكة عشر سنين ينزل عليه القرآن وبالمدينة عشرًا) لم يعد منه أيام الفترة وهو ثلاث سنين.

88 - باب

4466 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تُوُفِّىَ وَهْوَ ابْنُ ثَلاَثٍ وَسِتِّينَ. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَأَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ مِثْلَهُ. طرفه 3536 88 - بابٌ 4467 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ تُوُفِّىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عِنْدَ يَهُودِىٍّ بِثَلاَثِينَ. {يَعْنِى صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ}. طرفه 2068 89 - باب بَعْثُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ - رضى الله عنهما - فِي مَرَضِهِ الَّذِى تُوُفِّىَ فِيهِ 4468 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ اسْتَعْمَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أُسَامَةَ - فَقَالُوا فِيهِ - فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «قَدْ بَلَغَنِى أَنَّكُمْ قُلْتُمْ فِي أُسَامَةَ، وَإِنَّهُ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَىَّ». طرفه 3730 4469 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ بَعْثًا وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، فَطَعَنَ النَّاسُ فِي إِمَارَتِهِ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «إِنْ تَطْعُنُوا فِي إِمَارَتِهِ فَقَدْ كُنْتُمْ تَطْعُنُونَ فِي ـــــــــــــــــــــــــــــ 4466 - (توفي وهو ابن ثلاث وستين سنة) أي: كوامل. ومن روى ستين فقد أسقط الكسر كما يفعله العرب. ومن روى خمسًا وستين فقد عدّ سنة الولادة والوفاة، فلا إشكال. 4467 - (قبيصة) بفتح القاف، والباء المكسورة. باب بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - أسامة بن زيد قال ابن إسحاق: آخر البعوث بعث أسامة إلى أرض فلسطين، أمره أن يوطئ معه بخيل المهاجرين والأنصار تخوم البلقاء. 4468 - (أبو عاصم) هو النبيل (الضحاك بن مخلد) (عن الفضيل) بضم الفاء مصغر. 4469 - (إن تطعنوا في إمارته) بفتح العين وقد يضم، الطعن في العرض، وبالضم لا

90 - باب

إِمَارَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلُ، وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كَانَ لَخَلِيقًا لِلإِمَارَةِ، وَإِنْ كَانَ لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَىَّ، وَإِنَّ هَذَا لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَىَّ بَعْدَهُ». طرفه 3730 90 - بابٌ 4470 - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرٌو عَنِ ابْنِ أَبِى حَبِيبٍ عَنْ أَبِى الْخَيْرِ عَنِ الصُّنَابِحِىِّ أَنَّهُ قَالَ لَهُ مَتَى هَاجَرْتَ قَالَ خَرَجْنَا مِنَ الْيَمَنِ مُهَاجِرِينَ، فَقَدِمْنَا الْجُحْفَةَ، فَأَقْبَلَ رَاكِبٌ فَقُلْتُ لَهُ الْخَبَرَ فَقَالَ دَفَنَّا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - مُنْذُ خَمْسٍ. قُلْتُ هَلْ سَمِعْتَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ شَيْئًا قَالَ نَعَمْ أَخْبَرَنِى بِلاَلٌ مُؤَذِّنُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ فِي السَّبْعِ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ. 91 - باب كَمْ غَزَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - 4471 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ سَأَلْتُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ - رضى الله عنه - كَمْ غَزَوْتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ سَبْعَ عَشْرَةَ. قُلْتُ: ـــــــــــــــــــــــــــــ غير: الطعن بالرمح. وقال له: اذهب بعسكر، إلى مقتل أبيك، وكان في عسكره أبو بكر وعمر، والذي طعن في إمارته عياش بن ربيعة المخزومي. 4475 - (عن ابن أبي حبيب) اسمه يزيد (عن أبي الخير) اسمه مرثد (عن الصنابحي) بضم الصاد وكسر الباء الموحدة، اسمه عبد الرحمن (قدمنا الجحفة) بالجيم المضمومة اسم قرية ميقات أهل الشام في طريق المدينة (ليلة القدر في السبع في العشر الأواخر) يجوز أن يكون بدل الكل من البعض كما في حديث عائشة. "كان يحب التيامن في طهوره وتنعله في شأنه كله"، ويجوز أن يكون صفة بتقدير الجار أي: الكائن في العشر الأواخر، أو يكون حالًا إن قدر منكرًا. باب كم غزا النبي - صلى الله عليه وسلم - 4471 - (عبد الله بن رجاء) بفتح الراء والمد (كم غزا النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: سبع عشرة) قال ابن إسحاق: غزا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنفسه سبعًا وعشرين غزوة، قاتل في تسع، منها: بدر،

كَمْ غَزَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ تِسْعَ عَشْرَةَ. طرفه 3949 4472 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا الْبَرَاءُ - رضى الله عنه - قَالَ غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - خَمْسَ عَشْرَةَ. 4473 - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلِ بْنِ هِلاَلٍ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ كَهْمَسٍ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سِتَّ عَشْرَةَ غَزْوَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ أُحد، الخندق، المصطلق، خيبر، فتح حنين، الطائف. قال ابن مغلطاي: غزواته وسراياه مئة، وقال ابن سعد: سراياه قريب من سبعين. 4473 - (أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال) الإمام الرباني صاحب المذهب، المروزي الشيباني (كهمس) على وزن جعفر (عن أبي بريدة) بضم الباء مصغر بردة.

الْكَوْثَرُ الْجَارِي إلى رِيَاض أحَادِيثِ البُخَارِيّ [8]

حُقُوق الطَّبْع مَحْفُوظَة الطبعة الأولى 1429 هـ - 2008 م مؤسسة التَّارِيخ الْعَرَبِيّ للطباعة والنشر والتوزيع العنوان الْجَدِيد بيروت - طَرِيق المطار - خلف غولدن بلازا هَاتِف: 540000/ 01 - 455559/ 01 فاكس: 850717 - ص. ب: 7957/ 11

65 - كتاب التفسير

65 - كتاب التفسير 1 - باب مَا جَاءَ فِي فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُمِّيَتْ أُمَّ الْكِتَابِ أَنَّهُ يُبْدَأُ بِكِتَابَتِهَا فِي الْمَصَاحِفِ، وَيُبْدَأُ بِقِرَاءَتِهَا فِي الصَّلاَةِ. وَالدِّينُ الْجَزَاءُ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، كَمَا تَدِينُ تُدَانُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ بِالدِّينِ بِالْحِسَابِ (مَدِينِينَ) مُحَاسَبِينَ. 4474 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِى خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِى سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى قَالَ كُنْتُ أُصَلِّى فِي الْمَسْجِدِ فَدَعَانِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ أُجِبْهُ، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى كُنْتُ أُصَلِّى. ـــــــــــــــــــــــــــــ تفسير القرآن الكريم من الفسر، وهو الكشف. وعلم التفسير علم يُبحث فيه عن مراد الله من كلامه المنقول، ولا يمكن إلا أن يكون منقولًا، وما ليس منقولًا وله تأويل يوافق سائر النصوص، يقال فيه علم التأويل، وهو أيضًا جائز مختار هذا المتأخرين، يردُّون به المتشابه إلى المحكم. وأما التأويل الذي ذمَّه الله هو الذي يكون من غير مراعاة النصوص بل رجمًا بالغيب. (الرحيم والراحم بمعنى) وهذا إذا جعل اسم فاعل، والمحققون على أنه صفة مشبهة كالرحمن بعد تنزيل الفعل المتعدي منزلة اللازم، وقوله: (كالعليم) يريد في أصل المعنى؛ لأن العليم أبلغ من العالم. (وسميت أم الكتاب؛ لأنه يبدأ بكتابتها في المصاحف) المحققون على أن ذلك لأنها تشمل على ما فُصِّل في القرآن، من الحمد والثناء والدعاء وغير ذلك (وقال مجاهد: بالدين: بالحساب) تفسير باللازم. 4474 - (خبيب) بضم الخاء المعجمة مصغر (عن أبي سعيد بن المعلى) بفتح العين

2 - باب (غير المغضوب عليهم ولا الضالين)

فَقَالَ «أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ (اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ) ثُمَّ قَالَ لِى لأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِىَ أَعْظَمُ السُّوَرِ فِي الْقُرْآنِ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ مِنَ الْمَسْجِدِ». ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِى، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ قُلْتُ لَهُ أَلَمْ تَقُلْ «لأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِىَ أَعْظَمُ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ». قَالَ «(الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) هِىَ السَّبْعُ الْمَثَانِى وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِى أُوتِيتُهُ». أطرافه 4647، 4703، 5006 2 - باب (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ) 4475 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ سُمَىٍّ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا قَالَ الإِمَامُ (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ) فَقُولُوا آمِينَ. فَمَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلاَئِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». طرفه 782 2 - سورة الْبَقَرَةِ 1 - باب قَوْلِ اللَّهِ (وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا) ـــــــــــــــــــــــــــــ وتشديد اللام. قال ابن عبد البر: أصح ما قيل في اسمه نفيع. ({اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ} [الأنفال: 24]) بإطلاقه يشمل حال الصلاة وغيرها، ولا دلالة فيه أن الصلاة لا تبطل بإجابته. (الحمد لله رب العالمين هي السبع المثاني والقرآن الذي أوتيته) إشارة إلى قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (87)} [الحجر: 87] دلالة على أن القرآن العظيم في تلك الآية الفاتحة، وأن العطف باعتبار تغاير الموصوفين، والمثاني: جمع مثناة -بضم الميم وتشديد النون- أو مثناة -بفتح الميم وسكون الثاء وتخفيف النون- ذكرهما صاحب "الكشاف". وحديث التأمين تقدم في أبواب الصلاة وبينا هناك مذاهب العلماء. سورة البقرة باب قول الله تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} [البقرة:31] أي: اللغات المختلفة، أو خواص الأشياء.

4476 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ لِى خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَجْتَمِعُ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُونَ لَوِ اسْتَشْفَعْنَا إِلَى رَبِّنَا فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ أَنْتَ أَبُو النَّاسِ، خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ وَأَسْجَدَ لَكَ مَلاَئِكَتَهُ، وَعَلَّمَكَ أَسْمَاءَ كُلِّ شَىْءٍ، فَاشْفَعْ لَنَا عِنْدَ رَبِّكَ حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا. فَيَقُولُ لَسْتُ هُنَاكُمْ - وَيَذْكُرُ ذَنْبَهُ فَيَسْتَحِى - ائْتُوا نُوحًا فَإِنَّهُ أَوَّلُ رَسُولٍ بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ. فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُ لَسْتُ هُنَاكُمْ. وَيَذْكُرُ سُؤَالَهُ رَبَّهُ مَا لَيْسَ لَهُ بِهِ عِلْمٌ فَيَسْتَحِى، فَيَقُولُ ائْتُوا خَلِيلَ الرَّحْمَنِ. فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُ لَسْتُ هُنَاكُمْ، ائْتُوا مُوسَى عَبْدًا كَلَّمَهُ اللَّهُ وَأَعْطَاهُ التَّوْرَاةَ. فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُ لَسْتُ هُنَاكُمْ. وَيَذْكُرُ قَتْلَ النَّفْسِ بِغَيْرِ نَفْسٍ فَيَسْتَحِى مِنْ رَبِّهِ فَيَقُولُ ائْتُوا عِيسَى عَبْدَ اللَّهِ وَرَسُولَهُ، وَكَلِمَةَ اللَّهِ وَرُوحَهُ. فَيَقُولُ لَسْتُ هُنَاكُمْ، ائْتُوا مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - عَبْدًا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ. فَيَأْتُونِى فَأَنْطَلِقُ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ عَلَى رَبِّى فَيُؤْذَنُ {لِى} فَإِذَا رَأَيْتُ رَبِّى وَقَعْتُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِى مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ يُقَالُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَسَلْ تُعْطَهْ، وَقُلْ يُسْمَعْ، وَاشْفَعْ ـــــــــــــــــــــــــــــ 4476 - (وقال لي خليفة) هو ابن الخياط شيخ البخاري، والرواية عنه بقال؛ لأنه سمع الحديث مذاكرة، روى حديث الشفاعة، والمعنى ظاهر، ونشير إلى بعض ألفاظه (لست هناكم) أي: في مقام الشفاعة وليست لي تلك الرتبة (عيسى كلمة) لكونه وجد بكلمة كن من غير واسطة أب (فأنطلق حتى أستأذن على ربي) أي: في داره كما جاء في الرواية الأخرى، وهي الجنة. فإن قلت: ما الحكم في الاستئذان، وهل لا يشفع في الموقف؟ قلت: إما لأن الجنة موضع حصول الحاجة والأماني كما قال تعالى: {لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ} [الفرقان: 16] أو لأن الداخل في الدار له حرم، كما ترى الملازمين على أبواب الملوك (فإذا رأيت ربي وقعت ساجدًا فيدعني ما شاء الله) قيل: يدعه في هذه السجدة مقدار سبعة أيام من أيام الدنيا مثلًا (ثم أشفع فيحدّ لي حدًّا) مثل أن يقبل شفاعته في الزناة أو تارك الصلاة. رواه الإمام أحمد.

2 - باب

تُشَفَّعْ. فَأَرْفَعُ رَأْسِى فَأَحْمَدُهُ بِتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ، ثُمَّ أَشْفَعُ، فَيَحُدُّ لِى حَدًّا، فَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ، ثُمَّ أَعُودُ إِلَيْهِ، فَإِذَا رَأَيْتُ رَبِّى - مِثْلَهُ - ثُمَّ أَشْفَعُ، فَيَحُدُّ لِى حَدًّا، فَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ {ثُمَّ أَعُودُ الثَّالِثَةَ} ثُمَّ أَعُودُ الرَّابِعَةَ فَأَقُولُ مَا بَقِىَ فِي النَّارِ إِلاَّ مَنْ حَبَسَهُ الْقُرْآنُ وَوَجَبَ عَلَيْهِ الْخُلُودُ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ «إِلاَّ مَنْ حَبَسَهُ الْقُرْآنُ». يَعْنِى قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى (خَالِدِينَ فِيهَا). طرفه 44 2 - باب قَالَ مُجَاهِدٌ (إِلَى شَيَاطِينِهِمْ) أَصْحَابِهِمْ مِنَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُشْرِكِينَ (مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ) اللَّهُ جَامِعُهُمْ (عَلَى الْخَاشِعِينَ) عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَقًّا. قَالَ مُجَاهِدٌ (بِقُوَّةٍ) يَعْمَلُ بِمَا فِيهِ. وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ (مَرَضٌ) شَكٌّ، (وَمَا خَلْفَهَا) عِبْرَةٌ لِمَنْ بَقِىَ. (لاَ شِيَةَ) لاَ بَيَاضَ. وَقَالَ غَيْرُهُ (يَسُومُونَكُمْ) يُولُونَكُمْ. (الْوَلاَيَةُ) مَفْتُوحَةٌ مَصْدَرُ الْوَلاَءِ، وَهِىَ الرُّبُوبِيَّةُ، إِذَا كُسِرَتِ الْوَاوُ فَهِىَ الإِمَارَةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: الكلام في صدر الحديث إنما هو في الإراحة من الموقف لا في الإخراج من النار؟ قلت: أجاب بعضهم بأن الإراحة انتهت عند قوله: "فيؤذن لي" وليس بشيء، لأن الإذن إنما هو في الدخول، والشفاعة بعد السجدة، والصواب في الجواب أن في الكلام اختصارًا؛ لأن الإخراج إنما يكون بعد الإراحة من الموقف. وقد رواه مطولًا في حديث قول الله لآدم: أخرج بعث النار (ما بقي فيها إلا من حبسه القرآن) وهم الكفار، وإنما يكون بعد شفاعة الملائكة والمؤمنين وإخراج الله من فضله من قال: لا إله إلا الله. (صبغة) دين؛ لأنه حلية المؤمن، وقع في مقابلة الصبغة حقيقة وهي غمس النصارى أولادهم في الماء الأصفر (الولاية مفتوحة الربويبة وإذا كسرت الواو: الإمارة) وقيل: هما بمعنى.

3 - باب قوله تعالى (فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون)

وَقَالَ بَعْضُهُمُ الْحُبُوبُ الَّتِى تُؤْكَلُ كُلُّهَا فُومٌ. وَقَالَ قَتَادَةُ (فَبَاءُوا) فَانْقَلَبُوا. وَقَالَ غَيْرُهُ (يَسْتَفْتِحُونَ) يَسْتَنْصِرُونَ. (شَرَوْا) بَاعُوا. (رَاعِنَا) مِنَ الرُّعُونَةِ إِذَا أَرَادُوا أَنْ يُحَمِّقُوا إِنْسَانًا قَالُوا رَاعِنَا. (لاَ يَجْزِى) لاَ يُغْنِى. (خُطُوَاتِ) مِنَ الْخَطْوِ، وَالْمَعْنَى آثَارَهُ. 3 - باب قَوْلُهُ تَعَالَى (فَلاَ تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) 4477 - حَدَّثَنِى عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَأَلْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَىُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ قَالَ «أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهْوَ خَلَقَكَ». قُلْتُ إِنَّ ذَلِكَ لَعَظِيمٌ، قُلْتُ ثُمَّ أَىُّ قَالَ «وَأَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ تَخَافُ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ». قُلْتُ ثُمَّ أَىُّ قَالَ «أَنْ تُزَانِىَ حَلِيلَةَ جَارِكَ». أطرافه 4761، 6001، 6811، 6861، 7520، 7532 4 - باب وَقَوْلُهُ تَعَالَى (وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) وَقَالَ مُجَاهِدٌ الْمَنُّ صَمْغَةٌ. وَالسَّلْوَى الطَّيْرُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قول الله: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا} [البقرة: 22] جمع الند، وهي الضد المناوئ. 4477 - (ثم أي) بالتنوين بدل المضاف إليه أي: الذنوب، (أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك) هذا ليس بعيدًا، بل إشارة إلى ما كان العرب يفعلوه، كقوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ} [الإسراء: 31].

5 - باب (وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين)

4478 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «الْكَمْأَةُ مِنَ الْمَنِّ، وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ». طرفاه 4639، 5708 5 - باب (وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ) رَغَدًا وَاسِعٌ كَثِيرٌ. 4479 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِىٍّ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «قِيلَ لِبَنِى إِسْرَائِيلَ (ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ) فَدَخَلُوا يَزْحَفُونَ عَلَى أَسْتَاهِهِمْ، فَبَدَّلُوا وَقَالُوا حِطَّةٌ، حَبَّةٌ فِي شَعَرَةٍ». طرفه 3403 ـــــــــــــــــــــــــــــ 4478 - (أبو نعيم) بضم النون مصغّر وكذا (عمير) وكذا (حريث) آخره ثاء مثلثة (الكمأة من المن) أي: مما منّ الله به على عباده يشبه المنّ بحصوله من غير زرع وسقي، فلذلك أورده هنا. وفي رواية ابن عيينة: من الذي أنزل على بني إسرائيل، وبه يسقط اعتراض الخطابي لا وجه؛ لإدخال هذا الحديث على التفسير. باب: {وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ} [البقرة: 58] هي أريحا، أو بيت المقدس، أو الرملة، أو بلقاء أو قرية الجبارين، وبيت المقدس هو الظاهر، وذلك الآن يعرف بباب الحطة. 4479 - (محمد) كذا وقع غير منسوب. قال الغساني: نسبة ابن السكن محمد بن بشار. وقال أبو نصر: محمد بن المثنى ومحمد بن بشار يرويان عن عبد الرحمن بن مهدي (قيل لبني إسرائيل: {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّة} [البقرة: 58]) أي: مسألتنا يحطّان أوزارنا (فدخلوا يزحفون على أستاهم) أي: على أوراكهم كالأطفال (فبدلوا وقالوا بدل حطة: حبة في شعرة) والشعرة غلاف حبة الحنطة من أشعرته إذا ألبسته، وهذا من غاية الجهل بالله. وعن ابن مسعود أنهم قالوا: حنطة حمراء مثقوبة فيها شعرة سوداء.

6 - باب قوله (من كان عدوا لجبريل)

6 - باب قَوْلُهُ (مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ) وَقَالَ عِكْرِمَةُ جَبْرَ، وَمِيكَ، وَسَرَافِ عَبْدٌ. إِيلْ اللَّهُ. 4480 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بَكْرٍ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ سَمِعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ بِقُدُومِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ فِي أَرْضٍ يَخْتَرِفُ، فَأَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ إِنِّى سَائِلُكَ عَنْ ثَلاَثٍ لاَ يَعْلَمُهُنَّ إِلاَّ نَبِىٌّ فَمَا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ وَمَا أَوَّلُ طَعَامِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَمَا يَنْزِعُ الْوَلَدُ إِلَى أَبِيهِ أَوْ إِلَى أُمِّهِ قَالَ «أَخْبَرَنِى بِهِنَّ جِبْرِيلُ آنِفًا». قَالَ جِبْرِيلُ قَالَ «نَعَمْ». قَالَ ذَاكَ عَدُوُّ الْيَهُودِ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ. فَقَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ (مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ) أَمَّا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ فَنَارٌ تَحْشُرُ النَّاسَ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ، وَأَمَّا أَوَّلُ طَعَامِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَزِيَادَةُ كَبِدِ حُوتٍ، وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَةِ نَزَعَ الْوَلَدَ، وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الْمَرْأَةِ نَزَعَتْ». قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ. يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الْيَهُودَ قَوْمٌ بُهُتٌ، وَإِنَّهُمْ إِنْ يَعْلَمُوا بِإِسْلاَمِى قَبْلَ أَنْ تَسْأَلَهُمْ يَبْهَتُونِى. فَجَاءَتِ الْيَهُودُ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَىُّ رَجُلٍ عَبْدُ اللَّهِ فِيكُمْ». قَالُوا خَيْرُنَا وَابْنُ خَيْرِنَا، وَسَيِّدُنَا وَابْنُ سَيِّدِنَا. قَالَ «أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ». فَقَالُوا أَعَاذَهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ. فَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. فَقَالُوا شَرُّنَا ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قول الله: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ} [البقرة: 97] 4480 - (منير) بضم الميم وكسر النون (عبد الله بن سلام) بتخفيف اللام (آنفًا) بالمد والقصر أي: الآن (قال: ذاك) أي: جبريل (فقرأ هذه الآية) القارئ هو أنس راوي الحديث؛ لأن الآية إنما نزلت بعد إسلام عبد الله ومقالته هذه. والحق أن القارئ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان نزول الآية قبل إسلام بن سلام حين سألوه أي اليهود عمن يأتيه بالوحي، فقال: جبريل، فقال: أيتوعدونا كذا رواه أحمد والطبراني، وفي رواية الطبري: أن اليهود سألوا عمر عن بادئ الوحي فنزلت ولا تنافي؛ لجواز وقوع الأمرين (إن اليهود قوم بهت) بضم الباء وسكون الهاء جمع بهوت كصبر في صبور. والحديث سلف في مناقب عبد الله بن سلام.

7 - باب قوله (ما ننسخ من آية أو ننسأها)

وَابْنُ شَرِّنَا. وَانْتَقَصُوهُ. قَالَ فَهَذَا الَّذِى كُنْتُ أَخَافُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. طرفه 3329 7 - باب قَوْلِهِ (مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نَنْسَأْهَا) 4481 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ حَبِيبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه - أَقْرَؤُنَا أُبَىٌّ، وَأَقْضَانَا عَلِىٌّ، وَإِنَّا لَنَدَعُ مِنْ قَوْلِ أُبَىٍّ، وَذَاكَ أَنَّ أُبَيًّا يَقُولُ لاَ أَدَعُ شَيْئًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نَنْسَأْهَا) طرفه 5005 8 - باب وَ (قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ) 4482 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى حُسَيْنٍ حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «قَالَ اللَّهُ كَذَّبَنِى ابْنُ آدَمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَشَتَمَنِى وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، فَأَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّاىَ فَزَعَمَ أَنِّى لاَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا} [البقرة: 106] 4481 - (أقرؤنا أبيّ) بضم الهمزة وكسر الموحدة وتشديد الياء أبو المنذر الخزرجي (وأقضانا علي وإنا لندع من قول أبيّ، وذاك أن أبيًّا يقول: لا أدع شيئًا سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) هذا الذي قاله عمر حديث مرفوع سيأتي في فضائل القرآن. فإن قلت: كيف جاز لأبي مخالفة الإجماع؟ قلت: سماع إن كان قطيعًا أنه سمع بلا واسطة، والإجماع لم يكن شيئًا ثابتًا عنده، ولو سلم كان فيه شبهة بخلاف ما سمعه، وأجاب بعضهم بأن أبيًّا لم يقل بنسخ القرآن وهذا ليس بشيء؛ لأن آية الرجم وكم مثلها نسخت، وقوله تعالى في الأنفال: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} [الانفال: 65] لا خلاف أنه منسوخ في الآية بعده، فكيف يخفى مثله على سيد القراء؟ لا سيما وهو من مشاهير كُتَّاب الوحي. باب قوله تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا} [البقرة: 116] هذه مقالة بعض اليهود: عُزير ابن الله، وقالت النصارى: عيسى ابن الله، وبعض المشركين: الملائكة بنات الله. 4482 - (قال تعالى: كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك) وقد فسره بقوله: (فزعم أني لا

9 - باب قوله (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى)

أَقْدِرُ أَنْ أُعِيدَهُ كَمَا كَانَ، وَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّاىَ فَقَوْلُهُ لِى وَلَدٌ، فَسُبْحَانِى أَنْ أَتَّخِذَ صَاحِبَةً أَوْ وَلَدًا». 9 - باب قَوْلُهُ (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى) (مَثَابَةً) يَثُوبُونَ يَرْجِعُونَ. 4483 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ عُمَرُ وَافَقْتُ اللَّهَ فِي ثَلاَثٍ - أَوْ وَافَقَنِى رَبِّى فِي ثَلاَثٍ - قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوِ اتَّخَذْتَ مَقَامَ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ يَدْخُلُ عَلَيْكَ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ، فَلَوْ أَمَرْتَ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ بِالْحِجَابِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ الْحِجَابِ قَالَ وَبَلَغَنِى مُعَاتَبَةُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بَعْضَ نِسَائِهِ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِنَّ قُلْتُ إِنِ انْتَهَيْتُنَّ أَوْ لَيُبَدِّلَنَّ اللَّهُ رَسُولَهُ - صلى الله عليه وسلم - خَيْرًا مِنْكُنَّ. حَتَّى أَتَيْتُ إِحْدَى نِسَائِهِ، قَالَتْ يَا عُمَرُ، أَمَا فِي رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا يَعِظُ ـــــــــــــــــــــــــــــ أقدر أن أعيده) وقد قال تعالى: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ} [الأنبياء: 104]، (وأما شتمه إياي فقوله لي ولدٌ) الشتم: نسبة الشيء إلى ما فيه نقص، والولد نقص في حَقِّه؛ لأنه يدل على الاحتياج والمجانسة وانفصال الجزء منه، وكونه جسمًا، ولذلك نَزَّه جناب قدسه بقوله سبحانه: {مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا} [الجن: 3]. باب قوله: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125] 4483 - (حميد) بضم الحاء مصغر (قال عمر: وافقت ربي في ثلاث أو وافقني ربي في ثلاث) أي: في خصالٍ ثلاث (قلت: فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب فأنزل الله آية الحجاب) آية الحجاب هي قوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الأحزاب: 53] روى البخاري هذا في سورة الأحزاب في قصة زينب بطرق كثيرة وقال في بعض طرقه عن أبي قلابة قال أنس: أنا أعلم الناس بالحجاب فمن قال آية الحجاب هي قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} [الأحزاب: 59] فقد أتى بمنكر لم يسبق عليه (أتيت إحدى نسائه) هي أم سلمة، جاء صريحًا. فإن قلت: له موافقة في غير هذه الثلاث كقوله: لا تصلِّ على المنافقين، وقوله في

10 - باب قوله تعالى (وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم)

نِسَاءَهُ حَتَّى تَعِظَهُنَّ أَنْتَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ (عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبَدِّلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ) الآيَةَ. وَقَالَ ابْنُ أَبِى مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنِى حُمَيْدٌ سَمِعْتُ أَنَسًا عَنْ عُمَرَ. طرفه 402 10 - باب قَوْلُهُ تَعَالَى (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) الْقَوَاعِدُ أَسَاسُهُ، وَاحِدَتُهَا قَاعِدَةٌ، وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ وَاحِدُهَا قَاعِدٌ. 4484 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ أَخْبَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَلَمْ تَرَىْ أَنَّ قَوْمَكِ بَنَوُا الْكَعْبَةَ وَاقْتَصَرُوا عَنْ قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ». فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلاَ تَرُدُّهَا عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ «لَوْلاَ حِدْثَانُ قَوْمِكِ بِالْكُفْرِ». فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ لَئِنْ كَانَتْ عَائِشَةُ سَمِعَتْ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا أُرَى ـــــــــــــــــــــــــــــ أسرى بدر؟ قلت: مفهوم العدد ليس حجة، ولو سلم إنما يكون حيث لا يعارضه المنطوق، وأجاب بعضهم: بأن تكون هذه الثلاث قبل تلك قلت: هذا لا يستقيم؛ لأن قضية أسرى بدر قبل هذه الثلاثة بلا خلاف، يعلم ذلك من أحاط بالسّير. قضية أسرى بدر في السنة الثانية وقضية زينب بعد الأحزاب، وهي في السنة الرابعة، ونهي الصلاة على المنافقين بعد تبوك في التاسعة. (وقال ابن أبي مريم) واسمه سعيد: وفائدة هذا التصريح بالسماع، وفيه دفع وهم التدليس. باب {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ} [البقرة: 127] (القواعد: جمع قاعدة وهي: الأساس) ورفعها عبارة عن البناء عليها. 4484 - (ألم تري أن قومك بنوا الكعبة واقتصروا على بناء إبراهيم) لقلة النفقة تركوا ستة أذرع (لولا حدثان قومك بالكفر) بكسر الحاء مصدر، أي: قريب عهدهم (ما أُرى) بضم الهمزة.

11 - باب (قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا)

رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَرَكَ اسْتِلاَمَ الرُّكْنَيْنِ اللَّذَيْنِ يَلِيَانِ الْحِجْرَ، إِلاَّ أَنَّ الْبَيْتَ لَمْ يُتَمَّمْ عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ. طرفه 126 11 - باب (قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا) 4485 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ أَخْبَرَنَا عَلِىُّ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ بِالْعِبْرَانِيَّةِ، وَيُفَسِّرُونَهَا بِالْعَرَبِيَّةِ لأَهْلِ الإِسْلاَمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تُصَدِّقُوا أَهْلَ الْكِتَابِ وَلاَ تُكَذِّبُوهُمْ، وَقُولُوا (آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ) الآيَةَ. طرفاه 7362، 7542 12 - باب (سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِى كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِى مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) 4486 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ سَمِعَ زُهَيْرًا عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، وَكَانَ يُعْجِبُهُ أَنْ تَكُونَ قِبْلَتُهُ قِبَلَ الْبَيْتِ، وَإِنَّهُ صَلَّى - أَوْ صَلاَّهَا - صَلاَةَ الْعَصْرِ، وَصَلَّى مَعَهُ قَوْمٌ، فَخَرَجَ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ صَلَّى مَعَهُ، فَمَرَّ عَلَى أَهْلِ الْمَسْجِدِ وَهُمْ رَاكِعُونَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 4485 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين. باب: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا} [البقرة: 142] المراد بالسفهاء: اليهود أخبره تعالى قبل وقوع القول ليوطن نفسه على الأذى ليتلقاه بصدر رحيب. 4486 - (نعيم) بضم النون مصغّر، وكذا (زهير)، (قبل البيت) بكسر القاف الجهة (قبل أن تحول رجال قتلوا فلم ندر ما نقول فيهم) استشكل هذا الكلام؛ لأن القبلة تحولت قبل وقعة بدر، ولم يعلم قتل أحد من الصحابة قبل بدر؛ لأن غزوة بدر على رأس تسعة عشر شهرًا من مقدمه المدينة، وتحويل القبلة كانت على رأس سبعة عشر، أو ستة عشر شهرًا. (فخرج رجل ممن كان معه فمرّ على أهل مسجدهم [وهم] راكعون)

13 - باب قوله (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا)

قَالَ أَشْهَدُ بِاللَّهِ لَقَدْ صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قِبَلَ مَكَّةَ، فَدَارُوا كَمَا هُمْ قِبَلَ الْبَيْتِ، وَكَانَ الَّذِى مَاتَ عَلَى الْقِبْلَةِ قَبْلَ أَنْ تُحَوَّلَ قِبَلَ الْبَيْتِ رِجَالٌ قُتِلُوا لَمْ نَدْرِ مَا نَقُولُ فِيهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ) طرفه 40 13 - باب قَوْلِهِ (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) 4487 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ رَاشِدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ وَأَبُو أُسَامَةَ - وَاللَّفْظُ لِجَرِيرٍ - عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى صَالِحٍ وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يُدْعَى نُوحٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ يَا رَبِّ. فَيَقُولُ هَلْ بَلَّغْتَ فَيَقُولُ نَعَمْ. فَيُقَالُ لأُمَّتِهِ هَلْ بَلَّغَكُمْ فَيَقُولُونَ مَا أَتَانَا مِنْ نَذِيرٍ. فَيَقُولُ مَنْ يَشْهَدُ لَكَ فَيَقُولُ مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ. فَتَشْهَدُونَ أَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ». (وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) فَذَلِكَ قَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) وَالْوَسَطُ الْعَدْلُ. طرفه 3339 ـــــــــــــــــــــــــــــ المار عباد بن بشر، والمسجد مسجد الأنصار في المدينة، والصلاة التي كانوا فيها صلاة العصر، وأهل قباء أيضًا كانوا في صلاة الصبح، وقد سلف كل هذا في باب: ما جاء في القبلة في أبواب الصلاة {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143]) أراد بالإيمان الصلاة؛ لأنها أعظم فروعه. باب قوله: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: 143] أي: خيارًا عدولًا، وإنما عبّر بالوسط؛ لأنه بين الإفراط والتفريط. 4487 - (أبو أسامة) بضم الهمزة حماد بن أسامة (أبو صالح) ذكوان السمّان.

14 - باب قوله (وما جعلنا القبلة التى كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرءوف رحيم)

14 - باب قَوْلِهِ (وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِى كُنْتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ) 4488 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - بَيْنَا النَّاسُ يُصَلُّونَ الصُّبْحَ فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ إِذْ جَاءَ جَاءٍ فَقَالَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قُرْآنًا أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ فَاسْتَقْبِلُوهَا. فَتَوَجَّهُوا إِلَى الْكَعْبَةِ. طرفه 403 15 - باب قَوْلِهِ (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ) إِلَى (عَمَّا تَعْمَلُونَ) 4489 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ لَمْ يَبْقَ مِمَّنْ صَلَّى الْقِبْلَتَيْنِ غَيْرِى. 16 - باب (وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ) إِلَى قَوْلِهِ (إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ) 4490 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - بَيْنَمَا النَّاسُ فِي الصُّبْحِ بِقُبَاءٍ جَاءَهُمْ رَجُلٌ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ قُرْآنٌ، وَأُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ أَلاَ فَاسْتَقْبِلُوهَا. وَكَانَ وَجْهُ النَّاسِ إِلَى الشَّأْمِ فَاسْتَدَارُوا بِوُجُوهِهِمْ إِلَى الْكَعْبَةِ. طرفه 403 ـــــــــــــــــــــــــــــ 4488 - 4489 - (قال أنس: لم يبق ممن صلى القبلتين غيري) هو آخر الصحابة موتًا بالعراق. وأما آخر الصحابة موتًا أبو الطفيل عامر بن واثلة. 4490 - (مخلد) بفتح الميم وخاء معجمة {شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 144] تلقاءه) هذا عند من يكتفي بالجهة (فاستقبلوها) بكسر الباء وفتحها، أمر أو خبر.

17 - باب (الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق) إلى قوله (من الممترين)

17 - باب (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ) إِلَى قَوْلِهِ (مِنَ الْمُمْتَرِينَ) 4491 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ بَيْنَا النَّاسُ بِقُبَاءٍ فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ إِذْ جَاءَهُمْ آتٍ فَقَالَ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ قُرْآنٌ، وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ فَاسْتَقْبِلُوهَا. وَكَانَتْ وُجُوهُهُمْ إِلَى الشَّأْمِ فَاسْتَدَارُوا إِلَى الْكَعْبَةِ. طرفه 403 18 - باب (وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَمَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ) 4492 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنِى أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ - رضى الله عنه - قَالَ صَلَّيْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ - أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ - شَهْرًا، ثُمَّ صَرَفَهُ نَحْوَ الْقِبْلَةِ. طرفه 40 19 - باب (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) شَطْرُهُ تِلْقَاؤُهُ. 4493 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَقُولُ بَيْنَا النَّاسُ فِي الصُّبْحِ بِقُبَاءٍ إِذْ جَاءَهُمْ رَجُلٌ فَقَالَ أُنْزِلَ اللَّيْلَةَ قُرْآنٌ، فَأُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ، فَاسْتَقْبِلُوهَا. وَاسْتَدَارُوا كَهَيْئَتِهِمْ، فَتَوَجَّهُوا إِلَى الْكَعْبَةِ وَكَانَ وَجْهُ النَّاسِ إِلَى الشَّأْمِ. طرفه 403 20 - باب (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ) إِلَى قَوْلِهِ (وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) 4494 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ

21 - باب قوله (إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم)

قَالَ بَيْنَمَا النَّاسُ فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ بِقُبَاءٍ إِذْ جَاءَهُمْ آتٍ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ، وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ، فَاسْتَقْبِلُوهَا. وَكَانَتْ وُجُوهُهُمْ إِلَى الشَّأْمِ فَاسْتَدَارُوا إِلَى الْقِبْلَةِ. طرفه 403 21 - باب قَوْلِهِ (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ) شَعَائِرُ عَلاَمَاتٌ، وَاحِدَتُهَا شَعِيرَةٌ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ الصَّفْوَانُ الْحَجَرُ. وَيُقَالُ الْحِجَارَةُ الْمُلْسُ الَّتِى لاَ تُنْبِتُ شَيْئًا، وَالْوَاحِدَةُ صَفْوَانَةٌ بِمَعْنَى الصَّفَا، وَالصَّفَا لِلْجَمِيعِ. 4495 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ قُلْتُ لِعَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا يَوْمَئِذٍ حَدِيثُ السِّنِّ أَرَأَيْتِ قَوْلَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا) فَمَا أُرَى عَلَى أَحَدٍ شَيْئًا أَنْ لاَ يَطَّوَّفَ بِهِمَا. فَقَالَتْ عَائِشَةُ كَلاَّ لَوْ كَانَتْ كَمَا تَقُولُ كَانَتْ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لاَ يَطَّوَّفَ بِهِمَا، إِنَّمَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي الأَنْصَارِ، كَانُوا يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ، وَكَانَتْ مَنَاةُ حَذْوَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: 158] (صفوانه بمعنى الصفا، والصفا للجمع) هذا وقع سهوًا، والصواب صفوانة بمعنى الصفات كلاهما مفرد. 4495 - (قال عروة: قلت لعائشة: فلا جناح على أحد أن لا يطوف بهما) أي: بالصفا والمروة -فهم غلطًا- فردته عائشة بأن لو كان الأمر كما تقول لكان النظم حينئذ: فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما بزيادة لا، وأما على ما هو نظم القرآن فلا يدل على ما قلت، بل على رفع الجناح على الطائف بهما رفعًا لتوهم أنهما من شعار الجاهلية، وأشارت إلى سبب التوهم بأن الأنصار كانوا يلبون لمناة، فإنهما كانت صنمًا يعبدونها. ونقل عن أنس أنهم إنما امتنعوا من الطواف بهما لكونهما من أمر الجاهلية. ويجوز أن

22 - باب قوله (ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا)

قُدَيْدٍ، وَكَانُوا يَتَحَرَّجُونَ أَنْ يَطُوفُوا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَلَمَّا جَاءَ الإِسْلاَمُ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ ذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا). طرفه 1643 4496 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَاصِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - عَنِ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. فَقَالَ كُنَّا نَرَى أَنَّهُمَا مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا كَانَ الإِسْلاَمُ أَمْسَكْنَا عَنْهُمَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ) إِلَى قَوْلِهِ (أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا). طرفه 1648 22 - باب قَوْلِهِ (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا) أَضْدَادًا، وَاحِدُهَا نِدٌّ. 4497 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِى حَمْزَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - كَلِمَةً وَقُلْتُ أُخْرَى قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ مَاتَ وَهْوَ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ نِدًّا دَخَلَ النَّارَ». وَقُلْتُ أَنَا مَنْ مَاتَ وَهْوَ لاَ يَدْعُو لِلَّهِ نِدًّا دَخَلَ الْجَنَّةَ. طرفه 1238 ـــــــــــــــــــــــــــــ يكون سبب النزول الأمرين، وقد سلف تحقيقه في أبواب الحج (قديد) بضم القاف مصغّر. باب قوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا} [البقرة: 165] 4497 - (عبدان) على وزن شعبان (عن أبي حمزة) بالحاء المهملة محمد بن ميمون (عن عبد الله) هو ابن مسعود (قلت أنا: من مات لا يدعو لله ندًّا دخل الجنة) أخذه من مفهوم قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن قوله تعالى: {فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِير} [الشورى: 7].

23 - باب (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص فى القتلى الحر بالحر) إلى قوله (عذاب أليم)

23 - باب (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ) إِلَى قَوْلِهِ (عَذَابٌ أَلِيمٌ) (عُفِىَ) تُرِكَ. 4498 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرٌو قَالَ سَمِعْتُ مُجَاهِدًا قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - يَقُولُ كَانَ فِي بَنِى إِسْرَائِيلَ الْقِصَاصُ، وَلَمْ تَكُنْ فِيهِمُ الدِّيَةُ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِهَذِهِ الأُمَّةِ (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنْثَى بِالأُنْثَى فَمَنْ عُفِىَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَىْءٌ) فَالْعَفْوُ أَنْ يَقْبَلَ الدِّيَةَ فِي الْعَمْدِ (فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ) يَتَّبِعُ بِالْمَعْرُوفِ وَيُؤَدِّى بِإِحْسَانٍ، (ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ) وَرَحْمَةٌ مِمَّا كُتِبَ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ. (فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ) قَتَلَ بَعْدَ قَبُولِ الدِّيَةِ. طرفه 6881 4499 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِىُّ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «كِتَابُ اللَّهِ الْقِصَاصُ». طرفه 2703 4500 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بَكْرٍ السَّهْمِىَّ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ الرُّبَيِّعَ عَمَّتَهُ كَسَرَتْ ثَنِيَّةَ جَارِيَةٍ، فَطَلَبُوا إِلَيْهَا الْعَفْوَ فَأَبَوْا، فَعَرَضُوا الأَرْشَ فَأَبَوْا، فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبَوْا إِلاَّ الْقِصَاصَ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْقِصَاصِ، فَقَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ} [البقرة: 178] 4498 - (قال ابن عباس: العفو أن يقبل الدية) هذا يدل على أن حق الولي القصاص كما قاله أبو حنيفة، ويجوز أن يجعله أعم كما قاله الشافعي؛ لأنه وإن كان الولي مخيرًا إلا أن القصاص أعظم، فيطلق على تركه العفو (كان في بني إسرائيل القصاص ولم يكن فيهم الدية) دلّ عليه أيضًا قوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ} [المائدة: 45]. وقال مقاتل: كان في "الإنجيل" وجوب العفو. وظاهر الآية والحديث يخالفه. 4499 - 4500 - (عن أنس أن الرُّبيع) بضم الراء وفتح الموحدة بعدها مثناة مشددة، وهي عمة أنس أخت أنس بن النضير (كسرت ثنية جارية فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالقصاص، فقال

24 - باب (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون)

أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتُكْسَرُ ثَنِيَّةُ الرُّبَيِّعِ لاَ وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لاَ تُكْسَرُ ثَنِيَّتُهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَا أَنَسُ كِتَابُ اللَّهِ الْقِصَاصُ». فَرَضِىَ الْقَوْمُ فَعَفَوْا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّهُ». طرفه 2703 24 - باب (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) 4501 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ عَاشُورَاءُ يَصُومُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ ـــــــــــــــــــــــــــــ أنس بن النضر: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتكسر ثنية الربيع، لا والذي بعثك بالحق). فإن قلت: كيف جاز له خلاف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد الحكم؟ قلت: لم ينكر حقيقة حكمه، بل أراد أن يشفع إلى أولياء تلك الجارية، أو قاله ثقة بالله أن يقع العفو، وهذا هو الظاهر؛ لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن من عباد الله لو أقسم على الله لأبره) وأجاب بعضهم بأنه إنما قال قبل أن يعرف أن القصاص متعين وظن التمييز، وليس بشيء. أما أولًا فلأن حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما كان بعد أن أبوا إلا القصاص، فكيف يظن التمييز؟ وأما ثانيًا فلأن التمييز الذي قال به الشافعي: إنما هو من طرف أولياء القتيل لا الجاني، وإذا كان التمييز لأولياء القتيل فإذا لم يرضوا إلا القصاص فلهم ذلك إجماعًا. فإن قلت: ليس في كسر السنّ قصاص؟ قلت: عبر بالكسر عن القلع. باب قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة: 183] الشبه في الفرضيَّة أو العدد على ما روي أن أهل الكتاب زادوا فيه من عند أنفسهم يومان وقع فيهم، أو لوقوعه في زمن الحرّ، فأخَّروه وزادوه، أو في العدد. 4501 - 4502 - 4503 - 4504 - (كان يوم عاشوراء تصومه أهل الجاهلية) تقدمت

قَالَ «مَنْ شَاءَ صَامَهُ، وَمَنْ شَاءَ لَمْ يَصُمْهُ». طرفه 1892 4502 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - كَانَ عَاشُورَاءُ يُصَامُ قَبْلَ رَمَضَانَ، فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ قَالَ «مَنْ شَاءَ صَامَ، وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ». طرفه 1592 4503 - حَدَّثَنِى مَحْمُودٌ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ دَخَلَ عَلَيْهِ الأَشْعَثُ وَهْوَ يَطْعَمُ فَقَالَ الْيَوْمُ عَاشُورَاءُ. فَقَالَ كَانَ يُصَامُ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ رَمَضَانُ، فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ تُرِكَ، فَادْنُ فَكُلْ. 4504 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ تَصُومُهُ قُرَيْشٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَصُومُهُ، فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ صَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ كَانَ رَمَضَانُ الْفَرِيضَةَ، وَتُرِكَ عَاشُورَاءُ، فَكَانَ مَنْ شَاءَ صَامَهُ، وَمَنْ شَاءَ لَمْ يَصُمْهُ. طرفه 1592 ـــــــــــــــــــــــــــــ أحاديث الباب مشروحة في كتاب الصوم، قال ابن الأثير: عاشوراء على وزن فاعولاء بالمد، هو يوم العاشر من المحرم. قلت: الصواب أن عاشوراء صفة الليلة العاشرة. ألا ترى أن اليوم يضاف إليها، يقال: يوم عاشوراء من غير تنوين، كيوم العيد، وإيراد حديث عاشوراء في تفسير هذه الآية للإشارة إلى أن ناسخه ليس آية الصوم؛ لأنه لا تنافي بين وجوبهما، وأما الناسخ قوله - صلى الله عليه وسلم -: (من شاء فليصم ومن شاء فليفطر) وقيل: أراد به الرد على من قال: إن الفرض على سائر الأمم شهر رمضان، فأشار إلى أنه لو كان كذلك كان يصومه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بدل عاشوراء، ولا يخفى بُعده ومنع الملازمة.

25 - باب قوله (أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون)

25 - باب قَوْلِهِ (أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ). وَقَالَ عَطَاءٌ يُفْطِرُ مِنَ الْمَرَضِ كُلِّهِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى. وَقَالَ الْحَسَنُ وَإِبْرَاهِيمُ فِي الْمُرْضِعِ وَالْحَامِلِ إِذَا خَافَتَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا أَوْ وَلَدِهِمَا تُفْطِرَانِ ثُمَّ تَقْضِيَانِ. وَأَمَّا الشَّيْخُ الْكَبِيرُ إِذَا لَمْ يُطِقِ الصِّيَامَ، فَقَدْ أَطْعَمَ أَنَسٌ بَعْدَ مَا كَبِرَ عَامًا أَوْ عَامَيْنِ كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينًا خُبْزًا وَلَحْمًا وَأَفْطَرَ. قِرَاءَةُ الْعَامَّةِ (يُطِيقُونَهُ) وَهْوَ أَكْثَرُ. 4505 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا رَوْحٌ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ عَطَاءٍ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ (وَعَلَى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ). قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ، هُوَ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْمَرْأَةُ الْكَبِيرَةُ لاَ يَسْتَطِيعَانِ أَنْ يَصُومَا، فَلْيُطْعِمَانِ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا. 26 - باب (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) 4506 - حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 184] أي: أيام قليلة، هوّن على المخاطبين به أولًا بهذه العبارة، وثانيًا بقوله: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَر} [البقرة: 184]) أي: كيف كانت لا يراعى فيها الطول والقصر. 4505 - (إسحاق) قال الغساني: لم أجده منسوبًا عند أحد، إلا أن البخاري روى في الأحزاب وسورة ص عن إسحاق بن إبراهيم عن روح، وفي أكثر المواضع عن إسحاق بن منصور عن روح. 4506 - (عياش) بفتح العين وتشديد المثناة تحت، آخره معجمة.

27 - باب (أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم)

نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ قَرَأَ (فِدْيَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ) قَالَ هِىَ مَنْسُوخَةٌ. طرفه 1949 4507 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ عَنْ سَلَمَةَ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ) كَانَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُفْطِرَ وَيَفْتَدِىَ حَتَّى نَزَلَتِ الآيَةُ الَّتِى بَعْدَهَا فَنَسَخَتْهَا. مَاتَ بُكَيْرٌ قَبْلَ يَزِيدَ. 27 - باب (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ) 4508 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ. وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ - رضى الله عنه -. لَمَّا نَزَلَ صَوْمُ رَمَضَانَ كَانُوا لاَ يَقْرَبُونَ النِّسَاءَ رَمَضَانَ كُلَّهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ 4507 - (مضر) بضم الميم وضاد معجمة (بكير) بضم الباء مصغر (يزيد) من الزيادة (قال أبو عبد الله: مات قبل يزيد) قيل: مات بكير قبل يزيد بأربع وثلاثين سنة. وفائدة هذا الكلام الإشارة إلى أن للراوي أن يروي الحديث ويحدث به. باب قوله: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ} [البقرة: 187] [الرفث]: الفحش، كنى به عن الجماع. 4508 - (شريح بن مسلمة) بضم الشين مصغر شرح وفتح الميم واللام (لما نزل صوم رمضان كانوا لا يقربون النساء رمضان كلّه). وقيل: كان لهم الأكل والشرب والوقاع ما لم

28 - باب قوله (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل ولا تباشروهن وأنتم عاكفون فى المساجد) إلى قوله (تتقون)

وَكَانَ رِجَالٌ يَخُونُونَ أَنْفُسَهُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ (عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ). طرفه 1915 28 - باب قَوْلِهِ (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ) إِلَى قَوْلِهِ (تَتَّقُونَ) الْعَاكِفُ الْمُقِيمُ. 4509 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ حُصَيْنٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ عَدِىٍّ قَالَ أَخَذَ عَدِىٌّ عِقَالاً أَبْيَضَ وَعِقَالاً أَسْوَدَ حَتَّى كَانَ بَعْضُ اللَّيْلِ نَظَرَ فَلَمْ يَسْتَبِينَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، جَعَلْتُ تَحْتَ وِسَادَتِى. قَالَ «إِنَّ وِسَادَكَ إِذًا لَعَرِيضٌ أَنْ كَانَ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ وَالأَسْوَدُ تَحْتَ وِسَادَتِكَ». طرفه 1916 4510 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ - رضى الله عنه - قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ ـــــــــــــــــــــــــــــ يناموا، وهذا هو المعتمد دل عليه سائر الأحاديث. والرجال الذين صاموا منهم: عمر بن الخطاب، وكعب بن مالك (وكان رجال يخشون أنفسهم) فأباح الله لهم الأكل والوقاع إلى الصبح. 4509 - 4510 - (أبو عوانة) بفتح العين الوضاح اليشكري (حصين) بضم الحاء وكسر الصاد (عن الشعبي) بفتح الشين أبو عمرو عامر الكوفي، روى عن عدي بن حاتم أنه جعل تحت وسادته خيطًا أسود وخيطًا أبيض (قال: إن وسادك إذًا لعريض إن كان الخيط الأبيض والخيط الأسود تحت وسادتك) لأن المراد بهما بياض النهار وسواد الليل، فيلزم أن يكون ما بين السماء والأرض تحت وسادته، وذكر العرض دون الطول؛ لأن العرض أقصر فهذا أولى بالمقام. وقيل: أراد به البلاهة، فإن عرض الوسادة يستلزم عرض القفا كما ذكره في الرواية بعده. فإن قلت: تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز؟ قلت: الكلام كان ظاهرًا في

الْخَيْطِ الأَسْوَدِ أَهُمَا الْخَيْطَانِ قَالَ «إِنَّكَ لَعَرِيضُ الْقَفَا إِنْ أَبْصَرْتَ الْخَيْطَيْنِ». ثُمَّ قَالَ «لاَ بَلْ هُوَ سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ». طرفه 1916 4511 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ حَدَّثَنِى أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ وَأُنْزِلَتْ (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ) وَلَمْ يُنْزَلْ (مِنَ الْفَجْرِ) وَكَانَ رِجَالٌ إِذَا أَرَادُوا الصَّوْمَ رَبَطَ أَحَدُهُمْ فِي رِجْلَيْهِ الْخَيْطَ الأَبْيَضَ وَالْخَيْطَ الأَسْوَدَ، وَلاَ يَزَالُ يَأْكُلُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ رُؤْيَتُهُمَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ بَعْدَهُ (مِنَ الْفَجْرِ) فَعَلِمُوا أَنَّمَا يَعْنِى اللَّيْلَ مِنَ النَّهَارِ. طرفه 1917 ـــــــــــــــــــــــــــــ المراد، فلم يحتج إلى البيان. قال القاضي: إنما التبس هذا على من لا فقه له، ولم يكن استعمال الخيطين في الليل والنهار من لغته. فإن قلت: إذا كان ظاهرًا فلم نزل {مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: 187] بيانًا؟ قلت: كان ظاهرًا فصار البيان نصًّا، ومثله كثير في القرآن. قال بعضهم: فإن قلت: فهو الحقيقة قبل البيان فلم عوتبوا؟ قلت: إنما عوتب الذين جعلوا الخيطين تحت الوسادة بعد نزول البيان، وهذا الذي قاله لا يعقل، ولا قاله أحد قبله، وأي فائدة لنزول البيان؟!. ثم قال: فإن قلت: عريض القفا كناية عن مجاز؟ قلت: كناية يجوز إرادة الحقيقة، وهذا الذي قاله مذهب صاحب "الكشاف" والجمهور على جوازه مطلقًا. ثم قال: فإن قلت: فما حكم عريض الوسادة؟ قلت: كناية عن عرض القفا، فهو كناية عن كناية، وهذا أيضًا اصطلاح منه، وعند القوم مثله كناية بلاغية، مثل: كثير الرماد. والله أعلم. 4511 - (ابن أبي مريم) اسمه: سعيد (أبو غسان) بفتح الغين المعجمة وتشديد السين (محمد بن مطرف) بضم الميم وكسر الراء المشددة (أبو حازم) -بالحاء المهملة- سلمة بن دينار.

29 - باب قوله (وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها واتقوا الله لعلكم تفلحون)

29 - باب قَوْلِهِ (وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) 4512 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ كَانُوا إِذَا أَحْرَمُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَتَوُا الْبَيْتَ مِنْ ظَهْرِهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ (وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا). طرفه 1803 30 - باب قَوْلِهِ (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ) 4513 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَتَاهُ رَجُلاَنِ فِي فِتْنَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَقَالاَ إِنَّ النَّاسَ قَدْ ضُيِّعُوا، وَأَنْتَ ابْنُ عُمَرَ وَصَاحِبُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَمَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَخْرُجَ فَقَالَ يَمْنَعُنِى أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ دَمَ أَخِى. فَقَالاَ أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ) فَقَالَ قَاتَلْنَا حَتَّى لَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ، وَكَانَ الدِّينُ لِلَّهِ، وَأَنْتُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تُقَاتِلُوا حَتَّى تَكُونَ فِتْنَةٌ، وَيَكُونَ الدِّينُ لِغَيْرِ اللَّهِ. طرفه 3130 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا} [البقرة: 189] قال ابن إسحاق: لا أدري أبَعْدَ الفيل أم قبله اخترعت قريش أمورًا أبطلها الله منها أنهم إذا أحرموا لا يدخلون البيوت من أبوابها، زعمًا منهم أن تلك الأبواب دخلوها مع الذنوب. ياب: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} [البقرة: 193] 4513 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (عن ابن عمر أتاه رجلان في فتنة ابن الزبير) لما حاصره الحجاج (قاتلنا حتى لا تكون فتنة) أي: شرك (وأنتم تقاتلون حتى تكون فتنة) أحد الرجلين علاء بن العرار بفتح العين وراء مهملة مكررة، والآخر حبان، وقيل: حكم، قال ابن الأثير: الفتنة في الأصل الامتحان والاختبار، ثم استعماله بمعنى الإثم والكفر والقتال والإزالة والضرب، فيحمل في كل موضع على ما يليق به.

4514 - وَزَادَ عُثْمَانُ بْنُ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى فُلاَنٌ وَحَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو الْمَعَافِرِىِّ أَنَّ بُكَيْرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَهُ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ رَجُلاً أَتَى ابْنَ عُمَرَ فَقَالَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ تَحُجَّ عَامًا وَتَعْتَمِرَ عَامًا، وَتَتْرُكَ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَقَدْ عَلِمْتَ مَا رَغَّبَ اللَّهُ فِيهِ قَالَ يَا ابْنَ أَخِى بُنِىَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ إِيمَانٍ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَالصَّلاَةِ الْخَمْسِ، وَصِيَامِ رَمَضَانَ، وَأَدَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ الْبَيْتِ. قَالَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَلاَ تَسْمَعُ مَا ذَكَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا) (إِلَى أَمْرِ اللَّهِ) (قَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ) قَالَ فَعَلْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَ الإِسْلاَمُ قَلِيلاً، فَكَانَ الرَّجُلُ يُفْتَنُ فِي دِينِهِ إِمَّا قَتَلُوهُ، وَإِمَّا يُعَذِّبُوهُ، حَتَّى كَثُرَ الإِسْلاَمُ فَلَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ. طرفه 3130 4515 - قَالَ فَمَا قَوْلُكَ فِي عَلِىٍّ وَعُثْمَانَ قَالَ أَمَّا عُثْمَانُ فَكَأَنَّ اللَّهَ عَفَا عَنْهُ، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَكَرِهْتُمْ أَنْ تَعْفُوا عَنْهُ، وَأَمَّا عَلِىٌّ فَابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَخَتَنُهُ. وَأَشَارَ بِيَدِهِ فَقَالَ هَذَا بَيْتُهُ حَيْثُ تَرَوْنَ. طرفه 8 ـــــــــــــــــــــــــــــ 4514 - (أخبرني فلان) قيل: هو عبد الله بن لهيعة، ولضعفه كنى عنه، وعطف عليه (حيوة بن شريح) بضم الشين مصغر شرح (عن بكر عن عمرو المعافري) -بالعين المهملة- نسبة إلى معافر، حي من همدان (بكير بن عبد الله) بضم الباء مصغر. 4515 - (فما قولك في علي وعثمان) هذا رجل من الخوارج لا يحب لا عليًّا ولا عثمان (أما عثمان فكان [الله] عفا عنه) لما فرّ يوم أحد، ولقد قال الله في شأن من فرّ ذلك اليوم: {وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ} [آل عمران: 155] (وأما علي فابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، هذا بيته حيث ترون) أي: بين بيوت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما جاء في الرواية الأخرى، استدلّ به على قربه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفضله.

31 - باب قوله (وأنفقوا فى سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين)

31 - باب قَوْلِهِ (وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) التَّهْلُكَةُ وَالْهَلاَكُ وَاحِدٌ. 4516 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا النَّضْرُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ (وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) قَالَ نَزَلَتْ فِي النَّفَقَةِ. 32 - باب قَوْلِهِ (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ) 4517 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَصْبَهَانِىِّ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَعْقِلٍ قَالَ قَعَدْتُ إِلَى كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ - يَعْنِى مَسْجِدَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195] قال الجوهري: قال اليزيدي: التهلكة من المصادر الشاذة. 4516 - [(إسحاق]) كذا وقع غير منسوب. قال أبو نصر: يحتمل أن يكون إسحاق بن إبراهيم وإسحاق بن منصور، فإن كلًّا منهما يروي عن النضر بن شميل (قال حذيفة: نزلت الآية في النفقة) بأن لا ينفق على نفسه أو عياله، أو يسافر بلا زاد. فإن قلت: في رواية أبي داود والترمذي أن أبا أيوب الأنصاري قال: فينا نزلت -معشر الأنصار- لما ظهر الإسلام أقمنا على الأموال وتركنا الجهاد. وقيل في سبب النزول: إنهم كانوا يغزون من غير نفقة. وعن البراء والنعمان بن بشر: نزلت فيمن يذنب فيقول ألا توبة لي. وقيل [غير] هذا. قلت: أشرنا مرارًا إلى أن لا تزاحم في أسباب النزول يجوز أن يكون كلٌّ منها. ياب: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا} [البقرة: 196] 4517 - (ابن الأصبهاني) بكسر الهمزة وفتحها (معقل) بكسر القاف (كعب بن عجرة) بضم العين سلف في كتاب صلح الحديبية.

33 - باب (فمن تمتع بالعمرة إلى الحج)

الْكُوفَةِ - فَسَأَلْتُهُ عَنْ فِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ فَقَالَ حُمِلْتُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِى فَقَالَ «مَا كُنْتُ أُرَى أَنَّ الْجَهْدَ قَدْ بَلَغَ بِكَ هَذَا، أَمَا تَجِدُ شَاةً». قُلْتُ لاَ. قَالَ «صُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ طَعَامٍ، وَاحْلِقْ رَأْسَكَ». فَنَزَلَتْ فِىَّ خَاصَّةً وَهْىَ لَكُمْ عَامَّةً. طرفه 1814 33 - باب (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ) 4518 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عِمْرَانَ أَبِى بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ - رضى الله عنهما - قَالَ أُنْزِلَتْ آيَةُ الْمُتْعَةِ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَفَعَلْنَاهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَلَمْ يُنْزَلْ قُرْآنٌ يُحَرِّمُهُ، وَلَمْ يَنْهَ عَنْهَا حَتَّى مَاتَ قَالَ رَجُلٌ بِرَأْيِهِ مَا شَاءَ. طرفه 1571 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: قال هناك وقف على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا أوقد تحت قدر والقمل يتناثر على وجهي. وهذا قال: حملت إليه؟ قلت: لا ينافي جواز وقوع الأمرين وقف عليه أولًا، ثم ذهب إليه. (ما كنت أرى أن الجَهد بلغ بك) بضم الهمزة، أي: أظن، والجَهد بفتح الجيم: المشقة (فنزلت فيّ خاصة وهي لكم عامة) لأن سبب النزول لا يخصص، العبرة بعموم اللفظ. باب: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} [البقرة: 196] 4518 - (عمران) بكسر العين (أبو رجاء) -بفتح الراء والمد- عمران العطاردي (عن عمران بن حصين) بضم الحاء مصغّر (قال: أنزلت المتعة في كتاب الله) من قوله تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} [البقرة: 196] (قال رجل برأيه ما شاء) ينكر على عمر بن الخطاب كما تقدم في حديث أبي موسى: كنت أفتي بها إلى زمان عمر، وانعقد الإجماع على خلاف رأي عمر.

34 - باب (ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم)

34 - باب (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ) 4519 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَتْ عُكَاظٌ وَمَجَنَّةُ وَذُو الْمَجَازِ أَسْوَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَتَأَثَّمُوا أَنْ يَتَّجِرُوا فِي الْمَوَاسِمِ فَنَزَلَتْ (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ) فِي مَوَاسِمِ الْحَجِّ. طرفه 1770 35 - باب (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ) 4520 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - كَانَتْ قُرَيْشٌ وَمَنْ دَانَ دِينَهَا يَقِفُونَ بِالْمُزْدَلِفَةِ، وَكَانُوا يُسَمَّوْنَ الْحُمْسَ، وَكَانَ سَائِرُ الْعَرَبِ يَقِفُونَ بِعَرَفَاتٍ، فَلَمَّا جَاءَ الإِسْلاَمُ أَمَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: 198] 4519 - (محمد) كذا وقع غير منسوب، قال الغساني: لم أجده منسوبًا لأحد إلا أن البخاري روى في باب الوضوء عن محمد بن سلام عن سفيان بن عيينة (عكاظ) بضم العين وتخفيف الكاف (ومجنة) بفنح الجيم والميم ونون مشددة (فتأثموا أن يتجروا في الموسم)، لأنه كان من آثار الجاهلية في مواسم الحج كذا في قراءة ابن عباس أي: زاد لفظ المواسم بعد قوله: {أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ}. باب قوله: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ} [البقرة: 199] 4520 - (محمد بن خازم) بالخاء المعجمة هو: أبو معاوية الضرير (وكانوا يسمون الحمس) قد سلف [أن] قريشًا كانوا يسمون بهذا الاسم، قال ابن إسحاق لما استقر قريش بعد قصي بمكة اخترعوا بدعًا منها أن لا يخرجوا من الحرم لئلا تقل حرمة الحرم، فكانوا

اللَّهُ نَبِيَّهُ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَأْتِىَ عَرَفَاتٍ، ثُمَّ يَقِفَ بِهَا ثُمَّ يُفِيضَ مِنْهَا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ). طرفه 1665 4521 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ أَخْبَرَنِى كُرَيْبٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ يَطَوَّفُ الرَّجُلُ بِالْبَيْتِ مَا كَانَ حَلاَلاً حَتَّى يُهِلَّ بِالْحَجِّ، فَإِذَا رَكِبَ إِلَى عَرَفَةَ فَمَنْ تَيَسَّرَ لَهُ هَدِيَّةٌ مِنَ الإِبِلِ أَوِ الْبَقَرِ أَوِ الْغَنَمِ، مَا تَيَسَّرَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ أَىَّ ذَلِكَ شَاءَ، غَيْرَ إِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ فَعَلَيْهِ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ، وَذَلِكَ قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَةَ، فَإِنْ كَانَ آخِرُ يَوْمٍ مِنَ الأَيَّامِ الثَّلاَثَةِ يَوْمَ عَرَفَةَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ، ثُمَّ لِيَنْطَلِقْ حَتَّى يَقِفَ بِعَرَفَاتٍ مِنْ صَلاَةِ الْعَصْرِ إِلَى أَنْ يَكُونَ الظَّلاَمُ، ثُمَّ لِيَدْفَعُوا مِنْ عَرَفَاتٍ إِذَا أَفَاضُوا مِنْهَا حَتَّى يَبْلُغُوا جَمْعًا الَّذِى يُتَبَرَّرُ فِيهِ، ثُمَّ لِيَذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا، أَوْ أَكْثِرُوا التَّكْبِيرَ وَالتَّهْلِيلَ قَبْلَ أَنْ تُصْبِحُوا ثُمَّ أَفِيضُوا، فَإِنَّ النَّاسَ كَانُوا يُفِيضُونَ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى ـــــــــــــــــــــــــــــ يقفون بالمشعر الحرام فأمرهم الله في هذه الآية أن يقفوا بعرفات مع الناس. 4521 - (فضيل) بضم الفاء مصغر وكذا (كريب)، (فإذا ركب إلى عرفة فمن تيسر له هديه) هذا شأن الآفاقي المتمتع (يقف بعرفات من صلاة العصر إلى أن يكون الظلام) أول وقت الوقوف بعد الزوال، ذكر العصر بناءً على المتعارف من العصر، وأما العصر على فعل حمل فضل صلاة العصر، لأنها تصلى مع صلاة الظهر ففيه بُعْد. إذ لو كان المراد ذلك لذكر الظهر. وقيد الظلام؛ لأن المشركين كانوا يفيضون قبل الغروب كما سبق في أبواب الحج، وإلا فوقت الوقوف من الزوال إلى طلوع الفجر يوم العيد فإذا بلغوا (جمعًا الذي يتبرز به) بالراء المهملة ثم معجمة من البراز وهو قضاء الحاجة؛ لأنهم يصلون به المغرب والعشاء، ويروى (يبيتون) من البيتوتة. ويروى يتبررون بالراءين المهملتين من البر لكونهم يذكرون الله ويدعون (ثم أفيضوا فإن الناس كانوا يفيضون) أي: من عرفات وقريش من مزدلفة ولما بَيَّن ابن عباس كيفية الحج من وقت الإحرام إلى أن رجعوا من عرفات أشار إلى سبب نزول الآية أي: قيل لقريش أفيضوا من حيث أفاض الناس لا من مزدلفة كما كنتم تفعلونه في الجاهلية. وقد التبس على بعض الشارحين فقال: فإن قلت: هذا يدل على أن الإفاضة في قوله تعالى: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ} [البقرة: 199] المزدلفة، وحديث عائشة على أنها من عرفات قلت: لا منافاة؛ لأن المراد من الناس هنا الحمس وهذا تفسير ابن عباس، والأول تفسير

36 - باب (ومنهم من يقول ربنا آتنا فى الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار)

(ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) حَتَّى تَرْمُوا الْجَمْرَةَ. 36 - باب (وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِى الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) 4522 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «اللَّهُمَّ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِى الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ». طرفه 6389 37 - باب (وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ) وَقَالَ عَطَاءٌ النَّسْلُ الْحَيَوَانُ. 4523 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ تَرْفَعُهُ قَالَ «أَبْغَضُ الرِّجَالِ إِلَى اللَّهِ الأَلَدُّ الْخَصِمُ». ـــــــــــــــــــــــــــــ عائشة قلت: وعلى هذا يكون الحمس مأمورين بالإفاضة من مزدلفة زادنا الله توفيقًا لسلوك سنن الصواب. (أبو معمر) بفتح الميم وسكون العين عبد الله (حتى ترموا الحجرة) غاية لقوله: {وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ} لأن عند رمي الجمرة يقطع الشر والبلية، وقيل: غاية لقوله: {أَفِيضُوا} وفيه أن الإفاضة لا تفي برمي الجمرة. ألا ترى أن الطواف بعد رمي الجمرة يسمى طواف الإفاضة. باب: قوله: {وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ} [البقرة: 204] 4523 - اللّد وشدة الخصومة. ومعناه في الآية ظاهر، وأما قوله في الحديث: (أبغض الرجال إلى الله الألدّ الخصم) والألد أبغض من الخصم، وإن كان أيضًا صفة مبالغة، فالوجه فيه أنه ذكر على طريق التتميم، ولا يخفى أن ألدّ صفة لاسم تفضل جمعه لدّ، وامرأة لداء

38 - باب (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء) إلى (قريب)

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنِى ابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 2457 38 - باب (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ) إِلَى (قَرِيبٌ) 4524 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ أَبِى مُلَيْكَةَ يَقُولُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا) خَفِيفَةً، ذَهَبَ بِهَا هُنَاكَ، وَتَلاَ (حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ ـــــــــــــــــــــــــــــ (وقال عبد الله) كذا وقع غير منسوب، هو عبد الله بن الوليد، نبّه عليه خلف في الأطواف (ابن جريج) بضم الجيم مصغر، وكذا (ابن أبي مليكة). باب قوله: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ} [البقرة: 214] 4524 - (قال ابن عباس: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا} [يوسف: 110] خفيفة) أي: بتخفيف الدال (ذهب بها هناك) أي: بهذه القراءة في سورة يوسف، واستدلّ بآية البقرة هذه {حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ} [البقرة: 214] ولما كان ظاهر هذا أن الرسل ظنوا خلف الوعد من الله معهم، وأنكرت عائشة هذه القراءة غاية الإنكار، وتحقيق الكلام أن قراءة التخفيف قراءة الكوفيين، والضمير في كذبوا للرسل. والمعنى: كذبتهم أنفسهم، فإنها كانت تحدثهم بالنصر من غير أن يكون هناك وعد من الله، فلما طال البلاء واستبطؤوا النصر ظنوا أن أحاديث النفس كانت كاذبة. هذا توجيه كلام ابن عباس، جعل مؤدى الاسمين واحدًا. فإن قلت: روى البرقاني عن ابن عباس أنه قال: الرسل بشر فظنوا أنهم قد كذبوا، وأشار إلى السماء؟ قلت: لو صح هذا يجب أن يحمل الظن على فطرات النفس وهواجسها. وقيل: الضمير في كذبوا للمرسل إليهم، ظنوا أن الرسل كاذبين فيما وعدوهم من النصر، وهذا خلاف ما يفهم من الحديث، كيف ولو كان كذلك لم تنكر عائشة ذلك الإنكار، وأيضًا يلزم تفكيك الضمائر؛ إذ لم يتقدم ذكر المرسل إليهم. وأما حرف إنكار عائشة إلى ما فهم ابن عباس إلى نفس القراءة يرده ما سيأتي في سورة يوسف من قول عروة. قلت: كذبوا مخففة، قالت: معاذ الله، فإنه نصٌّ في إنكار المخففة.

39 - باب (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم) الآية

وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلاَ إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ). فَلَقِيتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ. 4525 - فَقَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ مَعَاذَ اللَّهِ، وَاللَّهِ مَا وَعَدَ اللَّهُ رَسُولَهُ مِنْ شَىْءٍ قَطُّ إِلاَّ عَلِمَ أَنَّهُ كَائِنٌ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ، وَلَكِنْ لَمْ يَزَلِ الْبَلاَءُ بِالرُّسُلِ حَتَّى خَافُوا أَنْ يَكُونَ مَنْ مَعَهُمْ يُكَذِّبُونَهُمْ، فَكَانَتْ تَقْرَؤُهَا (وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِّبُوا) مُثَقَّلَةً. طرفه 3389 39 - باب (نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ) الآيَةَ 4526 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ لَمْ يَتَكَلَّمْ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُ، فَأَخَذْتُ عَلَيْهِ يَوْمًا، فَقَرَأَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَكَانٍ قَالَ تَدْرِى فِيمَا أُنْزِلَتْ. قُلْتُ لاَ. قَالَ أُنْزِلَتْ فِي كَذَا وَكَذَا. ثُمَّ مَضَى. طرفه 4527 4527 - وَعَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ حَدَّثَنِى أَبِى حَدَّثَنِى أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ (فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) قَالَ يَأْتِيهَا فِي. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} [البقرة:226] 4526 - 4527 - (إسحاق) كذا وقع، نسبه ابن السكن: إسحاق بن إبراهيم، وقال أبو النصر: يروي عن النصر بن شميل إسحاق بن منصور وابن إبراهيم (ابن عوف) آخره نون (وعن عبد الصمد) عطف على: أخبرنا النصر، فإنه شيخ إسحاق أيضًا (فأخذت عليه يومًا) استمعت لقراءته {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} قال: يأتيها في كذا وقع بلفظ في، وحذف المجرور، ورواه الحميدي: في فرجها، أي: سواء كانت المرأة مستلقية أو نائمة على وجهها ردًّا على اليهود.

40 - باب (وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن)

رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ. طرفه 4526 4528 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ سَمِعْتُ جَابِرًا - رضى الله عنه - قَالَ كَانَتِ الْيَهُودُ تَقُولُ إِذَا جَامَعَهَا مِنْ وَرَائِهَا جَاءَ الْوَلَدُ أَحْوَلَ. فَنَزَلَتْ (نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ). 40 - باب (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ) 4529 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِىُّ حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ رَاشِدٍ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ قَالَ حَدَّثَنِى مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ قَالَ كَانَتْ لِى أُخْتٌ تُخْطَبُ إِلَىَّ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ حَدَّثَنِى مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ. حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ أُخْتَ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا، فَتَرَكَهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، فَخَطَبَهَا فَأَبَى مَعْقِلٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: روى الترمذي (أن عمر قال: يا رسول الله، هلكت، قال له: لم؟ قال: حولت الرِّحل الليلة) يريد أنه جامع المرأة في قبلها من ورائها. قلت: قد ذكرنا أن لا تزاحم في أسباب النزول. باب قوله: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة:232] 4528 - 4529 - (أبو عامر العقدي) بفتح العين والقاف، اسمه عبد الملك (عباد) بفتح العين وتشديد الباء (معقل بن يسار قال: كانت لي أخت تُخطب إليَّ) يقال: خُطبت إلى فلان إذا طلبت منه أي: بزوجها، وخطبت عليه إذا أرادت أن تُزَوِّجَه (أن أخت معقل بن يسار طلقها زوجها) قيل: كانت عند أبي البراح، واسمها: ليلى، وقيل: فاطمة، وقيل: جُمَيِّل

41 - باب (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا) إلى (بما تعملون خبير)

فَنَزَلَتْ (فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ). أطرافه 5130، 5330، 5331 41 - باب (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا) إِلَى (بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) يَعْفُونَ يَهَبْنَ. 4530 - حَدَّثَنِى أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ حَبِيبٍ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ قُلْتُ لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا) قَالَ قَدْ نَسَخَتْهَا الآيَةُ الأُخْرَى فَلِمَ تَكْتُبُهَا أَوْ تَدَعُهَا قَالَ يَا ابْنَ أَخِى، لاَ أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْهُ مِنْ مَكَانِهِ. طرفه 4536 4531 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا رَوْحٌ حَدَّثَنَا شِبْلٌ عَنِ ابْنِ أَبِى نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا) قَالَ كَانَتْ هَذِهِ الْعِدَّةُ تَعْتَدُّ عِنْدَ أَهْلِ زَوْجِهَا وَاجِبٌ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا ـــــــــــــــــــــــــــــ بضم الجيم وتشديد المثناة مصغر (فلا تعضلوا) من العضل: المنع. وأصله: المشقة، واستدل به الشافعي على أن المرأة لا تزوج نفسها، وإلا لم يكن للعضل فائدة. 4530 - (أمية بن بسطام) بضم الهمزة وكسر الباء (يزيد بن زريع) بضم الزاي مصغر زرع (أبي مليكة) بضم الميم مصغر {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} [البقرة: 240] قد نسختها الآية الأخرى) الناسخة هي التي أوجبت أربعة أشهر وعشرًا (لم تكتبها أو يدعها) شك من الراوي، فهم أن المنسوخة لا تكتب؛ إذ لا يعمل بها، وفي عليه أن ثواب التلاوة باقٍ. 4531 - (إسحاق) كذا وقع غير منسوب، وقد سلف أن ابن منصور وابن راهويه يرويان عن روح (شبل) بكسر المعجمة وباء موحدة (عن ابن أبي نجيح) بفتح النون وكسر

وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ) قَالَ جَعَلَ اللَّهُ لَهَا تَمَامَ السَّنَةِ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً وَصِيَّةً، إِنْ شَاءَتْ سَكَنَتْ فِي وَصِيَّتِهَا، وَإِنْ شَاءَتْ خَرَجَتْ، وَهْوَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى (غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ) فَالْعِدَّةُ كَمَا هِىَ وَاجِبٌ عَلَيْهَا. زَعَمَ ذَلِكَ عَنْ مُجَاهِدٍ. وَقَالَ عَطَاءٌ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ نَسَخَتْ هَذِهِ الآيَةُ عِدَّتَهَا عِنْدَ أَهْلِهَا، فَتَعْتَدُّ حَيْثُ شَاءَتْ، وَهْوَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى (غَيْرَ إِخْرَاجٍ). قَالَ عَطَاءٌ إِنْ شَاءَتِ اعْتَدَّتْ عِنْدَ أَهْلِهِ وَسَكَنَتْ فِي وَصِيَّتِهَا، وَإِنْ شَاءَتْ خَرَجَتْ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ). قَالَ عَطَاءٌ ثُمَّ جَاءَ الْمِيرَاثُ فَنَسَخَ السُّكْنَى فَتَعْتَدُّ حَيْثُ شَاءَتْ، وَلاَ سُكْنَى لَهَا. وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ عَنِ ابْنِ أَبِى نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ بِهَذَا. وَعَنِ ابْنِ أَبِى نَجِيحٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ نَسَخَتْ هَذِهِ الآيَةُ عِدَّتَهَا فِي أَهْلِهَا، فَتَعْتَدُّ حَيْثُ شَاءَتْ لِقَوْلِ اللَّهِ (غَيْرَ إِخْرَاجٍ) نَحْوَهُ. طرفه 5344 4532 - حَدَّثَنَا حِبَّانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ جَلَسْتُ إِلَى مَجْلِسٍ فِيهِ عُظْمٌ مِنَ الأَنْصَارِ وَفِيهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى لَيْلَى، فَذَكَرْتُ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ فِي شَأْنِ سُبَيْعَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَلَكِنَّ عَمَّهُ كَانَ لاَ يَقُولُ ذَلِكَ. فَقُلْتُ إِنِّى لَجَرِئٌ إِنْ كَذَبْتُ عَلَى رَجُلٍ فِي جَانِبِ الْكُوفَةِ. وَرَفَعَ صَوْتَهُ، قَالَ ثُمَّ خَرَجْتُ فَلَقِيتُ مَالِكَ بْنَ عَامِرٍ أَوْ مَالِكَ بْنَ ـــــــــــــــــــــــــــــ الجيم (جعل الله لها تمام السنة وصية) تقدم أنها منسوخة (قال عطاء: ثم جاء الميراث فنسخ السكنى) قال به أبو حنيفة ومالك إذا لم تكن الدار ملكًا للزوج. وقال الشافعي: لها السكنى مطلقًا؛ لأن الآية الناسخة لا يُعرض فيها إلى عدم السكنى. 4532 - (حبان) بكسر الحاء بعدها موحدة هو ابن موسى (ابن عون) بفتح العين آخره نون (جلست إلى مجلس فيه عُظم من الأنصار) قال الجوهري: بضم العين هو أكثر الشيء. قلت: وفي الحديث يراد به الكثرة، أي: جمع كثير (ذكرت حديث عبد الله بن عتبة في شأن سبيعة بنت الحارث) بضم السين وفتح الباء حديثها في العدة، كانت تحت سعد بن خولة، توفي عنها في حجة الوداع وهي حامل، فوضعت بعد ليال، فأذن لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الزواج (ولكن عمه كان لا يقول ذلك) عمه عبد الله بن مسعود، وهذا الذي قاله ابن أبي ليلى

42 - باب (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى)

عَوْفٍ قُلْتُ كَيْفَ كَانَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَهْىَ حَامِلٌ فَقَالَ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ أَتَجْعَلُونَ عَلَيْهَا التَّغْلِيظَ، وَلاَ تَجْعَلُونَ لَهَا الرُّخْصَةَ لَنَزَلَتْ سُورَةُ النِّسَاءِ الْقُصْرَى بَعْدَ الطُّولَى. وَقَالَ أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدٍ لَقِيتُ أَبَا عَطِيَّةَ مَالِكَ بْنَ عَامِرٍ. طرفه 4910 42 - باب (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى) 4533 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ هِشَامٌ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ «حَبَسُونَا عَنْ صَلاَةِ الْوُسْطَى حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ مَلأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ أَوْ أَجْوَافَهُمْ - شَكَّ يَحْيَى - نَارًا». طرفه 2931 ـــــــــــــــــــــــــــــ بناء على عدم سماعه، وإلا فهو مذهب ابن مسعود؛ لقوله: ([أولا] أتجعلون لها الرخصة) يريد به أنه لو طال مدة الحمل يجعلون العدة بوضع الحمل، وإذا قصر لا يجعلون، وإليه أشار بالرخصة لا مصطلح الفقهاء (لنزلت سورة النساء القصرى بعد الطولى) اللام جواب القسم. وسورة النساء القصرى سورة الطلاق، والكبرى سورة البقرة، وفي سورة الطلاق: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4] فهي ناسخة لآية البقرة فيما تتناولاه. باب قوله: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 239] 4533 - (عن عبيدة) بفتح العين، وكسر الموحدة السلماني التابعي الجليل (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال يوم الخندق: حبسونا عن الصلاة الوسطى) وفي نسخ "البخاري": صلاة الوسطى هي العصر. وفي رواية أنها الظهر، رواه مالك في "الموطأ"، وروى عن علي أنها صلاة الصبح، قال مالك: وقول علي وابن عباس أحب إليّ.

43 - باب (وقوموا لله قانتين) مطيعين

43 - باب (وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ) مُطِيعِينَ 4534 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِى خَالِدٍ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ شُبَيْلٍ عَنْ أَبِى عَمْرٍو الشَّيْبَانِىِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصَّلاَةِ يُكَلِّمُ أَحَدُنَا أَخَاهُ فِي حَاجَتِهِ حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ) فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ. طرفه 1200 44 - باب قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ (فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ) وَقَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ (كُرْسِيُّهُ) عِلْمُهُ يُقَالُ (بَسْطَةً) زِيَادَةً وَفَضْلاً (أَفْرِغْ) أَنْزِلْ (وَلاَ يَئُودُهُ) لاَ يُثْقِلُهُ. آدَنِى أَثْقَلَنِى. وَالآدُ وَالأَيْدُ الْقُوَّةُ، السِّنَةُ نُعَاسٌ. (يَتَسَنَّهْ) يَتَغَيَّرْ. (فَبُهِتَ) ذَهَبَتْ حُجَّتُهُ. (خَاوِيَةٌ) لاَ أَنِيسَ فِيهَا. عُرُوشُهَا أَبْنِيَتُهَا. نُنْشِرُهَا نُخْرِجُهَا ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: روى مالك في "الموطأ" عن عائشة أنها أمرت مولاها يونس بكتابة مصحف فقالت: إذا بلغت هذه الآية فآذني، قال: فآذنتها فقالت: حافظوا الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر، ومثله روي عن حفصة أم المؤمنين؟ قلت: تلك الأحاديث في "الموطأ" موقوفة لا تعادل ما في "البخاري"، وما في "البخاري" مرفوع، وليس في "الموطأ" هذا الحديث، والاختلاف من الصحابة ومن بعدهم كثير في هذه المسألة. نقل الدمياطي فيها سبعة عشر قولًا، والعمدة على ما أشرنا. باب: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 239] فسره بمطيعين وثانيًا بالسكوت؛ لأنهم كانوا يتكلمون بالصلاة فأمروا بالسكوت، قال ابن الأثير: القنوت يرد لمعان: الطاعة، والخشوع، والصلاة، والدعاء، والعبادة، وطول القيام، والسكوت، فيعرف في كل موضع على ما يلائمه. وقال الجوهري: أصله الطاعة، وهذا أحسن؛ لأن الأصل عدم الاشتراك، إلا أن في الآية أريد به السكوت؛ لأنه سبب النزول {أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا} [البقرة: 250] أنزل) أي: في أصل المعنى، والأول أخص (والآد والأيد القوة) ذكر لمناسبة يؤوده، وإلا فالأول وادي، والأيد ياتي.

45 - باب (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا)

(إِعْصَارٌ) رِيحٌ عَاصِفٌ تَهُبُّ مِنَ الأَرْضِ إِلَى السَّمَاءِ كَعَمُودٍ فِيهِ نَارٌ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (صَلْدًا) لَيْسَ عَلَيْهِ شَىْءٌ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ (وَابِلٌ) مَطَرٌ شَدِيدٌ. الطَّلُّ النَّدَى، وَهَذَا مَثَلُ عَمَلِ الْمُؤْمِنِ. (يَتَسَنَّهْ) يَتَغَيَّرْ. 4535 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - كَانَ إِذَا سُئِلَ عَنْ صَلاَةِ الْخَوْفِ قَالَ يَتَقَدَّمُ الإِمَامُ وَطَائِفَةٌ مِنَ النَّاسِ فَيُصَلِّى بِهِمِ الإِمَامُ رَكْعَةً، وَتَكُونُ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْعَدُوِّ لَمْ يُصَلُّوا، فَإِذَا صَلَّوُا الَّذِينَ مَعَهُ رَكْعَةً اسْتَأْخَرُوا مَكَانَ الَّذِينَ لَمْ يُصَلُّوا وَلاَ يُسَلِّمُونَ، وَيَتَقَدَّمُ الَّذِينَ لَمْ يُصَلُّوا فَيُصَلُّونَ مَعَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ يَنْصَرِفُ الإِمَامُ وَقَدْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَيَقُومُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ فَيُصَلُّونَ لأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً بَعْدَ أَنْ يَنْصَرِفَ الإِمَامُ، فَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ قَدْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَإِنْ كَانَ خَوْفٌ هُوَ أَشَدَّ مِنْ ذَلِكَ صَلَّوْا رِجَالاً، قِيَامًا عَلَى أَقْدَامِهِمْ، أَوْ رُكْبَانًا مُسْتَقْبِلِى الْقِبْلَةِ أَوْ غَيْرَ مُسْتَقْبِلِيهَا. قَالَ مَالِكٌ قَالَ نَافِعٌ لاَ أُرَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ذَكَرَ ذَلِكَ إِلاَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 942 45 - باب (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا) 4536 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى الأَسْوَدِ حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ الأَسْوَدِ وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالاَ حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ الشَّهِيدِ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ قَالَ قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ قُلْتُ لِعُثْمَانَ هَذِهِ الآيَةُ الَّتِى فِي الْبَقَرَةِ (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا) إِلَى قَوْلِهِ (غَيْرَ إِخْرَاجٍ) قَدْ نَسَخَتْهَا الأُخْرَى، فَلِمَ تَكْتُبُهَا قَالَ تَدَعُهَا. يَا ابْنَ أَخِى لاَ أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْهُ مِنْ مَكَانِهِ. قَالَ حُمَيْدٌ أَوْ نَحْوَ هَذَا. طرفه 4530 ـــــــــــــــــــــــــــــ 4535 - 4536 - وحديث صلاة الخوف تقدم في أبواب الصلاة مستوفى. وكذا حديث ابن الزبير (قلت لعثمان: إن {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ} [البقرة: 240] نسختها الآية الأخرى) تقدم آنفًا (زريع) مصغر زرع (مليكة) بضم الميم مصغر وكذا (حميد).

46 - باب (وإذ قال إبراهيم رب أرنى كيف تحيى الموتى)

46 - باب (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِى كَيْفَ تُحْيِى الْمَوْتَى) فصرهن: قطعهن. 4537 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ وَسَعِيدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ (رَبِّ أَرِنِى كَيْفَ تُحْيِى الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِى) طرفه 3372 47 - باب قَوْلِهِ (أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ) إِلَى قَوْلِهِ (تَتَفَكَّرُونَ) 4538 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِى مُلَيْكَةَ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ وَسَمِعْتُ أَخَاهُ أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِى مُلَيْكَةَ يُحَدِّثُ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ قَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه - يَوْمًا لأَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِيمَ تَرَوْنَ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ (أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ) قَالُوا اللَّهُ أَعْلَمُ. فَغَضِبَ عُمَرُ فَقَالَ قُولُوا نَعْلَمُ أَوْ لاَ نَعْلَمُ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي نَفْسِى مِنْهَا شَىْءٌ يَا أَمِيرَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى} [البقرة: 260] 4537 - (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نحن أحق بالشك من إبراهيم) قالها تواضعًا؛ لأنه أبوه وقدوة الموحدين، وإلا هو أفضل منه ومعناه: أن لو كان ذلك شكًّا، وإلا فقول إبراهيم: {بَلَى} في جواب قوله تعالى: {أَوَلَمْ تُؤْمِنْ} دافع للشك قال بعضهم: كان شكه في الكيفية وليس بشيء؛ لأنه إن أريد كيفية ما بناءً على أن الفعل لا يخلو عن كيفية فهو معلوم، وإن أريد الكيفية التي وقعت في الخارج فهي مجهولة لا مشكوكة، ثم قال: أو لم يرد نفسه، كأنه قال: نحن أيها الأمة أحق وهذا أيضًا غلط؛ لأن نحن مبتدأ وأحق خبره، فهو داخل فيه [لا] محالة. باب قوله: {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ} [البقرة:266] 4538 - (ابن جريج) بضم الجيم مصغر وكذا (أبو مليكة) وكذا (عبيد بن عمير) (فيم ترون هذه الآية نزلت) بضم التاء بمعنى الظن كذا الرواية، ولكن قول عمر (فقولوا نعلم أو لا نعلم) يناسب فتح التاء لكونه بمعنى العلم.

48 - باب (لا يسألون الناس إلحافا)

الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ عُمَرُ يَا ابْنَ أَخِى قُلْ وَلاَ تَحْقِرْ نَفْسَكَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ضُرِبَتْ مَثَلاً لِعَمَلٍ. قَالَ عُمَرُ أَىُّ عَمَلٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِعَمَلٍ. قَالَ عُمَرُ لِرَجُلٍ غَنِىٍّ يَعْمَلُ بِطَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ بَعَثَ اللَّهُ لَهُ الشَّيْطَانَ فَعَمِلَ بِالْمَعَاصِى حَتَّى أَغْرَقَ أَعْمَالَهُ. (فَصُرْهُنَّ) قَطِّعْهُنَّ. 48 - باب (لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا) يُقَالُ أَلْحَفَ عَلَىَّ وَأَلَحَّ عَلَىَّ، وَأَحْفَانِى بِالْمَسْأَلَةِ، (فَيُحْفِكُمْ) يُجْهِدْكُمْ. 4539 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنِى شَرِيكُ بْنُ أَبِى نَمِرٍ أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِى عَمْرَةَ الأَنْصَارِىَّ قَالاَ سَمِعْنَا أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَيْسَ الْمِسْكِينُ الَّذِى تَرُدُّهُ التَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ وَلاَ اللُّقْمَةُ وَلاَ اللُّقْمَتَانِ. إِنَّمَا الْمِسْكِينُ الَّذِى يَتَعَفَّفُ وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ يَعْنِى قَوْلَهُ (لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا). طرفه 1476 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: لم غضب عمر ودأب الصحابة إحالة العلم إلى الله ورسوله في مثله؟ قلت: ذلك مع رسول الله؛ لأن الوقائع تجدد معه وحيًّا وغرص عمر معرفة ما عندهم من العلم. (أغرق أعماله بالمعاصي) أي: أعماله المتعلقة بالبر، فإن الكلام في المعنى خاصة فلا دليل فيه لأهل الاعتزال أن الكبيرة محبطة للعمل، وأيضًا إغراق العمل بالمعاصي لا يؤخذ مع الإيمان. باب: {لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} [لبقرة: 273] أي: مُلحِّين في السؤال، مأخوذ من اللحاف؛ لأنه يبالغ في السؤال حتى يقصد أخذ اللحاف، وقيل: يشمل الناس بالسؤال شمول اللحاف، وقيل: لا يسأل الناس رأسًا. كقول الشاعر: ...... أي: لا صب ولا ..... وهذا هو الوجه. 4539 - (إنما المسكين الذي يتعفف) واستدل عليه بهذه الآية.

49 - باب (وأحل الله البيع وحرم الربا)

49 - باب (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) الْمَسُّ الْجُنُونُ. 4540 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ لَمَّا نَزَلَتِ الآيَاتُ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي الرِّبَا قَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى النَّاسِ، ثُمَّ حَرَّمَ التِّجَارَةَ فِي الْخَمْرِ. طرفه 459 50 - باب (يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا) يُذْهِبُهُ 4541 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ سَمِعْتُ أَبَا الضُّحَى يُحَدِّثُ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ لَمَّا أُنْزِلَتِ الآيَاتُ الأَوَاخِرُ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَتَلاَهُنَّ فِي الْمَسْجِدِ، فَحَرَّمَ التِّجَارَةَ فِي الْخَمْرِ. طرفه 459 51 - باب (فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ) فَاعْلَمُوا 4542 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَمَّا أُنْزِلَتِ الآيَاتُ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ قَرَأَهُنَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْمَسْجِدِ، وَحَرَّمَ التِّجَارَةَ فِي الْخَمْرِ. طرفه 459 52 - باب (وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ) (وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) 4543 - وَقَالَ لَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ وَالأَعْمَشِ عَنْ أَبِى الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: قوله: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275] 4540 - (غياث) بكسر الغين آخرها ثاء مثلثة. 4541 - (بشر) بكسر الموحدة وشين معجمة. 4542 - 4543 - (بشار) بفتح الباء الموحدة وتشديد الشين (عن أبي الضحى) مسلم بن

53 - باب (واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله)

لَمَّا أُنْزِلَتِ الآيَاتُ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَرَأَهُنَّ عَلَيْنَا، ثُمَّ حَرَّمَ التِّجَارَةَ فِي الْخَمْرِ. طرفه 459 53 - باب (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ) 4544 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَاصِمٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - آيَةُ الرِّبَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ صبيح (لما أنزلت الآيات من آخر سورة البقرة قام وسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقرأهن علينا، ثم حرم التجارة في الخمر). فإن قلت: لم يورد ما يدل على حرمة الربا، والحال أنه وضع الباب له، وأورد حديث تحريم الخمر في باب حرمة الربا؟ قلت: أشار بذلك إلى بيان وقت حرمة الخمر، وأن تحريمهما كان في وقت واحد. وأما أحاديث حرمة الربا فقد سلف في أبواب البيع فلم يعدها، وأما تحريم التجارة في الخمر، فكان بعد تحريم الخمر بمدة، كذا أفاده شيخنا، وعندي فيه نظر لما تقدم من حديث أنس لما حرم شربها أراقوا كل خمر حتى جرت في الأزقة، وحديث الذي أهدى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - زقًّا من الخمر فقال: "حرم شربها" فقال: أبيعها فقال: "إن الذي حرم شربها حرم بيعها". باب: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} [البقرة: 281] 4544 - روى النسائي عن ابن عباس أن هذه الآية آخر آية أنزلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عاش بعدها واحدًا وثلاثين يومًا. وعن سعيد بن جبير تسع ليالٍ، وسيأتي في آخر سورة النساء آخر آية {يَسْتَفْتُونَكَ} [النساء: 176] وهنا روى أن آخر آية نزلت آية الربا؟ قلت: الوجه في الجمع والله أعلم أن قوله: {وَاتَّقُوا يَوْمًا} آخر آية نزلت على الإطلاق، وآخر آية في الأحكام آية الربا، وآخر آية في المواريث آخر النساء، لكن ترجمة البخاري على هذه الآية، ثم روايته عن ابن عباس أن آخر آية نزلت آية الربا يدل على أنه جعل هذه الآية من تتمة الربا ونزولها مع نزولها بذلك.

54 - باب (وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شئ قدير)

54 - باب (وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ) 4545 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا النُّفَيْلِىُّ حَدَّثَنَا مِسْكِينٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ مَرْوَانَ الأَصْفَرِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ ابْنُ عُمَرَ أَنَّهَا قَدْ نُسِخَتْ (وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ) الآيَةَ. طرفه 4546 55 - باب (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ) وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (إِصْرًا) عَهْدًا. وَيُقَالُ (غُفْرَانَكَ) مَغْفِرَتَكَ، فَاغْفِرْ لَنَا. 4546 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا رَوْحٌ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ مَرْوَانَ الأَصْفَرِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ أَحْسِبُهُ ابْنَ عُمَرَ - (إِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ) قَالَ نَسَخَتْهَا الآيَةُ الَّتِى بَعْدَهَا. طرفه 4545 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ} [البقرة:284] 4545 - (محمد) كذا وقع غير منسوب، قال أبو نصر: هو محمد بن يحيى الدهلي وقيل: هو البوشخي، قال ابن البيع: هذا الحديث إملاء البوشنجي بنيسابور (النفيلي) بضم النون بعده فاء مصغر هو أبو جعفر عبد الله نسبة إلى جده ليس له ولا لشيخه في "البخاري" إلا هذا الحديث (عن [رجل] من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو ابن عمر). فإن قلت: لم أبهم أولًا، ثم فسره وهلا قال: ابن عمر ابتداء؟ قلت: قيل: لعل هذا من الراوي عن مروان، وليس كذلك بل هو من مروان، فإنه قال في الحديث بعده عن رجل أحسبه ابن عمر، ظنّ أولًا ثم تذكر، وكان الظاهر تأخره عن أحسب، إلا أن دأب البخاري هكذا. 4546 - (إسحاق) كذا وقع غير منسوب، وقد أشرنا أن الراوي عن روح يجوز أن يكون ابن منصور، وأن يكون ابن راهويه (عن خالد الحذاء) بتشديد الذال المعجمة والمدّ ({وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} [البقرة: 284] نسختها الآية التي بعدها) وقيل:

3 - سورة آل عمران

3 - سورة آلِ عِمْرَانَ تُقَاةٌ وَتَقِيَّةٌ وَاحِدَةٌ (صِرٌّ) بَرْدٌ (شَفَا حُفْرَةٍ) مِثْلُ شَفَا الرَّكِيَّةِ، وَهْوَ حَرْفُهَا (تُبَوِّئُ) تَتَّخِذُ مُعَسْكَرًا، الْمُسَوَّمُ الَّذِى لَهُ سِيمَاءٌ بِعَلاَمَةٍ أَوْ بِصُوفَةٍ أَوْ بِمَا كَانَ (رِبِّيُّونَ) الْجَمِيعُ، وَالْوَاحِدُ رِبِّىٌّ (تَحُسُّونَهُمْ) تَسْتَأْصِلُونَهُمْ قَتْلاً. (غُزًّا) وَاحِدُهَا غَازٍ (سَنَكْتُبُ) سَنَحْفَظُ (نُزُلاً) ثَوَابًا، وَيَجُوزُ وَمُنْزَلٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ كَقَوْلِكَ أَنْزَلْتُهُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: وَالْخَيْلُ الْمُسَوَّمَةُ الْمُطَهَّمَةُ الْحِسَانُ. قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى الرَّاعِيَةُ الْمُسَوَّمَةُ. وَقَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ (وَحَصُورًا) لاَ يَأْتِى النِّسَاءَ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ (مِنْ فَوْرِهِمْ) مِنْ غَضَبِهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ (يُخْرِجُ الْحَىَّ) النُّطْفَةُ تَخْرُجُ مَيِّتَةً وَيُخْرِجُ مِنْهَا الْحَىَّ. الإِبْكَارُ أَوَّلُ الْفَجْرِ، وَالْعَشِىُّ مَيْلُ الشَّمْسِ - أُرَاهُ - إِلَى أَنْ تَغْرُبَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ غير منسوخة لأنها حجة على من أنكر الحساب. والصواب ما في البخاري، وزاد في رواية مسلم: لما نزلت ضَجَّ المسلمون فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أتقولون كما قال أهل الكتاب سمعنا وعصينا، قولوا: سمعنا وأطعنا" ولما فعلوا نسخها الله: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286]. وأشكل النسخ بأن لا يدخل الخبر، وهذا وهم، فإن ذلك في خبر لا يشمل على حكم كالقصص، وأما الذي يدل على حكم يجوز نسخه كقوله: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)} [الكافرون: 6] وكما نسخ التوارث بين المهاجرين والأنصار [بقوله تعالى]: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} [الأنفال: 75] وأجاب بعضهم بأنه تخصيص لا نسخ وفيه نظر؛ لأن التخصيص إخراج بعض ما يتناوله لفظ عام من الحكم، ومعلوم أن ما في الآية ليس كذلك. سورة آل عمران (الركيّة) على وزن الوصية البئر (معسكر) بفتح الكاف اسم مكان ({تَحُسُّونَهُمْ} [آل عمران: 6] تستأصلونهم) من حسَّ الكلأ: قلعه من أصله (المطهمة) بفتح الطاء والهاء المشددة: تامة الخلق. وقيل: ما حسن من كل شيء فهو مطهم.

1 - باب (منه آيات محكمات)

1 - باب (مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ) وَقَالَ مُجَاهِدٌ الْحَلاَلُ وَالْحَرَامُ. (وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ) يُصَدِّقُ بَعْضُهُ بَعْضًا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى (وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ) وَكَقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ (وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ) وَكَقَوْلِهِ (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى) (زَيْغٌ) شَكٌّ (ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ) الْمُشْتَبِهَاتِ (وَالرَّاسِخُونَ) يَعْلَمُونَ (يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ). 4547 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التُّسْتَرِىُّ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ تَلاَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - هَذِهِ الآيَةَ (هُوَ الَّذِى أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ) إِلَى قَوْلِهِ (أُولُو الأَلْبَابِ) قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «فَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ، فَأُولَئِكَ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ، فَاحْذَرُوهُمْ». ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ} [آل عمران: 7] مصونات عن كل احتمال ({وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} [آل عمران: 7] يصدق بعضه بعضًا) المشهور أن المتشابه في مقابلة المحكم ما لا يمكن إدراكه للبشر، أو يعسر ويخصّ به الراسخون، قولان عن السلف والخلف ({وَالرَّاسِخُونَ} يعلمون) طريق الأشعرية. 4547 - (التستري) بضم التاء وسين مهملة بعدها تاء بلدة بكوزة خوز بضم الخاء آخره زاي معجمة (ابن أبي مليكة) بضم الميم مصغّر اسمه: عبد الله (إذا رأيتِ الذين يتبعون ما تشابه) بكسر التاء، الخطاب لعائشة، ثم عمم الخطاب بقوله: (فاحذروهم). فإن قلت: قد ذكرت أن معرفة المتشابه مذهب الخلف، فكيف يصح مع هذا؟ قلت: الخلف يحمل المتشابه على ما يوافق أصول الشريعة، وهؤلاء يتبعون ظاهره، فبين الفريقين بون بعيد.

2 - باب (وإنى أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم)

2 - باب (وَإِنِّى أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) 4548 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلاَّ وَالشَّيْطَانُ يَمَسُّهُ حِينَ يُولَدُ، فَيَسْتَهِلُّ صَارِخًا مِنْ مَسِّ الشَّيْطَانِ إِيَّاهُ، إِلاَّ مَرْيَمَ وَابْنَهَا». ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ (وَإِنِّى أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ). طرفه 3286 3 - باب (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً أُولَئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ) لاَ خَيْرَ. (أَلِيمٌ) مُؤْلِمٌ مُوجِعٌ مِنَ الأَلَمِ، وَهْوَ فِي مَوْضِعِ مُفْعِلٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [آل عمران: 36] 4548 - (معمر) بفتح الميم وسكون العين (ما من مولود يولد إلا والشيطان يمسّه) وفي رواية: ينخسه، وقد تقدم بلفظ الطعن، والمعنى واحد (إلا مريم وابنها) قد سلف الكلام عليه في المناقب، وقد أشرنا هناك أنه لا يلزم منه تفضيل عيسى مطلقًا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألا ترى أن أمه تشاركة فيه. فإن قلت: ما غرض إبليس من هذا المس؟ قلت: يلوثه، طمعًا في إغوائه بل تارةً وتارةً، قال شيخنا: يجعله علامة على من تمكن من إغوائه وفيه نظر؛ لأنه لا يُمَكَّن به من الأنبياء المعصومين، وتوقف صاحب "الكشاف" في صحة الحديث قال: وعلى تقدير صحته لا مسَّ هناك حقيقة، وهذا توهم فاسد وصرف اللفظ عن ظاهره من غير ضرورة والتعويل على ما شيدنا أركانه، وأما صحة الحديث بعد رواية البخاري لا يتوقف فيه متدين. باب: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ} [آل عمران: 77] (مؤلم موجع من الألم وهو في موضع مُفْعِل) بضم الميم وكسر العين، وهذا كثير في الكلام كالسميع بمعنى المسمع، والبديع بمعنى المبدع.

4549، 4550 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ حَلَفَ يَمِينَ صَبْرٍ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، لَقِىَ اللَّهَ وَهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ». فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَ ذَلِكَ (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً أُولَئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ) إِلَى آخِرِ الآيَةِ. قَالَ فَدَخَلَ الأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ وَقَالَ مَا يُحَدِّثُكُمْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ قُلْنَا كَذَا وَكَذَا. قَالَ فِىَّ أُنْزِلَتْ كَانَتْ لِى بِئْرٌ فِي أَرْضِ ابْنِ عَمٍّ لِى قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «بَيِّنَتُكَ أَوْ يَمِينُهُ» فَقُلْتُ إِذًا يَحْلِفَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ وَهْوَ فِيهَا فَاجِرٌ، لَقِىَ اللَّهَ وَهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانٌ». طرفه 2356 4551 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ - هُوَ ابْنُ أَبِى هَاشِمٍ - سَمِعَ هُشَيْمًا أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى أَوْفَى - رضى الله عنهما - أَنَّ رَجُلاً أَقَامَ سِلْعَةً فِي السُّوقِ فَحَلَفَ فِيهَا لَقَدْ أَعْطَى بِهَا مَا لَمْ يُعْطَهُ. لِيُوقِعَ فِيهَا رَجُلاً مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَنَزَلَتْ (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً) إِلَى آخِرِ الآيَةِ. طرفه 2088 ـــــــــــــــــــــــــــــ 4549 - 4550 - (منهال) بكسر الميم (أبو عوانة) بفتح العين الوضاح (عن أبي وائل) شقيق بن سلمة (من حلف يمين صبرٍ) الصبر لغة: الحبس، ومعناه اليمين الَّذي ألزمه عليها القاضي وحكم (ليقتطع بها مال امرئٍ مسلم) هذا القيد باعتبار الغالب (لقي الله وهو عليه غضبان) أي: منتقمًا منه، أو مريدًا للانتقام. (الأشعث) آخره ثاء مثلثة. 4551 - (هُشيم) بضم الهاء مصغر (العوَّام) بتشديد الواو (حوشب) بفتح الحاء وواو ساكنة وشين (ابن أبي أوفى) بفتح الهمزة (أن رجلًا أقام سلعة في السوق) أي قومها (فحلف لقد أعطى بها ما لم يعطه فنزلت {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 77]. فإن قلت: ذكر في الحديث الأول أنها نزلت في الأشعث بن قيس، وهنا في صاحب السلعة، قلت: ذكرنا مرارًا أن لا تزاحم في الأسباب يجوز نزولها فيهما، وما يقال ربما لم يبلغ الآية ابن أبي أوفى إلا عند إقامة السلعة في السوق، فظن أنها فيه نزلت مما لا يلتفت إليه، كيف وقد جزم بأنها نزلت فيه من غير تردد وهم، وقد ذكرنا في أول التفسير أن أسباب النزول لا مجال للرأي فيها.

4 - باب (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله) سواء قصد

4552 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِىِّ بْنِ نَصْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ أَنَّ امْرَأَتَيْنِ كَانَتَا تَخْرِزَانِ فِي بَيْتٍ - أَوْ فِي الْحُجْرَةِ - فَخَرَجَتْ إِحْدَاهُمَا وَقَدْ أُنْفِذَ بِإِشْفًى فِي كَفِّهَا، فَادَّعَتْ عَلَى الأُخْرَى، فَرُفِعَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لَذَهَبَ دِمَاءُ قَوْمٍ وَأَمْوَالُهُمْ». ذَكِّرُوهَا بِاللَّهِ وَاقْرَءُوا عَلَيْهَا (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ). فَذَكَّرُوهَا فَاعْتَرَفَتْ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ». طرفه 2514 4 - باب (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَنْ لاَ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ) سَوَاءٌ قَصْدٌ 4553 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى عَنْ هِشَامٍ عَنْ مَعْمَرٍ. وَحَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو سُفْيَانَ مِنْ فِيهِ إِلَى فِىَّ قَالَ انْطَلَقْتُ فِي الْمُدَّةِ الَّتِى كَانَتْ بَيْنِى وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ - فَبَيْنَا أَنَا بِالشَّأْمِ إِذْ جِئَ بِكِتَابٍ مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى هِرَقْلَ قَالَ وَكَانَ دِحْيَةُ الْكَلْبِىُّ جَاءَ بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ 4552 - (نصر بن علي) بصاد مهملة (عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة) بتصغير الاسمين (أن امرأتين كانتا تخرزان في بيت أو في حجرةً فخرجت إحداهما وقد أنفذ بأشفى في كفها فادعت على الأخرى) الخرز الخاء معجمة وراء مهملة بعدها زاي معجمة في الجلد كالخياطة في الثوب. وقوله: فخرجت إحداهما، بالخاء من الخروج، وفي رواية الأصيلي: جرحت، من الجرح، وأنفذ: بالذال المعجمة على بناء المجهول، وأشفى بفتح الهمزة على وزن أوحى آلة للإسكافة معروفة يخرز بها الجلد. باب قوله: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} [آل عمران: 64] 4553 - روى حديث أبي سفيان مع هرقل لما ذهب إليه دحية بكتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد سلف مع شرحه في صدر الكتاب وبعده، فلا نعيده.

فَدَفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى، فَدَفَعَهُ عَظِيمُ بُصْرَى إِلَى - هِرَقْلَ - قَالَ فَقَالَ هِرَقْلُ هَلْ هَا هُنَا أَحَدٌ مِنْ قَوْمِ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِى يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِىٌّ فَقَالُوا نَعَمْ. قَالَ فَدُعِيتُ فِي نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَدَخَلْنَا عَلَى هِرَقْلَ، فَأُجْلِسْنَا بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ أَيُّكُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا مِنْ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِى يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِىٌّ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ فَقُلْتُ أَنَا. فَأَجْلَسُونِى بَيْنَ يَدَيْهِ، وَأَجْلَسُوا أَصْحَابِى خَلْفِى، ثُمَّ دَعَا بِتُرْجُمَانِهِ فَقَالَ قُلْ لَهُمْ إِنِّى سَائِلٌ هَذَا عَنْ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِى يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِىٌّ، فَإِنْ كَذَبَنِى فَكَذِّبُوهُ. قَالَ أَبُو سُفْيَانَ وَايْمُ اللَّهِ، لَوْلاَ أَنْ يُؤْثِرُوا عَلَىَّ الْكَذِبَ لَكَذَبْتُ. ثُمَّ قَالَ لِتُرْجُمَانِهِ سَلْهُ كَيْفَ حَسَبُهُ فِيكُمْ قَالَ قُلْتُ هُوَ فِينَا ذُو حَسَبٍ. قَالَ فَهَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مَلِكٌ قَالَ قُلْتُ لاَ. قَالَ فَهَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ قُلْتُ لاَ. قَالَ أَيَتَّبِعُهُ أَشْرَافُ النَّاسِ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ قَالَ قُلْتُ بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ. قَالَ يَزِيدُونَ أَوْ يَنْقُصُونَ قَالَ قُلْتُ لاَ بَلْ يَزِيدُونَ. قَالَ هَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ دِينِهِ، بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ، سَخْطَةً لَهُ قَالَ قُلْتُ لاَ. قَالَ فَهَلْ قَاتَلْتُمُوهُ قَالَ قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ فَكَيْفَ كَانَ قِتَالُكُمْ إِيَّاهُ قَالَ قُلْتُ تَكُونُ الْحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ سِجَالاً، يُصِيبُ مِنَّا وَنُصِيبُ مِنْهُ. قَالَ فَهَلْ يَغْدِرُ قَالَ قُلْتُ لاَ وَنَحْنُ مِنْهُ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ لاَ نَدْرِى مَا هُوَ صَانِعٌ فِيهَا. قَالَ وَاللَّهِ مَا أَمْكَنَنِى مِنْ كَلِمَةٍ أُدْخِلُ فِيهَا شَيْئًا غَيْرَ هَذِهِ. قَالَ فَهَلْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ أَحَدٌ قَبْلَهُ قُلْتُ لاَ. ثُمَّ قَالَ لِتُرْجُمَانِهِ قُلْ لَهُ إِنِّى سَأَلْتُكَ عَنْ حَسَبِهِ فِيكُمْ، فَزَعَمْتَ أَنَّهُ فِيكُمْ ذُو حَسَبٍ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِي أَحْسَابِ قَوْمِهَا، وَسَأَلْتُكَ هَلْ كَانَ فِي آبَائِهِ مَلِكٌ فَزَعَمْتَ أَنْ لاَ فَقُلْتُ لَوْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مَلِكٌ قُلْتُ رَجُلٌ يَطْلُبُ مُلْكَ آبَائِهِ، وَسَأَلْتُكَ عَنْ أَتْبَاعِهِ أَضُعَفَاؤُهُمْ أَمْ أَشْرَافُهُمْ فَقُلْتَ بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ، وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ فَزَعَمْتَ أَنْ لاَ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَدَعَ الْكَذِبَ عَلَى النَّاسِ ثُمَّ يَذْهَبَ فَيَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ دِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ سَخْطَةً لَهُ فَزَعَمْتَ أَنْ لاَ، وَكَذَلِكَ الإِيمَانُ إِذَا خَالَطَ بَشَاشَةَ الْقُلُوبِ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ فَزَعَمْتَ أَنَّهُمْ يَزِيدُونَ، وَكَذَلِكَ الإِيمَانُ حَتَّى يَتِمَّ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ قَاتَلْتُمُوهُ فَزَعَمْتَ أَنَّكُمْ قَاتَلْتُمُوهُ فَتَكُونُ الْحَرْبُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ سِجَالاً، يَنَالُ مِنْكُمْ وَتَنَالُونَ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْتَلَى، ثُمَّ تَكُونُ لَهُمُ الْعَاقِبَةُ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَغْدِرُ

5 - باب (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) إلى (به عليم)

فَزَعَمْتَ أَنَّهُ لاَ يَغْدِرُ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لاَ تَغْدِرُ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ قَالَ أَحَدٌ هَذَا الْقَوْلَ قَبْلَهُ فَزَعَمْتَ أَنْ لاَ، فَقُلْتُ لَوْ كَانَ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ أَحَدٌ قَبْلَهُ قُلْتُ رَجُلٌ ائْتَمَّ بِقَوْلٍ قِيلَ قَبْلَهُ. قَالَ ثُمَّ قَالَ بِمَ يَأْمُرُكُمْ قَالَ قُلْتُ يَأْمُرُنَا بِالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّلَةِ وَالْعَفَافِ. قَالَ إِنْ يَكُ مَا تَقُولُ فِيهِ حَقًّا فَإِنَّهُ نَبِىٌّ، وَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارِجٌ، وَلَمْ أَكُ أَظُنُّهُ مِنْكُمْ، وَلَوْ أَنِّى أَعْلَمُ أَنِّى أَخْلُصُ إِلَيْهِ لأَحْبَبْتُ لِقَاءَهُ، وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ عَنْ قَدَمَيْهِ، وَلَيَبْلُغَنَّ مُلْكُهُ مَا تَحْتَ قَدَمَىَّ. قَالَ ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَرَأَهُ، فَإِذَا فِيهِ «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ، سَلاَمٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى، أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّى أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الإِسْلاَمِ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ، وَأَسْلِمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ، فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الأَرِيسِيِّينَ، وَ (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَنْ لاَ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ) إِلَى قَوْلِهِ (اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ). فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الْكِتَابِ ارْتَفَعَتِ الأَصْوَاتُ عِنْدَهُ، وَكَثُرَ اللَّغَطُ، وَأُمِرَ بِنَا فَأُخْرِجْنَا قَالَ فَقُلْتُ لأَصْحَابِى حِينَ خَرَجْنَا لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ ابْنِ أَبِى كَبْشَةَ، أَنَّهُ لَيَخَافُهُ مَلِكُ بَنِى الأَصْفَرِ فَمَا زِلْتُ مُوقِنًا بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ سَيَظْهَرُ حَتَّى أَدْخَلَ اللَّهُ عَلَىَّ الإِسْلاَمَ. قَالَ الزُّهْرِىُّ فَدَعَا هِرَقْلُ عُظَمَاءَ الرُّومِ فَجَمَعَهُمْ فِي دَارٍ لَهُ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الرُّومِ، هَلْ لَكُمْ فِي الْفَلاَحِ وَالرَّشَدِ آخِرَ الأَبَدِ، وَأَنْ يَثْبُتَ لَكُمْ مُلْكُكُمْ قَالَ فَحَاصُوا حَيْصَةَ حُمُرِ الْوَحْشِ إِلَى الأَبْوَابِ، فَوَجَدُوهَا قَدْ غُلِقَتْ، فَقَالَ عَلَىَّ بِهِمْ. فَدَعَا بِهِمْ فَقَالَ إِنِّى إِنَّمَا اخْتَبَرْتُ شِدَّتَكُمْ عَلَى دِينِكُمْ، فَقَدْ رَأَيْتُ مِنْكُمُ الَّذِى أَحْبَبْتُ. فَسَجَدُوا لَهُ وَرَضُوا عَنْهُ. طرفه 7 5 - باب (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) إِلَى (بِهِ عَلِيمٌ) 4554 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - يَقُولُ كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ أَنْصَارِىٍّ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى} [آل عمران: 92] 4555 - (وكان أبو طلحة) هو خالد بن زيد الأنصاري النجاري (أكثر أنصاري

6 - باب (قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين)

بِالْمَدِينَةِ نَخْلاً، وَكَانَ أَحَبَّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرُحَاءٍ، وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ الْمَسْجِدِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ، فَلَمَّا أُنْزِلَتْ (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) قَامَ أَبُو طَلْحَةَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِى إِلَىَّ بَيْرُحَاءٍ وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ، أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ، فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «بَخْ، ذَلِكَ مَالٌ رَايِحٌ، ذَلِكَ مَالٌ رَايِحٌ، وَقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ، وَإِنِّى أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الأَقْرَبِينَ». قَالَ أَبُو طَلْحَةَ أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِى عَمِّهِ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ «ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ». حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ «مَالٌ رَايِحٌ». طرفه 1461 4555 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ ثُمَامَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ فَجَعَلَهَا لِحَسَّانَ وَأُبِىٍّ، وَأَنَا أَقْرَبُ إِلَيْهِ، وَلَمْ يَجْعَلْ لِى مِنْهَا شَيْئًا. طرفه 1461 6 - باب (قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) 4556 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ بالمدينة نخلًا، وكان أحب أمواله إليه بيرحاء) بفتح الباء وكسرها، وفتح الراء وضمها وبالمد فيهما، وبفتح الباء والزاي المعجمة والقصر: اسم حديقة في المدينة، وقد سلف مرارًا (بخ) بفتح الباء وسكون الخاء وكسرها مع التنوين. كلمة تقال عند استحسان الشيء (ذاك مال رابح) بالموحدة، وفي رواية يحيى بالياء المثناة أي: يروح عليك أجره على الدوام، أو رايح فإن بقيته بالتصدق به (قال: فجعلها لحسَّان وأنا أقرب إليه ولم يجعل [لي] منها شيئًا). فإن قلت: تقدم في أبواب الوقف عن أنس أن أبيًّا وحسان كانا أقرب إليه مني؟ قلت: هما كانا أقرب إليه نسبًا، وأنس أقرب إليه ظاهرًا، فإنه كان يتيمًا في بيته. باب قوله: {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ} [آل عمران: 93] 4556 - (عن أبي ضمرة) -بفتح الضاد المعجمة وسكون الميم- أنس بن عياض

7 - باب (كنتم خير أمة أخرجت للناس)

عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ الْيَهُودَ جَاءُوا إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِرَجُلٍ مِنْهُمْ وَامْرَأَةٍ قَدْ زَنَيَا، فَقَالَ لَهُمْ «كَيْفَ تَفْعَلُونَ بِمَنْ زَنَى مِنْكُمْ». قَالُوا نُحَمِّمُهُمَا وَنَضْرِبُهُمَا. فَقَالَ «لاَ تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ الرَّجْمَ». فَقَالُوا لاَ نَجِدُ فِيهَا شَيْئًا. فَقَالَ لَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ كَذَبْتُمْ (فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) فَوَضَعَ مِدْرَاسُهَا الَّذِى يُدَرِّسُهَا مِنْهُمْ كَفَّهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ، فَطَفِقَ يَقْرَأُ مَا دُونَ يَدِهِ وَمَا وَرَاءَهَا، وَلاَ يَقْرَأُ آيَةَ الرَّجْمِ، فَنَزَعَ يَدَهُ عَنْ آيَةِ الرَّجْمِ فَقَالَ مَا هَذِهِ فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ قَالُوا هِىَ آيَةُ الرَّجْمِ. فَأَمَرَ بِهِمَا فَرُجِمَا قَرِيبًا مِنْ حَيْثُ مَوْضِعُ الْجَنَائِزِ عِنْدَ الْمَسْجِدِ، فَرَأَيْتُ صَاحِبَهَا يَجْنَأُ عَلَيْهَا يَقِيهَا الْحِجَارَةَ. طرفه 1329 7 - باب (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) 4557 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَيْسَرَةَ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ (أن اليهود جاؤوا برجلٍ وامرأة قد زنيا) إنما جاؤوا إليه لأنهما كانا من أشراف القوم، وكان الحُكم في التوراة الرجم، فقالوا: عسى أن يكون عند محمد الحكم دون الرجم (نُحمِّمُهمَا) بضم النون وتشديد الميم أي: نسود وجههما (فرأيت صاحبها يجنأ عليها) وفي رواية: يجانئ بضم الياء بالجيم آخره همزة من جنأ إذا مال، ويروى بالحاء وصاحبها الزاني بها. باب قوله: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ} [آل عمران: 110] قيل: المراد بها الصحابة، وقيل: المهاجرون، وقيل: نزلت في بني سلمة من الخزرج، وبني حارثة من الأوس، والحق: أنها عامة في هذه الأمة وإن بيان سبب النزول خاصًّا؛ لما روى الترمذي وابن ماجة والدارمي عن بهز بن حكيم أنَّه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في تفسير هذه الآية: "أنتم تَتِمُّون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها عند الله" وفي رواية الإمام أحمد عن علي بن أبي طالب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "جعلت أمتي خير الأمم". 4557 - (ميسرة) ضد الميمنة (أبي حازم) بالحاء المهملة سلمان مولى الأشجعية.

8 - باب (إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا)

أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) قَالَ خَيْرَ النَّاسِ لِلنَّاسِ، تَأْتُونَ بِهِمْ فِي السَّلاَسِلِ فِي أَعْنَاقِهِمْ حَتَّى يَدْخُلُوا فِي الإِسْلاَمِ. طرفه 3010 8 - باب (إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلاَ) 4558 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ قَالَ عَمْرٌو سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - يَقُولُ فِينَا نَزَلَتْ (إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلاَ وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا) قَالَ نَحْنُ الطَّائِفَتَانِ بَنُو حَارِثَةَ وَبَنُو سَلِمَةَ، وَمَا نُحِبُّ - وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً وَمَا يَسُرُّنِى - أَنَّهَا لَمْ تُنْزَلْ لِقَوْلِ اللَّهِ (وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا) طرفه 4051 9 - باب (لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَىْءٌ) 4559 - حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى سَالِمٌ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ فِي الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ مِنَ الْفَجْرِ يَقُولُ «اللَّهُمَّ الْعَنْ فُلاَنًا وَفُلاَنًا وَفُلاَنًا». بَعْدَ مَا يَقُولُ «سَمِعَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ} [آل عمران: 122] الفشل بفتح الفاء والشين الخوف والخور. 4558 - (بنو حارثة) من الأوس و (بنو سلمة) بكسر اللام من الخزرج، وكان هذا يوم أحد لما وقع بعض انهزام همُّوا أن يأخذوا الأمان من المشركين {وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا} الحافظ والمنعم بالعناية، وفيه دلاله على أن ذلك لم يكن عزمًا بل خطرة من خطرات النفس (وما يسرني أنها لم تنزل) لأن ظاهر الآية كأن فيه سوء إلا أن قوله {وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا} منقبة عظيمة. باب قولة: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران: 128] 4559 - (حبان بن موسى) بكسر الحاء بعدها موحدة، روي عن ابن عمر وأبي هريرة: أنها نزلت لما دعا على المشركين، وقد تقدم في غزوة أحد، عن أنس أنَّه لما شُجَّ وجهه يوم أحد قال: "كيف يُفلح قوم شجوا وجه نبيهم" فنزلت، وفي آخر الحديث نزلت حين دعا على أحياء من الأعراب، وقد سلف أن لا تزاحم في أسباب النزول يجوز نزولها فيهما (اللهم العن فلانًا وفلانًا) جاء في رواية الطبري مفسرًا: أبو سفيان وصفوان بن أمية

اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ». فَأَنْزَلَ اللَّهُ (لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَىْءٌ) إِلَى قَوْلِهِ (فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ). رَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاشِدٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ. طرفه 4069 4560 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ عَلَى أَحَدٍ أَوْ يَدْعُوَ لأَحَدٍ قَنَتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ، فَرُبَّمَا قَالَ إِذَا قَالَ «سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ، وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِى رَبِيعَةَ، اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ وَاجْعَلْهَا سِنِينَ كَسِنِى يُوسُفَ». يَجْهَرُ بِذَلِكَ وَكَانَ يَقُولُ فِي بَعْضِ صَلاَتِهِ فِي صَلاَةِ الْفَجْرِ «اللَّهُمَّ الْعَنْ فُلاَنًا وَفُلاَنًا». لأَحْيَاءٍ مِنَ الْعَرَبِ، حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ (لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَىْءٌ) الآيَةَ. طرفه 797 ـــــــــــــــــــــــــــــ والحارث بن هشام. فإن قلت: في رواية مسلم: "رعلًا وذكوان"؟ قلت: قيل ذلك مدرج من الزهري، ويجوز الجمع إلا أن الأكثر أن رعلًا وذكوان بعد أحد، فلا يمكن الجمع. فإن قلت: كيف يجمع قول ابن عمر معه: كان يدعوه على أحياء من العرب حتَّى نزلت؟ قلت: أجاب شيخنا بأنه كان يدعو على المذكورين بعدما شج فنزلت في الأمرين، قلت: الصواب عكسه؛ لأن قول أنس صريح في أنها نزلت يوم أحد، وبعد نزولها لا يمكن أن يدعو على أحد. 4560 - (اللهم أنج الوليد بن الوليد) هو أخو خالد بن الوليد، أسلم قبل خالد، وكان يوم بدر مع المشركين فأسِرَ (وسلمة بن هشام) أخو أبي جهل (عياش) بفتح العين بعده مثناة آخره شين معجمة (اشدد وطأتك على مضر) كناية عن شدة العقاب؛ لأن من وطِئ برجله على شيء فقد بالغ في إفساده وإذلاله (العن فلانًا وفلانًا لأحياء من العرب) هم رعل وذكوان وعصية.

10 - باب قوله (والرسول يدعوكم فى أخراكم)

10 - باب قَوْلِهِ (وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ) وَهْوَ تَأْنِيثُ آخِرِكُمْ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ) فَتْحًا أَوْ شَهَادَةً. 4561 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ - رضى الله عنهما - قَالَ جَعَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الرَّجَّالَةِ يَوْمَ أُحُدٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جُبَيْرٍ، وَأَقْبَلُوا مُنْهَزِمِينَ، فَذَاكَ إِذْ يَدْعُوهُمُ الرَّسُولُ فِي أُخْرَاهُمْ، وَلَمْ يَبْقَ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - غَيْرُ اثْنَىْ عَشَرَ رَجُلاً. طرفه 3039 11 - باب قَوْلِهِ (أَمَنَةً نُعَاسًا) 4562 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو يَعْقُوبَ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ قَتَادَةَ حَدَّثَنَا أَنَسٌ أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ قَالَ غَشِيَنَا النُّعَاسُ وَنَحْنُ فِي مَصَافِّنَا يَوْمَ أُحُدٍ - قَالَ - فَجَعَلَ سَيْفِى يَسْقُطُ مِنْ يَدِى وَآخُذُهُ، وَيَسْقُطُ وَآخُذُهُ. طرفه 4068 12 - باب قَوْلِهِ (الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ) (الْقَرْحُ) الْجِرَاحُ (اسْتَجَابُوا) أَجَابُوا. يَسْتَجِيبُ يُجِيبُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ} [آل عمران: 153] (هو تأنيث: أخركم)، بفتح الهمزة والخاء. 4561 - (زهير) بضم الزاي مصغر (لم يبق مع النبي - صلى الله عليه وسلم - غير اثني عشر رجلًا) هذا كان عند الانهزام، وأما عند صعود الجبل لم يبق معه إلا طلحة. 4562 - (النعاس) بضم النون حالة بين النوم واليقظة، وقد سلف في غزوة أحد.

13 - باب (إن الناس قد جمعوا لكم) الآية

13 - باب (إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ) الآيَةَ 4563 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ - أُرَاهُ قَالَ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَنْ أَبِى حَصِينٍ عَنْ أَبِى الضُّحَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) قَالَهَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ حِينَ أُلْقِىَ فِي النَّارِ، وَقَالَهَا مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ قَالُوا (إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ). طرفه 4564 4564 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى حَصِينٍ عَنْ أَبِى الضُّحَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ آخِرَ قَوْلِ إِبْرَاهِيمَ حِينَ أُلْقِىَ فِي النَّارِ حَسْبِىَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ. طرفه 4563 14 - باب (وَلاَ يَحْسِبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) الآيَةَ (سَيُطَوَّقُونَ) كَقَوْلِكَ طَوَّقْتُهُ بِطَوْقٍ. 4565 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ سَمِعَ أَبَا النَّضْرِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ - هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ - عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ آتَاهُ اللَّهُ مَالاً فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ، مُثِّلَ لَهُ مَالُهُ شُجَاعًا أَقْرَعَ، لَهُ زَبِيبَتَانِ يُطَوَّقُهُ يَوْمَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ} [آل عمران: 173] 4563 - (وقالها محمد) أي {حَسْبُنَا اللَّهُ} [آل عمران: 173] (حين قالوا) أي: نفر من عبد القيس: ({إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ}) أبو سفيان، وقد سلف مستوفى في غزوة أحد (أبو بكر) هو ابن عياش (عن أبي حصين) بفتح الحاء عثمان الأسدي (عن أبي الضحى) مسلم بن صبيح. باب قوله: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [آل عمران: 180] 4564 - 4565 - حديث الباب تقدم في أبواب الزكاة، ونشير إلى بعض ألفاظه (منير) بضم الميم وكسر النون (مثل له شجاع أقرع) مثِّل بالتخفيف والتشديد والشجاع: الحية

15 - باب (ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا)

الْقِيَامَةِ، يَأْخُذُ بِلِهْزِمَتَيْهِ - يَعْنِى بِشِدْقَيْهِ - يَقُولُ أَنَا مَالُكَ أَنَا كَنْزُكَ». ثُمَّ تَلاَ هَذِهِ الآيَةَ (وَلاَ يَحْسِبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) إِلَى آخِرِ الآيَةِ. طرفه 1403 15 - باب (وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا) 4566 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَكِبَ عَلَى حِمَارٍ عَلَى قَطِيفَةٍ فَدَكِيَّةٍ، وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ وَرَاءَهُ، يَعُودُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ فِي بَنِى الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ - قَالَ - حَتَّى مَرَّ بِمَجْلِسٍ فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ، ابْنُ سَلُولَ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ فَإِذَا فِي الْمَجْلِسِ أَخْلاَطٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الأَوْثَانِ وَالْيَهُودِ وَالْمُسْلِمِينَ، وَفِى الْمَجْلِسِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الكبيرة، والأقرع: الَّذي لا شعر على رأسه، والحية ليس على رأسها شعر، والمراد أنها من شدة السم يمعط جلدة رأسها، والزبيبتان قال ابن الأثير: نكتتان سوداوان فوق عين الحية، وقيل: نقطتان تكتنفان فاها وقيل: زبادتان، واللهزمة فسرها البخاري بالشدق. باب قوله: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [آل عمران: 186] 4566 - (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركب على حمار عليه قطيفة فدكية) القطيفة: كساء لها خمل، وفدك: قرية على مرحلتين من المدينة (مرَّ بمجلس فيه عبد الله ابن أبي بن سلول) بتنوين أبي [إثبات] الألف في ابن لأنه صفة عبد الله؛ لأن سلول أمه لعن الله الفرع والأصل (أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان واليهود) قيل: إنما عطف اليهود على المشركين وإن كانوا داخلين فيهم لزيادة شرهم. وليس بشيء؛ لأن أهل الكتاب حيث ذكروا في القرآن والحديث يذكرون في مقابلة المشركين، لا سيما قد وقع هنا عبدة الأوثان بدلًا عن المشركين، إلا أن يجعل اليهود من جملة البدل فيصدق المشرك على الطائفتين، وهذا الَّذي يجب القطع به لما في آخر الحديث من المشركين وعبدة الأوثان فإن عبدة الأوثان قابل لهم المشركين، وليس هناك إلا اليهود.

فَلَمَّا غَشِيَتِ الْمَجْلِسَ عَجَاجَةُ الدَّابَّةِ خَمَّرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ أَنْفَهُ بِرِدَائِهِ، ثُمَّ قَالَ لاَ تُغَبِّرُوا عَلَيْنَا. فَسَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَيْهِمْ ثُمَّ وَقَفَ فَنَزَلَ فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ، وَقَرَأَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ ابْنُ سَلُولَ أَيُّهَا الْمَرْءُ، إِنَّهُ لاَ أَحْسَنَ مِمَّا تَقُولُ، إِنْ كَانَ حَقًّا، فَلاَ تُؤْذِينَا بِهِ فِي مَجْلِسِنَا، ارْجِعْ إِلَى رَحْلِكَ، فَمَنْ جَاءَكَ فَاقْصُصْ عَلَيْهِ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَاغْشَنَا بِهِ فِي مَجَالِسِنَا، فَإِنَّا نُحِبُّ ذَلِكَ. فَاسْتَبَّ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَالْيَهُودُ حَتَّى كَادُوا يَتَثَاوَرُونَ، فَلَمْ يَزَلِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُخَفِّضُهُمْ حَتَّى سَكَنُوا، ثُمَّ رَكِبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - دَابَّتَهُ فَسَارَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَا سَعْدُ أَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالَ أَبُو حُبَابٍ». يُرِيدُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَىٍّ «قَالَ كَذَا وَكَذَا». قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، اعْفُ عَنْهُ وَاصْفَحْ عَنْهُ، فَوَالَّذِى أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ، لَقَدْ جَاءَ اللَّهُ بِالْحَقِّ الَّذِى أَنْزَلَ عَلَيْكَ، لَقَدِ اصْطَلَحَ أَهْلُ هَذِهِ الْبُحَيْرَةِ عَلَى أَنْ يُتَوِّجُوهُ فَيُعَصِّبُونَهُ بِالْعِصَابَةِ، فَلَمَّا أَبَى اللَّهُ ذَلِكَ بِالْحَقِّ الَّذِى أَعْطَاكَ اللَّهُ شَرِقَ بِذَلِكَ، فَذَلِكَ فَعَلَ بِهِ ما رَأَيْتَ. فَعَفَا عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ يَعْفُونَ عَنِ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ كَمَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ، وَيَصْبِرُونَ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: في بعض النسخ من المسلمين مرتين في صدر الحديث وآخره؟ قلت: الأولى: عدمه وعلى تقدير وجوده يكون من المسلمين والمشركين والمسلمين بدلًا، وهذا يدل على أن المشركين هم اليهود. (عجاجة الدابة) بفتح العين والجيم الغبار المرتفع (خمَّر عبد الله بن أبيِّ أنفه) بالخاء المعجمة وتشديد الميم أي: ستر (لا أحسن مما تقول) فعل تفضيل، وقيده بقوله (إن كان حقًّا كادوا يتثاورون) بالثاء المثلثة، أي: يقوم بعضهم إلى بعض قتالًا (فلم يزل يخفضهم) بضم الياء وتشديد الفاء: يسكنهم. (عبادة) بضم العين ونخفيف الباء (يا سعد ألم تسمع ما قال أبو حباب) -بضم الحاء وتخفيف الباء- كنية ذلك الملعون، كناه على طريق حسن أخلاقه، وإنما شكا إلى سعد؛ لكونه خزرجيًّا (لقد اصطلح أهل هذه البحيرة) مصغر بحرة وهي البلد (على أن يتوجوه) أي: يجعلوا له تاجًا على طريقة كسرى وقيصر (فيعصبونه) أي: يولونه عليهم. قال ابن الأثير: كانوا يسمُّون السيِّد المطاع في قومه معصبًا لا أنَّه تعصب بالتاج، أو لأنه يعصب به أمور الناس، أي: تدار به وترد إليه (شرق بذلك) بفتح الشين وكسر الراء، يقال: شرق بريقه إذا بقي في حلقه ولم يقدر على بلعه وإساغته؛ والكلام على طريق الاستعارة التمثيلية.

16 - باب (لا يحسبن الذين يفرحون بما أتوا)

الأَذَى قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا) الآيَةَ، وَقَالَ اللَّهُ (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ) إِلَى آخِرِ الآيَةِ، وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَأَوَّلُ الْعَفْوَ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ، حَتَّى أَذِنَ اللَّهُ فِيهِمْ، فَلَمَّا غَزَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَدْرًا، فَقَتَلَ اللَّهُ بِهِ صَنَادِيدَ كُفَّارِ قُرَيْشٍ قَالَ ابْنُ أُبَىٍّ ابْنُ سَلُولَ، وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَعَبَدَةِ الأَوْثَانِ هَذَا أَمْرٌ قَدْ تَوَجَّهَ. فَبَايَعُوا الرَّسُولَ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الإِسْلاَمِ فَأَسْلَمُوا. طرفه 2987 16 - باب (لاَ يَحْسِبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا) 4567 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنِى زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - أَنَّ رِجَالاً مِنَ الْمُنَافِقِينَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الْغَزْوِ تَخَلَّفُوا عَنْهُ، وَفَرِحُوا بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَإِذَا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اعْتَذَرُوا إِلَيْهِ وَحَلَفُوا، وَأَحَبُّوا أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا، فَنَزَلَتْ (لاَ يَحْسِبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ) الآيَةَ. 4568 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ أَنَّ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ مَرْوَانَ قَالَ لِبَوَّابِهِ اذْهَبْ يَا رَافِعُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقُلْ لَئِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ} [آل عمران: 188] 4567 - 4568 - روى في الباب بطريقين: أولًا: أنها نزلت في الذين كانوا يتخلفون عن الغزوات، فإذا قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اعتذروا بأعذار باطلة وأحبُّوا أن يحمدوا، وثانيًا: عن ابن عباس أنها نزلت في يهودٍ سألهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن شيء فكتموه وفرحوا بما كتموه، ولا ينافي لجواز نزولها في الأمرين (ابن جريج) بضم الجيم مصغر وكذا (ابن أبي مليكة)، (لئن

17 - باب قوله (إن فى خلق السموات والأرض) الآية

كَانَ كُلُّ امْرِئٍ فَرِحَ بِمَا أُوتِىَ، وَأَحَبَّ أَنْ يُحْمَدَ بِمَا لَمْ يَفْعَلْ، مُعَذَّبًا، لَنُعَذَّبَنَّ أَجْمَعُونَ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمَا لَكُمْ وَلِهَذِهِ إِنَّمَا دَعَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَهُودَ فَسَأَلَهُمْ عَنْ شَىْءٍ، فَكَتَمُوهُ إِيَّاهُ، وَأَخْبَرُوهُ بِغَيْرِهِ، فَأَرَوْهُ أَنْ قَدِ اسْتَحْمَدُوا إِلَيْهِ بِمَا أَخْبَرُوهُ عَنْهُ فِيمَا سَأَلَهُمْ، وَفَرِحُوا بِمَا أُوتُوا مِنْ كِتْمَانِهِمْ، ثُمَّ قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ) كَذَلِكَ حَتَّى قَوْلِهِ (يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا). تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ. حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا الْحَجَّاجُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِى ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ مَرْوَانَ بِهَذَا. 17 - باب قَوْلِهِ (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ) الآيَةَ 4569 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ أَخْبَرَنِى شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى نَمِرٍ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ بِتُّ عِنْدَ خَالَتِى مَيْمُونَةَ، فَتَحَدَّثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَعَ أَهْلِهِ سَاعَةً ثُمَّ رَقَدَ، فَلَمَّا كَانَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ قَعَدَ فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِى الأَلْبَابِ)، ثُمَّ قَامَ فَتَوَضَّأَ وَاسْتَنَّ، فَصَلَّى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، ثُمَّ أَذَّنَ بِلاَلٌ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الصُّبْحَ. طرفه 117 18 - باب (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ ـــــــــــــــــــــــــــــ كان كل امرئ فرح بما أوتي) كذا في رواية البخاري، وهي قراءة شاذة لا تناسب السياق، والصواب ما في سائر الكتب أُتِيَ من الإتيان، وقد يتكلف بأنهم فرحوا بما أعطوا من العلم الَّذي كتموه عن رسول الله، وبمعرفة النفاق من المنافقين. باب قوله: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ) [آل عمران: 190] 4569 - (ابن أبي نمر) بفتح النون وكسر الميم (كريب) بضم الكاف مصغر (استَنَّ) أي: استاك (فصلى إحدى عشرة ركعة) وروى بعده بثلاث طرق ثلاث عشرة، وتقدم مثله في

19 - باب (ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته وما للظالمين من أنصار)

وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ) 4570 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِىٍّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ بِتُّ عِنْدَ خَالَتِى مَيْمُونَةَ فَقُلْتُ لأَنْظُرَنَّ إِلَى صَلاَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَطُرِحَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وِسَادَةٌ، فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي طُولِهَا، فَجَعَلَ يَمْسَحُ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ، ثُمَّ قَرَأَ الآيَاتِ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ آلِ عِمْرَانَ حَتَّى خَتَمَ، ثُمَّ أَتَى شَنًّا مُعَلَّقًا، فَأَخَذَهُ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّى، فَقُمْتُ فَصَنَعْتُ مِثْلَ مَا صَنَعَ ثُمَّ جِئْتُ فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِى، ثُمَّ أَخَذَ بِأُذُنِى، فَجَعَلَ يَفْتِلُهَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَوْتَرَ. طرفه 117 19 - باب (رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ) 4571 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ بَاتَ عِنْدَ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْىَ خَالَتُهُ قَالَ فَاضْطَجَعْتُ فِي عَرْضِ الْوِسَادَةِ، وَاضْطَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَهْلُهُ فِي طُولِهَا، فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى انْتَصَفَ اللَّيْلُ، أَوْ قَبْلَهُ بِقَلِيلٍ، أَوْ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَجَعَلَ يَمْسَحُ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ بِيَدَيْهِ، ثُمَّ قَرَأَ الْعَشْرَ الآيَاتِ الْخَوَاتِمَ مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ، ثُمَّ قَامَ إِلَى شَنٍّ مُعَلَّقَةٍ فَتَوَضَّأَ مِنْهَا، فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّى، فَصَنَعْتُ مِثْلَ مَا صَنَعَ، ثُمَّ ذَهَبْتُ فَقُمْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب أبواب الصلاة. والزيادة: والنقصان إما من الرواة أو لم يعد ركعتي الوضوء، في رواية إحدى عشرة وإن صح أنَّه قام قومتين بينهما لما أخرجه الصيدلاني، فالأمر أظهر. وأما تعدد نوم ابن عباس عند ميمونة بخلاف الظاهر قال النووي: رواية القومتين في "مسلم" لا تصح، وإنما ذكرها مسلم متابعةً. 4570 - (مخرمة) بفتح الميم وخاء معجمة.

20 - باب (ربنا إننا سمعنا مناديا ينادى للإيمان) الآية

إِلَى جَنْبِهِ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى رَأْسِى، وَأَخَذَ بِأُذُنِى بِيَدِهِ الْيُمْنَى يَفْتِلُهَا، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَوْتَرَ، ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى جَاءَهُ الْمُؤَذِّنُ، فَقَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الصُّبْحَ. طرفه 117 20 - باب (رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِى لِلإِيمَانِ) الآيَةَ 4572 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ أَنَّهُ بَاتَ عِنْدَ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْىَ خَالَتُهُ قَالَ فَاضْطَجَعْتُ فِي عَرْضِ الْوِسَادَةِ، وَاضْطَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَهْلُهُ فِي طُولِهَا، فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى إِذَا انْتَصَفَ اللَّيْلُ، أَوْ قَبْلَهُ بِقَلِيلٍ، أَوْ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ، اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَجَلَسَ يَمْسَحُ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَرَأَ الْعَشْرَ الآيَاتِ الْخَوَاتِمَ مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ، ثُمَّ قَامَ إِلَى شَنٍّ مُعَلَّقَةٍ فَتَوَضَّأَ مِنْهَا، فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّى. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقُمْتُ فَصَنَعْتُ مِثْلَ مَا صَنَعَ، ثُمَّ ذَهَبْتُ فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى رَأْسِى، وَأَخَذَ بِأُذُنِى الْيُمْنَى يَفْتِلُهَا، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَوْتَرَ ثُمَّ، اضْطَجَعَ حَتَّى جَاءَهُ الْمُؤَذِّنُ، فَقَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الصُّبْحَ. طرفه 117 4 - سورة النِّسَاءِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَسْتَنْكِفُ يَسْتَكْبِرُ. قِوَامًا قِوَامُكُمْ مِنْ مَعَايِشِكُمْ. (لَهُنَّ سَبِيلاً) يَعْنِى الرَّجْمَ لِلثَّيِّبِ وَالْجَلْدَ لِلْبِكْرِ، وَقَالَ غَيْرُهُ (مَثْنَى وَثُلاَثَ) يَعْنِى اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثًا وَأَرْبَعًا، وَلاَ تُجَاوِزُ الْعَرَبُ رُبَاعَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ سورة النساء ({مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: 3]) اثنتين وثلاثًا وأربعًا، أراد بيان أصل معناها فلا يرد عليه أن معناه على التكرير أي: ثنتين ثنتين وثلاثًا ثلاثًا (ولا تجاوز العرب رباع) كذا نقل عن ابن أبي عبيدة، وقال غيره: يقال إلى العشار.

1 - باب (وإن خفتم أن لا تقسطوا فى اليتامى)

1 - باب (وَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ لاَ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى) 4573 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ رَجُلاً كَانَتْ لَهُ يَتِيمَةٌ فَنَكَحَهَا، وَكَانَ لَهَا عَذْقٌ، وَكَانَ يُمْسِكُهَا عَلَيْهِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهَا مِنْ نَفْسِهِ شَىْءٌ فَنَزَلَتْ فِيهِ (وَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ لاَ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى) أَحْسِبُهُ قَالَ كَانَتْ شَرِيكَتَهُ فِي ذَلِكَ الْعَذْقِ وَفِى مَالِهِ. طرفه 2494 4574 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ لاَ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى). فَقَالَتْ يَا ابْنَ أُخْتِى، هَذِهِ الْيَتِيمَةُ تَكُونُ فِي حَجْرِ وَلِيِّهَا، تَشْرَكُهُ فِي مَالِهِ وَيُعْجِبُهُ مَالُهَا وَجَمَالُهَا، فَيُرِيدُ وَلِيُّهَا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، بِغَيْرِ أَنْ يُقْسِطَ فِي صَدَاقِهَا، فَيُعْطِيَهَا مِثْلَ مَا يُعْطِيهَا غَيْرُهُ، فَنُهُوا عَنْ أَنْ يَنْكِحُوهُنَّ، إِلاَّ أَنْ يُقْسِطُوا لَهُنَّ، وَيَبْلُغُوا لَهُنَّ أَعْلَى سُنَّتِهِنَّ فِي الصَّدَاقِ، فَأُمِرُوا أَنْ يَنْكِحُوا مَا طَابَ لَهُمْ مِنَ النِّسَاءِ سِوَاهُنَّ. قَالَ عُرْوَةُ قَالَتْ عَائِشَةُ وَإِنَّ النَّاسَ اسْتَفْتَوْا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ هَذِهِ الآيَةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ (وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ) قَالَتْ عَائِشَةُ وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى فِي آيَةٍ أُخْرَى (وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ) رَغْبَةُ أَحَدِكُمْ عَنْ يَتِيمَتِهِ حِينَ تَكُونُ قَلِيلَةَ الْمَالِ وَالْجَمَالِ قَالَتْ فَنُهُوا أَنْ يَنْكِحُوا عَنْ مَنْ رَغِبُوا فِي مَالِهِ وَجَمَالِهِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ، إِلاَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ 4573 - (كان لها عذق) بفتح العين وذال معجمة: الحديقة، وبكسر العين: الكباسة بمثابة العنقود من العنب (ولم يكن لها من نفسه شيء) من الازدواج والمحبة (وإنما كان يمسكها لذلك العذق) فنزلت (وإن خفتم أن لا تقسطوا) أي: تعدلوا. 4574 - (كيسان) بفتح الكاف وسكون الياء، ومحصل ما في الحديث: أن اليتيمة تارةً تكون ذات مال وجمال، وأخرى قليلة المال والجمال، فلا يرغبون في الثانية ويرغبون في الأولى، فأمروا بإكمال صداق الجميلة لأجل إعراضهم عن غير الجميلة، فكان سبب النزول، والأظهر ما رواه ابن عباس أن الرجل في الجاهلية كان يكثر من النساء، ولما نزلت الآية الأولى تحرجوا عن ولاية مال اليتيم خوفًا، فقيل لهم: فَلِمَ لا تخافون من هذه؟

2 - باب (ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم) الآية

بِالْقِسْطِ، مِنْ أَجْلِ رَغْبَتِهِمْ عَنْهُنَّ إِذَا كُنَّ قَلِيلاَتِ الْمَالِ وَالْجَمَالِ. طرفه 2494 2 - باب (وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ) الآيَةَ. (وَبِدَارًا) مُبَادَرَةً. (أَعْتَدْنَا) أَعْدَدْنَا، أَفْعَلْنَا مِنَ الْعَتَادِ. 4575 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - فِي قَوْلِهِ تَعَالَى (وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ) أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي مَالِ الْيَتِيمِ إِذَا كَانَ فَقِيرًا، أَنَّهُ يَأْكُلُ مِنْهُ مَكَانَ قِيَامِهِ عَلَيْهِ، بِمَعْرُوفٍ. طرفه 2212 3 - باب (وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ) الآيَةَ باب قوله: {وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 6] 4575 - (إسحاق) كذا وقع غير منسوب، قال الغساني: لم أجده منسوبًا لأحد، وقد نقل بعض الشارحين: أنَّه ابن منصور، نسبه خلف، وأبو نعيم (نمير) بضم النون مصغر نمر (ومال اليتيم يأكل من ماله مكان قيامه) أي: عوضًا عن سعيه بمعروف شرعًا وعرفًا، وعليه الفقهاء. باب قوله: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ} [النساء: 8] 4576 - (الأشجعي) أشجع قبيلة من غطفان (سفيان) هو الثوري (عن الشيباني) هو أبو إسحاق سليمان (عن ابن عباس: محكمة ليست منسوخة) رَدَّ به على من زعمَ أنها منسوخة بآية المواريث. وإذا كانت محكمة فالأمر فيه للندب، وقيل: للوجوب، والأول هو المعتمد، وما قيل من أنَّه لو كان للوجوب لأدى في تقديره وكميته إلى النزاع ممنوع؛ لأنه مفوض إلى

4 - باب (يوصيكم الله)

4 - باب (يُوصِيكُمُ اللَّهُ) 4577 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ مُنْكَدِرٍ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ عَادَنِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بَكْرٍ فِي بَنِى سَلِمَةَ مَاشِيَيْنِ فَوَجَدَنِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لاَ أَعْقِلُ، فَدَعَا بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ مِنْهُ، ثُمَّ رَشَّ عَلَىَّ، فَأَفَقْتُ فَقُلْتُ مَا تَأْمُرُنِى أَنْ أَصْنَعَ فِي مَالِى يَا رَسُولَ اللَّهِ فَنَزَلَتْ (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ). طرفه 194 ـــــــــــــــــــــــــــــ الوارث، كما في قوله تعالى في المكاتب: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33] فإنه لو أعطاه درهمًا لا يطالب بأكثر منه، وإن كان نفس الإعطاء واجبًا. باب قوله: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} [النساء: 11] 4577 - (ابن جريج) بضم الجيم (ابن المنكدر) بكسر [الدال]. روى عن جابر أنها فيه نزلت، واتفقوا على أن هذا وهم ابن جريج، وهذه الآية إنما نزلت في ثابت [بن] قيس قتل يوم أحد وترك بنتين له وأخاه، فأخذ المال كلَّه فنزلت، هكذا رواه الترمذي وأبو داود. ورويا أيضًا: نزلت في سعد بن الربيع قتل يوم أحد، وترك بنتين وأخا له. قال أبو داود: وهذا هو الصواب. والآية التي نزلت في جابر {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} [النساء: 176] فإنه قال: يا رسول الله ألا يرثني إلا الكلالة، وقد تكلف شيخنا في الجواب، ومحصلَّه أن المراد بالكلالة هو قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً} [النساء: 12] إلى آخر الآية. قلت: يرده رواية مسلم، نزلت في جابر آية المواريث {ويَسْتَفْتُونَكَ}. فإن قلت: فقد روى مسلم: في قصة جابر نزلت آية المواريث، وفيه أيضًا نزلت

5 - باب (ولكم نصف ما ترك أزواجكم)

5 - باب (وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ) 4578 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ وَرْقَاءَ عَنِ ابْنِ أَبِى نَجِيحٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ الْمَالُ لِلْوَلَدِ، وَكَانَتِ الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ، فَنَسَخَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ مَا أَحَبَّ، فَجَعَلَ لِلذَّكَرِ مِثْلَ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ، وَجَعَلَ لِلأَبَوَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسَ وَالثُّلُثَ، وَجَعَلَ لِلْمَرْأَةِ الثُّمُنَ وَالرُّبُعَ، وَلِلزَّوْجِ الشَّطْرَ وَالرُّبُعَ. طرفه 2747 6 - باب (لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا) الآيَةَ وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (لاَ تَعْضُلُوهُنَّ) لاَ تَقْهَرُوهُنَّ (حُوبًا) إِثْمًا. (تَعُولُوا) تَمِيلُوا. (نِحْلَةً) النِّحْلَةُ الْمَهْرُ. 4579 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِىُّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ الشَّيْبَانِىُّ وَذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ السُّوَائِىُّ وَلاَ أَظُنُّهُ ذَكَرَهُ إِلاَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ {يُوصِيكُمُ اللَّهُ} [النساء: 11]؟ قلت: الكلام في أن الكلالة إنما دلَّ عليه آية {يَسْتَفْتُونَكَ} لا آخر {يُوصِيكُمُ اللَّهُ} فإنه خلاف الظاهر. 4578 - (ورقاء) بالقاف والمد (ابن أبي نجيح) اسمه: عبد الله. باب قوله: {لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا} [النساء: 19] ({وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} لا تقهروهن) أهل العضل: المنع، ويروى: تنتهروهن أن لا تحبسوهن (والنحل: المهر) أصل العطية، وفي إطلاقها على المهر إشارة إلى أن الأولى والأخلق أن يعطى بطيب نفس من غير رفع إلى الحكام، والأمر للأزواج، وقيل: للأولياء، فإنهم كانوا يأخذون مهور الموليات. 4579 - (مقاتل) بضم الميم وكسر التاء، والسواء و (السوائي) -بضم السين والمدِّ- موضع بنجد، واسم أبي الحسن: مهاجر.

7 - باب (ولكل جعلنا موالى مما ترك الوالدان والأقربون) الآية

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ) قَالَ كَانُوا إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ كَانَ أَوْلِيَاؤُهُ أَحَقَّ بِامْرَأَتِهِ، إِنْ شَاءَ بَعْضُهُمْ تَزَوَّجَهَا، وَإِنْ شَاءُوا زَوَّجُوهَا، وَإِنْ شَاءُوا لَمْ يُزَوِّجُوهَا، فَهُمْ أَحَقُّ بِهَا مِنْ أَهْلِهَا، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي ذَلِكَ. طرفه 6948 7 - باب (وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِىَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ) الآيَةَ وَقَالَ مَعْمَرٌ (مَوَالِىَ) أَوْلِيَاءَ وَرَثَةً. (عَاقَدَتْ) هُوَ مَوْلَى الْيَمِينِ، وَهْوَ الْحَلِيفُ، وَالْمَوْلَى أَيْضًا ابْنُ الْعَمِّ. وَالْمَوْلَى الْمُنْعِمُ الْمُعْتِقُ. وَالْمَوْلَى الْمُعْتَقُ. وَالْمَوْلَى الْمَلِيكُ. وَالْمَوْلَى مَوْلًى فِي الدِّينِ. 4580 - حَدَّثَنِى الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ إِدْرِيسَ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - (وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِىَ) قَالَ وَرَثَةً. (وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ) كَانَ الْمُهَاجِرُونَ لَمَّا قَدِمُوا الْمَدِينَةَ يَرِثُ الْمُهَاجِرُ الأَنْصَارِىَّ دُونَ ذَوِى رَحِمِهِ لِلأُخُوَّةِ الَّتِى آخَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَهُمْ فَلَمَّا نَزَلَتْ (وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِىَ) نُسِخَتْ، ثُمَّ قَالَ (وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ) مِنَ النَّصْرِ، وَالرِّفَادَةِ وَالنَّصِيحَةِ، وَقَدْ ذَهَبَ الْمِيرَاثُ وَيُوصِى لَهُ. سَمِعَ أَبُو أُسَامَةَ إِدْرِيسَ، وَسَمِعَ إِدْرِيسُ طَلْحَةَ. طرفه 2292 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} [النساء: 33] روى عن ابن عباس أن المهاجرين كانوا يرثون الأنصار بالمؤاخاة التي آخى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينهم حتَّى نزلت هذه الآية، فإن المعنى: جعلنا لكل ما تركه هؤلاء وارثًا. فإن قلت: قول ابن عباس هنا يدل على أن هذه الآية نسخت {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} وروي عنه أن قوله تعالى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} [الأنفال: 75] قلت: هنا لم يقل: هي الناسخة بل نُسخت بصيغة المجهول، ولئن سلَّم مؤدى الآيتين واحد يجوز نسبة النسخ إلى كل واحدة. 4580 - (الصلت) بصاد مهملة (أبو أسامة) بضم الهمزة محمد بن أسامة (مصرف) بكسر الراء المشددة (سمع أبو أسامة إدريس، وسمع إدريس طلحة) دفع به وهم التدليس، فإن السند معنعن.

8 - باب (إن الله لا يظلم مثقال ذرة)

8 - باب (إِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ) يَعْنِى زِنَةَ ذَرَّةٍ. 4581 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - أَنَّ أُنَاسًا فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «نَعَمْ، هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ بِالظَّهِيرَةِ، ضَوْءٌ لَيْسَ فِيهَا سَحَابٌ». قَالُوا لاَ. قَالَ «وَهَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، ضَوْءٌ لَيْسَ فِيهَا سَحَابٌ». قَالُوا لاَ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِلاَّ كَمَا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ أَحَدِهِمَا، إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ تَتْبَعُ كُلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ. فَلاَ يَبْقَى مَنْ كَانَ يَعْبُدُ غَيْرَ اللَّهِ مِنَ الأَصْنَامِ وَالأَنْصَابِ إِلاَّ يَتَسَاقَطُونَ فِي النَّارِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ إِلاَّ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ، بَرٌّ أَوْ فَاجِرٌ وَغُبَّرَاتُ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَيُدْعَى الْيَهُودُ فَيُقَالُ لَهُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} [النساء: 40] (يعني: زنة ذرَّة) هذا تفسير من البخاري، يشير إلى أن المثقال لم يرد به معناه المتعارف. قال ابن الأثير: الذرة: المهملة الصغيرة، ثم نقل عن ثعلب أنَّه قال: مئة من الذرة وزن حبة، وقيل: الذرة ليس لها وزن بل ما يرى من شعاع الشمس إذا دخلت الشمس كوة. 4581 - (يسار) ضد اليمين (قالوا يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هل نرى ربنا يوم القيامة) أي: قبل الدخول في الجنَّة، والمراد بالرؤية رؤية البصر، فمن قال: المراد بها العلم فقد زلت به القدم، وأي معنى للعلم في ذلك الموطن، أم كيف يصح هذا التشبيه البليغ في قوله: "هل تضارون" بتشديد الراء وتخفيفها من الضر ومن الضير، وقد سلف الحديث في أبواب الصلاة، وأشرنا إلى أن التشبيه إنما هو في كيفية الرؤية، لا في المرئي، فإنه تعالى يرى من غير كيف إن شاء الله على رغم أنف أهل الاعتزال. (إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله من برٍّ وفاجر وغبرات أهل الكتاب) بضم الغين

مَنْ كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ قَالُوا كُنَّا نَعْبُدُ عُزَيْرَ ابْنَ اللَّهِ. فَيُقَالُ لَهُمْ كَذَبْتُمْ، مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ صَاحِبَةٍ وَلاَ وَلَدٍ، فَمَاذَا تَبْغُونَ فَقَالُوا عَطِشْنَا رَبَّنَا فَاسْقِنَا. فَيُشَارُ أَلاَ تَرِدُونَ، فَيُحْشَرُونَ إِلَى النَّارِ كَأَنَّهَا سَرَابٌ، يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا فَيَتَسَاقَطُونَ فِي النَّارِ، ثُمَّ يُدْعَى النَّصَارَى، فَيُقَالُ لَهُمْ مَنْ كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ قَالُوا كُنَّا نَعْبُدُ الْمَسِيحَ ابْنَ اللَّهِ. فَيُقَالُ لَهُمْ كَذَبْتُمْ، مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ صَاحِبَةٍ وَلاَ وَلَدٍ. فَيُقَالُ لَهُمْ مَاذَا تَبْغُونَ فَكَذَلِكَ مِثْلَ الأَوَّلِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ إِلاَّ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ مِنْ بَرٍّ أَوْ فَاجِرٍ، أَتَاهُمْ رَبُّ الْعَالَمِينَ فِي أَدْنَى صُورَةٍ مِنَ الَّتِى رَأَوْهُ فِيهَا، فَيُقَالُ مَاذَا تَنْتَظِرُونَ تَتْبَعُ كُلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ. قَالُوا فَارَقْنَا النَّاسَ فِي الدُّنْيَا عَلَى أَفْقَرِ مَا كُنَّا إِلَيْهِمْ، وَلَمْ نُصَاحِبْهُمْ، وَنَحْنُ نَنْتَظِرُ رَبَّنَا الَّذِى كُنَّا نَعْبُدُ. فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ، فَيَقُولُونَ لاَ نُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا. مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا». طرفه 22 ـــــــــــــــــــــــــــــ المعجمة، وتشديد الموحدة جمع غابر، وهو الباقي من الشيء، والمراد بهم الذين بدلوا وغيروا بعد الأنبياء (فيشار) إلى النار (ألا تردون) الورود: الدخول على مشرع الماء، فإن النار لما شابهت السراب، والسراب يشبه الماء استعار لها الورود (ثم يدعى النصارى فيقال لهم: ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنا نعبد عيسى ابن الله، فيقال لهم: كذبتم). فإن قلت: هم صادقون في هذا القول لم كذبوا؟ قلت: التكذيب راجع إلى الخبر اللازم لهذا الخبر، وهو كون عيسى ابن الله، ألا ترى إلى قوله بعده {مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا} [الجن: 3]. (أتاهم ربهم في أدنى صورة) أي: صفة، أي: ظهر لهم وتجلى على غير الصفة التي عرفوه بها من الخلو عن الجهة. قالوا: وهذه الرؤية على هذا الوجه آخر فتنة يفتن بها المؤمن. فإن قلت: ترجم الباب على قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} [النساء: 40] وليس له في الباب ذكر؟ قلت: آخر الآية: {وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا} [النساء: 40] والذرة من الحسنات لقوله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7)} [الزلزلة: 7] ودأب المصنف كما أشرنا إليه مرارًا الاستدلال بالخفي.

9 - باب (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا)

9 - باب (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاَءِ شَهِيدًا) الْمُخْتَالُ وَالْخَتَّالُ وَاحِدٌ، (نَطْمِسَ) نُسَوِّيَهَا حَتَّى تَعُودَ كَأَقْفَائِهِمْ. طَمَسَ الْكِتَابَ مَحَاهُ (سَعِيرًا) وُقُودًا. 4582 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ أَخْبَرَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ يَحْيَى بَعْضُ الْحَدِيثِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ قَالَ لِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اقْرَأْ عَلَىَّ». قُلْتُ آقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ قَالَ «فَإِنِّى أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِى». فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ سُورَةَ النِّسَاءِ حَتَّى بَلَغْتُ (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاَءِ شَهِيدًا) قَالَ «أَمْسِكْ». فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ. أطرافه 5049، 5050، 5055، 5056 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ} [النساء: 41] (المختال والختال واحد) وذكر هذا في الباب قبله كان أولى، فإنه في التلاوة مقدم. المختال المتكبر من الخيال؛ لأنه لا حقيقة له؛ لأن الكبرياء من خواص الرتب يقال: قال القاضي الختال بالتاء الفوقانية، وعند الأصيلي الخال. قال ابن الأثير: والخال: الكبر، وكذا قاله الجوهري، فيقدر مضاف. قال ابن مالك: رواية الخال هي الصواب. قال شيخنا: رواية ابن مالك هي الصواب؛ لأن الختل هو القدر ولا معنى له. قلت: الختل هو الخداع. قال ابن الأثير: ولما لم يكن لخيلائه حقيقة، فكانه يخدع الناس بذلك، فالختال والخداع من وادٍ واحد. 4582 - (صدقة) أخت الزكاة (عبيدة) بفتح العين وكسر الموحدة (مرَّة) بضم الميم وتشديد الراء روى عن (عبد الله بن مسعود أنَّه قرأ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه السورة إلى أن بلغ إلى قوله: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا (41)} [النساء: 41] قال: أمسك فإذا عيناه تذرفان) بالذال المعجمة أي: تسيلان دمعًا. قال صاحب "الكشاف": بكاؤه بكاء سرور؛ لشرف أمته بالشهادة على سائر الأمم، والأظهر أنَّه بكاء حزن على عباد الله المحكوم عليهم بالنار، ويدل عليه قطع القراءة؛ إذ لو كان سرورًا لازداد نشاطه.

10 - باب قوله (وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط) (صعيدا) وجه الأرض

10 - باب قَوْلِهِ (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ) (صَعِيدًا) وَجْهَ الأَرْضِ وَقَالَ جَابِرٌ كَانَتِ الطَّوَاغِيتُ الَّتِى يَتَحَاكَمُونَ إِلَيْهَا فِي جُهَيْنَةَ وَاحِدٌ، وَفِى أَسْلَمَ وَاحِدٌ، وَفِى كُلِّ حَىٍّ وَاحِدٌ، كُهَّانٌ يَنْزِلُ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ. وَقَالَ عُمَرُ الْجِبْتُ السِّحْرُ. وَالطَّاغُوتُ الشَّيْطَانُ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ الْجِبْتُ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ شَيْطَانٌ، وَالطَّاغُوتُ الْكَاهِنُ. 4583 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ هَلَكَتْ قِلاَدَةٌ لأَسْمَاءَ فَبَعَثَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي طَلَبِهَا، رِجَالاً فَحَضَرَتِ الصَّلاَةُ وَلَيْسُوا عَلَى وُضُوءٍ. وَلَمْ يَجِدُوا مَاءً، فَصَلَّوْا وَهُمْ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ. يَعْنِى آيَةَ التَّيَمُّمِ. طرفه 334 11 - باب (أُولِى الأَمْرِ مِنْكُمْ) ذَوِى الأَمْرِ 4584 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ يَعْلَى ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى} [النساء: 43] (الطواغيت) جمع طاغوت، ويطلق على كل رأس ضلالة (والجبت) يطلق على كل رأس شر. 4583 - (محمد) كذا وقع غير منسوب، واتفقوا على أنَّه ابن سلام (عبدة) بفتح العين وسكون الموحدة (هلكت قلادة لأسماء) الحديث سلف في أبواب التيمم، وقال هناك: قلادة عائشة، وهي في الحقيقة لأسماء، إلا أنها كانت عارية عند عائشة. باب قوله: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [النساء: 59] 4584 - (ابن جريج) بضم الجيم مصغر (يعلى) على وزن يحيى ......................

12 - باب (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم)

بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِى الأَمْرِ مِنْكُمْ). قَالَ نَزَلَتْ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَدِىٍّ، إِذْ بَعَثَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي سَرِيَّةٍ. 12 - باب (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ) 4585 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ قَالَ خَاصَمَ الزُّبَيْرُ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ فِي شَرِيجٍ مِنَ الْحَرَّةِ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اسْقِ يَا زُبَيْرُ ثُمَّ أَرْسِلِ الْمَاءَ إِلَى جَارِكَ». فَقَالَ الأَنْصَارِىُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ فَتَلَوَّنَ وَجْهُهُ ثُمَّ قَالَ «اسْقِ يَا زُبَيْرُ ثُمَّ احْبِسِ الْمَاءَ حَتَّى ـــــــــــــــــــــــــــــ (الآية نزلت في عبد الله بن حذافة) بضم الحاء وذال معجمة، قد سلف في أبواب المغازي أنَّه أوقد نارًا وأمر من معه بأن يدخلها فنزلت فيه، قال: وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا طاعة في المعصية". فإن قلت: الآية أمرت بإطاعة أولي الأمر مطلقًا، فكيف تكون نازلة في ابن حذافة؟ قلت: الدليل هو آخر الآية {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: 59] فإنَّ من كان معه تنازعوا، فعزم بعضهم على الدخول، وقال بعضهم: ما فررنا إلا من النار، فكيف ندخلها؟ واختلف في أولي الأمر. قيل: الأمراء، وقيل: العلماء. واختار الشافعي الأول. قلت: محصل القولين واحد، فإن الأمراء إذا لم يكونوا علماء لا يعتدَّ بهم. باب قوله: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النساء: 65] أي: التبس عليهم واختلط، ومنه الشجر لاختلاط أغصانه. 4585 - (خاصم الزبير رجلًا من الأنصار في شريج من الحرة) وقد سلف، وفي رواية: شراج، وكلاهما بالشين المعجمة والجيم: مسيل الماء (الحرة) أرض بها حجارة سود، وقد أشرنا هناك إلى أن هذا الرجل منافق، أو بدرت منه من غير قصد إلى معناها، ولكن قوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ} يؤيد الأول، وكم من منافق في الأنصار، ألا ترى

13 - باب (فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين)

يَرْجِعَ إِلَى الْجَدْرِ، ثُمَّ أَرْسِلِ الْمَاءَ إِلَى جَارِكَ». وَاسْتَوْعَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِلزُّبَيْرِ حَقَّهُ فِي صَرِيحِ الْحُكْمِ حِينَ أَحْفَظَهُ الأَنْصَارِىُّ، كَانَ أَشَارَ عَلَيْهِمَا بِأَمْرٍ لَهُمَا فِيهِ سَعَةٌ. قَالَ الزُّبَيْرُ فَمَا أَحْسِبُ هَذِهِ الآيَاتِ إِلاَّ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ). طرفه 2360 13 - باب (فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ) 4586 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَا مِنْ نَبِىٍّ يَمْرَضُ إِلاَّ خُيِّرَ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ». وَكَانَ فِي شَكْوَاهُ الَّذِى قُبِضَ فِيهِ أَخَذَتْهُ بُحَّةٌ شَدِيدَةٌ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ (مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ) فَعَلِمْتُ أَنَّهُ خُيِّرَ. طرفه 4435 14 - باب قَوْلُهُ (وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) إِلَى (الظَّالِمِ أَهْلُهَا) ـــــــــــــــــــــــــــــ أن ابن أُبيّ رأسهم مع أنَّه خزرجي بالاتفاق (أحفظه) بالحاء المهملة، والظاء المعجمة من الحفيظة وهي الغضب. باب قوله: {فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ} [النساء: 69] 4586 - روى عن عائشة أن آخر كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا. فإن قلت: قد سلف مرارًا أنَّه قال: في الرفيق الأعلى؟ قلت: لا ينافي هذا الرفيق شرح الرفيق الأعلى. فإن قلت: قد ذكرت قبل في رواية مع جبرائيل وميكائيل وإسرافيل؟ قلت: قال ذاك وهذا. (حوشب) بفتح الحاء وشين معجمة آخره باء موحدة (بحة) بضم الباء وتشديد الحاء غلظ الصوت في الحلق. باب {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [النساء: 75] هؤلاء الذين أسلموا، وكانت الهجرة واجبة عليهم، ولكن لم يقدروا فأعذرهم الله والمسلمين بأن يقاتلوا سعيًا في خلاصهم.

15 - باب (فما لكم فى المنافقين فئتين والله أركسهم)

4587 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ كُنْتُ أَنَا وَأُمِّى مِنَ الْمُسْتَضْعَفِينَ. طرفه 1357 4588 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ تَلاَ (إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ) قَالَ كُنْتُ أَنَا وَأُمِّى مِمَّنْ عَذَرَ اللَّهُ. وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (حَصِرَتْ) ضَاقَتْ (تَلْوُوا) أَلْسِنَتَكُمْ بِالشَّهَادَةِ. وَقَالَ غَيْرُهُ الْمُرَاغَمُ الْمُهَاجَرُ. رَاغَمْتُ هَاجَرْتُ قَوْمِى. (مَوْقُوتًا) مُوَقَّتًا وَقْتَهُ عَلَيْهِمْ. طرفه 1357 15 - باب (فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ بَدَّدَهُمْ، فِئَةٌ جَمَاعَةٌ. 4589 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالاَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِىٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ - رضى الله عنه - (فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ) رَجَعَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أُحُدٍ، وَكَانَ النَّاسُ فِيهِمْ فِرْقَتَيْنِ فَرِيقٌ يَقُولُ اقْتُلْهُمْ. وَفَرِيقٌ يَقُولُ لاَ فَنَزَلَتْ (فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ) وَقَالَ «إِنَّهَا ـــــــــــــــــــــــــــــ 4587 - 4588 - (قال ابن عباس: كنت أنا وأمي من المستضعفبن) قال ابن عباس: كنت شيخًا، أراد بهذا حكاية ما في الآية، وإلا فهو من الولدان، وأمه من المستضعفين. قلت: هذا سهوٌ منه، فإن الثلاثة داخلة تحت المستضعفين؛ لأن مِنْ بيانية. باب قوله: {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ} [النساء: 88] (أركسهم) ردهم إلى الكفر، ركست الشيء قلبته. 4589 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (غندر) بضم المعجمة وفتح الدال المهملة. فإن قلت: دلَّت الآية على استحقاقهم القتل فلم لم يقتلوهم؟ قلت: لم يأمر في الآية بقتلهم، وقد علم بالامتناع عن قتلهم لما كان من ابن أبي ما حكاه الله في سورة المنافقين أن لا يقول الناس: محمد يقتل أصحابه، فإنهم كانوا يظهرون الإيمان.

15 - باب (وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به)

طَيْبَةُ تَنْفِى الْخَبَثَ كَمَا تَنْفِى النَّارُ خَبَثَ الْفِضَّةِ». طرفه 1884 16 - باب (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ) أي أَفْشَوْهُ (يَسْتَنْبِطُونَهُ) يَسْتَخْرِجُونَهُ. (حَسِيبًا) كَافِيًا (إِلاَّ إِنَاثًا) الْمَوَاتَ حَجَرًا أَوْ مَدَرًا وَمَا أَشْبَهَهُ (مَرِيدًا) مُتَمَرِّدًا. (فَلَيُبَتِّكُنَّ) بَتَّكَهُ قَطَّعَهُ. (قِيلاً) وَقَوْلاً وَاحِدٌ (طُبِعَ) خُتِمَ. 17 - باب (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ) 4590 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ بْنُ النُّعْمَانِ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ قَالَ {آيَةٌ} اخْتَلَفَ فِيهَا أَهْلُ الْكُوفَةِ، فَرَحَلْتُ فِيهَا إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَسَأَلْتُهُ عَنْهَا فَقَالَ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ) هِىَ آخِرُ مَا نَزَلَ وَمَا نَسَخَهَا شَىْءٌ. طرفه 3855 ـــــــــــــــــــــــــــــ (طيبة) بفتح الطاء وسكون الياء وكذا طابة، من أسماء المدينة الشريفة على ساكنها أفضل الصلاة وأكمل التسليم. فإن قلت: قوله: "تنفي خبثها" ما المراد منه في ذيل هذه الآية؟ قلت: أراد أن هؤلاء وإن لم يقتلهم مع استحقاقهم القتل لئلا يقال: محمد يقتل أصحابه إلا أنَّه لا بقاء لهم، ولذلك انقرضوا عن قريب، وروي عن مجاهد أن ناسًا منهم أخذوا بضائع الناس ولحقوا بالمشركين بمكة، فذلك القول في شأنهم، وهذا إن صح لا يناسب تفسير الآية. باب قوله: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا} [النساء: 93] 4590 - (إياس) بكسر الهمزة (هي آخر ما نزل وما نسخها شيء) وكذا رواه عنه في سورة الفرقان، وقام الإجماع على خلافه من أن من قال: لا إله إلا الله لا يُخَلَّد في النار وأن لا ذنب لا تقبل التوبة عنه ما لم تطلع الشمس من مغربها، كيف لا وقد قال في هذه السورة في موضعين: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] وفي تفسير "غاية الأماني" ما يغني في تفسير الآية، والله الموفق.

17 - باب (ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا)

19 - باب (وَلاَ تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا) السِّلْمُ وَالسَّلَمُ وَالسَّلاَمُ وَاحِدٌ. 4591 - حَدَّثَنِى عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - (وَلاَ تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا). قَالَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ كَانَ رَجُلٌ فِي غُنَيْمَةٍ لَهُ فَلَحِقَهُ الْمُسْلِمُونَ فَقَالَ السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ، فَقَتَلُوهُ وَأَخَذُوا غُنَيْمَتَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ إِلَى قَوْلِهِ (عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) تِلْكَ الْغُنَيْمَةُ. قَالَ قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ السَّلاَمَ. 20 - باب لاَ يَسْتَوِى الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ 4592 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِى سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ السَّاعِدِىُّ أَنَّهُ رَأَى مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ فِي الْمَسْجِدِ، فَأَقْبَلْتُ حَتَّى جَلَسْتُ إِلَى جَنْبِهِ، فَأَخْبَرَنَا أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَمْلَى عَلَيْهِ لاَ يَسْتَوِى الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَجَاءَهُ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وَهْوَ يُمِلُّهَا عَلَىَّ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ لَوْ أَسْتَطِيعُ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ} [النساء: 94] 4591 - (قال ابن عباس: كان رجل في غنيمة [له] فلحقه المسلمون فقال: السلام عليكم، فقتلوه) قيل: كان في سرية أسامة بفدك، وقيل: في سرية المقداد والقاتل المقداد. وقيل: في محلم بن جثامة في سرية أبي الدرداء والله أعلم (قرأ ابن عباس: السلام) قراءة الجمهور غير نافع وابن عامر وحمزة. باب قوله: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ} [النساء: 95] 4592 - 4593 - 4594 - 4595 - (كيسان) بفتح الكاف وسكون الياء (أملى عليه) وقال بعده: (يملها) بضم الياء وتشديد اللام وهذا هو الأصل، والياء بدل عن اللام. فإن قلت: قال في الرواية الأولى: (فجاءه ابن أم مكتوم وهو يملها) وفي الرواية الثانية

الْجِهَادَ لَجَاهَدْتُ - وَكَانَ أَعْمَى - فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - وَفَخِذُهُ عَلَى فَخِذِى، فَثَقُلَتْ عَلَىَّ حَتَّى خِفْتُ أَنْ تُرَضَّ فَخِذِى، ثُمَّ سُرِّىَ عَنْهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ (غَيْرَ أُولِى الضَّرَرِ) طرفه 2832 4593 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ (لاَ يَسْتَوِى الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) دَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - زَيْدًا فَكَتَبَهَا، فَجَاءَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فَشَكَا ضَرَارَتَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ (غَيْرَ أُولِى الضَّرَرِ). طرفه 2831 4594 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ (لاَ يَسْتَوِى الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «ادْعُوا فُلاَنًا». فَجَاءَهُ وَمَعَهُ الدَّوَاةُ وَاللَّوْحُ أَوِ الْكَتِفُ فَقَالَ «اكْتُبْ لاَ يَسْتَوِى الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ». وَخَلْفَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا ضَرِيرٌ. فَنَزَلَتْ مَكَانَهَا (لاَ يَسْتَوِى الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِى الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ). طرفه 2831 ـــــــــــــــــــــــــــــ (فكتبها فجاء ابن أم مكتوم) وفي الرواية الثانية (فقال: اكتب وخلف النبي - صلى الله عليه وسلم - ابن أم مكتوم). قلت: معنى فكتبها فشرع في كتابتها وهو معنى قوله: (يملها) وقوله: (وابن أم مكتوم خلفه) أي: بعد أن كان خلفه، ولذلك قال: (فنزل مكانها) أن: بعد كتابتها في ذلك المكان. وقيل معناه: أنَّه كان خلفه فجاء مواجهًا له، ولا يستقيم، فإن قوله: (فجاء ابن أم مكتوم وهو يملها علي) يدل على أنَّه كان ذلك ابتداء مجيئه، وأما القول منه فإنما كان بعد الفراغ، ولذلك ألحق {أُولِي الضَّرَرِ} في الحاشية. (فخذه على فخذي فثقلت حتَّى خفت أن ترضَّ فخذي) على بناء المجهول أي: تكسر وذلك من ثقل الوحي، وقد نقلنا أنَّه كان إذا نزل عليه الوحي بركت به كل دابة تحته سوى ناقته الجدعاء. (فشكا ضرارته) أي: عماه كما تقدم في الرواية. وأما قول ابن عباس {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 95] عن بدر والخارجون إلى بدر) يجوز أن يكون سبب النزول، وأن يكون بيانًا للواقع لا حصر معنى الآية فيهم.

19 - باب (إن الذين توفاهم الملائكة ظالمى أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها)

4595 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ ح وَحَدَّثَنِى إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِى عَبْدُ الْكَرِيمِ أَنَّ مِقْسَمًا مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ أَخْبَرَهُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ (لاَ يَسْتَوِى الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) عَنْ بَدْرٍ وَالْخَارِجُونَ إِلَى بَدْرٍ. طرفه 3954 21 - باب (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلاَئِكَةُ ظَالِمِى أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا) 4596 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ حَدَّثَنَا حَيْوَةُ وَغَيْرُهُ قَالاَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو الأَسْوَدِ قَالَ قُطِعَ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ بَعْثٌ فَاكْتُتِبْتُ فِيهِ، فَلَقِيتُ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَأَخْبَرْتُهُ، فَنَهَانِى عَنْ ذَلِكَ أَشَدَّ النَّهْىِ، ثُمَّ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ نَاسًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا مَعَ الْمُشْرِكِينَ يُكَثِّرُونَ سَوَادَ الْمُشْرِكِينَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَأْتِى السَّهْمُ فَيُرْمَى بِهِ، فَيُصِيبُ أَحَدَهُمْ فَيَقْتُلُهُ أَوْ يُضْرَبُ فَيُقْتَلُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلاَئِكَةُ ظَالِمِى أَنْفُسِهِمْ) الآيَةَ. رَوَاهُ اللَّيْثُ عَنْ أَبِى الأَسْوَدِ. طرفه 7085 ـــــــــــــــــــــــــــــ (إسحاق) كذا وقع، هو ابن منصور ذكره الغساني. باب قوله: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} [النساء: 97] طائفة أسلموا وكانوا قادرين على الهجرة ولم يهاجروا، وخرجوا مع المشركين فقتلوا، والظاهر أن إسلامهم لم يكن عن يقين كما قاله الواقدي لقوله تعالى في آخر الآية: {أُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ} [النساء: 121] فإن المؤمن الموقن لا يكفر بالذنب، وقد روى ابن مردويه وابن حاتم أن هؤلاء لما رأوا قلة المؤمنين دخلهم الشك. 4596 - (حيوة) بفتح الحاء وسكون الياء (وغيره) قيل: هو ابن لهيعة، ولضعفه لم يصرح باسمه، وتقدم مثله مرة أخرى.

20 - باب (إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا)

22 - باب (إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً) 4597 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - (إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ) قَالَ كَانَتْ أُمِّى مِمَّنْ عَذَرَ اللَّهُ. طرفه 1357 23 - باب (فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا) 4598 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ بَيْنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى الْعِشَاءَ إِذْ قَالَ «سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ». ثُمَّ قَالَ قَبْلَ أَنْ يَسْجُدَ «اللَّهُمَّ نَجِّ عَيَّاشَ بْنَ أَبِى رَبِيعَةَ، اللَّهُمَّ نَجِّ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، اللَّهُمَّ نَجِّ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ، اللَّهُمَّ نَجِّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا سِنِينَ كَسِنِى يُوسُفَ». طرفه 797 22 - باب (وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ) 4599 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الْحَسَنِ أَخْبَرَنَا حَجَّاجٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (98)} [النساء: 98] 4597 - (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم (ابن أبي مليكة) بضم الميم مصغَّر، اسمه: عبد الله (قال ابن عباس: كانت أمي ممن عذر الله) كأنه لم يذكر نفسه؛ لأنه كان صغيرًا، وقد سلف عنه: كنت أنا وأمي من المستضعفين. باب قوله: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ} [النساء: 102] 4599 - (مقاتل) اسم فاعل (ابن جريج) بضم الجيم مصغر، عبد الملك عن ابن عباس

23 - باب قوله (ويستفتونك فى النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم فى الكتاب فى يتامى النساء)

قَالَ أَخْبَرَنِى يَعْلَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - (إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى) قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفِ كَانَ جَرِيحًا. 24 - باب قَوْلِهِ (وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ) 4600 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - (وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ) إِلَى قَوْلِهِ (وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ). قَالَتْ هُوَ الرَّجُلُ تَكُونُ عِنْدَهُ الْيَتِيمَةُ، هُوَ وَلِيُّهَا وَوَارِثُهَا، فَأَشْرَكَتْهُ فِي مَالِهِ حَتَّى فِي الْعِذْقِ، فَيَرْغَبُ أَنْ يَنْكِحَهَا، وَيَكْرَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا رَجُلاً، فَيَشْرَكُهُ فِي مَالِهِ بِمَا شَرِكَتْهُ فَيَعْضُلَهَا فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ. طرفه 2494 ـــــــــــــــــــــــــــــ ({إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى} قال: عبد الرحمن بن عوف كان جريحًا) أي: كانت به جراحة فاعل قال ابن عباس، أشار إلى سبب نزول الآية، قال بعضهم، أو قال عبد الرحمن: ومن كان جريحًا حكمه حكم المريض، فكأنه عطف الجريح على المريض، أو جعل الجرح نوعًا من المرض والكل خبط. أما الأول فلأنه لا عطف هنا، وأما الثاني فلأنه إذا كان نوعًا فلا فائدة في ذكره. وفي رواية أبي نعيم كان عبد الرحمن بن عوف جريحًا، وهو نصٌّ فيما قلناه. باب قوله: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ} [النساء: 127] 4600 - (وما يتلى) عطف على اسم الله، أو على المستتر لوجود الفاصل معنى، إذ التقدير: قل الله يفتيكم في حق ما يتلى، ولا معنى له (العذق) -بفتح العين- الحديقة وشرح الحديث سلف في أول السورة (عبيد) بضم العين مصغر (فيرغب أن ينكحها) أي: عن نكاحها (فتشركه) بفتح الراء في المضارع.

24 - باب (وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا)

25 - باب (وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا) وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ شِقَاقٌ تَفَاسُدٌ (وَأُحْضِرَتِ الأَنْفُسُ الشُّحَّ) هَوَاهُ فِي الشَّىْءِ يَحْرِصُ عَلَيْهِ (كَالْمُعَلَّقَةِ) لاَ هِىَ أَيِّمٌ وَلاَ ذَاتُ زَوْجٍ (نُشُوزًا) بُغْضًا. 4601 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - (وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا). قَالَتِ الرَّجُلُ تَكُونُ عِنْدَهُ الْمَرْأَةُ لَيْسَ بِمُسْتَكْثِرٍ مِنْهَا يُرِيدُ أَنْ يُفَارِقَهَا فَتَقُولُ أَجْعَلُكَ مِنْ شَأْنِى فِي حِلٍّ. فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي ذَلِكَ. طرفه 2450 26 - باب (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرَكِ الأَسْفَلِ) وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَسْفَلَ النَّارِ، (نَفَقًا) سَرَبًا. 4602 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ عَنِ الأَسْوَدِ قَالَ كُنَّا فِي حَلْقَةِ عَبْدِ اللَّهِ فَجَاءَ حُذَيْفَةُ حَتَّى قَامَ عَلَيْنَا، فَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ لَقَدْ أُنْزِلَ النِّفَاقُ عَلَى قَوْمٍ خَيْرٍ مِنْكُمْ. قَالَ الأَسْوَدُ سُبْحَانَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا} [النساء: 128] 4601 - (نشوزًا) البغضاء، تفسير باللازم؛ لأن معناه الارتفاع وعدم الرضا بالمصاحبة (أجعلك من شأني في حل) أي: مما يتعلق بك من حقوقي. باب قوله: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ} [النساء: 145] بفتح الدال وسكونها لغتان، وهي الرتبية إذا اعتبرت في الأسفل، وإن اعتبرت تفوقًا فهي درجة. (نفقًا: سربا) أتى به وهو في سورة الأنعام تفسيرًا للنفاق بأنه الَّذي في باطنه الكفر. 4602 - (عن الأسود: كنا في حلقة عبد الله) أي: ابن مسعود (قال) أي: حذيفة (لقد نزل النفاق على قوم خير منكم قال الأسود: سبحان الله) تعجبًا من أن يكون المنافق خيرًا من المؤمنين، والحال أن الله جعل الدرك الأسفل له، ولم يفهم ما قاله حذيفة، ولذلك

26 - باب قوله (إنا أوحينا إليك) إلى قوله (ويونس وهارون وسليمان)

يَقُولُ (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرَكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ) فَتَبَسَّمَ عَبْدُ اللَّهِ، وَجَلَسَ حُذَيْفَةُ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ، فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ فَتَفَرَّقَ أَصْحَابُهُ، فَرَمَانِى بِالْحَصَا، فَأَتَيْتُهُ فَقَالَ حُذَيْفَةُ عَجِبْتُ مِنْ ضَحِكِهِ، وَقَدْ عَرَفَ مَا قُلْتُ، لَقَدْ أُنْزِلَ النِّفَاقُ عَلَى قَوْمٍ كَانُوا خَيْرًا مِنْكُمْ، ثُمَّ تَابُوا فَتَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ. 27 - باب قَوْلِهِ (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ) إِلَى قَوْلِهِ (وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ) 4603 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِى الأَعْمَشُ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا يَنْبَغِى لأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى». طرفه 3412 4604 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ حَدَّثَنَا هِلاَلٌ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى فَقَدْ كَذَبَ». طرفه 3415 28 - باب (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ) ـــــــــــــــــــــــــــــ فَسَّرَه له بأن الصحابة كانوا على الكفر، ثم تابوا فتاب الله عليهم، وأما قول حذيفة: (عجبت من ضحكه) يريد أنَّه كان الأولى به أن يبيّن لهم مراد حذيفة، فإن عبد الله بن مسعود علم مراده. باب قوله: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} [النساء: 163] 4603 - 4604 - (محمد بن سنان فليح) بضم الفاء مصغَّر (من قال: أنا خير من يونس بن متى فقد كذب) بفتح الميم وتشديد التاء اسم أبيه، وقد سلف الحديث بشرحه في مناقب يونس. باب قوله: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} [النساء: 176]

5 - سورة المائدة

وَالْكَلاَلَةُ مَنْ لَمْ يَرِثْهُ أَبٌ أَوِ ابْنٌ وَهْوَ مَصْدَرٌ مِنْ تَكَلَّلَهُ النَّسَبُ. 4605 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ - رضى الله عنه - قَالَ آخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ بَرَاءَةَ، وَآخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ (يَسْتَفْتُونَكَ) طرفه 4364 5 - سورة الْمَائِدَةِ 1 - بابُ {حُرُمٌ} [البقرة: 173]: «وَاحِدُهَا حَرَامٌ». {فَبِمَا نَقْضِهِمْ} [النساء: 155]: «بِنَقْضِهِمْ». {الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ} [المائدة: 21]: «جَعَلَ اللَّهُ». {تَبُوءُ} [المائدة: 29]: «تَحْمِلُ». {دَائِرَةٌ} [المائدة: 52]: «دَوْلَةٌ» وَقَالَ غَيْرُهُ: " الإِغْرَاءُ: التَّسْلِيطُ. {أُجُورَهُنَّ} [النساء: 24]: مُهُورَهُنَّ " قَالَ سُفْيَانُ: " مَا فِي القُرْآنِ آيَةٌ أَشَدُّ عَلَيَّ مِنْ: {لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} [المائدة: 68] " وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {مَخْمَصَةٍ} [المائدة: 3]: «مَجَاعَةٍ»، ـــــــــــــــــــــــــــــ اشتقاقها من الكَلِّ وهو الإعياء؛ لأنها في حواشي النسب كأنها كلت عن الوصول، أو من الإكليل؛ لأنها محيطة بالنسب من الجوانب. 4605 - (حرب) ضد الصلح (عن البراء: آخر سورة نزلت: براءة، وآخر آية نزلت: {يَسْتَفْتُونَكَ} قد سلف في آخر البقرة التوفيق بين الروايات بأن آخر آية نزلت على الإطلاق {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} [البقرة: 281] وآخر آية في الحلال والحرام آية الربا، وآخر آية في المواريث هذه الآية. ومن الشارحين من قال: هذا قول البراء، وذلك قول ابن عباس، وذهب عليه أن هذا عين الإشكال. سورة المائدة (قال سفيان ما في القرآن آية أشد عليَّ من {لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ} [المائدة: 68]. قال بعض الشارحين: فإن قلت: لم كان أشد عليه؟ قلت: لما فيه من تكليف العلم بأحكام التوراة والإنجيل والعمل بها، وأنا أقول: هذا قد فهم أن الخطاب في قوله تعالى:

2 - باب قوله: {اليوم أكملت لكم دينكم} [المائدة: 3]

{مَنْ أَحْيَاهَا} [المائدة: 32]: «يَعْنِي مَنْ حَرَّمَ قَتْلَهَا إِلَّا بِحَقٍّ، حَيِيَ النَّاسُ مِنْهُ جَمِيعًا». {شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: 48]: «سَبِيلًا وَسُنَّةً»، المُهَيْمِنُ: «الأَمِينُ، القُرْآنُ أَمِينٌ عَلَى كُلِّ كِتَابٍ قَبْلَهُ». 2 - بَابُ قَوْلِهِ: {اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3] وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَخْمَصَةٌ مَجَاعَةٌ. 4606 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ قَيْسٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَتِ الْيَهُودُ لِعُمَرَ إِنَّكُمْ تَقْرَءُونَ آيَةً لَوْ نَزَلَتْ فِينَا لاَتَّخَذْنَاهَا عِيدًا. فَقَالَ عُمَرُ إِنِّى لأَعْلَمُ حَيْثُ أُنْزِلَتْ، وَأَيْنَ أُنْزِلَتْ، وَأَيْنَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ أُنْزِلَتْ يَوْمَ عَرَفَةَ، وَإِنَّا وَاللَّهِ بِعَرَفَةَ - قَالَ سُفْيَانُ وَأَشُكُّ كَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَمْ لاَ - (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ). طرفه 45 ـــــــــــــــــــــــــــــ {لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ} خطاب لهذه الأمة، وقد ذهل على صدر الآية وهي قوله تعالى: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ}. فإن قلت: ربما كان مراده أن أهل الكتاب مكلفون بذلك! قلت: لو سلم ذلك فلم يكن أشد عليه بل عليهم، والصواب: أن هذه الأمة خير الأمم، فإذا كان هذا حال أهل الكتاب، فهذه الأمة أولى بالقيام بما في القرآن. باب قَوْلِهِ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3] 4606 - (محمد بن بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (قال اليهود لعمر: إنكم تقرؤون آية لو نزلت فينا لاتخذناها عيدًا) أي: يوم نزولها، وقد سلف الحديث في أبواب الحج، وأشرنا إلى أن قول عمر: (إني أعرف حيث أنزلت وأين أنزلت) إشارة إلى الجواب مع الزيادة، فإنه سئل عن الزمان، فأجاب بالزمان والمكان، وأن المراد العيد تقديسها (وعرفة) اسم المكان لا غير. وقولهم يوم عرفة معناه: يوم الوقوف بعرفة. قال الجوهري: عرفات اسم الموضع، ولا واحد له. وقول الناس: نزلنا بعرفة مولد وليس بعربي محضّ، وبالجملة لم يقل أحدٌ إن عرفة موضع للزمان، وقد بسطنا القول عليه في أبواب العلم.

3 - باب قوله (فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا)

3 - باب قَوْلِهِ (فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا) تَيَمَّمُوا تَعَمَّدُوا. (آمِّينَ) عَامِدِينَ. أَمَّمْتُ وَتَيَمَّمْتُ وَاحِدٌ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَمَسْتُمْ وَتَمَسُّوهُنَّ وَاللاَّتِى دَخَلْتُمْ بِهِنَّ وَالإِفْضَاءُ النِّكَاحُ. 4607 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ أَوْ بِذَاتِ الْجَيْشِ انْقَطَعَ عِقْدٌ لِى، فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الْتِمَاسِهِ، وَأَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ فَأَتَى النَّاسُ إِلَى أَبِى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فَقَالُوا أَلاَ تَرَى مَا صَنَعَتْ عَائِشَةُ أَقَامَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَبِالنَّاسِ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَاضِعٌ رَأْسَهُ عَلَى فَخِذِى قَدْ نَامَ، فَقَالَ حَبَسْتِ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالنَّاسَ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ قَالَتْ عَائِشَةُ فَعَاتَبَنِى أَبُو بَكْرٍ، وَقَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ، وَجَعَلَ يَطْعُنُنِى بِيَدِهِ فِي خَاصِرَتِى، وَلاَ يَمْنَعُنِى مِنَ التَّحَرُّكِ إِلاَّ مَكَانُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى فَخِذِى، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى أَصْبَحَ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ فَقَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [المائدة: 6] الصعيد: ما صعد على وجه الأرض من التراب. والطيب: الطاهر (وقال ابن عباس: {لَامَسْتُمُ} [المائدة: 6] و {تَمَسُّوهُنَّ} [البقرة: 236]) يريد أن لفظ اللمس والمسَّ والدخول والإفضاء في كلامه تعالى كنايات عن الوقاع. 4607 - ثم روى عن عائشة سبب نزول الآية، وهو فقد القلادة، وقد سلف الحديث في أبواب التيمم وبعدها مرارًا، ونشير إلى بعض ألفاظه (كنا بالبيداء أو ذات الجيش) البيداء بالمد لغة: المفازة، والمراد بها هنا ذو الحليفة ميقات أهل المدينة، وذات الجيش وادٍ بين ذي الحليفة وبرثان (انقطع عقد لي) كان لأسماء عارية عندها، رواه على الشك هنا وجزم بالبيداء بعده (يطعنني) بضم العين أقبل أبو بكر فلكزني) بالزاي المعجمة الضرب بالكف في

4 - باب قوله (فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون)

أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ مَا هِىَ بِأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ يَا آلَ أَبِى بَكْرٍ. قَالَتْ فَبَعَثْنَا الْبَعِيرَ الَّذِى كُنْتُ عَلَيْهِ فَإِذَا الْعِقْدُ تَحْتَهُ. طرفه 334 4608 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرٌو أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - سَقَطَتْ قِلاَدَةٌ لِى بِالْبَيْدَاءِ وَنَحْنُ دَاخِلُونَ الْمَدِينَةَ، فَأَنَاخَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَنَزَلَ، فَثَنَى رَأْسَهُ فِي حَجْرِى رَاقِدًا، أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ فَلَكَزَنِى لَكْزَةً شَدِيدَةً وَقَالَ حَبَسْتِ النَّاسَ فِي قِلاَدَةٍ. فَبِى الْمَوْتُ لِمَكَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ أَوْجَعَنِى، ثُمَّ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - اسْتَيْقَظَ وَحَضَرَتِ الصُّبْحُ فَالْتُمِسَ الْمَاءُ فَلَمْ يُوجَدْ فَنَزَلَتْ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ) الآيَةَ. فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ لَقَدْ بَارَكَ اللَّهُ لِلنَّاسِ فِيكُمْ يَا آلَ أَبِى بَكْرٍ، مَا أَنْتُمْ إِلاَّ بَرَكَةٌ لَهُمْ. طرفه 334 4 - باب قَوْلِهِ (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلاَ إِنَّا هَا هُنَا قَاعِدُونَ) 4609 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ مُخَارِقٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ شَهِدْتُ مِنَ الْمِقْدَادِ ح وَحَدَّثَنِى حَمْدَانُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ حَدَّثَنَا الأَشْجَعِىُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مُخَارِقٍ عَنْ طَارِقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ الْمِقْدَادُ يَوْمَ بَدْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا لاَ نَقُولُ لَكَ كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلاَ إِنَّا هَا هُنَا قَاعِدُونَ) وَلَكِنِ امْضِ وَنَحْنُ مَعَكَ. فَكَأَنَّهُ سُرِّىَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. وَرَوَاهُ وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مُخَارِقٍ عَنْ طَارِقٍ أَنَّ الْمِقْدَادَ قَالَ ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 3952 ـــــــــــــــــــــــــــــ الصدر (أسيد بن حضير) بتصغير الاسمين. باب قوله: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة: 24] 4609 - (أبو نعيم) بضم النون مصغر (مخارق) بضم الميم وخاء معجمة (فكأنه سري عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: كشف عنه. الحديث سلف في غزاة بدر.

5 - باب إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون فى الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا) إلى قوله (أو ينفوا من الأرض)

5 - باب إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا) إِلَى قَوْلِهِ (أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ) الْمُحَارَبَةُ لِلَّهِ الْكُفْرُ بِهِ. 4610 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِىُّ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ حَدَّثَنِى سَلْمَانُ أَبُو رَجَاءٍ مَوْلَى أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا خَلْفَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَذَكَرُوا وَذَكَرُوا فَقَالُوا وَقَالُوا قَدْ أَقَادَتْ بِهَا الْخُلَفَاءُ، فَالْتَفَتَ إِلَى أَبِى قِلاَبَةَ وَهْوَ خَلْفَ ظَهْرِهِ، فَقَالَ مَا تَقُولُ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ أَوْ قَالَ مَا تَقُولُ يَا أَبَا قِلاَبَةَ قُلْتُ مَا عَلِمْتُ نَفْسًا حَلَّ قَتْلُهَا فِي الإِسْلاَمِ إِلاَّ رَجُلٌ زَنَى بَعْدَ إِحْصَانٍ، أَوْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ، أَوْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ - صلى الله عليه وسلم -. فَقَالَ عَنْبَسَةُ حَدَّثَنَا أَنَسٌ بِكَذَا وَكَذَا. قُلْتُ إِيَّاىَ حَدَّثَ أَنَسٌ قَالَ قَدِمَ قَوْمٌ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَكَلَّمُوهُ فَقَالُوا قَدِ اسْتَوْخَمْنَا هَذِهِ الأَرْضَ. فَقَالَ «هَذِهِ نَعَمٌ لَنَا تَخْرُجُ، فَاخْرُجُوا فِيهَا، فَاشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا». فَخَرَجُوا فِيهَا فَشَرِبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا وَاسْتَصَحُّوا، وَمَالُوا عَلَى الرَّاعِى فَقَتَلُوهُ، وَاطَّرَدُوا النَّعَمَ، فَمَا يُسْتَبْطَأُ مِنْ هَؤُلاَءِ قَتَلُوا النَّفْسَ وَحَارَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَخَوَّفُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ. فَقُلْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ} [المائدة: 33] 4610 - (ابن عون) آخره نون عبد الله (عن أبي رجاء) بالمد روى في الباب حديث (أبي قلابة) بكسر القاف، وهو عبد الله بن زيد الجرمي أنَّه بيان قاعدًا عند عمر بن عبد العزيز بالشام فسأل عمر عن القصاص بالقسامة، فأشار الحاضرون بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء بعده أقادوا بها، واستدلوا عليه بحديث العرنيين، فرد عليهم أبو قلابة بأن قتل العرنيين لم يكن بالقسامة، بل قصاصًا؛ لأنهم قتلوا راعي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحاربوا الله ورسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد سلف الكلام في غزوة عكل، وبسطنا الكلام عليه هناك، وأشرنا إلى ما وقع من بعضهم من الزلل. (فذكروا وذكروا) أي: تحدثوا بأنواع من الكلام (فما يستبطأ من هولاء) على بناء

6 - باب قوله (والجروح قصاص)

تَتَّهِمُنِى قَالَ حَدَّثَنَا بِهَذَا أَنَسٌ. قَالَ وَقَالَ يَا أَهْلَ كَذَا إِنَّكُمْ لَنْ تَزَالُوا بِخَيْرٍ مَا أُبْقِىَ هَذَا فِيكُمْ أَوْ مِثْلُ هَذَا. طرفه 233 6 - باب قَوْلِهِ (وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ) 4611 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا الْفَزَارِىُّ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَسَرَتِ الرُّبَيِّعُ - وَهْىَ عَمَّةُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - ثَنِيَّةَ جَارِيَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ، فَطَلَبَ الْقَوْمُ الْقِصَاصَ، فَأَتَوُا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْقِصَاصِ. فَقَالَ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ عَمُّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ لاَ وَاللَّهِ لاَ تُكْسَرْ سِنُّهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَا أَنَسُ كِتَابُ اللَّهِ الْقِصَاصُ». فَرَضِىَ الْقَوْمُ وَقَبِلُوا الأَرْشَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّهُ». طرفه 2703 7 - باب (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) 4612 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الشَّعْبِىِّ ـــــــــــــــــــــــــــــ المجهول كناية عن استحقاقهم القتل من وجوه (وقال) أي: عنبسة (يا أهل كذا) أي: أهل الشام، صرح به في الرواية الأخرى (لن تزالوا بخير ما دام فيكم مثل هذا) استحسن علمه، إذ لولاه لحكموا بالقصاص في القسامة. باب {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45] 4611 - روى فيه حديث أنس (أن عمته الربيع) بضم الراء وفتح الموحدة وتشديد المثناة (كسرت ثنية جارية) وجب عليها القصاص، والحديث سبق في سورة البقرة، وأشرنا إلى أن قول أنس (والله لا تكسر ثنيتها) لم يكن غرضه دفع حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ بل أراد الشفاعة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، رجاؤه من الله أن يقبلوا الدية، ويؤيد هذا قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره). باب قوله {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ} [المائدة: 67] 4612 - (محمد بن يوسف) الفريابي (عن الشعبي) بفتح الشين، أبو عمرو عامر،

8 - باب قوله (لا يؤاخذكم الله باللغو فى أيمانكم)

عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - كَتَمَ شَيْئًا مِمَّا أُنْزِلَ عَلَيْهِ، فَقَدْ كَذَبَ، وَاللَّهُ يَقُولُ (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ) الآيَةَ. طرفه 3234 8 - باب قَوْلِهِ (لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ) 4613 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ سَلَمَةَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ سُعَيْرٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنِ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ (لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ) فِي قَوْلِ الرَّجُلِ لاَ وَاللَّهِ، وَبَلَى وَاللَّهِ. طرفه 6663 4614 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِى رَجَاءٍ حَدَّثَنَا النَّضْرُ عَنْ هِشَامٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ أَبَاهَا كَانَ لاَ يَحْنَثُ فِي يَمِينٍ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ لاَ أَرَى يَمِينًا أُرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، إِلاَّ قَبِلْتُ رُخْصَةَ اللَّهِ، وَفَعَلْتُ الَّذِى هُوَ خَيْرٌ. طرفه 6621 ـــــــــــــــــــــــــــــ استدلت عائشة بالآية على أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لم يكتم شيئًا من الوحي؛ لأن لفظ (ما) عام في كل ما أنزل عليه أعم من الوحي المتلو وغيره. باب قوله: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [المائدة: 89] 4613 - 4614 - (أبي رجاء) بالمد (عن النضر) بالضاد المعجمة: هو ابن شميل (قال أبو بكر: لا أرى يمينًا غيرها خيرًا منها) المراد من اليمين: المحلوف عليه؛ لأن الخيرية فيه لا في اليمين (لا قبلت رخصة الله) في دفع الإثم بالكفارة. باب قوله: {لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} [المائدة: 87] روى الترمذي عن ابن عباس: أن رجلًا جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: حرمت اللحم عن نفسي فنزلت، وفي رواية ابن أبي حاتم عن ابن عباس نزلت في أناس تركوا شهوات الدنيا، وقد ذكرنا مرارًا أن لا تزاحم في الأسباب.

9 - باب (لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم)

9 - باب (لاَ تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ) 4615 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضى الله عنه قَالَ كُنَّا نَغْزُو مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَلَيْسَ مَعَنَا نِسَاءٌ فَقُلْنَا أَلاَ نَخْتَصِى فَنَهَانَا عَنْ ذَلِكَ، فَرَخَّصَ لَنَا بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ نَتَزَوَّجَ الْمَرْأَةَ بِالثَّوْبِ، ثُمَّ قَرَأَ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ). طرفاه 5071، 5075 10 - باب قَوْلِهِ (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ) وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (الأَزْلاَمُ) الْقِدَاحُ يَقْتَسِمُونَ بِهَا فِي الأُمُورِ. وَالنُّصُبُ أَنْصَابٌ يَذْبَحُونَ عَلَيْهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ 4615 - (عون) بفتح العين آخره نون (عن عبد الله) هو ابن مسعود (ورَخَّص لنا أن نتزوج المرأة بالثوب) هذا نكاح المتعة. وقد سلف في غزوة خيبر أنَّه تكرر إباحته ونسخه، ثم نسخ رأسًا. فإن قلت: استدلال ابن مسعود بالآية دال على أنَّه لم يقل بالنسخ؟ قلت: كذلك المسألة كان فيها خلاف في الصدر الأول، ثم ارتفع الخلاف. قال بعض الشارحين: فإن قلت: التزوج كان ثانيًا عزيمة؟ قلت: التزوج بالشيء الحقير كالثوب ثبت رخصة وهذا ليس بشيء، أما أولًا: فلأن النِّكَاح بلا صداق صحيح فضلًا عن الحقير، وأما ثانيًا: فلأن مناط الرخصة لشى ما ذكره من الشيء الحقير، بل المتمتع بالمرأة إما دفعًا للضرورة. قال ابن الأثير: نكاح المتعة هو النِّكَاح إلى أجل معلوم من التمتع بالشيء وهو الانتفاع به. باب قوله: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ} [المائدة: 90] (والأزلام: القداح) بفتح [الهمزة]: جمع زلم، بفتح الزاي واللام وقد تضم الزاي (والأنصاب) جمع نصب بفتح النون وسكون الصاد، وبضم النون وسكون الصاد، وضمها يطلق على الأوثان وعلى الأحجار التي كانوا يذبحون عليها.

وَقَالَ غَيْرُهُ الزُّلَمُ الْقِدْحُ لاَ رِيشَ لَهُ، وَهُوَ وَاحِدُ الأَزْلاَمِ. وَالاِسْتِقْسَامُ أَنْ يُجِيلَ الْقِدَاحَ فَإِنْ نَهَتْهُ انْتَهَى وَإِنْ أَمَرَتْهُ فَعَلَ مَا تَأْمُرُهُ. وَقَدْ أَعْلَمُوا الْقِدَاحَ أَعْلاَمًا بِضُرُوبٍ يَسْتَقْسِمُونَ بِهَا وَفَعَلْتُ مِنْهُ قَسَمْتُ وَالْقُسُومُ الْمَصْدَرُ. 4616 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ وَإِنَّ فِي الْمَدِينَةِ يَوْمَئِذٍ لَخَمْسَةَ أَشْرِبَةٍ، مَا فِيهَا شَرَابُ الْعِنَبِ. طرفه 5579 4617 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ قَالَ قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه - مَا كَانَ لَنَا خَمْرٌ غَيْرُ فَضِيخِكُمْ هَذَا الَّذِى تُسَمُّونَهُ الْفَضِيخَ. فَإِنِّى لَقَائِمٌ أَسْقِى أَبَا طَلْحَةَ وَفُلاَنًا وَفُلاَنًا إِذْ جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ وَهَلْ بَلَغَكُمُ الْخَبَرُ فَقَالُوا وَمَا ذَاكَ قَالَ حُرِّمَتِ الْخَمْرُ. قَالُوا أَهْرِقْ هَذِهِ الْقِلاَلَ يَا أَنَسُ. قَالَ فَمَا سَأَلُوا عَنْهَا وَلاَ رَاجَعُوهَا بَعْدَ خَبَرِ الرَّجُلِ. طرفه 2464 4618 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ جَابِرٍ قَالَ صَبَّحَ أُنَاسٌ غَدَاةَ أُحُدٍ الْخَمْرَ فَقُتِلُوا مِنْ يَوْمِهِمْ جَمِيعًا شُهَدَاءَ، وَذَلِكَ قَبْلَ تَحْرِيمِهَا. طرفه 2815 ـــــــــــــــــــــــــــــ 4616 - (بشر) بكسر الموحدة. 4617 - (ابن عليَّة) بضم العين وتشديد الياء المفتوحة، إسماعيل بن إبراهيم، وعلية أمه (ما كان لنا خمر غير فضيخكم) بالضاد المعجمة وخاء كذلك، هو بسر التمر إذا فضخ، أي: شدخ (أهرق هذه القلال) أي: أرق، الهاء مقحمة. والقلال: جمع قلة بضم القاف، وتشديد اللام: الجرة التي يقلها أي: يرفعها رجل قوي. 4618 - (صدقة) أخت الزكاة (صبَّح أناس غداة أُحدٍ الخمر) بفتح الصاد وتشديد الباء، شربوه في الصباح. الشرب في الصباح يسمى: صبوحًا، وفي المساء: غبوقًا.

11 - باب (ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا) إلى قوله (والله يحب المحسنين)

4619 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِىُّ أَخْبَرَنَا عِيسَى وَابْنُ إِدْرِيسَ عَنْ أَبِى حَيَّانَ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ - رضى الله عنه - عَلَى مِنْبَرِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ أَمَّا بَعْدُ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ وَهْىَ مِنْ خَمْسَةٍ، مِنَ الْعِنَبِ وَالتَّمْرِ وَالْعَسَلِ وَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ، وَالْخَمْرُ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ. أطرافه 5581، 5588، 5589، 7337 11 - باب (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا) إِلَى قَوْلِهِ (وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) 4620 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ الْخَمْرَ الَّتِى أُهْرِيقَتِ الْفَضِيخُ. وَزَادَنِى مُحَمَّدٌ عَنْ أَبِى النُّعْمَانِ قَالَ كُنْتُ سَاقِىَ الْقَوْمِ فِي مَنْزِلِ أَبِى طَلْحَةَ فَنَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ، فَأَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى. فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ اخْرُجْ فَانْظُرْ مَا هَذَا الصَّوْتُ قَالَ فَخَرَجْتُ فَقُلْتُ هَذَا مُنَادٍ يُنَادِى أَلاَ إِنَّ الْخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ. فَقَالَ لِى اذْهَبْ فَأَهْرِقْهَا. قَالَ فَجَرَتْ فِي سِكَكِ الْمَدِينَةِ. قَالَ وَكَانَتْ خَمْرُهُمْ يَوْمَئِذٍ الْفَضِيخَ فَقَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 4619 - (عن أبي حيان) -بفتح الحاء وتشديد المثناة تحت- يحيى بن سعيد (نزل تحريم الخمر وهي من خمسة) وعدها في الحديث. فإن قلت: تقدم أنَّه لم يكن في المدينة خمر العنب؟ قلت: أراد بيان أنواعها مطلقًا، ولذلك عمم بقوله: "والخمر ما خامر العقل". هذه الأحاديث كلها دالة على أن لفظ الخمر حقيقة في كل مسكر، وما يقال إن الخمر خاص بماء العنب لا سند له. باب قوله: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} [المائدة: 93] روى أنس أن الآية نزلت في الذين شربوا الخمر قبل التحريم، وقتلوا وهي في بطونهم. 4620 - (أبو النعمان) محمد بن الفضل (وزادني محمد) قائل هذا الكلام الفربري، ومحمد هو البخاري. ومن قال: هو محمد بن يحيى الذهلي نقلًا عن الغساني فقد وهم، وليس في الغساني لذلك وجود (اذهب فأهرقها فجرت في سكك المدينة) فيه دليل للشافعي. ومن

12 - باب قوله (لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم)

بَعْضُ الْقَوْمِ قُتِلَ قَوْمٌ وَهْىَ فِي بُطُونِهِمْ قَالَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا). طرفه 2464 12 - باب قَوْلِهِ (لاَ تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ) 4621 - حَدَّثَنَا مُنْذِرُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجَارُودِىُّ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خُطْبَةً مَا سَمِعْتُ مِثْلَهَا قَطُّ، قَالَ «لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا». قَالَ فَغَطَّى أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وُجُوهَهُمْ لَهُمْ خَنِينٌ، فَقَالَ رَجُلٌ مَنْ أَبِى قَالَ فُلاَنٌ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ (لاَ تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ). رَوَاهُ النَّضْرُ وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ عَنْ شُعْبَةَ. طرفه 93 4622 - حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ حَدَّثَنَا أَبُو الْجُوَيْرِيَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ قَوْمٌ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اسْتِهْزَاءً، فَيَقُولُ الرَّجُلُ مَنْ أَبِى وَيَقُولُ الرَّجُلُ تَضِلُّ نَاقَتُهُ أَيْنَ نَاقَتِى فَأَنْزَلَ اللَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قال: لا يجوز تخليل الخمر، أي: جعله خلًا بالعلاج. وفي راوية أبي يعلى والإمام أحمد: أن تميمًا الداري كان يهدي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - كل عام رواية خمر، فجاء بعد الفتح براوية، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "حرمت الخمر"، فقال: أبيعها؟ قال: "إن الَّذي حرَّم شربها حرم بيعها". باب قوله: {لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ} [المائدة: 101] 4621 - (منذر) بكسر الذال المعجمة (الجارودي) نسبة إلى جارود، وهو لقب بشر بن عبد القيس (حنين) بالحاء المهملة: البكاء في الصدر، ويروى بالخاء المعجمة، وهو الصوت في الأنف (فقال رجل: من أبي) القائل عبد الله بن حذافة (النضر) -بفتح النون وسكون الضاد المعجمة- ابن شميل (وروح) بفتح الراء وسكون الواو. 4622 - (أبو النضر) بالضاد المعجمة هاشم بن القاسم (أبو خيثمة) بالخاء المعجمة زهير بن معاوية (أبو الجويرية) مصغر الجارية اسمه: حطان بكسر الحاء وتشديد الطاء (عن ابن عباس كان قوم يسألون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استهزاءً).

13 - باب (ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام) (وإذ قال الله) يقول قال الله وإذ ها هنا صلة

فِيهِمْ هَذِهِ الآيَةَ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ) حَتَّى فَرَغَ مِنَ الآيَةِ كُلِّهَا. 13 - باب (مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلاَ سَائِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ) (وَإِذْ قَالَ اللَّهُ) يَقُولُ قَالَ اللَّهُ. وَإِذْ هَا هُنَا صِلَةٌ الْمَائِدَةُ أَصْلُهَا مَفْعُولَةٌ كَعِيشَةٍ رَاضِيَةٍ وَتَطْلِيقَةٍ بَائِنَةٍ وَالْمَعْنَى مِيدَ بِهَا صَاحِبُهَا مِنْ خَيْرٍ، يُقَالُ مَادَنِى يَمِيدُنِى. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (مُتَوَفِّيكَ) مُمِيتُكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: الاستهزاء برسول الله - صلى الله عليه وسلم - كفر، فكيف صدر الآية بقوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} [المائدة: 101]؟ قلت: الخطاب للمؤمنين تحذيرًا عن مثل فعل أولئك، أو خوطبوا بناءً على ادعائهم الإيمان لهم كما تقول لمن يلحن في الإعراب ويزعم أنَّه نحوي يا نحوي لا نحو في الإعراب. فإن قلت: روى الترمذي أنها نزلت في حجة الوداع حين سئل عن وجوب الحج: أكلَّ عام؟ فقال: "دعوني ما تركتكم"؟ قلت: أشرنا مرارًا إلى جواز تعدد أسباب النزول. وروي أن سبب النزول سؤالهم عن البحيرة والوصيلة، وقيل: سؤال المشركين أن يجعل لهم الصفا ذهبًا. باب قوله: {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ} [المائدة: 103] قال ابن الأثير: كانوا إذا نتجت الناقة وتابعت بين عشر إناث يسيبونها لا تركب ولا يحمل عليها وما ولدت بعد ذلك بحَّروا أذنها، أي: شقوه وسيبوها كأمها، فالأم السائبة، وتلك بحيرة. والوصيلة والحام فسرها في الحديث. والمائدة أصلها مفعولة، أي: الإسناد فيها مجاز كما في {عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} [الحاقة: 21] هذا ما قاله أبو عبيدة. وقال الجوهري: المائدة: الخوان ما دام عليها طعام (والمعنى ميد بها صاحبها) أي: ميل (قال ابن عباس: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ} [آل عمران: 55]: مميتك) تمسك به بعضهم بأنه مات ثم رفع، وليس كذلك؛ لأن الواو لا تدل على الترتيب، وإنما قدم التوفي على الرفع لئلا يتوهم أن برفعه إلى السماء ينجو من الموت، هذه الآية في سورة آل عمران. قال شيخنا: وكان بعض الرواة ظنّ أنها في هذه السورة فألحقها بها وبعده لا يخفى،

4623 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ الْبَحِيرَةُ الَّتِى يُمْنَعُ دَرُّهَا لِلطَّوَاغِيتِ فَلاَ يَحْلُبُهَا أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ. وَالسَّائِبَةُ كَانُوا يُسَيِّبُونَهَا لآلِهَتِهِمْ لاَ يُحْمَلُ عَلَيْهَا شَىْءٌ. قَالَ وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ عَامِرٍ الْخُزَاعِىَّ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ، كَانَ أَوَّلَ مَنْ سَيَّبَ السَّوَائِبَ». وَالْوَصِيلَةُ النَّاقَةُ الْبِكْرُ تُبَكِّرُ فِي أَوَّلِ نِتَاجِ الإِبِلِ، ثُمَّ تُثَنِّى بَعْدُ بِأُنْثَى. وَكَانُوا يُسَيِّبُونَهُمْ لِطَوَاغِيتِهِمْ إِنْ وَصَلَتْ إِحْدَاهُمَا بِالأُخْرَى لَيْسَ بَيْنَهُمَا ذَكَرٌ. وَالْحَامِ فَحْلُ الإِبِلِ يَضْرِبُ الضِّرَابَ الْمَعْدُودَ، فَإِذَا قَضَى ضِرَابَهُ وَدَعُوهُ لِلطَّوَاغِيتِ وَأَعْفَوْهُ مِنَ الْحَمْلِ فَلَمْ يُحْمَلْ عَلَيْهِ شَىْءٌ وَسَمَّوْهُ الْحَامِىَ. وَقَالَ أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ سَمِعْتُ سَعِيدًا قَالَ يُخْبِرُهُ بِهَذَا قَالَ وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَحْوَهُ. وَرَوَاهُ ابْنُ الْهَادِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 3521 4624 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى يَعْقُوبَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْكَرْمَانِىُّ حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ عَائِشَةَ رضى الله عنها قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «رَأَيْتُ جَهَنَّمَ يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَرَأَيْتُ عَمْرًا يَجُرُّ قُصْبَهُ، وَهْوَ أَوَّلُ مَنْ سَيَّبَ السَّوَائِبَ». طرفه 1044 ـــــــــــــــــــــــــــــ فالأولى أن البخاري ذكرها في تفسير قوله تعالى في آخر السورة: {فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ} [المائدة: 117] وهذا كما ذكر ...... الواقع في الأنعام في تفسير النفاق في سورة النساء ..... 4623 - 4624 - (رأيت النار يحطم بعضها بعضًا) أي تغلي و .... بعضها بعضًا كما نراه في النيران العظيمة (ورأيت عمرو بن عامر الخزاعي) هو عمرو بن لحي، وعامر جدُّه (يجر قصبه) -بضم القاف وسكون الصاد- أي: أمعاءه، هو أول من غيَّر دين إبراهيم، وأدخل الأصنام إلى بلاد العرب. اشترى عُزَّى من نصارى الشام.

14 - باب (وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتنى كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شئ شهيد)

14 - باب (وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِى كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ شَهِيدٌ) 4625 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ النُّعْمَانِ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ إِلَى اللَّهِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلاً - ثُمَّ قَالَ - (كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ) إِلَى آخِرِ الآيَةِ - ثُمَّ قَالَ - أَلاَ وَإِنَّ أَوَّلَ الْخَلاَئِقِ يُكْسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ، أَلاَ وَإِنَّهُ يُجَاءُ بِرِجَالٍ مِنْ أُمَّتِى فَيُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ، فَأَقُولُ يَا رَبِّ أُصَيْحَابِى. فَيُقَالُ إِنَّكَ لاَ تَدْرِى مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ. فَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ (وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِى كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ) فَيُقَالُ إِنَّ هَؤُلاَءِ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ». طرفه 3349 15 - باب قَوْلِهِ (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) 4626 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ النُّعْمَانِ قَالَ: ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [المائدة: 117] 4625 - (إنكم محشورون إلى الله حفاة غُرْلًا) بضم الغين المعجمة جمع أغرل، وهو الَّذي لم يختن، والغرلة قلفة الذكر. وإنه يجاء برجال من أمتي، هم الذين آمنوا به، ورأوه لقوله: (أصحابي، فيؤخذ بهم ذات الشمال) أي: طريق جهنم، أعاذنا الله منها (إنهم لم يزالون مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم، فأقول كما قال العبد الصالح) هو عيسى بن مريم {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ} [المائدة: 117]) قوله: (أصحابي) على أنهم كانوا من الصحابة، كيف لا، وقد قال "مذ فارقتهم"، فمن قال: لم يكونوا من الصحابة، بل من المؤلفة فقد خلط؛ لأن المؤلفة أيضًا من الصحابة. ثم قال: أو لم يكونوا مرتدين من الدين، بل قصروا في بعض الحقوق. قلت: قد غفل هذا عن قوله في الرواية الأخرى: "قد بدلوا بعدك فأقول: سحقًا لمن بدل بعدي".

6 - سورة الأنعام

حَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ، وَإِنَّ نَاسًا يُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ، فَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ (وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ) إِلَى قَوْلِهِ (الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ). طرفه 3349 6 - سورة الأَنْعَامِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (فِتْنَتَهُمْ) مَعْذِرَتَهُمْ. (مَعْرُوشَاتٍ) مَا يُعْرَشُ مِنَ الْكَرْمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. (حَمُولَةً) مَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا. (وَلَلَبَسْنَا) لَشَبَّهْنَا (يَنْأَوْنَ) يَتَبَاعَدُونَ. تُبْسَلُ تُفْضَحُ (أُبْسِلُوا) أُفْضِحُوا. (بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ) الْبَسْطُ الضَّرْبُ. (اسْتَكْثَرْتُمْ) أَضْلَلْتُمْ كَثِيرًا. (ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ) جَعَلُوا لِلَّهِ مِنْ ثَمَرَاتِهِمْ وَمَالِهِمْ نَصِيبًا، وَلِلشَّيْطَانِ وَالأَوْثَانِ نَصِيبًا. (أَمَّا اشْتَمَلَتْ) يَعْنِى هَلْ تَشْتَمِلُ إِلاَّ عَلَى ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى فَلِمَ تُحَرِّمُونَ بَعْضًا وَتُحِلُّونَ بَعْضًا. (مَسْفُوحًا) مُهْرَاقًا (صَدَفَ) أَعْرَضَ (أُبْلِسُوا) أُويِسُوا وَ (أُبْسِلُوا) أُسْلِمُوا. (سَرْمَدًا) دَائِمًا. (اسْتَهْوَتْهُ) أَضَلَّتْهُ. (يَمْتَرُونَ) يَشُكُّونَ. (وَقْرٌ) صَمَمٌ، وَأَمَّا ـــــــــــــــــــــــــــــ سورة الأنعام {فِتْنَتُهُمْ} [الأنعام: 23] معذرتهم) الكذب (تبسل: تفضح) فسره باللازم الإبسال: تسلم الشيء (أكنة، واحدها: كنان) {وَقْرًا} [الأنعام: 25] بفتح الواو (والوقر: الحمل) بكسر الواو. {سَرْمَدًا} [القصص: 71]، وهذا في سورة القصص، ذكره توكيدًا لمعنى اليأس {أَسَاطِيرُ} [الأنعام: 25] واحدها أسطورة) بضم الهمزة وإسطارة) بكسرها (وهي الترهات) جمع ترّهة، وهي الأباطيل، وهي في الأصل الطرق الصغار (الصور جمع صورة) بإسكان الواو فيهما كسور وسورة يريد سور البلد، هذا تفسير أبي عبيدة، والجمهور على أنه قرن منها أرواح الناس تنفخ فيها يوم القيامة {مَلَكُوتَ} [الأنعام: 75] ملك) أي: ملك عظيم، و (رهبوت [ترهب] خير من [أن] ترحم) على بناء المجهول فيهما {حُسْبَانًا} [لأنعام: 96]) بضم الحاء مصدر حسب بفتح السين، ويكون جمع حساب (القنو: العذق) بكسر العين من النخل بمثابة العنقود (والجماعة أيضًا {قِنْوَانٌ} [الأنعام: 99]) والفرق بالتنوين في الجمع وعدمه في التثنية.

1 - باب (وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو)

الْوِقْرُ الْحِمْلُ. (أَسَاطِيرُ) وَاحِدُهَا أُسْطُورَةٌ وَإِسْطَارَةٌ وَهِىَ التُّرَّهَاتُ. الْبَأْسَاءُ مِنَ الْبَأْسِ وَيَكُونُ مِنَ الْبُؤْسِ. (جَهْرَةً) مُعَايَنَةً. الصُّوَرُ جَمَاعَةُ صُورَةٍ، كَقَوْلِهِ سُورَةٌ وَسُوَرٌ. مَلَكُوتٌ مُلْكٌ، مِثْلُ رَهَبُوتٍ خَيْرٌ مِنْ رَحَمُوتٍ، وَيَقُولُ تُرْهَبُ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تُرْحَمَ. (جَنَّ) أَظْلَمَ. يُقَالُ عَلَى اللَّهِ حُسْبَانُهُ أَىْ حِسَابُهُ، وَيُقَالُ حُسْبَانًا مَرَامِىَ. وَرُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ، مُسْتَقَرٌّ فِي الصُّلْبِ وَ (مُسْتَوْدَعٌ) فِي الرَّحِمِ. الْقِنْوُ الْعِذْقُ، وَالاِثْنَانِ قِنْوَانِ، وَالْجَمَاعَةُ أَيْضًا قِنْوَانٌ، مِثْلُ صِنْوٍ وَصِنْوَانٍ. 1 - باب (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ) 4627 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَفَاتِحُ الْغَيْبِ خَمْسٌ إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ، وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ، وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ، وَمَا تَدْرِى نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا، وَمَا تَدْرِى نَفْسٌ بِأَىِّ أَرْضٍ تَمُوتُ، إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ». طرفه 1039 2 - باب قَوْلِهِ (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ) الآيَةَ (يَلْبِسَكُمْ) يَخْلِطَكُمْ مِنَ الاِلْتِبَاسِ. (يَلْبِسُوا) يَخْلِطُوا. (شِيَعًا) فِرَقًا. 4628 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ} [الأنعام: 59] 4627 - جمع مفتح، بكسر الميم ما يفتح به الباب، ويجوز أن يكون جمع مفتح بفتح الميم المخزن الذي تحفظ فيه النفائس، إلا أن التقييد بالخمس يساعد الأول. فإن قلت: ما وجه التقييد بهده الخمس؟ قلت: هي أمهات الغيوب لا يعلمها غيره، وأما الغيوب قد يطلع عليها غيره بإعلام الله. باب قوله: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ} [الأنعام: 65] 4628 - (أبو النعمان) بضم النون محمد بن الفضل (حماد) بفتح الحاء، وتشديد الميم

3 - باب (ولم يلبسوا إيمانهم بظلم)

- رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَعُوذُ بِوَجْهِكَ». قَالَ (أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ) قَالَ «أَعُوذُ بِوَجْهِكَ (أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هَذَا أَهْوَنُ». أَوْ «هَذَا أَيْسَرُ». طرفاه 7313، 7406 3 - باب (وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ) 4629 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ (وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ) قَالَ أَصْحَابُهُ وَأَيُّنَا لَمْ يَظْلِمْ فَنَزَلَتْ (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) طرفه 32 4 - باب قَوْلِهِ (وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلاًّ فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ) 4630 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِىٍّ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِى الْعَالِيَةِ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ عَمِّ نَبِيِّكُمْ يَعْنِى ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا يَنْبَغِى لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى». طرفه 3395 ـــــــــــــــــــــــــــــ ({قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ} [الأنعام: 65]) كما أرسل الحجارة على قوم لوط ({أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} [الأنعام: 65]) كخسف قارون ({أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا} [الأنعام: 65] أي يخلطكم) بأن يلقي العداوة بينكم (هذا أهون) لأن نهاية عذاب الدنيا القتل، ولا نسبة له إلى عذاب الآخرة. باب قوله: {وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82] 4629 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (ابن أبي عدي) اسمه: محمد، والحديث سلف في أبواب الإيمان، ومحصله أنهم فهموا مطلق الظلم فيه على أن المطلق محمول على الكامل. ياب قَوْلِهِ: {وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ} [86] 4630 - (ابن مهدي) محمد بن إبراهيم.

5 - باب قوله (أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده)

4631 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنَا سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ سَمِعْتُ حُمَيْدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا يَنْبَغِى لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى». طرفه 3415 5 - باب قَوْلِهِ (أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ) 4632 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ أَخْبَرَنِى سُلَيْمَانُ الأَحْوَلُ أَنَّ مُجَاهِدًا أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ أَفِى «ص» سَجْدَةٌ فَقَالَ نَعَمْ. ثُمَّ تَلاَ (وَوَهَبْنَا) إِلَى قَوْلِهِ (فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ) ثُمَّ قَالَ هُوَ مِنْهُمْ. زَادَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ وَسَهْلُ بْنُ يُوسُفَ عَنِ الْعَوَّامِ عَنْ مُجَاهِدٍ قُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ نَبِيُّكُمْ - صلى الله عليه وسلم - مِمَّنْ أُمِرَ أَنْ يَقْتَدِىَ بِهِمْ. طرفه 3421 ـــــــــــــــــــــــــــــ 4631 - (إياس) بكسر الهمزة. سلف الحديث قريبًا. باب قوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ} [الأنعام 90] 4632 - (ابن جريج) بضم الجيم مصغر (أن مجاهدً سأل ابن عباس أفي صاد سجدة قال: نعم) به استدل أبو حنيفة رحمه الله وألحقها بسائر السجدات. وقال بها الشافعي استحبابًا لما روي: "صاد ليست من عزائم السجود". فإن قلت: كيف أمره بهم. وقد قال في الرواية الأخرى: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: 48] قلت: الأمر بالاقتداء إنما هو في أصول الدين والعقائد التى لا تتبدل، إلا أن هذا لا يوافق قول ابن عباس، وقال إمام الحرمين: كان مأمورًا بوفاقهم فيما أنزل عليه، ولو إجمالًا.

6 - باب قوله (وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذى ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما) الآية

6 - باب قَوْلِهِ (وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِى ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا) الآيَةَ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (كُلَّ ذِى ظُفُرٍ) الْبَعِيرُ وَالنَّعَامَةُ. (الْحَوَايَا) الْمَبْعَرُ. وَقَالَ غَيْرُهُ (هَادُوا) صَارُوا يَهُودًا، وَأَمَّا قَوْلُهُ (هُدْنَا) تُبْنَا. هَائِدٌ تَائِبٌ. 4633 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى حَبِيبٍ قَالَ عَطَاءٌ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ، لَمَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ شُحُومَهَا جَمَلُوهُ ثُمَّ بَاعُوهُ فَأَكَلُوهَا». وَقَالَ أَبُو عَاصِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ حَدَّثَنَا يَزِيدُ كَتَبَ إِلَىَّ عَطَاءٌ سَمِعْتُ جَابِرًا عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 2236 ـــــــــــــــــــــــــــــ قال بعض الشارحين: فإن قلت: كيف أمر الأفضل بالاقتداء بالمفضول، قلت: ليس مقيدًا بهم، بل بهداهم وهذا ليس بشيء؛ لأن الاقتداء بالشخص إنما يكون في فعله لا لذاته. وليت شعري كيف ذهل عن قول ابن عباس ممن أمر أن يقتدي بهم، على أن سؤاله ساقط في الأصل؛ لأن الأفضل يجوز أن يقتدي بالمفضول. باب قوله: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ} [الأنعام: 151] {الْحَوَايَا} [الأنعام: 146] المبعر) بفتح الميم وسكون الموحدة مكان البعر جمع حاوية وحوية، وقال أبو عبيدة: هي ما يحوي من البطن إلى استدار. 4633 - (جملوها) -بتخفيف الميم- أذابوها وأجملوها بمعنى واحد، والأول أفصح (يزيد بن أبي حبيب)، ضد العدو (جملوها ثم باعوها فكلوها) أي: أكلوا ثمنها.

7 - باب قوله (ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن)

7 - باب قَوْلِهِ (وَلاَ تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ) 4634 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ «لاَ أَحَدَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ، وَلِذَلِكَ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَلاَ شَىْءَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْمَدْحُ مِنَ اللَّهِ، لِذَلِكَ مَدَحَ نَفْسَهُ». قُلْتُ سَمِعْتَهُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ. قُلْتُ وَرَفَعَهُ قَالَ نَعَمْ. أطرافه 4637، 5220، 7403 8 - بابٌ وَكِيلٌ حَفِيظٌ وَمُحِيطٌ بِهِ. (قُبُلاً) جَمْعُ قَبِيلٍ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ ضُرُوبٌ لِلْعَذَابِ، كُلُّ ضَرْبٍ مِنْهَا قَبِيلٌ. (زُخْرُفَ) كُلُّ شَىْءٍ حَسَّنْتَهُ وَوَشَّيْتَهُ وَهُوَ بَاطِلٌ فَهْوَ زُخْرُفٌ (وَحَرْثٌ حِجْرٌ) حَرَامٌ وَكُلُّ مَمْنُوعٍ فَهْوَ حِجْرٌ مَحْجُورٌ، وَالْحِجْرُ كُلُّ بِنَاءٍ بَنَيْتَهُ، وَيُقَالُ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ} [الأنعام: 151] جمع فاحشة، وهي كل ذنب زاد قبحه وإن كان دون الآخر كالزنى، فإنه دون القتل مع كونه أقبح وأفحش. 4634 - (لا أحد أغير من الله) بفتح الدال ورفع أغير ويجوز رفعهما، والغيرة بفتح الغين الأنفة والحمية (ولا شيء أحبّ إليه المدح من الله) غير الأسلوب من أحد [إلى] شيء؛ لأنه أعم، ولذلك مدح نفسه في كل موضع أثنى على ذاته المقدسة بقال (قلت: سمعته من عبد الله) هذا كلام شعبة لأبي وائل. ({وَكِيلٌ} [الأنعام: 102] حفيظ) تفسير باللازم ({قُبُلًا} [الأنعام:111]) بضم القاف والباء جمع قبيل وهو الكفيل، فسره بضروب من العذاب، كأن كل واحد يقوم مقام الآخر كالكفيل. وقرأ نافع وابن عامر: قِبَلًا، بكسر القاف وفتح الباء على لفظ المفرد بمعنى المقابل.

9 - باب قوله (هلم شهداءكم)

لِلأُنْثَى مِنَ الْخَيْلِ حِجْرٌ. وَيُقَالُ لِلْعَقْلِ حِجْرٌ وَحِجًى. وَأَمَّا الْحِجْرُ فَمَوْضِعُ ثَمُودَ، وَمَا حَجَّرْتَ عَلَيْهِ مِنَ الأَرْضِ فَهُوَ حِجْرٌ وَمِنْهُ سُمِّىَ حَطِيمُ الْبَيْتِ حِجْرًا، كَأَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنْ مَحْطُومٍ، مِثْلُ قَتِيلٍ مِنْ مَقْتُولٍ، وَأَمَّا حَجْرُ الْيَمَامَةِ فَهْوَ مَنْزِلٌ. 9 - باب قَوْلِهِ (هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ) لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ هَلُمَّ لِلْوَاحِدِ وَالاِثْنَيْنِ وَالْجَمِيعِ. 10 - باب (لاَ يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا) 4635 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا عُمَارَةُ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَإِذَا رَآهَا النَّاسُ آمَنَ مَنْ عَلَيْهَا، فَذَاكَ حِينَ لاَ يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا، لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ». طرفه 85 4636 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا فَإِذَا طَلَعَتْ وَرَآهَا النَّاسُ آمَنُوا أَجْمَعُونَ، وَذَلِكَ حِينَ لاَ يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا». ثُمَّ قَرَأَ الآيَةَ. طرفه 85 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قَوْلِهِ: {لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ} [158] 4635 - (عمارة) بفتح العين وتخفيف الميم (أبو زرعة) [بضم] المعجمة اسمه: هرم. 4636 - (إسحاق) كذا وقع غير منسوب. قال الغساني: يروي عن عبد الرزاق إسحاق بن منصور وابن إبراهيم، وابن نصر يحتمل الثلاثة. (معمر) بفتح الميمين وعين ساكنة (همام) بفتح الهاء وتشديد الميم.

7 - سورة الأعراف

7 - سورة الأَعْرَافِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَرِيَاشًا الْمَالُ (الْمُعْتَدِينَ) فِي الدُّعَاءِ وَفِى غَيْرِهِ. (عَفَوْا) كَثُرُوا وَكَثُرَتْ أَمْوَالُهُمْ (الْفَتَّاحُ) الْقَاضِى (افْتَحْ بَيْنَنَا) اقْضِ بَيْنَنَا. (نَتَقْنَا) رَفَعْنَا (انْبَجَسَتْ) انْفَجَرَتْ (مُتَبَّرٌ) خُسْرَانٌ (آسَى) أَحْزَنُ (تَأْسَ) تَحْزَنْ. وَقَالَ غَيْرُهُ (مَا مَنَعَكَ أَنْ لاَ تَسْجُدَ) يَقُولُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ (يَخْصِفَانِ) أَخَذَا الْخِصَافَ مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ، يُؤَلِّفَانِ الْوَرَقَ، يَخْصِفَانِ الْوَرَقَ بَعْضَهُ إِلَى بَعْضٍ. (سَوْآتِهِمَا) كِنَايَةٌ عَنْ فَرْجَيْهِمَا، (وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ) هَا هُنَا إِلَى الْقِيَامَةِ، وَالْحِينُ عِنْدَ الْعَرَبِ مِنْ سَاعَةٍ إِلَى مَا لاَ يُحْصَى عَدَدُهَا، الرِّيَاشُ وَالرِّيشُ وَاحِدٌ وَهْوَ مَا ظَهَرَ مِنَ اللِّبَاسِ. (قَبِيلُهُ) جِيلُهُ الَّذِى هُوَ مِنْهُمْ. (ادَّارَكُوا) اجْتَمَعُوا، وَمَشَاقُّ الإِنْسَانِ وَالدَّابَّةِ كُلُّهُمْ يُسَمَّى سُمُومًا وَاحِدُهَا سَمٌّ وَهْىَ عَيْنَاهُ وَمَنْخِرَاهُ وَفَمُهُ وَأُذُنَاهُ وَدُبُرُهُ وَإِحْلِيلُهُ. (غَوَاشٍ) مَا غُشُّوا بِهِ. (نُشُرًا) مُتَفَرِّقَةً. (نَكِدًا) قَلِيلاً. (يَغْنَوْا) يَعِيشُوا (حَقِيقٌ) حَقٌّ. (اسْتَرْهَبُوهُمْ) مِنَ الرَّهْبَةِ (تَلَقَّفُ) تَلْقَمُ. (طَائِرُهُمْ) حَظُّهُمْ. طُوفَانٌ مِنَ السَّيْلِ وَيُقَالُ لِلْمَوْتِ الْكَثِيرِ الطُّوفَانُ. الْقُمَّلُ الْحُمْنَانُ يُشْبِهُ صِغَارَ الْحَلَمِ. عُرُوشٌ وَعَرِيشٌ بِنَاءٌ. (سُقِطَ) كُلُّ مَنْ نَدِمَ فَقَدْ سُقِطَ فِي يَدِهِ. الأَسْبَاطُ قَبَائِلُ بَنِى إِسْرَائِيلَ. (يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ) يَتَعَدَّوْنَ لَهُ يُجَاوِزُونَ تَعْدُ تُجَاوِزْ. (شُرَّعًا) شَوَارِعَ (بَئِيسٍ) شَدِيدٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ سورة الأعراف باب (إنه لا يحب المعتدين) (في الدعاء) قال ابن الأثير: الاعتداء في الدعاء الخروج عن الوضع الشرعي والسنة المأثورة. (انبجست: انفجرت) وقيل: الانبجاس: ابتداء الانفجار (الخصاف) بكسر الخاء الورق الذي به يخصف (يخصفان الورق بعضه إلى بعض) الأحسن بعضه على بعض. قال الجوهري: خصف النعل جعل طراق فوق طراق (ومشاق الإنسان) بتشديد القاف موضع الشق (الحمنان) بفتح الحاء وسكون النون (الأسباط قبائل) جمع سبط، أصله: ولد الولد.

1 - باب قول الله عز وجل (قل إنما حرم ربى الفواحش ما ظهر منها وما بطن)

(أَخْلَدَ) قَعَدَ وَتَقَاعَسَ (سَنَسْتَدْرِجُهُمْ) نَأْتِيهِمْ مِنْ مَأْمَنِهِمْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى (فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا) (مِنْ جِنَّةٍ) مِنْ جُنُونٍ. (فَمَرَّتْ بِهِ) اسْتَمَرَّ بِهَا الْحَمْلُ فَأَتَمَّتْهُ (يَنْزَغَنَّكَ) يَسْتَخِفَّنَّكَ، طَيْفٌ مُلِمٌ بِهِ لَمَمٌ وَيُقَالُ (طَائِفٌ) وَهْوَ وَاحِدٌ. (يَمُدُّونَهُمْ) يُزَيِّنُونَ. (وَخِيفَةً) خَوْفًا وَخُفْيَةً مِنَ الإِخْفَاءِ، وَالآصَالُ وَاحِدُهَا أَصِيلٌ مَا بَيْنَ الْعَصْرِ إِلَى الْمَغْرِبِ كَقَوْلِهِ (بُكْرَةً وَأَصِيلاً). 1 - باب قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّىَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ) 4637 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ قُلْتُ أَنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ، وَرَفَعَهُ. قَالَ «لاَ أَحَدَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ، فَلِذَلِكَ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَلاَ أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْمِدْحَةُ مِنَ اللَّهِ، فَلِذَلِكَ مَدَحَ نَفْسَهُ». طرفه 4634 2 - باب (وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِى أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِى وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِى فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (أَرِنِى) أَعْطِنِى. 4638 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِىِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ لُطِمَ وَجْهُهُ وَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِكَ مِنَ الأَنْصَارِ لَطَمَ وَجْهِى. قَالَ «ادْعُوهُ». فَدَعَوْهُ قَالَ «لِمَ لَطَمْتَ وَجْهَهُ». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّى مَرَرْتُ بِالْيَهُودِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ وَالَّذِى اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْبَشَرِ. فَقُلْتُ وَعَلَى مُحَمَّدٍ وَأَخَذَتْنِى غَضْبَةٌ فَلَطَمْتُهُ. قَالَ «لاَ تُخَيِّرُونِى مِنْ بَيْنِ الأَنْبِيَاءِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ 4637 - (ولا أحد أحب إليه المدحة) بكسر الميم وأحب أي: أشد محبوبية. 4638 - (لا تخيروا بين الأنبياء) أي: لا تفضلوا أحدًا منهم على أحد، وفي معناه وجوه:

3 - باب المن والسلوى

فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ، فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى آخِذٌ بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ، فَلاَ أَدْرِى أَفَاقَ قَبْلِى أَمْ جُزِىَ بِصَعْقَةِ الطُّورِ». طرفه 2412 3 - باب الْمَنَّ وَالسَّلْوَى 4639 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْكَمْأَةُ مِنَ الْمَنِّ وَمَاؤُهَا شِفَاءُ الْعَيْنِ». طرفه 4478 4 - باب (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّى رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِى لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِى وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّىِّ الَّذِى يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) 4640 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمُوسَى بْنُ هَارُونَ قَالاَ ـــــــــــــــــــــــــــــ الأول: لا تخيروا على وجه يلزم منه نقص واحد. الثاني: أنه قاله تواضعًا. الثالث: قاله قبل علمه بأنه سيد ولد آدم، وهذا ألصق بقوله: (فإن الناس يصعقون، فأكون أول من يفيق، فإذا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش، فلا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقة الطور). فإن قلت: في الرواية الأخرى: "أنا أول من تنشق عنه الأرض، فإذا أنا بموسى"؟ قلت: فيه اختصار، تقديره أول من تنشق الأرض عنه، ثم بعد الحشر يصعق الناس وأنا معهم، فأنا أول من يفيق، فإذا أنا بموسى، فتلك الصعقة هي التي يجازى بها صعقة الطور لا الموت، فإنه شامل للناس. 4639 - (حريث) مصغر حرث (الكمأة من المن) أي: مما من الله به على عباده، أو من جنس المن الذي نزل على بني إسرائيل وهو الترنجبين؛ لأنه يحصل بلا تعب من الحرث والسقي، فهما متشابهان. باب قوله: {قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} [الأعراف: 158] 4640 - (عبد الله) كذا وقع غير منسوب، قال الغساني: نسبة ابن السكن عبد الله بن

5 - باب قوله (وقولوا حطة)

حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلاَءِ بْنِ زَبْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلاَنِىُّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ يَقُولُ كَانَتْ بَيْنَ أَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ مُحَاوَرَةٌ، فَأَغْضَبَ أَبُو بَكْرٍ عُمَرَ، فَانْصَرَفَ عَنْهُ عُمَرُ مُغْضَبًا، فَاتَّبَعَهُ أَبُو بَكْرٍ يَسْأَلُهُ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَهُ، فَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى أَغْلَقَ بَابَهُ فِي وَجْهِهِ، فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَنَحْنُ عِنْدَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَمَّا صَاحِبُكُمْ هَذَا فَقَدْ غَامَرَ». قَالَ وَنَدِمَ عُمَرُ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ فَأَقْبَلَ حَتَّى سَلَّمَ وَجَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَصَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْخَبَرَ. قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَجَعَلَ أَبُو بَكْرٍ يَقُولُ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لأَنَا كُنْتُ أَظْلَمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُو لِى صَاحِبِى هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُو لِى صَاحِبِى إِنِّى قُلْتُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّى رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا فَقُلْتُمْ كَذَبْتَ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ صَدَقْتَ». طرفه 3661 5 - باب قَوْلِهِ (وَقُولُوا حِطَّةٌ) 4641 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ: ـــــــــــــــــــــــــــــ حماد الآملي، تلميذ البخاري (عبد الله بن العلاء بن زبر) بفتح المعجمة بعدها موحدة آخره راء مهملة [بسر بضم الموحدة وسين مهملة] (أبو إدريس الخولاني) اسمه: عائذ الله (أبو الدرداء) اسمه: عويمر (أما صاحبكم هذا فقد غامر) يشير إلى أبي بكر، قال ابن الأثير: معناه دخل في غمرة الخصومة وهي معظمها. وقيل: هو من الغمر بكسر الغين وهو الحقد، وأما تفسيره بأنه سبق غيره بالخير فلا وجه له هنا، والحديث سلف في مناقب الصديق، وموضع الدلالة هنا قوله: قلت: {قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ} [الأعراف: 158]. باب قوله: {وَقُولُوا حِطَّةٌ} [الأعراف: 161] 4641 - (إسحاق) كذا وقع غير منسوب وقد سلف أن ابن منصور وابن إبراهيم وابن نصر يروون عن عبد الرزاق (معمر) بفتح الميمين وعين ساكنة

6 - باب (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين)

أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «قِيلَ لِبَنِى إِسْرَائِيلَ (ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ) فَبَدَّلُوا فَدَخَلُوا يَزْحَفُونَ عَلَى أَسْتَاهِهِمْ وَقَالُوا حَبَّةٌ فِي شَعَرَةٍ». طرفه 3403 6 - باب (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) الْعُرْفُ الْمَعْرُوفُ. 4642 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَدِمَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ فَنَزَلَ عَلَى ابْنِ أَخِيهِ الْحُرِّ بْنِ قَيْسٍ، وَكَانَ مِنَ النَّفَرِ الَّذِينَ يُدْنِيهِمْ عُمَرُ، وَكَانَ الْقُرَّاءُ أَصْحَابَ مَجَالِسِ عُمَرَ وَمُشَاوَرَتِهِ كُهُولاً كَانُوا أَوْ شُبَّانًا. فَقَالَ عُيَيْنَةُ لاِبْنِ أَخِيهِ يَا ابْنَ أَخِى، لَكَ وَجْهٌ عِنْدَ هَذَا الأَمِيرِ فَاسْتَأْذِنْ لِى عَلَيْهِ. قَالَ سَأَسْتَأْذِنُ لَكَ عَلَيْهِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَاسْتَأْذَنَ الْحُرُّ لِعُيَيْنَةَ فَأَذِنَ لَهُ عُمَرُ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ هِىْ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، فَوَاللَّهِ مَا تُعْطِينَا الْجَزْلَ، وَلاَ تَحْكُمُ بَيْنَنَا بِالْعَدْلِ. فَغَضِبَ عُمَرُ حَتَّى هَمَّ بِهِ، فَقَالَ لَهُ الْحُرُّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لِنَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) وَإِنَّ هَذَا مِنَ الْجَاهِلِينَ. وَاللَّهِ مَا جَاوَزَهَا عُمَرُ حِينَ تَلاَهَا عَلَيْهِ، وَكَانَ وَقَّافًا عِنْدَ كِتَابِ اللَّهِ. طرفه 7286 ـــــــــــــــــــــــــــــ (فدخلوا على أستاهم يزحفون وقالوا: حبة في شعرة) خالفوا القول والفعل شقاوة. باب قوله: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} [الأعراف: 199] 4642 - 4643 - (قدم عيينة بن حصن، فنزل على ابن أخيه الحر من قيس) قال ابن عبد البر: أسلم بعد الفتح، هو من المؤلفة ومن جفاة الأعراب، وهو الذي تقدم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال فيه: "أحمق مطاع في قومه" (هي يا ابن الخطاب) بكسر الهاء والياء، أصله: هيه بهاء ساكنة، فحذف تخفيفًا. قال ابن الأثير: أصلها أيه، أبدلت الهاء من الهمزة، تقول: إيه بغير تنوين إذا استزدته الحديث المعهود، وإن أردت كفه عن الحديث قلت: إيها (وكان عمر وقافًا عند كتاب الله) يعني: إذا سمع آية لا يتجوز حكمها.

8 - سورة الأنفال

4643 - حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ) قَالَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلاَّ فِي أَخْلاَقِ النَّاسِ. طرفه 4644 4644 - وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَرَّادٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَأْخُذَ الْعَفْوَ مِنْ أَخْلاَقِ النَّاسِ. أَوْ كَمَا قَالَ. طرفه 4643 8 - سورة الأَنْفَالِ 1 - باب قَوْلُهُ (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ). قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (الأَنْفَالُ) الْمَغَانِمُ. قَالَ قَتَادَةُ (رِيحُكُمْ) الْحَرْبُ، يُقَالُ نَافِلَةٌ عَطِيَّةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 4644 - (وكيع) على وزن كريم (براد) بفتح الباء وتشديد الراء {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} [الأعراف: 199]) قال ابن الأثير: أي: خذ من أخلاق الناس ما سهل عليهم ولا تعسر عليهم، والعرف ما عرف حسنه شرعًا أو عادة. روى ابن مردويه بإسناده إلى جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سأل جبرائيل عن معناه فقال: لا أعلم، فرجع فسأل الله تعالى فقال: إن ربك أمرك أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك. سورة الأنفال باب قَوْلُهُ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} [1] (قال ابن عباس: الأنفال: المغانم) النفل بتحريك الفاء: العطية. قال ابن الأثير: ومنه الحديث: "كانت المغانم محرمة فنفلها الله هذه الأمة" ({رِيحُكُمْ} [الأنفال: 46] الحرب) فيه

2 - باب (إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون)

4645 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ قُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - سُورَةُ الأَنْفَالِ قَالَ نَزَلَتْ فِي بَدْرٍ. الشَّوْكَةُ الْحَدُّ (مُرْدَفِينَ) فَوْجًا بَعْدَ فَوْجٍ، رَدِفَنِى وَأَرْدَفَنِى جَاءَ بَعْدِى (ذُوقُوا) بَاشِرُوا وَجَرِّبُوا وَلَيْسَ هَذَا مِنْ ذَوْقِ الْفَمِ (فَيَرْكُمَهُ) يَجْمَعُهُ. (شَرِّدْ) فَرِّقْ (وَإِنْ جَنَحُوا) طَلَبُوا (يُثْخِنَ) يَغْلِبَ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ (مُكَاءً) إِدْخَالُ أَصَابِعِهِمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَ (تَصْدِيَةً) الصَّفِيرُ (لِيُثْبِتُوكَ) لِيَحْبِسُوكَ. 2 - باب (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ) 4646 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ عَنِ ابْنِ أَبِى نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ) قَالَ هُمْ نَفَرٌ مِنْ بَنِى عَبْدِ الدَّارِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تسامح؛ لأن النصر في الحرب يكون من الريح من صوته، ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "نُصرت بالصبا". 4645 - (هشيم) بضم الهاء مصغر (أبو بشر) بكسر الموحدة، اسمه: جعفر (سورة الأنفال نزلت ببدر). قال الجعبري: أول سورة نزلت بالمدينة سورة الأنفال {مُرْدِفِينَ} [الأنفال: 9] فوجًا بعد فوج) -بفتح الدال- أرسل الله الملائكة ألفًا بعد ألف أي: خمسة آلاف، ويجوز أن يكون معناه: أردف المؤمنين بالملائكة، وبكسر الدال. عن ابن عمر: وكل ملك اتبع ملكًا، أو أركبه وراءه. وهذا معنى قول ابن عباس: جاء كل ملك ومعه ملك.

3 - باب (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون)

3 - باب (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) (اسْتَجِيبُوا) أَجِيبُوا (لِمَا يُحْيِيكُمْ) يُصْلِحُكُمْ. 4647 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا رَوْحٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سَمِعْتُ حَفْصَ بْنَ عَاصِمٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِى سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى - رضى الله عنه - قَالَ كُنْتُ أُصَلِّى فَمَرَّ بِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَدَعَانِى فَلَمْ آتِهِ حَتَّى صَلَّيْتُ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَقَالَ «مَا مَنَعَكَ أَنْ تَأْتِىَ أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ) ثُمَّ قَالَ لأُعَلِّمَنَّكَ أَعْظَمَ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ قَبْلَ أَنْ أَخْرُجَ». فَذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِيَخْرُجَ فَذَكَرْتُ لَهُ. وَقَالَ مُعَاذٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ خُبَيْبٍ سَمِعَ حَفْصًا سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِهَذَا، وَقَالَ هِىَ (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) السَّبْعُ الْمَثَانِى. طرفه 4474 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24)} [24] 4647 - (إسحاق) كذا وقع غير منسوب، وقد تقدم أن ابن منصور وابن إبراهيم يرويان عن (روح) بفتح الراء و (وخبيب) بضم الخاء المعجمة، وفتح الموحدة مصغر (عن أبي سعيد بن المعلى) بفتح اللام المشددة، واسمه حارث بن نفيع الأنصاري الزرقي، ومعلى من أجداده، وحديثه سلف في تفسير الفاتحة، وإنما أعاده هنا لقوله: (الحمد لله هي السبع المثاني) وقد جاء في تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (87)} [الحجر: 87] أنها السبع الطوال من سورة البقرة إلى الأنفال.

4 - باب قوله (وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم)

4 - باب قَوْلِهِ (وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ). قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ مَا سَمَّى اللَّهُ تَعَالَى مَطَرًا فِي الْقُرْآنِ إِلاَّ عَذَابًا، وَتُسَمِّيهِ الْعَرَبُ الْغَيْثَ، وَهْوَ قَوْلُهُ تَعَالَى (يُنْزِلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا). 4648 - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ - هُوَ ابْنُ كُرْدِيدٍ صَاحِبُ الزِّيَادِىِّ - سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ أَبُو جَهْلٍ (اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) فَنَزَلَتْ (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ * وَمَا لَهُمْ أَنْ لاَ يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) الآيَةَ. طرفه 4649 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ} [الأنفال: 32] (قال ابن عيينة: ما سمى الله في القرآن مطرًا إلا عذابًا) نصب على الحال، أي: حال كونه عذابًا، أورد عليه قوله تعالى: {إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذى مِنْ مَطَرٍ} [النساء: 102] وليس بوارد؛ لأن كونه أذىً كافٍ في تسمية العذاب. 4648 - (أحمد) كذا وقع غير منسوب، قال الغساني: نسبه الحاكم حديث أحمد بن نصر النيسابوري (عن عبد الحميد هو ابن كرديد) بكسر الكاف وسكون الراء، هو ابن دينار البصري، وهذا لقبه (قال أبو جهل: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء) قال الواقدي: الأكثرون عدى أن القائل النضر بن الحارث، وكذا في "الكشاف". قلت: لا ينافي لجواز صدوره عن كل منهما. حكي أن رجلًا من اليمن دخل على معاوية، فقال معاوية: ما سمعنا بأقل عقلًا من أهل يمن، ولّوا عليهم امرأة، يريد بلقيس، فقال الرجل: أقل عقلًا منهم قومك حين قالوا: (اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة) {كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ} [الأنفال: 33] كان الواجب أن يقولوا إن كان حقًّا فاهدنا إليه ({وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الأنفال: 33]) فإن جار الكريم بكريم، فلما خرج مهاجرًا قال الله: {وَمَا كَانَ اللَّه

5 - باب (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون)

5 - باب (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) 4649 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ النَّضْرِ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ صَاحِبِ الزِّيَادِىِّ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ قَالَ أَبُو جَهْلٍ (اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) فَنَزَلَتْ (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ * وَمَا لَهُمْ أَنْ لاَ يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) الآيَةَ. طرفه 4648 6 - باب (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ) 4650 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا حَيْوَةُ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ بُكَيْرٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَجُلاً جَاءَهُ فَقَالَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَلاَ تَسْمَعُ مَا ذَكَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ـــــــــــــــــــــــــــــ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الأنفال: 33] أي: من فيهم من المؤمنين المستضعفين أو من قدر إيمانه، وهذا أظهر؛ لأن في إرجاع الضمير إلى المستضعفين تكلف. باب قوله: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ} [الأنفال: 33] 4649 - (محمد بن النضر) بالضاد المعجمة. باب {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} [39] 4650 - (حيوة) بفتح الحاء وسكون الياء هو ابن شريح -بضم الشين مصغر شرح- الحضرمي المصري يروي عنه البخاري ومسلم، وأما حيوة بن شريح الحضرمي البصري ليس لمسلم عنه رواية، وقد روى عنه البخاري في أول صلاة الخوف، والأول يسمى الأكبر؛ لأنه مات سنة تسع وخمسين ومائة، والثاني مات سنة أربع وعشرين ومائتين (بكير) بضم الباء

اقْتَتَلُوا) إِلَى آخِرِ الآيَةِ، فَمَا يَمْنَعُكَ أَنْ لاَ تُقَاتِلَ كَمَا ذَكَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ. فَقَالَ يَا ابْنَ أَخِى أَغْتَرُّ بِهَذِهِ الآيَةِ وَلاَ أُقَاتِلُ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ أَنْ أَغْتَرَّ بِهَذِهِ الآيَةِ الَّتِى يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا) إِلَى آخِرِهَا. قَالَ فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ). قَالَ ابْنُ عُمَرَ قَدْ فَعَلْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ كَانَ الإِسْلاَمُ قَلِيلاً، فَكَانَ الرَّجُلُ يُفْتَنُ فِي دِينِهِ، إِمَّا يَقْتُلُوهُ وَإِمَّا يُوثِقُوهُ، حَتَّى كَثُرَ الإِسْلاَمُ، فَلَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ، فَلَمَّا رَأَى أَنَّهُ لاَ يُوَافِقُهُ فِيمَا يُرِيدُ قَالَ فَمَا قَوْلُكَ فِي عَلِىٍّ وَعُثْمَانَ. قَالَ ابْنُ عُمَرَ مَا قَوْلِى فِي عَلِىٍّ وَعُثْمَانَ أَمَّا عُثْمَانُ فَكَانَ اللَّهُ قَدْ عَفَا عَنْهُ، فَكَرِهْتُمْ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ، وَأَمَّا عَلِىٌّ فَابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَخَتَنُهُ. وَأَشَارَ بِيَدِهِ وَهَذِهِ ابْنَتُهُ أَوْ بِنْتُهُ حَيْثُ تَرَوْنَ. طرفه 3130 4651 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا بَيَانٌ أَنَّ وَبَرَةَ حَدَّثَهُ قَالَ حَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا أَوْ إِلَيْنَا ابْنُ عُمَرَ، فَقَالَ رَجُلٌ كَيْفَ تَرَى فِي قِتَالِ الْفِتْنَةِ. فَقَالَ وَهَلْ تَدْرِى مَا الْفِتْنَةُ كَانَ مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - يُقَاتِلُ الْمُشْرِكِينَ، وَكَانَ الدُّخُولُ عَلَيْهِمْ فِتْنَةً، وَلَيْسَ كَقِتَالِكُمْ عَلَى الْمُلْكِ. طرفه 3130 ـــــــــــــــــــــــــــــ مصغر، روى حديث ابن عمر أن رجلًا قال له في قتنة ابن الزبير مع الحجاج: لِمَ لَمْ تقاتل وقد قال تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} [الحجرات: 9] وموضع الاستدلال قوله: {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات: 9] وقد سلف قريبًا. (فما يمنعك ألا تقاتل) لا زائدة ومعنى أغَيّر أتأول، أو من الاغترار على أصل معناه؛ لأن الاغترار بالآية الأولى أقل ضررًا من الثانية (وأما عليٌّ فابن عم رسول الله- صلى الله عليه وسلم - وختنه) أي: زوج ابنته (وهذه أبنيته) أي: بيوته، وفي بعضها: (بنته)، يريد فاطمة، فالضمير لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والصواب بيته، ولذلك رواه على الشك، وقد سلف بلفظ البيت، وكذا رواه غيره. 4651 - (زهير) بالضم مصغر (بيان) بالموحدة بعدها مثناة (وبرة) بفتح الواو وسكون الباء.

7 - باب (يا أيها النبى حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون)

7 - باب (يَا أَيُّهَا النَّبِىُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَ يَفْقَهُونَ) 4652 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - لَمَّا نَزَلَتْ (إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ) فَكُتِبَ عَلَيْهِمْ أَنْ لاَ يَفِرَّ وَاحِدٌ مِنْ عَشَرَةٍ - فَقَالَ سُفْيَانُ غَيْرَ مَرَّةٍ أَنْ لاَ يَفِرَّ عِشْرُونَ مِنْ مِائَتَيْنِ - ثُمَّ نَزَلَتِ (الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمُ) الآيَةَ، فَكَتَبَ أَنْ لاَ يَفِرَّ مِائَةٌ مِنْ مِائَتَيْنِ - زَادَ سُفْيَانُ مَرَّةً - نَزَلَتْ (حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ). قَالَ سُفْيَانُ وَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ وَأُرَى الأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْىَ عَنِ الْمُنْكَرِ مِثْلَ هَذَا. طرفه 4653 8 - باب (الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضُعْفًا) الآيَةَ إِلَى قَوْلِهِ (وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) 4653 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السُّلَمِىُّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ قَالَ أَخْبَرَنِى الزُّبَيْرُ بْنُ خِرِّيتٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ (إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ) شَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ حِينَ فُرِضَ عَلَيْهِمْ أَنْ لاَ يَفِرَّ وَاحِدٌ مِنْ عَشَرَةٍ، فَجَاءَ التَّخْفِيفُ فَقَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ} [65] 4652 - كان في أول الإسلام في المسلمين قلّة وكانوا مأمورين بأن لا يفرّ واحد من عشرة، فلما فشا الإسلام خفف ذلك بأن لا يفرّ واحد من اثنين. قال ابن عباس: (فلما خفف نقص من الصبر بقدر ما نقص من العدد) (قال ابن شبرمة) -بضم المعجمة وسكون الموحدة-: (وأرى الأمر بالمعروف مثله)، يعني: الاثنان من أهل المعصية يقاومهما واحد من أهل الطاعة. باب {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا} [66] 4653 - (السلمي) بضم السين (حازم) بالحاء المهملة.

9 - سورة براءة

(الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضُعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ). قَالَ فَلَمَّا خَفَّفَ اللَّهُ عَنْهُمْ مِنَ الْعِدَّةِ نَقَصَ مِنَ الصَّبْرِ بِقَدْرِ مَا خُفِّفَ عَنْهُمْ. طرفه 4652 9 - سورة بَرَاءَةَ (وَلِيجَةً) كُلُّ شَىْءٍ أَدْخَلْتَهُ فِي شَىْءٍ. (الشُّقَّةُ) السَّفَرُ، الْخَبَالُ الْفَسَادُ، وَالْخَبَالُ الْمَوْتُ. (وَلاَ تَفْتِنِّى) لاَ تُوَبِّخْنِى. (كَرْهًا) وَكُرْهًا وَاحِدٌ. (مُدَّخَلاً) يُدْخَلُونَ فِيهِ. (يَجْمَحُونَ) يُسْرِعُونَ (وَالْمُؤْتَفِكَاتِ) ائْتَفَكَتْ انْقَلَبَتْ بِهَا الأَرْضُ. (أَهْوَى) أَلْقَاهُ فِي هُوَّةٍ. (عَدْنٍ) خُلْدٍ، عَدَنْتُ بِأَرْضٍ أَىْ أَقَمْتُ، وَمِنْهُ مَعْدِنٌ وَيُقَالُ فِي مَعْدِنِ صِدْقٍ. فِي مَنْبِتِ صِدْقٍ. الْخَوَالِفُ الْخَالِفُ الَّذِى خَلَفَنِى فَقَعَدَ بَعْدِى، وَمِنْهُ يَخْلُفُهُ فِي الْغَابِرِينَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النِّسَاءُ مِنَ الْخَالِفَةِ، وَإِنْ كَانَ جَمْعَ الذُّكُورِ فَإِنَّهُ لَمْ يُوجَدْ عَلَى تَقْدِيرِ جَمْعِهِ إِلاَّ حَرْفَانِ فَارِسٌ وَفَوَارِسُ، وَهَالِكٌ وَهَوَالِكُ. (الْخَيْرَاتُ) وَاحِدُهَا خَيْرَةٌ وَهْىَ الْفَوَاضِلُ. (مُرْجَئُونَ) مُؤَخَّرُونَ. الشَّفَا شَفِيرٌ وَهْوَ حَدُّهُ، وَالْجُرُفُ مَا تَجَرَّفَ مِنَ ـــــــــــــــــــــــــــــ سورة براءة {وَلِيجَةً} [التوبة: 16] كل شيء أدخلته في شيء) الذي قاله أهل اللغة وليجة الشخص: بطائنه وهو المراد في الآية ({الشُّقَّةُ} [التوبة: 42] السفر) ويطلق على المسافة أيضًا (والخبال: الموت) كذا وقع، والصواب: المؤبة، بضم الميم وهو الجنون، قال ابن الأثير: الخبال: إما فساد الأعضاء أو العقل {وَلَا تَفْتِنِّي} [التوبة: 49] أي: (ولا توبخني) لا يناسب تفسير الآية؛ لأن هذا هو المنافق جد بن قيس، قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين عزم على غزوة تبوك: "هل لك يا جد في جلاد بني الأصفر؟ " قال: لقد علم الناس أني مغرم بالنساء فلا توقعني في فتنة نساء بني الأصفر ({وَالْمُؤْتَفِكَاتِ} [التوبة: 70]) قرى قوم لوط {أَهْوَى} [النجم: 53] هذه الكلمة في سورة النجم، إنما أوردها هنا؛ لأنها هناك مذكورة مع المؤتفكات (ألقاه في هوة) بضم الهاء وتشديد الواو (كالجب الخوالف: الخالف) الصواب: جمع خالفة؛ لأن الفواعل لا يأتي جمع

1 - باب قوله (براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين)

السُّيُولِ وَالأَوْدِيَةِ. (هَارٍ) هَائِرٍ. (لأَوَّاهٌ) شَفَقًا وَفَرَقًا. وَقَالَ إِذَا مَا قُمْتُ أَرْحَلُهَا بِلَيْلٍ ... تَأَوَّهُ آهَةَ الرَّجُلِ الْحَزِينِ 1 - باب قَوْلِهِ (بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (أُذُنٌ) يُصَدِّقُ. (تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا) وَنَحْوُهَا كَثِيرٌ، وَالزَّكَاةُ الطَّاعَةُ وَالإِخْلاَصُ (لاَ يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ) لاَ يَشْهَدُونَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ (يُضَاهُونَ) يُشَبِّهُونَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المذكر إلا شاذًّا نادرًا، ومعنى الآية تعيير المنافقين بأنهم رضوا أن يكونوا مع النساء {هَارٍ} [التوبة:109] هائر) يشير إلى أنه مقلوب، وقيل: ليس نسبة. قلت: بل حذف عينه اعتباطًا، وقيل: لا حذف، وقيل: لا قلب، وهذا أعدل الأقوال (لأَوَّاهٌ} [التوبة:114]) أي: كثير التوجع، ولذلك كان يتوجع لأبيه ولقوم لوط. وقال بعض الشارحين في تفسير الأواه، أي: تكلم بكلمة تدل على التوجع وليس بشيء؛ لأن الأواه صفة مبالغة معناه: كثير التوجع، وإنما التبس عليه من قول الجوهري: أوه ساكنة الواو: كلمة تقال عند الشكاية (قال الشاعر: إذا ما قمت أرحلها بليل) الضمير للناقة. تأوه آهة الرجل الحزين) بضم الهاء وحذف إحدى التاءين، وآهة مصدر من غير لفظ الفعل. يقال: آه، أي أوّه. أنشدنا الجوهري للعجاج: بآهة كآهة المجروح باب قَوْلهِ: {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 1] ({آذانٌ} يُصدق) كل ما يسمع، جعلوه نفس الأذن مبالغة ({يُضَاهِئُونَ} [التوبة: 30] يشبهون) بضم الياء وتخفيف الشين.

2 - باب قوله (فسيحوا فى الأرض أربعة أشهر واعلموا أنكم غير معجزى الله وأن الله مخزى الكافرين)

4654 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ - رضى الله عنه - يَقُولُ آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ) وَآخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ بَرَاءَةٌ. طرفه 4364 2 - باب قَوْلِهِ (فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِى اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِى الْكَافِرِينَ) سِيحُوا سِيرُوا. 4655 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَأَخْبَرَنِى حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ بَعَثَنِى أَبُو بَكْرٍ فِي تِلْكَ الْحَجَّةِ فِي مُؤَذِّنِينَ، بَعَثَهُمْ يَوْمَ النَّحْرِ يُؤَذِّنُونَ بِمِنًى أَنْ لاَ يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَلاَ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ. قَالَ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ثُمَّ أَرْدَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِعَلِىِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ بِبَرَاءَةَ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَأَذَّنَ مَعَنَا عَلِىٌّ يَوْمَ النَّحْرِ فِي أَهْلِ مِنًى بِبَرَاءَةَ، وَأَنْ لاَ يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَلاَ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ. طرفه 369 ـــــــــــــــــــــــــــــ 4654 - وقول البراء (آخر سورة نزلت براءة) تقدم عليه الكلام في أول سورة النساء. باب قَوْلهِ: {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ} [2] 4655 - (عفير) بضم العين مصغر، وكذا (عقيل) وكذا (حميد)، (ثم أردف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علي بن أبي طالب). فإن قلت: ما فائدة نداء علي بعد أن نادى أبو بكر؟ قلت: ثم أردف عطف على مقدر أي: أرسل أبا بكر أميرًا على الحاج، ولما نزل براءة أرسل بها عليًّا إلى أبي بكر، فلما وصل علي نادوا بها في منى، فكان حميد يقول: يوم النحر يوم الحج الأكبر، من أصل حديث أبي هريرة، وحديث ما رواه عنه البخاري "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقف بين الجمرات يوم النحر وقال:

3 - باب قوله (وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله برئ من المشركين ورسوله فإن تبتم فهو خير لكم وإن توليتم فاعلموا أنكم غير معجزى الله وبشر الذين كفروا بعذاب أليم)

3 - باب قَوْلِهِ (وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِئٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِى اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) آذَنَهُمْ أَعْلَمَهُمْ. 4656 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَأَخْبَرَنِى حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ بَعَثَنِى أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - فِي تِلْكَ الْحَجَّةِ فِي الْمُؤَذِّنِينَ، بَعَثَهُمْ يَوْمَ النَّحْرِ يُؤَذِّنُونَ بِمِنًى أَنْ لاَ يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَلاَ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ. قَالَ حُمَيْدٌ ثُمَّ أَرْدَفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِعَلِىِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ بِبَرَاءَةَ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَأَذَّنَ مَعَنَا عَلِىٌّ فِي أَهْلِ مِنًى يَوْمَ النَّحْرِ بِبَرَاءَةَ، وَأَنْ لاَ يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَلاَ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ. طرفه 369 4 - باب (إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) 4657 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ حُمَيْدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رضى الله عنه - بَعَثَهُ فِي الْحَجَّةِ الَّتِى أَمَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَيْهَا قَبْلَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ فِي رَهْطٍ يُؤَذِّنُ فِي النَّاسِ أَنْ لاَ يَحُجَّنَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ وَلاَ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ. فَكَانَ حُمَيْدٌ يَقُولُ يَوْمُ النَّحْرِ يَوْمُ الْحَجِّ الأَكْبَرِ. مِنْ أَجْلِ حَدِيثِ أَبِى هُرَيْرَةَ. طرفه 369 ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا يوم الحج الأكبر" وقد أشرنا إلى أن هذا دليل على أن حج الصديق كان موافقًا للحق، ولم يكن من الشيء في شيء.

5 - باب (فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم)

5 - باب (فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ) 4658 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ قَالَ كُنَّا عِنْدَ حُذَيْفَةَ فَقَالَ مَا بَقِىَ مِنْ أَصْحَابِ هَذِهِ الآيَةِ إِلاَّ ثَلاَثَةٌ، وَلاَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ إِلاَّ أَرْبَعَةٌ. فَقَالَ أَعْرَابِىٌّ إِنَّكُمْ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - تُخْبِرُونَا فَلاَ نَدْرِى فَمَا بَالُ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ يَبْقُرُونَ بُيُوتَنَا وَيَسْرِقُونَ أَعْلاَقَنَا. قَالَ أُولَئِكَ الْفُسَّاقُ، أَجَلْ لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إِلاَّ أَرْبَعَةٌ. أَحَدُهُمْ شَيْخٌ كَبِيرٌ لَوْ شَرِبَ الْمَاءَ الْبَارِدَ لَمَا وَجَدَ بَرْدَهُ. 6 - باب قَوْلِهِ (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) 4659 - حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ أَنَّ عَبْدَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب {فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ} [12] 4658 - (قال حذيفة: ما بقي من أصحاب هذه الآية إلا ثلاثة، ولا من المنافقين إلا أربعة، فقال أعرابي: إنكم أصحاب محمد تخبرونا فلا ندري) أي لا نعلم ما تقولون، فإن كان ما تقولون إنه لم يبق إلا هذه الأربعة (فما بال هولاء الذين يبقرون بيوتنا) بفتح الياء وسكون الموحدة بعدها قاف، كذا قاله ابن الأثير في النهاية: يفتحونها ويوسعونها، ويروى بضم الياء وتشديد القاف المكسورة (ويسرقون أعلافنا) بفتح الهمزة وعين مهملة جمع علف. ولأن الله سمّاه الحج الأكبر، وإنما كررته في مواضع، لأنه غلط فيه بعضهم بأنه كان على دأب الجاهلية وهي الشيء النفيس. ويروى بالغين المعجمة كذا ضبط الدمياطي. قال بعضهم: لا أعلم له وجهًا، قلت: له وجه حسن، وهو أن الأغلاق جمع غلق على وزن فرس، ما يغلق به الباب، أي: بلغ فسادهم إلى أنهم يقلعون الأغلاق (قال: أولئك الفساق) جواب لإشكال الأعرابي بأن هؤلاء فساق المؤمنين (أحدهم شيخ كبير لو شرب الماء لما وجد برده) قيل معناه: حرمه الله طعم الأشياء عقوبة، والأحسن أنه من شدة المراء عدم قوة الذوق حتى لا يحس بما هو مادة الحياة فإن هؤلاء أطول أعمارًا، بين المنافقين بقية منهم. باب قوله: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ} [التوبة:34] الكنز لغة: المال المكنوز، أي: المدفون تحت الأرض، ثم اتسع فيه، وكل مال أخرج زكاته فليس بكنز كما رواه عن ابن عمر. 4659 - (الحكم) بفتح الحاء والكاف (أبو الزناد) -بفتح الزاي بعدها نون-، عبد الله بن

7 - باب قوله عز وجل (يوم يحمى عليها فى نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون)

الرَّحْمَنِ الأَعْرَجَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «يَكُونُ كَنْزُ أَحَدِكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ». طرفه 1403 4660 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ مَرَرْتُ عَلَى أَبِى ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ فَقُلْتُ مَا أَنْزَلَكَ بِهَذِهِ الأَرْضِ قَالَ كُنَّا بِالشَّأْمِ فَقَرَأْتُ (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) قَالَ مُعَاوِيَةُ مَا هَذِهِ فِينَا، مَا هَذِهِ إِلاَّ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ. قَالَ قُلْتُ إِنَّهَا لَفِينَا وَفِيهِمْ. طرفه 1406 7 - باب قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ (يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ) 4661 - وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَقَالَ هَذَا قَبْلَ أَنْ تُنْزَلَ الزَّكَاةُ، فَلَمَّا أُنْزِلَتْ جَعَلَهَا اللَّهُ طُهْرًا لِلأَمْوَالِ. طرفه 1404 ـــــــــــــــــــــــــــــ ذكوان (شجاعًا) حية كبيرة (أقرع) تمعط جلدة رأسها من غاية السم. 4660 - (قتيبة) بضم القاف وفتح التاء مصغر، وكذا (حصين)، (مررت على أبي ذر) الصحابي المكرم المشبه بعيسى بن مريم (بالربذة) بفتح الباء وذال معجمة قرية. قال الحازمي: موضع بين السليل والعمق. قال بعض الشارحين: وقع بينه وبين معاوية مناظرة في تفسير الآية، فضجر فارتحل ثم ضجر من المدينة، فارتحل إلى الربذة، وهذا سهو لما تقدم في البخاري أن معاوية شكاه إلى عثمان، فكتب إلى أبي ذر أن أقدم. فلما قدم أمره عثمان بالارتحال من المدينة، فلما قيل له وهو بالربذة: ما أنزلك هذا المكان، ذكر ما ذكرناه، ثم قال: ولوّا عليّ عبدًا حبشيًّا، سمعت وأطعت. باب قَوْلِهِ عَز وجلّ: {يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ} [35] 4661 - (شبيب) بفتح المعجمة والموحدة بينهما ياء مثناة.

8 - باب قوله (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا فى كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم)

8 - باب قَوْلِهِ (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ) (الْقَيِّمُ) هُوَ الْقَائِمُ. 4662 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ أَبِى بَكْرَةَ عَنْ أَبِى بَكْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا، أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلاَثٌ مُتَوَالِيَاتٌ، ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِى بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ». طرفه 67 9 - باب قَوْلِهِ (ثَانِىَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ) (مَعَنَا) نَاصِرُنَا السَّكِينَةُ فَعِيلَةٌ مِنَ السُّكُونِ. 4663 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا حَبَّانُ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ} [التوبة: 36] أي: في اللوح، أو في حكمه، ردّ على المشركين، فإنهم كانوا يجعلون بعض السنين ثلاثة عشر شهرًا. 4662 - (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم (ابن أبي بكرة) اسم الابن: عبد الرحمن واسم الأب نفيع (ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان) قال ابن الأثير: أضافه إلى مضر؛ لأنهم كانوا يعظمونه خلاف غيرهم، وعندي فيه نظر؛ لأن العرب قاطبة كانوا يعظمونه حتى كانوا يقولون: رجب مفصل الأسنة، والظاهر أنهم كانوا أكثر تعظيمًا له، كذا قاله الجوهري، وكانوا لا يغيرونه من موضعه بين جمادى وشعبان احترازًا من النسيء، وليس في قوله: (إن الزمان قد استدار) ما يدل على أن حج أبي بكر لم يكن على القانون، كيف وحديث أبي هريرة أنه إذن في يوم النحر، وقد قدمنا أن الحج الأكبر المذكور في القرآن حج أبي بكر فاعتمده، فالكثير من الناس قد غلط في هذا. باب قوله: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} [التوبة: 40] 4663 - (حبان) بفتح الحاء و [تشديد] الموحدة، ابن هلال (حمام) بفتح الهاء وتشديد

حَدَّثَنَا أَنَسٌ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْغَارِ، فَرَأَيْتُ آثَارَ الْمُشْرِكِينَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ رَفَعَ قَدَمَهُ رَآنَا. قَالَ «مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا». طرفه 3653 4664 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ قَالَ حِينَ وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ قُلْتُ أَبُوهُ الزُّبَيْرُ، وَأُمُّهُ أَسْمَاءُ، وَخَالَتُهُ عَائِشَةُ، وَجَدُّهُ أَبُو بَكْرٍ، وَجَدَّتُهُ صَفِيَّةُ. فَقُلْتُ لِسُفْيَانَ إِسْنَادُهُ. فَقَالَ حَدَّثَنَا، فَشَغَلَهُ إِنْسَانٌ وَلَمْ يَقُلِ ابْنُ جُرَيْجٍ. طرفاه 4665، 4666 4665 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ وَكَانَ بَيْنَهُمَا شَىْءٌ فَغَدَوْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقُلْتُ أَتُرِيدُ أَنْ تُقَاتِلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ فَتُحِلُّ حَرَمَ اللَّهِ. فَقَالَ مَعَاذَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَبَنِى أُمَيَّةَ مُحِلِّينَ، وَإِنِّى وَاللَّهِ لاَ أُحِلُّهُ أَبَدًا. قَالَ قَالَ النَّاسُ بَايِعْ لاِبْنِ الزُّبَيْرِ. فَقُلْتُ وَأَيْنَ بِهَذَا الأَمْرِ عَنْهُ أَمَّا أَبُوهُ فَحَوَارِىُّ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، يُرِيدُ الزُّبَيْرَ، وَأَمَّا جَدُّهُ فَصَاحِبُ الْغَارِ، يُرِيدُ أَبَا بَكْرٍ، وَأُمُّهُ فَذَاتُ النِّطَاقِ، يُرِيدُ أَسْمَاءَ، وَأَمَّا خَالَتُهُ فَأُمُّ الْمُؤْمِنِينَ، يُرِيدُ عَائِشَةَ، وَأَمَّا عَمَّتُهُ فَزَوْجُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، يُرِيدُ خَدِيجَةَ، وَأَمَّا ـــــــــــــــــــــــــــــ الميم (ما ظنك باثنين الله ثالثهما) أي: بالعون والكلاءة. 4664 - (عن ابن جريج) بضم الجيم مصغر (عن ابن أبي مليكة) بضم الميم مصغر ملكة، اسم الابن: عبد الله، وأبي مليكة: زهير (فقلت لسفيان: إسناده؟ فقال: -حدثنا، فشغله إنسان- ولم يقل: ابن جريج) هذا كلام شيخ البخاري. فإن قلت: السند قد تقدم، فما وجه السؤال عنه؟ قلت: سفيان مدلس والسند المقدم معنعن فأراد التصريح بالسماع، ولذلك قال سفيان: حدثنا، ولما احتمل أن تكون رواية سفيان عن شيخه ابن جريج وعن شيخه ابن أبي مليكة استظهر عليه البخاري بالرواية عن ابن جريج تارة، وعن ابن أبي مليكة أخرى لا من طريق سفيان. 4665 - (كان بينهما شيء) أي: بين ابن الزبير وبين ابن عباس، وإنما أتى بالضمير لتقدم ذكرهما في الحديث قبله (قاله الناس: بايع ابن الزبير، قلت: وأين بهذا الأمر عنه) يريد أنه لائق بالإمارة، أي: أين أذهب به عنه (وأما عمته فزوج النبي - صلى الله عليه وسلم -، يريد خديجة) هي عمة

عَمَّةُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَجَدَّتُهُ، يُرِيدُ صَفِيَّةَ، ثُمَّ عَفِيفٌ فِي الإِسْلاَمِ، قَارِئٌ لِلْقُرْآنِ. وَاللَّهِ إِنْ وَصَلُونِى وَصَلُونِى مِنْ قَرِيبٍ، وَإِنْ رَبُّونِى رَبَّنِى أَكْفَاءٌ كِرَامٌ، فَآثَرَ التُّوَيْتَاتِ وَالأُسَامَاتِ وَالْحُمَيْدَاتِ، يُرِيدُ أَبْطُنًا مِنْ بَنِى أَسَدٍ بَنِى تُوَيْتٍ وَبَنِى أُسَامَةَ وَبَنِى أَسَدٍ، إِنَّ ابْنَ أَبِى الْعَاصِ بَرَزَ يَمْشِى الْقُدَمِيَّةَ، يَعْنِى عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ، وَإِنَّهُ لَوَّى ذَنَبَهُ، يَعْنِى ابْنَ الزُّبَيْرِ. طرفه 4664 4666 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ مَيْمُونٍ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ دَخَلْنَا عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ أَلاَ تَعْجَبُونَ لاِبْنِ الزُّبَيْرِ قَامَ فِي أَمْرِهِ هَذَا فَقُلْتُ لأُحَاسِبَنَّ نَفْسِى لَهُ مَا حَاسَبْتُهَا لأَبِى بَكْرٍ وَلاَ لِعُمَرَ، وَلَهُمَا كَانَا أَوْلَى بِكُلِّ خَيْرٍ مِنْهُ، وَقُلْتُ ابْنُ عَمَّةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَابْنُ الزُّبَيْرِ، وَابْنُ أَبِى ـــــــــــــــــــــــــــــ أبيه؛ لأنها بنت الخويلد، وهو ابن العوام (والله إن [وصلوني] وصلوني من قريب) هذا شروع في شأن بني أمية، وفي هذا إشارة إلى أنهم أقرب نسبًا من الزبير؛ لأن ابن عباس وابن الزبير يجمعهما قصي، وبنو أمية وابن عباس يجمعهما عبد مناف بن قصي. (وإن [ربوني] أكفاء) بضم الباء، أي: صاروا أربابًا عليّ ملوكًا. قال القاضي: وفتح الباء هناك غلط، وقد أصاب فيما قال، فإن فتح الباء معناها التربية، وهي إيصال الشيء إلى كماله، وبين ابن عباس وبني أمية بون بعيد في الكمال، كيف وهو بحر العلم وحبر العرب (فأثر التويتات والأسامات والحميدات) أراد بالتويتات بالتاء المثناة مصغر بني تويت بن حبيب بن أسد، وبالأسامات بني أسامة بن عبد الله، وبالحميدات بني حميد بن زهير بن أسد، كل هؤلاء بنو أسد بطون. (وإن ابن أبي العاص برز يمشي القدمية) هو عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي أمية بن عبد الشمس، القدمية بضم القاف وتشديد الياء. قال ابن الأثير: هذه رواية البخاري، وهي التقدم في الشرف. قال: ورواه الأزهري اليقدمية بالياء المثناة تحت. ورواه الجوهري بالتاء الفوقانية (وإنه لوى ذنبه) بتشديد الواو وتخفيفها يريد أنه نام عن طلب معالي الأمور ونشد أمر الخلافة، فإن السبع إذا نام لوى ذنبه. 4666 - (ألا تعجبون من ابن الزبير قام في أمره هذا) أي: الخلافة (فقلت: لأحاسبن نفسي له ما حاسبنها لأبي بكر وعمر) أي: في النصح له (ولهما كانا أولى بكل خبر منه) بفتح لام الابتداء، أو جواب قسم مقدر.

10 - باب قوله (والمؤلفة قلوبهم)

بَكْرٍ، وَابْنُ أَخِى خَدِيجَةَ، وَابْنُ أُخْتِ عَائِشَةَ فَإِذَا هُوَ يَتَعَلَّى عَنِّى وَلاَ يُرِيدُ ذَلِكَ فَقُلْتُ مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنِّى أَعْرِضُ هَذَا مِنْ نَفْسِى، فَيَدَعُهُ، وَمَا أُرَاهُ يُرِيدُ خَيْرًا، وَإِنْ كَانَ لاَ بُدَّ لأَنْ يَرُبَّنِى بَنُو عَمِّى أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ أَنْ يَرُبَّنِى غَيْرُهُمْ. طرفه 4664 10 - باب قَوْلِهِ (وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ) قَالَ مُجَاهِدٌ يَتَأَلَّفُهُمْ بِالْعَطِيَّةِ. 4667 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِى نُعْمٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ - رضى الله عنه - قَالَ بُعِثَ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِشَىْءٍ، فَقَسَمَهُ بَيْنَ أَرْبَعَةٍ وَقَالَ «أَتَأَلَّفُهُمْ». فَقَالَ رَجُلٌ مَا عَدَلْتَ. فَقَالَ «يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا قَوْمٌ يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ». طرفه 3344 11 - باب قَوْلِهِ (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (يَلْمِزُونَ) يَعِيبُونَ، وَجُهْدَهُمْ وَجَهْدَهُمْ طَاقَتَهُمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: إذا كان أولى فعم يزيد نصح ابن الزبير عليهما. قلت: لأن أبا بكر وعمر لم يكن لهما مخالف مع كثرة الأكابر في زمانهما (وما أراه يريد خيرًا) بضم الهمزة، أي: أظن (بنو عمي أحب إلي من أن يَرُبني) يريد بهذا بني أمية. باب قوله {وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ} [التوبة: 60] 4667 - (ابن أبي نعم) بضم النون مصغر وسكون العين، اسمه: عبد الرحمن (بعث إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بشيء فقسمه بين أريعة) بعث على بناء المجهول، الباعث علي بن أبي طالب، والذي بعثه تبر، والأربعة الذين أعطاهم: الأقرع بن حابس، وعلقمة بن علاثة، وعيينة بن بدر، ويزيد بن المهلهل قبل إسلامهم، وقيل: بعدها، وقيل: هذا الحكم باقٍ للإمام أن يفعله، وقيل: انقطع ذلك في زمن الصديق (فقال رجل: ما عدلت) هو: ذو الخويصرة (فقال: يخرج من ضئضيء هذا قوم يمرقون من الدين) الضئضيء: على وزن القنديل بمعجمتين بينهما همزة، ويروى بالمهملتين، وهو أصل الشيء. باب قوله: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [التوبة: 79] قال ابن الأثير: اللمز: العيب الباطن.

4668 - حَدَّثَنِى بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ أَبُو مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ قَالَ لَمَّا أُمِرْنَا بِالصَّدَقَةِ كُنَّا نَتَحَامَلُ فَجَاءَ أَبُو عَقِيلٍ بِنِصْفِ صَاعٍ، وَجَاءَ إِنْسَانٌ بِأَكْثَرَ مِنْهُ، فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِىٌّ عَنْ صَدَقَةِ هَذَا، وَمَا فَعَلَ هَذَا الآخَرُ إِلاَّ رِئَاءً. فَنَزَلَتْ (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ) الآيَةَ. طرفه 1415 4669 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ قُلْتُ لأَبِى أُسَامَةَ أَحَدَّثَكُمْ زَائِدَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ الأَنْصَارِىِّ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَأْمُرُ بِالصَّدَقَةِ، فَيَحْتَالُ أَحَدُنَا حَتَّى يَجِئَ بِالْمُدِّ، وَإِنَّ لأَحَدِهِمِ الْيَوْمَ مِائَةَ أَلْفٍ. كَأَنَّهُ يُعَرِّضُ بِنَفْسِهِ. طرفه 1415 ـــــــــــــــــــــــــــــ 4668 - (بشر) بالباء الموحدة وشين معجمة (عن ابن مسعود) البدري عقبة (لما أمرنا بالصدقة كنا نتحامل) بفتح النون والتاء بعدها، أي: نحمل على ظهورنا بالأجرة المتصدق به، وفي أبواب الزكاة: نحامل، بضم النون من باب المفاعلة، قال ابن الأثير: تحمل الإنسان وتحمل لنا (فجاءه أبو عقيل بنصف صاع) بفتح العين، اسمه: عبد الرحمن الأنصاري. فإن قلت: في أبواب الزكاة أنه جاء بصاع؟ قلت: لم يقل هناك أبو عقيل، بل قال رجل، ولئن سلم يكون تكرر منه الفعل. 4669 - (وإن لأحدهم اليوم مائة ألف) قيل: أراد نفسه، أبو عقيل هذا بفتح العين وكسر القاف، هو العلوي، هكذا قال الطبري، وقال ابن عبد البر: صاحب الصاع اسمه: الحثحاث بالمهملتين، وضبطه السهيلي بالجيم وهو الأراشي. قلت: ويجوز الجمع بينهما كما لا يخفى. وقد جاءت الرواية بغيرهما، فيحمل على التعدد والله أعلم.

12 - باب قوله (استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة)

12 - باب قَوْلِهِ (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً) 4670 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِى أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا تُوُفِّىَ عَبْدُ اللَّهِ جَاءَ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ قَمِيصَهُ يُكَفِّنُ فِيهِ أَبَاهُ فَأَعْطَاهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ أَنْ يُصَلِّىَ عَلَيْهِ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِيُصَلِّىَ فَقَامَ عُمَرُ فَأَخَذَ بِثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ تُصَلِّى عَلَيْهِ وَقَدْ نَهَاكَ رَبُّكَ أَنْ تُصَلِّىَ عَلَيْهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّمَا خَيَّرَنِى اللَّهُ فَقَالَ (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً) وَسَأَزِيدُهُ عَلَى السَّبْعِينَ». قَالَ إِنَّهُ مُنَافِقٌ. قَالَ فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَنْزَلَ اللَّهُ (وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ). طرفه 1269 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ} [التوبة: 80] 4670 - (عبيد) بضم العين مصغر (عن أبي أسامة) -بضم الهمزة- حماد بن أسامة (لما توفي عبد الله بن أبي ابن سلول جاء ابنه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسأله أن يعطيه قميصه يكفن فيه أباه) هذا هو الصواب، لا ما يقال: إنه كان أعطى يوم بدر قميصه عباس بن عبد المطلب، فكافأه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن أصحاب بدر كلهم خلص المؤمنين، وهذا إنما أظهر الإيمان بعد بدر. فإن قلت: قول عمر: وقد نهاك ربك أن تصلي عليه في أية آية نهاه؟ قلت: فهم عمر أن هذا العدد إنما هو للتكثير، وأنه لا يغفر له، وإذا أخبر الله بأنه لا يغفر له، فكان في معنى النهي، ولذلك قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لم ينهني وإنما خيرني) والغرض من الصلاة على الميت الاستغفار له. وفي رواية أبي نعيم: وقد نهاك ربك أن تستغفر لهم. فإن قلت: فقوله: "وسأزيد" صريح في أنه فهم منه الحصر في هذا العدد؟ قلت: كذا قاله الخطابي وليس كذلك، والحق ما قاله صاحب "الكشاف" أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علم إنه لا يغفر له قطعًا، فإنه مات كافرًا، ولكنه قبل بقوله: "سأزيد" تطييبًا لقلب ابنه، وإظهارًا للرأفة بأمته، وهذا كلام في غاية الحسن، والدليل ما تقدم في رواية أخرى في أبواب الجنائز: "لو

13 - باب قوله (ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره)

4671 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ. وَقَالَ غَيْرُهُ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - أَنَّهُ قَالَ لَمَّا مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ ابْنُ سَلُولَ دُعِىَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِيُصَلِّىَ عَلَيْهِ فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَثَبْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتُصَلِّى عَلَى ابْنِ أُبَىٍّ وَقَدْ قَالَ يَوْمَ كَذَا كَذَا وَكَذَا قَالَ أُعَدِّدُ عَلَيْهِ قَوْلَهُ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ «أَخِّرْ عَنِّى يَا عُمَرُ». فَلَمَّا أَكْثَرْتُ عَلَيْهِ قَالَ «إِنِّى خُيِّرْتُ فَاخْتَرْتُ، لَوْ أَعْلَمُ أَنِّى إِنْ زِدْتُ عَلَى السَّبْعِينَ يُغْفَرْ لَهُ لَزِدْتُ عَلَيْهَا». قَالَ فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ انْصَرَفَ فَلَمْ يَمْكُثْ إِلاَّ يَسِيرًا حَتَّى نَزَلَتِ الآيَتَانِ مِنْ بَرَاءَةَ (وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا) إِلَى قَوْلِهِ (وَهُمْ فَاسِقُونَ) قَالَ فَعَجِبْتُ بَعْدُ مِنْ جُرْأَتِى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. 13 - باب قَوْلِهِ (وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ) 4672 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ أني أعلم أني إن زدت عليها غفر له لزدت" وأما الاعتراض عليه أي: على "الكشاف" بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا علم عدم المغفرة فالسؤال منه مستحيل، فساقط؛ لأنه فعل في حق من علم قطعًا أنه من أهل النار وهو أبو طالب. ألا ترى إلى قوله تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (113)} [التوبة: 113] فإنه صريح في أنه كان يستغفر له [مع] علمه بأنه لا يغفر له، وبه سقط ما أجاب به ابن الحاجب بأن ما زاد على السبعين يجوز فيه المغفرة؛ لأنه موجب للمغفرة، كيف وهذا الرجل هو الذي نزل فيه سورة المنافقين: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [المنافقون: 6] والله الموفق. 4671 - (بكير) بضم الباء مصغر، وكذا (عقيل). باب قَوْلهِ: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [84] 4672 - (إبراهيم [بن] المنذر) بضم الميم وكسر الذال (أنس بن عياض) بكسر العين.

14 - باب قوله (سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم فأعرضوا عنهم إنهم رجس ومأواهم جهنم جزاء بما كانوا يكسبون)

نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ قَالَ لَمَّا تُوُفِّىَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ جَاءَ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَعْطَاهُ قَمِيصَهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يُكَفِّنَهُ فِيهِ ثُمَّ قَامَ يُصَلِّى عَلَيْهِ، فَأَخَذَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِثَوْبِهِ فَقَالَ تُصَلِّى عَلَيْهِ وَهْوَ مُنَافِقٌ وَقَدْ نَهَاكَ اللَّهُ أَنْ تَسْتَغْفِرَ لَهُمْ. قَالَ «إِنَّمَا خَيَّرَنِى اللَّهُ أَوْ أَخْبَرَنِى فَقَالَ (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ) فَقَالَ سَأَزِيدُهُ عَلَى سَبْعِينَ». قَالَ فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَصَلَّيْنَا مَعَهُ ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ (وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ) طرفه 1269 14 - باب قَوْلِهِ (سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) 4673 - حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ تَبُوكَ وَاللَّهِ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَىَّ مِنْ نِعْمَةٍ بَعْدَ إِذْ هَدَانِى أَعْظَمَ مِنْ صِدْقِى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ لاَ أَكُونَ كَذَبْتُهُ فَأَهْلِكَ كَمَا هَلَكَ الَّذِينَ كَذَبُوا حِينَ أُنْزِلَ الْوَحْىُ (سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ) إِلَى (الْفَاسِقِينَ). طرفه 2757 15 - باب قَوْلِهِ (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) 4674 - حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ - هُوَ ابْنُ هِشَامٍ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَحَدَّثَنَا عَوْفٌ حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ} [التوبة: 95] 4673 - روي فيه حديث كعب بن مالك مختصرًا, وقد رواه في غزوة تبوك. باب قوله: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا} [التوبة: 102] 4673 - (مؤمل) بضم الميم وتشديد الثانية مفتوحة (أبو رجاء) بالمد عمران العطاردي

16 - باب قوله (ما كان للنبى والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين)

حَدَّثَنَا سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَنَا «أَتَانِى اللَّيْلَةَ آتِيَانِ فَابْتَعَثَانِى، فَانْتَهَيْنَا إِلَى مَدِينَةٍ مَبْنِيَّةٍ بِلَبِنِ ذَهَبٍ وَلَبِنِ فِضَّةٍ، فَتَلَقَّانَا رِجَالٌ شَطْرٌ مِنْ خَلْقِهِمْ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ، وَشَطْرٌ كَأَقْبَحِ مَا أَنْتَ رَاءٍ قَالاَ لَهُمُ اذْهَبُوا فَقَعُوا فِي ذَلِكَ النَّهْرِ. فَوَقَعُوا فِيهِ ثُمَّ رَجَعُوا إِلَيْنَا قَدْ ذَهَبَ ذَلِكَ السُّوءُ عَنْهُمْ، فَصَارُوا فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ قَالاَ لِى هَذِهِ جَنَّةُ عَدْنٍ، وَهَذَاكَ مَنْزِلُكَ قَالاَ أَمَّا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَانُوا شَطْرٌ مِنْهُمْ حَسَنٌ وَشَطْرٌ مِنْهُمْ قَبِيحٌ فَإِنَّهُمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا تَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُمْ». طرفه 845 16 - باب قَوْلِهِ (مَا كَانَ لِلنَّبِىِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ) 4675 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ دَخَلَ عَلَيْهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَعِنْدَهُ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى أُمَيَّةَ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَىْ عَمِّ قُلْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ». فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى أُمَيَّةَ يَا أَبَا طَالِبٍ، أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ ـــــــــــــــــــــــــــــ (سمرة) بفتح السين وضم الميم (جندب) بضم الجيم وفتح الدال (أتاني الليلة آتيان) هما جبريل وميكائيل، كذا مفسرًا في الرواية الأخرى (قالا: أما القوم الذين كانوا شطر منهم حسن وشطر منهم قبيح) كان تامة، والجملة بعده من المبتدأ والخبر حال. قال بعض الشارحين: فإن قلت: أين قسم القوم؟ قلت: هذا منزل في حكم القسم وليس بشيء، فإن هذا حديث مطول، تقدم بطوله في كتاب الرؤيا، قالا فيه: أما الذين رأيتهم في نهر الدم فأكلة الريا، وأما الذين رأيتهم في التنور فزناة، فالقسم هو إحدى تلك الأمارات. باب قوله: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 113] 4675 - (لما حضرت أبا طالب الوفاة) اسم أبي طالب عبد مناف (وعبد الله بن [أبي] أمية) هو أخوه، سلمة وهو الذي أخبر الله عنه في قوله: {وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا (90)} [الإسراء: 90] أسلم قبل الفتح ورسول الله- صلى الله عليه وسلم - في الطريق، والحديث سلف

17 - باب قوله (لقد تاب الله على النبى والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه فى ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رءوف رحيم)

عَنْكَ». فَنَزَلَتْ (مَا كَانَ لِلنَّبِىِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِى قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ). طرفه 1360 17 - باب قَوْلِهِ (لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) 4676 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى يُونُسُ قَالَ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كَعْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبٍ - وَكَانَ قَائِدَ كَعْبٍ مِنْ بَنِيهِ حِينَ عَمِىَ - قَالَ سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ فِي حَدِيثِهِ (وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا) قَالَ فِي آخِرِ حَدِيثِهِ إِنَّ مِنْ تَوْبَتِى أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِى صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَمْسِكْ بَعْضَ مَالِكَ، فَهْوَ خَيْرٌ لَكَ». طرفه 2757 ـــــــــــــــــــــــــــــ في الجنائز. فإن قلت: قوله: نزلت هذه في أبي طالب، كيف يستقيم وأبو طالب مات قبل الهجرة بثلاث سنين، وسورة براءة آخر سورة نزلت لما تقدم من رواية البراء بن عازب؟ قلت: أجاب بعض الفضلاء بأنه - صلى الله عليه وسلم - كان مستمرًا على الاستغفار له إلى أن نزلت. فإن قلت: الفاء في قوله: فنزلت تدل على عدم التراخي. قلت: الفاء للدلالة على سبب النزول لا غير. باب قوله: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ} [التوبة: 117] توبة الله على العبد غفران ذنوبه ومحو سيئاته من ديوان الكتبة، وإبدال الحسنات مكانها. 4676 - (عنبسة) بفتح العين ونون ساكنة وباء موحدة (محمد) كذا وقع غير منسوب، قال الغساني: اضطرب فيه الحاكم، قال تارة ابن النضر، وتارة: هو ابن إبراهيم البوشنجي، قال: والذي عندي أنه ابن يحيى الذهلي؛ لأنا روينا هذا الحديث في كتاب العلل الذي عن محمد بن يحيى، غزوة العسرة هي غزوة تبوك؛ لأنها وقعت في أيام الحر، مع بُعْد السفر وققة النفقة وطيب الثمار.

18 - باب (وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم)

18 - باب (وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لاَ مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) 4677 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِى شُعَيْبٍ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ رَاشِدٍ أَنَّ الزُّهْرِىَّ حَدَّثَهُ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ، وَهْوَ أَحَدُ الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ تِيبَ عَلَيْهِمْ أَنَّهُ لَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا قَطُّ غَيْرَ غَزْوَتَيْنِ غَزْوَةِ الْعُسْرَةِ وَغَزْوَةِ بَدْرٍ. قَالَ فَأَجْمَعْتُ صِدْقَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ضُحًى، وَكَانَ قَلَّمَا يَقْدَمُ مِنْ سَفَرٍ سَافَرَهُ إِلاَّ ضُحًى وَكَانَ يَبْدَأُ بِالْمَسْجِدِ، فَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ، وَنَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ كَلاَمِى وَكَلاَمِ صَاحِبَىَّ، وَلَمْ يَنْهَ عَنْ كَلاَمِ أَحَدٍ مِنَ الْمُتَخَلِّفِينَ غَيْرِنَا، فَاجْتَنَبَ النَّاسُ كَلاَمَنَا، فَلَبِثْتُ كَذَلِكَ حَتَّى طَالَ عَلَىَّ الأَمْرُ، وَمَا مِنْ شَىْءٍ أَهَمُّ إِلَىَّ مِنْ أَنْ أَمُوتَ فَلاَ يُصَلِّى عَلَىَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَوْ يَمُوتَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَكُونَ مِنَ النَّاسِ بِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ، فَلاَ يُكَلِّمُنِى أَحَدٌ مِنْهُمْ، وَلاَ يُصَلِّى عَلَىَّ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَوْبَتَنَا عَلَى نَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ بَقِىَ الثُّلُثُ الآخِرُ مِنَ اللَّيْلِ، وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ أُمِّ سَلَمَةَ، وَكَانَتْ أُمُّ سَلَمَةَ مُحْسِنَةً فِي شَأْنِى مَعْنِيَّةً فِي أَمْرِى، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَا أُمَّ سَلَمَةَ تِيبَ عَلَى كَعْبٍ». قَالَتْ أَفَلاَ أُرْسِلُ إِلَيْهِ فَأُبَشِّرَهُ قَالَ «إِذًا يَحْطِمَكُمُ النَّاسُ فَيَمْنَعُونَكُمُ النَّوْمَ سَائِرَ اللَّيْلَةِ». حَتَّى إِذَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلاَةَ الْفَجْرِ آذَنَ بِتَوْبَةِ اللَّهِ عَلَيْنَا، وَكَانَ إِذَا اسْتَبْشَرَ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ حَتَّى كَأَنَّهُ قِطْعَةٌ مِنَ الْقَمَرِ، وَكُنَّا أَيُّهَا الثَّلاَثَةُ الَّذِينَ خُلِّفُوا عَنِ الأَمْرِ الَّذِى قُبِلَ مِنْ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ اعْتَذَرُوا حِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ لَنَا التَّوْبَةَ، فَلَمَّا ذُكِرَ الَّذِينَ كَذَبُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْمُتَخَلِّفِينَ، وَاعْتَذَرُوا بِالْبَاطِلِ، ذُكِرُوا بِشَرِّ مَا ذُكِرَ بِهِ أَحَدٌ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ (يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لاَ تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ) الآيَةَ. طرفه 2757

19 - باب (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين)

19 - باب (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) 4678 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ - وَكَانَ قَائِدَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ - قَالَ سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ قِصَّةِ تَبُوكَ. فَوَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَبْلاَهُ اللَّهُ فِي صِدْقِ الْحَدِيثِ أَحْسَنَ مِمَّا أَبْلاَنِى، مَا تَعَمَّدْتُ مُنْذُ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى يَوْمِى هَذَا كَذِبًا، وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - (لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ) إِلَى قَوْلِهِ (وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ). طرفه 2757 20 - باب قَوْلِهِ (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) مِنَ الرَّأْفَةِ 4679 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ السَّبَّاقِ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ الأَنْصَارِىَّ - رضى الله عنه - وَكَانَ مِمَّنْ يَكْتُبُ الْوَحْىَ قَالَ أَرْسَلَ إِلَىَّ أَبُو بَكْرٍ مَقْتَلَ أَهْلِ الْيَمَامَةِ وَعِنْدَهُ عُمَرُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنَّ عُمَرَ أَتَانِى فَقَالَ إِنَّ الْقَتْلَ قَدِ اسْتَحَرَّ يَوْمَ الْيَمَامَةِ بِالنَّاسِ، وَإِنِّى أَخْشَى أَنْ يَسْتَحِرَّ الْقَتْلُ بِالْقُرَّاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ} [التوبة: 118] 4678 - روى حديث كعب بن مالك، وقد سلف في غزوة تبوك بطوله (ما أعلم أحدًا أبلاه الله في صدق الحديث مما أبلاني) أي: أنعم علي بفضل. قال ابن الأثير: أصله الامتحان، فإذا أسند إليه تعالى يراد منه إيصاله الخير والشر. باب قوله: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ} [التوبة: 128] 4679 - (ابن السباق) بتشديد الموحدة، اسمه: عبيد، مصغر (إن القتل قد استحر بالناس يوم اليمامة) أي: كثر، قيل: قتل في ذلك اليوم ألف وأربع مائة، منهم سبعون رجلًا، كلهم قد

فِي الْمَوَاطِنِ فَيَذْهَبَ كَثِيرٌ مِنَ الْقُرْآنِ، إِلاَّ أَنْ تَجْمَعُوهُ، وَإِنِّى لأَرَى أَنْ تَجْمَعَ الْقُرْآنَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ قُلْتُ لِعُمَرَ كَيْفَ أَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ عُمَرُ هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ. فَلَمْ يَزَلْ عُمَرُ يُرَاجِعُنِى فِيهِ حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ لِذَلِكَ صَدْرِى، وَرَأَيْتُ الَّذِى رَأَى عُمَرُ. قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَعُمَرُ عِنْدَهُ جَالِسٌ لاَ يَتَكَلَّمُ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنَّكَ رَجُلٌ شَابٌّ عَاقِلٌ وَلاَ نَتَّهِمُكَ، كُنْتَ تَكْتُبُ الْوَحْىَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَتَتَبَّعِ الْقُرْآنَ فَاجْمَعْهُ. فَوَاللَّهِ لَوْ كَلَّفَنِى نَقْلَ جَبَلٍ مِنَ الْجِبَالِ مَا كَانَ أَثْقَلَ عَلَىَّ مِمَّا أَمَرَنِى بِهِ مِنْ جَمْعِ الْقُرْآنِ قُلْتُ كَيْفَ تَفْعَلاَنِ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ، فَلَمْ أَزَلْ أُرَاجِعُهُ حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ صَدْرِى لِلَّذِى شَرَحَ اللَّهُ لَهُ صَدْرَ أَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَقُمْتُ فَتَتَبَّعْتُ الْقُرْآنَ أَجْمَعُهُ مِنَ الرِّقَاعِ وَالأَكْتَافِ وَالْعُسُبِ وَصُدُورِ الرِّجَالِ، حَتَّى وَجَدْتُ مِنْ سُورَةِ التَّوْبَةِ آيَتَيْنِ مَعَ خُزَيْمَةَ الأَنْصَارِىِّ، لَمْ أَجِدْهُمَا مَعَ أَحَدٍ غَيْرِهِ (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ) إِلَى آخِرِهِمَا، وَكَانَتِ الصُّحُفُ الَّتِى جُمِعَ فِيهَا الْقُرْآنُ عِنْدَ أَبِى بَكْرٍ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ عِنْدَ عُمَرَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ عِنْدَ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ. تَابَعَهُ عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ وَاللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَقَالَ مَعَ أَبِى خُزَيْمَةَ الأَنْصَارِىِّ. وَقَالَ مُوسَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ مَعَ أَبِى خُزَيْمَةَ. وَتَابَعَهُ يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ. وَقَالَ أَبُو ثَابِتٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ وَقَالَ مَعَ خُزَيْمَةَ، أَوْ أَبِى خُزَيْمَةَ. طرفه 2807 ـــــــــــــــــــــــــــــ جمع القرآن، واليمامة من بلاد اليمن. وكان القتال مع مسيلمة الكذاب (فتتبعت القرآن أجمعه من الرقاع) جمع رقعة (والأكتاف) جمع كتف، (والعسب) -بضم العين- جمع عسيب النخل (حتى وجدت من سورة التوبة آيتين مع خزيمة الأنصاري لم أجدهما عند غيره). فإن قلت: شرط القرآن التواتر، فكيف ثبت بقول واحد؟ قلت: أجاب الجعبري وغيره: لم يجدهما مكتوبين عند غيره، وهذا لا شك فيه، فإن أبا بكر وعمر كانا يحفظانهما بلا ريب، بل زيد أيضًا، وحمل على ظاهره، ولا إشكال فإن القراء الذين قتلوا يوم اليمامة كانوا يحفظونهما.

10 - سورة يونس

10 - سورة يُونُسَ 1 - باب وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (فَاخْتَلَطَ) فَنَبَتَ بِالْمَاءِ مِنْ كُلِّ لَوْنٍ. وَ (قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِىُّ). وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ (أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ) مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ مُجَاهِدٌ خَيْرٌ. يُقَالُ (تِلْكَ آيَاتُ) يَعْنِى هَذِهِ أَعْلاَمُ الْقُرْآنِ وَمِثْلُهُ. (حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ) الْمَعْنَى بِكُمْ. (دَعْوَاهُمْ) دُعَاؤُهُمْ (أُحِيطَ بِهِمْ) دَنَوْا مِنَ الْهَلَكَةِ (أَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ) فَاتَّبَعَهُمْ وَأَتْبَعَهُمْ وَاحِدٌ. (عَدْوًا) مِنَ الْعُدْوَانِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ وأجاب بعضهم بأن لو فرض أنه لم يكونا عند أحدٍ لم يشكل، فإن خزيمة جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شهادته شهادة رجلين، فقوله كاف. وقد غلط في ذلك فإن خزيمة هذا هو ابن أوس بن أصرم من بني النجار، توفي في خلافة عثمان، يكنى أبا خزيمة كما ذكره في آخر الحديث. وأما ذو الشهادتين فهو خزيمة بن ثابت، يكنى أبا عمارة، قتل مع علي وصفين، وإنما التبس عليه؛ لأن خزيمة بن ثابت وجد عنده آية الأحزاب كما سيأتي إن شاء الله. سورة يونس (وقال زيد بن أسلم: {أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ} [يونس: 2] محمد - صلى الله عليه وسلم -). قال الجوهري القدم: السابقة في الأمر، يقال: لفلان قدم صدق، أي: أثرة حسنة، وهذا معنى قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أنا فرط لأمتي" {تِلْكَ آيَاتُ} يعني هذه (ومثله: {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ} [يونس: 22]) والشبه: أن كلًّا منهما خلاف الظاهر، كان الظاهر هذه موضع تلك، كما أن هناك "بكم" موضع "بهم". وقيل: وجه الشبه: أن في كل منهما صرف الكلام من الحضور إلى الغيبة، وبالعكس، وفيه سهو؛ لأن العدول عن هذه إلى تلك ليس عدولًا من الغيبة إلى الخطاب، بل من لفظ القريب إلى البعيد؛ لأن الكاف مع اللام تدل على بعد الرتبة، على أنه لو صح ذلك كان حق العبارة أن يقول: في أحدهما العدول من الغيبة إلى الحضور عكس الآخر؛ لا أن في كل واحد كلا الأمرين، فإنه خلاف الواقع {فَأَتْبَعَهُمْ} [يونس: 90] وأتبعهم واحد) هذا مخالف لما قاله أهل اللغة؛ فإن الإتباع بهمزة القطع

2 - باب (وجاوزنا ببنى إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغيا وعدوا حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذى آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين)

(يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ) قَوْلُ الإِنْسَانِ لِوَلَدِهِ وَمَالِهِ إِذَا غَضِبَ اللَّهُمَّ لاَ تُبَارِكْ فِيهِ وَالْعَنْهُ (لَقُضِىَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ) لأُهْلِكُ مَنْ دُعِىَ عَلَيْهِ وَلأَمَاتَهُ. (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى) مِثْلُهَا حُسْنَى (وَزِيَادَةٌ) مَغْفِرَةٌ. (الْكِبْرِيَاءُ) الْمُلْكُ. 2 - باب (وَجَاوَزْنَا بِبَنِى إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الَّذِى آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (نُنَجِّيكَ) نُلْقِيكَ عَلَى نَجْوَةٍ مِنَ الأَرْضِ، وَهْوَ النَّشَزُ الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ. 4680 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ وَالْيَهُودُ تَصُومُ عَاشُورَاءَ فَقَالُوا هَذَا يَوْمٌ ظَهَرَ فِيهِ مُوسَى عَلَى فِرْعَوْنَ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لأَصْحَابِهِ «أَنْتُمْ أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْهُمْ، فَصُومُوا». طرفه 2004 ـــــــــــــــــــــــــــــ الإدراك، وبهمزة الوصل المشي خلفه (وقال غيره) أي: غير مجاهد (الزيادة: النظر إلى وجهه تعالى) أي: ذاته المقدسة عن الوجه والجهات. و (النشز) بفتح النون والشين المعجمة وزاي كذلك. تفسير للنجوة المكان المرتفع. 4680 - (بشار) بفتح الباء والشين المشددة (غندر) بضم الغين المعجمة ودال مهملة (عن أبي بشر) اسمه جعفر، تقدم أن اليهود كانوا يصومون يوم عاشوراء، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه: "أنتم أحق بموسى منهم فصوموا" أي: استمروا على الصوم، فإنهم كانوا بمكة أيضًا يصومونه. وإنما قال هذا الكلام لكراهتهم موافقة اليهود، وإنما كانوا أحق بموسى؛ لأنهم على الحق واليهود على الباطل، وفيه إشارة إلى ما تقدم في أبواب الصوم من أن اليهود كانوا يصومونه؛ لأنه يوم نجى الله فيه موسى من فرعون.

11 - سورة هود

11 - سورة هُودٍ وَقَالَ أَبُو مَيْسَرَةَ الأَوَّاهُ الرَّحِيمُ بِالْحَبَشِيَّةِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (بَادِئَ الرَّأْىِ) مَا ظَهَرَ لَنَا. وَقَالَ مُجَاهِدٌ الْجُودِىُّ جَبَلٌ بِالْجَزِيرَةِ. وَقَالَ الْحَسَنُ (إِنَّكَ لأَنْتَ الْحَلِيمُ) يَسْتَهْزِئُونَ بِهِ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (أَقْلِعِى) أَمْسِكِى. (عَصِيبٌ) شَدِيدٌ. (لاَ جَرَمَ) بَلَى. (وَفَارَ التَّنُّورُ) نَبَعَ الْمَاءُ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ وَجْهُ الأَرْضِ. 1 - باب (أَلاَ إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلاَ حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) وَقَالَ غَيْرُهُ (وَحَاقَ) نَزَلَ، يَحِيقُ يَنْزِلُ. يَئُوسٌ فَعُولٌ مِنْ يَئِسْتُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ (تَبْتَئِسْ) تَحْزَنْ. (يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ) شَكٌّ وَامْتِرَاءٌ فِي الْحَقِّ. (لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ) مِنَ اللَّهِ إِنِ اسْتَطَاعُوا. 4681 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَبَّاحٍ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ سورة هود (أبو ميسرة) ضد الميمنة (وقال ابن عباس {بَادِيَ الرَّأْيِ} [هود: 27] ما ظهر لنا) تفسير لقوله تعالى: {مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ} [هود: 27] وفيه إشكال؛ إذ الصواب ظهر لهم؛ لأنهم قدحوا فيمن آمن، فإنهم اتبعوه فيما ظهر لهم من غير تدبر. هذا على قراءة الياء. وأما على قراءة الهمزة، فالمعنى في لأول الأمر من غير تفكر ونظر فيما يدعوهم إليه، كذا في "الكشاف" وغيره ({يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ} [هود: 5] شك وامتراء) بالرفع خبر مبتدأ، أي: ما في صدورهم من الشك هو الذي بعثهم على ثني صدورهم. قال في "الكشاف": يزورون عن الحق وينحرفون عنه. 4681 - (صباح) بفتح الصاد وتشديد الباء (حجاج) بفتح الجيم (عباد) بفتح العين

2 - باب قوله (وكان عرشه على الماء)

أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ (أَلاَ إِنَّهُمْ تَثْنَوْنِى صُدُورُهُمْ) قَالَ سَأَلْتُهُ عَنْهَا فَقَالَ أُنَاسٌ كَانُوا يَسْتَحْيُونَ أَنْ يَتَخَلَّوْا فَيُفْضُوا إِلَى السَّمَاءِ، وَأَنْ يُجَامِعُوا نِسَاءَهُمْ فَيُفْضُوا إِلَى السَّمَاءِ، فَنَزَلَ ذَلِكَ فِيهِمْ. طرفاه 4682، 4683 4682 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَأَخْبَرَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَرَأَ (أَلاَ إِنَّهُمْ تَثْنَوْنِى صُدُورُهُمْ) قُلْتُ يَا أَبَا الْعَبَّاسِ مَا تَثْنَوْنِى صُدُورُهُمْ قَالَ كَانَ الرَّجُلُ يُجَامِعُ امْرَأَتَهُ فَيَسْتَحِى أَوْ يَتَخَلَّى فَيَسْتَحِى فَنَزَلَتْ (أَلاَ إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ). طرفه 4681 4683 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرٌو قَالَ قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ (أَلاَ إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلاَ حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ) وَقَالَ غَيْرُهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (يَسْتَغْشُونَ) يُغَطُّونَ رُءُوسَهُمْ. طرفه 4681. (سِئَ بِهِمْ) سَاءَ ظَنُّهُ بِقَوْمِهِ. (وَضَاقَ بِهِمْ) بِأَضْيَافِهِ (بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ) بِسَوَادٍ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ (أُنِيبُ) أَرْجِعُ. 2 - باب قَوْلِهِ (وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ) 4684 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ ـــــــــــــــــــــــــــــ وتشديد الباء (قراءة ابن عباس: ألا إنهم تثنوني صدورهم) بالرفع على الفاعلية ولفظ (تثنوني) يروى بفتح التاء وسكون الثاء المثلثة وفتح النون وسكون الواو على وزن تستلقي. وبفتح التاء وسكون المثلثة وكسر الواو المشددة وتشديد النون في آخره على وزن يقشعر، والمعنى: أن نفوسهم مطاوعة لما أرادوا. 4682 - 4683 - (الحميدي) بضم الحاء. باب قوله: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} [هود: 7] 468 - (أبو الزناد) -بكسر الزاي بعدها نون- عبد الله بن ذكوان (قال الله تعالى: أَنفق أُنفق عليك) الأول أمر، والثاني جزم على الجواب. معناه: إن تنفق ما في يدك أخلفه

- وَقَالَ - يَدُ اللَّهِ مَلأَى لاَ تَغِيضُهَا نَفَقَةٌ، سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ - وَقَالَ - أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ مَا فِي يَدِهِ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ، وَبِيَدِهِ الْمِيزَانُ يَخْفِضُ وَيَرْفَعُ». أطرافه 5352، 7411، 7419، 7496 (اعْتَرَاكَ) افْتَعَلْتَ مِنْ عَرَوْتُهُ أَىْ أَصَبْتُهُ، وَمِنْهُ يَعْرُوهُ وَاعْتَرَانِى (آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا) أَىْ فِي مِلْكِهِ وَسُلْطَانِهِ. عَنِيدٌ وَعَنُودٌ وَعَانِدٌ وَاحِدٌ، هُوَ تَأْكِيدُ التَّجَبُّرِ، (اسْتَعْمَرَكُمْ) جَعَلَكُمْ عُمَّارًا، أَعْمَرْتُهُ الدَّارَ فَهْىَ عُمْرَى جَعَلْتُهَا لَهُ. (نَكِرَهُمْ) وَأَنْكَرَهُمْ وَاسْتَنْكَرَهُمْ وَاحِدٌ (حَمِيدٌ مَجِيدٌ) كَأَنَّهُ فَعِيلٌ مِنْ مَاجِدٍ. مَحْمُودٌ مِنْ حَمِدَ. سِجِّيلٌ الشَّدِيدُ الْكَبِيرُ. سِجِّيلٌ وَسِجِّينٌ وَاللاَّمُ وَالنُّونُ أُخْتَانِ، وَقَالَ تَمِيمُ بْنُ مُقْبِلٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عليك، وفي معناه الحديث: "لا توكي فيوكي الله عليك" (يد الله ملأى) كلام على طريق المثل إفهامًا للعباد، يقال عن الجارحة، وقد بين في الحديث الآخر: "عطائي كلام ومنعي كلام" وجود الأشياء منه بين الكاف والنون (لا يفيضها نفقة) لا ينقصها، كيف يعقل وهو مخرج من قضاء العدم ما أراد بلفظ كن (سحاء الليل والنهار) نصبًا بنزع الخافض دائمة الفيض. قال ابن الأثير: فعلاء لا أفعل لها كهطلاء (وكان عرشه على الماء) جملة حالية من فاعل خلق، ومعنى كونه على الماء على سمته لا أنه كان صدقًا متصلًا بالماء ثم ارتفع (وبيده الميزان) مثل قوله تعالى: {وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ} [الحجر: 21] وفي لفظ الميزان إشارة إلى أن عطاءه كل شخص على قدر استحقاقه في علمه كالبائع للمتاع إنما يخرج ما يخرج بقدر حق المشتري (يرفع ويخفض) بحسب الأشخاص، أو في شخص بحسب مكسب الأوقات {آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا} [هود: 56] أي: (في ملكه وسلطانه) أشار به إلى أن الآخذ بالناصية كناية. ({عَنِيدٍ} وعنود وعاند واحد) يريد في أصل المعنى، وهذا دأبه في تفسير الألفاظ.

3 - باب (وإلى مدين أخاهم شعيبا)

وَرَجْلَةٍ يَضْرِبُونَ الْبَيْضَ ضَاحِيَةً ... ضَرْبًا تَوَاصَى بِهِ الأَبْطَالُ سِجِّينَا 3 - باب (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا) إِلَى أَهْلِ مَدْيَنَ لأَنَّ مَدْيَنَ بَلَدٌ، وَمِثْلُهُ (وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ) وَاسْأَلِ (الْعِيرَ) يَعْنِى أَهْلَ الْقَرْيَةِ {وَأَصْحَابَ} الْعِيرِ (وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا) يَقُولُ لَمْ تَلْتَفِتُوا إِلَيْهِ، وَيُقَالُ إِذَا لَمْ يَقْضِ الرَّجُلُ حَاجَتَهُ ظَهَرْتَ بِحَاجَتِى وَجَعَلْتَنِى ظِهْرِيًّا، وَالظِّهْرِىُّ هَا هُنَا أَنْ تَأْخُذَ مَعَكَ دَابَّةً أَوْ وِعَاءً تَسْتَظْهِرُ بِهِ. (أَرَاذِلُنَا) سُقَاطُنَا. (إِجْرَامِى) هُوَ مَصْدَرٌ مِنْ أَجْرَمْتُ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ جَرَمْتُ. الْفُلْكُ وَالْفَلَكُ وَاحِدٌ وَهْىَ السَّفِينَةُ وَالسُّفُنُ. (مُجْرَاهَا) مَدْفَعُهَا وَهْوَ مَصْدَرُ أَجْرَيْتُ، وَأَرْسَيْتُ حَبَسْتُ وَيُقْرَأُ (مَرْسَاهَا) مِنْ رَسَتْ هِىَ، وَ (مَجْرَاهَا) مِنْ جَرَتْ هِىَ وَ (مُجْرِيهَا وَمُرْسِيهَا) مِنْ فُعِلَ بِهَا، الرَّاسِيَاتُ ثَابِتَاتٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ (ورجلة يضربون البيض ضاحية ... ضربًا تواصى به الأبطال سجينا) رجلة: بفتح الراء وسكون الجيم جمع راجل، ضد الفارس، والبيض بفتح الباء: الخوذة جمع بيضة، أو اسم الجنس، وضاحية: بالضاد المعجمة والحاء المهملة أي: بارزة مكشوفة، وسجينًا: صفة ضربًا، وتواصى به الأبطال: جملة معترضة. ومن قال: البيض بكسر الباء جمع أبيض وهو السيف، وضاحية أي: في وقت الضحى. خالف الرواية وأفسد المعنى، على أن الضاحية لم ترد بهذا المعنى. قال الجوهري: ضاحية كل شيء ناحيته. باب (والظهري ههنا) أي: في قولك: جعلتني ظهريًّا، إشارة إلى معنى آخر يخالف معنى الآية .... (الفُلك والفَلَك واحد) بحسب اللفظ، وفي قوله تعالى: {فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} [الشعراء: 119] وفي قوله: {إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ} [يونس: 22] ولذلك قال في شرحها: (هي السفينة والسفن) وهذا ما قاله أهل الصرف، بسكون المفرد سكون فعل وسكون الجمع سكون اسم، فرارًا من الاشتراك بقدر الإمكان فإنه خلاف الأصل.

4 - باب قوله (ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين)

4 - باب قَوْلِهِ (وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) وَاحِدُ الأَشْهَادِ شَاهِدٌ مِثْلُ صَاحِبٍ وَأَصْحَابٍ. 4685 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ وَهِشَامٌ قَالاَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ قَالَ بَيْنَا ابْنُ عُمَرَ يَطُوفُ إِذْ عَرَضَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ - أَوْ قَالَ يَا ابْنَ عُمَرَ - سَمِعْتَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فِي النَّجْوَى فَقَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «يُدْنَى الْمُؤْمِنُ مِنْ رَبِّهِ - وَقَالَ هِشَامٌ يَدْنُو الْمُؤْمِنُ - حَتَّى يَضَعَ عَلَيْهِ كَنَفَهُ، فَيُقَرِّرُهُ بِذُنُوبِهِ تَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا يَقُولُ أَعْرِفُ، يَقُولُ رَبِّ أَعْرِفُ مَرَّتَيْنِ، فَيَقُولُ سَتَرْتُهَا فِي الدُّنْيَا وَأَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ ثُمَّ تُطْوَى صَحِيفَةُ حَسَنَاتِهِ، وَأَمَّا الآخَرُونَ أَوِ الْكُفَّارُ فَيُنَادَى عَلَى رُءُوسِ الأَشْهَادِ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ». وَقَالَ شَيْبَانُ عَنْ قَتَادَةَ حَدَّثَنَا صَفْوَانُ. طرفه 2441 5 - باب قَوْلِهِ (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِىَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) (الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ) الْعَوْنُ الْمُعِينُ. رَفَدْتُهُ أَعَنْتُهُ (تَرْكَنُوا) تَمِيلُوا. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله {وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا} [هود: 18] 4685 - (زريع) مصغر زرع (محرز) بضم الميم وكسر الراء المهملة بعدها معجمة (سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في النجوى) أي: بين الله وبين المؤمنين، النجوى: الكلام بين الاثنين بحيث لا يسمع غيرهما (يُدنى المؤمن من ربه) على بناء المجهول، والدنو عبارة عن عدم اطلاع الغير، ويدنى من لطفه ورحمته (يضع عليه كنفه) بثلاث فتحات: الستر، والمراد: ظل رحمته، وهذا إنما يكون في مؤمن يكون لله تعالى به عناية للقطع بأن بعض المؤمنين يخرجون من بعد الدخول. (شيبان) بفتح الشين والموحدة على وزن شعبان (عن قتادة سمعت صفوان) فائدة هذا التصريح بالسماع، فإن قتادة مدلس، فدفع وهم التدليس منه. باب قوله: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى} [هود: 102] إشارة إلى ما تقدم من أحوال الأمم المكذبة للرسل {إِذَا أَخَذَ الْقُرَى} أي: أهلها. {الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ} [هود: 99] العون المعين) كذا وقع الصواب: المعان كما في "الكشاف" لأن

6 - باب قوله (وأقم الصلاة طرفى النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين)

(فَلَوْلاَ كَانَ) فَهَلاَّ كَانَ (أُتْرِفُوا) أُهْلِكُوا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ) شَدِيدٌ وَصَوْتٌ ضَعِيفٌ. 4686 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا بُرَيْدُ بْنُ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِى لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ». قَالَ ثُمَّ قَرَأَ (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهْىَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ). 6 - باب قَوْلِهِ (وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَىِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ) (وَزُلَفًا) سَاعَاتٍ بَعْدَ سَاعَاتٍ وَمِنْهُ سُمِّيَتِ الْمُزْدَلِفَةُ الزُّلَفُ مَنْزِلَةٌ بَعْدَ مَنْزِلَةٍ وَأَمَّا زُلْفَى فَمَصْدَرٌ مِنَ الْقُرْبَى، ازْدَلَفُوا اجْتَمَعُوا (أَزْلَفْنَا) جَمَعْنَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ لعنة الدنيا إذا أتبعت بلعنة الآخرة، فقد أعنيت بها. وأصل الرفد العطاء، فالكلام على طريق التهكم، ولو ذكر هذا قبل الترجمة كان أحسن، فإنه مقدم في التلاوة {أُتْرِفُوا} [هود: 116] أهلكوا) الإتراف: الإنعام، أطلق السبب على المسبب. 4686 - (صدقة) أخت الزكاة (أبو معاوية) محمد بن حازم بالحاء المعجمة (بريد) بضم الباء (ابن أبي بردة) فيه تسامح، بريد بن عبد الله بن أبي بردة، ويكنى بأبي بردة أيضًا (عن أبي بردة) بضم الباء والراء (إن الله ليملي للظالم) أي: يدعه في نعمة وعافية من غير مرض وآفة، مستعار من أملى لفرسه إذا رضي طوله. باب قوله: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: 78] ({وَزُلَفًا} جمع زلفة، كقرب قربة (وله تعبيران) أي: ساعات الليل القريبة من النهار، فتكون الآية في الصلوات الخمس، وهو المناسب للمقام. الثاني: أن يكون {زُلْفَى} عطفًا

12 - سورة يوسف

4687 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ - هُوَ ابْنُ زُرَيْعٍ - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِىُّ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَجُلاً أَصَابَ مِنَ امْرَأَةٍ قُبْلَةً، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَأُنْزِلَتْ عَلَيْهِ (وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَىِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ). قَالَ الرَّجُلُ أَلِىَ هَذِهِ قَالَ «لِمَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ أُمَّتِى». طرفه 526 12 - سورة يُوسُفَ وَقَالَ فُضَيْلٌ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ مُجَاهِدٍ (مُتْكَأً) الأُتْرُجُّ قَالَ فُضَيْلٌ الأُتْرُجُّ بِالْحَبَشِيَّةِ مُتْكًا. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ مُجَاهِدٍ مُتْكًا كُلُّ شَىْءٍ قُطِعَ ـــــــــــــــــــــــــــــ على الصلاة. أي: أقم الصلاة في بعض الليل. وسماها زلفًا؛ لأنها يتقرب بها إلى الله تعالى لا لوجوب. 4687 - (زريع) بضم الزاي مصغر زرع (عن أبي عثمان) هو المهدي عبد الرحمن (عن أبي مسعود) واسمه: عتبة (أن رجلًا أصاب من امرأة قُبلة) هذا الرجل أبو اليسر، بفتح الياء والسين كعب بن عمرو الأنصاري السلمي، وهو أسر العباس يوم بدر، وكان رجلًا في غاية القصر، والعباس في غاية الطول، فلما أتى به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال: لقد أعانك عليه ملك كريم. وهو الذي خفر الرؤية من المشركين يوم بدر. إذا لم يكن في مضرب السيف جوهر ... فما السيف إلا عنده والحمائل وقصته مع المرأة أنها أتت تشتري منه الثمر فقال: في داخل البيت خير من هذا، فلما دخلت معه أصابها قبلة، ثم ندم. قال الزمخشري: اسم أبو اليسر عمرو بن غزية على وزن الوصية بغين معجمة، وهذا غلط منه، وسببه: ما رواه بعضهم أنها نزلت في عمرو بن غزية. وقد روي أنهما نزلت في غيرهما. وقد ذكرنا مرارًا أن لا تزاحم في أسباب النزول. سورة يوسف (فضيل) مصغر، وكذا (حصين)، (الأترج بالحبشية مُتكًا) بضم الميم وإسكان التاء

بِالسِّكِّينِ. وَقَالَ قَتَادَةُ (لَذُو عِلْمٍ). عَامِلٌ بِمَا عَلِمَ. وَقَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ صُوَاعٌ مَكُّوكُ الْفَارِسِىِّ الَّذِى يَلْتَقِى طَرَفَاهُ، كَانَتْ تَشْرَبُ بِهِ الأَعَاجِمُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (تُفَنِّدُونِ) تُجَهِّلُونِ. وَقَالَ غَيْرُهُ غَيَابَةٌ كُلُّ شَىْءٍ غَيَّبَ عَنْكَ شَيْئًا فَهْوَ غَيَابَةٌ. وَالْجُبُّ الرَّكِيَّةُ الَّتِى لَمْ تُطْوَ. (بِمُؤْمِنٍ لَنَا) بِمُصَدِّقٍ. (أَشُدَّهُ) قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ فِي النُّقْصَانِ، يُقَالُ بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغُوا أَشُدَّهُمْ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ وَاحِدُهَا شَدٌّ، وَالْمُتَّكَأُ مَا اتَّكَأْتَ عَلَيْهِ لِشَرَابٍ أَوْ لِحَدِيثٍ أَوْ لِطَعَامٍ. وَأَبْطَلَ الَّذِى قَالَ الأُتْرُجُّ، وَلَيْسَ فِي كَلاَمِ الْعَرَبِ الأُتْرُجُّ، فَلَمَّا احْتُجَّ عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُ الْمُتَّكَأُ مِنْ نَمَارِقَ فَرُّوا إِلَى شَرٍّ مِنْهُ، فَقَالُوا إِنَّمَا هُوَ الْمُتْكُ سَاكِنَةَ التَّاءِ، وَإِنَّمَا الْمُتْكُ طَرَفُ الْبَظْرِ وَمِنْ ذَلِكَ قِيلَ لَهَا مَتْكَاءُ وَابْنُ الْمَتْكَاءِ، فَإِنْ كَانَ ثَمَّ أُتْرُجٌّ فَإِنَّهُ بَعْدَ الْمُتَّكَإِ. (شَغَفَهَا) يُقَالُ إِلَى شِغَافِهَا وَهْوَ غِلاَفُ قَلْبِهَا، وَأَمَّا شَعَفَهَا فَمِنَ الْمَشْعُوفِ (أَصْبُ) أَمِيلُ. (أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ) مَا لاَ تَأْوِيلَ لَهُ، وَالضِّغْثُ مِلْءُ الْيَدِ مِنْ حَشِيشٍ وَمَا أَشْبَهَهُ، وَمِنْهُ (وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا) لاَ مِنْ قَوْلِهِ (أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ) وَاحِدُهَا ضِغْثٌ (نَمِيرُ) مِنَ الْمِيرَةِ (وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ) مَا يَحْمِلُ بَعِيرٌ. (أَوَى إِلَيْهِ) ضَمَّ إِلَيْهِ، السِّقَايَةُ مِكْيَالٌ (تَفْتَأُ) لاَ تَزَالُ. (حَرَضًا) مُحْرَضًا، يُذِيبُكَ الْهَمُّ. (تَحَسَّسُوا) تَخَبَّرُوا. (مُزْجَاةٍ) قَلِيلَةٍ (غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ) عَامَّةٌ مُجَلِّلَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والقصر، وكل شيء قطع بالسكين فهو متكًا هذا أعم من الأول ({صُوَاعَ} [يوسف: 72] مكوك) بفتح الميم وتشديد الكاف. قال ابن الأثير: مكيال يختلف مقداره باختلاف اصطلاح الناس ({تُفَنِّدُونِ} [يوسف: 94] تنسبون إلى الفند، وهو الخرف، يقال للشيخ الكبير إذا تكلم بما لا يعني: أَفْنَدَ {أَشُدَّهُ} [يوسف: 22]) لفظ مفرد لا نظير له، (وقال بعضهم: واحدها شدٌّ)، هذا قول الكسائي. وقال سيبويه: جمع شدة كنعمة في أنعم {قَدْ شَغَفَهَا} [يوسف: 30] وصل شغافها) بكسر الشين عند أهل الحديث. وفتحها عند أهل اللغة (وأما شعفها) أي: بالعين المهملة؛ قال ابن الأثير: الشعف: شدة الحب، وقرئ به في الشاذ.

1 - باب قوله (ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق)

1 - باب قَوْلِهِ (وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ) 4688 - وَقَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْكَرِيمُ بْنُ الْكَرِيمِ بْنِ الْكَرِيمِ بْنِ الْكَرِيمِ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ». طرفه 3382 2 - باب قَوْلِهِ (لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ) 4689 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَىُّ النَّاسِ أَكْرَمُ قَالَ «أَكْرَمُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاهُمْ». قَالُوا لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ. قَالَ «فَأَكْرَمُ النَّاسِ يُوسُفُ نَبِىُّ اللَّهِ ابْنُ نَبِىِّ اللَّهِ ابْنِ نَبِىِّ اللَّهِ ابْنِ خَلِيلِ اللَّهِ». قَالُوا لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ. قَالَ «فَعَنْ مَعَادِنِ الْعَرَبِ تَسْأَلُونِى». قَالُوا نَعَمْ. قَالَ «فَخِيَارُكُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُكُمْ فِي الإِسْلاَمِ إِذَا فَقِهُوا». تَابَعَهُ أَبُو أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ. طرفه 3353 3 - باب قَوْلِهِ (قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا) (سَوَّلَتْ) زَيَّنَتْ. 4690 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. قَالَ وَحَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ النُّمَيْرِىُّ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ} [يوسف: 7] 4688 - 4689 - (محمد) كذا وقع غير منسوب، واتفقوا على أن الراوي عن عبدة ابنُ سلام (عبدة) بفتح العين وسكون الباء. وحديث الباب تقدم مرارًا. باب قوله: {بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ} [يوسف: 83] 4690 - (الحجاج) بفتح الحاء وتشديد الجيم (النميري) بضم النون مصغر غير منسوب

يَزِيدَ الأَيْلِىُّ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِىَّ سَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ وَعَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ وَعُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا فَبَرَّأَهَا اللَّهُ، كُلٌّ حَدَّثَنِى طَائِفَةً مِنَ الْحَدِيثِ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ، وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِى اللَّهَ وَتُوبِى إِلَيْهِ». قُلْتُ إِنِّى وَاللَّهِ لاَ أَجِدُ مَثَلاً إِلاَّ أَبَا يُوسُفَ (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ) وَأَنْزَلَ اللَّهُ (إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ) الْعَشْرَ الآيَاتِ. طرفه 2593 4691 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ قَالَ حَدَّثَنِى مَسْرُوقُ بْنُ الأَجْدَعِ قَالَ حَدَّثَتْنِى أُمُّ رُومَانَ وَهْىَ أُمُّ عَائِشَةَ قَالَتْ بَيْنَا أَنَا وَعَائِشَةُ أَخَذَتْهَا الْحُمَّى، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَعَلَّ فِي حَدِيثٍ تُحُدِّثَ». قَالَتْ نَعَمْ وَقَعَدَتْ عَائِشَةُ قَالَتْ مَثَلِى وَمَثَلُكُمْ كَيَعْقُوبَ وَبَنِيهِ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ. طرفه 3388 ـــــــــــــــــــــــــــــ (الأيلي) -بفتح الهمزة وياء مثناة- نسبة إلى أيلة بلدة على ساحل البحر (ألممت بذنب) أي: قاربت؛ من ألم بالمكان نزل به. 4691 - (أبو عوانة) -بفتح العين- الوضاح اليشكري (حصين) بضم الحاء مصغر (عن أبي وائل) شقيق بن سلمة (مسروق بن الأجدع عن أم رومان) بضم الراء (أم عائشة) واسمها زينب، وقد سلف أن هذا وهم، فإن أم رومان ماتت في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومسروق تابعي، كذا قالوه، وقد أشرنا إلى أن لا وهم، والصحيح أنه أدركها، والحديث [سيأتي] في سورة النور بطوله، وموضع الدلالة هنا قول عائشة: (مثلي ومثلكم كيعقوب وابنيه).

4 - باب قوله (وراودته التى هو فى بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك)

4 - باب قَوْلِهِ (وَرَاوَدَتْهُ الَّتِى هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ) وَقَالَ عِكْرِمَةُ هَيْتَ لَكَ بِالْحَوْرَانِيَّةِ هَلُمَّ. وَقَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ تَعَالَهْ. 4692 - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ هَيْتَ لَكَ قَالَ وَإِنَّمَا نَقْرَؤُهَا كَمَا عُلِّمْنَاهَا (مَثْوَاهُ) مُقَامُهُ (أَلْفَيَا) وَجَدَا (أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ) (أَلْفَيْنَا) وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ (بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ). 4693 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - أَنَّ قُرَيْشًا لَمَّا أَبْطَئُوا عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِالإِسْلاَمِ قَالَ «اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ» فَأَصَابَتْهُمْ سَنَةٌ حَصَّتْ كُلَّ شَىْءٍ حَتَّى أَكَلُوا ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي} [يوسف: 23] (قال عكرمة: {هَيْتَ لَكَ} بالحورانية: [هلمّ] وقال ابن جبير: تعاله) لا فرق بين هلم وما يقال هنا، وإن كان هلم جاء متعديًا. 4692 - (بشر) بكسر الموحدة وشين معجمة (عن ابن مسعود {وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ} قال إنما نقرؤها كما عُلِّمناها). فإن قلت: ما معنى هذا الكلام؟ قلت: معناه أن ابن مسعود يرى هيت بضم التاء، وهي قراءة ابن كثير، ورواية عن ابن عامر، فقيل له: بفتح التاء، فأجاب بأنه لم يسمع من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلَّا بالضم. (وعن ابن مسعود {بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ (12)} [الصافات: 12]) هذا في سورة الصافات، وإنما ذكره إشارة إلى أنَّه قرأ بضم التاء مثل هيت، وقيل: إنما أوردها للدلالة على أن حلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على قومه كان عجبًا، وأمرًا غريبًا مع شدة أذاه كما أن حلم يوسف على إخوته كذلك، ولا يخفى بعده. 4693 - (اللهمَّ اكفنيهم) الضمير للمشركين (بسبع كسبع يوسف) القحط الذي وقع في

5 - باب قوله (فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتى قطعن أيديهن إن ربى بكيدهن عليم * قال ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه قلن حاشى لله)

الْعِظَامَ حَتَّى جَعَلَ الرَّجُلُ يَنْظُرُ إِلَى السَّمَاءِ فَيَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا مِثْلَ الدُّخَانِ قَالَ اللَّهُ (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِى السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ) قَالَ اللَّهُ (إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عَائِدُونَ) أَفَيُكْشَفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَقَدْ مَضَى الدُّخَانُ وَمَضَتِ الْبَطْشَةُ. طرفه 1007 5 - باب قَوْلِهِ (فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللاَّتِى قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّى بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ * قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَى لِلَّهِ) وَحَاشَ وَحَاشَى تَنْزِيهٌ وَاسْتِثْنَاءٌ (حَصْحَصَ) وَضَحَ. 4694 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ تَلِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ بَكْرِ بْنِ مُضَرَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَرْحَمُ اللَّهُ لُوطًا، لَقَدْ كَانَ يَأْوِى إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ، وَلَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ مَا ـــــــــــــــــــــــــــــ زمانه بمصر، فإنَّه لما قحطوا كفّوا شرهم عنه (فأصابتهم سنة حصّت كل شيء) أي: أذهبت. والمراد: ما يؤكل (أفيكشف عنهم العذاب يوم القيامة). (البطشة الكبرى) عن ابن مسعود عبارة عن وقعة بدر، وقال غيره: تكون يوم القيامة، فأنكر عليه ابن مسعود بأن هذا قد كشف عنهم، وعذاب يوم القيامة لا يكشف. قال بعض الشارحين: فإن قلت: ما وجه الحديث مع الترجمة؟ قلت: كون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عفا عن المشركين كما عفا يوسف عن زليخا وليس بشيء، فإن زليخا اعترفت بالذنب وزوجها ..... ، بل المناسبة إنما هي في لفظ السبع، ووقوع القحط المفرط في الموضعين. باب قوله: {فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ} [يوسف: 50] (حاش، وحاشا) لله (تنزيه واستثناء) أي: تارة يكون استثناء، وإلا فهي آية تنزيه لا غير. 4694 - (تليد) بفتح التاء وكسر اللام (مضر) بضم الميم وضاد معجمة (يونس بن يزيد) من الزيادة (يرحم الله لوطًا لقد كان يأوي إلى ركن شديد) قال النووي وغيره: معناه كان يلجأ

6 - باب قوله (حتى إذا استيأس الرسل)

لَبِثَ يُوسُفُ لأَجَبْتُ الدَّاعِىَ، وَنَحْنُ أَحَقُّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لَهُ (أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِى). طرفه 3372 6 - باب قَوْلِهِ (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ) 4695 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ لَهُ وَهُوَ يَسْأَلُهَا عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ) قَالَ قُلْتُ أَكُذِبُوا أَمْ كُذِّبُوا ـــــــــــــــــــــــــــــ إلى الله في الشدائد. قلت: مساق الكلام يقتضي عتابه على قوله: {قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ (80)} [هود: 80] فإن الله كان أعظم ملجأ له، كما قال في موسى: "رحم الله موسى لو صبر لقص علينا من شأنهما" ألا ترى أن أَبا بكر لما كانا في الغار وجاء المشركون قال: لو نظروا تحت أقدامهم لرأونا، قال سيد الرسل له: "ما ظنك باثنين الله ثالثهما" وأما قوله في يوسف: (لو لبثت في السجن ما لبث لأجبت الداعي) ثناء عليه بكمال الثبات، وكذا قاله في إبراهيم، وقد سلف في سورة البقرة مستوفى. باب قوله: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ} [يوسف: 110] 4695 - (عن عروة، فقلت لعائشة: كذبوا أم كُذبوا) أي: بالتشديد أو التَّخفيف، محصل الباب أن عائشة أنكرت قراءة التَّخفيف بناء على أنَّه لم يمكن أن الرسل تظن بالله أن يخلف الوعد معهم، وقد تقدم في كتاب الأنبياء وغيره أن هذه قراءة أهل الكوفة، ومعناها: أنَّه لما اشتد البلاء، وأبطأ النصر ولم يكن سبق من الله وعد في ذلك الوقت بالنصر، إلَّا أن نفوسهم كانت تحدث بالنصر ظنوا أن حديث النفس كان كاذبًا، وقد بسطنا الكلام هناك. بأزيد من هذا، إلَّا أن هذا أحسن ما يقال.

13 - سورة الرعد

قَالَتْ عَائِشَةُ كُذِّبُوا. قُلْتُ فَقَدِ اسْتَيْقَنُوا أَنَّ قَوْمَهُمْ كَذَّبُوهُمْ فَمَا هُوَ بِالظَّنِّ قَالَتْ أَجَلْ لَعَمْرِى لَقَدِ اسْتَيْقَنُوا بِذَلِكَ. فَقُلْتُ لَهَا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا قَالَتْ مَعَاذَ اللَّهِ لَمْ تَكُنِ الرُّسُلُ تَظُنُّ ذَلِكَ بِرَبِّهَا. قُلْتُ فَمَا هَذِهِ الآيَةُ. قَالَتْ هُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ الَّذِينَ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَصَدَّقُوهُمْ، فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْبَلاَءُ، وَاسْتَأْخَرَ عَنْهُمُ النَّصْرُ حَتَّى اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ مِمَّنْ كَذَّبَهُمْ مِنْ قَوْمِهِمْ وَظَنَّتِ الرُّسُلُ أَنَّ أَتْبَاعَهُمْ قَدْ كَذَّبُوهُمْ جَاءَهُمْ نَصْرُ اللَّهِ عِنْدَ ذَلِكَ. طرفه 3389 4696 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ فَقُلْتُ لَعَلَّهَا (كُذِبُوا) مُخَفَّفَةً. قَالَتْ مَعَاذَ اللَّهِ. طرفه 3389 13 - سورة الرَّعْدِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ) مَثَلُ الْمُشْرِكِ الَّذِى عَبَدَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا غَيْرَهُ كَمَثَلِ الْعَطْشَانِ الَّذِى يَنْظُرُ إِلَى خَيَالِهِ فِي الْمَاءِ مِنْ بَعِيدٍ، وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَتَنَاوَلَهُ وَلاَ يَقْدِرُ. وَقَالَ غَيْرُهُ (سَخَّرَ) ذَلَّلَ. (مُتَجَاوِرَاتٌ) مُتَدَانِيَاتٌ. (الْمَثُلاَتُ) وَاحِدُهَا مَثُلَةٌ وَهْىَ الأَشْبَاهُ وَالأَمْثَالُ، وَقَالَ (إِلاَّ مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا). (بِمِقْدَارٍ) بِقَدَرٍ (مُعَقِّبَاتٌ) مَلاَئِكَةٌ حَفَظَةٌ تُعَقِّبُ الأُولَى مِنْهَا الأُخْرَى، وَمِنْهُ قِيلَ الْعَقِيبُ. يُقَالُ عَقَّبْتُ فِي إِثْرِهِ، الْمِحَالُ الْعُقُوبَةُ. (كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ) لِيَقْبِضَ عَلَى الْمَاءِ. (رَابِيًا) مِنْ رَبَا يَرْبُو. (أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ) الْمَتَاعُ مَا تَمَتَّعْتَ بِهِ. (جُفَاءً) أَجْفَأَتِ الْقِدْرُ إِذَا غَلَتْ فَعَلاَهَا الزَّبَدُ، ثُمَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ سورة الرعد ({الْمَثُلَاتُ} [الرعد: 6] واحدها مثلة) بضم الميم والثاء، وهي العقوبة بمقدار الجناية، ولذلك فسره بالأشياء بمقدار مقدر، أشار إلى أنَّه مصدر ميمي ({مُعَقِّبَاتٌ} [الرعد: 11] ملائكة حفظة تُعقِّب) بضم التاء وتشديد القاف، من عقبة إذا جاء على أثره (ومنه العقيب) على وزن فعيل، وهو الذي يأتي على أثره، والذي يخلف أباه من الولد ({الْمِحَالِ} [الرعد: 13]) بكسر الميم، فسره بالعقوبة، وهو تفسير باللازم. فإن المحال من المحل وهو المكر (أجفأت القدر إذا غلت) قال ابن الأثير: هذه لغة قليلة، والمشهور

1 - باب قوله (الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام)

تَسْكُنُ فَيَذْهَبُ الزَّبَدُ بِلاَ مَنْفَعَةٍ، فَكَذَلِكَ يُمَيِّزُ الْحَقَّ مِنَ الْبَاطِلِ. (الْمِهَادُ) الْفِرَاشُ. (يَدْرَءُونَ) يَدْفَعُونَ دَرَأْتُهُ دَفَعْتُهُ. (سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ) أَىْ يَقُولُونَ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ. (وَإِلَيْهِ مَتَابِ) تَوْبَتِى. (أَفَلَمْ يَيْأَسْ) لَمْ يَتَبَيَّنْ. (قَارِعَةٌ) دَاهِيَةٌ (فَأَمْلَيْتُ) أَطَلْتُ مِنَ الْمَلِىِّ وَالْمُلاَوَةُ وَمِنْهُ مَلِيًّا، وَيُقَالُ لِلْوَاسِعِ الطَّوِيلِ مِنَ الأَرْضِ مَلًى مِنَ الأَرْضِ (أَشَقُّ) أَشَدُّ مِنَ الْمَشَقَّةِ (مُعَقِّبَ) مُغَيِّرٌ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ (مُتَجَاوِرَاتٌ) طَيِّبُهَا، وَخَبِيثُهَا السِّبَاخُ، (صِنْوَانٌ) النَّخْلَتَانِ أَوْ أَكْثَرُ فِي أَصْلٍ وَاحِدٍ (وَغَيْرُ صِنْوَانٍ) وَحْدَهَا (بِمَاءٍ وَاحِدٍ) كَصَالِحِ بَنِى آدَمَ وَخَبِيثِهِمْ أَبُوهُمْ وَاحِدٌ السَّحَابُ الثِّقَالُ الَّذِى فِيهِ الْمَاءُ (كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ) يَدْعُو الْمَاءَ بِلِسَانِهِ وَيُشِيرُ إِلَيْهِ فَلاَ يَأْتِيهِ أَبَدًا (سَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا) تَمْلأُ بَطْنَ وَادٍ (زَبَدًا رَابِيًا) زَبَدُ السَّيْلِ خَبَثُ الْحَدِيدِ وَالْحِلْيَةِ. 1 - باب قَوْلِهِ (اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ) غِيضَ نُقِصَ. 4697 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مَعْنٌ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَفَاتِيحُ الْغَيْبِ ـــــــــــــــــــــــــــــ جفأت ({وَإِلَيْهِ مَتَابِ} [الرعد: 30] أي: توبتي) أي: رجوعي، لا التوبة المتعارفة ({أَفَلَمْ يَيْأَسِ} [الرعد: 31] يتبين) اليأس: عدم الرَّجاء، فإذا يئس تبين له عدمه ({صِنْوَانٌ} [الرعد: 4] النخلتان أو أكثر) إذا لم يكن منونًا نخلتان وإذا نون فأكثر، كما تقدم في القنوان (بقدرها تملأ بطن واد) هذه الرواية فيه للأصيلي ولغيره: الوادي (خبث الحديد) بفتح الباء. (مفاتيح الغيب) قد سبق أنَّه يجوز أن يكون جمع مفتاح، وأن يكون جمع مفتح بفتح الميم، وهي الخزانة. 4697 - (المنذر) بضم الميم وكسر الذال (معن) بفتح الميم وسكون العين.

14 - سورة إبراهيم

خَمْسٌ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ اللَّهُ لاَ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ إِلاَّ اللَّهُ، وَلاَ يَعْلَمُ مَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ إِلاَّ اللَّهُ وَلاَ يَعْلَمُ مَتَى يَأْتِى الْمَطَرُ أَحَدٌ إِلاَّ اللَّهُ، وَلاَ تَدْرِى نَفْسٌ بِأَىِّ أَرْضٍ تَمُوتُ، وَلاَ يَعْلَمُ مَتَى تَقُومُ السَّاعَةُ إِلاَّ اللَّهُ». طرفه 1039 14 - سورة إِبْرَاهِيمَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (هَادٍ) دَاعٍ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ صَدِيدٌ قَيْحٌ وَدَمٌ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ (اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ) أَيَادِىَ اللَّهِ عِنْدَكُمْ وَأَيَّامَهُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ (مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ) رَغِبْتُمْ إِلَيْهِ فِيهِ (يَبْغُونَهَا عِوَجًا) يَلْتَمِسُونَ لَهَا عِوَجًا (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ) أَعْلَمَكُمْ آذَنَكُمْ (رَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ) هَذَا مَثَلٌ كَفُّوا عَمَّا أُمِرُوا بِهِ (مَقَامِى) حَيْثُ يُقِيمُهُ اللَّهُ بَيْنَ يَدَيْهِ (مِنْ وَرَائِهِ) قُدَّامِهِ. (لَكُمْ تَبَعًا) وَاحِدُهَا تَابِعٌ مِثْلُ غَيَبٍ وَغَائِبٍ (بِمُصْرِخِكُمْ) اسْتَصْرَخَنِى اسْتَغَاثَنِى يَسْتَصْرِخُهُ مِنَ الصُّرَاخِ (وَلاَ خِلاَلَ) مَصْدَرُ خَالَلْتُهُ خِلاَلاً، وَيَجُوزُ أَيْضًا جَمْعُ خُلَّةٍ وَخِلاَلٍ (اجْتُثَّتْ) اسْتُؤْصِلَتْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ سورة إبراهيم ({اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ} [إبراهيم: 6] أيادي الله) إشارة إلى أن المراد أنواع النعمة من كل ما سألتموه رغبتهم إليه، فيه تفسير حسن لدلالته على أنَّه يعطي من غير سؤال ({عِوَجًا} [إبراهيم: 3]) بكسر العين، في الأعراض والأديان، وبفتح العين في الأجسام والأعيان ({تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ} [إبراهيم: 7] أعلمكم آذنكم) يريد أن آذن بالمدّ وتأذن بمعنى واحد ({فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ} [إبراهيم: 9] هذا مثل) أي: تصوير لكفهم وامتناعهم عما أمروا به، ويجوز حمله على الحقيقة، وقد بسطنا الكلام عليه في تفسيرنا "غاية الأماني" ({وَلَا خِلَالٌ} [إبراهيم: 31] مصدر خاللته وبجوز أَيضًا جمع خلّة وخلال) لا وجه لإعادة خلال؛ لأنه تقدم، وإن أراد أن خلال جمع خلة فهو لغو، وسببه أن في كلام أبي عبيدة يجوز أن يكون مصدر خاللته، وأن يكون جمع خلة، فلم ينقل كلامه على أصله.

1 - باب قوله (كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها فى السماء * تؤتى أكلها كل حين)

1 - باب قَوْلِهِ (كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِى أُكْلَهَا كُلَّ حِينٍ) 4698 - حَدَّثَنِى عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِى أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «أَخْبِرُونِى بِشَجَرَةٍ تُشْبِهُ أَوْ كَالرَّجُلِ الْمُسْلِمِ لاَ يَتَحَاتُّ وَرَقُهَا وَلاَ وَلاَ وَلاَ، تُؤْتِى أُكْلَهَا كُلَّ حِينٍ». قَالَ ابْنُ عُمَرَ فَوَقَعَ فِي نَفْسِى أَنَّهَا النَّخْلَةُ، وَرَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ لاَ يَتَكَلَّمَانِ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ، فَلَمَّا لَمْ يَقُولُوا شَيْئًا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هِىَ النَّخْلَةُ». فَلَمَّا قُمْنَا قُلْتُ لِعُمَرَ يَا أَبَتَاهُ وَاللَّهِ لَقَدْ كَانَ وَقَعَ فِي نَفْسِى أَنَّهَا النَّخْلَةُ فَقَالَ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَكَلَّمَ قَالَ لَمْ أَرَكُمْ تَكَلَّمُونَ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ أَوْ أَقُولَ شَيْئًا. قَالَ عُمَرُ لأَنْ تَكُونَ قُلْتَهَا أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا. طرفه 61 2 - باب (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ) 4699 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى عَلْقَمَةُ بْنُ مَرْثَدٍ قَالَ سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ عُبَيْدَةَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْمُسْلِمُ إِذَا سُئِلَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ} [إبراهيم: 24] 4698 - (أبو أسامة) بضم الهمزة اسمه: حماد، روى حديث (ابن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: أخبروني عن شجرة تشبه أو كالرجل المسلم) وقد سلف في أبواب العلم بشرحه إلَّا يتحات ورقها) بتشديد التاء، أي: لا يسقط (ولا ولا ولا) هذه صفات الشجرة، ذكرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يحفظها الراوي. وقوله: (تؤتي أكلها) كلام مستأنف (لأن تكون) بفتح اللام (قلتها أحب إليّ من كذا وكذا) أي: حمر النعم، صرح به في الرواية الأخرى. باب قوله: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا} [إبراهيم: 27] 4699 - (مرثد) بفتح الميم وثاء مثلثة (عبيدة) بضم العين مصغر. حديث المنكر والنكير سلف في الجنائز.

3 - باب (ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا)

فِي الْقَبْرِ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِى الآخِرَةِ). طرفه 1369 3 - باب (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا) (أَلَمْ تَرَ) أَلَمْ تَعْلَمْ كَقَوْلِهِ (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ). (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا) الْبَوَارُ الْهَلاَكُ، بَارَ يَبُورُ بَوْرًا (قَوْمًا بُورًا) هَالِكِينَ. 4700 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا) قَالَ هُمْ كُفَّارُ أَهْلِ مَكَّةَ. طرفه 3977 15 - سورة الْحِجْرِ وَقَالَ مُجَاهِدٌ (صِرَاطٌ عَلَىَّ مُسْتَقِيمٌ) الْحَقُّ يَرْجِعُ إِلَى اللَّهِ وَعَلَيْهِ طَرِيقُهُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (لَعَمْرُكَ) لَعَيْشُكَ (قَوْمٌ مُنْكَرُونَ) ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا} [إبراهيم: 28] 4700 - روى عبد الرَّزّاق في "مصنفه" عن أبي الطفيل أن ابن الكواء سأل عليًّا عن معنى الآية فقال: هما الأفجران بنو مخزوم وبنو أمية كفيهم يوم بدر، وهذا ولا يستلزم أن لا يبقى منهم أحد بل أكثر صناديدهم، كان [أبو] جهل من بني مخزوم، وعتبة وشيبة والوليد من بني أمية، قتلوا يوم بدر. قال بعض الشارحين الرؤية هنا بمعنى العلم؛ لأن رؤية البصرة مقدرة أو مفسرة، وهذا فاسد؛ لأن الرؤية المستعملة بإلى لا تكون إلَّا بمعنى الإبصار. وأما التعذر والتعسر فلا وجه له؛ لأن رؤية القوم لا تستدعي رؤية كل فرد، على أنَّه كل قوله تعالى في آخر الآية: {قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّار} [إبراهيم: 30] إنما يصح إذا كانت الرؤية بمعنى الإبصار. سورة الحجر ({هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ} [الحجر: 41] يرجع إلى الله) أخذه من قوله تعالى: {وَإِلَى اللَّهِ

1 - باب قوله (إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين)

أَنْكَرَهُمْ لُوطٌ وَقَالَ غَيْرُهُ (كِتَابٌ مَعْلُومٌ) أَجَلٌ (لَوْ مَا تَأْتِينَا) هَلاَّ تَأْتِينَا شِيَعٌ أُمَمٌ وَلِلأَوْلِيَاءِ أَيْضًا شِيَعٌ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (يُهْرَعُونَ) مُسْرِعِينِ (لِلْمُتَوَسِّمِينَ) لِلنَّاظِرِينَ (سُكِّرَتْ) غُشِّيَتْ (بُرُوجًا) مَنَازِلَ لِلشَّمْسِ وَالْقَمَرِ (لَوَاقِحَ) مَلاَقِحَ مُلْقَحَةً (حَمَإٍ) جَمَاعَةُ حَمْأَةٍ وَهْوَ الطِّينُ الْمُتَغَيِّرُ وَالْمَسْنُونُ الْمَصْبُوبِ (تَوْجَلْ) تَخَفْ (دَابِرَ) آخِرَ (لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ) الإِمَامُ كُلُّ مَا ائْتَمَمْتَ وَاهْتَدَيْتَ بِهِ (الصَّيْحَةُ) الْهَلَكَةُ. 1 - باب قَوْلِهِ (إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ) 4701 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا قَضَى اللَّهُ الأَمْرَ فِي السَّمَاءِ ضَرَبَتِ الْمَلاَئِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ كَالسِّلْسِلَةِ عَلَى صَفْوَانٍ - قَالَ عَلِىٌّ وَقَالَ غَيْرُهُ صَفْوَانٍ - يَنْفُذُهُمْ ذَلِكَ فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ، قَالُوا لِلَّذِى قَالَ الْحَقَّ وَهْوَ الْعَلِىُّ الْكَبِيرُ، فَيَسْمَعُهَا مُسْتَرِقُو السَّمْعِ، وَمُسْتَرِقُو السَّمْعِ هَكَذَا وَاحِدٌ فَوْقَ آخَرَ - وَوَصَفَ سُفْيَانُ بِيَدِهِ، وَفَرَّجَ بَيْنَ أَصَابِعِ يَدِهِ الْيُمْنَى، نَصَبَهَا بَعْضَهَا فَوْقَ بَعْضٍ - فَرُبَّمَا أَدْرَكَ الشِّهَابُ الْمُسْتَمِعَ، قَبْلَ أَنْ يَرْمِىَ بِهَا إِلَى صَاحِبِهِ، فَيُحْرِقَهُ وَرُبَّمَا لَمْ يُدْرِكْهُ حَتَّى ـــــــــــــــــــــــــــــ الْمَصِيرُ} [آل عمران: 28] ({شِيَعِ} [الحجر: 10] أمم) جمع شيعة؛ لأن كل أمة متبعة رسولها في الاعتقاد ({لِلْمُتَوَسِّمِينَ} [الحجر: 75] للناظرين) نظر تأمل واعتبار ({لَوَاقِحَ} [الحجر: 22]) أشار إلى أن قياسه كان ذلك، فإن مفرده لقحة، قال الجوهري: هذا من النوادر؛ لأنه من ألقى إذا ولد، والحكمة في هذا الجمع إلى أنها لا تلقح إلَّا وهي لا تحسه (الإمام) كل ما ائتممت به، وفي الآية الطريق، فسره على وجه أعم ({الصَّيْحَةُ} [الحجر: 83] الهلكة) من إطلاق السبب على المسبب. 4701 - (خضعانا) جمع خاضعة (صفوان) جمع صفوانة، الحجر الأملس (ينفذهم ذلك) أي: الذي قضى في السماء (مسترقو السمع هكذا) الظاهر أنَّه من كلام سفيان. ويجوز

2 - باب قوله (ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين)

يَرْمِىَ بِهَا إِلَى الَّذِى يَلِيهِ إِلَى الَّذِى هُوَ أَسْفَلُ مِنْهُ حَتَّى يُلْقُوهَا إِلَى الأَرْضِ - وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ حَتَّى تَنْتَهِىَ إِلَى الأَرْضِ - فَتُلْقَى عَلَى فَمِ السَّاحِرِ، فَيَكْذِبُ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ فَيَصْدُقُ، فَيَقُولُونَ أَلَمْ يُخْبِرْنَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا يَكُونُ كَذَا وَكَذَا، فَوَجَدْنَاهُ حَقًّا لِلْكَلِمَةِ الَّتِى سُمِعَتْ مِنَ السَّمَاءِ». حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرٌو عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ إِذَا قَضَى اللَّهُ الأَمْرَ. وَزَادَ الْكَاهِنِ. وَحَدَّثَنَا سُفْيَانُ فَقَالَ قَالَ عَمْرٌو سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ إِذَا قَضَى اللَّهُ الأَمْرَ وَقَالَ عَلَى فَمِ السَّاحِرِ. قُلْتُ لِسُفْيَانَ قَالَ سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ. قَالَ نَعَمْ. قُلْتُ لِسُفْيَانَ إِنَّ إِنْسَانًا رَوَى عَنْكَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ وَيَرْفَعُهُ أَنَّهُ قَرَأَ فُزِّعَ. قَالَ سُفْيَانُ هَكَذَا قَرَأَ عَمْرٌو. فَلاَ أَدْرِى سَمِعَهُ هَكَذَا أَمْ لاَ. قَالَ سُفْيَانُ وَهْىَ قِرَاءَتُنَا. طرفاه 4800، 7481 2 - باب قَوْلِهِ (وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ) 4702 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مَعْنٌ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لأَصْحَابِ الْحِجْرِ «لاَ تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلاَءِ الْقَوْمِ إِلاَّ أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَلاَ ـــــــــــــــــــــــــــــ أن يكون من كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (فتلقى على فم الساحر) فيه تسامح؛ لأنه تقدم تقر في أذنه إلَّا أن ظهوره لما كان على فم الساحر عبر عنه به، والمراد بالساحر: الكاهن كما في سائر الروايات، قال الجوهري: الساحر العالم، وكل ما دَقَّ ولطف سحر (فيكذب معها مائة كذبة) المراد: الكثرة لا الحصر (فيقولون: ألم تخبرنا [يوم] كذا وكذا بكذا) أي: يغتر به النَّاس لصدقه في تلك الكلمة التي أخذها من الجن. (عن أبي هريرة وبرفعه أنَّه قرأ فُرِّغ) بالراء المهملة وغين معجمة (قال سفيان: وهي قراءتنا) وهي شاذة. باب قوله: {وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ (80)} [الحجر: 80] 4702 - (المنذر) بكسر الذال (معن) بفتح الميم وسكون العين (أن رسول الله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال لأصحاب الحجر: لا تدخلوا على هؤلاء القوم إلا أن تكونوا باكين) أي: قال لأصحابه في

3 - باب قوله (ولقد آتيناك سبعا من المثانى والقرآن العظيم)

تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَهُمْ». طرفه 433 3 - باب قَوْلِهِ (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِى وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) 4703 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِى سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى قَالَ مَرَّ بِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا أُصَلِّى فَدَعَانِى فَلَمْ آتِهِ حَتَّى صَلَّيْتُ ثُمَّ أَتَيْتُ فَقَالَ «مَا مَنَعَكَ أَنْ تَأْتِىَ». فَقُلْتُ كُنْتُ أُصَلِّى. فَقَالَ «أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ) ثُمَّ قَالَ أَلاَ أُعَلِّمُكَ أَعْظَمَ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ قَبْلَ أَنْ أَخْرُجَ مِنَ الْمَسْجِدِ» فَذَهَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِيَخْرُجَ مِنَ الْمَسْجِدِ فَذَكَّرْتُهُ فَقَالَ (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) هِىَ السَّبْعُ الْمَثَانِى وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِى أُوتِيتُهُ». طرفه 4474 4704 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْمَقْبُرِىُّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أُمُّ الْقُرْآنِ هِىَ السَّبْعُ الْمَثَانِى وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ». ـــــــــــــــــــــــــــــ شأن أصحاب الحجر، مثله قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ} [الأحقاف: 11] ومن قال أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمرورهم على الحجر، فقد أتى بمنكر من القول (أن يصيبكم مثل ما أصابهم) أي: كراهة ذلك. باب قوله: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (87)} [الحجر: 87] 4703 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (غندر) بضم الغين ودال مهملة (خبيب) بضم الخاء المعجمة مصغر (عن أبي سيد بن المعلى) بضم الميم وتشديد اللام. 4704 - (ابن أبي ذئب) بلفظ الحيوان المعروف، محمَّد بن عبد الرَّحْمَن (المقبري) بفتح الميم وضم الباء وفتحها، والحديث مع شرحه تقدم في سورة الفاتحة.

4 - باب قوله (الذين جعلوا القرآن عضين)

4 - باب قَوْلِهِ (الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ) (الْمُقْتَسِمِينَ) الَّذِينَ حَلَفُوا وَمِنْهُ (لاَ أُقْسِمُ) أَىْ أُقْسِمُ وَتُقْرَأُ لأُقْسِمُ. (قَاسَمَهُمَا) حَلَفَ لَهُمَا وَلَمْ يَحْلِفَا لَهُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ (تَقَاسَمُوا) تَحَالَفُوا. 4705 - حَدَّثَنِى يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما (الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ) قَالَ هُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ، جَزَّءُوهُ أَجْزَاءً، فَآمَنُوا بِبَعْضِهِ وَكَفَرُوا بِبَعْضِهِ. طرفه 3945 4706 - حَدَّثَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى ظَبْيَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - (كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ) قَالَ آمَنُوا بِبَعْضٍ وَكَفَرُوا بِبَعْضٍ، الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى. طرفه 3945 5 - باب قَوْلِهِ (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) قَالَ سَالِمٌ (الْيَقِينُ) الْمَوْتُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ (91)} [الحجر: 91] جمع عضو، أحد الأعضاء؛ لأنهم لما جزؤوه كأنهم جعلوا له أعضاءً، وعن عكرمة أنَّه جمع عضة، وعلى الوجهين إنما جمع بالواو خبرًا لما حذف منه ({الْمُقْتَسِمِينَ}) الذين حلفوا) هذا إنما يستقيم في قصة صالح {تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ} [النمل: 49] لبنيه وأهله وأما حديث الباب على ما فسرهُ ابن عباس: آمنوا ببعض القرآن وكفروا ببعض، فلا يستقيم. وأما قوله: مفسرًا: لا أقسم، بضم الهمزة، فهي رواية عن ابن كثير. 4705 - (هشيم) بضم الهاء مصغر (أبو بشر) بكسر الموحدة. 4706 - (عن أبي ظبيان) بفتح الظاء المعجمة وسكون الموحدة.

16 - سورة النحل

16 - سورة النَّحْلِ (رُوحُ الْقُدُسِ) جِبْرِيلُ (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ) (فِي ضَيْقٍ) يُقَالُ أَمْرٌ ضَيْقٌ وَضَيِّقٌ، مِثْلُ هَيْنٍ وَهَيِّنٍ وَلَيْنٍ وَلَيِّنٍ، وَمَيْتٍ وَمَيِّتٍ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (فِي تَقَلُّبِهِمْ) اخْتِلاَفِهِمْ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ تَمِيدُ تَكَفَّأُ (مُفْرَطُونَ) مَنْسِيُّونَ وَقَالَ غَيْرُهُ (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ) هَذَا مُقَدَّمٌ وَمُؤَخَّرٌ وَذَلِكَ أَنَّ الاِسْتِعَاذَةَ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ وَمَعْنَاهَا الاِعْتِصَامُ بِاللَّهِ (قَصْدُ السَّبِيلِ) الْبَيَانُ الدِّفْءُ مَا اسْتَدْفَأْتَ (تُرِيحُونَ) بِالْعَشِىِّ وَتَسْرَحُونَ بِالْغَدَاةِ (بِشِقِّ) يَعْنِى الْمَشَقَّةَ. (عَلَى تَخَوُّفٍ) تَنَقُّصٍ (الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً) وَهْىَ تُؤَنَّثُ وَتُذَكَّرُ، كَذَلِكَ النَّعَمُ لِلأَنْعَامِ جَمَاعَةُ النَّعَمِ (سَرَابِيلَ) قُمُصٌ (تَقِيكُمُ الْحَرَّ) وَأَمَّا (سَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ) فَإِنَّهَا الدُّرُوعُ. (دَخَلاً بَيْنَكُمْ) كُلُّ شَىْءٍ لَمْ يَصِحَّ فَهْوَ دَخَلٌ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (حَفَدَةً) مَنْ وَلَدَ الرَّجُلُ. السَّكَرُ مَا حُرِّمَ مِنْ ثَمَرَتِهَا، وَالرِّزْقُ الْحَسَنُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ، وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ صَدَقَةَ (أَنْكَاثًا) هِىَ خَرْقَاءُ، كَانَتْ إِذَا أَبْرَمَتْ غَزْلَهَا نَقَضَتْهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ سورة النحل ({تَمِيدَ} [النحل: 15] تكفأ) .......... ، أي: تنقلب ({مُفْرَطُونَ} [النحل: 62] منسيون) من أفرطه آخره، وقرأ نافع بكسر الراء، أي: المتجاوزون الحد في المعصية ({فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} [النحل: 98] هذا مقدم ومؤخر) لا حاجة إلى التقديم والتأخير، بل الإرادة مقدرة، أي: إذا أردت، مثله: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: 6] وهذا شائع (الأنعام: تُؤنث وتُذكر) هكذا ذكره الجوهري، ونقل عن سيبويه أَيضًا، ولعله لأنه يجمع على أناعم، وإلا فالأفعال ليس من أوزان المفرد (كل شيء لم يصح فهو دَخَل) قال ابن الأثير: الدخل: العيب والفساد، ومنه حديث أبي هريرة: "إذا بلغ بنو العاص ثلاثين كان دين الله دخلًا" (أنكاثًا هي خرقاء إذا أبرمت غزلًا نقضته) ذكر السهيلي أن هذه ريطة بنت سعد بن زيد

1 - باب قوله (ومنكم من يرد إلى أرذل العمر)

وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ الأُمَّةُ مُعَلِّمُ الْخَيْرِ. {وَالْقَانِتُ الْمُطِيعُ}. 1 - باب قَوْلِهِ (وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ) 4707 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مُوسَى أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الأَعْوَرُ عَنْ شُعَيْبٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه -. أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَدْعُو «أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبُخْلِ وَالْكَسَلِ، وَأَرْذَلِ الْعُمُرِ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ، وَفِتْنَةِ الدَّجَّالِ، وَفِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ». طرفه 2823 17 - سورة بَنِى إِسْرَائِيلَ 4708 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ فِي بَنِى إِسْرَائِيلَ وَالْكَهْفِ وَمَرْيَمَ إِنَّهُنَّ مِنَ الْعِتَاقِ الأُوَلِ، وَهُنَّ مِنْ تِلاَدِى. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (فَسَيُنْغِضُونَ) يَهُزُّونَ. وَقَالَ غَيْرُهُ نَغَضَتْ سِنُّكَ أَىْ تَحَرَّكَتْ. طرفاه 4739، 4994 ـــــــــــــــــــــــــــــ مناة، كانت تغزل، فهذا أبرمته أمرت جارية تنقضه. وقيل: كانت تغزل هي وجواريها إلى نصف النهار، ثم تأمرهن بنقض غزلهن، والأنكاث: جمع نكث بكسر النُّون فعل بمعنى المفعول. باب قوله: {وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ} [النحل: 70] الأرذل من كل ردية، وأرذل العمر عند سقوط القوي كما قال تعالى: {لِكَيْلَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا} [الحج: 5] قيل: خمس وتسعون، وقيل غير ذلك، والحق متفاوت مشاهد في النَّاس. سورة بني إسرائيل 4708 - (عن ابن مسعود: سورة بني إسرائيل، والكهف، ومريم، إنهن من العتاق الأول، وهن من تلادي) أي: من أول ما نزل من القرآن والتلاد -بكسر التاء- جمع تليد وهو القديم، يقال: لفلان تالد وطريف أي: مال قديم وحادث ({فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ} [الإسراء: 51] ويهزون) أي: يحركون رؤوسهم تعجبًا وسخرية.

1 - باب (وقضينا إلى بنى إسرائيل)

1 - باب (وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِى إِسْرَائِيلَ) أَخْبَرْنَاهُمْ أَنَّهُمْ سَيُفْسِدُونَ، وَالْقَضَاءُ عَلَى وُجُوهٍ (وَقَضَى رَبُّكَ) أَمَرَ رَبُّكَ، وَمِنْهُ الْحُكْمُ (إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِى بَيْنَهُمْ)، وَمِنْهُ الْخَلْقُ (فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ). (نَفِيرًا) مَنْ يَنْفِرُ مَعَهُ. (وَلِيُتَبِّرُوا) يُدَمِّرُوا (مَا عَلَوْا). (حَصِيرًا) مَحْبِسًا مَحْصَرًا (حَقَّ) وَجَبَ (مَيْسُورًا) لَيِّنًا. (خِطْئًا) إِثْمًا، وَهْوَ اسْمٌ مِنْ خَطِئْتُ، وَالْخَطَأُ مَفْتُوحٌ مَصْدَرُهُ مِنَ الإِثْمِ، خَطِئْتُ بِمَعْنَى أَخْطَأْتُ. (تَخْرِقَ) تَقْطَعَ. (وَإِذْ هُمْ نَجْوَى) مَصْدَرٌ مِنْ نَاجَيْتُ، فَوَصَفَهُمْ بِهَا، وَالْمَعْنَى يَتَنَاجَوْنَ (رُفَاتًا) حُطَامًا (وَاسْتَفْزِزْ) اسْتَخِفَّ (بِخَيْلِكَ) الْفُرْسَانِ، وَالرَّجْلُ الرَّجَّالَةُ وَاحِدُهَا رَاجِلٌ مِثْلُ صَاحِبٍ وَصَحْبٍ، وَتَاجِرٍ وَتَجْرٍ. (حَاصِبًا) الرِّيحُ الْعَاصِفُ، وَالْحَاصِبُ أَيْضًا مَا تَرْمِى بِهِ الرِّيحُ وَمِنْهُ (حَصَبُ جَهَنَّمَ) يُرْمَى بِهِ فِي جَهَنَّمَ، وَهْوَ حَصَبُهَا، وَيُقَالُ حَصَبَ فِي الأَرْضِ ذَهَبَ، وَالْحَصَبُ مُشْتَقٌّ مِنَ الْحَصْبَاءِ وَالْحِجَارَةِ. (تَارَةً) مَرَّةً وَجَمَاعَتُهُ تِيَرَةٌ وَتَارَاتٌ (لأَحْتَنِكَنَّ) لأَسْتَأْصِلَنَّهُمْ يُقَالُ احْتَنَكَ فُلاَنٌ مَا عِنْدَ فُلاَنٍ مِنْ عِلْمٍ اسْتَقْصَاهُ. (طَائِرَهُ) حَظُّهُ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي الْقُرْآنِ فَهُوَ حُجَّةٌ. (وَلِىٌّ مِنَ الذُّلِّ) لَمْ يُحَالِفْ أَحَدًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ} [4] القضاء على وجوه قال ابن الأثير: مرجع الكل إلى القطع والفصل ({نَفِيرًا} [الإسراء: 6] من ينفر معه) إشارة إلى أن الفعيل بمعنى الفاعل ({خِطْئًا} [الإسراء: 31]) بكسر الخاء وسكون الطاء، وتحريك الطاء والمد، وخطأ بفتحهما ثلاث قراءات مرجع الكل الإثم ({حَصِيرًا} [الإسراء: 8] محبسًا) هذا حاصل المعنى، وإلا فهو فعيل بمعنى الفاعل ({بِخَيْلِكَ} [الإسراء: 64] الفرسان) إما على طريق المثل لأنواع وسواسه، أو الحقيقة (والرجل) بفتح الراء وكسر الجيم وإسكانها (الرجّالة) بفتح الراء جمع راجل ضد الراكب ({حَاصِبًا} [الإسراء: 68] الريح العاصف) قال الجوهري: الريح الشديدة التي ترمي بالحصباء، والحصباء: الحجارة الصغار (وما ترمي به الريح أَيضًا) هذا على طريق المجاز (استقصاه) بلغ أقصى غايته ({طَائِرَهُ} [الإسراء: 13] حظه) بناء على ما كان عندهم من اليمن والشأم بالسانح والبارح ({وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ} لم يُحالف أحدًا) بالحاء المهملة من الحلف، وهو ما كان يفعله العرب يُلصق الرَّجل نفسه بقوم ليكون له حماية منهم.

2 - باب قوله (أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام)

2 - باب قَوْلِهِ (أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) 4709 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ ح وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ أُتِىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةَ أُسْرِىَ بِهِ بِإِيلِيَاءَ بِقَدَحَيْنِ مِنْ خَمْرٍ وَلَبَنٍ، فَنَظَرَ إِلَيْهِمَا فَأَخَذَ اللَّبَنَ قَالَ جِبْرِيلُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى هَدَاكَ لِلْفِطْرَةِ، لَوْ أَخَذْتَ الْخَمْرَ غَوَتْ أُمَّتُكَ. طرفه 3394 4710 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَبُو سَلَمَةَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لَمَّا كَذَّبَنِى قُرَيْشٌ قُمْتُ فِي الْحِجْرِ، فَجَلَّى اللَّهُ لِى بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَطَفِقْتُ أُخْبِرُهُمْ عَنْ آيَاتِهِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ 4709 - (عبدان) على وزن شعبان (عبد الله) المروزي (أتي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-) بضم الهمزة على بناء المجهول (ليلة أسري به بإيلياء بقدحين من خمر ولبن) كذلك في أكثر الرواية, وفي رواية بثلاثة أقداح منها العسل، وقد تقدم أن ثلاثة أقداح كان في السماء عند سدرة المنتهى، وقد تقدم لنا هناك كلام حسن في التوجيه (فأخذ اللبن، قال جبريل: الحمد لله الذي هداك للفطرة) هي الإيمان والإِسلام، وذلك أن اللبن هو سبب بقاء الإيمان الأبدي للإنسان في هذه الدار، فتأويله بالإيمان الذي هو سبب البقاء الأبدي ملائم. فإن قلت: قوله: (لو أخذت الخمر غوت أمتك) ما السر في ذلك؟ قلت: النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - في أمته كالروح في البدن، فلا يمكن أن يقال: الروح شيء إلَّا وللبدن منه نصيب. فإن قلت: فكم من غاوٍ في أمته؟ قلت: أرادت الأمة بأسرها كما ضلت اليهود والنصارى، وإليه يشير قوله: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق". 4710 - (لما كذبتني قريش قمت في الحجر فجلّى لي بيت المقدس) هذا حديث الإسراء، وقد سلف.

3 - باب قوله تعالى (ولقد كرمنا بنى آدم)

زَادَ يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِى ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمِّهِ «لَمَّا كَذَّبَنِى قُرَيْشٌ حِينَ أُسْرِىَ بِى إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ». نَحْوَهُ. طرفه 3886 3 - باب قَوْلِهِ تَعَالَى (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِى آدَمَ) (كَرَّمْنَا) وَأَكْرَمْنَا وَاحِدٌ (ضِعْفَ الْحَيَاةِ) عَذَابَ الْحَيَاةِ وَعَذَابَ الْمَمَاتِ (خِلاَفَكَ) وَخَلْفَكَ سَوَاءٌ (وَنَأَى) تَبَاعَدَ (شَاكِلَتِهِ) نَاحِيَتِهِ، وَهْىَ مِنْ شَكْلِهِ (صَرَّفْنَا) وَجَّهْنَا (قَبِيلاً) مُعَايَنَةً وَمُقَابَلَةً، وَقِيلَ الْقَابِلَةُ لأَنَّهَا مُقَابِلَتُهَا وَتَقْبَلُ وَلَدَهَا (خَشْيَةَ الإِنْفَاقِ) أَنْفَقَ الرَّجُلُ أَمْلَقَ، وَنَفِقَ الشَّىْءُ ذَهَبَ (قَتُورًا) مُقَتِّرًا. (لِلأَذْقَانِ) مُجْتَمَعُ اللَّحْيَيْنِ، وَالْوَاحِدُ ذَقَنٌ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ (مَوْفُورًا) وَافِرًا (تَبِيعًا) ثَائِرًا، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ نَصِيرًا. (خَبَتْ) طَفِئَتْ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (لاَ تُبَذِّرْ) لاَ تُنْفِقْ فِي الْبَاطِلِ (ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ) رِزْقٍ (مَثْبُورًا) مَلْعُونًا (لاَ تَقْفُ) لاَ تَقُلْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} [الإسراء: 70] (كرمنا وأكرمنا واحد) في أصل المعنى، والأول أبلغ ({ضِعْفَ الْحَيَاةِ} [الإسراء: 75]) أي: ضعف ما يعذب به غيرك في الدارين؛ لأن عذاب الإنسان على قدر الجريمة، وحسنات الأبرار سيئات المقربين ({خِلَافَكَ} [الإسراء: 76] وخلفك سواء) هما لغتان ({شَاكِلَتِهِ} [الإسراء: 84] ناحيته وهي من شكله) بفتح الشين وإسكان الكاف، أي: اشتقاقه منه، والكل عند أهل اللغة صفة الشيء، والشاكلة في الآية مفسرة بالمذهب والطريقة، أي: عمل الإنسان على وفق اعتقاده (أنفق الرَّجل: أملق) تفسير باللازم ({قَتُورًا} [الإسراء: 100] مقترًا) الثلاثي والمزيد بمعنى، وإن كان في القتور مبالغة، والاقتار: التضييق في الإنفاق على العيال ({لِلْأَذْقَانِ} [الإسراء: 107] مجتمع اللحيين) بفتح اللام، والواحد ذقن، لو أخر تفسيره كان أحسن ({مَوْفُورًا} [الإسراء: 63] وافرًا) أي: وقد جاء لازمًا لا أن موفورًا، كـ {عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} [الحاقة: 21] و ({رَحْمَةٍ} [الإسراء: 28] رزق) نظرًا إلى المقام وإن كانت الرحمة [أعم] ({مَثْبُورًا} [الإسراء: 102] ملعونًا) الثبور: هو الهلاك، ومن لوازمه اللعن والطرد ({وَلَا تَقْفُ} [الإسراء: 36] لا تقل) تفسير باللازم، يقال: قفوت الشيء تبعته.

4 - باب قوله (إذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها) الآية

فَجَاسُوا) تَيَمَّمُوا. يُزْجِى الْفُلْكَ يُجْرِى الْفُلْكَ (يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ) لِلْوُجُوهِ. 4 - باب قَوْلِهِ (إِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا) الآيَةَ 4711 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ أَخْبَرَنَا مَنْصُورٌ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنَّا نَقُولُ لِلْحَىِّ إِذَا كَثُرُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَمِرَ بَنُو فُلاَنٍ. حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ وَقَالَ أَمِرَ. 5 - باب (ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا) 4712 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِىُّ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ أُتِىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِلَحْمٍ، فَرُفِعَ إِلَيْهِ الذِّرَاعُ، وَكَانَتْ تُعْجِبُهُ، فَنَهَسَ مِنْهَا نَهْسَةً ثُمَّ قَالَ «أَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَهَلْ تَدْرُونَ مِمَّ ذَلِكَ يُجْمَعُ النَّاسُ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، يُسْمِعُهُمُ الدَّاعِى، وَيَنْفُذُهُمُ الْبَصَرُ، وَتَدْنُو الشَّمْسُ، فَيَبْلُغُ النَّاسَ مِنَ الْغَمِّ وَالْكَرْبِ مَا لاَ يُطِيقُونَ وَلاَ يَحْتَمِلُونَ فَيَقُولُ النَّاسُ أَلاَ تَرَوْنَ مَا قَدْ بَلَغَكُمْ أَلاَ تَنْظُرُونَ مَنْ يَشْفَعُ لَكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ لِبَعْضٍ عَلَيْكُمْ بِآدَمَ فَيَأْتُونَ آدَمَ عليه السلام فَيَقُولُونَ لَهُ أَنْتَ أَبُو الْبَشَرِ خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ. وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، وَأَمَرَ الْمَلاَئِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ أَلاَ تَرَى إِلَى مَا قَدْ بَلَغَنَا ـــــــــــــــــــــــــــــ 4711 - (أمِر بنو فلان) بكسر الميم أي: كثروا، ما نقله عن سفيان أمر على بناء المجهول لا وجه له؛ لأن أمر لازم لا يبني منه المجهول، فالصواب أمر بفتح الميم، الكسر والفتح لغتان. باب قوله: {ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ} [الإسراء: 3] 4712 - (مقاتل) بكسر التاء (أبو حبان) بفتح الحاء وتشديد المثناة يحيى بن سعيد (أبو زرعة) بتقديم المعجمة اسمه: هرم، روى عن أبي هريرة حديث الشفاعة، وقد مر مرارًا، ونشير إلى بعض ألفاظه (نهس نهسة) بالنُّون والسين المهملة -أخذ بأطراف

فَيَقُولُ آدَمُ إِنَّ رَبِّى قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنَّهُ نَهَانِى عَنِ الشَّجَرَةِ فَعَصَيْتُهُ، نَفْسِى نَفْسِى نَفْسِى، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِى، اذْهَبُوا إِلَى نُوحٍ، فَيَأْتُونَ نُوحًا فَيَقُولُونَ يَا نُوحُ إِنَّكَ أَنْتَ أَوَّلُ الرُّسُلِ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ، وَقَدْ سَمَّاكَ اللَّهُ عَبْدًا شَكُورًا اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ فَيَقُولُ إِنَّ رَبِّى عَزَّ وَجَلَّ قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنَّهُ قَدْ كَانَتْ لِى دَعْوَةٌ دَعَوْتُهَا عَلَى قَوْمِى نَفْسِى نَفْسِى نَفْسِى اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِى، اذْهَبُوا إِلَى إِبْرَاهِيمَ، فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ، فَيَقُولُونَ يَا إِبْرَاهِيمُ، أَنْتَ نَبِىُّ اللَّهِ وَخَلِيلُهُ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ أَلاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ فَيَقُولُ لَهُمْ إِنَّ رَبِّى قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنِّى قَدْ كُنْتُ كَذَبْتُ ثَلاَثَ كَذَبَاتٍ - فَذَكَرَهُنَّ أَبُو حَيَّانَ فِي الْحَدِيثِ - نَفْسِى نَفْسِى نَفْسِى، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِى اذْهَبُوا إِلَى مُوسَى، فَيَأْتُونَ مُوسَى، فَيَقُولُونَ يَا مُوسَى أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ، فَضَّلَكَ اللَّهُ بِرِسَالَتِهِ وَبِكَلاَمِهِ عَلَى النَّاسِ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ أَلاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ فَيَقُولُ إِنَّ رَبِّى قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنِّى قَدْ قَتَلْتُ نَفْسًا لَمْ أُومَرْ بِقَتْلِهَا، نَفْسِى نَفْسِى نَفْسِى، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِى، اذْهَبُوا إِلَى عِيسَى، فَيَأْتُونَ عِيسَى فَيَقُولُونَ يَا عِيسَى أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ، وَكَلَّمْتَ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا اشْفَعْ لَنَا أَلاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ فَيَقُولُ عِيسَى إِنَّ رَبِّى قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ الأسنان (إنك أول الرسل إلى أهل الأرض) أي: بعد آدم، وقيل: آدم لم يكن رسولًا، وهذا غير مسلم. فإن قلت: إدريس كان رسولًا قبله؟ قلت: هو أبو البشر، ثانيًا لم يبق على وجه الأرض إلَّا ذريته، على أن في تقديم إدريس خلاف. قال تعالى: {وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ (77)} [الصافات: 77] كانت [لي] دعوة دعوت بها على قومي) أي: دعوة مقطوعًا بالإجابة، ودعوته على قومه قوله: {رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا} [نوح: 26] (إني كذبت ثلاث كذبات) بكسر الذال، إحداها: {إِنِّي سَقِيمٌ} [الصافات: 89] , وثانيها فعله {فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ} [الأنبياء: 63] , وثالثها: أن سارة أختي، وإن كانت هذه الثلاث معاريض، ألا ترى أنَّه قال لسارة: أَنت أختي في الإِسلام إلَّا أنَّه خلاف الأولى نظرًا إلى مقامه (إني قتلت نفسًا لم أؤمر بقتلها)

6 - باب قوله (وآتينا داود زبورا)

- وَلَمْ يَذْكُرْ ذَنْبًا - نَفْسِى نَفْسِى نَفْسِى، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِى اذْهَبُوا إِلَى مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - فَيَأْتُونَ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - فَيَقُولُونَ يَا مُحَمَّدُ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ وَخَاتَمُ الأَنْبِيَاءِ، وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ أَلاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ فَأَنْطَلِقُ فَآتِى تَحْتَ الْعَرْشِ، فَأَقَعُ سَاجِدًا لِرَبِّى عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَىَّ مِنْ مَحَامِدِهِ وَحُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ شَيْئًا لَمْ يَفْتَحْهُ عَلَى أَحَدٍ قَبْلِى ثُمَّ يُقَالُ يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، سَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَرْفَعُ رَأْسِى، فَأَقُولُ أُمَّتِى يَا رَبِّ، أُمَّتِى يَا رَبِّ فَيُقَالُ يَا مُحَمَّدُ أَدْخِلْ مِنْ أُمَّتِكَ مَنْ لاَ حِسَابَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْبَابِ الأَيْمَنِ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ وَهُمْ شُرَكَاءُ النَّاسِ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الأَبْوَابِ، ثُمَّ قَالَ وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ إِنَّ مَا بَيْنَ الْمِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الْجَنَّةِ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَحِمْيَرَ، أَوْ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَبُصْرَى». طرفه 3340 6 - باب قَوْلِهِ (وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا) 4713 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «خُفِّفَ عَلَى دَاوُدَ الْقِرَاءَةُ، فَكَانَ يَأْمُرُ بِدَابَّتِهِ لِتُسْرَجَ، فَكَانَ يَقْرَأُ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ». يَعْنِى الْقُرْآنَ. طرفه 2073 ـــــــــــــــــــــــــــــ هو القبطي الذي حكى الله عنه بقوله: {فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ} [القصص: 15] (فأرفع رأسي فأقول: يَا رب أمتي). فإن قلت: أهل المحشر كلهم توسلوا به فما معنى قوله: (أمتي)؟ قلت: قد أسلفنا أن في الحديث اختصار أي: بعد الإذن في القضاء يكون هذا (والذي نفسي بيده ما بين المصراعين) أي: مصراعي الباب (كما بين مكة وحمير) بكسر الحاء وإسكان الميم- قبيلة، والمراد بلادهم، وهي صنعاء كما صرح في الرواية الأخرى. باب قوله: {وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا} [الإسراء: 55] 4713 - (معمر) بفتح الميمين وعين ساكنة (همام) بفتح الهاء وتشديد الميم (خفف على داود القراءة) هذه كانت معجزة له من إيقاع الفعل الكثير في زمان قليل كما تطوى للأولياء الأماكن البعيدة.

7 - باب (قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا)

7 - باب (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً) 4714 - حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِى مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ (إِلَى رَبِّهِمِ الْوَسِيلَةَ) قَالَ كَانَ نَاسٌ مِنَ الإِنْسِ يَعْبُدُونَ نَاسًا مِنَ الْجِنِّ، فَأَسْلَمَ الْجِنُّ، وَتَمَسَّكَ هَؤُلاَءِ بِدِينِهِمْ. زَادَ الأَشْجَعِىُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الأَعْمَشِ. (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ). طرفه 4715 8 - باب قَوْلِهِ (أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمِ الْوَسِيلَةَ) الآيَةَ 4715 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِى مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - فِي هَذِهِ الآيَةِ (الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمِ الْوَسِيلَةَ) قَالَ نَاسٌ مِنَ الْجِنِّ {كَانُوا} يُعْبَدُونَ فَأَسْلَمُوا. طرفه 4714 9 - باب (وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِى أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ) 4716 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنه - (وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِى أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ) قَالَ هِىَ رُؤْيَا عَيْنٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ} [الإسراء: 56] 4714 - (عن أبي معمر) -بفتح الميمين وسكون العين- عبد الله بن سخبرة. قال (عبد الله: إلى ربهم الوسيلة) أي: قال عبد الله في تفسيره، ثم بين ذلك بقوله: (كان ناس من الإنس يعبدون ناسًا من الجن) إطلاق النَّاس على الجن بطريق المشاكلة كما في قوله: رجال من الإنس والجن، وهذا مخالف لنص القرآن وهو قوله تعالى: {مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ} [الناس: 6]. ({قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ} [الإسراء: 56]) هذا الذي زاده الأَشجعيّ. باب قوله: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ} [الإسراء: 60] 4716 - (قال ابن عباس: هي رؤيا عين) هذا الذي يجب القول به والاعتماد عليه، وإلا لم تكن فتنة؛ لأن أدنى النَّاس لو رأى أنَّه في السماوات، أو من بالمشرق رأى أنَّه في المغرب لا ينكر عليه، وقد غَلَّطوا أَبا الطِّيب في بعض رؤية العين في قوله:

10 - باب قوله (إن قرآن الفجر كان مشهودا)

أُرِيَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةَ أُسْرِىَ بِهِ (وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ) شَجَرَةُ الزَّقُّومِ. طرفه 3888 10 - باب قَوْلِهِ (إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا) قَالَ مُجَاهِدٌ صَلاَةَ الْفَجْرِ. 4717 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ وَابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «فَضْلُ صَلاَةِ الْجَمِيعِ عَلَى صَلاَةِ الْوَاحِدِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ دَرَجَةً، وَتَجْتَمِعُ مَلاَئِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةُ النَّهَارِ فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ». يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا) طرفه 176 ـــــــــــــــــــــــــــــ ورؤياك في العين أحلى من الغمض وقيل: هي منامه الذي رأى أنَّه دخل مكة، فلما رجع من الحديبية شك بعض النَّاس. قال شيخنا: هذا حديث ضعيف ({وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ} [الإسراء: 60] شجرة الزقوم). فإن قلت: أين لعنت في القرآن؟ قلت: قوله {طَعَامُ الْأَثِيمِ (44)} [الدخان: 44] لعن لها، فإن اللعن هو الطرد والبعد، وقيل: الشجرة الملعونة في القرآن الحكم بن العاص وولده، سنده ضعيف. قلت: لكن له شاهد في الحديث الصحيح وهو قول عائشة لمروان: "لعنك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنت في ظهر أبيك فأنت فضضٌ من لعنة الله" أي: قطعة، قاله ابن الأثير. باب قوله: {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78] 4717 - فسره بصلاة الصبح، واستدل على ذلك [الحديث] أبي هريرة بقوله: ({إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا}) تشهدها الملائكة، والتعبير عما بالقرآن لا أطول الصلوات قراءة، وتمام الكلام في باب فضل صلاة الفجر في أبواب الصلاة.

11 - باب قوله (عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا)

11 - باب قَوْلِهِ (عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا) 4718 - حَدَّثَنِى إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنْ آدَمَ بْنِ عَلِىٍّ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رضى الله عنهما يَقُولُ إِنَّ النَّاسَ يَصِيرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ جُثًا، كُلُّ أُمَّةٍ تَتْبَعُ نَبِيَّهَا، يَقُولُونَ يَا فُلاَنُ اشْفَعْ، حَتَّى تَنْتَهِىَ الشَّفَاعَةُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَلِكَ يَوْمَ يَبْعَثُهُ اللَّهُ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ. طرفه 1475 4719 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِى حَمْزَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ وَالصَّلاَةِ الْقَائِمَةِ، آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ، وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِى وَعَدْتَهُ، حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِى يَوْمَ الْقِيَامَةِ». رَوَاهُ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 614 12 - باب (وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا) يَزْهَقُ يَهْلِكُ. 4720 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ أَبِى نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِى مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ دَخَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَكَّةَ وَحَوْلَ الْبَيْتِ سِتُّونَ وَثَلاَثُمِائَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] 4718 - (أبان) بفتح الهمزة. (أبو الأحوص) سلام الحنفي (إن النَّاس يصيرون يوم القيامة جثًّا) -بضم الجيم والثاء المثلثة- جمع جثوة -بضم الجيم- كخطأ في خطوة أي: جماعة جماعة، قال ابن الأثير: كل شيء جمعته جثوة، ويروى جثيًا على وزن جاث، وهو الذي يجلس على الركبتين. 4719 - (ورواه حمزة بن عبد الله) في هذا الطريق الحديث مرفوع، وفي الأول كان موقوفًا على ابن عمر. باب قوله: {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ} [الإسراء: 81] 4720 - (الحميدي) بضم الحاء مصغر منسوب عبد الله بن الزُّبير (ابن أبي نجيح) عبد الله بفتح النُّون وكسر الجيم (عن أبي معمر) بفتح الميم وإسكان العين (ستون وثلاثمائة

13 - باب (ويسألونك عن الروح)

نُصُبٍ فَجَعَلَ يَطْعُنُهَا بِعُودٍ فِي يَدِهِ وَيَقُولُ (جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا) (جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ). طرفه 2478 13 - باب (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ) 4721 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ بَيْنَا أَنَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي حَرْثٍ وَهْوَ مُتَّكِئٌ عَلَى عَسِيبٍ إِذْ مَرَّ الْيَهُودُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ سَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ، فَقَالَ مَا رَابَكُمْ إِلَيْهِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ لاَ يَسْتَقْبِلُكُمْ بِشَىْءٍ تَكْرَهُونَهُ فَقَالُوا سَلُوهُ فَسَأَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ فَأَمْسَكَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ شَيْئًا، فَعَلِمْتُ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ، فَقُمْتُ مَقَامِى، فَلَمَّا نَزَلَ الْوَحْىُ قَالَ (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّى وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً). طرفه 125 ـــــــــــــــــــــــــــــ نصب) بضم النُّون والصاد جمع نصاب ككتب في كتاب، روى الحاكم بإسناد صحيح عن علي بن أبي طالب أنَّه قال: كان الصنم الأولى من النحاس، أصعدني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على منكبه فعالجته حتَّى قلعته. باب قوله: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ} [الإسراء: 85] 4721 - (بينما أنا مع النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- في حرث وهو متكئ على عسيب) الحرث بالحاء المهملة آخره ثاء مثلثة، وقد تقدم في كتاب العلم: خرب بالخاء المعجمة آخره باء موحدة، والعسيب من أغصان النخل بمثابة الغصن من سائر الأشجار (إذ مر اليهود فقال بعضهم لبعض: سلوه عن الروح، فقال ما أربكم إليه) بفتح الهمزة والراء. قال الخطابي: هذا قول العامة أي: ما حاجتكم إلى سؤاله، وفي بعضها: "ما راتبكم" من الرتب وهو الغلو أي ألجأكم إليه، وفي بعضها: "ما رأيكم" بالياء المثناة تحت أي: الغرض (فأمسك) أي: النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - عن الجواب. (فلما نزل الوحي) ورواه في كتاب الاعتصام: "فلما صعد الوحي"، ورواية ابن إسحاق في المغازي أن الوحي تأخر خمسة عشر يومًا، والظاهر أنَّه

14 - باب (ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها)

14 - باب (وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا) 4722 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - فِي قَوْلِهِ تَعَالَى (وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا) قَالَ نَزَلَتْ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُخْتَفٍ بِمَكَّةَ، كَانَ إِذَا صَلَّى بِأَصْحَابِهِ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالْقُرْآنِ فَإِذَا سَمِعَهُ الْمُشْرِكُونَ سَبُّوا الْقُرْآنَ وَمَنْ أَنْزَلَهُ، وَمَنْ جَاءَ بِهِ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - (وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ) أَىْ بِقِرَاءَتِكَ، فَيَسْمَعَ الْمُشْرِكُونَ، فَيَسُبُّوا الْقُرْآنَ، (وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا) عَنْ أَصْحَابِكَ فَلاَ تُسْمِعُهُمْ (وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً). أطرافه 7490، 7525، 7547 4723 - حَدَّثَنِى طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ أُنْزِلَ ذَلِكَ فِي الدُّعَاءِ. طرفاه 6327، 7526 ـــــــــــــــــــــــــــــ التبس عليه بقصة أصحاب الكهف، والحديث سلف مع شرحه في كتاب العلم، ومن أراد كشف الغطاء عنه فعليه بتفسيرنا: "غاية الأماني". وملخصه: أنَّهم سألوه عن الروح الذي به الحياة فأجاب بأنه كائن مخلوق ناشئ من أمره تعالى كسائر المخلوقات. باب قوله: {الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ} [الإسراء: 110] فسر ابن عباس المخافتة بكلام يكون بين الجهر المفرط والسر، فهي نوع من البر؛ لأن قراءة السر عند الفقهاء: أن يسمع نفسه ولا يسمع غيره، وهو الذي نهاه عنه بقوله: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: 110]). 4722 - (هشيم) بضم الهاء مصغر (أبو بشر) بكسر الموحدة وشين معجمة. 4723 - (طلق) بفتح الطاء وسكون اللام (غنّام) بفتح الغين المعجمة وتشديد النُّون. روى في الباب عن ابن عباس أن الآية نزلت في الصلاة، وعن عائشة: نزلت في الدعاء. قال النووي: ما روى ابن عباس أظهر، قلت: قد أشرنا مرارًا أن لا تزاحم في أسباب النزول، يجوز أن يكون كل منهما سببًا إلَّا أن المعنى على قول ابن عباس إذ لو كان دعاء لم يكن لمنع المخافتة وجه؛ لأن دعاء السر أقرب إلى الإجابة، وأجاب بعضهم بأنه من إطلاق الجزء

18 - سورة الكهف

18 - سورة الْكَهْفِ وَقَالَ مُجَاهِدٌ (تَقْرِضُهُمْ) تَتْرُكُهُمْ، (وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ) ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ. وَقَالَ غَيْرُهُ جَمَاعَةُ الثَّمَرِ (بَاخِعٌ) مُهْلِكٌ (أَسَفًا) نَدَمًا. الْكَهْفُ الْفَتْحُ فِي الْجَبَلِ. وَالرَّقِيمُ الْكِتَابُ، مَرْقُومٌ مَكْتُوبٌ مِنَ الرَّقْمِ (رَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ) أَلْهَمْنَاهُمْ صَبْرًا (لَوْلاَ أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا) (شَطَطًا) إِفْرَاطًا. الْوَصِيدُ الْفِنَاءُ جَمْعُهُ وَصَائِدُ وَوُصُدٌ وَيُقَالُ الْوَصِيدُ الْبَابُ. (مُؤْصَدَةٌ) مُطْبَقَةٌ آصَدَ الْبَابَ وَأَوْصَدَ (بَعَثْنَاهُمْ) أَحْيَيْنَاهُمْ (أَزْكَى) أَكْثَرُ، وَيُقَالُ أَحَلُّ وَيُقَالُ أَكْثَرُ رَيْعًا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (أُكْلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ) لَمْ تَنْقُصْ. وَقَالَ سَعِيدٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ الرَّقِيمُ اللَّوْحُ مِنْ رَصَاصٍ، كَتَبَ عَامِلُهُمْ أَسْمَاءَهُمْ ثُمَّ طَرَحَهُ فِي خِزَانَتِهِ، فَضَرَبَ اللَّهُ عَلَى آذَانِهِمْ فَنَامُوا. وَقَالَ غَيْرُهُ وَأَلَتْ تَئِلُ تَنْجُو. وَقَالَ مُجَاهِدٌ (مَوْئِلاً) مَحْرِزًا (لاَ يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا) لاَ يَعْقِلُونَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ على الكل, لأن الدعاء جزء من الصلاة، وعليه مغ ظاهر؛ لأن الجزء ظاهر في الركن. سورة الكهف ({تَقْرِضُهُمْ} [الكهف: 17] تتركهم) تفسير بلازمه، القرض هو القطع {وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ} [الكهف: 34] ذهب وفضة) إنما حمله على هذا؛ لأن الثمر المتعارف قد علم من قوله: {كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا} [الكهف: 33] ({بَاخِعٌ} [الكهف: 6] مهلك) من البخاع وهو: عرق في العنق إذا وصل الذبح إليه كان نهاية ({أَسَفًا} [الكهف: 6] ندما) الأسف: أشد الحزن ولا وجه لما قاله من الندم؛ لأنه لا يكون على فعل الغير ({لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا} [القصص: 10]) استشهد وإلا فهو في سورة القصص ({بَعَثْنَاهُمْ} [الكهف: 19] أحييناهم) لا وجه لأنهم كانوا نيامًا (قال ابن عباس: {فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ} [الكهف: 11] فناموا) وقد قال تعالى: {وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ} [الكهف: 18] (وألت تئل) تفسير لقوله: موئلًا: أي: منجى وملجأ (آصد الباب وأوصد) أي: هما لغتان، مهموز ومعتل.

1 - باب (وكان الإنسان أكثر شيء جدلا)

1 - باب (وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا) 4724 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَلِىُّ بْنُ حُسَيْنٍ أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِىٍّ أَخْبَرَهُ عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - طَرَقَهُ وَفَاطِمَةَ قَالَ «أَلاَ تُصَلِّيَانِ». طرفه 1127 (رَجْمًا بِالْغَيْبِ) لَمْ يَسْتَبِنْ. (فُرُطًا) نَدَمًا (سُرَادِقُهَا) مِثْلُ السُّرَادِقِ، وَالْحُجْرَةِ الَّتِى تُطِيفُ بِالْفَسَاطِيطِ، (يُحَاوِرُهُ) مِنَ الْمُحَاوَرَةِ (لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّى) أَىْ لَكِنْ أَنَا هُوَ اللَّهُ رَبِّى ثُمَّ حَذَفَ الأَلِفَ وَأَدْغَمَ إِحْدَى النُّونَيْنِ فِي الأُخْرَى. (زَلَقًا) لاَ يَثْبُتُ فِيهِ قَدَمٌ. (هُنَالِكَ الْوَلاَيَةُ) مَصْدَرُ الْوَلِىِّ. (عُقُبًا) عَاقِبَةٌ وَعُقْبَى وَعُقْبَةٌ وَاحِدٌ وَهْىَ الآخِرَةُ قِبَلاً وَقُبُلاً وَقَبَلاً اسْتِئْنَافًا (لِيُدْحِضُوا) لِيُزِيلُوا، الدَّحْضُ الزَّلَقُ. 2 - باب (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لاَ أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِىَ حُقُبًا) زَمَانًا وَجَمْعُهُ أَحْقَابٌ. 4725 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ قُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ إِنَّ نَوْفًا الْبَكَالِىَّ يَزْعُمُ أَنَّ مُوسَى صَاحِبَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 4724 - (عن علي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طرقه وفاطمة) أي: جاءهما ليلًا، وإنما رواه لأنه قال لهما: (ألا تصليان فقال علي: إن نفوسنا بيد الله إن شاء ردها قال علي: فلما ولى سمعته يقول: {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} [الكهف: 54] كما سلف في المناقب ({يُحَاوِرُهُ} [الكهف: 34] من المحاورة) المخاطبة بين الرجلين {لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي} كذا بإثبات الألف وهي قراءة ابن عامر، ووجهه: أن لكن حرف عطف مخفف عن أصله: لكن أنا نقلت حركة الهمزة إلى النُّون، ثم أدغمت النُّون في النُّون. وقراءة الجمهور بتشديد النُّون بلا أَلْف، وعليه صريح الرسم (عقبى: عاقبة وعقبى وعقبة واحد وهي الآخرة) أي: في هذه الآية معناه الآخرة. باب قوله: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ} [الكهف: 60] 4725 - (إن نوفًا البكالي) بفتح النُّون وكسر الباء وتخفيف الكاف، والأول هو

الْخَضِرِ لَيْسَ هُوَ مُوسَى صَاحِبَ بَنِى إِسْرَائِيلَ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ حَدَّثَنِى أُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّ مُوسَى قَامَ خَطِيبًا فِي بَنِى إِسْرَائِيلَ فَسُئِلَ أَىُّ النَّاسِ أَعْلَمُ فَقَالَ أَنَا فَعَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ، إِذْ لَمْ يَرُدَّ الْعِلْمَ إِلَيْهِ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ إِنَّ لِى عَبْدًا بِمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ قَالَ مُوسَى يَا رَبِّ فَكَيْفَ لِى بِهِ قَالَ تَأْخُذُ مَعَكَ حُوتًا فَتَجْعَلُهُ فِي مِكْتَلٍ، فَحَيْثُمَا فَقَدْتَ الْحُوتَ فَهْوَ ثَمَّ، فَأَخَذَ حُوتًا فَجَعَلَهُ فِي مِكْتَلٍ ثُمَّ انْطَلَقَ، وَانْطَلَقَ مَعَهُ بِفَتَاهُ يُوشَعَ بْنِ نُونٍ، حَتَّى إِذَا أَتَيَا الصَّخْرَةَ وَضَعَا رُءُوسَهُمَا فَنَامَا، وَاضْطَرَبَ الْحُوتُ فِي الْمِكْتَلِ، فَخَرَجَ مِنْهُ، فَسَقَطَ فِي الْبَحْرِ فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا، وَأَمْسَكَ اللَّهُ عَنِ الْحُوتِ جِرْيَةَ الْمَاءِ فَصَارَ عَلَيْهِ مِثْلَ الطَّاقِ فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ، نَسِىَ صَاحِبُهُ أَنْ يُخْبِرَهُ بِالْحُوتِ، فَانْطَلَقَا بَقِيَّةَ يَوْمِهِمَا وَلَيْلَتَهُمَا، حَتَّى إِذَا كَانَ مِنَ الْغَدِ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا قَالَ وَلَمْ يَجِدْ مُوسَى النَّصَبَ حَتَّى جَاوَزَ الْمَكَانَ الَّذِى أَمَرَ اللَّهُ بِهِ فَقَالَ لَهُ فَتَاهُ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّى نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهِ إِلاَّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ، وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا قَالَ فَكَانَ لِلْحُوتِ سَرَبًا وَلِمُوسَى وَلِفَتَاهُ عَجَبًا فَقَالَ مُوسَى ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِى فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا قَالَ رَجَعَا يَقُصَّانِ آثَارَهُمَا حَتَّى انْتَهَيَا إِلَى الصَّخْرَةِ، فَإِذَا رَجُلٌ مُسَجًّى ثَوْبًا، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ مُوسَى. فَقَالَ الْخَضِرُ وَأَنَّى بِأَرْضِكَ السَّلاَمُ قَالَ أَنَا مُوسَى. قَالَ مُوسَى بَنِى إِسْرَائِيلَ قَالَ نَعَمْ أَتَيْتُكَ لِتُعَلِّمَنِى مِمَّا عُلِّمْتَ رَشَدًا. قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِى صَبْرًا، يَا مُوسَى إِنِّى عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَلَّمَنِيهِ لاَ تَعْلَمُهُ أَنْتَ وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ الصواب قال: ثعلب: نسبة إلى بكالة قبيلة. كان من أصحاب علي وكان إسرائيليًّا، ولذا قال ابن عباس (كذب عدو الله) لأنه أنكر أن يكون موسى بن عمران تلميذًا للخضر (مكتل) -بكسر [الميم]- زنبيل كبير (فاضطرب الحوت) أصابه قطرة من عين الحياة كما جاء في الرواية الأخرى ({سَرَبًا}) بفتح السين والراء الطاق (فأمسك الله عن الحوت جرية الماء) -بكسر الجيم- (لقد لقينا من سفرنا هذا نصبًا) أشار بهذا إلى سفرهما بعد فقد الحوت، وكذلك قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (ولم يجد موسى نصبًا) حتَّى جاوز المكان الذي أمر الله أي: ذلك المقدار كان عبثًا بخلاف ما تقدمه، فإنَّه كان طلبًا للعلم. (فإذا رجل مسجى ثوبًا) -بضم الميم وتشديد الجيم- أي: مغطى.

عَلَّمَكَ اللَّهُ لاَ أَعْلَمُهُ. فَقَالَ مُوسَى سَتَجِدُنِى إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا، وَلاَ أَعْصِى لَكَ أَمْرًا. فَقَالَ لَهُ الْخَضِرُ، فَإِنِ اتَّبَعْتَنِى فَلاَ تَسْأَلْنِى عَنْ شَىْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا، فَانْطَلَقَا يَمْشِيَانِ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ، فَمَرَّتْ سَفِينَةٌ فَكَلَّمُوهُمْ أَنْ يَحْمِلُوهُمْ، فَعَرَفُوا الْخَضِرَ، فَحَمَلُوهُ بِغَيْرِ نَوْلٍ فَلَمَّا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ، لَمْ يَفْجَأْ إِلاَّ وَالْخَضِرُ قَدْ قَلَعَ لَوْحًا مِنْ أَلْوَاحِ السَّفِينَةِ بِالْقَدُومِ. فَقَالَ لَهُ مُوسَى قَوْمٌ حَمَلُونَا بِغَيْرِ نَوْلٍ، عَمَدْتَ إِلَى سَفِينَتِهِمْ فَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا. قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِى صَبْرًا. قَالَ لاَ تُؤَاخِذْنِى بِمَا نَسِيتُ وَلاَ تُرْهِقْنِى مِنْ أَمْرِى عُسْرًا». قَالَ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «وَكَانَتِ الأُولَى مِنْ مُوسَى نِسْيَانًا قَالَ وَجَاءَ عُصْفُورٌ فَوَقَعَ عَلَى حَرْفِ السَّفِينَةِ فَنَقَرَ فِي الْبَحْرِ نَقْرَةً، فَقَالَ لَهُ الْخَضِرُ مَا عِلْمِى وَعِلْمُكَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ إِلاَّ مِثْلُ مَا نَقَصَ هَذَا الْعُصْفُورُ مِنْ هَذَا الْبَحْرِ ثُمَّ خَرَجَا مِنَ السَّفِينَةِ، فَبَيْنَا هُمَا يَمْشِيَانِ عَلَى السَّاحِلِ، إِذْ أَبْصَرَ الْخَضِرُ غُلاَمًا يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ، فَأَخَذَ الْخَضِرُ رَأْسَهُ بِيَدِهِ فَاقْتَلَعَهُ بِيَدِهِ فَقَتَلَهُ. فَقَالَ لَهُ مُوسَى أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَاكِيَةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا. قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِى صَبْرًا قَالَ وَهَذَا أَشَدُّ مِنَ الأُولَى، قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَىْءٍ بَعْدَهَا فَلاَ تُصَاحِبْنِى قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّى عُذْرًا فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ - قَالَ مَائِلٌ - فَقَامَ الْخَضِرُ فَأَقَامَهُ بِيَدِهِ فَقَالَ مُوسَى قَوْمٌ أَتَيْنَاهُمْ فَلَمْ يُطْعِمُونَا، وَلَمْ يُضَيِّفُونَا، لَوْ شِئْتَ ـــــــــــــــــــــــــــــ (قلع لوحًا من ألواح السفينة بالقدوم) -بفتح القاف وتخفيف الدال- آلة النجار (قد حملونا بغير نول) أي: أجرة، أصله العطاء (وجاء عصفور) بضم العين إما علمي وعلمك من مسلم الله إلَّا مثل ما نقص هذا العصفور من هذا البحر) هذا كلام على طريقة المثل، وإلا لا نسبة للمتناهي إلى غير المتناهي (إذ أبصر الخضر غلامًا يلعب مع الغلمان فأخذ الخضر رأسه بيده فاقتلعه). فإن قلت: سيأتي في الرواية بعده أنَّه ذبحه بالسكين. قلت: لا ينافي فعل هذا وذاك، وفي رواية الطبري: "فأخذ صخرة فثلغ بها رأسه" -بالثاء المثلثة وعين معجمة- أي: دقه.

3 - باب قوله (فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما فاتخذ سبيله فى البحر)

لاَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا. قَالَ (هَذَا فِرَاقُ بَيْنِى وَبَيْنِكَ) إِلَى قَوْلِهِ (ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا). فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «وَدِدْنَا أَنَّ مُوسَى كَانَ صَبَرَ حَتَّى يَقُصَّ اللَّهُ عَلَيْنَا مِنْ خَبَرِهِمَا». قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ وَكَانَ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْبًا، وَكَانَ يَقْرَأُ وَأَمَّا الْغُلاَمُ فَكَانَ كَافِرًا وَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ. طرفه 74 3 - باب قَوْلِهِ (فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ) سَرَبًا مَذْهَبًا يَسْرُبُ يَسْلُكُ، وَمِنْهُ (وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ). 4726 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ أَخْبَرَنِى يَعْلَى بْنُ مُسْلِمٍ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ وَغَيْرَهُمَا قَدْ سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُهُ عَنْ سَعِيدٍ قَالَ إِنَّا لَعِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي بَيْتِهِ، إِذْ قَالَ سَلُونِى قُلْتُ أَىْ أَبَا عَبَّاسٍ - جَعَلَنِى اللَّهُ فِدَاكَ - بِالْكُوفَةِ رَجُلٌ قَاصٌّ يُقَالُ لَهُ نَوْفٌ، يَزْعُمُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُوسَى بَنِى إِسْرَائِيلَ، أَمَّا عَمْرٌو فَقَالَ لِى قَالَ قَدْ كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ، وَأَمَّا يَعْلَى فَقَالَ لِى قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَنِى أُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مُوسَى رَسُولُ اللَّهِ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - قَالَ ذَكَّرَ النَّاسَ يَوْمًا حَتَّى إِذَا فَاضَتِ الْعُيُونُ، وَرَقَّتِ الْقُلُوبُ وَلَّى، فَأَدْرَكَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ أَىْ رَسُولَ اللَّهِ هَلْ فِي الأَرْضِ أَحَدٌ أَعْلَمُ مِنْكَ قَالَ لاَ، فَعَتَبَ عَلَيْهِ إِذْ لَمْ يَرُدَّ الْعِلْمَ إِلَى اللَّهِ قِيلَ بَلَى قَالَ أَىْ رَبِّ فَأَيْنَ قَالَ بِمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ قَالَ أَىْ رَبِّ اجْعَلْ لِى عَلَمًا أَعْلَمُ ـــــــــــــــــــــــــــــ (وكان أمامهم ملك) لفظ الوراء مشترك بين الخلف والقدام، والذي في الآية بمعنى الأمام، فاتفق القراءتان. باب قوله: {فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا} [الكهف: 61] 4726 - (ابن جريج) بضم الجيم (يعلى) على وزن يحيى (أي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) -بفتح الهمزة- حرف النداء (هل في الأرض أحد أعلم منك. قال: لا. فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إلى الله) ولأن ذلك ترك الأولى، والمقربون يعاتبون على مثله (بمجمع البحرين) قيل:

ذَلِكَ بِهِ». فَقَالَ لِى عَمْرٌو قَالَ «حَيْثُ يُفَارِقُكَ الْحُوتُ». وَقَالَ لِى يَعْلَى قَالَ «خُذْ نُونًا مَيِّتًا حَيْثُ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ، فَأَخَذَ حُوتًا فَجَعَلَهُ فِي مِكْتَلٍ فَقَالَ لِفَتَاهُ لاَ أُكَلِّفُكَ إِلاَّ أَنْ تُخْبِرَنِى بِحَيْثُ يُفَارِقُكَ الْحُوتُ. قَالَ مَا كَلَّفْتَ كَثِيرًا فَذَلِكَ قَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ) يُوشَعَ بْنِ نُونٍ - لَيْسَتْ عَنْ سَعِيدٍ - قَالَ فَبَيْنَمَا هُوَ فِي ظِلِّ صَخْرَةٍ فِي مَكَانٍ ثَرْيَانَ، إِذْ تَضَرَّبَ الْحُوتُ، وَمُوسَى نَائِمٌ، فَقَالَ فَتَاهُ لاَ أُوقِظُهُ حَتَّى إِذَا اسْتَيْقَظَ نَسِىَ أَنْ يُخْبِرَهُ، وَتَضَرَّبَ الْحُوتُ، حَتَّى دَخَلَ الْبَحْرَ فَأَمْسَكَ اللَّهُ عَنْهُ جِرْيَةَ الْبَحْرِ حَتَّى كَأَنَّ أَثَرَهُ فِي حَجَرٍ - قَالَ لِى عَمْرٌو هَكَذَا كَأَنَّ أَثَرَهُ فِي حَجَرٍ، وَحَلَّقَ بَيْنَ إِبْهَامَيْهِ وَاللَّتَيْنِ تَلِيانِهِمَا - لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا قَالَ قَدْ قَطَعَ اللَّهُ عَنْكَ النَّصَبَ - لَيْسَتْ هَذِهِ عَنْ سَعِيدٍ - أَخْبَرَهُ، فَرَجَعَا فَوَجَدَا خَضِرًا - قَالَ لِى عُثْمَانُ بْنُ أَبِى سُلَيْمَانَ - عَلَى طِنْفِسَةٍ خَضْرَاءَ عَلَى كَبِدِ الْبَحْرِ - قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ - مُسَجًّى بِثَوْبِهِ قَدْ جَعَلَ طَرَفَهُ تَحْتَ رِجْلَيْهِ، وَطَرَفَهُ تَحْتَ رَأْسِهِ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ مُوسَى، فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ، وَقَالَ هَلْ بِأَرْضِى مِنْ سَلاَمٍ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا مُوسَى. قَالَ مُوسَى بَنِى إِسْرَائِيلَ قَالَ نَعَمْ. قَالَ فَمَا شَأْنُكَ قَالَ جِئْتُ لِتُعَلِّمَنِى مِمَّا عُلِّمْتَ رَشَدًا. قَالَ أَمَا يَكْفِيكَ أَنَّ التَّوْرَاةَ بِيَدَيْكَ، وَأَنَّ الْوَحْىَ يَأْتِيكَ، يَا مُوسَى إِنَّ لِى عِلْمًا لاَ يَنْبَغِى لَكَ أَنْ تَعْلَمَهُ وَإِنَّ لَكَ عِلْمًا لاَ يَنْبَغِى لِى أَنْ أَعْلَمَهُ، فَأَخَذَ طَائِرٌ بِمِنْقَارِهِ مِنَ الْبَحْرِ وَقَالَ وَاللَّهِ مَا عِلْمِى وَمَا عِلْمُكَ فِي جَنْبِ عِلْمِ اللَّهِ إِلاَّ كَمَا أَخَذَ هَذَا الطَّائِرُ بِمِنْقَارِهِ مِنَ الْبَحْرِ، حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ وَجَدَا مَعَابِرَ صِغَارًا تَحْمِلُ أَهْلَ هَذَا السَّاحِلِ إِلَى أَهْلِ هَذَا ـــــــــــــــــــــــــــــ هما بحر الروم وبحر فارس. وما يقال: البحران هما موسى والخضر فلا يصح في تفسير الآية، إلَّا أنَّه ربما يكون فيه إيماء إلى أن موضع الاجتماع خص بذلك المكان؛ لأن موسى وخضر بحرا علم الظاهر والباطن. ({وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ} يوشع بن نون ليست عن سعيد) أي: لم يقع هذا. وفي رواية سعيد بن جبير: (في مكان ثريان) -بالثاء المثلثة- أي: طريق ندي (وتضَّرب الحوت) -بتشديد الضاد- أي: تكلف المشي، من قولهم: ضرب في الأرض أي: سار فيها (فوجد خضرًا على طنفسة خضراء) -بضم الطاء وسكون [النون] وضم الفاء- البساط الذي فيه خمل، ويروى بكسر الطاء وفتح الفاء (على كبد البحر) أي: وسطه مجاز (إنِّي على علم لا ينبغي لك أن تعلمه)

السَّاحِلِ الآخَرِ عَرَفُوهُ، فَقَالُوا عَبْدُ اللَّهِ الصَّالِحُ - قَالَ قُلْنَا لِسَعِيدٍ خَضِرٌ قَالَ نَعَمْ - لاَ نَحْمِلُهُ بِأَجْرٍ، فَخَرَقَهَا وَوَتَدَ فِيهَا وَتِدًا. قَالَ مُوسَى أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا - قَالَ مُجَاهِدٌ مُنْكَرًا - قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِى صَبْرًا كَانَتِ الأُولَى نِسْيَانًا وَالْوُسْطَى شَرْطًا وَالثَّالِثَةُ عَمْدًا قَالَ لاَ تُؤَاخِذْنِى بِمَا نَسِيتُ وَلاَ تُرْهِقْنِى مِنْ أَمْرِى عُسْرًا، لَقِيَا غُلاَمًا فَقَتَلَهُ - قَالَ يَعْلَى قَالَ سَعِيدٌ - وَجَدَ غِلْمَانًا يَلْعَبُونَ، فَأَخَذَ غُلاَمًا كَافِرًا ظَرِيفًا فَأَضْجَعَهُ، ثُمَّ ذَبَحَهُ بِالسِّكِّينِ. قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَمْ تَعْمَلْ بِالْحِنْثِ - وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَرَأَهَا زَكِيَّةً زَاكِيَةً مُسْلِمَةً كَقَوْلِكَ غُلاَمًا زَكِيًّا - فَانْطَلَقَا، فَوَجَدَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ - قَالَ سَعِيدٌ بِيَدِهِ هَكَذَا - وَرَفَعَ يَدَهُ فَاسْتَقَامَ - قَالَ يَعْلَى - حَسِبْتُ أَنَّ سَعِيدًا قَالَ فَمَسَحَهُ بِيَدِهِ فَاسْتَقَامَ، لَوْ شِئْتَ لاَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا - قَالَ سَعِيدٌ أَجْرًا نَأْكُلُهُ - وَكَانَ وَرَاءَهُمْ، وَكَانَ أَمَامَهُمْ - قَرَأَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ - يَزْعُمُونَ عَنْ غَيْرِ سَعِيدٍ أَنَّهُ هُدَدُ بْنُ بُدَدٍ، وَالْغُلاَمُ الْمَقْتُولُ، اسْمُهُ يَزْعُمُونَ جَيْسُورٌ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا، فَأَرَدْتُ إِذَا هِىَ مَرَّتْ بِهِ أَنْ يَدَعَهَا لِعَيْبِهَا، فَإِذَا جَاوَزُوا أَصْلَحُوهَا فَانْتَفَعُوا بِهَا وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ سَدُّوهَا بِقَارُورَةٍ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ بِالْقَارِ، كَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ، وَكَانَ كَافِرًا فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا، أَنْ يَحْمِلَهُمَا حُبُّهُ عَلَى أَنْ يُتَابِعَاهُ عَلَى دِينِهِ فَأَرَدْنَا أَنْ يُبَدِّلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً لِقَوْلِهِ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا هُمَا بِهِ أَرْحَمُ مِنْهُمَا بِالأَوَّلِ، الَّذِى قَتَلَ خَضِرٌ وَزَعَمَ غَيْرُ سَعِيدٍ أَنَّهُمَا أُبْدِلاَ جَارِيَةً، وَأَمَّا دَاوُدُ بْنُ أَبِى عَاصِمٍ فَقَالَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ إِنَّهَا جَارِيَةٌ. طرفه 74 ـــــــــــــــــــــــــــــ لأنه يضاد ما بعث به من الأخذ بالظاهر (واسم الغلام: جيسور) -بفتح الجيم وسكون الياء- كذا ضبطه الدارقطني، ولأبي ذر بالحاء بدل الجيم وعلى الوجهين آخره راء، وضبطه بعضهم بالجيم، آخره نون، وقيل: في أصل الحميدي بحاء وستين معجمة آخره نون (سدوها بقارورة) فاعولة من القرار أي: ما يقر في مكان اللوح.

4 - باب قوله (فلما جاوزا قال لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا)

4 - باب قَوْلِهِ (فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا) إِلَى قَوْلِهِ (عَجَبًا) (صُنْعًا) عَمَلاً (حِوَلاً) تَحَوُّلاً (قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا) (إِمْرًا) وَ (نُكْرًا) دَاهِيَةً (يَنْقَضَّ) يَنْقَاضُ كَمَا تَنْقَاضُ السِّنُّ لَتَخِذْتَ وَاتَّخَذْتَ وَاحِدٌ (رُحْمًا) مِنَ الرُّحْمِ، وَهْىَ أَشَدُّ مُبَالَغَةً مِنَ الرَّحْمَةِ، وَنَظُنُّ أَنَّهُ مِنَ الرَّحِيمِ، وَتُدْعَى مَكَّةُ أُمَّ رُحْمٍ أَىِ الرَّحْمَةُ تَنْزِلُ بِهَا. 4727 - حَدَّثَنِى قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنِى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ قُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ إِنَّ نَوْفًا الْبَكَالِىَّ يَزْعُمُ أَنَّ مُوسَى بَنِى إِسْرَائِيلَ لَيْسَ بِمُوسَى الْخَضِرِ. فَقَالَ كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ حَدَّثَنَا أُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «قَامَ مُوسَى خَطِيبًا فِي بَنِى إِسْرَائِيلَ فَقِيلَ لَهُ أَىُّ النَّاسِ أَعْلَمُ قَالَ أَنَا، فَعَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ، إِذْ لَمْ يَرُدَّ الْعِلْمَ إِلَيْهِ، وَأَوْحَى إِلَيْهِ بَلَى عَبْدٌ مِنْ عِبَادِى بِمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ قَالَ أَىْ رَبِّ كَيْفَ السَّبِيلُ إِلَيْهِ قَالَ تَأْخُذُ حُوتًا ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا} [الكهف: 62] (لتخذت واتخذت واحد) أي: في أصل المعنى، وإن كان الثاني أبلغ (رحمًا) من الرَّحم كلاهما بضم الراء، الأول بسكون الحاء، والثاني بضمها قال الجوهري: وأقرب رحمًا حركه زهير وفسره بالرحمة، وأما قول البُخَارِيّ (وهي أبلغ من الرحمة) فلعله أخذه من قولهم: مكة أم رحم. ولم يقل: رحمة. قال بعض الشارحين: الرَّحم من الرَّحم الثاني بكسر الحاء بمعنى القرابة، وهي أشد من الرحمة التي هي الرقة والتعطف لاستلزام القرابة الرقة غالبًا دون العكس، وكل هذا خبط منه، أما لغة فقد نقلنا عن الجوهري، وكذا قاله ابن الأثير أَيضًا، وأما تفسير الآية فكيف يمكن أن يكون أحد الولدين أقرب قرابة من الآخر أو أي وجه لقول البُخَارِيّ (مكة أم رحم) إذا كان معناه القرابة؟! قال صاحب "الكشاف" في "تفسيره": والرحم: الرحمة، وإنما أوقعه في هذا قول البُخَارِيّ، وقد يظن أنَّه من رحيم وإنما أورد البُخَارِيّ أن الاشتقاق إنما هو من المصدر.

فِي مِكْتَلٍ فَحَيْثُمَا فَقَدْتَ الْحُوتَ فَاتَّبِعْهُ قَالَ فَخَرَجَ مُوسَى، وَمَعَهُ فَتَاهُ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ، وَمَعَهُمَا الْحُوتُ حَتَّى انْتَهَيَا إِلَى الصَّخْرَةِ، فَنَزَلاَ عِنْدَهَا قَالَ فَوَضَعَ مُوسَى رَأْسَهُ فَنَامَ - قَالَ سُفْيَانُ وَفِى حَدِيثِ غَيْرِ عَمْرٍو قَالَ - وَفِى أَصْلِ الصَّخْرَةِ عَيْنٌ يُقَالُ لَهَا الْحَيَاةُ لاَ يُصِيبُ مِنْ مَائِهَا شَىْءٌ إِلاَّ حَيِىَ، فَأَصَابَ الْحُوتَ مِنْ مَاءِ تِلْكَ الْعَيْنِ، قَالَ فَتَحَرَّكَ، وَانْسَلَّ مِنَ الْمِكْتَلِ، فَدَخَلَ الْبَحْرَ فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ مُوسَى (قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا) الآيَةَ قَالَ وَلَمْ يَجِدِ النَّصَبَ حَتَّى جَاوَزَ مَا أُمِرَ بِهِ، قَالَ لَهُ فَتَاهُ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ (أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّى نَسِيتُ الْحُوتَ) الآيَةَ قَالَ فَرَجَعَا يَقُصَّانِ فِي آثَارِهِمَا، فَوَجَدَا فِي الْبَحْرِ كَالطَّاقِ مَمَرَّ الْحُوتِ، فَكَانَ لِفَتَاهُ عَجَبًا، وَلِلْحُوتِ سَرَبًا قَالَ فَلَمَّا انْتَهَيَا إِلَى الصَّخْرَةِ، إِذْ هُمَا بِرَجُلٍ مُسَجًّى بِثَوْبٍ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ مُوسَى قَالَ وَأَنَّى بِأَرْضِكَ السَّلاَمُ فَقَالَ أَنَا مُوسَى. قَالَ مُوسَى بَنِى إِسْرَائِيلَ قَالَ نَعَمْ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِى مِمَّا عُلِّمْتَ رَشَدًا. قَالَ لَهُ الْخَضِرُ يَا مُوسَى إِنَّكَ عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَلَّمَكَهُ اللَّهُ لاَ أَعْلَمُهُ، وَأَنَا عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَلَّمَنِيهِ اللَّهُ لاَ تَعْلَمُهُ. قَالَ بَلْ أَتَّبِعُكَ. قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِى فَلاَ تَسْأَلْنِى عَنْ شَىْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا، فَانْطَلَقَا يَمْشِيَانِ عَلَى السَّاحِلِ فَمَرَّتْ بِهِمَا سَفِينَةٌ فَعُرِفَ الْخَضِرُ فَحَمَلُوهُمْ فِي سَفِينَتِهِمْ بِغَيْرِ نَوْلٍ - يَقُولُ بِغَيْرِ أَجْرٍ - فَرَكِبَا السَّفِينَةَ قَالَ وَوَقَعَ عُصْفُورٌ عَلَى حَرْفِ السَّفِينَةِ، فَغَمَسَ مِنْقَارَهُ الْبَحْرَ فَقَالَ الْخَضِرُ لِمُوسَى مَا عِلْمُكَ وَعِلْمِى وَعِلْمُ الْخَلاَئِقِ فِي عِلْمِ اللَّهِ إِلاَّ مِقْدَارُ مَا غَمَسَ هَذَا الْعُصْفُورُ مِنْقَارَهُ قَالَ فَلَمْ يَفْجَأْ مُوسَى، إِذْ عَمَدَ الْخَضِرُ إِلَى قَدُومٍ فَخَرَقَ السَّفِينَةَ، فَقَالَ لَهُ مُوسَى قَوْمٌ حَمَلُونَا بِغَيْرِ نَوْلٍ، عَمَدْتَ إِلَى سَفِينَتِهِمْ فَخَرَقْتَهَا (لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ) الآيَةَ فَانْطَلَقَا إِذَا هُمَا بِغُلاَمٍ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ، فَأَخَذَ الْخَضِرُ بِرَأْسِهِ فَقَطَعَهُ. قَالَ لَهُ مُوسَى (أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا * قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِىَ صَبْرًا) إِلَى قَوْلِهِ (فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ) فَقَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا فَأَقَامَهُ، فَقَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّا دَخَلْنَا هَذِهِ الْقَرْيَةَ، فَلَمْ يُضَيِّفُونَا وَلَمْ يُطْعِمُونَا، لَوْ شِئْتَ لاَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا. قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 4727 - (وأنى بأرضك السلام) أي: بهذه الأرض وفي الرواية الأخرى بأرضي والمعنى واحد، وإنما أنكر السلام؛ لأنه لم يكن تحية ذلك القوم (عمد الخضر إلى قدوم) -بفتح القاف وتخفيف الدال- آلة معروفة للنجار.

5 - باب قوله (قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا)

هَذَا فِرَاقُ بَيْنِى وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «وَدِدْنَا أَنَّ مُوسَى صَبَرَ حَتَّى يُقَصَّ عَلَيْنَا مِنْ أَمْرِهِمَا». قَالَ وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ وَكَانَ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْبًا، وَأَمَّا الْغُلاَمُ فَكَانَ كَافِرًا. طرفه 74 5 - باب قَوْلِهِ (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً) 4728 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ مُصْعَبٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبِى (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً) هُمُ الْحَرُورِيَّةُ قَالَ لاَ، هُمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، أَمَّا الْيَهُودُ فَكَذَّبُوا مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - وَأَمَّا النَّصَارَى كَفَرُوا بِالْجَنَّةِ وَقَالُوا لاَ طَعَامَ فِيهَا وَلاَ شَرَابَ، وَالْحَرُورِيَّةُ الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ، وَكَانَ سَعْدٌ يُسَمِّيهِمُ الْفَاسِقِينَ. 6 - باب (أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ) الآيَةَ 4729 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا الْمُغِيرَةُ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّهُ لَيَأْتِى الرَّجُلُ الْعَظِيمُ السَّمِينُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ} [الكهف: 103] 4728 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (مصعب) -بضم الميم وفتح العين هو ابن سعد بن أبي وقَّاص و (الحرورية الذين بنقضون عهد الله) الحرورية طائفة من الخوارج نسبوا إلى حرورى، وهي قرية بالكوفة كان أول اجتماعهم بها، وأراد سعد أن هؤلاء من الذين ينقضون عهد الله؛ لأنهم خرجوا على علي وهو الإِمام الحق، وإلا فالآية إنما نزلت في أهل الكتاب. باب {أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ} [105] الآيةَ 4729 - (أبو الزِّناد) بالزاي بعدها نون (ليأتي الرَّجل العظيم السمين يوم القيامة

19 - مريم

لاَ يَزِنُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ وَقَالَ اقْرَءُوا (فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا)». وَعَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ مِثْلَهُ. 19 - مريم قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَبْصِرْ بِهِمْ وَأَسْمِعْ اللَّهُ يَقُولُهُ، وَهُمُ الْيَوْمَ لاَ يَسْمَعُونَ وَلاَ يُبْصِرُونَ (فِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ) يَعْنِى قَوْلَهُ (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ)، الْكُفَّارُ يَوْمَئِذٍ أَسْمَعُ شَىْءٍ وَأَبْصَرُهُ، (لأَرْجُمَنَّكَ) لأَشْتِمَنَّكَ (وَرِئْيًا) مَنْظَرًا. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ (تَؤُزُّهُمْ أَزًّا) تُزْعِجُهُمْ إِلَى الْمَعَاصِى إِزْعَاجًا. وَقَالَ مُجَاهِدٌ (إِدًّا) عِوَجًا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (وِرْدًا) عِطَاشًا (أَثَاثًا) مَالاً (إِدًّا) قَوْلاً عَظِيمًا (رِكْزًا) صَوْتًا (غَيًّا) خُسْرَانًا (بُكِيًّا) جَمَاعَةُ بَاكٍ (صُلِيًّا) صَلِىَ يَصْلَى (نَدِيًّا) وَالنَّادِى مَجْلِسًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يزن عند الله جناح بعوضة) كناية عن عدم الاعتداد به، والظاهر أنَّه أراد السمن حقيقة، ويجوز أن يكون مجازًا عن الرفعة والجاه. سورة كهعيص (الكفار يومئذ أبصر شيء وأسمعه) يشير إلى أنهما صيغتا التعجب ({لَأَرْجُمَنَّكَ} [مريم: 46]: لأشتمنك) هذا أحد الوجهين في تفسيره، وقيل: الرجم بالحجارة ({رِكْزًا} [مريم: 98]: صوتًا) أي خفيًّا ({غَيًّا} [مريم: 59] خسرانًا) وقيل: واد في جهنم ({صِلِيًّا} [مريم: 70]) -بكسر الصاد وضمها- مصدر صلى النَّار لازمها، فليمدد فليدعه أي: في الدنيا ليزداد إثمًا.

1 - باب قوله (وأنذرهم يوم الحسرة)

1 - باب قَوْلِهِ (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ) 4730 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يُؤْتَى بِالْمَوْتِ كَهَيْئَةِ كَبْشٍ أَمْلَحَ فَيُنَادِى مُنَادٍ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ، فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ فَيَقُولُ هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا فَيَقُولُونَ نَعَمْ هَذَا الْمَوْتُ، وَكُلُّهُمْ قَدْ رَآهُ، ثُمَّ يُنَادِى يَا أَهْلَ النَّارِ، فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ، فَيَقُولُ هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا فَيَقُولُونَ نَعَمْ هَذَا الْمَوْتُ، وَكُلُّهُمْ قَدْ رَآهُ، فَيُذْبَحُ ثُمَّ يَقُولُ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ، خُلُودٌ فَلاَ مَوْتَ، وَيَا أَهْلَ النَّارِ، خُلُودٌ فَلاَ مَوْتَ ثُمَّ قَرَأَ (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِىَ الأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ) وَهَؤُلاَءِ فِي غَفْلَةٍ أَهْلُ الدُّنْيَا (وَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ). 2 - باب قَوْلِهِ (وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ) 4731 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِجِبْرِيلَ «مَا يَمْنَعُكَ أَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ} [مريم: 39] 4730 - (غياث) بكسر الغين آخره شاء مثلثة (أبو صالح) هو السمان اسمه ذكوان (يؤتى بالموت كهيئة كبش أملح) وهو المختلط بياضًا وسوادًا قيل: الحكمة في ذلك أنَّه نور ورحمة للمؤمنين، وظلمة وعذاب للكافرين (فيشرئبون) مضارع اشرأب على وزن اقشعر، أي: يسترقون (فيذبح) قيل: يذبح على الأعراف، قال القرطبي: يذبح الموت يحيى بن زكريا، والوجه فيه ظاهر (ثم قرأ {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ} [مريم: 39]) إشارة إلى ذلك الوقت، وزاد في رواية التِّرْمِذِيّ "لو أن أحدًا مات فرحًا لمات أهل الجنة، ولو أن أحدًا مات غمًّا لمات أهل النَّار". باب قوله: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ} [مريم: 64] 4731 - (أبو نعيم) بضم النُّون، مصغر (ذر) بفتح المعجمة وتشديد الراء (قال النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -

3 - باب قوله (أفرأيت الذى كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا)

تَزُورَنَا أَكْثَرَ مِمَّا تَزُورُنَا فَنَزَلَتْ (وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا). طرفه 3218 3 - باب قَوْلِهِ (أَفَرَأَيْتَ الَّذِى كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَدًا) 4732 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ سَمِعْتُ خَبَّابًا قَالَ جِئْتُ الْعَاصِىَ بْنَ وَائِلٍ السَّهْمِىَّ أَتَقَاضَاهُ حَقًّا لِى عِنْدَهُ، فَقَالَ لاَ أُعْطِيكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ فَقُلْتُ لاَ حَتَّى تَمُوتَ ثُمَّ تُبْعَثَ. قَالَ وَإِنِّى لَمَيِّتٌ ثُمَّ مَبْعُوثٌ قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ إِنَّ لِى هُنَاكَ مَالاً وَوَلَدًا فَأَقْضِيكَهُ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ (أَفَرَأَيْتَ الَّذِى كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَدًا) رَوَاهُ الثَّوْرِىُّ وَشُعْبَةُ وَحَفْصٌ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَوَكِيعٌ عَنِ الأَعْمَشِ. طرفه 2091 4 - باب قَوْلِهِ (أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا) قَالَ مَوْثِقًا 4733 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ خَبَّابٍ قَالَ كُنْتُ قَيْنًا بِمَكَّةَ، فَعَمِلْتُ لِلْعَاصِى بْنِ وَائِلِ السَّهْمِىِّ ـــــــــــــــــــــــــــــ لجبريل: ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا فنزلت) وفي "تفسير عبد الرَّزّاق": إنما قال هذا الكلام لما أبطأ عليه جبريل. باب قوله: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا} [مريم: 77] 4732 - (عن أبي الضحى) مسلم بن صبيح، مصغر صبح (سمعت خبابًا) بفتح المعجمة وتشديد الموحدة (جئت العاص بن وائل) قد سبق أن خبابًا كان حدادًا في الجاهلية، وكان عمل للعاص بن وائل سيفًا (أتقاضاه حقًّا) أي: أطلب منه قضاءه، وعرض بالعاص، فإنَّه كان لا يؤمن بالبعث وهذا العاص فإنَّه كان هو أبو عمرو بن العاص، وهو الذي أجار عمر بن الخَطَّاب لما أسلم، وهو أحد المستهزئين (فقال: لا أعطيك حتَّى تكفر بمحمد. فقلت: لا حتَّى تموت ثم تبعث) ليس لهذا الكلام مفهوم إذ من المعلوم أن لا كفر بعد البعث، فهو تعليق بالمحال (وأبو معاوية) محمَّد بن خازم -بالخاء المعجمة- الأَشجعيّ نسبة إلى القبيلة فهو تعليق عبد الله. باب: {كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ} [مريم: 79] أي: كتبنا، والسين للمبالغة، أو سنظهر ما كتبنا.

5 - باب (كلا سنكتب ما يقول ونمد له من العذاب مدا)

سَيْفًا، فَجِئْتُ أَتَقَاضَاهُ فَقَالَ لاَ أُعْطِيكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ. قُلْتُ لاَ أَكْفُرُ بِمُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى يُمِيتَكَ اللَّهُ، ثُمَّ يُحْيِيَكَ. قَالَ إِذَا أَمَاتَنِى اللَّهُ ثُمَّ بَعَثَنِى، وَلِى مَالٌ وَوَلَدٌ فَأَنْزَلَ اللَّهُ (أَفَرَأَيْتَ الَّذِى كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَدًا * أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا). قَالَ مَوْثِقًا. طرفه 2091 لَمْ يَقُلِ الأَشْجَعِىُّ عَنْ سُفْيَانَ سَيْفًا وَلاَ مَوْثِقًا. 5 - باب (كَلاَّ سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا) 4734 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ سَمِعْتُ أَبَا الضُّحَى يُحَدِّثُ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ خَبَّابٍ قَالَ كُنْتُ قَيْنًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ لِى دَيْنٌ عَلَى الْعَاصِى بْنِ وَائِلٍ قَالَ فَأَتَاهُ يَتَقَاضَاهُ، فَقَالَ لاَ أُعْطِيكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ فَقَالَ وَاللَّهِ لاَ أَكْفُرُ حَتَّى يُمِيتَكَ اللَّهُ ثُمَّ تُبْعَثَ. قَالَ فَذَرْنِى حَتَّى أَمُوتَ ثُمَّ أُبْعَثَ، فَسَوْفَ أُوتَى مَالاً وَوَلَدًا، فَأَقْضِيكَ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ (أَفَرَأَيْتَ الَّذِى كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَدًا). 6 - باب قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ (وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا) وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (الْجِبَالُ هَدًّا) هَدْمًا. 4735 - حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ خَبَّابٍ قَالَ كُنْتُ رَجُلاً قَيْنًا، وَكَانَ لِى عَلَى الْعَاصِى بْنِ وَائِلٍ دَيْنٌ فَأَتَيْتُهُ أَتَقَاضَاهُ، فَقَالَ لِى لاَ أَقْضِيكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ. قَالَ قُلْتُ لَنْ أَكْفُرَ بِهِ حَتَّى تَمُوتَ ثُمَّ تُبْعَثَ. قَالَ وَإِنِّى لَمَبْعُوثٌ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ فَسَوْفَ أَقْضِيكَ إِذَا رَجَعْتُ إِلَى مَالٍ وَوَلَدٍ. قَالَ فَنَزَلَتْ (أَفَرَأَيْتَ الَّذِى كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَدًا * أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا * كَلاَّ سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا * وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا). طرفه 2091

20 - سورة طه

20 - سورة طه قَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ بِالنَّبَطِيَّةِ (طه) يَا رَجُلُ. يُقَالُ كُلُّ مَا لَمْ يَنْطِقْ بِحَرْفٍ أَوْ فِيهِ تَمْتَمَةٌ أَوْ فَأْفَأَةٌ، فَهْىَ عُقْدَةٌ. (أَزْرِى) ظَهْرِى. (فَيَسْحَتَكُمْ) يُهْلِكَكُمْ (الْمُثْلَى) تَأْنِيثُ الأَمْثَلِ، يَقُولُ بِدِينِكُمْ يُقَالُ خُذِ الْمُثْلَى خُذِ الأَمْثَلَ. (ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا) يُقَالُ هَلْ أَتَيْتَ الصَّفَّ الْيَوْمَ يَعْنِى الْمُصَلَّى الَّذِى يُصَلَّى فِيهِ (فَأَوْجَسَ) أَضْمَرَ خَوْفًا فَذَهَبَتِ الْوَاوُ مِنْ خِيفَةً لِكَسْرَةِ الْخَاءِ. (فِي جُذُوعِ) أَىْ عَلَى جُذُوعِ. (خَطْبُكَ) بَالُكَ. (مِسَاسَ) مَصْدَرُ مَاسَّهُ مِسَاسًا. (لَنَنْسِفَنَّهُ) لَنَذْرِيَنَّهُ. (قَاعًا) يَعْلُوهُ الْمَاءُ وَالصَّفْصَفُ الْمُسْتَوِى مِنَ الأَرْضِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ (مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ) الْحُلِىُّ الَّذِى اسْتَعَارُوا مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ. فَقَذَفْتُهَا فَأَلْقَيْتُهَا، (أَلْقَى) صَنَعَ. (فَنَسِىَ) مُوسَى، هُمْ يَقُولُونَهُ أَخْطَأَ الرَّبَّ. (لاَ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً) الْعِجْلُ. (هَمْسًا) حِسُّ الأَقْدَامِ. (حَشَرْتَنِى أَعْمَى) عَنْ حُجَّتِى (وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا) فِي الدُّنْيَا. وَقَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ سورة طه (بالنبطية: يَا رجل) وقيل: لغة على بن عدنان، وعن الخليل من قرأ بها الوقف معناه: يَا رجل (تمتمة) -بثلاث تاءات- على وزن فعللة من يكثر التاء في كلامه، وكذا (الفأفأة) على وزن الفعللة من يكثر الفاء في كلامه. واسم الفاعل منهما تمتام، و (فأفاء) على وزن تمام وصحراء ({ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا} [طه: 64]) يعني المصلى، كذا فسره بالمصلى غيره، وفيه بُعد، وأي مصلى لفرعون؟! والظاهر أنَّه أراد أن يأتوا صفًّا واحدًا فإنَّه أهيب (فذهبت الواو من {خِيفَةً} [طه: 67]) أي قلبت ياء لسكونها وانكسار ما قبلها ({فَيُسْحِتَكُمْ} [طه: 61]) بضم الياء وكسر الحاء، وبفتحهما: من السحت: هو استئصال الشيء (الحلي الذي استعاروا من آل فرعون) الصواب: التي بدل الذي؛ لأن الحلي بضم الحاء وتشديد الياء: جمع حَلي بفتح الحاء وسكون اللام ({حَشَرْتَنِي أَعْمَى} [طه: 125] (عن حجتي) أراد به عمى البصيرة، ولكن قوله: ({وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا} [طه: 125]) يدل على أنَّه

1 - باب قوله (واصطنعتك لنفسى)

ابْنُ عُيَيْنَةَ (أَمْثَلُهُمْ) أَعْدَلُهُمْ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (هَضْمًا) لاَ يُظْلَمُ فَيُهْضَمُ مِنْ حَسَنَاتِهِ (عِوَجًا) وَادِيًا. (أَمْتًا) رَابِيَةً (سِيرَتَهَا) حَالَتَهَا الأُولَى (النُّهَى) التُّقَى (ضَنْكًا) الشَّقَاءُ (هَوَى) شَقِىَ (الْمُقَدَّسِ) الْمُبَارَكِ (طُوًى) اسْمُ الْوَادِى (بِمَلْكِنَا) بِأَمْرِنَا (مَكَانًا سِوًى) مَنْصَفٌ بَيْنَهُمْ. (يَبَسًا) يَابِسًا (عَلَى قَدَرٍ) مَوْعِدٍ (لاَ تَنِيَا) تَضْعُفَا يفرط: عقوبة. 1 - باب قَوْلِهِ (وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِى) 4736 - حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مَهْدِىُّ بْنُ مَيْمُونٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْتَقَى آدَمُ وَمُوسَى، فَقَالَ مُوسَى لآدَمَ أَنْتَ الَّذِى أَشْقَيْتَ النَّاسَ وَأَخْرَجْتَهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ قَالَ لَهُ آدَمُ أَنْتَ الَّذِى اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِرِسَالَتِهِ، وَاصْطَفَاكَ لِنَفْسِهِ وَأَنْزَلَ عَلَيْكَ التَّوْرَاةَ قَالَ نَعَمْ. قَالَ فَوَجَدْتَهَا كُتِبَ عَلَىَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِى قَالَ نَعَمْ. فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى». الْيَمُّ الْبَحْرُ. طرفه 3409 ـــــــــــــــــــــــــــــ عمى العين ({عِوَجًا} [طه: 107] واديًا) ليس بجيد؛ لأن المراد أدنى اعوجاج، قيل: لو وضع المهندس من المشرق إلى المغرب خطًّا لتساوى الأجزاء كلها ({النُّهَى} [طه: 54] التُّقَى) تفسير باللازم لأنه جمع نهية وهي: العقل ({بِمَلْكِنَا} [طه: 87]) بالحركات الثلاث. باب: {وَاصْطَنَعْتُكَ} [طه: 41] 4736 - (الصلت) بالصاد المهملة (التقي آم وموسى) في عالم الأرواح، سلف الحديث في وفاة موسى. وأشرنا إلى وجه غلبة آدم موسى بأن ذلك في عالم الأرواح عند رفع التكاليف، فلا دليل فيه على الجبر، وهناك أجوبة أخرى.

2 - باب قوله (ولقد أوحينا إلى موسى أن أسر بعبادى فاضرب لهم طريقا فى البحر يبسا لا تخاف دركا ولا تخشى * فأتبعهم فرعون بجنوده فغشيهم من اليم ما غشيهم * وأضل فرعون قومه وما هدى)

2 - باب قَوْلِهِ (وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِى فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لاَ تَخَافُ دَرَكًا وَلاَ تَخْشَى * فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ * وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى) 4737 - حَدَّثَنِى يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا رَوْحٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ، وَالْيَهُودُ تَصُومُ عَاشُورَاءَ، فَسَأَلَهُمْ، فَقَالُوا هَذَا الْيَوْمُ الَّذِى ظَهَرَ فِيهِ مُوسَى عَلَى فِرْعَوْنَ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «نَحْنُ أَوْلَى بِمُوسَى مِنْهُمْ فَصُومُوهُ». طرفه 2004 3 - باب قَوْلِهِ (فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى) 4738 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ النَّجَّارِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «حَاجَّ مُوسَى آدَمَ، فَقَالَ لَهُ أَنْتَ الَّذِى أَخْرَجْتَ النَّاسَ مِنَ الْجَنَّةِ بِذَنْبِكَ وَأَشْقَيْتَهُمْ. قَالَ قَالَ آدَمُ يَا مُوسَى أَنْتَ الَّذِى اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِرِسَالَتِهِ وَبِكَلاَمِهِ أَتَلُومُنِى عَلَى أَمْرٍ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَىَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِى أَوْ قَدَّرَهُ عَلَىَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِى». قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى». طرفه 3409 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي} [طه: 77] قرئ بقطع الهمزة ووصلها. 4738 - (روح) بفتح الراء وسكون الواو و (أبو بشر) بكسر الموحّدة اسمه: جعفر (ظهر موسى على فرعون) أي: غَلَبَه، والحديث سلف في الصوم، وبعده. وكذا حديث محاجة موسى لآدم.

21 - سورة الأنبياء

21 - سورة الأَنْبِيَاءِ 4739 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ بَنِى إِسْرَائِيلَ وَالْكَهْفُ وَمَرْيَمُ وَطَهَ وَالأَنْبِيَاءُ هُنَّ مِنَ الْعِتَاقِ الأُوَلِ، وَهُنَّ مِنْ تِلاَدِى. وَقَالَ قَتَادَةُ (جُذَاذًا) قَطَّعَهُنَّ. وَقَالَ الْحَسَنُ (فِي فَلَكٍ) مِثْلِ فَلْكَةِ الْمِغْزَلِ (يَسْبَحُونَ) يَدُورُونَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (نَفَشَتْ) رَعَتْ (يُصْحَبُونَ) يُمْنَعُونَ. (أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً) قَالَ دِينُكُمْ دِينٌ وَاحِدٌ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ. (حَصَبُ) حَطَبُ بِالْحَبَشِيَّةِ. وَقَالَ غَيْرُهُ (أَحَسُّوا) تَوَقَّعُوهُ مِنْ أَحْسَسْتُ. (خَامِدِينَ) هَامِدِينَ. حَصِيدٌ مُسْتَأْصَلٌ يَقَعُ عَلَى الْوَاحِدِ وَالاِثْنَيْنِ وَالْجَمِيعِ. (لاَ يَسْتَحْسِرُونَ) لاَ يُعْيُونَ، وَمِنْهُ حَسِيرٌ، وَحَسَرْتُ بَعِيرِى. ـــــــــــــــــــــــــــــ سورة الأنبياء 4739 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (غندر) بضم الغين وفتح الدال (عن عبد الله) هو ابن مسعود (بني إسرائيل والكهف ومريم وطه والأنبياء من العتاق الأول) جمع عتيق: أي من أوائل القرآن نزولًا (وهن من تلادي) جمع تليد: وهو القديم، يقال: لزيد تالد وطريف أي: مال موروث ومكتسب. وهذا باعتبار تنافي ...... فلا تأخير نزول بعض الآيات منها ({جُذَاذًا} [الأنبياء: 58]) بكسر الجيم وضمها: قراءتان من الجذّ وهو: القطع. (فلكة المغزل) معروفة، والمراد أن الفلك: جسم مستدير مثل الفلكة ({يَسْبَحُونَ} [الأنبياء: 33] يدورون) استعارة من السباحة للدوران، وفيه دلالة على أن الحركة للكواكب لا للفلك كما زعمت الفلاسفة، والجمع بالواو والنون؛ لأن الفعل المسند إليها فعل العقلاء ({نَفَشَتْ} [الأنبياء: 78] رعت ليلًا) وإن كان بالنهار هملت ({يُصْحَبُونَ} [الأنبياء: 43] يمنعون) من الصحبة، وهو الحفظ ({أَحَسُّوا} [الأنبياء: 12] توقعوا) من الإحساس: وهو الإدراك بإحدى الحواس ({خَامِدِينَ} [الأنبياء: 15]) أي: موتى ({الْحَصِيدِ} [ق: 9] مستأصل) أي: المقلوع من أصله ({وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ} [الأنبياء: 19] لا يعيون) بضم الياء، ولأبي ذر بالفتح، يقال: أعيا وعيي إذا تعب (وحسرت بعيري) وحَذْفُ التاء كان أحسن؛ لأن البعير لفظٌ مذكر، كذا قيل، والظاهر أنَّه بضم التاء، وإسناد الفعل إلى المتكلم إشارة إلى أنَّه جاء لازمًا ومتعديًا، وقد

1 - باب (كما بدأنا أول خلق)

عَمِيقٌ بَعِيدٌ. (نُكِسُوا) رُدُّوا. (صَنْعَةَ لَبُوسٍ) الدُّرُوعُ. (تَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ) اخْتَلَفُوا، الْحَسِيسُ وَالْحِسُّ وَالْجَرْسُ وَالْهَمْسُ وَاحِدٌ، وَهْوَ مِنَ الصَّوْتِ الْخَفِىِّ (آذَنَّاكَ) أَعْلَمْنَاكَ (آذَنْتُكُمْ) إِذَا أَعْلَمْتَهُ فَأَنْتَ وَهْوَ عَلَى سَوَاءٍ لَمْ تَغْدِرْ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ (لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ) تُفْهَمُونَ (ارْتَضَى) رَضِىَ. (التَّمَاثِيلُ) الأَصْنَامُ، السِّجِلُّ الصَّحِيفَةُ. 1 - باب (كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ) 4740 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ النُّعْمَانِ شَيْخٍ مِنَ النَّخَعِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ خَطَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ إِلَى اللَّهِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلاً (كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا ـــــــــــــــــــــــــــــ ذكره ابن الأثير في "النهاية" ({عَمِيقٍ} [الحج: 27] بعيد) هذا سهو، منه فإنَّه في سورة الحج، وقيل: غلط من الناسخ، والظاهر أنَّه من البُخَارِيّ، ولا سهو، وإن الفجاج في هذه السورة جمع فج، وفي سورة الحج: عميقٌ وقع صفة فج فاستطرده، والذي يدل عليه أنَّه لم يذكره في سورة الحج ({نُكِسُوا} [الأنبياء: 65] ردوا) إلى الكفر بعد الإقرار، أصله قلب الشيء معكوسًا ({لَبُوسٍ} [الأنبياء: 80] الدروع) لم يكن قبل داود، وكانت قبله آلة الحرب الصفائح ({عَلَى سَوَاءٍ} [الأنبياء: 109] لم تغدر) لأنه أعلمهم أن لا عهد بيننا (لعلكم تسألون) الجوارح على أنفسكم كما كانوا يسألون ويقصدون في الأمر قبل ({السِّجِلِّ} [الأنبياء: 104] الصحيفة) [وفي رواية التِّرْمِذِيّ هو أحد كتاب الوحي، وأنكره الجمهور، ولم يذكر أحد ممن صنف في أسماء الصَّحَابَة ذلك، كذا قال السهيلي، قال شيخنا: ذكره في الصَّحَابَة أبو نعيم، وابن منذر، وابن مردويه. باب قوله: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ} [الأنبياء: 104] 4740 - (حرب) ضد الصلح (شيخ من النخع) بفتح النُّون وسكون الخاء المعجمة: قبيلة من عرب اليمن (غُرلًا) -بضم المعجمة وسكون الراء- جمع أغرل، هو الذي لم يختن

22 - سورة الحج

عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ) ثُمَّ إِنَّ أَوَّلَ مَنْ يُكْسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ، أَلاَ إِنَّهُ يُجَاءُ بِرِجَالٍ مِنْ أُمَّتِى، فَيُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ، فَأَقُولُ يَا رَبِّ أَصْحَابِى فَيُقَالُ لاَ تَدْرِى مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ فَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ (وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ) إِلَى قَوْلِهِ (شَهِيدٌ) فَيُقَالُ إِنَّ هَؤُلاَءِ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ». طرفه 3349 22 - سورة الْحَجِّ وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ (الْمُخْبِتِينَ) الْمُطْمَئِنِّينَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (فِي أُمْنِيَّتِهِ) إِذَا حَدَّثَ أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي حَدِيثِهِ، فَيُبْطِلُ اللَّهُ مَا يُلْقِى الشَّيْطَانُ وَيُحْكِمُ آيَاتِهِ. وَيُقَالُ أُمْنِيَّتُهُ قِرَاءَتُهُ (إِلاَّ أَمَانِىَّ) يَقْرَءُونَ وَلاَ يَكْتُبُونَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ (يؤخذ بهم ذات الشمال) أي: طريق جهنم (فأقول كما قال العبد الصالح) أي: عيسى بن مريم ({وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ} [المائدة: 117])، (لم يزالوا) ...... سُورَةُ الحَجِّ في قراءته إن قرأ خلط الشيطان صوته بصوته ليظن السامعون أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو القارئ، وهذا نوع ابتلاء من الله ليمتاز به الثابت القدم في الإيمان عن المتزلزل، ألا ترى إلى قوله بعده {لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} [الحج: 53] , وأما حديث الغرانيق كما رواه البَزَّار وابن أبي حاتم والطبري موضوع، ولو صح كان محمل ذلك ما ذكرنا، أو أشار إلى الملائكة، وإلا من لا يصح عليه صغيرة، وقد وصفه الله بأنه لا ينطق عن الهوى، كيف يقع منه مدح الأصنام؟! هذا والذي يعتمد عليه أن للحديث أصلًا -كما أشار إليه شيخنا- من كثرة طرق الحديث من رواية الثقاة، قلت: لو لم يكن له أصل لم يبق؛ لقوله تعالى: {أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} [الحج: 52] يعني لاتفاقهم على أنها نزلت في ذلك، فالمعنى ما أشرنا إليه من خلط صوته بصوته ({إِلَّا أَمَانِيَّ} [البقرة: 78] يقرؤون ولا يكتبون) الصواب: لا يعلمون.

1 - باب (وترى الناس سكارى)

وَقَالَ مُجَاهِدٌ مَشِيدٌ بِالْقَصَّةِ. وَقَالَ غَيْرُهُ (يَسْطُونَ) يَفْرُطُونَ مِنَ السَّطْوَةِ، وَيُقَالُ يَسْطُونَ يَبْطُشُونَ. (وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ) أُلْهِمُوا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (بِسَبَبٍ) بِحَبْلٍ إِلَى سَقْفِ الْبَيْتِ. (تَذْهَلُ) تُشْغَلُ. 1 - باب (وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى) 4741 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَا آدَمُ. يَقُولُ لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ، فَيُنَادَى بِصَوْتٍ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تُخْرِجَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ بَعْثًا إِلَى النَّارِ. قَالَ يَا رَبِّ وَمَا بَعْثُ النَّارِ قَالَ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ - أُرَاهُ قَالَ - تِسْعَمِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ فَحِينَئِذٍ تَضَعُ الْحَامِلُ حَمْلَهَا وَيَشِيبُ الْوَلِيدُ (وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ)». فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ حَتَّى تَغَيَّرَتْ وُجُوهُهُمْ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ تِسْعَمِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ، وَمِنْكُمْ وَاحِدٌ، ثُمَّ أَنْتُمْ فِي النَّاسِ كَالشَّعْرَةِ السَّوْدَاءِ فِي جَنْبِ الثَّوْرِ الأَبْيَضِ، أَوْ كَالشَّعْرَةِ الْبَيْضَاءِ فِي جَنْبِ الثَّوْرِ الأَسْوَدِ، وَإِنِّى لأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ». فَكَبَّرْنَا ثُمَّ قَالَ «ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ». فَكَبَّرْنَا ثُمَّ قَالَ «شَطْرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ». فَكَبَّرْنَا. قَالَ أَبُو أُسَامَةَ عَنِ الأَعْمَشِ (تَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى) وَقَالَ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَمِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ. وَقَالَ جَرِيرٌ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ (سَكْرَى وَمَا هُمْ بِسَكْرَى). طرفه 3348 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب {وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى} [2] 4741 - (شطر أهل الجنة) أي: نصفهم، قد سبق في كتاب الأنبياء من رواية غير البُخَارِيّ أن هذه الأمة ثلثا أهل الجنة و (قال أبو أسامة) فائدة هذا التعليق الجزم، فإن في الأول قال: أراه ({سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى} [الحج: 2]) على وزن فعلى، هذه قراءة حمزة والكسائي.

2 - باب (ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة) إلى قوله (ذلك هو الضلال البعيد)

2 - باب (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ) إِلَى قَوْلِهِ (ذَلِكَ هُوَ الضَّلاَلُ الْبَعِيدُ) (أَتْرَفْنَاهُمْ) وَسَّعْنَاهُمْ. 4742 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِى بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى حَصِينٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ) قَالَ كَانَ الرَّجُلُ يَقْدَمُ الْمَدِينَةَ، فَإِنْ وَلَدَتِ امْرَأَتُهُ غُلاَمًا، وَنُتِجَتْ خَيْلُهُ قَالَ هَذَا دِينٌ صَالِحٌ. وَإِنْ لَمْ تَلِدِ امْرَأَتُهُ وَلَمْ تُنْتَجْ خَيْلُهُ قَالَ هَذَا دِينُ سُوءٍ. 3 - باب قَوْلِهِ (هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ) 4743 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا أَبُو هَاشِمٍ عَنْ أَبِى مِجْلَزٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ عَنْ أَبِى ذَرٍّ - رضى الله عنه - أَنَّهُ كَانَ يُقْسِمُ فِيهَا إِنَّ هَذِهِ الآيَةَ (هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ) نَزَلَتْ فِي حَمْزَةَ وَصَاحِبَيْهِ، وَعُتْبَةَ وَصَاحِبَيْهِ يَوْمَ بَرَزُوا فِي يَوْمِ بَدْرٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 4742 - (بكير) بضم الباء مصغر (عن أبي حَصِين) -بفتح الحاء وكسر الصاد- اسمه عثمان (نُتجت خيله) بضم النُّون على بناء المجهول، الناتج: هو المالك، قال أهل اللغة: الناتج للدابة: كالقابلة للإنسان. 4743 - (منهال) بكسر الميم (هشيم) بضم الهاء مصغر (أبو هشام) هو يحيى بن دينار (عن أبي مجلز) -بكسر الميم وسكون الجيم- اسمه: لاحق (عن قيس بن عُباد) بضم العين وتخفيف الباء (هذه الآية: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} [الحج: 19] نزلت في حمزة وصاحبيه) هما علي وعبيدة بن الحارث ابن عم رسول الله- صلى الله عليه وسلم - (وعتبة بن ربيعة وصاحبيه) هم: الوليد بن عتبة وشيبة بن ربيعة (يوم بدر) ظرف نزلت. فإن قلت: سورة الحج مكية، فكيف يصح أن يكون يوم بدر ظرفًا لنزلت؟ قلت: استثنوا منها ست آيات من قوله: {هَذَانِ} [الحج: 19] قال الجعبري: وقد قيل: إن السورة مدنية، قلت: هذا لا يصح فإن قوله: {أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} [الحج: 52] مكية بلا خلاف.

23 - سورة المؤمنين

رَوَاهُ سُفْيَانُ عَنْ أَبِى هَاشِمٍ. وَقَالَ عُثْمَانُ عَنْ جَرِيرٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى هَاشِمٍ عَنْ أَبِى مِجْلَزٍ قَوْلَهُ. طرفه 3966 4744 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مِجْلَزٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ عَنْ عَلِىِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ - رضى الله عنه - قَالَ أَنَا أَوَّلُ مَنْ يَجْثُو بَيْنَ يَدَىِ الرَّحْمَنِ لِلْخُصُومَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. قَالَ قَيْسٌ وَفِيهِمْ نَزَلَتْ (هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ) قَالَ هُمُ الَّذِينَ بَارَزُوا يَوْمَ بَدْرٍ عَلِىٌّ وَحَمْزَةُ وَعُبَيْدَةُ وَشَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ وَعُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ وَالْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ. طرفه 3965 23 - سورة الْمُؤْمِنِينَ قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: {سَبْعَ طَرَائِقَ} [المؤمنون: 17]: «سَبْعَ سَمَوَاتٍ» {لَهَا سَابِقُونَ} [المؤمنون: 61]: «سَبَقَتْ لَهُمُ السَّعَادَةُ»، {قُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} [المؤمنون: 60]: «خَائِفِينَ» قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ} [المؤمنون: 36]: «بَعِيدٌ بَعِيدٌ»، {فَاسْأَلِ العَادِّينَ} [المؤمنون: 113]: «المَلاَئِكَةَ»، {لَنَاكِبُونَ} [المؤمنون: 74]: «لَعَادِلُونَ»، {كَالِحُونَ} [المؤمنون: 104]: «عَابِسُونَ» وَقَالَ غَيْرُهُ: {مِنْ سُلاَلَةٍ} [المؤمنون: 12]: «الوَلَدُ، وَالنُّطْفَةُ السُّلاَلَةُ، وَالجِنَّةُ وَالجُنُونُ وَاحِدٌ، وَالغُثَاءُ الزَّبَدُ، وَمَا ارْتَفَعَ عَنِ المَاءِ، وَمَا لاَ يُنْتَفَعُ بِهِ»، {يَجْأَرُونَ} [المؤمنون: 64]: «يَرْفَعُونَ أَصْوَاتَهُمْ كَمَا تَجْأَرُ البَقَرَةُ»، {عَلَى أَعْقَابِكُمْ} [آل عمران: 144]: «رَجَعَ عَلَى عَقِبَيْهِ»، {سَامِرًا} [المؤمنون: 67]: «مِنَ السَّمَرِ، وَالجَمِيعُ السُّمَّارُ، وَالسَّامِرُ هَا هُنَا فِي مَوْضِعِ الجَمْعِ»، {تُسْحَرُونَ} [المؤمنون: 89]: «تَعْمَوْنَ مِنَ السِّحْرِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ 4744 - (عن علي بن أبو طالب: أنا أول من يجثو بين يدي الرَّحْمَن للخصومة) يقال: جيشًا على ركبتيه، أي: جلس عليه كما هو دأب المناظرين. سورة المُؤْمنين ({سَبْعَ طَرَائِقَ} [المؤمنون: 17] سبع سموات) من طرقت الشيء: جعلت بعضه فوق بعض، وقيل: المراد بها طرق الملائكة ({وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ} [المؤمنون: 61] سبقت لهم السعادة) هذا تفسير باللازم؛ فإن الضمير في قوله عائد إلى الخيرات أي: سابقون غيرهم في تلك الخيرات ({مِنْ سُلَالَةٍ} [المؤمنون: 12]) الولد والنطفة، أي: يطلق عليها وإلا ما في الآية سلالة من طين، أي: مسلول منه.

24 - سورة النور

24 - سُورَةُ النُّورِ {مِنْ خِلاَلِهِ} [النور: 43]: «مِنْ بَيْنِ أَضْعَافِ السَّحَابِ»، {سَنَا بَرْقِهِ} [النور: 43]: «وَهُوَ الضِّيَاءُ»، {مُذْعِنِينَ} [النور: 49]: «يُقَالُ لِلْمُسْتَخْذِي مُذْعِنٌ»، {أَشْتَاتًا} [النور: 61]: «وَشَتَّى وَشَتَاتٌ وَشَتٌّ وَاحِدٌ» وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا} [النور: 1]: «بَيَّنَّاهَا» وَقَالَ غَيْرُهُ: «سُمِّيَ القُرْآنُ لِجَمَاعَةِ السُّوَرِ، وَسُمِّيَتِ السُّورَةُ لِأَنَّهَا مَقْطُوعَةٌ مِنَ الأُخْرَى، فَلَمَّا قُرِنَ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ سُمِّيَ قُرْآنًا» وَقَالَ سَعْدُ بْنُ عِيَاضٍ الثُّمَالِيُّ: " المِشْكَاةُ: الكُوَّةُ بِلِسَانِ الحَبَشَةِ " وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} [القيامة: 17]: «تَأْلِيفَ بَعْضِهِ إِلَى بَعْضٍ»، {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} [القيامة: 18]: " فَإِذَا جَمَعْنَاهُ وَأَلَّفْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ، أَيْ مَا جُمِعَ فِيهِ، فَاعْمَلْ بِمَا أَمَرَكَ وَانْتَهِ عَمَّا نَهَاكَ اللَّهُ، وَيُقَالُ: لَيْسَ لِشِعْرِهِ قُرْآنٌ، أَيْ تَأْلِيفٌ، وَسُمِّيَ الفُرْقَانَ، لِأَنَّهُ يُفَرِّقُ بَيْنَ الحَقِّ وَالبَاطِلِ، وَيُقَالُ لِلْمَرْأَةِ: مَا قَرَأَتْ بِسَلًا قَطُّ، أَيْ لَمْ تَجْمَعْ فِي بَطْنِهَا وَلَدًا "، وَيُقَالُ فِي (فَرَّضْنَاهَا): «أَنْزَلْنَا فِيهَا فَرَائِضَ مُخْتَلِفَةً»، وَمَنْ قَرَأَ: {فَرَضْنَاهَا} [النور: 1]: " يَقُولُ: فَرَضْنَا عَلَيْكُمْ وَعَلَى مَنْ بَعْدَكُمْ " وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا} [النور: 31]: «لَمْ يَدْرُوا، لِمَا بِهِمْ مِنَ الصِّغَرِ» وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: {أُولِي الإِرْبَةِ} [النور: 31]: «مَنْ لَيْسَ لَهُ أَرَبٌ» وَقَالَ طَاوُسٌ: «هُوَ الأَحْمَقُ الَّذِي لاَ حَاجَةَ لَهُ فِي النِّسَاءِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ سورة النور ({مِنْ خِلَالِهِ} [النور: 43] [من] بين أضعاف السحاب) أي: أطباقه ({مُذْعِنِينَ} [النور: 49] يقال للمستخذي: مذعن) بالخاء المعجمة آخره ذال، كذلك بعده ياء، ويروى بالهمزة هو الخاضع المتعاد، قاله الجوهري (سمي القرآن لجماعة السور) برفع القرآن، والمفعول الثاني محذوف، أي: قرآنًا، وفيه إشارة إلى أن القرآن في الأصل معناه الجمع (المشكَاة) بفتح الكاف ({إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17)} [القيامة: 17]) هذا في سورة القيامة، وإنما ذكره لمناسبة لفظ القرآن، وليس فيه فائدة؛ لأن القرآن معناه هناك: القراءة كما سبق في بدء الوحي (ويقال للمرأة: ما قَرأَتْ بِسَلًا قط) بكسر الباء، وهي حرف جر، وسلا مقصور كالمشيمة في المرأة ({وَفَرَضْنَاهَا} [النور: 1]) -بتشديد الراء وتخفيفها- قراءتان، أراد أن يشير إلى معنى كل واحدة، ولا فرق إلَّا ما يفيده التشديد من التكثير ({وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: 6]).

1 - باب قوله عز وجل: {والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم، فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين} [النور: 6]

1 - بَابُ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ، فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ} [النور: 6] 4745 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّ عُوَيْمِرًا، أَتَى عَاصِمَ بْنَ عَدِيٍّ وَكَانَ سَيِّدَ بَنِي عَجْلاَنَ، فَقَالَ: كَيْفَ تَقُولُونَ فِي [ص:100] رَجُلٍ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا، أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ، أَمْ كَيْفَ يَصْنَعُ؟ سَلْ لِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ، فَأَتَى عَاصِمٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَسَائِلَ، فَسَأَلَهُ عُوَيْمِرٌ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَرِهَ المَسَائِلَ وَعَابَهَا، قَالَ عُوَيْمِرٌ: وَاللَّهِ لاَ أَنْتَهِي حَتَّى أَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ، فَجَاءَ عُوَيْمِرٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ رَجُلٌ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ أَمْ كَيْفَ يَصْنَعُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ القُرْآنَ فِيكَ وَفِي صَاحِبَتِكَ»، فَأَمَرَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمُلاَعَنَةِ بِمَا سَمَّى اللَّهُ فِي كِتَابِهِ فَلاَعَنَهَا، ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ حَبَسْتُهَا فَقَدْ ظَلَمْتُهَا فَطَلَّقَهَا، فَكَانَتْ سُنَّةً لِمَنْ كَانَ بَعْدَهُمَا فِي المُتَلاَعِنَيْنِ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «انْظُرُوا فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَسْحَمَ، أَدْعَجَ العَيْنَيْنِ، عَظِيمَ الأَلْيَتَيْنِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ 4745 - (إسحاق) هذا وقع غير منسوب، قال الغساني: لم ينسبه أحد، ولعله ابن منصور؛ لأن مسلمًا روى عن إسحاق بن منصور عن محمَّد بن يوسف (الأَوْزَاعِيّ) بفتح الهمزة: إمام الشَّام عبد الرَّحْمَن (عويمر) بضم العين مصغر (عجلان) -بفتح العين وسكون الجيم- بطن من بني حليف بن عمرو بن عوف ولذلك يقال فيه: الأَنْصَارِيّ (قد أنزل الله فيك) هذا ظاهر في أن هذا أول لعان، وفي رواية مسلم: "أول لعان هلال"، ووجه الجمع أن الآية نزلت فيهما لكون أحدهما قبل الآخر، أو نزلت [في] عويمر، لكن تقدم لعان هلال (فطلقها) ظاهر فيما ذهب إليه أبو حنيفة، وقال مالك والشافعي، ورواية عن أَحْمد: إن نفس اللعان يوجب الفرقة الأبدية لما سيأتي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا ملك لك عليها" (أسحم) أسود (أدعج) من الدعج -بفتح الدال والعين- شدة سواد العين مع شدة البياض،

2 - باب (والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين)

خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ، فَلاَ أَحْسِبُ عُوَيْمِرًا إِلَّا قَدْ صَدَقَ عَلَيْهَا، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أُحَيْمِرَ كَأَنَّهُ وَحَرَةٌ، فَلاَ أَحْسِبُ عُوَيْمِرًا إِلَّا قَدْ كَذَبَ عَلَيْهَا»، فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى النَّعْتِ الَّذِي نَعَتَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ تَصْدِيقِ عُوَيْمِرٍ، فَكَانَ بَعْدُ يُنْسَبُ إِلَى أُمِّهِ. طرفه 423 2 - باب (وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ) 4746 - حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ رَجُلاً أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ رَجُلاً رَأَى مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمَا مَا ذُكِرَ فِي الْقُرْآنِ مِنَ التَّلاَعُنِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «قَدْ قُضِىَ فِيكَ وَفِى امْرَأَتِكَ». قَالَ فَتَلاَعَنَا، وَأَنَا شَاهِدٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَفَارَقَهَا فَكَانَتْ سُنَّةً أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْمُتَلاَعِنَيْنِ وَكَانَتْ حَامِلاً، فَأَنْكَرَ حَمْلَهَا وَكَانَ ابْنُهَا يُدْعَى إِلَيْهَا، ثُمَّ جَرَتِ السُّنَّةُ فِي الْمِيرَاثِ أَنْ يَرِثَهَا، وَتَرِثَ مِنْهُ مَا فَرَضَ اللَّهُ لَهَا. طرفه 423 3 - باب قَوْلِهِ (وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ) 4747 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ ـــــــــــــــــــــــــــــ والألية -بفتح الهمزة- معروفة (خَدَلّج الساقين) بفتح المعجمة وقال مهملة ولام مفتوحة مشددة (وإن جاءت به أحيمر) -بضم الهمزة- مصغر، ولم يصرفه؛ لأنَّه تابع أصله (كأنه وَحَرَة) -بفتح الواو والحاء- دويبة صغيرة تلصق بالأرض، ووجه الشبه: الحمرة والقصر (وكان يدعى إليها) وفي سنن أبي داود: كان ذلك الغلام أميرًا لمصر، ولا يدعى لأب، فإن قلت: لِمَ لَمْ يحكم فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد اعتبره في القيافة؟ قلت: الفراش نص لا يعارضه الشبه، يروى أن قضية عويمر كانت بعد تبوك قدم من سفر فوجد امرأته حاملًا. 4746 - (أبو الرَّبيع) ضد الخريف (فُليح) بضم الفاء مصغر (وكانت سنة أن يفرق بين المتلاعنين) أي: طريقة لا خلاف فيها، لم يرد بها السنة المقابلة للفرض. 4747 - (بشار) بفتح الباء وتشديد المعجمة (ابن أبي عدي) محمَّد بن إبراهيم

4 - باب قوله (والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين)

حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ هِلاَلَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ امْرَأَتَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الْبَيِّنَةَ أَوْ حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ». فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا رَأَى أَحَدُنَا عَلَى امْرَأَتِهِ رَجُلاً يَنْطَلِقُ يَلْتَمِسُ الْبَيِّنَةَ. فَجَعَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «الْبَيِّنَةَ وَإِلاَّ حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ» فَقَالَ هِلاَلٌ وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنِّى لَصَادِقٌ، فَلَيُنْزِلَنَّ اللَّهُ مَا يُبَرِّئُ ظَهْرِى مِنَ الْحَدِّ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ) فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ (إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ) فَانْصَرَفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا فَجَاءَ هِلاَلٌ، فَشَهِدَ، وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ». ثُمَّ قَامَتْ فَشَهِدَتْ فَلَمَّا كَانَتْ عِنْدَ الْخَامِسَةِ وَقَّفُوهَا، وَقَالُوا إِنَّهَا مُوجِبَةٌ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَتَلَكَّأَتْ وَنَكَصَتْ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهَا تَرْجِعُ ثُمَّ قَالَتْ لاَ أَفْضَحُ قَوْمِى سَائِرَ الْيَوْمِ، فَمَضَتْ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَبْصِرُوهَا فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَكْحَلَ الْعَيْنَيْنِ سَابِغَ الأَلْيَتَيْنِ خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ، فَهْوَ لِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ». فَجَاءَتْ بِهِ كَذَلِكَ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْلاَ مَا مَضَى مِنْ كِتَابِ اللَّهِ لَكَانَ لِى وَلَهَا شَأْنٌ». طرفه 2671 4 - باب قَوْلِهِ (وَالْخَامِسَةُ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ) 4748 - حَدَّثَنَا مُقَدَّمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَمِّى الْقَاسِمُ بْنُ يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ وَقَدْ سَمِعَ مِنْهُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَجُلاً رَمَى امْرَأَتَهُ فَانْتَفَى مِنْ وَلَدِهَا فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَتَلاَعَنَا كَمَا قَالَ اللَّهُ، ثُمَّ قَضَى بِالْوَلَدِ لِلْمَرْأَةِ وَفَرَّقَ بَيْنَ الْمُتَلاَعِنَيْنِ. أطرافه 5306، 5313، 5314، 5315، 6748 ـــــــــــــــــــــــــــــ (أن هلال بن أميَّة قذف امرأته عند النَّبيِّ - صَلَّى الله عليه وسلم - بِشَريك بن سحماء) هو: شريك بن عبد بن مغيْث البلوى، وسحماء أمه، قال بعض الشارحين: ذكر هلال غلط من هشام، فإن القاسم بن محمَّد روى عن ابن عباس عويمر العجلاني، وكذا روى ابن عمر وسهل، قلت: الغلط إنَّما وقع منه؛ لأنَّ حديث هلال وقذفه امرأته بشريك رواه مسلم عن أنس، وكذا رواه ابن عبد البر، وقد أشرنا أن اللعانين وقعا زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأي وجه لتغليط الراوي "المجمع على إتقانه وضبطه. 4748 - (مُقدَّم) بضم الميم وتشديد الدال.

5 - باب قوله (إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذى تولى كبره منهم له عذاب عظيم)

5 - باب قَوْلِهِ (إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لاَ تَحْسِبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ وَالَّذِى تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ) أَفَّاكٌ كَذَّابٌ. 4749 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - (وَالَّذِى تَوَلَّى كِبْرَهُ) قَالَتْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ ابْنُ سَلُولَ. طرفه 2593 6 - باب (لَوْلاَ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ) (قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ) (لَوْلاَ جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ) 4750 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا، فَبَرَّأَهَا اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكُلٌّ حَدَّثَنِى طَائِفَةً مِنَ الْحَدِيثِ، وَبَعْضُ حَدِيثِهِمْ يُصَدِّقُ بَعْضًا، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضٍ الَّذِى حَدَّثَنِى عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ أَقْرَعَ بَيْنَ أَزْوَاجِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَعَهُ، قَالَتْ عَائِشَةُ فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا، فَخَرَجَ سَهْمِى، فَخَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ مَا نَزَلَ الْحِجَابُ، فَأَنَا أُحْمَلُ فِي هَوْدَجِى وَأُنْزَلُ فِيهِ فَسِرْنَا حَتَّى إِذَا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ غَزْوَتِهِ تِلْكَ وَقَفَلَ، وَدَنَوْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ قَافِلِينَ آذَنَ لَيْلَةً ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ} [النور: 11] 4749 - 4750 - (أبو نعيم) -بضم النون- مصغر، وكذا (بكير) أورد حديث الإفك بطوله، وقد سبق في الشهادات وغيرها، ونشير هنا إلى بعض ألفاظه: (أحمل في هودجي) بفتح الهاء وسكون الواو، وقال ابن الأثير: هو المحمل ما دام فيه

بِالرَّحِيلِ، فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بِالرَّحِيلِ، فَمَشَيْتُ حَتَّى جَاوَزْتُ الْجَيْشَ، فَلَمَّا قَضَيْتُ شَأْنِى أَقْبَلْتُ إِلَى رَحْلِى، فَإِذَا عِقْدٌ لِى مِنْ جَزْعِ ظَفَارِ قَدِ انْقَطَعَ فَالْتَمَسْتُ عِقْدِى وَحَبَسَنِى ابْتِغَاؤُهُ وَأَقْبَلَ الرَّهْطُ الَّذِينَ كَانُوا يَرْحَلُونَ لِى، فَاحْتَمَلُوا هَوْدَجِى، فَرَحَلُوهُ عَلَى بَعِيرِى الَّذِى كُنْتُ رَكِبْتُ، وَهُمْ يَحْسِبُونَ أَنِّى فِيهِ، وَكَانَ النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ خِفَافًا لَمْ يُثْقِلْهُنَّ اللَّحْمُ، إِنَّمَا تَأْكُلُ الْعُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ فَلَمْ يَسْتَنْكِرِ الْقَوْمُ خِفَّةَ الْهَوْدَجِ حِينَ رَفَعُوهُ، وَكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ، فَبَعَثُوا الْجَمَلَ وَسَارُوا، فَوَجَدْتُ عِقْدِى بَعْدَ مَا اسْتَمَرَّ الْجَيْشُ، فَجِئْتُ مَنَازِلَهُمْ، وَلَيْسَ بِهَا دَاعٍ وَلاَ مُجِيبٌ، فَأَمَمْتُ مَنْزِلِى الَّذِى كُنْتُ بِهِ وَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ سَيَفْقِدُونِى فَيَرْجِعُونَ إِلَىَّ فَبَيْنَا أَنَا جَالِسَةٌ فِي مَنْزِلِى غَلَبَتْنِى عَيْنِى فَنِمْتُ، وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ السُّلَمِىُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِىُّ مِنْ وَرَاءِ الْجَيْشِ، فَأَدْلَجَ فَأَصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِى، فَرَأَى سَوَادَ إِنْسَانٍ نَائِمٍ، فَأَتَانِى فَعَرَفَنِى حِينَ رَآنِى، وَكَانَ يَرَانِى قَبْلَ الْحِجَابِ، فَاسْتَيْقَظْتُ بِاسْتِرْجَاعِهِ حِينَ عَرَفَنِى فَخَمَّرْتُ وَجْهِى بِجِلْبَابِى، وَاللَّهِ مَا كَلَّمَنِى كَلِمَةً وَلاَ سَمِعْتُ مِنْهُ كَلِمَةً غَيْرَ اسْتِرْجَاعِهِ، حَتَّى أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ فَوَطِئَ عَلَى يَدَيْهَا فَرَكِبْتُهَا فَانْطَلَقَ يَقُودُ بِى الرَّاحِلَةَ حَتَّى أَتَيْنَا الْجَيْشَ، بَعْدَ مَا نَزَلُوا مُوغِرِينَ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ، فَهَلَكَ مَنْ هَلَكَ، وَكَانَ الَّذِى تَوَلَّى الإِفْكَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَىٍّ ابْنَ سَلُولَ فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ، فَاشْتَكَيْتُ حِينَ قَدِمْتُ شَهْرًا، وَالنَّاسُ يُفِيضُونَ فِي قَوْلِ أَصْحَابِ الإِفْكِ، لاَ أَشْعُرُ بِشَىْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَهْوَ يَرِيبُنِى فِي وَجَعِى أَنِّى لاَ أَعْرِفُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اللَّطَفَ الَّذِى كُنْتُ أَرَى مِنْهُ حِينَ أَشْتَكِى، إِنَّمَا يَدْخُلُ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَيُسَلِّمُ ثُمَّ يَقُولُ «كَيْفَ تِيكُمْ». ثُمَّ يَنْصَرِفُ، فَذَاكَ الَّذِى يَرِيبُنِى، وَلاَ أَشْعُرُ ـــــــــــــــــــــــــــــ المرأة، هذا أصله، ثم اتسع فيه فأطلق على ذلك المحمل، وإن لم يكن فيه المرأة (من جَزع أظفار) بفتح الجيم والهمزة، وزاي وظاء معجمتين، قال ابن الأثير: نوع من الخرز يتخذ من أظفار، وهو جمع لا واحد له من لفظه، قال: هكذا رووه، والصَّواب: ظَفَار على وزن قطام مدينة حمير (فأممت منزلي) أي: قصدت بالتخفيف (صفوان بن المعطَل) بفتح الطاء (السلمي) بضم السِّين (فاستيقظت باسترجاعه) أي: بقول: إنا لله وإنا إليه راجعون (موغرين) -بكسر الغين المعجمة- داخلين في الوغر، وهو شدة الحر (في نحو الظهيرة) أي: في أول الهاجرة (عبد الله بن أُبيّ) بضم الهمزة وتشديد الياء (ابن سلول) بإثبات الهمزة في ابن ومنع الصرف في سلول؛ لأنَّه اسم أمه، وأبيّ أبوه، لعن الله الأصل والفرع (وهو يَريبني) بفتح الياء

حَتَّى خَرَجْتُ بَعْدَ مَا نَقَهْتُ، فَخَرَجَتْ مَعِى أُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ الْمَنَاصِعِ، وَهْوَ مُتَبَرَّزُنَا، وَكُنَّا لاَ نَخْرُجُ إِلاَّ لَيْلاً إِلَى لَيْلٍ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ نَتَّخِذَ الْكُنُفَ قَرِيبًا مِنْ بُيُوتِنَا، وَأَمْرُنَا أَمْرُ الْعَرَبِ الأُوَلِ فِي التَّبَرُّزِ قِبَلَ الْغَائِطِ، فَكُنَّا نَتَأَذَّى بِالْكُنُفِ أَنْ نَتَّخِذَهَا عِنْدَ بُيُوتِنَا فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ، وَهْىَ ابْنَةُ أَبِى رُهْمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَأُمُّهَا بِنْتُ صَخْرِ بْنِ عَامِرٍ خَالَةُ أَبِى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَابْنُهَا مِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ، فَأَقْبَلْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ بَيْتِى، قَدْ فَرَغْنَا مِنْ شَأْنِنَا، فَعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ فِي مِرْطِهَا فَقَالَتْ تَعِسَ مِسْطَحٌ. فَقُلْتُ لَهَا بِئْسَ مَا قُلْتِ أَتَسُبِّينَ رَجُلاً شَهِدَ بَدْرًا قَالَتْ أَىْ هَنْتَاهُ، أَوَلَمْ تَسْمَعِى مَا قَالَ قَالَتْ قُلْتُ وَمَا قَالَ فَأَخْبَرَتْنِى بِقَوْلِ أَهْلِ الإِفْكِ فَازْدَدْتُ مَرَضًا عَلَى مَرَضِى، فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى بَيْتِى وَدَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَعْنِى سَلَّمَ ثُمَّ قَالَ «كَيْفَ تِيكُمْ». فَقُلْتُ أَتَأْذَنُ لِى أَنْ آتِىَ أَبَوَىَّ قَالَتْ وَأَنَا حِينَئِذٍ أُرِيدُ أَنْ أَسْتَيْقِنَ الْخَبَرَ مِنْ قِبَلِهِمَا، قَالَتْ فَأَذِنَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَجِئْتُ أَبَوَىَّ فَقُلْتُ لأُمِّى يَا أُمَّتَاهْ، مَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ قَالَتْ يَا بُنَيَّةُ، هَوِّنِى عَلَيْكَ فَوَاللَّهِ، لَقَلَّمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ وَضِيئَةً عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا وَلَهَا ضَرَائِرُ إِلاَّ كَثَّرْنَ عَلَيْهَا. قَالَتْ فَقُلْتُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَلَقَدْ تَحَدَّثَ النَّاسُ بِهَذَا قَالَتْ فَبَكَيْتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ حَتَّى أَصْبَحْتُ لاَ يَرْقَأُ لِى دَمْعٌ، وَلاَ أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ حَتَّى أَصْبَحْتُ أَبْكِى فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلِىَّ بْنَ أَبِى طَالِبٍ، وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ - رضى الله عنهما - حِينَ اسْتَلْبَثَ الْوَحْىُ، يَسْتَأْمِرُهُمَا فِي فِرَاقِ أَهْلِهِ، قَالَتْ فَأَمَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ فَأَشَارَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالَّذِى يَعْلَمُ مِنْ بَرَاءَةِ أَهْلِهِ، وَبِالَّذِى يَعْلَمُ لَهُمْ فِي نَفْسِهِ مِنَ الْوُدِّ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَهْلَكَ، وَمَا نَعْلَمُ إِلاَّ خَيْرًا، وَأَمَّا عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ، وَإِنْ تَسْأَلِ الْجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ، قَالَتْ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَرِيرَةَ فَقَالَ «أَىْ بَرِيرَةُ، هَلْ رَأَيْتِ عَلَيْهَا مِنْ شَىْءٍ يَرِيبُكِ». قَالَتْ بَرِيرَةُ لاَ ـــــــــــــــــــــــــــــ مضارع رابه: أي: أوقعه في الريب، وضمير هو للشأن (بعدما نُهقت) -بفتح النون والقاف وكسرها -أي: خلعت من المرض (أم مسطح) بكسر الميم، (وهي بنت أبي رهم) -بضم الراء وسكون الهاء- (ابن عبد مناف) كذا وقع، والصَّواب: ابن المطلب بن عبد مناف (أي: هنتاه) -بفتح الهاء وسكون النون- أي: هذه، وقيل: بلهاء الغافلة عن مكائد النَّاس (استلبث الوحي) -بالرفع -أي: تأخر جدًّا، وفي الرّواية الأخرى: "مدة

وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، إِنْ رَأَيْتُ عَلَيْهَا أَمْرًا أَغْمِصُهُ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، تَنَامُ عَنْ عَجِينِ أَهْلِهَا، فَتَأْتِى الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتَعْذَرَ يَوْمَئِذٍ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَىٍّ ابْنِ سَلُولَ، قَالَتْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ عَلَى الْمِنْبَرِ «يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَعْذِرُنِى مِنْ رَجُلٍ، قَدْ بَلَغَنِى أَذَاهُ فِي أَهْلِ بَيْتِى، فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِى إِلاَّ خَيْرًا، وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلاً، مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلاَّ خَيْرًا، وَمَا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِى إِلاَّ مَعِى». فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ الأَنْصَارِىُّ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا أَعْذِرُكَ مِنْهُ، إِنْ كَانَ مِنَ الأَوْسِ، ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا مِنَ الْخَزْرَجِ، أَمَرْتَنَا، فَفَعَلْنَا أَمْرَكَ، قَالَتْ فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَهْوَ سَيِّدُ الْخَزْرَجِ، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رَجُلاً صَالِحًا، وَلَكِنِ احْتَمَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ فَقَالَ لِسَعْدٍ كَذَبْتَ، لَعَمْرُ اللَّهِ لاَ تَقْتُلُهُ، وَلاَ تَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِ، فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ وَهْوَ ابْنُ عَمِّ سَعْدٍ، فَقَالَ لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ كَذَبْتَ، لَعَمْرُ اللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ، فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ الْمُنَافِقِينَ، فَتَثَاوَرَ الْحَيَّانِ الأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَقْتَتِلُوا، وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُخَفِّضُهُمْ حَتَّى سَكَتُوا وَسَكَتَ، قَالَتْ فَمَكُثْتُ يَوْمِى ذَلِكَ لاَ يَرْقَأُ لِى دَمْعٌ وَلاَ أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، قَالَتْ فَأَصْبَحَ أَبَوَاىَ عِنْدِى - وَقَدْ بَكَيْتُ لَيْلَتَيْنِ وَيَوْمًا لاَ أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ وَلاَ يَرْقَأُ لِى دَمْعٌ - يَظُنَّانِ أَنَّ الْبُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِى، قَالَتْ فَبَيْنَمَا هُمَا جَالِسَانِ عِنْدِى وَأَنَا أَبْكِى، فَاسْتَأْذَنَتْ عَلَىَّ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَأَذِنْتُ لَهَا، فَجَلَسَتْ تَبْكِى مَعِى، قَالَتْ فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ قَالَتْ وَلَمْ يَجْلِسْ عِنْدِى مُنْذُ قِيلَ مَا قِيلَ قَبْلَهَا، وَقَدْ لَبِثَ شَهْرًا، لاَ يُوحَى إِلَيْهِ فِي شَأْنِى، قَالَتْ فَتَشَهَّدَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ جَلَسَ ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ يَا عَائِشَةُ، فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِى عَنْكِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ، وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِى اللَّهَ وَتُوبِى إِلَيْهِ، فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا اعْتَرَفَ بِذَنْبِهِ ثُمَّ تَابَ إِلَى اللَّهِ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ». قَالَتْ فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَقَالَتَهُ، قَلَصَ دَمْعِى حَتَّى مَا أُحِسُّ مِنْهُ قَطْرَةً، فَقُلْتُ لأَبِى أَجِبْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِيمَا قَالَ. قَالَ وَاللَّهِ مَا أَدْرِى مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ لأُمِّى أَجِيبِى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــ شهر" (أغمصه) -بالغين المعجمة وصاد مهملة- أي: أعيبه (الداجن) الشَّاةِ التي تكون من البيت (قلص دمعي) أي: ارتفع وانقطع (ما أُحسُّ) -بضم الهمزة- أي: ما أجد من

مَا أَدْرِى مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ فَقُلْتُ وَأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ لاَ أَقْرَأُ كَثِيرًا مِنَ الْقُرْآنِ، إِنِّى وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُ لَقَدْ سَمِعْتُمْ هَذَا الْحَدِيثَ حَتَّى اسْتَقَرَّ فِي أَنْفُسِكُمْ، وَصَدَّقْتُمْ بِهِ فَلَئِنْ قُلْتُ لَكُمْ إِنِّى بَرِيئَةٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّى بَرِيئَةٌ لاَ تُصَدِّقُونِى بِذَلِكَ، وَلَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بِأَمْرٍ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّى مِنْهُ بَرِيئَةٌ لَتُصَدِّقُنِّى، وَاللَّهِ مَا أَجِدُ لَكُمْ مَثَلاً إِلاَّ قَوْلَ أَبِى يُوسُفَ قَالَ (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ) قَالَتْ ثُمَّ تَحَوَّلْتُ فَاضْطَجَعْتُ عَلَى فِرَاشِى، قَالَتْ وَأَنَا حِينَئِذٍ أَعْلَمُ أَنِّى بَرِيئَةٌ، وَأَنَّ اللَّهَ مُبَرِّئِى بِبَرَاءَتِى، وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ اللَّهَ مُنْزِلٌ فِي شَأْنِى وَحْيًا يُتْلَى، وَلَشَأْنِى فِي نَفْسِى كَانَ أَحْقَرَ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ فِىَّ بِأَمْرٍ يُتْلَى، وَلَكِنْ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِى اللَّهُ بِهَا، قَالَتْ فَوَاللَّهِ مَا رَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلاَ خَرَجَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ حَتَّى أُنْزِلَ عَلَيْهِ، فَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنَ الْبُرَحَاءِ حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِثْلُ الْجُمَانِ مِنَ الْعَرَقِ، وَهْوَ فِي يَوْمٍ شَاتٍ مِنْ ثِقَلِ الْقَوْلِ الَّذِى يُنْزَلُ عَلَيْهِ، قَالَتْ فَلَمَّا سُرِّىَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سُرِّىَ عَنْهُ وَهْوَ يَضْحَكُ، فَكَانَتْ أَوَّلُ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا «يَا عَائِشَةُ، أَمَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَقَدْ بَرَّأَكِ». فَقَالَتْ أُمِّى قُومِى إِلَيْهِ. قَالَتْ فَقُلْتُ وَاللَّهِ، لاَ أَقُومُ إِلَيْهِ، وَلاَ أَحْمَدُ إِلاَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ. وَأَنْزَلَ اللَّهُ (إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لاَ تَحْسِبُوهُ) الْعَشْرَ الآيَاتِ كُلَّهَا، فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ هَذَا فِي بَرَاءَتِى قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ - رضى الله عنه - وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ، وَفَقْرِهِ وَاللَّهِ لاَ أُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ شَيْئًا أَبَدًا بَعْدَ الَّذِى قَالَ لِعَائِشَةَ مَا قَالَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ (وَلاَ يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِى الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلاَ تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) قَالَ أَبُو بَكْرٍ بَلَى، وَاللَّهِ إِنِّى أُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِى، فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتِى كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ، وَقَالَ وَاللَّهِ لاَ أَنْزِعُهَا مِنْهُ أَبَدًا. قَالَتْ عَائِشَةُ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَسْأَلُ زَيْنَبَ ابْنَةَ جَحْشٍ عَنْ أَمْرِى، فَقَالَ «يَا زَيْنَبُ مَاذَا عَلِمْتِ أَوْ رَأَيْتِ». فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَحْمِى سَمْعِى وَبَصَرِى، مَا عَلِمْتُ إِلاَّ خَيْرًا. قَالَتْ وَهْىَ الَّتِى كَانَتْ تُسَامِينِى مِنْ أَزْوَاجِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَعَصَمَهَا اللَّهُ بِالْوَرَعِ، وَطَفِقَتْ أُخْتُهَا حَمْنَةُ تُحَارِبُ لَهَا فَهَلَكَتْ فِيمَنْ هَلَكَ مِنْ أَصْحَابِ الإِفْكِ. طرفه 2593

7 - باب قوله (ولولا فضل الله عليكم ورحمته فى الدنيا والآخرة لمسكم فيما أفضتم فيه عذاب عظيم)

7 - باب قَوْلِهِ (وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ). وَقَالَ مُجَاهِدٌ (تَلَقَّوْنَهُ) يَرْوِيهِ بَعْضُكُمْ عَنْ بَعْضٍ، (تُفِيضُونَ) تَقُولُونَ. 4751 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ أُمِّ رُومَانَ أُمِّ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ لَمَّا رُمِيَتْ عَائِشَةُ خَرَّتْ مَغْشِيًّا عَلَيْهَا. طرفه 3388 8 - باب (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسِبُونَهُ هَيِّنًا وَهْوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ) 4752 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقْرَأُ (إِذْ تَلِقُونَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ). طرفه 4144 9 - باب (وَلَوْلاَ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ) 4753 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِى حُسَيْنٍ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ قَالَ اسْتَأْذَنَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَبْلَ مَوْتِهَا عَلَى عَائِشَةَ، وَهْىَ مَغْلُوبَةٌ قَالَتْ أَخْشَى أَنْ يُثْنِىَ عَلَىَّ. فَقِيلَ ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمِنْ وُجُوهِ الْمُسْلِمِينَ. قَالَتِ ائْذَنُوا لَهُ. فَقَالَ كَيْفَ تَجِدِينَكِ قَالَتْ بِخَيْرٍ إِنِ اتَّقَيْتُ. قَالَ فَأَنْتِ بِخَيْرٍ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ - زَوْجَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلَمْ يَنْكِحْ بِكْرًا غَيْرَكِ، وَنَزَلَ عُذْرُكِ مِنَ السَّمَاءِ. وَدَخَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ خِلاَفَهُ فَقَالَتْ دَخَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَأَثْنَى عَلَىَّ وَوَدِدْتُ أَنِّى كُنْتُ نِسْيًا مَنْسِيًّا. طرفه 3771 ـــــــــــــــــــــــــــــ الإحساس ({تَلَقَّوْنَهُ}) -بفتح اللام وتشديد القاف- هذه قراءة عامة القراء أي: يروي بعضكم عن بعض من التلقي، قراءة عائشة {تَلَقَّوْنَهُ} -بفتح التاء وكسر اللام- من ولق يلق على وزن وعد يعد، قال ابن الأثير: من الولق: وهو الاستمرار على الكذب. 4753 - (نسيًا منسيًّا) -بفتح النون وكسره- أي: شيئًا حقيرًا من شأنه أن ينسى.

10 - باب (يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا)

4754 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنِ الْقَاسِمِ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنه - اسْتَأْذَنَ عَلَى عَائِشَةَ نَحْوَهُ. وَلَمْ يَذْكُرْ نِسْيًا مَنْسِيًّا. طرفه 3771 10 - باب (يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا) 4755 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ جَاءَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهَا قُلْتُ أَتَأْذَنِينَ لِهَذَا قَالَتْ أَوَلَيْسَ قَدْ أَصَابَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ. قَالَ سُفْيَانُ تَعْنِى ذَهَابَ بَصَرِهِ. فَقَالَ حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُزَنُّ بِرِيبَةٍ ... وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُومِ الْغَوَافِلِ قَالَتْ لَكِنْ أَنْتَ. . . . طرفه 4146 11 - باب (وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) 4756 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ دَخَلَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ عَلَى عَائِشَةَ فَشَبَّبَ وَقَالَ: حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُزَنُّ بِرِيبَةٍ ... وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُومِ الْغَوَافِلِ ـــــــــــــــــــــــــــــ 4755 - (ابن عون) -بفتح العين آخره نون- عبد الله. 4756 - (محمَّد بن يوسف) الفريابي وهو سفيان الثوري كذا قاله الإسماعيلي (عن أبي الضحى) مسلم بن صبيح، شعر حسَّان: (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (ابن [أبي] عدي) محمَّد بن إبراهيم (تَدَعبن) -بفتح التاء والدال- أي: تتركون (وقد أنزل الله: {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ} [النور: 11]) هذا وهم من مسروق للاتفاق على أن الذي تولى كبره وابن سلول، قال ابن عبد البر: وقد قيل: إن حسَّان ليس من أهل الإفك، لكن قول عائشة له: أنت لست كذلك، صريح في ذلك، وقد نقل ابن عبد البر أبياتًا تدل على عدم كونه من أصحاب الإفك، والله أعلم بذلك. (حصان رزان ما تزن بريبة ... وتصبح غرثى من لحوم الغوافل) (حصان) عفيفة (رزان) ذات وقار (لا تزن) -على بناء المجهول- أي لا تتهم و (غرثى)

12 - باب قوله (إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة فى الذين آمنوا لهم عذاب أليم فى الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون * ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله رءوف رحيم) وقوله (ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولى القربى والمساكين والمهاجرين فى سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم)

قَالَتْ لَسْتَ كَذَاكَ. قُلْتُ تَدَعِينَ مِثْلَ هَذَا يَدْخُلُ عَلَيْكِ وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ (وَالَّذِى تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ) فَقَالَتْ وَأَىُّ عَذَابٍ أَشَدُّ مِنَ الْعَمَى وَقَالَتْ وَقَدْ كَانَ يَرُدُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 4146 12 - باب قَوْلِهِ (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ * وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) وَقَوْلِهِ (وَلاَ يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِى الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلاَ تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ). 4757 - وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَمَّا ذُكِرَ مِنْ شَأْنِى الَّذِى ذُكِرَ وَمَا عَلِمْتُ بِهِ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِىَّ خَطِيبًا، فَتَشَهَّدَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ أَشِيرُوا عَلَىَّ فِي أُنَاسٍ أَبَنُوا أَهْلِى، وَايْمُ اللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِى مِنْ سُوءٍ، وَأَبَنُوهُمْ بِمَنْ وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَطُّ، وَلاَ يَدْخُلُ بَيْتِى قَطُّ إِلاَّ وَأَنَا حَاضِرٌ، وَلاَ غِبْتُ فِي سَفَرٍ إِلاَّ غَابَ مَعِى». فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فَقَالَ ائْذَنْ لِى يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ نَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ، وَقَامَ رَجُلٌ مِنْ بَنِى الْخَزْرَجِ، وَكَانَتْ أُمُّ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ مِنْ رَهْطِ ذَلِكَ الرَّجُلِ، فَقَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ بغين معجمة وثاء مثلثة -وهو الجوع كناية عن عدم الاغتياب لقوله تعالى: {ريَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا} [الحجرات: 12]. باب قوله: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا} [النور: 19] 4757 - (أبنوا أهلي) أي: نسبوها ابنة إلى الفاحشة، والأصل: الابن التهمة (فقام سعد بن معاذ) وفي بعضها: عبادة، وكلاهما وهم، أما سعد بن معاذ فلأنه مات بعد قريظة سنة خمس، وهذه الواقعة إنَّما كانت في المريسيع سنة سبع، وأمَّا سعد بن عبادة، فإنَّه الذي

كَذَبْتَ، أَمَا وَاللَّهِ، أَنْ لَوْ كَانُوا مِنَ الأَوْسِ مَا أَحْبَبْتَ أَنْ تُضْرَبَ أَعْنَاقُهُمْ. حَتَّى كَادَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ شَرٌّ فِي الْمَسْجِدِ، وَمَا عَلِمْتُ فَلَمَّا كَانَ مَسَاءُ ذَلِكَ الْيَوْمِ خَرَجْتُ لِبَعْضِ حَاجَتِى وَمَعِى أُمُّ مِسْطَحٍ. فَعَثَرَتْ وَقَالَتْ تَعِسَ مِسْطَحٌ. فَقُلْتُ أَىْ أُمِّ تَسُبِّينَ ابْنَكِ وَسَكَتَتْ ثُمَّ عَثَرَتِ الثَّانِيَةَ فَقَالَتْ تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقُلْتُ لَهَا تَسُبِّينَ ابْنَكِ ثُمَّ عَثَرَتِ الثَّالِثَةَ فَقَالَتْ تَعِسَ مِسْطَحٌ. فَانْتَهَرْتُهَا، فَقَالَتْ وَاللَّهِ مَا أَسُبُّهُ إِلاَّ فِيكِ. فَقُلْتُ فِي أَىِّ شَأْنِى قَالَتْ فَبَقَرَتْ لِى الْحَدِيثَ فَقُلْتُ وَقَدْ كَانَ هَذَا قَالَتْ نَعَمْ وَاللَّهِ، فَرَجَعْتُ إِلَى بَيْتِى كَأَنَّ الَّذِى خَرَجْتُ لَهُ لاَ أَجِدُ مِنْهُ قَلِيلاً وَلاَ كَثِيرًا، وَوُعِكْتُ فَقُلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَرْسِلْنِى إِلَى بَيْتِ أَبِى. فَأَرْسَلَ مَعِى الْغُلاَمَ، فَدَخَلْتُ الدَّارَ فَوَجَدْتُ أُمَّ رُومَانَ فِي السُّفْلِ وَأَبَا بَكْرٍ فَوْقَ الْبَيْتِ يَقْرَأُ. فَقَالَتْ أُمِّى مَا جَاءَ بِكِ يَا بُنَيَّةُ فَأَخْبَرْتُهَا وَذَكَرْتُ لَهَا الْحَدِيثَ، وَإِذَا هُوَ لَمْ يَبْلُغْ مِنْهَا مِثْلَ مَا بَلَغَ مِنِّى، فَقَالَتْ يَا بُنَيَّةُ خَفِّضِى عَلَيْكِ الشَّأْنَ، فَإِنَّهُ وَاللَّهِ، لَقَلَّمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ حَسْنَاءُ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا، لَهَا ضَرَائِرُ، إِلاَّ حَسَدْنَهَا وَقِيلَ فِيهَا. وَإِذَا هُوَ لَمْ يَبْلُغْ مِنْهَا مَا بَلَغَ مِنِّى، قُلْتُ وَقَدْ عَلِمَ بِهِ أَبِى قَالَتْ نَعَمْ. قُلْتُ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ نَعَمْ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَاسْتَعْبَرْتُ وَبَكَيْتُ، فَسَمِعَ أَبُو بَكْرٍ صَوْتِى وَهْوَ فَوْقَ الْبَيْتِ يَقْرَأُ، فَنَزَلَ فَقَالَ لأُمِّى مَا شَأْنُهَا قَالَتْ بَلَغَهَا الَّذِى ذُكِرَ مِنْ شَأْنِهَا. فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، قَالَ أَقْسَمْتُ عَلَيْكِ أَىْ بُنَيَّةُ إِلاَّ رَجَعْتِ إِلَى بَيْتِكِ، فَرَجَعْتُ وَلَقَدْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْتِى، فَسَأَلَ عَنِّى خَادِمَتِى فَقَالَتْ لاَ وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَيْهَا عَيْبًا إِلاَّ أَنَّهَا كَانَتْ تَرْقُدُ حَتَّى تَدْخُلَ الشَّاةُ فَتَأْكُلَ خَمِيرَهَا أَوْ عَجِينَهَا. وَانْتَهَرَهَا بَعْضُ أَصْحَابِهِ فَقَالَ اصْدُقِى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ـــــــــــــــــــــــــــــ عارض هذا القائل، فالصواب أن هذا القائل هو: أسيد بن حضير، وقد تقدم في باب الشهادات أن هذا بناءً على أن المريسيع بعد قريظة، وقيل قبله، فلا إشكال (فبقرت لي الحديث) -بالباء الموحدة- شرحته لي (ووعكت) -بضم الواو على بناء المجهول- أي؛ أصابتني الحمى (وانتهرها بعض) أي: شدد عليها في الكلام، قيل: هو علي بن أبي طالب

حَتَّى أَسْقَطُوا لَهَا بِهِ فَقَالَتْ سُبْحَانَ اللَّهِ، وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَيْهَا إِلاَّ مَا يَعْلَمُ الصَّائِغُ عَلَى تِبْرِ الذَّهَبِ الأَحْمَرِ. وَبَلَغَ الأَمْرُ إِلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِى قِيلَ لَهُ، فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَاللَّهِ مَا كَشَفْتُ كَنَفَ أُنْثَى قَطُّ. قَالَتْ عَائِشَةُ فَقُتِلَ شَهِيدًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ. قَالَتْ وَأَصْبَحَ أَبَوَاىَ عِنْدِى، فَلَمْ يَزَالاَ حَتَّى دَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ صَلَّى الْعَصْرَ، ثُمَّ دَخَلَ وَقَدِ اكْتَنَفَنِى أَبَوَاىَ عَنْ يَمِينِى وَعَنْ شِمَالِى، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ يَا عَائِشَةُ، إِنْ كُنْتِ قَارَفْتِ سُوءًا أَوْ ظَلَمْتِ، فَتُوبِى إِلَى اللَّهِ، فَإِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ مِنْ عِبَادِهِ». قَالَتْ وَقَدْ جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَهْىَ جَالِسَةٌ بِالْبَابِ فَقُلْتُ أَلاَ تَسْتَحِى مِنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ أَنْ تَذْكُرَ شَيْئًا. فَوَعَظَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَالْتَفَتُّ إِلَى أَبِى فَقُلْتُ أَجِبْهُ. قَالَ فَمَاذَا أَقُولُ فَالْتَفَتُّ إِلَى أُمِّى فَقُلْتُ أَجِيبِيهِ. فَقَالَتْ أَقُولُ مَاذَا فَلَمَّا لَمْ يُجِيبَاهُ تَشَهَّدْتُ فَحَمِدْتُ اللَّهَ وَأَثْنَيْتُ عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قُلْتُ أَمَّا بَعْدُ فَوَاللَّهِ لَئِنْ قُلْتُ لَكُمْ إِنِّى لَمْ أَفْعَلْ. وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَشْهَدُ إِنِّى لَصَادِقَةٌ، مَا ذَاكَ بِنَافِعِى عِنْدَكُمْ، لَقَدْ تَكَلَّمْتُمْ بِهِ وَأُشْرِبَتْهُ قُلُوبُكُمْ، وَإِنْ قُلْتُ إِنِّى فَعَلْتُ. وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّى لَمْ أَفْعَلْ، لَتَقُولُنَّ قَدْ بَاءَتْ بِهِ عَلَى نَفْسِهَا، وَإِنِّى وَاللَّهِ مَا أَجِدُ لِى وَلَكُمْ مَثَلاً - وَالْتَمَسْتُ اسْمَ يَعْقُوبَ فَلَمْ أَقْدِرْ عَلَيْهِ - إِلاَّ أَبَا يُوسُفَ حِينَ قَالَ (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ) وَأُنْزِلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ سَاعَتِهِ فَسَكَتْنَا، فَرُفِعَ عَنْهُ وَإِنِّى لأَتَبَيَّنُ السُّرُورَ فِي وَجْهِهِ وَهْوَ يَمْسَحُ جَبِينَهُ وَيَقُولُ «أَبْشِرِى يَا عَائِشَةُ، فَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ بَرَاءَتَكِ». قَالَتْ وَكُنْتُ أَشَدَّ مَا كُنْتُ غَضَبًا فَقَالَ لِى أَبَوَاىَ قُومِى إِلَيْهِ. فَقُلْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــ (حتَّى أسقطوا لها به) أي: أتوا بكلام سقط؛ أي: في شأنها، والهاء في به عائدة إلى الانتهار الذي دل عليه الكلام السابق (والله ما كشفت كنف أنثى) بفتح الكاف والنون: أي سترها، قيل: كان حصورًا لا يأتي النساء، كذا وقع في "سير ابن إسحاق"، لكن روى ابن حبان والحاكم وغيرهما أن امرأة صفوان بن المعطل شكت إلى رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم -، فيصرف قوله على الزنى، أو لم يكن بزوج إذ ذاك ثم تزوج، ويحتمل أن يكون له امرأة، عبد الله بن عمرو بن العاص نظيره (أقول ماذا) قال ابن مالك: فيه شاهد على أن ما الاستفهامية إذا

13 - باب (وليضربن بخمرهن على جيوبهن)

وَاللَّهِ لاَ أَقُومُ إِلَيْهِ، وَلاَ أَحْمَدُهُ وَلاَ أَحْمَدُكُمَا، وَلَكِنْ أَحْمَدُ اللَّهَ الَّذِى أَنْزَلَ بَرَاءَتِى، لَقَدْ سَمِعْتُمُوهُ، فَمَا أَنْكَرْتُمُوهُ وَلاَ غَيَّرْتُمُوهُ، وَكَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ أَمَّا زَيْنَبُ ابْنَةُ جَحْشٍ فَعَصَمَهَا اللَّهُ بِدِينِهَا، فَلَمْ تَقُلْ إِلاَّ خَيْرًا، وَأَمَّا أُخْتُهَا حَمْنَةُ فَهَلَكَتْ فِيمَنْ هَلَكَ، وَكَانَ الَّذِى يَتَكَلَّمُ فِيهِ مِسْطَحٌ وَحَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ وَالْمُنَافِقُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ، وَهْوَ الَّذِى كَانَ يَسْتَوْشِيهِ وَيَجْمَعُهُ، وَهْوَ الَّذِى تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ هُوَ وَحَمْنَةُ قَالَتْ فَحَلَفَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ لاَ يَنْفَعَ مِسْطَحًا بِنَافِعَةٍ أَبَدًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (وَلاَ يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ) إِلَى آخِرِ الآيَةِ يَعْنِى أَبَا بَكْرٍ (وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِى الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ) - يَعْنِى مِسْطَحًا - إِلَى قَوْلِهِ (أَلاَ تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) حَتَّى قَالَ أَبُو بَكْرٍ بَلَى وَاللَّهِ يَا رَبَّنَا إِنَّا لَنُحِبُّ أَنْ تَغْفِرَ لَنَا، وَعَادَ لَهُ بِمَا كَانَ يَصْنَعُ. طرفه 2593 13 - باب (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) 4758 - وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبٍ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ يُونُسَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ يَرْحَمُ اللَّهُ نِسَاءَ الْمُهَاجِرَاتِ الأُوَلَ، لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) شَقَّقْنَ مُرُوطَهُنَّ فَاخْتَمَرْنَ بِهِ. طرفه 4759 4759 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - كَانَتْ تَقُولُ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) أَخَذْنَ أُزْرَهُنَّ فَشَقَّقْنَهَا مِنْ قِبَلِ الْحَوَاشِى فَاخْتَمَرْنَ بِهَا. طرفه 4758 ـــــــــــــــــــــــــــــ رُكّبت مع ذا بطل صدارتها (والمنافق عبد الله بن أبي هو الذي يستوشيه) أي: يبحث عنه ويستخرجه. 4759 - (شبيب) بالموحدتين بينهما مثناة (لما نزلت هذه الآية {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور: 31]) جمع خمار ككتاب وكُتُب (شققن مروطهن) جمع مرط: كساء من خز أو صوف (أخذن أزرهن فشققنها من قبل الحواشي) أي: جعلن الأطراف خُمُرًا، والوسط إزارًا كما كان.

25 - سورة الفرقان

25 - سورة الْفُرْقَانِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (هَبَاءً مَنْثُورًا) مَا تَسْفِى بِهِ الرِّيحُ. (مَدَّ الظِّلَّ) مَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ. (سَاكِنًا) دَائِمًا. (عَلَيْهِ دَلِيلاً) طُلُوعُ الشَّمْسِ. (خِلْفَةً) مَنْ فَاتَهُ مِنَ اللَّيْلِ عَمَلٌ أَدْرَكَهُ بِالنَّهَارِ، أَوْ فَاتَهُ بِالنَّهَارِ أَدْرَكَهُ بِاللَّيْلِ. وَقَالَ الْحَسَنُ (هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا) فِي طَاعَةِ اللَّهِ، وَمَا شَىْءٌ أَقَرَّ لِعَيْنِ الْمُؤْمِنِ أَنْ يَرَى حَبِيبَهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (ثُبُورًا) وَيْلاً. وَقَالَ غَيْرُهُ السَّعِيرُ مُذَكَّرٌ، وَالتَّسَعُّرُ وَالاِضْطِرَامُ التَّوَقُّدُ الشَّدِيدُ. (تُمْلَى عَلَيْهِ) تُقْرَأُ عَلَيْهِ، مِنْ أَمْلَيْتُ وَأَمْلَلْتُ، الرَّسُّ الْمَعْدِنُ جَمْعُهُ رِسَاسٌ (مَا يَعْبَأُ) يُقَالُ مَا عَبَأْتُ بِهِ شَيْئًا لاَ يُعْتَدُّ بِهِ (غَرَامًا) هَلاَكًا. وَقَالَ مُجَاهِدٌ (وَعَتَوْا) طَغَوْا. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ (عَاتِيَةٍ) عَتَتْ عَنِ الْخُزَّانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ سورة الفرقان ({هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان: 23] ما تسفي به الريح) قال ابن الأثير: هو ما ارتفع من تحت سنابك الخيل، والذي تراه من ضوء الشَّمس إذا دخل من كوة، وهو لفظ مفرد يدل عليه: {مَنْثُورًا} ({مَدَّ الظِّلَّ} [الفرقان: 45] ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشَّمس) وقيل: طرفي النهار (السعير: مذكر) قال الجوهري: اسم النَّار، فعلى هذا لا يكون مذكرًا، ويدل عليه قوله تعالى: {إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ} [الفرقان: 12] فإن ضمير رأتهم للسعير (و {الرَّسِّ} [الفرقان: 38] المعدن) الرسّ: البئر المطوي، والرس: بئر لقبه ثمود قال ابن الأثير: أصحاب الرس قوم رسوا نبيهم في بئر ودسوه فيها حتَّى مات، ولم يذكر أحدٌ أن الرس معدن، ولو وجد لا معنى له في الآية.

1 - باب قوله (الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم أولئك شر مكانا وأضل سبيلا)

1 - باب قَوْلِهِ (الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلاً) 4760 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغْدَادِىُّ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ قَتَادَةَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه -. أَنَّ رَجُلاً قَالَ يَا نَبِىَّ اللَّهِ يُحْشَرُ الْكَافِرُ عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ «أَلَيْسَ الَّذِى أَمْشَاهُ عَلَى الرِّجْلَيْنِ فِي الدُّنْيَا قَادِرًا عَلَى أَنْ يُمْشِيَهُ عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». قَالَ قَتَادَةُ بَلَى وَعِزَّةِ رَبِّنَا. طرفه 6523 2 - باب قَوْلِهِ (وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا) الْعُقُوبَةَ 4761 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِى مَنْصُورٌ وَسُلَيْمَانُ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ أَبِى مَيْسَرَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ وَحَدَّثَنِى وَاصِلٌ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ سَأَلْتُ - أَوْ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَىُّ الذَّنْبِ عِنْدَ اللَّهِ أَكْبَرُ قَالَ «أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهْوَ خَلَقَكَ». قُلْتُ ثُمَّ أَىٌّ قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا (34)} [الفرقان: 34] 4760 - (شيبان) بفتح الشين بعدها نون موحدة (أليس الذي أمشاه على الرجلين قادرًا على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة؟) وكذا في كل ما يخالف العادة، ألا ترى أن موسى سمع كلامه تعالى بجميع الأعضاء؟. باب قوله: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ} [الفرقان: 68] 4761 - (أبي ميسرة) ضد الميمنة، اسمه: عمرو بن شرحبيل (ثم أيٌّ؟) بالتنوين عوض

«ثُمَّ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ خَشْيَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ. قُلْتُ ثُمَّ أَىٌّ قَالَ «أَنْ تُزَانِىَ بِحَلِيلَةِ جَارِكَ». قَالَ وَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ تَصْدِيقًا لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - (وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ). طرفه 4477 4762 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ أَخْبَرَنِى الْقَاسِمُ بْنُ أَبِى بَزَّةَ أَنَّهُ سَأَلَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ هَلْ لِمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا مِنْ تَوْبَةٍ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ (وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ). فَقَالَ سَعِيدٌ قَرَأْتُهَا عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ كَمَا قَرَأْتَهَا عَلَىَّ. فَقَالَ هَذِهِ مَكِّيَّةٌ نَسَخَتْهَا آيَةٌ مَدَنِيَّةٌ، الَّتِى فِي سُورَةِ النِّسَاءِ. طرفه 3855 4763 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْكُوفَةِ فِي قَتْلِ الْمُؤْمِنِ، فَرَحَلْتُ فِيهِ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ نَزَلَتْ فِي آخِرِ مَا نَزَلَ وَلَمْ يَنْسَخْهَا شَىْءٌ. طرفه 3855 4764 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى (فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ) قَالَ لاَ تَوْبَةَ لَهُ. وَعَنْ قَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ (لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ) قَالَ كَانَتْ هَذِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. طرفه 3855 ـــــــــــــــــــــــــــــ عن المضاف إليه (إن تقتل ولدك خشية أن [يأكل] معك) ليس هذا قيدًا، بل كان سبب النزول، كقوله: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ} [الإسراء: 31] (أن تزاني بحليلة جارك) فسروا الحليلة بالزوجة، وعندي: الأولى حمله على أعم ليشمل السراري والأزواج، الزنى مطلقًا من الكبائر، وإنَّما الكرم هنا في أكبر الكبائر. 4762 - (ابن جريج) بضم الجيم مصغر (ابن أبي بزة) بالباء الموحدة والزاي المعجمة نسبة إلى جده هو القاسم بن نافعٌ بن أبي بزة، وهذا جده هو أحمد البزي أحد روايتي ابن كثير. 4763 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (غندر) بضم الغين وقال مفتوحة. 4764 - 4765 - (سألت ابن عباس عن قوله تعالى: {فَجَزآؤُه جَهَنَّم} [النساء: 93] قال لا توبة له) قال بعض الشارحين: هذا كلام من ابن عباس على التغليظ اقداءً بسنة الله في

3 - باب قوله (يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا)

3 - باب قَوْلِهِ (يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا) 4765 - حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ قَالَ ابْنُ أَبْزَى سَلِ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ) وَقَوْلِهِ (لاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ) حَتَّى بَلَغَ (إِلاَّ مَنْ تَابَ) فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ لَمَّا نَزَلَتْ قَالَ أَهْلُ مَكَّةَ فَقَدْ عَدَلْنَا بِاللَّهِ وَقَتَلْنَا النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَأَتَيْنَا الْفَوَاحِشَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ (إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا) إِلَى قَوْلِهِ (غَفُورًا رَحِيمًا) طرفه 3855 4 - باب (إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) 4766 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا أَبِى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ أَمَرَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبْزَى أَنْ أَسْأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ هَاتَيْنِ الآيَتَيْنِ (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا)، فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ لَمْ يَنْسَخْهَا شَىْءٌ. وَعَنْ (وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ) قَالَ نَزَلَتْ فِي أَهْلِ الشِّرْكِ. طرفه 3855 5 - باب (فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا) هَلَكَةً 4767 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ خَمْسٌ قَدْ مَضَيْنَ الدُّخَانُ وَالْقَمَرُ وَالرُّومُ ـــــــــــــــــــــــــــــ التغليظ. وهذا ليس بشيء؛ لأنَّه صرح بأن آية النساء هي الناسخة لهذه الآية، فكيف يقول في الآية المحكمة بالنسخ؟ وهذا القول معروف بين أهل العلم عن ابن عباس، إلَّا أنَّه خلاف الإجماع، بل يروى أنه رجع لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48]. (ابن أبزى) بفتح الهمزة والموحدة وزاي معجمة. 4766 - (عبدان) على وزن شعبان. باب قوله: {فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا} [الفرقان: 77] 4767 - قد سلف أن ابن مسعود رد بقوله: (خمس قد مضين) على من زعم أن قوله

26 - سورة الشعراء

وَالْبَطْشَةُ وَاللِّزَامُ (فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا) طرفه 1007 26 - سورة الشُّعَرَاءِ وَقَالَ مُجَاهِدٌ (تَعْبَثُونَ) تَبْنُونَ (هَضِيمٌ) يَتَفَتَّتُ إِذَا مُسَّ مُسَحَّرِينَ الْمَسْحُورِينَ. لَيْكَةُ وَالأَيْكَةُ جَمْعُ أَيْكَةٍ، وَهْىَ جَمْعُ شَجَرٍ (يَوْمِ الظُّلَّةِ) إِظْلاَلُ الْعَذَابِ إِيَّاهُمْ (مَوْزُونٍ) مَعْلُومٍ (كَالطَّوْدِ) الْجَبَلِ. الشِّرْذِمَةُ طَائِفَةٌ قَلِيلَةٌ (فِي السَّاجِدِينَ) الْمُصَلِّينَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ) كَأَنَّكُمْ. الرِّيعُ الأَيْفَاعُ مِنَ الأَرْضِ وَجَمْعُهُ رِيعَةٌ وَأَرْيَاعٌ، وَاحِدُ الرِّيَعَةِ (مَصَانِعَ) كُلُّ بِنَاءٍ فَهْوَ مَصْنَعَةٌ (فَرِهِينَ) مَرِحِينَ، فَارِهِينَ بِمَعْنَاهُ وَيُقَالُ فَارِهِينَ حَاذِقِينَ (تَعْثَوْا) أَشَدُّ الْفَسَادِ عَاثَ يَعِيثُ عَيْثًا. الْجِبِلَّةُ الْخَلْقُ، جُبِلَ خُلِقَ، وَمِنْهُ جُبُلاً وَجِبِلاً وَجُبْلاً، يَعْنِى الْخَلْقَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تعالى: {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} [الدخان: 10] يكون يوم القيامة بقوله: {إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ} [الدخان: 15] إذ لو كان ذلك يوم القيامة لم يكشف. سورة الشعراء ({تَعْبَثُونَ} [الشعراء: 128] تبنون) ليس هذا معنى لغة، بل أراد أن البناء منهم كان عبثًا، والعبث ما ليس فائدة منه ({الْمُسَحَّرِينَ} [الشعراء: 153] المسحورين) أي: في أصل المعنى فإن الأول أبلغ، و (لَيْكة و {لْأَيْكَةِ} [الشعراء: 176] جمع أيكة) قال الجوهري: الأيك: الشجر الملتف، الواحدة: أيكة، وقيل: أيكة اسم القرية، وقيل: هما مثل مكّة وبكة، والذي في "البخاري" مما لا وجه له، وهو قوله: ({لْأَيْكَةِ} جمع أيكة) اللَّهم إلَّا أن يكون مراده أن هذا اللفظ يطلق على المفرد والجمع {لَعَلَّكُم} [الشعراء: 129] كأنكم) حمله على هذا؛ لأنَّ رجاء الخلود في هذه الدار لا يصدر عن عاقل (الريع الأيفاع) المكان المرتفع، وجمعه: ريعة بكسر الراء وفتح الياء، ومفرده بكسر الراء وسكون الياء مثل: قِرَدة وقِرْد ({تَعْثَوْا} [الشعراء: 183] أشد الفساد) هذا أحسن مما قاله الجوهري وابن الأثير من أن العبث هو الفساد؛ إذ لا فائدة في قولنا إلَّا لقيد حال كونك مفسدًا. بل لا يبالغ بالإفساد إلَّا بقدر الحاجة كما في دور الكفار وأشجارهم إنَّما يفسد بقدر الحاجة فيها. (جُبْل) بضم الجيم وسكون الباء (جِبلًّا) بكسر الجيم وتشيد اللام (جُبُل) بضم الجيم والباء وتشديد اللام، فسر الكل بقوله: (يعني خلقه).

1 - باب (ولا تخزنى يوم يبعثون)

1 - باب (وَلاَ تُخْزِنِى يَوْمَ يُبْعَثُونَ) 4768 - وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنِ ابْنِ أَبِى ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ إِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ - رَأَى أَبَاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ الْغَبَرَةُ وَالْقَتَرَةُ». الْغَبَرَةُ هِىَ الْقَتَرَةُ. طرفه 3350 4769 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا أَخِى عَنِ ابْنِ أَبِى ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَلْقَى إِبْرَاهِيمُ أَبَاهُ فَيَقُولُ يَا رَبِّ إِنَّكَ وَعَدْتَنِى أَنْ لاَ تُخْزِنِى يَوْمَ يُبْعَثُونَ فَيَقُولُ اللَّهُ إِنِّى حَرَّمْتُ الْجَنَّةَ عَلَى الْكَافِرِينَ». طرفه 3350 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ (87)} [الشعراء: 87] 4768 - (إبراهيم بن طهمان) بفتح الطاء وسكون الهاء (عن ابن أبي ذئب) بلفظ الحيوان المعروف (المقبري) بضم الباء وفتحها (الغَبَرَة) بفتح العين والباء (والقَترَة) بفتح القاف والتاء، وفسره الجوهري وابن الأثير بالغبار، والصّواب أنَّه سواد يعلو الغبار. قال تعالى: {وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ (40) تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ (41)} [عبس: 40، 41]. 4770 - (فيقول إبراهيم: يا رب إنك وعدتني أن لا تخزني) وأي خزي أخرى من أبي الأبعد أي كونه في النَّار، وصف أباه بالأبعد لأنَّه مات مشركًا، ولا بعد بين العبد وبين الرب تعالى فوق الشرك، وقيل: وصف لإبراهيم، وليس بشيء؛ لأنَّه جاء في رواية "أن أجرت أبي الأبعد". قيل: كيف طلب له المغفرة وقد مات مشركًا، وقد أخبر الله عنه أنَّه تبرأ عنه؟ أجاب بعضهم بأن التبري الذين أخبر الله عنه هو هذا التبري، وبعده لائح بل محال، والصَّواب: أنَّه كان يستغفر لأبيه بعد موته كما كان رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - يستغفر لأبي طالب، ولذلك لما نهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الاستغفار أردفه بأن استغفار إبراهيم كان له وعدًا منه، ولم يكن عالمًا بأن المشرك لا يغفر له، وأنت عالم بذلك، وقد أنزل علمك أن الله لا يغفر أن يشرك به، والذي يدل قطعًا أن إبراهيم استغفر له بعد موته، قوله: {سَأَسْتَغْفِرُ} [مريم: 47] إذ لو كان الاستغفار في حياته لم يكن وجه. فإن قلت: فلم أعاد الشفاعة بيستغفر؟ قلت: ألحق (إني حرمت الجنَّة على الكافرين) أي: ألزمت منع دخولها؛ لأنَّ التحريم في العرف: هو الحكم المتعلق بأفعال المكلفين.

2 - باب (وأنذر عشيرتك الأقربين * واخفض جناحك) ألن جانبك

2 - باب (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ * وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ) أَلِنْ جَانِبَكَ 4770 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) صَعِدَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الصَّفَا فَجَعَلَ يُنَادِى «يَا بَنِى فِهْرٍ، يَا بَنِى عَدِىٍّ». لِبُطُونِ قُرَيْشٍ حَتَّى اجْتَمَعُوا، فَجَعَلَ الرَّجُلُ إِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَخْرُجَ أَرْسَلَ رَسُولاً لِيَنْظُرَ مَا هُوَ، فَجَاءَ أَبُو لَهَبٍ وَقُرَيْشٌ فَقَالَ «أَرَأَيْتَكُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلاً بِالْوَادِى تُرِيدُ أَنْ تُغِيرَ عَلَيْكُمْ، أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِىَّ». قَالُوا نَعَمْ، مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ إِلاَّ صِدْقًا. قَالَ «فَإِنِّى نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَىْ عَذَابٍ شَدِيدٍ». فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ تَبًّا لَكَ سَائِرَ الْيَوْمِ، أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا فَنَزَلَتْ (تَبَّتْ يَدَا أَبِى لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ) طرفه 1394 4771 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) قَالَ «يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ - أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا - اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ، لاَ أُغْنِى عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يَا بَنِى عَبْدِ مَنَافٍ، لاَ أُغْنِى عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يَا عَبَّاسُ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، لاَ أُغْنِى عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، وَيَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ، لاَ أُغْنِى عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَيَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَلِينِى مَا شِئْتِ مِنْ مَالِى، لاَ أُغْنِى عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا». تَابَعَهُ أَصْبَغُ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. طرفه 3527 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214)} [الشعراء: 214] قال الجوهري: العشيرة القبيلة، والأقربين: أمر عرفي، وبينها في الحديث في قريش، قد سلف منا أن البطن دون القبيلة، وفوق الفخذ. 4771 - (يا فاطمة بنت [محمد] لا أغني عنك من الله شيئًا). فإن قلت: شفاعته في أهل الكبائر ثابتة، فما معنى قوله: "لا أغني عنك من الله شيئًا" وهي أقرب النَّاس إليه؟ قلت: لا شفاعة له إلَّا بإذن، فهذا محمول على الشفاعة ابتداءً.

27 - سورة النمل

27 - سورة النَّمْلِ وَالْخَبْءُ مَا خَبَأْتَ. (لاَ قِبَلَ) لاَ طَاقَةَ. الصَّرْحُ كُلُّ مِلاَطٍ اتُّخِذَ مِنَ الْقَوَارِيرِ، وَالصَّرْحُ الْقَصْرُ، وَجَمَاعَتُهُ صُرُوحٌ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (وَلَهَا عَرْشٌ) سَرِيرٌ (كَرِيمٌ) حُسْنُ الصَّنْعَةِ، وَغَلاَءُ الثَّمَنِ (مُسْلِمِينَ) طَائِعِينَ. (رَدِفَ) اقْتَرَبَ (جَامِدَةً) قَائِمَةً (أَوْزِعْنِى) اجْعَلْنِى. وَقَالَ مُجَاهِدٌ (نَكِّرُوا) غَيِّرُوا (وَأُوتِينَا الْعِلْمَ) يَقُولُهُ سُلَيْمَانُ. الصَّرْحُ بِرْكَةُ مَاءٍ ضَرَبَ عَلَيْهَا سُلَيْمَانُ قَوَارِيرَ، أَلْبَسَهَا إِيَّاهُ. 28 - سورة الْقَصَصِ (كُلُّ شَىْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ) إِلاَّ مُلْكَهُ، وَيُقَالُ إِلاَّ مَا أُرِيدَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ (الأَنْبَاءُ) الْحُجَجُ. 1 - باب قَوْلِهِ (إِنَّكَ لاَ تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِى مَنْ يَشَاءُ) 4772 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ جَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَوَجَدَ عِنْدَهِ أَبَا جَهْلٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِى أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، فَقَالَ «أَىْ عَمِّ قُلْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، كَلِمَةً أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ». فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى أُمَيَّةَ أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَلَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــ سورة النمل ({الصَّرْحَ} [النمل: 44] كل مِلاط) بكسر الميم: هو الطين الذي يجعل بين أحجار البناء للأصيلي بالباء، قال ابن الأثير: والبلاط: ضرب من الحجارة يفرش، ثم اتسع فيه فأطلق على الموضع، والمراد بالصرح هنا ما ذكره من البركة ({مُسْلِمِينَ} [النمل: 38] طائعين) يقال: طاعه أذله، وأطاعه: اتبع أمره ({رَدِفَ} [النمل: 72] اقترب) يقال: ردفه معه، وردف له أقرب، وقيل: اللام زائدة، والأول أحسن ({أَوْزِعْنِي} [النمل: 19]) أي: (اجعلني) وازعًا، والوازع: الصالح. سورة القصص 4772 - (أبي أُمية) بضم الهمزة وتشديد الياء (أترغب عن ملة عبد المطلب؟) يقال:

يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَعْرِضُهَا عَلَيْهِ، وَيُعِيدَانِهِ بِتِلْكَ الْمَقَالَةِ حَتَّى قَالَ أَبُو طَالِبٍ آخِرَ مَا كَلَّمَهُمْ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَأَبَى أَنْ يَقُولُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «وَاللَّهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ». فَأَنْزَلَ اللَّهُ (مَا كَانَ لِلنَّبِىِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ) وَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي أَبِى طَالِبٍ، فَقَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - (إِنَّكَ لاَ تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِى مَنْ يَشَاءُ). طرفه 1360 قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (أُولِى الْقُوَّةِ) لاَ يَرْفَعُهَا الْعُصْبَةُ مِنَ الرِّجَالِ. (لَتَنُوءُ) لَتُثْقِلُ. (فَارِغًا) إِلاَّ مِنْ ذِكْرِ مُوسَى. (الْفَرِحِينَ) الْمَرِحِينَ. (قُصِّيهِ) اتَّبِعِى أَثَرَهُ، وَقَدْ يَكُونُ أَنْ يَقُصَّ الْكَلاَمَ (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ). (عَنْ جُنُبٍ) عَنْ بُعْدٍ عَنْ جَنَابَةٍ وَاحِدٌ، وَعَنِ اجْتِنَابٍ أَيْضًا، يَبْطِشُ وَيَبْطُشُ. (يَأْتَمِرُونَ) يَتَشَاوَرُونَ. الْعُدْوَانُ وَالْعَدَاءُ وَالتَّعَدِّى وَاحِدٌ. (آنَسَ) أَبْصَرَ. الْجِذْوَةُ قِطْعَةٌ غَلِيظَةٌ مِنَ الْخَشَبِ، لَيْسَ فِيهَا لَهَبٌ، وَالشِّهَابُ فِيهِ لَهَبٌ. وَالْحَيَّاتُ أَجْنَاسٌ الْجَانُّ وَالأَفَاعِى وَالأَسَاوِدُ. (رِدْءًا) مُعِينًا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (يُصَدِّقُنِى) وَقَالَ غَيْرُهُ (سَنَشُدُّ) سَنُعِينُكَ كُلَّمَا عَزَّزْتَ شَيْئًا فَقَدْ جَعَلْتَ لَهُ عَضُدًا. مَقْبُوحِينَ مُهْلَكِينَ. (وَصَّلْنَا) بَيَّنَّاهُ وَأَتْمَمْنَاهُ. (يُجْبَى) يُجْلَبُ. (بَطِرَتْ) أَشِرَتْ. (فِي أُمِّهَا رَسُولاً) أُمُّ الْقُرَى مَكَّةُ وَمَا حَوْلَهَا. (تُكِنُّ) تُخْفِى. أَكْنَنْتُ الشَّىْءَ أَخْفَيْتُهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ رغب عنه إذا لم يرده، ورغب فيه إذا أراده (ويعيدانه) أي: يعيدان عليه حذف الجار، أو يعيدان القول، وأوصل الفعل (لا يرفعها العصبة من الرجال) من العشرة إلى أربعين ({الْفَرِحِينَ} [القصص: 76] المرحين) قال الجوهري: الفرح ضد المرح، والمرح شدة الفرح، فأشار البُخاريّ إلى كمال فرحه. فإن قلت: قال تعالى: {فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا} [يونس: 58]، وأقل مراتب الأمر هنا الندب. قلت: قارون لأنَّه كان فرح بطرًا لا شكرًا لله. ({ءَانَسَ} [القصص: 29]) الإيناس: إبصار الشيء من غير موضع متعارف (الجذوة) بالحركات الثلاث في الجيم (الأساود) جمع أسود. قال ابن الأثير: هو أخبث الحيات من الصفات الغالبة لا تطلق على غير الحية ({الْمَقْبُوحِينَ} [القصص: 42] المهلكين) قبحه: بعده بفتح القاف والباء ({وَصَّلْنَا} [القصص: 51] بينا) وقيل: أتبعنا قصة بأخرى (أكننت الشيء:

2 - باب (إن الذى فرض عليك القرآن) الآية

وَكَنَنْتُهُ أَخْفَيْتُهُ وَأَظْهَرْتُهُ. (وَيْكَأَنَّ اللَّهَ) مِثْلُ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ (يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ) يُوَسِّعُ عَلَيْهِ وَيُضَيِّقُ عَلَيْهِ. 2 - باب (إِنَّ الَّذِى فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ) الآيَةَ 4773 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا يَعْلَى حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الْعُصْفُرِىُّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ) قَالَ إِلَى مَكَّةَ. 29 - سورة الْعَنْكَبُوتِ قَالَ مُجَاهِدٌ (وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ) ضَلَلَةً. (فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ) عَلِمَ اللَّهُ ذَلِكَ، إِنَّمَا هِىَ بِمَنْزِلَةِ فَلِيَمِيزَ اللَّهُ كَقَوْلِهِ (لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ). (أَثْقَالاً مَعَ أَثْقَالِهِمْ) أَوْزَارِهِمْ. 30 - سورة الرُّومِ (فَلاَ يَرْبُو) مَنْ أَعْطَى يَبْتَغِى أَفْضَلَ فَلاَ أَجْرَ لَهُ فِيهَا. قَالَ مُجَاهِدٌ (يُحْبَرُونَ) يُنَعَّمُونَ. (يَمْهَدُونَ) يُسَوُّونَ الْمَضَاجِعَ، الْوَدْقُ الْمَطَرُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أخفيته، وكنته الشيء أخفيته وأظهرته) أي: هو من الأضداد ({وَيْكَأَنَّهُ} [القصص: 82] مثل ألم تر) يريد أنها كلمة تعجب مثله، وفي أصل هذه الكلمة خلاف، وكذا في معناها، وفي الوقف عليها، كل ذلك مبين في كتب القراءات. [باب قوله: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ}] [القصص: 85] 4773 - (العصفري) بضم العين وسكون [الصاد]، الظاهر أنَّه نسبه إلى بيع العصفر، وهو نبت أصفر ({لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} [القصص: 85] إلى مكّة) وقيل: إلى يوم القيامة، وقيل: إلى الجنَّة، والأول هو الظاهر، فإن الآية نزلت بالجحفة بعد الهجرة لما أسِفَ على فراق الوطن. سورة العنكبوت ({وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ} [العنكبوت: 38] ضَلَلَة) جمع كَكَتَبَة في كاتب ({فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ} [العنكبوت: 3] إنَّما هو بمنزلة: فليميزن الله) أراد أنَّه من إطلاق السبب وإرادة المسبب؛ لأنَّ علمه بالأشياء قديم لا يصح فيه الاستقبال. سورة الروم ({يُحْبَرُونَ} [الروم: 15] ينعمون) من العبارة بفتح الحاء وهي: النعمة ({الْوَدْقَ} [الروم: 48] المطر) من ودق الشيء إذا قطر.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (هَلْ لَكُمْ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) فِي الآلِهَةِ، وَفِيهِ (تَخَافُونَهُمْ) أَنْ يَرِثُوكُمْ كَمَا يَرِثُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا. (يَصَّدَّعُونَ) يَتَفَرَّقُونَ، (فَاصْدَعْ) وَقَالَ غَيْرُهُ ضُعْفٌ وَضَعْفٌ لُغَتَانِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ (السُّوأَى) الإِسَاءَةُ، جَزَاءُ الْمُسِيئِينَ. 4774 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ وَالأَعْمَشُ عَنْ أَبِى الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ بَيْنَمَا رَجُلٌ يُحَدِّثُ فِي كِنْدَةَ فَقَالَ يَجِئُ دُخَانٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَأْخُذُ بِأَسْمَاعِ الْمُنَافِقِينَ وَأَبْصَارِهِمْ، يَأْخُذُ الْمُؤْمِنَ كَهَيْئَةِ الزُّكَامِ. فَفَزِعْنَا، فَأَتَيْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ، وَكَانَ مُتَّكِئًا، فَغَضِبَ فَجَلَسَ فَقَالَ مَنْ عَلِمَ فَلْيَقُلْ، وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلْيَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ. فَإِنَّ مِنَ الْعِلْمِ أَنْ يَقُولَ لِمَا لاَ يَعْلَمُ لاَ أَعْلَمُ. فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ لِنَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - (قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ) وَإِنَّ قُرَيْشًا أَبْطَئُوا عَنِ الإِسْلاَمِ فَدَعَا عَلَيْهِمِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «اللَّهُمَّ أَعِنِّى عَلَيْهِمْ بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ، فَأَخَذَتْهُمْ سَنَةٌ حَتَّى هَلَكُوا فِيهَا، وَأَكَلُوا الْمَيْتَةَ وَالْعِظَامَ وَيَرَى الرَّجُلُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ كَهَيْئَةِ الدُّخَانِ»، فَجَاءَهُ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ جِئْتَ تَأْمُرُنَا بِصِلَةِ الرَّحِمِ، وَإِنَّ قَوْمَكَ قَدْ هَلَكُوا فَادْعُ اللَّهَ، فَقَرَأَ (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِى السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ) إِلَى قَوْلِهِ (عَائِدُونَ) أَفَيُكْشَفُ عَنْهُمْ عَذَابُ الآخِرَةِ إِذَا جَاءَ ثُمَّ عَادُوا إِلَى كُفْرِهِمْ فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى (يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى). ـــــــــــــــــــــــــــــ 4774 - (ضَعْفٌ وضُعْفٌ لغتان) فتح الضَّاد لغة تميم، والضم لغة الحجاز، وقيل: الفتح مصدر، والضم اسم، ونقل عن الخليل أن الضعف بالضم: يكون في الجسد، وبالفتح: في العقل والرأي ({السُّوأَى} [الروم: 10] الإساءة) وهذا لغة، والمراد بها النَّار ضد الحسنى، وهي بالجنة. (عن أبي الضحى) مسلم بن صبيح (في كِندة) بكسر الكاف: موضع بكوفة روى حديث عبد الله بن مسعود أن رجلًا قال: الدخان يكون يوم القيامة، وقد سلف مرارًا أن ابن مسعود ينكر ذلك لقوله تعالى: {إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا} [الدخان: 15] ولا كشف لعذاب يوم القيامة (فإن من العلم أن تقول لما تعلم: لا أعلم) لأنَّ عدم علمه إذا كان معلومًا له، فهو نوع علم.

1 - باب (لا تبديل لخلق الله) لدين الله

يَوْمَ بَدْرٍ وَلِزَامًا يَوْمَ بَدْرٍ (الم * غُلِبَتِ الرُّومُ) إِلَى (سَيَغْلِبُونَ) وَالرُّومُ قَدْ مَضَى. 1 - باب (لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ) لِدِينِ اللَّهِ (خَلْقُ الأَوَّلِينَ) دِينُ الأَوَّلِينَ. وَالْفِطْرَةُ الإِسْلاَمُ. 4775 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلاَّ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ، كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ، هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ» ثُمَّ يَقُولُ (فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِى فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ) طرفه 1358 31 - سورة لُقْمَانَ (لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) 4776 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ) شَقَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالُوا أَيُّنَا لَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــ [باب قوله: {لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ} [الروم: 30] 4775 - (عبدان) على وزن شعبان (ما من مولد له إلَّا يولد على الفطرة) بكسر الفاء: نوع من الفطرة وهو الخلق، وقد فسره بالإِسلام، والمحققون على أنَّ المراد: القابلية للإسلام والتهيؤ له؛ لأنَّ الإيمان تصديق القلب، والطفل خالي عنه، ونقل عن الباقلاني أنَّه قال: تجري عليه أحكام الأبوين؛ لأنهما لا يقدران على أن لا يجعلا فيه أحكام اليهود، وهذا الذي قاله ضعيف؛ لأنهما وإن لم يقدرا على خلق ذلك إلَّا أنهما يقدران على التسبب في الضلال، لا في قوله: ينزع عنهما لباسهما، وكيف يصح التشبيه بالبهيمة إن لم يكن لها تأثير؟! وملخصه: أنَّها لو خليناه وطبعه حتَّى أدرك حسن الإِسلام لم يختر غيره (تنتج البهيمة) على بناء المجهول (من جدعاء) بالدال المهملة: من الجدع وهو قطع طرف من الأطراف. سورة لقمان 4776 - (قتيبة) بضم القاف مصغر ({الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82])

1 - باب قوله (إن الله عنده علم الساعة)

يَلْبِسْ إِيمَانَهُ بِظُلْمٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّهُ لَيْسَ بِذَاكَ، أَلاَ تَسْمَعُ إِلَى قَوْلِ لُقْمَانَ لاِبْنِهِ (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)». طرفه 32 1 - باب قَوْلِهِ (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ) 4777 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ عَنْ جَرِيرٍ عَنْ أَبِى حَيَّانَ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَوْمًا بَارِزًا لِلنَّاسِ إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ يَمْشِى فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الإِيمَانُ قَالَ «الإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَلِقَائِهِ وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ الآخِرِ». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الإِسْلاَمُ قَالَ «الإِسْلاَمُ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمَ الصَّلاَةَ، وَتُؤْتِىَ الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الإِحْسَانُ قَالَ «الإِحْسَانُ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَتَى السَّاعَةُ قَالَ «مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ، وَلَكِنْ سَأُحَدِّثُكَ عَنْ أَشْرَاطِهَا إِذَا وَلَدَتِ الْمَرْأَةُ رَبَّتَهَا، فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا، وَإِذَا كَانَ الْحُفَاةُ الْعُرَاةُ رُءُوسَ النَّاسِ فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا فِي خَمْسٍ لا يَعْلَمُهُنَّ إِلاَّ اللَّهُ (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ)». ثُمَّ انْصَرَفَ الرَّجُلُ فَقَالَ «رُدُّوا عَلَىَّ». فَأَخَذُوا لِيَرُدُّوا فَلَمْ يَرَوْا شَيْئًا. فَقَالَ «هَذَا جِبْرِيلُ جَاءَ لِيُعَلِّمَ النَّاسَ دِينَهُمْ». طرفه 50 4778 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِى عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - ـــــــــــــــــــــــــــــ استشكلوا الآية إذ لا أحد إلا وله ظلم على نفسه، فدفع رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - الإشكال بأن المراد بالظلم في الآية الكفر، الاستدلال بقول لقمان ({إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13]) وهذا ما يقال: إن المطلق ينصرف إلى الكامل. 4777 - 4778 - (إسحاق) كذا وقع غير منسوب، قال الغساني: لم ينسبه هنا أحد، إلَّا أن البُخاريّ أسند في كتاب الجهاد عن إسحاق بن إبراهيم (عن جرير من أبي حيان) بفتح الحاء وتشديد المثناة: هو يَحْيَى بن سعيد (عن أبي زرعة) بضم الزَّاي اسمه هرم

32 - سورة السجدة

قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَفَاتِيحُ الْغَيْبِ خَمْسٌ» ثُمَّ قَرَأَ (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ). طرفه 1039 32 - سورة السَّجْدَةِ وَقَالَ مُجَاهِدٌ (مَهِينٍ) ضَعِيفٍ، نُطْفَةُ الرَّجُلِ. (ضَلَلْنَا) هَلَكْنَا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْجُرُزُ الَّتِى لاَ تُمْطَرُ إِلاَّ مَطَرًا لاَ يُغْنِى عَنْهَا شَيْئًا. (يَهْدِ) يُبَيِّنُ. 1 - باب قَوْلِهِ (فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِىَ لَهُمْ) 4779 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَعْدَدْتُ لِعِبَادِى الصَّالِحِينَ مَا لاَ عَيْنٌ رَأَتْ، وَلاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ». قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ (فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِىَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ). وَحَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ اللَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ البجلي. روى حديث سؤال جبريل عن الإيمان والإِسلام، وقد سلف في كتاب الإيمان، وأشرنا إلى أن المراد بمفاتيح الغيب: إما خزائنها إن كان جمع مفتح بفتح الميم، وإما ما يفتح به إن كان جمع مفتح بكسر الميم، وعلى الوجهين المراد بالغيب في الآية: الغيب الخاص كما تقدم أن هذه الخمس أمهات الغيوب. فإن قلت: هذه الخمس لا يعلمها غيره تعالى، فما وجه تسميتها بالمفاتيح؟ قلت: أشار إلى أن لا طريق لأحد إلى معرفة الغيب؛ لأنَّ مفاتيحه بيده، فاختص علم الغيب به، ولكن يُطلع على بعض المخزونات لمن يريد، وأمَّا المفاتيح لا سبيل لأحد إليها. سورة السجدة 4779 - (أبو الزناد) بفتح الزَّاي بعدها نون عبد الله بن ذكوان وقال: (وحدثنا سفيان)

33 - سورة الأحزاب

مِثْلَهُ. قِيلَ لِسُفْيَانَ رِوَايَةً. قَالَ فَأَىُّ شَىْءٍ قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى صَالِحٍ قَرَأَ أَبُو هُرَيْرَةَ قُرَّاتِ. طرفه 3244 4780 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنِ الأَعْمَشِ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى أَعْدَدْتُ لِعِبَادِى الصَّالِحِينَ مَا لاَ عَيْنٌ رَأَتْ، وَلاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، ذُخْرًا، بَلْهَ مَا أُطْلِعْتُمْ عَلَيْهِ». ثُمَّ قَرَأَ (فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِىَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ). طرفه 3244 33 - سورة الأَحْزَابِ وَقَالَ مُجَاهِدٌ (صَيَاصِيهِمْ) قُصُورِهِمْ. النَّبِىُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عطف على حدّثنا علي، فائدة هذا التصريح بالسماع (فقيل لسفيان رواية) أي: قول أبي هريرة رواية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ (فقال: وأي شيء) غير الرّواية، أي: مثل هذا لا يكون إلَّا رواية؛ لأنَّه لا مساغ للاجتهاد فيه. 4780 - (إسحاق بن نصر) بالصاد المهملة (أبو أسامة) بضم الهمزة (ولا خطر على قلب بشر بَلْهَ ما أطْلِعْتُم عليه) بله: بفتح الباء وسكون اللام وفتح الهاء: اسم فعل معناه دع واترك، وفي بعضها "ذخرًا من بله" والصَّواب: مصدق من كذا، قاله الصنعاني، وتكلف بعضهم بأن هذا اللفظ اتفقت فيه النسخ، وقد جاء خارج الصَّحيح أيضًا فلا وجه لإنكاره، فيجعل بله بمعنى كيف أو أحد أو غير أو سوى، وإنما أقول: هذا خروج عن اللغة؛ لأنَّ أهل اللغة مطبقون على أن بله معناه الترك، إما اسم فعل أو مصدر على أن هذه التقديرات ليس لها معنى صحيح سوى لفظ سوى، والذي يظهر لي أن هذا تصحيف من الناسخ، والصَّواب: ذخرًا مني بتشديد النون، قول بله ابتداء كلام، فإنَّه في غاية المدح كقوله في الصوم "وأنا أجزي به". (أبو معاوية) هو الضَّرير محمَّد بن حازم (قرأ أبو هريرة: قُرَّات) بتشديد الراء جمع قرة. سورة الأحزاب ({صَيَاصِيهِمْ} [الأحزاب: 26]) جمع صيصة بكسر الصاد الأولى بعدها ساكنة. قال ابن

1 - باب (ادعوهم لآبائهم)

4781 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ هِلاَلِ بْنِ عَلِىٍّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى عَمْرَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إِلاَّ وَأَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ (النَّبِىُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) فَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ تَرَكَ مَالاً فَلْيَرِثْهُ عَصَبَتُهُ مَنْ كَانُوا، فَإِنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضِيَاعًا فَلْيَأْتِنِى وَأَنَا مَوْلاَهُ». طرفه 2298 1 - باب (ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ) 4782 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِى سَالِمٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا كُنَّا نَدْعُوهُ إِلاَّ زَيْدَ ابْنَ مُحَمَّدٍ حَتَّى نَزَلَ الْقُرْآنُ (ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ). 2 - باب (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) (نَحْبَهُ) عَهْدَهُ. (أَقْطَارِهَا) جَوَانِبُهَا. (الْفِتْنَةَ لآتَوْهَا) لأَعْطَوْهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأثير: كل شيء امتنع به الإنسان فهو صيصة. 4781 - (أو ضياعًا) بفتح الضَّاد؛ أي: عيالًا (فأنا مولاه) أي: متولي أموره. 4782 - (معلى) بضم الميم وتشديد اللام {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} أي: أولى وأعدل لئلا يقع الاشتباه في الأنساب، وتندفع به مطاعن الجهال، فإنَّه لما تزوج زينب قالوا: تزوج امرأة ابنه. باب {فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ} [الأحزاب: 23] النحب لغة: النذر، وقيل: الموت كأنهم كانوا ألزموا أنفسهم الموت في سبيل الله (لآتوها: لأعطوها) هذا على قراءة المد، ومقصورًا معناه: الإتيان.

4783 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ ثُمَامَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ نُرَى هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِي أَنَسِ بْنِ النَّضْرِ (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ). طرفه 2805 4784 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ لَمَّا نَسَخْنَا الصُّحُفَ فِي الْمَصَاحِفِ فَقَدْتُ آيَةً مِنْ سُورَةِ الأَحْزَابِ، كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَؤُهَا، لَمْ أَجِدْهَا مَعَ أَحَدٍ إِلاَّ مَعَ خُزَيْمَةَ الأَنْصَارِىِّ، الَّذِى جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَهَادَتَهُ شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ). طرفه 2807 ـــــــــــــــــــــــــــــ 4783 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (ثمامة) بضم الثاء المثلثة (نُرى هذه الآية نزلت في أنس بن النضر) نُرى بضم النون أي: نظن؛ أي: في أنس بن النضر وأمثاله لقوله تعالى: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ} [الأحزاب: 23]. 4784 - (ففدت آية من سورة الأحزاب كنت أسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرؤها فلم أجدها [إلا] مع خزيمة) قد بسطنا الكلام في آخر سورة براءة، وإن ذلك الذي وجد معه آيتان من آخر براءة: خزيمة بن أوس، يكنى أبا خزيمة، وهذا خزيمة بن ثابت يكنى أبا عمارة، وقد التبس على بعضهم، فإنَّه ظن أن خزيمة في الآيتين واحد، وهو خزيمة بن ثابت، فقال: فإن قلت: قد تقدم أن الذي وجد مع خزيمة آخر التوبة. قلت: لا دليل على الحصر. ويجوز وجود الكل، والأول: عند وجود النقل من العسب، والثاني: عند النقل إلى المصحف، على أن آخر كلامه لا معنى [له] لأنَّ الذي كُتب في المصحف هو الذي كان في الصحف لا غير، غايته: أنهم جردوه وكتبوه على لسان قريش.

3 - باب قوله (يا أيها النبى قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا)

3 - باب قَوْلِهِ (يَا أَيُّهَا النَّبِىُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً) التَّبَرُّجُ أَنْ تُخْرِجَ مَحَاسِنَهَا (سُنَّةَ اللَّهِ) اسْتَنَّهَا جَعَلَهَا. 4785 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَائِشَةَ رضى الله عنها زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جَاءَهَا حِينَ أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُخَيِّرَ أَزْوَاجَهُ، فَبَدَأَ بِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «إِنِّى ذَاكِرٌ لَكِ أَمْرًا فَلاَ عَلَيْكِ أَنْ تَسْتَعْجِلِى حَتَّى تَسْتَأْمِرِى أَبَوَيْكِ»، وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ أَبَوَىَّ لَمْ يَكُونَا يَأْمُرَانِى بِفِرَاقِهِ، قَالَتْ ثُمَّ قَالَ «إِنَّ اللَّهَ قَالَ (يَا أَيُّهَا النَّبِىُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ)». إِلَى تَمَامِ الآيَتَيْنِ فَقُلْتُ لَهُ فَفِى أَىِّ هَذَا أَسْتَأْمِرُ أَبَوَىَّ فَإِنِّى أُرِيدُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ. طرفه 4786 4 - باب قَوْلِهِ (وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا) وَقَالَ قَتَادَةُ (وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ) الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ. 4786 - وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ لَمَّا أُمِرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِتَخْيِيرِ أَزْوَاجِهِ بَدَأَ بِى فَقَالَ «إِنِّى ذَاكِرٌ لَكِ أَمْرًا فَلاَ عَلَيْكِ أَنْ لاَ تَعْجَلِى حَتَّى تَسْتَأْمِرِى أَبَوَيْكِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ باب {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ [الأحزاب: 28] 4786 - هذه آية التخيير أمره الله تعالى أن يخير أزواجه بين اختياره واختيار الدُّنيا، فبدأ بعائشة (قال: إني ذاكر لك أمرًا فلا عليك أن لا تستعجلي) أي: لا بأس عليك في عدم

5 - باب (وتخفى فى نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه)

قَالَتْ وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ أَبَوَىَّ لَمْ يَكُونَا يَأْمُرَانِى بِفِرَاقِهِ، قَالَتْ ثُمَّ قَالَ «إِنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَالَ (يَا أَيُّهَا النَّبِىُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا) إِلَى (أَجْرًا عَظِيمًا)». قَالَتْ فَقُلْتُ فَفِى أَىِّ هَذَا أَسْتَأْمِرُ أَبَوَىَّ فَإِنِّى أُرِيدُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ، قَالَتْ ثُمَّ فَعَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَ مَا فَعَلْتُ. تَابَعَهُ مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَبُو سُفْيَانَ الْمَعْمَرِىُّ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ. طرفه 4785 5 - باب (وَتُخْفِى فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ) 4787 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ (وَتُخْفِى فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ) نَزَلَتْ فِي شَأْنِ زَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ وَزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ. طرفه 7420 6 - باب قَوْلِهِ (تُرْجِئُ مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِى إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكَ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (تُرْجِئُ) تُؤَخِّرُ. أَرْجِئْهُ أَخِّرْهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الاستعجال، وفي بعض النسخ بدون لا، والمعنى: أن ليس عليك وجوب الاستعجال، بل يجوز ذلك للتأمل. (أعين) بفتح الهمزة (عن معمر) بفتح الميمين بينهما عين ساكنة. 4787 - (معلى) بضم الميم وتشديد اللام (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ} [الأحزاب: 37]) أي: من المحبة نزلت في شأن زينب؛ لأنَّه كان يستحيي من النَّاس أن يقولوا: تزوج امرأة ابنه.

4788 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ هِشَامٌ حَدَّثَنَا عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كُنْتُ أَغَارُ عَلَى اللاَّتِى وَهَبْنَ أَنْفُسَهُنَّ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَقُولُ أَتَهَبُ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى (تُرْجِئُ مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِى إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكَ) قُلْتُ مَا أُرَى رَبَّكَ إِلاَّ يُسَارِعُ فِي هَوَاكَ. طرفه 5113 4789 - حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ الأَحْوَلُ عَنْ مُعَاذَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَسْتَأْذِنُ فِي يَوْمِ الْمَرْأَةِ مِنَّا بَعْدَ أَنْ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ (تُرْجِئُ مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِى إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكَ). فَقُلْتُ لَهَا مَا كُنْتِ تَقُولِينَ قَالَتْ كُنْتُ أَقُولُ لَهُ إِنْ كَانَ ذَاكَ إِلَىَّ فَإِنِّى لاَ أُرِيدُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ أُوثِرَ عَلَيْكَ أَحَدًا. تَابَعَهُ عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ سَمِعَ عَاصِمًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ 4789 - (حبان بن موسى) بكسر الحاء وتشديد الموحدة كان يستأذن في يوم المرأة منا بعد أن أنزلت هذه: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ} [الأحزاب: 51]). فإن قلت: الآية دالة على عدم الاحتياج إلى الإذن، قلت: كان مع ذلك يراعي حق الصحبة إيثارًا لأولى الأمرين.

7 - باب قوله (لا تدخلوا بيوت النبى إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذى النبى فيستحيى منكم والله لا يستحيى من الحق وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذلكم كان عند الله عظيما)

7 - باب قَوْلِهِ (لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلاَ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِى النَّبِىَّ فَيَسْتَحْيِى مِنْكُمْ وَاللَّهُ لاَ يَسْتَحْيِى مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلاَ أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا) يُقَالُ (إِنَاهُ) إِدْرَاكُهُ، أَنَى يَأْنِى أَنَاةً (لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا) إِذَا وَصَفْتَ صِفَةَ الْمُؤَنَّثِ قُلْتَ قَرِيبَةً وَإِذَا جَعَلْتَهُ ظَرْفًا وَبَدَلاً، وَلَمْ تُرِدِ الصِّفَةَ نَزَعْتَ الْهَاءَ مِنَ الْمُؤَنَّثِ، وَكَذَلِكَ لَفْظُهَا فِي الْوَاحِدِ وَالاِثْنَيْنِ وَالْجَمِيعِ لِلذَّكَرِ وَالأُنْثَى. 4790 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه - قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَدْخُلُ عَلَيْكَ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ، فَلَوْ أَمَرْتَ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ بِالْحِجَابِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ الْحِجَابِ. طرفه 402 4791 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِىُّ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى يَقُولُ حَدَّثَنَا أَبُو مِجْلَزٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - زَيْنَبَ ابْنَةَ جَحْشٍ دَعَا الْقَوْمَ، فَطَعِمُوا ثُمَّ جَلَسُوا يَتَحَدَّثُونَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ} [الأحزاب: 53] (إدراكه) الضمير للطعام، وإدراكه: تمام طبخه ({لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا} [الأحزاب: 63] إذا وَصَفْتَ المؤنث قلت: قريبة، وإذا جعلته ظرفًا كما لو أبدلا وبدلًا، ولم ترد الصفة نزعت إليها، وفي "الكشاف"، والتقدير شيئًا قريبًا، أو الساعة في معنى اليوم، قلت: وأحسن من هذا كله العمل على نقيضه؛ أي: الفعل بمعنى المفعول، أو جعل قريبًا مصدرًا كالنقيض، وفيه مبالغة حسنة في هذا الموضع. 4791 - (معتمر) بكسر التاء (أبو مجلز) بكسر الميم اسمه: ..........................

وَإِذَا هُوَ كَأَنَّهُ يَتَهَيَّأُ لِلْقِيَامِ فَلَمْ يَقُومُوا، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَامَ، فَلَمَّا قَامَ قَامَ مَنْ قَامَ، وَقَعَدَ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ فَجَاءَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِيَدْخُلَ فَإِذَا الْقَوْمُ جُلُوسٌ ثُمَّ إِنَّهُمْ قَامُوا، فَانْطَلَقْتُ فَجِئْتُ فَأَخْبَرْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُمْ قَدِ انْطَلَقُوا، فَجَاءَ حَتَّى دَخَلَ، فَذَهَبْتُ أَدْخُلُ فَأَلْقَى الْحِجَابَ بَيْنِى وَبَيْنَهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ) الآيَةَ أطرافه 4792، 4793، 4794، 5154، 5163، 5166، 5168، 5170، 5171، 5466، 6238، 6239، 6271، 7421 4792 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَا أَعْلَمُ النَّاسِ بِهَذِهِ الآيَةِ آيَةِ الْحِجَابِ، لَمَّا أُهْدِيَتْ زَيْنَبُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَتْ مَعَهُ فِي الْبَيْتِ، صَنَعَ طَعَامًا، وَدَعَا الْقَوْمَ، فَقَعَدُوا يَتَحَدَّثُونَ، فَجَعَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْرُجُ، ثُمَّ يَرْجِعُ، وَهُمْ قُعُودٌ يَتَحَدَّثُونَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ) إِلَى قَوْلِهِ (مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ) فَضُرِبَ الْحِجَابُ، وَقَامَ الْقَوْمُ. طرفه 4791 4793 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ بُنِىَ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِزَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ بِخُبْزٍ وَلَحْمٍ فَأُرْسِلْتُ عَلَى الطَّعَامِ دَاعِيًا فَيَجِئُ قَوْمٌ فَيَأْكُلُونَ وَيَخْرُجُونَ، ثُمَّ يَجِئُ قَوْمٌ فَيَأْكُلُونَ وَيَخْرُجُونَ، فَدَعَوْتُ حَتَّى مَا أَجِدُ أَحَدًا أَدْعُو فَقُلْتُ يَا نَبِىَّ اللَّهِ مَا أَجِدُ أَحَدًا أَدْعُوهُ قَالَ ارْفَعُوا طَعَامَكُمْ، وَبَقِىَ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ يَتَحَدَّثُونَ فِي الْبَيْتِ، فَخَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَانْطَلَقَ إِلَى حُجْرَةِ عَائِشَةَ فَقَالَ «السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ». فَقَالَتْ وَعَلَيْكَ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، كَيْفَ وَجَدْتَ أَهْلَكَ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فَتَقَرَّى حُجَرَ نِسَائِهِ كُلِّهِنَّ، يَقُولُ لَهُنَّ كَمَا ـــــــــــــــــــــــــــــ لاحق (فألقى الحجاب بيني وبينه فأنزل الله) آية الحجاب، وقد رواه بالفاء للتعقيب في الذكر؛ لأنَّ نزول الآية تقدم على ضرب الحجاب، أو التقدير: بعد ما فعل القوم ما فعلوا فأنزل الله، وقد رواه على الأصل فيما بعده. 4792 - (حرب) ضد الصلح (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم (أبي قلابة) بكسر القاف عبد الله بن زيد الجرمي. 4793 - (صهيب) بضم الصاد مصغر (فتقرى حجر نسائه) بفتح التاء والقاف وتشديد

يَقُولُ لِعَائِشَةَ، وَيَقُلْنَ لَهُ كَمَا قَالَتْ عَائِشَةُ، ثُمَّ رَجَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَإِذَا ثَلاَثَةُ رَهْطٍ فِي الْبَيْتِ يَتَحَدَّثُونَ، وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - شَدِيدَ الْحَيَاءِ، فَخَرَجَ مُنْطَلِقًا نَحْوَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ فَمَا أَدْرِى آخْبَرْتُهُ أَوْ أُخْبِرَ أَنَّ الْقَوْمَ خَرَجُوا، فَرَجَعَ حَتَّى إِذَا وَضَعَ رِجْلَهُ فِي أُسْكُفَّةِ الْبَابِ دَاخِلَةً وَأُخْرَى خَارِجَةً أَرْخَى السِّتْرَ بَيْنِى وَبَيْنَهُ، وَأُنْزِلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ. طرفه 4791 4794 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِىُّ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه قَالَ أَوْلَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ بَنَى بِزَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ فَأَشْبَعَ النَّاسَ خُبْزًا وَلَحْمًا ثُمَّ خَرَجَ إِلَى حُجَرِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ كَمَا كَانَ يَصْنَعُ صَبِيحَةَ بِنَائِهِ فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِنَّ وَيَدْعُو لَهُنَّ وَيُسَلِّمْنَ عَلَيْهِ وَيَدْعُونَ لَهُ فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى بَيْتِهِ رَأَى رَجُلَيْنِ جَرَى بِهِمَا الْحَدِيثُ، فَلَمَّا رَآهُمَا رَجَعَ عَنْ بَيْتِهِ، فَلَمَّا رَأَى الرَّجُلاَنِ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجَعَ عَنْ بَيْتِهِ وَثَبَا مُسْرِعَيْنِ، فَمَا أَدْرِى أَنَا أَخْبَرْتُهُ بِخُرُوجِهِمَا أَمْ أُخْبِرَ فَرَجَعَ حَتَّى دَخَلَ الْبَيْتَ، وَأَرْخَى السِّتْرَ بَيْنِى وَبَيْنَهُ وَأُنْزِلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ. وَقَالَ ابْنُ أَبِى مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى حَدَّثَنِى حُمَيْدٌ سَمِعَ أَنَسًا عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 4791 4795 - حَدَّثَنِى زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ خَرَجَتْ سَوْدَةُ بَعْدَ مَا ضُرِبَ الْحِجَابُ لِحَاجَتِهَا، وَكَانَتِ ـــــــــــــــــــــــــــــ الراء على وزن تكسّر، قال ابن الأثير: يقال: قروت النَّاس، وتقريتهم، واستقريتهم وأقريتهم بمعنى أي: تتبعتهم (أسكفة الباب) ما يوطأ بالرجل. 4794 - (رأى رجلين جرى بهما الحديث). فإن قلت: في رواية الأولى: "ثلاثة رهط" قلت: تكرر مجيئه كانوا أولًا ثلاثة، ثم ذهب واحد منهم. 4795 - (خرجت سودة بعد ضرب الحجاب). فإن قلت: تقدم في أبواب الوضوء أن خروج سودة قبل الحجاب، قلت: أشرنا

8 - باب قوله (إن تبدوا شيئا أو تخفوه فإن الله كان بكل شئ عليما * لا جناح عليهن في آبائهن ولا أبنائهن ولا إخوانهن ولا أبناء إخوانهن ولا أبناء أخواتهن ول

امْرَأَةً جَسِيمَةً لاَ تَخْفَى عَلَى مَنْ يَعْرِفُهَا، فَرَآهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ يَا سَوْدَةُ أَمَا وَاللَّهِ مَا تَخْفَيْنَ عَلَيْنَا، فَانْظُرِى كَيْفَ تَخْرُجِينَ، قَالَتْ فَانْكَفَأَتْ رَاجِعَةً، وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي بَيْتِى، وَإِنَّهُ لَيَتَعَشَّى. وَفِى يَدِهِ عَرْقٌ فَدَخَلَتْ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى خَرَجْتُ لِبَعْضِ حَاجَتِى فَقَالَ لِى عُمَرُ كَذَا وَكَذَا. قَالَتْ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ ثُمَّ رُفِعَ عَنْهُ وَإِنَّ الْعَرْقَ فِي يَدِهِ مَا وَضَعَهُ فَقَالَ «إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ». 8 - باب قَوْلِهِ (إِنْ تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمًا * لاَ جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلاَ أَبْنَائِهِنَّ وَلاَ إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلاَ نِسَائِهِنَّ وَلاَ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ شَهِيدًا) 4796 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتِ اسْتَأْذَنَ عَلَىَّ أَفْلَحُ أَخُو أَبِى الْقُعَيْسِ بَعْدَ مَا أُنْزِلَ الْحِجَابُ، فَقُلْتُ لاَ آذَنُ لَهُ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ فِيهِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَإِنَّ أَخَاهُ أَبَا الْقُعَيْسِ لَيْسَ هُوَ أَرْضَعَنِى، وَلَكِنْ أَرْضَعَتْنِى امْرَأَةُ أَبِى الْقُعَيْسِ، فَدَخَلَ عَلَىَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَفْلَحَ أَخَا أَبِى الْقُعَيْسِ اسْتَأْذَنَ، فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ حَتَّى أَسْتَأْذِنَكَ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «وَمَا مَنَعَكِ أَنْ تَأْذَنِى عَمُّكِ». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ هُوَ أَرْضَعَنِى، وَلَكِنْ أَرْضَعَتْنِى امْرَأَةُ أَبِى الْقُعَيْسِ. فَقَالَ «ائْذَنِى لَهُ فَإِنَّهُ عَمُّكِ، تَرِبَتْ يَمِينُكِ». قَالَ عُرْوَةُ فَلِذَلِكَ كَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ حَرِّمُوا مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا تُحَرِّمُونَ مِنَ النَّسَبِ. طرفه 2644 ـــــــــــــــــــــــــــــ هناك أن الحجاب في حق أزواج النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - حجابان الأول الحجاب عن دخول الأجانب عليهن كما في هذه الآية. الثَّاني: أن يَراهُنَّ أحد وإن كن متلففات بالأزر والجلابيب، وهذا هو في حجاب سودة، ألا ترى إلى قوله - صلى الله عليه وسلم -: (أُذن لكن أن تخرجن لحاجتكن) كذا قاله القاضي وهو تحقيق لا يمكن غيره، وأشكل على بعضهم فقال: لعله وقع مرتين، وهذا شيء لا يعقل، إذ بعد الحجاب لا يجوز لهن الظهور (وإن العَرق في يده) -بفتح العين- العظم الذي عليه بقية اللحم. 4796 - (امرأة أبي القُعيس) بضم القاف، وفتح العين مصغر.

9 - باب قوله (إن الله وملائكته يصلون على النبى يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما)

9 - باب قَوْلِهِ (إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ صَلاَةُ اللَّهِ ثَنَاؤُهُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْمَلاَئِكَةِ، وَصَلاَةُ الْمَلاَئِكَةِ الدُّعَاءُ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (يُصَلُّونَ) يُبَرِّكُونَ. (لَنُغْرِيَنَّكَ) لَنُسَلِّطَنَّكَ. 4797 - حَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ عَنِ الْحَكَمِ عَنِ ابْنِ أَبِى لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ - رضى الله عنه - قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمَّا السَّلاَمُ عَلَيْكَ فَقَدْ عَرَفْنَاهُ فَكَيْفَ الصَّلاَةُ قَالَ «قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: أي مناسبة لحديث عائشة مع امرأة أبي القعيس -من كونها أرضعت عائشة- مع قوله تعالى: {إِنْ تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ} [الأحزاب: 54] الآية، قلت: استدلوا به على أن العم من الرضاع محرم يجوز وضع الخمار عنده كسائر المحارم. باب قوله: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ} [الأحزاب: 56] 4797 - 4798 - (مسعر) بكسر الميم (الحكم) بفتح الحاء والكاف (ابن أبي ليلى) عبد الرحمن، هذا عرف المحدثين، وعند الفقهاء: محمَّد بن عبد الرحمن (عجرة) بضم العين وسكون الجيم (قيل يا رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم -: السَّلام عليك فقد عرفناه، فكيف الصَّلاة؟ فقال قولوا: اللَّهم صلِ على محمَّد وعلى آل محمَّد كما صليت على آل إبراهيم) وفي الرواية بعده (كما صليت على إبراهيم) وعلى الروايتين استشكلوه بناء على أن المشبه به شرطه أن يكون أقوى من المشبه في وجه الشبه، قال الشاعر: ظلمناك في تشبيه ... خد عينك بالمسك نعم: غاية التشبيه نقصان ما يحكى، وذكروا عنه أجوبة الأول: أن الكلام تم من قوله: "اللَّهم صلِّ على محمَّد وآل محمَّد" استئناف، أما التشبيه إنَّما هو بين آل محمَّد وآل إبراهيم، ولا شك أن في آل إبراهيم أنبياء ورسلًا فهم أشرف من آل محمَّد. قال النووي: وهذا هو المختار، والمروي عن الشَّافعي. الثَّاني: أن التشبيه إنَّما هو في أصل الصَّلاة لا في

اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ». طرفه 3370 4798 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ الْهَادِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا التَّسْلِيمُ فَكَيْفَ نُصَلِّى عَلَيْكَ قَالَ «قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ». قَالَ أَبُو صَالِحٍ عَنِ اللَّيْثِ «عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ». حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى حَازِمٍ وَالدَّرَاوَرْدِىُّ عَنْ يَزِيدَ وَقَالَ «كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ». طرفه 6358 ـــــــــــــــــــــــــــــ المقدار. الثالث: أن الكلام على ظاهره لكن تشبيه الجملة بالجملة لا ينافي أن يكون بعض الأفراد أكمل وأشرف، هذا ما ذكروه، وإنَّما وقفوا في هذا بناءً على أن التشبيه لا يكون إلَّا لإلحاق الناقص بالكامل كما ذكرنا من قول الشاعر، وذاك ليس بلازم؛ لأنَّ الغرض قد يكون إلحاق الخفي بالأشهر، ولا شك أن إبراهيم وآله أشهر في هذا المعنى، لا ترى أحدًا في الدُّنيا من مؤمن وكافر إلَّا وهو معترف بعظم إبراهيم وآله، وأمَّا ما اختاره النووي ونقله عن الشَّافعي، ففيه أن إفراد المعطوف بعيد، وإن كان جائزًا خلاف الأصل، وأيضًا السؤال إنما وقع عن الصَّلاة عليه، وإنَّما ذكر الآل تبعًا، فصرف التشبيه إلى الأول دون فيه ما فيه، وأيضًا لا يستقيم فيها إفراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ذكر الآل كما في الرواية بعده (اللَّهم صلِّ على محمَّد عبدك ورسولك كما صليت على آل إبراهيم).

10 - باب قوله (لا تكونوا كالذين آذوا موسى)

10 - باب قَوْلِهِ (لاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى) 4799 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنِ الْحَسَنِ وَمُحَمَّدٍ وَخِلاَسٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ مُوسَى كَانَ رَجُلاً حَيِيًّا، وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا) طرفه 278 34 - سورة سَبَإٍ يُقَالُ (مُعَاجِزِينَ) مُسَابِقِينَ (بِمُعْجِزِينَ) بِفَائِتِينَ (مُعَاجِزِينَ) مُغَالِبِينَ (سَبَقُوا) فَاتُوا (لاَ يُعْجِزُونَ) لاَ يَفُوتُونَ (يَسْبِقُونَا) يُعْجِزُونَا قَوْلُهُ (بِمُعْجِزِينَ) بِفَائِتِينَ، وَمَعْنَى (مُعَاجِزِينَ) مُغَالِبِينَ يُرِيدُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُظْهِرَ عَجْزَ صَاحِبِهِ. مِعْشَارٌ. عُشْرٌ الأُكُلُ الثَّمَرُ (بَاعِدْ) وَبَعِّدْ وَاحِدٌ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ (لاَ يَعْزُبُ) لاَ يَغِيبُ. الْعَرِمُ السُّدُّ مَاءٌ أَحْمَرُ أَرْسَلَهُ اللَّهُ فِي السُّدِّ فَشَقَّهُ وَهَدَمَهُ وَحَفَرَ الْوَادِىَ، فَارْتَفَعَتَا عَنِ الْجَنْبَيْنِ، وَغَابَ عَنْهُمَا الْمَاءُ ـــــــــــــــــــــــــــــ 4799 - (روح) بفتح الراء (عبادة) بضم العين وتخفيف الباء، وحديث غسل موسى، وفرار الحجر بثوبه تقدم في أبواب الغسل. سورة سبأ ({مُعَاجِزِينَ} [سبأ: 5] مغالبين) يريد كل واحد منهما أن يظهر عجز صاحبه تفسير باللازم (الأُكل: الثمر) بضم الهمزة والكاف، وسكونها لغتان {الْعَرِمِ} [سبأ: 16] ماء أحمر أرسله على السد فشقه وهدمه وحفر الوادي فارتفعتا عن الجنبين) وفي رواية أبي ذر: فارتفعتا يعني الجنبتين، لفظ: يعني بدل عن وهو الصواب، وأراد بعض الشارحين توجيه الأول فقال: أي ارتفعتا عن كونهما جنتين، وهذا معنى ركيك لا يناسب السياق، فإن حفر الوادي سبب لارتفاع الجنَّة عن الماء بحيث لا يبلغهما كما صرح به بعده، والواجب على شارح الحديث ملاحظة جزالة المعنى، والاحتمالات إنَّما تنفع في المناظرات في العقليات، وهب أنَّه تكلف

1 - باب (حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلى الكبير)

فَيَبِسَتَا، وَلَمْ يَكُنِ الْمَاءُ الأَحْمَرُ مِنَ السُّدِّ، وَلَكِنْ كَانَ عَذَابًا أَرْسَلَهُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَيْثُ شَاءَ. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ شُرَحْبِيلَ الْعَرِمُ الْمُسَنَّاةُ بِلَحْنِ أَهْلِ الْيَمَنِ. وَقَالَ غَيْرُهُ الْعَرِمُ الْوَادِى. السَّابِغَاتُ الدُّرُوعُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ يُجَازَى يُعَاقَبُ. (أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ) بِطَاعَةِ اللَّهِ. (مَثْنَى وَفُرَادَى) وَاحِدٌ وَاثْنَيْنِ. (التَّنَاوُشُ) الرَّدُّ مِنَ الآخِرَةِ إِلَى الدُّنْيَا. (وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ) مِنْ مَالٍ أَوْ وَلَدٍ أَوْ زَهْرَةٍ. (بِأَشْيَاعِهِمْ) بِأَمْثَالِهِمْ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (كَالْجَوَابِ) كَالْجَوْبَةِ مِنَ الأَرْضِ. الْخَمْطُ الأَرَاكُ. وَالأَثَلُ الطَّرْفَاءُ. الْعَرِمُ الشَّدِيدُ. 1 - باب (حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِىُّ الْكَبِيرُ) 4800 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرٌو قَالَ سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ إِنَّ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا قَضَى اللَّهُ الأَمْرَ فِي السَّمَاءِ ضَرَبَتِ الْمَلاَئِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ كَأَنَّهُ سِلْسِلَةٌ عَلَى صَفْوَانٍ فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ لهذا، فما قوله في توجيه الرّواية بفتح الجيم وسكون النون وجاء موحدة بمعنى الجانب، وهو رواية الأكثر على ما نقله شيخنا، فإن الجنب لم ينزل بنزول الماء (شرحبيل) بضم الشين مصغر (المسناة) بضم الميم وتشديد النون، وفي رواية الأصلي بفتح الميم وسكون السِّين وفتح النون، وهو ما يبنى على عرض الوادي ليحبس الماء (بلحن أهل اليمن) أي: بلغتهم ({مَثْنَى وَفُرَادَى} [سبأ: 46] واحد واثنين) والصَّواب واحدًا واحدًا، واثنين واثنين كما ذكره أهل العربية؛ لأنهما معدولان من العدد المكرر ({التَّنَاوُشُ} [سبأ: 52] الرد من الآخرة إلى الدنيا) بالواو والهمزة لغتان قرئ بهما {كَالْجَوَابِ} [سبأ: 13] كالجوية من الأرض) بفتح الجيم أي كل واحدة من تلك الجفان كالجوبة، والجوبة: الحفرة المستديرة من الأرض، و (العرم: الشديد) فعلى هذا إضافة السيل إليه إضافة الموصوف إلى الصفة، وقيل: العرم اسم الوادي. 4800 - (الحميدي) بضم الحاء (خضعانًا) بضم المعجمة، جمع كعمران في عامر،

2 - باب قوله (إن هو إلا نذير لكم بين يدى عذاب شديد)

قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ، قَالُوا لِلَّذِى قَالَ الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِىُّ الْكَبِيرُ فَيَسْمَعُهَا مُسْتَرِقُ السَّمْعِ، وَمُسْتَرِقُ السَّمْعِ هَكَذَا بَعْضُهُ فَوْقَ بَعْضٍ - وَوَصَفَ سُفْيَانُ بِكَفِّهِ فَحَرَفَهَا وَبَدَّدَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ - فَيَسْمَعُ الْكَلِمَةَ، فَيُلْقِيهَا إِلَى مَنْ تَحْتَهُ ثُمَّ يُلْقِيهَا الآخَرُ إِلَى مَنْ تَحْتَهُ، حَتَّى يُلْقِيَهَا عَلَى لِسَانِ السَّاحِرِ أَوِ الْكَاهِنِ، فَرُبَّمَا أَدْرَكَ الشِّهَابُ قَبْلَ أَنْ يُلْقِيَهَا، وَرُبَّمَا أَلْقَاهَا قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُ، فَيَكْذِبُ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ، فَيُقَالُ أَلَيْسَ قَدْ قَالَ لَنَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا فَيُصَدَّقُ بِتِلْكَ الْكَلِمَةِ الَّتِى سَمِعَ مِنَ السَّمَاءِ». طرفه 4701 2 - باب قَوْلِهِ (إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَىْ عَذَابٍ شَدِيدٍ) 4801 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ صَعِدَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الصَّفَا ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ «يَا صَبَاحَاهْ» فَاجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ قُرَيْشٌ قَالُوا مَا لَكَ قَالَ «أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ الْعَدُوَّ يُصَبِّحُكُمْ أَوْ يُمَسِّيكُمْ أَمَا كُنْتُمْ تُصَدِّقُونِى». قَالُوا بَلَى. قَالَ «فَإِنِّى نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَىْ عَذَابٍ شَدِيدٍ». فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ تَبًّا لَكَ أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ (تَبَّتْ يَدَا أَبِى لَهَبٍ). طرفه 1394 35 - الْمَلاَئِكَةُ قَالَ مُجَاهِدٌ الْقِطْمِيرُ لِفَافَةُ النَّوَاةِ. (مُثْقَلَةٌ) مُثَقَّلَةٌ. وَقَالَ غَيْرُهُ الْحَرُورُ بِالنَّهَارِ مَعَ الشَّمْسِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْحَرُورُ بِاللَّيْلِ، وَالسَّمُومُ بِالنَّهَارِ (وَغَرَابِيبُ) أَشَدُّ سَوَادٍ، الْغِرْبِيبُ الشَّدِيدُ السَّوَادِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: مصدر في موضع الحال. قال ابن الأثير: ويروى بكسر الحاء، وقال شيخنا: بالفتحتين أيضًا، ولم أجده في كتب اللغة ({فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ} [سبأ: 23]) أزيل الفزع عنها (فيسمعها مسترق السمع، ومسترق السمع هكذا بعضه فوق بعض)، (ثم يلقيها على لسان الساحر أو الكاهن) الشَّك من الراوي، والمراد من الساحر أيضًا هو الكاهن. 4801 - (يا صباحاه) وهذه كلمة يقولها من رأى العدو من بعيد، وذلك أن عادة العرب كانت شدة الإغارة في الصباح.

36 - سورة (يس)

36 - سورة (يس) وَقَالَ مُجَاهِدٌ (فَعَزَّزْنَا) شَدَّدْنَا. (يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ) كَانَ حَسْرَةً عَلَيْهِمُ اسْتِهْزَاؤُهُمْ بِالرُّسُلِ. (أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ) لاَ يَسْتُرُ ضَوْءُ أَحَدِهِمَا ضَوْءَ الآخَرِ وَلاَ يَنْبَغِى لَهُمَا ذَلِكَ. (سَابِقُ النَّهَارِ) يَتَطَالَبَانِ حَثِيثَيْنِ. (نَسْلَخُ) نُخْرِجُ أَحَدَهُمَا مِنَ الآخَرِ، وَيَجْرِى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. (مِنْ مِثْلِهِ) مِنَ الأَنْعَامِ. (فَكِهُونَ) مُعْجَبُونَ. (جُنْدٌ مُحْضَرُونَ) عِنْدَ الْحِسَابِ. وَيُذْكَرُ عَنْ عِكْرِمَةَ (الْمَشْحُونِ) الْمُوقَرُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (طَائِرُكُمْ) مَصَائِبُكُمْ. (يَنْسِلُونَ) يَخْرُجُونَ. (مَرْقَدِنَا) مَخْرَجِنَا. (أَحْصَيْنَاهُ) حَفِظْنَاهُ. مَكَانَتُهُمْ وَمَكَانُهُمْ وَاحِدٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ سورة يس ({فَعَزَّزْنَا} [يس: 14] شددنا) هذا على قراءة التخفيف لا قراءة شعبة عن عاصم، معناه: غلبنا، قاله الجعبري ({يَاحَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ} [يس: 30] كان حسرة عليهم) فاعل كان ضمير الاستهزاء، قال صاحب "الكشاف": لأنَّه يقال: يا حسرة تعالى: هذا من أوانك، قال الجعبري: السيرة أشد التأسف من حسِر بكسر السِّين ({اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ} [يس: 37] أي: نخرج أحدهما من الآخر) الإخراج إنَّما هو للنهار من الليل لقوله بعده: {فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ} [يس: 37] {فَاكِهُونَ} [يس: 55] معجبون) كذا في رواية أبي ذر، ولم يقرأ به في السبع، ولغيره: فاكهون وهي القراءة، قال الجوهري: فاكهون: ناعمون ({الْمَشْحُونِ} [يس: 41] الموقَر) -بفتح القاف- من الوقر -بكسر الواو -وهو العمل ({طَائِرُكُمْ} [يس: 19] مصائبكم) بناءً على ما كانوا يتشاءمون بالبادح، وهو الذي يمن من الميامن، أو بالعكس كما قيل ({يَنْسِلُونَ} [يس: 51] يخرجون (الأحسن: يسرعون، قال ابن الأثير: النسلان: الإسراع (مكانتهم ومكانهم واحد) قال ابن الأثير: المكان والمكانة: الموضع.

1 - باب قوله (والشمس تجرى لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم)

1 - باب قَوْلِهِ (وَالشَّمْسُ تَجْرِى لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) 4802 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِىِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى ذَرٍّ - رضى الله عنه - قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْمَسْجِدِ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَقَالَ «يَا أَبَا ذَرٍّ أَتَدْرِى أَيْنَ تَغْرُبُ الشَّمْسُ». قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ «فَإِنَّهَا تَذْهَبُ حَتَّى تَسْجُدَ تَحْتَ الْعَرْشِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى (وَالشَّمْسُ تَجْرِى لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ)». طرفه 3199 4803 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِىِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ سَأَلْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى (وَالشَّمْسُ تَجْرِى لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا) قَالَ «مُسْتَقَرُّهَا تَحْتَ الْعَرْشِ». طرفه 3199 37 - سورة الصَّافَّاتِ وَقَالَ مُجَاهِدٌ (وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ) مِنْ كُلِّ مَكَانٍ (وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ) يُرْمَوْنَ (وَاصِبٌ) دَائِمٌ، لاَزِبٌ لاَزِمٌ (تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ) يَعْنِى الْحَقَّ الْكُفَّارُ تَقُولُهُ لِلشَّيْطَانِ (غَوْلٌ) وَجَعُ بَطْنٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ [باب قوله:] {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا} [يس: 38] 4802 - 4803 - فسر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المستقر بتحت العرش حين تسجد، فإن من لوازم السجدة ذلك، وهذا لا ينافي أن تستقر يوم القيامة حين تطوى السماء وتكور الشَّمس؛ لأنَّ الكلام في تفسير الآية. سورة الصافات {وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ} [سبأ: 53] هذه في سورة سبأ، وإنَّما ذكره هنا بمناسبة قوله: ({وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ دُحُورًا} [الصافات: 8، 9]) مفعول له أي يقذفون للطرد ({لَازِبٍ} [الصافات: 11]) لازم اللزوب: اللزوم تفسير باللازم؛ لأنَّ اللزوب هو الثبوت عن اليمين؛ أي: طريق الجنَّة (يعني الجِنّ، الكفار تقوله للشياطين) وعن قتادة: هذا

1 - باب قوله (وإن يونس لمن المرسلين)

(يُنْزَفُونَ) لاَ تَذْهَبُ عُقُولُهُمْ (قَرِينٌ) شَيْطَانٌ (يُهْرَعُونَ) كَهَيْئَةِ الْهَرْوَلَةِ (يَزِفُّونَ) النَّسَلاَنُ فِي الْمَشْىِ (وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا) قَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ الْمَلاَئِكَةُ بَنَاتُ اللَّهِ وَأُمَّهَاتُهُمْ بَنَاتُ سَرَوَاتِ الْجِنِّ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى (وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ) سَتُحْضَرُ لِلْحِسَابِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (لَنَحْنُ الصَّافُّونَ) الْمَلاَئِكَةُ (صِرَاطِ الْجَحِيمِ) سَوَاءِ الْجَحِيمِ وَوَسَطِ الْجَحِيمِ (لَشَوْبًا) يُخْلَطُ طَعَامُهُمْ وَيُسَاطُ بِالْحَمِيمِ (مَدْحُورًا) مَطْرُودًا (بَيْضٌ مَكْنُونٌ) اللُّؤْلُؤُ الْمَكْنُونُ (وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ) يُذْكَرُ بِخَيْرٍ (يَسْتَسْخِرُونَ) يَسْخَرُونَ (بَعْلاً) رَبًّا. الأسباب: السماء. 1 - باب قَوْلِهِ (وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) 4804 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضى الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا يَنْبَغِى لأَحَدٍ أَنْ يَكُونَ خَيْرًا مِنِ ابْنِ مَتَّى». طرفه 3412 4805 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ هِلاَلِ بْنِ عَلِىٍّ مِنْ بَنِى عَامِرِ بْنِ لُؤَىٍّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى فَقَدْ كَذَبَ». طرفه 3415 ـــــــــــــــــــــــــــــ قول الإنس للشياطين، وهذا أظهر ({يُنْزَفُونَ} [الصافات: 47] لا تذهب عقولهم) هذا على قراءة الكسر، وأمَّا على الفتح معناه: لا يسكرون ({يُهْرَعُونَ} [الصافات: 70]) يهرعون على بناء المجهول، قال أبو عبيدة: الإهراع: الإسراع كأنه يحث بعضهم بعضًا (سروات الجن) سروة من سرو الشيء إذا أشرف (ويساط بالحميم) تفسير ليخلط ({بَعْلًا} [الصافات: 125] ربًا) البعل لغة: هو المالك، وفي الآية: الصنم غير الرب على زعمهم. 4804 - (عن أبي وائل). 4805 - اسمه شقيق (فليح) بضم الفاء مصغر [ما ينبغي] (لأحد أن يكون خيرًا من يونس بن متى) وقال بعده (من قال: أنا خير من يونس بن متى فقد كذب).

38 - سورة ص

38 - سورة ص 1 - باب 4806 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْعَوَّامِ قَالَ سَأَلْتُ مُجَاهِدًا عَنِ السَّجْدَةِ فِي ص قَالَ سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ (أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ). وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَسْجُدُ فِيهَا. طرفه 3421 4807 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِىُّ عَنِ الْعَوَّامِ قَالَ سَأَلْتُ مُجَاهِدًا عَنْ سَجْدَةِ ص فَقَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ مِنْ أَيْنَ سَجَدْتَ فَقَالَ أَوَمَا تَقْرَأُ (وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ) (أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ) فَكَانَ دَاوُدُ مِمَّنْ أُمِرَ نَبِيُّكُمْ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَقْتَدِىَ بِهِ، فَسَجَدَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 3421 (عُجَابٌ) عَجِيبٌ. الْقِطُّ الصَّحِيفَةُ هُوَ هَا هُنَا صَحِيفَةُ الْحَسَنَاتِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لو قال: أنا خير كان صادقًا؟ قلت: قيل: قاله تواضعًا، أو قبل علمه بأنه سيد ولد آدم، وهذا لا يدفع الإشكال، فإن الكذب ما يخالف الواقع مطلقًا سواء علم بذلك أو لا، والجواب الحق: أن هذا كان قبل علمه، كأنه قال: كذب في ظني، كما قدمنا مثله في قصة ذي اليدين حيث قال: "كل ذلك لم يكن" وبعض ذلك قد كان. سورة ص 4806 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين. 4807 - (سألت مجاهدًا عن سجدة ص) قال: فأجاب رواية عن ابن عباس بأنها كسائر السَّجدات استدلالًا بأن داود سجدها، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - مأمور بالاقتداء بأولئك الأنبياء الذين أشير إلى [الاقتداء] بهم، إنَّما هو في العقائد التي لا تتبدل لقوله تعالى في الآية الأخرى {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: 48]، وقال الشَّافعي: سجده شكرًا؛ لأنَّ تمام

2 - باب قوله (هب لى ملكا لا ينبغى لأحد من بعدى إنك أنت الوهاب)

وَقَالَ مُجَاهِدٌ (فِي عِزَّةٍ) مُعَازِّينَ. (الْمِلَّةِ الآخِرَةِ) مِلَّةُ قُرَيْشٍ. الاِخْتِلاَقُ الْكَذِبُ. الأَسْبَابُ طُرُقُ السَّمَاءِ فِي أَبْوَابِهَا (جُنْدٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ) يَعْنِى قُرَيْشًا (أُولَئِكَ الأَحْزَابُ) الْقُرُونُ الْمَاضِيَةُ. (فَوَاقٍ) رُجُوعٍ. (قِطَّنَا) عَذَابَنَا (اتَّخَذْنَاهُمْ سُخْرِيًّا) أَحَطْنَا بِهِمْ أَتْرَابٌ أَمْثَالٌ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ الأَيْدُ الْقُوَّةُ فِي الْعِبَادَةِ الأَبْصَارُ الْبَصَرُ فِي أَمْرِ اللَّهِ، (حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّى) مِنْ ذِكْرٍ. (طَفِقَ مَسْحًا) يَمْسَحُ أَعْرَافَ الْخَيْلِ وَعَرَاقِيبَهَا. (الأَصْفَادِ) الْوَثَاقِ. 2 - باب قَوْلِهِ (هَبْ لِى مُلْكًا لاَ يَنْبَغِى لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِى إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) 4808 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا رَوْحٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ عِفْرِيتًا مِنَ الْجِنِّ تَفَلَّتَ عَلَىَّ الْبَارِحَةَ - أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا - لِيَقْطَعَ عَلَىَّ الصَّلاَةَ، فَأَمْكَنَنِى اللَّهُ مِنْهُ وَأَرَدْتُ أَنْ أَرْبِطَهُ إِلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِى الْمَسْجِدِ حَتَّى تُصْبِحُوا وَتَنْظُرُوا إِلَيْهِ كُلُّكُمْ، فَذَكَرْتُ قَوْلَ أَخِى سُلَيْمَانَ رَبِّ هَبْ لِى مُلْكًا لاَ يَنْبَغِى لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِى». قَالَ رَوْحٌ فَرَدَّهُ خَاسِئًا. طرفه 461 ـــــــــــــــــــــــــــــ الحديث سجدها داود توبة، وسجدها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شكرًا ({فَوَاقٍ} [ص: 15]) بضم الفاء وفتحها: لغتان ({قِطَّنَا} [ص: 16] عذابنا) فسره أولًا بصحيفة الحسنات، وثانيًا بالعذاب باعتبار المقام. قال الجوهري: هو كتاب الجائزة أي قال في "الكشاف": لأنَّه قطعه من القرطاس، جسدًا شيطانًا، هو الذي أخذ خاتمه واستولى على ملكه، وقيل: ابنه الذي كان يربيه في السحاب خوفًا من الجن، فوقع على كرسيه ميتًا. 4808 - (إن عفريتًا من الجن) العاتي الشرير (نفلت علي البارحة) أي: قصدني فجأة (فذكرت قول أخي سليمان: {وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} [ص: 35]) سلف الكلام عليه في أبواب الصَّلاة في باب ربط الأسير إلى السارية.

3 - باب قوله (وما أنا من المتكلفين)

3 - باب قَوْلِهِ (وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ) 4809 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ دَخَلْنَا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ عَلِمَ شَيْئًا فَلْيَقُلْ بِهِ، وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلْيَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ، فَإِنَّ مِنَ الْعِلْمِ أَنْ يَقُولَ لِمَا لاَ يَعْلَمُ اللَّهُ أَعْلَمُ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - (قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ) وَسَأُحَدِّثُكُمْ عَنِ الدُّخَانِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - دَعَا قُرَيْشًا إِلَى الإِسْلاَمِ فَأَبْطَئُوا عَلَيْهِ فَقَالَ «اللَّهُمَّ أَعِنِّى عَلَيْهِمْ بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ»، فَأَخَذَتْهُمْ سَنَةٌ فَحَصَّتْ كُلَّ شَىْءٍ حَتَّى أَكَلُوا الْمَيْتَةَ وَالْجُلُودَ حَتَّى جَعَلَ الرَّجُلُ يَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّمَاءِ دُخَانًا مِنَ الْجُوعِ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِى السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ * يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ) قَالَ فَدَعَوْا (رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ * أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ * ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ * إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عَائِدُونَ) أَفَيُكْشَفُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ فَكُشِفَ ثُمَّ عَادُوا فِي كُفْرِهِمْ، فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ يَوْمَ بَدْرٍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ). طرفه 1007 39 - سورة الزُّمَرِ وَقَالَ مُجَاهِدٌ (أَفَمَنْ يَتَّقِى بِوَجْهِهِ) يُجَرُّ عَلَى وَجْهِهِ فِي النَّارِ، وَهْوَ قَوْلُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ 4809 - (عن أبي الضحى) مسلم بن صبيح (دخلنا على عبد الله بن مسعود فقال: أيها النَّاس من علم شيئًا فليقل به) سلف الحديث في آخر سورة طه، رد بهذا على من يقول: {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} [الدخان: 10] يكون يوم القيامة ({وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} [ص: 86]) استدل به على أن من لا يعلم شيئًا لا يكلف، قال الجوهري: التكلف: تحمل الشيء مع المشقة من كلفه: إذا أمره بشيء فيه مشقة. سورة الزمر (وقال مجاهد: {أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ} [الزمر: 24] يجر على وجهه) بالجيم

1 - باب قوله (يا عبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم)

تَعَالَى (أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِى آمِنًا). (ذِى عِوَجٍ) لَبْسٍ. (وَرَجُلاً سَلَمًا لِرَجُلٍ) مَثَلٌ لآلِهَتِهِمِ الْبَاطِلِ، وَالإِلَهِ الْحَقِّ. (وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ) بِالأَوْثَانِ خَوَّلْنَا أَعْطَيْنَا. (وَالَّذِى جَاءَ بِالصِّدْقِ) الْقُرْآنُ. (وَصَدَّقَ بِهِ) الْمُؤْمِنُ يَجِئُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَقُولُ هَذَا الَّذِى أَعْطَيْتَنِى عَمِلْتُ بِمَا فِيهِ (مُتَشَاكِسُونَ) الشَّكِسُ الْعَسِرُ لاَ يَرْضَى بِالإِنْصَافِ وَرَجُلاً سِلْمًا وَيُقَالُ سَالِمًا صَالِحًا. (اشْمَأَزَّتْ) نَفَرَتْ (بِمَفَازَتِهِمْ) مِنَ الْفَوْزِ. (حَافِّينَ) أَطَافُوا بِهِ مُطِيفِينَ بِحِفَافَيْهِ بِجَوَانِبِهِ (مُتَشَابِهًا) لَيْسَ مِنَ الاِشْتِبَاهِ وَلَكِنْ يُشْبِهُ بَعْضُهُ بَعْضًا فِي التَّصْدِيقِ. 1 - باب قَوْلِهِ (يَا عِبَادِىَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) ـــــــــــــــــــــــــــــ على بناء المجهول، وللأصيلي بالخاء المعجمة من الخرور. فإن قلت: ما معنى قوله: {يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ} [الزمر: 24]؟ قلت: الكافر حين يُلقى في النَّار مغلولة يداه إلى عنقه، فليس له ما يتقي به سوى وجهه عافانا الله من ذلك برأفته. (الشكس: العسر) -بكسر الكاف في الأول، والسين من الثَّاني- من الشكاسة وهي سوء الخلق ({بِمَفَازَتِهِمْ} [الزمر: 61] بفوزهم) أشار إلى أنَّه مصدر، وقرئ بمفازاتهم بصيغة الجمع (المطيفين بحفافيه بجوانبه) بكسر الحاء وفتح الفاء تثنية حفاف، وفسره بالجوانب؛ لأنَّ الإطافة لا تكون إلَّا كذلك ({مُتَشَابِهًا} [الزمر: 23] ليس من الاشتباه) لأنَّه تفسير أحسن الحديث، فلا يمكن أن يكون فيه اشتباه، (ولكن يشبه بعضها بعضًا) في حسن النظم وسلامة الألفاظ. باب قوله: {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا} [الزمر: 53] الإسراف من السرف وهو الشدة، وفي عرف الشرع: الإفراط والتجاوز عن الحد الأوسط، وفي الآية الإكثار من الذنوب، والذي رواه عن ابن عباس هو سبب النزول، والحكم عام في كل مسرف.

2 - باب قوله (وما قدروا الله حق قدره)

4810 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ يَعْلَى إِنَّ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ أَخْبَرَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ كَانُوا قَدْ قَتَلُوا وَأَكْثَرُوا وَزَنَوْا وَأَكْثَرُوا، فَأَتَوْا مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا إِنَّ الَّذِى تَقُولُ وَتَدْعُو إِلَيْهِ لَحَسَنٌ لَوْ تُخْبِرُنَا أَنَّ لِمَا عَمِلْنَا كَفَّارَةً. فَنَزَلَ (وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ) وَنَزَلَ (قُلْ يَا عِبَادِىَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ). أطرافه 6519، 7382، 7413 2 - باب قَوْلِهِ (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ) 4811 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ جَاءَ حَبْرٌ مِنَ الأَحْبَارِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ، إِنَّا نَجِدُ أَنَّ اللَّهَ يَجْعَلُ السَّمَوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ وَالأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالشَّجَرَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْمَاءَ وَالثَّرَى عَلَى إِصْبَعٍ، وَسَائِرَ الْخَلاَئِقِ عَلَى إِصْبَعٍ، فَيَقُولُ أَنَا الْمَلِكُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 4810 - (يعلى) على وزن يَحْيَى، اثنان كل منهما يروي عن سعيد بن جبير، أحدهما: يعلي بن حكيم، والآخر: يعلي بن مسلم، والذي في هذا الحديث صرح أبو داود بأنه يعلي بن حكيم، وصرح خلف وابن مسعود في الأطراف بأنه ابن مسلم، وكذا رواه مسلم. قال شيخنا، وهذا هو الصواب قال: وليس في أبي داود يعلي بن حكيم كما نقلوه. 4811 - (شيبان) على وزن شعبان (عَبِيدة) بفتح العين، وكسر الباء الموحدة (إن الله يجعل السماوات على إصبع) هذا الحديث من أحاديث الصفات، مذهب السلف الإمساك عن القول فيه، والتفويض إلى علمه تعالى، ومذهب الخلف: التأويل إلى معنى يلائم المقام

3 - باب قوله (والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه)

فَضَحِكَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ تَصْدِيقًا لِقَوْلِ الْحَبْرِ ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ). أطرافه 7414، 7415، 7451، 7513 3 - باب قَوْلِهِ (وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) 4812 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ـــــــــــــــــــــــــــــ ويوافق الأصول، ولا شك أن الناس إذا وصفوا إنسانًا بكمال القدرة يقال في كل أمر شاق: يفعله بإصبع واحدة، فالمراد تصوير كمال القدرة بأن أعظم الأجرام أهون عنده. فإن قلت: ما معنى التقييد بيوم القيامة، والسماوات والكائنات كلها ثابتة بقدرته، قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا} [فاطر: 41]؟ قلت: العالم اليوم مرتبط بعضه ببعض، فلا يظهر فيه ذلك على طريق المشاهدة بخلاف ذلك اليوم، فإنه يفصل بعضه عن بعض كما صرح به في الحديث. (فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت نواجذه) -بالذال المعجمة- آخر الأسنان، قال الخطابي: إنما ضحك إنكارًا لكلام اليهود، وأطنب في المقام بما لا فائدة فيه، قال النووي: قوله: تصديق لكلام الحبر من كلام الراوي، والراوي أدرى بقصيده، قلت: تأييدًا لكلام النووي قراءة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الآية دليل على أنه إنما ضحك تصديقًا له، والعجب أن الخطابي استدل بقوله - صلى الله عليه وسلم - "لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم" وليس في هذا أن اليهود يكذبون في كل شيء، وإذا كان القرآن موافقًا لما عندهم فلا بد من التصديق. فإن قلت: إذا كان تصديقًا فلم ضحك؟ قلت: إنما ضحك تعجبًا من جهل اليهودي، فإنه استعظم هذا الفعل من الله تعالى، وخفي عليه أن إيجاد هذه الأشياء من العدم أغرب وأعظم. 4812 - (عفير) بضم العين مصغر.

4 - باب قوله (ونفخ فى الصور فصعق من فى السموات ومن فى الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون)

خَالِدِ بْنِ مُسَافِرٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «يَقْبِضُ اللَّهُ الأَرْضَ، وَيَطْوِى السَّمَوَاتِ بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يَقُولُ أَنَا الْمَلِكُ، أَيْنَ مُلُوكُ الأَرْضِ». أطرافه 6519، 7382، 7413 4 - باب قَوْلِهِ (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ) 4813 - حَدَّثَنِى الْحَسَنُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ عَنْ زَكَرِيَّاءَ بْنِ أَبِى زَائِدَةَ عَنْ عَامِرٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنِّى أَوَّلُ مَنْ يَرْفَعُ رَأْسَهُ بَعْدَ النَّفْخَةِ الآخِرَةِ، فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى مُتَعَلِّقٌ بِالْعَرْشِ فَلاَ أَدْرِى أَكَذَلِكَ كَانَ أَمْ بَعْدَ النَّفْخَةِ». طرفه 2411 4814 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى قَالَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ أَرْبَعُونَ». قَالُوا يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَرْبَعُونَ يَوْمًا قَالَ أَبَيْتُ. قَالَ أَرْبَعُونَ سَنَةً قَالَ أَبَيْتُ. قَالَ أَرْبَعُونَ شَهْرًا. قَالَ أَبَيْتُ، وَيَبْلَى كُلُّ شَىْءٍ مِنَ الإِنْسَانِ إِلاَّ عَجْبَ ذَنَبِهِ، فِيهِ يُرَكَّبُ الْخَلْقُ. طرفه 4935 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [الزمر: 67] 4813 - (أنا أول من يرفع رأسه بعد النفخة الآخرة) قد سبق منا أن الناس يصعقون يوم القيامة بعد الإحياء كما صرح به في سائر الروايات، فإن الذي مات في الزمن القديم لا معنى لموته يوم القيامة، ولا يقول عاقل به، بل بعد الحشر لهم صعقة الفزع تغشى على كل من هناك إلا من استثناه الله، تلك الصعقة هي التي يجازى بها موسى، وإلا كيف يعقل غيره؟ فإن الموت في الدنيا والإحياء بعد الموت الناس فيه سواء، هذا واسمع كلام بعض الشارحين، قال: معناه لا أدري أنه لم يمت عند النفخة الأولى في الصور أم أحيي بعد النفخة الثانية قبل. تأمل وتعجب والله الموفق، ومن له أدنى ذوق يعلم أن قوله: أفاق ليس هو الإحياء، بل الإفاقة بعد الغشي. 4814 - (أربعون سنة؟ قال أبيت) إما أنه لم يكن يعلم، أو أخفاه بحكمه، والظاهر الأول؛ لأنه جاء في رواية غيره (أربعون سنة ويبلى كل شيء من الإنسان إلا عجب ذَنَبِه) بفتح العين وسكون الجيم آخره باء، ويروى بالميم، وفي رواية مسلم "لا يبلى أبدًا"، وفي

40 - سورة المؤمن

40 - سورة الْمُؤْمِنُ قَالَ مُجَاهِدٌ مَجَازُهَا مَجَازُ أَوَائِلِ السُّوَرِ. وَيُقَالُ بَلْ هُوَ اسْمٌ لِقَوْلِ شُرَيْحِ بْنِ أَبِى أَوْفَى الْعَبْسِىِّ: يُذَكِّرُنِى حَامِيمَ وَالرُّمْحُ شَاجِرٌ ... فَهَلاَّ تَلاَ حَامِيمَ قَبْلَ التَّقَدُّمِ ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب "البعث" لابن أبي الدنيا: "قيل: ما عجب الذنب يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: إنه مثل خردلة"، ورواه أيضًا المنذري في "الترغيب والترهيب"، وكذا رواه الحاكم مرفوعًا، ورواية مسلم "أبدًا" ترد ما قاله بعضهم: إنه يبلى ولكن بعد سائر الأجزاء، وليت شعري إذا بلي كسائر الأجزاء فأي معنى لقوله: "منه يركَّب" وإنما فيه لأن بعض فيها. فإن قلت: ما الحكمة في بقائه؟ قلت: الظاهر والله أعلم أن يصدق عليه اسم الإعادة إذ لو تلاشت الأجزاء كلها كان إنشاء آخر لا إعادة. سورة حم المؤمن (قال مجاهد: مجازها مجاز أوائل السور) -بالجيم- أراد به معناه اللغوي، أي: طريقها في وقوعها في أوائل السور طريق وقوع المقطعات مثل ألف لام ميم وغيرها، وللعلماء ثلاثة أقوال: الأول: أنها حروف مقطعة إيقاظًا لمن ينكر أنه من عند الله، الثاني: أن يكون مقدمة للإعجاز لصدورها ممن لم يمارس التلاوة، ففيه دلالة على أن ما يرد بعده معجز. الثالث: أنها أسماء السور، وعليه إطباق الأكثر، منهم سيبويه، واستدل البخاري على هذا القول بقول شُريح -بضم المعجمة مصغر شرح- العبسي -بالباء الموحدة-: (يذكرني حاميم والرمح شاجر) أي: مختلط. (فهلا تلا حاميم قبل التقدم)

الطَّوْلُ التَّفَضُّلُ (دَاخِرِينَ) خَاضِعِينَ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ (إِلَى النَّجَاةِ) الإِيمَانِ (لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ) يَعْنِى الْوَثَنَ (يُسْجَرُونَ) تُوقَدُ بِهِمِ النَّارُ. (تَمْرَحُونَ) تَبْطَرُونَ. وَكَانَ الْعَلاَءُ بْنُ زِيَادٍ يُذَكِّرُ النَّارَ، فَقَالَ رَجُلٌ لِمَ تُقَنِّطُ النَّاسَ قَالَ وَأَنَا أَقْدِرُ أَنْ أُقَنِّطَ النَّاسَ وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ (يَا عِبَادِىَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ) وَيَقُولُ (وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ) وَلَكِنَّكُمْ تُحِبُّونَ أَنْ تُبَشَّرُوا بِالْجَنَّةِ عَلَى مَسَاوِئِ أَعْمَالِكُمْ، وَإِنَّمَا بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - مُبَشِّرًا بِالْجَنَّةِ لِمَنْ أَطَاعَهُ، وَمُنْذِرًا بِالنَّارِ مَنْ عَصَاهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا قاتل محمد بن طلحة في وقعة الجمل، كان مع أبيه في عسكر أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وشريح في عسكر أمير المؤمنين علي بن أبى طالب، ووجه الدلالة أنه نصب حم على المفعولية، وهذا من خواص الاسم. (وأنا أقدر أن أُقَنِّط الناس، والله يقول: {يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} [الزمر: 53]، ويقول: {وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّار} [غافر: 43]). قال بعض الشارحين: فإن قلت: الآية الثانية موجبة للقنوط لا لعدمه، قلت: غرضه أني لا أقدر على التقنيط، وقد قال تعالى لأهل النار: {لَا تَقْنَطُوا}. هذا كلامه، وهو خطأ فاحش، وهل يقول الله لمن كان أهل النار: لا تقنطوا، بل أخبر، قال من هما لم يرد بالارتداد عن الإسلام، بل التخلف عن الحقوق الواجبة، إذ لم يرتد أحد من الصحابة عن الإسلام، وقلده في ذلك غيره، وهذا ليس بشيء، فإن الارتداد إنما يكون بعد الإسلام، وأما قوله: لم يرتد أحد من الصحابة، فأي معنى لقوله: أصحابي، إذا لم يكونوا من الصحابة، وأما قوله: هؤلاء طائفة من جفاة الأعراب فسلمنا، ولكن الصحابي من رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولو نظرة. خبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مواضع بأن لا يشتغل بمثلهم؛ لأنهم يخلقون للنار لا تجدي فيهم الآيات، والجواب عن الإشكال أن الآية الثانية إنما ذكرها تخويفًا وتحذيرًا للسامعين، فإنه تعالى وإن أخبر في هذه الآية وهي المسرف عن القنوط من رحمته، فقد أخبر في الآية الأخرى بضده، ذلك بأن المسرفين هم أصحاب النار، فعلى المسرف أن يبادر إلى التوبة، وأن لا يموت وهو مسرف، ألا ترى كيف أتبعه بقوله: (إنما بعث الله محمدًا مبشرًا بالجنة لمن أطاعه، ومنذرًا بالنار لمن عصاه).

41 - سورة حم السجدة

4815 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ أَبِى كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ قَالَ قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَخْبِرْنِى بِأَشَدِّ مَا صَنَعَ الْمُشْرِكُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى بِفِنَاءِ الْكَعْبَةِ، إِذْ أَقْبَلَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِى مُعَيْطٍ، فَأَخَذَ بِمَنْكِبِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلَوَى ثَوْبَهُ فِي عُنُقِهِ فَخَنَقَهُ خَنْقًا شَدِيدًا، فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ بِمَنْكِبِهِ، وَدَفَعَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ (أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّىَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ). طرفه 3678 41 - سورة حم السَّجْدَةِ وَقَالَ طَاوُسٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (ائْتِيَا طَوْعًا) أَعْطِيَا. (قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ) أَعْطَيْنَا. وَقَالَ الْمِنْهَالُ عَنْ سَعِيدٍ قَالَ قَالَ رَجُلٌ لاِبْنِ عَبَّاسٍ إِنِّى أَجِدُ فِي الْقُرْآنِ أَشْيَاءَ تَخْتَلِفُ عَلَىَّ قَالَ (فَلاَ أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءَلُونَ). (وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ). (وَلاَ يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا). (رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ) فَقَدْ كَتَمُوا فِي هَذِهِ الآيَةِ، وَقَالَ (أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا) إِلَى قَوْلِهِ (دَحَاهَا) فَذَكَرَ خَلْقَ السَّمَاءِ قَبْلَ خَلْقِ الأَرْضِ، ثُمَّ قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 4815 - (بينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بفناء الكعبة) -بكسر الفاء والمد- ما امتد من جوانبه (إذ أقبل عقبه بن أبي معيط) بضم الميم (فأخذ بمنكب وسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولوى ثوبه في عنقه) أي: لفّه عليه، والحديث قد سلف في أول المبحث، وإنما أورده هنا لموافقة كلام الصديق لكلام مؤمن آل فرعون. سورة حم السجدة {ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا} [فصلت: 11] أعطيا) (أعطينها) قيل: فيه إشكال؛ لأن معنى الإتيان: المجيء لا الإعطاء، وأجاب بعضهم بأن ابن عباس قرأه بالمد، وهذا لا يدفع الإشكال؛ لأن البخاري رواه بإثبات الياء من الإتيان، والجواب أنه فسره باللازم كما هو دأبه في أكثر المواضع، وذلك أن من أتى طائعًا فقد أعطى الطاعة (في القرآن أشياء تختلف علي) من جهة المعنى، فأجاب ابن عباس: بأن التناقض يقتضي اتحاد الزمان والمحكوم عليه، وإذا

(أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِى خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ) إِلَى (طَائِعِينَ) فَذَكَرَ فِي هَذِهِ خَلْقَ الأَرْضِ قَبْلَ السَّمَاءِ، وَقَالَ (وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) عَزِيزًا حَكِيمًا سَمِيعًا بَصِيرًا، فَكَأَنَّهُ كَانَ ثُمَّ مَضَى. فَقَالَ (فَلاَ أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ) فِي النَّفْخَةِ الأُولَى ثُمَّ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ، فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شَاءَ، فَلاَ أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ وَلاَ يَتَسَاءَلُونَ، ثُمَّ فِي النَّفْخَةِ الآخِرَةِ أَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ، وَأَمَّا قَوْلُهُ (مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ). (وَلاَ يَكْتُمُونَ اللَّهَ) فَإِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ لأَهْلِ الإِخْلاَصِ ذُنُوبَهُمْ وَقَالَ الْمُشْرِكُونَ تَعَالَوْا نَقُولُ لَمْ نَكُنْ مُشْرِكِينَ. فَخَتَمَ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ فَتَنْطِقُ أَيْدِيهِمْ، فَعِنْدَ ذَلِكَ عُرِفَ أَنَّ اللَّهَ لاَ يُكْتَمُ حَدِيثًا وَعِنْدَهُ (يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا) الآيَةَ، وَخَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ، ثُمَّ خَلَقَ السَّمَاءَ، ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ، فَسَوَّاهُنَّ فِي يَوْمَيْنِ آخَرَيْنِ ثُمَّ دَحَا الأَرْضَ، وَدَحْوُهَا أَنْ أَخْرَجَ مِنْهَا الْمَاءَ وَالْمَرْعَى، وَخَلَقَ الْجِبَالَ وَالْجِمَالَ وَالآكَامَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي يَوْمَيْنِ آخَرَيْنِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ (دَحَاهَا)، وَقَوْلُهُ (خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ) فَجُعِلَتِ الأَرْضُ وَمَا فِيهَا مِنْ شَىْءٍ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ وَخُلِقَتِ السَّمَوَاتُ فِي يَوْمَيْنِ. (وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا) سَمَّى نَفْسَهُ ذَلِكَ وَذَلِكَ قَوْلُهُ، أَىْ لَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا إِلاَّ أَصَابَ بِهِ الَّذِى أَرَادَ، فَلاَ يَخْتَلِفْ عَلَيْكَ الْقُرْآنُ، فَإِنَّ كُلاًّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ. قَالَ أَبُو 4815 م - عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِى يُوسُفُ بْنُ عَدِىٍّ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِى أُنَيْسَةَ عَنِ الْمِنْهَالِ بِهَذَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ تأملته زال عنك الإشكال {وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} [النساء: 96]، {عَزِيزًا حَكِيمًا} [النساء: 56]، {سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء: 58]، فكأنه كان ثم مضى) قاس على سائر الأفعال مثل: أكل وشرب، وخفي عليه أن كان قد يأتي للاستمرار، والهدى الذي هو الإرشاد بمنزلة: أسعدناه من السعادة ضد الشقاوة (فإن الله لم يرد شيئًا إلا أصاب) إشارة في الدوام الذي أفاده كان

وَقَالَ مُجَاهِدٌ (مَمْنُونٍ) مَحْسُوبٍ. (أَقْوَاتَهَا) أَرْزَاقَهَا. (فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا) مِمَّا أَمَرَ بِهِ. (نَحِسَاتٍ) مَشَائِيمَ (وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ) قَرَنَّاهُمْ بِهِمْ. (تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلاَئِكَةُ) عِنْدَ الْمَوْتِ. (اهْتَزَّتْ) بِالنَّبَاتِ. (وَرَبَتْ) ارْتَفَعَتْ. وَقَالَ غَيْرُهُ (مِنْ أَكْمَامِهَا) حِينَ تَطْلُعُ. (لَيَقُولَنَّ هَذَا لِى) أَىْ بِعَمَلِى أَنَا مَحْقُوقٌ بِهَذَا. (سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ) قَدَّرَهَا سَوَاءً. (فَهَدَيْنَاهُمْ) دَلَلْنَاهُمْ عَلَى الْخَيْرِ وَالشَّرِّ كَقَوْلِهِ (وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ) وَكَقَوْلِهِ (هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ) وَالْهُدَى الَّذِى هُوَ الإِرْشَادُ بِمَنْزِلَةِ أَصْعَدْنَاهُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ (أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ). (يُوزَعُونَ) يُكَفَّوْنَ. (مِنْ أَكْمَامِهَا) قِشْرُ الْكُفُرَّى هِىَ الْكُمُّ. (وَلِىٌّ حَمِيمٌ) الْقَرِيبُ. (مِنْ مَحِيصٍ) حَاصَ حَادَ. (مِرْيَةٍ) وَمُرْيَةٍ وَاحِدٌ أَىِ امْتِرَاءٌ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ (اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ) الْوَعِيدُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (الَّتِى هِىَ أَحْسَنُ) الصَّبْرُ عِنْدَ الْغَضَبِ وَالْعَفْوُ عِنْدَ الإِسَاءَةِ فَإِذَا فَعَلُوهُ عَصَمَهُمُ اللَّهُ، وَخَضَعَ لَهُمْ عَدُوُّهُمْ كَأَنَّهُ وَلِىٌّ حَمِيمٌ. قوله: (وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَ أَبْصَارُكُمْ وَلاَ جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لاَ يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ). ـــــــــــــــــــــــــــــ {وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ} [فصلت: 25] {تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ} [فصلت: 30] عند الموت) هذا لم يقله مفسر ولا يصح لقوله بعده: {فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} [فصلت: 25] بل هذا شأن الكفار وقرنائهم من الشياطين، هذا والحق أن قوله: {تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ} متعلق بقوله: {وَقَيَّضْنَا} بل إشارة إلى قوله تعالى في هذه السورة {تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا} [فصلت: 30] ولم يفسر قيضنا لظهور معناه بينته رواية الأصيلي: قرنا قرناء بهم ثم قال: {تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ} ({مِنْ أَكْمَامِهَا} [فصلت: 47] قشر الكُفُرَّى) جمع كم بالكسر، قال ابن الأثير: الكفر -بضم الكاف وفتح الفاء، وضمها بالتشديد- وعاء الطلع، وقشره الأعلى ({هِيَ أَحْسَنُ} [فصلت: 34] الصبر عند الغضب) الظاهر أن هذا من جملة طرف الدفع بالأحسن، ولم يرد به الحصر.

1 - باب (وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون)

1 - باب (وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَ أَبْصَارُكُمْ وَلاَ جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لاَ يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ) 4816 - حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِى مَعْمَرٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ (وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ) الآيَةَ كَانَ رَجُلاَنِ مِنْ قُرَيْشٍ وَخَتَنٌ لَهُمَا مِنْ ثَقِيفَ، أَوْ رَجُلاَنِ مِنْ ثَقِيفَ وَخَتَنٌ لَهُمَا مِنْ قُرَيْشٍ فِي بَيْتٍ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَتُرَوْنَ أَنَّ اللَّهَ يَسْمَعُ حَدِيثَنَا قَالَ بَعْضُهُمْ يَسْمَعُ بَعْضَهُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَئِنْ كَانَ يَسْمَعُ بَعْضَهُ لَقَدْ يَسْمَعُ كُلَّهُ. فَأُنْزِلَتْ (وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَ أَبْصَارُكُمْ) الآيَةَ (وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ) الآيَةَ. طرفاه 4817، 7521 2 - باب قَوْلِهِ (وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِى ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ) 4817 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِى مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ اجْتَمَعَ عِنْدَ الْبَيْتِ قُرَشِيَّانِ وَثَقَفِىٌّ - أَوْ ثَقَفِيَّانِ وَقُرَشِىٌّ - كَثِيرَةٌ شَحْمُ بُطُونِهِمْ قَلِيلَةٌ فِقْهُ قُلُوبِهِمْ فَقَالَ أَحَدُهُمْ أَتُرَوْنَ أَنَّ اللَّهَ يَسْمَعُ مَا ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ} [فصلت: 22] 4816 - (الصلت) بفتح الصاد (زريع) مصغر زرع (روح) بفتح الراء (عن أبي معمر) عبد الله بن سخبرة (رجلان من قريش، وختن لهما من ثقيف، أو رجلان من ثقيف وختن لهما من قريش) الشك من أبي معمر؛ لأن وهب بن أبي ربيعة رواه بلا شك عن ابن مسعود. 4817 - (كثيرة شحم بطونهم، قليلة فقه قلوبهم) أَنَّثَ كثير وقليل؛ لأن فاعلهما مضاف إلى المؤنث، وفيه إشارة إلى منشأ ذلك الجهل هما هذان الوصفان؛ لأن الرجل السمين عديم الفهم في الأغلب، والختن يجوز أن يكون من قرابة المرأة، ومن الزوج.

42 - حم عسق

نَقُولُ قَالَ الآخَرُ يَسْمَعُ إِنْ جَهَرْنَا وَلاَ يَسْمَعُ إِنْ أَخْفَيْنَا. وَقَالَ الآخَرُ إِنْ كَانَ يَسْمَعُ إِذَا جَهَرْنَا فَإِنَّهُ يَسْمَعُ إِذَا أَخْفَيْنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَ أَبْصَارُكُمْ وَلاَ جُلُودُكُمْ) الآيَةَ. وَكَانَ سُفْيَانُ يُحَدِّثُنَا بِهَذَا فَيَقُولُ حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ أَوِ ابْنُ أَبِى نَجِيحٍ أَوْ حُمَيْدٌ أَحَدُهُمْ أَوِ اثْنَانِ مِنْهُمْ، ثُمَّ ثَبَتَ عَلَى مَنْصُورٍ، وَتَرَكَ ذَلِكَ مِرَارًا غَيْرَ وَاحِدَةٍ. قَوْلُهُ (فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ) الآيَةَ. 42 - حم عسق وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (عَقِيمًا) لاَ تَلِدُ. (رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا) الْقُرْآنُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ (يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ) نَسْلٌ بَعْدَ نَسْلٍ (لاَ حُجَّةَ بَيْنَنَا) لاَ خُصُومَةَ. (طَرْفٍ خَفِىٍّ) ذَلِيلٍ. وَقَالَ غَيْرُهُ (فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ) يَتَحَرَّكْنَ وَلاَ يَجْرِينَ فِي الْبَحْرِ. (شَرَعُوا) ابْتَدَعُوا. 1 - باب (إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) 4818 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ قَالَ سَمِعْتُ طَاوُسًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما -. أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ (إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قُرْبَى آلِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَجِلْتَ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَكُنْ بَطْنٌ مِنْ قُرَيْشٍ إِلاَّ كَانَ لَهُ فِيهِمْ قَرَابَةٌ فَقَالَ إِلاَّ أَنْ تَصِلُوا مَا بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ مِنَ الْقَرَابَةِ. طرفه 3497 ـــــــــــــــــــــــــــــ سورة حم عسق ({رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا} [الشورى: 52] القرآن) لأنه به حياة القلوب، أو الحياة الأبدية ({شَرَعُوا} [الشورى: 21] ابتدعوا) لقوله بعده: {مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى:21]. باب قوله: {إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: 23] 4818 - (بشار) بفتح الباء وتشديد المعجمة (ميسرة) ضد الميمنة. (لم يكن بطن من قريش إلا وكان له فيهم قرابة) قد سلف أن البطن دون القبيلة (فقال: [إلا] أن تصلوا بيني وبينكم من القرابة) هذا هو الصحيح في تفسير الآية، وأما قول

43 - سورة حم الزخرف

43 - سورة حم الزُّخْرُفِ وَقَالَ مُجَاهِدٌ (عَلَى أُمَّةٍ) عَلَى إِمَامٍ. (وَقِيلَهُ يَا رَبِّ) تَفْسِيرُهُ أَيَحْسِبُونَ أَنَّا لاَ نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ، وَلاَ نَسْمَعُ قِيلَهُمْ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (وَلَوْلاَ أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً) لَوْلاَ أَنْ جَعَلَ النَّاسَ كُلَّهُمْ كُفَّارًا لَجَعَلْتُ لِبُيُوتِ الْكُفَّارِ سَقْفًا مِنْ فِضَّةٍ، وَمَعَارِجَ مِنْ فِضَّةٍ، وَهْىَ دَرَجٌ وَسُرُرُ فِضَّةٍ (مُقْرِنِينَ) مُطِيقِينَ (آسَفُونَا) أَسْخَطُونَا. (يَعْشُ) يَعْمَى. وَقَالَ مُجَاهِدٌ (أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ) أَىْ تُكَذِّبُونَ بِالْقُرْآنِ، ثُمَّ لاَ تُعَاقَبُونَ عَلَيْهِ (وَمَضَى مَثَلُ الأَوَّلِينَ) سُنَّةُ الأَوَّلِينَ (مُقْرِنِينَ) يَعْنِى الإِبِلَ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ. (يَنْشَأُ فِي الْحِلْيَةِ) الْجَوَارِى جَعَلْتُمُوهُنَّ لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا فَكَيْفَ تَحْكُمُونَ (لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ) يَعْنُونَ الأَوْثَانَ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى (مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ) الأَوْثَانُ إِنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ (فِي عَقِبِهِ) وَلَدِهِ، (مُقْتَرِنِينَ) يَمْشُونَ مَعًا (سَلَفًا) قَوْمُ فِرْعَوْنَ (سَلَفًا) لِكُفَّارِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - (وَمَثَلاً) عِبْرَةً (يَصِدُّونَ) يَضِجُّونَ (مُبْرِمُونَ) مُجْمِعُونَ أَوَّلُ الْعَابِدِينَ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ "الكشاف" وغيره من المفسرين "إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن القربى؟ قال: علي وفاطمة وابناهما" فلا يكاد يصح؛ لأن الآية مكية بلا خلاف، قال شيخنا: وذلك الحديث رواه الطبري، وإسناده ضعيف ساقط لمخالفته الحديث الصحيح، مع الاتفاق على أن السورة مكية. سورة الزخرف ({وَقِيلِهِ} [الزخرف: 88] تفسيره أم يَحِسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم، ولا نسمع قيلهم) هذا على قراءة النصب، ويجوز أن يكون مفعولًا مطلقًا، وأن يكون عطفًا على محل الساعة، وعلى قراءة الجر: أن يكون بتقدير مضاف، أي: علم قيله، وفيه وجوه أُخر أوردناها في تفسير "غاية الأماني" ({يَعْشُ} [الزخرف: 36] يعمى) هذا إنما يصح إذا قرئ بفتح الشين كما نسب إلى ابن عباس، وأما بضم الشين كما قراءة العامة، معناه أعرض،

1 - باب (ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك) الآية

(إِنَّنِى بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ) الْعَرَبُ تَقُولُ نَحْنُ مِنْكَ الْبَرَاءُ وَالْخَلاَءُ وَالْوَاحِدُ وَالاِثْنَانِ وَالْجَمِيعُ مِنَ الْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ يُقَالُ فِيهِ بَرَاءٌ لأَنَّهُ مَصْدَرٌ وَلَوْ قَالَ بَرِئٌ لَقِيلَ فِي الاِثْنَيْنِ بَرِيئَانِ وَفِى الْجَمِيعِ بَرِيئُونَ. وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ إِنَّنِى بَرِئٌ بِالْيَاءِ، وَالزُّخْرُفُ الذَّهَبُ. مَلاَئِكَةً يَخْلُفُونَ يَخْلُفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. 1 - باب (وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ) الآيَةَ 4819 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ عَلَى الْمِنْبَرِ (وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ) وَقَالَ قَتَادَةُ مَثَلاً لِلآخِرِينَ عِظَةً. وَقَالَ غَيْرُهُ (مُقْرِنِينَ) ضَابِطِينَ يُقَالُ فُلاَنٌ مُقْرِنٌ لِفُلاَنٍ ضَابِطٌ لَهُ وَالأَكْوَابُ الأَبَارِيقُ الَّتِى لاَ خَرَاطِيمَ لَهَا (أَوَّلُ الْعَابِدِينَ) أَىْ مَا كَانَ فَأَنَا أَوَّلُ الأَنِفِينَ وَهُمَا لُغَتَانِ رَجُلٌ عَابِدٌ وَعَبِدٌ وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ) وَيُقَالُ أَوَّلُ الْعَابِدِينَ الْجَاحِدِينَ مِنْ عَبِدَ يَعْبَدُ. وَقَالَ قَتَادَةُ (فِي أُمِّ الْكِتَابِ) جُمْلَةِ الْكِتَابِ أَصْلِ الْكِتَابِ (أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ) مُشْرِكِينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يقال: عشوت إليه: إذا قصدته، وعشوت عنه: أعرضت عنه يقال فيه ({بَرَاءٌ} [الزخرف: 26]) بفتح الباء والراء، والمد أي: في المفرد والجمع والمؤنث (لأنه مصدر) أي: في الأصل. باب قوله {وَنَادَوْا يَامَالِكُ} [الزخرف: 77] 4819 - (منهال) بكسر الميم (يعلى) على وزن يحيى (أنا {أَوَّلُ الْعَابِدِينَ} [الزخرف: 81]) أي: ما كان يشير إلى أن في قوله تعالى: {أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا} [مريم: 91] فيه (فأنا أول الآنفين) قال ابن الأثير: يقال عبد بكسر الباء يَعبَد -بفتح [الياء] والباء- إذا غضب رجل عابد وعبد، وضبطه ابن الأثير بسكون الباء، أول العابدين والجاحدين (من عَبد يَعْبُد) على وزن نصر

44 - سورة حم الدخان

وَاللَّهِ لَوْ أَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ رُفِعَ حَيْثُ رَدَّهُ أَوَائِلُ هَذِهِ الأُمَّةِ لَهَلَكُوا (فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشًا وَمَضَى مَثَلُ الأَوَّلِينَ) عُقُوبَةُ الأَوَّلِينَ (جُزْءًا) عِدْلاً. 44 - سورة حم الدُّخَانِ وَقَالَ مُجَاهِدٌ (رَهْوًا) طَرِيقًا يَابِسًا. (عَلَى الْعَالَمِينَ) عَلَى مَنْ بَيْنَ ظَهْرَيْهِ. (فَاعْتُلُوهُ) ادْفَعُوهُ. (وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ) أَنْكَحْنَاهُمْ حُورًا عِينًا يَحَارُ فِيهَا الطَّرْفُ. (تَرْجُمُونِ) الْقَتْلُ وَرَهْوًا سَاكِنًا وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (كَالْمُهْلِ) أَسْوَدُ كَمُهْلِ الزَّيْتِ. وَقَالَ غَيْرُهُ (تُبَّعٍ) مُلُوكُ الْيَمَنِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يُسَمَّى تُبَّعًا، لأَنَّهُ يَتْبَعُ صَاحِبَهُ، وَالظِّلُّ يُسَمَّى تُبَّعًا لأَنَّهُ يَتْبَعُ الشَّمْسَ. 1 - باب (يَوْمَ تَأْتِى السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ) قَالَ قَتَادَةُ (فَارْتَقِبْ) فَانْتَظِرْ. 4820 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِى حَمْزَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ مَضَى خَمْسٌ الدُّخَانُ وَالرُّومُ وَالْقَمَرُ وَالْبَطْشَةُ وَاللِّزَامُ. طرفه 1007 ـــــــــــــــــــــــــــــ ينصر، كذا ضبطه بعضهم، وضبطه بعضهم على وزن علم يعلم، لكن لم أجده على كل تقدير بمعنى جحد، اللهم إلا أن يكون مع قولهم: ناقة ذات عبدة أي: قوة، فإن هذا يناسب الجحد. ({جُزْءًا} [الزخرف: 15] عدلًا) بكسر العين وفتحها، قال ابن الأثير: -بكسر العين- مثل الشيء من جنسه، وبالفتح عن غير جنسه، وقيل: بالعكس، وأراد به في الآية الولد الذي الأب. سورة الدخان ({رَهْوًا} [الدخان: 24] طريقًا يابسًا) أصله ساكنًا كما ذكره بعده، وإنما فسره بالطريق نظرًا إلى المقام، وعن لوازم الطريق السكون (بين ظهريه) الضمير للعالم، والظهر -معجم- يريد أن يفضل بني إسرائيل إنما هو على الموجودين في ذلك الزمان. 4820 - (عبدان) على وزن شعبان. (أبو حمزة) -بالحاء المهملة- محمد بن ميمون. 4821 - (يحيى) كذا وقع غير منسوب، قال الغساني: هو يحيى بن موسى (أبو معاوية) محمد بن خازم بالخاء المعجمة (من الجهد) -بفتح الجيم وضمها لغتان- القحط (فأتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) على بناء المجهول، ورفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والآتي: أبو سفيان في الرواية الأخرى.

2 - باب (يغشى الناس هذا عذاب أليم)

2 - باب (يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ) 4821 - حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ إِنَّمَا كَانَ هَذَا لأَنَّ قُرَيْشًا لَمَّا اسْتَعْصَوْا عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - دَعَا عَلَيْهِمْ بِسِنِينَ كَسِنِى يُوسُفَ، فَأَصَابَهُمْ قَحْطٌ وَجَهْدٌ حَتَّى أَكَلُوا الْعِظَامَ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَنْظُرُ إِلَى السَّمَاءِ فَيَرَى مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا كَهَيْئَةِ الدُّخَانِ مِنَ الْجَهْدِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِى السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ * يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ) قَالَ فَأُتِىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَسْقِ اللَّهَ لِمُضَرَ، فَإِنَّهَا قَدْ هَلَكَتْ. قَالَ «لِمُضَرَ إِنَّكَ لَجَرِئٌ». فَاسْتَسْقَى فَسُقُوا. فَنَزَلَتْ (إِنَّكُمْ عَائِدُونَ) فَلَمَّا أَصَابَتْهُمُ الرَّفَاهِيَةُ عَادُوا إِلَى حَالِهِمْ حِينَ أَصَابَتْهُمُ الرَّفَاهِيَةُ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ) قَالَ يَعْنِى يَوْمَ بَدْرٍ. طرفه 1007 3 - باب (رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ) 4822 - حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى الضُّحَى، عن ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {رَّبَّنَا اكْشِفْ} [الدخان: 12] 4822 - روى في الباب حديث عبد الله بن مسعود أن قريشًا لما عصت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعا عليهم بالقحط، فأجاب الله دعاءه حتى أكلوا الجلود والعظام، ويرد ابن مسعود على من زعم أن قوله تعالى: {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} [الدخان: 10] يكون يوم القيامة بأن عذاب يوم القيامة لا يكشف عن الكفار، وقد قال الله تعالى في الآية: {إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا} [الدخان: 15]، وقد سلف الحديث مرارًا. فإن قلت: روى مسلم وغيره: "لا تقوم الساعة حتى ترى عشر آيات" منها: "الدخان يصيب المؤمن كهيئة الزكام، وأما الكافر فيخرج من فخذيه وأذنه ودبره"؟ قلت: رد ابن مسعود هو أن يكون الدخان المذكور في هذه الآية ذلك الدخان (وقوله لمضر: إنك لجريء) معناه الإنكار أن يكون دعاء الرحمة لهم، فإنهم سبب هذا العذاب (وكيع) على وزن فعيل (أبو الضحى) مسلم بن صبيح.

4 - باب (أنى لهم الذكرى وقد جاءهم رسول مبين)

مَسْرُوقٍ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ إِنَّ مِنَ الْعِلْمِ أَنْ تَقُولَ لِمَا لاَ تَعْلَمُ اللَّهُ أَعْلَمُ، إِنَّ اللَّهَ قَالَ لِنَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - (قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ) إِنَّ قُرَيْشًا لَمَّا غَلَبُوا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَاسْتَعْصَوْا عَلَيْهِ قَالَ «اللَّهُمَّ أَعِنِّى عَلَيْهِمْ بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ». فَأَخَذَتْهُمْ سَنَةٌ أَكَلُوا فِيهَا الْعِظَامَ وَالْمَيْتَةَ مِنَ الْجَهْدِ، حَتَّى جَعَلَ أَحَدُهُمْ يَرَى مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّمَاءِ كَهَيْئَةِ الدُّخَانِ مِنَ الْجُوعِ. قَالُوا (رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ) فَقِيلَ لَهُ إِنْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَادُوا. فَدَعَا رَبَّهُ فَكَشَفَ عَنْهُمْ، فَعَادُوا، فَانْتَقَمَ اللَّهُ مِنْهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى (يَوْمَ تَأْتِى السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ) إِلَى قَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ (إِنَّا مُنْتَقِمُونَ) طرفه 1007 4 - باب (أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ) الذِّكْرُ وَالذِّكْرَى وَاحِدٌ. 4823 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا دَعَا قُرَيْشًا كَذَّبُوهُ وَاسْتَعْصَوْا عَلَيْهِ فَقَالَ «اللَّهُمَّ أَعِنِّى عَلَيْهِمْ بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ». فَأَصَابَتْهُمْ سَنَةٌ حَصَّتْ - يَعْنِى - كُلَّ شَىْءٍ حَتَّى كَانُوا يَأْكُلُونَ الْمَيْتَةَ فَكَانَ يَقُومُ أَحَدُهُمْ فَكَانَ يَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّمَاءِ مِثْلَ الدُّخَانِ مِنَ الْجَهْدِ وَالْجُوعِ ثُمَّ قَرَأَ (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِى السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ * يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ) حَتَّى بَلَغَ (إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عَائِدُونَ) قَالَ عَبْدُ اللَّهِ أَفَيُكْشَفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ وَالْبَطْشَةُ الْكُبْرَى يَوْمَ بَدْرٍ. طرفه 1007 5 - باب (ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ) 4824 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ وَمَنْصُورٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب {أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ} [13] 4823 - (حرب) ضد الصلح. 4824 - (بشر بن خالد) بالموحدة المكسورة وشين معجمة ...........................

6 - باب (يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون)

عَنْ أَبِى الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ (قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ) فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا رَأَى قُرَيْشًا اسْتَعْصَوْا عَلَيْهِ فَقَالَ «اللَّهُمَّ أَعِنِّى عَلَيْهِمْ بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ». فَأَخَذَتْهُمُ السَّنَةُ حَتَّى حَصَّتْ كُلَّ شَىْءٍ حَتَّى أَكَلُوا الْعِظَامَ وَالْجُلُودَ - فَقَالَ أَحَدُهُمْ حَتَّى أَكَلُوا الْجُلُودَ وَالْمَيْتَةَ - وَجَعَلَ يَخْرُجُ مِنَ الأَرْضِ كَهَيْئَةِ الدُّخَانِ فَأَتَاهُ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ أَىْ مُحَمَّدُ إِنَّ قَوْمَكَ قَدْ هَلَكُوا فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَكْشِفَ عَنْهُمْ فَدَعَا ثُمَّ قَالَ «تَعُودُوا بَعْدَ هَذَا». فِي حَدِيثِ مَنْصُورٍ ثُمَّ قَرَأَ (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِى السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ) إِلَى (عَائِدُونَ) أَيُكْشَفُ عَذَابُ الآخِرَةِ فَقَدْ مَضَى الدُّخَانُ وَالْبَطْشَةُ وَاللِّزَامُ وَقَالَ أَحَدُهُمُ الْقَمَرُ وَقَالَ الآخَرُ الرُّومُ. طرفه 1007 6 - باب (يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ) 4825 - حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ خَمْسٌ قَدْ مَضَيْنَ اللِّزَامُ وَالرُّومُ وَالْبَطْشَةُ وَالْقَمَرُ وَالدُّخَانُ. طرفه 1007 ـــــــــــــــــــــــــــــ (حصّت كل شيء) أذهبت (حتى أكلوا الجلود) غاية للغاية الأولى (وقال أحدهم: القمر) الضمير للرواة (والآخر الروم) أي قال الراوي، هؤلاء الرواة عن أبى الضحى، وهم جرير بن حازم، والأعمش ومنصور وسليمان، تقدموا كلهم عن أبي الضحى، فلا ضرورة في جعل الضمير لسليمان، ومنصور على مذهب من يجعل أقل الجمع اثنين. فإن قلت: لفظ القرآن يدل على أن الدخان كان منشؤه من السماء، وفي الحديث "أنه يخرج من الأرض"، وفي موضع آخر قال: "كان ذلك من الجوع"؟ قلت: الدخان لم يكن له حقيقة، وإنما كان ذلك تخايل لهم من ألم الجوع، كما أن منا من جاع شديدًا يرى مثل ذلك، وإنما أضافه إلى الأرض تارة؛ لأن شأن الدخان الصعود من الأرض، وتارة إلى السماء، لأنه حال بينهم وبين رؤيته، وقوله: "يرى مثل الدخان من الجهد والجوع" صريح في أن لا حقيقة له، فمن جعل الدخان من الأرض حقيقة، فقد زلت به القدم، كيف لا ولو كان له حقيقة لم يكن مخصوصًا بأولئك القوم.

45 - سورة حم الجاثية

45 - سورة حم الْجَاثِيَةِ (جَاثِيَةً) مُسْتَوْفِزِينَ عَلَى الرُّكَبِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ (نَسْتَنْسِخُ) نَكْتُبُ. (نَنْسَاكُمْ) نَتْرُكُكُمْ. 1 - باب (وَمَا يُهْلِكُنَا إِلاَّ الدَّهْرُ) الآيَةَ 4826 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يُؤْذِينِى ابْنُ آدَمَ، يَسُبُّ الدَّهْرَ وَأَنَا الدَّهْرُ، بِيَدِى الأَمْرُ، أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ». طرفاه 6181، 7491 ـــــــــــــــــــــــــــــ سورة الجاثية كل أمة جاثية: (مستوفزين على الركب) أي: جاثمين عليها كهيئة من يريد القيام سريعًا من الوفز: وهو العجلة. 4826 - (قال الله تعالى: يؤذيني ابن آدم) هذا حديث قدسي كلامه تعالى، وشرح معنى الإيذاء بقوله (يسب الدهر وأنا الدهر) والمراد من ابن آدم هذا الجنس، فلا يلزم أن يكون من كل واحد، والله تعالى منزه عن أن يناله أذى من أحد، وإنما الكلام على طريق المثل، وإن من عاب فقد عاب مصانعها، وقوله: (أنا الدهر) قال ابن الأثير: معناه: وإنه جالب الحوادث في الدهر، فإن سبتهم كان للحوادث التي تصيبهم، وآخر الحديث- (بيدي الأمر أقلب الليل والنهار) دالٌّ على ما قدَّرَه ابن الأثير. فإن قلت: قدره صاحب "الكشاف" أن الله هو الجالب لا غير الجالب على أنه من قصر المسند إليه في المسند؟ قلت: لم يرضَ به صاحب "المفتاح" لأن ظاهره فاسد، لأنه يلزم منه أن لا يكون صفة أخرى، والذي يتكلف له أن يقال: لما كان اعتقاد المشركين أن الدهر هو الجالب حصر الله ذاته في الجالب مبالغة في رد دعواهم، ثم وقعت على كلامه في "الفائق" وجدت قصده ما ذكرت، وذلك أنه روى الحديث بروايتين: الأولى: "لا تسبوا الدهر إن الدهر هو الله"، والثانية "إن الله هو الدهر" وقال: الذي يحقق هذا الموضع أن يفصل بين

46 - سورة حم الأحقاف

46 - سورة حم الأَحْقَافِ وَقَالَ مُجَاهِدٌ (تُفِيضُونَ) تَقُولُونَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ أَثَرَةٍ وَأُثْرَةٍ وَأَثَارَةٍ بَقِيَّةُ عِلْمٍ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ) لَسْتُ بِأَوَّلِ الرُّسُلِ. وَقَالَ غَيْرُهُ (أَرَأَيْتُمْ) هَذِهِ الأَلِفُ إِنَّمَا هِىَ تَوَعُّدٌ إِنْ صَحَّ مَا تَدَّعُونَ لاَ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُعْبَدَ، وَلَيْسَ قَوْلُهُ (أَرَأَيْتُمْ) بِرُؤْيَةِ الْعَيْنِ، إِنَّمَا هُوَ أَتَعْلَمُونَ أَبَلَغَكُمْ أَنَّ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ خَلَقُوا شَيْئًا. 1 - باب (وَالَّذِى قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِى أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِى وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ). 4827 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ قَالَ كَانَ مَرْوَانُ عَلَى الْحِجَازِ اسْتَعْمَلَهُ مُعَاوِيَةُ، فَخَطَبَ فَجَعَلَ يَذْكُرُ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ، لِكَىْ يُبَايِعَ لَهُ بَعْدَ أَبِيهِ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى بَكْرٍ شَيْئًا، فَقَالَ خُذُوهُ. فَدَخَلَ بَيْتَ عَائِشَةَ فَلَمْ يَقْدِرُوا {عَلَيْهِ} فَقَالَ مَرْوَانُ إِنَّ هَذَا الَّذِى أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ (وَالَّذِى قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِى). ـــــــــــــــــــــــــــــ الروايتين، فقوله: "إن الدهر هو الله" حقيقة، فإن الجالب هو الله تعالى لا غير، وأما قوله: "إن الله هو الدهر" هو الجالب للحوادث لا غير الجالب ردًّا لاعتقادهم أن الله ليس من الجلب في شيء. سورة الأحقاف (أُثْرَة وأَثَرَة وأَثَارَة) الأول بضم الهمزة وسكون الثاء، الثاني: بثلاث فتحات، والثالث: لفظ القرآن (بقية من علم) أي المراد به هنا، وإلا فهو بقية كل شيء. 4827 - (أبو عوانة) بفتح العين الوضاح (عن أبي بشر) -بكسر الموحدة- اسمه جعفر، ثم روى أن مروان بن الحكم (خطب يذكر يزيد بن معاوية لكي يبايع له، فقال عبد الرحمن بن أبي بكر شيئًا) روى الإسماعيلي ذلك الشيء مفسرًا قال عبد الرحمن في جواب مروان: ما هي إلا هرقلية، توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي أهله من لو جعل له الأمر كان أهلًا له، وكذا أبو بكر وعمر (وقال مروان: إن هذا الذي {قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي}

2 - باب (فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم)

فَقَالَتْ عَائِشَةُ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِينَا شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ إِلاَّ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ عُذْرِى. 2 - باب (فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (عَارِضٌ) السَّحَابُ. 4828 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنَا عَمْرٌو أَنَّ أَبَا النَّضْرِ حَدَّثَهُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ضَاحِكًا حَتَّى أَرَى مِنْهُ لَهَوَاتِهِ، إِنَّمَا كَانَ يَتَبَسَّمُ. طرفه 6092 4829 - قَالَتْ وَكَانَ إِذَا رَأَى غَيْمًا أَوْ رِيحًا عُرِفَ فِي وَجْهِهِ. قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الْغَيْمَ فَرِحُوا، رَجَاءَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ الْمَطَرُ، وَأَرَاكَ إِذَا رَأَيْتَهُ عُرِفَ فِي وَجْهِكَ الْكَرَاهِيَةُ. فَقَالَ «يَا عَائِشَةُ مَا يُؤْمِنِّى أَنْ يَكُونَ فِيهِ عَذَابٌ عُذِّبَ قَوْمٌ بِالرِّيحِ، وَقَدْ رَأَى قَوْمٌ الْعَذَابَ ـــــــــــــــــــــــــــــ [الأحقاف: 17]) وقد كذب مروان في هذا. كيف وآخر الآية دال على كفر القائل، والخلود في النار (قالت عائشة: ما أنزل الله فينا شيئًا من القرآن إلا أن الله أنزل عذري) آية براءة ساحتها، وأرادت بقولها: فينا، آل أبي بكر، وإلا كم آية في شأن أبي بكر. ولكن لعنك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنت في ظهر أبيك. هو الحكم بن العاص، فأنت فضض من لعنة الله أي فضض بالمعجمة على وزن قرئ. باب قوله: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا} [الأحقاف: 24] 4828 - 4829 - (أحمد) كذا وقع غير منسوب، قيل: هو ابن عيسى، وقيل: ابن صالح قال ابن منده: كلما جاء أحمد عن ابن وهب هو ابن صالح. (أبا النضر) -بالضاد المعجمة، سالم مولى عمر (يسار) ضد اليمين (ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضاحكًا حتى أرى لهواته) -جمع لهاة- وهي أعلى الحنك (عُذِّب قوم بالريح، وقد رأى قوم العذاب).

47 - سورة محمد - صلى الله عليه وسلم -

فَقَالُوا (هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا)». طرفه 3206 47 - سورة مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - (أَوْزَارَهَا) آثَامَهَا حَتَّى لاَ يَبْقَى إِلاَّ مُسْلِمٌ. (عَرَّفَهَا) بَيَّنَهَا. وَقَالَ مُجَاهِدٌ (مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا) وَلِيُّهُمْ. (عَزَمَ الأَمْرُ) جَدَّ الأَمْرُ (فَلاَ تَهِنُوا) لاَ تَضْعُفُوا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (أَضْغَانَهُمْ) حَسَدَهُمْ. (آسِنٍ) مُتَغَيِّرٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: لم ينفرد ذلك مروان، فقد رواه الطبري عن ابن عباس قلت: مخالف للقرآن، وحديث عائشة، فلا يجوز القول به {قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} [الأحقاف: 24] قال بعض الشارحين: فإن قلت: النكرة المعادة نكرة غير الأولى، وهنا القوم غير الأولى، وأجاب: بأن تلك القاعدة النحوية غير كلية، وفيه نظر، أما أولًا: فلأنا لا نسلم أن القوم ثانيًا هو الأول يدل على السياق؛ لأنه عبّر أولًا بالريح، وثانيًا بالعذاب، فقال: (عذب قوم بالريح، ورأى قوم العذاب فقالوا: هذا عارض) فلو كان القوم ثانيًا هم الأول لكان حق العبارة: فلما رأوه عارضًا بدون ذكر القوم، والظاهر أن القوم أولًا وثانيًا قوم هود، الأوائل منهم لعاد الأولى، والأواخر لعاد الثانية، ذكره في "الكشاف"، وإليه أشير بقوله: {عادا الأولى} [النجم: 50]، وأما ثانيًا: فلأن تلك القاعدة لا تعلق لها بالنحو، فإن النحو إنما يبحث عما يلحق أواخر الكلمة إعرابًا وبناء، بل تلك القاعدة ذكرها أهل الأصول لتفريع الأحكام عليها من الإقرار. سورة محمد - صلى الله عليه وسلم - الذين كفروا ({أَوْزَارَهَا} [محمد: 4] آثامها) المشهور في تفسيرها: أثقالها وآلات الحرب فقيل: المراد أيام الأعداء، أو بالتوبة فيقدر مضاف إلى أهل الحرب، وقيل: نزول عيسى بن مريم، وهذا أوفق لقوله: (حتى لا يبقى إلا مسلم) لما في "البخاري" "إن عيسى بعد نزوله لا يقبل إلا الإسلام" ({أَضْغَانَهُمْ} [محمد: 29] حسدهم) -جمع ضغن- وهو الحقد والعداوة ({آسِنٍ} [محمد: 15] متغير) -بالمد والقصر- قراءتان.

1 - باب (وتقطعوا أرحامكم)

1 - باب (وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ) 4830 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ قَالَ حَدَّثَنِى مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِى مُزَرَّدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ قَامَتِ الرَّحِمُ فَأَخَذَتْ بِحَقْوِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ لَهَا مَهْ. قَالَتْ هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنَ الْقَطِيعَةِ. قَالَ أَلاَ تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ. قَالَتْ بَلَى يَا رَبِّ. قَالَ فَذَاكِ لَكِ». قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ). أطرافه 4831، 4832، 5987، 7502 4831 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنَا حَاتِمٌ عَنْ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنِى عَمِّى أَبُو الْحُبَابِ سَعِيدُ بْنُ يَسَارٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ بِهَذَا، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ (فَهَلْ عَسَيْتُمْ). طرفه 4830 4832 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِى الْمُزَرَّدِ بِهَذَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ (فَهَلْ عَسَيْتُمْ)». طرفه 4830 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} [محمد: 22] 4830 - (مخلد) بفتح الميم وسكون المعجمة (مُزَرَّد) بفتح المعجمة وتشديد المهملة مفتوحة (يسار) ضد اليمين (خلق الله الخلق فلما فرغ منه) مجاز عن الإتمام (قامت الرحم فأخذت بحقو الرحمن) الحقو -بفتح الحاء وسكون القاف- معقد الإزار، وهذا مستحيل في حقه تعالى، فالكلام على طريقة المثل، فإن معقد الإزار أوثق ما يمسك، وأما كلام الرحمن، فالظاهر أنه حقيقة، فإن الله قادر على كل شيء، ألا ترى أن الموت يجعل في صورة كبش، ويجوز أن يكون استعارة تمثيلية بأن تشبه حال الرحم في الافتقار إلى الصلة بحال مفتقر مستجير يأخذ بذيل من يستجير به، واختلف في معنى هذا الرحم، قيل: هم الذين لا يجوز التناكح بينهم، يعني المحارم، والصواب أنها أعم، وأن الصلة تكون بالزيارة وبالمال، وإرسال السلام والكتاب (قال أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم) رواه بعد مسندًا من قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (اقرؤوا إن شئتم).

48 - سورة الفتح

48 - سورة الْفَتْحِ وَقَالَ مُجَاهِدٌ (سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ) السَّحْنَةُ. وَقَالَ مَنْصُورٌ عَنْ مُجَاهِدٍ التَّوَاضُعُ. (شَطْأَهُ) فِرَاخَهُ (فَاسْتَغْلَظَ) غَلُظَ. (سُوقِهِ) السَّاقُ حَامِلَةُ الشَّجَرَةِ. وَيُقَالُ (دَائِرَةُ السَّوْءِ) كَقَوْلِكَ رَجُلُ السَّوْءِ. وَدَائِرَةُ السَّوْءِ الْعَذَابُ. (تُعَزِّرُوهُ) تَنْصُرُوهُ. (شَطْأَهُ) شَطْءُ السُّنْبُلِ، تُنْبِتُ الْحَبَّةُ عَشْرًا أَوْ ثَمَانِيًا وَسَبْعًا، فَيَقْوَى بَعْضُهُ بِبَعْضٍ فَذَاكَ قَوْلُهُ تَعَالَى (فَآزَرَهُ) قَوَّاهُ، وَلَوْ كَانَتْ وَاحِدَةً لَمْ تَقُمْ عَلَى سَاقٍ، وَهُوَ مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ خَرَجَ وَحْدَهُ، ثُمَّ قَوَّاهُ بِأَصْحَابِهِ، كَمَا قَوَّى الْحَبَّةَ بِمَا يَنْبُتُ مِنْهَا. 1 - باب (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا) 4833 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَسِيرُ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَسِيرُ مَعَهُ لَيْلاً، فَسَأَلَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ سورة الفتح ({سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ} [الفتح: 29] السَحْنة) بفتح السين وكسرها وإسكان الحاء، قال ابن الأثير: هي بشرة الوجه، وقال الأصيلي وابن السكن: بالفتح، قال القاضي: وهذا هو الصواب عند أهل اللغة، قلت: قول الجوهري: السحنة بالتحريك يدل على جواز الكسر والفتح في السين، وأراد بالتحريك: تحريك الحاء، وفي رواية "المشمل": السجدة -بالجيم- أي: السجود، قال شيخنا: فالوجه فيه أنه أراد أثر السجود، قلت: هذا لا يستقيم في الآية؛ لأن أثر السجود مذكور بعده {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ} [الفتح: 29] ({شَطْأَهُ} [الفتح: 29] فراخه) بكسر الفاء الشطأ، بفتح الطاء وإسكانها مفرد، والجمع أشطاء، قال الجوهري: وإنما فسره بالفراخ -جمع فرخ- لكون المعنى على ذلك، ألا ترى إلى قوله: (تنبت الحبة عشرًا أو ثمانيًا)، ({دَائِرَةُ السَّوْءِ} [الفتح: 6]) الدائرة لغة: الهزيمة، قال الجوهري: وإضافتها إلى السوء مبالغة في الشدة كرجل صدق. 4833 - (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يسير في بعض أسفاره) كان ذلك منصرفه من الحديبية (نَزَرْتَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) بتقديم المعجمة على المهملة مخففًا ومشددًا أي: ألححت عليه،

عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَنْ شَىْءٍ، فَلَمْ يُجِبْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ سَأَلَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ فُلَمْ يُجِبْهُ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ثَكِلَتْ أُمُّ عُمَرَ، نَزَرْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، كُلَّ ذَلِكَ لاَ يُجِيبُكَ. قَالَ عُمَرُ فَحَرَّكْتُ بَعِيرِى، ثُمَّ تَقَدَّمْتُ أَمَامَ النَّاسِ، وَخَشِيتُ أَنْ يُنْزَلَ فِىَّ الْقُرْآنُ، فَمَا نَشِبْتُ أَنْ سَمِعْتُ صَارِخًا يَصْرُخُ بِى فَقُلْتُ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ نَزَلَ فِىَّ قُرْآنٌ. فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ «لَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَىَّ اللَّيْلَةَ سُورَةٌ لَهِىَ أَحَبُّ إِلَىَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ». ثُمَّ قَرَأَ (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا). طرفه 4177 4834 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ سَمِعْتُ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا) قَالَ الْحُدَيْبِيَةُ. طرفه 4172 4835 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ قَرَأَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ سُورَةَ الْفَتْحِ فَرَجَّعَ فِيهَا. قَالَ مُعَاوِيَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــ ضُمن معنى الإملاق، فاستغني عن الصلة (فما نشبت) أي: لبثت بفتح النون وكسر الشين (يَصْرُخ بي) -على وزن ينصر- أي: يصيح (لقد أنزل عليّ سورة لهي أحب إلي مما طلعت عليه الشمس) أي: من الدنيا وما فيها، هذا بناء على ما يتعارفه الناس، وإلا فلا شبه لما أعطي في هذه السورة بينه وبين الدنيا، فلا وجه لما يقال: المراد كل شيء سوى الآخرة إذ لا دلالة للفظ عليه، ولا لقول من قال: أفعل التفضيل، لم يرد به المفضل عليه إذ قد يكون بدونه، إذ لا يمكن ذلك مع من. 4834 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (غندر) بضم العين وفتح الدال (عن أنس: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: 1] الحديبية) بتقدير مضاف أي: فتح الحديبية، وقد سلف أن عمر ساله قال: أو فتح يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: "نعم" وكأنه سماه فتحًا؛ لأن الصلح في الحديبية، كان مقدمة شوكة الإسلام، وإسراع الناس إلى الإيمان، واجتماع الأقارب بالأقارب. 4835 - (معاوية بن قرة) بضم القاف وتشديد الراء (مغفّل) بتشديد الفاء المفتوحة (قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم فتح مكة سورة الفتح فرجع فيها) قال ابن الأثير: الترجيع: [182/ أ] ترديد

2 - باب (ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما)

لَوْ شِئْتُ أَنْ أَحْكِىَ لَكُمْ قِرَاءَةَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لَفَعَلْتُ. طرفه 4281 2 - باب (لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا) 4836 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا زِيَادٌ أَنَّهُ سَمِعَ الْمُغِيرَةَ يَقُولُ قَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى تَوَرَّمَتْ قَدَمَاهُ فَقِيلَ لَهُ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ قَالَ «أَفَلاَ أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا». طرفه 1130 4837 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى أَخْبَرَنَا حَيْوَةُ عَنْ أَبِى الأَسْوَدِ سَمِعَ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ فَقَالَتْ عَائِشَةُ لِمَ تَصْنَعُ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ قَالَ «أَفَلاَ أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ عَبْدًا شَكُورًا». فَلَمَّا كَثُرَ لَحْمُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ القراءة، كترديد الأذان، وقيل: تقارب ضروب الحركات في الصوت، قلت: الأول غير مراد إذ معلوم أنه لم يرد أنه تكرر كالأذان، وقد حكى عبد الله ترجيعه بقوله: "اآ اآ اآ" قال ابن الأثير: ولعل ذلك وقع من تحريك الدابة، فإنه جاء أنه لم يكن يرجع في القراءة، وقد تبعه غيره، وهذا الذي قاله مردود، إذ لو وقع ذلك من غير اختيار، وخرج عن قانون القراءة لترك القراءة، بل الصواب أنه كان بألحان العرب. قال ابن الأثير: معنى القراءة بألحان: ترجيع الصوت وتحسين القراءة، وكيف وقد روى هذا الحديث أي: "اقرؤوا القرآن بلحون العرب" في نهايته، وفسره بما نقلناه. باب قوله: {لِيَغْفِرَ لَكَ} [الفتح: 2] 4836 - (صدقة بن الفضل) أخت الزكاة (زياد بن علاقة) بكسر العين والزاي (قام النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى تورمت قدماه) وفي الرواية الأخرى "تفطرت". 4837 - (حيوة) -بفتح الحاء وسكون الياء- هو ابن شريح الأكبر، لما قدمنا من أن الأصغر له حديث واحد (فلما كثر لحمه) أنكروا هذه الرواية، بل الصواب: لما بدن، أي

3 - باب (إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا)

صَلَّى جَالِسًا فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ قَامَ، فَقَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ. طرفه 1118 3 - باب (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا) 4838 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ هِلاَلِ بْنِ أَبِى هِلاَلٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رضى الله عنهما - أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ الَّتِى فِي الْقُرْآنِ (يَا أَيُّهَا النَّبِىُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا) قَالَ فِي التَّوْرَاةِ يَا أَيُّهَا النَّبِىُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَحِرْزًا لِلأُمِّيِّينَ، أَنْتَ عَبْدِى وَرَسُولِى سَمَّيْتُكَ الْمُتَوَكِّلَ لَيْسَ بِفَظٍّ وَلاَ غَلِيظٍ وَلاَ سَخَّابٍ بِالأَسْوَاقِ وَلاَ يَدْفَعُ السَّيِّئَةَ بِالسَّيِّئَةِ وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَصْفَحُ وَلَنْ يَقْبِضَهُ اللَّهُ حَتَّى يُقِيمَ بِهِ الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ بِأَنْ يَقُولُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ فَيَفْتَحَ بِهَا أَعْيُنًا عُمْيًا وَآذَانًا صُمًّا وَقُلُوبًا غُلْفًا. طرفه 2125 ـــــــــــــــــــــــــــــ كبر سنه، قال أبو عبيدة: وأما وصفه - صلى الله عليه وسلم - بكثرة اللحم لم يقله أحد، وكأن الراوي روى المعنى وغلط، فإنه ظن أن بدن مِن البدانة -وهي الجسامة (صلى جالسًا) في رواية مسلم: أن صلاته جالسًا مثل صلاته قائمًا في الثواب، وهذا من خواصه. 4838 - (وسميتك المتوكل ليس بفظ ولا غليظ) حال من المفعول، وليس من الالتفات في شيء، [الفظاظة] في القول، والغلاظة في الخلق، قال تعالى: {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ} [اَل عمران: 159] (ولا سخاب في الأسواق) ويروى بالصاد من الصخب، وهو رفع الصوت كما يفعله العامة، وإشارة إلى أنه كامل ديانة ومروءة، وأخلاقًا، عليه من الصلوات ما يليق بجنابه الرفيع. فإن قلت: قال الله: {وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 73]؟ قلت: معنى الحديث أنه لم يكن كذلك جبلة كما يكون في بعض الأشخاص، وما في الآية يريد ما يعرض في بعض الأحيان لضرورة.

4 - باب (هو الذى أنزل السكينة)

4 - باب (هُوَ الَّذِى أَنْزَلَ السَّكِينَةَ) 4839 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ - رضى الله عنه - قَالَ بَيْنَمَا رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ، وَفَرَسٌ لَهُ مَرْبُوطٌ فِي الدَّارِ، فَجَعَلَ يَنْفِرُ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ فَنَظَرَ فَلَمْ يَرَ شَيْئًا، وَجَعَلَ يَنْفِرُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ ذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «تِلْكَ السَّكِينَةُ تَنَزَّلَتْ بِالْقُرْآنِ». طرفه 3614 5 - باب (إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ) 4840 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ جَابِرٍ قَالَ كُنَّا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ. طرفه 3576 4841 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ صُهْبَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ الْمُزَنِىِّ إِنِّى مِمَّنْ شَهِدَ الشَّجَرَةَ، نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْخَذْفِ. طرفاه 5479، 6220 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ} [الفتح: 4] 4839 - (بينما رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ) هذا الرجل: أسيد بن حضير، صرح به البخاري، وقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أتدري ما هي السكينة؟ هي الملائكة دبت لصوتك هذا" ولكن تعلم أن السكينة في الآية: الطمأنينة، وإنما رواه دلالة على أنها تطلق على الملائكة. باب قوله: {إِذْ يُبَايِعُونَكَ} [الفتح: 18] 4840 - (قتيبة) -بضم القاف- مصغر.

4842 - وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ صُهْبَانَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْمُغَفَّلِ الْمُزَنِىِّ فِي الْبَوْلِ فِي الْمُغْتَسَلِ. 4843 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ خَالِدٍ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ - رضى الله عنه - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ. طرفه 1363 4844 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ السُّلَمِىُّ حَدَّثَنَا يَعْلَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ سِيَاهٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِى ثَابِتٍ قَالَ أَتَيْتُ أَبَا وَائِلٍ أَسْأَلُهُ فَقَالَ كُنَّا بِصِفِّينَ فَقَالَ رَجُلٌ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ. فَقَالَ عَلِىٌّ نَعَمْ. فَقَالَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ اتَّهِمُوا أَنْفُسَكُمْ فَلَقَدْ رَأَيْتُنَا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ - يَعْنِى الصُّلْحَ الَّذِى كَانَ بَيْنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَالْمُشْرِكِينَ - وَلَوْ نَرَى قِتَالاً لَقَاتَلْنَا، فَجَاءَ عُمَرُ فَقَالَ أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ وَهُمْ عَلَى الْبَاطِلِ أَلَيْسَ قَتْلاَنَا فِي الْجَنَّةِ وَقَتْلاَهُمْ فِي النَّارِ قَالَ «بَلَى». قَالَ فَفِيمَ أُعْطِى الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا، وَنَرْجِعُ وَلَمَّا يَحْكُمِ اللَّهُ بَيْنَنَا. فَقَالَ «يَا ابْنَ الْخَطَّابِ إِنِّى رَسُولُ اللَّهِ وَلَنْ يُضَيِّعَنِى اللَّهُ أَبَدًا». فَرَجَعَ مُتَغَيِّظًا، فَلَمْ يَصْبِرْ حَتَّى جَاءَ أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ يَا أَبَا بَكْرٍ أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ وَهُمْ عَلَى الْبَاطِلِ قَالَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ إِنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلَنْ يُضَيِّعَهُ اللَّهُ أَبَدًا. فَنَزَلَتْ سُورَةُ الْفَتْحِ. طرفه 3181 ـــــــــــــــــــــــــــــ 4842 - (شبابة) بفتح الشين وتخفيف الباء (صُهْبَان) -بضم الصاد- على وزن عثمان (المزني) -بضم الميم- نسبة إلى مزينة قببلة من العرب (البول في المغتسل يأخذ منه الوسواس) قال الخطابي: هذا إذا لم يكن للبول مسلك قلت: لم يعلل في الحديث، والظاهر أنه بالخاصية (ابن المغفَّل) بتشديد الفاء المفتوحة. 4843 - (عن أبي قلابة) -بكسر القاف- عبد الله بن زيد الجرمي. 4844 - (السلمي) بضم السين (يعلى) على وزن يحيى (فقال سهيل بن حنيف) -بضم الحاء- مصغر (اتهموا أنفسكم) تقدم الحديث في صلح الحديبية أنهم نسبوة إلى التقصير في حرب علي مع معاوية بصفين، فقال: ليس منه، ولا من غيره تقصير، ولكن مراد الله واقع، كلما عزمنا إلى أمر جاء خلافه.

49 - سورة الحجرات

49 - سورة الْحُجُرَاتِ وَقَالَ مُجَاهِدٌ (لاَ تُقَدِّمُوا) لاَ تَفْتَاتُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى يَقْضِىَ اللَّهُ عَلَى لِسَانِهِ. (امْتَحَنَ) أَخْلَصَ. (تَنَابَزُوا) يُدْعَى بِالْكُفْرِ بَعْدَ الإِسْلاَمِ. (يَلِتْكُمْ) يَنْقُصْكُمْ، أَلَتْنَا نَقَصْنَا. 1 - باب (لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ) الآيَةَ (تَشْعُرُونَ) تَعْلَمُونَ وَمِنْهُ الشَّاعِرُ. 4845 - حَدَّثَنَا يَسَرَةُ بْنُ صَفْوَانَ بْنِ جَمِيلٍ اللَّخْمِىُّ حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ قَالَ كَادَ الْخَيِّرَانِ أَنْ يَهْلِكَا - أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ - رضى الله عنهما - رَفَعَا أَصْوَاتَهُمَا عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ قَدِمَ عَلَيْهِ رَكْبُ بَنِى تَمِيمٍ، فَأَشَارَ أَحَدُهُمَا بِالأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ أَخِى بَنِى مُجَاشِعٍ، وَأَشَارَ الآخَرُ بِرَجُلٍ آخَرَ - قَالَ نَافِعٌ لاَ أَحْفَظُ اسْمَهُ - فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ سورة الحجرات {لَا تُقَدِّمُوا} [الحجرات: 1] لا تفتاتوا) من الفوت: لا تسبقوا بالقول من افتأته: سبقه بالرأي من قدم معنى تقدم ({امْتَحَنَ} [الحجرات: 3] أخلص) من محنت الذهب إذا خلصته من ترابه ({وَلَا تَنَابَزُوا} [الحجرات: 11] يدعى بالكفر بعد الإسلام) هذا ليس معنى التنابز، قال ابن الأثير: التنابز: التداعي باللقب من النبز، -بالتحريك- وهو اللقب أكثر ما يكون في الذم، وكأن البخاري أشار إلى أنه من أخلاق الكفار؛ لقوله بعده {بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ} [الحجرات: 11] روى الإمام أحمد أن الآية نزلت في الأنصار كانوا يتنابزون في الألقاب. 4845 - (يَسَرَة) بالياء المثناة وثلاث فتحات (جميل) ضد القبيح (اللخمي) -بالخاء المعجمة- نسبة إلى لخم، قال الجوهري: هي من اليمن، ومنهم كانت الملوك في الجاهلية (كاد الخيران أن يهلكا، أبا بكر وعمر)، (أشار أحدهما بالأقرع بن حابس) الأقرع: لقبه، واسمه فراس -بكسر الفاء- (وأشار الآخر برجل آخر) الذي أشار بالأقرع: عمر،

لِعُمَرَ مَا أَرَدْتَ إِلاَّ خِلاَفِى. قَالَ مَا أَرَدْتُ خِلاَفَكَ. فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا فِي ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ) الآيَةَ. قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ فَمَا كَانَ عُمَرُ يُسْمِعُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ هَذِهِ الآيَةِ حَتَّى يَسْتَفْهِمَهُ. وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ عَنْ أَبِيهِ، يَعْنِى أَبَا بَكْرٍ. طرفه 4367 4846 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ سَعْدٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ أَنْبَأَنِى مُوسَى بْنُ أَنَسٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - افْتَقَدَ ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا أَعْلَمُ لَكَ عِلْمَهُ. فَأَتَاهُ فَوَجَدَهُ جَالِسًا فِي بَيْتِهِ مُنَكِّسًا رَأْسَهُ فَقَالَ لَهُ مَا شَأْنُكَ. فَقَالَ شَرٌّ. كَانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ، وَهْوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ. فَأَتَى الرَّجُلُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَالَ كَذَا وَكَذَا - فَقَالَ مُوسَى - فَرَجَعَ إِلَيْهِ الْمَرَّةَ الآخِرَةَ بِبِشَارَةٍ عَظِيمَةٍ فَقَالَ «اذْهَبْ إِلَيْهِ فَقُلْ لَهُ إِنَّكَ لَسْتَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَلَكِنَّكَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ». طرفه 3613 ـــــــــــــــــــــــــــــ والرجل الآخر الذي أشار إليه الصديق: القعقاع بن معبد (ولم يذكر ذلك عن أبيه) أي: جده من طرف الأم، فإن عبد الله بن الزبير ابن أسماء بنت أبي بكر، وقد جاء في رواية أن أبا بكر قال بعد نزول الآية: "والله لا أكلمك إلا كأخي السرار" رواه ابن مردويه. فإن قلت: الحديث عن ابن أبي مليكة مرسل، قلت: أسند من طريق آخر، عن الحسن أن عبد الله بن الزبير أخبرهم، فعلم بذلك الاتصال. 4846 - (ابن عون) عبد الله (عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - افتقد ثابت بن قيس) بمعنى تفقده أي طلبه عند غيبته (فقال رجل: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا أعلم لك علمه)، (ببشارة عظيمة) -بكسر الباء- وأي بشارة أعظم من بشارة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالنجاة من النار ودخول الجنة، يا واسع العطايا: اجعلنا من الفائزين.

2 - باب (إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون)

2 - باب (إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ) 4847 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ قَدِمَ رَكْبٌ مِنْ بَنِى تَمِيمٍ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَمِّرِ الْقَعْقَاعَ بْنَ مَعْبَدٍ. وَقَالَ عُمَرُ بَلْ أَمِّرِ الأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ مَا أَرَدْتَ إِلَى - أَوْ إِلاَّ - خِلاَفِى. فَقَالَ عُمَرُ مَا أَرَدْتُ خِلاَفَكَ. فَتَمَارَيَا حَتَّى ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا، فَنَزَلَ فِي ذَلِكَ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَىِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) حَتَّى انْقَضَتِ الآيَةُ. طرفه 4367 3 - باب (وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ) 50 - سورة ق (رَجْعٌ بَعِيدٌ) رَدٌّ. (فُرُوجٍ) فُتُوقٍ وَاحِدُهَا فَرْجٌ، وَرِيدٌ فِي حَلْقِهِ، الْحَبْلُ حَبْلُ الْعَاتِقِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ (مَا تَنْقُصُ الأَرْضُ) مِنْ عِظَامِهِمْ، (تَبْصِرَةً) بَصِيرَةً (حَبَّ الْحَصِيدِ) الْحِنْطَةُ. (بَاسِقَاتٍ) الطِّوَالُ (أَفَعَيِينَا) أَفَأَعْيَا عَلَيْنَا. (وَقَالَ قَرِينُهُ) الشَّيْطَانُ الَّذِى قُيِّضَ لَهُ. (فَنَقَّبُوا) ضَرَبُوا. (أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ) لاَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ} [الحجرات: 2] 4847 - (ابن جريج) مصغر -عبد الملك (ابن أبي مليكة) -بضم الميم مصغر- اسمه عبد الله. فإن قلت: روى الحديث المتقدم، وليس فيه ذكر النداء من وراء الحجرات. قلت: الذين نادوه هؤلاء وفد تميم: الأقرع بن حابس ومن معه، رواه في الوفود، وهذا على دأبه من الاستدلال بالخفي. سورة ق ({مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [ق: 16] وريداه في حلقه) كل عنق له وريدان، كل واحدة في صفحة، وحبل الوريد ما بين العنق والمنكب [وَحَبَّ الْحَصِيدِ] [ق: 9] الحنطة) أي: مثل الحنطة ({أَفَعَيِينَا} [ق: 15]) أي: (أفأعيا علينا) يريد أن المآل واحد؛ لأنهما مترادفان، يقال: عيي بالأمر: إذا لم يهتد لوجهه ({فَنَقَّبُوا} [ق: 36]) في البلاد: (ضربوا) أي: ساروا

1 - باب (وتقول هل من مزيد)

يُحَدِّثُ نَفْسَهُ بِغَيْرِهِ حِينَ أَنْشَأَكُمْ وَأَنْشَأَ خَلْقَكُمْ. (رَقِيبٌ عَتِيدٌ) رَصَدٌ. (سَائِقٌ وَشَهِيدٌ) الْمَلَكَانِ كَاتِبٌ وَشَهِيدٌ. (شَهِيدٌ) شَاهِدٌ بِالْقَلْبِ. (لُغُوبٍ) النَّصَبُ. وَقَالَ غَيْرُهُ (نَضِيدٌ) الْكُفُرَّى مَا دَامَ فِي أَكْمَامِهِ، وَمَعْنَاهُ مَنْضُودٌ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ، فَإِذَا خَرَجَ مِنْ أَكْمَامِهِ فَلَيْسَ بِنَضِيدٍ. فِي أَدْبَارِ النُّجُومِ وَأَدْبَارِ السُّجُودِ، كَانَ عَاصِمٌ يَفْتَحُ الَّتِى فِي ق وَيَكْسِرُ الَّتِى فِي الطُّورِ، وَيُكْسَرَانِ جَمِيعًا وَيُنْصَبَانِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَوْمَ الْخُرُوجِ يَخْرُجُونَ مِنَ الْقُبُورِ. 1 - باب (وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ) 4848 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى الأَسْوَدِ حَدَّثَنَا حَرَمِىٌّ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يُلْقَى فِي النَّارِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ. حَتَّى يَضَعَ قَدَمَهُ فَتَقُولُ قَطِ قَطِ». طرفاه 6661، 7384 ـــــــــــــــــــــــــــــ ({شَهِيدٌ} [ق: 37] شاهد: بالقلب) تفسير لقوله: {أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [ق: 37]. (الطلع: الكُفَرّى ما دام في أكماكه) جمع كم بكسر الكاف، والكفرى: -بضم الكاف وفتح الفاء وتشديد الراء- وعاء الطلع، أراد به الطلع هنا ({وَأَدْبَارَ السُّجُودِ} [ق: 40]) كان عاصم يفتح [التي] في ق، ويكسر التي في الطور الأول، ليس مخصوصًا بعاصم، بل عاصم وأبو عمرو وابن عامر والكسائي، وأما آخر الطور فاتفق [القراء] السبعة على كسره، هذا من طريق التيسير والشاطبي، ومن طريق غيرهما فتحه هارون عن أبي عمرو، والجعفي عن شعبة، وزيد عن يعقوب، كذا نقله الجعبري، ومن ليس له قدم في هذا الفن زعم أن فتح آخر الطور من الشواذ. باب قوله: {وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} [ق: 30] 4848 - (حرمي) بفتح الحاء والراء ({وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} [ق: 30] حتى يضع قدمه فيها) أي الرب تعالى (فتقول: قط قط) هذا من أحاديث الصفات، والسلف ساكتون عنه، وللخلف فيه أقوال:

4849 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْقَطَّانُ حَدَّثَنَا أَبُو سُفْيَانَ الْحِمْيَرِىُّ سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ مَهْدِىٍّ حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ وَأَكْثَرُ مَا كَانَ يُوقِفُهُ أَبُو سُفْيَانَ «يُقَالُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ فَيَضَعُ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدَمَهُ عَلَيْهَا فَتَقُولُ قَطِ قَطِ». طرفاه 4850، 7449 4850 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «تَحَاجَّتِ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ فَقَالَتِ النَّارُ أُوثِرْتُ بِالْمُتَكَبِّرِينَ وَالْمُتَجَبِّرِينَ. وَقَالَتِ الْجَنَّةُ: ـــــــــــــــــــــــــــــ الأول: أن القدم طائفة قدمهم الله للنار في علمه، وحمل عليه رواية أبي ذر "رجله"، فإن الرجل جاء في اللغة بمعنى الجماعة كما تقدم في حديث أيوب "رجل من الجراد"، وقيل غير هذا، وأحسن ما يقال: إن هذا كلام على طريق المثل للردع والزجر، فإن من وضع شيئًا تحت [قدمه] فقد بالغ في إذلاله، وهذا هو اللائق بكبريائه تعالى كسائر صفاته العليا، فإنها في أقصى الغايات ونهاية النهايات، وقط: بفتح القاف وسكون الطاء، وكسرها مع التنوين وبدونه، وقطني بزيادة النون، وقطي: بالياء بدون النون، وفيه لغات أخر، والكل بمعنى: حسبي وكفاني. 4849 - (وأكثر ما كان يوقف أبو سفبان) المشهور يقفه، والحديث موقوف، ويوقفه أيضًا لغة، وأبو سفيان هذا هو: الحميري، والراوي عنه: محمد بن موسى القطان. 4850 - (معمر) بفتح الميمين بينهما عين ساكنة (عن همام) بفتح الهاء وتشديد النون (تحاجت الجنة والنار) قد سلف منا مرارًا أن الكلام في أمثاله محمول على الحقيقة لإمكانها وفخامة المعنى، فلا ضرورة لصرف الكلام عن ظاهره، وقد يقال: تصوير وتمثيل، قال الجوهري: الحجاج التخاصم، والذي يجب حمل الحديث عليه أن الحجاج مجاز عن إظهار الشكاية، كان كل واحدة تشكت إلى الأخرى، ألا ترى إلى قولها: (ما لي) كأنها تنكر ما ابتليت به (أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين) الفرق أن التكبر فيه معنى الاستعلاء، والتجبر فيه

2 - باب (وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب)

مَا لِى لاَ يَدْخُلُنِى إِلاَّ ضُعَفَاءُ النَّاسِ وَسَقَطُهُمْ. قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِلْجَنَّةِ أَنْتِ رَحْمَتِى أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِى. وَقَالَ لِلنَّارِ إِنَّمَا أَنْتِ عَذَابٌ أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِى. وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مِلْؤُهَا، فَأَمَّا النَّارُ فَلاَ تَمْتَلِئُ حَتَّى يَضَعَ رِجْلَهُ فَتَقُولُ قَطٍ قَطٍ قَطٍ. فَهُنَالِكَ تَمْتَلِئُ وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، وَلاَ يَظْلِمُ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - مِنْ خَلْقِهِ أَحَدًا، وَأَمَّا الْجَنَّةُ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُنْشِئُ لَهَا خَلْقًا». طرفه 4849 2 - باب (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ) 4851 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ جَرِيرٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِى حَازِمٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنَّا جُلُوسًا لَيْلَةً مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَنَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ لَيْلَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ فَقَالَ «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا، لاَ تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ، فَإِنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ معنى الغلبة الأول أمر وهمي لأن الكبرياء من خواص الألوهية، والثاني له حقيقة (ما لي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس وسقطهم) السقط: الرديء من كل شيء. فإن قلت: كيف يصح هذا الحصر، وفي الجنة الأنبياء والصديقون والشهداء؟ قلت: هذا باعتبار الغالب، أو المراد رثاثة الحال لا البعد من الله وسقوط المنزلة عند الله تعالى؛ لأنه في مقابلة المتكبرين والمتجبرين، ويروى بالراء المعجمة أي: يجمع على بناء المجهول (وأما الجنة فإن الله يخلق لها خلقًا) هذا يدل على أن أصل [دخول] الجنة ليس في مقابلة عمل. باب {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} [ق: 39] كتبناه بالواو على الصواب؛ لأن النسخ اتفقت على الفاء. 4851 - روى حديث رؤية المؤمنين ربهم تعالى، وقد سلف الحديث في مواقيت الصلاة وبعده (تضامون) -بتشديد الميم- من الضم- أي: لا يحتاج في رؤيته أحد أن يضم نفسه إلى غيره كما ترى الناس في رؤية الهلال، وبتخفيف الميم من الضيم وهو الظلم، أي لا يكون أحد مظلومًا في رؤيته بأن لا يراه، وقد تقدم الكلام بأزيد من هذا (أبو حازم) يالحاء المهملة.

51 - سورة والذاريات

اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لاَ تُغْلَبُوا عَلَى صَلاَةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا». ثُمَّ قَرَأَ (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ). طرفه 554 4852 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ عَنِ ابْنِ أَبِى نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَمَرَهُ أَنْ يُسَبِّحَ فِي أَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا. يَعْنِى قَوْلَهُ (وَأَدْبَارَ السُّجُودِ). 51 - سورة وَالذَّارِيَاتِ قَالَ عَلِىٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ الرِّيَاحُ. وَقَالَ غَيْرُهُ تَذْرُوهُ تُفَرِّقُهُ (وَفِى أَنْفُسِكُمْ) تَأْكُلُ وَتَشْرَبُ فِي مَدْخَلٍ وَاحِدٍ وَيَخْرُجُ مِنْ مَوْضِعَيْنِ. (فَرَاغَ) فَرَجَعَ (فَصَكَّتْ) فَجَمَعَتْ أَصَابِعَهَا فَضَرَبَتْ جَبْهَتَهَا. وَالرَّمِيمُ نَبَاتُ الأَرْضِ إِذَا يَبِسَ وَدِيسَ. (لَمُوسِعُونَ) أَىْ لَذُو سَعَةٍ، وَكَذَلِكَ (عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ) يَعْنِى الْقَوِىَّ (زَوْجَيْنِ) الذَّكَرَ وَالأُنْثَى، وَاخْتِلاَفُ الأَلْوَانِ حُلْوٌ وَحَامِضٌ فَهُمَا زَوْجَانِ (فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ) مِنَ اللَّهِ إِلَيْهِ (إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ) مَا خَلَقْتُ أَهْلَ السَّعَادَةِ مِنْ أَهْلِ الْفَرِيقَيْنِ إِلاَّ لِيُوَحِّدُونِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ خَلَقَهُمْ لِيَفْعَلُوا، فَفَعَلَ بَعْضٌ وَتَرَكَ بَعْضٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــ سورة الذاريات (قال علي: الذاريات: الرياح) والحاملات وقرًا: السحاب، والجاريات يسرًا: السفن، والمقسمات أمرًا: الملائكة، كذا رواه الحاكم، وقال: إنه على شرط الشيخين ({تَذْرُوهُ} [الكهف: 45] تفرقه) يقال: ذروته وأذرريته ({فَرَاغَ} [الذاريات: 25] فرجع) أي: خفية. (وديس) أي وطئ من الدوس ({لَمُوسِعُونَ} [الذاريات: 47] لذو سعة) يريد أن الفعل لازم ({إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] ما خلقت أهل السعادة من أهل الفريقين إلا ليوحدون، وقال بعضهم: خلقهم ليفعلوا ففعل بعضهم وترك بعض) نقل بعضهم لتفسير الآية وجهين: الأول: أنه عام أريد به البعض بدليل قوله تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ} [الأعراف: 179].

52 - سورة والطور

وَلَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ لأَهْلِ الْقَدَرِ، وَالذَّنُوبُ الدَّلْوُ الْعَظِيمُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ (صَرَّةٍ) صَيْحَةٍ (ذَنُوبًا) سَبِيلاً. الْعَقِيمُ الَّتِى لاَ تَلِدُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحُبُكُ اسْتِوَاؤُهَا وَحُسْنُهَا (فِي غَمْرَةٍ) فِي ضَلاَلَتِهِمْ يَتَمَادَوْنَ. وَقَالَ غَيْرُهُ تَوَاصَوْا تَوَاطَئُوا وَقَالَ (مُسَوَّمَةً) مُعَلَّمَةً مِنَ السِّيمَا. قتل الإنسان: لعن. 52 - سورة وَالطُّورِ وَقَالَ قَتَادَةُ (مَسْطُورٍ) مَكْتُوبٍ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ الطُّورُ الْجَبَلُ بِالسُّرْيَانِيَّةِ. (رَقٍّ مَنْشُورٍ) صَحِيفَةٍ. (وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ) سَمَاءٌ. (الْمَسْجُورِ) الْمُوقَدِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والثاني: أنه خلق الكل للعبادة إلا أن بعضهم تركه، ولم يكن ذلك مراد الله وإلا لوقع، وهذا فيه ........ للمعتزلة أن يقولوا: تخلف مراده هنا، والتحقيق في هذا المقام أن اللام تدل على غاية الفعل، ولا دلالة فيها على الإرادة إلا إذا كانت تلك الغاية غرضًا، ولا ملازمة بين الغاية والغرض، وروى محيي السنة عن علي أنه قال: معناه إلا لأمرهم بالعبادة، وهنا وجه آخر، وهو أن ينسب الفعل إلى الجميع، ولا يراد صدوره عن كل فرد كما قال تعالى: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا} [النحل: 8] وقد لا يركب بعضها، أو مستعدين للعبادة بإفاضة الأسباب ورفع العوائق، أو ليكونوا عبادًا إلي مفتقرين إلي لقوله بعده: {مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ} [الذاريات: 57] ومع هذه المعاني الحسنة لا يبقى للمعتزلة مجال للاستدلال بالآية. وقال بعض الشارحين: قوله: (لا حجة فيه لأهل القدر) ردٌّ لقولهم: الشر لا تتعلق به إرادته تعالى، أو أراد الرد عليهم بأن تعليل كل فعل منه واجب، فرد بأن وقوع تعليل لفعل لا يوجب التعليل، ونحن نقول بجواز التعليل، أو رد عليهم في دعواهم أن فعل العبد مخلوق له بأن الإسناد إليه الكسب. هذا كلامه، وأنا أقول: قول البخاري -أراد فعل العبادة من أهل السعادة، أو أراد من الكل، ففعل بعض وترك بعض- أي ارتباط له بما ذكره هذا القائل؟! على أن قوله: ونحن نقول بجواز التعليل خطأ؛ فان البخاري لا يقول بجواز تعليل فعله. سورة الطور ({وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ} [الطور: 6] الموقد) بالدال، وللأصيلي: الموقر -بالراء- من

1 - باب

وَقَالَ الْحَسَنُ تُسْجَرُ حَتَّى يَذْهَبَ مَاؤُهَا فَلاَ يَبْقَى فِيهَا قَطْرَةٌ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ (أَلَتْنَاهُمْ) نَقَصْنَا. وَقَالَ غَيْرُهُ (تَمُورُ) تَدُورُ. (أَحْلاَمُهُمْ) الْعُقُولُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (الْبَرُّ) اللَّطِيفُ. (كِسْفًا) قِطْعًا. الْمَنُونُ الْمَوْتُ. وَقَالَ غَيْرُهُ (يَتَنَازَعُونَ) يَتَعَاطَوْنَ. 1 - باب 4853 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ شَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنِّى أَشْتَكِى فَقَالَ «طُوفِى مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ، وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ». فَطُفْتُ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى إِلَى جَنْبِ الْبَيْتِ يَقْرَأُ بِالطُّورِ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ. طرفه 464 4854 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثُونِى عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِالطُّورِ فَلَمَّا بَلَغَ هَذِهِ الآيَةَ (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَىْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا ـــــــــــــــــــــــــــــ الوقر، وهو الحمل أي: المملوء نارًا (قال الحسن: تسجر حتى يذهب ماؤها) هذا يلائم الأول ({أَحْلَامُهُمْ} [الطور: 32] العقول) جمع حلم -بكسر الحاء- من إطلاق المسبب على السبب، لأن الحلم من شعار العقلاء ({كِسْفًا} [الطور: 44] قطعًا) -بكسر القاف وفتح الطاء- جمع قطعة، وكِسَفًا: بكسر الكاف وفتح السين وإسكانها، الأول جمع كسفة، والثاني: اسم جمع، وليس الحلم من أسماء الفعل لغة، دل عليه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ليلني منكم أولوا الأحلام والنهى". وحديث أم سلمة، وطوافها من وراء الناس سلف في أبواب الحج، وحديث ابن جبير في فداء الأُسَرَاء.

53 - سورة والنجم

السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بَلْ لاَ يُوقِنُونَ * أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُسَيْطِرُونَ) كَادَ قَلْبِى أَنْ يَطِيرَ. قَالَ سُفْيَانُ فَأَمَّا أَنَا فَإِنَّمَا سَمِعْتُ الزُّهْرِىَّ يُحَدِّثُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِالطُّورِ. لَمْ أَسْمَعْهُ زَادَ الَّذِى قَالُوا لِى. طرفه 765 53 - سورة وَالنَّجْمِ وَقَالَ مُجَاهِدٌ (ذُو مِرَّةٍ) ذُو قُوَّةٍ. (قَابَ قَوْسَيْنِ) حَيْثُ الْوَتَرُ مِنَ الْقَوْسِ. (ضِيزَى) عَوْجَاءُ. (وَأَكْدَى) قَطَعَ عَطَاءَهُ (رَبُّ الشِّعْرَى) هُوَ مِرْزَمُ الْجَوْزَاءِ (الَّذِى وَفَّى) وَفَّى مَا فُرِضَ عَلَيْهِ (أَزِفَتِ الآزِفَةُ) اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ (سَامِدُونَ) الْبَرْطَمَةُ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ يَتَغَنَّوْنَ بِالْحِمْيَرِيَّةِ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ (أَفَتُمَارُونَهُ) أَفَتُجَادِلُونَهُ، وَمَنْ قَرَأَ أَفَتَمْرُونَهُ يَعْنِى أَفَتَجْحَدُونَهُ (مَا زَاغَ الْبَصَرُ) بَصَرُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - (وَمَا طَغَى) وَلاَ جَاوَزَ مَا رَأَى. ـــــــــــــــــــــــــــــ سورة النجم ({قَابَ قَوْسَيْنِ} [النجم: 9] حيث الوتر من القوس) هذا لا يدل عليه اللفظ، قال صاحب "الكشاف": القاب والقيب، والقاد والقيد، والقاس والقيس: المقدار، أي مقدار قوسين عربيين ({ضِيزَى} [النجم: 22] عوجاء) أصل ضُيْزَى: فُعلى بضم الضاد، وإنما كسر لتسلم الياء ({الشِّعْرَى} [النجم: 49] هو مرزم الجوزاء) -بكسر الميم وسكون الراء بعدها زاي معجمة اسم فاعل من الرزوم، مما قاله مخالف، فما قاله الجوهري فإنه قال: المرزمان: الكوكبان أحدهما في الشعرى، والآخر في الذراع، وأما الشعرى فكوكب وراء الجوزاء كانت خزاعة تعبده، فرد الله عليهم بأن المعبود هو الذي خلق الشعرى ({سَامِدُونَ} [النجم: 61] البرطمة) على وزن دحرجة، وللأصيلي والقابسي: النون بدل الميم، قيل: هو اللهو، وقيل: الغضب، وقيل: السهو والغفلة (وقال عكرمة: يتغنون بلغة حمير) أي: إذا قرئ القرآن كراهية سماعه ({مَا زَاغَ الْبَصَرُ} [النجم: 17]) قبل الوصول إلى المراد أي: لا انحراف قبل السهو والغفلة ({وَمَا طَغَى} [النجم: 17]) وما تجاوز بعد الوصول، أي: العبد الكامل الذي لم يرد غير مولاه ({فَتَمَارَوْا} [القمر: 36] هذا ليس من هذه السورة، وإنما ذكره لمناسبة قوله:

1 - باب

(فَتَمَارَوْا) كَذَّبُوا. وَقَالَ الْحَسَنُ (إِذَا هَوَى) غَابَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (أَغْنَى وَأَقْنَى) أَعْطَى فَأَرْضَى. 1 - باب 4855 - حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِى خَالِدٍ عَنْ عَامِرٍ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ قُلْتُ لِعَائِشَةَ - رضى الله عنها - يَا أُمَّتَاهْ هَلْ رَأَى مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - رَبَّهُ فَقَالَتْ لَقَدْ قَفَّ شَعَرِى مِمَّا قُلْتَ، أَيْنَ أَنْتَ مِنْ ثَلاَثٍ مَنْ حَدَّثَكَهُنَّ فَقَدْ كَذَبَ، مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ كَذَبَ. ثُمَّ قَرَأَتْ (لاَ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ). (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ) وَمَنْ حَدَّثَكَ أَنَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ فَقَدْ كَذَبَ ثُمَّ قَرَأَتْ (وَمَا تَدْرِى نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا) وَمَنْ حَدَّثَكَ أَنَّهُ كَتَمَ فَقَدْ كَذَبَ ثُمَّ قَرَأَتْ (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) الآيَةَ، وَلَكِنَّهُ رَأَى جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - فِي صُورَتِهِ مَرَّتَيْنِ. طرفه 3234 ـــــــــــــــــــــــــــــ {أَفَتُمَارُونَهُ} [النجم: 12] ({أَغْنَى وَأَقْنَى} [النجم: 48] أعطى فأرضى) لف ونشر مرتب كان الظاهر: وأرضى بالواو، إلا أنه لاحظ المعنى لتأخر الإقناء عن الإغناء. 4855 - (يحيى) كذا وقع غير منسوب، نسبه ابن السكن: يحيى بن موسى (عن مسروق، قلت لعائشة: هل رأى محمد ربه؟ فقالت: لقد قف شعري) أي: من الفزع، قال النووي: رؤية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ربه رواه أنس وأبو ذر وابن عباس، وعليه جمهور العلماء أنه رآه بعيني رأسه، وإنكار عائشة ليس بناء على ما نقل، وما استدلت به من الآيتين فلا دلالة فيه؛ لأن الإدراك أخص من الرؤية لاقتضائه الإحاطة، والآية الثانية دلت على أن الكلام يكون من وراء حجاب، ولا ملازمة بينه وبين عدم الرؤية، قلت تأييدًا له: قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا} [الشورى: 51] يجب أن يحمل على حال الرؤية ليقع في مقابله، أو من وراء حجاب، لأن الوحي بإرسال الرسل مذكور بعده، يعد أقوى ما استدل به، وليس في الطرفين دليل، والمسألة نقلية، ولا مانع عقلًا، وجناب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حريٌّ بكل مقام ومزية والله أعلم.

2 - باب (فكان قاب قوسين أو أدنى)

2 - باب (فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى) حَيْثُ الْوَتَرُ مِنَ الْقَوْسِ. 4856 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِىُّ قَالَ سَمِعْتُ زِرًّا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ (فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى) قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ مَسْعُودٍ أَنَّهُ رَأَى جِبْرِيلَ لَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ. طرفه 3232 3 - باب قَوْلِهِ (فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى) 4857 - حَدَّثَنَا طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنِ الشَّيْبَانِىِّ قَالَ سَأَلْتُ زِرًّا عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى (فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى) قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَنَّ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - رَأَى جِبْرِيلَ لَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ. طرفه 3232 4 - باب (لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى) 4858 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 4856 - (أبو النعمان) -بضم النون- محمد بن الفضل (الشيباني) -نسبة إلى القبيلة- أبو إسحاق سليمان (زر بن حبيش) -بكسر المعجمة وراء مهملة، وضم الحاء وفتح الباء- مصغر حبش ({فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} [النجم: 9] قال ابن مسعود: جبريل له ستمائة جناح) وفي غير البخاري "تتناثر من ريشه الدر والياقوت". 4857 - (طلق) بفتح الطاء وسكون اللام (كنام) بفتح الغين وتشديد النون، اتفقت الروايات على أن {قَابَ قَوْسَيْنِ} قرب جبريل منه؛ لأن القرب المكاني من الله تعالى محال، هذا مما يجب الإيمان به، هان قال أحد غير هذا فضلالة، قال بعض الفضلاء: لو صحت تلك الرواية كان محمولًا على التصوير، وتمثيل المعقول بالمحسوس دلالة على أنه في غاية أعلى الرتب، وهذا الذي قاله حسن لو صحت الرواية. 4858 - و (قَبِيصة) بفتح القاف وكسر الموحدة.

5 - باب (أفرأيتم اللات والعزى)

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - (لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى) قَالَ رَأَى رَفْرَفًا أَخْضَرَ قَدْ سَدَّ الأُفُقَ. طرفه 3233 5 - باب (أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى) 4859 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا أَبُو الأَشْهَبِ حَدَّثَنَا أَبُو الْجَوْزَاءِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما فِي قَوْلِهِ (اللاَّتَ وَالْعُزَّى) كَانَ الَّلاَتُ رَجُلاً يَلُتُّ سَوِيقَ الْحَاجِّ. 4860 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ حَلَفَ فَقَالَ فِي حَلِفِهِ وَاللاَّتِ وَالْعُزَّى. فَلْيَقُلْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. وَمَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ (رأى رفرفًا أخضر قد سد الأفق) قيل: الرفرف: البساط، وقيل: [الفراش]، وقيل: لباس جبريل، وقد روي "أنه رأى جبريل في حلة من رفرف"، وكل هذا لا يناسب السياق، والظاهر أنه رأى الملائكة قد سدت الأفق، من رفرف الطير إذا حرك جناحيه، ذكره الجوهري. باب {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى} [النجم: 19] 4859 - (أبو الأشهب) العطاردي، اسمه جعفر (أبو الجوزاء) عبد الله الربعي (كان اللات رجلًا يلت السويق للحاج) هذا إنما يستقيم على قراءة من قرأ بالتشديد، قيل: اسم الرجل عمرو، هو عمرو بن لحي والد خزاعة، واسم لحي ربيعة بن الحارث، فلما مات عبدوه، قاله السهيلي. 4860 - (معمر) بفتح الميمين وسكون العين (حُميد) مصغر (من حلف فقال في حلفه: واللات والعزى فليقل: لا إله إلا الله) لأنه إن قصد التعظيم فقد كفر، وإلا فيكون هذا كفارة له، وقال أبو حنيفة: ينعقد يمينًا.

6 - باب (ومناة الثالثة الأخرى)

قَالَ لِصَاحِبِهِ تَعَالَ أُقَامِرْكَ. فَلْيَتَصَدَّقْ». أطرافه 6107، 6301، 6650 6 - باب (وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى) 4861 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ سَمِعْتُ عُرْوَةَ قُلْتُ لِعَائِشَةَ - رضى الله عنها - فَقَالَتْ إِنَّمَا كَانَ مَنْ أَهَلَّ بِمَنَاةَ الطَّاغِيَةِ الَّتِى بِالْمُشَلَّلِ لاَ يَطُوفُونَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ) فَطَافَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالْمُسْلِمُونَ. قَالَ سُفْيَانُ مَنَاةُ بِالْمُشَلَّلِ مِنْ قُدَيْدٍ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ عُرْوَةُ قَالَتْ عَائِشَةُ نَزَلَتْ فِي الأَنْصَارِ كَانُوا هُمْ وَغَسَّانُ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمُوا يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ. مِثْلَهُ. وَقَالَ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الأَنْصَارِ مِمَّنْ كَانَ يُهِلُّ لِمَنَاةَ - وَمَنَاةُ صَنَمٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ - قَالُوا يَا نَبِىَّ اللَّهِ كُنَّا لاَ نَطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ تَعْظِيمًا لِمَنَاةَ. نَحْوَهُ. طرفه 1643 ـــــــــــــــــــــــــــــ 4861 - (سمعت عروة، قلت لعائشة) لم يقل مقول عروة وهو ما تقدم من قوله: لا أرى بأسًا على من لا يطوف بين الصفا والمروة لقوله تعالى: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: 158] فردت عائشة بأن لو كان ما يظن كان حق الكلام أن يقول: أن لا يطوف، بزيادة لا، وهذا قد مرّ مرارًا. (لمناة الطاغية) بالجر صفة مناة (التي بالمُشَلَّل) -بضم الميم وفتح اللام المشددة- موضع بقُديد -بضم القاف- مصغر قَد و (غسان) -بفتح المعجمة وتشديد السين المهملة- قوم الأزد.

7 - باب (فاسجدوا لله واعبدوا)

7 - باب (فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا) 4862 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ سَجَدَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالنَّجْمِ وَسَجَدَ مَعَهُ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَالْجِنُّ وَالإِنْسُ. تَابَعَهُ ابْنُ طَهْمَانَ عَنْ أَيُّوبَ. وَلَمْ يَذْكُرِ ابْنُ عُلَيَّةَ ابْنَ عَبَّاسٍ. طرفه 1071 4863 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِىٍّ أَخْبَرَنِى أَبُو أَحْمَدَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ أَوَّلُ سُورَةٍ أُنْزِلَتْ فِيهَا سَجْدَةٌ (وَالنَّجْمِ). قَالَ فَسَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَسَجَدَ مَنْ خَلْفَهُ، إِلاَّ رَجُلاً رَأَيْتُهُ أَخَذَ كَفًّا مِنْ تُرَابٍ فَسَجَدَ عَلَيْهِ، فَرَأَيْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ قُتِلَ كَافِرًا، وَهْوَ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ. طرفه 1067 54 - سورة اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ قَالَ مُجَاهِدٌ (مُسْتَمِرٌّ) ذَاهِبٌ (مُزْدَجَرٌ) مُتَنَاهٍ. (وَازْدُجِرَ) ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ} [النجم: 62] 4862 - (أبو معمر) -بضم الميمين وسكون العين- عبد الله المنقري (سجد النبي - صلى الله عليه وسلم - وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس) أما المؤمنون، فموافقة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأما المشركون لأنهم سمعوا ذكرا آلهتهم، وقيل: لما ألقى الشيطان في قراءته تلك الغرانيق، وإما أن يكون من كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلا يجوز اعتقاده صانه الله من ذلك، كيف يصدر مدح الآلهة الباطلة ممن لا تصدر منه صغيرة، أم كيف يستقيم مع قوله {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9]؟! وقد استوفينا عليه الكلام في ..... وسورة الحج. (لم يذكر ابنُ عُلَيّة) بضم العين، وفتح اللام وتشديد الياء (ابنَ عباس) بل وقفه على عكرمة، والحديث عن ابن عباس أيضًا مرسل لم يشهد القصة. 4863 - (وسجد مَنْ خلفه إلا رجلًا) تقدم أنه أمية بن خلف. سورة اقتربت ({مُسْتَمِرٌّ} [القمر: 2] ذاهب) أي زائل ({مُزْدَجَر} [القمر: 4] متناه) التناهي المصدر.

1 - باب (وانشق القمر * وإن يروا آية يعرضوا)

فَاسْتُطِيرَ جُنُونًا (دُسُرٍ) أَضْلاَعُ السَّفِينَةِ، (لِمَنْ كَانَ كُفِرَ) يَقُولُ كُفِرَ لَهُ جَزَاءً مِنَ اللَّهِ. (مُحْتَضَرٌ) يَحْضُرُونَ الْمَاءَ. وَقَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ (مُهْطِعِينَ) النَّسَلاَنُ، الْخَبَبُ السِّرَاعُ. وَقَالَ غَيْرُهُ (فَتَعَاطَى) فَعَاطَهَا بِيَدِهِ فَعَقَرَهَا. (الْمُحْتَظِرِ) كَحِظَارٍ مِنَ الشَّجَرِ مُحْتَرِقٍ. (ازْدُجِرَ) افْتُعِلَ مِنْ زَجَرْتُ. (كُفِرَ) فَعَلْنَا بِهِ وَبِهِمْ مَا فَعَلْنَا جَزَاءً لِمَا صُنِعَ بِنُوحٍ وَأَصْحَابِهِ. (مُسْتَقِرٌّ) عَذَابٌ حَقٌّ، يُقَالُ الأَشَرُ الْمَرَحُ وَالتَّجَبُّرُ. 1 - باب (وَانْشَقَّ الْقَمَرُ * وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا) 4864 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ وَسُفْيَانَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِى مَعْمَرٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ انْشَقَّ الْقَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِرْقَتَيْنِ، فِرْقَةً فَوْقَ الْجَبَلِ وَفِرْقَةً دُونَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اشْهَدُوا». طرفه 3636 4865 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِى نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِى مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ انْشَقَّ الْقَمَرُ وَنَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَصَارَ فِرْقَتَيْنِ، فَقَالَ لَنَا «اشْهَدُوا، اشْهَدُوا». طرفه 3636 4866 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى بَكْرٌ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ عِرَاكِ بْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ ({وَدُسُرٍ} [القمر: 13] أضلاع السفينة) جمع دسار ككتب لكتاب، وقيل: هي المسامير ({لِمَنْ كَانَ كُفِرَ} [القمر: 14]) به وهو نوح عليه السلام (النسلان. الخبب) -بالخاء المعجمة- أي: السرعة، وهذا ليس من القرآن، وإنما أتى به تفسيرًا لمهطعين، وكذا (السراع) -بكسر السين- جمع سريع ({فَتَعَاطَى} [القمر: 29] فعاطى بيدها) التعاطي: التناول ({الْمُحْتَظِرِ} [القمر 31] كحظار من الشجر) أي: ما يتخذ منه مأوى للغنم (يقال: الأشَرُ المرح) بفتح الشين والراء، والذي في القرآن بكسر الشين، هذا مصدره. باب قوله: {وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} [القمر:1] 4864 - (عن أبي معمر) -بفتح الميمين وسكون العين- عبد الله بن سخبرة. 4865 - (ابن أبي نجيح) -بفتح النون وكسر الجيم- اسمه عبد الله. 4866 - (بكير) -بضم الباء مصغر.

2 - باب (تجرى بأعيننا جزاء لمن كان كفر* ولقد تركناها آية فهل من مدكر)

مَالِكٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ انْشَقَّ الْقَمَرُ فِي زَمَانِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 3638 4867 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ سَأَلَ أَهْلُ مَكَّةَ أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً فَأَرَاهُمُ انْشِقَاقَ الْقَمَرِ. طرفه 3637 4868 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ انْشَقَّ الْقَمَرُ فِرْقَتَيْنِ. طرفه 3637 2 - باب (تَجْرِى بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ* وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) قَالَ قَتَادَةُ أَبْقَى اللَّهُ سَفِينَةَ نُوحٍ حَتَّى أَدْرَكَهَا أَوَائِلُ هَذِهِ الأُمَّةِ. 4869 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) طرفه 3341 3 - باب (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) قَالَ مُجَاهِدٌ (يَسَّرْنَا) هَوَّنَّا قِرَاءَتَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 4867 - (شيبان) على وزن شعبان، روى حديث انشقاق القمر وقع مرتين، وقد أشرنا إلى بطلان شبهة الملاحدة: بأنه لو وقع لتواتر؛ لأنها أغرب قضية وقعت على وجه الأرض بالنقل لم يتواتر اكتفاء بالقرآن المجيد المعجز المتواتر. باب {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} [القمر: 14] (قال قتادة: أبقى الله سفينة نوح حتى أدركها أوائل هذه الأمة) الظاهر أن البقاء في بعض أجزائها. 4869 - 4870 - (عن أبي إسحاق) عبد الله السبيعي كان يقرأ: {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر: 17]) أي بالدال المهملة كما هو قراءة القراء السبعة.

4 - باب (أعجاز نخل منقعر * فكيف كان عذابى ونذر)

4870 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ). طرفه 3341 4 - باب (أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ * فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِى وَنُذُرِ) 4871 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلاً سَأَلَ الأَسْوَدَ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ أَوْ مُذَّكِرٍ فَقَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ يَقْرَؤُهَا (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) قَالَ وَسَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَؤُهَا (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) دَالاً. طرفه 3341 5 - باب (فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ * وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) 4872 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا أَبِى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَرَأَ (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) الآيَةَ. طرفه 3341 6 - باب (وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذَابٌ مُسْتَقِرٌّ * فَذُوقُوا عَذَابِى وَنُذُرِ) 4873 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَرَأَ (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ). طرفه 3341 7 - باب (وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) 4874 - حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَرَأْتُ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَهَلْ مِنْ مُذَّكِرٍ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) طرفه 3341 ـــــــــــــــــــــــــــــ 4871 - (أبو نعيم) -بضم النون- مصغر وكذا (زهير). 4872 - (عَبْدان) على وزن شعبان. 4873 - (محمد) كذا وقع غير منسوب قال الغساني: [كل] من ابن المثنى وابن بشار وابن الوليد يروي عن غندر، يحتمل كل منه.

8 - باب قوله (سيهزم الجمع ويولون الدبر)

8 - باب قَوْلِهِ (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ) 4875 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَحَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ وُهَيْبٍ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ وَهْوَ فِي قُبَّةٍ يَوْمَ بَدْرٍ «اللَّهُمَّ إِنِّى أَنْشُدُكَ عَهْدَكَ وَوَعْدَكَ، اللَّهُمَّ إِنْ تَشَأْ لاَ تُعْبَدْ بَعْدَ الْيَوْمِ». فَأَخَذَ أَبُو بَكْرٍ بِيَدِهِ فَقَالَ حَسْبُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلْحَحْتَ عَلَى رَبِّكَ. وَهْوَ يَثِبُ فِي الدِّرْعِ، فَخَرَجَ وَهْوَ يَقُولُ «(سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ)». طرفه 2915 9 - باب قَوْلِهِ (بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ) يَعْنِى مِنَ الْمَرَارَةِ. 4876 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ أَخْبَرَنِى يُوسُفُ بْنُ مَاهَكَ قَالَ إِنِّى عِنْدَ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ لَقَدْ أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - بِمَكَّةَ، وَإِنِّى لَجَارِيَةٌ أَلْعَبُ (بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ). طرفه 4993 4877 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ خَالِدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ وَهْوَ فِي قُبَّةٍ لَهُ يَوْمَ بَدْرٍ «أَنْشُدُكَ عَهْدَكَ وَوَعْدَكَ، اللَّهُمَّ إِنْ شِئْتَ لَمْ تُعْبَدْ بَعْدَ الْيَوْمِ أَبَدًا». فَأَخَذَ أَبُو بَكْرٍ بِيَدِهِ وَقَالَ حَسْبُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَدْ أَلْحَحْتَ عَلَى رَبِّكَ. وَهْوَ فِي الدِّرْعِ فَخَرَجَ وَهْوَ يَقُولُ «(سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ * بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ)». طرفه 2915 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله تعالى: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ} [القمر: 45] 4875 - (حوشب) -بفتح الحاء- على وزن جعفر، سلف في غزوة بدر. 4876 - 4877 - (إسحاق) كذا وقع غير منسوب، وهو ابن شاهين الواسطي، كذا نسبه جماعة (خالد) هو الطحان.

55 - سورة الرحمن

55 - سورة الرَّحْمَنِ وقال مجاهد: (بِحُسْبَانٍ) كحسبان الرحى. وقال غيره: (وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ) يُرِيدُ لِسَانَ الْمِيزَانِ، وَالْعَصْفُ بَقْلُ الزَّرْعِ إِذَا قُطِعَ مِنْهُ شَىْءٌ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَ فَذَلِكَ الْعَصْفُ. (وَالرَّيْحَانُ) رِزْقُهُ. (وَالْحَبُّ) الَّذِى يُؤْكَلُ مِنْهُ، وَالرَّيْحَانُ فِي كَلاَمِ الْعَرَبِ الرِّزْقُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ وَالْعَصْفُ يُرِيدُ الْمَأْكُولَ مِنَ الْحَبِّ، وَالرَّيْحَانُ النَّضِيجُ الَّذِى لَمْ يُؤْكَلْ. وَقَالَ غَيْرُهُ الْعَصْفُ وَرَقُ الْحِنْطَةِ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ الْعَصْفُ التِّبْنُ. وَقَالَ أَبُو مَالِكٍ الْعَصْفُ أَوَّلُ مَا يَنْبُتُ تُسَمِّيهِ النَّبَطُ هَبُورًا. وَقَالَ مُجَاهِدٌ الْعَصْفُ وَرَقُ الْحِنْطَةِ. وَالرَّيْحَانُ الرِّزْقُ، وَالْمَارِجُ اللَّهَبُ الأَصْفَرُ وَالأَخْضَرُ الَّذِى يَعْلُو النَّارَ إِذَا أُوقِدَتْ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ عَنْ مُجَاهِدٍ (رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ) لِلشَّمْسِ فِي الشِّتَاءِ مَشْرِقٌ، وَمَشْرِقٌ فِي الصَّيْفِ. (وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ) مَغْرِبُهَا فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (لاَ يَبْغِيَانِ) لاَ يَخْتَلِطَانِ (الْمُنْشَآتُ) مَا رُفِعَ قِلْعُهُ مِنَ السُّفُنِ، فَأَمَّا مَا لَمْ يُرْفَعْ قَلْعُهُ فَلَيْسَ بِمُنْشَأَةٍ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ (وَنُحَاسٌ) الصُّفْرُ يُصَبُّ عَلَى رُءُوسِهِمْ، يُعَذَّبُونَ بِهِ. (خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ) يَهُمُّ بِالْمَعْصِيَةِ فَيَذْكُرُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَيَتْرُكُهَا، الشُّوَاظُ لَهَبٌ مِنْ نَارٍ. (مُدْهَامَّتَانِ) سَوْدَاوَانِ مِنَ الرِّىِّ. (صَلْصَالٍ) طِينٌ خُلِطَ بِرَمْلٍ، فَصَلْصَلَ كَمَا يُصَلْصِلُ الْفَخَّارُ. وَيُقَالُ مُنْتِنٌ، يُرِيدُونَ بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ سورة الرحمن ({الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ} [الرحمن: 5] كحسبان الرحى) قيل: هو العود الذي تدور حوله الرحى، وقيل: جمع حساب كشهاب وشهبان، هذا هو المذكور في الجوهري، والمروي عن ابن عباس (و {الْعَصْفِ} [الرحمن: 12] بقل بقب الزرع) المنفصل، وفسره ثانيًا بـ (المأكول من الزرع)، وثالثًا بـ (التبن) ورابعًا بـ (ورق الحنطة) وقال أبو مالك) لم يعرف له اسم سوى كنيته (النبط) -بفتح النون والباء- الزراعة من أهل الريف (هبور) فعول بمعنى المفعول من الهبر، وهو القطع ({الْمُنْشَآتُ} [الرحمن: 24] ما رفع قلعه) بفتح القاف وبكسرها:

صَلَّ، يُقَالُ صَلْصَالٌ، كَمَا يُقَالُ صَرَّ الْبَابُ عِنْدَ الإِغْلاَقِ، وَصَرْصَرَ مِثْلُ كَبْكَبْتُهُ يَعْنِى كَبَبْتُهُ. (فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ) وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَيْسَ الرُّمَّانُ وَالنَّخْلُ بِالْفَاكِهَةِ، وَأَمَّا الْعَرَبُ فَإِنَّهَا تَعُدُّهَا فَاكِهَةً كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى) فَأَمَرَهُمْ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَى كُلِّ الصَّلَوَاتِ، ثُمَّ أَعَادَ الْعَصْرَ تَشْدِيدًا لَهَا، كَمَا أُعِيدَ النَّخْلُ وَالرُّمَّانُ، وَمِثْلُهَا (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ) ثُمَّ قَالَ (وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ) وَقَدْ ذَكَرَهُمْ فِي أَوَّلِ قَوْلِهِ (مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ) وَقَالَ غَيْرُهُ (أَفْنَانٍ) أَغْصَانٍ. (وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ) مَا يُجْتَنَى قَرِيبٌ. وَقَالَ الْحَسَنُ (فَبِأَىِّ آلاَءِ) نِعَمِهِ. وَقَالَ قَتَادَةُ (رَبِّكُمَا) يَعْنِى الْجِنَّ وَالإِنْسَ. وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) يَغْفِرُ ذَنْبًا، وَيَكْشِفُ كَرْبًا، وَيَرْفَعُ قَوْمًا، وَيَضَعُ آخَرِينَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (بَرْزَخٌ) حَاجِزٌ، الأَنَامُ الْخَلْقُ (نَضَّاخَتَانِ) فَيَّاضَتَانِ (ذُو الْجَلاَلِ) ذُو الْعَظَمَةِ وَقَالَ غَيْرُهُ مَارِجٌ خَالِصٌ مِنَ النَّارِ، يُقَالُ مَرَجَ الأَمِيرُ رَعِيَّتَهُ إِذَا خَلاَّهُمْ يَعْدُو بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ. مَرَجَ أَمْرُ النَّاسِ (مَرِيجٍ) مُلْتَبِسٌ (مَرَجَ) اخْتَلَطَ الْبَحْرَانِ، مِنْ مَرَجْتَ دَابَّتَكَ تَرَكْتَهَا. (سَنَفْرُغُ لَكُمْ) سَنُحَاسِبُكُمْ، لاَ يَشْغَلُهُ شَىْءٌ عَنْ شَىْءٍ وَهْوَ مَعْرُوفٌ فِي كَلاَمِ الْعَرَبِ يُقَالُ لأَتَفَرَّغَنَّ لَكَ وَمَا بِهِ شُغْلٌ يَقُولُ لآخُذَنَّكَ عَلَى غِرَّتِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ إشراعه. صَلْصَلَ كدحرج أي: صوّت (وقال بعضهم: ليس الرمان والنخل بفاكهة) اعترض على أبي حنيفة رحمه الله، ودليله: وهو أنه لو كانا فاكهة لما عطفا على الفاكهة، بأن هذا من قبيل (قوله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238]) يريد أنه باب عطف الخاص على العام لمزية فيه ({أَفْنَانٍ} [الرحمن: 48] أغصان) جمع فنن على وزن فرس (قال أبو الدرداء: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} [الرحمن: 29] يغفر ذنبًا. ويكشف كربًا) ما نقله عنه إنما هو على طريق المثال لا الحصر (مرج الأمير: رعيته إذا خلّاهم يَعْدُو بعضهم على بعض) هذا ليس تفسيرًا للخلط، بل معنى آخر، وهو قريب من معنى الاختلاط الذي ذكره بعده.

1 - باب قوله (ومن دونهما جنتان)

1 - باب قَوْلِهِ (وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ) 4878 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى الأَسْوَدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الْعَمِّىُّ حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِىُّ عَنْ أَبِى بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «جَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ، آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا وَجَنَّتَانِ مِنْ ذَهَبٍ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَمَا بَيْنَ الْقَوْمِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى رَبِّهِمْ إِلاَّ رِدَاءُ الْكِبْرِ عَلَى وَجْهِهِ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ». طرفاه 4880، 7444 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ} [الرحمن: 62] 4878 - (العَمِّيُ) بتشديد الميم نسبة إلى العم (أبو عمران الجوني) اسمه: عبد الملك (وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن) الوجه لما كان أشرف الأعضاء يعبر به عن الذات، ولا جارحة هناك تعالى عن ذلك، ومعنى الحديث: أن المؤمنين في جنة عدن يرون ربهم إذا تعلقت إرادته تعالى بذلك، ومساق الكلام على طريق المثل، إذ معلوم أن لا رداء هناك، ألا ترى إلى قوله في الحديث "الكبرياء ردائي" وهذا مما لا يتوقف فيه ذو مسكه. قال بعض الشارحين: الحديث مشعر بأن رؤية الله غير واقعة، قلت: لا يلزم من عدمها في جنة عدن عدمها مطلقًا، أو رداء الكبرياء غير مانع، انظر كيف يفسد الكلام، ويحرف معناه إذا قال لك إنسان: أعطني درهمًا وقلت: ما بينك وبين الدرهم إلا أن تقرأ سورة كذا، فهذا يدل على حصول الدرهم إذا قرأ، أو على عدمه، وليت شعري إذا لم تكن الرؤية في جنة عدن التي هي دار الإقامة، ففي أي مكان تكون؟! وأعجب من هذا قوله: أو رداء الكبرياء غير مانع، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: [ما] بينهم وبين النظر إلا رداء الكبرياء، وهل يَعْقِل هذا الذي قاله عاقِلٌ من هذه العبارة؟! ثم قال: في جنة عدن طوف القوم، وهذا بناء على توهمه بأن النظر ليس في جنة عدن، وقد علمت أنه ظرف النظر، وإنما يبالغ في أمثال، هذه المواضع إرشاد للمفسدين.

2 - باب (حور مقصورات فى الخيام)

2 - باب (حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ) وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (حُورٌ) سُودُ الْحَدَقِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ (مَقْصُورَاتٌ) مَحْبُوسَاتٌ، قُصِرَ طَرْفُهُنَّ وَأَنْفُسُهُنَّ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ، قَاصِرَاتٌ لاَ يَبْغِينَ غَيْرَ أَزْوَاجِهِنَّ. 4879، 4880 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِىُّ عَنْ أَبِى بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ خَيْمَةً مِنْ لُؤْلُؤَةٍ مُجَوَّفَةٍ، عَرْضُهَا سِتُّونَ مِيلاً، فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ مِنْهَا أَهْلٌ، مَا يَرَوْنَ الآخَرِينَ يَطُوفُ عَلَيْهِمُ الْمُؤْمِنُونَ». «وَجَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ، آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَجَنَّتَانِ مِنْ كَذَا آنِيَتُهُمَا، وَمَا فِيهِمَا، وَمَا بَيْنَ الْقَوْمِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى رَبِّهِمْ إِلاَّ رِدَاءُ الْكِبْرِ عَلَى وَجْهِهِ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ». 56 - سورة الْوَاقِعَةِ وَقَالَ مُجَاهِدٌ (رُجَّتْ) زُلْزِلَتْ (بُسَّتْ) فُتَّتْ لُتَّتْ كَمَا يُلَتُّ السَّوِيقُ، الْمَخْضُودُ الْمُوقَرُ حَمْلاً، وَيُقَالُ أَيْضًا لاَ شَوْكَ لَهُ (مَنْضُودٍ) الْمَوْزُ، وَالْعُرُبُ الْمُحَبَّبَاتُ إِلَى أَزْوَاجِهِنَّ (ثُلَّةٌ) أُمَّةٌ (يَحْمُومٍ) دُخَانٌ أَسْوَدُ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} [الرحمن: 72] (وقال ابن عباس حور: سود الحدق) أي مع البياض كما يقع كثيرًا في الأشعار، وقيل: بل لا بياض فيها مثل عيون الماء. 4880 - (إن في الجنة خيمة مجوفة عرضها ستون ميلًا) أي: لكل مؤمن، وإذا كان هذا حال أدنى المؤمنين، فما ظنك بالمقربين؟ وإذا كان هذا العرض الذي هو أقصر من الطول، فما ظنك بالطول؟ اللهم اجعلنا من الفائزين بذلك بمحض عطائك، لا بعمل منا يا واسع العطاء. سورة الواقعة ({وَبُسَّتِ} [الواقعة:5] فتت) -بضم [الفاء] وتشديد التاء- من الفت وهو الكسر

1 - باب قوله (وظل ممدود)

(يُصِرُّونَ) يُدِيمُونَ. الْهِيمُ الإِبِلُ الظِّمَاءُ (لَمُغْرَمُونَ) لَمُلْزَمُونَ (رَوْحٌ) جَنَّةٌ وَرَخَاءٌ (وَرَيْحَانٌ) الرِّزْقُ (وَنَنْشَأَكُمْ) فِي أَىِّ خَلْقٍ نَشَاءُ. وَقَالَ غَيْرُهُ (تَفَكَّهُونَ) تَعْجَبُونَ (عُرُبًا) مُثَقَّلَةً وَاحِدُهَا عَرُوبٌ مِثْلُ صَبُورٍ وَصُبُرٍ، يُسَمِّيهَا أَهْلُ مَكَّةَ الْعَرِبَةَ، وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ الْغَنِجَةَ، وَأَهْلُ الْعِرَاقِ الشَّكِلَةَ. وَقَالَ فِي (خَافِضَةٌ) لِقَوْمٍ إِلَى النَّارِ، وَ (رَافِعَةٌ) إِلَى الْجَنَّةِ (مَوْضُونَةٍ) مَنْسُوجَةٍ، وَمِنْهُ وَضِينُ النَّاقَةِ، وَالْكُوبُ لاَ آذَانَ لَهُ وَلاَ عُرْوَةَ، وَالأَبَارِيقُ ذَوَاتُ الآذَانِ وَالْعُرَى. (مَسْكُوبٍ) جَارٍ (وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ) بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ (مُتْرَفِينَ) مُتَمَتِّعِينَ (مَا تُمْنُونَ) هِىَ النُّطْفَةُ فِي أَرْحَامِ النِّسَاءِ. (لِلْمُقْوِينَ) لِلْمُسَافِرِينَ، وَالْقِىُّ الْقَفْرُ. (بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ) بِمُحْكَمِ الْقُرْآنِ، وَيُقَالُ بِمَسْقِطِ النُّجُومِ إِذَا سَقَطْنَ، وَمَوَاقِعُ وَمَوْقِعٌ وَاحِدٌ. (مُدْهِنُونَ) مُكَذِّبُونَ مِثْلُ (لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ). (فَسَلاَمٌ لَكَ) أَىْ مُسَلَّمٌ لَكَ إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ، وَأُلْغِيَتْ إِنَّ وَهْوَ مَعْنَاهَا كَمَا تَقُولُ أَنْتَ مُصَدَّقٌ مُسَافِرٌ عَنْ قَلِيلٍ، إِذَا كَانَ قَدْ قَالَ إِنِّى مُسَافِرٌ عَنْ قَلِيلٍ. وَقَدْ يَكُونُ كَالدُّعَاءِ لَهُ كَقَوْلِكَ فَسَقْيًا مِنَ الرِّجَالِ. إِنْ رَفَعْتَ السَّلاَمَ فَهْوَ مِنَ الدُّعَاءِ (تُورُونَ) تَسْتَخْرِجُونَ. أَوْرَيْتُ أَوْقَدْتُ. (لَغْوًا) بَاطِلاً. (تَأْثِيمًا) كَذِبًا. 1 - باب قَوْلِهِ (وَظِلٍّ مَمْدُودٍ) 4881 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ ({الْهِيمِ} [الواقعة: 55] الإبل الظمأ) من الهيام -بضم الهاء- العطش ({عُرُبًا} [الواقعة: 37] مثقلة) يريد أن الراء متحركة، ولكن قرئ بسكون الراء في السبع، العربة، والغنجة، والشكلة ثلاثها بفتح الأول وكسر الثاني (وضين الناقة) بطان منسوج كالحزام للسرج (والقيُّ: القفر) ({بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} [الواقعة: 75]) وقد قرئ بهما (مدهنون: مكذبون) مأخوذ من الدهن كأنه مكذب برفق ({فَسَلَامٌ لَكَ} [الواقعة: 91] إنك {مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ} [الواقعة: 91]) (وأُلغيت إن) أي: في اللفظ، وإن كانت مرادة (إن رفعت السلام فهو من الدعاء) فيه نظر؛ لأن القراءة بالرفع لا غير، ولو قرئ بالنصب لا يخرج من الدعاء كما نقله في سقيًا. 4881 - (عن أبي الزناد) بالزاي بعدها نون عبد الله بن ذكوان، ......................

57 - الحديد

أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَبْلُغُ بِهِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ لاَ يَقْطَعُهَا، وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ (وَظِلٍّ مَمْدُودٍ)». طرفه 3252 57 - الْحَدِيدُ قَالَ مُجَاهِدٌ (جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ) مُعَمَّرِينَ فِيهِ. (مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ) مِنَ الضَّلاَلَةِ إِلَى الْهُدَى. (وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ) جُنَّةٌ وَسِلاَحٌ. (مَوْلاَكُمْ) أَوْلَى بِكُمْ. (لِئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ) لِيَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ. يُقَالُ الظَّاهِرُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ عِلْمًا وَالْبَاطِنُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ عِلْمًا. (أَنْظِرُونَا) انْتَظِرُونَا. 58 - الْمُجَادِلَةُ وَقَالَ مُجَاهِدٌ (يُحَادُّونَ) يُشَاقُّونَ اللَّهَ. (كُبِتُوا) أُخْزِيُوا، مِنَ الْخِزْىِ (اسْتَحْوَذَ) غَلَبَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (30)} [الواقعة: 30]) فإن قلت: ليس في الجنة شمس، ما معنى الظل هناك؟ قلت: ذلك على طريق ما يتعارفه الناس، والمراد تحت الشجر. سورة الحديد {وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} [الحديد: 25] جنة وسلاح) مثال للمنافع ليس فيه معنى الحصر {وَالْبَاطِنُ} [الحديد: 3] على كل شيء) كان الظاهر عن كل شيء، كأنه ضمنه معشى العلو، أي: كونه معلومًا مستعليًا على العقول لا تدركه، وقيل: أراد أنه عالم بواطن الأشياء، لأن الظاهر على كل شيء، دل على علمه بكل شيء ظاهره، فالباطن يدل على علمه ببواطن الأمور {انْظُرُونَا} [الحديد: 13] انتظرونا) من نظر بمعنى ينظر، وقراءة حمزة: أنظرونا بقطع الهمزة على أنه بمعنى أنظر أيضًا، أو على أن معناه التأخير أي: أخروا لنا المرور ساعة نقتبس من نوركم، لم يرو في هذه السورة حديثًا، وقد روى مسلم عن ابن مسعود "لم يكن بين إسلامنا وبين أن عاتبنا الله تعالى بقوله: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} [الحديد: 16] إلا أربع سنين". سورة المجادلة ({يُحَادُّونَ} [المجادلة: 5] يشاقون) لأن كل واحد من الخصمين في شق وحد.

59 - سورة الحشر

59 - سورة الْحَشْرِ (الْجَلاَءَ) {الإِخْرَاجُ} مِنْ أَرْضٍ إِلَى أَرْضٍ. 4882 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ قُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ سُورَةُ التَّوْبَةِ قَالَ التَّوْبَةُ هِىَ الْفَاضِحَةُ، مَا زَالَتْ تَنْزِلُ وَمِنْهُمْ وَمِنْهُمْ، حَتَّى ظَنُّوا أَنَّهَا لَمْ تُبْقِ أَحَدًا مِنْهُمْ إِلاَّ ذُكِرَ فِيهَا. قَالَ قُلْتُ سُورَةُ الأَنْفَالِ. قَالَ نَزَلَتْ فِي بَدْرٍ. قَالَ قُلْتُ سُورَةُ الْحَشْرِ. قَالَ نَزَلَتْ فِي بَنِى النَّضِيرِ. طرفه 4029 4883 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُدْرِكٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ سَعِيدٍ قَالَ قُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - سُورَةُ الْحَشْرِ قَالَ قُلْ سُورَةُ النَّضِيرِ. طرفه 4029 1 - باب (مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ) نَخْلَةٍ مَا لَمْ تَكُنْ عَجْوَةً أَوْ بَرْنِيَّةً. 4884 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَرَّقَ نَخْلَ بَنِى النَّضِيرِ وَقَطَعَ، وَهْىَ الْبُوَيْرَةُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى (مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِىَ الْفَاسِقِينَ). طرفه 2326 ـــــــــــــــــــــــــــــ سورة الحشر {الْجَلَاءَ} [الحشر: 3] الإخراج من أرض إلى أرض) وكذا الإجلاء، وجاءا لازمين أيضًا. 4882 - (هشيم) بضم الهاء مصغر (أبو بشر) بكسر الموحدة اسمه جعفر. 4883 - (أبو عوانة) -بفتح العين- الوضاح اليشكري (قلت: سورة الحشر، قال: قل سورة النضير) وإنما نهاه عن قوله: سورة الحشر؛ لأنه يتبادر منه الحشر يوم القيامة، وليس بمراد، بل المراد جلاء اليهود إلى أرض الشام.

2 - باب قوله (ما أفاء الله على رسوله)

2 - باب قَوْلُهُ (مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ) 4885 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ - غَيْرَ مَرَّةٍ - عَنْ عَمْرٍو عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ عَنْ عُمَرَ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَتْ أَمْوَالُ بَنِى النَّضِيرِ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - مِمَّا لَمْ يُوجِفِ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ بِخَيْلٍ وَلاَ رِكَابٍ، فَكَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَاصَّةً، يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ مِنْهَا نَفَقَةَ سَنَتِهِ، ثُمَّ يَجْعَلُ مَا بَقِىَ فِي السِّلاَحِ وَالْكُرَاعِ، عُدَّةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ. طرفه 2904 3 - باب (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ) 4886 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُوتَشِمَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ ـــــــــــــــــــــــــــــ 4885 - (أوس بن الحدثان) بفتح الحاء والدال (كانت أموال بني النضير وقريظة) طائفتان من أولاد هارون دخلوا أرض العرب لما تنصر أهل الروم، أما النضير فإنهم نقضوا العهد، فأجلاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فتركوا أموالهم، (فكانت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -) لأنهم تركوها بلا قتال، وأما قريظة فنقضوا العهد، فقتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقاتلتهم وسبى ذراريهم لهم. باب قوله: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} [الحشر: 7] 4886 - (لعن الله الواشمات والمستوشمات) الوشم غرز الإبرة في الجلد ليسيل منه الدم، ثم يجعل فيه النيل ونحوه. الواشمات: الفاعلات لذلك، المستوشمات: الطالبات لذلك، وعلة النهي: كونه تغيير خلق الله، كأنها لم ترض به، ولما كان حسن الأشياء شرعيًّا، فلا يرد الختان وقص الأظفار والشوارب، على أن هذه الأشياء الغرض منها: التطهير، وتحسين الصورة الشريفة، والتفلج: من الفلج -بالجيم- وهو: تباعد الأسنان أي: الثنايا والرباعيات في الجملة، وهو ممدوح إذا كان خِلْقَةً، وهو من حلية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان مفلج الثغر، وفي رواية "الواشرة"، والوشر أيضًا: تفليج الأسنان.

4 - باب (والذين تبوءوا الدار والإيمان)

وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ. فَبَلَغَ ذَلِكَ امْرَأَةً مِنْ بَنِى أَسَدٍ يُقَالُ لَهَا أُمُّ يَعْقُوبَ، فَجَاءَتْ فَقَالَتْ إِنَّهُ بَلَغَنِى أَنَّكَ لَعَنْتَ كَيْتَ وَكَيْتَ. فَقَالَ وَمَا لِى لاَ أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَنْ هُوَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَقَالَتْ لَقَدْ قَرَأْتُ مَا بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ فَمَا وَجَدْتُ فِيهِ مَا تَقُولُ. قَالَ لَئِنْ كُنْتِ قَرَأْتِيهِ لَقَدْ وَجَدْتِيهِ، أَمَا قَرَأْتِ (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا). قَالَتْ بَلَى. قَالَ فَإِنَّهُ قَدْ نَهَى عَنْهُ. قَالَتْ فَإِنِّى أَرَى أَهْلَكَ يَفْعَلُونَهُ. قَالَ فَاذْهَبِى فَانْظُرِى. فَذَهَبَتْ فَنَظَرَتْ فَلَمْ تَرَ مِنْ حَاجَتِهَا شَيْئًا، فَقَالَ لَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ مَا جَامَعَتْنَا. أطرافه 4887، 5931، 5939، 5943، 5948 4887 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ ذَكَرْتُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَابِسٍ حَدِيثَ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْوَاصِلَةَ فَقَالَ سَمِعْتُهُ مِنِ امْرَأَةٍ يُقَالُ لَهَا أُمُّ يَعْقُوبَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مِثْلَ حَدِيثِ مَنْصُورٍ. طرفه 4886 4 - باب (وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ) 4888 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ قَالَ عُمَرُ رضى الله عنه أُوصِى الْخَلِيفَةَ بِالْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ أَنْ يَعْرِفَ لَهُمْ حَقَّهُمْ، وَأُوصِى الْخَلِيفَةَ بِالأَنْصَارِ الَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُهَاجِرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَقْبَلَ مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَيَعْفُوَ عَنْ مُسِيئِهِمْ. طرفه 1392 ـــــــــــــــــــــــــــــ 4887 - (عابس) بالموحدة بعدها مهملة (لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الواصلة) هي التي تصل شعرها بشعرٍ آخر، هذه الفاعلة و (المستوصلة) التي يوصل بشعرها، هذا موضع الدلالة، ولم يورد في حديث المرأة شيء مع أنها الواصلة كما هو شأنه من الاستدلال بالخفي. باب {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ} [الحشر: 9] 4888 - الآية في حق الأنصار كما صرح به في الحديث (بالمهاجرين الأولين) هم الذين صلوا إلى القبلتين، وقيل: أهل بيعة الرضوان و (أبو بكر) هو ابن عياش (حصين) بضم الحاء مصغر.

5 - باب قوله (ويؤثرون على أنفسهم) الآية

5 - باب قَوْلِهِ (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ) الآيَةَ الْخَصَاصَةُ الْفَاقَةُ. (الْمُفْلِحُونَ) الْفَائِزُونَ بِالْخُلُودِ، الْفَلاَحُ الْبَقَاءُ، حَىَّ عَلَى الْفَلاَحِ عَجِّلْ. وَقَالَ الْحَسَنُ (حَاجَةً) حَسَدًا. 4889 - حَدَّثَنِى يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كَثِيرٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ غَزْوَانَ حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ الأَشْجَعِىُّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَصَابَنِى الْجَهْدُ فَأَرْسَلَ إِلَى نِسَائِهِ فَلَمْ يَجِدْ عِنْدَهُنَّ شَيْئًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَلاَ رَجُلٌ يُضَيِّفُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ يَرْحَمُهُ اللَّهُ». فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ فَقَالَ لاِمْرَأَتِهِ ضَيْفُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لاَ تَدَّخِرِيهِ شَيْئًا. قَالَتْ وَاللَّهِ مَا عِنْدِى إِلاَّ قُوتُ الصِّبْيَةِ. قَالَ فَإِذَا أَرَادَ الصِّبْيَةُ الْعَشَاءَ فَنَوِّمِيهِمْ، وَتَعَالَىْ فَأَطْفِئِى السِّرَاجَ وَنَطْوِى بُطُونَنَا اللَّيْلَةَ. فَفَعَلَتْ ثُمَّ غَدَا الرَّجُلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «لَقَدْ عَجِبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ - أَوْ ضَحِكَ - مِنْ فُلاَنٍ وَفُلاَنَةَ». فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ). طرفه 3798 ـــــــــــــــــــــــــــــ 4889 - (أبو أسامة) بضم الهمزة (فضيل) بضم الفاء مصغر (غزوان) بفتح الغين وسكون الزاي المعجمة (أبو حازم) -بالحاء- سلمان (الأشجعي)، (أتى رجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصابني الجهد) -بضم الجيم- المشقة، شكا الجوع، في "الأوسط" للطبراني أن هذا الرجل أبو هريرة راوي الحديث، وقال الواقدي: رجل من أصحاب الصفة، ولا تنافي بين القولين، فإن أبا هريرة من أصحاب الصفة (فقام رجل من الأنصار) هو أبو طلحة، قاله الخطيب والحميدي، وقيل: عبد الله بن رواحة، وقيل: ثابت بن قيس، وقيل أبو طلحة، وليس المشهور زيد بن سهل بل آخر (قال لامرأته: ضيف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا تدخريه شيئًا، قالت: والله ما عندي إلا قوت الصبية) جمع صبي. فإن قلت: نفقة الأولاد واجبة، والضيافة مندوبة. قلت: لأن الرجل في ضرورة، وكان الصبية لا بأس بهم باتوا كذلك، لا سيما وهو ضيف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يقاس بسائر الضيفان (لقد عجب أو ضحك من فلان) العجب والضحك على الله محالان، فالمراد منهما كمال الرضا والقبول، فإن الإنسان إذا استحسن شيئًا عجب منه وضحك.

60 - سورة الممتحنة

60 - سورة الْمُمْتَحِنَةِ وَقَالَ مُجَاهِدٌ (لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً) لاَ تُعَذِّبْنَا بِأَيْدِيهِمْ فَيَقُولُونَ لَوْ كَانَ هَؤُلاَءِ عَلَى الْحَقِّ مَا أَصَابَهُمْ هَذَا (بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ) أُمِرَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِفِرَاقِ نِسَائِهِمْ، كُنَّ كَوَافِرَ بِمَكَّةَ. 1 - باب (لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّى وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ) 4890 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ حَدَّثَنِى الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِىٍّ أَنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِى رَافِعٍ كَاتِبَ عَلِىٍّ يَقُولُ سَمِعْتُ عَلِيًّا - رضى الله عنه - يَقُولُ بَعَثَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَا وَالزُّبَيْرَ وَالْمِقْدَادَ فَقَالَ «انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ فَإِنَّ بِهَا ظَعِينَةً مَعَهَا كِتَابٌ فَخُذُوهُ مِنْهَا». فَذَهَبْنَا تَعَادَى بِنَا خَيْلُنَا حَتَّى أَتَيْنَا الرَّوْضَةَ فَإِذَا نَحْنُ بِالظَّعِينَةِ فَقُلْنَا أَخْرِجِى الْكِتَابَ فَقَالَتْ مَا مَعِى مِنْ كِتَابٍ. فَقُلْنَا لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ أَوْ لَنُلْقِيَنَّ الثِّيَابَ. فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ عِقَاصِهَا فَأَتَيْنَا بِهِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَإِذَا فِيهِ مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِى بَلْتَعَةَ إِلَى أُنَاسٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِمَّنْ بِمَكَّةَ يُخْبِرُهُمْ بِبَعْضِ أَمْرِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَا هَذَا يَا حَاطِبُ». قَالَ لاَ تَعْجَلْ ـــــــــــــــــــــــــــــ سورة الممتحنة {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: 10]) جمع عصمة، أريد به النكاح، والجار متعلق بقوله: {وَلَا تُمْسِكُوا}. 4890 - (الحميدي) -بضم الحاء- منسوب مصغر، والحديث في أبواب الجهاد. وملخصُه: أنه أراد أن يتخذ عند المشركين يدًا، وكان ذلك منه خلاف الأولى، ولذلك صدر السورة {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} [الممتحنة: 10] ثم عاتب المؤمنين على موالاة الكفار، وإن لم يصدر منهم شيء تحذيرًا عن مثل فعل حاطب (روضة خاخ) -بخاءين معجمتين- اسم مكان (فإن بها ظعينة) المرأة إذا كانت في الهودج، ثم اتسع فيه (تعادى بنا) بفتح التاء، حذفت منه التاء الأولى (لنلقين) بنون التأكيد، كان القياس حذف الياء منه، قال بعضهم: إنما أبقيت الياء مشاكلة (لتخرجن) وهذا سهو؛ لأن المشاكلة إنما هي في صدقها، والظاهر أنه وقع في

2 - باب (إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات)

عَلَىَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى كُنْتُ امْرَأً مِنْ قُرَيْشٍ وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَكَانَ مَنْ مَعَكَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ لَهُمْ قَرَابَاتٌ يَحْمُونَ بِهَا أَهْلِيهِمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِمَكَّةَ فَأَحْبَبْتُ إِذْ فَاتَنِى مِنَ النَّسَبِ فِيهِمْ أَنْ أَصْطَنِعَ إِلَيْهِمْ يَدًا يَحْمُونَ قَرَابَتِى وَمَا فَعَلْتُ ذَلِكَ كُفْرًا وَلاَ ارْتِدَادًا عَنْ دِينِى. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكُمْ». فَقَالَ عُمَرُ دَعْنِى يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ. فَقَالَ «إِنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ». قَالَ عَمْرٌو وَنَزَلَتْ فِيهِ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّى وَعَدُوَّكُمْ) قَالَ لاَ أَدْرِى الآيَةَ فِي الْحَدِيثِ أَوْ قَوْلُ عَمْرٍو. حَدَّثَنَا عَلِىٌّ قِيلَ لِسُفْيَانَ فِي هَذَا فَنَزَلَتْ (لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّى) قَالَ سُفْيَانُ هَذَا فِي حَدِيثِ النَّاسِ حَفِظْتُهُ مِنْ عَمْرٍو وَمَا تَرَكْتُ مِنْهُ حَرْفًا وَمَا أُرَى أَحَدًا حَفِظَهُ غَيْرِى. طرفه 3007 2 - باب (إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ) 4891 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِى ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمِّهِ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَمْتَحِنُ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ بِهَذِهِ الآيَةِ، بِقَوْلِ اللَّهِ (يَا أَيُّهَا النَّبِىُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ) إِلَى قَوْلِهِ (غَفُورٌ رَحِيمٌ). قَالَ عُرْوَةُ قَالَتْ عَائِشَةُ فَمَنْ أَقَرَّ بِهَذَا الشَّرْطِ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «قَدْ بَايَعْتُكِ». كَلاَمًا وَلاَ وَاللَّهِ مَا مَسَّتْ يَدُهُ يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ فِي الْمُبَايَعَةِ، مَا يُبَايِعُهُنَّ إِلاَّ بِقَوْلِهِ «قَدْ بَايَعْتُكِ عَلَى ذَلِكَ». ـــــــــــــــــــــــــــــ نسخته لتخرجين بالياء، ولكن جميع النسخ بحذفها، وقد سلف أن المرأة اسمها سارة، أو كنود المزنية. وأن قول عمر (دعني يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أضرب عنقه) لم يكن ردًّا لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بل ظن أن صدقه لا يفيده (قال: لا أدري، الآية في الحديث أو قول عمر) وهذا كلام سفيان، لم يحفظ عن عمرو أن نزول الآية من جملة الحديث إلا أن الناس يقولون: إنه من الحديث. باب قوله: {إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ} [الممتحنة: 10] 4891 - (إسحاق) كذا وقع غير منسوب، وقدمنا أن الراوي عن يعقوب بن إبراهيم

3 - باب (إذا جاءك المؤمنات يبايعنك)

تَابَعَهُ يُونُسُ وَمَعْمَرٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِىِّ. وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاشِدٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ وَعَمْرَةَ. طرفه 2713 3 - باب (إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ) 4892 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَرَأَ عَلَيْنَا (أَنْ لاَ يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا) وَنَهَانَا عَنِ النِّيَاحَةِ، فَقَبَضَتِ امْرَأَةٌ يَدَهَا فَقَالَتْ أَسْعَدَتْنِى فُلاَنَةُ أُرِيدُ أَنْ أَجْزِيَهَا. فَمَا قَالَ لَهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - شَيْئًا فَانْطَلَقَتْ وَرَجَعَتْ فَبَايَعَهَا. طرفه 1306 ـــــــــــــــــــــــــــــ يجوز أن يكون ابن منصور، وأن يكون ابن إبراهيم. (معمر) بفتح الميمين وسكون العين (عمرة) بفتح العين. 4892 - (أبو معمر) -بفتح الميمين وسكون العين- عبد الله المنقري (أم عطية) على وزن وصية، واسمها نسيبة (فقبضت امرأة يدها) فإن قلت: هذا يخالف رواية عائشة أن يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم تمس يد امرأة، قلت: لا مخالفة، إذ ليس فيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مد يده، غايته أنها ظنت أنه يبايع النساء كما يبايع الرجال، أو قبض اليد عبارة عن عدم الامتثال، ومثله كثير في كلام العرب، وقد روى أبو داود والنسائي مرسلًا أنه كان يبايع النساء ويجعل على يده خرقة والعمدة على ما في "البخاري" من حديث عائشة (أسعدتني فلانة أريد أن أجزيها) بفتح الهمزة. نقل ابن الأثير عن الخطابي أن الإسعاد لا يقال إلا في النياحة (فما قال لها النبي شيئًا). فإن قلت: جاء في رواية أنه قال لها: "اذهبي"، وقد جاء في الحديث "لا إسعاد ولا عقر في الإسلام" قلت: ربما أوحي إليه في ذلك، أو رآه رأيًا، وتخصيص العمومات من الشارع كثير، والنساء ناقصات عقل ودين، أعظم الخطرين يدارى. هذا ما اختاره النووي، وقال شيخنا: الذي يظهر من الأحاديث أن النياحة كانت مباحة، ثم وقع النهي عنها تنزيهًا، ثم حرمت.

4893 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِى قَالَ سَمِعْتُ الزُّبَيْرَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى (وَلاَ يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ) قَالَ إِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ شَرَطَهُ اللَّهُ لِلنِّسَاءِ. 4894 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ الزُّهْرِىُّ حَدَّثَنَاهُ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو إِدْرِيسَ سَمِعَ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «أَتُبَايِعُونِى عَلَى أَنْ لاَ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا وَلاَ تَزْنُوا وَلاَ تَسْرِقُوا». وَقَرَأَ آيَةَ النِّسَاءِ - وَأَكْثَرُ لَفْظِ سُفْيَانَ قَرَأَ الآيَةَ - «فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْهَا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَسَتَرَهُ اللَّهُ فَهْوَ إِلَى اللَّهِ، إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ)». تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ فِي الآيَةِ. طرفه 18 4895 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ وَأَخْبَرَنِى ابْنُ جُرَيْجٍ أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ مُسْلِمٍ أَخْبَرَهُ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ شَهِدْتُ الصَّلاَةَ يَوْمَ الْفِطْرِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ فَكُلُّهُمْ يُصَلِّيهَا قَبْلَ الْخُطْبَةِ ثُمَّ يَخْطُبُ بَعْدُ، فَنَزَلَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَكَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَيْهِ حِينَ يُجَلِّسُ الرِّجَالَ بِيَدِهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ يَشُقُّهُمْ حَتَّى أَتَى النِّسَاءَ مَعَ بِلاَلٍ فَقَالَ (يَا أَيُّهَا النَّبِىُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لاَ يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلاَ يَسْرِقْنَ وَلاَ يَزْنِينَ وَلاَ يَقْتُلْنَ أَوْلاَدَهُنَّ وَلاَ يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ) حَتَّى فَرَغَ مِنَ الآيَةِ كُلِّهَا ثُمَّ قَالَ حِينَ فَرَغَ «أَنْتُنَّ عَلَى ذَلِكَ». وَقَالَتِ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ لَمْ يُجِبْهُ غَيْرُهَا نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لاَ يَدْرِى الْحَسَنُ مَنْ هِىَ. قَالَ «فَتَصَدَّقْنَ» وَبَسَطَ بِلاَلٌ ثَوْبَهُ فَجَعَلْنَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 4893 - 4894 - (أبو إدريس) الخولاني، اسمه: عائذ الله. 4895 - (كأني أنظر حين يُجَلِّسُ الرجال بيده) بتشديد اللام أي: يشير إليهم أي: اجلسوا (الفَتَخ) -بفتح الفاء و [الخاء] المعجمة- الحلقة التي لا فص لها، تقدم الكلام عليه في أبواب العيد.

61 - سورة الصف

يُلْقِينَ الْفَتَخَ وَالْخَوَاتِيمَ فِي ثَوْبِ بِلاَلٍ. طرفه 98 61 - سورة الصَّفِّ وَقَالَ مُجَاهِدٌ (مَنْ أَنْصَارِى إِلَى اللَّهِ) مَنْ يَتَّبِعُنِى إِلَى اللَّهِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (مَرْصُوصٌ) مُلْصَقٌ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ. وَقَالَ غَيْرُهُ بِالرَّصَاصِ. 1 - باب قَوْلُهُ تَعَالَى (مِنْ بَعْدِى اسْمُهُ أَحْمَدُ) 4896 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّ لِى أَسْمَاءً، أَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَنَا أَحْمَدُ، وَأَنَا الْمَاحِى الَّذِى يَمْحُو اللَّهُ بِىَ الْكُفْرَ، وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِى يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمِى، وَأَنَا الْعَاقِبُ». طرفه 3532 62 - سورة الْجُمُعَةِ 1 - باب قَوْلُهُ (وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ) وَقَرَأَ عُمَرُ فَامْضُوا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ. 4897 - حَدَّثَنِى عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ عَنْ ثَوْرٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ سورة الصف {مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ} [الصف: 14]) أي (من يتبعني إلى نصر دين الله) (الرصاص) بفتح الراء. 4896 - (إن لي أسماء) أي في الكتب المقدمة، أو معروفة، وذلك لأن له أسماء غيرها نطق القرآن بها: النذير السراج المنير (الحاشر الذي يُحشرُ الناس على قدمي) بتخفيف الياء، الإسناد فيه مجاز لما حشر الناس على قدمه لأنه الحاشر. باب قوله: {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} [الجمعة: 3] يجوز أن يكون مجرورًا عطفًا على {الْأُمِّيِّينَ}، ومنصوبًا معطوفًا على الضمير في {يُعَلِّمُهُمُ}.

2 - باب (وإذا رأوا تجارة)

عَنْ أَبِى الْغَيْثِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْجُمُعَةِ (وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ) قَالَ قُلْتُ مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَلَمْ يُرَاجِعْهُ حَتَّى سَأَلَ ثَلاَثًا، وَفِينَا سَلْمَانُ الْفَارِسِىُّ، وَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَهُ عَلَى سَلْمَانَ ثُمَّ قَالَ «لَوْ كَانَ الإِيمَانُ عِنْدَ الثُّرَيَّا لَنَالَهُ رِجَالٌ - أَوْ رَجُلٌ - مِنْ هَؤُلاَءِ». طرفه 4898 4898 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ أَخْبَرَنِى ثَوْرٌ عَنْ أَبِى الْغَيْثِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «لَنَالَهُ رِجَالٌ مِنْ هَؤُلاَءِ». طرفه 4897 2 - باب (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً) 4899 - حَدَّثَنِى حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِى الْجَعْدِ وَعَنْ أَبِى سُفْيَانَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ أَقْبَلَتْ عِيرٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَنَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَثَارَ النَّاسُ إِلاَّ اثْنَا عَشَرَ رَجُلاً فَأَنْزَلَ اللَّهُ (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا). طرفه 936 ـــــــــــــــــــــــــــــ 4898 - (ثور) -بالمثلثة- بلفظ الحيوان المعروف (أبو الغيث) مرادف المطر سالم، مولى عبد الله بن عمر. (قال يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من هم؟ فلم يراجعه حتى سأل ثلاثًا) هذا كلام أبي الغيث أي: لم يرد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جواب أبي هريرة حتى سأله ثلاث مرات، ويحتمل أن يكون من كلام أبي هريرة على طريقة الالتفات، ويجوز أن يكون فاعل قال غير أبي هريرة، لما في الرواية الأخرى "قال رجل" (لو كان الإيمان في الثريا لناله رجالٌ أو رجل من هؤلاء) وفي هذا منقبة جليلة للفُرْس، وفي تعيين الثريا إشارة إلى غاية سعيهم في كسب المعارف، وكذا وقع، ولم يوجد بعد القرن الثاني أكثر علمًا منهم، وناهيك الكتب الستة في الحديث التي هي مدار أكثر الأحكام. باب {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً} [الجمعة: 11] 4899 - (أقبلت عير) -بكسر العين- قال ابن الأثير: هي قافلة الإبل بأحمالها، وقيل: قافلة الحمير، ثم أطلقت على كل قافلة.

63 - سورة المنافقين

63 - سورة الْمُنَافِقِينَ 1 - باب قَوْلِهِ (إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ) إِلَى (لَكَاذِبُونَ). 4900 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ كُنْتُ فِي غَزَاةٍ فَسَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَىٍّ يَقُولُ لاَ تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِهِ وَلَوْ رَجَعْنَا مِنْ عِنْدِهِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا. الأَذَلَّ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَمِّى أَوْ لِعُمَرَ فَذَكَرَهُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَدَعَانِى فَحَدَّثْتُهُ فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَىٍّ وَأَصْحَابِهِ فَحَلَفُوا مَا قَالُوا فَكَذَّبَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَصَدَّقَهُ فَأَصَابَنِى هَمٌّ لَمْ يُصِبْنِى مِثْلُهُ قَطُّ، فَجَلَسْتُ فِي الْبَيْتِ فَقَالَ لِى عَمِّى مَا أَرَدْتَ إِلَى أَنْ كَذَّبَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَقَتَكَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى (إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ) فَبَعَثَ إِلَىَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَرَأَ فَقَالَ «إِنَّ اللَّهَ قَدْ صَدَّقَكَ يَا زَيْدُ». أطرافه 4901، 4902، 4903، 4904 2 - باب (اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً) يَجْتَنُّونَ بِهَا 4901 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ - رضى الله عنه - قَالَ كُنْتُ مَعَ عَمِّى فَسَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَىٍّ ابْنَ سَلُولَ يَقُولُ لاَ تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا. وَقَالَ أَيْضًا لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ. فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَمِّى فَذَكَرَ عَمِّى لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَرْسَلَ ـــــــــــــــــــــــــــــ سورة المنافقين 4900 - (عبد الله بن رجاء) بفتح الراء والمد (فذكرت ذلك لعمي) أي: ما قاله ابن أبي وعمه: ثابت بن أرقم، وقيل: أراد سعد بن عبادة، فإن زيدًا خزرجي، وسعد كان سيد الخزرج، وقيل: أراد عبد الله بن رواحة فإنه زوج أمه، والعرب تقول لزوج الأم: عمي، (ومقتك) المقت: أشد البغض.

3 - باب قوله (ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون)

رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَىٍّ وَأَصْحَابِهِ، فَحَلَفُوا مَا قَالُوا، فَصَدَّقَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَكَذَّبَنِى، فَأَصَابَنِى هَمٌّ لَمْ يُصِبْنِى مِثْلُهُ، فَجَلَسْتُ فِي بَيْتِى، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ) إِلَى قَوْلِهِ (هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لاَ تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ) إِلَى قَوْلِهِ (لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ) فَأَرْسَلَ إِلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَرَأَهَا عَلَىَّ ثُمَّ قَالَ «إِنَّ اللَّهَ قَدْ صَدَّقَكَ». طرفه 4900 3 - باب قَوْلِهِ (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ) 4902 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ الْقُرَظِىَّ قَالَ سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ لاَ تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ. وَقَالَ أَيْضًا لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ. أَخْبَرْتُ بِهِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَلاَمَنِى الأَنْصَارُ، وَحَلَفَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ مَا قَالَ ذَلِكَ، فَرَجَعْتُ إِلَى الْمَنْزِلِ فَنِمْتُ فَدَعَانِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَتَيْتُهُ فَقَالَ «إِنَّ اللَّهَ قَدْ صَدَّقَكَ». وَنَزَلَ (هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لاَ تُنْفِقُوا) الآيَةَ. وَقَالَ ابْنُ أَبِى زَائِدَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ عَمْرٍو عَنِ ابْنِ أَبِى لَيْلَى عَنْ زَيْدٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 4900 4 - باب (وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسِبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) 4903 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي سَفَرٍ أَصَابَ النَّاسَ فِيهِ شِدَّةٌ، فَقَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا} [المنافقون: 3] 4902 - (الحكم) بفتح الحاء والكاف (القرظي) بضم القاف وفتح الراء نسبة إلى قريظة (ابن أبي زائدة) يحيى بن زكريا (عن ابن أبي ليلى) عبد الرحمن (زهير) بضم الزاي مصغر. 4903 - (في سفر) كان في غزوة بني المصطلق، كذا ذكره أهل المغازي، وفي رواية

5 - باب قوله (وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رءوسهم ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون)

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ لأَصْحَابِهِ لاَ تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِهِ. وَقَالَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ. فَأَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرْتُهُ فَأَرْسَلَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَىٍّ فَسَأَلَهُ، فَاجْتَهَدَ يَمِينَهُ مَا فَعَلَ، قَالُوا كَذَبَ زَيْدٌ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَوَقَعَ فِي نَفْسِى مِمَّا قَالُوا شِدَّةٌ، حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ تَصْدِيقِى فِي (إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ) فَدَعَاهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِيَسْتَغْفِرَ لَهُمْ فَلَوَّوْا رُءُوسَهُمْ. وَقَوْلُهُ (خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ) قَالَ كَانُوا رِجَالاً أَجْمَلَ شَىْءٍ. طرفه 4900 5 - باب قَوْلِهِ (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ) حَرَّكُوا اسْتَهْزَءُوا بِالنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَيُقْرَأُ بِالتَّخْفِيفِ مِنْ لَوَيْتُ. 4904 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ كُنْتُ مَعَ عَمِّى فَسَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَىٍّ ابْنَ سَلُولَ يَقُولُ لاَ تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا، وَلَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ. فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَمِّى، فَذَكَرَ عَمِّى لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - {فَدَعَانِى فَحَدَّثْتُهُ، فَأَرْسَلَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَىٍّ وَأَصْحَابِهِ فَحَلَفُوا مَا قَالُوا، وَكَذَّبَنِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -} وَصَدَّقَهُمْ، فَأَصَابَنِى غَمٌّ لَمْ يُصِبْنِى مِثْلُهُ قَطُّ، فَجَلَسْتُ فِي بَيْتِى وَقَالَ عَمِّى مَا أَرَدْتَ إِلَى أَنْ كَذَّبَكَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَمَقَتَكَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى (إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ) وَأَرْسَلَ إِلَىَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَرَأَهَا وَقَالَ «إِنَّ اللَّهَ قَدْ صَدَّقَكَ». طرفه 4900 ـــــــــــــــــــــــــــــ النسائي: إنها غزوة تبوك (فاجتهد في يمينه) أي: بالغ في تغليظ الإيمان (لووا رؤوسهم) -بالتخفيف والتشديد- أي: حركوا استهزاءً باستغفار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (نحوه في غزوة) قد ذكرنا أنها غزاة بني المصطلق، وهي المريسيع أيضًا.

6 - باب قوله (سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم إن الله لا يهدى القوم الفاسقين)

6 - باب قَوْلِهِ (سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِى الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) 4905 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌو سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ كُنَّا فِي غَزَاةٍ - قَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً فِي جَيْشٍ - فَكَسَعَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ الأَنْصَارِىُّ يَا لَلأَنْصَارِ. وَقَالَ الْمُهَاجِرِىُّ يَا لَلْمُهَاجِرِينَ. فَسَمِعَ ذَاكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مَا بَالُ دَعْوَى جَاهِلِيَّةٍ» قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَسَعَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ. فَقَالَ «دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ». فَسَمِعَ بِذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ فَقَالَ فَعَلُوهَا، أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ. فَبَلَغَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَامَ عُمَرُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِى أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «دَعْهُ لاَ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ» وَكَانَتِ الأَنْصَارُ أَكْثَرَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ، ثُمَّ إِنَّ الْمُهَاجِرِينَ كَثُرُوا بَعْدُ. قَالَ سُفْيَانُ فَحَفِظْتُهُ مِنْ عَمْرٍو قَالَ عَمْرٌو سَمِعْتُ جَابِرًا كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 3518 ـــــــــــــــــــــــــــــ 4905 - (كسع رجل من المهاجرين رجلًا من الأنصار) الكسع ضرب الإنسان بالرجل على مؤخره، المهاجري: جهجاه الغفاري، والأنصاري: وبرة بن سنان الجهني حليف ابن سلول (فقال الأنصاري) الجهني: (يا للأنصار) اللام فيه للاستغاثة (فقال) أي: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (دعوها) أي: الاستغاثة (فإنها منتنة) لأنها طريقة أهل الجاهلية من العصبية، فأراد عمر قتل ابن سلول (فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه) فإنه كان يظهر الإسلام لعنه الله. قال جابر: كانت الأنصار أكثر من المهاجرين، ثم ان المهاجرين كثروا) غرض جابر من هذا الكلام بيان قول ابن سلول: ليخرجن الأعز منها الأذل. قال شيخنا: قول جابر يدل على أنها غزوة بني المصطلق؛ لأن المهاجرين في تبوك كانوا أكثر من الأنصار. قلت: ليس في كلام جابر أنهم كانوا أكثر من الأنصار، بل قال: كثر المهاجرون، أي: بالنسبة إلى زمن القدوم كما صرح به أنس بن مالك.

7 - باب قوله (هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا) ويتفرقوا (ولله خزائن السموات والأرض ولكن المنافقين لا يفقهون)

7 - باب قَوْلِهِ (هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لاَ تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا) وَيَتَفَرَّقُوا (وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لاَ يَفْقَهُونَ). 4906 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْفَضْلِ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ حَزِنْتُ عَلَى مَنْ أُصِيبَ بِالْحَرَّةِ فَكَتَبَ إِلَىَّ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ وَبَلَغَهُ شِدَّةُ حُزْنِى يَذْكُرُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلأَنْصَارِ وَلأَبْنَاءِ الأَنْصَارِ» - وَشَكَّ ابْنُ الْفَضْلِ فِي أَبْنَاءِ أَبْنَاءِ الأَنْصَارِ - فَسَأَلَ أَنَسًا بَعْضُ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ فَقَالَ هُوَ الَّذِى يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هَذَا الَّذِى أَوْفَى اللَّهُ لَهُ بِأُذُنِهِ». 8 - باب قَوْلِهِ (يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ) 4907 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَفِظْنَاهُ مِنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - يَقُولُ كُنَّا فِي غَزَاةٍ فَكَسَعَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ الأَنْصَارِىُّ يَا لَلأَنْصَارِ. وَقَالَ الْمُهَاجِرِىُّ يَا لَلْمُهَاجِرِينَ. فَسَمَّعَهَا اللَّهُ رَسُولَهُ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا هَذَا». فَقَالُوا كَسَعَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ الأَنْصَارِىُّ يَا لَلأَنْصَارِ. وَقَالَ الْمُهَاجِرِىُّ يَالَلْمُهَاجِرِينَ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ». قَالَ جَابِرٌ وَكَانَتِ الأَنْصَارُ حِينَ قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَكْثَرَ، ثُمَّ كَثُرَ الْمُهَاجِرُونَ بَعْدُ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ أَوَقَدْ فَعَلُوا، وَاللَّهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ. فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضى ـــــــــــــــــــــــــــــ 4906 - (حزنت على من أصيب بالحرة) هم الذين قتلهم مسلم بن عقبة بالمدينة الشريفة من يزيد بن معاوية، وكانت الوقعة بالحرة خارج المدينة الشريفة (هذا الذي أوفى الله [له] بأُذنه) هو زيد بن أرقم، فإنه الذي سمع مقالة ابن سلول، ولما كذبه بقي حزينًا سورة المنافقين فمسك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأُذنه وقال (أوفى الله بأُذنك يا غلام).

64 - سورة التغابن

الله عنه دَعْنِى يَا رَسُولَ اللَّهِ أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «دَعْهُ لاَ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ». طرفه 3518 64 - سورة التَّغَابُنِ وَقَالَ عَلْقَمَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ) هُوَ الَّذِى إِذَا أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ رَضِىَ، وَعَرَفَ أَنَّهَا مِنَ اللَّهِ. وقال مجاهد: التغابن غبن أهل الجنة أهل النار. 65 - سورة الطَّلاَقِ وَقَالَ مُجَاهِدٌ (وَبَالَ أَمْرِهَا) جَزَاءَ أَمْرِهَا. {إِنِ ارْتَبْتُمْ} [المائدة: 106]: " إِنْ لَمْ تَعْلَمُوا: أَتَحِيضُ أَمْ لاَ تَحِيضُ فَاللَّائِي قَعَدْنَ عَنِ المَحِيضِ، وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ بَعْدُ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ. 1 - باب 4908 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمٌ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهْىَ حَائِضٌ، فَذَكَرَ عُمَرُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَتَغَيَّظَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قَالَ «لِيُرَاجِعْهَا، ثمَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ سورة التغابن الغبن بسكون الباء: تكون في الأموال، وبالفتح: في الرأي. قال الجوهري: التغابن: أن يفتن القوم بعضهم بعضًا، ومنه قوله تعالى ليوم القيامة: {يَوْمُ التَّغَابُنِ} [التغابن: 9]. قلت: التغابن ليس هنا إلا من طرف أهل الجنة، فإنهم يأخذون منازل الأشقياء في الجنة، قال صاحب "الكشاف": وهو من طرف الأشقياء على سبيل التهكم. سورة الطلاق 4908 - (حدثنا بكير) بضم الباء مصغر، وكذا (عقيل)، (طلق ابن عمر امرأته وهي حائض، فتغيظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) لأن الطلاق في الحيض حرام. فإن قلت: هب أنه أمره بالرجوع، فأي فائدة في الطهر بعد الرجوع مرتين، فإن طلاق المرأة في طهر لم تجامع فيها ليس ببدعة؟ قلت: قيل: إنما أمره بذلك لئلا تكون الرجعة لقصد الطلاق،

2 - باب (وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا)

ثُمَّ يُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ فَتَطْهُرَ، فَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَلْيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا فَتِلْكَ الْعِدَّةُ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ». أطرافه 5251، 5252، 5253، 5258، 5264، 5332، 5333، 7160 2 - باب (وَأُولاَتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا) وَأُولاَتُ الأَحْمَالِ وَاحِدُهَا ذَاتُ حَمْلٍ. 4909 - حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ جَالِسٌ عِنْدَهُ فَقَالَ أَفْتِنِى فِي امْرَأَةٍ وَلَدَتْ بَعْدَ زَوْجِهَا بِأَرْبَعِينَ لَيْلَةً. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ آخِرُ الأَجَلَيْنِ. قُلْتُ أَنَا (وَأُولاَتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَا مَعَ ابْنِ أَخِى - يَعْنِى أَبَا سَلَمَةَ - فَأَرْسَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ غُلاَمَهُ كُرَيْبًا إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ يَسْأَلُهَا فَقَالَتْ قُتِلَ زَوْجُ سُبَيْعَةَ الأَسْلَمِيَّةِ وَهْىَ حُبْلَى، فَوَضَعَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ بِأَرْبَعِينَ لَيْلَةً فَخُطِبَتْ فَأَنْكَحَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَ أَبُو السَّنَابِلِ فِيمَنْ خَطَبَهَا. طرفه 5318 4910 - وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ وَأَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ ـــــــــــــــــــــــــــــ أو عسى تطول المدة، فيبدل الله البغض بالمحبة فيمسكها، فإن الطلاق أنكر المباحات. باب قوله: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4] أي: تسعة أشهر، أو سنتان أو أربع سنين على اختلافهم في بقاء الولد في البطن. 4909 - 4910 - (أفتني في امرأة ولدت بعد زوجها بأربعين ليلة؟ فقال ابن عباس: آخر الأجلين) أي: أطولهما من أربعة أشهر وعشر ومدة الحمل، وهذا كان مذهب علي بن أبي طالب (قُتِل زوج سُبَيْعة) بضم السين وكسر الموحدة مصغر. فإن قلت: تقدم في كتاب الجهاد أن زوجها سعد بن خولة مات في حجة الوداع. قلت: متفق عليه ولم يكن هناك قتال، فالصواب تلك الرواية، ومن قال: المؤنث محمول على القتل فقد غلط. (أبو السنابل) اسمه: حبة بفتح الحاء وتشديد الموحدة (أبو النعمان) -بضم النون-

66 - سورة التحريم

عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ كُنْتُ فِي حَلْقَةٍ فِيهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى لَيْلَى وَكَانَ أَصْحَابُهُ يُعَظِّمُونَهُ، فَذَكَرَ آخِرَ الأَجَلَيْنِ فَحَدَّثْتُ بِحَدِيثِ سُبَيْعَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ فَضَمَّزَ لِى بَعْضُ أَصْحَابِهِ. قَالَ مُحَمَّدٌ فَفَطِنْتُ لَهُ فَقُلْتُ إِنِّى إِذًا لَجَرِئٌ إِنْ كَذَبْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ وَهْوَ فِي نَاحِيَةِ الْكُوفَةِ. فَاسْتَحْيَا وَقَالَ لَكِنَّ عَمَّهُ لَمْ يَقُلْ ذَاكَ. فَلَقِيتُ أَبَا عَطِيَّةَ مَالِكَ بْنَ عَامِرٍ فَسَأَلْتُهُ فَذَهَبَ يُحَدِّثُنِى حَدِيثَ سُبَيْعَةَ فَقُلْتُ هَلْ سَمِعْتَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ فِيهَا شَيْئًا فَقَالَ كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ أَتَجْعَلُونَ عَلَيْهَا التَّغْلِيظَ وَلاَ تَجْعَلُونَ عَلَيْهَا الرُّخْصَةَ. لَنَزَلَتْ سُورَةُ النِّسَاءِ الْقُصْرَى بَعْدَ الطُّولَى (وَأُولاَتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ). طرفه 4532 66 - سورة التَّحْرِيمِ 1 - باب (يَا أَيُّهَا النَّبِىُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِى مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) 4911 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنِ ابْنِ حَكِيمٍ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ محمد بن الفضل (فَضَمَّزَ لِي) -بالضاد والزاي المعجمتين وتشديد الميم- أي: أسكتني من ضمز مخففًا إذا سكت. قال ابن الأثير: ويروى بالراء المهملة والنون، قال: والأول أشبه قلت: رواه بعضهم بالغين المعجمة من الغمز بمعنى الإشارة، وهذا أظهر (لكن عمه لم يقل) عمه عبد الله بن مسعود، وهذا بعيد فإن ابن مسعود ذاك مذهبه كما نقل عنه في آخر الحديث، ورواه أبو نعيم قال: كنا عند ابن القاتل أبو عطية، قال: أرأيتم لو مضت أربعة أشهر ولم تضع الحمل تحل بذلك؟ قالوا: لولا قال: (أفتجعلون عليها التغليظ؟) الحديث (سورة النساء القصرى) هي هذه السورة و (الطولى) سورة البقرة. سورة التحريم 4911 - (معاذ بن فضالة) بضم الميم وفتح الفاء (عن ابن حكيم) اسمه: يحيى (عن

سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ فِي الْحَرَامِ يُكَفِّرُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ إِسْوَةٌ حَسَنَةٌ). طرفه 5266 4912 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَشْرَبُ عَسَلاً عِنْدَ زَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ وَيَمْكُثُ عِنْدَهَا فَوَاطَيْتُ أَنَا وَحَفْصَةُ عَنْ أَيَّتُنَا دَخَلَ عَلَيْهَا فَلْتَقُلْ لَهُ أَكَلْتَ مَغَافِيرَ إِنِّى أَجِدُ مِنْكَ رِيحَ مَغَافِيرَ. قَالَ «لاَ وَلَكِنِّى كُنْتُ أَشْرَبُ عَسَلاً عِنْدَ زَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ فَلَنْ أَعُودَ لَهُ وَقَدْ حَلَفْتُ لاَ تُخْبِرِى بِذَلِكِ أَحَدًا». أطرافه 5216، 5267، 5268، 5431، 5599، 5614، 5682، 6691، 6972 ـــــــــــــــــــــــــــــ ابن عباس: في الحرام يكفّر) أي: إذا حرم على نفسه شيئًا، ففيه كفارة اليمين، وبه قال أبو حنيفة والشافعي في غير الزوجة، وأما الزوجة: قال أبو حنيفة رحمه الله: إن نوى طلقة فطلقة، أو ثلاثًا فثلاثًا أو اثنتين فواحدة، أو كذبًا فلا شيء، وقال الشافعي: إن نوى الطلاق أو الظهار فعلى ما نوى، أو لم ينو شيئًا فيمين، وقول ابن عباس {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ} [الأحزاب: 21] يدل على أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كفر عن يمينه، وهو ظاهر قوله تعالى: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: 2] وعن الحسن: لم يكفر لأنه مغفور له، وإنما الآية ليعلم أمته، وهذا يرده حديث أبي موسى حيث قال: "إني لأحلف على يمين، وأرى غيرها خيرًا إلا أتيت الذي هو خير، وكفرت عن يميني". 4912 - (ابن جريج) وكذا (عبيد بن عمير) الثلاثة على لفظ المصغر (عن عائشة كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشرب عند زينب عسلًا فتواطيت أنا وحفصة على أيتنا دخل تقول أكلت مغافير أجد منك ريح مغافير) بالغين المعجمة قال ابن الأثير: جمع مغفور -بضم الميم- وهذا بناءٌ قليل الوجود في كلام العرب، قال: وهو صمغ بعض الأشجار له رائحة كريهة.

2 - باب (تبتغى مرضاة أزواجك) (قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم)

2 - باب (تَبْتَغِى مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ) (قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ) 4913 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ عَنْ يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - يُحَدِّثُ أَنَّهُ قَالَ مَكَثْتُ سَنَةً أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَنْ آيَةٍ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَسْأَلَهُ هَيْبَةً لَهُ، حَتَّى خَرَجَ حَاجًّا فَخَرَجْتُ مَعَهُ فَلَمَّا رَجَعْتُ وَكُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ عَدَلَ إِلَى الأَرَاكِ لِحَاجَةٍ لَهُ - قَالَ - فَوَقَفْتُ لَهُ حَتَّى فَرَغَ سِرْتُ مَعَهُ فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَنِ اللَّتَانِ تَظَاهَرَتَا عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَزْوَاجِهِ فَقَالَ تِلْكَ حَفْصَةُ وَعَائِشَةُ. قَالَ فَقُلْتُ وَاللَّهِ إِنْ كُنْتُ لأُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ هَذَا مُنْذُ سَنَةٍ، فَمَا أَسْتَطِيعُ هَيْبَةً لَكَ. قَالَ فَلاَ تَفْعَلْ مَا ظَنَنْتَ أَنَّ عِنْدِى مِنْ عِلْمٍ فَاسْأَلْنِى، فَإِنْ كَانَ لِى عِلْمٌ خَبَّرْتُكَ بِهِ - قَالَ - ثُمَّ قَالَ عُمَرُ وَاللَّهِ إِنْ كُنَّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ مَا نَعُدُّ لِلنِّسَاءِ أَمْرًا، حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِنَّ مَا أَنْزَلَ وَقَسَمَ لَهُنَّ مَا قَسَمَ - قَالَ - فَبَيْنَا أَنَا فِي أَمْرٍ أَتَأَمَّرُهُ إِذْ قَالَتِ امْرَأَتِى لَوْ صَنَعْتَ كَذَا وَكَذَا - قَالَ - فَقُلْتُ لَهَا مَالَكِ وَلِمَا هَا هُنَا فِيمَا تَكَلُّفُكِ فِي أَمْرٍ أُرِيدُهُ. فَقَالَتْ لِى عَجَبًا لَكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ مَا تُرِيدُ أَنْ تُرَاجَعَ أَنْتَ، وَإِنَّ ابْنَتَكَ لَتُرَاجِعُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى يَظَلَّ يَوْمَهُ غَضْبَانَ. فَقَامَ عُمَرُ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ مَكَانَهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى حَفْصَةَ فَقَالَ لَهَا يَا بُنَيَّةُ إِنَّكِ لَتُرَاجِعِينَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى يَظَلَّ يَوْمَهُ غَضْبَانَ. فَقَالَتْ حَفْصَةُ وَاللَّهِ إِنَّا لَنُرَاجِعُهُ. فَقُلْتُ. تَعْلَمِينَ أَنِّى أُحَذِّرُكِ عُقُوبَةَ اللَّهِ وَغَضَبَ رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - يَا بُنَيَّةُ لاَ يَغُرَّنَّكِ هَذِهِ الَّتِى أَعْجَبَهَا حُسْنُهَا حُبُّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِيَّاهَا - يُرِيدُ عَائِشَةَ - قَالَ ثُمَّ خَرَجْتُ حَتَّى دَخَلْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــ 4913 - (عبيد بن حنين) كلاهما مصغر (عدل إلى الأُراك) -بضم الهمزة- نوع من الشجر (بينا أنا في أمر أتأمره) أي: في شأن من الشؤون أقصده، يقال: اثتمر وتأمّر إذا شاور نفسه (فيما تكلفكِ في أمر أريده) -بفتح التاء- مصدر تكلف دخل في شيء مع مشقة (لا يغرنك هذه) يريد عائشة (أعجبها حسنها حب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) كذا وقع، والواو

عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ لِقَرَابَتِى مِنْهَا فَكَلَّمْتُهَا. فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ عَجَبًا لَكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ دَخَلْتَ فِي كُلِّ شَىْءٍ، حَتَّى تَبْتَغِى أَنْ تَدْخُلَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَزْوَاجِهِ. فَأَخَذَتْنِى وَاللَّهِ أَخْذًا كَسَرَتْنِى عَنْ بَعْضِ مَا كُنْتُ أَجِدُ، فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهَا، وَكَانَ لِى صَاحِبٌ مِنَ الأَنْصَارِ إِذَا غِبْتُ أَتَانِى بِالْخَبَرِ، وَإِذَا غَابَ كُنْتُ أَنَا آتِيهِ بِالْخَبَرِ، وَنَحْنُ نَتَخَوَّفُ مَلِكًا مِنْ مُلُوكِ غَسَّانَ، ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَسِيرَ إِلَيْنَا، فَقَدِ امْتَلأَتْ صُدُورُنَا مِنْهُ، فَإِذَا صَاحِبِى الأَنْصَارِىُّ يَدُقُّ الْبَابَ فَقَالَ افْتَحِ افْتَحْ. فَقُلْتُ جَاءَ الْغَسَّانِىُّ فَقَالَ بَلْ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ. اعْتَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَزْوَاجَهُ. فَقُلْتُ رَغَمَ أَنْفُ حَفْصَةَ وَعَائِشَةَ. فَأَخَذْتُ ثَوْبِىَ فَأَخْرُجُ حَتَّى جِئْتُ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي مَشْرُبَةٍ لَهُ يَرْقَى عَلَيْهَا بِعَجَلَةٍ، وَغُلاَمٌ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَسْوَدُ عَلَى رَأْسِ الدَّرَجَةِ فَقُلْتُ لَهُ قُلْ هَذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ. فَأَذِنَ لِى - قَالَ عُمَرُ - فَقَصَصْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - هَذَا الْحَدِيثَ، فَلَمَّا بَلَغْتُ حَدِيثَ أُمِّ سَلَمَةَ تَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَإِنَّهُ لَعَلَى حَصِيرٍ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ شَىْءٌ، وَتَحْتَ رَأْسِهِ وِسَادَةٌ مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ، وَإِنَّ عِنْدَ رِجْلَيْهِ قَرَظًا مَصْبُوبًا، وَعِنْدَ رَأْسِهِ أَهَبٌ مُعَلَّقَةٌ فَرَأَيْتُ أَثَرَ الْحَصِيرِ فِي جَنْبِهِ فَبَكَيْتُ فَقَالَ «مَا يُبْكِيكَ». فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ كِسْرَى وَقَيْصَرَ فِيمَا هُمَا فِيهِ وَأَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ. فَقَالَ «أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ لَهُمُ الدُّنْيَا وَلَنَا الآخِرَةُ». طرفه 89 ـــــــــــــــــــــــــــــ العاطفة محذوفة بدليل ما رواه مسلم بالواو، وقيل: بدل اشتمال، ورواه بعضهم بالنصب بنزع الخافض مفعولًا لأجله، وعكس بعضهم، فنصب الأول ورفع الثاني (الغساني) أي: ملك قوم من الأزد كانوا نزلوا على ماء غسان (اعتزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أزواجه) في كتاب العلم طلق بناء على ظنه (في مشربة يرقى عليها بعجلة) المشربة بفتح الميم الغرفة والعجلة: بثلاث فتحات جذع يرقى منه (وإن عند رجليه قرظًا مصبورًا) القرظ: آلة الدباغ، والمصبور: المجتمع مثل الصبرة.

3 - باب (وإذ أسر النبى إلى بعض أزواجه حديثا فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرف بعضه وأعرض عن بعض فلما نبأها به قالت من أنبأك هذا قال نبأنى العليم الخبير)

3 - باب (وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِىُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِىَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ) فِيهِ عَائِشَةُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 4914 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ عُبَيْدَ بْنَ حُنَيْنٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - يَقُولُ أَرَدْتُ أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَنِ الْمَرْأَتَانِ اللَّتَانِ تَظَاهَرَتَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَمَا أَتْمَمْتُ كَلاَمِى حَتَّى قَالَ عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ. طرفه 89 4 - باب قَوْلِهِ (إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا) صَغَوْتُ وَأَصْغَيْتُ مِلْتُ، (لِتَصْغَى) لِتَمِيلَ. (وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاَهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلاَئِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ) عَوْنٌ. (تَظَاهَرُونَ) تَعَاوَنُونَ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ (قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ) أَوْصُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَأَدِّبُوهُمْ. 4915 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ عُبَيْدَ بْنَ حُنَيْنٍ يَقُولُ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ أَرَدْتُ أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ عَنِ الْمَرْأَتَيْنِ اللَّتَيْنِ تَظَاهَرَتَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَمَكُثْتُ سَنَةً فَلَمْ أَجِدْ لَهُ مَوْضِعًا، حَتَّى خَرَجْتُ مَعَهُ حَاجًّا، فَلَمَّا كُنَّا بِظَهْرَانَ ذَهَبَ عُمَرُ لِحَاجَتِهِ فَقَالَ أَدْرِكْنِى بِالْوَضُوءِ فَأَدْرَكْتُهُ بِالإِدَاوَةِ، فَجَعَلْتُ أَسْكُبُ عَلَيْهِ وَرَأَيْتُ مَوْضِعًا فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَنِ الْمَرْأَتَانِ اللَّتَانِ تَظَاهَرَتَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَمَا أَتْمَمْتُ كَلاَمِى حَتَّى قَالَ عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ. طرفه 89 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب {وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ} [التحريم: 4] تظاهرتا: أي تعاونتا، ولفظ الظهر للدلالة على تقوي كل واحدة بالأخرى، لأن الظهر مظهر القوى {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ} [التحريم: 6] أي: (أوصوا أهليكم بتقوى الله) قيل: جوابه أوصوا، وقال القاضي: صوابه: قوا، وقيل: أوقفوا من وقفت الشيء حبسته إلا أن أوقف لغة رديئة.

67 - سورة الملك

قَوْلِهِ (عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبَدِّلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا) 4916 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه - اجْتَمَعَ نِسَاءُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْغَيْرَةِ عَلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُنَّ عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبَدِّلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ. فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ. طرفه 402 67 - سورة الْمُلْكِ التَّفَاوُتُ الاِخْتِلاَفُ، وَالتَّفَاوُتُ وَالتَّفَوُّتُ وَاحِدٌ. (تَمَيَّزُ) تَقَطَّعُ (مَنَاكِبِهَا) جَوَانِبِهَا. (تَدَّعُونَ) وَتَدْعُونَ مِثْلُ تَذَّكَّرُونَ وَتَذْكُرُونَ. (وَيَقْبِضْنَ) يَضْرِبْنَ بِأَجْنِحَتِهِنَّ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ (صَافَّاتٍ) بَسْطُ أَجْنِحَتِهِنَّ، وَنُفُورٍ الْكُفُورُ. 68 - سورة ن الْقَلَمِ وَقَالَ قَتَادَةُ (حَرْدٍ) جِدٍّ فِي أَنْفُسِهِمْ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (لَضَالُّونَ) أَضْلَلْنَا مَكَانَ جَنَّتِنَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ 4916 - (عون) بفتح العين وسكون الواو (هشيم) بضم الهاء مصغر، وكذا (حميد). فإن قلت: أكثر المفسرين على أن أول التحريم نزل في مارية، قلت: حديث مارية رواه النسائي، ولم يكن على شرط البخاري، وقال الحاكم: هو على شرط مسلم، والصحيح عند أكثر العلماء ما في "البخاري"، وعلى تقدير صحته لا ينافي لجواز وقوع الأمرين لما قدمنا مرارًا أن لا تزاحم في أسباب النزول. سورة الملك (التفاوت والتفوت: واحد) أي: في أصل المعنى (التفوت) قراءة حمزة والكسائي. سورة القلم ({حَرْدٍ} [القلم: 25] جد في أنفسهم) بكسر الجيم، ويجوز أن يكون من حرد البعير انتحى من الإبل؛ لأنهم ذهبوا بالليل لئلا يعلم المساكين. {إِنَّا لَضَالُّونَ} [القلم: 26] أضللنا مكان جنتنا) الظاهر. ضللنا، قال ابن الأثير: يقال: ضللت الشيء إذا جعلته في مكان، ولم يدر أين هو، وأضللته إذا أضعته.

1 - باب (عتل بعد ذلك زنيم)

وَقَالَ غَيْرُهُ (كَالصَّرِيمِ) كَالصُّبْحِ انْصَرَمَ مِنَ اللَّيْلِ، وَاللَّيْلِ انْصَرَمَ مِنَ النَّهَارِ، وَهْوَ أَيْضًا كُلُّ رَمْلَةٍ انْصَرَمَتْ مِنْ مُعْظَمِ الرَّمْلِ، وَالصَّرِيمُ أَيْضًا الْمَصْرُومُ، مِثْلُ قَتِيلٍ وَمَقْتُولٍ. 1 - باب (عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ) 4917 - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِى حَصِينٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - (عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ) قَالَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ لَهُ زَنَمَةٌ مِثْلُ زَنَمَةِ الشَّاةِ. 4918 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَعْبَدِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ سَمِعْتُ حَارِثَةَ بْنَ وَهْبٍ الْخُزَاعِىَّ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ الْجَنَّةِ كُلُّ ضَعِيفٍ مُتَضَعِّفٍ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّهُ، أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ النَّارِ كُلُّ عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ». طرفاه 6071، 6657 ـــــــــــــــــــــــــــــ 4917 - (محمود) هو ابن غيلان (أبي حَصين) بفتح الحاء على وزن فعيل، اسمه: عثمان (رجل من قريش له زنمة) -على وزن ثمرة- شيء يتدلى من عنق الشاة، وهذا الرجل قالوا: هو الوليد بن المغيرة، وقيل: الأسود بن عبد يغوث، وقيل: عبد الرحمن بن الأسود، وفي معناه روايتان: إحداهما: أن هذا على التشبيه، فإنه كان يعرف بالشر كما تعرف الشاة بالزنمة. الرواية الأخرى: على الظاهر كان زنمة. 4918 - {عُتُلٍّ} [القلم: 13]) هو الجافي الغليظ (جواظ) بتشديد الواو وبفتح الجيم، قال ابن الأثير: هو الجموع الممنوع، وقيل: المختال في مشيه، وقيل: قصير البطن.

2 - باب (يوم يكشف عن ساق)

2 - باب (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ) 4919 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى هِلاَلٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «يَكْشِفُ رَبُّنَا عَنْ سَاقِهِ فَيَسْجُدُ لَهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ، وَيَبْقَى مَنْ كَانَ يَسْجُدُ فِي الدُّنْيَا رِئَاءً وَسُمْعَةً، فَيَذْهَبُ لِيَسْجُدَ فَيَعُودُ ظَهْرُهُ طَبَقًا وَاحِدًا». طرفه 22 69 - سورة الْحَاقَّةِ (عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ) يُرِيدُ فِيهَا الرِّضَا (الْقَاضِيَةَ) الْمَوْتَةَ الأُولَى الَّتِى مُتُّهَا ثُمَّ أُحْيَا بَعْدَهَا (مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ) أَحَدٌ يَكُونُ لِلْجَمْعِ وَلِلْوَاحِدِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [القلم: 42] 4919 - (يكشف ربنا عن ساق فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة) الساق لغة معروفة، وهو في حقه تعالى محال، فقيل: هذا كلام على طريقة المثل، فإن الإنسان إذا وقع في أمر شاق يكشف عن ساقه، وهذا كلامه في هذا الموضع لا وجه له؛ لأن الذي يقع في أمر شاق هو الذي يكشف عن ساق، فأي معنى له هنا؟! وفي بعض الروايات "يكشف عن ساقه" بالإضافة إليه تعالى، والظاهر من كشف الساق أنه عبارة عن تجليه تعالى على المؤمنين متنزهًا عن الجهة والكيف، كما جاء في الرواية الأخرى "فيأتيهم ربهم في صورته التي يعرفونها" أي: بصفته الممتازة عن سماة سائر الأشياء (فيسجد له كل مؤمن) وهذه السجدة سجدة تبجيل وتلذذ إذ لا تكليف هناك، هكذا يجب أن يفهم هذا المقام. وفي أبي يعلى وإن كان سنده ضعيفًا: أن الساق عبارة عن نور عظيم، وهذا يوافق ما ذكرناه (وأما المنافق فيعود ظهره طبقًا) -جمع طبقة- وهي فقارة الظهر، يريد أن ظهره يصير طبقة لا يقدر معها على السجود. سورة الحاقة ({عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} [الحاقة: 21]: يريد فيها الرضا) هذا على طريقة قولهم: امرأة لابن، ذات [لبن]. فمن علماء البيان على أنه مجاز عقلي أسند إلى العيشة فعل صاحبها

70 - سورة سأل سائل

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (الْوَتِينَ) نِيَاطُ الْقَلْبِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (طَغَى) كَثُرَ، وَيُقَالُ (بِالطَّاغِيَةِ) بِطُغْيَانِهِمْ، وَيُقَالُ طَغَتْ عَلَى الْخَزَّانِ. كَمَا طَغَى الْمَاءُ عَلَى قَوْمِ نُوحٍ. 70 - سورة سَأَلَ سَائِلٌ الْفَصِيلَةُ أَصْغَرُ آبَائِهِ، الْقُرْبَى إِلَيْهِ يَنْتَمِى مَنِ انْتَمَى. (لِلشَّوَى) الْيَدَانِ وَالرِّجْلاَنِ وَالأَطْرَافُ وَجِلْدَةُ الرَّأْسِ يُقَالُ لَهَا شَوَاةٌ، وَمَا كَانَ غَيْرَ مَقْتَلٍ فَهُوَ شَوًى، وَالْعِزُونَ الْجَمَاعَاتُ، وَوَاحِدُهَا عِزَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ({الْوَتِينَ} [الحاقة: 46]: نياط القلب) ويقال فيه: النط، قال الجوهري: ويتعلق بالقلب إذا قطع مات الإنسان (طغت على الخزان) أي: غلبهم لم يقدروا على معرفة مقدارها، كما في الطوفان أيضًا لم يعرفوا مقدار الماء. قال شيخنا: لم يظهر لي فاعل طغت؛ لأن الكلام في ثمود، ولم يهلكوا إلا بالصيحة [. . .] قلت: هذا بعيد عن مثله لأن البخاري فسر غايته بطاعته، ولا يكون ذلك إلا مع الخزان، وليس في البخاري أنه في قصة ثمود، بل في قصة عاد، ألا ترى أن طاعته في قصة ثمود فسر بطغيانهم، ثم أردفه بما في قصة عاد أي طاعته. سورة {سَأَلَ سَائِلٌ} (الفصيلة: أقرب آبائه) لم يرد الأب حقيقة؛ لأن في الحديث: أن عباسًا كان فصيلة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهذا يخالف ما في الصحاح فإنه قال في الترتيب: شعب ثم قبيلة، ثم فصيلة ثم عمارة، ثم بطن، ثم فخذ (وما كان غير مقتل فهو شوى) قال ابن الأثير: أشوى: إذا رمى فلم يصب المقتل (والعزون: حلق) بفتح الحاء، وعن الأصمعي كسره أيضًا (والواحدة: عزة) فالجمع بالواو والنون شاذ كما في برة وثبة.

71 - سورة نوح

71 - سورة نُوحٍ (أَطْوَارًا) طَوْرًا كَذَا وَطَوْرًا كَذَا، يُقَالُ عَدَا طَوْرَهُ. أَىْ قَدْرَهُ، وَالْكُبَّارُ أَشَدُّ مِنَ الْكُبَارِ، وَكَذَلِكَ جُمَّالٌ وَجَمِيلٌ، لأَنَّهَا أَشَدُّ مُبَالَغَةً، وَكُبَّارٌ الْكَبِيرُ، وَكُبَارًا أَيْضًا بِالتَّخْفِيفِ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ رَجُلٌ حُسَّانٌ وَجُمَّالٌ وَحُسَانٌ مُخَفَّفٌ وَجُمَالٌ مُخَفَّفٌ. (دَيَّارًا) مِنْ دَوْرٍ وَلَكِنَّهُ فَيْعَالٌ مِنَ الدَّوَرَانِ كَمَا قَرَأَ عُمَرُ الْحَىُّ الْقَيَّامُ. وَهْىَ مِنْ قُمْتُ. وَقَالَ غَيْرُهُ دَيَّارًا أَحَدًا. (تَبَارًا) هَلاَكًا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (مِدْرَارًا) يَتْبَعُ بَعْضُهَا بَعْضًا. (وَقَارًا) عَظَمَةً. 1 - باب (وَدًّا وَلاَ سُوَاعًا وَلاَ يَغُوثَ وَيَعُوقَ) 4920 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَقَالَ عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - صَارَتِ الأَوْثَانُ الَّتِى كَانَتْ فِي قَوْمِ نُوحٍ فِي الْعَرَبِ بَعْدُ، أَمَّا وُدٌّ كَانَتْ لِكَلْبٍ بِدَوْمَةِ الْجَنْدَلِ، وَأَمَّا سُوَاعٌ كَانَتْ لِهُذَيْلٍ، وَأَمَّا يَغُوثُ فَكَانَتْ لِمُرَادٍ ثُمَّ لِبَنِى غُطَيْفٍ بِالْجُرُفِ عِنْدَ سَبَا، وَأَمَّا يَعُوقُ فَكَانَتْ لِهَمْدَانَ، وَأَمَّا ـــــــــــــــــــــــــــــ سورة نوح ({أَطْوَارًا} [نوح: 14]: أي: طورًا كذا وطورًا كذا) نطفة وعلقة ومضغة، وهلم جرًا إلى الهرم (والكبار: أشد من الكُبَار) كلاهما بضم الكاف، والأول مشدد، وهذا ما يقال: زيادة البناء لزيادة المعنى {دَيَّارًا} [نوح: 26] أحدًا) هذا لا ينافي المعنى الأول غائبة بين الاشتقاق، لكن قوله: الديار، فيقال: من الدوران الأحسن يقول: من الدور {مِدْرَارًا} [نوح: 11]: يتبع بعضه بعضًا) صيغة مبالغة من در إذا سَال. 4920 - (الأوثان التي كانت في قوم نوح صارت في العرب بعدُ) أي: تلك الأسامي نقلت، وإلا فقد غرقت تلك في الطوفان (أما ود فكانت لكلب بدومة الجندل) كلب: بلفظ الحيوان المعروف: حي من قضاعة، ودومة الجندل: موضع بأرض الشام بينه وبين دمشق خمس ليال، وكان صاحبها أكيدر، وموضع آخر بعين التمر، قال الجوهري: دومة الجندل اسم محض، أهل اللغة يقولون بضم الدال، وأهل الحديث يفتحونه (وأما سواع فكانت لهذيل) -بضم الهاء- على وزن المصغر: حي من مضر (ويغوث كانت لمراد) قبيلة بيمن أولاد مراد بن كهلان بن سبأ (ثم غطيف بالجوف) بضم الغين مصغر (وأما يعوق فكانت

72 - سورة قل أوحى إلى

نَسْرٌ فَكَانَتْ لِحِمْيَرَ، لآلِ ذِى الْكَلاَعِ. أَسْمَاءُ رِجَالٍ صَالِحِينَ مِنْ قَوْمِ نُوحٍ، فَلَمَّا هَلَكُوا أَوْحَى الشَّيْطَانُ إِلَى قَوْمِهِمْ أَنِ انْصِبُوا إِلَى مَجَالِسِهِمُ الَّتِى كَانُوا يَجْلِسُونَ أَنْصَابًا، وَسَمُّوهَا بِأَسْمَائِهِمْ فَفَعَلُوا فَلَمْ تُعْبَدْ حَتَّى إِذَا هَلَكَ أُولَئِكَ وَتَنَسَّخَ الْعِلْمُ عُبِدَتْ. 72 - سورة قُلْ أُوحِىَ إِلَىَّ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (لِبَدًا) أَعْوَانًا. 1 - باب 4921 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ انْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ، وَقَدْ حِيلَ بَيْنَ الشَّيَاطِينِ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، وَأُرْسِلَتْ عَلَيْهِمُ الشُّهُبُ فَرَجَعَتِ الشَّيَاطِينُ فَقَالُوا مَا لَكُمْ فَقَالُوا حِيلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــ لهمدان) -بفتح الهاء وسكون الميم ودال مهملة- قبيلة بيمن أولاد همدان (ذي كلاع) -بالعين المهملة- ملك من ملوك اليمن، وقد أشرنا سابقًا أن سبب إحداث الأصنام: أنه كان إذا مات رجل صالح اتخذوا له مثالًا يتبركون به، ثم لما طال العهد سول لهم الشيطان أن يعبدوها، فإن آبائهم كانوا يعبدونها. سورة {قُلْ أُوحِيَ} {لِبَدًا} [الجن: 19]-بكسر اللام- جمع لبدة -بضم اللام- كقربة وقرب، وبكسر اللام جمع لبدة كقربة، وقرب، من اللبد، وهو الضم والإطباق، وإنما قالوا هذا الكلام؛ لأنهم رأوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي، وأصحابه وراءهُ صفًّا يتبعونه في حركاته وسكناته. 4921 - (أبو عوانة) -بفتح العين- الوضاح اليشكري (أبو بشر) بكسر الموحدة. والحديث شرحه سبق في باب الجهر بالصلاة (عكاظ) -بضم العين- غير منصرف باعتبار البقعة.

73 - سورة المزمل

وَأُرْسِلَتْ عَلَيْنَا الشُّهُبُ. قَالَ مَا حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ إِلاَّ مَا حَدَثَ، فَاضْرِبُوا مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا فَانْظُرُوا مَا هَذَا الأَمْرُ الَّذِى حَدَثَ. فَانْطَلَقُوا فَضَرَبُوا مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا يَنْظُرُونَ مَا هَذَا الأَمْرُ الَّذِى حَالَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ. قَالَ فَانْطَلَقَ الَّذِينَ تَوَجَّهُوا نَحْوَ تِهَامَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِنَخْلَةَ، وَهْوَ عَامِدٌ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ، وَهْوَ يُصَلِّى بِأَصْحَابِهِ صَلاَةَ الْفَجْرِ، فَلَمَّا سَمِعُوا الْقُرْآنَ تَسَمَّعُوا لَهُ فَقَالُوا هَذَا الَّذِى حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ. فَهُنَالِكَ رَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ فَقَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِى إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ، وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا. وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى نَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - (قُلْ أُوحِىَ إِلَىَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ) وَإِنَّمَا أُوحِىَ إِلَيْهِ قَوْلُ الْجِنِّ. طرفه 773 73 - سورة الْمُزَّمِّلِ وَقَالَ مُجَاهِدٌ (وَتَبَتَّلْ) أَخْلِصْ. وَقَالَ الْحَسَنُ (أَنْكَالاً) قُيُودًا. (مُنْفَطِرٌ بِهِ) مُثْقَلَةٌ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (كَثِيبًا مَهِيلاً)، الرَّمْلُ السَّائِلُ. (وَبِيلاً) شَدِيدًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ سورة المزمل {أَنْكَالًا} [المزمل: 12]) جمع نكل، بكسر النون، وإسكان الكاف، ويجوز فتحهما من النكل، بفتح النون وإسكان الكاف، وهو المنع {مُنْفَطِرٌ} [المزمل: 18]: مثقلة). فإن قلت: القياس مثقل به كـ: {مُنْفَطِرٌ بِهِ}؟ قلت: السماء يؤنث ويذكر، أو ما في الآية بتقدير الشيء، أو في تأويل السقف. ({مَهِيلًا} [المزمل: 14]: الرمل السائل) اسم مفعول من هال يهيل مثل: سال يسيل. لم يرو في المزمل حديثًا، وقد روى مسلم عن عائشة "فصار قيام الليل سنة بعد أن كان فرضًا".

74 - سورة المدثر

74 - سورة الْمُدَّثِّرِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (عَسِيرٌ) شَدِيدٌ. (قَسْوَرَةٍ) رِكْزُ النَّاسِ وَأَصْوَاتُهُمْ. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ الأَسَدُ وَكُلُّ شَدِيدٍ قَسْوَرَةٌ، (مُسْتَنْفِرَةٌ) نَافِرَةٌ مَذْعُورَةٌ. 1 - باب 4922 - حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ عَلِىِّ بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ سَأَلْتُ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَوَّلِ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ. قَالَ (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ) قُلْتُ يَقُولُونَ (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِى خَلَقَ) فَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضى الله عنهما عَنْ ذَلِكَ وَقُلْتُ لَهُ مِثْلَ الَّذِى قُلْتَ فَقَالَ جَابِرٌ لاَ أُحَدِّثُكَ إِلاَّ مَا حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «جَاوَرْتُ بِحِرَاءٍ، فَلَمَّا قَضَيْتُ جِوَارِى هَبَطْتُ فَنُودِيتُ فَنَظَرْتُ عَنْ يَمِينِى فَلَمْ أَرَ شَيْئًا، وَنَظَرْتُ عَنْ شِمَالِى فَلَمْ أَرَ شَيْئًا، وَنَظَرْتُ أَمَامِى فَلَمْ أَرَ شَيْئًا، وَنَظَرْتُ خَلْفِى فَلَمْ أَرَ شَيْئًا، فَرَفَعْتُ رَأْسِى فَرَأَيْتُ شَيْئًا، فَأَتَيْتُ خَدِيجَةَ فَقُلْتُ دَثِّرُونِى وَصُبُّوا عَلَىَّ مَاءً بَارِدًا - قَالَ - فَدَثَّرُونِى وَصَبُّوا عَلَىَّ مَاءً بَارِدًا قَالَ فَنَزَلَتْ (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ)». طرفه 4 ـــــــــــــــــــــــــــــ سورة المدثر {قَسْوَرَةٍ} [المدثر: 51]: رِكز الناس وأصواتهم) -بكسر الراء المهملة- الصوت الخفي، وكان ذكر الأصوات مغنيًّا، اللهم إلا أن يقدر مضاف أي: أصحاب الأصوات، فإن ابن الأثير قال القسورة جماعة الرجال، وقيل: جماعة الرماة، وقال الجوهري: القسورة الأسد، وقيل: رماة من الصيادين {مُسْتَنْفِرَةٌ} [المدثر: 50]: نافرة مذعورة) قرئ بفتح الفاء وكسرها، فأشار بنافرة ومذعورة إلى التفسيرين. 4922 - (أول ما نزل من القرآن يا أيها المدثر) قد سلف منا تحقيق المسألة أن أول ما نزل على الإطلاق آيتان من أول {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: 1] وبعد الفترة أوائل المدّثر، وقد صرح به بعد الزهري عن جابر قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحدث عن فترة الوحي، وهذا صريح في أن جابرًا لم يدع أن سورة المدثر أول نازل مطلقًا؛ لأن فترة الوحي تقتضي سبق وحي، وليس هناك إلا سورة {اقْرَأْ} [العلق: 1]، فمن قال: إن جابرًا قال ذلك اجتهادًا، فقد زلت به القدم وكيف يعقل القول في نزول القرآن بالاجتهاد؟

2 - باب قوله (قم فأنذر)

2 - باب قَوْلُهُ (قُمْ فَأَنْذِرْ) 4923 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِىٍّ وَغَيْرُهُ قَالاَ حَدَّثَنَا حَرْبُ بْنُ شَدَّادٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضى الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «جَاوَرْتُ بِحِرَاءٍ». مِثْلَ حَدِيثِ عُثْمَانَ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَلِىِّ بْنِ الْمُبَارَكِ. طرفه 4 3 - باب قَوْلِهِ (وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ) 4924 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا حَرْبٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ سَأَلْتُ أَبَا سَلَمَةَ أَىُّ الْقُرْآنِ أُنْزِلَ أَوَّلُ فَقَالَ (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ) فَقُلْتُ أُنْبِئْتُ أَنَّهُ (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِى خَلَقَ) فَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَىُّ الْقُرْآنِ أُنْزِلَ أَوَّلُ فَقَالَ (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ) فَقُلْتُ أُنْبِئْتُ أَنَّهُ (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ) فَقَالَ لاَ أُخْبِرُكَ إِلاَّ بِمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «جَاوَرْتُ فِي حِرَاءٍ فَلَمَّا قَضَيْتُ جِوَارِى، هَبَطْتُ فَاسْتَبْطَنْتُ الْوَادِىَ فَنُودِيتُ، فَنَظَرْتُ أَمَامِى وَخَلْفِى وَعَنْ يَمِينِى وَعَنْ شِمَالِى فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى عَرْشٍ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، فَأَتَيْتُ خَدِيجَةَ فَقُلْتُ دَثِّرُونِى وَصُبُّوا عَلَىَّ مَاءً بَارِدًا، وَأُنْزِلَ عَلَىَّ (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ)». طرفه 4 4 - باب قَوْلِهِ (وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ) 4925 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. وَحَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ فَأَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ يُحَدِّثُ عَنْ فَتْرَةِ الْوَحْىِ فَقَالَ فِي حَدِيثِهِ «فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِى إِذْ سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ فَرَفَعْتُ رَأْسِى فَإِذَا الْمَلَكُ الَّذِى جَاءَنِى بِحِرَاءٍ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِىٍّ ـــــــــــــــــــــــــــــ 4923 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (حرب) ضد الصلح (شداد) بفتح الشين وتشديد الدال. 4924 - (فلما قضيت جواري) -بكسر الجيم- أي: المجاورة بحراء (فإذا هو جالس) أي: الملك الذي رآه بحراء.

5 - باب قوله (والرجز فاهجر)

بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، فَجَئِثْتُ مِنْهُ رُعْبًا فَرَجَعْتُ فَقُلْتُ زَمِّلُونِى زَمِّلُونِى. فَدَثَّرُونِى فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ) إِلَى (وَالرِّجْزَ فَاهْجُرْ) - قَبْلَ أَنْ تُفْرَضَ الصَّلاَةُ - وَهْىَ الأَوْثَانُ». طرفه 4 5 - باب قَوْلِهِ (وَالرِّجْزَ فَاهْجُرْ) يُقَالُ الرِّجْزُ وَالرِّجْسُ الْعَذَابُ. 4926 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ قَالَ أَخْبَرَنِى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُحَدِّثُ عَنْ فَتْرَةِ الْوَحْىِ «فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِى سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ فَرَفَعْتُ بَصَرِى قِبَلَ السَّمَاءِ، فَإِذَا الْمَلَكُ الَّذِى جَاءَنِى بِحِرَاءٍ قَاعِدٌ عَلَى كُرْسِىٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، فَجَئِثْتُ مِنْهُ حَتَّى هَوَيْتُ إِلَى الأَرْضِ، فَجِئْتُ أَهْلِى فَقُلْتُ زَمِّلُونِى زَمِّلُونِى. فَزَمَّلُونِى فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ) إِلَى قَوْلِهِ (فَاهْجُرْ)» - قَالَ أَبُو سَلَمَةَ وَالرِّجْزَ الأَوْثَانَ - «ثُمَّ حَمِىَ الْوَحْىُ وَتَتَابَعَ». طرفه 4 75 - سورة الْقِيَامَةِ 1 - باب وَقَوْلُهُ (لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ) وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (سُدًى) هَمَلاً (لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ) سَوْفَ أَتُوبُ سَوْفَ أَعْمَلُ (لاَ وَزَرَ) لاَ حِصْنَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 4925 - (فجئثت منه) بالجيم بعده همزة بعدها شاء مثلثة أي: خفت ويروى بثائين مثلثتين من الجث وهو القطع والقلع، قال ابن الأثير: معناه رعبت منه. باب قوله: {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} [المدثر: 5] ({الرُّجْزَ} والرجس: العذاب) هذا أصله، وقد فسره بعده بالأوثان إشارة إلى أنه من إطلاق المسبب على السبب. سورة القيامة ({سُدًى} [القيامة: 36]: هملًا) بفتح الهاء والميم ({لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ} [القيامة: 5] سوف أتوب سوف أعمل) اللام في ليفجر تتعلق بهذا المقدر، أي: يستمر على كل معصية قائلًا: سوف أتوب {لَا وَزَرَ} [القيامة: 11]: لا حصن) لا ملجأ.

2 - باب (إن علينا جمعه وقرآنه)

4927 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَبِى عَائِشَةَ - وَكَانَ ثِقَةً - عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْىُ حَرَّكَ بِهِ لِسَانَهُ - وَوَصَفَ سُفْيَانُ - يُرِيدُ أَنْ يَحْفَظَهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ (لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ). طرفه 5 2 - باب (إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ) 4928 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِى عَائِشَةَ أَنَّهُ سَأَلَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى (لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ) قَالَ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ كَانَ يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ إِذَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ، فَقِيلَ لَهُ (لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ) - يَخْشَى أَنْ يَنْفَلِتَ مِنْهُ - (إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ) أَنْ نَجْمَعَهُ فِي صَدْرِكَ، وَقُرْآنَهُ أَنْ تَقْرَأَهُ (فَإِذَا قَرَأْنَاهُ) يَقُولُ أُنْزِلَ عَلَيْهِ (فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ) أَنْ نُبَيِّنَهُ عَلَى لِسَانِكَ. طرفه 5 3 - باب قَوْلِهِ (فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (قَرَأْنَاهُ) بَيَّنَّاهُ (فَاتَّبِعْ) اعْمَلْ بِهِ. 4929 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِى عَائِشَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ (لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ) قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا نَزَلَ جِبْرِيلُ بِالْوَحْىِ، وَكَانَ مِمَّا يُحَرِّكُ بِهِ لِسَانَهُ وَشَفَتَيْهِ فَيَشْتَدُّ ـــــــــــــــــــــــــــــ 4927 - 4928 - 4929 - (وكان ثقة) تزكية للراوي كما قال للبراء، وكان غير كذوب (أطرق) قال ابن الأثير: الإطراق أن يقبل ببصره على الأرض ويسكت {أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى} [القيامة: 34] توعد) قيل معناه: لك الويل على أن أولى أفعل مشتق من الويل بعد القلب، مثل أدنى من دون، وقيل: معناه: أولاك الله الهلاك، على أن اللام زائدة كما في ردف لكم. شرح الحديث تقدم مستوفى أول الكتاب. اعلم أن قوله تعالى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ} [القيامة: 16] قد استشكل ربطه بما تقدمه لعدم ظهور المناسبة، والذي يظهر لي أن وضع

76 - سورة هل أتى على الإنسان

عَلَيْهِ وَكَانَ يُعْرَفُ مِنْهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ الآيَةَ الَّتِى فِي (لاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ) (لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ) قَالَ عَلَيْنَا أَنْ نَجْمَعَهُ فِي صَدْرِكَ، وَقُرْآنَهُ (فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ) فَإِذَا أَنْزَلْنَاهُ فَاسْتَمِعْ (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ) عَلَيْنَا أَنْ نُبَيِّنَهُ بِلِسَانِكَ - قَالَ - فَكَانَ إِذَا أَتَاهُ جِبْرِيلُ أَطْرَقَ، فَإِذَا ذَهَبَ قَرَأَهُ كَمَا وَعَدَهُ اللَّهُ. طرفه 5 (أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى) تَوَعُّدٌ. 76 - سورة هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ يُقَالُ مَعْنَاهُ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ، وَهَلْ تَكُونُ جَحْدًا وَتَكُونُ خَبَرًا، وَهَذَا مِنَ الْخَبَرِ، يَقُولُ كَانَ شَيْئًا فَلَمْ يَكُنْ مَذْكُورًا، وَذَلِكَ مِنْ حِينِ خَلَقَهُ مِنْ طِينٍ إِلَى أَنْ يُنْفَخَ فِيهِ الرُّوحُ، (أَمْشَاجٍ) الأَخْلاَطُ مَاءُ الْمَرْأَةِ، وَمَاءُ الرَّجُلِ الدَّمُ وَالْعَلَقَةُ. وَيُقَالُ إِذَا خُلِطَ مَشِيجٌ كَقَوْلِكَ خَلِيطٌ. وَمَمْشُوجٌ مِثْلُ مَخْلُوطٍ، وَيُقَالَ (سَلاَسِلاً وَأَغْلاَلاً) وَلَمْ يُجْرِ بَعْضُهُمْ (مُسْتَطِيرًا) مُمْتَدًّا، الْبَلاَءُ وَالْقَمْطَرِيرُ الشَّدِيدُ، يُقَالَ يَوْمٌ قَمْطَرِيرٌ وَيَوْمٌ قُمَاطِرٌ، وَالْعَبُوسُ وَالْقَمْطَرِيرُ ـــــــــــــــــــــــــــــ السورة لما كان لبيان حب الإنسان العاجلة، وغفلته عن العاقبة كما دل عليه قول ابن عباس (سوف أتوب سوف أعمل) أورد قصة عجلة، رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أخذ الوحي استطرادًا إشارة إلى أن عجلته ليست من جنس عجلتهم بل لتحصيل أصل المطالب، وإنما نهاه عنها لما كان يعالج من الشدة، ثم عاد إلى ذم ما كانوا فيه بقوله: {كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ (20)} [القيامة: 20] هذا مما ألهمته، والله أعلم. سورة {هَلْ أَتَى} [الإنسان: 1] (يقال: معناه أتى) الأولى أن يقول: قد أتى؛ لأن الغرض بيان معنى هل (وهل: تكون خبرًا وتكون حجدًا) معنيان مجازيان، فإن هل حرف الاستفهام وضعًا، ومعنى الاستفهام الاستعلاء (و {لَمْ يَكُنْ شَيْئًا} [الإنسان: 1] يقول: كان شيئًا فلم يكن مذكورًا من حين خلقه إلى أن ينفخ فيه الروح) وجه النفي إلى القيد لا إلى أصل الشيء رعاية لقوله تعالى: {خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ} [آل عمران: 59]. {سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا} [الإنسان: 4] ولم يجزه بعضهم) -بالزاي المعجمة-

77 - سورة والمرسلات

وَالْقُمَاطِرُ وَالْعَصِيبُ أَشَدُّ مَا يَكُونُ مِنَ الأَيَّامِ فِي الْبَلاَءِ. وَقَالَ مَعْمَرٌ (أَسْرَهُمْ) شِدَّةُ الْخَلْقِ، وَكُلُّ شَىْءٍ شَدَدْتَهُ مِنْ قَتَبٍ فَهْوَ مَأْسُورٌ. 77 - سورة وَالْمُرْسَلاَتِ وَقَالَ مُجَاهِدٌ (جِمَالاَتٌ) حِبَالٌ. (ارْكَعُوا) صَلُّوا (لاَ يَرْكَعُونَ) لاَ يُصَلُّونَ. وَسُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ (لاَ يَنْطِقُونَ) (وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ). (الْيَوْمَ نَخْتِمُ) فَقَالَ إِنَّهُ ذُو أَلْوَانٍ مَرَّةً يَنْطِقُونَ، وَمَرَّةً يُخْتَمُ عَلَيْهِمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ من الإجازة؛ لأنه غير منصرف فلا يدخله التنوين، ورواه بعضهم بالراء المهملة من الجر بمعنى الصرف، ولو لم يذكر أغلالًا كان أحسن؛ لأن عدم الصرف مخصوص بسلاسل ({أَسْرَهُمْ} [الإنسان: 28]: شدة الخلق) الأسر الربط بالإيسار -بكسر الهمزة- وهو القيد الذي يربط به الأسير، ومعنى الشدة، أخذه من {وَشَدَدْنَا} [الإنسان: 28] (أو غبيط) على وزن كريم بالغين المعجمة: مركب من مراكب النساء قال امرؤ القيس: تقول وقد مال الغبيط بنا معًا ... عقرت بعيري يا امرؤ القيس فانزل سورة المرسلات {جِمَالَتٌ} [المرسلات: 33]: حبال) هذا إنما يستقيم على قراءة ابن عباس بضم الجيم، وتشديد الميم جمع جمل: بضم الجيم وتشديد الميم كما قرأه ابن عباس في قوله تعالى: {حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} [الأعراف: 40]، وفسره بجمال مجموعة، كذا ذكره الجوهري عنه، وابن الأثير، وأما على فراءة كسر الجيم أو جمالات: فكلاهما جمع جمل الحيوان المعروف، كالحجارة في حجر، والثاني جمع الجمع (إنه ذو ألوان) أي: يوم القيامة يوم طويل فيه أوقات، فلا يناقض في مثل قوله: {وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ (36)} [المرسلات: 36]، وقوله حكاية عنهم {وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام: 23] لأن التناقض يقتضي اتحاد الزمان.

4930 - حَدَّثَنِى مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأُنْزِلَتْ عَلَيْهِ وَالْمُرْسَلاَتِ، وَإِنَّا لَنَتَلَقَّاهَا مِنْ فِيهِ فَخَرَجَتْ حَيَّةٌ، فَابْتَدَرْنَاهَا فَسَبَقَتْنَا فَدَخَلَتْ جُحْرَهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «وُقِيَتْ شَرَّكُمْ، كَمَا وُقِيتُمْ شَرَّهَا». طرفه 1830 4931 - حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ مَنْصُورٍ بِهَذَا. وَعَنْ إِسْرَائِيلَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مِثْلَهُ. وَتَابَعَهُ أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ عَنْ إِسْرَائِيلَ. وَقَالَ حَفْصٌ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَسُلَيْمَانُ بْنُ قَرْمٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ. قَالَ يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ. حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بَيْنَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي غَارٍ إِذْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ وَالْمُرْسَلاَتِ فَتَلَقَّيْنَاهَا مِنْ فِيهِ وَإِنَّ فَاهُ لَرَطْبٌ بِهَا إِذْ خَرَجَتْ حَيَّةٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «عَلَيْكُمُ اقْتُلُوهَا». ـــــــــــــــــــــــــــــ 4930 - (فخرجت حية فابتدرناها) أي: أسرعنا إلى قتلها، قال الجوهري: يقال: ابتدروا السلاح: أسرعوا إلى أخذه. قال بعض الشارحين في معنى قوله: فابتدرناها فسبقتنا: فإن قلت: فهم كانوا سابقين. قلت: كانوا سابقين، ثم صاروا مسرعين. وهذا غلط منه؛ لأن الابتداء والإسراع إلى شيء قد لا يدرك ما ابتدر إليه فضلًا عن سبقته مع أن ما قاله لا يعقل، فإن الذي يريد قتل الحية كيف يسبقها ويتركها وراءه. (عبدة) بفتح العين وسكون الباء الموحدة (أبو معاوية) الضرير (محمد بن خازم) بالخاء المعجمة (سليمان بن قرم) -بفتح القاف وسكون الراء- الكوفي، عدَّه أبو الفضل المقدسي من أفراد مسلم سهوًا منه. 4931 - (قتيبة) بضم القاف مصغر قتب (وإن فاه لرطب بها) كناية عن قرب نزولها، فإن من يتلو أو يتكلم يكون فاه رطبًا بريقه.

1 - باب قوله (إنها ترمى بشرر كالقصر)

قَالَ فَابْتَدَرْنَاهَا فَسَبَقَتْنَا - قَالَ - فَقَالَ «وُقِيَتْ شَرَّكُمْ، كَمَا وُقِيتُمْ شَرَّهَا». طرفه 1830 1 - باب قَوْلِهِ (إِنَّهَا تَرْمِى بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ) 4932 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَابِسٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ إِنَّهَا تَرْمِى بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ قَالَ كُنَّا نَرْفَعُ الْخَشَبَ بِقَصَرٍ ثَلاَثَةَ أَذْرُعٍ أَوْ أَقَلَّ، فَنَرْفَعُهُ لِلشِّتَاءِ فَنُسَمِّيهِ الْقَصَرَ. طرفه 4933 2 - باب قَوْلِهِ (كَأَنَّهُ جِمَالاَتٌ صُفْرٌ) 4933 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا يَحْيَى أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَابِسٍ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - (تَرْمِى بِشَرَرٍ) كُنَّا نَعْمِدُ إِلَى الْخَشَبَةِ ثَلاَثَةَ أَذْرُعٍ وَفَوْقَ ذَلِكَ، فَنَرْفَعُهُ لِلشِّتَاءِ فَنُسَمِّيهِ الْقَصَرَ. (كَأَنَّهُ جِمَالاَتٌ صُفْرٌ) حِبَالُ السُّفْنِ تُجْمَعُ حَتَّى تَكُونَ كَأَوْسَاطِ الرِّجَالِ. طرفه 4932 3 - باب قَوْلِهِ (هَذَا يَوْمُ لاَ يَنْطِقُونَ) 4934 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي غَارٍ إِذْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ وَالْمُرْسَلاَتِ، فَإِنَّهُ لَيَتْلُوهَا وَإِنِّى لأَتَلَقَّاهَا مِنْ فِيهِ وَإِنَّ فَاهُ لَرَطْبٌ بِهَا، إِذْ وَثَبَتْ عَلَيْنَا حَيَّةٌ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اقْتُلُوهَا». فَابْتَدَرْنَاهَا فَذَهَبَتْ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «وُقِيَتْ شَرَّكُمْ، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ (32)} [المرسلات: 32] 4932 - (عابس) بالباء الموحدة وسين مهملة (عن ابن عباس: كنا نرفع الخشب بقصر ثلاثة أذرع) قال ابن الأثير: القصر بفتح القاف وفتح الصاد، وهي قراءة ابن عباس: ما غلظ من أسفل النخل، أو أعناق الإبل، واحدها قصرة، وأما على قراءة العامة، فالقصر هو البناء المرفوع.

78 - سورة عم يتساءلون

كَمَا وُقِيتُمْ شَرَّهَا». قَالَ عُمَرُ حَفِظْتُهُ مِنْ أَبِى فِي غَارٍ بِمِنًى. طرفه 1830 78 - سورة عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ قَالَ مُجَاهِدٌ (لاَ يَرْجُونَ حِسَابًا) لاَ يَخَافُونَهُ. (لاَ يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا) لاَ يُكَلِّمُونَهُ إِلاَّ أَنْ يَأْذَنَ لَهُمْ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (وَهَّاجًا) مُضِيئًا. (عَطَاءً حِسَابًا) جَزَاءً كَافِيًا، أَعْطَانِى مَا أَحْسَبَنِى أَىْ كَفَانِى. 1 - باب (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا) زُمَرًا 4935 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ أَرْبَعُونَ». قَالَ أَرْبَعُونَ يَوْمًا قَالَ أَبَيْتُ. قَالَ أَرْبَعُونَ شَهْرًا قَالَ أَبَيْتُ. قَالَ أَرْبَعُونَ سَنَةً قَالَ أَبَيْتُ. قَالَ «ثُمَّ يُنْزِلُ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً. فَيَنْبُتُونَ كَمَا يَنْبُتُ الْبَقْلُ لَيْسَ مِنَ الإِنْسَانِ شَىْءٌ إِلاَّ يَبْلَى إِلاَّ عَظْمًا وَاحِدًا وَهْوَ عَجْبُ الذَّنَبِ، وَمِنْهُ يُرَكَّبُ الْخَلْقُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». طرفه 4814 ـــــــــــــــــــــــــــــ سورة عم {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} [النبأ: 1] ({لَا يَرْجُونَ حِسَابًا} [النبأ: 27]: لا يخافون) قال الجوهري: الرجاء الأمل، وقد يكون بمعنى الخوف {وَغَسَّاقًا} [النبأ: 25]) مخفف ومثقل. 4935 - (محمد) كذا وقع غير منسوب قال أبو نصر: محمد بن سلام، وابن المثنى كل منهما يروي عن ابن أبي معاوية (ليس من الإنسان شيء لا يبلى إلا عجب الذنب) بفتح العين وسكون الجيم وهو الأصل، وقد بسطنا الكلام عليه في آخر سورة الزمر، وأشرنا إلى أن الحكمة في بقائه ليصدق عليه اسم الإعادة، وإلا كان إنشاء آخر.

79 - سورة والنازعات

79 - سورة وَالنَّازِعَاتِ وَقَالَ مُجَاهِدٌ (الآيَةَ الْكُبْرَى) عَصَاهُ وَيَدُهُ، يُقَالُ النَّاخِرَةُ وَالنَّخِرَةُ، سَوَاءٌ مِثْلُ الطَّامِعِ وَالطَّمِعِ وَالْبَاخِلِ وَالْبَخِيلِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ النَّخِرَةُ الْبَالِيَةُ، وَالنَّاخِرَةُ الْعَظْمُ الْمُجَوَّفُ الَّذِى تَمُرُّ فِيهِ الرِّيحُ فَيَنْخَرُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (الْحَافِرَةِ) الَّتِى أَمْرُنَا الأَوَّلُ إِلَى الْحَيَاةِ. وَقَالَ غَيْرُهُ (أَيَّانَ مُرْسَاهَا) مَتَى مُنْتَهَاهَا، وَمُرْسَى السَّفِينَةِ حَيْثُ تَنْتَهِى. 1 - باب 4936 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ - رضى الله عنه - قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ بِإِصْبَعَيْهِ هَكَذَا بِالْوُسْطَى وَالَّتِى تَلِى الإِبْهَامَ «بُعِثْتُ وَالسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ». طرفاه 5301، 6503 80 - سورة عَبَسَ (عَبَسَ) كَلَحَ وَأَعْرَضَ، وَقَالَ غَيْرُهُ (مُطَهَّرَةٍ) لاَ يَمَسُّهَا إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ وَهُمُ الْمَلاَئِكَةُ، وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ (فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا) جَعَلَ ـــــــــــــــــــــــــــــ سورة النازعات (النَاخِرَة والنَّخِرَة سواء) أي: في أصل المعنى وإلا فالنّخِرَة أبلغ (تمر فيه الريح) أي: يصوت، والنخر: صوت الأنف ({الْحَافِرَةِ} [النازعات: 10] إلى أمرنا الأول إلى الحياة) قال ابن الأثير: الحافرة ما يحفره الفرس بشدة دوسه في الأرض، ثم استعمل في كل أولية قلت: فهي فاعلة بمعنى المفعول. 4936 - (المقدام) بكسر الميم وسكون القاف (الفضبل بن سليمان)، (أبو حازم) بالحاء المهملة. سورة عبس (لا يمسها إلا المطهرون وهم الملائكة، وهذا مثل قوله: {فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا} [النازعات: 5] فإن هذا اللفظ وصف لخيل الغزاة، وإن كان التدبير فعل أصحابها، وكذلك

الْمَلاَئِكَةَ وَالصُّحُفَ مُطَهَّرَةً، لأَنَّ الصُّحُفَ يَقَعُ عَلَيْهَا التَّطْهِيرُ، فَجُعِلَ التَّطْهِيرُ لِمَنْ حَمَلَهَا أَيْضًا. (سَفَرَةٍ) الْمَلاَئِكَةُ وَاحِدُهُمْ سَافِرٌ، سَفَرْتُ أَصْلَحْتُ بَيْنَهُمْ، وَجُعِلَتِ الْمَلاَئِكَةُ إِذَا نَزَلَتْ بِوَحْىِ اللَّهِ وَتَأْدِيَتِهِ كَالسَّفِيرِ الَّذِى يُصْلِحُ بَيْنَ الْقَوْمِ. وَقَالَ غَيْرُهُ (تَصَدَّى) تَغَافَلَ عَنْهُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ (لَمَّا يَقْضِ) لاَ يَقْضِى أَحَدٌ مَا أُمِرَ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (تَرْهَقُهَا) تَغْشَاهَا شِدَّةٌ. (مُسْفِرَةٌ) مُشْرِقَةٌ. (بِأَيْدِى سَفَرَةٍ) وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ كَتَبَةٍ. (أَسْفَارًا) كُتُبًا. (تَلَهَّى) تَشَاغَلَ، يُقَالُ وَاحِدُ الأَسْفَارِ سِفْرٌ. 4937 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ قَالَ سَمِعْتُ زُرَارَةَ بْنَ أَوْفَى يُحَدِّثُ عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَثَلُ الَّذِى يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهْوَ حَافِظٌ لَهُ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ، وَمَثَلُ الَّذِى يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهْوَ يَتَعَاهَدُهُ وَهْوَ عَلَيْهِ شَدِيدٌ، فَلَهُ أَجْرَانِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ المطهرون، فإن المطهرون هي الصحف، وصف بها الملائكة {تَصَدَّى} [عبس: 6]: تغافل عنه) التصدي: الإقبال على الشيء، التغافل وقع سهوًا، فإن التفاعل إنما هو بمعنى التلهي كما فسره أبو عبيدة تصدى: تعرض، وقيل: مراده أنه تغافل بتصديه للكافر، وفيه بعد لا يخفى {لَمَّا يَقْضِ} [عبس: 23]: لا يقضي أحد ما أمر به) وإليه أشار رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. "إن تغفر اللهم تغفر جمًّا ... وأي عبد لك لا ألما" ({سَفَرَةٍ} [عبس: 15] كتبة) جمع سافر من، السفر وهو الإظهار والكشف. قال ابن الأثير: سميت بذلك؛ لأنها بالكتابة تظهر وتوضح. 4937 - (ومثل الذي يقرأ ويتعاهد وهو عليه شديد فله أجران) ليس معناه: أن له أجرين ضعف أجر الماهر، بل له الزيادة على أجره لمشقة في قراءته، وما يقال: إن الأجر على قدر المشقة إنما هو بالنظر إلى أمثاله لا بالنظر إلى غيره كالماهر هنا.

81 - سورة إذا الشمس كورت

81 - سورة إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (انْكَدَرَتْ) انْتَثَرَتْ. وَقَالَ الْحَسَنُ (سُجِّرَتْ) ذَهَبَ مَاؤُهَا فَلاَ يَبْقَى قَطْرَةٌ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ الْمَسْجُورُ الْمَمْلُوءُ. وَقَالَ غَيْرُهُ سُجِرَتْ أَفْضَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، فَصَارَتْ بَحْرًا وَاحِدًا، وَالْخُنَّسُ تَخْنِسُ فِي مُجْرَاهَا تَرْجِعُ وَتَكْنِسُ تَسْتَتِرُ كَمَا تَكْنِسُ الظِّبَاءُ (تَنَفَّسَ) ارْتَفَعَ النَّهَارُ. وَالظَّنِينُ الْمُتَّهَمُ وَالضَّنِينُ يَضَنُّ بِهِ. وَقَالَ عُمَرُ (النُّفُوسُ زُوِّجَتْ) يُزَوَّجُ نَظِيرَهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، ثُمَّ قَرَأَ (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ). (عَسْعَسَ) أَدْبَرَ. 82 - سورة إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ (فُجِّرَتْ) فَاضَتْ. وَقَرَأَ الأَعْمَشُ وَعَاصِمٌ (فَعَدَلَكَ) بِالتَّخْفِيفِ، وَقَرَأَهُ أَهْلُ الْحِجَازِ بِالتَّشْدِيدِ، وَأَرَادَ ـــــــــــــــــــــــــــــ سورة التكوير ({بِالْخُنَّسِ} [التكوير: 15]: تخنس في مجراها ترجع وتكنس) الخنس: جمع خانس من خنس إذا رجع، وهي الكواكب السبعة السيارة، قال ابن الأثير: ولا رجوع لغيرها (تكنس الظباء في كناسها) الموضع الذي تأوي إليه (تزوج: تقرن) والزوج قرين الشيء، وفي رواية الحاكم "الصالح مع الصالح، والفاجر مع الفاجر" ({عَسْعَسَ} [التكوير: 17]: أدبر) لفظ عسس من الأضداد أي: أقبل وأدبر، ذكره الخليل والمبرد، وإنما اقتصر البخاري على أدبر؛ لأن تنفس الصبح بعده يلائمه (والضنين يضن به) أي: يبخل من الضنة، وهي البخل، ولم يذكر قراءة الظاء، وهي قراءة أبي عمرو وابن كثير والكسائي أي: بمتهم. سورة الانفطار {إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ} [الانفطار: 1]. (الربيع) ضد الخريف (خثيم) بضم الخاء، مصغر (قرأه أهل الحجاز بالتشديد وأراد

83 - سورة ويل للمطففين

مُعْتَدِلَ الْخَلْقِ وَمَنْ خَفَّفَ، يَعْنِى فِي أَىِّ صُورَةٍ شَاءَ، إِمَّا حَسَنٌ وَإِمَّا قَبِيحٌ وَطَوِيلٌ وَقَصِيرٌ. 83 - سورة وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ وَقَالَ مُجَاهِدٌ (رَانَ) ثَبْتُ الْخَطَايَا. (ثُوِّبَ) جُوزِىَ، وَقَالَ غَيْرُهُ الْمُطَفِّفُ لاَ يُوَفِّى غَيْرَهُ. 1 - باب (يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) 4938 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مَعْنٌ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «(يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) حَتَّى يَغِيبَ أَحَدُهُمْ فِي رَشْحِهِ إِلَى أَنْصَافِ أُذُنَيْهِ». طرفه 6531 ـــــــــــــــــــــــــــــ معتدل القامة) وفي سائر الأعضاء أيضًا الأذنان سواء والعينان سواء (ومن خفف يعني في أي صورة شاء) جعل الجار متعلقًا بقوله: {فَعَدَلَكَ} [الانفطار: 7] وكلام الكشاف وغيره أن الجار متعلق بركب، ومعنى عدلك: ميزك عن سائر الأشياء من المخلوقات منفرد الحسن والخلقة، روى الإمام أحمد والحاكم مرفوعًا "من سره أن ينظر يوم القيامة رأْيَ عَيْن فليقرأ سورة الانفطار". سورة المطففين ({رَانَ} [المطففين: 14]: ثبت الخطايا) أي: كلها هذا التفسير بعيد، أما أولًا: فلما أن ران فعل متعد بعلى. الثاني: أن أهل اللغة على أن الرين هو الختم والطبع. 4938 - (المنذر) بكسر الذال (معن) بفتح الميم وسكون العين (يوم القيامة يقوم الناس حتى يغيب أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيه) -بفتح الراء وسكون المعجمة- هو العرق. قال ابن الأثير: سمي العرق رشحًا لخروجه شيئًا فشيئًا.

84 - سورة إذا السماء انشقت

84 - سورة إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ قَالَ مُجَاهِدٌ (كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ) يَأْخُذُ كِتَابَهُ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ (وَسَقَ) جَمَعَ مِنْ دَابَّةٍ. (ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ) لاَ يَرْجِعَ إِلَيْنَا. 1 - باب (فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا) 4939 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الأَسْوَدِ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ أَبِى مُلَيْكَةَ سَمِعْتُ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -. ـــــــــــــــــــــــــــــ قال بعض الشارحين: فإن قلت: ما وجه إضافة الجمع إلى المثنى. وهو مثل قوله: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4]؟ قلت: لما كان لكل شخص أذنان بخلاف القلب لا يكون مثله، بل يصير من إضافة الجمع إلى الجمع حقيقة ومعنى. وهذا الذي قاله بخلاف الحس والعقل، وذلك أن في كل منهما المضاف جمع، والمضاف إليه مثنى، غايته: أن المضاف إليه هناك شخصان، وهنا عضوان، وأما المضاف وهو القلوب يضاف، والإضافة إما حقيقة عند من يقول: أقل الجمع اثنان، وأما مجاز عن المثول والأجزاء الأذن عند من لا يقول بذلك، وكأنه تخيل أن كل أذن له نصفان فتكون أربعة أنصاف، والأمر وإن كان كذلك إلا أن العرق لا يبلغ إلا إلى نصف كل أذن، وليس يسلم من أين صار المضاف إليه، وهو الأذنان جمعًا حقيقة دون ضمير قلوبكما. سورة {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} [الانشقاق: 1] (كتابه من وراء ظهره: بشماله) أراد التوفيق بين آية الحاقة وبين قوله هنا. قال بعض الشارحين: أراد مجاهد أن أخذ الكتاب بالشمال يستلزم أخذه من وراء ظهره وبالعكس، والتطابق حاصل بين الآيتين معنىً. وأنا أقول: هذا الذي قلته لم يخطر بقلب مجاهد ولا أحد قبلك، وليت شعري: من أين أخذ هذا اللزوم؟! 4939 - (ابن أبي مليكة) -بضم الميم، مصغر- اسمه عبد الله (حرب) ضد الصلح

2 - باب (لتركبن طبقا عن طبق)

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى يُونُسَ حَاتِمِ بْنِ أَبِى صَغِيرَةَ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَيْسَ أَحَدٌ يُحَاسَبُ إِلاَّ هَلَكَ». قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ جَعَلَنِى اللَّهُ فِدَاءَكَ، أَلَيْسَ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (فَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا). قَالَ «ذَاكَ الْعَرْضُ يُعْرَضُونَ، وَمَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ هَلَكَ». طرفه 103 2 - باب (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ) 4940 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ النَّضْرِ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ جَعْفَرُ بْنُ إِيَاسٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ) حَالاً بَعْدَ حَالٍ، قَالَ هَذَا نَبِيُّكُمْ - صلى الله عليه وسلم -. ـــــــــــــــــــــــــــــ (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم (عن أبي يونس: حاتم بن أبي صغيرة) ضد الكبيرة. فإن قلت: روى ابن أبي مليكة الحديث أولًا عن عائشة، بذلك السند، ثم رواه عن القاسم عن عائشة قلت: سمعه أولًا عن القاسم، ثم عن عائشة. فإن قلت: إذا رواه عن عائشة، وذلك السند أعلى، فأي فائدة في السند النازل؟ قلت: فيه تقوية للسند العالي، فإنه دل على أنه كما سمع هو من عائشة سمعه غيره أيضًا. (ذاكِ العرض) بكسر الكاف (ومن نوقش الحساب هلك) العرض: أن ينظر في كتاب لا غير كمن ينظر في جيشه ليعرف قدره، والمناقشة المحاققة بأن يقول السيد لخادمه: الدرهم فيم صرفته، والدرهمان أين حسابهما؟ 4940 - (النضر) بالضاد المعجمة (هشيم) بضم الهاء، مصغر (أبو بشر) -بالموحدة- اسمه: جعفر {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ (19)} [الانشقاق: 19] حالًا بعد حال) هذا يناسب تفسير الفتح في الباء، والمناسب لقراءة ضم الباء: أحوالًا بعد أحوالًا: أي: تلك الأحوال متشابهة في الشدة، ولذلك عبر بالطبق، فإنه عبارة عما طابق غيره. نقل أبو شامة والجعبري أن يوم القيامة فيه خمسون موقفًا لطف الله بنا برأفته، وأما البَعدية فأخذها من لفظ عن، فإنه يدل على المجاورة.

85 - سورة البروج

85 - سورة الْبُرُوجِ وَقَالَ مُجَاهِدٌ (الأُخْدُودِ) شَقٌّ فِي الأَرْضِ. (فَتَنُوا) عَذَّبُوا. وقال ابن عباس: الودود: الحبيب، المجيد: الكريم. 86 - سورة الطَّارِقِ هو النجم، وما أتاك ليلا فهو طارق. النجم الثاقب: المضيء. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {ذَاتِ الرَّجْعِ} [الطارق: 11]: «سَحَابٌ يَرْجِعُ بِالْمَطَرِ»، {ذَاتِ الصَّدْعِ} [الطارق: 12]: «تَتَصَدَّعُ بِالنَّبَاتِ». وقال ابن عباس: {لقول فصل} لحق {لما عليها حافظ} إلا عليها حافظ. 87 - سورة سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى وقال مجاهد: {قدر فهدى}: قدر للإنسان الشقاء والسعادة، وهدى الأنعام لمراتعها. 4941 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ - رضى الله عنه - قَالَ أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ سورة الطارق (وقال مجاهد: {ذَاتِ الرَّجْعِ} [الطارق: 11] سحاب يرجع بالمطر) وقال الجوهري: الرجع: المطر، فلا حاجة إلى تأويل مجاهد ({ذَاتِ الصَّدْعِ} [الطارق: 12] تتصدع بالنبات) أي: تنشق، والمعنى: يقع عليها الصدع فتصدع، وقوله: والصدع ما يتصدع من النبات أظهر. سورة {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى: 1] 4941 - (عبدان) على وزن شعبان (مصعب) بفتح العين (عمير) بضم العين (وابن أم مكتوم) اسمه: عبد الله، أو عمرو (ثم جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: وأبو بكر بعد هؤلاء (رأيت الولائد والصبيان يقولون: هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) نقل عن أبي ذر أنه قال: ليس هذا موضع - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن الأمر بالصلاة عليه نزل في السنة الخامسة، وهذا كلام مردود، أما أولًا: فلأنه يجوز أنهم كانوا يصلون عليه وإن لم يكونوا مأمورين به. وأما ثانيًا: فلأنه يجوز أن يكون هذا

88 - سورة هل أتاك حديث الغاشية

وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فَجَعَلاَ يُقْرِئَانِنَا الْقُرْآنَ، ثُمَّ جَاءَ عَمَّارٌ وَبِلاَلٌ وَسَعْدٌ ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي عِشْرِينَ ثُمَّ جَاءَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَمَا رَأَيْتُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ فَرِحُوا بِشَىْءٍ فَرَحَهُمْ بِهِ، حَتَّى رَأَيْتُ الْوَلاَئِدَ وَالصِّبْيَانَ يَقُولُونَ هَذَا رَسُولُ اللَّهِ قَدْ جَاءَ. فَمَا جَاءَ حَتَّى قَرَأْتُ (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى) فِي سُوَرٍ مِثْلِهَا. 88 - سورة هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ) النَّصَارَى. وَقَالَ مُجَاهِدٌ (عَيْنٍ آنِيَةٍ) بَلَغَ إِنَاهَا وَحَانَ شُرْبُهَا (حَمِيمٍ آنٍ) بَلَغَ إِنَاهُ (لاَ تَسْمَعُ فِيهَا لاَغِيَةً) شَتْمًا. الضَّرِيعُ نَبْتٌ يُقَالَ لَهُ الشِّبْرِقُ، يُسَمِّيهِ أَهْلُ الْحِجَازِ الضَّرِيعَ إِذَا يَبِسَ، وَهْوَ سَمٌّ. (بِمُسَيْطِرٍ) بِمُسَلَّطٍ، وَيُقْرَأُ بِالصَّادِ وَالسِّينِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (إِيَابَهُمْ) مَرْجِعَهُمْ. 89 - سورة وَالْفَجْرِ وَقَالَ مُجَاهِدٌ الْوَتْرُ اللَّهُ. (إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ) الْقَدِيمَةِ وَالْعِمَادُ ـــــــــــــــــــــــــــــ القدر من الصلاة كلام الراوي بعد ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما يقول واحد منا إذا ذكره، وهذا هو الظاهر، لأن الصبيان بعيد منهم أن يهتدوا إلى مثله في بدء قدومه، على أن شيخنا ذكر أن سورة الأحزاب نزلت أيضًا في السنة الخامسة. قال: ويجوز أيضًا أن تكون الآية الآمرة سابقة على السورة في النزول، ومثله كثير. سورة {هَلْ أَتَاكَ} [الغاشية: 1] (بلغ إناها) بكسر الهمزة فاعل بلغ أي: حان وقت شربها (نبت يقال له الشِبرق) بكسر المعجمة وسكون الموحدة ما دام رطبًا ({بِمُصَيْطِرٍ} [الغاشية: 22] ويقرأ بالصاد) وفي المصاحف رسم بالصاد. سورة الفجر ({إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (7)} [الفجر: 7] القديمة) وصف لإرم أو لعاد، وهذا أحسن؛ لأن عادًا يطلق على ثمود، ولذلك قال تعالى: {عَادًا الْأُولَى} [النجم: 50] قال الجوهري: قرئ

أَهْلُ عَمُودٍ لاَ يُقِيمُونَ. (سَوْطَ عَذَابٍ) الَّذِى عُذِّبُوا بِهِ (أَكْلاً لَمًّا) السَّفُّ. وَ (جَمًّا) الْكَثِيرُ وَقَالَ مُجَاهِدٌ كُلُّ شَىْءٍ خَلَقَهُ فَهْوَ شَفْعٌ، السَّمَاءُ شَفْعٌ وَالْوَتْرُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى. وَقَالَ غَيْرُهُ (سَوْطَ عَذَابٍ) كَلِمَةٌ تَقُولُهَا الْعَرَبُ لِكُلِّ نَوْعٍ مِنَ الْعَذَابِ يَدْخُلُ فِيهِ السَّوْطُ. (لَبِالْمِرْصَادِ) إِلَيْهِ الْمَصِيرُ. (تَحَاضُّونَ) تُحَافِظُونَ، وَيَحُضُّونَ يَأْمُرُونَ بِإِطْعَامِهِ. (الْمُطْمَئِنَّةُ) الْمُصَدِّقَةُ بِالثَّوَابِ. وَقَالَ الْحَسَنُ (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ) إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَبْضَهَا اطْمَأَنَّتْ إِلَى اللَّهِ، وَاطْمَأَنَّ اللَّهُ إِلَيْهَا، وَرَضِيَتْ عَنِ اللَّهِ، وَرَضِىَ اللَّهُ عَنْهَا، فَأَمَرَ بِقَبْضِ رُوحِهَا، وَأَدْخَلَهَا اللَّهُ الْجَنَّةَ، وَجَعَلَهُ مِنْ عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ. وَقَالَ غَيْرُهُ (جَابُوا) نَقَبُوا مِنْ جِيبَ الْقَمِيصُ قُطِعَ لَهُ جَيْبٌ. يَجُوبُ الْفَلاَةَ يَقْطَعُهَا (لَمًّا) لَمَمْتُهُ أَجْمَعَ أَتَيْتُ عَلَى آخِرِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بإضافة عاد إلى إرم، ومنع صرفه لزم لأنه اسم القبيلة، وأما بدون الإضافة فبدل أو بيان، وإرم: هو ابن سام بن نوح، وعاد: اسم ابن عوض بن ردم، وقيل: إرم اسم المدينة وهو الظاهر من قوله تعالى: {الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ (8)} [الفجر: 8] ({أَكْلًا لَمًّا} [الفجر: 19] السفّ) -بالمهملة وتشديد الفاء- من سف الدواء إذا أكثر منه، ورواه بعضهم بالمعجمة ومعناه: الزائد، فيرجع إلى معنى المهملة، وقال الجوهري: السف أن يأكل نصيبه ونصيب صاحبه، وهذا أنسب بأكل التراث، وقال صاحب "الكشاف": الملم: المجمع بين الحلال والحرام ({سَوْطَ عَذَابٍ} [الفجر: 13] كلمة تقولها العرب لكل نوع من العذاب يدخل فيه السوط) هذا لا يصح في تفسير الآية، بل المراد: العذاب الذي عذبوا به. قال صاحب "الكشاف": والتعبير عن ذلك العذاب بالسوط إشارة إلى أن ما أعده الله لهم من العذاب هذا بمثابة سوط منه {جَابُوا} [الفجر: 9]: نقبوا من جِيبَ القميص) بكسر الجيم على بناء المجهول إذا جعل له جيب (يجوب الفلاة: يقطعها) إشارة إلى أن الياء من جيب مقلوبة من الواو، وحمله على أنه مثل: {وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ} [الأعراف: 44] بعيد.

90 - سورة لا أقسم

90 - سورة لاَ أُقْسِمُ وَقَالَ مُجَاهِدٌ (بِهَذَا الْبَلَدِ) مَكَّةَ لَيْسَ عَلَيْكَ مَا عَلَى النَّاسِ فِيهِ مِنَ الإِثْمِ. (وَوَالِدٍ) آدَمَ (وَمَا وَلَدَ) (لُبَدًا) كَثِيرًا. وَ (النَّجْدَيْنِ) الْخَيْرُ وَالشَّرُّ. (مَسْغَبَةٍ) مَجَاعَةٍ (مَتْرَبَةٍ) السَّاقِطُ فِي التُّرَابِ. يُقَالُ (فَلاَ اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ) فَلَمْ يَقْتَحِمِ الْعَقَبَةَ فِي الدُّنْيَا، ثُمَّ فَسَّرَ الْعَقَبَةَ فَقَالَ (وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ * أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِى مَسْغَبَةٍ). {في كبد}: شدة. 91 - سورة وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا وَقَالَ مُجَاهِدٌ (بِطَغْوَاهَا) بِمَعَاصِيهَا. (وَلاَ يَخَافُ عُقْبَاهَا) عُقْبَى أَحَدٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ سورة {لَا أُقْسِمُ} [البلد: 1] ([وقال] مجاهد: البلد مكة ليس عليك ما على الناس من الإثم) يريد تفسير قوله: {وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ} [البلد: 2] يحل لك القتال، ولم يحل لأحد قبلك، وفيه نظر، فإن السورة مكية، وحل البلد له ساعة واحدة من يوم الفتح، أو أراد أنهما بمعنى الواوي واليائي، وهو ظاهر كلام ابن الأثير. وقال صاحب "الكشاف": يريد أن من المكائد أن تستحل أنت في مثل هذا البلد. قال: وهذا يلائم قوله بعده: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ} [البلد: 4]) قلت: الأحسن أن يكون من الحلول، فإنه أقسم بالبلد المعظم، وأكد تعظيم المقسم به بحلول مثله فيه الإقسام به مقرون بزمان حلولك، ولا يرد أن الإقسام أزلي؛ لأنه ملحوظ فيه ذلك كالبلد المقسم به، فإنه حادث أيضًا {لُبَدًا} [البلد: 6] كثيرًا) من اللبد وهو الجمع (و {النَّجْدَيْنِ} [البلد: 10]: الخير والشر) النجد لغة: ما ارتفع، عبر عن الخير والشر به إشارة إلى غاية البيان والوضوح. سورة الشمس

92 - سورة والليل إذا يغشى

4942 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَمْعَةَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ وَذَكَرَ النَّاقَةَ وَالَّذِى عَقَرَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «(إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا) انْبَعَثَ لَهَا رَجُلٌ عَزِيزٌ عَارِمٌ، مَنِيعٌ فِي رَهْطِهِ، مِثْلُ أَبِى زَمْعَةَ». وَذَكَرَ النِّسَاءَ فَقَالَ «يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ يَجْلِدُ امْرَأَتَهُ جَلْدَ الْعَبْدِ، فَلَعَلَّهُ يُضَاجِعُهَا مِنْ آخِرِ يَوْمِهِ». ثُمَّ وَعَظَهُمْ فِي ضَحِكِهِمْ مِنَ الضَّرْطَةِ وَقَالَ «لِمَ يَضْحَكُ أَحَدُكُمْ مِمَّا يَفْعَلُ». وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مِثْلُ أَبِى زَمْعَةَ عَمِّ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ». طرفه 3377 92 - سورة وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (بِالْحُسْنَى) بِالْخَلَفِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ (تَرَدَّى) مَاتَ. وَ (تَلَظَّى) تَوَهَّجُ وَقَرَأَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ تَتَلَظَّى. ـــــــــــــــــــــــــــــ 4942 - ({انْبَعَثَ أَشْقَاهَا} [الشمس: 12]: رجل عزيز عارم) قال ابن الأثير: العارم: الخبيث الشرير، والفعل منه عرم بضم الراء (مثل أبي زمعة) -بفتح الزاي وإسكان الميم- هو الأسود بن المطلب بن أسد، وزمعة ابنه، وهو عبد الله راوي الحديث، وزمعة قتل كافرًا يوم بدر، وأبو زمعة هذا كان أحد المستهزئين فرماه جبريل بورقة في وجهه فأعماه (مثل أبي زمعة عم الزبير) فيه تسامح، إنما هو ابن عم أبيه؛ لأن العوام أبو الزبير بن خويلد بن أسد، والأسود بن المطلب بن أسد. سورة ({وَاللَّيْلِ} [الليل: 1] (وقرأ عبيد بن عمير) بتصغير الاسمين (تتلظى: بتاءين) وهذا على الأصل.

1 - باب (والنهار إذا تجلى)

1 - باب (وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى) 4943 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ دَخَلْتُ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ الشَّأْمَ فَسَمِعَ بِنَا أَبُو الدَّرْدَاءِ فَأَتَانَا فَقَالَ أَفِيكُمْ مَنْ يَقْرَأُ فَقُلْنَا نَعَمْ. قَالَ فَأَيُّكُمْ أَقْرَأُ فَأَشَارُوا إِلَىَّ فَقَالَ اقْرَأْ. فَقَرَأْتُ (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى * وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى). قَالَ أَنْتَ سَمِعْتَهَا مِنْ فِي صَاحِبِكَ قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ وَأَنَا سَمِعْتُهَا مِنْ فِي النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهَؤُلاَءِ يَأْبَوْنَ عَلَيْنَا. طرفه 3287 2 - باب (وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى) 4944 - حَدَّثَنَا عُمَرُ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ قَدِمَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى أَبِى الدَّرْدَاءِ فَطَلَبَهُمْ فَوَجَدَهُمْ فَقَالَ أَيُّكُمْ يَقْرَأُ عَلَى قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُلُّنَا. قَالَ فَأَيُّكُمْ يَحْفَظُ وَأَشَارُوا إِلَى عَلْقَمَةَ. قَالَ كَيْفَ سَمِعْتَهُ يَقْرَأُ (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى). قَالَ عَلْقَمَةُ (وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى). قَالَ أَشْهَدُ أَنِّى سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ هَكَذَا، وَهَؤُلاَءِ يُرِيدُونِى عَلَى أَنْ أَقْرَأَ (وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى) وَاللَّهِ لاَ أُتَابِعُهُمْ. طرفه 3287 ـــــــــــــــــــــــــــــ 4943 - (قبيصة) بفتح القاف، وباء موحدة (علقمة) بفتح العين والقاف، ولام ساكنة (سمع بنا أبو الدرداء فأتانا). فإن قلت: تقدم في أبواب الصلاة أن علقمة قال: قلت: اللهم يسرّ في جليسًا صالحًا فجاء أبو الدرداء، قلت: لا ينافي سمع بهم فجاء فوجدهم فجلس، وقد سبق أن أبا الدرداء إنما لم يتابعهم على قراءتهم؛ لأن القراءة التي سمعها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانت قطعية عنده، على أن لا تنافي بين القراءتين في المعنى إلا أن قراءته لم تتواتر.

3 - باب قوله (فأما من أعطى واتقى)

3 - باب قَوْلُهُ (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى) 4945 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِىِّ عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي بَقِيعِ الْغَرْقَدِ فِي جَنَازَةٍ فَقَالَ «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ الْجَنَّةِ وَمَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ». فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلاَ نَتَّكِلُ فَقَالَ «اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ». ثُمَّ قَرَأَ (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى) إِلَى قَوْلِهِ (لِلْعُسْرَى). طرفه 1362 4 - باب (وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا قُعُودًا عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. 5 - باب (فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى) 4946 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِىِّ عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. أَنَّهُ كَانَ فِي جَنَازَةٍ فَأَخَذَ عُودًا يَنْكُتُ فِي الأَرْضِ فَقَالَ «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ أَوْ مِنَ الْجَنَّةِ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلاَ نَتَّكِلُ قَالَ «اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى) الآيَةَ. قَالَ شُعْبَةُ وَحَدَّثَنِى بِهِ مَنْصُورٌ فَلَمْ أُنْكِرْهُ مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ. طرفه 1362 6 - باب قَوْلِهِ (وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى) 4947 - حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَلِىٍّ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - قَالَ كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ الْجَنَّةِ وَمَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ». فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلاَ نَتَّكِلُ قَالَ «لاَ، اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ». ثُمَّ قَرَأَ (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى) إِلَى قَوْلِهِ (فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى). طرفه 1362

7 - باب قوله (وكذب بالحسنى)

7 - باب قَوْلِهِ (وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى) 4948 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِىِّ عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا فِي جَنَازَةٍ فِي بَقِيعِ الْغَرْقَدِ، فَأَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَعَدَ وَقَعَدْنَا حَوْلَهُ، وَمَعَهُ مِخْصَرَةٌ فَنَكَّسَ، فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِمِخْصَرَتِهِ ثُمَّ قَالَ «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ وَمَا مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ إِلاَّ كُتِبَ مَكَانُهَا مِنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَإِلاَّ قَدْ كُتِبَتْ شَقِيَّةً أَوْ سَعِيدَةً». قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلاَ نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابِنَا وَنَدَعُ الْعَمَلَ فَمَنْ كَانَ مِنَّا مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَسَيَصِيرُ إِلَى أَهْلِ السَّعَادَةِ، وَمَنْ كَانَ مِنَّا مِنْ أَهْلِ الشَّقَاءِ فَسَيَصِيرُ إِلَى عَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ. قَالَ «أَمَّا أَهْلُ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ وَأَمَّا أَهْلُ الشَّقَاوَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاءِ». ثُمَّ قَرَأَ (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى) الآيَةَ. طرفه 1362 8 - باب (فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى) 4949 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ عُبَيْدَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِىِّ عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {كذَبَ} [الليل: 9] روى في الباب الحديث بثلاثة أسانيد مدارها على علي بن أبي طالب، وقد سلف الحديث في كتاب الجنائز في باب موعظة المحدث عند القبر. 4948 - 4949 - (بشر بن خالد) بكسر الموحدة وسكون المعجمة (عبيدة) بضم العين مصغر (أبي عبد الرحمن السلمي) هو عبد الله بن حبيب (مخصرة) -بكسر الميم وسكون الخاء المعجمة- العصا والقضيب ونحوه، والنكت به، أو بالإصبع: الضرب في الأرض. فإن قلت: في الرواية الأولى (ومقعده). وفي الثانية (أو مقعده) بأو؟ قلت: كلاهما صواب، فإن المصير إلى أحدهما، وإن كان كل منهما مكتوبًا، فإن منازل الأشقياء في الجنة يرثها السعداء، وبالعكس في النار. (ما من نفس منفوسة) أي: مخلوقة من نفست المرأة إذا ولدت.

93 - سورة والضحى

فِي جَنَازَةٍ فَأَخَذَ شَيْئًا فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِهِ الأَرْضَ فَقَالَ «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ وَمَقْعَدُهُ مِنَ الْجَنَّةِ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلاَ نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابِنَا وَنَدَعُ الْعَمَلَ قَالَ «اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ، أَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاءِ فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ». ثُمَّ قَرَأَ (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى) الآيَةَ. طرفه 1362 93 - سورة وَالضُّحَى وَقَالَ مُجَاهِدٌ (إِذَا سَجَى) اسْتَوَى. وَقَالَ غَيْرُهُ أَظْلَمَ وَسَكَنَ. (عَائِلاً) ذُو عِيَالٍ. 1 - بَابُ {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} 4950 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا الأَسْوَدُ بْنُ قَيْسٍ قَالَ سَمِعْتُ جُنْدُبَ بْنَ سُفْيَانَ - رضى الله عنه - قَالَ اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يَقُمْ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا، فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ يَا مُحَمَّدُ إِنِّى لأَرْجُو أَنْ يَكُونَ شَيْطَانُكَ قَدْ تَرَكَكَ، لَمْ أَرَهُ قَرِبَكَ مُنْذُ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى). طرفه 1124 ـــــــــــــــــــــــــــــ سورة {وَالضُّحَى} [الضحى: 1] ({سَجَى} [الضحى: 2]: استوى، وقال غيره: سكن) هذا هو المعروف لغة، ومن كلام الإمام علي بن أبي طالب: لا ليل داج ولا بكر ساج. أي: ساكن. 4950 - (زهير) مصغر (جندب) بضم الجيم وفتح الدال (اشتكى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي من مرض (فلم يقم ليلتين أو ثلاثًا) الشك من الراوي (فجاءت امرأة) هي امرأة أبي لهب حمالة الحطب (فقالت: إني لأرجو أن يكون شيطانك قد تركك لم أره قَرِبك منذ ليلتين أو ثلاثًا) قربك: -بكسر الراء- أي: دنا، صفة الفاعل كقوله: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء: 43]، وبضم الراء لازم توصف به المسافة. فإن قلت: قد روي أربعين وخمسة وعشرين؟ قلت: هذا في شكواه في مرضه. وذاك حين مات جرو تحت سريره، ولو اتحدت الواقعة لا إشكال؛ لأنها قالت له هذا الكلام بعد ليلتين أو ثلاث، ولا ينافي طول المدة بعد ذلك.

2 - باب قوله (ما ودعك ربك وما قلى)

2 - باب قَوْلُهُ (مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى) تُقْرَأُ بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ مَا تَرَكَكَ رَبُّكَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَا تَرَكَكَ وَمَا أَبْغَضَكَ. 4951 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ سَمِعْتُ جُنْدَبًا الْبَجَلِىَّ قَالَتِ امْرَأَةٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أُرَى صَاحِبَكَ إِلاَّ أَبْطَأَكَ. فَنَزَلَتْ (مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى). طرفه 1124 94 - سورة أَلَمْ نَشْرَحْ وَقَالَ مُجَاهِدٌ (وِزْرَكَ) فِي الْجَاهِلِيَّةِ. (أَنْقَضَ) أَثْقَلَ (مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) ـــــــــــــــــــــــــــــ ({وَدَّعَكَ} [الضحى: 3]: تقرأ بالتشديد والتخفيف) التخفيف قراءة شاذة تنسب إلى ابن أبي عبلة. 4951 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (غندر) بضم الغين وفتح الدال (ما أرى صاحبك) تريد جبريل (إلا أبطأك) كذا رواه في كتاب الصلاة. فحذف الجار، وأوصل الفعل كما في نظائره. قال بعض الشارحين: معناه جعلك صاحبك بطيئًا في القرآن؛ لأن إبطاء جبريل في الإقراء بطء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في القراءة، وهذا الذي قاله مع ركاكته فاسد، لأن البطء ضد السرعة، فلا بد من أصل القراءة، ولم يكن هناك في تلك المدة قراءة، ولا دل عليه السياق، ولا كانت قراءة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الليالي لإقراء جبريل، بل كان تهجدًا إلا ما كان في رمضان، ولم يكن إقراء بل يعارضه القرآن. فإن قلت: كيف قالت (يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) وهي تنكر رسالته؟ قلت: هذا من تغيير الرواة بدليل ما تقدم من قولها (يا محمد)، والأظهر أن هذه القائلة خديجة كما رواه الحاكم، لكن لم يكن التصريح باسم خديجة من شرط البخاري. سورة {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} [الشرح: 1] (قال مجاهد: {وِزْرَكَ} [الشرح: 2] في الجاهلية) الوزر: هو الثقل، والمراد به ما كان

95 - سورة والتين

قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ أَىْ مَعَ ذَلِكَ الْعُسْرِ يُسْرًا آخَرَ كَقَوْلِهِ (هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ) وَلَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ (فَانْصَبْ) فِي حَاجَتِكَ إِلَى رَبِّكَ. وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (أَلَمْ نَشْرَحْ) شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ. 95 - سورة وَالتِّينِ وَقَالَ مُجَاهِدٌ هُوَ التِّينُ وَالزَّيْتُونُ الَّذِى يَأْكُلُ النَّاسُ. يُقَالُ (فَمَا يُكَذِّبُكَ) فَمَا الَّذِى يُكَذِّبُكَ بِأَنَّ النَّاسَ يُدَانُونَ بِأَعْمَالِهِمْ، كَأَنَّهُ قَالَ وَمَنْ يَقْدِرُ عَلَى تَكْذِيبِكَ بِالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ؟ ـــــــــــــــــــــــــــــ يثقل عليه من عدم علمه بالأحكام، والأحسن أن يحمل على ما كان يلقاه من قومه وإعراضهم عن الإسلام {مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح: 5]: إن مع ذلك العسر يسرًا آخر) هذا على قانون العربية أن النكرة المعادة غير الأولى، والمعرفة عينها (لن يغلب عسر يسرين) روي مرفوعًا، وفي "موطأ مالك" أن عمر بن الخطاب كتب إلى أبي عبيدة: مهما ينزل بعبد من سوء يجعل الله له فرجًا، ولن يغلب عسر يسرين. (فانصب في حاجتك) إذا فرغت من الصلاة، فاجتهد في الدعاء لمطالبك فإنه مظنة الإجابة، وقد روى ابن حبان والطبري والشافعي أن جبريل قال: يقول ربك: أتدري يا محمد كيف رفعت ذكرك؟ قال: "الله أعلم" [قال]: إذا ذكرتُ ذكرتَ معي". سورة التين {فَمَا يُكَذِّبُكَ} [التين: 7]: فما الذي يكذبك كأنه قال: ومن يقدر) بمن دلالة على أن ما بمعنى من، وهذا كما في قوله تعالى: {وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا} [الشمس: 5] وإذا أريد الوصف (يدانون) يجاوزون.

1 - باب

1 - باب 4952 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى عَدِىٌّ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ فِي سَفَرٍ فَقَرَأَ فِي الْعِشَاءِ فِي إِحْدَى الرَّكْعَتَيْنِ بِالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ. (تَقْوِيمٍ) الْخَلْقِ. طرفه 767 96 - سورة اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِى خَلَقَ وَقَالَ قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَتِيقٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ اكْتُبْ فِي الْمُصْحَفِ فِي أَوَّلِ الإِمَامِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَاجْعَلْ بَيْنَ السُّورَتَيْنِ خَطًّا. وَقَالَ مُجَاهِدٌ (نَادِيَهُ) عَشِيرَتَهُ. (الزَّبَانِيَةَ) الْمَلاَئِكَةَ. وَقَالَ مَعْمَرٌ (الرُّجْعَى) الْمَرْجِعُ. (لَنَسْفَعَنْ) قَالَ لَنَأْخُذَنْ وَلَنَسْفَعَنْ بِالنُّونِ وَهْىَ الْخَفِيفَةُ، سَفَعْتُ بِيَدِهِ أَخَذْتُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 4952 - (منهال) بكسر الميم {تَقْوِيم} [التين: 4] الخلق) فسر التقويم بالخلق أي: معناه: في أحسن خلقة، فيكون أحسن مفعولًا مطلقًا. سورة اقرأ (وقال قتيبة) هذا شيخ البخاري، والرواية عنه بقال لما قدمنا أنه سمع الحديث عنه محاورة (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم (عن الحسن قال: اكتب في المصحف في أول الإمام) أي: في أول الفاتحة (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، واجعل بين السورتين خطًّا) لتمتاز السورة عن الأخرى، هذا مخالف للمصاحف العثمانية، لاتفاقها على وجود البسملة في أول كل سورة، وبه استدل الشافعي على أن البسملة آية من كل سورة سوى براءة، ويمكن توجيه قول الحسن بأنه لم يمنع كتابة البسملة بل زاد خطًّا؛ لأن المصاحف العثمانية لم يكن فيها ذلك الخط، وإلا كيف يخفى على مثله؟ مع أن أحد المصاحف كان بالبصرة. قال بعض الشارحين: ما قاله الحسن هو مذهب حمزة، قلت: حمزة ليس له مذهب في كتب المصحف، وإنما خالفهم في الوصل، فإن حمزة يصل آخر السورة بأول الأخرى بلا بسملة، وأما في الابتداء لا خلاف في الإتيان بالبسملة، ولا خلاف أيضًا عندهم في وجوب البسملة في أول الفاتحة سواء وصل أولها بآخر الأخرى، أو لا. قال الجوهري: الزبانية جمع لا مفرد له كأبابيل، واشتقاقه من الزبن، وهو الدفع؛ لأن الزبانية هم الملائكة الموكلون بالنار يدفعون أهل النار فيها، أعاذنا الله منها.

1 - باب

1 - باب 4953 - حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ مَرْوَانَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِى رِزْمَةَ أَخْبَرَنَا أَبُو صَالِحٍ سَلْمَوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ شِهَابٍ أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ كَانَ أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ فِي النَّوْمِ، فَكَانَ لاَ يَرَى رُؤْيَا إِلاَّ جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلاَءُ فَكَانَ يَلْحَقُ بِغَارِ حِرَاءٍ فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ - قَالَ وَالتَّحَنُّثُ التَّعَبُّدُ - اللَّيَالِىَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهِ، وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدُ بِمِثْلِهَا، حَتَّى فَجِئَهُ الْحَقُّ وَهْوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ فَجَاءَهُ الْمَلَكُ فَقَالَ اقْرَأْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا أَنَا بِقَارِئٍ». قَالَ «فَأَخَذَنِى فَغَطَّنِى حَتَّى بَلَغَ مِنِّى الْجُهْدُ ثُمَّ أَرْسَلَنِى. فَقَالَ اقْرَأْ. قُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ. فَأَخَذَنِى فَغَطَّنِى الثَّانِيِةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّى الْجُهْدُ، ثُمَّ أَرْسَلَنِى. فَقَالَ اقْرَأْ. قُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ. فَأَخَذَنِى فَغَطَّنِى الثَّالِثَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّى الْجُهْدُ ثُمَّ أَرْسَلَنِى. فَقَالَ (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِى خَلَقَ * خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِى عَلَّمَ بِالْقَلَمِ)». الآيَاتِ إِلَى قَوْلِهِ (عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَرْجُفُ بَوَادِرُهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ فَقَالَ «زَمِّلُونِى زَمِّلُونِى». فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ قَالَ لِخَدِيجَةَ «أَىْ خَدِيجَةُ مَا لِى، لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِى». فَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ. قَالَتْ خَدِيجَةُ كَلاَّ أَبْشِرْ، فَوَاللَّهِ لاَ يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، فَوَاللَّهِ إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَقْرِى الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ. فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلٍ وَهْوَ ابْنُ عَمِّ خَدِيجَةَ أَخِى أَبِيهَا، وَكَانَ امْرَأً تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْعَرَبِىَّ وَيَكْتُبُ مِنَ الإِنْجِيلِ بِالْعَرَبِيَّةِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكْتُبَ، وَكَانَ شَيْخًا ـــــــــــــــــــــــــــــ روى عن عائشة (أول ما بدئ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرؤيا الصادقة) والحديث في باب بدء الوحي. ونشير إلى بعض ألفاظه:

كَبِيرًا قَدْ عَمِىَ فَقَالَتْ خَدِيجَةُ يَا ابْنَ عَمِّ اسْمَعْ مِنِ ابْنِ أَخِيكَ. قَالَ وَرَقَةُ يَا ابْنَ أَخِى مَاذَا تَرَى فَأَخْبَرَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَبَرَ مَا رَأَى. فَقَالَ وَرَقَةُ هَذَا النَّامُوسُ الَّذِى أُنْزِلَ عَلَى مُوسَى، لَيْتَنِى فِيهَا جَذَعًا، لَيْتَنِى أَكُونُ حَيًّا. ذَكَرَ حَرْفًا. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَوَمُخْرِجِىَّ هُمْ». قَالَ وَرَقَةُ نَعَمْ لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ بِمَا جِئْتَ بِهِ إِلاَّ أُوذِىَ، وَإِنْ يُدْرِكْنِى يَوْمُكَ حَيًّا أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا. ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّىَ، وَفَتَرَ الْوَحْىُ، فَتْرَةً حَتَّى حَزِنَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 3 4954 - قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ شِهَابٍ فَأَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِىَّ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ يُحَدِّثُ عَنْ فَتْرَةِ الْوَحْىِ قَالَ فِي حَدِيثِهِ «بَيْنَا أَنَا أَمْشِى سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ فَرَفَعْتُ بَصَرِى، فَإِذَا الْمَلَكُ الَّذِى جَاءَنِى بِحِرَاءٍ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِىٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ فَفَرِقْتُ مِنْهُ فَرَجَعْتُ فَقُلْتُ زَمِّلُونِى زَمِّلُونِى». فَدَثَّرُوهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرِّجْزَ فَاهْجُرْ). قَالَ أَبُو سَلَمَةَ وَهْىَ الأَوْثَانُ الَّتِى كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَعْبُدُونَ. قَالَ ثُمَّ تَتَابَعَ الْوَحْىُ. طرفه 4 ـــــــــــــــــــــــــــــ 4954 - (عقيل) بضم العين مصغر (إلى رِزْمة) بكسر المهملة بعدها معجمة (سَلْمويه) بفتح السين وإسكان اللام وضم الميم، هكذا يقوله المحدثون، وأما غيرهم فإنه بفتح اللام مثل: سيبويه آخره هاء ساكنة. (الرؤيا الصادقة في النوم) هذا القيد يدل على أن الرؤيا تكون في اليقظة أيضًا، ولا تختص بالرؤيا في المنام كما اخترناه في حديث المعراج، الليالي ظرف لقوله: (فيتحنث) لا لقوله: (التعبد) لفساد المعنى؛ لأنه تفسير التحنث، فيلزم منه أن لا يكون التحنث إلا بالليالي (فجئه الحق) -بفتح الفاء وكسر الجيم- أي: جاءه بغتة (بلغ مني الجهد) بالنصب والرفع، وضم الجيم وفتحه (فرجع بها) أي: بالآيات (ترجف بوادره) جمع بادرة قالوا: هي لحمة في المنكب إلى العنق ترجف عند الخوف (وتحمل الكل) أي: الثقل من الديون وغيرها (اسمع من ابن أخيك) يلاقي نسبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قصي (الناموس الذي أنزل على موسى) الناموس صاحب السر الخير كالجاسوس في الشر (ليتني فيها جذعًا) الضمير لأيام النبوة، والجذع -بفتح الجيم والذال المعجمة-: الشاب القوي، (ذكر حرفًا) هو قوله: (إذ يخرجك قومك)، (أنصرك نصرًا مؤزرًا) أي: قويًّا من الأزر (لم ينشب) -بفتح الشين- لم يلبث (ففرقت منه) -بكسر [الراء]- أي: رعبت.

2 - باب قوله (خلق الإنسان من علق)

2 - باب قَوْلِهِ (خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ) 4955 - حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ فَجَاءَهُ الْمَلَكُ فَقَالَ (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِى خَلَقَ * خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ). طرفه 3 3 - باب قَوْلِهِ (اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ) 4956 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ ح وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ قَالَ مُحَمَّدُ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها. أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ جَاءَهُ الْمَلَكُ فَقَالَ (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِى خَلَقَ * خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِى عَلَّمَ بِالْقَلَمِ). طرفه 3 4 - باب (الَّذِى عَلَّمَ بِالْقَلَمِ) 4957 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ سَمِعْتُ عُرْوَةَ قَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - فَرَجَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى خَدِيجَةَ فَقَالَ «زَمِّلُونِى زَمِّلُونِى». فَذَكَرَ الْحَدِيثَ طرفه 3 5 - باب (كَلاَّ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ * نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ) 4958 - حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِىِّ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ أَبُو جَهْلٍ: ـــــــــــــــــــــــــــــ 4955 - (بكير) بضم الباء، وكذا (عقيل) على وزن المصغر (الرؤيا الصالحة) وتقدم الصادقة، وهما متقاربان. 4956 - 4957 - 4958 - (معمر) بفتح الميمين وسكون العين (قال أبو جهل:

97 - سورة القدر

لَئِنْ رَأَيْتُ مُحَمَّدًا يُصَلِّى عِنْدَ الْكَعْبَةِ لأَطَأَنَّ عَلَى عُنُقِهِ. فَبَلَغَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «لَوْ فَعَلَهُ لأَخَذَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ». تَابَعَهُ عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ. 97 - سورة الْقَدْرِ يُقَالُ الْمَطْلَعُ هُوَ الطُّلُوعُ، وَالْمَطْلِعُ الْمَوْضِعُ الَّذِى يُطْلَعُ مِنْهُ. (أَنْزَلْنَاهُ) الْهَاءُ كِنَايَةٌ عَنِ الْقُرْآنِ أَنْزَلْنَاهُ مَخْرَجَ الْجَمِيعِ وَالْمُنْزِلُ هُوَ اللَّهُ وَالْعَرَبُ تُوَكِّدُ فِعْلَ الْوَاحِدِ فَتَجْعَلُهُ بِلَفْظِ الْجَمِيعِ، لِيَكُونَ أَثْبَتَ وَأَوْكَدَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ لو رأيت محمدًا يصلي عند الكعبة لأطَأنّ عنقه، فبلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: لو فعله لأخذته الملائكة). فإن قلت: قد فعلوا به ما هو أعظم، وضعوا سلا جزور بين كتفيه وهو ساجد؟ قلت: لعل ذلك أول ما وقع، فلم يعاجلهم الله كما هو في شأنه مع المذنب حتى يسرف، وقد روي عن عمر أنه أتي بسارق فأمر بقطع يده قالت أمه: اعف عنه يا أمير المؤمنين فإنها أول وقعة فيها، فقال عمر: إنه سارق -وأمر بقطع يده- كذبت ولو كانت الأولى لستره الله". وزاد النسائي: أن أبا جهل قصده، وهو يصلي، فنكص على عقيبيه وهو يتقي بيده، فقيل له: مالك؟ قال: رأيت بيني وبينه لخندقًا وهولًا وأجنحة. سورة {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ} [القدر:1] (يقال: المطلَع هو الطلوع، والمطلِع: الموضع الذي يطلع منه) الأول بفتح اللام، والثاني بكسره كما ذكره علماء الصرف من اسم المكان من فعل يفعُل بضم العين في المضارع، مفعَل: بفتح العين إلا في عشرة أفعال منها: المطلِع بكسر اللام. قال بعض الشارحين: ولعل غرضه أن هذه الكلمة في الجملة تكون ككلمة لا التي في القرآن، فإنه لا يصح أن يراد به المكان، وقد خفي عليه أن اسم الزمان والمكان لفظ واحد مشترك، وأن الذي في القرآن قرئ بالفتح والكسر على إرادة الزمان، على أن الجعبري جوز فيه أن يكون مكانًا.

98 - سورة لم يكن

98 - سورة لَمْ يَكُنْ (مُنْفَكِّينَ) زَائِلِينَ. (قَيِّمَةٌ) الْقَائِمَةُ دِينُ الْقَيِّمَةِ، أَضَافَ الدِّينَ إِلَى الْمُؤَنَّثِ. 1 - باب 4959 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ سَمِعْتُ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لأُبَىٍّ. «إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِى أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا)». قَالَ وَسَمَّانِى قَالَ «نَعَمْ». فَبَكَى. طرفه 3809 2 - باب 4960 - حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ حَسَّانَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لأُبَىٍّ «إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِى أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ». قَالَ أُبَىٌّ آللَّهُ سَمَّانِى لَكَ قَالَ «اللَّهُ سَمَّاكَ لِى». فَجَعَلَ أُبَىٌّ يَبْكِى. قَالَ قَتَادَةُ فَأُنْبِئْتُ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَيْهِ (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ). طرفه 3809 ـــــــــــــــــــــــــــــ سورة {لمْ يَكُنِ} [البينة: 1] 4959 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (فندر) بضم الغين المعجمة، وفتح الدال (قال النبي - صلى الله عليه وسلم -[لأبيّ]: إن الله أمرني أن أقرأ عليك: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا} [البينة:1] قراءته عليه؛ لأن أبيًّا كان أقرأ الصحابة، فإذا سمع تلاوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتأملها ازداد معرفة بأداء الحروف من مخارجها ورعاية صفاتها، وأما الحكمة في إيثار {لمْ يَكُنِ} [البينة: 1] فلأن السورة فيها تقريع اليهود والنصارى، فإنهم كانوا يقولون: لا نزال على ديننا إلى أن يبعث النبي الموعود، فلما بعث كفروا به، أو لأن الغرض لما كان تعليم التجويد، والسورة مع قصرها مشتملة على أنواع المد والتسهيل والإمالة والإدغام، والله أعلم بحقيقة الحال (قال) أبي: (وسماني؟!) أي: الله سبحانه وتعالى (قال: نعم فبكى) بكاء سرور، أي: منقبة فوقها لمثله.

99 - سورة إذا زلزلت الأرض زلزالها

4961 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِى دَاوُدَ أَبُو جَعْفَرٍ الْمُنَادِى حَدَّثَنَا رَوْحٌ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لأُبَىِّ بْنِ كَعْبٍ «إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِى أَنْ أُقْرِئَكَ الْقُرْآنَ». قَالَ آللَّهُ سَمَّانِى لَكَ قَالَ «نَعَمْ». قَالَ وَقَدْ ذُكِرْتُ عِنْدَ رَبِّ الْعَالَمِينَ قَالَ «نَعَمْ». فَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ. طرفه 3809 99 - سورة إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا 1 - باب قَوْلِهِ (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ) يُقَالُ أَوْحَى لَهَا أَوْحَى إِلَيْهَا، وَوَحَى لَهَا وَوَحَى إِلَيْهَا وَاحِدٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 4961 - (أحمد بن أبي داود) قال الذهبي: وهم البخاري في اسمه إنما هو محمد، وقال أبو الفضل المقدسي: روى البخاري عنه في سورة لم يكن، وأهل بغداد يعرفونه محمد. قلت: قوله: أهل بغداد يعرفونه يدفع الوهم عن البخاري؛ لأن الاسم كثيرًا ما يتغير باعتبار البلدان، مثله كثير في الناس. فإن قلت: قال في الرواية الأولى: "أن اقرأ عليك القرآن" وفي هذه الرواية "أن أقرئك"؟. قلت: هما بمعنى واحد، قال الجوهري: إن فلانًا قرأ عليك السلام، وأقرأ بمعنى واحد. هذا ولكن ذكر ابن الأثير في "النهاية" أن قولك: فلان يقرئك السلام أي: يحملك على أن تقرأ عليه، وكذا إذا قال المحدث: أقرأني شيخي معناه: حملني على أن أقرأ عليه، وعلى هذا، فالمعنى: أمر بالقراءة على أبي ليسمع قراءته، ثم أمر بأن يسمع قراءته كما هي طريقة التعلم والتعليم. وهذا في غاية الحسن. سورة {إِذَا زُلْزِلَتِ} [الزلزلت:1] ({أَوْحَى لَهَا} [الزلزلة: 5]: أوحى إليها) يشير أن استعمال اللام وإلى نظرًا إلى معنى الاختصاص والانتهاء، وأشار إلى أن أوحى ووحى بمعنى، إلا أن الذي ورد في القرآن الكريم والحديث أوحى. فإن قلت: ما معنى الإيحاء إلى الأرض؟ قلت: الإلهام بعد إيجاد العقل فيها، ولذلك قال: {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} [الزلزلة: 4].

2 - باب (ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره)

4962 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِى صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْخَيْلُ لِثَلاَثَةٍ، لِرَجُلٍ أَجْرٌ، وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ، وَعَلَى رَجُلٍ وِزْرٌ، فَأَمَّا الَّذِى لَهُ أَجْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأَطَالَ لَهَا فِي مَرْجٍ أَوْ رَوْضَةٍ، فَمَا أَصَابَتْ فِي طِيَلِهَا ذَلِكَ فِي الْمَرْجِ وَالرَّوْضَةِ، كَانَ لَهُ حَسَنَاتٍ، وَلَوْ أَنَّهَا قَطَعَتْ طِيَلَهَا فَاسْتَنَّتْ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ كَانَتْ آثَارُهَا وَأَرْوَاثُهَا حَسَنَاتٍ لَهُ، وَلَوْ أَنَّهَا مَرَّتْ بِنَهَرٍ فَشَرِبَتْ مِنْهُ وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَسْقِىَ بِهِ كَانَ ذَلِكَ حَسَنَاتٍ لَهُ فَهْىَ لِذَلِكَ الرَّجُلِ أَجْرٌ، وَرَجُلٌ رَبَطَهَا تَغَنِّيًا وَتَعَفُّفًا وَلَمْ يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ فِي رِقَابِهَا وَلاَ ظُهُورِهَا فَهْىَ لَهُ سِتْرٌ، وَرَجُلٌ رَبَطَهَا فَخْرًا وَرِئَاءً وَنِوَاءً فَهْىَ عَلَى ذَلِكَ وِزْرٌ. فَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْحُمُرِ. قَالَ «مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَىَّ فِيهَا إِلاَّ هَذِهِ الآيَةَ الْفَاذَّةَ الْجَامِعَةَ (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) طرفه 2371 2 - باب (وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) 4963 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِى صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه سُئِلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْحُمُرِ فَقَالَ «لَمْ يُنْزَلْ عَلَىَّ فِيهَا شَىْءٌ إِلاَّ هَذِهِ الآيَةُ الْجَامِعَةُ الْفَاذَّةُ (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)». طرفه 2371 ـــــــــــــــــــــــــــــ 4962 - (عن أبي صالح السمان) واسمه: ذكوان (ربطها فأطال لها في مرج أو روضة) المرج: موضع فيه الكلأ والأشجار، والروضة مستنقع الماء (في طيلها) -بكسر الطاء- الحبل الذي يطال للدابة في المرعى، ويقال: الطول أيضًا، ولم يرد سقيها مبالغة، فكيف إذا أراد سقيها. فإن قلت: الأعمال بالنيات؟ قلت: لما ربطها للجهاد كفاه ذلك. (تغنيًا) طلبًا للغنى عن الناس (لم ينسى حق الله في رقابها ولا ظهورها) من الإعارة لمن احتاج، وفي ذكر الظهر دلالة على أنه لم يرد بالحق الزكاة (الآية الفاذة) أي: المنفردة إذ ليس في القرآن أجمع منها آية للخير والشر، وتمام الكلام تقدم في أبواب الزكاة.

100 - سورة والعاديات

100 - سورة وَالْعَادِيَاتِ وَقَالَ مُجَاهِدٌ الْكَنُودُ الْكَفُورُ، يُقَالُ (فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا) رَفَعْنَ بِهِ غُبَارًا. (لِحُبِّ الْخَيْرِ) مِنْ أَجْلِ حُبِّ الْخَيْرِ. (لَشَدِيدٌ) لَبَخِيلٌ وَيُقَالُ لِلْبَخِيلِ شَدِيدٌ (حُصِّلَ) مُيِّزَ. 101 - سورة الْقَارِعَةِ (كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ) كَغَوْغَاءِ الْجَرَادِ يَرْكَبُ بَعْضُهُ بَعْضًا، كَذَلِكَ النَّاسُ يَجُولُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ. (كَالْعِهْنِ) كَأَلْوَانِ الْعِهْنِ. وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ كَالصُّوفِ. 102 - سورة أَلْهَاكُمُ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (التَّكَاثُرُ) مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَوْلاَدِ. 103 - سورة وَالْعَصْرِ وَقَالَ يَحْيَى الدَّهْرُ أَقْسَمَ بِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ سورة {الْعَادِيَاتِ} [العاديات: 1] (الكنود: الكفور) أصله المنع، يقال: أرض كنود إذا لم تنبت شيئًا، وروى الطبري مرفوعًا "هو الذي يأكل وحدهُ ويضرب عبده ويمنع رفده". سورة {الْقَارِعَةُ} [القارعة: 1] {كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ} [القارعة: 4] أي: المفرق، والفراش: هو الطير الذي يلقي نفسه في النار بالليل (كغوغاء الجراد) بالغين المعجمة والمد. قال ابن الأثير: هو الجراد إذا خف للطيران، قلت: هو من إضافة الصفة إلى الموصوف {كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ} [القارعة: 5]: كألوان العهن) لم يرد أن الألوان مقدرة؛ لأن المنفوش مذكر، بل أشار إلى حاصل المعنى. سورة {أَلْهَاكُمُ} [التكاثر: 1] نزلت في بني سهم، وبني عبد مناف، تفاخروا بكثرة الأموال والأولاد. سورة {وَالْعَصْرِ} [العصر: 1] (وقال يحيى: الدهر أقسم به) يحيى هذا هو الفراء النحوي له في كتاب "معاني القرآن": (أن العصر هو الدهر).

104 - سورة ويل لكل همزة

104 - سورة وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ (الْحُطَمَةُ) اسْمُ النَّارِ، مِثْلُ سَقَرَ وَلَظَى. 105 - أَلَمْ تَرَ قَالَ مُجَاهِدٌ (أَبَابِيلَ) مُتَتَابِعَةً مُجْتَمِعَةً. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (مِنْ سِجِّيلٍ) هِىَ سَنْكِ وَكِلْ. 106 - سورة لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ وَقَالَ مُجَاهِدٌ (لإِيلاَفِ) أَلِفُوا ذَلِكَ، فَلاَ يَشُقُّ عَلَيْهِمْ فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ. (وَآمَنَهُمْ) مِنْ كُلِّ عَدُوِّهِمْ فِي حَرَمِهِمْ. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ (لإِيلاَفِ) لِنِعْمَتِى عَلَى قُرَيْشٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ سورة {وَيْلٌ لِكُلِّ} [الهمزة:1] ({الْحُطَمَةِ} [الهمزة: 4]: اسم للنار مثل سقر ولظى) لكنه لقب؛ لأنه من الحطم وهو الكسر. سورة {أَلَمْ تَرَ} [الفيل:1] (ألم تعلم) يريد أن الرؤية رؤية القلب {أَبَابِيلَ} [الفيل: 3]: متتابعة مجتمعة) قال الجوهري: يقال جاءت إبلك أبابيل أي: فِرَق، ويجيء هذا البناء للتكثير (سَنْكِ وكِلْ) يريد أنه معرب (سَنْك) وهو الحجر، (وكلْ) هو الطين لكن الكاف ليست التي في لغة العرب. سورة {لِإِيلَافِ} [قريش: 1] (ألفوا ذلك فلا يشق عليهم) أشار إلى أن المصدر مضاف إلى المفعول، وإن ألِفَ بكسر اللام مطاوع الآلف بالمد. قال الجوهري: يقول الله تعالى: أهلكت أصحاب الفيل لأؤلف فريشًا مكة، ولتألف قريش رحلة الشتاء والصيف، وأصل الإلفة: الوِئام والإيناس بالشيء ضد الوحشة والنفرة.

107 - سورة أرأيت

107 - سورة أَرَأَيْتَ وَقَالَ مُجَاهِدٌ (يَدُعُّ) يَدْفَعُ عَنْ حَقِّهِ، يُقَالُ هُوَ مِنْ دَعَعْتُ (يُدَعُّونَ) يُدْفَعُونَ (سَاهُونَ) لاَهُونَ. وَ (الْمَاعُونَ) الْمَعْرُوفَ كُلُّهُ. وَقَالَ بَعْضُ الْعَرَبِ الْمَاعُونُ الْمَاءُ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ أَعْلاَهَا الزَّكَاةُ الْمَفْرُوضَةُ، وَأَدْنَاهَا عَارِيَّةُ الْمَتَاعِ. 108 - سورة إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (شَانِئَكَ) عَدُوَّكَ. 1 - باب 4964 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا عُرِجَ بِالنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى السَّمَاءِ قَالَ «أَتَيْتُ عَلَى نَهَرٍ حَافَتَاهُ قِبَابُ اللُّؤْلُؤِ مُجَوَّفًا فَقُلْتُ مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ قَالَ هَذَا الْكَوْثَرُ». طرفه 3570 4965 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ الْكَاهِلِىُّ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ سورة {أَرَأَيْتَ} [الماعون: 1] (وقال مجاهد: يدُع) بتشديد العين (يدفع) روي عن مقاتل أن هذه السورة نزلت في العَاص بن وائل، وهبيرة بن أبي وهب زوج أم هانئ. سورة {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر: 1] قال ابن الأثير: الكوثر الرجل الكثير العطاء، وما في هذه السورة الخير الكثير، أو النبوة أو القرآن، وأما قول الجوهري: الكوثر نهر في الجنة، فقد أشار ابن عباس في هذا الحديث إلى أن النهر من هذا الخير الكثير. وبما قاله ابن عباس يجمع بين ما في الحديث وبين أقوال المفسرين، فإنهم أكثروا في معناه. 4964 - (أتيت على نهر حافتاه قباب اللولو مجوفٌ) مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف، أو صفة اللؤلؤ وإن كان نكرة؛ لأن المعرف بلام الجنس في حكم النكرة، ويؤيده قوله بعده (دُرٌّ مجوف). 4965 - (الكاهلي) نسبة إلى القبيلة، أبوهم: كاهل بن أسد بن خزيمة (أبي إسحاق)

109 - سورة قل يا أيها الكافرون

أَبِى عُبَيْدَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَ سَأَلْتُهَا عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ) قَالَتْ نَهَرٌ أُعْطِيَهُ نَبِيُّكُمْ - صلى الله عليه وسلم - شَاطِئَاهُ عَلَيْهِ دُرٌّ مُجَوَّفٌ آنِيَتُهُ كَعَدَدِ النُّجُومِ. رَوَاهُ زَكَرِيَّاءُ وَأَبُو الأَحْوَصِ وَمُطَرِّفٌ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ. 4966 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ قَالَ فِي الْكَوْثَرِ هُوَ الْخَيْرُ الَّذِى أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ. قَالَ أَبُو بِشْرٍ قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فَإِنَّ النَّاسَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ نَهَرٌ فِي الْجَنَّةِ. فَقَالَ سَعِيدٌ النَّهَرُ الَّذِى فِي الْجَنَّةِ مِنَ الْخَيْرِ الَّذِى أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ. طرفه 6578 109 - سورة قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ يُقَالُ (لَكُمْ دِينُكُمْ) الْكُفْرُ. (وَلِىَ دِينِ) الإِسْلاَمُ وَلَمْ يَقُلْ دِينِى، لأَنَّ الآيَاتِ بِالنُّونِ فَحُذِفَتِ الْيَاءُ كَمَا قَالَ يَهْدِينِ وَيَشْفِينِ. وَقَالَ غَيْرُهُ (لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ) الآنَ، وَلاَ أُجِيبُكُمْ فِيمَا بَقِىَ مِنْ عُمُرِى (وَلاَ أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ). وَهُمُ الَّذِينَ قَالَ (وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا). ـــــــــــــــــــــــــــــ عمرو بن عبد الله السبيعي (أبي عبيدة) -بضم العين وكسر الباء مصغر- عامر بن عبد الله بن مسعود (أبو الأحوص) سلام بن سليم (مطرِّف) بكسر الراء المشددة. 4966 - (هشيم) بضم الهاء، مصغر (أبو بشر) بكسر الموحدة بعدها معجمة. سورة {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1] (يقال: {لَكُمْ دِينُكُم} [الكافرون: 6]: الكفر، {وَلِيَ دِينِ} [الكافرون: 6] الإسلام) ومعنى فعلى هذا لا نسخ، بل متاركة (ولم يقل ديني لأن الآيات بالنون)، {لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ} [الكافرون: 2] الآن ولا أجيبكم فيما بقي من عمري، {وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ} [الكافرون: 3].

110 - سورة إذا جاء نصر الله

110 - سورة إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ 1 - باب 4967 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ مَا صَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - صَلاَةً بَعْدَ أَنْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) إِلاَّ يَقُولُ فِيهَا «سُبْحَانَكَ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى». طرفه 794 2 - باب 4968 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا ـــــــــــــــــــــــــــــ قال بعض الشارحين: فإن قلت: لفظ المضارع إما للحال أو للاستقبال، فيكون حقيقة في أحدهما مجازًا [في الآخر] وهو مشترك فكيف جاز الجمع بينهما؟ قلت: الشافعية جوزوه، وأما غيرهم فعلى تأويل عموم المجاز، وأنا أقول: هذا قد فهم من "ولا أجيبكم فيما بقي من عمري" إنه معنى قوله: ({لَا أَعْبُدُ}) وليس كذلك، بل معنى قوله: {وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ} [الكافرون: 4] ألا ترى أنه حذفه وأردفه بقوله: {وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ} وكيف يعقل الجمع بين الحقيقة والمجاز، أو عموم أو مجاز مع قوله الآن، وأي وجه للتكرار إن لم يكن المعنى على ما ذكرنا، فإنه يكفي أن يقول: لا أعبد ما تعبدون على ما توهمه؛ والعجب أنه لم يتنبه من قول البخاري: الآن، فزاد عليه الاستعمال وبنى عليه من الأوهام، والله الموفق وله المن. سورة {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر: 1] 4967 - (الحسن بن الربيع) ضد الخريف (أبو الأحوص) سلّام بتشديد اللام (أبي الضحى) مسلم بن صبيح. 4968 - كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا

3 - باب (ورأيت الناس يدخلون فى دين الله أفواجا)

وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى». يَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ. طرفه 794 3 - باب (وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا) 4969 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِى ثَابِتٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عُمَرَ - رضى الله عنه - سَأَلَهُمْ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) قَالُوا فَتْحُ الْمَدَائِنِ وَالْقُصُورِ قَالَ مَا تَقُولُ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ أَجَلٌ أَوْ مَثَلٌ ضُرِبَ لِمُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - نُعِيَتْ لَهُ نَفْسُهُ. طرفه 3627 4 - باب (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا) تَوَّابٌ عَلَى الْعِبَادِ، وَالتَّوَّابُ مِنَ النَّاسِ التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ. 4970 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ عُمَرُ يُدْخِلُنِى مَعَ أَشْيَاخِ بَدْرٍ، فَكَأَنَّ بَعْضَهُمْ وَجَدَ فِي نَفْسِهِ فَقَالَ لِمَ تُدْخِلُ هَذَا مَعَنَا وَلَنَا أَبْنَاءٌ مِثْلُهُ فَقَالَ عُمَرُ إِنَّهُ مِنْ حَيْثُ عَلِمْتُمْ. فَدَعَا ذَاتَ يَوْمٍ - فَأَدْخَلَهُ مَعَهُمْ - فَمَا رُئِيتُ أَنَّهُ دَعَانِى يَوْمَئِذٍ إِلاَّ لِيُرِيَهُمْ. قَالَ مَا تَقُولُونَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) فَقَالَ بَعْضُهُمْ أُمِرْنَا ـــــــــــــــــــــــــــــ لك الحمد اللهم اغفر لي يتأول القرآن) أي: يعمل بمقتضاه، فإنه أمر في القرآن بالاستغفار والتسبيح. 4969 - (هو أجلٌ) التنوين عوض عن المضاف إليه بدليل قوله بعده (أجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أو مثل أي: معنى غريب، فإن الأمثال لا تضرب إلا في الأشياء الغريبة. 4970 - (أبو عوانة) -بفتح العين- الوضاح اليشكري (عن أبي بشر) بكسر الموحدة بعدها معجمة (فكان بعضهم وجد في نفسه) أي: إنكار على عمر، وهذا الرجل عبد الرحمن بن عوف، والحديث سلف في المناقب.

111 - سورة تبت يدا أبى لهب

نَحْمَدُ اللَّهَ وَنَسْتَغْفِرُهُ، إِذَا نُصِرْنَا وَفُتِحَ عَلَيْنَا. وَسَكَتَ بَعْضُهُمْ فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا فَقَالَ لِى أَكَذَاكَ تَقُولُ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ فَقُلْتُ لاَ. قَالَ فَمَا تَقُولُ قُلْتُ هُوَ أَجَلُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَعْلَمَهُ لَهُ، قَالَ (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) وَذَلِكَ عَلاَمَةُ أَجَلِكَ (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا). فَقَالَ عُمَرُ مَا أَعْلَمُ مِنْهَا إِلاَّ مَا تَقُولُ. طرفه 3627 111 - سورة تَبَّتْ يَدَا أَبِى لَهَبٍ وَتَبَّ تَبَابٌ خُسْرَانٌ. تَتْبِيبٌ تَدْمِيرٌ. 1 - باب 4971 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) وَرَهْطَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ، خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى صَعِدَ الصَّفَا فَهَتَفَ «يَا صَبَاحَاهْ». فَقَالُوا مَنْ هَذَا، فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ. فَقَالَ «أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلاً تَخْرُجُ مِنْ سَفْحِ هَذَا الْجَبَلِ أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِىَّ». قَالُوا مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ كَذِبًا. قَالَ «فَإِنِّى نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَىْ عَذَابٍ شَدِيدٍ». قَالَ أَبُو لَهَبٍ تَبًّا لَكَ مَا جَمَعْتَنَا إِلاَّ لِهَذَا ثُمَّ قَامَ فَنَزَلَتْ (تَبَّتْ يَدَا أَبِى لَهَبٍ وَتَبَّ) وَقَدْ تَبَّ هَكَذَا قَرَأَهَا الأَعْمَشُ يَوْمَئِذٍ. طرفه 1394 ـــــــــــــــــــــــــــــ سورة {تَبَّتْ} [المسد: 1] ({تَبَابٍ} [غافر: 37]: خسران) وقال الجوهري: الهلاك والخسران ({تَتبِيبٍ} [هود: 101]) -بالدال المهملة- من الدمار: وهو الهلاك. 4971 - (أبو أسامة) بضم الهمزة (مرة) بضم الميم وتشديد الراء ({وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] ورهطك منهم المخلصين) الشق الأخير لم يتواتر (فهتف) أي: صاح (واصباحاه) بسكون هاء الوقف، كان عادتهم الإغارة في الصباح، فكان الواقع في الغارة ينادي الصباح.

2 - باب قوله (وتب * ما أغنى عنه ماله وما كسب)

2 - باب قَوْلِهِ (وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ) 4972 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ إِلَى الْبَطْحَاءِ فَصَعِدَ إِلَى الْجَبَلِ فَنَادَى «يَا صَبَاحَاهْ». فَاجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ قُرَيْشٌ فَقَالَ «أَرَأَيْتُمْ إِنْ حَدَّثْتُكُمْ أَنَّ الْعَدُوَّ مُصَبِّحُكُمْ أَوْ مُمَسِّيكُمْ، أَكُنْتُمْ تُصَدِّقُونِى». قَالُوا نَعَمْ. قَالَ «فَإِنِّى نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَىْ عَذَابٍ شَدِيدٍ». فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا تَبًّا لَكَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (تَبَّتْ يَدَا أَبِى لَهَبٍ) إِلَى آخِرِهَا. طرفه 1394 3 - باب قَوْلِهِ (سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ) 4973 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ أَبُو لَهَبٍ تَبًّا لَكَ أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا فَنَزَلَتْ (تَبَّتْ يَدَا أَبِى لَهَبٍ). طرفه 1394 4 - باب (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةُ الْحَطَبِ) وَقَالَ مُجَاهِدٌ (حَمَّالَةُ الْحَطَبِ) تَمْشِى بِالنَّمِيمَةِ. (فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ) يُقَالُ مِنْ مَسَدٍ لِيفِ الْمُقْلِ، وَهْىَ السِّلْسِلَةُ الَّتِى فِي النَّارِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 4972 - (أبو معاوية) الضرير محمد بن حازم (مرة) بضم الميم وتشديد الراء (خرج إلى البطحاء) يريد بطحاء مكة، وهو المحصب (فصعد إلى الجبل) أي: إلى الصفا (أن العدو مصبحكم) أي: آتيكم في الصباح. 4973 - ({حَمَّالَةَ اَلحَطَبِ} [المسد: 4]: تمشي بالنميمة) هذا مثل شبّه حالها في السعي في إيقاد نار الفتنة بمن حمل على ظهره حزمة من الحطب لإيقاد النار، وقد روي أنها كانت تحمل الشوك على ظهرها، وتلقيه في طريق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهذه اسمها: أم جميل أخت أبي سفيان بن حرب لعائن الله عليها أبدًا سرمدًا، واسمها: عوراء، ومن الغريب أن أبا لهب أيضًا كان أحول {فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ} [المسد: 5]) قال صاحب "الكشاف": المسد: حبل من ليف أو جلد فتل فتلًا شديدًا، من مسده فتله فتلًا شديدًا، أو رجل ممسود أي: مجدول، والمعنى: في جيدها حبل من مسد من سلاسل النار، يعذب كل مجرم بما يناسب حاله في جرمه.

112 - قوله قل هو الله أحد

112 - قَوْلُهُ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ يُقَالُ لاَ يُنَوَّنُ أَحَدٌ، أَىْ وَاحِدٌ. 1 - باب 4974 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «قَالَ اللَّهُ كَذَّبَنِى ابْنُ آدَمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَشَتَمَنِى وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، فَأَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّاىَ فَقَوْلُهُ لَنْ يُعِيدَنِى كَمَا بَدَأَنِى، وَلَيْسَ أَوَّلُ الْخَلْقِ بِأَهْوَنَ عَلَىَّ مِنْ إِعَادَتِهِ، وَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّاىَ فَقَوْلُهُ اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا، وَأَنَا الأَحَدُ الصَّمَدُ لَمْ أَلِدْ وَلَمْ أُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لِى كُفْأً أَحَدٌ». طرفه 3193 2 - باب قَوْلِهِ (اللَّهُ الصَّمَدُ) وَالْعَرَبُ تُسَمِّى أَشْرَافَهَا الصَّمَدَ. قَالَ أَبُو وَائِلٍ هُوَ السَّيِّدُ الَّذِى انْتَهَى سُودَدُهُ. 4975 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «قَالَ اللَّهُ كَذَّبَنِى ابْنُ آدَمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَشَتَمَنِى وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، أَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّاىَ أَنْ يَقُولَ إِنِّى لَنْ أُعِيدَهُ كَمَا بَدَأْتُهُ، وَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّاىَ أَنْ يَقُولَ اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا، وَأَنَا الصَّمَدُ الَّذِى لَمْ أَلِدْ وَلَمْ أُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لِى كُفُؤًا أَحَدٌ». (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُؤًا أَحَدٌ) كُفُؤًا وَكَفِيئًا وَكِفَاءً وَاحِدٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ سورة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] (يقال: لا ينون) أي: في حالة الوصل، وهذه قراءة شاذة. قال صاحب "الكشاف": إنما سقط التنوين لملاقاته لام التعريف؛ لأن همزة الوصل سقطت في الدرج، والتنوين نون ساكنة فأسقطها لئلا يجتمع الساكنان، والجمهور حركوا الساكن الأول. (أي واحد)، فسر أحد بواحد إشارة إلى أن همزته بدل عن الواو، واتخاذ الولد يدل على الحاجة من الاحتياج، ومقام الألوهية أنزه وأقدس من شائبة من ذلك، تعالى وتقدس عفا يقوله الظالمون علوًا كبيرًا. 4974 - (أبو الزناد) بكسر الزاي بعدها نون (وشتمني ولم يكن له ذلك) الشتم: نسبة الشيء إلى ما فيه {الصَّمَدُ} [الإخلاص: 2]: السيد الذي انتهى سؤدده) وليس هذا إلا شأنه تعالى؛ لأن غيره مستفيد منه الوجود وما يتبعه من الكمالات، وقيل: هو الدائم، وقيل: الذي لا خوف له، وقيل: الذي يقصد في الحوائج. 4975 - {ولَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص: 4] كفوًا وكفيئًا) بالهمزة في

3 - باب {لم يلد ولم يولد (3) ولم يكن له كفوا أحد (4)}

3 - باب {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)} كُفُؤا وكَفِيئًا وكِفَاءً: واحد. 113 - سورة قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وَقَالَ مُجَاهِدٌ (غَاسِقٍ) اللَّيْلُ. (إِذَا وَقَبَ) غُرُوبُ الشَّمْسِ يُقَالُ أَبْيَنُ مِنْ فَرَقِ وَفَلَقِ الصُّبْحِ. (وَقَبَ) إِذَا دَخَلَ فِي كُلِّ شَىْءٍ وَأَظْلَمَ. 4976 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَاصِمٍ وَعَبْدَةَ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ سَأَلْتُ أُبَىَّ بْنَ كَعْبٍ عَنِ الْمُعَوِّذَتَيْنِ فَقَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ قِيلَ لِى فَقُلْتُ فَنَحْنُ نَقُولُ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 4977 ـــــــــــــــــــــــــــــ آخره، وفتح الكاف وكسر الفاء بعدها ياء، وكفيئًا بقلب الهمزة ياءً، وإدغام التاء في الياء. سورة {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} [الفلق: 1] ({غَاسِقٍ} [الفلق: 3]: الليل) اسم فاعل من غسق إذا أظلم {إِذَا وَقَبَ} [الفلق: 3]: غروب الشمس) قال ابن الأثير: الوقوب: الدخول في كل شيء. (يقال: هو أبين من فَرَق وفلق الصبح) أي: ضيائه، ويقال للصبح أيضًا. وهذا الملائم لتفسير الآية؛ لأن الغاسق مفسر بالليل. 4976 - (عبدة) بفتح العين وسكون الموحدة (عن زر) بتقديم المعجمة وتشديد المهملة (حبيش) -بضم الحاء المهملة- مصغر حبش (أبي بن كعب سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: قيل لي: فنحن نقول كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -). فإن قلت: ما المسؤول عنه؟ قلت: كان ابن مسعود ينكر أن تكون المعوذتان من القرآن، فقال: إني أنا سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: قيل لي: قل أعوذ، والقائل إما الله تعالى، أو جبريل، والثاني أصح لما جاء صريحًا في صحيح ابن حبان فدل على أنهما قرآن. هكذا قالوا. وفيه إشكال؛ لأن نظم القرآن معجز، وبإعجازه يعلم أنه قرآن، فكيف يمكن أن يقول ابن مسعود -وهو بليغ- مثل هذا القول؟!.

114 - سورة قل أعوذ برب الناس

114 - سورة قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (الْوَسْوَاسِ) إِذَا وُلِدَ خَنَسَهُ الشَّيْطَانُ، فَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ذَهَبَ، وَإِذَا لَمْ يُذْكَرِ اللَّهُ ثَبَتَ عَلَى قَلْبِهِ. 4977 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ أَبِى لُبَابَةَ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ وَحَدَّثَنَا عَاصِمٌ عَنْ زِرٍّ قَالَ سَأَلْتُ أُبَىَّ بْنَ كَعْبٍ قُلْتُ يَا أَبَا الْمُنْذِرِ إِنَّ أَخَاكَ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ أُبَىٌّ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لِى قِيلَ لِى. فَقُلْتُ، قَالَ فَنَحْنُ نَقُولُ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. ـــــــــــــــــــــــــــــ سورة {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} [الناس: 1] 4977 - روى فيه الحديث الذي تقدم آنفًا. فإن قلت: ما حكم من أنكر كون السورتين من القرآن؟ قلت: يكفر لانعقاد الإجماع على أن ما بين دفتي المصحف قرآن، وفي زمن ابن مسعود لم يكن ذلك الإجماع، ولا يمكن مع مخالفته وجوده، وقولهم: إنما قال هذا قبل التأمل مردود، فإنه كان على هذا مستمرًا عافانا الله من سوء المآل، والقول ما قاله الباقلاني، وتبعه القاضي والنووي: أن ابن مسعود [لم ينكر] كونهما قرآنًا، بل الكتابة في المصاحف، فإنه لم يكتب إلا ما أذن فيه. هذا آخر التفسير، والمنة والتيسير.

66 - كتاب فضائل القرآن

66 - كتاب فضائل القرآن 1 - باب كَيْفَ نُزُولُ الْوَحْىِ وَأَوَّلُ مَا نَزَلَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْمُهَيْمِنُ الأَمِينُ، الْقُرْآنُ أَمِينٌ عَلَى كُلِّ كِتَابٍ قَبْلَهُ. 4978 و 4979 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ شَيْبَانَ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ قَالَ أَخْبَرَتْنِى عَائِشَةُ وَابْنُ عَبَّاسٍ رضى الله عنهم قَالاَ لَبِثَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ يُنْزَلُ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرًا. طرفه 3851 4980 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى عَنْ أَبِى عُثْمَانَ قَالَ أُنْبِئْتُ أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَعِنْدَهُ أُمُّ سَلَمَةَ فَجَعَلَ يَتَحَدَّثُ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لأُمِّ سَلَمَةَ «مَنْ هَذَا». أَوْ كَمَا قَالَ قَالَتْ هَذَا دِحْيَةُ. فَلَمَّا قَامَ قَالَتْ وَاللَّهِ مَا حَسِبْتُهُ إِلاَّ إِيَّاهُ حَتَّى سَمِعْتُ خُطْبَةَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يُخْبِرُ خَبَرَ جِبْرِيلَ أَوْ كَمَا قَالَ، قَالَ أَبِى قُلْتُ لأَبِى عُثْمَانَ مِمَّنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب فضائل القرآن (المهيمن: الأمين) أصله المؤمن قلبت الهمزة هاء. قال الجوهري: ومعناه الحافظ الرقيب، وبهذا المعنى جعل القرآن أمينًا على سائر الكتب؛ لأنه يخبر بما فيها من الحق، وما وقع فيها من التحريف، وإعجازه منزل. 4978 - 4979 - (لبث بمكة عشر سنين ينزل عليه) يريد بعد فترة الوحي، وإلا إقامته بعد البعثة ثلاث عشرة سنة، ولذلك قيده بقوله: (ينزل عليه الوحي). 4980 - (معتمر) بكسر الميم (عن أبي عثمان) هو النهْدي عبد الرحمن روى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان عند أم سلمة وجاء جبريل، فلما ذهب (قال لأم سلمة: من هذا؟ قالت: دحية) قد سبق أن دحية كان من أجمل الناس في زمانه، وكان أكثر ما يأتي جبريل في صورته (قال أبي) فاعل قال معتمر وأبوه سليمان، وفاعل أنبئت: أبو عثمان (قلت لأبي عثمان: ممن

سَمِعْتَ هَذَا. قَالَ مِنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ. طرفه 3634 4981 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْمَقْبُرِىُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَا مِنَ الأَنْبِيَاءِ نَبِىٌّ إِلاَّ أُعْطِىَ مَا مِثْلُهُ آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِى أُوتِيتُ وَحْيًا أَوْحَاهُ اللَّهُ إِلَىَّ فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ». طرفه 7274 4982 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى تَابَعَ عَلَى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - قَبْلَ وَفَاتِهِ حَتَّى تَوَفَّاهُ أَكْثَرَ مَا كَانَ الْوَحْىُ، ثُمَّ تُوُفِّىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدُ. 4983 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ سَمِعْتُ جُنْدَبًا يَقُولُ اشْتَكَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يَقُمْ لَيْلَةً أَوْ لَيْلَتَيْنِ فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ يَا مُحَمَّدُ ـــــــــــــــــــــــــــــ سمعت قال: من أسامة) وبهذا البيان خرج الحديث عن الإرسال. 4981 - (المقبري) بضم الباء وفتحها (ما من الأنبياء نبي إلا أعطي ما مثله آمن عليه البشر) أي: ما بعث الله نبيًّا إلا أيده بمعجزة يؤمن البشر لذلك بأنه نبي، وكان القياس أن قوله: لأجله أو سببه إلا أنه ضمنه معنى الشهادة والاستعلاء، فعداه بعلى دلالة على أنه لازم عليه لا دافع له لولا الجحد (وإنما كان الذي أوتيته وحيًا أوحاه الله فأنا أرجو أن أكون أكثرهم تابعًا يوم القيامة) أراد بالوحي المتلو المعجر، وإلا فسائر الأنبياء قد أوحي إليهم. {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} [النساء: 163] ولما كانت معجزة باقية على وجه الزمان إلى انقراض الأوان كانت داعية لهم إلى الإيمان، ولذلك كانت أمته أكثر الأمم. 4982 - (كيسان) بفتح الكاف وإسكان الياء. 4983 - (جندب) بضم الجيم وفتح الدال. وعدم قيامه ليلتين تقدم في سورة {وَالضُّحَى}.

2 - باب نزل القرآن بلسان قريش والعرب

مَا أُرَى شَيْطَانَكَ إِلاَّ قَدْ تَرَكَكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى). طرفه 1124 2 - باب نَزَلَ الْقُرْآنُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ وَالْعَرَبِ (قُرْآنًا عَرَبِيًّا) (بِلِسَانٍ عَرَبِىٍّ مُبِينٍ). 4984 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ وَأَخْبَرَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ فَأَمَرَ عُثْمَانُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَسَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ أَنْ يَنْسَخُوهَا فِي الْمَصَاحِفِ وَقَالَ لَهُمْ إِذَا اخْتَلَفْتُمْ أَنْتُمْ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي عَرَبِيَّةٍ مِنْ عَرَبِيَّةِ الْقُرْآنِ فَاكْتُبُوهَا بِلِسَانِ قُرَيْشٍ، فَإِنَّ الْقُرْآنَ أُنْزِلَ بِلِسَانِهِمْ فَفَعَلُوا. طرفه 3506 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: ترجم على كيفية الوحي وعلى بدئه. وليس لهما ذكر في الباب؟ قلت: الكيفية عُلمت من قول ابن عباس: نزل عليه بمكة عشر سنين وبالمدينة [عشرين]، والأولية إما تؤخذ من هذا إجمالًا، أو هو على دأبه تركه؛ لأنه تقدم أن أول ما نزل {اقرأ} [العلق: 1]، وقد روى الحاكم باسناد صحيح أن جبريل نزل بالقرآن جملة من اللوح إلى بيت العزة في السماء الدنيا، ثم نزل به على قدر المصالح والوقائع، يجوز أن يكون أشار إليه لكونه لم يكن على شرطه. باب نزل القرآن بلسان قريش والعرب 4984 - روى أن عثمان أمر الذين يكتبون المصاحف (إذا اختلفتم في عربية فاكتبوها بلسان قريش) أي: بلغتهم (فإن القرآن أُنزل بلسانهم ففعلوا). فإن قلت: هذا يخالف الحديث "نزل القرآن على سبعة أحرف" قلت: أجاب الجعبري بأنه أول ما نزل بلغة قريش، ولما نقل عن سائر القبائل وسع الله عليهم كما جاء في صريح الأحاديث، والمراد بالأحرف اللغات، فقريش أصل في هذا الشأن.

3 - باب جمع القرآن

4985 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا عَطَاءٌ. وَقَالَ مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَطَاءٌ قَالَ أَخْبَرَنِى صَفْوَانُ بْنُ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّ يَعْلَى كَانَ يَقُولُ لَيْتَنِى أَرَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ يُنْزَلُ عَلَيْهِ الْوَحْىُ، فَلَمَّا كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْجِعْرَانَةِ وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ قَدْ أَظَلَّ عَلَيْهِ وَمَعَهُ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ مُتَضَمِّخٌ بِطِيبٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَرَى فِي رَجُلٍ أَحْرَمَ فِي جُبَّةٍ بَعْدَ مَا تَضَمَّخَ بِطِيبٍ فَنَظَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - سَاعَةً فَجَاءَهُ الْوَحْىُ فَأَشَارَ عُمَرُ إِلَى يَعْلَى أَنْ تَعَالَ، فَجَاءَ يَعْلَى فَأَدْخَلَ رَأْسَهُ فَإِذَا هُوَ مُحْمَرُّ الْوَجْهِ يَغِطُّ كَذَلِكَ سَاعَةً ثُمَّ سُرِّىَ عَنْهُ فَقَالَ «أَيْنَ الَّذِى يَسْأَلُنِى عَنِ الْعُمْرَةِ آنِفًا». فَالْتُمِسَ الرَّجُلُ فَجِئَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «أَمَّا الطِّيبُ الَّذِى بِكَ فَاغْسِلْهُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، وَأَمَّا الْجُبَّةُ فَانْزِعْهَا ثُمَّ اصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ كَمَا تَصْنَعُ فِي حَجِّكَ». طرفه 1536 3 - باب جَمْعِ الْقُرْآنِ 4986 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ - رضى الله عنه - قَالَ أَرْسَلَ إِلَىَّ أَبُو بَكْرٍ مَقْتَلَ أَهْلِ الْيَمَامَةِ فَإِذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عِنْدَهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - إِنَّ عُمَرَ أَتَانِى ـــــــــــــــــــــــــــــ 4985 - (ابن جريج) بضم الجيم، مصغر (يعلى) على وزن يحيى (أمية) بضم الهمزة وفتح الميم وتشديد الياء، هذا سورة الإرسال؛ لأن صفوان لم يحضر القضية بل أبوه يعلى، وقد رواه في باب العمرة عن صفوان عن أبيه موصولًا (بالجعرانة) بكسر الجيم وتخفيف الراء وتشديدها (متضمخ بطيب) بالضاد المعجمة أي: متلطخ (يغط) من الغطيط، وهو صوت نَفَس النائم لا يجد مساغًا للخروج (سُري عنه) كشف. والحديث سلف في أبواب العمرة، ولا وجه لإيراده في باب نزول القرآن بلغة قريش. كذا قالوه، والظاهر أنه استدل على الشق الأول من الترجمة، وعلى الثاني بالحديث إشارة إلى أن العربية لا تختص بالقرآن، بل مطلق الوحي كذلك، والأحسن أن يقال: لما ذكر نزول القرآن أردفه بنزول الحديث ليعلم أن النزول ليس مخصوصًا بالقرآن، بل يشمل كلا قسمي الوحي. باب جمع القرآن 4986 - (عبيد بن السبّاق) بضم العين، مصغر (مقتل أهل اليمامة) زمن قتلهم، وكان

فَقَالَ إِنَّ الْقَتْلَ قَدِ اسْتَحَرَّ يَوْمَ الْيَمَامَةِ بِقُرَّاءِ الْقُرْآنِ وَإِنِّى أَخْشَى أَنْ يَسْتَحِرَّ الْقَتْلُ بِالْقُرَّاءِ بِالْمَوَاطِنِ، فَيَذْهَبَ كَثِيرٌ مِنَ الْقُرْآنِ وَإِنِّى أَرَى أَنْ تَأْمُرَ بِجَمْعِ الْقُرْآنِ. قُلْتُ لِعُمَرَ كَيْفَ تَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ عُمَرُ هَذَا وَاللَّهِ خَيْرٌ. فَلَمْ يَزَلْ عُمَرُ يُرَاجِعُنِى حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ صَدْرِى لِذَلِكَ، وَرَأَيْتُ فِي ذَلِكَ الَّذِى رَأَى عُمَرُ. قَالَ زَيْدٌ قَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنَّكَ رَجُلٌ شَابٌّ عَاقِلٌ لاَ نَتَّهِمُكَ، وَقَدْ كُنْتَ تَكْتُبُ الْوَحْىَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَتَتَبَّعِ الْقُرْآنَ فَاجْمَعْهُ فَوَاللَّهِ لَوْ كَلَّفُونِى نَقْلَ جَبَلٍ مِنَ الْجِبَالِ مَا كَانَ أَثْقَلَ عَلَىَّ مِمَّا أَمَرَنِى مِنْ جَمْعِ الْقُرْآنِ قُلْتُ كَيْفَ تَفْعَلُونَ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ فَلَمْ يَزَلْ أَبُو بَكْرٍ يُرَاجِعُنِى حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ صَدْرِى لِلَّذِى شَرَحَ لَهُ صَدْرَ أَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ - رضى الله عنهما - فَتَتَبَّعْتُ الْقُرْآنَ أَجْمَعُهُ مِنَ الْعُسُبِ وَاللِّخَافِ وَصُدُورِ الرِّجَالِ حَتَّى وَجَدْتُ آخِرَ سُورَةِ التَّوْبَةِ مَعَ أَبِى خُزَيْمَةَ الأَنْصَارِىِّ لَمْ أَجِدْهَا مَعَ أَحَدٍ غَيْرَهُ (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ) حَتَّى خَاتِمَةِ بَرَاءَةَ، فَكَانَتِ الصُّحُفُ عِنْدَ أَبِى بَكْرٍ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ ثُمَّ عِنْدَ عُمَرَ حَيَاتَهُ ثُمَّ عِنْدَ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ - رضى الله عنه -. طرفه 2807 4987 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُ أَنَّ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ قَدِمَ عَلَى عُثْمَانَ وَكَانَ يُغَازِى أَهْلَ الشَّأْمِ فِي فَتْحِ إِرْمِينِيَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ في خلافة الصديق في وقعة مسيلمة (استحر) من الحرارة أي أكثر (أجمعه من العسب) بضم العين والسين: جمع عسيب، وهو جريد النخل إذا ثم يكن عليه خوص (اللخاف) بكسر اللام جمع لخفة بفتح اللام والخاء المعجمة، وهي الحجارة البيض الرقاق، وحديث آخر التوبة مع خزيمة الأنصاري هو خزيمة بن أوس، وليس هذا خزيمة الذي جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شهادته بشهادة رجلين، هو خزيمة بن ثابت، وهو الذي معه آية الأحزاب ذكره في الحديث الذي بعده، وقد بسطنا الكلام على هذه المسألة في آخر التوبة. ومحصلها: أن انفرادهما بالآية إنما كان باعتبار الكتابة، وإلا كان الصحابة عارفين بالآية. 4987 - (أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان وكان يغازي أهل الشام) كذا وقع، والصواب: مع أهل الشام، فإن حذيفة كان بالعراق، وكان عثمان أمران يجتمع أهل العراق

وَأَذْرَبِيجَانَ مَعَ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَأَفْزَعَ حُذَيْفَةَ اخْتِلاَفُهُمْ فِي الْقِرَاءَةِ فَقَالَ حُذَيْفَةُ لِعُثْمَانَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَدْرِكْ هَذِهِ الأُمَّةَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَلِفُوا فِي الْكِتَابِ اخْتِلاَفَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فَأَرْسَلَ عُثْمَانُ إِلَى حَفْصَةَ أَنْ أَرْسِلِى إِلَيْنَا بِالصُّحُفِ نَنْسَخُهَا فِي الْمَصَاحِفِ ثُمَّ نَرُدُّهَا إِلَيْكِ فَأَرْسَلَتْ بِهَا حَفْصَةُ إِلَى عُثْمَانَ فَأَمَرَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ فَنَسَخُوهَا فِي الْمَصَاحِفِ وَقَالَ عُثْمَانُ لِلرَّهْطِ الْقُرَشِيِّينَ الثَّلاَثَةِ إِذَا اخْتَلَفْتُمْ أَنْتُمْ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي شَىْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ فَاكْتُبُوهُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ فَإِنَّمَا نَزَلَ بِلِسَانِهِمْ فَفَعَلُوا حَتَّى إِذَا نَسَخُوا الصُّحُفَ فِي الْمَصَاحِفِ رَدَّ عُثْمَانُ الصُّحُفَ إِلَى حَفْصَةَ وَأَرْسَلَ إِلَى كُلِّ أُفُقٍ بِمُصْحَفٍ مِمَّا نَسَخُوا وَأَمَرَ بِمَا سِوَاهُ مِنَ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ صَحِيفَةٍ أَوْ مُصْحَفٍ أَنْ يُحْرَقَ. طرفه 3506 4988 - قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَأَخْبَرَنِى خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ سَمِعَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ فَقَدْتُ آيَةً مِنَ الأَحْزَابِ حِينَ نَسَخْنَا الْمُصْحَفَ قَدْ كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ بِهَا فَالْتَمَسْنَاهَا فَوَجَدْنَاهَا مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ الأَنْصَارِىِّ (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ) فَأَلْحَقْنَاهَا فِي سُورَتِهَا فِي الْمُصْحَفِ. طرفه 2807 ـــــــــــــــــــــــــــــ على فتح إرمينية (في فتح إرمينية) بكسر الهمزة، وفتح الياء المخففة و (أذربيجان) بفتح الهمزة وسكون الذال المعجمة وراء مفتوحة، ثم باء موحدة مكسورة ثم مثناة تحت. كذا ضبط النووي و (أمر) أي: عثمان (بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق) لئلا يقع في أيدي الناس، وينفي الفساد، وهذا شيء أدى إليه اجتهاده، فلا وجه لما يقال: كان الأولى الأمر بغسله، على أنه نقل أنه غسل القرآن ثم أحرقه، ورواه بعضهم بالخاء المعجمة. (خزيمة بن ثابت) هذا هو ذو الشهادتين يكنى أبا عمارة، والمصحف: اسم مفعول من أصحف، أي: جمع الصحف: وظاهر ما في البخاري أن آية الأحزاب إنما وجدت عند نقل الصحف إلى المصحف، وأيده شيخنا، وفيه نظر؛ لأنه يلزم أن تكون الصحف في أيام الصديق وعمر وبعض أيام عثمان خالية عن تلك الآية، وفي رواية ابن مجمع أن ذلك في زمن أبي بكر، وبه جزم ابن كثير والجعدي، وعليه يدل قول الشاطبي رحمه الله.

4 - باب كاتب النبى - صلى الله عليه وسلم -

4 - باب كَاتِبِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - 4989 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ ابْنَ السَّبَّاقِ قَالَ إِنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ أَرْسَلَ إِلَىَّ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - قَالَ إِنَّكَ كُنْتَ تَكْتُبُ الْوَحْىَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَاتَّبِعِ الْقُرْآنَ. فَتَتَبَّعْتُ حَتَّى وَجَدْتُ آخِرَ سُورَةِ التَّوْبَةِ آيَتَيْنِ مَعَ أَبِى خُزَيْمَةَ الأَنْصَارِىِّ لَمْ أَجِدْهُمَا مَعَ أَحَدٍ غَيْرَهُ (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ) إِلَى آخِرِهِ. طرفه 2807 4990 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ (لاَ يَسْتَوِى الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «ادْعُ لِى زَيْدًا وَلْيَجِئْ بِاللَّوْحِ وَالدَّوَاةِ وَالْكَتِفِ - أَوِ الْكَتِفِ وَالدَّوَاةِ - ثُمَّ قَالَ «اكْتُبْ لاَ يَسْتَوِى الْقَاعِدُونَ» وَخَلْفَ ظَهْرِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - عَمْرُو بْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ الأَعْمَى قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا تَأْمُرُنِى فَإِنِّى رَجُلٌ ضَرِيرُ الْبَصَرِ فَنَزَلَتْ مَكَانَهَا (لاَ يَسْتَوِى الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) فِي سَبِيلِ اللَّهِ (غَيْرُ أُولِى الضَّرَرِ) طرفه 2831 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب كاتب النبي - صلى الله عليه وسلم - 4989 - (بكير) بضم الباء، مصغر (ابن السباق) بتشديد الموحدة. روى حديث نزول {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ} [النساء: 95]. 4990 - (عمرو بن أم مكتوم) الأعمى، هذا تصريح باسمه، والمشهور عبد الله (فقال: إني رجل ضرير البصر فنزلت مكانها {لَا يَسْتَوِي} [النساء: 95] أي: مكان نزولها. فإن قلت: تقدم في سورة النساء أن النازل هو قوله تعالى: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} [النساء: 95] قلت: فيه تسامح ظاهر، فإن إطلاق الآية لما نسخ بهذا القيد، فكأنها نزلت بهذا الوصف.

5 - باب أنزل القرآن على سبعة أحرف

5 - باب أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ 4991 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَقْرَأَنِى جِبْرِيلُ عَلَى حَرْفٍ فَرَاجَعْتُهُ، فَلَمْ أَزَلْ أَسْتَزِيدُهُ وَيَزِيدُنِى حَتَّى انْتَهَى إِلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ». طرفه 3219 4992 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدٍ الْقَارِىَّ حَدَّثَاهُ أَنَّهُمَا سَمِعَا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمٍ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتَمَعْتُ لِقِرَاءَتِهِ فَإِذَا هُوَ يَقْرَأُ عَلَى حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ لَمْ يُقْرِئْنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَكِدْتُ أُسَاوِرُهُ فِي الصَّلاَةِ فَتَصَبَّرْتُ حَتَّى سَلَّمَ فَلَبَّبْتُهُ بِرِدَائِهِ فَقُلْتُ مَنْ أَقْرَأَكَ هَذِهِ السُّورَةَ الَّتِى سَمِعْتُكَ تَقْرَأُ. قَالَ أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَقُلْتُ كَذَبْتَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ أَقْرَأَنِيهَا عَلَى غَيْرِ مَا قَرَأْتَ، فَانْطَلَقْتُ بِهِ أَقُودُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ إِنِّى سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ بِسُورَةِ الْفُرْقَانِ عَلَى حُرُوفٍ لَمْ تُقْرِئْنِيهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَرْسِلْهُ اقْرَأْ يَا هِشَامُ». فَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةَ الَّتِى سَمِعْتُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب أنزل القرآن على سبعة أحرف 4991 - (عفير) بضم العين مصغر، وكذا قوله (عقيل) (أقرأني جبريل على حرف واحد فراجعته فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف) قد سبق منا أن المراد بالأحرف اللغات ليسهل ذلك على القبائل، فإن من لغته الإمالة كان عدم الإمالة شاق عليه، وقس عليه غيره كالإدغام والترقيق. وحديث عمر مع حكيم بن حزام تقدم في أبواب الخصومات. 4992 - قوله: (فلببته بردائه) أي: جعلته على لبته، وهي النقرة فوق الصدر يروى بالتخفيف والتشديد، وقوله (فكدت أساوره) أي: أواثبه.

6 - باب تأليف القرآن

يَقْرَأُ». فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «كَذَلِكَ أُنْزِلَتْ». ثُمَّ قَالَ «اقْرَأْ يَا عُمَرُ». فَقَرَأْتُ الْقِرَاءَةَ الَّتِى أَقْرَأَنِى، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «كَذَلِكَ أُنْزِلَتْ، إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ». طرفه 2419 6 - باب تَأْلِيفِ الْقُرْآنِ 4993 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ وَأَخْبَرَنِى يُوسُفُ بْنُ مَاهَكَ قَالَ إِنِّى عِنْدَ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ - رضى الله عنها - إِذْ جَاءَهَا عِرَاقِىٌّ فَقَالَ أَىُّ الْكَفَنِ خَيْرٌ قَالَتْ وَيْحَكَ وَمَا يَضُرُّكَ قَالَ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَرِينِى مُصْحَفَكِ. قَالَتْ لِمَ قَالَ لَعَلِّى أُوَلِّفُ الْقُرْآنَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُقْرَأُ غَيْرَ مُؤَلَّفٍ. قَالَتْ وَمَا يَضُرُّكَ أَيَّهُ قَرَأْتَ قَبْلُ، إِنَّمَا نَزَلَ أَوَّلَ مَا نَزَلَ مِنْهُ سُورَةٌ مِنَ الْمُفَصَّلِ فِيهَا ذِكْرُ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ حَتَّى إِذَا ثَابَ النَّاسُ إِلَى الإِسْلاَمِ نَزَلَ الْحَلاَلُ وَالْحَرَامُ، وَلَوْ نَزَلَ أَوَّلَ شَىْءٍ لاَ تَشْرَبُوا الْخَمْرَ. لَقَالُوا لاَ نَدَعُ الْخَمْرَ أَبَدًا. وَلَوْ نَزَلَ. لاَ تَزْنُوا. لَقَالُوا لاَ نَدَعُ الزِّنَا أَبَدًا. لَقَدْ نَزَلَ بِمَكَّةَ عَلَى مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - وَإِنِّى لَجَارِيَةٌ أَلْعَبُ (بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ) وَمَا نَزَلَتْ سُورَةُ الْبَقَرَةِ وَالنِّسَاءِ إِلاَّ وَأَنَا عِنْدَهُ. قَالَ فَأَخْرَجَتْ لَهُ الْمُصْحَفَ فَأَمْلَتْ عَلَيْهِ آىَ السُّوَرِ. طرفه 4876 ـــــــــــــــــــــــــــــ 4993 - (ابن جريج) بضم الجيم، مصغر (ابن ماهك) غير منصرف علم عجمي، ومعنى ماهك: قُمير مصغر قمر (إني عند عائشة إذ جاءها عراقيّ فقال: أي الكفن خير؟) سؤال عن جنس الكفن إذ لو كان عن الكمية لقال: كم قدر الكفن كما تقدم في أبواب الجنائز في كم كفن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فمن قال: يحتمل أن يكون السؤال عن الكمية والكيفية كالنعومة والخشونة، فقد عدل عن الظاهر بلا قرينة. قال شيخنا: لعل هذا العراقي سمع حديث سمرة المرفوع: "البسوا من ثيابكم البياض، وكفنوا فيها موتاكم". (قالت: وما يضرك) أي: لو تركت السؤال عنه لأن الكفن ليس واجبًا عليك، إنما يجب على من كان حيًّا بعدك (أيّه قرأت) بالتشديد والنصب آية آية قرأت (فأملت عليه آيَ السور) بفتح

4994 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ فِي بَنِى إِسْرَائِيلَ وَالْكَهْفِ وَمَرْيَمَ وَطَهَ وَالأَنْبِيَاءِ إِنَّهُنَّ مِنَ الْعِتَاقِ الأُوَلِ وَهُنَّ مِنْ تِلاَدِى. طرفه 4708 4995 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ سَمِعَ الْبَرَاءَ - رضى الله عنه - قَالَ تَعَلَّمْتُ (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ) قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. 4996 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِى حَمْزَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ ـــــــــــــــــــــــــــــ الهمزة وإسكان الميم، ويروى بفتح الميم وتشديد اللام، والمعنى واحد. 4994 - (سمعت ابن مسعود يقول في بني إسرائيل والكهف ومريم وطه) أي: في شأنها (إنهن من العتاق الأول) أي: من أوائل القرآن نزولًا (وهن من تِلادي) -بكسر الفوقانية- أي: من أول ما أخذت من القرآن جمع تليد، سبق الحديث في أول بني إسرائيل. 4995 - 4996 - (عبدان) على وزن شعبان (عن أبي حمزة) محمد بن ميمون -بالحاء المهملة- (علمت النظائر التي كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقررهن) يريد السور المتماثلة في الطول والقصر (عشرون سورة على تأليف ابن مسعود آخرهن من الحواميم حم الدخان وعم يتساءلون) وقد جاء في سنن أبي داود ترتيب ذلك المفصل "الرحمن والنجم في ركعة، واقتربت والحاقة في أخرى، والطور والذاريات والواقعة والنون وسأل والنازعات وويل للمطففين وعبس والمدثر والمزمل وهل أتى ولا أقسم [في ركعة، و] عم والمرسلات [في ركعة]، الدخان والتكوير [في ركعة] ". فإن قلت: هذا الترتيب الذي الآن في المصحف من الآي والسور توقيفي في الوضع، وإن كان المتأخر متقدمًا في النزول؟ قلت: ابن مسعود وعلي بن أبي طالب وغيرهما كانت لهم المصاحف على ترتيب النزول، كلٌّ يكتب على ما يشاء.

7 - باب كان جبريل يعرض القرآن على النبى - صلى الله عليه وسلم -

اللَّهِ قَدْ عَلِمْتُ النَّظَائِرَ الَّتِى كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَؤُهُنَّ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ. فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ وَدَخَلَ مَعَهُ عَلْقَمَةُ وَخَرَجَ عَلْقَمَةُ فَسَأَلْنَاهُ فَقَالَ عِشْرُونَ سُورَةً مِنْ أَوَّلِ الْمُفَصَّلِ عَلَى تَأْلِيفِ ابْنِ مَسْعُودٍ آخِرُهُنَّ الْحَوَامِيمُ حم الدُّخَانُ وَعَمَّ يَتَسَاءَلُونَ. طرفه 775 7 - باب كَانَ جِبْرِيلُ يَعْرِضُ الْقُرْآنَ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ مَسْرُوقٌ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ فَاطِمَةَ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ - أَسَرَّ إِلَىَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُنِى بِالْقُرْآنِ كُلَّ سَنَةٍ، وَإِنَّهُ عَارَضَنِى الْعَامَ مَرَّتَيْنِ، وَلاَ أُرَاهُ إِلاَّ حَضَرَ أَجَلِى». 4997 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَجْوَدَ النَّاسِ بِالْخَيْرِ، وَأَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ لأَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ حَتَّى يَنْسَلِخَ يَعْرِضُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْقُرْآنَ، فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ كَانَ أَجْوَدَ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ. طرفه 6 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب كان جبريل يعرض القرآن على النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي رواية تقدمت في مرض النبي - صلى الله عليه وسلم -: يُعارضني، ورواه هنا أيضًا، وكلاهما واحد. قال ابن الأثير: معناه المقابلة كأنه قال: يقرأ كل واحد منهما جزءًا ويسمعه الآخر، وقيل: يستفاد من الحديث إطلاق القرآن على أبعاضه مجازًا؛ لأن عرضه في كل رمضان لم يكن كل القرآن لعدم نزول بعضه. قلت: القرآن لفظ مشترك بين اللهل والجزء في عرف الشرع، ولو كان مجازًا لصح سلبه عنه، ولا يجوز إجماعًا. 4997 - (قزعة) بالقاف وزاي معجمة وثلاث فتحات (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أجود الناس، وأجود ما يكون في رمضان) الجود: إعطاء ما ينبغي لمن ينبغي من غير توقع عوض، ومعنى قوله: (أجود ما يكون) أي: أجود أكوانه، وفيه مبالغة حيث أسند الجواد إلى كونه، وفيه تفضيل الشيء على نفسه باعتبار الوقتين، وقد سبق الكلام مستوفى في كتاب بدء الوحي.

8 - باب القراء من أصحاب النبى - صلى الله عليه وسلم -

4998 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَنْ أَبِى حَصِينٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ يَعْرِضُ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - الْقُرْآنَ كُلَّ عَامٍ مَرَّةً، فَعَرَضَ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ فِي الْعَامِ الَّذِى قُبِضَ، وَكَانَ يَعْتَكِفُ كُلَّ عَامٍ عَشْرًا فَاعْتَكَفَ عِشْرِينَ فِي الْعَامِ الَّذِى قُبِضَ {فِيهِ}. طرفه 2044 8 - باب الْقُرَّاءِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - 4999 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مَسْرُوقٍ ذَكَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ فَقَالَ لاَ أَزَالُ أُحِبُّهُ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «خُذُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَسَالِمٍ وَمُعَاذٍ وَأُبَىِّ بْنِ كَعْبٍ». طرفه 3758 5000 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا شَقِيقُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ خَطَبَنَا عَبْدُ اللَّهِ فَقَالَ وَاللَّهِ لَقَدْ أَخَذْتُ مِنْ فِي رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِضْعًا وَسَبْعِينَ سُورَةً، وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنِّى مِنْ أَعْلَمِهِمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَمَا أَنَا بِخَيْرِهِمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 4998 - (عن أبي حَصين) -بفتح الحاء- عثمان بن عاصم (عن أبي صالح) ذكوان السمان. باب القرّاء من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - 4999 - (خذوا القرآن من أربعة) لا دليل فيه على الحصر، وإنما خصهم بالذكر لكونهم أجود قراءةً. 5000 - (لقد علم أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - أني من أعلمهم بكتاب الله) أي: من جملة من عنده فضل علم، لم يفضل نفسه على الكل، وفي الرواية الأخرى بدون (من) فإما أن يحمل على هذا، أو أراد زيادة في الجملة بدون ملاحظة المفضل عليه. وقوله: (أخذت بضعًا وسبعين سورة من في رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) يدل على أنه أخذ الباقين عن غيره، والأظهر أنه لا مفهوم له دل عليه سائر الروايات.

قَالَ شَقِيقٌ فَجَلَسْتُ فِي الْحِلَقِ أَسْمَعُ مَا يَقُولُونَ فَمَا سَمِعْتُ رَادًّا يَقُولُ غَيْرَ ذَلِكَ. 5001 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ كُنَّا بِحِمْصَ فَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ سُورَةَ يُوسُفَ، فَقَالَ رَجُلٌ مَا هَكَذَا أُنْزِلَتْ قَالَ قَرَأْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَحْسَنْتَ. وَوَجَدَ مِنْهُ رِيحَ الْخَمْرِ فَقَالَ أَتَجْمَعُ أَنْ تُكَذِّبَ بِكِتَابِ اللَّهِ وَتَشْرَبَ الْخَمْرَ. فَضَرَبَهُ الْحَدَّ. 5002 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ - رضى الله عنه - وَاللَّهِ الَّذِى لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ إِلاَّ أَنَا أَعْلَمُ أَيْنَ أُنْزِلَتْ وَلاَ أُنْزِلَتْ آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ إِلاَّ أَنَا أَعْلَمُ فِيمَ أُنْزِلَتْ، وَلَوْ أَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنِّى بِكِتَابِ اللَّهِ تُبَلِّغُهُ الإِبِلُ لَرَكِبْتُ إِلَيْهِ. 5003 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - مَنْ جَمَعَ الْقُرْآنَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ أَرْبَعَةٌ كُلُّهُمْ مِنَ الأَنْصَارِ أُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَبُو زَيْدٍ. تَابَعَهُ الْفَضْلُ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ عَنْ ثُمَامَةَ عَنْ أَنَسٍ. طرفه 3810 ـــــــــــــــــــــــــــــ 5001 - (محمد بن كثير) ضد القليل (علقمة) بفتح العين وسكون اللام، وفتح القاف (كنا بحمص فقرأ عبد الله بن مسعود سورة يوسف فقال رجل: [ما] هكذا أنزلت، ووجد منه ويح الخمر فقال: أتجمع أن تكذب بكتاب الله وتشرب الخمر فضربه الحد). فإن قلت: تكذيب كتاب الله كفر، فكيف حده على الخمر، ولم يقتله على الكفر؟ قلت: إما أن يكون استتابه، أو كان يرى أن السكران لا يؤاخذ بأقواله كما ذهب إليه بعض العلماء. فإن قلت: فكيف حدّه بمجرد الرائحة؟ قلت: إما أن يكون ما فعله تعزيرًا، فأطلق عليه اسم الحد تسامحًا، أو كان يرى الاكتفاء بالرائحة كما قال غيره في القيء.

5004 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنِى ثَابِتٌ الْبُنَانِىُّ وَثُمَامَةُ عَنْ أَنَسٍ قَالَ مَاتَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَلَمْ يَجْمَعِ الْقُرْآنَ غَيْرُ أَرْبَعَةٍ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَأَبُو زَيْدٍ. قَالَ وَنَحْنُ وَرِثْنَاهُ. طرفه 3810 5005 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِى ثَابِتٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ عُمَرُ أُبَىٌّ أَقْرَؤُنَا وَإِنَّا لَنَدَعُ مِنْ لَحَنِ أُبَىٍّ، وَأُبَىٌّ يَقُولُ أَخَذْتُهُ مِنْ فِي رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلاَ أَتْرُكُهُ لِشَىْءٍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نَنْسَأْهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا). طرفه 4481 ـــــــــــــــــــــــــــــ 5004 - (معلى) بضم الميم وتشديد اللام (المثنى) بضم الميم وفتح المثلثة وتشديد النون (البناني) -بضم الموحدة ونونين- نسبة إلى بنانة قبيلة بيمن (ثمامة) بضم الثاء المثلثة (عن أنس مات النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يجمع القرآن غير أربعة: أبو الدرداء) انفرد به البخاري في هذا الطريق، وقد روى أبيًّا مكان أبي الدرداء أولًا، وفي مسلم: "أُبَيّ" مكان أبي الدرداء. قال الإسماعيلي: لا يمكن الجمع فالصواب أحدهما، وقال البيهقي: الصواب أُبَي، وأراد بعضهم التوفيق فقال: هذا حصر ادعائي كأنه رد على من زعم أن هؤلاء [لم] يجمعوا. قلت:: لو سلم أن الحصر ادعائي فلا يدفع الإشكال؛ لأن الكلام إنما هو في أن أبا الدرداء ليس من الأربعة الذين وقع الحصر فيهم. والذي عندي أن أبيًّا يكنى أبا المنذر، فالتبس على الراوي أبا المنذر بأبي الدرداء، والله أعلم. 5005 - (صدقة بن الفضل) أخت الزكاة (أقرؤنا) أي: أعلم بالقرآن منا؛ لأنه أحد الأربعة الذين جمعوا الأحرف السبعة (وإنا لندع من لحن) أي: مما يقرأ، وهذا الذي نسخ لفظه، وقد سلفط أن أبيًّا لم يكن ينكر النسخ، ولكن كان سماعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قطعيًّا، ولم يكن يثبت على وجه القطع عنده أنه منسوخ، وكيف ينكر النسخ مطلقًا، وهو يقرأ قوله تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا} [البقرة: 106] ولذلك ألزمه بالآية عمر. فإن قلت: إذا ألزمه عمر فكيف خالفه؟ قلت: الآية إنما دلت على جواز النسخ

9 - باب {فضل} فاتحة الكتاب

9 - باب {فَضْلِ} فَاتِحَةِ الْكِتَابِ 5006 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنِى خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِى سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى قَالَ كُنْتُ أُصَلِّى فَدَعَانِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ أُجِبْهُ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى كُنْتُ أُصَلِّى. قَالَ «أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ (اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ) ثُمَّ قَالَ أَلاَ أُعَلِّمُكَ أَعْظَمَ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ مِنَ الْمَسْجِدِ». فَأَخَذَ بِيَدِى فَلَمَّا أَرَدْنَا أَنْ نَخْرُجَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ قُلْتَ لأُعَلِّمَنَّكَ أَعْظَمَ سُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ. قَالَ (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) هِىَ السَّبْعُ الْمَثَانِى وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِى أُوتِيتُهُ». طرفه 4474 5007 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا وَهْبٌ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ مَعْبَدٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ كُنَّا فِي مَسِيرٍ لَنَا فَنَزَلْنَا فَجَاءَتْ جَارِيَةٌ فَقَالَتْ إِنَّ سَيِّدَ الْحَىِّ سَلِيمٌ، وَإِنَّ نَفَرَنَا غُيَّبٌ فَهَلْ مِنْكُمْ رَاقٍ فَقَامَ مَعَهَا رَجُلٌ مَا كُنَّا نَأْبُنُهُ بِرُقْيَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ في الجملة، ولا دلالة فيها على خصوص ما كان يقرؤه أبي، ولذلك لم يكلفه عمر تركه. باب فضل فاتحة الكتاب 5006 - (خبيب) بضم المعجمة و [فتح] الموحدة (عن أبي سعيد بن المعلى) بضم الميم وتشديد اللام، والحديث سلف في أول تفسير القرآن. وفيه دلالة على عدم بطلان الصلاة بإجابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ألا ترى إلى قوله تعالى: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُم} [محمد: 33] فلو بطلت الصلاة بإجابته لكان مخالفًا له. 5057 - (عن محمد) هو ابن سيرين (عن معبد) -بفتح الميم وسكون العين- هو ابن سيرين أيضًا (إن سيد هذا الحي سليم) أي: لديغ من إطلاق اسم أحد الضدين على الآخر تفاؤلًا كما يقولون للمهْلَكة: مفازة (نفزنا غَيَبٌ) -بفتح الغين والياء- جمع غائب كخدم وخادم، ويروى بضم الغين وفتح الياء (فقام معها رجل) هو أبو سعيد الخدري راوي الحديث

10 - باب فضل البقرة

فَرَقَاهُ فَبَرَأَ فَأَمَرَ لَهُ بِثَلاَثِينَ شَاةً وَسَقَانَا لَبَنًا فَلَمَّا رَجَعَ قُلْنَا لَهُ أَكُنْتَ تُحْسِنُ رُقْيَةً أَوْ كُنْتَ تَرْقِى قَالَ لاَ مَا رَقَيْتُ إِلاَّ بِأُمِّ الْكِتَابِ. قُلْنَا لاَ تُحْدِثُوا شَيْئًا حَتَّى نَأْتِىَ - أَوْ نَسْأَلَ - النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ ذَكَرْنَاهُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «وَمَا كَانَ يُدْرِيهِ أَنَّهَا رُقْيَةٌ اقْسِمُوا وَاضْرِبُوا لِى بِسَهْمٍ». وَقَالَ أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ حَدَّثَنِى مَعْبَدُ بْنُ سِيرِينَ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ بِهَذَا. طرفه 2276 10 - باب فَضْلُ الْبَقَرَةِ 5008 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ مَنْ قَرَأَ بِالآيَتَيْنِ. . . . 5009 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ قَرَأَ بِالآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ. طرفه 4008 ـــــــــــــــــــــــــــــ (ما كنا نَأبُنُه برقية) بفتح النون وسكون الهمزة وضم الموحدة أي: نعيبه بها قال ابن الأثير: أبنت الرجل إذا ذكرت فيه خلة سوء (قلنا: لا تحدثوا شيئًا) -بضم التاء وسكون الحاء- أي: لا تتصرفوا في الشاة حتى نسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حكم الحل والحرمة. قال ابن الأثير: الأحاديث في الرقية كثيرة من الطرفين، ووجه الجمع: أن ما كان من أسماء الله والقرآن والأدعية المأثورة لا بأس بها، وما ليس كذلك فلا، وأما الأدعية السريانية مما لا يعلم معناها فلا تجوز، وأما المتوكلون الذين يدخلون الجنة بغير حساب، فلا يلتفتون إلى شيء من هذه الأشياء. باب فضل سورة البقرة 5008 - 5009 - 5010 - (عن أبي مسعود) هو البدري واسمه عقبة. قال الغساني: وفي بعض النسخ ابن مسعود، والصواب الأول. والحديث بالأول مشهور (من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه) عن قيام الليل، وقيل: عن كل آفة، وقيل: من شر الشيطان، والأول هو الأشهر. قال بعض الشارحين نقلًا عن النووي: (كفتاه) أي: عن قراءة سورة الكهف وآية

11 - باب فضل الكهف

5010 - وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ وَكَّلَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ فَأَتَانِى آتٍ فَجَعَلَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ لأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَصَّ الْحَدِيثَ فَقَالَ إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِىِّ لَنْ يَزَالَ مَعَكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ وَلاَ يَقْرَبُكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ. وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «صَدَقَكَ وَهْوَ كَذُوبٌ ذَاكَ شَيْطَانٌ». طرفه 2311 11 - باب فَضْلُ الْكَهْفِ 5011 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ كَانَ رَجُلٌ يَقْرَأُ سُورَةَ الْكَهْفِ وَإِلَى جَانِبِهِ حِصَانٌ مَرْبُوطٌ بِشَطَنَيْنِ فَتَغَشَّتْهُ سَحَابَةٌ فَجَعَلَتْ تَدْنُو وَتَدْنُو وَجَعَلَ فَرَسُهُ يَنْفِرُ فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ الكرسي. وهذا شيء لم يخطر بخاطر النووي، بل كلامه ما نقلناه، وليت شعري أي مناسبة بين الآيتين وسورة الكهف؟! (قال عثمان بن الهيثم) وإنما عبر عنه بقال، إما لأنه يروي عنه تارة بالواسطة، وإما لأنه سمع الحديث محاورة ومذاكرة له لا تحميلًا. وحديث أبي هريرة مع الشيطان تقدم في أبواب الزكاة مطولًا. وفي الترمذي و"مستدرك الحاكم" وقال: حديث صحيح: "سيد الآي آية الكرسي". باب فضل سورة الكهف 5011 - (زهير) بضم الزاي مصغر (كان رجل يقرأ سورة الكهف) هذا الرجل هو: أُسيد بن حُضير (وإلى جانبه حصان) -بكسر الحاء- الكريم من فحول الخيل فعال بمعنى المفعول؛ لأنه محصن ماؤه إلا عن مهرة كريمة هذا أصله، ثم اتسع فيه فأطلق على كل فحل، و (الشطن) -بفتح

12 - باب فضل سورة الفتح

فَقَالَ «تِلْكَ السَّكِينَةُ تَنَزَّلَتْ بِالْقُرْآنِ». طرفه 3614 12 - باب فَضْلُ سُورَةِ الْفَتْحِ 5012 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَسِيرُ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَسِيرُ مَعَهُ لَيْلاً فَسَأَلَهُ عُمَرُ عَنْ شَىْءٍ فَلَمْ يُجِبْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ سَأَلَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ ثُمَّ سَأَلَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ، فَقَالَ عُمَرُ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ نَزَرْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثَلاَثَ مَرَّاتٍ كُلَّ ذَلِكَ لاَ يُجِيبُكَ، قَالَ عُمَرُ فَحَرَّكْتُ بَعِيرِى حَتَّى كُنْتُ أَمَامَ النَّاسِ وَخَشِيتُ أَنْ يَنْزِلَ فِىَّ قُرْآنٌ فَمَا نَشِبْتُ أَنْ سَمِعْتُ صَارِخًا يَصْرُخُ - قَالَ - فَقُلْتُ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ نَزَلَ فِىَّ قُرْآنٌ - قَالَ - فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ «لَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَىَّ اللَّيْلَةَ سُورَةٌ لَهِىَ أَحَبُّ إِلَىَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ». ثُمَّ قَرَأَ (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا). طرفه 4177 ـــــــــــــــــــــــــــــ الشين والطاء- الحبل (تلك السكينة تنزلت بالقرآن) أي بسبب سماع القرآن، وقد سلف أن السكينة هي الملائكة، وقد جاء في رواية لفظ الملائكة صريحًا. فإن قلت: سيأتي أنه كان يقرأ سورة البقرة [قلت:] يمكن قراءتهما معًا، أو تعددت الواقعة، وفي رواية أبي داود: أنه وقع لثابت بن قيس مثله. باب فضل سورة الفتح 5012 - (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يسير في بعض أسفاره وعمر بن الخطاب يسير معه) قد سلف أن هذا كان بعد انصرافه من الحديبية (نزرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) -بالزاي المعجمة ثم المهملة- أي: ألححت، وإنما عداه بدون حرف الجر لتضمنه معنى الإزعاج، والرواية بالتخفيف، ويجوز التشديد (لقد أُنزِلَتْ عليّ الليلة سورة لهي أحب إليّ مما طلعت عليه الشمس) أي: من ملك الدنيا، وهذا على متعارف الناس، وإن كانت الدنيا عنده لا قدر لها، كيف لا، والسورة أخبرت بأنه غفر له ما تقدم من ذنبه وفتح مكة؟!.

13 - باب فضل قل هو الله أحد

13 - باب فَضْلِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ 5013 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى صَعْصَعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ أَنَّ رَجُلاً سَمِعَ رَجُلاً يَقْرَأُ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) يُرَدِّدُهَا فَلَمَّا أَصْبَحَ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ وَكَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقَالُّهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ». طرفاه 6643، 7374 5014 - وَزَادَ أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى صَعْصَعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ أَخْبَرَنِى أَخِى قَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ أَنَّ رَجُلاً قَامَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ مِنَ السَّحَرِ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) لاَ يَزِيدُ عَلَيْهَا، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا أَتَى رَجُلٌ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَحْوَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب فضل {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] فيه عمرة عن عائشة. قال بعض الشارحين: إنما لم ينقل حديث عائشة بسنده؛ لأنه لم يكن على شرطه قلت: حديث عائشة قد سلف في كتاب الصلاة مسندًا عن أنس، وسيرويه عن عائشة أيضًا في كتاب التوحيد. 5014 - (أبي صعصعة) بصاد وعين مهملتين مكررتين (أن رجلًا سمع رجلًا يقرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} يرددها) يقرأ مرة بعد أخرى (فلما أصبح) أي: الرجل (جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكأنّ الرجل يتقالها) -بتشديد النون- أي: يعدها قليلًا لقلة ألفاظها، وهذا الرجل هو: قتادة بن النعمان أخو أبي سعيد الخدري راوي الحديث، وهو الذي جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو الذي يتقالها -بفتح الياء وتشديد اللام-.

14 - باب فضل المعوذات

5015 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ وَالضَّحَّاكُ الْمَشْرِقِىُّ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ رضى الله عنه قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لأَصْحَابِهِ «أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ فِي لَيْلَةٍ». فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَقَالُوا أَيُّنَا يُطِيقُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ «اللَّهُ الْوَاحِدُ الصَّمَدُ ثُلُثُ الْقُرْآنِ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ مُرْسَلٌ وَعَنِ الضَّحَّاكِ الْمَشْرِقِىِّ مُسْنَدٌ. 14 - باب فَضْلِ الْمُعَوِّذَاتِ 5016 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا اشْتَكَى يَقْرَأُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ وَيَنْفُثُ، فَلَمَّا اشْتَدَّ وَجَعُهُ كُنْتُ أَقْرَأُ عَلَيْهِ وَأَمْسَحُ بِيَدِهِ رَجَاءَ بَرَكَتِهَا. طرفه 4439 5017 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا الْمُفَضَّلُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا أَوَى ـــــــــــــــــــــــــــــ 5015 - (الضحاك المشرفيّ) -بكسر الميم والفاء- نسبة إلى مشرف بن زيد الهمذاني، وقيل: بفتح الميم، وقيل: بالقاف موضع الفاء. قال ابن الأثير: وهو تصحيف. فإن قلت: ما معنى قوله: تعدل ثلث القرآن؟ قلت: قد أكثروا القول فيه، والذي عندي -وهو الحق إن شاء الله- أن القرآن الكريم مقاصده تنحصر في ثلاثة: ما يتعلق بذاته تعالى من التوحيد والصفات، وما يتعلق بأفعال العباد من الأحكام، وما يتعلق بالقصص وأحوال الأمم، والسورة قد استوفت القسم الأول على أبلغ وجه. باب فضل المعوذات قال الجوهري: يقال: عذت بفلان: لجأت إليه وعوذت به غيري. 5016 - 5018 - (المفضل) اسم مفعول من التفضيل (عقيل) بضم العين (كان إذا أوى

15 - باب نزول السكينة والملائكة عند قراءة القرآن

إِلَى فِرَاشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمَعَ كَفَّيْهِ ثُمَّ نَفَثَ فِيهِمَا فَقَرَأَ فِيهِمَا (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) وَ (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) وَ (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا مَا اسْتَطَاعَ مِنْ جَسَدِهِ يَبْدَأُ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ وَمَا أَقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ. طرفاه 5748، 6319 15 - باب نُزُولِ السَّكِينَةِ وَالْمَلاَئِكَةِ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ 5018 - وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يَزِيدُ بْنُ الْهَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ قَالَ بَيْنَمَا هُوَ يَقْرَأُ مِنَ اللَّيْلِ سُورَةَ الْبَقَرَةِ وَفَرَسُهُ مَرْبُوطٌ عِنْدَهُ إِذْ جَالَتِ الْفَرَسُ فَسَكَتَ فَسَكَتَتْ فَقَرَأَ فَجَالَتِ الْفَرَسُ، فَسَكَتَ وَسَكَتَتِ الْفَرَسُ ثُمَّ قَرَأَ فَجَالَتِ الْفَرَسُ، فَانْصَرَفَ وَكَانَ ابْنُهُ يَحْيَى قَرِيبًا مِنْهَا فَأَشْفَقَ أَنْ تُصِيبَهُ فَلَمَّا اجْتَرَّهُ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ حَتَّى مَا يَرَاهَا فَلَمَّا أَصْبَحَ حَدَّثَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «اقْرَأْ يَا ابْنَ حُضَيْرٍ اقْرَأْ يَا ابْنَ حُضَيْرٍ». قَالَ فَأَشْفَقْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ تَطَأَ يَحْيَى وَكَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــ إلى فراشه) -بالقصر ويجوز فيه المد- أي: رجع (جمع كفيه ثم نفث فيهما فقرأ فيهما). فإن قلت: القراءة مقدمة على النفث؟ قلت: أجاب بعضهم أن الفاء تفسيرية مثل قوله تعالى: {وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ} [هود: 45] وهو كما قال يدل عليه ما تقدم في وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وما قيل: من أنه كان ينفث فيهما قبل القراءة، فشيء لا يعقل، وأي فائدة في ذلك؟!. باب نزول السكينة والملائكة عند قراءة القرآن (أسيد بن حضير) بالحاء المهملة وتصغير الاسمين، روى حديثه أنه كان يقرأ القرآن وفرسه مربوطة، فجالت فإذا هي سحابة فيها مثل السرج، وقد سلف مع شرحه في تفسير سورة الكهف. فإن قلت: لما أخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما رأى، فقال له: (يابن حضير) ما معناه؟ قلت: أشار إلى أنه ما كان ينبغي له أن يقطع القراءة، ولذلك اعتذر ابن حضير بقوله: (فأشفقت يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تطأ يحيى) ابنه.

16 - باب من قال لم يترك النبى - صلى الله عليه وسلم - إلا ما بين الدفتين

مِنْهَا قَرِيبًا فَرَفَعْتُ رَأْسِى فَانْصَرَفْتُ إِلَيْهِ فَرَفَعْتُ رَأْسِى إِلَى السَّمَاءِ فَإِذَا مِثْلُ الظُّلَّةِ فِيهَا أَمْثَالُ الْمَصَابِيحِ فَخَرَجَتْ حَتَّى لاَ أَرَاهَا. قَالَ «وَتَدْرِى مَا ذَاكَ». قَالَ لاَ. قَالَ «تِلْكَ الْمَلاَئِكَةُ دَنَتْ لِصَوْتِكَ وَلَوْ قَرَأْتَ لأَصْبَحَتْ يَنْظُرُ النَّاسُ إِلَيْهَا لاَ تَتَوَارَى مِنْهُمْ». قَالَ ابْنُ الْهَادِ وَحَدَّثَنِى هَذَا الْحَدِيثَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَبَّابٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ. 16 - باب مَنْ قَالَ لَمْ يَتْرُكِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلاَّ مَا بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ 5019 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ قَالَ دَخَلْتُ أَنَا وَشَدَّادُ بْنُ مَعْقِلٍ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما فَقَالَ لَهُ شَدَّادُ بْنُ مَعْقِلٍ أَتَرَكَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ شَىْءٍ قَالَ مَا تَرَكَ إِلاَّ مَا بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ. قَالَ وَدَخَلْنَا عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: ذكر في الترجمة: السكينة والملائكة، وليس في الحديث إلا ذكر الملائكة؟ قلت: قدمنا أن السكينة هي الملائكة، وإنما ذكر الملائكة لوقوع كل منهما في لفظ الحديث. (خباب) بفتح المعجمة. باب من قال: لم يترك النّبي - صلى الله عليه وسلم - إلا ما بين الدفتين الدف والدفة -بالدال المهملة وتشديد الفاء-: جانب الشيء، والمراد: جلد المصحف من الجانبين. 5019 - (قتيبة) بضم القاف مصغر وكذا (رُفيع)، (شداد) بفتح الشين وتشديد الدال (مَعقِل) بفتح الميم وكسر القاف (أترك النبي - صلى الله عليه وسلم - من شيء؟ قال: ما ترك إلا ما بين الدفتين). فإن قلت: سلف أنه ترك السلاح وبغلته، وأرضًا جعلها صدقة؟ قلت: غرض السائل العلم الذي تقول الروافض: إنه خص عليًّا بعلوم، وفهم ابن عباس غرضه، فأجابه على وفق سؤاله. فإن قلت: قد كان مع علي الصحيفة المعلقة، وعلى الصحيفة قراب سيفه كما تقدم؟ قلت: دعوى الروافض كانت فيما يتعلق بعلي على النص على إمامته، حتى زعموا أن كثيرًا

17 - باب فضل القرآن على سائر الكلام

مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ فَسَأَلْنَاهُ فَقَالَ مَا تَرَكَ إِلاَّ مَا بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ. 17 - باب فَضْلِ الْقُرْآنِ عَلَى سَائِرِ الْكَلاَمِ 5020 - حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ أَبُو خَالِدٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ حَدَّثَنَا أَنَسٌ عَنْ أَبِى مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَثَلُ الَّذِى يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَالأُتْرُجَّةِ طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَرِيحُهَا طَيِّبٌ وَالَّذِى لاَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَالتَّمْرَةِ طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَلاَ رِيحَ لَهَا، وَمَثَلُ الْفَاجِرِ الَّذِى يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الرَّيْحَانَةِ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ، وَمَثَلُ الْفَاجِرِ الَّذِى لاَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْحَنْظَلَةِ طَعْمُهَا مُرٌّ وَلاَ رِيحَ لَهَا». أطرافه 5059، 5427، 7560 5021 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّمَا أَجَلُكُمْ فِي أَجَلِ مَنْ خَلاَ ـــــــــــــــــــــــــــــ من القرآن ذهب، ولا يلزم عليهم أقوى من هذا، فإن الراوي ابن علي (محمد بن الحنفية) هو ابن علي، وأمه: خولة الحنفية اشتهر بها. باب فضل القرآن على سائر الكلام 5020 - (هدبة) بضم الهاء وسكون الدال (همام) بفتح الهاء وتشديد الميم (مثل الذي يقرأ القرآن كالأترجة) أي: حاله في القراءة مثل حالها (طعمها طيب وريحها طيب) هذا وجه الشبه، وكذلك القارئ ينتفع بالقرآن، وينفع الناس بسماعه وبعلمه منه، وقس عليه ما بعده، والأترجة: -بضم الهمزة والتاء والراء وتشديد الجيم- الترنجة والترجة بإثبات النون وحذفها ثلاث لغات. 5021 - (إنما أجَلكم في أجل من خلا من الأمم) يريد بقاء هذه الأمة في الدنيا، والحديث سلف في أبواب الصلاة مرارًا. وإنما رواه هنا للدلالة على فضل القرآن على غيره من الكتب.

18 - باب الوصاة بكتاب الله عز وجل

مِنَ الأُمَمِ كَمَا بَيْنَ صَلاَةِ الْعَصْرِ وَمَغْرِبِ الشَّمْسِ، وَمَثَلُكُمْ وَمَثَلُ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَعْمَلَ عُمَّالاً، فَقَالَ مَنْ يَعْمَلُ لِى إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ عَلَى قِيرَاطٍ فَعَمِلَتِ الْيَهُودُ فَقَالَ مَنْ يَعْمَلُ لِى مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ إِلَى الْعَصْرِ فَعَمِلَتِ النَّصَارَى، ثُمَّ أَنْتُمْ تَعْمَلُونَ مِنَ الْعَصْرِ إِلَى الْمَغْرِبِ بِقِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ، قَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ عَمَلاً وَأَقَلُّ عَطَاءً، قَالَ هَلْ ظَلَمْتُكُمْ مِنْ حَقِّكُمْ قَالُوا لاَ قَالَ فَذَاكَ فَضْلِى أُوتِيهِ مَنْ شِئْتُ». طرفه 557 18 - باب الْوَصَاةِ بِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ 5022 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ حَدَّثَنَا طَلْحَةُ قَالَ سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِى أَوْفَى أَوْصَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لاَ. فَقُلْتُ كَيْفَ كُتِبَ عَلَى النَّاسِ الْوَصِيَّةُ، أُمِرُوا بِهَا وَلَمْ يُوصِ قَالَ أَوْصَى بِكِتَابِ اللَّهِ. طرفه 2740 19 - باب مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ وَقَوْلُهُ تَعَالَى (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: ليس فيه ذكر القرآن ولا سائر الكتب؟ قلت: هذا على دأبه في الاستدلال بالخفي، وقد سلف الحديث مطولًا، وفيه "أوتي أهل التوراة التوراة وأهل الإنجيل [الإنجيل] وأوتينا القرآن". باب الوَصَاة بكتاب الله بفتح الواو والمد: اسم من الوصية. 5022 - (مِغْوَل) بكسر الميم وغين معجمة (ابن أبي أوفى) بفتح الهمزة (أوصى بكتاب الله) وفي كتاب الله أحكام الوصية. باب من لم يتغن بالقرآن هذا بعض حديث لم يذكره المصنف مسندًا إذ لم يكن على شرطه أوله "ليس منا من لم يتغن بالقرآن" كذا قال بعض الشارحين: وقد سها في ذلك فإن البخاري رواه مسندًا في باب الاعتصام. وإنما لم يورد شقه الآخر لعدم الاحتياج إليه {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ

20 - باب اغتباط صاحب القرآن

الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ). 5023 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَمْ يَأْذَنِ اللَّهُ لِشَىْءٍ مَا أَذِنَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ». وَقَالَ صَاحِبٌ لَهُ يُرِيدُ يَجْهَرُ بِهِ. أطرافه 5024، 7482، 7544 5024 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَىْءٍ مَا أَذِنَ لِلنَّبِىِّ أَنْ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ». قَالَ سُفْيَانُ تَفْسِيرُهُ يَسْتَغْنِى بِهِ. طرفه 5023 20 - باب اغْتِبَاطِ صَاحِبِ الْقُرْآنِ 5025 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى سَالِمُ بْنُ ـــــــــــــــــــــــــــــ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ} [العنكبوت: 51]) هذا يدل على أن البخاري فهم من التغني الغنى -بكسر الغين مقصورًا- وهو ضد الفقر. وهو مذهب جماعة منهم: سفيان، وإليه أشار في آخر الحديث بقوله (تفسيره: يستغني به) والجمهور على أنه من الغناء -بكسر الغين والمد- وهو الجهر، وتحسين الصوت لما روى الإمام أحمد والبيهقي "لله أشد أَذَنًا للرجل الحسن الصوت بالقرآن من صاحب القينة إلى قينة" والأذَن: بفتح الهمزة والذال- الاستماع، والمراد من الله لازمه، وهو الإكرام وإفاضة الثواب. قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، وقال المنذري: قول سفيان: المراد به الاستغناء مردود، وقد أجاب بعضهم بأنه لم يرد بالغنى ضد الفقر، بل الاستغناء من سائر الكتب والأخبار، وهذا لا يساعده السياق، ويرده رواية أبي هريرة (يجهر به). باب اغتباط صاحب القرآن قيل: معنى الترجمة أن صاحب القرآن يُسر بفعل نفسه وليس بمطلوب. وأجيب: بأنه لا مانع من ذلك، وليس السؤال والجواب بشيء؛ لأن الكلام في الغبطة. قال الجوهري: يقال غبط فلان له فاغتبط كقولك: منعته فامتنع، وسوق الكلام إنما هو في جواز الغبطة.

21 - باب خيركم من تعلم القرآن وعلمه

عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ حَسَدَ إِلاَّ عَلَى اثْنَتَيْنِ، رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَقَامَ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ، وَرَجُلٌ أَعْطَاهُ اللَّهُ مَالاً فَهْوَ يَتَصَدَّقُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ». طرفاه 7232، 7528 5026 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا رَوْحٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ سَمِعْتُ ذَكْوَانَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ حَسَدَ إِلاَّ فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ عَلَّمَهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَهُوَ يَتْلُوهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ فَسَمِعَهُ جَارٌ لَهُ فَقَالَ لَيْتَنِى أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِىَ فُلاَنٌ فَعَمِلْتُ مِثْلَ مَا يَعْمَلُ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالاً فَهْوَ يُهْلِكُهُ فِي الْحَقِّ فَقَالَ رَجُلٌ لَيْتَنِى أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِىَ فُلاَنٌ فَعَمِلْتُ مِثْلَ مَا يَعْمَلُ». طرفاه 7232، 7528 21 - باب خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ 5027 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى عَلْقَمَةُ بْنُ مَرْثَدٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ وأي ضرر في سرور المغتبط؟. 5026 - (روح) بفتح الراء وسكون الواو (لا حَسَد إلا على اثنتين) أي: خصلتين، والحسد: عبارة عن تمني زوال النعمة عن الغير وحصولها للحاسد، وهذا حرام مطلقًا، وإنما المراد بالحسد هنا الغبطة كما ترجم عليه الباب، والاغتباط: تمني مثل ما للغير من غير زواله عنه، وقد أشرنا في كتاب العلم إلى أن نكتة المجاز المبالغة في الاغتباط كأنه يقارب به الحسد. قال بعض الشارحين: أو يكون هذا من قبيل {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى} [الدخان: 56] أي: لو كان في الجنة موت لكانت الأولى، وحيث انتفت انتفى الموت رأسًا. أي: لو كان الحسد جائزًا لكان في هذين الشيئين، وحيث لم يجز، فقد انتفى الحسد. وهذا الذي قاله فاسد، إذ على هذا لا يبقى في الحديث دلالة على فضل الاغتباط. باب خيركم من تعلم القرآن وعلمه 5027 - 5028 - (حجاج) بفتح الحاء وتشديد الجيم (منهال) بكسر الميم (مَرثد) بفتح

سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِىِّ عَنْ عُثْمَانَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ». قَالَ وَأَقْرَأَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي إِمْرَةِ عُثْمَانَ حَتَّى كَانَ الْحَجَّاجُ، قَالَ وَذَاكَ الَّذِى أَقْعَدَنِى مَقْعَدِى هَذَا. طرفه 5028 5028 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِىِّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ أَفْضَلَكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ». طرفه 5027 5029 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ أَتَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - امْرَأَةٌ فَقَالَتْ إِنَّهَا قَدْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلَّهِ وَلِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مَا ـــــــــــــــــــــــــــــ الميم وثاء مثلثة (عبيدة) بضم العين وفتح الباء مصغر (السلمي) بضم السين (وقرأ أبو عبد الرحمن في إمرة عثمان) -بكسر الهمزة - أي: في إمارته (حتى كان الحجاج) زمن الحجاج (قال) أي: سعد بن عبيدة (وهذا الذي أقعدني مقعدي هذا) يمكن أنه كان يقرأ القرآن على طريقة شيخه السلمي، صرح به الترمذي وغيره، ولو كان كما ظن لزم أن يكون سعد بن عبيدة قرأ على عبد الرحمن في زمن عثمان، وليس كذلك؛ لأنه لم يدرك زمن عثمان. فإن قلت: ذكر الفقهاء أن الاشتغال بالفقه أفضل من الاشتغال بالقرآن؟ قلت: ممنوع إذ كل منهما فرض كفاية، والتحقيق أن هذا يختلف باختلاف الأزمان إذ لم يكن في زمانه إلا القرآن والحديث، وأما في هذه الأزمان من كان عنده من الفقه ما يقوم بالواجبات عليه كأحكام الطهارة والصلاة والصوم والزكاة -إن كان له مال- فالأولى به الاشتغال بالقرآن، وإن لم يكن عنده ذلك يجب عليه تعلم الفقه بقدر الحاجة. وقد بسط الغزالي الكلام في هذا الباب، وهذا الذي ذكرناه بند من ذلك. 5029 - (عون) بفتح العين آخره نون (عن أبي حازم) -بالحاء المهملة- سلمة بن دينار (أتت امرأة النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إنها وهبت نفسها لله ورسوله) هذا الحديث سلف في أبواب الوكالة بالنكاح وإنما رواه هنا، وفي الباب بعده دلالة على فضل القرآن وتعلمه، ولذلك

22 - باب القراءة عن ظهر القلب

لِى فِي النِّسَاءِ مِنْ حَاجَةٍ». فَقَالَ رَجُلٌ زَوِّجْنِيهَا. قَالَ «أَعْطِهَا ثَوْبًا». قَالَ لاَ أَجِدُ. قَالَ «أَعْطِهَا وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ». فَاعْتَلَّ لَهُ. فَقَالَ «مَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ». قَالَ كَذَا وَكَذَا. قَالَ «فَقَدْ زَوَّجْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ». طرفه 2310 22 - باب الْقِرَاءَةِ عَنْ ظَهْرِ الْقَلْبِ 5030 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ جِئْتُ لأَهَبَ لَكَ نَفْسِى فَنَظَرَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَصَعَّدَ النَّظَرَ إِلَيْهَا وَصَوَّبَهُ ثُمَّ طَأْطَأَ رَأْسَهُ، فَلَمَّا رَأَتِ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ فِيهَا شَيْئًا جَلَسَتْ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ فَزَوِّجْنِيهَا. فَقَالَ «هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَىْءٍ». فَقَالَ لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «اذْهَبْ إِلَى أَهْلِكَ فَانْظُرْ هَلْ تَجِدُ شَيْئًا». فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا وَجَدْتُ شَيْئًا. قَالَ «انْظُرْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ». فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلاَ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ وَلَكِنْ هَذَا إِزَارِى - قَالَ سَهْلٌ مَا لَهُ رِدَاءٌ - فَلَهَا نِصْفُهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا تَصْنَعُ بِإِزَارِكَ إِنْ لَبِسْتَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا مِنْهُ شَىْءٌ وَإِنْ لَبِسَتْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ شَىْءٌ». فَجَلَسَ الرَّجُلُ حَتَّى طَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قام مقام المهر للنساء (فاعتلَّ له) أي: أظهر العلة (فقال: ما معك من القرآن؟ قال كذا وكذا) وفي سنن أبي داود "البقرة وآل عمران " قال: "قم فعلمها عشرين آية وهي امرأتك" فاستدل الشافعي على جواز التعليم صداقًا، وعلى جواز كون أدنى شيء من المال صداقًا لقوله: (اطلب ولو خاتمًا من حديد). باب القراءة عن ظهر القلب هذه الترجمة بعض ما في الحديث، ولفظ الظهر معجم، والقراءة بالقلب في مقابلة المصحف، ومحصله الحفظ. 5030 - (فصعَّد النظر) -بتشديد العين- أي: رفعه (وصوبه) -بتشديد الواو- أي:

23 - باب استذكار القرآن وتعاهده

مَجْلِسُهُ ثُمَّ قَامَ فَرَآهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُوَلِّيًا فَأَمَرَ بِهِ فَدُعِىَ فَلَمَّا جَاءَ قَالَ «مَاذَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ». قَالَ مَعِى سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا عَدَّهَا قَالَ «أَتَقْرَؤُهُنَّ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِكَ». قَالَ نَعَمْ. قَالَ «اذْهَبْ فَقَدْ مَلَّكْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ». طرفه 2310 23 - باب اسْتِذْكَارِ الْقُرْآنِ وَتَعَاهُدِهِ 5031 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّمَا مَثَلُ صَاحِبِ الْقُرْآنِ كَمَثَلِ صَاحِبِ الإِبِلِ الْمُعَقَّلَةِ إِنْ عَاهَدَ عَلَيْهَا أَمْسَكَهَا وَإِنْ أَطْلَقَهَا ذَهَبَتْ». 5032 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «بِئْسَ مَا لأَحَدِهِمْ أَنْ يَقُولَ ـــــــــــــــــــــــــــــ خفضه (فقد ملكتها بما معك من القرآن) هذا يرد تأويل ابن بطال إنما زوجها بأجر التعليم. فإن قلت: هل لما يقال: إن القراءة في المصحف أفضل أصلٌ؟ قلت: لم يصح فيه حديث، وقد روي عن أبي أمامة: لا تغرنك هذه المصاحف المعلقة، فإن الله لا يعذب قلبًا وعى القرآن. باب استذكار القرآن وتعاهده الاستذكار: من الذكر -بضم الذال- وهو ذكر القلب، والمراد: المحافظة لئلا يقع النسيان كما دل عليه أحاديث الباب. 5031 - 5532 - (عرعرة) بعين وراء مهملتين مكررتين (بئس ما لأحدهم أن يقول:

نَسِيتُ آيَةَ كَيْتَ وَكَيْتَ بَلْ نُسِّىَ، وَاسْتَذْكِرُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ أَشَدُّ تَفَصِّيًا مِنْ صُدُورِ الرِّجَالِ مِنَ النَّعَمِ». حَدَّثَنَا عُثْمَانُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ مِثْلَهُ. تَابَعَهُ بِشْرٌ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ شُعْبَةَ. وَتَابَعَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدَةَ عَنْ شَقِيقٍ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 5039 5033 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ نسيت آية كيت وكيت بل هو نُسي) بضم النون وكسر السين وتشديد الياء. قال القاضي: هذا أذم للحال الذي هو لازم لهذا القول. أي: بئس حال من حفظ القرآن، ثم غفل حتى نسيه. وقال الخطابي: معناه عوقب بالنسيان على ذنب كان منه، أو على ..... للقرآن. وهذان الوجهان مع كونهما غير ظاهرين من اللفظ لا يصحان؛ لأنه إنما ذم القول لا الفعل؛ لأنه قال بعده: (بل نسِّيَ) -بضم النون وتشديد السين على بناء المجهول فقد نسي؛ لأن الثلاثي مضارع للمزيد، ولا وجود للمزيد إلا مع وجوده، والظاهر أنه كره لفظ (نسيت) لأن الله تعالى حيث ذكر النسيان ذكره في معرض الذم. قال تعالى في شأن آدم: {فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا} [طه: 115] وقال في شأن الكافر: {أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا} [طه: 126]. قال ابن الأثير: للعلماء في معناه قولان: الأول: أن الله أنساه. الثاني: أن النسيان معناه الترك، فكره أن يقول: تركت القرآن. قلت:: الأول فيه نظر؛ لأن أفعال العباد كلها مخلوقة لله، والتحقيق أن النسيان له معنيان كما ذكره الجوهري، الأول: خلاف الحفظ والتذكر. والثاني: الترك. ولما كان اللفظ موهمًا للترك كرهه لذلك. وهذا مخصوص بالقرآن كما قيده به في الحديث، فلا يرد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا نسيت فذكروني" فإن النسيان هنا معناه الذهول، إذ قد يكون نسيانه بالزيادة لا بالترك، كما تقدم في أبواب الصلاة أنه صلى الرباعية خمسًا. ألا ترى أنه في الباب بعده لما سمع القارئ: قال: رحمه الله لقد أذكرني كذا وكذا آية أسقطتهن "، وفي رواية "أنسيتها" وهذا تحقيق وفقنا له بإلهام الله، وله المن.

24 - باب القراءة على الدابة

عَنْ أَبِى مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «تَعَاهَدُوا الْقُرْآنَ فَوَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَهُوَ أَشَدُّ تَفَصِّيًا مِنَ الإِبِلِ فِي عُقُلِهَا». 24 - باب الْقِرَاءَةِ عَلَى الدَّابَّةِ 5034 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو إِيَاسٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُغَفَّلٍ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَهْوَ يَقْرَأُ عَلَى رَاحِلَتِهِ سُورَةَ الْفَتْحِ. طرفه: 4281 25 - باب تَعْلِيمِ الصِّبْيَانِ الْقُرْآنَ 5035 - حَدَّثَنِى مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ إِنَّ الَّذِى تَدْعُونَهُ الْمُفَصَّلَ هُوَ الْمُحْكَمُ، قَالَ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ تُوُفِّىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ وَقَدْ قَرَأْتُ الْمُحْكَمَ. طرفه 5036 5036 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب تعليم الصبيان من القرآن 5034 - (حجاج بن منهال) بكسر الميم (أبو إياس) بكسر الهمزة معاذ بن قرة. 5035 - (أبو عوانة) -بفتح العين- الوضاح اليشكري (أبو بشر) -بكسر الموحدة- اسمه جعفر (قال ابن عباس: توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا ابن عشر سنين) وقد سلف في أبواب الصلاة "وقد ناهزت الاحتلام". والصحيح كان ابن ثلاث عشرة سنة، فكأنه أسقط الكسر (وقد قرأت المحكم وهو المفصل) أما تسميته مفصلًا، فلقصر سوره، وأما محكمًا فقيل: إنه لا نسخ فيه وليس بصواب، فإن قيام الليل في سورة المزمل نسخ بالاتفاق، و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1]، منسوخ عند طائفة. والصواب أنه أراد بالمحكم: ما يقابل المتشابه. 5036 - (هشيم) بضم الهاء مصغر.

26 - باب نسيان القرآن وهل يقول نسيت آية كذا وكذا (26) وقول الله تعالى (سنقرئك فلا تنسى * إلا ما شاء الله)

جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - جَمَعْتُ الْمُحْكَمَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ لَهُ وَمَا الْمُحْكَمُ قَالَ الْمُفَصَّلُ. طرفه 5035 26 - باب نِسْيَانِ الْقُرْآنِ وَهَلْ يَقُولُ نَسِيتُ آيَةَ كَذَا وَكَذَا. (26) وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنْسَى * إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ) 5037 - حَدَّثَنَا رَبِيعُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا زَائِدَةُ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ سَمِعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلاً يَقْرَأُ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ «يَرْحَمُهُ اللَّهُ لَقَدْ أَذْكَرَنِى كَذَا وَكَذَا آيَةً مِنْ سُورَةِ كَذَا». حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ مَيْمُونٍ حَدَّثَنَا عِيسَى عَنْ هِشَامٍ وَقَالَ أَسْقَطْتُهُنَّ مِنْ سُورَةِ كَذَا. تَابَعَهُ عَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ وَعَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ. طرفه 2655 5038 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِى رَجَاءٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب نسيان القرآن وهل يقول: نسيت آية كذا لا شك في وقوع النسيان، إنما الكلام في كراهة قول نسيت كما نبهنا عليه آنفًا، واستدل البخاري على جواز النسيان عليه - صلى الله عليه وسلم - بقوله: {فَلَا تَنْسَى إِلَّا مَا شَاءَ} [الأعلى: 6، 7]. قال بعض الشارحين: ما شأنه التبليغ لا يجوز نسيانه؟ قلت: هذا لا دليل عليه. فرضت على أمته خمسون صلاة، ثم نسخت قبل التبليغ، فأي مانع من الإنساء؟ وهو والنسخ في قرن واحد، على أن قوله: {سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى (6)} [الأعلى: 6] أعم من كل وأحد من القسمين. فإن قلت: كيف جاز عليه النسيان؟ قلت: ليس في النسيان نقص، فإنه عبارة عن ذهاب المحفوظ عن القوة الحافظة إذا التفت نحوه تذكره من غير كسب وتفكر (إلا ما شاء الله). 5037 - (ربيع) ضد الخريف (عبيد بن ميمون) بضم العين مصغر (مسهر) بضم الميم وكسر الهاء. 5038 - (أبو رجاء) بفتح الراء والمد (أبو أسامة) -بضم الهمزة- حماد بن أسامة.

27 - باب من لم ير بأسا أن يقول سورة البقرة وسورة كذا وكذا

أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلاً يَقْرَأُ فِي سُورَةٍ بِاللَّيْلِ فَقَالَ «يَرْحَمُهُ اللَّهُ لَقَدْ أَذْكَرَنِى كَذَا وَكَذَا آيَةً كُنْتُ أُنْسِيتُهَا مِنْ سُورَةِ كَذَا وَكَذَا». طرفه 2655 5039 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَا لأَحَدِهِمْ يَقُولُ نَسِيتُ آيَةَ كَيْتَ وَكَيْتَ. بَلْ هُوَ نُسِّىَ». طرفه 5032 27 - باب مَنْ لَمْ يَرَ بَأْسًا أَنْ يَقُولَ سُورَةُ الْبَقَرَةِ وَسُورَةُ كَذَا وَكَذَا 5040 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ عَنْ عَلْقَمَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ الأَنْصَارِىِّ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الآيَتَانِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مَنْ قَرَأَ بِهِمَا فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ». طرفه 4008 5041 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ عَنْ حَدِيثِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِىِّ أَنَّهُمَا سَمِعَا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ـــــــــــــــــــــــــــــ 5039 - (أبو نعيم) بضم النون مصغر. باب من لم ير بأسًا أن يقول سورة البقرة وضع هذا الباب لبطلان قول من يقول: لا يجوز أن يقال: سورة البقرة، بل يقال: سورة ذكر فيها البقرة، وهذا منقول عن بعض السلف في سورة الحج أن الحجاج كان يقول ذلك، وأحاديث الباب دلت على بطلان ذلك القول. 5040 - (عن أبي مسعود الأنصاري) عقبة البدري (الآيتان من آخر سورة البقرة من قرأ بهما في ليلة كفتاه). 5041 - (المسور بن مخرمة) بكسر الميم في الأول، وفتحه في الثاني (القاريّ) -بتشديد الياء- نسبة إلى قارة: قبيلة بيمن. روى حديث عمر عن هشام بن حكيم حين سمع يقرأ سورة الفرقان، وقد سلف الحديث. وموضع الدلالة قوله: (سورة الفرقان).

28 - باب الترتيل فى القراءة

فَاسْتَمَعْتُ لِقِرَاءَتِهِ فَإِذَا هُوَ يَقْرَؤُهَا عَلَى حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ لَمْ يُقْرِئْنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَكِدْتُ أُسَاوِرُهُ فِي الصَّلاَةِ فَانْتَظَرْتُهُ حَتَّى سَلَّمَ فَلَبَبْتُهُ فَقُلْتُ مَنْ أَقْرَأَكَ هَذِهِ السُّورَةَ الَّتِى سَمِعْتُكَ تَقْرَأُ قَالَ أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَقُلْتُ لَهُ كَذَبْتَ فَوَاللَّهِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَهُوَ أَقْرَأَنِى هَذِهِ السُّورَةَ الَّتِى سَمِعْتُكَ، فَانْطَلَقْتُ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَقُودُهُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ عَلَى حُرُوفٍ لَمْ تُقْرِئْنِيهَا وَإِنَّكَ أَقْرَأْتَنِى سُورَةَ الْفُرْقَانِ. فَقَالَ «يَا هِشَامُ اقْرَأْهَا». فَقَرَأَهَا الْقِرَاءَةَ الَّتِى سَمِعْتُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هَكَذَا أُنْزِلَتْ». ثُمَّ قَالَ «اقْرَأْ يَا عُمَرُ». فَقَرَأْتُهَا الَّتِى أَقْرَأَنِيهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هَكَذَا أُنْزِلَتْ». ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ». طرفه 2419 5042 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ آدَمَ أَخْبَرَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ سَمِعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَارِئًا يَقْرَأُ مِنَ اللَّيْلِ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ «يَرْحَمُهُ اللَّهُ لَقَدْ أَذْكَرَنِى كَذَا وَكَذَا آيَةً، أَسْقَطْتُهَا مِنْ سُورَةِ كَذَا وَكَذَا». طرفه 2655 28 - باب التَّرْتِيلِ فِي الْقِرَاءَةِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً) وَقَوْلِهِ (وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ) وَمَا يُكْرَهُ أَنْ يُهَذَّ كَهَذِّ الشِّعْرِ. (يُفْرَقُ) يُفَصَّلُ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (فَرَقْنَاهُ) فَصَّلْنَاهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 5042 - (بشر) بكسر الموحدة وسين معجمة. باب الترتيل في القراءة قال ابن الأثير: الترتيل: تبيين الحروف والحركات كالشعر المرتل المشهبه بالأقحوان، واستدل على وجوب الترتيل بقوله تعالى: {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ} [الإسراء: 106]، وقد فسره ابن عباس (فصلناه). وهو معنى الترتيل، أو بقوله ({لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ} [الإسراء: 106]). فإن قلت: قد ذكروا أن القراء السبعة بعضهم صاحب الترتيل دون بعض؟ قلت: أجاب الجعبري بأن الكل مرتلون إلا أنهم في الترتيل متفاوتون.

5043 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا مَهْدِىُّ بْنُ مَيْمُونٍ حَدَّثَنَا وَاصِلٌ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ غَدَوْنَا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ رَجُلٌ قَرَأْتُ الْمُفَصَّلَ الْبَارِحَةَ. فَقَالَ هَذًّا كَهَذِّ الشِّعْرِ، إِنَّا قَدْ سَمِعْنَا الْقِرَاءَةَ وَإِنِّى لأَحْفَظُ الْقُرَنَاءَ الَّتِى كَانَ يَقْرَأُ بِهِنَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ثَمَانِىَ عَشْرَةَ سُورَةً مِنَ الْمُفَصَّلِ وَسُورَتَيْنِ مِنْ آلِ حم. طرفه 775 5044 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِى عَائِشَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - فِي قَوْلِهِ (لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ) قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا نَزَلَ جِبْرِيلُ بِالْوَحْىِ وَكَانَ مِمَّا يُحَرِّكُ بِهِ لِسَانَهُ وَشَفَتَيْهِ فَيَشْتَدُّ عَلَيْهِ وَكَانَ يُعْرَفُ مِنْهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ الآيَةَ الَّتِى فِي (لاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ) (لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا ـــــــــــــــــــــــــــــ 5043 - (أبو النعمان) -بضم النون- محمد بن الفضل (غدونا على عبد الله) هو ابن مسعود (فقال رجل: قرأت المفصل البارحة) أي: من الحجرات إلى آخر القرآن (فقال: هذًّا كَهَذِّ الشعر) -الهذُّ: بتشديد الذال المعجمة- سرعة القطع شبهه بالشعر؛ لأن الذي ينشد الشعر غرضه أن يسمع الحاضرين من غير تأمل في إلى معناه. فإن قلت: إذا قرأ الإنسان المفصل في ليلة، فعلى هذا المنوال يكون ختمه القرآن في أسبوع، وهذا كان دأب أكثر الصحابة. قلت: الظاهر أنه أراد قراءة المفصَّل في الصلاة، ولذلك رد عليه ابن مسعود بأنه كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرن بين سورتين في كل ركعة، ولا يزيد عليه. فإن قلت: تقدم في باب تأليف القرآن عشرون سورة؟ قلت: أجاب بعضهم بأنه تسامح، فإنه أراد معظم العشرين وهي ثماني عشرة، وهذا ليس بشيء؛ لأنا نقلنا هناك من رواية أبي داود عشرين بأسمائها. فإن قلت: عدهم هناك من المفصل وأخرجه هنا؟ قلت: ذاك على تأليف ابن مسعود، وهذا الذي على تأليف مصحف عثمان صرح به البخاري هناك على علقمة، وفي تأليف ابن مسعود: حم الدخان داخل في العشرين كما نقلناه على سنن أبي داود.

29 - باب مد القراءة

قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ) فَإِذَا أَنْزَلْنَاهُ فَاسْتَمِعْ (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ) قَالَ إِنَّ عَلَيْنَا أَنْ نُبَيِّنَهُ بِلِسَانِكَ. قَالَ وَكَانَ إِذَا أَتَاهُ جِبْرِيلُ أَطْرَقَ، فَإِذَا ذَهَبَ قَرَأَهُ كَمَا وَعَدَهُ اللَّهُ. طرفه 5 29 - باب مَدِّ الْقِرَاءَةِ 5045 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ الأَزْدِىُّ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنْ قِرَاءَةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ كَانَ يَمُدُّ مَدًّا. طرفه 5046 5046 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ سُئِلَ أَنَسٌ كَيْفَ كَانَتْ قِرَاءَةُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. فَقَالَ كَانَتْ مَدًّا. ثُمَّ قَرَأَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، يَمُدُّ بِبِسْمِ اللَّهِ، وَيَمُدُّ بِالرَّحْمَنِ، وَيَمُدُّ بِالرَّحِيمِ. طرفه 5045 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب مد القرآن قال الجعبري: المد طول زمان صوت الحرف، واللين والقصر عدمها. قال: والسر في مد الواو والياء والألف دون غيرها أن مخارجها أوسع منها، والمد أصلي وفرعي، فالأصلي: ما اقتضاه ذات الحرف، والفرعي: ما زيد عليه لملاقاة الهمزة والساكن، وما قيل: إن المد الأصلي إشباع الحرف الذي بعده ألفًا أو واوًا أو ياءً، فلا أصل له. 5045 - (حازم) بالحاء المهملة (الأزدي) -بفتح الهمزة وزاي معجمة-[نسبة] إلى أزد قبيلة بيمن. 5046 - (همام) بفتح الهاء وتشديد الميم (سئل أنس كيف كانت قراءة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: كانت مدًّا، ثم قرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، يمد ببسم الله، ويمد بالرحمن، وبمد بالرحيم) أراد بهذا المد الأصلي الذي هو ذاتي لهذه الحروف، لا المد الفرعي الذي يكون عند ملاقاة هذه الحروف الهمزة والساكن، وهذا هو الذي اختلف القرَّاء في مقداره.

30 - باب الترجيع

30 - باب التَّرْجِيعِ 5047 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو إِيَاسٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُغَفَّلٍ قَالَ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ وَهْوَ عَلَى نَاقَتِهِ - أَوْ جَمَلِهِ - وَهْىَ تَسِيرُ بِهِ وَهْوَ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفَتْحِ أَوْ مِنْ سُورَةِ الْفَتْحِ قِرَاءَةً لَيِّنَةً يَقْرَأُ وَهْوَ يُرَجِّعُ. طرفه 4281 31 - باب حُسْنِ الصَّوْتِ بِالْقِرَاءَةِ 5048 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى الْحِمَّانِىُّ حَدَّثَنَا بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ جَدِّهِ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَهُ «يَا أَبَا مُوسَى لَقَدْ أُوتِيتَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ». ـــــــــــــــــــــــــــــ 5047 - (أبو إياس) -بكسر الهمزة- معاوية بن قرة (مُغفّل) بضم الميم وتشديد الفاء المفتوحة. والترجيع لأنه كان راكبًا، فحدث ذلك في تحريك الناقة، وذلك لما رووا أنه كان لا يرجع. قلت: هذا لا يصح وذلك أن لو حدث ذلك من قراءته لترك القراءة، والصواب كما ذكره ابن الأثير أيضًا في باب لحن أنه كان يرجع في القراءة أي: يزين القراءة بمد الصوت في مواضع المد الذي نهي عنه من الترجيع هو الإفراط كما يفعله بعض القراء، وقد روى ابن ماجه والنسائي عن أم هانئ: أنها سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرجع في القراءة، ومعناه ما ذكرناه. باب حسن الصوت بالقراءة 5048 - (أبي يحيى الحِمَّاني) -بكسر الحاء وتشديد الميم- نسبة إلى جده حمان بن كعب بن زيد مناة بن تميم، واسمه عبد الحميد. قال الحازمي: وبنو حمان جماعة بالبصرة (بريد) بضم الباء مصغر برد (أبو بردة) عامر بن أبي موسى (لقد أوتيت مزمارًا من مزامير داود) المزمار: بكسر الميم آلة معروفة وهي كناية عن حسن الصوت، وداود في باب حسن الصوت أوحدي، ولذلك خصه بالذكر قال ابن الأثير: ولفظ الآل معجم، وقد يراد به -وداود في باب حسن الصوت- الشخص.

32 - باب من أحب أن يسمع القرآن من غيره

32 - باب مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْمَعَ الْقُرْآنَ مِنْ غَيْرِهِ 5049 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِى عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضى الله عنه قَالَ قَالَ لِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اقْرَأْ عَلَىَّ الْقُرْآنَ». قُلْتُ آقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ قَالَ «إِنِّى أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِى». طرفه 4582 33 - باب قَوْلِ الْمُقْرِئِ لِلْقَارِئِ حَسْبُكَ 5050 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ لِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اقْرَأْ عَلَىَّ». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ آقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ قَالَ «نَعَمْ». فَقَرَأْتُ سُورَةَ النِّسَاءِ حَتَّى أَتَيْتُ إِلَى هَذِهِ الآيَةِ (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاَءِ شَهِيدًا) قَالَ «حَسْبُكَ الآنَ». فَالْتَفَتُّ إِلَيْهِ فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ. طرفه 4582 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من أحب أن يسمع القرآن من غيره 5049 - (غياث) بكسر المعجمة آخره مثلثة (عبيدة) بفتح العين وكسر الموحدة روى فيه، وفي الباب بعده حديث عبد الله بن مسعود أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له: (اقرأ علي القرآن) القراءة على الشخص تارة تكون للتعليم، وتارة للسماع، وإنما قال (إني أحب أن أسمعه من غيري) لأن السامع يتمكن من التأمل في المعاني أكثر من القارئ؛ لأنه يحافظ على المخارج وصفات الحروف، ولذلك كان للسامع أجران، وللقارئ واحد. 5050 - (فقرأت سورة النساء حتى أتيت إلى هذه الآية {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا (41)} [النساء: 41] قال حسبك الأن فالتفتَّ إليه فإذا عيناه تذرفان) أي: تسيلان دمعًا. أسند الفعل إلى المحل مبالغة كما في سال الوادي. وقد سلف في سورة النساء أن صاحب "الكشاف" قال: إنما بكى سرورًا بأن أمته شاهدةٌ على سائر الأمم. والمختار عندي أنه بكاء حزن على الأمم الهالكة، فإن هذا يلائم كونه رحمة للعالمين.

34 - باب فى كم يقرأ القرآن

34 - باب فِي كَمْ يُقْرَأُ الْقُرْآنُ وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى (فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ). 5051 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ لِى ابْنُ شُبْرُمَةَ نَظَرْتُ كَمْ يَكْفِى الرَّجُلَ مِنَ الْقُرْآنِ فَلَمْ أَجِدْ سُورَةً أَقَلَّ مِنْ ثَلاَثِ آيَاتٍ، فَقُلْتُ لاَ يَنْبَغِى لأَحَدٍ أَنْ يَقْرَأَ أَقَلَّ مِنْ ثَلاَثِ آيَاتٍ. قَالَ عَلِىٌّ قَالَ سُفْيَانُ أَخْبَرَنَا مَنْصُورٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ أَخْبَرَهُ عَلْقَمَةُ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ وَلَقِيتُهُ وَهْوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ فَذَكَرَ قَوْلَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «أَنَّ مَنْ قَرَأَ بِالآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ». طرفه 4008 5052 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ أَنْكَحَنِى أَبِى امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ فَكَانَ يَتَعَاهَدُ كَنَّتَهُ فَيَسْأَلُهَا عَنْ بَعْلِهَا فَتَقُولُ نِعْمَ الرَّجُلُ مِنْ رَجُلٍ لَمْ يَطَأْ لَنَا فِرَاشًا وَلَمْ يُفَتِّشْ لَنَا كَنَفًا مُذْ أَتَيْنَاهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب في كم يقرأ القرآن 5051 - (ابن شبرمة) -بضم المعجمة وسكون الموحدة- عبدة الضبي قاضي الكوفة (نظرت) أي: تأملت (عن أبي مسعود) هو البدري عقبة (ولقيته وهو يطوف) (أنه من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة كفتاه) تقدم آنفًا معنى الكفاية، وأراد سفيان بهذا الرد على ابن شبرمة أنه (لا ينبغي أن يقرأ أقل من ثلاث آيات). 5052 - (أبو عوانة) -بفتح العين- الوضاح اليشكري (عن عبد الله بن عمرو قال: أنكحني أبي امرأة ذات حسب) قال ابن الأثير: الحسب في الأصل الشرف في الآباء، وقد يكون في الشخص، وإن لم يكن في آبائه ذلك. قلت: المعنى الأول هو المراد (فكان يتعاهد كَنَّته) الضمير لعمرو بن العاص، والكنة -بفتح الكاف والنون-: زوجة الابن من الكن: وهو الستر، ومعنى التعاهد: السؤال عن حالها مع الزوج (فتقول: نعم الرجل من رجل) وقوع المميز بعد الفاعل المعرف أجازه المبرد ومنعه سيبويه، ولا حجة عليه في الحديث لاحتمال أن تكون مِنْ تجريدية كقولك: رأيت زيدًا أسدًا (لم يطأ لنا فراشًا) كناية عن عدم النوم معها. (ولم يفتش لنا كنفًا منذ أتيناه) قال ابن الأثير: معناه أنه لم يدخل يده مع زوجته في دواخل أمرها، وأرادت أنه لم يقربها. وقال بعض الشارحين: معناه أنه لم يطعم معها حتى يفتش عن موضع قضاء الحاجة. وهذا مع ركاكة غاية الركاكة غلطٌ لغة، فإن موضع قضاء الحاجة هو الكنيف على وزن فعيل. ذكره ابن الأثير وغيره.

فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ عَلَيْهِ ذَكَرَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «الْقَنِى بِهِ». فَلَقِيتُهُ بَعْدُ فَقَالَ «كَيْفَ تَصُومُ». قَالَ كُلَّ يَوْمٍ. قَالَ «وَكَيْفَ تَخْتِمُ». قَالَ كُلَّ لَيْلَةً. قَالَ «صُمْ فِي كُلِّ شَهْرٍ ثَلاَثَةً وَاقْرَإِ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ». قَالَ قُلْتُ أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ «صُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ فِي الْجُمُعَةِ». قُلْتُ أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ «أَفْطِرْ يَوْمَيْنِ وَصُمْ يَوْمًا». قَالَ قُلْتُ أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ «صُمْ أَفْضَلَ الصَّوْمِ صَوْمِ دَاوُدَ صِيَامَ يَوْمٍ وَإِفْطَارَ يَوْمٍ وَاقْرَأْ فِي كُلِّ سَبْعِ لَيَالٍ مَرَّةً». فَلَيْتَنِى قَبِلْتُ رُخْصَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَذَاكَ أَنِّى كَبِرْتُ وَضَعُفْتُ فَكَانَ يَقْرَأُ عَلَى بَعْضِ أَهْلِهِ السُّبْعَ مِنَ الْقُرْآنِ بِالنَّهَارِ وَالَّذِى يَقْرَؤُهُ يَعْرِضُهُ مِنَ النَّهَارِ لِيَكُونَ أَخَفَّ عَلَيْهِ بِاللَّيْلِ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَقَوَّى أَفْطَرَ أَيَّامًا وَأَحْصَى وَصَامَ مِثْلَهُنَّ كَرَاهِيةَ أَنْ يَتْرُكَ شَيْئًا فَارَقَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَيْهِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي ثَلاَثٍ وَفِى خَمْسٍ وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى سَبْعٍ. طرفه 1131 5053 - حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ لِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «فِي كَمْ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ». طرفه 1131 5054 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ شَيْبَانَ عَنْ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى بَنِى زُهْرَةَ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ - قَالَ وَأَحْسِبُنِى قَالَ - سَمِعْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــ (قال: كم تصوم؟ قال: [كل] يوم) كان الظاهر قلت موضع قال، والظاهر أنه التفات بدليل ما ذكره بعده من لفظ (قلت) موضع قال. مرارًا. وقيل: فاعل قال هو عمرو، فإنه كان حاضرًا. (والذي يقرؤه يعرضه بالنهار) أي: الذي يقرؤه بالليل يعرضه على إنسان قبل الليل ليكون واثقًا لا يتردد في شيء (وإذا أراد أن يتقوى بالإفطار أفطر أيامًا وأحصى) أي: ضبط مدة الإفطار ليقضيها. 5053 - 5054 - و (حدثني إسحاق) كذا وقع غير منسوب إلا أن أبا نصر ذكر أن

35 - باب البكاء عند قراءة القرآن

أَنَا مِنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اقْرَإِ الْقُرْآنَ فِي شَهْرٍ». قُلْتُ إِنِّى أَجِدُ قُوَّةً حَتَّى قَالَ «فَاقْرَأْهُ فِي سَبْعٍ وَلاَ تَزِدْ عَلَى ذَلِكَ». طرفه 1131 35 - باب الْبُكَاءِ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ 5055 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ أَخْبَرَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ يَحْيَى بَعْضُ الْحَدِيثِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ لِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ الأَعْمَشُ وَبَعْضُ الْحَدِيثِ حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَعَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى الضُّحَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اقْرَأْ عَلَىَّ». قَالَ قُلْتُ أَقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ قَالَ «إِنِّى أَشْتَهِى أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِى». قَالَ فَقَرَأْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــ الراوي عن عبيد الله بن موسى: هو الحنظلي (اقرأه في سبع ولا تزد) لم يكن هذا النهي تحريمًا، ولذلك خالف عبد الله، بل نهي ترحم وإبقاء عليه، وقد صح عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان لا يختم في أقل من ثلاث. قال النووي: وأكثر العلماء على أنه لا تقدير في ذلك، بل مداره على النشاط والقوة. باب البكاء عند القراءة 5055 - 5556 - (عبيدة) بفتح العين وكسر الموحدة و (بعض الحديث على عمرو بن مُرة) أي: بدل إبراهيم، فإن الأعمش سمع الحديث بعضه من إبراهيم وبعضه من عمرو بن مرة (وعن أبيه) هذا قول يحيى. أي: حديث سفيان الثوري، الحديث تارة عن الأعمش وتارة عن سعيد بن مسروق، وهو أبوه. وحاصله: أن الأعمش سمع بعض الحديث من عمرو بن مرة عن إبراهيم النخعي، وتارة سمع الكل من إبراهيم. قال شيخنا: والذي يظهر لي أن ذلك البعض من قوله (فقرأت النساء) إلى آخر الحديث. (عن أبي الضحى) هو مسلم بن صبيح، وحديث قراءة ابن مسعود سورة النساء على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تقدم آنفًا.

36 - باب من رايا بقراءة القرآن أو تأكل به أو فخر به

النِّسَاءَ حَتَّى إِذَا بَلَغْتُ (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاَءِ شَهِيدًا). قَالَ لِى «كُفَّ - أَوْ أَمْسِكْ -». فَرَأَيْتُ عَيْنَيْهِ تَذْرِفَانِ. طرفه 4582 5056 - حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبِيدَةَ السَّلْمَانِىِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ لِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اقْرَأْ عَلَىَّ». قُلْتُ أَقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ قَالَ «إِنِّى أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِى». طرفه 4582 36 - باب مَنْ رَايَا بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ أَوْ تَأَكَّلَ بِهِ أَوْ فَخَرَ بِهِ 5057 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ خَيْثَمَةَ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ قَالَ عَلِىٌّ رضى الله عنه سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «يَأْتِى فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ حُدَثَاءُ الأَسْنَانِ، سُفَهَاءُ الأَحْلاَمِ، يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ الْبَرِيَّةِ، يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلاَمِ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من راءى بقراءة القرآن المراءاة في العمل: أن يري الناس ليحمدونه، ولم يكن لوجه الله خاصة (أو تأكّل به) على وزن تكسر أي: اتخذه سببًا للأكل من الناس كما يفعله أكثر قراء هذا الزمان من القراءة على أبواب الناس رجاء الإحسان إليهم. قال بعض الشارحين: فإن قلت: أبو سعيد الخدري لما رقى لديغ الحي قد تأكل بالقرآن. قلت: أكل به ولم يتأكل، أولم يكن ذلك من جهة القرآن. هذا كلامه، وليس بشيء، فإن الجعبري ذكر لتأكُّل معنيين: أحدهما: من تأكل البرق إذا لمع، فرجع المعنى إلى الرياء. والثاني: ما أشرنا إليه من جعله سببًا للأكل. وأما قضية أبي سعيد الخدري فليست من هذا القبيل؛ لأن ذلك كان أجرًا لما فعله مع احتياجهم كما يعلم المعلمون في هذا الزمان. 5057 - (يقولون من خير قول البرية) أي: لهم كلام في باب الزهد والديانة حسن، لكن فعلهم رديء، ولذلك قال: (إيمانهم لا يجاوز حناجرهم) وقيل: معناه يقولون من خير قول البرية أي: من كلام الله، وهذا ليس معنى هذا التركيب؛ لأن الخير إذا أضيف فهو بعض

كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، لاَ يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ، فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ، فَإِنَّ قَتْلَهُمْ أَجْرٌ لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». طرفه 3611 5058 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «يَخْرُجُ فِيكُمْ قَوْمٌ تَحْقِرُونَ صَلاَتَكُمْ مَعَ صَلاَتِهِمْ، وَصِيَامَكُمْ مَعَ صِيَامِهِمْ، وَعَمَلَكُمْ مَعَ عَمَلِهِمْ، وَيَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينَ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يَنْظُرُ فِي النَّصْلِ فَلاَ يَرَى شَيْئًا، وَيَنْظُرُ فِي الْقِدْحِ فَلاَ يَرَى شَيْئًا، وَيَنْظُرُ فِي الرِّيشِ فَلاَ يَرَى شَيْئًا، وَيَتَمَارَى فِي الْفُوقِ». طرفه 3344 ـــــــــــــــــــــــــــــ ما أضيف إليه كقولك: خير الناس من كان كذا، وأيضًا جعل كلام مقولًا لهم فيه ما فيه، وقيل: هو من باب القلب، ومعناه: خير من قول البرية أي: من كلام الله تعالى، وقد غلط فيه، فإنه جمل كلام الله مفضلًا عليه بإدخال مِن عليه. (كما يمرق السهم من الرميَّة) المروق: المرور بسرعة، والرمية: بفتح الراء وكسر الميم وتشديد الياء [المفتوحة] (خيثمة) بفتح المعجمة وإسكان الياء (سويد بن غفلة) بضم السين، مصغر، وفتح الغين المعجمة والفاء، قال ابن عبد البر: دخل المدينة يوم دفن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لم يذكر أحد أنه صحابي سوى الداودي (لا يجاوز إيمانهم حناجرهم) حنجرة على وزن دحرجة، هو الحلقوم. قيل معناه: لا يرفع لهم عملهم، وهذا وإن كان صحيحًا إلا أنه ليس معنى التركيب؛ لأن معناه أن إيمانهم ليس إلا في اللسان لا يصل إلى محل الإيمان وهو القلب. وإنما ذكر الحنجرة لأنها آخر مخارج الحروف، والأمر بقتلهم دل على كفرهم، وأن محل الإيمان القلب. فإن قلت: أليس هو هؤلاء من أهل القبلة؟ قلت: كم من كافر -كالمجسمة والجبرية المحضة القائلين بعدم اعتبار كسب العبد- من أهل القبلة. 5058 - (النصل) حديد السهم (والقدح) -بكسر القاف- عود السهم، و (الفُوق) -بضم القاف- موضع الوتر من السهم، والتماري الشك، وإنما شك في الفوق؛ لأنه آخر السهم يحتمل أن يلصق به شيء من الفرث والدم.

37 - باب اقرءوا القرآن ما ائتلفت قلوبكم

5059 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِى مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْمُؤْمِنُ الَّذِى يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَعْمَلُ بِهِ كَالأُتْرُجَّةِ، طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَرِيحُهَا طَيِّبٌ، وَالْمُؤْمِنُ الَّذِى لاَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَعْمَلُ بِهِ كَالتَّمْرَةِ، طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَلاَ رِيحَ لَهَا، وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِى يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَالرَّيْحَانَةِ، رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ، وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِى لاَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَالْحَنْظَلَةِ، طَعْمُهَا مُرٌّ - أَوْ خَبِيثٌ - وَرِيحُهَا مُرٌّ». طرفه 5020 37 - باب اقْرَءُوا الْقُرْآنَ مَا ائْتَلَفَتْ قُلُوبُكُمْ 5060 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَبِى عِمْرَانَ الْجَوْنِىِّ عَنْ جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «اقْرَءُوا الْقُرْآنَ مَا ائْتَلَفَتْ قُلُوبُكُمْ، فَإِذَا اخْتَلَفْتُمْ فَقُومُوا عَنْهُ». طرفاه 7364، 7365 5061 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِىٍّ حَدَّثَنَا سَلاَّمُ بْنُ أَبِى مُطِيعٍ عَنْ أَبِى عِمْرَانَ الْجَوْنِىِّ عَنْ جُنْدَبٍ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اقْرَءُوا الْقُرْآنَ مَا ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: لم يرو في الباب حديثًا على التأكل والفخر؟ قلت: قراءة القرآن للمنافق تصلح دليلًا لهما. باب اقرأوا القرآن ما ائتلف عليه قلوبكم هذا بعض حديث رواه في الباب، والمعنى: اقرأوا القرآن ما دامت قلوبكم على نشاط وحضور، فإن قراءة من تفرقت أفكاره كلا قراءة، وهو المراد من الائتلاف. قد سلف نظيره في أبواب الصلاة من قوله: "ليصل أحدكم نشاطه فإن الله لا يمل حتى تملوا" وقيل: الظاهر أنه أراد ما دام بين أصحاب القراءة ائتلاف، وهذا شيء لا فائدة فيه إذ كل واحد يقرأ قراءة سمعها. وقد قال الشارع: إن كلها كاف شاف. 5060 - 5061 - (أبو النعمان) -بضم النون- محمد بن الفضل (حماد) بفتح الحاء، وتشديد الميم (عن أبي عمران الجوني) بكسر العين وفتح الجيم، واسمه عبد الملك (جندب)

ائْتَلَفَتْ عَلَيْهِ قُلُوبُكُمْ فَإِذَا اخْتَلَفْتُمْ فَقُومُوا عَنْهُ». تَابَعَهُ الْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِى عِمْرَانَ وَلَمْ يَرْفَعْهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَأَبَانُ. وَقَالَ غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِى عِمْرَانَ سَمِعْتُ جُنْدَبًا قَوْلَهُ. وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ عَنْ أَبِى عِمْرَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ عُمَرَ قَوْلَهُ، وَجُنْدَبٌ أَصَحُّ وَأَكْثَرُ. طرفه 5060 5062 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنِ النَّزَّالِ بْنِ سَبْرَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلاً يَقْرَأُ آيَةً، سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - خِلاَفَهَا، فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ فَانْطَلَقْتُ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «كِلاَكُمَا مُحْسِنٌ فَاقْرَآ - أَكْبَرُ عِلْمِى قَالَ - فَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ اخْتَلَفُوا فَأَهْلَكَهُمْ». ـــــــــــــــــــــــــــــ بضم الجيم وفتح الدال (وجندب أصح) أي: الحديث عنه أصح من الرواية عن ابن عون، وأكثر طرق إلا أن بعض طرقه وقع موقوفًا ولا ضير فيه؛ لأن الذين رفعوه ثقات حفاظ. 5062 - (حرب) ضد الصلح (ميسرة) ضد الميمنة (النزِّال) بفتح النون وتشديد الزاي المعجمة (سَبْرة) بفتح السين وسكون الموحدة.

67 - كتاب النكاح

67 - كتاب النكاح 1 - باب التَّرْغِيبُ فِي النِّكَاحِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى (فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ). 5063 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ أَخْبَرَنَا حُمَيْدُ بْنُ أَبِى حُمَيْدٍ الطَّوِيلُ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - يَقُولُ جَاءَ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا فَقَالُوا وَأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ. قَالَ أَحَدُهُمْ أَمَّا أَنَا فَإِنِّى أُصَلِّى اللَّيْلَ أَبَدًا. وَقَالَ آخَرُ أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلاَ أُفْطِرُ. وَقَالَ آخَرُ أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلاَ أَتَزَوَّجُ أَبَدًا. فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا أَمَا وَاللَّهِ إِنِّى لأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّى أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّى وَأَرْقُدُ ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب النكاح النكاح لغة: الضم، وفي عرف الشرع: حقيقة في العقد مجاز في الوطء، وقيل: بالعكس. قال بالأول الشافعي، وبالثاني الحنفية، وقيل: مشترك. باب الترغيب في النكاح 5063 - (حميد بن أبي حميد) بضم الحاء فيهما، على وزن المصغر (جاء ثلاثة رهط) من الرجال خاصة من واحد إلى العشرة، وقيل: إلى عشرين. وقيل: إلى أربعين (إلى بيوت أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - يسألون عن عبادته فلما أخبروا كأنهم تعالوها) -بتشديد اللام- أي: عدوها قليلًا في حق أنفسهم، ولذلك قالوا: (أين نحن من النبي - صلى الله عليه وسلم -)، (أما أنا فإني أصلي الليل أبدًا) قيد للصلاة أي: ما دمت حيًّا لا أرقد بالليل لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الرد: (أصلي وأرقد) ومن قال: قيد لليل دون الصلاة فقد أفسد المعنى؛ وإنما وهم لأن الأبد من

وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِى فَلَيْسَ مِنِّى». 5064 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ سَمِعَ حَسَّانَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى (وَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ لاَ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ لاَ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ لاَ تَعُولُوا). قَالَتْ يَا ابْنَ أُخْتِى، الْيَتِيمَةُ تَكُونُ فِي حَجْرِ وَلِيِّهَا، فَيَرْغَبُ فِي مَالِهَا وَجَمَالِهَا، يُرِيدُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِأَدْنَى مِنْ سُنَّةِ صَدَاقِهَا، فَنُهُوا أَنْ يَنْكِحُوهُنَّ إِلاَّ أَنْ يُقْسِطُوا لَهُنَّ فَيُكْمِلُوا الصَّدَاقَ، وَأُمِرُوا بِنِكَاحِ مَنْ سِوَاهُنَّ مِنَ النِّسَاءِ. طرفه 2494 ـــــــــــــــــــــــــــــ أوصاف الزمان وبعد ذلك لكن لا من حيث إنه زمان بل من حيث كونه ظرفًا للفعل. مثله قوله تعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} [النساء: 57] وقوله: {إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا} [المائدة: 24]. (فمن رغب عن سنتي فليس مني) أي: ليس متصلًا بي مثله قوله لعلي: "أنت مني وأنا منك" وفي رواية الترمذي "النكاح من سنن المرسلين فلا رهبانية في شريعتنا". اعلم أن النكاح قد يكون واجبًا ومكروهًا وسنة. واجب على من قدر على مؤنة النكاح وخاف على نفسه الزنى، ومكروه على من لم يخف من الزنى ولم يقدر على المؤنة، وسنة لمن قدر على المؤنة ولم يخف من الزنى. والحديث محمول على القسمين: الإيجاب والسنة. 5064 - وحديث عائشة في نكاح اليتيمة سلف في سورة النساء.

2 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - «من استطاع منكم الباءة فليتزوج، لأنه أغض للبصر وأحصن للفرج» وهل يتزوج من لا أرب له فى النكاح

2 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، لأَنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ». وَهَلْ يَتَزَوَّجُ مَنْ لاَ أَرَبَ لَهُ فِي النِّكَاحِ 5065 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ فَلَقِيَهُ عُثْمَانُ بِمِنًى فَقَالَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنَّ لِى إِلَيْكَ حَاجَةً. فَخَلَيَا فَقَالَ عُثْمَانُ هَلْ لَكَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي أَنْ نُزَوِّجَكَ بِكْرًا، تُذَكِّرُكَ مَا كُنْتَ تَعْهَدُ، فَلَمَّا رَأَى عَبْدُ اللَّهِ أَنْ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ إِلَى هَذَا أَشَارَ إِلَىَّ فَقَالَ يَا عَلْقَمَةُ، فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ وَهْوَ يَقُولُ أَمَا لَئِنْ قُلْتَ ذَلِكَ لَقَدْ قَالَ لَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ». طرفه 1905 3 - باب مَنْ لَمْ يَسْتَطِعِ الْبَاءَةَ فَلْيَصُمْ 5066 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِى عُمَارَةُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ دَخَلْتُ مَعَ عَلْقَمَةَ وَالأَسْوَدِ عَلَى عَبْدِ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: من استطاع منكم الباءة فليتزوج هذه الترجمة بعض حديث الباب، والباءة بفتح الباء والمد، وكذا بحذف التاء، وقد يقصد النكاح. قال ابن الأثير: وهو من المباءة وهو المنزل. فإن من تزوج يحتاج إلى المنزل. 5065 - (هل لك يا أبا عبد الرحمن في أن نزوجك بكرًا تذكرك ما كنت تعهد) أي: من أيام الشباب (يا معشر الشباب) لفظ معشر مفرد، ومعناه: الجمع ويطلق على كل طائفة بينهم وصف جامع، والشباب: بفتح الشين والباء جمع شاب، ويروى الشُبَّان بضم الشين وتشديد الباء (ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) -بكسر الواو والمد- هو دق الخصية لتذهب شهوة النساء. 5066 - (غياث) بكسر المعجمة (عمارة) بضم العين وتخفيف الميم ..................

4 - باب كثرة النساء

اللَّهِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - شَبَابًا لاَ نَجِدُ شَيْئًا فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهُ - صلى الله عليه وسلم - «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ». طرفه 1905 4 - باب كَثْرَةِ النِّسَاءِ 5067 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ أَخْبَرَنِى عَطَاءٌ قَالَ حَضَرْنَا مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ جَنَازَةَ مَيْمُونَةَ بِسَرِفَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ هَذِهِ زَوْجَةُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَإِذَا رَفَعْتُمْ نَعْشَهَا فَلاَ تُزَعْزِعُوهَا وَلاَ تُزَلْزِلُوهَا وَارْفُقُوا، فَإِنَّهُ كَانَ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - تِسْعٌ، كَانَ يَقْسِمُ لِثَمَانٍ وَلاَ يَقْسِمُ لِوَاحِدَةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ (أغض للبصر) من الغض وهو: الكسر، أي: أشد منعًا لزنى العين (وأحصن للفرج) أي: أشد حصانة، وهي الحفظ فإن الجوع هادم للشهوة. فإن قلت: ذكر في الترجمة (وهل يتزوج من لا إرب له) ولم يذكر شيئًا يدل عليه لا نفيًا ولا إثباتًا؟ قلت: عام من قضية عبد الله فإن عدم قبوله قول عثمان دال عليه. باب كثرة النساء 5067 - (ابن جريج) بضم الجيم مصغر (حضرنا مع ابن عباس جنازة ميمونة) بفتح الجيم وكسرها (بسرف) -بفتح السين وكسر الراء- موضع بين مكة والمدينة، منه إلى مكة اثنا عشر ميلًا، منعه من الصرف باعتبار البقعة. تزوج ميمونة بسرف، وبنى بها بسرف، وأولم بسرف، وهذه من غرائب الوقائع. (فإذا رفعتم نعشها فلا تزعزعوها ولا تزلزلوها) الزعزعة -بزاي معجمة وعين مهملة مكررتين- التحريك بعنف. والزلزلة أشد منه. قال ابن الأثير: فهو من باب الترقي (فإنه كان عند النبي - صلى الله عليه وسلم - تسع نسوة). فإن قلت: كيف وقع بهذا علة لقوله: لا تزعزعوها؟ قلت: أراد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يكرم أزواجه فأنتم أولى بذلك لأنهن أمهات المؤمنين. (ولا يقسم لواحدة) هي سودة صرح به البخاري، وروى ابن جريج عن عطاء أنها صفية، واتفقوا على أنه وهم من ابن جريج.

5068 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَهُ تِسْعُ نِسْوَةٍ. وَقَالَ لِى خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 268 5069 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ الْحَكَمِ الأَنْصَارِىُّ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ رَقَبَةَ عَنْ طَلْحَةَ الْيَامِىِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ قَالَ لِى ابْنُ عَبَّاسٍ هَلْ تَزَوَّجْتَ قُلْتُ لاَ. قَالَ فَتَزَوَّجْ فَإِنَّ خَيْرَ هَذِهِ الأُمَّةِ أَكْثَرُهَا نِسَاءً. ـــــــــــــــــــــــــــــ 5069 - (الحكم) بفتح الحاء والكاف (أبو عوانة) بفتح العين (عن رقبة) بفتح القاف والموحدة (عن طلحة الياميّ) بفتح الياء بعدها ألف بعده ميم مكسورة، ويقال: الأيامي، واليامي: أبو قبيلة من همدان هو يام بن رابع (عن سعيد بن جبير قال: قال لي ابن عباس: تزوجت؟ قلت: لا قال: تزوج فإن خير هذه الأمة أكثرها نساءً). قال بعض الشارحين: فإن قلت: يلزم أن يكون آحاد الناس خيرًا من أبي بكر إذا كان أكثر نساءً. قلت: المراد بقوله: خير هذه الأمة أكثرها نساء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والأمة معناها الجماعة، وقد أبعد هذا القائل عن الصواب. أما أولًا: فلأن الترجمة المراد منها نساء أمته اقتداء به. وأما ثانيًا: فلأن إدخال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الأمة وتأويل الأمة بالجماعة لا يذهب إليه من له ذوق. وأما ثالثًا: فلأن أمر ابن عباس سعيدًا بالتزوج، ثم تعليله بأن خير هذه الأمة أكثرها نساءً صريح في الترغيب في كثرة النساء لمن قدر عليه، على أن الكثرة لا تقتضي الاجتماع فينقص من هو أكثر امرأة منه، قد نقل ابن [عبد] البر أن المغيرة بن شعبة تزوج في الإسلام ثلاثمائة امرأة، وقيل ألف امرأة. هذا وأما الإشكال بأنه يلزم أن يكون آحاد الناس أفضل من الصديق فساقط، لأن الأفضلية مطلقًا من لا توجب الأفضلية مطلقًا، وكم له نظائر.

5 - باب من هاجر أو عمل خيرا لتزويج امرأة فله ما نوى

5 - باب مَنْ هَاجَرَ أَوْ عَمِلَ خَيْرًا لِتَزْوِيجِ امْرَأَةٍ فَلَهُ مَا نَوَى 5070 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الْعَمَلُ بِالنِّيَّةِ، وَإِنَّمَا لاِمْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ». طرفه 1 6 - باب تَزْوِيجِ الْمُعْسِرِ الَّذِى مَعَهُ الْقُرْآنُ وَالإِسْلاَمُ فِيهِ سَهْلٌ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من هاجر أو عمل خيرًا لتزويج امرأة كان الظاهر ليتزوج امرأة، وإما أن يكون زوج بمعنى تزوج كما قالوا في المقدمة من أنها قدم بمعنى تقدم، أو التزويج مضاف إلى الفاعل، وهي المرأة، وهذا هو الظاهر، وكأن البخاري أشار إلى حديث أخرجه النسائي: أن أبا طلحة خطب أم سليم فأبت إلى أن يسلم أبو طلحة فأسلم فالخير الذي عمله هو إسلامه لتزوج أم سليم نفسها له وكان الكفر مانعًا عن نكاح المسلمة ابتداءً فلا يرد أن التفريق بين المسلمة والكافر كان بعد الحديبية. ونكاح أم سليم سابق على ذلك بزمان مديد. 5070 - (قزعة) بالقاف وثلاث فتحات (العمل بالنية) أي: ثوابه أو صحته على اختلاف المذهبين، واللام في العمل للاستغراق، ويروى "الأعمال بالنيات" بصيغة الجمع مع إنما وبدونه، وقد سلف تحقيق معنى الحديث في أول الكتاب بما لا يزيد عليه. باب تزويج المعسر الذي معه القرآن والإسلام (فيه سهل عن النبي - صلى الله عليه وسلم -) تقدم حديثه مسندًا في باب فضائل القرآن فيمن زوجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - امرأة بما معه من القرآن.

7 - باب قول الرجل لأخيه انظر أى زوجتى شئت حتى أنزل لك عنها

5071 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى قَيْسٌ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا نَغْزُو مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَلَيْسَ لَنَا نِسَاءٌ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلاَ نَسْتَخْصِى فَنَهَانَا عَنْ ذَلِكَ. طرفه 4615 7 - باب قَوْلِ الرَّجُلِ لأَخِيهِ انْظُرْ أَىَّ زَوْجَتَىَّ شِئْتَ حَتَّى أَنْزِلَ لَكَ عَنْهَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ. 5072 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ قَالَ سَمِعْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــ 5071 - (عن ابن مسعود: كنا نغزو مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وليس لنا نساء فقلنا يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ألا نستخصي؟ فنهانا عن ذلك). فإن قلت: ما وجه دلالة الحديث على الترجمة؟ قلت: قيل: وجه ذلك لما نهاهم عن الخصاء وهم محتاجون إلى النساء وكل مسلم لا بد وأن يكون معه شيء من القرآن فتعين التزوج بما معه من القرآن. وهذا ليس بشيء أما أولًا: فلأن دعوى كون كل مسلم معه شيء من القرآن ممنوعة، ألا ترى أن الفقهاء قالوا: إذا لم يكن قادرًا على تعلم شيء من القرآن كيف يصلي؟! وأما ثانيًا: فإنه ذكر في الترجمة الإسلام أيضًا ولا يعقل أن يكون صداقًا، والجواب أنه استدل بهذا الحديث على المعسر إذا كان من أهل القرآن والإسلام، له عند الضرورة أن يتزوج اتكالًا على قوله تعالى: {إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور: 32] وأشار بلفظ التزويج إلى أن أولياء المرأة ينبغي أن يتسامحوا ولا ينظروا إلى فقره، وسيأتي فيما بعد في باب التبتل عن ابن مسعود: فرخص لنا أن ننكح بالثوب، وهو صريح فيما قلنا. انحصرت وإذا انحصرت من أمرين ونفى أحدهما وسكت عن الآخر وهو بصدد البيان فكان ذلك تقريرًا منه. فإن قلت: حديث الرجل الذي زوجه بما معه من القرآن كان ظاهرًا لو رواه؟ قلت: إنما لم يروه لأنه لم يرد بيان أن القرآن يكون صداقًا بل ما أشرنا إليه من [أن] الفقير إذا خاف على نفسه الزنى له أن يتزوج، ولذلك حتم إليه الإسلام مع أنه يكون صداقًا عند أحد. بما حققناه سقط ما يقال: إنما لم يروه في سياق هذه الترجمة على أن هذا كلام لا يعقل فإن الترجمة؟ للبخاري في أوائل الأبواب فأي معنى لقوله: لم يروه شيخه في سياق هذه الترجمة؟!. باب قول الرجل لأخيه: انظر أيَّ زوجتي شئت 5072 - يريد أن مثله جائز لو قال الإنسان لأخيه لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم ينكر على

8 - باب ما يكره من التبتل والخصاء

أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ قَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فَآخَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِىِّ وَعِنْدَ الأَنْصَارِىِّ امْرَأَتَانِ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ أَنْ يُنَاصِفَهُ أَهْلَهُ وَمَالَهُ فَقَالَ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ دُلُّونِى عَلَى السُّوقِ، فَأَتَى السُّوقَ فَرَبِحَ شَيْئًا مِنْ أَقِطٍ وَشَيْئًا مِنْ سَمْنٍ فَرَآهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ أَيَّامٍ وَعَلَيْهِ وَضَرٌ مِنْ صُفْرَةٍ فَقَالَ «مَهْيَمْ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ». فَقَالَ تَزَوَّجْتُ أَنْصَارِيَّةً. قَالَ «فَمَا سُقْتَ». قَالَ وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ. قَالَ «أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ». أطرافه 2049، 2293، 3781، 3937، 5148، 5153، 5155، 5167، 6082، 6386 8 - باب مَا يُكْرَهُ مِنَ التَّبَتُّلِ وَالْخِصَاءِ 5073 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِى وَقَّاصٍ يَقُولُ رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ التَّبَتُّلَ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ لاَخْتَصَيْنَا. طرفه 5074 ـــــــــــــــــــــــــــــ القائل وهو سعد بن الربيع لما قاله لعبد الرحمن بن عوف، والحديث شرحه في كتاب الببوع (وضرٌ من صفرة) بفتح الواو والصاد- أي: لطخ (مهيم يا أبا عبد الرحمن) بفتح الميم والياء وسكون الهاء، كلمة يمانية أي: ما شأنك، والنواة: عجمة التمر، وفي العرف: اسم مقدار من الذهب يساوي خمسة دراهم كما أن النش -بفتح النون وشين معجمة- ما يساوي عشرين درهمًا. باب ما يكره من التبتل والخصاء التبتل: تفعل من البتل بتقديم الموحدة وهو: القطع، والمراد به الانقطاع إلى العبادة قال تعالى: {وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا} [المزمل: 8].

5074 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ سَمِعَ سَعْدَ بْنَ أَبِى وَقَّاصٍ يَقُولُ لَقَدْ رَدَّ ذَلِكَ - يَعْنِى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى عُثْمَانَ، وَلَوْ أَجَازَ لَهُ التَّبَتُّلَ لاَخْتَصَيْنَا. طرفه 5073 5075 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ كُنَّا نَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلَيْسَ لَنَا شَىْءٌ فَقُلْنَا أَلاَ نَسْتَخْصِى فَنَهَانَا عَنْ ذَلِكَ ثُمَّ رَخَّصَ لَنَا أَنْ نَنْكِحَ الْمَرْأَةَ بِالثَّوْبِ، ثُمَّ قَرَأَ عَلَيْنَا (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ). طرفه 4615 5076 - وَقَالَ أَصْبَغُ أَخْبَرَنِى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى رَجُلٌ شَابٌّ وَأَنَا أَخَافُ عَلَى نَفْسِى الْعَنَتَ وَلاَ أَجِدُ مَا أَتَزَوَّجُ بِهِ النِّسَاءَ، فَسَكَتَ عَنِّى، ثُمَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ 5074 - (رد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على عثمان بن مظعون التبتل. ولو أذن له الاختصاء) أراد أنه: لو جوز له حسن التبتل لاخترنا أبلغ أنواعه، والاختصاء: جعل الرجل نفسه خصيًّا هذا هو الذي أراده القائل، وما يقال: كيف يجوز الخصاء وقطع عضو النسل مما لا يلتفت إليه؛ لأن الدليل على الحرمة هو هذا الحديث. 5075 - 5076 - (فرخصَ لنا أن ننكح المرأة بالثوب) هذا نكاح المتعة، وقد سلف أنه تكرر وقوعه ونسخه، وانعقد الإجماع على حرمته، ولفظ النكاح يدل على جوازه بلفظ النكاح، ولا يشترط لفظ التمتع لما قالت الحنفية، كيف وقد توارد على هذا اللفظ جمع من الصحابة فلا وجه للعدول عن الحقيقة من غير قرينة (ثم قرأ علينا {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ} [المائدة: 87]) هذا يدل على أن مذهب ابن مسعود كان بقاء جوازه كما قاله ابن عباس. (وقال أصبع) بصاد مهملة وغين معجمة رواه عنه تعليقًا، وقد رواه مسندًا في باب القدر

9 - باب نكاح الأبكار

قُلْتُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَسَكَتَ عَنِّى ثُمَّ قُلْتُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَسَكَتَ عَنِّى ثُمَّ قُلْتُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا أَنْتَ لاَقٍ، فَاخْتَصِ عَلَى ذَلِكَ أَوْ ذَرْ». 9 - باب نِكَاحِ الأَبْكَارِ وَقَالَ ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِعَائِشَةَ لَمْ يَنْكِحِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِكْرًا غَيْرَكِ. 5077 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى أَخِى عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ لَوْ نَزَلْتَ وَادِيًا وَفِيهِ شَجَرَةٌ قَدْ أُكِلَ مِنْهَا، وَوَجَدْتَ شَجَرًا لَمْ يُؤْكَلْ مِنْهَا، فِي أَيِّهَا كُنْتَ تُرْتِعُ بَعِيرَكَ قَالَ «فِي الَّذِى لَمْ يُرْتَعْ مِنْهَا». تَعْنِى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَتَزَوَّجْ بِكْرًا غَيْرَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ (جف القلم بما أنت لاق) أي: كتب في اللوح ما يقع في الكون من الكائنات قبل خلق الإنسان (فاختص على ذلك أو ذر) أي: إذا علمت أن الكائن في اللوح كائن فلا فرق بين الاختصاء وعدمه، فقد منعه عنه على أبلغ وجه إذا لعاقل لا يفعل شيئًا يكون وجوده وعدمه سواء، مع عظيم ألم في وجوده وشديد ضرر، وفي رواية الطبري "فاقتصر" أي: اقتصر على ما قلت. قال النووي: يجوز خصاء مأكول اللحم من الحيوان دون غيره. باب نكاح الأبكار (وقال ابن أبي مليكة) بضم الميم مصغر، روى الحديث عنه تعليقًا، وقد سلف في سورة النور مسندًا. 5077 - (عن عائشة قلت: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أرأيت) أي: أخبرني (لو نزلت واديًا ورأيت شجرة قد أكل منها وشجرة لم يؤكل منها في أي واحدة كنت ترتع بعيرك) بضم التاء الأولى وكسر الثانية ضربت مثلًا حسنًا للبكر والثيب.

10 - باب الثيبات

5078 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أُرِيتُكِ فِي الْمَنَامِ مَرَّتَيْنِ، إِذَا رَجُلٌ يَحْمِلُكِ فِي سَرَقَةِ حَرِيرٍ فَيَقُولُ هَذِهِ امْرَأَتُكَ، فَأَكْشِفُهَا فَإِذَا هِىَ أَنْتِ، فَأَقُولُ إِنْ يَكُنْ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ». طرفه 3895 10 - باب الثَّيِّبَاتِ وَقَالَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ قَالَ لِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَعْرِضْنَ عَلَىَّ بَنَاتِكُنَّ وَلاَ أَخَوَاتِكُنَّ». ـــــــــــــــــــــــــــــ 5078 - (عبيد) بضم العين و [فتح] الموحدة (عن عائشة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أريتك في المنام مرتين) قال القاضي: يحتمل أن يكون هذا قبل النبوة، ويرده قوله: (فإذا هي أنت) يدل على أنه كان يعرفها، ولا شك أنها ولدت بعد البعثة. (رجل يحملك في سَرَقَة). فإن قلت: في باب النظر إلى المخطوبة لفظ الملك بدل الرجل، وفي صحيح ابن حبان بلفظ جبريل؟ قلت: المعنى واحد فإن الملك كان جبريل في صورة الرجل. والسَرَقَة -بثلاث فتحات مع القاف- معرب سره، ومعناه: الجيد أي: في قطعة حسنة من حرير (فأقول: إن كان هذا من عند الله يمضه) -بضم الياء- مضارع أمضى. فإن قلت: رؤياه وحي فما معنى قوله: "إن يكن من عند الله"؟ قلت: المنام قد يكون مؤولًا كما رأى أسيدًا في الجنة، وكان قد مات كافرًا، وكان مؤولًا بابنه عتاب، وكذا رأى أبا جهل في الجنة "فقلت: ما لأبي جهل والجنة فكان إسلام ابنه عكرمة". باب [تزويج] الثيبات الثيب: ضد البكر، إلا أن مراد الحديث المرأة التي رأت زوجًا غيرك. (وقالت أم حبيبة) زوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنت أبي سفيان، واسمها: رملة، روى حديثها فيما قبل وفيما بعد مسندًا، وغرض البخاري من قوله: (لا تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن) الدلالة على أن بعض نسائه كن ثيبات.

5079 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ حَدَّثَنَا سَيَّارٌ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَفَلْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ غَزْوَةٍ فَتَعَجَّلْتُ عَلَى بَعِيرٍ لِى قَطُوفٍ، فَلَحِقَنِى رَاكِبٌ مِنْ خَلْفِى، فَنَخَسَ بَعِيرِى بِعَنَزَةٍ كَانَتْ مَعَهُ، فَانْطَلَقَ بَعِيرِى كَأَجْوَدِ مَا أَنْتَ رَاءٍ مِنَ الإِبِلِ، فَإِذَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مَا يُعْجِلُكَ». قُلْتُ كُنْتُ حَدِيثَ عَهْدٍ بِعُرُسٍ. قَالَ «بِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا». قُلْتُ ثَيِّبٌ. قَالَ «فَهَلاَّ جَارِيَةً تُلاَعِبُهَا وَتُلاَعِبُكَ». قَالَ فَلَمَّا ذَهَبْنَا لِنَدْخُلَ قَالَ «أَمْهِلُوا حَتَّى تَدْخُلُوا لَيْلاً - أَىْ عِشَاءً - لِكَىْ تَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ وَتَسْتَحِدَّ الْمُغِيبَةُ». طرفه 443 ـــــــــــــــــــــــــــــ 5079 - (أبو النعمان) محمد بن الفضل (هشيم) بضم الهاء، مصغر (سيَّار) بفتح السين وتشديد الياء المثناة تحت (الشعبي) -بفتح الشين- أبو عمرو عامر قاضي كوفة. (عن جابر بن عبد الله قال: قفلنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - من غزوة) أي: رجعنا. هي ذات الرقاع كذا رواه ابن هشام (على جمل [لي] قطوف) أي بطيء السير (فنخس بعيري بعَنَزَة) -بثلاث فتحات- أطول من العصا وأقصر من الرمح وفي رأسه زج. فإن قلت: تقدم في المغازي أنه ضربه بمحجن في يده، وفي رواية ابن هشام قال لجابر "انزل فاقطع لي من هذه الشجرة قضيبًا"؟ قلت: يجوز الجمع بين الروايات كما لا يخفى (ما يعجلك) بضم الياء (أمهلوا حتى تدخلوا ليلًا). فإن قلت: تقدم في أبواب العمرة "لا يطرقن أحدكم أهله ليلًا"؟ قلت: ذاك إذا لم يكن للأهل علم بالقدوم، وأما قدوم الجيش فأمر معلوم ولذلك علله بقوله: (لكي تمتشط الشعثة وتستحد المغيبة) بضم الميم التي غاب زوجها، وقيل: إنما فسر هنا بقوله: (أي عِشاءً) لئلا يخالف ما تقدم، وهذا شيء لا فائدة فيه، وإنما فسر الليل بالعشاء وهو ما بين المغرب والعتمة؛ لأن الطُّروق بعد النوم أيضًا مكروه.

11 - باب تزويج الصغار من الكبار

5080 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا مُحَارِبٌ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضى الله عنهما يَقُولُ تَزَوَّجْتُ فَقَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا تَزَوَّجْتَ». فَقُلْتُ تَزَوَّجْتُ ثَيِّبًا. فَقَالَ «مَا لَكَ وَلِلْعَذَارَى وَلِعَابِهَا». فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ فَقَالَ عَمْرٌو سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هَلاَّ جَارِيَةً تُلاَعِبُهَا وَتُلاَعِبُكَ». طرفه 443 11 - باب تَزْوِيجِ الصِّغَارِ مِنَ الْكِبَارِ 5081 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ عَنْ عِرَاكٍ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - خَطَبَ عَائِشَةَ إِلَى أَبِى بَكْرٍ فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ إِنَّمَا أَنَا أَخُوكَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ 5080 - (محارب) بضم الميم آخره موحدة (ما لَك وللعذارى ولِعابها) جمع عذراء وهي البكر؛ لأنها صاحبة العُذرة -بضم العين- البكارة، واللِعاب -بكسر اللام- مصدر لاعب بدل اشتمال مع الواو وكقولك: أعجبني زيد وكرمُهُ، وفي رواية أبي ذر وأبي الهيثم بضم اللام وهو الريق بدل بعض، لكن قوله في آخر الحديث (هلا جارية تلاعبها وتلاعبك) وفي رواية "تضاحكها وتضاحكك" وللطبراني: "تعضها وتعضك" ولغيره "تداعبها وتداعبك" بالدال المهملة قال ابن الأثير: الدعابة بضم الدال: المزاح كسر اللام، وفي الحديث دلالة على استحباب نكاح الأبكار، وفي سنن ابن ماجه "عليكم بالأبكار فإنهن أعذب أفواهًا وأنتق أرحامًا، وأرضى باليسير"، وفي رواية "أطيب". باب تزويج الصغار من الكبار 5081 - (عن يزيد بن عراك) بكسر العين (عن عروة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خطب عائشة إلى أبي بكر) روى الحديث مرسلًا، وقد رواه غيره مسندًا عن عائشة. يقال: خطب إليه إذا سأله أن

12 - باب إلى من ينكح وأى النساء خير، وما يستحب أن يتخير لنطفه من غير إيجاب

فَقَالَ «أَنْتَ أَخِى فِي دِينِ اللَّهِ وَكِتَابِهِ وَهْىَ لِى حَلاَلٌ». 12 - باب إِلَى مَنْ يَنْكِحُ وَأَىُّ النِّسَاءِ خَيْرٌ، وَمَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَخَيَّرَ لِنُطَفِهِ مِنْ غَيْرِ إِيجَابٍ 5082 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «خَيْرُ نِسَاءٍ رَكِبْنَ الإِبِلَ صَالِحُو نِسَاءِ قُرَيْشٍ، أَحْنَاهُ عَلَى وَلَدٍ فِي صِغَرِهِ وَأَرْعَاهُ عَلَى زَوْجٍ فِي ذَاتِ يَدِهِ». طرفه 3434 ـــــــــــــــــــــــــــــ يزوجه، وخطب عليه إذا سأله أن يتزوج منه. قال ابن سعد "في الطبقات": كانت ذكرت لجبير بن مطعم، وكذا قال ابن [عبد] البر في "الاستيعاب" فاستأذنهم أبو بكر بعد خطبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهذا الذي قاله فيه نظر؛ لأن عائشة ولدت في الإسلام، وجبير كان إذ ذاك مشركًا. فإن قلت: لم يذكر في الباب إلا حديثًا مرسلًا، وليس من شأنه إثبات حكم به. قلت: روى الحديث عروة، ولقاؤه لعائشة معلوم، وقد قال ابن عبد البر: إن مثله محمول على السماع إذا لم يكن الراوي مدلسًا، على أن هذه القضية ليس فيها حكم شرعي. باب إلى من ينكح وأي النساء خير 5082 - (خير نساء ركبن الإبل صالح نساء قريش) كان الظاهر صالحة إلا أنه حذف التاء لأنه خبر خير (أحناه على ولد في صغره) إن كان لها ولد فلا وجه للسؤال بعائشة ودعوى خروجها بدليل آخر (وأرعاه على زوج في ذات يده) لفظ الذات معجم في ماله الذي بيده. فإن قلت: ليس في الحديث إشارة إلى ما ذكره في الترجمة من قوله: وما يستحب أن يتخير لنطفه من غير إيجاب؟ قلت: أشار إلى حديث أخرجه ابن ماجه والحاكم ولم يكن الحديث على شرطه وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "تخيروا لنطفكم وانكحوا الأكفاء"، والأمر فيه للندب لا للإيجاب، وإنما ذكر الضمير في أحناه باعتبار لفظ صالح.

13 - باب اتخاذ السرارى ومن أعتق جاريته ثم تزوجها

13 - باب اتِّخَاذِ السَّرَارِىِّ وَمَنْ أَعْتَقَ جَارِيَتَهُ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا 5083 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ صَالِحٍ الْهَمْدَانِىُّ حَدَّثَنَا الشَّعْبِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَيُّمَا رَجُلٍ كَانَتْ عِنْدَهُ وَلِيدَةٌ فَعَلَّمَهَا فَأَحْسَنَ تَعْلِيمَهَا، وَأَدَّبَهَا فَأَحْسَنَ تَأْدِيبَهَا، ثُمَّ أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا فَلَهُ أَجْرَانِ، وَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمَنَ بِنَبِيِّهِ وَآمَنَ بِى فَلَهُ أَجْرَانِ، وَأَيُّمَا مَمْلُوكٍ أَدَّى حَقَّ مَوَالِيهِ وَحَقَّ رَبِّهِ فَلَهُ أَجْرَانِ». قَالَ الشَّعْبِىُّ خُذْهَا بِغَيْرِ شَىْءٍ قَدْ كَانَ الرَّجُلُ يَرْحَلُ فِيمَا دُونَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ أَبِى حَصِينٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «أَعْتَقَهَا ثُمَّ أَصْدَقَهَا». طرفه 97 5084 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ تَلِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب اتخاذ السراري ومن أعتق جاريته ثم تزوجها 5083 - السراري -بتشديد الياء وتخفيفها- جمع سرية بضم السين وتشديد الياء. (الهمداني) -بفتح الهاء وإسكان الميم- قبيلة بيمن (الشعبي) بفتح الشين وإسكان العين (أبو بردة) -بضم الباء- عامر بن أبي موسى (أيما رجل كانت عنده وليدة) أي: جارية، والحديث سلف في أبواب العتق وغيره. وإنما رواه هنا دلالة على جواز اتخاذ السراري وقد أشرنا إلى أن قوله: (آمن بنبيه) يريد الإيمان حين كان شرعه باقيًا لا الكفرة الذين يؤمنون في هذه الأيام، وإن أهل الكتاب هم النصارى إن كان شرع عيسى ناسخًا (قال الشعبي خذها) أي: المسألة (بغير شيء، قد كان يرحل إلى المدينة فيما دونه) يريد الحث على الشكر في انتشار العلم في أيامه، وقال ذلك الكلام وهو بالكوفة. (وقال أبو بكر) اسمه: شعبة (عن أبي حصين) -بفتح الحاء- عثمان بن عاصم. 5084 - (سعيد بن تليد) بفتح التاء الفوقانية (حازم) بالحاء المهملة (حرب) ضد الصلح (حماد)

14 - باب من جعل عتق الأمة صداقها

{قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -} «لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ إِلاَّ ثَلاَثَ كَذَبَاتٍ بَيْنَمَا إِبْرَاهِيمُ مَرَّ بِجَبَّارٍ وَمَعَهُ سَارَةُ - فَذَكَرَ الْحَدِيثَ - فَأَعْطَاهَا هَاجَرَ قَالَتْ كَفَّ اللَّهُ يَدَ الْكَافِرِ وَأَخْدَمَنِى آجَرَ». قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَتِلْكَ أُمُّكُمْ يَا بَنِى مَاءِ السَّمَاءِ. طرفه 2217 5085 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ أَقَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ خَيْبَرَ وَالْمَدِينَةِ ثَلاَثًا يُبْنَى عَلَيْهِ بِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَىٍّ فَدَعَوْتُ الْمُسْلِمِينَ إِلَى وَلِيمَتِهِ فَمَا كَانَ فِيهَا مِنْ خُبْزٍ وَلاَ لَحْمٍ، أُمِرَ بِالأَنْطَاعِ فَأَلْقَى فِيهَا مِنَ التَّمْرِ وَالأَقِطِ وَالسَّمْنِ فَكَانَتْ وَلِيمَتَهُ، فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ أَوْ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ، فَقَالُوا إِنْ حَجَبَهَا فَهْىَ مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَإِنْ لَمْ يَحْجُبْهَا فَهْىَ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ، فَلَمَّا ارْتَحَلَ وَطَّى لَهَا خَلْفَهُ وَمَدَّ الْحِجَابَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّاسِ. طرفه 371 14 - باب مَنْ جَعَلَ عِتْقَ الأَمَةِ صَدَاقَهَا 5086 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ ثَابِتٍ وَشُعَيْبِ بْنِ الْحَبْحَابِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَعْتَقَ صَفِيَّةَ، وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ بفتح [الحاء] وتشديد الميم [لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كَذِبات) بفتح الحاء وكسر الذال المعجمة. قد سلف في كتاب الأنبياء أن ما تكلم به صورته صورة الكذب، وإلا في الحقيقة كانت معاريض. ألا ترى أنه قال لسارة: لا تكذبيني فإنك أختي في الإسلام، وإنما عده كذبًا لعلو مقامه، وكان الأولى به تركه. (فتلك أمكم) أي: هاجر (يا بني ماء السماء) يريد العرب لأن عيشهم بالأمطار، وقيل غير هذا. 5085 - (قتيبة) بضم القاف مصغر، وكذا (حميد) بضم الحاء مصغر، وحديث وليمة صفية وأحكام الحديث مرت في غزوة خيبر وغيرها. ووجه الدلالة على الترجمة كونهم جوزوا أن تكون سرية فدل على جواز اتخاذ السراري. 5086 - (الحبحاب) بفتح الحاء وإسكان الموحدة، واستدل بالحديث على جواز

15 - باب تزويج المعسر

15 - باب تَزْوِيجِ الْمُعْسِرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى (إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ). 5087 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِىِّ قَالَ جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ جِئْتُ أَهَبُ لَكَ نَفْسِى قَالَ فَنَظَرَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَصَعَّدَ النَّظَرَ فِيهَا وَصَوَّبَهُ ثُمَّ طَأْطَأَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَأْسَهُ فَلَمَّا رَأَتِ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ فِيهَا شَيْئًا جَلَسَتْ فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ فَزَوِّجْنِيهَا. فَقَالَ «وَهَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَىْءٍ». قَالَ لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ «اذْهَبْ إِلَى أَهْلِكَ فَانْظُرْ هَلْ تَجِدُ شَيْئًا». فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لاَ وَاللَّهِ مَا وَجَدْتُ شَيْئًا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «انْظُرْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ». فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلاَ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ وَلَكِنْ هَذَا إِزَارِى - قَالَ سَهْلٌ مَا لَهُ رِدَاءٌ فَلَهَا نِصْفُهُ - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا تَصْنَعُ بِإِزَارِكَ إِنْ لَبِسْتَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا مِنْهُ شَىْءٌ وَإِنْ لَبِسَتْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ شَىْءٌ». ـــــــــــــــــــــــــــــ النكاح بغير الشهود، ولا دلالة فيه؛ لأن هذا من خصائصه كالنكاح بلا ولي في قضية زينب. فإن قلت: قد ثبت غير هذه الثلاثة من له أجران كالمتصدق على الأقارب، وكم لى نظير؟ قلت: قد أشرنا مرارًا أن القائل بالمفهوم، إنما يقول به إذا لم يعارضه نص. باب تزويج المعسر 5087 - روى في الباب [حديث] الواهبة نفسها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يقبلها ثم زوجها رجلًا بما معه من القرآن أي: بتعليم مقدار من القرآن. والحديث سلف في فضائل القرآن. وأشرنا إلى السور التي عينها، وما في الحديث من الأحكام فراجِعْهُ. (أبو حازم) -بالحاء المهملة- سلمة بن دينار (فصعَّد فيها النظر وصوَّبه) بتشديد العين والواو (ثم طأطأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأسه) وهذا كان إعراضًا على أحسن وجه، وفيه: أن تعليم القرآن يجوز أن يكون صداقًا.

16 - باب الأكفاء فى الدين

فَجَلَسَ الرَّجُلُ حَتَّى إِذَا طَالَ مَجْلِسُهُ قَامَ فَرَآهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُوَلِّيًا فَأَمَرَ بِهِ فَدُعِىَ فَلَمَّا جَاءَ قَالَ «مَاذَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ». قَالَ مَعِى سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا عَدَّدَهَا. فَقَالَ «تَقْرَؤُهُنَّ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِكَ». قَالَ نَعَمْ. قَالَ «اذْهَبْ فَقَدْ مَلَّكْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ». طرفه 2310 16 - باب الأَكْفَاءِ فِي الدِّينِ وَقَوْلِهِ (وَهُوَ الَّذِى خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا). 5088 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ أَبَا حُذَيْفَةَ بْنَ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ، وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - تَبَنَّى سَالِمًا، وَأَنْكَحَهُ بِنْتَ أَخِيهِ هِنْدَ بِنْتَ الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَهْوَ مَوْلًى لاِمْرَأَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ، كَمَا تَبَنَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - زَيْدًا، وَكَانَ مَنْ تَبَنَّى رَجُلاً فِي الْجَاهِلِيَّةِ دَعَاهُ النَّاسُ إِلَيْهِ وَوَرِثَ مِنْ مِيرَاثِهِ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ (ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ) إِلَى قَوْلِهِ (وَمَوَالِيكُمْ) فَرُدُّوا إِلَى آبَائِهِمْ، فَمَنْ لَمْ يُعْلَمْ لَهُ أَبٌ كَانَ مَوْلًى وَأَخًا فِي الدِّينِ، فَجَاءَتْ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو الْقُرَشِىِّ ثُمَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الأكفاء جمع كفء كأقفال في قفل، ومعناه المماثل، وشرائطه مبسوطة في كتب الفروع. 5088 - (أن [أبا] حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس) واسم أبي حذيفة: هاشم أو هشيم أو مهشم من المهاجرين الأولين والسابقين إلى الإسلام، قتل في قتال مسيلمة الكذاب. قال ابن عبد البر: دعا أباه إلى البراز يوم بدر، وأنشد لأخته هند بيتين هجته بهما في ذلك (تبنَّى سالمًا) أي: دعاه ابنًا (وأنكحه بنت أخيه) بفتح الهمزة (هندًا بنت الوليد بن عتبة) قال ابن عبد البر: فاطمة بنت الوليد ولا منافاة لجوار تغيير الاسم، (وهو مولى لامرأة من الأنصار) هي زوجة أبي حذيفة. قال ابن عبد البر: واسمها: عمرة بنت يعار

الْعَامِرِىِّ - وَهْىَ امْرَأَةُ أَبِى حُذَيْفَةَ - النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا نَرَى سَالِمًا وَلَدًا وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ مَا قَدْ عَلِمْتَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. طرفه 4000 5089 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ فَقَالَ لَهَا «لَعَلَّكِ أَرَدْتِ الْحَجَّ». قَالَتْ وَاللَّهِ لاَ أَجِدُنِى إِلاَّ وَجِعَةً. فَقَالَ لَهَا «حُجِّى وَاشْتَرِطِى، قُولِى اللَّهُمَّ مَحِلِّى حَيْثُ حَبَسْتَنِى». وَكَانَتْ تَحْتَ الْمِقْدَادِ بْنِ الأَسْوَدِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بفتح الياء وعين مهملة، وقيل: ثبته بالثاء المثلثة بعدها موحدة (إنا كنا نرى سالمًا ولدًا) بفتح النون وضمه (وقد أنزل فيه ما قد علمت) هو قوله: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} [الأحزاب: 5] (فذكر الحديث) أي: بتمامه، وذلك ما روت عائشة أنها قالت: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إني أرى في وجه أبي حذيفة من دخول سالم فقال: "أرضعيه" فقالت: كيف أرضعه وهو رجل فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أعرف أنه رجل أرضعيه" فذهب ما كان يجده في نفسه أبو حذيفة. وهذا لم يكن رضاعًا محرمًا، ولكن اندفع به ذلك الوهم. 5089 (عبيدة) بضم العين، مصغر (أبو أسامة) بضم الهمزة (دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ضباعة بنت الزبير) بضم الضاد المعجمة (حجي واشترطي وقولي: اللهم مَحَلِّي حيث حبستني) استدل به الشافعي على أن المريض ليس بمحصر، وإلا لم يكن في الشرط فائدة، ولا دلالة فيه على أن النحر يكون حيث أحصر والشافعي إنما استدل على ذلك بنحر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحديبية. فإن قلت: ما وجه الدلالة في الحديثين على الترجمة؟ قلت: الوجه أن سالمًا زوج بنت الوليد وهو عبد محرر وهي قرشية، والمقداد فهراني، وقيل: كندي، وقيل: حضرمي، وقيل: عبد حبشي وليس كذلك، وامرأته ضباعة قرشية. فإن قلت: فقد قال الفقهاء: إن القرشية ليست كفؤًا لغيرها؛ قلت: المسألة خلافية، ومن لم يجوز يقول: محمول على إسقاط الكفاءة.

5090 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ أَبِى سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لأَرْبَعٍ لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ». 5091 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلٍ قَالَ مَرَّ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مَا تَقُولُونَ فِي هَذَا». قَالُوا حَرِىٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ يُنْكَحَ، وَإِنْ شَفَعَ أَنْ يُشَفَّعَ، وَإِنْ قَالَ أَنْ يُسْتَمَعَ. قَالَ ثُمَّ سَكَتَ فَمَرَّ رَجُلٌ مِنَ فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ «مَا تَقُولُونَ فِي هَذَا». قَالُوا حَرِىٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ لاَ يُنْكَحَ وَإِنْ شَفَعَ أَنْ لاَ يُشَفَّعَ، وَإِنْ قَالَ أَنْ لاَ يُسْتَمَعَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هَذَا خَيْرٌ مِنْ مِلْءِ الأَرْضِ مِثْلَ هَذَا». طرفه 6447 ـــــــــــــــــــــــــــــ 5090 - (تنكح المرأة لأربع) بضم التاء على بناء المجهول، هذا إخبار على مقاصد الناس في النكاح سواء كان قصدًا حسنًا أو لا، ولذلك أشار إلى المختار بقوله: (فاظفر بذات الدين تربت يداك) والحسب: ما يعده الإنسان من مفاخر آبائه أو نفسه. فإن قلت: قد جاء في الحديث: "الحسب هو المال" فكيف جعله هنا من مقابلة المال؟ قلت: أجاب ابن الأثير بأن ذلك بالنظر إلى زعم أرباب الأموال لا في نفس الأمر. فإن قلت: قد جاء في حديث آخر: "حسب المرء خلقه ودينه وكرمه"، وقد جعل الحسب هنا في مقابلة الدين؟ قلت: ذلك تحقيق لما هو اللائق بأن يسمى حسبًا، وهذا نظرًا إلى المتعارف. 5091 - (ابن أبي حازم) -بالحاء المهملة- اسمه عبد العزيز (مرَّ رجل) أي: ذو زينة وشارة (وقال: ما تقولون في هذا؟) أي: في شأنه من الرد والقبول (قالوا: حري إن خطب أن ينكح، وإن شفع أن يُشفَّع) -بضم الياء وتشديد الفاء المفتوحة- أي: تقبل شفاعته (هذا خير من مِلءِ الأرض مثل هذا) أي: عند الله، وفيه غاية الترغيب في اعتبار الكفاءة باعتبار الدين، ولا

17 - باب الأكفاء فى المال، وتزويج المقل المثرية

17 - باب الأَكْفَاءِ فِي الْمَالِ، وَتَزْوِيجِ الْمُقِلِّ الْمُثْرِيَةَ 5092 - حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - (وَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ لاَ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى) قَالَتْ يَا ابْنَ أُخْتِى هَذِهِ الْيَتِيمَةُ تَكُونُ فِي حَجْرِ وَلِيِّهَا فَيَرْغَبُ فِي جَمَالِهَا وَمَالِهَا، وَيُرِيدُ أَنْ يَنْتَقِصَ صَدَاقَهَا، فَنُهُوا عَنْ نِكَاحِهِنَّ إِلاَّ أَنْ يُقْسِطُوا فِي إِكْمَالِ الصَّدَاقِ، وَأُمِرُوا بِنِكَاحِ مَنْ سِوَاهُنَّ، قَالَتْ وَاسْتَفْتَى النَّاسُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ (وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ) إِلَى (وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ) فَأَنْزَلَ اللَّهُ لَهُمْ أَنَّ الْيَتِيمَةَ إِذَا كَانَتْ ذَاتَ جَمَالٍ وَمَالٍ رَغِبُوا فِي نِكَاحِهَا وَنَسَبِهَا فِي إِكْمَالِ الصَّدَاقِ، وَإِذَا كَانَتْ مَرْغُوبَةً عَنْهَا فِي قِلَّةِ الْمَالِ وَالْجَمَالِ تَرَكُوهَا وَأَخَذُوا غَيْرَهَا مِنَ النِّسَاءِ، قَالَتْ فَكَمَا يَتْرُكُونَهَا حِينَ يَرْغَبُونَ عَنْهَا فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَنْكِحُوهَا إِذَا رَغِبُوا فِيهَا إِلاَّ أَنْ يُقْسِطُوا لَهَا وَيُعْطُوهَا حَقَّهَا الأَوْفَى فِي الصَّدَاقِ. طراه 2494 18 - باب مَا يُتَّقَى مِنْ شُؤْمِ الْمَرْأَةِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى (إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلاَدِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ). ـــــــــــــــــــــــــــــ يلزم منه تفضيل الفقراء على الأغنياء لأنها مفاضلة بين رجلين علم رسول الله - صلى الله عليه وسلم حالهما. باب الأكفاء في المال وتزويج المقل المثرية بضم الميم بعده ثاء مثلثة، من ثري الرجل وأثرى أي: كثر ماله. 5092 - (بكير) بضم الباء مصغر، وكذا (عقيل) وحديث عائشة في إكمال صداق اليتيمة سلف في سورة النساء. باب ما يُتقى من شؤم المرأة اقتصر في الترجمة على شؤم المرأة مع أن الحديث الذي رواه من طرق في المرأة والدار والفرس إشارة إلى أن الشؤم فيها أكمل وأكثر، ولذلك استدل عليه بالآية: ({إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ} [التغابن: 14]) من تبعيضية: قال ابن الأثير: الشؤم بالهمزة

5093 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حَمْزَةَ وَسَالِمٍ ابْنَىْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الشُّؤْمُ فِي الْمَرْأَةِ وَالدَّارِ وَالْفَرَسِ». طرفه 2099 5094 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَسْقَلاَنِىُّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ ذَكَرُوا الشُّؤْمَ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنْ كَانَ الشُّؤْمُ فِي شَىْءٍ فَفِى الدَّارِ وَالْمَرْأَةِ وَالْفَرَسِ». طرفه 2099 ـــــــــــــــــــــــــــــ ضد اليُمن، وقد هجر هذا الأصل فلا يقال إلا بالواو: قال: وشؤم المرأة سوء خلقها، والدار: الضيق، والفرس كونها شموسًا. وهذا الذي قاله إنما هو على طريق التمثيل، وإلا فلا حصر في هذه الصفات ولا في هذا العدد، فإن البغل والبعير كذلك. فإن قلت: فقد روي بصيغة الحصر "إنما الشؤم"؟ قلت: محمول على الادعاء وإن كماله والغالب في هذه الأشياء، وإلا ففي الأسفار والأيام موجود قال تعالى: {فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ} [فصلت: 16] وقال: {فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ} [القمر: 19]. فإن قلت: هذا نوع من التَطَيُّر وقد نهى عنه؟ قلت: ليس من الطيرة فإنهم في الجاهلية إنما كانوا يتطيرون بالسانح والبارح. قلت: التطير أعم فإنه عبارة عن التشاؤم بالشيء، لكن الشارع استثنى هذه الثلاثة، والدليل ما رواه أبو داود مرفوعًا عن سعد بن أبي وقاص: "إن كانت الطيرة في الشيء ففي المرأة والدابة والدار". 5093 - 5094 - 5095 - 5096 - (ما تركت بعدي فتنة أضَرَّ على الرجال من النساء) وفي الحديث: "النساء حبائل الشيطان". وفي "ربيع الأبرار" قال - صلى الله عليه وسلم -: "استعيذوا بالله من شرار النساء، وكونوا من خيارهن على حذر" (إن كان الشوم في شيء).

19 - باب الحرة تحت العبد

5095 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنْ كَانَ فِي شَىْءٍ فَفِى الْفَرَسِ وَالْمَرْأَةِ وَالْمَسْكَنِ». طرفه 2859 5096 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِىِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ النَّهْدِىَّ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا تَرَكْتُ بَعْدِى فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ». 19 - باب الْحُرَّةِ تَحْتَ الْعَبْدِ 5097 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِى عَبْدِ ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: جزم به في الرواية السابقة، ورواه على الشك هنا؟ قلت: إن في أمثاله للجزم كما يقول الأجير للمستاجر: إن كنت عملت لك فأعطني حقي، أو قاله أولًا تخمينًا، ثم علمه يقينًا. (منهال) بكسر الميم (زريع) بضم الزاي مصغر زرع (العسقلاني) -بفتح العين وسكون السين بعده قاف- بلد بقرب بيت المقدس. (التيمي) بفتح الفوقانية وإسكان التحتانية نسبة إلى القبيلة، وكذا (النهدي) بفتح النون ودال مهملة. باب الحرة تحت العبد 5097 - روى في الباب حديث بريدة. وقد سلف في البيوع وبعدها. واستدل به هنا على جواز كون الحرة تحت العبد. فإن قلت: ليس في الحديث أنها كانت تحت العبد؟ قلت: هذا على دأبه في الاستدلال بما فيه خفاء، وسيأتي في كتاب الطلاق التصريح بأن زوجها كان عبدًا، وقد انعقد الإجماع

20 - باب لا يتزوج أكثر من أربع

الرَّحْمَنِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ فِي بَرِيرَةَ ثَلاَثُ سُنَنٍ عَتَقَتْ فَخُيِّرَتْ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». وَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَبُرْمَةٌ عَلَى النَّارِ، فَقُرِّبَ إِلَيْهِ خُبْزٌ وَأُدْمٌ مِنْ أُدْمِ الْبَيْتِ فَقَالَ «لَمْ أَرَ الْبُرْمَةَ». فَقِيلَ لَحْمٌ تُصُدِّقَ عَلَى بَرِيرَةَ، وَأَنْتَ لاَ تَأْكُلُ الصَّدَقَةَ قَالَ «هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ، وَلَنَا هَدِيَّةٌ». طرفه 456 20 - باب لاَ يَتَزَوَّجُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى (مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ). وَقَالَ عَلِىُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ يَعْنِى مَثْنَى أَوْ ثُلاَثَ أَوْ رُبَاعَ. وَقَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ (أُولِى أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ) يَعْنِى مَثْنَى أَوْ ثُلاَثَ أَوْ رُبَاعَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ على أن الأمة إذا كانت تحت العبد ثم عتقت لها الخيار، وأما إذا كان زوجها حرًّا، وسنشير إلى الدليل من الطريقين هناك إن شاء الله. (كان في بريدة ثلاث سنن) أي: ثلاث خصال، وفي الحقيقة ثلاثة أحكام (ودخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبرمة على النار) بضم الباء قال ابن الأثير: قدر يكون من حجر معروف بالحجار ثم اتسع فيه. فإن قلت: بُرْمَةٌ على النار نكرة صرفه في الأبيات كيف وقعت مبتدأ؟ قلت: صرح المحققون بأن مدار الصحة استقامة المعنى، فحيث استقام وأفاد صح الإخبار. (عليها صدقة ولنا هدية) حسن الأشياء وقبحها شرعيان ليسا لذوات الأشياء، فالأحكام تتغير بتغير الصفات، ثم ما تبرع به الإنسان على غيره إذا كان الثواب الآخرة فهو صدقة، وإن كان ثواب الدنيا -أي: من شأنه ذلك- فهبة، وإن كان الغرض الإكرام فهو هدية. باب لا يتزوج أكثر من أربع استدل عليه بقوله تعالى: ({فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: 3]) أوقع التخيير بين هذه الأعداد على سبيل التوزيع ولذلك آثر الواو، وذهب الروافض إلى جواز تسع نسوة لهذه الآية، وهذه غباوة عظيمة، إذ لو كان المراد ذلك لكان حق البلاغة -لا سيما في القرآن الذي أساسه على قلة اللفظ وكثرة المعنى- أن يقول: أبحت لكم النساء إلى التسع كقوله: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187] (وقوله: {أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ}

21 - باب (وأمهاتكم اللاتى أرضعنكم)

5098 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ (وَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ لاَ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى). قَالَتِ الْيَتِيمَةُ تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ وَهْوَ وَلِيُّهَا، فَيَتَزَوَّجُهَا عَلَى مَالِهَا، وَيُسِئُ صُحْبَتَهَا، وَلاَ يَعْدِلُ فِي مَالِهَا، فَلْيَتَزَوَّجْ مَا طَابَ لَهُ مِنَ النِّسَاءِ سِوَاهَا مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ. طرفه 2494 21 - باب (وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِى أَرْضَعْنَكُمْ) وَيَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ. 5099 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرَتْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ عِنْدَهَا، وَأَنَّهَا سَمِعَتْ صَوْتَ رَجُلٍ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ، قَالَتْ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا رَجُلٌ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِكَ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أُرَاهُ فُلاَنًا». لِعَمِّ حَفْصَةَ مِنَ الرَّضَاعَةِ. قَالَتْ عَائِشَةُ لَوْ كَانَ فُلاَنٌ حَيًّا، لِعَمِّهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ دَخَلَ عَلَىَّ فَقَالَ «نَعَمِ الرَّضَاعَةُ تُحَرِّمُ مَا تُحَرِّمُ الْوِلاَدَةُ». طرفه 2646 ـــــــــــــــــــــــــــــ [فاطر: 1]) هذه الآية تصلح أن تكون شرحًا للآية الأولى لأنه لا يتصور معنى الجمعية؛ لأن الله بين تفاوت الملائكة في الأجنحة، وأن ذلك لاختلاف مقاماتهم. فإن قلت: لو ذكر أو كان أظهر في التوزيع؟ قلت: كان وهم التخيير على طريقة البدل، كانه يقول: لكم أحد هذه الأعداد فاختاروا واحدًا، والذي يقطع مادة الشبهة حديث غيلان أنه أسلم على عشر نسوة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أمسك أربعًا أو فارق سائرهن" رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه. باب قوله: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} [النساء: 23] 5099 - (ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) هذا حديث تقدم في أبوب الشهادات، وكذا الذي رواه هنا عن عائشة من قوله: (الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة)

5100 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قِيلَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَلاَ تَزَوَّجُ ابْنَةَ حَمْزَةَ قَالَ «إِنَّهَا ابْنَةُ أَخِى مِنَ الرَّضَاعَةِ». وَقَالَ بِشْرُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ سَمِعْتُ قَتَادَةَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ زَيْدٍ مِثْلَهُ. طرفه 2645 5101 - حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ زَيْنَبَ ابْنَةَ أَبِى سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ أَبِى سُفْيَانَ أَخْبَرَتْهَا أَنَّهَا قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ انْكِحْ أُخْتِى بِنْتَ أَبِى سُفْيَانَ فَقَالَ «أَوَتُحِبِّينَ ذَلِكَ». فَقُلْتُ نَعَمْ، لَسْتُ لَكَ بِمُخْلِيَةٍ، وَأَحَبُّ مَنْ شَارَكَنِى فِي خَيْرٍ أُخْتِى. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ ذَلِكَ لاَ يَحِلُّ لِى». قُلْتُ فَإِنَّا نُحَدَّثُ أَنَّكَ تُرِيدُ أَنْ تَنْكِحَ بِنْتَ أَبِى سَلَمَةَ. قَالَ «بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ». قُلْتُ نَعَمْ. فَقَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ وقد دل الحديث على أن انتشار الحرمة في العمات والخالات سواء بسواء، وفي رواية الإمام أحمد: "من خال أو عم أو أخ" والكلام على العموم، وبعضهم قد استثنى صورتين، والحق أنه لا احتياج إلى الاستثناء لعدم دخولها تحت هذا العموم، وقد ذكرتها في تفسيرنا "غاية الأماني" وأذكرها هنا لئلا يخلو الكتاب عن مثل هذه الفائدة. 5100 - (قيل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: ألا تتزوج بنت حمزة) القائل: علي بن أبي طالب جاء صريحًا وكأنه لم يدر أن حمزة رضيع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو كان يظن أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مستثنى. 5101 - (أن أم حبيبة) زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -، بنت أبي سفيان (قالت يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انكح أُختي بنت أبي سفيان) في رواية مسلم اسم أختها عزة. قال القاضي: وما قاله مسلم غير معروف في بنات أبي سفيان، وقيل: اسمها درة، وقيل: خمسة، قاله المنذري. ويجوز الجمع بأنهم كانوا يغيرون الأسماء (لست لك بمخلية) -بضم الميم وسكون الخاء المعجمة- يقال: أخليت له وإليه أي: انفردت، فعله لازم مثل خلوت. (بنت أبي سلمة) اسمها: درة

22 - باب من قال لا رضاع بعد حولين

«لَوْ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ رَبِيبَتِى فِي حَجْرِى مَا حَلَّتْ لِى إِنَّهَا لاَبْنَةُ أَخِى مِنَ الرَّضَاعَةِ، أَرْضَعَتْنِى وَأَبَا سَلَمَةَ ثُوَيْبَةُ فَلاَ تَعْرِضْنَ عَلَىَّ بَنَاتِكُنَّ وَلاَ أَخَوَاتِكُنَّ». قَالَ عُرْوَةُ وَثُوَيْبَةُ مَوْلاَةٌ لأَبِى لَهَبٍ كَانَ أَبُو لَهَبٍ أَعْتَقَهَا فَأَرْضَعَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا مَاتَ أَبُو لَهَبٍ أُرِيَهُ بَعْضُ أَهْلِهِ بِشَرِّ حِيبَةٍ قَالَ لَهُ مَاذَا لَقِيتَ قَالَ أَبُو لَهَبٍ لَمْ أَلْقَ بَعْدَكُمْ غَيْرَ أَنِّى سُقِيتُ فِي هَذِهِ بِعَتَاقَتِى ثُوَيْبَةَ. أطرافه 5106، 5107، 5123، 5372 22 - باب مَنْ قَالَ لاَ رَضَاعَ بَعْدَ حَوْلَيْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى (حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ). وَمَا يُحَرِّمُ مِنْ قَلِيلِ الرَّضَاعِ وَكَثِيرِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ صرح به فيما بعد (لو أنها لم تكن ربيبتي في حجري ما حلَّت لي إنها بنت أخي في الرضاع) كونها في حجره لا دخل له في الحرمة، بل بيان لما جرى به العرف لقوله تعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ} [النساء: 23]، (ثويبة) بضم الثاء المثلثة على وزن المصغر (كان أبو لهب أعتقها فأرضعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) المعروف بين الناس أنه لما بشرت أبا لهب بولادة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعتقها بعد الهجرة، وفي رواية البخاري صريحة في أنها أرضعته بعد الإعتاق (فلما مات أبو لهب أُرِيَه بَعضُ أهله بشرِ حِيْبة) أي: أري في المنام، والذي رآه عباس أخوه، والحِيْبة -بكسر الحاء بعدها ياء ساكنة والباء الموحدة- قال: أي بشر حال وبسؤالهم والحزن. قاله ابن الأثير. (غير أني سقيت بهذه) أشار إلى نقرة بين الإبهام، وفي رواية البيهقي: يخفف عني العذاب يوم الإثنين لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولد فيه. والمسحة. والعَتاقة: بفتح العين. قال ابن الأثير: العتق والعتاقة مصدران لأعتق من غير والحديث دل على تفاوت الكفار في العذاب، وأن فعل الخير من الكافر قد يكون سببًا للتخفيف، ولا ينافي قوله: {لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ} [البقرة: 162]، لأن المراد: ما هو فيه لا يخفف. باب لا رضاع بعد حولين استدل عليه بقوله تعالى: {حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} [البقرة: 233] لأنه بصدد البيان فدل على أن المدة هي هذه.

23 - باب لبن الفحل

5102 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَشْعَثِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا رَجُلٌ، فَكَأَنَّهُ تَغَيَّرَ وَجْهُهُ، كَأَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ فَقَالَتْ إِنَّهُ أَخِى. فَقَالَ «انْظُرْنَ مَا إِخْوَانُكُنَّ، فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ الْمَجَاعَةِ». طرفه 2647 23 - باب لَبَنِ الْفَحْلِ 5103 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَفْلَحَ أَخَا أَبِى الْقُعَيْسِ جَاءَ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهَا - وَهْوَ عَمُّهَا مِنَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 5102 - (كأن كره ذلك) بدل من قوله: (فكأنه تغير وجهه) (إنما الرضاعة من المَجَاعة) مصدر جاع كالجوع، يشير إلى أن الرضاع المعتبر إنما هو في الصغير إلى [أن] يسد جوعة الطفل وينبت منه اللحم كما في النسب يفيد الجزئية. فإن قلت: أحد شقي الترجمة هو: ما يحرم من قليل الرضاع. لم يرو له حديثًا؟ قلت: قوله: إنما الرضاعة من المجاعة بإطلاقه يشمل القليل والكثير، وبه قال أبو حنيفة ومالك وأحمد في رواية، وفي رواية "خمس"، وفي رواية أخرى "ثلاث" لقوله: "لا تحرم الرضعة والرضعتان" فإن مفهومه أن الثلاث تحرم، لكنه في مقابلة النص لا يعتد به، وقال الشافعي وأحمد: خمس رضعات لما روت عائشة "كان فيما نزل من القرآن عشر رضعات يحرمن ثم نسخ بخمس، توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهن فيما يقرأ من القرآن" رواه مسلم. فإن قلت: كيف يصح هذا ولا نسخ بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قلت: فيه تسامح، أرادت قرب العهد. باب لبن الفحل 5103 - (أن أفلح أخا أبي القعيس) بضم القاف وفتح العين، مصغر روى عن عائشة أن أفلح لما استأذن فلم تأذن له فأمرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تأذن له فدل على أن لبن الفحل يوجب الحرمة بينه وبين الرضيع وتنتشر الحرمة كما في النسب.

24 - باب شهادة المرضعة

الرَّضَاعَةِ - بَعْدَ أَنْ نَزَلَ الْحِجَابُ، فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ، فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرْتُهُ بِالَّذِى صَنَعْتُ، فَأَمَرَنِى أَنْ آذَنَ لَهُ. طرفه 2644 24 - باب شَهَادَةِ الْمُرْضِعَةِ 5104 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ قَالَ حَدَّثَنِى عُبَيْدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ وَقَدْ سَمِعْتُهُ مِنْ عُقْبَةَ لَكِنِّى لِحَدِيثِ عُبَيْدٍ أَحْفَظُ قَالَ تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً، فَجَاءَتْنَا امْرَأَةٌ سَوْدَاءُ فَقَالَتْ أَرْضَعْتُكُمَا. فَأَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ تَزَوَّجْتُ فُلاَنَةَ بِنْتَ فُلاَنٍ فَجَاءَتْنَا امْرَأَةٌ سَوْدَاءُ فَقَالَتْ لِى إِنِّى قَدْ أَرْضَعْتُكُمَا. وَهْىَ كَاذِبَةٌ فَأَعْرَضَ، فَأَتَيْتُهُ مِنْ قِبَلِ وَجْهِهِ، قُلْتُ إِنَّهَا كَاذِبَةٌ. قَالَ «كَيْفَ بِهَا وَقَدْ زَعَمَتْ أَنَّهَا قَدْ أَرْضَعَتْكُمَا، دَعْهَا عَنْكَ» وَأَشَارَ إِسْمَاعِيلُ بِإِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى يَحْكِى أَيُّوبَ. طرفه 88 25 - باب مَا يَحِلُّ مِنَ النِّسَاءِ وَمَا يَحْرُمُ وَقَوْلِهِ تَعَالَى (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ) إِلَى آخِرِ الآيَتَيْنِ إِلَى قَوْلِهِ (إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا). ـــــــــــــــــــــــــــــ باب شهادة المرضعة 5104 - روى في الباب حديث عقبة بن الحارث أن امرأة زعمت أنها أرضعته وامرأته فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بفراقها. والحديث سلف في كتاب العلم في باب الرحلة في المسألة النازلة. أخذ بظاهر الحديث أحمد وإسحاق بن راهويه لكنها تحلف عند ابن راهويه، والكوفيون قالوا: تكفي شهادة رجلين، ورجل وامرأتان، ومذهب مالك تكفي شهادة امرأتين، وقال الشافعي: لا بد من أربع نسوة أو رجل وامرأتين وأجابوا عن هذا الحديث بأن أمره بفراقها كان تورعًا، ولذلك قال: (كيف وقد قيل) يريد أنه بعد هذا القول لا يطيب العيش. باب ما يحل من النساء ويحرم (وقوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23])

وَقَالَ أَنَسٌ (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ) ذَوَاتُ الأَزْوَاجِ الْحَرَائِرُ حَرَامٌ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ لاَ يَرَى بَأْسًا أَنْ يَنْزِعَ الرَّجُلُ جَارِيَتَهُ مِنْ عَبْدِهِ. وَقَالَ (وَلاَ تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ). وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَا زَادَ عَلَى أَرْبَعٍ فَهْوَ حَرَامٌ، كَأُمِّهِ وَابْنَتِهِ وَأُخْتِهِ. 5105 - وَقَالَ لَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنِى حَبِيبٌ عَنْ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ حَرُمَ مِنَ النَّسَبِ سَبْعٌ، وَمِنَ الصِّهْرِ سَبْعٌ. ثُمَّ قَرَأَ (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ) الآيَةَ. وَجَمَعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ بَيْنَ ابْنَةِ عَلِىٍّ وَامْرَأَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قد عد في الآية الكريمة الحرمات نسبًا ورضاعًا (قال أنس: والمحصنات ذوات الأزواج) يريد أنه معطوف علي الحرمات (لا يرى بأسًا أن ينزع الرجل جاريته عن عبده) لأن قوله: ({إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 24]) استثناء من المحصنات وقد فسرت بذوات الأزواج، وبه قال مالك من الأئمة. وقال غيره: الآية نزلت في المسبيات اللاتي سبين من الأزواج فلا تدخل فيه الأمة التي تحت العبد. (وقال ابن عباس: ما زاد على أربع فهو حرام كأمه) أي: لا فرق في الحرمة بين نكاح الخامسة ونكاح أمه (وقال أحمد بن حنبل) روى عنه حديثًا مسندًا في آخر المغازي، وهنا بلفظ قال كأنه سمعه منه مذاكرةً، وقال في كتاب اللباس: وزاد أحمد عن ابن عباس. (حَرُم من النسبِ سبع، ومن الصهر سبع) بكسر الصاد من الصهارة، وهي القرب مقابل النسب لأن مداره على الولاد، ومدار الصهارة على التزوج. (ثم قرأ: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23] إلى آخر الآية) كذا قيل، وقد روى الطبراني أن ابن عباس قرأ الآية إلى قوله: {وَبَنَاتُ الْأُخْتِ} [النساء: 23] وقال: هذا النسب، ثم قرأ {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} [النساء: 23] إلى قوله: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} [النساء: 23] ثم قرأ قوله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ} [النساء: 22] فقال: هذا الصهر. ولا يخفى أن إطلاق الصهر على الرضاع فيه تسامح. فإن قلت: ليس في الآية ذكر السبع من جهة الصهارة. قلت: اكتفى بذكر أمهات النساء والربائب فدل بذكر الأصول والفروع على الحكم هنا مثل حكم النسب في الانتشار وقد جاء في الحديث: "لا يجمع بين المرأة وخالتها". وسيأتي عن قرب.

عَلِىٍّ. وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ لاَ بَأْسَ بِهِ. وَكَرِهَهُ الْحَسَنُ مَرَّةً ثُمَّ قَالَ لاَ بَأْسَ بِهِ. وَجَمَعَ الْحَسَنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِىٍّ بَيْنَ ابْنَتَىْ عَمٍّ فِي لَيْلَةٍ، وَكَرِهَهُ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ لِلْقَطِيعَةِ، وَلَيْسَ فِيهِ تَحْرِيمٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى (وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ) وَقَالَ عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِذَا زَنَى بِأُخْتِ امْرَأَتِهِ لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ. وَيُرْوَى عَنْ يَحْيَى الْكِنْدِىِّ عَنِ الشَّعْبِىِّ وَأَبِى جَعْفَرٍ، فِيمَنْ يَلْعَبُ بِالصَّبِىِّ إِنْ أَدْخَلَهُ فِيهِ، فَلاَ يَتَزَوَّجَنَّ أُمَّهُ، وَيَحْيَى هَذَا غَيْرُ مَعْرُوفٍ، لَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِذَا زَنَى بِهَا لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ. وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِى نَصْرٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ حَرَّمَهُ. وَأَبُو نَصْرٍ هَذَا لَمْ يُعْرَفْ بِسَمَاعِهِ مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَيُرْوَى عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَالْحَسَنِ وَبَعْضِ أَهْلِ الْعِرَاقِ تَحْرُمُ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ لاَ تَحْرُمُ حَتَّى يُلْزِقَ بِالأَرْضِ يَعْنِى يُجَامِعَ. وَجَوَّزَهُ ابْنُ الْمُسَيَّبِ وَعُرْوَةُ وَالزُّهْرِىُّ. وَقَالَ الزُّهْرِىُّ قَالَ عَلِىٌّ لاَ تَحْرُمُ. وَهَذَا مُرْسَلٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قال بعض الشارحين: فإن قلت: ما فائدة ذكر الأختين بعدها؟ قلت: لأن الحرمة ليست مطلقًا ودائمًا بل باعتبار الجمع، وهذا ليس بشيء؛ فإن المرأة مع الخالة أيضًا كذلك، بل ذكر الأختين لعدم دخولهما في النسب والصهارة، وبهذا يشمل النكاح والتسري، وقيد الأصلاب في الآية احتراز عن ابن التبني فلا يرد امرأة ابنه من الرضاع. (قال ابن عباس: إذا زنى بها) أي: بأخت امرأته (لم تحرم عليه امرأته) هذه مسألة معروفة فإن الزنى يوجب حرمة المصاهرة عند الكوفيين وإسحاق بن راهويه، وفي رواية عن الإمام أحمد أن من يلوط بغلام حرمت أم كل واحد منهما على الآخر، وما يقال: من أنه إذا جاز له أن يتزوج بمن زنى بها فأمها وابنتها فلا إلزام فيه وهو ظاهر. (حصين) بضم الحاء مصغر (وقال أبو هريرة: لا تحرم حتوى يُلزِق بالأرض) كناية عن الوقاع. أراد بهذا الرد على أبي حنيفة والإمام أحمد وإسحاق. أن من نظر إلى فرج أخت امرأته أو مسها بشهوة حرمت عليه امرأته. وأما الشافعي ومالك ومن وافقهما فلا يقولون بشيء من ذلك حتى لو زنى بأخت امرأته لا تحرم عليه امرأته. (قال الزهري: قال علي: لا تحرم. وهذا مرسل) لأن الزهري لم يدرك عليًّا. لكن أهل الحديث يسمون مثله منقطعًا؛ لأن المرسل عندهم قول التابعي: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كذا.

26 - باب (وربائبكم اللاتى فى حجوركم من نسائكم اللاتى دخلتم بهن)

26 - باب (وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِى فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاَّتِى دَخَلْتُمْ بِهِنَّ) وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ الدُّخُولُ وَالْمَسِيسُ وَاللِّمَاسُ هُوَ الْجِمَاعُ. وَمَنْ قَالَ بَنَاتُ وَلَدِهَا مِنْ بَنَاتِهِ فِي التَّحْرِيمِ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لأُمِّ حَبِيبَةَ «لاَ تَعْرِضْنَ عَلَىَّ بَنَاتِكُنَّ». وَكَذَلِكَ حَلاَئِلُ وَلَدِ الأَبْنَاءِ هُنَّ حَلاَئِلُ الأَبْنَاءِ، وَهَلْ تُسَمَّى الرَّبِيبَةَ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي حَجْرِهِ، وَدَفَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - رَبِيبَةً لَهُ إِلَى مَنْ يَكْفُلُهَا، وَسَمَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ابْنَ ابْنَتِهِ ابْنًا. 5106 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ لَكَ فِي بِنْتِ أَبِى سُفْيَانَ قَالَ «فَأَفْعَلُ مَاذَا». قُلْتُ تَنْكِحُ. قَالَ «أَتُحِبِّينَ». قُلْتُ لَسْتُ لَكَ بِمُخْلِيَةٍ، وَأَحَبُّ مَنْ شَرِكَنِى فِيكَ أُخْتِى. قَالَ «إِنَّهَا لاَ تَحِلُّ لِى». قُلْتُ بَلَغَنِى أَنَّكَ تَخْطُبُ. قَالَ «ابْنَةَ أُمِّ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ} [النساء: 23] قد سلف أن لفظ الحجر ليس مذكورًا لكونه قيدًا، بل باعتبار جريان العادة. (ومن قال: بنات ولدها هن بناته في التحريم) هذا من تمام الترجمة، واستدل عليه بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لا تعرضن علي بناتكن) وجه الدلالة أنه خاطَبَ أم حبيبة بهذا ولم يكن لها بنت فدل على أنه لا يشترط أن تكون البنت من نفسها (وكذلك حلائل ولد الأبناء هن من حلائل الأبناء) وفيه دليل لمن جوز إرادة المعنى المجازي والحقيقي في إطلاق واحد. واستدل على أن حلائل أبناء الأبناء بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سمى ابن ابنته ابنًا حيث قال للحسن: "إن ابني هذا سيد". 5106 - (قلت: لست لك بمخلية) أي: منفردة، من أخليت به وخلوت: انفردت (وأحب من شَرِكني فيك أختي) بفتح الشين وكسر الراء. فإن قلت: ذكر في الترجمة: هل تسمى الربيبة وإن لم تكن في حجره. وليس في الحديث إلا أنه سمى بنت أم سلمة ربيبة ولم يذكر ما يدل على كونها في الحجر لا نفيًا ولا إثباتًا؟ قلت: أشار إلى حديث رواه البزار في مسنده وإن لم يكن على شرطه كما هو دأبه في التراجم. والحديث أن هذه البنت كانت ترضعها أمها لما تزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فجاء عمار

27 - باب (وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف)

سَلَمَةَ». قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «لَوْ لَمْ تَكُنْ رَبِيبَتِى مَا حَلَّتْ لِى، أَرْضَعَتْنِى وَأَبَاهَا ثُوَيْبَةُ، فَلاَ تَعْرِضْنَ عَلَىَّ بَنَاتِكُنَّ وَلاَ أَخَوَاتِكُنَّ». وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنَا هِشَامٌ دُرَّةُ بِنْتُ أَبِى سَلَمَةَ. طرفه 5101 27 - باب (وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ) 5107 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُ أَنَّ زَيْنَبَ ابْنَةَ أَبِى سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ انْكِحْ أُخْتِى بِنْتَ أَبِى سُفْيَانَ. قَالَ «وَتُحِبِّينَ». قُلْتُ نَعَمْ، لَسْتُ بِمُخْلِيَةٍ، وَأَحَبُّ مَنْ شَارَكَنِى فِي خَيْرٍ أُخْتِى. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ ذَلِكَ لاَ يَحِلُّ لِى». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَوَاللَّهِ إِنَّا لَنَتَحَدَّثُ أَنَّكَ تُرِيدُ أَنْ تَنْكِحَ دُرَّةَ بِنْتَ أَبِى سَلَمَةَ. قَالَ «بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ». فَقُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «فَوَاللَّهِ لَوْ لَمْ تَكُنْ فِي حَجْرِى مَا حَلَّتْ لِى إِنَّهَا لاَبْنَةُ أَخِى مِنَ الرَّضَاعَةِ، أَرْضَعَتْنِى وَأَبَا سَلَمَةَ ثُوَيْبَةُ فَلاَ تَعْرِضْنَ عَلَىَّ بَنَاتِكُنَّ وَلاَ أَخَوَاتِكُنَّ». طرفه 5101 28 - باب لاَ تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا 5108 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ عَنِ الشَّعْبِىِّ سَمِعَ ـــــــــــــــــــــــــــــ وأخذها من أمها وقال: هذه تمنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الراحة مع أهله. قال: ومات أبو سلمة وهو حامل لربيب هذه فدل على أنها ربيبة وإن لم يكن في الحجر. (لكن أرضعتني وأبا سلمة ثويبة) بضم المثلثة مصغر. باب قوله: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} [النساء: 23] 5107 - روى فيه الحديث المتقدم في الباب قبله. باب لا تنكح المرأة على عمتها 5108 - (الشعبي) بفتح الشين وسكون العين ........................................

جَابِرًا رضى الله عنه قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تُنْكَحَ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا. وَقَالَ دَاوُدُ وَابْنُ عَوْنٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ. 5109 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يُجْمَعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا، وَلاَ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا». طرفه 5110 5110، 5111 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى قَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تُنْكَحَ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا وَالْمَرْأَةُ وَخَالَتُهَا. فَنُرَى خَالَةَ أَبِيهَا بِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ. لأَنَّ عُرْوَةَ حَدَّثَنِى عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ حَرِّمُوا مِنَ ـــــــــــــــــــــــــــــ (ابن عون) بالنون (عن أبي الزناد) -بكسر الزاي بعدها نون- عبد الله بن ذكوان. 5109 - 5110 - 5111 - (عبدان) على وزن شعبان (قبيصة) بفتح القاف وكسر الموحدة (ذؤيب) بضم المعجمة مصغر (نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تنكح المرأة على عمتها وعلى خالتها) وكذا العكس لأن العلة واحدة وهي القطعية. وزاد أبو داود والنسائي "ولا العمة على بنت أختها ولا الخالة على بنت أختها إلا الصغرى على الكبرى ولا الكبرى على الصغرى". وزاد أبو داود: "فإذا فعلتم ذلك فقد قطعتم أرحامكم". قال ابن عبد البر: طرق هذا الحديث عن أبي هريرة متواترة، والقانون في هذا الباب أن كل امرأتين فُرض إحداهما رجلًا حرمت عليه الأخرى لا يجوز الجمع بينهما. وحديث عائشة: (حَرّموا من

29 - باب الشغار

الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ. طرفه 2644 29 - باب الشِّغَارِ 5112 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الشِّغَارِ، وَالشِّغَارُ أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ الآخَرُ ابْنَتَهُ، لَيْسَ بَيْنَهُمَا صَدَاقٌ. طرفه 6960 30 - باب هَلْ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَهَبَ نَفْسَهَا لأَحَدٍ 5113 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ الرضاعة ما يحرم من النسب) تقدم قريبًا مع شرحه. باب الشِغَار 5112 - بكسر الشين وغين معجمة، وفسره في الحديث قال: (والشغار أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر [ابنته] ليس بينهما صداق) وكان هذا نكاحًا معروفًا في الجاهلية، قال ابن الأثير: كان يقول الرجل وليس منحصرًا في الابنة- للرجل: شاغرني أي: زوجني أختك أو ابنتك أو من تلي أمرها حتى أزوجك مثلها، ولا مهر ويكون بضع كل واحدة مقابلًا بضع الأخرى، وسمي بذلك لارتفاع المهر من شغر الكلب إذا رفع رجله ليبول. أو من شغر الولد عن الأمير. وفي رواية مسلم؛ لا شغار في الإسلام". قال أبو حنيفة: يصح هذا النكاح ويكون لكل واحدة مهر مثلها؛ لأن ذكر الصداق ليس ركنًا في النكاح، وكذا عن الثوري. وقال مالك وأحمد والشافعي: النكاح باطل، وقالوا: النهي فيه يدل على البطلان كالنهي عن نكاح المتعة. باب هل للمرأة أن تهب نفسها لأحد 5113 - (محمد بن سلام) بتخفيف اللام (ابن فُضيل) بضم الفاء مصغر اسمه: محمد

31 - باب نكاح المحرم

كَانَتْ خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيمٍ مِنَ اللاَّئِى وَهَبْنَ أَنْفُسَهُنَّ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ عَائِشَةُ أَمَا تَسْتَحِى الْمَرْأَةُ أَنْ تَهَبَ نَفْسَهَا لِلرَّجُلِ فَلَمَّا نَزَلَتْ (تُرْجِئُ مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ) قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَرَى رَبَّكَ إِلاَّ يُسَارِعُ فِي هَوَاكَ. رَوَاهُ أَبُو سَعِيدٍ الْمُؤَدِّبُ وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ وَعَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ يَزِيدُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ. طرفه 4788 31 - باب نِكَاحِ الْمُحْرِمِ 5114 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ أَخْبَرَنَا عَمْرٌو حَدَّثَنَا ـــــــــــــــــــــــــــــ (قالت عائشة: أما تستحي المرأة أن تهب نفسها فلما نزلت: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ} [الأحزاب: 51] قلت: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما أرى ربك إلا يسارع في هواك). فإن قلت: اعتراض عائشة إنما كان على الواهبة، والضمير في قوله: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ} [الأحزاب: 51] لأزواجه؟ قلت: صدر الآية {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ} [الأحزاب:50]. والهوى معناه المحبة. ذكره ابن الأثير والجوهري من هوِي بالكسر، وليس بمعنى قوله: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} [النجم: 3] فإن المراد منه الباطل، فسقط ما قيل: إنما حملت عائشةَ على ذلك الغيرةُ. (أبو سعيد المؤدب) هو محمد بن مسلم المخزومي كان مؤدب موسى بن منصور الخليفة الملقب بالهادي (بشر) بكسر الموحدة وشين معجمة (عبدة) بفتح العين وسكون الباء. فإن قلت: ما حكم النكاح بلفظ الهبة؟ تك: قال بجوازه أبو حنيفة والثوري، وقال معنى قوله: خاصة لك معنى الهبة بأن لا يكون عليه صداق. وقال الشافعي وغيره: شرط صحة المجاز الاتصال بين المعنى الحقيقي والمجازي، ولا اتصال هنا ولذلك لا تجوز الهبة بلفظ النكاح إجماعًا. باب نكاح المُحْرم 4115 - روي عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوج وهو محرم. وقد سلف الحديث

32 - باب نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن نكاح المتعة آخرا

جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - تَزَوَّجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ مُحْرِمٌ. طرفه 1837 32 - باب نَهْىِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ آخِرًا 5115 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ أَنَّهُ سَمِعَ الزُّهْرِىَّ يَقُولُ أَخْبَرَنِى الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِىٍّ وَأَخُوهُ عَبْدُ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِمَا أَنَّ عَلِيًّا - رضى الله عنه - قَالَ لاِبْنِ عَبَّاسٍ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الْمُتْعَةِ وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ زَمَنَ خَيْبَرَ. طرفه 4216 ـــــــــــــــــــــــــــــ في أبواب الحج أنه تزوج ميمونة وهو محرم، ورجع عن عمرته وبنى بها أيضًا بسرف. هذه رواية ابن عباس، وعن ميمونة أنه تزوجها وهما حلالان، وفي رواية مسلم: "المحرم لا ينكح". فإن قلت: فما الجواب في حديث مسلم عند من قال: تزوجها وهو محرم؟ قلت: بقول المتكلم -ولا يدخل في عموم الخطاب كما هو مذهب بعض العلماء- أن يقول: هذا من خواص رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. باب نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن نكاح المتعة آخرًا 5115 - 5116 - 5117 - 5118 - 5119 - (ابن عُيَيْنَة) -بضم العين مصغر- هو سفيان (أن عليًّا قال لابن عباس: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المتعة، وعن لحوم الحمر الأهلية زمن خيبر) قال: يدل على أن ابن عباس لم يكن يقول بحل نكاح المتعة. فإن قلت: في الحديث بعده أنه كان يرى نكاح المتعة؟ قلت: قيد بحال الشدة قياسًا على ما فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنه أباحه للاحتياج، والظاهر أن ابن عباس كان رأيه

5116 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى جَمْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ سُئِلَ عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ فَرَخَّصَ فَقَالَ لَهُ مَوْلًى لَهُ إِنَّمَا ذَلِكَ فِي الْحَالِ الشَّدِيدِ وَفِى النِّسَاءِ قِلَّةٌ أَوْ نَحْوَهُ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ نَعَمْ. 5117 و 5118 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌو عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَسَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ قَالاَ كُنَّا فِي جَيْشٍ فَأَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُمْ أَنْ تَسْتَمْتِعُوا فَاسْتَمْتِعُوا». 5119 - وَقَالَ ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ حَدَّثَنِى إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَيُّمَا رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ تَوَافَقَا فَعِشْرَةُ مَا بَيْنَهُمَا ثَلاَثُ لَيَالٍ فَإِنْ أَحَبَّا أَنْ يَتَزَايَدَا أَوْ يَتَتَارَكَا تَتَارَكَا». فَمَا أَدْرِى أَشَىْءٌ كَانَ لَنَا خَاصَّةً أَمْ لِلنَّاسِ عَامَّةً. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَبَيَّنَهُ عَلِىٌّ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ مَنْسُوخٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ جوازه، قال ابن عبد البر: أصحاب ابن عباس بمكة وباليمن كلهم كانوا يرون نكاح المتعة. فإن قلت: كيف خالف رواية علي؟ قلت: تكرر نسخ نكاح المتعة أباحه بخيبر ثم حرّمه. وفي رواية مسلم: أنه أباحه بمكة ثم لم يخرج حتى حرمه. وسيأتي في البخاري أنه حرمه بتبوك. قال شيخنا: وقع الإباحة ست مرات والتخيير أولها خيبر ثم عمرة القضاء ثم الفتح ثم أوطاس ثم تبوك ثم حج الوداع، وقد روي حُنين أيضًا. وفي رواية مسلم "كنا نستمتع بقبضة من التمر والدقيق الأيام على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر حتى نهى عنها" وانقطع الإجماع على حرمته فمن قال بجوازه فقد كفر. (ابن أبي ذئب) -بلفظ الحيوان المعروف- محمد بن عبد الرحمن.

33 - باب عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح

33 - باب عَرْضِ الْمَرْأَةِ نَفْسَهَا عَلَى الرَّجُلِ الصَّالِحِ 5120 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مَرْحُومٌ قَالَ سَمِعْتُ ثَابِتًا الْبُنَانِىَّ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ أَنَسٍ وَعِنْدَهُ ابْنَةٌ لَهُ، قَالَ أَنَسٌ جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَعْرِضُ عَلَيْهِ نَفْسَهَا قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَكَ بِى حَاجَةٌ، فَقَالَتْ بِنْتُ أَنَسٍ مَا أَقَلَّ حَيَاءَهَا وَاسَوْأَتَاهْ وَاسَوْأَتَاهْ. قَالَ هِىَ خَيْرٌ مِنْكِ رَغِبَتْ فِي النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَعَرَضَتْ عَلَيْهِ نَفْسَهَا. طرفه 6123 5121 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلٍ أَنَّ امْرَأَةً عَرَضَتْ نَفْسَهَا عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ زَوِّجْنِيهَا. فَقَالَ «مَا عِنْدَكَ». قَالَ مَا عِنْدِى شَىْءٌ. قَالَ «اذْهَبْ فَالْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ». فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لاَ وَاللَّهِ مَا وَجَدْتُ شَيْئًا، وَلاَ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ، وَلَكِنْ هَذَا إِزَارِى وَلَهَا نِصْفُهُ - قَالَ سَهْلٌ وَمَا لَهُ رِدَاءٌ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «وَمَا ـــــــــــــــــــــــــــــ باب عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح 5120 - (مرحوم) بالحاء المهملة (البناني) بضم الموحدة [نسبة] إلى بنانة قبيلة -اسم أمهم، كانت تحت سعد بن لؤي بن غالب (قال أنس: جاءت امرأة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تعرض نفسها عليه) ليقبل نكاحها (قالت بنت أنس: واسوأتاه) السوءة: العورة، والمراد منها الفعلة القبيحة، وهذه الصيغة للندبة كانها من غاية الاستقباح قال: تعالي هذا أوانك فرد عليها أنس (فقال: هي خير منك) لأنها رغبت في أن تكون زوج خير الخلق في الدنيا والآخرة. دل على استحباب عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح. وحديث الرجل الذي زوجه المرأة بما معه من القرآن تقدم في باب "خيركم من تعلم القرآن". والظاهر أن التي في حديث أنس غيره. 5121 - (أبو غسان) -بالغين المعجمة والسين المهملة- محمد بن مطرف (أبو حازم) -بالحاء المهملة- سلمة بن دينار.

34 - باب عرض الإنسان ابنته أو أخته على أهل الخير

تَصْنَعُ بِإِزَارِكَ إِنْ لَبِسْتَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا مِنْهُ شَىْءٌ، وَإِنْ لَبِسَتْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ مِنْهُ شَىْءٌ». فَجَلَسَ الرَّجُلُ حَتَّى إِذَا طَالَ مَجْلَسُهُ قَامَ فَرَآهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَدَعَاهُ أَوْ دُعِى لَهُ فَقَالَ «مَاذَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ». فَقَالَ مَعِى سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا لِسُوَرٍ يُعَدِّدُهَا. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَمْلَكْنَاكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ». طرفه 2310 34 - باب عَرْضِ الإِنْسَانِ ابْنَتَهُ أَوْ أُخْتَهُ عَلَى أَهْلِ الْخَيْرِ 5122 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يُحَدِّثُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حِينَ تَأَيَّمَتْ حَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ مِنْ خُنَيْسِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِىِّ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَتُوُفِّىَ بِالْمَدِينَةِ - فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَتَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ حَفْصَةَ فَقَالَ سَأَنْظُرُ فِي أَمْرِى. فَلَبِثْتُ لَيَالِىَ ثُمَّ لَقِيَنِى فَقَالَ قَدْ بَدَا لِى أَنْ لاَ أَتَزَوَّجَ يَوْمِى هَذَا. قَالَ عُمَرُ فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ فَقُلْتُ إِنْ شِئْتَ زَوَّجْتُكَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ. فَصَمَتَ أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ يَرْجِعْ إِلَىَّ شَيْئًا، وَكُنْتُ أَوْجَدَ عَلَيْهِ مِنِّى عَلَى عُثْمَانَ، فَلَبِثْتُ لَيَالِىَ ثُمَّ خَطَبَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَنْكَحْتُهَا إِيَّاهُ، فَلَقِيَنِى أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ لَعَلَّكَ وَجَدْتَ عَلَىَّ حِينَ عَرَضْتَ عَلَىَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب عرض الإنسان ابنته أو أخته على أهل الخير 5122 - (كيسان) بفتح الكاف وسكون المثناة (تأيمت حفصة) -بفتح التاء والهمزة وتشديد الياء- أي: صارت أيمًا، الأيم -على وزن السيد- المرأة التي لا زوج لها بكرًا كانت أو ثيبًا. قال تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ} [النور: 32] (من خنيس بن حذافة) بضم المعجمة وفتح النون مصغر، وحذافة بضم الحاء وذال معجمة (فتوفي عنها بالمدينة) قال ابن عبد البر: كان وفاته من جراحة أصيبها بأحد. وقال الدارقطني: طلقها. والصواب ما في البخاري وتوفي عنها. قال شيخنا: والأشبه أن يكون بعد بدر. روى في الباب أن عمر عرض حفصة على عثمان ثم على أبي بكر، وفيه الدلالة على الترجمة بلا خفاء (إن شئت زوجتك حفصة بنت عمر فصمت أبو بكر فلم يرجع إلي شيئًا وكنت أوجد عليه مني على عثمان) هذا تفضيل الشيء على نفسه باعتبار الحالين كما قالوا في: هذا رطبًا أطيب منه بسرًا. فإن قلت: بِمَ كان أوجد على أبي بكر من عثمان؟ قلت: لأن عثمان رد عليه الجواب،

حَفْصَةَ فَلَمْ أَرْجِعْ إِلَيْكَ شَيْئًا. قَالَ عُمَرُ قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ فَإِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِى أَنْ أَرْجِعَ إِلَيْكَ فِيمَا عَرَضْتَ عَلَىَّ إِلاَّ أَنِّى كُنْتُ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ ذَكَرَهَا، فَلَمْ أَكُنْ لأُفْشِىَ سِرَّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلَوْ تَرَكَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَبِلْتُهَا. طرفه 4005 5123 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى حَبِيبٍ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ زَيْنَبَ ابْنَةَ أَبِى سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّا قَدْ تَحَدَّثْنَا أَنَّكَ نَاكِحٌ دُرَّةَ بِنْتَ أَبِى سَلَمَةَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَعَلَى أُمِّ سَلَمَةَ لَوْ لَمْ أَنْكِحْ أُمَّ سَلَمَةَ مَا حَلَّتْ لِى، إِنَّ أَبَاهَا أَخِى مِنَ الرَّضَاعَةِ». طرفه 5101 ـــــــــــــــــــــــــــــ وأبو بكر سكت ولم يرد عليه شيئًا. وليس كذلك لأن عثمان إنما رد عليه بعد أيام، بل إنما كان أشد غضبًا عليه لأن الأخوة والصداقة بينهما كانت أتم. روي أن عمر شكا عثمان إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في رده نكاح حفصة فقال له: "ينكح حفصة من هو خير من عثمان وينكح عثمان من هي خيرًا من حفصة" وكذا جرى: تزوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حفصة، وتزوج عثمان بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قيل: قوله في شأن أبي بكر: سكت ولم يرد شيئًا تأكيد لدفع المجاز لاحتمال أن يسكت ساعة ثم يتكلم. وهذا ليس معنى التركيب بل إنما ذكره في مقابلة قول عثمان لأنه وإن لم يرد عليه الجواب إلا أنه قال (سأنظر في أمري). 5123 - (قتيبة) بضم القاف مصغر (يزيد بن أبي حبيب) -بفتح الحاء- على وزن كريم (عِراك) بكسر العين (دُرّة) بضم الدال وتشديد الراء. تقدم الحديث قريبًا مرارًا. باب قول الله: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} [البقرة: 235] التعريض من العرض -بضم العين- وهو: الجانب، وعند علماء البيان: الإشارة إلى معنى من دون استعمال اللفظ فيه حقيقة ولا مجازًا. والألفاظ المذكورة في الباب كلها من هذا النمط (وقال لي طَلْق) -بفتح الطاء وسكون اللام- هو ابن غنام شيخ البخاري، والرواية عنه بلفظ قال لأنه سمع الحديث مذاكرة (وقال الحسن: لا تواعدوهن سرًّا: الزنى) السر لغة: الوقاع قاله الجوهري، وإنما حمله الحسن على الزنى نظرًا إلى المقام.

35 - باب قول الله جل وعز (ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم فى أنفسكم علم الله) الآية إلى قوله (غفور حليم) (35)

35 - باب قَوْلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ (وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ) الآيَةَ إِلَى قَوْلِهِ (غَفُورٌ حَلِيمٌ). (35) (أَكْنَنْتُمْ) أَضْمَرْتُمْ، وَكُلُّ شَىْءٍ صُنْتَهُ فَهْوَ مَكْنُونٌ. 5124 - وَقَالَ لِى طَلْقٌ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (فِيمَا عَرَّضْتُمْ) يَقُولُ إِنِّى أُرِيدُ التَّزْوِيجَ، وَلَوَدِدْتُ أَنَّهُ تَيَسَّرَ لِى امْرَأَةٌ صَالِحَةٌ. وَقَالَ الْقَاسِمُ يَقُولُ إِنَّكِ عَلَىَّ كَرِيمَةٌ، وَإِنِّى فِيكِ لَرَاغِبٌ، وَإِنَّ اللَّهَ لَسَائِقٌ إِلَيْكِ خَيْرًا. أَوْ نَحْوَ هَذَا. وَقَالَ عَطَاءٌ يُعَرِّضُ وَلاَ يَبُوحُ يَقُولُ إِنَّ لِى حَاجَةً وَأَبْشِرِى، وَأَنْتِ بِحَمْدِ اللَّهِ نَافِقَةٌ. وَتَقُولُ هِىَ قَدْ أَسْمَعُ مَا تَقُولُ. وَلاَ تَعِدُ شَيْئًا وَلاَ يُوَاعِدُ وَلِيُّهَا بِغَيْرِ عِلْمِهَا، وَإِنْ وَاعَدَتْ رَجُلاً فِي عِدَّتِهَا ثُمَّ نَكَحَهَا بَعْدُ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا. وَقَالَ الْحَسَنُ (لاَ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا) الزِّنَا. وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (الْكِتَابُ أَجَلَهُ) تَنْقَضِى الْعِدَّةُ. 36 - باب النَّظَرِ إِلَى الْمَرْأَةِ قَبْلَ التَّزْوِيجِ 5125 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «رَأَيْتُكِ فِي الْمَنَامِ يَجِئُ بِكِ الْمَلَكُ فِي سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ فَقَالَ لِى هَذِهِ امْرَأَتُكَ. فَكَشَفْتُ عَنْ وَجْهِكِ الثَّوْبَ، فَإِذَا أَنْتِ ـــــــــــــــــــــــــــــ وحاصل ما في هذا الباب: أن التصريح حرام مطلقًا، والتعريض جائز في المتوفى عنها زوجها، وفي الرجعية حرام، وفي البائن خلاف وقال مالك: لو صرح بالخطبة في العدة ثم تزوجها يفرق بينهما. باب النظر إلى المرأة قبل التزويج 5125 - (مسدد) بضم الميم وفتح الدال المشددة (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم (أريتك في المنام يجيء بك الملك) هو جبريل وفي الجمع بين قوله: (أريتك) بلفظ الماضي و (يجيء) المستقبل دلالة على أنه تكرر هذا الفعل، و (السرقة) -بثلاث فتحات- قطعة من

هِىَ فَقُلْتُ إِنْ يَكُ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ». طرفه 3895 5126 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ جِئْتُ لأَهَبَ لَكَ نَفْسِى. فَنَظَرَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَصَعَّدَ النَّظَرَ إِلَيْهَا وَصَوَّبَهُ، ثُمَّ طَأْطَأَ رَأْسَهُ، فَلَمَّا رَأَتِ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ فِيهَا شَيْئًا جَلَسَتْ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَىْ رَسُولَ اللَّهِ إِنْ لَمْ تَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ فَزَوِّجْنِيهَا. فَقَالَ «هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَىْءٍ». قَالَ لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «اذْهَبْ إِلَى أَهْلِكَ فَانْظُرْ هَلْ تَجِدُ شَيْئًا». فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا وَجَدْتُ شَيْئًا. قَالَ «انْظُرْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ». فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلاَ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ، وَلَكِنْ هَذَا إِزَارِى - قَالَ سَهْلٌ مَا لَهُ رِدَاءٌ - فَلَهَا نِصْفُهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا تَصْنَعُ بِإِزَارِكَ إِنْ لَبِسْتَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا مِنْهُ شَىْءٌ، وَإِنْ لَبِسَتْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ شَىْءٌ». فَجَلَسَ الرَّجُلُ حَتَّى طَالَ مَجْلَسُهُ ثُمَّ قَامَ فَرَآهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُوَلِّيًا فَأَمَرَ بِهِ فَدُعِىَ فَلَمَّا جَاءَ قَالَ «مَاذَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ». قَالَ مَعِى سُورَةَ كَذَا وَسُورَةَ كَذَا وَسُورَةَ كَذَا. عَدَّدَهَا. قَالَ «أَتَقْرَؤُهُنَّ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِكَ». قَالَ نَعَمْ. قَالَ «اذْهَبْ فَقَدْ مَلَّكْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ». طرفه 2310 ـــــــــــــــــــــــــــــ الحرير معرب سره بفتح السين والراء وسكون الهاء قاله الجوهري، معناه الجيد. فإن قلت: الكلام في نظر الخاطب على المرأة، وههنا كان رؤيا منام؟ قلت: لو لم يكن النظر إلى المخطوبة جائزًا لما كشف الثوب عن وجهها. ورؤياه ويقظته سواء، ولذلك كان رؤياه وحيًا كاليقظة في ثبوت الأحكام، وفي الحديث دلالة على أن النظر إلى المخطوبة مندوب إليه، وقال الفقهاء: إنما ينظر إلى الوجه والكفين، وقال الأوزاعي: ينظر إلى موضع اللحم منهما. 5126 - (قتيبة) بضم القاف مصغر (أبي حازم) بالحاء المهملة (صغد) -بتشديد العين- أي: رفع (وصوّب) -بتشديد الواو- أي: خفض. والحديث تقدم آنفًا في باب عرض المرأة نفسها.

37 - باب من قال لا نكاح إلا بولى

37 - باب مَنْ قَالَ لاَ نِكَاحَ إِلاَّ بِوَلِىٍّ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ) فَدَخَلَ فِيهِ الثَّيِّبُ وَكَذَلِكَ الْبِكْرُ. وَقَالَ (وَلاَ تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا) وَقَالَ (وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ). 5127 - قَالَ يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرَتْهُ أَنَّ النِّكَاحَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَنْحَاءٍ فَنِكَاحٌ مِنْهَا نِكَاحُ النَّاسِ الْيَوْمَ، يَخْطُبُ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ وَلِيَّتَهُ أَوِ ابْنَتَهُ، فَيُصْدِقُهَا ثُمَّ يَنْكِحُهَا، وَنِكَاحٌ آخَرُ كَانَ الرَّجُلُ يَقُولُ لاِمْرَأَتِهِ إِذَا طَهُرَتْ مِنْ طَمْثِهَا أَرْسِلِى إِلَى فُلاَنٍ فَاسْتَبْضِعِى مِنْهُ. وَيَعْتَزِلُهَا زَوْجُهَا، وَلاَ يَمَسُّهَا أَبَدًا، حَتَّى يَتَبَيَّنَ حَمْلُهَا مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِى تَسْتَبْضِعُ مِنْهُ، فَإِذَا تَبَيَّنَ حَمْلُهَا أَصَابَهَا زَوْجُهَا إِذَا أَحَبَّ، وَإِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ رَغْبَةً فِي نَجَابَةِ الْوَلَدِ، فَكَانَ هَذَا النِّكَاحُ نِكَاحَ الاِسْتِبْضَاعِ، وَنِكَاحٌ آخَرُ يَجْتَمِعُ الرَّهْطُ مَا دُونَ الْعَشَرَةِ فَيَدْخُلُونَ عَلَى الْمَرْأَةِ كُلُّهُمْ يُصِيبُهَا. فَإِذَا حَمَلَتْ وَوَضَعَتْ، وَمَرَّ عَلَيْهَا لَيَالِىَ بَعْدَ أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا، أَرْسَلَتْ إِلَيْهِمْ فَلَمْ يَسْتَطِعْ رَجُلٌ مِنْهُمْ أَنْ يَمْتَنِعَ حَتَّى يَجْتَمِعُوا عِنْدَهَا تَقُولُ لَهُمْ قَدْ عَرَفْتُمُ الَّذِى كَانَ مِنْ أَمْرِكُمْ، وَقَدْ وَلَدْتُ فَهُوَ ابْنُكَ يَا فُلاَنُ. تُسَمِّى مَنْ أَحَبَّتْ بِاسْمِهِ، فَيَلْحَقُ بِهِ وَلَدُهَا، لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من قال: لا نكاح إلا بولي 5127 - (يحيى بن سليمان) هو شيخ البخاري، وإنما روى عنه بلفظ قال لأنه سمع الحديث مذاكرة، وقد روى عنه في كتاب العلم (عنبسة) بفتح العين وسكون النون بعده موحدة (إن النكاح في الجاهلية كان على أربعة أنحاء) -بفتح الهمزة والمد- جمع نحو بمعنى النوع (يخطب الرجل إلى الرجل وليته) أي: موليته التي عليها ولاية (ونكاح آخر كان الرجل يقول لامرأته إذا طهرت من طمثها) أي: حيضها: (أرسلي إلى فلان فاستبضعي منه) قال ابن الأثير: أي: اطلبي منه البضع وهو الجماع، وكانوا يفعلون هذا مع الرؤساء والشجعان لنجابة

يَمْتَنِعَ بِهِ الرَّجُلُ. وَنِكَاحُ الرَّابِعِ يَجْتَمِعُ النَّاسُ الْكَثِيرُ فَيَدْخُلُونَ عَلَى الْمَرْأَةِ لاَ تَمْتَنِعُ مِمَّنْ جَاءَهَا وَهُنَّ الْبَغَايَا كُنَّ يَنْصِبْنَ عَلَى أَبْوَابِهِنَّ رَايَاتٍ تَكُونُ عَلَمًا فَمَنْ أَرَادَهُنَّ دَخَلَ عَلَيْهِنَّ، فَإِذَا حَمَلَتْ إِحْدَاهُنَّ وَوَضَعَتْ حَمْلَهَا جُمِعُوا لَهَا وَدَعَوْا لَهُمُ الْقَافَةَ ثُمَّ أَلْحَقُوا وَلَدَهَا بِالَّذِى يَرَوْنَ فَالْتَاطَ بِهِ، وَدُعِىَ ابْنَهُ لاَ يَمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ، فَلَمَّا بُعِثَ مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - بِالْحَقِّ هَدَمَ نِكَاحَ الْجَاهِلِيَّةِ كُلَّهُ، إِلاَّ نِكَاحَ النَّاسِ الْيَوْمَ. 5128 - حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ (وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللاَّتِى لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ). قَالَتْ هَذَا فِي الْيَتِيمَةِ الَّتِى تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ، لَعَلَّهَا أَنْ تَكُونَ شَرِيكَتَهُ فِي مَالِهِ، وَهْوَ أَوْلَى بِهَا، فَيَرْغَبُ أَنْ يَنْكِحَهَا، فَيَعْضُلَهَا لِمَالِهَا، وَلاَ يُنْكِحَهَا غَيْرَهُ، كَرَاهِيَةَ أَنْ يَشْرَكَهُ أَحَدٌ فِي مَالِهَا. طرفه 2494 5129 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ أَنَّ عُمَرَ حِينَ تَأَيَّمَتْ حَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ مِنِ ابْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِىِّ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ تُوُفِّىَ بِالْمَدِينَةِ - فَقَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ الولد. (ونكاح الرابع) كذا وقع وهو من إضافة الموصوف إلى الصفة، وفي بعضها "النكاح الرابع" وهو ظاهر (دعوا لهم القافَة) -بالقاف والفاء- جمع قائف، وهو الذي يلحق الولد المشبه بالأب عند التنازع (ثم ألحقوا ولدها بالذي يرون فالتاطته) أي: التصق به وصار ولده أي: من اللياطة. 5128 - (يحيى) كذا وقع من غير ترجمة ويحتمل أن يكون ابن موسى، وابن جعفر لأن كلًّا منهما يروي عن وكيع. وحديث عائشة في يتامى النساء سلف في سورة النساء وبعده مرارًا. (كراهية أن يشركه في مالها أحد) بفتح الراء. 5129 - (معمر) بفتح الميمين وسكون العين. وحديث عرض عمر حفصة على عثمان تقدم آنفًا في باب عرض الرجل ابنته.

عُمَرُ لَقِيتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ. فَقَالَ سَأَنْظُرُ فِي أَمْرِى. فَلَبِثْتُ لَيَالِىَ ثُمَّ لَقِيَنِى فَقَالَ بَدَا لِى أَنْ لاَ أَتَزَوَّجَ يَوْمِى هَذَا. قَالَ عُمَرُ فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ. طرفه 4005 5130 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِى عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى قَالَ حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ (فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ) قَالَ حَدَّثَنِى مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِيهِ قَالَ زَوَّجْتُ أُخْتًا لِى مِنْ رَجُلٍ فَطَلَّقَهَا، حَتَّى إِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا جَاءَ يَخْطُبُهَا، فَقُلْتُ لَهُ زَوَّجْتُكَ وَفَرَشْتُكَ وَأَكْرَمْتُكَ، فَطَلَّقْتَهَا، ثُمَّ جِئْتَ تَخْطُبُهَا، لاَ وَاللَّهِ لاَ تَعُودُ إِلَيْكَ أَبَدًا، وَكَانَ رَجُلاً لاَ بَأْسَ بِهِ وَكَانَتِ الْمَرْأَةُ تُرِيدُ أَنَّ تَرْجِعَ إِلَيْهِ فَأَنْزَلَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 5130 - (معقل بن يسار) -بكسر القاف- ويسار ضد اليمين. استدل البخاري بالأحاديث والآية على أن الولي هو المباشر للنكاح أما الأحاديث فالدلالة فيها ظاهرة، وأما الاية فلأن العضل هو المنع، فلو لم يكن للولي منعها والولاية لم يكن للخطاب معه وجه ولا لمنعه تأثير. وقال أبو حنيفة: البالغة تزوج نفسها ولها أن توكل، واستدل بحديث رواه مسلم: "الأيم أحق بنفسها من وليها" وفي أبي داود والنسائي: "ليس للولي مع الثيب أمر"، وفي رواية عن أحمد: "هي أولى بأمرها". وأجاب الجمهور بأن الأحاديث دلت على أنه لا يجوز إجبارها بل لا بد من رضاها ونحن نقول به. وإنما الكلام في مباشرة العقد. وقد روى الحاكم وابن حبان عن عائشة: "لا نكاح إلا بولي وشاهدين" وروى الدارقطني عن أبي هريرة والحديث على شرط الصحيح: "لا تزوج المراة [المرأة] ولا تزوج نفسها". فإن قلت: روى مالك أن عائشة زوجت بنت أخيها عبد الرحمن وهو غائب؟ قلت: أجابوا بأنه لم ترد رواياته أنها باشرت العقد.

38 - باب إذا كان الولى هو الخاطب

اللَّهُ هَذِهِ الآيَةَ (فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ) فَقُلْتُ الآنَ أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ فَزَوَّجَهَا إِيَّاهُ. طرفه 4529 38 - باب إِذَا كَانَ الْوَلِىُّ هُوَ الْخَاطِبَ وَخَطَبَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ امْرَأَةً هُوَ أَوْلَى النَّاسِ بِهَا فَأَمَرَ رَجُلاً فَزَوَّجَهُ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ لأُمِّ حَكِيمٍ بِنْتِ قَارِظٍ أَتَجْعَلِينَ أَمْرَكِ إِلَىَّ قَالَتْ نَعَمْ فَقَالَ قَدْ تَزَوَّجْتُكِ. وَقَالَ عَطَاءٌ لِيُشْهِدْ أَنِّى قَدْ نَكَحْتُكِ أَوْ لِيَأْمُرْ رَجُلاً مِنْ عَشِيرَتِهَا. وَقَالَ سَهْلٌ قَالَتِ امْرَأَةٌ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَهَبُ لَكَ نَفْسِى فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ لَمْ تَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ فَزَوِّجْنِيهَا. 5131 - حَدَّثَنَا ابْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إذا كان الولي هو الخاطب تولى طرفي العقد بأن يكون الإيجاب والقبول صادرًا من واحد مخصوصًا بالجد في نكاح بنت ابنه لابن ابنه. وقال أبو حنيفة وأحمد: يجوز لابن العم بنت عمه من نفسه، والأثر الذي نقله عن المغيرة أنه خطب امرأة هو أولى الناس بها فأمر رجلًا أن يزوجه دليل للشافعي، وما رواه عن عبد الرحمن بن عوف وهو عطاء وحديث الواهبة دليل لأبي حنيفة وأحمد. قال بعض الشارحين: قوله في الأثر الذي رواه عن المغيرة فأمر رجلًا فزوجه، يحتمل أن يكون هذا الأمر وكالة وأن يكون تحكيمًا. وكلاهما ليسا بشيء. أما الأول: فلأن شرط ما يوكل فيه أن يكون الموكل قادرًا على مباشرته معنى وولاية صرح به الرافعي. وأما الثاني: فلأن التحكيم إنما يكون في الخصومة من المدعي والمدعى عليه. وحديث الواهبة نفسها تقدم آنفًا. وإنما رواه دلالة على أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لو قبلهما كان الولي والخاطب. 5131 - (ابن سلام) -بتخفيف اللام- محمد (أبو معاوية) محمد بن خازم -بالخاء

39 - باب إنكاح الرجل ولده الصغار

عَائِشَةَ - رضى الله عنها - فِي قَوْلِهِ (وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ) إِلَى آخِرِ الآيَةِ، قَالَتْ هِىَ الْيَتِيمَةُ تَكُونُ فِي حَجْرِ الرَّجُلِ، قَدْ شَرِكَتْهُ فِي مَالِهِ، فَيَرْغَبُ عَنْهَا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، وَيَكْرَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا غَيْرَهُ، فَيَدْخُلَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ، فَيَحْبِسُهَا، فَنَهَاهُمُ اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ. طرفه 2494 5132 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - جُلُوسًا فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ تَعْرِضُ نَفْسَهَا عَلَيْهِ فَخَفَّضَ فِيهَا النَّظَرَ وَرَفَعَهُ فَلَمْ يُرِدْهَا، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ زَوِّجْنِيهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «أَعِنْدَكَ مِنْ شَىْءٍ». قَالَ مَا عِنْدِى مِنْ شَىْءٍ. قَالَ «وَلاَ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ». قَالَ وَلاَ خَاتَمًا مِنَ حَدِيدٍ وَلَكِنْ أَشُقُّ بُرْدَتِى هَذِهِ فَأُعْطِيهَا النِّصْفَ، وَآخُذُ النِّصْفَ. قَالَ «لاَ، هَلْ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ شَىْءٌ». قَالَ نَعَمْ. قَالَ «اذْهَبْ فَقَدْ زَوَّجْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ». طرفه 2310 39 - باب إِنْكَاحِ الرَّجُلِ وَلَدَهُ الصِّغَارَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى (وَاللاَّئِى لَمْ يَحِضْنَ) فَجَعَلَ عِدَّتَهَا ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ قَبْلَ الْبُلُوغِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المعجمة-. وحديث عائشة في ولي اليتيمة تقدم مرارًا. وموضع الدلالة هنا: (فيرغب عنها أن يتزوجها) فإنه يدل على أنه لو أراد تزوجها يكون الولي هو المخاطب. 5132 - (أحمد بن المقدام) بكسر الميم (فضيل بن سليمان) بفتح الفاء، مصغر (أبو حازم) -بالحاء المهملة- سلمة بن دينار. باب إنكاح الرجل وَلَدَه الصغار قال الجوهري: الولد يكون مفردًا وجمعًا، وكذلك بضم الواو. قلت: يجب حمله على الجمع لأنه وصفه بالصغار. استدل على جواز النكاح في الصغير بقوله تعالى: {وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ} [الطلاق: 4]) ووجه الدلالة ظاهرة لكن لا بد من قيد أي: هي شأنها الحيض ولكن لم تبلغ، أو إن الحيض وانعدام الحيض ليس من خواص الصغار.

40 - باب تزويج الأب ابنته من الإمام

5133 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - تَزَوَّجَهَا وَهْىَ بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ، وَأُدْخِلَتْ عَلَيْهِ وَهْىَ بِنْتُ تِسْعٍ، وَمَكَثَتْ عِنْدَهُ تِسْعًا. طرفه 3894 40 - باب تَزْوِيجِ الأَبِ ابْنَتَهُ مِنَ الإِمَامِ وَقَالَ عُمَرُ خَطَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَىَّ حَفْصَةَ فَأَنْكَحْتُهُ. 5134 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - تَزَوَّجَهَا وَهْىَ بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ، وَبَنَى بِهَا وَهْىَ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ. قَالَ هِشَامٌ وَأُنْبِئْتُ أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَهُ تِسْعَ سِنِينَ. طرفه 3894 41 - باب السُّلْطَانُ وَلِىٌّ بِقَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «زَوَّجْنَاكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ 5133 - ثم روى حديث عائشة (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوجها وهي بنت ست، وأدخلَتْ عليه وهي بنت تسع) وفي رواية ابن ماجه "تزوجها وهي بنت سبع" ولعل ذلك باعتبار الكبر وعدم اعتباره، ثم البكارة. عليه الإجبار عند مالك والشافعي وفي رواية عن أحمد، والولي المجبر: الأب والجد عند الشافعي، وعند مالك: والأم، و [عند] أحمد: الأب لا غير، وعلة الإجبار عند أبي حنيفة الصغر: يجوز للولي المجبر تزويج الصغيرة من غير إذنها وإن كانت ثيبًا، والولي المجبر: الأب والجد. باب تزويج الأب ابنته من الإمام استدل عليه بتزويج عمر والصديق حفصة وعائشة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفيه دلالة على تأخير ولاية السلطان عن الأب. 5134 - (معلى بن أسد) بضم الميم وتشديد اللام (وهيب) بضم الواو مصغر. باب السلطان ولي استدل به على ولاية السلطان بحديث الواهبة نفسها فإنه - صلى الله عليه وسلم - زوجها الرجل بما معه من

42 - باب لا ينكح الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاها

5135 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ إِنِّى وَهَبْتُ مِنْ نَفْسِى. فَقَامَتْ طَوِيلاً فَقَالَ رَجُلٌ زَوِّجْنِيهَا، إِنْ لَمْ تَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ. قَالَ «هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَىْءٍ تُصْدِقُهَا». قَالَ مَا عِنْدِى إِلاَّ إِزَارِى. فَقَالَ «إِنْ أَعْطَيْتَهَا إِيَّاهُ جَلَسْتَ لاَ إِزَارَ لَكَ، فَالْتَمِسْ شَيْئًا». فَقَالَ مَا أَجِدُ شَيْئًا. فَقَالَ «الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدِ». فَلَمْ يَجِدْ. فَقَالَ «أَمَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ شَىْءٌ». قَالَ نَعَمْ سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا لِسُوَرٍ سَمَّاهَا. فَقَالَ «زَوَّجْنَاكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ». طرفه 2310 42 - باب لاَ يُنْكِحُ الأَبُ وَغَيْرُهُ الْبِكْرَ وَالثَّيِّبَ إِلاَّ بِرِضَاهَا 5136 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَهُمْ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تُنْكَحُ الأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ وَلاَ تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ إِذْنُهَا قَالَ «أَنْ تَسْكُتَ». طرفاه 6968، 6970 5137 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ طَارِقٍ قَالَ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ أَبِى ـــــــــــــــــــــــــــــ القرآن. والإجماع على أنه وليُ من لا ولي لها: وكذا إذا غاب الولي الأقرب عند الشافعي. وقال مالك وأبو حنيفة وأحمد: يزوجها الأبعد. 5135 - (جاءت امرأة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إني وهبت منك نفسي) وفي بعضها: "وهبت من نفسي" قال النووي وتبعه الشارحون: إن [من] في الموضعين زائدة على مذهب الأخفش. قلت: ذلك ضعيف ولا ضرورة في ارتكابه هنا لأن من بمعنى اللام في الأول. يدل عليه قوله تعالى: {وامرأةً مؤمنةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ} [الأحزاب: 50] وفي الثاني: تبعيضية لأن المراد هبة ما يصح هبته منها وهو البضع. باب لا يُنكح الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاها المراد المبالغة إذ لا اعتبار برضا غيرها إجماعًا إلا برواية عن أحمد في بنت تسع. 5136 - 5137 - (لا تنكح الأيم حتى تستأمر) قد سلف أن الأيم المرأة التي لا زوج لها،

43 - باب إذا زوج ابنته وهى كارهة فنكاحه مردود

مُلَيْكَةَ عَنْ أَبِى عَمْرٍو مَوْلَى عَائِشَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الْبِكْرَ تَسْتَحِى. قَالَ «رِضَاهَا صَمْتُهَا». طرفاه 6946، 6971 43 - باب إِذَا زَوَّجَ ابْنَتَهُ وَهْىَ كَارِهَةٌ فَنِكَاحُهُ مَرْدُودٌ 5138 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمُجَمِّعٍ ابْنَىْ يَزِيدَ بْنِ جَارِيَةَ عَنْ خَنْسَاءَ بِنْتِ خِذَامٍ الأَنْصَارِيَّةِ أَنَّ أَبَاهَا زَوَّجَهَا وَهْىَ ثَيِّبٌ، فَكَرِهَتْ ذَلِكَ فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَرَدَّ نِكَاحَهُ. أطرافه 5139، 6945، 6969 5139 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا يَزِيدُ أَخْبَرَنَا يَحْيَى أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ والمراد بها في الحديث الثيب لوقوعها في مقابلة البكر. وأخذ بظاهر الحديث أبو حنيفة وسائر الأئمة على أن المراد بالبكر اليتيمة لما روى الأئمة غير ابن ماجه قيد اليتيمة. فإن قلت: فما تقولون في الأمر بالاستئذان في هذه الأحاديث؟ قلت: أجاب الشافعي بان المراد به استطابة النفس. باب إذا زوج ابنته وهي كارهة فنكاحه مردود 5138 - 5139 - (عبد الرحمن ومُجمِّع) بضم الميم وتشديد الجيم المكسورة (يزيد بن جارية) بالجيم (عن خنساء) بالخاء والمد (بنت خذام) بكسر الخاء المعجمة وذال مثلهما (الأنصارية) الأوسية، كانت تحت أنس بن قتادة، قتل يوم أحد. وفي رواية النسائي: "كانت بكرًا" وليس بصواب لما رواه ابن ماجه: أن أبي زوجني وأنا كارهة وإني أريد أن أتزوج عم ولدي فانتزعها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منه فتزوجت أبا لبابة بن المنذر. قال البيهقي: إن ثبت حديث البكر يحمل على أنه زوجها بغير كفء. (إسحاق) كذا وقع غير منسوب. قال الغساني: لم أجده منسوبًا عند أحد وهو ابن

44 - باب تزويج اليتيمة

حَدَّثَهُ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ وَمُجَمِّعَ بْنَ يَزِيدَ حَدَّثَاهُ أَنَّ رَجُلاً يُدْعَى خِذَامًا أَنْكَحَ ابْنَةً لَهُ. نَحْوَهُ. طرفه 5138 44 - باب تَزْوِيجِ الْيَتِيمَةِ لِقَوْلِهِ (وَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ لاَ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا)، إِذَا قَالَ لِلْوَلِىِّ زَوِّجْنِى فُلاَنَةَ. فَمَكِثَ سَاعَةً أَوْ قَالَ مَا مَعَكَ فَقَالَ مَعِى كَذَا وَكَذَا. أَوْ لَبِثَا ثُمَّ قَالَ زَوَّجْتُكَهَا. فَهْوَ جَائِزٌ. فِيهِ سَهْلٌ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 5140 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ. وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَ لَهَا يَا أُمَّتَاهْ (وَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ لاَ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى) إِلَى (مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) قَالَتْ عَائِشَةُ يَا ابْنَ أُخْتِى هَذِهِ الْيَتِيمَةُ تَكُونُ فِي حَجْرِ وَلِيِّهَا، فَيَرْغَبُ فِي جَمَالِهَا وَمَالِهَا، وَيُرِيدُ أَنْ يَنْتَقِصَ مِنْ صَدَاقِهَا، فَنُهُوا عَنْ نِكَاحِهِنَّ. إِلاَّ أَنْ يُقْسِطُوا لَهُنَّ فِي ـــــــــــــــــــــــــــــ منصور صرح به في باب شهود الملائكة بدرًا عن يزيد بن هارون. باب تزويج اليتيمة روى في الباب حديث عائشة في اليتيمة بطوله وقد سلف مرارًا. ومحصله: أن اليتيمة لا يخلو إن كانت جميلة رغب الولي في جمالها وإن كانت ذميمة منعها عن الغير. وظاهره أن الولي إن تزوج الصغيرة قبل البلوغ كما ذهب إليه أبو حنيفة. ومن منع احتج بقوله: "لا تنكح اليتيمة حتى تستأمر" فورد أن الصغيرة لا تستأمر فقال: معناه حتى تبلغ فتستأمر جمعًا بين الأدلة. (وإذا قال للولي: زوجني فلانة فمكث ساعة أو قال ما معك) و (فيه سهل) أشار إلى ما تقدم من رواية سهل حديث الواهبة نفسها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يقبلها فسأله رجل أن يزوجها له بما معه من القرآن.

45 - باب إذا قال الخاطب للولى زوجنى فلانة فقال قد زوجتك بكذا وكذا جاز النكاح، وإن لم يقل للزوج أرضيت أو قبلت

إِكْمَالِ الصَّدَاقِ وَأُمِرُوا بِنِكَاحِ مَنْ سِوَاهُنَّ مِنَ النِّسَاءِ، قَالَتْ عَائِشَةُ اسْتَفْتَى النَّاسُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ ذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ (وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ) إِلَى (وَتَرْغَبُونَ) فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ فِي هَذِهِ الآيَةِ أَنَّ الْيَتِيمَةَ إِذَا كَانَتْ ذَاتَ مَالٍ وَجَمَالٍ، رَغِبُوا فِي نِكَاحِهَا وَنَسَبِهَا وَالصَّدَاقِ، وَإِذَا كَانَتْ مَرْغُوبًا عَنْهَا فِي قِلَّةِ الْمَالِ وَالْجَمَالِ، تَرَكُوهَا وَأَخَذُوا غَيْرَهَا مِنَ النِّسَاءِ - قَالَتْ - فَكَمَا يَتْرُكُونَهَا حِينَ يَرْغَبُونَ عَنْهَا، فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَنْكِحُوهَا إِذَا رَغِبُوا فِيهَا، إِلاَّ أَنْ يُقْسِطُوا لَهَا وَيُعْطُوهَا حَقَّهَا الأَوْفَى مِنَ الصَّدَاقِ. طرفه 2494 45 - باب إِذَا قَالَ الْخَاطِبُ لِلْوَلِىِّ زَوِّجْنِى فُلاَنَةَ. فَقَالَ قَدْ زَوَّجْتُكَ بِكَذَا وَكَذَا. جَازَ النِّكَاحُ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِلزَّوْجِ أَرَضِيتَ أَوْ قَبِلْتَ 5141 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلٍ أَنَّ امْرَأَةً أَتَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَعَرَضَتْ عَلَيْهِ نَفْسَهَا فَقَالَ «مَا لِى الْيَوْمَ فِي النِّسَاءِ مِنْ حَاجَةٍ». فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ زَوِّجْنِيهَا. قَالَ «مَا عِنْدَكَ». قَالَ مَا عِنْدِى شَىْءٌ. قَالَ «أَعْطِهَا وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ». قَالَ مَا عِنْدِى شَىْءٌ. قَالَ «فَمَا عِنْدَكَ مِنَ الْقُرْآنِ». قَالَ عِنْدِى كَذَا وَكَذَا. قَالَ «فَقَدْ مَلَّكْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ». طرفه 2310 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إذا قال الخاطب للولي: زوجني فلانة 5141 - روى في الباب حديث الواهبة نفسها، وزاد في الترجمة أنه قال: زوجتكها بما معك. لم يسأله هل رضي بذلك ولا قال الرجل: قبلت. وشرح هذا أن رضا الخاطب لا بد منه. إنما الكلام فيما إذا تقدم منه ما يدل على رضاه، ولا شك في صحته لهذا الحديث، وعليه الفقهاء. فإن قلت: قد سلف في الباب قبله أن الولي إذا لبث بعد الخطبة ساعة ثم قال: زوجتكها صح فلم أعاده؟ قلت: ذلك كان في تأخير كلام الولي عن طلب الخاطب، وهذا في عدم صدور القبول من الخاطب صريحًا مع تقدم ما يدل عليه، وقد التبس على بعضهم فظن أن المعنى واحد، وأن المراد أن التفريق بين الإيجاب والقبول لا يضر ما داما في المجلس، فاعترض بأن الحديث لا يدل عليه. وقد بينا لك الحق والله الموفق. أما تعليبه بأن هذا وافقه عين فلا يدل العموم فليس بشيء لأن الأسباب كلها كذلك، وإنما العبرة بعموم اللفظ والعلة.

46 - باب لا يخطب على خطبة أخيه، حتى ينكح أو يدع

46 - باب لاَ يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ، حَتَّى يَنْكِحَ أَوْ يَدَعَ 5142 - حَدَّثَنَا مَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ سَمِعْتُ نَافِعًا يُحَدِّثُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - كَانَ يَقُولُ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَبِيعَ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَلاَ يَخْطُبَ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ، حَتَّى يَتْرُكَ الْخَاطِبُ قَبْلَهُ، أَوْ يَأْذَنَ لَهُ الْخَاطِبُ. طرفه 2139 5143 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنِ الأَعْرَجِ قَالَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَأْثُرُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب لا يخطب على خطبة أخيه حتى ينكح أو يدع الخِطبة -بكسر الخاء-: اسم من الخطاب وهي الكلام الذي يقع في مقدمات النكاح وطلبه، وبالضم الحمد والثناء حين العقد. 5142 - (ابن جريج) بضم الجيم (ولا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى يترك الخاطب قبله أو يأذن له) قال ابن الأثير: هذا إنما يكون إذا ركن أحدهما إلى الآخر وتراضيا واتفقا على صداق معلوم، ولم يبق إلا العقد. 5143 - (بكير) بضم الباء، مصغر (فال أبو هريرة: يأثر) أي: ينقل عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث) قال ابن الأثير: أراد الشك يعرض لك فتحققه وفيه بعد وتكلف. وقال بعض الشارحين: فإن قلت: الكذب عدم مطابقة الواقع وهو لا يقبل الزيادة والنقصان فأوجه الأفعل. قلت: يريد أن الظن أكثر كذبًا من الكلام، أو أن إثم هذا الكذب أزيد من إثم الحديث به، أو من سائر الأكاذيب هذا كلامه، وفساده غني عن البيان إذ لا يعقل منه معنى. فإن قلت: فما وجه هذا الكلام؟ قلت: تحقيق هذا أن الحكحم على الشيء إما مع الجزم لموجب وهو البرهان والضرورة والعادة، وهذا هو القطعي الذي لا يحتمل خلافه لا حالًا ولا مآلًا، وأما مع الجزم بدون الموجب وهو المعبر عنه بالاعتقاد وهذا لا يحتمل نقيضه في الحال، ولكن يحتمل أن لا يكون مع الجزم، ولكن يكون مع الرجحان إذ الشك الذي هو تساوي الطرفين، والوهم المرجوح لا يتصور معهما حكم، فإذا تقرر هذا فقد علم أن اليقين لا يمكن الكذب فيه، والاعتقاد لا يحتمل حالًا بل مآلًا، فكان الظن أكثر كذبًا من غيره.

47 - باب تفسير ترك الخطبة

وَلاَ تَجَسَّسُوا، وَلاَ تَحَسَّسُوا، وَلاَ تَبَاغَضُوا، وَكُونُوا إِخْوَانًا». أطرافه 6064، 6066، 6724 5144 - «وَلاَ يَخْطُبُ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ، حَتَّى يَنْكِحَ، أَوْ يَتْرُكَ». طرفه 2140 47 - باب تَفْسِيرِ تَرْكِ الْخِطْبَةِ 5145 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يُحَدِّثُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حِينَ تَأَيَّمَتْ حَفْصَةُ قَالَ عُمَرُ لَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ. فَلَبِثْتُ لَيَالِىَ ثُمَّ خَطَبَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَقِيَنِى أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ إِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِى أَنْ أَرْجِعَ إِلَيْكَ فِيمَا عَرَضْتَ إِلاَّ أَنِّى قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ ذَكَرَهَا فَلَمْ أَكُنْ لأُفْشِىَ سِرَّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلَوْ تَرَكَهَا لَقَبِلْتُهَا. تَابَعَهُ يُونُسُ وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَابْنُ أَبِى عَتِيقٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ. طرفه 4005 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: الكلام إنما هو في الظن لا المظنون؟ قلت: بل الظن بمعنى المظنون لأن اسم التفضيل بعض ما أضيف إليه. (ولا تجسسوا ولا تحسسوا) قال ابن الأثير: الأول بالجيم: وهو الكشف عن بواطن الأمور، وأكثر ما يستعمل في الشر ومنه الجاسوس. وقيل: بالجيم الطلب للغير، وبالحاء لنفسه. وقيل: بالجيم البحث عن العورات، وبالحاء: الاستماع إلى الأخبار. وقيل: هما بمعنى واحد (وكونوا عباد الله إخوانًا) خبران لكان، أو عباد الله جملة ندائية معترضة وإخوانًا خبر. باب تفسير ترك الخطبة 5145 - روى في الباب حديث [عرض] عمر حفصة على أبي بكر، واستشكل هذا فإن الخطبة كما ذكرنا: أن يقع كلام الزوجين ويحصل الركون. وقصة الصديق لم تكن من هذا القبيل. وأجاب ابن بطال بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان قد ذكرها، ومعلوم أن عمر لا يتوقف في ذلك ولا حفصة وهذا بمثابة الكلام، وهذا الكلام حسن في نفسه إلا أنه ليس غرض البخاري، بل مراده بيان أن ترك الخطبة قد يكون لمانع فيدل على أن سيد القوم إذا ذكر امرأة الأولَى ترك خطبتها كما فعل الصديق، وترجمة الباب ظاهرة فيما ذكرنا. قال الجوهري: الفسر بيان الشيء، وكذا التفسير تأمل.

48 - باب الخطبة

48 - باب الْخُطْبَةِ 5146 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ جَاءَ رَجُلاَنِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَخَطَبَا فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ سِحْرًا». طرفه 5767 49 - باب ضَرْبِ الدُّفِّ فِي النِّكَاحِ وَالْوَلِيمَةِ 5147 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ ذَكْوَانَ قَالَ قَالَتِ الرُّبَيِّعُ بِنْتُ مُعَوِّذٍ ابْنِ عَفْرَاءَ. جَاءَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَدَخَلَ حِينَ بُنِىَ عَلَىَّ، فَجَلَسَ عَلَى فِرَاشِى كَمَجْلِسِكَ مِنِّى، فَجَعَلَتْ جُوَيْرِيَاتٌ لَنَا يَضْرِبْنَ بِالدُّفِّ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الخُطبة بضم الخاء: ما يقدم أمام المطلوب والأمر المهم من ذكر الله وغيره، بل من الحمد والثناء. 5146 - (جاء رجلان) أي من صوب (المشرق) والرجلان أحدهما زبرقان بن بدر بكسر المعجمة بعدها موحدة، والآخر عمرو ين الأهتم (فخطبا فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إن من البيان لسحرًا) البيان: الكشف وإبراز ما في الضمير، والناس فيهم البليغ وغير البليغ. والبلاغة لها غرض عريض، وإذا بلغت الغاية يعبر عنها بالسحر فإنه أمر خارق، فالكلام على طريق الاستعارة المصرحة، وأكثر ما يستعمل في المدح، وقد يذم كما إذا أراد ستر الحق ببلاغته. وإنما أورده في كتاب النكاح لأن الخُطبة مستحبة فيه، وفيه إشارة إلى أنه يأتي فيها بألفاظ حسنة مغالبة للقلوب. باب ضرب الدف في النكاح الدُفّ -بضم الدال والفاء المشددة- آلة معروفة. 5147 - (الرُبَيِّع بنت مُعَوِّذ) بضم الراء وفتح الموحدة وتشديد المثناة أسفل، ومعوذ العم فاعل من التعويذ. (فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فدخل حين بني عليّ) البناء كناية عن الزفاف لأنهم كانوا يبنون بيتًا خارج المحلة للعروس (فجلس على فراشي كمجلسك مني) أي: قريبًا. وليس في الحديث أنه نظر إليها حتى يتكلف بأنه كان من وراء حجاب، أو قبل نزول آية الحجاب،

50 - باب قول الله تعالى (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة) وكثرة المهر، وأدنى ما يجوز من الصداق

وَيَنْدُبْنَ مَنْ قُتِلَ مِنْ آبَائِى يَوْمَ بَدْرٍ، إِذْ قَالَتْ إِحْدَاهُنَّ وَفِينَا نَبِىٌّ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ. فَقَالَ «دَعِى هَذِهِ، وَقُولِى بِالَّذِى كُنْتِ تَقُولِينَ». طرفه 4001 50 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً) وَكَثْرَةِ الْمَهْرِ، وَأَدْنَى مَا يَجُوزُ مِنَ الصَّدَاقِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى (وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلاَ تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا) وَقَوْلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ أو كان النظر لحاجة، أو الأمن من الفتنة كلها أشياء لا داعية إليها ولا فائدة (ويندبن من قتل من آبائي يوم بدر) إطلاق الآباء على طريقة التغليب فإن معاذًا وعونًا عماها. قال شيخنا: الصواب يوم أحد فإن الذي قتل من آبائها إنما قتل بأحد. قلت: قال ابن عبد البر: قُتل أبو همام وعمها عون يوم بدر، وخرج معاذ يوم بدر فمات من جراحه بالمدينة، وقال خليفة بن خياط: مات في خلافة علي. الندبة هنا عَدَّ شمائل الميت. فإن قلت: عد شمائل الميت هو النياحة؟ قلت: الظاهر أنه لم يكن في ندبتهن من الأكاذيب] وقد روى ابن الأثير: "كل نادبة كاذبة إلا نادبة سعد بن معاذ". (وفينا نبي يعلم ما في غد، فقال: دعي هذا وقولي ما كنت تقولين) أنكر عليها بطريق اللطف، وفي رواية ابن ماجه: "لا يعلم ما في الغد إلا الله". وفي الحديث دلالة على جواز ضرب الدف في الأفراح، بل على الاستحباب في الولائم إعلانًا للنكاح وتمييزًا بينه وبين السفاح. حتى قال مالك: لا يجوز النكاح بدون الإعلان، وإذا أعلن لا يحتاج إلى الشهود عنده. وفي رواية ابن ماجه والترمذي والنسائي وابن حبان والحاكم وقال إنه على شرط مسلم: "فرق ما بين الحلال والحرام ضرب الدف". باب قوله تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ} [النساء: 4] قال ابن الأثير: النحلة العطية من غير عوض واستحقاق، وفي إيثاره إشارة إلى أن

51 - باب التزويج على القرآن وبغير صداق

جَلَّ ذِكْرُهُ (أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ) وَقَالَ سَهْلٌ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ». 5148 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ، فَرَأَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَشَاشَةَ الْعُرْسِ فَسَأَلَهُ فَقَالَ إِنِّى تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ. وَعَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ. طرفه 2049 51 - باب التَّزْوِيجِ عَلَى الْقُرْآنِ وَبِغَيْرِ صَدَاقٍ 5149 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ سَمِعْتُ أَبَا حَازِمٍ يَقُولُ سَمِعْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــ الزوج ينبغي أن يعطيه عن طيب نفس من غير دعوى ومنازعة. ثم روى حديث الواهبة نفسها، وقد سلف. (وقال سهل: ولو خاتمًا من حديد) تقدم مسندًا. 5148 - (حرب) ضد الصلح (صهيب) بضم الصاد، مصغر. روى حديث عبد الرحمن بن عوف في تزوجه امرأة من الأنصار على نواة، وقد سلف أنه عبارة عن مقدار من الذهب قيمته خمسة دراهم (بشاشة) -بفتح الباء وتخفيف الشين- أي: فرح العرس كما جرت به العادة. فإن قلت: لم يذكر في الباب ما يدل على كثرة المهر كما ترجم له؟ قلت: اكتفى بقوله تعالى: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} [النساء: 20]) قال ابن الأثير: القنطار قيل أربعة آلاف، وقيل: ثمانون ألف دينار، وقيل ملء جلد ثور، وقيل: جملة كثيرة مجهولة. ومحصل الباب أن لا تقدير في المهر قلة وكثرة، والمخالف فيه أبو حنيفة أقله عشرة دراهم وعند مالك ربع الدينار أو ثلاثة دراهم. باب التزويج على القرآن وبغير صداق 5149 - (أبا حازم) -بالحاء المهملة- سلمة بن دينار. روى في الباب حديث الواهبة نفسها.

52 - باب المهر بالعروض وخاتم من حديد

سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِىَّ يَقُولُ إِنِّى لَفِى الْقَوْمِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ قَامَتِ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا قَدْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَكَ فَرَ فِيهَا رَأْيَكَ فَلَمْ يُجِبْهَا شَيْئًا ثُمَّ قَامَتْ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا قَدْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَكَ فَرَ فِيهَا رَأْيَكَ فَلَمْ يُجِبْهَا شَيْئًا ثُمَّ قَامَتِ الثَّالِثَةَ فَقَالَتْ إِنَّهَا قَدْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَكَ فَرَ فِيهَا رَأْيَكَ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْكِحْنِيهَا. قَالَ «هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَىْءٍ». قَالَ لاَ. قَالَ «اذْهَبْ فَاطْلُبْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ». فَذَهَبَ فَطَلَبَ ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ مَا وَجَدْتُ شَيْئًا وَلاَ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ. فَقَالَ «هَلْ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ شَىْءٌ». قَالَ مَعِى سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا. قَالَ «اذْهَبْ فَقَدْ أَنْكَحْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ». طرفه 2310 52 - باب الْمَهْرِ بِالْعُرُوضِ وَخَاتَمٍ مِنْ حَدِيدٍ 5150 - حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لِرَجُلٍ «تَزَوَّجْ وَلَوْ بِخَاتَمٍ مِنْ حَدِيدٍ». طرفه 2310 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: ذكر في الترجمة: بغير صداق وليس في الباب ما يدل عليه؟ قلت: إما غرضه أنه لا يجوز بدون الصداق ولذلك بالغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله: (اطلب ولو خاتمًا [من حديد]) وإما أنه أشار إلى حديث فيه لم يكن على شرطه رواه أبو داود وابن حبان "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زوج امرأة بغير صداق فلما حضرته الوفاة فقال: إني لم أعطهما صداقًا، وقد أعطيتها سهمي بخيبر فباعته بمئة ألف". قال بعض الشارحين: فإن قلت: القرآن صداق فكيف قال: بغير صداق؟ قلت: يريد صداقًا ماليًا. وهذا قد ذهل أن البخاري عطف بغير صداق في الترجمة على القرآن، وإذا عطف عليه فلا يكون صداقًا أصلًا. 5150 - (يحيى) يجوز أن يكون ابن موسى وابن جعفر؛ لأن كل واحد منهما يروي عن وكيع، والعروض: جمع عرض وهو خلاف النقدين، ودل على جوازه بذكر الخاتم.

53 - باب الشروط فى النكاح

53 - باب الشُّرُوطِ فِي النِّكَاحِ وَقَالَ عُمَرُ مَقَاطِعُ الْحُقُوقِ عِنْدَ الشُّرُوطِ. وَقَالَ الْمِسْوَرُ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - ذَكَرَ صِهْرًا لَهُ فَأَثْنَى عَلَيْهِ فِي مُصَاهَرَتِهِ فَأَحْسَنَ قَالَ «حَدَّثَنِى فَصَدَقَنِى، وَوَعَدَنِى فَوَفَى لِى». 5151 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى حَبِيبٍ عَنْ أَبِى الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَحَقُّ مَا أَوْفَيْتُمْ مِنَ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ». طرفه 2721 54 - باب الشُّرُوطِ الَّتِى لاَ تَحِلُّ فِي النِّكَاحِ وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ لاَ تَشْتَرِطِ الْمَرْأَةُ طَلاَقَ أُخْتِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الشروط في النكاح (وقال عمر: مقاطع الحقوق عند الشروط) يريد أن الشرط قاطع الحق لمن شرطه (وقال المسور بن مخرمة) لكسر الميم في الأول وفتحه في الثاني (سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكر له صهرًا) هو العاص بن الربيع تقدم ذكره مسندًا في المناقب والمغازي. أسر يوم بدر فأطلقوه على غير فداء، وشرط عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يرسل له ابنته زينب فأرسلها، وإليه أشار بقوله: (حدثني فصدقني). 5151 - (يزيد بن أبي حبيب) ضد العدو (عن أبي الخير) اسمه مرثد (أحق ما وفيتم) من الوفاء مخفف، ويروى مشددًا كلاهما بمعنى (من الشروط). و (ما استحللتم به الفروج) إنما كان أحق لأنه أبعد شيء من الحل، فبعد أن أباحه الله فالواجب إتمام ما يقابله .... وموضع تفصيل الشروط علم الفروع. والأصل في ذلك ما تقدم في أبواب البيع: "المسلمون على شروطهم إلا شرطًا أحل حرامًا أو حرم حلالًا". باب الشروط التي لا تحل في النكاح (وقال ابن مسعود: لا تشترط المرأة طلاق أختها) أي: ضرتها، وإشارة لفظ الأخت

55 - باب الصفرة للمتزوج

5152 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ زَكَرِيَّاءَ - هُوَ ابْنُ أَبِى زَائِدَةَ - عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تَسْأَلُ طَلاَقَ أُخْتِهَا لِتَسْتَفْرِغَ صَحْفَتَهَا، فَإِنَّمَا لَهَا مَا قُدِّرَ لَهَا». طرفه 2140 55 - باب الصُّفْرَةِ لِلْمُتَزَوِّجِ وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 5153 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضى الله عنه أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَبِهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ فَسَأَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ قَالَ «كَمْ سُقْتَ إِلَيْهَا». قَالَ زِنَةَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ». طرفه 2049 ـــــــــــــــــــــــــــــ ترقيق وتعطيف، إشارة إلى أن ليس ذلك من شرط الأخوة في الدين. 5152 - (لتستفرغ صفحتها) بفتح الصاد وسكون الحاء قال ابن الأثير: إناء كالقصعة المبسوطة، يريد أن الغرض من شرطها طلاق الضرة أخذ نصيبها، فالكلام على طريق المثل، وعلل المنع بقوله: (فإن لها ما قدر لها) أي: لا تنال إلا المقدر سواء كانت مخلية أو ذات ضرة. فإن قلت: ذكر في الترجمة الشروط ولم يذكر في الحديث إلا شرطًا واحدًا. قلت: يقاس عليه كل ما كان فيه ضرر. قال النووي: هذا في المرأة الأجنبية تسأل الرجل طلاق زوجته، وقال ابن عبد البر: إنما هو في الضرة، ويؤيد الأول الرواية الأخرى قوله: "ينكح" فإنه في الأجنبية والظاهر عندي أعم لوجود العلة في الكل هان كانت كافرة، وما وقع من ذكر الأخت -وفي بعض الروايات المسلمة- محمول على الغالب. باب الصفرة للمتزوج 5153 - روى حديث تزوج عبد الرحمن بن عوف حين رآه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليه أثر الصفرة، وفيه دلالة على أنه لا بأس بمثله في الأفراح. وقوله: (رواه عبد الرحمن) إشارة إلى ما رواه عنه مسندًا في أبواب البيوع. قال بعض الشارحين: فإن قلت: ما فائدة هذا وقد روى الحديث بعده؟ قلت:

56 - باب

56 - بابٌ 5154 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ أَوْلَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِزَيْنَبَ فَأَوْسَعَ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا فَخَرَجَ - كَمَا يَصْنَعُ إِذَا تَزَوَّجَ - فَأَتَى حُجَرَ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ يَدْعُو وَيَدْعُونَ {لَهُ} ثُمَّ انْصَرَفَ فَرَأَى رَجُلَيْنِ فَرَجَعَ لاَ أَدْرِى آخْبَرْتُهُ أَوْ أُخْبِرَ بِخُرُوجِهِمَا. طرفه 4791 57 - باب كَيْفَ يُدْعَى لِلْمُتَزَوِّجِ 5155 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ - هُوَ ابْنُ زَيْدٍ - عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَثَرَ صُفْرَةٍ قَالَ «مَا هَذَا». قَالَ إِنِّى تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ. قَالَ «بَارَكَ اللَّهُ لَكَ، أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ». طرفه 2049 ـــــــــــــــــــــــــــــ الحديث من مرويات أنس عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهذا فيه عبد الرحمن عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وبينهما تفاوت. وهذا لغو من الكلام، فإن الحديث كما هو من مرويات أنس كذلك من مرويات عبد الرحمن كما تقدم في أبواب البيوع، ولما تقدم مسندًا رواه هنا تعليقًا إشارة إلى أن الحديث عنهما فيفيد قوة في الإسناد. 5154 - (حميد) بضم الحاء، مصغر، روى عن أنس حديث وليمة زينب، وقد سلف في سورة الأحزاب بطوله. وقد وقع في بعض النسخ لفظ الباب، وفي بعضها بدون الباب] وعلى التقديرين فيه خفاء؛ لأن حديث زبنب ليس فيه ذكر الصفرة، وكأنه أشار إلى أنه ليس من سنن النكاح كالوليمة، ولذلك تركه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. باب كيف يدعي للمتزوج 5155 - روى حديث عبد الرحمن، وموضع الدلالة قوله (بارك الله لك) دل على استحبابه.

58 - باب الدعاء للنساء اللاتى يهدين العروس، وللعروس

58 - باب الدُّعَاءِ لِلنِّسَاءِ اللاَّتِى يَهْدِينَ الْعَرُوسَ، وَلِلْعَرُوسِ 5156 - حَدَّثَنَا فَرْوَةُ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - تَزَوَّجَنِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَتَتْنِى أُمِّى فَأَدْخَلَتْنِى الدَّارَ، فَإِذَا نِسْوَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ فِي الْبَيْتِ فَقُلْنَ عَلَى الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ، وَعَلَى خَيْرِ طَائِرٍ. طرفه 3894 59 - باب مَنْ أَحَبَّ الْبِنَاءَ قَبْلَ الْغَزْوِ 5157 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «غَزَا نَبِىٌّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ فَقَالَ لِقَوْمِهِ لاَ يَتْبَعْنِى رَجُلٌ مَلَكَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الدعاء للنساء اللاتي يهدين العروس وللعروس يروى -بفتح الياء- من هديته الطريق، ومن الإهداء -بضم الياء- من الهدية وهذا أوفق. 5156 - (فروة بن أبي المغراء) فروة بالفاء، وأبو المغراء: بفتح الميم وغين معجمة والمد (فَقُلْنَ على الخير والبركة) هذا دعاء للمهديات، والجار متعلق بمقدر أي: قدمتم، والمخصوصة هنا أم عائشة. ألا ترى إلى قول عائشة في الرواية الأخرى "فأسلمتني أمي إليهن". (وعلى خير طائر) هذا دعاء للعروس، والطائر الحظ والبخت على دأب العرب من اعتبار السانح، ولا شك أنه يختص بالعروس، وقد تحير فيه كل شارح تقدمنا وأتوا بأشياء لا يرضى بها عقل حتى قال بعضهم: اللام بمعنى الباء أي: الدعاء المختص بالنسوة، وحمل الطائر هنا على عمل الإنسان لا وجه له. باب من أحب البناء قبل الغزو 5157 - (غزا نبي من الأنبياء) هو النبي يوشع بن نون فتى موسى. وقد سلف بطوله في أبواب الخمس. والغزوة كانت فتح بيت المقدس أو أريحا. (فقال: لا يتبعني رجل ملك

60 - باب من بنى بامرأة وهى بنت تسع سنين

بُضْعَ امْرَأَةٍ وَهْوَ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِىَ بِهَا وَلَمْ يَبْنِ بِهَا». طرفه 3124 60 - باب مَنْ بَنَى بِامْرَأَةٍ وَهْىَ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ 5158 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ تَزَوَّجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَائِشَةَ وَهْىَ ابْنَةُ سِتٍّ وَبَنَى بِهَا وَهْىَ ابْنَةُ تِسْعٍ وَمَكَثَتْ عِنْدَهُ تِسْعًا. طرفه 3894 61 - باب الْبِنَاءِ فِي السَّفَرِ 5159 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ أَقَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ خَيْبَرَ وَالْمَدِينَةِ ثَلاَثًا يُبْنَى عَلَيْهِ بِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَىٍّ فَدَعَوْتُ الْمُسْلِمِينَ إِلَى وَلِيمَتِهِ، فَمَا كَانَ فِيهَا مِنْ خُبْزٍ وَلاَ لَحْمٍ، أَمَرَ بِالأَنْطَاعِ فَأُلْقِىَ فِيهَا مِنَ التَّمْرِ وَالأَقِطِ وَالسَّمْنِ فَكَانَتْ وَلِيمَتَهُ، فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ أَوْ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ فَقَالُوا إِنْ حَجَبَهَا فَهْىَ مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَإِنْ لَمْ يَحْجُبْهَا فَهْىَ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ فَلَمَّا ارْتَحَلَ وَطَّى لَهَا خَلْفَهُ وَمَدَّ الْحِجَابَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّاسِ. طرفه 371 ـــــــــــــــــــــــــــــ بضع امرأة) أي: تزوجها (ولما يبن بها) البناء كناية على الوقاع لما تقدم منا أن دأبهم كان البناء على العروس خارج الحلة. باب البناء في السفر 5158 - 5159 - روى حديث بناء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصفية في طريق خيبر، وقد سلف مستوفى هناك. (فأقام النبي - صلى الله عليه وسلم - بين خيبر والمدينة) هو سد الروحاء كما صرح به هناك.

62 - باب البناء بالنهار بغير مركب ولا نيران

62 - باب الْبِنَاءِ بِالنَّهَارِ بِغَيْرِ مَرْكَبٍ وَلاَ نِيرَانٍ 5160 - حَدَّثَنِى فَرْوَةُ بْنُ أَبِى الْمَغْرَاءِ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ تَزَوَّجَنِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَتَتْنِى أُمِّى فَأَدْخَلَتْنِى الدَّارَ، فَلَمْ يَرُعْنِى إِلاَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ضُحًى. طرفه 3894 63 - باب الأَنْمَاطِ وَنَحْوِهَا لِلنِّسَاءِ 5161 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هَلِ اتَّخَذْتُمْ أَنْمَاطًا». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَنَّى لَنَا أَنْمَاطٌ. قَالَ «إِنَّهَا سَتَكُونُ». طرفه 3631 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب البناء بالنهار 5160 - روى في الباب حديث عائشة رضي الله عنها أنها زفت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقت الضحى ولم يكن هناك لا مركب ولا نيران، وغرضه الرد على من يشترط الإعلان في النكاح، والروع: الخوف، وحمله على الاستحسان كما في الحديث في وصف ثياب الجنة، فنزوعه ما عليه من اللباس بعيد من المقام. (فروة بن أبي المغراء) بالفاء والغين المعجمة والمد. باب الأنماط ونحوها للبناء الأنماط جمع نمط -بفتح النون والميم- نوع من البسط. 5161 - (محمد بن المنكدر) بكسر الدال، روى عن جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له (هل اتخذتم أنماطًا؟ قلت: أنى لنا أنماط؟) استبعاد منهم فإنهم كانوا أهل زراعة وحرث، والأنماط شعار أهل الثواء. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إنها ستكون) وكذا جرى، فإن تمام الحديث في الرواية الأخرى: أقول لامرأتي اخري هذا النمط وهى تقول: أما قال لك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إنها ستكون لكم أنماط".

64 - باب النسوة اللاتى يهدين المرأة إلى زوجها

64 - باب النِّسْوَةِ اللاَّتِى يَهْدِينَ الْمَرْأَةَ إِلَى زَوْجِهَا 5162 - حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ يَعْقُوبَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا زَفَّتِ امْرَأَةً إِلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَا عَائِشَةُ مَا كَانَ مَعَكُمْ لَهْوٌ فَإِنَّ الأَنْصَارَ يُعْجِبُهُمُ اللَّهْوُ». 65 - باب الْهَدِيَّةِ لِلْعَرُوسِ 5163 - وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ - وَاسْمُهُ الْجَعْدُ - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ مَرَّ بِنَا فِي مَسْجِدِ بَنِى رِفَاعَةَ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا مَرَّ بِجَنَبَاتِ أُمِّ سُلَيْمٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب النسوة اللاتي يهدين المرأة إلى زوجها 5162 - أي: الباب في بيان أحوالهن وشأنهن كما روي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (يا عائشة: أما كان معكم اللهو). (محمد بن سابق) بالباء الموحدة، روى عنه البخاري حديثًا واحدًا في آخر كتاب الوصايا بلا واسطة. قال بعض الشارحين: فإن قلت: هل في الحديث رخصة في اللهو؟ قلت: لا، لاحتمال أن يكون استخبارًا، ثم قال السياق يدل على الجواز، وقد قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} [لقمان: 6]. قلت: ذلك عام وهذا مخصص. وفيه ضبط فإنه قد منع أن يكون فيه رخصة فأي معنى للتخصيص؟ أو أي معنى للاستخبار بعد قوله: (فإن الأنصار يعجبهم اللهو)؟!. فالحمل على الاستخبار مخالف لغرض الشارع، وفي رواية النسائي والحاكم والطبراني "قيل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أترخص في هذا؟ قال: نعم نكاح لا سفاح". باب الهدية للعروس 5163 - (عن أبي عثمان واسمه الجعد) هو ابن دينار اليشكري. (رِفاعة) بكسر الراء

دَخَلَ عَلَيْهَا فَسَلَّمَ عَلَيْهَا، ثُمَّ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَرُوسًا بِزَيْنَبَ فَقَالَتْ لِى أُمُّ سُلَيْمٍ لَوْ أَهْدَيْنَا لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - هَدِيَّةً فَقُلْتُ لَهَا افْعَلِى. فَعَمَدَتْ إِلَى تَمْرٍ وَسَمْنٍ وَأَقِطٍ، فَاتَّخَذَتْ حَيْسَةً فِي بُرْمَةٍ، فَأَرْسَلَتْ بِهَا مَعِى إِلَيْهِ، فَانْطَلَقْتُ بِهَا إِلَيْهِ فَقَالَ لِى «ضَعْهَا». ثُمَّ أَمَرَنِى فَقَالَ «ادْعُ لِى رِجَالاً - سَمَّاهُمْ - وَادْعُ لِى مَنْ لَقِيتَ». قَالَ فَفَعَلْتُ الَّذِى أَمَرَنِى فَرَجَعْتُ فَإِذَا الْبَيْتُ غَاصٌّ بِأَهْلِهِ، فَرَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى تِلْكَ الْحَيْسَةِ، وَتَكَلَّمَ بِهَا مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ جَعَلَ يَدْعُو عَشَرَةً عَشَرَةً، يَأْكُلُونَ مِنْهُ، وَيَقُولُ لَهُمُ «اذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، وَلْيَأْكُلْ كُلُّ رَجُلٍ مِمَّا يَلِيهِ». قَالَ حَتَّى تَصَدَّعُوا كُلُّهُمْ عَنْهَا، فَخَرَجَ مِنْهُمْ مَنْ خَرَجَ، وَبَقِىَ نَفَرٌ يَتَحَدَّثُونَ قَالَ وَجَعَلْتُ أَغْتَمُّ، ثُمَّ خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - نَحْوَ الْحُجُرَاتِ، وَخَرَجْتُ فِي إِثْرِهِ فَقُلْتُ إِنَّهُمْ قَدْ ذَهَبُوا. فَرَجَعَ فَدَخَلَ الْبَيْتَ، وَأَرْخَى السِّتْرَ، وَإِنِّى لَفِى الْحُجْرَةِ، وَهْوَ يَقُولُ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلاَ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِى النَّبِىَّ فَيَسْتَحْيِى مِنْكُمْ وَاللَّهُ لاَ يَسْتَحْيِى مِنَ الْحَقِّ). قَالَ أَبُو عُثْمَانَ قَالَ أَنَسٌ إِنَّهُ خَدَمَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَشْرَ سِنِينَ. طرفه 4791 ـــــــــــــــــــــــــــــ كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا مر بجنبات أم سليم) بضم السين، مصغر، والجنبات -بثلاث فتحات- مفردة جَنبَة بثلاث فتحات كذلك، بمعنى الجانب من الشيء وناحيته. (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - عروسًا) قد سلف أن العروس يطلق على الرجل والمرأة ما داما في أعراسهما، والمراد به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقول أم سليم: (لو أهدينا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هدية). (فاتخذت حيسة) أي: قطعة من الحيس وهو طعام مركب من السمن والتمر والأقط (في برمة) -بضم الباء وسكون الراء- قدرة من نوع الحجر تكون في بلاد الحجاز ثم اتسع فيه فأطلقت على سائر القدور (فإذا البيت غاصٌّ بأهله) بالغين المعجمة وصاد مهملة مشددة أي: ممتلئ. (تصدَّعوا) تفرقوا. فإن قلت: آية الحجاب نزلت في وليمة زينب، وكان قد ذبح فيها شاة قد اتفقت الروايات على ذلك. قلت: قال القاضي: هذا وهم من بعض الرواة وتركيب قضية مع أخرى، وفيه نظر لأن تبويب البخاري على الهدية هنا، وعلى الوليمة هناك منع أن يكون ذاك من الرواة، ولا تنافي بين وقوع الأمرين قد كان هذا وذاك، والظاهر أن قضية الحيس كانت بعد الوليمة وأن الذين أكلوا منه غير الذين أكلوا من اللحم، وجوز شيخنا أن يكون

66 - باب استعارة الثياب للعروس وغيرها

66 - باب اسْتِعَارَةِ الثِّيَابِ لِلْعَرُوسِ وَغَيْرِهَا 5164 - حَدَّثَنِى عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا اسْتَعَارَتْ مِنْ أَسْمَاءَ قِلاَدَةً، فَهَلَكَتْ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَاسًا مِنْ أَصْحَابِهِ فِي طَلَبِهَا، فَأَدْرَكَتْهُمُ الصَّلاَةُ فَصَلَّوْا بِغَيْرِ وُضُوءٍ، فَلَمَّا أَتَوُا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - شَكَوْا ذَلِكَ إِلَيْهِ، فَنَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ. فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ جَزَاكِ اللَّهُ خَيْرًا، فَوَاللَّهِ مَا نَزَلَ بِكِ أَمْرٌ قَطُّ، إِلاَّ جَعَلَ لَكِ مِنْهُ مَخْرَجًا، وَجُعِلَ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ بَرَكَةٌ. طرفه 334 67 - باب مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا أَتَى أَهْلَهُ 5165 - حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِى الْجَعْدِ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ـــــــــــــــــــــــــــــ أكل الجميع منهما في وقت، ولكن قوله: أشبع الناس خبزًا ولحمًا ناب عنه، وكذا قوله في الحيس -فجعل يدعو عشرة يأكلون منه حتى تصدعوا كلهم عنها- ظاهر في المغايرة. باب استعارة الثياب للعروس وغيرها 5164 - (عبيد) بضم العين مصغر (أبو أسامة) بضم الهمزة. روى في الباب استعارة قلادة عائشة من أسماء، وقد سلف في كتاب التيمم. فإن قلت: لم يرو حديثًا يدل على الشق الأول. قلت: اكتفى بحديث القلادة فإنه إذا جاز لغير العروس فلها من باب الأولى، وقد سلف في أبواب الهبة عن عائشة أنه كان لها درع تستعيرها العرائس، وإنما لم يروه هنا لما جرت به عادته من الاستدلال بالخفي. (أسيد بن حضير) بالحاء المهملة وتصغير الاسمين (قطّ) بفتح القاف وتشديد الطاء، وفيه لغات أُخَر تقدم ضبطها. باب ما يقول الرجل إذا أتي أهله 5165 - (عن سالم بن أبي الجعد) بفتح الجيم وسكون العين (كريب) بضم الكاف

68 - باب الوليمة حق

«أَمَا لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ يَقُولُ حِينَ يَأْتِى أَهْلَهُ بِاسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنِى الشَّيْطَانَ، وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا، ثُمَّ قُدِّرَ بَيْنَهُمَا فِي ذَلِكَ، أَوْ قُضِىَ وَلَدٌ، لَمْ يَضُرَّهُ شَيْطَانٌ أَبَدًا». طرفه 141 68 - باب الْوَلِيمَةُ حَقٌّ وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ قَالَ لِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ». ـــــــــــــــــــــــــــــ مصغر (لو أن أحدهم يقول حين يأتي أهله: بسم الله) تقدم هذا الحديث، وقوله: (حين يأتي) أي: يريد الإتيان بينته الرواية الأخرى. فإن قلت: ما المراد بقوله: (لم يضره شيطان أبدًا)؟ قلت: نقل عن القاضي أنه قال: لا يصرعه، ويحتمل أن يكون معناه عند الولادة، وكلاهما فيه نظر، أما الأول: فلأن اللفظ أعم، ولأن الصَرَعَ مرض من الأمراض لا تعلق له بالشيطان عليه أطبق الأطباء، وأما الثاني: فلأن الحصر يشير قوله تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} [الحجر: 42]. باب الوليمة حق هذه الترجمة بعض حديث رواه البيهقي "الوليمة في اليوم الأول حق، وفي اليوم الثاني معروف، وفي الثالث رياء". فإن قلت: ما المراد بقوله: حق؟ قلت: الوجوب عند مالك وأحمد، وهو أحد قولي الشافعي لقوله: (أولم) والأمر للوجوب، والجمهور على الاستحباب للإجماع على عدم وجوب الشاة. فإن قلت: ما المراد بالوليمة؟ قلت: طعام يتخذ عند الأعراس من الولم وهو الاجتماع. كذا قاله الأزهري. والأطعمة المتخذة في الوقائع ثمانية: الوليمة طعام العرس، والوكيرة -بالراء- لبناء البيوت والمنازل، والنقيعة -بالنون والقاف- لقدوم المسافر، والوضحة للعزاء، والعقيقة للولادة، والخُرص -بضم الخاء المعجمة- للنساء، والمأدبة للأصحاب من غير باعث. وقيل: لبناء الدار.

69 - باب الوليمة ولو بشاة

5166 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّهُ كَانَ ابْنَ عَشْرِ سِنِينَ مَقْدَمَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ، فَكَانَ أُمَّهَاتِى يُوَاظِبْنَنِى عَلَى خِدْمَةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَخَدَمْتُهُ عَشْرَ سِنِينَ، وَتُوُفِّىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا ابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً، فَكُنْتُ أَعْلَمَ النَّاسِ بِشَأْنِ الْحِجَابِ حِينَ أُنْزِلَ، وَكَانَ أَوَّلَ مَا أُنْزِلَ فِي مُبْتَنَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِزَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ، أَصْبَحَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِهَا عَرُوسًا، فَدَعَا الْقَوْمَ فَأَصَابُوا مِنَ الطَّعَامِ، ثُمَّ خَرَجُوا وَبَقِىَ رَهْطٌ مِنْهُمْ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَطَالُوا الْمُكْثَ، فَقَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَخَرَجَ وَخَرَجْتُ مَعَهُ لِكَىْ يَخْرُجُوا، فَمَشَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَمَشَيْتُ، حَتَّى جَاءَ عَتَبَةَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ، ثُمَّ ظَنَّ أَنَّهُمْ خَرَجُوا فَرَجَعَ وَرَجَعْتُ مَعَهُ، حَتَّى إِذَا دَخَلَ عَلَى زَيْنَبَ فَإِذَا هُمْ جُلُوسٌ لَمْ يَقُومُوا، فَرَجَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَرَجَعْتُ مَعَهُ، حَتَّى إِذَا بَلَغَ عَتَبَةَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ، وَظَنَّ أَنَّهُمْ خَرَجُوا، فَرَجَعَ وَرَجَعْتُ مَعَهُ فَإِذَا هُمْ قَدْ خَرَجُوا فَضَرَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنِى وَبَيْنَهُ بِالسِّتْرِ، وَأُنْزِلَ الْحِجَابُ. طرفه 4791 69 - باب الْوَلِيمَةِ وَلَوْ بِشَاةٍ 5167 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنِى حُمَيْدٌ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا - رضى ـــــــــــــــــــــــــــــ 5166 - (أخبرنا أنس بن مالك أنه كان مقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة ابن عشر سنين فكان أمهاتي يواظبنني على خدمته) أمهاته: أم سليم أمه، وخالته أم حرام، وجدته مليكة. المواظبة -بالظاء المعجمة- المداومة. قال ابن الأثير: ويروى بالطاء المهملة والهمزة من المواطأة وهي الموافقة، وقضية وليمة زينب ونزول الحجاب مر في مواضع. باب الوليمة ولو بشاة 5167 - 5168 - 5169 - 5170 - ذكر في الباب وليمة عبد الرحمن وحديث زينب وليمة صفية، والأحاديث كلها مرت مرارًا.

الله عنه - قَالَ سَأَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَتَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ «كَمْ أَصْدَقْتَهَا». قَالَ وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ. وَعَنْ حُمَيْدٍ سَمِعْتُ أَنَسًا قَالَ لَمَّا قَدِمُوا الْمَدِينَةَ نَزَلَ الْمُهَاجِرُونَ عَلَى الأَنْصَارِ فَنَزَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ عَلَى سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ فَقَالَ أُقَاسِمُكَ مَالِى وَأَنْزِلُ لَكَ عَنْ إِحْدَى امْرَأَتَىَّ. قَالَ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ. فَخَرَجَ إِلَى السُّوقِ فَبَاعَ وَاشْتَرَى فَأَصَابَ شَيْئًا مِنْ أَقِطٍ وَسَمْنٍ فَتَزَوَّجَ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ». طرفه 5168 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ مَا أَوْلَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى شَىْءٍ مِنْ نِسَائِهِ، مَا أَوْلَمَ عَلَى زَيْنَبَ أَوْلَمَ بِشَاةٍ. طرفه 4791 5169 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ عَنْ شُعَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَعْتَقَ صَفِيَّةَ، وَتَزَوَّجَهَا وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا، وَأَوْلَمَ عَلَيْهَا بِحَيْسٍ. طرفه 371 5170 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ بَيَانٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ بَنَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِامْرَأَةٍ فَأَرْسَلَنِى فَدَعَوْتُ رِجَالاً إِلَى الطَّعَامِ. طرفه 4791 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: حديث وليمة صفية لا تعلق به بالترجمة لأنها وليمة الشاة. قلت: أورده دلالة على أن الشاة أولى، فلا دلالة في الأمر على الوجوب كما قال به بعضهم. (حميد) بضم الحاء مصغر (وزن نواة من ذهب) ما كان مقداره خمسة دراهم. (حرب) ضد الصلح (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم. (زهير) بضم الزاي مصغر (بيان) بفتح الموحدة والمثناة تحت. قال شيخنا: قوله: (أولم ولو بشاة) لو هذه ليست امتناعية وإنما هي للتمني، والظاهر أنه من سهو القلم، وذلك

70 - باب من أولم على بعض نسائه أكثر من بعض

70 - باب مَنْ أَوْلَمَ عَلَى بَعْضِ نِسَائِهِ أَكْثَرَ مِنْ بَعْضٍ 5171 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ قَالَ ذُكِرَ تَزْوِيجُ زَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ عِنْدَ أَنَسٍ فَقَالَ مَا رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَوْلَمَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ نِسَائِهِ مَا أَوْلَمَ عَلَيْهَا أَوْلَمَ بِشَاةٍ. طرفه 4791 71 - باب مَنْ أَوْلَمَ بِأَقَلَّ مِنْ شَاةٍ 5172 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورِ ابْنِ صَفِيَّةَ عَنْ أُمِّهِ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ قَالَتْ أَوْلَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى بَعْضِ نِسَائِهِ بِمُدَّيْنِ مِنْ شَعِيرٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أن لولا تكون امتناعية لا لو، ولو سلم لا معنى للتمني بوجه. باب من أولم على بعض نسائه أكثر من بعض 5171 - أي: لا بأس بذلك لكونه واقعًا من أبر الناس وأتقاهم، وليس حكمه حكم النفقة والقسم، وروى دليلًا على ذلك حديث زينب، وأردفه بقوله: باب من أولم بأقل من شاة 5172 - (عن منصور) هو ابن عبد الرحمن هو ابن طلحة (عن صفية بنت شيبة) بن أبي طلحة العبدرية (قالت: أولم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على بعض نسائه بمدين من شعير) رواية صفية الأكثرون على أنها مرسلة وليس لها رؤية، لكن ذكرها ابن عبد البر، وكذا قال الذهبي وأيده شيخنا، والحكمة أن في زينب كانت أكثر وليمة من سائر نسائه أن الله تعالى تولى تزويجهما. وأما قول شيخنا -إن ميمونة كانت أكثر لأنه لما أولم على ميمونة دعا أهل مكة إليها وكان ذلك بعد خيبر وقد أوسع الله عليه- لا يتم؛ لأن ابن عبد البر وأهل السير ذكروا أن أهل مكة لم يمكنوه من الإقامة للوليمة، هذا وصاحبة المدَّين أم سلمة كذا رواه الإمام أحمد.

72 - باب حق إجابة الوليمة والدعوة ومن أولم سبعة أيام ونحوه

72 - باب حَقِّ إِجَابَةِ الْوَلِيمَةِ وَالدَّعْوَةِ وَمَنْ أَوْلَمَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ وَنَحْوَهُ وَلَمْ يُوَقِّتِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمًا وَلاَ يَوْمَيْنِ. 5173 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا دُعِىَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْوَلِيمَةِ فَلْيَأْتِهَا». طرفه 5179 5174 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِى مَنْصُورٌ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ أَبِى مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «فُكُّوا الْعَانِىَ، وَأَجِيبُوا الدَّاعِىَ، وَعُودُوا الْمَرِيضَ». طرفه 3046 5175 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنِ الأَشْعَثِ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب حق إجابة الوليمة ومن أولم سبعة أيام أراد بهذا الرد على من عين للوليمة زمانًا ولذلك قال: (ولم يوقت النبي - صلى الله عليه وسلم - يومًا ولا يومين) والظاهر أنه لم يصح عنده ما رواه الترمذي وابن ماجه مسندًا، والنسائي مرسلًا "طعام اليوم الأول حق، وطعام اليوم الثاني سنة، وطعام اليوم الثالث سُمْعة، ومن سمع سمع الله به" وقد تقدم مثله عن البيهقي في باب الوليمة حق. 5173 - (إذا دُعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها) حمله على الوجوب مالك وأبو حنيفة والشافعي في العرس خاصة. 5174 - (فكّوا العاني) أي: الأسير (وأجيبوا الداعي، وعودوا المريض). فإن قلت: الأولان واجبان والثالث ندب. قلت: قد تقرر في الأصول أن القِران في الذكر لا يستلزم القِران في الحكم، ألا ترى أن الشافعي قال في تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33] [النور: 33] إن الكتابة سنة والإيتاء واجب لدليل يلوح له. 5175 - (أبو الأحوص) سلام الحنفي (الأشعث) بالشين المعجمة آخره ثاء مثلثة

مُعَاوِيَةَ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ - رضى الله عنهما - أَمَرَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِسَبْعٍ، وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ، أَمَرَنَا بِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعِ الْجِنَازَةِ، وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ، وَإِبْرَارِ الْقَسَمِ، وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ، وَإِفْشَاءِ السَّلاَمِ، وَإِجَابَةِ الدَّاعِى، وَنَهَانَا عَنْ خَوَاتِيمِ الذَّهَبِ، وَعَنْ آنِيَةِ الْفِضَّةِ، وَعَنِ الْمَيَاثِرِ، وَالْقَسِّيَّةِ، وَالإِسْتَبْرَقِ وَالدِّيبَاجِ. تَابَعَهُ أَبُو عَوَانَةَ وَالشَّيْبَانِىُّ عَنْ أَشْعَثَ فِي إِفْشَاءِ السَّلاَمِ. طرفه 1239 5176 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ دَعَا أَبُو أُسَيْدٍ السَّاعِدِىُّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي عُرْسِهِ، وَكَانَتِ امْرَأَتُهُ يَوْمَئِذٍ خَادِمَهُمْ وَهْىَ الْعَرُوسُ، قَالَ سَهْلٌ تَدْرُونَ مَا سَقَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْقَعَتْ لَهُ تَمَرَاتٍ مِنَ اللَّيْلِ، فَلَمَّا أَكَلَ سَقَتْهُ إِيَّاهُ. أطرافه 5182، 5183، 5591، 5597، 6685 ـــــــــــــــــــــــــــــ (أمرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - بسبع ونهانا عن سبع). فإن قلت: بعض المأمورات واجب وبعضها ندب. قلت: الذي يقول إن الأمر للوجوب ويجوز الجمع بين المعنى الحقيقي والمجازي، وإن كان اللفظ حينئذٍ مجازًا فلا إشكال عنده، ومن لم يجوز استعمله في القول المشترك حملًا على عموم المجاز. (المياثر) -بالثاء المثلثة- جمع ميثرة وهي ما يجعل في السرج من الحرير (والقَسِّيَّة) -بفتح القاف وتشديد المهملة- ثياب يؤتى بها من مصر [من] الحرير. قال الحازمي: والقس ناحية من بلاد الساحل تنسب إليها الثياب التي جاء النهي عنها. (والاستبرق) الغليظ من ثوب الحرير معرب استبرك. (والديباج) الناعم منه معرب ديباه. 5176 - (قتيبة) بضم القاف مصغر (عن أبي حازم) سلمة بن دينار. (دعا أبو أُسيد) -بضم الهمزة- مالك بن ربيعة الأنصاري آخر من مات من البدريين خزرجيًّا (وكانت امرأته خادمهم) الخادم يطلق على الذكر والأنثى، قال ابن الأثير: لجريانه مجرى الأسماء.

73 - باب من ترك الدعوة فقد عصى الله ورسوله

73 - باب مَنْ تَرَكَ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ 5177 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ يُدْعَى لَهَا الأَغْنِيَاءُ، وَيُتْرَكُ الْفُقَرَاءُ، وَمَنْ تَرَكَ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ - صلى الله عليه وسلم -. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من ترك الدعوة فقد عصى الله ورسوله 5177 - (عن الأعرج) قال بعض الشارحين: ابن شهاب يروي عن رجلين كلٌّ منهما يلقب بالأعرج، أحدهما: عبد الرحمن بن هرمز، والآخر: عبد الرحمن بن سعد، والظاهر أن هذا هو الأول. قلت: هو الأول جزمًا، قال الغساني: الأعرج بن سعد حديث وأخذ عن أبي هريرة "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سجد في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} [الانشقاق: 1]، و {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} [العلق: 1]. (عن أبي هريرة: شرّ الطعام طعام الوليمة يدعى لها الأغنياء ويترك الفقراء) قيل: اللام في الوليمة للعهد الخارجي، وقوله: (يُدعى) استئناف لبيان كونه شرًّا، وقوله: (ومن ترك الدعوة فقد عصى الله) جملة حالية أي: والحال أن الإجابة واجبة فيلزم أن يأكل الإنسان شر الطعام، وليس بصواب، أما أولًا: فلأن اللام ليست للعهد الخارجي، إذ لا معهود في الخارج، وقوله: كان من دأبهم في الجاهلية دعوة الأغنياء لو سلم ليس مراد الشارع الإشارة إلى ذلك وحده بل أعم، وأما قوله: الإجابة واجبة فيلزم أكل شر الطعام ممنوع؛ فإن الفقهاء صرحوا بأن الإجابة إنما تجب إذا كانت الدعوة عامة، وكيف يعقل أن تكون الإجابة واجبة إلى شر الطعام، وقد نقل شيخنا عن ابن مسعود إذا خص الغني وترك الفقير أمرنا أن لا نجيب. (قوله: (ومن ترك الدعوة فقد عصى الله ورسوله) استئناف لبيان الدعوة التي تجب الإجابة إليها بعد ذكر التي لا تجب. فالصواب أن اللام للعهد الذهني ويدعى لها صفة له؛ لأن المعرف بعد حكم النكرة كما في قوله:

74 - باب من أجاب إلى كراع

74 - باب مَنْ أَجَابَ إِلَى كُرَاعٍ 5178 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِى حَمْزَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَوْ دُعِيتُ إِلَى كُرَاعٍ لأَجَبْتُ، وَلَوْ أُهْدِىَ إِلَىَّ ذِرَاعٌ لَقَبِلْتُ». طرفه 2568 75 - باب إِجَابَةِ الدَّاعِى فِي الْعُرْسِ وَغَيْرِهَا 5179 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِى مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَجِيبُوا هَذِهِ الدَّعْوَةَ إِذَا دُعِيتُمْ لَهَا». قَالَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَأْتِى الدَّعْوَةَ فِي الْعُرْسِ وَغَيْرِ الْعُرْسِ وَهْوَ صَائِمٌ. طرفه 5173 ـــــــــــــــــــــــــــــ ولقد أمرّ على اللئيم يسبني والحديث موقوف على أبي هريرة، إلا أن مثله في حكم المرفوع إذ لا مجال للرأي فيه، ورواه مسلم مرفوعًا وموقوفًا أيضًا. باب من أجاب إلى كراع الكراع -بضم الكاف- ما دون الركبة من الغنم ونحوه. 5178 - (عبدان) -على وزن شعبان- الأشجعي (لو دعيت إلى كراع لأجبت) لأن الغرض ليس أكل الطعام بل رعاية الأخ المؤمن. (ولو أهدي إليّ ذراع لقبلت) فيه ترقي حسن لأن الذراع أشرف من الكراع، فيدل على كمال تواضعه في إجابة الداعي والمشي إليه لذلك المحقر. وقال بعض الشارحين: المراد كراع الغميم وهو مكان بين مكة والمدينة ولا أصل له، وقال الغزالي: إلى كراع الغميم، وهذه الزيادة لم تأت بها رواية، وكأنه حمله على ما قالوه فرواه باعتبار المعنى. باب إجابة الداعي في العرس وغيره 5179 - (ابن جريج) بضم الجيم مصغر، روى عن ابن عمر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (أجيبوا هذه الدعوة وكان ابن عمر يأتي الدعوة في العرس وهو صائم) الظاهر أنه حمل الأمر على

76 - باب ذهاب النساء والصبيان إلى العرس

76 - باب ذَهَابِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ إِلَى الْعُرْسِ 5180 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ أَبْصَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - نِسَاءً وَصِبْيَانًا مُقْبِلِينَ مِنْ عُرْسٍ، فَقَامَ مُمْتَنًّا فَقَالَ «اللَّهُمَّ أَنْتُمْ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَىَّ». طرفه 3785 77 - باب هَلْ يَرْجِعُ إِذَا رَأَى مُنْكَرًا فِي الدَّعْوَةِ وَرَأَى ابْنُ مَسْعُودٍ صُورَةً فِي الْبَيْتِ فَرَجَعَ. وَدَعَا ابْنُ عُمَرَ أَبَا أَيُّوبَ فَرَأَى فِي ـــــــــــــــــــــــــــــ الوجوب، واللام في الدعوة على الاستغراق، وقد أشرنا إلى أن الأكثرين على أن الأمر للندب، والمراد الدعوة العامة لئلا يكون أكلًا شر الطعام، وقد تقدم في الباب قبله، والصوم ليس بعذر في الترك لما ذكرنا أن الغرض من الإجابة ليس الأكل. قال بعض الشارحين: إن شق صومه على صاحب الدعوة فالإفطار أولى، وفي رواية مسلم: "من كان صائمًا فليصل" وفي رواية أبي داود: "فليدع" وهذه الرواية دلت على المراد بالصلاة في رواية مسلم. باب ذهاب النساء والصبيان إلى العرس 5180 - (صهيب) بضم الصاد مصغر (أبصر النبي - صلى الله عليه وسلم - نساءً وصبيانًا مقبلين من عرس فقام ممتنًا) بفتح الفوقانية وتشديد النون من المن أي: متفضلًا قال القاضي: كذا رواه هنا ورواه في الفضائل "ممثلًا" بالثاء المثلثة أي: قائمًا منتصبًا. قال ابن الأثير: وروي "ممثِلًا" بكسر الثاء وفتحها، ويروى "فمثل" على وزن نصر، والمعنى واحد، ورواه الإسماعيلي مثيلًا على وزن عظيمًا. واستدل البخاري به على جواز ذهاب النساء والصبيان من غير كراهة (اللهم أنتم من أحب الناس إلي) فإنهم كانوا من الأنصار. باب هل يرجع إذا رأى منكرًا في الدعوة (ورأى ابن مسعود صورة في البيت فرجع) الظاهر أنها صورة حيوان، وأما أثر ابن عمر

78 - باب قيام المرأة على الرجال فى العرس وخدمتهم بالنفس

الْبَيْتِ سِتْرًا عَلَى الْجِدَارِ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ غَلَبَنَا عَلَيْهِ النِّسَاءُ، فَقَالَ مَنْ كُنْتُ أَخْشَى عَلَيْهِ، فَلَمْ أَكُنْ أَخْشَى عَلَيْكَ، وَاللَّهِ لاَ أَطْعَمُ لَكُمْ طَعَامًا، فَرَجَعَ. 5181 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا اشْتَرَتْ نُمْرُقَةً فِيهَا تَصَاوِيرُ، فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَامَ عَلَى الْبَابِ فَلَمْ يَدْخُلْ، فَعَرَفْتُ فِي وَجْهِهِ الْكَرَاهِيَةَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ، مَاذَا أَذْنَبْتُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا بَالُ هَذِهِ النِّمْرِقَةِ». قَالَتْ فَقُلْتُ اشْتَرَيْتُهَا لَكَ لِتَقْعُدَ عَلَيْهَا وَتَوَسَّدَهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَيُقَالُ لَهُمْ أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ». وَقَالَ «إِنَّ الْبَيْتَ الَّذِى فِيهِ الصُّوَرُ لاَ تَدْخُلُهُ الْمَلاَئِكَةُ». 78 - باب قِيَامِ الْمَرْأَةِ عَلَى الرِّجَالِ فِي الْعُرْسِ وَخِدْمَتِهِمْ بِالنَّفْسِ 5182 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلٍ قَالَ لَمَّا عَرَّسَ أَبُو أُسَيْدٍ السَّاعِدِىُّ دَعَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابَهُ، فَمَا صَنَعَ لَهُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــ أن أبا أيوب رأى سترًا في بيته فقال: والله لا أطعم لكم طعامًا فابن عمر أجل من أن يدع في بيته صورة محرمة، فالظاهر أن الستر كان تزيينًا للبيت، وقد روي عنه - صلى الله عليه وسلم -: "ما كان لي ولا لنبي أن يدخل بيتًا مزوقًا" قال ابن الأثير: أي: مزينًا. 5181 - (عن عائشة أنها اشترت نمرقة) -بضم النون- الوسادة الصغيرة (إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة فيقال أحيوا ما خلقتم) أي: صورتم، والأمر للتعجيز والإهانة. باب قيام المرأة على الرجال في العرس 5182 - (أبو غسان) -بالغين المعجمة وتشديد السين- محمد بن مطرف (أبو حازم) -بالحاء المهملة- سلمة بن دينار (عن أبي أُسيد) بضم الهمزة مصغر- مالك بن ربيعة

79 - باب النقيع والشراب الذى لا يسكر فى العرس

طَعَامًا وَلاَ قَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ إِلاَّ امْرَأَتُهُ أُمُّ أُسَيْدٍ، بَلَّتْ تَمَرَاتٍ فِي تَوْرٍ مِنْ حِجَارَةٍ مِنَ اللَّيْلِ، فَلَمَّا فَرَغَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الطَّعَامِ أَمَاثَتْهُ لَهُ فَسَقَتْهُ، تُتْحِفُهُ بِذَلِكَ. طرفه 5176 79 - باب النَّقِيعِ وَالشَّرَابِ الَّذِى لاَ يُسْكِرُ فِي الْعُرْسِ 5183 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَارِىُّ عَنْ أَبِى حَازِمٍ قَالَ سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ أَنَّ أَبَا أُسَيْدٍ السَّاعِدِىَّ دَعَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لِعُرْسِهِ، فَكَانَتِ امْرَأَتُهُ خَادِمَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَهْىَ الْعَرُوسُ، فَقَالَتْ أَوْ قَالَ أَتَدْرُونَ مَا أَنْقَعَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْقَعَتْ لَهُ تَمَرَاتٍ مِنَ اللَّيْلِ فِي تَوْرٍ. طرفه 5176 ـــــــــــــــــــــــــــــ (امرأته أم أسيد بلت تمرات) -بفتح الموحدة وتشديد اللام- بمعنى أنقعت كما في الرواية الأخرى (في تور) بالتاء المثناة، قال ابن الأثير: شيء كالإجانة يكون من صفر ومن حجارة، وقيل: من كل شيء (فلما فرغ النبي - صلى الله عليه وسلم - من الطعام أماثته له) بالثاء المثلثة، يقال: ماث يموث، وماث يميث وأماثه بمعنى أي: عركه بيده في الماء (تتحفه بذلك) -بضم التاء- من التُحفة على وزن لقمة، وفي رواية مسلم "تخصه بذلك" قال الأزهري: التحفة الطرفة من كل شيء، قال: وأصله الواو مثل تجاه وليس فيه ما يدل على أنه شربه وحده، غايته أنه كان الغرض والغير تبع. باب النقيع والشراب الذي لا يسكر في العرس 5183 - (بكير) بضم الباء مصغر (القاري) -بالقاف وتشديد الباء- نسبة إلى قارة قبيلة بيمن (عن أبي حازم) -بالحاء المهملة- سليمان الأشجعي، روى حديث امرأة أبي أسيد حيث سقت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نقيع التمر. فإن قلت: ترجم في النقيع والشراب ولم يذكر إلا النقيع. قلت: يعلم حكمه منه، والجامع عدم الإسكار. باب المداراة مع النساء قال ابن الأثير: المداراة ملاينة النساء وحسن معاشرتهم وقد يهمز، وروى في النهاية مرفوعًا "رأس العقل بعد الإيمان بالله مداراة الناس".

80 - باب المداراة مع النساء، وقول النبى - صلى الله عليه وسلم - «إنما المرأة كالضلع»

80 - باب الْمُدَارَاةِ مَعَ النِّسَاءِ، وَقَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّمَا الْمَرْأَةُ كَالضِّلَعِ». 5184 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْمَرْأَةُ كَالضِّلَعِ، إِنْ أَقَمْتَهَا كَسَرْتَهَا، وَإِنِ اسْتَمْتَعْتَ بِهَا اسْتَمْتَعْتَ بِهَا وَفِيهَا عِوَجٌ». طرفه 3331 81 - باب الْوَصَاةِ بِالنِّسَاءِ 5185 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْجُعْفِىُّ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ مَيْسَرَةَ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يُؤْذِى جَارَهُ». أطرافه 6018، 6136، 6138، 6475 5186 - «وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا، فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَىْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلاَهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا». طرفه 3331 ـــــــــــــــــــــــــــــ 5184 - (أبو الزناد) بكسر الزاي بعدها نون. (المرأة كالضِلع) بكسر الضاد وفتح اللام، وقد تسكن، وفي الرواية الأخرى "النساء خلقن من ضلع أعوج" يشير إلى أصلهن وهو خلق حواء من ضلع آدم فسرى ذلك السر في بناتها، والعَوج -بفتح العين- فيما كان منتصبًا كالعود مثلًا وبالكسر في غيره عينًا كان أو معنى، وقيل: بالكسر فيهما وبالفتح مصدر. باب الوصاة بالنساء قال الجوهري: وصيت له وأوصيت إذا جعلته وصيك، والاسم منه الوِصاية بالكسر والفتح، وأوصيته ووصيته بمعنى، والاسم منه الوصاء. 5185 - 5186 - (الجعفي) نسبة إلى القبيلة، أبوهم جعفي بن سعد العشيرة (ميسرة) ضد الميمنة (أبو حازم) -بالحاء المهملة- سليمان الأشجعي (استوصوا بالنساء خيرًا) السين فيه للتأكيد والمراد المحافظة عليهن، والصبر على سوء أخلاقهن.

82 - باب (قوا أنفسكم وأهليكم نارا)

5187 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ كُنَّا نَتَّقِى الْكَلاَمَ وَالاِنْبِسَاطَ إِلَى نِسَائِنَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - هَيْبَةَ أَنْ يُنْزَلَ فِينَا شَىْءٌ فَلَمَّا تُوُفِّىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - تَكَلَّمْنَا وَانْبَسَطْنَا. 82 - باب (قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا) 5188 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ، فَالإِمَامُ رَاعٍ وَهْوَ مَسْئُولٌ وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِهِ وَهْوَ مَسْئُولٌ وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ زَوْجِهَا وَهْىَ مَسْئُولَةٌ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ، أَلاَ فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ». طرفه 893 83 - باب حُسْنِ الْمُعَاشَرَةِ مَعَ الأَهْلِ 5189 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَلِىُّ بْنُ حُجْرٍ قَالاَ أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ جَلَسَ إِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً، فَتَعَاهَدْنَ وَتَعَاقَدْنَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 5188 - (أبو النعمان) -بضم النون- محمد بن الفضل (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) حتى الإنسان الذي لا يملك شيئًا مسؤول عن رعيته الحواس والقوى فيما صرفها. باب حسن المعاشرة مع الأهل 5189 - (حرب) ضد الصلح (حجر) بضم الحاء بعده جيم (عن عائشة جلس إحدى عشرة امرأة)، في مسلم "جلسن" على لغة أكلوني البراغيث، وهذا ظاهر أن الحديث غير مرفوع سوى قوله: (كنت لك كأبي زرع لأم زرع) إلا أن رواية النسائي صريحة في أن الكل من كلام رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأيضًا قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في آخر الحديث بعد سماعه من عائشة: (كنت لك كأبي زرع لأم زرع) والحديث بذلك يصير مرفوعًا. (تعاهدن وتعاقدن) فيه ترقي

أَنْ لاَ يَكْتُمْنَ مِنْ أَخْبَارِ أَزْوَاجِهِنَّ شَيْئًا. قَالَتِ الأُولَى زَوْجِى لَحْمُ جَمَلٍ، غَثٌّ عَلَى رَأْسِ جَبَلٍ، لاَ سَهْلٍ فَيُرْتَقَى، وَلاَ سَمِينٍ فَيُنْتَقَلُ. قَالَتِ الثَّانِيَةُ زَوْجِى لاَ أَبُثُّ خَبَرَهُ، إِنِّى أَخَافُ أَنْ لاَ أَذَرَهُ، إِنْ أَذْكُرْهُ أَذْكُرْ عُجَرَهُ وَبُجَرَهُ. قَالَتِ الثَّالِثَةُ زَوْجِى الْعَشَنَّقُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ لأن التعاقد أبلغ من التعاهد (أن لا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئًا) هذا الذي وقعت عليه المعاقدة، وهذا الحديث بين أهل الحديث يعرف بحديث أم زرع، وهؤلاء النسوة قيل: كن بقرية من قرى يمن من بطن من بطون تلك القبائل، وعن عائشة هن من قريش، وذكر الخطيب أسماءهن، الأولى: أم زرع، الثانية: عمرة بنت عمر، والثالثة: حُبّى -بضم الحاء وتشديد الباء الموحدة وألف مقصورة- بنت كعب، الرابعة: كبشة، الخامسة: مهدد بنت أبي هزومة، السادسة: هند، السابعة: حي بنت علقمة، الثامنة: بنت أوس، التاسعة: كبشة بنت أرقم، ولم نقف على غير هذا. (قالت الأولى: زوجي لحم جمل غث) من غث الجرح إذا سال منه القيح -بالثاء المثلثة المشددة- ضد السمين مرفوع صفة لحم، أو مجرور صفة جمل (على رأس جبل) كناية عن بعده عن النفع والخير (لا سهل فيرتقي) أي: مع كونه مهرولًا سيء الأخلاق شرود لا يتمكن من ركوبه، وضبطه بعضهم بالجر على أنه صفة جبل، والمعنى ملائم إلا أنه لا يلائم ما يقابله من قولها. (ولا سمين فينتقل) أي: ينتقل من رأس الجبل إلى البيوت، ويروى فينتقي من النقي -بكسر النون-وهو المخ. (قالت الثانية: زوجي لا أبث خبره) بالباء الموحدة آخره ثاء مثلثة، ويروى بالنون بدل الباء، أي: لا أنشر خبره، والنون في النشر أكثر (إني أخاف أن لا أذره) الهاء عائدة إلى الخبر، والمعنى: أخاف إن شرعت فيه أن لا أترك منه شيئًا مع أني لا أقدر على إتمامه لطوله، ويجوز عوده إلى الزوج (إني أخاف إن ذكرته أذره) أتركه لأنه إذا بلغه ما ذكرته يطلقني، وعلى هذا لا زائدة، وقيل: غير زائدة، أي: أخاف أن لا أقدر على مفارقته وليس بقوي: (إن أذكره أذكر عجره وبجره) بجزم الفعلين على الشرط والجزاء، والعجر والبجر -بضم الباء والعين وفتح الجيم فيهما-: جمع عُجرة وبُجرة بضم الأول فيهما. قال ابن الأثير: العجر: العروق الظاهرة في الظهر، والبجر العروق الباطنة، أرادت به العيوب الظاهرة والباطنة. (وقالت الثالثة: زوجي العَشَنَّق) -بثلاث فتحات وتشديد النون وشين معجمة، ويروى بالطاء بدل القاف- الطويل الزائد الطول، قيل: وصفته بقلة العقل، قالوا: والحكمة في قلة عقل الطويل بُعدُ دماغه عن قلبه، وقيل: أرادت مدحه. وليس بشيء، أما أولًا فلأن الطول

إِنْ أَنْطِقْ أُطَلَّقْ وَإِنْ أَسْكُتْ أُعَلَّقْ. قَالَتِ الرَّابِعَةُ زَوْجِى كَلَيْلِ تِهَامَةَ، لاَ حَرٌّ، وَلاَ قُرٌّ، وَلاَ مَخَافَةَ، وَلاَ سَآمَةَ. قَالَتِ الْخَامِسَةُ زَوْجِى إِنْ دَخَلَ فَهِدَ، وَإِنْ خَرَجَ أَسِدَ، وَلاَ يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ. قَالَتِ السَّادِسَةُ زَوْجِى إِنْ أَكَلَ لَفَّ، وَإِنْ شَرِبَ اشْتَفَّ، وَإِنِ اضْطَجَعَ الْتَفَّ، وَلاَ يُولِجُ الْكَفَّ لِيَعْلَمَ الْبَثَّ، قَالَتِ السَّابِعَةُ زَوْجِى غَيَايَاءُ أَوْ عَيَايَاءُ ـــــــــــــــــــــــــــــ المفرط ليس بممدوح، وأما ثانيًا فلأن قولها: (إن أنْطِقْ أُطلَق) مناف له (وإن أسكت أعلق) -بضم الهمزة على بناء المجهول -أي: أُترك لا ذات زوج ولا أطلق اللهم إلا أن يكون مرادها أن الطول فيه ممدوح ولا معنى له غيره. (وقالت الرابعة: زوجي كليل تهامة) قال ابن الأثير: تهامة ما بين ذات عرق إلى مرحلتين من مكة، وقيل: ذات عرق أول تهامة إلى البحر إلى جدّة (لا حرٌّ ولا قُر) -بضم القات- البَرد، وإذا أريد الوصف قيل: يوم قُرّ بفتح القاف وتشديد الراء (لا خوف ولا سآمة) أي: لا خوف من ضربه ولا سآمة من أخلاقه وهذا غاية المدح بفتح الأسماء الأربعة على أن لا لنفي الجنس، والرفع على أنها بمعنى ليس. (قالت الخامسة: زوجي إن دخل فَهِد وإن خرج أَسِد) -بفتح الفاء والهمزة وكسر الهاء والسين- فعل ماض من الفهد والأسد، والمعنى: إذا كان داخل البيت لا يفتش عن شيء كأنه فهد فإن الفهد موصوف بكثرة النوم، وإذا خرج فهو كالأسد في الإقدام وإمضاء المهمات ولا يسأل عما عهد. هذا ترشيح للتشبيه، وذلك أن شأن الأسد إذا أكل من الفريسة مرة لا يعود إليها مرة أخرى، وقيل: كلاهما ذم أي إذا دخل وثب عليها وثوب الفهد من غير ملاعبة، وإن خرج يضر الناس ضر الأسد ولا يسأل عن حال أهله، والأول هو الأوجه. (قالت السادسة: زوجي إن أكل لَفّ) أي: جمع من المأكولات وخلط الأنواع، ويروى رف بالراء بدل اللام، ويروى قف بالقاف. يقال: رف بالأكل أي: أشف أكثر منه وقف أنت أكل من كل نوع، ومنه القفة للزنبيل (وإن شرب اشتف) أي: شرب جميع ما في الإناء حتى يشرب الشفافة وهي الفضلة التي جرت العادة بإبقائها في الإناء، ورواه بعضهم بالسين وهو أيضًا يدل على كثرة الشرب (وإن اضطجع التف) أي: في ثوبه لا يخالطها ولا يعانقها كعادة الأزواج (ولا يولج الكف ليعلم البث) أي: لا يسألها عن أحوالها ليطلع على ما بها من ضرورة في المصالح، وإدخال اليد كناية عما ذكرنا، ونقل عن أبي عبيد أنها مدحته بأنه لم يدخل يده ليعلم ما بجسمها من العيب، وهذا بعيد يأباه السياق. (قالت السابعة: زوجي عَياياء) العَياياء -بفتح العين وياءَين من تحت مع المد- وهو

طَبَاقَاءُ، كُلُّ دَاءٍ لَهُ دَاءٌ، شَجَّكِ أَوْ فَلَّكِ أَوْ جَمَعَ كُلاًّ لَكِ. قَالَتِ الثَّامِنَةُ زَوْجِى الْمَسُّ مَسُّ أَرْنَبٍ، وَالرِّيحُ رِيحُ زَرْنَبٍ. قَالَتِ التَّاسِعَةُ زَوْجِى رَفِيعُ الْعِمَادِ، طَوِيلُ النِّجَادِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الذي لا يقدر على مواقعة النساء، ومن العي قيل أصله في الجمل الذي لا يلقح، ويروى بالغين المعجمة من الغاية وهي الظلمة، أي: لا يهتدي إلى المسلك لغاية عجزه، ويجوز أن يكون ذاك وصفًا له بثقل الروح وعدم الانبساط مع الأهل (طباقاء) -بفتح الطاء [وتشديد] الموحدة والقاف- وهو الأحمق الذي تطبق عليه الأمور، وقيل: هو الذي لا يقدر على مباضعة النساء فهو تأكيد لعياياء فلا خلاف إلا في اللفظ (كل داء له [داء]) أي: كل عيب موجود في الدنيا موجود فيه، وقيل معناه: كل داء فيه بلغ النهاية كقولك في مدح الرجل: هذا الذي رجل (شجك) الشج -بتشديد الجيم- كسر عظم الرأس (أو فلّك) -بتشديد اللام- كسر عظم سائر البدن (أو جمع كلًّا) أي كل واحد من الشج والفك لك تخاطب نفسها واللام فيه للتبيين كما في {هَيْتَ لَكَ} [يوسف: 23]، فهو مع عدم ما فيه ما يرضى من الرجال بين كسر عظم الرأس وعظم سائر البدن فأي عيب فوق هذا؟! (قالت الثامنة: زوجي المسُّ مَسُّ أرنب) أرادت نعومة جسمه فإن الأرنب غاية في ذلك أو كنت بذلك عن حسن أخلاقه وطيب معاشرته (والريح ريح زرنب) -بتقديم المعجمة والباء- نبت طيب الرائحة، واللام في المس والريح قائمة مقام الضمير فلا حاجة إلى الضمير كما في قول: زيد نعم الرجل، وفي رواية النسائي زيادة قولها "وأنا أغلبه والناس تغلب" إشارة إلى المثل السائر: النساء يغلبن الكرام ويغلبهن اللئام. (وقالت التاسعة: زوجي رفيع العماد) قال ابن الأثير: العماد والعمود الخشبة التي عليها بناء البيت، يجوز أن تريد بذلك الحقيقة فإن الأعيان منازلهم تكون عالية أو رفعة الشأن كقول الشاعر: إن الذي رفع السماء بنى لنا ... بيتًا دعائمه أعز وأطول فإنه أراد بيت العز والشرف، وكذا قوله: (طويل النجاد) فإنه كناية عن طول القامة وإن

عَظِيمُ الرَّمَادِ، قَرِيبُ الْبَيْتِ مِنَ النَّادِ. قَالَتِ الْعَاشِرَةُ زَوْجِى مَالِكٌ وَمَا مَالِكٌ، مَالِكٌ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكِ، لَهُ إِبِلٌ كَثِيرَاتُ الْمَبَارِكِ قَلِيلاَتُ الْمَسَارِحِ، وَإِذَا سَمِعْنَ صَوْتَ الْمِزْهَرِ أَيْقَنَّ أَنَّهُنَّ هَوَالِكُ. قَالَتِ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ زَوْجِى أَبُو زَرْعٍ فَمَا أَبُو زَرْعٍ أَنَاسَ مِنْ حُلِىٍّ أُذُنَىَّ، وَمَلأَ مِنْ شَحْمٍ عَضُدَىَّ، وَبَجَّحَنِى فَبَجِحَتْ إِلَىَّ نَفْسِى، وَجَدَنِى فِي أَهْلِ غُنَيْمَةٍ بِشِقٍّ، ـــــــــــــــــــــــــــــ لم يكن [طويل] النجاد، والنِجاد -بكسر النون- حمائل السيف (عظيم الرماد) كناية عن الجود وأنه مضاف؛ لأن كثرة الرماد لكثرة إحراق الحطب ويلزمه كثرة الطبخ عادة ولا يكون ذلك إلا لكثرة الأكلة (قريب البيت من الناد) والندي -بفتح النون وكسر الدال وتشديد الياء- موضع اجتماع الناس يسهل الوصول إليه. (وقالت العاشرة: زوجي مالك وما مالك) ما استفهامية أرادت به السؤال عن شأنه، وكان القياس: من مالك؛ إلا أنها قصدت الوصف ثم شرحت ما سألت عنه فقالت: هو (خير من ذلك) أي: خير من كل شيء يذكر في شأنه (له إبل كثيرات المبارك) -جمع مبرك- موضع الإناخة، وكثرة المبارك دلت على كثرة الإبل (قليلات المسارح) المواضع التي تسرح فيها للرعي، أرادت أنه يخاف أن يرد عليه ضيف فتكون بعيدة فيقع بطؤ في القرى يحافظ على ذلك (إذا سمعن صوت المزهر) أي: إنها عرفت واعتادت بأن عند ذلك يقع النحْر فيها ... بهذا أنه يبلغ عليه الضيف قبل نزوله يشرع في أسباب الفرح والسرور (أيقنّ أنهن هوالك) لأن التجربة توجب عليم اليقين. (قالت الحادية عشرة: زوجي أبو زرع) أي: ما وصفه في الناس تقدم شرحه في قول تلك المرأة: مالك وما مالك (أنَاسَ من حلي أذني) يقال: ناس إذا تحرك، وأناس غيره حركه، والحُلي -بضم الحاء وتشديد الياء- جمع حَلي بفتح الحاء. فإن قلت: ما معنى هذا الكلام؟ قلت: الأذن إذا كانت خالية لا تتحرك بخلاف ما إذا ثقلت بالحلي. (وملأ من شحم عضدي) أي: أفاض علي أنواع النعم حتى سمنت؛ وذكرت العضد لأنه لا يشاهد دون سائر البدن، أو لأن العضد إنما يظهر السمن فيه بعد كمال السمن (وبجحني) -بفتح الباء وتشديد الجيم بعده حاء مهملة- أي: عظمني وفرحني (فبجحت) أي: تعظمت يقال: فلان تبجح إذا تعظم وافتخر (وجدني في أهل غنيمة) -مصغر غنم- أي: لم يكن لأهلي ثروة وأموال (بشق) -بكسر الباء -أي: بضيق عيش، الجار والمجرور في محل

فَجَعَلَنِى فِي أَهْلِ صَهِيلٍ وَأَطِيطٍ وَدَائِسٍ وَمُنَقٍّ، فَعِنْدَهُ أَقُولُ فَلاَ أُقَبَّحُ وَأَرْقُدُ فَأَتَصَبَّحُ، وَأَشْرَبُ فَأَتَقَنَّحُ، أُمُّ أَبِى زَرْعٍ فَمَا أُمُّ أَبِى زَرْعٍ عُكُومُهَا رَدَاحٌ، وَبَيْتُهَا فَسَاحٌ، ابْنُ أَبِى زَرْعٍ، فَمَا ابْنُ أَبِى زَرْعٍ مَضْجِعُهُ كَمَسَلِّ شَطْبَةٍ، وَيُشْبِعُهُ ذِرَاعُ الْجَفْرَةِ، بِنْتُ أَبِى زَرْعٍ فَمَا ـــــــــــــــــــــــــــــ النصب على الحال، ويروى بفتح الشين أي: في شق جبل، وقيل على الوجهين اسم موضع (فجعلني في أهل صهيل وأطيط) الصهيل: صوت الفرس، والأطيط: صوت الإبل (ودائس) أصله: داوس من الدوس، فعل الفلاحة لإخراج الحبوب في البيادر استدركت بهذا فإن أصحاب المواشي لا يكونون أهل زرع في أكثر الأوقات (ومُنَقّ) -بضم الميم وفتح النون وتشديد القاف- من النقية إخراج الحب من التبن وتصفيته، ويروى بكسر النون قال أبو عبيد: لا أعرفه، وقيل: من النقيق وقيل: صوت المواشي، والفتح أنسب بما تقدمه من الدوس (أقول فلا أقبح) -بضم الهمزة وتشديد الباء المفتوحة -أي: لا أنسب إلى القبح مهما قلت لكرامتي عنده (وأرقد فأتصبح) أي: أدخل في الصباح لقيام غيرها بالخدمة مثل قول امرئ القيس: لؤوم الضحى لم تنتطق عن تفضل (وأشرب فأتقمح) بالقاف أي: أرتوي، أصله في البعير يقال: قمح البعير إذا رفع رأسه بعد تمام الشرب، ويروى بالنون مكان الميم قيل: هما لغتان، وعن أبي زيد معناه بالنون لا أشرب فوق الري رواه بعضهم المنح بالميم بعده نون من المنحة أي آكل وأطعم غيري، وروي الفتح بالفاء بعده تاء كناية عن سمن جسمها (أم أبي زرع فما أم أبي زرع عكومها رداح) -بضم العين والكاف- جمع عَكِم -بفتح العين وكسر الكاف الغزارة، والرداح بفتح الراء المملوءة بالطعام في الأصل مصدر ردح، ولذلك وقع وصفًا للجمع، أو هو خبر مبتدأ محذوف أي: كل واحدة منهما رداح (وبيتها فساح). قال ابن الأثير: هو بضم الفاء، أي: متسع يقال: فسيح وفساح كطويل وطوال (ابن أبي زرع فما ابن [أبي زرع] مضجعه كَمَسَل شطبة) المسل مصدر سل بمعنى المفعول، والشطبة من النخل أي: يشبه الشطبة المسلولة تريد أنَّه نحيف البدن، وهذا مدح في الرجال كالسمن في النساء (ويشبعه ذراع الجَفْرة) -بفتح الجيم وسكون الفاء- ولد الماعز إذا بلغ أربعة أشهر وصفته بقلة الأكل فإنه مدح عند العرب.

بِنْتُ أَبِى زَرْعٍ طَوْعُ أَبِيهَا، وَطَوْعُ أُمِّهَا، وَمِلْءُ كِسَائِهَا، وَغَيْظُ جَارَتِهَا، جَارِيَةُ أَبِى زَرْعٍ، فَمَا جَارِيَةُ أَبِى زَرْعٍ لاَ تَبُثُّ حَدِيثَنَا تَبْثِيثًا، وَلاَ تُنَقِّثُ مِيرَتَنَا تَنْقِيثًا، وَلاَ تَمْلأُ بَيْتَنَا تَعْشِيشًا، قَالَتْ خَرَجَ أَبُو زَرْعٍ وَالأَوْطَابُ تُمْخَضُ، فَلَقِىَ امْرَأَةً مَعَهَا وَلَدَانِ لَهَا كَالْفَهْدَيْنِ يَلْعَبَانِ مِنْ تَحْتِ خَصْرِهَا بِرُمَّانَتَيْنِ، فَطَلَّقَنِى وَنَكَحَهَا، فَنَكَحْتُ بَعْدَهُ رَجُلاً سَرِيًّا، رَكِبَ شَرِيًّا وَأَخَذَ خَطِّيًّا وَأَرَاحَ عَلَىَّ نَعَمًا ثَرِيًّا، وَأَعْطَانِى مِنْ كُلِّ رَائِحَةٍ زَوْجًا ـــــــــــــــــــــــــــــ (بنت أبي زرع فما بنت أبي زرع طوع أبيها وطوع أمها) أي: طائعة لهما وأشار بالمصدر للمبالغة، وصفتها ببر الوالدين (وملء كسائها) أي: سمينة (وغيظ جاريتها) من البنات أي: سبب غيظها لقصورهن عن رتبتها. (جارية أبي زرع لا تبث حديثنا تبثيثًا) أي: لا تنقل ما تسمع للأجانب كسائر الخدم بل أمينة على الأسرار (ولا تنفث ميرتنا تنفيثًا) بضم التاء و [سكون] النون وتشديد الفاء، والميرة -بكسر الميم- المأكولات أي: لا تفرقه وتتلفه، وصفتها بالأمانة وصيانة المال (ولا تملأ بيتنا تعشيشًا) أي: تنظف البيت من القاذورات ولا تدعه كعُشّ الطير فيه العفس وقيل: لا تسرق الطعام فتخفيه كما يفعله الطير في عشه، ورواه في آخر الباب عن هشام ولا تعشش بدل لا تملأ قيل: هو بالعَين المهملة كما شرحناه، وقيل: بالمعجمة من الغش وهو الخيانة (خرج أبو زرعة والأوطاب تمخض) جمع وطيب -بفتح الواو- هو الزق، وتمخض بالخاء المعجمة وضاد كذلك على بناء المجهول أي: يحرك ليخرج الزبد من اللبن (فلقي امرأة معها ولدان كالفهدين، يلعبان من تحت خصرها برمانتين) -بفتح الخاء المعجمة- الخاصرة، أرادت برمانتين الثديين، وقيل: أرادت ارتفاع كفلها بحيث إذا نامت على قفاها يخلو ما بين الكفل والكتف بحيث تذهب فيه الرمانة وتجيء فيها لمعان الرمان على هذا الوجه، وهذا وجه حسن لأن الثدي إذا تدلى إلى الخصر لا يشبه الرمان ولا يكون مدحًا. (فطلقني ونكحها فنكحت بعده رجلًا سريًّا) أي: شريفًا سيدًا في قومه (شريًّا) -بالشين المعجمة -أي: فائقًا مختارًا وشجاعًا مقدامًا من شرى الفرس إذا لج في السير، وهذا أنسب بقولها (أخذ خطيًّا) -بفتح الخاء المعجمة -أي: رمحًا منسوبًا إلى الخط موضع بالبحرين (وأراح علي نعمًا ثريًّا) أي: كثيرًا من الثروة وهو الغَناء (وأعطاني من كل رائحة زوجًا) الرائحة: المواشي التي تروح أي: تأتي من المراعي، والزوج الصنف أي: من كل نوع صنفًا

84 - باب موعظة الرجل ابنته لحال زوجها

وَقَالَ كُلِى أُمَّ زَرْعٍ، وَمِيرِى أَهْلَكِ. قَالَتْ فَلَوْ جَمَعْتُ كُلَّ شَىْءٍ أَعْطَانِيهِ مَا بَلَغَ أَصْغَرَ آنِيَةِ أَبِى زَرْعٍ. قَالَتْ عَائِشَةُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «كُنْتُ لَكِ كَأَبِى زَرْعٍ لأُمِّ زَرْعٍ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامٍ وَلاَ تُعَشِّشُ بَيْتَنَا تَعْشِيشًا. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ بَعْضُهُمْ فَأَتَقَمَّحُ. بِالْمِيمِ، وَهَذَا أَصَحُّ. 5190 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ الْحَبَشُ يَلْعَبُونَ بِحِرَابِهِمْ، فَسَتَرَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا أَنْظُرُ، فَمَا زِلْتُ أَنْظُرُ حَتَّى كُنْتُ أَنَا أَنْصَرِفُ فَاقْدُرُوا قَدْرَ الْجَارِيَةِ الْحَدِيثَةِ السِّنِّ تَسْمَعُ اللَّهْوَ. طرفه 454 84 - باب مَوْعِظَةِ الرَّجُلِ ابْنَتَهُ لِحَالِ زَوْجِهَا 5191 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى ثَوْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمْ أَزَلْ ـــــــــــــــــــــــــــــ منه (وقال: كلي أم زرع وميري) أي: أعط غيرك من الطعام، (قالت عائشة: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: كنت لك كأبي زرع لأم زرع). وقد روي أن عائشة قالت في الجواب: بأبي أنت وأمي بل أنت خير من أبي زرع. فإن قلت: أبو زرع طلقها فكيف صح التشبيه؟ قلت: التشبيه لا يقتضي المشاركة من كل وجه، وأيضًا قد روي أنه لا طلاق مني، وفي رواية الهيثم بن عدي: "كنت لك كأبي زرع لأم زرع في الألفة والوفاء لا في الفرقة والجفاء". 5190 - وحديث لشعب الحبشة بالحراب تقدم في أبواب. باب موعظة الرجل ابنته لحال زوجها أي: لأمر يخص بحال زوجها. هذا حديث عمر مع ابنته حفصة تقدم في أبواب المظالم في باب الفرقة، ونشير هنا إلى بعض ألفاظه: 5191 - (عن عبد الله بن أبي ثور) بالثاء المثلثة ............................. . . . . . . . ..

حَرِيصًا أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَنِ الْمَرْأَتَيْنِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - اللَّتَيْنِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا) حَتَّى حَجَّ وَحَجَجْتُ مَعَهُ، وَعَدَلَ وَعَدَلْتُ مَعَهُ بِإِدَاوَةٍ، فَتَبَرَّزَ، ثُمَّ جَاءَ فَسَكَبْتُ عَلَى يَدَيْهِ مِنْهَا فَتَوَضَّأَ فَقُلْتُ لَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَنِ الْمَرْأَتَانِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - اللَّتَانِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا) قَالَ وَاعَجَبًا لَكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، هُمَا عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ. ثُمَّ اسْتَقْبَلَ عُمَرُ الْحَدِيثَ يَسُوقُهُ قَالَ كُنْتُ أَنَا وَجَارٌ لِى مِنَ الأَنْصَارِ فِي بَنِى أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ، وَهُمْ مِنْ عَوَالِى الْمَدِينَةِ، وَكُنَّا نَتَنَاوَبُ النُّزُولَ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَيَنْزِلُ يَوْمًا وَأَنْزِلُ يَوْمًا، فَإِذَا نَزَلْتُ جِئْتُهُ بِمَا حَدَثَ مِنْ خَبَرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنَ الْوَحْىِ أَوْ غَيْرِهِ، وَإِذَا نَزَلَ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ نَغْلِبُ النِّسَاءَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى الأَنْصَارِ إِذَا قَوْمٌ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ، فَطَفِقَ نِسَاؤُنَا يَأْخُذْنَ مِنْ أَدَبِ نِسَاءِ الأَنْصَارِ، فَصَخِبْتُ عَلَى امْرَأَتِى فَرَاجَعَتْنِى فَأَنْكَرْتُ أَنْ تُرَاجِعَنِى قَالَتْ وَلِمَ تُنْكِرُ أَنْ أُرَاجِعَكَ فَوَاللَّهِ إِنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لَيُرَاجِعْنَهُ، وَإِنَّ إِحْدَاهُنَّ لَتَهْجُرُهُ الْيَوْمَ حَتَّى اللَّيْلِ. فَأَفْزَعَنِى ذَلِكَ وَقُلْتُ لَهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْهُنَّ. ثُمَّ جَمَعْتُ عَلَىَّ ثِيَابِى فَنَزَلْتُ فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ فَقُلْتُ لَهَا أَىْ حَفْصَةُ أَتُغَاضِبُ إِحْدَاكُنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - الْيَوْمَ حَتَّى اللَّيْلِ قَالَتْ نَعَمْ. فَقُلْتُ قَدْ خِبْتِ وَخَسِرْتِ، أَفَتَأْمَنِينَ أَنْ يَغْضَبَ اللَّهُ لِغَضَبِ رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - فَتَهْلِكِى لاَ تَسْتَكْثِرِى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَلاَ تُرَاجِعِيهِ فِي شَىْءٍ، وَلاَ تَهْجُرِيهِ، وَسَلِينِى مَا بَدَا لَكِ، وَلاَ يَغُرَّنَّكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ ـــــــــــــــــــــــــــــ (فتبرز) أي: ذهب إلى البراز وهو مكان قضاء حاجة الإنسان (واعجبًا لك يابن عباس) يريد غاية التعجب كأنه يندبها لغرابتها أي ما كان ينبغي أن يخفى عليه مثل هذه القضية، هذا إذا قرئ بغير تنوين على أن الألف عوض عن ياء الإضافة، ويروى منونًا على المصدر من فعل مقدر (كنت أنا وجار لي في بني أمية بن زيد) طائفة من الأنصار منازلهم بالعوالي وهي قرى متفرقة بعضها أقرب من بعض إلى شرقي المدينة على ساكنها أفضل الصلوات وأكمل التحيات كانت منازل أوس، واسم جاره أوس بن خولي. (وطفق نساؤنا يأخذن من أدب نساء الأنصار) أي شرعن في ذلك (فصخبت على امرأتي فراجعتني) -بالخاء المعجمة والباء الموحدة- من الصخب رفع الصوت، وفي رواية بالسين، وهو بمعناه، ويروى بالمهملة من الصباح (ولا يغرنك أن كانت جارتك) -بفتح

أَوْضَأَ مِنْكِ، وَأَحَبَّ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يُرِيدُ عَائِشَةَ - قَالَ عُمَرُ وَكُنَّا قَدْ تَحَدَّثْنَا أَنَّ غَسَّانَ تُنْعِلُ الْخَيْلَ لِغَزْوِنَا، فَنَزَلَ صَاحِبِى الأَنْصَارِىُّ يَوْمَ نَوْبَتِهِ، فَرَجَعَ إِلَيْنَا عِشَاءً فَضَرَبَ بَابِى ضَرْبًا شَدِيدًا وَقَالَ أَثَمَّ هُوَ فَفَزِعْتُ فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ قَدْ حَدَثَ الْيَوْمَ أَمْرٌ عَظِيمٌ. قُلْتُ مَا هُوَ، أَجَاءَ غَسَّانُ قَالَ لاَ بَلْ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ وَأَهْوَلُ، طَلَّقَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - نِسَاءَهُ. فَقُلْتُ خَابَتْ حَفْصَةُ وَخَسِرَتْ، قَدْ كُنْتُ أَظُنُّ هَذَا يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ، فَجَمَعْتُ عَلَىَّ ثِيَابِى فَصَلَّيْتُ صَلاَةَ الْفَجْرِ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَدَخَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَشْرُبَةً لَهُ، فَاعْتَزَلَ فِيهَا، وَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ فَإِذَا هِىَ تَبْكِى فَقُلْتُ مَا يُبْكِيكِ أَلَمْ أَكُنْ حَذَّرْتُكِ هَذَا أَطَلَّقَكُنَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ لاَ أَدْرِى هَا هُوَ ذَا مُعْتَزِلٌ فِي الْمَشْرُبَةِ. فَخَرَجْتُ فَجِئْتُ إِلَى الْمِنْبَرِ فَإِذَا حَوْلَهُ رَهْطٌ يَبْكِى بَعْضُهُمْ، فَجَلَسْتُ مَعَهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ غَلَبَنِى مَا أَجِدُ، فَجِئْتُ الْمَشْرُبَةَ الَّتِى فِيهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ لِغُلاَمٍ لَهُ أَسْوَدَ اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ. فَدَخَلَ الْغُلاَمُ فَكَلَّمَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ كَلَّمْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَذَكَرْتُكَ لَهُ، فَصَمَتَ. فَانْصَرَفْتُ حَتَّى جَلَسْتُ مَعَ الرَّهْطِ الَّذِينَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ، ثُمَّ غَلَبَنِى مَا أَجِدُ فَجِئْتُ فَقُلْتُ لِلْغُلاَمِ اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ. فَدَخَلَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ قَدْ ذَكَرْتُكَ لَهُ فَصَمَتَ. فَرَجَعْتُ فَجَلَسْتُ مَعَ الرَّهْطِ الَّذِينَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ، ثُمَّ غَلَبَنِى مَا أَجِدُ فَجِئْتُ الْغُلاَمَ فَقُلْتُ اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ. فَدَخَلَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَىَّ فَقَالَ قَدْ ذَكَرْتُكَ لَهُ فَصَمَتَ. فَلَمَّا وَلَّيْتُ مُنْصَرِفًا - قَالَ - إِذَا الْغُلاَمُ يَدْعُونِى فَقَالَ قَدْ أَذِنَ لَكَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَدَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَإِذَا هُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَى رِمَالِ حَصِيرٍ، لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فِرَاشٌ، قَدْ أَثَّرَ الرِّمَالُ بِجَنْبِهِ مُتَّكِئًا عَلَى وِسَادَةٍ مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ قُلْتُ وَأَنَا قَائِمٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَطَلَّقْتَ نِسَاءَكَ. فَرَفَعَ إِلَىَّ بَصَرَهُ فَقَالَ «لاَ». فَقُلْتُ اللَّهُ أَكْبَرُ. ثُمَّ قُلْتُ وَأَنَا قَائِمٌ أَسْتَأْنِسُ يَا رَسُولَ ـــــــــــــــــــــــــــــ الهمزة -يريد بالجارة عائشة، إما لكونها قريب بيتها من بيتها، أو لأن العرب [تطلق] الجارة على الضرة لاشتراكهما في الزوج (أوضأ منك) أي: أحسن، من الوضاءة أي: هي تدل بحسنها وحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وليس لك منها شيء (وكنا قد تحدثنا) بفتح التاء والمثناة تحت (أن غسان تنعل الخيل لتغزونا) -بفتح المعجمة وتشديد السين- قوم من الأزد نزلوا على ماء ببلاد الشام يسمى غسان فنسب إليه. (المشربة) -بفتح الميم وضم الراء- الغرفة (على رمال حصير) أي: حصير مرمول أي: منسوج (فقلت: أطلقت نساءك؟ فرفع إلى بصره فقال لا، فقلت: الله أكبر) إما قوله فرحًا أو

اللَّهِ لَوْ رَأَيْتَنِى، وَكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ نَغْلِبُ النِّسَاءَ فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ إِذَا قَوْمٌ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ، فَتَبَسَّمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ رَأَيْتَنِى وَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ فَقُلْتُ لَهَا لاَ يَغُرَّنَّكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ أَوْضَأَ مِنْكِ وَأَحَبَّ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يُرِيدُ عَائِشَةَ فَتَبَسَّمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - تَبَسُّمَةً أُخْرَى، فَجَلَسْتُ حِينَ رَأَيْتُهُ تَبَسَّمَ، فَرَفَعْتُ بَصَرِى فِي بَيْتِهِ، فَوَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ فِي بَيْتِهِ شَيْئًا يَرُدُّ الْبَصَرَ غَيْرَ أَهَبَةٍ ثَلاَثَةٍ، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ فَلْيُوَسِّعْ عَلَى أُمَّتِكَ، فَإِنَّ فَارِسًا وَالرُّومَ قَدْ وُسِّعَ عَلَيْهِمْ، وَأُعْطُوا الدُّنْيَا وَهُمْ لاَ يَعْبُدُونَ اللَّهَ. فَجَلَسَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَ مُتَّكِئًا. فَقَالَ «أَوَفِى هَذَا أَنْتَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، إِنَّ أُولَئِكَ قَوْمٌ عُجِّلُوا طَيِّبَاتِهِمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا». فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَغْفِرْ لِى. فَاعْتَزَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - نِسَاءَهُ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ الْحَدِيثِ حِينَ أَفْشَتْهُ حَفْصَةُ إِلَى عَائِشَةَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً وَكَانَ قَالَ «مَا أَنَا بِدَاخِلٍ عَلَيْهِنَّ شَهْرًا». مِنْ شِدَّةِ مَوْجِدَتِهِ عَلَيْهِنَّ حِينَ عَاتَبَهُ اللَّهُ، فَلَمَّا مَضَتْ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ لَيْلَةً دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ فَبَدَأَ بِهَا فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ كُنْتَ قَدْ أَقْسَمْتَ أَنْ لاَ تَدْخُلَ عَلَيْنَا شَهْرًا، وَإِنَّمَا أَصْبَحْتَ مِنْ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً أَعُدُّهَا عَدًّا. فَقَالَ «الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ». فَكَانَ ذَلِكَ الشَّهْرُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً. قَالَتْ عَائِشَةُ ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى آيَةَ التَّخَيُّرِ فَبَدَأَ بِى أَوَّلَ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ فَاخْتَرْتُهُ، ثُمَّ خَيَّرَ نِسَاءَهُ كُلَّهُنَّ فَقُلْنَ مِثْلَ مَا قَالَتْ عَائِشَةُ. طرفه 89 ـــــــــــــــــــــــــــــ تعجبًا من وقوع هذا الكذب بين خير القرون (فرفعت بصري في بيته فوالله ما رأيت فيه غير أَهَبَهْ) -بثلاث فتحات- جمع إهاب وهو الجلد للمربوع بكسر الراء (قلت: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ادع أن يوسع على أمتك) لما رأى بيته بذلك الحال، أو خاف أن يقول: يوسع الله عليك، ذكر أمته بدل عليه، وقوله في الرواية الأخرى: "ألا ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة" (قال: أوَفِي هذا أنت يابن الخطاب) بفتح الواو العاطفة على مقدر أي: تقول هذا، أنكر عليه مقالته ولذلك جلس بعد أن كان متكئًا ولذلك قال عمر: (استغفر لي يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أجل ذلك الحديث حيث أفشته حفصة) والحديث تقدم أنه إما شرب العسل عند زينب وهو الأصح الأكثر، أو أصابته مارية في نوبة حفصة وبيتها وكان قد أوصاها بأن لا تخبر أحدًا (من شدة موجِدته) بكسر الجيم أي: غضبه (حين عاتبه الله) بقوله: {لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ

85 - باب صوم المرأة بإذن زوجها تطوعا

85 - باب صَوْمِ الْمَرْأَةِ بِإِذْنِ زَوْجِهَا تَطَوُّعًا 5192 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَصُومُ الْمَرْأَةُ وَبَعْلُهَا شَاهِدٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ». طرفه 2066 86 - باب إِذَا بَاتَتِ الْمَرْأَةُ مُهَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا 5193 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ أَنْ تَجِئَ لَعَنَتْهَا الْمَلاَئِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ». طرفه 3237 ـــــــــــــــــــــــــــــ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ} [التحريم: 1]. وتقدم منا كلام حسن في تفسير هذه الآية في تفسير سورة التحريم، وقد بسطنا الكلام عليه في تفسيرنا "غاية الأماني". باب صوم المرأة بإذن زوجها تطوعًا 5192 - (مقاتل) بضم الميم وكسر التاء (همام) بفتح الهاء وتشديد الميم (منبه) بضم الميم وتشديد الموحدة المكسورة (لا تصوم [المرأة] وبعلها شاهد إلا بإذنه) أطلق في الحديث، والمراد منه التطوع كما قيده في الترجمة، وفي رواية أبي داود عن أبي سعيد الخدري "أن امرأة صفوان بن معطل جاءت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: إن زوجي يضربني إذا صليت ويفطرني إذا صمت فقال ... " الحديث، وفي رواية مسلم: "لا يحل لامرأة". اختلف في القضاء هل يحتاج إلى الإذن أم لا، والصحيح أنه مثل التصوع ما لم يتضيق الوقت، وحكم الأمة يؤخذ من المرأة من باب الأولى، وفي الحديث دلالة على أن قيام المرأة بخدمة الزوج أفضل في حقها من تطوع العبادات. باب إذا باتت المرأة مهاجرة فراش زوجها 5193 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (ابن أبي عدي) محمد بن إبراهيم (عن أبي حازم) -بالحاء المهملة- سلمان الأشجعي.

87 - باب لا تأذن المرأة فى بيت زوجها لأحد إلا بإذنه

5194 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا بَاتَتِ الْمَرْأَةُ مُهَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا لَعَنَتْهَا الْمَلاَئِكَةُ حَتَّى تَرْجِعَ». طرفه 3237 87 - باب لاَ تَأْذَنُ الْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا لأَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِهِ 5195 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ، وَلاَ تَأْذَنَ فِي بَيْتِهِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ، وَمَا أَنْفَقَتْ مِنْ نَفَقَةٍ عَنْ غَيْرِ أَمْرِهِ فَإِنَّهُ يُؤَدَّى إِلَيْهِ شَطْرُهُ». وَرَوَاهُ أَبُو الزِّنَادِ أَيْضًا عَنْ مُوسَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ فِي الصَّوْمِ. طرفه 2066 ـــــــــــــــــــــــــــــ 5194 - (عرعرة) بعين وراء مكررتين (زرارة) بضم الزاي المعجمة (إذا باتت المرأة مهاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى ترجع) وهذا يدل على أنه من الكبائر. باب لا تأذن المرأة في بيت زوجها [لأحد] إلا بإذنه 5195 - (أبو اليمان) -بنون مخففة- الحكم بن نافع (أبو الزناد) -بكسر الزاء بعدها نون- عبد الله بن ذكوان، روى حديث صوم المرأة المقدم مع زيادة (ولا تأذن في بيته إلا بإذنه) في رواية مسلم "وهو شاهد" ولا مفهوم له بل إذا كان غائبًا أولى، اللهم إذا كان بها مرض تحتاج إليه (وما أنفقت من نفقة فإنَّه يؤدَّى إليه شطره) أي: نصفه. فإن قلت: تقدم في أبواب الزكاة (إذا أنفقت من كسب زوجها من غير أمره فله نصف الأجر"، قلت: ذاك محمول على الإذن إما صريحا أو دلالة. فإن قلت: ما المراد بالشطر؟ قلت: النصف لأن المأكول في البيت من المرأة والزوج فإنها تغرم نصف الزوج والمرأة بالشطر الزائد على المأذون فيه، وقال الخطابي: المراد نفقتها على نفسها من مال الزوج تغرم الزائد على حقها، ويحتمل أن يراد بالشطر شطر الثواب فيوافق ما تقدم في أبواب الزكاة أي: يؤدى إليه شطر ثوابه، وقد قواه شيخنا وجعل ما قاله الخطابي بعيدًا لكن قال: يجوز أن يكون المراد إنفاق المرأة من مال نفسها من الذي

88 - باب

88 - بابٌ 5196 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ أَخْبَرَنَا التَّيْمِىُّ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «قُمْتُ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ فَكَانَ عَامَّةَ مَنْ دَخَلَهَا الْمَسَاكِينُ، وَأَصْحَابُ الْجَدِّ مَحْبُوسُونَ، غَيْرَ أَنَّ أَصْحَابَ النَّارِ قَدْ أُمِرَ بِهِمْ إِلَى النَّارِ، وَقُمْتُ عَلَى بَابِ النَّارِ فَإِذَا عَامَّةُ مَنْ دَخَلَهَا النِّسَاءُ». طرفه 6547 89 - باب كُفْرَانِ الْعَشِيرِ وَهْوَ الزَّوْجُ، وَهْوَ الْخَلِيطُ مِنَ الْمُعَاشَرَةِ فِيهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 5197 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ خَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالنَّاسُ مَعَهُ، فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلاً نَحْوًا مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ أعطاه الزوج فإنه يؤجر على نفقة الزوجة كما تقدم في حديث سعد بن أبي وقاص. قلت: لو كان المراد لم يحتج إلى إذن الزوج. 5196 - (التيمي) -بفتح الفوقانية وإسكان التحتانية- سليمان (أبو عثمان) عبد الرحمن النهدي (قمت على باب الجنة فإذا عامة من دخلها المساكين، وأصحاب الجد) -بفتح الجيم وتشديد الدال- الحظ والمال (محبوسون) للحساب وليس هؤلاء أهل الأعراف (وقمت على باب النار فإذا عامة من دخلها النساء) المراد بالعامة: الأكثر كما صرح به بعده وعلله بأنهنّ ناقصات عقل ودين ويكفرن إحسان العشير. باب كفران العشير وهو الزوج وهو الخليط من المعاشرة الضمير للعشير فعيل بمعنى الفاعل. 5197 - روى في الباب حديث ابن عباس في كسوف الشمس في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد سلف في أبواب الكسوف.

90 - باب لزوجك عليك حق

ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً، ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلاً وَهْوَ دُونَ الْقِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً وَهْوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ قَامَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلاً وَهْوَ دُونَ الْقِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً وَهْوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلاً وَهْوَ دُونَ الْقِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً وَهْوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ انْصَرَفَ، وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ، فَقَالَ «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لاَ يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْنَاكَ تَنَاوَلْتَ شَيْئًا فِي مَقَامِكَ هَذَا، ثُمَّ رَأَيْنَاكَ تَكَعْكَعْتَ. فَقَالَ «إِنِّى رَأَيْتُ الْجَنَّةَ - أَوْ أُرِيتُ الْجَنَّةَ - فَتَنَاوَلْتُ مِنْهَا عُنْقُودًا وَلَوْ أَخَذْتُهُ لأَكَلْتُمْ مِنْهُ مَا بَقِيَتِ الدُّنْيَا، وَرَأَيْتُ النَّارَ فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ مَنْظَرًا قَطُّ وَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ». قَالُوا لِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «بِكُفْرِهِنَّ». قِيلَ يَكْفُرْنَ بِاللَّهِ قَالَ «يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ، وَيَكْفُرْنَ الإِحْسَانَ، وَلَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ، ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا قَالَتْ مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ». طرفه 29 5198 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ أَبِى رَجَاءٍ عَنْ عِمْرَانَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «اطَّلَعْتُ فِي الْجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْفُقَرَاءَ، وَاطَّلَعْتُ فِي النَّارِ، فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ». تَابَعَهُ أَيُّوبُ وَسَلْمُ بْنُ زَرِيرٍ. طرفه 3241 90 - باب لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقٌّ قَالَهُ أَبُو جُحَيْفَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. ـــــــــــــــــــــــــــــ 5198 - (عثمان بن الهيثم) بفتح الهاء وسكون الياء وثاء مثلثة (أبو رجاء) -بفتح الراء والمد- عمران العطاردي. باب لزوجك عليك حق (قاله أبو جحيفة) بضم الجيم وفتح الحاء، مصغر، اسمه: وهب، وتعليقه رواه في أبواب الصوم موصولًا في قصة سلمان مع أبي الدرداء.

91 - باب المرأة راعية فى بيت زوجها

5199 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ أَبِى كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَا عَبْدَ اللَّهِ أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ». قُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «فَلاَ تَفْعَلْ، صُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا». طرفه 1131 91 - باب الْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا 5200 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالأَمِيرُ رَاعٍ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ زَوْجِهَا وَوَلَدِهِ، فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ». طرفه 893 ـــــــــــــــــــــــــــــ 5199 - (الأوزاعي) -بفتح الهمزة- عبد الرحمن شيخ الشام في زمانه، روى حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أنه كان يصوم النَهار ويقول الليل فنهاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال (إن لجسدك عليك حقًّا) أي: يجب عليك محافظة من الأذى (وإن لزوجك عليك حقًّا) واختلف في هذا الحق قال مالك وأحمد: إذا كف عن الوقاع يجبر عليه إن لم يكن به مانع فإن أبى فرق بينهما. وقال أبو حنيفة يجبر على البيتوتة معها، وقال الشافعي: المعاشرة معها لقوله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 19]، ولا يجب على الزوج غشيان إلا مرة واحدة. باب المرأة راعية في بيت زوجها 5200 - (عبدان) على وزن شعبان (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) تقدم قريبًا أن من لم يكن تحت يده أحد مسؤول عن حواسه وقواه فيم صرفها.

92 - باب قول الله تعالى (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض) إلى قوله (إن الله كان عليا كبيرا)

92 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ) إِلَى قَوْلِهِ (إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا) 5201 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ قَالَ حَدَّثَنِى حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ آلَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ نِسَائِهِ شَهْرًا وَقَعَدَ فِي مَشْرُبَةٍ لَهُ فَنَزَلَ لِتِسْعٍ وَعِشْرِينَ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ آلَيْتَ عَلَى شَهْرٍ. قَالَ «إِنَّ الشَّهْرَ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ». طرفه 378 93 - باب هِجْرَةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - نِسَاءَهُ فِي غَيْرِ بُيُوتِهِنَّ وَيُذْكَرُ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ رَفْعُهُ «غَيْرَ أَنْ لاَ تُهْجَرَ إِلاَّ فِي الْبَيْتِ». وَالأَوَّلُ أَصَحُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء: 34] 5201 - (مخلد) بفتح الميم وخاء معجمة (حُميد) بضم الخاء، مصغر (إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من نسائه) ليس مراده الإيلاء الشرعي لأنه لا يكون دون أربعة أشهر، وأيضًا الإيلاء الشرعي يكون على الامتناع من الوطء وإيلاؤه - صلى الله عليه وسلم - كان على عدم الدخول عليهن. فإن قلت: أي مناسبة لإيلاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالترجمة؟ قلت: يناسبها آخر الآية {وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ} [النساء: 34]. باب هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- نساءه في غير بيوتهن (ويذكر عن معاوية بن حيدة) -بفتح الحاء وسكون الياء- العشيري البصري قال الذهبي: له صحبة، وإليه يشير البخاري بقوله: (رفعه: غير أن لا تهجر إلا في البيت) هذا التعليق رواه مسندًا أبو داود والنسائي والحاكم وقال صحيح الإسناد قال البخاري: (والأول أصح) أي: الهجران في غير البيوت؛ لأنه من فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولأنه أشق عليهن، وأيضًا يتفرغ للعبادة.

5202 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ. وَحَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِىٍّ أَنَّ عِكْرِمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ أَخْبَرَهُ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - حَلَفَ لاَ يَدْخُلُ عَلَى بَعْضِ أَهْلِهِ شَهْرًا، فَلَمَّا مَضَى تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا غَدَا عَلَيْهِنَّ أَوْ رَاحَ فَقِيلَ لَهُ يَا نَبِىَّ اللَّهِ حَلَفْتَ أَنْ لاَ تَدْخُلَ عَلَيْهِنَّ شَهْرًا قَالَ «إِنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا». طرفه 1910 5203 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا أَبُو يَعْفُورٍ قَالَ تَذَاكَرْنَا عِنْدَ أَبِى الضُّحَى فَقَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ أَصْبَحْنَا يَوْمًا وَنِسَاءُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَبْكِينَ، عِنْدَ كُلِّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ أَهْلُهَا، فَخَرَجْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَإِذَا هُوَ مَلآنُ مِنَ النَّاسِ فَجَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَصَعِدَ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ فِي غُرْفَةٍ لَهُ، فَسَلَّمَ فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ، ثُمَّ سَلَّمَ فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ، ثُمَّ سَلَّمَ فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ، فَنَادَاهُ فَدَخَلَ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــ 5202 - (أبو عاصم) الضحاك بن مخلد (ابن جريج) -بضم الجيم مصغر- اسمه عبد الملك (يكون الشهر تسعة وعشرين يومًا) أي: جنس الشهر قد يقع كذلك وكان ذلك الشهر تسعًا وعشرين يومًا (أبو يعفور) -بفتح الياء- هما اثنان الصغير واسمه عبد الرحمن بن عبيد هو هذا المذكور هنا. قال الغساني: يروي عنه مروان الفزاري وهو يروي عن أبي الضحى، روى عنه البخاري ومسلم، للبخاري عنه حديثان، هذا والآخر تقدم في باب ليلة القدر، وأبو يعفور الأكبر اسمه: وفدان، وقيل: واقد، روى عنه أصحاب الكتب الستة. 5203 - روى حديث عمر أنه حين أخبر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طلق نساءه (فسلم ولم يجبه أحد ثم سلم ولم يجبه أحد فناداه فدخل). فإن قلت: قد تقدم أن عبدًا كان على الباب يستأذن. قلت: يجوز الجمع بأن استأذن له العبد فلم يأذن فسلم بنفسه عسى أن يجزيه فإن قلت: من المنادى؟ قلت: هو العبد، وإسناده إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأنه الآمر كذا كنت أقوله ثم وقفت على ما نقله شيخنا فناداه بلال من رواية أبي نعيم والنسائي، وفي رواية مسلم أن الغلام الذي أذن له رباح، ووجه الجمع ظاهر.

94 - باب ما يكره من ضرب النساء

النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَطَلَّقْتَ نِسَاءَكَ فَقَالَ «لاَ وَلَكِنْ آلَيْتُ مِنْهُنَّ شَهْرًا». فَمَكَثَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَى نِسَائِهِ. 94 - باب مَا يُكْرَهُ مِنْ ضَرْبِ النِّسَاءِ وَقَوْلِهِ (وَاضْرِبُوهُنَّ) ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ. 5204 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَجْلِدُ أَحَدُكُمُ امْرَأَتَهُ جَلْدَ الْعَبْدِ، ثُمَّ يُجَامِعُهَا فِي آخِرِ الْيَوْمِ». طرفه 3377 95 - باب لاَ تُطِيعُ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا فِي مَعْصِيَةٍ 5205 - حَدَّثَنَا خَلاَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ عَنِ الْحَسَنِ - هُوَ ابْنُ مُسْلِمٍ - عَنْ صَفِيَّةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ زَوَّجَتِ ابْنَتَهَا فَتَمَعَّطَ شَعَرُ رَأْسِهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ما يكره من ضرب النساء يريد الضرب المفرط، وقوله تعالى: {وَاضْرِبُوهُنَّ} [النساء: 34] مقيد بهذا القيد. رواه الترمذي في تفسير الآية مرفوعًا. 5204 - (لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد) لأن تعزير كل إنسان على قدر حاله، وفي رواية مسلم "الأمة" بدل العبد، وفي رواية النسائي الجمع بينهما، وروي "جلد البعير". والمبرح -بكسر الراء المشددة- المشق من التبريح وهو المشقة. قاله ابن الأثير (ثم يجامعها آخر النهار) لأن الغرض منه الزجر، والمجامعة سريعًا تفوت ذلك الغرض، ألا ترى أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو أرأف الناس هاجرهن شهرًا، وأيضًا لذة الوقاع إنما تكون عند الألفة، فإذا كان قريب العهد بالضرب لا حلاوة في ذلك معلوم بالوجدان. باب المرأة لا تطيع زوجها في معصية 5205 - (أن امرأة من الأنصار زوجت ابنتها فتمعط شعر رأسها) أي: تمزق

96 - باب (وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا)

فَجَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَتْ إِنَّ زَوْجَهَا أَمَرَنِى أَنْ أَصِلَ فِي شَعَرِهَا. فَقَالَ «لاَ إِنَّهُ قَدْ لُعِنَ الْمُوصِلاَتُ». طرفه 5934 96 - باب (وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا) 5206 - حَدَّثَنَا ابْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - (وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا) قَالَتْ هِىَ الْمَرْأَةُ تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ، لاَ يَسْتَكْثِرُ مِنْهَا فَيُرِيدُ طَلاَقَهَا، وَيَتَزَوَّجُ غَيْرَهَا، تَقُولُ لَهُ أَمْسِكْنِى وَلاَ تُطَلِّقْنِى، ثُمَّ تَزَوَّجْ غَيْرِى، فَأَنْتَ فِي حِلٍّ مِنَ النَّفَقَةِ عَلَىَّ وَالْقِسْمَةِ لِى، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى (فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَصَّالَحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ). طرفه 2450 97 - باب الْعَزْلِ 5207 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ (إن زوجها أمرني أن أصل شعرها) هذا موضع الدلالة على الترجمة ويقاس على هذا كل معصية، ولذلك نكر المعصية في الترجمة. (إنه قد لعن الموصِّلات) بتشديد الصاد المكسورة، ويجوز الفتح كما تقدم "الواصلة [و] المستوصلة". باب {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا} [النساء: 128] 5206 - (محمد بن سلام) بتخفيف اللام على الأكثر (أبو معاوية) الضرير محمد بن خازم -بالخاء المعجمة (قالت عائشة: هي المرأة تكون عند الرجل لا يستكثر منها) أي من مخالطتها من جنس العشرة (فيريد طلاقها) فتجعله في حل من حقها مما لها من القسم والنفقة لئلا يطلقها كما فعلت سودة مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. قال ابن عباس: وفي شأنها نزلت الآية، والإجماع على جواز هذا، إنما الخلاف في جواز رجوعها عنه. وقال أبو حنيفة والشافعي: يجوز لها الرجوع، وكذا قال أحمد؛ لأن كل يوم لها فيه حق جديد، وقياس قول مالك في إنظار المعسر عدم الرجوع. باب العزل 5207 - (ابن جريج) بضم الجيم، مصغر ................................. .......

جَابِرٍ قَالَ كُنَّا نَعْزِلُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفاه 5208، 5209 5208 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌو أَخْبَرَنِى عَطَاءٌ سَمِعَ جَابِرًا رضى الله عنه قَالَ كُنَّا نَعْزِلُ وَالْقُرْآنُ يَنْزِلُ. طرفه 5207 5209 - وَعَنْ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ كُنَّا نَعْزِلُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَالْقُرْآنُ يَنْزِلُ. طرفه 5207 5210 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ أَصَبْنَا سَبْيًا فَكُنَّا نَعْزِلُ فَسَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «أَوَإِنَّكُمْ لَتَفْعَلُونَ قَالَهَا ثَلاَثًا مَا مِنْ نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلاَّ هِىَ كَائِنَةٌ». طرفه 2229 ـــــــــــــــــــــــــــــ (كنا نعزل على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- والقرآن ينزل) زاد في رواية مسلم: "ولو كان ينهى عنه لنهانا القرآن"، وفي رواية: "فبلغ ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- فلم ينهنا"، وفي رواية النسائي: كنا نعزل عن الجواري فقالت اليهود: تلك الموؤودة الصغرى فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "كذبت اليهود". فإن قلت: في رواية مسلم "أن العزل هو الوأد الخفي". قلت: ليس فيه تصريح بحرمته، غايته: كراهة التنزيه كما يظهر من سائر الأحاديث بخلاف تكذيب اليهود، واتفقت الأئمة على جوازه مع تفصيل في ذلك: قالوا: يجوز عن جاريته اتفاقًا، وعن الحرة إذا أذنت، وعن أمة الغير بإذن مولاها. وقال الشافعي: لا يشترط الإذن في صورة ما لإطلاق الأحاديث الواردة فيه. قال الغزالي: لا تفصيل في العزل على الحرمة والوجود. 5210 - (جويرية) بضم الجيم، مصغر جارية (ابن مُحَيْرِيْز) عبد الله القرشي (سألنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-) عن ذلك أي: عن العزل (قال: أوَإنكم لتفعلون. قالها ثلاثًا) من غاية الإنكار عليهم ولذلك علله بأنكم تفرون من الولد مع علمكم بأنه لا يجديكم نفعًا مع نقصان لذة الوقاع من نفسه ومن الموطوءة.

98 - باب القرعة بين النساء إذا أراد سفرا

98 - باب الْقُرْعَةِ بَيْنَ النِّسَاءِ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا 5211 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا خَرَجَ أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَطَارَتِ الْقُرْعَةُ لِعَائِشَةَ وَحَفْصَةَ، وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا كَانَ بِاللَّيْلِ سَارَ مَعَ عَائِشَةَ يَتَحَدَّثُ، فَقَالَتْ حَفْصَةُ أَلاَ تَرْكَبِينَ اللَّيْلَةَ بَعِيرِى وَأَرْكَبُ بَعِيرَكِ تَنْظُرِينَ وَأَنْظُرُ، فَقَالَتْ بَلَى فَرَكِبَتْ فَجَاءَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى جَمَلِ عَائِشَةَ وَعَلَيْهِ حَفْصَةُ فَسَلَّمَ عَلَيْهَا ثُمَّ سَارَ حَتَّى نَزَلُوا وَافْتَقَدَتْهُ عَائِشَةُ، فَلَمَّا نَزَلُوا جَعَلَتْ رِجْلَيْهَا بَيْنَ الإِذْخِرِ وَتَقُولُ يَا رَبِّ سَلِّطْ عَلَىَّ عَقْرَبًا أَوْ حَيَّةً تَلْدَغُنِى، وَلاَ أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقُولَ لَهُ شَيْئًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب القرعة بين النساء 5211 - (كان إذا خرج) أي: سافر (أقرع بين نسائه) لفظ كان دل على استمراره على ذلك، واتفقت الأئمة على وجوب ذلك لمن أراد السفر بعض نسائه إلا رواية عن مالك (أيمن) بفتح الهمزة وياء ساكنة (ابن أبي مليكة) مصغر ملكة، واسم الابن عبد الله (وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا كان بالليل يسير مع عائشة يتحدث) معها (فقالت حفصة: ألا تركبين بعيري وأركب بعيرك وتنظرين وانظر) كيف يكون الحال هل يتحدث معي كما يتحدث معك، ومن قال: أرادت إنك تنظرين الجهة التي كنت أسير فيها، وانظر جهتك، أو تنظرين بعيري وانظر بعيرك فقد أبعد. بل احتالت على عائشة عسى تفوز بمسايرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- معها، ثم ندمت عائشة ولذلك قالت: (يا رب سقط عليّ عقربًا أو حية) لتموت فتستريح من الغم (ولا أستطيع أن أقول له شيئًا) من كلام عائشة، أي: أدعو على نفسي ولا أقدر على أن أقول لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئًا في شأنه، فإن الذنب كان لي في ذلك ولا يحتمل أن يكون لحفصة؛ لانقطاع ذكر حفصة عند قوله: (وافتقدته عائشة)، والعجب ممن قال: هو من كلام حفصة! ويحتمل أن يكون من كلام عائشة، وليس في الحديث أن تلك الليلة لما سار تحدث مع حفصة، هي تقول: لا أستطيع أن أقول له شيئًا.

99 - باب المرأة تهب يومها من زوجها لضرتها وكيف يقسم ذلك

99 - باب الْمَرْأَةِ تَهَبُ يَوْمَهَا مِنْ زَوْجِهَا لِضَرَّتِهَا وَكَيْفَ يُقْسِمُ ذَلِكَ 5212 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ وَهَبَتْ يَوْمَهَا لِعَائِشَةَ، وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْسِمُ لِعَائِشَةَ بِيَوْمِهَا وَيَوْمِ سَوْدَةَ. طرفه 2593 100 - باب الْعَدْلِ بَيْنَ النِّسَاءِ (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ) إِلَى قَوْلِهِ (وَاسِعًا حَكِيمًا). 101 - باب إِذَا تَزَوَّجَ الْبِكْرَ عَلَى الثَّيِّبِ 5213 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا بِشْرٌ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - وَلَوْ شِئْتُ أَنْ أَقُولَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَلَكِنْ قَالَ السُّنَّةُ إِذَا تَزَوَّجَ الْبِكْرَ أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا، وَإِذَا تَزَوَّجَ الثَّيِّبَ أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلاَثًا. طرفه 5214 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب تهب المرأة يومها من زوجها لضرتها الجار والمجرور حال من اليوم، ولضرتها يتعلق بتهب. 5212 - (زهير) بضم الزاي مصغر، روى حديث عائشة أن سودة جعلت يومها من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعائشة، والمراد باليوم: ما كان لها من الحق، فلا دلالة فيه على أن لا بد من أن يكون القسم يومًا يومًا. فإن قلت: لم يكن القسم واجبًا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى يكون لسودة حق، قلت: فيه خلاف، ولو سلم كان يقرع بذلك، ولذلك كان لا يخرج بإحداهن إلا بعد القرعة، هذا إذا عينت إحدى الضرائر، أما إذا وهبت للزوج فليس له أن يخص واحدة إلا بالقرعة، وقد سلف أن لها الرجوع متى شاءت. باب إذا تزوج البكر على الثيب 5213 - 5214 - (بشر) بالباء الموحدة (خالد) هو الحذاء (عن أبي قلابة) بكسر القاف (من السنة إذا تزوج الرجل البكر على الثيب أقام عندها سبعًا) قالوا: الحكمة في الإقامة سبعًا

102 - باب إذا تزوج الثيب على البكر

102 - باب إِذَا تَزَوَّجَ الثَّيِّبَ عَلَى الْبِكْرِ 5214 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ رَاشِدٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ وَخَالِدٌ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ مِنَ السُّنَّةِ إِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ الْبِكْرَ عَلَى الثَّيِّبِ أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا وَقَسَمَ، وَإِذَا تَزَوَّجَ الثَّيِّبَ عَلَى الْبِكْرِ أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلاَثًا ثُمَّ قَسَمَ. قَالَ أَبُو قِلاَبَةَ وَلَوْ شِئْتُ لَقُلْتُ إِنَّ أَنَسًا رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَيُّوبَ وَخَالِدٍ قَالَ خَالِدٌ وَلَوْ شِئْتُ قُلْتُ رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 5213 103 - باب مَنْ طَافَ عَلَى نِسَائِهِ فِي غُسْلٍ وَاحِدٍ 5215 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُمْ أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ فِي اللَّيْلَةِ الْوَاحِدَةِ، وَلَهُ يَوْمَئِذٍ تِسْعُ نِسْوَةٍ. طرفه 268 ـــــــــــــــــــــــــــــ وعند الثيّب ثلاثًا أن البكر كثيرة الحياء، بطول المدة يرتفع الحياء، بخلاف الثيب. قال بمنطوق الحديث الأئمة إلا أبا حنيفة، والحديث حجة عليه إذ لا معارض له. فإن قلت: لفظ أنس في الحديث: (من السنة) وقال العلماء فيه بالوجوب. قلت: لم يرد بالسنة ما يقابل الفرض، بل طريقة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وشرعه، ولذلك كان قول الصحابي من السنة كذا بمنزلة قوله: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو أمر أو نهى (ولو شئت أن أقول: قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لقلت) هذا من كلام أبي قلابة صرح به في الباب بعده، وقد نسبه إلى خالد أيضًا من طريق عبد الرزاق. ومحصله: أن أبا قلابة سمع من أنس: من السنة، ولا فرق بينه وبين أن يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، إلا أنه حافظ على قول أنس، ويؤيده أن الإسماعيلي والدارقطني وغيرهما وقع عندهم الرفع من أبي قلابة صريحًا، وبه سقط ما قيل: إنما لم يصرح بالرفع لعدم التقييد برفع أنس. باب من طاف على نسائه بغسل واحد 5215 - (حمّاد) بفتح الحاء وتشديد الميم (زُريع) بضم الزاي، مصغر زرع (كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يطوف على نسائه في الليلة الواحدة وله يومئذٍ تسع نسوة) وفي رواية أخرى: "عشرة"، ولا تنافي، وفي رواية "سبع"، والظاهر أن هذا كان قبل مجيء صفية وترك سودة حقها، وهذا يدل على أن القسم لم يكن واجبًا عليه، ويحتمل أن يكون بإذن صاحبة النوبة. فإن قلت: ليس في الحديث أن ذلك بغسل واحد كما ترجم له. قلت: تقدم في أبواب

104 - باب دخول الرجل على نسائه فى اليوم

104 - باب دُخُولِ الرَّجُلِ عَلَى نِسَائِهِ فِي الْيَوْمِ 5216 - حَدَّثَنَا فَرْوَةُ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا انْصَرَفَ مِنَ الْعَصْرِ دَخَلَ عَلَى نِسَائِهِ، فَيَدْنُو مِنْ إِحْدَاهُنَّ، فَدَخَلَ عَلَى حَفْصَةَ، فَاحْتَبَسَ أَكْثَرَ مَا كَانَ يَحْتَبِسُ. طرفه 4912 105 - باب إِذَا اسْتَأْذَنَ الرَّجُلُ نِسَاءَهُ فِي أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِ بَعْضِهِنَّ، فَأَذِنَّ لَهُ 5217 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ قَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَسْأَلُ فِي مَرَضِهِ الَّذِى ـــــــــــــــــــــــــــــ الغسل "كان يدور على نسائه في الساعة الواحدة وهن إحدى عشرة". ومعلوم أن في تلك الساعة لا يمكنه تعدد الغسل عشر مرات، وأيضًا لو وقع ذلك لنقلوه. باب دخول الرجل على نسائه في اليوم قيده باليوم، وكذا في الحديث، وذلك أن الأصل في باب القسم الليل لأنه محل الأُنس والراحة، فلا يجوز دخوله على غير صاحبة النوبة بخلاف النهار له ذلك من غير مكث طويل. 5216 - (فدخل على حفصة فاحتبس عندها أكثر مما كان يحتبس) أي: فوق العادة لما سيأتي من أنها سقته شربة عسل. باب إذا استأذن الرجل نساءه في أن يمرض في بيت بعضهن فأذنَّ له 5217 - التمريض: تعاهد المريض والقيام بخدمته. روى في الباب حديث استئذان النبي -صلى الله عليه وسلم- أزواجه في أن يمرض عند عائشة فأذن له، والحديث بطوله تقدم في باب مرض النبي -صلى الله عليه وسلم-.

106 - باب حب الرجل بعض نسائه أفضل من بعض

مَاتَ فِيهِ «أَيْنَ أَنَا غَدًا أَيْنَ أَنَا غَدًا». يُرِيدُ يَوْمَ عَائِشَةَ، فَأَذِنَ لَهُ أَزْوَاجُهُ يَكُونُ حَيْثُ شَاءَ، فَكَانَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ حَتَّى مَاتَ عِنْدَهَا. قَالَتْ عَائِشَةُ فَمَاتَ فِي الْيَوْمِ الَّذِى كَانَ يَدُورُ عَلَىَّ فِيهِ فِي بَيْتِى، فَقَبَضَهُ اللَّهُ، وَإِنَّ رَأْسَهُ لَبَيْنَ نَحْرِى وَسَحْرِى، وَخَالَطَ رِيقُهُ رِيقِى. طرفه 890 106 - باب حُبِّ الرَّجُلِ بَعْضَ نِسَائِهِ أَفْضَلَ مِنْ بَعْضٍ 5218 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ - رضى الله عنهم - دَخَلَ عَلَى حَفْصَةَ فَقَالَ يَا بُنَيَّةِ لاَ يَغُرَّنَّكِ هَذِهِ الَّتِى أَعْجَبَهَا حُسْنُهَا حُبُّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِيَّاهَا - يُرِيدُ عَائِشَةَ - فَقَصَصْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَتَبَسَّمَ. طرفه 89 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: ليس في الحديث أنه استأذن نساءهُ. قلت: قوله: (أين أنا غدًا أين أنا غدًا) كان كالاستئذان، وفهمت نساؤه ذلك منه، ألا ترى إلى قوله: (فأذنّ له). (مات بين سَحري) -بفتح السين وسكون الحاء- الرئة (ونحري) -بفتح النون وسكون الحاء- على الصدر (وخالط ريقه ريقي) حيث لينت له السواك. باب حب بعض نسائه أفضل من بعض المحبة: [ميل] القلب إلى ما فيه كمال، ولا يدخل ذلك تحت القدرة، ولذلك كان يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في القسمة: "اللهم هذا قسمي فيما أملك". 5218 - (عن عمر أنه دخل على حفصة فقال: يا بنية لا يغرنك هذه [التي] أعجبها حسنها وحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-) برفع الاسمين، ويروى برفع الحب ونصب حسنها على أنه مفعول معه، ويروى حب بدون الواو على أنه عُطِفَ بتقدير العاطف، أو بدل اشتمال من حسنها، والأول أظهر بدلالة رواية الواو.

107 - باب المتشبع بما لم ينل، وما ينهى من افتخار الضرة

107 - باب الْمُتَشَبِّعِ بِمَا لَمْ يَنَلْ، وَمَا يُنْهَى مِنِ افْتِخَارِ الضَّرَّةِ 5219 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ فَاطِمَةَ عَنْ أَسْمَاءَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ حَدَّثَتْنِى فَاطِمَةُ عَنْ أَسْمَاءَ أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِى ضَرَّةً، فَهَلْ عَلَىَّ جُنَاحٌ إِنْ تَشَبَّعْتُ مِنْ زَوْجِى غَيْرَ الَّذِى يُعْطِينِى فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «الْمُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلاَبِسِ ثَوْبَىْ زُورٍ». 108 - باب الْغَيْرَةِ وَقَالَ وَرَّادٌ عَنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ لَوْ رَأَيْتُ رَجُلاً مَعَ امْرَأَتِى لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرَ مُصْفِحٍ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ، لأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّى». ـــــــــــــــــــــــــــــ باب المتشبع بما لم ينل 5219 - المتشبع: من يظهر الشبع ولم يكن في نفسه شبعان، وقولها: (هل علي جُناح إن تشبعت من زوجي غير الذي يعطيني) استعارة تبعية شبهت إظهار الشبع بدون (المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور) أجابها بالمنع على أبلغ وجه، واختلف في معنى قوله: "كلابس ثوبي زور". قيل: معناه أن يكون عليه قميص واحد يجعل كمًا له مركبًا عليه كم آخر ليظن أن عليه قميصًا يفتخر بذلك وتثنية الثوب على هذا ظاهر، وقيل: معناه لمن يلبس لبس الزهاد ليظن به أنه من الزهاد، وليس منهم في شيء كما تراه من بعض جهال الصوفية يوسع الإكمام وهو في الحقيقة من الأنعام، وقيل: معناه أن يكون له ثوب حسن وثوب خلق، فإذا طولب لأداء الشهادة أو حضر مجلس العلماء يلبس ذلك الخلق ليخدع به الناس، وعلى الوجهين تثنية الثوب باعتبار ثوبين باعتبار الحالين. باب الغَيْرة بفتح الغين: الحمية والترفع عن الشيء (وقال ورّاد) بتشديد الراء (قال سعد بن عبادة) سيّد الخزرج الذي ضرب المثل بجوده (لو رأيت رجلًا مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح)

5220 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ، وَمَا أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ الْمَدْحُ مِنَ اللَّهِ». طرفه 4634 5221 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ مَا أَحَدٌ أَغْيَرَ مِنَ اللَّهِ أَنْ يَرَى عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ تَزْنِى يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا». طرفه 1044 ـــــــــــــــــــــــــــــ -بفتح الفاء المشددة- وصفحة السيف وجهاه على أن غير حال عن السيف، وبكسر الفاء على أنه حال من الفاعل، ومحصله: أنه يضربه بحده القاتل لا كما ترى من يضرب بصفحته يخوف الإنسان. 5220 - (وما أحد أحبُ إليه المدح من الله) رفع أحب، ويجوز النصب على إعمالِ ما عملَ ليس، واسم التفضيل من بناء المفعول، أي: أشد محبوبية. قال بعض الشارحين: أحبَ بالنصب والمدح فاعله، وهو مثل مسألة الكحل، وهو سهو، فإن مسألة الكحل فيها تفضيل الشيء على نفسه باعتبار الحالين، وكون المدح فاعل أحب لازم سواء منصوبًا أو مرفوعًا. فإن قلت: منع النحاة عمل اسم التفضيل في المصدر مطلقًا. قلت: يرد عليهم أو يجاب بأن المدح مرفوع على الابتداء، وأحب خبره، ومعنى الأحب لله تعالى: قبوله ذلك المدح وإفاضته كثرة الثواب. 5221 - (وما أحد أغير من الله أن يزني عبده) لا بد من تقدير الوقت. أي: وقت أن يزني عبده. كما في قولهم: آتيك خفوق النجم. فإن قلت: ما حقيقة غيرة الله؟ قلت: غيرة الله عدم الرضا وشدة المقت، وقيل: هي الغضب، وفيه نظر؛ لأن غضب الله عبارة عن الانتقام، وإرادته، وإذا أراد شيئًا كان، فيلزم أن يعاقب كل من زنى، وليس هذا مذهب أهل الحق. (لو تعلمون ما أعلم) مما أعده الله من العذاب للكفار ولمن شاء من العصاة.

5222 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ حَدَّثَهُ عَنْ أُمِّهِ أَسْمَاءَ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ شَىْءَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ». وَعَنْ يَحْيَى أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -. 5223 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ «إِنَّ اللَّهَ يَغَارُ وَغَيْرَةُ اللَّهِ أَنْ يَأْتِىَ الْمُؤْمِنُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ». 5224 - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما - قَالَتْ تَزَوَّجَنِى الزُّبَيْرُ، وَمَا لَهُ فِي الأَرْضِ مِنْ مَالٍ، وَلاَ مَمْلُوكٍ، وَلاَ شَىْءٍ غَيْرَ نَاضِحٍ، وَغَيْرَ فَرَسِهِ، فَكُنْتُ أَعْلِفُ فَرَسَهُ، وَأَسْتَقِى الْمَاءَ، وَأَخْرِزُ غَرْبَهُ وَأَعْجِنُ، وَلَمْ أَكُنْ أُحْسِنُ أَخْبِزُ، وَكَانَ يَخْبِزُ جَارَاتٌ لِى مِنَ الأَنْصَارِ وَكُنَّ نِسْوَةَ صِدْقٍ، وَكُنْتُ أَنْقُلُ النَّوَى مِنْ أَرْضِ الزُّبَيْرِ الَّتِى أَقْطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى رَأْسِى، وَهْىَ مِنِّى عَلَى ثُلُثَىْ فَرْسَخٍ، فَجِئْتُ يَوْمًا وَالنَّوَى عَلَى رَأْسِى فَلَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَدَعَانِى ثُمَّ قَالَ «إِخْ إِخْ». لِيَحْمِلَنِى خَلْفَهُ، فَاسْتَحْيَيْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: قد علموا ما علم من الجنة والنار بإخباره. قلت: فرق بين العلمين بأن علمه عين اليقين مفصلًا. 5222 - (همام) بفتح الهاء وتشديد الميم. 5223 - (عن يحيى) هو ابن كثير، تعليق من البخاري (أبو نعيم) بضم النون. (شيبان) -بالمثناة ثم الموحدة- على وزن شعبان (وغيرة الله أن لا يأتي المؤمن ما حرم الله) أي: لئلا، واللام تحذف من إن كثيرًا. 5224 - (خرز غربه) بالخاء المعجمة وراء مهملة ثم زاي معجمة. والغرب -بفتح الغين المعجمة وسكون الراء- الدلو (نسوة صدق) بالإضافة أي: صادقات، وفي الإضافة

أَنْ أَسِيرَ مَعَ الرِّجَالِ، وَذَكَرْتُ الزُّبَيْرَ وَغَيْرَتَهُ، وَكَانَ أَغْيَرَ النَّاسِ، فَعَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنِّى قَدِ اسْتَحْيَيْتُ فَمَضَى، فَجِئْتُ الزُّبَيْرَ فَقُلْتُ لَقِيَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَعَلَى رَأْسِى النَّوَى، وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَأَنَاخَ لأَرْكَبَ، فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ وَعَرَفْتُ غَيْرَتَكَ. فَقَالَ وَاللَّهِ لَحَمْلُكِ النَّوَى كَانَ أَشَدَّ عَلَىَّ مِنْ رُكُوبِكِ مَعَهُ. قَالَتْ حَتَّى أَرْسَلَ إِلَىَّ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ بِخَادِمٍ يَكْفِينِى سِيَاسَةَ الْفَرَسِ، فَكَأَنَّمَا أَعْتَقَنِى. طرفه 3151 5225 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ بِصَحْفَةٍ فِيهَا طَعَامٌ، فَضَرَبَتِ الَّتِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي بَيْتِهَا يَدَ الْخَادِمِ فَسَقَطَتِ الصَّحْفَةُ فَانْفَلَقَتْ، فَجَمَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِلَقَ الصَّحْفَةِ، ثُمَّ جَعَلَ يَجْمَعُ فِيهَا الطَّعَامَ الَّذِى كَانَ فِي الصَّحْفَةِ وَيَقُولُ «غَارَتْ أُمُّكُمْ». ـــــــــــــــــــــــــــــ مبالغة كما في قوله: {مَقْعَدِ صِدْقٍ} [القمر: 55]. (إخ إخ) -بكسر الهمزة وخاء معجمة- صوت يقال عند دُعاء البعير إلى الإناخة. فإن قلت: دل على حديث أسماء أن المرأة يجب عليها القيام بخدمة الزوج. قلت: لا دلالة فيه، بل كان ذلك تطوعًا منها، فإن الزبير كان مشغولًا بهَمٍّ آخر. فإن قلت: في رواية مسلم: أن الخادم أرسله لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. قلت: إما أن يكون متعددًا أو أعطاه أبا بكر ليوصله إليها. 5225 - (ابن علية) -بضم العين وتشديد الياء- إسماعيل بن إبراهيم، وعُلية أمه (عن حميد) بضم الحاء، مصغر (كان النبي -صلى الله عليه وسلم- عند بعض نسائه) هي عائشة (فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بِصَحفَةٍ فيها طعام) المرسلة: قيل زينب، وقيل: حفصة، وقيل: صفية، وهذا هو الصواب لما روى أحمد وأبو داود والنسائي عن عائشة: "ما رأيت صانعةً طعامًا مثل صنعتها، أرسلت طعاما إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في إناء، وما ملكت نفسي أن كسرته، فقلت: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما كفارةُ ما فعلت؟ [قال]: "إناء كإناء، وطعام كطعام". فإن قلت: الإناء يضمن بالقيمة دون المثل. قلت: لم يكن هناك خصومة، والكل كان

ثُمَّ حَبَسَ الْخَادِمَ حَتَّى أُتِىَ بِصَحْفَةٍ مِنْ عِنْدِ الَّتِى هُوَ فِي بَيْتِهَا، فَدَفَعَ الصَّحْفَةَ الصَّحِيحَةَ إِلَى الَّتِى كُسِرَتْ صَحْفَتُهَا، وَأَمْسَكَ الْمَكْسُورَةَ فِي بَيْتِ الَّتِى كَسَرَتْ. طرفه 2481 5226 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ الْمُقَدَّمِىُّ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «دَخَلْتُ الْجَنَّةَ - أَوْ أَتَيْتُ الْجَنَّةَ - فَأَبْصَرْتُ قَصْرًا فَقُلْتُ لِمَنْ هَذَا قَالُوا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. فَأَرَدْتُ أَنْ أَدْخُلَهُ فَلَمْ يَمْنَعْنِى إِلاَّ عِلْمِى بِغَيْرَتِكَ». قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِى أَنْتَ وَأُمِّى يَا نَبِىَّ اللَّهِ أَوَعَلَيْكَ أَغَارُ. طرفه 3679 5227 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جُلُوسٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِى فِي الْجَنَّةِ، فَإِذَا امْرَأَةٌ تَتَوَضَّأُ إِلَى جَانِبِ قَصْرٍ، فَقُلْتُ لِمَنْ هَذَا قَالَ هَذَا لِعُمَرَ. فَذَكَرْتُ غَيْرَتَهُ فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا». فَبَكَى عُمَرُ وَهْوَ فِي الْمَجْلِسِ ثُمَّ قَالَ أَوَعَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغَارُ. طرفه 3242 ـــــــــــــــــــــــــــــ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والمراد منه العوض. والصحفة قال ابن الأثير: قصعة مبسوطة. (فجمع فِلَقَ الصحفة) المكسورة -بكسر الفاء- جمع فلقة ككِسَر في كُسْره. 5226 - (المُقَدَّمِيّ) بضم الميم وتشديد الدال المفتوحة (معتمر) بكسر الميم الثانية، وكذا (المنكدر). (قال عمر: بأبي أنت وأمي) أي: مفديٌ بهما (أو عليك أغار) التقديم للاهتمام دون القصر لفساد المعنى. 5227 - (فإذا امرأة تتوضأ على جانب قصر) من الوضاءة وهو الجمال أي: تتزين، ويجوز أن يكون الوضوء المتعارف، فإن أهل الجنة يعبدون الله تلذذًا وإن لم يكن تكليفًا (فبكى عمر) أي: فرحًا بما سمع.

109 - باب غيرة النساء ووجدهن

109 - باب غَيْرَةِ النِّسَاءِ وَوَجْدِهِنَّ 5228 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنِّى لأَعْلَمُ إِذَا كُنْتِ عَنِّى رَاضِيَةً، وَإِذَا كُنْتِ عَلَىَّ غَضْبَى». قَالَتْ فَقُلْتُ مِنْ أَيْنَ تَعْرِفُ ذَلِكَ فَقَالَ «أَمَّا إِذَا كُنْتِ عَنِّى رَاضِيَةً فَإِنَّكِ تَقُولِينَ لاَ وَرَبِّ مُحَمَّدٍ، وَإِذَا كُنْتِ غَضْبَى قُلْتِ لاَ وَرَبِّ إِبْرَاهِيمَ». قَالَتْ قُلْتُ أَجَلْ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَهْجُرُ إِلاَّ اسْمَكَ. طرفه 6078 5229 - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ أَبِى رَجَاءٍ حَدَّثَنَا النَّضْرُ عَنْ هِشَامٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ مَا غِرْتُ عَلَى امْرَأَةٍ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَمَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ، لِكَثْرَةِ ذِكْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِيَّاهَا وَثَنَائِهِ عَلَيْهَا، وَقَدْ أُوحِىَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُبَشِّرَهَا بِبَيْتٍ لَهَا فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ. طرفه 3816 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب غيرة النساء 5228 - (عبيد) بضم العين، مصغر (أبو أسامة) -بضم الهمزة- حماد بن أسامة (عن عائشة قالت: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إني لأعلم إذا كنت عني راضية) كانت تقول: (يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ما أهجر إلا اسمك) وأما حبك فكائن في القلب. والعجب ممن يقول: الاسم غير المسمى استدلالًا بهذا الحديث، وهل يذهب عاقل إلى أن الحروف عين زيد مثلًا؟!. 5229 - (أحمد بن أبي رجاء) بالمد (النضر) بالضاد المعجمة (قالت: ما غرت على امرأة ما غرت على خديجة) هذا أبعد ما يكون من الغيرة، وذلك أنها لم تدرك خديجة (وقد أوحي إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يبشرها ببيت من قصب) قال ابن الأثير: القصب من الجواهر ما استطال مع تجويف، والمراد منه: قصر منيف من اللؤلؤ.

110 - باب ذب الرجل عن ابنته فى الغيرة والإنصاف

110 - باب ذَبِّ الرَّجُلِ عَنِ ابْنَتِهِ فِي الْغَيْرَةِ وَالإِنْصَافِ 5230 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ وَهْوَ عَلَى الْمِنْبَرِ «إِنَّ بَنِى هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ اسْتَأْذَنُوا فِي أَنْ يُنْكِحُوا ابْنَتَهُمْ عَلِىَّ بْنَ أَبِى طَالِبٍ فَلاَ آذَنُ، ثُمَّ لاَ آذَنُ، ثُمَّ لاَ آذَنُ، إِلاَّ أَنْ يُرِيدَ ابْنُ أَبِى طَالِبٍ أَنْ يُطَلِّقَ ابْنَتِى وَيَنْكِحَ ابْنَتَهُمْ، فَإِنَّمَا هِىَ بَضْعَةٌ مِنِّى، يُرِيبُنِى مَا أَرَابَهَا وَيُؤْذِينِى مَا آذَاهَا». هَكَذَا قَالَ. طرفه 926 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ذبُّ الرجل عن ابنته في الغيرة والإنصاف الذب -بذال معجمة، وباء مشددة- الدفع، والإنصاف: العدل، مأخوذ من النصف إذ لا عدل فوق المناصفة بأن يكون له ما لأخيه المؤمن. 5230 - (قتيبة) بضم القاف مصغر (عن ابن أبي مليكة) -بضم الميم مصغر- اسمه عبد الله (عن المسور بن مخرمة) بكسر الميم في الأول، وفتحه في الثاني (سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المنبر يقول: إن بني هشام بن المغيرة) هم إخوة أبي جهل وأولاده (استأذنوا في أن يُنكحوا ابنتهم علي بن أبي طالب). فإن قلت: قد سلف في أبواب المناقب أن فاطمة شكت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن عليًّا يريد نكاح ابنة أبي جهل. قلت: لا منافاة يجوز وقوع الأمرين. فإن قلت: روى الحاكم أن عليًّا استأذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. قلت: قال شيخنا: لعل هذا الاستئذان وقع بعد خطبة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على المنبر. قلت: هذا كالمحال، كيف يستأذنه بعد تلك الخطبة والمبالغة، وحمله على أن عليًّا كان غائبا أبعد. فالصواب أنه كان قبل شكوى فاطمة. (فلا آذن، ثم لا آذن، ثم لا آذن) أي: في الحال، ولا في المآل، ولذلك صح العطف (إنما هي بَضعة مني) -بفتح الباء- أي: قطعة (يريبني ما رابها) أي: يقلقني ما أقلقها. يقال: رابه وأرابة: أزعجه، ومنه: ريب الزمان (ويؤذيني ما آذاها) من عطف الخاص على العام. ولقد أعجب من استدل بهذا الحديث على عدم جواز نكاح الأمة على الحرة إلا بإذنها.

111 - باب يقل الرجال ويكثر النساء

111 - باب يَقِلُّ الرِّجَالُ وَيَكْثُرُ النِّسَاءُ وَقَالَ أَبُو مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «وَتَرَى الرَّجُلَ الْوَاحِدَ يَتْبَعُهُ أَرْبَعُونَ امْرَأَةً، يَلُذْنَ بِهِ مِنْ قِلَّةِ الرِّجَالِ وَكَثْرَةِ النِّسَاءِ». 5231 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْحَوْضِىُّ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ لأُحَدِّثَنَّكُمْ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لاَ يُحَدِّثُكُمْ بِهِ أَحَدٌ غَيْرِى، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ، وَيَكْثُرَ الْجَهْلُ وَيَكْثُرَ الزِّنَا، وَيَكْثُرَ شُرْبُ الْخَمْرِ، وَيَقِلَّ الرِّجَالُ، وَيَكْثُرَ النِّسَاءُ حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً الْقَيِّمُ الْوَاحِدُ». طرفه 80 112 - باب لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلاَّ ذُو مَحْرَمٍ، وَالدُّخُولُ عَلَى الْمُغِيبَةِ 5232 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى حَبِيبٍ عَنْ أَبِى الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ باب يقل الرجال وتكثر النساء (وقال أبو موسى) تعليق أبي موسى يأتي مسندًا. 5231 - (حفص بن عمر الحَوْضِيّ) -بالضاد المعجمة- نسبة إلى حوض: اسم مكان (قال أنس: لأحدثنكم حديثًا سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يحدثكم [به] أحد بعدي) لأنه كان آخر الصحابة بالبصرة (من أشراط الساعة) جمج شرط -بفتح الشين والراء (أن يرفع العلم) أي: أكثره إذ لو ارتفع الكل قامت القيامة (وتكثر النساء حتى يكون لخمسين امرأةً قيّم واحد) أي: من يقوم بأمرهن من أسباب المعاش كما قال أولًا: (يلذن به)، والحديث بشرحه في كتاب العلم. باب لا يخلون رجل بامرأة إلا ذو محرم والدخول على المُغيبة بضم الميم، من أغابت المرأة إذا غاب زوجها. 5232 - (عن أبي الخير) اسمه مرثد (إياكم والدخول على النساء) ...................

113 - باب ما يجوز أن يخلو الرجل بالمرأة عند الناس

فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ. قَالَ «الْحَمْوُ الْمَوْتُ». 5233 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرٌو عَنْ أَبِى مَعْبَدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلاَّ مَعَ ذِى مَحْرَمٍ». فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ امْرَأَتِى خَرَجَتْ حَاجَّةً وَاكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا. قَالَ «ارْجِعْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ». طرفه 1862 113 - باب مَا يَجُوزُ أَنْ يَخْلُوَ الرَّجُلُ بِالْمَرْأَةِ عِنْدَ النَّاسِ 5234 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ هِشَامٍ قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ (أفرأيت الحمو؟) أي: أخبرني عن شأنه؟ (فقال: الحمو الموت) من التشبيه البليغ، أي: هو مثل الموت أي: أعظم ضررًا من الأجانب لأنه يوهن، ولا تحرز عنه فيقدر على الفساد أكثر من غيره، والأحماء: أقارب الزوج، والظاهر أن المراد غير المحارم، إلا أن ابن الأثير قال: المراد به في الحديث: أبو الزوج، وفيه بعد، ولا يوافق ترجمة الباب قال النووي: هذا كلام فاسد لا يجوز حمل الحديث عليه. 5233 - (عن أبي معبد) -بفتح الميم وسكون العين- مولى ابن عباس، اسمه نافذ. روى حديث الرجل الذي في الغزو فقال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن امرأته تريد الحج فقال له: (ارجع فحج مع امرأتك) والظاهر أنه لم يكن لامرأته محرم، وحج امرأته فرض عين فلذلك أذن له في الرجوع، وإلا فقد أعمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عائشة مع أخيها عبد الرحمن. باب ما يجوز أن يخلو الرجل بالمرأة عند الناس 5234 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (غُندر) بضم المعجمة وفتح الدال. روى عن أنس أن امرأة جاءت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بحاجة لها فخلا بها بعدها عن الناس لتقدر على عرض

114 - باب ما ينهى من دخول المتشبهين بالنساء على المرأة

سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَخَلاَ بِهَا فَقَالَ «وَاللَّهِ إِنَّكُنَّ لأَحَبُّ النَّاسِ إِلَىَّ». طرفه 3786 114 - باب مَا يُنْهَى مِنْ دُخُولِ الْمُتَشَبِّهِينَ بِالنِّسَاءِ عَلَى الْمَرْأَةِ 5235 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ عِنْدَهَا وَفِى الْبَيْتِ مُخَنَّثٌ، فَقَالَ الْمُخَنَّثُ لأَخِى أُمِّ سَلَمَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى أُمَيَّةَ إِنْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الطَّائِفَ غَدًا أَدُلُّكَ عَلَى ابْنَةِ غَيْلاَنَ، فَإِنَّهَا تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَدْخُلَنَّ هَذَا عَلَيْكُنَّ». طرفه 4324 ـــــــــــــــــــــــــــــ الحاجة بحيث يراه الناس ولذلك سمع أنس قوله: (والله إنكم لأحب الناس إلى) أي: من أحب الناس كما جاء في الرواية الأخرى، فلا يلزم تفضيلهم على فاطمة وأولادها، وفي قوله: "إنكم" تغليب الرجال على النساء. باب ما ينهى من دخول المتشبهين بالنساء على المرأة 5235 - (عبدة) بفتح العين وسكون الباء (عن أم سلمة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان عندها، وفي البيت مخنث) -بفتح النون وكسرها- من تكون أخلاقه مثل أخلاق النساء من خنثه إذا كسره، لتكسر في أخلاقه وحركاته، واسم هذا المخنث: هيب -بكسر الهاء وياء مثناة- مولى لعبد الله بن أبي أمية. وفي "المغازي" لابن إسحاق: أن اسمه: ماتع بالتاء الفوقانية، فيجوز أن يكون أحدهما لقبًا ويجوز أن يكونا اثنين. وروي عن عائشة أن اسمه أَنه بفتح الهمزة وتشديد النون، والظاهر التعدد (أدلك على بنت غيلان) بالياء المثناة تحت، واسمها بادية من أكابر ثقيف بالطائف (تقبل بأربع وتدبر بثمان) يريد أعكان بطنها ترى من قدام أربعًا، ومن ورائها ثمانيًا باعتبار الطرفين (قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لا يدخلنّ هذا عليكم) بفتح الياء ونون مشددة للتأكيد، والخطاب للحاضرين من الرجال، أو للنساء على طريق المجاز وفي مسلم: "عليكم".

115 - باب نظر المرأة إلى الحبش ونحوهم من غير ريبة

115 - باب نَظَرِ الْمَرْأَةِ إِلَى الْحَبَشِ وَنَحْوِهِمْ مِنْ غَيْرِ رِيبَةٍ 5236 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِىُّ عَنْ عِيسَى عَنِ الأَوْزَاعِىِّ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتُرُنِى بِرِدَائِهِ، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى الْحَبَشَةِ يَلْعَبُونَ فِي الْمَسْجِدِ، حَتَّى أَكُونَ أَنَا الَّذِى أَسْأَمُ، فَاقْدُرُوا قَدْرَ الْجَارِيَةِ الْحَدِيثَةِ السِّنِّ الْحَرِيصَةِ عَلَى اللَّهْوِ. طرفه 454 116 - باب خُرُوجِ النِّسَاءِ لِحَوَائِجِهِنَّ 5237 - حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِى الْمَغْرَاءِ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ خَرَجَتْ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ لَيْلاً فَرَآهَا عُمَرُ فَعَرَفَهَا فَقَالَ إِنَّكِ وَاللَّهِ يَا سَوْدَةُ مَا تَخْفَيْنَ عَلَيْنَا، فَرَجَعَتْ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، وَهْوَ فِي حُجْرَتِى يَتَعَشَّى، وَإِنَّ فِي يَدِهِ لَعَرْقًا، فَأُنْزِلَ عَلَيْهِ فَرُفِعَ عَنْهُ وَهُوَ يَقُولُ «قَدْ أَذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَوَائِجِكُنَّ». طرفه 146 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب نظر المرأة إلى الحبش وغيرهم من غير ريب 5236 - روى في الباب حديث عائشة في نظرها إلى الحبشة. سلف في أبواب العيد مع الأجوبة عن قوله لأم سلمة وميمونة لما نظرن ابن أم مكتوم ونهاهما رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: فقلت: هو أعمى، "فقال: أفعمياوان أنتما". قال النووي: كانت صغيرة. يدل عليه لفظ الجارية والحديثة السن. قال الغزالي: إن لم يكن خوف من الفتنة فلا مانع، وإليه أشار بقوله: من غير ريبة. إلا أنه يشكل بحديث [ابن] أم مكتوم للقطع بأنه لم يكن هناك ريبة، وفيه دلالة على عظم أخلاق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. باب خروج النساء في حوائجهن 5237 - (فروة) بفتح الفاء (أبي المَغْراء) بفتح الميم والغين المعجمة والمد. (مسهر) بكسر الهاء. روى حديث سودة أنها خرجت بالليل لحاجتها فناداها عمر فقال: قد عرفناك يا سودة، فرجعت فشكت ذلك إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فنزل في ذلك الحين الوحى (فقال: قد أذن الله لكن في أن تخرجن في حوائجكن، وإن في يده لعَرقًا) -بفتح العين

117 - باب استئذان المرأة زوجها فى الخروج إلى المسجد وغيره

117 - باب اسْتِئْذَانِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا فِي الْخُرُوجِ إِلَى الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ 5238 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا اسْتَأْذَنَتِ امْرَأَةُ أَحَدِكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلاَ يَمْنَعْهَا». طرفه 865 118 - باب مَا يَحِلُّ مِنَ الدُّخُولِ وَالنَّظَرِ إِلَى النِّسَاءِ فِي الرَّضَاعِ 5239 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ وسكون الراء آخره قاف - العظم الذي عليه بقية لحم. والحديث سلف في كتاب الوضوء وبعده، وأشرنا إلى أن أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شأنهن يباين شأن غيرهن، لا يجوز النظر عليهن وإن كن مستترات إلا للضرورة، وإليه أشار بقوله: "لحوائجكن" وهذا كلام في غاية الحسن، قاله القاضي عياض، ولا يرد عليه ما أورده شيخنا بأنهن كن يحججن ويبرزن لأن ذلك من جملة الحوائج. باب استئذان المرأة زوجها في الخروج إلى المسجد وغيره 5238 - (إذا استأذنت المرأة أحَدَكم إلى المسجد فلا يمنعها) تقدم الحديث في أبواب الصلاة، وأشرنا هناك إلى مذهب العلماء، وأن إطلاق هذا كان في ذلك الزمان لقول عائشة: لو أدرك النبي -صلى الله عليه وسلم- ما أحدث النساء لمنعهن المساجد كما منعت نساء بني إسرائيل. فإن قلت: ذكر في الترجمة غير المسجد ولم يذكر له حديثًا. قلت: إما أنه لم يجد في ذلك حديثًا على شرطه، أو قاسه على المسجد. باب ما يحل من الدخول والنظر إلى النساء في الرضاع 5239 - روى في الباب حديث عائشة لما استأذن عليها أخو أبي القيس أفلح، وهو

119 - باب لا تباشر المرأة المرأة فتنعتها لزوجها

أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا قَالَتْ جَاءَ عَمِّى مِنَ الرَّضَاعَةِ فَاسْتَأْذَنَ عَلَىَّ فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ حَتَّى أَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ «إِنَّهُ عَمُّكِ فَأْذَنِى لَهُ» قَالَتْ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا أَرْضَعَتْنِى الْمَرْأَةُ وَلَمْ يُرْضِعْنِى الرَّجُلُ. قَالَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّهُ عَمُّكِ فَلْيَلِجْ عَلَيْكِ». قَالَتْ عَائِشَةُ وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ ضُرِبَ عَلَيْنَا الْحِجَابُ. قَالَتْ عَائِشَةُ يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ الْوِلاَدَةِ. طرفه 2644 119 - باب لاَ تُبَاشِرُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ فَتَنْعَتَهَا لِزَوْجِهَا 5240 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تُبَاشِرِ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ فَتَنْعَتَهَا لِزَوْجِهَا، كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا». طرفه 5241 5241 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِى شَقِيقٌ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تُبَاشِرِ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ فَتَنْعَتَهَا لِزَوْجِهَا كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا». طرفه 5240 ـــــــــــــــــــــــــــــ عمها من الرضاع فلم تأذن له، فذكرت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - (فقال: ائذني له فإنه عمك) والحديث تقدم في تفسير سورة الأحزاب، وفي أوائل النكاح. باب لا تباشر المرأة المرأة فتنعتها لزوجها 5240 - 5241 - روى في الباب حديث الترجمة بعينها من طريقين، والمباشرة هنا: النظر إلى البشرة، والنهي راجع إلى القيد وهو النعت لزوجها، وعلة الحرمة قيام النعت مقام النظر. ألا ترى أنه قال: "كأنه ينظر إليها"، والنعت: الوصف بالجميل إذا أطلق.

120 - باب قول الرجل لأطوفن الليلة على نسائي

120 - باب قَوْلِ الرَّجُلِ لأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى نِسَائِي 5242 - حَدَّثَنِى مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ - عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ - لأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ بِمِائَةِ امْرَأَةٍ، تَلِدُ كُلُّ امْرَأَةٍ غُلاَمًا، يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ الْمَلَكُ قُلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. فَلَمْ يَقُلْ وَنَسِىَ، فَأَطَافَ بِهِنَّ، وَلَمْ تَلِدْ مِنْهُنَّ إِلاَّ امْرَأَةٌ نِصْفَ إِنْسَانٍ». قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ قَالَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَحْنَثْ، وَكَانَ أَرْجَى لِحَاجَتِهِ». طرفه 2819 121 - باب لاَ يَطْرُقْ أَهْلَهُ لَيْلاً إِذَا أَطَالَ الْغَيْبَةَ مَخَافَةَ، أَنْ يُخَوِّنَهُمْ أَوْ يَلْتَمِسَ عَثَرَاتِهِمْ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قول الرجل: لأطوفن على نسائي 5242 - (معمر) بفتح الميمين بينهما عين ساكنة. (أبو طاوس) اسمه عبد الله. روى في الباب حديث سليمان بن داود (لأطوفنّ الليلة بمئة امرأة تلد كل امرأة) وفي رواية "لأطيفن" يقال: طاف وأطاف بمعنى، وقد سلف الحديث في باب الأنبياء مع اختلاف الروايات سبعين وستين، وفي بعض الشروح: ألف امرأة، وهو نقل غريب (ولو قال: إن شاء الله لم يحنث وكان أرجى لحاجته) أي: أشد وأقوى في تحصيل مرامه. فإن قلت: ما معنى "لم يحنث"؟ قلت: قوله: "لأطوفن" إلى آخره جواب قسم، وهذا شيء بخصوص سليمان عَلِمَه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولا يلزم أن كل من قال: إن شاء الله يحصل له ما قصده. ألا ترى إلى قول موسى: {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا} [الكهف: 69] ولم يقع ما أراده. وأما طوفه على مئة إما أن يكن جواري، أو لم يكن في شرعه القسم واجبًا أو استأذن صاحبة الثوب. باب لا يطرق أهله ليلًا إذا أطال الغيبة الطرق لا يكون إلا ليلًا، وإنما قيده بذلك لدفع توهم التجوز، وقيد إطالة الغيبة لأن المدة إذا كانت قليلة العلة -وهي مخافة أن يخوّن أهله أي: ينسبه إلى الخيانة- منتفية والعثرة

122 - باب طلب الولد

5243 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا مُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَكْرَهُ أَنْ يَأْتِىَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ طُرُوقًا. طرفه 443 5244 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنِ الشَّعْبِىِّ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا أَطَالَ أَحَدُكُمُ الْغَيْبَةَ فَلاَ يَطْرُقْ أَهْلَهُ لَيْلاً». طرفه 443 122 - باب طَلَبِ الْوَلَدِ 5245 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ سَيَّارٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ جَابِرٍ قَالَ كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي غَزْوَةٍ، فَلَمَّا قَفَلْنَا تَعَجَّلْتُ عَلَى بَعِيرٍ قَطُوفٍ فَلَحِقَنِى رَاكِبٌ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ -بفتح العين وسكون الثاء- السقوط، لغة في المشي، أريد بها الزلة والخيانة. 5243 - 5244 - فإن قلت: ليس في الحديث الذي رواه ذكر الخيانة والعثرة. قلت: هذا جاء في الحديث كذا رواه ابن [أبي] شيبة، ولم يكن على شرط البخاري فأشار إليه في الترجمة. رواه مسلم أيضًا إلا أنه قال في آخره: قال سفيان: لا أدري هذا في الحديث أم لا، ثم رواه من طريق شعبة كما في البخاري. فإن قلت: تقدم في المغازي أنه أمر أصحابه بالدخول ليلًا لتستحد المغيبة وتغتسل الشعثة، وقد رواه أيضًا في الباب بعده. قلت: ذاك محمول على ما إذا علمت بالقدوم، وهذا في الدخول بغتة. باب طلب الولد 5245 - (هشيم) بضم الهاء، مصغر (سيار) بفتح السين وتشديد المثناة تحت (عن الشعبي) -بفتح الشين وسكون العين- عامر بن شرحبيل. روى في الباب حديث جابر حيث

123 - باب تستحد المغيبة وتمتشط {الشعثة}

خَلْفِى، فَالْتَفَتُّ فَإِذَا أَنَا بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا يُعْجِلُكَ». قُلْتُ إِنِّى حَدِيثُ عَهْدٍ بِعُرْسٍ. قَالَ «فَبِكْرًا تَزَوَّجْتَ أَمْ ثَيِّبًا». قُلْتُ بَلْ ثَيِّبًا. قَالَ «فَهَلاَّ جَارِيَةً تُلاَعِبُهَا وَتُلاَعِبُكَ». قَالَ فَلَمَّا قَدِمْنَا ذَهَبْنَا لِنَدْخُلَ فَقَالَ «أَمْهِلُوا حَتَّى تَدْخُلُوا لَيْلاً - أَىْ عِشَاءً - لِكَىْ تَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ وَتَسْتَحِدَّ الْمُغِيبَةُ». قَالَ وَحَدَّثَنِى الثِّقَةُ أَنَّهُ قَالَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ «الْكَيْسَ الْكَيْسَ يَا جَابِرُ». يَعْنِى الْوَلَدَ. طرفه 443 5246 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَيَّارٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا دَخَلْتَ لَيْلاً فَلاَ تَدْخُلْ عَلَى أَهْلِكَ حَتَّى تَسْتَحِدَّ الْمُغِيبَةُ وَتَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ». قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «فَعَلَيْكَ بِالْكَيْسِ الْكَيْسِ». تَابَعَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ وَهْبٍ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْكَيْسِ. طرفه 443 123 - باب تَسْتَحِدُّ الْمُغِيبَةُ وَتَمْتَشِطُ {الشَّعِثَةُ} 5247 - حَدَّثَنِى يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا سَيَّارٌ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي غَزْوَةٍ، فَلَمَّا قَفَلْنَا كُنَّا قَرِيبًا مِنَ ـــــــــــــــــــــــــــــ تزوج جابر ثيبًا، وأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال له: (فهلا جارية تلاعبها وتلاعبك) من اللعب، ومن اللعاب. والحديث سلف مرارًا، والغرض منه قوله: (الكيْسَ الكيْسَ) نصب على الإغراء، والمراد حثه على إيقاع الوطء في أوائل الطهر فإنه مظنة الولد. والكيس لغة: العقل ومنه في الحديث: "الكيس من دان نفسه" (كنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في غزوة) هي غزوة ذات الرقاع. كذا رواه ابن هشام في السير (على بعير قَطُوف) أي: بطيء السير. (قفلنا) رجعنا (تمتشط الشعثة) أي: تستعمل المشط، الشعثة: المنتشرة (المغيبة) من أغابت المرأة إذا غاب زوجها. قال ابن الأثير: يقال: المغيبة والمغيب لغير النساء أيضًا. (وحدثني الثقة) القائل: هشيم، والثقة: شعبة. ومراد البخاري أن هذه الزيادة لم تكن في روايته عن سيار، كذا قاله الإسماعيلي، ومن قال: قائله البخاري غلط.

124 - باب (ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن) إلى قوله (لم يظهروا على عورات النساء)

الْمَدِينَةِ تَعَجَّلْتُ عَلَى بَعِيرٍ لِى قَطُوفٍ، فَلَحِقَنِى رَاكِبٌ مِنْ خَلْفِى فَنَخَسَ بَعِيرِى بِعَنَزَةٍ كَانَتْ مَعَهُ، فَسَارَ بَعِيرِى كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ مِنَ الإِبِلِ، فَالْتَفَتُّ فَإِذَا أَنَا بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى حَدِيثُ عَهْدٍ بِعُرْسٍ. قَالَ «أَتَزَوَّجْتَ». قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «أَبِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا». قَالَ قُلْتُ بَلْ ثَيِّبًا. قَالَ «فَهَلاَّ بِكْرًا تُلاَعِبُهَا وَتُلاَعِبُكَ». قَالَ فَلَمَّا قَدِمْنَا ذَهَبْنَا لِنَدْخُلَ، فَقَالَ «أَمْهِلُوا حَتَّى تَدْخُلُوا لَيْلاً - أَىْ عِشَاءً - لِكَىْ تَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ، وَتَسْتَحِدَّ الْمُغِيبَةُ». طرفه 443 124 - باب (وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ) إِلَى قَوْلِهِ (لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ) 5248 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى حَازِمٍ قَالَ اخْتَلَفَ النَّاسُ بِأَىِّ شَىْءٍ دُووِىَ جُرْحُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ أُحُدٍ، فَسَأَلُوا سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِىَّ، وَكَانَ مِنْ آخِرِ مَنْ بَقِىَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْمَدِينَةِ، فَقَالَ وَمَا بَقِىَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّى، كَانَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلاَمُ تَغْسِلُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ، وَعَلِىٌّ يَأْتِى بِالْمَاءِ عَلَى تُرْسِهِ، فَأُخِذَ حَصِيرٌ، فَحُرِّقَ فَحُشِىَ بِهِ جُرْحُهُ. طرفه 243 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ} [النور: 31] 5248 - (قتيبة) بضم القاف، مصغر (عن أبي حازم) -بالحاء المهملة- سلمة بن دينار. روى في الباب [حديث] سهل بن سعد (أَن عليًّا كان يأتي بالماء في ترسه، وفاطمة تغسل الدم عن وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-) ووجه الدلالة على الترجمة أن فاطمة عند غسل الدم عن وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا بد وأن يظهر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - من زينتها. وتحرير الكلام في المذاهب هنا: مذهب الشافعي يجوز نظر المحارم إلى المرأة ما فوق السرة وتحت الركبة، وكذا قال أبو حنيفة، إلا أنه استثنى الظهر والبطن، ومذهب أحمد يجوز النظر من المحرم إلى الرأس والساقين، وعنه: لا ينظر إلا إلى الوجه والكعبين. فإن قلت: قصة فاطمة كانت قبل نزول الحجاب. قلت: أشار إلى أن فعلها كان مطلقًا لما نزل به الوحي. فإن قلت: ليس في الآية ذكر العم والخال مع أنهما من المحارم؟ قلت: العم بمنزلة الأب، والخال بمنزلة الأم، وأخذ بعضهم بظاهر الآية فلم يجوزوا نظرهما.

125 - باب (والذين لم يبلغوا الحلم)

125 - باب (وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ) 5249 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَابِسٍ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - سَأَلَهُ رَجُلٌ شَهِدْتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْعِيدَ أَضْحًى أَوْ فِطْرًا قَالَ نَعَمْ لَوْلاَ مَكَانِى مِنْهُ مَا شَهِدْتُهُ - يَعْنِى مِنْ صِغَرِهِ - قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَذَانًا وَلاَ إِقَامَةً، ثُمَّ أَتَى النِّسَاءَ فَوَعَظَهُنَّ وَذَكَّرَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ، فَرَأَيْتُهُنَّ يَهْوِينَ إِلَى آذَانِهِنَّ وَحُلُوقِهِنَّ يَدْفَعْنَ إِلَى بِلاَلٍ، ثُمَّ ارْتَفَعَ هُوَ وَبِلاَلٌ إِلَى بَيْتِهِ. طرفه 98 126 - باب قَوْلِ الرَّجُلِ لِصَاحِبِهِ هَلْ أَعْرَسْتُمُ اللَّيْلَةَ؟ وَطَعْنِ الرَّجُلِ ابْنَتَهُ فِي الْخَاصِرَةِ عِنْدَ الْعِتَابِ 5250 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ} [النور: 58] 5249 - (عابس) بالموحدة وسين مهملة. روى حديث ابن عباس في عيد فطر أو أضحى أمر النساء بالصدقة، وموضع الدلالة أنه قال: (فرأيتهن يُهوين إلى آذانهن) -بضم الياء- يقال: أهوى بيده إذا أمالها، فدل على جواز نظر الصغير إلى النساء لقوله: (لولا مكاني منه ما شهدته يعني: من صغره) وفي استدلاله نظر إذ لا دلالة في الحديث على أنه وقع نظره عليهن. باب قوله الرجل لصاحبه: هل أعرستم الليلة؟ وطعن الرجل ابنته في الخاصرة عند العتاب 5250 - روى في الباب حديث عائشة حين سقط منها العقد وأقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على طلبه. وقد سلف في أبواب التيمم وبعده. وموضع الدلالة أن الأب له عتاب ابنته وضربها إذا بدا منها ما يكره وإن كانت ذات زوج. قال بعض الشارحين: فإن قلت: لم يذكر في الباب ما يدل على الشق الأول. قلت: هذا مفقود في أكثر النسخ، وعلى تقدير وجوده إشعار بأنه لم يجد حديثًا على شرطه، وهذا

عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ عَاتَبَنِى أَبُو بَكْرٍ وَجَعَلَ يَطْعُنُنِى بِيَدِهِ فِي خَاصِرَتِى فَلاَ يَمْنَعُنِى مِنَ التَّحَرُّكِ إِلاَّ مَكَانُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَرَأْسُهُ عَلَى فَخِذِى. طرفه 334 ـــــــــــــــــــــــــــــ غريب منه فإن حديث أبي طلحة حين مات ابنه قال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذا الكلام، قد رواه البخاري في مواضع، بل البخاري من هذا النمط فتارة يكتفى فيه بشهرة الحديث، وتارة يورده تعليقًا والله أعلم.

الْكَوْثَرُ الْجَارِي إلى رِيَاض أحَادِيثِ البُخَارِيّ [9]

حُقُوق الطَّبْع مَحْفُوظَة الطبعة الأولى 1429 هـ - 2008 م مؤسسة التَّارِيخ الْعَرَبِيّ للطباعة والنشر والتوزيع العنوان الْجَدِيد بيروت - طَرِيق المطار - خلف غولدن بلازا هَاتِف: 540000/ 01 - 455559/ 01 فاكس: 850717 - ص. ب: 7957/ 11

68 - كتاب الطلاق

68 - كتاب الطلاق 1 - باب قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى (يَا أَيُّهَا النَّبِىُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ) (أَحْصَيْنَاهُ) حَفِظْنَاهُ وَعَدَدْنَاهُ، وَطَلاَقُ السُّنَّةِ أَنْ يُطَلِّقَهَا طَاهِرًا مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ، وَيُشْهِدُ شَاهِدَيْنِ. 5251 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهْىَ حَائِضٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ، ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدُ وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الطلاق اسم التطليق، وهو لغة: حل الوثاق، وفي الشرع: حل عقدة النكاح. يقال: طلَقت المرأة بفتح اللام المخففة وضمها. (وطلاق السنّة: أن يطلقها طاهرًا من غير جماع) هذا ما ذهب إليه الشافعي وأحمد في رواية من الطلاق الثلاث مرة لا بد فيه ويدل عليه إطلاق الآية، والحديث إذا لم يظهر بهذا القيد في آية ولا حديث. وقال مالك وأبو حنيفة: بدعة لأن الطلاق أنكر المباحات، الخلاص يقع بدون الثلاث، هذا وأما الإشهاد عليه إنما هو على وجه الندب. 5251 - وروى في حديث ابن عمر أنه طلق امرأته وهي حائض فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعمر: (مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر). فإن قلت: الحرمة كون الطلاق في حالة الحيض فإذا طهرت وزال ذلك المانع، فلم كرر في الحديث الطهر مرتين؟ قلت: أجابوا بأن الطلاق لما كان أنكر المباحات

2 - باب إذا طلقت الحائض يعتد بذلك الطلاق

أَنْ يَمَسَّ، فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِى أَمَرَ اللَّهُ أَنْ تُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ». طرفه 4908 2 - باب إِذَا طُلِّقَتِ الْحَائِضُ يُعْتَدُّ بِذَلِكَ الطَّلاَقِ 5252 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ قَالَ طَلَّقَ ابْنُ عُمَرَ امْرَأَتَهُ وَهْىَ حَائِضٌ، فَذَكَرَ عُمَرُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «لِيُرَاجِعْهَا». قُلْتُ تُحْتَسَبُ قَالَ «فَمَهْ». وَعَنْ قَتَادَةَ عَنْ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا». قُلْتُ تُحْتَسَبُ قَالَ أَرَأَيْتَ إِنْ عَجَزَ وَاسْتَحْمَقَ. طرفه 4908 ـــــــــــــــــــــــــــــ أطال المدة عسى أن يتبدل البغض في تلك المدة، ولئلا يكون بحسب الظاهر الرجوع، للطلاق، ولعلها جامعها في ذلك الطهر، والطلاق في طهر جامع فيه بدعة. واعلم أن الطلاق إما حرام وهو البدعي كما تقدم كان حديث ابن عمر، وإما مكروه إذا لم يقع شر بينهما، وإما واجب كما إذا وقع الشقاق بينهما ورأى الحكمان ذلك، وإما مندوب كما إذا كره المصاحبة لعدم خدمتها وإما مباح كما إذا لم يحبها ويقصر في حقها. باب إذا طلقت الحائض فتعتد بذلك الطلاق 5252 - (حرب) ضد الصلح (أنس بن سِيرين) بكسر المهملة، روى حديث أبن عمر في طلاق زوجته، وقد شرح في الباب قبله. قال أنس: قلت لابن عمر: لما طلقتها في الحيض وأمرت بالرجعة وقعت تلك الطلقة. (قال: فَمَهْ) بسكون الهاء للوقف وما استفهامية للإنكار. أي: رأيت إن لم يراجعها لم يكن الطلاق واقعًا كما نسبه عليه في الرواية بعده بقوله: (أرأيت إن عجز) أي: عن الوجوع بأن مات أو جن فإن الطلاق واقع. قال بعض الشارحين: يجوز أن تكون كلمة زجر أي: أكفف عن السؤال فإنه لا يكون ألا الوقوع. قلت لو كان المعنى على ذلك لم يكن لدخول الفاء ولا دلالة في الأمر بالكف عن السؤال على الوقوع واللاوقوع فلا يحصل جواب السائل. أرأيت إن عجز واستحق العجز بالموت والجنون أن لا يعتقد وقوع الطلاق، وقال

3 - باب من طلق وهل يواجه الرجل امرأته بالطلاق

5253 - وَقَالَ أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ حُسِبَتْ عَلَىَّ بِتَطْلِيقَةٍ. 3 - باب مَنْ طَلَّقَ وَهَلْ يُوَاجِهُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ بِالطَّلاَقِ 5254 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ قَالَ سَأَلْتُ الزُّهْرِىَّ أَىُّ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - اسْتَعَاذَتْ مِنْهُ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ ابْنَةَ الْجَوْنِ لَمَّا أُدْخِلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَدَنَا مِنْهَا قَالَتْ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ. فَقَالَ لَهَا «لَقَدْ عُذْتِ بِعَظِيمٍ، الْحَقِى بِأَهْلِكِ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ رَوَاهُ حَجَّاجُ بْنُ أَبِى ـــــــــــــــــــــــــــــ الشارح المذكور في قوله إن عجز: نافية، والعجز الصبا والحمق الجنون، والمعنى: ليس ابن عمر صبيًّا ولا مجنونًا حتى لا يقع طلاقه. وهذا الذي قاله كلام باطل. أما أولًا: فإن قول ابن عمر: أرأيت إن عجز، يكون معناه: أخبرني عن عدم عجزه، وهذا عكس المقصود، فإن غرضه وجوب الوقوع إن لم يراجع لعجزه وحمقه. وأما ثانيًا: فلما رواه مسلم عن ابن عمر أنه قال في الجواب: ما لي لا أعتد بها وإن كنت عجزت واستحمقت"، وهذا صريح في بطلان ذلك التوجيه. وقوله في تقرير ما قاله: فإن الحمق لازم الجنون عبر به غلط فإن الحمق يباين الجنون. قال ابن الأثير: الحمق وضع الشيء في غير موضعه مع العلم بقبحه. 5253 - (أبو معمر) -بفتح الميمين وإسكان العين- عبد الله المنقري. باب من طلق، وهل يولجه الرجل امرأته بالطلاق؟ 5254 - (الحميدي) بضم الحاء، المصغر المنسوب (الأوزاعي) بفتح الهمزة (أن ابنة الجون لما دخلت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودنا منها قالت: أعوذ بالله منك، فقال لها: لقد عذت بمعاذ عظيم الحقي بأهلك) ابنة الجون اسمها: أسماء بنت النعمان بن الجون الكندي قال ابن عبد البر: كانت من أجمل النساء فخاف نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - منها فقلن لها: إذا دنا منك فقولي:

مَنِيعٍ عَنْ جَدِّهِ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَنَّ عُرْوَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ. 5255 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَسِيلٍ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِى أُسَيْدٍ عَنْ أَبِى أُسَيْدٍ - رضى الله عنه - قَالَ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى انْطَلَقْنَا إِلَى حَائِطٍ يُقَالُ لَهُ الشَّوْطُ، حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى حَائِطَيْنِ فَجَلَسْنَا بَيْنَهُمَا فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اجْلِسُوا هَا هُنَا». وَدَخَلَ وَقَدْ أُتِىَ بِالْجَوْنِيَّةِ، فَأُنْزِلَتْ فِي بَيْتٍ فِي نَخْلٍ فِي بَيْتٍ أُمَيْمَةُ بِنْتُ النُّعْمَانِ بْنِ شَرَاحِيلَ وَمَعَهَا دَايَتُهَا حَاضِنَةٌ لَهَا، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «هَبِى نَفْسَكِ لِى». قَالَتْ وَهَلْ تَهَبُ الْمَلِكَةُ نَفْسَهَا لِلسُّوقَةِ. قَالَ فَأَهْوَى بِيَدِهِ يَضَعُ يَدَهُ عَلَيْهَا لِتَسْكُنَ فَقَالَتْ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ. فَقَالَ «قَدْ عُذْتِ بِمَعَاذٍ». ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا، فَقَالَ «يَا أَبَا أُسَيْدٍ اكْسُهَا رَازِقِيَّتَيْنِ وَأَلْحِقْهَا بِأَهْلِهَا. طرفه 5257 5256، 5257 - وَقَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْوَلِيدِ النَّيْسَابُورِىُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ عَنْ أَبِيهِ وَأَبِى أُسَيْدٍ قَالاَ تَزَوَّجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ـــــــــــــــــــــــــــــ أعوذ بالله منك فقالت ذلك، والمَعاذ -بفتح الميم- قال ابن الأثير: يكون مصدرًا واسم مكان وزمان، والمراد هنا المكان الملجأ. 5255 - 5256 - 5257 - (أبو نعيم) بضم النون مصغر، وكذا (أبو أسيد) مالك بن الربيع (ومعها دايتها) أي: مرضعتها أو الحاضنة، لفظ معرب (يا أبا أسيد اكسها رازقيين) -بهمزة الوصل والزاي بتقديم الراء المهملة- الثوب الأبيض من الكتان. قالوا: إنما أعطاها الرازقيين متعة الطلاق؛ وليس بصواب لأن قوله: هبي نفسك صريح في أنه لم يكن هناك نكاح. فإن قلت: إذا لم يكن نكاح فكيف يوافق الترجمة وهي قول البخاري: وهل يواجه الرجل امرأته بالطلاق؟ قلت: قوله: الحقي بأهلك من الألفاظ المستعملة في الطلاق كناية فيقاس مواجهة الزوجة على مواجهة المخطوبة، وقد تكلف للجواب بأن قوله: هبي نفسك كان تطييبًا لقلبها. وأنا أقول: لم يرد قط أنه وقع نكاح وإنزاله في الحائط، وذهابه إليها لينظر إليها صريح في ذلك وإلا لأنزلها منزله، كيف وقد صح أنها تزوجت في خلافة عمر فأراد عمر عقابها فقالوا: ليست بأم المؤمنين وقد قال تعالى: {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب: 6]، والزوجة اسم كل امرأة دخلت في النكاح، وأما إعطاء الثوبين كان من باب المروءة والله أعلم. (قال الحسين بن الوليد) هذا تعليق؛ لأن الحسين شيخ شيوخ البخاري: (تزوج النبي عن - صلى الله عليه وسلم -

4 - باب من أجاز طلاق الثلاث

أُمَيْمَةَ بِنْتَ شَرَاحِيلَ، فَلَمَّا أُدْخِلَتْ عَلَيْهِ بَسَطَ يَدَهُ إِلَيْهَا فَكَأَنَّهَا كَرِهَتْ ذَلِكَ فَأَمَرَ أَبَا أُسَيْدٍ أَنْ يُجَهِّزَهَا وَيَكْسُوَهَا ثَوْبَيْنِ رَازِقِيَّيْنِ. طرفه 5637 5257 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِى الْوَزِيرِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ حَمْزَةَ عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ بِهَذَا. طرفه 5255 5258 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِى غَلاَّبٍ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ قُلْتُ لاِبْنِ عُمَرَ رَجُلٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهْىَ حَائِضٌ. فَقَالَ تَعْرِفُ ابْنَ عُمَرَ إِنَّ ابْنَ عُمَرَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهْىَ حَائِضٌ فَأَتَى عُمَرُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَأَمَرَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا فَإِذَا طَهُرَتْ فَأَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَلْيُطَلِّقْهَا، قُلْتُ فَهَلْ عَدَّ ذَلِكَ طَلاَقًا قَالَ أَرَأَيْتَ إِنْ عَجَزَ وَاسْتَحْمَقَ. طرفه 4908 4 - باب مَنْ أَجَازَ طَلاَقَ الثَّلاَثِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ). ـــــــــــــــــــــــــــــ أميمة بنت شراحيل) أميمة بلفظ المصغر، وشراحيل بفتح الشين. فإن قلت: تقدم أن اللتي أمر لها بالرازقيين بنت الجون، وها هنا بنت شراحيل. قلت: يجوز وقوع الأمرين فإن هذه كانت منكوحة لقوله: تزوج. قال ابن عبد البر: للعلماء اضطراب في هذه من الناس من يقول: هي الجونية، ومنهم من يقول: أميمة بنت النعمان، ومنهم من يقول: أمامة. 5258 - (منهال) بكسر الميم (أبو غلاب) بفتح الغين وتشديد اللام. وروى حديث ابن عمر في طلاق امرأته وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالرجعة. فإن قلت: تقدم أنه قال: (إذا طهرت فليطلقها)، وها هنا قال: "إذا طهرت فإن أراد أن يطلقها فليطلقها" قلت: ذكر الجائز والأفضل ليختار إحداهما. باب من أجاز طلاق الثلاث أي: تطليق الثلاث دفعة واحدة. استدل عليه بقوله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: 229] الاستدلال بالآية على ما ترجم فيه خفاء لأنه المراد بقوله: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} الطلاق الرجعي، وقوله بعده: {أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229]، يريد به الطلقة الثالثة. كذا رواه الدارقطني.

وَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ فِي مَرِيضٍ طَلَّقَ لاَ أَرَى أَنْ تَرِثَ مَبْتُوتَتُهُ. وَقَالَ الشَّعْبِىُّ تَرِثُهُ. وَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ. تَزَوَّجُ إِذَا انْقَضَتِ الْعِدَّةُ قَالَ نَعَمْ، قَالَ أَرَأَيْتَ إِنْ مَاتَ الزَّوْجُ الآخَرُ فَرَجَعَ عَنْ ذَلِكَ. 5259 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِىَّ أَخْبَرَهُ أَنَّ عُوَيْمِرًا الْعَجْلاَنِىَّ جَاءَ إِلَى عَاصِمِ بْنِ عَدِىٍّ الأَنْصَارِىِّ، فَقَالَ لَهُ يَا عَاصِمُ أَرَأَيْتَ رَجُلاً وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً، أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ، أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ سَلْ ـــــــــــــــــــــــــــــ وما يقال: لعله قاس الثلاث على الثنتين لا وجه له؛ لأنه قياس مع الفارق، وهو ظاهر، وكذا ما يقال: التسريح به. حسان أعم فيتناول الثلاث لأنه قسيم مرتان واتفقوا على أن المراد به إما الطلقة الثالثة، أو ترك الرجعية. وقيل: أراد بالترجمة الثلاث مطلقًا مفرقة ومجموعة من منع ذلك استدلالًا بالآية لأنها لا تدلك على منع الجمع. قلت: قوله تعالى بعده: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ} [البقرة: 230] صريح في أنه غير متناول للثلاث فاندفع ذلك الوهم. والصواب أنه أراد بالاية الثلاث مفردقة، وبالآثار والأحاديث جملة استيفاء لأقسامه، ودلالة على التساوي كما ذهب إليه الشافعي. (وقال ابن الزبير في مريض طلق: لا أرى أن ترث مبتوته) لا خلاف في أن المطلقة الرجعية ترث سواء طلقت في المرض لا أو قبله، إنما النزاع في المبتوتة قال بإرثها من الأئمة: أبو حنيفة، ورواه ابن أبي شيبة عن عمر، وكذا روي عن علي أنه ورّث امرأة عثمان لما طلقها وهو محاصر. (وقال الشعبي: ترثه، وقال ابن شُبرمة) بضم الشين وسكون الموحدة: (تَزوَّجُ إذا انقضت العدة؟ قال: نعم، قال: أرأيت إن مات الزوج الآخر فرجع عن ذلك؟). محصل هذا: أن الشعبي أفتى بأنه ترث الزوج إذا طلقها في المرض سواء مات قبل انقضاء العدة أو بعده. وقال ابن شبرمة: إذا انقضى عدتها والزوج حي وتزوجت ومات الزوج الأول والآخر فيلزم أن ترث كل واحد منهما فرجع الشعبي عن ذلك. 5259 - ثم روى في الباب حديث عويمر العجلاني في طلاق امرأته ثلاثًا بعد اللعان، ولم ينكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدل على جوازه؛ إذ لو كان هناك بدعة لأنكره كما أنكر عن ابن عمر حين طلق في الحيض. وشرح الحديث سلف في تفسير سورة النور. ولا يتم هذا لأن

لِى يَا عَاصِمُ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلَ عَاصِمٌ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَسَائِلَ وَعَابَهَا حَتَّى كَبُرَ عَلَى عَاصِمٍ مَا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا رَجَعَ عَاصِمٌ إِلَى أَهْلِهِ جَاءَ عُوَيْمِرٌ فَقَالَ يَا عَاصِمُ مَاذَا قَالَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ عَاصِمٌ لَمْ تَأْتِنِى بِخَيْرٍ، قَدْ كَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَسْأَلَةَ الَّتِى سَأَلْتُهُ عَنْهَا. قَالَ عُوَيْمِرٌ وَاللَّهِ لاَ أَنْتَهِى حَتَّى أَسْأَلَهُ عَنْهَا فَأَقْبَلَ عُوَيْمِرٌ حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَسَطَ النَّاسِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ رَجُلاً وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً، أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ، أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيكَ وَفِى صَاحِبَتِكَ فَاذْهَبْ فَأْتِ بِهَا». قَالَ سَهْلٌ فَتَلاَعَنَا وَأَنَا مَعَ النَّاسِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا فَرَغَا قَالَ عُوَيْمِرٌ كَذَبْتُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ أَمْسَكْتُهَا، فَطَلَّقَهَا ثَلاَثًا قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَكَانَتْ تِلْكَ سُنَّةُ الْمُتَلاَعِنَيْنِ. طرفه 423 5260 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ امْرَأَةَ رِفَاعَةَ الْقُرَظِىِّ جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ رِفَاعَةَ طَلَّقَنِى فَبَتَّ طَلاَقِى، وَإِنِّى نَكَحْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــ طلاقه لم يكن طلاقًا شرعيًّا؛ لأن الفراق كان بنفس اللعان. ألا ترى إلى قول الزهريّ: (فكانت تلك سنة المتلاعنين). 5260 - (عُفير) بضم العين مصغر، وكذا (عُقيل). (أن امرأة رفاعة القرظي) بكسر الراء وضم القاف وظاء معجمة (إن رفاعة طلقني فبت طلاقي) أي: قطع العلاقة بيني وبينه، وهذا لا يكون إلا بالطلاق الثلاث. إلا أن فيه خفاء لاحتمال أن يكون على سبيل التفريق. وكذا في الحديث الذي طلق امرأته ثلاثًا. فإن قلت: روى مسلم عن ابن عباس كان الطلاق على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وسنتين على خلافة عمر الثلاث واحدة. فما معنى هذا؟ قلت: قد ضل فيه طائفة وبنوا على ظاهره وأجاب آخرون بما لما لا طائل تحته. والذي يعتمد عليه أن راوي الحديث وهو ابن عباس أفتى بخلاف ما رواه كذا رواه أبو داود بسند صحيح. ولا يمكن أن يفتي

5 - باب من خير نساءه

بَعْدَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزَّبِيرِ الْقُرَظِىَّ، وَإِنَّمَا مَعَهُ مِثْلُ الْهُدْبَةِ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَعَلَّكِ تُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِى إِلَى رِفَاعَةَ، لاَ، حَتَّى يَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ وَتَذُوقِى عُسَيْلَتَهُ». طرفه 2639 5261 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَجُلاً طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلاَثًا، فَتَزَوَّجَتْ فَطَلَّقَ فَسُئِلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَتَحِلُّ لِلأَوَّلِ قَالَ «لاَ، حَتَّى يَذُوقَ عُسَيْلَتَهَا كَمَا ذَاقَ الأَوَّلُ». طرفه 2639 5 - باب مَنْ خَيَّرَ نِسَاءَهُ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً). 5262 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ بخلاف ما رواه إلا إذا ثبت نسخ ذلك، وما يقال، -من أنه يلزم إجماع الصحابة على الخطأ لا استمرارهم على العمل به إلى زمن عمر- ممنوع، بل كان يعمل به من لم يطلع على الناسخ. 5261 - (إنما معه مثل هدبة الثوب) هو طرفه. أشارت إلى رخاوة ذكره وعدم قيامه (حتى يذوق عسيلتك) كنى عن الجماع بالعسل، ولا كناية أحلى منها، وصغر اللفظ إشارة إلى أدنى إيلاج يكفي، وأنث العسل: إما لأنه مؤنث سماعي، أو لإرادة القطعة منه. باب [من] خيّر نساءه 5262 - 5263 - (مسلم) ضد الكافر. يجوز أن يكون مسلم بن صبيح، ومسلم بن

6 - باب إذا قال فارقتك أو سرحتك أو الخلية أو البرية أو ما عنى به الطلاق، فهو على نيته

مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ خَيَّرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَاخْتَرْنَا اللَّهَ وَرَسُولَهُ، فَلَمْ يَعُدَّ ذَلِكَ عَلَيْنَا شَيْئًا. طرفه 5263 5263 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَامِرٌ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنِ الْخِيَرَةِ، فَقَالَتْ خَيَّرَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَفَكَانَ طَلاَقًا قَالَ مَسْرُوقٌ لاَ أُبَالِى أَخَيَّرْتُهَا وَاحِدَةً أَوْ مِائَةً بَعْدَ أَنْ تَخْتَارَنِى. طرفه 5262 6 - باب إِذَا قَالَ فَارَقْتُكِ أَوْ سَرَّحْتُكِ أَوِ الْخَلِيَّةُ أَوِ الْبَرِيَّةُ أَوْ مَا عُنِىَ بِهِ الطَّلاَقُ، فَهُوَ عَلَى نِيَّتِهِ وَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً) وَقَالَ (وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً) وَقَالَ (فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ) وَقَالَ (أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ). وَقَالَتْ عَائِشَةُ قَدْ عَلِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ أَبَوَىَّ لَمْ يَكُونَا يَأْمُرَانِى بِفِرَاقِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بطين فإن كل واحد منهما يروي عن مسروق. استدل عليه بالآية الكريمة {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ} [الأحزاب: 59])، وما روى عن عائشة أنه لما أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتخيير نسائه بدأ بي. إما أن يكون في نوبتها أو الاهتمام فإنها كانت صغيرة ربما إذا سمعت تختار نفسها، ولذلك قال لها: (فلا عليك لا تستعجلي حتى تستأمري أبويك) أي: تشاوريهما. وموضع الدلالة: ما في الحديث الثاني من قول عائشة: (فلم يعدّ فلك علينا شيئًا) أي: طلاقًا، جاء صريحًا في الرواية الأخرى. باب إذا قال: فارقتك أو سرحتك الأئمة على أن الطلاق له صريح لا يحتاج إلى النية، وكناية يحتاج إليه. اختلاف في الصريح، وحكمه. قال أبو حنيفة: الصريح: أنت طالق، ومطلقة، وطلقتك. ولا يقع إلا في الرجعي.

7 - باب من قال لامرأته أنت على حرام

7 - باب مَنْ قَالَ لاِمْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَىَّ حَرَامٌ وَقَالَ الْحَسَنُ نِيَّتُهُ. وَقَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ إِذَا طَلَّقَ ثَلاَثًا فَقَدْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ. فَسَمَّوْهُ حَرَامًا بِالطَّلاَقِ وَالْفِرَاقِ، وَلَيْسَ هَذَا كَالَّذِى يُحَرِّمُ الطَّعَامَ، لأَنَّهُ لاَ يُقَالُ لِطَعَامِ الْحِلِّ حَرَامٌ، وَيُقَالُ لِلْمُطَلَّقَةِ حَرَامٌ، وَقَالَ فِي الطَّلاَقِ ثَلاَثًا لاَ تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال الشافعي: الصريح: الطلاق، والفراق، والسراح، وهو رواية عن الإمام أحمد. والصحيح عنه لفظ الطلاق وهو ما يشتق منه. وقال مالك: فارقتك وسرحتك، وخلتة، وبرية وبائن. ألفاظه صريحة لاشتهارها في الطلاق. فإن قلت: ما معنى الكناية؟ قلت: الكناية عند الفقهاء لفظ يستتر معناه سواء كان حقيقة أو مجازًا. قال بعض الشارحين: فإن قلت: لمَ صح وقوع الطلاق بالكناية دون النكاح؟ قلت: لأن النكاح يشترط فيه الإشهاد دون الطلاق، وهذا الذي ينتقض بالبيع فإنه لا يشترط فيه الإشهاد، مع أنه لا يصح فيه الكناية. والحق أنه أجاز بلفظ الكناية لأنه حل العقد فلا يحتاج فيه إلى رضا الغير كالإعتاق بخلاف العقود فإنه يحافظ عليها بالغرر من الجانبين. باب من قال لامراته: أنت علي حرام استدل بالآثار والآية الكريمة: {فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] على أن لفظ الحرمة يستعمل في الطلاق، والأئمة على ذلك، إلا أن بينهم في ذلك خلافًا. قال أبو حنيفة: إن أراد طلقة واحدة فواحدة، أو ثلاثًا فثلاث، ولا يجوز نية الاثنتين، وإن لم ينو شيئًا فعلية كفارة اليمين. وقال الشافعي: إن نوى الطلاق فذلك أي: عدد [ما] نوى، وإن نوى التحريم فعليه كفارة اليمين وكذا إن لم ينو شيئًا، كان نوى الظهار فظهار. وكذا عن الإمام أحمد. وقال مالك: إن كانت غير مدخول بها فعلى ما نوى، كان كانت مدخولًا بها فهي ثلاث طلقات رواية واحدة، وفي المسألة خلف طويل الذيل عد فيها القرطبي ثمانية عشر قولًا، وسببه أن ليس في الكتاب نص ولا في السنة يعتمد عليه {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا} [البقرة: 148].

5264 - وَقَالَ اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا سُئِلَ عَمَّنْ طَلَّقَ ثَلاَثًا قَالَ لَوْ طَلَّقْتَ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ فَإِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَنِى بِهَذَا، فَإِنْ طَلَّقْتَهَا ثَلاَثًا حَرُمَتْ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَكَ. طرفه 4908 5265 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ طَلَّقَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ فَتَزَوَّجَتْ زَوْجًا غَيْرَهُ فَطَلَّقَهَا، وَكَانَتْ مَعَهُ مِثْلُ الْهُدْبَةِ فَلَمْ تَصِلْ مِنْهُ إِلَى شَىْءٍ تُرِيدُهُ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ طَلَّقَهَا فَأَتَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ زَوْجِى طَلَّقَنِى، وَإِنِّى تَزَوَّجْتُ زَوْجًا غَيْرَهُ فَدَخَلَ بِى، وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ إِلاَّ مِثْلُ الْهُدْبَةِ فَلَمْ يَقْرَبْنِى إِلاَّ هَنَةً وَاحِدَةً، لَمْ يَصِلْ مِنِّى إِلَى شَىْءٍ، فَأَحِلُّ لِزَوْجِى الأَوَّلِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَحِلِّينَ لِزَوْجِكِ الأَوَّلِ حَتَّى يَذُوقَ الآخَرُ عُسَيْلَتَكِ، وَتَذُوقِى عُسَيْلَتَهُ». طرفه 2639 ـــــــــــــــــــــــــــــ (كان ابن عمر إذا سئل عمن طلق امرأته ثلاثًا قال: لو طلقت مرةً أو مرتين) أي: لكان لك الرجعة، ولا وجه لجعل لو للتمني لعدم حصول جواب السائل حينئذٍ (فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرني بهذا) أي: بالرجوع لما طلقت واحدة، وحكم الطلقتين حكم الواحدة بنص القرآن، ولذلك قال في آخر كلامه: (فإن طلقت ثلاثًا حرمت) وبه تحصل مناسبة الترجمة، وقد خفي على بعض الشارحين والله الموفق. 5265 - (محمد) هو ابن سلام (أبو معاوية) الضرير محمد بن خازم بالخاء المعجمة (طلق رجل امرأته) هو: رفاعة القرظي كما صرح به قبل (ولم يكن معه إلا مثل هدبة الثوب) يقال: هدب وهدّاب -بتشديد الدال- هو طرفه الذي يلي طرقه كنت بذلك عن رخاوته (فلم يقريني إلا هبة) قال ابن الأثير: بالباء المشددة أحد هناب الفحل وهو سفاده، ويقال: هب التيس إذا هاج في السفاد قلت: هذا المعنى لا يصح في الحديث لأن زعمها أنه لم يصل إليها بشيء ولذلك أجاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأنها لا تحل له حتى تذوق عسيلة الآخر، بل هو من هنت من نومه إذا استيقظ، هنت إلى الشيء إذا قام تريد أنه قام قومة بلا فائدة.

8 - باب (لم تحرم ما أحل الله لك)

8 - باب (لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ) 5266 - حَدَّثَنِى الْحَسَنُ بْنُ صَبَّاحٍ سَمِعَ الرَّبِيعَ بْنَ نَافِعٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ يَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ إِذَا حَرَّمَ امْرَأَتَهُ لَيْسَ بِشَىْءٍ. وَقَالَ (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ). طرفه 4911 5267 - حَدَّثَنِى الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَبَّاحٍ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: {لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: 1] 5266 - (صباح) -بفتح الصاد وتشديد الموحدة- هو البزار لا الزعفراني (يعلى) على وزن يحيى (قال ابن عباس: إذا حرم امرأته ليس بشي) أي؛ لا يكون طلاقًا، واستدل على ذلك بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حرّم العسل ثم أكله و {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21]. فإن قلت: ما وجه دلالة قصة تحريم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ما ادعاه ابن عباس أن من حرم امرأته لا شيء عليه، قلت: قال بعض الشارحين: فإن قلت: لِمَ خصص النبي - صلى الله عليه وسلم - بالطلاق قلت: لما تقدم في سورة التحريم أن ابن عباس قال في الحرام: يكفّر عن يمينه. هذا كلامه، ولا فائدة فيه؛ لأن ابن عباس لما سئل عن تحريم المرأة هو طلاق أم لا؟ أجاب بأنه ليس بطلاق، وللمبالغة في نفي الطلاق قال: ليس بشيء، واستدل عليه بشرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتحريمه، فالإشكال إنما هو في أن السؤال إذا كان في وقوع الطلاق، وقضية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليس فيه شيء يتعلق بالطلاق، إنما كان لأنه حرم على نفسه مباحًا فلا بد من بيان وجه دلالته على نفي الطلاق الذي سئل عنه. والتحقيق في هذا المقام: أن وجه الدلالة هو أنه كان قد حرم على نفسه مباحًا، وهذا أيضًا قد حرم على نفسه امرأته، وإنما يكون تحريم المرأة فيما يكون مباحًا له منها لا ذات المرأة، ولا يباح له منها إلا البضع وسائر الممتعات، ومعنى التحريم لا دلالة فيه على الطلاق بوجه. هذا توجيه كلام ابن عباس، وجعله الجمهور من كنايات الطلاق؛ لأن التحريم يمكن أن يصدق تارة بتحريم البضع، وتارة بالطلاق، فجعل مناط الحكم نيته. 5267 - 5268 - ثم روى في الباب سبب تحريم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العسل روايتين مختلفتين. الأولى: أنه شرب العسل عند زينب، الثانية: عند حفصة، وفي رواية زينب قالت

عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ زَعَمَ عَطَاءٌ أَنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ يَقُولُ سَمِعْتُ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَمْكُثُ عِنْدَ زَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ، وَيَشْرَبُ عِنْدَهَا عَسَلاً، فَتَوَاصَيْتُ أَنَا وَحَفْصَةُ أَنَّ أَيَّتَنَا دَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَلْتَقُلْ إِنِّى أَجِدُ مِنْكَ رِيحَ مَغَافِيرَ، أَكَلْتَ مَغَافِيرَ فَدَخَلَ عَلَى إِحْدَاهُمَا فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ «لاَ بَلْ شَرِبْتُ عَسَلاً عِنْدَ زَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ وَلَنْ أَعُودَ لَهُ». فَنَزَلَتْ (يَا أَيُّهَا النَّبِىُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ) إِلَى (إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ) لِعَائِشَةَ وَحَفْصَةَ (وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِىُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ) لِقَوْلِهِ «بَلْ شَرِبْتُ عَسَلاً». طرفه 4912 ـــــــــــــــــــــــــــــ عائشة: (تواصيت أنا وحفصة على أن نقول له: أكلت مغافير). وفي قصة حفصة: اتفقت عائشة وسودة وصفية على ذلك القول. قال النووي: حديث زينب أصح، نقله عن النسائي، وهو الموافق لقوله تعالى: {وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ} [التحريم: 4] هما عائشة وحفصة كما تقدم مرارًا في حديث طويل أن ابن عباس سأل عمر في طريق الحجاز ففسره بعائشة وحفصة. هذا وحديث مارية لم يصح فيه حديث وإن رواه كثير من الناس، ولو صح [خلا] منافاة لما ذكرنا مرارًا جواز تعدد الأسباب، ونقل عن القاضي أنه قال أيضًا: إن الصواب قصة زينب. قلت: هذا الذي يجب اعتقاده، لأن الآية لا يمكن صرفها إلى قصة حفصة؛ لأن الرواية صريحة في عائشة وسودة وصفية، فكيف يعقل ضمير المثنى في: {وَإِنْ تَظَاهَرَا} [التحريم: 4]. وأراد بعض الشارحين التوفيق بين الحديثين فقال: يجوز أنه شرب عند حفصة أولًا، فلما قيل له ما قيل ترك الشرب بلا تحريم، ثم لما شرب عند زينب وقيل له فيه حرّمه. هذا كلامه، ولا وجه له أما أولًا: فلاتفاق العلماء أنه لم يقع منه إلا مرة واحدة إما عسل أو ماؤه. وأما ثانيًا: فلو وقع مرتين لكان العتاب يوجه على الفريقين لاشتراكهما في الافتراء عليه والاحتيال، ولما لم يتعرض إلا لاثنتين {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4]. دل قطعًا على أن لا دخل لغيرهما في هذا الباب، ثم هدد الكل بأن لا يقع منهن شيء في حقه مرة أخرى بقوله: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ} [التحريم: 5]. (ابن جريج) بضم الجيم مصغر، وكذا (عبيد بن عمير) مصغر الاسمين ................

5268 - حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِى الْمَغْرَاءِ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُحِبُّ الْعَسَلَ وَالْحَلْوَاءَ، وَكَانَ إِذَا انْصَرَفَ مِنَ الْعَصْرِ دَخَلَ عَلَى نِسَائِهِ، فَيَدْنُو مِنْ إِحْدَاهُنَّ، فَدَخَلَ عَلَى حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ، فَاحْتَبَسَ أَكْثَرَ مَا كَانَ يَحْتَبِسُ، فَغِرْتُ فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ فَقِيلَ لِى أَهْدَتْ لَهَا امْرَأَةٌ مِنْ قَوْمِهَا عُكَّةً مِنْ عَسَلٍ، فَسَقَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْهُ شَرْبَةً، فَقُلْتُ أَمَا وَاللَّهِ لَنَحْتَالَنَّ لَهُ. فَقُلْتُ لِسَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ إِنَّهُ سَيَدْنُو مِنْكِ، فَإِذَا دَنَا مِنْكِ فَقُولِى أَكَلْتَ مَغَافِيرَ فَإِنَّهُ سَيَقُولُ لَكِ لاَ. فَقُولِى لَهُ مَا هَذِهِ الرِّيحُ الَّتِى أَجِدُ مِنْكَ فَإِنَّهُ سَيَقُولُ لَكِ سَقَتْنِى حَفْصَةُ شَرْبَةَ عَسَلٍ فَقُولِى لَهُ جَرَسَتْ نَحْلُهُ الْعُرْفُطَ. وَسَأَقُولُ ذَلِكَ، وَقُولِى أَنْتِ يَا صَفِيَّةُ ذَاكِ. قَالَتْ تَقُولُ سَوْدَةُ فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلاَّ أَنْ قَامَ عَلَى الْبَابِ، فَأَرَدْتُ أَنْ أُبَادِيَهُ بِمَا أَمَرْتِنِى بِهِ فَرَقًا مِنْكِ، فَلَمَّا دَنَا مِنْهَا قَالَتْ لَهُ سَوْدَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَكَلْتَ مَغَافِيرَ قَالَ «لاَ». قَالَتْ فَمَا هَذِهِ الرِّيحُ الَّتِى أَجِدُ مِنْكَ. قَالَ «سَقَتْنِى حَفْصَةُ شَرْبَةَ عَسَلٍ». فَقَالَتْ جَرَسَتْ نَحْلُهُ الْعُرْفُطَ فَلَمَّا دَارَ إِلَىَّ قُلْتُ لَهُ نَحْوَ ذَلِكَ، فَلَمَّا دَارَ إِلَى صَفِيَّةَ قَالَتْ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ فَلَمَّا دَارَ إِلَى حَفْصَةَ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلاَ أَسْقِيكَ مِنْهُ. قَالَ «لاَ حَاجَةَ لِى فِيهِ». قَالَتْ تَقُولُ سَوْدَةُ وَاللَّهِ لَقَدْ حَرَمْنَاهُ. قُلْتُ لَهَا اسْكُتِى. طرفه 4912 ـــــــــــــــــــــــــــــ (أبي المغراء) بفتح الميم وغين معجمة مع المد. و (جرست نحله) الجرس في الأصل: الصوت الخفي، وإنما أطلق على أكل النحلة لأن لها صوتًا خفيًّا عند أكل الأزهار والأنوار (العرفط) بضم العين على وزن قنفذ الطلح (أن أبادئه) -بالباء الموحدة- من البداية، ويروى بالنون من النداء. (فَرَقًا) -بفتح الفاء والراء- الخوف (والله لقد حَرَمناه) -بتخفيف الراء- من الحرمان أي: جعلناه محرومًا (قلت لها) أي: لسودة، القائل: عائشة (اسكتي) أي: بلغنا ما قصدناه من المراد، قالته من شدة الفرح لما رامت، وقيل: خافت أن يفشو ذلك فيبلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال الشارح المذكور: فإن قلت: كيف جاز لنسائه هذا الاحتيال عليه؟ قلت: كانت هذه صغيرة مكفرة معفوًا عنها هذا كلامه، وأنا أقول: لو كانت المكفرة عنها لم يقل لهما: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4] فإن التوبة إنما تكون من ذنب لم يكن مكفرًا عنه.

9 - باب لا طلاق قبل النكاح

9 - باب لاَ طَلاَقَ قَبْلَ النِّكَاحِ وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً). وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ جَعَلَ اللَّهُ الطَّلاَقَ بَعْدَ النِّكَاحِ وَيُرْوَى فِي ذَلِكَ عَنْ عَلِىٍّ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَأَبِى بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ وَأَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ وَعَلِىِّ بْنِ حُسَيْنٍ وَشُرَيْحٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَالْقَاسِمِ وَسَالِمٍ وَطَاوُسٍ وَالْحَسَنِ وَعِكْرِمَةَ وَعَطَاءٍ وَعَامِرِ بْنِ سَعْدٍ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَنَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَمُجَاهِدٍ وَالْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَمْرِو بْنِ هَرِمٍ وَالشَّعْبِىِّ أَنَّهَا لاَ تَطْلُقُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب لا طلاق قبل النكاح أراد بوضع هذا الباب [الرد] على أبي حنيفة في تجويزه تعليق الطلاق بالنكاح مثل: إن تزوجت فلانة فهي طالق، واستدل على بطلان ذلك بالآية الكريمة: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ} [الأحزاب: 49] فإن ثم يدل على التراضي. ثم نقل عن خمسة وعشرين رجلًا من الصحابة ومن بعدهم أن لا طلاق إلا بعد النكاح، وقد روى أصحاب السنن وغيرهم: "لا طلاق إلا فيما تملك". وإنما لم يروه لأنه لم يكن على شرطه. هذا والمسألة مختلف فيها من الصحابة ومن بعدهم. قال الشافعي وأحمد: تعليق الطلاق بالنكاح لا يجوز استدلالًا بالآية والأحاديث وقال الكوفيون بوقوعه. قالوا: معنى الآية والحديث أن يقول: امرأة فلان طالق، أو بلدة أو قبيلة صح، وإنه كما تقول: عبد فلان حر، وأيضًا نحن نقول: لا طلاق إلا بعد النكاح، ولا دلالة فيه على عدم جواز التعليق. وقال مالك: إن عين امرأة أو بلدة أو قبيلة صح، وإن عمم لا يصح، رواه في "الموطأ" عن ابن مسعود، وقال هذا أحسن ما سمعته في هذا الباب، وعللوه بأنه إذا عمم يسد باب النكاح على نفسه، وقد ندب الله إلى النكاح.

10 - باب إذا قال لامرأته وهو مكره هذه أختى. فلا شئ عليه

10 - باب إِذَا قَالَ لاِمْرَأَتِهِ وَهْوَ مُكْرَهٌ هَذِهِ أُخْتِى. فَلاَ شَىْءَ عَلَيْهِ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِسَارَةَ هَذِهِ أُخْتِى وَذَلِكَ فِي ذَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ». 11 - باب الطَّلاَقِ فِي الإِغْلاَقِ وَالْكُرْهِ وَالسَّكْرَانِ وَالْمَجْنُونِ وَأَمْرِهِمَا، وَالْغَلَطِ وَالنِّسْيَانِ فِي الطَّلاَقِ وَالشِّرْكِ وَغَيْرِهِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى». وَتَلاَ الشَّعْبِىُّ (لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) وَمَا لاَ يَجُوزُ مَنْ إِقْرَارِ الْمُوَسْوِسِ. وَقَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الطلاق في الإغلاق والكره والسكران والمجنون والغلط والنسيان في الطلاق وغيره قال ابن الأثير: الإغلاق الإكراه؛ لأن المكره مغلق عليه الأمر كما يغلق الباب على الإنسان، وإنما عطف البخاري الإكراه على الإغلاق لأنه أراد به الغضب، واستدل الشافعي ومالك على عدم وقوع طلاق المكره بما رواه أبو داود وابن ماجه: "لا طلاق ولا عتاق في إغلاق" ورواه الحاكم في "مستدركه"، وقال: إنه على شرط مسلم، وبما رواه ابن ماجه والحاكم وابن حبان عن ابن عباس: "وضع على أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه". وقال الكوفيون: بطلاق المكره لما روي عن عمر أنه أمضى طلاق المكره، وكذا عن عمر بن عبد العزيز، وقالوا: معنى قوله: "وضع على أمتي الإثم" الذي يتعلق بالآخرة، وعند هؤلاء طلاق الناسي واقع، وأما السكران فأكثر العلماء على وقوع طلاقه لأن سكره لا يرفع عنه الخطاب ألا ترى أنه لو قتل عمدًا اقتص منه، وأما الشك فلا حكم معه لأنه عبارة عن تساوي الطرفين فلا طلاق للشك كذا وقع عند بعضهم، وجميع ما وقفنا عليه لفظ الشرك، وصوب الأول بعض الشراح، والصواب لفظ الشرك فإن غرض البخاري أن الطلاق كالشرك ونحوه مما دونه، فإذا لم يؤاخذ به في ذلك فكذلك الطلاق، فلو كان لفظ الشك لم يبق لنحوه معنى، واستدلال البخاري بقضية حمزة ونحوه بأنه لا يدل على أن السكران لا يؤاخذ، وإلا لم يلمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأما عدم حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليه بالضمان لم يكن لعدم الوجوب، بل لأن عليًّا وحمزة شيء واحد لا يجري بينهما مثل هذه الأمور.

النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِلَّذِى أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ «أَبِكَ جُنُونٌ». وَقَالَ عَلِىٌّ بَقَرَ حَمْزَةُ خَوَاصِرَ شَارِفَىَّ، فَطَفِقَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَلُومُ حَمْزَةَ، فَإِذَا حَمْزَةُ قَدْ ثَمِلَ مُحْمَرَّةٌ عَيْنَاهُ، ثُمَّ قَالَ حَمْزَةُ هَلْ أَنْتُمْ إِلاَّ عَبِيدٌ لأَبِى فَعَرَفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَدْ ثَمِلَ، فَخَرَجَ وَخَرَجْنَا مَعَهُ، وَقَالَ عُثْمَانُ لَيْسَ لِمَجْنُونٍ وَلاَ لِسَكْرَانَ طَلاَقٌ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ طَلاَقُ السَّكْرَانِ وَالْمُسْتَكْرَهِ لَيْسَ بِجَائِزٍ. وَقَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ لاَ يَجُوزُ طَلاَقُ الْمُوَسْوِسِ. وَقَالَ عَطَاءٌ إِذَا بَدَا بِالطَّلاَقِ فَلَهُ شَرْطُهُ. وَقَالَ نَافِعٌ طَلَّقَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ الْبَتَّةَ إِنْ خَرَجَتْ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ إِنْ خَرَجَتْ فَقَدْ بُتَّتْ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ فَلَيْسَ بِشَىْءٍ. وَقَالَ الزُّهْرِىُّ فِيمَنْ قَالَ إِنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا وَكَذَا فَامْرَأَتِى طَالِقٌ ثَلاَثًا يُسْئَلُ عَمَّا قَالَ، وَعَقَدَ عَلَيْهِ قَلْبُهُ، حِينَ حَلَفَ بِتِلْكَ الْيَمِينِ، فَإِنْ سَمَّى أَجَلاً أَرَادَهُ وَعَقَدَ عَلَيْهِ قَلْبُهُ حِينَ حَلَفَ، جُعِلَ ذَلِكَ فِي دِينِهِ وَأَمَانَتِهِ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ إِنْ قَالَ لاَ حَاجَةَ لِى فِيكِ. نِيَّتُهُ، وَطَلاَقُ كُلِّ قَوْمٍ بِلِسَانِهِمْ. وَقَالَ قَتَادَةُ إِذَا قَالَ إِذَا حَمَلْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ. ثَلاَثًا، يَغْشَاهَا عِنْدَ كُلِّ طُهْرٍ مَرَّةً، فَإِنِ اسْتَبَانَ حَمْلُهَا فَقَدْ بَانَتْ. وَقَالَ الْحَسَنُ إِذَا قَالَ الْحَقِى بِأَهْلِكِ. نِيَّتُهُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ الطَّلاَقُ عَنْ وَطَرٍ، وَالْعَتَاقُ مَا أُرِيدَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ. وَقَالَ الزُّهْرِىُّ إِنْ قَالَ مَا أَنْتِ بِامْرَأَتِى. نِيَّتُهُ، وَإِنْ نَوَى طَلاَقًا فَهْوَ مَا نَوَى. وَقَالَ عَلِىٌّ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ الْقَلَمَ رُفِعَ عَنْ ثَلاَثَةٍ عَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ، وَعَنِ الصَّبِىِّ حَتَّى يُدْرِكَ، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ. وَقَالَ عَلِىٌّ وَكُلُّ الطَّلاَقِ جَائِزٌ إِلاَّ طَلاَقَ الْمَعْتُوهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ (وقال عقبة بن عامر: لا يجوز طلاق الموسوس) قال ابن الأثير: الوسوسة حديث النفس الذي لم يبيّنه، وعلى هذا لا خلاف فيه إجماعًا (إذا بدأ بالطلاق فله شرطه) يعني: إذا قال: أنت طالق إذا دخلت الدار لا فرق بين هذا وبين ما إذا أخره. (طلق رجل امرأته البتة) نصب على المصدر من غير لفظ الفعل. قال بعض الشارحين: قال البخاري: قطع الهمزة من البتة بمعزل عن القياس. قلت: اللام فيه للتعريف، وهمزته همزة الوصل بإجماع اللغة، ولا تعلق للنحوي بهذا (بُتَّتْ منه) -بضم الباء الموحدة وتشديد المثناة- من البت وهو: القطع. (قال لامرأته: إذا حملت فأنت طالق ثلاثًا يغشاها في كل طهر مرة) لاحتمال أن يكون حملت على ذلك الوطء (وقال علي: كل طلاق جائر إلا طلاق المعتوه) قال ابن الأثير: العته

5269 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِى مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا، مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَتَكَلَّمْ». قَالَ قَتَادَةُ إِذَا طَلَّقَ فِي نَفْسِهِ فَلَيْسَ بِشَىْءٍ. طرفه 2528 ـــــــــــــــــــــــــــــ نقصان العقل، والمراد به الجنون لما جاء في رواية: "رُفع القلم عن ثلاثة: الصبي والنائم والمعتوه" بدل المجنون. 5269 - (زرارة) بضم الزاي المعجمة (أوفى) بفتح الهمزة (إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم). قال المطرزي: الرواية بنصب أنفسها، إلا أن أهل اللغة يرونه بالرفع. قلت: لا تفاوت في المعنى؛ لأن المحدث هو النفس ألا ترى إلى قولهم: حديث النفس، والكلام النفسي، لكن المغايرة بين الشخص ونفسه اعتبارية، يجوز إسناد الفعل إلى كل منهما. وتحقيق هذا المقام: أن حديث النفس على ثلاثة أقسام: الأول: ما يقع في النفس من غير قصد. الثاني: ما يوقعه الإنسان ويخطره بالبال قصدًا ثم لا يصمم عليه بل يدفعه. والثالث: أن يقصده ويصمم عليه. فالأول لا مؤاخذة عليه في ملة، والثاني من خواص هذه الأمة، والثالث: يؤاخذ به إجماعًا لقوله في المقتول: "إنه في النار، إنه كان حريصًا على قتل صاحبه". فإن قلت: فما وجه قوله: بطريق الحصر ما لم تعمل أو تتكلم؟ قلت: الذي نفي هو إثم ما عزم عليه، والذي يؤاخذ به هو إثم نفس المعزم فيه. مثلًا إذا عزم على الزنى وصمم ثم مات لا يؤاخذ بإثم الزاني، كان كان مؤاخذًا بإثم العزم، هذا تحقيق ما تحير فيه أقوام، والله أعلم.

5270 - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَجُلاً مِنْ أَسْلَمَ أَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ إِنَّهُ قَدْ زَنَى. فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَتَنَحَّى لِشِقِّهِ الَّذِى أَعْرَضَ فَشَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ، فَدَعَاهُ فَقَالَ «هَلْ بِكَ جُنُونٌ هَلْ أُحْصِنْتَ». قَالَ نَعَمْ. فَأَمَرَ بِهِ أَنْ يُرْجَمَ بِالْمُصَلَّى، فَلَمَّا أَذْلَقَتْهُ الْحِجَارَةُ جَمَزَ حَتَّى أُدْرِكَ بِالْحَرَّةِ فَقُتِلَ. أطرافه 5272، 6814، 6816، 6820، 6826، 7168 5271 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ أَتَى رَجُلٌ مِنْ أَسْلَمَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ فِي الْمَسْجِدِ فَنَادَاهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الأَخِرَ قَدْ زَنَى - يَعْنِى ـــــــــــــــــــــــــــــ 5270 - ثم روى حديث ماعز حين اعترف بالزنى، وقد سلف في سورة النور، ونشير إلى بعض مواضعه: (أصبغ) بفتح الهمزة وغين معجمة. (فشهد على نفسه أربع شهادات) أي: أقر أربع مرات، وبه أخذ أبو حنيفة إذا أقر في أربع مجالس، وبه قال أحمد إلا أنه لم يشترط تعدد المجلس، وسائر الأئمة على أنه يكفي إقرار واحد استدلالًا بحديث الغامدية فإنه قال لأنيس: "إن اعترفت فارجمها"، ولم يقيد بأربع مرات مع أنه بصدد البيان، وأما توقفه في ماعز لأمرين: أحدهما: عسى أن يرجع. والثاني: أنه ظنه مجنونًا، ولذلك قال: (أبه جنون). (أذلقته الحجارة) قال ابن الأثير: بذال معجمة ومهملة أي: بلغت منه الجهد، وقيل: أصابته بحدها. (جمز) -بالجيم وزاي معجمة- أي: أسرع.

12 - باب الخلع وكيف الطلاق فيه

نَفْسَهُ - فَأَعْرَضَ عَنْهُ فَتَنَحَّى لِشِقِّ وَجْهِهِ الَّذِى أَعْرَضَ قِبَلَهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الأَخِرَ قَدْ زَنَى فَأَعْرَضَ عَنْهُ فَتَنَحَّى لِشِقِّ وَجْهِهِ الَّذِى أَعْرَضَ قِبَلَهُ فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ فَأَعْرَضَ عَنْهُ فَتَنَحَّى لَهُ الرَّابِعَةَ، فَلَمَّا شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ دَعَاهُ فَقَالَ «هَلْ بِكَ جُنُونٌ». قَالَ لاَ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ». وَكَانَ قَدْ أُحْصِنَ. أطرافه 6815، 6825، 7167 5272 - وَعَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى مَنْ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِىَّ قَالَ كُنْتُ فِيمَنْ رَجَمَهُ فَرَجَمْنَاهُ بِالْمُصَلَّى بِالْمَدِينَةِ، فَلَمَّا أَذْلَقَتْهُ الْحِجَارَةُ جَمَزَ حَتَّى أَدْرَكْنَاهُ بِالْحَرَّةِ، فَرَجَمْنَاهُ حَتَّى مَاتَ. طرفه 5270 12 - باب الْخُلْعِ وَكَيْفَ الطَّلاَقُ فِيهِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا) إِلَى قَوْلِهِ (الظَّالِمُونَ) وَأَجَازَ عُمَرُ الْخُلْعَ دُونَ السُّلْطَانِ، وَأَجَازَ عُثْمَانُ الْخُلْعَ دُونَ عِقَاصِ رَأْسِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الخلع وكيف الطلاق فيه يدل على أن مذهب البخاري أن الخلع طلاق، وعليه الأئمة إلا الإمام أحمد فإنه قال: إذا وقع بلفظ الخلع والفسخ أو المفاداة ولا ينوي به الطلاق يكون فسخًا، وهو رواية عن الشافعي، وفائدته أنه لا ينقص به عدد الطلاق. (وأجاز عمر الخلع دون السلطان) أي: لا يحتاج فيه إلى القاضي (وأجاز عثمان الخلع دون عقاص رأسها) -بكسر العين- جمع عقيصة وهي ضفيرة شعر الرأس. قال بعض الشارحين: معناه أنه أجاز الخلع بشيء قليل، وهذا غلط بل أراد أنه يجوز بكل ما معها من المال، وإنما ذكر العقاص مبالغة، ويؤيد ما ذكرنا رواية ابن أبي يحيى: يجوز أن يأخذ منها حتى عقاصها. وأراد البخاري بهذا الردّ على من لم يجوز أخذ الزائد على ما أعطاها كما ذهب إليه أحمد وابن راهويه، وهذا هو الظاهر من قوله تعالى:

وَقَالَ طَاوُسٌ (إِلاَّ أَنْ يَخَافَا أَنْ لاَ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ) فِيمَا افْتَرَضَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ فِي الْعِشْرَةِ وَالصُّحْبَةِ، وَلَمْ يَقُلْ قَوْلَ السُّفَهَاءِ لاَ يَحِلُّ. حَتَّى تَقُولَ لاَ أَغْتَسِلُ لَكَ مِنْ جَنَابَةٍ. 5273 - حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ جَمِيلٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِىُّ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أَتَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229] فإن لفظ ما يشمل كل شيء، وقد بسطنا الكلام عليه في تفسيرنا "غاية الأماني". (ولم يقل قول السفهاء لا يحل حتى تقول: لا أغتسل لك من جنابة) هذا كلام البخاري يمدح به طاوس في تفسير قوله: {وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} [البقرة: 229] في كل ما افترضه الله من حقوق العشرة، وهذا الذي قاله البخاري رواه ابن جريج عن أبي طاوس، فيجوز أن يكون اختصر البخاري، أو وافقه بكلام من عنده، وقد قال بعض الناس: إنما يحل أخذه إذا قالت المرأة: لا أغتسل لك من الجنابة إما حقيقة أو كناية عن عدم التمكين من الوطء فجعل البخاري هذه مقالة السفهاء، إذ لا دلالة في الآية على هذا القيد فإن حدود الله أعم كما قاله طاوس. وأنا أقول: يجوز هذا كلام طاوس بعدما بين حدود الله، قال: لم يقل الزوج: لا يحل لي الخلع إلا إذا قالت المرأة: لا أغتسل لك كما يعتقده بعض السفهاء. وقال بعض الشارحين معناه: لم يقل الله: {وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا} [البقرة: 229] إلا أن تقول المرأة: لا أغتسل لك، حينئذٍ تكون ناشزة فيحل الأخذ منها. هذا كلامه، وهو منكر؛ إذ محصله أن الله لم يقل مقالة السفهاء، وأي سليم الذوق يختار هذا في شرح كلامه تعالى، على أن آخر كلامه فيه خبط؛ لأن ابن طاوس إنما جعله من كلام السفهاء لعدم انحصار السبب فيه كما دل عليه صريح عبارته، وهذا الكلام الذي رد طاوس، يروى عن الحسن وغيره، وجهه شيخنا بأنه أراد بذلك مثال الغضبان لا يحصر فيه لفظه حتى يأبى هذا التوجيه. 5273 - (أزهر) بفتح الهمزة وزاي معجمة (أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي - صلى الله عليه وسلم -) امرأته جميلة بنت أبي بن سلول أخت عبد الله المنافق، هو الصواب، به جزم ابن عبد البر والنووي، وقيل: بنت عبد الله. قال ابن عبد البر: هذه رواية البصريين، وأهل المدينة يقولون: إن المختلفة حبيبة بنت سهيل. قال شيخنا: يجب القول بتعدد القضية لاشتهار الخبرين. قال: وقضية حبيبة متقدمة.

ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ مَا أَعْتُبُ عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَلاَ دِينٍ، وَلَكِنِّى أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الإِسْلاَمِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ». قَالَتْ نَعَمْ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اقْبَلِ الْحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً». أطرافه 5274، 5275، 5276، 5277 5274 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْوَاسِطِىُّ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ أُخْتَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَىٍّ بِهَذَا، وَقَالَ «تَرُدِّينَ حَدِيقَتَهُ». قَالَتْ نَعَمْ. فَرَدَّتْهَا وَأَمَرَهُ يُطَلِّقْهَا. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ خَالِدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَطَلِّقْهَا. طرفه 5273 5275 - وَعَنِ ابْنِ أَبِى تَمِيمَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ جَاءَتِ امْرَأَةُ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى لاَ أَعْتُبُ عَلَى ثَابِتٍ فِي دِينٍ وَلاَ خُلُقٍ، وَلَكِنِّى لاَ أُطِيقُهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «فَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ». قَالَتْ نَعَمْ. طرفه 5273 5276 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ الْمُخَرِّمِىُّ حَدَّثَنَا قُرَادٌ أَبُو نُوح: ـــــــــــــــــــــــــــــ (أكره الكفر في الإسلام) أي: كفران العشير من النشوز وعدم طاعة الزوج، وقيل: خافت إن لم تفارقه يجره بغضها إلى الكفر الحقيقي ليقع الفراق بواسطة كفرها، وقد جاء في رواية: رفعت جانب الخباء فرأيته مقبلًا في عدة من الرجال فإذا هو أشدهم سوادًا، وأقصرهم قامة، وأقبحهم وجهًا. (تردين عليه حديقته) أي: بدل الخلع، والحديقة: بستان عليه حائط محبط به. 5275 - (عن خالد الحذاء) بفتح الحاء وتشديد الذال المحجمة، وخالد الأول هو ابن عبد الله الطحان. 5276 - (المخرمي) قال الغساني: بضم الميم الأولى وفتح الخاء وكسر الراء المشددة، نسبة إلى محلة من محال بغداد، منهم محمد بن عبد الله بن المبارك هذا الراوي (قراد بن نوح) بضم القاف وتخفيف الراء، وفي الحديث دلالة على جواز الخلع في الحيض لأنه بصدد البيان ولم يقيد، وفيه دلالة على جواز الخلع بلفظ الطلاق لأنه قال: وأمره أن يطلقها.

13 - باب الشقاق وهل يشير بالخلع عند الضرورة

حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما قَالَ جَاءَتِ امْرَأَةُ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَنْقِمُ عَلَى ثَابِتٍ فِي دِينٍ وَلاَ خُلُقٍ، إِلاَّ أَنِّى أَخَافُ الْكُفْرَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «فَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ». فَقَالَتْ نَعَمْ. فَرَدَّتْ عَلَيْهِ، وَأَمَرَهُ فَفَارَقَهَا. طرفه 5273 5277 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ جَمِيلَةَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. طرفه 5273 13 - باب الشِّقَاقِ وَهَلْ يُشِيرُ بِالْخُلْعِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ) إِلَى قَوْلِهِ (خَبِيرًا). 5278 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّ بَنِى الْمُغِيرَةِ اسْتَأْذَنُوا فِي أَنْ يَنْكِحَ عَلِىٌّ ابْنَتَهُمْ، فَلاَ آذَنُ». طرفه 926 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الشقاق وهل يشير بالخلع عند الضرورة استدل على جواز الإشارة بالخلع بالآية الكريمة وهي قوله تعالى {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا} [النساء: 35] وسياق الآية دل على أن الأمر في الوفاق والفراق مفوض إليهما. 5278 - (ابن أبي مليكة) بضم الميم، مصغر، (المسور بن مخرمة) بكسر الميم في الأول وفتحه في الثاني (إن بني المغيرة استأذنوا في أن ينكح علي ابنتهم فلا آذن). فإن قلت: أين في هذا الحديث الدلالة على جواز الإشارة بالخلع؟ قلت: هذا على دأبة كما أشرت إليه في الاستدلال بالخفي، وقد روى في مواضع تمام الحديث وهو قوله: "إلا أن يريد علي طلاق ابنتي"، والطلاق عندي الشقاق يشمل الخلع لأنه نوع من الطلاق. قال بعض الشارحين: فإن قلت: ما وجه تعلقه بالترجمة؟ قلت: فاطمة لم ترض بزواج علي فكان الشقاق متوقعًا فدفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقوعه، وليس بشيء؛ لأن الترجمة؛ الإشارة

14 - باب لا يكون بيع الأمة طلاقا

14 - باب لاَ يَكُونُ بَيْعُ الأَمَةِ طَلاَقًا 5279 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ كَانَ فِي بَرِيرَةَ ثَلاَثُ سُنَنٍ، إِحْدَى السُّنَنِ أَنَّهَا أُعْتِقَتْ، فَخُيِّرَتْ فِي زَوْجِهَا. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». وَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالْبُرْمَةُ تَفُورُ بِلَحْمٍ، فَقُرِّبَ إِلَيْهِ خُبْزٌ وَأُدْمٌ مِنْ أُدْمِ الْبَيْتِ فَقَالَ «أَلَمْ أَرَ الْبُرْمَةَ فِيهَا لَحْمٌ». قَالُوا بَلَى، وَلَكِنْ ذَلِكَ لَحْمٌ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ، وَأَنْتَ لاَ تَأْكُلُ الصَّدَقَةَ. قَالَ «عَلَيْهَا صَدَقَةٌ، وَلَنَا هَدِيَّةٌ». طرفه 456 15 - باب خِيَارِ الأَمَةِ تَحْتَ الْعَبْدِ 5280 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ وَهَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ رَأَيْتُهُ عَبْدًا يَعْنِى زَوْجَ بَرِيرَةَ. أطرافه 5281، 5282، 5283 ـــــــــــــــــــــــــــــ بالخلع عند الضرورة فأدفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الشقاق المتوقع، فأين الخلع؟! وأين الإشارة إليه من الحاكم؟! باب لا يكون بيع الأمة طلاقًا 5279 - روى في الباب حديث بريرة، وقد مر مرارًا، وموضع الدلالة أن عتقها لم يقطع النكاح، فالبيع من باب الأولى كذا قيل، والأولى أن يكون على ظاهره إشارة إلى أن عائشة لما اشترتها كانت ذات زوج، ولم يبطل بذلك النكاح، وقال: يكون البيع طلاقًا، أبي بن كعب وابن عباس وبعض التابعين (من أُدم) -بضم الهمزة وكسرها- قال ابن الأثير: هو ما يؤكل به الخبز أيّ شيء كان، وكذا الإدمام بكسر الهمزة. باب خيار الأمة تحت العبد 5280 - (همام) بفتح الهاء وتشديد الميم.

16 - باب شفاعة النبى - صلى الله عليه وسلم - فى زوج بريرة

5281 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ ذَاكَ مُغِيثٌ عَبْدُ بَنِى فُلاَنٍ - يَعْنِى زَوْجَ بَرِيرَةَ - كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَتْبَعُهَا فِي سِكَكِ الْمَدِينَةِ، يَبْكِى عَلَيْهَا. طرفه 5280 5282 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ زَوْجُ بَرِيرَةَ عَبْدًا أَسْوَدَ يُقَالُ لَهُ مُغِيثٌ، عَبْدًا لِبَنِى فُلاَنٍ، كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَطُوفُ وَرَاءَهَا فِي سِكَكِ الْمَدِينَةِ. طرفه 5280 16 - باب شَفَاعَةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي زَوْجِ بَرِيرَةَ 5283 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ 5281 - (حمّاد) بفتح الحاء وتشديد الميم (وهيب) بضم الواو، مصغر (مغيث) اسم الفاعل من أغاث بثاء مثلثة. 5282 - (عبدًا لبني فلان) قال ابن عبد البر: كان عبدًا لبني مطيع، وقيل: لبني مخزوم. رواه الترمذي، وعند أبي داود عبد لآل أبي أحمد، ووجه الجمع انتقاله من واحدٍ إلى واحد، ثم الإجماع على أن زوج الأمة إذا كان عبدًا، لها الخيار بعد العتق، وأما إذا كان حرًّا فكذا عند الكوفيين لما في رواية مسلم: أن زوجها كان حرًّا. فإن قلت: ليس في الحديث أنها خيرت قلت: قوله: (يطوف وراءها في سكك المدينة) دل على ذلك، إذ لا وجه للبكاء سوى ذلك، على أنه جاء في سائر الروايات الصريحة كما في الباب قبله (أعتقت فخيرت) وفي الباب بعده قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لو راجعته" صريح في ذلك، وكذا في الباب الثاني: (فخيرت من زوجها). وفي هذه الأحاديث دلالة على أن للحاكم أن يشفع لأحد الخصمين ولا ضير فيه. 5283 - (محمد) كذا وقع، ويجوز أن يكون ابن سلام، وأن يكون ابن بشار وابن

17 - باب

عَبَّاسٍ أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا يُقَالُ لَهُ مُغِيثٌ كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَطُوفُ خَلْفَهَا يَبْكِى، وَدُمُوعُهُ تَسِيلُ عَلَى لِحْيَتِهِ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِعَبَّاسٍ «يَا عَبَّاسُ أَلاَ تَعْجَبُ مِنْ حُبِّ مُغِيثٍ بَرِيرَةَ، وَمِنْ بُغْضِ بَرِيرَةَ مُغِيثًا». فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ رَاجَعْتِهِ». قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَأْمُرُنِى قَالَ «إِنَّمَا أَنَا أَشْفَعُ». قَالَتْ لاَ حَاجَةَ لِى فِيهِ. طرفه 5280 17 - بابٌ 5284 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ أَنَّ عَائِشَةَ أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِىَ بَرِيرَةَ، فَأَبَى مَوَالِيهَا إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطُوا الْوَلاَءَ، فَذَكَرَتْ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «اشْتَرِيهَا وَأَعْتِقِيهَا، فَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». وَأُتِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِلَحْمٍ فَقِيلَ إِنَّ هَذَا مَا تُصُدِّقَ عَلَى بَرِيرَةَ، فَقَالَ «هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ، وَلَنَا هَدِيَّةٌ». طرفه 456 حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ وَزَادَ فَخُيِّرَتْ مِنْ زَوْجِهَا. 18 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَلاَ تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ) 5285 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا سُئِلَ عَنْ نِكَاحِ النَّصْرَانِيَّةِ وَالْيَهُودِيَّةِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْمُشْرِكَاتِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، وَلاَ أَعْلَمُ مِنَ الإِشْرَاكِ شَيْئًا أَكْبَرَ مِنْ أَنْ تَقُولَ الْمَرْأَةُ رَبُّهَا عِيسَى، وَهْوَ عَبْدٌ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المثنى وابن خلاد كلهم يروي عن عبد الوهاب. باب قول الله: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ} [البقرة: 221] 5284 - 5285 (قتيبة) بضم القاف مصغر قتب، استدل ابن عمر على عدم جواز نكاح الكتابية بالآية الكريمة، فإن من قالت: عيسى ربها، فلا إشراك فوقه، وهذا الذي قاله مع كونه مقالة طائفة من النصاري قام الإجماع على خلافه لقوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: 5]، والظاهر أن ابن عمر أن ابن بذلك الكراهة كما روى ذلك عن أبيه عمر، أو كان يخص ذلك بمن ادعى الألوهية في عيسى.

19 - باب نكاح من أسلم من المشركات وعدتهن

19 - باب نِكَاحِ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ الْمُشْرِكَاتِ وَعِدَّتِهِنَّ 5286 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَقَالَ عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَانَ الْمُشْرِكُونَ عَلَى مَنْزِلَتَيْنِ مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَالْمُؤْمِنِينَ، كَانُوا مُشْرِكِى أَهْلِ حَرْبٍ يُقَاتِلُهُمْ وَيُقَاتِلُونَهُ، وَمُشْرِكِى أَهْلِ عَهْدٍ لاَ يُقَاتِلُهُمْ وَلاَ يُقَاتِلُونَهُ، وَكَانَ إِذَا هَاجَرَتِ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ لَمْ تُخْطَبْ حَتَّى تَحِيضَ وَتَطْهُرَ، فَإِذَا طَهُرَتْ حَلَّ لَهَا النِّكَاحُ، فَإِنْ هَاجَرَ زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ تَنْكِحَ رُدَّتْ إِلَيْهِ، وَإِنْ هَاجَرَ عَبْدٌ مِنْهُمْ أَوْ أَمَةٌ فَهُمَا حُرَّانِ وَلَهُمَا مَا لِلْمُهَاجِرِينَ. ثُمَّ ذَكَرَ مِنْ أَهْلِ الْعَهْدِ مِثْلَ حَدِيثِ مُجَاهِدٍ وَإِنْ هَاجَرَ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ لِلْمُشْرِكِينَ أَهْلِ الْعَهْدِ لَمْ يُرَدُّوا، وَرُدَّتْ أَثْمَانُهُمْ. 5287 - وَقَالَ عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَانَتْ قَرِيبَةُ بِنْتُ أَبِى أُمَيَّةَ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَطَلَّقَهَا، فَتَزَوَّجَهَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِى سُفْيَانَ، وَكَانَتْ أُمُّ الْحَكَمِ ابْنَةُ أَبِى سُفْيَانَ تَحْتَ عِيَاضِ بْنِ غَنْمٍ الْفِهْرِىِّ فَطَلَّقَهَا، فَتَزَوَّجَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ الثَّقَفِىُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب نكاح من أسلم من المشركات 5286 - (ابن جريج) بضم الجيم، مصغر (عن عطاء). (إذا هاجرت امرأة من أهل الحرب لم تخطب حتى تحيض ثم تطهر) هذا دليل أبي حنيفة من أن المشركة إذا خرجت من دار الحرب مسلمة لا عدة عليها إلا الاستبراء بحيض، وقال الشافعي ومالك وغيرهما: لا بد من العدة، والذي رواه في الباب هو مذهب ابن عباس وحجة الجمهور: أن هذه مسلمة فلما حكم المسلمات، وما ذهب إليه ابن عباس خاص بالمسبيات (فإن هاجر زوجها قبل أن تنكح ردت إليه) كان قبل انقضاء العده بالنكاح الأول إجماعًا، وكذا بعد انفضاء العدمة عند ابن عباس ولذلك أطلق القول فيه. واستدل على ذلك أيضًا بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رد إلى أبي العاص ابنته بعد ست سنين وقال الشافعي إنما ردها بنكاح جديد. (قُريبة) بضم القاف، مصغر، (بنت أبي أمية) أخت أم سلمة، وهذه قريبة الصغرى، ولأم سلمة أخت أخرى قريبة الكبرى أسلمت قبل (وأم الحكم) -بفتح الحاء والكاف- أخت معاوية، أسلمت مع أبيها وأخيها يوم الفتح.

20 - باب إذا أسلمت المشركة أو النصرانية تحت الذمى أو الحربى

20 - باب إِذَا أَسْلَمَتِ الْمُشْرِكَةُ أَوِ النَّصْرَانِيَّةُ تَحْتَ الذِّمِّىِّ أَوِ الْحَرْبِىِّ وَقَالَ عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ خَالِدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِذَا أَسْلَمَتِ النَّصْرَانِيَّةُ قَبْلَ زَوْجِهَا بِسَاعَةٍ حَرُمَتْ عَلَيْهِ. وَقَالَ دَاوُدُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الصَّائِغِ سُئِلَ عَطَاءٌ عَنِ امْرَأَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعَهْدِ أَسْلَمَتْ ثُمَّ أَسْلَمَ زَوْجُهَا فِي الْعِدَّةِ أَهِىَ امْرَأَتُهُ قَالَ لاَ، إِلاَّ أَنْ تَشَاءَ هِىَ بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ وَصَدَاقٍ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ إِذَا أَسْلَمَ فِي الْعِدَّةِ يَتَزَوَّجُهَا. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى (لاَ هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ). وَقَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ فِي مَجُوسِيَّيْنِ أَسْلَمَا هُمَا عَلَى نِكَاحِهِمَا، وَإِذَا سَبَقَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ وَأَبَى الآخَرُ بَانَتْ، لاَ سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهَا. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ قُلْتُ لِعَطَاءٍ امْرَأَةٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ جَاءَتْ إِلَى الْمُسْلِمِينَ أَيُعَاوَضُ زَوْجُهَا مِنْهَا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى (وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا) قَالَ لاَ إِنَّمَا كَانَ ذَاكَ بَيْنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَبَيْنَ أَهْلِ الْعَهْدِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ هَذَا كُلُّهُ فِي صُلْحٍ بَيْنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَبَيْنَ قُرَيْشٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إذا أسلمت المشركة أو النصرانية تحت الذمي قال ابن عباس: (إذا أسلمت المرأة قبل زوجها بساعة حرمت عليه) هذا مذهب طائفة، وبه قال الكوفيون إذا عرض على المرأة الإسلام بعد إسلام الزوج، أو بالعكس إذا أسلمت فإن أبى كل منهما وتخلف وقعت البينونة في الحال، وقال الشافعي وسائر الأئمة: إن اجتمعا في الإسلام في العدة استمر النكاح، وإلا وقعت الفرقة، وهذا الحكم عام في كل كتابية، وكان خص النصرانية في الترجمة لوقوعها في عبارة ابن عباس. (قلت لعطاء: امرأة من المشركين جاءت إلى المسلمين أتعاوض زوجها) أي: تعطي زوجها عوض ما أنفق. (فقال: لا) لأن قوله تعالى: {فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا} [الممتحنة: 11]) كان ذاك في العهد بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين المشركين. ({إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ} [الممتحنة: 10]). الامتحان: الاختبار. قال ابن الأثير: من محنت الذهب إذا خلصته، وكذا هنا فإن هذا الشرط يظهر ما في نفسها، والحديث سلف في سورة الممتحنة، وبسطنا الكلام على الآية الكريمة في تفسيرنا "غاية الأماني".

21 - باب قول الله تعالى (للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر) إلى قوله (سميع عليم) (فإن فاءوا) رجعوا

5288 - حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِى يُونُسُ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ كَانَتِ الْمُؤْمِنَاتُ إِذَا هَاجَرْنَ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَمْتَحِنُهُنَّ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ) إِلَى آخِرِ الآيَةِ قَالَتْ عَائِشَةُ فَمَنْ أَقَرَّ بِهَذَا الشَّرْطِ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ فَقَدْ أَقَرَّ بِالْمِحْنَةِ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَقْرَرْنَ بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِنَّ قَالَ لَهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «انْطَلِقْنَ فَقَدْ بَايَعْتُكُنَّ»، لاَ وَاللَّهِ مَا مَسَّتْ يَدُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ، غَيْرَ أَنَّهُ بَايَعَهُنَّ بِالْكَلاَمِ، وَاللَّهِ مَا أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى النِّسَاءِ إِلاَّ بِمَا أَمَرَهُ اللَّهُ يَقُولُ لَهُنَّ إِذَا أَخَذَ عَلَيْهِنَّ «قَدْ بَايَعْتُكُنَّ». كَلاَمًا. طرفه 2713 21 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) إِلَى قَوْلِهِ (سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (فَإِنْ فَاءُوا) رَجَعُوا 5289 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِى أُوَيْسٍ عَنْ أَخِيهِ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ آلَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ نِسَائِهِ، وَكَانَتِ انْفَكَّتْ رِجْلُهُ فَأَقَامَ فِي مَشْرُبَةٍ لَهُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ، ثُمَّ نَزَلَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ آلَيْتَ شَهْرًا. فَقَالَ «الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ». طرفه 378 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [البقرة: 226] 5288 - الإيلاء من الألية لغة: الحلف، وشرعًا عند الفقهاء: الحلف عن وطء منكوحته فوق أربعة أشهر اتفاقًا، وأربعة أشهر عند أبي حنيفة، وأما ما رواه أنس من أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آلى من نسائه شهرًا فليس من الإيلاء المصطلح. 5289 - (أُويس) بضم الهمزة، مصغر، وكذا (حميد).

22 - باب حكم المفقود فى أهله وماله

5290، 5291 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضى الله عنهما كَانَ يَقُولُ فِي الإِيلاَءِ الَّذِى سَمَّى اللَّهُ لاَ يَحِلُّ لأَحَدٍ بَعْدَ الأَجَلِ إِلاَّ أَنْ يُمْسِكَ بِالْمَعْرُوفِ، أَوْ يَعْزِمَ بِالطَّلاَقِ، كَمَا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ. وَقَالَ لِى إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ إِذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ يُوقَفُ حَتَّى يُطَلِّقَ، وَلاَ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلاَقُ حَتَّى يُطَلِّقَ. وَيُذْكَرُ ذَلِكَ عَنْ عُثْمَانَ وَعَلِىٍّ وَأَبِى الدَّرْدَاءِ وَعَائِشَةَ وَاثْنَىْ عَشَرَ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 22 - باب حُكْمِ الْمَفْقُودِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ إِذَا فُقِدَ فِي الصَّفِّ عِنْدَ الْقِتَالِ تَرَبَّصُ امْرَأَتُهُ سَنَةً. وَاشْتَرَى ابْنُ مَسْعُودٍ جَارِيَةً وَالْتَمَسَ صَاحِبَهَا سَنَةً فَلَمْ يَجِدْهُ وَفُقِدَ، فَأَخَذَ يُعْطِى الدِّرْهَمَ وَالدِّرْهَمَيْنِ وَقَالَ اللَّهُمَّ عَنْ فُلاَنٍ وَعَلَىَّ. وَقَالَ هَكَذَا فَافْعَلُوا بِاللُّقَطَةِ. وَقَالَ الزُّهْرِىُّ فِي الأَسِيرِ يُعْلَمُ مَكَانُهُ لاَ تَتَزَوَّجُ امْرَأَتُهُ، وَلاَ يُقْسَمُ مَالُهُ فَإِذَا انْقَطَعَ خَبَرُهُ فَسُنَّتُهُ سُنَّةُ الْمَفْقُودِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 5291 - (إذا مضت أربعة أشهر يُوقف حتى يُطلِّق) هذا الذي رواه عن ابن عمر إليه ذهب الشافعي وأحمد، وقال مالك والكوفيون: إذا مضت المدة فهي مطلقة له الرجعة، وإن فاء قبل الطلاق كفر عن يمينه وما ذهب إليه الكوفيون ومالك يروى عن ابن مسعود وعلي وزيد بن ثابت، إلا أن ظاهر الآية مع الشافعي ومن وافقه، لأن قوله: {فَإِنْ فَاءُوا} [البقرة: 226] مرتب على مضي المدة، فلو بانت بانقضاء المدة لم يبق لفاء معنى، ويؤيده الإجماع على أن اليمين الذي لا ينوي به الطلاق لا يكون طلاقًا. هذا إذا لم يكن به عذر، ومن كان به عذر فالقول والوعد كاف، ولا فرق بين الحر والعبد عند الشافعي وأحمد لعموم لفظ الآية، وقال أبو حنيفة: مدار الحكم الزوجة إذا كانت حرة أربعة أشهر، وإن كانت أمة فشهران، وقال مالك: مدة الإيلاء للعبد شهران ذكره في "الموطأ". باب حكم المفقود في أهله وماله اختلف العلماء في مال المفقود وامرأته. قال أبو حنيفة والشافعي: لا يجوز التصرف فيهما إلا بعد العلم بموته، أو يغلب على الظن بموت أقرانه. وقال أحمد وآخرون: يتربص به أربع سنين ثم يقسم ماله وتعتد زوجته عدة الوفاة. وهذا مروي عن علي وعثمان وابن

5292 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ عَنْ ضَالَّةِ الْغَنَمِ فَقَالَ «خُذْهَا، فَإِنَّمَا هِىَ لَكَ أَوْ لأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ». وَسُئِلَ عَنْ ضَالَّةِ الإِبِلِ، فَغَضِبَ وَاحْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ، وَقَالَ «مَا لَكَ وَلَهَا، مَعَهَا الْحِذَاءُ وَالسِّقَاءُ، تَشْرَبُ الْمَاءَ، وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ، حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا». وَسُئِلَ عَنِ اللُّقَطَةِ فَقَالَ «اعْرِفْ وِكَاءَهَا وَعِفَاصَهَا، وَعَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ مَنْ يَعْرِفُهَا، وَإِلاَّ فَاخْلِطْهَا بِمَالِكَ». قَالَ سُفْيَانُ فَلَقِيتُ رَبِيعَةَ بْنَ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ - قَالَ سُفْيَانُ وَلَمْ أَحْفَظْ عَنْهُ شَيْئًا غَيْرَ هَذَا - فَقُلْتُ أَرَأَيْتَ حَدِيثَ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ فِي أَمْرِ الضَّالَّةِ، هُوَ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ نَعَمْ. قَالَ يَحْيَى وَيَقُولُ رَبِيعَةُ عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ. قَالَ سُفْيَانُ فَلَقِيتُ رَبِيعَةَ فَقُلْتُ لَهُ. طرفه 91 ـــــــــــــــــــــــــــــ عباس وعمر، هذا إذا كان ظاهر الهلاك لمن فقد في مفازة أو بين الصفين في الحرب، وأما الغائب في التجارة ونحوها ينتظر تمام تسعير، سنة، وقال مالك: إن فقد في الحرب يؤجل سنة، وفي غير الحرب ينتظر موت أقرانه. 5292 - (يزيد مولى المنبعث) -بفتح الباء وكسر العين- تابعي، والحديث عنه مرسل إلا أنه في آخر الباب بينه بالرواية عن زيد بن خالد الجهمي وهو صحابي (قال سفيان: ولقيت ربيعة فقلت له) ربيعة هذا شيخ مالك بن أنس. فإن قلت: قد تقدم أن سفيان قال: لم أحفظ من ربيعة إلا هذا الحديث فما وجه قوله: لقيت ربيعة فقلت له؟ قلت: يروي الحديث عن ربيعة ويحيى بن سعيد شيخ سفيان يروي عنه أيضًا، فلما سمع هذا منه ثم سمع يحيى يرويه عن ربيعة فلما رأى ربيعة فقال له: إن يحيى روى عنك هذ الحديث، وفيه تقوية روايته. فإن قلت: إيراد حديث اللقطة أي وجه له في باب المفقود؟ قلت: وجه ذلك أن التصرف في اللقطة جائر فيما يخاف عليه [الفساد] فلا يجوز التصرف فيه ما لم يعلم الفساد، وما لا يخاف عليه فلا، وكذا ما يتعلق بالمفقود وامرأته ما لا يخاف عليه فلا يجوز التصرف فيه ما لم يعلم موته. (حذاؤها) -بكسر الحاء وذال معجمة- خف البعير (وسقاؤها) ظرف الماء. كناية عن صبرها على العطش زمانًا مديدًا (فإن جاء من يعرفها وإلا فاخلطها بمالك) واستدل أهل الظاهر بأنه لا يضمن إذا جاء صاحبها بعد التعريف.

23 - باب {الظهار} وقول الله تعالى (قد سمع الله قول التى تجادلك فى زوجها) إلى قوله (فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا)

23 - باب {الظِّهَارِ} وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِى تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا) إِلَى قَوْلِهِ (فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا) وَقَالَ لِى إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَنْ ظِهَارِ الْعَبْدِ فَقَالَ نَحْوَ ظِهَارِ الْحُرِّ. قَالَ مَالِكٌ وَصِيَامُ الْعَبْدِ شَهْرَانِ. وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ الْحُرِّ ظِهَارُ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ مِنَ الْحُرَّةِ وَالأَمَةِ سَوَاءٌ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ إِنْ ظَاهَرَ مِنْ أَمَتِهِ فَلَيْسَ بِشَىْءٍ إِنَّمَا الظِّهَارُ مِنَ النِّسَاءِ، وَفِى الْعَرَبِيَّةِ لِمَا قَالُوا أَىْ فِيمَا قَالُوا، وَفِى بَعْضِ مَا قَالُوا، وَهَذَا ـــــــــــــــــــــــــــــ باب في الظهار الظهار مأخوذ من الظهر، وكان طلاقًا في الجاهلية، كنوا عن الجماع بالبطن، ثم كنوا عن البطن بالظهر. قاله ابن الأثير، وقيل: كان وطء المرأة وظهرها إلى السماء محرمًا عندهم فلما قصدوا المبالغة في تحريم المطلقة عبروا عن ذلك بذكر ما يدل على تغليظ الحرمة. واستدل على مشروعية الظهار وحكمه بالآية الكريمة: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} [المجادلة:1] نزلت في خولة بنت خويلد، وقيل: بنت ثعلبة. قال ابن عبد البر: وقيل: اسمها جميلة، وقيل: خويلة بنت دليح بضم الدال المهملة آخره حاء كذلك. قال: وابنة ثعلبة أصح، وزوجها أويس بن الصامت، ولم يروِ في الباب حديثًا، وقد رواه مسلم والحاكم وكأنه لم يكن على شرطه. والظهار شرعًا: تشبيه المرأة بظهر الأم أو أحد المحارم أو تشبيه بعضو آخر، والمحل الزوجة عند الجمهور. وقال مالك والثوري: الأمة كالحرة ذكره في به "الموطأ". فإن قلت: ما العود الذي أشير إليه بقوله: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المجادلة: 3] قلت: عند مالك: العزم على الوطء، وعند أبي حنيفة العزم على الإمساك، وعلى القولين لا يجوز الوطء إلا بعد الكفارة وقال الشافعي: إذا ظاهر ثم أمسكها مقدار ما يمكنه أن يطلقها فيه فقد حصل العود عند الإمام أحمد، والعبد كالحر إلا أنه لا كفارة عليه إلا الصوم. وقال مالك: لو أطعم أو أعتق بإذن مولاه صح، والإعتاق يجب أن تكون قنة سالمة عن العيوب، إلا أن الشافعي يحمل الرقبة على المؤمنة كما هو مذهبه في حمل المطلق على المقيد. (الحسن بن الحر) ضد العبد، ليس له ذكر في البخاري إلا في هذا الموضع. وفي رواية أبي ذر: حي ضد الميت بدل الحر (وفي العربية: {لِمَا قَالُوا} في نقض ما قالوا وهذا

24 - باب الإشارة فى الطلاق والأمور

أَوْلَى، لأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَدُلَّ عَلَى الْمُنْكَرِ وَقَوْلِ الزُّورِ. 24 - باب الإِشَارَةِ فِي الطَّلاَقِ وَالأُمُورِ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يُعَذِّبُ اللَّهُ بِدَمْعِ الْعَيْنِ وَلَكِنْ يُعَذِّبُ بِهَذَا». فَأَشَارَ إِلَى لِسَانِهِ. وَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ أَشَارَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَىَّ أَىْ خُذِ النِّصْفَ. وَقَالَتْ أَسْمَاءُ صَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْكُسُوفِ، فَقُلْتُ لِعَائِشَةَ مَا شَأْنُ النَّاسِ وَهْىَ تُصَلِّى، فَأَوْمَأَتْ بِرَأْسِهَا إِلَى الشَّمْسِ، فَقُلْتُ آيَةٌ فَأَوْمَأَتْ بِرَأْسِهَا أَنْ نَعَمْ. وَقَالَ أَنَسٌ أَوْمَأَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ـــــــــــــــــــــــــــــ أولى؛ لأن الله لم يدل على المنكر وقول الزور) يشير إلى فساد ما ذهب إليه أهل الظاهر من أن معنى قوله تعالى: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} [المجادلة: 3] معناه: أن يتكلم بالظهار مرة أخرى، فأشار إلى أن اللام في قوله: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} بمعنى في. أي: يعودون في نقض ما قالوا، إذ لو كان كما يقول أهل الظاهر لزم أن يكون الله دلهم على زور القول مرة بعد أخرى. فإن قلت: ما للفصل عليه في قوله، وهذا أولى. قلت: قيل: أي مما ذهب إليه أهل الظاهر، وفيه نظر فإنه أبطله بقوله: ولأن الله لم يدل على المنكر. والظاهر أنه أشار إلى ما نقل عن الأخفش من تقدير محذوف أي: عليهم لما قالوا. باب الإشارة في الطلاق أراد بما نقله من الآثار، وما رواه من الأحاديث الإشارة إلى أن الإشارة معتبرة شرعًا، وهذا في الأخرس إجماع، وقيده أبو حنيفة بما إذا كانت إشارته تعرف في الطلاق والنكاح والبيع. وهذا استحسان لا قياس. ثم إن تعليق ابن عمر- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (إن الله لا يعذب بدمع العين، ولكن يعذب بهذا وأشار إلى لسانه) -تقدم مسندًا في أبواب الجنائز، وتعليق كعب- (أشار النبي - صلى الله عليه وسلم - خذ النصف) - تقدم مسندًا في أبواب الخصومة، وتعليق أسماء في إشارة عائشة إلى السماء في أبواب الكسوف، وتعليق أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

بِيَدِهِ إِلَى أَبِى بَكْرٍ أَنْ يَتَقَدَّمَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَوْمَأَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِهِ لاَ حَرَجَ. وَقَالَ أَبُو قَتَادَةَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي الصَّيْدِ لِلْمُحْرِمِ «آحَدٌ مِنْكُمْ أَمَرَهُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا أَوْ أَشَارَ إِلَيْهَا». قَالُوا لاَ. قَالَ «فَكُلُوا». 5293 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ عَنْ خَالِدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ طَافَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى بَعِيرِهِ، وَكَانَ كُلَّمَا أَتَى عَلَى الرُّكْنِ أَشَارَ إِلَيْهِ، وَكَبَّرَ. وَقَالَتْ زَيْنَبُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «فُتِحَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ». وَعَقَدَ تِسْعِينَ. طرفه 1607 5294 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم - «فِي الْجُمُعَةِ سَاعَةٌ لاَ يُوَافِقُهَا مُسْلِمٌ قَائِمٌ يُصَلِّى، فَسَأَلَ اللَّهَ خَيْرًا، إِلاَّ أَعْطَاهُ». وَقَالَ بِيَدِهِ، وَوَضَعَ أَنْمَلَتَهُ عَلَى بَطْنِ الْوُسْطَى وَالْخِنْصَرِ. قُلْنَا يُزَهِّدُهَا. طرفه 935 ـــــــــــــــــــــــــــــ أشار إلى أيي بكر أن يتقدم في أبواب الصلاة، وتعليق ابن عباس: أشار النبي - صلى الله عليه وسلم - أن لا حرج في أبواب الحج. 5293 - (إبراهيم عن خالد) هو ابن طهمان، وقيل: ابن الحارث وليس كذلك. قال المقدسي: إبراهيم بن الحارث يروي حديثين عند البخاري: حديث في الحج، والآخر في الوصايا. وتعليق أبي قتادة في الإشارة إلى الصيد في عمرة الحديبية (كلما أتى إلى الركن أشار إليه بمحجن) -بكسر الميم وتقديم الحاء على الجيم- قضيب معوج الرأس. وتعليق زينب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أشار إلى فتح ردم يأجوج ومأجوج وعقد تسعين سلف في أبواب الأنبياء في باب ذي القرنين. 5294 - (بشر) بكسر الموحدة (المفضَّل) بفتح الضاد المشددة. (أنملته) فيه أربع لغات: فتح الهمزة والميم، وضمها، والعكس من الطرفين وقيل: تسع لغات والضمير للإبهام (على بطن الوسطى والخنصر قلنا: يزهدها) أي: يقللها، ورواية ابن ماجه في الجمعة:

5295 - وَقَالَ الأُوَيْسِىُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ شُعْبَةَ بْنِ الْحَجَّاجِ عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ عَدَا يَهُودِىٌّ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى جَارِيَةٍ، فَأَخَذَ أَوْضَاحًا كَانَتْ عَلَيْهَا وَرَضَخَ رَأْسَهَا، فَأَتَى بِهَا أَهْلُهَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْىَ فِي آخِرِ رَمَقٍ، وَقَدْ أُصْمِتَتْ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ قَتَلَكِ فُلاَنٌ». لِغَيْرِ الَّذِى قَتَلَهَا، فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا أَنْ لاَ، قَالَ فَقَالَ لِرَجُلٍ آخَرَ غَيْرِ الَّذِى قَتَلَهَا، فَأَشَارَتْ أَنْ لاَ، فَقَالَ «فَفُلاَنٌ». لِقَاتِلِهَا فَأَشَارَتْ أَنْ نَعَمْ، فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَرُضِخَ رَأْسُهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ. طرفه 2413 5296 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «الْفِتْنَةُ مِنْ هَا هُنَا». وَأَشَارَ إِلَى الْمَشْرِقِ. طرفه 3104 ـــــــــــــــــــــــــــــ (ساعة أو بعض ساعة) إشارة إلى القلة. وقد سلف في أبواب الصلاة أن الحق أن تلك الساعة دائرة في النهار من حين خروج الإمام إلى الخطبة إلى فراغه من الصلاة، وعند الإمام أحمد أن تلك الساعة دائرة في النهار كليلة القدر. وقيل: إشارة بالوضع إلى أنها آخر النهار، ولا عبرة به بعد تحقيق الحديث الصحيح. 5295 - (عدا يهودي على جارية فأخذ أوضاحًا كانت عليها) -جمع وضح، وهي الحلي التي تكون من فضة، سميت بها لبياض فيها (رضخ) -بالخاء المعجمة- أي: دقة (أصمتت) بفتح الهمزة، يقال: صمت وأصْمتَ القليل إذا أعتقل لسانه. والحديث تقدم في أبواب الخصومة وموضع الدلالة هنا قوله: (فأشارت برأسها). (فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرضخ رأسه بين صخرتين) لم يحكم بمجرد قولها، بل أقرّ اليهودي كما تقدم هناك. فإن قلت: إذا كان الحكم بإقراره فلا دلالة في الإشارة. قلت: الدلالة في توجه الدعوى ومطالبة الخصم، وفيه دليل على ثبوت القصاص بالمثل. 5296 - (قَبِيصة) بفتح القاف وكسر الموحدة.

5297 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِىِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى أَوْفَى قَالَ كُنَّا فِي سَفَرٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا غَرَبَتِ الشَّمْسُ قَالَ لِرَجُلٍ «انْزِلْ فَاجْدَحْ لِى». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَمْسَيْتَ. ثُمَّ قَالَ «انْزِلْ فَاجْدَحْ». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَمْسَيْتَ إِنَّ عَلَيْكَ نَهَارًا. ثُمَّ قَالَ «انْزِلْ فَاجْدَحْ». فَنَزَلَ فَجَدَحَ لَهُ فِي الثَّالِثَةِ، فَشَرِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ أَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى الْمَشْرِقِ فَقَالَ «إِذَا رَأَيْتُمُ اللَّيْلَ قَدْ أَقْبَلَ مِنْ هَا هُنَا فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ». طرفه 1941 5298 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِىِّ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَمْنَعَنَّ أَحَدًا مِنْكُمْ نِدَاءُ بِلاَلٍ - أَوْ قَالَ أَذَانُهُ - مِنْ سَحُورِهِ، فَإِنَّمَا يُنَادِى أَوْ قَالَ يُؤَذِّنُ لِيَرْجِعَ قَائِمُكُمْ». وَلَيْسَ أَنْ يَقُولَ كَأَنَّهُ يَعْنِى الصُّبْحَ أَوِ الْفَجْرَ، وَأَظْهَرَ يَزِيدُ يَدَيْهِ ثُمَّ مَدَّ إِحْدَاهُمَا مِنَ الأُخْرَى. طرفه 621 5299 - وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ: ـــــــــــــــــــــــــــــ 5297 - (عن أبي إسحاق الشيباني) سليمان بن فيروز (انزل فاجدح لي) الجدح -بالجيم- خلط السويق بالماء ونحوه. وقد سلف الحديث في أبواب الصوم. وموضع الدلالة هنا قوله: (أومأ بيده نحو المشرق). 5298 - (زريع) مصغر زرع (لا يمنعن أحدًا منكم نداء بلال من سحوره) سلف الحديث في أبواب الصوم. موضع الدلالة هنا قوله: (وأظهر يديه ثم مد إحداهما على الأخرى) وفي رواية مسلم: "ليس الفجر المستطيل ولكن المعترض" أي: على الأفق، ومنه يظهر ما في البخاري. 5299 - (وقال الليث: حدثني جعفر) هذا الحديث سلف مسندًا في أبواب الزكاة

25 - باب اللعان

سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَثَلُ الْبَخِيلِ وَالْمُنْفِقِ كَمَثَلِ رَجُلَيْنِ عَلَيْهِمَا جُبَّتَانِ مِنْ حَدِيدٍ، مِنْ لَدُنْ ثَدْيَيْهِمَا إِلَى تَرَاقِيهِمَا، فَأَمَّا الْمُنْفِقُ فَلاَ يُنْفِقُ شَيْئًا إِلاَّ مَادَّتْ عَلَى جِلْدِهِ حَتَّى تُجِنَّ بَنَانَهُ وَتَعْفُوَ أَثَرَهُ، وَأَمَّا الْبَخِيلُ فَلاَ يُرِيدُ يُنْفِقُ إِلاَّ لَزِمَتْ كُلُّ حَلْقَةٍ مَوْضِعَهَا، فَهْوَ يُوسِعُهَا فَلاَ تَتَّسِعُ». وَيُشِيرُ بِإِصْبَعِهِ إِلَى حَلْقِهِ. طرفه 1443 25 - باب اللِّعَانِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلاَّ أَنْفُسُهُمْ) إِلَى قَوْلِهِ (مِنَ الصَّادِقِينَ)، فَإِذَا قَذَفَ الأَخْرَسُ امْرَأَتَهُ بِكِتَابَةٍ أَوْ إِشَارَةٍ أَوْ بِإِيمَاءٍ مَعْرُوفٍ، فَهْوَ كَالْمُتَكَلِّمِ، لأَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ أَجَازَ الإِشَارَةَ فِي الْفَرَائِضِ، وَهْوَ قَوْلُ بَعْضِ أَهْلِ الْحِجَازِ وَأَهْلِ الْعِلْمِ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى (فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا). وَقَالَ الضَّحَّاكُ (إِلاَّ رَمْزًا) إِشَارَةً. وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ لاَ حَدَّ وَلاَ لِعَانَ. ثُمَّ زَعَمَ أَنَّ الطَّلاَقَ بِكِتَابٍ أَوْ إِشَارَةٍ أَوْ إِيمَاءٍ جَائِزٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وموضع الدلالة هنا قوله: (ويشير إلى حلقه). فإن قلت: ليس هنا حكم شرعي استدل به على أن الإشارة معتبرة. قلت: إشارته لا نكون إلا لفائدة شرعية، إذ لا يفعل شيئًا عبثًا. قوله: (جبتان) روي بالنون والباء (من لدن ثُدِيّها) -بضم الثاء وتشديد الياء- جمع ثدي مثل حلى في جمع حلي. وفي رواية أبي ذر: "ثدييها" بصيغة المثنى أي: ثديي كل واحدة منهما (إلا مادت على جلده) أي: جاءت وذهبت من غاية الاتساع. ومنه قوله تعالى: {يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا (9)} [الطور: 9] (تُجِن بُنَانه) أي: تستره بضم التاء وتشديد [النون]. ويروى بفتح التاء (وتعفو أثره) بالنصب أي: محاه وطمسه. ويروى بالرفع أي: اندرس. باب اللعان وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: 6] اللعان: مصدر لاعن، واللعن لغة: الطرد والإبعاد، وشرعًا: ما ذكره في الكتاب أنه أربع شهادات في طرح الزوج والمرأة. وحكمه: الحرمة المؤبدة، والآية نزلت في عويمر، أو في هلال بن أمية، أو فيهما كما تقدم شرحه في سورة النور. (وقال بعض الناس) يعترض بهذا على أبي حنيفة فإنه اعتبر إشارة الأخرس في الطلاق، ولم يعتبرها في القذف، وهذا الاعتراض ساقط؛ لأن الكتابة في الطلاق مشروعة دون

وَلَيْسَ بَيْنَ الطَّلاَقِ وَالْقَذْفِ فَرْقٌ، فَإِنْ قَالَ الْقَذْفُ لاَ يَكُونُ إِلاَّ بِكَلاَمٍ. قِيلَ لَهُ كَذَلِكَ الطَّلاَقُ لاَ يَجُوزُ إِلاَّ بِكَلاَمٍ، وَإِلاَّ بَطَلَ الطَّلاَقُ وَالْقَذْفُ، وَكَذَلِكَ الْعِتْقُ، وَكَذَلِكَ الأَصَمُّ يُلاَعِنُ. وَقَالَ الشَّعْبِىُّ وَقَتَادَةُ إِذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ. فَأَشَارَ بِأَصَابِعِهِ، تَبِينُ مِنْهُ بِإِشَارَتِهِ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ الأَخْرَسُ إِذَا كَتَبَ الطَّلاَقَ بِيَدِهِ لَزِمَهُ. وَقَالَ حَمَّادٌ الأَخْرَسُ وَالأَصَمُّ إِنْ قَالَ بِرَأْسِهِ جَازَ. 5300 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِىِّ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ دُورِ الأَنْصَارِ». قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «بَنُو النَّجَّارِ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ بَنُو عَبْدِ الأَشْهَلِ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ بَنُو الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ بَنُو سَاعِدَةَ». ثُمَّ قَالَ بِيَدِهِ، فَقَبَضَ أَصَابِعَهُ، ثُمَّ بَسَطَهُنَّ كَالرَّامِى بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ «وَفِى كُلِّ دُورِ الأَنْصَارِ خَيْرٌ». 5301 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ أَبُو حَازِمٍ سَمِعْتُهُ مِنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِىِّ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ كَهَذِهِ مِنْ هَذِهِ أَوْ كَهَاتَيْنِ». وَقَرَنَ بَيْنَ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى. ـــــــــــــــــــــــــــــ الحدود لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ادرؤوا الحدود بالشبهات". وما استدل به في الباب من الإشارات في الآثار والأحاديث لا يقوم شيء منها حجة على أبي حنيفة إذ ليس شيء منها في الحدود، أيضًا، لفظ الشهادة منصوص عليه في اللعان فلا تقوم مقامه إشارة الأخرس. 5300 - وحديث ([ألا أخبركم] بخير دور الأنصار) تقدم في المناقب. وموضع الدلالة هنا قوله: (ثم قال بيده وقبض أصابعه: بعثت أنا والساعة) يجوز فيها النصب والرفع، والنصب في مثله أحسن، وقال القاضي: الرفع أحسن. قلت: قال ابن الحاجب: إذا جاز العطف جاز الوجهان، هذا إذا لم يمنع مانع، وهذا النعت من خواص المعطوف عليه. 5301 - (كهذه من هذه) يشير إلى الوسطى والمسبحة. وجه الشبه القرب، ومثله:

5302 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا جَبَلَةُ بْنُ سُحَيْمٍ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا». يَعْنِى ثَلاَثِينَ، ثُمَّ قَالَ «وَهَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا». يَعْنِى تِسْعًا وَعِشْرِينَ يَقُولُ، مَرَّةً ثَلاَثِينَ وَمَرَّةً تِسْعًا وَعِشْرِينَ. طرفه 1908 5303 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ قَالَ وَأَشَارَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِهِ نَحْوَ الْيَمَنِ «الإِيمَانُ هَا هُنَا - مَرَّتَيْنِ - أَلاَ وَإِنَّ الْقَسْوَةَ وَغِلَظَ الْقُلُوبِ فِي الْفَدَّادِينَ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنَا الشَّيْطَانِ رَبِيعَةَ وَمُضَرَ». طرفه 3302 5304 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا». وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى، وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا شَيْئًا. طرفه 6005 ـــــــــــــــــــــــــــــ "بعثت في نسيم الساعة"، وإذا كان وجه الشبه القرب، فلا منافاة بينه وبين قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} [لقمان: 34] لأن المراد منه الوقت المعين. 5302 - (جبلة بن سحيم) بضم السين وفتح الحاء، مصغر. 5303 - (ألا إن القسوة وغلظ القلوب في الفدّادين) والقسوة: الشدة، والغلظ: الثخن، إنما جمع بين اللفظين إشارة إلى غاية البعد عن الحق، و (الفدّادين) -بتشديد الدال من الفديد- رفع الصوت، وبتخفيف الدال: آلة الحرث (ربيعة ومضر) بدل اشتمال من قوله: (حيث يطلع قرنا الشيطان). 5304 - (زرارة) بضم المعجمة (أبي حازم) -بالحاء المهملة سلمة بن دينار (أنا وكافل اليتيم هكذا في الجنة، وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئًا) إشارة إلى أن القرب لا يستلزم الاتصال الكلي، واستدل البخاري بهذه الأحاديث على أن إشارة الأخرس في اللعان معتبرة؛ لأن هذه الأحكام كلها أمور شرعية، ولا فاصل بين الأحكام المذكورة، واللعان، وأشكل هذا على بعضهم فزعم أن هذه الأحاديث كانت متقدمة على اللعان، وإدخالها في باب اللعان إنما وقع من الناسخ.

26 - باب إذا عرض بنفى الولد

26 - باب إِذَا عَرَّضَ بِنَفْىِ الْوَلَدِ 5305 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وُلِدَ لِى غُلاَمٌ أَسْوَدُ. فَقَالَ «هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ». قَالَ نَعَمْ. قَالَ «مَا أَلْوَانُهَا». قَالَ حُمْرٌ. قَالَ «هَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ». قَالَ نَعَمْ. قَالَ «فَأَنَّى ذَلِكَ». قَالَ لَعَلَّهُ نَزَعَهُ عِرْقٌ. قَالَ «فَلَعَلَّ ابْنَكَ هَذَا نَزَعَهُ». طرفاه 6847، 7314 27 - باب إِحْلاَفِ الْمُلاَعِنِ 5306 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ قَذَفَ امْرَأَتَهُ فَأَحْلَفَهُمَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا. طرفه 4748 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إذا عرّض بنفي الولد التعريض لغة من العُرض -بضم العين- وهو الجانب، وعند علماء البيان: الدلالة على شيء من غير استعمال اللفظ فيه لا حقيقة ولا مجازًا. قال ابن الأثير في "المثل السائد": التعريض اللفظ الدال على معنى لا من جهة الوضع الحقيقي والمجازي، بل من جهة التلويح، فمن قال: التعريض كناية تكون مسوقة لأجل موصوت غير مذكور فقد اخترع اصطلاحًا جديدًا. 5305 - (قزعة) بالقاف والزاي المعجمة وثلاث فتحات (أن رجلًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم -) وفي رواية الترمذي: أن رجلًا من فزارة، وكذا النسائي. واسم الرجل: ضمضم بالمعجمتين على وزن جعفر يعرض بنفي ولده، والتعريض هو قوله: (ولد في غلام أسود، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعله نزعه عرق) جذبه الضمير للمولود أي: أصل من أصوله، والكلام على طريقة تشبيه الأصل بعرق الشجرة. 5306 - (جويرية) بضم الجيم مصغر جارية. واتفاق الأئمة على أن لا يعتد بالتعريض في باب اللعان، وعليه البخاري، فإنه كان أجازه بالإشارة فلم يجزه بالتعريض؛ لأنه دون الإشارة إلا رواية عن مالك إذا كانت الدلالة ظاهرة.

28 - باب يبدأ الرجل بالتلاعن

28 - باب يَبْدَأُ الرَّجُلُ بِالتَّلاَعُنِ 5307 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ هِلاَلَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ امْرَأَتَهُ، فَجَاءَ فَشَهِدَ وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ، فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ». ثُمَّ قَامَتْ فَشَهِدَتْ. طرفه 2671 29 - باب اللِّعَانِ وَمَنْ طَلَّقَ بَعْدَ اللِّعَانِ 5308 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِىَّ أَخْبَرَهُ أَنَّ عُوَيْمِرًا الْعَجْلاَنِىَّ جَاءَ إِلَى عَاصِمِ بْنِ عَدِىٍّ الأَنْصَارِىِّ فَقَالَ لَهُ يَا عَاصِمُ أَرَأَيْتَ رَجُلاً وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً، أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ، أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ سَلْ لِى يَا عَاصِمُ عَنْ ذَلِكَ. فَسَأَلَ عَاصِمٌ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ ذَلِكَ فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ـــــــــــــــــــــــــــــ باب يبدأ الرجل في التلاعن إنما يبدأ به لأنه القاذف، فعليه الدفع أو الحد. قيل: إنما أخذ البداءة بالزوج من قوله: (ثم قامت المرأة فشهدت) لأن الواو في الآية لا تدل على الترتيب وفيه نظر؛ لأن قوله تعالى: {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ} بعد قوله: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: 6] يدل على عدم التراخي. 5307 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين المعجمة (ابن أبي عدي) محمد بن إبراهيم (هلال بن أمية) في الباب قبله عويمر العجلاني، وقد اتفق العلماء على وقوع اللعان منهما في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لم ينقل أحد أن اللعان وقع في عصر بعد ذلك (إن الله يعلم أن أحدكما كاذب) لاستحالة صدقهما معًا، والمراد العلم بواحد منهما بعينه، وإلا فكل أحد يعلم ذلك على الإجمال. باب اللعان ومن طلق بعد اللعان 5308 - روى في الباب حديث عويمر، وموضع الدلالة: لما فرغ من اللعان طلقها ثلاثًا، يوافق به ما ذهب إليه أبو حنيفة: لا تحرم بنفس اللعان وسائر الأئمة على التحريم بمجرد اللعان، وطلاق عويمر لم يكن بأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بل ظن عويمر أنه لا تقع الفرقة والتحريم مؤبدًا، إلا عند أبي حنيفة ومحمد إذا أكذب نفسه، ودليل الأئمة قوله بعد الفراغ: (لا سبيل لك عليها إن كنت صادقًا، وإن كنت كاذبًا فابعد).

30 - باب التلاعن فى المسجد

الْمَسَائِلَ وَعَابَهَا، حَتَّى كَبُرَ عَلَى عَاصِمٍ مَا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا رَجَعَ عَاصِمٌ إِلَى أَهْلِهِ جَاءَهُ عُوَيْمِرٌ فَقَالَ يَا عَاصِمُ مَاذَا قَالَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ عَاصِمٌ لِعُوَيْمِرٍ لَمْ تَأْتِنِى بِخَيْرٍ، قَدْ كَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَسْأَلَةَ الَّتِى سَأَلْتُهُ عَنْهَا. فَقَالَ عُوَيْمِرٌ وَاللَّهِ لاَ أَنْتَهِى حَتَّى أَسْأَلَهُ عَنْهَا. فَأَقْبَلَ عُوَيْمِرٌ حَتَّى جَاءَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَسَطَ النَّاسِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ رَجُلاً وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً، أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «قَدْ أُنْزِلَ فِيكَ وَفِى صَاحِبَتِكَ فَاذْهَبْ فَأْتِ بِهَا». قَالَ سَهْلٌ فَتَلاَعَنَا وَأَنَا مَعَ النَّاسِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا فَرَغَا مِنْ تَلاَعُنِهِمَا قَالَ عُوَيْمِرٌ كَذَبْتُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَمْسَكْتُهَا. فَطَلَّقَهَا ثَلاَثًا قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَكَانَتْ سُنَّةَ الْمُتَلاَعِنَيْنِ. طرفه 423 30 - باب التَّلاَعُنِ فِي الْمَسْجِدِ 5309 - حَدَّثَنَا يَحْيَى أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ شِهَابٍ عَنِ الْمُلاَعَنَةِ وَعَنِ السُّنَّةِ فِيهَا عَنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَخِى بَنِى سَاعِدَةَ أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ رَجُلاً وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً، أَيَقْتُلُهُ أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي شَأْنِهِ مَا ذَكَرَ فِي الْقُرْآنِ مِنْ أَمْرِ الْمُتَلاَعِنَيْنِ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «قَدْ قَضَى اللَّهُ فِيكَ وَفِى امْرَأَتِكَ». قَالَ فَتَلاَعَنَا فِي الْمَسْجِدِ وَأَنَا شَاهِدٌ، فَلَمَّا فَرَغَا قَالَ كَذَبْتُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَمْسَكْتُهَا. فَطَلَّقَهَا ثَلاَثًا قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ فَرَغَا مِنَ التَّلاَعُنِ، فَفَارَقَهَا عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «ذَاكَ تَفْرِيقٌ بَيْنَ كُلِّ مُتَلاَعِنَيْنِ». قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَكَانَتِ السُّنَّةُ بَعْدَهُمَا أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْمُتَلاَعِنَيْنِ، وَكَانَتْ حَامِلاً، وَكَانَ ابْنُهَا يُدْعَى لأُمِّهِ، قَالَ ثُمَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب التلاعن في المسجد 5309 - ذكر حديث عويمر، وفيه أنهما تلاعنا في المسجد، كونه ليس بشرط إلا أنه يسن أن يكون في الأماكن المعظمة ليكون أزجر عن ارتكاب الأيمان الكاذبة. قال الشافعي: إن كان بمكة فبين الركن والمقام، وإن كان في المدينة فعند المنبر، وإن كان في بيت المقدس فعند الصخرة، ويكون بعد العصر (كأنه وَحَرَة) -بالحاء المهملة وثلاث فتحات- دويبة حمراء

31 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - «لو كنت راجما بغير بينة»

جَرَتِ السُّنَّةُ فِي مِيرَاثِهَا أَنَّهَا تَرِثُهُ وَيَرِثُ مِنْهَا مَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِىِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنْ جَاءَتْ بِهِ أَحْمَرَ قَصِيرًا كَأَنَّهُ وَحَرَةٌ، فَلاَ أُرَاهَا إِلاَّ قَدْ صَدَقَتْ وَكَذَبَ عَلَيْهَا، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَسْوَدَ أَعْيَنَ ذَا أَلْيَتَيْنِ، فَلاَ أُرَاهُ إِلاَّ قَدْ صَدَقَ عَلَيْهَا». فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى الْمَكْرُوهِ مِنْ ذَلِكَ. طرفه 423 31 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ كُنْتُ رَاجِمًا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ» 5310 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ ذُكِرَ التَّلاَعُنُ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ عَاصِمُ بْنُ عَدِىٍّ فِي ذَلِكَ قَوْلاً، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ يَشْكُو إِلَيْهِ أَنَّهُ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً، فَقَالَ عَاصِمٌ مَا ابْتُلِيتُ بِهَذَا إِلاَّ لِقَوْلِى، فَذَهَبَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِى وَجَدَ عَلَيْهِ امْرَأَتَهُ وَكَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مُصْفَرًّا قَلِيلَ اللَّحْمِ ـــــــــــــــــــــــــــــ (أعين) واسع العين (ذا أليتين) أي: عظيمهما كما جاء في الرواية الأخرى كذلك. باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لو كنت راجمًا بغير بينة" هذه الترجمة بعض حديث الباب، وتمامه: (لرجمت هذه). 5310 - (عفير) بضم العين، مصغر (فقال عاصم في ذلك قولًا) ذلك القول ما تقدم من قوله: لو وجدت مع امرأتي رجلًا لضربته بالسيف (فأتاه رجل من قومه يشكو إليه أنه قد وجد مع امرأته رجلًا) هذا الرجل عويمر (فقال عاصم: ما ابتليت بهذا إلا لقولي). قوله ما تقدم: (لو رأيت مع امرأتي رجلًا لضربته بالسيف) كذا قاله بعض الشارحين، وفيه وهم، فإن ذلك من قول سعد بن عبادة في قضية هلال بن أمية، والصواب أن قول عاصم هو قوله لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - (أرأيت رجلًا وجد مع امرأته رجلًا؟) فإن قلت: ما وجه ابتلائه؟ قلت: كون عويمر من قومه عاره عار عليه، وكانت امرأة عويمر بنت عاصم، وقيل: أخته.

32 - باب صداق الملاعنة

سَبْطَ الشَّعَرِ، وَكَانَ الَّذِى ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ وَجَدَهُ عِنْدَ أَهْلِهِ خَدْلاً آدَمَ كَثِيرَ اللَّحْمِ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اللَّهُمَّ بَيِّنْ». فَجَاءَتْ شَبِيهًا بِالرَّجُلِ الَّذِى ذَكَرَ زَوْجُهَا أَنَّهُ وَجَدَهُ، فَلاَعَنَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَهُمَا. قَالَ رَجُلٌ لاِبْنِ عَبَّاسٍ فِي الْمَجْلِسِ هِىَ الَّتِى قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ رَجَمْتُ أَحَدًا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ رَجَمْتُ هَذِهِ». فَقَالَ لاَ تِلْكَ امْرَأَةٌ كَانَتْ تُظْهِرُ فِي الإِسْلاَمِ السُّوءَ» قَالَ أَبُو صَالِحٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ خَدِلاً. أطرافه 5316، 6855، 6856، 7238 32 - باب صَدَاقِ الْمُلاَعَنَةِ 5311 - حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ قُلْتُ لاِبْنِ عُمَرَ رَجُلٌ قَذَفَ امْرَأَتَهُ فَقَالَ فَرَّقَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ أَخَوَىْ بَنِى الْعَجْلاَنِ، وَقَالَ «اللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ، فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ». فَأَبَيَا. وَقَالَ «اللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ (سبط الشعر) ضد الجعودة (خَدلًا) -بفتح الحاء وسكون الدال المهملة وكسرها- غليظ الساق (فجاءت به شبيهًا بالرجل الذي ذكره زوجها أنه وجده) مع أهله (فلاعن النبي - صلى الله عليه وسلم - بينهما). فإن قلت: هذا يدل على أنه إنما لاعن بعد الولادة، وقد سلف في سورة النور أنه لاعن بينهما وهي حامل. قلت: الفاء هنا للتعقيب في الذكر. فإن قلت: ما معنى قوله: (اللهم بَيِّن) بعدما حكم بنص القرآن؟ قلت: أراد الوقوف على ما في نفس الأمر. (تلك امرأة كانت تظهر في الإسلام السوء) أي: الفاحشة. هذا موضع الدلالة على ما ترجم. باب صداق الملاعنة 5311 - (زرارة) بضم المعجمة (فرق النبي - صلى الله عليه وسلم - بين أخوي عجلان) هما: عويمر

33 - باب قول الإمام للمتلاعنين إن أحدكما كاذب فهل منكما تائب

أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ، فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبُ». فَأَبَيَا. فَقَالَ «اللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ، فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ» فَأَبَيَا فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا. قَالَ أَيُّوبُ فَقَالَ لِى عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ إِنَّ فِي الْحَدِيثِ شَيْئًا لاَ أَرَاكَ تُحَدِّثُهُ قَالَ قَالَ الرَّجُلُ مَالِى قَالَ قِيلَ لاَ مَالَ لَكَ، إِنْ كُنْتَ صَادِقًا فَقَدْ دَخَلْتَ بِهَا، وَإِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَهْوَ أَبْعَدُ مِنْكَ. أطرافه 5312، 5349، 5350 33 - باب قَوْلِ الإِمَامِ لِلْمُتَلاَعِنَيْنِ إِنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ 5312 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌو سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ عَنِ الْمُتَلاَعِنَيْنِ، فَقَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِلْمُتَلاَعِنَيْنِ «حِسَابُكُمَا عَلَى اللَّهِ أَحَدُكُمَا كَاذِبٌ، لاَ سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا». قَالَ مَالِى قَالَ «لاَ مَالَ لَكَ، إِنْ كُنْتَ صَدَقْتَ عَلَيْهَا، فَهْوَ بِمَا اسْتَحْلَلْتَ مِنْ فَرْجِهَا، وَإِنْ كُنْتَ كَذَبْتَ عَلَيْهَا، فَذَاكَ أَبْعَدُ لَكَ». قَالَ سُفْيَانُ حَفِظْتُهُ مِنْ عَمْرٍو. وَقَالَ أَيُّوبُ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ قَالَ قُلْتُ لاِبْنِ عُمَرَ رَجُلٌ لاَعَنَ امْرَأَتَهُ فَقَالَ بِإِصْبَعَيْهِ - وَفَرَّقَ سُفْيَانُ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى - فَرَّقَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ أَخَوَىْ بَنِى الْعَجْلاَنِ، وَقَالَ «اللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ». ثَلاَثَ مَرَّاتٍ. قَالَ سُفْيَانُ حَفِظْتُهُ مِنْ عَمْرٍو وَأَيُّوبَ كَمَا أَخْبَرْتُكَ. طرفه 5311 34 - باب التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْمُتَلاَعِنَيْنِ 5313 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَرَّقَ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ قَذَفَهَا، وَأَحْلَفَهُمَا. طرفه 4748 ـــــــــــــــــــــــــــــ وامرأته و (قال الرجل: مالي) أي: الصداق الذي أصدقها (قال: لا مال لك إن كنت صادقًا فقد دخلت بها) والصداق عوض البضع (وإن كنت كاذبًا فهو أبعد) .... والقدح في عرضها كاذبًا على موجب الصداق.

35 - باب يلحق الولد بالملاعنة

5314 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ لاَعَنَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا. طرفه 4748 35 - باب يَلْحَقُ الْوَلَدُ بِالْمُلاَعِنَةِ 5315 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا مَالِكٌ قَالَ حَدَّثَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لاَعَنَ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَتِهِ، فَانْتَفَى مِنْ وَلَدِهَا فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا، وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالْمَرْأَةِ. طرفه 4748 36 - باب قَوْلِ الإِمَامِ اللَّهُمَّ بَيِّنْ 5316 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ ذُكِرَ الْمُتَلاَعِنَانِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ عَاصِمُ بْنُ عَدِىٍّ فِي ذَلِكَ قَوْلاً، ثُمَّ انْصَرَفَ فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ، فَذَكَرَ لَهُ أَنَّهُ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً، فَقَالَ عَاصِمٌ مَا ابْتُلِيتُ بِهَذَا الأَمْرِ إِلاَّ لِقَوْلِى. فَذَهَبَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِى وَجَدَ عَلَيْهِ امْرَأَتَهُ، وَكَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مُصْفَرًّا قَلِيلَ اللَّحْمِ سَبْطَ الشَّعَرِ، وَكَانَ الَّذِى وَجَدَ عِنْدَ أَهْلِهِ آدَمَ خَدْلاً كَثِيرَ اللَّحْمِ جَعْدًا قَطَطًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اللَّهُمَّ بَيِّنْ». فَوَضَعَتْ شَبِيهًا بِالرَّجُلِ الَّذِى ذَكَرَ زَوْجُهَا أَنَّهُ وَجَدَ عِنْدَهَا، فَلاَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَهُمَا، فَقَالَ رَجُلٌ لاِبْنِ عَبَّاسٍ فِي الْمَجْلِسِ هِىَ الَّتِى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ رَجَمْتُ أَحَدًا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ لَرَجَمْتُ هَذِهِ». فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لاَ تِلْكَ امْرَأَةٌ كَانَتْ تُظْهِرُ السُّوءَ فِي الإِسْلاَمِ. طرفه 5310 ـــــــــــــــــــــــــــــ 5316 - (جعدًا) -بفتح الجيم وسكون العين- ضد السبط (قططًا) -بثلاث فتحات- شديد الجعودة كالحبشة.

37 - باب إذا طلقها ثلاثا ثم تزوجت بعد العدة زوجا غيره فلم يمسها

37 - باب إِذَا طَلَّقَهَا ثَلاَثًا ثُمَّ تَزَوَّجَتْ بَعْدَ الْعِدَّةِ زَوْجًا غَيْرَهُ فَلَمْ يَمَسَّهَا 5317 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ رِفَاعَةَ الْقُرَظِىَّ تَزَوَّجَ امْرَأَةً، ثُمَّ طَلَّقَهَا فَتَزَوَّجَتْ آخَرَ فَأَتَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَتْ لَهُ أَنَّهُ لاَ يَأْتِيهَا، وَإِنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ إِلاَّ مِثْلُ هُدْبَةٍ فَقَالَ «لاَ حَتَّى تَذُوقِى عُسَيْلَتَهُ، وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ». طرفه 2639 38 - باب (وَاللاَّئِى يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ) قَالَ مُجَاهِدٌ إِنْ لَمْ تَعْلَمُوا يَحِضْنَ أَوْ لاَ يَحِضْنَ وَاللاَّئِى قَعَدْنَ عَنِ الْحَيْضِ، وَاللاَّئِى لَمْ يَحِضْنَ، فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إذا طلقها [ثلاثًا] ثم تزوجت غيره بعد العدة فلم يمسها 5317 - روى في الباب حديث امرأة رفاعة لما طلقها فزوجت نفسها عبد الرحمن بن الزبير، وقد مر مرارًا في أبواب النكاح من أنها لا تحل لزوجها الأول إلا بعد الإصابة من الثاني لقوله: (لا حتى تذوقي عسيلته) كناية عن أدنى إيلاج، وكان المخالف في المسألة من اشتراط الإصابة أهل الظاهر وسعيد بن المسيب، ثم انعقد الإجماع على ما في البخاري. باب قوله: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ} [الطلاق: 4] لما نزلت آية البقرة في العدة {ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] سأل معاذ وأبي بن كعب عن عدة غير ذوات الأقراء [فنزلت] هذه الآية. وتفصيل الحكم في العدة: أن ذوات الأقراء بالقرء سواء كان طهرًا أو حيضًا. والصغيرة والآيسة بالأشهر كما صرح به في الآية من قوله: {فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ} [الطلاق: 4]، وكذا التي وقع الريبة في شأنها لقوله: {إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ} [الطلاق: 4]. {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ} [الطلاق: 4] أي آخر عدتهن {أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4]. ولو ساعة عند الأئمة.

39 - باب (وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن)

39 - باب (وَأُولاَتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) 5318 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ الأَعْرَجِ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ زَيْنَبَ ابْنَةَ أَبِى سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ عَنْ أُمِّهَا أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ امْرَأَةً مِنْ أَسْلَمَ يُقَالُ لَهَا سُبَيْعَةُ كَانَتْ تَحْتَ زَوْجِهَا، تُوُفِّىَ عَنْهَا وَهْىَ حُبْلَى، فَخَطَبَهَا أَبُو السَّنَابِلِ بْنُ بَعْكَكٍ، فَأَبَتْ أَنْ تَنْكِحَهُ، فَقَالَ وَاللَّهِ مَا يَصْلُحُ أَنْ تَنْكِحِيهِ حَتَّى تَعْتَدِّى آخِرَ الأَجَلَيْنِ. فَمَكُثَتْ قَرِيبًا مِنْ عَشْرِ لَيَالٍ ثُمَّ جَاءَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «انْكِحِى». طرفه 4909 ـــــــــــــــــــــــــــــ 5318 - (بكير) بضم الباء، مصغر (هرمز) -بضم الهاء آخره زاي معجمة- علم عجمي (أن امرأة من أسْلَم) -بفتح الهمزة- قبيلة (يقال لها: سبيعة) -بضم السين، مصغر- كانت تحت سعد بن خولة، توفي عنها في حجة الوداع (فخطبها أبو السنابل بن بعكك) بفتح الباء على وزن المصغر، واسم أبي السنابل: حَبّة بفتح الحاء والموحدة، وقيل: لبيد، وقيل: عمر، وقيل: أحرم، وقيل: عمرو، وقيل: عامر، وقيل: حنة بالنون بدل الباء، وقيل: اسمه كنيته (فأبت أن تنكحه، فقال: والله ما يصلح أن تنكحيه حتى تعتدي آخر الأجلين). فإن قلت: الخاطب هو أبو السنابل، فأي معنى لقوله: (ما يصلح أن تنكحيه) بضمير الغائب؟ قلت: روى الحديث مختصرًا، وقد رواه مالك في "الموطأ": أن سبيعة لما توفي زوجها خطبها شاب وكهل فمالت إلى الشاب فقال الشيخ: لم تحلي بعد، وكان أهل سبيعة غيبًا، فقال هذا الكلام رجاء إذا كان أهلها أن يؤثروه، وقد سلف في سورة الطلاق أن أبا السنابل كان فيمن خطبها. فإن قلت: ما معنى قوله: آخر الأجلين؟ قلت: كان مذهب بعض الصحابة أن الحامل تعتد بأبعد الأجلين من أربعة أشهر ومدة وضع الحمل، وقال به ابن عباس وعلي بن أبي طالب، فقال ابن مسعود: سورة النساء القصرى وهي {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} [الطلاق:1] نزلت بعد الطولى، وهي البقرة فكانت ناسخة لما تناولته آية البقرة من أولات الأحمال، ثم وقع على ذلك الإجماع.

40 - باب قول الله تعالى (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء)

5319 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ يَزِيدَ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ كَتَبَ إِلَيْهِ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى ابْنِ الأَرْقَمِ أَنْ يَسْأَلَ سُبَيْعَةَ الأَسْلَمِيَّةَ كَيْفَ أَفْتَاهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ أَفْتَانِى إِذَا وَضَعْتُ أَنْ أَنْكِحَ. طرفه 3991 5320 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ أَنَّ سُبَيْعَةَ الأَسْلَمِيَّةَ نُفِسَتْ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا، بِلَيَالٍ فَجَاءَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتَأْذَنَتْهُ أَنْ تَنْكِحَ، فَأَذِنَ لَهَا، فَنَكَحَتْ. 40 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ) وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ فِيمَنْ تَزَوَّجَ فِي الْعِدَّةِ فَحَاضَتْ عِنْدَهُ ثَلاَثَ حِيَضٍ بَانَتْ مِنَ الأَوَّلِ، وَلاَ تَحْتَسِبُ بِهِ لِمَنْ بَعْدَهُ. وَقَالَ الزُّهْرِىُّ تَحْتَسِبُ. وَهَذَا أَحَبُّ إِلَى سُفْيَانَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ 5319 - 5320 - (قَزَعَة) بالقاف وزاي معجمة وثلاث فتحات (المسور بن مخرمة) بكسر الميم في الأول، وفتحه في الثاني. فإن قلت: في رواية الزهريّ: فلما قال لي أبو السنابل ذلك جمعت علي ثيابي حين أمسيت فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهنا قالت: (فمكثت بعد ذلك قريبًا من عشر ليال). قلت: أجاب شيخنا بأنه لا يلزم أن يكون ذلك في اليوم الذي قال لها ما قال، وفيه ضبط؛ فإن لما تقتضي الجواب على الفور، والأظهر حمله على تعدد القول. باب قوله: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] (وقال إبراهيم) هو النخعي (فيمن تُزوج) بضم التاء على بناء المجهول (فحاضت عنده ثلاث حيض بانت من الأول، ولا تحتسب به لمن بعده) هذه مسألة اجتماع العدتين على المرأة من شخصين، وللأئمة في هذا خلاف:

41 - باب قصة فاطمة بنت قيس

يَعْنِى قَوْلَ الزُّهْرِىِّ. وَقَالَ مَعْمَرٌ يُقَالُ أَقْرَأَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا دَنَا حَيْضُهَا، وَأَقْرَأَتْ إِذَا دَنَا طُهْرُهَا، وَيُقَالُ مَا قَرَأَتْ بِسَلًى قَطُّ، إِذَا لَمْ تَجْمَعْ وَلَدًا فِي بَطْنِهَا. 41 - باب قِصَّةِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ وَقَوْلِهِ (وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلاَ يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لاَ تَدْرِى لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا) (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلاَ تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولاَتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) إِلَى قَوْلِهِ (بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا). 5321 و 5322 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَذْكُرُ أَنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ طَلَّقَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَكَمِ، فَانْتَقَلَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، فَأَرْسَلَتْ عَائِشَةُ أُمُّ ـــــــــــــــــــــــــــــ قال أبو حنيفة ومالك: النكاح فاسد ويكفي فيه عدة واحدة. وقال الشافعي وأحمد: عليها عدتان، والحديث من الطرفين مفقود، وما ذهب إليه مالك وأبو حنيفة موافق لرأي الزهريّ، وما ذهب إليه الشافعي وأحمد موافق لقول النخعي. (وقال معمر) بفتح الميمين وسكون العين (يقال: أقرأت المرأة إذا دنا حيضها) محصل كلامه: أن القرء لفظ مشترك بين الحيض والطهر، وكذا عند الفقهاء إلا أن بعضهم حمله في قوله: {ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] على الحيض، وبعضهم على الطهر، ولذلك كلام مبسوط في كتب الأصول (وما قرأت بسلَىً) -بكسر الباء، وسلى مقصور-: الجلدة التي على الولد، وهو الذي في الإنسان يقال له: المشيمة. ومراد البخاري من نقله: هو أن القرء معناه لغة: الجمع، وإن كانت في عرف الشرع عبارة عن الحيض أو الطهر. باب قصة فاطمة بنت قيس 5322 - (يسار) ضد اليمين (أن يحيى بن العاص طلق بنت عبد الرحمن بن الحكم فانتقلها عبد الرحمن) محصل هذ الباب: أن فاطمة بنت قيس لما طلقها زوجها أذن لهما

الْمُؤْمِنِينَ إِلَى مَرْوَانَ وَهْوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ اتَّقِ اللَّهَ وَارْدُدْهَا إِلَى بَيْتِهَا. قَالَ مَرْوَانُ فِي حَدِيثِ سُلَيْمَانَ إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَكَمِ غَلَبَنِى. وَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَوَمَا بَلَغَكِ شَأْنُ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ قَالَتْ لاَ يَضُرُّكَ أَنْ لاَ تَذْكُرَ حَدِيثَ فَاطِمَةَ. فَقَالَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ إِنْ كَانَ بِكِ شَرٌّ فَحَسْبُكِ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ مِنَ الشَّرِّ. حديث 5321 أطرافه 5323، 5325، 5327 - حديث 5322 أطرافه 5324، 5326، 5328 5323 و 5324 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ مَا لِفَاطِمَةَ أَلاَ تَتَّقِى اللَّهَ، يَعْنِى فِي قَوْلِهَا لاَ سُكْنَى وَلاَ نَفَقَةَ. طرفه 5321 ـــــــــــــــــــــــــــــ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالانتقال، ولما وقع في أيام مروان وهو أمير على المدينة قصة عبد الرحمن [بن] الحكم في نقل ابنته أرسلت أم المؤمنين عائشة إلى مروان أن انتقالها غير مشروع، فاعترض قاسم بن محمد بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أذن لفاطمة بنت قيس بالانتقال، فأجابت عائشة بأن ذلك لأمر ضروري، وذلك أنها كانت في مكان وحش، وكان بينها وبين أحمائها شرور (فقال مروان: إن كان بك شر فحسبك ما بين هذين من الشر) أي: إن كان الدليل عند وقوع الشر في قصة فاطمة، فالشر الذي بين أقوى من كل شر. هذا واختلف العلماء في هذه المسألة: مذهب الكوفيين أن لها النفقة والسكنى لما روى النسائي والدارقطني عن عمر: لا ندع كتاب ربنا يقول امرأة نسيت أو وهمت. وقال الإمام أحمد: لها النفقة دون السكنى لهذا الحديث، وقال الشافعي: لها السكنى دون النفقة بمنطوق قوله تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ} [الطلاق: 6]. والمفهوم قوله تعالى: {وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 6]، وبما روى أبو داود: "لا نفقة لك إلا أن تكوني حاملًا". 5324 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (غندر) بضم الغين وفتح الدال.

42 - باب المطلقة إذا خشى عليها فى مسكن زوجها أن يقتحم عليها، أو تبذو على أهلها بفاحشة

5325، 5326 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِىٍّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ لِعَائِشَةَ أَلَمْ تَرَيْنَ إِلَى فُلاَنَةَ بِنْتِ الْحَكَمِ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا الْبَتَّةَ فَخَرَجَتْ. فَقَالَتْ بِئْسَ مَا صَنَعَتْ. قَالَ أَلَمْ تَسْمَعِى فِي قَوْلِ فَاطِمَةَ قَالَتْ أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ لَهَا خَيْرٌ فِي ذِكْرِ هَذَا الْحَدِيثِ. وَزَادَ ابْنُ أَبِى الزِّنَادِ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَابَتْ عَائِشَةُ أَشَدَّ الْعَيْبِ وَقَالَتْ إِنَّ فَاطِمَةَ كَانَتْ فِي مَكَانٍ وَحِشٍ فَخِيفَ عَلَى نَاحِيَتِهَا، فَلِذَلِكَ أَرْخَصَ لَهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 5321 42 - باب الْمُطَلَّقَةِ إِذَا خُشِىَ عَلَيْهَا فِي مَسْكَنِ زَوْجِهَا أَنْ يُقْتَحَمَ عَلَيْهَا، أَوْ تَبْذُوَ عَلَى أَهْلِهَا بِفَاحِشَةٍ 5327 و 5328 - وَحَدَّثَنِى حِبَّانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ عَائِشَةَ أَنْكَرَتْ ذَلِكَ عَلَى فَاطِمَةَ. طرفه 5321 43 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ) مِنَ الْحَيْضِ وَالْحَبَلِ 5329 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ 5326 - (ابن مهدي) اسمه: عبد الرحمن (ابن أبي الزناد) -بكسر الزاي بعدها نون- عبد الرحمن بن ذكوان (في مكان وحش) قال ابن الأثير: مكان وحش أي: خلاء لا ساكن به. 5328 - (حِبّان) -بكسر الحاء وتشديد الباء- وابن موسى (أن يقتحم عليها) الاقتحام: الدخول على الشيء عنفًا (أو تَبْذُوَ على أهلها بفاحشة) -بالذال المعجمة- البذاء وهو الفحش باللسان. باب قوله: {وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: 228] 5329 - روى حديث صفية لما حاضت بعد طواف الإفاضة، وهو الركن في الحج أذن

44 - باب (وبعولتهن أحق بردهن)

الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ لَمَّا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَنْفِرَ إِذَا صَفِيَّةُ عَلَى بَابِ خِبَائِهَا كَئِيبَةً، فَقَالَ لَهَا «عَقْرَى - أَوْ حَلْقَى - إِنَّكِ لَحَابِسَتُنَا أَكُنْتِ أَفَضْتِ يَوْمَ النَّحْرِ». قَالَتْ نَعَمْ. قَالَ «فَانْفِرِى إِذًا». طرفه 294 44 - باب (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ) فِي الْعِدَّةِ، وَكَيْفَ يُرَاجِعُ الْمَرْأَةَ إِذَا طَلَّقَهَا وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ. 5330 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ زَوَّجَ مَعْقِلٌ أُخْتَهُ فَطَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً. طرفه 4529 5331 - وَحَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ أَنَّ مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ كَانَتْ أُخْتُهُ تَحْتَ رَجُلٍ فَطَلَّقَهَا، ثُمَّ خَلَّى عَنْهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، ثُمَّ خَطَبَهَا فَحَمِىَ مَعْقِلٌ مِنَ ذَلِكَ أَنَفًا فَقَالَ خَلَّى عَنْهَا ـــــــــــــــــــــــــــــ لها في النفر، وغرض البخاري أن النساء مؤمَّنات في الحيض والحمل، ولذلك لما أخبرت صفية بحالها من الحيض لم يفحص عن حالها، واكتفى بقولها، والآية في الترجمة أيضًا صريحة في ذلك. (عَقْرَى حَلْقى) على وزن فعلى من العقر والحلق. العقر: الجراحة في الجسد، والحلقى في الحلق. وقد سلف أن أمثال هذه العبارات منه لم يقصد معناها، بل تجري في المعاتبات من غير التفات إلى تلك المعاني والأئمة [على] ما قاله البخاري. لكن هذا إذا لم يكن قولها كذا يتعين. باب قوله: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} [البقرة: 228] 5330 - (محمَّد) كذا وقع غير منسوب. قال الغساني: ابن سلام وابن بشار وابن عبد الله بن حريث كل واحد منهم يروي عن عبد الوهاب. وقال شيخنا: هو ابن سلام جزم به (زوج معقل أخته) بفتح الميم وكسر القاف. 5331 - (فطلقها ثم خَلَّى عنها حتى انقضت [عدتها] فحمي معقل من ذلك) سمي على وزن علم من الحمية (أَنفًا) -بفتح الهمزة والنون- الترفع والحمية. ومحصله: غضب مما جرى على أخته من الطلاق وعدم الرجعة فأبى بعد انقضاء العدة أن يردها إليه بنكاح جديد، فلما قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوله تعالى: {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} [البقرة: 232] وفيه كان نزول الآية أطاع

45 - باب مراجعة الحائض

وَهْوَ يَقْدِرُ عَلَيْهَا، ثُمَّ يَخْطُبُهَا فَحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ) إِلَى آخِرِ الآيَةِ، فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَرَأَ عَلَيْهِ، فَتَرَكَ الْحَمِيَّةَ وَاسْتَقَادَ لأَمْرِ اللَّهِ. طرفه 4529 5332 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضى الله عنهما - طَلَّقَ امْرَأَةً لَهُ وَهْىَ حَائِضٌ تَطْلِيقَةً وَاحِدَةً، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُرَاجِعَهَا، ثُمَّ يُمْسِكَهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ عِنْدَهُ حَيْضَةً أُخْرَى، ثُمَّ يُمْهِلَهَا حَتَّى تَطْهُرَ مِنْ حَيْضِهَا، فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَلْيُطَلِّقْهَا حِينَ تَطْهُرُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُجَامِعَهَا، فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِى أَمَرَ اللَّهُ أَنْ تُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ. وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ إِذَا سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ قَالَ لأَحَدِهِمْ إِنْ كُنْتَ طَلَّقْتَهَا ثَلاَثًا فَقَدْ حَرُمَتْ عَلَيْكَ، حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ. وَزَادَ فِيهِ غَيْرُهُ عَنِ اللَّيْثِ حَدَّثَنِى نَافِعٌ قَالَ ابْنُ عُمَرَ لَوْ طَلَّقْتَ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ، فَإِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَنِى بِهَذَا. طرفه 4908 45 - باب مُرَاجَعَةِ الْحَائِضِ 5333 - حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ حَدَّثَنِى يُونُسُ بْنُ جُبَيْرٍ سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ فَقَالَ طَلَّقَ ابْنُ عُمَرَ امْرَأَتَهُ وَهْىَ حَائِضٌ، فَسَأَلَ عُمَرُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَمَرَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا، ثُمَّ يُطَلِّقَ مِنْ قُبُلِ عِدَّتِهَا، قُلْتُ فَتَعْتَدُّ بِتِلْكَ التَّطْلِيقَةِ قَالَ أَرَأَيْتَ إِنْ عَجَزَ وَاسْتَحْمَقَ. طرفه 4908 ـــــــــــــــــــــــــــــ معقل امرأته وردها إليه وهو معنى قوله: (استقاد [لأمر] الله) من القياد وهو الطاعة، في رواية "استراد" بالراء. 5332 - ثم روى حديث ابن عمر في طلاق امرأته وهي حائض، وقد سلف في أول كتاب الطلاق. وموضع الدلالة أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأن يراجعها. 5333 - (أرأيت إن عجز واستمحق) استفهام إنكار على من توهم أن الطلاق في حال الحيض غير واقع فقال له: لو عجز عن الرجوع بأن مات أو جن وترك كان واجبًا عليه من الرجعة، أما كان يحسب عليه ذلك طلقة. والمراد بالحمق: التكبر والترفع، وقال ابن الأثير: هو وضع الشيء في غير موضعه.

46 - باب تحد المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرا

46 - باب تُحِدُّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا وَقَالَ الزُّهْرِىُّ لاَ أَرَى أَنْ تَقْرَبَ الصَّبِيَّةُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا الطِّيبَ، لأَنَّ عَلَيْهَا الْعِدَّةَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ نَافِعٍ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أَبِى سَلَمَةَ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ هَذِهِ الأَحَادِيثَ الثَّلاَثَةَ. 5334 - قَالَتْ زَيْنَبُ دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ حَبِيبَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ تُوُفِّىَ أَبُوهَا أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ، فَدَعَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ بِطِيبٍ فِيهِ صُفْرَةٌ خَلُوقٌ أَوْ غَيْرُهُ فَدَهَنَتْ مِنْهُ جَارِيَةً، ثُمَّ مَسَّتْ بِعَارِضَيْهَا، ثُمَّ قَالَتْ وَاللَّهِ مَا لِى بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ، غَيْرَ أَنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاَثِ لَيَالٍ، إِلاَّ عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا». طرفه 1280 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب تُحِدُّ المتوفى زوجها الإحداد: ترك الزينة مما يتعلق في الثياب والحلي من الحد وهو المنع، ويقال: حديث المرأة وأحدت، والثاني: أشهر. وحكى الترمذي فيه الجيم من الجد، هو القطع. (قال الزهريّ: لا أرى أن تقرب الصبية الطيب) وهذا الذي قاله الزهريّ قال به مالك والشافعي وأحمد؛ لأن الإحداد حق الزوج سواء كانت المرأة مكلفة أو غير مكلفة، مسلمة أو كافرة. وقوله: "امرأة تؤمن بالله واليوم الآخر" خرج مخرج الغالب. قال النووي: أشار به إلى أن الممتثلة لهذا هي التي تؤمن بالله واليوم الآخر. وقال أبو حنيفة: الكافرة والصبية لا خطاب معهما. 5334 - (دخلت على أم حبيبة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - حين توفي أبوها أبو سفيان) وفي رواية مسلم: "توفي حميم لها"، وهذه الرواية أعم لأن الحميم يطلق على كل قريب (بطيب فيه خلوق) -بفتح الخاء المعجمة- طيب مخلوط (مست بعارضيها) أي: جانبي الوجه.

5335 - قَالَتْ زَيْنَبُ فَدَخَلْتُ عَلَى زَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ حِينَ تُوُفِّىَ أَخُوهَا، فَدَعَتْ بِطِيبٍ فَمَسَّتْ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَتْ أَمَا وَاللَّهِ مَا لِى بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ غَيْرَ أَنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ «لاَ يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاَثِ لَيَالٍ إِلاَّ عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا». طرفه 1282 5336 - قَالَتْ زَيْنَبُ وَسَمِعْتُ أُمَّ سَلَمَةَ تَقُولُ جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ ابْنَتِى تُوُفِّىَ عَنْهَا زَوْجُهَا وَقَدِ اشْتَكَتْ عَيْنَهَا أَفَتَكْحُلُهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ». مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا كُلَّ ذَلِكَ يَقُولُ لاَ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّمَا هِىَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ، وَقَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَرْمِى بِالْبَعَرَةِ عَلَى رَأْسِ الْحَوْلِ». طرفاه 5338، 5706 5337 - قَالَ حُمَيْدٌ فَقُلْتُ لِزَيْنَبَ وَمَا تَرْمِى بِالْبَعَرَةِ عَلَى رَأْسِ الْحَوْلِ فَقَالَتْ زَيْنَبُ كَانَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا تُوُفِّىَ عَنْهَا زَوْجُهَا دَخَلَتْ حِفْشًا، وَلَبِسَتْ شَرَّ ثِيَابِهَا، وَلَمْ تَمَسَّ طِيبًا حَتَّى تَمُرَّ بِهَا سَنَةٌ، ثُمَّ تُؤْتَى بِدَابَّةٍ حِمَارٍ أَوْ شَاةٍ أَوْ طَائِرٍ فَتَفْتَضُّ بِهِ، فَقَلَّمَا ـــــــــــــــــــــــــــــ 5335 - 5337 - (إن ابنتي توفي [عنها زوجها] واشتكت عينها) برفع العين والنصب روايتان والياء، والرفع أصح لما في رواية: "اشتكت عيناها" أي: بها رمد استأذنت لهادي الكحل فقال (لا مرتين أو ثلاثًا كل ذلك يقول لا) أكَّدَ معها الكلام زجرًا عن سؤالها. فإن قلت: [روى] أبو داود والنسائي أن أم سلمة أستأذنته في وجع عينها فأذن أن تجعل على عينها الصبر في الليل. قلت: إما أن يكون الصبر زينة، أو علم أن بها ضرورة دون السائلة. (كانت إحداكن في الجاهلية ترمي بالبعرة على رأس الحول) كانت العدة في الجاهلية على هذه الحالة التي حكى على لفظ الحديث، والحفش -بكسر الحاء المهملة- بيت صغير. فإن قلت: أي معنى قصدوا في رمي البعرة؟ قلت: كان إشارة إلى أن العدة والإحداد على الزوج سنة أهون من هذه البعرة كناية عن عظم موت الزوج وحقه. (ثم تؤتى بدابةٍ حمارٍ أو شاة أو طاكر فتفتض به) -بالفاء وضاد معجمة- أي: تمسح به

47 - باب الكحل للحادة

تَفْتَضُّ بِشَىْءٍ إِلاَّ مَاتَ، ثُمَّ تَخْرُجُ فَتُعْطَى بَعَرَةً فَتَرْمِى، ثُمَّ تُرَاجِعُ بَعْدُ مَا شَاءَتْ مِنْ طِيبٍ أَوْ غَيْرِهِ. سُئِلَ مَالِكٌ مَا تَفْتَضُّ بِهِ قَالَ تَمْسَحُ بِهِ جِلْدَهَا. 47 - باب الْكُحْلِ لِلْحَادَّةِ 5338 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ نَافِعٍ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّهَا أَنَّ امْرَأَةً تُوُفِّىَ زَوْجُهَا فَخَشُوا عَلَى عَيْنَيْهَا فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتَأْذَنُوهُ فِي الْكُحْلِ فَقَالَ «لاَ تَكَحَّلْ قَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ تَمْكُثُ فِي شَرِّ أَحْلاَسِهَا أَوْ شَرِّ بَيْتِهَا، فَإِذَا كَانَ حَوْلٌ فَمَرَّ كَلْبٌ رَمَتْ بِبَعَرَةٍ، فَلاَ حَتَّى تَمْضِىَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ». طرفه 5336 5339 - وَسَمِعْتُ زَيْنَبَ ابْنَةَ أُمِّ سَلَمَةَ تُحَدِّثُ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ مُسْلِمَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُحِدَّ فَوْقَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ، إِلاَّ عَلَى زَوْجِهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا». طرفه 1280 5340 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا بِشْرٌ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ فرجها فلا يكاد يعيش ذلك الحيوان من غاية نتن فرجها، وكأنهم كانوا يجربون المرأة بذلك هل غسلت فرجها أم لا؟ وفي رواية النسائي بالقاف بعدها موحدة، بعدها صاد مهملة أي: تسرع إلى بيتها حياء من قبح حالها. فإن قلت: لم خص الإحداد بعدة الوفاة؟ قلت: ذكر المازري وتبعه غيره: أن الزينة والطيب داعيان إلى النكاح، والزوج معدوم، والزينة متابعة للنكاح، وهذا ليس بشيء، فإن الزوج معدوم في الوفاة والطلاق، بل إنما خصت به لأن الحكمة في الإحداء إظهار المصيبة بفقد الزوج، وفي صورة الطلاق لا حرمة ولا رعاية عليها؛ لأن الزوج هو الذي آذاها بالطلاق على أن أبا حنيفة قال: المبانة تحد وهو رواية عن أحمد، وقال به الشافعي أيضًا استحبابًا. باب الكحل للحادة روى في الباب حديث المرأة التي استفتت لابنتيها ومنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما سلف في الباب قبله. 5339 - (في شر أحلاسها) بفتح الهمزة جمع حِلس. -بكسر الحاء- كساء رقيق تحت التقتب. (إياس) بكسر الهمزة (حميد) بضم الحاء مصغر. 5340 - (بشر) بكسر الموحدة وشين معجمة.

48 - باب القسط للحادة عند الطهر

سِيرِينَ قَالَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ نُهِينَا أَنْ نُحِدَّ أَكْثَرَ مِنْ ثَلاَثٍ إِلاَّ بِزَوْجٍ. طرفه 313 48 - باب الْقُسْطِ لِلْحَادَّةِ عِنْدَ الطُّهْرِ 5341 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ حَفْصَةَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ كُنَّا نُنْهَى أَنْ نُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاَثٍ، إِلاَّ عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، وَلاَ نَكْتَحِلَ، وَلاَ نَطَّيَّبَ، وَلاَ نَلْبَسَ ثَوْبًا مَصْبُوغًا، إِلاَّ ثَوْبَ عَصْبٍ، وَقَدْ رُخِّصَ لَنَا عِنْدَ الطُّهْرِ إِذَا اغْتَسَلَتْ إِحْدَانَا مِنْ مَحِيضِهَا فِي نُبْذَةٍ مِنْ كُسْتِ أَظْفَارٍ، وَكُنَّا نُنْهَى عَنِ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ. طرفه 313 49 - باب تَلْبَسُ الْحَادَّةُ ثِيَابَ الْعَصْبِ 5342 - حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلاَمِ بْنُ حَرْبٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ حَفْصَةَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُحِدَّ فَوْقَ ثَلاَثٍ، إِلاَّ عَلَى زَوْجٍ، فَإِنَّهَا لاَ تَكْتَحِلُ وَلاَ تَلْبَسُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا إِلاَّ ثَوْبَ عَصْبٍ». طرفه 313 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب القسط للحادة قيل: صوابه الحاد بدون التاء، وكذا قاله ابن الأثير. قال: يقال أحدت وحدت فهي محد وحاد، لكن قال في باب الحيض: يقال حائض وحائضة، فعلى قياس ذلك تجوز التاء هنا اللهم إلا أن يكون مسموعًا. 5341 - (لا نلبس ثوبًا مصبوغًا إلا ثوب عصب) -بالعين والصاد المهملتين- قيل: هو من البرود ما صبغ ثم نسج، وجوز مالك والشافعي لبس الأسود؛ لأنه لا يقصد به الزينة، وفيه نظر لأنه قد يكون أكثر زينة من غيره، ويتفاوت أيضًا بحسب البلاد (في نبذة) -بضم النون وذال معجمة- القليل من كل شيء (من كست أظفار) -بضم الكاف- وهو القسط الذي ترجم عليه، ويقال: الكسط أيضًا. قال ابن الأثير: عقار معروف، والأظفار جمع ظفر وهو نوع من الطيب، وإضافة القسط إليه لأنه من أجزائه، وفي رواية: قسط وأظفار، ولفظ رخص يدل على أنه يجوز بقدر الضرورة. 5342 - (الفضل بن دكين) بضم الدال، المصغر (حرب) ضد الصلح.

50 - باب (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا) إلى قوله (بما تعملون خبير)

5343 - وَقَالَ الأَنْصَارِىُّ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَتْنَا حَفْصَةُ حَدَّثَتْنِى أُمُّ عَطِيَّةَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «وَلاَ تَمَسَّ طِيبًا إِلاَّ أَدْنَى طُهْرِهَا إِذَا طَهُرَتْ، نُبْذَةً مِنْ قُسْطٍ وَأَظْفَارٍ». طرفه 313 50 - باب (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا) إِلَى قَوْلِهِ (بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) 5344 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ حَدَّثَنَا شِبْلٌ عَنِ ابْنِ أَبِى نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا) قَالَ كَانَتْ هَذِهِ الْعِدَّةُ تَعْتَدُّ عِنْدَ أَهْلِ زَوْجِهَا وَاجِبًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ) قَالَ جَعَلَ اللَّهُ لَهَا تَمَامَ السَّنَةِ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً وَصِيَّةً إِنْ شَاءَتْ سَكَنَتْ فِي وَصِيَّتِهَا، وَإِنْ شَاءَتْ خَرَجَتْ، وَهْوَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى (غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ) فَالْعِدَّةُ كَمَا هِىَ، وَاجِبٌ عَلَيْهَا، زَعَمَ ذَلِكَ عَنْ مُجَاهِدٍ. وَقَالَ عَطَاءٌ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ نَسَخَتْ هَذِهِ الآيَةُ عِدَّتَهَا عِنْدَ أَهْلِهَا، فَتَعْتَدُّ حَيْثُ شَاءَتْ، وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى (غَيْرَ إِخْرَاجٍ). وَقَالَ عَطَاءٌ إِنْ شَاءَتِ اعْتَدَّتْ عِنْدَ أَهْلِهَا، وَسَكَنَتْ فِي وَصِيَّتِهَا، وَإِنْ شَاءَتْ خَرَجَتْ لِقَوْلِ اللَّهِ (فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ). ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} [البقرة: 234] 5344 - (روح) بفتح الراء وسكون الواو (عُبادة) بضم العين وتخفيف الباء (ابن أبي نجيح) -بفتح النون- عبد الله (قال مجاهد: كانت هذه العدة) أي: أربعة أشهر وعشرًا (تعتد بها عند أهلها واجبًا) كان القياس واجبة لأنه خبر العدة فيقدر له موصوف أي: أمرًا واجبًا، وفي رواية: واجب، على أنه خبر مبتدأ محذوف. فإن قلت: ما محصول كلام مجاهد؟ قلت: زعم أن الآية الأولى سابقة نزولًا، والآية الثانية متأخرة، لكن المعتدة مخيرة إن شاءت قعدت إلى تمام الحول، وإن شاءت ذهبت، وهذا الذي قاله لم يقل به أحد لما روى أبو داود والنسائي أن عدة الحول نسخت بأربعة

51 - باب مهر البغى والنكاح الفاسد

قَالَ عَطَاءٌ ثُمَّ جَاءَ الْمِيرَاثُ فَنَسَخَ السُّكْنَى، فَتَعْتَدُّ حَيْثُ شَاءَتْ، وَلاَ سُكْنَى لَهَا. طرفه 4531 5345 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ حَدَّثَنِى حُمَيْدُ بْنُ نَافِعٍ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ ابْنَةِ أَبِى سُفْيَانَ لَمَّا جَاءَهَا نَعِىُّ أَبِيهَا دَعَتْ بِطِيبٍ، فَمَسَحَتْ ذِرَاعَيْهَا وَقَالَتْ مَا لِى بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ. لَوْلاَ أَنِّى سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ تُحِدُّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاَثٍ، إِلاَّ عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا». طرفه 1280 51 - باب مَهْرِ الْبَغِىِّ وَالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَقَالَ الْحَسَنُ إِذَا تَزَوَّجَ مُحَرَّمَةً وَهْوَ لاَ يَشْعُرُ، فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، وَلَهَا مَا أَخَذَتْ، وَلَيْسَ لَهَا غَيْرُهُ. ثُمَّ قَالَ بَعْدُ لَهَا صَدَاقُهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ أشهر وعشر (وقال عطاء: ثم جاء الميراث فنسخ السكنى ولا سكنى لها) هذا الذي قاله عطاء لم يذهب إليه أحد من الأئمة، وذلك لما روى أصحاب السنن والإمام أحمد أن فريعة بنت مالك بن سنان قالت: قتل زوجي في دار شاسعة فاستأذنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الانتقال فقال: "امكثي في البيت الذي أتاك فيه نعيه حتى يبلغ الكتاب أجله" والله أعلم. باب مهر البغي (وقال الحسن: إذا تزوج محرمة) -بضم الميم وتشديد الراء- رواية الأصيلي، ورواية غيره: بفتح الميم وآخره هاء الضمير أي: إحدى محارمه، ويروى بضم الميم وإسكان الحاء من الإحرام (فرق بينهما ولها ما أخذت وليس لها غيره) [نكاح] المحارم باطل لا صداق فيه عند الأئمة إن كان عالمًا، وعليه الحد، وإن نكحها وهو لا يشعر ففيه خلاف، وعندهم إن كان قبل الدخول لا شيء فيه، وإن كان بعده منهم من قال: يجب المسمى، ومنهم من قال: يجب مهر المثل.

52 - باب المهر للمدخول عليها وكيف الدخول، أو طلقها قبل الدخول والمسيس

5346 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ، وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ، وَمَهْرِ الْبَغِىِّ. طرفه 2237 5347 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَوْنُ بْنُ أَبِى جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَعَنَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْوَاشِمَةَ، وَالْمُسْتَوْشِمَةَ، وَآكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ، وَنَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ، وَكَسْبِ الْبَغِىِّ، وَلَعَنَ الْمُصَوِّرِينَ. طرفه 2086 5348 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ الْجَعْدِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ كَسْبِ الإِمَاءِ. طرفه 2283 52 - باب الْمَهْرِ لِلْمَدْخُولِ عَلَيْهَا وَكَيْفَ الدُّخُولُ، أَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْمَسِيسِ 5349 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ 5346 - (عن أبي مسعود) هو البدري، واسمه: عقبة (نهى عن ثمن الكلب) فيه دليل الشافعي في عدم جواز بيعه، وهي رواية عن أحمد. وقال مالك في "الموطأ": أكره ذلك (وحلوان الكاهن) -بضم الحاء- ما يعطى من أجل الكهانة. قال ابن الأثير: الكاهن هو الذي يخبر عن الأمور المستقبلية يزعم أن له جنيًّا يخبره، قال: أما من يستدل على الوقائع بالأحوال يقال له: العراف بفتح العين وتشديد الراء آخره فاء. 5347 - (عون) بفتح العين آخره نون (مهر البغي) أجرة الزانية، والبغي: فعول من البغاء وهو الزنى، ولذلك لم تلحقه التاء (الواشمة والمستوشمة) الوشم: غرز الإبرة في الجلد، ثم يصب النيل فيه، الواشمة: الصانعة، والمستوشمة الطالبة. 5348 - (علي بن الجعد) بفتح الجيم وسكون العين (جُحَادة) بضم الجيم وفتح الحاء (عن أبي حازم) -بالحاء المهملة- سلمان الأشجعي. باب المهر للمدخول عليها وكيف الدخول أو طلقها قبل الدخول أي: كيفية الطلاق، وحكمه قبل الدخول فيه نصف المسمى، وأقام أبو حنيفة الخلوة الصحيحة مقام الوطء، وقال مالك: إن دخل عليها وطال مكثه وجب المهر كاملا. 5349 - ثم روى في الباب حديث لعان عويمر، وموضع الدلالة قوله: ...............

53 - باب المتعة للتى لم يفرض لها

قَالَ قُلْتُ لاِبْنِ عُمَرَ رَجُلٌ قَذَفَ امْرَأَتَهُ فَقَالَ فَرَّقَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ أَخَوَىْ بَنِى الْعَجْلاَنِ وَقَالَ «اللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ، فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ». فَأَبَيَا، فَقَالَ «اللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ، فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ». فَأَبَيَا، فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا. قَالَ أَيُّوبُ فَقَالَ لِى عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ فِي الْحَدِيثِ شَىْءٌ لاَ أَرَاكَ تُحَدِّثُهُ قَالَ قَالَ الرَّجُلُ مَالِى. قَالَ «لاَ مَالَ لَكَ، إِنْ كُنْتَ صَادِقًا فَقَدْ دَخَلْتَ بِهَا، وَإِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَهْوَ أَبْعَدُ مِنْكَ». طرفه 5311 53 - باب الْمُتْعَةِ لِلَّتِى لَمْ يُفْرَضْ لَهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى (لاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ) إِلَى قَوْلِهِ (إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) وَقَوْلِهِ (وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ * كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) وَلَمْ يَذْكُرِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْمُلاَعَنَةِ مُتْعَةً حِينَ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا. 5350 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ (لا مال لك) عليها (إن كنت صادقًا فقد دخلت بها) فإنه جعل الدخول عليه كمال الصداق، وفيه رد على من ألحق الخلوة بالدخول، وفيه نظر لأنا هذا جواب تلك الحادثة، فلا يمنع الوجوب لأمر آخر. باب المتعة للتي لم يفرض لها الدليل على المتعة قوله تعالى: {وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ} [البقرة: 236]، وقال الشافعي بوجوبها لمن لا مهر لهما، أو لها كل المهر ولا متعة لذات الشطر. وقال مالك: المتعة مستحبة لكل مطلقة، وقال أبو حنيفة: واجبة لمن لم يدخل بها ولم يسم لها، مستحبة لغيرها، ومذهب الإِمام أحمد مثل قوله الشافعي إلا رواية في المدخول بها، واستدلال البخاري بقوله: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 241]) ظاهر في أنه يقول بالمتعة في الكل كما قاله مالك (ولم يذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - للملاعنة حين طلقها) لما كان قوله: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ} عامًّا في كل مطلقة، ولم يوجب في الملاعنة شيئًا، دل على أن طلاقها لم يكن معتدًا به لوقوع البينونة بنفس اللعان.

عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لِلْمُتَلاَعِنَيْنِ «حِسَابُكُمَا عَلَى اللَّهِ، أَحَدُكُمَا كَاذِبٌ، لاَ سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَالِى. قَالَ «لاَ مَالَ لَكَ، إِنْ كُنْتَ صَدَقْتَ عَلَيْهَا، فَهْوَ بِمَا اسْتَحْلَلْتَ مِنْ فَرْجِهَا، وَإِنْ كُنْتَ كَذَبْتَ عَلَيْهَا، فَذَاكَ أَبْعَدُ وَأَبْعَدُ لَكَ مِنْهَا». طرفه 5311

69 - كتاب النفقات

69 - كتاب النفقات 1 - باب فَضْلِ النَّفَقَةِ عَلَى الأَهْلِ (وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ * فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ). وَقَالَ الْحَسَنُ الْعَفْوُ الْفَضْلُ. 5351 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِىِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ الأَنْصَارِىَّ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ الأَنْصَارِىِّ فَقُلْتُ عَنِ النَّبِيِّ فَقَالَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا أَنْفَقَ الْمُسْلِمُ نَفَقَةً عَلَى أَهْلِهِ وَهْوَ يَحْتَسِبُهَا، كَانَتْ لَهُ صَدَقَةً». طرفه 55 5352 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «قَالَ اللَّهُ أَنْفِقْ يَا ابْنَ آدَمَ أُنْفِقْ عَلَيْكَ». طرفه 4684 ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب النفقات وفضل النفقة على الأهل وقول الله عَزَّ وَجَلَّ: {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} [البقرة: 219] , قال الحسن: العفو الفضل) يريد أن السؤال كان عن الإنفاق في أبواب البر، فأجاب الله بأن المصروف في أبواب البر هو الفاضل عن نفقة العيال. 5351 - (أبي إياس) بكسر الهمزة (عن أبي مسعود الأنصاري) هو البدري (إذا أنفق الرجل نفقة على أهله يحتسبها كانت له صدقة) الاحتساب: أن يكون ذلك امتثالًا لأمر الله تعالى في أداء ما وجب، ومعنى كونه صدقة: ترتب الثواب الذي يطلب بالصدقة، وفي رواية مسلم: "دينار أعطيته في رقبة، ودينار أعطيته مسكينًا، ودينار أعطيته في سبيل الله، ودينار أنفقته على أهلك، فالذي أنفقته على أهلك أعظم أجرًا". 5352 - (عن أبي الزناد) -بكسر الزاي بعدها نون- عبد الله بن ذكوان (قال الله تعالى: أنفق يا ابن آدم أنفق عليك) حث على الإنفاق، وتنفير على الإمساك، وكلام المحققين من

5353 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِى الْغَيْثِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «السَّاعِى عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوِ الْقَائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهَارَ». طرفاه 6006، 6007 5354 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ سَعْدٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَعُودُنِى وَأَنَا مَرِيضٌ بِمَكَّةَ، فَقُلْتُ لِى مَالٌ أُوصِى بِمَالِى كُلِّهِ قَالَ «لاَ». قُلْتُ فَالشَّطْرُ قَالَ «لاَ». قُلْتُ فَالثُّلُثُ قَالَ «الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، أَنْ تَدَعَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً، يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ فِي أَيْدِيهِمْ، وَمَهْمَا أَنْفَقْتَ فَهُوَ لَكَ صَدَقَةٌ حَتَّى اللُّقْمَةَ تَرْفَعُهَا فِي فِي امْرَأَتِكَ، وَلَعَلَّ اللَّهَ يَرْفَعُكَ، يَنْتَفِعُ بِكَ نَاسٌ وَيُضَرُّ بِكَ آخَرُونَ». طرفه 56 ـــــــــــــــــــــــــــــ المشايخ أن يكون المتوكل بما عند الله أوثق بما [في] يده؛ لأن ما في يده يمكن [أن] طرق بطرق الزوال والفساد عليه من وجوه، وهذا الخطاب يشمل الإناث بلا خلاف إما حقيقة عرفية، أو قياسًا. 5353 - (قَزَعة) بالقاف وثلاث فتحات (ثور) بالثاء المثلثة (أبي الغيث) مرادف المطر. سالم مولى أبي المطيع (الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله) أي: الساعي في شأنهما من أسباب المعاش. (أو القائم الليل الصائم النهار) إما شك كان الراوي، أو تنويع في التشبيه كما في قوله: {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ} بعد قوله: {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا} [البقرة: 17] وهذا أظهر وأحسن، يؤيده رواية ابن ماجه بالواو. 5354 - ثم روى حديث سعد بن أبي وقاص في مرضه بمكة حين عاده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأراد أن يوصي بجميع ماله، فمنعه إلا عن الثلث (قال: الثلث والثلث كثير) بالثاء المثلثة، ويروى بالموحدة، وقد سلف الحديث في أبواب الحج والوصية (أن تدع) بفتح الهمزة وكسرها (عالة) -جمع عائل- وهو الفقير. (يتكففون الناس في أيديهم) أي: يسألون الناس آخذين صدقاتهم في أيديهم.

2 - باب وجوب النفقة على الأهل والعيال

2 - باب وُجُوبِ النَّفَقَةِ عَلَى الأَهْلِ وَالْعِيَالِ 5355 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ مَا تَرَكَ غِنًى، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ». تَقُولُ الْمَرْأَةُ إِمَّا أَنْ تُطْعِمَنِى وَإِمَّا أَنْ تُطَلِّقَنِى. وَيَقُولُ الْعَبْدُ أَطْعِمْنِى وَاسْتَعْمِلْنِى. وَيَقُولُ الاِبْنُ أَطْعِمْنِى، إِلَى مَنْ تَدَعُنِى فَقَالُوا يَا أَبَا هُرَيْرَةَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ لاَ هَذَا مِنْ كِيسِ أَبِى هُرَيْرَةَ. طرفه 1426 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب وجوب النفقة على الأهل والعيال بكسر العين جمع عَيِّل بفتح العين وتشديد الياء المكسورة كجياد في جيد. 5355 - (أفضل الصدقة ما ترك غِنَىً) أي: بعد خروجه يكون المتصدق باقيًا بوصف الغنى، وهذا إذا لم يكن له قوة وصبر في مقام التوكل، ولا يفوته حق واجب لما روى أبو داود: "أفضل الصدقة جهد المقل" , وقصة الصديق في تجرده عن كل ماله معروفة. (واليد العليا خير من اليد السفلى) قد سلف في أبواب الزكاة: أن اليد العليا هي المنفقة (وابدأ بمن تعول) يقال: عال الرجل إذا أنفق على عياله وقام بحالهم (تقول المرأة: إما أن تطعمني أو تطلقني) استدل به الشافعي وأحمد ومالك على أنه المرأة تفسخ النكاح بإجبار الزوج على النفقة، وقال أبو حنيفة: لا يفرق بين الزوج والمرأة، ولكن تؤمر بالاستدانة عليه لقوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280] وأورد عليه قوله تعالى: {وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا} [البقرة: 231]، وأما إذا رضيت فلا ضرار, وبه يندفع أيضًا قوله تعالى {إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ} [النور: 32] لأن ابتداء النكاح يستلزم الرضا (فقالوا يا أبا هريرة: سمعت هذا من رسوله الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: هذا من كيس أبو هريرة) إنكار على السائل في سؤاله، فإن أمثاله هذا لابد من سماعه, وقيل: إنه من عنده, أي: معناه أنه مدرج، وليس بشيء لما في الرواية: أن قائلًا قال يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من أعول؟ قال:

3 - باب حبس نفقة الرجل قوت سنة على أهله، وكيف نفقات العيال

5356 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ مُسَافِرٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ». طرفه 1426 3 - باب حَبْسِ نَفَقَةِ الرَّجُلِ قُوتَ سَنَةٍ عَلَى أَهْلِهِ، وَكَيْفَ نَفَقَاتُ الْعِيَالِ 5357 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ قَالَ لِى مَعْمَرٌ قَالَ لِى الثَّوْرِىُّ هَلْ سَمِعْتَ فِي الرَّجُلِ يَجْمَعُ لأَهْلِهِ قُوتَ سَنَتِهِمْ أَوْ بَعْضِ السَّنَةِ قَالَ مَعْمَرٌ فَلَمْ يَحْضُرْنِى، ثُمَّ ذَكَرْتُ حَدِيثًا حَدَّثَنَاهُ ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِىُّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ عَنْ عُمَرَ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَبِيعُ نَخْلَ بَنِى النَّضِيرِ، وَيَحْبِسُ لأَهْلِهِ قُوتَ سَنَتِهِمْ. طرفه 2904 5358 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى مَالِكُ بْنُ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ ـــــــــــــــــــــــــــــ "امرأتك تقول أطعمني وإلا فارقني" وقوله قول الولد: (أطعمني إلى من تدعني) دلالة على الإنفاق إنما يجب عليه إذا كان فقيرًا أو صغيرًا أو كبيرًا عاجزًا عن الكسب. باب حبس الرجل نفقة سنة على أهله 5357 - (محمد بن سلام) بتخفيف اللام (عن ابن عيينة) بضم العين, مصغر (معمر) بفتح الميمين وعين ساكنة (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يبيع نخل بني النضير) لما أجلاهم كانت أموالهم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاصه (ويحبس لأهله قوت سنتهم) وفيه دلالة على أن الإدخار لا ينافي التوكل , والتقييد بالسنة إنما جاء من خصوص السبب؛ لأن ثمر النخل إنما كان يحصل كذلك، فلا منع من أدخار ما زاد على السنة. فإن قلت: قد جاء في الحديث "أنه ما كان يدخر لغد شيئًا قلت كذلك، لنفسه وهذا لما يحب عليه من نفقة عياله. 5358 - (غفير) بضم العين مصغر, وكذا (عقيل) (أوس بن الحدثان) بفتح الدال

وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ذَكَرَ لِى ذِكْرًا مِنْ حَدِيثِهِ، فَانْطَلَقْتُ حَتَّى دَخَلْتُ عَلَى مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ مَالِكٌ انْطَلَقْتُ حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى عُمَرَ، إِذْ أَتَاهُ حَاجِبُهُ يَرْفَا فَقَالَ هَلْ لَكَ فِي عُثْمَانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالزُّبَيْرِ وَسَعْدٍ يَسْتَأْذِنُونَ قَالَ نَعَمْ. فَأَذِنَ لَهُمْ - قَالَ - فَدَخَلُوا وَسَلَّمُوا فَجَلَسُوا، ثُمَّ لَبِثَ يَرْفَا قَلِيلاً فَقَالَ لِعُمَرَ هَلْ لَكَ فِي عَلِىٍّ وَعَبَّاسٍ قَالَ نَعَمْ. فَأَذِنَ لَهُمَا، فَلَمَّا دَخَلاَ سَلَّمَا وَجَلَسَا، فَقَالَ عَبَّاسٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اقْضِ بَيْنِى وَبَيْنَ هَذَا. فَقَالَ الرَّهْطُ عُثْمَانُ وَأَصْحَابُهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اقْضِ بَيْنَهُمَا، وَأَرِحْ أَحَدَهُمَا مِنَ الآخَرِ. فَقَالَ عُمَرُ اتَّئِدُوا أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِى بِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ». يُرِيدُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَفْسَهُ. قَالَ الرَّهْطُ قَدْ قَالَ ذَلِكَ. فَأَقْبَلَ عُمَرُ عَلَى عَلِىٍّ وَعَبَّاسٍ فَقَالَ أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمَانِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ ذَلِكَ قَالاَ قَدْ قَالَ ذَلِكَ. قَالَ عُمَرُ فَإِنِّى أُحَدِّثُكُمْ عَنْ هَذَا الأَمْرِ، إِنَّ اللَّهَ كَانَ خَصَّ رَسُولَهُ - صلى الله عليه وسلم - فِي هَذَا الْمَالِ بِشَىْءٍ لَمْ يُعْطِهِ أَحَدًا غَيْرَهُ، قَالَ اللَّهُ (مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ) إِلَى قَوْلِهِ (قَدِيرٌ). فَكَانَتْ هَذِهِ خَالِصَةً لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَاللَّهِ مَا احْتَازَهَا دُونَكُمْ وَلاَ اسْتَأْثَرَ بِهَا عَلَيْكُمْ، لَقَدْ أَعْطَاكُمُوهَا وَبَثَّهَا فِيكُمْ، حَتَّى بَقِىَ مِنْهَا هَذَا الْمَالُ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَتِهِمْ مِنْ هَذَا الْمَالِ، ثُمَّ يَأْخُذُ مَا بَقِىَ، فَيَجْعَلُهُ مَجْعَلَ مَالِ اللَّهِ، فَعَمِلَ بِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَيَاتَهُ، أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ، هَلْ تَعْلَمُونَ ذَلِكَ قَالُوا نَعَمْ. قَالَ لِعَلِىٍّ وَعَبَّاسٍ أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمَانِ ذَلِكَ قَالاَ نَعَمْ. ثُمَّ تَوَفَّى اللَّهُ نَبِيَّهُ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا وَلِىُّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَبَضَهَا أَبُو بَكْرٍ يَعْمَلُ فِيهَا بِمَا عَمِلَ بِهِ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنْتُمَا حِينَئِذٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ (وكان محمَّد بن جبير ذكر لي ذكرًا من حديثه) أي: سمع الزهريّ بعض هذا الحديث من ابن جبير يرويه عن مالك بن أوس، فذهب إلى مالك بن أوس واستوعب منه الحديث (يرفأ) -بياء مثناة تحت والفاء، آخره همزة- صاحب عمر بن الخطاب، وهذا الحديث سبق مكررًا في أبواب الخمس، ومحصله: أن صدقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانت في يد علي والعباس بطريق النظر فأراد قسمته، وانفراد كل واحد منهما بطائفة مقررة لعدم الاختلاط والنزاع، فأبى عمر خوفًا من أنه بمرور الزمان تدعي ذرية كل واحد منهما الملك بما في يده (اتئدوا) من الاتئاد

4 - باب وقال الله تعالى (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة) إلى قوله (بما تعملون بصير)

- وَأَقْبَلَ عَلَى عَلِىٍّ وَعَبَّاسٍ - تَزْعُمَانِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَذَا وَكَذَا، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ فِيهَا صَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ، ثُمَّ تَوَفَّى اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ أَنَا وَلِىُّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبِى بَكْرٍ، فَقَبَضْتُهَا سَنَتَيْنِ أَعْمَلُ فِيهَا بِمَا عَمِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ جِئْتُمَانِى وَكَلِمَتُكُمَا وَاحِدَةٌ وَأَمْرُكُمَا جَمِيعٌ، جِئْتَنِى تَسْأَلُنِى نَصِيبَكَ مِنِ ابْنِ أَخِيكَ، وَأَتَى هَذَا يَسْأَلُنِى نَصِيبَ امْرَأَتِهِ مِنْ أَبِيهَا، فَقُلْتُ إِنْ شِئْتُمَا دَفَعْتُهُ إِلَيْكُمَا عَلَى أَنَّ عَلَيْكُمَا عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ لَتَعْمَلاَنِ فِيهَا بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَبِمَا عَمِلَ بِهِ فِيهَا أَبُو بَكْرٍ، وَبِمَا عَمِلْتُ بِهِ فِيهَا، مُنْذُ وُلِّيتُهَا، وَإِلاَّ فَلاَ تُكَلِّمَانِى فِيهَا فَقُلْتُمَا ادْفَعْهَا إِلَيْنَا بِذَلِكَ. فَدَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا بِذَلِكَ، أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ دَفَعْتُهَا إِلَيْهِمَا بِذَلِكَ فَقَالَ الرَّهْطُ نَعَمْ. قَالَ فَأَقْبَلَ عَلَى عَلِىٍّ وَعَبَّاسٍ فَقَالَ أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ هَلْ دَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا بِذَلِكَ قَالاَ نَعَمْ. قَالَ أَفَتَلْتَمِسَانِ مِنِّى قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ، فَوَالَّذِى بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ أَقْضِى فِيهَا قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ، حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، فَإِنْ عَجَزْتُمَا عَنْهَا فَادْفَعَاهَا فَأَنَا أَكْفِيكُمَاهَا. طرفه 2904 4 - باب وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ) إِلَى قَوْلِهِ (بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) وَقَالَ (وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْرًا) وَقَالَ (وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى * لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ) إِلَى قَوْلِهِ (بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا). وَقَالَ يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ نَهَى اللَّهُ أَنْ تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَذَلِكَ أَنْ تَقُولَ الْوَالِدَةُ لَسْتُ مُرْضِعَتَهُ. وَهْىَ أَمْثَلُ لَهُ غِذَاءً، وَأَشْفَقُ عَلَيْهِ، وَأَرْفَقُ بِهِ مِنْ غَيْرِهَا، فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَأْبَى بَعْدَ أَنْ يُعْطِيَهَا مِنْ نَفْسِهِ مَا جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ لِلْمَوْلُودِ لَهُ أَنْ يُضَارَّ بِوَلَدِهِ وَالِدَتَهُ، فَيَمْنَعَهَا أَنْ تُرْضِعَهُ ضِرَارًا لَهَا إِلَى غَيْرِهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو التأني وعدم الاستعجال (أنشدكم) أسألكم بالله في معنى القسم (ما أحتازها دونكم) أي: وإن كانت خاصة له يقول الله وأفرقها فيكم. باب قوله: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ} [البقرة: 233] هذا خبر ومعناه الإنشاء، وهو أبلغ لما تقرر في علم البلاغة، والإرضاع على الأم إذا لم يوجد غيرها، أو لا يقبل الطفل ثدي غيرها, ولا أجرة لها ما دامت في النكاح اكتفاء بالنفقة.

5 - باب نفقة المرأة إذا غاب عنها زوجها ونفقة الولد

يَسْتَرْضِعَا عَنْ طِيبِ نَفْسِ الْوَالِدِ وَالْوَالِدَةِ، فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا، بَعْدَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ، (فِصَالُهُ) فِطَامُهُ. 5 - باب نَفَقَةِ الْمَرْأَةِ إِذَا غَابَ عَنْهَا زَوْجُهَا وَنَفَقَةِ الْوَلَدِ 5359 - حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ جَاءَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ مِسِّيكٌ، فَهَلْ عَلَىَّ حَرَجٌ أَنْ أُطْعِمَ مِنَ الَّذِى لَهُ عِيَالَنَا قَالَ «لاَ إِلاَّ بِالْمَعْرُوفِ». طرفه 2211 5360 - حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا أَنْفَقَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ كَسْبِ زَوْجِهَا عَنْ غَيْرِ أَمْرِهِ فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِهِ». طرفه 2066 6 - باب عَمَلِ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا 5361 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِى الْحَكَمُ عَنِ ابْنِ أَبِى لَيْلَى حَدَّثَنَا عَلِىٌّ أَنَّ فَاطِمَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب نفقة المرأة إذا غاب زوجها 5359 - روى حديث هند زوج أبي سفيان، وقد سلف في المناقب، وموضع الدلالة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أَفتاها بأن تأخذ من مال زوجها قدر الكفاية (إن أبا سفيان رجل مسيك) -بفتح الميم، على وزن فعيل- قال ابن الأثير: هو البخيل لفظًا ومعنىً وقال غيره: هو بكسر الميم تشديدد السين أي: شديد البخل. 5360 - وحريث (المرأة إذا أنفقت من كسب زوجها فلها نصف الأجر) تقدم في أبواب الزكاة. باب عمل المرأة في بيت زوجها 5361 - (الحكم) بفتح الحاء والكاف (ابن أبي ليلى) اسمه عبد الرحمن (أن فاطمة

7 - باب خادم المرأة

- عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ - أَتَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - تَشْكُو إِلَيْهِ مَا تَلْقَى فِي يَدِهَا مِنَ الرَّحَى، وَبَلَغَهَا أَنَّهُ جَاءَهُ رَقِيقٌ فَلَمْ تُصَادِفْهُ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ، فَلَمَّا جَاءَ أَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ - قَالَ - فَجَاءَنَا وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا، فَذَهَبْنَا نَقُومُ فَقَالَ «عَلَى مَكَانِكُمَا». فَجَاءَ فَقَعَدَ بَيْنِى وَبَيْنَهَا حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَى بَطْنِى فَقَالَ «أَلاَ أَدُلُّكُمَا عَلَى خَيْرٍ مِمَّا سَأَلْتُمَا، إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا - أَوْ أَوَيْتُمَا إِلَى فِرَاشِكُمَا - فَسَبِّحَا ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَاحْمَدَا ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَكَبِّرَا أَرْبَعًا وَثَلاَثِينَ، فَهْوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ». طرفه 3113 7 - باب خَادِمِ الْمَرْأَةِ 5362 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى يَزِيدَ سَمِعَ مُجَاهِدًا سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِى لَيْلَى يُحَدِّثُ عَنْ عَلِىِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ أَنَّ فَاطِمَةَ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ - أَتَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - تَسْأَلُهُ خَادِمًا فَقَالَ «أَلاَ أُخْبِرُكِ مَا هُوَ خَيْرٌ لَكِ مِنْهُ، تُسَبِّحِينَ اللَّهَ عِنْدَ مَنَامِكِ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَتَحْمَدِينَ اللَّهَ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَتُكَبِّرِينَ اللَّهَ أَرْبَعًا وَثَلاَثِينَ». - ثُمَّ قَالَ سُفْيَانُ إِحْدَاهُنَّ أَرْبَعٌ وَثَلاَثُونَ - فَمَا تَرَكْتُهَا بَعْدُ، قِيلَ وَلاَ ـــــــــــــــــــــــــــــ أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - إليه ما تلقى في يدها من الرحى) كانت سمعت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - جاءه سبي (فلم تصادفه) أي: تجده حاضرًا. فإن قلت: مع كونها كانت مضطرة لِمَ منعها؟ قلت: لعلمه بأنها تقدر ولم تكن مضطرة، وكان الفقراء أحوج منها، أو كان يعلم الصبر، وقد قال في حديث آخر: "أني أعطي الرجل وغيره أحب لما جعل الله في قلبه من الغنى"، وموضع الدلالة في الحديث كون فاطمة كانت تعمل في بيت علي، وهذا وإن لم يكن واجبًا عليها إذا قامت به لا يعنف الزوج. باب خادم المرأة 5362 - روى حديث فاطمة الذي في الباب قبله، وغرضه إثبات جواز الخادم للنساء، ولذلك لم يمنعها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قبل الخادم بل دلها إلى ما هو خير منه، وإنما خاطبها في

8 - باب خدمة الرجل فى أهله

لَيْلَةَ صِفِّينَ قَالَ وَلاَ لَيْلَةَ صِفِّينَ. طرفه 3113 8 - باب خِدْمَةِ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ 5363 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - مَا كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَصْنَعُ فِي الْبَيْتِ قَالَتْ كَانَ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ، فَإِذَا سَمِعَ الأَذَانَ خَرَجَ. طرفه 676 9 - باب إِذَا لَمْ يُنْفِقِ الرَّجُلُ فَلِلْمَرْأَةِ أَنْ تَأْخُذَ بِغَيْرِ عِلْمِهِ مَا يَكْفِيهَا وَوَلَدَهَا بِالْمَعْرُوفِ 5364 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ هِنْدَ بِنْتَ عُتْبَةَ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ الباب الأول، وهنا خص فاطمة بالخطاب؛ لأنها السائلة (ليلة صفين) -بكسر الصاد وتشديد الفاء- مكان بقرب الفرات كان به حرب معاوية مع الإِمام كرم الله وجهه. فإن قلت: الحرب كان مدة مديدة فما معنى قوله: (ليلة صفين)؟ قلت: أراد ليلة التحكيم، فإنه كان في غاية الضمير؛ لأنه بدا له وجه الظفر فاحتالوا عليه، فكان تلك الليلة مظنة أن يغفل عن ذلك التسبيح. باب خدمة الرجل في أهله 5363 - (عرعرة) بعين وراء مهملتين (عن الحكم بن عتيبة) بضم العين وفتح الفوقانية، وسكون التحتانية بعدها باء موحدة. روى عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان داخل الدار (يكون في مَهنة أهله) -بفتح الميم وكسرها- الخدمة والقيام بما يحتاجون إليه. وفيه دلالة على أنه يستحب لكل أحد خدمة أهله، وليس في ذلك ترك المروءة كما يفهم بعض الأجلاف، وقد سلف شرح الحديث مستوفى في باب فضل الجماعة. باب إذا لم ينفق الرجل فللمرأة أن تأخذ من [غير] علمه 5364 - روى في الباب حديث هند مع أبي سفيان.

10 - باب حفظ المرأة زوجها فى ذات يده والنفقة

شَحِيحٌ، وَلَيْسَ يُعْطِينِى مَا يَكْفِينِى وَوَلَدِى، إِلاَّ مَا أَخَذْتُ مِنْهُ وَهْوَ لاَ يَعْلَمُ فَقَالَ «خُذِى مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ». طرفه 2211 10 - باب حِفْظِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا فِي ذَاتِ يَدِهِ وَالنَّفَقَةِ 5365 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ وَأَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «خَيْرُ نِسَاءٍ رَكِبْنَ الإِبِلَ نِسَاءُ قُرَيْشٍ - وَقَالَ الآخَرُ صَالِحُ نِسَاءِ قُرَيْشٍ - أَحْنَاهُ عَلَى وَلَدٍ فِي صِغَرِهِ، وَأَرْعَاهُ عَلَى زَوْجٍ فِي ذَاتِ يَدِهِ». وَيُذْكَرُ عَنْ مُعَاوِيَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 3434 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: قد رواه آنفًا فلماذا أعاده؟ قلت: كان ذلك الحكم في غيبة الرجل، وهذا في عدم علمه أعم من غيبته. (شحيح) الشح: البخل مع الحرص. باب حفظ المرأة زوجها في ذات يده 5365 - (ابن طاوس) عبد الله (أبو الزناد) -[بكسر الزاي] بعدها نون- عبد الله بن ذكوان (خير نساء ركبن الإبل نساء قريش، وقال الآخر: صالح نساء قريش) الرجل الآخر يجوز أن يكون ابن طاوس وأبا الزناد على طريق البدل (أحناه على ولد) من الحنو وهو: العطف. قال ابن الأثير: ذكر المضمر في أحناه ذهابًا إلى المعنى كأنه قيل: أحنى من وجد، كما يقال: فلان أحسن وجهًا وأحسنه خلقا، وهذا من أفصح الكلام. قلت: ذلك لأنه أعم مفهومًا فيفيد مبالغة باعتبار ذلك المفهوم، وقد سلف الحديث في أوائل كتاب النكاح مع زيادة قول أبي هريرة: مريم بنت عمران لم تركب بعيرًا قط احترازًا من تفضيل نساء قريش عليها، وفي رواية مسلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما قال هذا الكلام لما خطب أم هانئ واعتذرت بأنها قد كبرت.

11 - باب كسوة المرأة بالمعروف

11 - باب كِسْوَةِ الْمَرْأَةِ بِالْمَعْرُوفِ 5366 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ قَالَ سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ وَهْبٍ عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - قَالَ آتَى إِلَىَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حُلَّةً سِيَرَاءَ فَلَبِسْتُهَا، فَرَأَيْتُ الْغَضَبَ فِي وَجْهِهِ فَشَقَّقْتُهَا بَيْنَ نِسَائِى. طرفه 2614 12 - باب عَوْنِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا فِي وَلَدِهِ 5367 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرٍو عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ هَلَكَ أَبِى وَتَرَكَ سَبْعَ بَنَاتٍ أَوْ تِسْعَ بَنَاتٍ فَتَزَوَّجْتُ امْرَأَةً ثَيِّبًا فَقَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «تَزَوَّجْتَ يَا جَابِرُ». فَقُلْتُ نَعَمْ. فَقَالَ «بِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا». قُلْتُ بَلْ ثَيِّبًا. قَالَ «فَهَلاَّ جَارِيَةً تُلاَعِبُهَا وَتُلاَعِبُكَ، وَتُضَاحِكُهَا وَتُضَاحِكُكَ». قَالَ فَقُلْتُ لَهُ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ هَلَكَ وَتَرَكَ بَنَاتٍ، وَإِنِّى كَرِهْتُ أَنْ أَجِيئَهُنَّ بِمِثْلِهِنَّ، فَتَزَوَّجْتُ امْرَأَةً تَقُومُ عَلَيْهِنَّ وَتُصْلِحُهُنَّ. فَقَالَ «بَارَكَ اللَّهُ لَكَ». أَوْ قَالَ خَيْرًا. طرفه 443 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب كسوة المرأة بالمعروف 5366 - (منهال) بكسر الميم (ميسرة) بفتح الميم وإسكان الياء. روى عن علي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - (أتى بحلة سِيَرَاء) بكسر السين وفتح الياء والمد: نوع من البرود (فلبستها) فأنكر عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لكونها حريرًا (فشققتها بين نسائي) أي: نسوة يتعلقن به إذ لم تكن زوجة سوى فاطمة، وفي الراوية الآخرى: بين فواطم، وقد سلف الحديث في أبواب الهبة، وقد أسلفنا أن الحلة ثوبان من جنس واحد، والحديث يطابق لما ترجم له فإن الحرير مباح للنساء، والمعروف ما يليق بحال الرجل والمرأة. باب عون المرأة زوجها في ولده 5367 - روى في الباب حديث زواج جابر ثيبًا، وقد مَرّ مرارًا، وموضع الدلالة قوله: (إن عبد الله مات وترك بنات، فتزوجت امرأة تقوم عليهن).

13 - باب نفقة المعسر على أهله

13 - باب نَفَقَةِ الْمُعْسِرِ عَلَى أَهْلِهِ 5368 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ أَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ فَقَالَ هَلَكْتُ. قَالَ «وَلِمَ». قَالَ وَقَعْتُ عَلَى أَهْلِى فِي رَمَضَانَ. قَالَ «فَأَعْتِقْ رَقَبَةً». قَالَ لَيْسَ عِنْدِى. قَالَ «فَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ». قَالَ لاَ أَسْتَطِيعُ. قَالَ «فَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا». قَالَ لاَ أَجِدُ. فَأُتِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ فَقَالَ «أَيْنَ السَّائِلُ». قَالَ هَا أَنَا ذَا. قَالَ «تَصَدَّقْ بِهَذَا». قَالَ عَلَى أَحْوَجَ مِنَّا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَوَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ مِنَّا فَضَحِكَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ قَالَ «فَأَنْتُمْ إِذًا». طرفه 1936 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: الترجمة ولد الزوج، والبنات أخوات الزوج. قلت: يدل على ولد الزوج من باب الأولى؛ لأن قيامها هن أخوات جَابِر لخاطر جابر ورضاه، ولا شك أن الولد أهم عند الإنسان من سائر القرابات، وغرض البخاري أن هذه الخدمة من المرأة بناء على المعروف، ولا يلزمها شرعًا كما تقدم في حديثه عمل فاطمة في بيت علي. (وتلاعبها) يجوز أن يكون من اللعب زمن اللعاب. باب نفقة المعسر على أهله 5368 - (حميد) بضم الحاء, مصغر. روى حديث الأعرابي الذي واقع امرأته في رمضان، وقد سلف الحديث في أبواب الصوم (6). وموضع الدلالة هنا أنه لما قيل له: تصدق به بادر إلى نفقة أهله، فلولا اهتمامه لبادر إلى الصدقة. قلت: هذا لا فائدة فيه، أو مبادرته لا تدل على حكم شرعي، بل الدليل أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمره بإطعام أهله، فدل على وجوب النفقة على المعسر, وإلا لم يكن له ترك الكفارة الواجبة. (قال: أعتق رقبة، قال: ليس عندي) هذا السياق يدل على أن هذه الكفارة مرتبة، وقال مالك: على التخيير (ها أنا ذا) حرف تنبيه، وأنا مبتدأ، وذا خبره (ما بين لابتيها أهل بيت أحوج منا) اللابتان هما الحَرَّتَان، والمدينة الشريفة بين الحرتين (فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت أنيابه) أي: بالغ في التبسم؛ لأنه أصاب امرأته وفاز بمقدار عظيم من أسباب المعاش. قاله

14 - باب (وعلى الوارث مثل ذلك)

14 - باب (وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ) وَهَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْهُ شَىْءٌ (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ) إِلَى قَوْلِهِ (صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) 5369 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ لِى مِنْ أَجْرٍ فِي بَنِى أَبِى سَلَمَةَ أَنْ أُنْفِقَ عَلَيْهِمْ، وَلَسْتُ بِتَارِكَتِهِمْ هَكَذَا وَهَكَذَا، إِنَّمَا هُمْ بَنِىَّ. قَالَ «نَعَمْ لَكِ أَجْرُ مَا أَنْفَقْتِ عَلَيْهِمْ». طرفه 1467 5370 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ هِنْدُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ فَهَلْ عَلَىَّ جُنَاحٌ أَنْ آخُذَ مِنْ مَالِهِ مَا يَكْفِينِى وَبَنِىَّ قَالَ «خُذِى بِالْمَعْرُوفِ». طرفه 2211 ـــــــــــــــــــــــــــــ ابن الأثير: العَرَق -بفتح العين والراء- زنبيل يسع خمسة عشر صاعًا إلى عشرين. باب: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: 233] 5369 - قيل: ذلك في الآية إشارة إلى ترك المضارة، والجمهور على أنه إشارة إلى الإنفاق. قال أبو حنيفة: يلزمه على قدر الإرث بشرط أن يكون محرمًا. وقال الشافعي: إنما يجب على الأصول والفروع ذكرًا أو أنثى وارثًا كان أو غير وارث، كافرًا كان أو مسلمًا. وقال الإِمام أحمد: تجب عليه نفقة الأصول مهما علوا، وعلى الفروع كما سفلوا. وكذا نفقة كل من يرثه. وإن لم ترث منه كنفقة العمة. وقال مالك: لا تجب على الأم النفقة استدلالًا بحديث أم سلمة هذا هنا (يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن بني أبي سلمة إنما هم بني هل بي من أجر إن أنفقت عليهم؟ قال: نعم) وأيضًا الأم كَلٌّ على الغير، فلا وجه لأن يكون الغير كلا عليها، والظاهر أنه مختار البخاري فإنه قال في الترجمة: (وهل على المرأة منه شيء؟). 5370 - ثم روى حديث أم سمة وحديث هند، ووجه الدلالة في حديث هند أنها قالت: إذا أخذت من أموال أبي سفيان ما يكفي وبني هل على جناح؟ قال: "لا" إذ لو كانت تشارك أبا سفيان في النفقة على بيتها لأوجبها عليها، فإنه بصدد البيان فلا تحل به. فإن قلت: الكلام إنما هو في النفقة بعد موت الأب. قلت: إذا لم تشارك الأب وهي مكفية منه في النفقة والكسوة، والانفراد أولى بعد الوجوب.

15 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - «من ترك كلا أو ضياعا فإلى»

15 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ تَرَكَ كَلاًّ أَوْ ضَيَاعًا فَإِلَىَّ» 5371 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُؤْتَى بِالرَّجُلِ الْمُتَوَفَّى عَلَيْهِ الدَّيْنُ، فَيَسْأَلُ «هَلْ تَرَكَ لِدَيْنِهِ فَضْلاً». فَإِنْ حُدِّثَ أَنَّهُ تَرَكَ وَفَاءً صَلَّى، وَإِلاَّ قَالَ لِلْمُسْلِمِينَ «صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ». فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْفُتُوحَ قَالَ «أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، فَمَنْ تُوُفِّىَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَتَرَكَ دَيْنًا فَعَلَىَّ قَضَاؤُهُ، وَمَنْ تَرَكَ مَالاً فَلِوَرَثَتِهِ». طرفه 2298 16 - باب الْمَرَاضِعِ مِنَ الْمَوَالِيَاتِ وَغَيْرِهِنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: أورد البخاري قوله تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ} [النحل: 76] في الترجمة لأي فائدة قلت: دلالته على أن العبد المملوك إذا كان عاجزًا عن القيام بحال نفسه لعجزه عن الكسب تكون نفقته على مولاه، وفي بعضها: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ} [النحل: 76] وفيه إشارة إلى [أن] أمر الأم بمنزلة الأبكم في العجز. باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -:"من ترك كلًّا أو ضياعًا فإليَّ" 5371 - قال ابن الأثير: الكَلُّ: الثقل، وكل ما فيه تكلف، والمراد به الدين وسائر الحقوق اللازمة، والضياع -بفتح الضاد- العيال الذين هم بصدد الضياع من قبيل عطف الخاص على العام، قاله لما فتح الله عليه الفتوح، والحديث سلف في أبواب الكفالة, وأشرنا إلى أنه إنما كان لم يُصَلِّ على من مات وعليه الدين؛ لأن الدين لا يمكن العفو عنه، والأصح أنه كان يفعل ذلك حثًّا على أن لا يموت إنسان إلا بعد أداء ما عليه، وإنما أورده البخاري في أبواب النفقة إشارة إلى أن من ترك أولادًا فقراء، ولم يكن لهم أحد يقوم بهم نفقتهم على بيت المال. باب المراضع من المواليات وغيرهن المواليات جمع موال جمع مولاة، قيل: بضم الميم من الموالاة، والصواب الأول، لأن المراد الإماء، وذلك أن العرب كانوا ينكرون رضاع الإماء؛ لأنه يقدح في نجابة الولد، قال عباد بن مجيب الكلابي:

5372 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ أَنَّ زَيْنَبَ ابْنَةَ أَبِى سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ انْكِحْ أُخْتِى ابْنَةَ أَبِى سُفْيَانَ. قَالَ «وَتُحِبِّينَ ذَلِكَ». قُلْتُ نَعَمْ لَسْتُ لَكَ بِمُخْلِيَةٍ، وَأَحَبُّ مَنْ شَارَكَنِى فِي الْخَيْرِ أُخْتِى. فَقَالَ «إِنَّ ذَلِكَ لاَ يَحِلُّ لِى». فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَوَاللَّهِ إِنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّكَ تُرِيدُ أَنْ تَنْكِحَ دُرَّةَ ابْنَةَ أَبِى سَلَمَةَ. فَقَالَ «ابْنَةَ أُمِّ سَلَمَةَ». فَقُلْتُ نَعَمْ. قَالَ فَوَاللَّهِ لَوْ لَمْ تَكُنْ رَبِيبَتِى فِي حَجْرِى مَا حَلَّتْ لِى، إِنَّهَا ابْنَةُ أَخِى مِنَ الرَّضَاعَةِ، أَرْضَعَتْنِى وَأَبَا سَلَمَةَ ثُوَيْبَةُ، فَلاَ تَعْرِضْنَ عَلَىَّ بَنَاتِكُنَّ وَلاَ أَخَوَاتِكُنَّ». وَقَالَ شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ عُرْوَةُ ثُوَيْبَةُ أَعْتَقَهَا أَبُو لَهَبٍ. طرفه 5101 ـــــــــــــــــــــــــــــ لا أرضع الدهر إلا ثدي واضح ... لواقح الجد يحمي حوزة الجار 5372 - (لو لم تكن ربيبتي في حجري لما حلت لي؛ إنها ابنة أخي من الرضاعة) قيل: لو هذه مثل في قوله: "نعم العبد صهيب، لو لم يخف الله لم يعصه"، وفيه نظر؛ لأن ذلك إنما يكون إذا كان ترتب الجزاء على نقيض الشرط أولى من ترتبه على الشرط في الحديث عكس ذلك، وإنما قال: "بنت أم سلمة" بعد قوله: بنت أبي سلمة، إشارة إلى أنها لو لم تكن من أم سلمة، ولم يكن أبوها أخًا له رضاعًا حلت له (ثُويبة) بضم الثاء مصغر جارية أبي لهب، ولم يذكر في الباب غير المواليات؛ لأن حكمهن علم من المواليات.

70 - كتاب الأطعمة

70 - كتاب الأطعمة 1 - باب وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ) وَقَوْلِهِ (أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ) وَقَوْلِهِ (كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّى بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) 5373 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَطْعِمُوا الْجَائِعَ، وَعُودُوا الْمَرِيضَ، وَفُكُّوا الْعَانِىَ». قَالَ سُفْيَانُ وَالْعَانِى الأَسِيرُ. طرفه 3046 5374 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ طَعَامٍ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ حَتَّى قُبِضَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الأطعمة باب قوله تعالى: {كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة: 57] وقع بعد هذه الآية قوله: كلوا من طيبات ما كسبتم وهو سهو، والتلاوة: {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} [البقرة: 267] اتفق المفسرون على أن المراد بالطيبات المال الحلال، وأن أكل الطيبات لا يقدح في الصلاح لقوله بعده: {وَاعْمَلُوا صَالِحًا} [المؤمنون: 51]. 5373 - (أبو وائل) شقيق بن سلمة (أطعموا الجائع) تقدم في أبواب الإيمان أن إطعام الطعام من أفضل خصال الإيمان (قال سفيان: والعاني: الأسير) قال ابن الأثير: كل من استكان وذل فهو عان من عنا يعنو. 5374 - (ما شبع آل محمد - صلى الله عليه وسلم - من طعام ثلاثة أيام) أي متواليات، كما في رواية مسلم،

5375 - وَعَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَصَابَنِى جَهْدٌ شَدِيدٌ فَلَقِيتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَاسْتَقْرَأْتُهُ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، فَدَخَلَ دَارَهُ وَفَتَحَهَا عَلَىَّ، فَمَشَيْتُ غَيْرَ بَعِيدٍ، فَخَرَرْتُ لِوَجْهِى مِنَ الْجَهْدِ وَالْجُوعِ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَائِمٌ عَلَى رَأْسِى فَقَالَ «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ». فَقُلْتُ لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ. فَأَخَذَ بِيَدِى فَأَقَامَنِى، وَعَرَفَ الَّذِى بِى، فَانْطَلَقَ بِى إِلَى رَحْلِهِ، فَأَمَرَ لِى بِعُسٍّ مِنْ لَبَنٍ فَشَرِبْتُ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ «عُدْ يَا أَبَا هِرٍّ». فَعُدْتُ فَشَرِبْتُ، ثُمَّ قَالَ «عُدْ». فَعُدْتُ فَشَرِبْتُ حَتَّى اسْتَوَى بَطْنِى فَصَارَ كَالْقِدْحِ - قَالَ - فَلَقِيتُ عُمَرَ وَذَكَرْتُ لَهُ الَّذِى كَانَ مِنْ أَمْرِى وَقُلْتُ لَهُ تَوَلَّى اللَّهُ ذَلِكَ مَنْ كَانَ أَحَقَّ بِهِ مِنْكَ يَا عُمَرُ، وَاللَّهِ لَقَدِ اسْتَقْرَأْتُكَ الآيَةَ وَلأَنَا أَقْرَأُ لَهَا مِنْكَ. قَالَ عُمَرُ وَاللَّهِ لأَنْ أَكُونَ أَدْخَلْتُكَ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِى مِثْلُ حُمْرِ النَّعَمِ. طرفاه 6246، 6452 ـــــــــــــــــــــــــــــ وسيأتي من خبز مأدوم، وفي رواية مسلم: "ثلاث ليال" فكل واحدة من الروايتين قيد للأخرى (فضيل) بضم الفاء مصغر (عن أبي حازم) -بالحاء المهملة- سلمان الأشجعي. 5375 - (عن أبي هريرة: أصابني جهد شديد) -بفتح الجيم وضمه- المشقة، والمراد به الجوع (فلقيت عمر بن الخطاب فاستقرأته آية) أي: طلبت منه أن يقرأني، وكان غرضه أن يدخله الدار ويطعمه، لقوله في آخر الحديث: (ولأنا أقرأ لها منك) يخاطب عمر في هذه القضية، وما يقال: ربما كان عمر له شغل، أو لم يكن عنده طعام؛ لأن دأب الصحابة كان من استقرأهم يحملونه إلى بيوتهم -يرده قول عمر: (لأن أكون أدخلتك أحب إلي من حمر النعم)، (فأمر لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بِعُسّ من لبن) -بضم العين وتشديد السين- القدر العظيم (فشربت حتى استوى بطني كالقِدح) -بكسر القاف- السهم الذي لا ريش عليه.

2 - باب التسمية على الطعام والأكل باليمين

2 - باب التَّسْمِيَةِ عَلَى الطَّعَامِ وَالأَكْلِ بِالْيَمِينِ 5376 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنِى أَنَّهُ سَمِعَ وَهْبَ بْنَ كَيْسَانَ أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ أَبِى سَلَمَةَ يَقُولُ كُنْتُ غُلاَمًا فِي حَجْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَتْ يَدِى تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ فَقَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَا غُلاَمُ سَمِّ اللَّهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ». فَمَا زَالَتْ تِلْكَ طِعْمَتِى بَعْدُ. طرفاه 5377، 5378 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب التسمية على الطعام 5376 - (كيسان) بفتح الكاف وسكون الياء (عمر بن أبي سلمة) ابن أم سلمة ربيب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (وكانت يدي تطيش) الطيش: التحفة، والمراد التناول من كل جانب، و (الصحفة) قال ابن الأثير: إناء مبسوط (يا غلام سم [الله] , وكل بيمينك، وكل مما يليك) ثلاثة أحكام كلها سنة على الكفاية لو سمى واحد من القوم كفى، ولو نسيه أولًا وتذكر فيقول: "بسم الله أوله وآخره" رواه أبو داود ورواه الترمذي عن عائشة مرفوعًا, وذكر الله كاف، وفي رواية الترمذي: السنة الجهر بها، وأن يصلي في آخره على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وادعى شيخنا أن الأكل باليمين واجب إن قدر لورود الوعيد على الأكل بالشمال من رواية مسلم (فما زالت تلك طِعمتي) -بكسر الطاء- أي: تلك الهيئة، وهذا إذا كان نوعًا واحدًا، لما روى الترمذي عن عكراش أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتي بطبق فيه ألوان من التمر فجعلت آكل من بين يدي، وجالت يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الطبق، فقال: "يا عكراش: كل من أي جانب شئت فإنه غير لون".

3 - باب الأكل مما يليه

3 - باب الأَكْلِ مِمَّا يَلِيهِ وَقَالَ أَنَسٌ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ وَلْيَأْكُلْ كُلُّ رَجُلٍ مِمَّا يَلِيهِ». 5377 - حَدَّثَنِى عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ الدِّيلِىِّ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ أَبِى نُعَيْمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِى سَلَمَةَ - وَهْوَ ابْنُ أُمِّ سَلَمَةَ - زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ أَكَلْتُ يَوْمًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - طَعَامًا فَجَعَلْتُ آكُلُ مِنْ نَوَاحِى الصَّحْفَةِ فَقَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «كُلْ مِمَّا يَلِيكَ». طرفه 5376 5378 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ أَبِى نُعَيْمٍ قَالَ أُتِىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِطَعَامٍ وَمَعَهُ رَبِيبُهُ عُمَرُ بْنُ أَبِى سَلَمَةَ فَقَالَ «سَمِّ اللَّهَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ». طرفه 5376 4 - باب مَنْ تَتَبَّعَ حَوَالَىِ الْقَصْعَةِ مَعَ صَاحِبِهِ، إِذَا لَمْ يَعْرِفْ مِنْهُ كَرَاهِيَةً 5379 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ إِنَّ خَيَّاطًا دَعَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِطَعَامٍ صَنَعَهُ - قَالَ أَنَسٌ - فَذَهَبْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَرَأَيْتُهُ يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ مِنْ حَوَالَىِ الْقَصْعَةِ - قَالَ - فَلَمْ أَزَلْ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ مِنْ يَوْمِئِذٍ. طرفه 2092 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من تتبع حوالي القصعة مع صاحبه إذا لم يعرف منه كراهية 5379 - قال الجوهري: يقال: حول الشيء وحواله وحواليه، ولا يقال: حواليه بكسر اللام، روى عن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يتتبع الدباء من حوالَي القصعة، استدل به على جواز ذلك إذا لم يكره ذلك صاحبه، ويمكن أن يقال: هذا كان ملونا فإنه كان فيه الدباء واللحم. قال أنس: (فلم أزل أحب الدباء من يومئذٍ). فإن قلت: حب الطعام بناؤه على ميل الطبع فلا يكون فيه تقليد؟ قلت: الحب: الميل

5 - باب التيمن فى الأكل وغيره

5 - باب التَّيَمُّنِ فِي الأَكْلِ وَغَيْرِهِ 5380 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَشْعَثَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُحِبُّ التَّيَمُّنَ مَا اسْتَطَاعَ فِي طُهُورِهِ وَتَنَعُّلِهِ وَتَرَجُّلِهِ. وَكَانَ قَالَ بِوَاسِطٍ قَبْلَ هَذَا فِي شَأْنِهِ كُلِّهِ. طرفه 168 6 - باب مَنْ أَكَلَ حَتَّى شَبِعَ 5381 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ قَالَ أَبُو طَلْحَةَ لأُمِّ سُلَيْمٍ لَقَدْ سَمِعْتُ صَوْتَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ضَعِيفًا أَعْرِفُ فِيهِ الْجُوعَ، فَهَلْ عِنْدَكِ مِنْ شَىْءٍ فَأَخْرَجَتْ أَقْرَاصًا مِنْ شَعِيرٍ، ثُمَّ أَخْرَجَتْ خِمَارًا لَهَا فَلَفَّتِ الْخُبْزَ بِبَعْضِهِ، ثُمَّ دَسَّتْهُ تَحْتَ ثَوْبِى وَرَدَّتْنِى ـــــــــــــــــــــــــــــ إلى ما فيه كمال، ولا شك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يختار الدباء على اللحم إلا لمعنى زائد فيه، وقد يقال: خلق الله في أنس حب الدباء ذلك الوقت، وقد روى تمامه أنس أنا ذلك الخياط كان غلامًا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -. باب التيمن في الأكل وغيره 5380 - (عبدان) على وزن شعبان (أشعث) آخره شاء مثلثة روى حديث عائشة: (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يحب التيامن) أي تقديم اليمين في الأعمال، والحديث سلف في أبواب الطهارة. (وكان قال بواسط قبل هذا في شأنه كله) أي: هذه الزيادة من شعبة بواسط بلد من بلاد العراق, وجَعْله من مقول أشعث ليس بصواب؛ لأن أشعث كوفي، وشعبة واسطي، وإنما قال: قبل هذا بواسط؛ لأنه سكن البصرة، قاله المقدسي. باب من أكل حتى شبع 5381 - روى في الباب حديث أنس (أن أمه أرسلته إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأقراص) ثم جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيت أبي طلحة ومعه الأصحاب ثمانون رجلًا، أكلوا كلهم حتى شبعوا، والحديث سلف في علامات النبوة, ونشير إلى بعض ألفاظه (أبو طلحة) زيد بن سهل

بِبَعْضِهِ، ثُمَّ أَرْسَلَتْنِى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ فَذَهَبْتُ بِهِ فَوَجَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْمَسْجِدِ وَمَعَهُ النَّاسُ، فَقُمْتُ عَلَيْهِمْ فَقَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَرْسَلَكَ أَبُو طَلْحَةَ». فَقُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «بِطَعَامٍ». قَالَ فَقُلْتُ نَعَمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِمَنْ مَعَهُ «قُومُوا». فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقْتُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ حَتَّى جِئْتُ أَبَا طَلْحَةَ، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ قَدْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالنَّاسِ، وَلَيْسَ عِنْدَنَا مِنَ الطَّعَامِ مَا نُطْعِمُهُمْ. فَقَالَتِ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ فَانْطَلَقَ أَبُو طَلْحَةَ حَتَّى لَقِىَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَقْبَلَ أَبُو طَلْحَةَ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى دَخَلاَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هَلُمِّى يَا أُمَّ سُلَيْمٍ مَا عِنْدَكِ». فَأَتَتْ بِذَلِكَ الْخُبْزِ فَأَمَرَ بِهِ فَفُتَّ وَعَصَرَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ عُكَّةً لَهَا فَأَدَمَتْهُ، ثُمَّ قَالَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ ثُمَّ قَالَ «ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ». فَأَذِنَ لَهُمْ، فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، ثُمَّ خَرَجُوا، ثُمَّ قَالَ «ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ». فَأَذِنَ لَهُمْ فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، ثُمَّ خَرَجُوا، ثُمَّ قَالَ «ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ». فَأَذِنَ لَهُمْ فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا، ثُمَّ أَذِنَ لِعَشَرَةٍ، فَأَكَلَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ وَشَبِعُوا، وَالْقَوْمُ ثَمَانُونَ رَجُلاً. طرفه 422 ـــــــــــــــــــــــــــــ الأنصاري (الأقراص) جمع قُرص بضم القاف من القرص، وهو القطع بالأصبعين بفتح القاف، فيه الدلالة على الصغر (دَسَّتْه تحت إبطي) أي: أخفته (وردتني ببعضه) أي: جعلته ردائي، في رواية: لائتني، أي: لفتني (يا أم سليم: هلمي) بإثبات الياء على لغة تميم أي: هاتِ (عُكَّة) -بضم العين وتشديد الكاف- قال ابن الأثير: وعاء السمن والعسل، وهو بالسمن أخص (فأدمته) بفتح الهمزة مع المسند والقصر، ويروى مشددًا، أي: جعلت له إدامًا (والقوم ثمانون) فيه معجزة باهرة. فإن قلت: لما دعاه اللحام وتبعه رجل فقال للحام: "إن هذا الرجل ... " معناه: إن شئت أذنت له، وهنا تبعه ثمانون رجلًا ولم يستأذن؟ قلت: كان يعلم من شأن أبي طلحة أن لو كان معه أمة لسره ذلك، ولم يعلم ذلك من حال اللحام فافترقا.

5382 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ أَبِيهِ قَالَ وَحَدَّثَ أَبُو عُثْمَانَ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ثَلاَثِينَ وَمِائَةً، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «هَلْ مَعَ أَحَدٍ مِنْكُمْ طَعَامٌ». فَإِذَا مَعَ رَجُلٍ صَاعٌ مِنْ طَعَامٍ أَوْ نَحْوُهُ، فَعُجِنَ، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ مُشْرِكٌ مُشْعَانٌّ طَوِيلٌ بِغَنَمٍ يَسُوقُهَا فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَبَيْعٌ أَمْ عَطِيَّةٌ أَوْ - قَالَ - هِبَةٌ». قَالَ لاَ بَلْ بَيْعٌ. قَالَ فَاشْتَرَى مِنْهُ شَاةً فَصُنِعَتْ، فَأَمَرَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِسَوَادِ الْبَطْنِ يُشْوَى، وَايْمُ اللَّهِ مَا مِنَ الثَّلاَثِينَ وَمِائَةٍ إِلاَّ قَدْ حَزَّ لَهُ حُزَّةً مِنْ سَوَادِ بَطْنِهَا، إِنْ كَانَ شَاهِدًا أَعْطَاهَا إِيَّاهُ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا خَبَأَهَا لَهُ، ثُمَّ جَعَلَ فِيهَا قَصْعَتَيْنِ فَأَكَلْنَا أَجْمَعُونَ وَشَبِعْنَا، وَفَضَلَ فِي الْقَصْعَتَيْنِ، فَحَمَلْتُهُ عَلَى الْبَعِيرِ. أَوْ كَمَا قَالَ. طرفه 2216 5383 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ عَنْ أُمِّهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - تُوُفِّىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ شَبِعْنَا مِنَ الأَسْوَدَيْنِ التَّمْرِ وَالْمَاءِ. طرفه 5442 ـــــــــــــــــــــــــــــ 5382 - (معتمر) بكسر التاء (أبو عثمان) عبد الرحمن النهدي كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثين ومئة) تقدم هذا الحديث في أبواب البيع، وإنما رواه هنا دلالة على جواز أكل الإنسان إلى حد الشبع، قيل: المراد بالشبع في هذه الأحاديث ما أشار إليه بقوله: "ثلث للطعام، وثلث للماء، وثلث للنَفَس" (مُشعانّ) -بضم الميم والشين المعجمة ونون مشددة- أي أشعث أغبر (سواد البطن) الكبد، وفي الحديث معجزتان ظاهرتان له. 5383 - (من الأسودين التمر والماء) فيه تغليب؛ لأن الماء لا لون له، ولذا يقال له وللبن: الأبيضان، ولما وقع التغليب في جانب التمر على الماء غلب الشبع أيضًا على الري. فإن قلت: قد تقدم في غزوة خيبر أنهم شبعوا من الثمر بعد؟ قلت: لفظ حين يطلق

7 - باب (ليس على الأعمى حرج) إلى قوله (لعلكم تعقلون)

7 - باب (لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ) إِلَى قَوْلِهِ (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) 5384 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ سَمِعْتُ بُشَيْرَ بْنَ يَسَارٍ يَقُولُ حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ النُّعْمَانِ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى خَيْبَرَ، فَلَمَّا كُنَّا بِالصَّهْبَاءِ - قَالَ يَحْيَى وَهْىَ مِنْ خَيْبَرَ عَلَى رَوْحَةٍ - دَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِطَعَامٍ، فَمَا أُتِىَ إِلاَّ بِسَوِيقٍ، فَلُكْنَاهُ فَأَكَلْنَا مِنْهُ، ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَمَضْمَضَ وَمَضْمَضْنَا، فَصَلَّى بِنَا الْمَغْرِبَ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. قَالَ سُفْيَانُ سَمِعْتُهُ مِنْهُ عَوْدًا وَبَدْءًا. طرفه 209 ـــــــــــــــــــــــــــــ على القليل من الزمان والكثير منه، والعجب ممن قال، في معناه: ما سبق قبل زمان وفاته, وسيأتي في كتاب الأطعمة من قول عائشة: توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد شبعنا من الأسودين. باب {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ} [النور: 61] (والنهد والاجتماع على الطعام) النهد -بكسر النون- طعام تخلطه الرُّفقَة عند مناهزة العدو أي: مناهضته (بشير بن يسار) -بضم الباء وشين معجمة- مصغر كذا (سويد) روى في الباب حديث أنس في غزاة خيبر، وقد سلف هناك، وموضع الدلالة إن رسول أنه - صلى الله عليه وسلم - دعا بطعام، واجتمعوا على أكله، فدل على جواز ذلك، وإن كان بعضهم أكثر أكلا. فإن قلت: ما وجه ترجمة الباب على {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ} [النور: 61]؟ قُلْت: آخر الآية: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا} [النور: 61] وقيل: كانوا يمنعون الأعمى عن الأكل مع القوم؛ لأنه يجعل يده في غير موضعها، والأعرج لأنه لاتساعه في الجلوس يؤذي الناس، والمريض لكراهة رائحته. 5384 - (كنا بالصهباء) -بصاد مهملة والمد- الروحة بعد الزوال إلى الغروب (قال سفيان: سمعته منه عودًا وبدًا) أي: مرة بعد أخرى.

8 - باب الخبز المرقق والأكل على الخوان والسفرة

8 - باب الْخُبْزِ الْمُرَقَّقِ وَالأَكْلِ عَلَى الْخِوَانِ وَالسُّفْرَةِ 5385 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ كُنَّا عِنْدَ أَنَسٍ وَعِنْدَهُ خَبَّازٌ لَهُ فَقَالَ مَا أَكَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خُبْزًا مُرَقَّقًا وَلاَ شَاةً مَسْمُوطَةً حَتَّى لَقِىَ اللَّهَ. طرفاه 5421، 6457 5386 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ يُونُسَ - قَالَ عَلِىٌّ هُوَ الإِسْكَافُ - عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ رضى الله عنه قَالَ مَا عَلِمْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَكَلَ عَلَى سُكُرُّجَةٍ قَطُّ، وَلاَ خُبِزَ لَهُ مُرَقَّقٌ قَطُّ، وَلاَ أَكَلَ عَلَى خِوَانٍ. قِيلَ لِقَتَادَةَ فَعَلَى مَا كَانُوا يَأْكُلُونَ قَالَ عَلَى السُّفَرِ. طرفاه 5415، 6450 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الخبز المرقق والأكل على الخوان والسفرة 5385 - (همام) بفتح الهاء وتشديد الميم (ما أكل النبي - صلى الله عليه وسلم - خبزًا مرققًا) المرقق بفتح القاف المشددة ضد الأقراص (ولا شاة مسموطة) بالسين المهملة من السمط وهو إزالة إلشعر عن الجلد، قال ابن الأمر: هذا أصله، والمراد منه المشوي. فإنه قلت: قد جاء في رواية الترمذي: أن أم سلمة قدمت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - جَنَبًا مشويًا فأكل منه؟ قلت: أنس لم ينقل إنما أخبر عن علمه. 5386 - (معاذ) بضم الميم وذال معجمة (الإسكاف) -بكسر الهمزة- وهو يوسف الإسكاف شيخ علي بن المديني، لم يسمع هذا الوصف فزاده ليميزه عن أقرانه مثل يونس بن عبيد (على سكرجة) بضم السين والكاف والراء، وقيل: بضم الأول وفتح الراء المشددة, وقيل الصواب: أُسكرجة بزيادة الهمزة وأربع ضمات، وعلى كم تقدير معرب أسكرة، كانت ملوك العجم تجعل منها نحو الكوافح عند إحضار الطعام (ولا أكل على خوان) -بكسر المعجمة- شيء مرتفع يوضع عليه الطعام (على السُّفَر) -بضم السين وفتح الفاء- جمع سفرة وهي في الأصل طعام المسافر، أطلق على ما يحمل فيه المسافر طعامه, ثم اتسع فيه فأطلق على ما يفرش لأكل الطعام سفَرًا كان أو حَضَرًا.

5387 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ أَخْبَرَنِى حُمَيْدٌ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا يَقُولُ قَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَبْنِى بِصَفِيَّةَ فَدَعَوْتُ الْمُسْلِمِينَ إِلَى وَلِيمَتِهِ أَمَرَ بِالأَنْطَاعِ فَبُسِطَتْ فَأُلْقِىَ عَلَيْهَا التَّمْرُ وَالأَقِطُ وَالسَّمْنُ. وَقَالَ عَمْرٌو عَنْ أَنَسٍ بَنَى بِهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ صَنَعَ حَيْسًا فِي نِطَعٍ. طرفه 371 5388 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ قَالَ كَانَ أَهْلُ الشَّأْمِ يُعَيِّرُونَ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُونَ يَا ابْنَ ذَاتِ النِّطَاقَيْنِ. فَقَالَتْ لَهُ أَسْمَاءُ يَا بُنَىَّ إِنَّهُمْ يُعَيِّرُونَكَ بِالنِّطَاقَيْنِ، هَلْ تَدْرِى مَا كَانَ النِّطَاقَانِ إِنَّمَا كَانَ نِطَاقِى شَقَقْتُهُ نِصْفَيْنِ، فَأَوْكَيْتُ قِرْبَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِأَحَدِهِمَا، وَجَعَلْتُ فِي سُفْرَتِهِ آخَرَ، قَالَ فَكَانَ أَهْلُ الشَّأْمِ إِذَا عَيَّرُوهُ بِالنِّطَاقَيْنِ يَقُولُ إِيهًا وَالإِلَهْ. تِلْكَ شَكَاةٌ ظَاهِرٌ عَنْكَ عَارُهَا. طرفه 2979 ـــــــــــــــــــــــــــــ 5387 - (ابن أبي مريم) سعيد (حُميد) بضم الحاء مصغر (أقام النبي - صلى الله عليه وسلم - يبني بصفية) أي: يدخل عليها وتزف له، قال الجوهري: يقال: بني عليها, ولا يقال: بني بها، وما في الحديث يرد قوله (ثم صنع حيسًا) بفتح الحاء وسكون المثناة تحت (في نِطْع) بكسر النون وسكون الطاء، والحيس: طعام مركب من السمن والتمر والأقط. 5388 - (محمد) كذا وقع غير منسوب. قال أبو نصر: محمَّد بن سلام وابن المثنى يرويان عن أبي معاوية كان أهل الشام يعيرون ابن الزبير يقولون: يابن ذات النطاقين) كان هذا لما حاصروه مع الحَجَّاج بمكة، أو لما حاصره الحصين بن نمير في إمارة يزيد، والنطاق -بكسر النون ويقال: المِنطق بكسر الميم- ما تشد به المرأة وسطها وترسل ثوبها عليه من فوق، وتقدم أنها شقته شقتين جعلت إحدى الشقتين نطاقًا، وشدت بالأخرى السفرة، وهنا قالت: إحدى الشقتين للقُربة، والأخرى للسفرة. فإن قلت: لا ينافي شقت أولًا، ثم شقته ثانيًا (إذا عيروه يقول: إيهًا والإله) قال ابن الأثير: بكسر الهمزة كلمة تقال إذا نُوّنت إما لطلب السكوت، أو للرضا بالشيء، وقيل: بغير التنوين للقطع في الكلام، بالتنوين للاستزادة في الكلام، وهذا هو المراد فإنه افتخر بهذا، ألا ترى أنه أنشد بيت أبي ذؤيب: وعيّرني الواشون أني أحبها ... و (تلك شكاة ظاهر عنك عارها)

9 - باب السويق

5389 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ أُمَّ حُفَيْدٍ بِنْتَ الْحَارِثِ بْنِ حَزْنٍ - خَالَةَ ابْنِ عَبَّاسٍ - أَهْدَتْ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - سَمْنًا وَأَقِطًا وَأَضُبًّا، فَدَعَا بِهِنَّ فَأُكِلْنَ عَلَى مَائِدَتِهِ، وَتَرَكَهُنَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - كَالْمُسْتَقْذِرِ لَهُنَّ، وَلَوْ كُنَّ حَرَامًا مَا أُكِلْنَ عَلَى مَائِدَةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَلاَ أَمَرَ بِأَكْلِهِنَّ. طرفه 2575 9 - باب السَّوِيقِ 5390 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ النُّعْمَانِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِالصَّهْبَاءِ - وَهْىَ عَلَى رَوْحَةٍ مِنْ خَيْبَرَ - فَحَضَرَتِ الصَّلاَةُ، فَدَعَا بِطَعَامٍ فَلَمْ يَجِدْهُ إِلاَّ سَوِيقًا، فَلاَكَ مِنْهُ فَلُكْنَا مَعَهُ، ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَمَضْمَضَ، ثُمَّ صَلَّى وَصَلَّيْنَا، وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. طرفه 209 10 - باب مَا كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لاَ يَأْكُلُ حَتَّى يُسَمَّى لَهُ فَيَعْلَمُ مَا هُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــ أي: زائل. قال الأصمعي: وقبله بيت آخر: أبي القلب إلا أم عمرو فأصبحت ... تُحَرِّق ناري بالشكاة ونارها الشكاة -بفتح الشين والكسر- العيب. 5389 - (أبو النعمان) محمد بن الفضل (أبو عوانة) -بفتح العين- الوضاح (أبو بشر) بكسر الباء اسمه جعفر (أن أم حُفيد) بضم الحاء مصغر، واسمها هزيلة مصغر أيضًا خالة ابن عباس، كانت زوجت في الأعراب، هكذا ذكره ابن عبد البر أيضًا، وقال أحمد بن إبراهيم: الوارد في اسمها أم حفين، وقيل أم عفين. ولا تنافي، تكون كلها كنى مثله كثير في الكنى (أهدت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - سمنًا وأقطًا وأضبًا) بفتح الهمزة وضاد معجمة جمع ضب (ولو كنّ حرامًا ما أكلن على مائدة النبي - صلى الله عليه وسلم -) يرد بهذا على من قال بحرمته، وما قاله ابن عباس مختار الأئمة إلا أبا حنيفة. 5390 - (حرب) ضد الصلح (يسار) ضد اليمين (سويد) بضم السين مصغر (فَلاَك منه) اللواك: إدارة الطعام في الفم. باب ما كان النّبي - صلى الله عليه وسلم - لا يأكل حتى يُسمى له فيعلم فيه ما هو قيل: إنما لم يأكل حتى يُسمى له؛ لأن أكثر العرب ما كانوا يفرقون بين الخبيث والطيب، ألا ترى أنهم في الجاهلية يأكلون الدم والميتة، وقيل: لأنه ربما كان من الذي ورد

5391 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الْحَسَنِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ الأَنْصَارِىُّ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ الَّذِى يُقَالُ لَهُ سَيْفُ اللَّهِ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى مَيْمُونَةَ - وَهْىَ خَالَتُهُ وَخَالَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ - فَوَجَدَ عِنْدَهَا ضَبًّا مَحْنُوذًا، قَدِمَتْ بِهِ أُخْتُهَا حُفَيْدَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ مِنْ نَجْدٍ، فَقَدَّمَتِ الضَّبَّ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَ قَلَّمَا يُقَدِّمُ يَدَهُ لِطَعَامٍ حَتَّى يُحَدَّثَ بِهِ وَيُسَمَّى لَهُ، فَأَهْوَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَهُ إِلَى الضَّبِّ، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنَ النِّسْوَةِ الْحُضُورِ أَخْبِرْنَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا قَدَّمْتُنَّ لَهُ، هُوَ الضَّبُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَهُ عَنِ الضَّبِّ، فَقَالَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ أَحَرَامٌ الضَّبُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «لاَ وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ قَوْمِى فَأَجِدُنِى أَعَافُهُ». قَالَ خَالِدٌ فَاجْتَرَرْتُهُ فَأَكَلْتُهُ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَنْظُرُ إِلَىَّ. طرفاه 5400، 5537 ـــــــــــــــــــــــــــــ الشرع بتحريمه ولم يعلم به الذي أتى به، ويؤيد هذا قول خالد: (أحرام هو يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟) روى في الباب حديث أم حفيد حين أهدت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -. 5391 - (مقاتل) بكسر التاء (أبو أمامة) بضم الهمزة، اسمه أسعد, ولد بعد موت جده أسعد بن زرارة، فسماه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - باسم جده وكناه بكنيته (ضبًّا محنوذًا) - بالذال المعجمة- إي: مشويًّا. (قدمت به أختها حفيدة) بضم الحاء مصغر, قد نقلنا عن ابن عبد البر أنها اسمها هزيلة, لكن ما في البخاري يوافق رواية جامع الأصول (فأهوى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده) أي: مدها للتناول (فقالت امرأة من النسوة الحضور) جمعم حاضرة, وفي رواية مسلم "امرأة من نسائه"، والظاهر أنها ميمونة أخت أم حفيد (فقال خالد بن الوليد: أحرام هو يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: لا ولكن لم يكن بأرض قومي أجدني أعافه) أي: أتقذره، قال ابن الأثير: من عافه يعيفه إذا كرهه، وهذا يقطع دابر شبهة من قال بحرمته.

11 - باب طعام الواحد يكفى الاثنين

11 - باب طَعَامُ الْوَاحِدِ يَكْفِى الاِثْنَيْنِ 5392 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «طَعَامُ الاِثْنَيْنِ كَافِى الثَّلاَثَةِ، وَطَعَامُ الثَّلاَثَةِ كَافِى الأَرْبَعَةِ». 12 - باب الْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ 5393 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ وَاقِدِ بْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب طعام الواحد يكفي الاثنين 5392 - (أبو الزناد) -بكسر الزاي بعدها نون- عبد الله بن ذكوان (طعام الاثنين كافي الثلاثة، وطعام الثلاثة كافي الأربعة). فإن قلت: قياس ما ترجم عليه من طعام الواحد يكفي الاثنين أنه يقول: وطعام الاثنين يكفي الأربعة؟ قلت: الأمر كذلك، وكذا رواية مسلم والترمذي. والظاهر أنه لم يكن ذلك على شرط البخاري، ولا تنافي فإن المفهوم لا يعارض المنطوق. فإن قلت: ما المراد من الكفاية؟ قلت: الشبع، قال بعض الشارحين: فإن قلت الترجمة دلت على أن الواحد يكتفي بنصف ما يشبعه، والحديث دل على ثلثي ما يشبعه. قلت: ذلك على سبيل التشبيه أو على التقريب لا التحديد، وهذا الذي قاله خيال، أيُّ تشبيه؟! بل الكلام على ظاهره، فإن غرض الشارع الحث على إكثار الأيدي فإنها توجب البركة، وليس مناط الشبع كثرة الأكل, بل يخلق الله والبركة منه، ألا ترى أن في أوقات غلاء السعر الإنسان يأكل فوق عادته بأضعاف. باب المؤمن يأكل في معى واحد 5393 - 5394 - 5395 - 5396 - 5397 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (واقد)

13 - باب المؤمن يأكل في معى واحد

مُحَمَّدٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ لاَ يَأْكُلُ حَتَّى يُؤْتَى بِمِسْكِينٍ يَأْكُلُ مَعَهُ، فَأَدْخَلْتُ رَجُلاً يَأْكُلُ مَعَهُ فَأَكَلَ كَثِيرًا فَقَالَ يَا نَافِعُ لاَ تُدْخِلْ هَذَا عَلَىَّ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «الْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ وَالْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ». طرفاه 5394، 5395 13 - باب المؤمن يأكل في معىً واحد فيه أبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. 5394 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ، وَإِنَّ الْكَافِرَ - أَوِ الْمُنَافِقَ فَلاَ أَدْرِى أَيَّهُمَا قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ - يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ». وَقَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِمِثْلِهِ. طرفه 5393 5395 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو قَالَ كَانَ أَبُو نَهِيكٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ بكسر القاف (المؤمن يأكل في معىً واحد، والكافر يأكل في سبعة أمعاء) أخذ بظاهره ابن عمر كما صرح به، ويدل عليه الحديث الذي في آخر الباب بسبب ورود الحديث كما رواه أن رجلًا كان يأكل كثيرًا فلما أسلم أكل قليلًا، واستشكل ذلك بأن بعض المؤمنين قد يكون أكثر أكلًا من بعض الكفار، وهذا مشاهد معلوم لكل، فأجاب بعضهم: بأن الحكم باعتبار الغالب، وقيل: مخصوص بذلك الكافر الذي أسلم، وهذا خلاف ما يُفهم من لفظ الحديث، وأما خصوص السبب فلا اعتداد به، والصواب: حمل اللام على الاستغراق في المقام الخطابي كما في قوله: "المؤمن غِرٌّ كريم" وأشار في الحديث إلى قلة الأكل إلى الشبع بقليل تعليل، بل شأنه التقليل في المأكل لانشغاله بطاعة الله، ألا ترى إلى ما حكاه الله عن الكفار بقوله: {وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ} [محمد: 12]. (ابن بكير) بضم الباء مصغر. (أبو نهيك) -على وزن فعيل- اسمه عثمان.

14 - باب الأكل متكئا

رَجُلاً أَكُولاً فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ الْكَافِرَ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ». فَقَالَ فَأَنَا أُومِنُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ. طرفه 5393 5396 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَأْكُلُ الْمُسْلِمُ فِي مِعًى وَاحِدٍ، وَالْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ». طرفه 5397 5397 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِىِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلاً كَانَ يَأْكُلُ أَكْلاً كَثِيرًا، فَأَسْلَمَ فَكَانَ يَأْكُلُ أَكْلاً قَلِيلاً، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ، وَالْكَافِرَ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ». طرفه 5396 14 - باب الأَكْلِ مُتَّكِئًا 5398 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ عَنْ عَلِىِّ بْنِ الأَقْمَرِ سَمِعْتُ أَبَا جُحَيْفَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ آكُلُ مُتَّكِئًا». طرفه 5399 5399 - حَدَّثَنِى عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ عَلِىِّ بْنِ الأَقْمَرِ عَنْ أَبِى جُحَيْفَةَ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لِرَجُلٍ عِنْدَهُ «لاَ آكُلُ وَأَنَا مُتَّكِئٌ». طرفه 5398 ـــــــــــــــــــــــــــــ (حرب) ضد الصلح (أبي حازم) سلمان الأشجعي. باب الأكل متكئًا 5398 - 5399 - (أبو نعيم) -بضم النون- فضل بن دكين (مسعر) بكسر الميم (أبو جحيفة) بضم الجيم مصغر، اسمه: وهب (كنت عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال لرجل عنده: إني لا آكل وأنا متكئ) الظاهر أنه عرض بذلك الرجل، والاتكاء في المتعارف: أن يقعد متمائلا معتمدًا

15 - باب الشواء

15 - باب الشِّوَاءِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ) أَىْ مَشْوِىٍّ. 5400 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ قَالَ أُتِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِضَبٍّ مَشْوِىٍّ، فَأَهْوَى إِلَيْهِ لِيَأْكُلَ فَقِيلَ لَهُ إِنَّهُ ضَبٌّ، فَأَمْسَكَ يَدَهُ، فَقَالَ خَالِدٌ أَحَرَامٌ هُوَ قَالَ «لاَ، وَلَكِنَّهُ لاَ يَكُونُ بِأَرْضِ قَوْمِى، فَأَجِدُنِى أَعَافُهُ». فَأَكَلَ خَالِدٌ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَنْظُرُ. قَالَ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ بِضَبٍّ مَحْنُوذٍ. طرفه 5391 ـــــــــــــــــــــــــــــ على نحو الوسائد، لكن ذكر الخطابي أن أكثر المحققين على أنه يريد عدم التمكن في الجلوس كما هو شأن أكثر الناس لما روى مسلم عن أنس: "رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأكل مقعيًّا"، والإقعاء: الجلوس متوركًا كالمتوفز، وفيه الماء إلى قلة الأكل بحيث لا يحتاج إلى التمكن في الجلوس، وما قاله ابن الأثير في "النهاية" أن الأكل متكئًا مذموم طبًّا، فإنه بمعزل عن غرض الشارع. باب الشواء استدل بقوله تعالى: ({جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ} [هود: 69]) أي: محنوذ، والمحنوذ: المشوي. وعن الخليل شيخ النحاة: المشوي، والآية دلت على أن أكل الشواء مباح في الشرائع القديمة. 5400 - ثم روى حديث الضب وقد تقدم آنفًا (معمر) بفتح الميمين وعين ساكنة (عن أبي أمامة) بضم الهمزة، تقدم أن اسمه أسعد.

16 - باب الخزيرة

16 - باب الْخَزِيرَةِ وَقَالَ النَّضْرُ الْخَزِيرَةُ مِنَ النُّخَالَةِ، وَالْحَرِيرَةُ مِنَ اللَّبَنِ. 5401 - حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِىُّ أَنَّ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الأَنْصَارِ - أَنَّهُ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى أَنْكَرْتُ بَصَرِى وَأَنَا أُصَلِّى لِقَوْمِى، فَإِذَا كَانَتِ الأَمْطَارُ سَالَ الْوَادِى الَّذِى بَيْنِى وَبَيْنَهُمْ، لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ آتِىَ مَسْجِدَهُمْ فَأُصَلِّىَ لَهُمْ، فَوَدِدْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَّكَ تَأْتِى فَتُصَلِّى فِي بَيْتِى، فَأَتَّخِذُهُ مُصَلًّى. فَقَالَ «سَأَفْعَلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ». قَالَ عِتْبَانُ فَغَدَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بَكْرٍ حِينَ ارْتَفَعَ النَّهَارُ، فَاسْتَأْذَنَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَذِنْتُ لَهُ فَلَمْ يَجْلِسْ حَتَّى دَخَلَ الْبَيْتَ، ثُمَّ قَالَ لِى «أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّىَ مِنْ بَيْتِكَ». فَأَشَرْتُ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ الْبَيْتِ فَقَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَكَبَّرَ، فَصَفَفْنَا، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ وَحَبَسْنَاهُ عَلَى خَزِيرٍ صَنَعْنَاهُ، فَثَابَ فِي الْبَيْتِ رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الدَّارِ ذَوُو عَدَدٍ فَاجْتَمَعُوا، فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ أَيْنَ مَالِكُ بْنُ الدُّخْشُنِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ مُنَافِقٌ لاَ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَقُلْ، أَلاَ تَرَاهُ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. يُرِيدُ بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ». قَالَ اللَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الخزيرة و (قال النضر: الخريزة [من النخالة و] الحريرة من اللبن) الأول بالخاء والزاي المعجمتين، والثاني بالمهملتين. قال ابن الأثير: والأولى لا يقال فيها خزيرة إلا إذا كان فيه لحم، وإلا فهي عصيدة. 5401 - (بكير) بضم الباء مصغر، وكذا (عقيل) روى في الباب حديث (عتبان بن مالك) لما دعى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليصلي في بيته في مكان يتخذه مصلى، وقد سلف في أبواب الصلاة وبعده، وموضع الدلالة هنا: كونهم حبسرا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أن أكل من الخزيرة (الدار): المحِلة (الدخشن) بضم الدال وسكون الخاء المعجمة، وفيه لغات أخرى سبق ضبطها مع شرح الحديث في باب الإمامة في أبواب الصلاة.

17 - باب الأقط

وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ قُلْنَا فَإِنَّا نَرَى وَجْهَهُ وَنَصِيحَتَهُ إِلَى الْمُنَافِقِينَ. فَقَالَ «فَإِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. يَبْتَغِى بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ». قَالَ ابْنُ شِهَابٍ ثُمَّ سَأَلْتُ الْحُصَيْنَ بْنَ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِىَّ أَحَدَ بَنِى سَالِمٍ وَكَانَ مِنْ سَرَاتِهِمْ عَنْ حَدِيثِ مَحْمُودٍ فَصَدَّقَهُ. طرفه 424 17 - باب الأَقِطِ وَقَالَ حُمَيْدٌ سَمِعْتُ أَنَسًا بَنَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِصَفِيَّةَ، فَأَلْقَى التَّمْرَ وَالأَقِطَ وَالسَّمْنَ. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ أَبِى عَمْرٍو عَنْ أَنَسٍ صَنَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حَيْسًا. 5402 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ أَهْدَتْ خَالَتِى إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ضِبَابًا وَأَقِطًا وَلَبَنًا، فَوُضِعَ الضَّبُّ عَلَى مَائِدَتِهِ، فَلَوْ كَانَ حَرَامًا لَمْ يُوضَعْ وَشَرِبَ اللَّبَنَ، وَأَكَلَ الأَقِطَ. طرفه 2575 18 - باب السِّلْقِ وَالشَّعِيرِ 5403 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ إِنْ كُنَّا لَنَفْرَحُ بِيَوْمِ الْجُمُعَةِ، كَانَتْ لَنَا عَجُوزٌ تَأْخُذُ أُصُولَ السِّلْقِ، فَتَجْعَلُهُ فِي قِدْرٍ لَهَا، فَتَجْعَلُ فِيهِ حَبَّاتٍ مِنْ شَعِيرٍ، إِذَا صَلَّيْنَا زُرْنَاهَا فَقَرَّبَتْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الأقط 5402 - (حميد) بضم الحاء على وزن المصغر، روى تعليقًا عن أنس حديث وليمة صفية، والمراد منه ذكر الأقط، وقد سلف قريبًا، وروى أيضًا حديث أم حفيد المتقدم آنفًا، وموضع الدلالة: أنها لما أهدت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الضب أهدت مع الأقط، و (الضِباب) بكسر الضاد جمع ضب. باب السلق والشعير السلق -بكسر السين- نبت من البقول معروف. 5403 - (عن أبي حازم) بالحاء المهملة. روى حديث سهيل أن عجوزًا كانت تطبخ لهم أصول السلق. والحديث تقدم في أبواب الجمعة (حبات من شعير) دل بجمع السلامة

19 - باب النهس وانتشال اللحم

إِلَيْنَا، وَكُنَّا نَفْرَحُ بِيَوْمِ الْجُمُعَةِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ، وَمَا كُنَّا نَتَغَدَّى وَلاَ نَقِيلُ إِلاَّ بَعْدَ الْجُمُعَةِ، وَاللَّهِ مَا فِيهِ شَحْمٌ وَلاَ وَدَكٌ. طرفه 938 19 - باب النَّهْسِ وَانْتِشَالِ اللَّحْمِ 5404 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ تَعَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَتِفًا، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى، وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. طرفه 207 5405 - وَعَنْ أَيُّوبَ وَعَاصِمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ انْتَشَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَرْقًا مِنْ قِدْرٍ فَأَكَلَ، ثُمَّ صَلَّى، وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. طرفه 207 ـــــــــــــــــــــــــــــ والتنكير على قلة الحبات (لا نتغدّى) بالدال المهملة (ولا نقيل) بفتح النون من القيلولة (ولا ودك) -بفتح الواو والدال- هو الشحم الذي يكون على اللحم. باب النهش وانتشال اللحم النهش -بفتح النون والسين المهملة والمعجمة أيضًا- الأكل بمقدم الأسنان، والانتشال: جذب الشيء سواء كان قطعًا أو قلعًا على أي وجه كان. 5405 - (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم (عن محمَّد) هو ابن سيرين، روايته عن ابن عباس مرسلة ليس له سماع منه، ولذلك أردت البخاري روايته بروايته عكرمة (تعرق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتفًا) التعرق: الأكل من العرق، والعَرْق -بفتح العين وسكون الراء- عظم فيه بقية لحم. فإن قلت: جاء في الرواية الأخرى ليس في الحديث ذكر النهش؟ قلت: جاء في الرواية الأخرى، كذا دأبه في إيراد ما فيه خفاء، وقد تقدم في حديث الشفاعة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهس من الذراع.

20 - باب تعرق العضد

20 - باب تَعَرُّقِ الْعَضُدِ 5406 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنِى عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ الْمَدَنِىُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - نَحْوَ مَكَّةَ. طرفه 1821 5407 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى قَتَادَةَ السَّلَمِىِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ كُنْتُ يَوْمًا جَالِسًا مَعَ رِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي مَنْزِلٍ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ، وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَازِلٌ أَمَامَنَا، وَالْقَوْمُ مُحْرِمُونَ وَأَنَا غَيْرُ مُحْرِمٍ، فَأَبْصَرُوا حِمَارًا وَحْشِيًّا وَأَنَا مَشْغُولٌ أَخْصِفُ نَعْلِى، فَلَمْ يُؤْذِنُونِى لَهُ، وَأَحَبُّوا لَوْ أَنِّى أَبْصَرْتُهُ، فَالْتَفَتُّ فَأَبْصَرْتُهُ فَقُمْتُ إِلَى الْفَرَسِ فَأَسْرَجْتُهُ. ثُمَّ رَكِبْتُ وَنَسِيتُ السَّوْطَ وَالرُّمْحَ فَقُلْتُ لَهُمْ نَاوِلُونِى السَّوْطَ وَالرُّمْحَ. فَقَالُوا لاَ وَاللَّهِ لاَ نُعِينُكَ عَلَيْهِ بِشَىْءٍ. فَغَضِبْتُ فَنَزَلْتُ فَأَخَذْتُهُمَا، ثُمَّ رَكِبْتُ فَشَدَدْتُ عَلَى الْحِمَارِ فَعَقَرْتُهُ، ثُمَّ جِئْتُ بِهِ وَقَدْ مَاتَ فَوَقَعُوا فِيهِ يَأْكُلُونَهُ، ثُمَّ إِنَّهُمْ شَكُّوا فِي أَكْلِهِمْ إِيَّاهُ وَهُمْ حُرُمٌ، فَرُحْنَا وَخَبَأْتُ الْعَضُدَ مَعِى، فَأَدْرَكْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ «مَعَكُمْ مِنْهُ شَىْءٌ». فَنَاوَلْتُهُ الْعَضُدَ فَأَكَلَهَا حَتَّى تَعَرَّقَهَا، وَهْوَ مُحْرِمٌ. قَالَ ابْنُ جَعْفَرٍ وَحَدَّثَنِى زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى قَتَادَةَ مِثْلَهُ. طرفه 1821 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب تعرق العضد 5406 - 5407 - (محمَّد بن المثنى) بضم الميم وتشديد النون (فليح) بضم الفاء مصغر (أبو حازم المدني) سلمة بن دينار (عن أبي قتادة السلمي) -بفتح السين واللام- الحارث بن ربعي الخزرجي، روى فيه قتل الحمار الوحشي، وقد سلف في أبواب الإحرام وصلح الحديبية وموضع الدلالة قول أبي قتادة: (فناولته العضد فأكلها حتى تعرّفها)، (أخصف نعلي) -بالخاء المعجمة- أي: أصلحه وأخرزه (نسيت السوط والرمح) وفي أكثر الروايات: السوط وحده.

21 - باب قطع اللحم بالسكين

21 - باب قَطْعِ اللَّحْمِ بِالسِّكِّينِ 5408 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى جَعْفَرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّ أَبَاهُ عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ رَأَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَحْتَزُّ مِنْ كَتِفِ شَاةٍ فِي يَدِهِ، فَدُعِىَ إِلَى الصَّلاَةِ فَأَلْقَاهَا وَالسِّكِّينَ الَّتِى يَحْتَزُّ بِهَا، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى، وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. طرفه 208 22 - باب مَا عَابَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - طَعَامًا 5409 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ مَا عَابَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - طَعَامًا قَطُّ، إِنِ اشْتَهَاهُ أَكَلَهُ، وَإِنْ كَرِهَهُ تَرَكَهُ. طرفه 3563 23 - باب النَّفْخِ فِي الشَّعِيرِ 5410 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قطع اللحم بالسكين 5408 - (عمرو بن أمية) -بضم الهمزة- الضمري بفتح الضاد المعجمة وسكون الميم نسبة إلى ضمر حي من كنانة (رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يحتز من كتف شهاة) يقال حزه: قطعه، واحتزه: قطعه لنفسه (فألقاها والسكين) بالنصب عطف على الضمير المنصوب. فإن قلت: روى أبو داود: "لا تقطعوا اللحم بالسكين فإنه من صنيع الأعاجم، وانهشوه فإنه أهنأ وأمرأ"؟ قلت: قال أبو داود الحديث ليس بقوي، ولو سلم يحمل على بيان الجواز. باب ما عاب النبي - صلى الله عليه وسلم - طعامًا قط 5409 - (أبو حازم) سلمان الأشجعي (وإن كرهه تركه) وفي رواية مسلم: "سكت" وهذا من محاسن الأخلاق تعظيمًا لنعم الله. باب النفخ في الشعير 5410 - (أبو غسان) بفتح المعجمة وتشديد المهملة، اسمه: محمَّد المسمعي (أبو

24 - باب ما كان النبى - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه يأكلون

حَازِمٍ أَنَّهُ سَأَلَ سَهْلاً هَلْ رَأَيْتُمْ فِي زَمَانِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - النَّقِىَّ قَالَ لاَ. فَقُلْتُ فَهَلْ كُنْتُمْ تَنْخُلُونَ الشَّعِيرَ قَالَ لاَ وَلَكِنْ كُنَّا نَنْفُخُهُ. طرفه 5413 24 - باب مَا كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ يَأْكُلُونَ 5411 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَبَّاسٍ الْجُرَيْرِىِّ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ النَّهْدِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَسَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمًا بَيْنَ أَصْحَابِهِ تَمْرًا، فَأَعْطَى كُلَّ إِنْسَانٍ سَبْعَ تَمَرَاتٍ، فَأَعْطَانِى سَبْعَ تَمَرَاتٍ إِحْدَاهُنَّ حَشَفَةٌ، فَلَمْ يَكُنْ فِيهِنَّ تَمْرَةٌ أَعْجَبَ إِلَىَّ مِنْهَا، شَدَّتْ فِي مَضَاغِى. طرفه 5441 5412 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ عَنْ سَعْدٍ قَالَ رَأَيْتُنِى سَابِعَ سَبْعَةٍ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مَا لَنَا طَعَامٌ إِلاَّ وَرَقُ الْحُبْلَةِ - أَوِ الْحَبَلَةِ - حَتَّى يَضَعَ أَحَدُنَا مَا تَضَعُ الشَّاةُ، ثُمَّ أَصْبَحَتْ بَنُو أَسَدٍ تُعَزِّرُنِى عَلَى الإِسْلاَمِ، خَسِرْتُ إِذًا وَضَلَّ سَعْيِى. طرفه 3728 ـــــــــــــــــــــــــــــ حازم) سلمة بن دينار (النقي) -بفتح النون وكسر القاف على وزن الولي- المنخول المصفى، فيه دلالة على أن المبالغة ليس من شأن المتقين وإن كان مباحًا. باب ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه يأكلون 5411 - (أبو النعمان) -بضم النون- محمَّد بن الفضل (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم. (الجُرَيري) بضم الجيم مصغر منسوب (أبو عثمان النهدي) -بفتح النون- عبد الرحمن (أعطاني سبع تمرات إحداهن حشفة) -بفتح الحاء المهملة- التمرة اليابسة الرديئة (فلم يكن فيهن تمرة أعجب إلى منها شدت مضاغي) بفتح الميم أي: فمي لأنه موضع المضغ، وإنما أعجبته لأنها بقيت زمانًا في فيه. 5412 - (عن قيس عن سعد: رأيتني سابع سبعة مع النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي: في الإِسلام (وما لنا إلا ورق الحُبْلة) -بضم الحاء وسكون الباء- السمرة والعضاة (فأصبحت بنو أسد) طائفة بكوفة (تعزرني على الإِسلام) أي: توبخني على تقصيري في الصلاة، قاله حين شَكَوْه إلى عمر أنه لا يحسن الصلاة، وقد سبق حديثه في أبواب الصلاة، وقع في بعض الشروح:

5413 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ عَنْ أَبِى حَازِمٍ قَالَ سَأَلْتُ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ فَقُلْتُ هَلْ أَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - النَّقِىَّ فَقَالَ سَهْلٌ مَا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - النَّقِىَّ مِنْ حِينَ ابْتَعَثَهُ اللَّهُ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ. قَالَ فَقُلْتُ هَلْ كَانَتْ لَكُمْ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَنَاخِلُ قَالَ مَا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُنْخُلاً مِنْ حِينَ ابْتَعَثَهُ اللَّهُ حَتَّى قَبَضَهُ. قَالَ قُلْتُ كَيْفَ كُنْتُمْ تَأْكُلُونَ الشَّعِيرَ غَيْرَ مَنْخُولٍ قَالَ كُنَّا نَطْحَنُهُ وَنَنْفُخُهُ، فَيَطِيرُ مَا طَارَ وَمَا بَقِىَ ثَرَّيْنَاهُ فَأَكَلْنَاهُ. طرفه 5410 5414 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّهُ مَرَّ بِقَوْمٍ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ شَاةٌ مَصْلِيَّةٌ، فَدَعَوْهُ فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الدُّنْيَا وَلَمْ يَشْبَعْ مِنَ الْخُبْزِ الشَّعِيرِ. 5415 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى الأَسْوَدِ حَدَّثَنَا مُعَاذٌ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ يُونُسَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ مَا أَكَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى خِوَانٍ، وَلاَ فِي سُكْرُجَةٍ، وَلاَ خُبِزَ لَهُ مُرَقَّقٌ. قُلْتُ لِقَتَادَةَ عَلَى مَا يَأْكُلُونَ قَالَ عَلَى السُّفَرِ. طرفه 5386 ـــــــــــــــــــــــــــــ عن قيس بن سعد عن أبيه، ظن أن سعدًا هو ابن عبادة، وهو غلط ظاهر. 5413 - (قتيبة) بضم القاف مصغر (أبو حازم) بالحاء المهملة (النقي) على وزن الولي، الخبز المنخول (المنخل) -بضم الميم- آلة النخل. 5414 - (روح) بفتح الراء (عبادة) بضم العين وتخفيف الباء (ابن أبي ذئب) -بلفظ الحيوان المعروف- محمَّد بن عبد الرحمن (مصلية) -بفتح الميم- أي: مشوية. 5415 - (سكرجة) بثلاث ضمات وتشديد الراء، وفيها لغات أخر سبق ضبطها في باب الخبز المرقق و (الخوان) بكسر الخاء معروف.

25 - باب التلبينة

5416 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - مُنْذُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ مِنْ طَعَامِ الْبُرِّ ثَلاَثَ لَيَالٍ تِبَاعًا، حَتَّى قُبِضَ. طرفه 6454 25 - باب التَّلْبِينَةِ 5417 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهَا كَانَتْ إِذَا مَاتَ الْمَيِّتُ مِنْ أَهْلِهَا فَاجْتَمَعَ لِذَلِكَ النِّسَاءُ، ثُمَّ تَفَرَّقْنَ، إِلاَّ أَهْلَهَا وَخَاصَّتَهَا، أَمَرَتْ بِبُرْمَةٍ مِنْ تَلْبِينَةٍ فَطُبِخَتْ، ثُمَّ صُنِعَ ثَرِيدٌ فَصُبَّتِ التَّلْبِينَةُ عَلَيْهَا ثُمَّ قَالَتْ كُلْنَ مِنْهَا فَإِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «التَّلْبِينَةُ مَجَمَّةٌ لِفُؤَادِ الْمَرِيضِ، تَذْهَبُ بِبَعْضِ الْحُزْنِ». طرفاه 5689، 5690 ـــــــــــــــــــــــــــــ 5416 - (ثلاث ليال تباعًا) -بكسر التاء- مصدر تبع أي: متتابعة، وأعلم أن هذه الأحاديث دالة على أنَّه - صلى الله عليه وسلم - لم يؤثر طريق المترفين، وكان يصرف الأموال إلى الفقراء والمساكين والكراع والسلاح، والحديث الذي اشتهر بين النَّاس "الفقر فخري" حديث موضوع كذب، بل صح أنَّه استعاذ من الفقر، واقتدى به الصديقون. باب التلبينة بفتح التاء على وزن تفعيلة، قال ابن الأثير: حساء يعمل من الدقيق أو النخالة ويجعل فيها العسل، وإنَّما سميت بهذا الاسم لبياضها كاللبن يقال: لبن القوم إذا سقاهم اللبن. 5417 - (التلبينة مجمَّة لفؤاد المريض) بضم الميم وتشديد الميم؛ أي: مريحة من

26 - باب الثريد

26 - باب الثَّرِيدِ 5418 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ الْجَمَلِىِّ عَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِىِّ عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ كَمَلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، وَفَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ». طرفه 3411 5419 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى طُوَالَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ». طرفه 3770 ـــــــــــــــــــــــــــــ الجموم وهو الراحة، ويروى بفتح الميم أي: سبب الراحة، كقوله: "الولد مجبنة مبخلة". باب الثريد 5418 - 5419 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (غندر) بضم الغين وفتح الدال (مرَّة) بضم الميم وتشديد الراء (الجملي) بفتح الجيم نسبة إلى جده جمل بن سعد العشيرة، وقال شيخ الإِسلام: بنو جمل بطن من مراد، وأبو طوالة عبد الله [بن] عبد الرحمن بن حزم (الهمداني) بفتح الهاء وسكون الميم (فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطَّعام) تقدم الكلام عليه في المناقب مبسوطًا، ومحصله: أن الظاهر أن المراد الاستغراق، وأن موجب التفضيل صفات الكمال فيها أعلم النساء، بل أعلم من أكثر الصّحابة رجعوا إليها من أمور الصّحابة في وقائع كثيرة، إلَّا أن الأظهر أن فاطمة أفضل منها؛ لأنها بضعة من رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، وكذا الظاهر استثناء مريم، قال ابن بطال: عائشة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومريم مع عيسى، ورتبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوق رتبة عيسى، ولزم منه أن تكون عائشة أعلى شأنًا من مريم، وهذا ضعيف؛ لأنَّ سائر نساء رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - معه أيضًا، على أنَّه يقال: إن مريم زوجة رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - في الجنَّة.

27 - باب شاة مسموطة والكتف والجنب

5420 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ سَمِعَ أَبَا حَاتِمٍ الأَشْهَلَ بْنَ حَاتِمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ دَخَلْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى غُلاَمٍ لَهُ خَيَّاطٍ، فَقَدَّمَ إِلَيْهِ قَصْعَةً فِيهَا ثَرِيدٌ - قَالَ - وَأَقْبَلَ عَلَى عَمَلِهِ - قَالَ - فَجَعَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ - قَالَ - فَجَعَلْتُ أَتَتَبَّعُهُ فَأَضَعُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ - قَالَ - فَمَا زِلْتُ بَعْدُ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ. طرفه 2092 27 - باب شَاةٍ مَسْمُوطَةٍ وَالْكَتِفِ وَالْجَنْبِ 5421 - حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ قَتَادَةَ قَالَ كُنَّا نَأْتِى أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - وَخَبَّازُهُ قَائِمٌ قَالَ كُلُوا فَمَا أَعْلَمُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى رَغِيفًا مُرَقَّقًا حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ، وَلاَ رَأَى شَاةً سَمِيطًا بِعَيْنِهِ قَطُّ. طرفه 5385 5422 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِىِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَحْتَزُّ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ 5420 - (منير) بضم الميم وكسر النون (عون) بفتح العين آخره نون (عن أبي طوالة) -بضم الطاء- اسمه: عبد الرحمن (ثمامة) بضم المثلثة (دخلت مع رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - على غلام له) أي: لرسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - (فقدم إليه قصعة) بفتح القاف. تقدم شرح الحديث في باب: من تتبع حوالي القصعة. باب الشَّاةِ المسموطة والكتف والجنب 5421 - (هدبة) بضم الهاء وسكون الدال، روى حديث أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يأكل رغيفًا مرققًا، وقد سلف الحديث في باب خبز المرقق (ولا شاة سميطًا) أي: مشويًّا، وهذا لا ينافي رواية التِّرمذيِّ؛ أن أم سلمة قدمت لرسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - جنبًا مشويًّا فأكل منه، لأنَّ أنس أخبر عن علمه. 5422 - (مقاتل) بكسر التاء (معمر) بفتح الميمين (عمرو بن أميَّة) بضم الهمزة وتشديد الياء (الضمري) -بفتح الضَّاد المعجمة وسكون الميم- حي من كنانة.

28 - باب ما كان السلف يدخرون فى بيوتهم وأسفارهم من الطعام واللحم وغيره

كَتِفِ شَاةٍ، فَأَكَلَ مِنْهَا، فَدُعِىَ إِلَى الصَّلاَةِ، فَقَامَ فَطَرَحَ السِّكِّينَ فَصَلَّى، وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. طرفه 208 28 - باب مَا كَانَ السَّلَفُ يَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِهِمْ وَأَسْفَارِهِمْ مِنَ الطَّعَامِ وَاللَّحْمِ وَغَيْرِهِ وَقَالَتْ عَائِشَةُ وَأَسْمَاءُ صَنَعْنَا لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبِى بَكْرٍ سُفْرَةً. 5423 - حَدَّثَنَا خَلاَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَابِسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قُلْتُ لِعَائِشَةَ أَنَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تُؤْكَلَ لُحُومُ الأَضَاحِىِّ فَوْقَ ثَلاَثٍ قَالَتْ مَا فَعَلَهُ إِلاَّ فِي عَامٍ جَاعَ النَّاسُ فِيهِ، فَأَرَادَ أَنْ يُطْعِمَ الْغَنِىُّ الْفَقِيرَ، وَإِنْ كُنَّا لَنَرْفَعُ الْكُرَاعَ فَنَأْكُلُهُ بَعْدَ خَمْسَ عَشْرَةَ. قِيلَ مَا اضْطَرَّكُمْ إِلَيْهِ فَضَحِكَتْ قَالَتْ مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ خُبْزِ بُرٍّ مَأْدُومٍ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ. وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَابِسٍ بِهَذَا. أطرافه 5438، 5570، 6687 5424 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ كُنَّا نَتَزَوَّدُ لُحُومَ الْهَدْىِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الْمَدِينَةِ. تَابَعَهُ مُحَمَّدٌ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ قُلْتُ لِعَطَاءٍ أَقَالَ حَتَّى جِئْنَا الْمَدِينَةَ قَالَ لاَ. طرفه في 1719 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: ذكر الجنب في الترجمة وليس له ذكر في الحديث؟ قلت: لم يكن من شرطه فأشار إلى أنَّه ذكر في الحديث، أو اكتفى بالكتف لاستواء الحكم. باب ما كان السلف يدخرون في بيوتهم وأسفارهم 5423 - روى في الباب حديث عائشة تعليقًا أنهم صنعوا لرسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - سفرة حين هاجر، وقد سلف قريبًا (خلاد) بفتح المعجمة وتشديد اللام (وإن كُنَّا لنرفع الكراع) -بضم الكاف ما دون الركبة من ساق الحيوان (ما شبع آل محمَّد من خبز بر مأدوم ثلاثة أيَّام) أي: متوالية كما تقدم في الرّواية الأخرى (عابس) بالباء الموحدة. 5424 - (تابعه محمَّد) ابن سلام، قاله أبو نعيم (ابن عيينة) بضم العين مصغر عين،

29 - باب الحيس

29 - باب الْحَيْسِ 5425 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِى عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لأَبِى طَلْحَةَ «الْتَمِسْ غُلاَمًا مِنْ غِلْمَانِكُمْ يَخْدُمُنِى». فَخَرَجَ بِى أَبُو طَلْحَةَ، يُرْدِفُنِى وَرَاءَهُ، فَكُنْتُ أَخْدُمُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كُلَّمَا نَزَلَ، فَكُنْتُ أَسْمَعُهُ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ». فَلَمْ أَزَلْ أَخْدُمُهُ حَتَّى أَقْبَلْنَا مِنْ خَيْبَرَ، وَأَقْبَلَ بِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَىٍّ قَدْ حَازَهَا، فَكُنْتُ أَرَاهُ يُحَوِّى وَرَاءَهُ بِعَبَاءَةٍ أَوْ بِكِسَاءٍ، ثُمَّ يُرْدِفُهَا وَرَاءَهُ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالصَّهْبَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــ وفي هذا الحديث دلالة صريحة على جواز الادِّخار لا كما توهمه بعض جهلة الصوفية، قيل: لم يذكر في الباب الطَّعام، وإنَّما يؤخذ منه بطريق الإلحاق، وأنا أقول: هذا شيء غريب فإن السُّفَر التي صنعت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر لم تكن إلَّا طعامًا، فإن كل ما يؤكل ويسد الجوع طعام كما تقدم في قوله: "طعام الواحد يكفي الاثنين". باب الحيس بفتح الحاء وسكون المثناة تحت. تقدم مرارًا أنَّه طعام مركب من التمر والسمن والأقط. 5425 - (قتيبة) مصغر قتب (حنطب) على وزن جعفر آخره باء موحدة، روى من أنس حديث وليمة صفية أنها كانت حيسًا وقد مر (أعوذ بك من الهم والحزن) فسر الجوهري الهم بالحزن، وكذا قال الفراء، وقيل: الهم: ما يلحق الإنسان لعارض بنفسه، والحزن لما يعرض أهله، ويجوز أن يكون أحدهما في الحال، والآخر في المآل (والعجز): عدم القدرة (والكسل): الفتور مع القدرة (والبخل) ضد الجود (وضَلَع الدين) -بفتح الضَّاد واللام وقد تسكن اللام- الثقل والغلبة. قال أنس: (ولم أزل أخدمه حتَّى قدمنا من خيبر). فإن قلت: قد كان يخدمه بعد ذلك أيضًا؟ قلت: مراده أنَّه كان ملازم خدمته في تلك السفرة.

30 - باب الأكل فى إناء مفضض

صَنَعَ حَيْسًا فِي نِطَعٍ، ثُمَّ أَرْسَلَنِى فَدَعَوْتُ رِجَالاً فَأَكَلُوا، وَكَانَ ذَلِكَ بِنَاءَهُ بِهَا، ثُمَّ أَقْبَلَ حَتَّى إِذَا بَدَا لَهُ أُحُدٌ قَالَ «هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ». فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ قَالَ «اللَّهُمَّ إِنِّى أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ جَبَلَيْهَا مِثْلَ مَا حَرَّمَ بِهِ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي مُدِّهِمْ وَصَاعِهِمْ». طرفه 371 30 - باب الأَكْلِ فِي إِنَاءٍ مُفَضَّضٍ 5426 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سَيْفُ بْنُ أَبِى سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يَقُولُ حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى لَيْلَى أَنَّهُمْ كَانُوا عِنْدَ حُذَيْفَةَ فَاسْتَسْقَى فَسَقَاهُ مَجُوسِىٌّ. فَلَمَّا وَضَعَ الْقَدَحَ فِي يَدِهِ رَمَاهُ بِهِ وَقَالَ لَوْلاَ أَنِّى نَهَيْتُهُ غَيْرَ مَرَّةٍ وَلاَ مَرَّتَيْنِ. كَأَنَّهُ يَقُولُ لَمْ أَفْعَلْ هَذَا، وَلَكِنِّى سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ وَلاَ الدِّيبَاجَ وَلاَ تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَلاَ تَأْكُلُوا فِي صِحَافِهَا، فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَنَا فِي الآخِرَةِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ (حتَّى إذا بدا له أُحد قال: هذا جبل يحبنا ونحبه) قد سلف منا أنَّه يريد الحقيقة؛ لأنَّه أمر ممكن كتسليم الحجر، وفيه دلالة على عظم شأنه حتى إن الجمادات تحبه، فلا وجه لصرف الكلام عن حقيقته (إني أحرم ما بين جبليها) يريد لابيتها كما تقدم مرارًا (مثل ما حرم إبراهيم مكّة). قال بعض الشارحين: مثل منصوب بنزع الخافض أي بمثل ما حرم به، ودعاؤه بالتحريم أو حكمه، قلت: لا حاجة إلى نزع الخافض فإن معناه: تحريمًا مثل الذي حرم به وهو إظهار حرمته، فإن التحريم حكم الله القديم، ثم قال: أو معناه: أحرم بهذا اللفظ، وهو أحرم مثل ما حرم به إبراهيم، وركاكته غنية عن البيان. باب الأكل في إناء مفضض 5426 - المفضض: ما عليه شيء من الفضة، روى في الباب حديث حذيفة أنَّه طلب الماء فجاءه مجوسي بقدح من فضة فرماه، وروى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا تشربوا في إناء الذهب والفضة).

31 - باب ذكر الطعام

31 - باب ذِكْرِ الطَّعَامِ 5427 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِى يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الأُتْرُجَّةِ، رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ، وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِى لاَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ التَّمْرَةِ لاَ رِيحَ لَهَا وَطَعْمُهَا حُلْوٌ، وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِى يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مَثَلُ الرَّيْحَانَةِ، رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ، وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِى لاَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْحَنْظَلَةِ، لَيْسَ لَهَا رِيحٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ». طرفه 5020 ـــــــــــــــــــــــــــــ قال بعض الشارحين: فإن قلت: الحديث دل على حرمة الفضة، والترجمة في المفضض؟ قلت: هو الذي اتخذ من الفضة، وهذا الذي قاله غلط لغة وفقهًا، أما لغة فإن المفضض هو أصله شيء آخر، ثم يجعل عليه حلية كالذهب، وأمَّا فقهًا فلأن الفقهاء اختلفوا في المفضض، ولا خلاف عندهم في أواني الفضة، وهو الذي أراده البُخاريّ فإن العلة في الحرمة كسر قلوب الفقراء، ولا فرق في ذلك بين أن يكون كله فضة، وبين أن يكون مرصعًا، ويجوز أن يكون على دأبه إشارة إلى حديث لم يكن على شرطه رواه الدارقطني والبيهقيّ: "من شرب في آنية الذَّهب والفضة، أو في إناء فيه شيء منهما فإنَّما يجرجر في بطنه نار جهنم". باب ذكر الطعام 5427 - (قتيبة) بضم القاف مصغر (أبو عوانة) -بفتح العين- الوضّاح (مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كالأترجة) وفي بعضها بالنون: أترنجة، ويروى: ترنجة (ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كالحنظلة ليس لها ريح وطعمها مر) وفي رواية التِّرمذيِّ: "طعمها مر وريحها مر" ومعنى ما في البُخاريّ: ليس لها ريح طيب، وما في التِّرمذيِّ عبَّر عن كراهة الرائحة بالمر مشاكلة لما تقدمه من قوله: "طعمها مر".

32 - باب الأدم

5428 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا خَالِدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ». طرفه 3770 5429 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ سُمَىٍّ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ، يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ نَوْمَهُ وَطَعَامَهُ، فَإِذَا قَضَى نَهْمَتَهُ مِنْ وَجْهِهِ فَلْيُعَجِّلْ إِلَى أَهْلِهِ». طرفه 1804 32 - باب الأُدْمِ 5430 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّهُ سَمِعَ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُولُ كَانَ فِي بَرِيرَةَ ثَلاَثُ سُنَنٍ، أَرَادَتْ عَائِشَةُ أَنْ تَشْتَرِيَهَا فَتُعْتِقَهَا، فَقَالَ أَهْلُهَا، وَلَنَا الْوَلاَءُ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «لَوْ شِئْتِ شَرَطْتِيهِ لَهُمْ، فَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». قَالَ وَأُعْتِقَتْ فَخُيِّرَتْ فِي أَنْ تَقِرَّ تَحْتَ زَوْجِهَا أَوْ تُفَارِقَهُ، وَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمًا بَيْتَ عَائِشَةَ وَعَلَى النَّارِ بُرْمَةٌ تَفُورُ، فَدَعَا بِالْغَدَاءِ فَأُتِىَ بِخُبْزٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ 5428 - 5429 - (أبو نعيم) بضم النون مصغر (سُمي) بضم السِّين مصغر (أبي صالح) السمان، اسمه: ذكوان (السَّفر قطعة من العذاب) وقد وجه ذلك بقوله: (يمنع أحدكم نومه وطعامه)، (فهذا قضى أحدكم نهمته) بفتح النون، ويروى بالكسر، قال ابن الأثير: النهمة بلوغ الإنسان ما قصده. قلت: لكن اشتهر في الشبع. فإن قلت: ما فائدة قول البُخاريّ: باب ذكر الطَّعام؟ قلت: إشارة إلى أن الإنسان إذا ضرب المثل بالطعام لا بأس به، وكذا ذكر الأطعمة الفاضل والأكل منها بقدر الحاجة قصدًا إلى التقوي على عبادة ربه. باب الأدم قال ابن الأثير: الأدم والإدام الأول بضم الهمزة، والثاني بالكسر: كل ما يؤكل به الخبز. 5430 - (كان في بريرة ثلاث سُنَن) أي: ثلاث خصال علمت من السنة لا من الكتاب (اعتقت فخيرت أن تَقِرَّ تحت زوجها) -بتشديد الراء- من القرار، ويروى بتخفيف الراء مضارع وقر أو استقر (وعلى النَّار برمة تفور) تقدم أنها في الأصل قدر من نوع حجارة

33 - باب الحلواء والعسل

وَأُدْمٍ مِنْ أُدْمِ الْبَيْتِ فَقَالَ «أَلَمْ أَرَ لَحْمًا». قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَكِنَّهُ لَحْمٌ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ، فَأَهْدَتْهُ لَنَا. فَقَالَ هُوَ صَدَقَةٌ عَلَيْهَا، وَهَدِيَّةٌ لَنَا». طرفه 456 33 - باب الْحَلْوَاءِ وَالْعَسَلِ 5431 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِىُّ عَنْ أَبِى أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُحِبُّ الْحَلْوَاءَ وَالْعَسَلَ. طرفه 4912 5432 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شَيْبَةَ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ أَبِى الْفُدَيْكِ عَنِ ابْنِ أَبِى ذِئْبٍ عَنِ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ كُنْتُ أَلْزَمُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لِشِبَعِ بَطْنِى حِينَ لاَ آكُلُ ـــــــــــــــــــــــــــــ بالحجاز، ثم اتسع فيه، وقوله: ثلاث سنن، لا تنفي الزيادة، وقد أفرد بعض العلماء هذا الحديث بتصنيف ذَكَر فيه منطوقًا ومفهومًا أربعمئة حكم شرعي، وفيه دلالة على أن الإنسان إذا وجد أنواعًا من الطَّعام يقدم الأحسن الأطيب، فإن ذلك تلقي نعمة الله بالإكرام. باب الحلواء والعسل قال الجوهري: الحلواء التي تؤكل، تمد وتقصر، قلت: اسم جنس يقع على كل [ما] يتخذ من أنواع الحلو. 5431 - (كان رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - يحب الحلواء والعسل) حب الطَّعام أمر جبلي في الإنسان، والنّاس في ذلك متفاوتون بحسب أمزجتهم، بعضهم يحب الحلواء، وبعضهم يحب الحامض، ولا يميل إلى الحلو إلَّا معتدل المزاج، فإنَّه في ذاته مفرح يورث القلب جلاء لسرعة الإدراك عليه الأكثر، إلَّا نادر الخلل في الطبيعة، وحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه إذا وُجِد يتناول منه، بحيث يظهر أنَّه يميل إليه كما في الدباء، وأما أنه يقول: يومًا اصنعوا لي الحلواء والدباء فكلا. 5432 - (ابن أبي الفديك) -بضم الفاء مصغر- إسماعيل (عن أبي ذئب) -بلفظ الحيوان المعروف- محمَّد بن عبد الرحمن، روى عن أبي هريرة أنَّه كان من فقراء المهاجرين

34 - باب الدباء

الْخَمِيرَ، وَلاَ أَلْبَسُ الْحَرِيرَ، وَلاَ يَخْدُمُنِى فُلاَنٌ وَلاَ فُلاَنَةُ، وَأُلْصِقُ بَطْنِى بِالْحَصْبَاءِ، وَأَسْتَقْرِئُ الرَّجُلَ الآيَةَ وَهْىَ مَعِى كَىْ يَنْقَلِبَ بِى فَيُطْعِمَنِى، وَخَيْرُ النَّاسِ لِلْمَسَاكِينِ جَعْفَرُ بْنُ أَبِى طَالِبٍ، يَنْقَلِبُ بِنَا فَيُطْعِمُنَا مَا كَانَ فِي بَيْتِهِ، حَتَّى إِنْ كَانَ لَيُخْرِجُ إِلَيْنَا الْعُكَّةَ لَيْسَ فِيهَا شَىْءٌ، فَنَشْتَقُّهَا فَنَلْعَقُ مَا فِيهَا. طرفه 3708 34 - باب الدُّبَّاءِ 5433 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَتَى مَوْلًى لَهُ خَيَّاطًا، فَأُتِىَ بِدُبَّاءٍ، فَجَعَلَ يَأْكُلُهُ، فَلَمْ أَزَلْ أُحِبُّهُ مُنْذُ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَأْكُلُهُ. طرفه 2092 ـــــــــــــــــــــــــــــ (لا آكل الخمير) والخمير ما يجعل في العجين كالمادة له، وإن لم يجعل فيه ذلك يكون الخبز فظًّا غير مرغوب فيه، وقد سلف هذا الحديث في مناقب جعفر بن أبي طالب في أنَّه كان أجود النَّاس في الإطعام (لشِبَع بطني) بكسر الشين وفتح الباء، وقد تسكن الباء (ولا ألبس الحَبِيْر) بفتح الحاء وكسر الباء الموحدة. قال ابن الأثير: الموشى المخطط (إن كان ليخرج لنا العكة) أي: جعفر، وعاء العسل والسمن خاصة (فنشتقها فنلعق) بالقاف من الشق وهو الخرق، وإنَّما كانوا يفعلون ذلك ليتمكنوا من لعق ما لزق بالعكة، ورواه بعضهم بالفاء، قال القاضي: وليس بصواب؛ لأنَّ الشف شرب جميع ما في الإناء، ولا وجه له هنا. باب الدُّبَّاء بضم الدال وتشديد الباء والمد: القرعة. 5433 - روى في الباب حديث أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يأكل الدباء، وقد سلف قريبًا مع شرحه.

35 - باب الرجل يتكلف الطعام لإخوانه

35 - باب الرَّجُلِ يَتَكَلَّفُ الطَّعَامَ لإِخْوَانِهِ 5434 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ الأَنْصَارِىِّ قَالَ كَانَ مِنَ الأَنْصَارِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو شُعَيْبٍ، وَكَانَ لَهُ غُلاَمٌ لَحَّامٌ فَقَالَ اصْنَعْ لِى طَعَامًا أَدْعُو رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَامِسَ خَمْسَةٍ، فَدَعَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَامِسَ خَمْسَةٍ، فَتَبِعَهُمْ رَجُلٌ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّكَ دَعَوْتَنَا خَامِسَ خَمْسَةٍ وَهَذَا رَجُلٌ قَدْ تَبِعَنَا، فَإِنْ شِئْتَ أَذِنْتَ لَهُ، وَإِنْ شِئْتَ تَرَكْتَهُ». قَالَ بَلْ أَذِنْتُ لَهُ. طرفه 2081 36 - باب مَنْ أَضَافَ رَجُلاً إِلَى طَعَامٍ، وَأَقْبَلَ هُوَ عَلَى عَمَلِهِ 5435 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ سَمِعَ النَّضْرَ أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ أَخْبَرَنِى ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الرجل يتكلف الطعام لإخوانه 5434 - (أبو وائل) شقيق بن سلمة (عن أبي مسعود) هو البدري، واسمه عقبة، وفي بعضها: ابن مسعود، وهو مصحف (رجل يقال له أبو شعيب) رجل من الأنصار، ولم يذكر له اسمًا (لحَّام) -بتشديد الحاء- من يبيع اللحم (أدعو رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - خامس خمسة) هو واحد منهم (وهذا رجل قد تبعنا أن شئت أذنت له) إذ لو لم يأذن له كان أكله حرامًا. فإن قلت: ما معنى التكليف في الترجمة، وأين موضع الدلالة عليه؟ قلت: قال بعضهم: وجه التكليف في الخمسة، وهذا الذي قاله ليس بشيء. أما أولًا فلأن الترجمة تكلف الطعام للإخوان، ولا تعلق لها بالحصر. الثَّاني: أن التكلف قال ابن الأثير: هو محل الكلفة، وتعرض الإنسان لما يعينه على خلاف عادته إلى المشقة؛ أي: مشقة في الحصر في الخمسة، والصَّواب أن غرض البُخاريّ: أن التكلف وتحمل المشقة في ضيافة الإخوان ليس من التكلف المحرم والرياء والسمعة، بل هو أمر مستحب وليس داخلًا في قوله: {وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} [ص: 86] وما جاء في حديث عمر: "نهينا عن التكليف". باب إذا دعا رجلًا إلى طعام وأقبل هو على عمله 5435 - (عبد الله بن منير) بضم الميم وكسر النون (ابن عون) آخره نون، اسمه

37 - باب المرق

ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ كُنْتُ غُلاَمًا أَمْشِى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى غُلاَمٍ لَهُ خَيَّاطٍ، فَأَتَاهُ بِقَصْعَةٍ فِيهَا طَعَامٌ وَعَلَيْهِ دُبَّاءٌ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ - قَالَ - فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ جَعَلْتُ أَجْمَعُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ - قَالَ - فَأَقْبَلَ الْغُلاَمُ عَلَى عَمَلِهِ. قَالَ أَنَسٌ لاَ أَزَالُ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ بَعْدَ مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَنَعَ مَا صَنَعَ. طرفه 2092 37 - باب الْمَرَقِ 5436 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ أَنَّ خَيَّاطًا دَعَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لِطَعَامٍ صَنَعَهُ، فَذَهَبْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَرَّبَ خُبْزَ شَعِيرٍ وَمَرَقًا فِيهِ دُبَّاءٌ وَقَدِيدٌ، فَرَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ مِنْ حَوَالَىِ الْقَصْعَةِ، فَلَمْ أَزَلْ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ بَعْدَ يَوْمِئِذٍ. طرفه 2092 38 - باب الْقَدِيدِ 5437 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ عبد الله، روى في الباب حديث أنس أن غلامًا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خياطًا طبخ له طعامًا فيه الدباء، فلما قدم له الطَّعام أقبل الغلام على عمله، فدل على أن مثله جائز بلا كراهة، لكن هذا إذا كان الضيف لا يتأذى بذلك لما بينهما من كمال الاتحاد، ثم روى حديث المرق، وهو الحديث الذي في الباب قبله، وغرضه: أن تقديم المرق للأشراف لا بأس به، وقد روي "أن المرق أحد اللحمين". باب القديد القديد: هو اللحم اليابس من النقد: وهو الشق والقطع، يفعل به ذلك ليسرع فيه اليبس، روى فيه الحديث الذي تقدم في الباب قبله فدل على أنَّه لا بأس بأكل القديد، روى حديث الخياط تارة مع الدباء، وتارة مع القديد، وتارة مع الثريد، وتارة أخرى مع خبز

39 - باب من ناول أو قدم إلى صاحبه على المائدة شيئا

أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أُتِىَ بِمَرَقَةٍ فِيهَا دُبَّاءٌ وَقَدِيدٌ، فَرَأَيْتُهُ يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ يَأْكُلُهَا. طرفه 2092 5438 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَابِسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ مَا فَعَلَهُ إِلاَّ فِي عَامٍ جَاعَ النَّاسُ، أَرَادَ أَنْ يُطْعِمَ الْغَنِىُّ الْفَقِيرَ، وَإِنْ كُنَّا لَنَرْفَعُ الْكُرَاعَ بَعْدَ خَمْسَ عَشْرَةَ، وَمَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - مَنْ خُبْزِ بُرٍّ مَأْدُومٍ ثَلاَثًا. طرفه 5423 39 - باب مَنْ نَاوَلَ أَوْ قَدَّمَ إِلَى صَاحِبِهِ عَلَى الْمَائِدَةِ شَيْئًا قَالَ وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ لاَ بَأْسَ أَنْ يُنَاوِلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَلاَ يُنَاوِلُ مِنْ هَذِهِ الْمَائِدَةِ إِلَى مَائِدَةٍ أُخْرَى. 5439 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ إِنَّ خَيَّاطًا دَعَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِطَعَامٍ صَنَعَهُ - قَالَ أَنَسٌ - فَذَهَبْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى ذَلِكَ الطَّعَامِ، فَقَرَّبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خُبْزًا مِنْ شَعِيرٍ وَمَرَقًا فِيهِ دُبَّاءٌ وَقَدِيدٌ - قَالَ أَنَسٌ - فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ مِنْ حَوْلِ الصَّحْفَةِ، فَلَمْ أَزَلْ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ مِنْ يَوْمِئِذٍ. وَقَالَ ثُمَامَةُ عَنْ أَنَسٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الشعير، والتفاوت من حفظ الرواة، وأتم الروايات رواية "الموطأ" لمالك قال: فقرب له خبز شعير، ومرقًا فيه دباء وقديد. فلم يفته إلَّا ذكر الثريد. (أبو نعيم) بضم النون على وزن المصغر (قبيصة) بفتح القاف، ثم روى حديث عائشة أنهم كانوا يرفعون الكراع -بضم الكاف- ما دون الركبة من ساق الحيوان (بعد خمس عشرة) وقد سلف في باب: كان السلف يدخرون (ما فعله إلَّا في عام جاع فيه النَّاس) الضمير للنهي عن الادخار. باب من ناول أو قدم إلى صاحبه على المائدة شيئًا 5439 - (قال ابن المبارك) هو عبد الله الإِمام الجليل علمًا ودينًا، ثم روى حديث أنس

40 - باب الرطب بالقثاء

فَجَعَلْتُ أَجْمَعُ الدُّبَّاءَ بَيْنَ يَدَيْهِ. طرفه 2092 40 - باب الرُّطَبِ بِالْقِثَّاءِ 5440 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِى طَالِبٍ - رضى الله عنهما - قَالَ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَأْكُلُ الرُّطَبَ بِالْقِثَّاءِ. 41 - باب 5441 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَبَّاسٍ الْجُرَيْرِىِّ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ قَالَ تَضَيَّفْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ سَبْعًا، فَكَانَ هُوَ وَامْرَأَتُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ في تتبع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الدباء، وموضع الدلالة قوله: (فجعلت أجمع الدباء بين يديه) يريد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فدل على جوازه إذ لو لم يكن كذلك لنهاه عنه. فإن قلت: لم يذكر للمناولة مثالًا؟ قلت: قاسه على ما فعله أنس إذ لا فرق بين أن يناوله أو يقربه إليه، هذا قاله ابن بطال، لكن فيه ضعفًا؛ لأنَّ الطَّعام صنع لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاصة، وأنس تابع له خادمه. باب الرطب بالقِثاء بكسر القاف، وقد يُضم وتشديد الثاء. 5440 - (رأيت النَّبيَّ - صَلَّى الله عليه وسلم - وسلم يأكل الرطب بالقثاء) وذلك لأمرين، أحدهما: اللذة فإنَّه لذيذ، الثَّاني: أن الرطب حار يابس، والخيار بارد رطب فبالاجتماع يعتدل، وقد صرح في بعض الروايات. 5441 - (مسدد) بفتح الدال المشددة (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم (عَبَّاس) بالموحدة (الجُريريُّ) بضم [الجيم] (عن أبي عثمان) هو النهدي (تضيفت أبا هريرة) أي صرت ضيفًا له، ويقال: تضيفني أي: جعلني ضيفًا (سبعًا) أي: سبع ليال (وكان هو وامرأته

42 - باب الرطب والتمر

وَخَادِمُهُ يَعْتَقِبُونَ اللَّيْلَ أَثْلاَثًا، يُصَلِّى هَذَا، ثُمَّ يُوقِظُ هَذَا. وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنِ أَصْحَابِهِ تَمْرًا، فَأَصَابَنِى سَبْعُ تَمَرَاتٍ إِحْدَاهُنَّ حَشَفَةٌ. طرفه 5411 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَسَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَنَا تَمْرًا فَأَصَابَنِى مِنْهُ خَمْسٌ أَرْبَعُ تَمَرَاتٍ وَحَشَفَةٌ، ثُمَّ رَأَيْتُ الْحَشَفَةَ هِىَ أَشَدُّهُنَّ لِضِرْسِى. طرفه 5411 42 - باب الرُّطَبِ وَالتَّمْرِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَهُزِّى إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تَسَّاقَطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا). 5442 - وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورِ ابْنِ صَفِيَّةَ حَدَّثَتْنِى أُمِّى عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ تُوُفِّىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ شَبِعْنَا مِنَ الأَسْوَدَيْنِ التَّمْرِ وَالْمَاءِ. طرفه 5383 ـــــــــــــــــــــــــــــ وخادمه يعتقبون الليل) أي: يتناوبون في إحياء الليلة بالعبادة، كلما نام واحد قام الآخر (سبع تمرات إحداهن حشفة) -بالحاء المهملة- الرديء من التمر. (صبّاح) بفتح الصاد وتشديد الموحدة (فأصابني خمس) وفي الرّواية الأخرى: "سبع" إما أن تكون الواقعة متعددة أو واحدة، وذكر الأقل لأنَّ ذكر الأقل لا ينفي الأكثر، وهذا هو الظاهر بأن يكون قسم أولًا خمسًا خمسًا، ثم لما فضل زادهم إلى سبعة، امرأته هذه بُسرة بنت غزوان، صحابية، وكان أبو هريرة في زمان فقره أجيرًا لهم، قال أبو هريرة: وكنت أرتحل معهم إذا ارتحلوا، فكانت تقول لي: لتردن حافيًا، أو لتركبن قائمًا، وأنا أقول لها الآن: لتردين حافية ولتركبن (ثم رأيت الحشفة أشدهن لضرسي) يمدحها بكونها بقيت في فيه زمانًا. باب الرطب والتمر 5442 - (وقال محمَّد بن يوسف) هو شيخ البُخاريّ، والرواية عنه يقال: لأنَّه سمعه مذاكرة (عن عائشة: توفي رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - وقد شبعنا من الأسودين التمر والماء) وذلك لما فتح خيبر كان يعطي من التمر والشعير أزواجه كفاية السَّنَة (أبو غسان) بفتح المعجمة وتشديد المهملة- اسمه محمَّد بن مطرف.

5443 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو حَازِمٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى رَبِيعَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضى الله عنهما قَالَ كَانَ بِالْمَدِينَةِ يَهُودِىٌّ وَكَانَ يُسْلِفُنِى فِي تَمْرِى إِلَى الْجِدَادِ، وَكَانَتْ لِجَابِرٍ الأَرْضُ الَّتِى بِطَرِيقِ رُومَةَ فَجَلَسَتْ، فَخَلاَ عَامًا فَجَاءَنِى الْيَهُودِىُّ عِنْدَ الْجَدَادِ، وَلَمْ أَجُدَّ مِنْهَا شَيْئًا، فَجَعَلْتُ أَسْتَنْظِرُهُ إِلَى قَابِلٍ فَيَأْبَى، فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لأَصْحَابِهِ «امْشُوا نَسْتَنْظِرْ لِجَابِرٍ مِنَ الْيَهُودِىِّ». فَجَاءُونِى فِي نَخْلِى فَجَعَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُكَلِّمُ الْيَهُودِىَّ فَيَقُولُ أَبَا الْقَاسِمِ لاَ أُنْظِرُهُ. فَلَمَّا رَأَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَامَ فَطَافَ فِي النَّخْلِ، ثُمَّ جَاءَهُ فَكَلَّمَهُ فَأَبَى فَقُمْتُ فَجِئْتُ بِقَلِيلِ رُطَبٍ فَوَضَعْتُهُ بَيْنَ يَدَىِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَكَلَ ثُمَّ قَالَ «أَيْنَ عَرِيشُكَ يَا جَابِرُ». فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ «افْرُشْ لِى فِيهِ». فَفَرَشْتُهُ فَدَخَلَ فَرَقَدَ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ فَجِئْتُهُ بِقَبْضَةٍ أُخْرَى فَأَكَلَ مِنْهَا، ثُمَّ قَامَ فَكَلَّمَ الْيَهُودِىَّ فَأَبَى عَلَيْهِ فَقَامَ فِي الرِّطَابِ فِي النَّخْلِ الثَّانِيَةَ ثُمَّ قَالَ «يَا جَابِرُ جُدَّ وَاقْضِ». فَوَقَفَ فِي الْجَدَادِ فَجَدَدْتُ مِنْهَا مَا قَضَيْتُهُ وَفَضَلَ مِنْهُ فَخَرَجْتُ حَتَّى جِئْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَبَشَّرْتُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ 5443 - (أبو حازم) سلمة بن دينار، روى حديث جابر مع غرمائه، وقد سلف في أبواب المسلم وبعده، ونشير إلى بعض ألفاظه (وكانت لجابر الأرض التي بطريق رومة) بضم الراء، قال ابن منده: رومة الغفاري كان صاحب البئر الذي اشتراه عثمان من اليهودي، ومن قال: دومة بالدال فقد صحف؛ لأنَّ دومة اسم بلدة بأرض الشام (فخابت نخلي عامًا) بالخاء المعجمة أي: لم يثمر، من خاب الشيء إذا تغير، هذه رواية أبي الهيثم. وفي رواية غيره: (فجلست فخلا عامًا) جلستُ بتاء المتكلم -من الجلوس-، وخلا: من الخلو؛ أي: لم يثمر عامًا (فجاءني اليهودي عند الجداد) -بكسر الجيم وقال مهملة- هو القطاف (فجعلت أستنظره إلى قابل) أي: العام القابل (فيأبى فأخبر النَّبيّ - صَلَّى الله عليه وسلم - بذلك). فإن قلت: تقدم أن جابرًا هو الذي أخبر رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - بذلك؟ قلت: تقدم هناك أن قصة جابر متعددة فلا منافاة بين الأمرين، ألا ترى أن هناك ذكر أن الدَّين كان على أبيه، وهنا أن الدين كان عليه. (فقام فطاف في الرطاب) -بكسر الراء- جمع رطب (في النخل الثَّانية) بدل اشتمال من الرطاب، وقوله: (الثَّانية) لأنَّه كان قد طاف أول ما قدم ...................................

43 - باب أكل الجمار

فَقَالَ «أَشْهَدُ أَنِّى رَسُولُ اللَّهِ». 43 - باب أَكْلِ الْجُمَّارِ 5444 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِى مُجَاهِدٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - جُلُوسٌ إِذْ أُتِىَ بِجُمَّارِ نَخْلَةٍ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ لَمَا بَرَكَتُهُ كَبَرَكَةِ الْمُسْلِمِ». فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يَعْنِى النَّخْلَةَ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ هِىَ النَّخْلَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. ثُمَّ الْتَفَتُّ فَإِذَا أَنَا عَاشِرُ عَشَرَةٍ أَنَا أَحْدَثُهُمْ فَسَكَتُّ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «هِىَ النَّخْلَةُ». طرفه 61 44 - باب الْعَجْوَةِ 5445 - حَدَّثَنَا جُمْعَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ هَاشِمٍ أَخْبَرَنَا عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ تَصَبَّحَ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعَ تَمَرَاتٍ عَجْوَةً ـــــــــــــــــــــــــــــ (فقال: أشهد أني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) لأنَّ ما وقع كان خارقًا معجزًا إذ لم يكن في ظن جابر وغريمه الوفاء، فزاد عن الدَّين. باب أكل الجُمَّار 5444 - بضم الجيم وتشديد الميم: شحم النخل معروف عندهم، روى في الباب حديث ابن عمر أن رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - سألهم (إن من الشجر شجرًا بركته كبركة المسلم). باب العجوة بفتح العين وسكون الجيم: نوع من التمر. 5445 - (جمعة [بن] عبد الله) -بضم الجيم وسكون الميم- لقب له، واسمه: يَحْيَى (من تصبح كل يوم سبع تمرات) تصبح على وزن تكسَر أي: أكل في الصباح (عجوة) بالجر

45 - باب القران فى التمر

لَمْ يَضُرُّهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ سُمٌّ وَلاَ سِحْرٌ». 45 - باب الْقِرَانِ فِي التَّمْرِ 5446 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا جَبَلَةُ بْنُ سُحَيْمٍ قَالَ أَصَابَنَا عَامُ سَنَةٍ مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَرَزَقَنَا تَمْرًا، فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَمُرُّ بِنَا وَنَحْنُ نَأْكُلُ وَيَقُولُ لاَ تُقَارِنُوا فَإِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الْقِرَانِ. ثُمَّ يَقُولُ إِلاَّ أَنْ يَسْتَأْذِنَ الرَّجُلُ أَخَاهُ. قَالَ شُعْبَةُ الإِذْنُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ. طرفه 2455 ـــــــــــــــــــــــــــــ على الإضافة، وإن نون تمرات فعلى البدل أو الصفة، ورواه مالك بالنصب على التمييز، وفي رواية الدَّارميِّ "عجوة المدينة" (لم يضره ذلك اليوم سم) بالحركات الثلاث في السِّين (ولا سحر) قال النووي: تخصيص العجوة بالمدينة، والعد بالسبع علمه مخصوص بالشارع. قلت: يروى أن العجوة من الجنَّة، وغرس في الجنَّة لرسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم -، وأمَّا عدد السبع، فإن كثيرًا من الأحكام منوط بها لسر جعله الله فيه. باب القران في التمر القرآن: أن تجعل تمرتين في الفم مرَّة واحدة. 5446 - (جبلة بن سُحَيم) بفتح الجيم والموحدة وضم السِّين في الثَّاني وفتح الحاء المهملة بعده ياء مثناة مصغر (أصابنا عام سنة) السنة: القحط بإضافة العام أي: عام قحط، ويجوز قطع الإضافة ونصب سنة على أن المراد بالعام القحط (لا تقارنوا) بفتح التاء (فإن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عن الإقران) كذا وقع، [قال] ابن الأثير: والأصح: نهى عن القران (إلَّا أن يستأذن الرجل أخاه) قال البُخاريّ عن شعبة: (الإذن من قول ابن عمر) والحديث تقدم في أبواب المظالم، قال: الظاهر عندي أن الأذن مرفوع إلى رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم -، ولا يلزم من عدم تصريحه بالرفع، قال النووي: إن كان التمر مشتركًا، فالقران حرام إلَّا بالإذن صريحًا أو بقرينة.

46 - باب القثاء

46 - باب الْقِثَّاءِ 5447 - حَدَّثَنِى إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ قَالَ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَأْكُلُ الرُّطَبَ بِالْقِثَّاءِ. طرفه 5440 47 - باب بَرَكَةِ النَّخْلِ 5448 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ عَنْ زُبَيْدٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةٌ تَكُونُ مِثْلَ الْمُسْلِمِ، وَهْىَ النَّخْلَةُ». طرفه 61 48 - باب جَمْعِ اللَّوْنَيْنِ أَوِ الطَّعَامَيْنِ بِمَرَّةٍ 5449 - حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ - رضى الله عنهما - قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَأْكُلُ الرُّطَبَ بِالْقِثَّاءِ. طرفه 5440 49 - باب مَنْ أَدْخَلَ الضِّيفَانَ عَشَرَةً عَشَرَةً وَالْجُلُوسِ عَلَى الطَّعَامِ عَشَرَةً عَشَرَةً 5450 - حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ الْجَعْدِ أَبِى عُثْمَانَ عَنْ أَنَسٍ. وَعَنْ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَنَسٍ. وَعَنْ سِنَانٍ أَبِى رَبِيعَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ أُمَّهُ عَمَدَتْ إِلَى مُدٍّ مِنْ شَعِيرٍ، جَشَّتْهُ وَجَعَلَتْ مِنْهُ خَطِيفَةً، وَعَصَرَتْ عُكَّةً عِنْدَهَا، ثُمَّ بَعَثَتْنِى إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَتَيْتُهُ وَهْوَ فِي أَصْحَابِهِ فَدَعَوْتُهُ قَالَ «وَمَنْ مَعِى». ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من أدخل الضيفان عشرة عشرة، والجلوس على الطَّعام عشرة عشرة 5450 - (الصلت) بالصاد المهملة (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم (الجعد) بفتح الجيم وسكون العين (عن أنس أن أم سليم عمدت إلى مد شعير جشته) -بفتح الجيم وتشديد الشين -أي: طحنته طحنًا غليظًا (وجعلت منه خطيفة) -بالخاء المعجمة -أي: طعامًا من الدقيق واللبن، فعيل بمعنى المفعول؛ لأنها تخطف بالملاعق والأصابع (وعصرت عكة) -بضم العين وتشديد الكاف- وعاء العسل والسمن (فدعوته فقال: ومن معي) أي: أذهب

50 - باب ما يكره من الثوم والبقول

فَجِئْتُ فَقُلْتُ إِنَّهُ يَقُولُ، وَمَنْ مَعِى، فَخَرَجَ إِلَيْهِ أَبُو طَلْحَةَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا هُوَ شَىْءٌ صَنَعَتْهُ أُمُّ سُلَيْمٍ، فَدَخَلَ فَجِئَ بِهِ وَقَالَ «أَدْخِلْ عَلَىَّ عَشَرَةً». فَدَخَلُوا فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، ثُمَّ قَالَ «أَدْخِلْ عَلَىَّ عَشَرَةً». فَدَخَلُوا فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، ثُمَّ قَالَ «أَدْخِلْ عَلَىَّ عَشَرَةً». حَتَّى عَدَّ أَرْبَعِينَ، ثُمَّ أَكَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قَامَ، فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ هَلْ نَقَصَ مِنْهَا شَىْءٌ. طرفه 422 50 - باب مَا يُكْرَهُ مِنَ الثُّومِ وَالْبُقُولِ فِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 5451 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ قِيلَ لأَنَسٍ مَا سَمِعْتَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فِي الثُّومِ فَقَالَ «مَنْ أَكَلَ فَلاَ يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا». طرفه 856 5452 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا أَبُو صَفْوَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِى عَطَاءٌ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - زَعَمَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ أَكَلَ ثُومًا أَوْ بَصَلاً فَلْيَعْتَزِلْنَا، أَوْ لِيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا». طرفه 854 ـــــــــــــــــــــــــــــ ومن معي، فإنَّه يعلم من أم سليم ومن أبي طلحة أنهما يأذنان. فإن قلت: تقدم في حديث أنس أنَّه قام ومن معه ولم يقل: ومن معي؟ قلت: لا تنافي بين العبارتين إلَّا أن الصواب أن القصة متعددة؛ لأنَّ هناك مع أنس كانت أقراص من شعير، وهنا طبخ الطَّعام. باب ما يكره من الثوم 5451 - 5452 - روى في الباب عن ابن عمر تعليقًا، وعن أنس وجابر مسندًا (من أكل ثومًا أو بصلًا فلا يقربن مسجدنا) وقد سلفت الأحاديث في أبواب الصَّلاة. والحكمة في النَّهي إيذاء النَّاس والملائكة، فإنها تتأذى مما يتأذى النَّاس منه، والنهي للتنزيه، وفي معنى الثوم كل ما كان له رائحة كريهة، وفي نهي المسجد كل جمع.

51 - باب الكباث، وهو ثمر الأراك

51 - باب الْكَبَاثِ، وَهْوَ ثَمَرُ الأَرَاكِ 5453 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ قَالَ أَخْبَرَنِى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِمَرِّ الظَّهْرَانِ نَجْنِى الْكَبَاثَ فَقَالَ «عَلَيْكُمْ بِالأَسْوَدِ مِنْهُ، فَإِنَّهُ أَيْطَبُ». فَقَالَ أَكُنْتَ تَرْعَى الْغَنَمَ قَالَ «نَعَمْ، وَهَلْ مِنْ نَبِىٍّ إِلاَّ رَعَاهَا». طرفه 3406 52 - باب الْمَضْمَضَةِ بَعْدَ الطَّعَامِ 5454 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ النُّعْمَانِ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى خَيْبَرَ، فَلَمَّا كُنَّا بِالصَّهْبَاءِ دَعَا بِطَعَامٍ فَمَا أُتِىَ إِلاَّ بِسَوِيقٍ، فَأَكَلْنَا فَقَامَ إِلَى الصَّلاَةِ، فَتَمَضْمَضَ وَمَضْمَضْنَا. طرفه 209 5455 - قَالَ يَحْيَى سَمِعْتُ بُشَيْرًا يَقُولُ حَدَّثَنَا سُوَيْدٌ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الكَبَاث وهو ثمر الأَرَاك بفتح الكاف، ويقع في بعضها: ورق الأراك وليس بصواب. 5453 - (عفير) بضم العين مصغر كُنَّا مع النَّبيِّ - صَلَّى الله عليه وسلم - بمر الظهران) بفتح الميم وتشديد الراء وفتح الظاء المعجمة وسكون الهاء هو المعروف ببطن مرو، على ثلاثة أميال من مكّة (فقال: عليكم بالأسود فإنَّه أيطب) بتقديم الياء على الطاء لغة في أطيب، مثله جبذ من جذب (فقيل: كنت ترعى الغئم) فإن معرفة هذا وظيفة الرعاة (قال: نعم وهل من نبي إلَّا رعاها) لأنَّ في ذلك رياضة النَّفس مع أن أخلاق الغنم أخلاق المؤمن من السكينة وعدم الإضرار، روى البيهقي في "الدلائل" بسنده إلى جابر أن ذلك كان يوم جمعة ببدر. باب المضمضة بعد الطَّعام 5454 - 5455 - (بشير) بضم الباء مصغر (يسار) ضد اليمين (سويد) بضم السِّين مصغر، روى عنه أن عام خيبر كانوا مع رسوله الله - صَلَّى الله عليه وسلم - فأكلوا السويق، ثم قام رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم -

53 - باب لعق الأصابع ومصها قبل أن تمسح بالمنديل

اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى خَيْبَرَ، فَلَمَّا كُنَّا بِالصَّهْبَاءِ - قَالَ يَحْيَى وَهْىَ مِنْ خَيْبَرَ عَلَى رَوْحَةٍ - دَعَا بِطَعَامٍ فَمَا أُتِىَ إِلاَّ بِسَوِيقٍ، فَلُكْنَاهُ فَأَكَلْنَا مَعَهُ، ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَمَضْمَضَ وَمَضْمَضْنَا مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّى بِنَا الْمَغْرِبَ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. وَقَالَ سُفْيَانُ كَأَنَّكَ تَسْمَعُهُ مِنْ يَحْيَى. طرفه 209 53 - باب لَعْقِ الأَصَابِعِ وَمَصِّهَا قَبْلَ أَنْ تُمْسَحَ بِالْمِنْدِيلِ 5456 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلاَ يَمْسَحْ يَدَهُ حَتَّى يَلْعَقَهَا أَوْ يُلْعِقَهَا». ـــــــــــــــــــــــــــــ إلى المغرب فمضمض هو ومن صَلَّى معه، والحديث سلف في أبواب الصَّلاة، والمضمضة: إدارة الماء في الفم، واللوك: إدارة الطَّعام في الفم (قال يَحْيَى: سمعت بشيرًا) صرح بلفظ السماع رفعًا لوهم التدليس (قال سفيان: كأنك تسمعه من يَحْيَى) يريد أنَّه روى الحديث مضبوطًا بلا زيادة ولا نقصان لا تفاوت بين سماعك مني وسماعك منه. باب لعق الأصابع ومصها قبل أن تمسح بالمنديل المص أبلغ من اللعق. 5456 - (إذا أكل أحدكم فلا يمسح يده حتَّى يَلعَقَها أو يُلعِقَها) الأول بفتح الياء، والثاني بضمها وكسر اللام. أي؛ أن يلعقه بنفسه، [أو] يُلعقها خادمه أو ولده، وفي رواية النَّسائيّ: "فإن في آخر الطَّعام البركة"، وفي رواية غيره: "فإنَّه لا يدري في أي طعامه البركة"، وفي رواية مسلم: "إذا وقعت لقمة أحدكم فليمط ما عليها من الأذى ولا يدعها للشيطان". وفي معنى اليد القصعة. رواه النَّسائيّ.

54 - باب المنديل

54 - باب الْمِنْدِيلِ 5457 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ، فَقَالَ لاَ قَدْ كُنَّا زَمَانَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لاَ نَجِدُ مِثْلَ ذَلِكَ مِنَ الطَّعَامِ إِلاَّ قَلِيلاً، فَإِذَا نَحْنُ وَجَدْنَاهُ لَمْ يَكُنْ لَنَا مَنَادِيلُ، إِلاَّ أَكُفَّنَا وَسَوَاعِدَنَا وَأَقْدَامَنَا، ثُمَّ نُصَلِّى وَلاَ نَتَوَضَّأُ. 55 - باب مَا يَقُولُ إِذَا فَرَغَ مِنْ طَعَامِهِ 5458 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ ثَوْرٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ أَبِى أُمَامَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا رَفَعَ مَائِدَتَهُ قَالَ «الْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، غَيْرَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب المنديل بكسر الميم من الندل هو إخراج الشيء عن الآخر. 5457 - (المنذر) بكسر الذال (فليح) بضم الفاء مصغر، روى في الباب حديث جابر لما سأل عن الوضوء مما مست النَّار، فأجاب بأن لا وضوء فإنهم كانوا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأكلون ولا يتوضؤون، وقد سلف الحديث في أبواب الوضوء، وأشرنا هناك إلى أن حديث مسلم: "الوضوء مما مست النَّار" منسوخ بحديث ابن عباس: "أن رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - أكل كتف كتف شاة فصلَّى ولم يتوضّأ". باب ما يقول إذا فرغ من طعامه 5458 - 5459 - (أبو نعيم) بضم النون مصغر (ثور) بالمثلثة (معدان) بفتح الميم على وزن شعبان (عن أبي أمامة) هو الباهلي صدي بن عجلان بضم الصاد وفتح الدال وتشديد الياء.

56 - باب الأكل مع الخادم

مَكْفِىٍّ، وَلاَ مُوَدَّعٍ وَلاَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ، رَبَّنَا». طرفه 5459 5459 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ أَبِى أُمَامَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا فَرَغَ مِنْ طَعَامِهِ - وَقَالَ مَرَّةً إِذَا رَفَعَ مَائِدَتَهُ - قَالَ «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى كَفَانَا وَأَرْوَانَا، غَيْرَ مَكْفِىٍّ، وَلاَ مَكْفُورٍ - وَقَالَ مَرَّةً الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّنَا، غَيْرَ مَكْفِىٍّ، وَلاَ مُوَدَّعٍ - وَلاَ مُسْتَغْنًى، رَبَّنَا». طرفه 5458 56 - باب الأَكْلِ مَعَ الْخَادِمِ 5460 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدٍ - هُوَ ابْنُ زِيَادٍ - قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا أَتَى أَحَدَكُمْ خَادِمُهُ بِطَعَامِهِ، فَإِنْ لَمْ يُجْلِسْهُ مَعَهُ فَلْيُنَاوِلْهُ أُكْلَةً أَوْ أُكْلَتَيْنِ، أَوْ لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَيْنِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قال بعض الشارحين: هو أسعد بن سهل الأنصاري وليس بصواب؛ لأنَّ ذلك ولد [بعد] موت جده أسعد بن زرارة، فسماه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - باسم جده، وليس له رواية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا صحبة. قال ابن عبد البر: يعد في كبائر التّابعين (كان إذا رفع مائدته قال: الحمد لله) أراد بالمائدة السفرة من إطلاق المقيد على المطلق، فلا يشكل بما تقدم من أنَّه لم يأكل على مائدة، تقدم في باب السَّفر، هذا وأمَّا حمل المائدة على الطَّعام فلا وجه له لأنَّ معناه: إذا رفع طعامه، ولا يقوله عاقل، وأبعد منه أن يقال: كان له مائدة ولكن لم يأكل هو عليه، ويا ليت شعري: ما أحوجه إلى هذه التمحلات؟! (حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه غير مكفي ولا مودع، ولا مستغنىً عنه) الطَّيِّب: الخالص من الرياء، والمبارك فيه من كثرة الثواب، غير مكفي: يجوز أن يكون مهموزًا من كفأت الإناء إذا قلبته أي: غير مردود والضمير للطعام، و (ربنا): نصب على النداء، ويجوز أن يكون معتل اللام من الكفاية، والضمير فيه لله، وربنا مرفوع أي: غير مكفي ربنا، بل هو الكافي على أن ربنا مبتدأ، وما تقدمه خبره، ولا مودع أي: غير متروك، بل يطلب منه الرزق على الدوام. يجوز نصب ربنا على المدح. باب الأكل مع الخادم 5460 - (زياد) بكسر الزَّاي بعدها ياء (إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه فإن لم يجلسه) هذا موضع الدلالة على الترجمة، فإنَّه يدل على استحباب الأكل معه (فليناوله أُكلة) بضم

57 - باب الطاعم الشاكر مثل الصائم الصابر

فَإِنَّهُ وَلِىَ حَرَّهُ وَعِلاَجَهُ». طرفه 2557 57 - باب الطَّاعِمُ الشَّاكِرُ مِثْلُ الصَّائِمِ الصَّابِرِ فِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 58 - باب الرَّجُلِ يُدْعَى إِلَى طَعَامٍ فَيَقُولُ وَهَذَا مَعِى وَقَالَ أَنَسٌ إِذَا دَخَلْتَ عَلَى مُسْلِمٍ لاَ يُتَّهَمُ فَكُلْ مِنْ طَعَامِهِ، وَاشْرَبْ مِنْ شَرَابِهِ. 5461 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى الأَسْوَدِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا شَقِيقٌ حَدَّثَنَا أَبُو مَسْعُودٍ الأَنْصَارِىُّ قَالَ كَانَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يُكْنَى أَبَا شُعَيْبٍ، وَكَانَ لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ الهمزة، قال الجوهري: هي اللقمة، وذكر اللقمة بعده من شك الراوي (فإنَّه وليَ حَرّه وعلاجه) ليس هذا قيدًا في ذلك بل بناء على المتعارف عندهم، والأمر فيه للندب، وفي رواية مسلم: "إن كان الطعام مشفوهًا فليناوله أكلة أو أكلتين" قال ابن الأثير: هو القليل، ومفهومه أنَّه إذا كان كثيرًا لا يكتفي بهذا القدر. باب الطاعم الشاكر مثل الصائم الصابر فيه عن أبي هريرة، إشارة إلى حديث رواه ابن حبان والحاكم عن أبي هريرة ولم يكن على شرط البُخاريّ، قيل: الحديث دل على تساوي الرجلين قلت: لا يلزم التساوي لأنَّ شرط المشبه به أن يكون أقوى في وجه الشبه، اللَّهم إلَّا أن يجعل من قبيل إلحاق الخفي بالمشهور لا إلحاق الناقص بالكامل. فإن قلت: ما الطاعم الشاكر؟ قلت: الطاعم: هو حسن الطَّعام، والشاكر: من سمى الله في أول الأكل وحمده في آخره. فإنَّه قلت: ما وجه الشبه بين الرجلين؟ قلت حبس النَّفس عن هواها، فإنَّ مقتضاها البطر عن الفطر. باب رجل يدعى إلى طعامه فيقول: وهذا معي 5461 - (أبي أسامة) -بضم الهمزة- حماد بن أسامة (أبو مسعود الأنصاري) اسمه: عقبة (رجل من الأنصار يكنى أبا شعيب) قد سلف أن اسمه كنيته، وسلف حديثه

59 - باب إذا حضر العشاء فلا يعجل عن عشائه

غُلاَمٌ لَحَّامٌ، فَأَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ فِي أَصْحَابِهِ، فَعَرَفَ الْجُوعَ فِي وَجْهِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَهَبَ إِلَى غُلاَمِهِ اللَّحَّامِ فَقَالَ اصْنَعْ لِى طَعَامًا يَكْفِى خَمْسَةً، لَعَلِّى أَدْعُو النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - خَامِسَ خَمْسَةٍ. فَصَنَعَ لَهُ طُعَيِّمًا، ثُمَّ أَتَاهُ فَدَعَاهُ، فَتَبِعَهُمْ رَجُلٌ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَا أَبَا شُعَيْبٍ إِنَّ رَجُلاً تَبِعَنَا فَإِنْ شِئْتَ أَذِنْتَ لَهُ، وَإِنْ شِئْتَ تَرَكْتَهُ». قَالَ لاَ بَلْ أَذِنْتُ لَهُ. طرفه 2081 59 - باب إِذَا حَضَرَ الْعَشَاءُ فَلاَ يَعْجَلْ عَنْ عَشَائِهِ 5462 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ. وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى جَعْفَرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّ أَبَاهُ عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَحْتَزُّ مِنْ كَتِفِ شَاةٍ فِي يَدِهِ، فَدُعِىَ إِلَى الصَّلاَةِ فَأَلْقَاهَا وَالسِّكِّينَ الَّتِى كَانَ يَحْتَزُّ بِهَا، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى، وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. طرفه 208 ـــــــــــــــــــــــــــــ قريبًا، وموضع الدلالة قوله: (هذا الرجل تبعنا) هذا والظاهر أن البُخاريّ أشار إلى حديث يرويه: أن رجلًا دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى طعام، وعائشة عنده فقال: "وهذه أيضًا". فإن قلت: الأثر الذي رواه من أنس "إذا دخلت على مسلم لا يُتهم فكل من طعامه واشرب من شرابه" أي مناسبة له بحديث الباب؟ قلت: كون القصاب يشتري الغنم من كل جلب مظنة أن يكون طعامه غير مرضي له، سأل رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - عنه وأقدم على أكله، وقد روى أحمد والحاكم مثله مرفوعًا. باب إذا حضر العِشاء فلا يعجل عن عشائه الأول بكسر العين، والثاني بفتحه، وهو الطَّعام الذي يؤكل آخر النهار. 5462 - (عمرو بن أمية) بضم الهمزة (رأى رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - يحتز من كتف شاة) أي: يقطع (فدعي إلى الصَّلاة فألقاها) أي: السكين؛ أي: وتلك القطعة والكتف لأنَّه مضاف إلى المؤنث. فإن قلت: ليس في الحديث أنها صلاة العشاء، قلت: حمل اللام على العهد، وهذا

60 - باب قول الله تعالى (فإذا طعمتم فانتشروا)

5463 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا وُضِعَ الْعَشَاءُ وَأُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَابْدَءُوا بِالْعَشَاءِ». وَعَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - نَحْوَهُ. طرفه 672 5464 - وَعَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ تَعَشَّى مَرَّةً وَهْوَ يَسْمَعُ قِرَاءَةَ الإِمَامِ. طرفه 673 5465 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ وَحَضَرَ الْعَشَاءُ فَابْدَءُوا بِالْعَشَاءِ». قَالَ وُهَيْبٌ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ هِشَامٍ «إِذَا وُضِعَ الْعَشَاءُ». طرفه 671 60 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا) 5466 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ أَنَسًا قَالَ أَنَا أَعْلَمُ النَّاسِ بِالْحِجَابِ كَانَ أُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ يَسْأَلُنِى عَنْهُ، أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَرُوسًا بِزَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ وَكَانَ تَزَوَّجَهَا بِالْمَدِينَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ والحقُّ أن هذا ليس مخصوصًا بالعشاء، وإنَّما خص العشاء وهو المغرب كما تقدم التصريح به في أبواب الصَّلاة؛ لأنَّ وقته ضيق فهذا قدم الأكل عليها ففي غيرها من باب الأولى. وذلك أن الحكمة أن يكون في إقباله إلى الصَّلاة فارغ القلب، وذلك لا يخص صلاة دون صلاة. 5464 - (معلى بن أسد) بضم الميم وتشديد اللام (وهيب) بضم [الواو] مصغر. باب قوله تعالى: {فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا} [الأحزاب: 53] 5466 - روى من أنس أنَّه أعلم النَّاس بآية الحجاب، وأنها نزلت في قضية زينب (أصبح عروسًا) يطلق على الرجل والمرأة ما داما في أعراسهما، والعرس: أيَّام بناء الرجل بالمرأة والحديث سلف في سورة الأحزاب وبعده مرارًا.

فَدَعَا النَّاسَ لِلطَّعَامِ بَعْدَ ارْتِفَاعِ النَّهَارِ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَجَلَسَ مَعَهُ رِجَالٌ بَعْدَ مَا قَامَ الْقَوْمُ، حَتَّى قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَمَشَى وَمَشَيْتُ مَعَهُ، حَتَّى بَلَغَ بَابَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ، ثُمَّ ظَنَّ أَنَّهُمْ خَرَجُوا فَرَجَعْتُ مَعَهُ، فَإِذَا هُمْ جُلُوسٌ مَكَانَهُمْ، فَرَجَعَ وَرَجَعْتُ مَعَهُ الثَّانِيَةَ، حَتَّى بَلَغَ بَابَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ فَرَجَعَ وَرَجَعْتُ مَعَهُ، فَإِذَا هُمْ قَامُوا، فَضَرَبَ بَيْنِى وَبَيْنَهُ سِتْرًا، وَأُنْزِلَ الْحِجَابُ. طرفه 4791

71 - كتاب العقيقة

71 - كتاب العقيقة 1 - باب تَسْمِيَةِ الْمَوْلُودِ غَدَاةَ يُولَدُ، لِمَنْ لَمْ يَعُقَّ عَنْهُ، وَتَحْنِيكِهِ 5467 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنِى بُرَيْدٌ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ أبواب العقيقة قال ابن الأثير: العقيقة اسم للذبيحة عند الولادة من العق وهو: الشق؛ لأنها يُشَقُّ حلقها، ويُطلق على الشعر الذي ولد معه الطفل مجازًا، وقال: وجعل بعضهم حقيقة في الشعر، مجازًا في غيره، واتفق العلماء على أنَّه ندب، وفي الغلام شاتان وفي الجارية شاة واحدة في اليوم السابع. فإن قلت: جاء في الحديث أنَّه سئل عن العقيقة فقال: "لا أحب العقوق" رواه مالك في "الموطأ"؟ قلت: كره هذا اللفظ الدال على العقوق كما كان يكره بعض الأسامي الدّالة على معنى غير حسن، وكم اسم غير لذلك، ونقل من أبي حنيفة أنها بدعة كأنه حمل اللفظ على ظاهره. باب تسمية المولود غداة يولد لمن لم يعق وتحنيكه بالجر عطف على تسمية المولود، وهو مصدر حنك. قال ابن الأثير: ويروى بالتخفيف. وحقيقة التحنيك: أن يمضغ التمر ويدلك مع ريقه على حنك الطفل ليشتد وليكون أول ما يدخل بطنه الحلو الذي جعل من ثمرةِ شجرةٍ مثلها مثل المؤمن، فإن لم يوجد التمر فأي حلوٍ كان وعسل النحل أولى. فإن قلت: لِم قيد بقوله لمن لم يعق؟ قلت: لأنَّ من أراد أن يحق يؤخره إلى اليوم السابع لما روى الحاكم عن عائشة أن رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - عق عن الحسن والحسين في اليوم السابع، وسماهما. 5467 - 5468 - (بريد) ابن عبد الله (عن أبي بردة) بريد مصغر برد، وأبو بردة بضم

عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ وُلِدَ لِى غُلاَمٌ، فَأَتَيْتُ بِهِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَمَّاهُ إِبْرَاهِيمَ، فَحَنَّكَهُ بِتَمْرَةٍ، وَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ وَدَفَعَهُ إِلَىَّ، وَكَانَ أَكْبَرَ وَلَدِ أَبِى مُوسَى. طرفه 6198 5468 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ أُتِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِصَبِىٍّ يُحَنِّكُهُ، فَبَالَ عَلَيْهِ، فَأَتْبَعَهُ الْمَاءَ. طرفه 222 5469 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما - أَنَّهَا حَمَلَتْ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ قَالَتْ فَخَرَجْتُ وَأَنَا مُتِمٌّ، فَأَتَيْتُ الْمَدِينَةَ فَنَزَلْتُ قُبَاءً فَوَلَدْتُ بِقُبَاءٍ، ثُمَّ أَتَيْتُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَوَضَعْتُهُ فِي حَجْرِهِ، ثُمَّ دَعَا بِتَمْرَةٍ فَمَضَغَهَا، ثُمَّ تَفَلَ فِي فِيهِ فَكَانَ أَوَّلَ شَىْءٍ دَخَلَ جَوْفَهُ رِيقُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ حَنَّكَهُ بِالتَّمْرَةِ، ثُمَّ دَعَا لَهُ فَبَرَّكَ عَلَيْهِ، وَكَانَ أَوَّلَ مَوْلُودٍ وُلِدَ فِي الإِسْلاَمِ، فَفَرِحُوا بِهِ فَرَحًا شَدِيدًا، لأَنَّهُمْ قِيلَ لَهُمْ إِنَّ الْيَهُودَ قَدْ سَحَرَتْكُمْ فَلاَ يُولَدُ لَكُمْ. طرفه 3909 5470 - حَدَّثَنَا مَطَرُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ ابْنٌ لأَبِى طَلْحَةَ يَشْتَكِى، فَخَرَجَ أَبُو طَلْحَةَ، فَقُبِضَ الصَّبِىُّ فَلَمَّا رَجَعَ أَبُو طَلْحَةَ قَالَ مَا فَعَلَ ابْنِى ـــــــــــــــــــــــــــــ الباء (عن أبي موسى) واسمه: عامر. 5469 - (أبو أسامة) -بضم الهمزة- حماد بن أسامة (عن أسماء بنت أبي بكر أنها حملت بعبد الله بن الزبير، قالت: فخرجت وأنا متم) أي: مشرفة على الولادة، قال ابن الأثير: اشتقاقه من التمام بكسر التاء (وكان أول مولود ولد في الإسلام) أي: في المدينة من المهاجرين، وإنما فرحوا بذلك لأنَّ النَّاس كانوا يقولون: سحرتهم اليهود. 5470 - (مطر) مرادف الغيث (كان ابن أبي طلحة يشتكي) أي: مريض (فخرج أبو طلحة فقبض الصبي) -على بناء المجهول -أي: مات (قال: ما فعل ابني؟ قالت هو

2 - باب إماطة الأذى عن الصبى فى العقيقة

قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ هُوَ أَسْكَنُ مَا كَانَ. فَقَرَّبَتْ إِلَيْهِ الْعَشَاءَ فَتَعَشَّى، ثُمَّ أَصَابَ مِنْهَا، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَتْ وَارِ الصَّبِىَّ. فَلَمَّا أَصْبَحَ أَبُو طَلْحَةَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ «أَعْرَسْتُمُ اللَّيْلَةَ». قَالَ نَعَمْ. قَالَ «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمَا». فَوَلَدَتْ غُلاَمًا قَالَ لِى أَبُو طَلْحَةَ احْفَظْهُ حَتَّى تَأْتِىَ بِهِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَتَى بِهِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَرْسَلَتْ مَعَهُ بِتَمَرَاتٍ، فَأَخَذَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «أَمَعَهُ شَىْءٌ». قَالُوا نَعَمْ تَمَرَاتٌ. فَأَخَذَهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَمَضَغَهَا، ثُمَّ أَخَذَ مِنْ فِيهِ فَجَعَلَهَا فِي فِي الصَّبِىِّ، وَحَنَّكَهُ بِهِ، وَسَمَّاهُ عَبْدَ اللَّهِ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَنَسٍ وَسَاقَ الْحَدِيثَ. طرفه 1301 2 - باب إِمَاطَةِ الأَذَى عَنِ الصَّبِىِّ فِي الْعَقِيقَةِ 5471 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ سَلْمَانَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ مَعَ الْغُلاَمِ عَقِيقَةٌ. وَقَالَ حَجَّاجٌ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ وَقَتَادَةُ وَهِشَامٌ وَحَبِيبٌ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ سَلْمَانَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ أسكن ما كان) أرادت بذلك موته بطريق الكناية (فقال: هل أعرستما الليلة؟ قال: نعم، فقال: اللَّهم بارك لهما في ليلتهما فولدت غلامًا) روى أهل الثقة أن هذا الغلام ولد له عشرة أغلمة كلهم علماء صلحاء قرؤوا القرآن (محمَّد بن المثني) بضم الميم وتشديد النون (ابن أبي عدي) محمَّد بن إبراهيم. باب إماطة الأذى يقال: ماط الشيء وأماطه: أبعده من ماط يميط على وزن باع يبيع، والعقيقة تقدم في أول الباب معناها لغة وشرعًا. 5471 - 5472 - (أبو النُّعمان) بضم النون محمَّد بن الفضل (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم (عن ابن سيرين، عن سلمان بن عامر الضبي) بفتح الضَّاد المعجمة وتشديد الباء نسبة إلى جده. قال الجوهري: هو شيبة بن أد، عم تميم بن مر، والحديث. (مع الغلام العقيقة) على سلمان، والراوي عنه تارة ابن سيرين، وتارة حفصة بنت سيرين عن الرباب عن

عَاصِمٍ وَهِشَامٍ عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ عَنِ الرَّبَابِ عَنْ سَلْمَانَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَرَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ سَلْمَانَ قَوْلَهُ. طرفه 5472 5472 - وَقَالَ أَصْبَغُ أَخْبَرَنِى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِىِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ حَدَّثَنَا سَلْمَانُ بْنُ عَامِرٍ الضَّبِّىُّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَعَ الْغُلاَمِ عَقِيقَةٌ، فَأَهْرِيقُوا عَنْهُ دَمًا وَأَمِيطُوا عَنْهُ الأَذَى». طرفه 5471 ـــــــــــــــــــــــــــــ سلمان، والرباب بنت أخي سلمان. اسمه: ضليع بضم الضَّاد مصَغَّر. قال بعض الشارحين. قال الكلاباذي: روى عن سلمان الضبي ابن سيرين حديثًا واحدًا موقوفًا وهذا شيء غريب!. قال في البُخاريّ: عن محمَّد بن سيرين: حدّثنا سلمان بن عامر الضبي، قال: سمعت رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - فلا مجال لتوهم الوقف بوجه. (فأهريقوا عنه دمًا) بفتح الهاء وسكونها، والهاء مقحمة على خلاف القياس (وأميطوا عنه الأذى) يريد حلق رأسه وإزالة [ما] على جسده. فإن قلت: أحاديث الباب كلها في الغلام؟ قلت: لم يثبت عده للغلام شاتان وللجارية شاة، وقد رواه التِّرمذيُّ والنَّسائيُّ، وقال التِّرمذيُّ: حديثٌ صحيحٌ. فإن قلت: قوله: دمًا، يدل على أن أصل السنة يحصل بواحد؟ قلت: الظاهر ذلك، والكمال في شاتين، ولذلك روي أن رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - عقّ عن الحسن كبشًا كبشًا، واختاره مالك، ولا حجة له في ذلك لأنه روى "كبشين كبشين" وعلى تقدير ثبوته يحمل على بيان الجواز لتوارد الأحاديث على الشاتين، واتفق الأئمة على أنَّه لا يفوت وقته، والأفضل اليوم السابع، الأولى أن لا يكون بعد البلوغ (أصبغ) بصاد مهملة (حازم) بالحاء المهملة.

3 - باب الفرع

حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى الأَسْوَدِ حَدَّثَنَا قُرَيْشُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ قَالَ أَمَرَنِى ابْنُ سِيرِينَ أَنْ أَسْأَلَ الْحَسَنَ مِمَّنْ سَمِعَ حَدِيثَ الْعَقِيقَةِ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ مِنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ. 3 - باب الْفَرَعِ 5473 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ أَخْبَرَنَا الزُّهْرِىُّ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ فَرَعَ وَلاَ عَتِيرَةَ». وَالْفَرَعُ أَوَّلُ النِّتَاجِ، كَانُوا يَذْبَحُونَهُ لَطِوَاغِيتِهِمْ، وَالْعَتِيرَةُ فِي رَجَبٍ. طرفه 5474 4 - باب الْعَتِيرَةِ 5474 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ الزُّهْرِىُّ حَدَّثَنَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ فَرَعَ وَلاَ عَتِيرَةَ». قَالَ وَالْفَرَعَ أَوَّلُ نِتَاجٍ كَانَ يُنْتَجُ لَهُمْ، كَانُوا يَذْبَحُونَهُ لِطَوَاغِيتِهِمْ، وَالْعَتِيرَةُ فِي رَجَبٍ. طرفه 5473 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الفَرَع الفرع: بفتح الفاء رالراء. 5473 - 5474 - (عبدان) على رزن شعبان (معمر)، (لا فرع ولا عتيرة) -بفتح العين وكسر التاء- وقد فسرهما في الحديث بما لا مزيد عليه، قال الثوري: قد جاءت أحاديث الفرع والعتيرة، وقد نص الشَّافعي على استحبابهما، وأجاب عن هذا الحديث بأن المراد نفي الوجود، أو ما كانوا يصنعون لآلهتهم لكن ليسا في السنية والأصحِّية، وقال القاضي: جماهير العلماء على نسخ الأمر بهما، ولا دليل لهما على النسخ، كيف ولا تعاوض مع صدق النَّهي على الوجوب، والأمر على الاستحباب؟.

72 - كتاب الذبائح والصيد والتسمية على الصيد

72 - كتاب الذبائح والصيد والتسمية على الصيد 1 - باب التَّسْمِيَةِ عَلَى الصَّيْدِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَىْءٍ مِنَ الصَّيْدِ) إِلَى قَوْلِهِ (عَذَابٌ أَلِيمٌ). وَقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ) إِلَى قَوْلِهِ (فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ) وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْعُقُودُ الْعُهُودُ، مَا أُحِلَّ وَحُرِّمَ (إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ) الْخِنْزِيرُ. (يَجْرِمَنَّكُمْ) يَحْمِلَنَّكُمْ (شَنَآنُ) عَدَاوَةُ (الْمُنْخَنِقَةُ) تُخْنَقُ فَتَمُوتُ (الْمَوْقُوذَةُ) تُضْرَبُ بِالْخَشَبِ يُوقِذُهَا فَتَمُوتُ (وَالْمُتَرَدِّيَةُ) تَتَرَدَّى مِنَ الْجَبَلِ (وَالنَّطِيحَةُ) تُنْطَحُ الشَّاةُ، فَمَا أَدْرَكْتَهُ يَتَحَرَّكُ بِذَنَبِهِ أَوْ بِعَيْنِهِ فَاذْبَحْ وَكُلْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الذبائح والصيد باب التسمية على الصيد وقول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ} [المائدة: 94] الصيد في الأصل: مصدر أطلق على المصيد بدليل قوله: {تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ} قال ابن الأثير: ولا يقال الصيد إلَّا الحيوان ممتنعًا لا مالك، بشرط أن يكون مأكولًا، وقوله تعالى: ({أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ} [المائدة: 1]) استدل بالآيتين على إباحة الصيد، والوجه في الثَّانية ظاهر، وأمَّا في الأول فلأن الابتلاء في حال الإحرام بالمنع يدل على الإبانة في غيره (وقال ابن عباس: العقود: العهود) وظاهره يدل على الترادف، لكن الحق أن العقود: العهود الموثقة، قاله صاحب "الكشاف" و ({وَالْمَوْقُوذَةُ} [المائدة: 3] تضرب بالخشب يوقذها فتموت) أشار إلى أن وقذ بالذال المعجمة، أوقذ بمعنى واحد، وفي بعضها: يوقذ بها (فما أدركته يتحرك بذنبه أو بعينه فاذبح وكل) لا ينحصر فيما ذكر، بل مناط الحل أن يدركه الذبح وفيه حياة مستقرة، ومن علاماته الاضطراب، ويكفي فيه شخوب الدم.

2 - باب صيد المعراض

5475 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ عَنْ عَامِرٍ عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ - رضى الله عنه - قَالَ سَأَلْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ صَيْدِ الْمِعْرَاضِ قَالَ «مَا أَصَابَ بِحَدِّهِ فَكُلْهُ، وَمَا أَصَابَ بِعَرْضِهِ فَهْوَ وَقِيذٌ». وَسَأَلْتُهُ عَنْ صَيْدِ الْكَلْبِ فَقَالَ «مَا أَمْسَكَ عَلَيْكَ فَكُلْ، فَإِنَّ أَخْذَ الْكَلْبِ ذَكَاةٌ، وَإِنْ وَجَدْتَ مَعَ كَلْبِكَ أَوْ كِلاَبِكَ كَلْبًا غَيْرَهُ فَخَشِيتَ أَنْ يَكُونَ أَخَذَهُ مَعَهُ، وَقَدْ قَتَلَهُ، فَلاَ تَأْكُلْ، فَإِنَّمَا ذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ عَلَى كَلْبِكَ وَلَمْ تَذْكُرْهُ عَلَى غَيْرِهِ». طرفه 175 2 - باب صَيْدِ الْمِعْرَاضِ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ فِي الْمَقْتُولَةِ بِالْبُنْدُقَةِ تِلْكَ الْمَوْقُوذَةُ. وَكَرِهَهُ سَالِمٌ وَالْقَاسِمُ ـــــــــــــــــــــــــــــ 5475 - (أبو نعيم) بضم النون مصغر (عن عدي بن حاتم رضي الله عنه) الجواد بن الجواد (سألت النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عن صيد المعراض) بكسر الميم. قال ابن الأثير: هو سهم بلا ريش يصيب بعرضه، وقال صاحب "المحكم": سهم له أربع قذذ إذا رمي يصيب بعرضه، والأول هو المعروف، فهو وقيذ بالذال المعجمة (فإنَّما ذكرت اسم الله على كلبك ولم تذكره على غيره) استدل به من أوجب التّسمية على الذبح وعلى إرسال الكلب، قال به أبو حنيفة ومالك وأحمد، وعند أحمد: ولو ترك التّسمية بتاتًا أيضًا، وقال الشَّافعي: ليس ذلك قيدًا في حل الذبيحة لقوله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: 5] ولما رواه البُخاريّ فيما بعد عن عائشة. أنَّه قيل: إن قومًا حديثو عهد بالجاهلية يأتون باللحمان ما ندري اذكروا اسم الله أم لا، فقال "سموا أنتم وكلوا" وأجاب عن هذا الحديث بأن هذا إذا لم يعلم أن غيره من أهل الذبيحة كالمجوسي، وأجاب عن قوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: 121] بأنه محمول على ما ذبح للأصنام بدليل قوله في الآية الأخرى: {وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [المائدة: 3]. باب صيد المعراض (وقال ابن عمر في المقتولة بالبندقة: تلك الموقوذة) أي: من جُمَلِ الموقوذة. قال

وَمُجَاهِدٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَعَطَاءٌ وَالْحَسَنُ، وَكَرِهَ الْحَسَنُ رَمْىَ الْبُنْدُقَةِ فِي الْقُرَى وَالأَمْصَارِ، وَلاَ يَرَى بَأْسًا فِيمَا سِوَاهُ. 5476 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى السَّفَرِ عَنِ الشَّعْبِىِّ قَالَ سَمِعْتُ عَدِىَّ بْنَ حَاتِمٍ - رضى الله عنه - قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْمِعْرَاضِ فَقَالَ «إِذَا أَصَبْتَ بِحَدِّهِ فَكُلْ، فَإِذَا أَصَابَ بِعَرْضِهِ فَقَتَلَ فَإِنَّهُ وَقِيذٌ، فَلاَ تَأْكُلْ». فَقُلْتُ أُرْسِلُ كَلْبِى. قَالَ «إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ وَسَمَّيْتَ، فَكُلْ». قُلْتُ فَإِنْ أَكَلَ قَالَ «فَلاَ تَأْكُلْ، فَإِنَّهُ لَمْ يُمْسِكْ عَلَيْكَ، إِنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ». قُلْتُ أُرْسِلُ كَلْبِى فَأَجِدُ مَعَهُ كَلْبًا آخَرَ. قَالَ «لاَ تَأْكُلْ، فَإِنَّكَ إِنَّمَا سَمَّيْتَ عَلَى كَلْبِكَ، وَلَمْ تُسَمِّ عَلَى آخَرَ». طرفه 175 ـــــــــــــــــــــــــــــ النووي: وعليه جمهور العلماء (وكره الحسن رمي البندقة في القرى والأمصار) لأنَّه ليس من أدوات الحرب مع أنَّه مظنة أن يقع على معصوم. 5476 - (حرب) ضد الصلح (أبي السَّفر) بفتح الفاء والسين (عن الشعبي) -بفتح الشين- أبو عمرو الكوفيِّ (إذا أرسلت كلبك فكُلْ [قلت: فإن أكل، قال:] ولا تأكل فإنه لم يمسك عليك) قال النووي: الحديث صريح في حرمة ما أكل منه، وقد جاء في سنن أبي داود بإسناد حسن من أبي ثعلبة أنَّه قال: "وإن أهل منه" فذهب أبو حنيفة والشّافعيّ وأحمد إلى حرمته استدلالًا بحديث البُخاريّ، وذهب مالك وآخرون إلى حله استدلالًا بحديث أبي داود، وأجاب الأول بأن حديث عدي في البُخاريّ ومسلم لا يعارضه حديث أبي داود، على أنَّه لو صح يجب تأويله بأن مراده بما إذا قتله وخلاه ولم يأكل منه، ثم عاد إليه وأكل، وليس هذا الحكم خاصًّا بالكلب، بل كل جارح كالفهد وغيره كذلك. وقال الإِمام أحمد: إلَّا كلب أسود فإنَّه لا يحل ما قتله، فإنَّه جاء في الحديث: "إنَّه شيطان" وحكم جوارح الطيور حكم الكلاب عند الشافعي، والجمهور على خلافه فإنَّه غير قابل للتعليم.

3 - باب ما أصاب المعراض بعرضه

3 - باب مَا أَصَابَ الْمِعْرَاضُ بِعَرْضِهِ 5477 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ - رضى الله عنه - قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نُرْسِلُ الْكِلاَبَ الْمُعَلَّمَةَ. قَالَ «كُلْ مَا أَمْسَكْنَ عَلَيْكَ». قُلْتُ وَإِنْ قَتَلْنَ قَالَ «وَإِنْ قَتَلْنَ». قُلْتُ وَإِنَّا نَرْمِى بِالْمِعْرَاضِ. قَالَ «كُلْ مَا خَزَقَ، وَمَا أَصَابَ بِعَرْضِهِ فَلاَ تَأْكُلْ». طرفه 175 4 - باب صَيْدِ الْقَوْسِ وَقَالَ الْحَسَنُ وَإِبْرَاهِيمُ إِذَا ضَرَبَ صَيْدًا، فَبَانَ مِنْهُ يَدٌ أَوْ رِجْلٌ، لاَ تَأْكُلُ الَّذِى بَانَ، وَتَأْكُلُ سَائِرَهُ، وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ إِذَا ضَرَبْتَ عُنُقَهُ أَوْ وَسَطَهُ فَكُلْهُ. وَقَالَ الأَعْمَشُ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ما أصاب المعراض بعرضه 5477 - (قَبيصة) بفتح القاف وكسر الموحدة (همام) بفتح الهاء وتشديد الميم، روى حديث عدي بن حاتم المتقدم، وموضع الدلالة قوله: (إنا نرمي بالمعراض، قال: كل ما خزق) بالخاء والزاي المعجمتين والقاف، قال ابن الأثير: خزق وخسعه إذا أصاب الرمية ونفذ. باب صيد القوس (وقال إبراهيم) هو النَّخعيُّ (إذا ضربت عنقه أو وسطه فكله) بفتح السِّين، والأظهر سكونه؛ لأنَّه إصابة الوسط بمعنى المركز لا يشترط، اختلف العلماء في الجزء المبان من الصيد، فإن كان الحيوان يعيش بدون ذلك الجزء كاليد مثلًا لا يحل إلَّا إذا أدركه وذبحه في الحال، وقال الشَّافعي: إذا قطعه قطعتين فإن كانت إحداهما أقل من الأخرى حلت القطعتان إن مات في الحال. وقال أبو حنيفة: إن قطعه نصفًا أكلت القطعتان وإن قطع منه الثُّلث إن كان مما يلي الرأس حل أكله وأكل الباقي أيضًا، وإن كان مما يلي العجز أكل

زَيْدٍ اسْتَعْصَى عَلَى رَجُلٍ مِنْ آلِ عَبْدِ اللَّهِ حِمَارٌ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَضْرِبُوهُ حَيْثُ تَيَسَّرَ، دَعُوا مَا سَقَطَ مِنْهُ، وَكُلُوهُ. 5478 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا حَيْوَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى رَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ الدِّمَشْقِىُّ عَنْ أَبِى إِدْرِيسَ عَنْ أَبِى ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِىِّ قَالَ قُلْتُ يَا نَبِىَّ اللَّهِ إِنَّا بِأَرْضِ قَوْمٍ أَهْلِ الْكِتَابِ، أَفَنَأْكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ وَبِأَرْضِ صَيْدٍ، أَصِيدُ بِقَوْسِى وَبِكَلْبِى الَّذِى لَيْسَ بِمُعَلَّمٍ، وَبِكَلْبِى الْمُعَلَّمِ، فَمَا يَصْلُحُ لِى قَالَ «أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَإِنْ وَجَدْتُمْ غَيْرَهَا فَلاَ تَأْكُلُوا فِيهَا، وَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَاغْسِلُوهَا وَكُلُوا فِيهَا، وَمَا صِدْتَ ـــــــــــــــــــــــــــــ الثلثان دونه (استعصى على آل عبد الله حمار فأمر أن يضريوا حيث تيسر) وقد سلف في أبواب المغازي مثله أيضًا في الجمل الذي ند فقال فيه رسول - صلى الله عليه وسلم -: "إنّ هذه الإبل لها أوابد كأوابد الوحش إذا ند منها شيء فافعلوا فيها هكذا" يشير إلى رميه بالسهم لما رماه إنسان. 5478 - (حيوة) بفتح الحاء (يؤيد) من الزيادة (عن أبي إدريس) الخولاني. بفتح الخاء المعجمة، واسمه: عائذ الله (عن أبي ثعلبة الخشني) -بضم الخاء المعجمة وشين كذلك- نسبة إلى خشين بن نمر، قال ابن عبد البر: اسمه جرهم، وقيل جرثوم، من أهل بيعة الرضوان. (فإن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها). قاله النووي: فإن قلت: هذا مخالف لما يقوله الفقهاء من عدم الكراهة بعد الغسل سواء وجد غيرها أو لا؟ وأجاب بأن المراد بما في الحديث ما طبخ فيها لحم الخنزير كما جاء ذلك صريحًا في رواية أبي داود النَّهي فيما بعد الغسل للاستقذار لا الحرمة كما في الأكل في المحجمة المغسولة، قلت: الظاهر الكراهة عند وجدان غيرها، فإنَّه جعل الجواز مقيدًا بما إذا لم يوجد غيرها.

5 - باب الخذف والبندقة

بِقَوْسِكَ فَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ فَكُلْ، وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ الْمُعَلَّمِ فَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ فَكُلْ، وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ غَيْرَ مُعَلَّمٍ فَأَدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ فَكُلْ». طرفاه 5488، 5496 5 - باب الْخَذْفِ وَالْبُنْدُقَةِ 5479 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ رَاشِدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ - وَاللَّفْظُ لِيَزِيدَ - عَنْ كَهْمَسِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ أَنَّهُ رَأَى رَجُلاً يَخْذِفُ فَقَالَ لَهُ لاَ تَخْذِفْ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الْخَذْفِ - أَوْ كَانَ يَكْرَهُ الْخَذْفَ - وَقَالَ «إِنَّهُ لاَ يُصَادُ بِهِ صَيْدٌ وَلاَ يُنْكَى بِهِ عَدُوٌّ، وَلَكِنَّهَا قَدْ تَكْسِرُ السِّنَّ وَتَفْقَأُ الْعَيْنَ». ثُمَّ رَآهُ بَعْدَ ذَلِكَ يَخْذِفُ فَقَالَ لَهُ أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ نَهَى عَنِ الْخَذْفِ. أَوْ كَرِهَ الْخَذْفَ، وَأَنْتَ تَخْذِفُ لاَ أُكَلِّمُكَ كَذَا وَكَذَا. طرفه 4841 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الخذف والبندقة الخذف: بالخاء والذال المعجمتين: أن يرمي الحصى بين السبابتين، أو بين السبابة والإبهام، والبندقة -بضم الباء ودال مهملة- طين مدور أو حجر كذلك يرمى بقوس يسمى الجلاهن بفتح الجيم وكسر الهاء. 5479 - (يزيد) من الزيادة (كهمس) على وزن جعفر (بريدة) بضم الموحدة [و] بالياء [مصغر] بردة (مُغفّل) بضم الميم وفاء مشددة مفتوحة كان يكره الخذف، وقال: إنه لا يصاد به ولا ينكى عدو) من النكاية، وقال القاضي: ينكأ بالهمزة لغة، وعلى الوجهين معناه المبالغة في الأذى، ذكر فيه عدم الفائدة، ثم ذكر مضرتين عظيمتين، والعاقل لا يفعل ما لا فائدة فيه لا سيما إذا اشتمل على أشد ضرر (لا أكلمك كذا وكذا) كناية عن المدة، وفي رواية مسلم: "لا أكلمك أبدًا" وفيه دلالة على جواز هجران من خالف سنّة بعد علمه بها. فإن قلت: لم يذكر ما يدل على البندقة؟ قلت: يعلم حكمه من الخذف، بل هو أشد ضررًا.

6 - باب من اقتنى كلبا ليس بكلب صيد أو ماشية

6 - باب مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا لَيْسَ بِكَلْبِ صَيْدٍ أَوْ مَاشِيَةٍ 5480 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا لَيْسَ بِكَلْبِ مَاشِيَةٍ أَوْ ضَارِيَةٍ، نَقَصَ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ عَمَلِهِ قِيرَاطَانِ». طرفاه 5481، 5482 5481 - حَدَّثَنَا الْمَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِى سُفْيَانَ قَالَ سَمِعْتُ سَالِمًا يَقُولُ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا إِلاَّ كَلْبٌ ضَارٍ لِصَيْدٍ أَوْ كَلْبَ مَاشِيَةٍ، فَإِنَّهُ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ». طرفه 5480 5482 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا إِلاَّ كَلْبَ مَاشِيَةٍ أَوْ ضَارٍ، نَقَصَ مِنْ عَمَلِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ». طرفه 5480 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من اقتنى كلبًا ليس بكلب صيد أو ماشية الاقتناء: حفظ الشيء لنفسه. 5480 - 5481 - 5482 - (أو ضارية) أي: أو كلب ضارية كالعافية، واشتقاقه من الضراوة وهي العادة؛ أي: الكلب المعلم للصيد من ضرِي على وزن علم (نقص كل يوم من عمله قيراطان) نقص هنا لازم من النقصان، ويكون متعديًا من النقص، والمراد منهما نصيبان لا يعلم مقدارهما إلَّا الله، وكأنه أتى بلفظ التثنية تنفيرًا وزجرًا عن اقتنائه (إلا كلب ضار) من إضافة الموصوف إلى الصفة، أو الضار الصياد وصف بوصف الكلب للملابسة. قال النووي: قوله: "كل يوم" يحتمل أن يكون في الماضي وفي المستقبل. قلت: حمله على الماضي ليس بظاهر.

7 - باب إذا أكل الكلب

7 - باب إِذَا أَكَلَ الْكَلْبُ وَقَوْلُهُ تَعَالَى (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ) الصَّوَائِدُ وَالْكَوَاسِبُ. (اجْتَرَحُوا) اكْتَسَبُوا. (تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ) إِلَى قَوْلِهِ (سَرِيعُ الْحِسَابِ). وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِنْ أَكَلَ الْكَلْبُ فَقَدْ أَفْسَدَهُ، إِنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ وَاللَّهُ يَقُولُ (تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ) فَتُضْرَبُ وَتُعَلَّمُ حَتَّى يَتْرُكَ. وَكَرِهَهُ ابْنُ عُمَرَ. وَقَالَ عَطَاءٌ إِنْ شَرِبَ الدَّمَ وَلَمْ يَأْكُلْ، فَكُلْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: تقدم في كتاب الأنبياء: قيراط بلفظ المفرد؟ قلت: ذكر الأقل لا ينافي الأكثر، أو ذلك باعتبار شرف المكان وعدمه، وقيل: القيراطان في المدن والقرى، والقيراط الواحد في البوادي، أو أخبر أولًا بقيراط، ثم بقيراطين كما أخبره الله به. فإن قلت: في رواية أبي هريرة زيادة "كلب الحرث" فكيف يصح الحصر في الصيد والماشية؟ قلت: أجاب بعضهم بأن مدار الحصر على المقامات واعتقاد السامعين لا على ما في الواقع، وهذا الذي قال خطأ؛ فإنَّه يستلزم أن يكون ما قاله رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - خلاف الواقع. والصَّواب أن هذا الاختلاف نشأ من حفظ الرواة، ولذلك لما روى الحديث من أبي هريرة بزيادة كلب الحرث قال ابن عمر: إن أبا هريرة كان صاحب حرث. قال النووي: ليس هذا من ابن عمر. قد جاء في أبي هريرة: ما كان صاحب زرع، حفظ الحديث فيه، فإن المبتلى بشيء يحفظ أحواله وأحكامه أكثر من غيره. فإنّ قلت: يجوز اقتناء الكلب لغير هذه الثلاثة مثل حفظ البيوت والدروب؟ قلت: قال النووي: يجوز ذلك عملًا بالعلة المفهومة وهي الحاجة، فإن قلت: ذلك الحديث على أنَّه لا ينقص أجره إذا كان لحاجة، فهل تدخل الملائكة ذلك البيت؟ قلت: الظاهر عدم الدخول في إطلاق قوله: "إن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه كلب"، وأيضًا العلة إذا كانت نجاسة الكلب فلا يتفاوت.

8 - باب الصيد إذا غاب عنه يومين أو ثلاثة

5483 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ بَيَانٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قُلْتُ إِنَّا قَوْمٌ نَصِيدُ بِهَذِهِ الْكِلاَبِ. فَقَالَ «إِذَا أَرْسَلْتَ كِلاَبَكَ الْمُعَلَّمَةَ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ، فَكُلْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ، وَإِنْ قَتَلْنَ إِلاَّ أَنْ يَأْكُلَ الْكَلْبُ، فَإِنِّى أَخَافُ أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا أَمْسَكَهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِنْ خَالَطَهَا كِلاَبٌ مِنْ غَيْرِهَا فَلاَ تَأْكُلْ». طرفه 175 8 - باب الصَّيْدِ إِذَا غَابَ عَنْهُ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً 5484 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ وَسَمَّيْتَ فَأَمْسَكَ وَقَتَلَ، فَكُلْ، وَإِنْ أَكَلَ فَلاَ تَأْكُلْ، فَإِنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِذَا خَالَطَ كِلاَبًا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهَا فَأَمْسَكْنَ وَقَتَلْنَ فَلاَ تَأْكُلْ، فَإِنَّكَ لاَ تَدْرِى أَيُّهَا قَتَلَ، وَإِنْ رَمَيْتَ الصَّيْدَ فَوَجَدْتَهُ بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، لَيْسَ بِهِ إِلاَّ أَثَرُ سَهْمِكَ، فَكُلْ، وَإِنْ وَقَعَ فِي الْمَاءِ فَلاَ تَأْكُلْ». ـــــــــــــــــــــــــــــ باب أذا أكل الكلب وقوله عَزَّ وَجَلَّ: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ} [المائدة: 4] 5483 - استدل بالآية على عدم جواز ما أكل منه الكلب، وموضع الدلالة قوله: ({تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ} [المائدة: 4]) والذي أكل من الصيد ليس معلمًا، وحديث أبي ثعلبة: "كل وإن أكل منه" فقد تقدم الجواب عنه في باب صيد المعراض قريبًا، ثم روى حديث الباب المتقدم وأجبنا عن قوله: (وإن خالطها الكلاب من غيرها فلا تأكل) لأنه ربما كان الذي أرسله ليس أهلًا للذبيحة؛ لأنَّ متروك التّسمية لا يحل. باب الصيد إذا غاب عنه يومين أو ثلاثة أيَّام 5484 - 5485 - روى في الباب حديث عدي. وموضع الدلالة قوله: (وإن رميت الصيد فوجدته بعد يوم أو يومين ليس به ألا أثر سهمك فكل) هذا أخذ به مالك وأحمد، وهو

9 - باب إذا وجد مع الصيد كلبا آخر

5485 - وَقَالَ عَبْدُ الأَعْلَى عَنْ دَاوُدَ عَنْ عَامِرٍ عَنْ عَدِىٍّ أَنَّهُ قَالَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، يَرْمِى الصَّيْدَ فَيَقْتَفِرُ أَثَرَهُ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلاَثَةَ، ثُمَّ يَجِدُهُ مَيِّتًا وَفِيهِ سَهْمُهُ قَالَ «يَأْكُلُ إِنْ شَاءَ». طرفه 175 9 - باب إِذَا وَجَدَ مَعَ الصَّيْدِ كَلْبًا آخَرَ 5486 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى السَّفَرِ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى أُرْسِلُ كَلْبِى وَأُسَمِّى فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ وَسَمَّيْتَ، فَأَخَذَ فَقَتَلَ فَأَكَلَ فَلاَ تَأْكُلْ، فَإِنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ». قُلْتُ إِنِّى أُرْسِلُ كَلْبِى أَجِدُ مَعَهُ كَلْبًا آخَرَ، لاَ أَدْرِى أَيُّهُمَا أَخَذَهُ. فَقَالَ «لاَ تَأْكُلْ فَإِنَّمَا سَمَّيْتَ عَلَى كَلْبِكَ وَلَمْ تُسَمِّ عَلَى غَيْرِهِ». وَسَأَلْتُهُ عَنْ صَيْدِ الْمِعْرَاضِ فَقَالَ «إِذَا أَصَبْتَ بِحَدِّهِ، فَكُلْ، وَإِذَا أَصَبْتَ بِعَرْضِهِ فَقَتَلَ، فَإِنَّهُ وَقِيذٌ، فَلاَ تَأْكُلْ». طرفه 175 10 - باب مَا جَاءَ فِي التَّصَيُّدِ 5487 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنِى ابْنُ فُضَيْلٍ عَنْ بَيَانٍ عَنْ عَامِرٍ عَنْ عَدِىِّ بْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ أحد قولي الشَّافعي، وقوله الأصح عدم الحل. قال النووي: وقوله الأول أولى وأقرب إلى الأحاديث. قلت: بل الصواب هو الأول؛ لأنَّ هذا الحديث لا معارض له، وفي رواية مسلم: "إذا غاب عنك فكل ما لم ينتن"، وهذا أبلغ. قال النووي: النَّهي من أكل المنتن نهي تنزيه إلَّا أن يخاف منه الضرر فإنَّه يحرم (يرمي الصيد فيقتفر أثرهُ) بالقاف ثم التاء الفوقانية ثم الفاء، وفي رواية: "يقتفي"، وكلاهما بمعنى: يتبع أثره. باب إذا وجد مع الصيد كلبًا آخر 5486 - (عن أبي السَّفر) بفتح السِّين والفاء، وقد تسكن الفاء (الشعبي) -بفتح الشين وسكون الباء- أبو عمرو الكوفيِّ، روى في الباب حديث عدي وقد سلف مرارًا، وموضع الدلالة ظاهر في الحديث. باب ما جاء في التَصَيُّد 5487 - (محمَّد) كذا وقع غير منسوب، قال الغساني: نسبه ابن السكن محمَّد بن

حَاتِمٍ - رضى الله عنه - قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ إِنَّا قَوْمٌ نَتَصَيَّدُ بِهَذِهِ الْكِلاَبِ. فَقَالَ «إِذَا أَرْسَلْتَ كِلاَبَكَ الْمُعَلَّمَةَ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ، فَكُلْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكَ، إِلاَّ أَنْ يَأْكُلَ الْكَلْبُ، فَلاَ تَأْكُلْ فَإِنِّى أَخَافُ أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِنْ خَالَطَهَا كَلْبٌ مِنْ غَيْرِهَا، فَلاَ تَأْكُلْ». طرفه 175 5488 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ حَيْوَةَ. وَحَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ أَبِى رَجَاءٍ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ قَالَ سَمِعْتُ رَبِيعَةَ بْنَ يَزِيدَ الدِّمَشْقِىَّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو إِدْرِيسَ عَائِذُ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِىَّ - رضى الله عنه - يَقُولُ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا بِأَرْضِ قَوْمٍ أَهْلِ الْكِتَابِ، نَأْكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ، وَأَرْضِ صَيْدٍ أَصِيدُ بِقَوْسِى، وَأَصِيدُ بِكَلْبِى الْمُعَلَّمِ، وَالَّذِى لَيْسَ مُعَلَّمًا، فَأَخْبِرْنِى مَا الَّذِى يَحِلُّ لَنَا مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ «أَمَّا مَا ذَكَرْتَ أَنَّكَ بِأَرْضِ قَوْمٍ أَهْلِ الْكِتَابِ، تَأْكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ، فَإِنْ وَجَدْتُمْ غَيْرَ آنِيَتِهِمْ، فَلاَ تَأْكُلُوا فِيهَا، وَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَاغْسِلُوهَا ثُمَّ كُلُوا فِيهَا، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ أَنَّكَ بِأَرْضِ صَيْدٍ، فَمَا صِدْتَ بِقَوْسِكَ، فَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ، ثُمَّ كُلْ، وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ الْمُعَلَّمِ، فَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ، ثُمَّ كُلْ، وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ الَّذِى لَيْسَ مُعَلَّمًا فَأَدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ، فَكُلْ». طرفه 5478 5489 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِى هِشَامُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ أَنْفَجْنَا أَرْنَبًا بِمَرِّ الظَّهْرَانِ، فَسَعَوْا عَلَيْهَا حَتَّى لَغِبُوا، ـــــــــــــــــــــــــــــ سلام، وقد نسبه البُخاريّ في أبواب النكاح (عن أبي فضيل) بضم الفاء مصغر، اسمه محمَّد (بيان) بفتح الموحدة بعدها مثناة (عن عامر) هو الشعبي. 5488 - (أبو عاصم) ضحاك بن مخلد (حيوة) بفتح الحاء وسكون الياء (شريح) بضم الشين مصغر شرح (من أبي ثعلبة الخشني) -بضم المعجمة وستين معجمة- نسبة إلى جده خشين، وقد تقدم الخلاف في اسمه في باب سعيد القوس، وقد تقدم حديثه وحديث عدي أيضًا مشروحًا. وموضع الدلالة هنا الإذن في الصيد والدلالة على إباحته. 5489 - (عن أنس: أنفجنا أرنبًا بمر الظهران) قال ابن الأثير: أنفجنا -بالنون بعده فاء بعدها جيم- أثرنا؛ ومر الظهران -بفتح الميم وتشديد الراء- موضع على ثلاثة أميال من مكّة وهو المعروف ببطن مرو (فسعوا عليها حتَّى لغبوا) بفتح الغين المعجمة، ويروى بالكسر أيضًا

11 - باب التصيد على الجبال

فَسَعَيْتُ عَلَيْهَا حَتَّى أَخَذْتُهَا، فَجِئْتُ بِهَا إِلَى أَبِى طَلْحَةَ، فَبَعَثَ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِوَرِكِهَا وَفَخِذَيْهَا فَقَبِلَهُ. طرفه 2572 5490 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَبِى النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى أَبِى قَتَادَةَ عَنْ أَبِى قَتَادَةَ أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى إِذَا كَانَ بِبَعْضِ طَرِيقِ مَكَّةَ تَخَلَّفَ مَعَ أَصْحَابٍ لَهُ مُحْرِمِينَ، وَهْوَ غَيْرُ مُحْرِمٍ، فَرَأَى حِمَارًا وَحْشِيًّا، فَاسْتَوَى عَلَى فَرَسِهِ، ثُمَّ سَأَلَ أَصْحَابَهُ أَنْ يُنَاوِلُوهُ سَوْطًا، فَأَبَوْا فَسَأَلَهُمْ رُمْحَهُ فَأَبَوْا فَأَخَذَهُ ثُمَّ شَدَّ عَلَى الْحِمَارِ، فَقَتَلَهُ فَأَكَلَ مِنْهُ بَعْضُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبَى بَعْضُهُمْ، فَلَمَّا أَدْرَكُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَأَلُوهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ «إِنَّمَا هِىَ طُعْمَةٌ أَطْعَمَكُمُوهَا اللَّهُ». طرفه 1821 5491 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى قَتَادَةَ مِثْلَهُ إِلاَّ أَنَّهُ قَالَ «هَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَىْءٌ». طرفه 1821 11 - باب التَّصَيُّدِ عَلَى الْجِبَالِ 5492 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنَا عَمْرٌو أَنَّ أَبَا النَّضْرِ حَدَّثَهُ عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى أَبِى قَتَادَةَ وَأَبِى صَالِحٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ أي: تعبوا (فبعث أبو طلحة إلى النَّبيِّ - صَلَّى الله عليه وسلم - بوركها) بفتح الواو وكسر الراء، وبإسكان الراء مع فتح الواو وكسرها. 5490 - (عن أبي النضر) اسمه: سالم (عن أبي قتادة) فارس رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، واسمه الحارث أو غيره. تقدم حديثه في كتاب الحج وصلح الحديبية في قتل الحمار الوحشي وهو غير مُحرِم فأكل عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وموضع الدلالة جواز التصيد حيث لم ينكر عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: كلوا فهو طعم ويروى طُعمًا كلاهما بضم الطاء أي: رزق أطعمكموه الله. باب التصيد على الجبال 5492 - (أبا النضر) بالضاد المعجمة اسمه سالم (وأبي صالح) اسمه: نبهان بفتح

12 - باب قول الله تعالى (أحل لكم صيد البحر)

مَوْلَى التَّوْأَمَةِ سَمِعْتُ أَبَا قَتَادَةَ قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِيمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَهُمْ مُحْرِمُونَ وَأَنَا رَجُلٌ حِلٌّ عَلَى فَرَسٍ، وَكُنْتُ رَقَّاءً عَلَى الْجِبَالِ، فَبَيْنَا أَنَا عَلَى ذَلِكَ إِذْ رَأَيْتُ النَّاسَ مُتَشَوِّفِينَ لِشَىْءٍ، فَذَهَبْتُ أَنْظُرُ، فَإِذَا هُوَ حِمَارُ وَحْشٍ فَقُلْتُ لَهُمْ مَا هَذَا قَالُوا لاَ نَدْرِى. قُلْتُ هُوَ حِمَارٌ وَحْشِىٌّ. فَقَالُوا هُوَ مَا رَأَيْتَ. وَكُنْتُ نَسِيتُ سَوْطِى فَقُلْتُ لَهُمْ نَاوِلُونِى سَوْطِى. فَقَالُوا لاَ نُعِينُكَ عَلَيْهِ. فَنَزَلْتُ فَأَخَذْتُهُ، ثُمَّ ضَرَبْتُ فِي أَثَرِهِ، فَلَمْ يَكُنْ إِلاَّ ذَاكَ، حَتَّى عَقَرْتُهُ، فَأَتَيْتُ إِلَيْهِمْ فَقُلْتُ لَهُمْ قُومُوا فَاحْتَمِلُوا. قَالُوا لاَ نَمَسُّهُ. فَحَمَلْتُهُ حَتَّى جِئْتُهُمْ بِهِ، فَأَبَى بَعْضُهُمْ، وَأَكَلَ بَعْضُهُمْ، فَقُلْتُ أَنَا أَسْتَوْقِفُ لَكُمُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَدْرَكْتُهُ فَحَدَّثْتُهُ الْحَدِيثَ فَقَالَ لِى «أَبَقِىَ مَعَكُمْ شَىْءٌ مِنْهُ». قُلْتُ نَعَمْ. فَقَالَ «كُلُوا فَهْوَ طُعْمٌ أَطْعَمَكُمُوهَا اللَّهُ». طرفه 1821 12 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ) وَقَالَ عُمَرُ صَيْدُهُ مَا اصْطِيدَ، وَطَعَامُهُ مَا رَمَى بِهِ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الطَّافِى حَلاَلٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ النون وسكون الموحدة (مولى التوأمة) قال القاضي: المحدثون يقولونه بضم التاء، والصَّواب: الفتح وإسكان الواو وبعدها همزة مفتوحة، وقد تنقل حركة الهمزة إلى الواو. قال: وهي بنت أميَّة بن خلف ولدت مع أختها في بطن واحد روى في الباب حديث أبي قتادة في قتل الحمار الوحشعي، وقد تقدم في الباب قبله، وموضع الدلالة قوله: (وكنت رقاء على الجبال) -بفتح الراء وتشديد القاف والمد -أي: كثير الرُّقي وهو الطلوع، وصيغة المبالغة، ولفظ كنت دل على أنَّ هذا كان ديدنه، وفيه دلالة على أن ارتكاب المشاق في طلب الصيد لا بأس به، ولا يعد ذلك تعذيب الحيوان، وآثر في البابين لفظ التصيد إشارة إلى ما ذكرنا من التكلف (متشوفين) أي: متطلعين من شوف بالفاء إذا طمح بصره إلى شيء (ثم ضربت في أثره): ذهبت من ضرب الأرض إذا سار فيها (فأبى بعضهم وأكل بعضهم فقلت: أنا أستوقفه لكم النَّبيُّ) قيل: معناه: أسأله أن يقف لكم حتَّى تدركوه. والأظهر أنَّه من استوقف إذا سألته أنَّ يوقفك على الشيء ويعرفك حاله؛ لأنهم توقفوا في الأكل. باب قول الله عَزَّ وَجَلَّ: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ} [المائدة: 96] (وقال عمر: صيده: ما اصطيد، وطعامه ما رمى به) يشير إلى قوله تعالى: {وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ} [المائدة: 96] (قال أبو بكر: الطافي حلال) الذي مات وطفا على وجه الماء، وقال بهذا الأئمة غير أبي حنيفة. لحديث رواه أبو داود في سنده عند المحدثين ضعف،

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ طَعَامُهُ مَيْتَتُهُ إِلاَّ مَا قَذِرْتَ مِنْهَا، وَالْجِرِّىُّ لاَ تَأْكُلُهُ الْيَهُودُ وَنَحْنُ نَأْكُلُهُ. وَقَالَ شُرَيْحٌ صَاحِبُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - كُلُّ شَىْءٍ فِي الْبَحْرِ مَذْبُوحٌ. وَقَالَ عَطَاءٌ أَمَّا الطَّيْرُ فَأَرَى أَنْ يَذْبَحَهُ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ قُلْتُ لِعَطَاءٍ صَيْدُ الأَنْهَارِ وَقِلاَتِ السَّيْلِ أَصَيْدُ بَحْرٍ هُوَ قَالَ نَعَمْ، ثُمَّ تَلاَ (هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ ودليل الجمهور قوله - صَلَّى الله عليه وسلم - في البحر: "الطهور ماؤه، الحل ميتته" وما رواه عن أبي بكر الصِّديق (قال ابن عباس: طعامه ميتتة إلَّا ما قذرت منه) بفتح القاف وكسر الذال المعجمة. (والجري) -بكسر الجيم وراء مشددة- قال ابن الأثير: نوع من السمك يشبه الحية، يقال بالفارسية ما مارماهي، وفي بعضها "الجدّيث" بكسر الجيم وتشديد الدال آخره ثاء مثلثة، وهو غير الجري لما روى عن ابن الأثير على أنَّه نهي عن الجري والجديث. (وقال شريح) وفي بعضها: أبو شريح، قال القاضي: والصَّواب الأول، نقل بعض الشارحين أن هذا شريح هانئ يكنى أبا هانئ، وليس بصواب لأنَّ شريح بن هانئ كوفي تابعي، وفي لفظ البُخاريّ صرح بأنه صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكيف يعقل ذلك؟! بل ابن عبد البر والمقدسي والذهبي متفقون على أن هذا رجل من أهل الحجاز لم يذكر أحد نسبه ولا عرف أباه. (كل شيء في البحر مذبوح) أي لا يحتاج إلى الذبح، بل موته حتف أنفه بمثابة الذبح لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الحل ميتته"، وهذا دليل الشَّافعي ومالك في كل ما في البحر، وخصَّ قوم هذا بما يحل جنسه في البر، فلا يحل أكل الخنزير البحري، وهو مذهب أحمد. وعند أبي حنيفة: لا يؤكل إلَّا السمك. (قال ابن جريج: قلت لعطاء: صيد الأنهار وقلات السيل أصيد هو؟ قال: نعم) القلات -بكسر القاف- جمع قَلْت بفتح القاف وسكون اللام مثل بحار وبحر قال ابن الأثير: هو النقرة في الجبل يستنقع فيه الماء إذا انصب السيل من الجبل (ثم تلا: {هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ} [الفرقان: 53]) ثم الفرات: هو النهر، وموضع الدلالة ما ذكره تعالى بعد هذا

وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا). وَرَكِبَ الْحَسَنُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - عَلَى سَرْجٍ مِنْ جُلُودِ كِلاَبِ الْمَاءِ. وَقَالَ الشَّعْبِىُّ لَوْ أَنَّ أَهْلِى أَكَلُوا الضَّفَادِعَ لأَطْعَمْتُهُمْ. وَلَمْ يَرَ الْحَسَنُ بِالسُّلَحْفَاةِ بَأْسًا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ كُلْ مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ مَا صَادَهُ نَصْرَانِىٌّ أَوْ يَهُودِىٌّ أَوْ مَجُوسِىٌّ. وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ فِي الْمُرِى ذَبَحَ الْخَمْرَ النِّينَانُ وَالشَّمْسُ. 5493 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرٌو أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا - رضى الله عنه - يَقُولُ غَزَوْنَا جَيْشَ الْخَبَطِ وَأُمِّرَ أَبُو عُبَيْدَةَ فَجُعْنَا جُوعًا شَدِيدًا فَأَلْقَى الْبَحْرُ حُوتًا مَيِّتًا لَمْ يُرَ مِثْلُهُ يُقَالُ لَهُ الْعَنْبَرُ فَأَكَلْنَا مِنْهُ نِصْفَ شَهْرٍ فَأَخَذَ أَبُو عُبَيْدَةَ عَظْمًا مِنْ عِظَامِهِ فَمَرَّ الرَّاكِبُ تَحْتَهُ. طرفه 2483 5494 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو قَالَ سَمِعْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــ بقوله: ({وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا} [فاطر: 12]) وأمَّا قول الشعبي في حل الضفدع، وقول الحسن في السلحفاة فالجمهور على تحريمهما، بل على حرمة كل ما [لا] يستحبه العرب العاربة إذا لم يوجد فيه نص، وإنَّما سوى ابن عباس بين ذبح المجوسي صيد البحر وبين المسلم؛ لأنَّ الذبح هناك ليس بأمر الشارع، بل لو قيل بكراهة ذبحه كان له وجه لأنَّه أشار إلى الحل بدونه، فأي فائدة في إفساد بعض الأجزاء بالذبح؟ (وقال أبو الدرداء في المُرِّي) أبو الدرداء اسمه: عويمر الصحابي الموصوف بالعلم الوافر، أحد القراء والمفتين، ولي قضاء الشام لمعاوية، والمرِّي: قال الجوهري: بضم الميم وتشديد الراء والياء، والعامة تخففه. وقال النووي: هو بضم الميم وسكون الراء وتخفيف الياء، وعلى كل تقدير هو اسم لطعام. قال ابن الأثير: هو أن يؤخذ مقدار من الخمر ويجعل فيه السمك والملح فيجعل في الشّمس فيستحيل الخمر بهذا الاختلاط وتزول عنه معنى الخمرية كما إذا صار خلًّا فإنَّه بعد ما كان خمرًا، وهذا مذهب من يجوز تخليل الخمر فاستعار لفظ الذبح لذلك الإزالة. فإن كل واحد منهما سبب لنوع من الحل. و (النينان) -بكسر النون- جمع نون، هو الحوت. 5493 - 5494 - (غزونا جيش الخبط) بفتح الخاء المعجمة. قال ابن الأثير: الخَبْط بسكون الباء: ضرب الشجر ليتناثر منه الورق. قال: والورق وهو الخَبَط بالتحريك (أبو عبيدة) -على وزن المصغر- ابن الجراح، أحد المبشرة، أمين هذه الأمة، مُقَرَّب حضرت الرسالة أشار إليه الصِّديق بالخلافة وقدمه على نفسه، عامر بن عبد الله الجراح (فألقى إلينا البحر حوتًا ميتًا لم يَر مثله يقال له: العنبر) قال ابن الأثير: نوع من كبار السمك يتخذ من

13 - باب أكل الجراد

جَابِرًا يَقُولُ بَعَثَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ثَلاَثَمِائَةِ رَاكِبٍ وَأَمِيرُنَا أَبُو عُبَيْدَةَ نَرْصُدُ عِيرًا لِقُرَيْشٍ فَأَصَابَنَا جُوعٌ شَدِيدٌ حَتَّى أَكَلْنَا الْخَبَطَ، فَسُمِّىَ جَيْشَ الْخَبَطِ وَأَلْقَى الْبَحْرُ حُوتًا يُقَالُ لَهُ الْعَنْبَرُ فَأَكَلْنَا نِصْفَ شَهْرٍ وَادَّهَنَّا بِوَدَكِهِ حَتَّى صَلَحَتْ أَجْسَامُنَا قَالَ فَأَخَذَ أَبُو عُبَيْدَةَ ضِلَعًا مِنْ أَضْلاَعِهِ فَنَصَبَهُ فَمَرَّ الرَّاكِبُ تَحْتَهُ، وَكَانَ فِينَا رَجُلٌ فَلَمَّا اشْتَدَّ الْجُوعُ نَحَرَ ثَلاَثَ جَزَائِرَ، ثُمَّ ثَلاَثَ جَزَائِرَ، ثُمَّ نَهَاهُ أَبُو عُبَيْدَةَ. طرفه 2483 13 - باب أَكْلِ الْجَرَادِ 5495 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى يَعْفُورٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ أَبِى أَوْفَى - رضى الله عنهما - قَالَ غَزَوْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - سَبْعَ غَزَوَاتٍ أَوْ سِتًّا، كُنَّا نَأْكُلُ مَعَهُ الْجَرَادَ. قَالَ سُفْيَانُ وَأَبُو عَوَانَةَ وَإِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى يَعْفُورٍ عَنِ ابْنِ أَبِى أَوْفَى سَبْعَ غَزَوَاتٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ جلده الترس، ويقال لذلك الترس: عنبر (وكان فينا رجل، فلما اشتد الجوع نحو ثلاث جزائر) جمع جزور، واتفقوا على أن هذا الرجل هو الجواد ابن الجواد، من بيت الكرم والجود قيس بن سعد بن عبادة. وله قصة أخرى رواها ابن عبد البر في "الاستيعاب" عن جابر: خرجنا في بعث، وكان عليهم قيس بن سعد بن عبادة، فنحر لهم تسع ركائب في ثلاث دفعات، ولما قدم حكى لأبيه ما أصاب القوم، قال: اذبح يا قيس. قال: ذبحت ثم جاع القوم، قال: انحر يا قيس. قال: نحرت ثم جاع القوم قال في الرابعة، انحر يا قيس. قال: منعت. كأنهم لم يوافقوه، على هذا. وقد تقدم في أبواب المغازي قصته مع الأعرابي لما اشترى منه الجزائر. باب أكل الجراد 5495 - (أبو يعفور) بفتح الياء، اسمه وفدان، وقيل، وافد تابعي معروف يروي عن ابن أبي أوفى، ويروي عنه ابنه يونس وزائدة وشعبة؛ وهذا هو أبو يعفور الكبير، وأمَّا أبو يعفور الصَّغير فاسمه عبد الرحمن بن قسطاس الكوفيّ. تابعي أيضًا يروي عن السَّائب بن

14 - باب آنية المجوس والميتة

14 - باب آنِيَةِ الْمَجُوسِ وَالْمَيْتَةِ 5496 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ قَالَ حَدَّثَنِى رَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ الدِّمَشْقِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلاَنِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِىُّ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا بِأَرْضِ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَنَأْكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ، وَبِأَرْضِ صَيْدٍ، أَصِيدُ بِقَوْسِى، وَأَصِيدُ بِكَلْبِى الْمُعَلَّمِ، وَبِكَلْبِى الَّذِى لَيْسَ بِمُعَلَّمٍ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَمَّا مَا ذَكَرْتَ أَنَّكَ بِأَرْضِ أَهْلِ كِتَابٍ فَلاَ تَأْكُلُوا فِي آنِيَتِهِمْ، إِلاَّ أَنْ لاَ تَجِدُوا بُدًّا، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا بُدًّا فَاغْسِلُوهَا وَكُلُوا، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ أَنَّكُمْ بِأَرْضِ صَيْدٍ، فَمَا صِدْتَ بِقَوْسِكَ، فَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ وَكُلْ، وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ الْمُعَلَّمِ، فَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ وَكُلْ، وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ الَّذِى لَيْسَ بِمُعَلَّمٍ، فَأَدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ، فَكُلْهُ». طرفه 5478 5497 - حَدَّثَنَا الْمَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنِى يَزِيدُ بْنُ أَبِى عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ قَالَ لَمَّا أَمْسَوْا يَوْمَ فَتَحُوا خَيْبَرَ أَوْقَدُوا النِّيرَانَ، قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «عَلَى مَا أَوْقَدْتُمْ هَذِهِ النِّيرَانَ». قَالُوا لُحُومِ الْحُمُرِ الإِنْسِيَّةِ. قَالَ «أَهْرِيقُوا مَا فِيهَا، وَاكْسِرُوا قُدُورَهَا». فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ فَقَالَ نُهَرِيقُ مَا فِيهَا وَنَغْسِلُهَا. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَوْ ذَاكَ». طرفه 2477 ـــــــــــــــــــــــــــــ يزيد، ويروي عن مسلم بن صبيح، ويروي عنه ابن المبارك وابن فضل. فبالراوي عنه يعرف كل منهما. قال شيخنا: جزم النووي بأن هذا هو الصَّغير، وتبع في ذلك ابن العربي وليس بصواب لما صرح به التِّرمذيّ بأن اسمه وافد، أو وفدان. باب آنية المجوس والميتة 5496 - 5497 - (أبو عاصم) الضَّحَّاك بن مخلد (حيوة) بفتح الخاء وسكون الياء (شريح) بضم السِّين مصغر شرح (أبو إدريس الخولاني) نسبة إلى القبيلة من عرب اليمن (أبو ثعلبة) بالثاء المثلثة (الخشني) بضم الخاء وشين معجمة. تقدم الحديث آنفًا في باب سعيد القوس، وليس فيه ما يحتاج إلى البيان، وروى في الباب حديث سلمة بن الأكوع أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حرم في خيبر لحوم الحمر الأهلية.

15 - باب التسمية على الذبيحة، ومن ترك متعمدا

15 - باب التَّسْمِيَةِ عَلَى الذَّبِيحَةِ، وَمَنْ تَرَكَ مُتَعَمِّدًا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَنْ نَسِىَ فَلاَ بَأْسَ. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى (وَلاَ تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ) وَالنَّاسِى لاَ يُسَمَّى فَاسِقًا، وَقَوْلُهُ (وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ). 5498 - حَدَّثَنِى مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ عَنْ جَدِّهِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِذِى الْحُلَيْفَةِ، فَأَصَابَ النَّاسَ جُوعٌ، فَأَصَبْنَا إِبِلاً وَغَنَمًا، وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي أُخْرَيَاتِ ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: ترجم في آنية المجوس وليس في الباب ذكر المجوس، وأيضًا ترجم في الميتة ولا ذكر لها؟ قلت: أما المجوس فهم داخلون في أهل الكتاب، ولذلك تؤخذ منهم الجزية. وأشار إلى ما رواه الترمذي من ذكر المجوس صريحًا ولم يكن على شرطه وهذا دأبه، وأما الميتة فقد دل عليه الأمر بغسل القدور؛ لأن المذبوح إذا كان نجسًا فالميتة من باب الأولى. فإن قلت: كسر القدور فيه إضاعة للمال؟ قلت: الحسن ما استحسنه الشرع. باب التسمية على الذبيحة (والناسي لا يسمى فاسقًا) هذا قول ابن عباس في تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام: 121]) قال بعض الشارحين: هذا جواب من جهة من خصص [من] الأئمة بمتروك التسمية عمدًا كالحنفية حيث قالوا: لو ترك ناسيًا لا تحرم، وهذا الذي قاله لغو من الكلام؛ فإن متروك التسمية ناسيًا مجمع على حله، والصواب أن يقول: كالحنفية القائلين: بأن متروك التسمية عمدًا حرام (وقوله: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ} [الأنعام: 121]. فإن قلت: ما وجه ربط هذه الآية بالتسمية على الذبيحة؟ قلت: كان المشركون يقولون: إن الميتة أولى بالحل من المذبوحة؛ لأنها مقتولة بيد القدرة، فأشار إلى أن ذلك من إيحاء الشياطين إليهم. 5498 - (أبو عوانة) -بفتح العين- اليشكري (عباية بن رفاعة) بفتح العين وكسر الراء (كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بذي الحليفة) بضم الحاء مصغر. قد ذكرنا سابقًا أن هذا لفظ مشترك بين ميقات أهل المدينة، وبين موضع آخر بأرض تهامة، وهذا هو المراد في الحديث، ونقل

16 - باب ما ذبح على النصب والأصنام

النَّاسِ، فَعَجِلُوا فَنَصَبُوا الْقُدُورَ، فَدُفِعَ إِلَيْهِمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَمَرَ بِالْقُدُورِ فَأُكْفِئَتْ، ثُمَّ قَسَمَ فَعَدَلَ عَشَرَةً مِنَ الْغَنَمِ بِبَعِيرٍ، فَنَدَّ مِنْهَا بَعِيرٌ، وَكَانَ فِي الْقَوْمِ خَيْلٌ يَسِيرَةٌ فَطَلَبُوهُ فَأَعْيَاهُمْ، فَأَهْوَى إِلَيْهِ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فَحَبَسَهُ اللَّهُ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ لِهَذِهِ الْبَهَائِمِ أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ، فَمَا نَدَّ عَلَيْكُمْ فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا». قَالَ وَقَالَ جَدِّى إِنَّا لَنَرْجُو - أَوْ نَخَافُ - أَنْ نَلْقَى الْعَدُوَّ غَدًا، وَلَيْسَ مَعَنَا مُدًى، أَفَنَذْبَحُ بِالْقَصَبِ فَقَالَ «مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْ، لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ، وَسَأُخْبِرُكُمْ عَنْهُ، أَمَّا السِّنُّ عَظْمٌ وَأَمَّا الظُّفُرُ فَمُدَى الْحَبَشَةِ». طرفه 2488 16 - باب مَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَالأَصْنَامِ ـــــــــــــــــــــــــــــ الشيخ عن القابسي والنووي أنهما حملا على ميقات أهل المدينة، ولا يكاد يصح هذا؛ فإن القسمة لم تقع بذلك المكان قطعًا، بل إنما وقعت هناك (فعجلوا فنصبوا القدور) بفتح العين وكسر الجيم (فأمر بالقدور فأكُفئت) إنما فعل ذلك؛ لأن الجيش إذا دخل دار الإسلام ليس لهم الأكل من مال الغنيمة، وقيل: لأنهم فعلوا ذلك من غير مشورة. والوجه هو الأول. (فند منها بعير) نفر وعصى (إن لهذه البهائم أوابد كأوابد الوحش) جمع إبدة اسم الفاعل من أبد يأبد بكسر الباء في المضارع وضمها- إذا توحش (وليس معنا مدَىً) -بضم الميم- جمع مدية وهي السكين (ما أنهر الدم) أي: أجراه، ومنه نهر الماء لجريانه، ونقل النووي رواية بالزاي المعجمة أي: أجراه بسرعة (ليس السن والظفر) أخذ به الشافعي وأحمد، وقال مالك في "الموطأ" عن ابن عباس: "كل ما فرى الأوداج فكلوه" ثم قال مالك: كل ما يبضع فلا بأس به. وقال أبو حنيفة: هذا النهي في الظفر والعظم المتصل بالحيوان، فإذا فصلا عنه جاز، وتعليل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث: (أما السن فعظم، وأما الظفر فمدى الحبشة) يرد ما قاله ردًّا ظاهرًا. باب [ما] ذبح على النصب والأصنام قال ابن الأثير: النصب بضم الصاد وسكونها يطلق على الصنم، وعلى الحجر الذي

17 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - «فليذبح على اسم الله»

5499 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ - يَعْنِى ابْنَ الْمُخْتَارِ - أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمٌ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ لَقِىَ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ بِأَسْفَلِ بَلْدَحٍ، وَذَاكَ قَبْلَ أَنْ يُنْزَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْوَحْىُ، فَقَدَّمَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سُفْرَةً فِيهَا لَحْمٌ، فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا، ثُمَّ قَالَ إِنِّى لاَ آكُلُ مِمَّا تَذْبَحُونَ عَلَى أَنْصَابِكُمْ، وَلاَ آكُلُ إِلاَّ مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ. طرفه 3826 17 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «فَلْيَذْبَحْ عَلَى اسْمِ اللَّهِ» 5500 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ جُنْدَبِ بْنِ سُفْيَانَ الْبَجَلِىِّ قَالَ ضَحَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أُضْحِيَّةً ذَاتَ يَوْمٍ فَإِذَا أُنَاسٌ قَدْ ذَبَحُوا ـــــــــــــــــــــــــــــ كانوا ينصبونه ويذبحون عليه لآلهتهم، فعلى هذا عطف الاصنام على النصب من عطف الخاص على العام. 5499 - روى في الباب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قدمت إليه صفرة فيها لم قبل أن يوحى إليه، وكان موحد الجاهلية زيد بن عمرو بن نفيل حاضرًا فدعوه إلى الأكل فقال: (إني لا آكل مما تذبحون على أنصابكم) والحديث تقدم في المناقب، وأشرنا إلى أنه ليس فيه أن ذلك اللحم كان مما ذبح على الأنصاب إنما أخبر زيد على قدر ظنه، ولم يلزم منه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكون قد أكل إذ لا دلالة في لفظ الحديث، ولا يشك عاقل أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان قبل البعثة أبرَّ وأتقى وأشد عصمة من أمثال زيد، فإن العلماء مجمعون على أنه من صغره إلى أن أرسل إليه كان في باب الآداب في كلاءة الله يصوم كل اثنين (بلدح) -بفتح الباء وسكون اللام- موضع، وقيل: واد بقرب مكة. باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فليذبح على اسم الله" 5500 - روى حديث ذبح الأضاحي، وأن ذبحها فبل الصلاة لا اعتبار به، وقد سلف في أبواب العيد، وإنما رواه هنا دلالة على أن ذبحها يكون كسائر الضحايا مقرونًا بالتسمية (ضحينا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - أضحاة) قال ابن الأثير: يقال أضحية بضم الهمزة وكسرها والجمع

18 - باب ما أنهر الدم من القصب والمروة والحديد

ضَحَايَاهُمْ قَبْلَ الصَّلاَةِ فَلَمَّا انْصَرَفَ رَآهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُمْ قَدْ ذَبَحُوا قَبْلَ الصَّلاَةِ فَقَالَ «مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلاَةِ فَلْيَذْبَحْ مَكَانَهَا أُخْرَى، وَمَنْ كَانَ لَمْ يَذْبَحْ حَتَّى صَلَّيْنَا فَلْيَذْبَحْ عَلَى اسْمِ اللَّهِ». طرفه 985 18 - باب مَا أَنْهَرَ الدَّمَ مِنَ الْقَصَبِ وَالْمَرْوَةِ وَالْحَدِيدِ 5501 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ سَمِعَ ابْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ يُخْبِرُ ابْنَ عُمَرَ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ جَارِيَةً لَهُمْ كَانَتْ تَرْعَى غَنَمًا بِسَلْعٍ، فَأَبْصَرَتْ بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِهَا مَوْتًا، فَكَسَرَتْ حَجَرًا فَذَبَحَتْهَا، فَقَالَ لأَهْلِهِ لاَ تَأْكُلُوا حَتَّى آتِىَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَسْأَلَهُ، أَوْ حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْهِ مَنْ يَسْأَلُهُ. فَأَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَوْ بَعَثَ إِلَيْهِ فَأَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِأَكْلِهَا. طرفه 2304 5502 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِى سَلِمَةَ أَخْبَرَ عَبْدَ اللَّهِ أَنَّ جَارِيَةً لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ تَرْعَى غَنَمًا لَهُ بِالْجُبَيْلِ الَّذِى بِالسُّوقِ وَهْوَ بِسَلْعٍ، فَأُصِيبَتْ شَاةٌ، فَكَسَرَتْ حَجَرًا فَذَبَحَتْهَا، فَذَكَرُوا لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَمَرَهُمْ بِأَكْلِهَا. طرفه 2304 ـــــــــــــــــــــــــــــ أضاحي، وضحية بفتح الضاد والجمع ضحايا، وأضحاه والجمع أضحى. باب ما انهر الدم من القصب والمروة والحديد 5501 - 5502 - (المقدمي) بضم الميم وتشديد الدال (معتمر) بضم الميم وكسر التاء (عن نافع سمع ابن كعب يخبر ابن عمر) ابن كعب بن مالك تابعي، وابن عمر صحابي، فإذا روى الحديث عنه يكون من رواية الصحابي عن التابعي. ومحصل الحديث: أن أمَة من الإماء ذبحت غنمًا بالحجارة، فسئل عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأباح أكله. والحديث دل على خمسة أحكام شرعية: ذبيحة الأمة، والذكاة بالحجر وجواز ذبح ما أشرف على الموت من غير إذن المالك، وحل أكل ما أشرف على الموت، إذا كان به حياة مستقرة. (يسلع) -بفتح السين وسكون اللام- سوق المدينة الشريفة (جويرية) بضم الجيم مصغر جارية (عن رجل من بني سلمة) بكسر اللام هو ابن كعب بن مالك الذي تقدم في السند قبله.

19 - باب ذبيحة المرأة والأمة

5503 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رَافِعٍ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَيْسَ لَنَا مُدًى. فَقَالَ «مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ فَكُلْ، لَيْسَ الظُّفُرَ وَالسِّنَّ، أَمَّا الظُّفُرُ فَمُدَى الْحَبَشَةِ، وَأَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ». وَنَدَّ بَعِيرٌ فَحَبَسَهُ فَقَالَ «إِنَّ لِهَذِهِ الإِبِلِ أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ فَمَا غَلَبَكُمْ مِنْهَا فَاصْنَعُوا هَكَذَا». طرفه 2488 19 - باب ذَبِيحَةِ الْمَرْأَةِ وَالأَمَةِ 5504 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنٍ لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ امْرَأَةً ذَبَحَتْ شَاةً بِحَجَرٍ، فَسُئِلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ ذَلِكَ، فَأَمَرَ بِأَكْلِهَا. وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنَا نَافِعٌ أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ يُخْبِرُ عَبْدَ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ جَارِيَةً لِكَعْبٍ بِهَذَا. طرفه 2304 5505 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ ـــــــــــــــــــــــــــــ 5503 - (عبدان) على وزن شعبان (عباية) بفتح العين (خُديج) بضم الخاء المعجمة وكسر الدال. فإن قلت: ليس في الباب ذكر القصب والمروة؟ قلت: قوله: "ما أنهر الدم" شامل لهما، على أن الحجر شامل للمروة فإنه عبارة من الحجر الأبيض الرقيق، أو أشار إلى ما أخرجه الإمام أحمد وابن ماجه والترمذي عن محمد بن صيفي: "ذبحت أرنبين بمروة فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأكلهما". باب ذبيحة المرأة والأمة 5504 - 5505 - روى في الباب حديث الجارية التي ذبحت شاة بالحجر، وقد تقدم مرارًا، والرجل من الأنصار: ابن كعب بن مالك، وفيه دلالة على جواز ذبح الحرة من باب الأولى (صدقة) أخت الزكاة (عبدة) بفتح العين وسكون الباء.

20 - باب لا يذكى بالسن والعظم والظفر

عَنْ مُعَاذِ بْنِ سَعْدٍ - أَوْ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ - أَخْبَرَهُ أَنَّ جَارِيَةً لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ كَانَتْ تَرْعَى غَنَمًا بِسَلْعٍ، فَأُصِيبَتْ شَاةٌ مِنْهَا، فَأَدْرَكَتْهَا فَذَبَحَتْهَا بِحَجَرٍ، فَسُئِلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «كُلُوهَا». 20 - باب لاَ يُذَكَّى بِالسِّنِّ وَالْعَظْمِ وَالظُّفُرِ 5506 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «كُلْ - يَعْنِى - مَا أَنْهَرَ الدَّمَ إِلاَّ السِّنَّ وَالظُّفُرَ». طرفه 2488 21 - باب ذَبِيحَةِ الأَعْرَابِ وَنَحْوِهِمْ 5507 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا أُسَامَةُ بْنُ حَفْصٍ الْمَدَنِىُّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ قَوْمًا قَالُوا لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّ قَوْمًا يَأْتُونَا بِاللَّحْمِ لاَ نَدْرِى أَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَمْ لاَ فَقَالَ «سَمُّوا عَلَيْهِ أَنْتُمْ وَكُلُوهُ». قَالَتْ وَكَانُوا حَدِيثِى عَهْدٍ بِالْكُفْرِ. تَابَعَهُ عَلِىٌّ عَنِ الدَّرَاوَرْدِىِّ. وَتَابَعَهُ أَبُو خَالِدٍ وَالطُّفَاوِىُّ. طرفه 2057 ـــــــــــــــــــــــــــــ (معاذ بن سعد) بضم الميم. 5506 - (قبيصة) بفتح القاف (عباية بن رفاعة) بفتح العين. باب ذبيحة الأعراب ونحوهم من الأتراك. 5507 - روى حديث عائشة (أن قومًا قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - إن قومًا يأتوننا باللحم لا ندري أذكروا اسم الله عليه أم لا، فقال: سمّوا عليه أنتم عليه وكلوا) قد سلف منا أن هذا دليل من قال: بحل متروك التسمية عمدًا، وما يقال: إن المراد حسن الظن بالمؤمن، وإنما فعله محمول على الصواب لا يخفى بُعده، وهب أنه كما قال، فما قوله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: 5] (تابعه علي) أي: تابع أسامة علي بن حجر السعدني (عن الدراوردي) -بفتح الدال والراء- بلدة من بلاد المعجم، و (أبو خالد) سليمان الأحمر، و (الطفاوي) -بضم الطاء بعدها فاء- عبد الرحمن البصري نسبة إلى طفاوة اسم قبيلة أمهم طفاوة بنت حرام القضاعية.

22 - باب ذبائح أهل الكتاب وشحومها من أهل الحرب وغيرهم

22 - باب ذَبَائِحِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَشُحُومِهَا مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ وَغَيْرِهِمْ وَقَوْلِهِ تَعَالَى (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ). وَقَالَ الزُّهْرِىُّ لاَ بَأْسَ بِذَبِيحَةِ نَصَارِىِّ الْعَرَبِ، وَإِنْ سَمِعْتَهُ يُسَمِّى لِغَيْرِ اللَّهِ فَلاَ تَأْكُلْ، وَإِنْ لَمْ تَسْمَعْهُ فَقَدْ أَحَلَّهُ اللَّهُ، وَعَلِمَ كُفْرَهُمْ. وَيُذْكَرُ عَنْ عَلِىٍّ نَحْوُهُ. وَقَالَ الْحَسَنُ وَإِبْرَاهِيمُ لاَ بَأْسَ بِذَبِيحَةِ الأَقْلَفِ. 5508 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا مُحَاصِرِينَ قَصْرَ خَيْبَرَ، فَرَمَى إِنْسَانٌ بِجِرَابٍ فِيهِ شَحْمٌ، فَنَزَوْتُ لآخُذَهُ، فَالْتَفَتُّ فَإِذَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ طَعَامُهُمْ ذَبَائِحُهُمْ. طرفه 3153 23 - باب مَا نَدَّ مِنَ الْبَهَائِمِ فَهْوَ بِمَنْزِلَةِ الْوَحْشِ وَأَجَازَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَا أَعْجَزَكَ مِنَ الْبَهَائِمِ مِمَّا فِي يَدَيْكَ فَهْوَ كَالصَّيْدِ، وَفِى بَعِيرٍ تَرَدَّى فِي بِئْرٍ مِنْ حَيْثُ قَدَرْتَ عَلَيْهِ فَذَكِّهِ، وَرَأَى ذَلِكَ عَلِىٌّ وَابْنُ عُمَرَ وَعَائِشَةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ذبائح أهل الكتاب من أهل الحرب وغيرهم استدل على حله بقوله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: 5] فإنه يشمل الحربي وغيره. وقول عبد الله بن مغفل (كنا محاصرين قصر خيبر فرعى إنسان بجراب فيه شحم) صريح في أن ذبيحة الحربي ذكاة، وقد سلف الحديث في أبواب الخمس (الأقلف) الذي ليس مختومًا. 5508 - (حميد) بضم الحاء مصغر (مُغفَّل) بضم الميم وتشديد الفاء المفتوحة. فإن قلت: ما فائدة ذكر الشحوم في الترجمة إذ معلوم أن الذبيحة إذا كانت مباحة تكون مباحة بجميع أجزائها؟ قلت: أشار إلى ما ذهب إليه مالك وبعض العلماء أن الشحوم المحرمة على أهل الكتاب محرمة علينا أيضًا، فلذلك ترجم عليه وروى الحديث الدال عليه. باب ما ندَّ من البهائم فهي بمنزلة الوحش (وقال ابن عباس: ما أعجزك من البهائم مما في يديك فهو كالصيد) في يديك بدل من

24 - باب النحر والذبح

5509 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا لاَقُو الْعَدُوِّ غَدًا، وَلَيْسَتْ مَعَنَا مُدًى فَقَالَ «اعْجَلْ أَوْ أَرِنْ مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ فَكُلْ، لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ، وَسَأُحَدِّثُكَ، أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ، وَأَمَّا الظُّفُرُ فَمُدَى الْحَبَشَةِ». وَأَصَبْنَا نَهْبَ إِبِلٍ وَغَنَمٍ فَنَدَّ مِنْهَا بَعِيرٌ، فَرَمَاهُ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فَحَبَسَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ لِهَذِهِ الإِبِلِ أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ، فَإِذَا غَلَبَكُمْ مِنْهَا شَىْءٌ، فَافْعَلُوا بِهِ هَكَذَا». طرفه 2488 24 - باب النَّحْرِ وَالذَّبْحِ وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ لاَ ذَبْحَ وَلاَ مَنْحَرَ إِلاَّ فِي الْمَذْبَحِ وَالْمَنْحَرِ. قُلْتُ أَيَجْزِى مَا يُذْبَحُ أَنْ أَنْحَرَهُ قَالَ نَعَمْ، ذَكَرَ اللَّهُ ذَبْحَ الْبَقَرَةِ، فَإِنْ ذَبَحْتَ شَيْئًا يُنْحَرُ ـــــــــــــــــــــــــــــ البهائم، وروي عن علي وابن عمر وعائشة مثله، وعليه الأئمة إلا مالك فإنه قال: لا يحل إلا بالذكاة في الحلق أو اللبة، وقال أيضًا الليث: والعجز أعم من أن يكون توحش بوقوعه في بئر ونحوه بحيث لا يقدر على ذبحه. 5509 - (اعجل أو أرن) بفتح الهمزة من أران القوم إذا أهلكت مواشيهم أي: أزهق نفسها، وبهمزة الوصل من أرن يأرن إذا خف ونشط، أصله: أرن، وقال الزمخشري: أرن بقطع الهمزة من الرين وهو الهلاك، يقال: أران القوم إذا رين من مواشيهم أي: أهلكت وصاروا ذوي رين. ونقل ابن الأثير عن الخطابي أنه يجوز أن يكون بكسر الهمزة والنون وسكون الراء من رنوت النظر إلى الشيء إذا أدمته، أي: أدم النظر إلى المذبح لئلا يزل عنه. قلت: هذا لا يستقيم؛ لأنه إذا كان من رنوت فهو معتل واوي الأمر لا بد وأن تكون همزته مضمومة مثل أعل من على يعلو. باب النحر والذبح النحر في الإبل، والذبح في غيره، قال الجوهري: قطع اللبة بفتح اللام وتشديد الياء فوق (ابن جريج)، (أيجزي ما يذبح أن أنحره؟ قال نعم) يجزي -بضم الياء- من الإجزاء،

جَازَ، وَالنَّحْرُ أَحَبُّ إِلَىَّ، وَالذَّبْحُ قَطْعُ الأَوْدَاجِ. قُلْتُ فَيُخَلِّفُ الأَوْدَاجَ حَتَّى يَقْطَعَ النِّخَاعَ قَالَ لاَ إِخَالُ. وَأَخْبَرَنِى نَافِعٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ نَهَى عَنِ النَّخْعِ يَقُولُ يَقْطَعُ مَا دُونَ الْعَظْمِ، ثُمَّ يَدَعُ حَتَّى تَمُوتَ. وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً) وَقَالَ (فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ). وَقَالَ سَعِيدٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ الذَّكَاةُ فِي الْحَلْقِ وَاللَّبَّةِ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَأَنَسٌ إِذَا قَطَعَ الرَّأْسَ فَلاَ بَأْسَ. 5510 - حَدَّثَنَا خَلاَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ أَخْبَرَتْنِى فَاطِمَةُ بِنْتُ الْمُنْذِرِ امْرَأَتِى عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما - قَالَتْ نَحَرْنَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَرَسًا فَأَكَلْنَاهُ. أطرافه 5511، 5512، 5519 5511 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ سَمِعَ عَبْدَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ فَاطِمَةَ عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ ذَبَحْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَرَسًا وَنَحْنُ بِالْمَدِينَةِ فَأَكَلْنَاهُ. طرفه 5510 ـــــــــــــــــــــــــــــ اختلف العلماء في ذلك. قال الشافعي وأبو حنيفة مع الكراهة، وأحمد وابن راهويه بدون الكراهة، إلا أنه خلف السنة (والذبح: قطع الأوداج) الودجان -بفتح الواو وكسر الدال- عرقان في جانبي العنق، ولفظ الجمع باعتبار الذبائح، وإطلاقه على الاثنين كما ذهب إليه بعضهم أو مجاز (النخاع) بالخاء المعجمة، في نونه الحركات الثلاث: الخيط الأبيض الذي في العنق الممتد إلى عجب الذنب، ويقال له: الأخنع أيضًا (لا أخال) بكسر الهمزة وفتحها أي: لا أظن، والكسر أشهر (وقال ابن عمر وابن عباس وأنس: إذا قطع الرأس فلا بأس) على أي وجه كان حتى لو قطعه مما يلي قفاه جاز مع الكراهة. 5510 - (خلاد) بفتح الخاء وتشديد اللام. 5511 - (إسحاق) كذا وقع غير منسوب، ونسبه ابن السكن: إسحاق بن راهويه (عبدة) بفتح العين وسكون الباء الموحدة.

25 - باب ما يكره من المثلة والمصبورة والمجثمة

5512 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِى بَكْرٍ قَالَتْ نَحَرْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَرَسًا فَأَكَلْنَاهُ. تَابَعَهُ وَكِيعٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامٍ فِي النَّحْرِ. طرفه 5510 25 - باب مَا يُكْرَهُ مِنَ الْمُثْلَةِ وَالْمَصْبُورَةِ وَالْمُجَثَّمَةِ 5513 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ دَخَلْتُ مَعَ أَنَسٍ عَلَى الْحَكَمِ بْنِ أَيُّوبَ، فَرَأَى غِلْمَانًا - أَوْ فِتْيَانًا - نَصَبُوا دَجَاجَةً يَرْمُونَهَا. فَقَالَ أَنَسٌ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تُصْبَرَ الْبَهَائِمُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 5512 - (قتيبة) بضم القاف مصغر (تابعه وكيع) أي: تابع سفيان أو جريرًا وفي الحديث دلالة على حل ذبح الخيل وأكلها، وهو حجة على مالك وأبي حنيفة. وقد دلت الآثار والأحاديث على جواز نحر ما يذبح، وليس الغرض أن إطلاق واحد اللفظين على معنى الآخر حتمي يحتاج إلى بيان أحدهما حقيقة والآخر مجاز، يقول البخاري: باب النحر والذبح، صريح في أنهما معنيان متباينان. باب المثلة والمصبورة والمجثمة المثلة -بضم الميم وسكون المثلثة- قطع شيء من أطراف الحيوان وهو حي، والفعل منه مثل على وزن نصر، ويشدد عند المبالغة، والمصبورة: الدابة -بالصاد المهملة والباء الموحدة- المربوطة لرمي السهام كالدجاجة ونحوها. وكذا المجثمة بضم الميم وفتح الجيم وتشديد المثلثة المفتوحة من جثم إذا لصق بالأرض، وجثمه بالتشديد: ألصقه بها، والحكمة في النهي -وهو نهي تحريم باتفاق العلماء- أما في المثلة فإنه تعذيب الحيوان مع تشويه الخلق والصورة، وأما المصبورة؛ فلأنه تعذيب مع إضاعة المال دال على قسوة القلب، وفعل الجبابرة مع حرمة أكله لو مات بذلك الرمي. 5513 - (الحكم بن أيوب) -بفتح الكاف- ابن عم الحجاج وزوج أخته زينب بنت يوسف. كان نائبه على البصرة وكان نظيره في الظلم.

5514 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَعْقُوبَ أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَهُ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَغُلاَمٌ مِنْ بَنِى يَحْيَى رَابِطٌ دَجَاجَةً يَرْمِيهَا، فَمَشَى إِلَيْهَا ابْنُ عُمَرَ حَتَّى حَلَّهَا، ثُمَّ أَقْبَلَ بِهَا وَبِالْغُلاَمِ مَعَهُ فَقَالَ ازْجُرُوا غُلاَمَكُمْ عَنْ أَنْ يَصْبِرَ هَذَا الطَّيْرَ لِلْقَتْلِ، فَإِنِّى سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى أَنْ تُصْبَرَ بَهِيمَةٌ أَوْ غَيْرُهَا لِلْقَتْلِ. 5515 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ فَمَرُّوا بِفِتْيَةٍ أَوْ بِنَفَرٍ نَصَبُوا دَجَاجَةً يَرْمُونَهَا، فَلَمَّا رَأَوُا ابْنَ عُمَرَ تَفَرَّقُوا عَنْهَا، وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ مَنْ فَعَلَ هَذَا إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لَعَنَ مَنْ فَعَلَ هَذَا. تَابَعَهُ سُلَيْمَانُ عَنْ شُعْبَةَ حَدَّثَنَا الْمِنْهَالُ عَنْ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ لَعَنَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَنْ مَثَّلَ بِالْحَيَوَانِ. وَقَالَ عَدِىٌّ عَنْ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 5516 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى عَدِىُّ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ نَهَى عَنِ النُّهْبَةِ وَالْمُثْلَةِ. طرفه 2474 ـــــــــــــــــــــــــــــ 5515 - (أبو النعمان) -بضم النون- محمد بن الفضل (عن أبي عوانة) -بفتح العين- الوضاح اليشكري (عن أبي بشر) بكسر الموحدة، اسمه جعفر (تابعه سليمان) أي: تابع أبا النعمان. 5516 - (المنهال) بكسر الميم، دلالة الأحاديث على الترجمة واضحة. (نهى عن النُّهْبَى) بضم النون على وزن فعلى بمعنى النهب، والمراد به أخذ شيء من الغنيمة لما روى ابن الأثير: نثروا شيئًا في الأملاك فلم يأخذوه فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ألا تنتهبون؟ " قالوا: إنك نُهيت عن النهبى، قال: "إنما ذلك في نُهبى العساكر".

26 - باب الدجاج

26 - باب الدَّجَاجِ 5517 - حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ زَهْدَمٍ الْجَرْمِىِّ عَنْ أَبِى مُوسَى - يَعْنِى الأَشْعَرِىَّ - رضى الله عنه - قَالَ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَأْكُلُ دَجَاجًا. طرفه 3133 5518 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ أَبِى تَمِيمَةَ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ زَهْدَمٍ قَالَ كُنَّا عِنْدَ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ، وَكَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ هَذَا الْحَىِّ مِنْ جَرْمٍ إِخَاءٌ، فَأُتِىَ بِطَعَامٍ فِيهِ لَحْمُ دَجَاجٍ، وَفِى الْقَوْمِ رَجُلٌ جَالِسٌ أَحْمَرُ فَلَمْ يَدْنُ مِنْ طَعَامِهِ قَالَ ادْنُ فَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَأْكُلُ مِنْهُ. قَالَ إِنِّى رَأَيْتُهُ أَكَلَ شَيْئًا فَقَذِرْتُهُ، فَحَلَفْتُ أَنْ لاَ آكُلَهُ. فَقَالَ ادْنُ أُخْبِرْكَ - أَوْ أُحَدِّثْكَ - إِنِّى أَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فِي ـــــــــــــــــــــــــــــ باب أكل الدجاج 5517 - (يحيى) كذا وقع غير منسوب يحيى بن جعفر، قيل: يحيى بن موسى (عن أبي قلابة) -بكسر القاف- عبد الله الجرمي (زهدم) بفتح الزاي وسكون الهاء. 5518 - (أبو معمر) -بفتح الميمين وسكون العين- عبد الله المنقري (عن زهدم: كنا عند أبي موسى الأشعري وكان بيننا وبين هذا الحي من جرم إخاء) -بكسر الهمزة- أي: مؤاخاة. قال الجوهري: وخاء أيضًا. وقال: الجرم بطنان من العرب: جرم قضاعة، وجرم طيء. قلت: المذكور هنا: جرم قضاعة، وهو جرم بن رباب. فإن قلت: إذا كان زهدم جرميًّا فما معنى قوله: (وكان بيننا وبين هذا الحي من جرم إخاء)؟ قلت: وقع في بعضها "وبينه" بالضمير، "وهذا الحي" بالنصب على الاختصاص، والضمير لأبي موسى. فعلى هذا لا إشكال، وأما النسخة الأولى فلا أدري لها وجهًا، وقد رواه على الصواب في كتاب التوحيد فقال: "عن زهدم كان بين هذا الحي من جرم وبين الأشعريين ود وإخاء". هذا ونقل شيخنا أن الرجل الأحمر الذي من بني تيم الله وهو زهدم نفسه، فأبهم في العبارة وقد يقع مثله كثيرًا. قلت: قول زهدم: (كنا عند أبي موسى وهناك أحمر كأنه من الموالي) يأبى ذلك إباء ظاهرًا، فالواجب الحمل على التعدد وأنه دعا زهدمًا أيضًا وخاطبه بما خاطب به ذلك الرجل.

27 - باب لحوم الخيل

نَفَرٍ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ، فَوَافَقْتُهُ وَهْوَ غَضْبَانُ، وَهْوَ يَقْسِمُ نَعَمًا مِنْ نَعَمِ الصَّدَقَةِ فَاسْتَحْمَلْنَاهُ فَحَلَفَ أَنْ لاَ يَحْمِلَنَا، قَالَ «مَا عِنْدِى مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ». ثُمَّ أُتِىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِنَهْبٍ مِنْ إِبِلٍ فَقَالَ «أَيْنَ الأَشْعَرِيُّونَ أَيْنَ الأَشْعَرِيُّونَ». قَالَ فَأَعْطَانَا خَمْسَ ذَوْدٍ غُرِّ الذُّرَى، فَلَبِثْنَا غَيْرَ بَعِيدٍ، فَقُلْتُ لأَصْحَابِى نَسِىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَمِينَهُ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ تَغَفَّلْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَمِينَهُ لاَ نُفْلِحُ أَبَدًا. فَرَجَعْنَا إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا اسْتَحْمَلْنَاكَ، فَحَلَفْتَ أَنْ لاَ تَحْمِلَنَا فَظَنَنَّا أَنَّكَ نَسِيتَ يَمِينَكَ. فَقَالَ «إِنَّ اللَّهَ هُوَ حَمَلَكُمْ، إِنِّى وَاللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لاَ أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا إِلاَّ أَتَيْتُ الَّذِى هُوَ خَيْرٌ، وَتَحَلَّلْتُهَا». طرفه 3133 27 - باب لُحُومِ الْخَيْلِ 5519 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ فَاطِمَةَ عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ نَحَرْنَا فَرَسًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَكَلْنَاهُ. طرفه 5510 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: قوله زهدم رجل من بني تيم الله كان في رد ذلك القول، ولأن زهدم جرمي؟ قلت: تيم الله بطن من جرم فلا منافاة. روى حديث أبي موسى أنه أتى هو ونفر من الأشعريين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستحملونه، وقد سلف في المغازي، وموضع الدلالة أن الرجل كان حلف أن لا يأكل من الدجاج فأخبره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (والله إن شاء الله، لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرًا منها إلا أتيت الذي هو خير وتحللتها) أي: كفرت عنها بعد الحنث (أتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنهب من الإبل) المنهوبة (فأعطانا خمس ذود) -بفتح الذال المعجمة- ما بين الثلاثة إلى التسعة من الإبل خاصة. قال أبو البقاء: لفظ جنس منون ولا يجوز إضافته، وإلا يلزم أن يكون خمس ذود خمس عشرة. وما قاله ضعيف؛ فإنه من إضافة الصفة إلى الموصوف أي: ذود خمس، ولو صح ما قاله كان لازمًا في خمسة أثواب؛ لأن أثواب جمع، وأقل الجمع ثلاثة (غرّ الذُّرا) الغير جمع الغراء، والذرا جمع ذروة بالحركات الثلاث أي: البيض الأسنمة من غاية السمن وحسن المنظر. 5519 - وحديث أسماء في نحر الفرس تقدم آنفًا في باب النحر والذبح.

28 - باب لحوم الحمر الإنسية

5520 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِىٍّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهم - قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ، وَرَخَّصَ فِي لُحُومِ الْخَيْلِ. طرفه 4219 28 - باب لُحُومِ الْحُمُرِ الإِنْسِيَّةِ فِيهِ عَنْ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 5521 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سَالِمٍ وَنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ يَوْمَ خَيْبَرَ. طرفه 853 5522 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِى نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ. تَابَعَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ. وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سَالِمٍ. طرفه 853 5523 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَالْحَسَنِ ابْنَىْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِىٍّ عَنْ أَبِيهِمَا عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنهم - قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْمُتْعَةِ عَامَ خَيْبَرَ وَلُحُومِ حُمُرِ الإِنْسِيَّةِ. طرفه 4216 ـــــــــــــــــــــــــــــ 5520 - (محمد بن علي) أبو جعفر محمد بن الباقر، كذا قاله الذهبي والمقدسي، وقيل: هو ابن علي بن أبي طالب المعروف بابن الحنفية، وليس بصواب؛ لأنه لا رواية له عن جابر. قال المقدسي: إنما يروي عن أبيه علي في البخاري ومسلم عن عثمان في البخاري. باب لحوم الحمر الإنسية يروى بكسر الهمزة وسكون النون، وبفتح الهمزة والنون، وهو خلاف القياس لأنه نسبة إلى الإنس (عن سلمة) -بفتح اللام- هو ابن الأكوع. هذا التعليق عنه تقدم في غزوة خيبر مسندًا عنه.

5524 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ عَمْرٍو عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِىٍّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ، وَرَخَّصَ فِي لُحُومِ الْخَيْلِ. طرفه 4219 5525 و 5526 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِى عَدِىٌّ عَنِ الْبَرَاءِ وَابْنِ أَبِى أَوْفَى رضى الله عنهم قَالاَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ. حديث طرفه 3155 5527 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ أَبَا إِدْرِيسَ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا ثَعْلَبَةَ قَالَ حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لُحُومَ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ. تَابَعَهُ الزُّبَيْدِىُّ وَعُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. وَقَالَ مَالِكٌ وَمَعْمَرٌ وَالْمَاجِشُونُ وَيُونُسُ وَابْنُ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِىِّ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ كُلِّ ذِى نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ. 5528 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِىُّ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جَاءَهُ جَاءٍ فَقَالَ أُكِلَتِ الْحُمُرُ، ثُمَّ جَاءَهُ جَاءٍ فَقَالَ أُكِلَتِ الْحُمُرُ. ثُمَّ جَاءَهُ جَاءٍ فَقَالَ أُفْنِيَتِ الْحُمُرُ. فَأَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى فِي النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ 5524 - (حرب) ضد الصلح (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم. 5525 - (ابن أبي أوفى) عبد الله. 5527 - (إسحاق) كذا وقع غير منسوب. يحتمل أن يكون إسحاق بن منصور، وابن راهويه لأن كل واحد منهما يروي الحديث عن يعقوب (أن أبا إدريس) هو عائذ الله الخولاني (أن أبا ثعلبة الخشني) بضم المعجمة وفتح الشين كذلك نسبة إلى القبيلة قدمنا الخلاف في اسمه (الزبيدي) بضم الزاي منسوب مصغر محمد بن الوليد (عقيل) بضم العين مصغر (معمر) بفتح الميمين (الماجشون) بكسر الجيم معرب ماه كون أي: كونه لون القمر (وابن إسحاق) هو محمد بن إسحاق صاحب المغازي. 5528 - (محمد بن سلام) بتخفيف اللام (إن الله ورسوله ينهيانكم) وفي بعضها:

29 - باب أكل كل ذى ناب من السباع

فَإِنَّهَا رِجْسٌ. فَأُكْفِئَتِ الْقُدُورُ وَإِنَّهَا لَتَفُورُ بِاللَّحْمِ. طرفه 371 5529 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌو قُلْتُ لِجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ يَزْعُمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ حُمُرِ الأَهْلِيَّةِ فَقَالَ قَدْ كَانَ يَقُولُ ذَاكَ الْحَكَمُ بْنُ عَمْرٍو الْغِفَارِىُّ عِنْدَنَا بِالْبَصْرَةِ، وَلَكِنْ أَبَى ذَاكَ الْبَحْرُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَرَأَ (قُلْ لاَ أَجِدُ فِيمَا أُوحِىَ إِلَىَّ مُحَرَّمًا). 29 - باب أَكْلِ كُلِّ ذِى نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ 5530 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى ـــــــــــــــــــــــــــــ "ينهاكم" على طريقة: {وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ} [التوبة: 62] (إنها رجس) أي: نجس. هذا يرد ما يقال: إنما نهى لأنها حمولة. أو لم تكن خمست. 5529 - (جابر بن زيد) أبو الشعثاء الأزدي البصري الإمام الجليل (أبى ذلك البحر ابن عباس) أي: أبى عن القول بالنهي عن لحوم الحمر لقوله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ} [الأنعام: 145]، والاستدلال به ضعيف؛ لأن ذلك نفي الواحد في الماضي ولا ينفي المستقبل، وقد دلت أحاديث كثيرة على حرمة أشياء بعد ذلك، وأما الحمر الأهلية فالإجماع على حرمة لحمها، وقد روى الدارقطني عن ابن عباس بسند قوي "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن لحوم الحمر الأهلية" فدل على أنه رجع عن ذلك القول. باب أكل ذي ناب 5530 - أي: النهي عن أكل كل ذي ناب كما وقع في الحديث، وأخذ بظاهر الحديث مالك فقال بطهارة جلود السباع المذكاة من غير دباغة لتقييد النهي في الحديث بالأكل، والجمهور على أنه إنما نص عليه لأنه من أعظم المنافع كما خصص لحم الخنزير بالذكر، وزاد مسلم: "وعن كل ذي مخلب من الطير".

30 - باب جلود الميتة

إِدْرِيسَ الْخَوْلاَنِىِّ عَنْ أَبِى ثَعْلَبَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِى نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ. تَابَعَهُ يُونُسُ وَمَعْمَرٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَالْمَاجِشُونُ عَنِ الزُّهْرِىِّ. 30 - باب جُلُودِ الْمَيْتَةِ 5531 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ شِهَابٍ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَرَّ بِشَاةٍ مَيِّتَةٍ فَقَالَ «هَلاَّ اسْتَمْتَعْتُمْ بِإِهَابِهَا». قَالُوا إِنَّهَا مَيِّتَةٌ. قَالَ «إِنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهَا». طرفه 1492 5532 - حَدَّثَنَا خَطَّابُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرَ عَنْ ثَابِتِ بْنِ عَجْلاَنَ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - يَقُولُ مَرَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِعَنْزٍ مَيْتَةٍ فَقَالَ «مَا عَلَى أَهْلِهَا لَوِ انْتَفَعُوا بِإِهَابِهَا». طرفه 1492 31 - باب الْمِسْكِ 5533 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ الْقَعْقَاعِ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب جلود الميتة 5531 - 5532 - (زهير بن حرب) بضم الزاي مصغر (حرب) ضد الصلح (مرّ بشاة ميتة فقال: هلا استمتعتم بإهابها؟ قالوا: (إنها ميتة، قال:] إنما حرم أكلها). فإن قلت: الحديثان دلا على عدم التقيد بالدباغ؟ قلت: في رواية مسلم ورواية الموطأ قيد الدباغ، والحديث حجة على الإمام أحمد قوله بحرمة الانتفاع بعد الدباغ. قيل: في هذا دليل على أن السنة تخصص الكتاب لأن قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: 3] شامل لجميع الأجزاء فخصصت السنة بالأكل، وفيه نظر لأن الأكل في الآية مقدر؛ لأن حرمة الشاة عبارة عن حرمة أكلها، وذلك أن الحرمة صفة فعل المكلف لا ذات الشيء، فلا بد من التقدير قطعًا. باب المسك لفظ معرب بالفارسي مشك بالشين المعجمة، وكان عند العرب مشموم. 5533 - (عمارة) بضم العين وتخفيف الميم (القعقاع) بفتح القافين وعين ساكنة بينهما

عَنْ أَبِى زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا مِنْ مَكْلُومٍ يُكْلَمُ فِي اللَّهِ إِلاَّ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَكَلْمُهُ يَدْمَى، اللَّوْنُ لَوْنُ دَمٍ وَالرِّيحُ رِيحُ مِسْكٍ». طرفه 237 5534 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالسَّوْءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ، فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً». طرفه 2101 ـــــــــــــــــــــــــــــ (عن أبي زرع) اسمه: هرم (ما من مكلوم يُكْلَم في الله) أي مجروح يجرح في سبيل الله (إلا وجاء يوم القيامة و [كلمه] يدمى) بفتح الياء مضارع دمي على وزن علم. 5534 - (محمد بن العلاء) بفتح العين والمد (أبو أسامة) -بضم الهمزة- حماد بن أسامة (عن بريد) -بضم الباء- عامر بن أبي موسى (الجليس الصالح والسوء كحامل المسك ونافخ الكير) فيه لف ونشر مرتب [قال] ابن الأثير: الكير المبني من الطين كالحداد، وقيل: هو الزق الذي ينفخ فيه (فحامل المسك إما أن يُحذيك) بضم الياء وحاء مهملة وذال معجمة من أحذيته إذا أعطيته، واسم تلك العطية حُذيا بضم الحاء والقصر، ويقال أيضًا: الحذية على وزن الوصية. فإن قلت: ما وجه ذكر المسك هنا؟ قلت: قيل لأنه فضلة الظبي، والظبي مما يصاد، وليس كذلك. بل إنما ذكره لأنه دم، وكان القياس نجاسته إلا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما شبّه دم الشهيد دل على طهارته، وأيضًا كان أطيب الطيب عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قيل: لما انعقد من الدم وصار جامدًا كان كالخل المستحيل من الخمر، وهذا ليس بشيء، فإن سائر الدماء بالجمود لا تصير طاهرة، فالحسن ما حسنه الشارع. ألا ترى إلى قوله: "أحلت لنا ميتتان ودمان". وقال أبو الطيب: وإن تفق الأنام وأنت منهم ... فإن المسك بعض دم الغزال

32 - باب الأرنب

32 - باب الأَرْنَبِ 5535 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ أَنْفَجْنَا أَرْنَبًا وَنَحْنُ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ، فَسَعَى الْقَوْمُ فَلَغَبُوا، فَأَخَذْتُهَا فَجِئْتُ بِهَا إِلَى أَبِى طَلْحَةَ فَذَبَحَهَا، فَبَعَثَ بِوَرِكَيْهَا - أَوْ قَالَ بِفَخِذَيْهَا - إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَبِلَهَا. طرفه 2572 33 - باب الضَّبِّ 5536 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الضَّبُّ لَسْتُ آكُلُهُ وَلاَ أُحَرِّمُهُ». 5537 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ أَنَّهُ دَخَلَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الضب والأرنب 5535 - روى في الباب حديث أنس أنه أخذ أرنبًا، فبعث أبو طلحة بوركها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد سلف الحديث قريبًا. فإن قلت: قد روى أبو داود مسندًا: أن الأرنب تحيض؟ قلت: حديث أنس صريح في حله سواء حاض أو لم يحض. (لغبوا) بفتح الغين أي: تعبوا (بمر الظهران) -بفتح الميم وتشديد الراء- موضع بقرب مكة، وهو المعروف ببطن مرو. 5536 - 5537 - (أبو أمامة) -بضم الهمزة- أسعد بن سهيل. روى حديث الضب الذي جاءت به أم حفيد أخت ميمونة فلم يأكل منه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولكن أكل منه خالد ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاضر، وقد سلف، وفيه دلالة لمن يقول بحله.

34 - باب إذا وقعت الفأرة فى السمن الجامد أو الذائب

مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْتَ مَيْمُونَةَ فَأُتِىَ بِضَبٍّ مَحْنُوذٍ، فَأَهْوَى إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِهِ فَقَالَ بَعْضُ النِّسْوَةِ أَخْبِرُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِمَا يُرِيدُ أَنْ يَأْكُلَ. فَقَالُوا هُوَ ضَبٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَرَفَعَ يَدَهُ، فَقُلْتُ أَحَرَامٌ هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ «لاَ، وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ قَوْمِى فَأَجِدُنِى أَعَافُهُ». قَالَ خَالِدٌ فَاجْتَرَرْتُهُ فَأَكَلْتُهُ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَنْظُرُ. طرفه 5391 34 - باب إِذَا وَقَعَتِ الْفَأْرَةُ فِي السَّمْنِ الْجَامِدِ أَوِ الذَّائِبِ 5538 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يُحَدِّثُهُ عَنْ مَيْمُونَةَ أَنَّ فَأْرَةً وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ فَمَاتَتْ، فَسُئِلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْهَا فَقَالَ «أَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا وَكُلُوهُ». قِيلَ لِسُفْيَانَ فَإِنَّ مَعْمَرًا يُحَدِّثُهُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ. قَالَ مَا سَمِعْتُ الزُّهْرِىَّ يَقُولُ إِلاَّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَلَقَدْ سَمِعْتُهُ مِنْهُ مِرَارًا. طرفه 235 5539 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنِ الدَّابَّةِ تَمُوتُ فِي الزَّيْتِ وَالسَّمْنِ وَهْوَ جَامِدٌ أَوْ غَيْرُ جَامِدٍ، الْفَأْرَةِ أَوْ غَيْرِهَا قَالَ بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ بِفَأْرَةٍ مَاتَتْ فِي سَمْنٍ، فَأَمَرَ بِمَا قَرُبَ مِنْهَا فَطُرِحَ ثُمَّ أُكِلَ، عَنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. أطرافه 235 5540 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ - رضى الله عنهم - قَالَتْ سُئِلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: روى أبو داود: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أكل الضب"؟ قلت: قال الخطابي: سنده ليس بقوي، وابن سلم يحمل النهي على التنزيه جمعًا بين الدليلين. باب إذا وقعت الفأرة في السمن الجامد أو الذائب 5538 - 5539 - 5540 - (الحميدي) بضم الحاء مصغر منسوب (عبدان) على وزن

35 - باب الوسم والعلم فى الصورة

عَنْ فَأْرَةٍ سَقَطَتْ فِي سَمْنٍ فَقَالَ «أَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا وَكُلُوهُ». طرفه 235 35 - باب الْوَسْمِ وَالْعَلَمِ فِي الصُّورَةِ 5541 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ حَنْظَلَةَ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ تُعْلَمَ الصُّورَةُ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تُضْرَبَ. تَابَعَهُ قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا الْعَنْقَزِىُّ عَنْ حَنْظَلَةَ وَقَالَ تُضْرَبُ الصُّورَةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ شعبان (أن فأرة وقعت في سمن، فقال: ألقوها وما حولها) هذا إنما يكون في الجامد، وأما الذائب فلا حول له يمكن إلقاؤه، فإنه يسري في أعماقه، وقد جاء صريحًا في رواية ابن حبان، ورواه الطحاوي: "إن كان جامدًا فألقوه وما حوله، وإن كان مائعًا فلا تقربوه" واختلف العلماء في الذائب، قال الشافعي ومالك: يجوز الانتفاع به ولا يجوز بيعه لما روى أبو هريرة: "إن كان مائعًا فاطبخوا به" وقال أبو حنيفة وسائر الكوفيين: يجوز بيعه أيضًا كبيع السرقين عندهم، وقال الإمام أحمد: لا يجوز الانتفاع به، وفي رواية مسلم وفي رواية أخرى: يجوز، وجواز البيع عنده تبع جواز الانتفاع، وقد سلف في أبواب الطهارة أن ميل البخاري إلى أنه لا ينجس سواء كان جامدًا أو مائعًا، ولذلك لم يجزم بالحكم في الترجمة. باب الوسم والعلم في الصووة الوسم من السمة وهي العلامة. 5541 - (نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تضرب) على بناء المجهول أي: الصورة، وقد سلف وجه ذلك في قوله: "إن الله خلق آدم على صورته" والمراد هنا صور سائر الحيوانات لأنها محل المحاسن والحواس (العنقزي) -بفتح العين والقاف- عمرو بن محمد القرشي، قال الغساني: مولى قريش نسبة إلى عنقز، نبتٌ وهو المرزنجوش، وقيل: هو الريحان، [وقيل: الأخطل، وأنشد فيه]: ألا اسلم سلمت أبا مالك ... وحياك ربك بالعنقزة

36 - باب إذا أصاب قوم غنيمة فذبح بعضهم غنما أو إبلا بغير أمر أصحابهم لم تؤكل

5542 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِأَخٍ لِى يُحَنِّكُهُ، وَهْوَ فِي مِرْبَدٍ لَهُ، فَرَأَيْتُهُ يَسِمُ شَاةً - حَسِبْتُهُ قَالَ - فِي آذَانِهَا. 36 - باب إِذَا أَصَابَ قَوْمٌ غَنِيمَةً فَذَبَحَ بَعْضُهُمْ غَنَمًا أَوْ إِبِلاً بِغَيْرِ أَمْرِ أَصْحَابِهِمْ لَمْ تُؤْكَلْ لِحَدِيثِ رَافِعٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ طَاوُسٌ وَعِكْرِمَةُ فِي ذَبِيحَةِ السَّارِقِ اطْرَحُوهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وفي الحديث دلالة على جواز وسم الحيوان في غير الوجه، وفي رواية مسلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرّ بحمار وسم وجهه فقال: "لعن الله من وسمه". 5542 - (عن أنس: دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - بأخ لي) هو عبد الله الذي دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي طلحة لما أخبر بما فعلت أم سليم بقوله: "بارك في ليلتكما" (يحنكه) -بضم الياء وتشديد النون- هو أن يمضغ تمرة ويدلك بها حنك الطفل، ويروى بفتح الياء وتخفيف النون (وهو في مربد) -بكسر الميم وسكون [الراء، وفتح] الموحدة- معطن الإبل، ويطلق على موضع التمر عند أهل المدينة (فرأيته يسم شاة حسبته قال في آذانها) هذا من كلام شعبة، صرح به في الرواية قال شعبة: أكثر علمي قال: في آذانها. فإن قلت: سيأتي في كتاب اللباس أنه قال: "وهو يسم ظهرًا"، والظهر: الإبل؟ قلت: لا منافاة يفعل هذا وذاك إلا أن قوله: (فرأيته يسم شاة) يدل على أن أول دخوله كان يسم الشاة. باب إذا أصاب قوم غنيمة فذبح بعضهم غنمًا أو إبلًا بغير أمر صاحبهم لم يؤكل لحديث رافع

37 - باب إذا ند بعير لقوم فرماه بعضهم بسهم فقتله فأراد إصلاحهم فهو جائز

5543 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ قُلْتُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّنَا نَلْقَى الْعَدُوَّ غَدًا، وَلَيْسَ مَعَنَا مُدًى. فَقَالَ «مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ فَكُلُوا، مَا لَمْ يَكُنْ سِنٌّ وَلاَ ظُفُرٌ، وَسَأُحَدِّثُكُمْ عَنْ ذَلِكَ، أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ، وَأَمَّا الظُّفْرُ فَمُدَى الْحَبَشَةِ». وَتَقَدَّمَ سَرَعَانُ النَّاسِ فَأَصَابُوا مِنَ الْغَنَائِمِ وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي آخِرِ النَّاسِ فَنَصَبُوا قُدُورًا فَأَمَرَ بِهَا فَأُكْفِئَتْ وَقَسَمَ بَيْنَهُمْ وَعَدَلَ بَعِيرًا بِعَشْرِ شِيَاهٍ، ثُمَّ نَدَّ بَعِيرٌ مِنْ أَوَائِلِ الْقَوْمِ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ خَيْلٌ فَرَمَاهُ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فَحَبَسَهُ اللَّهُ. فَقَالَ «إِنَّ لِهَذِهِ الْبَهَائِمِ أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ فَمَا فَعَلَ مِنْهَا هَذَا فَافْعَلُوا مِثْلَ هَذَا». طرفه 2488 37 - باب إِذَا نَدَّ بَعِيرٌ لِقَوْمٍ فَرَمَاهُ بَعْضُهُمْ بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ فَأَرَادَ إِصْلاَحَهُمْ فَهْوَ جَائِزٌ لِخَبَرِ رَافِعٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 5544 - حَدَّثَنَا ابْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِىُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ جَدِّهِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي سَفَرٍ فَنَدَّ بَعِيرٌ مِنَ الإِبِلِ - قَالَ - فَرَمَاهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ 5543 - حديث رافع تقدم في باب التسمية على الذبيحة، وهو أنهم ذبحوا شاة من الغنائم، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أخريات القوم، فلما أمر بالقدور فأكفئت، وقد سبق أن العلة في ذلك أن أهل العسكر لا يجوز لهم الأكل من المغانم بعد الخروج إلى دار الإسلام، واستدل به البخاري على أن أحد الشريكين إذا ذبح بغير إذن الآخر لم يحل، وليس ذلك مختار الأئمة، وليس في الحديث أنه أمر بإلقاء اللحم حتى يقال فيه إضاعة المال حتى لو كان أيضًا يجوز من الشارع فعله زجرًا (مدى) جمع مدية بضم الميم فيهما (أوابد) جمع إبدة المتوحشة (وعدل بعيرًا بعشر شياه) لعل ذلك بالنظر إلى القيمة في ذلك الوقت، فلا ينافي جعله في مقابلة سبع شياه في باب الأضاحي. باب إذا ند بعير 5544 - روى في الباب حديث رافع بن خديج أن بعيرًا نَدّ أي: شرد وعصى (فرماه

38 - باب أكل المضطر

رَجُلٌ بِسَهْمٍ فَحَبَسَهُ، قَالَ ثُمَّ قَالَ «إِنَّ لَهَا أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ فَمَا غَلَبَكُمْ مِنْهَا فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا». قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَكُونُ فِي الْمَغَازِى وَالأَسْفَارِ فَنُرِيدُ أَنْ نَذْبَحَ فَلاَ تَكُونُ مُدًى قَالَ «أَرِنْ مَا نَهَرَ - أَوْ أَنْهَرَ - الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ فَكُلْ، غَيْرَ السِّنِّ وَالظُّفُرِ، فَإِنَّ السِّنَّ عَظْمٌ، وَالظُّفُرَ مُدَى الْحَبَشَةِ». طرفه 2488 38 - باب أَكْلِ الْمُضْطَرِّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ * إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ)، وَقَالَ (فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ) وَقَوْلُهُ (فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــ رجل بسهم) وقد تقدم في الباب قبله، وفي باب التسمية على الذبيحة. وأشرنا إلى أن حكمه حكم الذبيحة خلافًا لمالك، وإيراد الإسماعيلي بأن هذا تناقض، فإنه حكم في الترجمة الأولى بأن المال المشترك إذا ذبح منه بغير إذن الشريك فلا يؤكل، وهنا في البعير الذي ند، خالف ذلك ساقط؛ لأن هذا تصرف على وجه الإصلاح بخلاف ذلك، فلا جامع بينهما (محمد بن سلام) بتخفيف اللام (الطنافسي) بضم الطاء (قال: أرِنْ) بفتح الهمزة، وقد الكلام على لغاته ومعانيها في باب: ما أنهر الدم. باب أكل المضطر استدل بالآيات على جواز أكل المضطر الميتة من غير أن يكون باغيًا أي: ظالمًا محتاجًا مثله، {وَلَا عَادٍ} [البقرة: 173] بأن يتجاوز حد سد الرمق، ولم يورد حديثًا اكتفاء بالآيات، أو لم يكن على شرطه، وقد روى الإمام أحمد عن أبي قلابة واقد الليثي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شكي إليه حال المخمصة فقال: "إذا لم تجدوا ما تصطبحون أو تغتبقون ولم تحتفئوا فشأنكم"، الاصطباح: الشرب في الصباح، والاغتباق -بالغين المعجمة- الشرب في المساء، والاحتفاء -بالحاء المهملة والفاء من المهموز والمعتل، ويروى بالحاء المعجمة والجيم أيضًا- أكل البقول. ويروى عن جابر بن سمرة أن أهل بيت كانوا بالحرة ماتت لهم

بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ * وَمَا لَكُمْ أَنْ لاَ تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فُصِّلَ لَكُمْ مَا حُرِّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ) (قُلْ لاَ أَجِدُ فِيمَا أُوحِىَ إِلَىَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ). وَقَالَ (فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلاَلاً طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ * إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ). ـــــــــــــــــــــــــــــ ناقة أو لغيرهم، وكانوا محتاجين، فرخص لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أكلها، فكانت عصمة لهم بقية سنتهم.

73 - كتاب الأضاحي

73 - كتاب الأضاحي 1 - باب سُنَّةِ الأُضْحِيَّةِ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ هِىَ سُنَّةٌ وَمَعْرُوفٌ. 5545 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ زُبَيْدٍ الإِيَامِىِّ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنِ الْبَرَاءِ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّىَ ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ، مَنْ فَعَلَهُ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلُ فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ قَدَّمَهُ لأَهْلِهِ، لَيْسَ مِنَ النُّسُكِ فِي شَىْءٍ». فَقَامَ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ وَقَدْ ذَبَحَ فَقَالَ إِنَّ عِنْدِى جَذَعَةً. فَقَالَ «اذْبَحْهَا وَلَنْ تَجْزِىَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ». قَالَ مُطَرِّفٌ عَنْ عَامِرٍ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلاَةِ تَمَّ نُسُكُهُ، وَأَصَابَ سُنَّةَ الْمُسْلِمِينَ». طرفه 951 5546 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلاَةِ فَإِنَّمَا ذَبَحَ لِنَفْسِهِ، وَمَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلاَةِ فَقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ، وَأَصَابَ سُنَّةَ الْمُسْلِمِينَ». طرفه 954 ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الأضاحي باب سنة الأضحية الأضاحي -بفتح الهمزة- جمع الأضحية بضم الهمزة، ويروى بالكسر أيضًا. 5545 - 5546 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (زبيد) بضم الزاي مصغر (الإيامي) -بفتح الياء- نسبة إلى يام قبيلة من عرب يمن (أبو بردة بن نيار) بضم الباء وكسر النون بعده مثناة، اسمه هانئ (إن عندي جذعة) أي: من المعز كما صرح به في الرواية الأخرى لأن جذعة؛ الضأن لا خلاف في جواز التضحية بها، والجذعة ما تمت لها سنة (ولن تجزي عن أحد بعدك) بفتح التاء جزى يجزي معتل اللام أي: لن تقضي، ويروى بضم التاء مضارع أجزأه. قال الجوهري: وهذه لغة تميم. قال النووي: الأولى هي الرواية الموافقة لقوله تعالى: {لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا} [البقرة: 48].

2 - باب قسمة الإمام الأضاحى بين الناس

2 - باب قِسْمَةِ الإِمَامِ الأَضَاحِىَّ بَيْنَ النَّاسِ 5547 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ بَعْجَةَ الْجُهَنِىِّ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِىِّ قَالَ قَسَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ أَصْحَابِهِ ضَحَايَا، فَصَارَتْ لِعُقْبَةَ جَذَعَةٌ. فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صَارَتْ جَذَعَةٌ. قَالَ «ضَحِّ بِهَا». طرفه 2300 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: ما حكم الأضحية؟ قلت: الجمهور على أنها سنة، وقال أبو حنيفة بوجوبها على المغنم الموسر، ومالك بالوجوب مطلقًا، والدليل لهما ما رواه ابن ماجه وأحمد: "من لم يضح لا يقربن مصلانا" وما رواه أحمد وأصحاب السنن "على كل [أهل] بيت أضحية". باب قسمة الإمام الأضاحي بين الناس 5547 - (معاذ بن فضالة) بضم الميم وفتح الفاء (بعجَة) بفتح الباء وسكون العين (الجُهني) -بضم الجيم- نسبة إلى جهينة من قبائل العرب (فصارت لعقبة جذعة) قيل: جذعة من الضأن لقوله: (ضح بها) ولا يجوز إلا إذا كانت من الضأن. لكن في رواية مسلم عن عقبة فقال: بقي عتود فأعطاني فقال: "ضح به". وفيه إشكال لأن العتود من المعز فاتت له سنة، ولا يجوز التضحية به، ودفع الإشكال بزيادة رواها البيهقي أنه قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم - لعقبة: "ضح به ولا رخصة لأحد بعدك". فإن قلت: تقدم في كتاب الشركة أن الغنم كانت غنيمةً، فأي وجه لما ترجم عليه من ذكر الأضاحي، وما في لفظ الحديث من قوله: "ضح بهذ"؟ قلت: كأنه لما قسم كان الوقت وقت الضحية فسماها بذلك، أو قال لهم: ضحوا بها.

3 - باب الأضحية للمسافر والنساء

3 - باب الأُضْحِيَّةِ لِلْمُسَافِرِ وَالنِّسَاءِ 5548 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَلَيْهَا وَحَاضَتْ بِسَرِفَ، قَبْلَ أَنْ تَدْخُلَ مَكَّةَ وَهْىَ تَبْكِى فَقَالَ «مَا لَكِ أَنَفِسْتِ». قَالَتْ نَعَمْ. قَالَ «إِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، فَاقْضِى مَا يَقْضِى الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لاَ تَطُوفِى بِالْبَيْتِ». فَلَمَّا كُنَّا بِمِنًى أُتِيتُ بِلَحْمِ بَقَرٍ، فَقُلْتُ مَا هَذَا قَالُوا ضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ أَزْوَاجِهِ بِالْبَقَرِ. طرفه 294 4 - باب مَا يُشْتَهَى مِنَ اللَّحْمِ يَوْمَ النَّحْرِ 5549 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ النَّحْرِ «مَنْ كَانَ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلاَةِ فَلْيُعِدْ». فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذَا يَوْمٌ يُشْتَهَى فِيهِ اللَّحْمُ - وَذَكَرَ جِيرَانَهُ - وَعِنْدِى جَذَعَةٌ خَيْرٌ مِنْ شَاتَىْ لَحْمٍ. فَرَخَّصَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَلاَ أَدْرِى أَبَلَغَتِ الرُّخْصَةُ مَنْ سِوَاهُ أَمْ لاَ، ثُمَّ انْكَفَأَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى كَبْشَيْنِ فَذَبَحَهُمَا، وَقَامَ النَّاسُ إِلَى غُنَيْمَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الأضحية للمسافر والنساء 5548 - (عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل عليها وحاضت بسرف) -بفتح السين غير متصرف باعتبار البقعة- موضع على عشرة أميال من مكة قريبًا. والحديث سلف في كتاب الحج وغيره، وموضع الدلالة هنا: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضحى عن أزواجه وهن مسافرات، وفي إطلاق الأضحية تسامح لأن الحاج ليس عليه إلا الهدي. 5549 - (صدقة) -بفتح الصاد- أخت الزكاة (ابن عُلية) -بضم العين وتشديد الياء مصغر- إسماعيل بن إبراهيم. روى حديث ابن نيار في جذعته، وفيه بعض زيادة. قوله: (جذعة خير من شاتي لحم) أي في السمن والعظم، وهذا هو المراد من الأضحية. فإن قلت: لم خص الحكم به؟ قلت: لا يلزم أن تكون كل جذعة مثل جذعته. (ثم انكفأ النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى كبشين) أي: وانصرف وتوجه إليهما (وقام ناس إلى غنيمة)

5 - باب من قال الأضحى يوم النحر

فَتَوَزَّعُوهَا أَوْ قَالَ فَتَجَزَّعُوهَا. طرفه 954 5 - باب مَنْ قَالَ الأَضْحَى يَوْمَ النَّحْرِ 5550 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ أَبِى بَكْرَةَ عَنْ أَبِى بَكْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الزَّمَانُ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلاَثٌ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي ـــــــــــــــــــــــــــــ -بضم الغين مصغر- أي: قليلة. (فتوزعوها أو قال: فتجزعوها) والشك من ابن سيرين، وفاعل قال: أنس، والمعنى واحد. قال ابن الأثير: التجزع من الجزع بالزاي المعجمة وهو: القطع. باب من قال: الأضحى يوم النحر بتقدير مضاف أي: يوم الأضحى، أو وقت الأضحى يوم النحر، وإنما أخذه من إضافة اليوم إلى النحر، والمراد دخول وقته كما تقول: وقت الظهر بزوال الشمس، وقد روى أحمد والدارقطني: "منى منحر، وفي كل أيام التشريق ذبح". 5550 - (محمد بن سلام) بتخفيف اللام (عن أبي بكرة) -بفتح الباء- نفيع بن الحارث. روى في الباب حديث خطبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع، وقد سلف في الحج وفي غيره، وموضع الدلالة قوله: (أليس يوم النحر)، (الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض) إشارة إلى رفع النسيء الذي كان عليه المشركون كما سبق تحقيقه، وكان ذلك العام موافقًا للسنة الإلهية، وقد قدمنا مرارًا أن هذا لا يدل على أن حج الصديق لم يكن موافقًا، بل قوله تعالى: {يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ} [التوبة: 3] هو حج أبي بكر بلا خلاف، فكيف لا يكون على وفق الشرع؟ إلا أن الظاهر أن يوم العيد أفضل؛ لأن أيام التشريق كالتابع له. (ورجب مضر) إما لأن تحريمه كان خاصًّا كما قاله ابن الأثير، أو كانوا أشد تعظيمًا

6 - باب الأضحى والمنحر بالمصلى

بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ، أَىُّ شَهْرٍ هَذَا». قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَالَ «أَلَيْسَ ذَا الْحِجَّةِ». قُلْنَا بَلَى. قَالَ «أَىُّ بَلَدٍ هَذَا». قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَالَ «أَلَيْسَ الْبَلْدَةَ». قُلْنَا بَلَى. قَالَ «فَأَىُّ يَوْمٍ هَذَا». قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ قَالَ «أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ». قُلْنَا بَلَى. قَالَ «فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ - قَالَ مُحَمَّدٌ وَأَحْسِبُهُ قَالَ - وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ، وَسَتَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ فَيَسْأَلُكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ، أَلاَ فَلاَ تَرْجِعُوا بَعْدِى ضُلاَّلاً، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ، أَلاَ لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، فَلَعَلَّ بَعْضَ مَنْ يَبْلُغُهُ أَنْ يَكُونَ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضِ مَنْ سَمِعَهُ - وَكَانَ مُحَمَّدٌ إِذَا ذَكَرَهُ قَالَ صَدَقَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قَالَ - أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ». طرفه 67 6 - باب الأَضْحَى وَالْمَنْحَرِ بِالْمُصَلَّى 5551 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ الْمُقَدَّمِىُّ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ قَالَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَنْحَرُ فِي الْمَنْحَرِ. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ يَعْنِى مَنْحَرَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 982 ـــــــــــــــــــــــــــــ له، وقوله: (بين جمادى وشعبان) بيان لمحلِه احتراز من تقديم المشركين تارة وتأخيره في النسيء (فَسكتَ حتى ظننّا أنه يسميه بغير اسمه) كان الحكمة في سكوته أن يتوجه إليه الناس ويحضروا أذهانهم لأنه أمر مهم. (البلدة) يريد مكة، اللام فيه للعهد (وأعراضكم) قال ابن الأثير: جمع عرض، وهو موضع المدح والذم من الإنسان سواء كان فيه أو في تعلقاته (ألا ليبلغ الشاهد الغائب فلعل بعض من يبلغه) بضم الياء وفتح الباء على بناء المجهول، ويروى بفتح الباء مضارع بلغ مخففًا أي: احفظ وافقه، ثم قال: (ألا هل بلغت؟ ألا هل بلغت؟) من كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تقدَّم مرارًا ويجوز أن يكون من كلام ابن سيرين حَذَرًا من كتمان العلم. باب الأضحى والنحر بالمصلّى 5551 - (المقدَّمي) بضم الميم وفتح القاف والدال (كان عبد الله ينحر في المنحر)

7 - باب فى أضحية النبى - صلى الله عليه وسلم - بكبشين أقرنين ويذكر سمينين

5552 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ كَثِيرِ بْنِ فَرْقَدٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَذْبَحُ وَيَنْحَرُ بِالْمُصَلَّى. طرفه 982 7 - باب فِي أُضْحِيَّةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِكَبْشَيْنِ أَقْرَنَيْنِ وَيُذْكَرُ سَمِينَيْنِ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ بْنَ سَهْلٍ قَالَ كُنَّا نُسَمِّنُ الأُضْحِيَّةَ بِالْمَدِينَةِ، وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يُسَمِّنُونَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أي: في منحر رسول - صلى الله عليه وسلم -، اللام فيه للعهد كما صرّح في الرواية الأخرى. 5552 - (بكير) بضم الباء مصغر (فرقد) بالفاء والقاف. إنما اختار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النحر بالمصلّى ليقتدى به، فإن المستحقين حضورٌ والذين يُهدَى لهم أيضًا، وقيل: إنما فعله الإمام ليتعلَّم الناس وقت التضحية وكيفية الذبح، وفيه بعدٌ لا يَخْفَى، فالعمدةُ على ما أشرنا. باب أضحية النبي - صلى الله عليه وسلم - بكبشين أقرنين الجار متعلق بالضحية، إمَّا لأن معناه التضحية وإما لأن الجار فيه رائحة من الفعل، والتضحية اسم مشتق. اختلف الرواة في لون الكبشين روى هنا (أقرنين أملحين) قال ابن الأعرابي: الأملح الأبيض الخالص. وقال الأصمعي: هو الذي فيه سواد وبياض. وفي رواية: "موجوءين" الوِجاء -بكسر الواو والجيم، والمد- دق الخصية قال النووي: استحسان الأضحية سنة وأفضلها البيضاء، ثم الصفراء، ثم الغبراء، ثم البلقاء، ثم السواد. ولا تجزئ العوراء والعرجاء والمريضة والعجفاء، إذا كان العيب بينًا، رواه أصحاب السنن. (أبا أمامة) بضم الهمزة أسعد بن سهل تابعي قاله ابن عبد البر، وغلط من قال: إنه صحابي.

8 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - لأبى بردة «ضح بالجذع من المعز ولن تجزى عن أحد بعدك»

5553 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُضَحِّى بِكَبْشَيْنِ وَأَنَا أُضَحِّى بِكَبْشَيْنِ. أطرافه 5554، 5558، 5564، 5565، 7399 5554 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - انْكَفَأَ إِلَى كَبْشَيْنِ أَقْرَنَيْنِ أَمْلَحَيْنِ فَذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ. تَابَعَهُ وُهَيْبٌ عَنْ أَيُّوبَ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ وَحَاتِمُ بْنُ وَرْدَانَ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسٍ. طرفه 5553 5555 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ عَنْ أَبِى الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ - رضى الله عنه أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَعْطَاهُ غَنَمًا يَقْسِمُهَا عَلَى صَحَابَتِهِ ضَحَايَا، فَبَقِىَ عَتُودٌ فَذَكَرَهُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «ضَحِّ أَنْتَ بِهِ». طرفه 2300 8 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لأَبِى بُرْدَةَ «ضَحِّ بِالْجَذَعِ مِنَ الْمَعَزِ وَلَنْ تَجْزِىَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ» 5556 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ عَنْ عَامِرٍ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ - رضى الله عنهما - قَالَ ضَحَّى خَالٌ لِى يُقَالُ لَهُ أَبُو بُرْدَةَ قَبْلَ الصَّلاَةِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «شَاتُكَ شَاةُ لَحْمٍ». فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ عِنْدِى دَاجِنًا جَذَعَةً ـــــــــــــــــــــــــــــ 5553 - 5554 - 5555 - (إياس) بكسر الهمزة (صهيب) بضم الصاد مصغّر، وكذا (قتيبة)، (عن أبي قلابة) -بكسر القاف- عبد الله بن زيد الجرمي (وهيب) بضم الواو مصغر (وردان) بفتح الواو (عن أبي الخير) واسمه مرثد (فبقي عتود) -بفتح العين- جذعة من المعز، وقد أسلفنا أن هذا خاصٌّ به كجذعة ابن دينار، روى ابن ماجه بسنده إلى عائشة "أنه كان يذبح أحد الكبشين عن محمد وآله، والآخر عن أمّته، من شهد لله بالتوحيد وله بالبلاغ" باب قول النبي لأبي بردة: "ضحِّ بالجذعة" 5556 - روى حديث ابن دينار، قد تكرر هنا ذكره وفي ألفاظ نشير إليها (مطرف) بضم الميم وكسر الراء (شاتُك شاة لحم) أي: ليست من النُسك في شيء (إن عندي داجنًا) -بالدال

مِنَ الْمَعَزِ. قَالَ «اذْبَحْهَا وَلَنْ تَصْلُحَ لِغَيْرِكَ». ثُمَّ قَالَ «مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلاَةِ فَإِنَّمَا يَذْبَحُ لِنَفْسِهِ، وَمَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلاَةِ فَقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ، وَأَصَابَ سُنَّةَ الْمُسْلِمِينَ». تَابَعَهُ عُبَيْدَةُ عَنِ الشَّعْبِىِّ وَإِبْرَاهِيمَ. وَتَابَعَهُ وَكِيعٌ عَنْ حُرَيْثٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ. وَقَالَ عَاصِمٌ وَدَاوُدُ عَنِ الشَّعْبِىِّ عِنْدِى عَنَاقُ لَبَنٍ. وَقَالَ زُبَيْدٌ وَفِرَاسٌ عَنِ الشَّعْبِىِّ عِنْدِى جَذَعَةٌ. وَقَالَ أَبُو الأَحْوَصِ حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ عَنَاقٌ جَذَعَةٌ. وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ عَنَاقٌ جَذَعٌ، عَنَاقُ لَبَنٍ. طرفه 951 5557 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَلَمَةَ عَنْ أَبِى جُحَيْفَةَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ ذَبَحَ أَبُو بُرْدَةَ قَبْلَ الصَّلاَةِ فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَبْدِلْهَا». قَالَ لَيْسَ عِنْدِى إِلاَّ جَذَعَةٌ - قَالَ شُعْبَةُ وَأَحْسِبُهُ قَالَ - هِىَ خَيْرٌ مِنْ مُسِنَّةٍ. قَالَ «اجْعَلْهَا مَكَانَهَا، وَلَنْ تَجْزِىَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ». وَقَالَ حَاتِمُ بْنُ وَرْدَانَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ عَنَاقٌ جَذَعَةٌ. طرفه 951 ـــــــــــــــــــــــــــــ المهملة- شاة تألف البيت (عُبيد) بضم العين مصغر، أي: تابع مطرفًا وتابعه وكيع (عن حُريث) بضم الحاء، مصغَّر حارث (عَناق لبن -بفتح العين- ولد المعز ما لم يتم له سنة. وإضافته إلى اللبن دفع للتجوز (زُبيد) بضم الزاي (وفراس) بكسر الفاء (أبو الأحوص) -بالصاد المهملة- سلام الحنفي (عناقٌ جذعةٌ) - برفع الاسمين- أي: تم له سنة. (ابن عَون) -بفتح العين وآخره نون- عبد الله (عناق جذع) بحذف التاء، وذلك أن الجذع يقع على الذكر والأنثى ويميَّز بالتاء، أو فيه لغة كما في الحائض. وقال بعض الشارحين: فإن قلت: قال مرة: جذعة، وأخرى: جذع؟ قلت: التاء في الجذعة للوحدة، والمراد بالجذعة الجنس، وهذا لغوٌ من الكلام؛ إذ ليس غرَض المتكلم أن عنده هذا الجنس، ولا يمكن إرادة الجنس أيضًا؛ لأنَّ الذبح لا يتعلق بالجنس من حيثُ هو جنس. 5557 - (بشّار) بفتح الباء وتشديد الشين (أبو جُحَيْفة) -بضم الجيم مصغَّر- اسمه وهب (خير من مسنة) هي ما دخلت في السنة الثالثة، سميت بذلك لأنها أبدلت الأسنان. فإن قلت: جاء في عتود عقبة: "أنه لك ولن تجزي أحدًا بعدك، فبلغه" فأحد القصرين

9 - باب من ذبح الأضاحى بيده

9 - باب مَنْ ذَبَحَ الأَضَاحِىَّ بِيَدِهِ 5558 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ قَالَ ضَحَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ، فَرَأَيْتُهُ وَاضِعًا قَدَمَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا يُسَمِّى وَيُكَبِّرُ، فَذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ. طرفه 5553 10 - باب مَنْ ذَبَحَ ضَحِيَّةَ غَيْرِهِ وَأَعَانَ رَجُلٌ ابْنَ عُمَرَ فِي بَدَنَتِهِ. وَأَمَرَ أَبُو مُوسَى بَنَاتِهِ أَنْ يُضَحِّينَ بِأَيْدِيهِنَّ. 5559 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ دَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِسَرِفَ وَأَنَا أَبْكِى، فَقَالَ «مَا لَكِ أَنَفِسْتِ». قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ اقْضِى مَا يَقْضِى الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لاَ تَطُوفِى بِالْبَيْتِ». وَضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ نِسَائِهِ بِالْبَقَرِ. طرفه 294 ـــــــــــــــــــــــــــــ مخالف للآخر؟ قلت: قد أكثروا القول فيه والتحقيق أن أحد النصَّين دفع قيد الخصوصية ونسخه لكنه نص مقيد الخصوصية ونقل شيخنا أنه ..... الخمسة في التضحية بالجذعة إلّا أن تلك الصور ليس فيها ما يدلك على الحصر فلا يشكل. باب من ذبح الأضاحي بيده 5558 - (عن أنس ضحى النبي - صلى الله عليه وسلم - بكبشين أملحين) سلف الحديث قريبًا. وأشرنا إلى الخلاف في الأملح أنه الأبيض الخالص، أو ما فيه سواد وبياض (واضعًا قدمه على صفاحهما) -بكسر الصاد- جمع صفحة: العنق؛ أي: جانبه، وإنما جمع اللفظين كراهة اجتماع التثنيتين كما في نظائره، وفيه دلالة على أن سنته مباشرة ذبح القربان بيده، ومن لم يذبح بنفسه يشهد الذبحَ، ويجوز توكيل الكتابي في ذبحها مع الكراهية. باب ذبح ضحية غيره 5559 - روى في الباب حديث عائشة (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذبح عن نسائه) وقد

11 - باب الذبح بعد الصلاة

11 - باب الذَّبْحِ بَعْدَ الصَّلاَةِ 5560 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى زُبَيْدٌ قَالَ سَمِعْتُ الشَّعْبِىَّ عَنِ الْبَرَاءِ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ فَقَالَ «إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ مِنْ يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّىَ، ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ، فَمَنْ فَعَلَ هَذَا فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ نَحَرَ فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ يُقَدِّمُهُ لأَهْلِهِ، لَيْسَ مِنَ النُّسُكِ فِي شَىْءٍ». فَقَالَ أَبُو بُرْدَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَبَحْتُ قَبْلَ أَنْ أُصَلِّىَ، وَعِنْدِى جَذَعَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُسِنَّةٍ. فَقَالَ «اجْعَلْهَا مَكَانَهَا، وَلَنْ تَجْزِىَ أَوْ تُوفِىَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ». طرفه 951 12 - باب مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلاَةِ أَعَادَ 5561 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلاَةِ فَلْيُعِدْ». فَقَالَ رَجُلٌ هَذَا يَوْمٌ يُشْتَهَى فِيهِ اللَّحْمُ - وَذَكَرَ مِنْ جِيرَانِهِ فَكَأَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَذَرَهُ - وَعِنْدِى جَذَعَةٌ خَيْرٌ مِنْ شَاتَيْنِ فَرَخَّصَ لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَلاَ أَدْرِى بَلَغَتِ الرُّخْصَةُ أَمْ لاَ، ثُمَّ انْكَفَأَ إِلَى كَبْشَيْنِ - يَعْنِى فَذَبَحَهُمَا - ثُمَّ انْكَفَأَ النَّاسُ إِلَى غُنَيْمَةٍ فَذَبَحُوهَا. طرفه 954 ـــــــــــــــــــــــــــــ سلف قريبًا في كتاب الحج وأشرنا إلى أنه محمول على الاستئذان، أو علم دلالة على رضاهن بذلك، وإلا فلا يجوز من غير إذن المالك، واستدل به مالك على أن البقرة أفضل من البدن. فلا دلالة للبقر لاحتمال عدم وجود البدنة، أو أراد بيان الجواز إذ قلَّما يُنحر هناك البقرَ. باب الذبح بعد الصلاة 5560 - روى حديث ابن دينار وفيه تبديل بعض الألفاظ (مِنهال) بكسر الميم (زُبيد) بضم الزاي مصغر (لن تجزي- أو توفي عن أحد بعدك) من الوفاء، وهو معنى الأول. 5561 - (وذكر هنَة من جيرانه) -بفتح الهاء والنون- أي: حاجةً وفقرًا (فلا أدري أبلغت رخصه سواء أم لا؟) قد سلف آنفًا، قال: "لن تُجزئَ عن أحدٍ بعدك".

13 - باب وضع القدم على صفح الذبيحة

5562 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا الأَسْوَدُ بْنُ قَيْسٍ سَمِعْتُ جُنْدَبَ بْنَ سُفْيَانَ الْبَجَلِىَّ قَالَ شَهِدْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ النَّحْرِ فَقَالَ «مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّىَ فَلْيُعِدْ مَكَانَهَا أُخْرَى، وَمَنْ لَمْ يَذْبَحْ فَلْيَذْبَحْ». طرفه 985 5563 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ فِرَاسٍ عَنْ عَامِرٍ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ يَوْمٍ، فَقَالَ «مَنْ صَلَّى صَلاَتَنَا وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا، فَلاَ يَذْبَحْ حَتَّى يَنْصَرِفَ». فَقَامَ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَعَلْتُ. فَقَالَ «هُوَ شَىْءٌ عَجَّلْتَهُ». قَالَ فَإِنَّ عِنْدِى جَذَعَةً هِىَ خَيْرٌ مِنْ مُسِنَّتَيْنِ آذْبَحُهَا قَالَ «نَعَمْ، ثُمَّ لاَ تَجْزِى عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ». قَالَ عَامِرٌ هِىَ خَيْرُ نَسِيكَتِهِ. طرفه 951 13 - باب وَضْعِ الْقَدَمِ عَلَى صَفْحِ الذَّبِيحَةِ 5564 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ حَدَّثَنَا أَنَسٌ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُضَحِّى بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صَفْحَتِهِمَا، وَيَذْبَحُهُمَا بِيَدِهِ. طرفه 5553 ـــــــــــــــــــــــــــــ 5562 - (جُندُب) بضم الجيم (البَجَلي) -بفتح الباء والجيم- نسبةً إلى بَجِيلَة على وزن قبيلة، بيمن. 5563 - (أبو عَوانة) -بفتح العين- الوضاح اليشكري (عن فراس) بكسر الفاء (قال عامر: هي خير نسيكتيه). فإن قلت: الأولى لم تكن نسيكة!؟ قلت: المراد بالنسيكة ما يتقرَّب به إلى الله وكان غرضه ذلك، غايته أنها لم تكن في الوقت المشروع، أو فيه تغليب لشرف هذا الاسم. باب وضع القدم على صفح الذبيحة 5564 - الصفح جانب الشيء، بالتاء وبدون التاء، والحديث تقدم آنفًا في باب من ذبح الأضاحي (مِنهال) بكسر الميم.

14 - باب التكبير عند الذبح

14 - باب التَّكْبِيرِ عِنْدَ الذَّبْحِ 5565 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ ضَحَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا. طرفه 5553 15 - باب إِذَا بَعَثَ بِهَدْيِهِ لِيُذْبَحَ لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ شَىْءٌ 5566 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ مَسْرُوقٍ أَنَّهُ أَتَى عَائِشَةَ، فَقَالَ لَهَا يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ رَجُلاً يَبْعَثُ بِالْهَدْىِ إِلَى الْكَعْبَةِ، وَيَجْلِسُ فِي الْمِصْرِ، فَيُوصِى أَنْ تُقَلَّدَ بَدَنَتُهُ، فَلاَ يَزَالُ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ مُحْرِمًا حَتَّى يَحِلَّ النَّاسُ. قَالَ فَسَمِعْتُ تَصْفِيقَهَا مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ فَقَالَتْ لَقَدْ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب التكبير عند الذبح 5565 - (قتيبة) بضم القاف، مصغر (أبو عوانة) روى الحديث الذي في الباب قبله بزيادة لفظ التكبير، وهو موضع الدلالة على الترجمة. باب إذا بعث بهديه ليذبح لم يحرم عليه شيء الهدي -بفتح الهاء وسكون الدال وكسرها وتشديد الياء-: ما يهدى ويتقرب إلى الكعبة الشريفة سبق في أبواب الحج أن ابن عباس كان يفتي بأن من أرسل هديًا يحرم عليه ما يحرم على الحاج حتى يبلغ الهدي محفه، وهذا كان اجتهادًا منه، فردّت عليه عائشة بالنص، بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك، ولم يحرم عليه شيء. 5566 - (فسمعت تصفيقها من وراء الحجاب) أي: ضربت إحدى يديها على الأخرى إشارة إلى فتل قلائِد الهدي بيديها ويحتمل أنها ضربت اليد على الأخرى تعجبًا، من السفق بالسين والصاد، ضربت اليد على اليد.

16 - باب ما يؤكل من لحوم الأضاحى وما يتزود منها

كُنْتُ أَفْتِلُ قَلاَئِدَ هَدْىِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَيَبْعَثُ هَدْيَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ، فَمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ مِمَّا حَلَّ لِلرِّجَالِ مِنْ أَهْلِهِ، حَتَّى يَرْجِعَ النَّاسُ. طرفه 1696 16 - باب مَا يُؤْكَلُ مِنْ لُحُومِ الأَضَاحِىِّ وَمَا يُتَزَوَّدُ مِنْهَا 5567 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌو أَخْبَرَنِى عَطَاءٌ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ كُنَّا نَتَزَوَّدُ لُحُومَ الأَضَاحِىِّ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الْمَدِينَةِ، وَقَالَ غَيْرَ مَرَّةٍ لُحُومَ الْهَدْىِ. طرفه 1719 5568 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْقَاسِمِ أَنَّ ابْنَ خَبَّابٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ يُحَدِّثُ أَنَّهُ كَانَ غَائِبًا، فَقَدِمَ فَقُدِّمَ إِلَيْهِ لَحْمٌ. قَالَ وَهَذَا مِنْ لَحْمِ ضَحَايَانَا. فَقَالَ أَخِّرُوهُ لاَ أَذُوقُهُ. قَالَ ثُمَّ قُمْتُ فَخَرَجْتُ حَتَّى آتِىَ أَخِى قَتَادَةَ - وَكَانَ أَخَاهُ لأُمِّهِ، وَكَانَ بَدْرِيًّا - فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ إِنَّهُ قَدْ حَدَثَ بَعْدَكَ أَمْرٌ. طرفه 3997 5569 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ ضَحَّى مِنْكُمْ فَلاَ يُصْبِحَنَّ بَعْدَ ثَالِثَةٍ وَفِى بَيْتِهِ مِنْهُ شَىْءٌ». فَلَمَّا كَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ما يؤكل من لحوم الأضاحي وما يتزود 5567 - (عن جابر: كنا نتزود لحوم الأضاحي على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة) أي: من مكة (وقال غيره: لحوم الهدي) الفرق أن الهدي ما يبعث به إلى البيت الحرام والأضحية أعم. 5568 - (ابن خباب) بفتح المعجمة وتشديد الموحدة (أخي قتادة) بن النعمان، وفي بعضها: أبي قتادة وهو سهو، وقتادة بن النعمان هو الذي ردَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عينه بعد أن سألت من خده فكانت أحسن عينيه. وهو أخو أبي سعيد الخدري في أمه (قد حدث بعدك أمر) يريد نسخ المنع من الادخار. 5569 - (أبو عاصم) الضحاك بن مخلد .............................................

الْعَامُ الْمُقْبِلُ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ نَفْعَلُ كَمَا فَعَلْنَا عَامَ الْمَاضِى قَالَ «كُلُوا وَأَطْعِمُوا وَادَّخِرُوا فَإِنَّ ذَلِكَ الْعَامَ كَانَ بِالنَّاسِ جَهْدٌ فَأَرَدْتُ أَنْ تُعِينُوا فِيهَا». 5570 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى أَخِى عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتِ الضَّحِيَّةُ كُنَّا نُمَلِّحُ مِنْهُ، فَنَقْدَمُ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْمَدِينَةِ فَقَالَ «لاَ تَأْكُلُوا إِلاَّ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ». وَلَيْسَتْ بِعَزِيمَةٍ، وَلَكِنْ أَرَادَ أَنْ يُطْعِمَ مِنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. طرفه 5423 5571 - حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو عُبَيْدٍ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ أَنَّهُ شَهِدَ الْعِيدَ يَوْمَ الأَضْحَى مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - فَصَلَّى قَبْلَ الْخُطْبَةِ، ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ نَهَاكُمْ عَنْ صِيَامِ هَذَيْنِ الْعِيدَيْنِ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَيَوْمُ فِطْرِكُمْ مِنْ صِيَامِكُمْ وَأَمَّا الآخَرُ فَيَوْمٌ تَأْكُلُونَ نُسُكَكُمْ. طرفه 1990 5572 - قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ ثُمَّ شَهِدْتُ مَعَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَكَانَ ذَلِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَصَلَّى قَبْلَ الْخُطْبَةِ ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ هَذَا يَوْمٌ قَدِ اجْتَمَعَ لَكُمْ فِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ كان بالناس جهد) -بضم الجيم وفتحها- أي: مشقة وجوع. 5570 - (كنا نُملِّح) بضم النون وكسر اللام المشددة (فقال) أي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (لا تأكلوا إلَّا ثلاثة أيام) وليست بعزيمة هذا مذهب بعضهم، وقال طائفة: كان الادخار حرامًا، قال النووي: تسخ ذلك سواءٌ كان تحريمًا أو كلراهة، وقيل: لم يكن نسخًا، بل انتهاء الحكم بزوال علته. أي: أمره يان لا تأكلوا منه فوق ثلاث لم يكن لازمًا، بل أراد التوسعة على الناس ولو عادت العلة وهي احتياج الفقراء، ولم يمكن دفعها إلَّا بتفريق الأضحية عاد الحكم. 5571 - (حِبّان بن موسى) بكسر الحاء وتشديد الموحده (أبو عُبيد مولى ابن الأزهر) اسم أبي عبيد وابن أبي أزهر: عبد الرحمن (إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهاكم من صيام هذين العيدين) يوم الفطر ويوم النحر، وأما قول عثمان: (إنّ هذا يوم قد اجتمع لكم فيه عيدان) يريد كونه يوم الجمعة وكونه يوم العيد، والتعبير عنه بعيدين على وجه التغليب، أو لأن الجمعة عيد المسلمين كالسبت في اليهود.

عِيدَانِ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْتَظِرَ الْجُمُعَةَ مِنْ أَهْلِ الْعَوَالِى فَلْيَنْتَظِرْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَرْجِعَ فَقَدْ أَذِنْتُ لَهُ. 5573 - قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ ثُمَّ شَهِدْتُهُ مَعَ عَلِىِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ، فَصَلَّى قَبْلَ الْخُطْبَةِ، ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَاكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا لُحُومَ نُسُكِكُمْ فَوْقَ ثَلاَثٍ. وَعَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى عُبَيْدٍ نَحْوَهُ. 5574 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ أَخِى ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمِّهِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «كُلُوا مِنَ الأَضَاحِىِّ ثَلاَثًا». وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَأْكُلُ بِالزَّيْتِ حِينَ يَنْفِرُ مِنْ مِنًى، مِنْ أَجْلِ لُحُومِ الْهَدْىِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 5573 - (عن [ابن] أخي ابن شهاب) محمد بن عبد الله الزهريّ (وكان عبد الله يأكل الزيت حتى ينفر من منى من أجل لحوم الهدي) قال النووي: ذهب علي وابن عمر على بقاء التحريم، ولذلك كان يأكل الزيت حتى ينفر من منى. قال بعض الشارحين: فإن قلت: الهدي أخص من الأضحية فلا يلزم أنه كان يتحرز عن لحوم الأضاحي، ولكن الترجمة معلقة عليها، قلت: ذكر الهدي لمناسبة النفر من منى، وهذا لا هو جواب السؤال ولا يفيد شيئًا أصلًا، والذي يشعر به كلامه أنه أراد بالهدي الأضحية، وإنما عبر بلفظ الهدى، لأنه كان بمنى، ومنى موضع الهدي، والجواب ما أشرنا إليه من عموم التحريم للأضاحي والهدي كما تقدم من حديث جابر الرواية: عن لحوم الهدي ومرة: لحوم الأضاحي، وإنما أورد البخاري حديث الهدي بعد الترجمة على الأضاحي إشارة إلى عموم النهي وعدم الفرق، وقد وقع في بعض النسخ "حتى تنفروا" الصواب "حين تنفروا" لأن حرمة أكل لحوم الهدي والأضحية إنما كان بعد ثلاثة أيام إذا نفر الحاج من منى.

74 - كتاب الأشربة

74 - كتاب الأشربة 1 - باب وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) 5575 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا، ثُمَّ لَمْ يَتُبْ مِنْهَا، حُرِمَهَا فِي الآخِرَةِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الأشربة وقول الله عز وجلّ: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ} [المائدة: 90]. الأنصاب -بفتح الهمزة جمع نُصب بضم النون-: الأحجار التي كانت منصوبة ويطلق على الصنم، والأزلام- جمع زلم، كأفراس في فرس- الأقداح التي كانوا يستقسمون بها. ودلالة الآية على حرمة الأشياء المذكورة ظاهر من وجوه. واختلف العلماء في حقيقة الخمر بعد اتفاقهم على أن كل مسكر حرام، قال أبو حنيفة: اسم الخمر خاص بماء العنب إذا اشتد وغلا، وقال غيره من الأئمة: كل مسكر حرام، كما دلّ عليه ما رواه البخاري ومسلم من الأحاديث، ويُحدُّ عندهم بشرب القليل والكثير من كل مسكر. وعنده الحكم كذلك في الخمر وغيره إذا أسكر. 5575 - (من شرب الخمر في الدنيا ثم لم يتب منها حرمها في الآخرة) -بضم الحاء وتخفيف الراء، على بناء المجهول- أي: جُعل محرومًا. فإن قلت: كيف يصحُّ هذا مع قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ} [فصلت: 31] قلت: أجابوا بأنه يُسلب شهوة الخمر كالعِّنين في النكاح، وهذه عقوبة شديدة حيث سلب شهوة أفخر أشربة الجنة، وقيل: جزاؤه ذلك إلَّا أن يعفو الله كما في سائر الكبائر.

5576 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أُتِىَ لَيْلَةَ أُسْرِىَ بِهِ بِإِيلِيَاءَ بِقَدَحَيْنِ مِنْ خَمْرٍ، وَلَبَنٍ فَنَظَرَ إِلَيْهِمَا، ثُمَّ أَخَذَ اللَّبَنَ، فَقَالَ جِبْرِيلُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى هَدَاكَ لِلْفِطْرَةِ، وَلَوْ أَخَذْتَ الْخَمْرَ غَوَتْ أُمَّتُكَ. تَابَعَهُ مَعْمَرٌ وَابْنُ الْهَادِ وَعُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ وَالزُّبَيْدِىُّ عَنِ الزُّهْرِىِّ. طرفه 3394 5577 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَدِيثًا لاَ يُحَدِّثُكُمْ بِهِ غَيْرِى قَالَ «مِنْ أَشْرَاطِ ـــــــــــــــــــــــــــــ 5576 - (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُتيَ ليلة أسري به بإيلياء) -بكسر الهمزة والمد- اسم بيت المقدس (بقدحين من خمر ولبن) وقد سلف في الرواية بثلاث أقداح منها العسل، وكلاهما صحيح والتفاوت من عدم حفظ بعض الرواة (الحمد لله الذي هداك للفطرة) لأن اللَّبن سبب هذه الحياة كما أن الدين سبب تلك الحياة (فلو أخذت الخمر غوت أمتك) لأن الخمر أم الخبائث. فإن قلت: كان ذلك من خمر الجنة الذي مدحه الله في القرآن؟ قلت: كونه من خمر الجنة غير معلوم، ولئن سلم لما كان شربه في دار الدنيا وكان في علم الله تحريم الخمر، والنبي في أمته كالروح في البدن فكان ذلك الشرب منه -وإن كان مباحًا ضيافة من الله له- إلا أنه كان في علم الله أنه يصير محرّمًا من الله له، فعاقبته إلى أمر سوء فيسري ذلك في أمته، وله نظائر: ألا ترى إلى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أنكر آدم وأنكره ذريته، وخانت حواء فخانت بناته ولولا بنو إسرائيل لم يخنز اللَّحم"، (معمر) بفتح الميمين وسكون العين (ابن الهاد) زيد بن عبد الله (الزبيدي) -بضم الرّاء- محمد بن الوليد. فإن قلت: شرب الخمر مخصوص به فلِم كان سببًا لغواية أمته؟ قلت: لأن النبي في أمته كالروح في البدن، ما أصاب الروح يسري أثره في البدن. 5577 - (عن أنس سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديثًا لا يحدثكم به غيري) لأنه لم يكن

2 - باب الخمر من العنب

السَّاعَةِ أَنْ يَظْهَرَ الْجَهْلُ، وَيَقِلَّ الْعِلْمُ، وَيَظْهَرَ الزِّنَا، وَتُشْرَبَ الْخَمْرُ، وَيَقِلَّ الرِّجَالُ، وَيَكْثُرَ النِّسَاءُ، حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً قَيِّمُهُنَّ رَجُلٌ وَاحِدٌ». أطرافه 80 5578 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَابْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولاَنِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَزْنِى الزَّانِى حِينَ يَزْنِى وَهْوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهْوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهْوَ مُؤْمِنٌ». قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَأَخْبَرَنِى عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِى بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يُحَدِّثُهُ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ ثُمَّ يَقُولُ كَانَ أَبُو بَكْرٍ يُلْحِقُ مَعَهُنَّ «وَلاَ يَنْتَهِبُ نُهْبَةً ذَاتَ شَرَفٍ، يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ أَبْصَارَهُمْ فِيهَا حِينَ يَنْتَهِبُهَا وَهْوَ مُؤْمِنٌ». طرفه 2475 2 - باب الْخَمْرُ مِنَ الْعِنَبِ 5579 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ صَبَّاحٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ حَدَّثَنَا مَالِكٌ - هُوَ ابْنُ مِغْوَلٍ - عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ لَقَدْ حُرِّمَتِ الْخَمْرُ، وَمَا بِالْمَدِينَةِ مِنْهَا شَىْءٌ. طرفه 4616 ـــــــــــــــــــــــــــــ إذ ذاك بالعراق صحابيٌّ غيره (وتُشرب الخمر) أي: علانية (حتى يكون لخمسين امرأة قيمهنَّ رجل واحدٌ) أي: من يقوم بشأنهن سواء كان زوجات أو قرابات. 5578 - (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن) يريد نفي كمال الإيمان للاجتماع على أنه لو مات في تلك الحالة يُصلَّى عليه. وقيل: إذا فعل ذلك مستحلًا و (نهبة ذات شرف) احتراز عن المحقرات، فلا يدخل بها تحت هذا الوعبد. باب الخمر من العنب 5579 - (الصبَّاح) بفتح الصّاد وتشديد الباء (وهو ابن مِغْول) بكسر الميم وسكون الغين المعجمة (لقد حُرِّمت الخمر وما بالمدينة منها شيء) أي: من خمر العنب، يريد الردّ بهذا

5580 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ نَافِعٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِىِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ حُرِّمَتْ عَلَيْنَا الْخَمْرُ حِينَ حُرِّمَتْ وَمَا نَجِدُ - يَعْنِى بِالْمَدِينَةِ - خَمْرَ الأَعْنَابِ إِلاَّ قَلِيلاً، وَعَامَّةُ خَمْرِنَا الْبُسْرُ وَالتَّمْرُ. طرفه 2464 5581 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ أَبِى حَيَّانَ حَدَّثَنَا عَامِرٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَامَ عُمَرُ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ أَمَّا بَعْدُ نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ وَهْىَ مِنْ خَمْسَةٍ الْعِنَبِ وَالتَّمْرِ وَالْعَسَلِ وَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ، وَالْخَمْرُ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ. طرفه 4619 ـــــــــــــــــــــــــــــ على أبي حنيفة بقوله: إن الخمر مخصوص بماء العنب، فإن الذين خوطبوا بها لم يكن عندهم من ذلك شيء. 5580 - (أبو شهاب) هو الأصغر (عبد ربه) الحناط، هذا الذي يروي عنه البخاري كثيرًا، وهناك أبو شهاب الأجر موسى بن نافع، روى عنه البخاري في موضع واحد حديثًا في كتاب الحج. فإن قلت: حديث أنس بعده "لم يكن بالمدينة خمر العنب إلاَّ قليل". يناقض حديث ابن عمر: "لقد حرِّمت الخمر وما بالمدينة منها شيء" أي: من خمر العنب؟ قفت: ابن عمر أخبر على قدر ظنه. 5581 - (نزل تحريم الخمر وهي من خمسة) ليس فيه دلالة على الحصر، بل كان الموجود إذ ذاك عندهم هذا الخمس، ولذلك عمم بقوله: (والخمر ما خامر العقل) أي: من أي شيء كان. وحديث مسلم أبلغُ من هذه الأحاديث، وكلّها دالة على عدم التفاوت في جريان لفظ الخمر على كل مسكر. واستدلال الكوفيين على أن لفظ الخمر مخصوص بماء العنب غير مسلم؛ لأن هؤلاء أهل اللسان، وقد فهموا العموم من لفظ الخمر، ولم يأت من الشارع نص على الفرقة.

3 - باب نزل تحريم الخمر وهى من البسر والتمر

3 - باب نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ وَهْىَ مِنَ الْبُسْرِ وَالتَّمْرِ 5582 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ كُنْتُ أَسْقِى أَبَا عُبَيْدَةَ وَأَبَا طَلْحَةَ وَأُبَىَّ بْنَ كَعْبٍ مِنْ فَضِيخِ زَهْوٍ وَتَمْرٍ فَجَاءَهُمْ آتٍ فَقَالَ إِنَّ الْخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ. فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ قُمْ يَا أَنَسُ فَأَهْرِقْهَا. فَأَهْرَقْتُهَا. طرفه 2464 5583 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا قَالَ كُنْتُ قَائِمًا عَلَى الْحَىِّ أَسْقِيهِمْ - عُمُومَتِى وَأَنَا أَصْغَرُهُمُ - الْفَضِيخَ، فَقِيلَ حُرِّمَتِ الْخَمْرُ. فَقَالُوا أَكْفِئْهَا. فَكَفَأْتُهَا. قُلْتُ لأَنَسٍ مَا شَرَابُهُمْ قَالَ رُطَبٌ وَبُسْرٌ. فَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَنَسٍ وَكَانَتْ خَمْرَهُمْ. فَلَمْ يُنْكِرْ أَنَسٌ. وَحَدَّثَنِى بَعْضُ أَصْحَابِى أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا يَقُولُ كَانَتْ خَمْرَهُمْ يَوْمَئِذٍ. طرفه 2464 5584 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ الْمُقَدَّمِىُّ حَدَّثَنَا يُوسُفُ أَبُو مَعْشَرٍ الْبَرَّاءُ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُمْ أَنَّ الْخَمْرَ حُرِّمَتْ، وَالْخَمْرُ يَوْمَئِذٍ الْبُسْرُ وَالتَّمْرُ. طرفه 2464 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب نزل تحريم الخمر وهي من البُسر والتمر لثمرة النخل أطوار يؤكل بلح وبسر ثم رطب. 5582 - 5583 - (أسقيهم من فضيخ) -هو بالضاد والخاء المعجمتين- وهو المشدوخ و (الزهو) البسر، يقال: زها النخل إذا احمر ثمره (كفأها) أي: اقلبها. 5584 - (أبو معشر البرَّاء) بفتح الباء وتشديد الراء.

4 - باب الخمر من العسل وهو البتع

4 - باب الْخَمْرُ مِنَ الْعَسَلِ وَهْوَ الْبِتْعُ وَقَالَ مَعْنٌ سَأَلْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ عَنِ الْفُقَّاعِ فَقَالَ إِذَا لَمْ يُسْكِرْ فَلاَ بَأْسَ. وَقَالَ ابْنُ الدَّرَاوَرْدِىِّ سَأَلْنَا عَنْهُ فَقَالُوا لاَ يُسْكِرُ، لاَ بَأْسَ بِهِ. 5585 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْبِتْعِ فَقَالَ «كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهْوَ حَرَامٌ». طرفه 242 5586 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْبِتْعِ وَهْوَ نَبِيذُ الْعَسَلِ، وَكَانَ أَهْلُ الْيَمَنِ يَشْرَبُونَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهْوَ حَرَامٌ». وَعَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَنْتَبِذُوا فِي الدُّبَّاءِ، وَلاَ فِي الْمُزَفَّتِ». وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُلْحِقُ مَعَهَا الْحَنْتَمَ وَالنَّقِيرَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الخمر من العسل وهو البِتع بكسر الموحدة بعدها مثناة فوق (معن) بفتح الميم وسكون العين [(الفُقَّاع) بضم الفاء وتشديد القاف]. 5585 - 5586 - 5587 - (سئل عن البِتع. فقال: كل شراب أسكر فهو حرام) هذا من الأسلوب الحكيم ومن جوامع الكلم، سُئل عن جزء أجاب بما شمل كل جزء مع التصريح بعلة الحكم، وهو السكر. وحديث الشرب في الدّباء تقدم في حديث وفد عبد القيس، وأشرنا إلى أنه منسوخ.

5 - باب ما جاء فى أن الخمر ما خامر العقل من الشراب

5 - باب مَا جَاءَ فِي أَنَّ الْخَمْرَ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ مِنَ الشَّرَابِ 5588 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِى رَجَاءٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ أَبِى حَيَّانَ التَّيْمِىِّ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ خَطَبَ عُمَرُ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ إِنَّهُ قَدْ نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ، وَهْىَ مِنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ الْعِنَبِ وَالتَّمْرِ وَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالْعَسَلِ، وَالْخَمْرُ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ، وَثَلاَثٌ وَدِدْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يُفَارِقْنَا حَتَّى يَعْهَدَ إِلَيْنَا عَهْدًا الْجَدُّ وَالْكَلاَلَةُ وَأَبْوَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الرِّبَا. قَالَ قُلْتُ يَا أَبَا عَمْرٍو فَشَىْءٌ يُصْنَعُ بِالسِّنْدِ مِنَ الرُّزِّ. قَالَ ذَاكَ لَمْ يَكُنْ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَوْ قَالَ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ. وَقَالَ حَجَّاجُ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ أَبِى حَيَّانَ مَكَانَ الْعِنَبِ الزَّبِيبَ. طرفه 4619 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ما جاء أن الخمر ما خامر العقل 5588 - (أبو رجاء) بفتح الراء والمد (عن أبي حيان) -بفتح الحاء وتشديد الياء- يحيى بن سعيد روى الحديث المتقدم (الخمر خمسة) وموضع الدلالة قوله: (والخمر ما خامر العقل) كأنه أشار إلى عدم انحصاره في المذكورات (وثلاثٌ وددت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يفارقنا حتى يعهد إلينا عهدًا) أي: يبين لنا، كأنه عهد من العهود يجب ضبطه، وإنما قال هذا لاختلاف الصحابة في الجد، فقال الصديق وابن عباس وعائشة: هو كالأب عند عدمه يحجب الأخوة، وقال به من الأئمة أبو حنيفة، وقال زيد بن ثابت: يقاسم الإخوة إلَّا إذا لم تنقص المقاسمة عن الثلث. فإن نقصت يأخذ ثلث المال، وبه قال مالك والشافعي والإمام أحمد، وأبو يوسف، وعن علي كل هو كأحد الأخوة ما لم ينقص من السدس أيضًا (وكلالة) هو الميت الذي ليس بأصل ولا فرع، ويطلق على وارث لم يكن أصلًا ولا فرعًا، وبمعنى المصدر أيضًا، وقد مرّ تحقيقه في سورة النساء (وأبواب من أبواب الرِّبا) فإن الصحابة اختلفوا فيه، قال ابن عباس: لا ربا إلَّا في النسيئة، وقد سلف الكلام عليه في أبواب البيع (قلت: يا أبا عمرو، فشيء يصنعه بالسند من الرز) أبو عمرو هو عامر بن شراحيل الشعبي التابعي الجليل، والقائل له: يا أبا عمرو هو أبو حيان، والسند: بكسر السين بلاد معروفة في صواب الهند، والرز لغة في الأرز.

6 - باب ما جاء فيمن يستحل الخمر ويسميه بغير اسمه

5589 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى السَّفَرِ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ قَالَ الْخَمْرُ يُصْنَعُ مِنْ خَمْسَةٍ مِنَ الزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ وَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالْعَسَلِ. طرفه 4619 6 - باب مَا جَاءَ فِيمَنْ يَسْتَحِلُّ الْخَمْرَ وَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ 5590 - وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ حَدَّثَنَا عَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ الْكِلاَبِىُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَنْمٍ الأَشْعَرِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو عَامِرٍ - أَوْ أَبُو مَالِكٍ - الأَشْعَرِىُّ وَاللَّهِ مَا كَذَبَنِى سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِى أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ، وَلَيَنْزِلَنَّ أَقْوَامٌ إِلَى جَنْبِ عَلَمٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ 5589 - (أبو السفر) بفتح السين والفاء. باب ما جاء فيمن يستحل الخمر ويسميها بغير اسمها 5590 - (وقال هشام بن عمار) كذا وقع في عامة النسخ، ولأبي ذر حدثنا هشام بن عمار، وكذا وصله أبو داود في سننه، والإسماعيلي في صحيحه (صدقة) أخت الزكاة (عطية) على وزن وصية (الكلابي) -بكسر الكاف- نسبة إلى القبيلة (غَنْم) بفتح الغين وسكون النون (أبو عامر أو أبو مالك الأشعري) وفي الإسماعيلي الجزم بأبي عامر. وأبو عامر في الصحابة ثلاثة: عم أبي موسى الأشعري واسمه عبيد، وأخو أبي موسى واسمه عباد، وأبو عامر آخر واسمه عبيد أيضًا، أو عبد الله والكل أشعريُّون، وأبو مالك أيضًا اثنان في الصحابة أشعريان كعب بن مالك، وعمرو بن الحارث، قال عبد البر والذهبي: أبو مالك هذا هو الأول يروي عنه عبد الرحمن بن غنم. (ليكونن أقوام من أمتي يستحلُّون الحِرَ والحرير) -بكسر الحاء المهملة في الأول- قالوا: أصله: الجرح أسقط عنه الحاء الأخيرة تخفيفًا وهو الفرج، أي: يستحلون الزنا، ورواه بعضهم "الخز" بالخاء والزاي المعجمتين وتشديد الزاي نوع من الحرير (والمعازف) آلات الملاهي. أصله: من العزيف وهو الصوت (ولينزلن أقوام إلى جنب علم)

7 - باب الانتباذ فى الأوعية والتور

يَرُوحُ عَلَيْهِمْ بِسَارِحَةٍ لَهُمْ، يَأْتِيهِمْ - يَعْنِى الْفَقِيرَ - لِحَاجَةٍ فَيَقُولُوا ارْجِعْ إِلَيْنَا غَدًا. فَيُبَيِّتُهُمُ اللَّهُ وَيَضَعُ الْعَلَمَ، وَيَمْسَخُ آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ». 7 - باب الاِنْتِبَاذِ فِي الأَوْعِيَةِ وَالتَّوْرِ 5591 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى حَازِمٍ قَالَ سَمِعْتُ سَهْلاً يَقُولُ أَتَى أَبُو أُسَيْدٍ السَّاعِدِىُّ فَدَعَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي عُرْسِهِ، فَكَانَتِ امْرَأَتُهُ خَادِمَهُمْ وَهْىَ الْعَرُوسُ. قَالَتْ أَتَدْرُونَ مَا سَقَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْقَعْتُ لَهُ تَمَرَاتٍ مِنَ اللَّيْلِ فِي تَوْرٍ. طرفه 5176 ـــــــــــــــــــــــــــــ أي: جبل و (السارحة) المواشي (فيبيتهم الله) أي: يهلكهم بالليل وذلك أشد؛ لأن الليل محل الراحة (ويضع العلم) أي: يضعه عليهم حسابهم (ويمسخ آخرين) وفي رواية الترمذي: "يكون في هذه الأمة خسف ومسخ في أهل القدر" يجوز أن يكون هؤلاء إياهم. فإن قلت: ليس في الحديث ذكر الخمر؟ قلت: اكتفى بما جاء في سائر الروايات، ولم يكن على شرطه، أشار إليه في الترجمة كما هو دأبه. قال بعض الشارحين: لفظ: "أمتي" دليل على أنهم استحلُّوها بالتأويل وإلَّا لكان كفرًا. وهذا وهم فإن هؤلاء كفار، ولذلك قال في آخِر الحديث: "خسف بطائفة" وجعل الآخرين قردة وخنازير، وهبْ أنه تكلَّف لهم في شرب الخمر التأويل، فكيف باستحلال الزنَا والمعازف؟ وإنما وهم من لفظ أمتي. وليس معناه أنهم مؤمنون حقًّا، بل ينتسبون إلى هذه الأمة. باب الانتباذ في الأوعية والتَّور بتاء مثناة فوق. قال الزمخشري: إناء، وقال ابن الأثير: إناء من صفر أو حجارة كالإخانة، ولعله لفظ مشترك. 5591 - (قتيبة) بضم القاف مصغر (عن أبي حازم) سلمة بن دينار (أبو أُسيد) -بضم الهمزة مصغر- مالك بن ربيعة (فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عرسه، وكانت امرأته خادمَهم) لفظ الخادم يطلق على الذكر والأنثى (أنقعت) بفتح الهمزة، ويقال: نقعت أيضًا. لغتان.

8 - باب ترخيص النبى - صلى الله عليه وسلم - فى الأوعية والظروف بعد النهى

8 - باب تَرْخِيصِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي الأَوْعِيَةِ وَالظُّرُوفِ بَعْدَ النَّهْىِ 5592 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الظُّرُوفِ فَقَالَتِ الأَنْصَارُ إِنَّهُ لاَ بُدَّ لَنَا مِنْهَا. قَالَ «فَلاَ إِذًا». وَقَالَ خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِى الْجَعْدِ بِهَذَا. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بِهَذَا وَقَالَ فِيهِ لَمَّا نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الأَوْعِيَةِ. 5593 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِى مُسْلِمٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: ليس في الحديث ذكر الأوعية؟ قلت: التَّور وعاء من الأوعية أشار به إلى أن لا تفاوت بين الأوعية. باب ترخيص النبي - صلى الله عليه وسلم - في الأوعية والظروف بعد النهي عطف الظروف على الأوعية تفسيري؛ لأن الجوهري فسَّر أحدها بالآخر، وكذلك أحاديث الباب بعضها بلفظ الظروف. 5592 - (نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الظروف) أي: ما عدا الأسقية (فلا إذًا) أي: إذا لم يكن لكم بدٌّ منها فلا منع. وهذا الحديث ناسخ كل حديث يدل على الحرمة. وقد سلف تحقيق المسألة في أبواب الإيمان في حديث وفد عبد القيس، وأن الحكمة في المنع في غير الأسقية أنهم كانوا ينتبذون في الماء التمر، وتلك الظروف لا ينفذ فيها الإسكار، وكانوا قريبي العهد بحرمة الخمر، فلما بعد العهد نسخ ذلك الحكم وانعقد عليه الإجماع، إلَّا رواية عن مالك وأحمد (قال لي خليفة) هو ابن الخياط شيخ البخاري والرواية عنه: بقال؛ لأنه سمع الحديث مذاكرة.

الأَحْوَلِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِى عِيَاضٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الأَسْقِيَةِ قِيلَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - لَيْسَ كُلُّ النَّاسِ يَجِدُ سِقَاءً فَرَخَّصَ لَهُمْ فِي الْجَرِّ غَيْرِ الْمُزَفَّتِ. 5594 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِىِّ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الدُّبَّاءِ وَالْمُزَفَّتِ. حَدَّثَنَا عُثْمَانُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ بِهَذَا. 5595 - حَدَّثَنِى عُثْمَانُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قُلْتُ لِلأَسْوَدِ هَلْ سَأَلْتَ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ عَمَّا يُكْرَهُ أَنْ يُنْتَبَذَ فِيهِ فَقَالَ نَعَمْ قُلْتُ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ عَمَّا نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُنْتَبَذَ فِيهِ قَالَتْ نَهَانَا فِي ذَلِكَ أَهْلَ الْبَيْتِ أَنْ نَنْتَبِذَ فِي الدُّبَّاءِ وَالْمُزَفَّتِ. قُلْتُ أَمَا ذَكَرْتِ الْجَرَّ وَالْحَنْتَمَ قَالَ إِنَّمَا أُحَدِّثُكَ مَا سَمِعْتُ، أَفَأُحَدِّثُ مَا لَمْ أَسْمَعْ. 5596 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِىُّ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِى أَوْفَى - رضى الله عنهما - قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْجَرِّ الأَخْضَرِ. قُلْتُ أَنَشْرَبُ فِي الأَبْيَضِ قَالَ لاَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 5593 - 5594 - 5595 - 5596 - (عن أبي عياض) -بكسر العين وضاد معجمة- عمرو بن الأسود، وقيل: قيس بن ثعلبة، قال شيخنا: الراوي عن مجاهد أبو عياض عمرو بن الأسود شامي، وقيس بن ثعلبة أبو عياض كوفي (نهى النبي عن الأسقية) صوابه: إلَّا عن الأسقية؛ لقوله: ليس كلّ الناس يجد سقاء.

9 - باب نقيع التمر ما لم يسكر

9 - باب نَقِيعِ التَّمْرِ مَا لَمْ يُسْكِرْ 5597 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَارِىُّ عَنْ أَبِى حَازِمٍ قَالَ سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ أَنَّ أَبَا أُسَيْدٍ السَّاعِدِىَّ دَعَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لِعُرْسِهِ، فَكَانَتِ امْرَأَتُهُ خَادِمَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَهْىَ الْعَرُوسُ. فَقَالَتْ مَا تَدْرُونَ مَا أَنْقَعْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْقَعْتُ لَهُ تَمَرَاتٍ مِنَ اللَّيْلِ فِي تَوْرٍ. طرفه 5176 ـــــــــــــــــــــــــــــ قال بعضهم: يجوز أن يكون معناه: نهى عن سائر الظروف بسبب الأسقية. في الحديث "يسمنون عن أكل وشرب". وهذا الذي قاله فاسد لوجهين: الأول: أن سبب النهي عن تلك الظروف ليس وجود الأسقية، بل ما قدمنا من سرعة الإسكار، لعدم نفوذ الهواء فيها. الثاني: أن عن ليس معناه في الذي استدل به للسببية، بل للمجاوزة إذ لا يقول عاقل أن الأكل والشرب سبب السمن، بل التجاوز فيهما. ثم قال: فإن قلت: مفهوم الأخضر يقتضي مخالفة حكم الأبيض؟ قلت: شرط المفهوم عند القائل به أن لا يكون خارجًا مخرج الغالب، وهذا منه، فإنهم كانوا ينبذون في الجرار الخضر وهذا فاسد، لأنه قال في حديث وفد عبد القيس "وأنهاكم عن أربع" والعدد نص في مدلوله، وعدَّ منها: الحنتم، وهي الجرة الخضراء، وأشرنا إلى علة الخصوص بعدم نفوذ الهواء، فلا يرد الأبيض. فإن قلت: فقول ابن أبي أوفى سئل: أنشرب في الأبيض؟ قال: "لا"، يدل على إطلاق الحرمة في الكل؟ قلت: ابن أوفى لم تصله رواية حديث وفد عبد القيس، والحَصْر في الأربع صريح فيما قلنا. قال شيخنا: روى النسائي بسنده عن ابن أبي أوفى مرفوعا: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن النبيذ في الجر الأخضر والأبيض والأحمر" قال النووي: أصح الأقوال أن هذا كان مخصوصًا بالجرة الخضراء. قلت: ظاهر سياق الأحاديث أنه نهى أولًا عن كلِّ ظرف إلا الأسقة، ثم خص الحكم بالأربع المذكورة في وفد عبد القيس، ثم عمم في كل وعاء. 5597 - وحديث امرأة أبي أُسيد في سقيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من نقيع التمر في الباب

10 - باب الباذق، ومن نهى عن كل مسكر من الأشربة

10 - باب الْبَاذَقِ، وَمَنْ نَهَى عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ مِنَ الأَشْرِبَةِ وَرَأَى عُمَرُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ وَمُعَاذٌ شُرْبَ الطِّلاَءِ عَلَى الثُّلُثِ. وَشَرِبَ الْبَرَاءُ وَأَبُو جُحَيْفَةَ عَلَى النِّصْفِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ اشْرَبِ الْعَصِيرَ مَا دَامَ طَرِيًّا. وَقَالَ عُمَرُ وَجَدْتُ مِنْ عُبَيْدِ اللَّهِ رِيحَ شَرَابٍ، وَأَنَا سَائِلٌ عَنْهُ، فَإِنْ كَانَ يُسْكِرُ جَلَدْتُهُ. 5598 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى الْجُوَيْرِيَةِ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ الْبَاذَقِ. فَقَالَ سَبَقَ مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - الْبَاذَقَ، فَمَا أَسْكَرَ فَهْوَ حَرَامٌ. قَالَ الشَّرَابُ الْحَلاَلُ الطَّيِّبُ. قَالَ لَيْسَ بَعْدَ الْحَلاَلِ الطَّيِّبِ إِلاَّ الْحَرَامُ الْخَبِيثُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قبله، وليس في الحديث أنهم كانوا ينظرون المرأة حتى يقال: الحجاب ليس فرضًا على غير نساء النبي. كما قال ابن بطال، أو يقال: ربما كان قبل نزول الحجاب كما قاله غيره. باب الباذق بالذال المعجمة معرّب "بادَه" -بالدال المهملة- قال ابن الأثير: اسم الخمر بالفارسية (ورأى عمرُ وأبو عبيدة ومعاذٌ شرب الطلاء على الثلث) أي: الذي طبخ حتى ذهب ثلثاه. فإن قلت: روى ابن الأثير: أن أول ما يكفأ الإناء في شراب يقال له: الطلاء؟ قلت: قال ابن الأثير: معناه: أنهم يسمونه طلاء وليس كذلك، بل إنما يسمونه بذلك تلبيسًا. (أبو جحيفة) -بضم الجيم مصغر- وهب بن عبد الله (من عبيد الله ريح الخمر) -بضم العين مصغر- هو ابن عمر [بن] الخطاب، وفيه دلالة على أن مجرّد الريح لا يوجب الحدَّ، ولذلك قال: (إني سائل عنه). 5598 - (عن [أبي] الجويرية) بضم الجيم مصغر، واسمه حِطَّان بكسر الحاء وتشديد الطاء (سبق محمد - صلى الله عليه وسلم - الباذق) قال ابن الأثير: يجوز أن يكون معناه: سبق قوله فيه، أي: حرمه، وأن يكون معناه أن هذا اللفظ لم يكن موجودًا في زمانه. قلت: تعليل ابن عباس بعد قوله: سبق محمد الباذق، فما أسكر فهو حرام يؤيد الاحتمال الثاني وهو الظاهر من العبارة، وقد قدمنا أنه لفظ معرّب، فلم يكن في زمانه هذا اللفظ.

11 - باب من رأى أن لا يخلط البسر والتمر إذا كان مسكرا، وأن لا يجعل إدامين فى إدام

5599 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُحِبُّ الْحَلْوَاءَ وَالْعَسَلَ. طرفه 4912 11 - باب مَنْ رَأَى أَنْ لاَ يَخْلِطَ الْبُسْرَ وَالتَّمْرَ إِذَا كَانَ مُسْكِرًا، وَأَنْ لاَ يَجْعَلَ إِدَامَيْنِ فِي إِدَامٍ 5600 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ إِنِّى لأَسْقِى أَبَا طَلْحَةَ وَأَبَا دُجَانَةَ وَسُهَيْلَ ابْنَ الْبَيْضَاءِ خَلِيطَ بُسْرٍ وَتَمْرٍ إِذْ حُرِّمَتِ الْخَمْرُ، فَقَذَفْتُهَا وَأَنَا سَاقِيهِمْ وَأَصْغَرُهُمْ، وَإِنَّا نَعُدُّهَا يَوْمَئِذٍ الْخَمْرَ. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ سَمِعَ أَنَسًا. طرفه 2464 ـــــــــــــــــــــــــــــ 5599 - (أبي شيبة) بفتح الشين وسكون الياء بعدها موحدة (أبو أمامة) بضم الهمزة كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحبُّ الحلواء والعسل). فإن قلت: أي تعلُّق لهذا بالترجمة؟ قلت: أحد شقي الترجمة أنه نهى عن كل مسكر، ومفهومه: أن ما لا يسكر مباح، وهذا المنطوق يؤيد ذلك المفهوم، وأيضًا الحلواء ما كان للناس فيه عمل، والعسل قد يمزج بالماء فيكون شرابًا. وإن مناط الحرمة السكر. باب من رأى أن [لا] يخلط البسر والتمر إذا كان مسكرًا، وأن لا يجعل إدامين في إدام 5600 - (عن أنس: إني لأسقي أبا طلحة وأبا دجانة) -بضم الدال- اسمه: سماك، ولا ينافي هذا ما تقدم من قوله: كنت أسقي أبا عبيدة وأبيّ بن كعب لجواز الجمع. وقد روى عبد الرزاق: أن القوم كانوا أحد عشر، وقد جاء في بعض الروايات: أن أبا بكر وعمر كانا منهم، والظاهر عدم صحته (خليط بُسر وتمر) أي: الشراب المأخوذ منها. فإن قلت: ترجم الباب على عدم الخلط، وحديث أنس يدل على جواز الخلط؟ قلت: حديث أنس كان في وقت حِلِّ الخمر، وكانوا يخلطون ليسرع فيه الإسكار، ولما

12 - باب شرب اللبن

5601 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِى عَطَاءٌ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا - رضى الله عنه - يَقُولُ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ وَالْبُسْرِ وَالرُّطَبِ. 5602 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ التَّمْرِ وَالزَّهْوِ، وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ، وَلْيُنْبَذْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ. 12 - باب شُرْبِ اللَّبَنِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ). 5603 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ أُتِىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةَ أُسْرِىَ بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ حرم الخمر نهى عن ذلك، وأمر أن ينبذ كل واحد على حدة لئلَّا يسرع فيه الإسكار. قال النووي: إنما ذكرنا من العلة، وقال أبو حنيفة: لا بأس به ولا كراهة. قال النووي: وهذا الذي قاله معاندة للشارع إذ ليس لهذه الأحاديث معارض. فإن لم يدل على الحرمة فلا أقل من. . . . النهي، وهي العلة في خلط البسُر والتمر، وليس بشيء، إذ قوله: إذا كان مسكرًا يكون قيدًا إضافيًّا. وكذا ما يقال: إن النهي عن القران بين التمرين -وهو نوع واحد- يدل على خلط التمر والبسر من باب الأولى؛ لأنهما نوعان؛ لأن النهي عن القران إنما هو في التمر المشترك، ولذلك لو استأذن صاحبه جاز، فأين أحدهما من الآخر؟ باب شرب اللبن وقول الله عزّ وجلّ: {مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ} [النحل: 66] مَنَّ الله على عباده به، فلا بد وأن يكون طاهرًا، وأحاديث الباب متواترة المعاني، وكلها قد سبقت في الأبواب السابقة، ونشير إلى مواضع منها: 5603 - (ليلة أُسري به) بفتح الليلة على أنها للإضافة إلى الجملة بعدها.

بِقَدَحِ لَبَنٍ وَقَدَحِ خَمْرٍ. طرفه 3394 5604 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ سَمِعَ سُفْيَانَ أَخْبَرَنَا سَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ أَنَّهُ سَمِعَ عُمَيْرًا مَوْلَى أُمِّ الْفَضْلِ يُحَدِّثُ عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ قَالَتْ شَكَّ النَّاسُ فِي صِيَامِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ عَرَفَةَ، فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهِ بِإِنَاءٍ فِيهِ لَبَنٌ فَشَرِبَ. فَكَانَ سُفْيَانُ رُبَّمَا قَالَ شَكَّ النَّاسُ فِي صِيَامِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ عَرَفَةَ فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ أُمُّ الْفَضْلِ. فَإِذَا وُقِفَ عَلَيْهِ قَالَ هُوَ عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ. طرفه 1658 5605 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى صَالِحٍ وَأَبِى سُفْيَانَ عَنْ جَابِرِ بْنِ اللَّهِ قَالَ جَاءَ أَبُو حُمَيْدٍ بِقَدَحٍ مِنْ لَبَنٍ مِنَ النَّقِيعِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَلاَّ خَمَّرْتَهُ وَلَوْ أَنْ تَعْرُضَ عَلَيْهِ عُودًا». طرفه 5606 5606 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ يَذْكُرُ - أُرَاهُ - عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ جَاءَ أَبُو حُمَيْدٍ - رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ - مِنَ النَّقِيعِ بِإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَلاَّ خَمَّرْتَهُ، وَلَوْ أَنْ تَعْرُضَ عَلَيْهِ عُودًا». وَحَدَّثَنِى أَبُو سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِهَذَا. طرفه 5605 ـــــــــــــــــــــــــــــ 5604 - (الحميدي) بضم الحاء، مصغر منسوب (أبو النضر) بضاد معجمة (عمير مولى أم الفضل) بضم العين مصغر. وأم الفضل امرأة العباس واسمها لبابة (فإذا وقف عليه) أي: على عمير في الحديث (قال: عن أم الفضل) أي: أسنده إليها، وقال شيخنا: سفيان. 5605 - 5606 - (قتيبة) بضم القاف مصغر (عن أبي صالح) اسمه ذكوان (أبو سفيان) هو طلحة بن نافع (أبو حميد) -بضم الحاء مصغر- الساعدي اسمه عبد الرحمن (جاء بقدح لبن من النّقيع) -بالنون- موضع بقرب المدينة، حَمَاهُ عمر لنعم الصدقة وخيل الغزاة. قال القرطبي: مكان على عشرين فرسخًا عن المدينة من ناحية العقيق (ألا خمَّرته) -بتشديد الميم- أي: غطيته، (ولو أن تعرض عودًا) بضم الراء وكسرها من العرض -بضم العين- وهو

5607 - حَدَّثَنِى مَحْمُودٌ أَخْبَرَنَا النَّضْرُ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ - رضى الله عنه - قَالَ قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ مَكَّةَ وَأَبُو بَكْرٍ مَعَهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ مَرَرْنَا بِرَاعٍ وَقَدْ عَطِشَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - فَحَلَبْتُ كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ فِي قَدَحٍ، فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ، وَأَتَانَا سُرَاقَةُ بْنُ جُعْشُمٍ عَلَى فَرَسٍ فَدَعَا عَلَيْهِ، فَطَلَبَ إِلَيْهِ سُرَاقَةُ أَنْ لاَ يَدْعُوَ عَلَيْهِ، وَأَنْ يَرْجِعَ فَفَعَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 2439 5608 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «نِعْمَ الصَّدَقَةُ اللِّقْحَةُ الصَّفِىُّ مِنْحَةً، وَالشَّاةُ الصَّفِىُّ مِنْحَةً، تَغْدُو بِإِنَاءٍ، وَتَرُوحُ بِآخَرَ». طرفه 2629 5609 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ الأَوْزَاعِىِّ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَرِبَ لَبَنًا فَمَضْمَضَ وَقَالَ «إِنَّ لَهُ دَسَمًا». ـــــــــــــــــــــــــــــ الجانب. وهذا حكمة إلهية لمنع وصول الشيطان إليه، وسائر الدواهي والآفات النازلة من السماء. 5607 - (عن أبي إسحاق) هو السبيعي، عمرو بن عبد الله (محمود) هو ابن غيلان (النضر) -بالضاد المعجمة- ابن شُميل. وحديث أبي بكر لما حلب اللبن لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبق في باب الهجرة مع شرحه، وأن الصواب أن صاحبها كان من معارف أبي بكر (كُثبة من اللبن) -بضم الكاف وثاء مثلثة- القليل من كل شيء. 5608 - (هُشيم) بضم الهاء وسكون الشين (أبو اليمان) الحكم بن نافع (أبو الزناد) بعد الزاي نون، عبد الله بن ذكوان (نعم الصدقة اللِّقحة الصَّفيُّ) -بكسر اللام- الناقة اللبون، وقال ابن الأثير: القريبة العهد بالنتاج، والصفيُّ من كل شيء: المختار منه، والمعنى هنا غزارة اللبن (مِنحة) -بكسر الميم وسكون النون- أي: عطية، وانتصابه على التمييز. 5609 - (أبو عاصم) الضحاك بن مخلد (الأوزاعي) -بفتح الهمزة- عبد الرحمن إمام أهل الشام في زمانه.

13 - باب استعذاب الماء

5610 - وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «رُفِعْتُ إِلَى السِّدْرَةِ فَإِذَا أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ، نَهَرَانِ ظَاهِرَانِ، وَنَهَرَانِ بَاطِنَانِ، فَأَمَّا الظَّاهِرَانِ النِّيلُ وَالْفُرَاتُ، وَأَمَّا الْبَاطِنَانِ فَنَهَرَانِ فِي الْجَنَّةِ فَأُتِيتُ بِثَلاَثَةِ أَقْدَاحٍ، قَدَحٌ فِيهِ لَبَنٌ، وَقَدَحٌ فِيهِ عَسَلٌ، وَقَدَحٌ فِيهِ خَمْرٌ، فَأَخَذْتُ الَّذِى فِيهِ اللَّبَنُ فَشَرِبْتُ فَقِيلَ لِى أَصَبْتَ الْفِطْرَةَ أَنْتَ وَأُمَّتُكَ». قَالَ هِشَامٌ وَسَعِيدٌ وَهَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي الأَنْهَارِ نَحْوَهُ، وَلَمْ يَذْكُرُوا ثَلاَثَةَ أَقْدَاحٍ. طرفه 3570 13 - باب اسْتِعْذَابِ الْمَاءِ 5611 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ 5610 - وروى حديث الإسراء عن أنس مختصرًا تعليقًا. وموضع الدلالة قوله: (فأُتيتُ بثلاثة أقداح: الخمر واللبن والعسل) قد سلف: "إناءين من لبن وخمر" وقد زاد هنا العسل. قلت: قيل: ذكر الإثنين لا ينافي ذكر الثلاثة. هذا والتحقيق أن الإتيان بالإناءين كان وهو ببيت المقدس، والثلاثة كانت وهو عند السدرة، ولعل الحكمة في ذلك أنه لما رُفِعَ زيد في إكرامه، واختار اللبن لما قدمنا من فوائد مرارًا. وأمَّا ما يقال: فلأنه عطش، واللّبن يدفع العطش دون الخمر والعسل فلا يعول عليه؛ لأن الماء أَدْفَع للعطش، والأنهار كانت عنده الظاهران والباطنان. (أصبت الفطرة أنت وأمتك) لا بد من تقدير فعل. أي: وأصابت أمتك (صعصعة) بصاد وعين مهملتين ومكررتين، وهذا التعليق عن هؤلاء سلف في بدء الخلق مسندًا. باب استعذاب الماء أي: طلب العذب من الماء. 5611 - روى في الباب حديث أبي طلحة في بيرحاء. وقد سلف في أبواب الوقف وغيره.

14 - باب شوب اللبن بالماء

سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ أَنْصَارِىٍّ بِالْمَدِينَةِ مَالاً مِنْ نَخْلٍ، وَكَانَ أَحَبُّ مَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرَحَاءَ، وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَ الْمَسْجِدِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ. قَالَ أَنَسٌ فَلَمَّا نَزَلَتْ (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) قَامَ أَبُو طَلْحَةَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) وَإِنَّ أَحَبَّ مَالِى إِلَىَّ بَيْرُحَاءَ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «بَخٍ ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ - أَوْ رَايِحٌ شَكَّ عَبْدُ اللَّهِ - وَقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ وَإِنِّى أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الأَقْرَبِينَ». فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَفِى بَنِى عَمِّهِ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى رَايِحٌ. طرفه 1461 14 - باب شَوْبِ اللَّبَنِ بِالْمَاءِ 5612 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَرِبَ لَبَنًا، وَأَتَى دَارَهُ فَحَلَبْتُ شَاةً فَشُبْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْبِئْرِ، فَتَنَاوَلَ الْقَدَحَ فَشَرِبَ، وَعَنْ يَسَارِهِ أَبُو بَكْرٍ وَعَنْ يَمِينِهِ أَعْرَابِىٌّ، فَأَعْطَى الأَعْرَابِىَّ فَضْلَهُ، ثُمَّ قَالَ «الأَيْمَنَ فَالأَيْمَنَ». ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: ليس في حديث أبي طلحة استعذاب الماء؟ قلت: كان لذلك الماء. . . . العذب. و (بيرحاء) بفتح الموحدة بعدها مثناة ساكنة بالمد والقصر، وفيه لغات آخر سبق ضبطها (ذاك مال رابح) بالباء الموحدة من الربح، ويروى "رايح" بالمثناة، أي: يروح عليك ثوابه (فقسمها أبو طلحة في أقاربه) أعطاها حسان وأبيّ بن كعب، كانا أقرب الأقارب لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أني أرى أن تجعله في الأقربين) فإن قلت: ما محصل هذا الباب؟ قلت: أشار إلى شرب الماء العذب وطلبه ليس من الإتراف المذموم. باب شرب الماء في اللّبن أي: خلطه به. 5612 - (عبدان) -على وزن شعبان- عبد الله المروزي. روى حديث أنس أنه حلب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما دخل دار أنس شاة، وخلط الماء في اللبن. قالوا: والحكمة في ذلك أن يكون طعامًا وشرابًا، وأيضًا: يبرد الحليب بالماء يمكن به شربه مستوفًا.

5613 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ وَمَعَهُ صَاحِبٌ لَهُ فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنْ كَانَ عِنْدَكَ مَاءٌ بَاتَ هَذِهِ اللَّيْلَةَ فِي شَنَّةٍ، وَإِلاَّ كَرَعْنَا». قَالَ وَالرَّجُلُ يُحَوِّلُ الْمَاءَ فِي حَائِطِهِ - قَالَ - فَقَالَ الرَّجُلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ عِنْدِى مَاءٌ بَائِتٌ فَانْطَلِقْ إِلَى الْعَرِيشِ - قَالَ - فَانْطَلَقَ بِهِمَا، فَسَكَبَ فِي قَدَحٍ، ثُمَّ حَلَبَ عَلَيْهِ مِنْ دَاجِنٍ لَهُ - قَالَ - فَشَرِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ شَرِبَ الرَّجُلُ الَّذِى جَاءَ مَعَهُ. طرفه 5621 ـــــــــــــــــــــــــــــ 5613 - وروي أيضًا عن جابر أن رجلًا من الأنصار (سكب الماء في قدح ثم حلب من داجن له) والداجن شاة تألف البيوت، وغرض البخاري إثبات أن شرب الماء باللبن ليس من خلط طعام بآخر ترفُّهًا. قال شيخنا: ذكرت في المقدمة أن الرجل الأنصاري هو أبو الهيثم بن التيهان، ثم قلت: الصواب هذا، فإن قضية أبي الهيثم كان معه أبو بكر وعمر باتفاق أهل السِّير، وهنا كان معه رجل واحد ظهر لي أنه غيره، وعن الهيثم بن نصر الأسلمي: وقضية ابن التيهان غيرها. (وعن يمينه أعرابي) قالوا: هو خالد بن الوليد، وأنكره ابن عبد البر، وإنكاره هو الصواب؛ لأن الأعراب سكان البوادي (الأيمنَ فالأيمن) بالنصب، أي: أعطوا الأيمن. وبالرفع، أي: الأيمن أولًا. (ماء بات في شنة) -بفتح الشين وتشديد النون يذكر ويؤنث- القربة العتيقة؛ لأنها تبرد الماء أحسن من الجديدة (وإلا كَرعنا) الكرع شرب الماء من النهر بالفم، وأصله في الدابة، فإنها إذا شربت تدخل أكارعها في الماء. فإن قلت: في رواية ابن ماجه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الكرع؟ قلت: محمول على أنه الأولى عند عدم الضرورة، وهنا إنما اختار الكرع؛ لأن الماء إذا لم يكن باردًا فالكرع منه أدفع للعطش من الأخذ منه باليد. (فانطلق إلى العريش) أي: المكان المعروش، وهو الذي يجعل بطنه من الأخشاب والأوراق والأغصان.

15 - باب شراب الحلواء والعسل

15 - باب شَرَابِ الْحَلْوَاءِ وَالْعَسَلِ وَقَالَ الزُّهْرِىُّ لاَ يَحِلُّ شُرْبُ بَوْلِ النَّاسِ لِشِدَّةٍ تَنْزِلُ، لأَنَّهُ رِجْسٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ)، وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ فِي السَّكَرِ إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ. 5614 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ أَخْبَرَنِى هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُعْجِبُهُ الْحَلْوَاءُ وَالْعَسَلُ. طرفه 4912 16 - باب الشُّرْبِ قَائِمًا 5615 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنِ النَّزَّالِ قَالَ أَتَى عَلِىٌّ - رضى الله عنه - عَلَى بَابِ الرَّحَبَةِ، فَشَرِبَ قَائِمًا فَقَالَ إِنَّ نَاسًا يَكْرَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: شراب الحلواء والعسل الحلواء -بالمد والقصر- معروفة. وليس المراد تلك، وإنما المراد كل حلواء سوى العسل. قال الجوهري: الحلوى نقيض المرى، وإنما أفرد العسل؛ لأنه كان أفخر الأشربة عندهم (وقال الزهري: لا يحل شرب بول الناس لشدة تنزل) اتفق الأئمة على خلافه، وما استدل به من قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} [المائدة: 5] محمول على حالة الرفاهية. ألا ترى إلى قوله: {إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: 119]، وكذا قول ابن مسعود (إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرّم عليكم) اتفقت الأئمة على عدم جواز التداوي وشرب الخمر عند وجود ما يقوم مقامه، وإذا لم يوجد غيره. قال الكوفيون: يجوز التداوي وشربه، ومنعه إلَّا أن يضطر إذا غص بلقمة، ولا يوجد غيره. قال النووي: الفرق بين إساغة اللقمة بالخمر، وبين التداوي به حيث جاز الأول دون الثاني أن الإساغة مقطوع بها بخلاف القطع بالتداوي و (السكر) بفتح السين والكاف كل شيء أسكر. باب الشرب قائمًا 5615 - (أبو نعيم) بضم النون (مسعر) بكسر الميم (ميسرة) ضد الميمنة (أتى عليُّ بن أبي طالب باب الرحبة) -بثلاث حركات، وقد تسكن الحاء- الساحة، ويريد بها رحبة باب

17 - باب من شرب وهو واقف على بعيره

أَحَدُهُمْ أَنْ يَشْرَبَ وَهْوَ قَائِمٌ، وَإِنِّى رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَعَلَ كَمَا رَأَيْتُمُونِى فَعَلْتُ. طرفه 5616 5616 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ سَمِعْتُ النَّزَّالَ بْنَ سَبْرَةَ يُحَدِّثُ عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - أَنَّهُ صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ قَعَدَ فِي حَوَائِجِ النَّاسِ فِي رَحَبَةِ الْكُوفَةِ حَتَّى حَضَرَتْ صَلاَةُ الْعَصْرِ، ثُمَّ أُتِىَ بِمَاءٍ فَشَرِبَ وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَذَكَرَ رَأْسَهُ وَرِجْلَيْهِ، ثُمَّ قَامَ فَشَرِبَ فَضْلَهُ وَهْوَ قَائِمٌ ثُمَّ قَالَ إِنَّ نَاسًا يَكْرَهُونَ الشُّرْبَ قَائِمًا وَإِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعْتُ. طرفه 5615 5617 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ شَرِبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَائِمًا مِنْ زَمْزَمَ. طرفه 1637 17 - باب مَنْ شَرِبَ وَهْوَ وَاقِفٌ عَلَى بَعِيرِهِ 5618 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى سَلَمَةَ أَخْبَرَنَا أَبُو النَّضْرِ عَنْ عُمَيْرٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ بِنْتِ الْحَارِثِ أَنَّهَا أَرْسَلَتْ إِلَى ـــــــــــــــــــــــــــــ 5616 - (النزَّال بن سبرة) بفتح النون وتشديد الزاي المعجمة وفتح السين وسكون الموحدة (فشرب وغسل وجهه ويديه -وذكر رأسه ورجليه-) هذا كلام عبد الملك أي: ذكر النزال شأن علي مسح رأسه وغسل رجليه. (أن ناسًا يكرهون الشرب قائمًا) في رواية مسلم عن أنس وأبي سعيد الخدري وأبي هريرة: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الشرب قائمًا" قال النووي: النهي محمول على الكراهة تنزيهًا. قال: وكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شرب قائمًا لا ينافي كراهته علينا، فإنه يفعل بيانًا للجواز. قال: ومن زعم النسخ فقد غلط، وذلك أن النسخ لا يُصارُ إليه إلا عند عدم احتمال الجمع، إنما يمكن إذا علم التاريخ وأنّى لهم بذلك. وهذا الذي قاله ممَّا لا غبار عليه رحمه الله. ويقاس على الماء سائر الأشربة والمآكل، دلّ على ذلك حديث أنس، وأمَّا عليٌّ فلم يبلغه حديث النهي. باب من شرب وهو واقف على بعيره الوقوف على الدابة أعم من القيام. فلا يتوجه الإيراد بأن الراكب قاعد لا قائم. 5618 - (أبو النضر) -بضاد معجمة- اسمه سالم (عن عُمير) -بضم العين مصغر- مولى ابن عباس.

18 - باب الأيمن فالأيمن فى الشرب

النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِقَدَحِ لَبَنٍ، وَهُوَ وَاقِفٌ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ، فَأَخَذَ بِيَدِهِ فَشَرِبَهُ. زَادَ مَالِكٌ عَنْ أَبِى النَّضْرِ عَلَى بَعِيرِهِ. طرفه 1658 18 - باب الأَيْمَنَ فَالأَيْمَنَ فِي الشُّرْبِ 5619 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أُتِىَ بِلَبَنٍ قَدْ شِيبَ بِمَاءٍ، وَعَنْ يَمِينِهِ أَعْرَابِىٌّ وَعَنْ شِمَالِهِ أَبُو بَكْرٍ، فَشَرِبَ، ثُمَّ أَعْطَى الأَعْرَابِىَّ، وَقَالَ «الأَيْمَنَ الأَيْمَنَ». طرفه 2352 19 - باب هَلْ يَسْتَأْذِنُ الرَّجُلُ مَنْ عَنْ يَمِينِهِ فِي الشُّرْبِ لِيُعْطِىَ الأَكْبَرَ 5620 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَبِى حَازِمِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أُتِىَ بِشَرَابٍ فَشَرِبَ مِنْهُ، وَعَنْ يَمِينِهِ غُلاَمٌ وَعَنْ يَسَارِهِ الأَشْيَاخُ. فَقَالَ لِلْغُلاَمِ «أَتَأْذَنُ لِى أَنْ أُعْطِىَ هَؤُلاَءِ». فَقَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: قد تقدم قريبًا أنه مولى أم الفضل؟ قلت: هو لأم الفضل، قاله الذهبي، وإضافته إلى ابن عباس لأدنى ملابسة كأنه كان يلازمه ويخدمه (زاد مالك عن أبي النضر: على بعيره) وبهذه الزيادة دل على الترجمة، ثم قال: باب الأيمن فالأيمن 5619 - وقد سلف حديثه قريبًا حين شرب الحليب في دار أنس فناوله الأعرابي. باب هل يستأذن الرجل من على يمينه 5620 - (عن أبي حازم) بالحاء المهملة سلمة بن دينار (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُتيَ بشراب فشرب منه وعن يمينه غلام) هو الفضل بن عباس (فقال للغلام: أتأذن لي أن أعطي هؤلاء؟)

20 - باب الكرع فى الحوض

الْغُلاَمُ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لاَ أُوثِرُ بِنَصِيبِى مِنْكَ أَحَدًا. قَالَ فَتَلَّهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي يَدِهِ. 20 - باب الْكَرْعِ فِي الْحَوْضِ 5621 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ وَمَعَهُ صَاحِبٌ لَهُ، فَسَلَّمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَصَاحِبُهُ، فَرَدَّ الرَّجُلُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِى أَنْتَ وَأُمِّى. وَهْىَ سَاعَةٌ حَارَّةٌ، وَهْوَ يُحَوِّلُ فِي حَائِطٍ لَهُ - يَعْنِى الْمَاءَ - فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنْ كَانَ عِنْدَكَ مَاءٌ بَاتَ فِي شَنَّةٍ وَإِلاَّ كَرَعْنَا». وَالرَّجُلُ يُحَوِّلُ الْمَاءَ فِي حَائِطٍ فَقَالَ الرَّجُلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ عِنْدِى مَاءٌ بَاتَ فِي شَنَّةٍ. فَانْطَلَقَ إِلَى الْعَرِيشِ فَسَكَبَ فِي قَدَحٍ مَاءً، ثُمَّ حَلَبَ عَلَيْهِ مِنْ دَاجِنٍ لَهُ، فَشَرِبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ أَعَادَ، فَشَرِبَ الرَّجُلُ الَّذِى جَاءَ مَعَهُ. طرفه 5613 ـــــــــــــــــــــــــــــ استأذنه ولم يستأذن الأعرابي؛ لأن أخلاق الأعراب شرسة ربما أدّى ذلك إلى فساد دينه (لا أوثر بنصيبي منك أحدًا) فيه دلالة على أن الرغبة في سؤر الصالحين محمودة، وليست من السيرة المذمومة (فتلَّه في يده) ألقاه قال الخطابي: ألقاه في يده بعنف. باب الكَرْع في الحوض 5621 - (فُليح) بضم الفاء مصغر. تقدم هذا الحديث آنفًا في باب شرب اللَّبن. فإن قلت: كرر هنا لفظ "وهو يحول الماء" والواقعة متَّحدة. قلت: هذا تفاوت حفظ الرواة. فإن قلت: أي معنىً لهذا التكرير؟ قلت: دلالة على أنه لما دخل عليه كان يجر الماء، فلم يترك العمل الذي هو فيه حتى قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن كان عندك ماء بات" وفائدة هذا أنه لم يرو حين دخوله أنه يريد شرب الماء، ولذلك لما رواه قال: "بأبي أنت وأمي ساعة حارة" كأنه يسأله عن سبب مجيئه. فإن قلت: ليس في الحديث ذكر الحوض كما ترجم عليه. قلت: دلّ عليه التحويل، فإنه عبارة عن إخراجه من البئر في الحوض، ثم يصرفه إلى الأشجار. وفيه دلالة على أن غير الحوض أولى بالجواز.

21 - باب خدمة الصغار الكبار

21 - باب خِدْمَةِ الصِّغَارِ الْكِبَارَ 5622 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا - رضى الله عنه - قَالَ كُنْتُ قَائِمًا عَلَى الْحَىِّ أَسْقِيهِمْ - عُمُومَتِى وَأَنَا أَصْغَرُهُمُ - الْفَضِيخَ، فَقِيلَ حُرِّمَتِ الْخَمْرُ. فَقَالَ أَكْفِئْهَا. فَكَفَأْنَا. قُلْتُ لأَنَسٍ مَا شَرَابُهُمْ قَالَ رُطَبٌ وَبُسْرٌ. فَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَنَسٍ وَكَانَتْ خَمْرَهُمْ. فَلَمْ يُنْكِرْ أَنَسٌ. وَحَدَّثَنِى بَعْضُ أَصْحَابِى أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا يَقُولُ كَانَتْ خَمْرَهُمْ يَوْمَئِذٍ. طرفه 2464 22 - باب تَغْطِيَةِ الإِنَاءِ 5623 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَطَاءٌ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا كَانَ جُنْحُ اللَّيْلِ - أَوْ أَمْسَيْتُمْ - فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ، فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ تَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ، فَإِذَا ذَهَبَ سَاعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ فَحُلُّوهُمْ، فَأَغْلِقُوا الأَبْوَابَ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَفْتَحُ بَابًا مُغْلَقًا، وَأَوْكُوا قِرَبَكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، وَخَمِّرُوا آنِيَتَكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، وَلَوْ أَنْ تَعْرُضُوا عَلَيْهَا شَيْئًا وَأَطْفِئُوا، مَصَابِيحَكُمْ». طرفه 3280 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب خدمة الصغار الكبار 5622 - (مسدّد) بتشديد الدال المفتوحة (معتمر) بكسر الميم، روي في الباب حديث أنس حين حُرِّمت الخمر، وهو ساقي القوم، وقد تقدم مرارًا. باب تغطية الإناء 5623 - (رَوح) بفتح الراء وسكون الواو (عُبَادة) بضم العين وفتح الباء المخففة (ابن جُريج) بضم الجيم مصغر على وزن المصغر. (إذا كان جُنح الليل) قال ابن الأثير: بكسر الجيم وضمه أول الليل، وقيل: إلى النصف. والأول أشبه. قلت: هو الصواب؛ لقوله هو بعده: "فإذا ذهبت ساعة" وفي أخرى: "إذا ذهبت فحمة العشاء". (فإن الشيطان لا يفتح بابًا مغلقًا) الظاهر أن هذا إذا ذكر اسم الله عليه عند الإغلاق. وكذا الأمور المذكورة بعده.

23 - باب اختناث الأسقية

5624 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَطْفِئُوا الْمَصَابِيحَ إِذَا رَقَدْتُمْ، وَغَلِّقُوا الأَبْوَابَ، وَأَوْكُوا الأَسْقِيَةَ، وَخَمِّرُوا الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ - وَأَحْسِبُهُ قَالَ - وَلَوْ بِعُودٍ تَعْرُضُهُ عَلَيْهِ». طرفه 3280 23 - باب اخْتِنَاثِ الأَسْقِيَةِ 5625 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ اخْتِنَاثِ الأَسْقِيَةِ. يَعْنِى أَنْ تُكْسَرَ أَفْوَاهُهَا فَيُشْرَبَ مِنْهَا. طرفه 5626 ـــــــــــــــــــــــــــــ 5624 - (ثم أطفئوا المصابيح إذا رقدتم) قد أشار إلى العلة في الرواية الأخرى: "فإن الفويسقة تجرُّ الفتيلة فتضرم النار على أهل البيت". (ولو بعود تعرضه عليه) فإن الله تعالى يدفع بذلك الآفات لطفًا منه. باب اختناث الأسقية فسَّره الذهبي بأنه تكسُّر أفواهها. وقال ابن الأثير: خنثت السقاء إذا ثنيت خمه إلى الخارج تشرب منه. قيل: الحكمة في ذلك ربما يكون في السقاء شيء يدخل بطنه، وقيل من خواص ذلك أنه يغير رائحة الماء، وقيل غير ذلك، والأول هو المعتمد لما روى ابن أبي شيبة والإسماعيلي: "أن رجلًا شرب من فم السقاء فدخلت حية في بطنه" فكان ذلك سبب النهي قال النووي: اتفقوا على أن النهي فيه للتنزيه، رقد روى الترمذي وأبو داود "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شرب من قربة معلقة".

24 - باب الشرب من فم السقاء

5626 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَنْهَى عَنِ اخْتِنَاثِ الأَسْقِيَةِ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ مَعْمَرٌ أَوْ غَيْرُهُ هُوَ الشُّرْبُ مِنْ أَفْوَاهِهَا. طرفه 5625 24 - باب الشُّرْبِ مِنْ فَمِ السِّقَاءِ 5627 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ قَالَ لَنَا عِكْرِمَةُ أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَشْيَاءَ قِصَارٍ حَدَّثَنَا بِهَا أَبُو هُرَيْرَةَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الشُّرْبِ مِنْ فَمِ الْقِرْبَةِ أَوِ السِّقَاءِ، وَأَنْ يَمْنَعَ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَهُ فِي دَارِهِ. طرفه 2463 5628 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُشْرَبَ مِنْ فِي السِّقَاءِ. طرفه 2463 5629 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الشُّرْبِ مِنْ فِي السِّقَاءِ. 25 - باب النَّهْىِ عَنِ التَّنَفُّسِ فِي الإِنَاءِ 5630 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا شَرِبَ أَحَدُكُمْ فَلاَ يَتَنَفَّسْ فِي الإِنَاءِ، وَإِذَا بَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 5629 - (يزيد بن زُريع) بضم الزاي مصغر زرع. باب التنفس في الإناء 5630 - (أبو نعيم) بضم النون مصغر (شيبان) على وزن شعبان (إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في الإناء) لأنه يسخن الماء، وربما وقع من ريقه فيه شيء، فيستقذره غيره. فإن قلت: قد ذكر في الباب بعده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يتنفس في الإناء. قلت: معنى ذلك أنه كان يشرب الماء بثلاث دفعات يتنفس في كل دفعة، وعلله بأنه أهنأ وأبرأ وأروى،

26 - باب الشرب بنفسين أو ثلاثة

أَحَدُكُمْ فَلاَ يَمْسَحْ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ، وَإِذَا تَمَسَّحَ أَحَدُكُمْ فَلاَ يَتَمَسَّحْ بِيَمِينِهِ». طرفه 153 26 - باب الشُّرْبِ بِنَفَسَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةٍ 5631 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ وَأَبُو نُعَيْمٍ قَالاَ حَدَّثَنَا عَزْرَةُ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ أَخْبَرَنِى ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كَانَ أَنَسٌ يَتَنَفَّسُ فِي الإِنَاءِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا، وَزَعَمَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَتَنَفَّسُ ثَلاَثًا. 27 - باب الشُّرْبِ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ 5632 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنِ ابْنِ أَبِى لَيْلَى قَالَ كَانَ حُذَيْفَةُ بِالْمَدَايِنِ فَاسْتَسْقَى، فَأَتَاهُ دِهْقَانٌ بِقَدَحِ فِضَّةٍ، فَرَمَاهُ بِهِ فَقَالَ إِنِّى لَمْ أَرْمِهِ إِلاَّ أَنِّى نَهَيْتُهُ فَلَمْ يَنْتَهِ، وَإِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَانَا عَنِ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ وَالشُّرْبِ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَقَالَ «هُنَّ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَهْىَ لَكُمْ فِي الآخِرَةِ». طرفه 5426 ـــــــــــــــــــــــــــــ وفي رواية النسائي والموطأ "أن رجلًا قال: إني لا أروى من نفس واحدٍ، فقال له: أبِن القدح عن فيك ثم تنفس". 5631 - (أبو عاصم)، الضحاك بن مخلد (أبو نعيم) بضم النون، مصغر (عزرة) بفتح العين وسكون الزاي المعجمة وفتح المهملة (ثمامة) بضم الثاء المثلثة. باب الشرب من آنية الذهب 5632 - (الحكم) بفتح الحاء والكاف (ابن أبي ليلى) عبد الرحمن (كان حنيفة بالمدائن) كان واليًا عليها أيام عمر (فأتاه دهقان بقدح فضة فرماه) الدهقان -بفتح الدال وكسرها- زعيم القرية، والحديث تقدم قريبًا في أبواب الأطعمة.

28 - باب آنية الفضة

28 - باب آنِيَةِ الْفِضَّةِ 5633 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ أَبِى لَيْلَى قَالَ خَرَجْنَا مَعَ حُذَيْفَةَ وَذَكَرَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَلاَ تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ وَالدِّيبَاجَ، فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَكُمْ فِي الآخِرَةِ». طرفه 5426 5634 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الَّذِى يَشْرَبُ فِي إِنَاءِ الْفِضَّةِ إِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ». 5635 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنِ الأَشْعَثِ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِسَبْعٍ، وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب آنية الفضة 5633 - (ابن المثنَّى) بضم الميم وتشديد النون (ابن أبي عدي) على وزن وصي محمد بن إبراهيم (عن ابن عون) -بفتح العين وسكون الواو- عبد الله (فإنها لهم في الدنيا، ولكم في الآخرة) الضمير للكفار بدلالة السياق. ليس معناه أنها مباحة لهم، بل بيان الواقع. 5634 - (الذي يشرب في آنية الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم) بنصب نار مفعول الجرجرة، وهو صوت البعير عند الزجر، ويؤيده رواية مسلم: "نارًا من نار جهنم" وقال ابن الأثير: يقال: فلان جرجر الماء إذا جرعه جرعًا متواترًا له صوت. والمعنى: كأنما يجرع. فحذف حرف التشبيه مبالغة. ويجوز الرفع على أنه مجاز؛ لأنَّ النار لا تجرجر، بل صوت جرع الإنسان للماء في هذه الأواني لمّا كان مؤدِّيًا إلى العقاب جُعل كأن النار تجرجر في بطنه. 5635 - (أبو عوانة) بفتح العين الوضاح (أشعث) بالشين المعجمة آخره ثاء مثلثة (سويد) بضم السين مصغر، وكذا (سليم)، (مُقرِّن) بضم الميم وكسر الراء المشددة، وحرمة الأواني المذكورة عامة في الرجال والنساء من كل وجه من وجوه الانتفاع، واتخاذها أيضًا حرام، وعليه الحرمة لأنها أمارة الإسراف والخيلاء بخلاف حلي النساء؛ لإجماع العلماء عليه، وحديث البراء: (أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسبع ونهانا عن سبع) تقدم

29 - باب الشرب فى الأقداح

أَمَرَنَا بِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعِ الْجِنَازَةِ، وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ، وَإِجَابَةِ الدَّاعِى، وَإِفْشَاءِ السَّلاَمِ، وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ وَإِبْرَارِ الْمُقْسِمِ، وَنَهَانَا عَنْ خَوَاتِيمِ الذَّهَبِ، وَعَنِ الشُّرْبِ فِي الْفِضَّةِ - أَوْ قَالَ آنِيَةِ الْفِضَّةِ - وَعَنِ الْمَيَاثِرِ وَالْقَسِّىِّ، وَعَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ وَالإِسْتَبْرَقِ. طرفه 1239 29 - باب الشُّرْبِ فِي الأَقْدَاحِ 5636 - حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَالِمٍ أَبِى النَّضْرِ عَنْ عُمَيْرٍ مَوْلَى أُمِّ الْفَضْلِ عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ أَنَّهُمْ شَكُّوا فِي صَوْمِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ عَرَفَةَ، فَبُعِثَ إِلَيْهِ بِقَدَحٍ مِنْ لَبَنٍ فَشَرِبَهُ. طرفه 1658 ـــــــــــــــــــــــــــــ في الجنائز وبعده مرارًا. فإن قلت: الأمر للوجوب والمذكورات بعضها سنن!؟ قلت: أجابوا بأنه من جواز إطلاق اللفظ على المعنى المجازي والحقيقي، فلا إشكال عنده، ومن لم يجوِّز جعله من عموم المجاز. والحقُّ أنه لا حاجة إلى ذلك؛ لأنّ لفظ الأمر المركب من أمر يُدرك على القول المخصوص، ولا دلالة فيه على الوجوب، بل الدلالة هو ذلك المخصوص. (وتشميت العاطس) قال ابن الأثير: بالشين المعجمة والمهملة من الشوامة، وهي القوائم. كأنه دعا للعاطس بالثبات والدوام. وقيل: دعاء بزوال الشماتة (وإبرار المقسم) الإتيان بما حلف عليه و (المياثر) جمع ميثرة. وسادة السرج من الحرم (القَسِّي) بفتح القاف وتشديد السين نسبة إلى بلدة من بلاد مصر و (لبس الحرير) مطلقًا (والديباج، والإستبرق) الديباج: الرقيق منه معرّب ديباه، والإستبرق الغليظ منه معرب استبرك. 5636 - ثم روى حديث عمير مولى أم الفضل (أن الناس شَكُّوا يوم عرفة في صوم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأرسلت أم الفضل بشراب في قدح فشربه" وقد سلف الحديث في أبواب الحج.

30 - باب الشرب من قدح النبى - صلى الله عليه وسلم - وآنيته

30 - باب الشُّرْبِ مِنْ قَدَحِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَآنِيَتِهِ وَقَالَ أَبُو بُرْدَةَ قَالَ لِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ أَلاَ أَسْقِيكَ فِي قَدَحٍ شَرِبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِيهِ. 5637 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ - رضى الله عنه - قَالَ ذُكِرَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - امْرَأَةٌ مِنَ الْعَرَبِ، فَأَمَرَ أَبَا أُسَيْدٍ السَّاعِدِىَّ أَنْ يُرْسِلَ إِلَيْهَا فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا، فَقَدِمَتْ فَنَزَلَتْ فِي أُجُمِ بَنِى سَاعِدَةَ، فَخَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى جَاءَهَا فَدَخَلَ عَلَيْهَا فَإِذَا امْرَأَةٌ مُنَكِّسَةٌ رَأْسَهَا، فَلَمَّا كَلَّمَهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ. فَقَالَ «قَدْ أَعَذْتُكِ مِنِّى». فَقَالُوا لَهَا أَتَدْرِينَ مَنْ هَذَا قَالَتْ لاَ. قَالُوا هَذَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جَاءَ لِيَخْطُبَكِ. قَالَتْ كُنْتُ أَنَا أَشْقَى مِنْ ذَلِكَ. فَأَقْبَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَئِذٍ حَتَّى جَلَسَ فِي سَقِيفَةِ بَنِى سَاعِدَةَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، ثُمَّ قَالَ «اسْقِنَا يَا ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الشرب من قدح النبي - صلى الله عليه وسلم - قيل: أراد بوضع هذا الباب دفع وهم من يتوهم أن الشرب منه بعد وفاته تصرف في ملك الغير بغير إذنه. فأشار إلى أن ما تركه صدقة عامة، وهذا شيء بعيد من الوهم، والذي يظهر أنه أشار إلى دفع من يتوهم أنه لا يجوز استعمال آثاره. بل تحفظ تبركًا بها. (عبد الله بن سلام) بتخفيفه اللام وتثقيله سبق في مناقبه (أبو بردة) بضم الباء هو عامر بن أبي موسى. 5637 - (أبو غسان) بالغين المعجمة وسين مهملة مشددة (أبو حازم) سلمة بن دينار (أبا أُسيد الساعدي) بضم الهمزة مصغر مالك بن ربيعة روى عن سهل بن سعد أن امرأة ذكرت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأرسل أبا أسيد فجاؤوا بها (فنزلت في أَجُم بني ساعدة) بفتح الهمزة والجيم. قال ابن الأثير: حصن من حصونهم. وقيل: غيضه. وقد سلف هذا الحديث في أبواب الطلاق. وموضع الدلالة هنا أنه لمَّا رجع جلس في سقيفة بني ساعدة، فاستسقى سهلًا، فسقاه في قدح. فإن قلت: وضع الباب للشرب من قدح النبي. وهذا القدح كان لسهل، قلت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد شرب منه، وهو كاف في النسبة إليه شرفًا، ولذلك استوهبه عمر بن عبد العزيز.

31 - باب شرب البركة والماء المبارك

سَهْلُ». فَخَرَجْتُ لَهُمْ بِهَذَا الْقَدَحِ فَأَسْقَيْتُهُمْ فِيهِ، فَأَخْرَجَ لَنَا سَهْلٌ ذَلِكَ الْقَدَحَ فَشَرِبْنَا مِنْهُ. قَالَ ثُمَّ اسْتَوْهَبَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بَعْدَ ذَلِكَ فَوَهَبَهُ لَهُ. طرفه 5256 5638 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُدْرِكٍ قَالَ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ قَالَ رَأَيْتُ قَدَحَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَكَانَ قَدِ انْصَدَعَ فَسَلْسَلَهُ بِفِضَّةٍ قَالَ وَهْوَ قَدَحٌ جَيِّدٌ عَرِيضٌ مِنْ نُضَارٍ. قَالَ قَالَ أَنَسٌ لَقَدْ سَقَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي هَذَا الْقَدَحِ أَكْثَرَ مِنْ كَذَا وَكَذَا. قَالَ وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ إِنَّهُ كَانَ فِيهِ حَلْقَةٌ مِنْ حَدِيدٍ فَأَرَادَ أَنَسٌ أَنْ يَجْعَلَ مَكَانَهَا حَلْقَةً مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فَقَالَ لَهُ أَبُو طَلْحَةَ لاَ تُغَيِّرَنَّ شَيْئًا صَنَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَتَرَكَهُ. طرفه 3109 31 - باب شُرْبِ الْبَرَكَةِ وَالْمَاءِ الْمُبَارَكِ 5639 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ حَدَّثَنِى سَالِمُ بْنُ أَبِى الْجَعْدِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - هَذَا الْحَدِيثَ قَالَ قَدْ رَأَيْتُنِى مَعَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 5638 - (مدرك) اسم فاعل من الإدراك (أبو عوانة) بفتح العين، الوضاح (رأيت قدح النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أنس بن مالك قد انصدع) أي: أنشق (فسلسله) أي: جعل فيه سلسله (وهو قدح جيد من نضار) بضم النون والضاد المعجمة، قال ابن الأثير: خشب معروف، وقيل: هو الأثْل سكون المثلثة، وقيل: النبع، وقيل: الخلاف، قال الزركشي: قال أبو العباس: رأيت ذلك القدح بالبصرة وشربت منه، قال: وقد اشتري في ميرأث النضر بن أنس بثمانمئة ألف، وفي الحديث دلالة على أن الرغبة في آثار الصالحين محمودة لا سيما سيد الأولين والآخرين، والحديث دليل لمن أجاز اتخاد الضبة من الذهب، وقال الإمام أحمد: يجوز في اليسير من الفضة إذا لم يكن في موضع الاستعمال؛ وبه قال أبو حنيفة في الذهب والفضة قليلًا كان أو كثيرًا. باب شرب البركة والماء المبارك 5639 - روى عن جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جعل يده في القدح؛ فنبع الماء بين أصابعه، وقد سلف الحديث في أبواب الطهارة.

النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ حَضَرَتِ الْعَصْرُ وَلَيْسَ مَعَنَا مَاءٌ غَيْرَ فَضْلَةٍ فَجُعِلَ فِي إِنَاءٍ، فَأُتِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِهِ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ وَفَرَّجَ أَصَابِعَهُ ثُمَّ قَالَ «حَىَّ عَلَى أَهْلِ الْوُضُوءِ، الْبَرَكَةُ مِنَ اللَّهِ». فَلَقَدْ رَأَيْتُ الْمَاءَ يَتَفَجَّرُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ، فَتَوَضَّأَ النَّاسُ وَشَرِبُوا، فَجَعَلْتُ لاَ آلُو مَا جَعَلْتُ فِي بَطْنِى مِنْهُ، فَعَلِمْتُ أَنَّهُ بَرَكَةٌ. قُلْتُ لِجَابِرٍ كَمْ كُنْتُمْ يَوْمَئِذٍ قَالَ أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ. تَابَعَهُ عَمْرٌو عَنْ جَابِرٍ. وَقَالَ حُصَيْنٌ وَعَمْرُو بْنُ مُرَّةَ عَنْ سَالِمٍ عَنْ جَابِرٍ خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً. وَتَابَعَهُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ جَابِرٍ. طرفه 3576 ـــــــــــــــــــــــــــــ (قتيبة) بضم القاف مصغر (وليس معنا ماء غير فضلة) أي: بقية من ماء (قال: حي على أهل الوضوء) بتشديد الياء في عليّ ونصب: أهل الوضوء على النداء، أي: أقبلوا عليَّ يا أهل الوضوء، وفي رواية النسفي بتخفيف الياء في علي وإسقاط لفظ الأهل، قال شيخنا وهذا أصوب، وقال القاضي عياض: تقديره: حي على الوجوب الوضوء يا أهل الوضوء، فحذفت الأول لدلالة الثاني عليه (فجعلت لا آلو ما جعلت في بطني) أي: شرعت في شرب ذلك الماء ولا أقصر في شرب ما قدرت عليه؛ لأنه علم بركته فأكثر منها، ولا يعد ذلك شَرَها ولا سرفًا. (حصين) بضم الحاء مصغر (مرة) بضم الميم وتشديد الراء (خمس عشرة مئة) فصله دفعًا لتوهم التجوز.

75 - كتاب المرضى

75 - كتاب المرضى 1 - باب مَا جَاءَ فِي كَفَّارَةِ الْمَرَضِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ). 5640 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا مِنْ مُصِيبَةٍ تُصِيبُ الْمُسْلِمَ إِلاَّ كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا عَنْهُ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا». 5641، 5642 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الطب باب ما جاء في كفارة المريض الكفارة صيغة مبالغة من الكفر، وهو الستر، والمراد بها ما جعله الله من المرض كفارة الذنوب، من إضافة المصدر إلى الفاعل. باب قول الله عز وجل {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النساء: 123] أشار به إلى ما يصيب الإنسان من الأمراض كلها كفارة لذنوبه كما جاء صريحًا في حديث الصديق لما سئل عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن تفسير الآية. 5640 - (ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفر الله بها عنه حتى الشوكة يشاكها) يجوز في الشوكة الجر، أي: إلى الشوكة، والرفع على الابتداء وما بعدها خبرها، والنصب بتقدير: وجدو نحوه (يشاكها) على بناء المجهول متعدٍّ إلى مفعولين، وقد يتعدى إلى واحد. 5642 - (زهير) بضم الزاي مصغر (حلحلة) بحاء مهملة مكررة (يسار) ضد يمين

الْخُدْرِىِّ وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلاَ وَصَبٍ وَلاَ هَمٍّ وَلاَ حُزْنٍ وَلاَ أَذًى وَلاَ غَمٍّ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إِلاَّ كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ». 5642 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ عَنْ سَعْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَالْخَامَةِ مِنَ الزَّرْعِ تُفَيِّئُهَا الرِّيحُ مَرَّةً، وَتَعْدِلُهَا مَرَّةً، وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ كَالأَرْزَةِ لاَ تَزَالُ حَتَّى يَكُونَ انْجِعَافُهَا مَرَّةً وَاحِدَةً». وَقَالَ زَكَرِيَّاءُ حَدَّثَنِى سَعْدٌ حَدَّثَنَا ابْنُ كَعْبٍ عَنْ أَبِيهِ كَعْبٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 5644 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ قَالَ حَدَّثَنِى ـــــــــــــــــــــــــــــ (من نصب) أي: تعب (ولا وصب) قال ابن الأثير: هو المرض ويطلق على التعب قلت: يتعين هنا المرض لكونه في مقابلة النصب (ولا هم ولا حزن) فسر الجوهري الهم بالحزن، وقال غيره: الهم المرض في الباطن، وهذا ملائم لكونه مذكورًا في مقابلة الحزن (ولا غم) الغم: ما يستر القلب من السآمة والفتور (إلا كفر الله بها من خطاياه) أي: بعض خطاياه، وفي رواية مسلم عن عائشة: "إلا رفعه الله بها درجة وحطَّ عنه سيئة" وزاد الطبراني "وكتب له بها حسنة". 5643 - (مثل المؤمن كالخامة من الزرع) أي: قصته الغريبة التي هي بمنزلة الأمثال في الغرابة، والخامة بالخاء المعجمة الطاقة الغضَّة اللينة من الزرع، ووجه الشبه مضمون قوله: (تفيئها مرة وتعد لها مرة)، (ومثل المنافق كالأرزة) بفتح الهمزة وسكون الراء المهملة بعدها معجمة، قيل: هي شجرة الأرز عن شجرة معروفة، وقيل: الصنوبر، ويروى بالمد آرز، وأنكرها الأصمعي (حتى يكون انجفافها مرة) بالجيم، أي: اقتلاعها، من جعفت الشيء قلعته. 5644 - (المنذر) اسم فاعل من الإنذار (فليح). . . . ..................

أَبِى عَنْ هِلاَلِ بْنِ عَلِىٍّ مِنْ بَنِى عَامِرِ بْنِ لُؤَىٍّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ الْخَامَةِ مِنَ الزَّرْعِ مِنْ حَيْثُ أَتَتْهَا الرِّيحُ كَفَأَتْهَا، فَإِذَا اعْتَدَلَتْ تَكَفَّأُ بِالْبَلاَءِ، وَالْفَاجِرُ كَالأَرْزَةِ صَمَّاءَ مُعْتَدِلَةً حَتَّى يَقْصِمَهَا اللَّهُ إِذَا شَاءَ». طرفه 7466 5645 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى صَعْصَعَةَ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ يَسَارٍ أَبَا الْحُبَابِ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُصِبْ مِنْهُ». ـــــــــــــــــــــــــــــ بضم الفاء مصغر (المؤمن [كمثل] الخامة من الزرع من حيث أتتها الريح كفأتها) أي: قلبتها (فإذا اعتدلت تكفأ في البلاء) أي: تنكفأ بفتح التاء وحذف منه إحدى التاءين؛ أي: دائمًا. يقلب في البلء، هذا من تتمة المشبه به، ويعلم منه حال المشبه وقد جاء صريحًا في باب التوحيد، قال: "المؤمن يتكفأ بالبلاء". قال بعض الشارحين: لما شبه المؤمن بالخامة أثبت للمشبه به ما هو من خواص المشبه، وهذا فاسد؛ لأن في الاستعارة عكس ما قاله، فإنه يضاف إلى المشبه ما هو من خواص المشبه به دلالة على أنه داخل تحت اسم المشبه به فرد من أفراده الغير المتعارفة، فيعده مبالغة وعكس ذلك مسح المعنى، وإنما أوقعه كما يظهر من كلامه أنه ظن أن البلاء من خواص الإنسان، وليس كذلك (صماء) بفتح الصاد وتشديد الميم والمد. 5645 - (من يرد الله به خيرًا يصب منه) أي: من نفسه بالأمراض، ومن أولاده وأمواله، ومحصل الباب أنه لا يزال كذلك حتى يلقى الله مطهرًا من الذنوب، عكس الكافر حتى يقدم كاهل الأسباب للعذاب، عافانا الله من ذلك؛ وأعلم أن الأمور المترتبة على ما يصيب الإنسان معتدة بالصبر عليها، أما إذا لم يصبر وجزع فلا يكون إلا كفارة للذنوب من غير ثبوت أجر ولا رفع درجة، وقيل: لا كفارة أيضًا بدون الصبر.

2 - باب شدة المرض

2 - باب شِدَّةِ الْمَرَضِ 5646 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ. حَدَّثَنِى بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَشَدَّ عَلَيْهِ الْوَجَعُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. 5647 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِىِّ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - أَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فِي مَرَضِهِ وَهْوَ يُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا، وَقُلْتُ إِنَّكَ لَتُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا. قُلْتُ إِنَّ ذَاكَ بِأَنَّ لَكَ أَجْرَيْنِ. قَالَ «أَجَلْ مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى، إِلاَّ حَاتَّ اللَّهُ عَنْهُ خَطَايَاهُ، كَمَا تَحَاتُّ وَرَقُ الشَّجَرِ». أطرافه 5648، 5660، 5661، 5667 3 - باب أَشَدُّ النَّاسِ بَلاَءً الأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الأَوَّلُ فَالأَوَّلُ 5648 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِى حَمْزَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِىِّ عَنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب شدة المريض 5646 - (قبيصة) بفتح القاف وكسر الموحدة (بشر) بكسر الموحدة وشين معجمة. 5647 - (أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يوعك) على بناء المجهول، أي: وقد أصابه الوعك، قال ابن الأثير: هو الحمَّى، وقال صاحب المحكم والأزهري: الوعك ألم كل مرض (ما من مسلم يصيبه أذى إلا حات الله عنه خطاياه كما يحات ورق الشجر) يقال: حته بفتح الفوقانية قشره وأزاله، وإنما أخرجه زنه المفاعلة مبالغة. باب أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل وفي بعضها: الأول فالأول. 5648 - قوله (إنك توعك وعكًا شديدًا؟) وفي رواية أخرى "إني أوعك ما يوعك الرجلان منكم" ويعرف حال سائر الأنبياء، وقس عليه الأولياء والصالحين، فإن المحنة على

4 - باب وجوب عيادة المريض

الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ يُوعَكُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ تُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا. قَالَ «أَجَلْ إِنِّى أُوعَكُ كَمَا يُوعَكُ رَجُلاَنِ مِنْكُمْ». قُلْتُ ذَلِكَ أَنَّ لَكَ أَجْرَيْنِ قَالَ «أَجَلْ ذَلِكَ كَذَلِكَ، مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى شَوْكَةٌ فَمَا فَوْقَهَا، إِلاَّ كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا سَيِّئَاتِهِ، كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا». طرفه 5647 4 - باب وُجُوبِ عِيَادَةِ الْمَرِيضِ 5649 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَطْعِمُوا الْجَائِعَ، وَعُودُوا الْمَرِيضَ، وَفُكُّوا الْعَانِىَ». طرفه 3046 5650 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى أَشْعَثُ بْنُ سُلَيْمٍ قَالَ سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ - رضى الله عنهما - قَالَ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِسَبْعٍ، وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ، نَهَانَا عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ، وَلُبْسِ الْحَرِيرِ، وَالدِّيبَاجِ، وَالإِسْتَبْرَقِ، وَعَنِ الْقَسِّىِّ، وَالْمِيثَرَةِ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَتْبَعَ الْجَنَائِزَ، وَنَعُودَ الْمَرِيضَ، وَنُفْشِىَ السَّلاَمَ. طرفه 1239 ـــــــــــــــــــــــــــــ قدر المنحة، والشكر على قدر النعمة، والأجر على قدر المشقة. وفي رواية الترمذي "يبتلى الرجل على قدر دينه". باب وجوب عيادة المريض 5649 - حمل لفظ الأمر في قوله: (عودوا المريض) وفي قول البراء: "أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسبع" على الوجوب على ما هو الأصل في الأمر، والجمهور على أنه ندب ويحتمل أن يريد بالوجوب الندب، عبر عنه مبالغة وحثًّا عليه، وقيل: فرض كفاية (وفكوا العاني) أي: الأسير (قتيبة) بضم القاف مصغر. 5650 - (أشعث) آخره ثاء مثلثة (سليم) بضم السين مصغر، وكذا (سويد)، (مقرن) بتشديد الراء المكسورة و (القسي) -بفتح القاف وتشديد السين- نسبة إلى قس من بلاد مصر، ثياب مصنوعة من الحرير (والميثرة) -بكسر الميم والثاء المثلثة- وسادة السرج.

5 - باب عيادة المغمى عليه

5 - باب عِيَادَةِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ 5651 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - يَقُولُ مَرِضْتُ مَرَضًا، فَأَتَانِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَعُودُنِى وَأَبُو بَكْرٍ وَهُمَا مَاشِيَانِ، فَوَجَدَانِى أُغْمِىَ عَلَىَّ، فَتَوَضَّأَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ صَبَّ وَضُوءَهُ عَلَىَّ، فَأَفَقْتُ فَإِذَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ أَصْنَعُ فِي مَالِى كَيْفَ أَقْضِى فِي مَالِى فَلَمْ يُجِبْنِى بِشَىْءٍ حَتَّى نَزَلَتْ آيَةُ الْمِيرَاثِ. طرفه 194 6 - باب فَضْلِ مَنْ يُصْرَعُ مِنَ الرِّيحِ 5652 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عِمْرَانَ أَبِى بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى عَطَاءُ بْنُ أَبِى رَبَاحٍ قَالَ قَالَ لِى ابْنُ عَبَّاسٍ أَلاَ أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ قُلْتُ بَلَى. قَالَ هَذِهِ الْمَرْأَةُ السَّوْدَاءُ أَتَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ إِنِّى أُصْرَعُ، وَإِنِّى أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ لِى. قَالَ «إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ». فَقَالَتْ أَصْبِرُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب عيادة المغمى عليه 5651 - (ابن المنكدر) بكسر الدال، اسمه: محمد، روى حديث جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عاده في مرضه، لكن في استدلاله على عيادة المغمى عليه خفاء؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما ذهب إلى عيادته لم يدر أنه مغمى عليه، ألا ترى إلى قول جابر: (فوجداني قد أغمي عليَّ) اللهم إلا أن يقال: لما وجده مغمى عليه جلس عنده، وأيضًا الغرض من العيادة لا ينحصر في معرفة المريض بل الدعاء له بالعافية وتسلية الحاضرين من أهله، وفي الحديث دلالة على سنية عيادة المغمى عليه، وأن صب الماء عليه نافع له، لا سيما إذا كان بقية وضوء الصالحين. باب فضل من يصرع من الريح الصرع علة معروفة، قال ابن الأثير: المراد من الريح: الجن؛ لأنهم لا يُرَونَ، فالكلام على طريق التشبيه والاستعارة. 5652 - (عن ابن أبي رباح) بالباء الموحدة (محمد). . . . .

7 - باب فضل من ذهب بصره

فَقَالَتْ إِنِّى أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ أَنْ لاَ أَتَكَشَّفَ، فَدَعَا لَهَا. حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا مَخْلَدٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِى عَطَاءٌ أَنَّهُ رَأَى أُمَّ زُفَرَ تِلْكَ، امْرَأَةٌ طَوِيلَةٌ سَوْدَاءُ عَلَى سِتْرِ الْكَعْبَةِ. 7 - باب فَضْلِ مَنْ ذَهَبَ بَصَرُهُ 5653 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ الْهَادِ عَنْ عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّ اللَّهَ قَالَ إِذَا ابْتَلَيْتُ عَبْدِى بِحَبِيبَتَيْهِ فَصَبَرَ عَوَّضْتُهُ مِنْهُمَا الْجَنَّةَ». يُرِيدُ عَيْنَيْهِ. تَابَعَهُ أَشْعَثُ بْنُ جَابِرٍ وَأَبُو ظِلاَلٍ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 8 - باب عِيَادَةِ النِّسَاءِ الرِّجَالَ وَعَادَتْ أُمُّ الدَّرْدَاءِ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ الْمَسْجِدِ مِنَ الأَنْصَارِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ هو ابن سلام (مخلد) بفتح الميم وسكون الخاء (ابن جريج) بضم الجيم مصغر (أم زفر) بضم المعجمة بعدها فاء -هي المرأة السوداء التي تقدم ذكرها (كانت على ستر الكعبة) الظاهر أنها كانت موكلة بحفظه ورعايته، وقيل: كانت تتعلق بأستار الكعبة إذا خافت من الصرع، وموضع الدلالة قوله: (إن شئت صبرت ولك الجنة) فإن المرض الذي يكون سببًا للجنة فضله ظاهر. باب فضل من ذهب بصره 5653 - (ابن الهاد) اسمه يزيد (إن الله قال: إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه) يريد عينيه (فصبر عوضته عنهما الجنة) وإنما أطلق في الحديث لفظ الحبيبتين لعدم ذهاب الوهم إلى غيرهما، وفي رواية الإمام أحمد والبزار: "من ابتلي ببصره وصبر لقي الله ولا حساب عليه" (أشعث) آخره ثاء مثلثة (أبو ظلال) -بكسر الظاء المعجمة- هلال بن أبي هلال. باب عيادة النساء الرجال

5654 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ وُعِكَ أَبُو بَكْرٍ وَبِلاَلٌ - رضى الله عنهما - قَالَتْ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِمَا قُلْتُ يَا أَبَتِ كَيْفَ تَجِدُكَ وَيَا بِلاَلُ كَيْفَ تَجِدُكَ قَالَتْ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا أَخَذَتْهُ الْحُمَّى: يَقُولُ كُلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحٌ فِي أَهْلِهِ ... وَالْمَوْتُ أَدْنَى مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ وَكَانَ بِلاَلٌ إِذَا أَقْلَعَتْ عَنْهُ يَقُولُ: أَلاَ لَيْتَ شِعْرِى هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً ... بَوَادٍ وَحَوْلِى إِذْخِرٌ وَجَلِيلُ وَهَلْ أَرِدَنْ يَوْمًا مِيَاهَ مِجَنَّةٍ ... وَهَلْ تَبْدُوَنْ لِى شَامَةٌ وَطَفِيلُ قَالَتْ عَائِشَةُ فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ «اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا ـــــــــــــــــــــــــــــ 5654 - روى في [الباب] حديث عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما قدم المدينة (وعك أبو بكر وبلال) وقد سلف الحديث مرارًا، وموضع الدلالة عيادة عائشة بلالًا وأبا بكر. (وعادت أم الدرداء رجلًا من أهل المسجد من الأنصار) أم الدرداء اثنتان: الكبرى صحابية واسمها خيرة، ولا رواية لها، وصغرى واسمها: هجيمة بضم الهاء، تابعية هي الراوية في الأحاديث، خطبها معاوية بعد موت أبي الدرداء فأبت وقالت: أنا زوجة أبي الدرداء في الجنة إن شاء الله (وعك) أي: حُمَّ. (كل امرئ مصبح في أهله) أي: مأتي في الصباح بالموت، قاله ابن الأثير والجوهري، وقيل: يقال: أنعم صباحًا على دأب العرب كما يقولون: صباح الخير، وهذا هو الملائم للحديث لقوله: (والموت أدنى من شراك نعله) إذ لا معنى لهذا في شأن من أتاه الموت (أقلعت الحمى) بفتح الهمزة أي: زالت (إذخر وجليل) نبتان معروفان (مياه مجنة) بكسر الميم والفتح أكثر سوق من أسواق الجاهلية. (وهل تبدون لي شامة وطفيل)

9 - باب عيادة الصبيان

الْمَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ، اللَّهُمَّ وَصَحِّحْهَا، وَبَارِكْ لَنَا فِي مُدِّهَا وَصَاعِهَا، وَانْقُلْ حُمَّاهَا فَاجْعَلْهَا بِالْجُحْفَةِ». طرفه 1889 9 - باب عِيَادَةِ الصِّبْيَانِ 5655 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى عَاصِمٌ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ ابْنَةً لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَرْسَلَتْ إِلَيْهِ وَهْوَ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَسَعْدٍ وَأُبَىٍّ نَحْسِبُ أَنَّ ابْنَتِى قَدْ حُضِرَتْ فَاشْهَدْنَا فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا السَّلاَمَ وَيَقُولُ «إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ وَمَا أَعْطَى وَكُلُّ شَىْءٍ عِنْدَهُ مُسَمًّى فَلْتَحْتَسِبْ وَلْتَصْبِرْ». فَأَرْسَلَتْ تُقْسِمُ عَلَيْهِ، فَقَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَقُمْنَا، فَرُفِعَ الصَّبِىُّ فِي حَجْرِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَنَفْسُهُ تَقَعْقَعُ فَفَاضَتْ عَيْنَا النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ مَا هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «هَذِهِ رَحْمَةٌ وَضَعَهَا اللَّهُ فِي قُلُوبِ مَنْ شَاءَ مِنْ عِبَادِهِ، وَلاَ يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ إِلاَّ الرُّحَمَاءَ». طرفه 1284 ـــــــــــــــــــــــــــــ جبلان بمكة، وقيل: عينان (وانقل حماها واجعلها بالجحفة) -بضم الجيم وسكون الحاء- قرية على مراحل من المدينة كان بها اليهود، والمراد بالنقل صرفها إليها، قيل: خربت تلك القرية، وإلى الآن من بات بها يحم، وقيل: من ضرب من عينها يحم، والاعتراض في حديث عائشة، والجواب في أن عائشة عيادتها كان قبل الحجاب ساقط؛ لأن العائدة يجوز أن تكون مستترة. باب عيادة الصبيان 5655 - (حجاج بن منهال) بفتح الحاء وكسر الميم (أبا عثمان النهدي) (أن بنتًا للنبي - صلى الله عليه وسلم - أرسلت إليه) اتفقوا على أنها زينب. فإن قلت: سلف في أبواب الجنائز بلفظ الابن، وهنا قالت: إن ابنتي حُضرت على بناء المجهول أي: حضرها الموت؟ قلت: أجاب ابن بطال بأن ذلك من عدم ضبط الرواة، قلت: الظاهر تعدد الواقعة لما روى الإمام أحمد قال: "إن أمامة بنت زينب أتى بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تقعقع" هذا والحق أن لفظ ابنتي سهو من الكتاب، والصواب ابني ألا ترى

10 - باب عيادة الأعراب

10 - باب عِيَادَةِ الأَعْرَابِ 5656 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُخْتَارٍ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَلَى أَعْرَابِىٍّ يَعُودُهُ - قَالَ - وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا دَخَلَ عَلَى مَرِيضٍ يَعُودُهُ فَقَالَ لَهُ «لاَ بَأْسَ طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ». قَالَ قُلْتَ طَهُورٌ، كَلاَّ بَلْ هِىَ حُمَّى تَفُورُ - أَوْ تَثُورُ - عَلَى شَيْخٍ كَبِيرٍ، تُزِيرُهُ الْقُبُورَ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «فَنَعَمْ إِذًا». طرفه 3616 11 - باب عِيَادَةِ الْمُشْرِكِ 5657 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ إلى آخر الحديث: (فرفع الصبي إلى حجر النبي - صلى الله عليه وسلم -) وأيضًا أمامة التي في رواية أحمد عاشت وتزوجها الإمام علي بن أبي طالب. (فقال له سعد: ما هذا يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟) يشير إلى بكائه، استبعد منه ظنًّا أنه لا يليق الجزع به، فأجاب أنه ليس من ذلك بل (رحمة وضعها الله في قلب من شاء من عباده). باب عيادة الأعراب سكان البوادي، جمع لا واحد له. 5656 - (معلى بن أسد) بضم الميم وتشديد اللام (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل على مريض يعوده قال له: لا بأس، طهور إن شاء الله) فيه تفاؤل وتسلية للمريض، وعلَّقه بالمشيئة؛ إذ لا علم له بالعاقبة، والطهور صفة مبالغة، يريد تطهره من الذنوب، فلما دخل على الأعرابي وقال ذلك رد من غاية جهله وشقاوته (حمى تفور أو تثور) الشك من الراوي، من فوران القدر، أو من ثوران الغبار (فَنَعَم إذًا) إخبار بموته معجزة له. وروى معمر عن زيد بن أسلم أن الأعرابي مات في ذلك المرض، وكذا رواه الطبراني، وفي الحديث دلالة على استحباب عيادة أهل الفضل للجهال ليناله ببركته ويذكره بما ينفعه. باب عيادة المشرك 5657 - (حرب) ضد الصلح (حماد).

12 - باب إذا عاد مريضا فحضرت الصلاة فصلى بهم جماعة

- رضى الله عنه - أَنَّ غُلاَمًا لِيَهُودَ كَانَ يَخْدُمُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَمَرِضَ. فَأَتَاهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَعُودُهُ فَقَالَ «أَسْلِمْ». فَأَسْلَمَ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ لَمَّا حُضِرَ أَبُو طَالِبٍ جَاءَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 1356 12 - باب إِذَا عَادَ مَرِيضًا فَحَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَصَلَّى بِهِمْ جَمَاعَةً 5658 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَلَيْهِ نَاسٌ يَعُودُونَهُ فِي مَرَضِهِ فَصَلَّى بِهِمْ جَالِسًا فَجَعَلُوا يُصَلُّونَ قِيَامًا، فَأَشَارَ إِلَيْهِمِ اجْلِسُوا، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ «إِنَّ الإِمَامَ لَيُؤْتَمُّ بِهِ، فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا، وَإِنْ صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ الْحُمَيْدِىُّ هَذَا الْحَدِيثُ مَنْسُوخٌ لأَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - آخِرَ مَا صَلَّى صَلَّى قَاعِدًا وَالنَّاسُ خَلْفَهُ قِيَامٌ. طرفه 688 ـــــــــــــــــــــــــــــ بفتح الحاء وتشديد الميم (أن غلامًا ليهود كان يخدم النبي - صلى الله عليه وسلم - مرض، فأتاه النبي - صلى الله عليه وسلم - يعوده فقال له: أسلم فأسلم) فهم بعض الشارحين من لفظ الغلام أنه عبد لليهود، فقال: طوبى له وتبًّا لسادته وأنشد في ذلك شعرًا، وهذا غلط فاحش، فإنه تقدم في أبواب الجنائز أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما قال له: أسلم فنظر إلى أبيه فقال له أبوه: "أطع أبا القاسم" وحديث سعيد بن المسيب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عاد أبا طالب سلف مسندًا في كتاب الجنائز. فإن قلت: الباب في عيادة المشرك واليهود ليسوا مشركين؟ قلت: لا شرك فوق أن قالوا: عزير ابن الله، وأما ذكر أهل الكتاب في مقابلة المشركين فلامتيازهم بالكتاب فلا منافاة، ولو سُلِّم كان إيراده للمناسبة الظاهرة. ثم قال: باب إذا عاد مريضًا 5658 - وحديث عائشة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرض فعاد أصحابه، فصلى بهم جالسًا وهم جلوس أيضًا قد سلف في أبواب الصلاة، وأشرنا إلى أنه منسوخ بأنه صلى في مرضه الذي انتقل فيه إلى جوار الله جالسًا، والناس قيام.

13 - باب وضع اليد على المريض

13 - باب وَضْعِ الْيَدِ عَلَى الْمَرِيضِ 5659 - حَدَّثَنَا الْمَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا الْجُعَيْدُ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ أَنَّ أَبَاهَا قَالَ تَشَكَّيْتُ بِمَكَّةَ شَكْوًا شَدِيدًا، فَجَاءَنِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَعُودُنِى، فَقُلْتُ يَا نَبِىَّ اللَّهِ إِنِّى أَتْرُكُ مَالاً وَإِنِّى لَمْ أَتْرُكْ إِلاَّ ابْنَةً وَاحِدَةً، فَأُوصِى بِثُلُثَىْ مَالِى وَأَتْرُكُ الثُّلُثَ فَقَالَ «لاَ». قُلْتُ فَأُوصِى بِالنِّصْفِ وَأَتْرُكُ النِّصْفَ قَالَ «لاَ». قُلْتُ فَأُوصِى بِالثُّلُثِ وَأَتْرُكُ لَهَا الثُّلُثَيْنِ قَالَ «الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ». ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ، ثُمَّ مَسَحَ يَدَهُ عَلَى وَجْهِى وَبَطْنِى ثُمَّ قَالَ «اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْدًا وَأَتْمِمْ لَهُ هِجْرَتَهُ». فَمَا زِلْتُ أَجِدُ بَرْدَهُ عَلَى كَبِدِى فِيمَا يُخَالُ إِلَىَّ حَتَّى السَّاعَةِ. طرفه 56 5660 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِىِّ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ يُوعَكُ فَمَسِسْتُهُ بِيَدِى فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ تُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَجَلْ إِنِّى أُوعَكُ كَمَا يُوعَكُ رَجُلاَنِ مِنْكُمْ». فَقُلْتُ ذَلِكَ أَنَّ لَكَ أَجْرَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب وضع اليد على المريض 5659 - روى في الباب [حديث] سعد بن أبي وقاص حين مرض في حجة الوداع، وقد سلف حديثه هناك، وفي أبواب الوصية، وموضع الدلالة هنا: أنه لما عاده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (وضع يده على جبهته) ففيه دلالة على استحباب ذلك، والحكمة فيه: طيبة خاطر المريض بذلك والإشعار بالتوكل على الله في عدم العدوى والطيرة (وإني لم أترك إلا ابنة واحدة) أي: من أصحاب الفروض (اللهم اشف سعدًا وأتم له هجرته) بأن لا يموت بمكة، فإنهم كانوا يكرهون [الموت] برارٍ فارقوها لله تعالى. 5660 - (قتيبة) بضم القاف مصغر، وكذا (سويد)، (وهو يوعك) أي: يحم. هذا الحديث [رواه] ابن مسعود، وقد تقدم آنفًا في باب: الأنبياء أشد بلاء، وموضع الدلالة هنا قوله: (فمسسته) فلو لم يكن وضع اليد على المريض مستحبًا لمنعه منه.

14 - باب ما يقال للمريض وما يجيب

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَجَلْ». ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى مَرَضٌ فَمَا سِوَاهُ إِلاَّ حَطَّ اللَّهُ لَهُ سَيِّئَاتِهِ كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا». طرفه 5647 14 - باب مَا يُقَالُ لِلْمَرِيضِ وَمَا يُجِيبُ 5661 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِىِّ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ أَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فِي مَرَضِهِ فَمَسِسْتُهُ وَهْوَ يُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا فَقُلْتُ إِنَّكَ لَتُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا، وَذَلِكَ أَنَّ لَكَ أَجْرَيْنِ. قَالَ «أَجَلْ، وَمَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى إِلاَّ حَاتَّتْ عَنْهُ خَطَايَاهُ كَمَا تَحَاتُّ وَرَقُ الشَّجَرِ». طرفه 5647 5662 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ خَالِدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَلَى رَجُلٍ يَعُودُهُ فَقَالَ «لاَ بَأْسَ طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ». فَقَالَ كَلاَّ بَلْ حُمَّى تَفُورُ عَلَى شَيْخٍ كَبِيرٍ كَيْمَا تُزِيرَهُ الْقُبُورَ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «فَنَعَمْ إِذًا». طرفه 3616 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ما يقال للمريض وما يجيب 5661 - (قَبيصة) بفتح القاف وكسر الموحدة (سويد) بضم السين مصغر، روى في الباب حديث ابن مسعود في دخوله على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يوعك وقد تقدم في الباب قبله، وموضع الدلالة قوله: (ذلك أن لك أجرين) وجوابه له بقوله: (أجل ما من مسلم يصيبه أذى إلا حاتت عنه خطاياه كما تحات ورق الشجر) بفتح التاء الأولى، وضم الثانية مضارع تحات على وزن تباعد، باب المفاعلة والتفاعل هنا لازمان يقال: حات الورق إذا تناثر. 5662 - ثم روى حديث الأعرابي، وما قال له وما أجاب به، وكلاهما تقدم في باب عيادة الأعراب. وفيه دلالة على استحباب التنفيس عن المريض كما صرح به في الأحاديث، ويستحب للمريض أيضًا الجواب الحسن ما يدل على حسن الرجاء، وفي رواية ابن ماجه عن عمر بن الخطاب مرفوعًا: "إذا دخلت على مريض فمره يدع لك فإن دعاء المريض كدعاء الملائكة".

15 - باب عيادة المريض راكبا وماشيا وردفا على الحمار

15 - باب عِيَادَةِ الْمَرِيضِ رَاكِبًا وَمَاشِيًا وَرِدْفًا عَلَى الْحِمَارِ 5663 - حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - رَكِبَ عَلَى حِمَارٍ عَلَى إِكَافٍ عَلَى قَطِيفَةٍ فَدَكِيَّةٍ، وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ وَرَاءَهُ يَعُودُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ فَسَارَ حَتَّى مَرَّ بِمَجْلِسٍ فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ ابْنُ سَلُولَ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ عَبْدُ اللَّهِ، وَفِى الْمَجْلِسِ أَخْلاَطٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الأَوْثَانِ وَالْيَهُودِ، وَفِى الْمَجْلِسِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، فَلَمَّا غَشِيَتِ الْمَجْلِسَ عَجَاجَةُ الدَّابَّةِ خَمَّرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ أَنْفَهُ بِرِدَائِهِ، قَالَ لاَ تُغَيِّرُوا عَلَيْنَا فَسَلَّمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَوَقَفَ وَنَزَلَ فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ فَقَرَأَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ يَا أَيُّهَا الْمَرْءُ إِنَّهُ لاَ أَحْسَنَ مِمَّا تَقُولُ إِنْ كَانَ حَقًّا، فَلاَ تُؤْذِنَا بِهِ فِي مَجْلِسِنَا، وَارْجِعْ إِلَى رَحْلِكَ فَمَنْ جَاءَكَ فَاقْصُصْ عَلَيْهِ. قَالَ ابْنُ رَوَاحَةَ بَلَى يَا ـــــــــــــــــــــــــــــ باب عيادة المريض راكبًا وماشيًا 5663 - (عقيل) بضم الميم مصغر، روى في الباب حديث عيادة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سعد بن عبادة على حمار (وأردف أسامة) ابن زيد، وقد سلف حديثه في المناقب، وموضع الدلالة على الترجمة ركوبه فيدل على أن الركوب في العيادة جائز، هذا ونشير إلى بعض ألفاظه: (على إكاف) بكسر الهمزة، وكذا الوكاف للحمار كالسرج للفرس. (عن قطيفة فَدَكِيّةِ) بدل من على إكاف بدل الاشتمال، وفَدَك قرية من أعمال المدينة (مر بمجلس فيه عبد الله بن أبي بن سلول) بتنوين أبي، وإثبات الألف في ابن بعده؛ لأنه ليس وصفًا لأبي بل لعبد الله، لأن سلول ابن عبد الله، كما أن أبيًّا أبوه لعن الله الأصل والفرع (وفي المجلس أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان والبهود)، (غشيت المجلس عجاجة الدابة) -بفتح العين- الغبار المرتفع (خمّر عبد الله أنفه) بتشديد الميم أي: ستر (أيها المرء) يخاطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (لا أحسن مما تقول إن كان حقًّا) كان شاكًّا في حقيقته لأنه كان مشركًا، أو كان يعلم حقيقته ولكن كان جاحدًا، ولا يجوز تعلقه بقوله: (فلا تؤذنا به إذ لا يقول عاقل: إن كان قولك حقًّا فلا تؤذناه (وارجع إلى رحلك) أي:

رَسُولَ اللَّهِ فَاغْشَنَا بِهِ فِي مَجَالِسِنَا فَإِنَّا نُحِبُّ ذَلِكَ فَاسْتَبَّ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَالْيَهُودُ حَتَّى كَادُوا يَتَثَاوَرُونَ فَلَمْ يَزَلِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى سَكَتُوا فَرَكِبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - دَابَّتَهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فَقَالَ لَهُ «أَىْ سَعْدُ أَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالَ أَبُو حُبَابٍ». يُرِيدُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَىٍّ. قَالَ سَعْدٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْفُ عَنْهُ وَاصْفَحْ فَلَقَدْ أَعْطَاكَ اللَّهُ مَا أَعْطَاكَ وَلَقَدِ اجْتَمَعَ أَهْلُ هَذِهِ الْبَحْرَةِ أَنْ يُتَوِّجُوهُ فَيُعَصِّبُوهُ فَلَمَّا رَدَّ ذَلِكَ بِالْحَقِّ الَّذِى أَعْطَاكَ شَرِقَ بِذَلِكَ، فَذَلِكَ الَّذِى فَعَلَ بِهِ مَا رَأَيْتَ. طرفه 2987 5664 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدٍ - هُوَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ - عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ جَاءَنِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَعُودُنِى لَيْسَ بِرَاكِبِ بَغْلٍ وَلاَ بِرْذَوْنٍ. طرفه 194 ـــــــــــــــــــــــــــــ منزلك (فاستب المسلمون والمشركون واليهود حتى كادوا يتثاورون) بالثاء المثلثة، أي: يقوم بعضهم إلى بعض، ويروي: "يتساورون" بالسين والمعنى واحد (فلم يزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُخَفّضهم حتى سكتوا) بضم التاء والخاء المعجمة وتشديد الفاء. (أبو حُباب) -بضم الحاء- كنية ذلك المنافق، كناه بهذه الكنية لكمال حلمه، ولأنه كان من رهط سعد بن عبادة من الخزرج، وفي المثل: إكرام الكلب لمالكه (ولقد اجتمع أهل هذه البحيرة) مصغر بحرة وهي البلدة (أن يُتَوِّجُوه) أي: يجعلوا له تاجًا (فيعصّبوه) يجوز أن يكون تفسيرًا ليتوجوه، وأن يكون معناه ليعصبوه أمور الناس بأن يكون عليهم، (فلما رد ذلك بما أعطاك الله شرق بذلك) بفتح الشين وكسر الراء وفتح القاف، يقال: شرق بريقه إذا غص به فلم يقدر على إساغته. 5664 - (محمد بن المنكدر) بكسر الدال (برذون) -بكسر الباء وسكون الراء وفتح الذال المعجمة- الفرس الذي لا يكون عربيًّا.

16 - باب قول المريض إنى وجع، أو وارأساه، أو اشتد بى الوجع وقول أيوب عليه السلام (أنى مسنى الضر وأنت أرحم الراحمين)

16 - باب قَوْلِ الْمَرِيضِ إِنِّى وَجِعٌ، أَوْ وَارَأْسَاهْ، أَوِ اشْتَدَّ بِى الْوَجَعُ وَقَوْلِ أَيُّوبَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ (أَنِّى مَسَّنِىَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) 5665 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ أَبِى نَجِيحٍ وَأَيُّوبَ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ - رضى الله عنه. مَرَّ بِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا أُوقِدُ تَحْتَ الْقِدْرِ فَقَالَ «أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّ رَأْسِكَ». قُلْتُ نَعَمْ. فَدَعَا الْحَلاَّقَ فَحَلَقَهُ ثُمَّ أَمَرَنِى بِالْفِدَاءِ. طرفه 1814 5666 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَبُو زَكَرِيَّاءَ أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ وَارَأْسَاهْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «ذَاكِ لَوْ كَانَ وَأَنَا حَىٌّ، فَأَسْتَغْفِرُ لَكِ وَأَدْعُو لَكِ». فَقَالَتْ عَائِشَةُ وَاثُكْلِيَاهْ، وَاللَّهِ إِنِّى لأَظُنُّكَ تُحِبُّ مَوْتِى، وَلَوْ كَانَ ذَاكَ لَظَلِلْتَ آخِرَ يَوْمِكَ مُعَرِّسًا بِبَعْضِ أَزْوَاجِكَ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «بَلْ أَنَا وَارَأْسَاهْ لَقَدْ هَمَمْتُ أَوْ أَرَدْتُ أَنْ أُرْسِلَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قول المريض إني وجِع، أو وارأساه يريد أن مثل هذه الألفاظ لا تكون شكاية مذمومة، واستدل عليه بقول أيوب: {أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ} [الأنبياء: 83]) وبقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (وارأساه). 5665 - (قَبيصة) بفتح القاف وكسر الموحدة (ابن أبي نجيح) -بفتح النون وكسر الجيم- عبد الله (عجرة) بضم العين وسكون الجيم (هوام رأسك) -بتشديد الميم جمع هامة- ما يدب من ذوات السموم، والمراد: القمل، سلف حديثه في الحديبية مع شرحه. 5666 - (عن القاسم بن محمد قالت عائشة: وارأساه) الحديث على هذا مرسل، فلو قال: قالت عائشة قلت: وارأساه يخرج عن الإرسال (فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ذاك لو كان وأنا حي) يريد لو كان موتك في حياتي. (فقالت عائشة: واثكلياه) بضم الثاء مصغر ثكل، وهاء الندبة، وهي فقد المرأة ولدها، ولم ترد ذلك، بل لازمه وهو التوجع. (لو كان ذلك) أي: موتي (لظللت آخر يومك) تريد يوم موتها (مُعَرِّسًا ببعض أزواجك) بضم الميم وتخفيف الراء من أعرس أي: بنى بامرأته أو غشيها، وهذا هو المراد (بل أنا وارأساه) كان هذا ابتداء

إِلَى أَبِى بَكْرٍ وَابْنِهِ، وَأَعْهَدَ أَنْ يَقُولَ الْقَائِلُونَ أَوْ يَتَمَنَّى الْمُتَمَنُّونَ، ثُمَّ قُلْتُ يَأْبَى اللَّهُ وَيَدْفَعُ الْمُؤْمِنُونَ، أَوْ يَدْفَعُ اللَّهُ وَيَأْبَى الْمُؤْمِنُونَ». طرفه 7217 5667 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِىِّ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ يُوعَكُ فَمَسِسْتُهُ فَقُلْتُ إِنَّكَ لَتُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا. قَالَ «أَجَلْ كَمَا يُوعَكُ رَجُلاَنِ مِنْكُمْ». قَالَ لَكَ أَجْرَانِ قَالَ «نَعَمْ مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى مَرَضٌ فَمَا سِوَاهُ إِلاَّ حَطَّ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِ كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا». طرفه 5647 5668 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى سَلَمَةَ أَخْبَرَنَا الزُّهْرِىُّ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ جَاءَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَعُودُنِى مِنْ وَجَعٍ اشْتَدَّ بِى زَمَنَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَقُلْتُ بَلَغَ بِى مَا تَرَى وَأَنَا ذُو مَالٍ وَلاَ يَرِثُنِى إِلاَّ ابْنَةٌ لِى أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَىْ مَالِى قَالَ «لاَ». قُلْتُ بِالشَّطْرِ قَالَ «لاَ». قُلْتُ الثُّلُثُ قَالَ «الثُّلُثُ كَثِيرٌ، أَنْ تَدَعَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ وَلَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِى بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلاَّ أُجِرْتَ عَلَيْهَا حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فِي امْرَأَتِكَ». طرفه 56 ـــــــــــــــــــــــــــــ المرض الذي انتقل منه إلى جوار الله ومحل كرامته، وكان أول كلامه مداعبة وآخره جدًّا (يأبى الله ويدفع المؤمنون) أي: لإخلافه أبي بكر وكان كذلك، ولو نص صريحًا لم يكن في ذلك عظم شأن الصديق كما لا يخفى، وأما ما يقال: إنما لم يكتب الكتاب بذلك لينال المؤمنون الأجر لسعيهم في خلافته، فلا يخفى بعده عن هذا السياق. 5667 - 5668 - ثم روى حديث ابن مسعود أنه دخل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يوعك، وحديث سعد بن أبي وقاص حين دخل عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو مريض، وقد تقدم آنفًا (سويد) بضم السين مصغر. (يتكففون) يسألون الناس بأكفهم (عالة) فقراء.

17 - باب قول المريض قوموا عنى

17 - باب قَوْلِ الْمَرِيضِ قُومُوا عَنِّى 5669 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ مَعْمَرٍ وَحَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا حُضِرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَفِى الْبَيْتِ رِجَالٌ فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «هَلُمَّ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لاَ تَضِلُّوا بَعْدَهُ». فَقَالَ عُمَرُ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ غَلَبَ عَلَيْهِ الْوَجَعُ وَعِنْدَكُمُ الْقُرْآنُ، حَسْبُنَا كِتَابُ اللَّهِ فَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْبَيْتِ فَاخْتَصَمُوا، مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ قَرِّبُوا يَكْتُبْ لَكُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ مَا قَالَ عُمَرُ فَلَمَّا أَكْثَرُوا اللَّغْوَ وَالاِخْتِلاَفَ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «قُومُوا». قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ إِنَّ الرَّزِيَّةَ كُلَّ الرَّزِيَّةِ مَا حَالَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَبَيْنَ أَنْ يَكْتُبَ لَهُمْ ذَلِكَ الْكِتَابَ مِنِ اخْتِلاَفِهِمْ وَلَغَطِهِمْ. طرفه 114 18 - باب مَنْ ذَهَبَ بِالصَّبِىِّ الْمَرِيضِ لِيُدْعَى لَهُ 5670 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنَا حَاتِمٌ - هُوَ ابْنُ إِسْمَاعِيلَ - عَنِ الْجُعَيْدِ قَالَ سَمِعْتُ السَّائِبَ يَقُولُ ذَهَبَتْ بِى خَالَتِى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ ابْنَ أُخْتِى وَجِعٌ فَمَسَحَ رَأْسِى وَدَعَا لِى بِالْبَرَكَةِ، ثُمَّ تَوَضَّأَ فَشَرِبْتُ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قول المريض: قوموا عني 5669 - (معمر) بفتح الميمين وسكون العين (هلم أكتب لكم كتابًا) هذه لغة أهل الحجاز تطلق على المفرد والجمع، وبها ورد في التنزيل (لا تضلوا) جزم على الجواب (إن الرزية كل الرزية) بتقديم الراء المهملة على وزن الوصية، أصله النقص كما تقدم في حديث صاحبة المزادتين "ما رزأنا من ماءك شيئًا" والثاني تأكيد الأول بوضع المظهر موضع المضمر، والخبر قوله: (ما حال) إلى آخره ويؤخذ منه أن العائد يجب أن لا يقول شيئًا ينزعج له المريض، وأن لا يجلس كثيرًا، وقد عدوا من آدابه عشرة أشياء تقدم الإشارة إلى أكثرها في الأبواب السابقة.

19 - باب تمنى المريض الموت

وَضُوئِهِ وَقُمْتُ خَلْفَ ظَهْرِهِ فَنَظَرْتُ إِلَى خَاتَمِ النُّبُوَّةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ مِثْلَ زِرِّ الْحَجَلَةِ. طرفه 190 19 - باب تَمَنِّى الْمَرِيضِ الْمَوْتَ 5671 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِىُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ مِنْ ضُرٍّ أَصَابَهُ، فَإِنْ كَانَ لاَ بُدَّ فَاعِلاً فَلْيَقُلِ اللَّهُمَّ أَحْيِنِى مَا كَانَتِ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِى، وَتَوَفَّنِى إِذَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِى». طرفاه 6351، 7233 5672 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِى خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِى حَازِمٍ قَالَ دَخَلْنَا عَلَى خَبَّابٍ نَعُودُهُ وَقَدِ اكْتَوَى سَبْعَ كَيَّاتٍ فَقَالَ إِنَّ أَصْحَابَنَا الَّذِينَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب تمني المريض الموت 5671 - (البناني) بضم الباء [نسبة] إلى بنانة قبيلة بيمن (لا يتمنين أحدكم الموت) عند الكبر (من ضر أصابه) اتفقوا على أنه يريد الضر في أمر الدنيا، وأما الضر في الدين فقد طلب الموت عنده كثير منهم البخاري كما أشرنا إليه في صدر الكتاب، ودعاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "فإذا أردت فتنة في قوم فتوفني غير مفتون" صريح في ذلك، وقد صرح بعلة النهي في الحديث، يقال: استعتبت فلانًا استرضيته من العتبى وهو الرضى. 5672 - (أبي حازم) بالحاء المهملة (خباب) بفتح الخاء المعجمة وتشديد الموحدة (وقد اكتوى سبع كيات). فإن قلت: قد جاء النهي عن الكي في أحاديث؟ قلت: قالوا: المنهي الكي من غير حاجة كما يفعله بعض الشطار، والحق أن النهي للتنزيه، وعند عدم الضرورة فإنه عذاب بالنار، وأما إذا لم يقم مقام الكي شيء آخر، فلا بأس به كما في المثل: آخر الدواء الكي، وقد كوى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سعدًا.

سَلَفُوا مَضَوْا وَلَمْ تَنْقُصْهُمُ الدُّنْيَا وَإِنَّا أَصَبْنَا مَا لاَ نَجِدُ لَهُ مَوْضِعًا إِلاَّ التُّرَابَ وَلَوْلاَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَانَا أَنْ نَدْعُوَ بِالْمَوْتِ لَدَعَوْتُ بِهِ، ثُمَّ أَتَيْنَاهُ مَرَّةً أُخْرَى وَهْوَ يَبْنِى حَائِطًا لَهُ فَقَالَ إِنَّ الْمُسْلِمَ لَيُوجَرُ فِي كُلِّ شَىْءٍ يُنْفِقُهُ إِلاَّ فِي شَىْءٍ يَجْعَلُهُ فِي هَذَا التُّرَابِ. أطرافه 6349، 6350، 6430، 6431، 7234 5673 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو عُبَيْدٍ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لَنْ يُدْخِلَ أَحَدًا عَمَلُهُ الْجَنَّةَ». قَالُوا وَلاَ أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «لاَ، وَلاَ أَنَا إِلاَّ أَنْ يَتَغَمَّدَنِى اللَّهُ بِفَضْلٍ وَرَحْمَةٍ فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَلاَ يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ إِمَّا مُحْسِنًا فَلَعَلَّهُ أَنْ يَزْدَادَ خَيْرًا، وَإِمَّا مُسِيئًا فَلَعَلَّهُ أَنْ يَسْتَعْتِبَ». طرفه 39 5674 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ (المسلم يؤجر في كل شيء إلا ما يجعله في هذا التراب) هذا محمول على الزائد على قدر الحاجة، وإلا فهو الإنفاق على العيال فيه أجر عظيم. 5673 - (لن يدخل أحدًا عمله الجنة). فإن قلت: قد قال الله تعالى: {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (72)} [الزخرف: 72] وكم لها نظائر؟ قلت: أجاب بعضهم بأن الباء ليست للسببية بل للإلصاق والمصاحبة وليس بشيء؛ لأن مساق الآيات دال على السببية، وأجاب بعضهم بأن أصل دخول الجنة تفضل الله، والدرجات بالأعمال، وهذا أيضًا خلاف الظاهر؛ لأن قوله: {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [النحل: 32] يدل على أن نفس الدخول بالعمل، ولذلك لم يدخلها الكفار، والصواب أن المراد السببية العادية بأن جعل الله العمل سببًا، وإن كان السبب الحقيقي هو إرادة الله تعالى وفضله رحمته، لأن العبد المملوك لا يستحق على مولاه في مقابلة عمله أجر (فسددوا) أي: استقيموا (وقاربوا) أي: في العمل لا إفراط ولا تفريط في العمل. 5674 - (أبو أسامة) بضم الهمزة (عباد). . . . . .

20 - باب دعاء العائد للمريض

عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ سَمِعْتُ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ مُسْتَنِدٌ إِلَىَّ يَقُولُ «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى وَارْحَمْنِى وَأَلْحِقْنِى بِالرَّفِيقِ الأَعْلَى». طرفه 4440 20 - باب دُعَاءِ الْعَائِدِ لِلْمَرِيضِ وَقَالَتْ عَائِشَةُ بِنْتُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهَا «اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْدًا». قَالَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. 5675 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا أَتَى مَرِيضًا - أَوْ أُتِىَ بِهِ - قَالَ «أَذْهِبِ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ، اشْفِ وَأَنْتَ الشَّافِى لاَ شِفَاءَ إِلاَّ شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَمًا». قَالَ عَمْرُو بْنُ أَبِى قَيْسٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَأَبِى الضُّحَى إِذَا أُتِىَ بِالْمَرِيضِ، وَقَالَ جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى الضُّحَى وَحْدَهُ، وَقَالَ إِذَا أَتَى مَرِيضًا. أطرافه 5743، 5744، 5750 ـــــــــــــــــــــــــــــ بفتح العين وتشديد الباء (الرفيق الأعلى) يريد الأنبياء والملأ الأعلى من الملائكة، وقد تقدم أنه يطلق على المفرد والجمع. فإن قلت: هذا تمني الموت الذي نهى عنه؟ قلت: ليس هذا من ذاك، فإن هذا بعد أن خير بين الدنيا وبين ما عند الله. فإن قلت: قد تمنى يوسف الصديق الموت في قوله: {تَوَفَّنِي مُسْلِمًا} [يوسف: 101]، وكذا سليمان في قوله: {وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} [النمل: 19]؟ قلت: لم يتمن ولكن سأل حسن العافية كما يقول أحدنا: اللهم أمتني على الإيمان، وتحقيقه: أن الأمر لا يدل على الفور. باب دعاء العائد للمريض 5675 - (أبو عوانة) -بفتح العين- الوضاح (أذهب الباس) بهمزة القطع، والبأس المرض، أصله شدة الاحتياج (اشف) بهمزة الوصل (أنت الشافي) حقيقة، فإن الدواء سبب ظاهري، ولذلك أكده بقوله: (لا شفاء إلا شفاؤك، شفاءً لا يغادر سقمًا) أي: لا يترك، والسقم بفتح السين والقاف، هو الرواية، وفي معناه ضم السين وسكون القاف (طهمان) بفتح الطاء وسكون الهاء (أبو الضحى) مسلم بن صبيح، وفي الحديث دلالة على استحباب الدعاء للمريض.

21 - باب وضوء العائد للمريض

21 - باب وُضُوءِ الْعَائِدِ لِلْمَرِيضِ 5676 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ دَخَلَ عَلَىَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا مَرِيضٌ فَتَوَضَّأَ فَصَبَّ عَلَىَّ أَوْ قَالَ صُبُّوا عَلَيْهِ فَعَقَلْتُ فَقُلْتُ لاَ يَرِثُنِى إِلاَّ كَلاَلَةٌ، فَكَيْفَ الْمِيرَاثُ فَنَزَلَتْ آيَةُ الْفَرَائِضِ. طرفه 194 22 - باب مَنْ دَعَا بِرَفْعِ الْوَبَاءِ وَالْحُمَّى 5677 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا قَالَتْ لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وُعِكَ أَبُو بَكْرٍ وَبِلاَلٌ قَالَتْ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِمَا فَقُلْتُ يَا أَبَتِ كَيْفَ تَجِدُكَ وَيَا بِلاَلُ كَيْفَ تَجِدُكَ قَالَتْ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا أَخَذَتْهُ الْحُمَّى يَقُولُ: كُلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحٌ فِي أَهْلِهِ ... وَالْمَوْتُ أَدْنَى مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: المرض طهور للذنوب، موجب لرفع الدرجات، فأي وجه لدعائه بزواله؟ قلت: القيام بالطاعات وسائر الحقوق أعظم من ذلك، كيف وقد أرشد الله عباده إلى ذلك بقوله: {وَاعْفُ عَنَّا} [البقرة: 286]. 5676 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (المنكدر) بكسر الدال، روى حديث جابر أنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ وصب عليه من وضوئه وكان قد أغمي عليه فأفاق وقد سلف قريبًا، وفيه دلالة على أنه آثار الصالحين يستشفى يها لا سيما فضل الوضوء منهم. باب الدعاء برفع الوباء والحمى الوباء يالمد والقصر: كل مرض عام بالطاعون، يقال: أوبأت الأرض وبئت فهي وبيئة وموبوءة. 5677 - روى في الباب حديث عائشة أنهم لما قدموا المدينة (وعك أبو بكر وبلال) أي: أصابهما الوعك وهو الحمى، وقد سلف قريبًا مع شرحه (يرفع عقيرته) أي: صوته، وأصله: أن رجلًا قطعت إحدى رجليه، فكان يرفعها فوق الصحيحة ويصيح، فاتسع فيه فقيل لكل من صاح من ألم: رفع عقيرته، هنا آخر باب المرض عافانا الله وسائر المسلمين.

وَكَانَ بِلاَلٌ إِذَا أُقْلِعَ عَنْهُ يَرْفَعُ عَقِيرَتَهُ فَيَقُولُ: أَلاَ لَيْتَ شِعْرِى هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً ... بِوَادٍ وَحَوْلِى إِذْخِرٌ وَجَلِيلُ وَهَلْ أَرِدَنْ يَوْمًا مِيَاهَ مِجَنَّةٍ ... وَهَلْ تَبْدُوَنْ لِى شَامَةٌ وَطَفِيلُ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ «اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ وَصَحِّحْهَا وَبَارِكْ لَنَا فِي صَاعِهَا وَمُدِّهَا وَانْقُلْ حُمَّاهَا فَاجْعَلْهَا بِالْجُحْفَةِ». طرفه 1889

76 - كتاب الطب

76 - كتاب الطب 1 - باب مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إِلاَّ أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً 5678 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِىُّ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِى حُسَيْنٍ قَالَ حَدَّثَنِى عَطَاءُ بْنُ أَبِى رَبَاحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إِلاَّ أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً». 2 - باب هَلْ يُدَاوِى الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ أَوِ الْمَرْأَةُ الرَّجُلَ 5679 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ عَنْ خَالِدِ بْنِ ذَكْوَانَ عَنْ رُبَيِّعَ بِنْتِ مُعَوِّذٍ ابْنِ عَفْرَاءَ قَالَتْ كُنَّا نَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَسْقِى الْقَوْمَ، وَنَخْدُمُهُمْ، وَنَرُدُّ الْقَتْلَى وَالْجَرْحَى إِلَى الْمَدِينَةِ. طرفه 2882 ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الطب والأدوية الطب لغة: الحذقة، وعرفًا: علم يبحث فيه عن أحوال بدن الإنسان من حيث الصحة والمرض. 5678 - (ما أنزل الله من داء إلا أنزل له شفاء) إلا مرض الموت مستثنى منه. فإن قلت: كم من مرض غير مرض الموت لا يزول بالدواء؟ قلت: ذلك لمانع من عدم نضج المادة، أو عدم مساعدة المصل وأمثال ذلك. باب هل يداوي الرجل المرأة؟ والمرأة الرجل؟ 5679 - (قتيبة) بضم القاف مصغر (بشر بن المفضل) بكسر الموحدة والشين المعجمة، والمفضل بفتح الضاد المشددة (رُبَيِّع) بضم الراء وفتح الموحدة وتشديد الياء المثناة مصغر ربيع (معوذ) بتشديد الواو المكسورة (عفراء) بفتح العين والمد كنا نغزو مع النبي - صلى الله عليه وسلم - نسقي القوم) ذكر أحد شقي الترجمة للدلالة على الشق الآخر، وهو خدمة الرجال للنساء في باب

3 - باب الشفاء فى ثلاث

3 - باب الشِّفَاءُ فِي ثَلاَثٍ 5680 - حَدَّثَنِى الْحُسَيْنُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ شُجَاعٍ حَدَّثَنَا سَالِمٌ الأَفْطَسُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ «الشِّفَاءُ فِي ثَلاَثَةٍ شَرْبَةِ عَسَلٍ، وَشَرْطَةِ مِحْجَمٍ، وَكَيَّةِ نَارٍ، وَأَنْهَى أُمَّتِى عَنِ الْكَىِّ». رَفَعَ الْحَدِيثَ وَرَوَاهُ الْقُمِّىُّ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْعَسَلِ وَالْحَجْمِ. طرفه 5681 5681 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ أَخْبَرَنَا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ أَبُو الْحَارِثِ ـــــــــــــــــــــــــــــ الأولى، لكن هذا إنما يكون في المحارم، وفي الأجانب للضرورة، وهذا هو الظاهر من سياق الحديث، أو في العجائز. فإن قلت: ليس في الحديث ذكر التداوي؟ قلت: أشار إلى ما هو دأبه إلى ما تقدم في الجهاد: كنا نداوي الجرحى ونرد القتلى، أو اكتفى بالخدمة فإنه أعم من التداوي. باب: الشفاء في ثلاث 5680 - 5681 - (منيع) بفتح الميم وكسر النون (عن ابن عباس قال: الشفاء في ثلاثة: شربة عسل، وشرطة محجم، وكية نار). فإن قلت: هذا التركيب يفيد الحصر كقولهم: الكرم في العرب، وكم ذكر في الحديث غير هذه الثلاثة كالحبة السوداء؟ قلت: الحصر في مثله ادعائي، إشارة إلى رسوخ هذه الأشياء في ذلك كقولهم: الكرم في العرب. فإن قلت: إذا كان الكي أحد أسباب الشفاء، فكيف نهى عن شيء فيه الشفاء؟ قلت: نهى عن المبادرة إليه؛ لأنه عذاب النار فلا يصار إلا ضرورة، وقيل: إنما نهى عنه لأنهم يلجؤون إليه قبل حصول المرض، لكن قولهم في الأمثال آخر الدواء الكي ينافيه، اللهم إلا أن يكون هذا المثل حادثًا (رفع الحديث) إنما قال هذا لأن في الإسناد لم يرفعه (القمي) بفتح القاف وتشديد الميم نسبة إلى بلد من بلاد العجم، واسمه يعقوب بن عبد الله. (في الحجم والعسل) أي: ليس في روايته ذكر الكي (سُريج) بضم السين.

4 - باب الدواء بالعسل

حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ شُجَاعٍ عَنْ سَالِمٍ الأَفْطَسِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الشِّفَاءُ فِي ثَلاَثَةٍ شَرْطَةِ مِحْجَمٍ، أَوْ شَرْبَةِ عَسَلٍ، أَوْ كَيَّةٍ بِنَارٍ، وَأَنْهَى أُمَّتِى عَنِ الْكَىِّ». طرفه 5680 4 - باب الدَّوَاءِ بِالْعَسَلِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ). 5682 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ أَخْبَرَنِى هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُعْجِبُهُ الْحَلْوَاءُ وَالْعَسَلُ. طرفه 4912 5683 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْغَسِيلِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنْ كَانَ فِي شَىْءٍ مِنْ أَدْوِيَتِكُمْ - أَوْ يَكُونُ فِي شَىْءٍ مِنْ أَدْوِيَتِكُمْ - خَيْرٌ فَفِى شَرْطَةِ مِحْجَمٍ، أَوْ شَرْبَةِ عَسَلٍ، أَوْ لَذْعَةٍ بِنَارٍ تُوَافِقُ الدَّاءَ، وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَكْتَوِىَ». أطرافه 5697، 5702، 5704 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الدواء بالعسل 5682 - استدل عليه بقوله تعالى: {شِفَاءٌ لِلنَّاسِ} [النحل: 69]). وبحديث عائشة (كان رسول الله يعجبه الحلواء والعسل). فإن قلت: أي دلالة فيه دواء؟ قلت: الطب قسمان: قسم يتعلق بحفظ الصحة، وقسم يتعلق بإزالة المرض، وهذا يدل على القسم الأول، والأحسن أن يقال بإطلاقه ليشمل حالة المرض. 5683 - (أبو نعيم) بضم النون مصغر (ابن الغسيل) هو حنظلة بن الراهب، غسلته الملائكة يوم أحد لما قتل؛ لأنه كان به جنابة (إن كان في شيء من أدويتكم خير ففي شرطة محجم أو شربة عسل أو لذعة نار) -بالذال المعجمة وعين مهملة- الكي بالنار. فإن قلت: بنى الكلام على الاحتمال هنا؛ وجزم به في الأول؟ قلت: قاله أولًا

5 - باب الدواء بألبان الإبل

5684 - حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِى الْمُتَوَكِّلِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَخِى يَشْتَكِى بَطْنَهُ. فَقَالَ «اسْقِهِ عَسَلاً». ثُمَّ أَتَى الثَّانِيَةَ فَقَالَ «اسْقِهِ عَسَلاً». ثُمَّ أَتَاهُ فَقَالَ فَعَلْتُ. فَقَالَ «صَدَقَ اللَّهُ، وَكَذَبَ بَطْنُ أَخِيكَ، اسْقِهِ عَسَلاً». فَسَقَاهُ فَبَرَأَ. طرفه 5716 5 - باب الدَّوَاءِ بِأَلْبَانِ الإِبِلِ 5685 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا سَلاَّمُ بْنُ مِسْكِينٍ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ نَاسًا كَانَ بِهِمْ سَقَمٌ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ آوِنَا وَأَطْعِمْنَا فَلَمَّا صَحُّوا قَالُوا: ـــــــــــــــــــــــــــــ اجتهادًا، ثم علمه وحيًا، يوافق الداء، قيد حسن يرفع الإشكال بأن عدم حصوله الشفاء لعدم الموافقة كما أشرنا إليه من عدم نضج المادة وغيره من الموانع. 5684 - (عن أبي المتوكل) هو الناجي، واسمه: علي (إن أخي يشتكي بطنه) أي: به الاستطلاق، أمره بأن يسقيه عسلًا، قال النووي: اعترض بعض الملاحدة بأن العسل مسهل، فكيف يوافق من به الإسهال؟ قال: والجواب أن الإسهال إذا كان من الهيضة يسقى العسل لإخراج المادة، وأنا أقول: لا حاجة إلى القيد بالهيضة، بل كل إسهال يسقى فيه، وأيضًا لم يدل دليل أنه كانت هيضة، بل الظاهر يرده، فإن الهيضة سريعة الزوال لإخراج المادة إذ لو سقي القابض لحبس المادة الفاسدة ولفسد البدن، على أنه يحتمل أن يكون مخصوصًا بذلك الرجل، يؤيده قوله: (صدق [الله] وكذب بطن أخيك) قال (بن الأثير: الكذب من خواص القول، وإنما أسنده إلى البطن لمشاكلة الصدق، فإنهما من باب واحد. باب الدواء بأبوال الإبل 5685 - روى في الباب حديث العرنيين، وقد سلف في أبواب الطهارة، وأشرنا إلى أنه منسوخ، وإلى ذلك أشار ابن سيرين في آخر الحديث (كان ذلك قبل أن تنزل الحدود)، (اجتووا المدينة) بالجيم أي: استوخموها (كان بهم سقم) بفتح السين والقاف، وبضم السين

6 - باب الدواء بأبوال الإبل

إِنَّ الْمَدِينَةَ وَخِمَةٌ. فَأَنْزَلَهُمُ الْحَرَّةَ فِي ذَوْدٍ لَهُ فَقَالَ «اشْرَبُوا أَلْبَانَهَا». فَلَمَّا صَحُّوا قَتَلُوا رَاعِىَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَاسْتَاقُوا ذَوْدَهُ، فَبَعَثَ فِي آثَارِهِمْ، فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ، وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ، فَرَأَيْتُ الرَّجُلَ مِنْهُمْ يَكْدُمُ الأَرْضَ بِلِسَانِهِ حَتَّى يَمُوتَ. قَالَ سَلاَّمٌ فَبَلَغَنِى أَنَّ الْحَجَّاجَ قَالَ لأَنَسٍ حَدِّثْنِى بِأَشَدِّ عُقُوبَةٍ عَاقَبَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَحَدَّثَهُ بِهَذَا. فَبَلَغَ الْحَسَنَ فَقَالَ وَدِدْتُ أَنَّهُ لَمْ يُحَدِّثْهُ. طرفه 233 6 - باب الدَّوَاءِ بِأَبْوَالِ الإِبِلِ 5686 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ نَاسًا اجْتَوَوْا فِي الْمَدِينَةِ فَأَمَرَهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَلْحَقُوا بِرَاعِيهِ - يَعْنِى الإِبِلَ - فَيَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا، فَلَحِقُوا بِرَاعِيهِ فَشَرِبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا، حَتَّى صَلَحَتْ أَبْدَانُهُمْ فَقَتَلُوا الرَّاعِىَ وَسَاقُوا الإِبِلَ، فَبَلَغَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَبَعَثَ فِي طَلَبِهِمْ، فَجِئَ بِهِمْ فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ، وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ. قَالَ قَتَادَةُ فَحَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ الْحُدُودُ. طرفه 233 ـــــــــــــــــــــــــــــ وسكون القاف (أنزلهم في الحرة) أرض ذات حجارة سود، والمراد: حرة المدينة (في ذود) بدل اشتمال من الحرة، والذود ما بين الثلاثة إلى العشرة من الإبل خاصة، والظاهر أنه من إطلاق المقيد على المطلق (فرأيت الرجل منهم يكدم الأرض بلسانه) أي: يعض من شدة العطش. أصل الكدم العض بأطراف الأسنان (قال سلام) بن مسكين النمري، روى عنه أن الحجاج سأل أنسًا عن أشد عقوبة عاقب بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره بحديث العرنيين (فبلغ الحسن فقال: وددت أنه لم يخبره) وذلك أن الحجاج كان ظالمًا مفرطًا، فيجعل الحديث وسيلة في أباطيله مع أن الحديث منسوخ؛ لأنه كان قبل شرع الحدود، وقيل: لأنَّهم كانوا مرتدين فلا نسخ، إلا أن قتلهم على ذلك الوجه كان قبل النهي عن المثلة، وهذه فائدة جليلة، على أن الواعظ لا يقول في مجلس الفساق ما يدل على سعة رحمة الله.

7 - باب الحبة السوداء

7 - باب الْحَبَّةِ السَّوْدَاءِ 5687 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ خَرَجْنَا وَمَعَنَا غَالِبُ بْنُ أَبْجَرَ فَمَرِضَ فِي الطَّرِيقِ، فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ وَهْوَ مَرِيضٌ، فَعَادَهُ ابْنُ أَبِى عَتِيقٍ فَقَالَ لَنَا عَلَيْكُمْ بِهَذِهِ الْحُبَيْبَةِ السَّوْدَاءِ، فَخُذُوا مِنْهَا خَمْسًا أَوْ سَبْعًا فَاسْحَقُوهَا، ثُمَّ اقْطُرُوهَا فِي أَنْفِهِ بِقَطَرَاتِ زَيْتٍ فِي هَذَا الْجَانِبِ وَفِى هَذَا الْجَانِبِ، فَإِنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْنِى أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّ هَذِهِ الْحَبَّةَ السَّوْدَاءَ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ إِلاَّ مِنَ السَّامِ». قُلْتُ وَمَا السَّامُ قَالَ الْمَوْتُ. 5688 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الحبة السوداء هي: الشونيز، بالحركات الثلاث في الشين أشهرها الضم. 5687 - 5688 - (شيبة) بفتح الشين وسكون المثناة (أبجر) بفتح الهمزة وسكون الباء بعدها جيم (ابن أبي عتيق) عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق (عليكم بهذه الحبة السوداء فخذوا منها خمسًا أو سبعًا فاسحقوها ثم أقطروها) بهمزة القطع (في أنفه بقطرات زيت) هذا شيء لم يروه مسندًا، ربما كان من تقدير كما يقدر الأطباء مقادير الأدوية في الأمراض، أو يكون رواية غايتهُ: أنه إذا لم يرفع الحديث، ويؤيد هذا ما رواه الإسماعيلي مرفوعًا عن عائشة: "الحبة السوداء شفاء من كل داء, واقطروا عليها شيئًا من الزيت" قال الخطابي والموفق البغدادي: قوله: "شفاء من كل داء" لا بد وأن يراد به الخصوص، إذ ليس يجتمع في طبع واحد جميع القوى. هذا كلامهما، وهو باطل من وجهين: الأول: أن الأدوية أسباب ظاهرة، والشفاء بخلق الله كما أشار إليه في دعائه: "لا شفاء إلا شفاؤك" على أن الأطباء مطبقون على أن الدواء قد يكون تأثيره بالخاصية كالسقمونيا في إسهال الصفراء.

8 - باب التلبينة للمريض

أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُمَا أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «فِي الْحَبَّةِ السَّوْدَاءِ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ إِلاَّ السَّامَ». قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَالسَّامُ الْمَوْتُ، وَالْحَبَّةُ السَّوْدَاءُ الشُّونِيزُ. 8 - باب التَّلْبِينَةِ لِلْمَرِيضِ 5689 - حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا كَانَتْ تَأْمُرُ بِالتَّلْبِينِ لِلْمَرِيضِ وَلِلْمَحْزُونِ عَلَى الْهَالِكِ، وَكَانَتْ تَقُولُ إِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّ التَّلْبِينَةَ تُجِمُّ فُؤَادَ الْمَرِيضِ، وَتَذْهَبُ بِبَعْضِ الْحُزْنِ». طرفه 5417 5690 - حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِى الْمَغْرَاءِ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَأْمُرُ بِالتَّلْبِينَةِ وَتَقُولُ هُوَ الْبَغِيضُ النَّافِعُ. طرفه 5417 ـــــــــــــــــــــــــــــ الثاني: أن لو كان هناك شيء آخر لاستثناه كما استثنى الموت، وإلا لم يصح الحصر. باب التلبينة للمريض بفتح التاء وسكون اللام: طعام من الدقيق أو النخالة، ويجعل فيه العسل، قيل: لبياض لونه، قيل له التلبينة. 5689 - (وتجم فؤاد المريض) بفتح التاء وتشديد الجيم، وفي رواية "تجمة لفؤاد المريض، أي: سبب لجمامه وهو الراحة. 5690 - (فروة) بفتح الفاء (أبي المغراء) بفتح الميم والغين المعجمة والمد (مسهر) بكسر الميم وسكون السين (البغيض النافع) أرادت أن المريض لا يشتهيه بل يكرهه، ولكن نافع في نفس الأمر، وكذا أكثر الأدوية على خلاف طباع المريض كثير منهم لا يقبله رأسًا، ويرضى بأن يكون مريضًا ولا يتناوله. رواه أحمد وابن ماجه مرفوعًا, وزاد النسائي: "والذي نفس محمد بيده إنها لتغسل بطن أحدكم كما يغسل أحدكم الوسخ عن وجهه".

9 - باب السعوط

9 - باب السَّعُوطِ 5691 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - احْتَجَمَ وَأَعْطَى الْحَجَّامَ أَجْرَهُ وَاسْتَعَطَ. طرفه 1835 10 - باب السَّعُوطِ بِالْقُسْطِ الْهِنْدِىِّ الْبَحْرِىِّ وَهُوَ الْكُسْتُ مِثْلُ الْكَافُورِ، وَالْقَافُورِ مِثْلُ كُشِطَتْ وَقُشِطَتْ نُزِعَتْ، وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ قُشِطَتْ. 5692 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِىَّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أُمِّ قَيْسٍ بِنْتِ مِحْصَنٍ قَالَتْ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «عَلَيْكُمْ بِهَذَا الْعُودِ الْهِنْدِىِّ، فَإِنَّ فِيهِ سَبْعَةَ أَشْفِيَةٍ. يُسْتَعَطُ بِهِ مِنَ الْعُذْرَةِ، وَيُلَدُّ بِهِ مِنْ ذَاتِ الْجَنْبِ». أطرافه 5713، 5715، 5718 ـــــــــــــــــــــــــــــ 5691 - (معلى بن أسد) بضم الميم وسكون السين (وهيب) بضم الواو مصغر (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - احتجم وأعطى الحجام) الظاهر أنه لم يكن هناك إجارة شرعية سوى أنه يفضل عليه بشيء في مقابلة عمله، فأطلق عليه الأجر تسامًحا (واستعط) أي: استعمل السُّعوط -بضم السين- وهو دواء يجعل في الأنف. باب السعوط بالقسط الهندي القسط -بضم القاف- عقار معروف، ويقال أيضًا بالكاف بدلًا عن القاف (وقرأ عبد الله) بن مسعود (قشطت) مكان {كُشِطَتْ} [التكوير: 10]. 5692 - (صدقة بن الفضل) أخت الزكاة (عن أم قيس بنت محصن) بكسر الميم، من المهاجرات الأول الخيرات، اسمها كنيتها لم ينقل أحد غيره (عليكم بهذا العود الهندي فإن فيه سبعة أشفية: يُسْتَعْطَ به من العُذرة) الإسعاط ذكرنا أنه جعل الدواء في الأنف، قبل: وكيفيته أن يستلقي على قفاه ويجعل بين كتفيه ما يدفعهما ليدخل إلى دماغه، والعذرة بضم العين وسكون الذال المعجمة وجع في الحلق يهيج من الدم، وقيل: قرحة تخرج بين الخرم الذي بين الأنف والحلق (ويلد به من ذات الجنب) اللدود بفتح اللام ودال مهملة هو الدواء

11 - باب أى ساعة يحتجم

5693 - وَدَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِابْنٍ لِى لَمْ يَأْكُلِ الطَّعَامَ فَبَالَ عَلَيْهِ، فَدَعَا بِمَاءٍ فَرَشَّ عَلَيْهِ. طرفه 223 11 - باب أَىَّ سَاعَةٍ يَحْتَجِمُ وَاحْتَجَمَ أَبُو مُوسَى لَيْلاً. 5694 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ احْتَجَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ صَائِمٌ. طرفه 1835 12 - باب الْحَجْمِ فِي السَّفَرِ وَالإِحْرَامِ قَالَهُ ابْنُ بُحَيْنَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. ـــــــــــــــــــــــــــــ الذي يجعل في أحد شقي الفم، مشتق من اللديد وهو الجانب، قال سفيان: أخبر باثنين ولم يبين خمسة، وعبارة بعضهم تدل على أن عدم البيان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنه قال: ترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الباقية بناء على شهرتها عندهم، وقيل: المراد بالسبعة الكثرة؛ لأن فوائد القسط أكثر، ويؤيد هذا الوجه اختصاره على الإثنين. باب أية ساعة يحتجم (واحتجم أبو موسى ليلًا). 5694 - وروى في الباب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (احتجم وهو صائم) فقد دل الليل والصوم على أن ليس له وقت معين بل بحسب الحاجة، وكذا في الباب بعده من ذكر السفر والإحرام يدل على الإطلاق من غير توقيت فيه، وكرهه مالك للصائم، وحديث: "أفطر الحاجم والمحجوم" تقدم الجواب عنه في أبواب الصوم، أما الأيام ففي رواية ابن ماجه مرفوعًا: "احتجموا على بركة الله يوم الخميس والإثنين، واجتنبوا الأربعاء والجمعة والسبت" وفي رواية أبي داود: "يوم الثلاثاء يوم الدم وفيه ساعة لا يرقأ فيه الدم" (قاله ابن بحينة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -) روى هذا التعليق عنه البخاري بعد هذا مسندًا في الحجامة على الرأس، وإذا جاز للمحرم والمسافر، ففي الغير من باب الأولى.

13 - باب الحجامة من الداء

5695 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ طَاوُسٍ وَعَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ احْتَجَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ مُحْرِمٌ. طرفه 1835 13 - باب الْحِجَامَةِ مِنَ الدَّاءِ 5696 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ أَجْرِ الْحَجَّامِ فَقَالَ احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَجَمَهُ أَبُو طَيْبَةَ، وَأَعْطَاهُ صَاعَيْنِ مِنْ طَعَامٍ، وَكَلَّمَ مَوَالِيَهُ فَخَفَّفُوا عَنْهُ، وَقَالَ «إِنَّ أَمْثَلَ مَا تَدَاوَيْتُمْ بِهِ الْحِجَامَةُ وَالْقُسْطُ الْبَحْرِىُّ». وَقَالَ «لاَ تُعَذِّبُوا صِبْيَانَكُمْ بِالْغَمْزِ مِنَ الْعُذْرَةِ، وَعَلَيْكُمْ بِالْقُسْطِ». طرفه 2102 5697 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ تَلِيدٍ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرٌو وَغَيْرُهُ أَنَّ بُكَيْرًا حَدَّثَهُ أَنَّ عَاصِمَ بْنَ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الحجامة من الداء 5696 - (محمد بن مقاتل) بكسر التاء (حميد) بضم الحاء مصغر. روى حديث أبي طيبة مولى بني بياضة، واسمه نافع حجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأعطاه صاعين من طعام، أي: برّ، كان عرفهم، وفيه دلالة على حل أخذ الأجرة على فعل الحجامة، وقد أشرنا آنفًا إلى أن هذه لم تكن إجازة شرعية بالإيجاب والقبول، غايته أنه تفضل عليه كما هو شأنه من الإحسان، وزاد أن سأل مواليه فخففوا خراجه، كل هذا من محاسن الأخلاق، إلا أنه يدل على جواز أخذ الأجر عليه. فإن قلت: ليس في حديثه أنه احتجم من داء كما وضع الترجمة، بل كان الواجب رواية حديث ابن عباس بعده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - احتجم من شقيقة كانت به؟ قلت: قد أشرنا أن دأب البخاري رواية الحديث الذي فيه خفاء. وقوله في حديث الباب: (إن أمثل ما تداويتم به الحجامة) دل على أنه احتجم للتداوي دلالة ظاهرة لقرينة المقال، وهذا في الشبان محمول على ظاهره، وأما في الشيوخ فمحمول على ما إذا لم يقم مقامه غيره لما روى الطبري عن ابن سيرين: "إذا بلغ الرجل أربعين لم يحتجم". 5697 - (تليد) بفتح التاء على وزن كريم. (وهيب) بضم الواو مصغر، وكذا (بكير)،

14 - باب الحجامة على الرأس

عنهما - عَادَ الْمُقَنَّعَ ثُمَّ قَالَ لاَ أَبْرَحُ حَتَّى تَحْتَجِمَ فَإِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّ فِيهِ شِفَاءً». طرفه 5683 14 - باب الْحِجَامَةِ عَلَى الرَّأْسِ 5698 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ عَنْ عَلْقَمَةَ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجَ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ ابْنَ بُحَيْنَةَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - احْتَجَمَ بِلَحْىِ جَمَلٍ مِنْ طَرِيقِ مَكَّةَ، وَهْوَ مُحْرِمٌ، فِي وَسَطِ رَأْسِهِ. طرفه 1836 5699 - وَقَالَ الأَنْصَارِىُّ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - احْتَجَمَ فِي رَأْسِهِ. طرفه 1835 15 - باب الْحَجْمِ مِنَ الشَّقِيقَةِ وَالصُّدَاعِ 5700 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنْ هِشَامٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ احْتَجَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي رَأْسِهِ وَهْوَ مُحْرِمٌ مِنْ وَجَعٍ كَانَ بِهِ بِمَاءٍ يُقَالُ لَهُ لَحْىُ جَمَلٍ. طرفه 1835 5701 - وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ (أن جابرًا عاد المقنع) -بفتح القاف وتشديد الون المفتوحة- ابن سينا تابعي معروف. باب الحجامة على الرأس 5699 - (عبد الله بن بحينة) بضم الباء مصغر اسم أمه، وأبوه مالك (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - احتجم بلَحيي جمل) بفتح اللام اسم موضع بين مكة والمدينة، وقيل: اسم ماء كذا رواه البخاري عن ابن عباس فيما بعد (وقال الأنصاري) هو محمد بن عبد الله من ذرية أنس بن مالك. باب الحجامة من الشقيقة والصداع 5701 - الشقيقة بفتح الشين، قال ابن الأثير: وجع يعرض في مقدم الرأس إلى أحد جانبيه، فعلى هذا عطف الصداع عليه من عطف العام على الخاص، وقول ابن عباس عن

16 - باب الحلق من الأذى

رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - احْتَجَمَ وَهْوَ مُحْرِمٌ فِي رَأْسِهِ مِنْ شَقِيقَةٍ كَانَتْ بِهِ. طرفه 1835 5702 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْغَسِيلِ قَالَ حَدَّثَنِى عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنْ كَانَ فِي شَىْءٍ مِنْ أَدْوِيَتِكُمْ خَيْرٌ فَفِى شَرْبَةِ عَسَلٍ أَوْ شَرْطَةِ مِحْجَمٍ أَوْ لَذْعَةٍ مِنْ نَارٍ، وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَكْتَوِىَ». طرفه 5683 16 - باب الْحَلْقِ مِنَ الأَذَى 5703 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ سَمِعْتُ مُجَاهِدًا عَنِ ابْنِ أَبِى لَيْلَى عَنْ كَعْبٍ هُوَ ابْنُ عُجْرَةَ قَالَ أَتَى عَلَىَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَأَنَا أُوقِدُ تَحْتَ بُرْمَةٍ، وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَنْ رَأْسِى فَقَالَ «أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّكَ». قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «فَاحْلِقْ وَصُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةً، أَوِ انْسُكْ نَسِيكَةً». قَالَ أَيُّوبُ لاَ أَدْرِى بِأَيَّتِهِنَّ بَدَأَ. طرفه 1814 ـــــــــــــــــــــــــــــ شقيقة كانت به صريح فيما قاله ابن الأثير، وقيل: اسم الموضع, ولا يرافق هذا ترجمة البخاري من الشقيقة إذ لو كان كذلك لكان الواجب ذكر في دون من. 5702 - (ابن الغسيل) عبد الرحمن بن سليمان بن حنظلة بن الراهب غسيل الملائكة قتل بأحد (أو لذعة من النار) -بفتح اللام وذال معجمة وعين مهملة- الكي. باب الحلق من الأذى 5703 - (مسدد) بضم الميم وفتح الدال المشددة (عن ابن أبي ليلى) عبد الرحمن (عن كعب بن عجوة) روى حديثه بالحديبية, وقد سلف هناك. فإن قلت: قال هناك: "حملت إلى النبي", وقال هنا (أتى عليّ النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا أرقد تحت القدر)؟ قلت: رآه أولًا كذلك، ثم حمل إليه لما اشتد به الأذى (النسيكة) على وزن الذبيحة ومعناها.

17 - باب من اكتوى أو كوى غيره، وفضل من لم يكتو

17 - باب مَنِ اكْتَوَى أَوْ كَوَى غَيْرَهُ، وَفَضْلِ مَنْ لَمْ يَكْتَوِ 5704 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الْغَسِيلِ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرًا عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنْ كَانَ فِي شَىْءٍ مِنْ أَدْوِيَتِكُمْ شِفَاءٌ فَفِى شَرْطَةِ مِحْجَمٍ أَوْ لَذْعَةٍ بِنَارٍ، وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَكْتَوِىَ». طرفه 5683 5705 - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ عَنْ عَامِرٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ - رضى الله عنهما - قَالَ لاَ رُقْيَةَ إِلاَّ مِنْ عَيْنٍ أَوْ حُمَةٍ. فَذَكَرْتُهُ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فَقَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «عُرِضَتْ عَلَىَّ الأُمَمُ، فَجَعَلَ النَّبِىُّ وَالنَّبِيَّانِ يَمُرُّونَ مَعَهُمُ الرَّهْطُ، وَالنَّبِىُّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ، حَتَّى رُفِعَ لِى سَوَادٌ عَظِيمٌ، قُلْتُ مَا هَذَا أُمَّتِى هَذِهِ قِيلَ هَذَا مُوسَى وَقَوْمُهُ. قِيلَ انْظُرْ إِلَى الأُفُقِ. فَإِذَا سَوَادٌ يَمْلأُ الأُفُقَ، ثُمَّ قِيلَ لِى انْظُرْ هَا هُنَا وَهَا هُنَا فِي آفَاقِ السَّمَاءِ فَإِذَا سَوَادٌ قَدْ مَلأَ الأُفُقَ قِيلَ هَذِهِ أُمَّتُكَ وَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ هَؤُلاَءِ سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ، ثُمَّ دَخَلَ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُمْ فَأَفَاضَ الْقَوْمُ وَقَالُوا نَحْنُ الَّذِينَ آمَنَّا بِاللَّهِ، وَاتَّبَعْنَا رَسُولَهُ، فَنَحْنُ هُمْ أَوْ أَوْلاَدُنَا الَّذِينَ وُلِدُوا فِي الإِسْلاَمِ فَإِنَّا وُلِدْنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ. فَبَلَغَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَخَرَجَ فَقَالَ هُمُ الَّذِينَ لاَ يَسْتَرْقُونَ، وَلاَ يَتَطَيَّرُونَ، وَلاَ يَكْتَوُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ». ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من اكتوى أو كوى غيره 5704 - روى حديث جابر (إن كان في شيء من أدويتكم شفاء ففي شرطة محجم) -بضم الشين وكسر الميم- آلة الحجام. 5705 - (ميسرة) ضد الميمنة (ابن فضيل) بضم الفاء مصغر (عمران بن حصين) بضم الحاء مصغر (لا رقية إلا من عين) أي: من إصابة عين، دل على أن الإصابة بالعين وتأثيرها بإذن الله، وفي رواية الترمذي: "لو سابق القدر شيء سبقته العين" (أو حمة) بضم الحاء وتخفيف الميم، والتاء فيه عوض الواو أو الياء. قاله صاحب "المطالع" (هم الذين لا يسترقون، ولا يتطيرون ولا يكتوون وعلى ربهم يتوكلون).

18 - باب الإثمد والكحل من الرمد

فَقَالَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ أَمِنْهُمْ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «نَعَمْ». فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ أَمِنْهُمْ أَنَا قَالَ «سَبَقَكَ عُكَّاشَةُ». طرفه 3410 18 - باب الإِثْمِدِ وَالْكُحْلِ مِنَ الرَّمَدِ فِيهِ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ. 5706 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِى حُمَيْدُ بْنُ نَافِعٍ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: السعي في إزالة الأمراض لا ينافي التوكل، كيف وقد فعله سيد المتوكلين - صلى الله عليه وسلم -؟ قلت: التوكل له مراتب، والذي فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - محمول على بيان الجواز، وقد أمر بالرقية كما رواه البخاري عن عائشة وأم سلمة. قال بعض الشارحين: فإن قلت: كوى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سعد بن معاذ وهو أول من يدخل الجنة. قلت: غرضهم أنهم لا يعتقدون الشفاء من الكي على ما كان اعتقاد الكفار. وهذا كلام باطل، لأن غرضهم تفضيل هؤلاء على الذين يباشرون الأسباب، ولا يمكن أن يكون مسلم معتقدًا أن الشفاء من الكي، وفي قوله: أول من يدخل الجنة سعد بن معاذ رجم بالغيب؛ لأن سعدًا من العشرة المبشرة، إلا أن أوليته لم يرد بها نص. ثم قال: فإن قلت: كل المؤمنين كذلك؛ لأنهم يتركون أعمال أهل الجاهلية ويعتقدون عقائد الإسلام. قلت: ليس هذا إلا للكاملين منهم. تأمل كيف ناقض آخر كلامه أوله. فإن قلت: ترجم الباب على أن من اكتوى أو كوى غيره، وليس في الباب ذكر شيء منهما؟ قلت: أما الاكتواء فقد دل على جوازه حديث المتوكلين، وإذا جاز أن يكتوي لنفسه جاز أن يكوي غيره، وأشار إلى حديث سعد حين كواه. (عكاشة) بضم العين وتشديد الكاف وتخفيفه، و (محصن) بكسر الميم (فقام آخر) قيل: هو سعد بن عبادة. باب الإثمد والكحل من الرمد الإثمد -بكسر الهمزة- حجر معروف، وعطف الكحل عليه من عطف العام على الخاص. 5706 - روى حديث المعتدة التي اشتكت عينها، وقد سلف في أبواب الطلاق

19 - باب الجذام

زَيْنَبَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ امْرَأَةً تُوُفِّىَ زَوْجُهَا فَاشْتَكَتْ عَيْنَهَا، فَذَكَرُوهَا لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَذَكَرُوا لَهُ الْكُحْلَ، وَأَنَّهُ يُخَافُ عَلَى عَيْنِهَا، فَقَالَ «لَقَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ تَمْكُثُ فِي بَيْتِهَا فِي شَرِّ أَحْلاَسِهَا - أَوْ فِي أَحْلاَسِهَا فِي شَرِّ بَيْتِهَا - فَإِذَا مَرَّ كَلْبٌ رَمَتْ بَعْرَةً، فَلاَ، أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا». طرفه 5336 19 - باب الْجُذَامِ 5707 - وَقَالَ عَفَّانُ حَدَّثَنَا سَلِيمُ بْنُ حَيَّانَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ عَدْوَى وَلاَ طِيَرَةَ وَلاَ هَامَةَ وَلاَ صَفَرَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ (في شر أحلاسها) بفتح الهمزة جمع حَلس -بفتح الحاء- كساء يجعل تحت القتب (فلا أربعة أشهر) بتقدير الاستفهام الإنكاري، أو جواب السائلة أي: ولا يجوز، ونصب أربعة أشهر بفعل مقدر أي: لتتربص أربعة أشهر، ويجوز في (اشتكت عينها) الرفع والنصب. فإن قلت: ليس في الحديث ذكر الإثمد؟ قلت: لفظ الكحل شامل له، والأولى أنه أشار إليه على عادته، ولم يكن الحديث على شرطه، وقد روأه ابن حبان والترمذي: "خير أكحالكم الإثمد يجلو البصر وينبت الشعر". باب الجذام 5707 - بضم الجيم وذال معجمة: داء معروف عافانا الله منه (سليم بن حيان) بضم السين مصغر وفتح الحاء وتشديد الياء المثناة تحت (ميناء) بكسر الميم والمد (لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صَفَر) العدوى بفتح العين اسم من الإعداء، وهو أن يصيب الإنسان من الداء مثل ما بصاحبه، وكان هذا زعم أهل الجاهلية من أن ذلك مؤثر بنفسه، ولذلك قال في ذلك رد عليهم: "فما أعدى الأول". والطيرة -بكسر الطاء- قال ابن الأثير: مصدر تطير كالخيرة من تخير، ولا ثالث لهما. قلت: الصواب أنهما اسمان من التطير والتخير، إذ الثلاثي لا يكون مصدرًا لمزيد، وحقيقة الطيرة الشؤم، كانوا يتشاءمون بالبادح، وهو الطير الذي يمر من الجانب الأيمن، ويتفاءلون بالسانح وهو الذى يمر من الأيسر. و (الهامة) قيل: البومة، وقيل: طائر آخر كانوا يتشاءمون به، وقيل: كانوا يزعمون أن عظام الميت تصير طيرًا أو روحه، وقد سلف تمام الكلام في غزوة بدر (ولا صَفَر) قيل:

20 - باب المن شفاء للعين

وَفِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ كَمَا تَفِرُّ مِنَ الأَسَدِ». أطرافه 5717، 5757، 5770، 5773، 5775 20 - باب الْمَنُّ شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ 5708 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ حُرَيْثٍ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «الْكَمْأَةُ مِنَ الْمَنِّ، وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ». قَالَ شُعْبَةُ وَأَخْبَرَنِى الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ عَنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ كانوا يزعمون أن [في] بطن الإنسان حية إذا جاع تؤذيه، وفيل: تقدم الصفر على المحرم كما تقدم في قوله تعالى: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ} [التوبة: 37]. (وفرّ من المجذوم كما تفر من الأسد). فإن قلت: قد صح أنه أخذ بيد مجذوم وضعها في القصعة، وقال: كل ثقة بالله تعالى"؟ قلت: قال ابن الأثير: يقين الناس قاصر عن يقينه، فأشار بأكله أن الكل بقدر الله، وأمر بالفرار منه دفعًا للوسوسة. فإن قلت: لما بايع وفد ثقيف كان معهم مجذوم، ولم يأذن له وقال: "ارجع فقد بايعناك"؟ قلت: أجاب ابن الأثير بأنه فعل ذلك لئلا يزدريه الحاضرون. باب المن شفاء للعين 5708 - (غندر) بضم الغين المعجمة وفتح الدال (حريث) بضم الحاء مصغر حرث (سعيد بن زيد) أحد العشرة المبشرة (الكمأة من المن) -بفتح الكاف وسكون الميم- نبت معروف قال ابن الأثير: مفرده كما بدون التاء، وهذه لغة غريبة على عكس شجر وشجرة، وكونها من المن أنها تشبه المن الذي كان أنزل على بني إسرائيل، ووجه الشبه كون كل منهما يحصل من غير تعب، أو من المن بمعنى الفضل والإحسان أي: منّ الله به على عباده، وقيل: بل هو من منّ بني إسرائيل حقيقة إذ لم يكن ذلك المن ما سقط على الشجر وحده، بل كان أنواعًا (وماؤها شفاء للعين) قيل: بمفرده، وقيل: ترمي فيه الأكحال.

21 - باب اللدود

الْحَسَنِ الْعُرَنِىِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ شُعْبَةُ لَمَّا حَدَّثَنِى بِهِ الْحَكَمُ لَمْ أُنْكِرْهُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْمَلِكِ. طرفه 4478 21 - باب اللَّدُودِ 5709 و 5710 و 5711 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنِى مُوسَى بْنُ أَبِى عَائِشَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رضى الله عنه - قَبَّلَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ مَيِّتٌ. طرفاه 1241، 1242 5712 - قَالَ وَقَالَتْ عَائِشَةُ لَدَدْنَاهُ فِي مَرَضِهِ، فَجَعَلَ يُشِيرُ إِلَيْنَا، أَنْ لاَ تَلُدُّونِى. فَقُلْنَا كَرَاهِيَةُ الْمَرِيضِ لِلدَّوَاءِ. فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ «أَلَمْ أَنْهَكُمْ أَنْ تَلُدُّونِى». قُلْنَا كَرَاهِيَةَ الْمَرِيضِ لِلدَّوَاءِ. فَقَالَ «لاَ يَبْقَى فِي الْبَيْتِ أَحَدٌ إِلاَّ لُدَّ - وَأَنَا أَنْظُرُ - إِلاَّ الْعَبَّاسَ فَإِنَّهُ لَمْ يَشْهَدْكُمْ». طرفه 4458 ـــــــــــــــــــــــــــــ (الحكم) بفتح الكاف (عتيبة) بضم العين وفتح التاء مصغر (قال شعبة: لما حدثني به الحكم لم أنكره من حديث عبد الملك) قال بعض الشارحين: يريد أن الحديث عن الحكم كان معنعنًا، والحكم مدلس، فلما سمع من عبد الملك بلفظ سمعت زال عنه ذلك الوهم. قلت: غلط إذا لم يقل أحد عن الحكم إنه مدلس، بل أثنى عليه الذهبي وغيره. قال الذهبي: الحكم بن عتيبة عابد قانت لله صاحب سنة، والصواب أن غرض شعبة أن عبد الملك بعد أن كبر تغير حفظه، فلما سمع الحكم بعد سماعه من عبد الملك زال ذلك الوهم، وعبارته: لم أنكر من حديث عبد الملك صريحة فيما قلنا، ثم قال: أو معنى قوله: لم أنكر: لم يكن الحديث منكورًا، أي: مجهولًا عندي، والأول من الإنكار، والثاني من المنكر ضد المعرفة، وكل هذا خبط لفظًا ومعنى، ومن يقول: إن المنكر بضم الميم وسكون النون ضد المعرفة؟! باب اللدود بفتح الدال، تقدم أنه دواء يجعل في أحد شقي الفم من اللديدة وهو الجانب. 5712 - (لا تلدوني) بفتح، فلما أغمي عليه لد، وإنما خالفوه بعد أن قال: "لا تلدوني" بناء على أنه نافع له كما أشار إلى العلة من كراهية المريض الدواء. (لا يبقى أحد في البيت إلا لُدَّ) انتقامًا منهم حيث كدروا عليه، وهذا كان شيئًا بينه وبين الأهل، فلا ينافي

22 - باب

5713 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ أُمِّ قَيْسٍ قَالَتْ دَخَلْتُ بِابْنٍ لِى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ أَعْلَقْتُ عَلَيْهِ مِنَ الْعُذْرَةِ فَقَالَ «عَلَى مَا تَدْغَرْنَ أَوْلاَدَكُنَّ بِهَذَا الْعِلاَقِ عَلَيْكُنَّ بِهَذَا الْعُودِ الْهِنْدِىِّ، فَإِنَّ فِيهِ سَبْعَةَ أَشْفِيَةٍ، مِنْهَا ذَاتُ الْجَنْبِ يُسْعَطُ مِنَ الْعُذْرَةِ، وَيُلَدُّ مِنْ ذَاتِ الْجَنْبِ». فَسَمِعْتُ الزُّهْرِىَّ يَقُولُ بَيَّنَ لَنَا اثْنَيْنِ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا خَمْسَةً. قُلْتُ لِسُفْيَانَ فَإِنَّ مَعْمَرًا يَقُولُ أَعْلَقْتُ عَلَيْهِ. قَالَ لَمْ يَحْفَظْ أَعْلَقْتُ عَنْهُ، حَفِظْتُهُ مِنْ فِي الزُّهْرِىِّ. وَوَصَفَ سُفْيَانُ الْغُلاَمَ يُحَنَّكُ بِالإِصْبَعِ وَأَدْخَلَ سُفْيَانُ فِي حَنَكِهِ، إِنَّمَا يَعْنِى رَفْعَ حَنَكِهِ بِإِصْبَعِهِ، وَلَمْ يَقُلْ أَعْلِقُوا عَنْهُ شَيْئًا. طرفه 5692 22 - باب 5714 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ وَيُونُسُ قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ حديث عائشة أنه ما انتقم من أحد لنفسه. 5713 - (عن أم قيس قالت: دخلت بابن لي على النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد أعلقت عليه من العذرة) قد سلف أن العذرة -بضم العين وسكون المعجمة- عبارة عن وجع في الحلق يحصل للأطفال، والإعلاق رفع ذلك بالإصبع. قال ابن الأثير: معناه إزالة العلوق، وهو بفتح العين الداهية (ما تدغرن أولادكن بهذا العلاق) بالدال المهملة والغين المعجمة من الدغر، وهو رفع العذرة بالأصابع، والعلاق: بفتح العين قال ابن الأثير: المعروف الإعلاق، وقد ذكرنا أنه عبارة عن إزالة العلوق، قال الخطابي: المحدثون يروون أعلقت عليه، وصوابه: أعلقت عنه، وهذا الذي قاله ظاهر اللغة، والهمزة في أمثاله للسبب كقولك: أشكيت فلانًا إذا أزلت شكايته، وهو الذي حفظه سفيان عن الزهري، ويمكن أن يقال على في موضع عن، فإن حروف الجر يقع بعضها موقع بعض (يسعط من العذرة) تقدم [أنه] دواء يجعل في الأنف (يبين لنا اثنين ولم يبين خمسًا) يدل على أنه أراد بالسبع الكثرة دون الحصر. باب كذا وقع من غير ترجمة. 5714 - (بشر) بكسر الموحدة (معمر) بفتح الميمين وسكون العين. روى في الباب

الزُّهْرِىُّ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ لَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَاشْتَدَّ وَجَعُهُ، اسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ فِي أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِى، فَأَذِنَّ، فَخَرَجَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ، تَخُطُّ رِجْلاَهُ فِي الأَرْضِ بَيْنَ عَبَّاسٍ وَآخَرَ. فَأَخْبَرْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ هَلْ تَدْرِى مَنِ الرَّجُلُ الآخَرُ الَّذِى لَمْ تُسَمِّ عَائِشَةُ قُلْتُ لاَ. قَالَ هُوَ عَلِىٌّ. قَالَتْ عَائِشَةُ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ مَا دَخَلَ بَيْتَهَا وَاشْتَدَّ بِهِ وَجَعُهُ «هَرِيقُوا عَلَىَّ مِنْ سَبْعِ قِرَبٍ لَمْ تُحْلَلْ أَوْكِيَتُهُنَّ، لَعَلِّى أَعْهَدُ إِلَى النَّاسِ». قَالَتْ فَأَجْلَسْنَاهُ فِي مِخْضَبٍ لِحَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ طَفِقْنَا نَصُبُّ عَلَيْهِ مِنْ تِلْكَ الْقِرَبِ، حَتَّى جَعَلَ يُشِيرُ إِلَيْنَا أَنْ قَدْ فَعَلْتُنَّ. قَالَتْ وَخَرَجَ إِلَى النَّاسِ فَصَلَّى لَهُمْ وَخَطَبَهُمْ. طرفه 198 ـــــــــــــــــــــــــــــ حديث عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرض واستأذن أزواجه في أن يمرض في بيتها، وقد سلف في أبواب الصلاة وبعده مرارًا (تخط رجلاه) لعدم قدرته على المشي (بين عباس ورجل آخر). قال النووي: إنما لم تسم الرجل الآخر لأنه لم يكن معينًا، تارة كان أسامة، وأخرى: الفضل بن عباس، وكان الطرف الآخر عباس ملازمًا لأن عائشة تركت اسم علي لما بينهما من العداوة. قلت: هذا الإنكار يصح: أما نقلًا فإن قول ابن عباس هل سمت لك الرجل الآخر؟ ثم قوله: علي بن أبي طالب يدل على انفراده بيده مثله عباس، وأما عقلًا: فلأن حجرة عائشة إلى المحراب في غاية القرب، فأي ضرورة إلى التناوب؟ وأيضًا ما كان بين علي وعائشة من الشقاق لا يمكن إنكاره، ووقعة الجمل شاهدة لما قلنا، رضي الله عنهما، ولعن من ينكر فضلهما، وأما قضية أسامة والفضل بن عباس فقد قدمنا أن مرضه - صلى الله عليه وسلم - كان أيامًا، فتعدد خروجه فيها لذلك التبس على من التبس. (من سبع قرب لم تحلل أَوْكِيتهن) جمع وكاء حبل يربط به فم القربة. قال الخطابي: فائدة هذا القيد أن أول الماء أصفى وأطهر، والوكاء يكون على اسم الله. قلت: هذا خلاف الظاهر، وأي فائدة في ذلك إذا كان الماء كله مرادًا؟ بل الصواب أن غرضه كثرة الماء، ولفظ سبع قرب شاهد لما قلنا.

23 - باب العذرة

23 - باب الْعُذْرَةِ 5715 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ أُمَّ قَيْسٍ بِنْتَ مِحْصَنٍ الأَسَدِيَّةَ - أَسَدَ خُزَيْمَةَ، وَكَانَتْ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ الأُوَلِ اللاَّتِى بَايَعْنَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْىَ أُخْتُ عُكَّاشَةَ - أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِابْنٍ لَهَا، قَدْ أَعْلَقَتْ عَلَيْهِ مِنَ الْعُذْرَةِ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «عَلَى مَا تَدْغَرْنَ أَوْلاَدَكُنَّ بِهَذَا الْعِلاَقِ عَلَيْكُمْ بِهَذَا الْعُودِ الْهِنْدِىِّ، فَإِنَّ فِيهِ سَبْعَةَ أَشْفِيَةٍ مِنْهَا ذَاتُ الْجَنْبِ». يُرِيدُ الْكُسْتَ، وَهْوَ الْعُودُ الْهِنْدِىُّ. وَقَالَ يُونُسُ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاشِدٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَلَّقَتْ عَلَيْهِ. طرفه 5692 24 - باب دَوَاءِ الْمَبْطُونِ 5716 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِى الْمُتَوَكِّلِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ إِنَّ أَخِى اسْتَطْلَقَ بَطْنُهُ. فَقَالَ «اسْقِهِ عَسَلاً». فَسَقَاهُ. فَقَالَ إِنِّى سَقَيْتُهُ فَلَمْ يَزِدْهُ إِلاَّ اسْتِطْلاَقًا. فَقَالَ «صَدَقَ اللَّهُ وَكَذَبَ بَطْنُ أَخِيكَ». تَابَعَهُ النَّضْرُ عَنْ شُعْبَةَ. طرفه 5684 ـــــــــــــــــــــــــــــ 5715 - (أسد خزيمة) بن مدركة. احترز بذلك عن أسد بن ربيعة بن نزار، ومعنى العُذْرة والإعلاق والدغر شرح في الباب قبله. باب دواء المبطون 5716 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (أبو المتوكل) الناجي على بن داود، روى حديث من سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأخيه أنه يشتكي بطنه، وقد تقدم الحديث مشروحًا في باب الدواء بالعسل، وأشرنا إلى عدم نفعه في الأول لعدم نضج المادة، وأن قوله: (كذب بطن أخيك) والكذب من خواص القول، أطلقه مشاكلة وطباقًا للصدق فإنه ضده. فإن قلت: ما معنى قوله: (صدق الله)؟ قلت: أشار إلى قوله: {فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ} [النحل: 69] وفيه دليل على أفه ينفع كل داء، وفي رواية مسلم: (قال في الرابعة: صدق الله وكذب بطن أخيك اسقه عسلًا فسقاه فبرأ".

25 - باب لا صفر، وهو داء يأخذ البطن

25 - باب لاَ صَفَرَ، وَهْوَ دَاءٌ يَأْخُذُ الْبَطْنَ 5717 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَغَيْرُهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ عَدْوَى وَلاَ صَفَرَ وَلاَ هَامَةَ». فَقَالَ أَعْرَابِىٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا بَالُ إِبِلِى تَكُونُ فِي الرَّمْلِ كَأَنَّهَا الظِّبَاءُ فَيَأْتِى الْبَعِيرُ الأَجْرَبُ فَيَدْخُلُ بَيْنَهَا فَيُجْرِبُهَا. فَقَالَ «فَمَنْ أَعْدَى الأَوَّلَ». رَوَاهُ الزُّهْرِىُّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ وَسِنَانِ بْنِ أَبِى سِنَانٍ. طرفه 5707 26 - باب ذَاتِ الْجَنْبِ 5718 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَتَّابُ بْنُ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب لا صفر قال البخاري: (وهو داء يأخذ في البطن) هذا أحد الأقوال فيه وقيل: حية في البطن إذا جاع الإنسان تؤذيه، وقيل: هو تقديم صفر على المحرم في النسيء. 5717 - (لا عدوى) اسم من الإعداء، وهو أن يصيب الإنسان ما أصاب صاحبه تأثيرًا كما كان عليه أهل الجاهلية (ولا هامة) طائر كانوا يتشاءمون به، وقيل: البومة، وقيل: كانوا يزعمون أن عظام الميت أو روحه تصير طيرًا، وقد تقدم الكل مرارًا (فمن أعدى الأول؟) قطع شبهة القوم، إذ لو كان الإعداء هو المؤثر لم يصح في الأول. فإن قلت: فلم قال في الحديث الآخر: "لا يورد ممرض على مصح"؟ قلت: الإنكار عليهم إنما هو في التأثير والإعداء على ما كانوا يزعمون، وجري العادة بذلك بإذن الله تعالى لا يمنع، أو لئلا يوسوس إليه الشيطان إن لم يورد لم يصبه كما في النهي عن دخول بلد فيه الطاعون. باب ذات الجنب 5718 - (محمد) كذا وقع غير منسوب، واتفقوا على أنه ابن سلام (عتاب) بفتح العين

بَشِيرٍ عَنْ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ أُمَّ قَيْسٍ بِنْتَ مِحْصَنٍ، وَكَانَتْ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ الأُوَلِ اللاَّتِى بَايَعْنَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْىَ أُخْتُ عُكَّاشَةَ بْنِ مِحْصَنٍ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِابْنٍ لَهَا قَدْ عَلَّقَتْ عَلَيْهِ مِنَ الْعُذْرَةِ فَقَالَ «اتَّقُوا اللَّهَ، عَلَى مَا تَدْغَرُونَ أَوْلاَدَكُمْ بِهَذِهِ الأَعْلاَقِ عَلَيْكُمْ بِهَذَا الْعُودِ الْهِنْدِىِّ، فَإِنَّ فِيهِ سَبْعَةَ أَشْفِيَةٍ، مِنْهَا ذَاتُ الْجَنْبِ». يُرِيدُ الْكُسْتَ يَعْنِى الْقُسْطَ، قَالَ وَهْىَ لُغَةٌ. طرفه 5692 5719، 5720، 5721 - حَدَّثَنَا عَارِمٌ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ قَالَ قُرِئَ عَلَى أَيُّوبَ مِنْ كُتُبِ أَبِى قِلاَبَةَ، مِنْهُ مَا حَدَّثَ بِهِ وَمِنْهُ مَا قُرِئَ عَلَيْهِ، وَكَانَ هَذَا فِي الْكِتَابِ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ وَأَنَسَ بْنَ النَّضْرِ كَوَيَاهُ، وَكَوَاهُ أَبُو طَلْحَةَ بِيَدِهِ. وَقَالَ عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ أَذِنَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لأَهْلِ بَيْتٍ مِنَ الأَنْصَارِ أَنْ يَرْقُوا مِنَ الْحُمَةِ وَالأُذُنِ. قَالَ أَنَسٌ كُوِيتُ مِنْ ذَاتِ الْجَنْبِ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَىٌّ، وَشَهِدَنِى أَبُو طَلْحَةَ وَأَنَسُ بْنُ النَّضْرِ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَبُو طَلْحَةَ كَوَانِى. طرفه 5721 ـــــــــــــــــــــــــــــ وتشديد التاء (بشير) بفتح الباء (عن إسحاق) هو ابن راشد (محصن) بكسر الميم. روى حديث الإعلاق من العُذرة، وقد تكرر وأشرنا إلى أن العذرة -بالعين والذال المعجمة- وجع يحدث في حلق الأطفال، وأن الإعلاق رفعه بالإصبع، والدغر -بالدال المهملة والغين المعجمة- غمز الحلق بالإصبع. 5719 - 5720 - 5721 - (عارم) بفتح العين، لقب محمد بن الفضل (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم (أبي قلابة) بكسر القاف- عبد الله بن زيد الجرمي (أن أبا طلحة وأنس بن النضر) بالضاد المعجمة (كوياه) أي: كويا أنس بن مالك (عباد بن منصور) بفتح العين وتشديد الباء، قال الإسماعيلي: إنما لم يرو البخاري عن عباد؛ لأنه ليس على شرطه. قلت: ذكر الذهبي وغيره أن عبادًا تكلم فيه غير واحد (من الحمة) -بضم الحاء وفتح الميم المخففة- العين، (والأُذُن) أي: وجع العين. فإن قلت: قد سلف الحصر في رقيه والحكمة؟ قلت: الأول كان بناء على ما علم، ثم علم الآخر، فلا تنافي.

27 - باب حرق الحصير ليسد به الدم

27 - باب حَرْقِ الْحَصِيرِ لِيُسَدَّ بِهِ الدَّمُ 5722 - حَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَارِىُّ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِىِّ قَالَ لَمَّا كُسِرَتْ عَلَى رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْبَيْضَةُ، وَأُدْمِىَ وَجْهُهُ، وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ، وَكَانَ عَلِىٌّ يَخْتَلِفُ بِالْمَاءِ فِي الْمِجَنِّ، وَجَاءَتْ فَاطِمَةُ تَغْسِلُ عَنْ وَجْهِهِ الدَّمَ، فَلَمَّا رَأَتْ فَاطِمَةُ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ - الدَّمَ يَزِيدُ عَلَى الْمَاءِ كَثْرَةً عَمَدَتْ إِلَى حَصِيرٍ فَأَحْرَقَتْهَا وَأَلْصَقَتْهَا عَلَى جُرْحِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَرَقَأَ الدَّمُ. طرفه 243 28 - باب الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ 5723 - حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَأَطْفِئُوهَا بِالْمَاءِ». قَالَ نَافِعٌ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَقُولُ اكْشِفْ عَنَّا الرِّجْزَ. طرفه 3264 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب حرق الحصير ليسد به الدم 5722 - (عفير) بضم العين مصغر (القاري) بتشديد الياء نسبة إلى قارة قبيلة بيمن. روى حديث غسل فاطمة الدم عن وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والحديث تقدم في أبواب الجهاد. و (البيضة) الخوذة (وكسرت رباعيته) -بفتح الراء وتخفيف الباء- السن الذي بين الناب والثنية. (المجن) -بكسر الميم وتشديد النون- الترس (يختلف) يجيء ويذهب (فرقأ الدم) بفتح الراء والقاف آخره همزة، وفيه دلالة على أن رماد الحصير نافع لسد الجرح، بل جنس الرماد كله كذلك. باب الحمى من فيح جهنم وفوح بالواو سطوع الحرارة، قال ابن الأثير: الكلام على التشبيه، أي: تشبه فيح جهنم. قلت: يجوز أن يكون حقيقة لقوله: "أذن لها بنفسين"، يؤيده ما روي عن ابن مسعود: "الحمى حظ المؤمن من النار". 5723 - (قال عبد الله: ربنا اكشف عنا الرجز) أي العذاب، عده عذابًا. قال أولًا: (أطفئوها بالماء)، وثانيًا: (ابردوها) بهمزة الوصل، واختلفلوا في معناه قال الخطابي: المراد

29 - باب من خرج من أرض لا تلايمه

5724 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما - كَانَتْ إِذَا أُتِيَتْ بِالْمَرْأَةِ قَدْ حُمَّتْ تَدْعُو لَهَا، أَخَذَتِ الْمَاءَ فَصَبَّتْهُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ جَيْبِهَا قَالَتْ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَأْمُرُنَا أَنْ نَبْرُدَهَا بِالْمَاءِ. 5725 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَابْرُدُوهَا بِالْمَاءِ». طرفه 3263 5726 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ جَدِّهِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «الْحُمَّى مِنْ فَوْحِ جَهَنَّمَ، فَابْرُدُوهَا بِالْمَاءِ». طرفه 3262 29 - باب مَنْ خَرَجَ مِنْ أَرْضٍ لاَ تُلاَيِمُهُ 5727 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ حَدَّثَنَا ـــــــــــــــــــــــــــــ شرب الماء البارد وغسل الأطراف منه، وأما الانغماس فيه فلا؛ لأن الحرارة تجتمع. وقال ابن الأنباري: المراد التصدق عن المحموم بالماء لما في الحديث: "أفضل الصدقة سقي الماء البارد" وهذا كلامه في غاية البعد، والظاهر إجراء الحديث على إطلاقه، وكم شاهدنا من محموم انغمر في الماء البارد فبرئ بإذن الله، وفرق بين قول الأطباء وقول من لا ينطق عن الهوى، وقد روى الحاكم والبزار "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا حم دعا بقربة من ماء فأفرغها في قربة فاغتسل". وقد يكون الخطاب بهذا لسكان الأراضي الحارة في وقت الحرة، ونفع ذلك مشاهد. باب من خرج من الأرض التي لا تلائمه 5727 - (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم (زريع) مصغر زرع. روى في الباب حديث

30 - باب ما يذكر فى الطاعون

قَتَادَةُ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُمْ أَنَّ نَاسًا أَوْ رِجَالاً مِنْ عُكْلٍ وَعُرَيْنَةَ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَتَكَلَّمُوا بِالإِسْلاَمِ وَقَالُوا يَا نَبِىَّ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا أَهْلَ ضَرْعٍ، وَلَمْ نَكُنْ أَهْلَ رِيفٍ، وَاسْتَوْخَمُوا الْمَدِينَةَ فَأَمَرَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِذَوْدٍ وَبِرَاعٍ وَأَمَرَهُمْ، أَنْ يَخْرُجُوا فِيهِ فَيَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا، فَانْطَلَقُوا حَتَّى كَانُوا نَاحِيَةَ الْحَرَّةِ، كَفَرُوا بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ، وَقَتَلُوا رَاعِىَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَاسْتَاقُوا الذَّوْدَ فَبَلَغَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَبَعَثَ الطَّلَبَ فِي آثَارِهِمْ، وَأَمَرَ بِهِمْ فَسَمَرُوا أَعْيُنَهُمْ وَقَطَعُوا أَيْدِيَهُمْ وَتُرِكُوا فِي نَاحِيَةِ الْحَرَّةِ حَتَّى مَاتُوا عَلَى حَالِهِمْ. طرفه 233 30 - باب مَا يُذْكَرُ فِي الطَّاعُونِ 5728 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى حَبِيبُ بْنُ أَبِى ثَابِتٍ قَالَ سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعْدٍ قَالَ سَمِعْتُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ يُحَدِّثُ سَعْدًا عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا سَمِعْتُمْ بِالطَّاعُونِ بِأَرْضٍ فَلاَ تَدْخُلُوهَا، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلاَ تَخْرُجُوا مِنْهَا». فَقُلْتُ أَنْتَ سَمِعْتَهُ يُحَدِّثُ سَعْدًا وَلاَ يُنْكِرُهُ قَالَ نَعَمْ. طرفه 3473 ـــــــــــــــــــــــــــــ العرنيين وقد مر مرارًا، وأشرنا إلى أن ما فعل بهم قبل نزول الحدود (عكل) بضم العين وسكون الكاف (عرينة) بضم العين وفتح الراء مصغر (كنا أهل ضرع) أي: سكان البوادي الذين عيشهم بالألبان (ولم نكن أهل ريف) أي: زرع. قال ابن الأثير: الريف كل أرض بها زرع ونخيل، والظاهر أن وجود النخيل ليس بقيد. باب ما يذكر في الطاعون مرض معروف في غاية الحدة، معه الغثيان والوهج المفرط. 5728 - (إذا سمعتم بالطاعون في أرض فلا تدخلوها). فإن قلت: قد تقدم: أن لا عدوى، وقال تعالى: {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} [الأعراف: 34]؟ قلت: أراد دفع الوسوسة إذ لو قدر موته يوسوس إليه الشيطان إذ لو لم تقدم لم تمت، روى ابن عبد البر عن ابن مسعود أنه قال: الطاعون فتنة على المقيم والفار، أما المقيم فإنه يقول: لو لم أقم لم أمت، وأما الفار فإنه يقول: لو لم أفر مت.

5729 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - خَرَجَ إِلَى الشَّأْمِ حَتَّى إِذَا كَانَ بِسَرْغَ لَقِيَهُ أُمَرَاءُ الأَجْنَادِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَأَصْحَابُهُ، فَأَخْبَرُوهُ أَنَّ الْوَبَاءَ قَدْ وَقَعَ بِأَرْضِ الشَّأْمِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ عُمَرُ ادْعُ لِى الْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ. فَدَعَاهُمْ فَاسْتَشَارَهُمْ وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ الْوَبَاءَ قَدْ وَقَعَ بِالشَّأْمِ فَاخْتَلَفُوا. فَقَالَ بَعْضُهُمْ قَدْ خَرَجْتَ لأَمْرٍ، وَلاَ نَرَى أَنْ تَرْجِعَ عَنْهُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ مَعَكَ بَقِيَّةُ النَّاسِ وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلاَ نَرَى أَنْ تُقْدِمَهُمْ عَلَى هَذَا الْوَبَاءِ. فَقَالَ ارْتَفِعُوا عَنِّى. ثُمَّ قَالَ ادْعُوا لِى الأَنْصَارَ. فَدَعَوْتُهُمْ فَاسْتَشَارَهُمْ، فَسَلَكُوا سَبِيلَ الْمُهَاجِرِينَ، وَاخْتَلَفُوا كَاخْتِلاَفِهِمْ، فَقَالَ ارْتَفِعُوا عَنِّى. ثُمَّ قَالَ ادْعُ لِى مَنْ كَانَ هَا هُنَا مِنْ مَشْيَخَةِ قُرَيْشٍ مِنْ مُهَاجِرَةِ الْفَتْحِ. فَدَعَوْتُهُمْ، فَلَمْ يَخْتَلِفْ مِنْهُمْ عَلَيْهِ رَجُلاَنِ، فَقَالُوا نَرَى أَنْ تَرْجِعَ بِالنَّاسِ، وَلاَ تُقْدِمَهُمْ عَلَى هَذَا الْوَبَاءِ، فَنَادَى عُمَرُ فِي النَّاسِ، إِنِّى مُصَبِّحٌ عَلَى ظَهْرٍ، فَأَصْبِحُوا عَلَيْهِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ أَفِرَارًا مِنْ قَدَرِ اللَّهِ فَقَالَ عُمَرُ لَوْ غَيْرُكَ قَالَهَا يَا أَبَا عُبَيْدَةَ، نَعَمْ نَفِرُّ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ إِلَى قَدَرِ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ لَكَ إِبِلٌ هَبَطَتْ وَادِيًا لَهُ عُدْوَتَانِ، إِحْدَاهُمَا خَصِبَةٌ، وَالأُخْرَى جَدْبَةٌ، أَلَيْسَ إِنْ رَعَيْتَ الْخَصْبَةَ رَعَيْتَهَا بِقَدَرِ اللَّهِ، وَإِنْ رَعَيْتَ الْجَدْبَةَ رَعَيْتَهَا بِقَدَرِ اللَّهِ قَالَ فَجَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ 5729 - (أن عمر خرج إلى الشام) أي: قاصدًا إلى الشام، وكان ذلك سنة سبع عشرة من الهجرة، وفيها كان فتح بيت المقدس (حتى كان بسرغ) -بفتح الراء والسين وغين معجمة، وقد تسكن الراء- قرية بقرب تبوك (مشيخة) بفتح الميم جمع شيخ (إني مصبح على ظهر) أي: على الرجوع، والظهر عندهم الإبل كناية (عن أبي عبيدة بن الجراح: أفرارًا من قدر الله؟ فقال عمر: لو غيرك قالها) أي لو قالها غيرك لم ينكر عليه، وإنما الإنكار عليك؛ لأنك من العلم بالمحل الأعلى، ثم بين له الأمر وضرب له المثل، والعدوة -بضم العين وكسرها- جانب الوادي (إحداهما خصبة) بفتح المعجمة وكسر الضاد وسكونها (جدبة)

وَكَانَ مُتَغَيِّبًا فِي بَعْضِ حَاجَتِهِ فَقَالَ إِنَّ عِنْدِى فِي هَذَا عِلْمًا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلاَ تَقْدَمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلاَ تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ». قَالَ فَحَمِدَ اللَّهَ عُمَرُ ثُمَّ انْصَرَفَ. طرفاه 5730، 6973 5730 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ عُمَرَ خَرَجَ إِلَى الشَّأْمِ، فَلَمَّا كَانَ بِسَرْغَ بَلَغَهُ أَنَّ الْوَبَاءَ قَدْ وَقَعَ بِالشَّأْمِ، فَأَخْبَرَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلاَ تَقْدَمُوا عَلَيْهِ وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلاَ تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ». طرفه 5729 5731 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نُعَيْمٍ الْمُجْمِرِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ الْمَسِيحُ وَلاَ الطَّاعُونُ». طرفه 1880 5732 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ حَدَّثَتْنِى حَفْصَةُ بِنْتُ سِيرِينَ قَالَتْ قَالَ لِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه - يَحْيَى بِمَا مَاتَ قُلْتُ مِنَ الطَّاعُونِ. قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «الطَّاعُونُ شَهَادَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ». طرفه 2830 ـــــــــــــــــــــــــــــ بفتح الجيم وسكون الدال المهملة (نعيم) بضم النون مصغر (المجمر) بضم الميم وسكون الجيم. 5730 - 5731 - 5732 - (لا يدخل المدينة المسيح) أي: الدجال (ولا الطاعون) لشرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فإن قلت: لم قيد الخروج بالفرار؟ قلت: لأن الخروج إذا لم يكن فرارًا لا بأس به؛ لأن (حفصة بنت سيرين [قالت:] قال لي أنس: يحيى بما مات) هو يحيى بن أبي عمر، صرح به مسلم في روايته، وغلط من قال: هو يحيى بن سيرين أخو حفصة، وليس لحفصه عن أنس رواية في البخاري إلا هذا الحديث. قال شيخنا أبو عمرة الذي في رواية مسلم سيرين، فيزول الإشكال.

31 - باب أجر الصابر فى الطاعون

5733 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سُمَىٍّ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْمَبْطُونُ شَهِيدٌ، وَالْمَطْعُونُ شَهِيدٌ». طرفه 653 31 - باب أَجْرِ الصَّابِرِ فِي الطَّاعُونِ 5734 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا حَبَّانُ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِى الْفُرَاتِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهَا أَخْبَرَتْنَا أَنَّهَا سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الطَّاعُونِ فَأَخْبَرَهَا نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَنَّهُ كَانَ عَذَابًا يَبْعَثُهُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ، فَجَعَلَهُ اللَّهُ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ، فَلَيْسَ مِنْ عَبْدٍ يَقَعُ الطَّاعُونُ فَيَمْكُثُ فِي بَلَدِهِ صَابِرًا، يَعْلَمُ أَنَّهُ لَنْ يُصِيبَهُ إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ، إِلاَّ كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ الشَّهِيدِ». تَابَعَهُ النَّضْرُ عَنْ دَاوُدَ. طرفه 3474 ـــــــــــــــــــــــــــــ 5733 - (أبو عاصم) الضحاك [بن] مخلد (سمي) بضم السين مصغر (عن أبي صالح) السمان، اسمه ذكوان (المبطون شهيد) من به داء في بطنه كالإسهال والاستسقاء أي: له أجر الشهداء. باب أجر الصابر في الطاعون 5734 - (إسحاق) كذا وقع غير منسوب. قال الغساني: لم ينسبه أحد، ولعله ابن منصور؛ لأن مسلمًا يروي عن إسحاق بن منصور. عن (حبان) ابن هلال بفتح الحاء وتشديد الموحدة، (أبي الفرات) [بضم] الفاء (بريدة) بضم الباء مصغر بردة (أنه كان عذابًا يبعثه الله على من يشاء فجعله الله رحمة للمؤمنين) أي: لهذه الأمة، وكونه رحمة لأنه شهادة، وكفى بها نعمة. (تابعه النضر) بالضاد المعجمة هو ابن شميل. فإن قلت: قول أنس (الطاعون شهادة لكل مسلم) يعارضه قوله: "الشهيد يُغفر له إلا الدَّين"؟ قلت: الشهادة رتبة سنية مثل سائر الأعمال يجوز ثبوتها مع حقوق العباد.

32 - باب الرقى بالقرآن والمعوذات

32 - باب الرُّقَى بِالْقُرْآنِ وَالْمُعَوِّذَاتِ 5735 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَنْفُثُ عَلَى نَفْسِهِ فِي الْمَرَضِ الَّذِى مَاتَ فِيهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ، فَلَمَّا ثَقُلَ كُنْتُ أَنْفِثُ عَلَيْهِ بِهِنَّ، وَأَمْسَحُ بِيَدِ نَفْسِهِ لِبَرَكَتِهَا. فَسَأَلْتُ الزُّهْرِىَّ كَيْفَ يَنْفِثُ قَالَ كَانَ يَنْفِثُ عَلَى يَدَيْهِ، ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ. طرفه 4439 33 - باب الرُّقَى بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 5736 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ أَبِى الْمُتَوَكِّلِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - أَنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَتَوْا عَلَى حَىٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ فَلَمْ يَقْرُوهُمْ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ لُدِغَ سَيِّدُ أُولَئِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الرقية بالقرآن والمعوذات جمع المعوذات إما باعتبار الكلمات، وأراد أعم من المعوذتين مما له دخل في الاستعاذة من الآيات والأدعية. قال ابن الأثير: وردت أحاديث آمرة بالرقى وأحاديث ناهية، ووجه الجمع: أن التي من القرآن والأدعية المنقولة عن الأنبياء لا بأس بها، وأما غيرها من الألفاظ التي لا تعلم فلا تجوز، وأما الترك والتفويض إلى الله فهو مقام الخواص. 5735 - (كان ينفث على نفسه) الحكمة في النفث أن يصل الهواء الذي خالطه القرآن إلى موضع الألم. باب الرقي بفاتحة الكتاب الرقى بضم الراء جمع رقية، وكان الظاهر الرقية، والجمع باعتبار المرات والأشخاص (ويذكر عن ابن عباس) هذا التعليق يأتي بعده مسندًا في باب الشرط في الرقية، ويعلم منه أن التعليق بصيغة التمريض يدل على ضعف ليس بشيء. قيل: إنما ذكره تعليقًا لأن روايته ليس فيها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بالرقية بالفاتحة، وإنما قرره تقريرًا. 5736 - (عن أبي بشر) بكسر الموحدة. اسمه. جعفر. (عن أبي المتوكل) هو الناجي علي بن داود. روى حديث أبي سعيد الخدري وشرط عليهم جعلًا وهو قطيع، إنهم

34 - باب الشرط فى الرقية بقطيع من الغنم

فَقَالُوا هَلْ مَعَكُمْ مِنْ دَوَاءٍ أَوْ رَاقٍ فَقَالُوا إِنَّكُمْ لَمْ تَقْرُونَا، وَلاَ نَفْعَلُ حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلاً. فَجَعَلُوا لَهُمْ قَطِيعًا مِنَ الشَّاءِ، فَجَعَلَ يَقْرَأُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ، وَيَجْمَعُ بُزَاقَهُ، وَيَتْفِلُ، فَبَرَأَ، فَأَتَوْا بِالشَّاءِ، فَقَالُوا لاَ نَأْخُذُهُ حَتَّى نَسْأَلَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلُوهُ فَضَحِكَ وَقَالَ «وَمَا أَدْرَاكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ، خُذُوهَا، وَاضْرِبُوا لِى بِسَهْمٍ». طرفه 2276 34 - باب الشَّرْطِ فِي الرُّقْيَةِ بِقَطِيعٍ مِنَ الْغَنَمِ 5737 - حَدَّثَنِى سِيدَانُ بْنُ مُضَارِبٍ أَبُو مُحَمَّدٍ الْبَاهِلِىُّ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ الْبَصْرِىُّ - هُوَ صَدُوقٌ - يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ الْبَرَّاءُ قَالَ حَدَّثَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الأَخْنَسِ أَبُو مَالِكٍ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مَرُّوا بِمَاءٍ فِيهِمْ لَدِيغٌ - أَوْ سَلِيمٌ - فَعَرَضَ لَهُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَاءِ فَقَالَ هَلْ فِيكُمْ مِنْ رَاقٍ إِنَّ فِي الْمَاءِ رَجُلاً لَدِيغًا أَوْ سَلِيمًا. فَانْطَلَقَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ عَلَى شَاءٍ، فَبَرَأَ، فَجَاءَ بِالشَّاءِ إِلَى أَصْحَابِهِ فَكَرِهُوا ذَلِكَ وَقَالُوا أَخَذْتَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ أَجْرًا. حَتَّى قَدِمُوا الْمَدِينَةَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخَذَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ أَجْرًا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ نزلوا على حي من أحياء العرب فلم يَقْرُوْهم، ولدغ سيد ذلك الحي فرقاه أبو سعيد الخدري، وشرط عليهم جعلًا وهو قطيع من الغنم. وقد سلف الحديث في أبواب الإجارة. (فجعل يقرأ) كان الظاهر فجعلتُ؛ لأن الراقي هو أبو سعيد المخبر، ففيه التفات من التكلم إلى الغيبة (فضحك) إنما ضحك سرورًا بما ألهم الله أحدًا من أمته إلى ذلك، أو بما جعل الله فيما أنزل إليه شفاء من الأمراض البدنية أيضًا. باب الشرط في الرقية بقطيع من الغنم 5737 - (سِيدَان بن مضارب) بكسر السين وياء ساكنة ودال مهملة (أبو معشر) بفتح الميم وسكون العين (يوسف بن يزيد البَرَّاء) بفتح الياء وتشديد الراء نسبة إلى حرفته بري السهام (الأخنس) بفتح الهمزة وخاء معجمة (ابن أبي مليكة) -بضم الميم على وزن المصغر- عبد الله. روى حديث أبي سعيد المتقدم أنه رقى الرجل بفاتحة الكتاب، وموضع الدلالة أنه شرط عليهم الأجر، وقرره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله: (إن أحق ما أخذتم عليه أجرًا كتاب الله) وفيه دليل للشافعي ومن وافقه في جواز أخذ الأجر على تعليم القرآن (لديغ أو سليم) السليم

35 - باب رقية العين

35 - باب رُقْيَةِ الْعَيْنِ 5738 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنِى مَعْبَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ شَدَّادٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ أَمَرَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَوْ أَمَرَ أَنْ يُسْتَرْقَى مِنَ الْعَيْنِ. 5739 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَهْبِ بْنِ عَطِيَّةَ الدِّمَشْقِىُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ الزُّبَيْدِىُّ أَخْبَرَنَا الزُّهْرِىُّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى فِي بَيْتِهَا جَارِيَةً فِي وَجْهِهَا سَفْعَةٌ فَقَالَ «اسْتَرْقُوا لَهَا، فَإِنَّ بِهَا النَّظْرَةَ». وَقَالَ عُقَيْلٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. تَابَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ عَنِ الزُّبَيْدِىِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ هو اللديغ كما تقدم، وإنما عبر عنه بالسليم تفاؤلًا. باب رقية معين 5738 - (معبد) بفتح الميم وسكون العين (شداد) بفتح الشين وتشديد الدال (محمد بن خالد) هو محمد بن عبد الله بن خالد الذهلي، قاله أبو مسعود، وهذا السند مسلسل بالمحمدين سبعة كلهم اسمه: محمد, قال شيخنا: وإن روينا من طريق الطراوي عن الحفصي عن الكشميهني عن الفربري، كانوا عشرة. 5739 - (الزبيدي) بضم الزاي منسوب مصغر (عن أم سلمة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى في بيتها جارية في وجهها سفعة) -بفتح السين وسكون الفاء- أي: علامة سوداء, وقيل: كل علامة خالفت لون الأصل (فقال: استرقرا لها فإن بها النظرة) أي: إصابة العين (عروة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -) الحديث عنه مرسل.

36 - باب العين حق

36 - باب الْعَيْنُ حَقٌّ 5740 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْعَيْنُ حَقٌّ». وَنَهَى عَنِ الْوَشْمِ. طرفه 5944 37 - باب رُقْيَةِ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ 5741 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الشَّيْبَانِىُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنِ الرُّقْيَةِ مِنَ الْحُمَةِ فَقَالَتْ رَخَّصَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الرُّقْيَةَ مِنْ كُلِّ ذِى حُمَةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 5740 - (إسحاق بن نصر) بالصاد المهملة (معمر) بفتح الميمين. (همام) بفتح الهاء وتشديد الميم. (العين حق) أي: الإصابة بالعين حق، وقد روينا عن الترمذي: "لو كان شيء يسبق القدر لسبقه العين"، وكذا رواه مالك في "الموطأ"، وقد أكثروا القول في كيفية تأثير العين بما لا طائل تحته، والحق أن هذا سر أودعه الله في طائفة أو شخص معين بسبب من الأسباب، والتأثير بخلق الله. وفي رواية ابن ماجه "أنه إذا رأى الإنسان شيئًا أعجبه فليقل: بارك الله فيه" وفي رواية البزار "من رأى شيئًا فأعجبه فليقل: ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله فإنه يدفع ذلك الضرر" وإذا أصيب بالعين ففي رواية أحمد والنسائي: "يؤمر العائن بأن يغسل وجهه ويديه والمرفقين وركبتيه وأطراف رجليه وداخلة إزاره فيصب ذلك الماء على المعين ويكفأ القدح وراءه". باب رقية الحية والعقرب 5741 - (الشيباني) بفتح الشين وسكون المثناة (رخص النبي - صلى الله عليه وسلم - الرقية من كل ذي حمة) -بضم الحاء وتخفيف الميم- السم، ولفظ: رخص، يدل على سبق نهي، وقد روى

38 - باب رقية النبى - صلى الله عليه وسلم -

38 - باب رُقْيَةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - 5742 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ دَخَلْتُ أَنَا وَثَابِتٌ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَقَالَ ثَابِتٌ يَا أَبَا حَمْزَةَ اشْتَكَيْتُ. فَقَالَ أَنَسٌ أَلاَ أَرْقِيكَ بِرُقْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ بَلَى. قَالَ «اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ مُذْهِبَ الْبَاسِ اشْفِ أَنْتَ الشَّافِى لاَ شَافِىَ إِلاَّ أَنْتَ، شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَمًا». 5743 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُعَوِّذُ بَعْضَ أَهْلِهِ، يَمْسَحُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى وَيَقُولُ «اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ أَذْهِبِ الْبَاسَ، اشْفِهِ وَأَنْتَ الشَّافِى، لاَ شِفَاءَ إِلاَّ شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَمًا». قَالَ سُفْيَانُ حَدَّثْتُ بِهِ مَنْصُورًا فَحَدَّثَنِى عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ نَحْوَهُ. طرفه 5675 5744 - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ أَبِى رَجَاءٍ حَدَّثَنَا النَّضْرُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَرْقِى يَقُولُ «امْسَحِ الْبَاسَ رَبَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ يونس عن الزهري قال: بلغنا أن بمكة كان ينهى عن الرقى؛ لأنهم كانوا يرقون برقى أهل الجاهلية، وما يروى عن علي وابن مسعود أن الرقى والتمائم والتولة شرك محمول على ذلك، قال ابن الأثير: التولة -بكسر التاء المثناة وفتح الواو- ما يُحبب المرأة إلى زوجها من السحر، وإنما جعله شركًا لاعتقادهم أنه يفعل خلاف ما قدر الله. باب رقية النبي - صلى الله عليه وسلم - 5742 - (يا أبا حمزة اشتكيت) بضم التاء أي: مرضت، وأبو حمزة كنية أنس بن مالك (ألا أرقيك برقيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: التي كان يرقي بها (اللهم رب الناس مذهب الباس) هو المرض ويروى "أذهب" بهمزة القطع (أنت الشافي لا شافي إلا أنت) الجملة الثانية بدل من الأولى وأبلغ منها؛ لأن دلالة التقديم على الأصل بالفحوى، ودلالة الاستثناء بالمنطوق (لا يغادر سقمًا) لا يترك. 5743 - 5744 - (مسلم) يجوز أن يكون ابن صبيح، وأن يكون البطين؛ لأن كل واحد منهما يروي عن مسروق (النضر) بالضاد المعجمة (امسح الباس) أي: أذهبه، من المسح بمعنى المساحة.

39 - باب النفث فى الرقية

النَّاسِ، بِيَدِكَ الشِّفَاءُ، لاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ أَنْتَ». طرفه 5675 5745 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقُولُ لِلْمَرِيضِ «بِسْمِ اللَّهِ، تُرْبَةُ أَرْضِنَا. بِرِيقَةِ بَعْضِنَا، يُشْفَى سَقِيمُنَا بِإِذْنِ رَبِّنَا». طرفه 5755 5746 - حَدَّثَنِى صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ فِي الرُّقْيَةِ «تُرْبَةُ أَرْضِنَا، وَرِيقَةُ بَعْضِنَا، يُشْفَى سَقِيمُنَا، بِإِذْنِ رَبِّنَا». طرفه 5745 39 - باب النَّفْثِ فِي الرُّقْيَةِ 5747 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا قَتَادَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «الرُّؤْيَا مِنَ اللَّهِ، وَالْحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ 5745 - 5746 - (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول للمريض) أي: في شأن المريض وعلاجه (تربة أرضنا بريقة بعضنا) مبتدأ وخبر، وحاصله أنه كان يأخذ بأصبعه ويضعه على التراب ثم يمسح به المريض، ويضع على موضع مرضه، قال النووي: المراد أرض المدينة شرفها [الله] وريق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قلت: الظاهر عموم الأرض لقوله في الحديث: "تمسحوا بالأرض فإنها بكم بَرَّة" ولفظ: بعضنا، إشارة إلى أهل الخير والصلاح، وقد ذكروا في وجه ما فعله من جمع الريق والتراب ووضعه على موضع الألم ما لا يعقل، حتى قيل: التراب إشارة إلى نشأة آدم، والريق إلى المني، والحق أن هذا سِرٌّ ألهمه الله إياه. باب النفث في الرقية 5747 - (مخلد) بفتح الميم وسكون الخاء (الرؤيا من الله والحلم من الشيطان) قال ابن الأثير: الرؤيا والحلم ما يراه النائم، إلا أن الرؤيا غلبت في الخير، والحلم في الشر،

فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَنْفِثْ حِينَ يَسْتَيْقِظُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ وَيَتَعَوَّذْ مِنْ شَرِّهَا، فَإِنَّهَا لاَ تَضُرُّهُ». وَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ وَإِنْ كُنْتُ لأَرَى الرُّؤْيَا أَثْقَلَ عَلَىَّ مِنَ الْجَبَلِ، فَمَا هُوَ إِلاَّ أَنْ سَمِعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ فَمَا أُبَالِيهَا. طرفه 3292 5748 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأُوَيْسِىُّ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ نَفَثَ فِي كَفَّيْهِ بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَبِالْمُعَوِّذَتَيْنِ جَمِيعًا، ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ، وَمَا بَلَغَتْ يَدَاهُ مِنْ جَسَدِهِ. قَالَتْ عَائِشَةُ فَلَمَّا اشْتَكَى كَانَ يَأْمُرُنِى أَنْ أَفْعَلَ ذَلِكَ بِهِ. قَالَ يُونُسُ كُنْتُ أَرَى ابْنَ شِهَابٍ يَصْنَعُ ذَلِكَ إِذَا أَتَى إِلَى فِرَاشِهِ. طرفه 5017 5749 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ أَبِى الْمُتَوَكِّلِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ أَنَّ رَهْطًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - انْطَلَقُوا فِي سَفْرَةٍ سَافَرُوهَا، حَتَّى نَزَلُوا بِحَىٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ فَاسْتَضَافُوهُمْ، فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمْ، فَلُدِغَ سَيِّدُ ذَلِكَ الْحَىِّ، فَسَعَوْا لَهُ بِكُلِّ شَىْءٍ لاَ يَنْفَعُهُ شَىْءٌ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَوْ أَتَيْتُمْ هَؤُلاَءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ قَدْ نَزَلُوا بِكُمْ، لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ شَىْءٌ. فَأَتَوْهُمْ فَقَالُوا يَا أَيُّهَا ـــــــــــــــــــــــــــــ وقد يستعمل كل منهما موضع الآخر، نسبه إلى الشيطان لأنه يفرح بذلك، أو لأنها تكون حادثة بوسوسة منه (فلينفث حين يستيقظ ثلاث مرات) أي: ليبصق، كما في رواية مسلم عن شماله ويتحول من شقه الذي كان نائمًا عليه تفاؤلًا بحسن الانتقال. 5748 - (الأويسي) بضم الهمزة، روى عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أوى إلى فراشه قرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] والمعوذتين ونفث في كفيه ومسح بهما في جسده، وقد أشرنا إلى أن فائدة المسح باليد بعد النفث وصول الهواء المختلط ببركة القرآن إلى جسده. 5749 - (أبو عوانة) -بفتح العين- الوضاح (أبو بشر) بكسر الموحدة وشين معجمة (أبو المتوكل) الساجي علي بن داود، روى حديث أبي سعيد حيث رقى اللديغ سيد الحي،

40 - باب مسح الراقى الوجع بيده اليمنى

الرَّهْطُ إِنَّ سَيِّدَنَا لُدِغَ، فَسَعَيْنَا لَهُ بِكُلِّ شَىْءٍ، لاَ يَنْفَعُهُ شَىْءٌ، فَهَلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ شَىْءٌ فَقَالَ بَعْضُهُمْ نَعَمْ، وَاللَّهِ إِنِّى لَرَاقٍ، وَلَكِنْ وَاللَّهِ لَقَدِ اسْتَضَفْنَاكُمْ فَلَمْ تُضَيِّفُونَا، فَمَا أَنَا بِرَاقٍ لَكُمْ حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلاً. فَصَالَحُوهُمْ عَلَى قَطِيعٍ مِنَ الْغَنَمِ، فَانْطَلَقَ فَجَعَلَ يَتْفُلُ وَيَقْرَأُ (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) حَتَّى لَكَأَنَّمَا نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ، فَانْطَلَقَ يَمْشِى مَا بِهِ قَلَبَةٌ. قَالَ فَأَوْفَوْهُمْ جُعْلَهُمُ الَّذِى صَالَحُوهُمْ عَلَيْهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمُ اقْسِمُوا. فَقَالَ الَّذِى رَقَى لاَ تَفْعَلُوا حَتَّى نَأْتِىَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَنَذْكُرَ لَهُ الَّذِى كَانَ، فَنَنْظُرَ مَا يَأْمُرُنَا. فَقَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرُوا لَهُ فَقَالَ «وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ أَصَبْتُمُ اقْسِمُوا وَاضْرِبُوا لِى مَعَكُمْ بِسَهْمٍ». طرفه 2276 40 - باب مَسْحِ الرَّاقِى الْوَجَعَ بِيَدِهِ الْيُمْنَى 5750 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُعَوِّذُ بَعْضَهُمْ يَمْسَحُهُ بِيَمِينِهِ «أَذْهِبِ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ، وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِى، لاَ شِفَاءَ إِلاَّ شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَمًا». فَذَكَرْتُهُ لِمَنْصُورٍ فَحَدَّثَنِى عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ بِنَحْوِهِ. طرفه 5675 ـــــــــــــــــــــــــــــ وشرط عليه قطيعًا من الغنم، وقد مرّ الحديث مرارًا, وقوله: (واضربوا لي معكم بسهم) إشارة إلى كمال الحل، وعدم الشبهة تطييبًا لقلوبهم (كأنما نشط من عقال) بضم النون على بناء المجهول قيل: صواب أنشط يقال: نشطته إذا عقلته، وأنشطته إذا حللته، وقيه إشارة إلى سرعة شفائه. باب مسح الراقي الوجع بيده اليمين الوجع -بكسر الجيم- الذي به الوجع مرادف المريض. 5750 - (أبي شيبة) بفتح الشين (مسلم) يجوز أن يكون البطين، وأن يكون مسلم بن صبيح؛ لأن كلًّا منهما يروي عن مسروق، روى حديث عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يمسح المريض إذا عاده وعوذه بالمعوذات, وإيثار اليمين لاشتقاقها من اليمن.

41 - باب فى المرأة ترقى الرجل

41 - باب فِي الْمَرْأَةِ تَرْقِى الرَّجُلَ 5751 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِىُّ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَنْفِثُ عَلَى نَفْسِهِ فِي مَرَضِهِ الَّذِى قُبِضَ فِيهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ، فَلَمَّا ثَقُلَ كُنْتُ أَنَا أَنْفِثُ عَلَيْهِ بِهِنَّ، فَأَمْسَحُ بِيَدِ نَفْسِهِ لِبَرَكَتِهَا. فَسَأَلْتُ ابْنَ شِهَابٍ كَيْفَ كَانَ يَنْفِثُ قَالَ يَنْفِثُ عَلَى يَدَيْهِ، ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ. طرفه 4439 42 - باب مَنْ لَمْ يَرْقِ 5752 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمًا فَقَالَ «عُرِضَتْ عَلَىَّ الأُمَمُ فَجَعَلَ يَمُرُّ النَّبِىُّ مَعَهُ الرَّجُلُ وَالنَّبِىُّ مَعَهُ الرَّجُلاَنِ، وَالنَّبِىُّ مَعَهُ الرَّهْطُ، وَالنَّبِىُّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ، وَرَأَيْتُ سَوَادًا كَثِيرًا سَدَّ الأُفُقَ فَرَجَوْتُ أَنْ يَكُونَ أُمَّتِى، فَقِيلَ هَذَا مُوسَى وَقَوْمُهُ. ثُمَّ قِيلَ لِى انْظُرْ. فَرَأَيْتُ سَوَادًا كَثِيرًا سَدَّ الأُفُقَ فَقِيلَ لِى انْظُرْ هَكَذَا وَهَكَذَا. فَرَأَيْتُ سَوَادًا كَثِيرًا سَدَّ الأُفُقَ فَقِيلَ هَؤُلاَءِ أُمَّتُكَ، وَمَعَ هَؤُلاَءِ سَبْعُونَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ». فَتَفَرَّقَ النَّاسُ وَلَمْ يُبَيَّنْ لَهُمْ، فَتَذَاكَرَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا أَمَّا نَحْنُ فَوُلِدْنَا فِي الشِّرْكِ، وَلَكِنَّا آمَنَّا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَلَكِنْ هَؤُلاَءِ هُمْ أَبْنَاؤُنَا، فَبَلَغَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «هُمُ الَّذِينَ لاَ يَتَطَيَّرُونَ، وَلاَ يَسْتَرْقُونَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ 5751 - ثم روى عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما ثقل كانت تقرأ عليه، وتنفث في يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم تمسح بها على جسده رجاء بركة يده (الجعفي) بضم الجيم (معمر) بفتح الميمين وسكون العين، قوله: (فذكرته لمنصور) القائل هو سفيان الثوري. باب من لم يرق 5752 - (حصين بن نمير) كلاهما مصغر، يروي عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى أمته سوادًا كثيرًا سد الأفق، مع هؤلاء سبعون ألفًا يدخلون الجنة بغير حساب، وهم الذين لا يرقون ولا يسترقون، وقد سلف مرارًا، وأشرنا إلى جواز الرقية، وأن هذا شأن المتوكلين الكمل

43 - باب الطيرة

وَلاَ يَكْتَوُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ». فَقَامَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ فَقَالَ أَمِنْهُمْ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «نَعَمْ». فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ أَمِنْهُمْ أَنَا فَقَالَ «سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ». طرفه 3410 43 - باب الطِّيَرَةِ 5753 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ عَدْوَى وَلاَ طِيَرَةَ، وَالشُّؤْمُ فِي ثَلاَثٍ فِي الْمَرْأَةِ، وَالدَّارِ، وَالدَّابَّةِ». طرفه 2099 5754 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ طِيَرَةَ، وَخَيْرُهَا الْفَأْلُ». قَالُوا وَمَا الْفَأْلُ قَالَ «الْكَلِمَةُ الصَّالِحَةُ يَسْمَعُهَا أَحَدُكُمْ». طرفه 5755 ـــــــــــــــــــــــــــــ (عكَّاشة) بضم العين وتشديد الكاف وتخفيفها (فقام رجل آخر) تقدم أنه سعد بن عبادة. فإن قلت: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سيد الخلق حتى الأنبياء، وكان يرقي نفسه وغيره؟ قلت: ذلك إما لبيان الجواز، أو لأن تعينه في أعلى الطبقات ليس له نظر إلى الأسباب، معصوم عن وسواس الشيطان بخلاف غيره. باب الطيرة بكسر الطاء على وزن العنبة، اسم من التطير وهو التشاؤم من الطير البادح، وهو الذي يمر من الجانب الأيمن، والسانح الذي يمر من الأيسر. 5753 - (لا عدوى) فعلى من العدوان، وهو التجاوز، كانوا يزعمون أن المرض بطبعه يعدي (والشؤم في ثلاث) تقدم أن شؤم المرأة سوء خلقها، وعدم الولادة، وشؤم الدار ضيقها وعدم طيب هواها وشرارة جيرانها، وشؤم الفرس كونها شموسًا، أو لا يجاهد عليها. 5754 - (لا طيرة وخيرها الفأل).

44 - باب الفأل

44 - باب الْفَأْلِ 5755 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ طِيَرَةَ، وَخَيْرُهَا الْفَأْلُ». قَالَ وَمَا الْفَأْلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «الْكَلِمَةُ الصَّالِحَةُ يَسْمَعُهَا أَحَدُكُمْ». طرفه 5754 5756 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ عَدْوَى وَلاَ طِيَرَةَ، وَيُعْجِبُنِى الْفَأْلُ الصَّالِحُ، الْكَلِمَةُ الْحَسَنَةُ». طرفه 5776 45 - باب لاَ هَامَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 5755 - فإن قلت: الطيرة ضد الفأل، وضمير خيرها للطيرة، فكيف يكون الفأل خيرًا من الطيرة؟ قلت: اسم التفضيل إذا أضيف لا يلزم أن يكون بعض ما أضيف إليه، بل ربما يقصد الزيادة المطلقة، وأجاب النووي: بأن الفأل يكون فيما يسر ويسوء، قلت: هذا إن صح لغة، فلا يصح في الحديث لذكره في مقابلة الطيرة، كيف وقد قال: (ويعجبني الفأل). 5756 - فإن قلت: الخير والشر كله بخلق الله وإرادته، فلم كان الفأل محبوبًا عنده دون الطيرة؟ قلت: الفأل يورث النفس حسن الأمل والرجاء، وعكسه الطيرة أقل ما يكون تورث النفس سآمة (قالوا: وما الفأل يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: كلمة صالحة يسمعها أحدكم) كما إذا كان مريضًا سمع إنسانًا يقول: سالم، أو كان طالب حاجة سمع من يقول يا نجاح. وفي رواية الترمذي "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا خرج لحاجة يعجبه أن يسمع يا راشد، يا نجيح". باب لا هامة ولا صفر تقدم مرارًا أن الكفار كانوا يزعمون أن عظام الميت أو روحه تصير طيرًا، وقيل: طائر يتشاءم به بومة أو غيرها، والصفر: داء في البطن أو هو تأخير محرم، وتقديم صفر كما في النسيء.

46 - باب الكهانة

5757 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَكَمِ حَدَّثَنَا النَّضْرُ أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ أَخْبَرَنَا أَبُو حَصِينٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ عَدْوَى، وَلاَ طِيَرَةَ، وَلاَ هَامَةَ، وَلاَ صَفَرَ». طرفه 5707 46 - باب الْكَهَانَةِ 5758 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَضَى فِي امْرَأَتَيْنِ مِنْ هُذَيْلٍ اقْتَتَلَتَا، فَرَمَتْ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى بِحَجَرٍ، فَأَصَابَ بَطْنَهَا وَهْىَ حَامِلٌ، فَقَتَلَتْ وَلَدَهَا الَّذِى فِي بَطْنِهَا فَاخْتَصَمُوا إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ـــــــــــــــــــــــــــــ 5757 - (الحكم) بفتح الحاء والكاف (النضر) بفتح النون وسكون معجمة (أبو حصين) -بفتح الحاء وكسر الصاد الصهملة- عثمان بن عاصم (عن أبي صالح) اسمه ذكوان. باب الكهانة بفتح الكاف وكسرها، والفتح إخبار عن المغيبات بإخبار قرينه من الجن من استراقة السمع، والتنجيم بأوضاع الكواكب، والعرافة بالنظر في أوضاع الشخص وأحواله، والرجم بمرور الطير والطرق بالحصا، أو بإيقاع الحصا، شعر: لعمرك ما تدري الطوارق بالحصا ... ولا زاجرات الطير ما الله صانع هذه الأمور من بدع الجاهلية كلها إلا القيافة، وهي إلحاق الولد بأبيه عند الالتباس، فإن الشرع قرره. 5758 - (عفير) بضم العين مصغر (قضى في امرأتين من هذيل) اسم قبيلة، أولاد هذيل بن مدركة بن إلياس، قال ابن عباس: اسم إحداهما مليكة، والأخرى أم غطيف بكسر الغين المعجمة وكسر الطاء، وقيل: أم عفيف بفتح العين المهملة، وفاءين بينهما ياء ساكنة، وهي الضاربة: (فاختصموا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي: أولياء المرأتين، وليس من قبيل {هَذَانِ خَصْمَانِ} [:]

فَقَضَى أَنَّ دِيَةَ مَا فِي بَطْنِهَا غُرَّةٌ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ، فَقَالَ وَلِىُّ الْمَرْأَةِ الَّتِى غَرِمَتْ كَيْفَ أَغْرَمُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ لاَ شَرِبَ، وَلاَ أَكَلَ، وَلاَ نَطَقَ، وَلاَ اسْتَهَلَّ، فَمِثْلُ ذَلِكَ يُطَلّ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّمَا هَذَا مِنْ إِخْوَانِ الْكُهَّانِ». أطرافه 5759، 5760، 6740، 6904، 6909، 6910 5759 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ امْرَأَتَيْنِ رَمَتْ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى بِحَجَرٍ فَطَرَحَتْ جَنِينَهَا، فَقَضَى فِيهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِغُرَّةٍ عَبْدٍ أَوْ وَلِيدَةٍ. طرفه 5758 5760 - وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَضَى فِي الْجَنِينِ يُقْتَلُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ بِغُرَّةٍ عَبْدٍ أَوْ وَلِيدَةٍ. فَقَالَ الَّذِى قُضِىَ عَلَيْهِ كَيْفَ أَغْرَمُ مَنْ لاَ أَكَلَ، وَلاَ شَرِبَ، وَلاَ نَطَقَ، وَلاَ اسْتَهَلَّ، وَمِثْلُ ذَلِكَ بَطَلْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّمَا هَذَا مِنْ إِخْوَانِ الْكُهَّانِ». طرفه 5758 ـــــــــــــــــــــــــــــ وإلا لكان القياس اختصمن (فقضى أن دية ما في بطنها غرة عبد أو أمة) الغرة لغة: بياض فوق الدرهم في جبهة الفرس، ولذلك قال أبو عمرو بن العلاء: يشترط في العبد والأمة البياض، وليس ذلك قيدًا في العبد والأمة عند الجمهور، بل أن يبلغ قيمتها نصف عشر الدية، وقال أحمد: تبلغ قيمة خمس من الإبل (كيف أغْرَمُ يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من لا أكل ولا نطق ولا استهل، ومثل ذلك يطل) بضم الياء على بناء المجهول، يقال: طل دمه وأطل إذا هدر، وفي رواية: بطل، بالباء الموحدة من البطلان (إن هذا من إخوان الكهان) وجه الشبه التكلف في السجع، فلا ينافي ما وقع في كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والبلغاء من الأسجاع، قال شيخنا: ينقسم على أربعة أقسام: المحمود منها ما كان من غير تكلف في نصرة حق، وكذا ما كان فيه تكلف ولكن يكون في حق، وعكسهما مذموم، وفي رواية مسلم: القائل حمل بن مالك، وفي رواية أحمد: عمرو بن تميم، ويجوز تعدد الواقعة والتوارد في الألفاظ. 5759 - (قتيبة) بضم القاف (أو وليدة) أي: جارية.

47 - باب السحر

5761 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ، وَمَهْرِ الْبَغِىِّ، وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ. طرفه 2237 5762 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَاسٌ عَنِ الْكُهَّانِ. فَقَالَ «لَيْسَ بِشَىْءٍ». فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُمْ يُحَدِّثُونَا أَحْيَانًا بِشَىْءٍ فَيَكُونُ حَقًّا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «تِلْكَ الْكَلِمَةُ مِنَ الْحَقِّ، يَخْطَفُهَا مِنَ الْجِنِّىِّ، فَيَقُرُّهَا فِي أُذُنِ وَلِيِّهِ، فَيَخْلِطُونَ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ». قَالَ عَلِىٌّ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مُرْسَلٌ، الْكَلِمَةُ مِنَ الْحَقِّ. ثُمَّ بَلَغَنِى أَنَّهُ أَسْنَدَهُ بَعْدَهُ. طرفه 3210 47 - باب السِّحْرِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 5761 - (ابن عيينة) بضم العين مصغر (نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ثمن الكلب) صريح في عدم جواز بيعه كما قاله الشافعي ومن وافقه (ومهر البغي) أي: أجرة الزنى على سبيل الاستعارة (وحلوان الكاهن) -بضم الحاء- ما يأخذه على عمل الكهانة. 5762 - (سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ناس عن الكهان فقال: ليس بشيء) أي: ما يقوله ليس من الحق في شيء، وفي بعضها: "ليسوا بشيء" وهذا أظهر وأبلغ؛ لأن السؤال عن الكهان (تلك الكلمة يخطفها الجني) أي: ما يصدق فيه تلك الكلمة، والخطف: أخذ الشيء بسرعة (فيقرها في أذن وليه) بفتح الياء وضمها. أي: يرددها في أذنه ليفهمها، ويدل عليه الرواية الأخرى "فيقروها" وقيل: يقرها أي: ينقلها إليه مع صوت، من قرت الدجاجة إذا صوتت، وقد رواها بعضهم بالزاي المعجمة بدل الراء (فيجعلون معها مئة كذبة) ليس الكلام على ظاهره، بل المراد الكثرة (قال عبد الرزاق الكلمة من الحق) مرسل أي: رواه أولًا مرسلًا ثم أسنده، وعلي هو المديني شيخ البخاري. باب السحر السحر: أمر خارق من نفس شريرة، بواسطة أقوال وأفعال محرمة، بل ربما يكون

عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ). وَقَوْلِهِ تَعَالَى (وَلاَ يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى). وَقَوْلِهِ (أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ). وَقَوْلِهِ (يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى). وَقَوْلِهِ (وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ) وَالنَّفَّاثَاتُ السَّوَاحِرُ. (تُسْحَرُونَ) تُعَمَّوْنَ. 5763 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ سَحَرَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ مِنْ بَنِى زُرَيْقٍ يُقَالُ لَهُ لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ، حَتَّى كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّىْءَ وَمَا فَعَلَهُ، حَتَّى إِذَا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ أَوْ ذَاتَ لَيْلَةٍ وَهْوَ عِنْدِى لَكِنَّهُ دَعَا وَدَعَا ثُمَّ قَالَ «يَا عَائِشَةُ، أَشَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ أَفْتَانِى فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ، أَتَانِى رَجُلاَنِ فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِى، وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَىَّ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ مَا وَجَعُ الرَّجُلِ فَقَالَ مَطْبُوبٌ. قَالَ: ـــــــــــــــــــــــــــــ [...]. واستدل البخاري عن حقيقته بالآيات، وحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسحر سحرته اليهود، والحديث سلف في أبواب الجهاد. 5763 - (رجل من بني زريق) -بضم المعجمة بعدها مهملة- طائفة من الأنصار، وذكر فيما بعد أنه كان منافقًا حليف اليهود (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخيل إليه) بضم الياء على بناء المجهول (أنه يفعل الشيء وما فعله) أي: يظن أنه أتى النساء ولم يكن كذلك (إذا كان ذاتُ يوم) بالرفع اسم كان، ولفظ ذات مقحم، ويروى بالنصب على أن في كان ضمير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (لكنه دعا ودعا) استدراك من قول عائشة: (وهو عندي) أي: كان عندي لكن لم يكن مشغولًا بي. (أفتاني فيما استفتيته) كأنه سأل معرفة ما هو فيه (ما وجع الرجل؟ قال: مطبوب) أي: مسحور. عبروا عن السحر بالطب تفاؤلًا كما قالوا في اللديغ: سليم، وقد جاء في رواية أن

مَنْ طَبَّهُ قَالَ لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ. قَالَ فِي أَىِّ شَىْءٍ قَالَ فِي مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ، وَجُفِّ طَلْعِ نَخْلَةٍ ذَكَرٍ. قَالَ وَأَيْنَ هُوَ قَالَ فِي بِئْرِ ذَرْوَانَ». فَأَتَاهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَجَاءَ فَقَالَ «يَا عَائِشَةُ كَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الْحِنَّاءِ، أَوْ كَأَنَّ رُءُوسَ نَخْلِهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلاَ أَسْتَخْرِجُهُ قَالَ «قَدْ عَافَانِى اللَّهُ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُثَوِّرَ عَلَى النَّاسِ فِيهِ شَرًّا». فَأَمَرَ بِهَا فَدُفِنَتْ. تَابَعَهُ أَبُو أُسَامَةَ وَأَبُو ضَمْرَةَ وَابْنُ أَبِى الزِّنَادِ عَنْ هِشَامٍ. وَقَالَ اللَّيْثُ وَابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامٍ فِي مُشْطٍ وَمُشَاقَةٍ. يُقَالُ الْمُشَاطَةُ مَا يَخْرُجُ مِنَ الشَّعَرِ إِذَا مُشِطَ، وَالْمُشَاقَةُ مِنْ مُشَاقَةِ الْكَتَّانِ. طرفه 3175 ـــــــــــــــــــــــــــــ السائل ميكائيل، والمجيب جبريل (في مشط ومشاطة) المشاطة بضم الميم: ما سقط من شعر الرأس واللحية إذا سرح (وجُف طلع نخلة ذكر) بضم الجيم وعاء الطلع، والنخل منه ذكر ومنه أنثى يروى بإضافة النخل بالتنوين، وجُب -بضم الجيم والباء الموحدة، وبالفاء موضع الباء- والمعنى واحد (في بئر ذروان) كذا وقع هنا. في رواية الجهاد "ذي أروان"، وكذا في رواية مسلم، قال النووي: وكلاهما صحيح، والثاني أجود، وهي بئر في بستان بني زريق (كأن ماءَها نُقاعة الحناء) -بضم النون وتخفيف القاف- الماء الذي ينقع فيه الحناء. (أفلا استخرجته؟ قال: قد عافاني الله فكرهت أن أثير على الناس فيه شرًّا) ظاهره أنه لم يخرجه، وليس كذلك، بل في رواية البخاري بعده أنه أخرجه، والمراد أنه لم يشهده، فإنه يوجب وقوع الفتنة بين المسلم واليهود، وكانوا أهل عهد. قال بعض الشارحين: أراد بالشر تعليم المنافق السحر، وهذا الذي قاله شيء لا يعقل، فإن مجرد رؤية ذلك لا يستلزم معرفة السحر، بل لا بد له من كلمات ونفث، ومن يريد تعلم السحر تعلمه من أهله. (أبو أسامة) -بضم الهمزة- حماد بن أسامة (أبو ضمرة) -بفتح الضاد وسكون الميم- أنس بن عياض (عن أبي الزناد) -بكسر الزاي بعدها نون- عبد الله بن ذكوان (كأن رؤوس نخلها رؤوس الشياطين) تغرز في النفوس قبح الشياطين كما تغرز حسن الملائكة، والغرض في التشبيه إظهار غاية القباحة (ومشاتة) -بضم الميم والتخفيف- ما يقع من الكتّان إذا مشط.

48 - باب الشرك والسحر من الموبقات

48 - باب الشِّرْكُ وَالسِّحْرُ مِنَ الْمُوبِقَاتِ 5764 - حَدَّثَنِى عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِى الْغَيْثِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «اجْتَنِبُوا الْمُوبِقَاتِ الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ». طرفه 2766 49 - باب هَلْ يَسْتَخْرِجُ السِّحْرَ وَقَالَ قَتَادَةُ قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ رَجُلٌ بِهِ طِبٌّ أَوْ يُؤَخَّذُ عَنِ امْرَأَتِهِ أَيُحَلُّ عَنْهُ أَوْ يُنَشَّرُ. قَالَ لاَ بَأْسَ بِهِ، إِنَّمَا يُرِيدُونَ بِهِ الإِصْلاَحَ، فَأَمَّا مَا يَنْفَعُ فَلَمْ يُنْهَ عَنْهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: كان وقت هذا بعد الحديبية، وكان مدته أربعين يومًا وقيل: ستة أشهر، وقيل: سنة، وفي رواية: بعث عليًّا وعمارًا فأخرجاه. ووجه الجمع أنه أرسلهما أولًا، ثم ذهب بنفسه، ولا يقدح هذا في نبوته؛ لأنه مرض يتعلق ببدنه كسائر الأمراض. باب السحر والشرك من الموبقات المهلكات، يريد أكبر الكبائر كما جاء في الرواية الأخرى، وهن سبع: الشرك والسحر، وقتل النفس التي حرمها الله وأكل مال اليتيم، وأكل الربا، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات. فإن قلت: الحديث بطوله رواه في كتاب الوصايا بهذا الإسناد فلِمَ اختصره هنا؟ قلت: إشارة إلى أن السبع الموبقات الشرك والسحر أكبرها. 5764 - (ثور) بالثاء المثلثة بلفظ الحيوان المعروف (عن أبي الغيث) مرادف المطر، اسمه سالم. باب هل يستخرج السحر؟ (رجل به طب) بكسر الطاء، أي: سحر (أو يؤخَّذ عن امرأته) بتشديد الخاء من الأُخذة بضم الهمزة: الرقية التي يسحر بها (يُحل عنه) بضم الياء على بناء المجهول أي: يزال (أو يُنَشَّر) بضم الياء والتشديد أي: يعالج بالنشر، قال ابن الأثير: بضم النون ضرب من الرقية، قال: وسميت به؛ لأنه ينشر بها عنه ما خامره من الداء.

50 - باب السحر

5765 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ يَقُولُ أَوَّلُ مَنْ حَدَّثَنَا بِهِ ابْنُ جُرَيْجٍ يَقُولُ حَدَّثَنِى آلُ عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ فَسَأَلْتُ هِشَامًا عَنْهُ فَحَدَّثَنَا عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سُحِرَ حَتَّى كَانَ يَرَى أَنَّهُ يَأْتِى النِّسَاءَ وَلاَ يَأْتِيهِنَّ. قَالَ سُفْيَانُ وَهَذَا أَشَدُّ مَا يَكُونُ مِنَ السِّحْرِ إِذَا كَانَ كَذَا. فَقَالَ «يَا عَائِشَةُ أَعَلِمْتِ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَفْتَانِى فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ، أَتَانِى رَجُلاَنِ فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِى، وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَىَّ، فَقَالَ الَّذِى عِنْدَ رَأْسِى لِلآخَرِ مَا بَالُ الرَّجُلِ قَالَ مَطْبُوبٌ. قَالَ وَمَنْ طَبَّهُ قَالَ لَبِيدُ بْنُ أَعْصَمَ، رَجُلٌ مِنْ بَنِى زُرَيْقٍ حَلِيفٌ لِيَهُودَ، كَانَ مُنَافِقًا. قَالَ وَفِيمَ قَالَ فِي مُشْطٍ وَمُشَاقَةٍ. قَالَ وَأَيْنَ قَالَ فِي جُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ، تَحْتَ رَعُوفَةٍ، فِي بِئْرِ ذَرْوَانَ». قَالَتْ فَأَتَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْبِئْرَ حَتَّى اسْتَخْرَجَهُ فَقَالَ «هَذِهِ الْبِئْرُ الَّتِى أُرِيتُهَا، وَكَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الْحِنَّاءِ، وَكَأَنَّ نَخْلَهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ». قَالَ فَاسْتُخْرِجَ، قَالَتْ فَقُلْتُ أَفَلاَ أَىْ تَنَشَّرْتَ. فَقَالَ «أَمَا وَاللَّهِ فَقَدْ شَفَانِى، وَأَكْرَهُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ شَرًّا». طرفه 3175 50 - باب السِّحْرِ 5766 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سُحِرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى إِنَّهُ لَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّىْءَ وَمَا فَعَلَهُ، حَتَّى إِذَا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ وَهْوَ عِنْدِى دَعَا اللَّهَ وَدَعَاهُ، ثُمَّ قَالَ «أَشَعَرْتِ يَا عَائِشَةُ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَفْتَانِى فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ». قُلْتُ وَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «جَاءَنِى رَجُلاَنِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: فقد روى أبو داود وأحمد: "النشرة من الشيطان"؟ قلت: أراد ما لا حل لها وهو السحر، ومنعه طائفة مطلقًا، وقالوا: لا يعرف حلها إلا من كان ساحرًا. 5765 - 5766 - ثم روى حديث عائشة في سحر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد تقدم آنفًا، وفيه زيادة ألفاظ (تحث رَعُوفَة) بفتح الراء وضم العين، وفي بعضها "راعوفة". قال ابن الأثير: هو

51 - باب من البيان سحرا

فَجَلَسَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِى وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَىَّ، ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ مَا وَجَعُ الرَّجُلِ قَالَ مَطْبُوبٌ. قَالَ وَمَنْ طَبَّهُ قَالَ لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ، الْيَهُودِىُّ مِنْ بَنِى زُرَيْقٍ. قَالَ فِيمَا ذَا قَالَ فِي مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ، وَجُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ. قَالَ فَأَيْنَ هُوَ قَالَ فِي بِئْرِ ذِى أَرْوَانَ». قَالَ فَذَهَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ إِلَى الْبِئْرِ، فَنَظَرَ إِلَيْهَا وَعَلَيْهَا نَخْلٌ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى عَائِشَةَ فَقَالَ «وَاللَّهِ لَكَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الْحِنَّاءِ، وَلَكَأَنَّ نَخْلَهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَأَخْرَجْتَهُ قَالَ «لاَ، أَمَّا أَنَا فَقَدْ عَافَانِى اللَّهُ وَشَفَانِى، وَخَشِيتُ أَنْ أُثَوِّرَ عَلَى النَّاسِ مِنْهُ شَرًّا». وَأَمَرَ بِهَا فَدُفِنَتْ. طرفه 3175 51 - باب مِنَ الْبَيَانِ سِحْرًا 5767 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما أَنَّهُ قَدِمَ رَجُلاَنِ مِنَ الْمَشْرِقِ، فَخَطَبَا، فَعَجِبَ النَّاسُ لِبَيَانِهِمَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْرًا - أَوْ - إِنَّ بَعْضَ الْبَيَانِ لَسِحْرٌ». طرفه 5146 ـــــــــــــــــــــــــــــ حجر يكون في أصل البئر يصعد عليه من ينقي البئر، وقيل: يكون على رأس البئر، والأول هو الصواب لقوله (تحت رعوفة في بئر)، (أفلا تنشرت) على وزن تكَسّرت أي: هلا بالغت في نشره وإظهاره، وحمله على النشر -وهي الرقية التي يحل بها المسحور- غلط في هذا المقام لقوله بعده: (أما والله فقد شفاني وأكره أن أثير على أحد من الناس شرًّا، قلت: أفأخرجته؟ قال: لا) قد أشرنا إلى أن مراده من عدم الإخراج عدم الإظهار جمعًا بين الروايتين لما تقدم صريحًا في إخراجه، وما يقال: إن الإخراج يتعلق بالجف، وعدم الإخراج بما في داخل الجف ترده رواية ابن عباس: وجدرا في الجف وترًا فيه إحدى عشرة عقدة فانحلت عند قراءة المعوذتين". باب إن من البيان سحرًا 5767 - (قدم رجلان من المشرق فخطبا) أحدهما زبرقان بن بدر، والآخر عمرو بن الأهتم (إن من البيان سحرًا) أي: كأنه سحر في اللطافة والأخذ بقلوب الناس، وهذا معروف عند البلغاء، قيل: أراد بهذا الكلام الذم، وإليه مال مالك، ولذلك ذكره في "الموطأ" في باب ما يكره من السحر،، والأظهر أنه مدح إذ لو كان مذمومًا لنهى عنه، والحق أنه يدخل في باب المدح والذم، فإن أراد تشييد الحق كان حسنًا، وإن أراد تغطية الحق كان مذمومًا، كما

52 - باب الدواء بالعجوة للسحر

52 - باب الدَّوَاءِ بِالْعَجْوَةِ لِلسِّحْرِ 5768 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ أَخْبَرَنَا هَاشِمٌ أَخْبَرَنَا عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنِ اصْطَبَحَ كُلَّ يَوْمٍ تَمَرَاتٍ عَجْوَةً، لَمْ يَضُرُّهُ سَمٌّ وَلاَ سِحْرٌ ذَلِكَ الْيَوْمَ إِلَى اللَّيْلِ». وَقَالَ غَيْرُهُ «سَبْعَ تَمَرَاتٍ». طرفه 5445 5769 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ هَاشِمٍ قَالَ سَمِعْتُ عَامِرَ بْنَ سَعْدٍ سَمِعْتُ سَعْدًا - رضى الله عنه - يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَنْ تَصَبَّحَ سَبْعَ تَمَرَاتٍ عَجْوَةً، لَمْ يَضُرُّهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ سَمٌّ وَلاَ سِحْرٌ». طرفه 5445 53 - باب لاَ هَامَةَ 5770 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ ـــــــــــــــــــــــــــــ أشار إليه في باب الخصومة: "ربما يكون أحدكم ألحن بحجته". باب الدواء بالعجوة من السحر العجوة -بفتح العين- أجود أنواع التمر، وهذا النوع قيل: غرس لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الجنة. 5768 - (من اصطبح كل يوم تمرات عجوة) أي: أكلها في الصباح أطلقه هنا، وفي الرواية بعدها "سبع تمرات" (لم يضره سم ولا سحر) هذا شيء لا يعلم سره إلا الله ورسوله بإلهام الله إياه، واتفقوا على أنه مخصوص بعجوة المدينة لما صرح به في الحديث، وما جاء مطلقًا فيحمل عليه. 5769 - (أبو أسامة) بضم الهمزة. باب لا هامة

عَدْوَى، وَلاَ صَفَرَ، وَلاَ هَامَةَ». فَقَالَ أَعْرَابِىٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا بَالُ الإِبِلِ تَكُونُ فِي الرَّمْلِ كَأَنَّهَا الظِّبَاءُ، فَيُخَالِطُهَا الْبَعِيرُ الأَجْرَبُ فَيُجْرِبُهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «فَمَنْ أَعْدَى الأَوَّلَ». طرفه 5707 5771 - وَعَنْ أَبِى سَلَمَةَ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ بَعْدُ يَقُولُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يُورِدَنَّ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ». وَأَنْكَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ حَدِيثَ الأَوَّلِ قُلْنَا أَلَمْ تُحَدِّثْ أَنَّهُ لاَ عَدْوَى فَرَطَنَ بِالْحَبَشِيَّةِ. قَالَ أَبُو سَلَمَةَ فَمَا رَأَيْتُهُ نَسِىَ حَدِيثًا غَيْرَهُ. طرفه 5774 ـــــــــــــــــــــــــــــ 5771 - أحاديث هذه الأبواب تقدمت مرارًا، وأشرنا إلى أن هامة اسم طائر، قيل: هو البومة، وقيل: غيرها، وقيل: كان أهل الجاهلية يزعمون أن عظام الميت وقيل: روحه تصير طيرًا، وقيل: كانوا يزعمون أن القتيل إذا لم يؤخذ بثأره خرجت من رأسه دودة تدور حول قبره تقول: اسقوني، فإذا أدرك ثأره ذهبت وإلا بقيت، وقيل: تدور سبعة أيام ثم تذهب، والعدوى: اسم من الإعداء، كانوا يزعمون الداء يعدي بطبعه إلى الآخر إذا خالط، وصفر: حية في بطن الإنسان إذا جاع تؤذيه، أو هو تقديم صفر على محرم كما ذكرنا في النسيء (لا يُورِدَنَّ ممرض على مصح) الممرض -بضم الميم الأول وسكون الثاني- من كان إبله مرضى، قال ابن الأثير: الإيراد الإتيان بالإبل على الماء، ولم يكن هذا المنع لأجل الإعداء لأنه أبطله صريحًا، وإنما منعه لأنه ربما وقع ذلك بإجراء عادة الله فيقع صاحبها في الفتنة، ألا ترى إلى قوله: (من أعدى الأول؟) دفعًا لتلك الوسوسة (وأنكر أبو هريرة الحديث الأول) وهو حديث: (لا عدوى) لأنه خالف ما رواه من حديث الممرض (قلنا: ألم تحدث أنه لا عدوى؟ فرطن بالحبشية) قال ابن الأثير: الرطان -بفتح الراء وكسرها- كلام لا يفهمه جمهور الناس، والعرب تخصه غالبًا بكلام العجم (فما رأيته نسي حديثًا غيره). فإن قلت: قد تقدم من كلام أبي هريرة أنه لم ينس شيئًا بعد ما بسط رداءه، وغرف فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قلت: المراد شيئًا ما لا يتذكره، وهنا قد تذكره ولذلك فطن، وذهب بعضهم إلى أن حديث: "لا عدوى" ناسخ لحديث: "لا يوردن ممرض" ولا يصح هذا إذ يتوقف على العلم بسبق التاريخ ولا سبيل إليه، وأيضًا إنما يصار إلى النسخ إذا لم يمكن الجمع، وقد أشرنا إلى وجه الجمع.

54 - باب لا عدوى

54 - باب لاَ عَدْوَى 5772 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَحَمْزَةُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ عَدْوَى، وَلاَ طِيَرَةَ، إِنَّمَا الشُّؤْمُ فِي ثَلاَثٍ فِي الْفَرَسِ، وَالْمَرْأَةِ، وَالدَّارِ». طرفه 2099 5773 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ عَدْوَى». طرفه 5707 5774 - قَالَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تُورِدُوا الْمُمْرِضَ عَلَى الْمُصِحِّ». طرفه 5771 5775 - وَعَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سِنَانُ بْنُ أَبِى سِنَانٍ الدُّؤَلِىُّ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ عَدْوَى». فَقَامَ أَعْرَابِىٌّ فَقَالَ أَرَأَيْتَ الإِبِلَ تَكُونُ فِي الرِّمَالِ أَمْثَالَ الظِّبَاءِ فَيَأْتِيهِ الْبَعِيرُ الأَجْرَبُ فَتَجْرَبُ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «فَمَنْ أَعْدَى الأَوَّلَ». طرفه 5707 5776 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ عَدْوَى، وَلاَ طِيَرَةَ، وَيُعْجِبُنِى الْفَأْلُ». قَالُوا وَمَا الْفَأْلُ قَالَ «كَلِمَةٌ طَيِّبَةٌ». طرفه 5756 ـــــــــــــــــــــــــــــ 5772 - 5773 - 5774 - 5775 - 5776 - (عفير) بضم العين مصغر (ويعجبني الفأل، قالوا: وما الفأل؟ قال: كلمة طيبة) بحسب حال السامع كما إذا كان مريضًا سمع إنسانًا يقول: يا سالم، أو كان على السفر سمع يا راشد أو نجيح.

55 - باب ما يذكر فى سم النبى - صلى الله عليه وسلم -

55 - باب مَا يُذْكَرُ فِي سَمِّ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - رَوَاهُ عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 5777 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ لَمَّا فُتِحَتْ خَيْبَرُ أُهْدِيَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَاةٌ فِيهَا سَمٌّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اجْمَعُوا لِى مَنْ كَانَ هَا هُنَا مِنَ الْيَهُودِ». فَجُمِعُوا لَهُ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنِّى سَائِلُكُمْ عَنْ شَىْءٍ فَهَلْ أَنْتُمْ صَادِقِىَّ عَنْهُ». فَقَالُوا نَعَمْ يَا أَبَا الْقَاسِمِ. فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ أَبُوكُمْ». قَالُوا أَبُونَا فُلاَنٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «كَذَبْتُمْ بَلْ أَبُوكُمْ فُلاَنٌ». فَقَالُوا صَدَقْتَ وَبَرِرْتَ. فَقَالَ «هَلْ أَنْتُمْ صَادِقِىَّ عَنْ شَىْءٍ إِنْ سَأَلْتُكُمْ عَنْهُ». فَقَالُوا نَعَمْ يَا أَبَا الْقَاسِمِ، وَإِنْ كَذَبْنَاكَ عَرَفْتَ كَذِبَنَا كَمَا عَرَفْتَهُ فِي أَبِينَا. قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ أَهْلُ النَّارِ». فَقَالُوا نَكُونُ فِيهَا يَسِيرًا، ثُمَّ تَخْلُفُونَنَا فِيهَا. فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اخْسَئُوا فِيهَا، وَاللَّهِ لاَ نَخْلُفُكُمْ فِيهَا أَبَدًا». ثُمَّ قَالَ لَهُمْ «فَهَلْ أَنْتُمْ صَادِقِىَّ عَنْ شَىْءٍ إِنْ سَأَلْتُكُمْ عَنْهُ». قَالُوا نَعَمْ. فَقَالَ «هَلْ جَعَلْتُمْ فِي هَذِهِ الشَّاةِ سُمًّا». فَقَالُوا نَعَمْ. فَقَالَ «مَا حَمَلَكُمْ عَلَى ذَلِكَ». فَقَالُوا أَرَدْنَا إِنْ كُنْتَ كَذَّابًا نَسْتَرِيحُ مِنْكَ، وَإِنْ كُنْتَ نَبِيًّا لَمْ يَضُرَّكَ. طرفه 3169 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ما يذكر في سَم النبي - صلى الله عليه وسلم - بفتح السين مصدر مضاف إلى المفعول، وأما اسم ذلك فالسم بالحركات الثلاث. 5777 - (أُهديت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - شاة فيها سم) قد تقدم الحديث في غزوة خيبر، وذكرنا أن المرأة التي أهدتها هي أخت مرحب أو غيرها، وأن رواية أنها لم تقتل لا تنافي الرواية الآمرة بقتلها، فإنه لم يقتلها أولًا، ثم لما مات بعض أصحابه الذين أكلوا منها قتلها قصاصًا. (فهل أنتم صادقي) وفي رواية: "صادقوني" وقال ابن مالك: نون الوقاية أصلها أن تلحق الأسماء المضافة، إلا أنها تركت تخفيفًا، فربما نبهوا عن ذلك الأصل (صدقت وبررت) أي: أتيت بالخير الكثير من البر ضد البحر قاله صاحب "الكشاف" (وإن كنت نبيًّا لم يضرك) هذا إما جهل منهم، فإن الأنبياء فيما يتعلق بأمر المعاش من الصحة والمرض كسائر الناس، وإما كذب منهم تعللوا به.

56 - باب شرب السم، والدواء به، وبما يخاف منه

56 - باب شُرْبِ السُّمِّ، وَالدَّوَاءِ بِهِ، وَبِمَا يُخَافُ مِنْهُ 5778 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ ذَكْوَانَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَهْوَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، يَتَرَدَّى فِيهِ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ تَحَسَّى سَمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَسَمُّهُ فِي يَدِهِ، يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ، فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ، يَجَأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا». طرفه 1365 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: ما الحكمة في أنه كلمه ذراع الشاة بعدما تناول منه ولم يخبر قبل؟ قلت: الأمر بيد الله، وأراد أن يجمع إلى شرف الرسالة منزلة الشهادة. باب شرب السم والدواء به وبما يخاف منه وفي بعضها: وما يخاف منه، وفي بعضها: بدون إعادة الجار، وهذا شائع عند الكوفيين (والخبيث) قال الخطابي: خبث الدواء إما شرعي كالخمر وغيره من النجاسات، أو طبيعي مما يستكره. 5778 - (من تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم) التردي: السقوط ولا يؤاخذ به لأنه غير اختياري، والمراد أردى نفسه فتردى. وإنما يفعل به ذلك الفعل؛ لأنه اختار لنفسه ذلك العذاب في الدنيا، والناس مجزيون بأعمالهم، وقس على التحسي وقتل النفس، والتحسي: التجرع (فحديدته في يده يجأ بها) بضم الياء على بناء المجهول، وبفتح الياء أيضًا من الوِجاء بكسر الواو: دق خصية الفحل، والمراد ضرب حديدته في بطنه. وظاهر اللفظ أنها الحديدة التي قتل بها نفسه. فإن قلت: (خالدًا مخلدًا) كيف يصح مع قوله: "من قال لا إله إلا الله دخل الجنة"؟ قلت: أجابوا بأن المراد من الخلود المكث الطويل، وفيه بعد؛ لأن الخلود إذا أُكِّد يراد به

57 - باب ألبان الأتن

5779 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ بَشِيرٍ أَبُو بَكْرٍ أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ هَاشِمٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَنِ اصْطَبَحَ بِسَبْعِ تَمَرَاتٍ عَجْوَةٍ لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ سَمٌّ وَلاَ سِحْرٌ». طرفه 5445 57 - باب أَلْبَانِ الأُتُنِ 5780 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى إِدْرِيسَ الْخَوْلاَنِىِّ عَنْ أَبِى ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِىِّ رضى الله عنه قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِى نَابٍ مِنَ السَّبُعِ. قَالَ الزُّهْرِىُّ وَلَمْ أَسْمَعْهُ حَتَّى أَتَيْتُ الشَّأْمَ. طرفه 5530 5781 - وَزَادَ اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ وَسَأَلْتُهُ هَلْ نَتَوَضَّأُ أَوْ نَشْرَبُ أَلْبَانَ الأُتُنِ أَوْ مَرَارَةَ السَّبُعِ أَوْ أَبْوَالَ الإِبِلِ. قَالَ قَدْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَتَدَاوَوْنَ بِهَا، فَلاَ يَرَوْنَ بِذَلِكَ بَأْسًا، فَأَمَّا أَلْبَانُ الأُتُنِ فَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ لُحُومِهَا، وَلَمْ يَبْلُغْنَا عَنْ أَلْبَانِهَا أَمْرٌ وَلاَ نَهْىٌ، وَأَمَّا مَرَارَةُ السَّبُعِ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلاَنِىُّ أَنَّ أَبَا ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِىَّ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِى نَابٍ مِنَ السَّبُعِ. طرفه 5530 ـــــــــــــــــــــــــــــ الدوام، بل محمول على الاستحلال، واستدل بعضهم على أن من قتل إنسانًا بشيء يقتل به، وهو ضعيف نبه على ضعفه النووي. باب ألبان الأتن 5780 - (عن أبي إدريس الخولاني) عائذ الله (عن أبي ثعلبة) واسمه جرثوم، أو جرهم الخشني، قال ابن عبد البر: نسبة إلى خشين بالخاء المعجمة، وهو وائل بن النمر بن وبر (قال: وسألته) السائل يونس، سأل الزهري، فأجاب بقوله: (كان المسلمون يتداوون بها) أي: بأبوال الإبل كما في حديث العرنيين، وأما (ألبان الأتن) -بضم الهمزة- والتاء جمع أتان- الأنثى من الحمير (بلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن لحومها) أي: عن أكل لحومها، ولم يبلغنا عن ألبانها أمر ولا نهي.

58 - باب إذا وقع الذباب فى الإناء

58 - باب إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي الإِنَاءِ 5782 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عُتْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ مَوْلَى بَنِى تَيْمٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ مَوْلَى بَنِى زُرَيْقٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ، فَلْيَغْمِسْهُ كُلَّهُ، ثُمَّ لْيَطْرَحْهُ، فَإِنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ شِفَاءً وَفِى الآخَرِ دَاءً». طرفه 3320 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: حرمة اللحم مستلزمة لحرمة اللبن لتولده منه؟ قلت: ربما يمنع ذلك، [قياسًا على لبن] الآدمي، والحق أن طهارة لبن الآدمي لشرفه، وأما توقف الزهري فإنه بناء على اختلافهم في علة حرمة اللحم، فإن طائفة قالوا: إنما نهى لكونها حمولة لا لنجاستها. باب إذا وقع الذباب في الإناء 5782 - (قتيبة) بضم القاف مصغر (عتبة) بضم العين وسكون المثناة فوق (عبيد بن حنين) بتصغير الاثنين، وكذا (زريق) بضم المعجمة بعدها مهملة (إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه كله ثم ليطرحه فإن في إحدى جناحيه شفاء والأخرى داء) وفي رواية أبي داود وابن خزيمة وابن حبان: "يتقي بجناحه الذي فيه الداء" قيل: والجناح الذي فيه الداء هو الجناح الأيسر، والداء هو السم صرح به في رواية، وإذا غمس فيه كله ما كان فيه الشفاء يدفع ما حصل من الداء كالعقرب يداوى لدغه بسمه، سبحان من دقت حكمته في كل شيء، وما قيل: مثل هذا الحيوان كيف يهتدي إلى هذا، أو كيف يجتمع الداء والدواء فيه، فمما لا يلتفت إليه؛ لأن الكل بإرادته تعالى، ونسبة القدرة إلى الكل سواء.

77 - كتاب اللباس

77 - كتاب اللباس 1 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِى أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ) وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «كُلُوا وَاشْرَبُوا وَالْبَسُوا وَتَصَدَّقُوا، فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلاَ مَخِيلَةٍ». وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ كُلْ مَا شِئْتَ وَالْبَسْ مَا شِئْتَ، مَا أَخْطَأَتْكَ اثْنَتَانِ سَرَفٌ أَوْ مَخِيلَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كِتَابُ اللِّبَاس باب قوله تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ} [الأعراف: 32] استدلاله بالآية ظاهر في إباحة كل ملبوس إلا ما أخرجه سائر النصوص (كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا من غير إسراف ولا مخيلة) بفتح الميم مصدر خال إذا تكسر كالخيلاء. فإن قلت: لا إسراف في التصدق ذكره العلماء، فكيف فيه التصدق به؟ قلت: ليس قيدًا للصدقة، بل للأمور المذكورة قبله أو يحمل الإسراف فيه على ما إذا كان له أهل محتاجون، أو ذو قرابة، وأما المخيلة فيمكن وجودها في التصدق؛ لأن كثيرًا من الناس يفعله رياءً (وقال ابن عباس: كُلْ والبس، ما أخطأتك خصلتان) ما مصدرية بمعنى الدوام، أي: ما دام يجاوز الخصلتين عنك لا ضرر عليك في أي وجه كان. وقال بعض الشارحين: معناه لم تجاوز عنك خصلتان ثم قال: أو ما نافية أي: لم يوقعك في الإثم إلا ثنتان، وكلاهما فاسد أما الأول؛ فلأن غرض الشارع أن تجاوز الخصلتين عنه كاف في باب التقوى، وقد فسره هذا القائل بعكسه، وأيضًا لا دلالة للفظ على النفي، فإنه جعل ما نافية في الوجه الثاني المقابل له، فمن أين ذلك النفي؟! وأما الثاني: فإنه يلزم أن يكون تقديره: كل والبس لم توقعك في الإثم الخصلتان، وفساده لائح، ولا معنى له في نفسه أيضًا. فإن قلت: كان الظاهر الواو بسرف ومخيلة؟ قلت: قيل: أو بمعنى الواو، ولا حاجة إليه فإن الإخطاء فيه معنى النفي، ونفي واحد لا بعينه يفيد العموم كقوله تعالى: {وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} [الإنسان: 24].

2 - باب من جر إزاره من غير خيلاء

5783 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ يُخْبِرُونَهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاَءَ». طرفه 3665 2 - باب مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ مِنْ غَيْرِ خُيَلاَءَ 5784 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاَءَ لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». قَالَ أَبُو بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَحَدَ شِقَّىْ إِزَارِى يَسْتَرْخِى، إِلاَّ أَنْ أَتَعَاهَدَ ذَلِكَ مِنْهُ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَسْتَ مِمَّنْ يَصْنَعُهُ خُيَلاَءَ». طرفه 3665 5785 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَعْلَى عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِى بَكْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ خَسَفَتِ الشَّمْسُ وَنَحْنُ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَامَ يَجُرُّ ثَوْبَهُ مُسْتَعْجِلاً، حَتَّى أَتَى الْمَسْجِدَ وَثَابَ النَّاسُ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَجُلِّىَ عَنْهَا، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا وَقَالَ «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهَا شَيْئًا فَصَلُّوا وَادْعُوا اللَّهَ حَتَّى يَكْشِفَهَا». طرفه 1040 ـــــــــــــــــــــــــــــ 5783 - (لا ينظر الله إلى من جر ثوبه خيلاء) النظر: تقليب الحدقة، وذلك محال عليه تعالى، والمراد لازمه، وهو الإهانة كقولهم: لا ينظر الأمير إلى فلان. باب من جر ثوبه من غير خيلاء 5784 - (زهير) بضم الزاي مصغر. روى حديث أبي بكر الصديق شكا إلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أحد شقي إزاره يسترخي، فقال: "أنت لا تفعله خيلاء"، يفهم منه أنَّه مناط الحرمة، وكذا الحديث بعده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (قام يجر ثوبه) إنما هو قصد الخيلاء. 5785 - (محمد) كذا وقع، هو ابن سلام نسبه ابن السكن، ويجوز أن يكون ابن المثنى، فإنه يروي عن عبد الأعلى أيضًا، رواه عنه في باب ذبح الحاج قبل الحلق.

3 - باب التشمير فى الثياب

3 - باب التَّشْمِيرِ فِي الثِّيَابِ 5786 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا ابْنُ شُمَيْلٍ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ أَبِى زَائِدَةَ أَخْبَرَنَا عَوْنُ بْنُ أَبِى جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ أَبِى جُحَيْفَةَ قَالَ فَرَأَيْتُ بِلاَلاً جَاءَ بِعَنَزَةٍ فَرَكَزَهَا، ثُمَّ أَقَامَ الصَّلاَةَ، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ فِي حُلَّةٍ مُشَمِّرًا، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ إِلَى الْعَنَزَةِ، وَرَأَيْتُ النَّاسَ وَالدَّوَابَّ يَمُرُّونَ بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ وَرَاءِ الْعَنَزَةِ. طرفه 187 4 - باب مَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ فَهْوَ فِي النَّارِ 5787 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىُّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ مِنَ الإِزَارِ فَفِى النَّارِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ باب التَّشْمِيرِ فِي الثِّيَابِ 5786 - (إسحاق) كذا وقع غير منسوب، يجوز أن يكون ابن إبراهيم وابن منصور، قال الغساني: كل منهما يروي عن النضر بن شميل (عون بن أبي جحيفة) بضم الجيم وفتح الحاء مصغر وحديثه سلف في أبواب الحج، وموضع الدلالة قوله: (فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حلة مشمرًا) والحلة: ثوبان من جنس واحد وقد سبق أنَّه كانت حلة حمراء، وفيه دلالة على التشمير -وهو رفع الثوب فوق العادة- لا بأس به، بل هو الأولى لأنه أنقى للثوب وأتقى للرب، و (العنزة) -بثلاث فتحات- أطول من العصا وأقصر من الرمح، قيل: يؤخذ منه أن النهي عن كف الثياب في الصلاة إنما هو في غير ذيل الإزار، وقع هذا مرة لأنه كان مسافرًا، والسفر محل التشمير. قلت: قوله: (خرج مشمرًا) حال من فاعل خرج، ولا دلالة على أنَّه صلى مشمرًا، بل معناه: مشمر إلى أن شرع في الصلاة. باب ما أسفل من الكعبين في النار 5787 - هذه الترجمة حديث الباب، إلا أنَّه زاد في الحديث (من الإزار) ما: موصولة، وأسفل: إما مرفوع خبر مبتدأ، أي: الَّذي هو أسفل، وإما منصوب خبر كان مقدرًا، أي: الَّذي يكون أسفل، ومِن: الأولى بيانية، والثانية: بدل من الأولى بتقدير مضاف، أي: موضع الإزار، وهذا إذا لم يتب، أو يتجاوز الله عنه بدلالة سائر النصوص،

5 - باب من جر ثوبه من الخيلاء

5 - باب مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ مِنَ الْخُيَلاَءِ 5788 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَنْظُرُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ بَطَرًا». 5789 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ النَّبِىُّ - أَوْ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم - «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِى فِي حُلَّةٍ، تُعْجِبُهُ نَفْسُهُ مُرَجِّلٌ جُمَّتَهُ، إِذْ خَسَفَ اللَّهُ بِهِ، فَهْوَ يَتَجَلَّلُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ». 5790 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بَيْنَا رَجُلٌ يَجُرُّ إِزَارَهُ، خُسِفَ بِهِ، فَهْوَ يَتَجَلَّلُ فِي الأَرْضِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ». تَابَعَهُ يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ. وَلَمْ يَرْفَعْهُ شُعَيْبٌ عَنِ أبي هريرة. ـــــــــــــــــــــــــــــ وأما حمل الإزار بأن يكون في النار حقيقة ففيه بعد، وفي رواية النسائي: "لا حق للكعبين من الإزار"، فيدخل الكعب في الوعيد. باب من جر ثوبه من الخيلاء 5788 - (عن أبي الزناد) بكسر الزاي بعدها نون، حديث أبي هريرة: (لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر ثوبه خيلاء) تقدم شرحه في أول كتاب اللباس، والنظر لازم للخيلاء؛ لأنه طغيان عند طَوْلِ الغنى. 5789 - (بينما رجل يجر إزاره خسف به فهو يتجلجل إلى يوم القيامة) التجلجل بالجيم واللام المكررتين؛ التحرك والغوص وقوله: (مرجل جمته) بتشديد الجيم تسريح الشعر، والجمة -بالجيم المضمومة- شعر الرأس إذا بلغ المنكب، والوفرة دون الجمعة.

حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ أَخْبَرَنَا أَبِى عَنْ عَمِّهِ جَرِيرِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ كُنْتُ مَعَ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَلَى بَابِ دَارِهِ فَقَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَحْوَهُ. 5791 - حَدَّثَنَا مَطَرُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ لَقِيتُ مُحَارِبَ بْنَ دِثَارٍ عَلَى فَرَسٍ وَهْوَ يَأْتِى مَكَانَهُ الَّذِى يَقْضِى فِيهِ فَسَأَلْتُهُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَحَدَّثَنِى فَقَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ مَخِيلَةً، لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». فَقُلْتُ لِمُحَارِبٍ أَذَكَرَ إِزَارَهُ قَالَ مَا خَصَّ إِزَارًا وَلاَ قَمِيصًا. تَابَعَهُ جَبَلَةُ بْنُ سُحَيْمٍ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَزَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلَهُ. وَتَابَعَهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَعُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَقُدَامَةُ بْنُ مُوسَى عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ». طرفه 3665 ـــــــــــــــــــــــــــــ (شبابة) بفتح الشين وتخفيف الباء (محارب) اسم فاعل آخره باء. 5791 - (دثار) بكسر الدال بعدها ثاء مثلثة (مكانه الَّذي يقضي فيه) أي: الكوفة فإنه كان قاضيًا فيها (ما خص إزارًا ولا قميصًا) أي: أطلق لفظ الثوب، وإنما وقع في أكثر الروايات لفظ الإزار، لأن المخاطبين كانوا في أكثر الأوقات يلبسون الإزار والرداء. (سحيم) بضم السين وفتح الحاء مصغر (تابعه موسى بن عقبة) أي: تابع شعبة، إلا أن شعبة روى الحديث عن محارب، وموسى عن سالم كما تقدم مسندًا في أول باب من جر ثوبه خيلاء، ومتابعة جبلة بن سحيم أسندها مسلم، وكذا رواية الليث عن نافع.

6 - باب الإزار المهدب

6 - باب الإِزَارِ الْمُهَدَّبِ وَيُذْكَرُ عَنِ الزُّهْرِىِّ وَأَبِى بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَحَمْزَةَ بْنِ أَبِى أُسَيْدٍ وَمُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ أَنَّهُمْ لَبِسُوا ثِيَابًا مُهَدَّبَةً. 5792 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ جَاءَتِ امْرَأَةُ رِفَاعَةَ الْقُرَظِىِّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا جَالِسَةٌ وَعِنْدَهُ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى كُنْتُ تَحْتَ رِفَاعَةَ فَطَلَّقَنِى فَبَتَّ طَلاَقِى، فَتَزَوَّجْتُ بَعْدَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزَّبِيرِ، وَإِنَّهُ وَاللَّهِ مَا مَعَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلاَّ مِثْلُ هَذِهِ الْهُدْبَةِ. وَأَخَذَتْ هُدْبَةً مِنْ جِلْبَابِهَا، فَسَمِعَ خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ قَوْلَهَا وَهْوَ بِالْبَابِ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ، قَالَتْ فَقَالَ خَالِدٌ يَا أَبَا بَكْرٍ أَلاَ تَنْهَى هَذِهِ عَمَّا تَجْهَرُ بِهِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلاَ وَاللَّهِ مَا يَزِيدُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى التَّبَسُّمِ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَعَلَّكِ تُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِى إِلَى رِفَاعَةَ، لاَ، حَتَّى يَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ وَتَذُوقِى عُسَيْلَتَهُ». فَصَارَ سُنَّةً بَعْدُ. طرفه 2639 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الإزار المهدَّب المهدب -بفتح الدال المشددة- ما له هدبة بضم الهاء وسكون الدال: طرف الثوب الَّذي يلي سدي بلا لحمة (أبي أُسيد) بضم الهمزة مصغر. 5792 - (جاءت امرأة رفاعة) بكسر الراء (القرظي) بضم القاف وفتح الراء نسبة إلى قريظة (بت طلاقي) أي: قطع الوصل بالطلاق الثلاث (لا) رد كلامها أي: لا ترجعين إليه (حتَّى يذوق) الآخر (عسيلتك) مجاز عن الجماع، وقد أشرنا إلى أن التصغير للدلالة على أنَّه يكفي في ذلك أدنى ما يصدق عليه اسم الجماع، وقدره الفقهاء بإدخال قدر الحشفة. قال بعض الشارحين: فإن قلت: دل على وطء الثاني قوله تعالى: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] قلت: لعل الآية نزلت في هذا أو ذاك، ليس صريحًا، وبهذا صار صريحًا. وهذا ليس بشيء للإجماع على أن الدخول إنما يثبت بهذا الحديث المشهور، والنِّكَاح وإن كان لفظًا مشتركًا يطلق على العقد والوطء، إلا أنَّه إذا أسند إلى المرأة كما في الآية يراد به العقد بلا خلاف؛ لأن الوطء فعل الزوج.

7 - باب الأردية

7 - باب الأَرْدِيَةِ وَقَالَ أَنَسٌ جَبَذَ أَعْرَابِىٌّ رِدَاءَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 5793 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى عَلِىُّ بْنُ حُسَيْنٍ أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِىٍّ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِيًّا - رضى الله عنه - قَالَ فَدَعَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِرِدَائِهِ، ثُمَّ انْطَلَقَ يَمْشِى، وَاتَّبَعْتُهُ أَنَا وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، حَتَّى جَاءَ الْبَيْتَ الَّذِى فِيهِ حَمْزَةُ، فَاسْتَأْذَنَ فَأَذِنُوا لَهُمْ. طرفه 2089 8 - باب لُبْسِ الْقَمِيصِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ يُوسُفَ (اذْهَبُوا بِقَمِيصِى هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِى يَأْتِ بَصِيرًا). 5794 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الأردية بفتح الهمزة جمع رداء، كأكسية في كساء (وقال أنس: جبذ أعرابي رداء النبي - صلى الله عليه وسلم -) سيأتي هذا التعليق مسندًا في باب البرود. 5793 - (عبدان) -على وزن شعبان- عبد الله المروزي، روى حديث علي بن أبي طالب أن حمزة نحر شارفيه وهو سكران، وقد سلف في باب فرض الخمس، وموضع الدلالة هنا على الترجمة قوله: (فدعا النبي - صلى الله عليه وسلم - بردائه فارتدى به) فيدل على استحباب الرداء، ولا أقل أن يكون مباحًا. باب لبس القميص استدل على أن لبس القميص شرع قديم بقوله تعالى حكاية عن يوسف الصديق صلى على نبينا وعليه: {اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا} [يوسف: 93]. 5794 - 5795 - 5796 - (قتيبة) بضم القاف مصغر .................................

الله عنهما - أَنَّ رَجُلاً قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ الْقَمِيصَ، وَلاَ السَّرَاوِيلَ، وَلاَ الْبُرْنُسَ، وَلاَ الْخُفَّيْنِ، إِلاَّ أَنْ لاَ يَجِدَ النَّعْلَيْنِ، فَلْيَلْبَسْ مَا هُوَ أَسْفَلُ مِنَ الْكَعْبَيْنِ». طرفه 134 5795 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ أَتَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَىٍّ بَعْدَ مَا أُدْخِلَ قَبْرَهُ، فَأَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ، وَوُضِعَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَنَفَثَ عَلَيْهِ مِنْ رِيقِهِ، وَأَلْبَسَهُ قَمِيصَهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. طرفه 1270 5796 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِى نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ لَمَّا تُوُفِّىَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ جَاءَ ابْنُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْطِنِى قَمِيصَكَ أُكَفِّنْهُ فِيهِ، وَصَلِّ عَلَيْهِ، وَاسْتَغْفِرْ لَهُ، فَأَعْطَاهُ قَمِيصَهُ، وَقَالَ «إِذَا فَرَغْتَ فَآذِنَّا». فَلَمَّا فَرَغَ آذَنَهُ، فَجَاءَ لِيُصَلِّىَ عَلَيْهِ، فَجَذَبَهُ عُمَرُ فَقَالَ أَلَيْسَ قَدْ نَهَاكَ اللَّهُ أَنْ تُصَلِّىَ عَلَى الْمُنَافِقِينَ فَقَالَ (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ). فَنَزَلَتْ (وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا) فَتَرَكَ الصَّلاَةَ عَلَيْهِمْ. طرفه 1269 ـــــــــــــــــــــــــــــ (أن رجلًا قال: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يلبس المحرم؟) سلف الحديث في أبواب الحج، وموضع الدلالة هنا ذكر القميص، فإنه خص حرمة لبسه بحالة الإحرام (ولا البرنس) -بضم الباء وسكون الياء- كساء يخاط أحد طرفيه إلى الآخر، ويجعل رأسه فيه شبه القلنسوة، ثم روى حديث عبد الله بن أبي المنافق أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألبسه قميصه لما مات، وقد سلف الحديث في أبواب الجنائز وبعدها. وموضع الدلالة هنا ذكر القميص (لما توفي عبد الله جاء ابنه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعطني قميصك) هذه الرواية هي الصواب، لا ما تقدم من أنَّه أعطاه القميص، لأنه كان أعطى ابن أبي قميصه العباس يوم بدر، فلم يرد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يكون له عليه يدٌ، وإنما لم يكن هذا صوابًا لأن ابن أبي لم يكن حاضرًا يوم بدر، بل كان كافرًا.

9 - باب جيب القميص من عند الصدر وغيره

9 - باب جَيْبِ الْقَمِيصِ مِنْ عِنْدِ الصَّدْرِ وَغَيْرِهِ 5797 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَثَلَ الْبَخِيلِ وَالْمُتَصَدِّقِ، كَمَثَلِ رَجُلَيْنِ عَلَيْهِمَا جُبَّتَانِ مِنْ حَدِيدٍ، قَدِ اضْطُرَّتْ أَيْدِيهِمَا إِلَى ثُدِيِّهِمَا وَتَرَاقِيهِمَا، فَجَعَلَ الْمُتَصَدِّقُ كُلَّمَا تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ انْبَسَطَتْ عَنْهُ حَتَّى تَغْشَى أَنَامِلَهُ وَتَعْفُوَ أَثَرَهُ، وَجَعَلَ الْبَخِيلُ كُلَّمَا هَمَّ بِصَدَقَةٍ قَلَصَتْ، وَأَخَذَتْ كُلُّ حَلْقَةٍ بِمَكَانِهَا. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَأَنَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ بِإِصْبَعِهِ هَكَذَا فِي جَيْبِهِ، فَلَوْ رَأَيْتَهُ يُوَسِّعُهَا وَلاَ تَتَوَسَّعُ. تَابَعَهُ ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ وَأَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ فِي الْجُبَّتَيْنِ. وَقَالَ حَنْظَلَةُ سَمِعْتُ طَاوُسًا سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ جُبَّتَانِ. وَقَالَ جَعْفَرٌ عَنِ الأَعْرَجِ جُبَّتَانِ. طرفه 1443 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب جيب القميص 5797 - روى حديث المتصدق والبخيل، وقد سلف في أبواب الزكاة ذكر جيب القميص (أبو عامر) اسمه عبد الملك (ضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثل البخيل والمتصدق) أي: بين حالهما الغريب الَّذي هو بمثابة المثل في الغرابة (عليهما جبتان) بالباء المشددة، وسيروي في آخره "جنتان" بالنون بدل الباء (قد اضطرت أيدعهما إلى ثُديّهما) بضم الثاء وتشديد الياء جمع ثدي كحلى في حلي (وتراقيهما) جمع ترقوة -بفتح التاء- العظم الَّذي بين ثغرة النحر وبين العاتق. (تغشى أنامله) بضم التاء وكسر الشين المشددة وبإسكانها، وبفتح التاء والشين أي: تستر (وتعفو أثره) زيادة على الستر (فلو رأيته يوسها ولا توسع) على بناء المجهول، هذا من كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جملة معترضة، وجواب لو محذف، أي: لرأيت أمرًا عجيبًا (تابعه ابن طاوس) أي: تابع الحسن في الرواية عن طاوس، وهذه المتابعة تقدمت مسندة في أبواب الزكاة، ومتابعة أبي الزناد أسندها مسلم (وقال جعفر بن ربيعة عن الأعرج جبّتان) بالباء الموحدة (وقال حنظلة جنتان) بالنون، وقد أشرنا سابقًا أن المعنى برواية النون الجنّة [بالنون] لأنها تستره عن سلاح العدو كالمجن.

10 - باب من لبس جبة ضيقة الكمين فى السفر

10 - باب مَنْ لَبِسَ جُبَّةً ضَيِّقَةَ الْكُمَّيْنِ فِي السَّفَرِ 5798 - حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو الضُّحَى قَالَ حَدَّثَنِى مَسْرُوقٌ قَالَ حَدَّثَنِى الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ قَالَ انْطَلَقَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِحَاجَتِهِ ثُمَّ أَقْبَلَ، فَتَلَقَّيْتُهُ بِمَاءٍ، فَتَوَضَّأَ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ شَأْمِيَّةٌ، فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَغَسَلَ وَجْهَهُ، فَذَهَبَ يُخْرِجُ يَدَيْهِ مِنْ كُمَّيْهِ فَكَانَا ضَيِّقَيْنِ، فَأَخْرَجَ يَدَيْهِ مِنْ تَحْتِ الْجُبَّةِ، فَغَسَلَهُمَا وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَعَلَى خُفَّيْهِ. طرفه 182 11 - باب جُبَّةِ الصُّوفِ فِي الْغَزْوِ 5799 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ عَنْ عَامِرٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ لَيْلَةٍ فِي سَفَرٍ فَقَالَ «أَمَعَكَ مَاءٌ». قُلْتُ نَعَمْ. فَنَزَلَ عَنْ رَاحِلَتِهِ، فَمَشَى حَتَّى تَوَارَى عَنِّى فِي سَوَادِ اللَّيْلِ، ثُمَّ جَاءَ فَأَفْرَغْتُ عَلَيْهِ الإِدَاوَةَ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ مِنْ صُوفٍ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: أين موضع الدلالة على جيب القميص عند الصدر؟ قلت: ذكر الجيب يدل على أنَّه عند الصدر ضرورة، وذو الثدي أيضًا يدل عليه، وأشار إلى حديث ليس على شرطه، وقد رواه أبو داود وغيره عن قرة بن إياس "أنَّه لما بايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان عليه قميص مزرر، فأدخلت يدي في جيب قميصه". باب من لبس جبة ضيقة الكمين 5798 - (أبو الضحى) مسلم بن صبيح، روى في الباب حديث المغيرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان لابسًا جبة ضيقة الكم. فإن قلت: ليس في الحديث ذكر السفر كما ترجم عليه؟ قلت: تقدم في أبواب الطهارة أنَّه كان في السفر، وقد أشرنا هناك إلى أنَّه كان في غزوة تبوك. باب جبة الصوف في الغزو 5799 - (أبو نعيم) بضم النون مصغر، روى في الباب حديث المغيرة في الباب قبله، وزاد فيه أن الجبة كانت من الصوف (الإداوة) بكسر الهمزة، وتمام الكلام في أبواب الطهارة

12 - باب القباء وفروج حرير

يُخْرِجَ ذِرَاعَيْهِ مِنْهَا حَتَّى أَخْرَجَهُمَا مِنْ أَسْفَلِ الْجُبَّةِ، فَغَسَلَ ذِرَاعَيْهِ، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ أَهْوَيْتُ لأَنْزِعَ خُفَّيْهِ فَقَالَ «دَعْهُمَا، فَإِنِّى أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ، فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا». طرفه 182 12 - باب الْقَبَاءِ وَفَرُّوجِ حَرِيرٍ وَهْوَ الْقَبَاءُ وَيُقَالُ هُوَ الَّذِى لَهُ شَقٌّ مِنْ خَلْفِهِ. 5800 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَقْبِيَةً، وَلَمْ يُعْطِ مَخْرَمَةَ شَيْئًا فَقَالَ مَخْرَمَةُ يَا بُنَىَّ انْطَلِقْ بِنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ فَقَالَ ادْخُلْ فَادْعُهُ لِى. قَالَ فَدَعَوْتُهُ لَهُ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ وَعَلَيْهِ قَبَاءٌ مِنْهَا فَقَالَ «خَبَأْتُ هَذَا لَكَ». قَالَ فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَقَالَ رَضِىَ مَخْرَمَةُ. طرفه 2599 5801 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى حَبِيبٍ عَنْ أَبِى ـــــــــــــــــــــــــــــ في باب المسح على الخف، وكره مالك لبس الصوف لمن يجد غيره؛ لأنه من لباس الزهاد ففيه شهرة، وإخفاء العمل أحب. باب القباء وفروج حرير القباء بالمد: نوع من ملبوس الأعاجم من قبوت الشيء رفعته، والفروج: بتشديد الراء، قال البخاري: (هو القباء) وقيل: هو الَّذي شق من خلفه وعليه اقتصر ابن الأثير. 5800 - (قتيبة) بضم القاف مصغر، وكذا (ابن أبي مليكة: عن المسور بن مخرمة) بكسر الميم في الأول وضمه في الثاني (فنظر إليه) أي: إلى القباء، والناظر: مخرمة (فقال: رضي مخرمة) القائل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ورجح شيخنا أن يكون من كلام مخرمة، تقدم أن إزار القباء كانت من ذهب، ومخرمة كان سيء الخلق. 5801 - (بريد) بضم الباء مصغر (حبيب) بفتح الحاء على وزن كريم (عن أبي

13 - باب البرانس

الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ - رضى الله عنه - أَنَّهُ قَالَ أُهْدِىَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَرُّوجُ حَرِيرٍ، فَلَبِسَهُ، ثُمَّ صَلَّى فِيهِ، ثُمَّ انْصَرَفَ فَنَزَعَهُ نَزْعًا شَدِيدًا كَالْكَارِهِ لَهُ ثُمَّ قَالَ «لاَ يَنْبَغِى هَذَا لِلْمُتَّقِينَ». تَابَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ عَنِ اللَّيْثِ، وَقَالَ غَيْرُهُ فَرُّوجٌ حَرِيرٌ. طرفه 375 13 - باب الْبَرَانِسِ 5802 - وَقَالَ لِى مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ سَمِعْتُ أَبِى قَالَ رَأَيْتُ عَلَى أَنَسٍ بُرْنُسًا أَصْفَرَ مِنْ خَزٍّ. 5803 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلاً قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَلْبَسُوا الْقُمُصَ، وَلاَ الْعَمَائِمَ، وَلاَ السَّرَاوِيلاَتِ، وَلاَ الْبَرَانِسَ، وَلاَ الْخِفَافَ، إِلاَّ أَحَدٌ لاَ يَجِدُ النَّعْلَيْنِ، فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ، وَلاَ تَلْبَسُوا مِنَ الثِّيَابِ شَيْئًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ وَلاَ الْوَرْسُ». طرفه 134 ـــــــــــــــــــــــــــــ الخير) واسمه مرثد (أهدي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فروج حرير فلما صلى فيه رماه كالكاره وقال: لا ينبغي هذا للمتقين) إشارة إلى الجنس المعلوم في ضمن ذلك الفرد، وعلة الحكم إما كونه حريرًا وهو الأظهر، أو كونه لبس الأعاجم والشطار، أو كونه ضيقًا يعسر فيه أثر الوضوء والصلاة، ولا دلالة في الحديث على الحرمة، بل إنما يدل على أنَّه خلاف الأولى. باب البرنس قد ذكرنا أنَّه كساء يخيط أحد طرفيه إلى الآخر ويلبس فوق الرأس ويرسل باقيه، يشبه القلنسوة. 5803 - 5804 - 5805 - 5806 - روى في الباب حديث من سأل عن ما يحل للمحرم لبسه، والحديث سلف مرارًا، وموضع الدلالة قوله: (ولا البرانس) فإن حرمة لبسه على المحرم دل على جوازه لغيره، وهذه الأشياء فيها زينة (ولا الورس) نبت أصفر يصبغ به، وإنما منع عن هذه الأشياء لأن الحاج أشعث أغبَر.

14 - باب السراويل

14 - باب السَّرَاوِيلِ 5804 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ لَمْ يَجِدْ إِزَارًا فَلْيَلْبَسْ سَرَاوِيلَ، وَمَنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ». طرفه 1740 5805 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا تَأْمُرُنَا أَنْ نَلْبَسَ إِذَا أَحْرَمْنَا. قَالَ «لاَ تَلْبَسُوا الْقَمِيصَ، وَالسَّرَاوِيلَ، وَالْعَمَائِمَ وَالْبَرَانِسَ، وَالْخِفَافَ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ لَيْسَ لَهُ نَعْلاَنِ، فَلْيَلْبَسِ الْخُفَّيْنِ أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ، وَلاَ تَلْبَسُوا شَيْئًا مِنَ الثِّيَابِ مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ وَلاَ وَرْسٌ». طرفه 134 15 - باب الْعَمَائِمِ 5806 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِىَّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمٌ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ الْقَمِيصَ، وَلاَ الْعِمَامَةَ، وَلاَ السَّرَاوِيلَ، وَلاَ الْبُرْنُسَ، وَلاَ ثَوْبًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ، وَلاَ وَرْسٌ، وَلاَ الْخُفَّيْنِ، إِلاَّ لِمَنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُمَا فَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ». طرفه 134 16 - باب التَّقَنُّعِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَعَلَيْهِ عِصَابَةٌ دَسْمَاءُ. وَقَالَ أَنَسٌ عَصَبَ ـــــــــــــــــــــــــــــ (جويري) بضم الجيم مصغر. باب التقنع التقنع: الستر، والمراد به تغطية الرأس من الحر أو البرد، وتعليق ابن عباس (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج وقد شد على رأسه عصابة دسماء) أي: سوداء تقدم مسندًا في باب مرض

النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى رَأْسِهِ حَاشِيَةَ بُرْدٍ. 5807 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ هَاجَرَ إِلَى الْحَبَشَةِ نَاسٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَتَجَهَّزَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «عَلَى رِسْلِكَ، فَإِنِّى أَرْجُو أَنْ يُؤْذَنَ لِى». فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَوَ تَرْجُوهُ بِأَبِى أَنْتَ قَالَ «نَعَمْ». فَحَبَسَ أَبُو بَكْرٍ نَفْسَهُ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لِصُحْبَتِهِ، وَعَلَفَ رَاحِلَتَيْنِ كَانَتَا عِنْدَهُ وَرَقَ السَّمُرِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ. قَالَ عُرْوَةُ قَالَتْ عَائِشَةُ فَبَيْنَا نَحْنُ يَوْمًا جُلُوسٌ فِي بَيْتِنَا فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ فَقَالَ قَائِلٌ لأَبِى بَكْرٍ هَذَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُقْبِلاً مُتَقَنِّعًا، فِي سَاعَةٍ لَمْ يَكُنْ يَأْتِينَا فِيهَا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ فِدًا لَهُ بِأَبِى وَأُمِّى، وَاللَّهِ إِنْ جَاءَ بِهِ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ إِلاَّ لأَمْرٍ. فَجَاءَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتَأْذَنَ، فَأَذِنَ لَهُ فَدَخَلَ، فَقَالَ حِينَ دَخَلَ لأَبِى بَكْرٍ «أَخْرِجْ مَنْ عِنْدَكَ». قَالَ إِنَّمَا هُمْ أَهْلُكَ بِأَبِى أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «فَإِنِّى قَدْ أُذِنَ لِى فِي الْخُرُوجِ». قَالَ فَالصُّحْبَةُ بِأَبِى أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «نَعَمْ». قَالَ فَخُذْ بِأَبِى أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِحْدَى رَاحِلَتَىَّ هَاتَيْنِ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «بِالثَّمَنِ». قَالَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -. فإن قلت: ليس في لبس العصابة تقنع الرأس؟ قلت: تقنع الرأس لا يستلزم تغطية الجميع، ولا شك أن العصابة زيادة على العمامة المتعارفة. 5807 - ثم روى حديث هجرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر، وقد سلف مرارًا، وموضع الدلالة هنا قوله: (هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقبل متقنعًا) هذا كقوله تعالى: {وَهَذَا بَعْلِى شَيْخًا} [هود: 72] و (السمُر) شجر الطلح (فدًا له) قال ابن الأثير: يقال بالكسر مع المد، وبالفتح مع القصر، أصله فكاك الأصير، والمراد به. طول البقاء (بأبي أنت وأمي) أي: مفدي بهما (خذ إحدى راحلتي، قال: بالثمن). فإن قلت: صرف أبو بكر ماله كله في مرضاة الله ورسوله، فلِم لم يقبل منه الناقة؟ قلت: الظاهر والله أعلم أراد أن يكون أجر المهاجرة كاملًا.

17 - باب المغفر

فَجَهَّزْنَاهُمَا أَحَثَّ الْجِهَازِ، وَضَعْنَا لَهُمَا سُفْرَةً فِي جِرَابٍ، فَقَطَعَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِى بَكْرٍ قِطْعَةً مِنْ نِطَاقِهَا، فَأَوْكَتْ بِهِ الْجِرَابَ، وَلِذَلِكَ كَانَتْ تُسَمَّى ذَاتَ النِّطَاقِ، ثُمَّ لَحِقَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بَكْرٍ بِغَارٍ فِي جَبَلٍ يُقَالُ لَهُ ثَوْرٌ، فَمَكُثَ فِيهِ ثَلاَثَ لَيَالٍ يَبِيتُ عِنْدَهُمَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى بَكْرٍ، وَهْوَ غُلاَمٌ شَابٌّ لَقِنٌ ثَقِفٌ، فَيَرْحَلُ مِنْ عِنْدِهِمَا سَحَرًا، فَيُصْبِحُ مَعَ قُرَيْشٍ بِمَكَّةَ كَبَائِتٍ، فَلاَ يَسْمَعُ أَمْرًا يُكَادَانِ بِهِ إِلاَّ وَعَاهُ، حَتَّى يَأْتِيَهُمَا بِخَبَرِ ذَلِكَ حِينَ يَخْتَلِطُ الظَّلاَمُ، وَيَرْعَى عَلَيْهِمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ مَوْلَى أَبِى بَكْرٍ مِنْحَةً مِنْ غَنَمٍ، فَيُرِيحُهَا عَلَيْهِمَا حِينَ تَذْهَبُ سَاعَةٌ مِنَ الْعِشَاءِ، فَيَبِيتَانِ فِي رِسْلِهَا حَتَّى يَنْعِقَ بِهَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ بِغَلَسٍ، يَفْعَلُ ذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ مِنْ تِلْكَ اللَّيَالِى الثَّلاَثِ. طرفه 476 17 - باب الْمِغْفَرِ 5808 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ. طرفه 1846 ـــــــــــــــــــــــــــــ (فجهزناهما أحث الجهاز) أي: أسرعه، والجهاز -بكسر الجيم- ما يحتاج إليه المسافر في سفره. قال الجوهري: جهاز العروس، وجهاز السفر يفتح ويكسر (وصنعنا لهما سفرة) أي: طعامًا زادًا للسفر، هذا أصله، ثم اتسع فيه، فأطلق على ما يجعل فيه الطعام ويؤكل عليه سواء كان في السفر أو في الحضر (في جراب) بكسر الجيم (فقطعت أسماء من نطاقها) -بكسر النون- ما تشد به المرأة وسطها، وقد سلف أنها جعلته ثلاث قطع: إحداها للسفرة، والأخرى للسقاء، وشدت بالأخرى وسطها، ولا تنافي (ثم لحق بغار في جبل يقال له: ثور) -بالثاء المثلثة- جبل بمكة على يسار الذاهب إلى منى (يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر وهو شاب لقن) بفتح اللام وكسر القاف أي: سريع الفهم حسن التلقن (ثقف) أي: حاذق في الأمور (فيصبح في قريش بمكة كبائت) أي: ترى قريش أنَّه كان قد بات بمكة (ويرعى عليهما عامر بن فهيرة) بضم الفاء (منحة من غنم) بكسر الميم أي: غنمًا ذات لبن (حتَّى ينعق بهما) النعيق صوت الراعي على الغنم، أي: ينعق على غنمه حال كونه ملتبسًا بهما، وفي بعضها: بها، والضمير للغنم وهو ظاهر. باب المغفر بكسر الميم ما ينسج على قدر الرأس من الدرع، وقيل: يكون له ذيل يرسل القفا. 5808 - (دخل يوم الفتح وعلى رأسه المغفر). اتفقوا على أنَّه لم يكن محرمًا.

18 - باب البرود والحبرة والشملة

18 - باب الْبُرُودِ وَالْحِبَرَةِ وَالشَّمْلَةِ وَقَالَ خَبَّابٌ شَكَوْنَا إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ. 5809 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كُنْتُ أَمْشِى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِىٌّ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ، فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِىٌّ فَجَبَذَهُ بِرِدَائِهِ جَبْذَةً شَدِيدَةً، حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ أَثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ الْبُرْدِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ، ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ مُرْ لِى مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِى عِنْدَكَ. فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ ضَحِكَ ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ. طرفه 3149 5810 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى حَازِمٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: في رواية الترمذي: "وعلى رأسه عمامة سوداء قد أرخى طرفها"؟ قلت: لا ينافي، تكون العمامة فوق المغفر. باب البرود والحبرة والشملة الحبرة على وزن العنبة، قال ابن الأثير: يقال: برد حبرة بالوصف والإضافة، برد يماني، فعلى هذا عطف الحبرة على البرود من عطف الخاص على العام (خباب) بالخاء المعجمة وتشديد الباء (شكونا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو متوسد ببردة) أي: جعلها وسادة، والبردة: الشملة المذكورة في الترجمة. قال الجوهري: الشملة كساء يلبسها الأعراب. 5809 - ثم روى عن أنس أنَّه كان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليه برد نجراني -بفتح النون وسكون الجيم- ناحية من ناحية اليمن (فجبذه أعرابي جبذة شديدة حتَّى أثرت حاشبة البرد في عاتقه) هذا موضع الدلالة على الترجمة (فجبذه بردائه) قيل: صوابه ببرده لقوله: (وعليه برد) قلت: البرد كان رداء ولا منافاة. ألا ترى إلى قوله: (أثرت حاشية البرد في عاتقه) ولا يكون ذلك إلا إذا كان رداء (فالتفت إليه ثم ضحك) فرحًا بما أنعم الله عليه من كثرة الحلم ومحاسن الأخلاق، أو تعجبًا من جرأة الأعرابي. 5810 - (عن أبي حازم) -بالحاء المهملة- سلمة بن دينار، روى عنه أن امرأة جاءت

عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ جَاءَتِ امْرَأَةٌ بِبُرْدَةٍ - قَالَ سَهْلٌ هَلْ تَدْرِى مَا الْبُرْدَةُ قَالَ نَعَمْ هِىَ الشَّمْلَةُ، مَنْسُوجٌ فِي حَاشِيَتِهَا - قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى نَسَجْتُ هَذِهِ بِيَدِى أَكْسُوكَهَا. فَأَخَذَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُحْتَاجًا إِلَيْهَا، فَخَرَجَ إِلَيْنَا وَإِنَّهَا لإِزَارُهُ، فَجَسَّهَا رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اكْسُنِيهَا. قَالَ «نَعَمْ». فَجَلَسَ مَا شَاءَ اللَّهُ فِي الْمَجْلِسِ، ثُمَّ رَجَعَ، فَطَوَاهَا ثُمَّ أَرْسَلَ بِهَا إِلَيْهِ. فَقَالَ لَهُ الْقَوْمُ مَا أَحْسَنْتَ، سَأَلْتَهَا إِيَّاهُ وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّهُ لاَ يَرُدُّ سَائِلاً. فَقَالَ الرَّجُلُ وَاللَّهِ مَا سَأَلْتُهَا إِلاَّ لِتَكُونَ كَفَنِى يَوْمَ أَمُوتُ. قَالَ سَهْلٌ فَكَانَتْ كَفَنَهُ. طرفه 1277 5811 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِى زُمْرَةٌ هِىَ سَبْعُونَ أَلْفًا، تُضِئُ وُجُوهُهُمْ إِضَاءَةَ الْقَمَرِ». فَقَامَ عُكَاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ الأَسَدِىُّ يَرْفَعُ نَمِرَةً عَلَيْهِ قَالَ ادْعُ اللَّهَ لِى يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ يَجْعَلَنِى مِنْهُمْ. فَقَالَ «اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُمْ». ثُمَّ قَامَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِى مِنْهُمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ «سَبَقَكَ عُكَاشَةُ». طرفه 6542 ـــــــــــــــــــــــــــــ ببردة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (منسوج في حاشيتها) أي: لون حاشيتها غير لونها (فحسنها رجل من القوم) بتشديد النون أي: نسبها إلى الحسن، والحديث سلف في أبواب الجنائز، وموضع الدلالة هنا أن لبس البردة لباس أهل القوى. 5811 - ثم روى حديث أي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (يدخل من أمتي سبعون ألفًا الجنّة من غير حساب فقام عكاشة بن محصن) بضم العين وتشديد الكلاف وتخفيقها وكسر الميم (ادع الله أن يجعلني منهم، قال: أنت منهم، ثم قام رجل) آخر (قال: سبقك بها عكاشة) وقد أشرنا إلى أنه سعد بن عبادة، وقال ابن [عبد] البر: كان رجلًا منافقًا، وموضع الدلالة ذكره النمرة.

19 - باب الأكسية والخمائص

5812 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قُلْتُ لَهُ أَىُّ الثِّيَابِ كَانَ أَحَبَّ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ الْحِبَرَةُ. طرفه 5813 5813 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى الأَسْوَدِ حَدَّثَنَا مُعَاذٌ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضى الله عنه - قَالَ كَانَ أَحَبُّ الثِّيَابِ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَلْبَسَهَا الْحِبَرَةَ. طرفه 5812 5814 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ تُوُفِّىَ سُجِّىَ بِبُرْدٍ حِبَرَةٍ. 19 - باب الأَكْسِيَةِ وَالْخَمَائِصِ ـــــــــــــــــــــــــــــ 5812 - 5813 - ثم روى عن أنس أن أحب الثياب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحبوة بكسر الحاء على وزن العنبة، وإنما كان أحب لأن فيها الخضرة، والأخضر لباس أهل الجنّة، وهي برود يمانية، أو لأنها تحمل الوسخ، أو لاشتقاق لفظها من الحبور وهو السرور، وكان يعجبه الفأل. 5814 - (سُجي ببرد حبرة) -بضم السين وتشديد الجيم- أي: غُطِّيَ. باب الأكسية والخمائص جمع خميصة -بالخاء المعجمة وصاد مهملة على وزن قبيلة-، وهي الكساء المعلم، وإذا لم يكن فيها علم فهي الأنبجانية بفتح الهمزة وسكون النون وفتح الباء، وقيل: شرطها أن تكون غليظة.

20 - باب اشتمال الصماء

5815 و 5816 - حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ عَائِشَةَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رضى الله عنهم قَالاَ لَمَّا نَزَلَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - طَفِقَ يَطْرَحُ خَمِيصَةً لَهُ عَلَى وَجْهِهِ، فَإِذَا اغْتَمَّ كَشَفَهَا عَنْ وَجْهِهِ، فَقَالَ وَهْوَ كَذَلِكَ «لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ». يُحَذِّرُ مَا صَنَعُوا. طرفه 435 5817 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي خَمِيصَةٍ لَهُ لَهَا أَعْلاَمٌ، فَنَظَرَ إِلَى أَعْلاَمِهَا نَظْرَةً، فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ «اذْهَبُوا بِخَمِيصَتِى هَذِهِ إِلَى أَبِى جَهْمٍ، فَإِنَّهَا أَلْهَتْنِى آنِفًا عَنْ صَلاَتِى، وَائْتُونِى بِأَنْبِجَانِيَّةِ أَبِى جَهْمِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ غَانِمٍ مِنْ بَنِى عَدِىِّ بْنِ كَعْبٍ». 5818 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ قَالَ أَخْرَجَتْ إِلَيْنَا عَائِشَةُ كِسَاءً وَإِزَارًا غَلِيظًا فَقَالَتْ قُبِضَ رُوحُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي هَذَيْنِ. طرفه 3108 20 - باب اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــ 5816 - (لما نزل برسول الله - صلى الله عليه وسلم -) بفتح النون على بناء الفاعل، أي: حادث الموت، ويروى بضم النون على بناء المجهول، والحديث سلف في أبواب الجناز. 5818 - 5817 - (حميد) بضم الحاء مصغر (عن أبي بردة) -بضم الباء- عامر بن أبي موسى. ثم روى حديث أنبجامية أبي جَهْم وقد سلف في أبواب الصلاة واسم أبي جهم: عامر، وقيل: عبيد، عاش دهرًا طويلًا، قال: حضرت بناء الكعبة في الجاهلية، ولما بناه ابن الزبير. باب اشتمال الصماء اشتمال الصماء: أن يتجلل بثوب ليس عليه غيره، ثم يرفع أحد طرفيه على منكبه فيكشف عورته، قال ابن الأثير: هذا عند الفقهاء، وأما لغة: فهو أن يتجلل بثوب، ولا يرفع

21 - باب الاحتباء فى ثوب واحد

5819 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ خُبَيْبٍ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْمُلاَمَسَةِ، وَالْمُنَابَذَةِ، وَعَنْ صَلاَتَيْنِ بَعْدَ الْفَجْرِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغِيبَ، وَأَنْ يَحْتَبِىَ بِالثَّوْبِ الْوَاحِدِ، لَيْسَ عَلَى فَرْجِهِ مِنْهُ شَىْءٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّمَاءِ، وَأَنْ يَشْتَمِلَ الصَّمَّاءَ. طرفه 368 5820 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ لِبْسَتَيْنِ وَعَنْ بَيْعَتَيْنِ، نَهَى عَنِ الْمُلاَمَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ فِي الْبَيْعِ، وَالْمُلاَمَسَةُ لَمْسُ الرَّجُلِ ثَوْبَ الآخَرِ بِيَدِهِ بِاللَّيْلِ أَوْ بِالنَّهَارِ، وَلاَ يُقَلِّبُهُ إِلاَّ بِذَلِكَ، وَالْمُنَابَذَةُ أَنْ يَنْبِذَ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ بِثَوْبِهِ، وَيَنْبِذَ الآخَرُ ثَوْبَهُ، وَيَكُونَ ذَلِكَ بَيْعَهُمَا، عَنْ غَيْرِ نَظَرٍ وَلاَ تَرَاضٍ، وَاللِّبْسَتَيْنِ اشْتِمَالُ الصَّمَّاءِ، وَالصَّمَّاءُ أَنْ يَجْعَلَ ثَوْبَهُ عَلَى أَحَدِ عَاتِقَيْهِ، فَيَبْدُو أَحَدُ شِقَّيْهِ لَيْسَ عَلَيْهِ ثَوْبٌ، وَاللِّبْسَةُ الأُخْرَى احْتِبَاؤُهُ بِثَوْبِهِ وَهْوَ جَالِسٌ، لَيْسَ عَلَى فَرْجِهِ مِنْهُ شَىْءٌ. 21 - باب الاِحْتِبَاءِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ 5821 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ لِبْسَتَيْنِ أَنْ يَحْتَبِىَ الرَّجُلُ فِي ـــــــــــــــــــــــــــــ منه جانب، وسميت بذلك لأنها تمنع ألية الرجل من الظهور. 5819 - (ونهى عن الملامسة والمنابذة) بيعتان كان أهل الجاهلية يتعاطونها، وقد سلف شرحًا في أبواب البيع. 5820 - (بكير) بضم الباء مصغر (عن لبستين) بكسر اللام؛ لأن المراد نوعان من اللبس، وكذا قوله: (بيعتين) بكسر الباء لإرادة النوعين (احتباؤه بثوبه) هو أن ينصب ساقيه، ويقعد على إليتيه، وإذا لم يكن عليه سراويل يبدو فرجه. 5821 - (عن أبي الزناد) -[بكسر الزاي] بعدها نون- عبد الله بن ذكوان.

22 - باب الخميصة السوداء

الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى فَرْجِهِ مِنْهُ شَىْءٌ، وَأَنْ يَشْتَمِلَ بِالثَّوْبِ الْوَاحِدِ، لَيْسَ عَلَى أَحَدِ شِقَّيْهِ، وَعَنِ الْمُلاَمَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ. طرفه 368 5822 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ قَالَ أَخْبَرَنِى مَخْلَدٌ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ، وَأَنْ يَحْتَبِىَ الرَّجُلُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، لَيْسَ عَلَى فَرْجِهِ مِنْهُ شَىْءٌ. 22 - باب الْخَمِيصَةِ السَّوْدَاءِ 5823 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ سَعِيدِ بْنِ فُلاَنٍ - هُوَ عَمْرُو بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ - عَنْ أُمِّ خَالِدٍ بِنْتِ خَالِدٍ أُتِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِثِيَابٍ فِيهَا خَمِيصَةٌ سَوْدَاءُ صَغِيرَةٌ فَقَالَ «مَنْ تَرَوْنَ نَكْسُو هَذِهِ». فَسَكَتَ الْقَوْمُ قَالَ «ائْتُونِى بِأُمِّ خَالِدٍ». فَأُتِىَ بِهَا تُحْمَلُ فَأَخَذَ الْخَمِيصَةَ بِيَدِهِ فَأَلْبَسَهَا وَقَالَ "أَبْلِى وَأَخْلِقِى". ـــــــــــــــــــــــــــــ 5822 - (محمد) كذا وقع غير منسوب، وهو ابن سلام، هو الراوي عن مخلد، صرح به البخاري في مواضع (مخلد) بفتح الميم وسكون الخاء المعجمة (ابن جريج) بضم الجيم مصغر. باب الخميصة السوداء تقدم آنفًا أنَّه كساء لها أعلام. 5823 - (سعيد بن فلان هو عمر بن سعيد) المعروف بالأشدق (عن أم خالد) واسمها أمة، ضد الحرة، تقدم حديثها في أبواب الجهاد، وموضع الدلالة هنا ذكر الخميصية (أَبْلِي وأَخْلِقي) أي: اجعليه باليًا لا أثر له، كقوله: "يبلى من ابن آدم كل شيء إلا عجب ذنبه" (وأخلقي) أي: اجعليه خلقًا عتيقًا. والتبس على بعض الشارحين فقال: فإن قلت: كيف جاز عطف الشيء على نفسه؟ قلت: باعتبار تغاير اللفظ على أن هذا غير صحيح. فإن أحد المتقارنين لا يعطف على الآخر قطعًا، وإنما يجوز العطف إذا تغاير المفهومان.

23 - باب ثياب الخضر

وَكَانَ فِيهَا عَلَمٌ أَخْضَرُ أَوْ أَصْفَرُ فَقَالَ «يَا أُمَّ خَالِدٍ هَذَا سَنَاهْ». وَسَنَاهْ بِالْحَبَشِيَّةِ حَسَنٌ. طرفه 3071 5824 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا وَلَدَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ قَالَتْ لِى يَا أَنَسُ انْظُرْ هَذَا الْغُلاَمَ فَلاَ يُصِيبَنَّ شَيْئًا حَتَّى تَغْدُوَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يُحَنِّكُهُ. فَغَدَوْتُ بِهِ، فَإِذَا هُوَ فِي حَائِطٍ وَعَلَيْهِ خَمِيصَةٌ حُرَيْثِيَّةٌ، وَهْوَ يَسِمُ الظَّهْرَ الَّذِى قَدِمَ عَلَيْهِ فِي الْفَتْحِ. 23 - باب ثِيَابِ الْخُضْرِ 5825 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ (يا أم خالد: هذا سناه) ويروى: سنه وإنما خاطبها بهذا؛ لأنها كانت ولدت بالحبشة تعرف لسانهم. فإن قلت: تقدم في أبواب الجهاد أنها جاءت وعليها قميص أصفر، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هذا سنه"؟ قلت: تقدم هناك الإشارة إلى جواز الجمع. 5824 - (ابن أبي عدي) محمد بن إبراهيم، روى عن أنس أن أم سليم لما ولدت غلامًا أرسلته معه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحنكه، فوجده في حائط (وعليه خميصة حريثية) بضم الحاء مصغر، نسبه إلى حريث رجل من قضاعة، وكذا وقع في رواية مسلم، وقال ابن الأثير: المشهور جونية بفتح الجيم قبيلة من الأزد، أو نسبة إلى لونها السواد، ويروى: حوتكة بفتح الحاء وسكون الواو بعده تاء مثناة، من فوق، أي: صغيرة، يقال: رجل حوتكة، أي: قصير، ويروى: حوتية بضم الحاء نسبة إلى حوت قبيلة، أو إلى الحوت الَّذي هو السمك لشبه المخطوط فيها، قال ابن الأثير: طالما بحثت عنها فلم أقف على معنى (وهو يسم الظهر) أي: الإبل، وهذا شائع؛ لأن محل الانتفاع ظهرها. باب الثياب الخضر 5825 - (بشار) بفتح الياء وتشديد الشين، روى حديث امرأة رفاعة، وحديث العسيلة،

24 - باب الثياب البيض

أَنَّ رِفَاعَةَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، فَتَزَوَّجَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الزَّبِيرِ الْقُرَظِىُّ، قَالَتْ عَائِشَةُ وَعَلَيْهَا خِمَارٌ أَخْضَرُ. فَشَكَتْ إِلَيْهَا، وَأَرَتْهَا خُضْرَةً بِجِلْدِهَا، فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالنِّسَاءُ يَنْصُرُ بَعْضُهُنَّ بَعْضًا قَالَتْ عَائِشَةُ مَا رَأَيْتُ مِثْلَ مَا يَلْقَى الْمُؤْمِنَاتُ، لَجِلْدُهَا أَشَدُّ خُضْرَةً مِنْ ثَوْبِهَا. قَالَ وَسَمِعَ أَنَّهَا قَدْ أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَجَاءَ وَمَعَهُ ابْنَانِ لَهُ مِنْ غَيْرِهَا. قَالَتْ وَاللَّهِ مَا لِى إِلَيْهِ مِنْ ذَنْبٍ، إِلاَّ أَنَّ مَا مَعَهُ لَيْسَ بِأَغْنَى عَنِّى مِنْ هَذِهِ. وَأَخَذَتْ هُدْبَةً مِنْ ثَوْبِهَا، فَقَالَ كَذَبَتْ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّى لأَنْفُضُهَا نَفْضَ الأَدِيمِ، وَلَكِنَّهَا نَاشِزٌ تُرِيدُ رِفَاعَةَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لَمْ تَحِلِّى لَهُ - أَوْ لَمْ تَصْلُحِى لَهُ - حَتَّى يَذُوقَ مِنْ عُسَيْلَتِكِ». قَالَ وَأَبْصَرَ مَعَهُ ابْنَيْنِ فَقَالَ «بَنُوكَ هَؤُلاَءِ». قَالَ نَعَمْ. قَالَ «هَذَا الَّذِى تَزْعُمِينَ مَا تَزْعُمِينَ، فَوَاللَّهِ لَهُمْ أَشْبَهُ بِهِ مِنَ الْغُرَابِ بِالْغُرَابِ». طرفه 2639 24 - باب الثِّيَابِ الْبِيضِ 5826 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِىُّ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا ـــــــــــــــــــــــــــــ وكم مرت مرارًا، وموضع الدلالة هنا كون خمارها أخضر فدل على جوازه (رِفاعة) بكسر الراء (عبد الرحمن بن الزَّبير) بفتح الزاي وكسر الباء (القرظي) بضم القاف (ما لي إليه ذنب ألا أن ما معه) تريد ذَكَره (ليس بأغنى عني من هذه، وأخذت هدبة) وجه الشبه: الرخاوة (إني لأنفضها نفض الأديم) كناية عن كمال قوته وشدة زهقه في حالة الوقاع (إن كان ذلك) أي: إن لم يكن وصل إليك كما زعمت (لم تحلي له) أي: للزوج الأول (وأبصر معه ابنين له فقال: بنوك هولاء؟) أطلق الجمع على الإثنين (لهم أشبه به من الغراب بالغراب) خص الغراب بالذكر؛ لأن الأغربة لا تفاوت في أفرادها لونًا وجثة، وفيه دليل لمن يقول بالقيامة. وفي الحديث دلالة على أن إظهار العذر عند الحكام جائز سواء كان رجلًا أو امرأة، قيل: استدل بقوله: أنفضها، وبولديه على صدقه. قلت: لو دل ذلك لم يقل: حتَّى تذوقي عسيلته، وأيضًا العنة قد تكون إلى بعض النساء دون بعض شاهدناه كثيرًا. باب الثياب البيض 5826 - (بشر) بكسر الموحدة وشين معجمة ........................................

مِسْعَرٌ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدٍ قَالَ رَأَيْتُ بِشِمَالِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَبِيَمِينِهِ رَجُلَيْنِ عَلَيْهِمَا ثِيَابٌ بِيضٌ يَوْمَ أُحُدٍ، مَا رَأَيْتُهُمَا قَبْلُ وَلاَ بَعْدُ. طرفه 4054 5827 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنِ الْحُسَيْنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا الأَسْوَدِ الدِّيلِىَّ حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا ذَرٍّ - رضى الله عنه - حَدَّثَهُ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ أَبْيَضُ وَهْوَ نَائِمٌ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ وَقَدِ اسْتَيْقَظَ فَقَالَ «مَا مِنْ عَبْدٍ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. ثُمَّ مَاتَ عَلَى ذَلِكَ، إِلاَّ دَخَلَ الْجَنَّةَ». قُلْتُ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ قَالَ «وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ». قُلْتُ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ قَالَ «وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ». قُلْتُ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ قَالَ «وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ عَلَى رَغْمِ أَنْفِ أَبِى ذَرٍّ». وَكَانَ أَبُو ذَرٍّ إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا قَالَ وَإِنْ رَغِمَ أَنْفُ أَبِى ذَرٍّ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ هَذَا عِنْدَ الْمَوْتِ أَوْ قَبْلَهُ، إِذَا تَابَ وَنَدِمَ وَقَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. غُفِرَ لَهُ. طرفه 1237 ـــــــــــــــــــــــــــــ (مسعر) بكسر الميم (عن سعد) هو ابن أبي وقاص (قال: رأيت بشمال النبي - صلى الله عليه وسلم - ويمينه رجلين) أي: ملكين في صورة رجلين، سلف الحديث في غزوة أحد، وموضع الدلالة هنا أنهما كانا لابسين ثيابًا بيضًا. 5827 - (أبو معمر) بفتح الميمين (عبد [الله] بن بريدة) بضم الباء مصغر بردة (أن أبا الأسود الدؤلي) بضم الدال وفتح الهمزة، ويقال: الديلي نسبة إلى القبيلة، واسمه ظالم، تابعي جليل القدر، أول من سطر علم النحو (أن أبا ذر) صحابي مكرم اسمه جندب (حدثه)، (وإن زنى وإن سرق) تقدم في أبواب الإيمان، وموضع الدلالة هنا قوله: (أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وعليه ثوب أبيض)، (قال أبو عبد الله: هذا عند الموت أو قبله إذا تاب وندم وقال: لا إله إلا الله كفر له) ما كان قبل هذا. قلت: هذا التأويل ليس بلازم، فإن ظاهر الحديث أنَّه يدخل الجنّة لا محالة إما ابتداء، أو بعد قدر من العذاب. فإن قلت: يكون البخاري حمل الحديث على الحديث الآخر "من قال لا إله إلا الله

25 - باب لبس الحرير، وافتراشه للرجال، وقدر ما يجوز منه

25 - باب لُبْسِ الْحَرِيرِ، وَافْتِرَاشِهِ لِلرِّجَالِ، وَقَدْرِ مَا يَجُوزُ مِنْهُ 5828 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ النَّهْدِىَّ أَتَانَا كِتَابُ عُمَرَ وَنَحْنُ مَعَ عُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ بِأَذْرَبِيجَانَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الْحَرِيرِ، إِلاَّ هَكَذَا، وَأَشَارَ بِإِصْبَعَيْهِ اللَّتَيْنِ تَلِيَانِ الإِبْهَامَ قَالَ فِيمَا عَلِمْنَا أَنَّهُ يَعْنِى الأَعْلاَمَ. أطرافه 5829، 5830، 5834، 5835 5829 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ قَالَ كَتَبَ إِلَيْنَا عُمَرُ وَنَحْنُ بِأَذْرَبِيجَانَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ إِلاَّ هَكَذَا، وَصَفَّ لَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِصْبَعَيْهِ. وَرَفَعَ زُهَيْرٌ الْوُسْطَى وَالسَّبَّابَةَ. طرفه 5828 ـــــــــــــــــــــــــــــ حرمه الله على النار"؟ قلت: لا بُدَّ من تأويل ذلك أيضًا للقطع بدخول بعض العصاة النار بشهادة سائر النصوص، والحق: أن ما قاله البخاري لا يوافق حديث أبي ذر، لأن قوله: "وإن زنى وإن سرق" معناه أنَّه يدخل الجنّة مع ذلك الذنب من غير توبة. باب لبس الحرير وافتراشه روى أحاديث كلها دالة على حرمة لبس الحرير. فإن قلت: الأحاديث عامة في الرجال والنساء؟ قلت: أخرج النساء في حديث رواه الإمام أحمد والترمذي: "الذهب والحرير حرام على ذكور أمتي حل لإناثها". 5828 - (أبا عثمان الهندي) اسمه عبد الرحمن (عتبة) بضم العين وسكون الفوقانية (بأذربيجان) بفتح الهمزة، وسكون الذال المعجمة وفتح الراء، ويروى بمد الهمزة وبكسر الهمزة أيضًا. 5829 - (زهير) بضم الزاي مصغر (إلا هكذا وأشار بأصبعيه) أي: استثنى ما يجعل

5830 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنِ التَّيْمِىِّ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ قَالَ كُنَّا مَعَ عُتْبَةَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يُلْبَسُ الْحَرِيرُ فِي الدُّنْيَا، إِلاَّ لَمْ يُلْبَسْ فِي الآخِرَةِ مِنْهُ». طرفه 5828 حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ، وَأَشَارَ أَبُو عُثْمَانَ بِإِصْبَعَيْهِ الْمُسَبِّحَةِ وَالْوُسْطَى. 5831 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنِ ابْنِ أَبِى لَيْلَى قَالَ كَانَ حُذَيْفَةُ بِالْمَدَايِنِ فَاسْتَسْقَى، فَأَتَاهُ دِهْقَانٌ بِمَاءٍ فِي إِنَاءٍ مِنْ فِضَّةٍ فَرَمَاهُ بِهِ وَقَالَ إِنِّى لَمْ أَرْمِهِ إِلاَّ أَنِّى نَهَيْتُهُ فَلَمْ يَنْتَهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ وَالْحَرِيرُ وَالدِّيبَاجُ هِىَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا، وَلَكُمْ فِي الآخِرَةِ». طرفه 5426 5832 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - قَالَ شُعْبَةُ فَقُلْتُ أَعَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: شَدِيدًا عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَال ـــــــــــــــــــــــــــــ طرازًا على الثوب أو سجافًا، واختلف العلماء في مقداره، قيل: يتبع فيه العادة، واتفقوا على أنَّه لا يزاد على أربعة أصابع. 5830 - (لا يُلْبَسُ الحرير في الدنيا إلا لم يُلْبَسْ في الآخرة) هذا إذا لم يتب. فإن قلت: قد قال تعالى: {وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَريِرٌ} [الحج: 23]؟ قلت: يستثنى منه هذا. فإن قلت: فقد قال: {وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِى أَنْفُسُكمْ} [فصلت: 31]؟ قلت: أجابوا بأنه سلب عنه شهوته، وكفى به عقوبة. 5831 - (حرب) ضد الصلح (الحكم) بفتح الحاء والكاف (عن ابن أبي ليلى) اسمه: عبد الرحمن، وحديث حذيفة مع الدهقان -وهو بكسر الدال وقد تضم الدال رئيس القرية- سلف في أبواب الشرب. 5832 - (صهيب) بضم الصاد مصغر (قال شعبة: فقلت: أَعَنِ النبي عليه السلام؟ فقال شديدًا: عن النبي) أي: لما سمع شعبة عن شيخه سأله هل هو مرفوع أو لا؟ فقال شديدًا،

«مَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا فَلَنْ يَلْبَسَهُ فِي الآخِرَةِ». 5833 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَخْطُبُ يَقُولُ قَالَ مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الآخِرَةِ». 5834 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ الْجَعْدِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى ذُبْيَانَ خَلِيفَةَ بْنِ كَعْبٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الآخِرَةِ». وَقَالَ لَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ يَزِيدَ قَالَتْ مُعَاذَةُ أَخْبَرَتْنِى أُمُّ عَمْرٍو بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ سَمِعَ عُمَرَ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 5828 5835 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حِطَّانَ قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنِ الْحَرِيرِ فَقَالَتِ ائْتِ ابْنَ عَبَّاسٍ فَسَلْهُ. قَالَ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ سَلِ ابْنَ عُمَرَ. قَالَ فَسَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ فَقَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو حَفْصٍ - يَعْنِى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّمَا يَلْبَسُ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ فِي الآخِرَةِ». فَقُلْتُ صَدَقَ وَمَا كَذَبَ أَبُو حَفْصٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ حَدَّثَنَا حَرْبٌ عَنْ يَحْيَى حَدَّثَنِى عِمْرَانُ. وَقَصَّ الْحَدِيثَ. طرفه 5828 ـــــــــــــــــــــــــــــ أي: على وجه الغضب أنَّه مرفوع، في رواية أبي ذر بالسين المهملة أي: رفعه سديد صحيح، قال شيخنا: ويحتمل أن يكون معناه إنكار جزمه بالرفع أي: يقع رفعه شديدًا عليَّ، وفيه بعد. 5834 - (علي بن الجعد) بفتح الجيم وسكون العين (عن أبي ذبيان خليفة بن كعب) بضم الذال المعجمة (معاذة) بضم الميم وذال معجمة. 5835 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين المعجمة (حطان) بكسر الحاء وتشديد الطاء والمد.

26 - باب مس الحرير من غير لبس

26 - باب مَسِّ الْحَرِيرِ مِنْ غَيْرِ لُبْسٍ وَيُرْوَى فِيهِ عَنِ الزُّبَيْدِىِّ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 5836 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ - رضى الله عنه - قَالَ أُهْدِىَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - ثَوْبُ حَرِيرٍ، فَجَعَلْنَا نَلْمُسُهُ، وَنَتَعَجَّبُ مِنْهُ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَتَعْجَبُونَ مِنْ هَذَا». قُلْنَا نَعَمْ. قَالَ «مَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنْ هَذَا». طرفه 3249 27 - باب افْتِرَاشِ الْحَرِيرِ وَقَالَ عَبِيدَةُ هُوَ كَلُبْسِهِ. 5837 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا أَبِى قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ أَبِى نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ أَبِى لَيْلَى عَنْ حُذَيْفَةَ - رضى الله عنه - قَالَ نَهَانَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: عمران بن حطان رئيس الخوارج، وهو الَّذي [مدح] ابن ملجم قاتل علي بابيات مشهورة؟ قلت: قيل إنه تاب عن ذلك، قال شيخنا: والبخاري يخرج حديث المبتدع إذا كان صادق اللهجة. باب مس الحرير من غير لبس (الزبيدي) -بضم الزاي مصغر منسوب- هو محمد بن الوليد. 5836 - (مناديل سعد بن معاذ في الجنّة خير من هذا) إشارة إلى ثوب من حرير أهداه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكيدر دومة، وتخصيص سعد بالذكر لكونه كان قد مات عن قريب، بشر بذلك قومه من الأنصار، والمناديل لأنها أدون الثياب، وإذا كان خيرًا منه فسائر الثياب من باب الأولى، وموضع الدلالة جواز مس الحرير وإن حرم لبسه. باب افتراش الحرير (عبيدة) -بفتح العين وسكون الياء- السلماني التابعي. 5837 - روى حديث حذيفة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الشرب في آنية الذهب والفضة

28 - باب لبس القسى

أَنْ نَشْرَبَ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَأَنْ نَأْكُلَ فِيهَا، وَعَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ، وَأَنْ نَجْلِسَ عَلَيْهِ. طرفه 5426 28 - باب لُبْسِ الْقَسِّىِّ وَقَالَ عَاصِمٌ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ قَالَ قُلْتُ لِعَلِىٍّ مَا الْقَسِّيَّةُ قَالَ ثِيَابٌ أَتَتْنَا مِنَ الشَّأْمِ أَوْ مِنْ مِصْرَ، مُضَلَّعَةٌ فِيهَا حَرِيرٌ فِيهَا أَمْثَالُ الأُتْرُنْجِ، وَالْمِيثَرَةُ كَانَتِ النِّسَاءُ تَصْنَعُهُ لِبُعُولَتِهِنَّ، مِثْلَ الْقَطَائِفِ يُصَفِّرْنَهَا. وَقَالَ جَرِيرٌ عَنْ يَزِيدَ فِي حَدِيثِهِ، الْقَسِّيَّةُ ثِيَابٌ مُضَلَّعَةٌ، يُجَاءُ بِهَا مِنْ مِصْرَ، فِيهَا الْحَرِيرُ، وَالْمِيثَرَةُ جُلُودُ السِّبَاعِ. قَالَ أَبُو عَبْدُ اللَّهِ عَاصِمٌ أَكْثَرُ وَأَصَحُّ فِي الْمِيثَرَةِ. 5838 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِى الشَّعْثَاءِ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ عَنِ ابْنِ عَازِبٍ قَالَ نَهَانَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْمَيَاثِرِ الْحُمْرِ وَالْقَسِّىِّ. طرفه 1239 ـــــــــــــــــــــــــــــ وقد سلف قريبًا، وموضع الدلالة: (وأن يجلس عليه) أي: على الحرير، ولم يجوز الشافعي الجلوس على الحرير للرجال والنساء، وجوزه أبو حنيفة لهما، قال: لأن النهي إنما ورد في اللبس، والجلوس ليس بلبس، لكن آخر الحديث وهو قوله: (وأن نجلس عليه) يرد عليه. فإن قلت: ما الدليل للشافعي على حرمة الافتراش للنساء؟ قلت: قيل: قياسًا على حرمة استعمال أواني الذهب والفضة، ورجح النووي الجواز، وهو الظاهر. باب لبس القَسِّي بفتح القاف وتشديد السين قرية من أعمال مصر، قال الخطابي: وتخفيف السين غلط (مضلعة) أي: فيها خطوط عظام مثل الأضلاع، وإلى هذا أشار بقوله: (فيها أمثال الأُترنج والميثرة) -بكسر الميم- من الوثارة وهي اللين، وسادة السرج (أمثال القطائف) جمع قطيفة، كساء لها خمل. 5838 - (مقاتل) بكسر التاء، و (أشعث) بالمعجمة آخره ثاء مثلثة، وكذا (أبو الشعثاء). (سويد) بضم السين مصغر (مقرن) بكسر الراء المشددة (نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المياثر الحمر) قيد

29 - باب ما يرخص للرجال من الحرير للحكة

29 - باب مَا يُرَخَّصُ لِلرِّجَالِ مِنَ الْحَرِيرِ لِلْحِكَّةِ 5839 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ رَخَّصَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِلزُّبَيْرِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي لُبْسِ الْحَرِيرِ لِحِكَّةٍ بِهِمَا. طرفه 2919 30 - باب الْحَرِيرِ لِلنِّسَاءِ 5840 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ح وَحَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــ الحمر باعتبار ما كان عندهم على ذلك النمط، وعلة الحرمة كونها حريرًا على أي وجه كان. اعلم أن يزيد في السند من الزيادة هو يزيد بن أبي زياد، كذا صرح به ابن ماجة، فمن قال: هو يزيد بن رومان فقد التبس عليه، ومن قال: هو بريد بضم الباء فقد صحف. فإن قلت: قال أولًا (تصنعه) ثم قال: (يصفرنها)؟ قلت: الأول صفة النساء، والثاني فعل الرجال، وفي رواية "يصنفونها" بالفاء من التصنيف، وفي أخرى "يصفونها" وفي أخرى "يصفرونها" بالراء، قال شيخنا: هذه الأخيرة تصحيف. باب ما يرخص للرجال من الحرير 5839 - (رخص النبي - صلى الله عليه وسلم - للزبير وعبد الرحمن بن عوف لبس الحرير لحكة) كانت (بهما) وفي رواية مسلم "كان ذلك في السفر" وليس ذلك قيدًا، بل كان أمرًا اتفاقيًّا، ولا الحكة بل كل مرض يصلح له لبسه. باب لبس الحرير للنساء 5840 - (حرب) ضد الصلح (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (غندر) بضم الغين وفتح

عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - قَالَ كَسَانِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حُلَّةً سِيَرَاءَ، فَخَرَجْتُ فِيهَا، فَرَأَيْتُ الْغَضَبَ فِي وَجْهِهِ، فَشَقَّقْتُهَا بَيْنَ نِسَائِى. طرفه 2614 5841 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنِى جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عُمَرَ - رضى الله عنه - رَأَى حُلَّةً سِيَرَاءَ تُبَاعُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوِ ابْتَعْتَهَا، تَلْبَسُهَا لِلْوَفْدِ إِذَا أَتَوْكَ وَالْجُمُعَةِ. قَالَ «إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذِهِ مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ». وَأَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ حُلَّةَ سِيَرَاءَ حَرِيرٍ، كَسَاهَا إِيَّاهُ فَقَالَ عُمَرُ كَسَوْتَنِيهَا وَقَدْ سَمِعْتُكَ تَقُولُ فِيهَا مَا قُلْتَ فَقَالَ «إِنَّمَا بَعَثْتُ إِلَيْكَ لِتَبِيعَهَا أَوْ تَكْسُوَهَا». طرفه 886 ـــــــــــــــــــــــــــــ الدال (ميسرة) ضد الميمنة (عن علي كساني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حلة سيراء) بكسر السين أي: فيها خطوط كالسيور، والحلة ثوبان من جنس واحد (فرأيت النضب في وجهه). فإن قلت: ما وجه الغضب بعد قوله: كساني؟ قلت: هذا بناء على ظنه أنَّه أعطاه للكسوة مطلقًا، سواء لبسه أو غيره. (فشققتها بين نسائي) أي نساء يتعلقن به، في رواية مسلم: "بين الفواطم" فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأم علي فاطمة بنت أسد، وبنت حمزة بن عبد المطلب. قال القاضي: والرابعة يشبه أن تكون فاطمة بنت شيبة بن ربيعة امرأة عقيل. 5841 - ثم روى عن عمر أنَّه أرسل إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحلة سيراء، وقد تقدم في أبواب الجمعة أن عمر أشار إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأن يشتري حلة عطارد ليتجمل بها في الأعياد وللوفود، فرد عليه بأن هذا لبس من لا خلاق له في الآخرة، فأشكل على عمر إرساله إليه، فأشار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأنه لا يلزم من إرساله إليه بها الإذن في اللبس، فأعطاها عمر لأخ له مشرك، قيل: أخوه نسبًا، وقيل: رضاعًا. فإن قلت: في رواية الطبراني أن عطاردًا أهدى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حلة سيراء، وفي

31 - باب ما كان النبى - صلى الله عليه وسلم - يتجوز من اللباس والبسط

5842 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّهُ رَأَى عَلَى أُمِّ كُلْثُومٍ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ - بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بُرْدَ حَرِيرٍ سِيَرَاءَ. 31 - باب مَا كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَجَوَّزُ مِنَ اللِّبَاسِ وَالْبُسْطِ 5843 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ لَبِثْتُ سَنَةً وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ عَنِ الْمَرْأَتَيْنِ اللَّتَيْنِ تَظَاهَرَتَا عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَجَعَلْتُ أَهَابُهُ، فَنَزَلَ يَوْمًا مَنْزِلاً فَدَخَلَ الأَرَاكَ، فَلَمَّا خَرَجَ سَأَلْتُهُ فَقَالَ عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ - ثُمَّ قَالَ - كُنَّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ لاَ نَعُدُّ النِّسَاءَ شَيْئًا، فَلَمَّا جَاءَ الإِسْلاَمُ وَذَكَرَهُنَّ اللَّهُ، رَأَيْنَا لَهُنَّ بِذَلِكَ عَلَيْنَا حَقًّا، مِنْ غَيْرِ أَنْ نُدْخِلَهُنَّ فِي شَىْءٍ مِنْ أُمُورِنَا، وَكَانَ بَيْنِى وَبَيْنَ امْرَأَتِى كَلاَمٌ فَأَغْلَظَتْ لِى فَقُلْتُ لَهَا وَإِنَّكِ لَهُنَاكِ. قَالَتْ تَقُولُ هَذَا لِى وَابْنَتُكَ تُؤْذِى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَتَيْتُ حَفْصَةَ فَقُلْتُ لَهَا إِنِّى أُحَذِّرُكِ أَنْ تَعْصِى اللَّهَ وَرَسُولَهُ. وَتَقَدَّمْتُ إِلَيْهَا فِي أَذَاهُ، فَأَتَيْتُ أُمَّ سَلَمَةَ فَقُلْتُ لَهَا. فَقَالَتْ أَعْجَبُ مِنْكَ يَا عُمَرُ قَدْ دَخَلْتَ فِي أُمُورِنَا، فَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ أَنْ تَدْخُلَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَزْوَاجِهِ، فَرَدَّدَتْ، وَكَانَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ إِذَا غَابَ عَنْ رَسُولِ ـــــــــــــــــــــــــــــ البخاري أنَّه كان يقيمها بالسوق؟ قلت: لا تنافي، أولًا: أقامها في السوق فلم ينفق بيعها، وعطارد هذا هو ابن حاجب تميمي كان يغشى الملوك، وفي رواية الطبراني: إن هذه الحلة كان قد كساها إياه كسرى. 5842 - (أنس رأى على أم كلثوم بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برد حرير سيراء) وفي مسند [ابن] أبي شيبة زينب بدل أم كلثوم، ويجوز الجمع كما لا يخفى. باب [ما] كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتجوز من اللباس 5843 - على وزن يتكسر، أي: يقتصر على ما وجد (حرب) ضد الصلح، روى في الباب حديث ابن عباس أنَّه لبث سنة يريد أن يسأل عمر عن المرأتين اللتين تظاهرتا على

اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَشَهِدْتُهُ أَتَيْتُهُ بِمَا يَكُونُ، وَإِذَا غِبْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَشَهِدَ أَتَانِى بِمَا يَكُونُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَ مَنْ حَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدِ اسْتَقَامَ لَهُ، فَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ مَلِكُ غَسَّانَ بِالشَّأْمِ، كُنَّا نَخَافُ أَنْ يَأْتِيَنَا، فَمَا شَعَرْتُ إِلاَّ بِالأَنْصَارِىِّ وَهْوَ يَقُولُ إِنَّهُ قَدْ حَدَثَ أَمْرٌ. قُلْتُ لَهُ وَمَا هُوَ أَجَاءَ الْغَسَّانِىُّ قَالَ أَعْظَمُ مِنْ ذَاكَ، طَلَّقَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نِسَاءَهُ. فَجِئْتُ فَإِذَا الْبُكَاءُ مِنْ حُجَرِهَا كُلِّهَا، وَإِذَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ صَعِدَ فِي مَشْرُبَةٍ لَهُ، وَعَلَى بَابِ الْمَشْرُبَةِ وَصِيفٌ فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ اسْتَأْذِنْ لِى. فَدَخَلْتُ فَإِذَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى حَصِيرٍ قَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبِهِ، وَتَحْتَ رَأْسِهِ مِرْفَقَةٌ مِنْ أَدَمٍ، حَشْوُهَا لِيفٌ، وَإِذَا أُهُبٌ مُعَلَّقَةٌ وَقَرَظٌ، فَذَكَرْتُ الَّذِى قُلْتُ لِحَفْصَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ، وَالَّذِى رَدَّتْ عَلَىَّ أُمُّ سَلَمَةَ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَبِثَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ نَزَلَ. طرفه 89 5844 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَتْنِى هِنْدُ بِنْتُ الْحَارِثِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتِ اسْتَيْقَظَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ اللَّيْلِ وَهْوَ يَقُولُ «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، مَاذَا أُنْزِلَ اللَّيْلَةَ مِنَ الْفِتْنَةِ، مَاذَا أُنْزِلَ مِنَ الْخَزَائِنِ، مَنْ يُوقِظُ صَوَاحِبَ الْحُجُرَاتِ، كَمْ مِنْ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد سلف الحديث في أبواب النِّكَاح، وموضع الدلالة هنا قوله: (فإذا النبي - صلى الله عليه وسلم - على حصير قد أثر في جنبه، وتحت رأسه مِرفقة من أدم) -بكسر الميم- وسادة صغيرة يتكئ عليها؛ اشتقاقها من المرفق، وفيه دلالة ظاهرة على اقتصاره - صلى الله عليه وسلم - في أمور الدنيا على أدنى شيء (أُهب) -بضم الهمزة جمع إهاب بكسر الهمزة- الجلد قبل الدباغ، والقَرظ -بفتح القاف والراء- ورق السمر يدبغ به. 5844 - ثم روى حديث أم سلمة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استيقظ ليلة فقال: (ماذا أنزل الليلة من الفتنة، ماذا أنزل من الخزائن؟) والحديث سلف في أبواب التهجد، وموضع الدلالة قوله: (رب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة). فإن قلت: ما وجه الدلالة على الترجمة؟ قلت: اتفق الشراح على أنَّه نهى عن لبس الثوب الرفيع الَّذي يصف الجسم، فإن جزاء ذلك أن تكون المرأة اللابسة له في

32 - باب ما يدعى لمن لبس ثوبا جديدا

قَالَ الزُّهْرِىُّ وَكَانَتْ هِنْدٌ لَهَا أَزْرَارٌ فِي كُمَّيْهَا بَيْنَ أَصَابِعِهَا. طرفه 115 32 - باب مَا يُدْعَى لِمَنْ لَبِسَ ثَوْبًا جَدِيدًا 5845 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى قَالَ حَدَّثَتْنِى أُمُّ خَالِدٍ بِنْتُ خَالِدٍ قَالَتْ أُتِىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِثِيَابٍ فِيهَا خَمِيصَةٌ سَوْدَاءُ قَالَ «مَنْ تَرَوْنَ نَكْسُوهَا هَذِهِ الْخَمِيصَةَ». فَأُسْكِتَ الْقَوْمُ. قَالَ «ائْتُونِى بِأُمِّ خَالِدٍ». فَأُتِىَ بِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَلْبَسَهَا بِيَدِهِ وَقَالَ «أَبْلِى وَأَخْلِقِى». مَرَّتَيْنِ فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى عَلَمِ الْخَمِيصَةِ، وَيُشِيرُ بِيَدِهِ إِلَىَّ وَيَقُولُ «يَا أُمَّ خَالِدٍ هَذَا سَنَا». وَالسَّنَا ـــــــــــــــــــــــــــــ الدنيا عارية يوم القيامة، وهذا ليس بشيء، ولا دلالة عليه بلفظ الحديث، والحق أنَّه لما قال: (كم من كاسية في الدنيا عارية في الآخرة) دل على أن اللباس المطلوب في الدنيا هو لباس التقوى الَّذي يستر يوم القيامة، وأن لبس الدنيا يكفي فيه ما ستر العورة، وهذا معنى التجوز في الترجمة، أي: الاقتصار على الضروري، لا يستر لون الجسم فذلك حرام اتفاقًا، فلا تعلق له بالباب. فإن قلت: ما الخزائن التي أنزلت تلك الليلة؟ قلت: ما حصل لأمته من الخيرات، كشف الله له تلك الليلة ومثلت له، وفيه دلالة على أن الإنسان يحث أهله على الطاعات. (قال الزهري: وكانت هند لها أزرار في كمهيا بين أصابعها) الأزرار: ما يكون ساترًا للنصف التحتاني، وهذا يدل على أن هندًا زادت فيه لغاية التستر، وفيه إشعار بأن البخاري فهم من الكاسية العارية يوم القيامة هي اللابسة الرفيع لا يستر بدنها، كذا وقع لأبي أحمد الجرجاني، قال شيخنا: هذا غلط، ولفظ الحديث: "الأزرار" جمع زر، أرادت غاية الاجتناب عن ظهور شيء من بدنها، ولو شيء جرت العادة بظهوره، وهذا الَّذي بعث الشراح إلى تفسير الكاسية: الثوب الشفاف، وقد أطلعناك على جليلة الحال، والله أعلم. باب ما يدعى لمن لبس ثوبًا جديدًا 5845 - روى في الباب حديث أم خالد كساها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خميصة لها أعلام وقال لها: (سنا، وسنا بالحبشية حسن) وقد سلف حديثها قريبًا، وموضع الدلالة قوله: (أبلي وأخلقي)، وفي رواية النسائي والترمذي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى على عمر ثوبًا فقال:

33 - باب التزعفر للرجال

بِلِسَانِ الْحَبَشِيَّةِ الْحَسَنُ. قَالَ إِسْحَاقُ حَدَّثَتْنِى امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِى أَنَّهَا رَأَتْهُ عَلَى أُمِّ خَالِدٍ. طرفه 3071 33 - باب التَّزَعْفُرِ لِلرِّجَالِ 5846 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَتَزَعْفَرَ الرَّجُلُ. 34 - باب الثَّوْبِ الْمُزَعْفَرِ 5847 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَلْبَسَ الْمُحْرِمُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا بِوَرْسٍ أَوْ بِزَعْفَرَانٍ. طرفه 134 ـــــــــــــــــــــــــــــ "البس جديدًا، وعش حميدًا، ومت شهيدًا" وفي الترمذي والحاكم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من لبس ثوبًا جديدًا وقال: الحمد لله الَّذي كساني ما أواري به عورتي، وأتجمل به في حياتي، ثم عمد إلى الثوب الَّذي أخلق فتصدق به كان في حفظه حيًّا وميتًا". باب التزعفر للرجال التزعفر: لبس المصبوغ بالزعفران. قيل: هذا مخصوص بحال الإحرام للحديث بعده عن ابن عمر أنَّه نهى المحرم عنه. والكوفيون والشافعي على إطلاقه لما روى أبو داود: "إن الملائكة لا تحضر المتضمخ بالزعفران". فإن قلت: قد سلف أنَّه رأى على عبد الرحمن بن عوف لطخًا من الزعفران ولم ينهه عنه؟ قلت: ذاك كان شيئًا قليلًا علامة للعرس، أو يكون هذا بعد ذلك، فإن قضية عبد الرحمن كانت حين قدم المدينة، وما يقال: إن ما كان في عبد الرحمن أصابه من امرأته من غير

35 - باب الثوب الأحمر

35 - باب الثَّوْبِ الأَحْمَرِ 5848 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ سَمِعَ الْبَرَاءَ - رضى الله عنه - يَقُولُ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَرْبُوعًا، وَقَدْ رَأَيْتُهُ فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَحْسَنَ مِنْهُ. طرفه 3551 36 - باب الْمِيثَرَةِ الْحَمْرَاءِ 5849 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَشْعَثَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ عَنِ الْبَرَاءِ - رضى الله عنه - قَالَ أَمَرَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِسَبْعٍ عِيَادَةِ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ، وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ، وَنَهَانَا عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ، وَالدِّيبَاجِ، وَالْقَسِّىِّ، وَالإِسْتَبْرَقِ، وَمَيَاثِرِ الْحُمْرِ. طرفه 1239 37 - باب النِّعَالِ السِّبْتِيَّةِ وَغَيْرِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــ اختيار فلا يخفى بعده، على أنَّه كذلك كان يفعله قبل ملاقاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. 5848 - ثم روى عن البراء أنَّه رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حلة حمراء، وقد سلف في أبواب الحج، وأشرنا إلى أن لبس الأحمر لم يرد فيه شيء يعارض هذا الحديث. باب الميثرة 5849 - (أشعث) بالثاء المثلثة (سويد) بضم السين مصغر (مقرن) بتشديد الراء المكسورة (قبيصة) بفتح القاف وياء مكسورة، روى حديث البراء (أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسبع) وقد سلف مرارًا، وموضع الدلالة ذكر الميثرة -بكسر الميم- هي وسادة صغيرة تجعل في السرج (والإستبرق) الغليظ من الحرير. باب النعال السبتية وغيرها بكسر السين نسبة إلى السِّبت. قال ابن الأثير: وهو جلد البقر إذا دبغ، سمي بذلك لأنه سُبِتَ أي: جرد وأزيل شعره.

5850 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ سَعِيدٍ أَبِى مَسْلَمَةَ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسًا أَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى فِي نَعْلَيْهِ قَالَ نَعَمْ. طرفه 386 5851 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - رَأَيْتُكَ تَصْنَعُ أَرْبَعًا لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِكَ يَصْنَعُهَا. قَالَ مَا هِىَ يَا ابْنَ جُرَيْجٍ قَالَ رَأَيْتُكَ لاَ تَمَسُّ مِنَ الأَرْكَانِ إِلاَّ الْيَمَانِيَيْنِ، وَرَأَيْتُكَ تَلْبَسُ النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ، وَرَأَيْتُكَ تَصْبُغُ بِالصُّفْرَةِ، وَرَأَيْتُكَ إِذَا كُنْتَ بِمَكَّةَ أَهَلَّ النَّاسُ إِذَا رَأَوُا الْهِلاَلَ، وَلَمْ تُهِلَّ أَنْتَ حَتَّى كَانَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ. فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَمَّا الأَرْكَانُ فَإِنِّى لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَمَسُّ إِلاَّ الْيَمَانِيَيْنِ، وَأَمَّا النِّعَالُ السِّبْتِيَّةُ فَإِنِّى رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَلْبَسُ النِّعَالَ الَّتِى لَيْسَ فِيهَا شَعَرٌ وَيَتَوَضَّأُ فِيهَا فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَلْبَسَهَا، وَأَمَّا الصُّفْرَةُ فَإِنِّى رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَصْبُغُ بِهَا، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَصْبُغَ بِهَا وَأَمَّا الإِهْلاَلُ فَإِنِّى لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُهِلُّ حَتَّى تَنْبَعِثَ بِهِ رَاحِلَتُهُ. طرفه 166 5852 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَلْبَسَ الْمُحْرِمُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا بِزَعْفَرَانٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ 5850 - روى حديث أنس "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي في نَعْليه"، وهو بإطلاقه يشمل السبتية وغيرها. 5851 - 5852 - 5853 - (ابن جريج) بضم الجيم مصغر (عبيد بن جريج) بتصغير الاسمين (قال لابن عمر: رأيتك تصنع أربعًا لم أر واحدًا من أصحابك يصنعها) هذا الحديث سلف في أبواب الحج، وموضع الدلالة هنا لبس النعال السبتية (تصبغ بالصفرة) قيل: المراد صبغ الثوب، وقيل: صبغ الشيب، وهذا هو الظاهر إذ لم يرد خبر صحيح بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصبغ ثوبه بالأصفر، ولا كان يلبس (يوم التروية) هو اليوم الثامن من ذي الحجة، سمي بذلك لأن الوفد يروون فيه الرواحل للصعود إلى عرفات، وحمله على رؤيا إبراهيم لا يصح اشتقاقًا.

38 - باب يبدأ بالنعل اليمنى

أَوْ وَرْسٍ، وَقَالَ «مَنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ». طرفه 134 5853 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِزَارٌ فَلْيَلْبَسِ السَّرَاوِيلَ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَعْلاَنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ». طرفه 1740 38 - باب يَبْدَأُ بِالنَّعْلِ الْيُمْنَى 5854 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى أَشْعَثُ بْنُ سُلَيْمٍ سَمِعْتُ أَبِى يُحَدِّثُ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُحِبُّ التَّيَمُّنَ فِي طُهُورِهِ وَتَرَجُّلِهِ وَتَنَعُّلِهِ. طرفه 168 39 - باب يَنْزِعُ نَعْلَ الْيُسْرَى 5855 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا انْتَعَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِالْيَمِينِ وَإِذَا نَزَعَ فَلْيَبْدَأْ بِالشِّمَالِ، لِتَكُنِ الْيُمْنَى أَوَّلَهُمَا تُنْعَلُ وَآخِرَهُمَا تُنْزَعُ». ـــــــــــــــــــــــــــــ (أو ورس) نبت أصفر يصبغ به. باب يبدأ بالنعل اليمنى 5854 - (حجاج بن منهال) بكسر الميم، روى حديث عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يجب التيمن في طهوره وترجله وتنعله) سلف الحديث في أبواب الطهارة، والحكمة في ذلك تقديم الأشرف، ولذلك صرح به في الباب بعده بأن تكون اليمنى أولهما لبسًا، وآخرهما نزعًا (أشعث) بالشين المعجمة آخره ثاء مثلثة، وكذا أبو الشعثاء. 5855 - (أبو الزناد) بالزاي المعجمة بعدها نون.

40 - باب لا يمشى فى نعل واحد

40 - باب لاَ يَمْشِى فِي نَعْلٍ وَاحِدٍ 5856 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَمْشِى أَحَدُكُمْ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ لِيُحْفِهِمَا جَمِيعًا، أَوْ لِيَنْعَلْهُمَا جَمِيعًا». 41 - باب قِبَالاَنِ فِي نَعْلٍ وَمَنْ رَأَى قِبَالاً وَاحِدًا وَاسِعًا 5857 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ حَدَّثَنَا أَنَسٌ - رضى الله عنه - أَنَّ نَعْلَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ لَهَا قِبَالاَنِ. طرفه 3107 5858 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ طَهْمَانَ قَالَ خَرَجَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب لا يمشي في نعل واحد 5856 - روى (عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا يمشي أحدكم في نعل واحدة). قيل: الحكمة في ذلك أنَّه لا يأمن العثار، ولأنه تبقى أحدى رجليه أقصر من الأخرى، وقيل: لأنه مأمور بالعدل بين الأعضاء، وأيضًا يبقى في صورة المسافر، وليس هذا مخصوصًا بالنعل، بل مثله القميص له كمٌ واحد، ولبس أحد الخفين دون الآخر، وقد جاء صريحًا في رواية ابن ماجة وفي مسلم: "إذا انقطع شسع أحدكم أو شراكه فلا يمشي حتَّى ينعلها أو يخفيها" وهذا أبلغ. يقال: أنعل ونعل مخففًا أي: لبس النعل. باب قبالان في نعل، ومن رأى قبالًا واحدًا واسعًا 5857 - 5858 - القبال -بكسر القاف- السير الَّذي يجعل بين الأصبعين، والشسع -بكسر الشين المعجمة- هو الَّذي يدخل بين الأصبعين ويدخل طرفه في الثقب الَّذي في صدر النعل. قال بعض الشارحين: فإن قلت: كيف دل الحديث على الترجمة؟ قلت: أما على الجزء الأول منها؛ فلأن النعل صادقة على واحدة، فلكل واحدة قبالان، وأما على الجزء

42 - باب القبة الحمراء من أدم

إِلَيْنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ بِنَعْلَيْنِ لَهُمَا قِبَالاَنِ، فَقَالَ ثَابِتٌ الْبُنَانِىُّ هَذِهِ نَعْلُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 3107 42 - باب الْقُبَّةِ الْحَمْرَاءِ مِنْ أَدَمٍ 5859 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ قَالَ حَدَّثَنِى عُمَرُ بْنُ أَبِى زَائِدَةَ عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِى جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ فِي قُبَّةٍ حَمْرَاءَ مِنْ أَدَمٍ، وَرَأَيْتُ بِلاَلاً أَخَذَ وَضُوءَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَالنَّاسُ يَبْتَدِرُونَ الْوَضُوءَ، فَمَنْ أَصَابَ مِنْهُ شَيْئًا تَمَسَّحَ بِهِ، وَمَنْ لَمْ يُصِبْ مِنْهُ شَيْئًا أَخَذَ مِنْ بَلَلِ يَدِ صَاحِبِهِ. طرفه 187 5860 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ ح وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ أَرْسَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الأَنْصَارِ، وَجَمَعَهُمْ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ. طرفه 3146 ـــــــــــــــــــــــــــــ الثاني؛ فلأن مقابلة المثنى بالمثنى يفيد التوزيع، وهذا خبط ظاهر؛ لأن النعلين المذكورتين لا يكونان إلا على أحد الوجهين لأن النعلين إما قبال، وإما قبالان، والصواب أن البخاري على دأبه أشار إلى حديث أخرجه الطبراني والبزار، وفيه: أن كل واحدة كان لها قبالان، وأما الشق [الثاني] فلا حاجة فيه إلى دليل بقوله: ومن رأى قبالًا واحدًا واسعًا أي: جائزًا إذ لا يتعلق بذلك حكم شرعي (محمد) هو ابن سلام، قال الغساني: ونسبه ابن السكن محمد بن مقاتل (طهمان) بفتح الطاء وصكون الهاء (البناني) بضم الباء بعدها نون. باب القبه الحمراء من أدم 5859 - (عرعرة) بعين وراء مهملتين مكررتين (عون) بفتح العين وسكون الواو آخره نون (أبو جحيفة) بضم الجيم مصغر (أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في قبة حمراء من أدم) كان هذا في حجة الوداع، وقد سلف الحديث هناك بطوله (الوَضوء) بفتح الواو على الأفصح. 5860 - وأما حديث أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (أرسل إلى الأنصار وجمعهم في قبة من أدم) فكان ذلك مقفله من غزوة حنين، وقد سلف الحديث بطوله هناك.

43 - باب الجلوس على الحصير ونحوه

43 - باب الْجُلُوسِ عَلَى الْحَصِيرِ وَنَحْوِهِ 5861 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَحْتَجِرُ حَصِيرًا بِاللَّيْلِ فَيُصَلِّى، وَيَبْسُطُهُ بِالنَّهَارِ فَيَجْلِسُ عَلَيْهِ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَثُوبُونَ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَيُصَلُّونَ بِصَلاَتِهِ حَتَّى كَثُرُوا فَأَقْبَلَ فَقَالَ «يَا أَيُّهَا النَّاسُ خُذُوا مِنَ الأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ، فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا، وَإِنَّ أَحَبَّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ مَا دَامَ وَإِنْ قَلَّ». طرفه 729 44 - باب الْمُزَرَّرِ بِالذَّهَبِ 5862 - وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ أَنَّ أَبَاهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الجلوس على الحصير 5861 - روى في الباب حديث عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان له حصير يبسط بالنهار، ويحتجره بالليل، وقد سلف الحديث في أبواب الصلاة في باب قيام رمضان (فإن الله لا يمل حتى تملوا) الملل عليه تعالى محال، وإنما أطلق مشاكلة، والمراد لازمه، وهو الإعراض، فإن الإنسان إذا مل من شيء أعرض عنه، وإذا عمل الإنسان العمل من غير نشاط لم يحصل له ما يقصده من ألطاف الله (وإن أحب العمل إلى الله تعالى ما دام وإن قل) وذلك الغرض من العمل ملاحظة جلال المعبود لا كثرة الأفعال، ألا ترى ما تقدم من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه" (يحتجر) بالرَّاء المهملة، ويروى بالمعجمة، وهو متقارب. باب المزرّز بالذهب 5862 - روى حديث مخرمة حين أعطاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قباء مزررًا، وقد سلف في أبواب الجهاد، ورواه هنا عن الليث تعليقًا، ورواه هناك عنه مسندًا (ابن أبي مليكة) -بضم [الميم] على وزن المصغر- عبد الله بن زهير (المسور بن مخرمة) بكسر الميم في الأول

45 - باب خواتيم الذهب

مَخْرَمَةَ قَالَ لَهُ يَا بُنَىَّ إِنَّهُ بَلَغَنِى أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَدِمَتْ عَلَيْهِ أَقْبِيَةٌ فَهْوَ يَقْسِمُهَا، فَاذْهَبْ بِنَا إِلَيْهِ، فَذَهَبْنَا فَوَجَدْنَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فِي مَنْزِلِهِ، فَقَالَ لِى يَا بُنَىَّ ادْعُ لِى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَعْظَمْتُ ذَلِكَ. فَقُلْتُ أَدْعُو لَكَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا بُنَىَّ إِنَّهُ لَيْسَ بِجَبَّارٍ. فَدَعَوْتُهُ فَخَرَجَ وَعَلَيْهِ قَبَاءٌ مِنْ دِيبَاجٍ مُزَرَّرٌ بِالذَّهَبِ، فَقَالَ «يَا مَخْرَمَةُ هَذَا خَبَأْنَاهُ لَكَ». فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ. طرفه 2599 45 - باب خَوَاتِيمِ الذَّهَبِ 5863 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا أَشْعَثُ بْنُ سُلَيْمٍ قَالَ سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ - رضى الله عنهما - يَقُولُ نَهَانَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ سَبْعٍ نَهَى عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ - أَوْ قَالَ حَلْقَةِ الذَّهَبِ - وَعَنِ الْحَرِيرِ، وَالإِسْتَبْرَقِ، وَالدِّيبَاجِ، وَالْمِيثَرَةِ الْحَمْرَاءِ، وَالْقَسِّىِّ، وَآنِيَةِ الْفِضَّةِ، وَأَمَرَنَا بِسَبْعٍ بِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ، وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ، وَرَدِّ السَّلاَمِ، وَإِجَابَةِ الدَّاعِى، وَإِبْرَارِ الْمُقْسِمِ، وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ. طرفه 1239 ـــــــــــــــــــــــــــــ وفتحه الثاني (وقال مخرمة: أي بُني ادع لي النبي - صلى الله عليه وسلم - فأعظمت ذلك) أي: قوله: ادع لي، كيف قدر على إجراء هذا الكلام على لسانه، ولذلك قال: (أدعو لك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) بتقدير استفهام الإنكار، وفهم مخرمة ذلك، ولذلك قال: (أي بني: إنه ليس بجبار) وعلى كل تقدير لم تكن تلك العبارة حسنة، وقد سلف أن مخرمة كان في خلقه سوء. [قال] بعض الشارحين: فإن قلت: كيف جاز استعمال الحرير؟ قلت: كان قبل التحريم، أو أعطاه ليبيعه، أو يكسو النساء، وهذا الترديد لغو، فإن صريح لفظ الحديث (خرج وعليه قباء) وأما حمل قوله: وعليه قباء، أي: على يده، فلا يقوله من له ذوق. باب خواتيم الذهب 5863 - (أشعث) بالشين المعجمة آخره ثاء مثلثة (سويد) مصغر (مقرن) بضم الميم وتشديد الراء المكسورة، روى في الباب حديث البراء "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن سبع"، وقد سلف آنفًا، وموضع الدلالة هنا قوله: (عن خاتم الذهب أو حلقة الذهب) والفرق بينهما أن الخاتم له فص دون الحلقة (وتشميت العاطس) بالمعجمة، هو الرواية، ويجوز المهملة.

46 - باب خاتم الفضة

5864 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ نَهَى عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ. وَقَالَ عَمْرٌو أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ سَمِعَ النَّضْرَ سَمِعَ بَشِيرًا مِثْلَهُ. 5865 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ، وَجَعَلَ فَصَّهُ مِمَّا يَلِى كَفَّهُ، فَاتَّخَذَهُ النَّاسُ، فَرَمَى بِهِ، وَاتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ أَوْ فِضَّةٍ. أطرافه 5866، 5867، 5873، 5876، 6651، 7298 46 - باب خَاتَمِ الْفِضَّةِ 5866 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، وَجَعَلَ فَصَّهُ مِمَّا يَلِى كَفَّهُ، وَنَقَشَ فِيهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. فَاتَّخَذَ النَّاسُ مِثْلَهُ، فَلَمَّا رَآهُمْ قَدِ اتَّخَذُوهَا رَمَى بِهِ، وَقَالَ «لاَ أَلْبَسُهُ أَبَدًا». ثُمَّ اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ، فَاتَّخَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَ الْفِضَّةِ. قَالَ ابْنُ عُمَرَ فَلَبِسَ الْخَاتَمَ بَعْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرُ ـــــــــــــــــــــــــــــ 5864 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (غندر) بضم المعجمة وفتح الدال المهملة (بشير بن نهيك) بفتح الباء في الأول والنون في الثاني، كلاهما على وزن كريم (النضر) بالضاد المعجمة. 5865 - (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اتخذ خاتمًا من ذهب وجعل فصَّهُ مما يلي كفه) وقد تقدم أنَّه إنما اتخذه ليختم به الكتب، وجعل فصه في داخل الكف أبعد من الزينة. 5866 - (فلبس الخاتم بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبو بكر) أي: ذلك الخاتم الَّذي اتخذه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (ثم عمر ثم عثمان حتَّى وقع من عثمان في بئر أريس) علم بئر معروفة بقباء،

47 - باب

ثُمَّ عُثْمَانُ، حَتَّى وَقَعَ مِنْ عُثْمَانَ فِي بِئْرِ أَرِيسَ. طرفه 5865 47 - بابٌ 5867 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَلْبَسُ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ فَنَبَذَهُ فَقَالَ «لاَ أَلْبَسُهُ أَبَدًا». فَنَبَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَهُمْ. طرفه 5865 5868 - حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّهُ رَأَى فِي يَدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ يَوْمًا وَاحِدًا، ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ اصْطَنَعُوا الْخَوَاتِيمَ مِنْ وَرِقٍ وَلَبِسُوهَا، فَطَرَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَاتَمَهُ، فَطَرَحَ النَّاسُ خَوَاتِيمَهُمْ. تَابَعَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ وَزِيَادٌ وَشُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ. وَقَالَ ابْنُ مُسَافِرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَرَى خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ نزح البئر وفتش على الخاتم غاية ما يمكن فلم يظفره به، وكان ذلك ابتداء اختلاله في إمارته. 5867 - (مسلمة) بفتح اللام. 5868 - (بكير) بضم الباء مصغر (فطرح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاتمه، فطرح الناس خواتيمهم) قال النووي ناقلًا عن القاضي: إن هذا وهم من ابن شهاب، قيل: لا وهم لأنه اتخذ خاتمًا من فضة، ثم رمى خاتم الذهب، فالضمير له، فالخاتم الَّذي طرحه من الذهب لا الخاتم من الفضة يومًا واحدًا فإن هذا لا يصح قطعًا، أما أولًا: فلأنه لبس ذلك الخاتم إلى آخر عمره، ثم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان، وأما ثانيًا: فلأنه مخالف لرواية أنس: أنَّه رأى عليه الخاتم ليلة آخر العشاء، وما يقال: إنه احتمل أن يكون اتخذ الخاتم من الفضة مرتين فليس بشيء؛ لأن قول أنس -وهو خادمه- رأى الخاتم في يده ليلة آخر العشاء، وقد سلف أن ذلك في آخر حياته يناقض ما رواه الزهري من أنَّه رآه يومًا واحدًا.

48 - باب فص الخاتم

48 - باب فَصِّ الْخَاتَمِ 5869 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ قَالَ سُئِلَ أَنَسٌ هَلِ اتَّخَذَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَاتَمًا قَالَ أَخَّرَ لَيْلَةً صَلاَةَ الْعِشَاءِ إِلَى شَطْرِ اللَّيْلِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ، فَكَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ خَاتَمِهِ. قَالَ «إِنَّ النَّاسَ قَدْ صَلَّوْا وَنَامُوا، وَإِنَّكُمْ لَمْ تَزَالُوا فِي صَلاَةٍ مَا انْتَظَرْتُمُوهَا». طرفه 572 5870 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ سَمِعْتُ حُمَيْدًا يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ خَاتَمُهُ مِنْ فِضَّةٍ وَكَانَ فَصُّهُ مِنْهُ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنِى حُمَيْدٌ سَمِعَ أَنَسًا عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 65 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب فص لخاتم 5869 - (عبدان) على وزن شعبان (أبي حازم) -بالحاء المهملة- سلمة بن دينار (يزيد بن زريع) بضم الزاي مصغر زرع (آخر صلاة العشاء إلى شطر الليل) أي: نصفه تقريبًا (فكأني أنظر إلى وبيص خاتمه) أي: لمعانه. قال بعض الشارحين: فإن قلت: ليس في الحديث ذكر الفص. قلت: الوبيص أكثره لا يكون إلا من الفص، وهذا شيء لا حاجة إليه لأن الخاتم لا يطلق إلا على ما له فص، وإلا فهو حلقة، على أنَّه صرح بالفص في الرواية بعده. 5870 - (إسحاق) كذا وقع غير منسوب، قال الغساني: لم أجده منسوبًا عند أحد، ولا ذكره أبو نصر، قلت: يروى مسلم عن إسحاق بن إبراهيم عن معتمر. فإن قلت: قوله: (وكان منه) يخالف ما في مسلم والسنن: كان له خاتم فصُّه حبشي؟ قلت: إما أن يحمل على التعدد، والمراد بالحبشي صنعه، أو كيفيته، ومثله كثير في الثياب والخفاف وأمثالها.

49 - باب خاتم الحديد

49 - باب خَاتَمِ الْحَدِيدِ 5871 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ سَهْلاً يَقُولُ جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ جِئْتُ أَهَبُ نَفْسِى. فَقَامَتْ طَوِيلاً فَنَظَرَ وَصَوَّبَ، فَلَمَّا طَالَ مُقَامُهَا فَقَالَ رَجُلٌ زَوِّجْنِيهَا، إِنْ لَمْ تَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ. قَالَ «عِنْدَكَ شَىْءٌ تُصْدِقُهَا». قَالَ لاَ. قَالَ «انْظُرْ». فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ وَاللَّهِ إِنْ وَجَدْتُ شَيْئًا. قَالَ «اذْهَبْ فَالْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ». فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ قَالَ لاَ وَاللَّهِ وَلاَ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ. وَعَلَيْهِ إِزَارٌ مَا عَلَيْهِ رِدَاءٌ. فَقَالَ أُصْدِقُهَا إِزَارِى فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِزَارُكَ إِنْ لَبِسَتْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ مِنْهُ شَىْءٌ، وَإِنْ لَبِسْتَهُ لَمَ يَكُنْ عَلَيْهَا مِنْهُ شَىْءٌ». فَتَنَحَّى الرَّجُلُ فَجَلَسَ فَرَآهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مُوَلِّيًا فَأَمَرَ بِهِ فَدُعِىَ فَقَالَ «مَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ». قَالَ سُورَةُ كَذَا وَكَذَا لِسُوَرٍ عَدَّدَهَا. قَالَ «قَدْ مَلَّكْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ». طرفه 2310 50 - باب نَقْشِ الْخَاتَمِ 5872 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَرَادَ أَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب خاتم الحديد 5871 - روى في الباب حديث الواهبة نفسها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يقبل نكاحها، وزوجها بالرجل بما معه من القرآن، وقد سلف شرحه في أبواب النِّكَاح، وموضع الدلالة هنا ذكر خاتم الحديد، فإنه يدل على جواز اتخاذ خاتم الحديد. فإن قلت: روى الترمذي النهي عن اتخاذ خاتم الحديد، وعلله بأنه خاتم أهل النار؟ قلت: قيل: كان هذا قبل النهي وهو ظاهر، أو كان ذلك للضرورة، والنهي للتنزيه. باب نقش الخاتم 5872 - (زريع) مصغر زرع، روى في الباب حديث [أنس] لأن رسول - صلى الله عليه وسلم - أراد أن

51 - باب الخاتم فى الخنصر

يَكْتُبَ إِلَى رَهْطٍ أَوْ أُنَاسٍ مِنَ الأَعَاجِمِ، فَقِيلَ لَهُ إِنَّهُمْ لاَ يَقْبَلُونَ كِتَابًا إِلاَّ عَلَيْهِ خَاتَمٌ، فَاتَّخَذَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ نَقْشُهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ فَكَأَنِّى بِوَبِيصِ أَوْ بِبَصِيصِ الْخَاتَمِ فِي إِصْبَعِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَوْ فِي كَفِّهِ. طرفه 65 5873 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ اتَّخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ، وَكَانَ فِي يَدِهِ، ثُمَّ كَانَ بَعْدُ فِي يَدِ أَبِى بَكْرٍ، ثُمَّ كَانَ بَعْدُ فِي يَدِ عُمَرَ، ثُمَّ كَانَ بَعْدُ فِي يَدِ عُثْمَانَ، حَتَّى وَقَعَ بَعْدُ فِي بِئْرِ أَرِيسَ، نَقْشُهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. طرفه 5865 51 - باب الْخَاتَمِ فِي الْخِنْصَرِ 5874 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ صَنَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَاتَمًا قَالَ «إِنَّا اتَّخَذْنَا خَاتَمًا، وَنَقَشْنَا فِيهِ نَقْشًا، فَلاَ يَنْقُشْ عَلَيْهِ أَحَدٌ». قَالَ فَإِنِّى لأَرَى بَرِيقَهُ فِي خِنْصَرِهِ. طرفه 65 ـــــــــــــــــــــــــــــ يكتب إلى رهط أو أناس من الأعاجم) وفي باب اتخاذ الخاتم أراد أن يكتب إلى الروم، ولا منافاة لأن ما عدا العرب عجم، أو كان كل واحد من الروم والعجم سببًا، وهو ظاهر (وبيص أو بصيص) بمعنى واحد، وهو اللمعان. 5873 - (محمد بن سلام) بتخفيف اللام (نمير) بضم النون مصغر (عن ابن عمر). 5874 - (قال: أرى بريقه) -بفتح الباء وكسر الراء- لمعانه (في خنصره) لأنه أبعد عن الامتهان رعاية لاسم الله واسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الَّذي كان نقشه؛ لأنه لا يمنع اليد من أي عمل أراد، وقد جاء النهي عن لبسه في السبابة والوسطى للرجال. رواه الترمذي، إما تفرقة بين النساء والرجال، وإما أن ذلك شعار أهل الكتاب، وأما نهيه الغير عن نقشه محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لئلا يلتبس بغيره، لا لأنه وصفه ونعته كونه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ليس ذلك لغيره ألا ترى كيف لبسه الخلفاء بعده.

52 - باب اتخاذ الخاتم ليختم به الشئ، أو ليكتب به إلى أهل الكتاب وغيرهم

52 - باب اتِّخَاذُ الْخَاتَمِ لِيُخْتَمَ بِهِ الشَّىْءُ، أَوْ لِيُكْتَبَ بِهِ إِلَى أَهْلِ الْكِتَابِ وَغَيْرِهِمْ 5875 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا أَرَادَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَكْتُبَ إِلَى الرُّومِ قِيلَ لَهُ إِنَّهُمْ لَنْ يَقْرَءُوا كِتَابَكَ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَخْتُومًا. فَاتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ، وَنَقْشُهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. فَكَأَنَّمَا أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِهِ فِي يَدِهِ. طرفه 65 53 - باب مَنْ جَعَلَ فَصَّ الْخَاتَمِ فِي بَطْنِ كَفِّهِ 5876 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - اصْطَنَعَ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ، جَعَلَ فَصَّهُ فِي بَطْنِ كَفِّهِ إِذَا لَبِسَهُ، فَاصْطَنَعَ النَّاسُ خَوَاتِيمَ مِنْ ذَهَبٍ، فَرَقِىَ الْمِنْبَرَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ فَقَالَ «إِنِّى كُنْتُ اصْطَنَعْتُهُ، وَإِنِّى لاَ أَلْبَسُهُ». فَنَبَذَهُ فَنَبَذَ النَّاسُ. قَالَ جُوَيْرِيَةُ وَلاَ أَحْسِبُهُ إِلاَّ قَالَ فِي يَدِهِ الْيُمْنَى. طرفه 5865 54 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَنْقُشُ عَلَى نَقْشِ خَاتَمِهِ» 5877 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ، وَنَقَشَ فِيهِ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. وَقَالَ «إِنِّى اتَّخَذْتُ خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ، وَنَقَشْتُ فِيهِ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. فَلاَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من جعل فص الخاتم في باطن كفه قد أشرنا سابقًا لأنه أبعد عن الزينة. 5876 - (جويرية) بضم الجيم مصغر (لا أحسبه إلا قال: في يده اليمنى) قال النووي: جاء الحديث يلبسه في اليمنى واليسرى وكلاهما جائز، واللبس في اليمنى أولى تعظيمًا له، وتقديمًا بالجبلة، قال شيخنا: هذا إن قصد به الزينة، وإن قصد به الختم، فاليسار أولى لأنه إذا أراد الختم تناوله باليمنى. 5877 - (صهيب) بضم الصاد مصغر.

55 - باب هل يجعل نقش الخاتم ثلاثة أسطر

يَنْقُشَنَّ أَحَدٌ عَلَى نَقْشِهِ». طرفه 65 55 - باب هَلْ يُجْعَلُ نَقْشُ الْخَاتَمِ ثَلاَثَةَ أَسْطُرٍ 5878 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ ثُمَامَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رضى الله عنه - لَمَّا اسْتُخْلِفَ كَتَبَ لَهُ، وَكَانَ نَقْشُ الْخَاتَمِ ثَلاَثَةَ أَسْطُرٍ. مُحَمَّدٌ سَطْرٌ، وَرَسُولُ سَطْرٌ، وَاللَّهِ سَطْرٌ. طرفه 1448 5879 - وَزَادَنِى أَحْمَدُ حَدَّثَنَا الأَنْصَارِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ ثُمَامَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ خَاتَمُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي يَدِهِ، وَفِى يَدِ أَبِى بَكْرٍ بَعْدَهُ، وَفِى يَدِ عُمَرَ بَعْدَ أَبِى بَكْرٍ، فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ جَلَسَ عَلَى بِئْرِ أَرِيسَ - قَالَ - فَأَخْرَجَ الْخَاتَمَ، فَجَعَلَ يَعْبَثُ بِهِ فَسَقَطَ قَالَ فَاخْتَلَفْنَا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ مَعَ عُثْمَانَ فَنَنْزَحُ الْبِئْرَ فَلَمْ نَجِدْهُ. 56 - باب الْخَاتَمِ لِلنِّسَاءِ وَكَانَ عَلَى عَائِشَةَ خَوَاتِيمُ ذَهَبٍ. 5880 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ 5879 - (ثمامة) بضم الثاء المثلثة (قال أبو عبد الله: وزادني أحمد) كذا وقع غير منسوب، واتفقوا على أنَّه الإمام المعروف ابن حنبل (فجعل يعبث به عثمان) أي: شرع يلعب به (واختلفنا مع عثمان ثلاثة أيام) أي: ترددنا إلى البئر نفتش عنه فلم نجده. فإن قلت: في رواية مسلم وغيره أن الخاتم سقط من معيقيب؟ قلت: معيقيب كان خازنًا له، وكان الخاتم بيده، فالنسبة إليه مجازية. باب الخاتم للنساء (وكان على عائشة خواتم من ذهب) اتفق العلماء على جواز تزين النساء بأي حلية شاءته. 5880 - (أبو عاصم) الضحاك بن مخلد (ابن جريج) بضم الجيم على وزن المصغر، روى حديث ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[أمر] يوم العيد النساء بالصدقة، وقد سلف الحديث

57 - باب القلائد والسخاب للنساء يعنى قلادة من طيب وسك

طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَصَلَّى قَبْلَ الْخُطْبَةِ. وَزَادَ ابْنُ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ فَأَتَى النِّسَاءَ فَجَعَلْنَ يُلْقِينَ الْفَتَخَ وَالْخَوَاتِيمَ فِي ثَوْبِ بِلاَلٍ. طرفه 98 57 - باب الْقَلاَئِدِ وَالسِّخَابِ لِلنِّسَاءِ يَعْنِى قِلاَدَةً مِنْ طِيبٍ وَسُكٍّ. 5881 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِىِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ عِيدٍ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، لَمْ يُصَلِّ قَبْلُ وَلاَ بَعْدُ، ثُمَّ أَتَى النِّسَاءَ فَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ، فَجَعَلَتِ الْمَرْأَةُ تَصَدَّقُ بِخُرْصِهَا وَسِخَابِهَا. طرفه 98 58 - باب اسْتِعَارَةِ الْقَلاَئِدِ 5882 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ هناك بأطول، وموضع الدلالة هنا قوله: (فجعلن يلقين الفتخ والخواتيم في ثوب بلال) الفتخ -بفتح التاء والخاء المعجمة- جمع فتخة بثلاث فتحات -الحلقة من الفضة لا فص عليها، وقيل: خواتم كبار كانت النساء يجعلن في أصابع الرجل. باب القلائد والسخاب للنساء بكسر السين جمع سحب بضمتين، قال ابن الأثير: قلادة تتخذ من قرنفل ومسك ونحوه من أنواع الطيب ليس فيها جوهر. 5881 - 5882 - 5883 - روى في الباب حديث ابن عباس في الباب قبله، وموضع الدلالة ذكر السخاب، والخرص -بضم الخاء- والقرط بضم القاف، ها في الآذان هن الحلي (عرعرة) بعين رارء مهملتين. وحديث عائشة حين فقدت قلادة، تقدم في أبواب التيمم وبعده مرارًا.

59 - باب القرط

أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ هَلَكَتْ قِلاَدَةٌ لأَسْمَاءَ، فَبَعَثَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي طَلَبِهَا رِجَالاً، فَحَضَرَتِ الصَّلاَةُ وَلَيْسُوا عَلَى وُضُوءٍ وَلَمْ يَجِدُوا مَاءً، فَصَلَّوْا وَهُمْ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ. زَادَ ابْنُ نُمَيْرٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ اسْتَعَارَتْ مِنْ أَسْمَاءَ. طرفه 334 59 - باب الْقُرْطِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَمَرَهُنَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالصَّدَقَةِ، فَرَأَيْتُهُنَّ يَهْوِينَ إِلَى آذَانِهِنَّ وَحُلُوقِهِنَّ. 5883 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى عَدِىٌّ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى يَوْمَ الْعِيدِ رَكْعَتَيْنِ، لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا وَلاَ بَعْدَهَا ثُمَّ أَتَى النِّسَاءَ وَمَعَهُ بِلاَلٌ فَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ، فَجَعَلَتِ الْمَرْأَةُ تُلْقِى قُرْطَهَا. طرفه 98 60 - باب السِّخَابِ لِلصِّبْيَانِ 5884 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِىُّ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ بْنُ عُمَرَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى يَزِيدَ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي سُوقٍ مِنْ أَسْوَاقِ الْمَدِينَةِ فَانْصَرَفَ فَانْصَرَفْتُ فَقَالَ «أَيْنَ لُكَعُ - ثَلاَثًا - ادْعُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِىٍّ». . فَقَامَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِىٍّ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب السخاب للصبيان 5884 - روى في الباب حديث أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جاء إلى فاطمة فقال: (أين لُكَع؟) بضم اللام على وزن عمر، قال ابن الأثير: هو عند العرب اسم العبد، أيّ عبد كان، ثم اتسع فيه فأُطلق على من لا كمال فيه كالأحمق والصغير (فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - بيده هكذا) أي: رفعها ليعانق الحسن، وفعل الحسن مثله، والحديث سلف في المناقب،

61 - باب المتشبهون بالنساء، والمتشبهات بالرجال

يَمْشِى وَفِى عُنُقِهِ السِّخَابُ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِهِ هَكَذَا، فَقَالَ الْحَسَنُ بِيَدِهِ، هَكَذَا فَالْتَزَمَهُ فَقَالَ «اللَّهُمَّ إِنِّى أُحِبُّهُ، فَأَحِبَّهُ، وَأَحِبَّ مَنْ يُحِبُّهُ». قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَمَا كَانَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَىَّ مِنَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِىٍّ بَعْدَ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا قَالَ. طرفه 2122 61 - باب الْمُتَشَبِّهُونَ بِالنِّسَاءِ، وَالْمُتَشَبِّهَاتُ بِالرِّجَالِ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، وَالْمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ. تَابَعَهُ عَمْرٌو أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ. طرفاه 5886، 6834 ـــــــــــــــــــــــــــــ وموضع الدلالة هنا ذكر السخاب، وفيه دلالة على جوازها للصغار، وأما قول أبي هريرة (فما كان أحد أحب إلي بعد ما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اللهم إني أحبه فأحبه وأحب من يحبه) يحتمل أن يكون الحب الطبيعي بأن خلق الله فيه الحب، وأن يكون الحب شرعًا، وهو إيثاره على نفسه وغيره كما نحب نحن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسائر الخلفاء الراشدين. باب المتشبهين بالنساء والمتشبهات بالرجال 5885 - (بشار) بفتح البار وتشديد الشين (غندر) بضم الغين وفتح الدال (لعن النبي - صلى الله عليه وسلم - المتشبهين من الرجال بالنساء) وهو من يتقصد في حركاته وسكناته الشبه بالنساء؛ لأنه مغير وضع الله. فإن قلت: كيف جاز لعن المؤمن وقد صح فيه النهي؟ قلت: أراد الزجر عنه فهو خاص به لا يجوز لغيره، وأيضًا لعنه للمؤمن رحمة له كما صرح به في الحديث: "أي مؤمن لعنته أو سببته فاجعله رحمة فإني أغضب كما يغضب الناس" لكن شرط أن لا يكون مستحقًا.

62 - باب إخراج المتشبهين بالنساء من البيوت

62 - باب إِخْرَاجِ الْمُتَشَبِّهِينَ بِالنِّسَاءِ مِنَ الْبُيُوتِ 5886 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَعَنَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمُخَنَّثِينَ مِنَ الرِّجَالِ، وَالْمُتَرَجِّلاَتِ مِنَ النِّسَاءِ وَقَالَ «أَخْرِجُوهُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ». قَالَ فَأَخْرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فُلاَنًا، وَأَخْرَجَ عُمَرُ فُلاَنًا. طرفه 5885 5887 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ أَنَّ عُرْوَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ زَيْنَبَ ابْنَةَ أَبِى سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهَا أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ عِنْدَهَا وَفِى الْبَيْتِ مُخَنَّثٌ، فَقَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ أَخِى أُمِّ سَلَمَةَ يَا عَبْدَ اللَّهِ إِنْ فُتِحَ لَكُمْ غَدًا الطَّائِفُ، فَإِنِّى أَدُلُّكَ عَلَى بِنْتِ غَيْلاَنَ، فَإِنَّهَا تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَدْخُلَنَّ هَؤُلاَءِ عَلَيْكُنَّ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ يَعْنِى أَرْبَعَ عُكَنِ بَطْنِهَا، فَهْىَ تُقْبِلُ بِهِنَّ، وَقَوْلُهُ وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ. يَعْنِى أَطْرَافَ هَذِهِ الْعُكَنِ الأَرْبَعِ، لأَنَّهَا مُحِيطَةٌ بِالْجَنْبَيْنِ حَتَّى لَحِقَتْ وَإِنَّمَا قَالَ بِثَمَانٍ. وَلَمْ يَقُلْ بِثَمَانِيَةٍ. وَوَاحِدُ الأَطْرَافِ وَهْوَ ذَكَرٌ، لأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ ثَمَانِيَةَ أَطْرَافٍ. طرفه 4324 ـــــــــــــــــــــــــــــ 5886 - (معاذ بن فضالة) لقد (لعن النبي - صلى الله عليه وسلم - المخنثين) قال الجوهري: -بكسر النون- هو المسترخي في أعضائه المتثني في مشيه (أخرجوهم من بيوتكم) لأن أخلاقهم تسري، ومصاحبتهم تؤثر. 5887 - (زهير) بضم الزاي (عن أم سلمة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان عندها وفي البيت مخنث) واسم ذلك المخنث: هيت بكسر الهاء وياء ساكنة وفوقانية بعدها، ويقال: هنب بكسر الهاء بعدها نون آخره باء موحدة (إن فتح لكم غدًا الطائف فإني أدلك على بنت غيلان) سلف الحديث في غزوة الطائف، وذكرنا هناك اسم البنت ومعنى قوله: (تقبل بأربع وتدبر بثمان) يريد أعكان بطنها وحذف التاء من أربع؛ لأنه عبارة عن الأعكان، وهي جمع عكنة كأشجار في شجرة، وأما حذف الياء من ثمان مع أنها أطراف الأعكان فللمشاكلة مع أربع كما في:

63 - باب قص الشارب

63 - باب قَصِّ الشَّارِبِ وَكَانَ {ابْنُ} عُمَرَ يُحْفِى شَارِبَهُ حَتَّى يُنْظَرَ إِلَى بَيَاضِ الْجِلْدِ، وَيَأْخُذُ هَذَيْنِ، يَعْنِى بَيْنَ الشَّارِبِ وَاللِّحْيَةِ. 5888 - حَدَّثَنَا الْمَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ حَنْظَلَةَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ أَصْحَابُنَا عَنِ الْمَكِّىِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مِنَ الْفِطْرَةِ قَصُّ الشَّارِبِ». طرفه 5890 5889 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ الزُّهْرِىُّ حَدَّثَنَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رِوَايَةً «الْفِطْرَةُ خَمْسٌ - أَوْ خَمْسٌ مِنَ الْفِطْرَةِ - الْخِتَانُ، وَالاِسْتِحْدَادُ، وَنَتْفُ الإِبْطِ، وَتَقْلِيمُ الأَظْفَارِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ». طرفاه 5891، 6297 ـــــــــــــــــــــــــــــ لا دريت ولا تليت، وقد تقدم الكلام على الحديث مستوفى في أواخر كتاب النكاح. باب قص الشارب وكان ابن عمر يحفي شاربه بضم الباء من الإحفاء، وهو استئصال الشيء، وقد بينه بقوله: (حتى ينظر إلى [بياض] الجلد) (المكي بن إبراهيم عن حنظلة عن نافع قال) بعض (أصحابنا عن المكي عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -) غرضه من هذا الكلام أنه روى عن المكي الحديث موقوفًا على نافع، ورواه بالواسطة عن المكي مرفوعًا، فإنه يروي عن المكي تارة بواسطة، وأخرى بلا واسطة، تقدم في أبواب البيع رواية عن محمد بن عمر وعن المكي، وما يقال: إنه أراد أن الحديث منقطع لسقوط راوٍ بين المكي وبين ابن عمر فليس بشيء؛ لأنه مخالف لكلام الأئمة في هذا الفن، ولا دلالة للفظ عليه. 5888 - (من الفطرة قص الشارب) الفطرة حالة من الفطر, وهو الخلق والابتداع، والمراد منه الدين والملة التي يولد عليها كل مولود، وهي طريقة الأنبياء. 5889 - (الفطرة خمس) أي: خمس خصال، وفي رواية مسلم عن عائشة: "عشر من

64 - باب تقليم الأظفار

64 - باب تَقْلِيمِ الأَظْفَارِ 5890 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِى رَجَاءٍ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ حَنْظَلَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مِنَ الْفِطْرَةِ حَلْقُ الْعَانَةِ، وَتَقْلِيمُ الأَظْفَارِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ». طرفه 5888 5891 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «الْفِطْرَةُ خَمْسٌ الْخِتَانُ، وَالاِسْتِحْدَادُ، وَقَصُّ الشَّارِبِ، وَتَقْلِيمُ الأَظْفَارِ، وَنَتْفُ الآبَاطِ». طرفه 5889 5892 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ، وَفِّرُوا اللِّحَى، ـــــــــــــــــــــــــــــ الفطرة: قص الشارب وإعفاء اللحية والسواك واستنشاق الماء والمضمضة وقص الأظفار وغسل البراجم ونتف الإبط وحلق العانة وانتقاص الماء" أي: الاستنجاء، وليس فيه ما يدل على الحصر، ولذلك ذكر هنا الختان ولم يقع في رواية مسلم، قيل: إفراد الخمس يدل على أنها آكد من غيرها، قلت: وكذلك العشر: لأن المستحبات لا تنحصر فيها. فإن قلت: المذكورات سنن إلا الختان عند الشافعي؟ قلت: القران في الذكر لا يدل على القران في الحكم، حمله على ذلك لدليل لاح له كما في قوله تعالى: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33] فإنه حمل الأمر في الكتابة على الاستحباب، وفي إيتاء المال على الوجوب. باب تقليم الأظافر قال الجوهري: قلمت أظفاري، وقلمت أظافري يشدد للتكثير، وما يسقط منه القلامة بضم القاف. 5890 - 5891 - 5892 - (منهال) بكسر الميم (زريع) بضم الزاي مصغر زرع (وفِّروا اللحى) -بضم اللام وكسرها- جمع لحية، وتوفيرها تكثيرها كما ترجم عليه بعده بقوله: باب

65 - باب إعفاء اللحى

وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ». وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا حَجَّ أَوِ اعْتَمَرَ قَبَضَ عَلَى لِحْيَتِهِ، فَمَا فَضَلَ أَخَذَهُ. طرفه 5893 65 - باب إِعْفَاءِ اللِّحَى 5893 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «انْهَكُوا الشَّوَارِبَ، وَأَعْفُوا اللِّحَى». طرفه 5892 ـــــــــــــــــــــــــــــ إعفاء اللحى (وكان ابن عمر إذا حج أو اعتمر قبض لحيته فما فضل أخذه) يحتمل أنه كان يفعل ذلك إذا حلق رأسه، ويجوز أن يكون ذلك إذا أراد السفر، وما يقال: إنه كان يفعل ذلك إذا حج ليجمع بين الحلق والتقصير فليس بشيء؛ لأن مفعول قوله تعالى: {وَمُقَصِّرِينَ} [الفتح: 27] هو الرؤوس لكونه معطوفًا على {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ} [الفتح: 27]، قال شيخنا: ذهب جمع من الصحابة منهم عمر، ومن التابعين منهم الحسن البصري إلى جواز الأخذ من طول اللحية وعرضها، وقالوا: المراد بتوفير اللحية عدم حلقها كما كانت المجوس تفعله. 5893 - (محمد) كذا وقع غير منسوب، واتفقوا على أنه ابن سلام هو الذي يروي عن عبدة نسبه البخاري في مواضع (عبدة) بفتح العين وسكون الباء (انهكوا الشوارب) بهمزة الوصل أي: بالغوا في قصها كما تقدم في قوله: "أحفوا" (وأعفوا اللحى) بهمزة القطع من الإعفاء، وهو التكثير. فإن قلت: روى الحديث ابن عمر، فكيف كان يأخذ من لحيته؟ قلت: فهم من قوله: "وفروا اللحى" عدم الحلق والقص المفرط كما يفعله النصارى والأعاجم يؤيده أن عمر رأى رجلًا في لحيته طول مفرط، فدعاه وأمر رجلًا أن يجتز لحيته ما فوق القبضة، وقال: يترك أحدكم [نفسه] كأنه سبع من السباع. فإن قلت: الحديث في الباب ليس فيه ذكر تقليم الأظفار؟ قلت: راوي الحديث ابن عمر، وقد روى عنه أولًا وفيه ذكر التقليم، فأشار عليه على دأبه.

66 - باب ما يذكر فى الشيب

66 - باب مَا يُذْكَرُ فِي الشَّيْبِ 5894 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسًا أَخَضَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَمْ يَبْلُغِ الشَّيْبَ إِلاَّ قَلِيلاً. طرفه 3550 5895 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ قَالَ سُئِلَ أَنَسٌ عَنْ خِضَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ إِنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ مَا يَخْضِبُ، لَوْ شِئْتُ أَنْ أَعُدَّ شَمَطَاتِهِ فِي لِحْيَتِهِ. طرفه 3550 5896 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ قَالَ أَرْسَلَنِى أَهْلِى إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ - وَقَبَضَ إِسْرَائِيلُ ثَلاَثَ أَصَابِعَ - مِنْ فِضَّةٍ فِيهِ شَعَرٌ مِنْ شَعَرِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَ إِذَا أَصَابَ الإِنْسَانَ عَيْنٌ أَوْ شَىْءٌ بَعَثَ إِلَيْهَا مِخْضَبَهُ، فَاطَّلَعْتُ فِي الْجُلْجُلِ فَرَأَيْتُ شَعَرَاتٍ حُمْرًا. طرفاه 5897، 5898 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ما يذكر في الشيب 5894 - (معلى) بضم الميم وتشديد اللام (وهيب) بضم الواو مصغر. 5895 - (حرب) ضد الصلح (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم (لو شئت أن أعد شمطاته في لحيته) جمع شمطة وهي البياض بين السواد، وأصله التفرق. 5896 - (عن عثمان بن عبد الله بن موهب) بفتح الميم والهاء (أرسلني أهلي إلى أم سلمة بقدح من ماء، وقبض إسرائيل ثلاث أصابع، من فضة فيها شعر من شعر النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكان إذا أصاب الإنسان عين أو شيء بعث إليها مِخصَبهُ فاطلعت في الجلجل) بضم الجيمين (فرأيت شعرات حمرًا). قال بعض الشارحين في شرح هذا الحديث: فإن قلت: القدح من الفضة حرام على الرجال والنساء؟ قلت: كان مموهًا، ثم قال: وفي بعضها من قصة وعليك توجيهه،

5897 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا سَلاَّمٌ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَأَخْرَجَتْ إِلَيْنَا شَعَرًا مِنْ شَعَرِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مَخْضُوبًا. طرفه 5896 5898 - وَقَالَ لَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا نُصَيْرُ بْنُ أَبِى الأَشْعَثِ عَنِ ابْنِ مَوْهَبٍ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ أَرَتْهُ شَعَرَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَحْمَرَ. طرفه 5896 ـــــــــــــــــــــــــــــ والمخصب الإجانة. ثم قال: فإن قلت بهذه الجمل انفكاك فكيف كانت الفُضة؟ قلت: كانت عند أم سلمة جلجلة فيها شعرات من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فيجعلونها تارة في قدح ويشربون الماء منه وفيه تلك الشعرات، وتارة يجعلونها في إجانة ويجلسون فيها، وكان لأهل عثمان إجانة كبيرة لائقة بالجلوس فيها، وكان يبعث بها إليها عند الحاجة، وقول إسرائيل: قبض ثلاث أصابع معناه: أرسلوني ثلاث مرات. هذا كلامه، وأنا أوقفك على جلية الحال بحيث يظهر لك أن كل ما قاله أباطيل ومحال، وذلك أن الحديث فيه انقلاب من تقديم وتأخير من الرواة أو النساخ. وقد روى الحديث النضر بن شميل على أصله عن إسرائيل عن عثمان بن موهب قال: كان عند أم سلمة جلجل من فضة فيها من شعر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شعرات، وكان إذا أصاب أحدًا عين أو اشتكى بعث بإناء فخضخض الشعر في الإناء ثم يشربه ويتوضأ منه، فبعثني أهلي فاطلعت فيه فإذا شعرات حمر، فقد ظهر أن قوله: من فضة، صفة جلجل لا صفة قدح. هذه رواية النضر، ولا غبار عليها، وإن إشارته بالأصابع الثلاثة ليس مراده الإرسال ثلاث مرات، بل إشارة إلى مقدار الجلجل الذي كان فيه، والمخضب المذكور هو القدح الذي تقدم أول الحديث، وليس هو الإجانة، وأي وجه للجلوس في ماء فيه شعر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟! والمخضب يطلق على الإجانة وعلى القدح كما تقدم في أبواب الوضوء أنه جيء بمخضب، فصغر أن يبسط فيه يده. وأما قوله: كان لأهل عثمان إجانة كبيرة لائقة للجلوس فيها، وكان يبعث بها إليها، فشيء لا دلالة عليه بوجه، وإنما أوقعه فيه كونه حمل قوله: وقبض إسرائيل ثلاث أصابع، فإنه توهم أنه ذهب عثمان إلى أم سلمة ثلاث مرات، وليت شعري: من أين له أن إجانة عثمان كانت كبيرة؟! والله الموفق. 5898 - (أبو نعيم) بضم النون مصغر (نصير) بضم النون مصغر نصر (الأشعث) بشين معجمة آخره ثاء مثلثة.

67 - باب الخضاب

67 - باب الْخِضَابِ 5899 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى لاَ يَصْبُغُونَ فَخَالِفُوهُمْ». طرفه 3462 68 - باب الْجَعْدِ 5900 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيْسَ بِالطَّوِيلِ الْبَائِنِ، وَلاَ بِالْقَصِيرِ، وَلَيْسَ بِالأَبْيَضِ الأَمْهَقِ، وَلَيْسَ بِالآدَمِ، وَلَيْسَ بِالْجَعْدِ الْقَطَطِ، وَلاَ بِالسَّبْطِ، بَعَثَهُ اللَّهُ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، فَأَقَامَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ، وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ، وَتَوَفَّاهُ اللَّهُ عَلَى رَأْسِ سِتِّينَ سَنَةً، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الخضاب 5899 - (الحميدي) بضم الحاء مصغر (إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم) قال النووي: الأمر فيه للاستحباب للرجال والنساء سوى السواد، قال: وصبغ بالسواد جماعة: عثمان والحسن والحسين وعقبة بن عامر وابن سيرين وأبو بردة، وفي رواية عن الإمام أحمد: يجب لأن في تركه تشبهًا بأهل الكتاب. باب الجعد 5900 - (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليس بالطويل البائن) أي: المفرط في الطول، بل كان ربعة ومع ذلك إذا سار مع أطول الناس طال عليه. (وليس بالأبيض الأمهق) الأمهق: الأبيض الذي لا يخالطه حمرة (ليس بالآدم) أي: أسمر، بل كان أبيض مشربًا بالحمرة (وليس بالجعد القطط) -بفتح القاف والطاء- الجعد الشديد الجعودة كالحبوش (ولا بالسبط) -بفتح السين وكسر الباء الموحدة- المسترسل الشعر كالهنود بل وسطًا، وخير الأمور الوسط (توفاه الله على رأس ستين سنة) هذه إحدى الروايات، والأخرى "خمس

وَلَيْسَ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ عِشْرُونَ شَعَرَةً بَيْضَاءَ. طرفه 3547 5901 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يَقُولُ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَحْسَنَ فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِى عَنْ مَالِكٍ إِنَّ جُمَّتَهُ لَتَضْرِبُ قَرِيبًا مِنْ مَنْكِبَيْهِ. قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُهُ غَيْرَ مَرَّةٍ، مَا حَدَّثَ بِهِ قَطُّ إِلاَّ ضَحِكَ. تَابَعَهُ شُعْبَةُ شَعَرُهُ يَبْلُغُ شَحْمَةَ أُذُنَيْهِ. طرفه 3551 ـــــــــــــــــــــــــــــ وستين"، وقد حققنا في باب وفاته أن الحق أنه عاش ثلاثًا وستين سنة، وسائر الروايات باعتبار سنة الولادة والوفاة من الاعتبار بالكسر وعدم اعتباره. 5901 - (وقال بعض أصحابي عن مالك). فإن قلت: هذه رواية عن المجهول؟ قلت: معلوم من شأن البخاري أنه لا يحدث إلا عن الثقات. (وإن جمته لتضرب قريبًا من منكبيه) -بضم الجيم وتشديد الميم- شعر الرأس إذا تجاوز عن الآذان. (ما حدث به إلا ضحك) هذا كلام أبي إسحاق، والذي يضحك لأنه كان يتذكر حسن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو فرحًا بلغ إلى أن روى الحديث. فإن قلت: في رواية شعبة أن شعره يبلغ شحمة أذنيه، وهو مخالف لما تقدم؟ قلت: في رواية شعبة أن شعره يبلغ لا تنافي، فإن ذلك باعتبار الوقتين، وقد اختلف الروايات في مقدار شعره. ففي رواية أبي داود والترمذي عن عائشة: "كان شعره فوق الوفرة ودون الجمة" قال الجوهري: الوفرة شعر الرأس إذا بلغ الأذن، والجمة: إذا تجاوز الأذن وقرب المنكبين، واللمة -بكسر اللام- إذا نزل إلى المنكب. وقد روى أبو داود والترمذي عن أم هانئ "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل مكة وله أربع غدائر".

5902 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أُرَانِى اللَّيْلَةَ عِنْدَ الْكَعْبَةِ، فَرَأَيْتُ رَجُلاً آدَمَ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ مِنْ أُدْمِ الرِّجَالِ، لَهُ لِمَّةٌ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ مِنَ اللِّمَمِ، قَدْ رَجَّلَهَا، فَهْىَ تَقْطُرُ مَاءً مُتَّكِئًا عَلَى رَجُلَيْنِ، أَوْ عَلَى عَوَاتِقِ رَجُلَيْنِ، يَطُوفُ بِالْبَيْتِ فَسَأَلْتُ مَنْ هَذَا فَقِيلَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ. وَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ جَعْدٍ، قَطَطٍ، أَعْوَرِ الْعَيْنِ الْيُمْنَى كَأَنَّهَا عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ، فَسَأَلْتُ مَنْ هَذَا فَقِيلَ الْمَسِيحُ الدَّجَّالُ». طرفه 3440 5903 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا حَبَّانُ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ حَدَّثَنَا أَنَسٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ 5902 - (وإذا أنا برجل [جعد] قطط أعور العين اليمنى كأنها عنبة طافية) يروى بالهمزة والياء، ومعنى الأول: الخارجة، والثاني: الغائرة (فقلت: من هذا؟ فقيل: المسيح الدجال). قال بعض الشارحين: فإن قلت: قد أخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الدجال لا يدخل مكة والمدينة؟ قلت: ذلك عند غلبة شوكته عند خروجه - صلى الله عليه وسلم -. قلت: هذا السؤال مما لا وجه له؛ لأن ما رآه مثاله لا عينه ألا ترى أنه رأى عيسى بن مريم أيضًا، ونحن قاطعون بأن عيسى لم ينزل من السماء بذاته حقيقة. فإن قلت: قال هنا في وصف عيسى: "رأيت رجلًا آدم" وقد سبق أنه قال: "رأيته رجلًا أحمر كأنه خرج من ديماس"؟ قلت: لا تنافي، فإنه أراد بآدم أنه ليس أبيض أمهق. فإن قلت: سمى كل واحد من عيسى والدجال مسيحًا؟ قلت: أما عيسى فلأنه ممسوح بالبركة، أو لأنه كان يمسح [مسلوب] العافية فيذهب عنه، فعيل بمعنى الفاعل أو المفعول، وأما الدجال فلأن عينه ممسوحة أي: مطموسة، أو لأنه يمسح الأرض أي: يدوسها. 5903 - 5904 - 5905 - 5906 - (إسحاق) كذا وقع غير منسوب. قال الغساني: لم

أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَضْرِبُ شَعَرُهُ مَنْكِبَيْهِ. طرفه 5904 5904 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ كَانَ يَضْرِبُ شَعَرُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مَنْكِبَيْهِ. طرفه 5903 5905 - حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ قَتَادَةَ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - عَنْ شَعَرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ كَانَ شَعَرُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجِلاً، لَيْسَ بِالسَّبِطِ، وَلاَ الْجَعْدِ، بَيْنَ أُذُنَيْهِ وَعَاتِقِهِ. طرفه 5906 5906 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ضَخْمَ الْيَدَيْنِ، لَمْ أَرَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَكَانَ شَعَرُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - رَجِلاً، لاَ جَعْدَ، وَلاَ سَبِطَ. طرفه 5905 5907 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ضَخْمَ الْيَدَيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ حَسَنَ الْوَجْهِ، لَمْ أَرَ بَعْدَهُ وَلاَ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَكَانَ بَسِطَ الْكَفَّيْنِ. أطرافه 5908، 5910، 5911 5908، 5909 - حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هَانِئٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. أَوْ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ضَخْمَ الْقَدَمَيْنِ، حَسَنَ الْوَجْهِ، لَمْ أَرَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ. طرفه 5907 ـــــــــــــــــــــــــــــ أجد من رواة الكتاب من نسبه إلا أن مسلمًا روى عن إسحاق بن منصور عن حبان بن هلال بفتح الحاء والباء الموحدة (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رَجِلًا) بكسر الجيم أي: شعره كأنه مسرح، وقد فسره بقوله: (لا جعد ولا سبط). 5907 - (أبو النعمان) -بضم النون- محمد بن الفضل (حازم) بالحاء المهملة (وكان بسط الكفين) بتقديم الباء، قال القاضي: كذا لأكثرهم، ورواه بعضهم بتقديم السين على الباء، قال: والكل صحيح، فإن معنى البسط الضخم كما صرح به بعده، ومعنى السبوطة: الاسترسال وقد جاء وصفه بأنه كان سائل الأطراف.

69 - باب التلبيد

5910 - وَقَالَ هِشَامٌ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - شَثْنَ الْقَدَمَيْنِ وَالْكَفَّيْنِ. طرفه 5907 5911، 5912 - وَقَالَ أَبُو هِلاَلٍ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ. أَوْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ضَخْمَ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ، لَمْ أَرَ بَعْدَهُ شَبَهًا لَهُ. طرفه 5907 5913 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ كُنَّا عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - فَذَكَرُوا الدَّجَّالَ فَقَالَ إِنَّهُ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَمْ أَسْمَعْهُ قَالَ ذَاكَ وَلَكِنَّهُ قَالَ «أَمَّا إِبْرَاهِيمُ فَانْظُرُوا إِلَى صَاحِبِكُمْ، وَأَمَّا مُوسَى فَرَجُلٌ آدَمُ جَعْدٌ، عَلَى جَمَلٍ أَحْمَرَ مَخْطُومٍ بِخُلْبَةٍ، كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَيْهِ إِذِ انْحَدَرَ فِي الْوَادِى يُلَبِّى». طرفه 1555 69 - باب التَّلْبِيدِ 5914 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ - رضى الله عنه - يَقُولُ مَنْ ضَفَّرَ فَلْيَحْلِقْ، ـــــــــــــــــــــــــــــ 5912 - (شثن القدمين والكفين) بالشين المعجمة والثاء المثلثة، قال ابن الأثير: أي: أن ميلان إلى الغلظ والقصر، وقيل: غلظ الأصابع بلا قصر، وكلاهما ليس معنى الحديث، بل شثن الكف والقدم: الغليظ، قاله الجوهري، وهو مدح في الرجل لأنه يدل على شدة القبض والثبات عند الرجال (لم أر بعده شبهًا له) بفتح الشين والباء، [و] بكسرها وسكون الباء بمعنى واحد. 5913 - (ابن أبي عدي) محمد بن إبراهيم. (عن ابن عون) -بفتح العين آخره نون- عبد الله. (الدجال مكتوب بين عينيه كافر) أي: على صورة الحروف هكذا: ك ف ر كما جاء في الرواية الأخرى يعرفه المؤمن والكافر (أما إبراهيم فانظروا إلى صاحبكم) يريد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نفسه، و (الخلبة) -بضم الخاء وسكون [اللام]- ليف النخل. باب التلبيد 5914 - التلبيد: جمع شعر الرأس، وإلصاقه بالصمغ ونحوه لئلا يدخله الغبار يفعله الحاج في الإحرام. وأما قول عمر: (من ضفر) مشددًا ومخففًا (فليحلق) أي: بعد الفراغ من

70 - باب الفرق

وَلاَ تَشَبَّهُوا بِالتَّلْبِيدِ. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُلَبِّدًا. طرفه 1540 5915 - حَدَّثَنِى حِبَّانُ بْنُ مُوسَى وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالاَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُهِلُّ مُلَبِّدًا يَقُولُ «لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ». لاَ يَزِيدُ عَلَى هَؤُلاَءِ الْكَلِمَاتِ. طرفه 1540 5916 - حَدَّثَنِى إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ حَفْصَةَ - رضى الله عنها - زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا بِعُمْرَةٍ، وَلَمْ تَحْلِلْ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِكَ قَالَ «إِنِّى لَبَّدْتُ رَأْسِى، وَقَلَّدْتُ هَدْيِى، فَلاَ أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ». طرفه 1566 70 - باب الْفَرْقِ 5917 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ النُسُك، إشارة إلى ما هو الأولى من التقصير. قوله: (ولا تشبهوا بالتلبيد) بفتح التاء أي: إذا لم يحلقوا، فكأنهم شبهوا بالملبد، فإن غرض الملبد من التلبيد حفظ شعره ووقايته. وأما حمل قول عمر على أن من أراد الإحرام، فليحلق قبل الإحرام فلا يعول عليه لأنه خلاف السنة. 5915 - (حبان بن موسى) بكسر الحاء والباء الموحدة. 5916 - (عن حفصة قلت: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما شأن الناس حلوا بعمرة ولم تحلل أنت من عمرتك؟ قال: إني لبدت رأسي وقلدت هديي) ليس هذان الوصفان بمانع، إنما المانع سوق الهدي، وإنما أشار بهذا إلى أنه من أول الأمر كان عازمًا على أن لا يحل. باب الفَرْق بسكون الراء: تفريق شعر الرأس إلى الجانبين، من فرقت الشيء فصلته، وربما شدت القاف.

71 - باب الذوائب

وَكَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَسْدِلُونَ أَشْعَارَهُمْ، وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَفْرُقُونَ رُءُوسَهُمْ، فَسَدَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - نَاصِيَتَهُ، ثُمَّ فَرَقَ بَعْدُ. طرفه 3558 5918 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ قَالاَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ الطِّيبِ فِي مَفَارِقِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ مُحْرِمٌ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فِي مَفْرِقِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 271 71 - باب الذَّوَائِبِ 5919 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ عَنْبَسَةَ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ ح وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ بِتُّ لَيْلَةً عِنْدَ مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ خَالَتِى، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ـــــــــــــــــــــــــــــ 5917 - (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحب موافقة أهل الكتاب بما لم يؤمر به) لأن أفعالهم مسندة إلى الشرع، ولفظ يحب يدل على أن ذلك من عنده لم يكن مأمورًا به (وكان أهل الكتاب يسدلون) بفتح الياء، السدل: ضد الفرق، وهو إرسال الشعر، وظاهر الحديث أن عدوله عن موافقة أهل الكتاب لم يكن بالوحي، بل لما آمن المشركون واستمر أهل الكتاب على كفرهم، وأمر بمخالفتهم في كثير من الأمور. 5918 - (كأني أنظر إلى الطيب في مفارق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) جمع مفرق. والحديث سلف في أبواب الحج. باب الذوائب جمع ذؤبة بضم الذال بعده همزة ساكنة، وهي الضفائر. 5919 - (هشيم) بضم الهاء مصغر (أبو بشر) بكسر الموحدة وشين معجمة، روى حديث ابن عباس لما بات في بيت خالته ميمونة، وقد سلف في أبواب التهجد، وموضع

72 - باب القزع

عِنْدَهَا فِي لَيْلَتِهَا - قَالَ - فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى مِنَ اللَّيْلِ، فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ - قَالَ - فَأَخَذَ بِذُؤَابَتِى فَجَعَلَنِى عَنْ يَمِينِهِ. حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ بِهَذَا، وَقَالَ بِذُؤَابَتِى أَوْ بِرَأْسِى. طرفه 117 72 - باب الْقَزَعِ 5920 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ قَالَ أَخْبَرَنِى مَخْلَدٌ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ حَفْصٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ نَافِعٍ أَخْبَرَهُ عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَنْهَى عَنِ الْقَزَعِ. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ قُلْتُ وَمَا الْقَزَعُ فَأَشَارَ لَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ قَالَ إِذَا حَلَقَ الصَّبِىَّ وَتَرَكَ هَا هُنَا ـــــــــــــــــــــــــــــ الدلالة هنا قوله: (فأخذ بذؤابتي) فإنه يدل على جوازها للضفائر. باب القزع بفتح القاف والزاي المعجمة جمع قزعة على وزن سمكة، وقد فسره في الحديث بأن يحلق رأسه ويترك ههنا وههنا، قال النووي: القزع: حلق بعض الرأس وترك بعضه. قال: وقيل إذا كان متفرقًا، والصحيح الأول. قال: وأجمع العلماء على كراهته إذا كان متفرقًا. وقال بعض أصحاب مالك: لا بأس به للغلام في القصة والقفا. القصة بضم القاف قال ابن الأثير: الخصلة من الشعر، والظاهر أن يكون في الناحية؛ لأنه ذكره في مقابلة القفا. قال شيخنا: المراد بالقصة هنا: شعر الصدغين. قال النووي: الكل مكروه عندنا كراهية تنزيه، والحكمة في كراهيته أنه تشويه الخلق، وفي رواية أبي داود: إنه زي أهل [اليهود] وفي أخرى: "زي اليهود". 5920 - (محمد) كذا وقع غير منسوب، قال الغساني: نسبه شيوخنا محمد بن سلام (مخلد) بفتح الميم وسكون الخاء.

73 - باب تطييب المرأة زوجها بيديها

شَعَرَةً وَهَا هُنَا وَهَا هُنَا. فَأَشَارَ لَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ إِلَى نَاصِيَتِهِ وَجَانِبَىْ رَأْسِهِ. قِيلَ لِعُبَيْدِ اللَّهِ فَالْجَارِيَةُ وَالْغُلاَمُ قَالَ لاَ أَدْرِى هَكَذَا قَالَ الصَّبِىِّ. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ وَعَاوَدْتُهُ فَقَالَ أَمَّا الْقُصَّةُ وَالْقَفَا لِلْغُلاَمِ فَلاَ بَأْسَ بِهِمَا وَلَكِنَّ الْقَزَعَ أَنْ يُتْرَكَ بِنَاصِيَتِهِ شَعَرٌ، وَلَيْسَ فِي رَأْسِهِ غَيْرُهُ، وَكَذَلِكَ شَقُّ رَأْسِهِ هَذَا وَهَذَا. طرفه 5921 5921 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُثَنَّى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الْقَزَعِ. طرفه 5920 73 - باب تَطْيِيبِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا بِيَدَيْهَا 5922 - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ طَيَّبْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِى لِحُرْمِهِ، وَطَيَّبْتُهُ بِمِنًى قَبْلَ أَنْ يُفِيضَ. طرفه 1539 74 - باب الطِّيبِ فِي الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ 5923 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كُنْتُ أُطَيِّبُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بِأَطْيَبِ مَا يَجِدُ، حَتَّى أَجِدَ وَبِيصَ الطِّيبِ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ. طرفه 271 ـــــــــــــــــــــــــــــ 5922 - ثم روى حديث عائشة (طيبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيدي لحرمه) أي: لإحرامه، قال ابن الأثير: بضم الحاء وهو الإحرام، وبكسر الحاء الرجل المحرم (بمنى قبل أن يفيض) بضم الياء أي: قبل أن يطوف طواف الإفاضة، وهذا إنما كان بعد الرمي والحلق، وهو التحلل الأول. 5923 - (حتى أجد وبيص الطيب في رأسه ولحيته) الوبيص: اللمعان، والحديث سلف في أبواب الحج.

75 - باب الامتشاط

75 - باب الاِمْتِشَاطِ 5924 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ رَجُلاً اطَّلَعَ مِنْ جُحْرٍ فِي دَارِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَحُكُّ رَأْسَهُ بِالْمِدْرَى فَقَالَ «لَوْ عَلِمْتُ أَنَّكَ تَنْظُرُ لَطَعَنْتُ بِهَا فِي عَيْنِكَ، إِنَّمَا جُعِلَ الإِذْنُ مِنْ قِبَلِ الأَبْصَارِ». طرفاه 6241، 6901 76 - باب تَرْجِيلِ الْحَائِضِ زَوْجَهَا 5925 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كُنْتُ أُرَجِّلُ رَأْسَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا حَائِضٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الامتشاط 5924 - (إياس) بكسر الهمزة (ابن أبي ذئب) بلفظ الحيوان المعروف. عبد الرحمن، روى أن رجلًا اطلع في دار رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال شيخنا: هذا الرجل هو الحكم بن العاص أبو مروان. قلت: مثل هذا الفعل لا يقع إلا من ذلك الجاهل الجلف، وهو (يحك رأسه بالمدرى) بكسر الميم. قال ابن الأثير: المدرى والمدراة شيء يتخذ من الحديد أو من الخشب على شكل سن من أسنان المشط وأطول منه، يسرح به الشعر الملبد، وقيل: شيء كالمسلة، وقيل: مشط له أسنان يسجرة. فإن قلت: ليس في الباب ذكر الامتشاط الذي ترجم له؟ قلت: حك الرأس بالمدرى نوع من الامتشاط. (لو علمت أنك تنظر لطعنت بها في عينك) فيه دليل على أن من نظر في بيت إنسان بغير إذنه وطعن في عينه، فلا شيء عليه (إنما جعل الإذن من قبل البصر) وفي بعضها "الأبصار" بفتح الهمزة وكسرها. باب ترجيل الحائض زوجها 5925 - روى حديث عائشة: (كنت أرجل رأس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا حائض) وقد سلف

77 - باب الترجيل والتيمن

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ. 77 - باب التَّرْجِيلِ وَالتَّيَمُّنِ 5926 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ كَانَ يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ مَا اسْتَطَاعَ فِي تَرَجُّلِهِ وَوُضُوئِهِ. طرفه 168 78 - باب مَا يُذْكَرُ فِي الْمِسْكِ 5927 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، إِلاَّ الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِى، وَأَنَا أَجْزِى بِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الحديث في أبواب الطهارة والاعتكاف، والغرض هنا أن ترجيل الشعر مستحب، وقد جاء في الحديث أنه كان يأمر بالترجيل والامتشاط غبًا. رواه ابن حبان وأصحاب السنن، قالوا: وكان نهى عنه كل يوم. 5926 - (أبو الوليد) هشام (أشعث) آخره ثاء مثلثة (سُليم) بضم السين مصغر. باب ما يذكر في المسك 5927 - (معمر) بفتح الميمين بينهما عين ساكنة (كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي). فإن قلت: كل عمل ابن آدم له تعالى، فأي وجه لهذا الكلام؟ قلت: في هذه الإضافة إشارة إلى شرف الصوم على سائر العبادات، وقد أكثر العلماء في وجه ذلك، قيل: لأنه عمل

79 - باب ما يستحب من الطيب

وَلَخَلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ». طرفه 1894 79 - باب مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الطِّيبِ 5928 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كُنْتُ أُطَيِّبُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ إِحْرَامِهِ بِأَطْيَبِ مَا أَجِدُ. طرفه 1539 80 - باب مَنْ لَمْ يَرُدَّ الطِّيبَ 5929 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَزْرَةُ بْنُ ثَابِتٍ الأَنْصَارِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى ثُمَامَةُ بْنُ ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يدخله الرياء، وليس بذاك إذ يمكن أن يصوم رياء وسمعة وهو ظاهر على أنه إنما يتوجه لو صح في صوم النفل، فإن الفرض قالوا: لا يجري فيه الرياء، وقد عمم الغزالي في الفرض، وقيل: لأن التجرد عن المآكل والمشارب والمناكح من صفات الألوهية، وهذا وجه حسن، وقيل: لأن الصوم لم يعبد به غيره تعالى في ملة بخلاف سائر العبادات كالسجدة للصنم وصرف الأموال كما أشار إليه في قوله تعالى: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا} [الأنعام: 136] وهذا أحسن ما يقال. (لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك) هذا موضع الدلالة، فإنه دل على طهارة المسك وشرفه، ولذا كان أطيب الطيب عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والخُلوف -بضم الخاء- الرائحة الكريهة التي تحدث في فم الصائم، والكلام على طريق المثل، والمراد منه كمال الرضا من عمله، وإجزال الثواب على تلك الرائحة كما يبذل المال في تحصيل المسك الإذفر. 5928 - (وهيب) بضم الواو مصغر (عثمان بن عروة) ليس له ذكر في البخاري ومسلم في هذا الحديث. باب من لم يردّ الطيب 5929 - (أبو نعيم) بضم النون مصغر (عرعرة) بعين وراء مكررة (ثمامة) بضم المثلثة،

81 - باب الذريرة

عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّهُ كَانَ لاَ يَرُدُّ الطِّيبَ، وَزَعَمَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ لاَ يَرُدُّ الطِّيبَ. طرفه 2582 81 - باب الذَّرِيرَةِ 5930 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ أَوْ مُحَمَّدٌ عَنْهُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ سَمِعَ عُرْوَةَ وَالْقَاسِمَ يُخْبِرَانِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدَىَّ بِذَرِيرَةٍ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، لِلْحِلِّ وَالإِحْرَامِ. طرفه 1539 82 - باب الْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ 5931 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ روى عن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان لا يرد الطيب. وفي رواية أبي داود: "من عرض عليه طيب فلا يرده" لأنه طيب الرائحة خفيف المحمل، جعل العلة مركبة، الأول: أنه طيب فلا يحسن ولا يمن في رد الطيب، والثاني: أنه ليس فيه كثير مِنّة. وفي رواية مسلم الريحان بدل الطيب، كأنه أشار به إلى أن الطيب أعم من المصنوع. باب الذريرة بذال معجمة طيب مخلوط. 5930 - (عثمان بن أبي الهيثم) بفتح الهاء وثاء مثلثة (أو محمد عنه) كلاهما شيخ البخاري، فلا يقدح تردده قال الغساني: كذا رواه على الشك في القدر والإيمان، قال: ومحمد هذا هو ابن يحيى الذهلي. قال النووي: الذريرة: نبات قصب طيب يجاء به من الهند. قلت: حديث عائشة يدل على أن فيه المسك بدليل الرواية السابقة، وهي فعيلة بمعنى المفعول؛ لأنها تذر على الشعر والثوب. باب المتفلجات للحسن 5931 - الفلج -بفتح الفاء واللام- الفرجة بين الأسنان الثنايا والرباعيات، قال

83 - باب الوصل فى الشعر

عَبْدِ اللَّهِ لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ، وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ، وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ، الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ تَعَالَى، مَالِى لاَ أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ فِي كِتَابِ اللَّهِ (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ). طرفه 4886 83 - باب الْوَصْلِ فِي الشَّعَرِ 5932 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِى سُفْيَانَ عَامَ حَجَّ وَهْوَ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَهْوَ يَقُولُ - وَتَنَاوَلَ قُصَّةً مِنْ شَعَرٍ كَانَتْ بِيَدِ حَرَسِىٍّ - أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ـــــــــــــــــــــــــــــ النووي: إنما تفعله العجوز ومن قاربها، وهو أن تبرد الأسنان بالمبرد ليظن أنها صغيرة السن، ويسمى الوشر أيضًا، وفي الحديث: "لعن الله الواشرة". وإنما لعنها لأنها تغير خلق الله وتزوير وتغرير، وليس الخضاب والكحل منه إذ لا تزوير فيهما، وهو ظاهر. (والواشمة) من الوشم وهو غرز الإبرة في الجلد، ثم صب مثل النيل فيه، الفاعلة (الواشمة) والمفعول: (المستوشمة) (والمتنمصات) من النمص وهو إزالة الشعر عن الوجه بالمنماص وهو المنقاش (ما لي لا ألعن من لعن النبي - صلى الله عليه وسلم -). ما: استفهامية على وجه الإنكار. قال بعض الشارحين: ووجوب اللعن مذكور في كتاب الله وهو قوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} [الحشر: 7] وهذا قد فهم من قوله: فخذوه وجوب اللعن، وهذا غلط، فإن الإنسان لو عاش دهرًا ولم يلعن إبليس لا يأثم اتفاقًا، ومعنى قوله: {فَخُذُوهُ} أي: خذوه على أي وجه أمر، إن وجوبًا فوجوب، وإن ندبًا فندب، وإن مباحًا فمباح. فائدة: يجب إزالة الوشم؛ لأن الدم المتجمد نجس إن أمكن من غير تلف العضو، وإلا فالتوبة مسقطة إن شاء الله. باب الوصل في الشعر 5932 - 5933 - (سمع معاوية على المنبر عام حج وتناول قصة) بضم القاف أي: خصلة من الشعر (كانت في يد حرسي) بفتح [الحاء] والراء: غلام الشرطي، وفي رواية مسلم: "كبَّة" بضم الكاف وتشديد الموحدة (أين علماؤكم) يريد الإنكار عليهم حيث لم

يَنْهَى عَنْ مِثْلِ هَذِهِ وَيَقُولُ «إِنَّمَا هَلَكَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ حِينَ اتَّخَذَ هَذِهِ نِسَاؤُهُمْ». طرفه 3468 5933 - وَقَالَ ابْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَعَنَ اللَّهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ، وَالْوَاشِمَةَ وَالْمُسْتَوْشِمَةَ». 5934 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ مُسْلِمِ بْنِ يَنَّاقٍ يُحَدِّثُ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ جَارِيَةً مِنَ الأَنْصَارِ تَزَوَّجَتْ، وَأَنَّهَا مَرِضَتْ فَتَمَعَّطَ شَعَرُهَا، فَأَرَادُوا أَنْ يَصِلُوهَا فَسَأَلُوا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «لَعَنَ اللَّهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ». تَابَعَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ أَبَانَ بْنِ صَالِحٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ صَفِيَّةَ عَنْ عَائِشَةَ. طرفه 5205 5935 - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَتْنِى أُمِّى عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ إِنِّى أَنْكَحْتُ ابْنَتِى، ثُمَّ أَصَابَهَا شَكْوَى فَتَمَرَّقَ ـــــــــــــــــــــــــــــ ينهوا عن هذا المنكر، وهذا الإنكار من معاوية لا وجه له إذ لا يلزم منه علموا وتركوا النهي عنه (إنما هلكت بنو إسرائيل حين اتخذت هذه نساؤهم) قال القاضي: يحتمل أنه كان محرمًا عليهم، وأن يكون الهلاك به وبغيره. قلت: هذه عبارة مختلة إذ لا يكون سبب الهلاك إلا ما كان محرمًا قطعًا، فلا وجه لذكر الاحتمال (ابن أبي شيبة) بفتح الشين، اسمه: عثمان (فليح) بضم الفاء مصغر (لعن الله الواصلة) التي تصل شعر المرأة (والمستوصلة) التي يوصل شعرها. 5934 - (مرة) بضم الميم وتشديد الراء. (مسلم بن يناق) بفتح الياء المثناة تحت ونون (أن جارية تزوجت فتمعط شعرها) أي: سقط، وفي رواية "تمرق" بالزاي المهملة بمعنى الأول، وقد يروى بالزاء المعجمة، قال القاضي: هذه الرواية وإن كانت قريبة من الأولى إلا أنها في المرض (تابعه ابن إسحاق) هو محمد بن إسحاق صاحب السير. 5935 - (المقدام) بكسر الميم (فضيل) ..........................................

رَأْسُهَا، وَزَوْجُهَا يَسْتَحِثُّنِى بِهَا أَفَأَصِلُ رَأْسَهَا فَسَبَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ. طرفاه 5936، 5941 5936 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنِ امْرَأَتِهِ فَاطِمَةَ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ قَالَتْ لَعَنَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ. طرفه 5935 5937 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَعَنَ اللَّهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ، وَالْوَاشِمَةَ وَالْمُسْتَوْشِمَةَ». قَالَ نَافِعٌ الْوَشْمُ فِي اللِّثَةِ. أطرافه 5940، 5942، 5947 5938 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ قَدِمَ مُعَاوِيَةُ الْمَدِينَةَ آخِرَ قَدْمَةٍ قَدِمَهَا، فَخَطَبَنَا فَأَخْرَجَ كُبَّةً مِنْ شَعَرٍ قَالَ مَا كُنْتُ أَرَى أَحَدًا يَفْعَلُ هَذَا غَيْرَ الْيَهُودِ، إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - سَمَّاهُ الزُّورَ. يَعْنِى الْوَاصِلَةَ فِي الشَّعَرِ. طرفه 3468 ـــــــــــــــــــــــــــــ بضم الفاء مصغر (وزوجها يستحثني) بالثاء المثلثة أي: يعجلني. 5937 - (مقاتل) بضم الميم وكسر التاء (قال نافع الوشم في اللثة) قال ابن الأثير: بكسر اللام أصول الأسنان ومغارزها، وهذا التفسير لا يصلح إذ لا يمكن الوشم هناك، والظاهر أنه مصحف من الشفة، فإنه أكثر ما يكون في الشفة والفك والذقن. 5938 - (وإن النبي - صلى الله عليه وسلم - سماه الزور يعني الواصلة) فيه تسامح أي: فعل الواصلة أو جعلها نفس الزور مبالغة، والكلام على طريق التشبيه، فإن الزور من أوصاف القول، والأحاديث دلت على حرمة هذه الأشياء، بل على كونها كبائر لأنها قرنت باللعن.

84 - باب المتنمصات

84 - باب الْمُتَنَمِّصَاتِ 5939 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ لَعَنَ عَبْدُ اللَّهِ الْوَاشِمَاتِ، وَالْمُتَنَمِّصَاتِ، وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ، الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ. فَقَالَتْ أُمُّ يَعْقُوبَ مَا هَذَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ وَمَا لِىَ لاَ أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ، وَفِى كِتَابِ اللَّهِ. قَالَتْ وَاللَّهِ لَقَدْ قَرَأْتُ مَا بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ فَمَا وَجَدْتُهُ. قَالَ وَاللَّهِ لَئِنْ قَرَأْتِيهِ لَقَدْ وَجَدْتِيهِ (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا). طرفه 4886 85 - باب الْمَوْصُولَةِ 5940 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ لَعَنَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ، وَالْوَاشِمَةَ وَالْمُسْتَوْشِمَةَ. طرفه 5937 5941 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَنَّهُ سَمِعَ فَاطِمَةَ بِنْتَ الْمُنْذِرِ تَقُولُ سَمِعْتُ أَسْمَاءَ قَالَتْ سَأَلَتِ امْرَأَةٌ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ ابْنَتِى أَصَابَتْهَا الْحَصْبَةُ، فَامَّرَقَ شَعَرُهَا، وَإِنِّى زَوَّجْتُهَا أَفَأَصِلُ فِيهِ فَقَالَ «لَعَنَ اللَّهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمَوْصُولَةَ». طرفه 5935 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب المتنمصات تقدم أنه مشتق من النمص، وهو حذف شعر الوجه. 5939 - (أم يعقوب) قيل: صحابية من بني أسد، ولم يذكرها ابن عبد البر في الصحابيات (لقد قرأت ما بين اللوحين) أي: بين دفتي المصحف، الكلام على طريق التشبيه (فما وجدته) أي: لعن المتنمصات، فهمت أن يكون ذلك صريحًا في كتاب الله، فأجاب بأن قوله تعالى: {وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ} [الحشر: 7] شامل له. باب الموصولة 5940 - 5941 - (محمد) هو ابن سلام، هو الراوي عن (عبدة) بفتح العين وسكون الباء (إن ابنتي أصابتها الحصبة) -بفتح الحاء وسكون الصاد- نوع من البثر معروف يشبه الجدري، ويقال: بضم الحاء أيضًا وكسرها.

86 - باب الواشمة

5942 - حَدَّثَنِى يُوسُفُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ حَدَّثَنَا صَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَوْ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الْوَاشِمَةُ وَالْمُوتَشِمَةُ، وَالْوَاصِلَةُ وَالْمُسْتَوْصِلَةُ». يَعْنِى لَعَنَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 5937 5943 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ، وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ، وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ، الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ، مَا لِى لاَ أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ فِي كِتَابِ اللَّهِ. طرفه 4886 86 - باب الْوَاشِمَةِ 5944 - حَدَّثَنِى يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «الْعَيْنُ حَقٌّ». وَنَهَى عَنِ الْوَشْمِ. حَدَّثَنِى ابْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِىٍّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ ذَكَرْتُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ 5942 - 5943 - (الفضل بن دكين) بضم الدال وفتح الكاف مصغر، وكذا (جويرية). (ما لي لا ألعن من لعنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في كتاب الله) أي: ما يدل عليه، وهو قوله تعالى: {وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ} [الحشر: 7]. قال شيخنا: وقع هنا (لعن الله الواصلة) ثم قال: يعني لعن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ولم يتجه إلى هذا التفسير إلا أن يكون المراد لعن الله على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم -، أو لعن النبي - صلى الله عليه وسلم - للعن الله، قلت: هذا ليس تفسيرًا لما تقدم، ولا دلالة للفظ عليه، والجواب: أنه بين بتفسيره أن إسناد اللعن إليه تعالى مجاز حكمي، نسب إلى الآمر ما كان للمأمور؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يلعن أحدًا إلا بأمر الله. باب الواشمة تكرر الإشارة إلى معنى الوشم، وهو غرز الإبرة في الجلد ثم صب النيل ونحوه فيه، والفاعلة: الواشمة. 5944 - والطالبة: المستوشمة (معمر) بفتح الميمين وعين ساكنة (همام) بتشديد الميم (العين حق) أي: تأثيرها بإذن الله وإرادته (ابن بشار) -بفتح الباء وتشديد الشين محمد (ابن مهدي) محمد بن إبراهيم.

87 - باب المستوشمة

عَابِسٍ حَدِيثَ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ سَمِعْتُهُ مِنْ أُمِّ يَعْقُوبَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مِثْلَ حَدِيثِ مَنْصُورٍ. طرفه 5740 5945 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِى جُحَيْفَةَ قَالَ رَأَيْتُ أَبِى فَقَالَ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ ثَمَنِ الدَّمِ، وَثَمَنِ الْكَلْبِ، وَآكِلِ الرِّبَا وَمُوكِلِهِ، وَالْوَاشِمَةِ وَالْمُسْتَوْشِمَةِ. طرفه 2086 87 - باب الْمُسْتَوْشِمَةِ 5946 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ عُمَارَةَ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ أُتِىَ عُمَرُ بِامْرَأَةٍ تَشِمُ فَقَامَ فَقَالَ أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ مَنْ سَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْوَشْمِ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَقُمْتُ فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنَا سَمِعْتُ. قَالَ مَا سَمِعْتَ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ تَشِمْنَ وَلاَ تَسْتَوْشِمْنَ». 5947 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ لَعَنَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ، وَالْوَاشِمَةَ وَالْمُسْتَوْشِمَةَ. طرفه 5937 ـــــــــــــــــــــــــــــ 5945 - (حرب) ضد الصلح (عون) بفتح العين آخره نون (ابن أبي جحيفة) بضم الجيم مصغر (نهى عن ثمن الكلب) سواء كان معلمًا أو لا، ومنهم من أطلق الجواز، ومنهم من قيده بالمعلم، وقد سلف الحديث في أبواب البيع. فإن قلت: ما المراد بثمن الدم؟ قلت: ظاهره أنه أراد ما كان عليه أهل الجاهلية من بيع الدم، وقيل: أريد أجرة الحجام، فيكون محمولًا على الكراهة. 5946 - (زهير) بضم الزاي مصغر (عن أبي زرعة) بضم المعجمة اسمه: هرم.

88 - باب التصاوير

5948 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ، وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ، الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ. مَا لِى لاَ أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ فِي كِتَابِ اللَّهِ. طرفه 4886 88 - باب التَّصَاوِيرِ 5949 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أَبِى طَلْحَةَ - رضى الله عنهم - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَدْخُلُ الْمَلاَئِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلاَ تَصَاوِيرُ». وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ سَمِعْتُ أَبَا طَلْحَةَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 3225 89 - باب عَذَابِ الْمُصَوِّرِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ 5950 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ مُسْلِمٍ قَالَ كُنَّا ـــــــــــــــــــــــــــــ باب التصاوير 5949 - جمع تصوير، أريد به الصورة، دل عليه الحديث الذي رواه إن (الملائكة لا تدخل بيتًا فيه كلب ولا تصاوير) أي: شيء من الصور، ولذلك جمعه، والظاهر من لفظ الملائكة: العموم إلا أن الحفظة خارجة بسائر النصوص. والكلب فيه مستثنى منه ما يجوز اقتناؤه، وهو كلب الزرع والصيد والماشية. قال النووي: والظاهر عمومه. قلت: الصواب عمومه لأن العلة نجاسة الكلب، أو أكله النجاسة وذا لا يتفاوت. قال القاضي: كذا قال الخطابي، ويستثنى من الصور ما كانت مهانة كما إذا كانت من البسط أو وسائد. قال النووي: والظاهر العموم؛ لأن العلة مضاهاة خلق الله، ولا تفاوت بالإهانة وغيرها. باب عذاب المصورين يوم القيامة 5950 - (الحميدي) بضم الحاء مصغر منسوب (مسلم) يجوز أن يكون البطين، وأن يكون

90 - باب نقض الصور

مَعَ مَسْرُوقٍ فِي دَارِ يَسَارِ بْنِ نُمَيْرٍ، فَرَأَى فِي صُفَّتِهِ تَمَاثِيلَ فَقَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمُصَوِّرُونَ». 5951 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ الَّذِينَ يَصْنَعُونَ هَذِهِ الصُّوَرَ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُقَالُ لَهُمْ أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ». طرفه 7558 90 - باب نَقْضِ الصُّوَرِ 5952 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حِطَّانَ: ـــــــــــــــــــــــــــــ ابن صبيح؛ لأن كلًّا منهما يروي عن مسروق (يسار) ضد اليمين (نمير) بضم النون مصغر نمر. (فرأى في صفّته تماثيل) جمع تمثال بكسر التاء، قال ابن الأثير: ظل كل شيء تمثاله، إلا أن المراد هو الحيوانات بلا خلاف من الأئمة (إن أشد الناس عذابًا يوم القيامة المصورون). فإن قلت: الكفار أشد عذابًا من كل مؤمن؟ قلت: إن حمل على الاستحلال فهو كفر، وإلا فالمراد بالناس عصاة المؤمنين. وأجاب بعض الشارحين بأنهم يصورون الأصنام للعبادة فهم كفرة. والكفرة أشد الناس عذابًا وهذا غلط منه. فإن المراد به المؤمن، وسياق الأحاديث يدل عليه، وتعليله بأنهم يضاهون خلق الله دليل ظاهر أنه ليس منحصرًا في الأصنام، وحديث نمرقة عائشة أصرح منه، وإن حمل الناس على العموم فلا إشكال أيضًا؛ لأن اسم التفضيل إذا أضيف يجوز أن يراد به الزيادة في الجملة، والأشَدِّيَة تطلق على وجه التشكيك، وقد أوردوا قوله تعالى في حق سليمان: {يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ} [سبأ: 13]، والجواب أن التماثيل لم تكن صور الحيوان، والأظهر أنه لم يكن محرمًا في شرعه. 5951 - (المنذر) بكسر الذال (عياض) بكسر العين آخره ضاد معجمة (يقال لهم: أحيوا ما خلقتم) أمر تعجيز، أي: انفخوا الروح فيما صورتم كقول عيسى: {أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ} [آل عمران: 49]. باب نقض الصور 5952 - (معاذ بن فضالة) بضم الميم وفتح الفاء (حطان) بكسر الحاء وتشديد الطاء

أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - حَدَّثَتْهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَكُنْ يَتْرُكُ فِي بَيْتِهِ شَيْئًا فِيهِ تَصَالِيبُ إِلاَّ نَقَضَهُ. 5953 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا عُمَارَةُ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ قَالَ دَخَلْتُ مَعَ أَبِى هُرَيْرَةَ دَارًا بِالْمَدِينَةِ فَرَأَى أَعْلاَهَا مُصَوِّرًا يُصَوِّرُ، قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ كَخَلْقِى، فَلْيَخْلُقُوا حَبَّةً، وَلْيَخْلُقُوا ذَرَّةً». ثُمَّ دَعَا بِتَوْرٍ مِنْ مَاءٍ فَغَسَلَ يَدَيْهِ حَتَّى بَلَغَ إِبْطَهُ فَقُلْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَشَىْءٌ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ مُنْتَهَى الْحِلْيَةِ. طرفه 7559 ـــــــــــــــــــــــــــــ (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يترك في بيته شيئًا فيه تصاليب) مصدر صلب إذا اتخذ صليبًا، مصدر بمعنى المفعول، يجوز أن يكون مراده صليب النصارى، وأن يراد النقوش أي نقش كان، فإنه شاغل الخاطر في الصلاة، وهذا هو الظاهر. 5953 - (سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي) أي: يحكيه عن الله، فإنه حديث قدسي (فليخلقوا حبة أو ذرة) قيل: الذرة النملة الصغيرة في الإعجاز، ولو كان المراد النملة لكان الواجب تقديمها على الحبة كما لا يخفى، وبهذا يظهر أن ما قاله النووي -من أن معناه: ليخلقوا ذرة تنصرف بنفسها أو حبة لها طعم- ليس بذلك، وأن الصواب إطلاق الحبة والذرة على ما ذكرنا، فإنه أدل على الإعجاز. قال بعض الشارحين: إن أحدًا لا يقدر على خلق مثل خلقه فما معنى قوله: "ذهب يخلق مثل خلقي"؟ قلت: التشبيه إنما هو في الصورة لا في كل الوجوه. وهذا الذي قاله غلط، فإن المشابهة باعتبار الصورة ليست منفية، بل المراد: الإيجاد من العدم، ولذلك أردفه بقوله: "فليخلقوا حبة أو ذرة". (فدعا بتور) -بالتاء المثناة- الإجانة والقدح، و (الحلية) -بكسر الحاء- النور يوم القيامة من أثر الوضوء. فإن قلت: ليس بين حديث الوضوء والنهي عن التصاوير مناسبة بوجه؟ قلت: روى أبو زرعة ما شاهده في تلك الحالة وما سمعه، وقد مضى من هذا النمط في مواضع.

91 - باب ما وطئ من التصاوير

91 - باب مَا وُطِئَ مِنَ التَّصَاوِيرِ 5954 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ - وَمَا بِالْمَدِينَةِ يَوْمَئِذٍ أَفْضَلُ مِنْهُ - قَالَ سَمِعْتُ أَبِى قَالَ سَمِعْتُ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ سَفَرٍ وَقَدْ سَتَرْتُ بِقِرَامٍ لِى عَلَى سَهْوَةٍ لِى فِيهَا تَمَاثِيلُ، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - هَتَكَهُ وَقَالَ «أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ يُضَاهُونَ بِخَلْقِ اللَّهِ». قَالَتْ فَجَعَلْنَاهُ وِسَادَةً أَوْ وِسَادَتَيْنِ. طرفه 2479 5955 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ سَفَرٍ، وَعَلَّقْتُ دُرْنُوكًا فِيهِ تَمَاثِيلُ، فَأَمَرَنِى أَنْ أَنْزِعَهُ، فَنَزَعْتُهُ. طرفه 2479 5956 - وَكُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ. طرفه 250 92 - باب مَنْ كَرِهَ الْقُعُودَ عَلَى الصُّورَةِ 5957 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا اشْتَرَتْ نُمْرُقَةً فِيهَا تَصَاوِيرُ، فَقَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْبَابِ فَلَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ما وطئ من التصاوير 5954 - (قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من صفر وقد سترت بقرام على سهوة لي فيه تماثيل) القرام القاف ستر رقيق، والسهوة: بيت صغير، وقال الأصمعي: تُشْبِه الطاق، وقال الخليل: أعواد ثلاثة أو أربعة يوضع عليها المتاع. 5955 - (دُرنُوكًا) -بضم الدال والنون- قال ابن الأثير: ستر فيه خمل، ويروى بالميم مكان النون، ودل الحديث على جواز استعمال المصور على وجه الإهانة، قال النووي: وأما صنعته فحرام سواء صنع للإهانة أو لغيرها. (وكنت أغتسل أنا والنبي - صلى الله عليه وسلم - من إناء واحد). فإن قلت: أي تعلق لهذا الكلام في هذا الباب؟ قلت: لعل السؤال كان عن الأمرين. باب من كره القعود على الصور أي: على الثوب المصور. 5957 - (منهال) بكسر الميم (اشترت نمرقة فيها تصاوير) أي: صور الحيوانات,

93 - باب كراهية الصلاة فى التصاوير

يَدْخُلْ. فَقُلْتُ أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مِمَّا أَذْنَبْتُ. قَالَ «مَا هَذِهِ النُّمْرُقَةُ». قُلْتُ لِتَجْلِسَ عَلَيْهَا وَتَوَسَّدَهَا. قَالَ «إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يُقَالُ لَهُمْ أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ. وَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ لاَ تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ الصُّورَةُ». 5958 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ بُكَيْرٍ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِى طَلْحَةَ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ الْمَلاَئِكَةَ لاَ تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ الصُّورَةُ». قَالَ بُسْرٌ ثُمَّ اشْتَكَى زَيْدٌ فَعُدْنَاهُ، فَإِذَا عَلَى بَابِهِ سِتْرٌ فِيهِ صُورَةٌ فَقُلْتُ لِعُبَيْدِ اللَّهِ رَبِيبِ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَلَمْ يُخْبِرْنَا زَيْدٌ عَنِ الصُّوَرِ يَوْمَ الأَوَّلِ. فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ أَلَمْ تَسْمَعْهُ حِينَ قَالَ إِلاَّ رَقْمًا فِي ثَوْبٍ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنَا عَمْرٌو - هُوَ ابْنُ الْحَارِثِ - حَدَّثَهُ بُكَيْرٌ حَدَّثَهُ بُسْرٌ حَدَّثَهُ زَيْدٌ حَدَّثَهُ أَبُو طَلْحَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 3225 93 - باب كَرَاهِيَةِ الصَّلاَةِ فِي التَّصَاوِيرِ 5959 - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ قِرَاَمٌ لِعَائِشَةَ سَتَرَتْ بِهِ جَانِبَ بَيْتِهَا، فَقَالَ لَهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَمِيطِى عَنِّى، ـــــــــــــــــــــــــــــ والنمرقة -بضم النون- الوسادة الصغيرة, ويقال لها: المرفقة بكسر الميم (قلت: لتجلس عليها، قال: إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة). فإن قلت: في الباب الذي قبله أن الستر الذي كان فيه الصور جعل منه وسادتين, وفي بعض الروايات أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يتكئ عليها؟ قلت: الاتكاء غير الجلوس, أو حديث النمرقة كان قبل ذلك فيكون ناسخًا له, ولا يخفى بعد دعوى النسخ، والأقرب أن يقال: لعله لما قطع الستر قطعه بحيث لم يبق عليه، بخلاف النمرقة فإن الصورة كانت باقية عليه. 5958 - (بكير) بضم الباء على وزن المصغر (بسر) بضم الباء وسكون المهملة (عن أبي طلحة) زيد بن سهل الأنصاري (صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) دفع به وهم الاشتراك لئلا يتوهم في الحديث الإرسال. (إلا رقمًا في الثوب) الرقم في الأصل: الكتابة, والمراد منه النقش وتمثال غير الحيوان. 5959 - (ميسرة) ضد الميمنة (قرام) -بكسر القاف- ستر رقيق (أميطي عني) أي:

94 - باب لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة

فَإِنَّهُ لاَ تَزَالُ تَصَاوِيرُهُ تَعْرِضُ لِى فِي صَلاَتِى». طرفه 374 94 - باب لاَ تَدْخُلُ الْمَلاَئِكَةُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ 5960 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِى عُمَرُ - هُوَ ابْنُ مُحَمَّدٍ - عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ وَعَدَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - جِبْرِيلُ فَرَاثَ عَلَيْهِ حَتَّى اشْتَدَّ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَخَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَقِيَهُ، فَشَكَا إِلَيْهِ مَا وَجَدَ، فَقَالَ لَهُ «إِنَّا لاَ نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ وَلاَ كَلْبٌ». طرفه 3227 95 - باب مَنْ لَمْ يَدْخُلْ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ 5961 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا اشْتَرَتْ نُمْرُقَةً فِيهَا تَصَاوِيرُ، فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَامَ عَلَى الْبَابِ فَلَمْ يَدْخُلْ، فَعَرَفَتْ فِي وَجْهِهِ الْكَرَاهِيَةَ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ، مَاذَا أَذْنَبْتُ قَالَ «مَا بَالُ هَذِهِ النُّمْرُقَةِ». فَقَالَتِ اشْتَرَيْتُهَا لِتَقْعُدَ عَلَيْهَا وَتَوَسَّدَهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَيُقَالُ لَهُمْ أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ - وَقَالَ - إِنَّ الْبَيْتَ الَّذِى فِيهِ الصُّوَرُ لاَ تَدْخُلُهُ الْمَلاَئِكَةُ». 96 - باب مَنْ لَعَنَ الْمُصَوِّرَ 5962 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنِى غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِى جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ اشْتَرَى غُلاَمًا حَجَّامًا فَقَالَ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - ـــــــــــــــــــــــــــــ أبعدي (فإنه لا تزال تصاويره تعرض [لي] في صلاتي) لم تكن تصاوير ذي روح. باب لا تدخل الملائكة بيتًا فيه صورة 5960 - (وعد النبي - صلى الله عليه وسلم - جبريلُ) برفع جبريل فإن الوعد كان منه (فراث عليه) أي: أبطأ، ولما شكا إليه ما وجد من إبطائه قال: (إنا لا ندخل بيتًا فيه كلب) وكان تحت سرير عائشة جرو كلب، فرماه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ونضح مكانه بالماء، ومنه علم أن وجود الكلب مانع من الدخول مطلقًا سواء كان هناك عذر أولًا. باب من لعن المصور 5962 - (عون) بفتح العين وسكون الواو آخره نون (أبو جحيفة) بضم الجيم مصغر

97 - باب من صور صورة كلف يوم القيامة أن ينفخ فيها الروح، وليس بنافخ

نَهَى عَنْ ثَمَنِ الدَّمِ، وَثَمَنِ الْكَلْبِ، وَكَسْبِ الْبَغِىِّ، وَلَعَنَ آكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ وَالْوَاشِمَةَ وَالْمُسْتَوْشِمَةَ وَالْمُصَوِّرَ. طرفه 2086 97 - باب مَنْ صَوَّرَ صُورَةً كُلِّفَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ، وَلَيْسَ بِنَافِخٍ 5963 - حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا سَعِيدٌ قَالَ سَمِعْتُ النَّضْرَ بْنَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ يُحَدِّثُ قَتَادَةَ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُمْ يَسْأَلُونَهُ وَلاَ يَذْكُرُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى سُئِلَ فَقَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَنْ صَوَّرَ صُورَةً فِي الدُّنْيَا كُلِّفَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ، وَلَيْسَ بِنَافِخٍ». طرفه 2225 98 - باب الاِرْتِدَافِ عَلَى الدَّابَّةِ 5964 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو صَفْوَانَ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ (نهى عن ثمن الدم) تقدم أن المراد ثمن الدم، فإن أهل الجاهلية كانوا يأكلون الدم، ويجوز أن يراد أجرة الحجام، وفي لفظ الثمن تسامح، وعلى هذا النهي كراهية تنزيه (وكسب البغي) أجرة الزانية على الزاني. 5963 - (عياش) بتشديد المثناة آخرهُ شين معجمة (النضر بن أنس) بالضاد المعجمة (كنت عند ابن عباس وهم يسألونه ولا يذكر النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي: في جواب السؤال لا يسنده إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولما جاء السؤال عن الصور أسنده إليه، وصرح باسم العلم مبالغة في التحذير. فإن قلت: ما معنى قوله: (كلف يوم القيامة) ولا تكليف هناك؟ قلت: المراد منه معناه لغة، وهو الإلزام. فإن قلت: ظاهر الأحاديث تدل على أنه يخلد في العذاب، وعندنا أن مرتكب الكبيرة لا يخلد في النار؟ قلت: إن كان مستحلًا فالجواب ظاهر، وإن كان غير مستحل فالكلام مسوق للزجر، والتحذير مصروف عن ظاهره كما في قوله: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} [النساء: 93]. باب الارتداف على الدابة 5964 - (قتيبة) بضم القاف مصغر (أبو صفوان) عبد الله بن سعيد الأموي

99 - باب الثلاثة على الدابة

عَنْ عُرْوَةَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَكِبَ عَلَى حِمَارٍ، عَلَى إِكَافٍ عَلَيْهِ قَطِيفَةٌ فَدَكِيَّةٌ، وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ وَرَاءَهُ. طرفه 2987 99 - باب الثَّلاَثَةِ عَلَى الدَّابَّةِ 5965 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَكَّةَ اسْتَقْبَلَهُ أُغَيْلِمَةُ بَنِى عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَحَمَلَ وَاحِدًا بَيْنَ يَدَيْهِ وَالآخَرَ خَلْفَهُ. طرفه 1798 100 - باب حَمْلِ صَاحِبِ الدَّابَّةِ غَيْرَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ صَاحِبُ الدَّابَّةِ أَحَقُّ بِصَدْرِ الدَّابَّةِ، إِلاَّ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ. 5966 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ ذُكِرَ الأَشَرُّ الثَّلاَثَةُ عِنْدَ عِكْرِمَةَ فَقَالَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَتَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ حَمَلَ قُثَمَ بَيْنَ يَدَيْهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركب على حمار [على] إكاف) بدل على حمار، والإكاف بكسر الهمزة، ويقال الوكاف أيضًا، و (القطيفة) ثوب له خمل، و (فدك) قرية بقرب خيبر. باب الثلاثة على الدابة 5965 - (زريع) مصغر زرع (لما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - استقبله أغيلمة من بني عبد المطلب، فحمل واحدًا بين يديه وآخر خلفه) الذي بين يديه قثم بن عباس، والذي خلفه الفضل بن عباس، كذا رواه في الباب بعده، والأحاديث الواردة في منع الثلاثة على الدابة محمولة على تقدير صحتها على حالة تكون الدابة غير مطيقة. باب حمل صاحب الدابة غيره بين يديه (وقال بعضهم: صاحب الدابة بصدر الدابة أحق إلا أن يأذن له) هذا حديث أسنده الترمذي مرفوعًا، وكأنه لم يرض البخاري بسنده. 5966 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (ذكر شر الثلاثة عند عكرمة) أي: اختلفوا في

101 - باب إرداف الرجل خلف الرجل

وَالْفَضْلَ خَلْفَهُ، أَوْ قُثَمَ خَلْفَهُ، وَالْفَضْلَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَأَيُّهُمْ شَرٌّ أَوْ أَيُّهُمْ خَيْرٌ. طرفه 1798 101 - باب إِرْدَافِ الرَّجُلِ خَلْفَ الرَّجُلِ 5967 - حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ - رضى الله عنه - قَالَ بَيْنَا أَنَا رَدِيفُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لَيْسَ بَيْنِى وَبَيْنَهُ إِلاَّ أَخِرَةُ الرَّحْلِ فَقَالَ «يَا مُعَاذُ». قُلْتُ لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ. ثُمَّ سَارَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ «يَا مُعَاذُ». قُلْتُ لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ. ثُمَّ سَارَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ «يَا مُعَاذُ». ـــــــــــــــــــــــــــــ أن الثلاثة إذا ركبوا دابة من هو أشرهم، فرده ابن عباس بأن هذا كلام باطل بأنه فعله خير خلق الله مع خيار الناس، وقوله: (فأيهم أشر؟) استفهام إنكار. قال بعض الشارحين: فإن قلت: ما وجه مناسبة باب الارتداف بكتاب اللباس؟ قلت: الغرض منه الجلوس على لباس الدابة. وهذا مع ركاكته لا يدفع الإشكال، فإنه ذكر في كتاب اللباس: الواشمة والمتنمصة والواصلة وغيرها. بل الجواب أن الكتاب وإن كان موضوعًا أصالة في اللباس إلا أنه ذكر عنه ما يتعلق بالزينة، وأجاب شيخنا بأنه لم يكن يظهر لي وجه المناسبة ثم ظهر لي أن الرديف لا يأمن السقوط، وإذا سقط تنكشف عورته فأشار إلى [أن] هذا الاحتمال لا يمنعه لأن الأصل عدمه, وهذا أيضًا كما ترى. باب إرداف الرجل الرجل 5967 - روى في الباب حديث إرداف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معاذًا على حمار, وقد سلف الحديث في أبواب الإيمان (هدبة) بضم الهاء وسكون الدال المهملة (همام) بفتح الهاء وتشديد الميم (قاله معاذ: بينما أنا رديف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) ويقال: الردف أيضًا (ليس بيني وبينه إلا آخرة الرحل) بفتح الهمزة والمد: العود الذي يكون في آخره ضد القادمة (ثم سار لساعة ثم قال: يا معاذ) إنما كرر النداء معه ثلاث مرات ليجمع خاطره ويعلم [أن] ما

102 - باب إرداف المرأة خلف الرجل

قُلْتُ لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ. قَالَ «هَلْ تَدْرِى مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ». قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ «حَقُّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلاَ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا». ثُمَّ سَارَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ «يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ». قُلْتُ لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ. فَقَالَ «هَلْ تَدْرِى مَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ إِذَا فَعَلُوهُ». قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ «حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ أَنْ لاَ يُعَذِّبَهُمْ». طرفه 2856 102 - باب إِرْدَافِ الْمَرْأَةِ خَلْفَ الرَّجُلِ 5968 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَبَّاحٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنِى يَحْيَى بْنُ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ خَيْبَرَ، وَإِنِّى لَرَدِيفُ أَبِى طَلْحَةَ وَهْوَ يَسِيرُ وَبَعْضُ نِسَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَدِيفُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ عَثَرَتِ النَّاقَةُ فَقُلْتُ الْمَرْأَةَ. فَنَزَلْتُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّهَا أُمُّكُمْ». فَشَدَدْتُ الرَّحْلَ وَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا دَنَا أَوْ رَأَى الْمَدِينَةَ قَالَ «آيِبُونَ تَائِبُونَ، عَابِدُونَ لِرَبِّنَا، حَامِدُونَ». طرفه 371 ـــــــــــــــــــــــــــــ خاطب به أمر مهم (ما حق العباد على الله؟) العبد وإن لم يستحق على الله شيئًا إلا أن المراد به ما وعده الله، والله لا يخلف الميعاد. باب إرداف المرأة خلف الرجل 5968 - روى في الباب إرداف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صفية بنت حيي، وقد تقدم بطوله في غزوة خيبر (صباح) بتشديد الباء، وكذا (عبّاد)، (وبعض نساء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) هي صفية (فعثرت الناقة فقلت: المرأةَ) بالنصب أي: عليك المرأة، وظاهر هذا أن القائل أنس (فنزلت فشددت الرحل) من كلام أبي طلحة، فيدل على أن أبا طلحة القائل، وقد سلف في غزوة خيبر أن القائل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ووجه الجمع صدور الكلام من الكل.

103 - باب الاستلقاء، ووضع الرجل على الأخرى

103 - باب الاِسْتِلْقَاءِ، وَوَضْعِ الرِّجْلِ عَلَى الأُخْرَى 5969 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ أَنَّهُ أَبْصَرَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَضْطَجِعُ فِي الْمَسْجِدِ، رَافِعًا إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الأُخْرَى. طرفه 475 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الاستلقاء ووضع الرجل على الأخرى 5969 - (عباد) بفتح العين وتشديد الباء (أبصر النبي - صلى الله عليه وسلم - يضطجع في المسجد رافعًا إحدى رجليه على الأخرى) هذا محمول على ما إذا كان ساتر يمنع الإنكشاف، والأحاديث الواردة في النهي محمولة على الانكشاف.

78 - كتاب الأدب

78 - كتاب الأدب 1 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ) 5970 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ عَيْزَارٍ أَخْبَرَنِى قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو الشَّيْبَانِىَّ يَقُولُ أَخْبَرَنَا صَاحِبُ هَذِهِ الدَّارِ - وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى دَارِ عَبْدِ اللَّهِ - قَالَ سَأَلْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَىُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ قَالَ «الصَّلاَةُ عَلَى وَقْتِهَا». قَالَ ثُمَّ أَىُّ قَالَ «ثُمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ». قَالَ ثُمَّ أَىّ قَالَ «الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ». قَالَ حَدَّثَنِى بِهِنَّ وَلَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِى. طرفه 527 ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الأدب قال الجوهري: هو مصدر أدُب بضم الدال، وأنا قد سعيت في طلب معناه فلم أجد أحدًا شفى منه، إلا أني نظرت في الأحاديث التي رواها البخاري في هذا المعنى شاملة للوجوب والندب، وما يتعلق بالمروءة والفتوة، جائز القول الفقراء التعظيم لأمر الله والشفقة على خلق الله. ثم وقفت على كلام شيخنا فيه. قال: الأدب استعمال ما يحمد قولًا وفعلًا، وقيل: هو الأخذ بمكارم الأخلاق، وقيل: الوقوف مع المستحسنات، وقيل: تعظيم ما فوقك والرفق بمن دونك، وخالصه ما ذكرته. باب قول الله عز وجل: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ} [العنكبوت: 8] 5970 - (أبو الوليد) هشام الطيالسي (العيزار) بفتح العين وسكون الياء بعده زاي معجمة (أبو عمرو الشيباني) -بفتح الشين وسكون الياء- سعد بن إياس (وأومأ إلى دار عبد الله) هو ابن مسعود حيث أطلق (أي عمل أحب إلى الله؟) أي: أشد محبوبية، والحديث تقدم في أبواب الصلاة، وموضع الدلالة هنا ذكر بر الوالدين.

2 - باب من أحق الناس بحسن الصحبة

2 - باب مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ الصُّحْبَةِ 5971 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ شُبْرُمَةَ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَقُّ بِحُسْنِ صَحَابَتِى قَالَ «أُمُّكَ». قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ «أُمُّكَ». قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ «أُمُّكَ». قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ «ثُمَّ أَبُوكَ». وَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ مِثْلَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: قوله: الصلاة على وقتها الظاهر أن يقول في وقتها؟ قلت: أشار بعلى إلى أول الوقت الذي هو رضوان الله. (ولو استزدته لزادني) لأن مراتب الأعمال لا تنحصر في عدد. فإن قلت: قدم بر الوالدين على الجهاد؟ قلت: الأمر كذلك، ولذلك يحتاج إلى إذنهما في الجهاد. باب من أحق الناس بالصحبة 5971 - (قتيبة) بضم القاف مصغر (عمارة) بضم العين وتخفيف الميم (القعقاع) بفتح القاف المكررة بينهما عين ساكنة (شبرمة) بضم الشين المعجمة وسكون [الموحدة] (جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) هذا الرجل معاوية بن حيدة، صرح به أبو داود والترمذي (من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، [قال] ثم من؟ قال: أمك). فإن قلت: شرط العطف المغايرة. قلت: الثاني أريد به التأكيد، وفيه زيادة، وهذا مطابق لكلام الله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ} [العنكبوت: 8] ثم قال: {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ} [لقمان: 14] أعاد ذكر الأم ثلاث مرات، ثم الرابعة ذكر الأب دلالة على أن مزية الأم على الأب بثلاث مراتب في مقابلة الحمل والوضع والرضاع (ثم قال ابن شبرمة ويحيى) فائدة هذا التعليق ضم يحيى إلى [ابن] شبرمة مع التصريح بالسماع الذي فيه دفع وهم التدليس.

3 - باب لا يجاهد إلا بإذن الأبوين

3 - باب لاَ يُجَاهِدُ إِلاَّ بِإِذْنِ الأَبَوَيْنِ 5972 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ وَشُعْبَةَ قَالاَ حَدَّثَنَا حَبِيبٌ ح قَالَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ حَبِيبٍ عَنْ أَبِى الْعَبَّاسِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أُجَاهِدُ. قَالَ «لَكَ أَبَوَانِ». قَالَ نَعَمْ. قَالَ «فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ». طرفه 3004 4 - باب لاَ يَسُبُّ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ 5973 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ أَنْ يَلْعَنَ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ». قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ يَلْعَنُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ قَالَ «يَسُبُّ الرَّجُلُ أَبَا الرَّجُلِ، فَيَسُبُّ أَبَاهُ، وَيَسُبُّ أَمَّهُ». ـــــــــــــــــــــــــــــ باب لا يجاهد إلا بإذن الأبوين 5972 - (حبيب) ضد العدو (أبو العباس) هو الشاعر واسمه: السائب (قال رجل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: أجاهد؟ قال: لك أبوان؟ قال: نعم، قال: ففيهما فجاهد) عطف على مقدم هو متعلق الجار أي: جاهد فيهما نحو قوله: {فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} [النحل: 51] وهذا إذا لم يكن النفير عامًا، وإلا يُرفع الإذن، والأجداد عند عدم الأبوين مثلهما والله [أعلم]. باب لا يسب الرجل والدية 5973 - (حميد بن عبد الرحمن) بضم الحاء مصغر (إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه) أي: بعض أكبر الكبائر، من تبعيضية، والمراد من اللعن مطلق السب. دل عليه آخر الحديث، ونزل السب في ذلك منزلة المباشرة، وهذا قانون شرعي كالحفر في الطريق، فإنه يوجب الضمان، ومنه بيع العنب لمن يتخذه خمرًا، والثوب الحرير لمن يلبسه.

5 - باب إجابة دعاء من بر والديه

5 - باب إِجَابَةِ دُعَاءِ مَنْ بَرَّ وَالِدَيْهِ 5974 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ قَالَ أَخْبَرَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بَيْنَمَا ثَلاَثَةُ نَفَرٍ يَتَمَاشَوْنَ أَخَذَهُمُ الْمَطَرُ، فَمَالُوا إِلَى غَارٍ فِي الْجَبَلِ، فَانْحَطَّتْ عَلَى فَمِ غَارِهِمْ صَخْرَةٌ مِنَ الْجَبَلِ، فَأَطْبَقَتْ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ انْظُرُوا أَعْمَالاً عَمِلْتُمُوهَا لِلَّهِ صَالِحَةً، فَادْعُوا اللَّهَ بِهَا لَعَلَّهُ يَفْرُجُهَا. فَقَالَ أَحَدُهُمُ اللَّهُمَّ إِنَّهُ كَانَ لِى وَالِدَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ، وَلِى صِبْيَةٌ صِغَارٌ كُنْتُ أَرْعَى عَلَيْهِمْ، فَإِذَا رُحْتُ عَلَيْهِمْ فَحَلَبْتُ بَدَأْتُ بِوَالِدَىَّ أَسْقِيهِمَا قَبْلَ وَلَدِى، وَإِنَّهُ نَاءَ بِىَ الشَّجَرُ فَمَا أَتَيْتُ حَتَّى أَمْسَيْتُ، فَوَجَدْتُهُمَا قَدْ نَامَا، فَحَلَبْتُ كَمَا كُنْتُ أَحْلُبُ، فَجِئْتُ بِالْحِلاَبِ فَقُمْتُ عِنْدَ رُءُوسِهِمَا، أَكْرَهُ أَنْ أُوقِظَهُمَا مِنْ نَوْمِهِمَا، وَأَكْرَهُ أَنْ أَبْدَأَ بِالصِّبْيَةِ قَبْلَهُمَا، وَالصِّبْيَةُ يَتَضَاغَوْنَ عِنْدَ قَدَمَىَّ، فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ دَأْبِى وَدَأْبَهُمْ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّى فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَافْرُجْ لَنَا فُرْجَةً نَرَى مِنْهَا السَّمَاءَ، فَفَرَجَ اللَّهُ لَهُمْ فُرْجَةً حَتَّى يَرَوْنَ مِنْهَا السَّمَاءَ. وَقَالَ الثَّانِى اللَّهُمَّ إِنَّهُ كَانَتْ لِى ابْنَةُ عَمٍّ، أُحِبُّهَا كَأَشَدِّ مَا يُحِبُّ الرِّجَالُ النِّسَاءَ، فَطَلَبْتُ إِلَيْهَا نَفْسَهَا، فَأَبَتْ حَتَّى آتِيَهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ، فَسَعَيْتُ حَتَّى جَمَعْتُ مِائَةَ دِينَارٍ، فَلَقِيتُهَا بِهَا، فَلَمَّا قَعَدْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا قَالَتْ يَا عَبْدَ اللَّهِ اتَّقِ اللَّهَ، وَلاَ تَفْتَحِ الْخَاتَمَ. فَقُمْتُ عَنْهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إجابة دعاء من بر الوالدين 5974 - روى في الباب حديث الغار مع ثلاثة نفر، وقد سلف في أبواب البيع في باب من اشترى لغيره، وشرحناه هناك مستوفى، ونشير إلى ملخصه هنا: (بينما ثلاثة نفر يمشون أخذهم المطر فمالوا إلى غار) هو الكهف (في الجبل، فانحطت على فم غارهم صخرة فأطبقت عليهم) أي: سدت عليهم الغار بحيث لم تبق فرجة (وإنه نأى بي الشجر يومًا) بفتح النون والمد أي: بعد، كأنه كان يرعى غنمه ورق الشجر (فجئت بالحلاب) بكسر الحاء إناء يحلب فيه (والصبية يتضاغون) بالضاد المعجمة وغين كذلك من الضغاء بالمد، وهو رفع الصوت مع الذل والاستكانة (فرجة) بضم الفاء والفتح (فلما قعدت من بين رجيلها قالت: يا عبد الله، اتق الله ولا تفتح الخاتم) بفتح الخاء من يختم به، والمراد نفس الختم، والظاهر

6 - باب عقوق الوالدين من الكبائر

اللَّهُمَّ فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّى قَدْ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ لَنَا مِنْهَا فَفَرَجَ لَهُمْ فُرْجَةً. وَقَالَ الآخَرُ اللَّهُمَّ إِنِّى كُنْتُ اسْتَأْجَرْتُ أَجِيرًا بِفَرَقِ أَرُزٍّ فَلَمَّا قَضَى عَمَلَهُ قَالَ أَعْطِنِى حَقِّى. فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ حَقَّهُ، فَتَرَكَهُ وَرَغِبَ عَنْهُ، فَلَمْ أَزَلْ أَزْرَعُهُ حَتَّى جَمَعْتُ مِنْهُ بَقَرًا وَرَاعِيَهَا، فَجَاءَنِى فَقَالَ اتَّقِ اللَّهَ وَلاَ تَظْلِمْنِى، وَأَعْطِنِى حَقِّى. فَقُلْتُ اذْهَبْ إِلَى ذَلِكَ الْبَقَرِ وَرَاعِيهَا. فَقَالَ اتَّقِ اللَّهَ وَلاَ تَهْزَأْ بِى. فَقُلْتُ إِنِّى لاَ أَهْزَأُ بِكَ، فَخُذْ ذَلِكَ الْبَقَرَ وَرَاعِيَهَا. فَأَخَذَهُ فَانْطَلَقَ بِهَا، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّى فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَافْرُجْ مَا بَقِىَ، فَفَرَجَ اللَّهُ عَنْهُمْ». طرفه 2215 6 - باب عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ مِنَ الْكَبَائِرِ قاله ابن عمرو عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. 5975 - حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ وَرَّادٍ عَنِ الْمُغِيرَةِ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ عُقُوقَ الأُمَّهَاتِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ أنها كانت بكرًا، وتكرر اللهم هنا دون الآخرين؛ لأن هذا أشد على النفس (استأجرت أجيرًا بفرق أرز) -بفتح الفاء والراء- مكيال يسع خمسة عشر صاعًا، والسؤال بأن هذا تصرف في مال الغير بغير إذنه قد أجبنا عنه هناك بأن هذا كله تبرع عن المستأجر مروءة؛ لأن الأجير ما لم يقبض الأجرة لا يملكها، ودلالة الحديث على الترجمة ظاهرة. باب عقوق الوالدين من الكبائر (قال عبد الله بن عمرو بن العاص) ما رواه عنه تعليقًا رواه مسندًا عنه في الأيمان والنذور مع زيادة يمين الغموس. 5975 - (شيبان) بفتح الشين وسكون المثناة (ابن المسيب) بفتح الياء المشددة (ورّاد) بتشديد الراء (إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات) العقوق من العق وهو القطع، فإنه يقطع ما كان واجبًا عليه، والعقوق له عرض عريض أدناه ما قاله تعالى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: 23]. وخص الأمهات بالذكر بعد أن قرن الله ذكر الوالدين في القرآن إشارة إلى مزيد حقوقهن

وَمَنْعَ وَهَاتِ، وَوَأْدَ الْبَنَاتِ، وَكَرِهَ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ». طرفه 844 5976 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْوَاسِطِىُّ عَنِ الْجُرَيْرِىِّ عَنْ عَبْدِ ـــــــــــــــــــــــــــــ كما أشير إليه هناك بقوله تعالى: {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ} [لقمان: 14]. (ومنعًا وهات) أي: عن معنى هذين القولين، ولذا جاز عطف هات مع كونه إنشاء، ويروى بلفظ الفعل منع وهات، ومحصله ما ذكرناه من أن يكون صدور المنع والعطاء من الشهوة دون أمر الشارع ونهيه (ووأد البنات) دفن البنات أحياء كما كانوا عليه في الجاهلية. قيل: أول من وأد: قيس بن عاصم التميمي أسرت ابنة له ثم أفتداها، فاختارت الذي سباها فآلى على نفسه أن لا تولد له بنت إلا وأدها، وكانوا يفعلون ذلك إما خشية العار أو الفقر. (وكره لكم قيل وقال) قال ابن الأثير: فعلان لاشتمالهما على الضمير، وأما ما يروى من إدخال اللام عليهما فلإجرائهما مجرى الاسمين، والمعنى: النهي عن الخوض في الكلام من غير تيقن كما يفعله أهل المجلس من قيل كذا، وقال فلان: كذا قوله - صلى الله عليه وسلم - قال: "كفى بالمرء إثمًا أن يتحدث بكل ما سمع"، وقال أبو عبيد: القيل والقال مصدران، قال: وكثرة السؤال فيما [لا] ضرورة إليه كما أشير إليه في قوله تعالى: {لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101]. (وإضاعة المال) فيما لا فائدة فيه، قال ابن الأثير: هو إنفاقه في غير طاعة الله والإسراف والتبذير، قلت: ليس منحصرًا في ذلك؛ بل إفساد الدواب والرقيق بعدم الرعاية والقيام بحالها أشد إضاعة. 5976 - (إسحاق) كذا وقع غير منسوب، واتفقوا على أنه الواسطي أبو بشر، إسحاق بن شاهين هو الراوي عن خالد الطحان (عن الجريري) بضم الجيم مصغر منسوب واسمه سعيد، نسبة إلى جده جرير بن عتاد -بضم العين وتاء مخففة من فوق- من بني

الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ». قُلْنَا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ». وَكَانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ فَقَالَ «أَلاَ وَقَوْلُ الزُّورِ وَشَهَادَةُ الزُّورِ، أَلاَ وَقَوْلُ الزُّورِ وَشَهَادَةُ الزُّورِ». فَمَا زَالَ يَقُولُهَا حَتَّى قُلْتُ لاَ يَسْكُتُ. طرفه 2654 5977 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى بَكْرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْكَبَائِرَ، أَوْ سُئِلَ عَنِ الْكَبَائِرِ فَقَالَ «الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ». فَقَالَ «أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ - قَالَ - قَوْلُ الزُّورِ - أَوْ قَالَ - شَهَادَةُ الزُّورِ». قَالَ شُعْبَةُ وَأَكْثَرُ ظَنِّى أَنَّهُ قَالَ «شَهَادَةُ الزُّورِ». طرفه 2653 ـــــــــــــــــــــــــــــ وائل (وكان متكئًا فجلس وقال: ألا وقول الزور فما زال يكررها حتى قلت: لا يسكت) وفي رواية أخرى: ليته سكت خوفًا من غضبه. فإن قلت: قال أولًا: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ الشرك" ثم قال ثانيًا: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قول الزور" قلت: أفعل التفضيل لا يستلزم أن يكون المفضل واحدًا بالشخص، بل قد يراد الزيادة المطلقة عند الإضافة، وقد أجاب بعضهم بأن المراد من قول الزور هو الكفر لأن الكافر شاهد الزور، أو محمول على المستحل، وليسا بشيء لأن الشارع بصدد التحذير والتنفير عن قول الزور. فإن قلت: الشرك أكبر من شهادة الزور، وكذا عقوق الوالدين فلِمَ بالغ في قول الزور دونهما؟ قلت: لكثرة وقوعه وتعدد طرقه واختلاف محاله، وكون أكثرها حقوق العباد من العرض والمال والدم، وعطف شهادة الزور على قول الزور قيل: هو من باب التأكيد. قلت: بل من عطف الخاص على العام زيادة في التحذير، ثم لا يخفى عليك أن مراتب قول الزور متفاوتة، ألا ترى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الكذب عليّ ليس كالكذب على أحد".

7 - باب صلة الوالد المشرك

7 - باب صِلَةِ الْوَالِدِ الْمُشْرِكِ 5978 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ أَخْبَرَنِى أَبِى أَخْبَرَتْنِى أَسْمَاءُ ابْنَةُ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما - قَالَتْ أَتَتْنِى أُمِّى رَاغِبَةً فِي عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - آصِلُهَا قَالَ «نَعَمْ». قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا (لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ). طرفه 2620 8 - باب صِلَةِ الْمَرْأَةِ أُمَّهَا وَلَهَا زَوْجٌ 5979 - وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى هِشَامٌ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ قَدِمَتْ أُمِّى وَهْىَ مُشْرِكَةٌ فِي عَهْدِ قُرَيْشٍ وَمُدَّتِهِمْ، إِذْ عَاهَدُوا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - مَعَ أَبِيهَا، فَاسْتَفْتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ إِنَّ أُمِّى قَدِمَتْ وَهْىَ رَاغِبَةٌ {أَفَأَصِلُهَا} قَالَ «نَعَمْ صِلِى أُمَّكِ». طرفه 2620 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب صلة الوالد المشرك من إضافة المصدر إلى الفاعل، ونصب المشرك الوالد من إضافة المصدر إلى المفعول. 5979 - روى في الباب حديث أسماء بنت أبي بكر أن أمها قدمت في مدة العهد، قيل: اسم أمها: قيلة أو قيلة، وهل كانت أمها نسبًا أو رضاعًا؟ قولان، وهل أسلمت أم لا؟ قولان، جزم ابن عبد البر بأنها أمها نسبًا بنت عبد العزى بن أسعد التي قدمت في الوالدة كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صالح فيها قريشًا، وقد سلف الحديث في أبواب الهبة، ومحصله جواز صلة المسلم والده المشرك بالآية والحديث، وقد استدل على الوجوب بقوله تعالى: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 15] وفيه ضعف (وهي راغبة) أي: في العطاء، أو راغبة عن الإسلام غير قابلة له، ويروى راغمة بالميم. قيل: إن قيد قولها بأنها مشركة أو جاءت في عهد قريش، فالمعنى راغبة عن الإسلام، وإن لم يقيد فمعناه أنها راغبة في الإسلام. قلت: هذا الشق لغو إذا كانت راغبة في الإسلام لم يكن لاستئذان أسماء في صلتها وجه.

9 - باب صلة الأخ المشرك

5980 - حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ أَخْبَرَهُ أَنَّ هِرَقْلَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ فَقَالَ يَعْنِى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَأْمُرُنَا بِالصَّلاَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْعَفَافِ وَالصِّلَةِ. طرفه 7 9 - باب صِلَةِ الأَخِ الْمُشْرِكِ 5981 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَقُولُ رَأَى عُمَرُ حُلَّةَ سِيَرَاءَ تُبَاعُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْتَعْ هَذِهِ، وَالْبَسْهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَإِذَا جَاءَكَ الْوُفُودُ. قَالَ «إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذِهِ مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ». فَأُتِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْهَا بِحُلَلٍ، فَأَرْسَلَ إِلَى عُمَرَ بِحُلَّةٍ فَقَالَ كَيْفَ أَلْبَسُهَا وَقَدْ قُلْتَ فِيهَا مَا قُلْتَ قَالَ «إِنِّى لَمْ أُعْطِكَهَا لِتَلْبَسَهَا، وَلَكِنْ تَبِيعُهَا أَوْ تَكْسُوهَا». فَأَرْسَلَ بِهَا عُمَرُ إِلَى أَخٍ لَهُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ. طرفه 886 10 - باب فَضْلِ صِلَةِ الرَّحِمِ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب صلة الأخ المشرك 5981 - روى في الباب حديث عمر لما قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اشتر هذه الحلة (حلة سيراء) -بكسر السين- ما فيها خطوط كالسيور (فقال: إنما يلبس هذه من لا خلاق له) أي: لا نصيب له في الجنة، أي: ليس هذا من ملابس المؤمنين، بل ملبوس الكفار، أو لا نصيب له كامل، ثم جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حلل فأرسل منها واحدة لعمر، فقال عمر: كيف أرسلت إليَّ وقد قلت فيها ما قلت؟ فأجابه بأنه لا يلزم من إرسالها جواز لبسها، فأرسل عمر إلى أخ له بمكة مشرك (قبل أن يسلم) وقوله: قبل أن يسلم يدل على أنه أسلم بعد ذلك. قيل: هو عثمان بن حكيم، ولم يكن أخًا له، بل لأخيه زيد بن الخطاب، وقال النسائي: أخو عمر من أمه. باب فضل صلة الرحم قال ابن الأثير: صلة الرحم كناية عن الإحسان إلى الأقربين من ذوي النسب والأصهار والرفق بهم، وإن أساؤوا وتعدوا. قلت: قوله: الأقربين ليس كذلك، والصواب العموم في الأقارب بعدًا وقربًا. الدليل عليه قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث: "استوصوا بأهل مصر خيرًا، فإن لهم

5982 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ عُثْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ مُوسَى بْنَ طَلْحَةَ عَنْ أَبِى أَيُّوبَ قَالَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِى بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِى الْجَنَّةَ. 5983 - حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا بَهْزٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا ابْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ وَأَبُوهُ عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُمَا سَمِعَا مُوسَى بْنَ طَلْحَةَ عَنْ أَبِى أَيُّوبَ الأَنْصَارِىِّ - رضى الله عنه أَنَّ رَجُلاً قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِى بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِى الْجَنَّةَ. فَقَالَ الْقَوْمُ مَالَهُ مَالَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَرَبٌ مَالَهُ». فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «تَعْبُدُ اللَّهَ لاَ تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلاَةَ، وَتُؤْتِى الزَّكَاةَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ، ذَرْهَا». قَالَ كَأَنَّهُ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ. طرفه 1396 ـــــــــــــــــــــــــــــ ذمة ورحمًا"، وإنما أراد كون هاجر أم إسماعيل من مصر وللصلة عرض عريض أدناها السلام على الحاضر والغائب ولا حد لأعلاها. 5983 - (أبو أيوب) الأنصاري خالد بن زيد (بهز) بفتح الباء آخره زاي معجمة (موهب) بفتح الميم والهاء (أن رجلًا قال يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أخبرني بعمل يدخلني الجنة؟)، (فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أرب ماله) قال ابن الأثير: هذه الكلمة تروى على وجوه ثلاثة: الأولى: أرِب على وزن علم من أرب فلان، أي: سقطت أرابه، أي: أغراء، دعا عليه، ولم يرد حقيقة الدعاء، بل هو مثل قوله: تربت يداك، ورغم أنفه، وقيل: احتياج من الأربة. والوجه الثاني: أرَب على وزن فرس أي: حاجة له، وما على الأول استفهامية، وعلى الثاني زائدة كأنه قيل: له حاجة، ويجوز ألا تكون زائدة كأنه قيل: حاجة ما جاءت به. ثم قال: والوجه الثالث: أرب على وزن كتف أي: رجل حاذق ولذلك سأل هذا السؤال، ثم قال: "ماله" (كأنه كان على راحلته) الضمير لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإنه جاء في رواية أن سائلًا أخذ بزمام ناقته حين سأله.

11 - باب إثم القاطع

11 - باب إِثْمِ الْقَاطِعِ 5984 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ إِنَّ جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعٌ». 12 - باب مَنْ بُسِطَ لَهُ فِي الرِّزْقِ بِصِلَةِ الرَّحِمِ 5985 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْنٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، وَأَنْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ». ـــــــــــــــــــــــــــــ 5984 - (بكير) بضم الباء مصغر، وكذا: (عقيل)، (مطعِم) بكسر العين (لا يدخل الجنة قاطع) أي: قاطع الرحم، قال النووي: في هذا ونظائره تأويلان: أحدهما: أن لا يدخل مع السابقين. والثاني: أن يكون مستحلًا. باب من بسط له في الرزق بصلة الرحم 5985 - (معن) بفتح الميم وسكون العين (من سره أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه) الأثر -بفتح الهمزة- الأجل لا في أثر الشخص، والإنساء: التأخير، وعليه سؤال مشهور، وهو أن الأجل لا يؤخر بنص القرآن، وله أجوبة: الأول: أن المراد به البركة فيه وهو الحياة الطيبة والتوفيق للطاعات. الثاني: أن ذلك بالنظر إلى علم ملائكة، وهذا أحد الوجوه في تفسير قوله تعالى: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [الرعد: 39] الثالث: أن المراد به الذكر الجميل. قال أبو الطيب. ذكر الفتى عمره الثاني

13 - باب من وصل وصله الله

5986 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ». طرفه 2067 13 - باب مَنْ وَصَلَ وَصَلَهُ اللَّهُ 5987 - حَدَّثَنِى بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِى مُزَرِّدٍ قَالَ سَمِعْتُ عَمِّى سَعِيدَ بْنَ يَسَارٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ خَلْقِهِ، قَالَتِ الرَّحِمُ هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنَ الْقَطِيعَةِ. قَالَ نَعَمْ أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ. وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ. قَالَتْ بَلَى يَا رَبِّ. قَالَ فَهْوَ لَكِ». قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ). طرفه 4830 5988 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من وصل وصله الله 5987 - (بشر) بكسر الموحدة (مزرد) بالمعجمة بعدها مهملة مشددة (خلق الله الخلق حتى إذا فرغ من خلقه) كلام على طريق المثل بحال من يكون في شغل ثم يفرغ منه وذلك لأنه تعالى لا يشغله شأن عن شأن، وكذا قوله: (قالت الرحم هذا مقام العائذ بك من القطيعة) قال القاضي: وهذا التأويل لازم؛ لأن الرحم معنى من المعاني التي لا يتأتى منها الكلام، فالمراد عظم شأن الرحم، والقائل ملك من الملائكة، وهذا الذي قاله تكلف لا داعي إليه، وذلك أنه جعل الأعراض في صور الأجسام أمر ممكن قال به أهل الحق في وزن الأعمال، فالحق إجراء الكلام على ظاهره فيه فخامة المعنى، ودليل ما هو قدرته تعالى. 5988 - (مخلد) بفتح الميم وخاء معجمة (عن النبي - صلى الله عليه وسلم -[قال] الرحم شجنة من الرحمن) الشجنة -بالحركات الثلاث في الشين بعده جيم- غصن من أغصان الشجر، والكلام على طريق المثل أي: قرابته مشبكة كأغصان الشجر، وقوله: من الرحمن صفة له أي: كائنة منه ونعمة من نعم الله، فإن عز الإنسان بعشيرته قال الأعشى:

14 - باب يبل الرحم ببلالها

أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ الرَّحِمَ سُجْنَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ اللَّهُ مَنْ وَصَلَكِ وَصَلْتُهُ، وَمَنْ قَطَعَكِ قَطَعْتُهُ». 5989 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ قَالَ أَخْبَرَنِى مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِى مُزَرِّدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الرَّحِمُ شِجْنَةٌ، فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلْتُهُ، وَمَنْ قَطَعَهَا قَطَعْتُهُ». 14 - باب يَبُلُّ الرَّحِمَ بِبَلاَلِهَا 5990 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِى خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِى حَازِمٍ أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - جِهَارًا غَيْرَ سِرٍّ يَقُولُ «إِنَّ آلَ أَبِى» - قَالَ عَمْرٌو فِي كِتَابِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ بَيَاضٌ - لَيْسُوا بِأَوْلِيَائِى، إِنَّمَا وَلِيِّىَ اللَّهُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ولست بالأكثر منهم حصىً ... وإنما العزة للكاثر وقيل: معناه مشتقة من هذا الاسم الذي يدل على الرقة والتعطف، فعلى الإنسان أن يتخلق به (أما ترضين أن من وصلك وصلته) بكسر الكاف أي: وصلته بالجنة التي هي أعظم المطالب (ومن قطعك قطعته) بالحرمان، وقد سلف منا أن صلة الرحم هي الإحسان على ذوي القربى بكل وجه أمكن، وإن كان في تحصيل العلم بكيفية إرسال الكتاب إليهم، ودلت الأحاديث على أن قطع الرحم من الكبائر. باب تبل الرحم ببلالها 5990 - (عمرو بن عباس) بالموحدة وسين مهملة (أبي حازم) بالحاء المهملة (إن آل أبي -قال عمرو: في كتاب محمد بن جعفر بياض ليسوا بأوليائي) كأن البياض إنما بقي لتوقفه في المضاف إليه لفظ الأب، وفي رواية مسلم: "يعني فلانًا كناية عن الذي يضاف إليه الأب، قيل: ذلك هو الحكم بن العاص، وقيل: أمية، وفي رواية أبي نعيم "إن آل أبي طالب ليسوا بأوليائي" فإن صح الحديث فالمراد أبو طالب، ولفظ الآل معجم كما في قوله: "اللهم صل

15 - باب ليس الواصل بالمكافئ

زَادَ عَنْبَسَةُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ عَنْ بَيَانٍ عَنْ قَيْسٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - «وَلَكِنْ لَهُمْ رَحِمٌ أَبُلُّهَا بِبَلاَلِهَا». يَعْنِى أَصِلُهَا بِصِلَتِهَا. 15 - باب لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئ 5991 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ وَالْحَسَنِ بْنِ عَمْرٍو وَفِطْرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - وَقَالَ سُفْيَانُ لَمْ يَرْفَعْهُ الأَعْمَشُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَرَفَعَهُ حَسَنٌ وَفِطْرٌ - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ، وَلَكِنِ الْوَاصِلُ الَّذِى إِذَا قَطَعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا». ـــــــــــــــــــــــــــــ على [آل] أبي أوفى" وحديث أبي موسى: لقد أعطيت مزمارًا من مزامير آل داود، وراوي الحديث عمرو بن العاص، وحاله مع علي معروف، وقوله: (جهارًا) حال من النبي - صلى الله عليه وسلم - لا من عمرو، والمراد من نفي الولاية في القرب والاختصاص إن كانوا مؤمنين، ولذلك قيد جانب الإثبات بصالح المؤمنين. وإن كانوا كفارًا، فالمراد سلب الولاية في الدين. (عنبسة) بفتح العين وسكون النون (بيان) بفتح الباء بعدها مثناة (ولكن لهم رحم أبلها ببلالها قال أبو عبد الله: ببلالها أجود) قال ابن الأثير: البلال -بفتح الباء وكسرها- النداوة مستعار لصلة الرحم، وذلك أن النداوة تسبب التلاحق والاتصال، كما أن اليبس يسبب التجافي والتفرق، وببلالها لا أعرف له وجهًا قيل: ربما كان الوجه فيه أن البلال لفظ مشترك بين النعمة والنقمة، فأريد به الأول كناية عن الصلة. باب ليس الواصل بالمكافئ 5991 - هذا بعض حديث الباب، وآخره: (إنما الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها) والمراد نفي الكمال، إنما الكمال في أن تصل من قطعك، والكلام على طريقة القلب. أي: ليس المكافئ بواصل؛ لأن المراد إخراج المكافئ عن زمرة الواصلين، وفائدة القلب المبالغة كما لا يخفى في المكافئ، أيضًا لا يدخل تحت وعيد القاطع (سفيان) في السند هو الثوري (وفطر) -بكسر الفاء- ابن خليفة.

16 - باب من وصل رحمه فى الشرك ثم أسلم

16 - باب مَنْ وَصَلَ رَحِمَهُ فِي الشِّرْكِ ثُمَّ أَسْلَمَ 5992 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ أُمُورًا كُنْتُ أَتَحَنَّثُ بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ صِلَةٍ وَعَتَاقَةٍ وَصَدَقَةٍ، هَلْ لِى فِيهَا مِنْ أَجْرٍ. قَالَ حَكِيمٌ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْ خَيْرٍ». وَيُقَالُ أَيْضًا عَنْ أَبِى الْيَمَانِ أَتَحَنَّثُ. وَقَالَ مَعْمَرٌ وَصَالِحٌ وَابْنُ الْمُسَافِرِ أَتَحَنَّثُ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ التَّحَنُّثُ التَّبَرُّرُ، وَتَابَعَهُمْ هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ. طرفه 1436 17 - باب مَنْ تَرَكَ صَبِيَّةَ غَيْرِهِ حَتَّى تَلْعَبَ بِهِ أَوْ قَبَّلَهَا أَوْ مَازَحَهَا 5993 - حَدَّثَنَا حِبَّانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ خَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أُمِّ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من وصل في الشرك رحمه ثم أسلم 5992 - روى في الباب حديث حكيم بن حزام أنه سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أرأيت أمورًا كنت أتحنث بها) الحنث: الإثم، معناه: كنت أدفع بها الإثم عن نفسي، فالمراد لازمه أي: كنت أتعبد بها (قال: أسلمت على ما أسلفت) قيل معناه: أن دلك على الخير ذلك الإسلام، وصار سببًا له، وذلك أن عمل المشرك لا يعتد به في الشرك، والصواب أنه أراد أن ذلك محسوب لك لقوله في الحديث الآخر: "إذا أسلم الكافر وحسن إسلامه -أي: لم يكن إسلامه على نفاق- كتب الله له كل حسنة كان زلفها" أي: قدمها، وإنما لا يعتد بعمل الكافر إذا مات على كفره (وقال أيضًا عن أبي اليمان: أتحنث) بالمثناة فوق بدل الثاء المثلثة، ولا معنى له إلا أن تكون التاء المثناة بدلًا عن المثلثة، وقيل: كلاهما بلفظ المثلثة إلا أنه في الطريق الأول بزيادة لفظ: كنت. باب من ترك صبية غيره حتى تلعب به أو قبّلها أو مازحها 5993 - (حبان) بكسر الحاء والباء الموحدة، وهو ابن موسى، روى في الباب حديث أم خالد بنت سعيد بن العاص أنها جاءت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليها قميص أصفر، فقال لها

18 - باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته

خَالِدٍ بِنْتِ خَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَتْ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَعَ أَبِى وَعَلَىَّ قَمِيصٌ أَصْفَرُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «سَنَهْ سَنَهْ». قَالَ عَبْدُ اللَّهِ وَهْىَ بِالْحَبَشِيَّةِ حَسَنَةٌ. قَالَتْ فَذَهَبْتُ أَلْعَبُ بِخَاتَمِ النُّبُوَّةِ، فَزَجَرَنِى أَبِى. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «دَعْهَا». ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَبْلِى وَأَخْلِقِى، ثُمَّ أَبْلِى وَأَخْلِقِى، ثُمَّ أَبْلِى وَأَخْلِقِى». قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَبَقِيَتْ حَتَّى ذَكَرَ. يَعْنِى مِنْ بَقَائِهَا. طرفه 3071 18 - باب رَحْمَةِ الْوَلَدِ وَتَقْبِيلِهِ وَمُعَانَقَتِهِ وَقَالَ ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ أَخَذَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِبْرَاهِيمَ، فَقَبَّلَهُ وَشَمَّهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (هذا سناه وهو بلغة الحبشة حسن) وقد سلف حديثها مرارًا، وفي الرواية الأخرى: أنه كساها خميصة وقال فيها: "سناه" وأشرنا إلى أنه يجوز الجمع (فذهبت [ألعب] بخاتم النبوة فزبرني أبي) بالزاي المعجمة أي: نهرني وزجرني، وموضع الدلالة على الترجمة ظاهر، ومعنى قوله: أبْلِي أي: اجعليه باليًا وهو أبلغ من (أخلقي) أي: اجعليه خلقًا أي: عتيقًا، وفي بعضها بالفاء أي: اجعلي له خلفًا أي: بدلًا، قيل: ثم في قوله: "ثم أبلي وأخلقي" بمعنى الواو، وردّ بأن الإبلاء بعد الخلق، وهذا الرد ليس بصواب بعد ثم ليس المراد الذي قبل ثم، بل إبلاء ثوب آخر، ولذلك أردفه بقوله: "وأخلقي" والصواب أن ثم بمعنى التراخي أي: بعدما أبليت الثوب الأول وأخلقته أي: أبلي ثوبًا آخر وأخلقيه، وكذا على الاستمرار (فبقيتُ حتى ذكرت) بالذال المعجمة في بناء المجهول أي: بقيت أم خالد دهرًا طويلًا حتى ذكر بين الناس طول عمرها يدل بدعاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفي رواية ابن السكن "دكن" بفتح الدال المهملة وكسر الكاف، والدكنة لون أغبر أي: بقي ذلك القميص زمانًا حتى تغير لونه، وهذا وإن قبله الشراح، فعندي أنه تصحيف لأنه مخالف لغرض الشارع، فإن غرضه طول عمرها وإخلاق أمثاله من القميص، ولم يذكر التقبيل كما في الترجمة كأنه لم يظفر به، وكأنه قاسه على الملاعبة. باب رحمة الولد وتقبيله تعليق أنس: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل إبراهيم وشمَّه سلف في أبواب الجنائز مسندًا.

5994 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا مَهْدِىٌّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى يَعْقُوبَ عَنِ ابْنِ أَبِى نُعْمٍ قَالَ كُنْتُ شَاهِدًا لاِبْنِ عُمَرَ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ دَمِ الْبَعُوضِ. فَقَالَ مِمَّنْ أَنْتَ فَقَالَ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ. قَالَ انْظُرُوا إِلَى هَذَا، يَسْأَلُنِى عَنْ دَمِ الْبَعُوضِ وَقَدْ قَتَلُوا ابْنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَسَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «هُمَا رَيْحَانَتَاىَ مِنَ الدُّنْيَا». طرفه 3753 5995 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى بَكْرٍ أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حَدَّثَتْهُ قَالَتْ جَاءَتْنِى امْرَأَةٌ مَعَهَا ابْنَتَانِ تَسْأَلُنِى، فَلَمْ تَجِدْ عِنْدِى غَيْرَ تَمْرَةٍ وَاحِدَةٍ، فَأَعْطَيْتُهَا، فَقَسَمَتْهَا بَيْنَ ابْنَتَيْهَا، ثُمَّ قَامَتْ فَخَرَجَتْ، فَدَخَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَحَدَّثْتُهُ فَقَالَ «مَنْ يَلِى مِنْ هَذِهِ الْبَنَاتِ ـــــــــــــــــــــــــــــ 5994 - (ابن أبي يعقوب عن ابن أبي نعم) بضم النون وسكون العين، قال أبو نعيم: كان عبد الرحمن بن أبي نعم لا يأكل خمسة عشر يومًا (كنت شاهدًا لابن عمر وسأله رجل عن دم البعوض) وفي مناقب الحسن والحسين: الذباب، بدل البعوض، وفيه تسامح في إطلاق اسم أحدهما على الآخر (وقد قتلوا ابن النبي) يريد الحسين بن علي (وسمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقوم: هما ريحانتاي من الدنيا) الضمير للحسن والحسين، والريحان هو هذا النبت المعروف المشموم، وحمله على الرزق بناء على أن الريحان جاء بمعنى الرزق لا وجه له هنا، ولفظ التثنية يأباه أيضًا، ويروى بتشديد الياء على وزن ألف التثنية قلبث ياء وأدغمت في ياء الإضافة. 5995 - (من يلي من هذه البنات) قال القاضي: يروى بفتح الياء المثناة تحت, والصواب ضم الباء الموحدة. قلت: الأمر كذلك إذ هو من بلوت, وفي رواية "ابتلي" وهو ظاهر. فإن قلت: في رواية مسلم عن عائشة: معها بنتان فأعطتها ثلاث تمرات فأعطت كل واحدة واحدة ورفعت إحداها إلى فيها، ثم لم تأكلها فشقتها نصفين فأعطت كل واحدة شقاقها؟ قلت: الظاهر تعدُّد القصة, وقيل: لم تجد أولًا إلا تمرة , ثم وجدت غيرها،

شَيْئًا فَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنَ النَّارِ». طرفه 1418 5996 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْمَقْبُرِىُّ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ سُلَيْمٍ حَدَّثَنَا أَبُو قَتَادَةَ قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأُمَامَةُ بِنْتُ أَبِى الْعَاصِ عَلَى عَاتِقِهِ، فَصَلَّى فَإِذَا رَكَعَ وَضَعَهَا، وَإِذَا رَفَعَ رَفَعَهَا. طرفه 516 5997 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَبَّلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْحَسَنَ بْنَ عَلِىٍّ وَعِنْدَهُ الأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِىُّ جَالِسًا. فَقَالَ الأَقْرَعُ إِنَّ لِى عَشَرَةً مِنَ الْوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ مِنْهُمْ أَحَدًا. فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قَالَ «مَنْ لاَ يَرْحَمُ لاَ يُرْحَمُ». 5998 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ جَاءَ أَعْرَابِىٌّ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ تُقَبِّلُونَ الصِّبْيَانَ فَمَا نُقَبِّلُهُمْ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَوَ أَمْلِكُ لَكَ أَنْ نَزَعَ اللَّهُ مِنْ قَلْبِكَ الرَّحْمَةَ». ـــــــــــــــــــــــــــــ وسياق الحديث يأباه (فأحسنَ إليهن) بالرعاية في التأديب والبر (كن له سترًا من النار) أي: حجابًا، وذلك لأن النفوس تنفر منهن، ولعجزهن عن القيام بحالهن في الأكثر. 5997 - (الأقرع بن حابس) بفتح الهمزة والراء، أحد المؤلفة قلوبهم، وفيه وقومه نزل قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} [الحجرات: 4] (إن لي من الولد عشرة ما قَبَّلت منهم أحدًا) فرد عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله: (من لا يرحم [لايرحم]) يروى بفتح الياء في الأول وبالضم في الثاني على بناء المجهول في الفعلين على الإخبار، وبالجزم على أن عن شرطية، وإنما عمم في الرد عليه لئلا يواجه بما يكره. 5998 - (جاء أعرابي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -) الأعراب سكان البوادي، وهذا الأعرابي يحتمل أن يكون الأقرع بن حابس, وأن يكون غيره (فقال: تقبلون الصبيان؟ فما نقيلهم، فقال: أوَ أملك لك أن نزع الله من قلبك الرحمة) الهمزة داخلة على مقدر أي: القول هذا، وفي رواية مسلم "وأملك" بدون الهمزة ولا بد من تقديرها؛ لأن المعنى على الاستفهام الإنكاري.

19 - باب جعل الله الرحمة مائة جزء

5999 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنِى زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - سَبْىٌ، فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنَ السَّبْىِ قَدْ تَحْلُبُ ثَدْيَهَا تَسْقِى، إِذَا وَجَدَتْ صَبِيًّا فِي السَّبْىِ أَخَذَتْهُ فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا وَأَرْضَعَتْهُ، فَقَالَ لَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَتَرَوْنَ هَذِهِ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي النَّارِ». قُلْنَا لاَ وَهْىَ تَقْدِرُ عَلَى أَنْ لاَ تَطْرَحَهُ. فَقَالَ «اللَّهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا». 19 - باب جَعَلَ اللَّهُ الرَّحْمَةَ مِائَةَ جُزْءٍ 6000 - حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «جَعَلَ اللَّهُ الرَّحْمَةَ مِائَةَ جُزْءٍ، فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ جُزْءًا، وَأَنْزَلَ فِي الأَرْضِ جُزْءًا وَاحِدًا، فَمِنْ ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 5999 - (ابن أبي مريم) اسمه سعيد (أبو غسان) -بفتح المعجمة وتشديد المهملة- محمد بن مطرف (رأى امرأة تحلب ثديها) أي: تسيل الحليب منه على وزن تكسر بالتشديد، وفي رواية: "تحلب" بفتح التاء وضم اللام على وزن تنصر (الله أرحم بعباده من هذه بولدها) أي: عباده المؤمنين لقوله تعالى: {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (43)} [الأحزاب: 43] ويجوز حمله على العموم ولذلك أرسل الرسل وبين الشرائع، واللام في الله مفتوحة جواب قسم، وفي رواية الإسماعيلي "والله الله أرحم بعباده منها" وفي رواية أنها وجدت صبيًّا فالتزمته على بطنها، وفي أخرى: "كلما وجدت". باب جعل الله الرحمه [في] مئة جزء 6000 - هذه الترجمة بعض حديث الباب، وتمامه: (فأمسك عنده تسعة وتسعين جزءًا، وأنزل من السماء في الأرض جزءًا واحدًا) الرحمة لغة: رقة القلب، والمراد لازمها وهو إيصال الخبر والبر، والمراد بالإنزال خلقها في أهل الأرض؛ لأن الأعراض لا تقبل الانتقال، والمراد بالخلق: التقدير، والمراد بيان سعة رحمته لا الحصر في المئة، وإنما صور الكلام تفهيمًا لتلك الرحمة الواسعة، يدل عليه ما في رواية مسلم: "كل رحمة طباق ما بين السماء والأرض". وما يقال: توجيه خصوصية هذا العدد -أعني: المائة- بأن درجات

20 - باب قتل الولد خشية أن يأكل معه

الْجُزْءِ يَتَرَاحَمُ الْخَلْقُ، حَتَّى تَرْفَعَ الْفَرَسُ حَافِرَهَا عَنْ وَلَدِهَا خَشْيَةَ أَنْ تُصِيبَهُ». طرفه 6469 20 - باب قَتْلِ الْوَلَدِ خَشْيَةَ أَنْ يَأْكُلَ مَعَهُ 6001 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَىُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ قَالَ «أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهْوَ خَلَقَكَ». ثُمَّ قَالَ أَىُّ قَالَ «أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ خَشْيَةَ أَنْ يَأْكُلَ مَعَكَ». ـــــــــــــــــــــــــــــ الجنة مئة، ففي مقابلة كل درجة رحمة، فلا يُعَول عليه؛ لأن المئة المذكورة في عدد درجات الجنة مقيدة بالمجاهدين كما تقدم، وأما ما عداها فلا تنحصر في عدد، الدليل على ذلك ما رواه أبو داود والترمذي والإمام أحمد والنسائي: "يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارق فإن منزلك عند آخر آية تقرؤها". قال بعض الشارحين: فإن قلت: رحمته تعالى غير متناهية لا مئة ولا مئتان؟ قلت: الرحمة عبارة عن القدرة المتعلقة بإيصال الخير، والقدرة واحدة، والتعلق غير متناه، وهذا الذي قاله -مع أنه لا يدفع الإشكال- فاسد في نفسه، فإن الرحمة عبارة عن صفة فعلية فهو إيصال الخير، والقدرة صفة ذاتية كما قرر في موضعه، ولو جعلت مجازًا فإنما تكون مجازًا عن إرادة الخير كما ذكره المحققون في تفسير قوله تعالى: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 3]. باب قتل الولد خشية أن يأكل معه 6001 - (أبو وائل) شقيق بن سلمة (شرحبيل) بضم الشين المعجمة وكسر الموحدة، روى في الباب حديث ابن مسعود أنه سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أي الذنب أعظم عند الله؟) وقد سلف مرارًا، وموضع الدلالة قوله: (أن تقتل ولدك خشية أن يأكل معك)،

21 - باب وضع الصبى فى الحجر

قَالَ ثُمَّ أَىُّ قَالَ «أَنْ تُزَانِىَ حَلِيلَةَ جَارِكَ». وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَ قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - (وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ). طرفه 4477 21 - باب وَضْعِ الصَّبِىِّ فِي الْحِجْرِ 6002 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ هِشَامٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَضَعَ صَبِيًّا فِي حِجْرِهِ يُحَنِّكُهُ، فَبَالَ عَلَيْهِ، فَدَعَا بِمَاءٍ فَأَتْبَعَهُ. طرفه 222 22 - باب وَضْعِ الصَّبِىِّ عَلَى الْفَخِذِ 6003 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَارِمٌ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا تَمِيمَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ النَّهْدِىِّ يُحَدِّثُهُ أَبُو ـــــــــــــــــــــــــــــ (أن تزاني حليلة جارك) قيل: أراد زوجته، وعندي أن الحليلة أعم، تشمل المنكوحة والمملوكة (فأنزل الله تصديق قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ (68)} [الفرقان: 68]. فإن قلت: الآية ليس فيها ذكر قتل الولد، ولا الزنى بحليلة الجار؟ قلت: مطلق قتل النفس وفعل الزنى يشملان قتل الولد والزنى بحليلة الجار. فإن قلت: الكلام في أعظم الذنوب، ولا دلالة على ذلك في الآية؟ قلت: قوله تعالى في آخر الآية {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ} [الفرقان: 68 - 69] يدل على عظمته، وقد أشرنا أن المراد أعظم الذنوب، فلا ينافي الزيادة عليها كشهادة الزور. باب وضع الصبي في الحجر بفتح الحاء وكسرها لغتان: طرف الثوب. 6002 - روى عن عائشة أن رسول - صلى الله عليه وسلم - أتي بصبي فرضعه في حجره فحنكه، الرواية بتشديد النون، ويجوز تخفيفه، وقد سلف أنه عبارة عن أن يمضغ تمرة، ثم يدلك بريقه مع ذلك التمر على حنك الطفل. باب وضع الصبي على الفخذ 6003 - (عارم) لقب محمد بن الفضل شيخ البخاري، يروي عنه تارة مع الواسطة (للمعتمر) بكسر الميم (أبو تميمة) -بفتح التاء- تميمة اسمه طريف، وفي الروة أبو تميمة

23 - باب حسن العهد من الإيمان

عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ - رضى الله عنهما كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَأْخُذُنِى فَيُقْعِدُنِى عَلَى فَخِذِهِ، وَيُقْعِدُ الْحَسَنَ عَلَى فَخِذِهِ الأُخْرَى، ثُمَّ يَضُمُّهُمَا ثُمَّ يَقُولُ «اللَّهُمَّ ارْحَمْهُمَا فَإِنِّى أَرْحَمُهُمَا». وَعَنْ عَلِىٍّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ قَالَ التَّيْمِىُّ فَوَقَعَ فِي قَلْبِى مِنْهُ شَىْءٌ، قُلْتُ حَدَّثْتُ بِهِ كَذَا وَكَذَا، فَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ أَبِى عُثْمَانَ، فَنَظَرْتُ فَوَجَدْتُهُ عِنْدِى مَكْتُوبًا فِيمَا سَمِعْتُ. طرفه 3735 23 - باب حُسْنُ الْعَهْدِ مِنَ الإِيمَانِ 6004 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ مَا غِرْتُ عَلَى امْرَأَةٍ مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ، وَلَقَدْ هَلَكَتْ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَنِى بِثَلاَثِ سِنِينَ، لِمَا كُنْتُ أَسْمَعُهُ يَذْكُرُهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ آخر، واسمه كيسان تابعي، يروي عن ابن عمر عن أسامة بن زيد (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأخذني فيقعدني على فخده ويقعد الحسن على فخذه الآخر) صريح في أنه كانا معًا في حاله واحدة على فخذيه، وفيه بعد، وذلك أن ابن عبد البر قال: كان أسامة حين انتقل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى جوار الله عمره عشرين سنة، وعمر الحسن ست سنين، أسامة أكبر من الحسن بأربع عشرة سنة, لكن قال شيخنا: كان عمر حسن آخر حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثمان سنين، وعمر أسامة عشرة سنه، فيقرب التوجيه بأن يكون عمر حسن حين أجلسه سنة أو سنتين، وعمر أسامة عشر سنين، وما يقال: إنه ربما فعل ذلك بأسامة لمرض أصابه, ففيه أن لفظ كان يدل على وقوعه كثيرًا، وفي الفخذ أربع لغات كما تقدم بيانها (قال التيمي: فرقع في قلبي منه شيء) محصل هذا أن سليمان الأشجعي سمع الحديثه أولًا عن أبي عثمان، ثم سمعه من أبي تميمة يرويه عن أبي عثمان، فلما سمع هذا الحديث من أبي تميمة يروي عن أبي عثمان، وكان سليمان قد نسي الحديث؛ فأنكر أن يكون هذا الحديث منه, فلما راجع كتابه وجده صوابًا. باب حسن العهد من الإيمان أي: من كمال الإيمان. قال ابن الأثير: العهد جاء لمعان، والذي في الحديث حسن رعاية الصحبة والحفظ على الحرمة السابقة. 6004 - (أبو أسامة) -بضم الهمزة- حماد بن أسامة (عن عائشة: ما غرت على امرأة ما غرت على خديجة) الغيرة: الحمية والأنفة, وما الأولى نافية , والثانية مصدرية (وقد هَلَكت قبل أن يتزوجني بثلاث سنين) أى قبل الدخول عليها، وقد رفعنا الوهم عنه في

24 - باب فضل من يعول يتيما

وَلَقَدْ أَمَرَهُ رَبُّهُ أَنْ يُبَشِّرَهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ، وَإِنْ كَانَ لَيَذْبَحُ الشَّاةَ ثُمَّ يُهْدِى فِي خُلَّتِهَا مِنْهَا. طرفه 3816 24 - باب فَضْلِ مَنْ يَعُولُ يَتِيمًا 6005 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى حَازِمٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى قَالَ سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا». وَقَالَ بِإِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى. طرفه 5304 ـــــــــــــــــــــــــــــ أبواب النكاح (ولقد أمره ربه أن يبشرها ببيت في الجنة من قصب) أي: من لؤلؤ، والقصب: ما استطال من اللؤلؤ المجوف (ليذبح الشاة ثم يهدي في خلّتها) بضم الخاء أي: في أهل خلتها كما في الرواية الأخرى: "في خلائلها". فإن قلت: ليس في الحديث ذكر لحسن العهد؟ قلت: هذا على دأبه من الاكتفاء بالإشارة، وقد سلف في الرواية الأخرى صريحًا، أشرنا إليها من رواية الحاكم والبيهقي. باب فضل من يعول يتيمًا 6005 - قال ابن الأثير: يقال: عاله يعوله إذا قام بما يحتاج إليه من قوت وكسوة وغيرها، وهذا هو المراد من الكفالة في الحديث (أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، قال بأصبعيه السبابة والوسطى) أي: أشار، قيل: يريد في دخول الجنة، لأن أحدًا لا يبلغ رتبته في الجنة، والأظهر أنه أراد زيادة الرتبة والشرف، وزيادة الوسطى على السبابة دل على علو مقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، على أنه سلف في أبواب اللعان أنه لما قال هذا الكلام فرج بين السبابة والوسطى إشارة إلى التفاوت، وزاد البزار في روايته: "من كفل يتيمًا ذا قرابة، أو لا قرابة له".

25 - باب الساعى على الأرملة

25 - باب السَّاعِى عَلَى الأَرْمَلَةِ 6006 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ يَرْفَعُهُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «السَّاعِى عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ كَالَّذِى يَصُومُ النَّهَارَ وَيَقُومُ اللَّيْلَ». حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِىِّ عَنْ أَبِى الْغَيْثِ مَوْلَى ابْنِ مُطِيعٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَهُ. طرفه 5353 26 - باب السَّاعِى عَلَى الْمِسْكِينِ 6007 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِى الْغَيْثِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «السَّاعِى عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ - وَأَحْسِبُهُ قَالَ، يَشُكُّ الْقَعْنَبِىُّ - كَالْقَائِمِ لاَ يَفْتُرُ، وَكَالصَّائِمِ لاَ يُفْطِرُ». طرفه 5353 27 - باب رَحْمَةِ النَّاسِ وَالْبَهَائِمِ 6008 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَبِى سُلَيْمَانَ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ قَالَ أَتَيْنَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ شَبَبَةٌ مُتَقَارِبُونَ، فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً، فَظَنَّ أَنَّا اشْتَقْنَا أَهْلَنَا، وَسَأَلَنَا عَمَّنْ تَرَكْنَا فِي أَهْلِنَا، فَأَخْبَرْنَاهُ، وَكَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الساعي على الأرملة 6006 - (صفوان بن سليم) بضم السين مصغر (يرفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -) صفوان تابعي، وبهذا القيد خرج الحديث عن الإرسال (الساعي على الأرملة) الأرملة: المرأة التي لا زوج لها سواء كانت غنية أو فقيرة، والسعي عليها: القيام بحالها، والتكسب لها إن كانت فقيرة (ثور) بالثاء المثلثة لفظ الحيوان المعروف (عن أبي الغيث) مرادف المطر اسمه سالم. 6007 - (القعنبي) بفتح القاف وسكون العين آخره باء موحدة نسبة إلى جده. باب رحمة الناس والبهائم 6008 - (أبو قلابة) -بكسر القاف- عبد الله بن زيد الجرمي (مالك بن الحويرث) بضم الحاء آخره ثاء مثلثة، سبق حديثه في أبواب الصلاة، وموضع الدلالة هنا: (وكان) أي:

رَفِيقًا رَحِيمًا فَقَالَ «ارْجِعُوا إِلَى أَهْلِيكُمْ فَعَلِّمُوهُمْ وَمُرُوهُمْ، وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِى أُصَلِّى، وَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ، ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ». طرفه 628 6009 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ سُمَىٍّ مَوْلَى أَبِى بَكْرٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِى بِطَرِيقٍ اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ، فَوَجَدَ بِئْرًا فَنَزَلَ فِيهَا فَشَرِبَ ثُمَّ خَرَجَ، فَإِذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ الْعَطَشِ فَقَالَ الرَّجُلُ لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الْكَلْبَ مِنَ الْعَطَشِ مِثْلُ الَّذِى كَانَ بَلَغَ بِى، فَنَزَلَ الْبِئْرَ فَمَلأَ خُفَّهُ، ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ، فَسَقَى الْكَلْبَ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنَّ لَنَا فِي الْبَهَائِمِ أَجْرًا. فَقَالَ «فِي كُلِّ ذَاتِ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ». طرفه 173 6010 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي صَلاَةٍ وَقُمْنَا مَعَهُ، فَقَالَ أَعْرَابِىٌّ وَهْوَ فِي الصَّلاَةِ اللَّهُمَّ ارْحَمْنِى وَمُحَمَّدًا، وَلاَ تَرْحَمْ مَعَنَا أَحَدًا. فَلَمَّا سَلَّمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لِلأَعْرَابِىِّ «لَقَدْ حَجَّرْتَ وَاسِعًا». يُرِيدُ رَحْمَةَ اللَّهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (رقيقًا رحيمًا) بالقاف من رقة القلب وهو العطف والرحمة، ورواه أبو ذر والقاسمي بالفاء من الرفق، والمعنيان مقاربان. والشببة -بثلاث فتحات- جمع شاب. 6009 - (فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش) الثرى -بالثاء المثلثة- التراب الذي فيه الرطوبة، واللهث: إخراج اللسان من العطش (فسقى الكلب فشكر الله له) أي: قبل ذلك منه. فإن قلت: قد سبق في بدء الخلق أن امرأة فعلت ذلك؟ قلت: هما قضيتان. (في كل ذات كبد رطبة أجر) كناية عن الحيوان، والحيوان المأمور يقتله كالفواسق الخمس مستثنى منه، والأجر على قدر حرمة الحيوان، فإذا كان هذا حاله الكلب الذي هو أخس الحيوانات، فما ظننا يأشرفها وهو الإنسان؟! لا سيما الأتقياء والأولياء منهم. 6010 - (اللهم ارحمني ومحمدًا ولا ترحم معنا أحدًا) هذا من غاية جهله (قال) أي: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (لقد حَجّرت واسعًا) بتشديد الجيم من الحجر وهو المنع، والمراد الحصر في أقل شيء، والحال أن رحمته واسعة كل شيء.

6011 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ عَنْ عَامِرٍ قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «تَرَى الْمُؤْمِنِينَ فِي تَرَاحُمِهِمْ وَتَوَادِّهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى عُضْوًا تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ جَسَدِهِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى». 6012 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا مِنْ مُسْلِمٍ غَرَسَ غَرْسًا فَأَكَلَ مِنْهُ إِنْسَانٌ أَوْ دَابَّةٌ إِلاَّ كَانَ لَهُ صَدَقَةً». طرفه 2320 6013 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِى زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ قَالَ سَمِعْتُ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ لاَ يَرْحَمُ لاَ يُرْحَمُ». طرفه 7376 ـــــــــــــــــــــــــــــ 6011 - (أبو نعيم) بضم النون مصغر (بشير) بفتح الباء (ترى المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم) بفتح التاء في الثلاثة، والمعاني متقاربة (كمثل الجسد إذا اشتكى عضوًا تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) أي: كل عضو يدعو العضو الآخر إلى الموافقة، وكذا شأن المؤمن إذا أصاب أخاه المؤمن شيء تألم، وهذا شأن المؤمن الكامل. 6012 - (أبو عوانة) -بفتح العين- الوضاح الواسطي (ما من مسلم غرس غرسًا أكل منه إنسان أو دابة إلا كان له أجر) سواء كان الشجر مثمرًا أو لا، فإن الدواب تنتفع بظلها وأكل أوراقها. 6013 - (من لا يرحم لا يرحم) تقدم أنه يجوز أن تكون من موصولة أو شرطية، وحذف المفعول ليتناول كل حيوان كما ترجم عليه، ويوافقه رواية الطبراني عن ابن مسعود: "ارحم من في الأرض يرحمك من في السماء"، وأما رواية مسلم "من لا يرحم الناس لا يرحمه الله" فلعله أشار إلى الاهتمام [بمن] شأنه الشرف.

28 - باب الوصاة بالجار

28 - باب الْوَصَاةِ بِالْجَارِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) إِلَى قَوْلِهِ (مُخْتَالاً فَخُورًا). 6014 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِى أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا زَالَ يُوصِينِى جِبْرِيلُ بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ». 6015 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِى بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ». 29 - باب إِثْمِ مَنْ لاَ يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَايِقَهُ (يُوبِقْهُنَّ) يُهْلِكْهُنَّ. (مَوْبِقًا) مَهْلِكًا. 6016 - حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِى ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الوصاءة بالجار بفتح الواو والمد، اسم من الإيصاء، ومعناه: الأمر بالمحافظة على حقه، واستدل عليه بقوله تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ} [النساء: 36]، وموضع الدلالة منه قوله: {وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى} [النساء: 36]. 6014 - (أبي أويس) بضم [الهمزة]. 6015 - (محمد بن المنهال) بكسر الميم. فإن قلت: ما الجار ذي القربى الذي وصى به؟ قلت: قدَّره بعض العلماء بأربعين دارًا من كل جانب، ولكن من كان أقرب كان أحق بالأكرام. باب إثم من لا يأمن جاوه بوائقه جمع بائقة، وهي الداهية في الأصل، والمراد بها الضرر والأذى. 6016 - (أبن أبي ذئب) -بلفظ الحيوان المعروف- محمد بن عبد الرحمن (عن أبي

30 - باب لا تحقرن جارة لجارتها

شُرَيْحٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ، وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ، وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ». قِيلَ وَمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «الَّذِى لاَ يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَايِقَهُ». تَابَعَهُ شَبَابَةُ وَأَسَدُ بْنُ مُوسَى. وَقَالَ حُمَيْدُ بْنُ الأَسْوَدِ وَعُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ وَشُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنِ ابْنِ أَبِى ذِئْبٍ عَنِ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ. 30 - باب لاَ تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا 6017 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ - هُوَ الْمَقْبُرِىُّ - عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «يَا نِسَاءَ الْمُسْلِمَاتِ لاَ تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ». 31 - باب مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يُؤْذِ جَارَهُ 6018 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنْ أَبِى حَصِينٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يُؤْذِ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ». طرفه 5185 ـــــــــــــــــــــــــــــ شريح) مصغر شرح، خويلد بن عمرو الخزاعي (والله والله والله لا يؤمن الذي لا يأمن جاره بوائقه) كرر اليمين ثلاث مرات مبالغة، والمراد نفي كمال الإيمان أو سلبه إن كان مستحلًا. (شبابة) بفتح الشين وتشديد الباء. 6017 - (المقبري) بضم الباء وفتحها (يا نساء المسلمات لا تحقرن جارة لجارتها ولو بفِرسِن شاة) بكسر الفاء والسين، وقد سلف في أبواب الهبة أنه ظلف الشاة، وليس فيه منفعة، والمراد المبالغة في الإحسان على الجار بكل ما أمكن، والجار يتناول المسلم والكافر، والإحسان يشمل كل نوع من الأموال والأقوال والأفعال، وفي الجملة كل ما يدخل تحت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. باب من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره 6018 - (قتيبة) بضم القاف مصغر (أبو الأحوص) سلام بن سليم الحنفي (عن أبي حصين) -بفتح الحاء- اسمه عثمان (فليقل خيرًا أو ليصمت) بضم الميم وكسرها، والضم

32 - باب حق الجوار فى قرب الأبواب

6019 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى سَعِيدٌ الْمَقْبُرِىُّ عَنْ أَبِى شُرَيْحٍ الْعَدَوِىِّ قَالَ سَمِعَتْ أُذُنَاىَ وَأَبْصَرَتْ عَيْنَاىَ حِينَ تَكَلَّمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ جَائِزَتَهُ». قَالَ وَمَا جَائِزَتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَالضِّيَافَةُ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ، فَمَا كَانَ وَرَاءَ ذَلِكَ فَهْوَ صَدَقَةٌ عَلَيْهِ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ». طرفاه 6135، 6476 32 - باب حَقِّ الْجِوَارِ فِي قُرْبِ الأَبْوَابِ 6020 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو عِمْرَانَ قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ أشهر، هذا تخيير بين المندوب وبين المباح كذا قيل، والأحسن حمله على ما يشمل الواجب أيضًا. 6019 - (عن أبي شريح العدوي) واسمه خويلد بن عمرو (جائزته يوم وليلة، والضيافة ثلاثة أيام) قال الخطابي: الكل ثلاثة أيام إلا أنه في اليوم الأول يكرمه بالضيافة، وقال ابن الأثير: يوم الجائزة غير أيام الضيافة، ففي اليوم الأول يتحفه فوق العادة، وفي اليومين على العادة، ويوم رحيله يعطيه ما يبلغ به منزلًا آخر، وهذه العطية تسمى الجائزة والخير، فما كان وراء ذلك فهو صدقة. فإن قلت: ما الفرق بين هذا وبين الأول؟ قلت: قدمنا أن هذا في بدء الإسلام، وكانت الضيافة واجبة، فالأول واجب وهذا مندوب. (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره) هذا أبلغ من قوله: فلا يؤذ جاره (ومن كان يومن بلاه واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت) هذا من جوامع الكلم التي خص بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قيل: المراد بهذا المؤمن الكامل، والممثل له مؤمن كامل. باب حق الجوار وقرب الأبواب 6020 - (حجاج بن منهال) بكسر الميم (أبو عمران) -بكسر العين- الجوني عبد الملك

33 - باب كل معروف صدقة

سَمِعْتُ طَلْحَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِى جَارَيْنِ فَإِلَى أَيِّهِمَا أُهْدِى قَالَ «إِلَى أَقْرَبِهِمَا مِنْكِ بَابًا». طرفه 2259 33 - باب كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ 6021 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ». 6022 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى بُرْدَةَ بْنِ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ». قَالُوا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ قَالَ «فَيَعْمَلُ بِيَدَيْهِ فَيَنْفَعُ نَفْسَهُ وَيَتَصَدَّقُ». قَالُوا فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَوْ لَمْ يَفْعَلْ قَالَ «فَيُعِينُ ذَا الْحَاجَةِ الْمَلْهُوفَ». قَالُوا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ قَالَ «فَيَأْمُرُ بِالْخَيْرِ». أَوْ قَالَ «بِالْمَعْرُوفِ». قَالَ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ قَالَ «فَيُمْسِكُ عَنِ الشَّرِّ، فَإِنَّهُ لَهُ صَدَقَةٌ». طرفه 1445 ـــــــــــــــــــــــــــــ (عن عائشة قلت: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن لي جارين فإلى أيهما أهدي؟ قال: إلى أقربهما منك بابًا) لأن المواجهة والمخالطة معه أكثر فهو أولى، هذا إذا لم يقدر على الكل. باب كل معروف صدقة هذه الترجمة نفس حديث الباب فهو ترجمة باعتبار الحكم، دليل من [حديث] الحديث، والمعروف ما عرف حسنه شرعًا، يشمل الواجب والمندوب والنهي عن المنكر. 6021 - (عياش) بفتح العين وتشديد المثناة (أبو غسان) -بفتح الغين المعجمة وتشديد السين المهملة- محمد ين مطرف (المنكدر) بكسر الدال. 6022 - (عن أبي بردة) -بضم الباء وسكون الراء- عامر بن أبي موسى (على كل مسلم صدقة) أي: في كل يوم، صرح به في الرواية الأخرى (فليعن ذا الحاجة الملهوف) بالنصب صفة ذو، الملهوف من أصابه اللهف وهو الكرب (فليمسك عن الشر فإنه صدقة) أي: على نفسه صرح به في الرواية الأخرى، وإنما عده صدقة لأنه يسلم عن عقوبة الشر، ولأن كف النفس عن المعصية حسنة كما رواه البخاري وغيره، إلا أن في إطلاق لفظ الصدقة عليه نوع تسامح؛ لأن الصدقة في العرف: المال المخرج على قصد صرفه في سبيل الله، والوجه في ذلك على الدلالة على صدق الفاعل في إيمانه في كل منهما.

34 - باب طيب الكلام

34 - باب طِيبِ الْكَلاَمِ وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ». 6023 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرٌو عَنْ خَيْثَمَةَ عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ ذَكَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - النَّارَ، فَتَعَوَّذَ مِنْهَا وَأَشَاحَ بِوَجْهِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ النَّارَ، فَتَعَوَّذَ مِنْهَا، وَأَشَاحَ بِوَجْهِهِ - قَالَ شُعْبَةُ أَمَّا مَرَّتَيْنِ فَلاَ أَشُكُّ - ثُمَّ قَالَ «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ». طرفه 1413 35 - باب الرِّفْقِ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ 6024 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ دَخَلَ رَهْطٌ مِنَ الْيَهُودِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ـــــــــــــــــــــــــــــ باب طيب الكلام (عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: الكلمة الطيبة صدقة) أي: ثوابها مثل ثواب الصدقة، وهذا أدنى ما يكون من الصدقة لقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث الباب: (اتقوا النار ولو بشق تمرة، فإن لم يجد فبكلمة طيبة). 6023 - (خيثمة) بخاء معجمة وياء ساكنة ثم مثلثة (ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - النار فتعوذ منها وأشاح بوجهه) أي: أعرض، كأنه ينظر إليها فصرف وجهه كراهية النظر إليها، قال ابن الأثير: المُشيح: الحذِر من الشيء -بكسر الذال- والجاد في الأمر والمقبل عليه، قلت: الباء لا تقع صلة له على الأولين، والإقبال وإن كان بالباء تكون صلة له، إلا أن المعنى على صرف الوجه الذي هو ضد الإقبال. باب الرفق في الأمر كله 6024 - هذه الترجمة بعض حديث الباب، والرفق ضد العنف وهو عبارة عن الأخذ بالأسهل والتلطف (دخل رهط من اليهود على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) الرهط: جماعة من

فَقَالُوا السَّامُ عَلَيْكُمْ. قَالَتْ عَائِشَةُ فَفَهِمْتُهَا فَقُلْتُ وَعَلَيْكُمُ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ. قَالَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَهْلاً يَا عَائِشَةُ، إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ». فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «قَدْ قُلْتُ وَعَلَيْكُمْ». طرفه 2935 6025 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَالَ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَامُوا إِلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لا تُزْرِمُوهُ». ثُمَّ دَعَا بِدَلْوٍ مِنْ مَاءٍ فَصُبَّ عَلَيْهِ. طرفه 219 ـــــــــــــــــــــــــــــ الرجال من الثلاثة إلى العشرة، وقيل: إلى أربعين (فقالوا السَّام عليك) يريدون الموت من السوم وهو العلامة على رواه قتادة بالهمزة مع المد من السآمة (قلت: عليكم) وفي بعضها: "وعليكم" أي: عليكم الموت عام علينا وعليكم، وهذا أظهر وأبلغ في الرفق. 6025 - (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم، روى حديث بول الأعرابي في المسجد، وقد سلف في أبواب الصلاة، وموضع الدلالة هنا قوله: (لا تزرموه) بضم التاء وكسر المعجمة بعدها مهملة أي: لا تقطعوا بوله، من زرم الدمع انقطع، ويجوز أن يكون إشارة إلى ما جاء في الرواية الأخرى أنه لما فرغ من بوله دعاه فقال: إن المساجد لم تبن لهذه الأشياء، إنما بنيت لذكر الله والصلاة"، ودلالته على الترجمة في غاية الظهور، وفي الحديث "إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع الرفق من شيء إلا شانه".

36 - باب تعاون المؤمنين بعضهم بعضا

36 - باب تَعَاوُنِ الْمُؤْمِنِينَ بَعْضِهِمْ بَعْضًا 6026 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ بُرَيْدِ بْنِ أَبِى بُرْدَةَ قَالَ أَخْبَرَنِى جَدِّى أَبُو بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ أَبِى مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ، يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا». ثُمَّ شَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ. طرفه 481 وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - جَالِسًا إِذْ جَاءَ رَجُلٌ يَسْأَلُ أَوْ طَالِبُ حَاجَةٍ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ «اشْفَعُوا فَلْتُؤْجَرُوا، وَلْيَقْضِ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ مَا شَاءَ». طرفه 1432 37 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ مُقِيتًا) (كِفْلٌ) نَصِيبٌ قَالَ أَبُو مُوسَى (كِفْلَيْنِ) أَجْرَيْنِ بِالْحَبَشِيَّةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب تَعَاوُنِ الْمُؤْمِنِينَ بَعْضِهِمْ بَعْضًا 6026 - (بريد) بضم الباء مصغر برد (أبو بردة) -بضم الباء- عامر بن أبي موسى (قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا، ثم شبك بين أصابعه) تصوير للمعقول في صورة المحسوس، واللام فيه يجوز أن تكون للاستغراق أي: شأنه ذلك والجدير به، ويجوز أن تكون للعهد أي: المؤمن الكامل كما تقدم في أبواب الإيمان: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" (أقبل علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بوجهه فقال: اشفعوا تؤجروا) وفي بعضها:"فلتؤجروا" بالجمع بين الفاء للدلالة على السببية، واللام الدالة على مبالغة في الحث على ذلك، أو اللام لام عطف على اشفعوا والفاء للسببية، وقد جاء بدون الفاء وهو ظاهر (وليقض الله على لسان نبيه ما شاء) أي: لكم أجر الشفاعة في الحالين سواء قضى الأمر أم لا. باب قوله تعالى: {مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا (85)} [النساء: 85] أي: كامل ({وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا (85)} [النساء: 85] أي: نصيب بقدر ذنبه مساو له، أشار المصنف بهذه الترجمة إلى أن تعاضد المؤمنين شرطه أن يكون في أمر مشروع فيه صلاح وخير.

38 - باب لم يكن النبى - صلى الله عليه وسلم - فاحشا ولا متفحشا

6027، 6028 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَتَاهُ السَّائِلُ أَوْ صَاحِبُ الْحَاجَةِ قَالَ «اشْفَعُوا فَلْتُؤْجَرُوا، وَلْيَقْضِ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ مَا شَاءَ». طرفه 1432 38 - باب لَمْ يَكُنِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَاحِشًا وَلاَ مُتَفَحِّشًا 6029 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ سَمِعْتُ مَسْرُوقًا قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو. حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ دَخَلْنَا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو حِينَ قَدِمَ مَعَ مُعَاوِيَةَ إِلَى الْكُوفَةِ فَذَكَرَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا وَلاَ مُتَفَحِّشًا، وَقَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ مِنْ أَخْيَرِكُمْ أَحْسَنَكُمْ خُلُقًا». طرفه 3559 6030 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها أَنَّ يَهُودَ أَتَوُا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا السَّامُ عَلَيْكُمْ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ عَلَيْكُمْ، وَلَعَنَكُمُ اللَّهُ، وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ. قَالَ «مَهْلاً يَا عَائِشَةُ، عَلَيْكِ بِالرِّفْقِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - فاحشًا ولا متفحشًا المتفحش: من ليس في جبلته الفحش وإنما يفعله تكلفًا، والفحش في القول والفعل: ما زاد قبحه كالزنى، فإنه وإن كان دون قتل النفس جرمًا إلا أنه أقبح منه. 6029 - (إن من أخيركم أحسنكم خلقًا) بنصب أحسن هو الرواية، ويجوز رفعه على أن من التبعيضية اسم إن، ولفظ أخير جاء على أصله. قيل: إنما يقال إذا أريد المبالغة، وأما الخُلق فقد قال ابن الأثير بضم اللام وسكونها: هي صورة الإنسان الباطنة من نفس الإنسان ومعانيها وأوصافها كالخَلْق بفتح الخاء وسكون اللام لصورته الظاهرة ومعانيها وأوصافها. 6030 - (محمد بن سلام) بتخفيف اللام (مليكة) بضم الميم مصغر (أن يهودًا أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: السام مليك) والسام الموت، وقد سلف قريبًا، وذكرنا أن في رواية قتادة بالمد والهمزة على وزن سلام (يا عائشة: عليك بالرفق) أي: الزميه، والرفق ضد العنف،

وَإِيَّاكِ وَالْعُنْفَ وَالْفُحْشَ». قَالَتْ أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا قَالَ «أَوَلَمْ تَسْمَعِى مَا قُلْتُ رَدَدْتُ عَلَيْهِمْ، فَيُسْتَجَابُ لِى فِيهِمْ، وَلاَ يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِىَّ». طرفه 2935 6031 - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنَا أَبُو يَحْيَى هُوَ فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ هِلاَلِ بْنِ أُسَامَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ لَمْ يَكُنِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - سَبَّابًا وَلاَ فَحَّاشًا وَلاَ لَعَّانًا، كَانَ يَقُولُ لأَحَدِنَا عِنْدَ الْمَعْتَبَةِ «مَا لَهُ، تَرِبَ جَبِينُهُ». طرفه 6046 6032 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَجُلاً اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا رَآهُ قَالَ «بِئْسَ أَخُو الْعَشِيرَةِ، وَبِئْسَ ابْنُ الْعَشِيرَةِ». فَلَمَّا جَلَسَ تَطَلَّقَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي ـــــــــــــــــــــــــــــ وإنما قال: (وإياك والعنف) مع أنه يلزم من لزوم الرفق ترك العنف إما مبالغة، أو لعطف عليه ما بعده. 6031 - (أصبغ) بصاد مهملة وغين معجمة (أبو يحيى بن سليمان) اسمه (فليح) مصغر (عن أنس لم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبابًا ولا لعانًا) السب: نسبة الشخص إلى ما فيه عار، واللعن: الدعاء بالبعد عن رحمة الله. فإن قلت: الصيغة صيغة مبالغة، ولا يلزم من نفيها نفي الفعل من أصله؟ قلت: الأمر كذلك، والمراد أنه لم يكن كسائر الناس يلعن من يستحق ومن لا يستحق، بل لا يسب ولا يلعن إلا حقا وفي موضعه. (وكان يقول لأحدنا عند المعتبة: ما له تربت جبينه) المعتبة بكسر التاء وفتحها مصدر عتب كالعتاب خطاب فيه نوع خشونة مع الأحبة. قال الخطابي: معنى قوله: "تربت جبينه" الدعاء بالسقوط على الأرض، أو الدعاء بالطاعة والصلاة التي من لوازمها لصوق التراب بالجبين، قلت: هذا خلاف الظاهر، بل مثل: تربت يمينك وأمثاله، ألفاظ تجري في المعاتبة من غير قصد إلى معناها. 6032 - (روح) بفتح الراء وسكون الواو (المنكدر) بكسر الدال (استأذن رجل على النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: بئس أخو العشيرة أو ابن العشيرة) الشك من الراوي، وعشيرة الرجل هو

39 - باب حسن الخلق، والسخاء، وما يكره من البخل

وَجْهِهِ وَانْبَسَطَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا انْطَلَقَ الرَّجُلُ قَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ حِينَ رَأَيْتَ الرَّجُلَ قُلْتَ لَهُ كَذَا وَكَذَا، ثُمَّ تَطَلَّقْتَ فِي وَجْهِهِ وَانْبَسَطْتَ إِلَيْهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَا عَائِشَةُ مَتَى عَهِدْتِنِى فَحَّاشًا، إِنَّ شَرَّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ تَرَكَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ شَرِّهِ». طرفاه 6054، 6131 39 - باب حُسْنِ الْخُلُقِ، وَالسَّخَاءِ، وَمَا يُكْرَهُ مِنَ الْبُخْلِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَجْوَدَ النَّاسِ، وَأَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ. وَقَالَ أَبُو ذَرٍّ لَمَّا بَلَغَهُ مَبْعَثُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لأَخِيهِ ارْكَبْ إِلَى هَذَا الْوَادِى، فَاسْمَعْ مِنْ قَوْلِهِ، فَرَجَعَ فَقَالَ رَأَيْتُهُ يَأْمُرُ بِمَكَارِمِ الأَخْلاَقِ. 6033 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ - هُوَ ابْنُ زَيْدٍ - عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ مخرمة بن نوفل بن أهيب أخي وهب والد آمنة أم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (متى عهدتني) وفي رواية: "عاهدتني" (فحاشًا؟) استفهام إنكار بمعنى النفي (إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة من تركه الناس اتقاء فحشه) قيل: يمكن أن مراده هذا الرجل وفيه بعد، والحق أنه استئناف وجاري مجرى العلة، ولفظ [الناس] أدل دليل على ذلك العموم، وفيه دليل على أن لا غيبة للفاسق والمبتاع، بل يجب إعلامه لمن لا يعرف حاله لئلا يَغتَرَّ به. فإن قلت: هب أن الأمر كذلك، فكيف جاز له أن يظهر له خلاف ما في باطنه؟ قلت: أراد أن يتألفه، ومثله لا بأس به، وهو المداراة، وقد روى ابن الأثير في النهاية: "رأس العقل بعد الإيمان المداراة". فإن قلت: قد نهى الله عن المداهنة؟ قلت: المداهنة ترك أمر من أمور الدنيا لمصلحة دنياولة، والمداراة: ترك المحاسبة مما يستحقها لإصلاح الدنيا أو الدين. باب حسن الخلق والسخاء 6033 - البخل غريزة في الإنسان تمنعه صرف المعروف إلى من يستحقه، والسخاء

قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَحْسَنَ النَّاسِ وَأَجْوَدَ النَّاسِ وَأَشْجَعَ النَّاسِ، وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَانْطَلَقَ النَّاسُ قِبَلَ الصَّوْتِ، فَاسْتَقْبَلَهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ سَبَقَ النَّاسَ إِلَى الصَّوْتِ وَهْوَ يَقُولُ «لَنْ تُرَاعُوا، لَنْ تُرَاعُوا». وَهْوَ عَلَى فَرَسٍ لأَبِى طَلْحَةَ عُرْىٍ مَا عَلَيْهِ سَرْجٌ، فِي عُنُقِهِ سَيْفٌ فَقَالَ «لَقَدْ وَجَدْتُهُ بَحْرًا». أَوْ «إِنَّهُ لَبَحْرٌ». طرفه 2627 6034 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرًا - رضى الله عنه - يَقُولُ مَا سُئِلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ شَىْءٍ قَطُّ فَقَالَ لاَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ضدُّه، وقد سلف في أول الباب قبله تعريف الخلق، وحديث ابن عباس (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجود الناس) سلف في بدء الوحي، وكذا حديث أبي ذر في أبواب المناقب، وكذا حديث أنس أن أهل المدينة فزعوا ليلة فركب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرس أبي طلحة (عري) بضم العين وسكون الراء أي: لا سرج عليه (عون) بفتح العين آخره نون (لن تراعوا) من الروع وهو الخوف (وجدته بحرًا) كناية عن سرعة السير، وقد سلف في أبواب الجهاد أنه كان فرسًا قطوفًا، فأصابه بركة رسول. 6034 - (ما سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن شيء قط فقال: لا) قيل: إنه لم يقل لا مجردًا، بل إذا قال كما حكى الله عنه بقوله: {وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ} [التوبة: 92] قيده بعدم الوجدان ويمكن إجراؤه على العموم، ويدل عليه شعر حسان: ما قال لا قط إلا في تشهده ... لولا التشهد لم تسمع له لاء إلا أنه يجب تقييده بالسؤال عن متاع الدنيا كما دل عليه السياق؛ لأن الكلام في السخاء، وإلا فقد قال في جواب السائل هل عليه غيره: "لا"، قيل: كان شأنه إن وجد عنده أعطى، والا اعتذر أو سكت.

6035 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِى شَقِيقٌ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ كُنَّا جُلُوسًا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو يُحَدِّثُنَا إِذْ قَالَ لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَاحِشًا وَلاَ مُتَفَحِّشًا، وَإِنَّهُ كَانَ يَقُولُ «إِنَّ خِيَارَكُمْ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلاَقًا». طرفه 3559 6036 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِبُرْدَةٍ. فَقَالَ سَهْلٌ لِلْقَوْمِ أَتَدْرُونَ مَا الْبُرْدَةُ فَقَالَ الْقَوْمُ هِىَ شَمْلَةٌ. فَقَالَ سَهْلٌ هِىَ شَمْلَةٌ مَنْسُوجَةٌ فِيهَا حَاشِيَتُهَا - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَكْسُوكَ هَذِهِ. فَأَخَذَهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مُحْتَاجًا إِلَيْهَا، فَلَبِسَهَا، فَرَآهَا عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الصَّحَابَةِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَحْسَنَ هَذِهِ فَاكْسُنِيهَا. فَقَالَ «نَعَمْ». فَلَمَّا قَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لاَمَهُ أَصْحَابُهُ قَالُوا مَا أَحْسَنْتَ حِينَ رَأَيْتَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَخَذَهَا مُحْتَاجًا إِلَيْهَا، ثُمَّ سَأَلْتَهُ إِيَّاهَا، وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّهُ لاَ يُسْأَلُ شَيْئًا فَيَمْنَعَهُ. فَقَالَ رَجَوْتُ بَرَكَتَهَا حِينَ لَبِسَهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لَعَلِّى أُكَفَّنُ فِيهَا. طرفه 1277 6037 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَتَقَارَبُ الزَّمَانُ وَيَنْقُصُ الْعَمَلُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ 6035 - وحديث عبد الله بن عمر: (ولم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحاشًا) تقدم في الباب قبله. 6036 - (أبو غسان) بالغين المعجمة وسين مهملة- محمد بن مطرف (أبو حازم) -بالحاء المهملة- سلمة بن دينار، روى حديث المرأة التي أتت ببردة، وهي الشملة كستها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وطلبها رجل لتكون كفنه، وكان كذلك، وقد سلف مع شرحه مستوفى في أبواب الجنائز في باب: من استعد الكفن. 6037 - (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يتقارب الزمان وينقص العلم) وفي بعضها "العمل".

40 - باب كيف يكون الرجل فى أهله

وَيُلْقَى الشُّحُّ وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ». قَالُوا وَمَا الْهَرْجُ قَالَ «الْقَتْلُ، الْقَتْلُ». طرفه 85 6038 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ سَمِعَ سَلاَّمَ بْنَ مِسْكِينٍ قَالَ سَمِعْتُ ثَابِتًا يَقُولُ حَدَّثَنَا أَنَسٌ - رضى الله عنه - قَالَ خَدَمْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَشْرَ سِنِينَ، فَمَا قَالَ لِى أُفٍّ. وَلاَ لِمَ صَنَعْتَ وَلاَ أَلاَّ صَنَعْتَ. طرفه 2768 40 - باب كَيْفَ يَكُونُ الرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ 6039 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ مَا كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَصْنَعُ فِي أَهْلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قيل: أراد تقارب الزمان قرب الساعة، وقيل: قصر المدة والأزمان عما جرت به عادة الله، وشيء من هذه لا يلائم المقام، وكلذا ما قيل: إنه كناية عن حسن الحال وطيب العيش كما في حديث المهدي "تكون السنة كالشهر، والشهر كالأسبوع" لأن سياق الحديث للذم، والأحسن أن ذلك التقارب قصر الأعمار في آخر الزمان وقلة البركة، ألا ترى إلى قوله: "وينقص العلم أو العمل" أو بكثرة الهرج وهو القتل. (ويلقى الشح) نقل ابن الأثير عن الحميدي أنه قال: لم يضبطوا هذه الكلمة، ولو قرئ بالتشديد لكان معناه يدعو إلى الشح، وأما قراءة التخفيف ففيه بعد؛ لأن الإلقاء الطرح والترك، قلت: هذا سهو من الحميدي، وذلك أن الروايات متفقة على التخفيف، وليس هو من الإلقاء، بل من اللقاء من قولك: لقيته إذا صادفته، ومعنى الحديث أن الشح يوجد ويصادفه بعد أن لم يكن أي: يكثر وجوده. 6038 - (وقال أنس: خدمت النبي - صلى الله عليه وسلم - عشر سنين ما قال لي أف) بضم الهمزة وتشديد الفاء منونًا وغير منون أي: أدنى ما يؤلم وهي كلمة للتضجر (ولا لم صنعت؟، ولا ألا صنعت) بفتح الهمزة وتشديد اللام، والأول لوم على الفعل، والثاني على تركه. باب كيف يكون الرجل في أهله 6039 - (الحكم) بفتح [لحاء] (سألت عائشة: ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعله في أهله؟) أي:

41 - باب المقة من الله تعالى

قَالَتْ كَانَ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ. طرفه 676 41 - باب الْمِقَةِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى 6040 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا نَادَى جِبْرِيلَ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلاَنًا، فَأَحِبَّهُ. فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، فَيُنَادِى جِبْرِيلُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلاَنًا، فَأَحِبُّوهُ. فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي أَهْلِ الأَرْضِ». طرفه 3209 ـــــــــــــــــــــــــــــ حين يكون داخل البيت بين أهله (قالت: كان) يكون (في مهنة أهله) قال أبن الأثير: بفتح الميم ولا يقال بالكسر، المهنة: الخدمة، قلت: الفتح رواية الأصمعي، وحكي الكسر عن أبي زيد والكسائي، وأصل المهنة الابتذال من المهانة، وفي الحديث دلالة على أن خدمة الأهل سنة؛ لأنها من أخلاق سيد الخَلْق. باب المِقَة من الله 6040 - أصل المقة: وِمقة بكسر الواو، حذفت منه كما حذفت من عدة، والمقة ترادف المحبة، وقول الله في محل الرفع على الخبر. فإن قلت: ما معنى قوله: المقة من الله؟ قلت: معناه أن الناس إذا أحبوا إنسانًا إنما يحبونه لوضع الله ذلك في قلبهم لا بكسب منهم كما دل عليه صريح حديث الباب، وتفسيره بأن يكون الإنسان مريدًا للخير لا يصلح أن يكون شرحًا للحديث، وكذا ما قيل: إن محبة الملائكة له: الاستغفار له، وذلك أن استغفار الملائكة عام لكافة المؤمنين، ألا ترى إلى قوله تعالى: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا} [غافر: 7] ثم توضع المحبة في الأرض: في قلوب أهل الأرض، وزاد مسلم: "إذا بغض عبد دعا جبريل" وساق الحديث على منوال الحب.

42 - باب الحب فى الله

42 - باب الْحُبِّ فِي اللَّهِ 6041 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَجِدُ أَحَدٌ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ حَتَّى يُحِبَّ الْمَرْءَ، لاَ يُحِبُّهُ إِلاَّ لِلَّهِ، وَحَتَّى أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الْكُفْرِ، بَعْدَ إِذْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ، وَحَتَّى يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا». طرفه 16 43 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ) إِلَى قَوْلِهِ (فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ). 6042 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَضْحَكَ الرَّجُلُ مِمَّا يَخْرُجُ مِنَ الأَنْفُسِ وَقَالَ «بِمَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: الحب في الله 6041 - (يحب المرء لا يحبه إلا لله) أي: لكونه آتيًا بطاعة الله (وحتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما) هذا الحديث سلف في أبواب الإيمان، وقد أجبنا عن الإشكال المشهور، وهو أنه رد على الخطيب لما قال: ومن بغضهما فقد غوى، أي: الله ورسوله حيث أتى بالضمير، وقد وقع في كلامه ما نهى الخطيب عنه بأن ذلك في كلام الخطيب وقع في جملة لم يتقدم صريح لفظ الله ورسوله فيها، بخلاف ما وقع في كلامه، فإنه في صدر الجملة شرح بلفظ الله ورسوله، فلو أعاد صريح اللفظ ثانيًا كان تكرارًا في الجملة الواحدة بلا فائدة. وقد أشرنا هناك إلى فساد ما قيل من غير هذا، وما وقع فيه لبعض الفضلاء من الخبط، فراجعه ترشد بعناية الله وتوفيقه. باب قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ} [الحجرات: 11] السخرية: الاستخفاف وإنزال الهوان بالإنسان، وفي رواية مسلم "بحسب امرئٍ من الشر أن يحتقر أخاه". 6042 - (نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يضحك الإنسان مما يخرج من الأنفس) من

يَضْرِبُ أَحَدُكُمُ امْرَأَتَهُ ضَرْبَ الْفَحْلِ، ثُمَّ لَعَلَّهُ يُعَانِقُهَا». وَقَالَ الثَّوْرِىُّ وَوُهَيْبٌ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامٍ «جَلْدَ الْعَبْدِ». طرفه 3377 6043 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضى الله عنهما قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِمِنًى «أَتَدْرُونَ أَىُّ يَوْمٍ هَذَا». قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ «فَإِنَّ هَذَا يَوْمٌ حَرَامٌ، أَفَتَدْرُونَ أَىُّ بَلَدٍ هَذَا». قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ «بَلَدٌ حَرَامٌ، أَتَدْرُونَ أَىُّ شَهْرٍ هَذَا». قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ «شَهْرٌ حَرَامٌ». قَالَ «فَإِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا». طرفه 1742 ـــــــــــــــــــــــــــــ الضراط وسائر ما يحتاج من الأحاديث لأنه عام في كل أحد فليصور نفسه بتلك الصفة (بم يضرب أحدكم امرأته ضرب الفحل) وفي رواية أخرى: "ضرب العبد" والمنهي إنما هو الضرب المفرط كما يظهر من التشبيه، وإلا فأصل الضرب عند الحاجة مأذون فيه لقوله تعالى: {وَاضْرِبُوهُنَّ} [النساء: 34]. (الثوري) بالثاء المثلثة (وهيب) بضم الواو مصغر (أبو معاوية) الضرير محمد بن حازم. 6043 - وحديث ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطب بمنى سلف في كتاب العلم وبعده مع شرحه. فإن قلت: قد جمع في قوله: "إن الله حرم عليكم دماءكم وأعراضكم كحرمة يومكم هذا" بين ثلاثة أشياء في طرف، والمشبه به واحد، وهذه الأشياء الثلاثة متفاوتة في غلظ الحرمة؟ قلت: الغرض من التشبيه الاشتراك في أصل الحرمة، والمخاطبون عارفون بمقدار كل واحدة. فإن قلت: ما حقيقة العرض؟ قلت: ذكر ابن الأثير أن عرض الإنسان موضع مدحه وذمه سواء كان فيه ذم نفسه أو أهله أو أقاربه. فإن قلت: كيف ناسب هذا الحديث ترجمة الباب؟ قلت: القدح في العرض نوع من السخرية.

44 - باب ما ينهى من السباب واللعن

44 - باب مَا يُنْهَى مِنَ السِّبَابِ وَاللَّعْنِ 6044 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ». تَابَعَهُ غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ. طرفه 48 6045 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنِ الْحُسَيْنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ أَنَّ أَبَا الأَسْوَدِ الدِّيلِىَّ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِى ذَرٍّ - رضى الله عنه - أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ يَرْمِى رَجُلٌ رَجُلاً بِالْفُسُوقِ، وَلاَ يَرْمِيهِ بِالْكُفْرِ، إِلاَّ ارْتَدَّتْ عَلَيْهِ، إِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُهُ كَذَلِكَ». طرفه 3508 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ما ينهى عنه من السباب واللعن السباب مصدر سبب، وقد أشرنا آنفًا أن معناه نسبه الإنسان إلى ما فيه عار، واللعن: الطرد من رحمة الله تعالى أي: الدعاء بذلك. 6044 - (حرب) ضد الصلح (أبو وائل) شقيف بن سلمة (سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر) هذا كلام يقال في مقام التحذير والتنفير، فلا يرد أن القتال ليس بكفر، والسباب أيضًا قد لا يكون فسوقًا، أو ذلك إذا كان مستحلًا، ...... والفسوق: الخروج عن طريق أخوة الإيمان. 6045 - (أبو معمر) -بفتح الميمين وسكون العين- عبد الله (أبو الأسود الدَّيلي) بكسر الدال وبضمها وكسر الهمزة التابعي الجليل واضع علم النحو ومدونه، واسمه: ظالم (لا يرمي رجل رجلًا بالفسوق، ولا يرميه بالكفر إلا ارتدت إليه إن لم يكن صاحبه كذلك) أي: ارتدت إليه إثم مقالته، وإسناد الفعل إلى المقالة مجاز، لكن إذا رماه بالكفر إنما يكفر، إذا قاله اعتقادًا فإنه يكفر، وإلا يكون آثمًا، وهنا دقيقة بنسبته على وهو أن ظاهر اللفظ أن الرجل الذي لعنه إن كان صادقًا في لعنته لا يكون على اللاعن إثم، وليس كذلك مطلقًا؛ لأنه إذا ناداه مثلًا بين الملأ، لا على وجه النصح يأثم بذلك؛ لأنه مأمور بالستر عليه.

6046 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا هِلاَلُ بْنُ عَلِىٍّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَاحِشًا وَلاَ لَعَّانًا وَلاَ سَبَّابًا، كَانَ يَقُولُ عِنْدَ الْمَعْتَبَةِ «مَا لَهُ، تَرِبَ جَبِينُهُ». طرفه 6031 6047 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ أَنَّ ثَابِتَ بْنَ الضَّحَّاكِ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ حَلَفَ عَلَى مِلَّةٍ غَيْرِ الإِسْلاَمِ فَهْوَ كَمَا قَالَ، وَلَيْسَ عَلَى ابْنِ آدَمَ نَذْرٌ فِيمَا لاَ يَمْلِكُ، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَىْءٍ فِي الدُّنْيَا عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ لَعَنَ مُؤْمِنًا فَهْوَ كَقَتْلِهِ، وَمَنْ قَذَفَ مُؤْمِنًا بِكُفْرٍ فَهْوَ كَقَتْلِهِ». طرفه 1363 6048 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِى عَدِىُّ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ صُرَدٍ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 6046 - (فليح) بضم الفاء مصغر. 6047 - (بشار) بفتح الباء وتشديد المعجمة (أن ثابت بن الضحاك وكان من أصحاب الشجرة) أي: من الذين بايعوا تحت الشجرة بيعة الرضوان يوم الحديبية (من حلف على ملة غير الإسلام فهو كما قال) هذا إذا كان على أمر ماض محقق وقد علمه، يكفر لأنه علق كفره بأمر واقع، هان لم يكن ماضيًا يأثم؛ لأنه ساق الكلام مساق تعظيم الباطل والدين المنسوخ (وليس على ابن آدم نذر فيما لا يملك) معناه أن يقول: إن شفى الله مريضي عليَّ عتق عبد زيد، فلا ينعقد نذرًا، كلما دل عليه سبب ورود الحديث، وهو أن امرأة أسرت، ومع أسرها كانت وقعت في تلك الغارة ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وركبتها العجوز ونجت عليها، فلما قدمت قالت يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إني نذرت إن نجوت عليها أن أنحرها، قال: "بئسما جازيتها نذرت أن تنحريها لأن نجوت عليها" (ليس على ابن آدم نذر فيما لا يملك) وأما إذا قال الفقير: إن رزقني الله مالًا فعليّ أن أتصدق بكذا مثلًا فلا بأس بذلك، ويجب عليه الوفاء بلا خلاف. (ومن لعن مؤمنًا فهو كقتله) أي: ذنب كلبير مثله، وإن كان القتل أعظم ذنبًا. 6048 - (عدي) بفتح العين على وزن الوصي (صرد) بضم الصاد وفتح الراء، وحديث

اسْتَبَّ رَجُلاَنِ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَغَضِبَ أَحَدُهُمَا، فَاشْتَدَّ غَضَبُهُ حَتَّى انْتَفَخَ وَجْهُهُ وَتَغَيَّرَ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنِّى لأَعْلَمُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا لَذَهَبَ عَنْهُ الَّذِى يَجِدُ». فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ الرَّجُلُ فَأَخْبَرَهُ بِقَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ تَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ. فَقَالَ أَتُرَى بِى بَأْسٌ أَمَجْنُونٌ أَنَا اذْهَبْ. طرفه 3282 6049 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ قَالَ أَنَسٌ حَدَّثَنِى عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِيُخْبِرَ النَّاسَ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ، فَتَلاَحَى رَجُلاَنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «خَرَجْتُ لأُخْبِرَكُمْ، فَتَلاَحَى فُلاَنٌ وَفُلاَنٌ وَإِنَّهَا رُفِعَتْ، وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمْ، فَالْتَمِسُوهَا فِي التَّاسِعَةِ وَالسَّابِعَةِ وَالْخَامِسَةِ». طرفه 49 6050 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنِ الْمَعْرُورِ عَنْ أَبِى ذَرٍّ ـــــــــــــــــــــــــــــ الرجل الذي اشتد غضبه حتى انتفخ وجهه تقدم في أبواب الخصومة. (فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - إني لأعلم كلمة) أي: كلامًا (لو قالها لذهب عنه) والكلمة: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فقالوا له ما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: (أمجنون أنا؟) قال النووي: كأنه كان من جفاة الأعراب. قلت: سواء كان عربيًّا أو أعرابيًّا لم يكن له معرفة أسرار الشريعة ليعلم أن النزاع بين المؤمنين إنما يكون من نزغ الشيطان، وقد قال تعالى: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200)} [الأعراف: 200] 6049 - (بشر بن المفضل) بكسر الموحدة بعدها معجمة وضم الميم وتشديد الضاد المفتوحة. روى حديث رفع ليلة القدر (حتى تلاحى الرجلان) والتلاحي: التخاصم، والرجلان قيل: هما كعب بن مالك وابن أبي حدرد، والظاهر أنه غيرهما. وقد مر الحديث في أبواب الإيمان وغيرها (فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة) ولا ينفي هذا أن تكون في الحادية والعشرين لرواية أخرى "التمسوها في العشر الأخير من الأوتار" (وعسى أن يكون خيرًا لكم) أي: رفع العلم بخصوص ليلة القدر؛ لأن الطالب لها يكثر العبادة في مظانها بخلاف ما إذا كانت في ليلة معينة. 6050 - (المعرور) بفتح الميم وعين مهملة (سويد) بضم السين مصغر (عن أبي ذر

45 - باب ما يجوز من ذكر الناس نحو قولهم الطويل والقصير

قَالَ رَأَيْتُ عَلَيْهِ بُرْدًا وَعَلَى غُلاَمِهِ بُرْدًا فَقُلْتُ لَوْ أَخَذْتَ هَذَا فَلَبِسْتَهُ كَانَتْ حُلَّةً، وَأَعْطَيْتَهُ ثَوْبًا آخَرَ. فَقَالَ كَانَ بَيْنِى وَبَيْنَ رَجُلٍ كَلاَمٌ، وَكَانَتْ أُمُّهُ أَعْجَمِيَّةً، فَنِلْتُ مِنْهَا فَذَكَرَنِى إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لِى «أَسَابَبْتَ فُلاَنًا». قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «أَفَنِلْتَ مِنْ أُمِّهِ». قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ». قُلْتُ عَلَى حِينِ سَاعَتِى هَذِهِ مِنْ كِبَرِ السِّنِّ قَالَ «نَعَمْ، هُمْ إِخْوَانُكُمْ، جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَمَنْ جَعَلَ اللَّهُ أَخَاهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ، وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ، وَلاَ يُكَلِّفُهُ مِنَ الْعَمَلِ مَا يَغْلِبُهُ، فَإِنْ كَلَّفَهُ مَا يَغْلِبُهُ فَلْيُعِنْهُ عَلَيْهِ». طرفه 30 45 - باب مَا يَجُوزُ مِنْ ذِكْرِ النَّاسِ نَحْوَ قَوْلِهِمُ الطَّوِيلُ وَالْقَصِيرُ وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَا يَقُولُ ذُو الْيَدَيْنِ». وَمَا لاَ يُرَادُ بِهِ شَيْنُ الرَّجُلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ رأيت عليه بردًا و [على] غلامه بردًا) لا ينافي هذا ما تقدم في أبواب الإيمان أنه كان على أبي ذر حلة وعلى غلامه حلة؛ لأن الواقعة متعددة (كان بيني وبين رجل كلام) الرجل الآخر هو بلال (وكانت أمه أعجمية) ما عدا العرب عجم (فنلت منها) أي: سببتها، وقد روي أنه قال: يا ابن السوداء (إنك امرؤ فيك جاهلية) أي: خصلة من خصالها، إذ كان أهل الجاهلية دأبهم الافتخار بالأنساب ولا يعدون أولاد الإماء شيئًا (خوانكم) أي: الأرقاء خبر مبتدأ محذوف، والمراد أخوة الايمان الذي هو أعلى من النسب. قال بعض الشارحين: ضمير هم راجع إلى الخدم، أعم من أن يكون مملوكًا أو غيره، ثم قال: فإن قلت: لم يتقدم في المرجع؟ قلت: لفظ "تحت أيديكم" يدل على الملك، تأمل فيما قاله. (فليطعمه مما يأكل) فيه إشارة إلى أن مؤاكلته لا تلزم، بل يكفي إطعامه أدنى شيء. باب ما يجوز من ذكر الناس أي: الأوصاف القبيحة كالطويل والقصير (وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ما يقول ذو اليدين) سبق مسندًا في باب السهو من أبواب الصلاة، واسمه خرباق، بكسر الخاء المعجمة بعدها مهملة بعدها باء موحدة، وهذا إنما يجوز إذا كان الرجل راضيًا بذلك، أو لا يكون طريق إلى معرفته إلا بذلك كما يقول المحدث: حدثنا فلان الأعور أو الأعرج أو الأحدب.

46 - باب الغيبة

6051 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ صَلَّى بِنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ قَامَ إِلَى خَشَبَةٍ فِي مُقَدَّمِ الْمَسْجِدِ، وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا، وَفِى الْقَوْمِ يَوْمَئِذٍ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَهَابَا أَنْ يُكَلِّمَاهُ، وَخَرَجَ سَرَعَانُ النَّاسِ فَقَالُوا قَصُرَتِ الصَّلاَةُ. وَفِى الْقَوْمِ رَجُلٌ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَدْعُوهُ ذَا الْيَدَيْنِ فَقَالَ يَا نَبِىَّ اللَّهِ أَنَسِيتَ أَمْ قَصُرَتْ. فَقَالَ «لَمْ أَنْسَ وَلَمْ تَقْصُرْ». قَالُوا بَلْ نَسِيتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «صَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ». فَقَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ كَبَّرَ، فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَكَبَّرَ، ثُمَّ وَضَعَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَكَبَّرَ. طرفه 482 46 - باب الْغِيبَةِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَلاَ يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ). 6052 - حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يُحَدِّثُ ـــــــــــــــــــــــــــــ 6051 - (ويخرج سرعان الناس) -بفتح الراء وسكونها- لفظ مفرد معناه الجمع، قال ابن الأثير: أوائل الناس الذين يسرعون في الأمور، ولفظ يخرج في موضع استحصار لتلك الحالة، وتحقيق هذه المسألة قد تقدم هناك، ونقلت عن النووي أن هذا الحديث مشكل على من يقول: الفعل الكثير في الصلاة مبطل وإن كان سهوًا، وقلنا نحن: أن لا مخرج منه إلا بحمله [على] أن هذا كان خاصًّا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - كإجابة دعائه على المصلي في صلاته. باب الغيبة 6052 - استدل على حرمة الغيبة بقوله تعالى: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} [الحجرات: 12] والغيبة -بكسر الغين- ذكر الإنسان غائبًا بما يكرهه، وإن كان المغتاب صادقًا في قوله، وإلا كان بهتانًا لا غيبة، ثم روى حديث الرجلين الذين يعذبان في قبورهما، وقد سلف في أبواب الوضوء، وموضع الدلالة هنا أن أحدهما كان يمشي بالنميمة والنميمة نقل الكلام على وجه الإفساد، ولا شك أن أحدًا لا يرضى بذلك، فهذا نوع من

47 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - «خير دور الأنصار»

عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى قَبْرَيْنِ فَقَالَ «إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ، أَمَّا هَذَا فَكَانَ لاَ يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ، وَأَمَّا هَذَا فَكَانَ يَمْشِى بِالنَّمِيمَةِ». ثُمَّ دَعَا بِعَسِيبٍ رَطْبٍ، فَشَقَّهُ بِاثْنَيْنِ، فَغَرَسَ عَلَى هَذَا وَاحِدًا وَعَلَى هَذَا وَاحِدًا ثُمَّ قَالَ «لَعَلَّهُ يُخَفَّفُ عَنْهُمَا، مَا لَمْ يَيْبَسَا». طرفه 216 47 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «خَيْرُ دُورِ الأَنْصَارِ» 6053 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى أُسَيْدٍ السَّاعِدِىِّ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «خَيْرُ دُورِ الأَنْصَارِ بَنُو النَّجَّارِ». طرفه 3789 48 - باب مَا يَجُوزُ مِنِ اغْتِيَابِ أَهْلِ الْفَسَادِ وَالرِّيَبِ 6054 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ سَمِعْتُ ابْنَ الْمُنْكَدِرِ سَمِعَ ـــــــــــــــــــــــــــــ الاغتياب، وقد وقع في رواية ابن ماجه لفظ الغيبة بدل النميمة، فإما أنه لم يكن على شرطه فلذلك لم يروه، أو استدل بالخفي على دأبه، ويؤخذ من الروايتين أن صاحب القبر كان في ذلك النوع. باب خير دور الأنصار 6053 - (عن أبي سلمة) هو عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف، و (أبو الزناد) -بكسر الزاي بعدها نون- عبد الله بن ذكوان (أبو أسيد) -بضم الهمزة- مالك بن ربيعة (خير دور الأنصار بنو النجار) الدار منزل الإنسان، ثم أطلق على المحلة، ثم على ساكنيها مجازًا، وهذا هو المراد، والحديث سلف في المناقب , وإنما أورده هنا دلالة على أن تفضيل الفاضل على المفضول ليس من الغيبة، بل إعطاء كل واحد حقه، بل ربما كان ذلك واجبًا كقولنا: أبو بكر أفضل من عمر، وعلي كان الحق ومعاوية كان باغيًا. باب ما يجوز من اغتياب أهل الفساد والريب 6054 - الريب -بكسر الراء وفتح الياء- جمع ريبة مصدر رابني أقلقني، ثم أطلق على

49 - باب النميمة من الكبائر

عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَخْبَرَتْهُ قَالَتِ اسْتَأْذَنَ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «ائْذَنُوا لَهُ بِئْسَ، أَخُو الْعَشِيرَةِ أَوِ ابْنُ الْعَشِيرَةِ». فَلَمَّا دَخَلَ أَلاَنَ لَهُ الْكَلاَمَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قُلْتَ الَّذِى قُلْتَ، ثُمَّ أَلَنْتَ لَهُ الْكَلاَمَ قَالَ «أَىْ عَائِشَةُ، إِنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنْ تَرَكَهُ النَّاسُ - أَوْ وَدَعَهُ النَّاسُ - اتِّقَاءَ فُحْشِهِ». طرفه 6032 49 - باب النَّمِيمَةُ مِنَ الْكَبَائِرِ 6055 - حَدَّثَنَا ابْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ بَعْضِ حِيطَانِ الْمَدِينَةِ، فَسَمِعَ صَوْتَ إِنْسَانَيْنِ يُعَذَّبَانِ فِي قُبُورِهِمَا فَقَالَ «يُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرَةٍ، وَإِنَّهُ لَكَبِيرٌ، كَانَ أَحَدُهُمَا لاَ يَسْتَتِرُ مِنَ الْبَوْلِ، وَكَانَ الآخَرُ يَمْشِى بِالنَّمِيمَةِ». ثُمَّ دَعَا بِجَرِيدَةٍ فَكَسَرَهَا بِكِسْرَتَيْنِ أَوْ ثِنْتَيْنِ، فَجَعَلَ كِسْرَةً فِي قَبْرِ هَذَا، وَكِسْرَةً فِي قَبْرِ هَذَا، فَقَالَ «لَعَلَّهُ يُخَفَّفُ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا». طرفه 216 ـــــــــــــــــــــــــــــ الشك إطلاق المسبب على سببه، وكذلك أطلق على التهمة، وهذا الثاني هو المراد في الباب. استدله على جواز اغتيابه بحديث عائشة المتقدم آنفًا: أن رجلًا استأذن على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: (بئس أخو العشيرة). وقد ذكرنا هناك أن الرجل هو مخرمة بن نوفل بن أهيب، أو عيينة بن حصن. وفائدة ذكر الفاسق بما فيه عسى أن يبلغه ذلك فيرعوي عنه، وتحذير السامعين من ارتكاب مثله، واتقاء شره (تركه الناس أو ودعه) فيه دلالة على أن لفظ ودع بمعنى ترك فصيح لا كما يزعمه علماء الصرف. 6055 - وحديث المعذبين في قبورهما، والدلالة على أن النميمة كبيرة تقدم قريبًا في باب الغيبة، وقد وقع للغزالي وتبعه الرافعي أنه الغيبة من الصغائر، لكن نقل القرطبي الإجماع على أنها كبيرة تختلف باختلاف أحوال الناس إذ لا يشك أحد أن اغتياب العلماء والصلحاء أقبح من اغتياب غيرهم. (عبيدة) بفتح العين و [كسر] الموحدة (حميد) بضم الحاء مصغر (من بعض حيطان المدينة) جمع حائط، وهي الحديقة إذا كان حولها جدار (وما يعذبان في كبيرة وإنه لكبير) أي: لم يكن ترك ما فعلاه كبيرًا مشقًا على النفس كترك سائر الشهوات وإن كان جرمه كبيرًا عند الله تعالى.

50 - باب ما يكره من النميمة

50 - باب مَا يُكْرَهُ مِنَ النَّمِيمَةِ وَقَوْلِهِ (هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ)، (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ). يَهْمِزُ وَيَلْمِزُ يَعِيبُ. 6056 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ هَمَّامٍ قَالَ كُنَّا مَعَ حُذَيْفَةَ فَقِيلَ لَهُ إِنَّ رَجُلاً يَرْفَعُ الْحَدِيثَ إِلَى عُثْمَانَ. فَقَالَ حُذَيْفَةُ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَتَّاتٌ». 51 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ) 6057 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنِ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ وَالْجَهْلَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ما يكره من النميمة (يهمز ويلمز ويعيب: واحد) هذا موافق لما قاله الجوهري، وقال ابن الأثير اللمز: عيب الإنسان مواجهة، والهمز: عيبه إذا كان كائبًا. 6056 - (أبو نعيم) بضم النون مصغر (همام) بفتح الهاء وتشديد الميم (كنا مع حذيفة فقيل له: إن رجلًا يرفع الحديث إلى عثمان) أي: على وجه الإفساد قيل: هذا الرجل إبراهيم بن الأسود (قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: لا يدخل الجنة قتات) -بفتح القاف وتشديد التاء- من قته: زوره وحسنة. قال ابن الأثير: النمام هو الذي يسمع الحديث وهو بين القوم، قال: والقتات من استرق السمع، والفساس -بتشديد السين المهملة- الذي يسأل عن الأخبار ثم ينمها، والكلام مسوق للتنفير، والمراد عدم دخوله مع السابقين الأولين. قال النووي: هذا إذا لم يكن في النقل مصلحة، والا فهي مستحبة أو واجبة. قلت: بعدما عرفت النميمة بأنها الثقل على وجه الإفساد فلا حاجة إلى هذا القيد. باب قول {وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (30)} [الحج: 30] 6057 - (أبن أبي ذئب) محمد بن عبد الرحمن (من لم يدع قول الزور والعمل به)

52 - باب ما قيل فى ذى الوجهين

فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ». قَالَ أَحْمَدُ أَفْهَمَنِى رَجُلٌ إِسْنَادَهُ. طرفه 1903 52 - باب مَا قِيلَ فِي ذِى الْوَجْهَيْنِ 6058 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «تَجِدُ مِنْ شَرِّ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ اللَّهِ ذَا الْوَجْهَيْنِ، الَّذِى يَأْتِى هَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ وَهَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ». طرفه 3494 ـــــــــــــــــــــــــــــ يحتمل أن يكون كل من القول والعمل منه، وأن يكون العمل بما يقول غيره من الزور، والحديث سلف في أبواب الصوم، وأشرنا إلى أن الغرض من الصوم كسر القوى التي هي جند الشيطان ومضعفة النفس، فإذا لم يحصل ذلك الغرض، فهو الذي أشار إليه بقوله: (فليس الله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه). فإن قلت: ما معنى قوله: "والجهل"؟ قلت: الجهل عدم العلم، وقد يقال على تصوير الشيء على خلاف ما هو عليه وهو الجهل المركب، وليس شيء منهما بمراد، بل المراد ما نشأ من الجهل، وهو السفاهة والخصام الذي أشار إليه في الحديث الآخر بقوله: "وإن شاتمه أحد فليقل: إني صائم". (قال أحمد: أفهمني رجل إسناده) أحمد هو ابن يونس شيخ البخاري، يريد أنه أخذ متن الحديث من شيخه ابن أبي ذئب ولم يتيقن إسناده منه، لكن أفهمه رجل آخر، وهذا الرجل ابن أخي [ابن] أبي ذئب، وقيل في معناه: كنت نسيت الإسناد فأفهمني رجل عظيم دل عليه التنكير، وهو خبط ظاهر. باب ما قيل في ذي الوجهين 6058 - (أبو صالح) السمان (تجد من أشر الناس) أي: واحدًا من الذين اتصفوا بزيادة الشر (ذا الوجهين) وقد فسره بقوله: (يأتي هؤلاء بوجه) ولا يخفى أن الكلام على

53 - باب من أخبر صاحبه بما يقال فيه

53 - باب مَنْ أَخْبَرَ صَاحِبَهُ بِمَا يُقَالُ فِيهِ 6059 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قِسْمَةً، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ وَاللَّهِ مَا أَرَادَ مُحَمَّدٌ بِهَذَا وَجْهَ اللَّهِ. فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرْتُهُ، فَتَمَعَّرَ وَجْهُهُ وَقَالَ «رَحِمَ اللَّهُ مُوسَى، لَقَدْ أُوذِىَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ». طرفه 3150 54 - باب مَا يُكْرَهُ مِنَ التَّمَادُحِ 6060 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَبَّاحٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ حَدَّثَنَا بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ: ـــــــــــــــــــــــــــــ طريق الاستعارة، فإنه لما أظهر لطائفة خلاف ما أظهر للطائفة الأخرى فكأنه جاء هؤلاء بغير ذلك الوجه الأول. ضد هذا من سعى في إصلاح ذات البين بين طائفتين يكذب لكل طائفة. وفي رواية أبي داود: "من كان له وجهان في الدنيا له لسانان من النار يوم القيامة" وإنما كان شر الناس؛ لأن فعله شبه فعل المنافق الذي هو شر الكفرة. باب من أخبر صاحبه بما يقال فيه 6059 - (قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قسمة فقال رجل من الأنصار: ما أراد محمد بهذا وجه الله) كان هذا في حين قسم أموال هوازن. فإن قلت: نسبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الجور كفر، فكيف صدر عن الأنصاري؟ قلت: كم من الأنصار من منافق، وناهيك في ابن أبي ابن سلول فإنه خزرجي منافق، أو صدر عنه ذلك الكلام بادرة من غير قصد إلى معناه، وأما إبلاغ ابن مسعود كلامه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليأخذ حذره منه، أو ليدله من وجه الإيثار لبعض الناس في تلك القسمة كما سبق في كلام الأنصار حين آثر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعض الناس، فأجاب بأنه إنما فعل ليتألفهم [على] الإسلام. باب ما يكره من التمادح التمادح: أن يمدح كل واحد صاحبه. 6060 - (محمد [بن] الصباح) بفتح الصاد وتشديد الباء [(بريد)] مصغر برد (أبو بردة)

55 - باب من أثنى على أخيه بما يعلم

سَمِعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلاً يُثْنِى عَلَى رَجُلٍ وَيُطْرِيهِ فِي الْمِدْحَةِ فَقَالَ «أَهْلَكْتُمْ - أَوْ قَطَعْتُمْ - ظَهْرَ الرَّجُلِ». طرفه 2663 6061 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ خَالِدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلاً ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَثْنَى عَلَيْهِ رَجُلٌ خَيْرًا، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «وَيْحَكَ قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ - يَقُولُهُ مِرَارًا - إِنْ كَانَ أَحَدُكُمْ مَادِحًا لاَ مَحَالَةَ فَلْيَقُلْ أَحْسِبُ كَذَا وَكَذَا. إِنْ كَانَ يُرَى أَنَّهُ كَذَلِكَ، وَحَسِيبُهُ اللَّهُ، وَلاَ يُزَكِّى عَلَى اللَّهِ أَحَدًا». قَالَ وُهَيْبٌ عَنْ خَالِدٍ «وَيْلَكَ». طرفه 2662 55 - باب مَنْ أَثْنَى عَلَى أَخِيهِ بِمَا يَعْلَمُ وَقَالَ سَعْدٌ مَا سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ لأَحَدٍ يَمْشِى عَلَى الأَرْضِ إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، إِلاَّ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلاَمٍ. 6062 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ ذَكَرَ فِي الإِزَارِ مَا ذَكَرَ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ عامر بن أبي موسى (سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلًا يثني على رجل ويطريه) الإطراء: التجاور عن الحد في المدح من الطراوة، وهي كون الشيء غضًّا طريًّا. (أهلكتم أو قطعتم ظهر الرجل) قطع الظهر كناية عن الإهلاك فإن قولهم: الإنسان يظهر، وكذا قطع العنق في الحديث بعده، والمراد القتل المعنوي إذ الممدوح يغتر بذلك الكلام، وهذا إذا كان الممدوح ممن يداخله العجب ويخاف عليه الغرور، وإلا فكم مدح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، وكم لهم فيه من المدائح نظمًا ونثرًا. 6061 - (إن كان أحدكم مادحًا لا محالة فليقل: أحسب كذا) أي: أظن ولا يجزم لأن باطن الأمر لا يعلمه غير الله (إن كان يُرى) بضم الياء أي: يظن (والله حسيبه) أي: محاسبه إن كان مخلصًا في ذلك أو غير مخلص، (ولا يزكي على الله أحدًا) ويروى على بناء المجهول بفتح الكاف، ولا أزكي بصيغة التكلم، والمراد نفي العلم بباطنه، فإن ذلك شأن علام الغيوب. باب من أثنى على أخيه بما يعلم 6062 - روى سعد: أنه لم يسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في أحد أنه من أهل الجنة غير

56 - باب قول الله تعالى (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذى القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغى يعظكم لعلكم تذكرون)

إِزَارِى يَسْقُطُ مِنْ أَحَدِ شِقَّيْهِ. قَالَ «إِنَّكَ لَسْتَ مِنْهُمْ». طرفه 3665 56 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِى الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْىِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) وَقَوْلِهِ (إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ) (ثُمَّ بُغِىَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ) وَتَرْكِ إِثَارَةِ الشَّرِّ عَلَى مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ. 6063 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ مَكَثَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - كَذَا وَكَذَا يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَأْتِى أَهْلَهُ وَلاَ يَأْتِى، قَالَتْ عَائِشَةُ فَقَالَ لِى ذَاتَ يَوْمٍ «يَا عَائِشَةُ إِنَّ اللَّهَ أَفْتَانِى فِي أَمْرٍ اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ، أَتَانِى رَجُلاَنِ، فَجَلَسَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رِجْلَىَّ وَالآخَرُ عِنْدَ رَأْسِى، فَقَالَ الَّذِى عِنْدَ ـــــــــــــــــــــــــــــ عبد الله بن سلام سلف حديثه قي المناقب مسندًا , وكذا حديث إزار أبي بكر سبق في باب من جر ثوبه خيلاء، وقد أسلفت أن مدح هؤلاء ليس مذمومًا للعلم بأنهم لا يغترون بذلك. باب قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ} [النحل: 90] 6063 - استدل على مضمون الآيات الثلاث بعدم انتقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من اليهود لما سحروه، مع أنه لو عاقبهم كان له ذلك، فدل على أن الإحسان إلى من أساء حسن، وإن كان كافرًا، والحديث سلف مع شرحه في أبواب الطب، ونشير إلى بعض ألفاظه: (مكث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كذا وكذا) كناية عن المدة، وقد جاء صريحًا في رواية النسائي: "شهرين" (يخيل إليه) بضم الأولى وتشديد الثانية على بناء المجهول (أتاني رجلان) أي: ملكان في

57 - باب ما ينهى عن التحاسد والتدابر

رِجْلَىَّ لِلَّذِى عِنْدَ رَأْسِى مَا بَالُ الرَّجُلِ قَالَ مَطْبُوبٌ. يَعْنِى مَسْحُورًا. قَالَ وَمَنْ طَبَّهُ قَالَ لَبِيدُ بْنُ أَعْصَمَ. قَالَ وَفِيمَ قَالَ فِي جُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ فِي مُشْطٍ وَمُشَاقَةٍ، تَحْتَ رَعُوفَةٍ فِي بِئْرِ ذَرْوَانَ». فَجَاءَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «هَذِهِ الْبِئْرُ الَّتِى أُرِيتُهَا كَأَنَّ رُءُوسَ نَخْلِهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ، وَكَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الْحِنَّاءِ». فَأَمَرَ بِهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَأُخْرِجَ. قَالَتْ عَائِشَةُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَهَلاَّ - تَعْنِى - تَنَشَّرْتَ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَمَّا اللَّهُ فَقَدْ شَفَانِى، وَأَمَّا أَنَا فَأَكْرَهُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى النَّاسِ شَرًّا». قَالَتْ وَلَبِيدُ بْنُ أَعْصَمَ رَجُلٌ مِنْ بَنِى زُرَيْقٍ حَلِيفٌ لِيَهُودَ. طرفه 3175 57 - باب مَا يُنْهَى عَنِ التَّحَاسُدِ وَالتَّدَابُرِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى (وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ). 6064 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ صورة الرجال (مطبوب) أي: مسحور. قال ابن الأثير: كنوا بالطب في السحر تفاؤلًا كما كنوا عن اللديغ بالسليم (في جف طلعة) -بضم الجيم وفتح الطاء- وعاء الطلع (ومشاقة) -بضم الميم وتخفيف القاف- ما يخرج من الكتان إذا مشط (تحت رعوفة) بفتح الراء، وفي رواية: "راعوفة" حجر يكون في أسفل البئر يقف عليه من يصلح البئر وينقيه. (نقاعة الحناء) -بضم النون وفتح القاف المخففة- الماء الذي ينقع به الحناء (رجل من بني زريق) -بضم المعجمة- بطن من الأنصار (حليف اليهود) وكان أيضًا يهوديًّا. باب ما ينهى عن التحاسد الحسد: تمني زوال الخير عن أحد من الناس وحصوله لك، وأما إذا تمنى أن يكون له مثل ما لزيد مثلًا فذلك اغتباط لا بأس به، واستدل على قبح الحسد بقوله تعالى: {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} [الفلق: 5] والوجه فيه ظاهر. 6064 - (بشر) بكسر الباء الموحدة، وسكون الشين المعجمة (معمر) بفتح الميمين وسكون العين (همام) بفتح الهاء وتشديد الميم. (إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث)

وَلاَ تَحَسَّسُوا، وَلاَ تَجَسَّسُوا، وَلاَ تَحَاسَدُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا، وَلاَ تَبَاغَضُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا». طرفه 5143 6065 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَبَاغَضُوا، وَلاَ تَحَاسَدُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا، وَلاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ». طرفه 6076 ـــــــــــــــــــــــــــــ وذلك أن الحكم إن كان لموجب كالضرورة والبرهان وجري العادة فلا يحتمل النقيض بوجه فهو العلم، وإن لم يكن لموجب، وإن كان مع الجزم فلا يحتمل في الحال، وإن كان محتملًا في المآل لعدم الموجب فهو الاعتقاد، والظن: هو الحكم بالرجحان فيحتمل في الحال والمآل، ولا حكم مع الشك والوهم، فاتضح أن الظن أي: المظنون -أكذب الحديث، ولبعض الناس هنا خبط عظيم، وقد أطلعناك [على] الحق المبين، والله الموفق والمعين. (ولا تجسسوا ولا تحسسَوا) قال ابن الأثير: الأول بالجيم والثاني بالحاء، قيل: هما بمعنى، وهو طلب معرفة الأخبار، وقيل: التجسس يكون للغير، وبالحاء لنفسك، وقيل: بالجيم كشف العورات، وبالحاء: طلب استماع الأخبار (ولا تحاسدوا) التحاسد إنما يكون من الطرفين، وإذا كان هذا مذمومًا ففي الطرف الواحد من باب الأولى (ولا تدابروا) قيل: معناه لا تتهاجروا بحيث إذا لقي صاحبه ولى دبره، وقيل: لا تغتابوا (وكونوا عباد الله إخوانًا) عباد الله نصب على جملة معترضة، وإخوانًا خبر كان، وفيه إشارة إلى ما تقدم من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يؤمن أحدكم حتى يُحِبَّ لأخيه ما يحب لنفسه" ففيه تعليل للنهي عن التحاسد. 6065 - (ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام) يريد الأخوة في الإسلام، وتمام الحديث في الرواية الأخرى، وهو أن يلقاه فيعرض عنه ولا يسلم عليه.

58 - باب (يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا)

58 - باب (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلاَ تَجَسَّسُوا) 6066 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ، وَلاَ تَحَسَّسُوا، وَلاَ تَجَسَّسُوا، وَلاَ تَنَاجَشُوا، وَلاَ تَحَاسَدُوا، وَلاَ تَبَاغَضُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا». طرفه 5143 59 - باب مَا يَكُونُ مِنَ الظَّنِّ 6067 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَا أَظُنُّ فُلاَنًا وَفُلاَنًا يَعْرِفَانِ مِنْ دِينِنَا شَيْئًا». قَالَ اللَّيْثُ كَانَا رَجُلَيْنِ مِنَ الْمُنَافِقِينَ. طرفه 6068 6068 - حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بِهَذَا وَقَالَتْ دَخَلَ عَلَىَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمًا ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ما يكون من الظن وفي بعضها: ما يجوز والمعنى واحد. 6067 - 6568 - (عفير) بضم العين مصغر، وكذا (عقيل)، (ما أظن فلانًا وفلانًا يعرفان من ديننا شيئًا) وصرح بأنهما كانا منافقين. فإن قلت: ترجم على الظن وفي الحديث نفي الظن؟ قلت: نفي الظن من أحد الطرفين يدل على وجوده في الطرف الآخر عرفًا، وقيل: أراد بالظن: الجزم، وإنما عبر بالظن لأنه أحسن العبارة، وهذا مع كونه ليس بجواب لا يدل على الترجمة وأجاب بعضهم بأن ما في الحديث ظن النفي لا نفي الظن، وليس بشيء لأنه المنفي هو الظن المتعلق بهذين الرجلين. فإن قلت: قد سبق أن الظن أكذب الحديث؟ قلت: ليس فيه أن لا حكم بالظن، بل التحذير من الإخبار بكل ما ظن، وقد يقارب الظن اليقين ألا ترى إلى قوله تعالى: {إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ (12)} [الحجرات: 12] فقد دَلَّ على سلامة بعض الظن (يكير) بضم الباء مصغر.

60 - باب ستر المؤمن على نفسه

وَقَالَ «يَا عَائِشَةُ مَا أَظُنُّ فُلاَنًا وَفُلاَنًا يَعْرِفَانِ دِينَنَا الَّذِى نَحْنُ عَلَيْهِ». طرفه 6067 60 - باب سَتْرِ الْمُؤْمِنِ عَلَى نَفْسِهِ 6069 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ أَخِى ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «كُلُّ أُمَّتِى مُعَافًى إِلاَّ الْمُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنَ الْمَجَانَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلاً، ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ، فَيَقُولَ يَا فُلاَنُ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ». 6070 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ كَيْفَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ فِي النَّجْوَى قَالَ «يَدْنُو ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ستر المؤمن على نفسه 6069 - (ابن أخي ابن شهاب) محمد بن عبد الله (كل أمتي معافىً إلا المجاهرون) وفي بعضها "إلا المجاهرين" وهذا ظاهر، وأما وجه الأول مع أن المستثنى في الكلام الموجب يجب نصبه مع أن المستثنى في الموجب قد يرفع على الابتداء، أما مع الخبر كما في الحديث قلت: الذي في هذا الحديث تآويل أخرى، هو أن هذا الكلام في المعنى غير موجب؛ لأن المعافاة عدم الابتلاء. فإن قلت: ما معنى: "كل أمتي معافى"؟ قلت: معناه كل فرد منهم في معرض السلامة والعفو إلا المجاهر، فإنه مسرف بعيد عن العافية، وكان الظاهر أن يقول: معفو عنه أو أن يقول: في عافية إلا أنه أخرجه على زنة المفاعلة مبالغة (وإن من المجانة) وفي رواية: "وإن من الهجار" بتقديم الهاء أما المجانة بالجيم وتخفيف النون فقد قال الجوهري: عدم مبالاة الإنسان بما يفعله، وأما الهجار فمن الهجر بضم الهاء وهو الفحش، وفي أكثرها "الجهار .. ضد السر وهو ظاهر. 6070 - (أبو عوانة) -بفتح العين- الوضاح الواسطي (محرز) بتقديم المهملة على المعجمة (أن رجلًا سأل ابن عمر كيف سمعت [رسول الله - صلى الله عليه وسلم -] يقول في النجوى؟) اسم

61 - باب الكبر

أَحَدُكُمْ مِنْ رَبِّهِ حَتَّى يَضَعَ كَنَفَهُ عَلَيْهِ فَيَقُولُ عَمِلْتَ كَذَا وَكَذَا. فَيَقُولُ نَعَمْ. وَيَقُولُ عَمِلْتَ كَذَا وَكَذَا. فَيَقُولُ نَعَمْ. فَيُقَرِّرُهُ ثُمَّ يَقُولُ إِنِّى سَتَرْتُ عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، فَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ». طرفه 2441 61 - باب الْكِبْرِ وَقَالَ مُجَاهِدٌ (ثَانِىَ عِطْفِهِ) مُسْتَكْبِرٌ فِي نَفْسِهِ، عِطْفُهُ رَقَبَتُهُ. 6071 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا مَعْبَدُ بْنُ خَالِدٍ الْقَيْسِىُّ عَنْ حَارِثَةَ بْنِ وَهْبٍ الْخُزَاعِىِّ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ الْجَنَّةِ، كُلُّ ضَعِيفٍ مُتَضَاعِفٍ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّهُ، أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ النَّارِ كُلُّ عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ». طرفه 4918 6072 - وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ حَدَّثَنَا ـــــــــــــــــــــــــــــ بمعنى المناجاة وهي الكلام بين الاثنين لا يسمع ثالث، أو بين طائفة دون أخرى، والمراد به في الحديث كلامه تعالى مع عبيده بحيث لا يطلع عليه غيره (يضع كنفه عليه) الكنف بثلاث فتحات: قال ابن الأثير: هو في الأصل الجانب، والكلام على طريقة التمثيل أي: يجعل تحت ظل رحمته (إني سترت عليك في الدنيا). فإن قلت: ترجم على ستر العبد، وهذا ستر الله على العبد؟ قلت: هو ستر العبد كسبًا، وستر الله عليه خلقًا. وقد أشرنا إلى أن هذا في شأن مؤمن أراد الله مغفرته، وأيضًا فيما عدا حقوق العباد إلا إذا أراد الله إرضاء خصمه من فضله. باب الكبر أي: بيان حكم الكبر و {ثَانِيَ عِطْفِهِ (9)} [الحج: 9] مستكبر) قال الجوهري: العِطف -بكسر العين- جانب الشخص من رأسه إلى وركه، وتفسيره بالمستكبر تفسير باعتبار اللازم، فإن الثاني العطف من شأن المستكبر. 6071 - 6072 - (معبد) بفتح الميم وسكون العين (الخزاعي) بضم الخاء المعجمة وزاي كذلك (ألا أخبركم بأهل الجنة؟ كل ضعيف) لعدم أكل وشرب يورث السمن والبدانة (متضعف) بفتح الضاد والعين أي: الذي يستضعفه الناس لرثاثة حاله (لو أقسم على الله لأبره) لعظم قدره عند الله لا يرد دعاءه (ألا أخبركم بأهل النار؟ [كل] عتل) هو الجافي الفظ الغليظ (جواظ) -بفتح الجيم وتشديد الواو- الجموع للمال المنوع للحق (قال محمد بن عيسى) هو شيخ البخاري، والرواية عنه بقال؛ لأنه سمع الحديث مذاكرة.

62 - باب الهجرة

أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ كَانَتِ الأَمَةُ مِنْ إِمَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَتَأْخُذُ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَتَنْطَلِقُ بِهِ حَيْثُ شَاءَتْ. 62 - باب الْهِجْرَةِ وَقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثٍ». 6073 و 6074 و 6075 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى عَوْفُ بْنُ مَالِكِ بْنِ الطُّفَيْلِ - هُوَ ابْنُ الْحَارِثِ وَهْوَ ابْنُ أَخِى عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لأُمِّهَا - أَنَّ عَائِشَةَ حُدِّثَتْ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ قَالَ فِي بَيْعٍ أَوْ عَطَاءٍ أَعْطَتْهُ عَائِشَةُ وَاللَّهِ لَتَنْتَهِيَنَّ عَائِشَةُ، أَوْ لأَحْجُرَنَّ عَلَيْهَا. فَقَالَتْ أَهُوَ قَالَ هَذَا قَالُوا نَعَمْ. قَالَتْ هُوَ لِلَّهِ عَلَىَّ نَذْرٌ، أَنْ لاَ أُكَلِّمَ ابْنَ الزُّبَيْرِ أَبَدًا. فَاسْتَشْفَعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَيْهَا، حِينَ طَالَتِ الْهِجْرَةُ فَقَالَتْ لاَ وَاللَّهِ لاَ أُشَفِّعُ فِيهِ أَبَدًا، وَلاَ أَتَحَنَّثُ إِلَى نَذْرِى. فَلَمَّا طَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الهجرة (وقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث) أي: ثلاث ليال، يريد مع أيامها لما تقدم آنفًا "ثلاثة أيام". 6075 - (عوف بن الطفيل هو ابن أخي عائشة) وفي بعض النسخ هكذا عوف بن مالك بن الطفيل بن حارث بن سمرة الأزدي. كان عبد الله بن الحارث حليفًا لأبي بكر الصديق، فلما توفي تزوج الصديق بامرأته أم رومان أم عائشة. وأما على ما رواه غيره واختاره علي بن المديني، فالراوي: عوف بن الحارث بن الطفيل، ففيه تسامح لأنه ابن ابن الأخ (أن عائشة حُدثت) على بناء المجهول كانت أم المؤمنين عائشة كثيرة البر والصدقات، وابن الزبير معروف [بالخسة] فقال وهو خليفة (لتنتهين) عن كثرة العطاء (أو لأحجرن عليها) يعني حجر السفه (فقالت: أهو قال هذا؟ قالوا نعم، قالت: هو لله علي نذر) هو ضمير الشأن (أن لا أكلم ابن الزبير أبدًا) (والله لا أشفع فيه أبدًا) بضم الهمزة وتشديد الفاء المكسورة (ولا أتحنث إلى نذري) أي: في نذري إلى بمعنى في كذا جاء في رواية معمر.

ذَلِكَ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ كَلَّمَ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ، وَهُمَا مِنْ بَنِى زُهْرَةَ، وَقَالَ لَهُمَا أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ لَمَّا أَدْخَلْتُمَانِى عَلَى عَائِشَةَ، فَإِنَّهَا لاَ يَحِلُّ لَهَا أَنْ تَنْذُرَ قَطِيعَتِى. فَأَقْبَلَ بِهِ الْمِسْوَرُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ مُشْتَمِلَيْنِ بِأَرْدِيَتِهِمَا حَتَّى اسْتَأْذَنَا عَلَى عَائِشَةَ فَقَالاَ السَّلاَمُ عَلَيْكِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، أَنَدْخُلُ قَالَتْ عَائِشَةُ ادْخُلُوا. قَالُوا كُلُّنَا قَالَتْ نَعَمِ ادْخُلُوا كُلُّكُمْ. وَلاَ تَعْلَمُ أَنَّ مَعَهُمَا ابْنَ الزُّبَيْرِ، فَلَمَّا دَخَلُوا دَخَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ الْحِجَابَ، فَاعْتَنَقَ عَائِشَةَ وَطَفِقَ يُنَاشِدُهَا وَيَبْكِى، وَطَفِقَ الْمِسْوَرُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ يُنَاشِدَانِهَا إِلاَّ مَا كَلَّمَتْهُ وَقَبِلَتْ مِنْهُ، وَيَقُولاَنِ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَمَّا قَدْ عَلِمْتِ مِنَ الْهِجْرَةِ، فَإِنَّهُ لاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثِ لَيَالٍ. فَلَمَّا أَكْثَرُوا عَلَى عَائِشَةَ مِنَ التَّذْكِرَةِ وَالتَّحْرِيجِ طَفِقَتْ تُذَكِّرُهُمَا نَذْرَهَا وَتَبْكِى وَتَقُولُ إِنِّى نَذَرْتُ، وَالنَّذْرُ شَدِيدٌ. فَلَمْ يَزَالاَ بِهَا حَتَّى كَلَّمَتِ ابْنَ الزُّبَيْرِ، وَأَعْتَقَتْ فِي نَذْرِهَا ذَلِكَ أَرْبَعِينَ رَقَبَةً. وَكَانَتْ تَذْكُرُ نَذْرَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَتَبْكِى، حَتَّى تَبُلَّ دُمُوعُهَا خِمَارَهَا. طرفه 3503 6076 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَبَاغَضُوا، وَلاَ تَحَاسَدُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا، وَلاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثِ لَيَالٍ». طرفه 6065 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: قطع الرحم حرام، والحنث في اليمين في مثله واجب، وقد كانت عارفه بذلك، ولما حنثت بعد أن أعتقت أربعين نسمة فلم كانت تبكي هذا البكاء الشديد؟ وقد علمت أن أثر الحنث لا سيما إذا كان الحنث واجبًا يرفع بعتق رقبة واحدة؟ قلت: كان أشكالها في إطلاق الندر، فإنها لم تقيد نذرها بشيء مثل عتق رقبة، أو صوم شهر، فلم تدر هل ما فعلته يدفع إثم النذر المطلق أم لا؟ (المسور بن مخرمة) بكسر ميم الأول وفتحه في الثاني (يغوث) بفتح الياء آخره ثاء مثلثة.

63 - باب ما يجوز من الهجران لمن عصى

6077 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِىِّ عَنْ أَبِى أَيُّوبَ الأَنْصَارِىِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثِ لَيَالٍ، يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا، وَخَيْرُهُمَا الَّذِى يَبْدَأُ بِالسَّلاَمِ». طرفه 6237 63 - باب مَا يَجُوزُ مِنَ الْهِجْرَانِ لِمَنْ عَصَى وَقَالَ كَعْبٌ حِينَ تَخَلَّفَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَنَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمُسْلِمِينَ عَنْ كَلاَمِنَا. وَذَكَرَ خَمْسِينَ لَيْلَةً. 6078 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنِّى لأَعْرِفُ غَضَبَكِ ـــــــــــــــــــــــــــــ 6077 - (لا يحل لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا) هذا القيد يعتبر في كل موضع كما أشرنا إليه من أنه المراد من النهي عن الهجران. قال النووي: في قضية فاطمة رضي الله عنها لما هاجرت الصديق حين سألته من فدك لم يكن هجرانها المحرم إذ لم ينقل أنها لقيت أبا بكر فأعرضت عنه، وقيد المؤمن أخرج الكافر، وعندي أن المبتدع والفاسق مثله إلا أن يتوقع منه الرجوع عنه، وقد بينه في الباب الذي بعده. باب [ما] يجوز من الهجران لمن عصى (وقال كعب) هو ابن مالك الأنصاري أحد الثلاثة الذين قال الله فيهم: {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا (118)} [التوبة: 118] وهذا الذي أشار إليه كعب بقوله: (ونهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن كلامنا وذكر خمسين ليلة) وحديث كعب أصل في الهجران لمن عصى. 6078 - (محمد) كذا وقع غير منسوب هنا، وقد نسبه البخاري في بعض المواضع ابن سلام هو الراوي عن عبدة. وحديث عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (إني لأعرف غضبك

64 - باب هل يزور صاحبه كل يوم أو بكرة وعشيا

وَرِضَاكِ». قَالَتْ قُلْتُ وَكَيْفَ تَعْرِفُ ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «إِنَّكِ إِذَا كُنْتِ رَاضِيَةً قُلْتِ بَلَى وَرَبِّ مُحَمَّدٍ. وَإِذَا كُنْتِ سَاخِطَةً قُلْتِ لاَ وَرَبِّ إِبْرَاهِيمَ». قَالَتْ قُلْتُ أَجَلْ لَسْتُ أُهَاجِرُ إِلاَّ اسْمَكَ. طرفه 5228 64 - باب هَلْ يَزُورُ صَاحِبَهُ كُلَّ يَوْمٍ أَوْ بُكْرَةً وَعَشِيًّا 6079 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ مَعْمَرٍ. وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَأَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَىَّ إِلاَّ وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ، وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْهِمَا يَوْمٌ إِلاَّ يَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - طَرَفَىِ النَّهَارِ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً، فَبَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ فِي بَيْتِ أَبِى بَكْرٍ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ قَالَ قَائِلٌ هَذَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي سَاعَةٍ لَمْ يَكُنْ يَأْتِينَا فِيهَا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ مَا جَاءَ بِهِ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ إِلاَّ أَمْرٌ. قَالَ «إِنِّى قَدْ أُذِنَ لِى بِالْخُرُوجِ». طرفه 476 ـــــــــــــــــــــــــــــ ورضاك) قد سلف، وإنما رواه في باب هجران من عصى، دلالة على أن مثل هذا الهجران الذي بناؤه على الإدلال ليس من العصيان في شيء، ألا ترى أنها قالت: (أجل لا أهاجر إلا اسمك)؟ إشارة إلى أن الحب في القلب كامن، ولقد ألم بهذا المعنى أبو الطيب حيث [قال]: وما الهجر إلا الوصل ما لم يكن قلبي. باب هل يزور صاحبه كل يوم بكرة وعشيًّا 6079 - وفي بعضها: بكرة أو عشيًّا، وأو بمعنى الواو ليوافق حديث الباب (في نحر الظهيرة) أي: في أول وقت الظهر. فإن قلت: كيف التوفيق بين هذا الحديث وحديث أبي هريرة "زُرْ غبًا تزد حبًا"؟ قلت: ذاك بناء على عدم كمال الصحبة والامتزاج بلغ الأمر غايته. قال شيخنا: حديث "زر غبًا" ورد بطرق، ولا يخلو واحد منها عن مقال، وعلى تقدير صحته عام مخصص.

65 - باب الزيارة ومن زار، قوما فطعم عندهم

65 - باب الزِّيَارَةِ وَمَنْ زَارَ، قَوْمًا فَطَعِمَ عِنْدَهُمْ وَزَارَ سَلْمَانُ أَبَا الدَّرْدَاءِ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَكَلَ عِنْدَهُ. 6080 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - زَارَ أَهْلَ بَيْتٍ فِي الأَنْصَارِ فَطَعِمَ عِنْدَهُمْ طَعَامًا، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ أَمَرَ بِمَكَانٍ مِنَ الْبَيْتِ، فَنُضِحَ لَهُ عَلَى بِسَاطٍ، فَصَلَّى عَلَيْهِ، وَدَعَا لَهُمْ. طرفه 670 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: مجيء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى أبي بكر طرفي النهار، كان الأولى بذلك أبو بكر؟ قلت: ذكروا في الجواب أشياء لا يعول عليها، والذي اختار شيخنا أنه كان إذا جاء إلى أبي بكر أمن من أذى المشركين بخلاف ما لو جاء إليه أبو بكر، وهذا لا يغني شيئًا، والحق أن مجيئه إليه لأنه لم يكن له شغل يمنعه بخلاف أبي بكر، فإنه كان تاجرًا مشغولًا بحرفته، وأيضًا كثرة مجيء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوجب له تعظيمًا، فأراد ذلك بخلاف كثرة ترداد أبي بكر، فإنه ربما عد سوء أدب، وهذا كثير بين الملوك وخواصهم. باب الزيارة، ومن زار قومًا فطعم عندهم تعليق زيارة سلمان أبا الدرداء وأكله عنده سلف في المناقب مسندًا. 6080 - (عن خالد الحذاء) بتشديد الذال المعجمة والمد (عن أنس أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زار أهل بيت من الأنصار فطعم عندهم) يحتمل أن يريد عتبان بن مالك لما صلى في بيته فصنع له خريدة، وأن يريد لما زار جدته مليكة فحلبوا له شاة وسقوه اللبن المشوب بالماء، وآخر الحديث أوفق بهذا الاحتمال، وفي الحديث دلالة على أن من زاره إنسان من السنة أن يطعم، وقد اشتهر أن من زار إنسانًا ولم يطعم عنده فكأنما زار ميتًا.

66 - باب من تجمل للوفود

66 - باب مَنْ تَجَمَّلَ لِلْوُفُودِ 6081 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى قَالَ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ قَالَ لِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مَا الإِسْتَبْرَقُ قُلْتُ مَا غَلُظَ مِنَ الدِّيبَاجِ وَخَشُنَ مِنْهُ. قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ يَقُولُ رَأَى عُمَرُ عَلَى رَجُلٍ حُلَّةً مِنْ إِسْتَبْرَقٍ فَأَتَى بِهَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اشْتَرِ هَذِهِ فَالْبَسْهَا لِوَفْدِ النَّاسِ إِذَا قَدِمُوا عَلَيْكَ. فَقَالَ «إِنَّمَا يَلْبَسُ الْحَرِيرَ مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ». فَمَضَى فِي ذَلِكَ مَا مَضَى، ثُمَّ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ إِلَيْهِ بِحُلَّةٍ فَأَتَى بِهَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ بَعَثْتَ إِلَىَّ بِهَذِهِ، وَقَدْ قُلْتَ فِي مِثْلِهَا مَا قُلْتَ قَالَ «إِنَّمَا بَعَثْتُ إِلَيْكَ لِتُصِيبَ بِهَا مَالاً». فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَكْرَهُ الْعَلَمَ فِي الثَّوْبِ لِهَذَا الْحَدِيثِ. طرفه 886 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من تجمل للوفود 6081 - روى في الباب حديث عمر لما رأى حلة تباع فأتى بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال: (اشتر هذه لتلبسها للوفود) وقد سلف مرارًا، وموضع الدلالة أنه يجوز للإنسان التجمل بما يحل لبسه للوفد والأعياد والجمع. فإن قلت: الإستبرق والديباج متنافيان، فما معنى قوله: (الإستبرق ما غلظ من الديباج)؟ قلت: من ابتدائية أي: كائن منه زائد عليه في الغلظ. فإن قلت: ليس في الحديث ذكر العلم فما معنى قوله: (فكان ابن عمر يكره العلم في الثوب لهدا الحديث)؟ قلت: قد سلف أن الحلة التي أتى بها عمر كانت سيراء، والسيراء: ما كان فيها خطوط.

67 - باب الإخاء والحلف

67 - باب الإِخَاءِ وَالْحِلْفِ وَقَالَ أَبُو جُحَيْفَةَ آخَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ سَلْمَانَ وَأَبِى الدَّرْدَاءِ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ لَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ آخَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنِى وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ. 6082 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ لَمَّا قَدِمَ عَلَيْنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَآخَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ». طرفه 2049 6083 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَبَّاحٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ قَالَ قُلْتُ لأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَبَلَغَكَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ حِلْفَ فِي الإِسْلاَمِ». فَقَالَ قَدْ حَالَفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ قُرَيْشٍ وَالأَنْصَارِ فِي دَارِى. طرفه 2294 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الإخاء والحِلْف الإخاء: مصدر كالمؤاخاة، والحِلْف -بكسر الحاء وسكون اللام- قال ابن الأثير: هو المعاقدة والمعاهدة على التعاضد والتساعد على الحق ونصر المظلوم، وكانوا في الجاهلية يحالفون على التعاون على الفتن والشرور، فما ورد في الحديث: "لا حلف في الإسلام" ونظيره محمول على ذلك، وما قاله في الحديث الآخر: "كل حلف كان في الجاهلية فلا يزيده الإسلام إلا وكاده" محمول على التعاون في الحق، رواه مسلم والترمذي. (وقال أبو جحيفة) -بضم الجيم مصغر- اسمه وهب (آخى النبي -صلى الله عليه وسلم- بين سلمان وأبي الدرداء) أبو الدرداء اسمه عويمر. 6082 - 6083 - (حميد) بضم الحاء مصغر، ثم روى إخاء عبد الرحمن بن عوف مع سعد بن الربيع، وقد سلف في أبواب البيع (وحالف بين قريش والأنصار) أي: بين

68 - باب التبسم والضحك

68 - باب التَّبَسُّمِ وَالضَّحِكِ وَقَالَتْ فَاطِمَةُ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ - أَسَرَّ إِلَىَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَضَحِكْتُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى. 6084 - حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ رِفَاعَةَ الْقُرَظِىَّ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَبَتَّ طَلاَقَهَا، فَتَزَوَّجَهَا بَعْدَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الزَّبِيرِ، فَجَاءَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ رِفَاعَةَ فَطَلَّقَهَا آخِرَ ثَلاَثِ تَطْلِيقَاتٍ، فَتَزَوَّجَهَا بَعْدَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الزَّبِيرِ، وَإِنَّهُ وَاللَّهِ مَا مَعَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلاَّ مِثْلُ هَذِهِ الْهُدْبَةِ، لِهُدْبَةٍ أَخَذَتْهَا مِنْ جِلْبَابِهَا. قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ المهاجرين والأنصار، وقد سلف أنهم كانوا يتوارثون به إلى أن نزل قوله تعالى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} [الأحزاب:6]. باب التبسم والضحك الفرق بينهما: أن الضحك معه الصوت دون التبسم، ثم روى حديث فاطمة لما أسر إليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فضحكت، وقد سلف في وفاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الحديث مطولًا, وأن سبب ضحكها أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخبرها أنها أول لاحق به (قال ابن عباس: إن الله هو أضحك وأبكى) سلف هذا التعليق في أبواب الجنائز، ورد بذلك على من يقول: إن الميت يعذب ببكاء الحي عليه. 6084 - (حبان بن موسى) بكسر الحاء وباء موحدة، ثم روى حديث امرأة رفاعة لما طلقها وتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير، وهو حديث العسيلة المشهورة، وقد سلف في أبواب النكاح مشروحًا، وموضع الدلالة هنا أنها لما قالت: (ما معه إلا مثل هذه الهدبة) تريد بيان رخاوة ذكره تبسم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (رفاعة) بكسر الراء (الزبير) بفتح [الزاي المشددة

وَأَبُو بَكْرٍ جَالِسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَابْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ جَالِسٌ بِبَابِ الْحُجْرَةِ لِيُؤْذَنَ لَهُ، فَطَفِقَ خَالِدٌ يُنَادِى أَبَا بَكْرٍ، يَا أَبَا بَكْرٍ أَلاَ تَزْجُرُ هَذِهِ عَمَّا تَجْهَرُ بِهِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَا يَزِيدُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى التَّبَسُّمِ ثُمَّ قَالَ «لَعَلَّكِ تُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِى إِلَى رِفَاعَةَ، لاَ، حَتَّى تَذُوقِى عُسَيْلَتَهُ، وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ». طرفه 2639 6085 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَعِنْدَهُ نِسْوَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ يَسْأَلْنَهُ وَيَسْتَكْثِرْنَهُ، عَالِيَةً أَصْوَاتُهُنَّ عَلَى صَوْتِهِ، فَلَمَّا اسْتَأْذَنَ عُمَرُ تَبَادَرْنَ الْحِجَابَ، فَأَذِنَ لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَدَخَلَ وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَضْحَكُ فَقَالَ أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِى أَنْتَ وَأُمِّى فَقَالَ «عَجِبْتُ مِنْ هَؤُلاَءِ اللاَّتِى كُنَّ عِنْدِى، لَمَّا سَمِعْنَ صَوْتَكَ تَبَادَرْنَ الْحِجَابَ». فَقَالَ أَنْتَ أَحَقُّ أَنْ يَهَبْنَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِنَّ فَقَالَ يَا عَدُوَّاتِ أَنْفُسِهِنَّ أَتَهَبْنَنِى وَلَمْ تَهَبْنَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْنَ إِنَّكَ أَفَظُّ وَأَغْلَظُ ـــــــــــــــــــــــــــــ وكسر] الموحدة (فطفق خالد) هو ابن سعيد بن العاص أي: شرع (حتى تذوقي عسيلته) كناية عن الجماع، وهي كناية في غاية الحلاوة، وأشار بلفظ التصغير، إلا أنه لا يشترط الوقاع على وجه الكمال، بل يكفي في ذلك أدنى ما يقع عليه اسم الوقاع، وقدره الفقهاء بالحشفة أو مقدارها. 6085 - (كيسان) بفتح الكاف وسكون الياء، روى حديث عمر أنه استأذن على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعنده نسوة يتحدثن، فلما عرفن استئذان عمر تبادرن الحجاب، والحديث سلف في المناقب، وموضع الدلالة هنا قوله: (فدخل عمر ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يضحك) وقد أشرنا سابقًا أن ضحكه عبارة عن التبسم (يستكثرنه) أي: في الكلام (عالية أصواتهن) برفع عالية صفة نسوة -بالنصب على الحال- لأن النكرة موصوفة (إنك أفظ وأفلظ) الفظاظة في القول، والغلاظة في القلب. قال تعالى: {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ} [آل عمران: 159]. فإن قلت: صيغة التفضيل تدل على أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يشارك في أصل الفعل؟ قلت:

مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِيهٍ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ سَالِكًا فَجًّا إِلاَّ سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ». طرفه 3294 6086 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبِى الْعَبَّاسِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ لَمَّا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالطَّائِفِ قَالَ «إِنَّا قَافِلُونَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ». فَقَالَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لاَ نَبْرَحُ أَوْ نَفْتَحَهَا. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «فَاغْدُوا عَلَى الْقِتَالِ». قَالَ فَغَدَوْا فَقَاتَلُوهُمْ قِتَالاً شَدِيدًا وَكَثُرَ فِيهِمُ الْجِرَاحَاتُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّا قَافِلُونَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ». قَالَ فَسَكَتُوا فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ كُلَّهُ بِالْخَبَرِ. طرفه 4325 ـــــــــــــــــــــــــــــ الأمر كذلك، ألا ترى إلى قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 73] آيه قال ابن الأثير: هذه كلمة من أسماء الأفعال إذا وِصلت بما بعدها نونت بالجر إن كان المراد استزادة الحديث، بالنصب إذا أريد الإسكات. (ما لقيك الشيطان سالكًا فجًّا إلا سلك فجًّا غير فجك) الفج: الطريق الواسع سواء كان بين الجبلين أو لا. قال تعالى: {يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} [الحج: 72] يحتمل أن يكون الكلام على ظاهره، وأن يكون مجازًا على عدم وسوسته وتأثيرها في عمر لصلابته في الدين، وفي إيثار الفج على الطريق مبالغة؛ لأنه إذا فر منه في الطريق الواسع ففي غيرها من باب الأولى. 6086 - (قتيبة) بضم القاف مصغر (عن أبي عباس) هو الشاعر السائب بن فروخ (عن عبد الله بن عمر) وفي بعضها: ابن عمرو بن العاص، وفي رواية مسلم: عبد الله بن عمرو، يعني ابن العاص. قيل: هذا أشبه بالصواب؛ لأن أبا العاص في أحاديث، وليس له رواية عن ابن عمر إلا في هذا الحديث المختلف فيه. قال شيخنا: اتفق الكل على أنه عمر بن الخطاب إلا الحموي، والصواب الأول (لما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالطائف) أي: مقيمًا على فتح الطائف بعد حنين قال (إنا قافلون غدًا إن شاء الله) أي: راجعون إلى المدينة، وقد سلف هناك أنه إنما قفل لأنه لم يؤذن له في القيام على فتحه، وموضع الدلالة هنا قوله لما قال ثانيًا: (إنا قافلون غدًا فسكتوا فضحك).

6087 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ أَتَى رَجُلٌ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ هَلَكْتُ وَقَعْتُ عَلَى أَهْلِى فِي رَمَضَانَ. قَالَ «أَعْتِقْ رَقَبَةً». قَالَ لَيْسَ لِى. قَالَ «فَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ». قَالَ لاَ أَسْتَطِيعُ. قَالَ «فَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا». قَالَ لاَ أَجِدُ. فَأُتِىَ بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ - قَالَ إِبْرَاهِيمُ الْعَرَقُ الْمِكْتَلُ فَقَالَ «أَيْنَ السَّائِلُ تَصَدَّقْ بِهَا». قَالَ عَلَى أَفْقَرَ مِنِّى وَاللَّهِ مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَفْقَرُ مِنَّا. فَضَحِكَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ. قَالَ «فَأَنْتُمْ إِذًا». طرفه 1936 6088 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأُوَيْسِىُّ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كُنْتُ أَمْشِى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِىٌّ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ، فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِىٌّ فَجَبَذَ بِرِدَائِهِ جَبْذَةً شَدِيدَةً - قَالَ أَنَسٌ فَنَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ أَثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ الرِّدَاءِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ - ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ مُرْ لِى ـــــــــــــــــــــــــــــ 6087 - (حميد) بضم الحاء مصغر. روى عن أبي هريرة حديث من واقع امرأته في رمضان، وقد سلف في أبواب الصوم وبعده مرارًا، وموضع الدلالة هنا قوله: (فضحك حتى بدت نواجذه) بذال معجمة. قال ابن الأثير: الأشهر أنه أواخر الأسنان قال: وهو محمول على كمال التبسم لا على ظاهره، وقد سلف في أبواب الصيام لفظ الأنياب، والأنياب دون النواجذ. فإما أن يحمل على كل واحد باعتبار الأوقات، أو على المجاز في أحدهما. وقد أجاب بعضهم: أن الضحك كان [في] أوقات، نادرًا، والتبسم: ظهور الأسنان بلا صوت، والضحك معه صوت (والله ما بين لابيتها بيت أفقر منا) اللابة -بالباء الموحدة- الحرة (فأنتم إذًا) أي: إذا كان الأمر كذلك [فأنتم] أولى به. وقد سلف أن هذا خاص بذلك الرجل. 6088 - ثم روى عن أنس (أنه كان مع النبي -صلى الله عليه وسلم- وعليه برد نجراني) بفتح النون وسكون الجيم نسبة إلى نجران. والحديث سلف في المغازي، وموضع الدلالة هنا أن الأعرابي لما جبذه بردائه جبذًا شديدة فنظر إليه فضحك، إما تعجبًا من جرأته عليه، أو سرورًا بما أنعم الله عليه من كمال الحلم.

مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِى عِنْدَكَ. فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ فَضَحِكَ، ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ. طرفه 3149 6089 - حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ عَنْ جَرِيرٍ قَالَ مَا حَجَبَنِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مُنْذُ أَسْلَمْتُ، وَلاَ رَآنِى إِلاَّ تَبَسَّمَ فِي وَجْهِى. طرفه 3020 6090 - وَلَقَدْ شَكَوْتُ إِلَيْهِ أَنِّى لاَ أَثْبُتُ عَلَى الْخَيْلِ، فَضَرَبَ بِيَدِهِ فِي صَدْرِى وَقَالَ «اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا». طرفه 3035 6091 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحِى مِنَ الْحَقِّ، هَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ غُسْلٌ إِذَا احْتَلَمَتْ قَالَ «نَعَمْ إِذَا رَأَتِ الْمَاءَ». فَضَحِكَتْ أُمُّ سَلَمَةَ فَقَالَتْ أَتَحْتَلِمُ الْمَرْأَةُ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «فَبِمَ شَبَهُ الْوَلَدِ». طرفه 130 6092 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنَا عَمْرٌو أَنَّ أَبَا النَّضْرِ حَدَّثَهُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ مَا رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - مُسْتَجْمِعًا قَطُّ ضَاحِكًا حَتَّى أَرَى مِنْهُ لَهَوَاتِهِ، إِنَّمَا كَانَ يَتَبَسَّمُ. طرفه 4828 6093 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ. وَقَالَ لِى خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه أَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ 6089 - (ابن نمير) بضم النون مصغر، اسمه عبد الله بن إدريس عبد الله الأزدي، وحديث جرير (ما حجبني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منذ أسلمت) أي: بعد الاستئذان، ألا ترى أنه حجب عمر بعد الاستئذان مرارًا، وحمله على العطاء بعيد، والحديث سبق في المناقب، وموضع الدلالة هنا (ولا رآني إلا تبسم في وجهي). 6092 - (أن أبا النضر) بضاد معجمة اسمه [سالم]، (ما رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- مستجمعًا قط ضاحكًا) أي: كاملًا في الضحك من استجمع الفرس جريه (حتى أرى لهواته) -بفتح اللام- جمع لهاة: قطعة لحم في سقف أقصى الحلق، ولا ينافي هذا حديث أبي هريرة: "ضحك حتى بدت نواجذه" لأن عائشة أخبرت عن عدم رؤيتها، وذاك عن رؤيته والمثبت مقدم، وقد أشرنا هناك أن ذلك محمول على كمال التبسم. 6093 - (محمد بن محبوب) من المحبة (أبو عوانة) بفتح العين (زريع) بضم الزاي

69 - باب قول الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) وما ينهى عن الكذب

رَجُلاً جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهْوَ يَخْطُبُ بِالْمَدِينَةِ فَقَالَ قَحَطَ الْمَطَرُ فَاسْتَسْقِ رَبَّكَ، فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ وَمَا نَرَى مِنْ سَحَابٍ، فَاسْتَسْقَى فَنَشَأَ السَّحَابُ بَعْضُهُ إِلَى بَعْضٍ، ثُمَّ مُطِرُوا حَتَّى سَالَتْ مَثَاعِبُ الْمَدِينَةِ، فَمَا زَالَتْ إِلَى الْجُمُعَةِ الْمُقْبِلَةِ مَا تُقْلِعُ، ثُمَّ قَامَ ذَلِكَ الرَّجُلُ أَوْ غَيْرُهُ وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ فَقَالَ غَرِقْنَا فَادْعُ رَبَّكَ يَحْبِسْهَا عَنَّا. فَضَحِكَ ثُمَّ قَالَ «اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا». مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا. فَجَعَلَ السَّحَابُ يَتَصَدَّعُ عَنِ الْمَدِينَةِ يَمِينًا وَشِمَالاً، يُمْطَرُ مَا حَوَالَيْنَا، وَلاَ يُمْطِرُ مِنْهَا شَىْءٌ، يُرِيهِمُ اللَّهُ كَرَامَةَ نَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَإِجَابَةَ دَعْوَتِهِ. طرفه 932 69 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) وَمَا يُنْهَى عَنِ الْكَذِبِ 6094 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِى إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِى إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يَكُونَ صِدِّيقًا، وَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِى إِلَى ـــــــــــــــــــــــــــــ مصغر زرع (قحط المطر) بفتح القاف، ويجوز في الحاء الفتح والكسر، والفتح أعلى، قاله في: "المحكم"، وحكي بضم القاف وكسر الحاء، ومعنى الكل: الاحتباس، وهذا الحديث سلف في أبواب الاستسقاء، وموضع الدلالة هنا قوله: (ضحك فقام ذلك الرجل أو غيره) وقد سلف منا هناك أنه ذلك الرجل (حتى سالت مثاعب المدينة) -بالثاء المثلثة وعين مهملة- جمع مثعب بفتح الميم مسيل الماء (ولا علينا) عطف على مقدر أي: اجعله حوالينا ولا تجعله علينا (فجعل السحاب) أي: شرع (يتصدع) يتفرق. [باب قوله تعالى:] {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119)} [التوبة: 119] 6094 - (إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة) الصدق مطابقة الخبر للواقع، والمراد الملازمة على الصدق، والمراد بالهداية التسبب في الإيصال، و (البر) -بكسر

الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِى إِلَى النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ، حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا». 6095 - حَدَّثَنَا ابْنُ سَلاَمٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِى سُهَيْلٍ نَافِعِ بْنِ مَالِكِ بْنِ أَبِى عَامِرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلاَثٌ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ». طرفه 33 6096 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «رَأَيْتُ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِى قَالاَ الَّذِى رَأَيْتَهُ يُشَقُّ شِدْقُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ الباء- الخير الكثير الواسع من البر ضد البحر (وإن الرجل ليصدق حتى يكون صديقًا) يكون صديقًا أي: يلازم الصدق، ويؤيده قوله في الرواية الأخرى "يتحرى الصدق" (والصّديق) -بكسر الصاد- صيغة مبالغة، وقيل: هو من تصدق أفعاله أقواله (وإن الكذب يهدي إلى الفجور) ذكر الهداية هنا على طريق المشاكلة؛ لأنه الإرشاد إلى طريق الصواب قاله الجوهري، والفجور: المعصية من الفجر، وهو الشق قال الراغب: لأن المعصية تشق ثوب الديانة، قال ابن الأثير: معناه يؤدي إلى الاستغراق في المعاصي، (وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابًا) أي: يلازم الكذب؛ لأن المراد الإشارة إلى أنه من الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقيين، وهذا شيء لا دلالة عليه، ولا إشارة إليه من لفظ يكون ناب عنه، والجواب أنه أشار إلى أن رحمة الله غالبة على غضبه، فمن جانب الصدق لا يحتاج إلى الكتبة، بل لمجرد فعله يدخل في زمرة الصديقين، لأن الكتبة لزيادة الوثوق، فالشيء اللازم في نفسه لا يحتاج إلى مزيد توكيد، وأيضًا كونه صديقًا؛ يستلزم اتصافه بالصدق بخلاف كتبه صديقًا لأنه أعم تأمل. 6095 - (ابن سلام) بتخفيف اللام محمد (عن أبي سهيل) بضم السين مصغر (آية المنافق ثلاث) الآية العلامة، وقد سلف الحديث في أبواب الإيمان، وليس المراد حقيقة المنافق الذي قال الله في شأنه {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} [النساء: 145] بل المراد المشابهة من وجه. 6096 - (أبو رجاء) -بفتح الراء والمد- عمران العطاردي (سمرة) بفتح السين وضم الميم (جندب) بضم الجيم وفتح الدال (فالذي رأيته يشق شدقه) -بكسر الشين- طرف الفم.

70 - باب فى الهدى الصالح

فَكَذَّابٌ يَكْذِبُ بِالْكَذْبَةِ تُحْمَلُ عَنْهُ حَتَّى تَبْلُغَ الآفَاقَ فَيُصْنَعُ بِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ». طرفه 845 70 - باب فِي الْهَدْىِ الصَّالِحِ 6097 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ قُلْتُ لأَبِى أُسَامَةَ حَدَّثَكُمُ الأَعْمَشُ سَمِعْتُ شَقِيقًا قَالَ سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ يَقُولُ إِنَّ أَشْبَهَ النَّاسِ دَلاًّ وَسَمْتًا وَهَدْيًا بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لاَبْنُ أُمِّ عَبْدٍ، مِنْ حِينَ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ إِلَى أَنْ يَرْجِعَ إِلَيْهِ، لاَ نَدْرِى مَا يَصْنَعُ فِي أَهْلِهِ إِذَا خَلاَ. طرفه 3762 6098 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُخَارِقٍ سَمِعْتُ طَارِقًا قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ إِنَّ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَأَحْسَنَ الْهَدْىِ هَدْىُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 7277 ـــــــــــــــــــــــــــــ وفتح التاء في: رأيته. هذه رؤيا طويلة رآها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تقدمت في أواخر الجنائز. (فكذاب). فإن قلت: دخول الفاء في خبر الموصول شرطه العموم ليشابه الشرط، فكيف دخلت على الموصول الذي أريد به واحد معين؟ قلت: قد أجاب ابن مالك بأنه جعل ذلك المعين كالعام، وهذا الذي قاله تكلف، بل الجواب أن الموصولات موضوعة بوضع عام، وإن كان الموضوع له الجزئيات المخصوصة، ويكفي في تصحيح دخول الفاء ذلك الوضع العام. باب الهدي الصالح 6097 - 6098 - (قلت لأبي أسامة) بضم الهمزة (حدثكم الأعمش) بتقدير حرف استفهام، وحذف الجواب لدلالة السياق عليه (ان أشبه الناس دلًا وسمتًا وهديًا برسول الله -صلى الله عليه وسلم- لابن أم عبد) هو عبد الله بن مسعود. قال ابن الأثير: الدل بفتح [الدال] مع ما عطف عليه من السمت والهدي عبارة عما جبل عليه الإنسان في الوقار وحسن الطريقة. قلت: عطف بعض هذه الأمور على البعض يشعر بالتغاير، والظاهر أن الدل ما يكون في أفعاله كالمشي والجلوس، والهدي: ما يكون في الطاعات كما يظهر في قوله: (خير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-)، وفي الحديث الآخر:"هدينا مخالف لهدي أهل الأوثان"، وقد روى

71 - باب الصبر على الأذى

71 - باب الصَّبْرِ عَلَى الأَذَى وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ). 6099 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِى الأَعْمَشُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِىِّ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَيْسَ أَحَدٌ - أَوْ لَيْسَ شَىْءٌ - أَصْبَرَ عَلَى أَذًى سَمِعَهُ مِنَ اللَّهِ، إِنَّهُمْ لَيَدْعُونَ لَهُ وَلَدًا، وَإِنَّهُ لَيُعَافِيهِمْ وَيَرْزُقُهُمْ». طرفه 7378 ـــــــــــــــــــــــــــــ البخاري في "الأدب المفرد": (الهدي الصالح والسمت الصالح والاقتصاد جزء من خمسة وعشرين جزءًا من النبوة"، والسمت ما يكون في بدن الإنسان من حسن الشمائل (من حين يخرج من بيته إلى أن يرجع إليه لا ندري ما يصنع في أهله إذا خلا) قوله: لا تدري جواب كأنه لما أخبر عن حاله إذا كان خارجًا سئل عن حاله في أهله، فأجاب بأنه لا يدري. (وأحسن الهدي هدي محمد) يريد شريعته التي وضع فيها الأغلال والآصار، وإليه أشار بقوله: "جئتكم بالحنيفية السمحاء، لو كان ابن عمران حيًّا لما وسعه إلا اتباعي". باب الصبر في الأذى 6099 - (عن أبي عبد الرحمن السلمي) بضم السين واسمه: عبد الله (ليس أحد وليس شيء أصبر على أذى سمعه من الله) الصبر حبس النفس على المكروه، وذاك محال في شأنه تعالى، فالمراد لازمه وهو عدم معاجلة العصاة بالعقاب. فإن قلت: من أسمائه تعالى الصبور والحليم، ما الفرق بينهما؟ قلت: أجاب ابن الأثير: المذنب عقابه كما يأمن الحليم، وهذا الذي قاله لازم المعنى، والتحقيق أن الحلم عدم المعاجلة بالعقوبة عند الغضب، ألا ترى إلى ما ورد من دعائه -صلى الله عليه وسلم-:"يا حليمًا عند الغضب".

72 - باب من لم يواجه الناس بالعتاب

6100 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ سَمِعْتُ شَقِيقًا يَقُولُ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ قَسَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قِسْمَةً كَبَعْضِ مَا كَانَ يَقْسِمُ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ وَاللَّهِ إِنَّهَا لَقِسْمَةٌ مَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ. قُلْتُ أَمَّا أَنَا لأَقُولَنَّ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَتَيْتُهُ وَهْوَ فِي أَصْحَابِهِ فَسَارَرْتُهُ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ وَغَضِبَ، حَتَّى وَدِدْتُ أَنِّى لَمْ أَكُنْ أَخْبَرْتُهُ ثُمَّ قَالَ «قَدْ أُوذِىَ مُوسَى بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَصَبَرَ». طرفه 3150 72 - باب مَنْ لَمْ يُوَاجِهِ النَّاسَ بِالْعِتَابِ 6101 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَتْ عَائِشَةُ صَنَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - شَيْئًا فَرَخَّصَ فِيهِ فَتَنَزَّهَ عَنْهُ قَوْمٌ فَبَلَغَ ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 6100 - (قسم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-) أي: مال الغنيمة (فقال رجل من الأنصار: والله إنها لقسمة ما أريد بها وجه الله) قد تقدم قريبًا أن هذا الرجل كان منافقًا، وإن كان من الأنصار نسبًا، أو كان هذا كلامًا صدر منه فلتة (قلت: أما لأقولن) بفتح الهمزة وتخفيف الميم (لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-) أي: ما قاله الرجل، ظن أن ذلك من النصح الذي يجب عليه، وتأذي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يكن من أجل أن ما فعله ابن مسعود لم يكن حسنًا إذ لو كان كذلك لنهاه عن مثله (قد أوذي موسى بأكثر من ذلك فصبر) فإن سفهاء بني إسرائيل كانوا أكثر سفهًا. باب من لم يولجه الناس بالعتاب 6101 - (مسلم) يجوز أن يكون ابن صبيح، وأن يكون البطين، فإن كلًّا منهما يروي عن مسروق (صنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئًا فرخص فيه) ليس المراد منه الرخصة المتعارفة، وهي ما تكون في مقابلة العزيمة، بل قلة العمل وعشرة النساء والنوم في بعض الليل (فتنزه عنه قوم) أي: أعرضوا عنه ولم يعملوا به، وعللوا ذلك بأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا قل عمله يصلح له ذلك، فإنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. كذا جاء في الرواية الأخرى، وكانوا قد أخطؤوا في ذلك؛ لأنه وإن كان الأمر على ما ذكروا ولكنه أبر وأتقى، والحكم الذي بعثه الله لذو مرض الجهل، فلو صح لهم ذلك لأرشدهم إليه.

73 - باب من كفر أخاه بغير تأويل فهو كما قال

النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَخَطَبَ فَحَمِدَ اللَّهَ ثُمَّ قَالَ «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَتَنَزَّهُونَ عَنِ الشَّىْءِ أَصْنَعُهُ، فَوَاللَّهِ إِنِّى لأَعْلَمُهُمْ بِاللَّهِ وَأَشَدُّهُمْ لَهُ خَشْيَةً». طرفه 7301 6102 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ - هُوَ ابْنُ أَبِى عُتْبَةَ مَوْلَى أَنَسٍ - عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا، فَإِذَا رَأَى شَيْئًا يَكْرَهُهُ عَرَفْنَاهُ فِي وَجْهِهِ. طرفه 3562 73 - باب مَنْ كَفَّرَ أَخَاهُ بِغَيْرِ تَأْوِيلٍ فَهْوَ كَمَا قَالَ 6103 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالاَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ أَخْبَرَنَا عَلِىُّ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لأَخِيهِ يَا كَافِرُ فَقَدْ بَاءَ بِهِ أَحَدُهُمَا». ـــــــــــــــــــــــــــــ (ما بال أقوام) هذا موضع الدلالة على الترجمة، فإنه أجمل ولم يواجه من قاله. قال ابن بطال: هذا إنما كان فيما يتعلق بنفسه، وأما إذا انتهكت حرمة الله كان يصدع بالحق. ليس كما زعم، بل هذا شأنه في المواطن كلها كما قال في المخلفين عن صلاة الجماعة، وكما قال في قصة بريرة. وفائدة هذا الأسلوب من الكلام: الرفق بالناس، وهي أدعى إلى الامتثال. 6102 - (وكان أشد حياء من العذراء في خدرها) -بكسر المعجمة- ستر في جانب البيت تكون وراءه العذارى (فإذا رأى شيئًا يكرهه عرفناه في وجهه) هذا موضع الدلالة؛ لأنه لم يواجه مَن فعل ذلك المكروه. باب من كفر أخاه من غير تأويل فهو كما قال أي: يكفر هو، وهذا إذا قاله معتقدًا، وأما إذا صدر منه على طريقة السب أو متأولًا بأنه بكفر الحق وستره، فلا يكفر بذلك. 6103 - (محمد) كذا وقع غير منسوب، وقد نسبه ابن السكن: محمد بن يسار، قاله الغساني: (إذا قال الرجل لأخيه: يا كافر) يريد الأخوة في الإسلام (فقد باء به أحدهما) أي: رجع، وأصل البواء اللزوم، وقد أشرنا إلى تحقيقه آنفًا، وقيل: المراد بأحدهما هو القائل، طريقه الكناية قاله الخطابي وليس بشيء؛ لأن القائل إنما يبوء به إن لم يكن المخاطب كذلك، وقياسه هذا على قوله تعالى: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [سبأ: 24] فاسد؛ لأن ذلك في المخاطب المعين على أسلوب كلام المصنف كما تقرر في علم البلاغة، وما في الحديث كلام عام، وكذا ما قيل: إنه يجبره على الكفر إذ تكفير الكافر

74 - باب من لم ير إكفار من قال ذلك متأولا أو جاهلا

وَقَالَ عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ سَمِعَ أَبَا سَلَمَةَ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 6104 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَيُّمَا رَجُلٍ قَالَ لأَخِيهِ يَا كَافِرُ. فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا». 6105 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ غَيْرِ الإِسْلاَمِ كَاذِبًا فَهْوَ كَمَا قَالَ، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَىْءٍ عُذِّبَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، وَلَعْنُ الْمُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ، وَمَنْ رَمَى مُؤْمِنًا بِكُفْرٍ فَهْوَ كَقَتْلِهِ». طرفه 1363 74 - باب مَنْ لَمْ يَرَ إِكْفَارَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ مُتَأَوِّلاً أَوْ جَاهِلاً وَقَالَ عُمَرُ لِحَاطِبٍ إِنَّهُ مُنَافِقٌ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ قَدِ اطَّلَعَ إِلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ قَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ». ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يجبر على الكفر وهو ظاهر (عمار) بفتح العين وتشديد الميم. 6105 - (وهيب) بضم الواو مصغر (عن أبي قلابة) -بكسر القاف- عبد الله بن زيد الجرمي (من حلف بملة غير الإسلام كاذبًا فهو كما قال) مثل ما إذا قال: إن كان الأمر كذا فهو يهودي، ويعلم أنه كاذب في ذلك، وأما إذا لم يكن معتقدًا ما قاله ولا كاذبًا فعليه التقريع البالغ لإشعاره بتعظيم الباطل (ولعن المؤمن كقتله) في كل منهما كبيرة ولا يلزم المساواة، وكذا قوله: (ومن رمى مؤمنًا بكفر) فإن عِرض المؤمن كدمه. باب من لم ير إكفار من قال متأولًا أو جاهلًا (وقال عمر بن الخطاب لحاطب بن أبي بلتعة: إنه نافق) أي: قاله في شأنه، إذ لو خاطبه لقال: إنك منافق. فإن قلت: من أي قبيل كان كلام عمر؟ قلت: قال بعض الشارحين: هو من قبيل

6106 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَادَةَ أَخْبَرَنَا يَزِيدُ أَخْبَرَنَا سَلِيمٌ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ - رضى الله عنه - كَانَ يُصَلِّى مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ يَأْتِى قَوْمَهُ فَيُصَلِّى بِهِمُ الصَّلاَةَ، فَقَرَأَ بِهِمُ الْبَقَرَةَ - قَالَ - فَتَجَوَّزَ رَجُلٌ فَصَلَّى صَلاَةً خَفِيفَةً، فَبَلَغَ ذَلِكَ مُعَاذًا فَقَالَ إِنَّهُ مُنَافِقٌ. فَبَلَغَ ذَلِكَ الرَّجُلَ، فَأَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا قَوْمٌ نَعْمَلُ بِأَيْدِينَا، وَنَسْقِى بِنَوَاضِحِنَا، وَإِنَّ مُعَاذًا صَلَّى بِنَا الْبَارِحَةَ، فَقَرَأَ الْبَقَرَةَ فَتَجَوَّزْتُ، فَزَعَمَ أَنِّى مُنَافِقٌ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَا مُعَاذُ أَفَتَّانٌ أَنْتَ - ثَلاَثًا - اقْرَأْ (وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا) وَ (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى) وَنَحْوَهَا». طرفه 700 6107 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ حَلَفَ مِنْكُمْ فَقَالَ فِي حَلِفِهِ بِاللاَّتِ وَالْعُزَّى. فَلْيَقُلْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. وَمَنْ قَالَ لِصَاحِبِهِ تَعَالَ أُقَامِرْكَ، فَلْيَتَصَدَّقْ». طرفه 4860 ـــــــــــــــــــــــــــــ التأويل، وليس كذلك، بل هو من قبيل الجهل بالحال، وذلك أن عمر اعتقد نفاق حاطب بما فعله، ولذلك استأذن في قتله، ولم يرد أن أهل بدر لا يؤاخذون بشيء. 6106 - (عبادة) بضم العين وتخفيف الباء (سليم) ابن حيان بضم السين مصغر وفتح الحاء وتشديد المثناة تحت، روى حديث معاذ أنه اقتدى به أنصاري، ثم لما رأى الأنصاري أن البقرة سورة طويلة فصلى صلاة خفيفة فانصرف، والحديث سلف في أبواب [الصلاة] , وموضع الدلالة هنا قول معاذ له (إنه منافق) ويحتمل أن معاذًا قاله متأولًا أي: فعل فعلًا يشبه النفاق، وأن يكون جاهلًا بالحال، فظن أنه بذلك صار منافقًا. 6107 - (إسحاق) كذا وقع غير منسوب. قال الغساني نسَبه ابن السكن: إسحاق بن راهويه، وقال الكلاباذي: هو إسحاق بن منصور، وقول مسلم: روى إسحاق بن منصور عن أبي المغيرة يؤيد ما قاله الكلاباذي، و (أبو المنيرة) هو عبد القدوس بن الحجاج الأوزاعي إمام أهل الشام في زمانه اسمه عبد الرحمن (حميد) بضم الحاء مصغر (من حلف منكم فقال في حلفه باللات والعزى فليقل: لا إله إلا الله) وذلك لأن من اعتقد جواز ذلك لا شك أنه

75 - باب ما يجوز من الغضب والشدة لأمر الله

6108 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما أَنَّهُ أَدْرَكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فِي رَكْبٍ وَهْوَ يَحْلِفُ بِأَبِيهِ، فَنَادَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَلاَ إِنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، فَمَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ، وَإِلاَّ فَلْيَصْمُتْ». طرفه 2679 75 - باب مَا يَجُوزُ مِنَ الْغَضَبِ وَالشِّدَّةِ لأَمْرِ اللَّهِ وَقَالَ اللَّهُ (جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ). 6109 - حَدَّثَنَا يَسَرَةُ بْنُ صَفْوَانَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ دَخَلَ عَلَىَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَفِى الْبَيْتِ قِرَامٌ فِيهِ صُوَرٌ، فَتَلَوَّنَ وَجْهُهُ، ثُمَّ تَنَاوَلَ السِّتْرَ فَهَتَكَهُ، وَقَالَتْ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ يُصَوِّرُونَ هَذِهِ الصُّوَرَ». طرفه 2479 ـــــــــــــــــــــــــــــ يكفر، وبهذا القول يعود إلى الإسلام، ومن لم يعتقد وصدر منه ذلك؛ لأنهم كانوا حديث عهد بالكفر، ربما سبق لسان أحدهم، فهذا كفارة لذلك. 6108 - (أنه أدرك) أي: رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (عمر بن الخطاب وهو يحلف بأبيه) على ما كانوا عليه في الجاهلية، كانوا يعظمون بذلك شأن الأبوة، ولم يكن عمر يعرف النهي عنه، ووجه دلالته على الترجمة أنه لو لم يكن جاهلًا لكان كافرًا؛ لأن أباه كان كافرًا، وتعظيم الكافر كفر، لأن الحلف بالشيء تعظيم له. باب ما يجوز من الغضب والشدة لأمر الله استدل على ذلك بقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 73]) والوجه فيه ظاهر. 6109 - (يسرة بن صفوان) بفتح المثناة من تحت وفتح السين روى عن عائشة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل عليها وفي البيت قرام، والقرام بكسر القاف هو الستر فيه صور أي: صور الحيوان، والحديث سلف، وموضع الدلالة هنا قوله: (إن من أشد الناس عذابًا يوم القيامة المصورون) أي: بعض من كان أشد عذابًا هؤلاء، فلا يتوجه أن الكفار أشد عذابًا

6110 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِى خَالِدٍ حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ أَتَى رَجُلٌ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ إِنِّى لأَتَأَخَّرُ عَنْ صَلاَةِ الْغَدَاةِ مِنْ أَجْلِ فُلاَنٍ مِمَّا يُطِيلُ بِنَا قَالَ فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَطُّ أَشَدَّ غَضَبًا فِي مَوْعِظَةٍ مِنْهُ يَوْمَئِذٍ قَالَ فَقَالَ «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ، فَأَيُّكُمْ مَا صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيَتَجَوَّزْ، فَإِنَّ فِيهِمُ الْمَرِيضَ وَالْكَبِيرَ وَذَا الْحَاجَةِ». طرفه 90 6111 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ بَيْنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى رَأَى فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ نُخَامَةً، فَحَكَّهَا بِيَدِهِ، فَتَغَيَّظَ ثُمَّ قَالَ «إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا كَانَ فِي الصَّلاَةِ فَإِنَّ اللَّهَ حِيَالَ وَجْهِهِ، فَلاَ يَتَنَخَّمَنَّ حِيَالَ وَجْهِهِ فِي الصَّلاَةِ». طرفه 406 6112 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ أَخْبَرَنَا رَبِيعَةُ بْنُ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِىِّ أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ اللُّقَطَةِ فَقَالَ «عَرِّفْهَا سَنَةً، ثُمَّ اعْرِفْ وِكَاءَهَا وَعِفَاصَهَا، ثُمَّ اسْتَنْفِقْ بِهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ منهم، وأما الجواب بأن هؤلاء أيضًا كفرة؛ لأنهم يعملون الأصنام للعبادة فليس بشيء؛ لأن الكلام في المؤمن الذي يفعل ذلك أعم من الصنم، وعلله في الحديث الآخر بأن فيه مضاهاة خلق الله. 6110 - (أبي حازم) بالحاء المهملة (إني لأتأخر عن الصلاة من أجل فلان مما يطيل بنا) هو معاذ بن جبل، تقدم في باب الإمامة من أبواب الصلاة (فمما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قط أشد غضبًا منه يومئذٍ) فيه تفضيل الشيء على نفسه باعتبار الوقتين. وقوله: (مما يطيل بنا) الجار والمجرور بدل اشتمال من أجل فلان. 6112 - (ربيعة) بفتح الراء (المنبعث) بضم الميم وكسر [العين] (الجهني) -بضم الجيم وفتح الحاء- النسبة إلى جهينة قبيلة من الأعراب. روى حديث اللقطة، وقد سلف هناك مشروحًا مع بيان المذاهب فيه (عفاصها) -بكسر العين والفاء والصاد المهملة- الوعاء الذي فيه الدراهم والدنانير (الوكاء) -بكسر الواو- الخيط الذي يربط به.

فَإِنْ جَاءَ رَبُّهَا فَأَدِّهَا إِلَيْهِ». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَضَالَّةُ الْغَنَمِ قَالَ «خُذْهَا، فَإِنَّمَا هِىَ لَكَ، أَوْ لأَخِيكَ، أَوْ لِلذِّئْبِ». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَضَالَّةُ الإِبِلِ قَالَ فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى احْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ - أَوِ احْمَرَّ وَجْهُهُ - ثُمَّ قَالَ «مَالَكَ وَلَهَا، مَعَهَا حِذَاؤُهَا وَسِقَاؤُهَا، حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا». 6113 - وَقَالَ الْمَكِّىُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ. وَحَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنِى سَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ - رضى الله عنه - قَالَ احْتَجَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حُجَيْرَةً مُخَصَّفَةً أَوْ حَصِيرًا، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى فِيهَا، فَتَتَبَّعَ إِلَيْهِ رِجَالٌ وَجَاءُوا يُصَلُّونَ بِصَلاَتِهِ، ثُمَّ جَاءُوا لَيْلَةً فَحَضَرُوا وَأَبْطَأَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْهُمْ، فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ فَرَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ وَحَصَبُوا الْبَابَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ مُغْضَبًا فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا زَالَ بِكُمْ صَنِيعُكُمْ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُكْتَبُ عَلَيْكُمْ، فَعَلَيْكُمْ بِالصَّلاَةِ فِي بُيُوتِكُمْ، فَإِنَّ خَيْرَ صَلاَةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ، إِلاَّ الصَّلاَةَ الْمَكْتُوبَةَ». طرفه 91 ـــــــــــــــــــــــــــــ (لك) أى: أخذها (أو لأخيك) لمالكها إن وجدها (أو للذئب) إن ظفر بها (احمرت وجنتاه) بفتح الواو وسكون الجيم تثنية الوجنة، وهو ما ارتفع فوق الخد (حذاؤها) -بكسر المهملة بعدها ذال معجمة- مجاز عن خف البعير (وسقاؤها) -بكسر السين- ظرف الماء كناية عن صبرها عن العطش. 6113 - (وقال المكي) هو شيخه المكي بن إبراهيم، والرواية بقال؛ لأنه سمع الحديث منه مذاكرة. (محمد بن زياد) بزاي معجمة بعدها مثناة (أبو النضر) بضاد معجمة، عن بسر بن سعيد) بضم الموحدة وسين مهملة (احتجر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حجيرة) بضم الحاء مصغر حجرة، ويروى بالزاي المعجمة (بخصفة أو حصيرًا) تقدم مرارًا الجزم بالحصير، والمخصفة اسم مفعول عن الخصف، وهو ضم الشيء إلى شيء، يريد أنها كانت منسوجة من خوص النخل وهو ورقه (فحصبوا الباب) أي: رموه بالحصباء (فخرج إليهم مغضبًا) شفقة عليهم؛ لأنه خاف أن يفرض عليهم، دل عليه السياق، وصرح [به] سائر الروايات، وقال بعضهم: إنما غضب لأنهم صلوا في مسجده الخاص به من غير إذن، وهذا غلط فاحش غني عن البيان.

76 - باب الحذر من الغضب

76 - باب الْحَذَرِ مِنَ الْغَضَبِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ) (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ). 6114 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ، إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِى يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ». 6115 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ عَدِىِّ بْنِ ثَابِتٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدٍ قَالَ اسْتَبَّ رَجُلاَنِ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ عِنْدَهُ جُلُوسٌ، وَأَحَدُهُمَا يَسُبُّ صَاحِبَهُ مُغْضَبًا قَدِ احْمَرَّ وَجْهُهُ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنِّى لأَعْلَمُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا لَذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ لَوْ قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الحذر من الغضب 6114 - استدل على شؤم الغضب بالآية الأولى وهو ظاهر؛ لأنه مدح من غفر عند الغضب، فدل على أن الغضب يؤدي إلى ما يؤاخد به وأنه منشأ الفساد، وأما الآية الثانية فالظاهر أن الغيظ عند البخاري مرادف للغضب أو مساو له. فإن قلت: ما حقيقة الغضب؟ قلت: ذكر المحققون أنه عبارة عن حالة تعتري الإنسان وتحمله على الانتقام عند غليان دم القلب، وهذا المعنى في الله سبحانه محال، فإذا وصف بالغضب فهو مجاز عن إرادة الانتقام أو عن نفس الانتقام، وتلك الحالة غير اختيارية، والنهي إنما يتوجه على ارتكاب أسبابها والمنع عن إمضائها. ألا ترى إلى قوله: (إنما الشديد من يملك نفسه عند الغضب)، و (الصرعة) بضم الصاد وفتح الراء صيغة مبالغة من يصرع الناس غالبًا، وبسكون الراء من المصارعة ضد الأول. 6115 - (عدي) بفتح العين وكسر الدال وتشديد الياء (صرد) -بضم الصاد وفتح الراء- روى عنه أن رجلين استبا أي: سب كل واحد منهما صاحبه (وأحدهما قد احمر وجهه) من غاية الغضب (فقال رسول الله إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه الغضب، أعوذ بالله من

77 - باب الحياء

الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ». فَقَالُوا لِلرَّجُلِ أَلاَ تَسْمَعُ مَا يَقُولُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ إِنِّى لَسْتُ بِمَجْنُونٍ. 6116 - حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ - هُوَ ابْنُ عَيَّاشٍ - عَنْ أَبِى حَصِينٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَوْصِنِى. قَالَ «لاَ تَغْضَبْ». فَرَدَّدَ مِرَارًا، قَالَ «لاَ تَغْضَبْ». طرفه 3282 77 - باب الْحَيَاءِ 6117 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِى السَّوَّارِ الْعَدَوِىِّ قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ الشيطان الرجيم) أراد بالكلمة هذه الجملة، فلما قيل للرجل ما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (قال: إني لست بمجنون) وهذا كلام جاهل بأسرار الشريعة، وذلك أن النزاع والخصومة إنما هو من الشيطان نزغ، وقد قال تعالى: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الأعراف: 200]. 6116 - (عن أبي حصين) -بفتح الحاء- عثمان الأسدي (أن رجلًا قال للنبي -صلى الله عليه وسلم-: أوصني قال: لا تغضب، فردد مرارًا) أي: كلما قال: أوصني قال له: لا تغضب، وقد جاء في رواية أنه قال ثلاث مرات كأنه كان سريع الغضب، أو لأن الغضب رئيس سائر القوى التي هي جنود الشيطان. وفي "مسند الإمام أحمد" أن هذا الرجل هو جارية بن قدامة بالجيم، وقد أشرنا إلى أن الغضب والعمل بمقتضاه كما أشار إليه بقوله: "الشديد من يملك نفسه عند الغضب" وقد جاء في الحديث:"إن الغضب من الشيطان، وإن الشيطان خلق من النار، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ" وفي الحديث أيضًا: "إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس، وإن كان جالسًا فليضطجع" وإذا تأملت وجدت أكثر القبائح الظاهرة والباطنة صادرة عن الغضب كالقتل ظلمًا، والقدرة في الغيبة والحقد والحسد، ولذلك بالغ في التحذير منه. باب الحياء 6117 - (عن أبي السوار) -بفتح السين وتشديد الواو- حسان بن حريث (عمران بن

سَمِعْتُ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الْحَيَاءُ لاَ يَأْتِى إِلاَّ بِخَيْرٍ». فَقَالَ بُشَيْرُ بْنُ كَعْبٍ مَكْتُوبٌ فِي الْحِكْمَةِ إِنَّ مِنَ الْحَيَاءِ وَقَارًا، وَإِنَّ مِنَ الْحَيَاءِ سَكِينَةً. فَقَالَ لَهُ عِمْرَانُ أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَتُحَدِّثُنِى عَنْ صَحِيفَتِكَ. 6118 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى سَلَمَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما مَرَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى رَجُلٍ وَهْوَ يُعَاتَبُ فِي الْحَيَاءِ يَقُولُ إِنَّكَ لَتَسْتَحْيِى. حَتَّى كَأَنَّهُ يَقُولُ قَدْ أَضَرَّ بِكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «دَعْهُ فَإِنَّ الْحَيَاءَ مِنَ الإِيمَانِ». طرفه 24 6119 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ الْجَعْدِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ مَوْلَى أَنَسٍ - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى عُتْبَةَ - سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ يَقُولُ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا. طرفه 3562 ـــــــــــــــــــــــــــــ حصين) بضم الحاء، الحياء غريزة في الإنسان باعثة على الإتيان بما تحمد عاقبته، وأما تقصير الإنسان في معرفة شيء يجب عليه أو يندب، فذلك عجز لا حياء، وقد سلف الكلام عليه في أبواب الإيمان. (بشير بن كعب) بضم الباء وشين معجمة مصغر (مكتوب في الحكمة) ليس المراد بها علم الفلاسفة، بل علم الأخلاق ودقائق الأسرار، وإنما غضب عمران؛ لأنه حدثه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي [لا] ينطق عن الهوى، فإذا وجد الحديث عنه فلا يليق ذكر غيره لاحتمال الكذب، وقيل: إنما أنكر لأنه جاء في الرواية الأخرى زيادة وهو قوله: "ومن الحياء ما هو ضعف" والوجه ما ذكرناه. 6119 - (علي بن الجعد) بفتح الجيم وسكون العين (كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أشد حياء من العذراء في خدرها) -بكسر الخاء- ستر في جانب البيت، وإنما أكده به؛ لأن وراء الستر لا يطلع عليه إلا الله، فهو غاية في باب الحياء.

78 - باب إذا لم تستحى فاصنع ما شئت

78 - باب إِذَا لَمْ تَسْتَحِى فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ 6120 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ عَنْ رِبْعِىِّ بْنِ حِرَاشٍ حَدَّثَنَا أَبُو مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلاَمِ النُّبُوَّةِ الأُولَى إِذَا لَمْ تَسْتَحِى فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ». طرفه 3483 79 - باب مَا لاَ يُسْتَحْيَا مِنَ الْحَقِّ لِلتَّفَقُّهِ فِي الدِّينِ 6121 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحِى مِنَ الْحَقِّ، فَهَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ غُسْلٌ إِذَا احْتَلَمَتْ فَقَالَ «نَعَمْ إِذَا رَأَتِ الْمَاءَ». طرفه 130 6122 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا مُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ شَجَرَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إذا لم تستح فاصنع ما شئت 6120 - (زهير) بضم الزاي مصغر (ربعي [بن] حراش) بكسر الراء وسكون الموحدة وحاء مهملة آخره شين معجمة (إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستحي فاصنع ما شئت) وفي رواية الإمام أحمد: "آخر ما تعلق به أهل الجاهلية من كلام النبوة الأولى" أي: إن الحياء محمود في الشوائع كلها، وإنه المانع من ارتكاب كل قبيح، ومن لم يكن له حياء فهو يصنع ما شاء أخرجه في صووة الأمر كأنه مأمور به، وقيل: الأمر فيه للإباحة أي: إذا كان الفعل مما لا يستحيى منه فافعله. باب ما لا يستحيا من التفقه في الدين 6121 - روى حديثه أم سليم أنها سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هل على المرأة غسل إذا احتلمت) وقد سلف في أبواب الغسل 6122 - وروى حديث ابن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سأل أن (مثل المؤمن كمثل شجرة

80 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - «يسروا ولا تعسروا»

خَضْرَاءَ، لاَ يَسْقُطُ وَرَقُهَا، وَلاَ يَتَحَاتُّ». فَقَالَ الْقَوْمُ هِىَ شَجَرَةُ كَذَا. هِىَ شَجَرَةُ كَذَا، فَأَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ هِىَ النَّخْلَةُ. وَأَنَا غُلاَمٌ شَابٌّ فَاسْتَحْيَيْتُ، فَقَالَ «هِىَ النَّخْلَةُ». وَعَنْ شُعْبَةَ حَدَّثَنَا خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلَهُ وَزَادَ فَحَدَّثْتُ بِهِ عُمَرَ فَقَالَ لَوْ كُنْتَ قُلْتَهَا لَكَانَ أَحَبَّ إِلَىَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا. طرفه 61 6123 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا مَرْحُومٌ سَمِعْتُ ثَابِتًا أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا - رضى الله عنه - يَقُولُ جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - تَعْرِضُ عَلَيْهِ نَفْسَهَا فَقَالَتْ هَلْ لَكَ حَاجَةٌ فِىَّ فَقَالَتِ ابْنَتُهُ مَا أَقَلَّ حَيَاءَهَا. فَقَالَ هِىَ خَيْرٌ مِنْكِ، عَرَضَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَفْسَهَا. طرفه 5120 80 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «يَسِّرُوا وَلاَ تُعَسِّرُوا» وَكَانَ يُحِبُّ التَّخْفِيفَ وَالْيُسْرَ عَلَى النَّاسِ. 6124 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا النَّضْرُ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى بُرْدَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ خضراء لا يسقط ورقها ولا يتحات) -بفتح التاء أي: لا يتناثر، وتشديد التاء الأخيرة، أي: لا يتناثر، وقد سلف في أبواب العلم وبعده مرارًا، وقد أشرنا إلى أن وجه الشبه كثرة المنافع. وموضع الدلالة قوله: (وأنا غلام شاب فاستحييت) ولم يكن موضع حياء، ولذلك قال عمر: (لو قلت كان أحب إلي من كذا وكذا) أي: من حمر النعم، أو من الدنيا وما فيها. 6123 - (مرحوم) بفتح الميم من الرحمة، روى حديث المرأة التي عرضت نفسها على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وموضع الدلالة قول بنت أنس: (ما أقل حياءها) وقد أخطأت أن طلبت الوصلة إلى صحبة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأن تكون زوجته في الدنيا والآخرة، واعلم أن إطلاقه في أمثال هذه المواضع إنما هو على سبيل المشاكلة، ولو كان حقيقة لم يتوجه اللوم على الترك، فلا ينافي ما تقدم من قوله: الحياء، ولذلك رد عليها أنس أحسن رد. باب قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "يسروا ولا تعسروا" 6124 - (عن النضر بن شميل) بالضاد المعجمة وضم الشين مصغر، و (إسحاق) هذا

عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ لَمَّا بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ قَالَ لَهُمَا «يَسِّرَا وَلاَ تُعَسِّرَا، وَبَشِّرَا وَلاَ تُنَفِّرَا، وَتَطَاوَعَا». قَالَ أَبُو مُوسَى يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا بِأَرْضٍ يُصْنَعُ فِيهَا شَرَابٌ مِنَ الْعَسَلِ، يُقَالُ لَهُ الْبِتْعُ، وَشَرَابٌ مِنَ الشَّعِيرِ، يُقَالُ لَهُ الْمِزْرُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ». طرفه 2261 6125 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى التَّيَّاحِ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَسِّرُوا وَلاَ تُعَسِّرُوا، وَسَكِّنُوا وَلاَ تُنَفِّرُوا». طرفه 69 6126 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا قَالَتْ مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ أَمْرَيْنِ قَطُّ إِلاَّ أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا، مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا، فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ، وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِنَفْسِهِ فِي شَىْءٍ قَطُّ، إِلاَّ أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللَّهِ، فَيَنْتَقِمَ بِهَا لِلَّهِ. طرفه 3560 ـــــــــــــــــــــــــــــ يجوز أن يكون ابن منصور، وأن يكون ابن إبراهيم، وذلك أن كلًّا منهما يروي عن النضر (إنا بأرض يصنع فيها شراب من العسل يقال له: البتع) بكسر الباء الموحدة (ومن الشعير يقال له: المِزر) بكسر الميم بعده زاي معجمة كل مسكر حرام) قليله وكثيره، وخصه أبو حنيفة بخمر العنب، وغيره لا يحرم ما لم يسكر. 6125 - (عن أبي التياح) بفتح الفوقانية وتشديد التحتانية، اسمه يزيد (يسروا ولا تعسروا) الأمر بالشيء ليس نهيًا عن ضده عند طائفة، وكذلك جمع بينهما، أو تصريحًا بما علم التزامًا، وأشار بأحدهما إلى المأمور به، وبالآخر إلى المنهي عنه (وسكنوا) أي: قلوب المؤمنين الذي أقبلوا إلى التوبة بأن تقولوا: عفو الله أعظم من كل ذنب كما جاء صريحًا [فيمن] قتل مئة نفس، وسأل الراهب عن التوبة. 6126 - (ما خير رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين أمرين إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثمًا). فإن قلت: التخيير فيما يكون إثمًا كيف يعقل في حقه؟ قلت: لم يرد التخيير من الله بل مطلقًا، وكان المشركون يقولون: اعبد آلهتنا نعبد إلهك، ويخترعون عليه أشياء (وما انتقم لنفسه في شيء قط إلا أن تنتهك حرمة الله) وأما قتله من هجاه، فإنما كان لقدحه في رسالته، وذلك

6127 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ الأَزْرَقِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ كُنَّا عَلَى شَاطِئِ نَهْرٍ بِالأَهْوَازِ قَدْ نَضَبَ عَنْهُ الْمَاءُ، فَجَاءَ أَبُو بَرْزَةَ الأَسْلَمِىُّ عَلَى فَرَسٍ، فَصَلَّى وَخَلَّى فَرَسَهُ، فَانْطَلَقَتِ الْفَرَسُ، فَتَرَكَ صَلاَتَهُ وَتَبِعَهَا حَتَّى أَدْرَكَهَا، فَأَخَذَهَا ثُمَّ جَاءَ فَقَضَى صَلاَتَهُ، وَفِينَا رَجُلٌ لَهُ رَأْىٌ، فَأَقْبَلَ يَقُولُ انْظُرُوا إِلَى هَذَا الشَّيْخِ تَرَكَ صَلاَتَهُ مِنْ أَجْلِ فَرَسٍ. فَأَقْبَلَ فَقَالَ مَا عَنَّفَنِى أَحَدٌ مُنْذُ فَارَقْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ إِنَّ مَنْزِلِى مُتَرَاخٍ فَلَوْ صَلَّيْتُ وَتَرَكْتُ لَمْ آتِ أَهْلِى إِلَى اللَّيْلِ. وَذَكَرَ أَنَّهُ صَحِبَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَرَأَى مِنْ تَيْسِيرِهِ. طرفه 1211 6128 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ ح وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَالَ فِي الْمَسْجِدِ، فَثَارَ إِلَيْهِ النَّاسُ لِيَقَعُوا بِهِ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «دَعُوهُ، وَأَهْرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ - أَوْ سَجْلاً مِنْ مَاءٍ - فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ، وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ». طرفه 220 ـــــــــــــــــــــــــــــ هتك أعظم حرمات الله على بناء المجهول، وحرمة الله حد من حدوده وحكم من أحكامه. 6127 - (أبو النعمان) -بضم النون- محمد بن الفضل (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم (كنا على شاطئ نهر بالأهواز) بفتح الهمزة آخره زاى معجمة كورة بخوستان (نضب عنه الماء) بضاد معجمة أي: ذهب عنه وارتفع (أبو برزة الأسلمي) واسمه فضلة بضاد معجمة (فصلى) أي: دخل في الصلاة لقوله: فترك الصلاة، (جاء فقضى صلاته) أي: أداها في الوقت، (وفينا وجل) أي رجل من الخوارج يقول في الدين برأيه من غير دليل (ما عَنَّقَني أحد) بتشديد النون أي: وبخني وقرعني، يُعَرِّض بالخارجي (ومنزلي متراخ) بضم الميم وفتح التاءآخره خاء معجمة أي: بعيد عني لا أقدر على المشي إليه. 6128 - ثم روى حديث بول الأعرابي في المسجد، وقد سلف مرارًا، وموضع الدلالة قوله: (إنما بعثتم ميسرين) المبعوث هو حقيقة، وأسند إليهم لأنهم مأمورون بما أمر بهم فكأنهم مبعوثون، و (الذنوب) -بفتح الذال -الدلو العظيم، و (السجل) بفتح السين وسكون الجيم الدلو الملآن.

81 - باب الانبساط إلى الناس

81 - باب الاِنْبِسَاطِ إِلَى النَّاسِ وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ خَالِطِ النَّاسَ وَدِينَكَ لاَ تَكْلِمَنَّهُ. وَالدُّعَابَةِ مَعَ الأَهْلِ. 6129 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو التَّيَّاحِ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - يَقُولُ إِنْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لَيُخَالِطُنَا حَتَّى يَقُولَ لأَخٍ لِى صَغِيرٍ «يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ». طرفه 6203 6130 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كُنْتُ أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَ لِى صَوَاحِبُ يَلْعَبْنَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الاِنْبِسَاطِ إِلَى النَّاسِ المراد باتساع الأخلاق وعدم المضايقة في العشرة من بسط الشيء وسعه (وقال ابن مسعود خالط الناس) أي: عاشرهم وخاطبهم (ودينك لا تَكلِمنَّه) بفتح التاء ويجوز في دينك الرفع، والنصب أحسن، والكلم: الجرح، والكلام على طريقة المجاز، أي: مع المخالطة احفظ على دينك (والدعابة) -بضم الدال والجر داخل في الترجمة- المزاح. 6129 - (أبو التياح) بفتح التاء وتشديد المثناة تحت اسمه يزيد (يا أبا عمير ما فعل النغير) -بضم النون وغين معجمة مصغر نغر على وزن عمر- طائر صغير أحمر المنقار، قالوا: له صوت حسن، واستدل به مَنْ جوز صيد حرم المدينة, ولا دلالة فيه لجواز أن يكون جيء به من خارج الحرم. 6130 - (محمد) كذا وقع غبر منسوب، يجوز أن يكون ابن المثنى، وأن يكون ابن سلام؛ لأن كل واحد منهما يروي عن (أبي معاوية) محمد بن خازم بالخاء المعجمة (عن عائشة قالت: كنت ألعب بالبنات عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) هي اللعب التي تتخذها البنات الصغار، وأم المؤمنين كانت إذ ذاك صغيرة، قد استدل به على جواز ذلك للصغار، وقيل: نسخ قال

82 - باب المداراة مع الناس

مَعِى، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا دَخَلَ يَتَقَمَّعْنَ مِنْهُ، فَيُسَرِّبُهُنَّ إِلَىَّ فَيَلْعَبْنَ مَعِى. 82 - باب الْمُدَارَاةِ مَعَ النَّاسِ وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِى الدَّرْدَاءِ إِنَّا لَنَكْشِرُ فِي وُجُوهِ أَقْوَامٍ، وَإِنَّ قُلُوبَنَا لَتَلْعَنُهُمْ. 6131 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ حَدَّثَهُ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ. أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ فَقَالَ «ائْذَنُوا لَهُ فَبِئْسَ ابْنُ الْعَشِيرَةِ». أَوْ «بِئْسَ أَخُو الْعَشِيرَةِ». فَلَمَّا دَخَلَ أَلاَنَ لَهُ الْكَلاَمَ. فَقُلْتُ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ القاضي عياض: الجمهور على الجواز وعدم النسخ لما نهى عن التصوير. (يتقمعن) بالقاف مضارع انقمع على وزن انقطع أي: يدخلن البيت قال ابن الأثير: من القمع وهو الذي على رأس الثمرة كأنه شبه دخولهن بدخول الثمرة في ذلك القمع (فَيُسَرِّبهُنّ) بضم الياء وتشديد [الراء وبالباء] الموحدة أي: يرسلهن، وفي أحاديث الباب دلالة على استحباب المزاح المباح والتواضع والمساهلة في العشرة مع الأهل والأطفال اقتداء بمن نزل في حقه: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4] لا يكون على الدوام. باب المداراة مع الناس قال ابن الأثير: المداراة ملاينة الناس وحسن العشرة معهم غير مهموز، وقد يهمز. قلت: الأصل أن يكون مهموزًا من الدرء، وهو الدفع كأنه يدفع كل واحد منهما عيب صاحبه والاعتراض عليه. ثم روى ابن الأثير الحديث:"رأس العقل بعد الإيمان مداراة الناس"، وإنما المداهنة المذمومة وهي معاشرة الفساق وعدم النهي عن المنكر (عن أبي الدرداء: إنا لنكشر في وجوه أقوام وإن قلوبنا لتلعنهم) نكشر [بسكون] الكاف وشين معجمة من الكشر وهو ظهور الأسنان للتبسم، وهذا يدل على أنهم كانوا فساقًا لا يقدر على القول معهم لكنه ينكر بقلبه، وهو آخر المراتب في الإيمان، وفيه أن المُضِرّ يجوز لعنه، وفي بعضها بالقاف من القلى وهو البغض. 6131 - (قتيبة) بضم القاف (عن ابن المنكدر) بكسر الدال محمد. روى عن عائشة أن رجلًا استأذن على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: (بئس أخو العشيرة)، فلما دخل ألان له القول، وقد

83 - باب لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين

قُلْتَ مَا قُلْتَ، ثُمَّ أَلَنْتَ لَهُ فِي الْقَوْلِ. فَقَالَ «أَىْ عَائِشَةُ، إِنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ تَرَكَهُ - أَوْ وَدَعَهُ - النَّاسُ اتِّقَاءَ فُحْشِهِ». طرفه 6032 6132 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أُهْدِيَتْ لَهُ أَقْبِيَةٌ مِنْ دِيبَاجٍ مُزَرَّرَةٌ بِالذَّهَبِ، فَقَسَمَهَا فِي نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَعَزَلَ مِنْهَا وَاحِدًا لِمَخْرَمَةَ، فَلَمَّا جَاءَ قَالَ «خَبَأْتُ هَذَا لَكَ». قَالَ أَيُّوبُ بِثَوْبِهِ أَنَّهُ يُرِيهِ إِيَّاهُ، وَكَانَ فِي خُلُقِهِ شَىْءٌ. رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ. وَقَالَ حَاتِمُ بْنُ وَرْدَانَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنِ الْمِسْوَرِ قَدِمَتْ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَقْبِيَةٌ. طرفه 2599 83 - باب لاَ يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ وَقَالَ مُعَاوِيَةُ لاَ حَكِيمَ إِلاَّ ذُو تَجْرِبَةٍ. 6133 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ ـــــــــــــــــــــــــــــ سلف الحديث قريبًا، وأشرنا إلى أن هذا الرجل هو مخرمة بن نوفل بن أهيب، أو عيينة بن حصن الفزاري (أو ابن العشيرة) وعليه اقتصر في "الموطأ" وهو ظاهر في الدلالة على الترجمة، وإنما نبه عليه أولًا ليأخذ الناس حذرهم منه (تركه الناس أو ودعه) الشك من الراوي، وفيه دلالة على أن ودع لغة فصيحة لا كما زعمه علماء الصرف، وأن الماضي منه متروك. 6132 - (مليكة) بضم الميم مصغر (ابن علية) بضم العين وفتح اللام وتشديد الياء إسماعيل بن إبراهيم (أهديت للنبي -صلى الله عليه وسلم- أقبية من ديباج) ما رق من الحرير معرب ديباه، سلف الحديث مرارًا، وموضع الدلالة هنا: (وعزل منها واحدة لمخرمة) وكان هذا قبل حرمة الحرير والذهب، إذ في بعض طريق الحديث أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خرج وعليه قباء مزرر بالذهب. باب لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين 6133 - هذه الترجمة نفس حديث الباب، وقد نبهنا على أن المصنف يفعل هذا كثيرًا

84 - باب حق الضيف

عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ «لاَ يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ». 84 - باب حَقِّ الضَّيْفِ 6134 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ دَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَقُومُ اللَّيْلَ وَتَصُومُ النَّهَارَ». قُلْتُ بَلَى. قَالَ «فَلاَ تَفْعَلْ، قُمْ وَنَمْ، وَصُمْ وَأَفْطِرْ، فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّكَ عَسَى أَنْ يَطُولَ بِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــ من حيث إنه حكم شرعي يترجم عليه، ومن حيث إنه دليل الحكم يأتي به بعده. قال الخطابي: يروى بالجزم على النهي، وبالرفع على النفي. قال: وأصل هذا أن رجلًا أدخل يده في جحر فلدغ منها، ثم أدخل يده ثانيًا فلدغ، ولم يكن ذلك شأن العقل، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخذ أبا عزة الشاعر يوم بدر أسيرًا، فشكا إليه الفقر والبنات فمن عليه، ثم أخذ عليه العهد أن لا يكون عليه، ولا يحرض على حربه في الأشعار، فنقض العهد وخرج مع المشركين يوم أحد، فأخذ أسيرًا فشكا إليه حاله كما شكا يوم بدر، فضرب له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذا المثل وقال له: "لا تمسح بمكة عارضيك وتقول: سخرت من محمد مرتين" فضرب عنقه. فائدة: اللدغ -بالدال المهملة وغين معجمة- لسع ذوات السموم، وبالذال المعجمة وعين مهملة هو الاحتراق بالنار. باب حق الضيف 6134 - (روح) بفتح الراء (عبادة) بضم العين وتخفيف الباء. روى في الباب حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أنه كان يقوم الليل كله ويصوم النهار فنهاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والحديث سلف في أبواب الصلاة والصوم، وموضع الدلالة هنا قوله: (إن لِزَوْرِك عليك حقًّا) والزور في الأصل مصدر أطلق على الزائر، ويجوز أن يكون جمع زائر كركب في

85 - باب إكرام الضيف وخدمته إياه بنفسه

عُمُرٌ، وَإِنَّ مِنْ حَسْبِكَ أَنْ تَصُومَ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنَّ بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أَمْثَالِهَا فَذَلِكَ الدَّهْرُ كُلُّهُ». قَالَ فَشَدَّدْتُ فَشُدِّدَ عَلَىَّ فَقُلْتُ فَإِنِّى أُطِيقُ غَيْرَ ذَلِكَ. قَالَ «فَصُمْ مِنْ كُلِّ جُمُعَةٍ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ». قَالَ فَشَدَّدْتُ فَشُدِّدَ عَلَىَّ قُلْتُ أُطِيقُ غَيْرَ ذَلِكَ. قَالَ «فَصُمْ صَوْمَ نَبِىِّ اللَّهِ دَاوُدَ». قُلْتُ وَمَا صَوْمُ نَبِىِّ اللَّهِ دَاوُدَ قَالَ «نِصْفُ الدَّهْرِ». طرفه 1131 85 - باب إِكْرَامِ الضَّيْفِ وَخِدْمَتِهِ إِيَّاهُ بِنَفْسِهِ وَقَوْلِهِ (ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ). قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ: يُقَالُ: هُوَ زَوْرٌ، وَهؤُلاَءِ زَوْرٌ وَضَيفٌ، وَمَعنَاهُ أَضْيَافُهُ وَزُوَّارُهُ، لأنهَا مَصْدَر، مِثْلُ قَوْمٍ رِضاَ وَعَدْلٍ. ويُقَالُ: ماءٌ غَوْر، وَبِئْرٌ غَوْرٌ، ومَاءَانِ غَوْرٌ، وَمِيَاهٌ غَوْرٌ. ويُقَالُ: الغَوْرُ الغَائِرُ لاَ تَنَالُهُ الدِّلاَءُ، كُلُّ شَيءٍ غُرْتَ فِيهِ فَهُوَ مَغَارَةٌ، {تزَاوَرُ} [الكهف: 17]: تَمِيلُ، مِنَ الزَّوَرِ، وَالأَزْوَرُ الأمْيَلُ. 6135 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى شُرَيْحٍ الْكَعْبِىِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، جَائِزَتُهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــ راكب، والزور أعم من الضيف فيتناوله (فشددت فشدد علي) الأول على بناء الفاعل، والثاني على بناء المفعول، وذلك أنه لما لم يقبل قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عجز في آخر عمره، وكان يتمنى أن لو قبل قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكان يكره أن يترك عملًا اعتاده. باب إكرام الضيف وخدمته إياه بنفسه استدل على استحباب فلك بفعل [إبراهيم] صلوات الله على نبينا وعليه. فإن قلت ليس [في] قوله: {حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ} [الذاريات: 24]، الدلالة على أنه باشر بنفسه؟ قلت: فسره بقوله تعالى: {فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (26)} [الذاريات: 26].والضيف كالزور يطلق على المفرد والجمع، وما في الآية جمع جمع دل عليه الوصف. 6135 - (المقبري) بضم الباء وفتحها (عن شريح) -مصغر شرح- خويلد بن عمرو (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر) أي: المبدأ والمعاد (فليكرم ضيفه، جائزته يوم وليلة) استئناف لبيان الإكرام، ويروى بالنصب على أنه بدل اشتمال، ويومًا وليلة نصب على الظرف

وَالضِّيَافَةُ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ، فَمَا بَعْدَ ذَلِكَ فَهْوَ صَدَقَةٌ، وَلاَ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَثْوِىَ عِنْدَهُ حَتَّى يُحْرِجَهُ». حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ مِثْلَهُ وَزَادَ «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ». طرفه 6019 6136 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِىٍّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى حَصِينٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يُؤْذِ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ». طرفه 5185 6137 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى حَبِيبٍ عَنْ أَبِى الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ - رضى الله عنه - أَنَّهُ قَالَ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ تَبْعَثُنَا فَنَنْزِلُ بِقَوْمٍ فَلاَ يَقْرُونَنَا فَمَا تَرَى، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنْ نَزَلْتُمْ بِقَوْمٍ فَأَمَرُوا لَكُمْ بِمَا يَنْبَغِى لِلضَّيْفِ فَاقْبَلُوا، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا فَخُذُوا مِنْهُمْ حَقَّ الضَّيْفِ الَّذِى يَنْبَغِى لَهُمْ». طرفه 2461 6138 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ ـــــــــــــــــــــــــــــ (والضيافه ثلاثة أيام، فما بعد ذلك فهو صدقة) وقد سلف الحديث في باب: لا يحقرن جاره شرح الحديث وبيان الاختلاف في أن يوم الجائزة هل هو داخل في الثلاثة أو لا؟ وهل هو يوم القدوم أو يوم الذهاب الثالثة إلى أهله من أراد الوقوف عليه فليطالع ثمة (ولا بحل له أن يثوي عنده حتى يخرجه) بالثاء المثلثة من الثواء وهو الإقامة. 6136 - (ابن مهدي) اسمه عبد الرحمن (أبي حصين) -بفتح الحاء- عثمان الأسدي. 6137 - (قتيبة) بضم القاف مصغر (عن أبي الخير) اسمه: مرثد (إن نزلتم بقوم فأمروا لكم بما ينبغي للضيف فاقبلوا، فإن لم يفعلوا فخذوا منهم حق الضيف الذي ينبغي له) اتفق العلماء على أن هذا كان قبل الفتوح ووضع الخراج للضرورة، وأما اليوم فالضيافة من مكارم الأخلاق وسنن المرسلين كما أشير إليه في قصة إبراهيم.

86 - باب صنع الطعام والتكلف للضيف

عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ». طرفه 5185 86 - باب صُنْعِ الطَّعَامِ وَالتَّكَلُّفِ لِلضَّيْفِ 6139 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْعُمَيْسِ عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِى جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ آخَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ سَلْمَانَ وَأَبِى الدَّرْدَاءِ. فَزَارَ سَلْمَانُ أَبَا الدَّرْدَاءِ فَرَأَى أُمَّ الدَّرْدَاءِ مُتَبَذِّلَةً فَقَالَ لَهَا مَا شَأْنُكِ قَالَتْ أَخُوكَ أَبُو الدَّرْدَاءِ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ فِي الدُّنْيَا. فَجَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ فَصَنَعَ لَهُ طَعَامًا فَقَالَ كُلْ فَإِنِّى صَائِمٌ. قَالَ مَا أَنَا بِآكِلٍ حَتَّى تَأْكُلَ. فَأَكَلَ، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ ذَهَبَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَقُومُ فَقَالَ نَمْ. فَنَامَ، ثُمَّ ذَهَبَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب صنع الطعام والتكلف للضيف أي: حمل الكلفة في ذلك، وهي المشقة فوق العادة. 6139 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (عون) بفتح العين آخره نون (أبو العميس) -بضم العين مصغر- عقبة بن عبد الله (أبو جحيفة) بضم الجيم مصغر (فرأى) أي: سلمان (أم الدرداء متبذلة) أم الدرداء هذه هي الكبرى اسمها خيرة صحابية ليس لها رواية، وأم الدرداء الصغرى تابعية لها الرواية واسمها هجيمة، والابتذال -بالذال المعجمة- لبس ثياب الخدمة، والحديث سلف في أبواب التهجد, وموضع الدلالة هنا قوله: (فصنغ له طعامًا) فإنه يدل على أنه تكلف له فوق العادة، وإلا لم يكن لقوله: صنع له، فائدة، أو أشار إلى ما رواه الإمام أحمد والحاكم عن سلمان: "نهانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نتكلف للضيف" ولسلمان قصة مع ضيفه، فإنه قدم له ما حضر ولم يرض، فرهن سلمان مطهرته وأطعمه ما أرضاه، فلما فرغ قال: الحمد لله الذي قنعنا بما رزقنا، فقال سلمان: لو كنت قانعًا بما رزقك لم تكن مطهرتي مرهونة.

87 - باب ما يكره من الغضب والجزع عند الضيف

يَقُومُ فَقَالَ نَمْ. فَلَمَّا كَانَ آخِرُ اللَّيْلِ قَالَ سَلْمَانُ قُمِ الآنَ. قَالَ فَصَلَّيَا فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِى حَقٍّ حَقَّهُ. فَأَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «صَدَقَ سَلْمَانُ». أَبُو جُحَيْفَةَ وَهْبٌ السُّوَائِىُّ، يُقَالُ وَهْبُ الْخَيْرِ. طرفه 1968 87 - باب مَا يُكْرَهُ مِنَ الْغَضَبِ وَالْجَزَعِ عِنْدَ الضَّيْفِ 6140 - حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْجُرَيْرِىُّ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما أَنَّ أَبَا بَكْرٍ تَضَيَّفَ رَهْطًا فَقَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ دُونَكَ أَضْيَافَكَ فَإِنِّى مُنْطَلِقٌ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَافْرُغْ مِنْ قِرَاهُمْ قَبْلَ أَنْ أَجِئَ. فَانْطَلَقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَأَتَاهُمْ بِمَا عِنْدَهُ فَقَالَ اطْعَمُوا. فَقَالُوا أَيْنَ رَبُّ مَنْزِلِنَا قَالَ اطْعَمُوا. قَالُوا مَا نَحْنُ بِآكِلِينَ حَتَّى يَجِئَ رَبُّ مَنْزِلِنَا. قَالَ اقْبَلُوا عَنَّا قِرَاكُمْ، فَإِنَّهُ إِنْ جَاءَ وَلَمْ تَطْعَمُوا لَنَلْقَيَنَّ مِنْهُ. فَأَبَوْا فَعَرَفْتُ أَنَّهُ يَجِدُ عَلَىَّ، فَلَمَّا جَاءَ تَنَحَّيْتُ عَنْهُ فَقَالَ مَا صَنَعْتُمْ فَأَخْبَرُوهُ فَقَالَ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ. فَسَكَتُّ ثُمَّ قَالَ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ. فَسَكَتُّ فَقَالَ يَا غُنْثَرُ أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ إِنْ كُنْتَ تَسْمَعُ ـــــــــــــــــــــــــــــ (إن لنفسك عليك حقًّا) فإنه يجب على الإنسان رعاية نفسه ولا يكلفها فوق الطاقة، وهذه الكلمات التي قالها سلمان إما أن يكون سمعها من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أو يكون وافق اجتهاده النص، فصدقه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقوله (فأتى النبي -صلى الله عليه وسلم-) الآتي هو أبو الدرداء. باب ما يكره من الغضب والجزع عند الضيف 6140 - (عياش) بفتح العين وتشديد المثناة تحت آخره شين معجمة (الجريري) -بضم الجيم- أبو محمد نسبة إلى جده جرير بن عبادة من بني وائل (عن أبي عثمان النهدي) روى في الباب حديث أضياف أبي بكر، وقد سلف في أبواب الصلاة مطولًا (تضيف رهطًا) بفتح التاء الفوقانية أي: قبلهم أضيافًا، والرهط: ما بين الثلاثة إلى العشرة من الرجال خاصة (دونك أضيافك) أي: خذهم، والإضافة إليه ليقوم بخدمتهم، وإلا فهم أضياف أبي بكر، و (اطعموا) بهمزة الوصل أي: كلوا (إن جاء ولم تطعموا) بفتح التاء (لنلقين منه) أي: الشر والغضب (فلما جاء تنحيت عنه) أي: اختبأت في ناحية (يا غنثر) بالغين المعجمة وثاء مثلثة

88 - باب قول الضيف لصاحبه لا آكل حتى تأكل

صَوْتِى لَمَّا جِئْتَ. فَخَرَجْتُ فَقُلْتُ سَلْ أَضْيَافَكَ. فَقَالُوا صَدَقَ أَتَانَا بِهِ. قَالَ فَإِنَّمَا انْتَظَرْتُمُونِى، وَاللَّهِ لاَ أَطْعَمُهُ اللَّيْلَةَ. فَقَالَ الآخَرُونَ وَاللَّهِ لاَ نَطْعَمُهُ حَتَّى تَطْعَمَهُ. قَالَ لَمْ أَرَ فِي الشَّرِّ كَاللَّيْلَةِ، وَيْلَكُمْ مَا أَنْتُمْ لِمَ لاَ تَقْبَلُونَ عَنَّا قِرَاكُمْ هَاتِ طَعَامَكَ. فَجَاءَهُ فَوَضَعَ يَدَهُ فَقَالَ بِاسْمِ اللَّهِ، الأُولَى لِلشَّيْطَانِ. فَأَكَلَ وَأَكَلُوا. طرفه 602 88 - باب قَوْلِ الضَّيْفِ لِصَاحِبِهِ لاَ آكُلُ حَتَّى تَأْكُلَ فِيهِ حَدِيثُ أَبِى جُحَيْفَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 6141 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِى ـــــــــــــــــــــــــــــ أي: جاهل أو الثقيل قال ابن الأثير: ويروى يا عنتر بفتح العين المهملة والتاء المثناة قيل: هو الذباب الصغير، شبهه به تحقيرًا، وقيل: الذباب الكبير الأزرق، وقيل: شبه به لشدة أذاه (لم أر في الشر كالليلة) أي: ليلة في الشر مثل هذه الليلة (ما أنتم لم لا تقبلون عنّا قِراكم؟) أي على أي صفة أنتم، وفي رواية: "ما لكم" وهذا ظاهر، والقِرى: طعام يتخذ للضيف، فالإضافة إليهم على أصلها، وزعم بعضهم أن هذا مجاز مثل قول الشاعر: لتغني عني ذا إنائك وقياسه فاسد، فإن الطعام وإن كان ملكًا للمالك لكن بوصف القرى مختص بالضيف (فقال: باسم الله الأولى من الشيطان) أي: يمينه على أنه لا يأكل، وقال ابن بطال: الأولى من الشيطان أي: اللقمة الأولى ترغيم للشيطان، وهذا قد ذهل عن لفظ: من، الابتدائية فهي مانعة مما قاله. فإن قلت: أين موضع الدلالة على الترجمة؟ قلت: قوله "الأولى من الشيطان" فإن يمينه كانت صادرة عن الغضب، والغضب من الشيطان أي: عند الضيف، ولذلك قيد كراهة الغضب به في الترجمة. باب قول الضيف: لا آكل حتى تأكل 6141 - روى في الباب حديث سلمان وأبي الدرداء تعليقًا، وقد تقدم آنفًا في باب

89 - باب إكرام الكبير ويبدأ الأكبر بالكلام والسؤال

عُثْمَانَ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما جَاءَ أَبُو بَكْرٍ بِضَيْفٍ لَهُ أَوْ بِأَضْيَافٍ لَهُ، فَأَمْسَى عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا جَاءَ قَالَتْ أُمِّى احْتَبَسْتَ عَنْ ضَيْفِكَ - أَوْ أَضْيَافِكَ - اللَّيْلَةَ. قَالَ مَا عَشَّيْتِهِمْ فَقَالَتْ عَرَضْنَا عَلَيْهِ - أَوْ عَلَيْهِمْ فَأَبَوْا أَوْ - فَأَبَى، فَغَضِبَ أَبُو بَكْرٍ فَسَبَّ وَجَدَّعَ وَحَلَفَ لاَ يَطْعَمُهُ، فَاخْتَبَأْتُ أَنَا فَقَالَ يَا غُنْثَرُ. فَحَلَفَتِ الْمَرْأَةُ لاَ تَطْعَمُهُ حَتَّى يَطْعَمَهُ، فَحَلَفَ الضَّيْفُ - أَوِ الأَضْيَافُ - أَنْ لاَ يَطْعَمَهُ أَوْ يَطْعَمُوهُ حَتَّى يَطْعَمَهُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ كَأَنَّ هَذِهِ مِنَ الشَّيْطَانِ فَدَعَا بِالطَّعَامِ فَأَكَلَ وَأَكَلُوا فَجَعَلُوا لاَ يَرْفَعُونَ لُقْمَةً إِلاَّ رَبَا مِنْ أَسْفَلِهَا أَكْثَرُ مِنْهَا، فَقَالَ يَا أُخْتَ بَنِى فِرَاسٍ مَا هَذَا فَقَالَتْ وَقُرَّةِ عَيْنِى إِنَّهَا الآنَ لأَكْثَرُ قَبْلَ أَنْ نَأْكُلَ فَأَكَلُوا وَبَعَثَ بِهَا إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَ أَنَّهُ أَكَلَ مِنْهَا. طرفه 602 89 - باب إِكْرَامِ الْكَبِيرِ وَيَبْدَأُ الأَكْبَرُ بِالْكَلاَمِ وَالسُّؤَالِ 6142 و 6143 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ هُوَ ابْنُ زَيْدٍ - عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ مَوْلَى الأَنْصَارِ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ وَسَهْلَ بْنَ أَبِى حَثْمَةَ أَنَّهُمَا حَدَّثَاهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةَ بْنَ مَسْعُودٍ أَتَيَا خَيْبَرَ فَتَفَرَّقَا فِي النَّخْلِ، فَقُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ، فَجَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ وَحُوَيِّصَةُ وَمُحَيِّصَةُ ابْنَا ـــــــــــــــــــــــــــــ صنع الطعام، وحديث أضياف أبي بكر الذي في الباب قبله مع زيادة ألفاظ (ما يرفعون لقمة إلا ربا من أسفلها أكثر) من اللقمة (جدع) بالجيم وتشديد الدال أي: دعا بالجدع بالدال المهملة قطع الأطراف (ما هذا يا أخت بني فراس؟) تعجب من زيادة الطعام يخاطب امرأته أم رومان، وفراس -بكسر الفاء وسين مهملة- قبيلة (لا وقرة عيني) قيل: أرادت بهذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. باب إكرام الكبير ويبدأ الأكبر بالكلام والسؤال 6142 - 6143 - (حرب) ضد الصلح (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم (عن بشير بن يسار) بضم الباء وشين معجمة مصغر، و (يسار) ضد اليمين (خديج) بفتح الخاء المعجمة وكسر الدال آخره جيم (سهل بن أبي حثمة) بفتح الحاء وثاء مثلثة (حويصة ومحيّصة) بضم الأول وتشديد الياء فيهما، ويجوز التخفيف، روى في الباب حديث القسامة لما قتل اليهود

مَسْعُودٍ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَتَكَلَّمُوا فِي أَمْرِ صَاحِبِهِمْ فَبَدَأَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَكَانَ أَصْغَرَ الْقَوْمِ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «كَبِّرِ الْكُبْرَ». - قَالَ يَحْيَى لِيَلِىَ الْكَلاَمَ الأَكْبَرُ - فَتَكَلَّمُوا فِي أَمْرِ صَاحِبِهِمْ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَتَسْتَحِقُّونَ قَتِيلَكُمْ - أَوْ قَالَ صَاحِبَكُمْ - بِأَيْمَانِ خَمْسِينَ مِنْكُمْ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمْرٌ لَمْ نَرَهُ. قَالَ «فَتُبْرِئُكُمْ يَهُودُ فِي أَيْمَانِ خَمْسِينَ مِنْهُمْ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَوْمٌ كُفَّارٌ. فَوَدَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ قِبَلِهِ. قَالَ سَهْلٌ فَأَدْرَكْتُ نَاقَةً مِنْ تِلْكَ الإِبِلِ، فَدَخَلَتْ مِرْبَدًا لَهُمْ فَرَكَضَتْنِى بِرِجْلِهَا. قَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يَحْيَى عَنْ بُشَيْرٍ عَنْ سَهْلٍ قَالَ يَحْيَى حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ مَعَ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ بُشَيْرٍ عَنْ سَهْلٍ وَحْدَهُ. طرفه 2702 6144 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَخْبِرُونِى بِشَجَرَةٍ مَثَلُهَا مَثَلُ ـــــــــــــــــــــــــــــ عبد الله بن سهل في أيام رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والحديث سلف في أبواب الخصومة، وموضع الدلالة قوله: (كبر الكُبْر) بضم الكاف وسكون الباء، يقال: فلان كبر القوم أي: مقدمهم، والمراد هنا: التقدم في السن. فإن قلت: الدعوى كانت لعبد الرحمن لأنه أخو المقتول؟ قلت: لم يكن الكلام في الدعوى، بل عرض الحال، ولم يكن هناك المدعى عليهم -وهم اليهود- حضورًا، وهذا إنما يكون إذا استووا في العلم، وإلا فالصغير والكبير سواء، ألا ترى أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما سأل عن شجرة (مثلها مثل المسلم) لم يوجه الخطاب إلى أبي بكر وعمر (تستحقون قتيلكم) أي: ديته (بأيمان خمسين منكم) أي: خمسين رجلًا، وفيه دليل للشافعي ومن وافقه في أن القسامة تخالف سائر الدعوى، بكون اليمين على المدعي، وكونها خمسين رجلًا يمينًا، والحكمة في ذلك وجود اللوث، وكون الدم أعظم من سائر الأشياء فغلظ شأنه، وخولف القياس لوجود اللوث (فتبرئكم اليهود في أيمان خمسين منهم) بضم التاء وتشديد الراء أي: تخلصكم من الأيمان (فوداه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-) أي: أدى ديته تبرعًا وقطعًا للنزاع (من قِبله) بكسر القاف أي: من ماله، أو من بيت المال (فدخلت مربدًا لهم) -بكسر الميم وباء موحدة- موضع الإبل. 6144 - وحديث ابن عمر أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم قال: (أخبروني بشجرة مثلها مثل

90 - باب ما يجوز من الشعر والرجز والحداء وما يكره منه

الْمُسْلِمِ، تُؤْتِى أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا، وَلاَ تَحُتُّ وَرَقَهَا». فَوَقَعَ فِي نَفْسِى أَنَّهَا النَّخْلَةُ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ وَثَمَّ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَلَمَّا لَمْ يَتَكَلَّمَا قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «هِىَ النَّخْلَةُ». فَلَمَّا خَرَجْتُ مَعَ أَبِى قُلْتُ يَا أَبَتَاهْ وَقَعَ فِي نَفْسِى أَنَّهَا النَّخْلَةُ. قَالَ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَقُولَهَا لَوْ كُنْتَ قُلْتَهَا كَانَ أَحَبَّ إِلَىَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا. قَالَ مَا مَنَعَنِى إِلاَّ أَنِّى لَمْ أَرَكَ وَلاَ أَبَا بَكْرٍ تَكَلَّمْتُمَا، فَكَرِهْتُ. طرفه 61 90 - باب مَا يَجُوزُ مِنَ الشِّعْرِ وَالرَّجَزِ وَالْحُدَاءِ وَمَا يُكْرَهُ مِنْهُ وَقَوْلِهِ (وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ * أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ * وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لاَ يَفْعَلُونَ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَىَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ). قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي كُلِّ لَغْوٍ يَخُوضُونَ. 6145 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ أَخْبَرَهُ أَنَّ أُبَىَّ بْنَ كَعْبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ حِكْمَةً». ـــــــــــــــــــــــــــــ المسلم) تقدم في أبواب العلم، وقوله: (تؤتي أكلها كل حين) فإن النخلة من حين يبدو الثمر إلى أن يصير تمرًا يؤكل منه بخلاف سائر الثمار. باب ما يجوز من الشعر والحُداء بضم الحاء والمد [الغناء] للإبل خاصة من حداه ساقه، فإن الغناء لها أعون شيء في سوقها معروف عند العرب، ولهم في ذلك حكايات غريبة أعرضنا عنها. قال شيخنا: أول من حدا الإبل مضر بن نزار بن معد بن عدنان، واستدل على جواز الشعر وكراهيته بآية واحدة فإن قوله: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا} [الشعراء: 227]) استثناء من الغاوين (قال ابن عباس: في كل لغو يخوضون) تفسير لقوله: {فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ} [الشعراء:225]، (يغوث) بفتح الياء وغين معجمة آخره ثاء مثلثة. 6145 - (قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إن من الشعر لحكمة) قال ابن الأثير: يروى حكمًا بضم

6146 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ سَمِعْتُ جُنْدَبًا يَقُولُ بَيْنَمَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَمْشِى إِذْ أَصَابَهُ حَجَرٌ فَعَثَرَ فَدَمِيَتْ إِصْبَعُهُ فَقَالَ: «هَلْ أَنْتِ إِلاَّ إِصْبَعٌ دَمِيتِ ... وَفِى سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيتِ» طرفه 2802 6147 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِىٍّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَصْدَقُ كَلِمَةٍ قَالَهَا الشَّاعِرُ كَلِمَةُ لَبِيدٍ أَلاَ كُلُّ شَىْءٍ مَا خَلاَ اللَّهَ بَاطِلُ». ـــــــــــــــــــــــــــــ الحاء أي: علمًا وفقهًا قال الله تعالى: {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} [مريم: 12] من تبعيضية، والغرض أن الشعر ليس كله مذمومًا، بل منه حسن إذا كان في مدح الإسلام والمسلمين، ألا ترى أن النابغة لما أنشد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قصيدته المشهورة، فلما [أنشد] هذا البيت: ولا خير في حلم إذا لم تكن له ... بوادر تحمي صفوه أن يكدرا قال له رسول الله-صلى الله عليه وسلم -: "لا فض الله فاك". 6146 - (هل أنت إلا إصبع دَمِيت) بتاء الخطاب. فإن قلت: هذا بيت، وقد قال تعالى: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ} [يس:69]؟ قلت: أجاب بعضهم بأن هذا رجز ليس بشعر عند الأخفش، وليس بشيء فإنه بحر من الشعر عند واضع الفن، وهو الخليل بن أحمد، ثم قال: أو المنفى عنه صفة الشعر هذا أيضًا لغو من الكلام، فإن المشركين كانوا عالمين بأنه ليس شاعرًا إذ لم يقل بيتًا في عمره قبل النبوة، ثم قال: وتاء الخطاب في الرجز مكسورة، وفي الحديث ساكنة، وهذا موضع -مع كونه تغييرًا للرواية غلط؛ لأن البيت رجز سواء كانت التاء متحركة أو ساكنة، والصواب في الجواب أن الشعر كلام موزون مقفى بالقصد، والدليل على ذلك أن السكاكي ذكر في "دفع المطاعن عن القرآن" أن بحور الشعر كلها واقعة في القرآن، ولا ضيرًا في ذلك إذ لم يكن ذلك عن قصد، بل وقع اتفاقًا. 6147 - (محمد بن بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (ابن مهدي) محمد بن إبراهيم (أصدق كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد) أي: أصدق بيت، فإن الكلمة لغة تطلق على كل كلام،

وَكَادَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِى الصَّلْتِ أَنْ يُسْلِمَ. طرفه 3841 6148 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى خَيْبَرَ فَسِرْنَا لَيْلاً، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ لِعَامِرِ بْنِ الأَكْوَعِ أَلاَ تُسْمِعُنَا مِنْ هُنَيْهَاتِكَ، قَالَ وَكَانَ عَامِرٌ رَجُلاً شَاعِرًا، فَنَزَلَ يَحْدُو بِالْقَوْمِ يَقُولُ: اللَّهُمَّ لَوْلاَ أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا ... وَلاَ تَصَدَّقْنَا وَلاَ صَلَّيْنَا فَاغْفِرْ فِدَاءٌ لَكَ مَا اقْتَفَيْنَا ... وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاَقَيْنَا وَأَلْقِيَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا ... إِنَّا إِذَا صِيحَ بِنَا أَتَيْنَا وَبِالصِّيَاحِ عَوَّلُوا عَلَيْنَا ـــــــــــــــــــــــــــــ وتخصيصها بلفظ مفرد اصطلاح النحاة (وكاد أمية بن أبي الصلت أن يسلم) هذا رجل ثقفي، كان يقول بالحشر والنشر، وله أشعار في ذلك حسنة، وكان يرجو أن يكون هو النبي-صلى الله عليه وسلم - الموعود، وكان يسافر إلى الشام، ويسأل أهل الكتاب عن صفة الموعود وزمانه لما بعث سيد الرسل عليه أفضل الصلوات. كفر به ومات حسدًا. 6148 - (قتيبة) بضم القاف مصغر (حاتم) بكسر التاء، ثم روى حديث عامر بن الأكوع، وقد سلف في غزوة خيبر، وموضع الدلالة أنه نزل يحدو ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسمع، فدل على جوازه تقريرُه وعدم إنكاره عليه (وكان عامر رجلًا شاعرًا فنزل يحدو) قيل: هذا على تمام الترجمة لاشتماله على الشعر والرجز والحداء يؤخذ منه أن الرجز شعر، وفيه نظر، إذ لا يلزم من كونه شاعرًا أن ما حداه من الرجز يكون شعرًا (فقال رجل لعامر بن الأكوع) قيل: هذا الرجل عمر بن الخطاب (ألا تسمعنا من هنيهاتك) مصغر هنية، والهاء بدل من الياء. قال ابن الأثير: واحده هنت، ويطلق على كل جنس ويجمع على هنات، وكذا جاء في رواية، وفي رواية أخرى بتشديد الياء بدون الهاء، والمراد الأراجز والأشعار المباحة. (فاغفر فداء لك ما اقتفينا) أي: ما كسبنا من الآثام. قال ابن الأثير: الفداء -بكسر الفاء والمد وفتحها والقصر- أصله فكاك الأسير، والمراد لازمه، وهو الإكرام والتعظيم

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ هَذَا السَّائِقُ». قَالُوا عَامِرُ بْنُ الأَكْوَعِ. فَقَالَ «يَرْحَمُهُ اللَّهُ». فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ وَجَبَتْ يَا نَبِىَّ اللَّهِ، لَوْ أَمْتَعْتَنَا بِهِ. قَالَ فَأَتَيْنَا خَيْبَرَ فَحَاصَرْنَاهُمْ حَتَّى أَصَابَتْنَا مَخْمَصَةٌ شَدِيدَةٌ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ فَتَحَهَا عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا أَمْسَى النَّاسُ الْيَوْمَ الَّذِى فُتِحَتْ عَلَيْهِمْ أَوْقَدُوا نِيرَانًا كَثِيرَةً. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا هَذِهِ النِّيرَانُ، عَلَى أَىِّ شَىْءٍ تُوقِدُونَ». قَالُوا عَلَى لَحْمٍ. قَالَ «عَلَى أَىِّ لَحْمٍ». قَالُوا عَلَى لَحْمِ حُمُرٍ إِنْسِيَّةٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَهْرِقُوهَا وَاكْسِرُوهَا». فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْ نُهَرِيقُهَا وَنَغْسِلُهَا قَالَ «أَوْ ذَاكَ». فَلَمَّا تَصَافَّ الْقَوْمُ كَانَ سَيْفُ عَامِرٍ فِيهِ قِصَرٌ، فَتَنَاوَلَ بِهِ يَهُودِيًّا لِيَضْرِبَهُ، وَيَرْجِعُ ذُبَابُ سَيْفِهِ فَأَصَابَ رُكْبَةَ عَامِرٍ فَمَاتَ مِنْهُ، فَلَمَّا قَفَلُوا قَالَ سَلَمَةُ رَآنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَاحِبًا. فَقَالَ لِى «مَا لَكَ». فَقُلْتُ فِدًى لَكَ أَبِى وَأُمِّى زَعَمُوا أَنَّ عَامِرًا حَبِطَ عَمَلُهُ. قَالَ «مَنْ قَالَهُ». قُلْتُ قَالَهُ فُلاَنٌ وَفُلاَنٌ وَفُلاَنٌ وَأُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ الأَنْصَارِىُّ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «كَذَبَ مَنْ قَالَهُ، إِنَّ لَهُ لأَجْرَيْنِ - وَجَمَعَ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ - إِنَّهُ لَجَاهِدٌ مُجَاهِدٌ، قَلَّ عَرَبِىٌّ نَشَأَ بِهَا مِثْلَهُ». طرفه 2477 6149 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ أَتَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى بَعْضِ نِسَائِهِ وَمَعَهُنَّ أُمُّ سُلَيْمٍ فَقَالَ «وَيْحَكَ يَا أَنْجَشَةُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ لاستحالة الحقيقة (فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من هذا السائق؟ قالوا: عامر، قال: يرحمه الله) وكان من دأبه إذا قال في إنسان: يرحمه الله يموت شهيدًا، ولذلك قال الرجل وهو عمر (لولا أمتعتنا به) وفي بعضها "لو" للتمني (قال سلمة: رآني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شاحبًا) -بالحاء المهملة والباء الموحدة- أي: متغير اللون (أسيد بن حضير) بالحاء المهملة وتصغير الاسمين (لجاهد مجاهد) أي: مجاهد حق صرف جهده وطاقته فيه، من جهد في الأمر جدّ فيه، وكان الظاهر مجاهدًا جاهدًا إلا أنه قدمه اهتمامًا؛ لأنه محل المدح. 6149 - (عن أبي قلابة) بكسر القاف والموحدة عبد الله بن زيد الجرمي (أم سليم) بضم السين مصغر (ويحك يا أنجشة) ويح: كلمة ترحم، وأنجشة -بفتح الهمزة وسكون

91 - باب هجاء المشركين

رُوَيْدَكَ سَوْقًا بِالْقَوَارِيرِ». قَالَ أَبُو قِلاَبَةَ فَتَكَلَّمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِكَلِمَةٍ، لَوْ تَكَلَّمَ بَعْضُكُمْ لَعِبْتُمُوهَا عَلَيْهِ قَوْلُهُ «سَوْقَكَ بِالْقَوَارِيرِ». أطرافه 6161، 6202، 6209، 6210، 6211 91 - باب هِجَاءِ الْمُشْرِكِينَ 6150 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتِ اسْتَأْذَنَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي هِجَاءِ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «فَكَيْفَ بِنَسَبِى». فَقَالَ حَسَّانُ لأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعَرَةُ مِنَ الْعَجِينِ. وَعَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ ذَهَبْتُ أَسُبُّ حَسَّانَ عِنْدَ ـــــــــــــــــــــــــــــ [النون] عبد لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكان حسن الحداء، وقد ذكرنا الإبل إذا سمعت الحداء تسرع في المشي فينزعج الراكب، ولذلك قال: (رويدك سوقًا بالقوارير) أراد بها النساء استعارة، ووجه الشبه ضعف البنية وسرعة طرق الخلل، ورويد: اسم فعل بمعنى أمهل، وسوقك نصب مفعول به، وقيل: نصب على المصدر (قال أبو قلابة: فتكلم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بكلمة لو تكلم بعضكم لعِبتموها عليه) لذهولهم عن لطف استعارة القوارير للنساء، والاستعارات والمجازات إنما تستحسن إذا صدرت من العارف بصياغة التركيب لا سيما إذا كانت بديعة غريبة لقوله تعالى: {قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ} [الإنسان: 16] فإن القارورة لا تكون إلا من زجاج لكن لما استعار لها بياض الفضة جاءت بديعة. باب هجاء المشركين الهجاء -بكسر الهاء والمد- نقيض المدح، وهو عد مثالب الإنسان. 6150 - (محمد) كذا وقع غير منسوب، وهو ابن سلام هو الراوي عن (عبدة) بفتح العين وسكون الموحدة (استأذن حسان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في هجاء المشركين) لما هجا أبو سفيان بن الحارث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو ابن عمه، فأراد حسان معارضته، فلذلك قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (فكيف بنسبي؟) أي: لا بد في هجوك إياه من القدح في نسبه، فإنه أبلغ في الهجاء (ففال: لأسلنك منهم كما تسل الشعرة من العجين) وجه الشبه سهولة تمييز نسبه بحيث لا يلتصق به شيء من الذم، قال ابن عبد البر: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لحسان: وأت أبا بكر، فإنه أعلم بأنساب القوم منك، فلما بلغ أبا سفيان قول حسان:.

عَائِشَةَ فَقَالَتْ لاَ تَسُبُّهُ فَإِنَّهُ كَانَ يُنَافِحُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 3531 6151 - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ الْهَيْثَمَ بْنَ أَبِى سِنَانٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ فِي قَصَصِهِ يَذْكُرُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّ أَخًا لَكُمْ لاَ يَقُولُ الرَّفَثَ». يَعْنِى بِذَاكَ ابْنَ رَوَاحَةَ قَالَ: فِينَا رَسُولُ اللَّهِ يَتْلُو كِتَابَهُ ... إِذَا انْشَقَّ مَعْرُوفٌ مِنَ الْفَجْرِ سَاطِعُ أَرَانَا الْهُدَى بَعْدَ الْعَمَى فَقُلُوبُنَا ... بِهِ مُوقِنَاتٌ أَنَّ مَا قَالَ وَاقِعُ يَبِيتُ يُجَافِى جَنْبَهُ عَنْ فِرَاشِهِ ... إِذَا اسْتَثْقَلَتْ بِالْكَافِرِينَ الْمَضَاجِعُ تَابَعَهُ عُقَيْلٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ. وَقَالَ الزُّبَيْدِىُّ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَعِيدٍ وَالأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ. طرفه 1155 ـــــــــــــــــــــــــــــ وإن سنام المجد في آل هاشم ... بنو بنت مخزوم ووالدك العبد قال: هذا شعر ما غاب عنه أبو الفصيل يريد أبا بكر، فإن البكر لغة هو فصيل الناقة يلمح في الإضافة المعنى الأصلي كما قالوا في أبي لهب معناه الجهنمي، وأراد حسان بقوله: بنو بنت مخزوم فاطمة بنت عمرو بن عمران بن مخزوم وهي أم عبد الله وأبي طالب، زوجة عبد المطلب، وأم الحارث والد سفيان سمية بنت موهب، وموهب كان غلامًا لبني عبد مناف، إياه أراد بقوله: ووالدك العبد يريد جده من طرف الأم (ينافح) -بالفاء والحاء المهملة- أي: يدافع. 6151 - (أصبغ) بفتح الهمزة وغين معجمة (أن الهيثم بن سنان) بفتح الهاء وسكون الياء (سمع أبا هريرة من قصصه) بفتح القاف مصدر قص (إن أخًا لكم لا يقول الرفث يعني بذاك ابن رواحة) ومقول ابن رواحة هذه الأبيات: (وفينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتلو كتابه)، و (الرفث) الفحش من القول يمدح ابن رواحة على قوله هذه الأبيات. قيل: أشار في البيت الأول إلى علمه، وفي البيت الثاني إلى تكميله، وفي الثالث إلى عمله، وفيه نظر فإن قوله: (يتلو كتابه) إشارة إلى تلاوته في صلواته، وهي صلاة الصبح بدليل قوله: (إذا انشق معروف من الفجر ساطع) فإن الظرف -أعني إذا- يتعلق بقوله: يتلو، والمعروف من الفجر عبارة عن الصبح الصادق (وقال الزبيدي) -بضم الزاي- محمد بن الوليد (عن سعيد) هو ابن المسيب.

92 - باب ما يكره أن يكون الغالب على الإنسان الشعر حتى يصده عن ذكر الله والعلم والقرآن

6152 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ. وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى أَخِى عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى عَتِيقٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ سَمِعَ حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ الأَنْصَارِىَّ يَسْتَشْهِدُ أَبَا هُرَيْرَةَ فَيَقُولُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ نَشَدْتُكَ بِاللَّهِ هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «يَا حَسَّانُ أَجِبْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ أَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ». قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ نَعَمْ. طرفه 453 6153 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِىِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنِ الْبَرَاءِ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لِحَسَّانَ «اهْجُهُمْ - أَوْ قَالَ هَاجِهِمْ - وَجِبْرِيلُ مَعَكَ». طرفه 3213 92 - باب مَا يُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ الْغَالِبُ عَلَى الإِنْسَانِ الشِّعْرُ حَتَّى يَصُدَّهُ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَالْعِلْمِ وَالْقُرْآنِ 6154 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا حَنْظَلَةُ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا». ـــــــــــــــــــــــــــــ 6152 - (سمع حسان بن ثابت يستشهد أبا هريرة) أي: يطلب أن يشهد له أنه أنشد الشعر لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المسجد، وإنما أستشهد أبا هريرة لما تقدم أنه أنشد شعرًا في المسجد في خلافة عمر فأنكر عليه (اللهم أيده بروح القدس) هو جبريل، وذلك أن جبريل مظهر العلم فيلهمه المعاني الحسنة. باب ما يكره أن [يكون] الغالب على الإنسان الشعر 6154 - (لأن يمتلئ جوف رجل قيحًا يريه خير من أن يمتلئ شعرًا) قال الأزهري: أصل يريه يوريه من الوري على وزن الوحي، وهو داء يداخل الجوف، وقال الجوهري: يقال: وري جوفه القيح أي: أكله، وقيل: معناه أصاب رئته، قال ابن الأثير: وهو منكر؛ لأن الفعل من الرئة رآه يراه، على أن الأزهري نقل أن المشهور في الرئة الهمزة، ومحصل الحديث: أن الإكثار من حفظ الأشعار مذموم، وأما شواهد الأشعار في العربية، فلا بأس بالكثار منها لأنها دلائل العلوم، وقد سلف في الباب قبله أن بعضها -كمدح الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، وهجاء المشركين- نوع طاعة.

93 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - «تربت يمينك» «وعقرى حلقى»

6155 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ رَجُلٍ قَيْحًا يَرِيهِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا». 93 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «تَرِبَتْ يَمِينُكَ». «وَعَقْرَى حَلْقَى». 6156 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ إِنَّ أَفْلَحَ أَخَا أَبِى الْقُعَيْسِ اسْتَأْذَنَ عَلَىَّ بَعْدَ مَا نَزَلَ الْحِجَابُ فَقُلْتُ وَاللَّهِ لاَ آذَنُ لَهُ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَإِنَّ أَخَا أَبِى الْقُعَيْسِ لَيْسَ هُوَ أَرْضَعَنِى، وَلَكِنْ أَرْضَعَتْنِى امْرَأَةُ أَبِى الْقُعَيْسِ. فَدَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ هُوَ أَرْضَعَنِى، وَلَكِنْ أَرْضَعَتْنِى امْرَأَتُهُ. قَالَ «ائْذَنِى لَهُ، فَإِنَّهُ عَمُّكِ، تَرِبَتْ يَمِينُكِ». قَالَ عُرْوَةُ فَبِذَلِكَ كَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ حَرِّمُوا مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ. طرفه 2644 6157 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "تربت يمينك" أو "عقرى حلقى" قد ذكرنا مرارًا أن معنى (تربت يمينك) وصلت إلى التراب كناية عن التفقر، وليس شيء من ذلك بمراد، بل لفظ يجري في لطف العتاب، وكذا عقرى معناه: إصابة الجرح الجسد، وحلقى إصابته في الحلق، وليس شيء من ذلك بمراد، بل ما ذكرناه من لطف العتاب. قال أبو عبيد: الصواب فيهما التنوين؛ لأنهما مصدران كسقيا ورعيا كما قاله سيبويه. وقال الزمخشري: هما خبر مبتدأ. أي: أنت، إما مصدران كالدعوى، أو صفتان كالفضى والسكرى. 6156 - وحديث عائشة (أن أبا القعيس) بضم القاف مصغر استأذن عليها، فأبت أن تأذن له سلف في أبواب الرضاع، وموضع الدلالة هنا قوله: (تربت يمينك). 6157 - وحديث صفية في أبواب الحج، وموضع الدلالة هنا قوله: ...............

94 - باب ما جاء فى زعموا

عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ أَرَادَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَنْفِرَ فَرَأَى صَفِيَّةَ عَلَى بَابِ خِبَائِهَا كَئِيبَةً حَزِينَةً لأَنَّهَا حَاضَتْ فَقَالَ «عَقْرَى حَلْقَى - لُغَةُ قُرَيْشٍ - إِنَّكِ لَحَابِسَتُنَا» ثُمَّ قَالَ «أَكُنْتِ أَفَضْتِ يَوْمَ النَّحْرِ». يَعْنِى الطَّوَافَ قَالَتْ نَعَمْ. قَالَ «فَانْفِرِى إِذًا». طرفه 294 94 - باب مَا جَاءَ فِي زَعَمُوا 6158 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِى النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّ أَبَا مُرَّةَ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِى طَالِبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَمَّ هَانِئٍ بِنْتَ أَبِى طَالِبٍ تَقُولُ ذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ الْفَتْحِ فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ، وَفَاطِمَةُ ابْنَتُهُ تَسْتُرُهُ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ «مَنْ هَذِهِ». فَقُلْتُ أَنَا أُمُّ هَانِئٍ بِنْتُ أَبِى طَالِبٍ. فَقَالَ «مَرْحَبًا بِأُمِّ هَانِئٍ». فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ غَسْلِهِ قَامَ فَصَلَّى ثَمَانِىَ رَكَعَاتٍ، مُلْتَحِفًا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ زَعَمَ ابْنُ أُمِّى أَنَّهُ قَاتِلٌ رَجُلاً قَدْ أَجَرْتُهُ فُلاَنُ بْنُ هُبَيْرَةَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ». قَالَتْ أُمُّ هَانِئٍ وَذَاكَ ضُحًى. طرفه 280 ـــــــــــــــــــــــــــــ (عقرى حلقى) والخباء -بكسر الخاء المعجمة بعدها باء موحدة- بيت من بيوت العرب. باب ما جاء في زعموا 6158 - (أبو النضر) -بالضاد المعجمة- اسمه سالم (أن أبا مرة) -بضم الميم وتشديد الراء- مولى أم هانئ، وقد يضاف إلى عقيل كأنه كان خديمه وملازمه الحديث سلف في غزوة الفتح، وموضع الدلالة قولها: (زعم ابن أمي) يريد عليًّا، ولم تنسبه إلى أبيه تحقيرًا له لأنها غضبى، وغرض البخاري أن الحديث الذي جاء "بئس مطية الرجل زعموا" ليس على عمومه، بل الزعم، وقد جاء في القول المحقق كما في الحديث، وكما في قوله تعالى: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا} [التغابن: 7] قال ابن الأثير: معنى قوله: زعموا مطية الرجل أن الإنسان إذا أراد التوصل إلى حاجة ولا سند له في ذلك يتوصل بقوله: زعموا كذا فلان (هبيرة) بضم الهاء مصغر هو زوج أم هانئ، وابنه منها جعدة، وفي الحديث دلالة على صحة أمان المرأة لقوله: (من أجرت).

95 - باب ما جاء فى قول الرجل ويلك

95 - باب مَا جَاءَ فِي قَوْلِ الرَّجُلِ وَيْلَكَ 6159 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى رَجُلاً يَسُوقُ بَدَنَةً فَقَالَ «ارْكَبْهَا». قَالَ إِنَّهَا بَدَنَةٌ. قَالَ «ارْكَبْهَا». قَالَ إِنَّهَا بَدَنَةٌ. قَالَ «ارْكَبْهَا وَيْلَكَ». طرفه 1690 6160 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى رَجُلاً يَسُوقُ بَدَنَةً فَقَالَ لَهُ «ارْكَبْهَا». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا بَدَنَةٌ. قَالَ «ارْكَبْهَا وَيْلَكَ». فِي الثَّانِيَةِ أَوْ فِي الثَّالِثَةِ. طرفه 1689 6161 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِىِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. وَأَيُّوبَ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي سَفَرٍ، وَكَانَ مَعَهُ غُلاَمٌ لَهُ أَسْوَدُ، يُقَالُ لَهُ أَنْجَشَةُ، يَحْدُو، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «وَيْحَكَ يَا أَنْجَشَةُ رُوَيْدَكَ بِالْقَوَارِيرِ». طرفه 6149 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ما جاء في قول الرجل: ويلك 6159 - (همام) بفتح الهاء وتشديد الميم (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلًا يسوق بدنة) أي: ناقة، وإنما تسمى الناقة المسوقة للهدي بمكة بدنة؛ لأنهم كانوا يسمنون القرابين، فاشتقاقه من البدانة وهي الجسامة (ويلك اركبها) قد أشرنا أن الويل هو الهلاك، أو واد في جهنم، وليس بمراد بل العتاب، وذلك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول له مرارًا: (اركبها) وهو يرد عليه بأنها بدنة، فالمراد التعجب من جهله. 6160 - (قتيبة) بضم القاف مصغر (عن أبي الزناد) -بكسر الزاي بعدها نون- عبد الله بن ذكوان. 6161 - (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم (البناني) -بضم الباء بعدها نون- نسبة إلى بنانة قبيلة بيمن. روى عن أنس حديث أنجشة أنه كان يسوق الإبل، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ورويدك بالقوارير) وقد أشرنا في باب ما يجوز من الشعر أن [المراد] بالقوارير: النساء على طريق الاستعارة بجامع الشبه، وهو ضعف البنية بطرق الخلل، والزجاج في ذلك معروف.

6162 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ خَالِدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَثْنَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «وَيْلَكَ قَطَعْتَ عُنُقَ أَخِيكَ - ثَلاَثًا - مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَادِحًا لاَ مَحَالَةَ فَلْيَقُلْ أَحْسِبُ فُلاَنًا - وَاللَّهُ حَسِيبُهُ - وَلاَ أُزَكِّى عَلَى اللَّهِ أَحَدًا. إِنْ كَانَ يَعْلَمُ». طرفه 2662 6163 - حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ عَنِ الأَوْزَاعِىِّ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ وَالضَّحَّاكِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ بَيْنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْسِمُ ذَاتَ يَوْمٍ قِسْمًا فَقَالَ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ - رَجُلٌ مِنْ بَنِى تَمِيمٍ - يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْدِلْ. قَالَ «وَيْلَكَ مَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ». فَقَالَ عُمَرُ ائْذَنْ لِى فَلأَضْرِبْ عُنُقَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 6162 - (وهيب) بضم الواو مصغر (أثنى رجل على رجل عند النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: قطعت عنق صاحبك) قطع العنق كناية عن القتل، والمراد القتل المعنوي، وهو اغترار الممدوح بذلك القول، وقد سبق الحديث في باب ما يكره من التمادح. وأشرنا هناك إلى أن هذا إنما يكره إذا كان الممدوح ممن يخاف عليه العجب والاغترار، وإلا فكم مدح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أصحابه كقوله في عمر: "ما سلكت فجًّا إلا وسلك الشيطان فجًّا غير فجك" وكم له نظائر (لا محالة) -بفتح الميم- أي: لا بد (ولا أزكي على الله أحدًا) لأنه عالم بالضمائر وذوات الصدور. 6163 - (الأوزاعي) -بفتح الهمزة- إمام الشام عبد الرحمن (بينما النبي -صلى الله عليه وسلم- يقسم ذات يوم قسمًا) بفتح القاف أي: قسمة، كان ذلك في قسمة تبر أرسله علي من اليمن، وقد سلف الحديث في كتاب الأنبياء في قصة هود (ذو الخويصرة) بضم الخاء مصغر، تقدم أن اسمه حرقوص (فقال عمر: ائذن [لي] فلأضرب عنقه) جمع بين الفاء واللام لتأكيد معنى السببية. فإن قلت: تقدم أن القائل خالد بن الوليد؟ قلت: لم يجزم هناك بخالد بل قال: أحسبه، وهنا جزم، على أنه يجوز أن يكون كل منهما قائلًا.

قَالَ «لاَ، إِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلاَتَهُ مَعَ صَلاَتِهِمْ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمُرُوقِ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يُنْظَرُ إِلَى نَصْلِهِ فَلاَ يُوجَدُ فِيهِ شَىْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى رِصَافِهِ فَلاَ يُوجَدُ فِيهِ شَىْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى نَضِيِّهِ فَلاَ يُوجَدُ فِيهِ شَىْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى قُذَذِهِ فَلاَ يُوجَدُ فِيهِ شَىْءٌ، سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدَّمَ، يَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ، آيَتُهُمْ رَجُلٌ إِحْدَى يَدَيْهِ مِثْلُ ثَدْىِ الْمَرْأَةِ، أَوْ مِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ». قَالَ أَبُو سَعِيدٍ أَشْهَدُ لَسَمِعْتُهُ مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَشْهَدُ أَنِّى كُنْتُ مَعَ عَلِىٍّ حِينَ قَاتَلَهُمْ، فَالْتُمِسَ فِي الْقَتْلَى، فَأُتِىَ بِهِ عَلَى النَّعْتِ الَّذِى نَعَتَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 3344 6164 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الْحَسَنِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه ـــــــــــــــــــــــــــــ (قال: لا إن له أصحابًا يحقر أحدكم صلاته عند صلاتهم) ليس هذا مدحًا لهم، بل إشارة إلى العلة المانعة، فإن أحكام الشرع مبنية على الظاهر، وأيضًا كما صرح به في الحديث الآخر: "لا يقال: إن محمدًا يقتل أصحابه" (ينظر إلى رصافه) -بكسر الراء وصاد مهملة- ما يلف على مدخل النصل بالعضب وغيره (إلى نَضِيّه) بفتح النون وكسر الضاد المعجمة عود السهم، (إلى قذذه) قذة بضم القاف وتشديد الذال يقال: فلان أشبه بفلان بالقذة (يخرجون على حين فرقة من الناس) أي في أيام مخالفة الناس الإمام الحق، وهو زمن مخالفة الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، خرجوا عليه بصفين وبعده، والقصة مشهورة، ويروى "على خير فِرقة" بكسر [الفاء] أي: طائفة وهم الإمام ومن تابعه (آيتهم) أي: علامتهم (رجل إحدى يديه مثل ثدي المرأة ومثل البَضعة) بفتح الباء أي: قطعة من اللحم (تدردر) بفتح التاء حذفت منه إحدى التاءين، والحديث سلف في علامات النبوة، وموضع الدلالة قوله: (ويلك من يعدل إذا لم أعدل). 6164 - ثم روى حديث من واقع امرأته في رمضان، وقد سلف هناك، وموضع الدلالة هنا قوله: (ويلك)، (مقاتل) بكسر التاء (حميد) بضم الحاء مصغر

أَنَّ رَجُلاً أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكْتُ. قَالَ «وَيْحَكَ». قَالَ وَقَعْتُ عَلَى أَهْلِى فِي رَمَضَانَ. قَالَ «أَعْتِقْ رَقَبَةً». قَالَ مَا أَجِدُهَا. قَالَ «فَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ». قَالَ لاَ أَسْتَطِيعُ. قَالَ «فَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا». قَالَ مَا أَجِدُ. فَأُتِىَ بِعَرَقٍ فَقَالَ «خُذْهُ فَتَصَدَّقْ بِهِ». فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعَلَى غَيْرِ أَهْلِى فَوَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ مَا بَيْنَ طُنُبَىِ الْمَدِينَةِ أَحْوَجُ مِنِّى. فَضَحِكَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ قَالَ «خُذْهُ». تَابَعَهُ يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ وَيْلَكَ. طرفه 1936 6165 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو الأَوْزَاعِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِىُّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِىِّ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه أَنَّ أَعْرَابِيًّا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِى عَنِ الْهِجْرَةِ. فَقَالَ «وَيْحَكَ إِنَّ شَأْنَ الْهِجْرَةِ شَدِيدٌ، فَهَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ». قَالَ نَعَمْ. قَالَ «فَهَلْ تُؤَدِّى صَدَقَتَهَا». قَالَ نَعَمْ. قَالَ «فَاعْمَلْ مِنْ وَرَاءِ الْبِحَارِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَنْ يَتِرَكَ مِنْ عَمَلِكَ شَيْئًا». طرفه 1452 ـــــــــــــــــــــــــــــ (ما بين طنبي المدينة أحوج مني) -بضم الطاء والنون- أحد أطناب الخيمة يريد بها اللابتين على طريق الاستعارة. 6165 - (أن أعرابيًّا سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الهجرة) أي: عن ثوابها، وقد سلف حديثه في أبواب الزكاة، وموضع الدلالة هنا قوله: (ويحك إن شأن الهجرة شديد، فاعمل من وراء البحار) أي: من وراء البلاد في موضع أنت به. قال ابن الأثير: يقال للبلاد البحار، ومنه حديث سعد بن عبادة (فإن الله لن يترِك من عملك شيئًا) بفتح المثناة تحت وكسرها وفوق أي: لن ينقص، ويروى بسكون الفوقانية من الترك. فإن قلت: قبل الفتح كانت الهجرة واجبة، فكيف رخص للأعرابي؟ قلت: كانت واجبة على أهل مكة خاصة.

6166 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ وَاقِدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ سَمِعْتُ أَبِى عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «وَيْلَكُمْ - أَوْ وَيْحَكُمْ قَالَ شُعْبَةُ شَكَّ هُوَ - لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِى كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ». وَقَالَ النَّضْرُ عَنْ شُعْبَةَ وَيْحَكُمْ. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ وَيْلَكُمْ أَوْ وَيْحَكُمْ. طرفه 1742 6167 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ أَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَتَى السَّاعَةُ قَائِمَةٌ قَالَ «وَيْلَكَ وَمَا أَعْدَدْتَ لَهَا». قَالَ مَا أَعْدَدْتُ لَهَا إِلاَّ أَنِّى أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ. قَالَ «إِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ». فَقُلْنَا وَنَحْنُ كَذَلِكَ. قَالَ «نَعَمْ». فَفَرِحْنَا يَوْمَئِذٍ فَرَحًا شَدِيدًا، فَمَرَّ غُلاَمٌ لِلْمُغِيرَةِ وَكَانَ مِنْ أَقْرَانِى فَقَالَ «إِنْ أُخِّرَ هَذَا فَلَنْ يُدْرِكَهُ الْهَرَمُ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ». ـــــــــــــــــــــــــــــ 6166 - وحديث ابن عمر (لا ترجعوا بعدي كفارًا) سلف في أبواب الحج، وموضع [الدلالة] قوله: (ويلكم أو ويحكم). 6167 - (همام) بفتح الهاء وتشديد الميم (أن رجلًا من أهل البادية) أي: أعرابيًّا سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (متى الساعة قائمة) بالنصب على الحال من المبتدأ إن جوز ذلك على ما اختاره ابن مالك، وإلا فمن المستكين في الظرف. (ويلك ما أعددت لها) إنما سأله لأن المنافقين كانوا يسألون عنها تعنتًا، فلما ظهر له أنه ليس منهم أجابه بجواب حسن له ولكافة المؤمنين بقوله: (إنك مع من أحببت) المعية في المكان لا تستلزم التساوي في الرتبة. قال شيخنا: هذا الرجل هو ذو الخويصرة اليماني الذي بال في المسجد، ومثل هذا الجواب وقع لأبي موسى وأبي ذر حين سأل: المرء يحب القوم ولم يلحق بهم (إن أخر هذا الغلام فلن يدركه الهرم حتى تقوم الساعة) يريد بذلك الهرم وموت أهل ذلك العصر كما جاء في رواية أخرى:

96 - باب علامة حب الله عز وجل

وَاخْتَصَرَهُ شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ سَمِعْتُ أَنَسًا عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 3688 96 - باب عَلاَمَةِ حُبِّ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِقَوْلِهِ (إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ). 6168 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ «الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ». طرفه 6169 6169 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَقُولُ فِي رَجُلٍ أَحَبَّ قَوْمًا وَلَمْ يَلْحَقْ بِهِمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «الْمَرْءُ ـــــــــــــــــــــــــــــ "تقوم عليكم ساعتكم" والنووي يحتمل أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علم أن ذلك الغلام لا يعمر، وقيل: تمثيل لقرب الساعة، أو أن اليوم لا حد له، والكل ضعيف، والعمدة على ما ذكرنا. والذي يدل عليه ما في الرواية الأخرى: "إن أخر هذا الغلام لا يبقى منكم عين تطرف" قال القاضي عياض: هذه الرواية تفسير ما أشكل من الروايات وإنما نبه بذلك على أن كل من مات فقد قامت قيامته، فالواجب على الإنسان الاشتغال بما ينجيه، فإن الأعمار في هذه الأمة قصيرة (عن قتادة قال سمعت أنسًا) فائدة هذا التعليق التصريح بالسماع من قتادة، فإنه يدفع وهم التدليس. باب علامة حب الله من إضافة المصدر إلى المفعول أي: محبة العبد ربه تعالى، وجعله من إضافة المصدر إلى الفاعل ترده الآية الكريمة وأحاديث الباب تأمل. 6168 - 6169 - 6170 - 6171 - (بشر بن خالد) بكسر الموحدة وسكون [المعجمة]، روى عن عبد الله بن مسعود أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (المرء مع من أحب) ولقد سلف في الباب قبله شرحه، روى عنه ثانيًا أن رجلًا سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (كيف تقول في رجل أحب قومًا ولم يلحق بهم؟) أي: في العمل فأجابه بأنه مع من أحب، وقد أشرنا إلى أن هذا

97 - باب قول الرجل للرجل اخسأ

مَعَ مَنْ أَحَبَّ». تَابَعَهُ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ قَرْمٍ وَأَبُو عَوَانَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 6168 6170 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ قِيلَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - الرَّجُلُ يُحِبُّ الْقَوْمَ وَلَمَّا يَلْحَقْ بِهِمْ قَالَ «الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ». تَابَعَهُ أَبُو مُعَاوِيَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ. 6171 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا أَبِى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِى الْجَعْدِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - مَتَّى السَّاعَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «مَا أَعْدَدْتَ لَهَا». قَالَ مَا أَعْدَدْتُ لَهَا مِنْ كَثِيرِ صَلاَةٍ وَلاَ صَوْمٍ وَلاَ صَدَقَةٍ، وَلَكِنِّى أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ. قَالَ «أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ». طرفه 3688 97 - باب قَوْلِ الرَّجُلِ لِلرَّجُلِ اخْسَأْ ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يقتضي التساوي في الرتبة، وروى مثله عن أبى موسى وعن أنس أن رجلًا سأل متى الساعة؟، والجواب واحد ولا خفاء فيه. فإن قلت: وضع الباب في علامة حب العبد ربه تعالى، ولا دلالة في الأحاديث على العلامة بوجه؟ قلت: قال بعض الشارحين: في وجه الدلالة عسر فلينظر، وأنا قلت: هذا على دأبه في الاستدلال على المقصود بما فيه خفاء. والوجه في الدلالة أنه استدل على دعوى المحبة من العبد بقوله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: 31]) فدل أن متابعته دليل حب الله، والناس في المتابعة متفاوتون، وعلى قدر ذلك التفاوت درجاتهم في الجنة، فأشار البخاري في أحاديث الباب: "المرء مع من أحب"، إلى أن معيار دعوى المحبة التي توجب المعية هو متابعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. باب قول الرجل للرجل اخسأ قال ابن الأثير: يقال: خسأت الكلب خسئًا: طردته فخسئ وخسأ وانخسأ، والحاصل أنه جاء لازمًا ومتعديًا.

6172 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ زَرِيرٍ سَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لاِبْنِ صَائِدٍ «قَدْ خَبَأْتُ لَكَ خَبِيئًا فَمَا هُوَ». قَالَ الدُّخُّ. قَالَ «اخْسَأْ». 6173 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ انْطَلَقَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي رَهْطٍ مِنْ أَصْحَابِهِ قِبَلَ ابْنِ صَيَّادٍ، حَتَّى وَجَدَهُ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ فِي أُطُمِ بَنِى مَغَالَةَ، وَقَدْ قَارَبَ ابْنُ صَيَّادٍ يَوْمَئِذٍ الْحُلُمَ، فَلَمْ يَشْعُرْ حَتَّى ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ظَهْرَهُ بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ «أَتَشْهَدُ أَنِّى رَسُولُ اللَّهِ». فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ الأُمِّيِّينَ. ثُمَّ قَالَ ابْنُ صَيَّادٍ أَتَشْهَدُ أَنِّى رَسُولُ اللَّهِ فَرَضَّهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قَالَ «آمَنْتُ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ». ثُمَّ قَالَ لاِبْنِ صَيَّادٍ «مَاذَا تَرَى». ـــــــــــــــــــــــــــــ 6172 - (سلم بن زرير) بفتح السين وسكون اللام وفتح الزاي المعجمة ثم المهملة (أبو رجاء) -بفتح الراء والمد- عمران العطاردي (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لابن صياد) وفي رواية ابن صائد وهذه أشهر (قد خبأت لك خبيئًا) أي: أضمرت لك ضميرًا قال في رواية "كان أضمر له {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} [الدخان: 10] (فقال: هو الدخ) -بضم الدال وتشديد الخاء- هو الدخان لغة فيه، وقيل: كان أضمر له جبل الدخان، وهو موضع يقتل به الدجال، وعلى كل تقدير فقد أصاب فيما أضمره على طريقة الكهان، وقوله: اخسأ طرد له عن معرفة الغيب، وإشارة إلى أنها كلمة الجني التي اختطفها من استراق السمع. 6173 - 6174 - (في رهط) من الثلاثة إلى العشرة في الرجال خاصة، وقيل: إلى الأربعين (قبل ابن صياد) بكسر القاف وفتح الباء أي: جهته (في أطم بني مغالة) أطم -بضم الهمزة- القصر، ومغالة بضم الميم وغين معجمة (أتشهد أني رسول الله؟ قال أشهد أنك رسول الأميين) هذا معتقد طائفة من اليهود، زعم أنه بعث إلى العرب لا غير (فرصَه النبي - صلى الله عليه وسلم -) بالصاد المهملة أي: ضم بعضه إلى بعض، ويروى بالضاد المعجمة أي: كسره وهو قريب من الأول، وفي رواية مسلم: وربضه بالباء الموحدة وضاد معجمة أي: ألقاه على الأرض من ربض بالأرض إذا لصق بها، (ثم قال آمنت بالله ورسله) نفى رسالته بطريق الكناية أي: لست برسول بدليل سياق الكلام، ومعلوم أيضًا من سائر النصوص أنه لا نبي بعده.

قَالَ يَأْتِينِى صَادِقٌ وَكَاذِبٌ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «خُلِّطَ عَلَيْكَ الأَمْرُ». قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنِّى خَبَأْتُ لَكَ خَبِيئًا». قَالَ هُوَ الدُّخُّ. قَالَ «اخْسَأْ، فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ». قَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَأْذَنُ لِى فِيهِ أَضْرِبْ عُنُقَهُ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنْ يَكُنْ هُوَ لاَ تُسَلَّطُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ فَلاَ خَيْرَ لَكَ فِي قَتْلِهِ». طرفه 1354 6174 - قَالَ سَالِمٌ فَسَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ انْطَلَقَ بَعْدَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ الأَنْصَارِىُّ يَؤُمَّانِ النَّخْلَ الَّتِى فِيهَا ابْنُ صَيَّادٍ، حَتَّى إِذَا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - طَفِقَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَتَّقِى بِجُذُوعِ النَّخْلِ، وَهْوَ يَخْتِلُ أَنْ يَسْمَعَ مِنِ ابْنِ صَيَّادٍ شَيْئًا قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ، وَابْنُ صَيَّادٍ مُضْطَجِعٌ عَلَى فِرَاشِهِ فِي قَطِيفَةٍ لَهُ فِيهَا رَمْرَمَةٌ أَوْ زَمْزَمَةٌ، فَرَأَتْ أُمُّ ابْنِ صَيَّادٍ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ يَتَّقِى بِجُذُوعِ النَّخْلِ، فَقَالَتْ لاِبْنِ صَيَّادٍ أَىْ صَافِ - وَهْوَ اسْمُهُ - هَذَا مُحَمَّدٌ. فَتَنَاهَى ابْنُ صَيَّادٍ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ تَرَكَتْهُ بَيَّنَ». طرفه 1355 6175 - قَالَ سَالِمٌ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي النَّاسِ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ ذَكَرَ الدَّجَّالَ فَقَالَ «إِنِّى أُنْذِرُكُمُوهُ، وَمَا مِنْ نَبِىٍّ إِلاَّ وَقَدْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ، لَقَدْ أَنْذَرَهُ نُوحٌ قَوْمَهُ، وَلَكِنِّى سَأَقُولُ لَكُمْ فِيهِ قَوْلاً لَمْ يَقُلْهُ نَبِىٌّ لِقَوْمِهِ، تَعْلَمُونَ أَنَّهُ أَعْوَرُ، وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ». طرفه 3057 ـــــــــــــــــــــــــــــ (يأتيني [صادق] وكاذب) هذا شأن الكاهن (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: خلط عليك الأمر) بضم الخاء وتشديد اللام المكسورة (قال عمر: دعني أضرب عنقه ففال: إن يكن هو) أي: الدجال، وكان الظاهر إياه لأنه خبر كان، إلا أن الضمائر يقع بعضها موضع بعض نحو: مررت بك أنت (فلن تسلط عليه) لأن قاتله عيسى بن مريم (انطلق رسول الله وأبي بن كعب يؤمان النخل الذي فيه ابن صياد) أي: يقصدان (طفق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: شرع (يتقي بجذوع النخل) لئلا يراه (وهو يختل) بالخاء المعجمة أي: يحتال عسى أن يسمع منه كلامًا يدل على ما فيه، ولذلك قال: (لو تركته لبين)، (في قطيفة له فيها زمزمة) بالزاي المكررة، ويروى بالمهملة، والمعنى واحد، وهو الصوت الخفي الذي لا يكاد يفهم، وقد سلف الكلام عليه مستوفى في كتاب الجنائز في باب إذا أسلم.

98 - باب قول الرجل مرحبا

قال أبو عبد الله: خسأت الكلب بعدته، خاسئين مبعدين. 98 - باب قَوْلِ الرَّجُلِ مَرْحَبًا وَقَالَتْ عَائِشَةُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِفَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلاَمُ «مَرْحَبًا بِابْنَتِى». وَقَالَتْ أُمُّ هَانِئٍ جِئْتُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مَرْحَبًا بِأُمِّ هَانِئٍ». 6176 - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَبُو التَّيَّاحِ عَنْ أَبِى جَمْرَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَرْحَبًا بِالْوَفْدِ الَّذِينَ جَاءُوا غَيْرَ خَزَايَا وَلاَ نَدَامَى». فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا حَىٌّ مِنْ رَبِيعَةَ وَبَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مُضَرُ، وَإِنَّا لاَ نَصِلُ إِلَيْكَ إِلاَّ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ، فَمُرْنَا بِأَمْرٍ فَصْلٍ نَدْخُلُ بِهِ الْجَنَّةَ، وَنَدْعُو بِهِ مَنْ وَرَاءَنَا. فَقَالَ «أَرْبَعٌ وَأَرْبَعٌ أَقِيمُوا الصَّلاَةَ، وَآتُوا الزَّكَاةَ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ، وَأَعْطُوا خُمُسَ مَا غَنِمْتُمْ، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قول الرجل: مرحبًا نصبه على أنه مفعول به أي: لبست رحبًا أي: مكانًا واسعًا، وتعليق عائشة (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لفاطمة: مرحبًا يا بنتي) تقدم في المناقب، وتعليق أم هانئ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (مرحبًا بأم هانئ) تقدم قريبًا في باب زعموا. 6176 - (ميسرة) ضد الميمنة (أبو التياح) -بفتح الفوقانية وتشديد التحتانية- يزيد بن حميد (أبوجمرة) -بالجيم- نصر بن عمران الصبعي. روى عن ابن عباس حديث وفد عبد القيس، وقد مر في أبواب الإيمان وبعده مرارًا، وموضع الدلالة قوله: (مرحبًا بالقوم غير خزايا ولا ندامى) جمع خزيان ونادم، وليس قياس جمع نادم إلا أنه اتبع خزايا كما الغدايا والعشايا (حي من ربيعة) هو ابن نزار بن معد بن عدنان (أربع وأربع) أي: أربع خصال مأمور بها وأربع منهي عنها، وترك هنا شهادة أن لا إله إلا الله؛ لأن القوم كانوا مؤمنين، وإنما كانوا مسائلين عن شرائع الإيمان. ولم يذكر الحج؛ لأنه لم يكن واجبًا بعد، وفيه دفع الإشكال بأن المذكور خمسة في تلك الرواية، ويسقط الجواب بأن ذكر الخمس على

99 - باب ما يدعى الناس بآبائهم

وَلاَ تَشْرَبُوا فِي الدُّبَّاءِ، وَالْحَنْتَمِ، وَالنَّقِيرِ، وَالْمُزَفَّتِ». طرفه 53 99 - باب مَا يُدْعَى النَّاسُ بِآبَائِهِمْ 6177 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْغَادِرُ يُرْفَعُ لَهُ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يُقَالُ هَذِهِ غَدْرَةُ فُلاَنِ بْنِ فُلاَنٍ». طرفه 3188 6178 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ الْغَادِرَ يُنْصَبُ لَهُ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُقَالُ هَذِهِ غَدْرَةُ فُلاَنِ بْنِ فُلاَنٍ». طرفه 3188 ـــــــــــــــــــــــــــــ سبيل التبع (والدباء) -بضم الدال والمد- القرع (والحنتم) بفتح الحاء وسكون النون الحُسن الخضراء (والمزفت) المطلي بالزفت (والنقير) الجذع المنقور. والحديث منسوخ كما أشير إليه مرارًا. باب ما يدعى الناس بآبائهم 6177 - 6178 - (الغادر يرفع له يوم القيامة لواء يقال: هذه غدرة فلان بن فلان) أي: علامة غدره، والغدر لغة: الترك، والمراد به في الحديث نقض العهد، واللواء: العلم، وغرض البخاري الرد على من يقول: يدعى الناس بالأمهات سترًا على الأمهات في أولاد الزنى، إلا أن الحديث لا دلالة فيه على أنه لا يدعى إلا بالآباء، فربما يكون ذلك أيضًا لطفًا من الله بالزواني. فإن قلت: في الرواية الأولى: "يُرفع له لواء"، وفي الثانية: "ينصب"؟ قلت: مؤداهما واحد. قيل: يكون له بكل غدرة لواء. قلت: ظاهر قوله في الرواية الأخرى: "لكل غادر لواء" يرفعه، وقيل: الحكمة في هذا اللواء أن الذنوب تجزى بأضدادها، والغدر يكون خفية، واللواء للشهرة. قلت: الظاهر عكسه كما تقدم فيمن قتل نفسه بحديدة "فحديدته في يده يجأ بها بطنه، ومن قتل نفسه بسم فسمه في يده يحسوه يوم القيامة" والذي عندي

100 - باب لا يقل خبثت نفسى

100 - باب لاَ يَقُلْ خَبُثَتْ نَفْسِى 6179 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ خَبُثَتْ نَفْسِى. وَلَكِنْ لِيَقُلْ لَقِسَتْ نَفْسِى». 6180 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ خَبُثَتْ نَفْسِى، وَلَكِنْ لِيَقُلْ لَقِسَتْ نَفْسِى». تَابَعَهُ عُقَيْلٌ. 101 - باب لاَ تَسُبُّوا الدَّهْرَ 6181 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ قَالَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «قَالَ اللَّهُ يَسُبُّ بَنُو آدَمَ الدَّهْرَ، وَأَنَا الدَّهْرُ، بِيَدِى اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ». طرفه 4826 ـــــــــــــــــــــــــــــ أن الغدر شأن الملوك وهم أرباب الألوية، والغرض من اللواء في الدنيا الافتخار والاشتهار على وجه الشرف، فلما غدر جزاه الله بمثله. باب لا يقول: خَبُثَتْ نفسي 6179 - روى عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا يقولن أحدكم: خبثت نفسي، ولكن ليقل: لقست نفسي) المعنى واحد، وإنما ذكره في مقام الذم. 6180 - (عن أبي أمامة بن سهل) اسمه: أسعد، سماه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - باسم جده أسعد بن زرارة. باب "لا تسبوا الدهر" هذه الترجمة بعض حديث لم يكن على شرطه. 6181 - (يسب بنو آدم الدهر وأنا الدهر) وفي الرواية الأخرى "فإن الله هو الدهر".

102 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - «إنما الكرم قلب المؤمن»

6182 - حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تُسَمُّوا الْعِنَبَ الْكَرْمَ، وَلاَ تَقُولُوا خَيْبَةَ الدَّهْرِ. فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الدَّهْرُ». طرفه 6183 102 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّمَا الْكَرْمُ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ» وَقَدْ قَالَ «إِنَّمَا الْمُفْلِسُ الَّذِى يُفْلِسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». كَقَوْلِهِ «إِنَّمَا الصُّرَعَةُ الَّذِى يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ». كَقَوْلِهِ «لاَ مُلْكَ إِلاَّ لِلَّهِ». فَوَصَفَهُ بِانْتِهَاءِ الْمُلْكِ، ثُمَّ ذَكَرَ الْمُلُوكَ أَيْضًا، فَقَالَ «(إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا)». 6183 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «وَيَقُولُونَ الْكَرْمُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قال ابن الأثير: عبارة عن مدة بقاء الدنيا، وكان العرب يرون أن المؤثر في الكائنات هو الدهر كما حكى الله عنهم {وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ} [الجاثية: 24] فإذا نابتهم نائبة يسبون الدهر كما في الحديث: "يا خيبة الدهر فقال تعالى: إذا كان سهم للدهر" لأنه الآتي بالحوادث، فلذلك السب عائد إلى الآتي، جالب تلك الحوادث، والحصر في الحديث من قصر القلب (لا تسموا العنب الكرم) وفي الرواية الأخرى: "إنما الكرم الرجل المسلم". قال ابن الأثير: كانوا يسمون شجرة العنب كرمًا؛ لأن الخمر المتخذ منه يحث على الكرم، فكره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك وجعل وصف المؤمن بذلك أولى. 6182 - (عياش) بتشديد الياء المثناة آخره شين معجمة (لا تقولوا يا خيبة الدهر) الخيبة هي الحرمان، وإضافته إلى الدهر إضافة إلى السبب كقولهم: بنى الأمير المدينة. باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الكرم قلب المؤمن" 6183 - قد أشرنا في الباب قبله أن العرب كانوا يسمون العنب كرمًا؛ لأن الخمر المتخذ منه يوجب السخاء والكرم، فكره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأشار إلى أن قلب المؤمن أولى بذلك قال ابن الأثير: الكرم مصدر يوصف به، يقال: رجل كرم أي: كريم، نحو رجل عدل

103 - باب قول الرجل فداك أبى وأمى

إِنَّمَا الْكَرْمُ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ». طرفه 6182 والكَرْمُ: العنبُ، والرجلُ الكريم، ففيه اصطلاحٌ لفظي، فيكون في مرتبة الاستحباب، ولا دَخْلَ للتحريم. قوله: (لاَ مُلْكَ إلا لِلهِ). وحاصلُ كلامه أنَّ لفظَ: "لا"، قد يكونُ لنفي الأصل، وقد يكونُ لنفي الكمال، وقد أنكرتُ -تبعًا للتَّفْتَازَاني في "المطول"- أن يكونَ حرفُ "لا" موضوعاً لنفي الكمال، فمدلولُه ليس إلا نفي الأصل. فالوجهُ في مثل هذه المواضع: أن الناقصَ يَنْزِلُ منزلةَ المعدوم، فيُسْتَعْمَلُ له ما يُسْتَعْمَلُ للمعدوم، فيجتمعُ الاعتباران في المآل، وإنَّما الكلامُ في المدلول. 103 - باب قَوْلِ الرَّجُلِ فَدَاكَ أَبِى وَأُمِّى فِيهِ الزُّبَيْرُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 6184 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنِى سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - قَالَ مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُفَدِّى أَحَدًا غَيْرَ سَعْدٍ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ «ارْمِ فَدَاكَ أَبِى وَأُمِّى». أَظُنُّهُ يَوْمَ أُحُدٍ. طرفه 2905 ـــــــــــــــــــــــــــــ واستدل البخاري على أن قوله: (إن الكرم قلب المؤمن) حصر ادعائي. بقوله: (إنما المفلس الذي يفلس يوم القيامة) وبالأمثلة المذكورة بعدها (والصرعة) بضم الصاد وفتح الراء هو الغالب في المصارعة، وبإسكان الراء: المغلوب. باب قول الرجل: فداك أبي وأمي 6184 - الفداء -بكسر الفاء والمد، وبالفتح والقصر- أصله في فكاك الأسير، ويقصد في مثل هذه المواضع تعظيم الرجل (فيه الزبير) تقدم مسندًا في المناقب وفي غزوة الخندق أنه قال له: "فداك أبي وأمي" وأما قول علي: (ما سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفدي غير سعد) إنما أخبر في سماعه لا عن نفس الأمر، وإيراد البخاري كلا الحديثين مع تناقضهما ظاهرًا دلالة على أنه يشير إلى وجه الجمع لمن تأمل (أظنه يوم أحد) قد سبق الجزم به في غزوة أحد.

104 - باب قول الرجل جعلنى الله فداك

104 - باب قَوْلِ الرَّجُلِ جَعَلَنِى اللَّهُ فِدَاكَ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا. 6185 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ أَقْبَلَ هُوَ وَأَبُو طَلْحَةَ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَمَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - صَفِيَّةُ، مُرْدِفَهَا عَلَى رَاحِلَتِهِ، فَلَمَّا كَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ عَثَرَتِ النَّاقَةُ، فَصُرِعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَالْمَرْأَةُ، وَأَنَّ أَبَا طَلْحَةَ - قَالَ أَحْسِبُ - اقْتَحَمَ عَنْ بَعِيرِهِ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا نَبِىَّ اللَّهِ جَعَلَنِى اللَّهُ فِدَاكَ، هَلْ أَصَابَكَ مِنْ شَىْءٍ. قَالَ «لاَ وَلَكِنْ عَلَيْكَ بِالْمَرْأَةِ». فَأَلْقَى أَبُو طَلْحَةَ ثَوْبَهُ عَلَى وَجْهِهِ فَقَصَدَ قَصْدَهَا، فَأَلْقَى ثَوْبَهُ عَلَيْهَا فَقَامَتِ الْمَرْأَةُ، فَشَدَّ لَهُمَا عَلَى رَاحِلَتِهِمَا فَرَكِبَا، فَسَارُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِظَهْرِ الْمَدِينَةِ - أَوْ قَالَ أَشْرَفُوا عَلَى الْمَدِينَةِ - قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «آيِبُونَ تَائِبُونَ، عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ». فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُهَا حَتَّى دَخَلَ الْمَدِينَةَ. طرفه 371 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قول الرجل: جعلني الله فداك تعليق أبي بكر: (فديناك بآبائنا وأمهاتنا) تقدم في أبواب مرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والوفاة. 6185 - فإن قلت: ترجم على قول الرجل: جعلني الله فداك، وليس في الحديث لفظ الجعل. قلت: أشار البخاري به إلى أن لفظ الجعل ليس يفيد، فإن أفعال العباد بخلق الله، وحديث أبي طلحة تقدم في غزوة خيبر، وموضع الدلالة قوله: (جعلني الله فداك)، (بشر بن المفضل) بكسر الموحدة وشين معجمة وفتح الضاد المعجمة (فصرع) بضم الصاد على بناء المجهول أي: ألقته الناقة (فاقتحم أبو طلحة) أي: نزل بعنف (فألقى ثوبه على وجهه) لئلا يقع بصره على أم المؤمنين صفية (حتى إذا كانوا بظهر المدينة) أي: بظاهرها.

105 - باب أحب الأسماء إلى الله عز وجل

105 - باب أَحَبِّ الأَسْمَاءِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ 6186 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ وُلِدَ لِرَجُلٍ مِنَّا غُلاَمٌ فَسَمَّاهُ الْقَاسِمَ فَقُلْنَا لاَ نَكْنِيكَ أَبَا الْقَاسِمِ وَلاَ كَرَامَةَ. فَأَخْبَرَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «سَمِّ ابْنَكَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ». طرفه 3114 106 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «سَمُّوا بِاسْمِى، وَلاَ تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِى» قَالَهُ أَنَسٌ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب أحب الأسماء إلى الله تعالى 6186 (صدقة بن الفضل) الصدقة أخت الزكاة (ابن عيينة) -بضم العين مصغر- الإمام المعروف سفيان (ابن المنكدر) بكسر الدال اسمه: محمد (لا نكنيك) بفتح النون الأولى وكسره ثانيًا، وبضم الأولى وتشديده ثانيًا (سَمّ ابنك عبد الرحمن). فإن قلت: هذا لا يدل على الترجمة وهي كونها أحب الأسماء؟ قلت: هذا على دأب البخاري من الاستدلال بما فيه خفاء، وقد جاء في رواية أبي داود: "أحب الأسماء عند الله عبد الله وعبد الرحمن"، ولم يكن على شرطه فأشار إليه في الترجمة. فإن قلت: لم كان الاسمان أحب الأسماء؟ قلت: لإضافة العبد إلى مولاه، فإن الأول وهو الله اسم الذات، والآخر سيد الصفات، وكلاهما مخصوص بالذات المقدسة، وإليه الإشارة في قوله: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ} [الإسراء: 110]. فإن قلت: قد غير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسماء كثيرة إلى غير عبد الله وعبد الرحمن؟ قلت: ذلك لأمر يدعو إلى ذلك كما غير حزنًا إلى سهل، وقيل للتضاد بين الاسمين. باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -:"سموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي" اتفقت أحاديث الباب على هذا، وقد جاء في الرواية خارج الباب تعليله بقوله: "إنما أنا قاسم"، وهذا لا يوجد في غيره، وتعليق أنس قد سلف في كتاب العلم مع شرح

107 - باب اسم الحزن

6187 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا خَالِدٌ حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ عَنْ سَالِمٍ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ وُلِدَ لِرَجُلٍ مِنَّا غُلاَمٌ فَسَمَّاهُ الْقَاسِمَ فَقَالُوا لاَ نَكْنِيهِ حَتَّى نَسْأَلَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «سَمُّوا بِاسْمِى، وَلاَ تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِى». طرفه 3114 6188 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم - «سَمُّوا بِاسْمِى، وَلاَ تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِى». طرفه 110 6189 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ الْمُنْكَدِرِ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما وُلِدَ لِرَجُلٍ مِنَّا غُلاَمٌ فَسَمَّاهُ الْقَاسِمَ فَقَالُوا لاَ نَكْنِيكَ بِأَبِى الْقَاسِمِ، وَلاَ نُنْعِمُكَ عَيْنًا. فَأَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ «أَسْمِ ابْنَكَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ». طرفه 3114 107 - باب اسْمِ الْحَزْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ الحديث مستوفى، ومحصل المسألة ما قاله النووي: إن العلماء اختلفوا فيها على مذاهب. ذهب الشافعي إلى عدم الجواز لإطلاق هذه الأحاديث، وذهب مالك إلى الجواز، وأن ذلك في حياته. وقال الطبري: النهي كان للتنزيه، وقيل: النهي لمن اسمه محمد. وقد ذكرنا في كتاب العلم الدلائل فراجعه. 6189 - (لا ننعمك عينًا) بضم النون وتخفيف العين المكسورة نعومة العين كناية عن السرور كما يقال: قرة عين من القر وهو البرد، فإن من كان في غاية السرور تكون عينه ناعمة ودمعها بارد. باب اسم الحزن من إضافة الشيء إلى نفسه للبيان. أي: اسم هو الحزن بفتح الحاء وسكون الزاي. أصله: المكان الخشن.

108 - باب تحويل الاسم إلى اسم أحسن منه

6190 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أَبَاهُ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مَا اسْمُكَ». قَالَ حَزْنٌ. قَالَ «أَنْتَ سَهْلٌ». قَالَ لاَ أُغَيِّرُ اسْمًا سَمَّانِيهِ أَبِى. قَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ فَمَا زَالَتِ الْحُزُونَةُ فِينَا بَعْدُ. حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَمَحْمُودٌ قَالاَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ بِهَذَا. طرفه 6193 108 - باب تَحْوِيلِ الاِسْمِ إِلَى اسْمٍ أَحْسَنَ مِنْهُ 6191 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلٍ قَالَ أُتِىَ بِالْمُنْذِرِ بْنِ أَبِى أُسَيْدٍ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ وُلِدَ، فَوَضَعَهُ عَلَى فَخِذِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ 6190 - روى عن سعيد بن المسيب أن جده حزنًا جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسلمًا، فسأله عن اسمه فقال: اسمه حزن، فكره ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فغيره إلى ضده وهو سهل، فلم يقبله وكان في ذلك مخطئًا فسرى ذلك الحزن في ذريته لا سيما سعيدًا، فإنه أوذي في أيام بني مروان أشد إيذاء. وقيل: مراده بالحزونة سوء الخلق وعدم سهولة ما يطلبونه، وفي الحديث دلالة على استحباب تغيير الأسماء إلى الأسماء الدالة على المعاني الحسنة، وقد جاء في الحديث: "إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم فأحسنوا أسماءكم". إلا أنه يكره أن يسمى بما فيه مدح أو تزكية. باب تحويل الاسم إلى اسم أحسن منه 6191 - (أبو غسان) -بفتح المعجمة وتشديد المهملة- محمد بن مطرف (أبو حازم) -بالحاء المهملة- سلمة بن دينار (أتي بالمنذر بن أبي أسيد) -بضم الهمزة- مالك بن ربيعة

وَأَبُو أُسَيْدٍ جَالِسٌ، فَلَهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِشَىْءٍ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَأَمَرَ أَبُو أُسَيْدٍ بِابْنِهِ فَاحْتُمِلَ مِنْ فَخِذِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتَفَاقَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «أَيْنَ الصَّبِىُّ». فَقَالَ أَبُو أُسَيْدٍ قَلَبْنَاهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «مَا اسْمُهُ». قَالَ فُلاَنٌ. قَالَ «وَلَكِنْ أَسْمِهِ الْمُنْذِرَ». فَسَمَّاهُ يَوْمَئِذٍ الْمُنْذِرَ. 6192 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِى مَيْمُونَةَ عَنْ أَبِى رَافِعٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ زَيْنَبَ كَانَ اسْمُهَا بَرَّةَ، فَقِيلَ تُزَكِّى نَفْسَهَا. فَسَمَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - زَيْنَبَ. 6193 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ شَيْبَةَ قَالَ جَلَسْتُ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فَحَدَّثَنِى أَنَّ جَدَّهُ حَزْنًا قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. فَقَالَ «مَا اسْمُكَ». قَالَ اسْمِى حَزْنٌ. قَالَ «بَلْ أَنْتَ سَهْلٌ». قَالَ مَا أَنَا بِمُغَيِّرٍ اسْمًا سَمَّانِيهِ أَبِى. قَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ فَمَا زَالَتْ فِينَا الْحُزُونَةُ بَعْدُ. طرفه 6190 ـــــــــــــــــــــــــــــ الأنصاري. كانوا يأتون إليه بالمولود ليدعو له بالبركة (فلها النبي - صلى الله عليه وسلم - بشيء) بفتح الهاء وكسرها لغتان، والكسر أشهر أي: كان مشتغلًا بشيء (فاستفاق) أي: فرغ من ذلك الشغل، الإفاقة مجاز عن الفراغ (لكن اسمه المنذر) استدراك مما وقع في كلام أبي أسيد من قوله: اسمه فلان. قيل في اسمه المنذر يقول بالعلم، فإن الإنذار يكون به. 6192 - (عن أبي رافع) اسمه: نفيع (أن زينب كان اسمها برة) -بفتح الباء وتشديد الراء- اسم فاعل من البر، وكان ذلك فيه تزكية لنفسها بأنها ذات بر وإحسان، وزينب هذه [بنت] جحش زوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، صرح به مسلم، ويجوز أن تكون بنت أبي سلمة، فإن كل واحدة منهما كان اسمها برة. 6193 - وحديث سعيد أن جده حزنًا لم يغير اسمه سلف في الباب قبله. فإن قلت: ترجم في تحويل الاسم، وليس في جد سعيد تحويل؟ قلت: وجد التحويل غير أنه لم يقبله.

109 - باب من سمى بأسماء الأنبياء

109 - باب مَنْ سَمَّى بِأَسْمَاءِ الأَنْبِيَاءِ وَقَالَ أَنَسٌ قَبَّلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِبْرَاهِيمَ. يَعْنِى ابْنَهُ. 6194 - حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قُلْتُ لاِبْنِ أَبِى أَوْفَى رَأَيْتَ إِبْرَاهِيمَ ابْنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ مَاتَ صَغِيرًا، وَلَوْ قُضِىَ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - نَبِىٌّ عَاشَ ابْنُهُ، وَلَكِنْ لاَ نَبِىَّ بَعْدَهُ. 6195 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِىِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ قَالَ لَمَّا مَاتَ إِبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ لَهُ مُرْضِعًا فِي الْجَنَّةِ». طرفه 1382 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من سمى بأسماء الأنبياء (عن أنس: قبّل النبي - صلى الله عليه وسلم - ابنه إبراهيم) قد سلف حديثه مطولًا في الجنائز، الدلالة هنا كون اسمه إبراهيم. 6194 - (ابن نمير) بضم النون مصغر نمر محمد بن عبد الله (بشر) بكسر الموحدة وشين معجمة (ابن أبي أوفى) بفتح الهمزة، واسمه عبد الله سأل أباه هل رأى إبراهيم بن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ (قال: لو قدر أن يكون بعد محمد نبي عاش ابنه) هذا شيء قاله من حسن ظنه، ولا سند له لا نقلًا ولا عقلًا، لأن أولاد الأنبياء لا يلزم أن يكونوا أنبياء. قال النووي في "تهذيب الأسماء" هذا القول فيه جسارة وتعلق بالمغيبات من غير دليل. لكن قال شيخنا: مثل هذا لا يقال بالرأي، وقد رواه ابن ماجه عن ابن عباس مرفوعًا: "لو عاش كان صديقًا نبيًّا"، قلت: على تقدير ثبوت هذا الحديث يجب تأويله إن كان بمثابة نبي عند الله؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاتم الأنبياء بنص القرآن. 6195 - (حرب) ضد الصلح (لما مات إبراهيم قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إن له مرضعًا في الجنة) مات وهو ابن سبعة عشر شهرًا، فأكرم الله بأن قدر له مرضعًا يكمل رضاعه.

6196 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِى الْجَعْدِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِىِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «سَمُّوا بِاسْمِى، وَلاَ تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِى، فَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ أَقْسِمُ بَيْنَكُمْ». وَرَوَاهُ أَنَسٌ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 3114 6197 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا أَبُو حَصِينٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «سَمُّوا بِاسْمِى وَلاَ تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِى، وَمَنْ رَآنِى فِي الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِى، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَتَمَثَّلُ صُورَتِى، وَمَنْ كَذَبَ عَلَىَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ». طرفه 110 6198 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ وُلِدَ لِى غُلاَمٌ، فَأَتَيْتُ بِهِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَمَّاهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ 6196 - (حصين) بضم الحاء (أبو الجعد) بفتح الجيم وسكون العين (لا تكنوا بكنيتي فإنما أنا قاسم). فإن قلت: إذا كانت العلة كونه قاسمًا، فالواجب أن لا يسمي أحد قاسمًا لا أن لا يكنى أبا القاسم؟ قلت: هذا على طريقة العرب من قولهم: أبو الفضل، وأبو المكارم للكامل في الفضل والمكارم، ولما كان قاسمًا للأموال والمعارف قيل له على تلك الطريقة أبو القاسم. فإن قلت: قد جاء في الحديث الآخر "أنه نادى رجل رجلًا يا أبا القاسم فالتفت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: لم أردك بل أردت فلانًا فقال: سموا باسمي و [لا] تكنوا بكنيتي"؟ قلت: لا ينافي يكون علة النهي هذا وذاك. 6197 - (ومن رآني في المنام فقد رآني) قد بسطنا الكلام في هذه المسألة في أبواب العلم، وملخصه: أنه شرفه الله بأن لا يتمثل الشيطان في صورته، ولا يقدر أن يقول: أنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أي صورة كان، وإنما التفاوت في أن يرى تارة شابًا وتارة شيخًا باعتبار حال الرائي (ومن كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار) كان الظاهر أن يقول: فقد تبوأ، وإنما أخرجه على زنة الأمر مبالغة، كان الكاذب عليه مأمور بأن يتخذ منزلًا في النار. 6198 - (محمد بن العلاء) بفتح العين والمد (أبو أسامة) حماد بن أسامة (أبو بردة)

110 - باب تسمية الوليد

إِبْرَاهِيمَ، فَحَنَّكَهُ بِتَمْرَةٍ، وَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ، وَدَفَعَهُ إِلَىَّ، وَكَانَ أَكْبَرَ وَلَدِ أَبِى مُوسَى. طرفه 5467 6199 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ عِلاَقَةَ سَمِعْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ قَالَ انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ يَوْمَ مَاتَ إِبْرَاهِيمُ. رَوَاهُ أَبُو بَكْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 1043 110 - باب تَسْمِيَةِ الْوَلِيدِ ـــــــــــــــــــــــــــــ -بضم الباء- عامر بن أبي موسى (فحنكه بتمرة) التحنيك: أن يمضغ التمر مع ريقه يحكه على حنك الطفل. 6199 - (زياد بن عِلاقة) بكسر الزاي والعين. والحديث في موت إبراهيم تقدم في أبواب الكسوف، وإنما رواه هنا لأن إبراهيم من أسماء الأنبياء، وفي رواية أبي داود والنسائي مرفوعًا: "تسموا بأسماء الأنبياء، وأحب الأسماء إليه عبد الله وعبد الرحمن، وأصدقها الحارث وهمام، وأقبحها حرب ومرة". باب تسمية الوليد من إضافة المصدر إلى المفعول الثاني. أي: تسمية المولود الوليد. روى في الباب حديث أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في قنوته بعد الركوع: (اللهم أنج الوليد بن الوليد) والحديث سلف في أبواب القنوت، وغرض البخاري من وضع هذا الباب رد حديث رواه الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه عن الزهري: أن رجلًا أراد أن يسمي ابنًا له وليدًا فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تفعل فإن رجلًا من أمتي يدعى وليدًا يفعل في أمتي ما فعله فرعون في قومه"، لكن وجه الاستدلال غير ظاهر، فإن الوليد في هذا الحديث كان مسمى بذلك الاسم في الجاهلية، وإنما كان يقوم دليلًا لو كان ذلك واقعًا في الإسلام اللهم إلا أن

111 - باب من دعا صاحبه فنقص من اسمه حرفا

6200 - أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ لَمَّا رَفَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ قَالَ «اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ، وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِى رَبِيعَةَ، وَالْمُسْتَضْعَفِينَ بِمَكَّةَ، اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِى يُوسُفَ». طرفه 797 111 - باب مَنْ دَعَا صَاحِبَهُ فَنَقَصَ مِنِ اسْمِهِ حَرْفًا وَقَالَ أَبُو حَازِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ لِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَا أَبَا هِرٍّ». ـــــــــــــــــــــــــــــ يقال: حيث لم يغير اسمه دل على أن ذلك الحديث غير صحيح، وهذا هو المعتمد. قال الأوزاعي: والوليد الذي قال فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانوا يرونه وليد بن عبد الملك، ثم رأينا أنه الوليد بن يزيد بن عبد الملك. قلت: نقل عنه أنه تفاءل بالمصحف فجاء قوله: {وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ} [إبراهيم: 15] فمزق المصحف، وقال في ذلك بيتًا محصله أنك إذا جئت يوم القيامة فقل: مزقني الوليد. 6200 - (أبو نعيم) بضم النون مصغر (الفضل بن دكين)، (عياش) بفتح العين وتشديد الياء المثناة آخره شين معجمة (اشدد وطأتك على مضر) أي: عذابك، فإن من وطئ على شيء فقد بالغ في إتلافه. باب من دعا صاحبه فنقص من اسمه حرفًا (وقال أبو حازم) سلمان الأشجعي (قال أبو هريرة، قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا أبا هر) ..... ليس ترخيم أبي هريرة عن طريقة ترخيم أهل النحو، وإنما المراد حروف أبا هر أنقص من حروف أبي هريرة، ويمكن أن يكون على ذلك الطريق أن يكون ترخيم أبا هريرة فإن هريرة مصغر منه. قال ابن إسحاق: كان له هريرة يلعب بها في صغره فقيل له: أبو هريرة، وقيل: كناه بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ذكره ابن عبد البر، والظاهر قول ابن إسحاق لما روى البخاري في مناقبه أنه ضاع غلامه لما ورد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبينما هو يخبر عن حاله وحال غلامه، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - على خيبر إذا طلع غلامه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا أبا

112 - باب الكنية للصبى وقبل أن يولد للرجل

6201 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَا عَائِشَ هَذَا جِبْرِيلُ يُقْرِئُكِ السَّلاَمَ». قُلْتُ وَعَلَيْهِ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ. قَالَتْ وَهْوَ يَرَى مَا لاَ نَرَى. طرفه 3217 6202 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ فِي الثَّقَلِ وَأَنْجَشَةُ غُلاَمُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَسُوقُ بِهِنَّ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَا أَنْجَشَ، رُوَيْدَكَ، سَوْقَكَ بِالْقَوَارِيرِ». طرفه 6149 112 - باب الْكُنْيَةِ لِلصَّبِىِّ وَقَبْلَ أَنْ يُولَدَ لِلرَّجُلِ 6203 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ أَبِى التَّيَّاحِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا، وَكَانَ لِى أَخٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو عُمَيْرٍ - قَالَ أَحْسِبُهُ فَطِيمٌ - وَكَانَ إِذَا جَاءَ قَالَ «يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ». نُغَرٌ كَانَ يَلْعَبُ بِهِ، فَرُبَّمَا حَضَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــ هريرة هذا غلامك". 6201 - (يا عائش) ترخيم عائشة، ويجوز في شينه الفتح والضم كما علم في موضعه. 6202 - ثم روى حديث أنجشة لما ساق الإبل وقد سلف قريبًا، وموضع الدلالة قوله: (يا أنجش) بحذف التاء منه، وقد أشرنا أن القوارير مستعار للنساء بجامع نسبة الضعف وسرعة الخلل (وكانت أم سليم في الثقل) -بفتح الثاء والقاف- متاع البيت. باب كنية الصبي، وقبل أن يولد للرجل 6203 - (أبو التياح) بفتح الفوقانية اسمه يزيد روى عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يمزح مع أخيه ويقول: (يا أبا عمير ما فعل النغير) -بضم النون مصغر نغر على وزن عمر- طائر صغير أحمر المنقار. قال الخطابي: وله صوت قلت: قد جاء في رواية ربعي أن أم سلمة قالت قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما لأبي عمير حزينًا؟ " قلت: مات صعوه، والصعوة: ما له صوت. قال الشاعر:

113 - باب التكنى بأبى تراب، وإن كانت له كنية أخرى

الصَّلاَةَ وَهُوَ فِي بَيْتِنَا، فَيَأْمُرُ بِالْبِسَاطِ الَّذِى تَحْتَهُ فَيُكْنَسُ وَيُنْضَحُ، ثُمَّ يَقُومُ وَنَقُومُ خَلْفَهُ فَيُصَلِّى بِنَا. طرفه 6129 قوله: (فربمَا حَضَرَ الصلاَةَ، وهُو في بَيْتنَا)، هذا التعبيرُ بعينه أتى به الراوي في قصة السقوط عن الفرس. ولمَّا كان المرادُ من الصلاة هناك هي النافلةُ، احتمل أن يكونَ المرادُ في قصة السقوط أيضاً هي هذه، فهذا نظيرٌ لذلك الاحتمال. ثم أقولُ: إنَّ الراوي لم يُحْسِنْ في هذا التَّعبير، فإنَّ الأحرى به هي الفريضةُ، لكون أوقاتِها متعينةً. بخلاف النافلة، فإنَّ وقتَها لمَّا لم يكن متعيِّناً، لم يُحْسِنْ فيهما قولَه: "حضر الصلاةَ". وَكذا قوله: "ربما" في غير موضعه، فإنَّها واقعةٌ واحدةٌ، لا أنها كانت عادةً له. 113 - باب التَّكَنِّى بِأَبِى تُرَابٍ، وَإِنْ كَانَتْ لَهُ كُنْيَةٌ أُخْرَى 6204 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ إِنْ كَانَتْ أَحَبَّ أَسْمَاءِ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - إِلَيْهِ لأَبُو تُرَابٍ، وَإِنْ كَانَ لَيَفْرَحُ أَنْ يُدْعَى بِهَا، وَمَا سَمَّاهُ أَبُو تُرَابٍ إِلاَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - غَاضَبَ يَوْمًا فَاطِمَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ كالصعو يرتع في الرياض وإنما ... حُبس الهزار لأنه يترنم اللهم إلا أن تكون القضية متعددة، والصعو غير النغير. فإن قلت: هذا كذب فإنه خلاف الواقع؟ قلت: الكذب من لوازم الجملة الخبرية، وهذه نسبة إضافية لا يجري الصدق والكذب، ليس من شأنها ذلك، وإن تضمنت نسبة أخرى خبرية، لكن المعتبر الصريح لا الضمني، وفي أمثاله تفاؤل بأن الطفل يعيش ويكون أبا فلان (فربما حضر الصلاة) بالرفع أي: حان وقتها. باب التكني بأبي تراب وإن كان له كنية أخرى فإن عليًّا كان يكنى أبا حسن. 6204 - (أبو حازم) سلمة بن دينار (إن كان أحب أسماء علي إليه لأبو تراب) إن هي المخففة عن المثقلة، واللام هي الفارقة بينها وبين النافية، وإنما كان أحب الأسماء إليه لأنه سماه به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على وجه اللطف، وأيضًا فيه نوع اتضاع وإشعار بالمسكنة، وفي أكثر

114 - باب أبغض الأسماء إلى الله

فَخَرَجَ فَاضْطَجَعَ إِلَى الْجِدَارِ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَجَاءَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَتْبَعُهُ، فَقَالَ هُوَ ذَا مُضْطَجِعٌ فِي الْجِدَارِ فَجَاءَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَامْتَلأَ ظَهْرُهُ تُرَابًا، فَجَعَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَمْسَحُ التُّرَابَ عَنْ ظَهْرِهِ يَقُولُ «اجْلِسْ يَا أَبَا تُرَابٍ». طرفه 441 114 - باب أَبْغَضِ الأَسْمَاءِ إِلَى اللَّهِ 6205 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَخْنَى الأَسْمَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ اللَّهِ رَجُلٌ تَسَمَّى مَلِكَ الأَمْلاَكِ». طرفه 6206 6206 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رِوَايَةً قَالَ «أَخْنَعُ اسْمٍ عِنْدَ اللَّهِ - وَقَالَ سُفْيَانُ غَيْرَ مَرَّةٍ أَخْنَعُ الأَسْمَاءِ عِنْدَ اللَّهِ - رَجُلٌ تَسَمَّى بِمَلِكِ الأَمْلاَكِ». قَالَ سُفْيَانُ يَقُولُ غَيْرُهُ تَفْسِيرُهُ شَاهَانْ شَاهْ. طرفه 6205 ـــــــــــــــــــــــــــــ النسخ "إن كانت" بتاء التأنيث باعتبار الجر، فإن أحب مضاف إلى الجمع (فاضطجع إلى الجدار) أي: جدار المسجد أي: ظله، وفي الحديث دلالة على حسن أخلاق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وجواز الجمع بين الكنى. باب أبغض الأسماء إلى الله 6205 - (أبو الزناد) -بكسر الزاي بعدها نون- عبد الله بن ذكوان (أخنى الأسماء عند الله يوم القيامة رجل [تسمى] بملك الأملاك) أخنى بالخاء المعجمة مقصور ناقص يائي، اشتقاقه بالخناء، وفي الرواية بعده "أخنع" بالخاء المعجمة بعدها نون وبالعين أي: أذل وأحقر، من الخنوع. فإن قلت: ما فائدة قوله: "يوم القيامة"؟ قلت: لأنه وقت المجازاة وظهور قبح الأشياء وحسنها، أو لأنه ينادى بذلك الاسم في ذلك اليوم، قال تعالى في شأنه: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ} [غافر: 16]. 6206 - (تفسيرها شاهان شاه) بسكون النون في الأول وسكون الهاء في الثاني.

115 - باب كنية المشرك

115 - باب كُنْيَةِ الْمُشْرِكِ وَقَالَ مِسْوَرٌ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِلاَّ أَنْ يُرِيدَ ابْنُ أَبِى طَالِبٍ». 6207 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى أَخِى عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى عَتِيقٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَكِبَ عَلَى حِمَارٍ عَلَيْهِ قَطِيفَةٌ فَدَكِيَّةٌ وَأُسَامَةُ وَرَاءَهُ، يَعُودُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ فِي بَنِى حَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، فَسَارَا حَتَّى مَرَّا بِمَجْلِسٍ فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ ابْنُ سَلُولَ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ، فَإِذَا فِي الْمَجْلِسِ أَخْلاَطٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الأَوْثَانِ وَالْيَهُودِ، وَفِى الْمُسْلِمِينَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، فَلَمَّا غَشِيَتِ الْمَجْلِسَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قال بعض الشارحين: وقد يستدل به على أن الاسم عين المسمى؟ قلت: لم يقل عاقل أي: ذات زيد عين الحروف. وخلاف القوم في أن الاسم عين المسمى، معنى آخر عُرف في موضعه، وإنما التبس عليه من قوله: "أخنى الأسماء رجل" وليس موضع التباس. لأن المراد صاحب الاسم، وإنما ذكر الاسم؛ لأنه منشأ القبح يدل عليه ما في رواية همام: "أغيظ رجل" ويلحق بهذا من سمى باسم خاص بالله كالرحمن والرزاق والخالق، وأما مثل أمير الأمراء وقاضي القضاة، فالظاهر أنه ليس من هذا في شيء. باب كنية المشرك أي: جوازه (وقال مسور) بكسر الميم (إلا أن يريد ابن أبي طالب) أي: طلاق فاطمة، وقد سلف الحديث في المناقب، وموضع الدلالة قوله: (أبي طالب) فإنه كنيته واسمه: عبد مناف. 6207 - ثم روى حديث أسامة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركب الحمار وأسامة رديفه (يعود سعد بن عبادة) وموضع الدلالة قوله: (أبو حباب) بضم الحاء وتخفيف الباء الموحدة (مرا بمجلس فيه عبد الله بن أبي ابن سلول) بتنوين أبي وألف ابن؛ لأنه وصف عبد الله لا لأبي، فإن سلول -بفتح السين- أم عبد الله زوجة أبيّ لعن الأصل والفرع (على قطيفة فدكية) بدل اشتمال من على حمار والقطيفة: ثوب فيه خمل (وفي المجلس أخلاط) جمع خلط بكسر

عَجَاجَةُ الدَّابَّةِ خَمَّرَ ابْنُ أُبَىٍّ أَنْفَهُ بِرِدَائِهِ وَقَالَ لاَ تُغَبِّرُوا عَلَيْنَا. فَسَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَيْهِمْ، ثُمَّ وَقَفَ فَنَزَلَ فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ وَقَرَأَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ ابْنُ سَلُولَ أَيُّهَا الْمَرْءُ لاَ أَحْسَنَ مِمَّا تَقُولُ إِنْ كَانَ حَقًّا، فَلاَ تُؤْذِنَا بِهِ فِي مَجَالِسِنَا، فَمَنْ جَاءَكَ فَاقْصُصْ عَلَيْهِ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ فَاغْشَنَا فِي مَجَالِسِنَا فَإِنَّا نُحِبُّ ذَلِكَ. فَاسْتَبَّ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَالْيَهُودُ حَتَّى كَادُوا يَتَثَاوَرُونَ فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَخْفِضُهُمْ حَتَّى سَكَتُوا، ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - دَابَّتَهُ فَسَارَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَىْ سَعْدُ أَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالَ أَبُو حُبَابٍ - يُرِيدُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَىٍّ - قَالَ كَذَا وَكَذَا». فَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ أَىْ رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِى أَنْتَ، اعْفُ عَنْهُ وَاصْفَحْ، فَوَالَّذِى أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ لَقَدْ جَاءَ اللَّهُ بِالْحَقِّ الَّذِى أَنْزَلَ عَلَيْكَ، وَلَقَدِ اصْطَلَحَ أَهْلُ هَذِهِ الْبَحْرَةِ عَلَى أَنْ يُتَوِّجُوهُ وَيُعَصِّبُوهُ بِالْعِصَابَةِ، فَلَمَّا رَدَّ اللَّهُ ذَلِكَ بِالْحَقِّ الَّذِى أَعْطَاكَ شَرِقَ بِذَلِكَ فَذَلِكَ فَعَلَ بِهِ مَا رَأَيْتَ. فَعَفَا عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ يَعْفُونَ عَنِ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ كَمَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ، وَيَصْبِرُونَ عَلَى الأَذَى، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ) الآيَةَ، وَقَالَ (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ الخاء فعل بمعنى الفاعل أي: من كل طائفة ناس (عجابة الدابة) -بفتح العين وتخفيف الجيم- الغبار المرتفع (خمر بن أُبيّ أنفه) بتشديد الميم أي: ستره (أيها المرء لا أحسن مما تقول إن كان حقًّا) شرط تقدم عليه ما يدل على جوابه، أو جواب عند من يجوز تقديم الجواب أي: إن كان حقًّا لا أحسن منه شيء آخر، وقوله: (فلا تؤذنا به) جواب شرط آخر مقدم أي: إذا كان الأمر عندنا غير مسلم فلا تؤذنا به، وقيل: قوله: فلا تؤذنا، جواب. وأنا أقول: لا يقول عاقل: إن كان قولك حقًّا فلا تؤذنا. (كادوا يتثاورون) بالثاء المثلثة. أي: يثور بعضهم على بعض للقتال (أي سعد) بفتح الهمزة حرف نداء (ولقد اصطلح أهل هذه البحيرة) بضم الباء مصغر بحرة وهي: البلدة (على أن يُتوجوه) أي: يجعلوا له تاجًا ككسرى وقيصر (ويعصبوه) -بضم الياء وتشديد الصاد- ويجعلوا له عصابة الملك، أو يعرضوا الأمور إليه من عصبه إذا فوض أمره إليه. قاله ابن

أَهْلِ الْكِتَابِ) فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَتَأَوَّلُ فِي الْعَفْوِ عَنْهُمْ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ حَتَّى أَذِنَ لَهُ فِيهِمْ، فَلَمَّا غَزَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَدْرًا، فَقَتَلَ اللَّهُ بِهَا مَنْ قَتَلَ مِنْ صَنَادِيدِ الْكُفَّارِ، وَسَادَةِ قُرَيْشٍ، فَقَفَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ مَنْصُورِينَ غَانِمِينَ مَعَهُمْ أُسَارَى مِنْ صَنَادِيدِ الْكُفَّارِ وَسَادَةِ قُرَيْشٍ قَالَ ابْنُ أُبَىٍّ ابْنُ سَلُولَ، وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الأَوْثَانِ هَذَا أَمْرٌ قَدْ تَوَجَّهَ فَبَايِعُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الإِسْلاَمِ فَأَسْلَمُوا. طرفه 2987 6208 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ عَنْ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَفَعْتَ أَبَا طَالِبٍ بِشَىْءٍ، فَإِنَّهُ كَانَ يَحُوطُكَ وَيَغْضَبُ لَكَ قَالَ «نَعَمْ هُوَ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ، لَوْلاَ أَنَا لَكَانَ فِي الدَّرَكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ». طرفه 3883 ـــــــــــــــــــــــــــــ الأثير، (فلما غزا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بدرًا فقتل بها من قتل [من] صناديد قريش) جمع صنديد على وزن قنديل: العظيم من كل شيء. وفي الحديث: "تعوذوا من صناديد القدر" (أمر قد تَوَجَّهَ) بفتح التاء على وزن تكسر (فأسلموا) أي: أظهروا الإسلام وأبطنوا الكفر. 6208 - (أبو عوانة) -بفتح العين الوضاح- اليشكري (نوفل) على وزن جعفر (هل نفعت أبا طالب فإنه كان يحوطك) أي: يمنعك من أذى المشركين (هو في ضحضاح من نار) أي: من نار جهنم، التنوين عوض المضاف إليه (لولا أنا كان في الدرك الأسفل) -بفتح الدال وسكون [الراء]- المنزلة والمقام الذي لوحظ فيه السفل كما لوحظ في الدرجة الفوق والضحضاح -بالضاد المعجمة والحاء المهملة- الماء الرقيق دون الكعبين استعارة للنار القليلة، وفي الحديث دلالة على أن أعمال البر تنفع الكافر في تخفيف العذاب. قال النووي: إنما يجوز تكنية الكافر إذا لم يعرف له [آخر] أو خيف منه في فتنة لو ذكر اسمه، أو أريد بذلك نوع تألف، أو أريد به إهانته كأبي جهل وأبي لهب، فإنه إشارة إلى كونه جهنميًّا، فإن اللهب إذا أطلق يراد به لهب جهنم.

116 - باب المعاريض مندوحة عن الكذب

116 - باب الْمَعَارِيضُ مَنْدُوحَةٌ عَنِ الْكَذِبِ وَقَالَ إِسْحَاقُ سَمِعْتُ أَنَسًا مَاتَ ابْنٌ لأَبِى طَلْحَةَ فَقَالَ كَيْفَ الْغُلاَمُ قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ هَدَأَ نَفَسُهُ، وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ قَدِ اسْتَرَاحَ. وَظَنَّ أَنَّهَا صَادِقَةٌ. 6209 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِىِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي مَسِيرٍ لَهُ فَحَدَا الْحَادِى، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «ارْفُقْ يَا أَنْجَشَةُ، وَيْحَكَ، بِالْقَوَارِيرِ». طرفه 6149 6210 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ وَأَيُّوبَ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ فِي سَفَرٍ، وَكَانَ غُلاَمٌ يَحْدُو ـــــــــــــــــــــــــــــ باب المعاريض مندوحة من الكذب هذا حديث: رواه ابن الأثير وغيره، والرواية هكذا في المعاريض، ولعله اطلع عليه بحذف في، أو وقع من الناسخ ترك الفاء، والمعاريض جمع معراض كلام يشار به إلى الغرض من عرض أي: جانب، مأخوذ من التعريض وهو: سوق الكلام لمعنى من غير أن يكون اللفظ مستعملًا فيه كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من سلم المسلمون من لسانه ويده" فإنه تعريض من يؤذي المسلمين ويزعم أنه مسلم، وبهذا القيد يفارق الكناية، هذا ما عليه علماء البيان، وأما البخاري فإنه أراد أعم من ذلك، فأدخل فيه الاستعارة والكناية أيضًا كما تدل عليه الأحاديث التي أوردها. والمندوحة من ندح الشيء إذا وسعه، والمعنى أن الله تعالى جعل في المعاريض سعة تغني عن ارتكاب الكذب. 6209 - (البناني) بضم الباء نسبة إلى بنانة قبيلة بيمن (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مسير له) قد سلف أنه كان في غزوة خيبر، روى عن أنس أن أنجشة حدا الإبل، وقد سلف آنفًا، وموضع الدلالة قوله: (ارفق بالقوارير) فإنه استعارة للنساء، ومنه ظهر أنه لم يرد بالمعاريض ما تقرر في علم البلاغة، بل قد يكون مجازًا أو كناية. 6210 - (عن أبي قلابة) -بكسر القاف- عبد الله الجرمي.

117 - باب قول الرجل للشئ ليس بشئ. وهو ينوى أنه ليس بحق

بِهِنَّ يُقَالُ لَهُ أَنْجَشَةُ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «رُوَيْدَكَ يَا أَنْجَشَةُ، سَوْقَكَ بِالْقَوَارِيرِ». قَالَ أَبُو قِلاَبَةَ يَعْنِى النِّسَاءَ. طرفه 6149 6211 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا حَبَّانُ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ كَانَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - حَادٍ يُقَالُ لَهُ أَنْجَشَةُ، وَكَانَ حَسَنَ الصَّوْتِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «رُوَيْدَكَ يَا أَنْجَشَةُ، لاَ تَكْسِرِ الْقَوَارِيرَ». قَالَ قَتَادَةُ يَعْنِى ضَعَفَةَ النِّسَاءِ. طرفه 6149 6212 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِى قَتَادَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ بِالْمَدِينَةِ فَزَعٌ فَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَرَسًا لأَبِى طَلْحَةَ فَقَالَ «مَا رَأَيْنَا مِنْ شَىْءٍ، وَإِنْ وَجَدْنَاهُ لَبَحْرًا». طرفه 2627 117 - باب قَوْلِ الرَّجُلِ لِلشَّىْءِ لَيْسَ بِشَىْءٍ. وَهْوَ يَنْوِى أَنَّهُ لَيْسَ بِحَقٍّ وقال ابن عباس: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - للقبرني "يعد بأن بلا كبير وإنه لكبير". ـــــــــــــــــــــــــــــ 6211 - (عن إسحاق) كذا وقع غير منسوب قال الغساني: لم أجده منسوبًا لأحد، إلا أن مسلمًا روى عن إسحاق بن منصور (عن حبان) بفتح الحاء وباء موحدة هو ابن هلال (همام) بفتح الهاء وتشديد الميم. روى عن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. 6212 - (ركب فرسًا لأبي طلحة) وقد تقدم مرارًا، وموضع الدلالة قوله: (وإن وجدناه لبحرًا) فإنه استعارة البحر للفرس بجامع سرعة السير. باب قول الرجل للشيء ليس بشيء روى في الباب حديث ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال للقبرين أي: لمن في القبرين: "يعذبان بلا كبير وإنه لكبير" فإن هذا نظير قولك للشيء ليس بشيء، وقد سلف الحديث في أبواب الوضوء، وتحقيق المقام أن النفي والإثبات وإن كان في الظاهر تناف إلا أنه يؤول،

118 - باب رفع البصر إلى السماء

6213 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى يَحْيَى بْنُ عُرْوَةَ أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ يَقُولُ قَالَتْ عَائِشَةُ سَأَلَ أُنَاسٌ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْكُهَّانِ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَيْسُوا بِشَىْءٍ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنَّهُمْ يُحَدِّثُونَ أَحْيَانًا بِالشَّىْءِ يَكُونُ حَقًّا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «تِلْكَ الْكَلِمَةُ مِنَ الْحَقِّ يَخْطَفُهَا الْجِنِّىُّ، فَيَقُرُّهَا فِي أُذُنِ وَلِيِّهِ قَرَّ الدَّجَاجَةِ، فَيَخْلِطُونَ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ كَذْبَةٍ». طرفه 3210 118 - باب رَفْعِ الْبَصَرِ إِلَى السَّمَاءِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى (أَفَلاَ يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ) وَقَالَ أَيُّوبُ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَفَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ. 6214 - حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقُولُ أَخْبَرَنِى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ ـــــــــــــــــــــــــــــ وذلك أن الشيء إذا لم يكن فيه فائدة مقصودة فوجوده كعدمه كالعلم بلا عمل. فالنفي يتوجه إلى غير ما توجه إليه الإثبات وأحاديث الباب منزلة على هذا. 6213 - (محمد بن سلام) بتخفيف اللام (مخلد) بفتح الميم (ابن جريج) بضم الجيم مصغر اسمه: عبد الملك (سأل أناس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الكهان) أي: عن أقوالهم في الصدق والكذب (فقال ليسوا بشيء) أو باعتبار تلك الأقوال (تلك الكلمة من الحق يخطفها الجني) إشارة إلى الجملة التي يصدق فيها الكاهن (فيقرها في أذنه) بفتح الياء (قر الدجاجة) بالحركات الثلاث في الدال في أذن الإنسان بالراء، يريد صوت القارورة إذا صب فيها الماء، ذكره البخاري في بدء الخلق. باب رفع البصر إلى السماء استدل عليه بالآية وموضع الدلالة قوله: ({وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (18)} [الغاشية: 18]) وبحديث جابر في فترة الوحي.

119 - باب نكت العود فى الماء والطين

اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «ثُمَّ فَتَرَ عَنِّى الْوَحْىُ، فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِى سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ، فَرَفَعْتُ بَصَرِى إِلَى السَّمَاءِ فَإِذَا الْمَلَكُ الَّذِى جَاءَنِى بِحِرَاءٍ قَاعِدٌ عَلَى كُرْسِىٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ». طرفه 4 6215 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ أَخْبَرَنِى شَرِيكٌ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ بِتُّ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَهَا، فَلَمَّا كَانَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ أَوْ بَعْضُهُ قَعَدَ فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ فَقَرَأَ (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِى الأَلْبَابِ). طرفه 117 119 - باب نَكْتِ الْعُودِ فِي الْمَاءِ وَالطِّينِ 6216 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُثْمَانَ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ عَنْ أَبِى مُوسَى أَنَّهُ كَانَ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي حَائِطٍ مِنْ حِيطَانِ الْمَدِينَةِ، وَفِى يَدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - عُودٌ يَضْرِبُ بِهِ بَيْنَ الْمَاءِ وَالطِّينِ، فَجَاءَ رَجُلٌ يَسْتَفْتِحُ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «افْتَحْ لَهُ وَبَشِّرْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ 6215 - (فرفعت بصري إلى السماء) وبحديث ابن عباس لما بات في بيت ميمونة قال: لما قعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رفع بصره إلى السماء، وغرض البخاري من هذا الباب: الرد على بعض جهلة الناس لا يرفعون رؤوسهم إلى السماء حياء من الله، وفي رواية مسلم: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كثيرًا ما يرفع رأسه إلى السماء" نعم يكره في حالة الصلاة (ابن أبي مليكة) بضم الميم مصغر عبد الله وكذا (بكير) وكذا (عقيل) و (كريب). باب من نكت العود في الماء والطين 6216 - (غياث) بكسر المعجمة وآخره ثاء. روى حديث أبي موسى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان (في حائط من حيطان المدينة) أي: في حديقة منها، وقد سلف في المناقب أنه كان في قباء على بئر أريس، وموضع الدلالة هنا قوله: (وفي يد النبي - صلى الله عليه وسلم - عود يضرب [به] بين الماء والطين) والغرض أن مثل هذا الفعل جائز لا يعد عبثًا وأكثر

120 - باب الرجل ينكت الشئ بيده في الأرض

بِالْجَنَّةِ». فَذَهَبْتُ فَإِذَا أَبُو بَكْرٍ، فَفَتَحْتُ لَهُ وَبَشَّرْتُهُ بِالْجَنَّةِ، ثُمَّ اسْتَفْتَحَ رَجُلٌ آخَرُ فَقَالَ «افْتَحْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ». فَإِذَا عُمَرُ، فَفَتَحْتُ لَهُ وَبَشَّرْتُهُ بِالْجَنَّةِ، ثُمَّ اسْتَفْتَحَ رَجُلٌ آخَرُ، وَكَانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ فَقَالَ «افْتَحْ {لَهُ} وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ، عَلَى بَلْوَى تُصِيبُهُ أَوْ تَكُونُ». فَذَهَبْتُ فَإِذَا عُثْمَانُ، فَفَتَحْتُ لَهُ، وَبَشَّرْتُهُ بِالْجَنَّةِ، فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِى قَالَ. قَالَ اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ. طرفه 3674 120 - باب الرَّجُلِ يَنْكُتُ الشَّىْءَ بِيَدِهِ فِي الأَرْضِ 6217 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ وَمَنْصُورٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِىِّ عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي جَنَازَةٍ فَجَعَلَ يَنْكُتُ الأَرْضَ بِعُودٍ، فَقَالَ «لَيْسَ مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ وَقَدْ فُرِغَ مِنْ مَقْعَدِهِ مِنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ». فَقَالُوا أَفَلاَ نَتَّكِلُ قَالَ «اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ». (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى) الآيَةَ». طرفه 1362 ـــــــــــــــــــــــــــــ ما يكون إذا كان الإنسان في فكر، وفي الحديث معجزة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث وقع لعثمان ما أخبر به من الغيب. باب ينكت الرجل الشيء بيده في الأرض 6217 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (ابن أبي عدي) محمد بن إبراهيم (عن شعبة عن سليمان) هو الأعمش صرح به الإسماعيلي، وقد سها من قال: هو التيمي (عبيدة) بفتح العين وكسر الباء (السلمي) بضم السين. (كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في جنازة) - بالفتح والكسر- الميت والسرير، وقيل: بالفتح السرير، وبالكسر الميت (ليس منكم أحد إلا وقد فرغ من مقعده من الجنة والنار) مجاز عن ثبوته في علم الله بحيث لا يمكن تبديله بحال، والحديث في أبواب الجنائز، وهذه مسألة القدر لا يطلع على حقيقتها إلا الله سبحانه وتعالى.

121 - باب التكبير والتسبيح عند التعجب

121 - باب التَّكْبِيرِ وَالتَّسْبِيحِ عِنْدَ التَّعَجُّبِ 6218 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَتْنِى هِنْدُ بِنْتُ الْحَارِثِ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ - رضى الله عنها - قَالَتِ اسْتَيْقَظَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «سُبْحَانَ اللَّهِ مَاذَا أُنْزِلَ مِنَ الْخَزَائِنِ، وَمَاذَا أُنْزِلَ مِنَ الْفِتَنِ، مَنْ يُوقِظُ صَوَاحِبَ الْحُجَرِ - يُرِيدُ بِهِ أَزْوَاجَهُ - حَتَّى يُصَلِّينَ، رُبَّ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا، عَارِيَةٍ فِي الآخِرَةِ». وَقَالَ ابْنُ أَبِى ثَوْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ قَالَ قُلْتُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - طَلَّقْتَ نِسَاءَكَ قَالَ «لاَ». قُلْتُ اللَّهُ أَكْبَرُ. طرفه 115 6219 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ. وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى أَخِى عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى عَتِيقٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِىِّ بْنِ الْحُسَيْنِ أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَىٍّ زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَزُورُهُ وَهْوَ مُعْتَكِفٌ فِي الْمَسْجِدِ فِي الْعَشْرِ الْغَوَابِرِ مِنْ رَمَضَانَ، فَتَحَدَّثَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب التكبير والتسبيح عند التعجب 6218 - (ماذا أنزل من الخزائن، وماذا أنزل من الفتن) هي ما حصل لأمته من الغنائم والحروب، وإنزالها مجاز عن إنزال الوحي بوقوعها (ربَّ كاسية في الدنيا عارية في الآخرة) لاشتغالها بملاذها وعدم السعي في الطاعات التي هي ستر الآخرة. وقيل: أراد النساء التي تلبس الثوب الرقيق الذي يرى منه جسدها، والأول هو الوجه لقوله تعالى: {وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْر} [الأعراف: 26]، ولا دلالة للفظ على ما قالوه، والحديث مر في أبواب العلم وبعده (عن أبي ثور) بالمثلثة اسمه: عبيد الله. وحديث عمر (قلت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: طلقت نساءك؟) مر في باب التأدب في العلم، وموضع الدلالة هنا قوله: (الله أكبر) تعجبًا من شهرة الخبر الكاذب. 6219 - (إسماعيل قال حدثني أخي) أخوه عبد الحميد (عن علي بن الحسين) هو الإمام زين العابدين (أن صفية بنت حيي) بضم الحاء وفتح الياء الأولى وتشديد الثانية. روى عنها أنها زارت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (وهو معتكف في العشر الغوابر) أي: البواقي من رمضان،

122 - باب النهى عن الخذف

عِنْدَهُ سَاعَةً مِنَ الْعِشَاءِ ثُمَّ قَامَتْ تَنْقَلِبُ، فَقَامَ مَعَهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْلِبُهَا حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ بَابَ الْمَسْجِدِ الَّذِى عِنْدَ مَسْكَنِ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مَرَّ بِهِمَا رَجُلاَنِ مِنَ الأَنْصَارِ فَسَلَّمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ نَفَذَا، فَقَالَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «عَلَى رِسْلِكُمَا، إِنَّمَا هِىَ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَىٍّ». قَالاَ سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ. وَكَبُرَ عَلَيْهِمَا. قَالَ «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِى مِنِ ابْنِ آدَمَ مَبْلَغَ الدَّمِ، وَإِنِّى خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا». أطرافه 2035، 2038، 2039، 3101، 3281، 7171 122 - باب النَّهْىِ عَنِ الْخَذْفِ 6220 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ صُهْبَانَ الأَزْدِىَّ يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ الْمُزَنِىِّ قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْخَذْفِ وَقَالَ «إِنَّهُ لاَ يَقْتُلُ الصَّيْدَ، وَلاَ يَنْكَأُ الْعَدُوَّ، وَإِنَّهُ يَفْقَأُ الْعَيْنَ، وَيَكْسِرُ السِّنَّ». طرفه 4841 ـــــــــــــــــــــــــــــ والغابر لفظ مشترك بين الماضي والمستقبل، والحديث شرحه تقدم في أبواب الاعتكاف، وموضع الدلالة قول الرجلين: (سبحان الله) تعجبًا (على رسلكما) الرسل بكسر [الراء] التؤدة والتأني، والجار يتعلق بمقدر أي: امشيا (إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم) يجوز أن يكون حقيقة فإنه جسم لطيف، وأن يكون مجازًا عن شدة وسوسته ودقة حيله. باب النهي عن الخذف بالخاء المعجمة وذال كذلك: رمي الحصى بين السبابة والإبهام. 6220 - (صهبان) بضم الصاد المهملة وسكون الهاء وباء موحدة (الأزدي) -بالزاي المعجمة- نسبة إلى أزد قبيلة من عرب اليمن (مغفل) بضم الميم وغين معجمة وفاء مشددة (المزني) -بضم الميم وفتح الزاي- نسبة إلى مزينة قبيلة من الأعراب أولاد مزينة بن قبيلة بن طابخة بن إلياس بن مضر بن معد بن عدنان (نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الخذف وقال: إنه لا يقتل الصيد ولا ينكأ العدو) قال ابن الأثير: يائي من النكاية، وربما يهمز، ولم يذكر الجوهري إلا الياء من النكاية وهي الجراحة (ويفقأ العين) بتقديم الفاء على القاف أي: يشق. سلب عنه النفع، وأثبت له الضرر في عضوين كل منهما مدار طيب العيش، فتركه واجب.

123 - باب الحمد للعاطس

123 - باب الْحَمْدِ لِلْعَاطِسِ 6221 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ عَطَسَ رَجُلاَنِ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَشَمَّتَ أَحَدَهُمَا وَلَمْ يُشَمِّتِ الآخَرَ، فَقِيلَ لَهُ فَقَالَ «هَذَا حَمِدَ اللَّهَ، وَهَذَا لَمْ يَحْمَدِ اللَّهَ». طرفه 6225 124 - باب تَشْمِيتِ الْعَاطِسِ إِذَا حَمِدَ اللَّهَ فيه أبو هريرة. 6222 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَشْعَثِ بْنِ سُلَيْمٍ قَالَ سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ عَنِ الْبَرَاءِ - رضى الله عنه - قَالَ أَمَرَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِسَبْعٍ، وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ، أَمَرَنَا بِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعِ الْجِنَازَةِ، وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ، وَإِجَابَةِ الدَّاعِى، وَرَدِّ السَّلاَمِ، وَنَصْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الحمد على العاطس العطاس -بضم العين- اسم من عطس يعطس بفتح الطاء، وبضم الطاء في المضارع وكسرها. 6221 - (عطس رجلان عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فشمت أحدهما ولم يشمت الآخر) في رواية الطبراني أحد الرجلين عامر بن الطفيل الكافر المعروف الذي غدر بالقراء وقتلهم، وقال شيخنا: وهذا فيه بعد؛ لأنه يبعد أن يقول: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع تصلبه في الكفر؟ قلت: في بعض الروايات لم يقل: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بل قيل له، بدل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فالظاهر أن ذلك من تصرف الرواة، قال ابن الأثير: التشميت الدعاء للإنسان بالخير والبركة، قال: واشتقاقه من الشوامت، وهي القوائم كأنه دعاء له بالقيام والثبات على طاعة الله، وقيل: من الشماتة كأنه دعاء له بزوال شماتة الأعداء. قال: ويروى بالسين المهملة من السمت وهو الهيئة كأنه قال: جعلك الله على سمت حسن، والأول أكثر وأحسن، وفي الحديث دلالة على أن من لم يحمد لا يستحق التشميت. ثم أردفه بباب: تشميت العاطس 6222 - وروى فيه حديث البراء، (أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسبع ونهانا عن سبع) وقد سلف

125 - باب ما يستحب من العطاس، وما يكره من التثاؤب

الْمَظْلُومِ، وَإِبْرَارِ الْمُقْسِمِ، وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ، عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ - أَوْ قَالَ حَلْقَةِ الذَّهَبِ - وَعَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ، وَالدِّيبَاجِ، وَالسُّنْدُسِ، وَالْمَيَاثِرِ. طرفه 1239 125 - باب مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الْعُطَاسِ، وَمَا يُكْرَهُ مِنَ التَّثَاؤُبِ 6223 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْمَقْبُرِىُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعُطَاسَ، وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ، فَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ، فَحَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ سَمِعَهُ أَنْ يُشَمِّتَهُ، وَأَمَّا التَّثَاوُبُ فَإِنَّمَا هُوَ مِنَ الشَّيْطَانِ ـــــــــــــــــــــــــــــ في أبواب اللباس، وأشرنا هناك إلى أن المأمور بها بعضها واجب، وبعضها ندب، ولا ضرر في ذلك؛ لأن القران في الذكر لا يوجب القران في الحكم، وأما المنهي عنها فالمذكور منها هنا خمس، والسادس: القسي: وهو الثوب من الحرير منسوب إلى قس -بفتح القاف- بلد من بلاد مصر، والسابع: آنية الفضة. فإن قلت: ترجم على تشميت العاطس إذا حمد الله، وليس في الحديث ذكر الحمد؟ قلت: أشار بقوله: فيه أبو هريرة إلى أن الحمد مذكور فيه، وحديث البراء وإن كان مطلقًا فإنه محمول عليه، وهذا دأبه في الاستدلال بما فيه خفاء، فسقط ما قاله ابن بطال من أنه كان ينبغي أن يذكر هنا حديثًا لأبي هريرة إلا أنه عاجلته المنية، كيف وقد ذكر حديث أبي هريرة في الباب بعده. على أن قوله: عاجلته المنية باطل، كيف وقد قرئ عليه الكتاب مرارًا؟! قال شيخنا منكرًا على ابن بطال: هذا من دقيق تصرف البخاري حثًّا للطالب على تتبع طرق الحديث، ويدل عليه أنه أكْثَر من هذا في كتابه (والديباج) معرب ديباه (والمياثر) -جمع ميثر- وسادة السرج. (حرب) ضد الصلح (الأشعث) بالشين المعجمة آخره ثاء مثلثة (سليم) بضم السين مصغر، وكذا (سويد)، (مقرن) بتشديد الراء المكسورة. باب ما يستحب من العطاس ويكره من التثاؤب 6223 - (أبي إياس) بكسر الهمزة (ابن أبي ذئب) -بلفظ الحيوان المعروف- محمد بن عبد الرحمن (المقبري) بفتح الميم وضم الباء وفتحها (إن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب) العطاس والتثاؤب يصدران [عن] الإنسان من غير قصد وإرادة، وما كان من هذا

126 - باب إذا عطس كيف يشمت

فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ، فَإِذَا قَالَ هَا. ضَحِكَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ». طرفه 3289 126 - باب إِذَا عَطَسَ كَيْفَ يُشَمَّتُ 6224 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى سَلَمَةَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ. وَلْيَقُلْ لَهُ أَخُوهُ أَوْ صَاحِبُهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ. فَإِذَا قَالَ لَهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ. فَلْيَقُلْ يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ». ـــــــــــــــــــــــــــــ القبيل لا يتعلق به مدح ولا ذم، والمراد محبة الأسباب التي تنشأ منها العطاس من خفة البدن وذلك يكون من إخلال الطعام والشراب، والتثاؤب ينشأ منها النعاس وغلبة الاسترخاء على البدن وذلك من الاتساع في المطاعم والإفراط فيها، وهذه الأشياء من جنود الشيطان، ولذلك نسب إليه ما تولد منهما (فليرده ما استطاع) قال بعض الشارحين: فإن قلت: كيف يرده بعد الوقوع؟ قلت: الإرادة مقدرة إذا أرادوا الماضي بمعنى المضارع، وهذا الذي قاله غلط لما قدمنا أن التثاؤب ليس بالاختيار ولا هو داخل تحت الإرادة، بل المراد بعد الوقوع يدفعه بقدر الاستطاعة، قال ابن الأثير: في الرواية الأخرى: "إذا تثاءب أحدكم فليكظم فاه" أي: يكظمه ما أمكن. بابٌ إِذَا عَطَسَ كَيفَ يُشَمَّتُ 6224 - (أبي صالح السمان) واسمه ذكوان (إذا عطس أحدكم فليقل الحمد لله) الأمر للندب اتفاقًا بين الأئمة (وليقل أخوه) أراد الأخوة في الدين (يرحمك الله) والوجه في ذلك أن المقام مظنة الإجابة؛ لأنه صدر منه فعل يحبه الله، وقيل: إنما خص هذا الدعاء لأنه إذا عطس انزعج بدنه فالدعاء له بهذا ليرده على ما كان عليه، لكن أمره بالحمد بعده يدلُّ على أنه من نعم الله عليه فلا يلائم هذا التأويل، (فليقل) في الجواب (يهديكم الله ويصلح بالكم) أي "يرشدكم إلى أفعال تستحقون بها الرحمة، قال البخاري: (بالكم أي: شأنكم) والبال وادي يطلق على الشأن والحال، كما في قوله "كل أمر ذي بال" ويطلق على القلب، كما في قولهم: صده فلان فلم يجعل إليه بالًا، فعلى هذا الأحسن أن يراد به القلب؛ لأنه إذا صلح صلح الجسد كما تقدم في أبواب الإيمان، والإتيان بلفظ الجمع في الجواب إما

127 - باب لا يشمت العاطس إذا لم يحمد الله

127 - باب لاَ يُشَمَّتُ الْعَاطِسُ إِذَا لَمْ يَحْمَدِ اللَّهَ 6225 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِىُّ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا - رضى الله عنه - يَقُولُ عَطَسَ رَجُلاَنِ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَشَمَّتَ أَحَدَهُمَا وَلَمْ يُشَمِّتِ الآخَرَ. فَقَالَ الرَّجُلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ شَمَّتَّ هَذَا وَلَمْ تُشَمِّتْنِى. قَالَ «إِنَّ هَذَا حَمِدَ اللَّهَ، وَلَمْ تَحْمَدِ اللَّهَ». طرفه 6221 128 - باب إِذَا تَثَاوَبَ فَلْيَضَعْ يَدَهُ عَلَى فِيهِ 6226 - حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعُطَاسَ وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ، فَإِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ وَحَمِدَ اللَّهَ كَانَ حَقًّا عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ سَمِعَهُ أَنْ يَقُولَ لَهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ليكون دعاء للحاضرين، فإن تشميت العاطس سنّة على الكفاية، فإذا قال واحد كأنه قال الحاضرون بأسرهم، وإما أن يكون دالًّا على الزيادة ليكون إتيانًا بالأحسن قياسًا على قوله: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا} [النساء: 86] ونقل شيخنا عن جمهور الحنفية والحنابلة أن التشميت فرض كفاية، وعن الظاهري أنه فرض عين. باب لا يشمت العاطس إذا لم يحمد الله روى في الباب حديث الرجلين الذين عطسا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحمد الله أحدهما فشمته، ولم يحمد الآخر فلم يشمته، وقد تقدم أنفًا في أبواب الحمد للعاطس من غير زيادة سوى المغايرة في الترجمة باعتبار الحكمين. باب إذا تثاءب أحدكم فليضع يده على فيه 6225 - (ابن أبي ذئب) بلفظ الحيوان المعروف، محمد بن عبد الرحمن (المقبري) روى في الباب (إن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب) وقد شرحناه على ما يشفي الغليل أنفًا في باب ما يستحب من العطاس فراجعه، وقد زاد هنا (وقد كان حقًّا على كل مسلم أن يقول يرحمك الله) أخذ بظاهره بعضهم وذهب إلى الوجوب، والحق كما قدمنا أنه سنّة على الكفاية من محاسن الأخلاق، والمراد يكون ذلك حقًّا من حقوق الأخوة في الإسلام. فإن قلت: قال في الترجمة "فليضع يده على فيه" وليس في الحديث منه شيء؟ قلت: أجاب بعض الشارحين بأن قوله: "فليرده ما استطاع" عام يشمل الوضع وغيره، وليس هذا بشيء؛ لأن الحديث دليل الترجمة، والعام لا يدلّ على الخاص رأسًا، بل الجواب أن وضع

وَأَمَّا التَّثَاؤُبُ فَإِنَّمَا هُوَ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا تَثَاوَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا تَثَاءَبَ ضَحِكَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ». طرفه 3289 ـــــــــــــــــــــــــــــ اليد على الفم رواه مسلم والترمذي. فأشار في الترجمة إلى أنَّ ذلك مرويٌّ إلَّا أنّه ليس على شرطه فلم يورده وكم له نظائر هناك عليها، هذا وليختم الباب بفائدة جليلة. روى البخاري في تاريخه أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يتثاءب قطُّ، وروي أنَّ سائر الأنبياء كذلك، والوجه فيه أن سبب التثاوب كما أشرنا إليه الاتِّساع في المطاعم والمشارب وهم بمعزل من ذلك. وأيضًا هم مصونون من أن يقع منهم ما يوجب سرور الشيطان ونسأل الله الصيانة من سروره وشروره.

الْكَوْثَرُ الْجَارِي إلى رِيَاض أحَادِيثِ البُخَارِيّ [10]

حُقُوق الطَّبْع مَحْفُوظَة الطبعة الأولى 1429 هـ - 2008 م مؤسسة التَّارِيخ الْعَرَبِيّ للطباعة والنشر والتوزيع العنوان الْجَدِيد بيروت - طَرِيق المطار - خلف غولدن بلازا هَاتِف: 540000/ 01 - 455559/ 01 فاكس: 850717 - ص. ب: 7957/ 11

79 - كتاب الاستئذان

79 - كتاب الاستئذان 1 - باب بَدْءِ السَّلاَمِ 6227 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ، طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا، فَلَمَّا خَلَقَهُ قَالَ اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ النَّفَرِ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ جُلُوسٌ، فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ، فَإِنَّهَا تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ. فَقَالَ السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ. فَقَالُوا السَّلاَمُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ. فَزَادُوهُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، فَكُلُّ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ آدَمَ، فَلَمْ يَزَلِ الْخَلْقُ يَنْقُصُ بَعْدُ حَتَّى الآنَ». طرفه 3326 ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الاستئذان باب بدء السَّلام 6227 - (مَعْمَر) بفتح الميمين وعين ساكنة (هَمَّام) بفتح الهاء وتشديد الميم (خلق الله آدم على صورته طوله ستون ذراعًا) قد شرحنا هذا الكتاب في كتاب بدء الخلق بما لا مزيد عليه، ونعيده ههنا لبُعد العهد. الضمير في: "صورته" عائد إلى آدم؛ لأنه أقرب مذكور. والمعنى أنَّه خلقه على هذه الحالة والصفة طوله سِتُّون ذراعًا لا على طريقة الناس بأن يكون أولًا طفلًا ثم ينشأ ويكبُر. فإن قلت: قد روى مسلم أن إنسانًا ضرب غلامه في وجهه فقال: "لا يضرب على وجهه فإن الله خلق آدم على صورته" أي: على صورة المضروب. قلت: المعنى ما ذكرنا فإن المضروب لمَّا كان شبيهًا بآدم والوجه أشرف الأعضاء فيجب إكرامه. ومن الناس من يجعل الضمير لله وهو وإن كان مخالفًا لما ذكرناه من قانون العربية من رجوع الضمير إلى أقرب المذكورين لا دليل فيه للمجسِّمة لأن الصورة يطلق على الصفة بلا خفاء في العرف العام كما تقول: صورة المسألة كذا مع كون المعنى الحقيقي محالًا والذي حمل هؤلاء على هذا ما ورد في بعض طرق الحديث: "إن آدم خُلق على صورة الرحمن".

2 - باب قول الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون * فإن لم تجدوا فيها أحدا فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم والله بما تعملون عليم * ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم والله يعلم ما تبدون وما تكتمون)

2 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَّكَّرُونَ * فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلاَ تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ * لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ). ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: ما المُراد بالصفة؟ قلت: العلم وسائر الصفات والشبه في أصل المعنى، فإن كانت صفاته تعالى لا تشبه صفات المخلوق. "اذهب فسلِّم على أولئك النفر من الملائكة" النفر من الثلاثة إلى العشرة من الرجال خاصة، والظاهر أنه أُريد به مطلق الجماعة، أو كانوا دون العشرة، والله أعلم بذلك. "فقالوا: السلام عليك ورحمة الله" زادوه رحمة الله عملًا بقوله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا} [النساء: 86]. فإن قلت: السلام عليك ليس جوابًا للسلام. قلت: جواب، ألا ترى إلى أنَّ قول الخليل لما: {قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ} [هود: 69]. واعلم أن ابتداء السلام سنة من الكفاية وهذا من الغرائب لأن الابتداء مع كونه سنة أفضل من الردِّ مع كونه فرضًا والأفضل الابتداء من الجميع وكذا الردُّ، وإن كان الذي سلَّم واحدٌ فالأحسن الردُّ عليه بلفظ الجمع ليكون سلامًا عليه وعلى من معه من الملائكة "فكل من يدخل الجنة على صورة آدم" أي: طوله مثلُ طوله سواء كان مات طفلًا أو شيخًا. "فلم يزل الخلق بعد حتى الآن" ولفظ حتى دلّ على أن النقصان قد انتهى فلا نقصان في هذه الأمة. باب قوله عزّ وجل: {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا} أي: تستأذنوا {وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا} [النور: 27] فإن قلت: ما معنى الاستئناس؟ قلت: أصله من الأنس ضد الوحشة وقد رُوي مرفوعًا: "وإن تكلّم بكلام بأن يسبِّح أو يكبِّر أو يتنحنح ليكون إعلامًا لأهل البيت".

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِى الْحَسَنِ لِلْحَسَنِ إِنَّ نِسَاءَ الْعَجَمِ يَكْشِفْنَ صُدُورَهُنَّ وَرُءُوسَهُنَّ قَالَ اصْرِفْ بَصَرَكَ عَنْهُنَّ. قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهْمَ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ). وَقَالَ قَتَادَةُ عَمَّا لاَ يَحِلُّ لَهُمْ (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ) (خَائِنَةَ الأَعْيُنِ) مِنَ النَّظَرِ إِلَى مَا نُهِىَ عَنْهُ. وَقَالَ الزُّهْرِىُّ فِي النَّظَرِ إِلَى الَّتِى لَمْ تَحِضْ مِنَ النِّسَاءِ لاَ يَصْلُحُ النَّظَرُ إِلَى شَىْءٍ مِنْهُنَّ مِمَّنْ يُشْتَهَى النَّظَرُ إِلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً. وَكَرِهَ عَطَاءٌ النَّظَرَ إِلَى الْجَوَارِى يُبَعْنَ بِمَكَّةَ، إِلاَّ أَنْ يُرِيدَ أَنْ يَشْتَرِىَ. 6228 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سُلَيْمَانُ بْنُ ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: ذلك بعد الاستئناس قد جاء في الحديث أن كيفية الاستئذان أن يقول: "السلام عليكم ادخل؟ ". قلت: ذلك بعد الاستئناس. فإن قلت: في الآية السلام مؤخَّرٌ عن الاستئذان. قلت: الواو لا تدل على الترتيب والحق أن هذا السلام سلام الاستئذان لكونه قبل الدخول لوقوعه بعدهما. (خائنة الأعين) النظر إلى ما نهي عنه. يريد تفسير قوله تعالى: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ} [غافر: 19] والمشهور في تفسيره إشارة الأعين والغمز بها ولذلك قرنه بقوله: {وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} كأنه أراد أن هذا من جملة خائنة الأعين. 6228 - (يسار) ضد اليمين روى عن ابن عباس أن رسول الله أردف الفضل بن عباس يوم النحر في حجة الوداع. والحديث سلف هناك. وموضع الدلالة هنا أن الفضل لما نظر إلى المرأة صرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجه الفضل فدلّ على أن النظر إلى وجه الأجنبية لا يجوز عند خوف الفتنة لا مطلقًا ولذلك لم يأمر المرأة بستر الوجه. وقال الشافعي: النظر إلى وجه الأجنبية حرام مطلقًا وإنما لم يأمر المرأة بستر وجهها لأنها كانت مُحْرِمةً.

يَسَارٍ أَخْبَرَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ أَرْدَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْفَضْلَ بْنَ عَبَّاسٍ يَوْمَ النَّحْرِ خَلْفَهُ عَلَى عَجُزِ رَاحِلَتِهِ، وَكَانَ الْفَضْلُ رَجُلاً وَضِيئًا، فَوَقَفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِلنَّاسِ يُفْتِيهِمْ، وَأَقْبَلَتِ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ وَضِيئَةٌ تَسْتَفْتِى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَطَفِقَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا، وَأَعْجَبَهُ حُسْنُهَا، فَالْتَفَتَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَنْظُرُ إِلَيْهَا، فَأَخْلَفَ بِيَدِهِ فَأَخَذَ بِذَقَنِ الْفَضْلِ، فَعَدَلَ وَجْهَهُ عَنِ النَّظَرِ إِلَيْهَا، فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ فِي الْحَجِّ عَلَى عِبَادِهِ أَدْرَكَتْ أَبِى شَيْخًا كَبِيرًا، لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْتَوِىَ عَلَى الرَّاحِلَةِ، فَهَلْ يَقْضِى عَنْهُ أَنْ أَحُجَّ عَنْهُ قَالَ «نَعَمْ». طرفه 1513 6229 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا أَبُو عَامِرٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ بِالطُّرُقَاتِ». فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَنَا مِنْ مَجَالِسِنَا بُدٌّ نَتَحَدَّثُ فِيهَا. فَقَالَ «إِذَا أَبَيْتُمْ إِلاَّ الْمَجْلِسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ». قَالُوا وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «غَضُّ الْبَصَرِ، وَكَفُّ الأَذَى، وَرَدُّ السَّلاَمِ، وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْىُ عَنِ الْمُنْكَرِ». طرفه 2465 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: إيراد هذا الحديث في باب الاستئذان ما وجهه؟ قلت: سيذكر في الباب أن الاستئذان إنما شرع من قبل البصر .. (على عجز راحلته) بفتح العين وضمّ الجيم. (وكان الفضل رجلًا وضيئًا) أي: جميلًا على الوضاءة (امرأة من خثعم) -بفتح الخاء وثاء مثلثة- قبيلة من عرب اليمن. (فطفق الفضل ينظر إليها) أي: شرع في النظر إليها (فأخلف بيده) أي: مدّ يده من خلفه (فأخذ بذقن الفضل) بفتح الذال المعجمة والقاف. 6229 - (زهير) بضم الزاي، مصغر. "أعطوا الطريق حقَّه قالوا: وما حق الطريق؟ قال: غضّ البصر" أي: عن المحرمات "وكفّ الأذى" عن المارة قولًا وفعلًا "وردّ السلام" فإنه واجب وقيده بالردّ دلَّ على أن الماشي يسلم على القاعد. وفي الرواية الأخرى لأبي هريرة: "وإرشاد السبيل وتشميت العاطس" وزاد أبو داود: "وإعانة الملهوف" وقد عدَّ شيخنا أربعة عشر خصلة لمن جلس على الطريق.

3 - باب السلام اسم من أسماء الله تعالى

3 - باب السَّلاَمُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى (وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا). 6230 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِى شَقِيقٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنَّا إِذَا صَلَّيْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قُلْنَا السَّلاَمُ عَلَى اللَّهِ قَبْلَ عِبَادِهِ، السَّلاَمُ عَلَى جِبْرِيلَ، السَّلاَمُ عَلَى مِيكَائِيلَ، السَّلاَمُ عَلَى فُلاَنٍ، فَلَمَّا انْصَرَفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ «إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلاَمُ، فَإِذَا جَلَسَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلاَةِ فَلْيَقُلِ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِىُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلاَمُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ. فَإِنَّهُ إِذَا قَالَ ذَلِكَ أَصَابَ كُلَّ عَبْدٍ صَالِحٍ فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. ثُمَّ يَتَخَيَّرْ بَعْدُ مِنَ الْكَلاَمِ مَا شَاءَ». طرفه 831 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب السلام اسم من أسماء الله تعالى السلام اسم المصدر كالطلاق فإن أسماءه تعالى نطق كلام القرآن به ومعناه أنه تعالى منزهٌ عما يلحق المخلوق من كل انفعال. 6230 - (إن الله هو السلام) بصيغة الحصر للدلالة على أنه من خواصه وإذا كان هو السلام فلا وجه للسلام عليه لأنه دعاء لمن شأنه التغيُّر والانفعال. فإن قلت: إذا كان من أسماء الله فما معنى قول الرجل لآخر: السلام عليك؟ قلت: روى البخاري في "الأدب المفرد" وغيره: "أن الله وضعه في الأرض فأفشُوه بينكم". قال القاضي عياض: معناه السلامة من الله عليك، كما يقال: الله معك. (فليقل: التحيات لله والصلوات والطيِّبات لله). تشهُّد ابن مسعود، به أخذ الكوفيون وأحمد، وأخذ الشافعي تشهُّد ابن عباس، ومالك بتشهُّد عمره وهو أن يقول: "التحيات لله والزاكيات لله الطيِّبات لله" كذا رواه في الموطأ، والكلُّ جائز إنما الكلام في الأولى إلَّا أن رواية ابن مسعود أشهر وأحسن، ومعنى قوله: "التحيات لله" الملك لله، قاله الجوهري: و"الصلوات" أي: الأدعية الدالة على التعظيم له تعالى لا لغيره، و"الطيِّبات" أي: الكلمات

4 - باب تسليم القليل على الكثير

4 - باب تَسْلِيمِ الْقَلِيلِ عَلَى الْكَثِيرِ 6231 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الْحَسَنِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يُسَلِّمُ الصَّغِيرُ عَلَى الْكَبِيرِ، وَالْمَارُّ عَلَى الْقَاعِدِ، وَالْقَلِيلُ عَلَى الْكَثِيرِ». أطرافه 6232، 6233، 6234 ـــــــــــــــــــــــــــــ الدالة على الثناء. والمعاني الحسان، وقد بسطنا عليه الكلام في أبواب التشهد من أبواب الصلاة "ثم يتخيَّر بعد من الكلام ما يشاء" أي: يختار من الأدعية ما أراد وهذا لعمومه لا على قول الحنفية من أنه يدعو بما يشبه ألفاظ القرآن. فإن قلت: ليس في الحديث ذكر الصلاة على رسول الله وقد قال بوجوبها الشافعي في التشهّد الأخير. قلت: هذا تشهُّد ابن مسعود ولم يأخذ به الشافعي وأخذ بتشهُّد ابن عباس. باب تسليم القليل على الكثير 6231 - (مقاتل) بكسر التاء (معمر) بفتح الميمين وسكون العين (همام) بفتح الهاء وتشديد الميم (منبه) بفتح النون وكسر الموحَّدة (يسلم الصغير على الكبير والقليل على الكثير) لفظ خبر ومعناه الإنشاء. فإن قلت: يروى: "أنَّ الراكب يسلم على الماشي والماشي على القاعد" فكان القياس أن يسلِّم الكثير والكبير على الصغير. قلت: الوجه مختلف فإنه رُوعي في القليل والصغير احترام الكبير والكثير. وفي الراكب والماشي التواضع. قاله بعض الشارحين. فإن قلت: إذا كان المشاة كثيرًا والقاعدون قليلًا فما حكمها؟ قلت: تعارضت الجهتان فأيُّهما بدأ بالسلام فهو خيرٌ وهذا الذي قاله ليس بشيء فإنه معارض لإطلاق الحديث. فإنَّ العلة القعود والمشي وقد بيَّنا الحكمة فيه إلَّا أنه بقي صورتان لم يعلم حكمهما منصوصًا وهما: إذا تلاقى راكبان أو ماشيان. فإن كان أحدهما أدنى من الآخر. فالأدنى يسلِّم على الأعلى، وإن تساويَا من كلِّ وجه فأيُّهما بدأ كان خيرًا من الآخر.

5 - باب تسليم الراكب على الماشى

5 - باب تَسْلِيمِ الرَّاكِبِ عَلَى الْمَاشِى 6232 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا مَخْلَدٌ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى زِيَادٌ أَنَّهُ سَمِعَ ثَابِتًا مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يُسَلِّمُ الرَّاكِبُ عَلَى الْمَاشِى، وَالْمَاشِى عَلَى الْقَاعِدِ، وَالْقَلِيلُ عَلَى الْكَثِيرِ». طرفه 6231 6 - باب تَسْلِيمِ الْمَاشِى عَلَى الْقَاعِدِ 6233 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى زِيَادٌ أَنَّ ثَابِتًا أَخْبَرَهُ - وَهْوَ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ «يُسَلِّمُ الرَّاكِبُ عَلَى الْمَاشِى وَالْمَاشِى عَلَى الْقَاعِدِ، وَالْقَلِيلُ عَلَى الْكَثِيرِ». طرفه 6231 7 - باب تَسْلِيمِ الصَّغِيرِ عَلَى الْكَبِيرِ 6234 - وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يُسَلِّمُ الصَّغِيرُ عَلَى الْكَبِيرِ، وَالْمَارُّ عَلَى الْقَاعِدِ، وَالْقَلِيلُ عَلَى الْكَثِيرِ». طرفه 6231 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب تَسْلِيمِ الرَّاكِبِ عَلَى المَاشِي 6232 - (محمد بن سَلاَم) بتخفيف اللام (مَخْلد) بفتح الميم وخاء معجمة (ابن جريج) بضم الجيم، مصغر (زياد) بكسر الزاي بعدها ياء. باب تَسْلِيمِ المَاشِي عَلَى القَاعِدِ 6233 - (رَوْح) بفتح الراء وسكون الواو (عُبادة) بضم العين. وفتح الباء الموحدة المخففة. باب تَسْلِيمِ الصَّغِيرِ عَلَى الكَبِيرِ 6234 - (سُليم) بضمِّ السين مصغر.

8 - باب إفشاء السلام

8 - باب إِفْشَاءِ السَّلاَمِ 6235 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الشَّيْبَانِىِّ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِى الشَّعْثَاءِ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ - رضى الله عنهما - قَالَ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِسَبْعٍ بِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ، وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ، وَنَصْرِ الضَّعِيفِ، وَعَوْنِ الْمَظْلُومِ، وَإِفْشَاءِ السَّلاَمِ، وَإِبْرَارِ الْمُقْسِمِ، وَنَهَى عَنِ الشُّرْبِ فِي الْفِضَّةِ، وَنَهَانَا عَنْ تَخَتُّمِ الذَّهَبِ، وَعَنْ رُكُوبِ الْمَيَاثِرِ، وَعَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ، وَالدِّيبَاجِ، وَالْقَسِّىِّ، وَالإِسْتَبْرَقِ. طرفه 1239 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إفشاء السلام 6235 - (قتيبة) بضم القاف، مصغر (الشيباني) بفتح المعجمة بعدها موحَّدة نسبة إلى القبيلة (أشعث) بالشين المعجمة آخره ثاء مثلثة وكذا الشعثاء (سويد) بضم السين مصغر (مقرِّن) بتشديد الراء المكسورة روى في الباب حديث البراء: (أمرنا رسول الله بسبع ونهانا عن سبع) وقد تقدّم آنفًا مع شرحه في باب تشميت العاطس، وقد أبدل هنا (نصر الضعيف) عن إجابة الدّاعي. وهذا من تفاوت الرواة في الحفظ أو من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فإن مفهوم العدد عند القائل به لا يعارض، وكذا هنا إفشاء السلام وهنا ردّ السلام. وأمَّا حمل إجابة الداعي عن نصر المظلوم وإفشاء السلام على الردّ فليس بشيء؛ لأن الإجابة يراد بها إجابة الداعي إلى الوليمة ونحوها. والإفشاء غير الردِّ كما صرَّح به في أبواب الإيمان بقوله: "وبذل السلام على العالم" وبقوله: "ويقرئُ السلام على من عرف ولم يعرف" ومعنى الإفشاء: النشر والتعميم وذكرنا التوفيق بين الروايات بأنه جعل تارة خير خصال الإسلام إفشاء السلام وتارةً: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده" بأن ذلك من اعتبار الأشخاص.

9 - باب السلام للمعرفة وغير المعرفة

9 - باب السَّلاَمِ لِلْمَعْرِفَةِ وَغَيْرِ الْمَعْرِفَةِ 6236 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى يَزِيدُ عَنْ أَبِى الْخَيْرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَىُّ الإِسْلاَمِ خَيْرٌ قَالَ «تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلاَمَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ، وَعَلَى مَنْ لَمْ تَعْرِفْ». طرفه 12 6237 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِىِّ عَنْ أَبِى أَيُّوبَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثٍ، يَلْتَقِيَانِ فَيَصُدُّ هَذَا، وَيَصُدُّ هَذَا، وَخَيْرُهُمَا الَّذِى يَبْدَأُ بِالسَّلاَمِ». وَذَكَرَ سُفْيَانُ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْهُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ. طرفه 6077 10 - باب آيَةِ الْحِجَابِ 6238 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّهُ كَانَ ابْنَ عَشْرِ سِنِينَ مَقْدَمَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ، فَخَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَشْرًا حَيَاتَهُ، وَكُنْتُ أَعْلَمَ النَّاسِ بِشَأْنِ الْحِجَابِ حِينَ أُنْزِلَ، وَقَدْ كَانَ أُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ يَسْأَلُنِى عَنْهُ، وَكَانَ أَوَّلَ مَا نَزَلَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب السلام للمعرفة وغير المعرفة أراد الإفشاء كما شرحنا في الباب قبله، وسلف في أبواب الإيمان. 6236 - (عن أبي الخير) اسمه مرثد. وحديث أبي أيوب: "لا يحلُّ لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث" قد سلف في باب الأدب. وأشرنا إلى أنَّ هذا فيمن لا يكون ظاهر الفسق ولا مبتدعًا. ومقيد أيضًا بالإعراض، وأمَّا إذا لم يلاقه أو لاقاه وسلم فلا بأس بما في القلب. وذكر سفيان أنَّه سمع منه ثلاث مرات، أي: الحديث من الزهري. باب آية الحجاب 6238 - روى أنس أنه قال: (كنت أعلم الناس بآية الحجاب) سبق الكلام عليه في سورة الأحزاب فإنَّ أنسًا كان على الباب حين نزلت الآية في وليمة زينب. (وكان أول ما نزل) نصب

فِي مُبْتَنَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِزَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ، أَصْبَحَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِهَا عَرُوسًا فَدَعَا الْقَوْمَ، فَأَصَابُوا مِنَ الطَّعَامِ ثُمَّ خَرَجُوا، وَبَقِىَ مِنْهُمْ رَهْطٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَطَالُوا الْمُكْثَ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَخَرَجَ وَخَرَجْتُ مَعَهُ كَىْ يَخْرُجُوا، فَمَشَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَشَيْتُ مَعَهُ حَتَّى جَاءَ عَتَبَةَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ، ثُمَّ ظَنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُمْ خَرَجُوا فَرَجَعَ وَرَجَعْتُ مَعَهُ، حَتَّى دَخَلَ عَلَى زَيْنَبَ فَإِذَا هُمْ جُلُوسٌ لَمْ يَتَفَرَّقُوا، فَرَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَرَجَعْتُ مَعَهُ، حَتَّى بَلَغَ عَتَبَةَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ، فَظَنَّ أَنْ قَدْ خَرَجُوا، فَرَجَعَ وَرَجَعْتُ مَعَهُ، فَإِذَا هُمْ قَدْ خَرَجُوا، فَأُنْزِلَ آيَةُ الْحِجَابِ، فَضَرَبَ بَيْنِى وَبَيْنَهُ سِتْرًا. طرفه 4791 6239 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ أَبِى حَدَّثَنَا أَبُو مِجْلَزٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا تَزَوَّجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - زَيْنَبَ دَخَلَ الْقَوْمُ فَطَعِمُوا، ثُمَّ جَلَسُوا يَتَحَدَّثُونَ فَأَخَذَ كَأَنَّهُ يَتَهَيَّأُ لِلْقِيَامِ فَلَمْ يَقُومُوا، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَامَ، فَلَمَّا قَامَ قَامَ مَنْ قَامَ مِنَ الْقَوْمِ وَقَعَدَ بَقِيَّةُ الْقَوْمِ، وَإِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - جَاءَ لِيَدْخُلَ، فَإِذَا الْقَوْمُ جُلُوسٌ، ثُمَّ إِنَّهُمْ قَامُوا فَانْطَلَقُوا فَأَخْبَرْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَجَاءَ حَتَّى دَخَلَ، فَذَهَبْتُ أَدْخُلُ فَأَلْقَى الْحِجَابَ بَيْنِى وَبَيْنَهُ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ) الآيَةَ. طرفه 4791 ـــــــــــــــــــــــــــــ أول ظرف للنزول (في مُبْتَنَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) -بضم الميم وفتح التاء- مصدر بمعنى الابتناء. (أصبح النبي - صلى الله عليه وسلم - عروسًا) العروس لفظ مشترك بين الرجل والمرأة ما دام كلُّ واحد منهما في إعراسه (فخرجوا فبقي رهط) من الثلاثة إلى العشرة في الرجال خاصة. 6239 - (أبو النعمان) -بضم النون- محمد بن الفضل (معتَمِر) بقتح التاء وكسر الميم (أبو مجلز) -بكسر الميم وسكون الجيم- اسمه لاحق (ثمَّ جلسوا يتحدّثون فأخذ كأنه يتهيَّأ للقيام) نوع تعريض لعلَّهم يقومون فلم يُوفَّقوا للفهم. وهذا الذي أُشير إليه بقوله تعالى: {فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ} [الأحزاب: 53]. ويوجد في بعض النسخ: قال أبو عبد الله: من الفقه أنهم لا يستأذنهم حين خرج. وكان أشار إليه إلى وجه إيراد أنه الحجاب وحديثه في باب الاستئذان ولا حاجة إليه: فإن الاستئذان من لوازم الحجاب.

11 - باب الاستئذان من أجل البصر

6240 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - احْجُبْ نِسَاءَكَ. قَالَتْ فَلَمْ يَفْعَلْ، وَكَانَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْرُجْنَ لَيْلاً إِلَى لَيْلٍ قِبَلَ الْمَنَاصِعِ، خَرَجَتْ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ، وَكَانَتِ امْرَأَةً طَوِيلَةً فَرَآهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَهْوَ فِي الْمَجْلِسِ فَقَالَ عَرَفْتُكِ يَا سَوْدَةُ. حِرْصًا عَلَى أَنْ يُنْزَلَ الْحِجَابُ. قَالَتْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ آيَةَ الْحِجَابِ. طرفه 146 11 - باب الاِسْتِئْذَانُ مِنْ أَجْلِ الْبَصَرِ 6241 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ الزُّهْرِىُّ حَفِظْتُهُ كَمَا أَنَّكَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 6240 - (إسحاق) كذا وقع غير منسوب. يجوز أن يكون ابن راهويه، وابن إبراهيم؛ لأنَّ كلّ واحدٍ منهما يروي عن يعقوب. (كان عمر بن الخطاب يقول لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: احجب نساءك) هذا الحديث يدل بظاهره على أن سبب نزول الحجاب. قوله عمر: عرفتك يا سودة حين خرجت قبل المناصع وليس كذلك، فإن نزول الحجاب كان في قصة زينب كما تقدّم آنفًا، وقال أنس: إنه أعرف الناس بآية الحجاب. وأمَّا قصة سودة فقد سلف في أبواب الصلاة أن رسول الله كان يتعشَّى في بيت عائشة وفي يده عرق. فلما قال لسودة ما قال عادت وشكت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقالة عمر فأوحى إليه والعرق في يده ثم رفع رأسه وقال: "قد أذن لكنّ في أن تخرجن في حاجتكنَّ" وكان بعد نزول الحجاب. ونقل النووي عن القاضي أنَّ نساء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليست كسائر النساء بل كان يحرم النظر إليهنّ وإن كنَّ متستِّرات الحيات في ولذلك لمَّا ماتت زينب عملوا لها قبَّة فوق نعشها لِئلَّا يرى شخصها على النعش، وفي لفظ الحديث اختصار ومحصّله أن عمر كان يسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يحجب نساءه فلم يفعل حتى نزلت آية الحجاب منعهنَّ من الخروج مطلقًا، فهذا الذي وقع في قصة سودة. باب الاستئذان من أجل البصر 6241 - هذه الترجمة بعض حديث الباب قال الزهري: حفظته كما أنك هنا. أي: كما

هَا هُنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ اطَّلَعَ رَجُلٌ مِنْ جُحْرٍ فِي حُجَرِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَمَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِدْرًى يَحُكُّ بِهِ رَأْسَهُ فَقَالَ «لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ تَنْظُرُ لَطَعَنْتُ بِهِ فِي عَيْنِكَ، إِنَّمَا جُعِلَ الاِسْتِئْذَانُ مِنْ أَجْلِ الْبَصَرِ». طرفه 5924 6242 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَجُلاً اطَّلَعَ مِنْ بَعْضِ حُجَرِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَامَ إِلَيْهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِمِشْقَصٍ - أَوْ بِمَشَاقِصَ - فَكَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَخْتِلُ الرَّجُلَ لِيَطْعُنَهُ. طرفاه 6889، 6900 ـــــــــــــــــــــــــــــ لا أشكُّ في وجودك لا أشكُّ في هذا الحديث: (اطلع رجلٌ من جُحْر في حُجَر النبي - صلى الله عليه وسلم -) الأول بضم الجيم وسكون الحاء، والثاني بضم الحاء وفتح الجيم جمع حجرة، وقد سلف أن هذا الرجل: الحكم بن العاص أو مخرمة بن نوفل. (ومع النبي - صلى الله عليه وسلم - مِدْرى) بكسر الميم ودال مهملة شيء يشبه المشط، وقيل: نحو المسلَّة تصلح الماشطة بها شعر العروس. (لو علمت أنك تنظر لطعنت به في عينيك) يقال: طعن بالرمح ونحوه، يطعُن بضم العين. وطعن فيه بالقول يطعن بالضم والفتح. وفي "الموطأ": أن رجلًا سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إني ساكن مع أمِّي في بيت، هل استأذن عليها؟ قال: نعم، هل تحب أن تراها عريانة؟ " واستدل بالحديث الشافعيُّ وغيره على أنَّ من نظر في بيت إنسان فقأ عينه فكان هدرًا ووجه الدلالة ظاهرٌ من الحديث. 6242 - (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم. (فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - إليه بمشقص) بكسر الميم. وقال ابن الأثير: نصل طويل لا عرض له فإن كان له عرض فهو (مَعْبلة) بكسر الميم وسكون العين المهملة بعدها باء موحّدة (لا يخْتِلُ الرجل ليطعنه) بالخاء المعجمة أي: يحتال عليه، في رواية مسلم: "من نظر في بيت قوم" بغير إذن فقد حلَّ لهم أن يفقؤوا عينه.

12 - باب زنا الجوارح دون الفرج

12 - باب زِنَا الْجَوَارِحِ دُونَ الْفَرْجِ 6243 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمْ أَرَ شَيْئًا أَشْبَهَ بِاللَّمَمِ مِنْ قَوْلِ أَبِى هُرَيْرَةَ. حَدَّثَنِى مَحْمُودٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَشْبَهَ بِاللَّمَمِ مِمَّا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا، أَدْرَكَ ذَلِكَ لاَ مَحَالَةَ، فَزِنَا الْعَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللِّسَانِ الْمَنْطِقُ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِى، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَيُكَذِّبُهُ». طرفه 6612 13 - باب التَّسْلِيمِ وَالاِسْتِئْذَانِ ثَلاَثًا 6244 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا ـــــــــــــــــــــــــــــ باب زنا الجوارح دون الفرج الزنا: إدخال فرج في فرج محرم من غير شبهة. والجوارح جمع جارحة الأعضاء من الجرح وهو الكسب، لأنّها آلة الكسب. وإسناد الزنا إليها مجاز لأنها مقدمات مؤدية إليه. 6243 - (عن ابن طاووس) اسمه عبد الله (ما رأيت شيئًا أشبه باللمم مما قال أبو هريرة) يشير إلى اللّمم المذكور في القرآن في قوله تعالى: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ} [النجم: 32]. قال الجوهري: اللَّمم صغار الذنوب، وعن الأخفش مقاربة الذنوب (لا محالة) بفتح الميم: لا بد (فزنا العين) قد أشرنا إلى أنَّ إطلاق الزنا على النظر مجازٌ من تسمية السبب لأنه يؤدّي إليه (والفرج يصدق ذلك أو يكذب) الصدق والكذب من خواص القول. وإطلاقهما على الفعل مجازٌ معروفٌ. باب التسليم والاستئذان ثلاثًا والمراد من التسليم تسليم الاستئذان. وإنَّما جمع بينهما لأنّ صورته أن يقول المستأذن: السلام عليكم آدخل. كذا قاله ابن عبد البر والأظهر أنَّه أعمُّ؛ ذلك لجواز انفراد كلٍّ منهما كما في حديث أبي موسى. 6244 - (إسحاق) وكذا وقع غير منسوبٍ، قال الكلاباذي: إسحاق بن منصور،

ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا سَلَّمَ سَلَّمَ ثَلاَثًا، وَإِذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَعَادَهَا ثَلاَثًا. طرفه 94 6245 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خُصَيْفَةَ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ كُنْتُ فِي مَجْلِسٍ مِنْ مَجَالِسِ الأَنْصَارِ إِذْ جَاءَ أَبُو مُوسَى كَأَنَّهُ مَذْعُورٌ فَقَالَ اسْتَأْذَنْتُ عَلَى عُمَرَ ثَلاَثًا، فَلَمْ يُؤْذَنْ لِى فَرَجَعْتُ فَقَالَ مَا مَنَعَكَ قُلْتُ اسْتَأْذَنْتُ ثَلاَثًا، فَلَمْ يُؤْذَنْ لِى فَرَجَعْتُ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا اسْتَأْذَنَ أَحَدُكُمْ ثَلاَثًا فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ، فَلْيَرْجِعْ». فَقَالَ وَاللَّهِ لَتُقِيمَنَّ عَلَيْهِ بِبَيِّنَةٍ. أَمِنْكُمْ أَحَدٌ سَمِعَهُ مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ وَاللَّهِ لاَ يَقُومُ مَعَكَ إِلاَّ أَصْغَرُ الْقَوْمِ، فَكُنْتُ أَصْغَرَ الْقَوْمِ، فَقُمْتُ مَعَهُ فَأَخْبَرْتُ عُمَرَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ ذَلِكَ. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ أَخْبَرَنِى ابْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنِى يَزِيدُ عَنْ بُسْرٍ سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ بِهَذَا. طرفه 2062 ـــــــــــــــــــــــــــــ وإسحاق بن إبراهيم يرويان عن عبد الصمد إلَّا أن البخاريَّ روى في باب مقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - عن إسحاق بن منصور عن عبد الصمد. (ثُمامَة) بضم الثاء المثلثة (كان إذا سلَّم) أي: للاستئذان (سلم ثلاثًا) كما صرّح به في حديث أبي موسى بعده (وإذا تكلّم بكلمة أعادها ثلاثًا) هذا فيما يتعلَّق بالأحكام لئلا يفوت الحاضرين فإنَّ النّاس يتفاوتون في الإدراك لا أنّه عامٌّ في كلِّ كلمة نحو قوله: اسقنا يا فلان. 6245 - (يزيد بن خُصَيفة) بضم المعجمة وفتح المهملة، على وزن المصغّر. (عن بُسر) بضم الباء الموحَّدة وسين مهملة (عن أبي سعيد الخدري قال: كنت في مجلس من مجالس الأنصار إذ جاء أبو موسى كأنَّه مذعور) أي: أصابه ذُعرٌ: بضم الدال المعجمة: الرعب والخوف. (فقال أبيُّ بن كعب: والله لا يقوم معك إلَّا أصغر القوم) وذلك للدلالة على شهرة الحديث عندهم حتى يعلمه الصغار. وقد وهم بعض النّاس من هذا أنّ عمر بن الخطاب ما كان يقبل خبر الواحد، وهذا وهم باطل. وذلك أن الخبر بانضمام شخصٍ إلى الراوي لا يخرج عن حكم الآحاد وعمله بخبر الآحاد، وعمله معروف في وقائع منها خبر عبد الرحمن بن عوف في الطاعون، وتوريث المرأة من دية زوجها، وأخذ الجزية من المجوس بل أراد التَّشْهدُّد في رواية الحديث. (وقال ابن المبارك) هو عبد الله.

14 - باب إذا دعى الرجل فجاء هل يستأذن

14 - باب إِذَا دُعِىَ الرَّجُلُ فَجَاءَ هَلْ يَسْتَأْذِنُ قَالَ سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِى رَافِعٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «هُوَ إِذْنُهُ». 6246 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ. وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ أَخْبَرَنَا مُجَاهِدٌ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ دَخَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَوَجَدَ لَبَنًا فِي قَدَحٍ فَقَالَ «أَبَا هِرٍّ الْحَقْ أَهْلَ الصُّفَّةِ فَادْعُهُمْ إِلَىَّ». قَالَ فَأَتَيْتُهُمْ فَدَعَوْتُهُمْ، فَأَقْبَلُوا فَاسْتَأْذَنُوا فَأُذِنَ لَهُمْ، فَدَخَلُوا. طرفه 5375 15 - باب التَّسْلِيمِ عَلَى الصِّبْيَانِ 6247 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ الْجَعْدِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَيَّارٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إذا دُعيَ الرجل فجاء هل يستأذن؟ (وقال سعيد) هو ابن [أبي] عروبة (أبو رافع) اسمه: نفيع، على وزن المصغر. (هو إذنه) أي: دعاؤه كافٍ في الإذن. 6246 - (أبو نعيم) بضم النون فضل بن دُكين (عمرُ بن ذرٍّ) بذال معجمة وتشديد الراء (عن أبي هريرة: دخلت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوجد لبنًا في قدحٍ فقال: "أبا هرٍّ الحقْ أهل الصُّفَّة استأذنوا فأذن لهم"). فإن قلت: هذا يدل على خلاف ما ترجم له فإنَّهم بعد الدُّعاء استأذنوا. قلت: أجابوا بأنَّ ذلك أو ذا إذا جاء مع الرسول أحد وكلا الجوابين ليسا بشيء أمّا الأول فلدلالة الفاء على عدم التراخي، وأمَّا الثاني فلأنهم جاؤوا معًا وهو صريحٌ. والاستدلال على أنهم جاؤوا وحدهم لقول أبي هريرة معهم. والصواب في الجواب أنَّ ذلك بيان الجواز وهذا بيان الأولى. وأن أصحاب الصُفَّة لم يكونوا عالمين بذلك، ولمَّا استأذنوا وقُرِّروا دلَّ جواز الأمرين. باب التسليم على الصبيان 6247 - (علي بن أبي الجعد) بفتح الجيم وسكون العين (سيَّار) بفتح السين وتشديد

16 - باب تسليم الرجال على النساء، والنساء على الرجال

عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِىِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه أَنَّهُ مَرَّ عَلَى صِبْيَانٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ وَقَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَفْعَلُهُ. 16 - باب تَسْلِيمِ الرِّجَالِ عَلَى النِّسَاءِ، وَالنِّسَاءِ عَلَى الرِّجَالِ 6248 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلٍ قَالَ كُنَّا نَفْرَحُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ. قُلْتُ وَلِمَ قَالَ كَانَتْ لَنَا عَجُوزٌ تُرْسِلُ إِلَى بُضَاعَةَ - قَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ نَخْلٍ بِالْمَدِينَةِ - فَتَأْخُذُ مِنْ أُصُولِ السِّلْقِ فَتَطْرَحُهُ فِي قِدْرٍ، وَتُكَرْكِرُ حَبَّاتٍ مِنْ شَعِيرٍ، فَإِذَا صَلَّيْنَا الْجُمُعَةَ انْصَرَفْنَا وَنُسَلِّمُ عَلَيْهَا فَتُقَدِّمُهُ إِلَيْنَا، فَنَفْرَحُ مِنْ أَجْلِهِ، وَمَا كُنَّا نَقِيلُ وَلاَ نَتَغَدَّى إِلاَّ بَعْدَ الْجُمُعَةِ. طرفه 938 ـــــــــــــــــــــــــــــ الياء (البناني) بضم الباء بعدها نون. روى عن أنس أنه كان يسلِّم على الصبيان ويروي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يفعله. وفائدته تدريب الصغار على تعليم الآداب، ولكن شرطه أن يكون الصبيُّ مميِّزًا، ولا يجب على الصبيِّ الردُّ لأنّه غير مكلَّف، أمَّا إذا بدأ هو بالسلام فيجب على الكبير ردُّه. باب تسليم الرِّجال على النساء والرّجال على النساء 6248 - (مَسلمة) بفتح الميم واللَّام (أبي حازم) بفتح الحاء المهملة سلمة بن دينار وابنه عبد العزيز (كانت لنا عجوزٌ ترسل إلى بضاعة) بضمِّ الباء الموحّدة وضادٍ معجمة. وهي التي يضاف إليها البئر المعروف، فسَّره الرَّاوي قال: (نخل بالمدينة) أي: حديقة (فتأخذ من أصول السِّلق) -بكسر السين- بقلٌ معروفٌ. (وتُكرْكِرُ حبَّاتِ من الشعير) بضمِّ التاء. الكركرة: تدوير الصوت فشبَّه به تدوير الرّحى على الحبوب. والحديث سلف في أبواب الجمعة، وموضع الدلالة قوله (نُسلِّم عليها ...). (... وما كنا نقبلُ ولا نتغدَّى إلَّا بعد الجمعة) -بفتح النون- من القيلولة وهو النوم في أثناء النهار، وإنما كانوا يؤخِّرون القيلولة إلى بعد الصلاة لاشتغالهم بالبُكور إلى الجمعة.

17 - باب إذا قال من ذا فقال أنا

6249 - حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَا عَائِشَةُ هَذَا جِبْرِيلُ يَقْرَأُ عَلَيْكِ السَّلاَمَ». قَالَتْ قُلْتُ وَعَلَيْهِ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، تَرَى مَا لاَ نَرَى. تُرِيدُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. تَابَعَهُ شُعَيْبٌ. وَقَالَ يُونُسُ وَالنُّعْمَانُ عَنِ الزُّهْرِىِّ وَبَرَكَاتُهُ. طرفه 3217 17 - باب إِذَا قَالَ مَنْ ذَا فَقَالَ أَنَا 6250 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرًا - رضى الله عنه - يَقُولُ أَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فِي دَيْنٍ كَانَ عَلَى أَبِى فَدَقَقْتُ الْبَابَ فَقَالَ «مَنْ ذَا». فَقُلْتُ أَنَا. فَقَالَ «أَنَا أَنَا». كَأَنَّهُ كَرِهَهَا. طرفه 2127 ـــــــــــــــــــــــــــــ 6249 - وحديث عائشة: (إن جبرائيل يقرأُ عليك السلام) تقدَّم مرارًا إلَّا أنَّ في دلالته على الترجمة نوع خفاءٍ لانَّه ليس من الرجال، وأيضًا سلَّم بالواسطة. فإن قلت: الشِّقُّ الثاني من الترجمة سلام النساء على الرِّجال ولا ذكر له في الحديث. قلت: الردُّ على العجوز ومن عائشة نوعٌ من السلام، وحديث العجوز وأن لم يصرّح فيه بالردِّ إلَّا أنَّه معلومٌ ضرورةً. فإن قلت: في بعض روايات حديث عائشة: (يُقرئُك) بضم الياء قلت: معناه بحملك على قراءة السلام، فإنَّ الردَّ واجبٌ عليها. قاله ابن الأثير. 6250 - ثم روى عن جابر أنه قال: (أتيت النبيَّ فدفعت الباب فقال: "من هذا" قلت: أنا. فقال: "أنا أنا"، فكأنَّه كرهها) أي: هذه العبارة؛ لأنه لا يفيد تعيين المسؤول عنه. وما يقال أنه كره دقَّ الباب حجة على الكوفيين في منعهم ابتداء السلام على الرِّجال، والبخاريُّ جرى في هذا على دأبه من الاستدلال بالخفيِّ وإلَّا فحديث أمِّ هانئ صريحٌ في ذلك لمَّا سلَّمت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يغتسل. لكن الحقُّ في المسألة التفصيل، وذلك ألَّا يكون مَظِنَّةَ الفِتنة.

_ (*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: النهاية في غريب الحديث، مادة ((قرأ)) (4/ 28)

18 - باب من رد فقال عليك السلام

18 - باب مَنْ رَدَّ فَقَالَ عَلَيْكَ السَّلاَمُ وَقَالَتْ عَائِشَةُ وَعَلَيْهِ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ. وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «رَدَّ الْمَلاَئِكَةُ عَلَى آدَمَ السَّلاَمُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ». 6251 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه أَنَّ رَجُلاً دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جَالِسٌ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ فَصَلَّى، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «وَعَلَيْكَ السَّلاَمُ ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ». فَرَجَعَ فَصَلَّى، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ. فَقَالَ «وَعَلَيْكَ السَّلاَمُ فَارْجِعْ فَصَلِّ، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ». فَقَالَ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: الاستئذان تقدَّم أنه يكون بالسَّلام. فكيف دقَّ عليه الباب؟ قلت: لم يحصر الاستئذان في السلام؛ لأن الغرض إعلام من في البيت، وربَّما كان بعيدًا في الباب لا يسمع صوت المستأذن. باب من ردَّ فقال: عليك السلام روى عن عائشة تعليقًا أنها قالت في جواب جبرائيل: (عليه السلام)، وروى ردّ سلام الملائكة على آدم بقولهم: "السلام عليك" وقد تقدّم مسندًا في أول كتاب الاستئذان. فإن قلت: سلام الملائكة لا يوافق سلام الترجمة. قلت: أشار إلى أنّ الأصل ما في الترجمة وهذا أيضًا جائز. 6251 - ثم روى حديث المسيء صلاته وقد سلف في أبواب الصلاة في باب وجوب القراءة، وموضع الدَّلالة هنا قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جواب سلامه: (وعليك السلام) وقد أشرنا سابقًا أن ردَّ السلام بالواو وبدونه وبالواو أحسن. فإن قلت: قد جاء في الحديث أن من يردُّ السلام يزيد "ورحمة الله" فلِمَ تركه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قلت: إنَّما تركه للجواز أو عقوبة للمسيء.

19 - باب إذا قال فلان يقرئك السلام

فِي الَّتِى بَعْدَهَا عَلِّمْنِى يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ «إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاَةِ فَأَسْبِغِ الْوُضُوءَ، ثُمَّ اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ بِمَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَسْتَوِىَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلاَتِكَ كُلِّهَا». وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ فِي الأَخِيرِ «حَتَّى تَسْتَوِىَ قَائِمًا». طرفه 757 6252 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنِى يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِى سَعِيدٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا». طرفه 757 19 - باب إِذَا قَالَ فُلاَنٌ يُقْرِئُكَ السَّلاَمَ 6253 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ قَالَ سَمِعْتُ عَامِرًا يَقُولُ حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - حَدَّثَتْهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَهَا «إِنَّ جِبْرِيلَ يُقْرِئُكِ السَّلاَمَ». قَالَتْ وَعَلَيْهِ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ. طرفه 3217 ـــــــــــــــــــــــــــــ (وقال أبو أسامة): بضم الهمزة حمَّاد بن أسامة (في الأخير: "حتى تستوي قائمًا") أي: بدل "تطمئنَّ جالسًا" وبهذه الرواية استدلَّ من قال باستحباب جلسة الاستراحة، وهي أقوى؛ لأنها تقدّمت في أبواب الصلاة. وأسندها هاهنا أولًا وثانيًا. قال بعض الشارحين: المراد بالقيام الجلوس؛ لأنّه بالنسبة إلى السجدة كأنه قيام فتتَّفق الروايتان. ثم قال: باب إذا قال فلانٌ يقرِئُك السَّلام 6253 - روى فيه حديث سلام جبريل على عائشة، وقد سلف في باب تسليم الرجال على النساء واستدلّ به هناك على جواز تسليم الرِّجال على النساء، وهنا علي أنَّ الردَّ واجبٌ إذا بلغه سلام غائب، وقد أشرنا هناك على أنَّ معنى: (يقرئك) بضم الياء بحملك على القراءة، أي: ردِّ السلام.

20 - باب التسليم فى مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين

20 - باب التَّسْلِيمِ فِي مَجْلِسٍ فِيهِ أَخْلاَطٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ 6254 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ أَخْبَرَنِى أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - رَكِبَ حِمَارًا عَلَيْهِ إِكَافٌ، تَحْتَهُ قَطِيفَةٌ فَدَكِيَّةٌ، وَأَرْدَفَ وَرَاءَهُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ وَهْوَ يَعُودُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ فِي بَنِى الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، وَذَلِكَ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ حَتَّى مَرَّ فِي مَجْلِسٍ فِيهِ أَخْلاَطٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الأَوْثَانِ وَالْيَهُودِ، وَفِيهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ ابْنُ سَلُولَ، وَفِى الْمَجْلِسِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، فَلَمَّا غَشِيَتِ الْمَجْلِسَ عَجَاجَةُ الدَّابَّةِ خَمَّرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ أَنْفَهُ بِرِدَائِهِ ثُمَّ قَالَ لاَ تُغَبِّرُوا عَلَيْنَا. فَسَلَّمَ عَلَيْهِمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ وَقَفَ فَنَزَلَ، فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ وَقَرَأَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ ابْنُ سَلُولَ أَيُّهَا الْمَرْءُ لاَ أَحْسَنَ مِنْ هَذَا، إِنْ كَانَ مَا تَقُولُ حَقًّا، فَلاَ تُؤْذِنَا فِي مَجَالِسِنَا، وَارْجِعْ إِلَى رَحْلِكَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب السلام في مجلس فيه أخلاط من المسلمين روى في الباب حديث عيادة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سعدَ بن عبادة راكبًا على الحمار مردفًا أسامة بن زيدٍ ثم مرَّ على مجلس فيه أخلاط الناس من المسلمين واليهود والمشركين فنزل ودعاهم إلى الله. والحديث تقدّم قريبًا في باب كنية المشركين. وموضع الدَّلالة أنّه لما مرَّ بهم سلَّم عليهم فدلّ على جواز السلام في مثله، لكن قالوا: ينوي السلام على المؤمن لما روى مسلمٌ: "لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام" وأمَّا قول إبراهيم صلوات الله عليه لأبيه: {سَلَامٌ عَلَيْكَ} [مريم: 47] وقوله تعالى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {وَقُلْ سَلَامٌ} [الزخرف: 89] فليس المراد التحيَّة بل المتاركة بطريق جميل. 6254 - (مَعمَر) بفتح الميمين وسكون العين. (عُبادة) بضمِّ العين وتخفيف الباء (أخلاط) -بفتح الهمزة- جمع خِلط، بكسر الخاء (وفيهم عبد الله بن أبيٍّ ابن سلول) بتنوين أبيِّ وإثبات الألف في ابن لأنه صفة عبد الله. فإنّ سلول أمُّه لا أمّ أبيٍّ لعن الأصل والفرع (فلما غشيت القوم عجاجة الدابة خمَّر أنفه) بالخاء المعجمة وتشديد الميم أي: غطَّاه. (لا أحسن ممّا تقول إن كان حقًّا) شرطٌ تقدَّم جزاء وما يدل عليه، وقوله: (فلا تُؤذنا به) جواب

21 - باب من لم يسلم على من اقترف ذنبا، ولم يرد سلامه حتى تتبين توبته، وإلى متى تتبين توبة العاصى

فَمَنْ جَاءَكَ مِنَّا فَاقْصُصْ عَلَيْهِ. قَالَ ابْنُ رَوَاحَةَ اغْشَنَا فِي مَجَالِسِنَا، فَإِنَّا نُحِبُّ ذَلِكَ. فَاسْتَبَّ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَالْيَهُودُ حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَتَوَاثَبُوا، فَلَمْ يَزَلِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُخَفِّضُهُمْ، ثُمَّ رَكِبَ دَابَّتَهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فَقَالَ «أَىْ سَعْدُ أَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالَ أَبُو حُبَابٍ». يُرِيدُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَىٍّ قَالَ كَذَا وَكَذَا قَالَ اعْفُ عَنْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاصْفَحْ فَوَاللَّهِ لَقَدْ أَعْطَاكَ اللَّهُ الَّذِى أَعْطَاكَ، وَلَقَدِ اصْطَلَحَ أَهْلُ هَذِهِ الْبَحْرَةِ عَلَى أَنْ يُتَوِّجُوهُ فَيُعَصِّبُونَهُ بِالْعِصَابَةِ، فَلَمَّا رَدَّ اللَّهُ ذَلِكَ بِالْحَقِّ الَّذِى أَعْطَاكَ شَرِقَ بِذَلِكَ، فَذَلِكَ فَعَلَ بِهِ مَا رَأَيْتَ، فَعَفَا عَنْهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 2987 21 - باب مَنْ لَمْ يُسَلِّمْ عَلَى مَنِ اقْتَرَفَ ذَنْبًا، وَلَمْ يَرُدَّ سَلاَمَهُ حَتَّى تَتَبَيَّنَ تَوْبَتُهُ، وَإِلَى مَتَى تَتَبَيَّنُ تَوْبَةُ الْعَاصِى وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو لاَ تُسَلِّمُوا عَلَى شَرَبَةِ الْخَمْرِ. 6255 - حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبٍ قَالَ سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ تَبُوكَ وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ كَلاَمِنَا، وَآتِى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأُسَلِّمُ عَلَيْهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ شرطٍ مقدر، وأمّا جعله جواب الشرط المذكور فلا يقول عاقل: إن كان حقًّا فلا تؤذنا به. (أبو حُبَاب) -بضم الحاء وتخفيف الباء- كنيةُ عبد الله. (هذه البَحْرة) أي: البلدة فإنَّ العرب تطلق لفظ البحر على البلد (على أن يتوِّجوه) أي: يجعلوا له تاجًا كقصير وكسرى (فيعصِّبونه بعصابة الملك). (شرِق بذلك) -بكسر الرّاء- يقال: شرِق بالماء إذا شرب الماء ولم ينزل في حلقه، استعارةً للحسد الذي كالشوكة في حلقه لا يقدر على الإساغة والإخراج. باب من لم يسلم على من اقترف ذنبًا (وقال عبد الله بن عمرو: لا تسلِّموا على شَرَبةِ الخمر) -بفتح الراء- جمع شارب، كالأكَلَةِ في آكلٍ. 6255 - (ابن بُكير) بضم الباء، مصغر، وكذا (عُقَيل) روى في الباب حديث كعب بن مالك لمَّا تخلَّف عن غزوة تبوك وقد سلف مطوَّلًا. وموضع الدّلالة قوله: (ونهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كلامنا) ويجوز أن يكون عدم ردِّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سلامَ كعب والأول أحسن

22 - باب كيف يرد على أهل الذمة السلام

فَأَقُولُ فِي نَفْسِى هَلْ حَرَّكَ شَفَتَيْهِ بِرَدِّ السَّلاَمِ أَمْ لاَ حَتَّى كَمَلَتْ خَمْسُونَ لَيْلَةً، وَآذَنَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِتَوْبَةِ اللَّهِ عَلَيْنَا حِينَ صَلَّى الْفَجْرَ. طرفه 2757 22 - باب كَيْفَ يُرَدُّ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ السَّلاَمُ 6256 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ دَخَلَ رَهْطٌ مِنَ الْيَهُودِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا السَّامُ عَلَيْكَ. فَفَهِمْتُهَا فَقُلْتُ عَلَيْكُمُ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَهْلاً يَا عَائِشَةُ، فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ». فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «فَقَدْ قُلْتُ وَعَلَيْكُمْ». طرفه 2935 ـــــــــــــــــــــــــــــ لأن محتمل لردِّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السلامَ، وفي الحديث دلالة على أنَّ السلام وعلى العاصي لا يجوز ولا الردُّ عليه حتى يظهر توبته، ومدّة التوبة غير مضبوطة لكن تُعلم بالقرائن، وعن ابن مسعود: يسلم على الكافر والفاسق لضرورة دينيَّة أو دنيويَّة. باب كيف يردُّ على أهل الذَّمَّة السلام 6256 - روى في الباب حديث عائشة أنَّ اليهود قالوا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: السَّام عليك. والسَّام هو الموت، قال ابن الأثير: ألفه منقلبة عن الواو. وقيل: من الهمزة، والمراد به السآمة. والأولى هو المعتمد، وقد سلف الحديث في باب: لم يكن النبيُّ فحَّاشًا. وموضع الدَّلالة قوله: (وعليكم) كذا وقع، قال الخطابي: ورواية الموطأ بدون الواو، وابن عيينة أيضًا يرويه بغير الواو، وهو الصواب لأنّ الواو يَدل على الاشتراك. قلت: هذا تعليلٌ فاسد، أمَّا أولًا فلأنَّ الموت مشترك بلا ريب. وأمَّا ثانيًا فلأنَّه يجوز أن يكون من عطف الجملة أي: وعليكم ما تستحقون. فلا وجه لردِّ الرِّواية الثانية من الثقات، ويُؤيِّده ما رواه البزار: "إذا سلَّم عليكم ما قلتم" قال النووي: إثبات الواو وحذفها روايتان والإثبات أجود.

23 - باب من نظر فى كتاب من يحذر على المسلمين ليستبين أمره

6257 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمُ الْيَهُودُ فَإِنَّمَا يَقُولُ أَحَدُهُمُ السَّامُ عَلَيْكَ. فَقُلْ وَعَلَيْكَ». طرفه 6928 6258 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَقُولُوا وَعَلَيْكُمْ». طرفه 6926 23 - باب مَنْ نَظَرَ فِي كِتَابِ مَنْ يُحْذَرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ لِيَسْتَبِينَ أَمْرُهُ 6259 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ بُهْلُولٍ حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ قَالَ حَدَّثَنِى حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِىِّ عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - ـــــــــــــــــــــــــــــ 6258 - (أبي شيبة) بفتح المعجمة وسكون الياء (هُشَيم) بضم الهاء، مصغَّر وأحاديث دلّت على عدم جواز السلام قال العلماء: فإذا سلم ولم يعلم ثم علم أنه كافر فليقل له: ردَّ على سلامي. قلت: وكذا أكلُّ مبتدع وعاص. باب من نظر في كتاب من يُحذر على المسلمين بضم الياء على بناء المجهول، أي: يُخَاف. وفي رواية: "من عذر" والأول هو الصواب، غرض البخاري أنَّ ما جاء في الأحاديث من عدم جواز نظر الإنسان في كتاب الغير بغير إذنه ليس على العموم بل ذلك إذا لم يكن خوف ضرر على المسلمين. 6259 - (بُهلُول) بضم الباء واللام. (ابن إدريس) عبد الله الأودي (حُصين) بضم الحاء، مصغر (عُبَيد) بضم العين وفتح الباء، مصغر (السُّلمي) بضم السين وفتح اللام. روى حديث علي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرسله وأبا مرثد الغنوي والزبير [بن] العوام إلى امرأة معها كتاب من حاطب يُخبر فيه أهل مكة بتوجُّه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليهم. وقد سلف الحديث في غزوة الفتح وغيرها وموضع الدلالة: لمَّا جاؤوا بالكتاب نظر فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غير إذن حاطب.

قَالَ بَعَثَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ وَأَبَا مَرْثَدٍ الْغَنَوِىَّ وَكُلُّنَا فَارِسٌ فَقَالَ «انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ، فَإِنَّ بِهَا امْرَأَةً مِنَ الْمُشْرِكِينَ مَعَهَا صَحِيفَةٌ مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِى بَلْتَعَةَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ». قَالَ فَأَدْرَكْنَاهَا تَسِيرُ عَلَى جَمَلٍ لَهَا حَيْثُ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ قُلْنَا أَيْنَ الْكِتَابُ الَّذِى مَعَكِ قَالَتْ مَا مَعِى كِتَابٌ. فَأَنَخْنَا بِهَا، فَابْتَغَيْنَا فِي رَحْلِهَا فَمَا وَجَدْنَا شَيْئًا، قَالَ صَاحِبَاىَ مَا نَرَى كِتَابًا. قَالَ قُلْتُ لَقَدْ عَلِمْتُ مَا كَذَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالَّذِى يُحْلَفُ بِهِ لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ أَوْ لأُجَرِّدَنَّكِ. قَالَ فَلَمَّا رَأَتِ الْجِدَّ مِنِّى أَهْوَتْ بِيَدِهَا إِلَى حُجْزَتِهَا وَهْىَ مُحْتَجِزَةٌ بِكِسَاءٍ فَأَخْرَجَتِ الْكِتَابَ - قَالَ - فَانْطَلَقْنَا بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مَا حَمَلَكَ يَا حَاطِبُ عَلَى مَا صَنَعْتَ». قَالَ مَا بِى إِلاَّ أَنْ أَكُونَ مُؤْمِنًا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَا غَيَّرْتُ وَلاَ بَدَّلْتُ، أَرَدْتُ أَنْ تَكُونَ لِى عِنْدَ الْقَوْمِ يَدٌ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهَا عَنْ أَهْلِى وَمَالِى، وَلَيْسَ مِنْ أَصْحَابِكَ هُنَاكَ إِلاَّ وَلَهُ مَنْ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهِ عَنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ. قَالَ «صَدَقَ فَلاَ تَقُولُوا لَهُ إِلاَّ خَيْرًا». قَالَ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِنَّهُ قَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ، فَدَعْنِى فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ. قَالَ فَقَالَ «يَا عُمَرُ وَمَا يُدْرِيكَ ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: قد ذكر هنا المقداد بدل أبي مرثد. قلت: لا ينافي لجواز الجمع. واسم أبي مرثد كنان. (روضة خاخ) بالخاء المعجمة في الموضعين. (قال صاحباي). فإن قلت: أصحابه ثلاثة. قلت: كذلك والقائل اثنان. (من حاطب بن أبي بَلْتعة) بفتح الباء وسكون اللام. (فلمّا رأت مني الجِدَّ) بكسر الجيم ضد الهزل (فأهوت إلى حُجْزتها) -بضم الحاء وسكون الجيم- الإزار ويُطلق على معقد الإزار أيضًا. فإن قلت: في أبواب الجِهاد أنَّها أخرجَتْه من عقاصها. قلت: أشرنا هناك إلى أنَّ الوجه أنها أخرجته من أحد الموضعين وأخفته في الآخر ثم أخرجته. (دعني فأضرب عنقه). فإن قلت: بعدما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (صدق فلا تقولوا له إلَّا خيرًا) كيف جاز لعمر هذا القول؟ قلت: ظنَّ أن ما قاله وإن كان صادقًا فيه إلَّا أنه لا يدفع عنه القتل لأنَّه خان الله ورسوله وحدَّه عمر وصلابته في الدين معروفة.

24 - باب كيف يكتب الكتاب إلى أهل الكتاب

لَعَلَّ اللَّهَ قَدِ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ وَجَبَتْ لَكُمُ الْجَنَّةُ». قَالَ فَدَمَعَتْ عَيْنَا عُمَرَ وَقَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. طرفه 3007 24 - باب كَيْفَ يُكْتَبُ الْكِتَابُ إِلَى أَهْلِ الْكِتَابِ 6260 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الْحَسَنِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ هِرَقْلَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ فِي نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَكَانُوا تِجَارًا بِالشَّأْمِ، فَأَتَوْهُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُرِئَ فَإِذَا فِيهِ «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ، السَّلاَمُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى، أَمَّا بَعْدُ». طرفه 7 25 - باب بِمَنْ يُبْدَأُ فِي الْكِتَابِ 6261 - وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ (لعل الله اطَّلع على أهل بدر وقال اعملوا ما شئتم) ليس هذا إذنًا في الحال المعاصي؛ فإن الله لا يأمر بالفحشاء بل مجاز عن عفو الله كلَّ جريمة صدرت منهم، وفي الإتيان بلفظ الأمر دلالة على غاية رأفته بهم. (فدمعت عينا عمر) لأنَّه من أصحاب بدر فبكى سرورًا. باب كيف يُكتب إلى أهل الكتاب 6260 - (مُقَاتِل) بكسر التاء. روى في الباب حديث كتابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى هرقل وقد سلف بطوله في أول الكتاب، وموضع الدّلالة قوله: (والسلام على من اتَّبع الهدى) وهو في الحقيقة سلامٌ على من آمن، فسقط ما قال ابن بطّال من الاستدلال به على جواز السلام على الكافر للضرورة. باب بمن يُبدأ في الكتاب 6261 - (هُرمز) بضم الهاء آخره راء معجمة. روى حديث الإسرائيلي لمَّا شرط مع

26 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - «قوموا إلى سيدكم»

أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلاً مِنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ أَخَذَ خَشَبَةً فَنَقَرَهَا، فَأَدْخَلَ فِيهَا أَلْفَ دِينَارٍ وَصَحِيفَةً مِنْهُ إِلَى صَاحِبِهِ. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «نَجَرَ خَشَبَةً، فَجَعَلَ الْمَالَ فِي جَوْفِهَا، وَكَتَبَ إِلَيْهِ صَحِيفَةً مِنْ فُلاَنٍ إِلَى فُلاَنٍ». طرفه 1498 26 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ» 6262 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِى أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ أَنَّ أَهْلَ قُرَيْظَةَ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدٍ فَأَرْسَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَيْهِ فَجَاءَ فَقَالَ «قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ». أَوْ قَالَ «خَيْرِكُمْ». فَقَعَدَ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ـــــــــــــــــــــــــــــ الرجل الذي أقرضه أن يأتيَ بماله في العام القابل فلم يجد مركبًا يركبه. (فأخذ خشبة فنقرها) -بالنون والقاف- أي: شقَّها ووضع فيها المال. والحديث سلف في أبواب الكفالة. وموضع الدَّلالة هناك في الكتاب (من فلان إلى فلان) فإنَّه يدل على أن اسم الكاتب تقدَّم على اسم المكتوب إليه وهذا وإن كان شرع غيرنا إلَّا أنه قرَّره فصار شرعنا. وهذا على دأبه من الاستدلال بما فيه خفاء. وإلَّا فحديث كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى هرقل ظاهرٌ في المقصود. فإن قلت: الاستدلال بقصة هرقل حيث قال: "من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل" أظهر فلِمَ لم يذكره؟ قلت: لاحتمال أن يقال: ذلك لشرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا يطرد. باب قول النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "قوموا إلى سيِّدكم" 6262 - هذا بعض حديث الباب (أبي أُمَامة) -بضم الهمزة- اسمه أسعد (حُنَيف) بضم الحاء بعدها نون، مصغر. روى في الباب حديث أبي سعيد الخدري: أنَّ قريظة لمَّا نقضوا العهد بينهم وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاصرهم فنزلوا على حكم سعد بن معاذ فإنَّهم كانوا حلفاءه في الجاهلية فظنُّوا أنهم يراعهم ولم يعلموا أنَّ سعدًا لا تأخذه في الله لومة لائم. والحديث بطوله في غزوة الأحزاب، وموضع الدَّلالة من قوله: (قوموا إلى سيِّدكم) وغرض البخاري

27 - باب المصافحة

فَقَالَ «هَؤُلاَءِ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِكَ». قَالَ فَإِنِّى أَحْكُمُ أَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ، وَتُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ. فَقَالَ «لَقَدْ حَكَمْتَ بِمَا حَكَمَ بِهِ الْمَلِكُ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَفْهَمَنِى بَعْضُ أَصْحَابِى عَنْ أَبِى الْوَلِيدِ مِنْ قَوْلِ أَبِى سَعِيدٍ إِلَى حُكْمِكَ. طرفه 3043 27 - باب الْمُصَافَحَةِ وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ عَلَّمَنِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - التَّشَهُّدَ، وَكَفِّى بَيْنَ كَفَّيْهِ. وَقَالَ كَعْبُ بْنُ ـــــــــــــــــــــــــــــ أن الحديث الذي تقدم: "لا يقل أحدكم سيِّدي" ليس من هذا النمط، بل ذاك في مقابلة العبد، وهو في معنى الفاضل، ألا ترى إلى الرواية الأخرى: "أو خيركم" وفي الحديث دلالة على استحباب القيام لأهل الفضل والنهي الذي ورد فيه محمول على أن يجلس وحوله النَّاس قيام كما يفعله ملوك الزمان. فإن قلت: روى الترمذي عن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يكره القيام له. قلت: أجاب النوويُّ بأنَّه كره لخوف الفتنة كما قال في الحديث الآخر: "لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم" والتي تقطع مادة الشبهة ما رواه أبو داود وغيره أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا رأى فاطمة قام إليها وقبَّلها وأخذ بيدها ويجلسها مكانه. (أن تقتل مُقَاتِلَتُهم) أي: الطائفة التي من شأنها القتال (وذراريهم) النساء والأطفال. (حكمت بحكم المِلك) بكسر اللام، هو الله، وبفتح اللام جبريل فإنَّه الآتي بالأحكام، أُسند إليه مجازًا (قال أبو عبد الله: أفهمني بعض أصحابي عن أبي الوليد من قول أبي سعيد: إلى حكمك) قال شيخنا: صاحب البخاري الذي أشار إليه الظاهر أنَّه محمد بن سعد كاتب الواقدي ومعنى كلامه الحديث "إلى حكمك" كلّه في كلام أبى سعيد، وقيل: أشار إلى أنَّ البخاري سمع من أبى الوليد بلفظ: إلى بَدَل على. والظاهر هو الأول. باب المصافحة تعليق ابن مسعود: (علَّمني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التشهُّد وكَفِّي بين كفَّيه) سلف في أبواب

مَالِكٍ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَامَ إِلَىَّ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ يُهَرْوِلُ، حَتَّى صَافَحَنِى وَهَنَّأَنِى. 6263 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ قُلْتُ لأَنَسٍ أَكَانَتِ الْمُصَافَحَةُ فِي أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ نَعَمْ. 6264 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى حَيْوَةُ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو عَقِيلٍ زُهْرَةُ بْنُ مَعْبَدٍ سَمِعَ جَدَّهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ هِشَامٍ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. طرفه 3694 ـــــــــــــــــــــــــــــ الصلاة. وتعليق كعب في آخر براءة (يهرول) أي: يسرع. 6264 - (حيوة) بفتح الحاء وسكون الياء (أبو عقيل زهرة بن معبد) بفتح العين (وهو آخذ بيد عمر). فإن قلت: المصافحة وَضْعُ الكفِّ على الكفِّ. والأخذ باليد أعمُّ. قلت: الغالب في المتعارف أخذ الكفِّ بالكفِّ وفي اللُّغة ضرب صفحة اليد على اليد، ولا شك أن وضع اليد يَسْتَلْزِمُه. وفي الأحاديث دلالة على استحباب المصافحة فإنها تُورثُ المحبَّة. وفي رواية الترمذي والإمام أحمد وابن ماجه: "ما من مسلمين يتصافحان إلَّا غُفِرَ لهما قبل أن يتفرَّقا". فإن قلت: ما يفعله بعض الناس من المصافحة بعد الصبح وبعد العصر هل له أصل؟ قلت: قال النووي: تخصيص المصافحة ببعض الأحوال لا ينافي أصل السنة.

28 - باب الأخذ باليدين

28 - باب الأَخْذِ بِالْيَدَيْنِ وَصَافَحَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ابْنَ الْمُبَارَكِ بِيَدَيْهِ. 6265 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سَيْفٌ قَالَ سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يَقُولُ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَخْبَرَةَ أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ عَلَّمَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَكَفِّى بَيْنَ كَفَّيْهِ التَّشَهُّدَ، كَمَا يُعَلِّمُنِى السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِىُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلاَمُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. وَهْوَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْنَا، فَلَمَّا قُبِضَ قُلْنَا السَّلاَمُ. يَعْنِى عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 831 29 - باب الْمُعَانَقَةِ وَقَوْلِ الرَّجُلِ كَيْفَ أَصْبَحْتَ 6266 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ شُعَيْبٍ حَدَّثَنِى أَبِى عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِيًّا - يَعْنِى ابْنَ أَبِى طَالِبٍ - خَرَجَ مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِىَّ بْنَ أَبِى طَالِبٍ - رضى الله عنه - خَرَجَ مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي وَجَعِهِ الَّذِى ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الأخذ باليدين 6265 - (أبو نُعيم) بضم النون، مصغر. (سَخْبَرة) بفتح السين وخاء معجمة وباء موحدة. روى في الباب حديث التشهُّد عن ابن مسعود، وموضع الدَّلالة قوله: "كفِّي بين كفَّيه) وزاد أنَّهم كانوا في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقولون: السلام عليك أيُّها النبيُّ. فلمَّا انتقل إلى جوار الله قالوا: السلام على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. باب المعانقة وقول الرجل: كيف أصبحت؟ 6266 - (إسحاق) كذا وقع ونسبه ابن السكن في باب مرض النبي - صلى الله عليه وسلم - ابن منصور. (بِشْر بن شعيب) بكسر الموحَّدة وشين معجمة (عَنْبَسَة) بفتح العين ونون ساكنة وباء موحَّدة

30 - باب من أجاب بلبيك وسعديك

تُوُفِّىَ فِيهِ فَقَالَ النَّاسُ يَا أَبَا حَسَنٍ كَيْفَ أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ أَصْبَحَ بِحَمْدِ اللَّهِ بَارِئًا فَأَخَذَ بِيَدِهِ الْعَبَّاسُ فَقَالَ أَلاَ تَرَاهُ أَنْتَ وَاللَّهِ بَعْدَ الثَّلاَثِ عَبْدُ الْعَصَا وَاللَّهِ إِنِّى لأُرَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَيُتَوَفَّى فِي وَجَعِهِ، وَإِنِّى لأَعْرِفُ فِي وُجُوهِ بَنِى عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الْمَوْتَ، فَاذْهَبْ بِنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَنَسْأَلَهُ فِيمَنْ يَكُونُ الأَمْرُ فَإِنْ كَانَ فِينَا عَلِمْنَا ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِنَا أَمَرْنَاهُ فَأَوْصَى بِنَا. قَالَ عَلِىٌّ وَاللَّهِ لَئِنْ سَأَلْنَاهَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَيَمْنَعُنَا لاَ يُعْطِينَاهَا النَّاسُ أَبَدًا، وَإِنِّى لاَ أَسْأَلُهَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَبَدًا. طرفه 4447 30 - باب مَنْ أَجَابَ بِلَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ 6267 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنْ مُعَاذٍ قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ (أصبح بحمد الله بارئًا) من برأ -بفتح الرّاء- إذا خلص من المرض (ألا تراه؟) أي: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والاستفهام للإنكار والتقرير (أنت والله بعد الثلاث) أي: الثلاث ليال عبدُ العصا كناية عن كونه محكومًا عليه كسائر الرَّعايا. والحديث سلف في مرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فإن قلت: ترجم على المعانقة ولم يرو له حديثًا؟ قلت: لم يقع له حديث بشرطه. وقد روى الترمذي أنَّه عانق زيد بن حارثة. وفي السِّيَر وشرح السنة أنَّه عانق جعفرًا حين [أتى] من الحبشة. فإن قلت: سلف في المناقب أنه اعتنق الحسن بن علي فهلَّا رواه. قلت: قالوا ليس من دأبه إعادة الحديث بالسند الأول. ولم يقع له سند آخر، وفيه نظر؛ لأنَّه روى حديث الحسن ومعانقته في أبواب البيوع في باب ما ذكر من الأسواق عن عليّ بن المديني، ورواه أيضًا في كتاب اللِّباس في باب السِّخاب عن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي. باب من أجاب بلبِّيك وسعديك 6267 - (همام) بفتح الهاء وتشديد الميم (معاذ) بضم الميم وآخره ذال معجمة. روى

أَنَا رَدِيفُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «يَا مُعَاذُ». قُلْتُ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ. ثُمَّ قَالَ مِثْلَهُ ثَلاَثًا «هَلْ تَدْرِى مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلاَ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا». ثُمَّ سَارَ سَاعَةً فَقَالَ «يَا مُعَاذُ». قُلْتُ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ. قَالَ «هَلْ تَدْرِى مَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ أَنْ لاَ يُعَذِّبَهُمْ». حَدَّثَنَا هُدْبَةُ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ عَنْ مُعَاذٍ بِهَذَا. طرفه 2856 6268 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنَا وَاللَّهِ أَبُو ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ كُنْتُ أَمْشِى مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي حَرَّةِ الْمَدِينَةِ عِشَاءً اسْتَقْبَلَنَا أُحُدٌ فَقَالَ «يَا أَبَا ذَرٍّ مَا أُحِبُّ أَنَّ أُحُدًا لِى ذَهَبًا يَأْتِى عَلَىَّ لَيْلَةٌ أَوْ ثَلاَثٌ عِنْدِى مِنْهُ دِينَارٌ، إِلاَّ أُرْصِدُهُ لِدَيْنٍ، إِلاَّ أَنْ أَقُولَ بِهِ فِي عِبَادِ اللَّهِ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا». وَأَرَانَا بِيَدِهِ. ثُمَّ قَالَ «يَا أَبَا ذَرٍّ». قُلْتُ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «الأَكْثَرُونَ هُمُ الأَقَلُّونَ إِلاَّ مَنْ قَالَ هَكَذَا وَهَكَذَا». ثُمَّ قَالَ لِى «مَكَانَكَ لاَ ـــــــــــــــــــــــــــــ عنه (أنَّه كان رَديف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا معاذ فقلت: لبَّيك وسعديك) يقال: لبَّ بالمكان وألبَّ إذا أقام به معناه: إجابة المنادي، أي: إجابة لك إجابة بعد إجابة فالتثنية للتكرير كقوله تعالى {ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ} [الملك: 4] وانتصابه على المصدر بفعل واجب الحذف ومثله لفظ (سعديك) أي: إسعادًا بعد إسعاد، والإسعاد الموافقة والامتثال على الطاعة (ما حقُّ العباد على الله) لا حقَّ للعبد على الله؛ لأن العبد بعمله لا يستحقُّ الأجرة على مولاه، ولكن وعده الله. فإنَّ الله لا يُخلف الميعاد، فكان ما وعده بمثابة الحق للزومه. (هدبة) بضم الهاء وسكون الدال. 6268 - (قال: حدّثنا والله أبو ذرٍّ بالرَّبَذة) -بفتح الرَّاء والباء ودال معجمة-، قرية بقرب المدينة. وإنما حلف وعيَّن المكان لأنَّه التبس على السامعين أبو ذرٍّ بأبي الدرداء كما دلّ عليه آخر الحديث، وكلاهما يروي هذا الحديث. رواه الأعمش عن أبي الدرداء (إلَّا دينار أرصده لدين): -بضم الهمزة وكسر الصاد وفتح الهمزة وضم الصاد- يقال: رصدته وأرصدته إذا ترقَّبته. (الأكثرون) مالًا (هم الأقَلُّون) رتبة ومكانة في الجنة (إلَّا من قال هكذا وهكذا) أي: صرف المال في جهات البرِّ، كقوله في الحديث الآخر: "نِعْم المال الصالح

31 - باب لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه

تَبْرَحْ يَا أَبَا ذَرٍّ حَتَّى أَرْجِعَ». فَانْطَلَقَ حَتَّى غَابَ عَنِّى، فَسَمِعْتُ صَوْتًا فَخَشِيتُ أَنْ يَكُونَ عُرِضَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَرَدْتُ أَنْ أَذْهَبَ، ثُمَّ ذَكَرْتُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَبْرَحْ». فَمَكُثْتُ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ سَمِعْتُ صَوْتًا خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ عُرِضَ لَكَ، ثُمَّ ذَكَرْتُ قَوْلَكَ فَقُمْتُ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «ذَاكَ جِبْرِيلُ أَتَانِى، فَأَخْبَرَنِى أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِى لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ. قَالَ «وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ». قُلْتُ لِزَيْدٍ إِنَّهُ بَلَغَنِى أَنَّهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ. فَقَالَ أَشْهَدُ لَحَدَّثَنِيهِ أَبُو ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ. قَالَ الأَعْمَشُ وَحَدَّثَنِى أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِى الدَّرْدَاءِ نَحْوَهُ. وَقَالَ أَبُو شِهَابٍ عَنِ الأَعْمَشِ «يَمْكُثُ عِنْدِى فَوْقَ ثَلاَثٍ». طرفه 1237 31 - باب لاَ يُقِيمُ الرَّجُلُ الرَّجُلَ مِنْ مَجْلِسِهِ 6269 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يُقِيمُ الرَّجُلُ الرَّجُلَ مِنْ مَجْلِسِهِ، ثُمَّ يَجْلِسُ فِيهِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ للرّجل الصالح" (قلت لزيد: بلغني أبو الدرداء) القائل الأعمش (أبو شهاب) هو الخياط الأصغر عبد ربه بن نافع المدني، وأمَّا أبو شهاب الأكبر فقد ذكرنا أنَّه موسى بن نافع. ليس له في البخاري إلَّا حديث واحد في كتاب الحج. باب لا يقيم الرجل من مجلسه هذه الترجمة هي نفس حديث الباب وقد أشرنا إلى أنَّه من حيث الحكم ترجمة من حيث الدليل يرويه في الباب. 6269 - (ولكن تفسَّحوا وتوسَّعوا) عطف على مقدر، أي: لا تقل لأحد: قم من مجلسك، ولكن لتقل: تفسَّحوا، كما أرشد الله إليه. قيل: من حكمة الله أن القوم كما توسَّعوا جعل البركة في المكان مهما كثروا (وكان ابن عمر يكره أن يقوم الرجل من مجلسه) وإن كان باختياره من غاية تقواه.

32 - باب (إذا قيل لكم تفسحوا فى المجالس فافسحوا يفسح الله لكم وإذا قيل انشزوا فانشزوا) الآية

32 - باب (إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشِزُوا فَانْشِزُوا) الآيَةَ. 6270 - حَدَّثَنَا خَلاَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُقَامَ الرَّجُلُ مِنْ مَجْلِسِهِ وَيَجْلِسَ فِيهِ آخَرُ، وَلَكِنْ تَفَسَّحُوا وَتَوَسَّعُوا. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَكْرَهُ أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ مِنْ مَجْلِسِهِ، ثُمَّ يُجْلِسَ مَكَانَهُ. طرفه 911 33 - باب مَنْ قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ أَوْ بَيْتِهِ، وَلَمْ يَسْتَأْذِنْ أَصْحَابَهُ، أَوْ تَهَيَّأَ لِلْقِيَامِ لِيَقُومَ النَّاسُ 6271 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ سَمِعْتُ أَبِى يَذْكُرُ عَنْ أَبِى مِجْلَزٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - زَيْنَبَ ابْنَةَ جَحْشٍ دَعَا النَّاسَ طَعِمُوا ثُمَّ جَلَسُوا يَتَحَدَّثُونَ - قَالَ - فَأَخَذَ كَأَنَّهُ يَتَهَيَّأُ لِلْقِيَامِ فَلَمْ يَقُومُوا، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَامَ، فَلَمَّا قَامَ قَامَ مَنْ قَامَ مَعَهُ مِنَ النَّاسِ، وَبَقِىَ ثَلاَثَةٌ، وَإِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - جَاءَ لِيَدْخُلَ فَإِذَا الْقَوْمُ جُلُوسٌ، ثُمَّ إِنَّهُمْ قَامُوا فَانْطَلَقُوا - قَالَ - فَجِئْتُ فَأَخْبَرْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُمْ قَدِ انْطَلَقُوا، فَجَاءَ حَتَّى دَخَلَ فَذَهَبْتُ أَدْخُلُ، فَأَرْخَى الْحِجَابَ بَيْنِى وَبَيْنَهُ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ) إِلَى قَوْلِهِ (إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا). طرفه 4791 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من قام من مجلسه أو بيته أو تهيَّأ للقيام ليقوم الناس 6271 - أي: لم يكن غرضه القيام بل نوع تعريض ليقوم الحاضرون. روى في ذلك حديث أنس بن مالك في وليمة زينب وموضع الدَّلالة قوله: (فأخذ) أي: شرع (كأنه يقوم) تعريضًا بالجالسين لعلَّهم يفهموا غرضه فلم يوفَّقوا له (معتمر) بكسر الميم وسكون العين اسمه لاحق. وفيه دلالة على أنَّ الداخل يجب عليه أن لا يتثاقل على ربِّ المنزل بل يسرع في الخروج بعد قضاء وطره ولو خالف وأظهر له ربُّ المنزل تثاقله ليس في ذلك ما يلام عليه من ترك المروءة.

34 - باب الاحتباء باليد وهو القرفصاء

34 - باب الاِحْتِبَاءِ بِالْيَدِ وَهُوَ الْقُرْفُصَاءُ 6272 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى غَالِبٍ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِىُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِفِنَاءِ الْكَعْبَةِ مُحْتَبِيًا بِيَدِهِ هَكَذَا. 35 - باب مَنِ اتَّكَأَ بَيْنَ يَدَىْ أَصْحَابِهِ قَالَ خَبَّابٌ أَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً قُلْتُ أَلاَ تَدْعُو اللَّهَ فَقَعَدَ. 6273 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِىُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ». قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ». طرفه 2654 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الاحتباء باليد وهو القُرفصاء "الاحتباء" الجلوس على الوركين وضمُّ الركبتين إمّا بالثوب أو اليدين فإن كان باليد فهو "القرفصاء". وقال الفرّاء وغيره: إن كسرت القاف والفاء فمقصور، وإن ضممتها فالمد. يروي أنَّه رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - محتبيًا بيده: قيل: نعته في الكتب المنزلة أن المبعوث آخر الأنبياء بجلس محتبيًا. والنهي عن الجلوس محتبيًا هو أن لا يكون عليه ثوب ساتر فرجه. 6272 - (إبراهيم بن المنذر الحِزاميُّ) بكسر الذال والحاء وزاء معجمة (فُليح) مصغر (بفناء الكعبة) بكسر الفاء والمد ما امتدَّ من الجواب. باب من اتَّكأ بين يدي أصحابه (وقال خباب) -بفتح الخاء المعجمة وتشديد الباء- أتيت النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وهو متوسِّد بردة. فإن قلت: التوسُّد كيف يدلُّ على الاتِّكاء؟ قلت: الاتكاء الاعتماد على الشيء، فإن كان معتمدًا على الوسادة فذلك اتضكاءٌ، وإن كان واضعًا رأسه فيدل عليه من باب الأولى. 6273 - (الجُريري) بضم الجيم، مصغرًا وقد نسبه إلى جدِّه جرير بن عباد من بني وائل (بشر بن المفضل) بكسر الموحدة وشين معجمة وفتح الضاد المشدَّدة (عقوق الوالدين) عدم طاعتهما من العقِّ وهو القطع.

36 - باب من أسرع فى مشيه لحاجة أو قصد

6274 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا بِشْرٌ مِثْلَهُ، وَكَانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ فَقَالَ «أَلاَ وَقَوْلُ الزُّورِ». فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ. طرفه 2654 36 - باب مَنْ أَسْرَعَ فِي مَشْيِهِ لِحَاجَةٍ أَوْ قَصْدٍ 6275 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ الْحَارِثِ حَدَّثَهُ قَالَ صَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْعَصْرَ، فَأَسْرَعَ، ثُمَّ دَخَلَ الْبَيْتَ. طرفه 851 37 - باب السَّرِيرِ 6276 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى وَسْطَ السَّرِيرِ، وَأَنَا مُضْطَجِعَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ تَكُونُ لِىَ الْحَاجَةُ، فَأَكْرَهُ أَنْ أَقُومَ فَأَسْتَقْبِلَهُ فَأَنْسَلُّ انْسِلاَلاً. طرفه 382 ـــــــــــــــــــــــــــــ 6274 - (فقال: "ألا وقول الزور" فما زال يكرّرها حتَّى قلنا: لبته سكت) عليه الانزعاج مزاجه الشريف والحديث سلف في أبواب الآداب. قيل: لم يذل يكررها إلى آخر المجلس. وقد غفل عن لقط حتى فاته غاية القول. باب من أشرع في مشيته لحاجة 6275 - (أبو عاصم) الضحَّاك بن مخلد (ابن أبي مُلَيكة) -بضم الميم، مصغَّر- عبد الله (صلّى العصر فأسرع ثم دخل البيت) تقدَّم في كتاب الزكاة أنه قال: "ذكرت شيئًا من تِبر عندنا فكرهت أن يمسي فأمرت بقسمته" وفيه دلالة على أنَّ سرعة المشي إلى الخير ممدوحة. باب السَّرير أي: باب جواز اتخاذ السرير. 6276 - (قتيبة) بضم القاف، مصغّر. (عن أبي الضحى) مسلم بن صبيح. روى حديث عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلّي على السرير وهي بينه وبين القبلة. وقد سلف الحديث في أبواب الصلاة وإمَّا أورده هنا للدلالة على أنَّ اتّخاذ السرير والصلاة عليه لا ينافي التقوى ولا يقدح في كمال الصلاة (فأنسلُّ) بالرفع عطفًا على أكرهُ.

38 - باب من ألقى له وسادة

38 - باب مَنْ أُلْقِىَ لَهُ وِسَادَةٌ 6277 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا خَالِدٌ. وَحَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ خَالِدٍ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو الْمَلِيحِ قَالَ دَخَلْتُ مَعَ أَبِيكَ زَيْدٍ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَحَدَّثَنَا أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - ذُكِرَ لَهُ صَوْمِى، فَدَخَلَ عَلَىَّ، فَأَلْقَيْتُ لَهُ وِسَادَةً مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ، فَجَلَسَ عَلَى الأَرْضِ، وَصَارَتِ الْوِسَادَةُ بَيْنِى وَبَيْنَهُ، فَقَالَ لِى «أَمَا يَكْفِيكَ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «خَمْسًا». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «سَبْعًا». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «تِسْعًا». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «إِحْدَى عَشْرَةَ». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «لاَ صَوْمَ فَوْقَ صَوْمِ دَاوُدَ، شَطْرَ الدَّهْرِ، صِيَامُ يَوْمٍ، وَإِفْطَارُ يَوْمٍ». طرفه 1131 6278 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ أَنَّهُ قَدِمَ الشَّأْمَ. وَحَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ ذَهَبَ عَلْقَمَةُ إِلَى الشَّأْمِ، فَأَتَى الْمَسْجِدَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَقَالَ اللَّهُمَّ ارْزُقْنِى جَلِيسًا. فَقَعَدَ إِلَى أَبِى ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من ألقى وسادة 6277 - 6278 - (إسحاق) كذا وقع غير منسوب قال الغساني: هو ابن شاهين الواسطي هو الرّاوي عن (خالد الطحان) و (خالد) الثاني هو الحذاء (عن أبي قِلابة) بكسر القاف عبد الله الجرمي و (أبو مليح) واسمه عامر. (عن عبد الله بن عمرو أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ذكر له صَوْمِي) أي: صوم الدهر، تقدم الحديث في أبواب الصلاة وبعدها. وموضع الدلالة: (فألقيت له وسادة فجلس على الأرض) تواضعًا منه (أما بكفيك من كلِّ شهر ثلاثة أيام) الأيام البيض: الثالث عشر والرّابع عشر والخامس عشر (قلت: يا رسول الله) أي: زدني (قال: خمسًا قلت: يا رسول الله أي: زدني (قال: سبعًا) وكذا لم يزل يستزيده حتى قال: (لا صوم فوق صوم داود صوم يوم وإفطار يوم) وإنما كان خير الصوم لأنه يشق على النفس ومع ذلك يُبقي له قوة. ولذلك قال في شأن داود: (وكان لا يفرُّ إذا لاقى) سلف في كتاب الصوم، ولم يقبل رخصة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان في حال كِبره يقول: ليتني قَبِلتُ منه ما قاله. ثم روى حديث علقمة لما قدم الشام وقال: (اللَّهم يسِّر لي جليسًا صالحًا فقعد إلى أبي

الدَّرْدَاءِ فَقَالَ مِمَّنْ أَنْتَ قَالَ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ. قَالَ أَلَيْسَ فِيكُمْ صَاحِبُ السِّرِّ الَّذِى كَانَ لاَ يَعْلَمُهُ غَيْرُهُ - يَعْنِى حُذَيْفَةَ - أَلَيْسَ فِيكُمْ - أَوْ كَانَ فِيكُمُ - الَّذِى أَجَارَهُ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الشَّيْطَانِ - يَعْنِى عَمَّارًا - أَوَلَيْسَ فِيكُمْ صَاحِبُ السِّوَاكِ وَالْوِسَادِ - يَعْنِى ابْنَ مَسْعُودٍ - كَيْفَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَقْرَأُ (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى). قَالَ (وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى). فَقَالَ مَا زَالَ هَؤُلاَءِ حَتَّى كَادُوا يُشَكِّكُونِى، وَقَدْ سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 3287 ـــــــــــــــــــــــــــــ الدرداء) والحديث سلف في أبواب الصلاة، وموضع الدَّلالة قوله في ابن مسعود: (أليس فيكم صاحب الوسادة والسواك) فدلّ على أن اتخاذ السواك والوسادة ليس فيه شيء ولا يعدُّ من الإسراف والتنعُّم (أليس فيكم صاحب السرِّ الذي لا يعلمه غيره) يعني: حذيفة، كان مخصوصًا بين الأصحاب بذلك. فإن قلت: كيف خصَّه بذلك مع عدم رسالته؟ قلت: رسالته إنّما كانت عامة في الأحكام العامة وإنّما الأسرار التي لا يعتد فيها كمعرفة المنافقين وأحوال الفتن لا يجب إبلاغها ولا يلزم إفشاؤها. وكان حذيفة عارفًا بالمنافقين، وكان عمر إنَّما يشهد جنازة يشهدها حذيفة. (أليس فيكم الذي أجاره الله على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الشيطان -يعني: عمارًا-) قد سلف أن كيفية إجارة عمار من الشيطان لم تُعلم إلَّا ما رواه الطبراني أنه صارع الشيطان فصرعه، وفي سنده مقال كيف كان يقرأ عبد الله {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} [الليل: 1] قال: {وَالذَّكَرَ وَالْأُنْثَى} [الليل: 3]) قال بعض الشارحين: كانوا يناظرون أبا الدرداء على القراءة المتواترة ويشكِّكون في القراءة الشاذة. قلت: الشاذما نقل آحادًا وأبو الدرداء قد سمع القراءة ... من فم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأين هو من الشاذ؟ بل هو عنده فوق المتواترة ألا ترى أنَّ أبيًّا أيضًا كان كذلك حتى قال عمر: أقرؤونا أبيٌّ وإنّا لندع من لحن أبيٍّ كثيرًا.

39 - باب القائلة بعد الجمعة

39 - باب الْقَائِلَةِ بَعْدَ الْجُمُعَةَ 6279 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ كُنَّا نَقِيلُ وَنَتَغَدَّى بَعْدَ الْجُمُعَةِ. طرفه 938 40 - باب الْقَائِلَةِ فِي الْمَسْجِدِ 6280 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ مَا كَانَ لِعَلِىٍّ اسْمٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَبِى تُرَابٍ، وَإِنْ كَانَ لَيَفْرَحُ بِهِ إِذَا دُعِىَ بِهَا، جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْتَ فَاطِمَةَ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ - فَلَمْ يَجِدْ عَلِيًّا فِي الْبَيْتِ فَقَالَ «أَيْنَ ابْنُ عَمِّكِ». فَقَالَتْ كَانَ بَيْنِى وَبَيْنَهُ شَىْءٌ، فَغَاضَبَنِى فَخَرَجَ فَلَمْ يَقِلْ عِنْدِى. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لإِنْسَانٍ «انْظُرْ أَيْنَ هُوَ» فَجَاءَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هُوَ فِي الْمَسْجِدِ رَاقِدٌ. فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ مُضْطَجِعٌ، قَدْ سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ شِقِّهِ، فَأَصَابَهُ تُرَابٌ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَمْسَحُهُ عَنْهُ - وَهْوَ يَقُولُ «قُمْ أَبَا تُرَابٍ، قُمْ أَبَا تُرَابٍ». طرفه 441 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب القائلة في المسجد القائلة مصدر كالقافية، والقيلولة النوم في أثناء النهار وهي سنة، وقد ورد فيها أحاديث منها ما رواه عن ابن عباس مرفوعًا: "استعينوا على الصيام بالسحور وعلى قيام الليل بالقيلولة". وفي رواية الطبراني: "قيلوا فإن الشيطان لا يقيل". 6280 - (قُتيبة) بضم القاف (عن أبي حازم) -بالحاء المهملة- سلمة بن دينار، روى حديث تسمية علي أبا تراب وتقدم قريبًا في كتاب الأدب، وموضع الدلالة (أنه كان نائمًا في المسجد) فدل على جواز النوم في المسجد، وفي الحديث جواز المزاح والملاطفة وأن كلام المرأة مع زوجها ممَّا يوجب العاطفة لا يعاتب عليه.

41 - باب من زار قوما فقال عندهم

41 - باب مَنْ زَارَ قَوْمًا فَقَالَ عِنْدَهُمْ 6281 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ ثُمَامَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ كَانَتْ تَبْسُطُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - نِطَعًا فَيَقِيلُ عِنْدَهَا عَلَى ذَلِكَ النِّطَعِ - قَالَ - فَإِذَا نَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَخَذَتْ مِنْ عَرَقِهِ وَشَعَرِهِ، فَجَمَعَتْهُ فِي قَارُورَةٍ، ثُمَّ جَمَعَتْهُ فِي سُكٍّ - قَالَ - فَلَمَّا حَضَرَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ الْوَفَاةُ أَوْصَى أَنْ يُجْعَلَ فِي حَنُوطِهِ مِنْ ذَلِكَ السُّكِّ - قَالَ - فَجُعِلَ فِي حَنُوطِهِ. 6282 و 6283 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا ذَهَبَ إِلَى قُبَاءٍ يَدْخُلُ عَلَى أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ فَتُطْعِمُهُ، وَكَانَتْ تَحْتَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من زار قومًا فقال عندهم 6281 - (قُتيبة) بضم القاف، مصغر. (ثمامة) بضم المثلثة. (أم أنس كانت تبسط للنبي - صلى الله عليه وسلم - نَطِعًا) بكسر النون وفتحها وسكون الطاء، وفيه لغات أخر (فيقيل عندهم) لأنها كانت من محارمه، فإذا عرق -وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كثير العرق. "فأخذت من عرقه ... جمعته في سك" -بضم السين وتشديد الكاف- قال ابن الأثير: هو طيب معروف يضاف إلى غيره من الطيب. 6282 - 6283 - (قالت أمّ سليم: رآني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجمع عرقه) فسألني فقلت بفتح الخاء في الأول وكسرها في الثاني (يجعل في الطيب وهو أطيب من كلِّ طيب عندنا) ولا تنافيه الرواية الأخرى: "قالت: نرجو بركته لصبياننا" لجواز الأمرين. (فلمَّا حضر أنس بن مالك الوفاة أوصى أن يجعل في حنوطه من ذلك السك) الحنوط والحناط: طيب مخلوط للأكفان. (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدخل على أمِّ حرام بنت ملحان) -بكسر الميم- وحرام ضد الحلال، وإنّما قال ابن عبد البر: هي خالة أنس ولم أقف على اسمها، وقد ذكرنا آنفًا أنَّها وأم سليم من محارم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إمَّا رضاعًا أو نسبًا كذا قالوا، وعندي أن القرابة بينهما نسبًا لأن سلمى بنت عمرو زوجة هاشم نجارية، إذ لم يقل أحد: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رضع في بني

42 - باب الجلوس كيفما تيسر

عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، فَدَخَلَ يَوْمًا فَأَطْعَمَتْهُ، فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ اسْتَيْقَظَ يَضْحَكُ. قَالَتْ فَقُلْتُ مَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ «نَاسٌ مِنْ أُمَّتِى عُرِضُوا عَلَىَّ غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ، يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا الْبَحْرِ، مُلُوكًا عَلَى الأَسِرَّةِ». - أَوْ قَالَ «مِثْلُ الْمُلُوكِ عَلَى الأَسِرَّةِ». شَكَّ إِسْحَاقُ - قُلْتُ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِى مِنْهُمْ. فَدَعَا ثُمَّ وَضَعَ رَأْسَهُ فَنَامَ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ يَضْحَكُ فَقُلْتُ مَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «نَاسٌ مِنْ أُمَّتِى عُرِضُوا عَلَىَّ، غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ، يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا الْبَحْرِ، مُلُوكًا عَلَى الأَسِرَّةِ». أَوْ «مِثْلَ الْمُلُوكِ عَلَى الأَسِرَّةِ». فَقُلْتُ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِى مِنْهُمْ. قَالَ «أَنْتِ مِنَ الأَوَّلِينَ». فَرَكِبَتِ الْبَحْرَ زَمَانَ مُعَاوِيَةَ، فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتِهَا حِينَ خَرَجَتْ مِنَ الْبَحْرِ، فَهَلَكَتْ. طرفه 2788 42 - باب الْجُلُوسِ كَيْفَمَا تَيَسَّرَ 6284 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِىِّ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ لِبْسَتَيْنِ، وَعَنْ بَيْعَتَيْنِ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ، وَالاِحْتِبَاءِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، لَيْسَ عَلَى فَرْجِ الإِنْسَانِ مِنْهُ شَىْءٌ، وَالْمُلاَمَسَةِ، وَالْمُنَابَذَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ النجاري والحديث سلف في أبواب الجهاد وموضع الدلالة القيلولة عندها. (ثبج هذا البحر) -بفتح المثلثة بعدها موحدة آخره جيم- أي: وسط البحر وكذا ثبِج كل شيء وسطه (ملوكًا على الأسرة) إخبارٌ بما يحصل لهم من حسن الحال في الدنيا وفي الآخرة بما يحصل لهم من ثواب الجهاد (ركبت في البحر زمان معاوية) أي: في إمارته في خلافة عثمان. قال ابن الكلبي: غزا قبرس في سنة عشرين. وقد أشرنا في باب غزو المرأة في البحر أن قوله: وكانت تحت عبادة إخبارٌ عمَّا آل أمرها إليها ولم تكن حين دخول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحت عبادة، دلّ عليه رواية مسلم. باب الجلوس كيف ما تيسَّر 6284 - (نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن لبستين وعن بيعتين) بكسر اللام والباء لأن المراد نوعان (اشتمال الصمّاء) قد سلف أنّه عبارة عن أن يشتمل على بدنه بثوب واحد ثم يرفع أحد جانبيه بحيث تنكشف عورته وكذا الاحتباء على هذا الوجه. (والملامسة والمنابذة) أن يجعل

43 - باب من ناجى بين يدى الناس، ومن لم يخبر بسر صاحبه، فإذا مات أخبر به

تَابَعَهُ مَعْمَرٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِى حَفْصَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُدَيْلٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ. 43 - باب مَنْ نَاجَى بَيْنَ يَدَىِ النَّاسِ، وَمَنْ لَمْ يُخْبِرْ بِسِرِّ صَاحِبِهِ، فَإِذَا مَاتَ أَخْبَرَ بِهِ 6285 - حَدَّثَنَا مُوسَى عَنْ أَبِى عَوَانَةَ حَدَّثَنَا فِرَاسٌ عَنْ عَامِرٍ عَنْ مَسْرُوقٍ حَدَّثَتْنِى عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ إِنَّا كُنَّا أَزْوَاجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَهُ جَمِيعًا، لَمْ تُغَادَرْ مِنَّا وَاحِدَةٌ، فَأَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ - تَمْشِى، لاَ وَاللَّهِ مَا تَخْفَى مِشْيَتُهَا مِنْ مِشْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا رَآهَا رَحَّبَ قَالَ «مَرْحَبًا بِابْنَتِى». ثُمَّ أَجْلَسَهَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ، ثُمَّ سَارَّهَا فَبَكَتْ بُكَاءً شَدِيدًا، فَلَمَّا رَأَى حُزْنَهَا سَارَّهَا الثَّانِيَةَ إِذَا هِىَ تَضْحَكُ. فَقُلْتُ لَهَا أَنَا مِنْ بَيْنِ نِسَائِهِ خَصَّكِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالسِّرِّ مِنْ بَيْنِنَا، ثُمَّ أَنْتِ تَبْكِينَ، فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَأَلْتُهَا عَمَّا سَارَّكِ. قَالَتْ مَا كُنْتُ لأُفْشِىَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سِرَّهُ. فَلَمَّا تُوُفِّىَ قُلْتُ لَهَا عَزَمْتُ عَلَيْكِ بِمَا لِى عَلَيْكِ مِنَ الْحَقِّ لَمَّا أَخْبَرْتِنِى. قَالَتْ أَمَّا الآنَ فَنَعَمْ. فَأَخْبَرَتْنِى قَالَتْ أَمَّا حِينَ سَارَّنِى فِي الأَمْرِ الأَوَّلِ، فَإِنَّهُ أَخْبَرَنِى أَنَّ جِبْرِيلَ ـــــــــــــــــــــــــــــ لمس الثوب بيده وبيده ينكشف إلى المشتري بيعًا قد سلف مرارًا أن العلة في ذلك اشتمالهما على الغرر. فإن قلت: نهيه عن الاحتباء على وجهٍ مخصوصٍ دلّ على جوازه على سائر الوجوه [قلت:] لأنه بصدد البيان وهذا غاية البلاغة وهذا شأنه. ألا ترى ما تقدَّم في أبواب الحج لمّا سُئِل عمّا يلبس المحرم قال: لا يلبس كذا وكذا؛ لأن في عدِّ ما يجوز كثرة. (بُديل) بضم الباء مصغر. باب من ناجي بين يدي الناس المناجاة: المكالمة بين الاثنين أو أكثر سرًّا. 6285 - 6286 - (أبو عَوانة) -بفتح العين- الوضَّاح اليشكري (فراس) بكسر الفاء آخره سين مهملة (كن أزواج النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - عنده لم تُغادر منَّا واحدة) أي لم تغب. أصله الترك (لا والله ما تخفى مشيتها من مشية رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) لا زائدة في القسم والمشية بكسر الميم نوع من المشي (عزمت عليكم بمالي عليك من الحق) العزم: الطلب والباء للطلب دلالة وحملها على القسم ليس بسديد إذ لا يحلف بغير الله وصفاته (لما أخبرتني) يجوز تخفيف

44 - باب الاستلقاء

كَانَ يُعَارِضُهُ بِالْقُرْآنِ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً «وَإِنَّهُ قَدْ عَارَضَنِى بِهِ الْعَامَ مَرَّتَيْنِ، وَلاَ أَرَى الأَجَلَ إِلاَّ قَدِ اقْتَرَبَ، فَاتَّقِى اللَّهَ وَاصْبِرِى، فَإِنِّى نِعْمَ السَّلَفُ أَنَا لَكَ». قَالَتْ فَبَكَيْتُ بُكَائِى الَّذِى رَأَيْتِ، فَلَمَّا رَأَى جَزَعِى سَارَّنِى الثَّانِيَةَ قَالَ «يَا فَاطِمَةُ أَلاَ تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِى سَيِّدَةَ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ - أَوْ - سَيِّدَةَ نِسَاءِ هَذِهِ الأُمَّةِ». طرفه 3624، 3626 44 - باب الاِسْتِلْقَاءِ 6287 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبَّادُ بْنُ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ـــــــــــــــــــــــــــــ الميم وتشديدها بمعنى إلّا كما في قوله تعالى: {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} [الطارق: 4] (سيدة نساء المؤمنين) أي: مؤمني هذه الأمة لقوله بعده (أو نساء هذه الأمة). فإن قلت: يدخل في نساء هذه الأمة عائشة؟ قلت: كذلك. فإن قلت: فقوله: "فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام". قلت: محمول على غيرها كيف وقد قال: "إنها بضعة منّي" وشعرة منه لا يوازيها الثقلان فضلًا عن البضعة، وفي الحديث دلالة على عدم جواز إفشاء الأسرار. وعلى جواز التناجي بين الناس، والحديث في النهي هو فيما إذا كان ثلاثة. فإنَّ الثالث يتوهم ويتأذَّى. باب الاستلقاء هو النوم على القفا بحيث يكون وجهه إلى السماء، قال الغزالي: هو نوم الأنبياء. والاستلقاء على وزن الاستفعال لكن الموجود في كتب اللغة الاستلنقاء بالنون بعد اللام. قال ابن الأثير: والنون فيه زائدة، وأصله سلق، قلت: إذا كان بالتاء كما في الحديث، فالتاء والياء زائدتان. 6287 - (عبَّاد) بفتح العين وتشديد الباء. (تميم) على وزن كريم (رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

45 - باب لا يتناجى اثنان دون الثالث

فِي الْمَسْجِدِ مُسْتَلْقِيًا، وَاضِعًا إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الأُخْرَى. طرفه 475 45 - باب لاَ يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ الثَّالِثِ وَقَوْلُهُ تَعَالَى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلاَ تَتَنَاجَوْا بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى). إِلَى قَوْلِهِ (وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) وَقَوْلُهُ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَىْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) إِلَى قَوْلِهِ (وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ). 6288 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ. وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا كَانُوا ثَلاَثَةٌ فَلاَ يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ الثَّالِثِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ في المجلس مستلقيًا واضعًا إحدى رجليه على الأخرى) مرّ الحديث في أبواب الصلاة وأشرنا إلى أن التوفيق بينه وبين الحديث الذي ورد: "لا يستلقي أحدكم واضعًا إحدى رجليه على الأخرى" بأن ذلك إذا لم يكن عليه ما يستر عورته. باب لا يتناجى اثنان دون الثالث استدل بالاثنين على أن التناجي جائزًا إذا لم يكن فيه محذور. 6288 - ثم روى عن عبد الله وهو ابن مسعود أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (إذا كانوا ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الثالث) قد صرّح بالعلة في الباب بعده، قال: "من أجل أنَّه يحزنه" إمّا لأنه يظنُّ أنهم يريدون به سوءًا أو لعدم الالتفات إليه تحقيرًا له. قال النووي: وكذا إذا كانوا أكثر من ثلاثة وانفردوا بذلك دون ذلك الواحد، للعلة المذكورة. قال: وخصَّه قوم بالسفر، لورود الحديث مقيَّدًا بالفلاة قال: والصواب الإطلاق لهذا الحديث ولعلّ ذلك لأن الوهم أغلب في السفر فيكون النهي أشدَّ.

46 - باب حفظ السر

46 - باب حِفْظِ السِّرِّ 6289 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَبَّاحٍ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ أَسَرَّ إِلَىَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - سِرًّا فَمَا أَخْبَرْتُ بِهِ أَحَدًا بَعْدَهُ، وَلَقَدْ سَأَلَتْنِى أُمُّ سُلَيْمٍ فَمَا أَخْبَرْتُهَا بِهِ. 47 - باب إِذَا كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ثَلاَثَةٍ فَلاَ بَأْسَ بِالْمُسَارَّةِ وَالْمُنَاجَاةِ 6290 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا كُنْتُمْ ثَلاَثَةً فَلاَ يَتَنَاجَى رَجُلاَنِ دُونَ الآخَرِ، حَتَّى تَخْتَلِطُوا بِالنَّاسِ، أَجْلَ أَنْ يُحْزِنَهُ». ـــــــــــــــــــــــــــــ باب حفظ السِّرِّ 6289 - (صبَّاح) بفتح المهملة وتشديد الباء (معتمر) بفتح التاء وكسر الميم (عن أنس: أسرَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - سرًّا لقد سألتني أمّ سليم فما أخبرتها) قال العلماء: حكمه حكم الأمانة. فلا يجوز أداء الأمانة إلَّا إلى أهلها، ومن الأمثال: صدور الأحرار قبور الأسرار. باب إذا كانوا أكثر من ثلاثة فلا بأس بالمسارَّة قد نقلنا عن النوويِّ أنّ هذا إنما يجوز إذا بقي اثنان أو أكثر، وأما إذا بقي واحد فلا يجوز؛ لأنه يحزنه كما صرّح به في الحديث. فإن قلت: أين موضع الدلالة في الحديثين؟ 6290 - قلت: أمّا حديث عبد الله بن مسعود أولًا فقوله: (حتى تختلطوا) فإنه غاية للمنع فيدل على الجواز عند الاختلاط. وأمّا حديثه ثانيًا فقوله: (أتيته وهو في ملأ) أي بين جماعة، وقد سلف الحديث في كتاب الخمس وأشرنا إلى أن الرجل الذي من الأنصار قال: بدرت هذه الكلمة نزلة منه.

48 - باب طول النجوى

6291 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِى حَمْزَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَسَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمًا قِسْمَةً فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ إِنَّ هَذِهِ لَقِسْمَةٌ مَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ. قُلْتُ أَمَا وَاللَّهِ لآتِيَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَتَيْتُهُ وَهْوَ فِي مَلأٍ، فَسَارَرْتُهُ فَغَضِبَ حَتَّى احْمَرَّ وَجْهُهُ، ثُمَّ قَالَ «رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى مُوسَى، أُوذِىَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ». طرفه 3150 48 - باب طُولِ النَّجْوَى (وَإِذْ هُمْ نَجْوَى) مَصْدَرٌ مِنْ نَاجَيْتُ، فَوَصَفَهُمْ بِهَا، وَالْمَعْنَى يَتَنَاجَوْنَ. 6292 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ وَرَجُلٌ يُنَاجِى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَمَا زَالَ يُنَاجِيهِ حَتَّى نَامَ أَصْحَابُهُ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى. طرفه 642 واعلم أن وضع إحدى رجليه على الأخرى إنما نهي عنه إذا خاف كشف العورة، وإلا فلا بأي به. 49 - باب لاَ تُتْرَكُ النَّارُ فِي الْبَيْتِ عِنْدَ النَّوْمِ 6293 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَتْرُكُوا النَّارَ فِي بُيُوتِكُمْ حِينَ تَنَامُونَ». ـــــــــــــــــــــــــــــ باب طول النجوى ({وَإِذْ هُمْ نَجْوَى} [الإسراء: 47] مصدرٌ من ناجيت) أراد أنه من ناجيت بحسب المعنى، وإلَّا فالثلاثي لا يكون مصدر المزيد، وعبارة ابن الأثير: -اسم يقع موقع المصدر- أحسن. وأمّا في الآية فإنه واقع موقع الجمع، وحديث الباب دلَّ على جواز طول التناجي إذا كان لمهم. باب لا تترك النار عند النوم 6293 - (أبو نُعيم) -بضم النون- فضيل بن دكين.

50 - باب إغلاق الأبواب بالليل

6294 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ احْتَرَقَ بَيْتٌ بِالْمَدِينَةِ عَلَى أَهْلِهِ مِنَ اللَّيْلِ، فَحُدِّثَ بِشَأْنِهِمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ هَذِهِ النَّارَ إِنَّمَا هِىَ عَدُوٌّ لَكُمْ، فَإِذَا نِمْتُمْ فَأَطْفِئُوهَا عَنْكُمْ». 6295 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ كَثِيرٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «خَمِّرُوا الآنِيَةَ وَأَجِيفُوا الأَبْوَابَ، وَأَطْفِئُوا الْمَصَابِيحَ، فَإِنَّ الْفُوَيْسِقَةَ رُبَّمَا جَرَّتِ الْفَتِيلَةَ فَأَحْرَقَتْ أَهْلَ الْبَيْتِ». طرفه 3280 50 - باب إِغْلاَقِ الأَبْوَابِ بِاللَّيْلِ 6296 - حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ أَبِى عَبَّادٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 6294 - (محمد بن العَلاء) بفتح العين والمدّ (أبو أسامة) -بضم الهمزة- حماد بن أسامة (بُريد) بضم الباء، مصغر بردة، (عن أبي بردة) -بضم الباء- عامر بن أبي موسى (إنما هذه النار) إشارة إلى الجنس (عدوٌ لكم) أي: بمثابة العدو، كيف وهو جزء من نار جهنم، وفي رواية أبي داود والحاكم "إن الشيطان يدلُّ الفويسقة على جرِّ الفتيلة". 6295 - (قُتيبة) بضم القاف (حمّاد) بفتح الحاء وتشديد الميم. (ابن شنظير) بكسر الشين المعجمة وظاء كذلك. (خمِّروا الآنية) -بفتح المعجمة وتشديد الميم- أي: غطوها (وأجيفوا الأبواب) -بهمزة القطع والجيم- أي: ردُّوها. وقال ابن الأثير: أجوف واويٌّ من الجوف (وأطفؤوا المصابيح فإن الفويسقة ربما جرَّت حلَّة) أراد الفأرة وتصغير اللفظ لصغر جِرم الفأرة، وهذا إذا كان جرُّ الفتيلة ممكنًا، وأمّا في القناديل فلا بأس به. قاله النوويّ. باب إغلاق الأبواب 6296 - (حَسان) بفتح الحاء وتشديد السين (عَبَّاد) بفتح العين وتشديد الباء (همّام)

51 - باب الختان بعد الكبر ونتف الإبط

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَطْفِئُوا الْمَصَابِيحَ بِاللَّيْلِ إِذَا رَقَدْتُمْ، وَغَلِّقُوا الأَبْوَابَ، وَأَوْكُوا الأَسْقِيَةَ، وَخَمِّرُوا الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ». - قَالَ هَمَّامٌ وَأَحْسِبُهُ قَالَ - «وَلَوْ بِعُودٍ». طرفه 3280 51 - باب الْخِتَانِ بَعْدَ الْكِبَرِ وَنَتْفِ الإِبْطِ 6297 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قُزَعَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْفِطْرَةُ خَمْسٌ الْخِتَانُ، وَالاِسْتِحْدَادُ، وَنَتْفُ الإِبْطِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ، وَتَقْلِيمُ الأَظْفَارِ». طرفه 5889 ـــــــــــــــــــــــــــــ بفتح الهاء وتشديد الميم. حديث الباب سلف في أبواب الأشربة، وروينا عن مسلم "إن في كل سنة ليلة ينزل فيها الوباء لا يمر بإناء ليس عليه غطاء إلَّا دخل فيه" ونقلنا عن اللَّيث أن الأعاجم تزعم أن تلك الليلة في الكانون الأول (والأسقية) جمع سقاء، وهي القربة (ولو بعود تعرضونه) أي: تجعلونه على عرض الإناء. وهذا من لطف الله بعباده حيث يمنع مثل هذا ضرر الشيطان وسائر الآفات. وروى مالك في الموطأ: "إن الشيطان لا يفتح باب مغلقًا ولا يحلُّ وكاءً ولا يكشف إناءً" هذا محمولٌ على ما إذا سمّى كما وقع في سائر الروايات، فالسرُّ في ذلك الاسم الشريف. باب الختان بعد الكبر ونتف الأبط 6297 - (قزعة) بالقاف وزاء معجمة وثلاث فتحات (الفطرة خمس) -بكسر الفاء- نوعٌ كالجلسة من فطره: اخترعه. والمراد طريقة الأنبياء أعمُّ من السنة والفرض. ولذلك أوجب الشافعي ومن وافقه الختن وقال مالك والكوفيون: سنة لقوله: "من السنة" في الرواية الأخرى، قالوا: ولأن سلمان الفارسي لم يُؤمر بالختان لمَّا أسلم وليس فيه دليل لاحتمال أن يكون مختننًا أو كان إسلامه قبل وجوب الختان وأيضًا لا يلزم من عدم الأمر عدم الفعل. (الاستحداد) إزالة شعر العانة بالحديد. وهذا بناءً على الغالب وإلّا فالسنة تحصل بالإزالة بأي طريق كان.

6298 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِى حَمْزَةَ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ بَعْدَ ثَمَانِينَ سَنَةً، وَاخْتَتَنَ بِالْقَدُومِ». مُخَفَّفَةً. حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ وَقَالَ «بِالْقَدُّومِ». طرفه 3356 6299 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ أَخْبَرَنَا عَبَّادُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ مِثْلُ مَنْ أَنْتَ حِينَ قُبِضَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ أَنَا يَوْمَئِذٍ مَخْتُونٌ. قَالَ وَكَانُوا لاَ يَخْتِنُونَ الرَّجُلَ حَتَّى يُدْرِكَ. طرفه 6300 6300 - وَقَالَ ابْنُ إِدْرِيسَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قُبِضَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا خَتِينٌ. طرفه 6299 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: في رواية مسلم: "عشر من الفطرة". قلت: لا تنافي زيادة الثقة، ومفهوم العدد لا يعارض المنطوق. 6298 - 6299 - (أبو الزناد) -بكسر الزاي بعدها نون- عبد الله بن ذكوان (اختتن إبراهيم بعد ثمانين سنة) أي: من عمره إمّا وحيًا أو اجتهادًا (بالقدوم مخففة) هذا قول البخاري، وقد روى غيره مشددة، وكذا رواه عن أبي الزناد وبعده مشددة. قال ابن الأثير: القدوم مخففة، وقد يروى بغير اللام قرية من الشام، وقيل: -بالتشديد والتخفيف- آلة النجار. 6300 - (وقال ابن إدريس) هو عبد الله بن إدريس الأودي (عن ابن عباس: قبض النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا ختين) أي مختون، وقد سلف أنه كان عمره ثلاث عشرة سنة، وقيل: خمس عشرة، والسنة في اليوم السابع من الولادة لما روى الحاكم "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ختن الحسن والحسين في اليوم السابع"، إلَّا أن يكون الطفل ضعيفًا فيؤخر.

52 - باب كل لهو باطل إذا شغله عن طاعة الله ومن قال لصاحبه تعال أقامرك

52 - باب كُلُّ لَهْوٍ بَاطِلٌ إِذَا شَغَلَهُ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَمَنْ قَالَ لِصَاحِبِهِ تَعَالَ أُقَامِرْكَ وَقَوْلُهُ تَعَالَى (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِى لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ). 6301 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ حَلَفَ مِنْكُمْ فَقَالَ فِي حَلِفِهِ بِاللاَّتِ وَالْعُزَّى. فَلْيَقُلْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. وَمَنْ قَالَ لِصَاحِبِهِ تَعَالَ أُقَامِرْكَ. فَلْيَتَصَدَّقْ». طرفه 4860 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب كل لهو باطل إذا شغله عن طاعة 6301 - (بُكير) بضم الباء، مصغر وكذا (حُميد). (من قال في حلفه: واللات والعزَّى فليقل: لا إله إلا الله) لأنه كفارة له، وكذا (من قال: تعالى أقامرك فليتصدق) فإنه كفارة له. قال بعض الشارحين: فإن قلت: ما وجه مناسبة هذا الخبر بالباب؟ قلت: لأنَّ قوله هذا شاغل عن الحلف بالله فيكون باطلًا، وليس شيء؛ لأن الشواغل سواه كثيرة. والجواب أنّ هذا الكلام إنما صدر من المؤمن لهوًا وإلَّا لكان كفرًا، وفيه إشارة إلى كمال الحذر من اللهو فإنه يتولد منه مثل هذه المفاسد، ثم قال الشارح المذكور: ومناسبة هذا الحديث لباب الاستئذان. أن من قال: تعال أقامرك. لا يؤذن له في دخول المنزل، وهذا الذي قاله شيء ركيك لا يخطر ببال أحد وهب أنه قال هنا ما قال فما قوله في قول البخاري: باب الأخذ في اليد وباب قوله: "قوموا إلى سيِّدكم" وتحقيقه: ما قدمنا مرارًا أن البخاري يترجم بالكتاب في معنىً يكون معظم مسائل الباب منه ويخلط معها أبواب الأدنى مناسبة. أما وجه مناسبة الحديث لباب الاستئذان أن القمار أكثر ما يكون في المنازل وهو معصية ومنكر. فمن سعى في إبطاله يدخل ذلك المنزل بدون الأدنى. فإن قلت: ما وجه تعليق هذا الباب بكتاب الاستئذان؟. قلت: لعله يطلبه إلى المقامرة يتوهم أنه أذن في دخوله بيته، وهذا أيضًا وهم باطل إذ الأبواب الموردة في كتاب الاستئذان باب حفظ السرِّ، وباب الجلوس كيف تيسر. فأيّ تعلق لمثله بالإذن والمنزل.

53 - باب ما جاء فى البناء

53 - باب مَا جَاءَ فِي الْبِنَاءِ وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ إِذَا تَطَاوَلَ رِعَاءُ الْبَهْمِ فِي الْبُنْيَانِ». 6302 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ - هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ - عَنْ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ رَأَيْتُنِى مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بَنَيْتُ بِيَدِى بَيْتًا، يُكِنُّنِى مِنَ الْمَطَرِ، وَيُظِلُّنِى مِنَ الشَّمْسِ، مَا أَعَانَنِى عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ. 6303 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌو قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَاللَّهِ مَا وَضَعْتُ لَبِنَةً عَلَى لَبِنَةٍ، وَلاَ غَرَسْتُ نَخْلَةً، مُنْذُ قُبِضَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ سُفْيَانُ فَذَكَرْتُهُ لِبَعْضِ أَهْلِهِ قَالَ وَاللَّهِ لَقَدْ بَنَى بَيْتًا. قَالَ سُفْيَانُ قُلْتُ فَلَعَلَّهُ قَالَ قَبْلَ أَنْ يَبْنِىَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ما جاء في البناء (وقال أبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: إنَّ من أشراط الساعة إذا تطاول رعاة البَهْم في البنيان) الأشراط جمع شرط -بفتح الراء- وهي العلامة، والرعاة جمع راع، والبهم بفتح الباء وسكون الهاء، ولد الضأن والذكور والأنثى وكذا ولد المعزى، ويروى بضم الباء جمع البهيم، قال ابن الأثير: يريد بها السود. كقولهم: ليل بهيم، أي: شديد السواد. والحديث تقدم في أبواب الإيمان. وموضع الدلالة ذكر البناء. 6302 - (وقال ابن عمر: بنيت بيدي بيتًا يكنني من المطر) بفتح الباء: أي يسترني، واسم ذلك الكِن بكسر الكاف (ما أعانني عليه أحد) يدل على أنه كان في غاية الصغر على قدر الحاجة والأحاديث في ذم البناء كثيرة جدًّا والله أعلم. ولكن محمولة على ما زاد على قدر الحاجة وكان الغوض المباهاة.

80 - كتاب الدعوات

80 - كتاب الدعوات 1 - باب وَلِكُلِّ نَبِىٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ 6304 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لِكُلِّ نَبِىٍّ دَعْوَةٌ يَدْعُو بِهَا، وَأُرِيدُ أَنْ أَخْتَبِئَ دَعْوَتِى شَفَاعَةً لأُمَّتِى فِي الآخِرَةِ». طرفه 7474 ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الدعوات باب لكل نبي دعوة مستجابة (وقول الله عزّ وجلّ: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60]) في الآية والأحاديث في الباب رد على بعض جهلة الزمان من قولهم: التسليم أولى. فإن قلت: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} تقديره إن تدعوني أستجب لكم، يدعو الإنسان لا يستجاب له؟ قلت: روى مسلم: "يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم وقطيعة رحم" وفي رواية الترمذي: "ما من أحدٍ يدعو بدعاء إلَّا آتاه الله ما سأل أو كف عنه من السوء مثله" وزاد غيره: "أو يدخر له إلى دار الآخرة ما هو خير منه". 6304 - (لكل نبيٍّ دعوة مستجابة بها يدعوا بها). فإن قلت: لهم دعوات مستجابة. قلت: أُريد المقطوع بإجابتها، قيل: يريد ما يتعلق بأمته إمَّا نجاةً أو هلاكًا. والحق أنه أعم من ذلك تقدم في أبواب الصلاة في حديث العفريت أنه قال: "لولا دعوة أخي سليمان لربطته في السارية".

2 - باب أفضل الاستغفار

6305 - وَقَالَ لِى خَلِيفَةُ قَالَ مُعْتَمِرٌ سَمِعْتُ أَبِى عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «كُلُّ نَبِىٍّ سَأَلَ سُؤْلاً - أَوْ قَالَ لِكُلِّ نَبِىٍّ دَعْوَةٌ قَدْ دَعَا بِهَا - فَاسْتُجِيبَ، فَجَعَلْتُ دَعْوَتِى شَفَاعَةً لأُمَّتِى يَوْمَ الْقِيَامَةِ». 2 - باب أَفْضَلِ الاِسْتِغْفَارِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى (اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا) (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ). 6306 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ كَعْبٍ الْعَدَوِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى شَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ - رضى الله عنه - ـــــــــــــــــــــــــــــ 6305 - (فجعلت دعوتي شفاعةً لأمتي يوم القيامة) وفي رواية مسلم زيادة: "وهي نائلة إن شاء الله من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئًا"، أخر دعاءه لأهم الأوقات لأحوج الناس وهم أصحاب الكبائر صلوات الله وسلامه عليه بعدد كل من يشفع له يوم القيامة. باب أفضل الاستغفار (وقوله عز وجلّ: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا} [نوح: 10]). فإن قلت: وضع الباب لأفضل الاستغفار وليس في الآية ولا الآية التي بعدها ما يدلُّ على الأفضلية؟. قلت: أشار إلى أن فضل الاستغفار ثابت بالكتاب ثم بين الأفضل بالحديث، والأفضلية في الطاعات إنما تكون باعتبار معانيها والثواب المترتب عليها، أو المراد الزيادة المطلقة من غير ملاحظة المفضل عليه، ثم أشار بقوله: "سيد الاستغفار" إلى أنّ بعض أنواعه أفضل من بعض. 6306 - (أبو مَعْمَر) بفتح الميمين وعين ساكنة (عبد الله بن بُرَيدَة) بضم الباء، مصغر بردة (بُشَيْر) بضم الباء وشين معجمة (شَدَّاد) بفتح الشين المعجمة وفتح الدال

3 - باب استغفار النبى - صلى الله عليه وسلم - فى اليوم والليلة

عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «سَيِّدُ الاِسْتِغْفَارِ أَنْ تَقُولَ اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّى، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، خَلَقْتَنِى وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَىَّ وَأَبُوءُ بِذَنْبِى، اغْفِرْ لِى، فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ». قَالَ «وَمَنْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا، فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِىَ، فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَمَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وَهْوَ مُوقِنٌ بِهَا، فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ، فَهْوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ». طرفه 6323 3 - باب اسْتِغْفَارِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ 6307 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «وَاللَّهِ إِنِّى لأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً». ـــــــــــــــــــــــــــــ (سيد الاستغفار) أي: أفضلها وأكثرها ثوابًا (اللهمَّ أنت ربي) سيدي ومالكي (خلقتني) قيد الربوبية فإنَّما قد تكون بدون الخلق كسائر الموالي مع العبيد. (وأنا عبدك) إقرار بما خلق له (وأنا على عهدك) الذي عاهدتك حين قلت: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ} [الأعراف: 172] أو عاهدتني عليه وكذلك (ووعدك) أي: ما وعدتنا على لسان رسولك أو وعدناك من القيام بعبادتك (ما استطعت) هذا يؤيد المعنى الثاني. وفيه إشارة إلى أن القيام بحق العبادة ليس في الوسِع (أبوء لك بنعمتك عليَّ) أي: أقرَّ، أصله اللزوم (ومن قالها بالنهار موقنًا بها قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة). فإن قلت: المؤمن من أهل الجنة على كل حال سواء قالها أو لم يقل (قلت): أحاب بعضهم بأنه يدخل الجنة من غير دخول النار لأن الموقن بها لا يعصي الله. أو يعفو الله عنه ببركة هذا الاستغفار قلت: هذا شيء لا يدل عليه الحديث بل المراد أن القائل بها موقن بحزم بدخول الجنة، بخلاف سائر المؤمنين فإنهَّ لا جزم لأحد وكفى بهذا فضيلة، ولذلك كان سيد الاستغفار، وكذا باعتبار معناه فإنك إذا تأمَّلت وجدته مشتملًا على الإقرار بالألوهية والعبودية وأنَّ الله هو الخالق وأنَّ النِّعم كلها منه وأنّ الذنب وإن كان بخلق الله إلآ أنه مضاف إلى العبد، ثم بعد هذه الوسائل سأل المغفرة وحصرها فيه تعالى. باب استغفار النبي - صلى الله عليه وسلم - 6307 - (قال: إنّي أستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة) اختلفوا في وجه الاستغفار منه، فإن الله قد غفر له من ذنبه ما تقدَّم وما تأخر، قيل: كان ذلك على ما

4 - باب التوبة

4 - باب التَّوْبَةِ قَالَ قَتَادَةُ (تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا) الصَّادِقَةُ النَّاصِحَةُ. 6308 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدِيثَيْنِ أَحَدُهُمَا عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَالآخَرُ عَنْ نَفْسِهِ قَالَ «إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأَنَّهُ قَاعِدٌ تَحْتَ جَبَلٍ يَخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ، وَإِنَّ الْفَاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبَابٍ مَرَّ عَلَى أَنْفِهِ». فَقَالَ بِهِ هَكَذَا قَالَ أَبُو ـــــــــــــــــــــــــــــ يقع منه سهوًا. وقيل: على ما كان منه قبل النبوة، وقيل: تواضعًا، وقيل: تعليمًا لأمته، والحق أن الوجه فيه ما روى مسلم: "قال: وإنه ليُغَانُّ على قلبي وإني لأستغفر الله نئة مرة". قالوا: والغين: الغيم المطبق. استعارة لما يغشى عليه عن ملاحظة حلال الله وجماله مما هو من لوازم البشرية وما عليه من الاشتغال لمصالح أمته إذ كان حق مثله أن يستغرق في الله كالملائكة الكروبيين بل أعظم إذ حسنات الأبرار سيئات المقربين وقال الغزالي: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دائم الترقِّي درجة استغفر من الحالة السابقة، وحديث: "ليُغانُّ على قلبي" لا يلائم ما قاله. وإن كان ما قاله من كونه دائم الترقي صوابًا. باب التوبة لغة: الرجوع. وفي الشرع: الرجوع عن معصية الله إلى طاعته، وله أركان ثلاثة: الإقلاع عن المعصية في الحال، والندم على ما وقع، والعزم على أن لا يعود. والتوبة التي قال تعالى: ({تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا} [التحريم: 8]) قد روي عن أبيِّ بن كعب قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنهما فقال: "أن لا تعاود بعدها الذنب". 6308 - (أبو شهاب) هو الأصغر عبد ربه الحَنَّاط المدني. وقد أشرنا إلى أن أبو شهاب الأكبر موسى بن نافع الحناط، له حديث واحدٌ في أبواب الحج لا غير. (عُمير) بضم العين مصغر، وكذا (سُوَيد)، (حدثنا عبد الله بن مسعود حديثين أحدهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - والآخر عن نفسه) لم يُبين المرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد بيّنته رواية مسلم: "الله أشدَّ فرحًا بتوبة عبده من

شِهَابٍ بِيَدِهِ فَوْقَ أَنْفِهِ. ثُمَّ قَالَ «لَلَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ رَجُلٍ نَزَلَ مَنْزِلاً، وَبِهِ مَهْلَكَةٌ، وَمَعَهُ رَاحِلَتُهُ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ فَنَامَ نَوْمَةً، فَاسْتَيْقَظَ وَقَدْ ذَهَبَتْ رَاحِلَتُهُ، حَتَّى اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْحَرُّ وَالْعَطَشُ أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ، قَالَ أَرْجِعُ إِلَى مَكَانِى. فَرَجَعَ فَنَامَ نَوْمَةً، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَإِذَا رَاحِلَتُهُ عِنْدَهُ». تَابَعَهُ أَبُو عَوَانَةَ وَجَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ. وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا عُمَارَةُ سَمِعْتُ الْحَارِثَ. وَقَالَ شُعْبَةُ وَأَبُو مُسْلِمٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِىِّ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ. وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ عُمَارَةَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِىِّ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ. 6309 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا حَبَّانُ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَحَدَّثَنَا هُدْبَةُ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اللَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــ رجل نزل منزلًا ... " إلى آخر الحديث، والذي قاله من عند نفسه وهو أول الحديث إلى قوله: "لله أفرح بتوبة عبده". قال النووي والذي قاله أيضًا مرفوعًا إلَّا أن طرقه واهيةً، نبّه عليه أبو أحمد. فإن قلت: الفرح والغم من توابع المزاج، والله تعالى منزَّهٌ عن أمثال ذلك. قلت: مجازٌ باعتبار الغاية وهو قبول توبته، وحسن الجزاء والرضا عنه. (أبو عَوانة) بفتح العين الوضاح اليشكُري (أبو أسامة) بضمِّ الهمزة (عُمارة) بضم العين وتخفيف الميم عبد الله بن سعيد التيمي (سُويد) بضم السين مصغر (أبو معاوية) محمد بن خازم بالخاء المعجمة، متابعة جرير أسندها مسلم وكذا متابعة أبي أسامة، ومتابعة أبي معاوية أسندها النسائي. 6309 - (إسحاق): كذا وقع. قال الغساني: لم ينسبه أحد إلَّا أن مسلمًا روى عن إسحاق بن منصور. (عن حبان بن هلال) بفتح الحاء وتشديد الموحدة (هُدبة) بضم الهاء وسكون الدال المهملة (هَمَّام) بفتح الهاء وتشديد الميم: (الله أفرح بتوبة عبده من أحدكم

5 - باب الضجع على الشق الأيمن

سَقَطَ عَلَى بَعِيرِهِ، وَقَدْ أَضَلَّهُ فِي أَرْضِ فَلاَةٍ». 5 - باب الضَّجْعِ عَلَى الشِّقِّ الأَيْمَنِ 6310 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى مِنَ اللَّيْلِ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، فَإِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، ثُمَّ اضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَنِ، حَتَّى يَجِئَ الْمُؤَذِّنُ فَيُؤْذِنَهُ. طرفه 626 6 - باب إِذَا بَاتَ طَاهِرًا 6311 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ سَمِعْتُ مَنْصُورًا عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ قَالَ حَدَّثَنِى الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ وَضُوءَكَ لِلصَّلاَةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الأَيْمَنِ، وَقُلِ اللَّهُمَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ سقط على بعيره) وفي رواية مسلم: "استيقظ على بعيره". فإن أوّل الحديث أنّه كان أيسر ونام ثم استيقظ فرأى بعيره واقفًا عنده. قال بعض الشارحين: والصواب رواية مسلم. قلت: كلاهما صواب، ومعنى استيقاظه على بعيره أنه استيقظ مطلقًا ومعنى سقوطه على بعيره أنه وجده واقفًا عنده كالشيء الغير الاختياري. باب الضجع على الشق الأيمن بفتح الضاد المعجمة: النوم على أحد الجانبين وإيثار اليمين لأنه أشرف، ولأنه مذكر بحالة القبر، ولأنه أعون على سرعة الانتباه. 6310 - وقد سلف الحديث في أبواب التهجد وإدخاله في كتاب الدعوات لما روى بعده الاضطجاع وقد ذكرهما في الأبواب بعد هذا الباب. باب إذا بات طاهرًا 6311 - (مُسدَّد) بفتح الدال المشدّدة (مُعتمر) بفتح التاء وكسر الميم (اللَّهم

أَسْلَمْتُ نَفْسِى إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِى إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِى إِلَيْكَ، رَهْبَةً وَرَغْبَةً إِلَيْكَ، لاَ مَلْجَأَ وَلاَ مَنْجَا مِنْكَ إِلاَّ إِلَيْكَ، آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِى أَنْزَلْتَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِى أَرْسَلْتَ. فَإِنْ مُتَّ مُتَّ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَقُولُ». فَقُلْتُ أَسْتَذْكِرُهُنَّ وَبِرَسُولِكَ الَّذِى أَرْسَلْتَ. قَالَ «لاَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِى أَرْسَلْتَ». ـــــــــــــــــــــــــــــ أسلمت وجهي إليك). أي: جُملتي عبَّر عنها بالوجه لأنها أشرف الأعضاء. وفي رواية: "نفسي" بدل وجهي، والمراد الانقياد بجميع الأعضاء وفي رواية نفسي بدل وجهي والمراد لِمَا خُلقت له. (وفوضت أمري إليك) شأني كلَّه كما هو شأن العبيد مع المولى (وألجأت ظهري إليك) أي: أطلب منك الإعانة وذكر الظهر لأنه به قوام الجسد. "رهبة ورغبة إليك" قال ابن الأثير: تنازع الفعلان وأعمل الثاني في إليك، ولو أعمل الأول لقال: منك، لكن حمل أحدهما على الآخر في قول الشاعر: وزجّجن الحواجب والعيونا (لا ملجأ) آخره همزة (ولا منجا) مقصور بفتح الميم فيهما. ويجوز ترك الهمزة فيهما وإثباتها أيضًا، أي: لا ملاذ ولا موضع [...] راقبك. (فقلت: أستذكرهن) بهمزة القطع أي: أحفظهن. (فأعدت ذكرهنّ فقلت: وبرسولك الذي أرسلت، فقال: لا وبنبيَّك الذي أرسك) قد ارسلوا أكثروا في وجه الردِّ عليه والمعول عليه وجهان: الأول: أن لفظ الرسول يلاقي الإرسال في الاشتقاق فيكون نوع تكرار، الثاني: أن لألفاظ الأدعية وأعدادها أسرارًا لا يعلمها إلَّا الله ورسوله. فإن قلت: ما المراد بالفطرة؟ قلت: ملة الإسلام التي يولد عليها كل مولود. فإن قلت: أمره بالوضوء لمن ليس على وضوء أو يتوضأ لغرض النوم؟ قلت: الغرض أن يكون النوم على الطهارة، فإذا كان على وضوء فلا وجه لوضوء آخر. فإذا تأملت في هذا الدعاء وجدته مشتملًا على جميع ما يجب الإيمان به من أحوال المبدأ والمعاد في الرغبة والرهبة شر لما تقدمه، كأنه قال: فوّضت أمري إليك رغبة وألجأت ظهري رهبة.

7 - باب ما يقول إذا نام

7 - باب مَا يَقُولُ إِذَا نَامَ 6312 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ رِبْعِىِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ قَالَ «بِاسْمِكَ أَمُوتُ وَأَحْيَا». وَإِذَا قَامَ قَالَ «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ». أطرافه 6314، 6324، 7394 6313 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ قَالاَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ سَمِعَ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ رَجُلاً. وَحَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِىُّ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَوْصَى رَجُلاً فَقَالَ «إِذَا أَرَدْتَ مَضْجَعَكَ فَقُلِ اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِى إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِى إِلَيْكَ، وَوَجَّهْتُ وَجْهِى إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِى إِلَيْكَ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لاَ مَلْجَأَ وَلاَ مَنْجَا مِنْكَ إِلاَّ إِلَيْكَ، آمَنْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ما يقول إذا نام 6312 - (قبيصة) بفتح القاف وكسر الموحدة (ربعيُّ بن حراش) بكسر الراء وسكون الموحدة وتشديد المثناة آخره، وحاء مهملة كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أوى إلى فراشه) بفتح الهمزة والقصر. ويجوز المدُّ أي: رجع للنوم (قال: اللهم باسمك أحيا وأموت) بفتح الهمزة فيهما والباء للمصاحبة (وإذا قام قال: الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا) لأن النوم أخ الموت، قال الله تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا} [الزمر: 42] والتوفِّي: أخذ الشيء وافيًا ولا فرق بين النوم والموت في عدم الإحساس وبسقوط التكليف وذكر الاسم كما في سائر الأمور وحمله على المسمى والاستدلال به على أن الاسم عين المسمَّى ممَّا لا يلتفت إليه. 6313 - (عرعرة) بعين وراء مهملتين مكرّرتين (عن أبي إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي، روي الحديث في الباب قبله: (اللهم أسلمت نفسي إليك) إلَّا أنه قال هناك: "قال البراء: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" وهنا قال: "أوصى رجلًا" يجوز أن يكون الرجل نفسه أو غيره واختصره هنا ولم يذكر استبدال الرسول بالنبي - صلى الله عليه وسلم -.

8 - باب وضع اليد اليمنى تحت الخد الأيمن

بِكِتَابِكَ الَّذِى أَنْزَلْتَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِى أَرْسَلْتَ. فَإِنْ مُتَّ مُتَّ عَلَى الْفِطْرَةِ». طرفه 247 8 - باب وَضْعِ الْيَدِ الْيُمْنَى تَحْتَ الْخَدِّ الأَيْمَنِ 6314 - حَدَّثَنِى مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ رِبْعِىٍّ عَنْ حُذَيْفَةَ - رضى الله عنه قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ مِنَ اللَّيْلِ وَضَعَ يَدَهُ تَحْتَ خَدِّهِ ثُمَّ يَقُولُ «اللَّهُمَّ بِاسْمِكَ أَمُوتُ وَأَحْيَا». وَإِذَا اسْتَيْقَظَ قَالَ «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ». طرفه 6312 9 - باب النَّوْمِ عَلَى الشِّقِّ الأَيْمَنِ 6315 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ حَدَّثَنَا الْعَلاَءُ بْنُ الْمُسَيَّبِ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ نَامَ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَنِ ثُمَّ قَالَ «اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِى إِلَيْكَ، وَوَجَّهْتُ وَجْهِى إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِى إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِى إِلَيْكَ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لاَ مَلْجَأَ وَلاَ مَنْجَا مِنْكَ إِلاَّ إِلَيْكَ، آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِى أَنْزَلْتَ، وَنَبِيِّكَ الَّذِى أَرْسَلْتَ. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ قَالَهُنَّ ثُمَّ مَاتَ تَحْتَ لَيْلَتِهِ مَاتَ عَلَى الْفِطْرَةِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ باب وضع اليد تحت الخد الأيمن 6314 - (أبو عَوانة) بفتح العين، الوضاح الواسطي (رِبعي) بكسر الراء بعدها موحدة آخره ياء مشددة (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أخذ مضجعه من الليل وضع يده تحت خدِّه). فإن قلت: في الترجمة خده الأيمن وفي الحديث مطلق. قلت: لم يكن على شرطه وقد رواه أبو داود، وهذا دأبه، يشير في الترجمة خبره الأعين وفي الحديث مطلعه إلى ما له أصل وإن لم يكن على شرطه وقد أشرنا إلى أمثاله في مواضع، ثم قال: باب النوم علي الشِّقِّ الأيمن 6315 - وروى فيه حديث البراء: (اللَّهم إني أسلمت نفسي إليك) وقد سلف آنفًا مرارًا وقد اختصر ولم يذكر الردَّ عليه.

10 - باب الدعاء إذا انتبه بالليل

(اسْتَرْهَبُوهُمْ) مِنَ الرَّهْبَةِ، مَلَكُوتٌ مُلْكٌ مَثَلُ رَهَبُوتٌ خَيْرٌ مِنْ رَحَمُوتٍ، تَقُولُ تَرْهَبُ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَرْحَمَ. طرفه 247 10 - باب الدُّعَاءِ إِذَا انْتَبَهَ بِاللَّيْلِ 6316 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِىٍّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ سَلَمَةَ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ بِتُّ عِنْدَ مَيْمُونَةَ فَقَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَتَى حَاجَتَهُ، غَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، ثُمَّ نَامَ، ثُمَّ قَامَ فَأَتَى الْقِرْبَةَ فَأَطْلَقَ شِنَاقَهَا، ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءًا بَيْنَ وُضُوءَيْنِ لَمْ يُكْثِرْ، وَقَدْ أَبْلَغَ، فَصَلَّى، فَقُمْتُ فَتَمَطَّيْتُ كَرَاهِيَةَ أَنْ يَرَى أَنِّى كُنْتُ أَتَّقِيهِ، فَتَوَضَّأْتُ، فَقَامَ يُصَلِّى، فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ، فَأَخَذَ بِأُذُنِى فَأَدَارَنِى عَنْ يَمِينِهِ، فَتَتَامَّتْ صَلاَتُهُ ثَلاَثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً ثُمَّ اضْطَجَعَ فَنَامَ حَتَّى نَفَخَ - وَكَانَ إِذَا نَامَ نَفَخَ - فَآذَنَهُ بِلاَلٌ بِالصَّلاَةِ، فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ، وَكَانَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ «اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِى نُورًا، وَفِى بَصَرِى نُورًا، وَفِى سَمْعِى نُورًا، وَعَنْ يَمِينِى نُورًا، وَعَنْ يَسَارِى نُورًا، وَفَوْقِى نُورًا، وَتَحْتِى نُورًا، وَأَمَامِى نُورًا، وَخَلْفِى نُورًا، وَاجْعَلْ لِى نُورًا». قَالَ كُرَيْبٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الدعاء إذا انتبه من الليل 6316 - (ابن مهدي) اسمه عبد الرحمن (كُريب) بضم الكاف مصغر (وضوءًا بين وضوءَين) قد فسَّره بقوله: (لم يُكثر وقد أبلغ) (فتمطَّيت) تمددت كما هو دأب الإنسان إذا قام من النوم (كراهية أن يرى أنِّي كنت أرقبه) أي: إنما تمطيت على علمه بأني الآن استيقظت لئلَّا يظن أني كنت أرصده حين كان نائمًا مع أهله، ويروى: "أبقيه" بالباء الموحدة في أوله، ويروى: "أنقبه" بالنون في أوله والموحدة في آخره. وهو قريب من الأول (فتتامت) بتشديد الميم من التمام. أي: تكاملت (صلاته ثلاث عشرة ركعة) أي: مع سنة الفجر، وقد سلف الحديث في أبواب التهجُّد وموضع الدلالة هنا الدعاء المذكور بعدها، (قال كريب:

وَسَبْعٌ فِي التَّابُوتِ. فَلَقِيتُ رَجُلاً مِنْ وَلَدِ الْعَبَّاسِ فَحَدَّثَنِى بِهِنَّ، فَذَكَرَ عَصَبِى وَلَحْمِى وَدَمِى وَشَعَرِى وَبَشَرِى، وَذَكَرَ خَصْلَتَيْنِ. طرفه 117 6317 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ أَبِى مُسْلِمٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَتَهَجَّدُ قَالَ «اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ الْحَقُّ وَوَعْدُكَ حَقٌّ، وَقَوْلُكَ حَقٌّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ، وَمُحَمَّدٌ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ وَبِكَ آمَنْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِى مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ، وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ ـــــــــــــــــــــــــــــ وسبع في التابوت) قال النووي: أراد بالتابوت -وهو الصندوق- الأضلاع وما حوته من القلب على طريق التشبيه. لكن ما نقله على بعض ولو العباس يدلُّ على أن المراد بالتابوت جميع الجسد لعموم اللحم والعصب، فعلى هذا شبَّه الجسد بالتابوت لأنه صندوق النفس، ونقل عن ابن الجوزي أنه قال: أراد التي كانت مكتوبة في تابوت بني إسرائيل وهذا شيءٌ في غاية البعد، وأيَّده بعضهم بما روى أبو عوانة عن كُريب: "وسبعةٌ عندي مكتوباتٌ في التابوت" ولم يحفظها، فأشار إلى أنهنَّ مكتوباتٌ عنده، وتفصيلها ما رواه آخر الحديث. فإن قلت: في بعض الروايات أن هذا الدعاء كان بعد فراغه من الصلاة. قلت: رواية البخاري هنا وفي باب التهجُّد أن هذا كان دأبه قبل الدخول في الصلاة، وغيره إما غلط الراوي أو وقع ذلك أحيانًا. 6317 - (وذكر خصلتين) أي: بعد هذه الخمسة ولم يحفظها. وقد ذكرها في رواية مسلم: "اللسان والنفس". فإن قلت: ما المراد بالنور والمعصية كالظلمة. أراد صرف هذه الأعضاء إلى طاعة الله وإلى ما خلقت له. (قيِّم السموات) وفي رواية: "قيام" وفي أخرى: "قيوم" والثلاثة بمعنى وهو القيام بنفسه والمُقيم لغيره، أي: الموجد للعالم والمدبر له. (أنت الحق) أي: الثابت الدائم البقاء، وكذا

11 - باب التكبير والتسبيح عند المنام

الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ - أَوْ - لاَ إِلَهَ غَيْرُكَ». طرفه 1120 11 - باب التَّكْبِيرِ وَالتَّسْبِيحِ عِنْدَ الْمَنَامِ 6318 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنِ ابْنِ أَبِى لَيْلَى عَنْ عَلِىٍّ أَنَّ فَاطِمَةَ - عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ - شَكَتْ مَا تَلْقَى فِي يَدِهَا مِنَ الرَّحَى، فَأَتَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - تَسْأَلُهُ خَادِمًا، فَلَمْ تَجِدْهُ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ، فَلَمَّا جَاءَ أَخْبَرَتْهُ. قَالَ فَجَاءَنَا وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا، فَذَهَبْتُ أَقُومُ فَقَالَ «مَكَانَكِ». فَجَلَسَ بَيْنَنَا حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَى صَدْرِى فَقَالَ «أَلاَ أَدُلُّكُمَا عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ، إِذَا أَوَيْتُمَا إِلَى فِرَاشِكُمَا، أَوْ أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا، فَكَبِّرَا ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَسَبِّحَا ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَاحْمَدَا ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، فَهَذَا خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ». وَعَنْ شُعْبَةَ عَنْ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ التَّسْبِيحُ أَرْبَعٌ وَثَلاَثُونَ. طرفه 3118 ـــــــــــــــــــــــــــــ المذكورات بعده، وعطف القول على الوعد من عطف العام على الخاص، وإفراد محمد - صلى الله عليه وسلم - بالذكر ردُّ على من يزعم عدم نبوته. باب التكبير والتسبيح عند المنام 6318 - (حرب) ضد الصلح (عن الحَكَم) بفتح الحاء والكاف (ابن أبي ليلى) اسمه عبد الرحمن (أن فاطمة شكت ما تلقى في يدها من الرَّحى) سلف الحديث في أبواب النفقات، وفي غيره. وموضع الدلالة هنا قوله: (إذا أويتما إلى فراشكما فكبِّر ثلاثًا وثلاثين، واحمدا ثلاثًا وثلاثين، فهذا خير لكما من خادم) لأن ثوابه باقٍ والخادم فانٍ، وما يقال أنَّ المداومة على هذا الذكر تورث القوة على الخدمة فوق الخادم ممَّا لا يلتفت إليه على أنه لو كان معنى لكان خاصًّا بفاطمة، والخطاب لعليٍّ ولها، هذا وقد روى الترمذي عن أبي هريرة رفوعًا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "رأيت إبراهيم ليلة أسري بي. فقال: يا محمد أقرئ مني أمتك السلام، وقل لهم: إن الجنة طيبة التربة عذبة الماء، وأنها قيعان وأن غراسها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر". فإن قلت: روي أنها لم تجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرت لعائشة، وفى بعض الروايات أم سلمة بدل عائشة.

12 - باب التعوذ والقراءة عند المنام

12 - باب التَّعَوُّذِ وَالْقِرَاءَةِ عِنْدَ الْمَنَامِ 6319 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ نَفَثَ فِي يَدَيْهِ، وَقَرَأَ بِالْمُعَوِّذَاتِ، وَمَسَحَ بِهِمَا جَسَدَهُ. طرفه 5017 13 - بابٌ 6320 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ أَبِى سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا أَوَى أَحَدُكُمْ إِلَى فِرَاشِهِ فَلْيَنْفُضْ فِرَاشَهُ بِدَاخِلَةِ إِزَارِهِ، فَإِنَّهُ لاَ يَدْرِى مَا خَلَفَهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَقُولُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قلت: يجوز الجمع كما لا يخفى بأنها مرَّت بعد عائشة على أم سلمة. فإن قلت: في بعض الروايات: "أن فاطمة أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوجدته وذكرت له قصة الخادم " وفي بعضها،" أنَّ عليًّا كان معها". قلت: يحمل على تعدد الواقعة، أو أجاء عليٌّ وفاطمة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد مجيء فاطمة إلى عائشة. باب التعوُّذ والقراءة عند المنام 6319 - (عُقيل) بضم العين، مصغر (إذا أخذ مضجعه) بفتح الجيم (نفث في يده، وقرأ بالمعوِّذات) أراد المعوِّذتين و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] ففيه تغليب، وقد أشرنا في أبواب التهجد أن النفخ إنما يكون بعد القراءة ليتكيف النضخ بركة القرآن ولا يدل على الترتيب. 6320 - (زُهير) بضم الزاي مصغر (المقبُري) بضم الباء وفتحها (إذا أوى أحدكم إلى فراشه فلينفض فراشه بداخلة إزاره) إذا قام إلى التهجد ثم أراد النوم بعده؛ لقوله: (فإنه لا يدري ما خلفه عليه) أي من الهوام، قال ابن الأثير: إنما خص الداخلة لأنَّ المؤتزر يلزق ما على شماله من الإزار بجسده ثم يضع على اليمين فوق ما على اليسار ويشدُّه فإذا عاد إلى فراشه حلَّ الإزار، وإنما يحل الخارجة بيده اليمنى وبيده اليسرى ينفض بداخلة الإزار؛ لأنها

14 - باب الدعاء نصف الليل

بِاسْمِكَ رَبِّ وَضَعْتُ جَنْبِى، وَبِكَ أَرْفَعُهُ، إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِى فَارْحَمْهَا، وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ الصَّالِحِينَ». تَابَعَهُ أَبُو ضَمْرَةَ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ. وَقَالَ يَحْيَى وَبِشْرٌ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَرَوَاهُ مَالِكٌ وَابْنُ عَجْلاَنَ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 7393 14 - باب الدُّعَاءِ نِصْفَ اللَّيْلِ 6321 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى عَبْدِ اللَّهِ الأَغَرِّ وَأَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَتَنَزَّلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ مَنْ يَدْعُونِى فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ يَسْأَلُنِى فَأُعْطِيَهُ، وَمَنْ يَسْتَغْفِرُنِى فَأَغْفِرَ لَهُ». طرفه 1145 ـــــــــــــــــــــــــــــ غير مشغولة، وهو تصوُّرٌ حسن شكر الله سعيه. (باسمك ربي) قد سلف أن الباء فيه للمصاحبة (إن أمسكت نفسي) أي: بالموت إذ كم من نائم لم يقم من نومه (تابعه أبو ضمرة) أنس بن عياض أي: تابع زهيرًا وهذه المتابعة أسندها مسلم (وقال يحيى وبشر) بكسر الباء وشين معجمة. متابعتهما أسندها النسائي، ومتابعة مالك أسندها الدارقطنى (وابن عَجلان) بفتح العين وسكون الجيم محمد، ومتابعته أسندها الترمذي. اعلم أنا قد أشرنا في كتاب الطب إلى أن المراد بالمعوذات سورة الإخلاص والفلق والناس، وتقدَّم في البقرة فضل آية الكرسي وآخر البقرة إذا أوى إلى فراشه. وفي غير البخاري آيات وأحاديث كثيرة. باب الدعاء نصف الليل 6321 - (عن أبي عبد الله الأغر) بفتح الهمزة، الجهني: (يتنزل ربنا تبارك وتعالى كلَّ ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى الثلث الآخر من الليل) النزول حركة من العلو إلى السفل، ومثله محال عليه تعالى تقدَّس فالمراد منه دُنوُّ رحمته وقرب العابدين في ذلك الوقت من

15 - باب الدعاء عند الخلاء

15 - باب الدُّعَاءِ عِنْدَ الْخَلاَءِ 6322 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا دَخَلَ الْخَلاَءَ قَالَ «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ». طرفه 142 ـــــــــــــــــــــــــــــ رحمته لأنه وقت الاستراحة، وأمَّا في الصيف فلقصر الليالي واستغراق الإنسان في النوم، وأمَّا في الشتاء فللرد والتشديد واستيلاء الكسل على أكثر النفوس. فالقائم للعبادة في ذلك الوقت من يكون خالص النية راغبًا فيما عند الله على أنَّ الوقف خال عن الشواغل والحواس مكفوفة وقيل: أراد نزول ملك من الملائكة، والوجه هو الأول. فإن قلت: ترجم على النصف والمذكور في الحديث الثلث؟ قلت: أجاب بعضهم بأن المرُاد بقوله: (حين يبقى ثلث الليل) معناه قبل ثلث الليل، وهذا شيء لا يدل عليه اللفظ، بل الجواب كما ذكرنا آنفًا أن دأبه أنه يترجم على ما له أصل، وإن لم يكن على شرطه، وقد روى مسلم: "إذا مضى شطر من الليل"، والشطر هو النصف وبه استدل الشافعي على أن أكثر الحيض خمس عشر يومًا لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "تقعد إحداكن شطر الدهر لا تصلي". وفي رواية الدارقطني، والإمام أحمد لفظ النصف، وقيل: أخذه من الآية الكريمة: {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا} [المزمل: 2، 3] وهذا لا دلالة فيه على المراد كما ترى. باب الدعاء عند الخلاء 6322 - بفتح الخاء والمدِّ: الموضع الخالي أريد به موضع قضاء الحاجة فإن الخلو لازم له عرفًا (عرعرة) بالعين والراء المكرَّرتين (صُهيب) بضم الصاد مصغر (اللهمَّ إنِّي أعوذ بك من الخُبُث) -بضم الخاء والباء- جمع خبيث (والخبائث) جمع خبيثة يريد ذُكران الجن وإناثها، وعن محيي السنة أن الخبث: الكفر، والخبائث: الشياطين ولا يخفى بُعده عن المقام، وروى ابن ماجه: "إن هذه الحشوش محتضره فإذا أتى أحدكم فليقل: أعوذ بالله من الخبث والخبائث" وأراد بالمختصرة أنها تحضرها الشياطين وذؤيته

16 - باب ما يقول إذا أصبح

16 - باب مَا يَقُولُ إِذَا أَصْبَحَ 6323 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «سَيِّدُ الاِسْتِغْفَارِ اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّى لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، خَلَقْتَنِى وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِى، فَاغْفِرْ لِى، فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ. إِذَا قَالَ حِينَ يُمْسِى فَمَاتَ دَخَلَ الْجَنَّةَ - أَوْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ - وَإِذَا قَالَ حِينَ يُصْبِحُ فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ». مِثْلَهُ. طرفه 6306 6324 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ رِبْعِىِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ قَالَ «بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ أَمُوتُ وَأَحْيَا». وَإِذَا اسْتَيْقَظَ مِنْ مَنَامِهِ قَالَ «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا، وَإِلَيْهِ النُّشُورُ». طرفه 6312 6325 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِى حَمْزَةَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ رِبْعِىِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ كما أن المساجد فأوى الملائكة. باب ما يقول إذا أصبح 6323 - (مُسدَّد) بضم الميم وفتح الدال المشددة (زُربع) مصغر زرع، (بريدة) بضم الباء مصغر بردة (بُشير) بضم الباء فشين معجمة (شدَّاد) بفتح الشين ودال مشددة (سيد الاستغفار) شرح الحديث بما لا مزيد عليه تقدم قريبًا في أول باب الدعوات في باب أفضل الاستغفار. 6324 - 6325 - (أبو نُعيم) بضم النون (رِبعي بن حراش) بكسر الراء وسكون الموحدة. آخره ياء مشددة (حِراش) بكسر الحاء المهملة (باسمك اللهم أموت وأحيا) بفتح الهمزة فيهما، الباء للمصاحبة، وتقدم الحديث آنفًا في باب وضع اليد اليمنى تحت خده (عَبدان) على وزن شعبان (عن أبي حمزة) بالحاء المهملة محمد بن ميمون.

17 - باب الدعاء فى الصلاة

خَرَشَةَ بْنِ الْحُرِّ عَنْ أَبِى ذَرٍّ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ مِنَ اللَّيْلِ قَالَ «اللَّهُمَّ بِاسْمِكَ أَمُوتُ وَأَحْيَا». فَإِذَا اسْتَيْقَظَ قَالَ «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ». طرفه 7395 17 - باب الدُّعَاءِ فِي الصَّلاَةِ 6326 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى يَزِيدُ عَنْ أَبِى الْخَيْرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رضى الله عنه - أَنَّهُ قَالَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - عَلِّمْنِى دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلاَتِى. قَالَ «قُلِ اللَّهُمَّ إِنِّى ظَلَمْتُ نَفْسِى ظُلْمًا كَثِيرًا، وَلاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ، فَاغْفِرْ لِى مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ، وَارْحَمْنِى، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ». وَقَالَ عَمْرٌو عَنْ يَزِيدَ عَنْ أَبِى الْخَيْرِ إِنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو قَالَ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 834 6327 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ سُعَيْرٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ (وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا) أُنْزِلَتْ فِي الدُّعَاءِ. طرفه 4723 ـــــــــــــــــــــــــــــ (خرشة) بخاء وشين معجمتين وثلاث فتحات (بن الحر) ضد العبد. فإن قلت: ترجم على ما يقول إذا أُصبح وليس له ذكر في الحديثين. قلت: قوله: إذا استيقظ يشمله وغيره من الأوقات. باب الدعاء في الصلاة 6326 - (عن أبي الخير) اسمه مرثر (عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: علمني دعاءً أدعو به في صلاتي) أي: بعد دخول في الصلاة. وموضع هذا الدعاء بعد دعاء الاستفتاح (اللهم إني ظلمت نفسي) هذا الاعتراف هو عين التوبة (فاغفر لي مغفرة من عندك) فائدة قوله: من عندك. الدلالة على عدم الوجوب عليه وعدم استحقاق العبد، بل ذلك بفضل منه تعالى، ثم بعد النقاء عن الذنوب بالمغفرة سأل رحمته، أي: إحسانه، تَحلِية بعد التخلية. 6327 - (مالك بن سُعَير) بضم السين مصغر (عن عائشة: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: 110] أنزلت في الدعاء) هذه رواية عائشة، وقد سلف في سورة بني إسرائيل

18 - باب الدعاء بعد الصلاة

6328 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا نَقُولُ فِي الصَّلاَةِ السَّلاَمُ عَلَى اللَّهِ، السَّلاَمُ عَلَى فُلاَنٍ. فَقَالَ لَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ يَوْمٍ «إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلاَمُ، فَإِذَا قَعَدَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلاَةِ فَلْيَقُلِ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ إِلَى قَوْلِهِ الصَّالِحِينَ. فَإِذَا قَالَهَا أَصَابَ كُلَّ عَبْدٍ لِلَّهِ فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ صَالِحٍ، أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. ثُمَّ يَتَخَيَّرُ مِنَ الثَّنَاءِ مَا شَاءَ». طرفه 831 18 - باب الدُّعَاءِ بَعْدَ الصَّلاَةِ 6329 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا يَزِيدُ أَخْبَرَنَا وَرْقَاءُ عَنْ سُمَىٍّ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ. قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالدَّرَجَاتِ وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ. قَالَ «كَيْفَ ذَاكَ». قَالَ صَلَّوْا كَمَا صَلَّيْنَا، وَجَاهَدُوا كَمَا جَاهَدْنَا، وَأَنْفَقُوا ـــــــــــــــــــــــــــــ عن ابن عباس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يجهر بالقراءة في الصلاة فإذا سمعه المشركون سبُّوا القرآن ومن جاء به ومن أنزله، فأمر بأن لا يجهر بحيث يسمعه المشركون ولا يخفيه بحيث لا يسمعه أصحابه. 6328 - ثم روى حديث عبد الله بن مسعود: أنهم كانوا يقولون في الصلاة بدل التشهُّد: السلام على الله وقد تقدم الحديث بشرحه في كتاب الاستئذان وقبله في كتاب الصلاة مرارًا. وموضع الدلالة قوله: (ثم ليتخير من الثناء ما شاء) وفي الرواية الأخرى: "من الدعاء". باب الدعاء بعد الصلاة 6329 - (إسحاق) كذا وقع، قال الغساني: لم ينسبه أحد لكن روى البخاري عن إسحاق بن منصور عن يزيد بن هارون (ورقاء) بالقاف والمدِّ (سُمَيِّ) بضم السين، مصغر (ذهب أهل الدثور بالدرجات العلى والنعيم المقيم) قال ابن الأثير: الدثور -بضم الدال-

مِنْ فُضُولِ أَمْوَالِهِمْ، وَلَيْسَتْ لَنَا أَمْوَالٌ. قَالَ «أَفَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَمْرٍ تُدْرِكُونَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، وَتَسْبِقُونَ مَنْ جَاءَ بَعْدَكُمْ، وَلاَ يَأْتِى أَحَدٌ بِمِثْلِ مَا جِئْتُمْ، إِلاَّ مَنْ جَاءَ بِمِثْلِهِ، تُسَبِّحُونَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ عَشْرًا، وَتَحْمَدُونَ عَشْرًا، وَتُكَبِّرُونَ عَشْرًا». تَابَعَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ سُمَىٍّ وَرَوَاهُ ابْنُ عَجْلاَنَ عَنْ سُمَىٍّ وَرَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ. وَرَوَاهُ جَرِيرٌ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى الدَّرْدَاءِ. وَرَوَاهُ سُهَيْلٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 843 ـــــــــــــــــــــــــــــ جمع دثر، وهو المال الكثير. (ابن عجلان) -بفتح العين وسكون الجيم- محمد المدني، ومتابعته هذه أسندها مسلم. ومتابعة جرير أسندها النسائي، ومتابعة سهيل أيضًا (رجاء بن حَيْوة) بفتح الحاء وسكون الياء (تُشجون كل صلاة عشرًا) تسبحون في [دبر] كل صلاة عشرًا. فإن قلت: قد مرَّ الحديث في أبواب الصلاة في باب الذكر بعد الصلاة "ثلاث وثلاثون" وهنا العشر، وكذلك التحميد والتكبير. قلت: أجاب بعضهم بأن هناك الدرجات مقيدة بالعلى وفيه ذكر زيادة الأعمال كالصوم، ولذلك زاد في العدد. وهذا ليس بشيء؛ فإن السؤال لم يقع إلَّا مرة واحدة. وزيادة الأعمال ونقصانها من تفاوت حفظ الرواة، بل الجواب أنه أوحي إليه أولًا "ثلاث وثلاثون" ثم أوحي إليه العشر. كان في مثل ذلك الفضل ونظائره. وأجاب بعضهم بأن ورقاء انفرد برواية عشر وردَّه شيخنا بأنه لم ينفرد، بل رواه جماعة وفيه دلالة على عظم فضل هذه الأذكار حتى زاد فضلها على الجهاد والحج وغيرها. فإن قلت: في الحديث: "أفضل الأعمال أحمزها" فكيف زادت هذه الألفاظ على تلك الأعمال. قلت: كل عمل إنما يقاس على نوعه، كالصوم في الحرِّ مثلًا أفضل من الصوم في

6330 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ وَرَّادٍ مَوْلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ كَتَبَ الْمُغِيرَةُ إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِى سُفْيَانَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ إِذَا سَلَّمَ «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهْوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلاَ مُعْطِىَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلاَ يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ». وَقَالَ شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ قَالَ سَمِعْتُ الْمُسَيَّبَ. طرفه 844 ـــــــــــــــــــــــــــــ البرد، وكذلك الوضوء في البرد كما سبق من قوله: "وإسباغ الوضوء على المكاره " ألا ترى أن كلمة التوحيد مع خفتها على اللسان لا يوازيها أعمال التعليق، وسيأتي في آخر الكتاب في قوله: "سبحان الله العظيم" زيادة تحقيق له إن شاء الله تعالى. فإن قلت: ترجم الباب على الدعاء بعد الصلاة ولم يورد له حديثًا قلت: أشار بهذا إلى الحديث القدسي: "من شغله ذكرى على مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين" وأشار إلى ما رواه أبو داود وغيره عن معاذ بن جبل: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له: لا تدع دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعنيِّ على ذكرك وشكرك " وفي رواية الإمام أحمد والترمذي: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول دبر كل صلاة: اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر وعذاب القبر". 6330 - (قتيبة) (ورَّاد) بفتح الواو وتشديد الراء (لا ينفع ذا الجد منك) بفتح الجيم وتشديد الدال الحظ والبخت والمعنى أن الذي له غنىً وحظ من الدنيا لا ينفعه عند الله، وإنما ينفعه الإيمان والعمل الصالح، ومِنْ هذه بَدَليَّةٌ كما في قوله تعالى: {أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ

19 - باب قول الله تعالى (وصل عليهم) ومن خص أخاه بالدعاء دون نفسه

19 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَصَلِّ عَلَيْهِمْ) وَمَنْ خَصَّ أَخَاهُ بِالدُّعَاءِ دُونَ نَفْسِهِ وَقَالَ أَبُو مُوسَى قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعُبَيْدٍ أَبِى عَامِرٍ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ ذَنْبَهُ». 6331 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى عُبَيْدٍ مَوْلَى سَلَمَةَ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ الأَكْوَعِ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى خَيْبَرَ، قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ أَيَا عَامِرُ لَوْ أَسْمَعْتَنَا مِنْ هُنَيْهَاتِكَ. فَنَزَلَ يَحْدُو بِهِمْ يُذَكِّرُ. تَاللَّهِ لَوْلاَ اللَّهُ مَا اهْتَدَيْنَا. وَذَكَرَ شِعْرًا غَيْرَ هَذَا، وَلَكِنِّى لَمْ أَحْفَظْهُ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ هَذَا السَّائِقُ». قَالُوا عَامِرُ بْنُ الأَكْوَعِ. قَالَ «يَرْحَمُهُ اللَّهُ». وَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْلاَ مَتَّعْتَنَا بِهِ، فَلَمَّا ـــــــــــــــــــــــــــــ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ} [التوبة: 38]، أي: بدلها، كذا ذكروه، لكن لم أر أحدًا من النحاة الكائن منك فإن ذكر الابتداء لا يستلزم ذكر البدلية، فالأحسن أن من بمعنى عن أي: متجاوزًا عنك. بتقدير مضاف. أي: عن طاعتك أو أن تكون ابتدائية. أي: الجد الكائن منك فإن ذكر الابتداء لا يستلزم ذكر الانتهاء. كقولك: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. نبَّه عليه بعض الفضلاء، ومن فسَّر الجد باب الأب أمْ أب الأم فقد أبعد إذ الأب أولى بذلك. باب قوله تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 103] ومن خص أخاه بالدعاء (وقال أبو موسى: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: اللهم اغفر لعُبَيد أبي عامر) هذا التعليق تقدم مسندًا في غزوة حنين، وعُبيد اسم علم لأبي عامر عمِّ أبى موسى كان أمير على الجيش في غزوة أوطاس. مات بها شهيدًا (اللهم اغفر لعبد الله بن قيس) هذا اسم أبي موسى (أبا عامر) بفتح الهمزة على النداء. 6331 - (لو أسمعت) لو للتمني أو للشرط، والجواب محذوف (من هنيَّاتك) بضم الهاء وفتح النون وتشديد الياء، ويروى "هنيهاتك" على أن الهاء بدل عن الياء، وهناتك مكبرًا قال ابن الأثير: الهن: كناية عن أسماء الأجناس أي جنس كان. والمراد هنا الأراجيز والحديث سلف في غزوة خيبر، وموضع الدلالة هنا قوله: (يرحمه الله) فإنه دعاء لعامر وصلاة عليه (وقال رجل من القوم) هو عمر بن الخطاب (لولا متعتنا به) وذلك أنه كان إذا

صَافَّ الْقَوْمَ قَاتَلُوهُمْ، فَأُصِيبَ عَامِرٌ بِقَائِمَةِ سَيْفِ نَفْسِهِ فَمَاتَ، فَلَمَّا أَمْسَوْا أَوْقَدُوا نَارًا كَثِيرَةً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا هَذِهِ النَّارُ عَلَى أَىِّ شَىْءٍ تُوقِدُونَ». قَالُوا عَلَى حُمُرٍ إِنْسِيَّةٍ. فَقَالَ «أَهْرِيقُوا مَا فِيهَا، وَكَسِّرُوهَا». قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلاَ نُهَرِيقُ مَا فِيهَا وَنَغْسِلُهَا قَالَ «أَوْ ذَاكَ». طرفه 2477 6332 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو سَمِعْتُ ابْنَ أَبِى أَوْفَى - رضى الله عنهما كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَتَاهُ رَجُلٌ بِصَدَقَةٍ قَالَ «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ فُلاَنٍ». فَأَتَاهُ أَبِى فَقَالَ «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِى أَوْفَى». طرفه 1497 6333 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ قَالَ سَمِعْتُ جَرِيرًا قَالَ قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَلاَ تُرِيحُنِى مِنْ ذِى الْخَلَصَةِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ خصَّ إنسانًا بقول: رحمه الله يكون شهيدًا. كان هذا معلومًا عندهم. قال بعض الشارحين: فإن قلت: الارتجاز بهذه الأراجيز كان يوم الخندق. قلت: لا منافاة لجواز وقوع الأمرين. وأنا أقول: هذا لغو من الكلام، فإن الارتجاز في الخندق كان من الأنصار، وهنا من عامر فأيُّ وجه للسؤال، وإنما كان يتوهم في الجملة لو كان القائل متحدًا. (على حُمر أنسية) بفتح الهمزة على خلاف القياس: نسبة إلى الإنس (أهريقوا ما فيها واكسروها) لا يقال: الكسر فيه إضاعة المال فكيف أمر به، لأن أحدًا لا يناظر الشارع (قال رجل: يا رسول الله: ألا نهريق ما فيها ونفسلها؟ قال: أو ذاك) بسكون الواو، وقيل: بالفتح. وهذا مع كونه مخالفًا للرواية لا معنىً له. 6332 - ثم روى ابن أبي أوفى: أن أباه جاء بصدقته إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقد سلف الحديث في أبواب الزكاة، وموضع الدلالة قوله: (اللهم صلِّ على [آل] أبي أوفى) لفظ الآل مُقْحمٌ والأولى أن يكون على أصله؛ فإن الصلاة على آله لأجل يدل على الصلاة عليه من باب الأولى. 6333 - (ألا تريحني من ذي الخلصة) -بفتح الخاء واللام- ومثله يسمى عند النحاة

وَهْوَ نُصُبٌ كَانُوا يَعْبُدُونَهُ يُسَمَّى الْكَعْبَةَ الْيَمَانِيَةَ. قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى رَجُلٌ لاَ أَثْبُتُ عَلَى الْخَيْلِ، فَصَكَّ فِي صَدْرِى فَقَالَ «اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا». قَالَ فَخَرَجْتُ فِي خَمْسِينَ مِنْ أَحْمَسَ مِنْ قَوْمِى - وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ فَانْطَلَقْتُ فِي عُصْبَةٍ مِنْ قَوْمِى - فَأَتَيْتُهَا فَأَحْرَقْتُهَا، ثُمَّ أَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ مَا أَتَيْتُكَ حَتَّى تَرَكْتُهَا مِثْلَ الْجَمَلِ الأَجْرَبِ. فَدَعَا لأَحْمَسَ وَخَيْلِهَا. طرفه 3020 6334 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا قَالَ قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَسٌ خَادِمُكَ. قَالَ «اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ، وَبَارِكْ لَهُ فِيمَا أَعْطَيْتَهُ». طرفه 1982 6335 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ العرض، تقديره: إن تجربه تريحني. قال: (وهو نصبٌ كانوا يعبدونه) ظاهره على أنه نفس الصنم وليس كذلك. بل هو بيت في خثعم صرَّح به في غزوة ذي الخلصة، ويدل عليه قوله هنا: (ويسمى الكعبة اليمانية) والحديث سلف هناك، وموضع الدلالة هنا قوله: (فدعا لأحمس وخيلها) قال ابن الأثير: الحمس قريش ومن ولدت قريش وكتابه وجديلة قريش قال الجوهري. وجَدَيلة -بفتح الجيم والدال- اسم أبيهم سبيع بن عمر بن حمير. (فخرجت في خمسين من أحمس) قيل: صوابه في مئة وخمسين لما تقدم هناك بطرق كثيرة (فقلت: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما جئتك أتيتك حتى تركتها مثل الجمل الأجرب). فإن قلت: قد سلف هناك أنه أرسل أرطاة مبشرًا وهو الذي قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا الكلام. قلت: لا تنافي، قاله كلٌّ منهما. 6334 - ثم روى حديث أنس أن أم سليم قالت: يا رسول الله خادمك أنس قد سلف مرارًا، وموضع الدلالة قوله: (اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيما أعطيته) وفيه دلالة على جواز الدعاء بكثرة الحال والولد وفيه دلالة على أن الغني الشاكر خير من الفقير الصابر. 6335 - (عَبْدة) بفتح العين وسكون الباء، روى عن عائشة.

20 - باب ما يكره من السجع فى الدعاء

عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ سَمِعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلاً يَقْرَأُ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ «رَحِمَهُ اللَّهُ، لَقَدْ أَذْكَرَنِى كَذَا وَكَذَا آيَةً أَسْقَطْتُهَا فِي سُورَةِ كَذَا وَكَذَا». طرفه 2655 6336 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنِى سُلَيْمَانُ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَسَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَسْمًا فَقَالَ رَجُلٌ إِنَّ هَذِهِ لَقِسْمَةٌ مَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ. فَأَخْبَرْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَغَضِبَ حَتَّى رَأَيْتُ الْغَضَبَ فِي وَجْهِهِ وَقَالَ «يَرْحَمُ اللَّهُ مُوسَى، لَقَدْ أُوذِىَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ». طرفه 3150 20 - باب مَا يُكْرَهُ مِنَ السَّجْعِ فِي الدُّعَاءِ 6337 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّكَنِ حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلاَلٍ أَبُو حَبِيبٍ حَدَّثَنَا هَارُونُ الْمُقْرِئُ حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ الْخِرِّيتِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ حَدِّثِ النَّاسَ كُلَّ جُمُعَةٍ مَرَّةً، فَإِنْ أَبَيْتَ فَمَرَّتَيْنِ، فَإِنَّ أَكْثَرْتَ فَثَلاَثَ مِرَارٍ وَلاَ تُمِلَّ النَّاسَ هَذَا الْقُرْآنَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سمع رجلًا [يقرأ] في المسجد، فقال: رحمه الله لقد أذكرني كذا كذا آية كنت أسقطتها من سورة كذا). فإن قلت: كيف أسقطها وقد ضمن الله له حفظ القرآن؟ قلت: لا تنافي فإنه يذكرها بهذا، وقد قال تعالى: {سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى (6) إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} [الأعلى: 7]. 6336 - وحديث ابن مسعود: (أن رجلًا من الأنصار قال: إن هذه قسمة ما أريد بها وجه الله) تقدَّم مرارًا وموضع الدلالة قوله: (يرحم الله موسى) قال شيخنا: هذا الرجل "معتِّب" بكسر المثناة مثقلة، أو "حرقوص" الخارجي. قلت: وفي كل منهما نظر، أما "معتب" من الأنصار "ابن قشير" ليس غيره فقد قال ابن عبد البر: إنه شهد بدرًا واحدًا. وأما "حرقوص" فرجل من الخوارج مما لا تعلق له بالأنصار. باب ما يكره من السجع في الدعاء 6337 - (محمد بن السكن) بفتح السين والكاف (حِبَّان بن هلال) بكسر الحاء وتشديد الموحدة (المُقرئ) بضم الميم من الإقراء (الخِرِّيت) بكسر الخاء المعجمة وتشديد الراء المكسورة (ولا تمل الناس هذا القرآن) -بضم التاء وكسر اللام المشددة- أي: لا تكثر من

21 - باب ليعزم المسألة، فإنه لا مكره له

وَلاَ أُلْفِيَنَّكَ تَأْتِى الْقَوْمَ وَهُمْ فِي حَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِهِمْ فَتَقُصُّ عَلَيْهِمْ، فَتَقْطَعُ عَلَيْهِمْ حَدِيثَهُمْ فَتُمِلُّهُمْ، وَلَكِنْ أَنْصِتْ، فَإِذَا أَمَرُوكَ فَحَدِّثْهُمْ وَهُمْ يَشْتَهُونَهُ، فَانْظُرِ السَّجْعَ مِنَ الدُّعَاءِ فَاجْتَنِبْهُ، فَإِنِّى عَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابَهُ لاَ يَفْعَلُونَ إِلاَّ ذَلِكَ. يَعْنِى لاَ يَفْعَلُونَ إِلاَّ ذَلِكَ الاِجْتِنَابَ. 21 - باب لِيَعْزِمِ الْمَسْأَلَةَ، فَإِنَّهُ لاَ مُكْرِهَ لَهُ 6338 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ فَلْيَعْزِمِ الْمَسْأَلَةَ، وَلاَ يَقُولَنَّ اللَّهُمَّ إِنْ شِئْتَ فَأَعْطِنِى. فَإِنَّهُ لاَ مُسْتَكْرِهَ لَهُ». طرفه 7464 ـــــــــــــــــــــــــــــ تفسير القرآن على الناس بحيث يملون منه (ولا ألفِنَّك) -بضم الهمزة- أي: لا أجِدتَّك، كان حق الكلام أن يقول: لا تفعل كذا. والعدول إلى هذا سلوك طريق الكناية فإنه أبلغ (وانظر السجع من الدعاء فاجتنبه) قال الجوهري: الكلام المقفَّى وشرطه أن لا يكون موزونًا وهو في النشر كالبيت من الشعر. فإن قلت: قوله: (فإني عهدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه لا يفعلونه) كيف يصح والسجع في كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كثير كقوله: "ولا يملأ عين ابن آدم إلَّا التراب، ثم يتوب الله على من تاب"؟. قلت: أراد التكلف في ذلك والذي وقع في كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليس من ذلك بل وقع من غاية السادسة والانسجام وقوله: (لا يفعلون إلا ذلك) أي: الاجتناب، وفي رواية الطبراني: "يفعلون ذلك" وهذا ظاهر. باب ليعزم المسألة 6338 - هذه الترجمة بعض حديث الباب ومعنى العزم: القطع أي: ليجزم وليقطع، وقد شرحه بقوله بعد (لا تقل: اللهم إن شئت أعطيتني) إنما وجب الجزم لما في الحديث الآخر: "أنا عند ظن عبدي ابن فليظنَّ بي ما شاء" ولأن ما يتوهم من سوء الأدب من إكراه

22 - باب يستجاب للعبد ما لم يعجل

6339 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَقُولَنَّ أَحَدُكُمُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى، اللَّهُمَّ ارْحَمْنِى، إِنْ شِئْتَ. لِيَعْزِمِ الْمَسْأَلَةَ، فَإِنَّهُ لاَ مُكْرِهَ لَهُ». طرفه 7477 22 - باب يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَعْجَلْ 6340 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى عُبَيْدٍ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يُسْتَجَابُ لأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ يَقُولُ دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِى». ـــــــــــــــــــــــــــــ المطلوب منه كما هو المتعارف في الناس فالله تعالى منزه عنه ليس من شأنه ذلك الوهم. 6339 - (أبي الزناد) بكسر الزاي بعدها نون. باب يستجاب للعبد ما لم يستعجل 6340 - (أبي عبيد) -بضم العين- مولى ابن أزهر (يستجاب لأحدكم ما لك يعجل يقول: دعوت فلم يجب لي) يقال: أجاب واستجاب بمعنىً واحد. قال بعض الشارحين: فإن قلت: شرطه في الإجابة العدمان عدم العجلة، وعدم القول فما حكمه في الصور الثلاث: أعني: وجودهما أو وجود العجلة دون القول، أو بالعكس. قلت: مقتضى الشرطية عدم الاستجابة في الأولين، وأما الثالث فغير متصور، هذا كلامه. وهو فاسد إذ لا اثنينية بوجه؛ لأن قوله "دعوت فلم يجب" هو تفسير معنى العجلة، وإذا لم يكن هناك إلا أمر واحد بطل ما فرعه عليه من الصور الثلاث، على أن قوله: مقتضى الشرطية عدم الاستجابة. كلام باطل إذ لا شرطية هنا فإن ما في قوله: "ما لم يعجل"

23 - باب رفع الأيدى فى الدعاء

23 - باب رَفْعِ الأَيْدِى فِي الدُّعَاءِ وَقَالَ أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِىُّ دَعَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَرَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ رَفَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَدَيْهِ «اللَّهُمَّ إِنِّى أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ». ـــــــــــــــــــــــــــــ مصدرية، ولو أراد بالشرطية ما أفاده الكلام من أن شرط الإجابة عدم العجلة. فهو أمر واحد كما نبَّهناك عليه. ثم قال: فإن قلت: هذا يقتضي إجابة كل دعوة انتفى فيها العدمان مع أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سأل ثلاثة فأعطي اثنتين، ولم يعط الثالثة. قلت: العجلة من جبلة الإنسان، وهذا يدل على اعتقاده أن عدم إعطائه الثلاثة لوجود العجل من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وهذا خطى عظيم وافتراء على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأن الحكيم الذي يرشد الناس على طريق الصواب. فكيف يترك هو ذلك الطريق. والتحقيق في هذا المقام أن لقبول الدعاء شرائط: الأول: أن لا يكون من قلب لاه كما رواه الترمذي. [الثاني]: أن لا يكون إثمًا ولا قطيعة رحم. الثالث: أن الإجابة لا تنحصر فيما سأله بل إنما يجيبه إلى ذلك أو يصرف عنه السوء به، أو يدخر له ما هو خير له كما رواه أحمد، ومنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو من هذا القبيل، فإنه أعطاه مقامًا محمودًا يرغب إليه آدم ومن دونه، والله الموفق. ومن آداب الدعاء: تقديم الوضوء. واستقبال القبلة، وتقديم التوبة والحمد والثناء وقت السحر وإن كان في السجود كان أولى. باب رفع الأيدي في الدعاء (وقال أبو موسى: رفع النبي - صلى الله عليه وسلم -) سبق مسندًا في غزوة أوطاس، وهنا أيضًا في أبواب الدعوات لمَّا بلغهُ قتل أبي عامر الأشعري (وقال ابن عمر: رفع النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد) وذلك أنه أرسله إلى بني جذيمة، وكانوا قد أسلموا فلما رأوا خالدًا أسرعوا يقولون: صبأنا صبأنا، فظن خالد أنهم يقولون هزؤًا فإن الكفار كانوا يقولون لمن أسلم صبأ فلان.

24 - باب الدعاء غير مستقبل القبلة

6341 - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَقَالَ الأُوَيْسِىُّ حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَشَرِيكٍ سَمِعَا أَنَسًا عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ. طرفه 1031 24 - باب الدُّعَاءِ غَيْرَ مُسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةِ 6342 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ بَيْنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَسْقِيَنَا. فَتَغَيَّمَتِ السَّمَاءُ وَمُطِرْنَا، حَتَّى مَا كَادَ الرَّجُلُ يَصِلُ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَلَمْ تَزَلْ تُمْطَرُ إِلَى الْجُمُعَةِ الْمُقْبِلَةِ، فَقَامَ ذَلِكَ الرَّجُلُ أَوْ غَيْرُهُ فَقَالَ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَصْرِفَهُ عَنَّا، فَقَدْ غَرِقْنَا. فَقَالَ «اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا». فَجَعَلَ السَّحَابُ يَتَقَطَّعُ حَوْلَ الْمَدِينَةِ، وَلاَ يُمْطِرُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ. طرفه 932 ـــــــــــــــــــــــــــــ 6341 - (الأويسي) -بضم الهمزة- عبد العزيز بن عبد الله. وتعليق أنس تقدم في أبواب الاستسقاء مسندًا، ودلت الأحاديث على سنة رفع اليد في الدعاء إلَّا إذا كان في الصلاة لورود النهي عنه. فإن قلت: تقدم في الاستسقاء عن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يرفع يديه إلَّا في الاستسقاء. قلت: أنس كان صغيرًا في الصف الأخير لم يشاهده في الصلاة، وإنما شاهده وهو على المنبر، وقيل: محمول على مبالغة الرفع في الاستسقاء. باب الدعاء غير مستقبل القبلة 6342 - (محبوب) بالحاء من المحبة (أبو عَوانة) -بفتح العين- الوضَّاح الواسطي روى حديث: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استسقى على المنبر، وقد سلف في أبواب الجمعة، وموضع الدلالة دعاؤه غير مستقبل فإنه كان على المنبر (فتغيمت السماء) أي: صارت ذات غيم بعد دعائه كما سلف هناك (حوالينا) وقد سلف أنه كان يمطر حوالي المدينة وبقيت المدينة كأنها في إكليل والحديث دل على جواز الدعاء غير مستقبل القبلة إذا كان مانع وإلَّا فالأفضل أن يكون مستقبل القبلة، كما ذكر في الباب بعده.

25 - باب الدعاء مستقبل القبلة

25 - باب الدُّعَاءِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ 6343 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى هَذَا الْمُصَلَّى يَسْتَسْقِى، فَدَعَا وَاسْتَسْقَى ثُمَّ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَقَلَبَ رِدَاءَهُ. طرفه 1005 26 - باب دَعْوَةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لِخَادِمِهِ بِطُولِ الْعُمُرِ وَبِكَثْرَةِ مَالِهِ 6344 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى الأَسْوَدِ حَدَّثَنَا حَرَمِىٌّ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَتْ أُمِّى يَا رَسُولَ اللَّهِ خَادِمُكَ أَنَسٌ ادْعُ اللَّهَ لَهُ. قَالَ «اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ، وَبَارِكْ لَهُ فِيمَا أَعْطَيْتَهُ». طرفه 1982 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الدعاء مستقبل القبلة 6343 - (وهيب) بضم الواو، مصغر (عبَّاد) بفتح العين وتشديد الباء (تميم) على وزن كريم (خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - يستسقي فدعا واستسقى وقلب رداءه) اعترض الإسماعيلي على البخاري فإنه روى الحديث الذي يدل على أنه دعا غير مستقبل، لقوله بعد أن دعا (ثم استقبل القبلة). وأجاب بعضهم بأن الاستسقاء. هو الدعاء وقد قسمه إلى ما قبل الاستقبال وإلى ما بعده. وهذا ليس بشيء لأن قوله: "ثم استقبل القبلة" يدل قطعًا على أن الاستسقاء قبل الاستقبال بل جواب الاعتراض أنه روى في الحديث أبواب الاستقساء عن عبَّاد "فتوجَّه إلى القبلة يدعو" فقد أحال الاستدلال على ذلك المذكور وهذا دأبه في أكثر المواضع ولا يفقه ذلك إلَّا من وفقه الله وتتبَّع الأحاديث في طرقها، واستدل بالحديث على سنة قلب الرِّداء مالك والشافعي وأحمد. قالوا: والحكمة: التفاؤل بتقلب الحال من المَحْل إلى المطر. باب دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - لخادمه بطول العمر 6344 - (حَرَميُّ بن عمارة) بفتح الحاء، والراء وضمِّ العين وتخفيف الميم. فإن قلت: ليس في الحديث ذكر العمر الذي ترجم عليه قلت: جاء في بعض طرقه فأحال عليه أو أشار بكثرة الولد فإنه غالبًا لا يكون إلَّا لمن طالت عمره والأول أحسن لما تقدم أنه قال أنس: ولقد بقيت حتى سئمت الحياة.

27 - باب الدعاء عند الكرب

27 - باب الدُّعَاءِ عِنْدَ الْكَرْبِ 6345 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَبِى الْعَالِيَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَدْعُو عِنْدَ الْكَرْبِ «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ». طرفاه 6346، 7431 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: الآجال مقدَّرة فأي معنىً للدعاء بطول العمر؟ قلت: القضاء معلق ومبرم فالمبرم هو الذي لا يبدل، وأما المعلق هو الذي أشير إليه بقوله تعالى: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [الرعد: 39] وقد أشرنا إليه في قوله: "الصدقة تزيد في العمر". فائدة: قال ابن قتيبة: كان بالبصرة ثلاثة ما ماتوا حتى رأى كلُّ واحدٍ مئة ولد ذكر من صلبه: أنس، وأبو بكرة، وخليفة بن بدر. باب الدعاء عند الكرب 6345 - (عن أبي العالية) واسمه رُفيع -بضم الراء- مصغر (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعوا عند الكرب: لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله العليم الحليم لا إله إلا الله رب السموات ورب العرش العظيم) قال الجوهري: الكرب والكربة: الغمُّ الذي يأخذ بالنفس. فإن قلت: هذا ذكر وقد ترجم على الدعاء؟ قلت: أشار إليه في الترجمة ولم يكن على شرطه وقد رواه غيره: "اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين" رواه ابن هشام في السيرة بأطول من هذا، وقيل: أشار به إلى ما رواه من الحديث القدسي: "من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين" يؤيده ذكر يونس في بطن الحوت: {أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: 87] فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "دعاء

28 - باب التعوذ من جهد البلاء

6346 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامِ بْنِ أَبِى عَبْدِ اللَّهِ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِى الْعَالِيَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقُولُ عِنْدَ الْكَرْبِ «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ، وَرَبُّ الأَرْضِ، وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ». وَقَالَ وَهْبٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ مِثْلَهُ. طرفه 6345 28 - باب التَّعَوُّذِ مِنْ جَهْدِ الْبَلاَءِ 6347 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنِى سُمَىٌّ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَتَعَوَّذُ مِنْ جَهْدِ الْبَلاَءِ، وَدَرَكِ الشَّقَاءِ، وَسُوءِ الْقَضَاءِ، وَشَمَاتَةِ الأَعْدَاءِ. قَالَ سُفْيَانُ الْحَدِيثُ ثَلاَثٌ زِدْتُ أَنَا وَاحِدَةً، لاَ أَدْرِى أَيَّتُهُنَّ هِىَ. طرفه 6616 ـــــــــــــــــــــــــــــ يونس" وليس فيه دعاء ومناسبة هذا الذكر لدفع الكرب اشتماله على صفات الجلالة والجمال فإذا قُوبلت ترجَّحت صفات الجمال؛ لأن رحمته غالبة غضبه. باب التعوذ من جهد البلاء 6347 - (سُمي) بضم السين، مصغر (عن أبي صالح) هو ذكوان السمان (كان رسول الله يتعوَّذ من جهد البلاء) قال ابن الأثير: الجَهد: -بفتح الجيم لا غير- هو المشقة (ودرك الشقاء) -بفتح الدال والراء- مصدر درك، إذا لحق ووصل (وسوء القضاء) أي: القضاء السوء من إضافة الصفة إلى الموصوف، ويشمل كل آفة في النفس والمال والأهل (وشماتة الأعداء) فرحهم بما يصيب الإنسان. قال الجوهري: والفعل منه شِمت بكسر الميم. (قال سفيان: الحديث ثلاث زدت أنا واحدة لا أدري أيتهن هي). فإن قلت: كيف جاز له الزيادة في الحديث؟ قلت: لم يُرد أنه زاده في الحديث بل أضاف إلى ما في الحديث خصلة أخرى استفاد منها ومثله كثير في الأدعية لكن روى البخاري

29 - باب دعاء النبى - صلى الله عليه وسلم - «اللهم الرفيق الأعلى»

29 - باب دُعَاءِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأَعْلَى» 6348 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ فِي رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ وَهْوَ صَحِيحٌ «لَنْ يُقْبَضَ نَبِىٌّ قَطُّ حَتَّى يَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ ثُمَّ يُخَيَّرُ». فَلَمَّا نَزَلَ بِهِ وَرَأْسُهُ عَلَى فَخِذِى، غُشِىَ عَلَيْهِ سَاعَةً، ثُمَّ أَفَاقَ فَأَشْخَصَ بَصَرَهُ إِلَى السَّقْفِ ثُمَّ قَالَ «اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأَعْلَى». قُلْتُ إِذًا لاَ يَخْتَارُنَا، وَعَلِمْتُ أَنَّهُ الْحَدِيثُ الَّذِى كَانَ يُحَدِّثُنَا، وَهْوَ صَحِيحٌ. قَالَتْ فَكَانَتْ تِلْكَ آخِرَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا «اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأَعْلَى». طرفه 4435 ـــــــــــــــــــــــــــــ في أبواب القدر عن سفيان في رواية أبي الربيع مرفوعًا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلفظ الأمر: "تعوَّذوا" ويكون ما زاده من عنده كان من الحديث، ولم يكن يدري به حين أخبر في الحديث، وفي رواية الإسماعيلي أن الذي زاده سفيان "شماتة الأعداء" وأجاب بعضهم عن الإشكال بأن سفيان كان إذا حدث غيَّر ما زاده عن الحديث، وليس بشيء فإن الحديث رواه مسلم وغيره. ولم يقع قط إشارة إلى المزيد وكيف يصح ذلك وسفيان يقول: لا أدري أيتهن؟ باب دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - الرفيق الأعلى 6348 - (عُفير) بضم العين، مصغر وكذا (عقيل) روى في الباب حديث عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال حين انتقل إلى عالم البقاء: (اللهم الرفيق الأعلى) يريد انتقاله الملائكة والأنبياء، وقد سلف الحديث في وفاته وغيره مرارًا (حتى يُرى مقعده من الجنة) بضم الياء على بناء المجهول، ويجوز الفتح (أشخص بصره) بالنصب، أي: رفعه بحيث لم يطرف أجفانه (قلت: إذن لا يختارنا) بالرفع لأن المعنى على الحال دون الاستقبال (اللهم الرفيق الأعلى) يجوز فيه النصب، أي: اخترته والرفع على الابتداء أو الخبر، ولفظ الرفيق كالصديق يطلق على المفرد والجمع.

30 - باب الدعاء بالموت والحياة

30 - باب الدُّعَاءِ بِالْمَوْتِ وَالْحَيَاةِ 6349 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ قَالَ أَتَيْتُ خَبَّابًا وَقَدِ اكْتَوَى سَبْعًا قَالَ لَوْلاَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَانَا أَنْ نَدْعُوَ بِالْمَوْتِ لَدَعَوْتُ بِهِ. طرفه 5672 6350 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنِى قَيْسٌ قَالَ أَتَيْتُ خَبَّابًا وَقَدِ اكْتَوَى سَبْعًا فِي بَطْنِهِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ لَوْلاَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَانَا أَنْ نَدْعُوَ بِالْمَوْتِ لَدَعَوْتُ بِهِ. طرفه 5672 6351 - حَدَّثَنَا ابْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمُ الْمَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ، فَإِنْ كَانَ لاَ بُدَّ مُتَمَنِّيًا لِلْمَوْتِ فَلْيَقُلِ اللَّهُمَّ أَحْيِنِى مَا كَانَتِ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِى، وَتَوَفَّنِى إِذَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِى». طرفه 5671 31 - باب الدُّعَاءِ لِلصِّبْيَانِ بِالْبَرَكَةِ وَمَسْحِ رُءُوسِهِمْ وَقَالَ أَبُو مُوسَى وُلِدَ لِى غُلاَمٌ، وَدَعَا لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْبَرَكَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الدعاء بالموت والحياة 6349 - 6350 - 6351 - (مُسدَّد) بضم الميم وتشديد الدال (صهيب) بضم الصاد، مصغر (أتيت خبابًا) بفتح الخاء المعجمة وتشديد الباء (ابن سلام) بتخفيف اللام (عُلبَّة) بضم العين وفتح اللام وتشديد الياء: (لا يتمنَّينَّ أحدكم الموت) لضر نزل به، يريد الضر في أمر الدنيا لما في الحديث الآخر: وإذا أردت فتنة في قوم فاقبضني إليك. باب الدعاء للصبيان بالبركة (وقال أبو موسى: ولد لي غلام فدعا النبي - صلى الله عليه وسلم - بالبركة) تقدم الحديث مسندًا.

6352 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَاتِمٌ عَنِ الْجَعْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ سَمِعْتُ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ يَقُولُ ذَهَبَتْ بِى خَالَتِى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ ابْنَ أُخْتِى وَجِعٌ. فَمَسَحَ رَأْسِى، وَدَعَا لِى بِالْبَرَكَةِ، ثُمَّ تَوَضَّأَ فَشَرِبْتُ مِنْ وَضُوئِهِ، ثُمَّ قُمْتُ خَلْفَ ظَهْرِهِ، فَنَظَرْتُ إِلَى خَاتَمِهِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ مِثْلَ زِرِّ الْحَجَلَةِ. طرفه 190 6353 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى أَيُّوبَ عَنْ أَبِى عَقِيلٍ أَنَّهُ كَانَ يَخْرُجُ بِهِ جَدُّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هِشَامٍ مِنَ السُّوقِ أَوْ إِلَى السُّوقِ فَيَشْتَرِى الطَّعَامَ، فَيَلْقَاهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَابْنُ عُمَرَ فَيَقُولاَنِ أَشْرِكْنَا فَإِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ دَعَا لَكَ بِالْبَرَكَةِ. فَرُبَّمَا أَصَابَ الرَّاحِلَةَ كَمَا هِىَ، فَيَبْعَثُ بِهَا إِلَى الْمَنْزِلِ. طرفه 2502 6354 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ وَهُوَ الَّذِى مَجَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي وَجْهِهِ وَهْوَ غُلاَمٌ مِنْ بِئْرِهِمْ. طرفه 77 ـــــــــــــــــــــــــــــ 6352 - 6353 - (عن أبي الجَعد) بفتح الجيم، روى حديث السائب بن يزيد أن خالته ذهبت به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدعا بالبركة، الحديث سلف في أبواب الوضوء (ابن أختي وجع) -بكسر الجيم- أي: مريض (فشربت من وَضوئه) -بفتح الواو- الماء الذي توضأ منه (فنظرت إلى خاتمه مثل زرِّ الحجله) -بكسر الزاي المعجمة بعدها مهملة مشددة- أحد الأزرار، والحجلة بفتح الحاء والجيم بيت العروس معروف، ويروى بتقديم المهملة، وهو بيض الطائر المعروف بالفتح وتمام الكلام عليه في مناقب الرسول (عن أبي عَقيل) بفتح العين: زهرة بن معبد فربما أصاب الراحلة هي الناقة القويَّة أي: يحملها أو نفس الناقة من الربح ببركة دعاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. 6354 - (وهو الذي مجَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - في وجهه). فإن قلت: ليس في حديثه أنه دعا له بالبركة كما ترجم عليه. قلت: أجاب بعضهم بأن المجَّ في حكم الدعاء والفعل قائم مقام القول، وهذا شيء لا يلتفت إليه، بل جاء في رواية أنه مجَّ في وجهه ودعا له بالبركة.

32 - باب الصلاة على النبى - صلى الله عليه وسلم -

6355 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُؤْتَى بِالصِّبْيَانِ فَيَدْعُو لَهُمْ، فَأُتِىَ بِصَبِىٍّ فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ، فَدَعَا بِمَاءٍ فَأَتْبَعَهُ إِيَّاهُ، وَلَمْ يَغْسِلْهُ. طرفه 222 6356 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ اللَّهُ بْنُ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْرٍ - وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ مَسَحَ عَنْهُ - أَنَّهُ رَأَى سَعْدَ بْنَ أَبِى وَقَّاصٍ يُوتِرُ بِرَكْعَةٍ. طرفه 4300 32 - باب الصَّلاَةِ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - 6357 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِى لَيْلَى قَالَ لَقِيَنِى كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ فَقَالَ أَلاَ أُهْدِى لَكَ هَدِيَّةً، إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ عَلَيْنَا فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَلِمْنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكَ، فَكَيْفَ نُصَلِّى عَلَيْكَ قَالَ «فَقُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ». طرفه 3370 ـــــــــــــــــــــــــــــ 6355 - 6356 - (عبد الله بن ثعلبة بن صعير) بضم الصاد وعين مهملة على وزن المصغر (مسح عنه) أي: أزال عنه ما كان عليه مثل الغبار. فان قلت: ليس فيه أنه دعا له. قلت: المسح يدل فإنه قرينة غالبًا أو ربما وقع في رواية ولم يكن على شرطه، وفي الحديث دلالة على أن دعاء أهل الصلاح مرغوبٌ فيه لا سيما للأطفال في ابتداء نشوئهم رجاء حسن المآل. باب الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - 6357 - (الحكم) بفتح الحاء والكاف (عُجُرة) بضم العين والجيم (قد علمنا كيف نسلم عليك) الذي في التشهد (السلام عليك أيها النبي). (اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم) هذا التشبيه ليس من إلحاق الناقص بالكامل حتى يقال فيه: النبي - صلى الله عليه وسلم - رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفضل من إبراهيم، بل من الخفي بالأشهر لقوله تعالى في شأن إبراهيم وآله: {رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ} [هود: 73] ولأن الملك كلهم متفقون في فضل إبراهيم وقيل: التشبيه إنما هو في آل محمد وآل إبراهيم أفضل لأن فيهم الأنبياء وقد بسطنا الكلام عليه في آخر سورة الأحزاب لما فيه قرة عين لكل ناظر فيه فعليك به.

33 - باب هل يصلى على غير النبى - صلى الله عليه وسلم -

6358 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى حَازِمٍ وَالدَّرَاوَرْدِىُّ عَنْ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا السَّلاَمُ عَلَيْكَ، فَكَيْفَ نُصَلِّى قَالَ «قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ». طرفه 4798 33 - باب هَلْ يُصَلَّى عَلَى غَيْرِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى (وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ). 6359 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنِ ابْنِ أَبِى أَوْفَى قَالَ كَانَ إِذَا أَتَى رَجُلٌ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بِصَدَقَتِهِ قَالَ «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ». فَأَتَاهُ أَبِى بِصَدَقَتِهِ فَقَالَ «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِى أَوْفَى». طرفه 1497 6360 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِىُّ أَنَّهُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ نُصَلِّى عَلَيْكَ قَالَ «قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ». طرفه 3369 ـــــــــــــــــــــــــــــ 6358 - (ابن أبي حازم) بالحاء المهملة عبد العزيز (والدراوردي) بفتح الدال والراء اسمه عبد العزيز (خباب) بفتح الخاء المعجمة وتشديد الباء. فإن قلت: ما حكم الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قلت: الإجماع وجوبه مرة في العمر لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ} [الأحزاب: 56] وقيل: كما مرَّ ذكره. وقال الشافعي: تجب في التشهد، وهو رواية عن الإمام أحمد وقال مالك وأبو حنيفة: سنة. باب هل يصلي على غير النبي - صلى الله عليه وسلم - 6359 - (حرب) ضد الصلح (مُرة) بضم الميم وتشديد الراء (عن أبي أوفى) بفتح الهمزة. 6360 - (عبد الله بن مسلمة) بفتح الميم واللام (سُليم) بضم السين، مصغر (الزُرقي) بضم المعجمة بعدها مهملة (أبو حُميد) -بضم الحاء، مصغر- اسمه عبد الرحمن. روى في الباب (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: اللهم صل على أبي أوفى) اتفق العلماء على كراهية أن يقال:

34 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - «من آذيته فاجعله له زكاة ورحمة»

34 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ آذَيْتُهُ فَاجْعَلْهُ لَهُ زَكَاةً وَرَحْمَةً» 6361 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «اللَّهُمَّ فَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ سَبَبْتُهُ فَاجْعَلْ ذَلِكَ لَهُ قُرْبَةً إِلَيْكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ اللهم صل على آل فلان، ولا دليل في هذا الحديث؛ لأن ذلك حق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[ولا يقال في حقه] أن جل جلاله وإن كان جليلًا عظيم القدر؛ لأن ذلك اللفظ شأن الألوهية، وحديث أبي حُميد قد سلف في الباب قبله. وإنما رواه هنا دلالة على أن الصلاة على غيره إنما تكون بالتبعية كما في الآل إذا صُلي عليه وذكر بعده الأول وأما الصلاة على سائر الأنبياء والملائكة استقلالًا فالظاهر عند أكثر أهل العلم أنه لا بأس به. باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "من آذيته فاجعله زكاة ورحمة" 6361 - (زكاة) أي: طهارة من الذنوب. (أيما مؤمن سببته فاجعل ذلك له قربة إليك يوم القيامة) قيل: إذا سبه ولم يكن مستحقًا لذلك، بل هذا منه على سبيل الغضب. والحق أنه عام في كل من سبه بدليل عموم لفظ "أيُّ" وكونه لا يقول إلَّا الحق سواءً كان في الغضب أو غيره، وأما القول بأنه كيف يكون السب رحمة فساقط؛ لأن الثواب أفضل من الله تعالى، ألا ترى إلى قوله: {فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} [الفرقان: 70] كذا قالوا وقد جاء في رواية مسلم عن أنس تقييد المدعو عليه بأن لا يكون أهلًا لذلك فيحتمل عليه سائر الروايات لأنه كان ذلك منه بناءً على ظنه. وأما ما يقال: كيف يصدر عنه غير الحق مع أنه لا يقول في الغضب إلَّا الحق فغير واردٍ لأن ذلك في الحكم الشرعي من الناس، وما يقال أن هذا المحمول على أنه لا يريد معناه بل لفظ يجري على لسانه كقوله: "تربت يمينك" فليس بشيء لقوله (أو جلدته) ولا يكون إلَّا قصدًا.

35 - باب التعوذ من الفتن

35 - باب التَّعَوُّذِ مِنَ الْفِتَنِ 6362 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى أَحْفَوْهُ الْمَسْأَلَةَ فَغَضِبَ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَقَالَ «لاَ تَسْأَلُونِى الْيَوْمَ عَنْ شَىْءٍ إِلاَّ بَيَّنْتُهُ لَكُمْ». فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ يَمِينًا وَشِمَالاً، فَإِذَا كُلُّ رَجُلٍ لاَفٌّ رَأْسَهُ فِي ثَوْبِهِ يَبْكِى، فَإِذَا رَجُلٌ كَانَ إِذَا لاَحَى الرِّجَالَ يُدْعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ فَقَالَ يَا ـــــــــــــــــــــــــــــ باب التعوذ من الفتن 6362 - (سئل رسول الله حتى أحفوه المسألة) بالحاء المهملة من الإحفاء وهو استئصال الشيء، وانتصابه بنزع الخافض أي: بالغوا معه في المسائل التي لا تعلق لها بالدين ولا ضرورة إليها، وفيها نزل قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ} [المائدة: 101] (لا تسألوني اليوم عن شيء إلَّا بيَّنته لكم) وفي الرواية الأخرى: "ما دمت في مقامي هذا" وذلك أن الله تعالى كشف عن بصيرته، بل عن بصره كما أخبر المشركون عن بيت المقدس ليلة أسري به "قال: فجلَّى الله لى على بيت المقدس" وكما قال في الحديث الآخر: "رأيت ربي في أحسن صورة، فقال: يا محمد فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: لا أعلم قال: فوضع يده بين كتفيَّ فعلمت ما بين السماء والأرض" (يا رسول الله من أبي؟ قال: أبوك حذافة). وقال بعض الشارحين: فإن قلت: من أين أعلم؟ قلت: بالوحي أو بالقيامة أو بالفراسة أو بالاستلحاق. انظروا في هذه المقالات التي تمجها الأسماع، وهب أنه قال بالقيافة والفراسة فيه فما قوله في كلِّ شيءٍ على أن قوله بالاستلحاق لا وجه له؛ لأنه كان بالفراش (وكان الرجل إذا لاحى الرجال) أى: إذا خاصم، يقال: لحيت الرجل إذا لُمْتُه ولاحيته إذا نازعته.

36 - باب التعوذ من غلبة الرجال

رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَبِى قَالَ «حُذَافَةُ»، ثُمَّ أَنْشَأَ عُمَرُ فَقَالَ رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - رَسُولاً، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْفِتَنِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا رَأَيْتُ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ كَالْيَوْمِ قَطُّ، إِنَّهُ صُوِّرَتْ لِى الْجَنَّةُ وَالنَّارُ حَتَّى رَأَيْتُهُمَا وَرَاءَ الْحَائِطِ». وَكَانَ قَتَادَةُ يَذْكُرُ عِنْدَ الْحَدِيثِ هَذِهِ الآيَةَ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ). طرفه 93 36 - باب التَّعَوُّذِ مِنْ غَلَبَةِ الرِّجَالِ 6363 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِى عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لأَبِى طَلْحَةَ «الْتَمِسْ لَنَا غُلاَمًا مِنْ غِلْمَانِكُمْ يَخْدُمُنِى». فَخَرَجَ بِى أَبُو طَلْحَةَ يُرْدِفُنِى وَرَاءَهُ، فَكُنْتُ أَخْدُمُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كُلَّمَا نَزَلَ، فَكُنْتُ أَسْمَعُهُ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب التعوذ من غلبة الرجال 6363 - (قُتيبة) بضم القاف، مصغر (المطلب) بتشديد الطاء (حَنْطَب) بفتح الحاء وسكون النون. (قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي طلحة: التمس لي غلامًا من غلمانك يخدمني، فخرج بي أبو طلحة) أي: في غزوة خيبر (فكنت أخدمه) قد توهم أن هذا كان ابتداء خدمته وليس كذلك، بل لما قدم المدينة كان يخدمه لقوله في الحديث الآخر: "خدمت رسول الله عشر سنين" فقوله: (فخرج) عطف على مقدر أي: كنت مستمرًا على خدمته فخرج (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن) قال الجوهري: الهم هو الحزن، والذي في الحديث يدل على أن المغايرة، والذي يظهر أن الهم: ما يكون بأمر خارجي كالغضب، ونحوه، فإنه لفظ متعدٍّ والحزن: ما يعرض للإنسان على فائت مطلوب (والعجز والكسل) العجز: عدم القدرة على القيام بطاعة الله، والكسل: التثاقل مع القدرة (وضَلَع الدين) -بفتح الضاد واللام-

37 - باب التعوذ من عذاب القبر

وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ». فَلَمْ أَزَلْ أَخْدُمُهُ حَتَّى أَقْبَلْنَا مِنْ خَيْبَرَ، وَأَقْبَلَ بِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَىٍّ قَدْ حَازَهَا، فَكُنْتُ أَرَاهُ يُحَوِّى وَرَاءَهُ بِعَبَاءَةٍ أَوْ كِسَاءٍ ثُمَّ يُرْدِفُهَا وَرَاءَهُ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالصَّهْبَاءِ صَنَعَ حَيْسًا فِي نِطَعٍ، ثُمَّ أَرْسَلَنِى فَدَعَوْتُ رِجَالاً فَأَكَلُوا، وَكَانَ ذَلِكَ بِنَاءَهُ بِهَا، ثُمَّ أَقْبَلَ حَتَّى بَدَا لَهُ أُحُدٌ قَالَ «هَذَا جُبَيْلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ». فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ قَالَ «اللَّهُمَّ إِنِّى أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ جَبَلَيْهَا مِثْلَ مَا حَرَّمَ بِهِ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي مُدِّهِمْ وَصَاعِهِمْ». طرفه 371 37 - باب التَّعَوُّذِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ 6364 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ قَالَ سَمِعْتُ أُمَّ خَالِدٍ بِنْتَ خَالِدٍ - قَالَ وَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا سَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - غَيْرَهَا - قَالَتْ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَعَوَّذُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ. طرفه 1376 ـــــــــــــــــــــــــــــ الثقل المانع عن الوفاء قال ابن الأثير: أصله الاعوجاج فإنَّ ثقل الدين يميله عن الوفاء وغلبه وفي كلام بعض السلف: ما دخل هم الدين قلبًا إلَّا ذهب من عقله ما لا يعود إليه (وغلبة الرجال) وفي رواية: "من قهر الرجال" فإن المغلوب لا يقدر على القيام بالحقوق (فلم أزل أخدمه حتى أقبلنا من خيبر) قد قدمنا أنه كان يخدمه إلى آخر عمره، فقوله: "حتى" غاية لقوله: (يردفني) أو أراد أنه انفرد بخدمته في ذلك السفر بخلاف سائر الأسفار (صفية بنت حُيَيٍّ) بضم الحاء وفتح الياء الأولى وتشديد الثانية (فكنت أراه يُحوِّي وراءه بعباءة) بضم الياء وتشديد الواو. كذا قاله القاضي، ورآه الخطابي بفتح الياء وتخفيف الحاء على الوجهين، معناه: يجعل له حوية. وهو أن تدير حول سنام البعير بعباءة ونحوها ليتمكن الراكب (حتى إذا كنا بالصَّهباء) بفتح الصاد المهملة والمدِّ. قال ابن الأثير: موضع على رَوْحة من خيبر (صَنع حَيسًا في نطع) الحيس: تمر وسمن وأقط، والنطع بكسر النون وفتحها. وفيه لغات، تقدم كل ذلك في غزوة خيبر وموضع الدلالة هنا قوله: (اللهم أعوذ بك من الهم) إلى آخره. باب التعوذ من عذاب القبر 6364 - (الحميدي) -بضم الحاء، مصغر- عبد الله بن الزبير (أم خالد) بنت خالد بن سعيد بن العاص واسمها: أمة (ولم أسمع أحدًا سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - غيرها) هذا إخبار عن حاله. وقد سمع ناس بخبرها وهو: (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتعوَّذ من عذاب القبر) هذا هو الذي نفاه عن غيرها.

38 - باب التعوذ من البخل

38 - باب التعوذ من البخل 6365 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ مُصْعَبٍ كَانَ سَعْدٌ يَأْمُرُ بِخَمْسٍ وَيَذْكُرُهُنَّ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِهِنَّ «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا يَعْنِى فِتْنَةَ الدَّجَّالِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ». طرفه 2822 6366 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ دَخَلَتْ عَلَىَّ عَجُوزَانِ مِنْ عُجُزِ يَهُودِ الْمَدِينَةِ فَقَالَتَا لِى إِنَّ أَهْلَ الْقُبُورِ يُعَذَّبُونَ فِي قُبُورِهِمْ، فَكَذَّبْتُهُمَا، وَلَمْ أُنْعِمْ أَنْ أُصَدِّقَهُمَا، فَخَرَجَتَا وَدَخَلَ عَلَىَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ عَجُوزَيْنِ وَذَكَرْتُ لَهُ، فَقَالَ «صَدَقَتَا، إِنَّهُمْ يُعَذَّبُونَ عَذَابًا تَسْمَعُهُ الْبَهَائِمُ كُلُّهَا». فَمَا رَأَيْتُهُ بَعْدُ فِي صَلاَةٍ إِلاَّ تَعَوَّذَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ. طرفه 1049 ـــــــــــــــــــــــــــــ 6365 - (مصعب) بضم الميم وفتح العين (كان سعدٌ يأمر بخمس) هو ابن أبي وقاص، والذي أمر بها وزعم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يأمرهن أي: يأمر بهن هذا (اللَّهم إني أعوذ بك من البخل وأعوذ بك من الجبن وأعوذ بك من أن أرد إلى أرذل العمر) -بالذال المعجمة- هو الرديء من كلِّ شيء، وأرذل العمر قال صاحب الكشاف: ثمانون سنة، وقيل: تسعون، والحق أنه بتفاوت في الأشخاص مناطة عدم القدرة على الفرائض مثل الصوم والصلاة. (يعني: فتنة الرجال) من كلام شعبة فسَّر به فتنة الدنيا، وإنما فسَّر بذلك لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليس على المؤمن فتنة أشد منها". 6366 - (أبو وائل) شقيق بن سلمة "عن عائشة: دخلت عليَّ عجوزان من عُجُز المدينة" -بضم العين والجيم- جمع عجوز كعشير وصبور (ولم أُنعم أن أصدقهما) -بضم الهمزة- أي: لم أصدِّق قولهما: إن الميت يعذب في القبر (فلما دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: صدقتا) يقال: أنعم إذا قال في الجواب نعم. فإن قلت: في رواية عائشة أيضًا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنما يُفْتن في القبور

39 - باب التعوذ من فتنة المحيا والممات

39 - باب التَّعَوُّذِ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ 6367 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - يَقُولُ كَانَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْجُبْنِ وَالْهَرَمِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ». طرفه 2823 40 - باب التَّعَوُّذِ مِنَ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ 6368 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقُولُ «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ وَالْهَرَمِ، وَالْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ النَّارِ وَعَذَابِ النَّارِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْغِنَى، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْفَقْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ عَنِّى خَطَايَاىَ بِمَاءِ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّ قَلْبِى مِنَ الْخَطَايَا، كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الأَبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ، وَبَاعِدْ بَيْنِى وَبَيْنَ خَطَايَاىَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ». طرفه 832 ـــــــــــــــــــــــــــــ اليهود". قلت: لم يكن يعلم إذ ذاك أن المؤمن يُفتن في القبر ثم أوحي إليه ذلك، ثم أرْدَفَهُ بـ: باب التعوذ من فتنة المحيا والممات يجوز أن يكونا وأن يكونا اسمي الزمان، وفتنة تشمل ما بعد الموت إلى أن يدخل الجنة. باب التعوذ من المغرم والمأثم روى في الباب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يتعوَّذ من المغرم والمأثم، قال ابن الأثير: مصدران بمعنى المغرمة، ما لزم الإنسان فيما يكرهه واستدان لأمر ضروري وعجز عن أدائه. 6368 - (ومن شرِّ فتنة الغنى) أي: من النظر وعدم القيام بالشكر (اللهم اغسل خطاياي بالثلج والبرد) هذا كلام على طريق المثل، أراد به المغفرة الشاملة لكل ذنب ومكروه، والثلج

41 - باب الاستعاذة من الجبن والكسل

41 - باب الاِسْتِعَاذَةِ مِنَ الْجُبْنِ وَالْكَسَلِ 6369 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ قَالَ حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ أَبِى عَمْرٍو قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ». طرفه 371 42 - باب التَّعَوُّذِ مِنَ الْبُخْلِ الْبُخْلُ وَالْبَخَلُ وَاحِدٌ، مِثْلُ الْحُزْنِ وَالْحَزَنِ. 6370 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنِى غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ - رضى الله عنه - كَانَ يَأْمُرُ بِهَؤُلاَءِ الْخَمْسِ، وَيُحَدِّثُهُنَّ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ». طرفه 2822 ـــــــــــــــــــــــــــــ والبرد مثلان في غاية المبالغة فإن ماءهما الذي فيهما محفوظ من كل يشوبه، وكلما بولغ في المشبه به في جانب الحقيقة جاءت الاستعارة والمجاز أقوى. باب الاستعاذة من الجبن والكسل 6369 - (وكُسالى وكَسالى واحد) أي: بضم الكات والفتح جمع كسلان. باب التعوذ من البخل (البُخلُ والبَخلُ واحد) أي: لغتان والبخل في البخل واحد منع الحق عن مستحِقِّه مع القدرة عليه، قال الغزالي: ومن أدَّى زكاة ماله سُلب عنه اسم البخل. بفتح الباء وسكون الحاء في الأول وفتحهما في الثاني. 6370 - (أعوذ بك من الهَرم) -بفتح الهاء والراء- هو أرذل العمر وقد أشرنا إليه آنفًا في باب عذاب القبر.

43 - باب التعوذ من أرذل العمر

43 - باب التَّعَوُّذِ مِنْ أَرْذَلِ الْعُمُرِ (أَرَاذِلُنَا) أَسْقَاطُنَا. 6371 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَتَعَوَّذُ يَقُولُ «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَرَمِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبُخْلِ». طرفه 2823 44 - باب الدُّعَاءِ بِرَفْعِ الْوَبَاءِ وَالْوَجَعِ 6372 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ، كَمَا حَبَّبْتَ إِلَيْنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ، وَانْقُلْ حُمَّاهَا إِلَى الْجُحْفَةِ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي مُدِّنَا وَصَاعِنَا». طرفه 1889 6373 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ أَبَاهُ قَالَ عَادَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ مِنْ شَكْوَى، أَشْفَيْتُ مِنْهَا عَلَى الْمَوْتِ، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَلَغَ بِى مَا تَرَى مِنَ الْوَجَعِ، وَأَنَا ذُو مَالٍ، وَلاَ يَرِثُنِى إِلاَّ ابْنَةٌ لِى وَاحِدَةٌ، أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَىْ مَالِى قَالَ «لاَ». قُلْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الدعاء برفع الوباء والوجع 6371 - الوباء -بفتح الواو والباء يخمد ويُقصر، ويجمع المقصور على أوباء، والممدود على أوبئة- وهو كل مرض عام، والحديث مرَّ في مواضع، وموضع الدلالة قوله: (وانقل حماهما إلى الجحفة) -بضم الجيم- موضع على مراحل من المدينة. كانت بها قرية يسكنها اليهود خربت بدعاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. 6373 - ثم روى حديث سعد بن أبي وقاص أنه مرض بمكة في حجة الوداع مرضًا شديدًا وإلى ذلك أشار بقوله: (وأشفيت منه على الموت) أي: قاربت (ولا يرثني إلَّا ابنة) من

45 - باب الاستعاذة من أرذل العمر، ومن فتنة الدنيا وفتنة النار

فَبِشَطْرِهِ قَالَ «الثُّلُثُ كَثِيرٌ، إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ، وَإِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِى بِهَا وَجْهَ اللَّهِ، إِلاَّ أُجِرْتَ، حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فِي امْرَأَتِكَ». قُلْتُ أَأُخَلَّفُ بَعْدَ أَصْحَابِى قَالَ «إِنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ فَتَعْمَلَ عَمَلاً تَبْتَغِى بِهِ وَجْهَ اللَّهِ، إِلاَّ ازْدَدْتَ دَرَجَةً وَرِفْعَةً وَلَعَلَّكَ تُخَلَّفُ حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ، وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ، اللَّهُمَّ أَمْضِ لأَصْحَابِى هِجْرَتَهُمْ، وَلاَ تَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ، لَكِنِ الْبَائِسُ سَعْدُ ابْنُ خَوْلَةَ». قَالَ سَعْدٌ رَثَى لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَنْ تُوُفِّىَ بِمَكَّةَ. طرفه 56 45 - باب الاِسْتِعَاذَةِ مِنْ أَرْذَلِ الْعُمُرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا وَفِتْنَةِ النَّارِ 6374 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ مُصْعَبٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ تَعَوَّذُوا بِكَلِمَاتٍ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَعَوَّذُ بِهِنَّ «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا، وَعَذَابِ الْقَبْرِ». طرفه 2822 6375 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقُولُ «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ وَالْهَرَمِ وَالْمَغْرَمِ وَالْمَأْثَمِ، اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ النَّارِ وَفِتْنَةِ النَّارِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ، وَشَرِّ فِتْنَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ ذوي الفروض لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أن يدع ورثتك أغنياء) (أخلف بعد أصحابي) لمَّا قال له: (إنك لن تنفق نفقة) علم أنه لا يموت من ذلك، كره الحياة بعد موت الأحباب والأصحاب. فالكلام على طريق الاستفهام الإنكاري (فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لن تخلف وتعمل عملًا صالحًا إلَّا كان لك منه أجر، ولعلك تخلف فينتفع بك أقوام ويُضَرَّ بك آخرون) وكذا جَرَى فآثارهُ في فتوح العراق مشهورة. لا سيما في فتح القادسية (البائس سعد بن خولة) كان قد مات تلك الأيام، وكانوا يكرهون الموت بمكة لأنها دارٌ هجروها.

46 - باب الاستعاذة من فتنة الغنى

الْغِنَى، وَشَرِّ فِتْنَةِ الْفَقْرِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَاىَ بِمَاءِ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّ قَلْبِى مِنَ الْخَطَايَا، كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، وَبَاعِدْ بَيْنِى وَبَيْنَ خَطَايَاىَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ». طرفه 832 46 - باب الاِسْتِعَاذَةِ مِنْ فِتْنَةِ الْغِنَى 6376 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا سَلاَّمُ بْنُ أَبِى مُطِيعٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ خَالَتِهِ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَتَعَوَّذُ «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ النَّارِ وَمِنْ عَذَابِ النَّارِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْغِنَى، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْفَقْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ». طرفه 832 47 - باب التَّعَوُّذِ مِنْ فِتْنَةِ الْفَقْرِ 6377 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ النَّارِ وَعَذَابِ النَّارِ، وَفِتْنَةِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ، وَشَرِّ فِتْنَةِ الْغِنَى، وَشَرِّ فِتْنَةِ الْفَقْرِ، اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ قَلْبِى بِمَاءِ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّ قَلْبِى مِنَ الْخَطَايَا، كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الأَبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ، وَبَاعِدْ بَيْنِى وَبَيْنَ خَطَايَاىَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ وَالْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ». طرفه 832 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الاستعاذة من فتنة الغنى 6377 - (سَلَّام بن أبي مطيع) بفتح السين واللام المشددة. باب التعوذ من فتنة الفقر 6378 - (محمد) كذا وقع غير منسوب قال الغساني: يجوز أن يكون ابن المثنى وابن سلام؛ لأن كل واحد منهما يروي عن أبي معاوية.

48 - باب الدعاء بكثرة المال مع البركة

48 - باب الدُّعَاءِ بِكَثْرَةِ الْمَالِ مَعَ الْبَرَكَةِ 6378، 6379 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنْ أُمِّ سُلَيْمٍ أَنَّهَا قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَسٌ خَادِمُكَ ادْعُ اللَّهَ لَهُ قَالَ «اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ، وَبَارِكْ لَهُ فِيمَا أَعْطَيْتَهُ». وَعَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ مِثْلَهُ. طرفه 1982 49 - باب الدعاء بكثرة الولد مع البركة 6380 و 6381 - حَدَّثَنَا أَبُو زَيْدٍ سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا - رضى الله عنه - قَالَ قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ أَنَسٌ خَادِمُكَ. قَالَ «اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ، وَبَارِكْ لَهُ فِيمَا أَعْطَيْتَهُ». طرفه 1982 50 - باب الدُّعَاءِ عِنْدَ الاِسْتِخَارَةِ 6382 - حَدَّثَنَا مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو مُصْعَبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى الْمَوَالِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُعَلِّمُنَا الاِسْتِخَارَةَ فِي الأُمُورِ كُلِّهَا كَالسُّورَةِ مِنَ الْقُرْآنِ «إِذَا هَمَّ بِالأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّى أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الدعاء بكثرة المال مع البركة 6379 - 6380 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (غُندَر) بضم الغين وفتح الدال (أم سليم) أم أنس، روت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعا لأنس بكثرة المال والولد وقد مرَّ مرارًا. باب الدعاء عند الاستخارة 6382 - (مطرف) بكسر الراء (أبو مصعَب) بفتح العين (أبو الموالي) بفتح الميم جمع مولى، واسمه يزيد أو زيد جدُّ عبد الرحمن (محمد بن المنكدر) بكسر الدال

51 - باب الدعاء عند الوضوء

فَضْلِكَ الْعَظِيمِ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلاَ أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلاَ أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ خَيْرٌ لِى فِي دِينِى وَمَعَاشِى وَعَاقِبَةِ أَمْرِى - أَوْ قَالَ عَاجِلِ أَمْرِى وَآجِلِهِ - فَاقْدُرْهُ لِى، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ شَرٌّ لِى فِي دِينِى وَمَعَاشِى وَعَاقِبَةِ أَمْرِى - أَوْ قَالَ فِي عَاجِلِ أَمْرِى وَآجِلِهِ - فَاصْرِفْهُ عَنِّى وَاصْرِفْنِى عَنْهُ، وَاقْدُرْ لِىَ الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ رَضِّنِى بِهِ. وَيُسَمِّى حَاجَتَهُ». طرفه 1162 51 - باب الدُّعَاءِ عِنْدَ الْوُضُوءِ 6383 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ دَعَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعُبَيْدٍ أَبِى عَامِرٍ». وَرَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ فَقَالَ «اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَوْقَ كَثِيرٍ مِنْ خَلْقِكَ مِنَ النَّاسِ». طرفه 2884 ـــــــــــــــــــــــــــــ (اللَّهم [إن كنت] تعلم أن هذا الأمر خير لي). فإن قلت: علمه واقع بأحدهما فأيُّ وجه للتعليق. قلت: معناه إن كان وقوعه شرًّا فاصرفه، وقد أشرنا قريبًا أن القضاء مبرم ومعلق والذي سأل وقوعه أو دفعه هو المعلق الذي أشير إليه بقوله تعالى: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [الرعد: 39]. والحديث سلف في أبواب الصلاة في آخر كتاب صلاة التطوع (فاقدره لي) أي: اجعله تحت قدرتي. واعلم أن قوله: (في الأمور كلها) عام مخصوص؛ لأنه لا يكون في الفرائض والسنن والمحرمات، وإن اختلاف الألفاظ مثل (عاقبة أمري) أو (عاجله وآجله)، أو (في دنياي وآخرتي) لا يقدح في ذلك، فأي لفظ قاله كفاه ولا يلزم الجمع بينهما. باب الوضوء عند الدعاء أي: إذا أراد أن يدعو يندب له الوضوء كما فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث دعا لعبيد أبي عامر الأشعري عم أبي موسى، وقد تقدم الحديث في غزوة أوطاس وعن قريب. 6383 - (محمد بن العلاء) بفتح العين والمد (أبو أسامة) بضم الهمزة (عن بُريد) بالموحدة، مصغر بُردة (عن أبي بردة) بضم الباء وسكون الراء (اللهم اغفر لعُبيد) -وبضم

52 - باب الدعاء إذا علا عقبة

52 - باب الدُّعَاءِ إِذَا عَلاَ عَقَبَةً 6384 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي سَفَرٍ فَكُنَّا إِذَا عَلَوْنَا كَبَّرْنَا فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَيُّهَا النَّاسُ ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، فَإِنَّكُمْ لاَ تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلاَ غَائِبًا، وَلَكِنْ تَدْعُونَ سَمِيعًا بَصِيرًا». ثُمَّ أَتَى عَلَىَّ وَأَنَا أَقُولُ فِي نَفْسِى لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ. فَقَالَ «يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ قُلْ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ فَإِنَّهَا. كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ». أَوْ قَالَ «أَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى كَلِمَةٍ هِىَ كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ، لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ». طرفه 2992 53 - باب الدُّعَاءِ إِذَا هَبَطَ وَادِيًا فِيهِ حَدِيثُ جَابِرٍ - رضي الله عنه -. ـــــــــــــــــــــــــــــ العين مصغر. اسم علم لعم أبي موسى ويُكنى أبا عامر. باب الدعاء إذا علا عقبة 6384 - (حرب) ضد الصلح (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم (عن أبي عثمان) هو النهدي عبد الرحمن (عن أبي موسى: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر) قد سبق أنه كان في غزوة خيبر (أيها الناس أربعوا على أنفسكم) قال ابن الأثير: هو من ربع إذا وقف وانتظر. قلت: معنى هذا قد ضمن معنى الشفقة، ولذلك عدِّي بعلى: "لا حول ولا قوة إلَّا بالله كنز من كنوز الجنة" أي باعتبار ثوابه يشير إلى أن ثوابه في أعلى الدرجات، فإن الكنز: هو المال المدفون، ولا يكون إلَّا أنفس الأموال ثم قال: باب الدعاء إذا هبط واديًا قال: (وفيه حديث جابر) تقدَّم في كتاب الجهاد عن جابر في باب التسبيح إذا هبط: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا [نزلنا] سجناف، وإذا صعدنا كبرنا.

54 - باب الدعاء إذا أراد سفرا أو رجع

54 - باب الدُّعَاءِ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَوْ رَجَعَ فيه يحيى بن أبي إسحاق عن أنس. 6385 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا قَفَلَ مِنْ غَزْوٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ يُكَبِّرُ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ مِنَ الأَرْضِ ثَلاَثَ تَكْبِيرَاتٍ، ثُمَّ يَقُولُ «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهْوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ، آيِبُونَ تَائِبُونَ، عَابِدُونَ لِرَبِّنَا، حَامِدُونَ، صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ». طرفه 1797 55 - باب الدُّعَاءِ لِلْمُتَزَوِّجِ 6386 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الدعاء إذا أراد السفر أو يرجع (فيه حديث يحيى بن أبي إسحاق، عن أنس) سبق حديثه مسندًا في كتاب الجهاد في باب ما يقول إذا رجع من الغزو. 6385 - (عن عبد الله بن عمر، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قفل من غزو أو حج أو عمرة يكبر على كل شرف) أي: موضع مرتفع. قد أشرنا هناك إلى الحكمة في ذلك بأن الإنسان إذا كان على مكان عاليًا يرى نفسه شيئًا، فالمناسب أن يُقرَّ بأن الله أكبر وأجل من كل شيء، وإذا هبط يروي في نفسه سفلًا فاللَّائق أن يقدس الله من كل نقص، ولا ينحصر السفر في الحج والغزو والعمرة وإنما ذكرها لأن سفر رسول الله كان كذلك فاختلفوا في سفر المعصية. وقوله: (آيبون) ما لم يقيد لوصف خبر مبتدأٍ، أي: نحن. وما بعده إخبار أيضًا، وحملها على الوصف أحسن؛ إذ لا فائدة في الإخبار بقوله: "آيبون" ما لم يقيد بوصف. (وهزم الأحزاب) أي: الفرق من قريش وغطفان ويهود قريظة والنضير في وقعة الخندق، فإن الله هزمهم من غير قتال كما أشار إليه بقوله: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} [الأحزاب: 9]. باب الدعاء للمتزوج 6386 - (مُسَدَّد) بفتح الدال المشددة.

قَالَ رَأَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَثَرَ صُفْرَةٍ فَقَالَ «مَهْيَمْ». أَوْ «مَهْ». قَالَ تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ. فَقَالَ «بَارَكَ اللَّهُ لَكَ أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ». طرفه 2049 6387 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرٍو عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ هَلَكَ أَبِى وَتَرَكَ سَبْعَ - أَوْ تِسْعَ - بَنَاتٍ، فَتَزَوَّجْتُ امْرَأَةً فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «تَزَوَّجْتَ يَا جَابِرُ». قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «بِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا». قُلْتُ ثَيِّبًا. قَالَ «هَلاَّ جَارِيَةً تُلاَعِبُهَا وَتُلاَعِبُكَ، أَوْ تُضَاحِكُهَا وَتُضَاحِكُكَ». قُلْتُ هَلَكَ أَبِى فَتَرَكَ سَبْعَ - أَوْ تِسْعَ - بَنَاتٍ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَجِيئَهُنَّ بِمِثْلِهِنَّ، فَتَزَوَّجْتُ امْرَأَةً تَقُومُ عَلَيْهِنَّ. قَالَ «فَبَارَكَ اللَّهُ عَلَيْكَ». لَمْ يَقُلِ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ عَمْرٍو «بَارَكَ اللَّهُ عَلَيْكَ». طرفه 443 ـــــــــــــــــــــــــــــ 6387 - (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم، روى حديث عبد الرحمن بن عوف لما قدم المدينة تزوج امرأة، وقد سلف حديثه في باب: آخى النبي - صلى الله عليه وسلم - بين المهاجرين والأنصار. وموضع الدلالة هنا قوله: (بارك الله لك). (مَهْيَم) -بفتح الميم وسكون الهاء وفتح الياء- قال ابن الأثير: كلمة يمانية (أو: مه) الشك من الراوي و"مه" بفتح الهاء أصله ما الاستفهامية حذف منها الألف في الوقف وعوض عنه الهاء. وهو لغة قرئ بها في "مم" و"فيم". (وزن نواة من ذهب) عندهم عبارة على وزن خمسة دراهم كما أن الأوقية اسم لأربعين درهمًا والشن لعشرين. قال الأزهري: قوله: "من ذهب" يدل على أنه كان ذهبًا قيمته خمسة دراهم (أَولِمْ ولو بشاة) يدل على أن الشاة أقل ما يقع به السنة. (أبو النعمان) -بضم النون- محمد بن الفضل (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم، روى حديث جابر أنه تزوج ثيبًا، واعتذر بأن أباه قد ترك بنات، قد سلف في أبواب المغازي والنكاح. وموضع الدلالة قوله: "بارك الله عليك". فإن قلت: في حديث ابن عوف: "بارك الله لك" قلت: لا فرق اعتبر في أحدها فجعل صلته على، وفي الآخر الوصول فجعل صلته إلى.

56 - باب ما يقول إذا أتى أهله

56 - باب مَا يَقُولُ إِذَا أَتَى أَهْلَهُ 6388 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْتِىَ أَهْلَهُ قَالَ بِاسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ، وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا، فَإِنَّهُ إِنْ يُقَدَّرْ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ فِي ذَلِكَ، لَمْ يَضُرَّهُ شَيْطَانٌ أَبَدًا». طرفه 141 57 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً» 6389 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ أَكْثَرُ دُعَاءِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «اللَّهُمَّ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِى الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ». طرفه 4522 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: لم يأمر جابرًا بالوليمة. قلت: إمَّا لأن الوليمة كان قد أشهر عندهم، فإن قضية عبد الرحمن بن عوف كانت عند قدومهم، وأن جابرًا كان قد مات أبوه وعليه دين كثير كما جاء في الأحاديث. باب ما يقول إذا أتى أهله أي: عند الوِقاع. 6388 - وقد سلف الحديث في كتاب الطهارة (كُريب) بضم الكاف، مصغر (لو أن أحدهم إذا أراد أن يأتي أهله) يجوز أن تكون لو للتمنِّي وأن يكون الشرط أي: لكان خيرًا لم يفته، لقوله: (أن يُقدَّر بينهما ولد) بضم الياء وفتح الدال المشددة (ولم يضره شيطان) أي: واحد من الشياطين، والمراد إغواؤه وإلَّا لا بد من وسوسته. فإن قلت: قال أولًا: (جنبنا الشيطان) وثانيًا: (الشيطان ما رزقتنا) غيَّر الأسلوب؟ قلت: الغرض الأصلي الدعاء للولد، فإن وقع الفعل على الشيطان؛ لأن المراد يعيذه. باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة" 6389 - (وكان أكثر دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -: اللَّهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة) قيل: حسنة الدنيا المال والعلم. وقيل: الزوجة الصالحة، والأول حمله على أعم بما يشمل

58 - باب التعوذ من فتنة الدنيا

58 - باب التَّعَوُّذِ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا 6390 - حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِى الْمَغْرَاءِ حَدَّثَنَا عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُعَلِّمُنَا هَؤُلاَءِ الْكَلِمَاتِ كَمَا تُعَلَّمُ الْكِتَابَةُ «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ نُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا، وَعَذَابِ الْقَبْرِ». طرفه 2822 59 - باب تَكْرِيرِ الدُّعَاءِ 6391 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُنْذِرٍ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - طُبَّ حَتَّى إِنَّهُ لَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ قَدْ صَنَعَ الشَّىْءَ وَمَا صَنَعَهُ، وَإِنَّهُ دَعَا رَبَّهُ ثُمَّ قَالَ «أَشَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَفْتَانِى فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ خيري الدنيا والآخرة، ولذلك أطلقه في الموضعين، ونقل الكشاف عن عليٍّ أن عذاب النار المرأة السوء. باب التعوذ من فتنة الدنيا 6390 - (فروة بن أبي المَعزاء) بضم الميم وعين معجمة، والمد (عُبيدة) بضم العين مصغر، وكذا (حُميد) وكذا (عُمير)، (مُصعب) بضم الميم وفتح العين. روى في الباب حديث سعد بن أبي وقاص أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يعلمهم هذا الدعاء: (اللهم إني أعوذ بك من البخل) وقد سلف مشروحًا في باب التعوُّذ من عذاب القبر. باب تكرير الدعاء 6391 - (منذر) بكسر الذال (عياض) بكسر العين آخره ضاد معجمة، روى عن عائشة (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طُبَّ) -بضم الطاء وتشديد الباء- أي: سُحر وقد سلف الحديث في كتاب الطب، وموضع الدلالة قوله في آخر الباب: (دعا ودعا). "إنه ليُخيَّل إليه أنه صنع الشيء وما صنعه) جاء في الرواية الأخرى مفسرًا أنه كان يظن أنه أتى النساء ولم يكن الأمر كذلك

60 - باب الدعاء على المشركين

فِيهِ». فَقَالَتْ عَائِشَةُ فَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «جَاءَنِى رَجُلاَنِ فَجَلَسَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِى، وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَىَّ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ مَا وَجَعُ الرَّجُلِ قَالَ مَطْبُوبٌ. قَالَ مَنْ طَبَّهُ قَالَ لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ. قَالَ فِيمَا ذَا قَالَ فِي مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ وَجُفِّ طَلْعَةٍ. قَالَ فَأَيْنَ هُوَ قَالَ فِي ذَرْوَانَ، وَذَرْوَانُ بِئْرٌ فِي بَنِى زُرَيْقٍ». قَالَتْ فَأَتَاهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ رَجَعَ إِلَى عَائِشَةَ فَقَالَ «وَاللَّهِ لَكَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الْحِنَّاءِ، وَلَكَأَنَّ نَخْلَهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ». قَالَتْ فَأَتَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرَهَا عَنِ الْبِئْرِ، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَهَلاَّ أَخْرَجْتَهُ قَالَ «أَمَّا أَنَا فَقَدْ شَفَانِى اللَّهُ، وَكَرِهْتُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى النَّاسِ شَرًّا». زَادَ عِيسَى بْنُ يُونُسَ وَاللَّيْثُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سُحِرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَدَعَا وَدَعَا وَسَاقَ الْحَدِيثَ. طرفه 3175 60 - باب الدُّعَاءِ عَلَى الْمُشْرِكِينَ وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اللَّهُمَّ أَعِنِّى عَلَيْهِمْ بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ». ـــــــــــــــــــــــــــــ (ما وجعُ الرجل، قال: مطبوب) أي: مسحور قال ابن الأثير: كنَّوا بالطب عن السحر تفاؤلًا كما كنَّوا بالسليم عن اللديغ (لبيد بن الأعصم) قيل: كان يهوديًّا، وقيل: منافقًا، ويجوز الجمع (في مشط ومُشاقة) -بضم الميم وتخفيف- ما يخرج من الكتان إذا سرح بالمشط، وهو المشاطة في الرواية الأخرى. قال ابن الأثير: هو من مشتق الشيء إذا جذبه ليطول (في جفِّ طلْعة) بضم الجيم وتشديد الفاء كلا غلاف الطلع (في بثر ذروان، وذروان بئر في بني زريق) بفتح الذال المعجمة، وفي رواية: (ذي أروان) وقد سلف، وبنو زريق طائفة من الأنصار (هلَّا أخرجته) أي: تثير به الناس أو قد سبق أنه أخرجته ودفنه (أما أنا فقد شفاني الله وكرهت أن أثير على الناس شرًّا) فإنَّ الرجل كان من حلفاء الأنصار. قال بعض الشارحين: إنما لم يخرجه لئلا يتعلم المنافقون السحر -فتأمل في كلامه وتعجب! -. وفي الحديث دلالة على أن المصاب لا يزال يدعو الله ويتضرع إليه في كشف ما به. فإن قلت: ليس في حديث الباب تكرار الدعاء كما ترجم له. قلت: هذا على دأبه من الاستدلال بما فيه خفاء وقد سلف في أبوب الطب تكراره. باب الدعاء على المشركين (وقال ابن مسعود: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: اللَّهم أعنِّي عليهم سبع كسبع يوسف) سبع أي: سبع

وَقَالَ «اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِأَبِى جَهْلٍ». وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ دَعَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي الصَّلاَةِ «اللَّهُمَّ الْعَنْ فُلاَنًا وَفُلاَنًا». حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَىْءٌ). 6392 - حَدَّثَنَا ابْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ عَنِ ابْنِ أَبِى خَالِدٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ أَبِى أَوْفَى - رضى الله عنهما - قَالَ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الأَحْزَابِ فَقَالَ «اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ، سَرِيعَ الْحِسَابِ، اهْزِمِ الأَحْزَابَ، اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ». طرفه 2933 6393 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا قَالَ «سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ». فِي الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ مِنْ صَلاَةِ الْعِشَاءِ قَنَتَ «اللَّهُمَّ أَنْجِ عَيَّاشَ بْنَ أَبِى رَبِيعَةَ، اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ، اللَّهُمَّ أَنْجِ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، اللَّهُمَّ أَنْجِ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا سِنِينَ كَسِنِى يُوسُفَ». طرفه 797 6394 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ بَعَثَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - سَرِيَّةً يُقَالُ لَهُمُ الْقُرَّاءُ فَأُصِيبُوا، فَمَا رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - ـــــــــــــــــــــــــــــ سنين من القحط الذي يشبه ما وقع بمصر حين كان يوسف في السجن. وإنما أضاف السبع إليه لأنه الذي علم تأويلها، وقد مرَّ الحديث. (اللهم عليك بأبي جهل) سلف في أبواب الصلاة. (اللهم العنْ فلانًا وفلانًا) كناية عن أعلامهم. 6393 - (معاذ بن فضالة) بضم الميم وفتح الفاء (إذا قال: سمع الله لمن حمده في الركعة الأخيرة من العشاء قَنَتَ) اتفقوا على أنه منسوخ. (اشدُد وطأتك على مضر) كناية عن شدة العذاب. فإن من وطأ على شيء فقد بالغ في إتلافه. 6394 - (حسن بن الربيع) ضد الخريف (أبو الأحوص) -بصاد مهملة- سلام بن سليم الحنفي (بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - سرية يقال لهم: القراء) كانوا سبعين رجلًا قتلهم عامر بن الطفيل، وقد سلف الحديث في غزوة بئر معونة الرجيع مع شرحه مستوفىً، وموضع الدلالة هنا أنه قنت ودعا على من قتلهم.

وَجَدَ عَلَى شَىْءٍ مَا وَجَدَ عَلَيْهِمْ، فَقَنَتَ شَهْرًا فِي صَلاَةِ الْفَجْرِ وَيَقُولُ «إِنَّ عُصَيَّةَ عَصَوُا اللَّهَ وَرَسُولَهُ». طرفه 1001 6395 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ الْيَهُودُ يُسَلِّمُونَ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُونَ السَّامُ عَلَيْكَ. فَفَطِنَتْ عَائِشَةُ إِلَى قَوْلِهِمْ فَقَالَتْ عَلَيْكُمُ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَهْلاً يَا عَائِشَةُ، إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ». فَقَالَتْ يَا نَبِىَّ اللَّهِ أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا يَقُولُونَ قَالَ «أَوَلَمْ تَسْمَعِى أَنِّى أَرُدُّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَأَقُولُ وَعَلَيْكُمْ». طرفه 2935 6396 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا الأَنْصَارِىُّ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ حَدَّثَنَا عَبِيدَةُ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الْخَنْدَقِ، فَقَالَ «مَلأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ نَارًا، كَمَا شَغَلُونَا عَنْ صَلاَةِ الْوُسْطَى حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ». وَهْىَ صَلاَةُ الْعَصْرِ. طرفه 2931 ـــــــــــــــــــــــــــــ 6395 - روت عائشة (أن اليهود قالوا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: السَّام عليك) والسام: الموت (فقلت: عليكم السام واللعنة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - مهلًا يا عائشة). فإن قلت: هذا منع عن الدعاء المشركين عكس الترجمة. قلت: الدعاء عليهم هو قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "وعليكم السَّام "، ومنع عائشة لم يكن من الدعاء، بل عن الفحش في العبارة وترك الرفق. 6396 - (حسان) بفتح الحاء وتشديد السين (عَبِيدة) بفتح العين وكسر الباء ملك (عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس وهي صلاة العصر). هذا نصٌّ في أنها صلاة العصر، وبه قال أبو حنيفة، وقال مالك والشافعي: هو الصبح. ويجوز أن يكون كل واحدة مرادًا من قوله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238] أي: إشارة إلى شرف كل واحدة. قال بعض الشارحين: قوله: "وهي صلاة العصر" مدرج من الراوي. وليس كذلك بل هو من نفس الحديث، دلَّ عليه رواية مسلم: "شغلونا عن صلاة العصر".

61 - باب الدعاء للمشركين

61 - باب الدُّعَاءِ لِلْمُشْرِكِينَ 6397 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَدِمَ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ دَوْسًا قَدْ عَصَتْ وَأَبَتْ، فَادْعُ اللَّهَ عَلَيْهَا. فَظَنَّ النَّاسُ أَنَّهُ يَدْعُو عَلَيْهِمْ، فَقَالَ «اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وَأْتِ بِهِمْ». طرفه 2937 62 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ» 6398 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكَ بْنُ صَبَّاحٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ ابْنِ أَبِى مُوسَى عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ كَانَ يَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ «رَبِّ اغْفِرْ لِى خَطِيئَتِى وَجَهْلِى وَإِسْرَافِى فِي أَمْرِى كُلِّهِ، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّى، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى خَطَايَاىَ وَعَمْدِى وَجَهْلِى وَهَزْلِى، وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدِى، اللَّهُمَّ اغْفِرْ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الدعاء للمشركين 6397 - (أبو الزناد) -بكسر الزاء بعدها نون- عبد الله بن ذكوان (الطفيل بن عمرو)، (إن دوسًا عصت) الدوس -بالدال المهملة وواو ساكنة- بطن من الأزد (قال: اللَّهم اهد دوسًا وأتِ بهم) فأجاب الله دعاءه. فإن قلت: كم دعا على طوائف بالبوار ودعا لطائفة بالإيمان والفوز والفلاح. قلت: إنما دعا على من علم أنهم الذين قال الله فيهم: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا} [الأنعام: 28] فهم أحقاد بذلك ولكل مقام مقال. باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اغفر لي ما قدَّمت" 6398 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (صبَّاح) بفتح الصاد وتشديد الموحدة (عن أبي إسحاق) هو السبيعي عمرو بن عبد الله (رب اغفر لي خطيئتي وجهلي) أي: ما عملت عامدًا [و] ما فعلته جهلًا من غير عمد. (وإسرافي في أمري) أي: في شأني من التجاوز عن الحد والإكثار من المعاصي، وهذا منه على سبيل التواضع وهضم النفس في

لِى مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ الْمُقَدِّمُ، وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ، وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ». وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ وَحَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ بْنِ أَبِى مُوسَى عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 6399 6399 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ أَبِى بَكْرِ بْنِ أَبِى مُوسَى وَأَبِى بُرْدَةَ - أَحْسِبُهُ - عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ كَانَ يَدْعُو «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى خَطِيئَتِى وَجَهْلِى وَإِسْرَافِى فِي أَمْرِى، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّى، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى هَزْلِى وَجِدِّى وَخَطَاىَ وَعَمْدِى، وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدِى». طرفه 6398 ـــــــــــــــــــــــــــــ مناجاة مولاه، وإلَّا فهو معصوم عن الذنوب رأسًا، وعلى فرض الوقوع قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ولما كان المقام مقام إظهار الخضوع بسط الكلام وإن كان بعض المعاني متداخلة. فإن قلت: ما معنى قوله: (ما أخَّرت)؟ قلت: قيل: ما كان حقه إن تقدم. والحق أنه أراد المبالغة، أي: الذي قدِر على فعله وإن لم أفعله، طلب مغفرتها قبل الوقوع. فإن قلت: كيف قال: 6399 - (وكل ذلك عندي) ما وجه صدقه مع كونه معصومًا مبرَّأً عنه؟ قلت: أشرنا إلى الخضوع أنه في مقام إظهار على طريق: "حسنات الأبرار سيئات المقربين". فإن قلت: ليس في الحديث بيان موضع هذا الدعاء. قلت: وقع في رواية مسلم أنه كان يدعو بهذا الدعاء بين التشهد والسلام وفي رواية أخرى له بعد السلام.

63 - باب الدعاء فى الساعة التى فى يوم الجمعة

63 - باب الدُّعَاءِ فِي السَّاعَةِ الَّتِى فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ 6400 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم - «فِي الْجُمُعَةِ سَاعَةٌ لاَ يُوَافِقُهَا مُسْلِمٌ وَهْوَ قَائِمٌ يُصَلِّى يَسْأَلُ خَيْرًا إِلاَّ أَعْطَاهُ». وَقَالَ بِيَدِهِ قُلْنَا يُقَلِّلُهَا يُزَهِّدُهَا. طرفه 935 64 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «يُسْتَجَابُ لَنَا فِي الْيَهُودِ، وَلاَ يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِينَا» 6401 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها أَنَّ الْيَهُودَ أَتَوُا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا السَّامُ عَلَيْكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الدعاء في الساعة التي في يوم الجمعة 6400 - (قال أبو القاسم - صلى الله عليه وسلم -: في الجمعة ساعة لا يوافقها مسلم وهو قائم يصلّي يسأل الله خيرًا إلَّا أعطاه). قد أكثر الناس في هذه الساعة. قال النووي: والصواب ما رواه مسلم عن أبي موسى أنها ما بين جلوس الإمام على المنبر إلى أن يقضي الصلاة والمراد مقدار ذلك الزمان وليس المراد بها المتعارف جزءًا من أربعة وعشرين جزءًا من اليوم والليلة، ألا ترى إلى قوله: (قال بيده) أي: أشار (يزهدها) أي: يقللها. قال شيخنا زاد الأقوال في تعيينها على أربعين قولًا مثله في ليلة القدر، قال: وفي رواية أحمد واين خزيمة: "إني كنت أعلمتها ثم أنسيتها". باب يستجاب لنا في اليهود ولا يستجاب لهم فينا 6401 - (قتيبة) بضم القاف مصغر (ابن أبي مليكة) مصغر، اسمه عبد الله، وأبو مليكة اسمه زهير. روى في الباب حديث عائشة: (أن اليهود قالوا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: السام عليك)

65 - باب التأمين

قَالَ «وَعَلَيْكُمْ». فَقَالَتْ عَائِشَةُ السَّامُ عَلَيْكُمْ، وَلَعَنَكُمُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْكُمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَهْلاً يَا عَائِشَةُ، عَلَيْكِ بِالرِّفْقِ، وَإِيَّاكِ وَالْعُنْفَ أَوِ الْفُحْشَ». قَالَتْ أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا قَالَ «أَوَلَمْ تَسْمَعِى مَا قُلْتُ رَدَدْتُ عَلَيْهِمْ، فَيُسْتَجَابُ لِى فِيهِمْ، وَلاَ يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِىَّ». طرفه 2935 65 - باب التَّأْمِينِ 6402 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ الزُّهْرِىُّ حَدَّثَنَاهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا أَمَّنَ الْقَارِئُ فَأَمِّنُوا، فَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ تُؤَمِّنُ، فَمَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلاَئِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». طرفه 780 66 - باب فَضْلِ التَّهْلِيلِ 6403 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ والسام هو الموت، وقد سلف الحديث في باب الاستئذان. وموضع الدلالة هنا قوله: (يستجاب لنا فيهم ولا يستجاب لهم فينا). قال تعالى: {وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ} [الرعد: 14]. (مهلًا) نصب على المصدر، أي: أمهلي مهلًا (وإياك والعنف) ضد الرفق و (الفحش) ما أظهر قبحه من القول والفعل. باب التأمين 6402 - (إذا أمن القارئ) أعم من أن يكون في الصلاة، والظاهر أنه يريد تأمين الإمام كما جاء في سائر الروايات. تقدم صريحًا في أبواب الصلاة (فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنيه) قيل: الصغائر، وقيل: ما عدا حقوق العباد، والظاهر العموم إن شاء الله وأما حقوق العباد لا بد من أدائها فالله تعالى يقضيها عنه من خزائن فضله. باب التهليل 6403 - مصدر هلل، إذا قال: لا إله إلا الله، كبسمل إذا قال: بسم الله (مسلمة) بفتح

عَنْ مَالِكٍ عَنْ سُمَىٍّ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهْوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ. فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ، كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ، وَكُتِبَ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ، حَتَّى يُمْسِىَ، وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلاَّ رَجُلٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْهُ». طرفه 3293 6404 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ أَبِى زَائِدَةَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ مَنْ قَالَ عَشْرًا كَانَ كَمَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ. قَالَ عُمَرُ بْنُ أَبِى زَائِدَةَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى السَّفَرِ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ رَبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ مِثْلَهُ. فَقُلْتُ لِلرَّبِيعِ مِمَّنْ سَمِعْتَهُ فَقَالَ مِنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ. فَأَتَيْتُ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ فَقُلْتُ مِمَّنْ سَمِعْتَهُ فَقَالَ مِنِ ابْنِ أَبِى لَيْلَى. فَأَتَيْتُ ابْنَ أَبِى لَيْلَى فَقُلْتُ مِمَّنْ سَمِعْتَهُ فَقَالَ مِنْ أَبِى أَيُّوبَ الأَنْصَارِىِّ يُحَدِّثُهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ ـــــــــــــــــــــــــــــ الميم واللام (سُمَيٍّ) بضم السين، مصغر (من قال مئة مرة لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو كل شيء قدير. كانت له عدل عشر رقاب) قال ابن الأثير: العَدل. بفتح العين وكَسْرها: المثل، وقيل: بالفتح المثل من جنسه، وبالكسر من غير جنسه، وقيل: بالعكس. (وكانت له حرزًا من الشيطان) أي: مانعًا من تأثير وسوسته. 6404 - (عن عمرو بن ميمون: من قال عشرًا كان كمن أعتق رقبة من ولد إسماعيل) الحديث على هذا منقطع؛ لأن عمرًا تبع التابعين (وقال موسى) هو ابن إسماعيل التبوذكي والرواية عنه بقال؛ لأنه سمع الحديث منه مذاكرة (وهيب) بضم الواو مصغر (عن عامر) هو أبو عمرو الشعبي (عن الربيع بن خيثم) بفتح الراء وضم الخاء المعجمة وثاء مثلثة (ميسرة) ضد الميمنة (يَسافٍ) بفتح المثناة تحت (أبو محمد الحضرمي) قال أبو زرعة: لا أعلم أحدًا سماه، ونقل عن المزي أن اسمه أفلح مولى أبي أيوب أصله من عين التمر (أبي السفر) بفتح

67 - باب فضل التسبيح

مَيْمُونٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى لَيْلَى عَنْ أَبِى أَيُّوبَ قَوْلَهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ مُوسَى حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ دَاوُدَ عَنْ عَامِرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى لَيْلَى عَنْ أَبِى أَيُّوبَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنِ الرَّبِيعِ قَوْلَهُ. وَقَالَ آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ سَمِعْتُ هِلاَلَ بْنَ يَسَافٍ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ وَعَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَوْلَهُ. وَقَالَ الأَعْمَشُ وَحُصَيْنٌ عَنْ هِلاَلٍ عَنِ الرَّبِيعِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَوْلَهُ. وَرَوَاهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَضْرَمِىُّ عَنْ أَبِى أَيُّوبَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 67 - باب فَضْلِ التَّسْبِيحِ 6405 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سُمَىٍّ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ. فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ حُطَّتْ خَطَايَاهُ، وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ الفاء (عن أبي أيوب) موقوف عليه، والرواية عنه في الطريقين السابقين مرفوعة (قال أبو عبد الله: والصحيح قول عمر) بضم العين. قال الدارقطني: الحديث حديث أبي السفر عن الشعبي هو المضبوط. وغرض البخاري ترجيح رواية عمر بن أبي زائدة، عن أبي إسحاق على رواية غيره. باب فضل التسبيح التسبيح لغة: التنزيه. 6405 - (مسلمة) بفتح الميم واللام (سُمَيّ) بضم السين، مصغر (أبي صالح) السَّمَّان واسمه ذكوان (من قال: سبحان الله وبحمده في يوم مئة مرة حُطَّت عنه خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر) أي: كثرة، سبحان اسم بمعنى التسبيح وانتصابه على المصدر، قال ابن الحاجب: هو علم التسبيح في غير حال الإضافة، ورُدَّ عليه بأن العلمية لا تنافي الإضافة كحاتم طي، وقوله: "بحمده" في محل الحال، أي: أسبحك والحال أنه ملتبس بحمدك، وهو الوصف بالجميل، "من قال في يوم مرة: سبحان الله حُطَّت عنه خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر". فإن قيل: كلمة التوحيد أفضل من التسبيح دل عليه الأحاديث، فكيف قال هناك: "تحط

68 - باب فضل ذكر الله عز وجل

6406 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ عَنْ عُمَارَةَ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ، سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ، سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ». طرفاه 6682، 7563 68 - باب فَضْلِ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ 6407 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ عنه مئة سيئة"، وهنا: "إن كان خطاياه مئل زبد البحر"؟ قلت: لم يقصر هناك على مئة سيئة، بل قال في آخره ة "ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر منه". 6406 - (زُهير) بضم الزاي، مصغر (كلمتان خفيفتان على اللِّسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان عند الرحمن: سبحان الله العظيم سبحان الله وبحمده). الكلمة لغة تطلق على المفرد وما هو فوقه، وهو المراد، وقوله: "كلمتان" خبر. والمبتدأ "سبحان الله" قدّم الخبر مع ما وصف به تسويقًا إلى المبتدأ التمكن، إذا ورد غاية التمكن. كقوله: ثلاثة تشرق الدنيا ببهجتها: شمس الضحى وأبو إسحاق والقمر. وكونهما ثقيلتان في الميزان، إما نفسهما. فإن الله يجعل الأعمال في صورة الأجسام على ما قالوا، أو ثقل ثوابهما، ومعنى كونهما حبيبتان، أي: محبوبتان جزيل الثواب عليهما، هذا معنى محبة الله العمل، وأما السر في كونهما حبيتان فإن التسبيح دال على صفة الجلال وسلب ما لا يليق بجناب قدسه، والحمد يدل على أوصاف الكمال فلا يخرج منهما ما يستحقه تعالى، وسنشبع الكلام عليهما في آخر الكتاب إن شاء الله تعالى. باب فضل ذكر الله تعالى 6407 - (محمد بن العلاء) بالمد (أبو أسامة) -بضم الهمزة- حماد بن أسامة (بُريد)

أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَثَلُ الَّذِى يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِى لاَ يَذْكُرُ مَثَلُ الْحَىِّ وَالْمَيِّتِ». 6408 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ لِلَّهِ مَلاَئِكَةً يَطُوفُونَ فِي الطُّرُقِ، يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ، فَإِذَا وَجَدُوا قَوْمًا يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَنَادَوْا هَلُمُّوا إِلَى حَاجَتِكُمْ. قَالَ فَيَحُفُّونَهُمْ بِأَجْنِحَتِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا. قَالَ فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ وَهْوَ أَعْلَمُ مِنْهُمْ مَا يَقُولُ عِبَادِى قَالُوا يَقُولُونَ يُسَبِّحُونَكَ، وَيُكَبِّرُونَكَ، وَيَحْمَدُونَكَ وَيُمَجِّدُونَكَ. قَالَ فَيَقُولُ هَلْ رَأَوْنِى قَالَ فَيَقُولُونَ لاَ وَاللَّهِ مَا رَأَوْكَ. قَالَ فَيَقُولُ وَكَيْفَ لَوْ رَأَوْنِى قَالَ يَقُولُونَ لَوْ رَأَوْكَ كَانُوا أَشَدَّ لَكَ عِبَادَةً، وَأَشَدَّ لَكَ تَمْجِيدًا، وَأَكْثَرَ لَكَ تَسْبِيحًا. قَالَ يَقُولُ فَمَا يَسْأَلُونِى قَالَ يَسْأَلُونَكَ الْجَنَّةَ. قَالَ يَقُولُ وَهَلْ رَأَوْهَا قَالَ يَقُولُونَ لاَ وَاللَّهِ يَا رَبِّ مَا رَأَوْهَا. قَالَ يَقُولُ فَكَيْفَ لَوْ أَنَّهُمْ رَأَوْهَا قَالَ يَقُولُونَ لَوْ أَنَّهُمْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ عَلَيْهَا حِرْصًا، وَأَشَدَّ لَهَا طَلَبًا، وَأَعْظَمَ فِيهَا رَغْبَةً. قَالَ فَمِمَّ يَتَعَوَّذُونَ قَالَ يَقُولُونَ مِنَ النَّارِ. قَالَ يَقُولُ وَهَلْ رَأَوْهَا قَالَ يَقُولُونَ لاَ وَاللَّهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ بضم الباء، مصغر برد (أبو بُردة) -بضم الباء وسكون الراء- عامر بن أبي موسى (مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر مثل الحي والميت) أي: كما أن الميت لا يرفع له عمل كذلك الذي لا يذكر الله. 6408 - (إن لله ملائكة) أي: طائفة (يطوفون في الزقق يلتمسون) المفرد على الجميع أيضًا، والذكر أعم من كلمة التوحيد، بل يدخل فيه درس العلوم الشرعية والمناظرة فيها الشرعية. فإن قلت: ما الحكمة في دورانهم على الذين يذكرون الله؟ قلت: لأن الرحمة نازلة على الذاكرين فيشملهم، وأيضًا مذهب أهل الحق أن عامة المؤمنين أفضل من عامة الملائكة فأرادوا الذكر معهم إدخالًا لأنفسهم في زمرتهم، فإن "من تشبه بقوم فهو منهم". (فضلًا) قال ابن الأثير: بفتح الفاء وسكون الضاد المعجمة، ويروى بضم الفاء

69 - باب قول لا حول ولا قوة إلا بالله

مَا رَأَوْهَا. قَالَ يَقُولُ فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا قَالَ يَقُولُونَ لَوْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ مِنْهَا فِرَارًا، وَأَشَدَّ لَهَا مَخَافَةً. قَالَ فَيَقُولُ فَأُشْهِدُكُمْ أَنِّى قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ. قَالَ يَقُولُ مَلَكٌ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ فِيهِمْ فُلاَنٌ لَيْسَ مِنْهُمْ إِنَّمَا جَاءَ لِحَاجَةٍ. قَالَ هُمُ الْجُلَسَاءُ لاَ يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ». رَوَاهُ شُعْبَةُ عَنِ الأَعْمَشِ وَلَمْ يَرْفَعْهُ. وَرَوَاهُ سُهَيْلٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 69 - باب قَوْلِ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ 6409 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الْحَسَنِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِىُّ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ قَالَ أَخَذَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي عَقَبَةٍ - أَوْ قَالَ فِي ثَنِيَّةٍ، قَالَ - فَلَمَّا عَلاَ عَلَيْهَا رَجُلٌ نَادَى فَرَفَعَ صَوْتَهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ. قَالَ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى بَغْلَتِهِ قَالَ «فَإِنَّكُمْ لاَ تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلاَ غَائِبًا». ثُمَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ والضاد. قال القاضي عياض: بفتح الفاء وسكون الضاد. ورواية مسلم والبخاري، ومعناه الزيادة على الملائكة المقربين. فإن قلت: ما الحكمة في سؤال الله عن حالهم مع أنه أعلم وأعلى؟ قلت: إظهارًا لكرامتهم عنده وليُروى هذا الحديث ليزداد بذلك رغبة الذاكرين ويكون لهم فضل ظاهر عند الملائكة الذين قالوا: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا} [البقرة: 30]. ويكونوا على صدق رجاءٍ. باب لا حول ولا قوة إلَّا بالله 6409 - (مقاتل) بكسر التاء (عن أبي عثمان) النهدي أسمه عبد الرحمن، روى في الباب حديث أبي موسى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان - صلى الله عليه وسلم - قال له: (ألا أدلك على كلمة من كنز الجنة؟) ثم فسرها بقوله: (لا حول ولا قوة إلّا بالله)، وقد سلف قريبًا وأشرنا إلى أن وجه الشبه نفاسة ثوابها فإنه أكثر ما يكون أنفس الأموال، وذلك أن الإنسان بهذا الكلام يفوض الأمر إلى الله ويعرف أن لا حركة ولا سكون إلَّا بقدرة الله وإرادته (في عقبة قال أو ثنية) -بفتح المثلثة وكسر النون وتشديد الياء- قال ابن الأثير: هي العقبة أو طريق في أعلى الجبل.

70 - باب لله مائة اسم غير واحد

قَالَ «يَا أَبَا مُوسَى - أَوْ يَا عَبْدَ اللَّهِ أَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى كَلِمَةٍ مِنْ كَنْزِ الْجَنَّةِ». قُلْتُ بَلَى. قَالَ «لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ». طرفه 2992 70 - باب لِلَّهِ مِائَةُ اسْمٍ غَيْرَ وَاحِدٍ 6410 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَفِظْنَاهُ مِنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رِوَايَةً قَالَ «لِلَّهِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ اسْمًا، مِائَةٌ إِلاَّ وَاحِدًا، لاَ يَحْفَظُهَا أَحَدٌ إِلاَّ دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَهْوَ وَتْرٌ يُحِبُّ الْوَتْرَ». طرفه 2736 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب لله مئة اسم غير واحد 6410 - (عن أبي الزناد) -بكسر الزاي بعدها نون- عبد الله بن ذكوان (تسعة وتسعون اسمًا، مئة إلّا واحد) بدل أو بيان ومع كونه موضحًا للأول فيه وقع تصحيف تسعون بسبعون (لا يحفظها أحد إلَّا دخل الجنة) هذه الرواية فسرت الرواية الأخرى: "من أحصاها دخل" قال النووي نقلًا عن القشيري: إن هذا يدل على أن الاسم غير المسمى، وهذا الذي يقولونه وهم، فإنَّ عاقلًا لم يقل إن لفظ الله أو لفظ ذاته، غير الذات، وأما أن الأئمة مختلفون في ذلك فليس ذلك بهذا المعنى، يريدون بالاسم ما دلّ عليه الاسم من المفهوم، فإنه في الخارج عين ما صدق عليه. وتحقيق المقام: أن الاسم يطلق على ثلاثة معان: الأول: اللفظ. الثاني: المعنى المصدري أعني: التسمية الثالث: ما أشرنا إليه وليس في الحديث ما يدل على انحصار أسمائه تعالى في هذه الأسماء بل دلالة على فضل هذه الأسماء، قال النووي نقلًا عن أبي بكر بن العربي نقلًا عن بعض العلماء: إن لله تعالى ألف اسم. قلت: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أسألك بكل اسم سميت به نفسك أو استأثرته في علم الغيب عندك" ما يدل على أن ليس للبشر وقوف على أسمائه تعالى، وكذا يجب لئلَّا يحاط به ذاتًا

71 - باب الموعظة ساعة بعد ساعة

71 - باب الْمَوْعِظَةِ سَاعَةً بَعْدَ سَاعَةٍ 6411 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِى شَقِيقٌ قَالَ كُنَّا نَنْتَظِرُ عَبْدَ اللَّهِ إِذْ جَاءَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ فَقُلْنَا أَلاَ تَجْلِسُ قَالَ لاَ وَلَكِنْ أَدْخُلُ فَأُخْرِجُ إِلَيْكُمْ صَاحِبَكُمْ، وَإِلاَّ جِئْتُ أَنَا. فَجَلَسْتُ فَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ وَهْوَ آخِذٌ بِيَدِهِ فَقَامَ عَلَيْنَا فَقَالَ أَمَا إِنِّى أَخْبَرُ بِمَكَانِكُمْ، وَلَكِنَّهُ يَمْنَعُنِى مِنَ الْخُرُوجِ إِلَيْكُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَتَخَوَّلُنَا بِالْمَوْعِظَةِ فِي الأَيَّامِ، كَرَاهِيَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا. طرفه 68 ـــــــــــــــــــــــــــــ أو صفةً واسمًا تعالى وتقدس من كل وجه. وقد اختلفوا في معنى الإحصاء اختلافًا شديدًا، والذي يعتمد عليه رواية البخاري أن المراد حفظها سواء فهم معناه أو لم يفهم، وهذا العدد ثابت مرفوع بلا خلاف وأما تعيينها فالصحيح أنه مدرج من الراوي، قيل: مجموعها يؤخذ من القرآن والحديث. قلت: ولا كل ما يؤخذ في القرآن والحديث داخل فيها كالحفي فإنه موجود في القرآن والوتر فإنه موجود في الحديث. والذي يظهر بالتأمل الصادق أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجملها ليدعى بسائر الأسماء كإبهام ليلة القدر، وساعة [الجمعة] يؤيِّده ما رواه ابن مسعود من دعاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اللَّهم إني أسألك بكل اسم سمَّيت به نفسك". باب الموعظة ساعة ساعة روى في الباب حديث عبد الله بن مسعود: 6411 - (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يتخوَّلنا في الأيام كراهية السآمة علينا) بالخاء المعجمة يتعاهدنا. أي: يحفظ أخوالنا، قال ابن الأثير: فلان خائل ماله، أي: حافظه ومصلحه كذا رواية البخاري عن أبي عمرو أن الصواب الحاء المهملة، أي: يطلب لنا الحال الذي لنا فيه نشاط، وكان الأصمعي يرويها "يتخوننا" بالخاء المعجمة من التخون، وهو التعاهد والمحافظة. والمعاني متقاربة. (يزيد بن معاوية) الكوفي النخعي (أما إني أخبر بمكانكم) -بتخفيف الميم- حرف تنبيه، وأُخبر بضم الهمزة على بناء المجهول. أي: أعلم بوجود كم على الباب، وإنما يمنعني من الخروج كراهية السآم عليكم.

81 - كتاب الرقاق

81 - كتاب الرقاق 1 - باب مَا جَاءَ فِي الرِّقَاقِ وَأَنْ لاَ عَيْشَ إِلاَّ عَيْشُ الآخِرَةِ 6412 - حَدَّثَنَا الْمَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ - هُوَ ابْنُ أَبِى هِنْدٍ - عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ». قَالَ عَبَّاسٌ الْعَنْبَرِىُّ حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِى هِنْدٍ عَنْ أَبِيهِ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الرقائق قال الجوهري: الرقائق: جمع رقيقة وهي الكلمة الحسنة باعتبار نفاسة معناها من قولهم: رقق الكلام إذا حسنه. وفي بعضها: رقاق، جمع رقيق. وتفسيرها بالكلمات المرققة للقلوب غير صحيح؛ لأن رق فعل لازم. باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -:"لا عيش إلَّا عيش الآخرة" هذا الحصر صحيح باعتبار الكمال، كقولهم: لا فتى إلّا علي. 6412 - (قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ). فإن قلت: ما معنى هذا الكلام؟ قلت: له وجهان حسنان: الأول: أن يراد أن قليلًا من الناس من يحصل له الصحة والفراغ، بل من الناس من لا يحصل له منهما شيء ومنهم من يجد أحدهما دون الآخر، فهذا مغبون لأنه فقد رأس المال الذي كان يتوصل به إلى المطلوب إما كلًّا أو بعضًا ويؤيد هذا المعنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من أصبح آمنًا في سربه معافًا في بدنه وله قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها".

2 - باب مثل الدنيا فى الآخرة

6413 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «اللَّهُمَّ لاَ عَيْشَ إِلاَّ عَيْشُ الآخِرَهْ، فَأَصْلِحِ الأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَهْ». طرفه 2834 6414 - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ السَّاعِدِىُّ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْخَنْدَقِ وَهْوَ يَحْفِرُ وَنَحْنُ نَنْقُلُ التُّرَابَ وَيَمُرُّ بِنَا فَقَالَ «اللَّهُمَّ لاَ عَيْشَ إِلاَّ عَيْشُ الآخِرَهْ، فَاغْفِرْ لِلأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَهْ». تَابَعَهُ سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَهُ. طرفه 3797 2 - باب مَثَلِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى (أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلاَدِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِى الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ). ـــــــــــــــــــــــــــــ والوجه الثاني: أن كثيرًا من الناس يرزق الصحة والفراغ ولم يدخرهما يوم الحاجة إما أن يموت على ذلك أو يفوتا منه ما ينفعه ويبقى في الحسرة والندامة، ويؤيد هذا المعنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من صحتك لمرضك". 6413 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (معاوية [بن] قُرَّة) بضم القاف وتشديد الراء (المقدام) بكسر الميم (الفضيل) بضم الفاء وفتح الضاد، مصغر (أبو حازم) بالحاء المهملة سلمة بن دينار (اللهم لا عيش إلّا عيش الآخرة) قد سلف الحديث مرارًا. باب مثل الدنيا في الآخرة أي: في مقابلة الآخرة (وقوله تعالى: {إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ} [محمد: 36]) استدل به على سرعة زوالها وأن عيشها كلعب الأطفال.

3 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - «كن فى الدنيا كأنك غريب، أو عابر سبيل»

6415 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَوْضِعُ سَوْطٍ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَغَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا». طرفه 2794 3 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ، أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ» 6416 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو الْمُنْذِرِ الطُّفَاوِىُّ عَنْ سُلَيْمَانَ الأَعْمَشِ قَالَ حَدَّثَنِى مُجَاهِدٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِمَنْكِبِى فَقَالَ «كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ، أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ». وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ إِذَا أَمْسَيْتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ ـــــــــــــــــــــــــــــ 6415 - (موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها) موضع سوط في الجنة يريد به مقداره في المساحة، وإنما كان خبرًا من الدنيا للأمن من كل آفة ولحصول كل أمنية أبد الآبدين (ولغدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها) بفتح الغين والراء للتنويع والمراد أن الثواب الذي يحصل بها خير من الدنيا وما فيها، وفي رواية مسلم وغيره مرفوعًا: "ما الدنيا في الآخرة إلّا مثل ما يجعل أحدكم أصبعه في اليم، فلينظر بم يرجع". باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل" هذه الترجمة حديث الباب قد نبهنا على أنه من حيث الحكم ترجمة ومن حيث دلالته على الحكم دليل له. 6416 - (أبو المنذر) بكسر الذال (الطفاوي) -بضم الطاء- نسبة إلى طفاوة حي من قبيس بني غيلان، وفي الحديث ترقٍّ حسن فإن الغريب قد سكن في بلد زمانًا فأضرب عنه فقال: (عابر سبيل) فإنه ربما استظلَّ في الطريق الشجرة ساعة،. وزاد في رواية الترمذي: "وعُدَّ نفسك من أصحاب القبور" ومن كان من أصحاب القبور لا يليق به إلَّا المداومة على

4 - باب فى الأمل وطوله

الْمَسَاءَ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ، وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ. 4 - باب فِي الأَمَلِ وَطُولِهِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ) (ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ). وَقَالَ عَلِىٌّ ارْتَحَلَتِ الدُّنْيَا مُدْبِرَةً، وَارْتَحَلَتِ الآخِرَةُ مُقْبِلَةً، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بَنُونَ، فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الآخِرَةِ، وَلاَ تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا، فَإِنَّ الْيَوْمَ عَمَلٌ وَلاَ حِسَابَ، وَغَدًا حِسَابٌ وَلاَ عَمَلَ. (بِمُزَحْزِحِهِ) بِمُبَاعِدِهِ. 6417 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ مُنْذِرٍ عَنْ رَبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ خَطَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَطًّا ـــــــــــــــــــــــــــــ عمارة منزله والإعراض عن الدنيا وترك الاشتغال بها، ألا إنما الدنيا كمنزل راكب أراح عشيًّا وهو في الصحيح راحل، وقد ظهر من تقديرنا أن "أو" في الحديث بمعنى: بل. وأما قول ابن عمر: (خذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك) فالمراد قبل فوات الوقت، وقول ابن عمر مأخوذ من حديثٍ رواه الحاكم مرفوعًا عن ابن عباس: "اغتنم شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وحياتك قبل موتك". باب في الأمل وطوله قال الجوهري: الأمل والتأميل الرجاء، والمراد به في الآية والحديث: تَوقُّع طول الحياة بحيث يشغله عن الاشتغال بأمر الآخرة. فإن قلت: ما وجه دلالة قوله: {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ} [آل عمران: 185]) على ذمِّ الأمل؟. قلت: موضع الدلالة آخر الآية: {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} [آل عمران: 185]). 6417 - (صدقة بن الفضل) أخت الزكاة (عن منذِر) بكسر الذال (عن ربيع بن خُثيم)

5 - باب من بلغ ستين سنة فقد أعذر الله إليه فى العمر

مُرَبَّعًا، وَخَطَّ خَطًّا فِي الْوَسَطِ خَارِجًا مِنْهُ، وَخَطَّ خُطُطًا صِغَارًا إِلَى هَذَا الَّذِى فِي الْوَسَطِ، مِنْ جَانِبِهِ الَّذِى فِي الْوَسَطِ وَقَالَ «هَذَا الإِنْسَانُ، وَهَذَا أَجَلُهُ مُحِيطٌ بِهِ - أَوْ قَدْ أَحَاطَ بِهِ - وَهَذَا الَّذِى هُوَ خَارِجٌ أَمَلُهُ، وَهَذِهِ الْخُطُطُ الصِّغَارُ الأَعْرَاضُ، فَإِنْ أَخْطَأَهُ هَذَا نَهَشَهُ هَذَا، وَإِنْ أَخْطَأَهُ هَذَا نَهَشَهُ هَذَا». 6418 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ خَطَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خُطُوطًا فَقَالَ «هَذَا الأَمَلُ وَهَذَا أَجَلُهُ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ جَاءَهُ الْخَطُّ الأَقْرَبُ». 5 - باب مَنْ بَلَغَ سِتِّينَ سَنَةً فَقَدْ أَعْذَرَ اللَّهُ إِلَيْهِ فِي الْعُمُرِ لِقَوْلِهِ (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ). 6419 - حَدَّثَنِى عَبْدُ السَّلاَمِ بْنُ مُطَهَّرٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِىٍّ عَنْ مَعْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْغِفَارِىِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «أَعْذَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــ الربيع ضد الخريف خثيم بضم المعجمة وثاء مثلثة، مصغر. (وهذه الخُطَط الصغارُ الأعراض) جمع عرض بمعنى العارض. الآفات والأسقام (فإن أخطاه هذا نهشه هذا) -بالشين المعجمة - أي: لدغه، والكلام على طريق الاستعارة، ومحصل هذا المثل بقصر أمله لأن الوصول إليه محال وفي رواية البزار، عن أنس بن مالك: "أربعة من الشقاء: جمود العين، وقسوة القلب، وطول الأمل، والحرص على الدنيا". باب من بلغ ستين سنة فقد أعذر الله إليه في العمر 6419 - (المطهَّر) بتشديد الهاء. (معن) بفتح الميم وسكون العين (المقبُري) بفتح الميم وضم الباء وفتحها (أعذر الله إلى امرئٍ أخَّر أجله حتى يبلغ ستين سنة) قال ابن الأثير: معناه لم يبق فيه بعد هذه المدة موضع الاعتذار فإن الصبا يمكن أن يعتذر له. وكذا الشباب لاشتعَال الهوى فيه وفي الكهولة بقايا، وأمَّا الشيخوخة فقد تناقصُ فيها من كلِّ وجه، هذا وقد أخبر سيد البرايا بأن "ما بين الستين والسبعين معترك المنايا" فالهمزة في أعذر للإزالة، كقولك: شكوتُ إلى فلان فما أشكاني، أي: لم يُزل شكايتي.

اللَّهُ إِلَى امْرِئٍ أَخَّرَ أَجَلَهُ حَتَّى بَلَّغَهُ سِتِّينَ سَنَةً». تَابَعَهُ أَبُو حَازِمٍ وَابْنُ عَجْلاَنَ عَنِ الْمَقْبُرِىِّ. 6420 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا أَبُو صَفْوَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ يَزَالُ قَلْبُ الْكَبِيرِ شَابًّا فِي اثْنَتَيْنِ فِي حُبِّ الدُّنْيَا، وَطُولِ الأَمَلِ». قَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يُونُسُ وَابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدٌ وَأَبُو سَلَمَةَ. 6421 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَكْبَرُ ابْنُ آدَمَ وَيَكْبَرُ مَعَهُ اثْنَانِ حُبُّ الْمَالِ، وَطُولُ الْعُمُرِ». رَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ (أبو حازم) بالحاء المهملة سلمان الأشجعي هو الراوي عن أبي هريرة (ابن عجلان) بفتح العين وسكون الجيم. 6420 - (أبو صفوان) بفتح المهملة (لا يزال قلب الكبير شابًا في اثنتين: في حب الدنيا، وطول الأمل) المراد من الكبير الشيخ؛ لأنه في مقابلة الشاب، وفي الرواية الأخرى: "يهرم ابن آدم في حبِّ اثنتين". 6421 - (يكبر ابن آم ويكبر معه اثنتان) بفتح الباء فيهما. قال بعضهم: بضم الثاني وفتح اللأول، وهذا وإن كان له وجه إلَّا أنه مخالف للرواية. قال الجوهري: يقال: كبِر -بكسر الباء- إذا أسنَّ وبالضمِّ إذا عَظم. فإن قلت: ما وجه مناسبة الحديث للترجمة؟ قلت: قال بعض الشارحين: كان الواجب أن يورد هذا الحديث في الباب قبله وقد غفل عن قصد البخاري. وقد نبهناك كثيرًا على أن البخاري يستدل بما في دلالته خفاء. والوجه إنما لما ذكر في الحديث أن الإنسان ما دام حيًّا حرصه في الازدياد فيجب عليه قطع ذلك الأمل والحرص إذا بلغ الستين لأنه لم يبق له عذر يعتذر به.

6 - باب العمل الذى يبتغى به وجه الله

6 - باب الْعَمَلِ الَّذِى يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ فِيهِ سَعْدٌ. 6422 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ أَسَدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ وَزَعَمَ مَحْمُودٌ أَنَّهُ عَقَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ وَعَقَلَ مَجَّةً مَجَّهَا مِنْ دَلْوٍ كَانَتْ فِي دَارِهِمْ. طرفه 77 6423 - قَالَ سَمِعْتُ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ الأَنْصَارِىَّ ثُمَّ أَحَدَ بَنِى سَالِمٍ قَالَ غَدَا عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «لَنْ يُوَافِىَ عَبْدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَقُولُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. يَبْتَغِى بِهِ وَجْهَ اللَّهِ، إِلاَّ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ النَّارَ». طرفه 424 6424 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَمْرٍو عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى مَا لِعَبْدِى الْمُؤْمِنِ عِنْدِى جَزَاءٌ، إِذَا قَبَضْتُ صَفِيَّهُ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا، ثُمَّ احْتَسَبَهُ إِلاَّ الْجَنَّةُ». ـــــــــــــــــــــــــــــ باب العمل الذي يبتغى به وجه الله (فيه سعد) أي: ابن أبي وقاص وحديثه تقدم مرارًا من قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنك لن تخلف فتعمل عملًا صالحًا تبتغي به وجه". 6422 - (معاذ بن أسد) بضم الميم (معمر) بفتح الميم وسكون العين. روى حديث محمود بن الربيع: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غدا إلى عتبان بن مالك وحديثه سلف في أبواب الصلاة، وموضع الدلالة هنا قوله: (من قال لا إله إلا الله يبتغي به وجه الله حرّمه الله على النار) والمراد بوجه الله الإخلاص من غير نفاق ورياء. 6424 - (قتيبة) بضم القاف، مصغر (المقبري) بضم القاف وفتحها (ما لعبدي المؤمن جزاءٌ إذا قبضت صفيَّه) أي: محبوبه ومختاره من صفوت الشيء أي: اخترته وقد سلف الحديث في أبواب الجنائز، وموضع الدلالة (احتسبه) أي: جعل ذلك الصبر عليه اعتدادًا بما وعد الله الصابرين عليه من الأجر.

7 - باب ما يحذر من زهرة الدنيا والتنافس فيها

7 - باب مَا يُحْذَرُ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا وَالتَّنَافُسِ فِيهَا 6425 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ حَدَّثَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَمْرَو بْنَ عَوْفٍ وَهْوَ حَلِيفٌ لِبَنِى عَامِرِ بْنِ لُؤَىٍّ كَانَ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ إِلَى الْبَحْرَيْنِ يَأْتِى بِجِزْيَتِهَا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - هُوَ صَالَحَ أَهْلَ الْبَحْرَيْنِ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمُ الْعَلاَءَ بْنَ الْحَضْرَمِىِّ، فَقَدِمَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِمَالٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ، فَسَمِعَتِ الأَنْصَارُ بِقُدُومِهِ فَوَافَتْهُ صَلاَةَ الصُّبْحِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا انْصَرَفَ تَعَرَّضُوا لَهُ فَتَبَسَّمَ حِينَ رَآهُمْ وَقَالَ «أَظُنُّكُمْ سَمِعْتُمْ بِقُدُومِ أَبِى عُبَيْدَةَ، وَأَنَّهُ جَاءَ بِشَىْءٍ». قَالُوا أَجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «فَأَبْشِرُوا وَأَمِّلُوا مَا يَسُرُّكُمْ، فَوَاللَّهِ مَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلَكِنْ أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا، كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا وَتُلْهِيَكُمْ كَمَا أَلْهَتْهُمْ». طرفه 3158 6426 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى حَبِيبٍ عَنْ أَبِى الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ يَوْمًا فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلاَتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ «إِنِّى فَرَطُكُمْ وَأَنَا شَهِيدٌ عَلَيْكُمْ، وَإِنِّى ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ما يحذر من زهرة الدنيا 6425 - (المسور بن مخرمة) بكسر الميم في الأول وفتحه في الثاني (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث أبا عبيدة بن الجراح إلى البحرين) بلفظ التثنية بلد على ساحل بحر الفرس وكان أهلها مجوسًا. وأبو عبيدة أحد العشرة المبشرة، أمين هذه الأمة واسمه عامر (فسمعت الأنصار بقدومه فوافت صلاة الصبح مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) قال الجوهري: وافى فلان إذا أتى. قلت: هو من الوفاء كأنه كان قد وعد المجيء فوفى به. (فلما انصرف تعرّضوا له) أي: أتوه من عُرض -بضم العين- الجانب (فتنا فسوها) بحذف إحدى التاءين، والتنافس: الرغبة في الشيء كأنه يبذل نفسه فيه، والحديث تقدم في كتاب الجزية. 6426 - (صلى على أهل أُحد صلاته على الميت) أي: شبه صلاة الميت. كان هذا

وَاللَّهِ لأَنْظُرُ إِلَى حَوْضِى الآنَ، وَإِنِّى قَدْ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الأَرْضِ - أَوْ مَفَاتِيحَ الأَرْضِ - وَإِنِّى وَاللَّهِ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا بَعْدِى، وَلَكِنِّى أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنَافَسُوا فِيهَا». طرفه 1344 6427 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ أَكْثَرَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ مَا يُخْرِجُ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ بَرَكَاتِ الأَرْضِ». قِيلَ وَمَا بَرَكَاتُ الأَرْضِ قَالَ «زَهْرَةُ الدُّنْيَا». فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ هَلْ يَأْتِى الْخَيْرُ بِالشَّرِّ فَصَمَتَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ يُنْزَلُ عَلَيْهِ، ثُمَّ جَعَلَ يَمْسَحُ عَنْ جَبِينِهِ فَقَالَ «أَيْنَ السَّائِلُ». قَالَ أَنَا. قَالَ أَبُو سَعِيدٍ لَقَدْ حَمِدْنَاهُ حِينَ طَلَعَ ذَلِكَ. قَالَ «لاَ يَأْتِى الْخَيْرُ إِلاَّ بِالْخَيْرِ، إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، وَإِنَّ كُلَّ مَا أَنْبَتَ الرَّبِيعُ يَقْتُلُ حَبَطًا أَوْ يُلِمُّ، إِلاَّ آكِلَةَ الْخَضِرَةِ، أَكَلَتْ حَتَّى إِذَا امْتَدَّتْ خَاصِرَتَاهَا اسْتَقْبَلَتِ الشَّمْسَ، فَاجْتَرَّتْ وَثَلَطَتْ وَبَالَتْ، ثُمَّ عَادَتْ فَأَكَلَتْ، وَإِنَّ هَذَا الْمَالَ حُلْوَةٌ، مَنْ أَخَذَهُ بِحَقِّهِ وَوَضَعَهُ فِي حَقِّهِ، فَنِعْمَ الْمَعُونَةُ هُوَ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِغَيْرِ حَقِّهِ، كَانَ الَّذِى يَأْكُلُ وَلاَ يَشْبَعُ». طرفه 921 ـــــــــــــــــــــــــــــ في آخر حياته فلا دلالة فيه على أن الشهيد يُصلَّى عليه. 6427 - (زهرة الدنيا) أي: زينتها من الأموال والأولاد (فقال رجل: هل يأتي الخير بالشر) أراد أنَّ ما يفتح على المؤمنين من الأموال خير ظاهر فكيف يأتي بالشر الذي حذّرهم منه؟ فأجابهُ بأنه الخير لا يأتي إلَّا بالخير إلَّا أن الإسراف منه ليس من الخير، بل على المؤمنين أن يأخذوا من الدنيا بقدر الكفاية ويصرفوا سائره في وجوه الخير وضرب له في ذلك مثلًا يشاهدونه من أكل الدابة علف الربيع فإنها إذا أفرطت وأكلت من كل نوع وفي الكلأ ما يقتل فتهلك نفسها والتي تأكل بقدر الحاجة من نفائس الكلأ تسلم وتعيش عيشًا طيبًا. هذا محصل الكلام [على] الحديث والحديث مع شرحه في أبواب الزكاة. (وإن هذا المال خضرة حلوة) بكسر الضاد والتأنيث باعتبار أنواع المال. أو لأنه زهرة، والكلام على طريق المثل والاستعارة بجامع الميل إليه. وقيل: حلوة خضرة صفة المشهة به أي: كالبقلة الخضرة. (يقتل حبطًا) -بفتح الحاء والباء- انتفاخ البطن (ثلطت) -بالثاء المثلثة- أي: ألقت روثها رقيقًا.

6428 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَمْرَةَ قَالَ حَدَّثَنِى زَهْدَمُ بْنُ مُضَرِّبٍ قَالَ سَمِعْتُ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «خَيْرُكُمْ قَرْنِى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ». قَالَ عِمْرَانُ فَمَا أَدْرِى قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ قَوْلِهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا «ثُمَّ يَكُونُ بَعْدَهُمْ قَوْمٌ يَشْهَدُونَ وَلاَ يُسْتَشْهَدُونَ، وَيَخُونُونَ وَلاَ يُؤْتَمَنُونَ، وَيَنْذِرُونَ وَلاَ يَفُونَ وَيَظْهَرُ فِيهِمُ السِّمَنُ». طرفه 2651 6429 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِى حَمْزَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَجِئُ مِنْ بَعْدِهِمْ قَوْمٌ تَسْبِقُ شَهَادَتُهُمْ أَيْمَانَهُمْ وَأَيْمَانُهُمْ شَهَادَتَهُمْ». طرفه 2652 ـــــــــــــــــــــــــــــ 6428 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (أبو جمرة) -بضم الجيم- نصر بن عمران (زهدم) بفتح الزاء المعجمة وسكون الهاء (حصين) بضم الحاء (خيركم قرني) يريد الصحابة (ثم الذين يلونهم) التابعين (ثم الذين يلونهم) الذين أدركوا التابعين، وهكذا إلى آخر الدهر كما في الحديث الآخر: "لا يأتي زمان إلَّا والذي بعده شرٌّ منه". (ثم يكون بعدهم) بعد القرون الثلاثة (قوم يشهدون ولا يستشهدون). فإن قلت: في الحديث الآخر "خير الشهداء من يأتي بشهادته قبل أن يستشهد". قلت: ذاك هو الذي عنده شهادة ولم يكن يدري بها صاحب الحق وهذا هو الذي لم يستشهد به في قضية ولا علم له بها، وإنما يشهد زورًا. (ويظهر فيهم السمن) لأنهم يأكلون كما تأكل الأنعام. وقوله: "يظهر فيهم"؛ لأنه لا يلزم أن يكون كل واحد من هؤلاء المترفين سمينًا (يُخوَّنون) بضم الياء وتشديد الواو يوجدون خائن ويروى بفتح الياء ....

8 - باب قول الله تعالى (يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور * إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير)

6430 - حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ قَيْسٍ قَالَ سَمِعْتُ خَبَّابًا وَقَدِ اكْتَوَى يَوْمَئِذٍ سَبْعًا فِي بَطْنِهِ وَقَالَ لَوْلاَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَانَا أَنْ نَدْعُوَ بِالْمَوْتِ لَدَعَوْتُ بِالْمَوْتِ، إِنَّ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - مَضَوْا وَلَمْ تَنْقُصْهُمُ الدُّنْيَا بِشَىْءٍ، وَإِنَّا أَصَبْنَا مِنَ الدُّنْيَا مَا لاَ نَجِدُ لَهُ مَوْضِعًا إِلاَّ التُّرَابَ. طرفه 5672 6431 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنِى قَيْسٌ قَالَ أَتَيْتُ خَبَّابًا وَهْوَ يَبْنِى حَائِطًا لَهُ فَقَالَ إِنَّ أَصْحَابَنَا الَّذِينَ مَضَوْا لَمْ تَنْقُصْهُمُ الدُّنْيَا شَيْئًا، وَإِنَّا أَصَبْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ شَيْئًا، لاَ نَجِدُ لَهُ مَوْضِعًا إِلاَّ التُّرَابَ. طرفه 5672 6432 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ خَبَّابٍ - رضى الله عنه - قَالَ هَاجَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 1276 8 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ * إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ) جَمْعُهُ سُعُرٌ، قَالَ مُجَاهِدٌ الْغَرُورُ الشَّيْطَانُ. 6433 - حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 6430 - (خبابا) بفتح المعجمة وتشديد الباء (وإنا وجدنا شيئًا لا نجد له موضعًا إلا التراب) أي: بناء المنازل أو دفنه تحت التراب كالكانزين. والأول هو الظاهر لما في الروايات الأخرى: 6431 - (أتيت خبابًا وهو يبنى حائطًا). باب قوله عزَّ وجلَّ: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ} [فاطر: 5] (الغرور الشيطان) يريد الذي وقع في الآية بقرينة المقام، وإلَّا فهو صفة مبالغة من الغرور. 6433 - (شيبان) بفتح الشين.

9 - باب ذهاب الصالحين

الْقُرَشِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى مُعَاذُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ ابْنَ أَبَانَ أَخْبَرَهُ قَالَ أَتَيْتُ عُثْمَانَ بِطَهُورٍ وَهْوَ جَالِسٌ عَلَى الْمَقَاعِدِ، فَتَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ قَالَ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - تَوَضَّأَ وَهْوَ فِي هَذَا الْمَجْلِسِ، فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ قَالَ «مَنْ تَوَضَّأَ مِثْلَ هَذَا الْوُضُوءِ، ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ جَلَسَ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». قَالَ وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَغْتَرُّوا». طرفه 159 9 - باب ذَهَابِ الصَّالِحِينَ ويقال: الذهاب المطر. 6434 - حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ بَيَانٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِى حَازِمٍ عَنْ مِرْدَاسٍ الأَسْلَمِىِّ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَذْهَبُ الصَّالِحُونَ الأَوَّلُ فَالأَوَّلُ، وَيَبْقَى حُفَالَةٌ كَحُفَالَةِ الشَّعِيرِ أَوِ التَّمْرِ، لاَ يُبَالِيهِمُ اللَّهُ بَالَةً». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يُقَالُ حُفَالَةٌ وَحُثَالَةٌ. طرفه 4156 ـــــــــــــــــــــــــــــ (مُعاذ) بضم الميم (أن ابن أبان) هو حمدان بن أبان مولى عثمان بن عفان (أتيت عثمان بطهور) بفتح الطاء (وهو جالس على المقاعد) مكان بالمدينة. تقدم الحديث في أبواب الطهارة. وموضع الدلالة: (لا تغترُّوا) فإنه لما أشار إلى [أن] من توضأ وصلَّى ركعتين غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه تداركه بأن الإنسان لا يغتر بهذا فإنه مَشروط بخشية الله وبالإخلاص في العمل. وحضور القلب. وقوله: "لا تغترُّوا" في نص الحديث من كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقيل: معناه: لا تغترُّوا فإن الذي يُغفر إنما هو ما عدا الكبيرة، وأيضًا الإصرار على الصغيرة كبيرة. باب ذهاب الصالحين 6434 - (أبو عوانة) -بفتح العين- الوضاح الواسطي (عن بيان عن قيس) بفتح الباء (عن مرداس) بكسر الميم (يذهب الصالحون الأول فالأول) أي: يذهب الأول ثم الذي يكون أول بالنظر إلى ما بعده (حفالة الشعير) ويروى بالثاء المثلثة موضع الفاء وهو رديء الشعير (لا يُباليهم الله بالةً) وفي رواية: "لا يُبالي الله لهم بالة" البالة من البال وهو الشأن والحال

10 - باب ما يتقى من فتنة المال

10 - باب مَا يُتَّقَى مِنْ فِتْنَةِ الْمَالِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ). 6435 - حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ عَنْ أَبِى حَصِينٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ وَالْقَطِيفَةِ وَالْخَمِيصَةِ، إِنْ أُعْطِىَ رَضِىَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ لَمْ يَرْضَ». طرفه 2886 6436 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لَوْ كَانَ لاِبْنِ آدَمَ وَادِيَانِ مِنْ مَالٍ لاَبْتَغَى ثَالِثًا، وَلاَ يَمْلأُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قاله ابن الأثير واوي أراد أن الله لا يعتدُّ بهم إذ ليس لهم معرفة الله وعبادة يصرف الله عنهم الآفات لأجل تلك المعرفة. باب ما يُتقى من فتنة المال استدل عليه بقوله: ({إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} [التغابن: 15]) ووجه الدلالة ظاهر. 6435 - (أبو بكر) هو ابن عياش -بفتح العين ومثناة تحت مشددة وشعبة. راوي عاصم في القراءة (أبي حصين) -بفتح الحاء- اسمه عثمان (قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: تعس عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد القطيفة) تعس -بفتح التاء وكسر العين قال ابن الأثير وقد تفتح العين- ومعناه لغة: عثر وانكب، دعائه عليه. وعبد الدينار أي: محبُّه الذي يسعى في جمعه وإطلاق العبد عليه طريقه الاستعارة والإضافة لأدنى ملابسة مجاز عقلي، والقطيفة: ثوب خمل، والخميصة كساء لها أعلام (إن أعطي رضي، وإن لم يعط سخط) لقصور نظره على العطاء الفاني. أين هو من الذين أثنى الله عليهم بأنَّهم يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، وقد سلف أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمَّا أراد أن يقطع للأنصار بالبحرين. قالوا: لا إلى أن يقطع لإخواننا المهاجرين. 6436 - (أبو عاصم) الضحاك بن مخلد (ابن جريج) بضم الجيم، مصغر (لو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغى ثالثًا) وهلم جرًا لو كان له ألف واد، ولذلك قال: (ولا يملأ

جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إِلاَّ التُّرَابُ، وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ». طرفه 6437 6437 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا مَخْلَدٌ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ سَمِعْتُ عَطَاءً يَقُولُ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لَوْ أَنَّ لاِبْنِ آدَمَ مِثْلَ وَادٍ مَالاً لأَحَبَّ أَنَّ لَهُ إِلَيْهِ مِثْلَهُ، وَلاَ يَمْلأُ عَيْنَ ابْنِ آدَمَ إِلاَّ التُّرَابُ، وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ». قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَلاَ أَدْرِى مِنَ الْقُرْآنِ هُوَ أَمْ لاَ. قَالَ وَسَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ ذَلِكَ عَلَى الْمِنْبَرِ. طرفه 6436 6438 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الْغَسِيلِ عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ عَلَى الْمِنْبَرِ بِمَكَّةَ فِي خُطْبَتِهِ يَقُولُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقُولُ «لَوْ أَنَّ ابْنَ آدَمَ أُعْطِىَ وَادِيًا مَلأً مِنْ ذَهَبٍ أَحَبَّ إِلَيْهِ ثَانِيًا، وَلَوْ أُعْطِىَ ثَانِيًا أَحَبَّ إِلَيْهِ ثَالِثًا، وَلاَ يَسُدُّ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إِلاَّ التُّرَابُ، وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ». 6439 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَوْ أَنَّ لاِبْنِ آدَمَ وَادِيًا مِنْ ذَهَبٍ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَادِيَانِ، وَلَنْ يَمْلأَ فَاهُ إِلاَّ التُّرَابُ، وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ». ـــــــــــــــــــــــــــــ جوف ابن آدم إلَّا التراب) أي: لا ينقطع حرصه إلَّا بالموت ودخول التراب جوفه وفي رواية: "عين ابن آدم" وفي أخرى: "فم ابن آدم". قال بعض الشارحين: وجاء رواية: "ابتغى لهما ثالثًا" فاللام تتعلق بثالثًا لأن الابتغاء لا يتعدّى باللَّام. وهذا سهوٌ منه؛ فإن الابتغاء كالطلب يتعدّى إلى المفعول الثاني باللام.

11 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - «هذا المال خضرة حلوة»

6440 - وَقَالَ لَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ عَنْ أُبَىٍّ قَالَ كُنَّا نَرَى هَذَا مِنَ الْقُرْآنِ حَتَّى نَزَلَتْ (أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ). 11 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «هَذَا الْمَالُ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ» وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا). قَالَ عُمَرُ اللَّهُمَّ إِنَّا لاَ نَسْتَطِيعُ إِلاَّ أَنْ نَفْرَحَ بِمَا زَيَّنْتَهُ لَنَا، اللَّهُمَّ إِنِّى أَسْأَلُكَ أَنْ أُنْفِقَهُ فِي حَقِّهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 6440 - (عن أنس عن أُبيٍّ: كنا نرى) بضم النون أي: نَظُن (أن هذا من القرآن حتى نزل: ({أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} [التكاثر: 1]) يحتمل وجهين: أحدهما: أن السورة في معنى الحديث فلما نزلت عرفنا أن ذلك كان قرآنًا فإن السورة اشتملت على الزيادة عليه، وفي هذا الاستدلال نظر؛ لأن كثيرًا من الآيات في واقعة واحدة بعضها مشتمل على الزيادة. لا يقال: شرط النسخ المعارضة بين الحكمين. ولا تعارض هنا؛ لأن التعارض إنما يشترط في نسخ الحكم ودون نسخ التلاوة. فالوجه الأول أظهر؛ لأن زيارة القبور على معنى قوله: (لا يملأ جوف ابن آدم إلَّا التراب). فإن قلت: ابن آدم يشتمل الأنبياء والزهاد. قلت: هم مخرجون بدليل آخر وأيضًا الحكم إنما هو على هذا الجنس بلا عموم فيه والله أعلم. باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "هذا المال حلوة خضِرة" بكسر الضاد، وقد قدمنا في الباب قبله أنَّ التأنيث باعتبار الأنواع وصفة المشبهة المقدر وهي البقلة. استدل عليه بقوله تعالى: ({زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ} [آل عمران: 14]) وموضع الدلالة قوله: ({وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ}) وبقول عمر: (اللهم إنا لا نستطيع إلَّا أن نفرح بما زينته لنا). دلّ على أن الرّكون إلى الدنيا من لوازم النفس. ولذلك قال: "ازهد في الدنيا يحبك الله" وكان قطع الشهوات الجهاد الأكبر.

12 - باب ما قدم من ماله فهو له

6441 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِىَّ يَقُولُ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ قَالَ سَأَلْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَعْطَانِى، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِى، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِى، ثُمَّ قَالَ «هَذَا الْمَالُ - وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ قَالَ لِى يَا حَكِيمُ - إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِطِيبِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، وَكَانَ كَالَّذِى يَأْكُلُ وَلاَ يَشْبَعُ، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى». طرفه 1472 12 - باب مَا قَدَّمَ مِنْ مَالِهِ فَهْوَ لَهُ 6442 - حَدَّثَنِى عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنِى أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِىُّ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَيُّكُمْ مَالُ وَارِثِهِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ مَالِهِ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا مِنَّا أَحَدٌ إِلاَّ مَالُهُ أَحَبُّ إِلَيْهِ. قَالَ «فَإِنَّ مَالَهُ مَا قَدَّمَ، وَمَالُ وَارِثِهِ مَا أَخَّرَ». ـــــــــــــــــــــــــــــ 6441 - ثم روى حديث حكيم بن حزام أنه سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المال فأعطاه ولا إشكال فيه (ثم قال: هذا المال. وربما [قال] سفيان: قال لي: يا حكيم) فاعل قال أولًا وآخرًا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وظاهر السياق أن سفيان سمع من حكيم ولبس كذلك فإن بين مولد سفيان وموت حكيم خمسون سنة والناقل عن سفيان عليُّ بن المديني (ومن سأل بإشراف نفس) أي: بطلب وحرص (واليد العليا) أي: المنفقة (خير من اليد السفلى) أي الآخذة. باب ما قدم من ماله فهو له 6442 - (سويد) بضم السين (فإن ماله ما قدّم ومال وارثه ما أخَّر) إضافة الوارث باعتبار المال. فإن قلت: هذا معارض لحديث سعد بن أبي وقاص. قال له: "أن تذر ورثتك أغنياء خيرٌ من أن تذرهم عالة". قلت: لا تعارض فإن ذلك إنما هو في الوصية حال المرض وأمَّا هذا إنما هو الدنيا وزينتها. وفي حال الصحة والشيخ.

13 - باب المكثرون هم المقلون

13 - باب الْمُكْثِرُونَ هُمُ الْمُقِلُّونَ وَقَوْلُهُ تَعَالَى (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ). 6443 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ أَبِى ذَرٍّ - رضى الله عنه - قَالَ خَرَجْتُ لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِى فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَمْشِى وَحْدَهُ، وَلَيْسَ مَعَهُ إِنْسَانٌ - قَالَ - فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يَكْرَهُ أَنْ يَمْشِىَ مَعَهُ أَحَدٌ - قَالَ - فَجَعَلْتُ أَمْشِى فِي ظِلِّ الْقَمَرِ فَالْتَفَتَ فَرَآنِى فَقَالَ «مَنْ هَذَا». قُلْتُ أَبُو ذَرٍّ جَعَلَنِى اللَّهُ فِدَاءَكَ. قَالَ «يَا أَبَا ذَرٍّ تَعَالَهْ». قَالَ فَمَشَيْتُ مَعَهُ سَاعَةً فَقَالَ «إِنَّ الْمُكْثِرِينَ هُمُ الْمُقِلُّونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِلاَّ مَنْ أَعْطَاهُ اللَّهُ خَيْرًا، فَنَفَحَ فِيهِ يَمِينَهُ وَشِمَالَهُ وَبَيْنَ يَدَيْهِ وَوَرَاءَهُ، وَعَمِلَ فِيهِ خَيْرًا». قَالَ فَمَشَيْتُ مَعَهُ سَاعَةً فَقَالَ لِى «اجْلِسْ هَا هُنَا». قَالَ فَأَجْلَسَنِى فِي قَاعٍ حَوْلَهُ حِجَارَةٌ فَقَالَ لِى «اجْلِسْ هَا هُنَا حَتَّى أَرْجِعَ إِلَيْكَ». قَالَ فَانْطَلَقَ فِي الْحَرَّةِ حَتَّى لاَ أَرَاهُ فَلَبِثَ عَنِّى فَأَطَالَ اللُّبْثَ، ثُمَّ إِنِّى سَمِعْتُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب المكثرون هم المقلون استدل عليه بقوله تعالى: ({مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ} [هود: 15]). فإن قلت: هذه الآية في حق الكفار. قلت: ولكن إنما لم يكن للكافر خلاق في الآخرة لإيثاره الدنيا فكذلك نقصان المؤمن بقدر ميله إلى الدنيا. ثم روى حديث أبي ذرٍ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له: (المكثرون هم المقلون يوم القيامة إلا من أعطاه الله خيرًا) أي: مالًا كثير (فنفخ فيه يمينه وشماله وبين يديه) بالحاء المهملة من النفخ وهو العطاء وذكر اليمين والشمال والخلف والقدام مجاز عن جهات الخير. 6443 - (قتيبة) بضم القاف مصغر، وكذلك (رُفيع) (في ظل القمر) أي: موضع لم يكن فيه قمر (فداءك) بكسر الكاف مع المدِّ والفتح مع القصر. أصله في فكاك الأسير في أمثال هذه المواضع يريد أن تكون نفسه فداءً له من كلِّ سوء (فأجلسني في قاع) أي: مكان مستورٍ (فانطلق في الحرّة) أي: حرَّة المدينة وهي في الأصل كلّ أرض ذات حجارة سود

وَهْوَ مُقْبِلٌ وَهْوَ يَقُولُ «وَإِنْ سَرَقَ وَإِنْ زَنَى». قَالَ فَلَمَّا جَاءَ لَمْ أَصْبِرْ حَتَّى قُلْتُ يَا نَبِىَّ اللَّهِ جَعَلَنِى اللَّهُ فِدَاءَكَ مَنْ تُكَلِّمُ فِي جَانِبِ الْحَرَّةِ مَا سَمِعْتُ أَحَدًا يَرْجِعُ إِلَيْكَ شَيْئًا. قَالَ «ذَلِكَ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - عَرَضَ لِى فِي جَانِبِ الْحَرَّةِ، قَالَ بَشِّرْ أُمَّتَكَ أَنَّهُ مَنْ مَاتَ لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ، قُلْتُ يَا جِبْرِيلُ وَإِنْ سَرَقَ وَإِنْ زَنَى قَالَ نَعَمْ. قَالَ قُلْتُ وَإِنْ سَرَقَ وَإِنْ زَنَى قَالَ نَعَمْ، وَإِنْ شَرِبَ الْخَمْرَ». قَالَ النَّضْرُ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ وَحَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِى ثَابِتٍ وَالأَعْمَشُ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رُفَيْعٍ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ بِهَذَا. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ حَدِيثُ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى الدَّرْدَاءِ مُرْسَلٌ، لاَ يَصِحُّ، إِنَّمَا أَرَدْنَا لِلْمَعْرِفَةِ، وَالصَّحِيحُ حَدِيثُ أَبِى ذَرٍّ. قِيلَ لأَبِى عَبْدِ اللَّهِ حَدِيثُ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى الدَّرْدَاءِ قَالَ مُرْسَلٌ أَيْضًا لاَ يَصِحُّ، وَالصَّحِيحُ حَدِيثُ أَبِى ذَرٍّ. وَقَالَ اضْرِبُوا عَلَى حَدِيثِ أَبِى الدَّرْدَاءِ هَذَا. إِذَا مَاتَ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. عِنْدَ الْمَوْتِ. طرفه 1237 ـــــــــــــــــــــــــــــ (من تُكلِم) بضم التاء وكسر اللام. ويروى "تَكلم" بفتح التاء فعل ماض. (قال النضر) هو ابن شميل شيخ شيوخ البخاري فالرواية فيه تعليق. قال الإسماعيلي: ليس في رواية النضر عن شعبة ذكر المكثر والمقل والعجب من أبي عبد الله كيف أطلق. قلت: هذا وهم منه وليس في كلام البخاري إطلاق لأنَّ لفظ "هذا" يدل على القريب وهو ما رواه أبو ذرٍّ مقدِّمًا رجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من جانب الحرة فإن حديث المقل والمكثر قد تم عند قوله: "فأجلسني في قاع. فانطلق في الحرة" قال البخاري: حديث أبي صالح عن أبي الدرداء مرسل إنما أوردنا للمعرفة ليعلم أنه مرسل. وقال: اضربوا على حديث أبي الدرداء. فإن قلت: إذا أورده للمعرفة فلِمَ قال: اضربوا عليه؟ قلت: بعدما عرّفهم أنه مرسل خاف أن يظن به الاتصال. هذا وحديث أبي الدرداء رواه النسائي بإسناد صحيح متصلًا. وقال الدارقطني الحديث عن أبي ذر وأبي الدرداء صحيح، هذا إذا قال: لا إله إلا الله أو تاب عند الموت فإنه يدخل الجنة من غير عذاب، فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، وأمَّا غيره في المشيئة إن شاء الله لكن يدخل الجنة البتة.

14 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - «ما أحب أن لى مثل أحد ذهبا»

14 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «مَا أُحِبُّ أَنَّ لِى مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا» 6444 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ قَالَ أَبُو ذَرٍّ كُنْتُ أَمْشِى مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي حَرَّةِ الْمَدِينَةِ فَاسْتَقْبَلَنَا أُحُدٌ فَقَالَ «يَا أَبَا ذَرٍّ». قُلْتُ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «مَا يَسُرُّنِى أَنَّ عِنْدِى مِثْلَ أُحُدٍ هَذَا ذَهَبًا، تَمْضِى عَلَىَّ ثَالِثَةٌ وَعِنْدِى مِنْهُ دِينَارٌ، إِلاَّ شَيْئًا أُرْصِدُهُ لِدَيْنٍ، إِلاَّ أَنْ أَقُولَ بِهِ فِي عِبَادِ اللَّهِ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا». عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ وَمِنْ خَلْفِهِ. ثُمَّ مَشَى فَقَالَ «إِنَّ الأَكْثَرِينَ هُمُ الأَقَلُّونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلاَّ مَنْ قَالَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا - عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ وَمِنْ خَلْفِهِ - وَقَلِيلٌ مَا هُمْ». ثُمَّ قَالَ لِى «مَكَانَكَ لاَ تَبْرَحْ حَتَّى آتِيَكَ». ثُمَّ انْطَلَقَ فِي سَوَادِ اللَّيْلِ حَتَّى تَوَارَى فَسَمِعْتُ صَوْتًا قَدِ ارْتَفَعَ، فَتَخَوَّفْتُ أَنْ يَكُونَ قَدْ عَرَضَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَرَدْتُ أَنْ آتِيَهُ فَذَكَرْتُ قَوْلَهُ لِى «لاَ تَبْرَحْ حَتَّى آتِيَكَ» فَلَمْ أَبْرَحْ حَتَّى أَتَانِى، قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُ صَوْتًا تَخَوَّفْتُ، فَذَكَرْتُ لَهُ فَقَالَ «وَهَلْ سَمِعْتَهُ». قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «ذَاكَ جِبْرِيلُ أَتَانِى فَقَالَ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِكَ لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ». قُلْتُ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ قَالَ «وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ». طرفه 1237 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما أحبُّ أن لي أحدًا ذهبًا" يريد مثل أحد كما صرّح به الحديث. 6444 - روى حديث أبي ذرٍّ الذي في الباب قبله وفيه هذه الزيادة (إلَّا شيئًا أرصده لديني) فإن أداءه مقدم على الصدقات. وقوله: (إلَّا أن أقول في عباد الله هكذا وهكذا) إشارة إلى جهات البِرِّ. وهذا الاستثناء دلّ على أن طلب المال ليصرفه في وجوه البِرِّ محمود كما تقدم في حديث: "لا حسد إلَّا في اثنتين". (الحسن بن الربيع) ضد الخريف (أبو الأحوص) سلام بن سليم (فاستقبلنا أحد) بفتح اللام ورفع "أحد" على الفاعلية. أي: صار مقابلة وجهنا.

15 - باب الغنى غنى النفس

6445 - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبٍ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ يُونُسَ. وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ كَانَ لِى مِثْلُ أُحُدٍ ذَهَبًا لَسَرَّنِى أَنْ لاَ تَمُرَّ عَلَىَّ ثَلاَثُ لَيَالٍ وَعِنْدِى مِنْهُ شَىْءٌ، إِلاَّ شَيْئًا أُرْصِدُهُ لِدَيْنٍ». طرفه 2389 15 - باب الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى (أَيَحْسِبُونَ أَنَّ مَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ) إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى (مِنْ دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ). قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ لَمْ يَعْمَلُوهَا لاَ بُدَّ مِنْ أَنْ يَعْمَلُوهَا. 6446 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو حَصِينٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَيْسَ الْغِنَى عَنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ 6445 - (شبيب) بالشين المعجمة على وزن فعيل (أرصده) بفتح الهمزة. أي: أرقبه. يقال: أرصدته إذا رقبته، وأرصدت له: أعددت له. باب الغنى غنى النفس استدل عليه بقوله تعالى: ({أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ (55) نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ} إلى قوله: {عَامِلُونَ} [المؤمنون: 55, 63]). فإن قلت: كيف دلّ على الترجمة؟ قلت: ذكر في الآية طائفة يكثرون الأموال أو يمسكونها جزعًا وخوفًا من الفاقة وذكر طائفة يصرفون ما أوتوا في جهات البرِّ، وهم الذين أشار إليهم بقوله: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60) أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ} [المؤمنون: 60، 61] لما جعل الله في قلوبهم من الغنى. فعلم منه أن الغنى حقيقته ما كان في النفس. 6446 - (أبو بكر) هو ابن عياش (شعبة) راوي عاصم في القراءة (أبو حصين) بفتح الحاء اسمه عثمان (ليس الغنى بكثرة العرض) بفتح الراء متاع الدنيا

16 - باب فضل الفقر

وَلَكِنَّ الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ». 16 - باب فَضْلِ الْفَقْرِ 6447 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِىِّ أَنَّهُ قَالَ مَرَّ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لِرَجُلٍ عِنْدَهُ جَالِسٍ «مَا رَأْيُكَ فِي هَذَا». فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَشْرَافِ النَّاسِ، هَذَا وَاللَّهِ حَرِىٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ يُنْكَحَ، وَإِنْ شَفَعَ أَنْ يُشَفَّعَ. قَالَ فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ مَرَّ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا رَأْيُكَ فِي هَذَا». فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا رَجُلٌ مِنْ فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ، هَذَا حَرِىٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ لاَ يُنْكَحَ، وَإِنْ شَفَعَ أَنْ لاَ يُشَفَّعَ، وَإِنْ قَالَ أَنْ لاَ يُسْمَعَ لِقَوْلِهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هَذَا خَيْرٌ مِنْ مِلْءِ الأَرْضِ مِثْلَ هَذَا». طرفه 5091 ـــــــــــــــــــــــــــــ (ولكن الغنى غنى النفس) حصر دعائه كقوله " [ليس الشديد] بالصرعة [إنما الشديد الذي] يملك نفسه عند الغضب" أي: الذي لا يليق أن يطلق عليه الغنى هو هذا القسم لا ما يتعارفه الناس من كثرة الأموال. وحمل قوله تعالى: {وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى (8)} [الضحى: 8] على غنى القلب عنه لفظ العائل على أن الجمهور على أنه أراد الغنى بمال خديجة. باب فضل الفقراء 6447 - (أبي حازم) بالحاء المهملة، سلمة بن دينار روى (عن سهل أنه مرَّ رجلٌ برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعنده رجلٌ جالس، فقال: ما رأيك في هذا؟) فذكر بشأنه من الشرف والوجاهة ولما يتفرع عليهما (ثم مرّ رجل آخر) فسأله عنه كما سأله عن الأول، فذكر شأنه من الفقر ورثاثة الحال (فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هذا خير من ملء هذا) لأنَّ الدنيا وما فيها لا تساوي عند الله جناح بعوضة. فإن قلت: تقدم في أبواب فضل التسبيح وفي أبواب الصلاة أن الغنيَّ الشاكر أفضل من الفقير الصابر؟ قلت: الأمر كذلك، وليس في الحديث أن ذاك الرجل كان غنيًّا شاكرًا.

6448 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ قَالَ عُدْنَا خَبَّابًا فَقَالَ هَاجَرْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - نُرِيدُ وَجْهَ اللَّهِ، فَوَقَعَ أَجْرُنَا عَلَى اللَّهِ، فَمِنَّا مَنْ مَضَى لَمْ يَأْخُذْ مِنْ أَجْرِهِ، مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَتَرَكَ نَمِرَةً فَإِذَا غَطَّيْنَا رَأْسَهُ بَدَتْ رِجْلاَهُ، وَإِذَا غَطَّيْنَا رِجْلَيْهِ بَدَا رَأْسُهُ، فَأَمَرَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ نُغَطِّىَ رَأْسَهُ، وَنَجْعَلَ عَلَى رِجْلَيْهِ مِنَ الإِذْخِرِ، وَمِنَّا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهْوَ يَهْدُبُهَا. طرفه 1276 6449 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ زَرِيرٍ حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ 6448 - ثم روى عن خبَّاب (أنَّ مصعب بن عمير قُتل يوم أحد ولم يكن له إلّا نمرة فكُفِّن فيها فكانوا إذا غَطَّوْا بها رأسه بدت رجلاه) وقد سلف الحديث هناك (فوقع أجرنا على الله). فإن قلت: "على" يدلُّ على الوجوب ولا يجب على الله شيءٌ؟ قلت؟ معنى الوجوب اللُّزوم بموجب وعده، فإنه لا يُخلف الميعاد. (نمرة) بفتح النون وكسر الميم: الشملة (الإذخر) بكسر الهمزة وذال معجمة نَبْتٌ معروف "ومنَّا من أينعت له ثمرته" أي: أدركت وصلحت للأكل منها (فهو يهد بها) بالدال المهملة أي: يقطعها، من هدب الشيء جذبه. فإن قلت: أين موضع الدلالة؟. فإن قلت: قوله: لم يأخذ من أجره شيئًا، واستدلاله بأحاديث الباب إنما يدل على فضل الفقير الصابر في الجملة وأما أنه أفضل من الغني الشاكر، فلا دلالة فيها على أنها معارضة بما تقدم في باب فضل التسبيح، كيف ولم يقع في دعائه - صلى الله عليه وسلم - سؤال الفقر، بل استعاذ منه وتحقيق المقام أن الغنى والفقر محنتان، وقد استعاذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من شرهما كما تقدم أن الكلام في أن الغنيَّ إذا قام بما عليه من حق الله وصرف ماله في وجوه البرِّ كما تقدم في حديث: "لا حسد إلّا في اثنتين"، فلا يتوقف أحد في فضل ذلك الغنيّ. 6449 - (سلم بن زرير) بفتح السين وسكون اللام وفتح الراء المعجمة (أبو رجاء) بفتح

عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «اطَّلَعْتُ فِي الْجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْفُقَرَاءَ، وَاطَّلَعْتُ فِي النَّارِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ». تَابَعَهُ أَيُّوبُ وَعَوْفٌ، وَقَالَ صَخْرٌ وَحَمَّادُ بْنُ نَجِيحٍ عَنْ أَبِى رَجَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. طرفه 3241 6450 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ لَمْ يَأْكُلِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى خِوَانٍ حَتَّى مَاتَ، وَمَا أَكَلَ خُبْزًا مُرَقَّقًا حَتَّى مَاتَ. طرفه 5386 6451 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ لَقَدْ تُوُفِّىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَمَا فِي رَفِّى مِنْ شَىْءٍ يَأْكُلُهُ ذُو كَبِدٍ، إِلاَّ شَطْرُ شَعِيرٍ فِي رَفٍّ لِى، فَأَكَلْتُ مِنْهُ حَتَّى طَالَ عَلَىَّ، فَكِلْتُهُ، فَفَنِىَ. طرفه 3097 ـــــــــــــــــــــــــــــ الحاء والمد (عمران) العطاردي (حصين) بضم الحاء مصغر (اطّلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء) ظاهره (تابعه أيوب وعوف) متابعة أسندها النسائي، ومتابعة عوف تقدّمت في أبواب النكاح مسندة (قال صخر وحماد بن نجيح) وهذه المتابعة أسندها النسائي النبي - صلى الله عليه وسلم - على خوان) بكسر الخاء: المائدة. 6451 - (أبو أسامة) بضم الهمزة (لقد توفِّي النبي - صلى الله عليه وسلم - وما في بيتي ما يأكله ذو كبد) أي: مما يأكله الحيوان المعروف، والرفُّ -بفتح الراء وتشديد الفاء-: شبه الطاق في الحائط يجعل فيه من أثاث البيت (إلَّا شطر شعير) قال ابن الأثير: نصف مَلوكّ قال: والمَلوكُّ -بفتح الميم وضم الكاف المشددة- مكيال، ويختلف مقداره باعتبار عرف كل طائفة (فأكلت منه حتى طال عليَّ فكِلته ففني). فان قلت: سياقه يدل على أن سبب الفناء الكيل. وقد جاء في الحديث: "كيلوا

17 - باب كيف كان عيش النبى - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، وتخليهم من الدنيا

17 - باب كَيْفَ كَانَ عَيْشُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابِهِ، وَتَخَلِّيهِمْ مِنَ الدُّنْيَا 6452 - حَدَّثَنِى أَبُو نُعَيْمٍ بِنَحْوٍ مِنْ نِصْفِ هَذَا الْحَدِيثِ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ حَدَّثَنَا مُجَاهِدٌ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يَقُولُ آللَّهِ الَّذِى لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ إِنْ كُنْتُ لأَعْتَمِدُ بِكَبِدِى عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْجُوعِ، وَإِنْ كُنْتُ لأَشُدُّ الْحَجَرَ عَلَى بَطْنِى مِنَ الْجُوعِ، وَلَقَدْ ـــــــــــــــــــــــــــــ طعامكم يبارك لكم". قلت: أجاب بعضهم بأن الأمر إنما هو عند البيع والشراء وإذا كان الباقي مجهولًا وكلاهما لا يدل عليه اللفظ ولا معنى له أيضًا بل الجواب أن الأمر بالكيل ليعلم مقداره فيكون التصرف والإخراج على قدر معلوم رعاية له وأما قضية عائشة كما دل عليه السياق استطاعت بقاءه ولم تشكر الله على ذلك فرفع عنه البركة. باب كيف يكون عيش النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه؟ 6452 - (حدثنا أبو نعيم بنحو من نصف هذا الحديث) هذا موضع مشكل فإنه لم يعلم أين ذلك النصف الذي يكون نصفًا من حديث الباب وأجاب بعضهم بأنه اعتمد على ما قدمه في كتاب الاستئذان عن أبي هريرة: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل فوجد لبنًا فقال: يا أبا هريرة إذا دخل" لا زيادة على هذا هناك. والجواب الصحيح أنه روي في موضع آخر في أول كتاب الأطعمة "أنه سأل عمر عن معنى آية، فأجابه ولم يدخله بيته. ثم روى أن رسوله الله دخل به وأسقاه لبنًا ثم لقي عمر وقال له: ما سألتك إلَّا عسى أن تطعمني ولكن تولاه من هو خير منك، فقال عمر متأسفًا على ما فاته: لو أدخلتك كان عندي أعظم من حمر النعم". وأما أن طريق يوسف بن علي في كتاب الأطعمة مغاير لطريق أبي نعيم فلا محذور فيه؛ لأن الحديث متصل الإسناد وبه يتم المقصود هكذا أفاده شيخنا. وفيه إشكال لأنا لم نقف على رواية أبي نعيم من نحو نصف هذا الحديث كما أشار إليه البخاري والظاهر أنه لم يكن سنده من هو على شرطه فأشار إليه كما هو دأبه. (إن كنت لأعتمد بكبدي على الأرض) وذلك أن يلزق بطنه بظهره فيندفع عنه بعض ألم

قَعَدْتُ يَوْمًا عَلَى طَرِيقِهِمُ الَّذِى يَخْرُجُونَ مِنْهُ، فَمَرَّ أَبُو بَكْرٍ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، مَا سَأَلْتُهُ إِلاَّ لِيُشْبِعَنِى، فَمَرَّ وَلَمْ يَفْعَلْ، ثُمَّ مَرَّ بِى عُمَرُ فَسَأَلْتُهُ عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، مَا سَأَلْتُهُ إِلاَّ لِيُشْبِعَنِى، فَمَرَّ فَلَمْ يَفْعَلْ، ثُمَّ مَرَّ بِى أَبُو الْقَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم - فَتَبَسَّمَ حِينَ رَآنِى وَعَرَفَ، مَا فِي نَفْسِى وَمَا فِي وَجْهِى ثُمَّ قَالَ «أَبَا هِرٍّ». قُلْتُ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «الْحَقْ». وَمَضَى فَتَبِعْتُهُ، فَدَخَلَ فَاسْتَأْذَنَ، فَأَذِنَ لِى، فَدَخَلَ فَوَجَدَ لَبَنًا فِي قَدَحٍ فَقَالَ «مِنْ أَيْنَ هَذَا اللَّبَنُ». قَالُوا أَهْدَاهُ لَكَ فُلاَنٌ أَوْ فُلاَنَةُ. قَالَ «أَبَا هِرٍّ». قُلْتُ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «الْحَقْ إِلَى أَهْلِ الصُّفَّةِ فَادْعُهُمْ لِى». قَالَ وَأَهْلُ الصُّفَّةِ أَضْيَافُ الإِسْلاَمِ، لاَ يَأْوُونَ إِلَى أَهْلٍ وَلاَ مَالٍ، وَلاَ عَلَى أَحَدٍ، إِذَا أَتَتْهُ صَدَقَةٌ بَعَثَ بِهَا إِلَيْهِمْ، وَلَمْ يَتَنَاوَلْ مِنْهَا شَيْئًا، وَإِذَا أَتَتْهُ هَدِيَّةٌ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ، وَأَصَابَ مِنْهَا وَأَشْرَكَهُمْ فِيهَا، فَسَاءَنِى ذَلِكَ فَقُلْتُ وَمَا هَذَا اللَّبَنُ فِي أَهْلِ الصُّفَّةِ كُنْتُ أَحَقُّ أَنَا أَنْ أُصِيبَ مِنْ هَذَا اللَّبَنِ شَرْبَةً أَتَقَوَّى بِهَا، فَإِذَا جَاءَ أَمَرَنِى فَكُنْتُ أَنَا أُعْطِيهِمْ، وَمَا عَسَى أَنْ يَبْلُغَنِى مِنْ هَذَا اللَّبَنِ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - بُدٌّ، فَأَتَيْتُهُمْ فَدَعَوْتُهُمْ فَأَقْبَلُوا، فَاسْتَأْذَنُوا فَأَذِنَ لَهُمْ، وَأَخَذُوا مَجَالِسَهُمْ مِنَ الْبَيْتِ قَالَ «يَا أَبَا هِرٍّ». قُلْتُ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «خُذْ فَأَعْطِهِمْ». قَالَ فَأَخَذْتُ الْقَدَحَ فَجَعَلْتُ أُعْطِيهِ الرَّجُلَ فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَىَّ الْقَدَحَ، فَأُعْطِيهِ الرَّجُلَ فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَىَّ الْقَدَحَ فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَىَّ الْقَدَحَ، حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ رَوِىَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ، فَأَخَذَ الْقَدَحَ فَوَضَعَهُ عَلَى يَدِهِ فَنَظَرَ إِلَىَّ فَتَبَسَّمَ فَقَالَ «أَبَا هِرٍّ». قُلْتُ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «بَقِيتُ أَنَا وَأَنْتَ». قُلْتُ صَدَقْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «اقْعُدْ فَاشْرَبْ». فَقَعَدْتُ فَشَرِبْتُ. فَقَالَ «اشْرَبْ». فَشَرِبْتُ، فَمَا زَالَ يَقُولُ «اشْرَبْ». حَتَّى قُلْتُ لاَ وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا أَجِدُ لَهُ مَسْلَكًا. قَالَ «فَأَرِنِى». فَأَعْطَيْتُهُ الْقَدَحَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَسَمَّى، وَشَرِبَ الْفَضْلَةَ. طرفه 5375 ـــــــــــــــــــــــــــــ الجوع (فدخل فأستاذن) أي: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قيل: استأذن لئلَّا يكون هناك غير محرم على طريقته الورع. والظاهر أنه إنما استأذن لأن أبا هريرة كان معه. لقوله (فأذن) (للْحَق إلى أهل الصفة) واصلًا إليهم؛ لأن الحق تعدّى بنفسه (وأهل الصفة أضياف الإسلام) أي: كأنهم أضياف أهل الإسلام لتجردهم من المال والأهل (فإذا جاووا فكنت أنا أعطيهم وما عسى يبلغني من هذا) يريد أن القوم إذا جاؤوا لا بدِّ وأن يكون ساقيهم وساقي القوم آخرهم شربًا فماذا يفضل منهم (فأعطيته القدح) أي: بعد شرب القوم وشربي (فحمد الله) قبل الشرب

6453 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا قَيْسٌ قَالَ سَمِعْتُ سَعْدًا يَقُولُ إِنِّى لأَوَّلُ الْعَرَبِ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَرَأَيْتُنَا نَغْزُو، وَمَا لَنَا طَعَامٌ إِلاَّ وَرَقُ الْحُبْلَةِ وَهَذَا السَّمُرُ، وَإِنَّ أَحَدَنَا لَيَضَعُ كَمَا تَضَعُ الشَّاةُ، مَا لَهُ خِلْطٌ، ثُمَّ أَصْبَحَتْ بَنُو أَسَدٍ تُعَزِّرُنِى عَلَى الإِسْلاَمِ، خِبْتُ إِذًا وَضَلَّ سَعْيِى. طرفه 3728 6454 - حَدَّثَنِى عُثْمَانُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - مُنْذُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ مِنْ طَعَامِ بُرٍّ ثَلاَثَ لَيَالٍ تِبَاعًا حَتَّى قُبِضَ. طرفه 5416 6455 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ - هُوَ الأَزْرَقُ - عَنْ مِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ عَنْ هِلاَلٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ مَا أَكَلَ آلُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - أَكْلَتَيْنِ فِي يَوْمٍ، إِلاَّ إِحْدَاهُمَا تَمْرٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فشكر الله على هذه المعجزة الباهرة. ثم روى حديث سعد بن أبي وقاص قال: إني لأول العرب رمى بسهم في سبيل الله كان مع حمزة في سرية لاقَوْا فيها أبا جهل. فلم يقع قتال سوى أن سعدًا رمى فيها بسهم، وقيل: كان مع عبيدة بن الحارث وكانوا ستين راكبًا. 6453 - (وما لنا طعام إلَّا ورق الحبْلة) -بضم الحاء وسكون الباء- نبت يشبه اللوبيا، وتمام الكلام في أبواب الصلاة في باب صلاة الجماعة، و (بنو أسد) طائفة من أهل الكوفة شكوى به سعدًا إلى عمر لا أعرف أصلي. 6454 - (ما شبع آل محمد منذ قدم المدينة من طعام بُرٍّ ثلاث ليال تباعًا) أي: متابعة متوالية. 6455 - (مسعر بن كدام) بكسر الميم والكاف.

6456 - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ أَبِى رَجَاءٍ حَدَّثَنَا النَّضْرُ عَنْ هِشَامٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ فِرَاشُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَدَمٍ، وَحَشْوُهُ مِنْ لِيفٍ. 6457 - حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا قَتَادَةُ قَالَ كُنَّا نَأْتِى أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَخَبَّازُهُ قَائِمٌ وَقَالَ كُلُوا فَمَا أَعْلَمُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى رَغِيفًا مُرَقَّقًا، حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ، وَلاَ رَأَى شَاةً سَمِيطًا بِعَيْنِهِ قَطُّ. 6458 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ يَأْتِى عَلَيْنَا الشَّهْرُ مَا نُوقِدُ فِيهِ نَارًا، إِنَّمَا هُوَ التَّمْرُ وَالْمَاءُ، إِلاَّ أَنْ نُؤْتَى بِاللُّحَيْمِ. طرفه 2567 6459 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأُوَيْسِىُّ حَدَّثَنِى ابْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ لِعُرْوَةَ ابْنَ أُخْتِى إِنْ كُنَّا لَنَنْظُرُ إِلَى الْهِلاَلِ ثَلاَثَةَ أَهِلَّةٍ فِي شَهْرَيْنِ، وَمَا أُوقِدَتْ فِي أَبْيَاتِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَارٌ. فَقُلْتُ مَا كَانَ يُعِيشُكُمْ قَالَتِ الأَسْوَدَانِ التَّمْرُ وَالْمَاءُ إِلاَّ أَنَّهُ قَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جِيرَانٌ مِنَ الأَنْصَارِ كَانَ لَهُمْ مَنَائِحُ، وَكَانُوا يَمْنَحُونَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَبْيَاتِهِمْ، فَيَسْقِينَاهُ. طرفه 2567 ـــــــــــــــــــــــــــــ 6456 - (النضر) بالضاد المعجمة هو ابن شميل (كان فراش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أدم وحشوه ليف) -بكسر اللام- ما التف على النخل معروف عندهم. 6457 - (هدبة) بضم الهاء ودال مهملة (ولا أرى شاة سميطًا) أي: مشويًّا. 6459 - (ما كان يُعيشكم؟) بضم الياء الأولى وتشديد الثانية مكسورة (منائح) جمع منيحة، وهي الشاة اللبون أو الناقة يعطيها لمن ليس له حلوب فيشرب لبنها إلى آخر السنة ثم يردها إلى مالكها.

18 - باب القصد والمداومة على العمل

6460 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَارَةَ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اللَّهُمَّ ارْزُقْ آلَ مُحَمَّدٍ قُوتًا». 18 - باب الْقَصْدِ وَالْمُدَاوَمَةِ عَلَى الْعَمَلِ 6461 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا أَبِى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَشْعَثَ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى قَالَ سَمِعْتُ مَسْرُوقًا قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَىُّ الْعَمَلِ كَانَ أَحَبَّ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتِ الدَّائِمُ. قَالَ قُلْتُ فَأَىَّ حِينٍ كَانَ يَقُومُ قَالَتْ كَانَ يَقُومُ إِذَا سَمِعَ الصَّارِخَ. طرفه 1132 6462 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ كَانَ أَحَبُّ الْعَمَلِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الَّذِى يَدُومُ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ. طرفه 1132 6463 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 6460 - (فضيل) بضم الفاء، مصغر (أبي زرعة) بضم المعجمة هرم البجلي (اللهم اجعل رزق آل محمد قوتًا) قال ابن الأثير: القوت مقدار ما يمسك الرمق من المطعم، وهو حالة بين الغنى والفقر. وهي الكفاف وخير الأمور الوسط. باب القصد والمداومة على العمل 6461 - (عبدان) -على وزن شعبان- عبد الله المروزي (أشعث) بالمعجمة آخره ثاء مثلثة (أيُّ العمل كان أحب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قالت: الدائم) الدوام لغة عدم الانقطاع، والمراد به المواظبة. هذا هو المتعارف في أمثاله (كان يقوم إذا سمع الصارخ) أي صياح الديك بالليل. 6462 - (قتيبة) بضم القاف، مصغر. 6463 - (ابن أبي ذئب) -بلفظ الحيوان المعروف- محمد بن عبد الرحمن (المقبري)

- رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَنْ يُنَجِّىَ أَحَدًا مِنْكُمْ عَمَلُهُ». قَالُوا وَلاَ أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «وَلاَ أَنَا، إِلاَّ أَنْ يَتَغَمَّدَنِى اللَّهُ بِرَحْمَةٍ، سَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَاغْدُوا وَرُوحُوا، وَشَىْءٌ مِنَ الدُّلْجَةِ. وَالْقَصْدَ الْقَصْدَ تَبْلُغُوا». طرفه 39 6464 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «سَدِّدُوا وَقَارِبُوا، ـــــــــــــــــــــــــــــ بفتح الميم وضم الباء وفتحها (لن يُنجي أحدًا منكم عمله. قالوا: ولا أنت؟ قال: ولا أنا إلَّا أن يتغمَّدني الله برحمته) أي: يسترني. فإن قلت: الأحاديث دلت والآيات على أن دخول الجنة بعمال كقوله: {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: 17]. {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (72)} [الزخرف: 72]. قلت: أجابوا بأن دخول الجنة بفضل الله والدرجات بالأعمال وهذا وجه معروف، إلَّا أنه خلاف الظاهر من قوله: {بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}. {بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ} [الأعراف: 39]. والصواب أن دخول الجنة في التحقيق بإرادة الله وفضله لأنَّ العبد بعمله لا يستحق على مولاه أجرًا إلَّا أن الأعمال أسباب ظاهرية جرت عادة الله بذلك. قال بعضهم: الاستثناء في قوله: "إلَّا أن يتغمدني" منقطع، ويجوز أن يكون متصلًا مثل قوله تعالى: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى} [الدخان: 56] وهذا كلام غريب وذلك أن الاستثناء في الآية منقطع إذ المعنى: لا موت بالجنة لكن الموتة الأولى في الدنيا. وعلى تقدير الاتصال معناه: أن لو كان هناك موت فرضًا وتقديرًا لكانت الموتة الأولى، وفي الحديث أمر محقق فأين أحدهما من الآخر؟ ثم أراد الجمع بين الآيات والحديث بأنَّ الباء ليست للسببيَّة، بل للمصاحبة وهذا غلط فإن حين دخول الجنة لا يصحبه عمل، بل ثواب العمل، على أن أحدًا لا يفهم من قوله: {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [:] ونظائره معنى المصاحبة، ثم قال: إذ الدخول ليس بالعمل، بل الإدخال. انظر إلى هذا الكلام الذي تمجُّه الأسماع، وهب أن له معنىً فما قوله في قوله تعالى: {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [النحل: 32]؟. 6464 - (سدِّدوا) من السداد وهو الاستقامة (وقاربوا) في العمل لا إفراط ولا تفريط

وَاعْلَمُوا أَنْ لَنْ يُدْخِلَ أَحَدَكُمْ عَمَلُهُ الْجَنَّةَ، وَأَنَّ أَحَبَّ الأَعْمَالِ أَدْوَمُهَا إِلَى اللَّهِ، وَإِنْ قَلَّ» طرفه 6467 6465 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا قَالَتْ سُئِلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَىُّ الأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ قَالَ «أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ». وَقَالَ «اكْلَفُوا مِنَ الأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ». طرفه 1969 6466 - حَدَّثَنِى عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ سَأَلْتُ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ قُلْتُ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ كَيْفَ كَانَ عَمَلُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - هَلْ كَانَ يَخُصُّ شَيْئًا مِنَ الأَيَّامِ قَالَتْ لاَ، كَانَ عَمَلُهُ دِيمَةً، وَأَيُّكُمْ يَسْتَطِيعُ مَا كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتَطِيعُ. طرفه 1987 6467 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الزِّبْرِقَانِ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «سَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَأَبْشِرُوا، فَإِنَّهُ لاَ يُدْخِلُ أَحَدًا الْجَنَّةَ عَمَلُهُ». قَالُوا وَلاَ، أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «وَلاَ أَنَا إِلاَّ أَنْ يَتَغَمَّدَنِى اللَّهُ بِمَغْفِرَةٍ وَرَحْمَةٍ». ـــــــــــــــــــــــــــــ (وروحوا واغدوا) أي: اعملوا أي: في طرفي النهار. فإنها أوقات نشاط إذ لا اعتداد بالعمل حال السآمة (وشيء من الدلجة) -بضم الدال- أي: بالليل، وقد أشار إلى ذلك الوقت وهو ثلث الليل الآخر (والقصدَ القصدَ) نصب على الإغراء، والقصد: التوسط في العمل (تبلغوا) لأن في الإفراط تسقط القوى فتتعطل. وفي التفريط لا يبلغ المنزل رُوي أن ذا النون المصري كتب إلى أبي يزيد البسطامي: إلى متى هذا النوم والقوم قد قطعوا المراحل؟ قال أبو يزيد في جوابه: الرجل من بات في بيته وأصبح قبل القوم في المنازل. فقال ذو النون هنالك: هذا شيء كنا لا نعرفه (أحب الأعمال إلى الله أدومها) لأن الغرض من العمل ملاحظة جلال المعبود على الدوام وذلك إنما يكون مع قلة العمل. فإن الإفراط يورث الانقطاع. 6465 - (عرعرة) بعين وراء مهملة (كلفوا من العمل ما تطيقون) بهمزة الوصل والعلة ما ذكرناها (وكان عمله) أي: عمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (ديمة) -بكسر الدال- أي: على الدوام. قال الجوهري: الديمة: المطر الذي لا رعد فيه ولا برق أقله ثلث النهار أو الليل أو أكثره لا غاية له. 6467 - (الزِّبرقان) بكسر المعجمة وباء موحدة وقاف.

قَالَ أَظُنُّهُ عَنْ أَبِى النَّضْرِ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ. وَقَالَ عَفَّانُ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «سَدِّدُوا وَأَبْشِرُوا». وَقَالَ مُجَاهِدٌ (قَوْلاً سَدِيدًا) وَسَدَادًا صِدْقًا. طرفه 6464 6468 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ هِلاَلِ بْنِ عَلِىٍّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى لَنَا يَوْمًا الصَّلاَةَ، ثُمَّ رَقِىَ الْمِنْبَرَ فَأَشَارَ بِيَدِهِ قِبَلَ قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ «قَدْ أُرِيتُ الآنَ - مُنْذُ صَلَّيْتُ لَكُمُ الصَّلاَةَ - الْجَنَّةَ وَالنَّارَ مُمَثَّلَتَيْنِ فِي قُبُلِ هَذَا الْجِدَارِ، فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ». طرفه 93 ـــــــــــــــــــــــــــــ (وقال: أظنه عن أبي النضر) بضاد معجمة، فاعل (قال علي بن المديني) شيخ البخاري، كأنه جوّز أن موسى بن عقبة لم يسمع الحديث من سلمة بن عبد الرحمن، بل أبو النضر واسطة بينهما، لكن ظهر بالتعليق المذكور بعده سماعه من سلمة (وُهيب) بضم الواو مصغر، وكذا (فُليح). 6468 - (رُقِيَ المنبر) بكسر القاف (فأشار قِبل القبلة) بكسر القاف وفتح الياء، أي: جهة القبلة (رأيت الجنة والنار ممثلتين) أي: مصورتين (فلم أر كاليوم في الخير والشر) هذا موضع الدلالة على الترجمة، فإنه يدل على أن المداومة تُوهِب خيرًا كثيرًا، ولا مداومة إلَّا مع القصد في العمل. فإن قلت: روى عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يختص شيئًا من الأيام بعمل، وقد صح أنه كان يصوم الاثنين والخميس، وكان يصوم في شعبان أكثره؟ قلت: معنى

19 - باب الرجاء مع الخوف

19 - باب الرَّجَاءِ مَعَ الْخَوْفِ وَقَالَ سُفْيَانُ مَا فِي الْقُرْآنِ آيَةٌ أَشَدُّ عَلَىَّ مِنْ (لَسْتُمْ عَلَى شَىْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ). 6469 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِى عَمْرٍو عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الرَّحْمَةَ يَوْمَ خَلَقَهَا مِائَةَ رَحْمَةٍ، فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً، وَأَرْسَلَ فِي خَلْقِهِ كُلِّهِمْ رَحْمَةً وَاحِدَةً، ـــــــــــــــــــــــــــــ التخصيص أن لا يوجد ذلك الفضل في غيره، ومواظبته على هذه الأيام لا ينافي وجوده في غيرها، ألا ترى إلى قول أنس: ما كنت تشاء أن تراه صائمًا إلَّا رأيته، فسقط ما قيل إنما كان يواظب على ذلك لما كان يفوته في الأسفار فيقتضيها. باب الرجاء مع الخوف (وقال سفيان: ما في القرآن أية أشد عليَّ من {لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ} [المائدة: 68]) وذلك أن الآية وإن كانت في أهل الكتاب إلَّا أنها تدل على حال هذه الأمة من باب الأولى؛ لأن هذه الأمة أشرف الأمم، فالأمر عليها أشق؛ لأن كل من كان أقرب إلى الله كان الأمر عليه آكد، قيل: مناسبة الآية للترجمة احتمال أن يكون ذلك مخصوصًا بأهل الكتاب. فيحصل لهذه الأمة الرجاء والخوف وفيه نظر؛ لأن سفيان قد فهم عموم الآية فالصواب أنها تدل على رجحان جانب الخوف؛ لأن القيام بما أمر الله في غاية الشدة. 6469 - (إن الله خلق الرحمة يوم خلقها مئة رحمة، فأمسك عنده تسعة وتسعين وأرسل إلى خلقه كلِّهم رحمة واحدة) أي: قدّر الرحمة في علمه مائة أجزاء، فجعل واحدة موزّعة في المخلوقات إلى يوم القيامة يوجد في كل قلب ما اقتضت حكمنه، وإنما فسرناه هكذا لأن نزول الرحمة مستحيل؛ لأن الأعراض لا تقبل النقلة. فإن قلت: أين موضع الدلالة على أن الإنسان يكون مع الخوف والرجاء؟ قلت: هو قوله: "لو يعلم الكافر بكل الذي عند الله من الرحمة .... " إلى آخر الحديث، فإنه دلّ على سعة رحمته وشدة عذابه، قال العلماء: يكون جانب الرجاء غالبًا في حال المرض وبالعكس الصحة؛ لأنه من أمارات الموت مع سقوط القوة على العمل، وقد [قال] تعالى: "أنا عند

20 - باب الصبر عن محارم الله

فَلَوْ يَعْلَمُ الْكَافِرُ بِكُلِّ الَّذِى عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الرَّحْمَةِ لَمْ يَيْأَسْ مِنَ الْجَنَّةِ، وَلَوْ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ بِكُلِّ الَّذِى عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْعَذَابِ لَمْ يَأْمَنْ مِنَ النَّارِ». طرفه 6000 20 - باب الصَّبْرِ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ). وَقَالَ عُمَرُ وَجَدْنَا خَيْرَ عَيْشِنَا بِالصَّبْرِ. 6470 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ أُنَاسًا مِنَ الأَنْصَارِ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يَسْأَلْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلاَّ أَعْطَاهُ حَتَّى نَفِدَ مَا عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُمْ حِينَ نَفِدَ كُلُّ شَىْءٍ أَنْفَقَ بِيَدَيْهِ «مَا يَكُنْ عِنْدِى مِنْ خَيْرٍ لاَ أَدَّخِرْهُ عَنْكُمْ، وَإِنَّهُ مَنْ يَسْتَعِفَّ يُعِفُّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ، وَلَنْ تُعْطَوْا عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ». طرفه 1469 ـــــــــــــــــــــــــــــ ظن عبدي بي" والمشايخ على أن جانب الرجاء يكون غالبًا في كل وقت إذ كم صحيح مات وكم من مريض عاش؟ (فلو يعلم الكافر بكل الذي عند الله من الرحمة لم يَيئس من الجنة) قيل: أصل "لو" أن تدخل على الماضي، وإنما دخلت [على] المضارع إشارة إلى أنه لم يقع ذلك العلم في الماضي ولم يقع في المستقبل، وفيه نظر؛ لأن "لو" إذا دخلت على المضارع تجعله ماضيًا، كقولك: لو يكرمني أكرمتك، والتحقيق أنها تدخل [على] المضارع دلالة على أن المضارع والماضي سواء لصدور الكلام ممن لا يختلف في إخباره. باب الصبر عن محارم الله 6470 - روى عن الخدري (أن ناسًا سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متاع الدنيا فأعطاهم حتى نَفِد كل شيء عنده) بفتح النون وكسر الفاء (ثم قال: من يستعف يُعفُّه الله) أي: من طلب العفاف وعدم السؤال من الناس يُعفه الله، بأن يقدر له رزقًا من وجه آخر (ولن تُعطوا عطاءً خيرًا من الصبر).

21 - باب (ومن يتوكل على الله فهو حسبه)

6471 - حَدَّثَنَا خَلاَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ عِلاَقَةَ قَالَ سَمِعْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ يَقُولُ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى حَتَّى تَرِمَ - أَوْ تَنْتَفِخَ - قَدَمَاهُ فَيُقَالُ لَهُ، فَيَقُولُ «أَفَلاَ أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا». طرفه 1130 21 - باب (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ مِنْ كُلِّ مَا ضَاقَ عَلَى النَّاسِ. 6472 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: الصبر: حبس النفس عن المكروه، فكيف يكون عطاءً؟ قلت: العطا باعتبار المآل، فإنه يوجب الجزاء بغير حساب، وفي المثل: الصبر مفتاح الفرج. 6471 - (خلاد) بفتح المعجمة وتشديد اللام (زياد بن علاقة) بكسر الزاء [والعين] (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي حتى تَرِم قدماه). فإن قلت: ما وجه هذا الحديث في باب الصبر عن محارم الله تعالى؟ قلت: إذا كان من غُفِر له ما تقدم وما تأخر صبر على مشقة الطاعة، فغيره بالصبر عن محارم الله التي يستحق بها العقاب يعلم من باب الأولى، يقال: صبر عن المعصية، وصبر عن الطاعة. فإن قلت: من أسمائه تعالى: الصبور؟ قلت: أريد به لازم معناه وهو عدم المعاجلة بالعقوبة، كما في الرحمن والغضبان. باب {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: 3] أي: من فوّض أمره إلى الله فهو كافيه، وهذا لا ينافي مباشرة الأسباب ولهذا قال: "اعقلها وتوكل" (الربيع بن خُثيم) الربيع ضد الخريف، وخثيم بضم المعجمة وفتح المثلثة "إسحاق" كذا وقع غير منسوب لكن روى البخاري في مواضع إسحاق بن إبراهيم. 6472 - (عن رَوْح) بفتح الراء، هذا وقال شيخنا: هو ابن منصور، وقد غلط من

22 - باب ما يكره من قيل وقال

حُصَيْنَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ كُنْتُ قَاعِدًا عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فَقَالَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِى سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ، هُمُ الَّذِينَ لاَ يَسْتَرْقُونَ، وَلاَ يَتَطَيَّرُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ». طرفه 3410 22 - باب مَا يُكْرَهُ مِنْ قِيلَ وَقَالَ 6473 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مُغِيرَةُ وَفُلاَنٌ وَرَجُلٌ ثَالِثٌ أَيْضًا عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ وَرَّادٍ كَاتِبِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَتَبَ إِلَى الْمُغِيرَةِ أَنِ اكْتُبْ إِلَىَّ بِحَدِيثٍ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْمُغِيرَةُ أَنِّى سَمِعْتُهُ يَقُولُ عِنْدَ انْصِرَافِهِ مِنَ الصَّلاَةِ «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهْوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ». ثَلاَثَ مَرَّاتٍ قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قال: هو ابن إبراهيم (عمارة) بضم العين وتخفيف الميم (حصين) بضم الحاء مصغر (يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفًا بغير حساب وهم الذين لا يسترقون ولا يتطيَّرون وعلى ربِّهم يتوكلون). فإن قلت: قد سلف أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في الجارية "أُرقُوها" أو قال: "استرقوا لها فإنّ بها النظرة" قال ابن الأثير: النظر الإصابة بالعين، وقد كوى سعدًا؟ قلت: ليس الكلام في الجواز بل شأن الخُلَّص الناظرين بعين الحقيقة، هذا وقد روي عن الصديق أنه قيل له في مرضه: لو دعوت طبيبًا، فقال: الطبيب أمرضي، وقد تقدمت الرواية من غير البخاري: "مع كل واحد من هؤلاء سبعون ألفًا". باب ما يكره من قيل وقال 6473 - (هُشيم) بضم الهاء مصغر (عن ورّاد) بفتح الواو وتشديد الراء (فكتب إليه المغيرة) الكاتب ورّاد كاتب المغيرة بيَّنه رواية ابن حِبَّان، فالإسناد إلى المغيرة مجازٌ

23 - باب حفظ اللسان

وَكَانَ يَنْهَى عَنْ قِيلَ وَقَالَ وَكَثْرَةِ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةِ الْمَالِ، وَمَنْعٍ وَهَاتِ، وَعُقُوقِ الأُمَّهَاتِ، وَوَأْدِ الْبَنَاتِ. وَعَنْ هُشَيْمٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ وَرَّادًا يُحَدِّثُ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الْمُغِيرَةِ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 844 23 - باب حِفْظِ اللِّسَانِ «وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا، أَوْ لِيَصْمُتْ». وَقَوْلِهِ تَعَالَى (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ). 6474 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ الْمُقَدَّمِىُّ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِىٍّ سَمِعَ أَبَا حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ يَضْمَنْ لِى مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ (كان ينهى عن قيل وقال) بلفظ الفعل وبناؤهما لملاحظة الضمير فيهما، والمعنى: النهي عن فضول الكلام من غير أن يتحقق صدقه، كما يفعله المتجالسون من قولهم: قال فلان كذا، وقيل كذا، وفي هذا قوله: "كفى بالمرء كذبًا أن يتحدّث بكل ما سمع"، (ومنع وهات) أي: منع ما يجب إعطاؤه وأخذ ما لا يجوز، كما يفعله من لا يتأدَّب بآداب الشرع، بل يفعل ما يشتهي (ووأد البنات) كما كان يفعله أهل الجاهلية، وقد سلف الحديث بشرحه في كتاب الأدب. باب حفظ اللِّسان 6474 - استدل عليه بقوله [- صلى الله عليه وسلم -] (من كان يومن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا وليصمت) هذا من جوامع الكلام الذي خُصَّ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، انظر كم اندرج تحته؟ واستدل أيضًا بقوله تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18)} [ق: 18] ولا شك أن العاقل إذا تأمل أن عليه رقيبًا حاضرًا من سلطان يعتمد عليه أقواله، وسيعرضها عليه وهو واقف بين يديه، فلا يلفظ إلَّا بما يقدر على الجواب الشافي عنه (المُقدَّمي) بضم الميم وفتح الدال المشددة (أبو حازم) بالحاء المهملة سلمة بن دينار (من يضمن لي ما بين لحيته) بفتح

وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ أَضْمَنْ لَهُ الْجَنَّةَ». طرفه 6807 6475 - حَدَّثَنِى عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا، أَوْ لِيَصْمُتْ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يُؤْذِ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ». طرفه 5185 6476 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا لَيْثٌ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْمَقْبُرِىُّ عَنْ أَبِى شُرَيْحٍ الْخُزَاعِىِّ قَالَ سَمِعَ أُذُنَاىَ وَوَعَاهُ قَلْبِى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «الضِّيَافَةُ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ جَائِزَتُهُ». قِيلَ مَا جَائِزَتُهُ قَالَ «يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا، أَوْ لِيَسْكُتْ». طرفه 6019 ـــــــــــــــــــــــــــــ اللام يريد لسانه كما ترجم له (وما بين رجليه) الفرج، والمراد من الضمان القيام بالحفظ، وأشمل من هذا الحديث قوله في الحديث الآخر: "من وقى شر لقلقه ذبذبه وقبقبه دخل الجنة" اللقلق: اللسان، والذبذب: الفرج، القبقب: البطن، ولم يعرض لليد والرجل؛ لأنّ معظم المفاسد من هذه الثلاثة وأهمها اللسان، ألا ترى إلى قوله: "من صمت نجا" وفي حديث معاذ: "ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكبُّ الناس في النار على وجوههم إلَّا حصائد ألسنتهم". 6476 - (أبو الوليد) هشام الطيالسي (المقبري) بضم الباء وفتحها (أبو شريح) مصغر شرح، خويلد الخزاعي (الضيافة ثلاثة أيام جائزته يوم وليلة) كذا وقع وسائر الروايات: "وجائزته" بالواو، وقد أشرنا مرارًا أن يوم الجائزة أول يوم قدومه، أو يوم ارتحاله، يعطى ما يبلغ به المنزل، قولان للعلماء فيه وهذا الثاني أَوفقُ لمكان الاشتقاق، قال ابن الأثير: تكلف له في اليوم الأول ما قدر عليه وفي اليوم الثاني والثالث تقدم له ما جرت به العادة، وفي الرابع تعطيه زاد يوم وليلة وهو الجائزة، ويقال: الحيزة أيضًا.

6477 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنِى ابْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ يَزِيدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ التَّيْمِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا، يَزِلُّ بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ الْمَشْرِقِ». طرفه 6478 6478 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ سَمِعَ أَبَا النَّضْرِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِى ابْنَ دِينَارٍ - عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لاَ يُلْقِى لَهَا بَالاً، يَرْفَعُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لاَ يُلْقِى لَهَا بَالاً يَهْوِى بِهَا فِي جَهَنَّمَ». طرفه 6477 ـــــــــــــــــــــــــــــ 6477 - (إن العبد ليتكلم بكلمة ما يتبيَّن فيها) على وزن يتكثر، من البيان، أي: لا يتثبت فيها ولا يفكر في معناها (يزل بها في النار أبعد ما بين المغرب والمشرق) وفي رواية: "المشرق" واحدة، ويدل على تقديره سائر الروايات، وقيل: أراد ما بين مشرق الشتاء والصيف، وليس بشيء لمخالفته سائر الروايات، وأيضًا لو كان المراد ذلك لقال: أبعد ما بين المشرقين، كقوله تعالى: {يَالَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ} [الزخرف: 38]. 6478 - (مُنير) بضم الميم وكسر النون (أبا النضر) بالضاد المعجمة، واسمه سالم (إن العبد ليتكلم بكلمة من رضوان الله تعالى) أي ممّا يوجب رضوان الله (لا يلقي لها بالًا) أي: لا يسمع لها ولا يلتفت بخاطره نحوها، وفي الأحاديث دلالة على وجوب محافظة الإنسان على لسانه، ولا يتكلم بكلمة إلَّا إذا تأمل ما عليه منها، ولا سيما عند الملوك والظلمة، وليجعل ما رواه الترمذي من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من صمت نجا" وِرْد لسانه. ثم قال:

24 - باب البكاء من خشية الله

24 - باب الْبُكَاءِ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ 6479 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ، رَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ». طرفه 660 25 - باب الْخَوْفِ مِنَ اللَّهِ 6480 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ رِبْعِىٍّ عَنْ حُذَيْفَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «كَانَ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ يُسِئُ الظَّنَّ بِعَمَلِهِ، فَقَالَ لأَهْلِهِ إِذَا أَنَا مُتُّ فَخُذُونِى فَذَرُّونِى، فِي الْبَحْرِ فِي يَوْمٍ صَائِفٍ، فَفَعَلُوا بِهِ، فَجَمَعَهُ اللَّهُ ثُمَّ قَالَ مَا حَمَلَكَ عَلَى الَّذِى صَنَعْتَ قَالَ مَا حَمَلَنِى إِلاَّ مَخَافَتُكَ. فَغَفَرَ لَهُ». طرفه 3452 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب البكاء من خشية الله 6479 - وروى فيه حديث أبى هريرة: (سبعة يظلهم الله بظله) وقد سلف في كتاب الجماعة وغيرها، وموضع الدلالة قوله: (رجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه) الفيض: سيلان مع الكثرة، وإسناده إلى العين إسناد إلى المحل مجازًا مبالغةً. باب الخوف من الله عز وجلَّ 6480 - روى في الباب حديث من أوصى بنيه أن يحرقوه بعد موته خوفًا، وقد سلف في مناقب بني إسرائيل (أبي شيبة) بفتح الشين المعجمة (رِبْعي) بكسر الراء وسكون الموحدة وتشديد الياء في آخره (إذا أنا مت فخذوني فذروني) بضم الذال من الذرِّ، وبفتحها من التذرية (في يوم صائف) أي في يوم حار، قال الجوهري: أو من الناسخ: والصواب يوم صائف راح، أي: ذو ريح شديدة، كما ذكره في الحديث بعده: "إذا كان ريح عاصف" وفي الرواية الأخرى: "في يوم راح" كذا رواه ابن الأثير "في يوم راح" قال ابن الأثير: أي: يوم يشد فيه الريح، قال شيخنا: وفي رواية المروزي والأصيلي: "حازٍّ" بتشديد الزاي المعجمة، أي: يَحزي البدن بحرارته.

6481 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ سَمِعْتُ أَبِى حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَبْدِ الْغَافِرِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ذَكَرَ رَجُلاً فِيمَنْ كَانَ سَلَفَ أَوْ قَبْلَكُمْ آتَاهُ اللَّهُ مَالاً وَوَلَدًا - يَعْنِى أَعْطَاهُ قَالَ - فَلَمَّا حُضِرَ قَالَ لِبَنِيهِ أَىَّ أَبٍ كُنْتُ قَالُوا خَيْرَ أَبٍ. قَالَ فَإِنَّهُ لَمْ يَبْتَئِرْ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرًا - فَسَّرَهَا قَتَادَةُ لَمْ يَدَّخِرْ - وَإِنْ يَقْدَمْ عَلَى اللَّهِ يُعَذِّبْهُ فَانْظُرُوا، فَإِذَا مُتُّ فَأَحْرِقُونِى، حَتَّى إِذَا صِرْتُ فَحْمًا فَاسْحَقُونِى - أَوْ قَالَ فَاسْهَكُونِى - ثُمَّ إِذَا كَانَ رِيحٌ عَاصِفٌ فَأَذْرُونِى فِيهَا. فَأَخَذَ مَوَاثِيقَهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَرَبِّى فَفَعَلُوا فَقَالَ اللَّهُ كُنْ. فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ، ثُمَّ قَالَ أَىْ عَبْدِى مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا فَعَلْتَ قَالَ مَخَافَتُكَ - أَوْ فَرَقٌ مِنْكَ - فَمَا تَلاَفَاهُ أَنْ رَحِمَهُ اللَّهُ». فَحَدَّثْتُ أَبَا عُثْمَانَ فَقَالَ سَمِعْتُ سَلْمَانَ غَيْرَ أَنَّهُ زَادَ فَأَذْرُونِى فِي الْبَحْرِ. أَوْ كَمَا حَدَّثَ. وَقَالَ مُعَاذٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ سَمِعْتُ عُقْبَةَ سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 3478 ـــــــــــــــــــــــــــــ 6481 - (معتمر) بكسر الميم الثانية (قال: فإنه لم يبتئِر عند الله خيرًا) بفتح المثناة تحت والموحدة بعدها مثناة فوق بعدها همزة (فسَّرها تتادة: فلم يدّخر) وفي رواية ابن السكن "لم يأبتر" بتقديم الهمزة، قال القاضي: والمعنى واحد (وإن يَقدم على الله) بفتح الياء والدال (فاسحقوني - أو قال: فاسهكوني) متقاربان معناهما: الدق الناعم (وربي ففعلوا) هذا كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، جملة معترضة تؤكد القضية. فإن قلت: قد وقع في كلامه ما يدل على الشك في قدرة الله تعالى، ودل عليه فعله وآخر الحديث أنه تعالى تغمده؟ قلت: قد أكثروا القول، والصواب أنه لم يكن شاكًّا في قدرة الله تعالى دلّ عليه قوله لمَّا قال له: (أي عبدي، ما حملك على ما فعلت؟ قال: مخافتك) فإنه من غاية الخوف، بخبر فلم يجد طريق الخلاص ما تقدم من حديث الضالة لمّا وجدها، من شدة الفرح قال: يا عبدي أنا ربك (فقال الله: كن، فكان) للعلماء فيه قولان: أحدهما: أن قول: كن حقيقة جرت بذكر عادة الله، أي: في إيجاد الكائنات. والثاني: أنه بمثل سرعة وجود من تعلقت بوجوده إرادته (فما تلافاه أن رحمه) "ما" موصولة، أي: الذي تداركه رحمة الله، وقيل: إلّا مقدَّرة أي إلّا رحمته، وما: نافية، وفي الحديث دلالة على أن

26 - باب الانتهاء عن المعاصى

26 - باب الاِنْتِهَاءِ عَنِ الْمَعَاصِى 6482 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَثَلِى وَمَثَلُ مَا بَعَثَنِى اللَّهُ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَتَى قَوْمًا فَقَالَ رَأَيْتُ الْجَيْشَ بِعَيْنَىَّ، وَإِنِّى أَنَا النَّذِيرُ الْعُرْيَانُ فَالنَّجَا النَّجَاءَ. فَأَطَاعَتْهُ طَائِفَةٌ فَأَدْلَجُوا عَلَى مَهْلِهِمْ فَنَجَوْا، وَكَذَّبَتْهُ طَائِفَةٌ فَصَبَّحَهُمُ الْجَيْشُ فَاجْتَاحَهُمْ». طرفه 7283 ـــــــــــــــــــــــــــــ الله إذا أراد المغفرة لا يمنعه مظالم العباد، فإنه قد ثبت أن هذا الرجل كان نبَّاشًا، وما يُقال من وصيته بالإحراق بالنار. فلعله كان جائزًا في شرعتهم توبةً، فليس بشيء لما جاء في الرواية الأخرى: "ذروني في الريح لعلّي أضل الله" قال ابن الأثير: أي أفوته ويخفى عليه مكاني. باب الانتهاء عن المعاصي 6482 - (محمد بن العلاء) بفتح العين والمد (أبو أسامة) بضم الهمزة (أبو بردة) بضم الباء عامر بن أبي موسى (مثلي ومثل ما بعثني الله به مثل رجل أتى قومًا فقال: رأيت الجيش بعيني وإني أنا النذير العريان) كانت العرب كثيرة الغارات، وكان الرجل إذا رأى العدو من بعيد تعرَّى ولوّح بثوبه ليري قومه. قيل: أول من فعله رجل من خثعم، كان محبوسًا في يد العدو فوجد غرة منه فرمى ثيابه وهرب، وقيل: أول من فعله عوف بن مالك يوم ذي الخلصة، ورواه بعضهم: "أنا العَربان" بفتح العين والباء الموحدة، ومعناه الفصيح، وقيل: الأول بالمد والثاني مقصور، وانتصابهما على الإغراء، من أعربَ الرجل عن حاجته إذا أفصح عنها، وهذا معنىً حسنٌ وإن لم [يكن] مشهورًا في الرواية (والنجا النجا) مصدر نجا ينجو مقصور، وقيل: ممدود والأول أوفق للمقام (فأدلجوا) بهمزة القطع من الإدلاج، وهو السير أوَّل الليل، ويروى بتشديد الدال من الافتعال وهو السير آخر الليل، والأول أوفق للمقام (فصبَّحهم الجيش فاجتاحهم) بالجيم والحاء من الجائحة وهي الآفة، أي: أغار عليهم في الصباح فاجتاحهم أي: استأصلهم.

6483 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّمَا مَثَلِى وَمَثَلُ النَّاسِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَوْقَدَ نَارًا، فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ جَعَلَ الْفَرَاشُ وَهَذِهِ الدَّوَابُّ الَّتِى تَقَعُ فِي النَّارِ يَقَعْنَ فِيهَا، فَجَعَلَ يَنْزِعُهُنَّ وَيَغْلِبْنَهُ فَيَقْتَحِمْنَ فِيهَا، فَأَنَا آخُذُ بِحُجَزِكُمْ عَنِ النَّارِ، وَأَنْتُمْ تَقْتَحِمُونَ فِيهَا». طرفه 3426 6484 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ عَنْ عَامِرٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو يَقُولُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ». طرفه 10 ـــــــــــــــــــــــــــــ 6483 - (جعل الفَراش وهذه الدواب يقعن فيه) الفراش بفتح الفاء وتخفيف الراء، وهو الذي نفسه في السراج، وعطف الدواب عليه لأنه غيرها، والإشارة "بهذه" إلى الجنس (ينزعهنَّ) بالزاء المعجمة، أي: يمنعهن (فيقتحمن فيه) التقحُّم والإقحام: الوقوع في الشيء من غير رويَّة (فانا آخذ بحجزكم وهم يقتحمون فيها) كذا وقع الأول بالخطاب، والثاني بالغيبة، وهو محمول على الالتفات من الخطاب إلى الغيبة، والنكتةُ فيه أنهم أحقاء بأن يُعرض عنهم؛ لأنّهم في عدم الفرق بين النافع والضار كالحيوانات بل أخسُّ الدواب والطير، أو عدل عن الخطاب لئلا يواجه المخاطبين بالمكروه، ومن الناس من قال: إنما عدل عن الخطاب التفاتًا، وفيه دلالة على أن من أخذ بحجزته لا اقتحام له فيها، وهذا سهو فإن في الالتفات المراد بالثاني عين الأول، وإنما الاختلاف في العبارة على أن ما قاله مخالف للحق، فإن مراده أن مع كونه أخذا بحجزتهم يغلبونه؛ ليصح التشبيه، كما في رواية مسلم: "وأنتم تغلبوني" لفظ الخطاب، ومثله أكثر الروايات في البخاري "والحُجُز" بضم الحاء وفتح الجيم جمع حُجزة وهو مَعْقِدُ الإزار. فإن الآخذ به يتمكن غاية التمكن. 6484 - (والمهاجر من هاجر ما نهى الله) حصر ادعاني على طريق المبالغة؛ لأن الهجرة بين الناس هي الانتقال من مكة إلى المدينة قبل فتح مكة، فأشار هنا إلى أن الغرض من الهجرة امتثال أمر الله، فالذي يهاجر [ما] نهى الله عنه فلا هجرة له كاملة، وقد ضرب الأمثال في هذه الأحاديث مبالغةً في إمامة الحق عليه أفضل صلوات وأكمل تسليم.

27 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - «لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا، ولبكيتم كثيرا»

27 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً، وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا» 6485 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - كَانَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً، وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا». طرفه 6637 6486 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا». طرفه 93 28 - باب حُجِبَتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ 6487 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «حُجِبَتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ، وَحُجِبَتِ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ [باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -]: "لو تعلمون [ما] أعلم لضحكتم قليلًا ولبكيْتُم كثيرًا" لأن الخشية والخوف على قدر المعرفة، كما تقدم في أبواب الإيمان من قوله: "أنا أتقاكم وأخشاكم". باب حُجبت النار بالشهوات 6487 - (وحجبت الجنة بالمكاره) وفي رواية مسلم "حُفَّت" بدل "حُجبت" والمعنى واحد لأنّ الحق هو الإحاطة وهو معنى الحجاب. وقد دل الحديث على أن من الحجاب دخل الدار إن نارًا فنارًا وإن جنة فجنة، فعلى طلب الجنة قطع مفاوز المكاره والابتعاد عن أودية الشهوات.

29 - باب «الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله، والنار مثل ذلك»

29 - باب «الْجَنَّةُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ، وَالنَّارُ مِثْلُ ذَلِكَ» 6488 - حَدَّثَنِى مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ وَالأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الْجَنَّةُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ، وَالنَّارُ مِثْلُ ذَلِكَ». 6489 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَصْدَقُ بَيْتٍ قَالَهُ الشَّاعِرُ أَلاَ كُلُّ شَىْءٍ مَا خَلاَ اللَّهَ بَاطِلُ». طرفه 3841 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله شراك النعل بكسر الشين: سير النعل بين الأصبعين، هذا حديث الباب، وغرض الشارع من هذا حث الناس على أن لا يحقروا طاعة، فإنّ القليل من العمل مع الإخلاص عند الله كثير. ألا ترى إلى ما تقدم من أن زانية سقت كلبًا يأكل الثرى من العطش غُفر لها، وما تقدم آنفًا من أن الرجل يقول كلمة من رضوان [الله] لا يلقي لها بالًا يرفعه الله بهما درجات. 6489 - (غُندر) بضم المعجمة ودال مهملة (عُمير) بضم العين مصغر (أصدق بيت قال الشاعر كلمة لبيد: ألا كل شيء ما خلا الله باطل) يريد به ما سوى شرع الله تعالى على لسان الرسل، والشعر للبيد، -وهو صحابي يكنى أبا عقيل من المعمرين المخضرمين، والنصف الثاني. وكل نعيم لا محالة زائل بريد نعيم الدنيا لما قدمنا من كونه صحابيًّا يعتقد بقاء نعيم الجنة، وقيل: أراد العموم كل شيء سوى الله هالك في نفسه، والوجه هو الأول.

30 - باب لينظر إلى من هو أسفل منه ولا ينظر إلى من هو فوقه

30 - باب لِيَنْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْهُ وَلاَ يَنْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَهُ 6490 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا نَظَرَ أَحَدُكُمْ إِلَى مَنْ فُضِّلَ عَلَيْهِ فِي الْمَالِ وَالْخَلْقِ، فَلْيَنْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْهُ». 31 - باب مَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ أَوْ بِسَيِّئَةٍ 6491 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا جَعْدٌ أَبُو عُثْمَانَ حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ الْعُطَارِدِىُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِيمَا يَرْوِى عَنْ رَبِّهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب النظر إلى من هو أسفل منه 6490 - (عن أبي الزناد) -بكسر الزاي بعدها نون- عبد الله بن ذكوان (إذا نظر أحدكم إلى من فُضِّل عليه في المال والخلق فلينظر إلى ما هو أسفل منه) وتمام الحديث في الرواية الأخرى بقوله: "فهو أجدر ألَّا تزدروا نعمة الله" ولما قيده بالمال والخلق أي: الصورة والجمال دلّ على أن أمر الآخرة بعكس ذلك وإلَّا لضاع فائدة والعبد فعليه أن ينظر إلى من فوقه من أمور الدين وسعى أن يلحق بل على أن يفوقه. باب من هم بحسنة أو سيئة 6491 - (أبو معمر) بفتح الميمين وعين ساكنة (أبو عثمان) عبد الرحمن النهدي (أبو رجاء العطاردي) اسمه عمران (عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يروي عن ربِّه) هذا حديث قدسي من كلامه تعالى، وقيل: ليس بقدسي. ومعنى قوله: يروي أن يحكي فضله، والأول هو الصواب صرّح به في الرواية في مسلم: "إذا همَّ بسيِّئة ولم يعملها فإني أكتبها له حسنة لأنه تركها من جَرَّاي" أي: من خوفي. وسيأتي في أبواب التوحيد من رواية البخاري: "يقول الله عَزَّ وَجَلَّ: إذا أراد عبدي".

32 - باب ما يتقى من محقرات الذنوب

عَزَّ وَجَلَّ قَالَ قَالَ «إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ، ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ، وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً». 32 - باب مَا يُتَّقَى مِنْ مُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ 6492 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا مَهْدِىٌّ عَنْ غَيْلاَنَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ إِنَّكُمْ لَتَعْمَلُونَ أَعْمَالاً هِىَ أَدَقُّ فِي أَعْيُنِكُمْ مِنَ الشَّعَرِ، إِنْ كُنَّا نَعُدُّهَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - الْمُوبِقَاتِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِى بِذَلِكَ الْمُهْلِكَاتِ. 33 - باب الأَعْمَالُ بِالْخَوَاتِيمِ وَمَا يُخَافُ مِنْهَا 6493 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو حَازِمٍ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: من عزم على شرب الخمر ومات قبل شربه مات عاصيًا. قلت: قد أشرنا في أبواب الإيمان إلى تحقيق هذه المسألة بأن خواطر النفس من غير اختيار لا مؤاخذة عليها في شرع وإن همَّ باختياره ولم يصمّم لا يؤاخذه. وهذا من خواص هذه الأمة. وأمَّا إذا صمَّم وعزم القلب فذاك الذي يؤاخذه به كما تقدم في أبواب الإيمان في قوله: "إنه كان حريصًا على قتل صاحبه" وإنما يؤاخذ نفس العزم لا ما عزم عليه فلا يخالف رواية ما لم يعلم. باب ما يتقى من محقرات الذنوب 6492 - (غيلان) بالغين المعجمة (إنكم لتعملون أعمالًا هي أدق في أعينكم من الشعر) كلام على المثل إبرازًا للمعقول في صورة المحسوس، أي: لا تُبالون بها ولا تعتدونها (إن كنَّا نعدُّها على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الموبقات) فسّرها البخاري بـ (المهلكات). باب الأعمال بالخواتيم وما يخاف منها 6493 - (علي بن عياش) بالياء المثناة وشين معجمة (أبو غسان) بالغين المعجمة وتشديد المهملة (أبو حازم) -بالحاء المهملة- سلمة بن دينار. روى في الباب حديث الرجل

34 - باب العزلة راحة من خلاط السوء

سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِىِّ قَالَ نَظَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى رَجُلٍ يُقَاتِلُ الْمُشْرِكِينَ، وَكَانَ مِنْ أَعْظَمِ الْمُسْلِمِينَ غَنَاءً عَنْهُمْ فَقَالَ «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا». فَتَبِعَهُ رَجُلٌ فَلَمْ يَزَلْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى جُرِحَ، فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ. فَقَالَ بِذُبَابَةِ سَيْفِهِ، فَوَضَعَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ، فَتَحَامَلَ عَلَيْهِ، حَتَّى خَرَجَ مِنْ بَيْنِ كَتِفَيْهِ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ الْعَبْدَ لَيَعْمَلُ فِيمَا يَرَى النَّاسُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَإِنَّهُ لَمِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَيَعْمَلُ فِيمَا يَرَى النَّاسُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ وَهْوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَإِنَّمَا الأَعْمَالُ بِخَوَاتِيمِهَا». طرفه 2898 34 - باب الْعُزْلَةُ رَاحَةٌ مِنْ خُلاَّطِ السُّوءِ 6494 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ حَدَّثَهُ قَالَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِىِّ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ جَاءَ أَعْرَابِىٌّ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَىُّ النَّاسِ خَيْرٌ قَالَ «رَجُلٌ جَاهَدَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، وَرَجُلٌ فِي شِعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ يَعْبُدُ رَبَّهُ، وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ». تَابَعَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ الذي قاتل قتالًا (وكان من أعظم المسلمين عناءً) بالفتح والمدِّ أي: نفعًا (فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شأنه: من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل النار فلينظر إلى هذا) وقد سلف حديثه مع شرحه في أبواب الجهاد في باب لا يقال فلان شهيد (فقال بذباب سيفه) -بالذال المعجمة- حدّه، ومعنى قال: جعل، كأنه يستعمل في سائر الأفعال. فإن قلت: تقدم هناك أنه ذبح نفسه بنصل سهمه!؟ قلت: لا منافاة لجواز الجمع. ومحصل الباب أن الإنسان يجب عليه أن لا يغير يحس العمل خوفًا من سوء العاقبة، قال بعض المشائخ إذا رأيت إنسانًا يقتل مسلمًا ظلمًا لا تقل في نفسك أن تكون خيرًا منه لاحتمال أن يتوب فيغفر له وتبتلى أنت من غير توبة. باب العزلة راحة من خُلّاط السوء بضم الخاء وتشديد اللام: جمع خالط كحفاظ في حافظ. روى في الباب حديثين: 6494 - الأول عن أبي سعيد الخدري (أن أعرابيًّا سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أيُّ الناس خيرٌ؟ قال: رجل جاهد بنفسه. ورجل في شعب من الشعاب يعبد ربَّه) والشعب -

35 - باب رفع الأمانة

الزُّبَيْدِىُّ وَسُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ وَالنُّعْمَانُ عَنِ الزُّهْرِىِّ. وَقَالَ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عَطَاءٍ أَوْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ يُونُسُ وَابْنُ مُسَافِرٍ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 2786 6495 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا الْمَاجِشُونُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى صَعْصَعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «يَأْتِى عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ خَيْرُ مَالِ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ الْغَنَمُ، يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ، يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنَ الْفِتَنِ». طرفه 19 35 - باب رَفْعِ الأَمَانَةِ 6496 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا هِلاَلُ بْنُ عَلِىٍّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ـــــــــــــــــــــــــــــ بكسر الشين-: الطريق بين الجبلين. روى عنه أيضًا الحديث الذي تقدم في أبواب الإيمان من قوله: 6495 - (أبو نعيم) بضم النون، مصغر (الماجشون) بكسر الجيم معرب ماه كون، أي: لونه يشبه القمر (أبي صعصعة) بصاد مهملة وعين كذلك، مكررتين. (يأتي على الناس زمان خير مال المسلم الغنم يتبع بها شَعف الجبال) -بفتح المعجمة والعين- رأس الجبل. وقد قال محمَّد بن يوسف شيخ البخاري والرواية عنه بقال: لأنه سمعه مذاكرة (الأوزاعي) بفتح الهمزة (الزبيدي) بضم المعجمة محمَّد بن الوليد. في أمر العزلة والاختلاط فرضان، وتحقيق القول أن الإنسان ما دام قادرًا على القيام بما فرض عليه بين الناس من الأمر بالمعروف وصيانة نفسه عن الغيبة وجلساء السوء فالاختلاط أولى، وإن لم يقدر فالعزلة. ومحل الأحاديث الواردة في الحث على العزلة والواردة في النهي عنها ما أشرنا إليه. باب رفع الأمانة 6496 - (محمَّد بن سنان) بكسر السين (فليح) بضم الفاء مصغر (يسار) ضد اليمين

«إِذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ». قَالَ كَيْفَ إِضَاعَتُهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «إِذَا أُسْنِدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ، فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ». طرفه 59 6497 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ حَدَّثَنَا حُذَيْفَةُ قَالَ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَدِيثَيْنِ رَأَيْتُ أَحَدَهُمَا وَأَنَا أَنْتَظِرُ الآخَرَ، حَدَّثَنَا «أَنَّ الأَمَانَةَ نَزَلَتْ فِي جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ الْقُرْآنِ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ السُّنَّةِ». وَحَدَّثَنَا عَنْ رَفْعِهَا قَالَ «يَنَامُ الرَّجُلُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ الأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ، فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِثْلَ أَثَرِ الْوَكْتِ، ثُمَّ يَنَامُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ فَيَبْقَى أَثَرُهَا مِثْلَ الْمَجْلِ، كَجَمْرٍ دَحْرَجْتَهُ عَلَى رِجْلِكَ فَنَفِطَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ (إذا ضُيِّعت الأمانة فانتظر الساعة) [فسره] بقوله: (إذا أسند الأمر إلى غير أهله) كالأمراء وفسر الإضاعة: الظلمة والقضاء والفسقة. والمراد من الأمانة الحقوق اللازمة على الحكام لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} [النساء: 58] فالأمر في قوله: "إذا أسند الأمر" الحكم بين العامة. 6497 - (أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال) أي: في أصلها بالذال المعجمة؛ لأن القلب محل المعرفة. قال تعالى: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ} [الشعراء: 193، 194] قال أبو عبيدة: والجذر أصل كل شيء (ثم علموا من القرآن، ثم علموا من السنة) أي: بعد نزول الأمانة تَرقَوا إلى العلوم ومعرفة الأحكام من الكتاب والسنة (ينام الرجل فتقبض الأمانة من قلبه. فيظل أثرها مثل أثر الوكت) أي: يصير موضع رفع الأمانة كالوكت جمع وكته، وهي كالنقطة لونها يخالف لون الموضع (ثم ينام النوم فتقبض، فيبقى أثرها مثل مثل المجل) -بفتح الميم وسكون الجيم- وهو ما يحدث في اليد مثل البَشْر من أثر العمل. وفي الحديث: "شكت فاطمة إلى علي مجل يدهن من الطحن" (كجَمْر دحرجته فنفط) -بكسر

فَتَرَاهُ مُنْتَبِرًا، وَلَيْسَ فِيهِ شَىْءٌ، فَيُصْبِحُ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ فَلاَ يَكَادُ أَحَدٌ يُؤَدِّى الأَمَانَةَ، فَيُقَالُ إِنَّ فِي بَنِى فُلاَنٍ رَجُلاً أَمِينًا. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ مَا أَعْقَلَهُ وَمَا أَظْرَفَهُ وَمَا أَجْلَدَهُ. وَمَا فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ، وَلَقَدْ أَتَى عَلَىَّ زَمَانٌ وَمَا أُبَالِى أَيَّكُمْ بَايَعْتُ لَئِنْ كَانَ مُسْلِمًا رَدَّهُ الإِسْلاَمُ، وَإِنْ كَانَ نَصْرَانِيًّا رَدَّهُ عَلَىَّ سَاعِيهِ، فَأَمَّا الْيَوْمَ فَمَا كُنْتُ أُبَايِعُ إِلاَّ فُلاَنًا وَفُلاَنًا». 6498 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّمَا النَّاسُ كَالإِبِلِ الْمِائَةُ لاَ تَكَادُ تَجِدُ فِيهَا رَاحِلَةً». ـــــــــــــــــــــــــــــ الفاء- أي: يظهر النفط، وهي شبه الجدري، وقد فسره بقوله (فتراه منتبرًا) أي: مرتفعًا من المنبر وهو الرفع، ومنه المنبر (فيصبح الناس يتبايعون) من البيع والشري (ولقد أتى عليَّ زمان ولا أبالي أيُّكم بايعت) هذا كلام حذيفة، والمراد بالزمان زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والمراد من المبايعة: البيع والشري كما أشرنا إليه. وحمله على بيعة الخلافة خطأ لقوله: (لئن كان مسلمًا ردّه عليَّ إسلامه وإن كان نصرانيًّا). وفي رواية: "أو يهوديًّا" رواه علي (ردّه عليَّ ساعيه) قال ابن الأثير: الساعي هو الرئيس، وقيل: الحاكم والوالي. وهذا صريح في أن الأمانة كانت قائمة في أيام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمن قال: إن رفع الأمانة ظهر في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد قال ما لا علم له به (وأما اليوم فلا أبايع إلَّا فلانًا وفلانًا) لرفع الأمانة من الناس فلا يؤدّون الأمانة والحكام يعودون بأكل الرشى لا يأخذون بحق أحد. 6498 - (إنما الناس كالإبل المئة لا تكاد تجد فيها راحلة) الراحلة: البعير القوي، والتاء فيها للمبالغة والغرض أن المعرض عن الناس المعرض عن الدنيا المقبل على الآخرة قليل الوجود، والمراد من المئة الكثرة، وقيل: معناه أن الناس في الأحكام سواء لا فضل لأحد على آخر، قاله الخطابي. والوجه ما ذكرنا؛ لأن هذا لا يوافق الترجمة ولا سوق الحديث.

36 - باب الرياء والسمعة

36 - باب الرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ 6499 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنِى سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ. وَحَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَلَمَةَ قَالَ سَمِعْتُ جُنْدَبًا يَقُولُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا يَقُولُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - غَيْرَهُ فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ، وَمَنْ يُرَائِى يُرَائِى اللَّهُ بِهِ». طرفه 7152 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الرياء والسُّمعة بضم السين: من السماع كالأُكلة. 6499 - (سلمة بن كُهيل) بضم الكاف، مصغر كهل (أبو نعيم) بضم النون، مصغر (جُندب) بضم الجيم وضم الدال وفتحها (ولم أسمع أحدًا يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غيره) هذا كلام سلمة قيل: أراد أنه لم يبق في ذلك الزمان بذلك المكان غير جندب وليس بصواب؛ لأن سلمة كان بالكوفة وجندب صحابي صغير عاش بعده بالكوفة جماعة من الصحابة منهم: عبد الله بن أبي أوفى، بل أراد أنه بعد ما سمع منه هذا الحديث لم يسمع من غيره حديثًا مسندًا. (من سمّع سمّع الله به) -بتشديد الميم- يقال: سمع بالشيء إذا اشتهر به، والمعنى: من عمل عملًا أراد به إسماع الناس لا لوجه الله سمّع الله الناس، أي: كان هذا ثوابه الذي قصده. وقيل: سمع الله أي: يعلمهم أنه إنما فعله سُمعةَ فيحرم في الدنيا أيضًا، فإنه عمله للدنيا ليعتقد صلاحه. وفي رواية أحمد وغيره: "من قام رياءً وسمعة سمع الله به يوم القيامة على رؤوس الخلائق". (ومن يرائي الله به) أي: يفعل به ما يفعل بالذي أراد السمعة. من الوجه المذكور فيه. هذا إذا فعله قاصدًا به ذلك الغرض الفاسد، وأما إذا فعله خالصًا لوجه الله فاطّلع الناس عليه فلا بأس بذلك لما روى الترمذي: أن رجلًا سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمَّن يعمل عملًا فيطَّلع عليه الناس فيمدحونه فيسّره، قال: "ذلك عاجل بشرى المؤمن".

37 - باب من جاهد نفسه فى طاعة الله

37 - باب مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ 6500 - حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ - رضى الله عنه - قَالَ بَيْنَمَا أَنَا رَدِيفُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لَيْسَ بَيْنِى وَبَيْنَهُ إِلاَّ آخِرَةُ الرَّحْلِ فَقَالَ «يَا مُعَاذُ». قُلْتُ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، ثُمَّ سَارَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ «يَا مُعَاذُ». قُلْتُ لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، ثُمَّ سَارَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ «يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ». قُلْتُ «لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ. قَالَ «هَلْ تَدْرِى مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ». قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ «حَقُّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ أَنْ يَعْبُدُوهُ، وَلاَ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا». ثُمَّ سَارَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ «يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ». قُلْتُ لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ. قَالَ «هَلْ تَدْرِى مَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ إِذَا فَعَلُوهُ». قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ «حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ أَنْ لاَ يُعَذِّبَهُمْ». طرفه 2856 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من جاهد [نفسه] في طاعة الله 6500 - (هُدبة) بضم الهاء وسكون الدال (همام) بفتح الهاء وتشديد الميم. (معاذ) بضم الميم آخره ذال معجمة (قال: بينا أنا رديف النبي - صلى الله عليه وسلم -[ليس] بيني وبينه إلّا آخره الرحل) بفتح الهمزة والمدِّ، وفي الرواية الأخرى: (مُؤْخِرة الرحل) بضم الميم وسكون الهمزة بكسر الخاء: الخشبة التي يستند إليها الراكب. قال الجوهري: الرجل للبعيد دون البقية وعلى هذا إطلاقه على رحل الحمار مجاز على إطلاق المقيد على المطلق. (لبيك وسعديك) قد أسلفنا مرارًا أن معناه: إجابة بعد إجابة وإسعادًا بعد إسعادٍ، على أن التثنية للتكرير (هل تدري ما حق العباد على الله) العبد لا يستحق على مولاه في مقابلة عمله شيئًا والمراد به: ما وعده على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الثواب وسمّاه حقًّا على المشاكلة، ولأنه لا يخلف الميعاد فكان ما وعده حقًّا. فإن قلت: أين في الحديث [ما] يدل على المجاهدة؟ قلت: هذا على دأب البخاري من الاستدلال بما فيه خفاء وقد سلف في الرواية الأخرى أن معاذًا قال: "أفلا أبشر الناس؟ قال: دعهم يعملون" وفي رواية أخرى: "فلا تبشِّرهم فيتَّكلوا فحدَّث به معاذ قال عند موته

38 - باب التواضع

38 - باب التَّوَاضُعِ 6501 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - كَانَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - نَاقَةٌ. قَالَ وَحَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا الْفَزَارِىُّ وَأَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَتْ نَاقَةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تُسَمَّى الْعَضْبَاءَ، وَكَانَتْ لاَ تُسْبَقُ، فَجَاءَ أَعْرَابِىٌّ عَلَى قَعُودٍ لَهُ فَسَبَقَهَا، فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَقَالُوا سُبِقَتِ الْعَضْبَاءُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ لاَ يَرْفَعَ شَيْئًا مِنَ الدُّنْيَا إِلاَّ وَضَعَهُ». 6502 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ حَدَّثَنِى شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى نَمِرٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ اللَّهَ قَالَ مَنْ عَادَى لِى وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ تأثمًا": أي: خوفًا من الإثم في كتمان العلم. باب التواضع من الوضع، وهو تنزل الإنسان عن رتبته إجلالًا لعظمة الله وكبريائه، وإبعادًا لنفسه عن مشاكلة المتكبرين. 6501 - (زهير) بضم الزاي، مصغر، وكذا (حُميد) كذا وقع غير منسوب. قال الغساني وأبو نصر: هو ابن سلام، وقد روى البخاري عنه في مواضع (عن مروان الفزاري) (أبو خالد الأحمر) واسمه حيان (كانت ناقة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - تسمّى العضْباء) وهي لغة المشقوقة الأذن وقيل قصيرة اليد ولم يكن كذلك وإنما غلب عليه ذلك الاسم. 6502 - (خالد بن مخلد) بفتح الميم وسكون الخاء (عبد الله ابن، أبي نمر) بفتح النون وكسر الميم (عن عطاء) هو ابن بشار (من عادى لي وليًّا فقد آذنته بالحرب) -بفتح الهمزة والمدِّ- أي: أعلمته، ولا يخفى ما فيه من التهديد العظيم. والمراد بمعاداته الإيذاء كما وقع في رواية أحمد: "من آذى لي وليًّا" وفي أخرى "من أذلَّ وليًّا" فسقط السؤال بأن المعاداة

وَمَا تَقَرَّبَ إِلَىَّ عَبْدِى بِشَىْءٍ أَحَبَّ إِلَىَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِى يَتَقَرَّبُ إِلَىَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِى يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِى يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِى يَبْطُشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِى يَمْشِى بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِى لأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِى ـــــــــــــــــــــــــــــ لا تكون إلَّا من طرفين والولي لا يعادي أحدًا. على أن هذا عليه منعٌ ظاهرٌ. فإن الولي يعادي أعداء الله ورسوله. فإن قلت: من الولي؟ قلت: عرفهم الله في كتابه. قال تعالى: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63)} [يونس: 62، 63] فإن قلت: كيف دلَّ على الترجمة؟ قلت: وجه الدلالة ظاهر فإن إيذاء الولي إذا كان بهذه المثابة فالتواضع يكون تقربًا إلى الله بخفض الجناح لوليّه. (وما تقرّب إليَّ عبدي بشيء أحب إليّ ممّا افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرّب إليَّ بالنوافل) أي: بعد أداء الفرائض. فإن قلت: إذا كان أداء الفرائض أحب إلى الله تعالى فكان الظاهر أن يكون سببًا لمحبته تعالى دون النوافل قلت: أُجيبَ عن ذلك بأن النوافل حاوية لفرائضها ومشتملة عليها. وفيه نظر؛ لأن الفرائض في قوله: "افترضته عليه" هو المقابل للنافلة، والصواب في الجواب: أن المحبة قابلة للشدة والضعف. معلوم عند كل أحدٍ. والمراد بالمحبة في قوله: (حتى أحبه) كمال المحبة دلّ عليه ما بعده، ونظيره: من كان عليه دينٌ فأدّاه. ليس في جلب المودة مثل ما يُهدي كل يوم مقدارًا تبرُّعًا. (فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به) اعلم أن الله تعالى أجلُّ وأعلى من أن يكون سمعًا لمخلوق أو بصرًا ولا في شيء، أو محلًا له أو متحدًا به، أو مباينًا عنه، جلَّ جنابُ قُدْسِه عن ذلك، وإنما هذا الكلام على طريق المثل وذلك أن من أفرط في حبِّ شيء لا يشاهده إلَّا معناه، ولا يجول في خاطر ولا يصغي إلَّا في حديثه وقس على هذا سائر الحركات والجوارح. وهذا مقام شريف يُعبَّر عنه بالفناء في التوحيد، وإليه يشير قدوة المشايخ أبو صالح عبد القادر الكيلاني في قوله: وناظر في سوى مرآك حق له ... يفيض من جفنيه بالدمع وهو دم

39 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - «بعثت أنا والساعة كهاتين»

لأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَىْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِى عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ، يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ». 39 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ» (وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ). 6503 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ والسمع إن جال فيه من تحدثه ... سوى حديثك أمسى وقره صمم وقد يعبر بالحمد الحقيقي، فإنهم قالوا: هو صرف العبد ما أنعم الله عليه إلى ما خُلق له فلا تكون حركاته وسكناته إلَّا في طاعة الله. ولولا خوف الإطالة رخينا عنان العلم، ولكن هذا كافٍ لمن ينظر بنور الله. (وما ترددت في شيء أنا فاعله تردُّدي في نفس المؤمن يكره الموت وأنا كره مساءته) هذا كلام على طريق المثل يدل على كرامة المؤمن عند الله تعالى. شبَّه حاله في قبض المؤمن بحال من يريد إخراج شيء من يد محبوبه وهو لا يريد ذلك فلا يزال يلاطفه حتى يظفر به. قال بعض الشارحين: معنى قوله: "أكره مساءته" أنها هنا له في الدنيا فإنه بالموت يصل إلى النعيم المقيم وأنه بطول الحياة يصل إلى أرذل العمر. وهذا الذي قاله شيء ولم يخطر بخاطر أحد. والصواب ما أشرنا إليه وفي معناه حديث عائشة لمّا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من أحبَّ لقاء الله أحبَّ الله لقاءه" قالت: إنا نكره الموت. فإن قلت: أين موضع الدلالة على الترجمة؟ قلت: قد أشرنا إلى أنّ هذا مقام الفناء في التوحيد ولا مقام في التواضع فوق الفناء. باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "بُعثت أنا والساعة كهاتين" يجوز في الساعة الرفع والنصب، بالعطف ومفعول معه. 6503 - (أبو غسان) -بفتح المعجمة- محمَّد بن مطرف (أبو حازم) -بالحاء المهملة-

سَهْلٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ هَكَذَا». وَيُشِيرُ بِإِصْبَعَيْهِ فَيَمُدُّ بِهِمَا. 6504 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ - هُوَ الْجُعْفِىُّ - حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ وَأَبِى التَّيَّاحِ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ». 6505 - حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ عَنْ أَبِى حَصِينٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ». يَعْنِى إِصْبَعَيْنِ. تَابَعَهُ إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى حَصِينٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ سلمة بن دينار يروى حديث الترجمة وزاد فيه (يشير بأصبعه ويمدها) يريد السبابة والوسطى صرّح في الرواية الأخرى. قيل: أراد أنَّه لا نبيَّ بعده وقيل: أشار إلى قرب الساعة. وهذا هو الحق، لِما روى ابن الأثير: "بعثت في نسيم الساعة" وفسره بأنه أول أشراطها، وأظهر منه ما رواه الطبري: "أشار بأصبعيه وقال: إنما سبقت هذه". وأبلغ منه ما رواه الطبري أيضًا: (ما مثلي ومثل الساعة إلَّا كفرسَيْ رهان). وفي رواية الإِمام أحمد "إن كادت الساعة لتسبقني". 6504 - 6505 - (أبو التيَّاح) بفتح الفوقانية وتشديد التحتانية (أبو بكر) هو ابن عيَّاش شعبة راوي عاصم (عن أبي حصين) بفتح الحاء عثمان عن أبي صالح السمَّان واسمه ذكوان. فإن قلت: كيف التوفيق بين هذه الأحاديث وحديث جبرائيل: "ما المسؤول عنها بأعلم من السائل"؟ قلت: الأخبار .... وأماراتها لا تنافي قوله في جواب جبريل: "ما

40 - باب

40 - بابٌ 6506 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَإِذَا طَلَعَتْ فَرَآهَا النَّاسُ آمَنُوا أَجْمَعُونَ، فَذَلِكَ حِينَ لاَ يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا، لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ، أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدْ نَشَرَ الرَّجُلاَنِ ثَوْبَهُمَا بَيْنَهُمَا فَلاَ يَتَبَايَعَانِهِ وَلاَ يَطْوِيَانِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ المسؤول عنها بأعلم السائل". وما يروى من أن بقاء الدنيا سبعة آلاف سنة لا يجوز اعتقاده فإنه مخالف للكتاب والسنة منقول عن اليهود. ولم يصح في ذلك مرفوع صحيح السند إلّا أنه معلوم أن الباقي من الزمان أقل من الماضي بلا نزاع دلَّ عليه أحاديث كثيرة متواترة المعنى. باب طلوع الشمس من مغربها 6506 - (أبو الزناد) -بكسر الزاي بعدها نون- عبد الله بن ذكوان (لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها. فذلك حين لا ينفع [نفسًا] إيمانها لم تكن آمنت من قبل) وكذلك توبة المسلم، وفي الحديث دلالة على أن الإيمان قبل طلوع الشمس كاف وإن لم يكن هناك عمل. فإن قلت: فما تقول في قوله تعالى: {أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} [الأنعام: 158]. فإنه يساوي بين الإيمان المحدث بعد الآية وبين الإيمان المجرد قبل الآية؟ قلت: ذكر المحققون أن الآية من قبيل اللَّفِّ والنَّشْر وملخصته لا ينفع الإيمان المحدث بعد الآية وكذا الكسب المحدث لانغلاق باب التوبة، وأما الإيمان قبل فقد صادف وقعه فلا مانع من قبوله وبهذا يقع الجمع بين الأدلة. فإن قلت: إذا طالت المدة وولد من لم يشاهد طلوع الشمس من مغربها فما حكمه؟ قلت: ذكر بعض العلماء أن ذلك يُقبل إيمانه وتوبته والحق خلافه فإن الباب إذا أغلق لا يفتح، دلّ عليه أحاديث كثيرة والله أعلم. فإن قلت: في رواية مسلم: "ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفسًا إيمانها الدجال، ودابة الأرض، وطلوع الشمس من مغربها". قلت: لا ينافي فإن طلوع الشمس متأخِّر، وقد نص

41 - باب «من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه»

وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدِ انْصَرَفَ الرَّجُلُ بِلَبَنِ لِقْحَتِهِ فَلاَ يَطْعَمُهُ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَهْوَ يَلِيطُ حَوْضَهُ فَلاَ يَسْقِى فِيهِ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدْ رَفَعَ أُكْلَتَهُ إِلَى فِيهِ فَلاَ يَطْعَمُهَا». طرفه 85 41 - باب «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ» 6507 - حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ». قَالَتْ عَائِشَةُ أَوْ بَعْضُ أَزْوَاجِهِ إِنَّا لَنَكْرَهُ الْمَوْتَ. قَالَ «لَيْسَ ذَاكَ، وَلَكِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا حَضَرَهُ الْمَوْتُ بُشِّرَ بِرِضْوَانِ اللَّهِ وَكَرَامَتِهِ، فَلَيْسَ شَىْءٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا أَمَامَهُ، فَأَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ وَأَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَإِنَّ الْكَافِرَ إِذَا حُضِرَ بُشِّرَ بِعَذَابِ اللَّهِ وَعُقُوبَتِهِ، فَلَيْسَ شَىْءٌ أَكْرَهَ إِلَيْهِ مِمَّا أَمَامَهُ، كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ وَكَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ». ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه هنا وحده وفي رواية الترمذي: "إن بالمغرب بابًا مسيرة سبعين عامًا لا يغلق حتى تطلع الشمس من مغربها" وهذا لا يبقى معه شبهة. (وقد انصرف الرجل بلبنِ لِقْحَتِه) -بكسر اللام- الناقة اللبون (يليط حوضه) بضم الياء وفتحها وبالواو ويلوط أي: يصلح (وقد رفع كلته) -بضم الهمزة- اللقمة. وفي هذه الأشياء دلالة على قيام الساعة بغتة كما نطق به القرآن. باب من أحبَّ لقاء الله أحبَّ الله لقاءه 6507 - هذا حديث الباب وبعده (من كره لقاء الله كره الله لقاءه) المراد من لقاء الله: الدار الآخرة والمصير إليها، ويجوز أن يراد به الرؤية (حجَّاج) بفتح الحاء وتشديد الجيم (همَّام) بفتح الهاء وتشديد الميم. ولما كان بظنه أن يتوهم أن لقاء الله عبارة عن الموت. ولا يحب الموت أحدٌ كما أشارت إليه عائشة كشف الغطاء عند قوله: (ليس ذلك ولكن المؤمن إذا حضره الموت بُشِّر برضوان الله وكرامته) وأظهر من هذا رواية مسلم عن عائشة

اخْتَصَرَهُ أَبُو دَاوُدَ وَعَمْرٌو عَنْ شُعْبَةَ. وَقَالَ سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ سَعْدٍ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 6508 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ». 6509 - حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ فِي رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ وَهْوَ صَحِيحٌ «إِنَّهُ لَمْ يُقْبَضْ نَبِىٌّ قَطُّ حَتَّى يَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ ثُمَّ يُخَيَّرُ». فَلَمَّا نَزَلَ بِهِ، وَرَأْسُهُ عَلَى فَخِذِى، غُشِىَ عَلَيْهِ سَاعَةً، ثُمَّ أَفَاقَ، فَأَشْخَصَ بَصَرَهُ إِلَى السَّقْفِ ثُمَّ قَالَ «اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأَعْلَى». قُلْتُ إِذًا لاَ يَخْتَارُنَا، وَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَدِيثُ الَّذِى كَانَ يُحَدِّثُنَا بِهِ - قَالَتْ - فَكَانَتْ تِلْكَ آخِرَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَوْلُهُ «اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأَعْلَى». طرفه 4435 ـــــــــــــــــــــــــــــ "أن ذاك إذا شخص البصر وحشرج الصدر واقشعرَّ الجلد وتشنجت الأصابع" حشرج بالحاء المهملة وشين معجمة آخره جيم أي: تردد الروح في الصدور وشَجَبُ الأصابع بفتح الباء والشين المعجمة وفتح الجيم، أي: انقبضت. قال النووي في شرحه: وهذه الحالة لا يُقبل فيها إيمان ولا توبة. (واختصره أبو داود) والذي رواه أبو موسى هنا: (من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه. ومن كره الله كره الله لقاءه). وليس فيه ما قالته عائشة. 6508 - 6509 - (محمَّد بن العلاء) بفتح العين والمد (زُرارة) بضم الزاي بعدها ألف بعد راءين مهملتين (أبو أسامة) بضم الهمزة (عُقيل وبُكير) بضم الأول، على وزن المصغر. ثم روى حديث عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمَّا نزل به الحكم بالانتقال إلى مقر الكرامة في مقعد صدق عند مليك مقتدر. (قال: اللهم الرفيق الأعلى) وهو أشراف الملائكة وسائر النبيِّين،

42 - باب سكرات الموت

42 - باب سَكَرَاتِ الْمَوْتِ 6510 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ مَيْمُونٍ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ أَنَّ أَبَا عَمْرٍو ذَكْوَانَ مَوْلَى عَائِشَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - كَانَتْ تَقُولُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهَ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ - أَوْ عُلْبَةٌ فِيهَا مَاءٌ، يَشُكُّ عُمَرُ - فَجَعَلَ يُدْخِلُ يَدَيْهِ فِي الْمَاءِ، فَيَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ وَيَقُولُ «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، إِنَّ لِلْمَوْتِ سَكَرَاتٍ». ثُمَّ نَصَبَ يَدَهُ فَجَعَلَ يَقُولُ «فِي الرَّفِيقِ الأَعْلَى». حَتَّى قُبِضَ وَمَالَتْ يَدُهُ. طرفه 890 6511 - حَدَّثَنِى صَدَقَةُ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الأَعْرَابِ جُفَاةً يَأْتُونَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَيَسْأَلُونَهُ مَتَى السَّاعَةُ، فَكَانَ يَنْظُرُ إِلَى أَصْغَرِهِمْ فَيَقُولُ «إِنْ يَعِشْ هَذَا لاَ يُدْرِكْهُ الْهَرَمُ حَتَّى تَقُومَ عَلَيْكُمْ سَاعَتُكُمْ». قَالَ هِشَامٌ يَعْنِى مَوْتَهُمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقد سلف الحديث مرارًا. ووجه إيراده لدلالته على الترجمة فإنه لمَّا قال: "الرفيق الأعلى" دلّ على أنه أحب لقاء الله لما بُشِّر برضوان الله، وأي: رضوان. باب سكرات الموت 6510 - 6511 - (عُبيد بن ميمون) بضم العين مصغر (ابن أبي مَليكة) -بضم الميم- عبد الله روى في الباب حديث عائشة في الباب قبله من قوله عند الفراق: (اللهم الرفيق الأعلى) وزاد هنا أنه (كان بين يديه ركوة) -بفتح الراء- ظرف صغير من الجلد (أو عُلبة) -بضم العين وفتح الباء- إناء معروف من الخشب (يُدخل يده في الماء ويمسح وجهه، ويقول: لا إله إلا الله إنَّ للموت سكرات) جمع سكرة، وهي الشدة من السكر لأنها تَذهبُ بالعقل (إن الناس كانوا يسألون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قيام الساعة فينظر إلى أصغر الناس ويقول: إن يعش هذا لا يدركه الهرم حتى تقوم عليكم ساعتكم) أي: يموت كل من في الأرض، ومعنى ذلك القرآن لا الساعة المتعارفة ولذلك قال: "ساعتكم" بالإضافة.

6512 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ عَنْ مَعْبَدِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِى قَتَادَةَ بْنِ رِبْعِىٍّ الأَنْصَارِىِّ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُرَّ عَلَيْهِ بِجِنَازَةٍ فَقَالَ «مُسْتَرِيحٌ، وَمُسْتَرَاحٌ مِنْهُ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْمُسْتَرِيحُ وَالْمُسْتَرَاحُ مِنْهُ قَالَ «الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ يَسْتَرِيحُ مِنْ نَصَبِ الدُّنْيَا وَأَذَاهَا إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ، وَالْعَبْدُ الْفَاجِرُ يَسْتَرِيحُ مِنْهُ الْعِبَادُ وَالْبِلاَدُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ». طرفه 6513 6513 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ حَدَّثَنِى ابْنُ كَعْبٍ عَنْ أَبِى قَتَادَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مُسْتَرِيحٌ، وَمُسْتَرَاحٌ مِنْهُ، الْمُؤْمِنُ يَسْتَرِيحُ». طرفه 6512 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: ما الحكمة في إطلاق هذا اللَّفظ؟ قلت: قد أشار إلى الوجه في حديث آخر من قوله: "من مات فقد قامت قيامته". فإن قلت: سؤالهم لم يقع إلَّا عن الساعة المتعارفة بمعنى انحزام القرن فكيف طابق السؤال؟ قلت: هذا فن من البلاغة يسمَّى: أسلوب الحكيم، وهو عدولٌ عن ظاهر الجواب إلى ما هو أولى وذلك أن من علم قِصر مدة عمره فعليه الاستعداد والإسراع في العمل الصالح. فأشار إليه وعرفهم أن لا فائدة في ذلك السؤال. 6512 - (عن أبي قتادة) واسمه الحارث وقيل غير ذلك (رِبعي) بكسر الراء وسكون الباء وتشديد الياء في آخره (مرّ بجنازة فقال: مستريح ومستراح منه) سألوه عن وجه هذا فقال: (المؤمن من يستريح بالموت من نصب الدنيا والفاجر يستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب). فإن قلت: ما معنى استراحة البلاد والشجر والدواب منه؟ قلت: بشؤمه يَحبس المطر ويقع القحط وسائر الآفات. 6513 - (مُسدَّد) بضم الميم وفتح الدال المشددة (قال: حدثنا يحيى بن عبد ربه بن سعيد) كذا في أكثر النسخ. قال الغساني: والصواب: عن يحيى عن عبد الله بن سعيد. فإن الحديث محفوظٌ عنه (حلحلة) بالحاء المهملة.

6514 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهُ - صلى الله عليه وسلم - «يَتْبَعُ الْمَيِّتَ ثَلاَثَةٌ، فَيَرْجِعُ اثْنَانِ وَيَبْقَى مَعَهُ وَاحِدٌ، يَتْبَعُهُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَعَمَلُهُ، فَيَرْجِعُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ، وَيَبْقَى عَمَلُهُ». 6515 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ غُدْوَةً وَعَشِيًّا، إِمَّا النَّارُ وَإِمَّا الْجَنَّةُ، فَيُقَالُ هَذَا مَقْعَدُكَ حَتَّى تُبْعَثَ». طرفه 1379 ـــــــــــــــــــــــــــــ 6514 - (الحُميدي) بضم الحاء، مصغر (عمرو بن حزم) بفتح الحاء وسكون الزاي (يتبع الميت ثلاثة: أهله وماله وعمله، يرجع أهله وماله ويبقى عمله) المراد بالمال: الرقيق. والذي يكون على النفس من الثياب وغيرها، والمراد من العمل: ثواب العمل، وقيل: بل يجعل الله عمله في صورة أجمل إنسان يُؤنسه في قبره أو نور أرض قبره. رواه الإمام أحمد وغيره، والتبعية لا تستدعي الإرادة حتى يقال: كيف يتبع العمل؟ قال تعالى: {وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً} [القصص: 42]. 6515 - (أبو النعمان) -بضم النون- محمَّد بن الفضل (إذا مات أحدكم عرض عليه مقعده غدوة وعشية) زيادة في سرور المؤمن وحزن الكافر. فإن قلت: في الآية الكريمة في آل فرعون: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا} [غافر: 46]. وفي الحديث أن المعروض هو الجنة والنار؟. قلت: الذي في الآية من باب القلب. قال الجوهري: يقال عرضت النار على القلب، من باب القلب. أصله: عرضت الحوض على الناقة. (إما الجنة وإما النّار) الجنة للمؤمن والنار للكافر. وقيل: كلاهما خلط عملًا صالحًا وآخر سيِّئًا. وليس بشيء؛ لقوله: (هذا مقعدك) والتحقيق أن كل مؤمن وكافر يعرض عليه موضع في الجنة وموضع في النار. والذي استقر عليه حال من السعادة والشقاوة ذلك مقعده حقيقة.

43 - باب نفخ الصور

6516 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ الْجَعْدِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَسُبُّوا الأَمْوَاتَ، فَإِنَّهُمْ قَدْ أَفْضَوْا إِلَى مَا قَدَّمُوا». 43 - باب نَفْخِ الصُّورِ قَالَ مُجَاهِدٌ الصُّورُ كَهَيْئَةِ الْبُوقِ (زَجْرَةٌ) صَيْحَةٌ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ النَّاقُورُ الصُّورُ. (الرَّاجِفَةُ) النَّفْخَةُ الأُولَى. وَ (الرَّادِفَةُ) النَّفْخَةُ الثَّانِيَةُ. 6517 - حَدَّثَنِى عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالأَعْرَجِ أَنَّهُمَا حَدَّثَاهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ اسْتَبَّ رَجُلاَنِ، رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَرَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ فَقَالَ الْمُسْلِمُ وَالَّذِى اصْطَفَى مُحَمَّدًا عَلَى الْعَالَمِينَ. فَقَالَ الْيَهُودِىُّ وَالَّذِى اصْطَفَى مُوسَى عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــ 6516 - (علي بن الجَعد) بفتح الجيم وسكون العين (لا تسبوا الأموات) ظاهر هذا أنه يشمل المؤمن والكافر وكذا تعليله بقوله: (فإنهم قد أَفْضَوا إلى ما قدّموا) أي: أجزائه لكن الأصحّ أنه يريد المؤمن لقوله تعالى في حق الكفار: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [البقرة: 161] ولما تقدم في الحديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتبع أصحاب القليب اللَّعنة. باب نفخ الصور (قال مجاهد: الصور كهيئة البُوق) -بضم الباء- قال ابن الأثير: هو القرن الذي ينفخ فيه إسرافيل، وقال القرطبي: قرن من نون فيه ثقب بقدر أرواح الخلائق، (قال ابن عباس: الناقور الصور) فاعولٌ من النقر فاعول. بمعنى المفعول. قال الجوهري: {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ} [المدثر: 8] أي: نفخ. 6517 - (استبَّ رجلان: رجل من المسلمين ورجل من اليهود) وتقدم في مناقب موسى صلوات الله عليه أنَّ الرجل المسلم هو الصِّدِّيق واليهودي فخاص بن عاروراء (لا تخيِّروني على موسى) قد أسلفنا أن هذا كان قبل علمه بأنه سيِّد البشر. أو قاله تواضعًا، أو لا تخيروا

الْعَالَمِينَ، قَالَ فَغَضِبَ الْمُسْلِمُ عِنْدَ ذَلِكَ، فَلَطَمَ وَجْهَ الْيَهُودِىِّ، فَذَهَبَ الْيَهُودِىُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرَهُ بِمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ وَأَمْرِ الْمُسْلِمِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تُخَيِّرُونِى عَلَى مُوسَى، فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَأَكُونُ فِي أَوَّلِ مَنْ يُفِيقُ، فَإِذَا مُوسَى بَاطِشٌ بِجَانِبِ الْعَرْشِ، فَلاَ أَدْرِى أَكَانَ مُوسَى فِيمَنْ صَعِقَ فَأَفَاقَ قَبْلِى، أَوْ كَانَ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ». 6518 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَصْعَقُ النَّاسُ حِينَ يَصْعَقُونَ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ قَامَ، فَإِذَا مُوسَى آخِذٌ بِالْعَرْشِ، فَمَا أَدْرِى أَكَانَ فِيمَنْ صَعِقَ». ـــــــــــــــــــــــــــــ على وجهٍ يُشعر بنقص في غيره، والأول هو الوجه لقوله: (فلا أدري أكان فيمن صعق فأفاق قبلي، أو كان ممن استثنى). فإن قلت: هناك صعقتان: صعقة الموت فلا يستثنى منها أحدٌ وصعقة الإحياء لقوله تعالى: {ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ} [الزمر: 68] ولا معنى للاستثناء هنا. قلت: اضطرب كلام الشارحين في هذا المقام، ولم يشف أحد ولم يثق على الحق حتى زعم بعضهم أن موسى لم يمت، نقله ابن الملقِّن في شرحه، والحق أن هذه الصعقة غير المذكورتين في القرآن فإنها غشية تحصل لأهل المحشر. ألا ترى إلى قوله: 6518 - (الناس يصعقون يوم القيامة) ظرف زمان ليصعقون يوم القيامة فلا بد وأن تكون الصعقة في ذلك اليوم ولا يشك عاقل أن من مات من زمن نوح لا معنى لكونه يصعق يوم القيامة، وإنما وقع الوهم من عدم التأمل في الحديث وكون الصعقة المذكورة في القرآن صعقتان على أنه قد روى ابن كثير ثلاث صعقات ولو لم يرو ابن كثير لا ضرورة إلخ؛ لأن قول: "الناس يصعقون يوم القيامة" نص في أن هناك صعقة شاملة لأهل الموقف إلَّا من استثنى. فإن قلت: قد وقع الاستثناء بقوله: {إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} [الزمر: 68] في صعقة الموت في سورة الزمر فما معناها؟ قلت: قد أكثروا فيه القول إلى أن بلغ عشرة أقوال والصحيح منها ما رواه الحاكم والطبري بالرواية عن أبي هريرة، ورجاله ثقات أنهم شهداء الله. وجوّز النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يكون موسى ممّن استثني وإذا كان الشهداء أحياءً بنص القرآن، يجوز أن يكون

44 - باب يقبض الله الأرض

رَوَاهُ أَبُو سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 2411 44 - باب يَقْبِضُ اللَّهُ الأَرْضَ رَوَاهُ نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 6519 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَقْبِضُ اللَّهُ الأَرْضَ، وَيَطْوِى السَّمَاءَ بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يَقُولُ أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ مُلُوكُ الأَرْضِ». طرفه 4812 6520 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ خَالِدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى هِلاَلٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «تَكُونُ الأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ خُبْزَةً وَاحِدَةً، يَتَكَفَّؤُهَا الْجَبَّارُ بِيَدِهِ، كَمَا يَكْفَأُ ـــــــــــــــــــــــــــــ الأنبياء أيضًا كذلك (رواه أبو سعيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -) تقدم مسندًا في مناقب موسى. باب يقبض الله الأرض يوم القيامة (رواه نافع عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -) هذا التعليق رواه مسلم مسندًا. 6519 - (مُقاتل) بضمّ الميم وكسر التاء (يقبض الله الأرض ويطوي السماء بيمينه) أي: السموات السبع. لقوله: {وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر: 67] والمراد قدرته الكاملة وإلى ذلك الكمال أشير باليمين فإنه عبارة عن أقوى الجانبين من الإنسان على طريق الكناية والمجاز. 6520 - (بُكير) بضم الباء، مصغر (يسار) ضد اليمين (تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة ينكفؤُها الجبار بيده يوم القيامة كما يتكفأ أحدكم خبزته في السفر) أي: يقلبها حتى تعتدل أجزاؤها كما يفعل المسافر فإنه يقلب الخبزة، وتلك الخبزة تُسمَّى: مَلّة -بفتح الميم وتشديد اللام- يلقيها في الرماد على اليد، وقيل: الملّة هي الحفرة التي تلقى فيها الخبزة،

أَحَدُكُمْ خُبْزَتَهُ فِي السَّفَرِ، نُزُلاً لأَهْلِ الْجَنَّةِ». فَأَتَى رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ فَقَالَ بَارَكَ الرَّحْمَنُ عَلَيْكَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ، أَلاَ أُخْبِرُكَ بِنُزُلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ «بَلَى». قَالَ تَكُونُ الأَرْضُ خُبْزَةً وَاحِدَةً كَمَا قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَنَظَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَيْنَا، ثُمَّ ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ ثُمَّ قَالَ أَلاَ أُخْبِرُكَ بِإِدَامِهِمْ قَالَ إِدَامُهُمْ بَالاَمٌ وَنُونٌ. قَالُوا وَمَا هَذَا قَالَ ثَوْرٌ وَنُونٌ يَأْكُلُ مِنْ زَائِدَةِ كَبِدِهِمَا سَبْعُونَ أَلْفًا. 6521 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو حَازِمٍ قَالَ سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى أَرْضٍ بَيْضَاءَ عَفْرَاءَ كَقُرْصَةِ نَقِىٍّ». قَالَ سَهْلٌ أَوْ غَيْرُهُ لَيْسَ فِيهَا مَعْلَمٌ لأَحَدٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ واسم تلك الخبزة: الطُلمة. بالطاء المهملة. (نزلًا لأهل الجنة) النزاع عبارة عن طعام يُهيَّأُ للضيف النازل (ثم ضحك حتى بدت نواجده) -بالذال المعجمة- آخر الأسنان، والمراد من الضحك كمال التبسم، وإنما ضحك سرورًا بأنه وجد في التوراة ما أخبر به (ثم قال: ألا أخبرك بإدامهم؟) هذا كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لليهود (قال: إدامهم بالآم ونون) ثم فسَّر بالآم بالثور. ولعل إشارة أو لا لأنه لفظ يوناني كان يعرفه اليهودي بذلك الاسم وهذه معجزة منه. وشرح شيخنا يدل على أن هذا كله من كلام اليهودي. فإن قيل: ما الحكمة في أن الله تعالى يجعل الأرض خبزة ثم يطعمها لأهل الجنة مع لحم الثور والسمك؟ قلت: قال بعض العلماء: ليعلم أهل الجنة أن لا عود إلى الدنيا؛ لأن الأرض كانت على الماء والماء على متن ذلك الثور. والله أعلم. 6521 - (يحشر الناس على أرض بيضاء عفراء) العفرة: بياض غير خالص (ليس فيها معلم لأحد) أي: علامة. وذلك لاستواء أجزاء الأرض. قال تعالى: {لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا (107)} [طه: 107]. فإن قلت: ظاهر الحديث أن أهل الجنة يأكلون هذه الأرض بعد دخول الجنة. وقد روى الطبري وغيره أن الأرض تكون خبزة يأكل منها المؤمنون من تحت أقدامهم. إلى أن يفرغوا من الحساب؟! قلت: لا تنافي، يأكلون منها في الموضعين إن صحَّ ذلك الحديث، والظاهر عدم

45 - باب كيف الحشر

45 - باب كَيْفَ الْحَشْرُ 6522 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى ثَلاَثِ طَرَائِقَ، رَاغِبِينَ رَاهِبِينَ وَاثْنَانِ عَلَى بَعِيرٍ، وَثَلاَثَةٌ عَلَى بَعِيرٍ، وَأَرْبَعَةٌ عَلَى بَعِيرٍ، وَعَشَرَةٌ عَلَى بَعِيرٍ وَيَحْشُرُ بَقِيَّتَهُمُ النَّارُ، تَقِيلُ مَعَهُمْ حَيْثُ قَالُوا، وَتَبِيتُ مَعَهُمْ حَيْثُ بَاتُوا، وَتُصْبِحُ مَعَهُمْ حَيْثُ أَصْبَحُوا، وَتُمْسِى مَعَهُمْ حَيْثُ أَمْسَوْا». ـــــــــــــــــــــــــــــ صحته لما روى مسلم: "أن عائشة أنها سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أين يكون الناس يوم تبدَّل الأرض؟ قال: على الصراط". وعُلم من حديث الباب أن معنى قوله: {تُبَدَّلُ الْأَرْضُ} [إبراهيم: 48] تبديل الحقيقة لا الصفات؛ لأن الخبز ليس من جنس التراب. والله أعلم بحقيقة الحال. باب كيف يُحشر الناس 6522 - (معلّى بن أسد) بضم الميم وتشديد اللام (وهيب) بضم الواو، مصغر (ابن طاوس) عبد الله. روى عن أبي هريرة [عن النبي - صلى الله عليه وسلم -] أنه قال: (يحشر الناس على ثلاث طرائق راغبين وراهبين. واثنان على بعير وثلاثة على بعير) هذا ثالث الطرائق إلى آخر الحديث، والطرائق جمع طريقة، والمراد بها الحال والصفة. قال الجوهري طريقة الرجل مذهبه وحاله. وهذا الحشر ليس هو الحشر المعروف بعد موت الخلق، بل هذا قبل الساعة من أشراطها. كما صرح به رواية مسلم. والحشر الآخر بعده بعد موت كلِّ حي سواء تعالى وتقدس، وهذا الذي أشار إليه بقوله: "يحشر الناس حفاة عراة غرةً" وحشر ثالث إلى المقرِّ والمقام. فريق في الجنة وفريق في السعير. {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا (85) وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا (86)} [مريم: 85، 86] هذا هو الحق الأبلج. وللشُرَّاح هنا خبطٌ عظيم حتى زعم بعضهم أنَّ ثلاث طرائق في هذا الحديث كلّهم كفَّار. وقال بعضهم: إن هذا الحديث للمتقين وكأنه فهم ذلك بأنه على الإبل فظن أن هذا بعد قيام الساعة. وكل ذلك خبط وكيف يكون الحشر يوم القيامة وعشرة على بعير؟

6523 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغْدَادِىُّ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ قَتَادَةَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه أَنَّ رَجُلاً قَالَ يَا نَبِىَّ اللَّهِ كَيْفَ يُحْشَرُ الْكَافِرُ عَلَى وَجْهِهِ قَالَ «أَلَيْسَ الَّذِى أَمْشَاهُ عَلَى الرِّجْلَيْنِ فِي الدُّنْيَا قَادِرًا عَلَى أَنَّ يُمْشِيَهُ عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». قَالَ قَتَادَةُ بَلَى وَعِزَّةِ رَبِّنَا. طرفه 4760 6524 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌو سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّكُمْ مُلاَقُو اللَّهِ حُفَاةً عُرَاةً مُشَاةً غُرْلاً». قَالَ سُفْيَانُ هَذَا مِمَّا نَعُدُّ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ سَمِعَهُ مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 3349 6525 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ «إِنَّكُمْ مُلاَقُو اللَّهِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلاً». طرفه 3349 ـــــــــــــــــــــــــــــ وحديث الباب عن ابن عباس: "إنكم تحشرون حفاةً عراةً غرلًا مشاةً". فإن قلت: قد ورد في أحاديث أن المتقين يحشرون راكبين على سروج من ذهب. قلت: ذلك بعد الحساب والحشر من الموقف إلى الجنة، يدل عليه الحديث المشهور "سموا ضحاياكم فإنها على الصراط مطاياكم". 6523 - (يا نبي الله كيف يحشر [الكافر] على وجهه) فقد أخبر الله في كتابه بقوله: {وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا} [الإسراء: 97] فقطع دابرُ الشبهة، فإن المشي على الرجلين بقدرة الله. فلا وجه للإشكال. 6524 - 6525 - (إنّكم ملاقوا الله) الملاقاة هنا العرض على الله والنظر في أعماله (غرلًا) بالغين المعجمة جمع أغرل وهو الذي لا يختن والغرلة: -بضم الغين- حلقة الذكر التي تُقطع. وهذا معنى قوله تعالى: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ} [الأنبياء: 104]. قال الغزالي: ينبغي أن الإنسان لا يحلق رأسه وهو جنب فإن تلك الشعور تعاد يوم القيامة. (قال سفيان هذا ممّا نَعدُّ أن ابن عباس سمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم -).

6526 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَامَ فِينَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ فَقَالَ «إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ حُفَاةً عُرَاةً (كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ) الآيَةَ، وَإِنَّ أَوَّلَ الْخَلاَئِقِ يُكْسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ، وَإِنَّهُ سَيُجَاءُ بِرِجَالٍ مِنْ أُمَّتِى، فَيُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ. فَأَقُولُ يَا رَبِّ أُصَيْحَابِى. فَيَقُولُ إِنَّكَ لاَ تَدْرِى مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ. فَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ (وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ) إِلَى قَوْلِهِ (الْحَكِيمُ) قَالَ فَيُقَالُ إِنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ». طرفه 3349 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: ابن عباس قد صرّح بالسماع. فأي وجه لقول سفيان هذا: "مما نعدُّ أن ابن عباس سمعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قلت: "ابن عباس من صغار الصحابة يرسل الأحاديث كثيرًا فأشار سفيان إلى أن هذا الحديث من مشهور مسموعاته. 6526 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (أول الخلائق يُكسى يوم القيامة إبراهيم) قال بعض الشارحين: الحكمة في ذلك أن إبراهيم أول من شرع الختان وفيه كشف العورة. قلت: إبراهيم ختن نفسه بيده وليس في ذلك كشف العورة. بل إنما فُعل به ذلك لأنه جُرِّد من ثيابه حين أُلقي في النار. حتى إن المفسرين اتفقوا على أن قميص يوسف جاء به جبرائيل وكساه إبراهيم لمّا صارت النار عليه بردًا وسلامًا. ونظير هذا ما جوزي به موسى من صعقة الطور أنه لم يصعق يوم القيامة. ولا يلزم منه تفضيله على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنها قضية جزئيَّة أين أنت من المقام المحمود والشفاعة العظمى؟. وأمّا ما يقال: إنما يكسى أول؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقوم مع ثيابه فظاهر الحديث يأباه ولم يرد بذلك جبرائيل، جاء عن الثقات أن كسوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حلة لا يقوم لها البشر. فالذي فاته من السبق أدركه في الكسوة. (سيُجاءُ برجال من أمتي فيوخذ بهم ذات الشمال) أي: طريق جهنم. قال الخطابي: لم يرد بقوله: (لم يزالوا مرتدّين على أعقابهم) الرِّدَّة عن الإِسلام بل التخلُّف عن الحقوف. وهذا غير مستقيم لما في الرواية الأخرى: "إنهم قد بدَّلوا بعدك. فأقول: سحقًا لِمنْ بدّل بعدي" وقوله: "لمن" يريد من الصحابة أحدًا غير مسلم لا سيما من الأعراب، وقد ارتدَّ عبد الله بن أبي سرح ثم آمن.

6527 - حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ أَبِى صَغِيرَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ قَالَ حَدَّثَنِى الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «تُحْشَرُونَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلاً» قَالَتْ عَائِشَةُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ. فَقَالَ «الأَمْرُ أَشَدُّ مِنْ أَنْ يُهِمَّهُمْ ذَاكِ». 6528 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي قُبَّةٍ فَقَالَ «أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ». قُلْنَا نَعَمْ. قَالَ «تَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ». قُلْنَا نَعَمْ. قَالَ «أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا شَطْرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ». قُلْنَا نَعَمْ. قَالَ «وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنِّى لأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا نِصْفَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْجَنَّةَ لاَ يَدْخُلُهَا إِلاَّ نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــ 6527 - (قالت عائشة: فقلت: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، الرجال والنساء ينظر بعضهم بعضًا). (الأمر أشدُّ من أن يَهُمّهم ذلك) -بضم الهاء- يقال: أهمني الأمر إذا أقلقني. 6528 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (غندر) بضم الغين وفتح الدال (عن أبي إسحاق) هو السبيعي عمرو بن عبد الله. (والذي نفسي بيده إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة) وفي رواية أحمد والترمذي وصحيحة: أن هذه الأمة ثلثا أهل الجنة. وذلك أن أهل الجنة مئة وعشرون صفًّا ثمانون من هذه الأمة وأربعون من سائر الأمم. (وذلك أن الجنة لا يدخلها إلَّا نفس مسلمة). فإن قلت: ما معنى هذا التعليل؟ قلت: أشار إلى أن أهل الجنة قليلون بالنسبة إلى أهل الشرك وأمته أكثر أهل الجنة مع قلتهم بالنسبة إلى سائر الخلق.

46 - باب قوله عز وجل (إن زلزلة الساعة شئ عظيم) (أزفت الآزفة) (اقتربت الساعة)

وَمَا أَنْتُمْ فِي أَهْلِ الشِّرْكِ إِلاَّ كَالشَّعْرَةِ الْبَيْضَاءِ فِي جِلْدِ الثَّوْرِ الأَسْوَدِ أَوْ كَالشَّعْرَةِ السَّوْدَاءِ فِي جِلْدِ الثَّوْرِ الأَحْمَرِ». طرفه 6642 6529 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى أَخِى عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ ثَوْرٍ عَنْ أَبِى الْغَيْثِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَوَّلُ مَنْ يُدْعَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ آدَمُ، فَتَرَاءَى ذُرِّيَّتُهُ فَيُقَالُ هَذَا أَبُوكُمْ آدَمُ. فَيَقُولُ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ. فَيَقُولُ أَخْرِجْ بَعْثَ جَهَنَّمَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ. فَيَقُولُ يَا رَبِّ كَمْ أُخْرِجُ فَيَقُولُ أَخْرِجْ مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ». فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا أُخِذَ مِنَّا مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ، فَمَاذَا يَبْقَى مِنَّا قَالَ «إِنَّ أُمَّتِى فِي الأُمَمِ كَالشَّعَرَةِ الْبَيْضَاءِ فِي الثَّوْرِ الأَسْوَدِ». 46 - باب قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ (إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَىْءٌ عَظِيمٌ) (أَزِفَتِ الآزِفَةُ) (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ) 6530 - حَدَّثَنِى يُوسُفُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَقُولُ اللَّهُ يَا آدَمُ. فَيَقُولُ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: ما معنى قوله: (وما أنتم في أهل الشرك إلَّا كالشعرة البيضاء في جلد ثور أسود). قلت: أشار .... مع كونه أكثر أهل الجنة فهم من بين أهل الشرك أقل قليل ليلقَّوا ذلك بالشكر ولم يقف على هذا التحقيق من تقدمنا من الشراح والله الموفق وله الحمد. 6529 - (عن أبي الغيث) بالغين المعجمة من أدق المطر اسمه سالم (أول من يدعى يوم القيامة آدم فتراءى ذريِّته) بالنصب أي: ينظرهم، ويجوز الرفع أي: ينظر بعضهم بعضًا، فالترائي جاء لازمًا ومتعدِّيًا. قال تعالى: {فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ} [الشعراء: 61] وفي الحديث أن أهل الجنة يراأون أهل المعروف. (فيقال: هذا أبوكم. وبقول: لبيك وسعديك) هذا جواب لقوله: (يُدعى آدم) وقوله: (هذا أبوكم) جملة معترضة وفائدتها الدلالة على أنه يُدعى بحضورهم. باب قول الله {إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} [الحج: 1] {أَزِفَتِ الْآزِفَةُ (57)} [النجم: 57] فسره باقتراب الساعة. يقال: أزف الوقت أي حان. 6530 - (يقول الله عزّ وجلّ: يا آدم، فيقول: لبيك وسعديك والخير في يديك)

قَالَ يَقُولُ أَخْرِجْ بَعْثَ النَّارِ. قَالَ وَمَا بَعْثُ النَّارِ قَالَ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَمِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ. فَذَاكَ حِينَ يَشِيبُ الصَّغِيرُ، وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا، وَتَرَى النَّاسَ سَكْرَى وَمَا هُمْ بِسَكْرَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ». فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَقَالُوا يَا رَسُولُ اللَّهِ أَيُّنَا الرَّجُلُ قَالَ «أَبْشِرُوا، فَإِنَّ مِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ أَلْفٌ وَمِنْكُمْ رَجُلٌ - ثُمَّ قَالَ - وَالَّذِى نَفْسِى فِي يَدِهِ إِنِّى لأَطْمَعُ أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ». قَالَ فَحَمِدْنَا اللَّهَ وَكَبَّرْنَا، ثُمَّ قَالَ «وَالَّذِى نَفْسِى فِي يَدِهِ إِنِّى لأَطْمَعُ أَنْ تَكُونُوا شَطْرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، إِنَّ مَثَلَكُمْ فِي الأُمَمِ كَمَثَلِ الشَّعَرَةِ الْبَيْضَاءِ فِي جِلْدِ الثَّوْرِ الأَسْوَدِ أَوِ الرَّقْمَةِ فِي ذِرَاعِ الْحِمَارِ». طرفه 3348 ـــــــــــــــــــــــــــــ تحت قدرتك، وإرادتك، ولذلك ثنَّى لفظ اليد ولم يذكر الشرَّ وإن كان الكلُّ منه تأدُّبًا، وما يقال بالنسبة إليه خير فليس بشيء؛ لأن ذلك في خلق الشرور، فإن الخالق لا يتصف به، وليس المراد ذلك، ألا ترى إلى قوله تعالى: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} [الأنبياء: 35] وفي رواية لهذا الحديث "والشرُّ ليس إليك" فإنَّ الفعل إنما أسند إلى الفاعل لا إلى الخالق (أخرج بعْث النبي - صلى الله عليه وسلم -) بسكون العين بمعنى المبعوث (من كل ألف تسعمئة وتسعة وتسعين). فإن قلت: في الباب قبله (من كل مئة تسعة وتسعين) والفرق والتفاوت ظاهر. قلت: مفهوم العدد عند القائل به إنما يعتبر إذا لم يعرضه منطوقٌ. وقيل: هذا. أي حديث الألف يحمل على جميع ذرية آدم وحديث المئة على من عدا يأجوج ومأجوج. كذا عبارة شيخنا، ولم يصح والجواب أن حديث الألف خاص بياجوج ومأجوج وحديث المئة من عداهم من سائر الأمم، وهذا ظاهر من لفظ الحديث. (أو كالرقمة في ذراع الحمار) الموضع المرتفع في داخل ذراعه لا شعر عليه. وقيل: الخط الذي عليه. ولا يُنافي هذه الرواية الأولى قوله: (كالشعرة) لأنّ الغرض القلة في الجملة (وذلك حين يشيب الصغير وتضع ذات حمل حملها) محمول على الحقيقة، والمراد النساء الحبالى اللاتي كنّ حوامل من الدنيا وقيل: تمثيل أي: لو كان هناك موضع حمل وولادة لوضعَتْ من ذلك الهول والأول هو الوجه.

47 - باب قول الله تعالى (ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون * ليوم عظيم * يوم يقوم الناس لرب العالمين)

47 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (أَلاَ يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ) قَالَ الْوُصُلاَتُ فِي الدُّنْيَا. 6531 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. (يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) قَالَ «يَقُومُ أَحَدُهُمْ فِي رَشْحِهِ إِلَى أَنْصَافِ أُذُنَيْهِ». طرفه 4938 6532 - حَدَّثَنِى عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِى الْغَيْثِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَعْرَقُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يَذْهَبَ عَرَقُهُمْ فِي الأَرْضِ سَبْعِينَ ذِرَاعًا، وَيُلْجِمُهُمْ حَتَّى يَبْلُغَ آذَانَهُمْ». ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قول الله تعالى: {أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ} [المطففين: 4] 6531 - 6532 - (ابن عون) عبد الله (يقوم أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيه) وفي رواية مسلم: (يغيب) بدل (يقوم) والمعنى واحدٌ وفيه أيضًا (وتدنو الشمس حتى تكون على مقدار ميل أو ميلين فيكونون في العرقد على قدر أعمالهم وبلجمهم) -بضم الياء- أي: يكون شبه اللِّجام داخلًا في أفواههم. هذا في حق الكفار. ومن كان مؤمنًا فعلى قدر ذنبه وأما الذين أخرجوا في الدنيا عرقهم في الجهاد والحج وسائر الأعمال الشاقة فهم في ظل عرش الرحمن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. فإن قلت: قد وصف الله أرض المحشر بقوله: لا عوج فيها حتى قيل لوضع خط لا يتفاوت من الشرق إلى الغرب، فكيف يتفاوت الناس في العرق؟. قلت: أمور الآخرة خارجة من القياس فإذا أخبر الصادق المصدوق بشيء يجب الإيمان به.

48 - باب القصاص يوم القيامة

48 - باب الْقِصَاصِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهْىَ الْحَاقَّةُ لأَنَّ فِيهَا الثَّوَابَ وَحَوَاقَّ الأُمُورِ، الْحَقَّةُ وَالْحَاقَّةُ وَاحِدٌ، وَالْقَارِعَةُ، وَالْغَاشِيَةُ، وَالصَّاخَّةُ، وَالتَّغَابُنُ غَبْنُ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَهْلَ النَّارِ. 6533 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنِى شَقِيقٌ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ بِالدِّمَاءِ». طرفه 6864 6534 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلَمَةٌ لأَخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا، فَإِنَّهُ لَيْسَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب القصص يوم القيامة (وهي الحاقة) أي: يوم القيامة وتأنيث الضمير باعتبار الخبر أو باعتبار أن اليوم عبارة عن الساعة، ومعنى الحاقة أي: ذات حواق أي: أمور ثابتة والصاخَّة قال الجوهري: من الصخة سميت بذلك لوقوع الصخة فيها والصخة -بتشديد الخاء المعجمة- الإصماء يقال: صخّ وأصاخ بمعنى واحد ففيه مجاز عقلي كما أشار إليه الجوهري، وقُس عليه القارعة والغاشية. 6533 - (أول ما يقضى بين العباد بالدماء) وهذا في حقوق العباد فلا يُنافي ما رواه مالك في الموطأ والنسائي: "أول ما يحاسب به العبد الصلاة" وأما على قول علي: "أنا أول من يجثو بين يدي الله" فهو راجع إلى الدماء. 6534 - (فمن كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلله منها) يقال: تحلَّلته واستحللته فأسئلته إذا سألته أن يجعلك في حلٍّ.

ثَمَّ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَخِيهِ، فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ». طرفه 2449 6535 - حَدَّثَنِى الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ) قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِى الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِىِّ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَخْلُصُ الْمُؤْمِنُونَ مِنَ النَّارِ، فَيُحْبَسُونَ عَلَى قَنْطَرَةٍ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَيُقَصُّ لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ، مَظَالِمُ كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا، حَتَّى إِذَا هُذِّبُوا وَنُقُّوا أُذِنَ لَهُمْ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ، فَوَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لأَحَدُهُمْ أَهْدَى بِمَنْزِلِهِ فِي الْجَنَّةِ مِنْهُ بِمَنْزِلِهِ كَانَ فِي الدُّنْيَا». طرفه 2440 ـــــــــــــــــــــــــــــ 6535 - (الصّلت) بصاد مهملة (زُريع) بضم المعجمة مصغر زرع. {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ} [الأعراف: 43]. كذا وقع في جميع النسخ من السند قيل: إنما قدمه على تمام السند إشارة إلى شدة الارتباط بين الآية والحديث (عن أبي المتوكل الناجي) بالنون والجيم ..... اسمه عليٌّ (يخلص المومنون) من الحساب الذي بينهم وبين الله " (فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار) " بعد جوازهم على الصراط. قال بعض الشارحين: إن دلّ دليل على أن القنطرة واحدة فهذه من تتمة الأولى. وهذا شيء لا يُعقل فإن الصراط أدق من الشعر. ليس يصلح الوقوف عليه. فلا بدَّ من فضاء عظيم حتى يقف فيه هذا الجسم الصغير وكأنه فهم من قوله: (على قنطرة) أنهم عليها, وليس كذلك بل المعنى أنهم يُحبسون في الفضاء مشرفين على قنطرة عليها ملائكة يمنعونهم من دخول الجنة. قيل: هذا في غير من دخل الجنة بغير حساب وغير واقع في النار ويخرج بالشفاعة. قلت: الأول ظاهر دون الثاني. فإن قلت: ما الحكمة في أن حقوق العباد لم تستوف في الموقف؟ قلت: الظاهر والله أعلم أن المؤمن إذا نجا من النار وهو على نشاط وليس قدامه إلَّا الجنة وهو مشتاق إليها لا يناقش أخاه المؤمن بل يعفو ويصفح. (فوالذي نفس محمَّد ليده لأحدهم أهدى بمنزله في الجنة منه بمنزله كان في الدنيا). فإن قلت: كيف يكون أهدى إلى موضع لم يره قط من موضع كان فيه دهر؟ قلت: قد تقدم أنه يعرض عيه مقعده كل غداة وعشية.

49 - باب من نوقش الحساب عذب

49 - باب مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ عُذِّبَ 6536 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الأَسْوَدِ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ عُذِّبَ». قَالَتْ قُلْتُ أَلَيْسَ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى (فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا). قَالَ «ذَلِكِ الْعَرْضُ». حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الأَسْوَدِ سَمِعْتُ ابْنَ أَبِى مُلَيْكَةَ قَالَ سَمِعْتُ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَهُ. وَتَابَعَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمٍ وَأَيُّوبُ وَصَالِحُ بْنُ رُسْتُمٍ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 103 6537 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ أَبِى صَغِيرَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ حَدَّثَنِى الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَتْنِى عَائِشَةُ أَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من نوقش الحساب عُذِّب 6536 - هذا بعض حديث الباب (قالت عائشة: أليس قال الله تعالى: {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (8)} [الانشقاق: 8] قال: ذلك العرض) لم يدرك من نوقش مراده قال ابن الأثير: المناقشة: الاستقصاء بأن يسأل عن كلِّ نقير وقطمير وأصله إخراج الشوكة من الرجل ونحوه والآلة المنقاش "ذلك العرض" بكسر الكاف؛ لأنَّ الخطاب لعائشة. فإن قلت: ما العرض؟ قلت: أن تعرض على العبد صحيفة أعماله من غير أن يقال: لم هذا؟ أو كيف هذا؟ وقد يكون بدون هذا أيضًا كما في الحديث الآخر: "إن أول ما يحاسب العبد من أعماله الصلاة وإذا كانت وافية فيقال: أكتب سائر أعماله كذلك". (ابن جريج) بضم الجيم، مصغر، وكذا (سليم)، (رستم) بضم الراء وسكون السين. 6537 - (روح) بفتح الراء (عُبادة) بضم العين وتخفيف الباء (أبي صغيرة) ضد الكبيرة. فإن قلت: روى الحديث عن ابن أبي مليكة عن عائشة بطريقين من غير واسطة، ثم

رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَيْسَ أَحَدٌ يُحَاسَبُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلاَّ هَلَكَ». فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَيْسَ قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (فَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا) فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّمَا ذَلِكِ الْعَرْضُ، وَلَيْسَ أَحَدٌ يُنَاقَشُ الْحِسَابَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلاَّ عُذِّبَ». طرفه 103 6538 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَحَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقُولُ «يُجَاءُ بِالْكَافِرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُقَالُ لَهُ أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ لَكَ مِلْءُ الأَرْضِ ذَهَبًا أَكُنْتَ تَفْتَدِى بِهِ فَيَقُولُ نَعَمْ. فَيُقَالُ لَهُ قَدْ كُنْتَ سُئِلْتَ مَا هُوَ أَيْسَرُ مِنْ ذَلِكَ». طرفه 3334 ـــــــــــــــــــــــــــــ رواه عنه عن عائشة بواسطة القاسم. قلت: رواه كما سمعه تارةً بالواسطة وأخرى بدونها وأخّر طريق الواسطة لما فيها من الزيادة. ثم روى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أنه يُجاء بالكافر يوم القيامة فيقال له: أرأيت لو كان لك ملء الأرض ذهبًا أكنت تفتدي به؟ فيقول: نعم. فيقال: قد كنت سُئلت أيسر من ذلك) تمام الحديث في الرواية الأخرى: "سُئلت وأنت في صلب آدم أن لا تشرك شيئًا فأبيت إلَّا أن نَشرك" وفي رواية مسلم: "كذبت" قال النووي: معناه: لو رددناك إلى الدنيا لم تفعل. قلت: أخذه من قوله تعالى: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} [الأنعام: 28] والسر في ذلك أنه مخلوق للنار وما في علمه تعالى لا يُبدل ولا يُغير.

6539 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى قَالَ حَدَّثَنِى الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِى خَيْثَمَةُ عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ وَسَيُكَلِّمُهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لَيْسَ بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ، ثُمَّ يَنْظُرُ فَلاَ يَرَى شَيْئًا قُدَّامَهُ، ثُمَّ يَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَتَسْتَقْبِلُهُ النَّارُ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَّقِىَ النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ». طرفه 1413 6540 - قَالَ الأَعْمَشُ حَدَّثَنِى عَمْرٌو عَنْ خَيْثَمَةَ عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اتَّقُوا النَّارَ». ثُمَّ أَعْرَضَ وَأَشَاحَ، ثُمَّ قَالَ «اتَّقُوا النَّارَ». ثُمَّ أَعْرَضَ وَأَشَاحَ ثَلاَثًا، حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا، ثُمَّ قَالَ «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ». طرفه 1413 ـــــــــــــــــــــــــــــ 6539 - (خيثمة) بخاء معجمة، وياء ساكنة بعدها ثاء مثلثة (من منكم من أحد إلَّا سيكلمه الله يوم القيامة ليس بينه وبينه تُرجمان) -بضم التاء وفتحها- قال ابن الأثير: هو الذي يُعبر عن لغة بلغة أخرى. قلت: ذلك أصله. وليس المراد هنا ذلك، بل الواسطة مطلقًا. (من استطاع أن يتقي النار ولو بشِق تمرة) بكسر الشين. وجواب لو محذوف دلّ عليه ما قبله. فإن قلت: ما الحكمة في أنه جعل سبب دفع النار الصدقة من بين سائر العبادات؟ قلت لأن المال شقيق الروح إخراجه مشتق على الإنسان وأيضًا لمَّا كان شقيق الروح فجعل فِكاكها به بغاية القرب والمناسبة. 6540 - ثم قال: (اتقوا النار. وأعرض وأشاح) أصله شيح -بالحاء المهملة- قال ابن الأثير: يقال: أشاح حذر وجدَّ في الأمر وأقبل والمعاني ملائمة في الحديث أي: أظهر في الحذر منها أو جدَّ في تهويلها، أو أقبل على أصحابه حين ذكر شأنها.

50 - باب يدخل الجنة سبعون ألفا بغير حساب

50 - باب يَدْخُلُ الْجَنَّةَ سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ 6541 - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ. وَحَدَّثَنِى أَسِيدُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ حُصَيْنٍ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فَقَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «عُرِضَتْ عَلَىَّ الأُمَمُ، فَأَخَذَ النَّبِىُّ يَمُرُّ مَعَهُ الأُمَّةُ، وَالنَّبِىُّ يَمُرُّ مَعَهُ النَّفَرُ، وَالنَّبِىُّ يَمُرُّ مَعَهُ الْعَشَرَةُ، وَالنَّبِىُّ يَمُرُّ مَعَهُ الْخَمْسَةُ، وَالنَّبِىُّ يَمُرُّ وَحْدَهُ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا سَوَادٌ كَثِيرٌ قُلْتُ يَا جِبْرِيلُ هَؤُلاَءِ أُمَّتِى قَالَ لاَ وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الأُفُقِ. فَنَظَرْتُ فَإِذَا سَوَادٌ كَثِيرٌ. قَالَ هَؤُلاَءِ أُمَّتُكَ، وَهَؤُلاَءِ سَبْعُونَ أَلْفًا قُدَّامَهُمْ، لاَ حِسَابَ عَلَيْهِمْ وَلاَ عَذَابَ. قُلْتُ وَلِمَ قَالَ كَانُوا لاَ يَكْتَوُونَ، وَلاَ يَسْتَرْقُونَ، وَلاَ يَتَطَيَّرُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ». فَقَامَ إِلَيْهِ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ فَقَالَ ادْعُ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب يدخل الجنة سبعون ألفًا بغير حساب 6541 - (ميسرة) ضد الميمنة (ابن فضيل) -بضم الفاء مصغر- محمَّد الكوفي (أسيد بن زيد) بفتح الهمزة وكسر السين (هشيم) بضم الهاء، مصغر، وكذا (حصين). (عُرضت عليَّ الأمم) في رواية النسائي والترمذي: أن ذلك ليلة الإسراء. وفي رواية أحمد والبزار: أن هذا كان ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة. فيدل على تعدُّد الإسراء أو كان هذا في المنام. والإسراء أعم من اليقظة والمنام (والنبي - صلى الله عليه وسلم - معه النفر) من الثلاثة إلى العشرة (قال) أي: جبريل (هؤلاء أمتك. هؤلاء سبعون ألفًا قدَّامهم لا حساب ولا عذاب عليهم. كانوا لا يكتوون ولا يسترقون ولا يتطيَّرون) قال بعض الشارحين: أي: لا يفعلون من غير ضرورة ولا يسترقون بتعاويذ الجاهلية. وأشكل عليهم أن هؤلاء كثير في الأمة فما وجه السبعين؟ فقال: الله أعلم بذلك مع أنه يجوز أن يُراد بالسبعين الكثيرة لا العدد المعيَّن. وكلُّ هذا خبط، بل هؤلاء هم الكُمَّل الذين قَصَرُوا النظر على المسبب وقطعوه على الأسباب. وإن كانت مباحة. والعجب كيف يغفل عن آخر الحديث وهو قوله: (وعلى ربهم يتوكلون) (عُكاشة) بضم العين، ويجوز تخفيف الكاف.

اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِى مِنْهُمْ. قَالَ «اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُمْ». ثُمَّ قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ آخَرُ قَالَ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِى مِنْهُمْ. قَالَ «سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ». طرفه 3410 6542 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ أَسَدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «يَدْخُلُ مِنْ أُمَّتِى زُمْرَةٌ هُمْ سَبْعُونَ أَلْفًا، تُضِئُ وُجُوهُهُمْ إِضَاءَةَ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ». وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَقَامَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ الأَسَدِىُّ يَرْفَعُ نَمِرَةً عَلَيْهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِى مِنْهُمْ. قَالَ «اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُمْ». ثُمَّ قَامَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِى مِنْهُمْ. فَقَالَ «سَبَقَكَ عُكَّاشَةُ». طرفه 5811 6543 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِى سَبْعُونَ أَلْفًا أَوْ سَبْعُمِائَةِ أَلْفٍ - شَكَّ فِي أَحَدِهِمَا - مُتَمَاسِكِينَ، آخِذٌ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ، حَتَّى يَدْخُلَ أَوَّلُهُمْ وَآخِرُهُمُ الْجَنَّةَ، وَوُجُوهُهُمْ عَلَى ضَوْءِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ». طرفه 3247 6544 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ صَالِحٍ حَدَّثَنَا نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ، ثُمَّ يَقُومُ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ: ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: مباشرة الأسباب لا تُنافي التوكل. الأنبياء والأولياء كانوا يباشرون أسباب المعاش. قلت: الأمر كذلك ولا ينافي ما في الحديث؛ لأن التوكل ليس علة واحدة بل جزء علة مجموعها عدم الاكتواء والتطير والاسترقاء. (ثم قام إليه رجل آخر) قيل: هو سعد بن عبادة ولا يصحُّ. وقيل: كان منافقًا والصواب ما قاله النووي أنه أوحي إليه في الأول دون الثاني. 6543 - 6544 - (أبو غسان) بفتح المعجمة محمَّد بن مطرف (أبو حازم) بالحاء المهملة مسلمة بن دينار (يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، ثم يقوم مؤذن بينهم) على صفة

51 - باب صفة الجنة والنار

يَا أَهْلَ النَّارِ لاَ مَوْتَ، وَيَا أَهْلَ الْجَنَّةِ لاَ مَوْتَ، خُلُودٌ». طرفه 6548 6545 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يُقَالُ لأَهْلِ الْجَنَّةِ خُلُودٌ لاَ مَوْتَ. وَلأَهْلِ النَّارِ يَا أَهْلَ النَّارِ خُلُودٌ لاَ مَوْتَ». 51 - باب صِفَةِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ زِيَادَةُ كَبِدِ حُوتٍ». عَدْنٌ خُلْدٌ، عَدَنْتُ بِأَرْضٍ أَقَمْتُ، وَمِنْهُ الْمَعْدِنُ، فِي مَعْدِنِ صِدْقٍ، فِي مَنْبِتِ صِدْقٍ. 6546 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ أَبِى رَجَاءٍ عَنْ عِمْرَانَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «اطَّلَعْتُ فِي الْجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْفُقَرَاءَ وَاطَّلَعْتُ فِي النَّارِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ». طرفه 3241 ـــــــــــــــــــــــــــــ المؤذن، أو المعنى من التأذين الإعلام (يا أهل النار لا موت ويا أهل الجنة لا موت خلود). فإن قلت: أي فائدة في هذا النداء وذلك معلوم عندهم؟ قلت: زيادة السرور فإنه خبر سار ولحاسة السمع فيه تلذذ كما أن حاسة البصر تلتذ بالنظر إلى الجمال. وذكرنا في سورة مريم أن هذا النداء بعد أن يجعل الموت في صورة كبش ويذبحه يحيى بن زكريا عليهما السلام. 6545 - (أبو الزناد) بكسر الزاي بعدها نون. باب صفة الجنة (وقال أبو سعيد) (أول طعام يأكله أهل الجنة) تقدَّم مسندًا في باب يقبض الله الأرض. 6546 - (الهيثم) بفتح الهاء وسكون الياء (عن أبي رجاء) بفتح الراء والمد (عمران) العطار (واطّلعت في الجنة، فرأيت أكثر أهلها الفقراء) قد تقدم الحديث في باب فضل الفقراء. واستدل به من قال: الفقير الصابر أفضل من الغني الشاكر، ولا دليل فيه لأن

6547 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِىُّ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «قُمْتُ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ فَكَانَ عَامَّةُ مَنْ دَخَلَهَا الْمَسَاكِينَ، وَأَصْحَابُ الْجَدِّ مَحْبُوسُونَ، غَيْرَ أَنَّ أَصْحَابَ النَّارِ قَدْ أُمِرَ بِهِمْ إِلَى النَّارِ، وَقُمْتُ عَلَى بَابِ النَّارِ فَإِذَا عَامَّةُ مَنْ دَخَلَهَا النِّسَاءُ». طرفه 5196 6548 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ أَسَدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا صَارَ أَهْلُ الْجَنَّةِ إِلَى الْجَنَّةِ، وَأَهْلُ النَّارِ إِلَى النَّارِ، جِئَ بِالْمَوْتِ حَتَّى يُجْعَلَ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، ثُمَّ يُذْبَحُ، ثُمَّ يُنَادِى مُنَادٍ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ لاَ مَوْتَ، يَا أَهْلَ النَّارِ لاَ مَوْتَ، فَيَزْدَادُ أَهْلُ الْجَنَّةِ فَرَحًا إِلَى فَرَحِهِمْ. وَيَزْدَادُ أَهْلُ النَّارِ حُزْنًا إِلَى حُزْنِهِمْ». طرفه 6544 ـــــــــــــــــــــــــــــ الكثرة لا تستلزم الأفضلية، وقد سلف في أبواب الصلاة ما هو نصٌّ في عكسه. 6547 - (سليمان التيمي) بفتح الفوقانية (أبو عثمان) عبد الرحمن النهدي (وأصحاب الجدِّ محبوسون) بفتح الجيم الغنا ليس المراد الأغنياء الذين لم يؤدوا الحقوق الواجبة، بل الذين أدَّوها وإنما حُبسوا للحساب ولم يكن للفقراء حساب فلذلك تقدّموا (إذا صار أهل الجنة إلى الجنة، وأهل النار إلى النار جيء بالموت) قد ذكرنا سابقًا أنه يؤتى به في صورة الكبش وأن الذين يذبحه يحيى بن زكريا عليهما السلام. 6548 - (معاذ) بضم الميم وذال معجمة (يسار) ضد اليمين (إن الله تبارك وتعالى يقول لأهل الجنة: هل رضيتم؟ فيقولون: وما لنا لا نرضى!) وآخر كلامه تعالى: (أنا أعطيكم أفضل من ذلك) أفرد الخطاب باعتبار كل واحد (أحلُّ عليكم رضواني). فإن قلت: لو لم يكن راضيًا عنهم ما دخلوا الجنة!. قلت: المراد الرضاء مع العبد بعده وهو أن يسخط عليهم بعده أبدًا. وإليه أشير بقوله تعالى: {وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ} [التوبة: 72]. وكيف والعبد ما لم يعلم أن مولاه راضٍ لا يلتذ بنعيم وستسمع زيادة تحقيق في هذا إن شاء الله.

6549 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ أَسَدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ لأَهْلِ الْجَنَّةِ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ. يَقُولُونَ لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ. فَيَقُولُ هَلْ رَضِيتُمْ فَيَقُولُونَ وَمَا لَنَا لاَ نَرْضَى وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ. فَيَقُولُ أَنَا أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ. قَالُوا يَا رَبِّ وَأَىُّ شَىْءٍ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ فَيَقُولُ أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِى فَلاَ أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا». طرفه 7518 6550 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ أُصِيبَ حَارِثَةُ يَوْمَ بَدْرٍ وَهْوَ غُلاَمٌ، فَجَاءَتْ أُمُّهُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَرَفْتَ مَنْزِلَةَ حَارِثَةَ مِنِّى، فَإِنْ يَكُ فِي الْجَنَّةِ أَصْبِرْ وَأَحْتَسِبْ، وَإِنْ تَكُنِ الأُخْرَى تَرَى مَا أَصْنَعُ. فَقَالَ «وَيْحَكِ - أَوَهَبِلْتِ - أَوَجَنَّةٌ وَاحِدَةٌ هِىَ جِنَانٌ كَثِيرَةٌ، وَإِنَّهُ لَفِى جَنَّةِ الْفِرْدَوْسِ». طرفه 2809 6551 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ أَسَدٍ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا الْفُضَيْلُ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا بَيْنَ مَنْكِبَىِ الْكَافِرِ مَسِيرَةُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ لِلرَّاكِبِ الْمُسْرِعِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ 6549 - (أبو إسحاق) هو الفزاري واسمه سليمان (حُميد) مصغر روى عن أنس (أن حارثة أصيب يوم بدر) هو حارثة بن سراقة الأنصاري كان في انتظاره فأصابه سهم غَرِب، وقد سلف في غزوة بدر (ويحك أهبلت؟) -بفتح الهاء وكسر الباء- قال ابن الأثير: الهبل: شكل المرأة ولدها. والمراد به هنا، فقد العَقْل على طريق الاستعارة (وإنه لفي جنَّة الفردوس). أعلى الجنة وأسطها. 6550 - (مُعاذ) بضم الميم وذال معجمة. 6551 - (الفضيل) -بضم الفاء مصغر- قال الغساني: وابن غزوان. قال: ونسبته أبو

6552 - وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ سَلَمَةَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَشَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ، لاَ يَقْطَعُهَا». 6553 - قَالَ أَبُو حَازِمٍ فَحَدَّثْتُ بِهِ النُّعْمَانَ بْنَ أَبِى عَيَّاشٍ فَقَالَ حَدَّثَنِى أَبُو سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَشَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ الْجَوَادَ الْمُضَمَّرَ السَّرِيعَ مِائَةَ عَامٍ، مَا يَقْطَعُهَا». 6554 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِى سَبْعُونَ أَوْ سَبْعُمِائَةِ أَلْفٍ - لاَ يَدْرِى أَبُو ـــــــــــــــــــــــــــــ الحسن فضيل بن عياض وليس بصواب قال: وليس لابن عياض ذكر في البخاري إلَّا في كتاب التوحيد في موضعين. 6553 - (عن أبي حازم) سلمان الأشجعي (ما بين منكبي الكافر مسيرة ثلاثة للراكب المسرع) وفي رواية الإِمام أحمد: "ما بين شحمة أذن أحدهم إلى عاتقه مسيرة سبعمئة عام، وغلظ جلده سبعون ذراعًا" كل ذلك ليعظم عليه العذاب عافانا الله من ذلك برأفته وفضل رحمته (إن في الجنة ضجرة يسير الراكب الجواد المضمر مئة عام لا يقطعهما) بنصب الجواد والمضمر على أنهما وصفان للفرس. وفي رواية الأصيلي برفع الاسمين وكسر الميم على أنهما وصفان للراكب. والمضمَّر بتشديد الميم المفتوحة هو الفرس الذي قلل علفه وجلل جلًا كثيرًا ليخف عرقه ويشتد لحمه وفي رواية الترمذي مرفوعًا: "إن هذه الشجرة سدرة المنتهى" وفي رواية أحمد وابن حبان مرفوعًا: "شجرة طوبى" والظاهر اتحاد المسمَّى. 6554 - (قتيبة) بضم القاف، مصغر.

حَازِمٍ أَيُّهُمَا قَالَ - مُتَمَاسِكُونَ، آخِذٌ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، لاَ يَدْخُلُ أَوَّلُهُمْ حَتَّى يَدْخُلَ آخِرُهُمْ، وُجُوهُهُمْ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ». طرفه 3247 6555 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ لَيَتَرَاءَوْنَ الْغُرَفَ فِي الْجَنَّةِ كَمَا تَتَرَاءَوْنَ الْكَوْكَبَ فِي السَّمَاءِ». 6556 - قَالَ أَبِى فَحَدَّثْتُ النُّعْمَانَ بْنَ أَبِى عَيَّاشٍ فَقَالَ أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ يُحَدِّثُ وَيَزِيدُ فِيهِ «كَمَا تَرَاءَوْنَ الْكَوْكَبَ الْغَارِبَ فِي الأُفُقِ الشَّرْقِىِّ وَالْغَرْبِىِّ». طرفه 3256 6557 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى عِمْرَانَ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لأَهْوَنِ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَوْ أَنَّ لَكَ مَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَىْءٍ أَكُنْتَ تَفْتَدِى بِهِ فَيَقُولُ نَعَمْ. فَيَقُولُ أَرَدْتُ مِنْكَ أَهْوَنَ مِنْ هَذَا وَأَنْتَ فِي صُلْبِ آدَمَ أَنْ لاَ تُشْرِكَ بِى شَيْئًا فَأَبَيْتَ إِلاَّ أَنْ تُشْرِكَ بِى». طرفه 3334 ـــــــــــــــــــــــــــــ 6555 - (إن أهل الجنة ليتراءون الغُرف) أي: أهل الغرف جمع غرفة، العلية والقصر، وقد تقدَّم أن الترائي جاء لازمًا ومتعدِّيًا "كما تتراءون الكوكب الغارب في الأفق الغربي والشرقي" الغارب: هو. . . مستعار من غارب الجمل وهو سنامه، قاله الجوهري. وبه زال إشكال بعض الشارحين. 6556 - (الغارب) كيف يكون على الأفق الشرقي، وفي رواية: "الغابر" ... بالباء الموحدة، ورواه بعضهم بالياء المثناة تحت، من الغور، والمعنى: المشرق على الغور، كذا قاله شيخنا، لكن لا يصح هذا في الأفق الشرقي، فتأمل، وفي رواية أبي ذر "الغادر" ورواه الأصيلي "العازب" -بالعين المهملة وزاي معجمة- من العزوبة وهو البعد. 6557 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين المعجمة.

6558 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ عَمْرٍو عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ بِالشَّفَاعَةِ كَأَنَّهُمُ الثَّعَارِيرُ». قُلْتُ مَا الثَّعَارِيرُ قَالَ الضَّغَابِيسُ. وَكَانَ قَدْ سَقَطَ فَمُهُ فَقُلْتُ لِعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ أَبَا مُحَمَّدٍ سَمِعْتَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «يَخْرُجُ بِالشَّفَاعَةِ مِنَ النَّارِ». قَالَ نَعَمْ. 6559 - حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنَ النَّارِ بَعْدَ مَا مَسَّهُمْ مِنْهَا سَفْعٌ، فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ، فَيُسَمِّيهِمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَهَنَّمِيِّينَ». طرفه 7450 6560 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ يَقُولُ اللَّهُ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجُوهُ. فَيُخْرَجُونَ قَدِ امْتُحِشُوا وَعَادُوا حُمَمًا، فَيُلْقَوْنَ فِي نَهَرِ الْحَيَاةِ، فَيَنْبُتُونَ كَمَا تَنْبُتُ الْحِبَّةُ ـــــــــــــــــــــــــــــ 6558 - (أبو النعمان) -بضم النون- محمَّد بن الفضل (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم (يخرج من النار بالشفاعة) أي: ناس (كأنهم الثعارير) -بعين مهملة وثاء مثلثة، جمع ثعورور- وفسره بالضغابيس -بضاد معجمة وغين كذلك وباء موحدة- جمع ضغبوس، وهو القثاء الصغار أي: في غاية اللطافة (وكان سقط فمه) كان هذا كلام حماد في شأن عمرو، أي: أسنانه، يريد أنه لم يقدر على التلفظ بالضغابيس. 6559 - (هدبة) بضم الهاء ودال مهملة (همام) بفتح الهاء وتشديد الميم (يخرج من النار قوم بعد ما مسهم سفع منها) -بالسين المهملة وسكون الفاء- أي: شيء يسير، قال الجوهري: سفعته النار إذا لفحته لفحًا يسيرًا. 6560 - (فيخرجون قد امتحشوا) بفتح التاء على بناء الفاعل، ويروى بضمها على بناء المفعول. قال ابن الأثير: من المحش، وهو احتراق الجلد مع ظهور العظم (وعادوا حممًا) جمع حمَمَة، بضم الحاء وفتح الميمين وهي الفحمة كما تنبت الحبة) -بكسر الحاء- قال ابن الأثير: بذور البقل. وقد سلف الحديث في باب تفاضل أهل الإيمان.

فِي حَمِيلِ السَّيْلِ - أَوْ قَالَ - حَمِيَّةِ السَّيْلِ». وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَلَمْ تَرَوْا أَنَّهَا تَنْبُتُ صَفْرَاءَ مُلْتَوِيَةً». طرفه 22 6561 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ النُّعْمَانَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَرَجُلٌ تُوضَعُ فِي أَخْمَصِ قَدَمَيْهِ جَمْرَةٌ يَغْلِى مِنْهَا دِمَاغُهُ». طرفه 6562 6562 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ عَلَى أَخْمَصِ قَدَمَيْهِ جَمْرَتَانِ يَغْلِى مِنْهُمَا دِمَاغُهُ، كَمَا يَغْلِى الْمِرْجَلُ وَالْقُمْقُمُ». طرفه 6561 ـــــــــــــــــــــــــــــ قال النووي: لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خمس شفاعات: الأولى: في إراحة الموقف. الثانية: في إدخال القوم الجنة بغير حساب. الثالثة: في إدخال قوم حوسبوا واستحق العذاب. الرابعة: في إخراج العصاة من النار. الخامسة: في رفع الدرجات. 6561 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين. 6562 - (النعمان بن بشير) بفتح الباء (أن أهون أهل النار عذابًا يوم القيامة لرجل يوضع في أخمص قدميه جمرتان) الأخمص: الموضع الذي لا يصل إلى الأرض من الرجل (يغلي منها دماغه كما يفلي المرجل بالقمقم) المرجل -بكسر الميم- القدر من النحاس. قال ابن الأثير: القمقم من يُسَخَّنُ فيه الماء من نحاس وغيره. فإن قلت: فعلى هذا ما معنى غلي المرجل بالقمقم؟ قلت: معناه بماء القمقم، فإن

6563 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ خَيْثَمَةَ عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - ذَكَرَ النَّارَ فَأَشَاحَ بِوَجْهِهِ فَتَعَوَّذَ مِنْهَا، ثُمَّ ذَكَرَ النَّارَ فَأَشَاحَ بِوَجْهِهِ فَتَعَوَّذَ مِنْهَا، ثُمَّ قَالَ «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ». طرفه 1413 6564 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى حَازِمٍ وَالدَّرَاوَرْدِىُّ عَنْ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَذُكِرَ عِنْدَهُ عَمُّهُ أَبُو طَالِبٍ فَقَالَ «لَعَلَّهُ تَنْفَعُهُ شَفَاعَتِى يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُجْعَلُ فِي ضَحْضَاحٍ مِنَ النَّارِ، يَبْلُغُ كَعْبَيْهِ، يَغْلِى مِنْهُ أُمُّ دِمَاغِهِ». طرفه 3885 ـــــــــــــــــــــــــــــ ماءه أشد حرارة لضيق المكان، ويروى "والقمقم" بالواو، قال ابن الأثير: هذا أظهر لو ساعدته الرواية. قلت: ويجوز تقدير الواو في الرواية الأولى، وهو أظهر من ذلك الذي ذكره، تؤيده رواية الإسماعيلي: "أو القمقم". 6563 - (حرب) ضد الصلح (ذكر النار فأشاح بوجهه) أي: أعرض أو أقبل، تقدم قريبًا. 6564 - (ابن أبي حازم) عبد العزيز (الدراوردي) -بالدال المهملة بعدها راء كذلك- اسم بلده (خباب) بفتح المعجمة وتشديد الباء. روى أن أبا طالب ذُكِرَ عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (فقال: لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة فيجعل في ضحضاح من النار) -بضاد معجمة وحاء مهملة- أصله الماء الذي يبلغ الكعبين، استعار للنار التي تبلغ الكعبين. فإن قلت: كيف يشفع فيه وقد قال تعالى: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ (48)} [المدثر: 48]؟ قلت: عام مخصص بهذا الحديث، وقيل: الشفاعة المنفية في الآية: الإخراج، فلا تنافي التخفيف. وقيل: لم يشفع له باللسان، ولكن لما ساعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذبَّ عنه، جوزي عن ذلك، وهذا مع كونه مخالف للظاهر بأبي لهب فإنه خُفِّفَ عنه بإعتاقه ثويبة كما تقدم في النكاح.

6565 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُونَ لَوِ اسْتَشْفَعْنَا عَلَى رَبِّنَا حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا. فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ أَنْتَ الَّذِى خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، وَأَمَرَ الْمَلاَئِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ، فَاشْفَعْ لَنَا عِنْدَ رَبِّنَا. فَيَقُولُ لَسْتُ هُنَاكُمْ - وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ وَيَقُولُ - ائْتُوا نُوحًا أَوَّلَ رَسُولٍ بَعَثَهُ اللَّهُ. فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُ لَسْتُ هُنَاكُمْ - وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ - ائْتُوا إِبْرَاهِيمَ الَّذِى اتَّخَذَهُ اللَّهُ خَلِيلاً. فَيَأْتُونَهُ، فَيَقُولُ لَسْتُ هُنَاكُمْ - وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ - ائْتُوا مُوسَى الَّذِى كَلَّمَهُ اللَّهُ فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُ لَسْتُ هُنَاكُمْ، فَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ - ائْتُوا عِيسَى فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُ لَسْتُ هُنَاكُمْ، ائْتُوا مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - فَقَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ فَيَأْتُونِى ـــــــــــــــــــــــــــــ 6565 - (أبو عوانة) -بفتح العين- الوضاح الواسطي، روى عن أنس حديث الشفاعة، وقد مَرَّ مرارًا، وما ذكره من ذكره من ذكر الأنبياء خطاياهم، إنما ذلك بالنظر إلى قرب الأنبياء في مقام الكبرياء، وإلا فهي أمور من قبيل المعاريض، كما ذكره العلماء في تأويل قول إبراهيم: إلا ثلاث كذبات، إنها معاريض في الكلام، والذي وقع من موسى من قتل القبطي، فإنه كان حربيًّا واجب القتل، إلا أنه قتله من غير إذن فلذلك عَدَّهُ جريمة. فإن قلت: قوله في نوح: (أول رسول بعث إلى أهل الأرض) مع كون آدم وكذا إدريس رسولًا؟ قلت: قوله: "أهل الأرض" أخرجهما، فإن رسالتهما كانت خاصة. فإن قلت: يشكل في حديث جابر أن الرسالة العامة خاصة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قلت: فرق بين العامتين، فإن نوحًا بعث إلى أهل الأرض وهم قومه، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث إلى الأحمر والأسود.

فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّى، فَإِذَا رَأَيْتُهُ وَقَعْتُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِى مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يُقَالُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، سَلْ تُعْطَهْ، وَقُلْ يُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ. فَأَرْفَعُ رَأْسِى، فَأَحْمَدُ رَبِّى بِتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِى، ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِى حَدًّا، ثُمَّ أُخْرِجُهُمْ مِنَ النَّارِ، وَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ، ثُمَّ أَعُودُ فَأَقَعُ سَاجِدًا مِثْلَهُ فِي الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ حَتَّى مَا بَقِىَ فِي النَّارِ إِلاَّ مَنْ حَبَسَهُ الْقُرْآنُ». وَكَانَ قَتَادَةُ يَقُولُ عِنْدَ هَذَا أَىْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْخُلُودُ. طرفه 44 ـــــــــــــــــــــــــــــ (فأستأذن على ربي) وفي رواية أخرى "فأستأذن على ربي في داره" وهي الجنة، والحكمة في أنه يشفع في الجنة دون أرض المحشر؛ لأن الجنة دار الرحمة، وفيها ما تشتهيه الأنفس فيكون أدعى إلى الإجابة. وأما سجدته وقد روى أحمد أنه يلبث في تلك السجدة مقدار سبعة أيام من أيام الدنيا؛ فلأنه أقرب مقاماته عند الله لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أقرب ما يكون العبد عند الله وهو ساجد"، وقد أسلفنا في مواضع أن في الحديث اختصارًا، وذلك أن أول الحديث في الشفاعة في إراحة الناس من الموقف، وآخر الحديث ليس منه إلا أنه يخرج من كان في النار من المؤمنين، وإنما طوى ذكره لأنه معلوم من السياق، وقد روى قريبًا أن الله تعالى بعد شفاعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "يا آدم أخرج بعث النار". فإن قلت: ما معنى كون نوح أول رسل الله؟ قلت: إن آدم وإن كان نبيًّا إلا أنه لم يكون رسولًا، وتقدم إدريس منه خلاف، أو كان متقدمًا، فالجواب أنه أراد رسولًا عذب قومه أو أنذرهم، وهذه الأمور كلها حقيقة، والأظهر أنه آدم الثاني وأن كل من في الدنيا إلى يوم القيامة من ذريته، وكانت دعوته عامة لكل من في الأرض فلذلك قيل: أول رسول الله، لا يشكل هذا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وكان النبي يبعث إلى قومه، وبعثت إلى الأسود والأحمر"، ولا إشكال لأنا قدمنا أنه لم يبق على وجه الأرض إلا ذريته. (حتى ما يبقى إلا من حبسه القرآن). فإن قلت: هذا يدل على أنه كل من يخرج من النار إنما يخرج بشفاعته، وقد جاء في

6566 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنِ الْحَسَنِ بْنِ ذَكْوَانَ حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنَ النَّارِ بِشَفَاعَةِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ، يُسَمَّوْنَ الْجَهَنَّمِيِّينَ». 6567 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أُمَّ حَارِثَةَ أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ هَلَكَ حَارِثَةُ يَوْمَ بَدْرٍ، أَصَابَهُ غَرْبُ سَهْمٍ. فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَلِمْتَ مَوْقِعَ حَارِثَةَ مِنْ قَلْبِى، فَإِنْ كَانَ فِي الْجَنَّةِ لَمْ أَبْكِ عَلَيْهِ، وَإِلاَّ سَوْفَ تَرَى مَا أَصْنَعُ. فَقَالَ لَهَا «هَبِلْتِ، أَجَنَّةٌ وَاحِدَةٌ هِىَ إِنَّهَا جِنَانٌ كَثِيرَةٌ، وَإِنَّهُ فِي الْفِرْدَوْسِ الأَعْلَى». طرفه 2809 6568 - وَقَالَ «غَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُمْ أَوْ مَوْضِعُ قَدَمٍ مِنَ الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ اطَّلَعَتْ إِلَى الأَرْضِ، لأَضَاءَتْ مَا بَيْنَهُمَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ الحديث: أن بعضهم يخرجون بشفاعة سائر الأنبياء والملائكة، وأن أهل لا إله إلا الله يخرجهم الله تعالى من غير شفاعة؟ قلت: لا تنافي فإنه لا يزال يتردد إلى أن لا يبقى في النار أحد. 6566 - (أبو رجاء) عمران العطاردي (حصين) بضم الحاء مصغر. 6567 - (قتيبة) بضم القاف مصغر، وكذا (حميد) [روى] عن أنس حديث حارثة بن سراقة الذي قتل ببدر، وقد تقدم آنفًا، واسم أم حارثة: ربيع -بضم الراء مصغر- أخت أنس بن النضر. (هبلت) -بكسر الهاء- أي: ذهب عقلك (سهم غرب) -بالغين المعجمة- سهم لا يعرف راميه، يروى بالإضافة والتنوين، وفي بعض النسخ "غريب سهم" بإضافة الصفة إلى الموصوف. 6568 - (غدوة في سبيل الله أو روحة) بفتح الغين والراء (خير من الدنيا وما فيها) أي: ثوابها (ولو أن امرأة من نساء أهل الجنة اطلعت إلى الأرض لأضاءت ما بينهما

وَلَمَلأَتْ مَا بَيْنَهُمَا رِيحًا، وَلَنَصِيفُهَا - يَعْنِى الْخِمَارَ - خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا». طرفه 2792 6569 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَدْخُلُ أَحَدٌ الْجَنَّةَ إِلاَّ أُرِىَ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ، لَوْ أَسَاءَ، لِيَزْدَادَ شُكْرًا، وَلاَ يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ إِلاَّ أُرِىَ مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ، لَوْ أَحْسَنَ، لِيَكُونَ عَلَيْهِ حَسْرَةً». 6570 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عَمْرٍو عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّهُ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقَالَ «لَقَدْ ظَنَنْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَنْ لاَ يَسْأَلَنِى عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَحَدٌ أَوَّلُ مِنْكَ، لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الْحَدِيثِ، أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِى يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. خَالِصًا مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ». طرفه 99 ـــــــــــــــــــــــــــــ ولملأت ريحًا ما بينهما) ليس هذه الرائحة من استعمال طيب، بل مخلوقة كذلك، اللهم ارزقنا يا كريم (ولنصيفها) -بفتح النون وكسر الصاد- خمارها (خير من الدنيا وما فيها) لقوم في الدنيا. 6569 - (أبو الزناد) بكسر الزاي بعدها نون. 6570 - (أسعد الناس بشفاعتي من قال لا إله إلا الله خالصًا من قلبه) وفي رواية: "من قبل نفسه" والمعنى واحد. فإن قلت: من لم يكن بهذه الصفة لم يكن مؤمنًا، فما وجه وجه أسعد أفضل التفضيل؟ قلت: اسم التفضيل إذا أضيف يراد منه الزيادة المطلقة كقولهم: يوسف أحسن إخوته، كأنه قيل: من يفوز بشفاعتك كما تقدم من أبواب الدعوات من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وأخرت دعوتي شفاعة لأمتي"، وهي من قال: لا إله إلا الله إن شاء الله، وقيل في "أسعد" إشارة إلى مراتبهم فإن منهم يدخل بشفاعته من غير حساب، ومنهم من يدخل قبل العذاب، ومنهم من يخرج بعد العذاب في الجملة. قلت: هذا معلوم من سائر الأحاديث، لكن هذا السياق لا إشارة فيه إلى ذلك، بل هو معنى قوله: "شفاعتي لأهل الكبائر" ممن كان في إيمانه مخلصًا، بل لو قيل

6571 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنِّى لأَعْلَمُ آخِرَ أَهْلِ النَّارِ خُرُوجًا مِنْهَا، وَآخِرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولاً رَجُلٌ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ كَبْوًا، فَيَقُولُ اللَّهُ اذْهَبْ فَادْخُلِ الْجَنَّةَ. فَيَأْتِيهَا فَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهَا مَلأَى، فَيَرْجِعُ فَيَقُولُ يَا رَبِّ وَجَدْتُهَا مَلأَى، فَيَقُولُ اذْهَبْ فَادْخُلِ الْجَنَّةَ. فَيَأْتِيهَا فَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهَا مَلأَى. فَيَقُولُ يَا رَبِّ وَجَدْتُهَا مَلأَى، فَيَقُولُ اذْهَبْ فَادْخُلِ الْجَنَّةَ، فَإِنَّ لَكَ مِثْلَ الدُّنْيَا وَعَشَرَةَ أَمْثَالِهَا. أَوْ إِنَّ لَكَ مِثْلَ عَشَرَةِ أَمْثَالِ الدُّنْيَا. فَيَقُولُ تَسْخَرُ مِنِّى، أَوْ تَضْحَكُ مِنِّى وَأَنْتَ الْمَلِكُ». فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــ فيه: كل من كان أكثر ذنوبًا وأقل عملًا أسعد من غيره، لكان له وجه وجيه لشدة احتياجه. 6571 - (شيبة) بفتح الشين بعدها ياء ساكنة (عبيدة) بفتح العين وكسر الباء الموحدة (إني لأعلم آخر أهل النار خروجًا، رجل يخرج من النار حبوًا) نصب على المصدر؛ لأنه نوع من الحروف، وهو الزحف على الإليتين كالأطفال، ويروى: "كبوًا" وهو بمعناه، أو يقوم تارة ويقع أخرى (فيقال له: اذهب فادخل الجنة فإن ذلك مثل الدنيا وعثرة أمثالها). قال بعض الشارحين: فإن قلت: قد قال الله تعالى في وصف الجنة: {عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} [الحديد: 21]، فكيف تكون عشرة أمثال الدنيا؟ قلت: ذلك تمثيل وإثبات للسعة بقدر فهمنا، وهذا الذي قاله لغو من الكلام، فإن قوله تعالى: {عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ} إنما هو في وصف الجنة مطلقًا، وعشرة أمثال الدنيا حصته هذا الرجل، فأين أحدهما من الآخر؟ (فيقول: أتسخر مني، أو أتضحك مني وأنت الملك؟) قال النووي: والسخرية والضحك محالان عليه تعالى وتقدس، وأجاب بعضهم بأن الكلام على تقدير الاستفهام الإنكاري. أي: إني لا أعلم أنك لا تسخر بي ولكن أعطيتني ما أنا غير أهل له، ولا يخفى بعده. والأصوب ما قاله القاضي إن هذا عبد لا يدري من غاية السرور ما يقول كمن قال: يا

52 - باب الصراط جسر جهنم

نَوَاجِذُهُ، وَكَانَ يُقَالُ ذَلِكَ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً. طرفه 7511 6572 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ عَنِ الْعَبَّاسِ - رضى الله عنه - أَنَّهُ قَالَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - هَلْ نَفَعْتَ أَبَا طَالِبٍ بِشَىْءٍ. طرفه 3883 52 - باب الصِّرَاطُ جَسْرُ جَهَنَّمَ 6573 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى سَعِيدٌ وَعَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُمَا عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَحَدَّثَنِى مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ أُنَاسٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقَالَ «هَلْ تُضَارُّونَ فِي الشَّمْسِ، لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ». قَالُوا لاَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «هَلْ تُضَارُّونَ فِي الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، لَيْسَ دُونَهُ سَحَابٌ». قَالُوا لاَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ رب أنت عبدي وأنا ربك، لما وجد ضالته. (نواجذه) -بالذال المعجمة- أواخر الأسنان. 6572 - (أبو عوانة) -بفتح العين- الوضاح الواسطي. باب الصراط جسر جهنم روى في الباب حديث الرؤية يوم القيامة، وقد سلف في أبواب الصلاة وبعده، ونشير إلى ملخص معناه. 6573 - (معمر) بفتح الميمين (هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب) بضم التاء وتشديد الراء وتخفيفها، ويروى بفتح التاء، ويروى: "تضاموا" بفتح التاء وضمها، وتشديد الميم وتخفيفها، و"تضاهون" بالهاء من المضاهات، و"تمارون" من المرية أو من المراء، والكل ظاهر، وحاصله: يرى من غير لبس.

يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ فَيَقُولُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئًا فَلْيَتَّبِعْهُ، فَيَتْبَعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الشَّمْسَ، وَيَتْبَعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الْقَمَرَ، وَيَتْبَعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الطَّوَاغِيتَ، وَتَبْقَى هَذِهِ الأُمَّةُ فِيهَا مُنَافِقُوهَا، فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ فِي غَيْرِ الصُّورَةِ الَّتِى يَعْرِفُونَ فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ. فَيَقُولُونَ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ، هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا، فَإِذَا أَتَانَا رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ فِي الصُّورَةِ الَّتِى يَعْرِفُونَ فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ. فَيَقُولُونَ أَنْتَ رَبُّنَا، فَيَتْبَعُونَهُ وَيُضْرَبُ جِسْرُ جَهَنَّمَ». قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ـــــــــــــــــــــــــــــ (الطواغيت) جمع طاغوت، وهو يطلق على كل رأس ضلالة، والمراد منه: الأصنام (فيأتيهم في غير الصورة التي يعرفون) الإتيان والصورة على الله تعالى محالان، فالمراد من الإتيان: التجلي والظهور، ومن الصورة الصفة، وهذا شائع، يقال: صورة الأمر كذا، وصورة المسألة كذا مع استحالة معناها، فكذا هنا. (فيأتيهم الله في الصورة التي يعرفون) أي: يتجلى لهم من غير كيف وجهة كما كانوا يعتقدونه. قال بعض الشارحين: إنما عرفوه لأن المعلومات كلها ضرورية يوم القيامة قلت: لو كانت كلها كذلك لما قالت اليهود: كنا نعبد عزير ابن الله، وقالت النصارى: كنا نعبد المسيح بن مريم، بل الأمر كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "تموتون كما تعيشون، وتبعثون كما تموتون". (ويضرب جسر جهنم) قد ورد في الأحاديث أنه أدق من الشعرة، وأحدّ من السيف،

«فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُجِيزُ، وَدُعَاءُ الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ، وَبِهِ كَلاَلِيبُ مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ، أَمَا رَأَيْتُمْ شَوْكَ السَّعْدَانِ». قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «فَإِنَّهَا مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ، غَيْرَ أَنَّهَا لاَ يَعْلَمُ قَدْرَ عِظَمِهَا إِلاَّ اللَّهُ، فَتَخْطَفُ النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ، مِنْهُمُ الْمُوبَقُ، بِعَمَلِهِ وَمِنْهُمُ الْمُخَرْدَلُ، ثُمَّ يَنْجُو، حَتَّى إِذَا فَرَغَ اللَّهُ مِنَ الْقَضَاءِ بَيْنَ عِبَادِهِ، وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ مِنَ النَّارِ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ، مِمَّنْ كَانَ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، أَمَرَ الْمَلاَئِكَةَ أَنْ يُخْرِجُوهُمْ، فَيَعْرِفُونَهُمْ بِعَلاَمَةِ آثَارِ السُّجُودِ، وَحَرَّمَ اللَّهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ مِنِ ابْنِ آدَمَ أَثَرَ السُّجُودِ، فَيُخْرِجُونَهُمْ قَدِ امْتُحِشُوا، فَيُصَبُّ عَلَيْهِمْ مَاءٌ يُقَالُ لَهُ ماءُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قال الغزالي: هو الشرع يجعله الله في تلك الصورة، وتفاوت الناس في العبور عليه قدر استقامتهم في الدنيا على طريق الشرع (فأكون أول من يجيزه) -بضم الياء- يقال: جزت الوادي إذا سلكته وأجزته إذا خلفته وراءك (منهم الموبق بعمله) -بفتح الباء- من أوبقه إذا أهلكه، وفي رواية لمسلم: "يوثق" بالثاء المثلثة من الوثوق، ورواه الأصيلي "المؤمن" من الإيمان، يقي بعمله من الوقاية (ومنهم المخردل) بالخاء المعجمة ودال مهملة، هو الرواية، قال ابن الأثير بالمعجمة أيضًا، قيل: من خردلته إذا رميته، أومن خردلته إذا فصلته وقطعته، وهذا أوفق بذكر الكلابيب (إذا فرغ الله من القضاء) مجاز عن فصل القضاء؛ إذ هو تعالى لا يشغله شأن عن شأن (حرم [الله] على الناس [أن] تأكل من ابن آدم أثر السجود) أي: موضع

الْحَيَاةِ، فَيَنْبُتُونَ نَبَاتَ الْحِبَّةِ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ، وَيَبْقَى رَجُلٌ مُقْبِلٌ بِوَجْهِهِ عَلَى النَّارِ فَيَقُولُ يَا رَبِّ قَدْ قَشَبَنِى رِيحُهَا وَأَحْرَقَنِى ذَكَاؤُهَا، فَاصْرِفْ وَجْهِى عَنِ النَّارِ فَلاَ يَزَالُ يَدْعُو اللَّهَ. فَيَقُولُ لَعَلَّكَ إِنْ أَعْطَيْتُكَ أَنْ تَسْأَلَنِى غَيْرَهُ. فَيَقُولُ لاَ وَعِزَّتِكَ لاَ أَسْأَلُكَ غَيْرَهُ. فَيَصْرِفُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ، ثُمَّ يَقُولُ بَعْدَ ذَلِكَ يَا رَبِّ قَرِّبْنِى إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ. فَيَقُولُ أَلَيْسَ قَدْ زَعَمْتَ أَنْ لاَ تَسْأَلْنِى غَيْرَهُ، وَيْلَكَ ابْنَ آدَمَ مَا أَغْدَرَكَ. فَلاَ يَزَالُ يَدْعُو. فَيَقُولُ لَعَلِّى إِنْ أَعْطَيْتُكَ ذَلِكَ تَسْأَلَنِى غَيْرَهُ. فَيَقُولُ لاَ وَعِزَّتِكَ لاَ أَسْأَلُكَ غَيْرَهُ. فَيُعْطِى اللَّهَ مِنْ عُهُودٍ وَمَوَاثِيقَ أَنْ لاَ يَسْأَلَهُ غَيْرَهُ، فَيُقَرِّبُهُ إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ، فَإِذَا رَأَى مَا فِيهَا سَكَتَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْكُتَ، ثُمَّ يَقُولُ رَبِّ أَدْخِلْنِى الْجَنَّةَ. ثُمَّ يَقُولُ أَوَلَيْسَ قَدْ زَعَمْتَ أَنْ لاَ تَسْأَلَنِى غَيْرَهُ، وَيْلَكَ يَا ابْنَ آدَمَ مَا أَغْدَرَكَ فَيَقُولُ يَا رَبِّ لاَ تَجْعَلْنِى أَشْقَى خَلْقِكَ. فَلاَ يَزَالُ يَدْعُو حَتَّى يَضْحَكَ، فَإِذَا ضَحِكَ مِنْهُ أَذِنَ لَهُ بِالدُّخُولِ فِيهَا، فَإِذَا دَخَلَ فِيهَا قِيلَ تَمَنَّ مِنْ كَذَا. فَيَتَمَنَّى، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ تَمَنَّ مِنْ كَذَا. فَيَتَمَنَّى حَتَّى تَنْقَطِعَ بِهِ الأَمَانِىُّ فَيَقُولُ لَهُ هَذَا لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ». قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَذَلِكَ الرَّجُلُ آخِرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولاً. طرفه 806 ـــــــــــــــــــــــــــــ السجود، قيل: المراد بأثر السجود: الأعضاء السبعة التي أمر الإنسان أن يسجد عليها: الجبهة واليدان والركبتان والقدمان، كذا قيل، وترده الرواية الأخرى: "إلا دارات وجوههم" أي: ما أحاط بالوجه من جوانبه الجبهة، رواه مالك في غرائبه عن ابن عمر مرفوعًا قال شيخنا: إلا أن في سنده عبد الملك بن الحكم وهو واهٍ. (يبقى رجل مقبل بوجهه على النار فيقول: يا رب قد قشبني ريحها وأحرقني ذكاها) قال ابن الأثير: من القشب -بفتح القاف وكسر الشين- يطلق على كل سُمٍّ، قشبني أي: آذاني سمها، وذكاء النار أي: حدتها مقصور قد يمد (يا رب لا تجعلني أشقى خلقك) يريد من المؤمنون، فإن [من في] النار أشقى منه، ويعلم أنه لم يبقى مؤمن في النار، قيل: هذا الرجل هناد بفتح الهاء وتشديد النون، وقيل: اسمه جهينة بضم الجيم مصغر، ومنه في المثل: وعند جهينة الخبر اليقين، فإن أهل الجنة يسألونه: هل بقي في النار أحد؟ وبه جزم القاضي.

53 - باب فى الحوض

6574 - قَالَ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِىُّ جَالِسٌ مَعَ أَبِى هُرَيْرَةَ، لاَ يُغَيِّرُ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْ حَدِيثِهِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَوْلِهِ «هَذَا لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ». قَالَ أَبُو سَعِيدٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «هَذَا لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ». قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ حَفِظْتُ «مِثْلُهُ مَعَهُ». 53 - باب فِي الْحَوْضِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ). وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِى عَلَى الْحَوْضِ». طرفه 22 ـــــــــــــــــــــــــــــ قال النووي: المختار أن النار لا تؤثر في الأعضاء السبعة، وحديث: "إلا دارات وجوههم" مخصوص تقدم، يدل عليه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن قومًا يخرجون من النار يحرقون إلا دارات وجوههم"، وأنشد شيخنا لوالده رحمهما الله: يا رب أعضاء السجود عتقتها ... من عبدك الجاني وأنت الوافي والعتق يسري بالغنى يا ذا الغنى ... فامنن على الفاني بعتق الباقي باب في الحوض وقوله عز وجل: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر: 1]. الحوض معروف، والمراد حوض خص الله به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على باب الجنة، والكوثر

6575 - حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ». طرفاه 6576، 7049 6576 - وَحَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ، وَلَيُرْفَعَنَّ رِجَالٌ مِنْكُمْ ثُمَّ لَيُخْتَلَجُنَّ دُونِى فَأَقُولُ يَا رَبِّ أَصْحَابِى. فَيُقَالُ إِنَّكَ لاَ تَدْرِى مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ». تَابَعَهُ عَاصِمٌ عَنْ أَبِى وَائِلٍ. وَقَالَ حُصَيْنٌ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 6575 ـــــــــــــــــــــــــــــ في اللغة: الرجل الكثير العطاء، والمراد به في قوله تعالى: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} قيل: هو القرآن، وقيل: النبوة، وقيل: الخير والكثير، وهذا أحسن وأشمل، ومراد البخاري ما قيل أنه نهر في الجنة يسكب في الحوض، ولا شك أنه داخل في الخير الكثير كما رواه عن سعيد بن جبير. 6575 - (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم (أبو عوانة) بفتح العين (أنا فرطكم على الحوض) الفرط -بفتح الفاء- الفارط: من يتقدم القوم إلى المنزل ليهيء للقوم ما يحتاجون إليه. 6576 - (ثم ليختلين دوني) أي: ليقطعن -بفتح الياء وخاء معجمة وفتح الياء على بناء المجهول- وقد أشرنا مرارًا أن هؤلاء هم الذين ارتدوا من الأعراب بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأما المؤمنون الذين ماتوا على الإيمان، كلهم واردون عليه إن شاء الله .... فإن قلت: ظاهر أحاديث الباب أن الحوض لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاصة بين الأنبياء، وقد روى ابن أبي الدنيا والطبراني مرفوعًا بسند صحيح: إن كل نبي له حوض، ومنهم من يقف على حوضه ولا يرد عليه أحد؟ قلت: الذي خص به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحوض الموصوف بالصفات لا توجد في غيره.

6577 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَمَامَكُمْ حَوْضٌ كَمَا بَيْنَ جَرْبَاءَ وَأَذْرُحَ». 6578 - حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنه - قَالَ الْكَوْثَرُ الْخَيْرُ الْكَثِيرُ الَّذِى أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ. قَالَ أَبُو بِشْرٍ قُلْتُ لِسَعِيدٍ إِنَّ أُنَاسًا يَزْعُمُونَ أَنَّهُ نَهَرٌ فِي الْجَنَّةِ. فَقَالَ سَعِيدٌ النَّهَرُ الَّذِى فِي الْجَنَّةِ مِنَ الْخَيْرِ الَّذِى أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ. طرفه 4966 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: هو في المحشر أو بعد الصراط؟ قلت: اختلف الروايات في ذلك، والأظهر أنه بعد الصراط. قال القاضي عياض: أحاديث الحوض متواترة، رواها من الصحابة ما فوق الثلاثين، وبعدهم أمم لا تحصى. 6577 - (حوض كما بين جرباء وأذرج) جرباء: بفتح الجيم وباء موحدة ممدود ومقصور، وأذرج: بفتح الهمزة آخره جيم على وزن أذرع. قال ابن الأثير [...]، وفي رواية مسلم: "بينهما ثلاثة أيام" وروى في الباب أيضًا: "حتى مسير شهر"، وفي رواية: "كما بين أيلة وصنعاء اليمن"، وفي أخرى "كما بين المدينة وصنعاء" والغرض بيان سعته لا التحديد، واختلاف العبارات منه بالنظر إلى من يخاطب من العارفين بتلك المواضع، ولا ينحصر في شيء مما ذكر. دل عليه قوله: (.... كعدد نجوم السماء). قال بعض الشارحين: في توجيه قوله - صلى الله عليه وسلم - "أمامكم حوض كما بين جرباء وأذرج" يحتمل أن يكون هذا المقدار أولًا ثم زاده الله، وأن يكون الغرض من التشبيه الأمامية، كما أن المسجد الأقصى الذي هو بين جرباء وأذرج أمامي، وأن تكون الكاف للمقارنة أي: هو أمامي مقارنًا لما بينهما، انظروا هذه الأوهام في هذا الموضع الشريف والمقام المنيف. 6578 - (هشيم) بضم الهاء مصغر (أبو بشر) بالموحدة وسكون المعجمة.

6579 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «حَوْضِى مَسِيرَةُ شَهْرٍ، مَاؤُهُ أَبْيَضُ مِنَ اللَّبَنِ، وَرِيحُهُ أَطْيَبُ مِنَ الْمِسْكِ، وَكِيزَانُهُ كَنُجُومِ السَّمَاءِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهَا فَلاَ يَظْمَأُ أَبَدًا». 6580 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ حَدَّثَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ قَدْرَ حَوْضِى كَمَا بَيْنَ أَيْلَةَ وَصَنْعَاءَ مِنَ الْيَمَنِ، وَإِنَّ فِيهِ مِنَ الأَبَارِيقِ كَعَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ». 6581 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَحَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بَيْنَمَا أَنَا أَسِيرُ فِي الْجَنَّةِ إِذَا أَنَا بِنَهَرٍ حَافَتَاهُ قِبَابُ الدُّرِّ الْمُجَوَّفِ قُلْتُ مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ قَالَ هَذَا الْكَوْثَرُ الَّذِى أَعْطَاكَ رَبُّكَ. فَإِذَا طِينُهُ - أَوْ طِيبُهُ - مِسْكٌ أَذْفَرُ». شَكَّ هُدْبَةُ. طرفه 3570 6582 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَيَرِدَنَّ عَلَىَّ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِى الْحَوْضَ، حَتَّى عَرَفْتُهُمُ اخْتُلِجُوا دُونِى، فَأَقُولُ أَصْحَابِى. فَيَقُولُ لاَ تَدْرِى مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ». ـــــــــــــــــــــــــــــ 6579 - (عن ابن أبي مليكة) بضم الميم مصغر (ماؤه أبيض من اللبن) هذا على لغة الكوفة الذين يجوزون بناء اسم التفضيل من الألوان، ومعناه: أشد بياضًا، ولعله آثره ليشاكل الطيب، وفي رواية مسلم: "أشد بياضًا" (من شربه فلا يظمأ بعده أبدًا) قد يكون شربه في الجنة تلذذًا لا دفعًا للعطش. 6580 - 6581 - (همام) بفتح الهاء وتشديد الميم (هدبة) بضم الهاء وسكون الدال (حافتاه قباب الدر المجوف) حافة الشيء -بتخفيف الفاء- جانب الشيء كما تبنى القصور في الدنيا على الأنهار للمتنزهين والنطارة (فإذا طينة مسك أذفر) -بالذال المعجمة- الشديد الرائحة، قال ابن الأثير: الذفر [يقع] على الرائحة الكريهة والطيبة، ومعروف بالإضافة. 6582 - (أصيحابي) بضم الهمزة على التصغير ترحمًا.

6583 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ حَدَّثَنِى أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنِّى فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ، مَنْ مَرَّ عَلَىَّ شَرِبَ، وَمَنْ شَرِبَ لَمْ يَظْمَأْ أَبَدًا، لَيَرِدَنَّ عَلَىَّ أَقْوَامٌ أَعْرِفُهُمْ وَيَعْرِفُونِى، ثُمَّ يُحَالُ بَيْنِى وَبَيْنَهُمْ». طرفه 7050 6584 - قَالَ أَبُو حَازِمٍ فَسَمِعَنِى النُّعْمَانُ بْنُ أَبِى عَيَّاشٍ فَقَالَ هَكَذَا سَمِعْتَ مِنْ سَهْلٍ فَقُلْتُ نَعَمْ. فَقَالَ أَشْهَدُ عَلَى أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ لَسَمِعْتُهُ وَهْوَ يَزِيدُ فِيهَا «فَأَقُولُ إِنَّهُمْ مِنِّى. فَيُقَالُ إِنَّكَ لاَ تَدْرِى مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ. فَأَقُولُ سُحْقًا سُحْقًا لِمَنْ غَيَّرَ بَعْدِى». وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ سُحْقًا بُعْدًا، يُقَالُ سَحِيقٌ بَعِيدٌ، وَأَسْحَقَهُ أَبْعَدَهُ. طرفه 7051 6585 - وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ الْحَبَطِىُّ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَرِدُ عَلَىَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَهْطٌ مِنْ أَصْحَابِى فَيُحَلَّئُونَ عَنِ الْحَوْضِ فَأَقُولُ يَا رَبِّ أَصْحَابِى. فَيَقُولُ إِنَّكَ لاَ عِلْمَ لَكَ بِمَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ، إِنَّهُمُ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمُ الْقَهْقَرَى». طرفه 6586 ـــــــــــــــــــــــــــــ 6584 - (هكذا سمعت سهلًا) بتاء الخطاب (أقول: سحقًا سحقًا) أي: بعدًا، دعاء، وانتصابه على المصدر، والثاني تأكيد. 6585 - [(شبيب) بفتح الشين] (الحبطي) -بفتح الحاء والباء الموحدة- لقب جده الحارث بن عمرو. قال الجوهري: في الأصل اسم لمرض أصابه في السفر (رهط من أصحابي) الرهط ما فوق الثلاثة إلى العشرة من الرجال، والظاهر أنه أراد طائفة، من إطلاق المقيد على المطلق. (فيحلئون) بضم الياء وفتح الحاء المهملة وتشديد اللام آخره همزة، قال الجوهري: يقال: حلأت الإبل عن المرعى إذا طردتها ويروى بالجيم مكان الحاء من الجلاء -بفتح الجيم- وهو المنع (القهقرى) بفتح القافين نصب على المصدر.

6586 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ عَنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَرِدُ عَلَى الْحَوْضِ رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِى فَيُحَلَّئُونَ عَنْهُ فَأَقُولُ يَا رَبِّ أَصْحَابِى. فَيَقُولُ إِنَّكَ لاَ عِلْمَ لَكَ بِمَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ، إِنَّهُمُ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمُ الْقَهْقَرَى». وَقَالَ شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَيُجْلَوْنَ. وَقَالَ عُقَيْلٌ فَيُحَلَّئُونَ. وَقَالَ الزُّبَيْدِىُّ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِىٍّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى رَافِعٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 6585 6587 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ حَدَّثَنَا أَبِى قَالَ حَدَّثَنِى هِلاَلٌ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بَيْنَا أَنَا قَائِمٌ إِذَا زُمْرَةٌ، حَتَّى إِذَا عَرَفْتُهُمْ خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ بَيْنِى وَبَيْنِهِمْ فَقَالَ هَلُمَّ. فَقُلْتُ أَيْنَ قَالَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهِ. قُلْتُ وَمَا شَأْنُهُمْ قَالَ إِنَّهُمُ ارْتَدُّوا بَعْدَكَ عَلَى أَدْبَارِهِمُ الْقَهْقَرَى. ثُمَّ إِذَا زُمْرَةٌ حَتَّى إِذَا عَرَفْتُهُمْ خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ بَيْنِى وَبَيْنِهِمْ فَقَالَ هَلُمَّ. قُلْتُ أَيْنَ قَالَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهِ. قُلْتُ مَا شَأْنُهُمْ قَالَ إِنَّهُمُ ارْتَدُّوا بَعْدَكَ عَلَى أَدْبَارِهِمُ الْقَهْقَرَى. فَلاَ أُرَاهُ يَخْلُصُ مِنْهُمْ إِلاَّ مِثْلُ هَمَلِ النَّعَمِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ 6586 - (كان أبو هريرة يروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيجلون) أي: بضم الياء وبالجيم كما أشرنا إليه، وقد يتبادر منها أن الزهري سمع أبا هريرة، وليس كذلك؛ لأن أبا هريرة مات سنة ثمان وخمسين وفيها ولد الزهري (الزبيدي) -بضم الزاي المعجمة- محمد بن الوليد. 6587 - (فليح) بضم الفاء على وزن المصغر (يسار) ضد اليمين (فإذا زمرة) إذا فجائية، زمرة مبتدأ خبره محذوف أي: أقبلت (يحال بيني وبينهم رجل) هؤلاء هم المرتدون قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم) -بفتح الهاء والميم- جمع هامل، وهي الضالة من النعم، يشير إلى أن فيهم من ينجو من العصاه من كان من أهل التوحيد وقليل ما هم؛ لأن الضالة في النعم قليل. فإن قلت: هب أن هؤلاء منعوا من الورود، فما معنى ما رواه مسلم: "إني لأذود عن حوضي رجالًا كما تذاد الغريبة من الإبل"؟ قلت: إنما يفعل ذلك لتذهب كل أمة إلى نبيها

6588 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ خُبَيْبٍ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا بَيْنَ بَيْتِى وَمِنْبَرِى رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، وَمِنْبَرِى عَلَى حَوْضِى». طرفه 1196 6589 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكَ قَالَ سَمِعْتُ جُنْدَبًا قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ». 6590 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ عَنْ أَبِى الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ يَوْمًا فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلاَتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ، ثُمَّ انْصَرَفَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ «إِنِّى فَرَطٌ لَكُمْ، وَأَنَا شَهِيدٌ عَلَيْكُمْ، وَإِنِّى وَاللَّهِ لأَنْظُرُ إِلَى حَوْضِى الآنَ، وَإِنِّى أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الأَرْضِ - أَوْ مَفَاتِيحَ الأَرْضِ - وَإِنِّى وَاللَّهِ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا بَعْدِى، وَلَكِنْ أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنَافَسُوا فِيهَا». طرفه 1344 ـــــــــــــــــــــــــــــ لأنهم يتباهون بكثرة الواردين، وروى ابن الأثير في "النهاية": "أذود الناس عن حوضي أهل اليمن". 6588 - (خبيب) بضم المعجمة وفتح الموحدة مصغر (ما بين بيتي ومنبري روضة) يريد حجرة عائشة، فسره الرواية الأخرى: "ما بين قبري ومنبري" وقد سلف من أنه يجوز أن يكون هذا المنبر بعينه، وأن يكون غيره، الظاهر الأول. 6589 - (عبدان) على وزن شعبان (جندب) بضم الجيم ودال مهملة. 6590 - (عن أبي الخير) اسمه مرثد (صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أهل أحد صلاته على الميت) أي: دعا لهم ما يدعى به في صلاة الميت، وهذا لا بُدَّ منه؛ لأنه صلى آخر عمره بينه وبين وقعة أحد قريب من ثمان سنين (وأنا شهيد عليكنم) كان الظاهر لكم، وإنما عداه بعلى لتضمن معنى على الثناء (وأنا أعطيت مفاتيح خزائن الأرض) ما فتح الله على أمته (أن تنافسوا فيها) التنافس: الرغبة في الشيء مع المنازعة.

6591 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا حَرَمِىُّ بْنُ عُمَارَةَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَعْبَدِ بْنِ خَالِدٍ أَنَّهُ سَمِعَ حَارِثَةَ بْنَ وَهْبٍ يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَذَكَرَ الْحَوْضَ فَقَالَ «كَمَا بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَصَنْعَاءَ». 6592 - وَزَادَ ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مَعْبَدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ حَارِثَةَ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَوْلَهُ حَوْضُهُ مَا بَيْنَ صَنْعَاءَ وَالْمَدِينَةِ. فَقَالَ لَهُ الْمُسْتَوْرِدُ أَلَمْ تَسْمَعْهُ قَالَ الأَوَانِى. قَالَ لاَ. قَالَ الْمُسْتَوْرِدُ تُرَى فِيهِ الآنِيَةُ مِثْلَ الْكَوَاكِبِ. 6593 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ عَنْ نَافِعِ بْنِ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما - قَالَتْ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنِّى عَلَى الْحَوْضِ حَتَّى أَنْظُرُ مَنْ يَرِدُ عَلَىَّ مِنْكُمْ، وَسَيُؤْخَذُ نَاسٌ دُونِى فَأَقُولُ يَا رَبِّ مِنِّى وَمِنْ أُمَّتِى. فَيُقَالُ هَلْ شَعَرْتَ مَا عَمِلُوا بَعْدَكَ وَاللَّهِ مَا بَرِحُوا يَرْجِعُونَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ». فَكَانَ ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ أَنْ نَرْجِعَ عَلَى أَعْقَابِنَا أَوْ نُفْتَنَ عَنْ دِينِنَا. (أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ) تَرْجِعُونَ عَلَى الْعَقِبِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 6591 - (حرمي بن عمارة) -بفتح الحاء- نسبة إلى حرم مكة (عن معبد) بفتح الميم وسكون العين (ابن أبي عدي) محمد بن إبراهيم (المستورد) بكسر الراء وضم الميم. 6592 - (فأقول: يا رب مني ومن أمتي) من هذه اتصالية مثل قوله - صلى الله عليه وسلم - في علي: "أنت مني وأنا منك"، والتحقيق أنها ابتدائية أو تبعيضية، اللهم اجعلنا من المتصلين به إلى أن يدخلنا دار كرامتك إنك على ذلك قدير.

82 - كتاب القدر

82 - كتاب القدر 1 - باب فِي الْقَدَرِ 6594 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَنْبَأَنِى سُلَيْمَانُ الأَعْمَشُ قَالَ سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب القدر باب في القدر قال ابن الأثير: -بفتح الدال وقد تسكن- ما قضاه الله من الأمور في الأزل، وقد فرق العلماء بين القضاء والقدر: بأن القضاء عبارة عن وجود الأشياء في علم الله مجملة، والقدر وجودها في أوقاتها المقدرة، ومذهب أهل الحق أن الأمور الكائنة مقدرة في علم الله، وأن الله يعلمها كما تقع في الأزل ونفاه القدرية. قال النووي: لم يبق على هذا القول الباطل أحد من أهل القبلة، وهؤلاء يقولون: الخير من الله، والشر من العبد، وهم الذين قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيهم: "إنهم مجوس هذه الأمة"، لقولهم بالخالقين كقول المجوس لخالق الخير بردان، ولخالق الشر أهرمن، وزعم هؤلاء أن القدرية هم الذين يثبتون القدر، فإن الفعل إنما ينسب إلى من أثبته لا إلى من نفاه. والحديث يرد مقالتهم. فإن قلت: الإيمان بالقدر من أركان الإيمان، فما معنى ما رواه مسلم: "إذا ذكر القدر فأمسكوا"؟ قلت: أراد سِرَّ القدر، فإنه مما استأثر الله به. 6594 - (حدثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو الصادق) أي: الذي يصدق في حديثه، ويصدق

«إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكًا فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعٍ بِرِزْقِهِ، وَأَجَلِهِ، وَشَقِىٌّ، أَوْ سَعِيدٌ، فَوَاللَّهِ إِنَّ أَحَدَكُمْ - أَوِ الرَّجُلَ - يَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا غَيْرُ بَاعٍ أَوْ ذِرَاعٍ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَيَدْخُلُهَا، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا غَيْرُ ذِرَاعٍ أَوْ ذِرَاعَيْنِ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، فَيَدْخُلُهَا». قَالَ آدَمُ إِلاَّ ذِرَاعٌ. طرفه 3208 ـــــــــــــــــــــــــــــ معه الآتي بالوحي من عند الله (إن أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يومًا). فإن قلت: ما معنى الجمع في بطن أمه؟ قلت: روي عن ابن مسعود أن النطفة إذا وقعت في رحم المرأة وأراد أن يخلق منها خلق، صارت في أجزاء البدن تحت كل شعرة، وفي أربعين يومًا تستحيل دمًا، وتنزل إلى قعر الرحم، وهذا وإن لم يكن مرفوعًا فهو في حكمه؛ إذ لا مجال للعقل فيه. (ثم يبعث [الله] ملكًا) أي: بعد أن يكون مضغة (فيؤمر بأربع كلمات) كما جاء في رواية كذلك، وفي بعضها "أربعة" أي: أحكام (برزقه وأجله وشقي أو سعيد). فإن قلت: المجمل [أربع] والفصل ثلاث؟ قلت: أراد كل واحد من الشقي والسعيد على طريق البدل، وقد سبق في بدء الخلق: "وعمله" وعلى هذا فلا إشكال. وفي رواية ابن حبان في صحيحه خمس: "رزقه وأجله وعمله وأثره ومضجعه" يريد قبره، والسعيد والشقي دخلا في عمله، والأثر إما أن يراد منه ذريته، أو أوصافه من الكرم وغيره، قال ابن الأثير مآثر العرب: مكارمها. وفي بعض الروايات: "ذكر أو أنثى" والكل صحيح، ولا تنافي، زيادة الثقات مقبولة. قال بعض الشارحين: والعلم بالذكورة والأنوثة يستلزم العلم بالعمل، لأن عمل الرجال يخالف عمل النساء وبالعكس، وهذا الذي قاله فاسد لا معنى له؛ وذلك أن النساء داخلة في أحكام الرجال وخطابهم. قال الله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43]، وأما خواص النساء من الحيض والولادة ونحوها فلا لبس فيها. (وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينها وبينه غير ذراع) كناية عن غاية القرب باعتبار ما يظهر من الأعمال.

6595 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «وَكَّلَ اللَّهُ بِالرَّحِمِ مَلَكًا فَيَقُولُ أَىْ رَبِّ نُطْفَةٌ، أَىْ رَبِّ عَلَقَةٌ، أَىْ رَبِّ مُضْغَةٌ. فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَقْضِىَ خَلْقَهَا قَالَ أَىْ رَبِّ ذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى أَشَقِىٌّ أَمْ سَعِيدٌ فَمَا الرِّزْقُ فَمَا الأَجَلُ فَيُكْتَبُ كَذَلِكَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ». طرفه 318 ـــــــــــــــــــــــــــــ 6595 - (وكل الله بالرحم ملكًا تقول: أي رب نطفة، أي رب علقة) يجوز فيه الرفع خبرًا لمبتدأ، والنصب على تقدير: جعلتها علقة، وكذا الحكم في أخواتها. فإن قلت: ما فائدة هذا النداء وهذا الكلام مع أن علم علام الغيوب أشمل؟ قلت: هذا إظهار للعبودية، وإنه قائم بما أمر به لا يفتر عنه. (فيكتب كذلك في بطن أمه) وقيل: يكتب على جبينه، وقيل: في بطن أمه في موضح الحال، أي: يكتب هذه الأشياء في ديوان الملك الموكل وهو في بطن أمه لم يلد بعد، وهذا الذي أشار بقوله: " ... يسبق عليه الكتاب". فإن قلت: ذكر هذه الأطوار في الآية الكريمة بأساليب مختلفة، ذكر بلفظ ثم في قوله: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً} [المؤمنون: 12 - 14] ثم ذكر انتقاله من العلقة إلى المضغة بالفاء، وكذا انتقاله من المضغة إلى العظام، ثم انتقل إلى ثم في قوله: {ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ} [المؤمنون: 14]، قلت: أجاب شيخنا بأن ذكر النطفة بثم بعد السلالة؛ لأن المراد منها خلق آدم، ومن النطفة خلق المولود. وأما ذكر العلقة بعد النطفة بثم فلأن النطفة قد لا تكون إنسانًا، وهذا -مع كونه ليس جوابًا للإشكال- منقوض بأن العلقة أيضًا قد لا تكون إنسانًا، ثم قال: وأما قوله {ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ} فيدل على ما يتجدد له بعد الخروج من بطن أمه، وهذا أيضًا مما لا دلالة عليه من لفظ ثم، والحق أن ذكر العلقة بثم بعد النطفة فلأن النطفة تتفرق في البدن وتجتمع في الرحم في أربعين ... ثم أشار بلفظ ثم، وأما قوله: {ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ} فلأنه إشارة إلى نفح الروح الذي هو أبدع من كل بديع، فثم للتراخي رتبة، إليه يشير كلام الكشاف.

2 - باب جف القلم على علم الله

2 - باب جَفَّ الْقَلَمُ عَلَى عِلْمِ اللَّهِ (وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ) وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ لِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا أَنْتَ لاَقٍ». قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (لَهَا سَابِقُونَ) سَبَقَتْ لَهُمُ السَّعَادَةُ. 6596 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ الرِّشْكُ قَالَ سَمِعْتُ مُطَرِّفَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ يُحَدِّثُ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُعْرَفُ أَهْلُ الْجَنَّةِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ قَالَ «نَعَمْ». قَالَ فَلِمَ يَعْمَلُ الْعَامِلُونَ قَالَ «كُلٌّ يَعْمَلُ لِمَا خُلِقَ لَهُ - أَوْ لِمَا يُسِّرَ لَهُ -». طرفه 7551 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب حق القلم على علم الله أي: ما في علمه لا يبدل، وقوله: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [الرعد: 39] إنما هو بالنظر إلى اللوح وعلم الملائكة، وقد روى الترمذي: "أول ما خلق الله القلم فقال له: أكتب ما كان وما يكون" ({وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ} [الجاثية: 23]) في حق من يموت على الكفر لقوله بعده: {وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ} [الجاثية: 23] وغرض البخاري أن إضلاله إنما كان لما في علم الله في الأزل أن يكون، وله تفسيرنا آخر ذكرناه في "غاية الأماني". (وقال ابن عباس: {وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ} [المؤمنون: 61] سبقت لهم السعادة) يشير إلى أن كونهم سابقين إلى الخيرات لازم لتلك السعادة التي في علم الله. كما قال: "كل ميسر لما خلق له". 6596 - (الرِّشك) بكسر الراء (مطرف) بضم الميم وتشديد الراء المكسورة (الشخير) بكسر الشين المعجمة وخاء كذلك مشددة (حصين) بضم الحاء مصغر (قال رجل: يا رسول الله أَيُعرَفُ أهل الجنة من أهل النار؟) بضم الياء على بناء المجهول، المراد من المعرفة: التمييز، أي: ممتازون في علم الله، فأجاب بأنهم ممتازون، وفي هذا إثبات القدر، فقال: إذا كانوا في علمه تعالى فلم كان العمل، وأيُّ فائدة له، وهذه مسألة القدر، لم يعلم أحد بسر القدر، لا نبي

3 - باب الله أعلم بما كانوا عاملين

قال الشارحون: المراد من كتابة القلم ما هو كائن إلى الساعة، وذلك منتاهٍ، فلا إيراد. 3 - باب اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ 6597 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ سُئِلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ أَوْلاَدِ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ «اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ». طرفه 1383 6598 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ وَأَخْبَرَنِى عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ ذَرَارِىِّ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ «اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ». طرفه 1384 ـــــــــــــــــــــــــــــ ولا ملك، فعليك بالعمل، ودع عنك العلل، وأحسن الظن، وتوكل على الله. باب الله أعلم بما كانوا عاملين 6597 - 6598 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (غندر) بضم الغين وفتح الدال (عن أبي بشر) -بكسر الموحدة وشين معجمة- اسمه جعفر (بكير) بضم الباء مصغر (سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أولاد المشركين فقال: الله أعلم بما كانوا عاملين). قال النووي: في أولاد المشركين ثلاثة مذاهب: قيل: هم من أهل النار؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث لما سئل: "هم من آبائهم". وقيل: بالتوقف لحديث الباب: "الله أعلم بما كانوا عاملين". والصواب أنهم من أهل الجنة لما في البخاري أنه - صلى الله عليه وسلم - رأى إبراهيم عليه السلام في الجنة وحوله أولاد الناس، وسئل: وأولاد المشركين؟ قال: "وأولاد المشركين". وأقول: قوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: 15] دليل عليه أيضًا، كيف وإذا كان البالغ الذي لم تبلغه الدعوة -ولو عاش دهرًا- من أهل الجنة فالطفل الذي لا شعور له من باب الأولى فإن قلت: فما الجواب عن حديث الباب قلت: لم يكن عالمًا حينئذٍ فوكل العلم إليه تعالى ثم أعلمه الله أنهم من أهل الجنة.

4 - باب (وكان أمر الله قدرا مقدورا)

6599 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلاَّ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ، كَمَا تُنْتِجُونَ الْبَهِيمَةَ، هَلْ تَجِدُونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ حَتَّى تَكُونُوا أَنْتُمْ تَجْدَعُونَهَا». طرفه 1358 قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَرَأَيْتَ مَنْ يَمُوتُ وَهْوَ صَغِيرٌ قَالَ «اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ». طرفه 1384 4 - باب (وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا) 6601 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَسْأَلِ الْمَرْأَةُ طَلاَقَ أُخْتِهَا لِتَسْتَفْرِغَ صَحْفَتَهَا، وَلْتَنْكِحْ، فَإِنَّ لَهَا مَا قُدِّرَ لَهَا». طرفه 2140 ـــــــــــــــــــــــــــــ 6599 - (إسحاق) كذا وقع غير منسوب، يجوز أن يكون ابن منصور، وأن يكون الحنظلي؛ لأن كلًّا منهما يروي عن عبد الرزاق، وجزم شيخنا بأنه الحنظلي (معمر) بفتح الميمين وعين ساكنة (همام) بفتح الهاء وتشديد الميم. (ما من مولود إلا ويولد على الفطرة) فعلة من الفطر، وهو لغة الشق وفي عرف الشرع: الخلقة والجبلة. ومعنى الحديث: أن الإنسان يولد قابلًا للدين بحيث لو تُرِكَ لم يختر غير دين الإسلام، والتحول عن ذلك لعارض (كما تنتجون) بفتح التاء، يقال: نتجت الناقة .. على بناء الفاعل، ونتجت الناقة على بناء المجهول. قال ابن الأثير: الناتج للناقة كالقابلة في النساء (هل تجدون فيها من جدعاء) -بالدال المهملة- من الجاع وهو قطع شيء من أطراف الحيوان، والاستفهام بمعنى الإنكار، أي: لا تجدون. باب: {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا} [الأحزاب: 38] 6600 - (عن أبي الزناد) -بكسر الزاي بعدها نون- عبد الله بن ذكوان (لا تسأل المرأة طلاق أختها) أي: ضرتها، عبر الأخت ترقيقًا عليها، وتذكيرًا بالإخوة في الدين، وأن تحب لها ما تحب لنفسها (لتستفرغ صحفتها) أي: قصعتها، كناية عن أخذ ما كان لها من النفقة، وقد سلف الحديث في أبواب النكاح، وموضع الدلالة هنا قوله: (فإن لها ما قدر لها).

6602 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةَ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ جَاءَهُ رَسُولُ إِحْدَى بَنَاتِهِ وَعِنْدَهُ سَعْدٌ وَأُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ وَمُعَاذٌ أَنَّ ابْنَهَا يَجُودُ بِنَفْسِهِ. فَبَعَثَ إِلَيْهَا «لِلَّهِ مَا أَخَذَ، وَلِلَّهِ مَا أَعْطَى، كُلٌّ بِأَجَلٍ، فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ». طرفه 1284 6603 - حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَيْرِيزٍ الْجُمَحِىُّ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - جَاءَ رَجُلٌ مِنِ الأَنْصَارِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نُصِيبُ سَبْيًا وَنُحِبُّ الْمَالَ، كَيْفَ تَرَى فِي الْعَزْلِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَوَإِنَّكُمْ تَفْعَلُونَ ذَلِكَ، لاَ عَلَيْكُمْ أَنْ لاَ تَفْعَلُوا، فَإِنَّهُ لَيْسَتْ نَسَمَةٌ كَتَبَ اللَّهُ أَنْ تَخْرُجَ إِلاَّ هِىَ كَائِنَةٌ». طرفه 2229 6604 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ - رضى الله عنه - قَالَ لَقَدْ خَطَبَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خُطْبَةً، مَا تَرَكَ فِيهَا شَيْئًا إِلَى قِيَامِ ـــــــــــــــــــــــــــــ 6602 - (عن أبي عثمان) هو عبد الرحمن النهدي (عن أسامة قال: كنت عند النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ جاءه رسول إحدى بناته) هي زينب، وقد سلف الحديث في أبواب الجنائز، وموضع الدلالة هنا قوله: (لله ما أخذ، ولله ما أعطى، كل بأجل) فإنه يدل على إثبات القدر. 6603 - (حبان بن موسى) بكسر الحاء والباء الموحدة (محيريز) بضم الميم وفتح الحاء مصغر، آخره زاي معجمة (الجمحي) بضم الجيم وفتح الميم نسبة إلى القبيلة. روى حديث العزل، وقد سلف الحديث في المغازي، وموضع الدلالة هنا قوله: (ليست نسمة كتب الله أن تخرج إلا هي كائنة) فإنه يدل على القدر (أو إنكم تفعلون ذلك؟ لا عليكم أن لا تفعلوا) أي: لا بأس عليكم في ترك العزل، فإنه لا يدفع القدر، فأي فائدة فيه. 6604 - (عن حذيفة قال: خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطبة ما ترك فيها شيئًا إلى قيام

5 - باب العمل بالخواتيم

السَّاعَةِ إِلاَّ ذَكَرَهُ، عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ، وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ، إِنْ كُنْتُ لأَرَى الشَّىْءَ قَدْ نَسِيتُ، فَأَعْرِفُ مَا يَعْرِفُ الرَّجُلُ إِذَا غَابَ عَنْهُ فَرَآهُ فَعَرَفَهُ. 6605 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِى حَمْزَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِىِّ عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا جُلُوسًا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَمَعَهُ عُودٌ يَنْكُتُ فِي الأَرْضِ وَقَالَ «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ قَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ أَوْ مِنَ الْجَنَّةِ». فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ أَلاَ نَتَّكِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «لاَ اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ» ثُمَّ قَرَأَ (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى) الآيَةَ. طرفه 1362 5 - باب الْعَمَلُ بِالْخَوَاتِيمِ 6606 - حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ شَهِدْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَيْبَرَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِرَجُلٍ مِمَّنْ مَعَهُ يَدَّعِى الإِسْلاَمَ «هَذَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ». فَلَمَّا ـــــــــــــــــــــــــــــ الساعة) أي: مما يكون من الحوادث والفتن، وفيه إثبات القدر؛ لأن علمه بتلك الأمور بإعلام الله تعالى. 6605 - (عبدان) على وزن شعبان (عن أبي حمزة) -بالحاء المهملة- محمد بن ميمون (السلمي) بضم السين (بيده قضيب ينكت في الأرض) يضرب به (ما منكم من أحد إلا كتب مقعده من النار أو من الجنة) أو للتنويع، أي: إما هذا أو ذاك، وفي بعضها بالواو، كما تقدم من أن مقعد الكافر من الجنة يعطى المؤمن، وفي النار بالعكس، هذا يدل على القدر -دلالة ظاهرة، والحديث في أبواب موعظة المحدث في كتاب العلم. باب الأعمال بالخواتيم هذا فيما يبدو للناس، وإلا فالتحقيق أن الخاتمة تابعة السابقة ... التي أشير إليها بقوله: {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (29)} [ق: 29]. 6606 - (حبان) بكسر لحاء المهملة وباء موحدة (معمر) بفتح الميمين وعين ساكنة، روى

حَضَرَ الْقِتَالُ قَاتَلَ الرَّجُلُ مِنْ أَشَدِّ الْقِتَالِ، وَكَثُرَتْ بِهِ الْجِرَاحُ فَأَثْبَتَتْهُ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ الَّذِى تَحَدَّثْتَ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ قَدْ قَاتَلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مِنْ أَشَدِّ الْقِتَالِ، فَكَثُرَتْ بِهِ الْجِرَاحُ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَمَا إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ». فَكَادَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ يَرْتَابُ فَبَيْنَمَا هُوَ عَلَى ذَلِكَ إِذْ وَجَدَ الرَّجُلُ أَلَمَ الْجِرَاحِ فَأَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى كِنَانَتِهِ، فَانْتَزَعَ مِنْهَا سَهْمًا فَانْتَحَرَ بِهَا، فَاشْتَدَّ رِجَالٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ صَدَّقَ اللَّهُ حَدِيثَكَ، قَدِ انْتَحَرَ فُلاَنٌ فَقَتَلَ نَفْسَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَا بِلاَلُ قُمْ فَأَذِّنْ، لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلاَّ مُؤْمِنٌ، وَإِنَّ اللَّهَ لَيُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ». طرفه 3062 6607 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ حَدَّثَنِى أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلٍ أَنَّ رَجُلاً مِنْ أَعْظَمِ الْمُسْلِمِينَ غَنَاءً عَنِ الْمُسْلِمِينَ فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَنَظَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى الرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا». فَاتَّبَعَهُ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ، وَهْوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَلَى الْمُشْرِكِينَ، حَتَّى جُرِحَ فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ، فَجَعَلَ ذُبَابَةَ سَيْفِهِ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ حَتَّى خَرَجَ مِنْ بَيْنِ كَتِفَيْهِ فَأَقْبَلَ الرَّجُلُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مُسْرِعًا فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ. فَقَالَ «وَمَا ذَاكَ». قَالَ قُلْتَ لِفُلاَنٍ «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَلْيَنْظُرْ إِلَيْهِ». وَكَانَ مِنْ أَعْظَمِنَا غَنَاءً عَنِ الْمُسْلِمِينَ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ لاَ يَمُوتُ عَلَى ذَلِكَ فَلَمَّا ـــــــــــــــــــــــــــــ حديث من قتل نفسه في غزوة خيبر، وقد سلف هناك وبعده، وموضع الدلالة قوله آخر الباب: (إنما الأعمال بالخواتيم) وقد وقفناك على الحقيقية، وقد ذكرنا هناك أن اسم هذا الرجل قزمان (وجد الرجل ألم الجراح) -بكسر الجيم- جمع جراحة (فأهوى بيده إلى كنانته فانتزع منها سهمًا فانتحر بها) وفي الرواية بعده: "فجعل ذبابة سيفه بين يديه" أي: طرف سيفه، فإن كانت الواقعة متحدة فالوجه أنه جمع بين الأمرين، وإن كانت متعددة فلا إشكال، وأما التوفيق على تقدير اتحاد الواقعة بأنه نقل بالمعنى فلا وجه له (فاشتد رجال) أي: أسرعوا. 6607 - (أبو غسان) -بفتح المعجمة وتشديد السين- محمد بن مطرف (أبو حازم) سلمة بن دينار (وكان من أعظمنا غناء) -بفتح الغين والمد- أي: نفعًا.

6 - باب إلقاء النذر العبد إلى القدر

جُرِحَ اسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ فَقَتَلَ نَفْسَهُ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ ذَلِكَ «إِنَّ الْعَبْدَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ، وَإِنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَإِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَإِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالْخَوَاتِيمِ». طرفه 2898 6 - باب إِلْقَاءِ النَّذْرِ الْعَبْدَ إِلَى الْقَدَرِ 6608 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ النَّذْرِ قَالَ «إِنَّهُ لاَ يَرُدُّ شَيْئًا، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ». طرفاه 6692، 6693 6609 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَأْتِى ابْنَ آدَمَ النَّذْرُ بِشَىْءٍ لَمْ يَكُنْ قَدْ قَدَّرْتُهُ، وَلَكِنْ يُلْقِيهِ الْقَدَرُ وَقَدْ قَدَّرْتُهُ لَهُ، أَسْتَخْرِجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ». طرفه 6694 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إلقاء النذر العبد إلي القدر 6608 - (أبو نعيم) بضم النون مصغر (مرة) بضم الميم وتشديد الراء. 6609 - (بشر) بكسر الموحدة وسكون المعجمة (معمر) بفتح الميمين وسكون العين (همام) بفتح الهاء وتشديد الميم (منبه) بفتح النون وكسر الموحدة (لا يأت ابن آدم النذر بشيء لم يكن قد قدر له) هذا موضع الدلالة على الترجمة، وابن نصب على المفعولية (ولكن يلقيه القدر) أي: على النذر، فإن قلت ترجم على أن النذر يلقي العبد إلى القدر والحديث عكس الترجمة قلت: أشار في الحديث إلى أنه إنما يأتي النذر لأنه قدر عليه في الأزل، فوجود النذر مسبب عن القدر الأزلي، والنذر يلقيه إلى ما قدر عليه من خروج المال كما أشار إليه بقوله (استخرج به المال من البخيل) ومن لم يقف على ما أشرنا إليه قال: لو قال في الترجمة: ما هو في الحديث كان أولى. فإن قلت: مدح الله قومًا على الوفاء بالنذر؟ قلت: بلى، والكلام في إيجاب ابتداءً.

7 - باب لا حول ولا قوة إلا بالله

7 - باب لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ 6610 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الْحَسَنِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ النَّهْدِىِّ عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي غَزَاةٍ فَجَعَلْنَا لاَ نَصْعَدُ شَرَفًا، وَلاَ نَعْلُو شَرَفًا، وَلاَ نَهْبِطُ فِي وَادٍ، إِلاَّ رَفَعْنَا أَصْوَاتَنَا بِالتَّكْبِيرِ - قَالَ - فَدَنَا مِنَّا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «يَا أَيُّهَا النَّاسُ ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ فَإِنَّكُمْ لاَ تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلاَ غَائِبًا إِنَّمَا تَدْعُونَ سَمِيعًا بَصِيرًا». ثُمَّ قَالَ «يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ، أَلاَ أُعَلِّمُكَ كَلِمَةً هِىَ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ، لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ». طرفه 2992 8 - باب الْمَعْصُومُ مَنْ عَصَمَ اللَّهُ عَاصِمٌ مَانِعٌ، قَالَ مُجَاهِدٌ سُدًا عَنِ الْحَقِّ. (يَتَرَدَّدُونَ) فِي الضَّلاَلَةِ (دَسَّاهَا) أَغْوَاهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: النذر نوع من الصدقة والبر فلم كان مذمومًا؟ قلت: لأنه نوع من الإقدام على إيجاب ما لم يجب، وربما عجز عنه، وربما تبقى ذمته مشغولة. باب لا حول ولا قوة إلا بالله 6610 - (مقاتل) بكسر التاء (خالد الحذاء) -بفتح الحاء وتشديد الدال المعجمة- روى في الباب حديث أبي موسى الأشعري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له: (ألا أعلمك كلمة هي من كنوز الجنة؟ لا حول ولا قوة إلا بالله) قد سلف الحديث في غزوة خيبر، وقد أشرنا هناك إلى أن هذا باعتبار الثواب، وأن ثوابها في الشرف والكمال لشبه أموال الكنوز، فإنه لا يكنز إلا المال الفاخر، أو أن ثوابه لا يعلم قدس إلا الله، كما أن الكنز لا يطلع عليه غير من كنزه. (لا نصعد شرفًا) أي: مكانًا مرتفعًا (أربعوا على أنفسكم) أي: ارفعوا بها بهمزة الوصل وفتح الباء، من ربع إذا وقف وكف. فإن قلت: كيف دل الحديث على القدرة؟ قلت: من حيث أن لا حركة ولا سكون إلا بقدر الله. باب المعصموم من عصم الله (عاصم: مانع) أشار إلى أن العصمة لغة هي المنع.

9 - باب (وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون)

6611 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا اسْتُخْلِفَ خَلِيفَةٌ إِلاَّ لَهُ بِطَانَتَانِ بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالْخَيْرِ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، وَبِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالشَّرِّ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، وَالْمَعْصُومُ مَنْ عَصَمَ اللَّهُ». 9 - باب (وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ) (أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلاَّ مَنْ قَدْ آمَنَ) (وَلاَ يَلِدُوا إِلاَّ فَاجِرًا كَفَّارًا). ـــــــــــــــــــــــــــــ 6611 - (عبدان) على وزن شعبان (ما استخلف خليفه إلا وله بطانتان) -بكسر النون- بطانة الرجل: صاحب سره الذي يخفيه من غيره، وهو المعبر عنه بالوزير في زماننا، والأمر كما أشار إليه، فإن أحد الوزيرين دائمًا يكون مذكورًا بالخير مذكور بمن هو في خدمته، مرشدًا إلى أبواب البر والأجر (وتحضه [عليه] والمعصوم من عصم الله). فإن قلت: كيف دل على هذا القدر؟ قلت: معناه أن من قدر له السعادة بحفظ الله من تأثير وسوسته، ذلك .. إذ لا شيء هناك يتصور مانعًا من غيره. باب: {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (95)} [الأنبياء: 95] يشير إلى أن المقدر عليه في الأزل بالإهلاك لا بد من إهلاكه، والقطع بعدم إمكان رجوعه إلى الحق؛ لأن ما في علم الله لا يبدل، وعبر عنه بالحرام مبالغة، كأن عليه إثمًا في العود إلى طريق الصواب، ولا زائدة توكيدًا، وقرئ: إنهم، بالكسر فلا على أصله، والمعنى: حرام عليهم الإيمان والسعي المشكور، ثم استأنف تعليلًا بقوله: {أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ}، {لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ} [هود: 36] إشارة إلى ما في علمه في الأزل، إذ لو كان الأمر آنفًا لجاز حدوث الإرادة به إلى تعلقها لوجوده من غير مانع ({وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا} [نوح: 27]). فإن قلت: هذا كلام نوح في حق قومه بناء على ما جربهم به، فأي دلالة على القدر؟ قلت: قدره الله، وحكاه عنه بناء على أن نوحًا علم أن هؤلاء وكتب عليهم الشقاء، فلا يمكن منهم الإيمان، ولذلك قال بعد: {لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا} [نوح: 26] وإنما أورد

10 - باب (وما جعلنا الرؤيا التى أريناك إلا فتنة للناس)

وَقَالَ مَنْصُورُ بْنُ النُّعْمَانِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَحِرْمٌ بِالْحَبَشِيَّةِ وَجَبَ. 6612 - حَدَّثَنِى مَحْمُودُ بْنُ غَيْلاَنَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَشْبَهَ بِاللَّمَمِ مِمَّا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا، أَدْرَكَ ذَلِكَ لاَ مَحَالَةَ، فَزِنَا الْعَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللِّسَانِ الْمَنْطِقُ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِى، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ، وَيُكَذِّبُهُ». وَقَالَ شَبَابَةُ حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 6243 10 - باب (وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِى أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ) 6613 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرٌو عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - (وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِى أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ) قَالَ هِىَ رُؤْيَا عَيْنٍ أُرِيهَا ـــــــــــــــــــــــــــــ الآيتين معًا وإن كانتا في سورتين إشارة إلى أن علم نوح بذلك كان بقوله تعالى: {لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ} [هود: 36]. (وقال منصور بن النعمان) قيل: صوابه منصور بن المعتمر، وليس بصواب؛ لأن الراوي عن عكرمة: منصور بن النعمان، قاله الذهبي. 6612 - (غيلان) بفتح المعجمة (معمر) بفتح الميمين وسكون العين. ما رأيت شيئًا أشبه باللمم -بفتح اللام والميم- ما يلم بالإنسان أي: ينزل به، واللمم: الجنون، والمراد هنا صغار الذنوب، والحديث سلف في كتاب بدء الإسلام، وموضع الدلالة قوله: أكتب الله على ابن آدم حظه من الزنا) فإنه دل على أن المقدر عليه في الأزل لا محالة كائن، وأطلق التصديق والتكذيب على فعل النفس لمشاكلة المنطق اللسان، وتمني النفس. (شبابة) بفتح الباء والتخفيف (ورقاء) بفتح القاف والمد. باب {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ} [الإسراء: 60] 6613 - (الحميدي) بضم الحاء مصغر (قال ابن العباس: هي رؤيا عين أريها

11 - باب تحاج آدم وموسى عند الله

رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةَ أُسْرِىَ بِهِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ. قَالَ (وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ) قَالَ هِىَ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ. طرفه 3888 11 - باب تَحَاجَّ آدَمُ وَمُوسَى عِنْدَ اللَّهِ 6614 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَفِظْنَاهُ مِنْ عَمْرٍو عَنْ طَاوُسٍ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى، ـــــــــــــــــــــــــــــ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة أسري به) هذا مذهبه في رؤية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ربه يقظة، إذ لو كان ذلك منامًا لم يكن لإنكار المشركين وجه، فإن الإنسان يرى عالم الملكوت في منامه من غير تعجب لأحد في ذلك. فإن قلت: أيُّ دلالة في هذا الحديث على القدر؟ قلت: دلَّ [على] ذلك لفظة الجمل، ومحصله: أن الجمل قبل الإراءة، وليس ذلك إلا في الأزل، إذ لا قائل في الفعل لفظ الجمل، فإنه يدل على أن ذلك مقدر في الأزل ابتلاء للناس، ليعلم الكافر منهم والمؤمن، ولو لم يكن لكان الظاهر: وما أريناك الرؤيا التي ينكرونها إلا فتنة، وفيه خفاء يعرف بالذوق. ({وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ} [الإسراء: 60]) فسرها بشجرة الزقوم، فإنها كانت فتنة لما سمع المشركون أن شجرة الزقوم في أصل الجحيم أخذوا في التعجب وادعاء التناقض بأن محمدًا يخبرنا أن نار جهنم وقودها الناس والحجارة، ثم يذكر أن في أصلها شجرة ثابتة لها طلع كسائر الأشجار، وقد عمت بصائرهم، فإن من جعل من الشجر الأخضر نارًا منه توقدون، غير عاجز عن أن ينبت شجرة خضراء في النار لها طلع، وأبدع من وجود الشجرة وجود الحيات والعقارب فيها، عافانا الله منهما. باب تحاج آدم وموسى عند اللَّه عز وجل 6614 - (احتج آدم وموسى) أي: تناظرا في عالم الملكوت وأظهر كل واحد حجته، وإقامة حج بلفظ التحاج ولفظ الحديث احتج إشارة إلى أن المعنى واحد، وقد أكثروا القول في وقت المحاجة حتى قال بعضهم: أحيا الله آدم في زمن موسى، والعمدة على ما ذكرنا، دل عليه قول عبد الله. وفي بعض الروايات: "التقى آدم وموسى".

12 - باب لا مانع لما أعطى الله

فَقَالَ لَهُ مُوسَى يَا آدَمُ أَنْتَ أَبُونَا خَيَّبْتَنَا وَأَخْرَجْتَنَا مِنَ الْجَنَّةِ. قَالَ لَهُ آدَمُ يَا مُوسَى اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِكَلاَمِهِ، وَخَطَّ لَكَ بِيَدِهِ، أَتَلُومُنِى عَلَى أَمْرٍ قَدَّرَ اللَّهُ عَلَىَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِى بِأَرْبَعِينَ سَنَةً. فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى، فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى» ثَلاَثًا. قَالَ سُفْيَانُ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَهُ. طرفه 3409 12 - باب لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَى اللَّهُ 6615 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ أَبِى لُبَابَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ (فقال له موسى: يا آدم أنت أبونا خيبتنا) -بفتح المعجمة وتشديد الياء- أي: جعلتنا خائبين (وأخرجتنا من الجنة، فقال له آدم: يا موسى اصطفاك الله بكلامه وخط لك بيده) أي: التوراة، إما أن يكون خلق الله التوراة مع الألواح، أو كتبته الملائكة، والإسناد إليه مجاز (أتلومني على أمر قدره الله علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة) أي: أظهره للملائكة، وإلا فالتقدير أزلي. فإن قلت: فلا دلالة في الحديث على أن التقدير أزلي؟ قلت: فيه دلالة؛ لأن النزاع إنما هو في أن الأمور الكائنة إنما يعلمها تعالى حين الوقوع، أو مقدرة في الأزل، ولا قائل بالفصل بأن يكون قبل الحدوث دون الأزل. وفي الحديث الآخر: "كتب الله مقادير الخلائق قبل خلق السموات والأرض بخمسين عامًا" ولا شك أن قصة آدم وما قدر عليه داخل في ذلك (فحج آدم وموسى). فإن قلت: هذا يدل على الجبر وأن ليس للإنسان اختيار في أفعاله وألا مؤاخذة ولا عتاب على العاصي؟ قلت: هذه قصة في علم الملكوت عند ارتفاع الأسباب وزوال التكليف، ولأن الذنب كان غفِر لآدم بعد توبته، ولأنه حاج آدم بغير إذن الله في ذلك، ولأنه لم يكن له أن يواجهه بذلك، والأول هو الجواب لأن الأسباب إنما يعتد بها في دار التكليف. باب لا مانع لما أعطاه الله 6615 - (فليح) بضم الفاء مصغر (عبدة) بفتح العين وسكون الموحدة (أبي لبابة) بضم

13 - باب من تعوذ بالله من درك الشقاء وسوء القضاء

عَنْ وَرَّادٍ مَوْلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى الْمُغِيرَةِ اكْتُبْ إِلَىَّ مَا سَمِعْتَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ خَلْفَ الصَّلاَةِ. فَأَمْلَى عَلَىَّ الْمُغِيرَةُ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ خَلْفَ الصَّلاَةِ «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، اللَّهُمَّ لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلاَ مُعْطِىَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلاَ يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ». وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِى عَبْدَةُ أَنَّ وَرَّادًا أَخْبَرَهُ بِهَذَا. ثُمَّ وَفَدْتُ بَعْدُ إِلَى مُعَاوِيَةَ فَسَمِعْتُهُ يَأْمُرُ النَّاسَ بِذَلِكَ الْقَوْلِ. طرفه 844 13 - باب مَنْ تَعَوَّذَ بِاللَّهِ مِنْ دَرَكِ الشَّقَاءِ وَسُوءِ الْقَضَاءِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ). 6616 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سُمَىٍّ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ جَهْدِ الْبَلاَءِ، وَدَرَكِ الشَّقَاءِ، وَسُوءِ الْقَضَاءِ، وَشَمَاتَةِ الأَعْدَاءِ». طرفه 6347 ـــــــــــــــــــــــــــــ اللام (وراد) بفتح الواو وتشديد الراء (اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد) -بفتح الجيم- وهو الحظ والغنى، أي: إنما ينفعه إيمانه وطاعته. فإن قلت: ما وجه دلالة الحديث على القدر من حيث إن المقدر كائن لا يزول؟ قلت: وقد سلف الحديث في كتاب الدعوات، ولنا في تحقيق معنى من هذه كلام هناك، فإنهم قالوا: إنها بدلية. قال النووي: وقد روي بكسر الجيم بمعنى الاجتهاد. ثم قال: باب التعوذ من درك الشقاء فإن قلت: استدل عليه بقوله تعالى: ({قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} [الفلق: 1]) ما وجه دلالته على القدر؟ قلت؟ دل عليه قوله: ({مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ} [الفلق: 2]) فإن الخلق في الأصل هو التقدير. 6616 - وقد سلف في كتاب الدعوات، وموضع الدلالة هنا قوله: (وسوء القضاء) فإنه دل على القدر.

14 - باب يحول بين المرء وقلبه

14 - باب يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ 6617 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الْحَسَنِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كَثِيرًا مِمَّا كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَحْلِفُ «لاَ وَمُقَلِّبِ الْقُلُوبِ». طرفاه 6628، 7391 6618 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ حَفْصٍ وَبِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالاَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لاِبْنِ صَيَّادٍ «خَبَأْتُ لَكَ خَبِيئًا». قَالَ الدُّخُّ. قَالَ «اخْسَأْ فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ». قَالَ عُمَرُ ائْذَنْ لِى فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ. قَالَ «دَعْهُ، إِنْ يَكُنْ هُوَ فَلاَ تُطِيقُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ فَلاَ خَيْرَ لَكَ فِي قَتْلِهِ». طرفه 1354 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب {يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} [الأنفال: 24] كذا وقع، والأحسن أن يقال: إن الله يحول بين المرء وقلبه، قال ابن عباس: يحول بين المؤمن وبين الكفر، ويحول بين الكافر والإيمان. 6617 - (مقاتل) -بضم الميم- وفي الباب (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يكثر في حلفه يقول: "لا ومقلب القلوب") لا زائدة في أول القسم، كما في قوله تعالى {لَا أُقْسِمُ} [البلد: 1] وفيه دلالة على القدر، فإن تقليب القلوب إنما هو إلى شيء قدر عليه في الأزل. 6618 - ثم روى حديث ابن صياد، وقد سلف في حديث الجنائز وبعده، وموضع الدلالة قوله: (إن تكنه فلا تطيقه) لأن المقدر أنه يقتل على يد عيسى بن مريم، وفيه إثبات القدر (اخسأ) بفتح السين. قال ابن الأثير: يقال: خسأته، أي: طردته، وخسئ -بكسر السين- وخسأ - بالفتح- صار صاغرًا ذليلًا، قلت: أراد أنه جاء لازمًا ومتعديًا، وما في الحديث لازم، و (الدخ) بضم الدال وتشديد الخاء: لغة في الدخان (وإن لم يكن هو) كان القياس إياه، إلا أن الضمائر يقع بعضها موقع بعض (فلا خير لك في قتله) لأنه كان صبيًّا من أهل الذمة.

15 - باب (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا) قضى

15 - باب (قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا) قَضَى قَالَ مُجَاهِدٌ (بِفَاتِنِينَ) بِمُضِلِّينَ، إِلاَّ مَنْ كَتَبَ اللَّهُ أَنَّهُ يَصْلَى الْجَحِيمَ. (قَدَّرَ فَهَدَى) قَدَّرَ الشَّقَاءَ وَالسَّعَادَةَ، وَهَدَى الأَنْعَامَ لِمَرَاتِعِهَا. 6619 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِىُّ أَخْبَرَنَا النَّضْرُ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِى الْفُرَاتِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الطَّاعُونِ فَقَالَ «كَانَ عَذَابًا يَبْعَثُهُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ، فَجَعَلَهُ اللَّهُ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ، مَا مِنْ عَبْدٍ يَكُونُ فِي بَلَدٍ يَكُونُ فِيهِ، وَيَمْكُثُ فِيهِ، لاَ يَخْرُجُ مِنَ الْبَلَدِ، صَابِرًا مُحْتَسِبًا، يَعْلَمُ أَنَّهُ لاَ يُصِيبُهُ إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ، إِلاَّ كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ شَهِيدٍ». طرفه 3474 16 - باب (وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِىَ لَوْلاَ أَنْ هَدَانَا اللَّهُ) (لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِى لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) 6620 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ - هُوَ ابْنُ حَازِمٍ - عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الْخَنْدَقِ يَنْقُلُ مَعَنَا التُّرَابَ وَهْوَ يَقُولُ: «وَاللَّهِ لَوْلاَ اللَّهُ مَا اهْتَدَيْنَا ... وَلاَ صُمْنَا وَلاَ صَلَّيْنَا فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا ... وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاَقَيْنَا وَالْمُشْرِكُونَ قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا ... إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا ـــــــــــــــــــــــــــــ باب {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا} [التوبة: 51] 6619 - (الحنظلي) بالنون والظاء المعجمة (النضر) -بالضاد المعجمة- هو ابن شميل (يعمر) -بفتح الياء المثناة وفتح الميم روى حديث عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (قال: الطاعون كان عذابًا يبعثه الله على من تقدم وجعله رحمة لهذه الأمة) فإن من مات فهو شهيد ولم يغير منه كان له أجر شهيد، وموضع [الدلالة] قوله: (يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له) فإنه يدل على القدر. 6620 - (أبو النعمان) -بضم النون- محمد بن الفضل (حازم) بالحاء المهملة (لولا الله ما اهتدينا) أي: لولا هدايته وتقديره في الأزل.

83 - كتاب الأيمان والنذور

83 - كتاب الأيمان والنذور 1 - باب قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى (لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ). 6621 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الْحَسَنِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رضى الله عنه - لَمْ يَكُنْ يَحْنَثُ فِي يَمِينٍ قَطُّ، حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ وَقَالَ لاَ أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتُ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، إِلاَّ أَتَيْتُ الَّذِى هُوَ خَيْرٌ، وَكَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِى. طرفه 4614 ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الأيمان باب قوله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [المائدة: 89] الأيمان جمع يمين، والمراد الحلف، قال الجوهري: إنما سمي به الحلف لأنهم كانوا عند الحلف يضرب كل واحد يمينه على يمين الآخر، ومعنى لغو اليمين سلف في سورة البقرة. 6621 - (و [قال:] لا أحلف على يمين فرأيت فيرها خيرًا منها إلا أتيت الذي هو خير وكفرت عن يمين). فإن قلت: ما معنى قوله: "لا أحلف على يمين"؟ قلت: اليمين بمعنى المحلوف عليه، وهذا شائع لما بين اليمين والمحلوف عليه من العلاقة، أو على بمعنى الباء، كما جاء في رواية النسائي.

6622 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَمُرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ لاَ تَسْأَلِ الإِمَارَةَ، فَإِنَّكَ إِنْ أُوتِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إِلَيْهَا، وَإِنْ أُوتِيتَهَا مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا، وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ، وَأْتِ الَّذِى هُوَ خَيْرٌ». أطرافه 6722، 7146، 7147 6623 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ غَيْلاَنَ بْنِ جَرِيرٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فِي رَهْطٍ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ أَسْتَحْمِلُهُ فَقَالَ «وَاللَّهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ 6622 - (أبو النعمان) بضم النون (لا تسأل الإمارة فإنك إن أوتيتها على مسألة وكلت إليها) أي: لم يكن لك من الله عون وتوفيق (فكفرت عن يمينك وأن الذي هو خير منه) دلالة على أن الكفارة يجوز تقديمها على الحنث. وقد اختلف العلماء فيه، فجوزه مالك لهذا الحديث، ومنعه أبو حنيفة، قال: لأن الكفار تستر الإثم الحاصل بالحنث، ولا يعقل إلا بعد وجود الحنث، ولا شك أن هذا قياس في مقابلة النص، وقال الشافعي: يجوز تقديم العتق والإطعام والكسوة، ولا يجوز تقديم الصوم، قياسًا على تقديم الزكاة قبل الحول، ولا يجوز تقديم الصوم، ولعل الحكمة أن يتعجل الذي ينفع المساكين وما فيه تخليص الرقبة، والحق أن الحديث بإطلاقه حجة قوية لمالك. ثم روى عن أبي موسى الأشعري أنه جاء هو ورهط من الأشعريين يستحملونه فحلف ألا يحملهم ثم حملهم، والحديث مع شرحه في غزوة تبوك، وموضع الدلالة هنا قوله: (وإني والله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرًا منها إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير). 6623 - (عن غيلان) بفتح المعجمة (عن أبي بردة) عامر بن أبي موسى (في رهط) من

لاَ أَحْمِلُكُمْ، وَمَا عِنْدِى مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ». قَالَ ثُمَّ لَبِثْنَا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ نَلْبَثَ، ثُمَّ أُتِىَ بِثَلاَثِ ذَوْدٍ غُرِّ الذُّرَى فَحَمَلَنَا عَلَيْهَا فَلَمَّا انْطَلَقْنَا قُلْنَا أَوْ قَالَ بَعْضُنَا وَاللَّهِ لاَ يُبَارَكُ لَنَا، أَتَيْنَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَسْتَحْمِلُهُ، فَحَلَفَ أَنْ لاَ يَحْمِلَنَا ثُمَّ حَمَلَنَا، فَارْجِعُوا بِنَا إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَنُذَكِّرُهُ، فَأَتَيْنَاهُ فَقَالَ «مَا أَنَا حَمَلْتُكُمْ، بَلِ اللَّهُ حَمَلَكُمْ، وَإِنِّى وَاللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لاَ أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، إِلاَّ كَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِى، وَأَتَيْتُ الَّذِى هُوَ خَيْرٌ». أَوْ «أَتَيْتُ الَّذِى هُوَ خَيْرٌ وَكَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِى». طرفه 3133 6624 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». طرفه 238 ـــــــــــــــــــــــــــــ الثلاثة إلى العشرة في الرجال خاصة (ثم أتي بثلاث ذود غرِّ الذرا) الذود: ما بين الثلاثة إلى العشرة من الإبل خاصة، والغر: جمع أغر، وهو الذي سنامه أبيض، كناية عن السمن والحسن. فإن قلت: تقدم في غزوة تبوك أتي بست ذود؟ قلت: ذكر الأقل لا ينفي الأكثر، أو أراد بثلاث قرائن، كما تقدم هناك من قوله: "خذوا هذه القرائن"، وفي رواية: "هاتين القريتين". (ما أنا حملتكم، وسكن الله حملكم) هذا إشارة إلى مقام التوحيد وقطع النظر عن الأسباب، وإلا فهو الذي حملهم، ولذلك كفر عن يمينه. 6624 - (معمر) بفتح الميمين وسكون العين (همام) بفتح الهاء وتشديد الميم (نحن الآخرون السابقون) أي: الآخرون زمانًا والسابقون (يوم القيامة) حسابًا ودخولًا الجنة.

2 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - «وايم الله»

6625 - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «وَاللَّهِ لأَنْ يَلِجَّ أَحَدُكُمْ بِيَمِينِهِ فِي أَهْلِهِ آثَمُ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ أَنْ يُعْطِىَ كَفَّارَتَهُ الَّتِى افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ». طرفه 6626 6626 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ يَعْنِى ابْنَ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ عَنْ يَحْيَى عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنِ اسْتَلَجَّ فِي أَهْلِهِ بِيَمِينٍ فَهْوَ أَعْظَمُ إِثْمًا، لِيَبَرَّ». يَعْنِى الْكَفَّارَةَ. طرفه 6625 2 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «وَايْمُ اللَّهِ» 6627 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ 6625 - 6626 - (والله لأن يلج أحدكم بيمينه في أهله آثم له من أن يعطي كفارته) يلج -بتشديد الجيم- من اللجاج وهو المكابرة والإصرار بعد ظهور الدليل. فإن قلت: اسم التفضيل يدل على المشاركة في أصل الفعل، ومعلوم ألا إثم مع الكفارة إذ أصله أن يكون مندوبًا لأنه مأمور به؟ قلت: أجاب النووي بأنه بني الكلام على توهم ذلك الحالف، أي: لو كان إثمًا كان الإصرار أشد منه إثمًا، قلت: ويجوز أن يكون المعنى أن لو حنث ولم يقدر على الكفارة؛ لأنه أقل من إثم الإصرار، وذكر الأهل خرج مخرج الغالب. والقانون في ذلك أن يقال: المحلوف عليه إن كان فعل واجب أو ترك حرام فعدم الحنث مكروه، وإن كان بالعكس فعكسه، وإن كان فعل مندوب فعدم الحنث مدوب والحنث مكروه؛ وفي المباح يستوي الأمران، لكن الأفضل عدم الحنث إجلالًا لاسم الله. (ليبر، تغني الكفارة) -بضم التاء الفوقانية وغين معجمة- يريد أنه آثم لا تغني الكفارة عنه، فلذلك يستلج على أنه صفة آثم، أو استئناف، وضبطه بعضهم بفتح الياء وعين مهملة - يريد تفسير يستلج، أي: يعني زعم ذلك الحالف أن ليست الكفارة كافية. باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "وايم الله" بهمزة الوصل والقطع، لغتان مشهورتان، وفيه وجوه أخر. 6627 - (قتيبة) بضم القاف وفتح الباء مصغر.

3 - باب كيف كانت يمين النبى - صلى الله عليه وسلم -

عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعْثًا وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، فَطَعَنَ بَعْضُ النَّاسِ فِي إِمْرَتِهِ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «إِنْ كُنْتُمْ تَطْعَنُونَ فِي إِمْرَتِهِ فَقَدْ كُنْتُمْ تَطْعَنُونَ، فِي إِمْرَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلُ، وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كَانَ لَخَلِيقًا لِلإِمَارَةِ، وَإِنْ كَانَ لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَىَّ، وَإِنَّ هَذَا لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَىَّ بَعْدَهُ». طرفه 3730 3 - باب كَيْفَ كَانَتْ يَمِينُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ سَعْدٌ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ». وَقَالَ أَبُو قَتَادَةَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لاَهَا اللَّهِ إِذًا. يُقَالُ وَاللَّهِ وَبِاللَّهِ وَتَاللَّهِ. 6628 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كَانَتْ يَمِينُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ وَمُقَلِّبِ الْقُلُوبِ». طرفه 6617 ـــــــــــــــــــــــــــــ (بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثًا وأمَّر عليهم أصامة بن زيد فطعن الناس في إمرته) -بكسر الهمزة وسكون الميم- الإمارة، والطعن: القدح في إمارته، يقال: طعن بالقول يطعن -بفتح العين وضمها الغتان- وطعن بالرمح يطعن بالضم لا غير، والحديث سلف في المناقب، وموضع الدلالة: (أيم الله إنه كان خليقًا للإمارة وإن كان لمن أحب الناس إليَّ) إن مخففة من المثقلة، وأحب: أفعل تفضيل، من بناء المفعول، أي: أشد محبوبية، وإدخال "من" أفاد المشاركة في زيادة المحبة في الجملة، فلا يلزم تفضيله على فاطمة وابنها. باب كيف كان يمين النبي - صلى الله عليه وسلم - (وقال سعد: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: والذي نفسي بيده) تقدم هذا مسندًا في أبواب الإيمان حين أعطى ناسًا وسعد جالس ولم يعط رجلًا (وقال أبو قتادة) واسمه الحارث (قال أبو بكر: لاها الله إذن) تقدم مسندًا في غزوة حنين في باب من لم يخمس الأسلاب. فإن قلت: الباب في يمين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهذه يمين أبي بكر؟ قلت: سمعها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقررها، فكان ذلك بمثابة يمينه. 6628 - (كانت يمين رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا ومقلب القلوب) أي: أكثر الأوقات كما دل عليه لفظ كان، وكأنه إنما أكثر منه لأنه دل على القدر الذي لم يطلع على سره نبي ولا ملك.

6629 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلاَ قَيْصَرَ بَعْدَهُ، وَإِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلاَ كِسْرَى بَعْدَهُ، وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَتُنْفَقَنَّ كُنُوزُهُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ». طرفه 3121 6630 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلاَ كِسْرَى بَعْدَهُ، وَإِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلاَ قَيْصَرَ بَعْدَهُ، وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَتُنْفَقَنَّ كُنُوزُهُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ». طرفه 3027 6631 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ «يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا، وَلَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً». طرفه 1044 6632 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى حَيْوَةُ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو عَقِيلٍ زُهْرَةُ بْنُ مَعْبَدٍ أَنَّهُ سَمِعَ جَدَّهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ هِشَامٍ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لأَنْتَ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ كُلِّ شَىْءٍ إِلاَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ 6629 - 6630 - (سمرة) بفتح السين وضم الميم (إذا هلك قيصر فلا قيصر بعده) يريد هرقل الذي كتب إليه، وقيصر لقب كل من ملك الروم. وقد سلف أنه أراد أنه لم يأت بعده من له شوكة، فلا يرد أن فيهم ملوكًا بعد، فإنها أسماء بلا شوكة. فإن قلت: اسم لا إذا كان معرفة وجب تكريره؟ قلت: مذهب المبرد وابن كيسان أنه لا يحتاج إلى التكرير، ولو سلم بقدر لفظ مثل، كما قالوا: في أبي حسن في قولهم: قضية ولا أبا حسن، والجواب بأن المعرفة مكررة؛ لأن كسرى مذكور بعده، أي: لا قيصر ولا كسرى ليس بشيء؛ لأن كسرى مذكور بعده، أي: لا قيصر ولا كسرى في جملة مستقلة، وكذا القول بأن لا بمعنى ليس؛ لأن الرواية بالفتح. 6631 - (محمد) كذا وقع غير منسوب، ونسبه ابن السكن محمد بن سلام، وكذا روى البخاري عن ابن سلام عن (عبدة) بفتح العين وسكون الموحدة (لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيرًا ولضحكتم قليلًا) لشدة الأهوال بين يدي الإنسان. 6632 - ثم روى أن عمر قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لأنت أحب إلي من كل شيء إلا

مِنْ نَفْسِى. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ». فَقَالَ لَهُ عُمَرُ فَإِنَّهُ الآنَ وَاللَّهِ لأَنْتَ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ نَفْسِى. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الآنَ يَا عُمَرُ». طرفه 3694 6633 و 6634 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ أَنَّهُمَا أَخْبَرَاهُ أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَحَدُهُمَا اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ. وَقَالَ الآخَرُ وَهْوَ أَفْقَهُهُمَا أَجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَاقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ، وَائْذَنْ لِى أَنْ أَتَكَلَّمَ. قَالَ «تَكَلَّمْ». قَالَ إِنَّ ابْنِى كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا - قَالَ مَالِكٌ وَالْعَسِيفُ الأَجِيرُ - زَنَى بِامْرَأَتِهِ، فَأَخْبَرُونِى أَنَّ عَلَى ابْنِى الرَّجْمَ، فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَجَارِيَةٍ لِى، ثُمَّ إِنِّى سَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ فَأَخْبَرُونِى أَنَّ مَا عَلَى ابْنِى جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَإِنَّمَا الرَّجْمُ عَلَى امْرَأَتِهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَمَا وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ، أَمَّا غَنَمُكَ وَجَارِيَتُكَ فَرَدٌّ عَلَيْكَ». وَجَلَدَ ابْنَهُ مِائَةً وَغَرَّبَهُ عَامًا، وَأُمِرَ أُنَيْسٌ الأَسْلَمِىُّ أَنْ يَأْتِىَ امْرَأَةَ الآخَرِ، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ رَجَمَهَا، فَاعْتَرَفَتْ فَرَجَمَهَا. طرفه 2314 ـــــــــــــــــــــــــــــ نفسي، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا، والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك) قال ذلك لقوله تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [الأحزاب: 6] فلما قال عمر (قال: الآن يا عمر) أي: كَمُلَ إيمانك لقوله في أبواب الإيمان: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين". 6633 - ثم روى حديث عسيف زنى بامرأة رجل، وقد سلف في أبواب الصلح والشروط، وموضع الدلالة هنا قوله: (والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله) أي: يحكم، إذ ليس في القرآن الرجم وتغريب عام، وإنما عبر عنه بالكتاب لأنه مكتوب في اللوح، أو لأن الله قال: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} [الحشر: 7].

6635 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَهْبٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى يَعْقُوبَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ أَسْلَمُ وَغِفَارُ وَمُزَيْنَةُ وَجُهَيْنَةُ خَيْرًا مِنْ تَمِيمٍ وَعَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ وَغَطَفَانَ وَأَسَدٍ، خَابُوا وَخَسِرُوا». قَالُوا نَعَمْ. فَقَالَ «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ إِنَّهُمْ خَيْرٌ مِنْهُمْ». طرفه 3515 6636 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ عَنْ أَبِى حُمَيْدٍ السَّاعِدِىِّ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اسْتَعْمَلَ عَامِلاً فَجَاءَهُ الْعَامِلُ حِينَ فَرَغَ مِنْ عَمَلِهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا لَكُمْ، وَهَذَا أُهْدِىَ لِى. فَقَالَ لَهُ «أَفَلاَ قَعَدْتَ فِي بَيْتِ أَبِيكَ وَأُمِّكَ فَنَظَرْتَ أَيُهْدَى لَكَ أَمْ لاَ». ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَشِيَّةً بَعْدَ الصَّلاَةِ فَتَشَهَّدَ وَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ، فَمَا بَالُ الْعَامِلِ نَسْتَعْمِلُهُ، فَيَأْتِينَا فَيَقُولُ هَذَا مِنْ عَمَلِكُمْ، وَهَذَا أُهْدِىَ لِى. أَفَلاَ قَعَدَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَنَظَرَ هَلْ يُهْدَى لَهُ أَمْ لاَ، فَوَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لاَ يَغُلُّ أَحَدُكُمْ مِنْهَا شَيْئًا، إِلاَّ جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى عُنُقِهِ، إِنْ كَانَ بَعِيرًا جَاءَ بِهِ لَهُ رُغَاءٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــ 6635 - (أرأيتم إن كان سلم وغفار) بكسر الغين (وجهينة) بضم الجيم مصغر (خيرًا من بني تميم وعامر بن أبي صعصعة وغطفان) بفتح الغين والطاء (وأسد) قبائل من الأعراب، ذكرنا نسب الكل في أبواب الجهاد، وموضع الدلالة هنا قوله: (والذي نفسي بيده إنهم خير منهم) والمعنى أن كل قبيلة من الأربع الأول خير من كل واحدة والأربع الأخير، وأما أن الأولى للأولى والثانية للثانية وهكذا، فلا دليل عليه، رجم بالغيب، وأما أن المجموع خير من المجموع فلا معنى له؛ لأن هذا الحكم ليس مما يتعلق بالمجموع. 6636 - (عن أبي حميد الساعدي) -بضم الحاء مصغر- اسمه عبد الرحمن (استعمل) أي: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (عاملًا) هو عبد الله بن التبية -بضم اللام وسكون الفوقانية- ويقال: الأتبية -بضم الهمزة وسكون الفوقانية- قال الغساني: نسبه إلى لتب، بطن من الأزد، وحديثه قد سلف في أبواب الزكاة وبعده، وموضع الدلالة هنا: (والذي نفس محمد بيده لا يغل أحدكم منها شيئًا إلا جاء به يوم القيامة يحمله إن كان بعيرًا له رغاء) -بضم الراء

وَإِنْ كَانَتْ بَقَرَةً جَاءَ بِهَا لَهَا خُوَارٌ، وَإِنْ كَانَتْ شَاةً جَاءَ بِهَا تَيْعَرُ، فَقَدْ بَلَّغْتُ». فَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ ثُمَّ رَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَهُ حَتَّى إِنَّا لَنَنْظُرُ إِلَى عُفْرَةِ إِبْطَيْهِ. قَالَ أَبُو حُمَيْدٍ وَقَدْ سَمِعَ ذَلِكَ مَعِى زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَلُوهُ. طرفه 925 6637 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ - هُوَ ابْنُ يُوسُفَ - عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم - «وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا، وَلَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً». طرفه 6485 6638 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنِ الْمَعْرُورِ عَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ انْتَهَيْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ «هُمُ الأَخْسَرُونَ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، هُمُ الأَخْسَرُونَ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ» قُلْتُ مَا شَأْنِى أَيُرَى فِىَّ شَىْءٌ مَا شَأْنِى فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ وَهْوَ يَقُولُ، فَمَا اسْتَطَعْتُ أَنْ أَسْكُتَ، وَتَغَشَّانِى مَا شَاءَ اللَّهُ، فَقُلْتُ مَنْ هُمْ بِأَبِى أَنْتَ وَأُمِّى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «الأَكْثَرُونَ أَمْوَالاً، إِلاَّ مَنْ قَالَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا». طرفه 1460 6639 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ وغين معجمة وبالمد- صوت البعير (وإن كانت بقرة [جاءت بها، لها خوار) -بضم الخاء المعجمة- قال تعالى: {فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ} [طه: 88]، (وإن كانت شاة تيعر) بفتح الفوقانية وسكون التحتانية، مضارع تَعَرت الشاة، يُعارًا بضم الياء (إني لأنظر إلى عفرة إبطيه) العفرة -بضم العين- بياض غير خالص. 6637 - 6638 - (عن المعرور) بالعين المهملة (عن أبي ذر) واسمه جندب الصحابي المكرم، روى عنه أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (هم الأخسرون ورب الكعبة قلت: ما شأني) ظن أنه يقول في حقه (وتغشاني ما شاء الله) أي: من الكرب لما سمع تلك المقالة (الأكثرون أموالًا إلا من قال هكذا وهكذا) أي: صرفه في أبواب البر، و"قال" يستعمل في كل فعل. 6639 - (أبو الزناد) -بكسر الزاي بعدها نون- ثم روى حديث سليمان بن داود عليهما

الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «قَالَ سُلَيْمَانُ لأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى تِسْعِينَ امْرَأَةً، كُلُّهُنَّ تَأْتِى بِفَارِسٍ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. فَلَمْ يَقُلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. فَطَافَ عَلَيْهِنَّ جَمِيعًا، فَلَمْ تَحْمِلْ مِنْهُنَّ إِلاَّ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ، جَاءَتْ بِشِقِّ رَجُلٍ، وَايْمُ الَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ قَالَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. لَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فُرْسَانًا أَجْمَعُونَ». طرفه 2819 6640 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ أُهْدِىَ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - سَرَقَةٌ مِنْ حَرِيرٍ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَتَدَاوَلُونَهَا بَيْنَهُمْ، وَيَعْجَبُونَ مِنْ حُسْنِهَا وَلِينِهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَتَعْجَبُونَ مِنْهَا». قَالُوا نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَمَنَادِيلُ سَعْدٍ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنْهَا». لَمْ يَقُلْ شُعْبَةُ وَإِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ». طرفه 3249 ـــــــــــــــــــــــــــــ السلام أنه قال: (لأطوفن الليلة على تسعين امرأة) وقد سلف حديثه في كتاب الأنبياء، وموضع الدلالة هنا قوله: (والذي نفس محمد بيده لو قال: إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله) وقد أشرنا هناك إلى أن هذا شيء عمله في هذه القضية خاصة، ولا يلزم أن يقع كل ما قيل فيه: إن شاء الله، ألا ترى أن موسى صلوات الله عليه قال: {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا} [الكهف: 69] ولم يصبر (فقال له صاحبه) الظاهر أنه وزيره، وقيل: ملك كان حاضرًا (فلم تحمل إلا امرأة واحدة، فجاءت بشق رجل) -بكسر الشين- أي: نصف إنسان. 6640 - (أبو الأحوص) سلام بن سليم (عن أبي إسحاق) هو السبيعي عمرو بن عبد الله (أهدي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - سرقة حرير) -بثلاث فتحات- معرب سره، معناه الجيد. وقد سلف في أبواب الهبة في باب قبول هبة المشرك، أن هذه السرقة قباء من سره أهداه أكيدر دومة، وموضع الدلالة هنا قوله - صلى الله عليه وسلم -: (والذي نفسي ليده لمناديل سعد في الجنة خير من هذا). قال بعض الشارحين: لعله خص سعدًا بالذكر لأن منديله كان من ذلك الجنس، أو كان يحب ذلك الجنس، أو قاله استمالة قلبه، أو قلب الأنصار الذي سعد منهم، وكل هذا خبط ظاهر، بل كان هذا بعد موته سعيد، بَشَّر قومه بحسن حاله.

6641 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ إِنَّ هِنْدَ بِنْتَ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كَانَ مِمَّا عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَهْلُ أَخْبَاءٍ - أَوْ خِبَاءٍ - أَحَبَّ إِلَىَّ أَنْ يَذِلُّوا مِنْ أَهْلِ أَخْبَائِكَ - أَوْ خِبَائِكَ، شَكَّ يَحْيَى - ثُمَّ مَا أَصْبَحَ الْيَوْمَ أَهْلُ أَخْبَاءٍ - أَوْ خِبَاءٍ - أَحَبَّ إِلَىَّ مِنْ أَنْ يَعِزُّوا مِنْ أَهْلِ أَخْبَائِكَ أَوْ خِبَائِكَ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «وَأَيْضًا وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ». قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ مِسِّيكٌ، فَهَلْ عَلَىَّ حَرَجٌ أَنْ أُطْعِمَ مِنَ الَّذِى لَهُ قَالَ «لاَ إِلاَّ بِالْمَعْرُوفِ». طرفه 2211 6642 - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُضِيفٌ ظَهْرَهُ إِلَى قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ يَمَانٍ إِذْ قَالَ لأَصْحَابِهِ «أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ». قَالُوا بَلَى. قَالَ «أَفَلَمْ تَرْضَوْا أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ». قَالُوا بَلَى. قَالَ «فَوَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، إِنِّى لأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا نِصْفَ أَهْلِ الْجَنَّةِ». طرفه 6528 ـــــــــــــــــــــــــــــ 6641 - (إن هند بنت عتبة قالت: يا رسول الله ما كان مما على ظهر الأرض أهل أخباء) -بفتح الهمزة- جمع خباء، وقياس جمعه أخبية، والخباء بيت من بيوت العرب، وقد سلف الحديث في المناقب، وموضع الدلالة هنا قوله: (وأيضًا والذي نفسي بيده) وقد أشرنا هناك إلى أن قوله: "وأيضًا" يجوز أن يكون معناه: ليزداد محبة في كلما زاد المانك، وهذا منقول عن الزهري، ويحتمل أن يكون معناه: إني معكم في الحب كذلك فأحبوني أحبكم. (إن أبا سفيان رجل مسيك) قال ابن الأثير: بفتح الميم كالبخيل لفظًا ومعنى، وبكسر الميم وتشديد السين: شديد البخل، قلت: الرواية بالتشديد. 6642 - (بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مضيف ظهره إلى قبة) أي: سند، وأصل الإضافة الميل، ومنه الضيف لميله من الطريق إلى النزول، وقد سلف الحديث قريبًا، وأشرنا إلى أن أمته ثلث أهل الجنة كما جاء في السنن.

6643 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ أَنَّ رَجُلاً سَمِعَ رَجُلاً يَقْرَأُ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) يُرَدِّدُهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، وَكَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقَالُّهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ». طرفه 5013 6644 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا حَبَّانُ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «أَتِمُّوا الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ، فَوَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ إِنِّى لأَرَاكُمْ مِنْ بَعْدِ ظَهْرِى إِذَا مَا رَكَعْتُمْ وَإِذَا مَا سَجَدْتُمْ». طرفه 419 6645 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ أَتَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - مَعَهَا أَوْلاَدٌ لَهَا فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ إِنَّكُمْ لأَحَبُّ النَّاسِ إِلَىَّ». قَالَهَا ثَلاَثَ مِرَارٍ. طرفه 3786 ـــــــــــــــــــــــــــــ 6643 - (أن رجلًا سمع رجلًا يقرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] يرددها) أي: يقرؤها مرة أخرى، هذا القارئ قتادة بن النعمان، صرح به البخاري في فضائل القرآن (والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن) ثوابها، لأن القرآن قصص وأحكام وتوحيد، وهذه السورة تشتمل على التوحيد وصفات الجلال والجمال. 6644 - (إسحاق) قال النسائي: لم ينسبه أحد، ولعله ابن منصور؛ لأن مسلمًا روى عن إسحاق بن منصور، عن حباب بن هلال -بفتح الحاء وتشديد الموحدة- وقال شيخنا هو ابن راهويه (همام) بفتح الهاء وتشديد الميم (إني لأراكم من بعد ظهري) هذه معجزة لأنه أمر خارق للعادة، ولما لم يشترط في الرؤية المقابلة، ولا رؤية إلا بخلق الله، فللَّه أن يخلق في أي عضو كان، وقد بسطنا الكلام عليه في أبواب الصلاة، وموضع الدلالة هنا قوله: (والذي نفسي بيده). 6645 - (إسحاق) قال النسائي نسبه [ابن] السكن إسحاق بن إبراهيم (إنكم لأحبُّ الناس) أي: من أحب الناس في الجملة. قد سلف الحديث في مناقب الأنصار.

4 - باب لا تحلفوا بآبائكم

4 - باب لاَ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ 6646 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَدْرَكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَهْوَ يَسِيرُ فِي رَكْبٍ يَحْلِفُ بِأَبِيهِ فَقَالَ «أَلاَ إِنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ، أَوْ لِيَصْمُتْ». طرفه 2679 6647 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ قَالَ سَالِمٌ قَالَ ابْنُ عُمَرَ سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ». قَالَ عُمَرُ فَوَاللَّهِ مَا حَلَفْتُ بِهَا مُنْذُ سَمِعْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــ أورد في الباب أربعة ألفاظ من يمين رسول الله: "والذي نفسي بيده"، "ومقلب القلوب"، "والله"، "ورب الكعبة"، وفيه دلالة على أن النهي عن الحلف بغير الله لا يراد به لفظ الله، بل كل اسم من أسمائه الحسنى. باب لا تحلفوا بآبائكم 6646 - (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أدرك عمر وهو يسير في ركب) جمع راكب، اسم جمع، وهو لغة لركبان الإبل ما فوق العشرة، ثم اتسع فيه (يحلف بأبيه، فقال: ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم. من كان حالفًا فليحلف بالله أو ليصمت) ليس المراد بقوله: "فليحلف بالله، لفظ الجلالة، بل كل لفظ دل على ذات الله أو صفة من صفاته. فإن قلت: قد أقسم الله بالذاريات والطور والنجم؟ قلت: المضاف مقدر أي: ورب الطور، أو تلك المخلوقات لعظم شأنه لما كانت دالة على عظم مبدعها، فله تعالى خاصة؛ لأن راجع إلى فعل من أفعاله، وأما قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للسائل عن شرائع الإسلام: "أفلح والله" فليس المراد فيه اليمين وإن كان على صورته؛ لأن هذه الألفاظ تجري في المجاورة بدون التفات إلى معناها. 6647 - (عفير) بضم العين مصغر (قال عمر: فوالله ما حلفت بها منذ سمعت

النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - ذَاكِرًا وَلاَ آثِرًا. قَالَ مُجَاهِدٌ (أَوْ أَثَرَةٍ مِنْ عِلْمٍ) يَأْثُرُ عِلْمًا. تَابَعَهُ عُقَيْلٌ وَالزُّبَيْدِىُّ وَإِسْحَاقُ الْكَلْبِىُّ عَنِ الزُّهْرِىِّ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَمَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ سَمِعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عُمَرَ. 6648 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهُ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ». طرفه 2679 6649 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ وَالْقَاسِمِ التَّمِيمِىِّ عَنْ زَهْدَمٍ قَالَ كَانَ بَيْنَ هَذَا الْحَىِّ مِنْ جَرْمٍ وَبَيْنَ الأَشْعَرِيِّينَ وُدٌّ وَإِخَاءٌ، فَكُنَّا عِنْدَ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ، فَقُرِّبَ إِلَيْهِ طَعَامٌ فِيهِ لَحْمُ دَجَاجٍ وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِى تَيْمِ اللَّهِ أَحْمَرُ كَأَنَّهُ مِنَ الْمَوَالِى، فَدَعَاهُ إِلَى الطَّعَامِ فَقَالَ إِنِّى رَأَيْتُهُ يَأْكُلُ شَيْئًا فَقَذِرْتُهُ، فَحَلَفْتُ أَنْ لاَ آكُلَهُ. فَقَالَ قُمْ فَلأُحَدِّثَنَّكَ عَنْ ذَاكَ، إِنِّى أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي نَفَرٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذاكرًا و [لا] آثرًا) أي: ناقلًا، من أثرت الحديث إذا نقلته، وهذا من غاية تقواه، فإن نقل الشيء ليس على الإنسان فيه مؤاخذة ما لم يعتقده. فإن قلت: ففي رواية الترمذي: "من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك"؟ قلت: أجاب شيخنا بأنه من باب الزجر والتغليظ، والأولى عندي التفصيل، وهو أن يقال: إن اعتقد المساواة فقد كفر، وإن لم يعتقد ذلك وجرى على لسانه فلا. 6649 - (قتيبة) بضم القاف (عن أبي قلابة) -بكسر القاف- عبد الله الجرمي (زهدم) بفتح الزاي وسكون الهاء (كان بين هذا الحي من جرم وبين الأشعريين ودٌّ وإخاء) قال الجوهري: جرم -بفتح الجيم وسكون الراء- بطنان من العرب، أحدهما في قضاعة، وهو جرم زيَّان -بالزاي المعجمة وتشديد الموحدة- والآخر في بطن من تيم الله حي من بكر بن وائل وفي النمر بن قاسط. ثم روى حديث أبي موسى أنه جاء هو ورهط إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستحملونه فحلف أنه لا يحملهم ثم حملهم، فقالوا له: إنك حلفت أن [لا] تحملنا، وموضع الدلالة أنه قال:

مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ نَسْتَحْمِلُهُ فَقَالَ «وَاللَّهِ لاَ أَحْمِلُكُمْ، وَمَا عِنْدِى مَا أَحْمِلُكُمْ». فَأُتِىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِنَهْبِ إِبِلٍ فَسَأَلَ عَنَّا. فَقَالَ «أَيْنَ النَّفَرُ الأَشْعَرِيُّونَ». فَأَمَرَ لَنَا بِخَمْسِ ذَوْدٍ غُرِّ الذُّرَى، فَلَمَّا انْطَلَقْنَا قُلْنَا مَا صَنَعْنَا حَلَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لاَ يَحْمِلُنَا وَمَا عِنْدَهُ مَا يَحْمِلُنَا ثُمَّ حَمَلَنَا، تَغَفَّلْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَمِينَهُ، وَاللَّهِ لاَ نُفْلِحُ أَبَدًا، فَرَجَعْنَا إِلَيْهِ فَقُلْنَا لَهُ إِنَّا أَتَيْنَاكَ لِتَحْمِلَنَا فَحَلَفْتَ أَنْ لاَ تَحْمِلَنَا، وَمَا عِنْدَكَ مَا تَحْمِلُنَا. فَقَالَ «إِنِّى لَسْتُ أَنَا حَمَلْتُكُمْ، وَلَكِنَّ اللَّهَ حَمَلَكُمْ، وَاللَّهِ لاَ أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، إِلاَّ أَتَيْتُ الَّذِى هُوَ خَيْرٌ وَتَحَلَّلْتُهَا». طرفه 3133 ـــــــــــــــــــــــــــــ (لا أحلف على يمين وأرى غيرها خيرًا [منها] إلا كفرت عنها وأتيت الذي هو خير). (فقذرته) بكسر الذال المعجمة (فلأحدثنك) بفتح اللام (فأتي بنهب إبل) بفتح النون وسكون الهاء فعل بمعنى المفعول. فإن قلت: قد سلف أنه - صلى الله عليه وسلم - اشتراها من سعد؟ قلت: لا تنافي، كانت من نهب وقعت في سهم سعد. فإن قلت: قد تقدم أنه أمر لهم بست ذروة، وهنا قال: بخمس؟ قلت: لا ينافي، وهذا التفاوت من حفظ الرواة. (غر الذرا) -بضم الذال- جمع ذورة، وهي السنام، أي: بيض السنام، كناية عن السمن والحسن (تفضلنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمينه) أي: جعلناه غافلًا عن يمينه. فإن قلت: ترجم على "لا تحلفوا بآبائكم"، وليس في الحديث ما يدل عليه؟ قلت: قيل: هذا الحديث كان على الحاشية من الباب الذي قبله، فألحقه الكاتب سهوًا. قلت: يحتمل أن ذلك الرجل من الموالي حلف بأبيه ولم يكن على شرط البخاري، فأشار كما هو دأبه، وهذا هو الظاهر، فإن دأب الموالي الحلف بالآباء إلى يومنا هذا.

5 - باب لا يحلف باللات والعزى ولا بالطواغيت

5 - باب لاَ يُحْلَفُ بِاللاَّتِ وَالْعُزَّى وَلاَ بِالطَّوَاغِيتِ 6650 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ حَلَفَ فَقَالَ فِي حَلِفِهِ بِاللاَّتِ وَالْعُزَّى. فَلْيَقُلْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. وَمَنْ قَالَ لِصَاحِبِهِ تَعَالَ أُقَامِرْكَ. فَلْيَتَصَدَّقْ». طرفه 486 6 - باب مَنْ حَلَفَ عَلَى الشَّىْءِ وَإِنْ لَمْ يُحَلَّفْ 6651 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اصْطَنَعَ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ وَكَانَ يَلْبَسُهُ، فَيَجْعَلُ فَصَّهُ فِي بَاطِنِ كَفِّهِ، فَصَنَعَ النَّاسُ خَوَاتِيمَ ثُمَّ إِنَّهُ جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَنَزَعَهُ، فَقَالَ «إِنِّى كُنْتُ أَلْبَسُ هَذَا الْخَاتِمَ وَأَجْعَلُ فَصَّهُ مِنْ دَاخِلٍ». فَرَمَى بِهِ ثُمَّ قَالَ «وَاللَّهِ لاَ أَلْبَسُهُ أَبَدًا». فَنَبَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَهُمْ. طرفه 5865 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب لا يحلف باللات والعزى والطواغيت جمع طاغوت وهو يطلق على كل باطل. 6650 - (معمر) بفتح الميمين وسكون العين (حميد) بضم الحاء مصغر (من حلف فقال في حلفه: باللات والعزى فليقل: لا إله إلا الله) كفارة له، فإنه حلف الجاهلية، وقد سلف الحديث في كتاب الآداب، ومحصله: إن كان قوله اعتقادًا كان تجديدًا لإيمان، وإلا لكفارة العصية. وعند الحنفية: يجب عليه كفارة اليمين، وظاهر الحديث يأباه. باب من حلف على الشيء وإن لم يحلف بضم الياء على بناء المجهول وتشديد اللام. 6651 - روى (عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اتخذ خاتمًا من ذهب، فصنع الناس مثله، فألقى خاتمه وقال: والله لا ألبسه أبدًا) قيل: الحكمة في حلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غير

7 - باب من حلف بملة سوى ملة الإسلام

7 - باب مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ سِوَى مِلَّةِ الإِسْلاَمِ وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ حَلَفَ بِاللاَّتِ وَالْعُزَّى فَلْيَقُلْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ». وَلَمْ يَنْسُبْهُ إِلَى الْكُفْرِ. 6652 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ مِلَّةِ الإِسْلاَمِ فَهْوَ كَمَا قَالَ - قَالَ - وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَىْءٍ عُذِّبَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، وَلَعْنُ الْمُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ، وَمَنْ رَمَى مُؤْمِنًا بِكُفْرٍ فَهْوَ كَقَتْلِهِ». طرفه 1363 8 - باب لاَ يَقُولُ مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْتَ. وَهَلْ يَقُولُ أَنَا بِاللَّهِ ثُمَّ بِكَ 6653 - وَقَالَ عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى عَمْرَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّ ثَلاَثَةً فِي بَنِى إِسْرَائِيلَ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ، فَبَعَثَ مَلَكًا فَأَتَى الأَبْرَصَ فَقَالَ تَقَطَّعَتْ بِى الْحِبَالُ، فَلاَ بَلاَغَ لِى إِلاَّ بِاللَّهِ، ثُمَّ بِكَ». فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. طرفه 3464 ـــــــــــــــــــــــــــــ داعية إليه ليعلم الناس كيفية الحلف، فإنهم في الجاهلية، كانوا يحلفون بالآباء والأصنام، فلا يدخل تحت قوله تعالى: {وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ} [البقرة: 224] لأن ذلك إذًا لم يكن للحالف قصد صحيح. باب من حلف بملة غير الإسلام 6652 - (معلى) بضم الميم وتشديد اللام (وهيب) بضم الواو، مصغر (عن أبي قلابة) -بكسر القاف- عبد الله الجرمي (من حلف بغير ملة الإسلام فهو كما قال) أي: يكفر بذلك إن كان معتقدًا، وإلا فهو تحذير عن ارتكاب مثله على أبلغ وجه (ومن قتل نفسه بشيء عذب به) جزاء من جنس عمله (ولَعْنُ المومن كقتله) أي: في أصل الإثم؛ لأن إثم القتل أعظم. باب ما يقول: ما شاء الله وشئت 6653 - والحكمة في ذلك سوء الأدب، فإن الواو تدل على مطلق الجمع من غير ترتيب، بل يقول: شاء الله ثم شئت، فاستدل عليه بما في حديث الأعمى والأبرص (فلا بلاغ لي إلا بالله ثم بك) فإنه يقاس عليه، وأما ما وقع في الحديث: "لا يقولن أحدكم: ما شاء

9 - باب قول الله تعالى (وأقسموا بالله جهد أيمانهم)

9 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ) وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ فَوَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَتُحَدِّثَنِّى بِالَّذِى أَخْطَأْتُ فِي الرُّؤْيَا. قَالَ «لاَ تُقْسِمْ». 6654 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَشْعَثَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ عَنِ الْبَرَاءِ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَحَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَشْعَثَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ عَنِ الْبَرَاءِ - رضى الله عنه - قَالَ أَمَرَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِإِبْرَارِ الْمُقْسِمِ. طرفه 1239 ـــــــــــــــــــــــــــــ الله وشاء فلان، وليقل: ما شاء الله ثم فلان" فإن لم يكن على شرطه فأشار إليه في الترجمة، كما هو دأبه، وفي رواية ابن ماجه والنسائي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[قال]: "لكن إذا حلف أحدكم فلا يقل: ما شاء الله وشئت، ولكن ليقل: ما شاء الله ثم شئت". وقد تبحر بعض الشارحين في هذا المقام فاخترع أوهامًا باطلة. باب: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} [الأنعام: 109] (وقال ابن عباس: أقال، أبو بكر: فوالله يا رسول الله لتحدثني فيما أخطأت) هذا حديث مطول سيأتي في كتاب التعبير. 6654 - (قبيصة) بفتح القاف وباء موحدة (سويد) بضم السين مصغر (مقرن) بكسر الراء المشددة (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (غندر) بضم العين وفتح الدال (أشعث) آخره ثاء مثلثة (أمرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - بإبرار المقسم) الأمر به للندب، ولذلك لما أقسم عليه أبو بكر [لم يبره]. فإن قلت: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أولى الناس بالمكارم فلم لم يخبره؟ قلت: كان خطؤه في تقدمه على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تعبير المنام لم يرد أن يواجهه، فإن أبا بكر لو أخبر بذلك لتألم غاية التألم، وقد أغرب شيخنا في هذا الموضع، فقال: غرض البخاري من إيراد

6655 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ الأَحْوَلُ سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ يُحَدِّثُ عَنْ أُسَامَةَ أَنَّ ابْنَةً لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَرْسَلَتْ إِلَيْهِ وَمَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَسَعْدٌ وَأُبَىٌّ أَنَّ ابْنِى قَدِ احْتُضِرَ فَاشْهَدْنَا. فَأَرْسَلَ يَقْرَأُ السَّلاَمَ وَيَقُولُ «إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ وَمَا أَعْطَى وَكُلُّ شَىْءٍ عِنْدَهُ مُسَمًّى فَلْتَصْبِرْ وَتَحْتَسِبْ». فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ تُقْسِمُ عَلَيْهِ، فَقَامَ وَقُمْنَا مَعَهُ، فَلَمَّا قَعَدَ رُفِعَ إِلَيْهِ، فَأَقْعَدَهُ فِي حَجْرِهِ وَنَفْسُ الصَّبِىِّ تَقَعْقَعُ، فَفَاضَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ سَعْدٌ مَا هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «هَذَا رَحْمَةٌ يَضَعُهَا اللَّهُ فِي قُلُوبِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ». طرفه 1284 6656 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَمُوتُ لأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ثَلاَثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ، تَمَسُّهُ النَّارُ، إِلاَّ تَحِلَّةَ الْقَسَمِ». طرفه 1251 ـــــــــــــــــــــــــــــ الحديث قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تقسم" موضع: "لا تحلف" ثم قال: ولو كان أقسمت يمينًا لأبَرَّ أبا بكر حين قالها. قلت: أبو بكر إنما قال: والله باتفاق الروايات. فإن قلت: ما المراد: بجهد الأيمان؟ قلت: الجهد -بفتح الجيم- غاية الأمر، والظاهر من أحاديث الباب أن الحلف بالله أكبر الأيمان كما قاله المهلب. 6655 - (أبو عثمان) هو عبد الرحمن النهدي (أن ابنة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -) هي زينب، وحديثها تقدم في الجنائز، وقريبًا في أبواب القدر، وموضع الدلالة (فأرسلت إليه تقسم عليه). (ونفسه تقعقع) بحذف إحدى التاءين وقاف وعين مكررة، وأصل القعقعة حكاية الصوت، ونفس المحتضر اضطرابها كذلك يشبه ذلك الصوت. 6656 - (لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد تمسه النار إلا تحلة القسم) لما

10 - باب إذا قال أشهد بالله، أو شهدت بالله

6657 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنِى غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَعْبَدِ بْنِ خَالِدٍ سَمِعْتُ حَارِثَةَ بْنَ وَهْبٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «أَلاَ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ، كُلُّ ضَعِيفٍ مُتَضَعَّفٍ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّهُ، وَأَهْلِ النَّارِ كُلُّ جَوَّاظٍ عُتُلٍّ مُسْتَكْبِرٍ». طرفه 4918 10 - باب إِذَا قَالَ أَشْهَدُ بِاللَّهِ، أَوْ شَهِدْتُ بِاللَّهِ 6658 - حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سُئِلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَىُّ النَّاسِ خَيْرٌ قَالَ «قَرْنِى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَجِئُ قَوْمٌ تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ، وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ». ـــــــــــــــــــــــــــــ يخل به اليمين، قال ابن الأثير: التاء زائدة فيه، والمراد: المرور على النار إذا جاز الصراط؛ لقوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مريم: 71] فإنه معطوف على جواب القسم. 6657 - (معبد) بفتح الميم والباء الموحدة (ألا أدلكم على أهل الجنة: كل ضعيف متضعف) -بفتح العين المشددة- أي: يعده الناس ضعيفًا (لو أقسم على الله لأبره) غاية كرامته (وأهل النار كل جواظ) -بفتح الجيم وتشديد الواو وآخره ظاء معجمة- قال ابن الأثير: [الجواظ]: الجموع المنوع، وقيل: السمين المختال في مشيته، والعقل: الفظ الجافي. باب إذًا قال: أشهد بالله أو شهدت بالله لفظ أشهد ليس يمينًا سوى عند الكوفيين وأحمد، وقال مالك: إن نواه وإلا فلا، وأما إذا قيل: أشهد بالله يمين بلا خلاف. 6658 - (شيبان) بفتح السين وسكون المثناة (عن عبيدة) بفتح العين وكسر الموحدة، روى [عن] عبد الله بن مسعود حديث خير القرون وموضع الدلالة هنا قوله: (ثم يجيء قوم يسبق شهادة أحدهم يمينه) وغرض البخاري الرد على الكوفيين القائلين بكونه يمينًا؛ لأن لفظ الشهادة ليست من ألفاظه، ولذلك ذكره مقابلة اليمين. فإن قلت: جاء في الحديث: "خير الشهداء من يشهد قبل أن يطلب لها"؟ قلت:

11 - باب عهد الله عز وجل

قَالَ إِبْرَاهِيمُ وَكَانَ أَصْحَابُنَا يَنْهَوْنَا وَنَحْنُ غِلْمَانٌ أَنْ نَحْلِفَ بِالشَّهَادَةِ وَالْعَهْدِ. طرفه 2652 11 - باب عَهْدِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ 6659 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ وَمَنْصُورٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ كَاذِبَةٍ، لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ رَجُلٍ مُسْلِمٍ أَوْ قَالَ أَخِيهِ لَقِىَ اللَّهَ وَهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ». فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَهُ (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ). طرفه 2356 6660 - قَالَ سُلَيْمَانُ فِي حَدِيثِهِ فَمَرَّ الأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ فَقَالَ مَا يُحَدِّثُكُمْ عَبْدُ اللَّهِ قَالُوا لَهُ فَقَالَ الأَشْعَثُ نَزَلَتْ فِىَّ، وَفِى صَاحِبٍ لِى، فِي بِئْرٍ كَانَتْ بَيْنَنَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ ذلك في إظهار حق لم يكن صاحب الحق يعلم أنه شاهد فيها، ففي شهادته إحياء له، والذي في حديث الباب فيمن لا يبالي بالإثم، ويسعى في إقامة الزور والباطل، تارة بتقديم اليمين وأخرى بتقديم الشهادة. (قال إبراهيم) هو النخعي (كان أصحابنا ينهوننا ونحن غلمان أن نحلف بالشهادة والعهد) أي: بهذين اللفظين فإنهن من ألفاظ اليمين. قال ابن الأثير: العهد قد يكون بمعنى اليمين. فإن قلت: رَدَّ البخاري بالحديث السابق على الكوفيين في قولهم: أشهد يمين فكيف استدل بهذا على أنه يمين؟ قلت: إنما أنكر أن يكون تجرد أشهد يمينًا، وهنا أراد قول الحالف: شهادة الله، أين أحدهما من الآخر؟ ثم استدل على أن لفظ عهد الله يمين بقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 77] والعهد وإن كان يرد لمعان، إلا أن في الآية الكريمة اليمين بدليل سبب النزول. فإن قلت: لو كان يمينًا لم يعطف عليه الأيمان بعده؟ قلت: العهد يمين مؤكد، والعطف من قبيل عطف العام على الخاص، والدليل عليه قوله تعالى: {وَأَوْفُوا} [النحل: 91] فإنه نص في أنه مؤكد. باب عهد الله عز وجل 6659 - (ابن أبي عدي) محمد بن إبراهيم (عن أبي وائل) شقيق بن سلمة. 6660 - (الأشعث) بالشين المعجمة آخره ثاء مثلثة.

12 - باب الحلف بعزة الله وصفاته وكلماته

12 - باب الْحَلِفِ بِعِزَّةِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ وَكَلِمَاتِهِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «أَعُوذُ بِعِزَّتِكَ». وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «يَبْقَى رَجُلٌ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ فَيَقُولُ يَا رَبِّ اصْرِفْ وَجْهِى عَنِ النَّارِ، لاَ وَعِزَّتِكَ لاَ أَسْأَلُكَ غَيْرَهَا». وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «قَالَ اللَّهُ لَكَ ذَلِكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ». وَقَالَ أَيُّوبُ وَعِزَّتِكَ لاَ غِنَى بِى عَنْ بَرَكَتِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الحلف بعزة الله وصفاته وكلامه اليمين بلفظ خاص بالله لا خلاف في انعقاد اليمين به، وأما الذي يطلق على الغير كالرحيم والقادر إن قرن بالنية فهو يمين، وإلا فلا، أما إذا أضيف إليه تعالى كان يمينًا على كل حال (قال ابن عباس: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: أعوذ بعزتك) قال ابن الأثير: عزة الله غلبته وقوته. فإن قلت: هذا ليس بحلف، فكيف دل على الترجمة؟ قلت: علم منه أن عزة الله صفة من صفاته، ولذلك استعاذ بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكل صفة أضيفت إليه صلحت أن تكون يمينًا. وقال بعض الشارحين: فإن قلت: هذا دعاء فكيف دل على الترجمة؟ قلت: علم منه أن عزة الله صفة من صفاته، ولذلك استعاذ بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا يستعاذ إلا بصفة قديمة، واليمين يقدر بها. وغلطهما من وجوه: الأول: أن معنى العزة ما نقلنا عن ابن الأثير من معنى القوة والغلبة، وليس من الصفة القديمة في شيء. الثاني: أن قوله: لا يستعاذ إلا بصفة قديمة مخترع لا دليل عليه، بل .. لقوله في الدعاء المأثور في التهجد: "اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك" ولا يقول عاقل: إن المعافاة صفة قديمة.

13 - باب قول الرجل لعمر الله

6661 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَزَالُ جَهَنَّمُ تَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ حَتَّى يَضَعَ رَبُّ الْعِزَّةِ فِيهَا قَدَمَهُ فَتَقُولُ قَطْ قَطْ وَعِزَّتِكَ. وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ». رَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ. طرفه 4848 13 - باب قَوْلِ الرَّجُلِ لَعَمْرُ اللَّهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (لَعَمْرُكَ) لَعَيْشُكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وحديث أبي هريرة رجل يبقى بين الجنة والنار تقدم في كتاب الحوض، وكذا حديث أيوب عليه السلام في أبواب الوضوء. 6661 - وموضع الدلالة قوله: (وعزتك لا تزال جهنم تقول: هل من مزيد حتى يضع رب العزة فيها قومه، فتقول: قط قط، وعزتك) هذا الحديث وأمثاله للعلماء فيه طريقان، العلف يفوضون عليه إليه تعالى، والخلف يؤلونه تأويلًا على قانون الشرع، وعدة المتأخرين المحدثين على أن القدم طائفة قدمهم في علمه، وهذا الذي قالوه لا يصح: أما أولًا: فلأنه جاء في رواية: "رجله" بدل قدمه، الثاني: إضافة القدم إليه تعالى يدل على أنه وصف من أوصافه، كما أثبته الأشعري من الصفات الذاتية، ذكرها القاضي في "المواقف". الثالث: أن قولها: قط قط والانزواء لا يلائم على ذلك الوجه، فالحق أن المراد من القدم إظهار صفة القهر وعبر عنها بالقدم لأن من داس بقدمه على شيء فقد بالغ في إهانته وقهره. باب: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [البقرة: 225] روى في الباب حديث عائشة أن الآية نزلت في قوله: لا والله وبلى والله. وفي رواية أبي داود عن عائشة أيضًا مرفوعًا هو قول الرجل في بيته: كلا والله، وبلى والله، وإليه

14 - باب (لا يؤاخذكم الله باللغو فى أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم والله غفور حليم)

6662 - حَدَّثَنَا الأُوَيْسِىُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ح وَحَدَّثَنَا حَجَّاجٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ النُّمَيْرِىُّ حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِىَّ قَالَ سَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ وَعَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ وَعُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا، فَبَرَّأَهَا اللَّهُ، وَكُلٌّ حَدَّثَنِى طَائِفَةً مِنَ الْحَدِيثِ - فَقَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَىٍّ، فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ فَقَالَ لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ. طرفه 2593 14 - باب (لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ) 6663 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها (لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ) قَالَ قَالَتْ أُنْزِلَتْ فِي قَوْلِهِ لاَ، وَاللَّهِ بَلَى وَاللَّهِ. طرفه 4613 15 - باب إِذَا حَنِثَ نَاسِيًا فِي الأَيْمَانِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ). وَقَالَ (لاَ تُؤَاخِذْنِى بِمَا نَسِيتُ). ـــــــــــــــــــــــــــــ ذهب مالك والشافعي وأحمد، وقال أبو حنيفة: هو حلف الرجل على الماضي ظانًّا ولم يكن كما ظنه، وقيل: هو الحلف على المعصية، وقيل: ناسيًا، وقيل: ساهيًا، وقيل في الهزل، وقيل: في الجدال، وقيل: في الغضب. باب إذا حنث بالأيمان ناسيًا اختلف العلماء في يمين الناسي، قال الكوفيون ومالك: لا أثر للنسيان وعليه الكفارة، وقال الشافعي في أظهر قوليه: لا كفارة عليه، وهو أحد الأقوال عن أحمد، واستدل البخاري بالآيات وأحاديث الباب على أن لا كفارة، وقيل: بل أورد الأحاديث المتحاذية من الطرفين ليرى أن للمناظرة مجالًا، والذي ذكرنا أظهر في قصده، والأحاديث كلها سلفت في مواضعها، ونشير إلى بعض الأسماء ومواضع منها:

6664 - حَدَّثَنَا خَلاَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ حَدَّثَنَا زُرَارَةُ بْنُ أَوْفَى عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ يَرْفَعُهُ قَالَ «إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لأُمَّتِى عَمَّا وَسْوَسَتْ أَوْ حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا، مَا لَمْ تَعْمَلْ بِهِ أَوْ تَكَلَّمْ». طرفه 2528 6665 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ أَوْ مُحَمَّدٌ عَنْهُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ شِهَابٍ يَقُولُ حَدَّثَنِى عِيسَى بْنُ طَلْحَةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَمَا هُوَ يَخْطُبُ يَوْمَ النَّحْرِ إِذْ قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ كُنْتُ أَحْسِبُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَذَا وَكَذَا قَبْلَ كَذَا وَكَذَا. ثُمَّ قَامَ آخَرُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كُنْتُ أَحْسِبُ كَذَا وَكَذَا لِهَؤُلاَءِ الثَّلاَثِ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «افْعَلْ وَلاَ حَرَجَ» لَهُنَّ كُلِّهِنَّ يَوْمَئِذٍ، فَمَا سُئِلَ يَوْمَئِذٍ عَنْ شَىْءٍ إِلاَّ قَالَ «افْعَلْ وَلاَ حَرَجَ». طرفه 83 ـــــــــــــــــــــــــــــ 6664 - (خلاد) بفتح الخاء وتشديد اللام (مسعر) بكسر الميم (زرارة) بضم المعجمة بعدها مهملة (ابن أوفى) بفتح الهمزة (إن الله تجاوز على أمتي ما وسوست أو حدثت به أنفسها ما لم تعمل [به] أو تكلم قد سلف منا أن هذا إذا لم يصمم ويوطن نفسه على المعصية. فإن قلت: فما قولك في هذا الحديث؟ قلت: إما أنه عام مخصوص بسائر النصوص أو معناه: لا يؤاخذ بالذنب الذي عزم عليه، وإنما يؤاخذ بالعزم على [المعصية]. [قال] بعض الشارحين: فإن قلت: لو عزم على المعصية يؤاخذ عليه؟ قلت: ذلك لا يسمى وسوسة، بل هو نوع من العمل وهو عمل القلب. وهذا الذي قاله باطل: أما أولًا: فلأن الوسوسة أيضًا فعل القلب، ولو سلم فلا فائدة له فيه؛ لأن قوله في آخر الحديث: "ما لم تعمل" يريد به على المعصية الذي عزم عليه، لا عمل القلب بلا ريب، والعجب أنه قدم قبل هذا بسطرين أن الوجود الذهني لا يعتد به في القوليات والعمليات، على أن الوجود الذهني ليس مذهبه، ولو سلم يلزم أن لا يؤاخذ على عزمه قتل مؤمن ومات قبل التمكن. 6665 - (عثمان بن الهيثم) بفتح الهاء وسكون الباء (محمد) قال النسائي: هو ابن يحيى، وقوله: أو محمد، على الشك ليس فيه قدح؛ لأن كلًّا منهما شيخه (ابن جريج) -بضم الجيم مصغر- عبد الملك (فما سئل يومئذ عن شيء) أي: مما وقع نسيانًا (إلا قال: افعل ولا حرج).

6666 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - زُرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِىَ. قَالَ «لاَ حَرَجَ». قَالَ آخَرُ حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ. قَالَ «لاَ حَرَجَ». قَالَ آخَرُ ذَبَحْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِىَ. قَالَ «لاَ حَرَجَ». طرفه 84 6667 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلاً دَخَلَ الْمَسْجِدَ يُصَلِّى وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ، فَجَاءَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ «ارْجِعْ فَصَلِّ، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ». فَرَجَعَ فَصَلَّى، ثُمَّ سَلَّمَ فَقَالَ «وَعَلَيْكَ، ارْجِعْ فَصَلِّ، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ». قَالَ فِي الثَّالِثَةِ فَأَعْلِمْنِى. قَالَ «إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاَةِ فَأَسْبِغِ الْوُضُوءَ، ثُمَّ اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ فَكَبِّرْ، وَاقْرَأْ بِمَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ رَأْسَكَ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ، سَاجِدًا ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَسْتَوِىَ وَتَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَسْتَوِىَ قَائِمًا، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلاَتِكَ كُلِّهَا». طرفه 757 6668 - حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِى الْمَغْرَاءِ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ هُزِمَ الْمُشْرِكُونَ يَوْمَ أُحُدٍ هَزِيمَةً تُعْرَفُ فِيهِمْ، فَصَرَخَ إِبْلِيسُ أَىْ عِبَادَ اللَّهِ أُخْرَاكُمْ، فَرَجَعَتْ أُولاَهُمْ فَاجْتَلَدَتْ هِىَ وَأُخْرَاهُمْ، فَنَظَرَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ فَإِذَا هُوَ بِأَبِيهِ فَقَالَ أَبِى أَبِى. قَالَتْ فَوَاللَّهِ مَا انْحَجَزُوا حَتَّى قَتَلُوهُ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ غَفَرَ اللَّهُ لَكُمْ. قَالَ عُرْوَةُ فَوَاللَّهِ مَا زَالَتْ فِي حُذَيْفَةَ مِنْهَا بَقِيَّةٌ حَتَّى لَقِىَ اللَّهَ. طرفه 3290 ـــــــــــــــــــــــــــــ 6666 - (أبو بكر) هو ابن عباس، هو أحدرواة عاصم في القراءة (رفيع) بضم الراء مصغر (زرت قبل أن أرمي) أى: طفت طواف الزيادة، وهو طواف الحج بعد الوقوف ركن في الحج. 6667 - (أبو أسامة) بضم الهمزة، ثم روى حديث المسيء صلاته حيث قال: أرجع فصل فإنك لم تصل ووجه دلالته أنه لم يعنِّفه على جهله، فالنسيان من باب الأولى. 6668 - (فروة بن أبي المغراء) بفتح الميم وغين معجمة والمد (مسهر) بضم الميم وكسر الهاء (هزم المشركون يوم أحد، فصرخ إبليس: عباد الله أخراكم) نادى المؤمنين ليعرفهم على المشركين (فاجتلدت هي وأخراهم) أي: إحدى الطائفين من المؤمنين الأخرى

6669 - حَدَّثَنِى يُوسُفُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنِى عَوْفٌ عَنْ خِلاَسٍ وَمُحَمَّدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ أَكَلَ نَاسِيًا وَهْوَ صَائِمٌ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ». طرفه 1933 6670 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ بُحَيْنَةَ قَالَ صَلَّى بِنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَامَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ، فَمَضَى فِي صَلاَتِهِ، فَلَمَّا قَضَى صَلاَتَهُ انْتَظَرَ النَّاسُ تَسْلِيمَهُ، وَسَجَدَ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَسَلَّمَ. طرفه 829 6671 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ سَمِعَ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ عَبْدِ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى بِهِمْ صَلاَةَ الظُّهْرِ، فَزَادَ أَوْ نَقَصَ مِنْهَا - ـــــــــــــــــــــــــــــ وقتل أبو حذيفة، ولم يحكم فيه رسول الله بشيء، هذا وقد روينا في غزوة أحد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حكم فيه بالدية، لكن لم يأخذ حذيفة، والأولى أن يجعل وجه الدلالة أنهم قتلوه عمدًا إلا أنهم لم يعرفوا أنه مؤمن، بل ظنوه كافرًا، فلذلك سقط القصاص. 6669 - (خلاس) -بكسر الخاء المعجمة وتخفيف اللام- ابن عمرو الهجري (ومحمد) هو ابن سيرين. 6670 - (عن عبد الله [بن] بحينة) بضم الباء وحاء مهملة مصغر- اسم أمه، وأبوه مالك، قيل: إنما نسب إلى أمه لأنها من بنات عبد المطلب وإن كان أبوه أيضًا هاشميًّا (فكبر وسجد قبل أن يسلم) فيه دليل لمن يقول: سجدة السهو قبل السلام، وقد سلف هناك مستوفى. 6671 - (عن عبد الله بن مسعود: صلى بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الظهر فزاد أو نقص

قَالَ مَنْصُورٌ لاَ أَدْرِى إِبْرَاهِيمُ وَهِمَ أَمْ عَلْقَمَةُ - قَالَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقَصُرَتِ الصَّلاَةُ أَمْ نَسِيتَ قَالَ «وَمَا ذَاكَ». قَالُوا صَلَّيْتَ كَذَا وَكَذَا. قَالَ فَسَجَدَ بِهِمْ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ «هَاتَانِ السَّجْدَتَانِ لِمَنْ لاَ يَدْرِى، زَادَ فِي صَلاَتِهِ أَمْ نَقَصَ، فَيَتَحَرَّى الصَّوَابَ، فَيُتِمُّ مَا بَقِىَ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ». طرفه 401 6672 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ قُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ حَدَّثَنَا أُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - (لاَ تُؤَاخِذْنِى بِمَا نَسِيتُ وَلاَ تُرْهِقْنِى مِنْ أَمْرِى عُسْرًا) قَالَ «كَانَتِ الأُولَى مِنْ مُوسَى نِسْيَانًا». طرفه 74 6673 - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ كَتَبَ إِلَىَّ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ قَالَ قَالَ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ وَكَانَ عِنْدَهُمْ ضَيْفٌ لَهُمْ فَأَمَرَ أَهْلَهُ أَنْ يَذْبَحُوا قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ، لِيَأْكُلَ ضَيْفُهُمْ، فَذَبَحُوا قَبْلَ الصَّلاَةِ، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ الذَّبْحَ. فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ عِنْدِى عَنَاقٌ جَذَعٌ، عَنَاقُ لَبَنٍ هِىَ خَيْرٌ مِنْ شَاتَىْ لَحْمٍ. فَكَانَ ابْنُ عَوْنٍ يَقِفُ فِي هَذَا الْمَكَانِ عَنْ حَدِيثِ الشَّعْبِىِّ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قال منصور: لا أدري إبراهيم وهم أم علقمة) قلت: في رواية مسلم قال إبراهيم: والله ما جاء ذاك إلا من قبلي. فإن قلت: في الحديث جزم بالنقصان في قوله: أقصرت الصلاة أم نسيت، قلت: ذاك سهو آخر من إبراهيم، وذلك أن مسلمًا روى عن إبراهيم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى خمسًا، قيل له: أزيد في الصلاة؟ قال: "وما ذاك"؟ قالوا: صليت خمسًا وسجد سجدتين. 6672 - (الحميدي) -بضم الحاء مصغر- روى عنه حديث موسى صلوات الله عليه مع الخضر مختصرًا .. قوله: {لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ} [الكهف: 73]. 6673 - (كتب إليَّ محمد بن بشار) -بفتح الباء وتشديد المعجمة- الكتابة بمثابة المناولة المقرونز بالإجازة تقبل (ابن عون) بفتح العين (عن الشعبي) -بفتح الشين وسكون

16 - باب اليمين الغموس

وَيُحَدِّثُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ بِمِثْلِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَيَقِفُ فِي هَذَا الْمَكَانِ وَيَقُولُ لاَ أَدْرِى أَبَلَغَتِ الرُّخْصَةُ غَيْرَهُ أَمْ لاَ. رَوَاهُ أَيُّوبُ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 951 6674 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ سَمِعْتُ جُنْدَبًا قَالَ شَهِدْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى يَوْمَ عِيدٍ ثُمَّ خَطَبَ ثُمَّ قَالَ «مَنْ ذَبَحَ فَلْيُبَدِّلْ مَكَانَهَا، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ ذَبَحَ فَلْيَذْبَحْ بِاسْمِ اللَّهِ». طرفه 985 16 - باب الْيَمِينِ الْغَمُوسِ (وَلاَ تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ)، دَخَلاً مَكْرًا وَخِيَانَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ العين- أبو عمرو الكوفي، روى عن البراء بن عازب أنه ذبح الأضحية قبل الصلاة فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يذبح مكانه. فإن قلت: تقدم في مواضع كثيرة أن هذه القضية وقعت لأبي بردة بن نيار؟ قلت: لا حصر في ذلك يجوز وقوعه من الاثنين، ولا ضرورة إلى أن يقال: أبو بردة خال البراء، فتارة نسبت إليه وتارة إلى البراء، كيف لا وهذا علل بأنه كان عنده ضيف وذاك بأنه عرف من جيرانه حلَّه. وقول البراء: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نص في أن القضية له، والعناق -بفتح العين- ولد الماعز. باب اليمين الغموس الغموس -بفتح الغين المعجمة- اليمين الفاجرة، وهي أن يحلف كاذبًا مختارًا من غير تورية وتأويل، صيغة مبالغة، وقيل: لأنها تغمس الحالف في النار، وقيل: في الذنب، وهذا أولى وأحسن. واختلفوا في وجوب الكفارة؛ لأن البر منه محال لوقوع المحلوفات عليه في الماضي. والأكثرون عن أن لا كفارة فيها، وعللوه بأن إثمها أعظم من أن يرتفع بالكفارة، ولا يخفى ضعفه والشافعي وجماعة قالوا بوجوب الكفارة إذا لم يرد في ذلك نص، ولا ذنب إلا وله مخلص عنه بالتوبة، كيف لا وهي من السبع الموبقات، وقد اتفقوا على إمكان التوبة عنها، وأيضًا هي داخلة في قوله تعالى: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} [المائدة: 89] وقد

17 - باب قول الله تعالى (إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم فى الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم)

6675 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا النَّضْرُ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا فِرَاسٌ قَالَ سَمِعْتُ الشَّعْبِىَّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْكَبَائِرُ الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ». 17 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً أُولَئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) وَقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ (وَلاَ تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ). وَقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ (وَلاَ تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلاً إِنَّ مَا عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلاَ تَنْقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً). 6676 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ، يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، لَقِىَ اللَّهَ وَهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ». فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَ ذَلِكَ (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً) إِلَى آخِرِ الآيَةِ. طرفه 2356 ـــــــــــــــــــــــــــــ رتب عليه الكفارة بعد بقوله: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} آخره. باب قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 77] 6676 - (عن أبي عوانة) بفتح العين (من حلف على يمين صبر) الصبر لغة هو الحبس، ووجه إضافة اليمين إليه لأن الرجل يحبس عليها: إما أن يحلف أو يقر، وذلك إنما يكون لدى الحاكم وأمره بذلك، واستدل البخاري على عظم الإثم في اليمين الكاذبة بالآيات والحديث، وقد سلف الحديث كثيرًا بعيدًا وقريبًا.

18 - باب اليمين فيما لا يملك، وفى المعصية، وفى الغضب

6677 - فَدَخَلَ الأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ فَقَالَ مَا حَدَّثَكُمْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالُوا كَذَا وَكَذَا. قَالَ فِىَّ أُنْزِلَتْ، كَانَتْ لِى بِئْرٌ فِي أَرْضِ ابْنِ عَمٍّ لِى فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «بَيِّنَتُكَ أَوْ يَمِينُهُ». قُلْتُ إِذًا يَحْلِفُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ، وَهْوَ فِيهَا فَاجِرٌ، يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، لَقِىَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ». طرفه 2357 18 - باب الْيَمِينِ فِيمَا لاَ يَمْلِكُ، وَفِى الْمَعْصِيَةِ، وَفِى الْغَضَبِ 6678 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ أَرْسَلَنِى أَصْحَابِى إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَسْأَلُهُ الْحُمْلاَنَ فَقَالَ «وَاللَّهِ لاَ أَحْمِلُكُمْ عَلَى شَىْءٍ». وَوَافَقْتُهُ وَهْوَ غَضْبَانُ فَلَمَّا أَتَيْتُهُ قَالَ «انْطَلِقْ إِلَى أَصْحَابِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: هذا اليمين في نفس الأمر اليمين الغموس، فكأن موضعه الباب الأول؟ قلت: أفرد له بابًا لأنه كثير الوقوع في المعاملة، فأفرد له الباب، وأشار إلى أنه سبب نزول الآية. واستدل ابن مطال بالآية والحديث على أن لا كفارة في الغموس لكونها مقرونة باللعن والغضب، ولا دليل له في ذلك لأن ذلك محمول على ما إذا لم يتب كما تقدم في سورة النساء في قوله تعالى في قاتل العمد قرنه بالغضب والخلود، مع الإجماع على قبول توبته. 6677 - (قلت: إذًا يحلف) برفع يحلف لأن المراد منه الحال، وشرط النصب الاستقبال، أعلم أن لفظ المسلم ليس قيدًا بل خارج مخرج الغالب. فإن قلت: في رواية النسائي وأحمد أنها نزلت في امرئ القيس بن عابس ورجل من حضرموت، وفي رواية أخرى عن الأشعث: كان بيني وبين رجل من اليهود أرض؟ قلت: قد سبق منا أن لا تزاحم في أسباب النزول، يجوز وقوع الكل. باب اليمين فيما لا يملك وفي المعصية وفي الغضب 6678 - روى في الباب حديث أبي موسى لما سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحملان فحلف ألا يحملهم وكفر عن يمينه، وقد مر قريبًا، وموضع الدلالة قوله: (وافقته وهو غضبان)

فَقُلْ إِنَّ اللَّهَ - أَوْ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَحْمِلُكُمْ». طرفه 3133 6679 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ح وَحَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ النُّمَيْرِىُّ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ الأَيْلِىُّ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِىَّ قَالَ سَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ وَعَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ وَعُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا، فَبَرَّأَهَا اللَّهُ مِمَّا قَالُوا - كُلٌّ حَدَّثَنِى طَائِفَةً مِنَ الْحَدِيثِ - فَأَنْزَلَ اللَّهُ (إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ) الْعَشْرَ الآيَاتِ كُلَّهَا فِي بَرَاءَتِى. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ ـــــــــــــــــــــــــــــ فدل على أن يمين الغضبان منعقدة، وكذا حديث أبي بكر حلف ألا ينفق على مسطح غضبًا لعائشة، فأنزل الله تعالى: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى} [النور: 22] وحديث الإفك قد سلف بطوله في قصة الإفك، وهكذا قيل، والحق أن قضية أبي بكر كان يمينًا على المعصية لأن مسطحًا وهو ابن خالة أبي بكر كان ذا قربى، والحلف على ألا يحسن إليه فيه قطع الرحم، وقد تجنَّى بعض الشارحين في هذا المقام، فقال: المعصية في قضية الصديق قول مسطح في عائشة، فإنه كان سببًا لحلف الصديق، وهذا كلام فاسد فإن المعصية في الترجمة في وصف الحالف لأن يكون معصية غير سببًا ليمينه. فإن قلت: لم يذكر في الباب ما يدل على بطلان اليمين فيما يملك؟ قلت: قالوا في بيانه حديث أبي موسى فإن فيه: "ما عندي ما أحملك عليه" ثم حملهم، وحين اليمين لم يكن مالكًا، ولذلك ما حملهم لم يكن حانثًا في يمينه وفيه نظر لأن من عمم في اليمين مثل أن يقول: والله [لا] أعتق رقبة، لم يكن مالكًا لرقبة ثم يملكها وأعتقها يحنث في يمينه اتفاقًا، واتفقوا على أن اليمين فيما لا يملك هو أن تنذر إعتاق عبد زيد مثلًا أو يحلف. فإن قلت: فلا دلالة في أحاديث الباب على ما ترجم؟ قلت: يؤخذ من نقيضه وهو أنه لما حنث لما عمم في قوله: (لا أحملكم عليه) فلو خصصه بأن يقول: على ناقة فلان، لم يحنث، وقد يأتي مزيد تحقيق في باب لا نذر فيما لا يملك. وفي حجة لأبي حنيفة فإنه قال: ينعقد يمينه ويجب عليه الوفاء إذا قدر، وقال مالك: إن عَيَّن عبدًا وقبيلة يلزمه الوفاء. وقال الشافعي: سواء عمم أو خص ليس عليه لقوله: (لا نذر فيما لا يملك) فاليمين من باب الأولى، وحجة الكوفيين أنها طاعة يجب الوفاء بها،

19 - باب إذا قال والله لا أتكلم اليوم فصلى أو قرأ أو سبح أو كبر أو حمد أو هلل، فهو على نيته

- وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ - وَاللَّهِ لاَ أُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ شَيْئًا أَبَدًا، بَعْدَ الَّذِى قَالَ لِعَائِشَةَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ (وَلاَ يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِى الْقُرْبَى) الآيَةَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ بَلَى وَاللَّهِ إِنِّى لأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِى. فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتِى كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ وَقَالَ وَاللَّهِ لاَ أَنْزِعُهَا عَنْهُ أَبَدًا. طرفه 2593 6680 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ زَهْدَمٍ قَالَ كُنَّا عِنْدَ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ قَالَ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي نَفَرٍ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ، فَوَافَقْتُهُ وَهْوَ غَضْبَانُ فَاسْتَحْمَلْنَاهُ، فَحَلَفَ أَنْ لاَ يَحْمِلَنَا ثُمَّ قَالَ «وَاللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لاَ أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، إِلاَّ أَتَيْتُ الَّذِى هُوَ خَيْرٌ وَتَحَلَّلْتُهَا». طرفه 3133 19 - باب إِذَا قَالَ وَاللَّهِ لاَ أَتَكَلَّمُ الْيَوْمَ. فَصَلَّى أَوْ قَرَأَ أَوْ سَبَّحَ أَوْ كَبَّرَ أَوْ حَمِدَ أَوْ هَلَّلَ، فَهْوَ عَلَى نِيَّتِهِ وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَفْضَلُ الْكَلاَمِ أَرْبَعٌ سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَاللَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ وحجة مالك أن الله نهى عباده عن تحريم الحلال، وإذا عين لم يحرم جميع ما حرم الله من ذلك الجنس، وأجمعوا على أنه إذا حلف بعتق عبد غيره لا يلزمه الوفاء به. (محمد بن العلاء) بفتح العين والمد (أبو معمر) بفتح الميمين عبد الله المنقري (زهدم) بفتح الزاي المعجمة وسكون الهاء. باب إذا قال: والله لا أتكلم اليوم فصلى أو سبح أو كبر أو حمد فهو على نيته وفرق الكوفيون بين الصلاة وغيرها، قالوا: لا يحنث في الصلاة ويحنث في غيرها، وقال الشافعي: لا يحنث مطلقًا اتباعًا للعرف، وبه قال أحمد، وهو رواية عن أبي حنيفة أيضًا، وغرض البخاري من قوله: فهو على نيته، أنه إن نوى إدخال هذه الأشياء في الكلام فهي داخلة لأن الكلام لغة يتناولها. (وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أفضل الكلام أربع سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله والله

أَكْبَرُ». قَالَ أَبُو سُفْيَانَ كَتَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى هِرَقْلَ «تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ». وَقَالَ مُجَاهِدٌ كَلِمَةُ التَّقْوَى لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. 6681 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ جَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «قُلْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ كَلِمَةً. أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ». طرفه 1360 6682 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ». طرفه 6406 6683 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَلِمَةً وَقُلْتُ أُخْرَى «مَنْ مَاتَ يَجْعَلُ لِلَّهِ نِدًّا أُدْخِلَ النَّارَ». وَقُلْتُ أُخْرَى مَنْ مَاتَ لاَ يَجْعَلُ لِلَّهِ نِدًّا أُدْخِلَ الْجَنَّةَ. طرفه 1238 ـــــــــــــــــــــــــــــ أكبر) أي: أربع كلمات وأربع جمل، والحديث رواه مسلم مسندًا قل {تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ} [آل عمران: 64] أي: إلى الكلام مطلقًا لم يرد به الكلمة التي عليها عرف البخاري، ولا الكلام النحوي أيضًا، فإنه فسره بقوله: {أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ} [آل عمران: 64] إلى آخر الآية بجمل كثيرة، ومحصل هذا الباب أن البخاري استدل بالآثات والأحاديث على أن القرآن والأذكار يطلق عليها الكلام، ولا شك في ذلك لغة، وأما عرفًا فقد أطلعناك على مذهب العلماء في ذلك. 6682 - (قتيبة) بضم القاف مصغر، وكذا (فضيل)، (عمارة) بضم العين وتخفيف الميم.

20 - باب من حلف أن لا يدخل على أهله شهرا، وكان الشهر تسعا وعشرين

20 - باب مَنْ حَلَفَ أَنْ لاَ يَدْخُلَ عَلَى أَهْلِهِ شَهْرًا، وَكَانَ الشَّهْرُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ 6684 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ آلَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ نِسَائِهِ، وَكَانَتِ انْفَكَّتْ رِجْلُهُ، فَأَقَامَ فِي مَشْرُبَةٍ تِسْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ نَزَلَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ آلَيْتَ شَهْرًا. فَقَالَ «إِنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ». طرفه 378 21 - باب إِنْ حَلَفَ أَنْ لاَ يَشْرَبَ نَبِيذًا فَشَرِبَ طِلاَءً أَوْ سَكَرًا أَوْ عَصِيرًا، لَمْ يَحْنَثْ فِي قَوْلِ بَعْضِ النَّاسِ، وَلَيْسَتْ هَذِهِ بِأَنْبِذَةٍ عِنْدَهُ 6685 - حَدَّثَنِى عَلِىٌّ سَمِعَ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ أَبِى حَازِمٍ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من حلف ألا يدخل على أهله شهرًا فكان الشهر تسعًا وعشرين 6684 - (حميد) -بضم الحاء مصغر- روى عن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (آلى من نسائه شهرًا) وليس المراد الإيلاء المتعارف الذي له أحكام بل مجرد الحلف شهرًا، والإيلاء إنما يكون في أربعة أشهر وأكثر، واستدل به البخاري على أن الإنسان إذا حلف على أمر وعين شهرًا وكان ذلك الشهر ناقصًا، يكون البر حاصلًا به، وهذا إنما يصح إذا حلف في أول الشهر، وأما إذا كان في أثناء الشهر فلا بد من إكماله ثلاثين. باب إن حلف لا يشرب نبيذًا فشرب طلاء أو سكرًا الطلاء -بكسر الطاء- عصير العنب إذا طبخ بحيث ذهب ثلثاه، هذا هو الثلث الذي قال بإباحته أبو حنيفة إذا قصد بشربه التقوي لا التلهي، والسكر -بفتح السين والكاف- نبيذ التمر، قاله الجوهري، وقال ابن الأثير: هو خمر العنب، هكذا رواه الأثبات. (لم يحنث في قول بعض الناس) يريد أبا حنيفة، وهذا النقل ليس بصحيح عن أبي حنيفة، قال في "الهداية": وحد الخمر والسكر على الخمر ثمانون. 6685 - ثم روى حديث أبي أسيد -بضم الهمزة مصغر- واسمه مالك، أن امرأته سقت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نبيذ تمر، وحديث سودة، وغرضه من الحديثين إلزام أبي حنيفة بإطلاق النبيذ

22 - باب إذا حلف أن لا يأتدم، فأكل تمرا بخبز، وما يكون من الأدم

سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ أَبَا أُسَيْدٍ صَاحِبَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَعْرَسَ فَدَعَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لِعُرْسِهِ، فَكَانَتِ الْعَرُوسُ خَادِمَهُمْ. فَقَالَ سَهْلٌ لِلْقَوْمِ هَلْ تَدْرُونَ مَا سَقَتْهُ قَالَ أَنْقَعَتْ لَهُ تَمْرًا فِي تَوْرٍ مِنَ اللَّيْلِ، حَتَّى أَصْبَحَ عَلَيْهِ فَسَقَتْهُ إِيَّاهُ. طرفه 5176 6686 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِى خَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنْ سَوْدَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ مَاتَتْ لَنَا شَاةٌ فَدَبَغْنَا مَسْكَهَا ثُمَّ مَا زِلْنَا نَنْبِذُ فِيهِ حَتَّى صَارَتْ شَنًّا. 22 - باب إِذَا حَلَفَ أَنْ لاَ يَأْتَدِمَ، فَأَكَلَ تَمْرًا بِخُبْزٍ، وَمَا يَكُونُ مِنَ الأُدْمِ 6687 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَابِسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ خُبْزِ بُرٍّ مَأْدُومٍ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ. وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ لِعَائِشَةَ بِهَذَا. طرفه 5423 ـــــــــــــــــــــــــــــ على ما بعد ليلة أو ليلتين، فكيف لا يكون السكر نبيذًا، ولا يخفى ضعف هذا الاستدلال، وقيل: غرض البخاري الاستدلال على حِلِّه كما ذهب إليه أبو حنيفة وهذا بعيد من قوله: بعض الناس، كما هو رأيه، والأول هو الأظهر، وتوجيه استدلاله بأحاديث الباب أن لفظ النبيذ لا دلالة فيه على الحرمة فإنه يطلق على الحلال أيضًا، وإنما مناط الحرمة السكر. (أعرس) فبات عروسًا، يطلق على الرجل والمرأة (وكانت العروس خادمهم) حذف التاء منه لأنه صار في عداد الأسماء (في تور) -بالتاء المثناة- القدح. 6686 - (مقاتل) بكسر التاء (الشعبي) بفتح الشين وسكون العين. والمسك -بفتح الميم وسكون السين- الجلد. باب إذا حلف لا يأتدم فأكل تمرًا بخبز وما يكون منه الأدم 6687 - بضم الهمزة، والإدام -بكسر الهمزة- كل شيء يؤكل .. له ابن الأثير والجوهري، واستدل البخاري على ذلك الحديث عائشة (ما شبع آل محمد - صلى الله عليه وسلم - من خبز مأدوم ثلاثة أيام) وجه الدلالة إطلاق المأدوم من غير أن يقيد بشيء كالسمن والعسل.

6688 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ قَالَ أَبُو طَلْحَةَ لأُمِّ سُلَيْمٍ لَقَدْ سَمِعْتُ صَوْتَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ضَعِيفًا أَعْرِفُ فِيهِ الْجُوعَ، فَهَلْ عِنْدَكِ مِنْ شَىْءٍ فَقَالَتْ نَعَمْ. فَأَخْرَجَتْ أَقْرَاصًا مِنْ شَعِيرٍ، ثُمَّ أَخَذَتْ خِمَارًا لَهَا، فَلَفَّتِ الْخُبْزَ بِبَعْضِهِ، ثُمَّ أَرْسَلَتْنِى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَذَهَبْتُ فَوَجَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْمَسْجِدِ وَمَعَهُ النَّاسُ، فَقُمْتُ عَلَيْهِمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَرْسَلَكَ أَبُو طَلْحَةَ». فَقُلْتُ نَعَمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِمَنْ مَعَهُ «قُومُوا». فَانْطَلَقُوا، وَانْطَلَقْتُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ حَتَّى جِئْتُ أَبَا طَلْحَةَ فَأَخْبَرْتُهُ. فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ قَدْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلَيْسَ عِنْدَنَا مِنَ الطَّعَامِ مَا نُطْعِمُهُمْ. فَقَالَتِ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَانْطَلَقَ أَبُو طَلْحَةَ حَتَّى لَقِىَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو طَلْحَةَ حَتَّى دَخَلاَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هَلُمِّى يَا أُمَّ سُلَيْمٍ مَا عِنْدَكِ». فَأَتَتْ بِذَلِكَ الْخُبْزِ - قَالَ - فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِذَلِكَ الْخُبْزِ فَفُتَّ، وَعَصَرَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ عُكَّةً لَهَا فَأَدَمَتْهُ، ثُمَّ قَالَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ، ثُمَّ قَالَ «ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ». فَأَذِنَ لَهُمْ فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، ثُمَّ خَرَجُوا، ثُمَّ قَالَ «ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ». فَأَذِنَ لَهُمْ، فَأَكَلَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ وَشَبِعُوا، وَالْقَوْمُ سَبْعُونَ أَوْ ثَمَانُونَ رَجُلاً. طرفه 422 ـــــــــــــــــــــــــــــ 6688 - ثم روى حديث أن أنس أن أم سليم أرسلته بأقراص إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والحديث تقدم في كتاب الأطعمة، وموضع الدلالة قوله: (وعصرت أم سليم عكة فأدمته) والعكة -بضم العين وتشديد الكاف- قال ابن الأثير: وعاء من جلد مستدير، وقيل: مراده من حديث عائشة أن التمر ليس بإدام، أو ذكره لمناسبة لفظ المأدوم؛ لأنه لم يجد حديثًا على شرطه، قلت: أما الأول فلأنه مناف لغرض البخاري، وقد روى أبو داود والترمذي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذ كسرة من خبز شعير ووضع عليها تمرة وقال: هذه إدام هذه، وأما الثاني: فلا معنى له أصلًا. فإن قلت ما معنى قوله: (قال لعائشة بهذا)؟ قلت: يحتمل أن يكون معناه: روى عن

23 - باب النية فى الأيمان

23 - باب النِّيَّةِ فِي الأَيْمَانِ 6689 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ أَخْبَرَنِى مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَنَّهُ سَمِعَ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ اللَّيْثِىَّ يَقُولُ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَإِنَّمَا لاِمْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ». طرفه 1 ـــــــــــــــــــــــــــــ عائشة، وأن يكون قال لها الواوي، ما شبع آل محمد؟ على طريق الاستفهام، وكل هذا خبط، فإن أول الحديث بطوله كما رواه الطبراني أن عبد الرحمن [بن] عابس قال لعائشة: أنَهَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أكل لحوم الأضاحي؟ الحديث بطوله، وفي آخره: قالت عائشة: ما شبع آل محمد. (عابس) بالباء الموحدة (قتيبة) بضم القاف مصغر، وكذا (أم سليم). باب النية في الأيمان 6689 - روى في الباب حديث عمر بن الخطاب (إنما الأعمال بالنيات) وقد سلف في صدر الكتاب وبعده، واستدل به هنا على أن نية الحالف معتبرة، فلو نوى غير الظاهر كان على ما نوى، قال النووي: إذا لم يستحلفه القاضي على حق، لما روى مسلم:"اليمين على نية المستحلف" قال: والتورية وإن كان لا يحنث بها إلا أنها لا تجوز إذا أبطل بها حق مستحق، وأما إذا لم يكن فيه إبطال حق مستحق فلا خلاف في جوازها بين العلماء. قال بعض الشارحين: فإن قلت: في بعض النسخ: "الإيمان" -بكسر الهمزة- قلت: الأعمال داخلة في الإيمان عند البخاري، وهذا غلط، قد روى: "من قال لا إله إلا الله دخل الجنة" فكيف يكون العمل داخلًا عنده في الإيمان؟ وإن أراد إكمال الإيمان فلا خلاف فيه

24 - باب إذا أهدى ماله على وجه النذر والتوبة

24 - باب إِذَا أَهْدَى مَالَهُ عَلَى وَجْهِ النَّذْرِ وَالتَّوْبَةِ 6690 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَكَانَ قَائِدَ كَعْبٍ مِنْ بَنِيهِ حِينَ عَمِىَ - قَالَ سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ فِي حَدِيثِهِ (وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا) فَقَالَ فِي آخِرِ حَدِيثِهِ إِنَّ مِنْ تَوْبَتِى أَنِّى أَنْخَلِعُ مِنْ مَالِى صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ فَهْوَ خَيْرٌ لَكَ». طرفه 2757 25 - باب إِذَا حَرَّمَ طَعَامَهُ وَقَوْلُهُ تَعَالَى (يَا أَيُّهَا النَّبِىُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِى مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ)، وَقَوْلُهُ (لاَ تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ). ـــــــــــــــــــــــــــــ لأحد، على أن هذا تصحيف، وإلا فأي وجه لا يراده الإيمان في هذا الباب وارد فيه للنفس والإرادة. باب إذا أهدى ماله على وجه النذر والتوبة 6690 - روى في الباب حديث كعب بن مالك حين تخلف في غزوة تبوك، وموضع الدلالة قوله: (إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله) أي: متوسلًا إلى الله، واختلف العلماء في هذه المسالة، فقال أبو حنيفة: يلزمه صرف جميع المال إلا أنه خصصه بما تجب الزكاة فيه، وقال الشافعي وأحمد: تجب فيه الكفارة، وعن مالك: يجب صرفه. فإن قلت: لم يذكر النذر مثالًا؟ قلت: يقاس على التوبة، وهذا على دأبه من ترك الظاهر والتعرض للخفي، وذلك أن هذا أول أبواب النذر. وأعلم أن النذر قسمان: نذر تبرر، ونذر لجاج، والأول: التزام طاعة إما ابتداءً أو معلقًا كقوله: إن شفى الله مريضي فعلي كذا، وينعقد اتفاقًا. ونذر اللجاج: النذر على فعل محرم أو ترك واجب فلا ينعقد على الأكثر. باب إذا حرم طعامًا اختلف العلماء فيمن حرم طعامًا على نفسه. قال أبو حنيفة يجب عليه كفارة اليمين لقوله تعالى: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: 2] وحديث الباب، وهو شرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العسل، وقال غيره: لا يجب عليه شيء ولا كفارة، وأجابوا عن هذا بأن ذلك لأجل أنه حلف ألا يعود إليه.

26 - باب الوفاء بالنذر

6691 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ زَعَمَ عَطَاءٌ أَنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ يَقُولُ سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَزْعُمُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَمْكُثُ عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، وَيَشْرَبُ عِنْدَهَا عَسَلاً، فَتَوَاصَيْتُ أَنَا وَحَفْصَةُ أَنَّ أَيَّتَنَا دَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَلْتَقُلْ إِنِّى أَجِدُ مِنْكَ رِيحَ مَغَافِيرَ، أَكَلْتَ مَغَافِيرَ فَدَخَلَ عَلَى إِحْدَاهُمَا فَقَالَتْ ذَلِكَ لَهُ. فَقَالَ «لاَ بَلْ شَرِبْتُ عَسَلاً عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، وَلَنْ أَعُودَ لَهُ». فَنَزَلَتْ (يَا أَيُّهَا النَّبِىُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ)، (إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ)، لِعَائِشَةَ وَحَفْصَةَ، (وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِىُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا) لِقَوْلِهِ «بَلْ شَرِبْتُ عَسَلاً». وقَالَ لِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى عَنْ هِشَامٍ «وَلَنْ أَعُودَ لَهُ، وَقَدْ حَلَفْتُ، فَلاَ تُخْبِرِى بِذَلِكَ أَحَدًا». طرفه 4912 26 - باب الْوَفَاءِ بِالنَّذْرِ وَقَوْلِهِ (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ). 6692 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الْحَارِثِ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَقُولُ أَوَلَمْ يُنْهَوْا عَنِ النَّذْرِ إِنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ 6691 - (الحجاج) بفتح الحاء وتشديد الجيم (ابن جريج) بضم الجيم مصغر، وكذا (عبيد بن عمير) في الاسمين (فتواصت) أي: تعاهدت (مغافير) -بفتح الميم وغين معجمة- جمع مغفور -بفتح الميم- صمغ كريه الرائحة، وقد سلف في كتاب الطلاق اختلاف الرواية في أن شرب العسل كان عند زينب أو عند حفصة، وأشرنا إلى أن الصواب زينب، وأما ما ذكره المفسرون أن القضية كانت مع مارية فقد سلف أنه لم يثبت فيه حديث وإن ذكره المفسرون، ولو صح لا ينافي هذا، لما ذكرنا مرارًا من جواز تعدد الأسباب. باب الوفاء بالنذر اختلف العلماء في ابتداء النذر، قيل: مستحب، وقيل: مكروه. وهذا هو الظاهر من أحاديث الباب، وقد سلف مشروحة وأما الوفاء بالنذر فالإجماع على وجوبه إن كان طاعة، وإن كان معصية فلا شيء عليه إلا عند الإمام أحمد وأبي حنيفة، فإن عليه كفارة يمين. 6692 - (فليح) بضم الفاء مصغر (أو لم ينهوا) -بضم الياء على بناء المجهول-

النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ النَّذْرَ لاَ يُقَدِّمُ شَيْئًا، وَلاَ يُؤَخِّرُ، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِالنَّذْرِ مِنَ الْبَخِيلِ». طرفه 6608 6693 - حَدَّثَنَا خَلاَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ النَّذْرِ وَقَالَ «إِنَّهُ لاَ يَرُدُّ شَيْئًا، وَلَكِنَّهُ يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ». طرفه 6608 6694 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَأْتِى ابْنَ آدَمَ النَّذْرُ بِشَىْءٍ لَمْ يَكُنْ قُدِّرَ لَهُ، وَلَكِنْ يُلْقِيهِ النَّذْرُ إِلَى الْقَدَرِ قَدْ قُدِّرَ لَهُ، فَيَسْتَخْرِجُ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ، فَيُؤْتِى عَلَيْهِ مَا لَمْ يَكُنْ يُؤْتِى عَلَيْهِ مِنْ قَبْلُ». طرفه 6609 ـــــــــــــــــــــــــــــ والاستفهام للإنكار، فيفيد الإثبات. 6693 - 6694 - (خلاد) بفتح الخاء المعجمة وتشديد اللام. (لا يأتي ابن آدم النذر بشيء لم يكن قدر له ولكن يلقيه النذر إلى القدر) وقد قدمنا أن إلقاء النذر إلى القدر لا ينافي إلقاء القدر إياه إلى النذر، فإن الكل بقدر الله (فيستخرج الله به من البخيل فيؤتيني عليه ما لم يكن [يؤتيني] عليه من قبل) -بضم الياء- من الإيتاء، وهو الإعطاء؛ إلا أنه التفت من الغيبة إلى التكلم إذ كان الظاهر أن يقول: فيؤتي الله. فإن قلت: لم كان مكروهًا مع أنه التزام طاعة؟ قلت: لأنه إيجاب ما لم يوجب الله، ولأنه ربما يوسوس إليه الشيطان أن النذر يرد القدر، وربما عجز عنه ومات وبقيت ذمته مشغولة، وقيل: سبب النهي أنه ربما يتهاونون في الوفاء به، وقيل: لأن الفعل بالنذر يكون لازمًا عليه فلا يكون في فعله .. ، وقيل: لأنه يصير بالنذر كالمعارضة، فلا يكون عبادة خالصة، ولا يخفى أن هذه الوجوه مع ضعفها لا دلالة للفظ عليها، بل تأباه كل الآثار. فإن قلت: الدعاء والطب والرمى أيضًا لا ترد شيئًا من القدر مع جوازها؟ قلت: ليس فيها التزام، ومع هذا لدعاء مخ العبادة، والطب والرمي مباشرة أسباب جرت عادة بترتيب الآثار عليها إن صادفت الشرائط.

27 - باب إثم من لا يفى بالنذر

27 - باب إِثْمِ مَنْ لاَ يَفِى بِالنَّذْرِ 6695 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو جَمْرَةَ حَدَّثَنَا زَهْدَمُ بْنُ مُضَرِّبٍ قَالَ سَمِعْتُ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «خَيْرُكُمْ قَرْنِى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ - قَالَ عِمْرَانُ لاَ أَدْرِى ذَكَرَ ثِنْتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا بَعْدَ قَرْنِهِ - ثُمَّ يَجِئُ قَوْمٌ يَنْذُرُونَ وَلاَ يَفُونَ، وَيَخُونُونَ وَلاَ يُؤْتَمَنُونَ، وَيَشْهَدُونَ وَلاَ يُسْتَشْهَدُونَ، وَيَظْهَرُ فِيهِمُ السِّمَنُ». طرفه 2651 28 - باب النَّذْرِ فِي الطَّاعَةِ (وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ). ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إثم من لا يفي بالنذر الوفاء بالنذر قد أثنى الله عليه، وفهم منه أن عدم الوفاء مذموم، وقد أيده وبينه منطوق الحديث. 6695 - (أبو جمرة) -بالجيم- نصر بن عمران (زهدم) بفتح الزاي وسكون الهاء (مضرب) بضم الميم وتشديد الراء المكسورة (عمران بن حصين) بضم الحاء مصغر (خيركم قرني) -بفتح القاف وسكون الراء- قد سلف أنه يطلق على مئة سنة أو أقل على خلاف فيه، والمراد منه في الحديث أهل عصر كالصحابة، ومن رأى الصحابة وهلم جرًا (ثم يجيء قوم ينذرون) بضم الذال (ولا يوفون ويخونون ولا يؤتمنون) -بضم الياء وتشديد الواو المفتوحة- أي: ينسبون إلى الخيانة، ويروى بفتح الياء وتخفيف الواو. فإن قلت: أي فائدة "ولا يؤتمنون"؟ قلت: فائدته الدلالة على استمرار الجناية لدلالة نفي الفعل على ذلك، كقوله تعالى: {لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ} [التحريم: 6]. (ويظهر فيهم السمن) لأنهم يأكلون كما تأكل الأنعام، والحديث سلف في المناقب وبعده، وموضع الدلالة قوله: "ينذرون ولا يوفون" فإنه عده مع المعاصي. باب النذر في الطاعة {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ} [البقرة: 270] استدل بهذه الآية وبالحديث على أن الوفاء بالنذر في الطاعة طاعة، وأما المعصية فقد

29 - باب إذا نذر أو حلف أن لا يكلم إنسانا فى الجاهلية ثم أسلم

6696 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلاَ يَعْصِهِ». طرفه 6700 29 - باب إِذَا نَذَرَ أَوْ حَلَفَ أَنْ لاَ يُكَلِّمَ إِنْسَانًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ ثُمَّ أَسْلَمَ 6697 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الْحَسَنِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى نَذَرْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ. قَالَ «أَوْفِ بِنَذْرِكَ». طرفه 2032 ـــــــــــــــــــــــــــــ نقلنا عن الإمام أحمد وأبي حنيفة أنه تجب فيه الكفارة، وحاصل الأمر أن النذر إما في الواجب، وإما في الطاعة؛ وفي الإباحة، أو في المكروه، أو في المعصية، فالوفاء إنما يجب في الأول. باب إذا نذر أو حلف ألا يكلم إنسانًا في الجاهلية قوله: في الجاهلية، ظرف لقوله: حلف. استدل بحديث عمر أنه كان نذر في الجاهلية اعتكاف فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالوفاء، ونقل ابن بطال عن الشافعي وأبي ثور وجوب الوفاء، والأكثرون على عدم الوجوب، لأن الكافر وإن كان مخاطبًا بالفروع إلا أنه لا يصح بدون الإيمان، وأجابوا عن حديث عمر بأنه أمر ندب. فإن قلت: لو كان الكافر مخاطبًا بالفروع لكان مأمورًا بالقضاء بعد الإسلام؟ قلت: الإسلام يجب من قبله، وقاس البخاري اليمين على النذر فلم يورد له حديثًا.

30 - باب من مات وعليه نذر

30 - باب مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ نَذْرٌ وَأَمَرَ ابْنُ عُمَرَ امْرَأَةً جَعَلَتْ أُمُّهَا عَلَى نَفْسِهَا صَلاَةً بِقُبَاءٍ فَقَالَ صَلِّى عَنْهَا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ نَحْوَهُ. 6698 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ الأَنْصَارِىَّ اسْتَفْتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فِي نَذْرٍ كَانَ عَلَى أُمِّهِ، فَتُوُفِّيَتْ قَبْلَ أَنْ تَقْضِيَهُ. فَأَفْتَاهُ أَنْ يَقْضِيَهُ عَنْهَا، فَكَانَتْ سُنَّةً بَعْدُ. طرفه 2761 6699 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى بِشْرٍ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ أَتَى رَجُلٌ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لَهُ إِنَّ أُخْتِى نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ وَإِنَّهَا مَاتَتْ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ كَانَ عَلَيْهَا دَيْنٌ أَكُنْتَ قَاضِيَهُ». قَالَ نَعَمْ. قَالَ «فَاقْضِ اللَّهَ، فَهْوَ أَحَقُّ بِالْقَضَاءِ». طرفه 1852 31 - باب النَّذْرِ فِيمَا لاَ يَمْلِكُ وَفِى مَعْصِيَةٍ 6700 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلاَ يَعْصِهِ». طرفه 6696 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من مات وعليه نذر روى في الباب حديث سعد بن عبادة أن أمه ماتت وكان عليها نذر، فأفتاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقضي عن أمه نذرها، قيل: كان نذرها عتقًا، وقيل: صومًا، وقيل: صدقة، قال النووي: العبادات المالية تصح عن الميت وكذا البدنية سوى الصلاة، وقال الإمام أحمد: تصح الصلاة أيضًا، وما نقله البخاري عن ابن عباس وابن عمر يساعده. 6699 - (عن أبي بشر) بكسر الموحدة وشين معجمة (فاقض دين الله فهو أحق بالقضاء) لأنه المالك الحقيقي، والعبد وما في يده لمولاه. باب النذر فيما لا يملك وفي المعصية 6700 - (أبو عاصم) النبيل الضحاك ابن مخلد.

6701 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ اللَّهَ لَغَنِىٌّ عَنْ تَعْذِيبِ هَذَا نَفْسَهُ». وَرَآهُ يَمْشِى بَيْنَ ابْنَيْهِ. وَقَالَ الْفَزَارِىُّ عَنْ حُمَيْدٍ حَدَّثَنِى ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ. طرفه 1865 6702 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ سُلَيْمَانَ الأَحْوَلِ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى رَجُلاً يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ بِزِمَامٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَقَطَعَهُ. طرفه 1620 ـــــــــــــــــــــــــــــ 6701 - (حميد) بضم الحاء (أن الله لغني عن تعذيب هذا نفسه، ورآه يمشي بين ابنيه) ليس في الحديث أنه كان نذر، ولكن صرح به في رواية مسلم، هذا الرجل أبو إسرائيل المذكور بعده في حديث ابن عباس، قال شيخنا: ليس في الصحابة أبو إسرائيل غيره، واسمه قشير -بضم القاف وشين معجمة- قيل: يسير -بضم الياء وسين مهملة- وكلاهما مصغر، وقيل: قيصر مثل ملك الروم، وهو قرشي عامري وغلط من قال: أنصاري، هذا كلامه، لكن قال ابن عبد البر في "الاستيعاب" أيضًا، أي: ولم يذكر فيه خلافًا (وقال الفزاري) -بالزاي المعجمة- نسبة إلى فزان واسمه مروان. 6702 - (ابن جريج) بضم الجيم مصغر (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا يطوف بالكعبة بزمام أو غيره فقطعه) الزمام: -بكسر المعجمة- قال ابن الأثير: حلقة من شعر تجعل في إحدى منخري البعير، كانت بنو إسرائيل تفعله، فوضعه الله عن هذه الأمة، وليس في الباب ذكر النذر، ولعله لم يكن على شرطه، فأشار إليه كما هو دأبه، أو يكون قد اكتفى بما تقدم في باب اليمين فيما لا يملك من حديث أبي موسى الأشعري وأصحابه حين حلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه لا يحملهم ولا عنده ما يحملهم عليه، فإن النذر والأيمان من واد واحد، وقد تكلف بعضهم بأن الإنسان لا يملك تعذيب نفسه. وقد روى مسلم: "لا نذر فيما لا يملك"، قال النووي: معناه أن يقول: إن شفى الله مريضي عليَّ أن أعتق عبد زيد، وأما من قال: عليَّ عتق عبد، ولم يكن مالكًا له ثم ملكه أو قدر عليه فلا خلاف في وجوب الإعتاق.

32 - باب من نذر أن يصوم أياما فوافق النحر أو الفطر

6703 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ أَخْبَرَنِى سُلَيْمَانُ الأَحْوَلُ أَنَّ طَاوُسًا أَخْبَرَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - مَرَّ وَهْوَ يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ بِإِنْسَانٍ يَقُودُ إِنْسَانًا بِخِزَامَةٍ فِي أَنْفِهِ، فَقَطَعَهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِهِ، ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يَقُودَهُ بِيَدِهِ. طرفه 1620 6704 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ بَيْنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَائِمٍ فَسَأَلَ عَنْهُ فَقَالُوا أَبُو إِسْرَائِيلَ نَذَرَ أَنْ يَقُومَ وَلاَ يَقْعُدَ وَلاَ يَسْتَظِلَّ وَلاَ يَتَكَلَّمَ وَيَصُومَ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مُرْهُ فَلْيَتَكَلَّمْ وَلْيَسْتَظِلَّ وَلْيَقْعُدْ وَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ». قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 32 - باب مَنْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ أَيَّامًا فَوَافَقَ النَّحْرَ أَوِ الْفِطْرَ 6705 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ الْمُقَدَّمِىُّ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ حَدَّثَنَا حَكِيمُ بْنُ أَبِى حُرَّةَ الأَسْلَمِىُّ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ نَذَرَ أَنْ لاَ يَأْتِىَ عَلَيْهِ يَوْمٌ إِلاَّ صَامَ، فَوَافَقَ يَوْمَ أَضْحًى أَوْ فِطْرٍ. فَقَالَ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ، لَمْ يَكُنْ يَصُومُ يَوْمَ الأَضْحَى وَالْفِطْرِ، وَلاَ يَرَى صِيَامَهُمَا. طرفه 1994 6706 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ كُنْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ فَسَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ نَذَرْتُ أَنْ أَصُومَ كُلَّ يَوْمِ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من نذر أن يصوم أيامًا، فوافق النحر أو الفطر 6705 - 6706 - (المقدمي) بضم الميم وفتح الدال المشددة (فضيل) بضم الفاء مصغر (أبي حرة) -بضم الحاء وتشديد الراء- لا يعرف له اسم ولا ذكر له في البخاري إلا هنا (زريع) بضم الزاي مصغر زرع (عن زياد) بكسر الزاي ومثناة بعدها (نذرت أن أصوم كل يوم

33 - باب هل يدخل فى الأيمان والنذور الأرض والغنم والزروع والأمتعة

ثَلاَثَاءَ أَوْ أَرْبِعَاءَ مَا عِشْتُ، فَوَافَقْتُ هَذَا الْيَوْمَ يَوْمَ النَّحْرِ. فَقَالَ أَمَرَ اللَّهُ بِوَفَاءِ النَّذْرِ، وَنُهِينَا أَنْ نَصُومَ يَوْمَ النَّحْرِ. فَأَعَادَ عَلَيْهِ فَقَالَ مِثْلَهُ، لاَ يَزِيدُ عَلَيْهِ. طرفه 1994 33 - باب هَلْ يَدْخُلُ فِي الأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ الأَرْضُ وَالْغَنَمُ وَالزُّرُوعُ وَالأَمْتِعَةُ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ قَالَ عُمَرُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَصَبْتُ أَرْضًا لَمْ أُصِبْ مَالاً قَطُّ أَنْفَسَ مِنْهُ. قَالَ «إِنْ شِئْتَ حَبَّسْتَ أَصْلَهَا، وَتَصَدَّقْتَ بِهَا». وَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَحَبُّ أَمْوَالِى إِلَىَّ بَيْرُحَاءَ. لِحَائِطٍ لَهُ مُسْتَقْبِلَةَ الْمَسْجِدِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ثلاثاء أو أربعاء) بالمد فيهما مع عدم الصرف لشبه ألف التأنيث (فوافقت هذا اليوم النحر فقال: أمر الله بوفاء النذر ونهى أن نصوم يوم النحر). فإن قلت: جزم ابن عمر في الرواية الأولى وتوقف في الثانية؟ قلت: المسألة اجتهادية تعارضت عنده الأدلة ثم ترجح عنده عدم الجواز، ويحتمل أن يكون معناه الوفاء بالنذر وإن كان واجبًا إلا .. فيتفق الروايتان، واختلف العلماء في هذه المسألة: قال أبو حنيفة: ينعقد النذر ويجب القضاء ولو صام ذلك اليوم سقط عنه، وإن كان ذلك العمل معصية، وقال غيره: لا ينعقد لحديث الباب، وعن الإمام أحمد في وجوب القضاء روايتان. باب هل يدخل في الأيمان الأرض والغنم والزروع مثاله أن يحلف أن لا مال له، ولا يعطي فلانًا من ماله شيئًا، قيل: لغة دويس لم تكن تطلق الأموال على الذهب والفضة كما وقع في حديث أبي هريرة (فلم يغنم ذهبًا ولا فضة إلا الأموال) وعن طائفة: المال هو الذهب والفضة، والمتعارف شمول اسم المال للكل. وحديث عمر (أصبت أرضًا لم أصب مالًا قط أنفس منه) وحديث أبي طلحة في وقفه ببيرحاء، قد تقدم الحديثان في أبواب الوقف، وقد دلا على أن المال يطلق على العقار، وهذا مختار البخاري يرد به على أبي حنيفة في تخصيصه، بمال الزكاة.

6707 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِىِّ عَنْ أَبِى الْغَيْثِ مَوْلَى ابْنِ مُطِيعٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ خَيْبَرَ فَلَمْ نَغْنَمْ ذَهَبًا وَلاَ فِضَّةً إِلاَّ الأَمْوَالَ وَالثِّيَابَ وَالْمَتَاعَ، فَأَهْدَى رَجُلٌ مِنْ بَنِى الضُّبَيْبِ يُقَالُ لَهُ رِفَاعَةُ بْنُ زَيْدٍ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - غُلاَمًا يُقَالُ لَهُ مِدْعَمٌ، فَوَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى وَادِى الْقُرَى حَتَّى إِذَا كَانَ بِوَادِى الْقُرَى بَيْنَمَا مِدْعَمٌ يَحُطُّ رَحْلاً لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا سَهْمٌ عَائِرٌ فَقَتَلَهُ، فَقَالَ النَّاسُ هَنِيئًا لَهُ الْجَنَّةُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «كَلاَّ وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِى أَخَذَهَا يَوْمَ خَيْبَرَ مِنَ الْمَغَانِمِ، لَمْ تُصِبْهَا الْمَقَاسِمُ، لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا». فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ النَّاسُ جَاءَ رَجُلٌ بِشِرَاكٍ أَوْ شِرَاكَيْنِ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «شِرَاكٌ مِنْ نَارٍ - أَوْ - شِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ». طرفه 4234 ـــــــــــــــــــــــــــــ 6707 - (عن ثور) بالثاء المثلثة (الديلي) بكسر الدال (عن أبي الغيث) مرادف المطر اسمه سالم (من بني الضبيب) بضم الضاد المعجمة بعدها باء موحدة (رفاعة) بكسر الراء (مدعم) بكسر الميم وذال وعين مهملة (فوجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى وادي القرى) موضع في طريق الشام، وجه بمعنى توجه أو المعنى: وجه عسكره أو غرمه (إذا سهم غرب) بفتح الغين المعجمة وراء مهملة. قال ابن الأثير: يروى بالإضافة وبدونها وبفتح الراء والسكون: السهم الذي لا يدري من رماه، ويروى عاير -بعين مهملة وياء مثناة- والمعنى واحد (إن الشملة التي أخذها يوم [خيبر]) هي الكساء، سميت بذلك لأنها تشمل على الإنسان (شراك) بكسر الشين معروف. فإن قلت: ما وجه دلالة هذا الحديث في عموم لقط المال، قلت: كون الغنيمة نعم كلها.

84 - كتاب كفارات الأيمان

84 - كتاب كفارات الأيمان 1 - باب كَفَّارَاتِ الأَيْمَانِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ). وَمَا أَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ نَزَلَتْ (فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَطَاءٍ وَعِكْرِمَةَ مَا كَانَ فِي الْقُرْآنِ أَوْ أَوْ فَصَاحِبُهُ بِالْخِيَارِ وَقَدْ خَيَّرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - كَعْبًا فِي الْفِدْيَةِ. 6708 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ أَتَيْتُهُ يَعْنِى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «ادْنُ». فَدَنَوْتُ فَقَالَ «أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّكَ». قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «فِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ». وَأَخْبَرَنِى ابْنُ عَوْنٍ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ صِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ، وَالنُّسُكُ شَاةٌ، وَالْمَسَاكِينُ سِتَّةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الكفارات باب كفارة اليمين الكفارة صيغة مبالغة من الكفر وهو الستر؛ لأنها تستر الذنب وقد صارت في عداد الأسماء، ولذلك لم يذكر معها الموصوف (وما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -) عطف على الترجمة (حين نزلت) {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ} [البقرة: 196]. فإن قلت: هذه الآية نزلت في حلق المحرم، وكذا حديث كعب، فأي دلالة فيه على كفارة اليمين؟ قلت: أشار بهما إلى أن كفارة اليمين أيضًا مجبرة ككفارة الحلق، وهذا دأبه في الاستدلال بما فيه خفاء. 6708 - (أبو شهاب) الحناط الأصغر عبد ربه (ابن عون) عبد الله (عجرة) -بضم العين وسكون الجيم- وحديثه في صلح الحديبية.

2 - باب قوله تعالى (قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم والله مولاكم وهو العليم الحكيم)

2 - باب قَوْلِهِ تَعَالَى (قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاَكُمْ وَهْوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) مَتَى تَجِبُ الْكَفَّارَةُ عَلَى الْغَنِىِّ وَالْفَقِيرِ. 6709 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ سَمِعْتُهُ مِنْ فِيهِ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ هَلَكْتُ. قَالَ «مَا شَأْنُكَ». قَالَ وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِى فِي رَمَضَانَ. قَالَ «تَسْتَطِيعُ تُعْتِقُ رَقَبَةً». قَالَ لاَ. قَالَ «فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ». قَالَ لاَ. قَالَ «فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا». قَالَ لاَ. قَالَ «اجْلِسْ». فَجَلَسَ فَأُتِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ - وَالْعَرَقُ الْمِكْتَلُ الضَّخْمُ - قَالَ «خُذْ هَذَا، فَتَصَدَّقْ بِهِ». قَالَ أَعَلَى أَفْقَرَ مِنَّا، فَضَحِكَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ قَالَ «أَطْعِمْهُ عِيَالَكَ». طرفه 1936 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله تعالى: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: 2] أي بين لكم ما به تكون الكفارة (ومتى يجب أن تجب الكفارة على الغني والفقير) لأنها منجبرة إن لم يقدر على العتق والإطعام والكسوة صام ثلاثة أيام، فإن لم يقدر تبقى في ذمته إلى أن يقدر، قيل: قوله تعالى: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: 2] الصواب حذفه، فإن محله الباب الذي قبل. قلت: الصواب حذفه فإن محله ذكره فإنه عام في الأحوال، والحديث خصه بحال القدر. 6709 - (حميد) -بضم الحاء مصغر- روى حديث الرجل الذي واقع امرأته في رمضان، وهو سلمة بن صخر البياضي، وقد سلف في أبواب الصوم (فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - بعرق فيه تمر) العرق: -بفتح الراء- زنبيل يسع خمسة عشر صاعًا، واستدل به الشافعي ومالك على أن كل مسكين يصرف إليه مُدٌّ؛ لأن كل صاع أربعة أمداد، فيصرف على ستين مسكينًا، وعند الكوفيين [لكل] مسكين نصف صاع استدلالًا بما رواه مسلم (بدت نواجذه) -بالذال المعجمة- آخر الأسنان، وقد أشرنا مرارًا إلى أن المراد بالضحك التبسم.

3 - باب من أعان المعسر فى الكفارة

3 - باب مَنْ أَعَانَ الْمُعْسِرَ فِي الْكَفَّارَةِ 6710 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ هَلَكْتُ. فَقَالَ «وَمَا ذَاكَ». قَالَ وَقَعْتُ بِأَهْلِى فِي رَمَضَانَ. قَالَ «تَجِدُ رَقَبَةً». قَالَ لاَ. قَالَ «هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ». قَالَ لاَ. قَالَ «فَتَسْتَطِيعُ أَنْ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا». قَالَ لاَ. قَالَ فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ بِعَرَقٍ - وَالْعَرَقُ الْمِكْتَلُ فِيهِ تَمْرٌ - فَقَالَ «اذْهَبْ بِهَذَا، فَتَصَدَّقْ بِهِ». قَالَ عَلَى أَحْوَجَ مِنَّا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ مِنَّا. ثُمَّ قَالَ «اذْهَبْ، فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ». طرفه 1936 4 - باب يُعْطِى فِي الْكَفَّارَةِ عَشَرَةَ مَسَاكِينَ، قَرِيبًا كَانَ أَوْ بَعِيدًا 6711 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ هَلَكْتُ. قَالَ «وَمَا شَأْنُكَ». قَالَ وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِى فِي رَمَضَانَ. قَالَ «هَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ رَقَبَةً». قَالَ لاَ. قَالَ «فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ». قَالَ لاَ. قَالَ «فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا». قَالَ لاَ أَجِدُ. فَأُتِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ فَقَالَ «خُذْ هَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ». فَقَالَ أَعَلَى أَفْقَرَ مِنَّا مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا أَفْقَرُ مِنَّا. ثُمَّ قَالَ «خُذْهُ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ». طرفه 1936 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من أعان المعسر في الكفارة 6710 - (محبوب) بالحاء المهملة وباء موحدة (معمر) بفتح الميمين وسكون العين (حميد) بضم الحاء مصغر. باب يعطى في الكفارة عشرة مساكين قريبًا كان أو بعيدًا روى في الباب حديث الواقع [على] أهله، لكن لا يوافق الترجمة؛ لأنها في الكفارة المخيرة، والحديث في المرتبة، إلا أن غرضه أنه يجوز صرف كل منهما على القريب والبعيد، لكن في استدلاله نظر؛ لأن صرف الكفارة على الأهل خاص بذلك الرجل، اللهم إلا أن يكون غرضه ما عدا الأهل يجوز الصرف إليه من سائر القرابة، وهو من لا يجب عليك نفقته.

5 - باب صاع المدينة ومد النبى - صلى الله عليه وسلم - وبركته وما توارث أهل المدينة من ذلك قرنا بعد قرن

5 - باب صَاعِ الْمَدِينَةِ وَمُدِّ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَبَرَكَتِهِ وَمَا تَوَارَثَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنْ ذَلِكَ قَرْنًا بَعْدَ قَرْنٍ 6712 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ الْمُزَنِىُّ حَدَّثَنَا الْجُعَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ كَانَ الصَّاعُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مُدًّا وَثُلُثًا بِمُدِّكُمُ الْيَوْمَ فَزِيدَ فِيهِ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. طرفه 1859 6713 - حَدَّثَنَا مُنْذِرُ بْنُ الْوَلِيدِ الْجَارُودِىُّ حَدَّثَنَا أَبُو قُتَيْبَةَ - وَهْوَ سَلْمٌ - حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ قَالَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُعْطِى زَكَاةَ رَمَضَانَ بِمُدِّ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - الْمُدِّ الأَوَّلِ، وَفِى كَفَّارَةِ الْيَمِينِ بِمُدِّ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ أَبُو قُتَيْبَةَ قَالَ لَنَا مَالِكٌ مُدُّنَا أَعْظَمُ مِنْ مُدِّكُمْ وَلاَ نَرَى الْفَضْلَ إِلاَّ فِي مُدِّ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ لِى مَالِكٌ لَوْ جَاءَكُمْ أَمِيرٌ فَضَرَبَ مُدًّا أَصْغَرَ مِنْ مُدِّ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِأَىِّ شَىْءٍ كُنْتُمْ تُعْطُونَ قُلْتُ كُنَّا نُعْطِى بِمُدِّ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ أَفَلاَ تَرَى أَنَّ الأَمْرَ إِنَّمَا يَعُودُ إِلَى مُدِّ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 6714 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي مِكْيَالِهِمْ وَصَاعِهِمْ وَمُدِّهِمْ». طرفه 2130 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب صاع النبي - صلى الله عليه وسلم - ومده قال ابن الأثير: الصاع أربعة أمداد، والمد مختلف فيه، فقيل: كل مد رطل وثلث بالعراقي، وبه قال الشافعي وفقهاء الحجاز، وقيل: كل مُدٍّ رطلان، وبه أخذ أبو حنيفة وفقهاء العراق، فعلى الأول: الصاع خمسة أرطال وثلث وثمانية على الثانية. 6712 - (كان الصاع على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - مدًّا وثلثًا بمدكم اليوم زاد في المد عمر بن عبد العزيز) هذا يدل على أن السائب لما حدث بهذا كان المد أربعة أرطال وثلث المد رطل وثلث؛ لأن صاع النبي - صلى الله عليه وسلم - كان أربعة أمداد ومده رطل وثلث، وأما ما زاد عمر فلم يعلم قدره. 6713 - 6714 - (المنذر بن وليد الجارودي) نسبه إلى جده (أبو قتيبة) وهو مسلم -بفتح السين واللام وسكون اللام- (المد الأول) بالجر بدل من مُدِّ النبي - صلى الله عليه وسلم - (اللهم بارك لهم في مكيالهم وصاعهم ومدهم) من إطلاق المحل وإرادة الحال، مجاز، أي: ما يكال ويوزن،

6 - باب قول الله تعالى (أو تحرير رقبة)

6 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) وَأَىُّ الرِّقَابِ أَزْكَى. 6715 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِى غَسَّانَ مُحَمَّدِ بْنِ مُطَرِّفٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَلِىِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ سَعِيدٍ ابْنِ مَرْجَانَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُسْلِمَةً، أَعْتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنَ النَّارِ، حَتَّى فَرْجَهُ بِفَرْجِهِ». طرفه 2517 7 - باب عِتْقِ الْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبِ فِي الْكَفَّارَةِ، وَعِتْقِ وَلَدِ الزِّنَا وَقَالَ طَاوُسٌ يُجْزِئُ الْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وإنما خَصَّ المكيل والموزن؛ لأن أهل المدينة كانوا أهل حرث، قيل: من أخذ العيار بصاع أهل المدينة ومدهم بارك له ببركة دعائه - صلى الله عليه وسلم -. فإن قلت: ما معنى قول مالك: (مدنا أعظم من مدكم مع أن مدهم كبر)؟ قلت: أراد العظم بحسب البركة دَلَّ عليه آخر كلامه. فإن قلت: فما معنى قوله: (لو جاءكم أمير وضرب مدًا أصغر من مد النبي - صلى الله عليه وسلم -)؟ قلت: كان عارضه أبو قتيبة بأن مدنا أنفع في الكفارة؛ لأنه أكبر، فأجابه مالك بأنه لو لم يجعل مُدَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قانونًا تعذر الحال في جانب النقصان. باب قوله عز وجل: {أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المائدة: 89] وأي الرقاب أزكى أي: أفضل وأبعد من العيب. 6715 - (رشيد) بضم الراء مصغر (عن أبي غسان) -بغين معجمة وسين مهملة مشددة- محمد بن مطرف (مرجانة) بفتح الميم والجيم (من أعتق رقبة مسلمة أعتق بكل عضو منه عضوًا من النار حتى فرجه بفرجه) بالنصب عطف على عضو. فإن قلت: ليس في الحديث ذكر الأزكى. قلت: المسلمة أزكى من المشركة، وكلما كان أزكى، واتفقوا على جواز إعتاق الكافرة تبرعًا، أما في الكفارة يجوزه أبو حنيفة دون غيره، وهي مسألة حمل المطلق على المقيد وقد بينت في الأصول. باب عتق المدبر وأم الولد والمكاتب في الكفارة

8 - باب إذا أعتق عبدا بينه وبين آخر

6716 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرٍو عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ دَبَّرَ مَمْلُوكًا لَهُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ فَبَلَغَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّى». فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ النَّحَّامِ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَسَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ عَبْدًا قِبْطِيًّا مَاتَ عَامَ أَوَّلَ. طرفه 2141 8 - باب إِذَا أَعْتَقَ عبدًا بينه وبين آخر 9 - باب إِذَا أَعْتَقَ فِي الْكَفَّارَةِ لِمَنْ يَكُونُ وَلاَؤُهُ 6717 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِىَ بَرِيرَةَ فَاشْتَرَطُوا عَلَيْهَا الْوَلاَءَ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «اشْتَرِيهَا إِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». طرفه 456 ـــــــــــــــــــــــــــــ 6716 - (أبو النعمان) بضم النون محمد بن الفضل (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم (أن رجلًا من الأنصار دبر مملوكًا) اتفق العلماء على عدم جواز إعتاق أم الولد عن الكفارة، وكذا المكاتب إذا أدى شيئًا من نجومه، وإذا لم يؤد جوزه الإمام أبو حنيفة، وأما المدبر فقد جوزه الشافعي لحديث الباب. فإن قلت: فما وجه دلالة الحديث؟ قلت: وجهه ظاهر وهو جواز بيعه. فإن قلت: لم يرو ما يدل على حال المكاتب وأم الولد؟ قلت: لم يجد لهما حديثًا أو قامهما على المدبر، وأما ولد الزنا، واتفقوا على إعتقاقه في الكفارات. (اشتراه نعيم النحام) -بفتح النون وتشديد الحاء- وفي بعضها: ابن النحام والصواب حذف الابن. باب إذا أعتق عبدًا بينه وبين آخر أو أعتق في الكفارة لمن يكون ولاؤه؟ فإن قلت: [ما] دلالة حديث بريرة على الترجمة، وعتق بريرة إنما كان من عائشة من غير شرك فيه لأحد؟ قلت: قوله: (الولاء لمن أعتق) دل على أن أحد الشريكين إذا أعتق سرى إلى نصيب الآخر، وإذا سرى وقع عن الكفارة لكونه تحرير رقبة بنص القرآن، ولقوله: "الولاء لمن أعتق" وقد يحترز بعض الشارحين هنا فقال: لم يجد حديثًا على شرطه أو لم يف عمره.

10 - باب الاستثناء فى الأيمان

10 - باب الاِسْتِثْنَاءِ فِي الأَيْمَانِ 6718 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ غَيْلاَنَ بْنِ جَرِيرٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ بْنِ أَبِى مُوسَى عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ قَالَ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي رَهْطٍ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ أَسْتَحْمِلُهُ فَقَالَ «وَاللَّهِ لاَ أَحْمِلُكُمْ، مَا عِنْدِى مَا أَحْمِلُكُمْ». ثُمَّ لَبِثْنَا مَا شَاءَ اللَّهُ، فَأُتِىَ بِإِبِلٍ فَأَمَرَ لَنَا بِثَلاَثَةِ ذَوْدٍ، فَلَمَّا انْطَلَقْنَا قَالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ لاَ يُبَارِكُ اللَّهُ لَنَا، أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَسْتَحْمِلُهُ فَحَلَفَ أَنْ لاَ يَحْمِلَنَا فَحَمَلَنَا. فَقَالَ أَبُو مُوسَى فَأَتَيْنَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ «مَا أَنَا حَمَلْتُكُمْ بَلِ اللَّهُ حَمَلَكُمْ، إِنِّى وَاللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لاَ أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، إِلاَّ كَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِى، وَأَتَيْتُ الَّذِى هُوَ خَيْرٌ». طرفه 3133 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الاستثناء في الأيمان من الثنيا -بضم المثلثة وسكون النون- من ثنيت الشيء عطفته لأنه إخراج بعض ما تناوله اللفظ. 6718 - (قتيبة) بضم القاف مصغر (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم (غيلان) بفتح المعجمة (عن أبي بردة) -بضم الباء- عامر بن أبي موسى، روى الحديث الذي سأل أبو موسى وأصحابه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحملان، وقد سلف في المغازي، وموضع الدلالة هنا قوله: (إن شاء الله) فإن في حكم الاستثناء في عدم ثبوت الحكم. واتفق العلماء على [أن] الاستثناء يمنع اليمين على الانعقاد، وكذا سائر الإنشاءات كالإعتاق والطلاق، إلا مالك فإنه خصَّه باليمين لورود الحديث فيه، وحجة القوم أنه لا فرق في المعنى بين اليمين وغيره؛ لأن العلة عدم الاطلاع على ما في علمه تعالى، والعلة المشتركة، وشرط الاتصال إلا رواية عن ابن عباس أنه أراد إظهاره لا أصل الاستثناء، فقال أبو عبيد: أراد ابن عباس أنه لا يأثم بالتأخير لأنه مأمور به في قوله تعالى: {لَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف: 23، 24] لا ترتيب الحكم، وهذا الذي قاله موقوف على أن يكون النهي للتحريم في كل واحد ولم يقل به أحد، ومعنى الاتصال ألا يعرض عن اليمين وسكنة النفس لا تضر، وكذا التذكير. (في رهط) من الثلاثة إلى العشرة في الرجال خاصة (بثلاث ذود) -بالذال المعجمة-

6719 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ وَقَالَ «إِلاَّ كَفَّرْتُ يَمِينِى، وَأَتَيْتُ الَّذِى هُوَ خَيْرٌ». أَوْ «أَتَيْتُ الَّذِى هُوَ خَيْرٌ، وَكَفَّرْتُ». طرفه 3133 6720 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامِ بْنِ حُجَيْرٍ عَنْ طَاوُسٍ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ سُلَيْمَانُ لأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى تِسْعِينَ امْرَأَةً، كُلٌّ تَلِدُ غُلاَمًا يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ - قَالَ سُفْيَانُ يَعْنِى الْمَلَكَ - قُلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. فَنَسِىَ، فَطَافَ بِهِنَّ، فَلَمْ تَأْتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ بِوَلَدٍ، إِلاَّ وَاحِدَةٌ بِشِقِّ غُلاَمٍ. فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَرْوِيهِ قَالَ «لَوْ قَالَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، لَمْ يَحْنَثْ وَكَانَ دَرَكًا فِي حَاجَتِهِ». وَقَالَ مَرَّةً قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَوِ اسْتَثْنَى». وَحَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ مِثْلَ حَدِيثِ أَبِى هُرَيْرَةَ. طرفه 2819 ـــــــــــــــــــــــــــــ من الثلاثة إلى العشرة في الإبل خاصة، وقد سلف ستة بدل ثلاثة، ولا ضرر لأن ذكر الأقل لا ينافي الأكثر. 6719 - (أبو النعمان) -بضم النون- محمد بن فضيل. 6720 - (حجير) -بضم الحاء، بعدها جيم- روى عن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (أن سليمان بن داود عليهما السلام قال: لأطوفن الليلة على تسعين امرأة) وفي رواية: ستين، وفي أخرى: تسعين، وفي رواية: مئة، والكل صواب وإنما هذا الخلاف من تفاوت حفظ الرواة، وموضع الدلالة هنا قول الملك: (قل: إن شاء الله). (بشق غلام) -بكسر الشين، أي: بنصف إنسان (ولو قال: إن شاء الله لم يحنث، وكان دركًا له في حاجته) بفتح الدال والراء: اسم من الإدراك، وهو الوصول واللحاق، أي: كان سببًا للإدراك، وقد أشرنا سابقًا إلى أن هذا الشيء علمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالوحي، ولا ملازمة بين قول الإنسان: إن شاء الله ودرك المقصود، ألا ترى أن موسى صلوات الله عليه قال: ستجدني إن شاء الله صابرًا ولم يصبر (وقال مرة: وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: روى الحديث تارة موقوفًا على أبي هريرة، وتارة مرفوعًا، وأما قوله: حدثنا أبو الزناد -بكسر الزاي بعدها نون- فقد روى الحديث موقوفًا على الأعرج.

11 - باب الكفارة قبل الحنث وبعده

11 - باب الْكَفَّارَةِ قَبْلَ الْحِنْثِ وَبَعْدَهُ 6721 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ حُجْرٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ الْقَاسِمِ التَّمِيمِىِّ عَنْ زَهْدَمٍ الْجَرْمِىِّ قَالَ كُنَّا عِنْدَ أَبِى مُوسَى وَكَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ هَذَا الْحَىِّ مِنْ جَرْمٍ إِخَاءٌ وَمَعْرُوفٌ - قَالَ - فَقُدِّمَ طَعَامٌ - قَالَ - وَقُدِّمَ فِي طَعَامِهِ لَحْمُ دَجَاجٍ - قَالَ - وَفِى الْقَوْمِ رَجُلٌ مِنْ بَنِى تَيْمِ اللَّهِ أَحْمَرُ كَأَنَّهُ مَوْلًى - قَالَ - فَلَمْ يَدْنُ فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى ادْنُ، فَإِنِّى قَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَأْكُلُ مِنْهُ. قَالَ إِنِّى رَأَيْتُهُ يَأْكُلُ شَيْئًا قَذِرْتُهُ، فَحَلَفْتُ أَنْ لاَ أَطْعَمَهُ أَبَدًا. فَقَالَ ادْنُ أُخْبِرْكَ عَنْ ذَلِكَ، أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي رَهْطٍ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ أَسْتَحْمِلُهُ، وَهْوَ يُقْسِمُ نَعَمًا مِنْ نَعَمِ الصَّدَقَةِ - قَالَ أَيُّوبُ أَحْسِبُهُ قَالَ وَهْوَ غَضْبَانُ - قَالَ «وَاللَّهِ لاَ أَحْمِلُكُمْ، وَمَا عِنْدِى مَا أَحْمِلُكُمْ». قَالَ فَانْطَلَقْنَا فَأُتِىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِنَهْبِ إِبِلٍ، فَقِيلَ أَيْنَ هَؤُلاَءِ الأَشْعَرِيُّونَ فَأَتَيْنَا فَأَمَرَ لَنَا بِخَمْسِ ذَوْدٍ غُرِّ الذُّرَى، قَالَ فَانْدَفَعْنَا فَقُلْتُ لأَصْحَابِى أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَسْتَحْمِلُهُ، فَحَلَفَ أَنْ لاَ يَحْمِلَنَا، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْنَا ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الكفارة قبل الحنث وبعده 6721 - (حجر) بضم الحاء وسكون الجيم (زهدم) بفتح المعجمة وسكون الذال (قال: كنا عند أبي موسى وبيننا وبين هذا الحي من جرم إخاء). فإن قلت: زهدم جرمي، فكان الظاهر أن يقول: بين أبي موسى وبين هذا الحي إخاء، كما تقدم في باب قوله: "لا تحلفوا بآبائكم"؟ قلت: زهدم راوي أبي موسى جعل نفسه تابعًا لأبي موسى منقطعًا عن قومه كذا قيل، والأظهر أن يقال: الجرم جرمان: جرم قضاعة ومنهم أبو موسى، وجرم طي، ذكرهما الجوهري. فيجوز أن يكون زهدم منهم، ولنا زيادة على هذا في أبواب الذبائح فراجعه، وحديث أبي موسى ورهطه أنهم طلبوا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يحملهم سلف مرارًا. فإن قلت: استدل بالحديث على جواز تقديم الكفارة على الحنث، ولا دلالة فيه لأن الواو لا تدل على الترتيب؟ قلت: الأمر كذلك ولكن بإطلاقه يشمل التقديم والتأخير؛ لأن

فَحَمَلَنَا، نَسِىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَمِينَهُ، وَاللَّهِ لَئِنْ تَغَفَّلْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَمِينَهُ لاَ نُفْلِحُ أَبَدًا، ارْجِعُوا بِنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلْنُذَكِّرْهُ يَمِينَهُ. فَرَجَعْنَا فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَيْنَاكَ نَسْتَحْمِلُكَ، فَحَلَفْتَ أَنْ لاَ تَحْمِلَنَا ثُمَّ حَمَلْتَنَا فَظَنَنَّا - أَوْ فَعَرَفْنَا - أَنَّكَ نَسِيتَ يَمِينَكَ. قَالَ «انْطَلِقُوا، فَإِنَّمَا حَمَلَكُمُ اللَّهُ، إِنِّى وَاللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لاَ أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ، فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، إِلاَّ أَتَيْتُ الَّذِى هُوَ خَيْرٌ وَتَحَلَّلْتُهَا». تَابَعَهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ وَالْقَاسِمِ بْنِ عَاصِمٍ الْكُلَيْبِىِّ. حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ وَالْقَاسِمِ التَّمِيمِىِّ عَنْ زَهْدَمٍ بِهَذَا. حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ زَهْدَمٍ بِهَذَا. طرفه 3133 6722 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ فَارِسٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَسْأَلِ الإِمَارَةَ، فَإِنَّكَ إِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا، وَإِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إِلَيْهَا، وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا ـــــــــــــــــــــــــــــ الواو لمطلق الجمع، ولا حاجة إلى أن يقال: قاسه على الزكاة. قال القاضي عياض: قال بجواز تقديم الكفارة أربعة عشر من الصحابة وفقهاء الأمصار إلا أبا حنيفة، واستثنى الشافعي الصيام لأنه فعل البدل وحق الله، فلا تقدم على الأوقات والأسباب وتحقيقه أنك لو قلت لإنسان إذا دخلت الدار فكل وأشرب أو قلت: فاشرب وكل لا يفهم ترتيب في الصورتين. (بخمس ذود) -بفتح المعجمة آخره مهملة- من الثلاثة إلى العشرة في الإبل خاصة (فأعر الذرا) جمع ذروة، وهو السنام، أي: بعض الأسمنة كناية عن السمن والحسن (تغفلنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمينه) .... أي: جعلناه غافلًا (إنما حملكم الله) إشارة إلى مقام التوحيد ورفع الوسائط، لا أنه لم يكن له دخل في ذلك، ألا ترى أنه كَفَّر عن يمينه. 6722 - روى حديث عبد الرحمن [بن] سمرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له: (لا تسأل الإمارة) وقد سلف، وموضع الدلالة قوله: (وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها أخيرًا

مِنْهَا، فَأْتِ الَّذِى هُوَ خَيْرٌ، وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ». تَابَعَهُ أَشْهَلُ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ. وَتَابَعَهُ يُونُسُ وَسِمَاكُ بْنُ عَطِيَّةَ وَسِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ وَحُمَيْدٌ وَقَتَادَةُ وَمَنْصُورٌ وَهِشَامٌ وَالرَّبِيعُ. طرفه 6622 ـــــــــــــــــــــــــــــ [منها] فائت الذي هو خير، وكفر عن يمينك). (حماد) بفتح الحاء وتشديد الدال (عن أبي قلابة) -بكسر القاف عبد الله الجرمي (عن ابن عون) اسمه عبد الله (عن سماك) بكسر السين وتخفيف الميم (وحميد) بضم الحاء مصغر (والربيع) ضد الخريف.

85 - كتاب الفرائض

85 - كتاب الفرائض 1 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِى بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَوِ ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الفرائض باب قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} [النساء: 11] الفرض القطع، والفرائض: جمع فريضة، صار من عداد الأسماء، يطلق على الذكر والأنثى، وفي عرف الفقهاء: الفرائض الأنصباء المقدرة في كتاب الله تعالى للورثة، والوارث من الرجال عشرة، ومن النساء سبع، والرجال كلهم عصبات إلا الأخ من الأم، والجد والأب مع الابن وابنه، ولا عصبة في النساء إلا المعتقة، والعصبة بالغير. وأسباب الإرث القرابة والنكاح والولاء. وموانعه الرق واختلاف الدين والقتل، وتمام الكلام في كتب الفروع، قيل: إنما قال: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ} بلفظ المضارع إشارة إلى أنه ناسخ للوصية المكتوبة عليهم للوالدين والأقربين، قلت: لا إشارة فيه لأن شرط الناسخ أن يكون معارضًا، ولا تعارض بينهما كما حققنا في سورة النساء، وقيل: أسند الفعل إلى كلمة الجلالة ... بالحكم. قلت: لو كان الفرض ذلك كان إسناده إلى نون التكلم أولى، والظاهر أنه آثر لفظ الجلالة؛ لأن شرط الأحكام شأن الأولوية.

2 - باب تعليم الفرائض

امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ). 6723 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - يَقُولُ مَرِضْتُ فَعَادَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بَكْرٍ وَهُمَا مَاشِيَانِ، فَأَتَانِى وَقَدْ أُغْمِىَ عَلَىَّ فَتَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَصَبَّ عَلَىَّ وَضُوءَهُ فَأَفَقْتُ. فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ أَصْنَعُ فِي مَالِى، كَيْفَ أَقْضِى فِي مَالِى فَلَمْ يُجِبْنِى بِشَىْءٍ حَتَّى نَزَلَتْ آيَةُ الْمَوَارِيثِ. طرفه 194 2 - باب تَعْلِيمِ الْفَرَائِضِ وَقَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ تَعَلَّمُوا قَبْلَ الظَّانِّينَ، يَعْنِى الَّذِينَ يَتَكَلَّمُونَ بِالظَّنِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 6723 - (قتيبة) بضم القاف مصغر (المنكدر) -بكسر الدال- روى عن جابر أنه كان مريضًا فعاده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان قد أغمي عليه، فتوضأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصب عليه بقية الوضوء -بفتح الواو- على الأشهر: الماء الذي يتوضأ به فأفاق وسأله عن ماله كيف يصنع به، فنزلت آية الميراث، وفي الحديث دلالة على فضل عبادة المريض وصب الماء على المغمى عليه والتبرك بآثار الصالحين، وتمام الكلام في سورة النساء. فإن قلت: كيف وجه الجمع بين هذا وبين ما روى الترمذي وأبو داود وابن ماجه والإمام أحمد عن جابر أن هذه الآية نزلت في ابنتي سعد بن الربيع حين أخذ المال العم؟ قلت: الذي نزل في جابر الآية الثانية وهي قوله: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً} [النساء: 12] أشار البخاري بقوله: (إلى {وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ} [النساء: 12]) ودل عليه أيضًا قول جابر: إنما يرثني كلالة. باب تعليم الفرائض (وقال عقبة بن عامر: تعلموا قبل الظانين) أي: قبل أن يكونوا منهم أو قبل أن يقع الحكم من الظانين.

3 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - «لا نورث ما تركنا صدقة»

6724 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ، وَلاَ تَحَسَّسُوا، وَلاَ تَجَسَّسُوا، وَلاَ تَبَاغَضُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا». طرفه 5143 3 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ» 6725 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ ـــــــــــــــــــــــــــــ 6724 - (وهيب) بضم الواو مصغر (ابن طاوس) عبد الله (إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث) قال ابن الأثير: أراد بالظن الشك، وفيه نظر لأن الشك لا حكم له، بل المراد الظن الذي هو الحكم بالطرف الراجح الذي لا يستند إلى أمارة ويخرج ظن المجتهد. فإن قلت: أفعل التفضيل تقتضي المشاركة، والمعين لا يحتمل الكذب؟ قلت: لكن الاعتقاد يحتمله مالًا لأنه يجزم بدون موجب بخلاف اليقين، فإنه لموجب اليقين. (ولا تحسسوا ولا تجسسوا) الأول بالحاء والثاني بالجيم، قيل: كلاهما بمعنى وهو طلب الأخبار والخوض فيما لا يعني، وقيل: الأول الاستماع إلى الأخبار من غير ضرورة، والثاني بالجيم الكشف عن العورات، وقيل: الأول طلب الإخبار لنفسه، والثاني: الطلب لغيره (ولا تدابروا) قال ابن الأثير: لا تهاجروا بأن يرى صاحبه فيطه قفاه وتولى عنه، قلت: الأولى حمله على الاغتياب ليوافق قوله تعالى: {وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} [الحجرات: 12]، والأحاديث في هذا الباب كثيرة، روى ابن ماجه عن أبي هريرة مرفوعًا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "تعلموا الفرائض وعلموها الناس فإنها نصف العلم" وإنما بالغ في الأمر بتعلمها لأنها توجد من النصوص إذ لا مجال للرأي فيها. باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا نورث ما تركناه صدقة" يريد نفسه وسائر الأنبياء للرواية الأخرى: "نحن معاشر الأنبياء لا نورث" وأما قوله تعالى: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} [النمل: 16] فالمراد وراثة العلم والنبوة، قيل: الحكمة في علم الوراثة من الأنبياء، ألا يهتموا بجمع المال للورثة رفعًا لقدرهم، وقيل: لأنهم آباء أمتهم فيكون ما خلفه لأمته لاستوائهم في ذلك وهذا أوجه. 6725 - (معمر) بفتح الميمين وعين ساكنة، روى في الباب حديث طلب فاطمة وعباس

عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ فَاطِمَةَ وَالْعَبَّاسَ - عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ - أَتَيَا أَبَا بَكْرٍ يَلْتَمِسَانِ مِيرَاثَهُمَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُمَا حِينَئِذٍ يَطْلُبَانِ أَرْضَيْهِمَا مِنْ فَدَكَ، وَسَهْمَهُمَا مِنْ خَيْبَرَ. طرفه 3092 6726 - فَقَالَ لَهُمَا أَبُو بَكْرٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ، إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ مِنْ هَذَا الْمَالِ». قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَاللَّهِ لاَ أَدَعُ أَمْرًا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَصْنَعُهُ فِيهِ إِلاَّ صَنَعْتُهُ. قَالَ فَهَجَرَتْهُ فَاطِمَةُ، فَلَمْ تُكَلِّمْهُ حَتَّى مَاتَتْ. طرفه 3093 6727 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ». طرفه 4034 6728 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ الميراث من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وطلب علي وعباس قسمة كان بيدهما في خلافة عمر من صدقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد سلف الحديث في باب الخمس وأشرنا هناك إلى أن غرض علي وعباس أن يكون كل منهما منفردًا بالنظر إلى بعضها لئلا يقع نزاع، وإنما امتنع عمر من ذلك لئلا تدعي كل طائفة منهم الملك فيما بيده من ذرية علي وعباس وكان في ذلك نصيبًا ولذلك لما تولى علي لم يغير شيئًا من ذلك. 6726 - (إنما يأكل آل محمد من هذا المال). فإن قلت: معنى هذا أن آل محمد - صلى الله عليه وسلم - لا يأكل إلا من هذا المال، وهذا ليس بصحيح، ولو سلم فليس المراد؟ قلت: القصر فيه إضافي، أي: مالهم إلا الأكل دون الملك، وقيل من للتبعيض أي إنما يأكل آل محمد بعض هذا المال دون الكل، وهذا ليس معنى التركيب ولا هو صحيح في نفسه؛ إذ لو احتاج إلى أكل الكل كان لهم ذلك. (فهجرته فاطمة فلم تكلمه حتى ماتت) وكان الصديق في ذلك بارًا راشدًا؛ إذ لو أعطاها إياه لكان مبطلًا لصدقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومخالفًا له، وكان أكل فاطمة حرامًا. 6727 - (أَبان) بفتح الهمزة. 6728 - (بُكير) مصغر بكر، وكذا (عُقَيل) وكذا (جبير).

أَخْبَرَنِى مَالِكُ بْنُ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ، وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ذَكَرَ لِى مِنْ حَدِيثِهِ ذَلِكَ، فَانْطَلَقْتُ حَتَّى دَخَلْتُ عَلَيْهِ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ انْطَلَقْتُ حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى عُمَرَ فَأَتَاهُ حَاجِبُهُ يَرْفَأُ فَقَالَ هَلْ لَكَ فِي عُثْمَانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالزُّبَيْرِ وَسَعْدٍ قَالَ نَعَمْ. فَأَذِنَ لَهُمْ، ثُمَّ قَالَ هَلْ لَكَ فِي عَلِىٍّ وَعَبَّاسٍ قَالَ نَعَمْ. قَالَ عَبَّاسٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اقْضِ بَيْنِى وَبَيْنَ هَذَا. قَالَ أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِى بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ». يُرِيدُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَفْسَهُ. فَقَالَ الرَّهْطُ قَدْ قَالَ ذَلِكَ. فَأَقْبَلَ عَلَى عَلِىٍّ وَعَبَّاسٍ فَقَالَ هَلْ تَعْلَمَانِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ ذَلِكَ قَالاَ قَدْ قَالَ ذَلِكَ. قَالَ عُمَرُ فَإِنِّى أُحَدِّثُكُمْ عَنْ هَذَا الأَمْرِ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ كَانَ خَصَّ رَسُولَهُ - صلى الله عليه وسلم - فِي هَذَا الْفَىْءِ بِشَىْءٍ لَمْ يُعْطِهِ أَحَدًا غَيْرَهُ، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ (مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ) إِلَى قَوْلِهِ (قَدِيرٌ) فَكَانَتْ خَالِصَةً لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَاللَّهِ مَا احْتَازَهَا دُونَكُمْ، وَلاَ اسْتَأْثَرَ بِهَا عَلَيْكُمْ، لَقَدْ أَعْطَاكُمُوهُ وَبَثَّهَا فِيكُمْ، حَتَّى بَقِىَ مِنْهَا هَذَا الْمَالُ، فَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ مِنْ هَذَا الْمَالِ نَفَقَةَ سَنَتِهِ، ثُمَّ يَأْخُذُ مَا بَقِىَ فَيَجْعَلُهُ مَجْعَلَ مَالِ اللَّهِ، فَعَمِلَ بِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَيَاتَهُ، أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمُونَ ذَلِكَ قَالُوا نَعَمْ. ثُمَّ قَالَ لِعَلِىٍّ وَعَبَّاسٍ أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمَانِ ذَلِكَ قَالاَ نَعَمْ. فَتَوَفَّى اللَّهُ نَبِيَّهُ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا وَلِىُّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَبَضَهَا فَعَمِلَ بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ تَوَفَّى اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ أَنَا وَلِىُّ وَلِىِّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَبَضْتُهَا سَنَتَيْنِ أَعْمَلُ فِيهَا مَا عَمِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ جِئْتُمَانِى وَكَلِمَتُكُمَا وَاحِدَةٌ، وَأَمْرُكُمَا جَمِيعٌ، جِئْتَنِى تَسْأَلُنِى نَصِيبَكَ مِنِ ابْنِ أَخِيكَ، وَأَتَانِى هَذَا يَسْأَلُنِى نَصِيبَ امْرَأَتِهِ مِنْ أَبِيهَا فَقُلْتُ إِنْ شِئْتُمَا دَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا بِذَلِكَ، فَتَلْتَمِسَانِ مِنِّى قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ، فَوَاللَّهِ الَّذِى بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ، لاَ أَقْضِى فِيهَا قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، فَإِنْ عَجَزْتُمَا فَادْفَعَاهَا إِلَىَّ، فَأَنَا أَكْفِيكُمَاهَا. طرفه 2904 ـــــــــــــــــــــــــــــ (مطعِم) بضم الميم وكسر العين (أَوس) بفتح الهمزة (الحَدَثان) بفتح الحاء والدال (يرفأ) -بفتح الياء على وزن يعلم- اسم صاحب عمر (ما احتازها) أي: ما انفرد بها من الحيازة (وبثها فيكم) أي: فرقها.

4 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - «من ترك مالا فلأهله»

6729 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَقْتَسِمُ وَرَثَتِى دِينَارًا، مَا تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَةِ نِسَائِى وَمُؤْنَةِ عَامِلِى فَهْوَ صَدَقَةٌ». طرفه 2776 6730 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ تُوُفِّىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَرَدْنَ أَنْ يَبْعَثْنَ عُثْمَانَ إِلَى أَبِى بَكْرٍ يَسْأَلْنَهُ مِيرَاثَهُنَّ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ أَلَيْسَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ». طرفه 4034 4 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ تَرَكَ مَالاً فَلأَهْلِهِ» 6731 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، فَمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، وَلَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً، فَعَلَيْنَا قَضَاؤُهُ، وَمَنْ تَرَكَ مَالاً فَلِوَرَثَتِهِ». طرفه 2298 ـــــــــــــــــــــــــــــ 6729 - (أبي الزناد) -بفتح الزاي بعدها نون- عبد الله بن ذكوان (لا يَقْسِم ورثتي دينارًا) أي: لا يوجد في تركتي دينار ولا درهم، فإن الذي تركه الأراضي، أو المعنى ما تركته من دينار أو درهم لا يورث بل هو صدقة، وهذا أوفق بآخر الحديث (نفقة نسائي) لأنهن محبوسات كالمعتدات، وفي قوله (ورثتي) تسامح ظاهر (ومؤنة عاملي) قيل: الخليفة بعده، والأظهر أنه أراد العامل على جميع الأموال. باب قول النبي من ترك مالًا فلأهله 6731 - (عبدان) على وزن شعبان (أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم) هذا نص القرآن، وقوله: (فمن مات وعليه دين ولم يترك وفاء فعلينا قضاؤه) هذا بيان الأولوية، وقد تقدم أن هذا كان بعد الفتوح قيل كان يقضى دين الميت من بيت المال، وقيل بل من خالص ماله، والأول أظهر، وكذا حكم الولاة بعده يجب عليهم أداء دين من مات فقيرًا من بيت المال.

5 - باب ميراث الولد من أبيه وأمه

5 - باب مِيرَاثِ الْوَلَدِ مِنْ أَبِيهِ وَأُمِّهِ وَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ إِذَا تَرَكَ رَجُلٌ أَوِ امْرَأَةٌ بِنْتًا فَلَهَا النِّصْفُ، وَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فَلَهُنَّ الثُّلُثَانِ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُنَّ ذَكَرٌ بُدِئَ بِمَنْ شَرِكَهُمْ، فَيُؤْتَى فَرِيضَتَهُ، فَمَا بَقِىَ فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ. 6732 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا، فَمَا بَقِىَ فَهْوَ لأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ». أطرافه 6735، 6737، 6746 6 - باب مِيرَاثِ الْبَنَاتِ 6733 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ قَالَ أَخْبَرَنِى عَامِرُ بْنُ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ميراث الرجل من أبيه وأمه (إن كان معهن ذكر بُدِئ بمن شَرِكهم) -بفتح الشين وكسر الراء- أي: من شاركهم من أصحاب الفرض كالأب والأم. 6732 - (وُهيب) بضم الواو مصغر (ابن طاوس) عبد الله (فما بقي) أي: بعد أصحاب الفروض (فلأَولى رجل ذَكَر) -بفتح الهمزة- أي: أقرب، وقال السهيلي: وصفُ الرجل بالذكر تأكيد، قال ابن الأثير: احتراز من الخنثى، وقيل: أشار إلى أن اختصاص الرجال بالعصوبة للذكورة، والأقرب عندي أنه يدل من رجل، وجدوى هذا البدل أن الرجل في المتعارف يطلق على من تجاوز حد الصغر، فدفع ذلك الوهم، وسوى بين الذكور في الحكم، وما يقال أن ذَكَر صفة أولى دون رجل؛ لأن المعنى ذكر من جهة رجل لا من جهة بطن ورحم ففاسد، لأن الأولى معناه: الأقرب، أي: الرجل الأقرب من غيره من العصبات، وما يكون من طرف البطن لا يمكن أن يكون عصبة، قال النووي: الإجماع على أن من أدلى بأنثى لا يكون عصبة. باب ميراث البنات 6733 - (الحُميدي) بضم الحاء مصغر. روى حديث سعد بن أبي وقاص لما مرض

سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ مَرِضْتُ بِمَكَّةَ مَرَضًا، فَأَشْفَيْتُ مِنْهُ عَلَى الْمَوْتِ، فَأَتَانِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَعُودُنِى فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِى مَالاً كَثِيرًا، وَلَيْسَ يَرِثُنِى إِلاَّ ابْنَتِى، أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَىْ مَالِى قَالَ «لاَ». قَالَ قُلْتُ فَالشَّطْرُ قَالَ «لاَ». قُلْتُ الثُّلُثُ قَالَ «الثُّلُثُ كَبِيرٌ إِنَّكَ إِنْ تَرَكْتَ وَلَدَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَتْرُكَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ، وَإِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً إِلاَّ أُجِرْتَ عَلَيْهَا، حَتَّى اللُّقْمَةَ تَرْفَعُهَا إِلَى فِي امْرَأَتِكَ». فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَأُخَلَّفُ عَنْ هِجْرَتِى فَقَالَ «لَنْ تُخَلَّفَ بَعْدِى فَتَعْمَلَ عَمَلاً تُرِيدُ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ، إِلاَّ ازْدَدْتَ بِهِ رِفْعَةً وَدَرَجَةً، وَلَعَلَّ أَنْ تُخَلَّفَ بَعْدِى حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ، لَكِنِ الْبَائِسُ سَعْدُ ابْنُ خَوْلَةَ يَرْثِى لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ مَاتَ بِمَكَّةَ». قَالَ سُفْيَانُ وَسَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ رَجُلٌ مِنْ بَنِى عَامِرِ بْنِ لُؤَىٍّ. طرفه 56 ـــــــــــــــــــــــــــــ بمكة في حجة الوداع، وقد سلف مرارًا، وموضع الدلالة هنا قوله: (ولا يرثني إلا ابنتي) من ذوي الفروض، قاله النووي (إنك إن تركت ولدك أغنياء) هذا إخبار عن الغيب بأنه يعيش حتى يولد له (عالة) جمع عائل، وهو الفقير (يتكففون الناس) أي: يسألون بأكفهم (فقلت: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أَأُخَلَّف عن هجرتي) كان يكره أن يموت بمكة لأنها دار هجروها في الله تعالى (قال: لن تُخَلف بعدي فتعمل عملًا تبتغي به وجه [لله] إلا ازددت به رفعة) هذا أسلوب غريب، فإنه خاف أن يخلف بمكة بأن يموت من ذلك المرض، فأخبره بأنه لا يموت في ذلك المرض بل يعيش بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (ولعلك أن تخلّفَ بعدي فينتفعَ بك أقوام ويُضَرَ بك آخرون) وكذا جرى، على يده كانت فتوح العراق، لاسيما فتح القادسية وحرب رستم (لكن البائس سعد بن خولة) استدراكًا من قصة سعد (يرثي له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه مات بمكة) لما قدمنا من أنهم كانوا يكرهون الموت بمكة (وسعد بن خولة رجل من بني عامر) وقال ابن عبد البر: كان حليفًا لهم، وقيل مولى لهم، وليس في الحديث إلا أن البنت ترث من أبيها، وأما مقدار إرثها مذكور في نص القرآن.

7 - باب ميراث ابن الابن، إذا لم يكن ابن

6734 - حَدَّثَنِى مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ شَيْبَانُ عَنْ أَشْعَثَ عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ أَتَانَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ بِالْيَمَنِ مُعَلِّمًا وَأَمِيرًا، فَسَأَلْنَاهُ عَنْ رَجُلٍ تُوُفِّىَ وَتَرَكَ ابْنَتَهُ وَأُخْتَهُ، فَأَعْطَى الاِبْنَةَ النِّصْفَ وَالأُخْتَ النِّصْفَ. طرفه 6741 7 - باب مِيرَاثِ ابْنِ الاِبْنِ، إِذَا لَمْ يَكُنِ ابْنٌ وَقَالَ زَيْدٌ وَلَدُ الأَبْنَاءِ بِمَنْزِلَةِ الْوَلَدِ، إِذَا لَمْ يَكُنْ دُونَهُمْ وَلَدٌ، ذَكَرُهُمْ كَذَكَرِهِمْ وَأُنْثَاهُمْ كَأُنْثَاهُمْ، يَرِثُونَ كَمَا يَرِثُونَ، وَيَحْجُبُونَ كَمَا يَحْجُبُونَ، وَلاَ يَرِثُ وَلَدُ الاِبْنِ مَعَ الاِبْنِ. 6735 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِىَ فَهْوَ لأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ». طرفه 6732 ـــــــــــــــــــــــــــــ 6734 - (محمود) هو ابن غيلان (أبو النضر) -بالضاد المعجمة- اسمه هاشم (شيبان) بفتح الشين المعجمة وسكون المثناة (الأشعث) بشين معجمة وثاء مثلثة. روى عن معاذ بن جبل أنه أعطى النصف للبنت والنصف للأخت وعليه الإجماع، إلا أن البنت تأخذ النصف بالفرضية، والأخت تأخذه بالعصبة. باب: ميراث ابن الابن إذا لم يكن ابن استدل عليه بما رواه عن زيد بن ثابت، أن أولاد الابن كأولاد الصلب عند عدمهم، عليه اتفاق الأئمة. 6735 - (وُهَيب) بضم الواو، مصغر (ألحقوا الفرائض بأهلها) تقدم هذا الحديث في باب ميراث الولد من أبيه، وموضع الدلالة على الترجمة قوله: (لأولى رجل ذكر) فإنه يدل على أن لا شيء لابن الابن مع الابن؛ لأن الابن أولى أي أقرب إلى الميت.

8 - باب ميراث ابنة ابن مع ابنة

8 - باب مِيرَاثِ ابْنَةِ ابْنٍ مَعَ ابْنَةٍ 6736 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو قَيْسٍ سَمِعْتُ هُزَيْلَ بْنَ شُرَحْبِيلَ قَالَ سُئِلَ أَبُو مُوسَى عَنِ ابْنَةٍ وَابْنَةِ ابْنٍ وَأُخْتٍ فَقَالَ لِلاِبْنَةِ النِّصْفُ وَلِلأُخْتِ النِّصْفُ، وَأْتِ ابْنَ مَسْعُودٍ فَسَيُتَابِعُنِى. فَسُئِلَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَأُخْبِرَ بِقَوْلِ أَبِى مُوسَى فَقَالَ لَقَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ، أَقْضِى فِيهَا بِمَا قَضَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لِلاِبْنَةِ النِّصْفُ، وَلاِبْنَةِ ابْنٍ السُّدُسُ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ، وَمَا بَقِىَ فَلِلأُخْتِ». فَأَتَيْنَا أَبَا مُوسَى فَأَخْبَرْنَاهُ بِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ، فَقَالَ لاَ تَسْأَلُونِى مَا دَامَ هَذَا الْحَبْرُ فِيكُمْ. طرفه 6742 9 - باب مِيرَاثِ الْجَدِّ مَعَ الأَبِ وَالإِخْوَةِ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ الزُّبَيْرِ الْجَدُّ أَبٌ. وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ (يَا بَنِى آدَمَ) (وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ). وَلَمْ يُذْكَرْ أَنَّ أَحَدًا خَالَفَ أَبَا بَكْرٍ فِي زَمَانِهِ وَأَصْحَابُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مُتَوَافِرُونَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَرِثُنِى ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ميراث ابنه ابن مع ابنه 6736 - (أبو قيس) -بفتح القاف ومثناة تحت- اسمه عبد الرحمن (هذيل) بضم الهاء، مصغر، وكذا (شُرحبيل) بضم المعجمة وكسر الباء الموحدة (لقد ضللت إذًا وما أنا من المهتدين) أي: لو اتبعت ما قاله أبو موسى لأنه اجتهادٌ في مقابلة النص، وهذا باطل لأن مساغ الاجتهاد فيما لا يوجد نص (قال أبو موسى: لا تسألوني ما دام هذا الحبر فيكم) -بفتح الحاء وكسرها- العالم الكبير، من الحبورة وهي: الزينة؛ لأنه يزين الكلام. باب ميراث الجد مع الأب والأخوة (وقال أبو بكر وابن عباس وابن الزبير: الجد أب) أي: حكمه حكم الأب عند عدم الأب يحجب من حجب الأب (وقرأ ابن عباس {يَابَنِي آدَمَ} [الأعراف: 26]) استدل على أن الجد أب؛ لأن آدم أبعد من جد (ولم يُذكَر أن أحدًا خالف أبا بكر في زمانه) هذا كلام

ابْنُ ابْنِى دُونَ إِخْوَتِى، وَلاَ أَرِثُ أَنَا ابْنَ ابْنِى. وَيُذْكَرُ عَنْ عُمَرَ وَعَلِىٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَزَيْدٍ أَقَاوِيلُ مُخْتَلِفَةٌ. 6737 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِىَ فَلأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ». طرفه 6732 6738 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَمَّا الَّذِى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ خَلِيلاً ـــــــــــــــــــــــــــــ البخاري، يريد به أن الجد أب لإجماع الصحابة على ذلك (وقال ابن عباس: يرثني ابن ابني دون إخوتي) هذا مجمع عليه (ولا أرث أنا ابنَ ابني) هذا كلام مع المنكر، أي: كيف يُعقل أن يكون وارثًا لي ولا أكون وارثه (ويذكر عن علي وعمر وابن مسعود وزيد أقاويل مختلفة) هذا كلام البخاري، وتحقيق المقام: أن مذهب أبي بكر وابن عباس وكثير من الصحابة أن الجد بمثابة الأب عند عدمه، ولا ترث الأخوة معه، وبه أخذ أبو حنيفة. وقال علي وابن مسعود وزيد: يرث الأخوة مع الجد، ثم اختلفوا في كيفية التوريث، فقال زيد: الجد لا ينقص عن الثلث إلا إذا كان مع الأخوة ذو فرض، ومعه لا ينقص عن السدس، وقال بذلك مالك والشافعي وأبو يوسف ومحمد وأكثر العلماء لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أفرضكم زيد" وروى الدارقطني أن عمر خطب وقال في خطبته: إن زيد بن ثابت قال في الجد قولًا وقد أمضيته. قال علي وابن مسعود: يرث الجد مع الأخوة بشرط أن لا ينقص من السدس، سواء كان معه ذو فرض أو لا وفي المسألة تطويل، وموضعه علم آخر فليطلب هناك مع الأدلة. 6737 - (وُهيب) بضم الواو، مصغر (ابن طاوس) عبد الله (ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر) استدل به على أن الجد مقدم على الأخوة لكونه أولى رجل أي: أقرب إلى الميت (ولكن خلة الإسلام أفضل) أي: من غيرها، وأراد بخلة الإسلام أُخوته كما جاء في الرواية الأخرى، فلا يرد أنه نفى الخلة بينه وبين الناس فكيف أثبتها. 6738 - (أبو مَعمَر) بفتح الميمين.

10 - باب ميراث الزوج مع الولد وغيره

لاَتَّخَذْتُهُ، وَلَكِنْ خُلَّةُ الإِسْلاَمِ أَفْضَلُ». أَوْ قَالَ «خَيْرٌ». فَإِنَّهُ أَنْزَلَهُ أَبًا. أَوْ قَالَ قَضَاهُ أَبًا. طرفه 467 10 - باب مِيرَاثِ الزَّوْجِ مَعَ الْوَلَدِ وَغَيْرِهِ 6739 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ وَرْقَاءَ عَنِ ابْنِ أَبِى نَجِيحٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ الْمَالُ لِلْوَلَدِ، وَكَانَتِ الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ، فَنَسَخَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ مَا أَحَبَّ، فَجَعَلَ لِلذَّكَرِ مِثْلَ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ، وَجَعَلَ لِلأَبَوَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ، وَجَعَلَ لِلْمَرْأَةِ الثُّمُنَ وَالرُّبُعَ، وَلِلزَّوْجِ الشَّطْرَ وَالرُّبُعَ. طرفه 2747 11 - باب مِيرَاثِ الْمَرْأَةِ وَالزَّوْجِ مَعَ الْوَلَدِ وَغَيْرِهِ 6740 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي جَنِينِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِى لَحْيَانَ سَقَطَ مَيِّتًا بِغُرَّةٍ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ. ثُمَّ إِنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِى قَضَى عَلَيْهَا بِالْغُرَّةِ تُوُفِّيَتْ، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «بِأَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ميراث الزوج مع الولد 6739 - ميراث الزوج كما نص عليه في آخر الحديث الشطر بدون الولد والربع مع الولد. (قال ابن عباس: كان المال للولد، وكانت الوصية للوالدين) أي: كان ذلك في بدء الإسلام حكمًا شرعيًّا (فنسخ) وقد أشرنا في سورة النساء الناسخ الحديث لا آية المواريث لعدم التعارض بين آية المواريث، والوصية للوالدين. باب ميراث المرأة والزوج مع الولد وغيره 6740 - (قُتيبة) بضم القاف، مصغر (قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جنين امرأة من بني لحيان سقط ميتًا بغرَّة عبد أو أمة) الولد ما دام في البطن يقال له: الجنين، وبنو لحيان بطن من

12 - باب ميراث الأخوات مع البنات عصبة

مِيرَاثَهَا لِبَنِيهَا وَزَوْجِهَا، وَأَنَّ الْعَقْلَ عَلَى عَصَبَتِهَا». طرفه 5758 12 - باب مِيرَاثِ الأَخَوَاتِ مَعَ الْبَنَاتِ عَصَبَةً 6741 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ قَالَ قَضَى فِينَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - النِّصْفُ لِلاِبْنَةِ وَالنِّصْفُ لِلأُخْتِ. ثُمَّ قَالَ سُلَيْمَانُ قَضَى فِينَا. وَلَمْ يَذْكُرْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 6734 ـــــــــــــــــــــــــــــ هذيل بن مدركة، فلا يخالف ما في كتاب الديات من رواية البخاري امرأتان من هذيل، والغرة: قال ابن الأثير: في الأصل بياض في جبهة الفرس، والمراد هنا عبد أو أمة بالغ في التمييز، سالم عن العيوب عند الشافعي. وقال مالك يقوّم بخمسين دينارًا أو ستمائة درهم. وقال الإمام أحمد: يقوم خمسًا من الإبل. وقال الكوفيون: يقوم خمسمائة درهم وهي على عاقلة الجاني كما صُرح به في الحديث، وقال مالك: هي من مال الجاني، وهي لورثة الجنين وهذا إذا سقط الجنين ميتًا، وأما لو سقط حيًّا ثم مات ففيه دية كاملة. فإن قلت: ليس في الباب ما يدل على الشق الأول، وهو ميراث المرأة مع الولد؛ قلت: معلوم من ميراث الزوج مع الولد؛ لأن حكم الزوجين لا يختلف. باب ميراث الأخوات مع البنات عصبة 6741 - (بشر بن خالد) بكسر الموحدة، وشين معجمة (قضى فينا معاذ في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النصف للابنة والنصف للاخت) وعليه الإجماع، نصف الابنة بالفرض والأخت بالعصوبة، وحديث عبد الله بن مسعود أنه أعطى للابنة النصف، وابنة الابن السدس، والباقي للأخت، قد سلف في باب ميراث ابنة الابن، وعليه اتفاق الأئمة، قال سليمان: قضى ولم يذكر عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي رواية أبي داود والدارقطني: ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيٌّ.

13 - باب ميراث الأخوات والإخوة

6742 - حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى قَيْسٍ عَنْ هُزَيْلٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ لأَقْضِيَنَّ فِيهَا بِقَضَاءِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لِلاِبْنَةِ النِّصْفُ، وَلاِبْنَةِ الاِبْنِ السُّدُسُ، وَمَا بَقِىَ فَلِلأُخْتِ. طرفه 6736 13 - باب مِيرَاثِ الأَخَوَاتِ وَالإِخْوَةِ 6743 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرًا - رضى الله عنه - قَالَ دَخَلَ عَلَىَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا مَرِيضٌ، فَدَعَا بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ نَضَحَ عَلَىَّ مِنْ وَضُوئِهِ فَأَفَقْتُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا لِى أَخَوَاتٌ. فَنَزَلَتْ آيَةُ الْفَرَائِضِ. طرفه 194 14 - باب (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمٌ) ـــــــــــــــــــــــــــــ 6742 - (عمرو بن عباس) بالباء الموحدة آخره سين مهملة (عن أبي قيس) اسمه عبد الرحمن (عن هزيل) -بضم الهاء- مصغر هزل ضد الجد. باب الإخوة والأخوات 6743 - (المنكدر) بضم الميم وكسر الدال. روى حديث جابر أنه مرض وعاده رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفيه نزلت آية الميراث، وقد سلف في سورة النساء. وقد سلف في آخر البقرة عن ابن عباس أن آخر آية نزلت قوله تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} [البقرة: 281] وفي رواية أن آخر آية نزلت {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} [التوبة: 128] وذكرنا التوفيق بين الروايات فراجعه.

15 - باب ابنى عم أحدهما أخ للأم والآخر زوج

6744 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ - رضى الله عنه - قَالَ آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ خَاتِمَةُ سُورَةِ النِّسَاءِ (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ). طرفه 4364 15 - باب ابْنَىْ عَمٍّ أَحَدُهُمَا أَخٌ لِلأُمِّ وَالآخَرُ زَوْجٌ وَقَالَ عَلِىٌّ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ، وَلِلأَخِ مِنَ الأُمِّ السُّدُسُ، وَمَا بَقِىَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ. 6745 - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِى حَصِينٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، فَمَنْ مَاتَ وَتَرَكَ مَالاً فَمَالُهُ لِمَوَالِى الْعَصَبَةِ، وَمَنْ تَرَكَ كَلاًّ أَوْ ضَيَاعًا، فَأَنَا وَلِيُّهُ فَلأُدْعَى لَهُ». طرفه 2298 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: ليس في الحديث إلا ذكر الأخوات دون الإخوة، قلت: يعلم حكم الأخوة من باب الأولى. باب ميراث ابن عم أحدهما أخ لأم والآخر زوج (وقال علي: للزوج النصف، وللأخت من الأم السدس، والباقي بينهما نصفان) هذا عليه الأئمة الأربعة، وقال طائفة منهم عمر وابن مسعود، المال كله للأخت من الأم بعد فرض الزوج لكونه ذا قرابتين كالأخ من الأبوين مع الأخ من الأب. 6745 - (محمود) هو ابن غيلان (عن أبي حصين) -بفتح الحاء- عثمان بن عاصم بن حصين (عن أبي صالح) هو ذكوان السماك (أنا أولى بالمومنين من أنفسهم) تقدم الحديث آنفًا، وموضع الدلالة هنا قوله: (فمن مات وترك مالًا فماله لموالي العصبة) الإضافة بيانية أي: الموالي هم العصبات، قال ابن الأثير: المولى يطلق على ابن العم. فإن قلت: ربما كان الوارث غير عصبة، وأيضًا العصبة ربما كان غير ابن العم. قلت: ابن العم إذا كان أخًا لأم إنما يأخذ بالعصوبة بعد الفرض. (ومن ترك كلًّا أو ضَياعًا) -بفتح الضاد- العيال والثقل، والمراد به ما لزمه من دين أو غرامة (فلأدع له) بكسر [اللام] على بناء المجهول، واللام للأمر، وفي بعضها: فلأدعى بإثبات الياء، وهي لغة من لم يحذف حرف العلة بالجازم كقوله له:

16 - باب ذوى الأرحام

6746 - حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ رَوْحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا، فَمَا تَرَكَتِ الْفَرَائِضُ فَلأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ». طرفه 6732 16 - باب ذَوِى الأَرْحَامِ 6747 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ قُلْتُ لأَبِى أُسَامَةَ حَدَّثَكُمْ إِدْرِيسُ حَدَّثَنَا طَلْحَةُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِىَ) (وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ) قَالَ كَانَ الْمُهَاجِرُونَ حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ يَرِثُ الأَنْصَارِىُّ الْمُهَاجِرِىَّ دُونَ ذَوِى رَحِمِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ ألم يأتيك والأنباء تنمى 6746 - (أمية بن بسطام) بضم الهمزة وكسر الباء الموحدة (زُريع) مصغر (عن رَوح) بفتح الراء (ألحقوا الفرائض باهلها) تقدم هذا مرارا، واستدل به هنا على أن الأخ من الأم ذو فرض فيأخذه ثم يشارك ابن عم آخر في العصوبة. باب ذوي الأرحام الأرحام: جمع رحم وهي القرابة، والمراد به من لا سهم له في الكتاب والسنة، وهم عشرة أصناف: الأول: كل جد وجدة ساقطين. الثاني: أولاد البنات. الثالث: بنات الأخوة. الرابع: أولاد الأخوات ذكرًا كان أو أنثى. الخامس: بنو الأخوة للأم. السادس: العم من جانب الأم السابع: بنات الأعمام الثامن: العمات. التاسع: الأخوال والخالات. العاشر: المدلي بواحد من المذكورين. وللعلماء في توريث ذوي الأرحام، وطريق الإرث فيهم خلاف، وموضعه علم آخر. 6747 - (أبو أسامة) -بضم الهمزة- حماد بن أسامة كان المهاجرون حين قدموا المدينة يرث الأنصاري المهاجري) وفي سورة النساء وقع بالعكس، دلالة على أن الوراثة من

17 - باب ميراث الملاعنة

لِلأُخُوَّةِ الَّتِى آخَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَهُمْ فَلَمَّا نَزَلَتْ (جَعَلْنَا مَوَالِىَ) قَالَ نَسَخَتْهَا (وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ). طرفه 2292 17 - باب مِيرَاثِ الْمُلاَعَنَةِ 6748 - حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما أَنَّ رَجُلاً لاَعَنَ امْرَأَتَهُ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَانْتَفَى مِنْ وَلَدِهَا فَفَرَّقَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَهُمَا، وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالْمَرْأَةِ. طرفه 4748 ـــــــــــــــــــــــــــــ الطرفين فلا وجه لما يقال: من الأولى قراءة الأنصار بالنصب لتتحد الروايتان، والياء في المهاجري للنسبة، كقول ابن الحاجب ما عند الذكر الحكمي: نسبة إلى لفظ الحكم (للأخوة التي آخى النبي - صلى الله عليه وسلم - بينهم، فلما نزلت: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} [النساء: 33]) والمنسوخ قوله: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 33] وهو بدل من الضمير المنصوب، وإبدال المظهر عن الضمير الغائب كثير، أو نصب على الاختصاص بتقدير أعني. وقيل: الضمير للمؤاخاة لا الآية، وفاعل (نسختها) قوله: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} و {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} بدل من الضمير، وفيه نظر من وجهين: الأول: أن المؤاخاة، لم تنسخ لما تقدم من قول ابن عباس في سورة النساء ذهب الميراث وبقي النصر والرفادة. الثاني: أن قوله: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ} لا يصح أن يكون بدلًا من المؤاخاة لعدم التصادق على شيء. باب ميراث الملاعنة وحديث اللعان سلف في سورة النور. والغرض من إيراده هنا قوله: ألحق الولد بالمرأة، وأخرج منه رواية أبي داود، وجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ميراث ابن الملاعنة لأمه ولورثتها، وعليه اتفاق الأئمة.

18 - باب الولد للفراش حرة كانت أو أمة

18 - باب الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً 6749 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ عُتْبَةُ عَهِدَ إِلَى أَخِيهِ سَعْدٍ أَنَّ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ مِنِّى، فَاقْبِضْهُ إِلَيْكَ. فَلَمَّا كَانَ عَامَ الْفَتْحِ أَخَذَهُ سَعْدٌ فَقَالَ ابْنُ أَخِى عَهِدَ إِلَىَّ فِيهِ. فَقَامَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ فَقَالَ أَخِى وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِى، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ. فَتَسَاوَقَا إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ سَعْدٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْنُ أَخِى قَدْ كَانَ عَهِدَ إِلَىَّ فِيهِ. فَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ أَخِى وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِى، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ، الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ». ثُمَّ قَالَ لِسَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ «احْتَجِبِى مِنْهُ». لِمَا رَأَى مِنْ شَبَهِهِ بِعُتْبَةَ، فَمَا رَآهَا حَتَّى لَقِىَ اللَّهَ. طرفه 2053 6750 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْوَلَدُ لِصَاحِبِ الْفِرَاشِ». طرفه 6818 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الولد للفراش قال ابن الأثير: أي لمالك الفراش وهو الزوج والمولى، ويقال للمرأة: فراش؛ لأن الزوج يفترشها؛ أو لأن الفراش من لوازمها عرفًا. 6749 - روى في الباب حديث وليدة زمعة حين تنازع في ولدها سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن زمعة، قد سلف الحديث في أبواب النكاح، وموضع الدلالة هنا قوله: (الولد للفراش) وفيه دليل للشافعي ومن وافقه في عدم الاحتياج إلى الدعوة، وإليه أشار البخاري في الترجمة، لقوله: حرة كانت أو أمة (وللعاهر الحجر) أي: الرجم بالحجارة وهو حد المحصن، أو هذا كناية عن الحرمان، ومثله متعارف في كلام العرب. والعهر لغة: الإتيان بالليل لقصد الزنى ثم غلب على الزنى. 6750 - (زياد) بالزاء وياء مثناة تحت، وقد سلف منا أن عتبة بن أبي وقاص هو الذي شج وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد مات كافرًا، وذكر الحاكم في "المستدرك" أنه قتله يوم أحد حاطب بن أبي بلتعة، ومن عده في الصحابة كابن منده والعسكر فلا سند له.

19 - باب الولاء لمن أعتق، وميراث اللقيط

19 - باب الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ، وَمِيرَاثُ اللَّقِيطِ وَقَالَ عُمَرُ اللَّقِيطُ حُرٌّ. 6751 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتِ اشْتَرَيْتُ بَرِيرَةَ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اشْتَرِيهَا، فَإِنَّ الْوَلاَءَ لِمَنْ أَعْتَقَ». وَأُهْدِىَ لَهَا شَاةٌ فَقَالَ «هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ، وَلَنَا هَدِيَّةٌ». قَالَ الْحَكَمُ وَكَانَ زَوْجُهَا حُرًّا، وَقَوْلُ الْحَكَمِ مُرْسَلٌ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَأَيْتُهُ عَبْدًا. طرفه 456 6752 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». طرفه 2156 20 - باب مِيرَاثِ السَّائِبَةِ 6753 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى قَيْسٍ عَنْ هُزَيْلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ إِنَّ أَهْلَ الإِسْلاَمِ لا يُسَيِّبُونَ، وَإِنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يُسَيِّبُونَ. 6754 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - اشْتَرَتْ بَرِيرَةَ، لِتُعْتِقَهَا، وَاشْتَرَطَ أَهْلُهَا وَلاَءَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الولاء لمن أعتق وميراث اللقيط (وقال عمر اللقيط حر) عليه اتفاق الأئمة. 6751 - 6752 - روى في الباب حديث بريرة، وموضع الدلالة قوله: (الولاء لمن أعتق) قال مالك: إذا أعتق عبدًا عن غيره فالولاء لمن أعتق عنه. باب ولاء السائبة مثاله أن يقول لعبده أو أمته: أنت سائبة يريد بذلك إعتاقه ونفي الولاء عنه، قال أكثر العلماء: إن ذلك كالإعتاق، ويكون الولاء له، والدليل عليه حديث بريرة. 6753 - (قبيصة) (عن أبي قيس) اسمه عبد الله (عن هزيل) مصغر هزل، ضد الجد (عن ابن مسعود: أهل الإسلام لا يسيبون) كأنه سُئل عن السائبة فلم يحضره الجواب ثم رأيت زيادة عليه، نقل شيخنا أنه قال لك ميراثه، وقال مالك: ولاؤه للمسلمين. 6754 - (أبو عوانة) -بفتح العين- الوضاح الواسطي.

21 - باب إثم من تبرأ من مواليه

فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى اشْتَرَيْتُ بَرِيرَةَ لأُعْتِقَهَا، وَإِنَّ أَهْلَهَا يَشْتَرِطُونَ وَلاَءَهَا. فَقَالَ «أَعْتِقِيهَا فَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». أَوْ قَالَ «أَعْطَى الثَّمَنَ». قَالَ فَاشْتَرَتْهَا فَأَعْتَقَتْهَا. قَالَ وَخُيِّرَتْ فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا وَقَالَتْ لَوْ أُعْطِيتُ كَذَا وَكَذَا مَا كُنْتُ مَعَهُ. قَالَ الأَسْوَدُ وَكَانَ زَوْجُهَا حُرًّا. قَوْلُ الأَسْوَدِ مُنْقَطِعٌ، وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ رَأَيْتُهُ عَبْدًا. أَصَحُّ. طرفه 456 21 - باب إِثْمِ مَنْ تَبَرَّأَ مِنْ مَوَالِيهِ 6755 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِىِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ عَلِىٌّ - رضى الله عنه مَا عِنْدَنَا كِتَابٌ نَقْرَؤُهُ إِلاَّ كِتَابُ اللَّهِ، غَيْرَ هَذِهِ الصَّحِيفَةِ. قَالَ فَأَخْرَجَهَا فَإِذَا فِيهَا أَشْيَاءُ مِنَ الْجِرَاحَاتِ وَأَسْنَانِ الإِبِلِ. قَالَ وَفِيهَا الْمَدِينَةُ حَرَمٌ مَا بَيْنَ عَيْرٍ إِلَى ثَوْرٍ، فَمَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا، أَوْ آوَى مُحْدِثًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ (لو أعطيت كذا وكذا) -على بناء المجهول- إن كلام بريرة (قال الأسود: كان زوجها حرًّا، قال البخاري: وقول الأسود منقطع). فإن قلت: تقدم قول الحكم كان زوجها حرًّا مرسلًا، وقول البخاري هنا عن الأسود منقطع. قلت: المشهور أن المرسل قول التابعي: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كذا، والمنقطع قول من دون التابعي، ويطلق كل منهما على الآخر ما لم يتصل إسناده. باب إثم من تبرأ من مواليه 6755 - (قتيبة) بضم القاف، مصغر (عن إبراهيم التيمي) بفتح الفوقانية وسكون التحتانية، روى حديث علي (ما عندنا إلا كتاب وما في هذه الصحيفة) وقد سلف هذا الحديث (والمدينة ما بين عَير إلى كذا) وفي بعضها إلى ثور قال ابن الأثير: العير -بفتح العين-: جبل بالمدينة، وأما ثور بلفظ الحيوان المعروف لم يعرفه أهل المدينة، بل هو جبل معروف بمكة فيه الغار الذي أقام فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما هاجر. وفي بعض الروايات أحد بدل ثور، وهذا أشبه بالصحية. وقد توجه الأول بأنه أراد أنه حُرّم من المدينة مقدار ما حرم الله من عَير إلى ثور بمكة (أو آوى محدثًا) بالمد، والقصر أشهر، ومحدث يروى بكسر الدال

22 - باب إذا أسلم على يديه

فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفٌ وَلاَ عَدْلٌ، وَمَنْ وَالَى قَوْمًا بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفٌ وَلاَ عَدْلٌ، وَذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ، يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفٌ وَلاَ عَدْلٌ. طرفه 111 6756 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ بَيْعِ الْوَلاَءِ وَعَنْ هِبَتِهِ. طرفه 2535 22 - باب إِذَا أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ وَكَانَ الْحَسَنُ لاَ يَرَى لَهُ وِلاَيَةً. وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». وَيُذْكَرُ عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِىِّ رَفَعَهُ قَالَ: ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو الجاني، وبالفتح وهو الأمر المنكر ومعنى أنه الرضا به (لا يقبل منه يوم القيامة لا صرف ولا عدل) قيل فرض ونفل، وقيل التوبة والفدية (ومن والى قومًا بغير إذن مواليه) هذا موضع الدلالة على الترجمة، قال ابن الأثير: ظاهر هذا يوهم أن الموالي إذا أذنوا يجُوز ذلك، وليس كذلك، فإن الولاء لحمة كلحمة النسب، وروي جوازه عن عطاء، والإجماع على خلافه. فإن قلت: ما فائدة قوله بغير إذن مواليه إذا لم يجز بإذن المولى؛ قلت: فائدته تأكيد المنع فإنه معلوم أنهم لا يأذنون لعدم جواز الإذن؛ لاستحالة انتقال الولاء، كذا قيل لكن ليس بظاهر؛ إذ ربما يرضى الموالي بذلك لغرض، ولذلك أورد البخاري حديث ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الولاء وهبته. (ذمة المسلمين واحدة) الذمة: العهد والأمان، فإذا أمن امرؤ مسلم كافرًا حرًّا كان المسلم أو عبدًا، رجلًا كان أو امرأة نفذ أمانه على السلطان ومن دونه (فمن أخفر مسلمًا) أي: نقض عهد مسلم، يقال: خفرته إذا حفظت عهده، وأخفرته: نقضته، فالهمزة فيه للسلب أي: أزلت خفارته. باب إذا أسلم على يديه (ويذكر عن تميم الداوي رفعه) أي: إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمرفوع هو المذكور بعده وهو

23 - باب ما يرث النساء من الولاء

«هُوَ أَوْلَى النَّاسِ بِمَحْيَاهُ وَمَمَاتِهِ»، وَاخْتَلَفُوا فِي صِحَّةِ هَذَا الْخَبَرِ. 6757 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِىَ جَارِيَةً تُعْتِقُهَا فَقَالَ أَهْلُهَا نَبِيعُكِهَا عَلَى أَنَّ وَلاَءَهَا لَنَا. فَذَكَرَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «لاَ يَمْنَعُكِ ذَلِكِ، فَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». طرفه 2156 6758 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتِ اشْتَرَيْتُ بَرِيرَةَ فَاشْتَرَطَ أَهْلُهَا وَلاَءَهَا، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «أَعْتِقِيهَا فَإِنَّ الْوَلاَءَ لِمَنْ أَعْطَى الْوَرِقَ». قَالَتْ فَأَعْتَقْتُهَا - قَالَتْ - فَدَعَاهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَخَيَّرَهَا مِنْ زَوْجِهَا فَقَالَتْ لَوْ أَعْطَانِى كَذَا وَكَذَا مَا بِتُّ عِنْدَهُ. فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا. طرفه 456 23 - باب مَا يَرِثُ النِّسَاءُ مِنَ الْوَلاَءِ 6759 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ أَرَادَتْ عَائِشَةُ أَنْ تَشْتَرِىَ بَرِيرَةَ فَقَالَتْ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّهُمْ يَشْتَرِطُونَ الْوَلاَءَ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اشْتَرِيهَا، فَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». طرفه 2156 ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: (أولى الناس بمحياه ومماته) واستدل بهذا الحديث أبو حنيفة (واختلفوا في صحة هذا الخبر) واستدل البخاري على عدم صحته بقوله - صلى الله عليه وسلم -: (الولاء لمن أعتق) وهذا الاستدلال ضعيف لو صح حديث تميم؛ لأن المراد من الحصر ولاء العتاقة، فلا يدل على نفي ولاء الموالاة، يدل عليه قوله: (الولاء لمن أعطى الورق) إذ ربما ملكه من غير إعطاء الورق، قال الشافعي: حديث تميم ليس بثابت؛ لأن ابن وهب الراوي عنه لم يلقه، وهذا هو المعتمد في رد حديث تميم. 6757 - (قُتيبة) بضم القاف مصغر. 6758 - (الولاء لمن أعطى الوَرِق) -بفتح الواو وكسر الراء وسكونها- الفضة (وكان زوجها حرًّا) هذا قول الأسود، وقد تقدم أن الأصح قول ابن عباس: إن زوجها كان عبدًا. باب ما يرث النساء من الولاء 6759 - (هَمَّام) بفتح الهاء وتشديد الميم. روى حديث بريرة، وموضع الدلالة قوله: (إنما الولاء لمن أعتق) فإنه يتناول الرجل والمرأة.

24 - باب مولى القوم من أنفسهم، وابن الأخت منهم

6760 - حَدَّثَنَا ابْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْطَى الْوَرِقَ، وَوَلِىَ النِّعْمَةَ». طرفه 456 24 - باب مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، وَابْنُ الأُخْتِ مِنْهُمْ 6761 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ وَقَتَادَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ». أَوْ كَمَا قَالَ. 6762 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «ابْنُ أُخْتِ الْقَوْمِ مِنْهُمْ». أَوْ «مِنْ أَنْفُسِهِمْ». طرفه 3146 ـــــــــــــــــــــــــــــ 6760 - (ابن سلام) -بتخفيف اللام- محمد (الولاء لمن أعطى الورق) هذا بناء على الغالب، وإلا فالموهوب والموروث كذلك (وولي النعمة) أي: الإعتاق، قال تعالى {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ} [الأحزاب: 37]، والعبارة شاملة عند الفقهاء ليس للنساء ولاء إلا ولاء من أعتقن أو أعتق من أعتقن أو ذرية من أعتقن وهكذا. باب مولى القوم منهم وابن الأخت هذه الترجمة حديث الباب، والمراد من كون المولى من القوم النسبة إليهم، ولذلك حرم الزكاة على موالي بني هاشم، وابن أخت القوم أيضًا منسوبٌ إليهم، وهذا ظاهر عند من يورث ذوي الأرحام، ومن لم يورثهم يقول: المراد ابن الأخت إذا كان عصبة، والذي يدل عليه قوله: 6761 - (مولى القوم منهم) للإجماع على أنه لا يرث، وفائدة ذكرهما بهذه العبارة أن أهل الجاهلية كانوا لا يعتدون بأولاد البنات فضلًا عن الأخوات، فأشار إلى رفع ذلك، وفي المولى الإشارة إلى أنه منسوب إلى سيده لا إلى من ولده.

25 - باب ميراث الأسير

25 - باب مِيرَاثِ الأَسِيرِ قَالَ وَكَانَ شُرَيْحٌ يُوَرِّثُ الأَسِيرَ فِي أَيْدِى الْعَدُوِّ وَيَقُولُ هُوَ أَحْوَجُ إِلَيْهِ. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَجِزْ وَصِيَّةَ الأَسِيرِ، وَعَتَاقَهُ، وَمَا صَنَعَ فِي مَالِهِ، مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ عَنْ دِينِهِ، فَإِنَّمَا هُوَ مَالُهُ، يَصْنَعُ فِيهِ مَا يَشَاءُ. 6763 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِىٍّ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ تَرَكَ مَالاً فَلِوَرَثَتِهِ، وَمَنْ تَرَكَ كَلاًّ فَإِلَيْنَا». طرفه 2298 26 - باب لاَ يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ وَلاَ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ وَإِذَا أَسْلَمَ قَبْلَ أَنْ يُقْسَمَ الْمِيرَاثُ فَلاَ مِيرَاثَ لَهُ. 6764 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِىِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ، وَلاَ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ». طرفه 1588 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ميراث الأسير استدل على توريثه بما رواه عن شريح وعمر بن عبد العزيز وبما رواه عن أبي هريرة مرفوعًا: 6763 - (ومن ترك مالًا فلورثته) ووجه الدلالة أن الأسير وارث، والأسير ليس من مواضع الإرث إجماعًا إلا ما يروى عن ابن المسيب. (عن عَديّ) بفتح العين وتشديد الياء (عن أبي حازم) -بالحاء المهملة- سلمان الأشجعي. باب لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم (وإذا أسلم قبل أن تقسم فلا ميراث له) يرد بهذا على الإمام أحمد فإنه روي عنه أن له الإرث إذا أسلم قبل القسمة. 6764 - (أبو عاصم) الضحاك بن مخلد (ابن جريج) بضم الجيم (عن عَمْرو بن عثمان) بفتح العين وسكون الميم، ورواه مالك بضم العين: عمر. قال النسائي: الصواب عَمرو بفتح العين، وإنما التبس عليهم -لأن عثمان له ابناءن عمر وعَمرو، ولكن هذا الحديث من رواية

27 - باب ميراث العبد النصرانى ومكاتب النصرانى، وإثم من انتفى من ولده

27 - باب مِيرَاثِ الْعَبْدِ النَّصْرَانِىِّ وَمُكَاتَبِ النَّصْرَانِىِّ، وَإِثْمِ مَنِ انْتَفَى مِنْ وَلَدِهِ 28 - باب مَنِ ادَّعَى أَخًا أَوِ ابْنَ أَخٍ 6765 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا قَالَتِ اخْتَصَمَ سَعْدُ بْنُ أَبِى وَقَّاصٍ وَعَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ فِي غُلاَمٍ فَقَالَ سَعْدٌ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْنُ أَخِى عُتْبَةَ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ عَهِدَ إِلَىَّ أَنَّهُ ابْنُهُ، انْظُرْ إِلَى شَبَهِهِ. وَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ هَذَا أَخِى يَا رَسُولَ اللَّهِ، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ أَبِى مِنْ وَلِيدَتِهِ. فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى شَبَهِهِ فَرَأَى شَبَهًا بَيِّنًا بِعُتْبَةَ فَقَالَ «هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ، الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ، وَاحْتَجِبِى مِنْهُ يَا سَوْدَةُ بِنْتَ زَمْعَةَ». قَالَتْ فَلَمْ يَرَ سَوْدَةَ قَطُّ. طرفه 2053 ـــــــــــــــــــــــــــــ عمرو، وحديث الباب هو نفس الترجمة، وعليه اتفاق الأئمة سلفًا وخلفًا إلا شرذمة، قالوا: إن المسلم يورث الكافر دون العكس، ولفظ الكافر تناول المرتد إلا عند مالك وأحمد لا يرث اليهودي من النصراني، وكذا العكس، قال الشافعي وأحمد: مال المرتد فيء للمسلمين، وكلذا عند مالك إن قصد بردته أن يحرم ورثته من المسلمين، وعند أبي حنيفة ما كسبه قبل ردته فلورثته وبعده للمسلمين، وقول الإمامين كقول الشافعي. باب ميراث العبد النصراني وإثم من انتفى من ولده لم يرو في الباب حديثًا، والظاهر أنه لم يظفر به، وشرح الباب: أن العبد إذا مات ما في يده لمولاه لا لكونه ميراثًا فإن العبد لا يملك شيئًا، وإن كان مكاتبًا فالذي يفضل عما كاتب عليه فلورثته إن كانوا، وإلا فالكل لمولاه، هذا إذا كان رقيقًا، وأما إذا أعتق المسلم عبدًا كافرًا فلا يرثه إلا رواية عن أحمد. فإن قلت: لم يذكر ما يدل على إثم انتفاء الولد؟ قلت: إذا كان الولد للفراش بقول الشارع، فالانتفاء يكون إثمًا بلا ريب، وقيل: إن كان عتبة مات مسلمًا فيكون وصى به سعدًا خوفًا من الإثم، وإن كان مات كافرًا فاستخلاف سعد يكون من صرف الإثم، قلت: أما عتبة فقد ذكرنا أنه مات كافرًا، وأما قول سعدة ابن أخي عهد إلي فيه ينافي هذا القول. باب من ادعى أخًا وابن أخ 6765 - (قتيبة) بضم القاف وفتح التاء، مصغر. روى في الباب حديث سعد بن أبي

29 - باب من ادعى إلى غير أبيه

29 - باب مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ 6766 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا خَالِدٌ - هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ - حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ عَنْ سَعْدٍ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ، وَهْوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ غَيْرُ أَبِيهِ، فَالْجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ». طرفه 4326 6767 - فَذَكَرْتُهُ لأَبِى بَكْرَةَ فَقَالَ وَأَنَا سَمِعَتْهُ أُذُنَاىَ وَوَعَاهُ قَلْبِى مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 4327 ـــــــــــــــــــــــــــــ وقاص مع عبد بن زمعة، وموضع الدلالة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حكم بالولد له بقول الأخ، وأجابوا عن هذا بأنه حكم بالفراش كما صرح به لا بقول الأخ، وهذا الخلاف إنما هو في أخ واحد، وأما إذا كانا اثنين يثبت النسب بشهادتهما. باب إثم من ادعى إلى غير أبيه 6766 - (خالد) هو ابن عبد الله الطحان. (وخالد) الثاني: وهو ابن مهران وهو الحذاء (من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم فالجنة عليه حرام). فإن قلت: من قال لا إله إلا الله دخل الجنة. قلت: إن استحل ذلك فهو كفرٌ أو مع الأولين من غير عذاب، أو قال تغليظًا كقوله: "من ترك الصلاة متعمدًا فقد كفر". فإن قلت: ذكر في آخر الحديث أنه كفر، قلت: على هذا التوجيه على كفران النعمة. فإن قلت: قد دعيَ إلى غير أبيه من الصحابة المقداد بن الأسود، قلت: ليس ذلك من حيث التبرؤ من أبيه بل لأمر آخر، فإن مقداد بن عمرو كان ربيبًا للأسود وإلا فهو المقداد بن عمرو بن ثعلبة البهراني ويقال فيه الكندي؛ لأن أباه كان حليفًا لكندة، وهذا مثل انتساب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عبد المطلب. فإن قلت: لم كان هذا الإثم العظيم، قلت: لأنه لا يرضى بما قسم الله، وفيه اختلاط الأنساب، وصرف الإرث إلى غير الوارث، ولمفاسد أخرى تظهر بالتامل. 6767 - (لأبي بكرة) نفيع بن الحارث، والقائل قلت لأبي بكرة: هو أبو عثمان النهدي، وسببه أن أبا بكرة بن الحارث أمه سمية أمةٌ للحارث بعد أن ولدت أبا بكرة زوجها لمولاه عبيدة فولدت زيادًا، وكان زياد هذا صاحب مكروهًا وكان من جهة الإمام علي فمكر

30 - باب إذا ادعت المرأة ابنا

6768 - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِى عَمْرٌو عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ عِرَاكٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ أَبِيهِ فَهُوَ كُفْرٌ». 30 - باب إِذَا ادَّعَتِ الْمَرْأَةُ ابْنًا 6769 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «كَانَتِ امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا ابْنَاهُمَا، جَاءَ الذِّئْبُ فَذَهَبَ بِابْنِ إِحْدَاهُمَا فَقَالَتْ لِصَاحِبَتِهَا إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ. وَقَالَتِ الأُخْرَى إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ. فَتَحَاكَمَتَا إِلَى دَاوُدَ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - فَقَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى، فَخَرَجَتَا عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ - عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ - فَأَخْبَرَتَاهُ فَقَالَ ائْتُونِى بِالسِّكِّينِ أَشُقُّهُ بَيْنَهُمَا. فَقَالَتِ الصُّغْرَى لاَ تَفْعَلْ يَرْحَمُكَ اللَّهُ. هُوَ ابْنُهَا. فَقَضَى بِهِ لِلصُّغْرَى». قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَاللَّهِ إِنْ سَمِعْتُ بِالسِّكِّينِ قَطُّ إِلاَّ يَوْمَئِذٍ، وَمَا كُنَّا نَقُولُ إِلاَّ الْمُدْيَةَ. طرفه 3427 ـــــــــــــــــــــــــــــ به معاوية، وادعى أنه أخوه من أبيه، وذلك أن أبا سفيان زنى بأمه فأنكر عليه الصحابة والتابعون، بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد قال: "الولد للفراش" فلم يلتفت إلى الحديث، وسيلقى جزاءه عند الله، فأقر أبو بكرة أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بهذا أيضًا. 6768 - (أصبع) بصاد وعين مهملة (عِراك) بكسر العين. باب إذا ادعت المرأة [ابنًا] 6769 - روى في الباب حديث المرأتين تحاكمتا إلى داود في ابن كل واحدة تدعي أن الذي ذهب به الذئب هو ابن الأخرى (فحكم داود بالابن الموجود للكبرى، فلما خرجتا وذكرتا حكم داود لسليمان، قال ائتوني بسكين أشقه بينكما، قالت الصغرى لا تفعل رحمك الله هو ابنها) فاستدل سليمان بذلك أنه ابنها فحكم بالابن لها.

31 - باب القائف

31 - باب الْقَائِفِ 6770 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَلَىَّ مَسْرُورًا تَبْرُقُ أَسَارِيرُ وَجْهِهِ فَقَالَ «أَلَمْ تَرَىْ أَنَّ مُجَزِّزًا نَظَرَ آنِفًا إِلَى زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، فَقَالَ إِنَّ هَذِهِ الأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ». طرفه 3555 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: كيف جاز لسليمان نقض حكم داود؟ قلت: حكم داود كان بالاجتهاد، وكذا حكم سليمان، ثم وافق اجتهاد داود اجتهاد سليمان، وهذا كما ترى للشافعي في المسألة قولان. وفي الحديث دلالة على أن المرأة تلحق الولد والأب بنفسها، وإن لم تقدر على الإلحاق بالزوج. باب القائف اسم فاعل من قفا يقفوه اتبعه، وهو عبارة من شخص يُلحق الولد بالأم عند الاشتباه، وقال به الأئمة غير أبي حنيفة ودليل القائل به حديث الباب: 6770 - (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل على عائشة مسرورًا تبرق أسارير وجهه، فقال: ألم تري يا عائشة أن مجززًا نظر آنفًا إلى زيد بن حارثة وأسامة بن زيد، فقال إن هذه الأقدام بعضها من بعض). وأجاب أبو حنيفة بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما سر بذلك لأن العرب كانوا يقولون بالقيافة، وكانوا يطعنون في نسب أسامة وكان أسود، وأبوه أبيض، فكان في قول المجزز إلزام للكفار لأن القيافة حجة حقيقة. وهذا فيه نظر، وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يفرح بالباطل، ولا يجوز له تقريره، و (الأسارير) الخطوط التي في الجبهة، قال ابن الأثير: واحدها سِر بكسر السين، وسرور، وجمعهما أسرار وأسرة، وجمع الجميع أسارير.

6771 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ دَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ يَوْمٍ وَهْوَ مَسْرُورٌ فَقَالَ «يَا عَائِشَةُ أَلَمْ تَرَىْ أَنَّ مُجَزِّزًا الْمُدْلِجِىَّ دَخَلَ فَرَأَى أُسَامَةَ وَزَيْدًا وَعَلَيْهِمَا قَطِيفَةٌ، قَدْ غَطَّيَا رُءُوسَهُمَا وَبَدَتْ أَقْدَامُهُمَا، فَقَالَ إِنَّ هَذِهِ الأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ». طرفه 3555 ـــــــــــــــــــــــــــــ 6771 - (أن مُجَزِزًا المدلجي) -بفتح الجيم وكسر الزاي المشددة المعجمة المكررة- لقب له لأنه كان إذا أسر أحدًا جز لحيته وأطلقه، و (المُدلج) -بضم الميم- بطن من كنانة (وعليها قطيفة) كساء له خمل، وقد طول ابن الحاجب في الاستدلال على المسألة في "مختصر الأصول"، والحديث سلف في مناقب قريش، ووجه إدخال هذا الحديث في كتابه ثبوت النسب به وهو سبب الإرث.

86 - كتاب الحدود

86 - كتاب الحدود 1 - باب مَا يُحْذَرُ مِنَ الْحُدُودِ 2 - باب لاَ يُشْرَبُ الْخَمْرُ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُنْزَعُ مِنْهُ نُورُ الإِيمَانِ فِي الزِّنَا. 6772 - حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَزْنِى الزَّانِى حِينَ يَزْنِى وَهْوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُ وَهْوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهْوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَنْتَهِبُ نُهْبَةً يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارَهُمْ وَهْوَ مُؤْمِنٌ». وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِمِثْلِهِ، إِلاَّ النُّهْبَةَ. طرفه 2475 ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الحدود باب شرب الخمر قد تقرر ذكر الحد في الكتاب والسنة، وهو لغةً: المنع، والحدود المشروعة في المعاصي زواجر عن الارتكاب والعود إلى الذنب (قال ابن عباس: ينزع عنه نور الإيمان) قاله في شرح قوله - صلى الله عليه وسلم -: 6772 - (لا يزني الزاني وهو مؤمن) وحاصله أنه يزول عنه كمال الإيمان لا أصله، والإجماع على أنه لو مات في تلك الحالة يصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين (ولا ينتهب نُهبَةً يرفع الناس إليه فيها أبصارهم) وفي الرواية الأخرى "ذات شرف" احتراز عن المحقرات، قال ابن الأثير: ذات شرف أي شيئًا قيمته عالية، وقال بعض الشارحين: هذا القيد لإخراج الموهوب المشاع، والموائد العامة وليس بشيء؛ لأن ذلك ليس من الذي نحن فيه (بكير) بضم الباء مصغر وكذا (عُقَيل).

3 - باب ما جاء فى ضرب شارب الخمر

3 - باب مَا جَاءَ فِي ضَرْبِ شَارِبِ الْخَمْرِ 6773 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - ح حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - ضَرَبَ فِي الْخَمْرِ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ، وَجَلَدَ أَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ. طرفه 6776 4 - باب مَنْ أَمَرَ بِضَرْبِ الْحَدِّ فِي الْبَيْتِ 6774 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ جِئَ بِالنُّعَيْمَانِ أَوْ بِابْنِ النُّعَيْمَانِ شَارِبًا، فَأَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَنْ كَانَ بِالْبَيْتِ أَنْ يَضْرِبُوهُ. قَالَ فَضَرَبُوهُ، فَكُنْتُ أَنَا فِيمَنْ ضَرَبَهُ بِالنِّعَالِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ما جاء في ضرب شارب الخمر 6773 - (عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ضرب في الخمر بالجريد والنعال، وجلد أبو بكر أربعين) اختلف العلماء في حد الخمر فقال الشافعي وأحمد: حده أربعون كما قال به سيد الخلفاء الراشدين، وقال مالك وأبو حنيفة: يجلد ثمانين لما روى مسلم عن أنس "لما كان أيام عمر دنا الناس من الريف فقال عمر: ما ترون في حد الخمر فقال عبد الرحمن بن عوف أرى أن يجلد كأخف الحدود فجلد عمر ثمانين". وفى رواية البيهقي أن عليًّا قال: إذا سكر هذى، وإذا هزى افترى، فعليه حد المفتري، وفي هذا دليل لمن قال بجريان القياس في الحدود، ولمالك والشافعي. باب من أمر بضرب الحد في البيت 6774 - (قتيبة) بضم القاف، مصغر (ابن أبي مليكة) -بضم الميم- مصغر ملكة، واسمه عبد الله (جيء بالنعيمان أو بابن النعيمان) وفي رواية الإسماعيلي النعيمان من غير شك وكذا رواه ابن بكار، وابن منده، قال ابن عبد البر: هو نعيمان بن عمرو النجاري الأنصاري من قدماء الصحابة، عقبي بدري شهد المشاهد كلها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان مزاحًا كثير الدعابة، وله في ذلك أخبار طريفة.

5 - باب الضرب بالجريد والنعال

5 - باب الضَّرْبِ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ 6775 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أُتِىَ بِنُعَيْمَانَ أَوْ بِابْنِ نُعَيْمَانَ وَهْوَ سَكْرَانُ فَشَقَّ عَلَيْهِ، وَأَمَرَ مَنْ فِي الْبَيْتِ أَنْ يَضْرِبُوهُ، فَضَرَبُوهُ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ، وَكُنْتُ فِيمَنْ ضَرَبَهُ. 6776 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ قَالَ جَلَدَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْخَمْرِ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ، وَجَلَدَ أَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ. طرفه 6773 6777 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ أَنَسٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أُتِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ قَالَ «اضْرِبُوهُ». قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَمِنَّا الضَّارِبُ بِيَدِهِ، وَالضَّارِبُ بِنَعْلِهِ، وَالضَّارِبُ بِثَوْبِهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ أَخْزَاكَ اللَّهُ. قَالَ «لاَ تَقُولُوا هَكَذَا لاَ تُعِينُوا عَلَيْهِ الشَّيْطَانَ». طرفه 6781 6778 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا أَبُو حَصِينٍ سَمِعْتُ عُمَيْرَ بْنَ سَعِيدٍ النَّخَعِىَّ قَالَ سَمِعْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الضرب بالجريد والنعال 6777 - روى في الباب حديث النعيمان أطول من حديثه في الباب قبله (قال بعض القوم: أخزاك الله، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تقولوا هكذا لا تعينوا عليه الشيطان)، وفي رواية: "خزاك الله"، قال ابن الأثير: الخزي معناه هو الهلاك. فإن قلت: ما معنى قوله تعينوا عليه الشيطان؛ قلت: إن الشيطان ساعٍ في خزيه، والدعاء عليه بذلك إعانة للشيطان على غرضه. 6778 - (أبو حَصين) -بفتح الحاء- واسمه عثمان (عُمير) بضم العين مصغر (سمعت

6 - باب ما يكره من لعن شارب الخمر وإنه ليس بخارج من الملة

عَلِىَّ بْنَ أَبِى طَالِبٍ - رضى الله عنه - قَالَ مَا كُنْتُ لأُقِيمَ حَدًّا عَلَى أَحَدٍ فَيَمُوتَ، فَأَجِدَ فِي نَفْسِى، إِلاَّ صَاحِبَ الْخَمْرِ، فَإِنَّهُ لَوْ مَاتَ وَدَيْتُهُ، وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَسُنَّهُ. 6779 - حَدَّثَنَا مَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْجُعَيْدِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ كُنَّا نُؤْتَى بِالشَّارِبِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَإِمْرَةِ أَبِى بَكْرٍ وَصَدْرًا مِنْ خِلاَفَةِ عُمَرَ، فَنَقُومُ إِلَيْهِ بِأَيْدِينَا وَنِعَالِنَا وَأَرْدِيَتِنَا، حَتَّى كَانَ آخِرُ إِمْرَةِ عُمَرَ، فَجَلَدَ أَرْبَعِينَ، حَتَّى إِذَا عَتَوْا وَفَسَقُوا جَلَدَ ثَمَانِينَ. 6 - باب مَا يُكْرَهُ مِنْ لَعْنِ شَارِبِ الْخَمْرِ وَإِنَّهُ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنَ الْمِلَّةِ 6780 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى هِلاَلٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ رَجُلاً عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ اللَّهِ، وَكَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا، وَكَانَ يُضْحِكُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ جَلَدَهُ فِي الشَّرَابِ، فَأُتِىَ بِهِ يَوْمًا فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ علي بن أبي طالب يقول: ما كنت لأقيم حدًا على أحد فيموت فأجد في نفسي إلا صاحب الخمر فإنه لو مات فديته) وقد علله بأنه لم ينص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على كميته. 6779 - (عن الجُعيد) بضم الجيم مصغر، وكذا (خُصيفة) بضم الخاء المعجمة وصاد مهملة، (كنا نؤتى بالشارب على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وإمرة أبي بكر وصدر من خلافة عمر فنقوم إليه بأيدينا ونعالنا وأرديتنا حتى كان آخر إمرة عمر فجلد أربعين). فإن قلت: هذا يدل على أن الأربعين إنما وقع في آخر خلافة عمر وقد تقدم في رواية أنس أن [أبا] بكر ضرب أربعين. قلت: حتى ليس غاية الضرب بل تقديره استمر الحد أربعون إلى أن تجاوزوا في الشرب وكثير فجعله ثمانين، وإليه أشار بقوله (حتى عتوا) أي: تجبروا والمراد منه التجاوز عن الحد. باب ما يكره من لعن شارب الخمر 6780 - (بُكير) بضم الباء، مصغر (عن عمر بن الخطاب أن رجلًا كان اسمه عبد الله وكان يلقب بالحمار، وكان يُضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -)، وقال الدمياطي: هذا وهم ليس اسمه

فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ اللَّهُمَّ الْعَنْهُ مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَلْعَنُوهُ، فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ أَنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ». 6781 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ حَدَّثَنَا ابْنُ الْهَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ أُتِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِسَكْرَانَ، فَأَمَرَ بِضَرْبِهِ، فَمِنَّا مَنْ يَضْرِبُهُ بِيَدِهِ، وَمِنَّا مَنْ يَضْرِبُهُ بِنَعْلِهِ، وَمِنَّا مَنْ يَضْرِبُهُ بِثَوْبِهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ رَجُلٌ مَالَهُ أَخْزَاهُ اللَّهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَكُونُوا عَوْنَ الشَّيْطَانِ عَلَى أَخِيكُمْ». طرفه 6777 ـــــــــــــــــــــــــــــ عبد الله بل هو النعيمان الذي تقدم ذكره، قلت: يجوز أن يكون عبد الله اسمه، ونعيمان لقبه فلا وهم، لكن أفاد شيخنا أنه غيره، وذلك أن قصة عبد الله كانت بخيبر، وقصة نعيمان كانت بعد الفتح؛ لأن الراوي وهو عقبة بن الحارث من مسلحة الفتح (قال رجل من القوم: اللهم العنه ما أكثر ما يؤتى به) أي: سكران (فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تلعنوه فوالله ما علمت إلا أنه يحب الله ورسوله) هذا ظاهر، ويروى بدون إلا، فتكون ما موصولة، والمعنى: والله الذي علمت أنه يحب الله ورسوله فالجملة بالموصول جواب المقسم، ويجوز كسر إن [على] الاستئناف على أن الموصول خبر مبتدأ محذوف، أي: فوالله هو الذي عرفته. فإن قلت: لم نهى عن لعنه وفي الحديث: أنه لعن في الخمر عشرة منهم شارب الخمر؟ قلت: إنما نهى عن لعن ذلك الرجل وعلله بأنه يحب الله ورسوله، أو لأنه لعنه بعد الحد وذلك لا يجوز لأن الحد قد أزال عنه الرجس وطهّره. فإن قلت: في رواية الترمذي والنسائي وغيرهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في الرابعة "فإن شرب فاقتلوه" قلت: أجيب بأنه منسوخ لما روى ابن عبد البر أن النعيمان أتي به سكران إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكثر من خمسين مرة، وقال الخطابي: لم يرد بالقتل حقيقة بل الردع والتحذير. 6781 - (أنس بن عياض) بكسر العين وضاد معجمة (ابن الهادي) اسمه يزيد.

7 - باب السارق حين يسرق

7 - باب السَّارِقِ حِينَ يَسْرِقُ 6782 - حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ غَزْوَانَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَزْنِى الزَّانِى حِينَ يَزْنِى وَهْوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهْوَ مُؤْمِنٌ». طرفه 6809 8 - باب لَعْنِ السَّارِقِ إِذَا لَمْ يُسَمَّ 6783 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنِى أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ، يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ، وَيَسْرِقُ الْحَبْلَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ». قَالَ الأَعْمَشُ كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ بَيْضُ الْحَدِيدِ، وَالْحَبْلُ كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ مِنْهَا مَا يَسْوَى دَرَاهِمَ. طرفه 6799 9 - باب الْحُدُودُ كَفَّارَةٌ 6784 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى إِدْرِيسَ الْخَوْلاَنِىِّ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي ـــــــــــــــــــــــــــــ باب السارق حين يسرق 6782 - (فضيل) بضم الفاء، مصغر (غزوان) بغين معجمة وزاي كذلك، على وزن شعبان. روى في الباب حديث ابن عباس (لا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن) قد سلف من شرح ابن عباس ينزع عنه نور الإيمان، وقد أشرنا إلى أنه يريد زوال كمال الإيمان. 6783 - (لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده) (قال الأعمش: كانوا يرون أنه بيض الحديد) هو منظور يده، فإن السارق يدل على أنه يتلف يده في أدنى شيء، قال الخطابي: هذا من قبيل الإيماء إلى ما يتدرج فيه فإنه أول ما يسرق الشيء الحقير ثم يرقى شيئًا فشيئًا إلى أن يسرق ما يوجب القطع، وقال ابن الأثير: قال أولًا هذا الكلام ثم أعلمه الله أن لا قطع إلا في ربع دينار، وفي الحديث دلالة على أن الإنسان لا يواجه العاصي بخصوصه بل يذكره بوصف يتناوله وغيره. باب الحدود كفارة 6784 - (ابن عيينة) -بضم العين- مصغر عين سفيان (أبو إدريس الخولاني) واسمه

10 - باب ظهر المؤمن حمى، إلا فى حد أو حق

مَجْلِسٍ فَقَالَ «بَايِعُونِى عَلَى أَنْ لاَ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا وَلاَ تَسْرِقُوا، وَلاَ تَزْنُوا». وَقَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ كُلَّهَا «فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ بِهِ، فَهْوَ كَفَّارَتُهُ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، فَسَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ». 10 - باب ظَهْرُ الْمُؤْمِنِ حِمًى، إِلاَّ فِي حَدٍّ أَوْ حَقٍّ 6785 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ وَاقِدِ بْنِ مُحَمَّدٍ سَمِعْتُ أَبِى قَالَ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي حَجَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ عائذ الله، بضم العين وتخفيف الياء (بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئًا وقرأ هذه الآية) الآية إنما هي بيعة النساء، كأنه أشار إلى أنه أخذ في بيعة الرجال ما ذكره الله في بيعة النساء. فإن قلت: في تلك الآية الشرك، وعقوبة المشرك ليست كفارة بل زيادة نكال، قلت: الشرك أخرجه قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [النساء: 48]. فإن قلت: السرقة والبهتان شيء منهما لا يغفر؛ لأن حقوق العباد لا تسقط بالتوبة، قلت: أما الشرك فقد خصصه قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} وما عدا الشرك فإنه داخل في قوله تعالى: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}، وقول العلماء: إن حقوق العباد لا تسقط معناه أنه لا تضيع بل إما أن تؤخذ من الظالم، أو يرضيه الله من خزائن فضله، والدليل على هذا حديث من قتل مئة نفس ثم مات كما رواه البخاري، والله يفعل ما يريد وله الفضل والعطاء، وما يقال بعد القصاص يبقى حق التشفي للمقتول يطالب به يوم القيامة، وكذا الزاني بعد وقوع الحد يبقي حق الزوج والأب لدخول العار عليهما، فليس مما يعول عليه، إذ ليس ذنب لا يمكن الخلاص، وكذا الزنى عنه في الدنيا إجماعًا، ولم يرد في ذلك نص قط. باب ظهر المؤمن حمي إلا في حد أو حق أي: حد من حدود الله، أو في حق من حقوق الناس، والحمى بمعنى المحمي أي: محفوظ. 6785 - روى في الباب خطبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع، وموضع الدلالة قوله:

11 - باب إقامة الحدود والانتقام لحرمات الله

الْوَدَاعِ «أَلاَ أَىُّ شَهْرٍ تَعْلَمُونَهُ أَعْظَمُ حُرْمَةً». قَالُوا أَلاَ شَهْرُنَا هَذَا. قَالَ «أَلاَ أَىُّ بَلَدٍ تَعْلَمُونَهُ أَعْظَمُ حُرْمَةً». قَالُوا أَلاَ بَلَدُنَا هَذَا. قَالَ «أَلاَ أَىُّ يَوْمٍ تَعْلَمُونَهُ أَعْظَمُ حُرْمَةً». قَالُوا أَلاَ يَوْمُنَا هَذَا. قَالَ «فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدْ حَرَّمَ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ، إِلاَّ بِحَقِّهَا، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ». - ثَلاَثًا كُلُّ ذَلِكَ يُجِيبُونَهُ أَلاَ نَعَمْ - قَالَ «وَيْحَكُمْ - أَوْ وَيْلَكُمْ - لاَ تَرْجِعُنَّ بَعْدِى كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ». طرفه 1742 11 - باب إِقَامَةِ الْحُدُودِ وَالاِنْتِقَامِ لِحُرُمَاتِ اللَّهِ 6786 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ مَا خُيِّرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلاَّ اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا، مَا لَمْ يَأْثَمْ، فَإِذَا كَانَ الإِثْمُ كَانَ أَبْعَدَهُمَا مِنْهُ، وَاللَّهِ مَا انْتَقَمَ لِنَفْسِهِ فِي شَىْءٍ يُؤْتَى إِلَيْهِ قَطُّ، حَتَّى تُنْتَهَكَ حُرُمَاتُ اللَّهِ، فَيَنْتَقِمُ لِلَّهِ. طرفه 3560 ـــــــــــــــــــــــــــــ (إن الله حرم عليكم دماءكم وأموالكم وأعراضكم إلا بحقها) قال ابن الأثير: العرض موضع المدح والذم من الإنسان. باب إقامة الحدود والانتقام لحرمات الله 6786 - (بُكير) بضم الباء، مصغر، وكذا (عقيل) (ما خير النبي - صلى الله عليه وسلم - بين أمرين إلا اختار أيسرها ما لم يكن يأثم) هذا التخيير لا يمكن أن يكون من الله بل من العباد (وما انتقم لنفسه في شيء). فإن قلت: قد أمر بأن يلد من ولده، وأمر بقتل ابن خطل لما هجاه. قلت: أما أمره يلد من لده فذاك نوع معاتبة مع أهله، وأما أمره بقتل ابن خطل فذاك راجع إلى الله لأن قدحه في نبوته تكذيب الله (حتى تُنتهك حرمات الله) -بضم التاء- على بناء المجهول من النهك، وهو الإفراط في النقص، أراد المبالغة في نقص حد من حدود الله، وارتكاب حرمة من حرماته.

12 - باب إقامة الحدود على الشريف والوضيع

12 - باب إِقَامَةِ الْحُدُودِ عَلَى الشَّرِيفِ وَالْوَضِيعِ 6787 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أُسَامَةَ كَلَّمَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فِي امْرَأَةٍ فَقَالَ «إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يُقِيمُونَ الْحَدَّ عَلَى الْوَضِيعِ، وَيَتْرُكُونَ الشَّرِيفَ، وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَوْ فَاطِمَةُ فَعَلَتْ ذَلِكَ لَقَطَعْتُ يَدَهَا». طرفه 2648 13 - باب كَرَاهِيَةِ الشَّفَاعَةِ فِي الْحَدِّ، إِذَا رُفِعَ إِلَى السُّلْطَانِ 6788 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إقامة الحدود على الوضيع والشريف 6787 - (أبو الوليد) هشام هو الطيالسي (أن أسامة بن زيد كلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في امرأة) هي فاطمة بنت الأسود عبد الأسد، قتل يوم بدر كافرًا، قتله حمزة، وهو أخو أبي سلمة زوج أم سلمة من بني مخزوم بن يقظة بن مرة، سرقت في فتح مكة فأمر بقطع يدها، وحديثها سلف في مناقب قريش، وهي المخزومية التي ذكرها في الباب بعده (من يجترئ) -بالجيم- من الجراءة (أسامة حِب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) -بكسر الحاء- فِعل بمعنى المحبوب كالذبح بمعنى المذبوح. فإن قلت: ما فائدة قوله قبل الرفع إلى السلطان؟ قلت: الدلالة على جواز ذلك كما قال به بعض العلماء: وهو المعتمد دلت عليه الأحاديث. فإن قلت: في رواية مسلم أنها كانت تستعير المتاع وتجحده، قلت: أخذ بذلك أحمد وسائر الأئمة أنها سرقت حليًّا، يدل عليه قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (لو فاطمة بنت محمد سرقت قطعت يدها) والجواب عن رواية مسلم أن ذلك وصف من أوصافها. فإن قلت: قال الشافعي ومالك وأبو يوسف يجوز للمقذوف العفو عن القاذف بعد بلوغ الأمر إلى السلطان. قلت: ذلك في حق العباد، والكلام في حد من حدود [الله]، كما صرح به في الحديث.

14 - باب قول الله تعالى (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما)

عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّتْهُمُ الْمَرْأَةُ الْمَخْزُومِيَّةُ الَّتِى سَرَقَتْ فَقَالُوا مَنْ يُكَلِّمُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلاَّ أُسَامَةُ حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَكَلَّمَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ». ثُمَّ قَامَ فَخَطَبَ قَالَ «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا ضَلَّ مَنْ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ الضَّعِيفُ فِيهِمْ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعَ مُحَمَّدٌ يَدَهَا». طرفه 2648 14 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا) وَفِى كَمْ يُقْطَعُ. وَقَطَعَ عَلِىٌّ مِنَ الْكَفِّ، وَقَالَ قَتَادَةُ فِي امْرَأَةٍ سَرَقَتْ فَقُطِعَتْ شِمَالُهَا لَيْسَ إِلاَّ ذَلِكَ. 6789 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «تُقْطَعُ الْيَدُ فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا». تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ وَابْنُ أَخِى الزُّهْرِىِّ وَمَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ. طرفاه 6790، 6791 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قول الله: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] وفي كم يقطع 6789 - اتفق العلماء على أن آية السرقة محكمة مجملة في مقدار ما يقطع ومحل القطع فذهب مالك والشافعي إلى أن تقطع بربع دينار، والدليل عليه حديث عائشة المذكور هنا، وقول أبي حنيفة: تُقطع في عشرة دراهم، لحديث رواه الدارقطني، ومذهب الإمام أحمد إلى أن اليد تقطع من ثلاثة دراهم لحديث ابن عمر الذي رواه في الباب. وتحقيق المقام: أن رواية عشرة دراهم ورواية ثلاثة دراهم مؤولة بأنها كانت قيمة ربع دينار باعتبار زيادة قيمة الذهب ونقصانه، وهذا التأويل واجب جمعًا بين الروايات، إذ لا يمكن هذا التأويل في ربع دينار لا سيما رواية النسائي "لا تقطع اليد إلا ربع دينار" صيغة الحصر، قال المعري:

6790 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِى أُوَيْسٍ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَعَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ فِي رُبُعِ دِينَارٍ». طرفه 6789 6791 - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ عَنْ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِىِّ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَتْهُ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - حَدَّثَتْهُمْ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يُقْطَعُ فِي رُبُعِ دِينَارٍ». طرفه 6789 6792 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَخْبَرَتْنِى عَائِشَةُ أَنَّ يَدَ السَّارِقِ لَمْ تُقْطَعْ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِلاَّ فِي ثَمَنِ مِجَنٍّ حَجَفَةٍ أَوْ تُرْسٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يدٌ بخمس مئين عسجد وديت ... ما بالها قطعت في ربع دينار فأجابه القاضي عبد الرحمن الوهاب المالكي: لجناية العضو أغلاها وأرخصها ... خيانة المال فافهم حكمة الباري وأما محل القطع فهو الكوع عند الأئمة الأربعة، وهو الذي رواه البخاري عن علي، وهو المروي عن فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي شروط المسروق خلاف بين الأئمة موضعه علم الفروع. (ابن أخي الزهري) محمد بن عبد الله (مَعْمَر) بفتح الميمين وعين ساكنة. 6790 - (أبي أُويس) بضم الهمزة. 6791 - (ميسرة) ضد الميمنة. 6792 - (عَبْده) بفتح العين وسكون الباء (حَجْفَة أو ترس) بفتح الحاء وسكون الجيم هو الدرقة تكون من خشب أو عظم يغلف بالجلد.

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ. طرفاه 6793، 6794 6793 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَمْ تَكُنْ تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ فِي أَدْنَى مِنْ حَجَفَةٍ أَوْ تُرْسٍ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ذُو ثَمَنٍ. رَوَاهُ وَكِيعٌ وَابْنُ إِدْرِيسَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ مُرْسَلاً. طرفه 6792 6794 - حَدَّثَنِى يُوسُفُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ أَخْبَرَنَا عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ لَمْ تُقْطَعْ يَدُ سَارِقٍ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي أَدْنَى مِنْ ثَمَنِ الْمِجَنِّ، تُرْسٍ أَوْ حَجَفَةٍ، وَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ذَا ثَمَنٍ. طرفه 6792 6795 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَطَعَ فِي مِجَنٍّ ثَمَنُهُ ثَلاَثَةُ دَرَاهِمَ. طرفه 6796 6796 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَطَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي مِجَنٍّ ثَمَنُهُ ثَلاَثَةُ دَرَاهِمَ. طرفه 6795 6797 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَطَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي مِجَنٍّ ثَمَنُهُ ثَلاَثَةُ دَرَاهِمَ. طرفه 6795 ـــــــــــــــــــــــــــــ (حُميد) بضم الحاء مصغر. 6793 - (مقاتل) بضم الميم وكسر التاء.

15 - باب توبة السارق

6798 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَطَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَدَ سَارِقٍ فِي مِجَنٍّ ثَمَنُهُ ثَلاَثَةُ دَرَاهِمَ. تَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى نَافِعٌ «قِيمَتُهُ». طرفه 6795 6799 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ، يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ، وَيَسْرِقُ الْحَبْلَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ». طرفه 6783 15 - باب تَوْبَةِ السَّارِقِ 6800 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَطَعَ يَدَ امْرَأَةٍ. قَالَتْ عَائِشَةُ وَكَانَتْ تَأْتِى بَعْدَ ذَلِكَ، فَأَرْفَعُ حَاجَتَهَا إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَتَابَتْ وَحَسُنَتْ تَوْبَتُهَا. طرفه 2648 6801 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِىُّ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى إِدْرِيسَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ - رضى الله عنه - قَالَ بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي رَهْطٍ، فَقَالَ «أُبَايِعُكُمْ عَلَى أَنْ لاَ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلاَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 6798 - (أبو ضمرة) -بفتح الضاد وسكون الميم- أنس بن عياض. 6799 - (لعن الله السارق يسرق البيضة) تقدم شرحه آنفًا في باب لعن السارق، وإنما أورده هنا إشارةً إلى أنه مؤول؛ إذ لا قطع إلا في ربع دينار. باب توبة الساوق 6800 - (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قطع يد امرأة) هي المخزومية التي تقدم حديثها في باب كراهة الشفاعة في حد من حدود الله. 6801 - (الجُعْفي) بضم الجيم وسكون العين (مَعْمَر) بفتح الميمين وسكون العين (عن أبي إدريس) عائذ الله، روى في الباب حديث عبادة بن الصامت في مبايعة

تَسْرِقُوا، وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلاَدَكُمْ، وَلاَ تَأْتُوا بِبُهْتَانٍ تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ، وَلاَ تَعْصُونِى فِي مَعْرُوفٍ، فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَأُخِذَ بِهِ فِي الدُّنْيَا فَهْوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَطَهُورٌ، وَمَنْ سَتَرَهُ اللَّهُ فَذَلِكَ إِلَى اللَّهِ، إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِذَا تَابَ السَّارِقُ بَعْدَ مَا قُطِعَ يَدُهُ، قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ، وَكُلُّ مَحْدُودٍ كَذَلِكَ إِذَا تَابَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ. طرفه 18

87 - كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة

87 - كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة 1 - باب قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلاَفٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ) 6802 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ أَبِى كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو قِلاَبَةَ الْجَرْمِىُّ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - نَفَرٌ مِنْ عُكْلٍ، فَأَسْلَمُوا فَاجْتَوَوُا الْمَدِينَةَ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَأْتُوا إِبِلَ الصَّدَقَةِ، فَيَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا، فَفَعَلُوا فَصَحُّوا، فَارْتَدُّوا وَقَتَلُوا رُعَاتَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة (وقوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المائدة: 33]. 6802 - (الأوزاعي) بفتح الهمزة (أبو قِلاَبة) -بكسر القاف- عبد الله (الجرمي) ذكر في الباب حديث أنس في العرنيين، ظاهر استدلال البخاري أن الآية نزلت في المحاربين من الكفار، وأكثر العلماء على أنها نزلت في قطاع الطريق في المسلميق، واختلف العلماء في حكم قطاع الطريق بعد اتفاقهم على أن قطاع الطريق ذوو عدة لهم شوكة، قال مالك: إذا أشهروا السلاح الإمام مخير فيهم إن شاء قتلهم، وإن شاء صلبهم، وإن شاء قطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، وقال الشافعي: إن أخذوا المال قدر نصاب السرقة قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف وإن جمعوا بين أخذ المال والقتل قتلوا حتمًا وصلبوا بعد القتل، وقال أبو حنيفة: إن أخذوا مالًا لو قسم أصاب كل واحد منهم عشرة دراهم قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف، وإن قتلوا وأخذوا المال فالإمام بالخيار إن شاء قطع أيديهم وأرجلهم وقتلهم وصلبهم، وإن شاء قتلهم، وإن شاء صلبهم. (نفر من عُكْل) بضم العين وسكون الكاف اسم قبيلة (فاجتووا المدينة) أي استوخموها (فأمرهم أن يأتوا إبل الصدقة فيشربوا من أبوالها) للتداوي، فلا دلالة فيه على طهارة بول ما

2 - باب لم يحسم النبى - صلى الله عليه وسلم - المحاربين من أهل الردة حتى هلكوا

وَاسْتَاقُوا، فَبَعَثَ فِي آثَارِهِمْ فَأُتِىَ بِهِمْ، فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ، ثُمَّ لَمْ يَحْسِمْهُمْ حَتَّى مَاتُوا. طرفه 233 2 - باب لَمْ يَحْسِمِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمُحَارِبِينَ مِنْ أَهْلِ الرِّدَّةِ حَتَّى هَلَكُوا 6803 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ أَبُو يَعْلَى حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ حَدَّثَنِى الأَوْزَاعِىُّ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَطَعَ الْعُرَنِيِّينَ وَلَمْ يَحْسِمْهُمْ حَتَّى مَاتُوا. طرفه 233 3 - باب لَمْ يُسْقَ الْمُرْتَدُّونَ الْمُحَارِبُونَ حَتَّى مَاتُوا 6804 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ وُهَيْبٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَدِمَ رَهْطٌ مِنْ عُكْلٍ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - كَانُوا فِي الصُّفَّةِ، فَاجْتَوَوُا الْمَدِينَةَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَبْغِنَا رِسْلاً. فَقَالَ «مَا أَجِدُ لَكُمْ إِلاَّ أَنْ تَلْحَقُوا بِإِبِلِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -». فَأَتَوْهَا فَشَرِبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا حَتَّى صَحُّوا وَسَمِنُوا، وَقَتَلُوا الرَّاعِىَ وَاسْتَاقُوا الذَّوْدَ، فَأَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - الصَّرِيخُ، فَبَعَثَ الطَّلَبَ فِي آثَارِهِمْ، فَمَا ـــــــــــــــــــــــــــــ يؤكل لحمه (وسمل أعينهم) قال ابن الأثير: أي: فقأها بحديد وهو معنى قوله أعينهم في الرواية الأخرى، وقال شيخنا: معناه كحل أعينهم، وليس المراد فقأها (ثم لم يحسمهم) أي لم يكوِ موضع القطع من اليد والرجل لينقطع دمه، وهذا معنى الحديث في الباب الذي بعده. قلت: الحَسْم بفتح الحاء وسكون السين القطع سواء كان بالكي أو بإدخاله في الزيت الحار. باب لم يُسق المرتدون والمحاربون حتى ماتوا 6804 - روى في الباب حديث العرنيين في الباب قبله بزيادة ألفاظ، قوله (كانوا في الصفة) يريد صفة مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اللام للعهد (أبغنا رِسْلًا) -بهمزة القطع- قال ابن الأثير يقال: أبغني كذا أي: اطلبه لي، وبهمزة القطع أي: أعني على طلبه، والرِسْل -بكسر الراء وسكون السين- اللبن (فقال ما أجد لكم إلا أن تلحقوا بإبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -). فإن قلت: قد تقدم: إبل الصدقة؟ قلت: إضافتها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنها في حكمه وتحت تصرفه، أو كانت مختلطة. (جاء الصريح بإغارة الإبل) أكثر ما يستعمل في الاستغاثة.

4 - باب سمر النبى - صلى الله عليه وسلم - أعين المحاربين

تَرَجَّلَ النَّهَارُ حَتَّى أُتِىَ بِهِمْ، فَأَمَرَ بِمَسَامِيرَ فَأُحْمِيَتْ فَكَحَلَهُمْ وَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ، وَمَا حَسَمَهُمْ، ثُمَّ أُلْقُوا فِي الْحَرَّةِ يَسْتَسْقُونَ فَمَا سُقُوا حَتَّى مَاتُوا. قَالَ أَبُو قِلاَبَةَ سَرَقُوا وَقَتَلُوا وَحَارَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ. طرفه 233 4 - باب سَمْرِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَعْيُنَ الْمُحَارِبِينَ 6805 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَهْطًا مِنْ عُكْلٍ - أَوْ قَالَ عُرَيْنَةَ وَلاَ أَعْلَمُهُ إِلاَّ قَالَ مِنْ عُكْلٍ - قَدِمُوا الْمَدِينَةَ، فَأَمَرَ لَهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِلِقَاحٍ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا فَيَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا، فَشَرِبُوا حَتَّى إِذَا بَرِئُوا قَتَلُوا الرَّاعِىَ وَاسْتَاقُوا النَّعَمَ، فَبَلَغَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - غُدْوَةً فَبَعَثَ الطَّلَبَ فِي إِثْرِهِمْ، فَمَا ارْتَفَعَ النَّهَارُ حَتَّى جِئَ بِهِمْ، فَأَمَرَ بِهِمْ فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ، فَأُلْقُوا بِالْحَرَّةِ يَسْتَسْقُونَ فَلاَ يُسْقَوْنَ. قَالَ أَبُو قِلاَبَةَ هَؤُلاَءِ قَوْمٌ سَرَقُوا، وَقَتَلُوا، وَكَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ، وَحَارَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ. طرفه 233 5 - باب فَضْلِ مَنْ تَرَكَ الْفَوَاحِشَ 6806 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي ظِلِّهِ، يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ إِمَامٌ عَادِلٌ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ (فألقوا في الحرة) هي الأرض ذات حجارة سود يريد حرة المدنية، فاللام فيه للعهد. باب فضل من ترك الفواحش 6806 - (محمد بن سلام) كذا في أكثر النسخ، قال الغساني، هذه رواية القابسي، ونسبه ابن السكين والأصيلي: محمد بن مقاتل، هذا الصواب قال شيخنا: قد رواه أبو ذر عن مشايخه الثلاثة محمد بن سلام، وكذا رواية كريمة وأبي الوقت. (خبيب) بضم المعجمة، مصغر (سبعة يظلهم الله يوم القيامة في ظله) الظل من خواص الأجسام والله منزه عن ذلك فالمراد لازمه وهو الحفظ والسلامة بسترها، والمراد ظل عرشه كما جاء في الرواية الأخرى (شاب نشأ في عبادة الله) خص الشاب بالذكر لأن القوى

6 - باب إثم الزناة

وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ فِي خَلاَءٍ فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسْجِدِ، وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ إِلَى نَفْسِهَا قَالَ إِنِّى أَخَافُ اللَّهَ. وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا، حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا صَنَعَتْ يَمِينُهُ». طرفه 660 6807 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِىٍّ. وَحَدَّثَنِى خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِىِّ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ تَوَكَّلَ لِى مَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ وَمَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ، تَوَكَّلْتُ لَهُ بِالْجَنَّةِ». طرفه 6474 6 - باب إِثْمِ الزُّنَاةِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى (وَلاَ يَزْنُونَ)، (وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً). ـــــــــــــــــــــــــــــ الغضبية والشهوانية غالبة فيكون قهرها غاية الكمال (ورجل ذكر الله [في خلاء] ففاضت عيناه) وقيد الخلاء للدلالة على أن ذلك لم يكن رياء كما يفعله بعض وُعاظ زماننا (ورجلان تحابا في الله) أي لا لغرض آخر (ورجل تصدق فأخفى حتى لا تعلم شماله ما صنعت يمينه) كناية عن غاية الإخفاء، أي لو كانت شماله ذات عقل لم تعلم ذلك، قال العلماء: هذا في صدقة التطوع فإن الفرض لا يقع فيه الرياء وفي إظهاره نفي ريبة منع الزكاة، ولعل غيره يقتدي به. 6807 - (محمد بن أبي بكر) المقدمي (أبو حازم) سلمة بن دينار (من توكل لي ما بين وجليه ولَحييه) -بفتح اللام- يريد الفرج والفم، والمراد من التوكل حفظهما عن الفجور وقول الزور والله أعلم. فإن قلت: ما معنى الفاحشة، وأين موضع الدلالة في الحديث؟ قلت: أما الفاحشة فقد قال ابن الأثير: كل ذنب اشتد قبحه قولًا وفعلًا، وأما موضع الدلالة في الحديث قوله: (دعته امرأة ذات منصب وجمال) إلى الزنى، فإنه أقبح من القنل، وإن كان أعظم من الزنى، وكذا قوله: "من توكل لي ما بين رجليه ولَحييه" فإنه يشير إلى الزنى وقول الزور. باب إثم الزناة وقول الله عز وجل: {وَلَا يَزْنُونَ} [الفرقان: 68] {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا} [الإسراء: 32] فإن قلت: قوله: {وَلَا يَزْنُونَ} مدح على عدم الزنى فلا دلالة على أن فعله حرام لصدقه على فعل المكروه؟ قلت: الدلالة عليه قوله بعده: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا}.

6808 - أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ شَبِيبٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ أَخْبَرَنَا أَنَسٌ قَالَ لأُحَدِّثَنَّكُمْ حَدِيثًا لاَ يُحَدِّثُكُمُوهُ أَحَدٌ بَعْدِى، سَمِعْتُهُ مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ - وَإِمَّا قَالَ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ - أَنَّ يُرْفَعَ الْعِلْمُ وَيَظْهَرَ الْجَهْلُ، وَيُشْرَبَ الْخَمْرُ، وَيَظْهَرَ الزِّنَا، وَيَقِلَّ الرِّجَالُ، وَيَكْثُرَ النِّسَاءُ، حَتَّى يَكُونَ لِلْخَمْسِينَ امْرَأَةً الْقَيِّمُ الْوَاحِدُ». طرفه 1814 6809 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ غَزْوَانَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَزْنِى الْعَبْدُ حِينَ يَزْنِى وَهْوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهْوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَشْرَبُ حِينَ يَشْرَبُ وَهْوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَقْتُلُ وَهْوَ مُؤْمِنٌ». قَالَ عِكْرِمَةُ قُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ كَيْفَ يُنْزَعُ الإِيمَانُ مِنْهُ قَالَ هَكَذَا - وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ ثُمَّ أَخْرَجَهَا - فَإِنْ تَابَ عَادَ إِلَيْهِ هَكَذَا وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ طرفه 6782 ـــــــــــــــــــــــــــــ 6808 - (شبيب) بفتح المعجمة وباء موحدة (همام) بفتح الهاء وتشديد الميم (لأحدثنكم حديثًا لا يحدثكموه أحد بعدي) لأن أنسًا كان آخر من مات من الصحابة بالبصرة، وهذا الحديث سلف في أبواب الإيمان وموضع الدلالة جعله الزنى من أشراط الساعة، فإنه يدل على كونه من المعاصي كشرب الخمر المذكور معه. 6809 - (محمد بن المثنى) بفتح الثاء المثلثة وتشديد النون (الفضيل) بضم الفاء مصغر (غزوان) بغين معجمة وزاي كذلك على وزن شعبان (لا يزني العبد حين يزني وهو مؤمن) قد سبق أن المراد زوال كمال الإيمان لحديث أبي ذر "وإن زنى وإن سرق" (وقال عكرمة: قلت لابن عباس: كيف ينزع عنه الإيمان فشبك بين أصابعه ثم نزعها) لا يدل على زوال أصل الإيمان لما تقدم من رواية ابن عباسٍ "ينزع عنه نور الإيمان".

6810 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ ذَكْوَانَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَزْنِى الزَّانِى حِينَ يَزْنِى وَهْوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهْوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَشْرَبُ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهْوَ مُؤْمِنٌ، وَالتَّوْبَةُ مَعْرُوضَةٌ بَعْدُ». طرفه 2475 6811 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنِى مَنْصُورٌ وَسُلَيْمَانُ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ أَبِى مَيْسَرَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَىُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ قَالَ «أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهْوَ خَلَقَكَ». قُلْتُ ثُمَّ أَىٌّ قَالَ «أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ مِنْ أَجْلِ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ». قُلْتُ ثُمَّ أَىٌّ قَالَ «أَنْ تُزَانِىَ حَلِيلَةَ جَارِكَ». قَالَ يَحْيَى وَحَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنِى وَاصِلٌ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مِثْلَهُ، قَالَ عَمْرٌو فَذَكَرْتُهُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ وَكَانَ حَدَّثَنَا عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الأَعْمَشِ وَمَنْصُورٍ وَوَاصِلٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ أَبِى مَيْسَرَةَ قَالَ دَعْهُ دَعْهُ. أطرافه 4477 ـــــــــــــــــــــــــــــ 6810 - (عن ذكوان) -بذال معجمة- هو صالح السمان (والتوبة معروضة) أي بعد هذه الذنوب كلها لو تاب الله عليه، وكونها معروضة مأخوذ من قوله تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ} [النور: 31]. 6811 - (عن أبي وائل) شقيق بن سلمة (عن أبي ميسرة) ضد الميمنة عمر بن شرحبيل (عن عبد الله) هو ابن مسعود (قلت يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي الذنب أعظم؟ قال: أن تجعل لله ندًّا وهو خلقك) الند بكسر النون: الضد المخالف، ثم إن التنوين عوض عن المضاف إليه (أن تقتل ولدك من أجل أن يطعم معك) وهذا القيد إشارة إلى ما كانوا يفعلونه لأجله قال الله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ} [الإسراء: 31]، لا أنه قيد الحكم (أن تزاني حليلة جارك) قيل امرأة جارك وعندي أنه أعم من المرأة والسرية، وقيد الجار لأنه أعظم حرمة لكثرة حق الجار، وفي رواية مسلم "حرمة نساء المجاهدين على القاعدين كحرمة أمهاتهم". (قال يحيى) -هو القطان- (ذكرته لعبد الرحمن) أي: ابن مهدي رواية (أبي وائل عن عبد الله فقال: دعه دعه) أبا وائل وإن كان يروي عن ابن مسعود كثيرًا إلا أن هذا الحديث

7 - باب رجم المحصن

7 - باب رَجْمِ الْمُحْصَنِ وَقَالَ الْحَسَنُ مَنْ زَنَى بِأُخْتِهِ حَدُّهُ حَدُّ الزَّانِى. 6812 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ قَالَ سَمِعْتُ الشَّعْبِىَّ يُحَدِّثُ عَنْ عَلِىٍّ رضى الله عنه حِينَ رَجَمَ الْمَرْأَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَقَالَ قَدْ رَجَمْتُهَا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. ـــــــــــــــــــــــــــــ إنما يرويه بواسطة أبي ميسرة، قال الدارقطني: والصحيح حديث أبي ميسرة، قال بعض الشارحين: يجوز أن يكون في الذنوب ذنب أعظم من المذكورات وإنما أراد با لأعظم ما يكثر وقوعه، وإلا فاللواطة أعظم من الزنى، وليس كما قال إذ لا ذنب أعظم من الشرك وقتل النفس، وقوله اللواطة أعظم من الزنى ممنوع فإن الزنى قد شرع فيه الحد نصًّا اجماعًا بخلاف اللواطة، وأيضًا في الزنى اختلاط النسب، وإهلاك الولد معنى، كذا ذكره الغزالي في "الإيضاح". باب رجم المحصن قال ابن الأثير: الإحصان المنع، والمحصن في هذا الباب هو الذي أصاب امرأة بنكاح مرة، ويروى بفتح الصاد وكسرها، يطلق على الفاعل قال ابن الأثير: هذا من غرائب اللغة. (وقال الحسن البصري: من زنى بأخته حده حد الزاني) وعليه الأئمة، قال الطحاوي وأما حديث "من وقع على محرم فاقتلوه" يدور تقديرًا على إبراهيم بن إسماعيل، وهو متروك الحديث، وقد أخذ به الإمام أحمد والجمهور على أنه على تقدير صحة الحديث محمول على الاستحلال. 6812 - (سلمة بن كُهيل) بضم الكات، مصغر (رجم علي امرأة يوم الجمعة) وهي شراحة بنت مالك الهمدانية، جلدها يوم الخميس، ورجمها يوم الجمعة، فقيل له: لم فعلت هذا؟ قال: جلدتها بكتاب الله (ورجمتها بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -)، واتفق الأئمة على خلافه إلا رواية عن أحمد، قال علماء الحديث: إن الشعبي لم يسمع عليًّا، قال الدارقطني. سمع منه هذا الحديث، وقال الذهبي: سبع عن خمسمائة من الصحابة منهم علي بن أبي طالب، وكان الشعبي في زمانه كابن عباس في زمانه.

8 - باب لا يرجم المجنون والمجنونة

6813 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنِ الشَّيْبَانِىِّ سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِى أَوْفَى هَلْ رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ نَعَمْ. قُلْتُ قَبْلَ سُورَةِ النُّورِ أَمْ بَعْدُ قَالَ لاَ أَدْرِى. طرفه 6840 6814 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِىِّ أَنَّ رَجُلاً مِنْ أَسْلَمَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَحَدَّثَهُ أَنَّهُ قَدْ زَنَى، فَشَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ، فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَرُجِمَ، وَكَانَ قَدْ أُحْصِنَ. طرفه 5270 8 - باب لاَ يُرْجَمُ الْمَجْنُونُ وَالْمَجْنُونَةُ وَقَالَ عَلِىٌّ لِعُمَرَ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْقَلَمَ رُفِعَ عَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ، وَعَنِ الصَّبِىِّ حَتَّى يُدْرِكَ، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 6813 - (إسحاق) كذا وقع غير منسوب، ونسبه ابن السكن: إسحاق بن شاهين، هو الذي يروي عن خالد الطحان، وكذا قاله الحاكم والكلاباذي. 6814 - (أن رجلًا من أسلم أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحدثه أنه زنى) هو ماعز بن مالك (فشهد على نفسه أربع شهادات) أخذ به أحمد والثوري، وكذا قال أبو حنيفة إلا أنه يشرط أربعة مجالس، وكذا مالك، والشافعي يكتفي بإقرار واحد، لما رواه البخاري من قوله: "يا أنيس اغد إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها". فإن قلت: في رواية مسلم "الثيب بالثيب جلد مئة والرجم"، قلت: منسوخ بحديث ماعز. باب لا يرجم المجنون والمجنونة (وقال علي لعمر: أما علمت أن القلم رُفع عن المجنون حتى يفيق) هذا التعليق رواه النسائي مرفوعًا، فقال: مر على مجنونة بني فلان قد زنت فأمر عمر برجمها، فقال علي: أوما

9 - باب للعاهر الحجر

6815 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ فِي الْمَسْجِدِ فَنَادَاهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى زَنَيْتُ. فَأَعْرَضَ عَنْهُ، حَتَّى رَدَّدَ عَلَيْهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ، دَعَاهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «أَبِكَ جُنُونٌ». قَالَ لاَ. قَالَ «فَهَلْ أَحْصَنْتَ». قَالَ نَعَمْ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ». طرفه 5271 6816 - قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَأَخْبَرَنِى مَنْ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ فَكُنْتُ فِيمَنْ رَجَمَهُ فَرَجَمْنَاهُ بِالْمُصَلَّى، فَلَمَّا أَذْلَقَتْهُ الْحِجَارَةُ هَرَبَ، فَأَدْرَكْنَاهُ بِالْحَرَّةِ فَرَجَمْنَاهُ. طرفه 5270 9 - باب لِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ 6817 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتِ اخْتَصَمَ سَعْدٌ وَابْنُ زَمْعَةَ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ ـــــــــــــــــــــــــــــ تذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "رفع القلم عن ثلاثة"، وفي رواية أبي داود فلما سمع عمر جعل يكبر. 6815 - 6816 - (بكير) بضم الباء مصغر، وكذا (عُقيل) روى عن أبي هريرة حديث ماعز أقر عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قد زنى فأمر برجمه، وقد سلف في الباب قبله، وموضع الدلالة قوله: (أبك جنون) فإنه يدل على أن الجنون مانع على الحد، لكن هذا إذا أقر في حال الجنون، وأما لو أقر قبله يرجم في حال جنونه (فلما أذلقته الحجارة) -بالذال المعجمة- قال ابن الأثير: أي: بلغت فوق طاقته (فَرّ) وقيل معناه أصابته الحجارة بحدها. باب للعاهر الحجر 6817 - روى في الباب حديث عائشة أن سعد بن أبي وقاص وعبد بن زمعة تنازعا في

10 - باب الرجم فى البلاط

زَمْعَةَ، الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَاحْتَجِبِى مِنْهُ يَا سَوْدَةُ». زَادَ لَنَا قُتَيْبَةُ عَنِ اللَّيْثِ «وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ». طرفه 2053 6818 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ». طرفه 6750 10 - باب الرَّجْمِ فِي الْبَلاَطِ 6819 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ أُتِىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِيَهُودِىٍّ وَيَهُودِيَّةٍ قَدْ أَحْدَثَا جَمِيعًا فَقَالَ لَهُمْ «مَا تَجِدُونَ فِي كِتَابِكُمْ». قَالُوا إِنَّ أَحْبَارَنَا أَحْدَثُوا تَحْمِيمَ الْوَجْهِ وَالتَّجْبِيَةَ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ ادْعُهُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِالتَّوْرَاةِ. فَأُتِىَ بِهَا فَوَضَعَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ، وَجَعَلَ يَقْرَأُ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا فَقَالَ لَهُ ابْنُ سَلاَمٍ ارْفَعْ يَدَكَ. فَإِذَا آيَةُ الرَّجْمِ تَحْتَ يَدِهِ، فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَرُجِمَا. قَالَ ابْنُ عُمَرَ فَرُجِمَا عِنْدَ الْبَلاَطِ، فَرَأَيْتُ الْيَهُودِىَّ أَجْنَأَ عَلَيْهَا. طرفه 1329 ـــــــــــــــــــــــــــــ ابن وليدة زمعة فحكم أن الولد للفراش وللعاهر الحجر وقد مرّ مرارًا، ومعنى قوله: (للعاهر الحجر) أي: الرجم بالحجارة والألسن أنه كناية عن الحرمان لأن الرجم خاص بالمحصن. باب الرجم بالبلاط 6818 - 6819 - (خالد بن مَخلد) بفتح الميم وخاء معجمة (أُتِيَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيهودي ويهودية قد أحدثا) كناية عن الزنى، وكذا كل من أتى منكرًا فقد أحدث في دينه أمرًا خارجًا في السنة، وقد سلف أنهما كانا من الأشراف، وكان الرجم حكم التوراة، وكان رجمهما مشقًا على اليهود فاراد أن يكون الحكم عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غيره، فلم يكن عنده إلا الرجم (فقال لهم: ما تجدون في كتابكم؟ قالوا: ان أحبارنا أحدثوا تحميم الوجه والتجبيه) التحميم تسويد الوجه، والتجبيه بالجيم أن يركبهما حمارًا مخالفًا بأن يكون قفا كل منهما إلى قفا الآخر (فرجما بالبلاط) موضع معروف عند المسجد النبوي (فرأيت اليهودي أجنأ عليها) بالجيم آخره همزة أجنأ وجانأ وجنأ كلها بمعنى أن يميل ضمن معنى الاعتماد وعُدِّيَ بعلى، ويروى بالحاء المهملة، وفي الحديث دليل أبي حنيفة في أن الكفار تقبل شهادة بعضهم على

11 - باب الرجم بالمصلى

11 - باب الرَّجْمِ بِالْمُصَلَّى 6820 - حَدَّثَنِى مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَجُلاً مِنْ أَسْلَمَ جَاءَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَاعْتَرَفَ بِالزِّنَا فَأَعْرَضَ عَنْهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ. قَالَ لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَبِكَ جُنُونٌ». قَالَ لاَ. قَالَ «آحْصَنْتَ». قَالَ نَعَمْ. فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ بِالْمُصَلَّى، فَلَمَّا أَذْلَقَتْهُ الْحِجَارَةُ فَرَّ، فَأُدْرِكَ فَرُجِمَ حَتَّى مَاتَ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَيْرًا وَصَلَّى عَلَيْهِ. لَمْ يَقُلْ يُونُسُ وَابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ فَصَلَّى عَلَيْهِ. طرفه 5270 ـــــــــــــــــــــــــــــ بعض وغيره يقول إنما حكم بإقرارهما وليس بظاهر، وفيه حجة له أيضًا في أن الحكم واجب بين أهل الذمة شرعًا إذا رفعوا القضية إلينا، وقال غيره: الحاكم إن شاء حكم، وإن لم يشأ لم يحكم. فإن قلت: ما فائدة ترجمة البخاري على البلاط؟ قلت: لأن رجم الرجل لا يحتاج أن يحفر له كالمرأة. وذلك أن البلاط لا يمكن فيه الحفر؛ لما روي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بالحفر لماعز، أو أشار إلى أن مجاور المسجد له حكم المسجد. فإن قلت: حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن كان بالقرآن لقوله تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: 49] فأي فائدة في طلب التوراة؟ قلت: أراد إلزام اليهود وإظهار كذبهم على الله تعالى دليلًا على سائر الوقائع وقيل: أراد تقييد حكم النبي السابق؛ لأن الإسلام شرط في الرجم، وهذا غلط، أما أولًا: فلأن الإسلام ليس شرطًا في الإحصان، وأما ثانيًا فلأن حكم القرآن إذا كان مخالفًا لما في التوراة فقد نسخ به فلا يعقل هناك .. باب الرجم بالمصلى 6820 - (محمود) بن غيلان (مَعْمَر) بفتح الميمين وعين ساكنة. روى في الباب حديث رجم ماعز، وقد مر مرارًا، وفائدة ذكر المصلى للدلالة على عدم الكراهية (فلما أذلقته الحجارة) -بذال معجمة- أي: بلغت غاية طاقته، وقيل: أصابته بحدها (فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - خيرًا) فسره في الرواية الأخرى لأبي داود "إنه الآن لفي أنهار الجنة ينغمس".

12 - باب من أصاب ذنبا دون الحد فأخبر الإمام فلا عقوبة عليه بعد التوبة إذا جاء مستفتيا

12 - باب مَنْ أَصَابَ ذَنْبًا دُونَ الْحَدِّ فَأَخْبَرَ الإِمَامَ فَلاَ عُقُوبَةَ عَلَيْهِ بَعْدَ التَّوْبَةِ إِذَا جَاءَ مُسْتَفْتِيًا قَالَ عَطَاءٌ لَمْ يُعَاقِبْهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَلَمْ يُعَاقِبِ الَّذِى جَامَعَ فِي رَمَضَانَ، وَلَمْ يُعَاقِبْ عُمَرُ صَاحِبَ الظَّبْىِ، وَفِيهِ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 6821 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَجُلاً وَقَعَ بِامْرَأَتِهِ فِي رَمَضَانَ، فَاسْتَفْتَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً». قَالَ لاَ. قَالَ «هَلْ تَسْتَطِيعُ صِيَامَ شَهْرَيْنِ». قَالَ لاَ. قَالَ «فَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا». طرفه 1936 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: اتفقوا على أن من زنى الأفضل في حقه أن يستر على نفسه، وهذا قد مدحه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قلت: الستر مستحب، ولكن من جاد بنفسه فقد بالغ في التقريب إلى الله وتطهير نفسه، ونظيره من أكره على الكفر، التكلم به رخصة، فالصبر على الأذى عزيمة وأفضل. فإن قلت: هل صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ماعز؟ قلت: فيه خلاف في الرواية، قال شيخنا: ووجه الجمع أنه لم يصل عليه في اليوم الأول زجرًا للناس على فعل مثله ثم صلى عليه، وقال أحمد: يكره للإمام أن يصلي على المرجوم، والجمهور على عدم الكراهة. باب من أصاب ما دون الحد فأخبر الإمام فلا عقوبة عليه بعد التوبة (قال عطاء: لم يعاقبه النبي - صلى الله عليه وسلم - يجوز رجوع الضمير إلى المجامع في رمضان، وإلى الذي أصاب قبلة من امرأة (ولم يعاقب عمر صاحب الظبي) هو قبيصة بن جابر كان محرمًا فرمى حجرًا فقتل ظبيًا، قال: فلما قدمنا مكة جئت عمر فسألته، وكان عنده عبد الرحمن بن عوف يشاوره فحكم عليٌّ بشاة (وفيه عن أبي عثمان عن ابن مسعود) سلف حديثه في مواقيت الصلاة في باب: الصلاة كفارة، قال: أقم عليَّ الحدَّ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "قد صليت معنا" فنزل قوله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ} [هود: 114]. ثم ساق البخاري حديث الواقع امرأته في رمضان. وفقه الباب: أن الذنب الذي لا حد

13 - باب إذا أقر بالحد ولم يبين، هل للإمام أن يستر عليه

6822 - وَقَالَ اللَّيْثُ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أَتَى رَجُلٌ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْمَسْجِدِ قَالَ احْتَرَقْتُ. قَالَ «مِمَّ ذَاكَ». قَالَ وَقَعْتُ بِامْرَأَتِى فِي رَمَضَانَ. قَالَ لَهُ «تَصَدَّقْ». قَالَ مَا عِنْدِى شَىْءٌ. فَجَلَسَ وَأَتَاهُ إِنْسَانٌ يَسُوقُ حِمَارًا وَمَعَهُ طَعَامٌ - قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مَا أَدْرِى مَا هُوَ - إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «أَيْنَ الْمُحْتَرِقُ». فَقَالَ هَا أَنَا ذَا. قَالَ «خُذْ هَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ». قَالَ عَلَى أَحْوَجَ مِنِّى مَا لأَهْلِى طَعَامٌ قَالَ «فَكُلُوهُ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَدِيثُ الأَوَّلُ أَبْيَنُ قَوْلُهُ «أَطْعِمْ أَهْلَكَ». طرفه 1935 13 - باب إِذَا أَقَرَّ بِالْحَدِّ وَلَمْ يُبَيِّنْ، هَلْ لِلإِمَامِ أَنْ يَسْتُرَ عَلَيْهِ 6823 - حَدَّثَنِى عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلاَبِىُّ حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَىَّ. قَالَ وَلَمْ يَسْأَلْهُ عَنْهُ. قَالَ وَحَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَصَلَّى مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا قَضَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الصَّلاَةَ قَامَ إِلَيْهِ الرَّجُلُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى أَصَبْتُ حَدًّا، فَأَقِمْ فِىَّ كِتَابَ اللَّهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فيه مقدرًا إذا تاب الإنسان منه فبعد التوبة لا يلام، ولا يعاقب وأما الذي فيه حد مقدر فإن تاب عنه ورفع بعد التوبة إلى الحاكم يجب أن يجري الحد عليه، ونقل ابن المنذر عن الشافعي أنه بالتوبة يسقط عنه الحد، وقد سقط في تفسير سورة هود أن الذي أصاب قبلة من المرأة أبو اليسر -بفتح الياء والسين- كعب بن عمرو الأنصاري. باب إذا أقر بالحد ولم يبين هل للإمام أن يستر عليه؟ 6823 - (عاصم الكلابي) بكسر [الكاف] روى (عن أنس أن رجلًا جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني أصبت حدًّا) أي: ما يوجب حدًّا. (فأقم علي كتاب الله) أي: حكمه في كتابه

14 - باب هل يقول الإمام للمقر لعلك لمست أو غمزت

قَالَ «أَلَيْسَ قَدْ صَلَّيْتَ مَعَنَا». قَالَ نَعَمْ. قَالَ «فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَكَ ذَنْبَكَ». أَوْ قَالَ «حَدَّكَ». 14 - باب هَلْ يَقُولُ الإِمَامُ لِلْمُقِرِّ لَعَلَّكَ لَمَسْتَ أَوْ غَمَزْتَ 6824 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِىُّ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا أَبِى قَالَ سَمِعْتُ يَعْلَى بْنَ حَكِيمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا أَتَى مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَهُ «لَعَلَّكَ قَبَّلْتَ أَوْ غَمَزْتَ أَوْ نَظَرْتَ». قَالَ لاَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «أَنِكْتَهَا». لاَ يَكْنِى. قَالَ فَعِنْدَ ذَلِكَ أَمَرَ بِرَجْمِهِ. 15 - باب سُؤَالِ الإِمَامِ الْمُقِرَّ هَلْ أَحْصَنْتَ 6825 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ـــــــــــــــــــــــــــــ (قال: أليس قد صليت معنا؟) في ليس ضمير الشأن (فإن الله قد غفر لك ذنبك) فإن الحسنات يذهبن السيئات، والحديث دل على أن الحاكم يستر على الذنب ما لم يكشف، وأن الأولى بحال المذنب أن يستر على نفسه إذا كان الذنب من حقوق الله، قال النووي: الذنب الذي ارتكبه كان صغيرة ولذلك كفرت بالصلاة، وأما قوله أقم الحد فلعدم علمه بما يوجب الحد. باب هل يقول للمقر لعلك لمست أو غمزت أو مقدمات الزنى 6824 - (الجُعفي) بضم الجيم (يعلى) على وزن يحيى. روى في الباب حديث ماعز، وموضع الدلالة قوله: (لعلك قبلت أو غمزت) إذ مقدمات الزنى يطلق عليها لفظ الزنى كما في الحديث "زنى العين النظر، وزنى اليد البطش"، وحاصل الباب أنه يستحب للحاكم تلقين المقر بالحد ما يكون فيه درء الحد عنه طلبًا للستر على المؤمن، ألا ترى إلى قوله: (أنكتها) مع بعد مقامه عن مثل هذا اللفظ كل ذلك اهتمامًا بدرء الحد عنه. باب سؤال الإمام المقر هل أحصنت؟ 6825 - (عفير) بضم العين، مصغر.

16 - باب الاعتراف بالزنا

خَالِدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِى سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ مِنَ النَّاسِ وَهْوَ فِي الْمَسْجِدِ فَنَادَاهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى زَنَيْتُ. يُرِيدُ نَفْسَهُ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَتَنَحَّى لِشِقِّ وَجْهِهِ الَّذِى أَعْرَضَ قِبَلَهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى زَنَيْتُ. فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَجَاءَ لِشِقِّ وَجْهِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - الَّذِى أَعْرَضَ عَنْهُ، فَلَمَّا شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ دَعَاهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «أَبِكَ جُنُونٌ». قَالَ لاَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ «أَحْصَنْتَ». قَالَ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «اذْهَبُوا فَارْجُمُوهُ». طرفه 5271 6826 - قَالَ ابْنُ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى مَنْ سَمِعَ جَابِرًا قَالَ فَكُنْتُ فِيمَنْ رَجَمَهُ، فَرَجَمْنَاهُ بِالْمُصَلَّى، فَلَمَّا أَذْلَقَتْهُ الْحِجَارَةُ جَمَزَ حَتَّى أَدْرَكْنَاهُ بِالْحَرَّةِ فَرَجَمْنَاهُ. طرفه 5270 16 - باب الاِعْتِرَافِ بِالزِّنَا 6827 و 6828 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَفِظْنَاهُ مِنْ فِي الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ وَزَيْدَ بْنَ خَالِدٍ قَالاَ كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ أَنْشُدُكَ اللَّهَ إِلاَّ قَضَيْتَ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ. فَقَامَ خَصْمُهُ - وَكَانَ أَفْقَهَ مِنْهُ - فَقَالَ اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ وَأْذَنْ لِى. قَالَ «قُلْ». قَالَ إِنَّ ابْنِى كَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــ (أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجل من الناس) هو ماعز الذي تقدم آنفًا (فناداه يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إني زنيت يريد نفسه) أي: يريد أن يطهر نفسه من الذنب بإجراء الحد لا أنه كان مستفتيًا ما يجب على الزاني، هذه فائدة قوله: يريد نفسه (فتنحى لشق وجهه) أي جاء إلى ناحية وجهه (فقال: أحصنت؟ قال: نعم) هذا السؤال واجب على الحاكم إذا لم يكن عالمًا بإحصانه، وقد سلف أن أبا حنيفة أخذ بظاهر الحديث فأوجب الإقرار في أربعة مجالس، وقال أحمد: في أربعة مجالس وأربعة مرات وقال مالك والشافعي: يكفي مرة واحدة لحديث أنس في رجم الغامدية به (فلما أذلقته الحجارة) -بذال معجمة- بلغت فوق طاقته، وقيل: أصابته بحدها (أدركناه بالحرة) هي أرض ذات حجارة سود يريد حرة المدينة. باب الاعتراف بالزنا 6827 - 6828 - (أَنشدك) بفتح الهمزة أي: أسألك، و (الله) نصب بترك الخافض،

عَسِيفًا عَلَى هَذَا، فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ، فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَخَادِمٍ، ثُمَّ سَأَلْتُ رِجَالاً مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، فَأَخْبَرُونِى أَنَّ عَلَى ابْنِى جَلْدَ مِائَةٍ وَتَغْرِيبَ عَامٍ، وَعَلَى امْرَأَتِهِ الرَّجْمَ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ، الْمِائَةُ شَاةٍ وَالْخَادِمُ رَدٌّ، وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا». فَغَدَا عَلَيْهَا فَاعْتَرَفَتْ فَرَجَمَهَا. قُلْتُ لِسُفْيَانَ لَمْ يَقُلْ فَأَخْبَرُونِى أَنَّ عَلَى ابْنِى الرَّجْمَ. فَقَالَ أَشُكُّ فِيهَا مِنَ الزُّهْرِىِّ، فَرُبَّمَا قُلْتُهَا وَرُبَّمَا سَكَتُّ. طرفه 2314 6829 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ عُمَرُ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَطُولَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ حَتَّى يَقُولَ قَائِلٌ لاَ نَجِدُ الرَّجْمَ فِي كِتَابِ اللَّهِ. فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اللَّهُ، أَلاَ ـــــــــــــــــــــــــــــ أي: بالله (إلا قضيت بيننا بكتاب الله، فقام خصمه وكان أفقه منه، فقال: اقض بيننا بكتاب الله، وائذن لي) قيل: إنما كان يفقه لقوله: ائذن لي، فإنه كان مدعيًا، فابتداء الكلام منه (أن ابني كان عسيفًا على هذا) أي: أجيرًا على خدمته (لأقضين بينكما بكتاب الله) أي: بحكم لا يخالف كتاب الله، وإنما قلنا ذلك لأن التغريب ليس في كتاب الله، أو المراد بكتاب الله حكم الله (المئة شاة والخادم ردٌّ عليك) المئة شاة على لغة أهل الكوفة كالثلاثة أثواب (واغد يا أُنيس) -بضم الهمزة، مصغر- والحديث في أبواب الصلح، وفيه جواز حكم المفضول وإفتاؤه مع وجود الفاضل، وأن الصلح إذا لم يكن على وفق الشرع يكون باطلًا، وجواز قول أحد الخصمين: اقض بالحق إذا لم يكن غرضه التعريض بالقاضي ويجوز تأخير إمضاء الحكم لضيق الوقت، وجواز إرسال واحد لتنفيذ الحكم (قلت لسفيان: لم يقل فأخبروني أن على ابني الرجم) هذا كلام علي بن عبد الله يعترض على سفيان شيخه لم ترك الزيادة (قال الشك فيها من الزهري) أجاب بأنه سمع تلك الزيادة من الزهري على الشك، فلذلك تارة يروي الزيادة، وتارة يتركها. 6829 - (قال عمر: ولقد خشيت أن يطول بالناس زمان حتى يقول قائل [لا] نجد الرجم في كتاب الله) فإن آية الرجم نسخ لفظها وبقي حكمها أو انعقد عليه الإجماع، وقد

17 - باب رجم الحبلى من الزنا إذا أحصنت

وَإِنَّ الرَّجْمَ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى، وَقَدْ أَحْصَنَ، إِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ، أَوْ كَانَ الْحَمْلُ أَوْ الاِعْتِرَافُ - قَالَ سُفْيَانُ كَذَا حَفِظْتُ - أَلاَ وَقَدْ رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ. طرفه 2462 17 - باب رَجْمِ الْحُبْلَى مِنَ الزِّنَا إِذَا أَحْصَنَتْ 6830 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كُنْتُ أُقْرِئُ رِجَالاً مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مِنْهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، فَبَيْنَمَا أَنَا فِي مَنْزِلِهِ بِمِنًى، وَهْوَ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي آخِرِ حَجَّةٍ حَجَّهَا، إِذْ رَجَعَ إِلَىَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَقَالَ لَوْ رَأَيْتَ رَجُلاً أَتَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ الْيَوْمَ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَلْ لَكَ فِي فُلاَنٍ يَقُولُ لَوْ قَدْ مَاتَ عُمَرُ لَقَدْ بَايَعْتُ فُلاَنًا، فَوَاللَّهِ مَا كَانَتْ بَيْعَةُ أَبِى بَكْرٍ إِلاَّ فَلْتَةً، فَتَمَّتْ. فَغَضِبَ عُمَرُ ثُمَّ قَالَ إِنِّى إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَقَائِمٌ الْعَشِيَّةَ فِي النَّاسِ، فَمُحَذِّرُهُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــ روي عن عمر أنَّه قال: لولا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله لألحقتها بالمصحف، قيل لم يأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكتابتها في جملة ما كتب من القرآن، قال عمر بن الخطاب: لما قلت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - اكتبها كره ذلك، قالوا: إنما لم يكتبها لأن العمل على غير ظاهرها لأن الشيخ إذا لم يكن ثيبًا لا يرجم، وكذا الشيخة، وفيه نظر لا يخفى والعلم عند الله. باب رجم الحبلى من الزنا إذا أُحصنت 6830 - روى في الباب حديث الرجم فإنه حق وكان من الوحي المتلو وأردفه بأمر الصديق وأنها كانت فلتة لأنهم خافوا من وقوع الفتنة وإلا نصب الإمام لا يكون إلا باتفاق أهل الحل والعقد، هذا ونشير إلى بعض مواضع من الحديث: (قال ابن عباس: كنت أُقرئ رجالًا من المهاجرين) -بضم الهمزة- ظاهره كان يعلمهم القرآن، ويحتمل أن يريد شرح القرآن فإنه إمام المفسرين، وقيل: أراد أنَّه كان يتعلم منهم، وليس بشيء لأنه ليس معنى أقرئ بضم الهمزة، ولما روى ابن إسحاق في السير كنت أعلم عبد الرحمن بن عوف القرآن (قال عبد الرحمن بن عوف لو رأيت رجلًا أتى أمير المومنين)، (هل لك في فلان يقول: لو قد مات عمر بايعت فلانًا ما كانت بيعة أبي بكر إلا فلتة) -بفتح الفاء- قال ابن الأثير: كل فَعل فُعل من غير روية، وقيل: الفلتة آخر ليلة من الأشهر الحُرم: أريد أن آخر حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كآخر الأشهر الحرم، وهذا حسن إلا أنَّه بعيد عن المقام، وهذا الرجل الَّذي

هَؤُلاَءِ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَغْصِبُوهُمْ أُمُورَهُمْ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لاَ تَفْعَلْ فَإِنَّ الْمَوْسِمَ يَجْمَعُ رَعَاعَ النَّاسِ وَغَوْغَاءَهُمْ، فَإِنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ يَغْلِبُونَ عَلَى قُرْبِكَ حِينَ تَقُومُ فِي النَّاسِ، وَأَنَا أَخْشَى أَنْ تَقُومَ فَتَقُولَ مَقَالَةً يُطَيِّرُهَا عَنْكَ كُلُّ مُطَيِّرٍ، وَأَنْ لاَ يَعُوهَا، وَأَنْ لاَ يَضَعُوهَا عَلَى مَوَاضِعِهَا، فَأَمْهِلْ حَتَّى تَقْدَمَ الْمَدِينَةَ فَإِنَّهَا دَارُ الْهِجْرَةِ وَالسُّنَّةِ، فَتَخْلُصَ بِأَهْلِ الْفِقْهِ وَأَشْرَافِ النَّاسِ، فَتَقُولَ مَا قُلْتَ مُتَمَكِّنًا، فَيَعِى أَهْلُ الْعِلْمِ مَقَالَتَكَ، وَيَضَعُونَهَا عَلَى مَوَاضِعِهَا. فَقَالَ عُمَرُ أَمَا وَاللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لأَقُومَنَّ بِذَلِكَ أَوَّلَ مَقَامٍ أَقُومُهُ بِالْمَدِينَةِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فِي عَقِبِ ذِى الْحَجَّةِ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ عَجَّلْنَا الرَّوَاحَ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ، حَتَّى أَجِدَ سَعِيدَ بْنَ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ جَالِسًا إِلَى رُكْنِ الْمِنْبَرِ، فَجَلَسْتُ حَوْلَهُ تَمَسُّ رُكْبَتِى رُكْبَتَهُ، فَلَمْ أَنْشَبْ أَنْ خَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ مُقْبِلاً قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ، لَيَقُولَنَّ الْعَشِيَّةَ مَقَالَةً لَمْ يَقُلْهَا مُنْذُ اسْتُخْلِفَ، فَأَنْكَرَ عَلَىَّ وَقَالَ مَا عَسَيْتَ أَنْ يَقُولَ مَا لَمْ يَقُلْ. قَبْلَهُ فَجَلَسَ عُمَرُ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَلَمَّا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُونَ قَامَ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّى قَائِلٌ لَكُمْ مَقَالَةً قَدْ قُدِّرَ لِى أَنْ أَقُولَهَا، لاَ أَدْرِى لَعَلَّهَا بَيْنَ يَدَىْ أَجَلِى، فَمَنْ عَقَلَهَا وَوَعَاهَا فَلْيُحَدِّثْ بِهَا حَيْثُ انْتَهَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ أرادوا بيعته هو طلحة بن عبيد الله، كذا رواه البزار، وقيل أرادوا رجلًا من الأنصار، وهذا أقرب إلى الصواب لقوله: (يغصبوهم أمورهم) فإن الضمير يرجع إلى قريش، وطلحة قريشي، ولما روى ابن إسحاق أن رجلين من الأنصار ذكرا بيعة أبي بكر (هؤلاء الذين يريدون أن يغصبوهم أمورهم) لأن الخلافة في قريش فمن أخذها منهم فقد غصب حقهم (الموسم يجمع رعاع الناس وكوكاءهم) الرَعاع -بفتح الراء وعين مهملة- جمع رعاعة، وهم الجهال (الغوغاء) -بغين معجمة والمد- الجراد حين يجوز للطيران استعير لأجلاف الناس وأسقافهم (فإنهم الذين يغلبون على قربك) لكثرتهم وعدم مبالاتهم (فنقول مقالة يطيرها عنك كل مُطيِّر) -بضم الميم وكسر الياء المشددة- أي: يذهب بها كل ذاهب في الآفاق (فلم أنشب) -يفتح الشين- لم ألبث (ما عسيت أن تقول) كان القياس أن يقول: ما عسى أن تقول، إلا أنَّه استعمله استعمال لعل لقرب معناها.

وَمَنْ خَشِىَ أَنْ لاَ يَعْقِلَهَا فَلاَ أُحِلُّ لأَحَدٍ أَنْ يَكْذِبَ عَلَىَّ، إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - بِالْحَقِّ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ فَكَانَ مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ آيَةُ الرَّجْمِ، فَقَرَأْنَاهَا وَعَقَلْنَاهَا وَوَعَيْنَاهَا، رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ، فَأَخْشَى إِنْ طَالَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ وَاللَّهِ مَا نَجِدُ آيَةَ الرَّجْمِ فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اللَّهُ، وَالرَّجْمُ فِي كِتَابِ اللَّهِ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى إِذَا أُحْصِنَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، إِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ أَوْ كَانَ الْحَبَلُ أَوْ الاِعْتِرَافُ، ثُمَّ إِنَّا كُنَّا نَقْرَأُ فِيمَا نَقْرَأُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ أَنْ لاَ تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ، فَإِنَّهُ كُفْرٌ بِكُمْ أَنْ تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ، أَوْ إِنَّ كُفْرًا بِكُمْ أَنْ تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ، أَلاَ ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تُطْرُونِى كَمَا أُطْرِىَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ». ثُمَّ إِنَّهُ بَلَغَنِى أَنَّ قَائِلاً مِنْكُمْ يَقُولُ وَاللَّهِ لَوْ مَاتَ عُمَرُ بَايَعْتُ فُلاَنًا. فَلاَ يَغْتَرَّنَّ امْرُؤٌ أَنْ يَقُولَ إِنَّمَا كَانَتْ بَيْعَةُ أَبِى بَكْرٍ فَلْتَةً وَتَمَّتْ أَلاَ وَإِنَّهَا قَدْ كَانَتْ كَذَلِكَ وَلَكِنَّ اللَّهَ وَقَى شَرَّهَا، وَلَيْسَ مِنْكُمْ مَنْ تُقْطَعُ الأَعْنَاقُ إِلَيْهِ مِثْلُ أَبِى بَكْرٍ، مَنْ بَايَعَ رَجُلاً عَنْ غَيْرِ مَشُورَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَلاَ يُبَايَعُ هُوَ وَلاَ الَّذِى بَايَعَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ (والرجم حق في كتاب [الله] على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف) هذا موضع الدلالة على الترجمة إلا أن فيه ضعفًا، وذلك أن الحبلى لا ترجم ما لم تلد إجماعًا، وكذا إذا وضعت حتَّى يوجد من يقوم بأمر الولد، صرح به رواية مسلم، قال النووي وكذا حكم القصاص والجلد لا يكونان إلا بعد الوضع (إنما كانت بيعة أبي بكر فلتة) لأنهم خافوا في التأخير من وقوع الفتنة (ولكن الله وقى شرها) أي كانت جديرة بوقوع الشرور؛ لأنها كانت أول بيعة في الإسلام مع مخالفة الأنصار وعلي والزبير، (وليس فيكم من تقطع الأعناق إليه مثل أبي بكر) أي قطع الأعناق كناية عن بعد المسافة لأن السير يظهر في العنق، قال الشاعر: وسألت بأعناق المطي الأباطح يريد أن أبا بكر كان قد بدأ ثم أتم الله له الأمر (فلا يغرنكم شأن من بايع رجلًا من غير مَشُورة) بفتح الميم وضم الشين وبسكون الشين وفتح الواو (فلا يبايع هو) بضم الياء وفتح

تَغِرَّةً أَنْ يُقْتَلاَ، وَإِنَّهُ قَدْ كَانَ مِنْ خَبَرِنَا حِينَ تَوَفَّى اللَّهُ نَبِيَّهُ - صلى الله عليه وسلم - إِلاَّ أَنَّ الأَنْصَارَ خَالَفُونَا وَاجْتَمَعُوا بِأَسْرِهِمْ فِي سَقِيفَةِ بَنِى سَاعِدَةَ، وَخَالَفَ عَنَّا عَلِىٌّ وَالزُّبَيْرُ وَمَنْ مَعَهُمَا، وَاجْتَمَعَ الْمُهَاجِرُونَ إِلَى أَبِى بَكْرٍ فَقُلْتُ لأَبِى بَكْرٍ يَا أَبَا بَكْرٍ انْطَلِقْ بِنَا إِلَى إِخْوَانِنَا هَؤُلاَءِ مِنَ الأَنْصَارِ. فَانْطَلَقْنَا نُرِيدُهُمْ فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنْهُمْ لَقِيَنَا مِنْهُمْ رَجُلاَنِ صَالِحَانِ، فَذَكَرَا مَا تَمَالَى عَلَيْهِ الْقَوْمُ فَقَالاَ أَيْنَ تُرِيدُونَ يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ فَقُلْنَا نُرِيدُ إِخْوَانَنَا هَؤُلاَءِ مِنَ الأَنْصَارِ. فَقَالاَ لاَ عَلَيْكُمْ أَنْ لاَ تَقْرَبُوهُمُ اقْضُوا أَمْرَكُمْ. فَقُلْتُ وَاللَّهِ لَنَأْتِيَنَّهُمْ. فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَاهُمْ فِي سَقِيفَةِ بَنِى سَاعِدَةَ، فَإِذَا رَجُلٌ مُزَمَّلٌ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا فَقَالُوا هَذَا سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ. فَقُلْتُ مَا لَهُ قَالُوا يُوعَكُ. فَلَمَّا جَلَسْنَا قَلِيلاً تَشَهَّدَ خَطِيبُهُمْ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَنَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ وَكَتِيبَةُ الإِسْلاَمِ، وَأَنْتُمْ مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ رَهْطٌ، وَقَدْ دَفَّتْ دَافَّةٌ مِنْ قَوْمِكُمْ، فَإِذَا هُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يَخْتَزِلُونَا مِنْ أَصْلِنَا ـــــــــــــــــــــــــــــ الباء على بناء المجهول (تغرّةً أن يُقتلا) -بفتح التاء وتشديد الراء- مصدر غررته الفتنة في البشر، قال ابن الأثير: هو من التغرير كالتعلة من التعليل، وفي الكلام مضاف محذوف تقديره: خوف تغرة أن يقتلا. أي: خوف وقوعهما في القتل، حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، فانتصب على أنَّه مفعول له، ويجوز أن يكون: أن يقتلا بدلًا من تغرة، والمضاف مقدر كالأول ومن أضاف تغرة إلى أن يقتلا لأنه في حكم المصدر تقديره: خوف قتلهما ومحصله أن لا بيعة من غير مشورة بين أهل الفصل الذين لهم رأي في معرفة الناس، وتمييز من يصلح للإمامة، وقولة: (تغزة) -بفتح التاء وغين معجمة وراء مشددة- مصدر أغر (لقينا منهم) أي من الأنصار (رجلان صالحان) هما معن بن عدي أخو عاصم، والآخر عويمر بن ساعدة (لا عليكم ألا تقربوهم) وهذا في المعنى نهي عن الذهاب إليهم مع رمز إلى نوع من وقوع الشر في الذهاب (سقيفة بني ساعدة) قال ابن الأثير: كل صفة لها سقف، فعيلة بمعنى المفعول (تمالأ عليه القوم) أي اتفقوا عليه من الميل (فإذا رجل مزمل بين ظهرانيهم) أي: أظهرهم الألف والنون زائدتان تأكيدًا والمعنى أن ظهرًا منهم قوامه ظهر، والمزمل: المغطى، هو سعد بن عبادة سيد الخزرج (يوعك) أي: يُحَم (نحن أنصار الله وكتيبة الإسلام) من الكتب وهو الجمع ولأن الجيش مما يكتب (وأنتم يا معشر المهاجرين رهط دفت منكم دافة) -بفتح الدال المهملة وتشديد الفاء- الدافة: الأعراب الذين يردون الأنصار، أراد أنهم غرباء ليس لهم حظ في الخلافة (يريدون أن يختزلونا من أصلنا) -بالخاء المعجمة- أي

وَأَنْ يَحْضُنُونَا مِنَ الأَمْرِ. فَلَمَّا سَكَتَ أَرَدْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ وَكُنْتُ زَوَّرْتُ مَقَالَةً أَعْجَبَتْنِى أُرِيدُ أَنْ أُقَدِّمَهَا بَيْنَ يَدَىْ أَبِى بَكْرٍ، وَكُنْتُ أُدَارِى مِنْهُ بَعْضَ الْحَدِّ، فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى رِسْلِكَ. فَكَرِهْتُ أَنْ أُغْضِبَهُ، فَتَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَكَانَ هُوَ أَحْلَمَ مِنِّى وَأَوْقَرَ، وَاللَّهِ مَا تَرَكَ مِنْ كَلِمَةٍ أَعْجَبَتْنِى فِي تَزْوِيرِى إِلاَّ قَالَ فِي بَدِيهَتِهِ مِثْلَهَا أَوْ أَفْضَلَ مِنْهَا حَتَّى سَكَتَ فَقَالَ مَا ذَكَرْتُمْ فِيكُمْ مِنْ خَيْرٍ فَأَنْتُمْ لَهُ أَهْلٌ، وَلَنْ يُعْرَفَ هَذَا الأَمْرُ إِلاَّ لِهَذَا الْحَىِّ مِنْ قُرَيْشٍ، هُمْ أَوْسَطُ الْعَرَبِ نَسَبًا وَدَارًا، وَقَدْ رَضِيتُ لَكُمْ أَحَدَ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ، فَبَايِعُوا أَيَّهُمَا شِئْتُمْ. فَأَخَذَ بِيَدِى وَبِيَدِ أَبِى عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ وَهْوَ جَالِسٌ بَيْنَنَا، فَلَمْ أَكْرَهْ مِمَّا قَالَ غَيْرَهَا، كَانَ وَاللَّهِ أَنْ أُقَدَّمَ فَتُضْرَبَ عُنُقِى لاَ يُقَرِّبُنِى ذَلِكَ مِنْ إِثْمٍ، أَحَبَّ إِلَىَّ مِنْ أَنْ أَتَأَمَّرَ عَلَى قَوْمٍ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ، اللَّهُمَّ إِلاَّ أَنْ تُسَوِّلَ إِلَىَّ نَفْسِى عِنْدَ الْمَوْتِ شَيْئًا لاَ أَجِدُهُ الآنَ. فَقَالَ قَائِلٌ مِنَ الأَنْصَارِ أَنَا جُذَيْلُهَا الْمُحَكَّكُ، وَعُذَيْقُهَا الْمُرَجَّبُ، مِنَّا أَمِيرٌ، وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ، يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ. فَكَثُرَ اللَّغَطُ، وَارْتَفَعَتِ الأَصْوَاتُ حَتَّى فَرِقْتُ مِنَ الاِخْتِلاَفِ. فَقُلْتُ ابْسُطْ يَدَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ. فَبَسَطَ ـــــــــــــــــــــــــــــ يقطعونا (وأن يحضنونا) -بالحاء المهملة وضاد معجمة- أي: يخرجونا، من حضنت الشيء (كنت زورت مقالة) أي: زينتها (كنت أداري منه بعض الحد) أي: الحدة والغضب. قال ابن الأثير: ويروى بالجيم، ضد الهزل (على رسلك) أي: لا تعجل (لهم أوسط العرب) أي: قريش أفضل العرب (نسبًا ودارًا) أي قبيلة كما في قوله: "خير دور الأنصار بنو النجار" (قال قائل من الأنصار) هو حباب بن المنذر، وقيل سعد بن عبادة، والأول هو الصواب (أنا جُذَيْلها المحكك) -بضم الجيم وذال معجمة- مصغر جذل، والمحكك اسم المفعول، قال ابن الأثير: هو عود ينصب للإبل الجرب لتحك به، والتصغير للتعظيم، أي: أنا الَّذي يستشفى برأيه كما تستشفي الإبل الجرب بذلك العود (وعذيق) بضم العين، مصغر عَذق بفتح العين وهي: النخلة (المرجّب) -بتشديد الجيم المفتوحة- قال ابن الأثير: هي النخلة الكريمة يبنى حولها بحجارة أو خشب إذا خيف عليها لطولها وكثرة حملها، يريد أنَّه منفرد بين القوم بالرأي العالي والفكر الصائب، والتصغير أيضًا للتعظيم (فكثر اللغط) اختلاط الأصوات

18 - باب البكران يجلدان وينفيان

يَدَهُ فَبَايَعْتُهُ، وَبَايَعَهُ الْمُهَاجِرُونَ، ثُمَّ بَايَعَتْهُ الأَنْصَارُ، وَنَزَوْنَا عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ قَتَلْتُمْ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ. فَقُلْتُ قَتَلَ اللَّهُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ. قَالَ عُمَرُ وَإِنَّا وَاللَّهِ مَا وَجَدْنَا فِيمَا حَضَرْنَا مِنْ أَمْرٍ أَقْوَى مِنْ مُبَايَعَةِ أَبِى بَكْرٍ خَشِينَا إِنْ فَارَقْنَا الْقَوْمَ وَلَمْ تَكُنْ بَيْعَةٌ أَنْ يُبَايِعُوا رَجُلاً مِنْهُمْ بَعْدَنَا، فَإِمَّا بَايَعْنَاهُمْ عَلَى مَا لاَ نَرْضَى، وَإِمَّا نُخَالِفُهُمْ فَيَكُونُ فَسَادٌ، فَمَنْ بَايَعَ رَجُلاً عَلَى غَيْرِ مَشُورَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَلاَ يُتَابَعُ هُوَ وَلاَ الَّذِى بَايَعَهُ تَغِرَّةً أَنْ يُقْتَلاَ. طرفه 2462 18 - باب الْبِكْرَانِ يُجْلَدَانِ وَيُنْفَيَانِ (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِى فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * الزَّانِى لاَ يَنْكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لاَ يَنْكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ). قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ رَأْفَةٌ فِي إِقَامَةِ الْحُدُودِ. 6831 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِىِّ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَأْمُرُ فِيمَنْ زَنَى وَلَمْ يُحْصَنْ جَلْدَ مِائَةٍ وَتَغْرِيبَ عَامٍ. طرفه 2314 6832 - قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَأَخْبَرَنِى عُرْوَةَ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ غَرَّبَ، ثُمَّ لَمْ تَزَلْ تِلْكَ السُّنَّةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ (ونزونا على سعد بن عبادة) أي: وثبنا عليه ووطئناه بالأرجل لأنه لم يبايع ولذلك (قال عمر: قتله الله). باب البكران يجلدان وينفيان استدل على الجلد بالآية وعلى تغريب عام بالحديث. 6831 - 6832 - (الجهني) -بضم الجيم- نسبته إلى جهينة قبيلة من الأعراب (ولم تزل تلك السنة) أي: التغريب يرد به على أبي حنيفة حيث لم يقل بالتغريب، وقال مالك: التغريب خاص بالرجال الأحرار دون النساء والعبيد، لكن من قال بتغريب المرأة قال: يغرب معها زوجها أو ذو محرم، وإلا فلا تغريب عليها.

19 - باب نفى أهل المعاصى والمخنثين

6833 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَضَى فِيمَنْ زَنَى وَلَمْ يُحْصَنْ بِنَفْىِ عَامٍ بِإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ. طرفه 2315 19 - باب نَفْىِ أَهْلِ الْمَعَاصِى وَالْمُخَنَّثِينَ 6834 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ لَعَنَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمُخَنَّثِينَ مِنَ الرِّجَالِ، وَالْمُتَرَجِّلاَتِ مِنَ النِّسَاءِ، وَقَالَ «أَخْرِجُوهُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ». وَأَخْرَجَ فُلاَنًا، وَأَخْرَجَ عُمَرُ فُلاَنًا. طرفه 5885 20 - باب مَنْ أَمَرَ غَيْرَ الإِمَامِ بِإِقَامَةِ الْحَدِّ غَائِبًا عَنْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ 6833 - (بكير) بضم الباء، مصغر، وكذا (عقيل). باب نفي أهل المعاصي والمخنثين بكسر النون وفتح: المشبه بالنساء. 6834 - فقد (لعن النبي - صلى الله عليه وسلم - المخنثين من الرجال) لأنه يسعى في تغيير خلق الله (والمترجلات من النساء) المتشبهات بالرجال في الحركات وأفعال الجبلة إلا في التحلم والمعرفة (وأخرج عمر فلانًا وأخرج فلانًا) أحدهما اسمه ماتع بالتاء الفوقانية، والآخر هِيت -بكسر الهاء وسكون الياء - وإنما أخرجهما لئلا تسري أخلاقهما في سائر الناس. ولم يذكر لأهل المعاصي حديثًا لأنه يعلم حالهُ من المخنث من باب الأولى، وقد روى مسلمة بن محارب أن أمية بن بريرة الأزدي ومولى زينة كانا يحتكرا الطعام فأخرجهما عمر. باب من أمر غير الإمام بإقامة الحد غائبًا عنه أي: من أمره الإمام بإقامة الحد على غائب عن الإمام، فانتصاب غير على المفعول، وغائب بنزع الخافض، وفسره بقوله فيما بعد: باب هل يجوز للحاكم أن يبعث واحدًا يقوم

21 - باب قول الله تعالى (ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات والله أعلم بإيمانكم بعضكم من بعض فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب ذلك لمن خشى العنت منكم وأن تصبروا خير لكم والله غفور رحيم)

6835 و 6836 - حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَعْرَابِ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ جَالِسٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اقْضِ بِكِتَابِ اللَّهِ. فَقَامَ خَصْمُهُ فَقَالَ صَدَقَ اقْضِ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِكِتَابِ اللَّهِ، إِنَّ ابْنِى كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ فَأَخْبَرُونِى أَنَّ عَلَى ابْنِى الرَّجْمَ، فَافْتَدَيْتُ بِمِائَةٍ مِنَ الْغَنَمِ وَوَلِيدَةٍ، ثُمَّ سَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ، فَزَعَمُوا أَنَّ مَا عَلَى ابْنِى جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ. فَقَالَ «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ، أَمَّا الْغَنَمُ وَالْوَلِيدَةُ فَرَدٌّ عَلَيْكَ، وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَأَمَّا أَنْتَ يَا أُنَيْسُ فَاغْدُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَارْجُمْهَا». فَغَدَا أُنَيْسٌ فَرَجَمَهَا. طرفه 2314 21 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِىَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ). ـــــــــــــــــــــــــــــ مقامه وقال بعض الشارحين: غائبًا حال من فاعل الإقامة، وهو الَّذي بعثه الإمام أو عن المحدود. 6835 - 6836 - واستدل عليه بحديث أنس (حين أمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برجم امرأة الَّذي زنى بها العسيف) أي الأجير (أن اعترفت) وقد [مر] قريبًا، وأراد بعضهم توجيه ما وقع في البخاري، فقال: قوله هذا غائبًا حال من المأمور، وهذا الَّذي يقيم الحد، وفي قوله في آخر أبواب الحد، باب هل يأمر الإمام رجلًا بضرب الحد عنه غائبًا حال من الَّذي يقام عليه الحد، قلت: الحديث الَّذي أورده هناك والمأمور الَّذي يقيم الحد مخاطب في الموضعين فكيف يكون غائبًا؟.

22 - باب إذا زنت الأمة

22 - باب إِذَا زَنَتِ الأَمَةُ 6837 و 6838 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ رضى الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ عَنِ الأَمَةِ إِذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحْصَنْ قَالَ «إِذَا زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ بِيعُوهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ». قَالَ ابْنُ شِهَابٍ لاَ أَدْرِى بَعْدَ الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ. طرفاه 2152، 2154 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إذا زنت الأمة 6837 - 6838 - (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن الأمة إذا زنت ولم تحصن) قال ابن الأثير: الإحصان يكون بالإسلام والعفاف والحرية والتزوج، وهذا الأخير هو المراد. فإن قلت: الأمة سواء كانت محصنة بالتزوج أو لا علة الجلد نصف حد الحرائر، فأي فائدة في ذكر الإحصان؟ قلت: أجاب بعضهم بأن المفهوم لا اعتبار به لأنه خارج مخرج الغالب إذ أكثر الإماء غير متزوجات، وقيل: كانت الأمة المسؤول عنها كذلك، وكلاهما ليس بشيء بل موجب السؤال عن غير المحصنة أن السائل لما سمع قوله تعالى في شأن الإماء: {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ} [النساء: 25] من الحرائر فأشكل عليه حال غير المحصنة، فأجاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (بأن عليها الجلد) ولم يبين مقداره؛ لأن حكم المحصنة نصف الحرة بنص القرآن، فغير المحصنة من باب الأولى (ثم بيعوها ولو بضفير) أي: حبل مفتول، مجاز عن قلة ثمنها أي: تبيعها ولو بأقل قليل. فإن قيل: كيف يجوز له أن يبيعها لأخيه المؤمن ما لا يرضاه لنفسه؟ قلت: يبين له العيب لئلا يأثم. وقيل: إنما جاز لأن السبب الَّذي بيع لأجله ليس محقق الوقوع عند المشتري، وليس بجواب لقوله: "من غشنا فليس منا"، ولقوله في حق المتبايعين "فإن صدقا وبينا بورك بيعهما، وإن كتما محق بركة بيعهما".

23 - باب لا يثرب على الأمة إذا زنت ولا تنفى

23 - باب لاَ يُثَرَّبُ عَلَى الأَمَةِ إِذَا زَنَتْ وَلاَ تُنْفَى 6839 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا زَنَتِ الأَمَةُ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا فَلْيَجْلِدْهَا وَلاَ يُثَرِّبْ، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَلْيَجْلِدْهَا وَلاَ يُثَرِّبْ، ثُمَّ إِنْ زَنَتِ الثَّالِثَةَ فَلْيَبِعْهَا وَلَوْ بِحَبْلٍ مِنْ شَعَرٍ». تَابَعَهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 2152 24 - باب أَحْكَامِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَإِحْصَانِهِمْ إِذَا زَنَوْا وَرُفِعُوا إِلَى الإِمَامِ 6840 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِىُّ سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِى أَوْفَى عَنِ الرَّجْمِ فَقَالَ رَجَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب لا يثرب على الأمة إذا زنت ولا تنفى 6839 - (المَقبُري) بفتح الميم وضم الباء وفتحها (إذا زنت الأمة فتبين زناها) أي: ثبت بالبينة أو بإقرارها أو لحبل، بعضهم من لفظ تبين أنَّه لا بد من البينة وآخرون يكتفى بعلم السيد، والحديث سلف آنفًا. وعدم النفي أخذ من قوله: (فليبعها) والحكمة في عدم النفي أن بضعها حق السيد فيفوت، ويَرِد عليه فوت منافع العبد عند من يقول بنفيه، والحق أن نفيها يوجب كثرة الفساد، مقدم على جلب المصالح، قوله: (لا يُثرب) -بضم الياء وثاء مثلثة، وتشديد الراء- أي: لا يعنف؛ لأن الحد كاف في ذلك. فإن قلت: كيف تقدم في حديث النعيمان أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد إقامة الحد [نهى] أصحابه أن يوبخوه بحق فما وجه الفرق؟ قلت: ذلك صحابي يؤثر فيه القول، فرأى تعزيره بالقول بعد إجراء الحد بخلاف الأمة. باب أحكام أهل الذمة وإحصانهم إذا زنوا ورفعوا إلى الإمام على بناء المجهول أي: سواء رفعوا بانفسهم أو رفع حالهم، وفي الثاني خلاف الحنفية. 6840 - (الشيباني) -بفتح المعجمة وسكون المثناة تحت- اسمه سليمان (سألت عبد الله بن أبي أوفى عن الرجم، فقال: رَجَمَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -). فإن قلت: كيف دل هذا على أن الرجم رجم أهل الذمة؛ فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجم

فَقُلْتُ أَقَبْلَ النُّورِ أَمْ بَعْدَهُ قَالَ لاَ أَدْرِى. تَابَعَهُ عَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَالْمُحَارِبِىُّ وَعَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ الشَّيْبَانِىِّ. وَقَالَ بَعْضُهُمُ الْمَائِدَةُ. وَالأَوَّلُ أَصَحُّ. طرفه 6813 6841 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ قَالَ إِنَّ الْيَهُودَ جَاءُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرُوا لَهُ أَنَّ رَجُلاً مِنْهُمْ وَامْرَأَةً زَنَيَا فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ فِي شَأْنِ الرَّجْمِ». فَقَالُوا نَفْضَحُهُمْ وَيُجْلَدُونَ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ كَذَبْتُمْ إِنَّ فِيهَا الرَّجْمَ. فَأَتَوْا بِالتَّوْرَاةِ فَنَشَرُوهَا، فَوَضَعَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ فَقَرَأَ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا. فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ ارْفَعْ يَدَكَ. فَرَفَعَ يَدَهُ فَإِذَا فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ. قَالُوا صَدَقَ يَا ـــــــــــــــــــــــــــــ المسلمين أيضًا، والمقام لا دلالة فيه على الخاص، والقول بأنه بإطلاقه يتناول الكل لا يفيده؛ لأن الدليل يلزم أن يكون مساويًا للمدلول بإطباق العلماء. بل الجواب أنَّه على عادته أشار في الترجمة إلى أصل الحديث، ولم يكن على شرطه، وقد روى الطبراني والإسماعيلي عن الشيباني "أنَّه لما رجم يهوديًّا ويهودية"، أو أنَّه كان مبعوثًا على كافة الخلق، فرجمه لأحد من الناس يدل على عموم الحكم (قلت: قبل النور) أي قبل نزول سورة النور (قال: لا أدري)، (وقال بعضهم قبل المائدة. والأول أصح) لأن حكم الزناة مذكور فيها. فإن قلت: فما وجه من قال سورة المائدة؟ قلنا: لأن قوله تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: 49] في سورة المائدة. (مُسهر) بضم الميم وكسر الهاء (المحاربيّ) -بضم الميم آخره باء موحدة- اسمه عبد الرحمن (عَبيدة بن حُميد) بفتح الأول وضم الثاني. 6841 - [(نفضحهم) بفتح] النون وبفتح الضاد المعجمة (ابن سلام، فأتوا بالتوراة) على صيغة الماضي، ويحتمل أن يكون أمرًا (فوضع أحدهم يده على آية الرجم) هو عبد الله بن صوريا، وإنما طلب التوراة إلزامًا لهم لأنه رجم بما في التوراة بل حكم التوراة كان موافقًا، وأما قوله في حديث أبي هريرة: "فإني أحكم بما في التوراة" فمعناه أنهم

25 - باب إذا رمى امرأته أو امرأة غيره بالزنا عند الحاكم والناس، هل على الحاكم أن يبعث إليها فيسألها عما رميت به

مُحَمَّدُ فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ. فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَرُجِمَا، فَرَأَيْتُ الرَّجُلَ يَحْنِى عَلَى الْمَرْأَةِ يَقِيهَا الْحِجَارَةَ. طرفه 1329 25 - باب إِذَا رَمَى امْرَأَتَهُ أَوِ امْرَأَةَ غَيْرِهِ بِالزِّنَا عِنْدَ الْحَاكِمِ وَالنَّاسِ، هَلْ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهَا فَيَسْأَلَهَا عَمَّا رُمِيَتْ بِهِ 6842 و 6843 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ أَنَّهُمَا أَخْبَرَاهُ أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَحَدُهُمَا اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ. وَقَالَ الآخَرُ وَهْوَ أَفْقَهُهُمَا أَجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَاقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ، وَأْذَنْ لِى أَنْ أَتَكَلَّمَ. قَالَ «تَكَلَّمْ». قَالَ إِنَّ ابْنِى كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا - قَالَ مَالِكٌ وَالْعَسِيفُ الأَجِيرُ - فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ، فَأَخْبَرُونِى أَنَّ عَلَى ابْنِى الرَّجْمَ، فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَبِجَارِيَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ كانوا حرفوا حكمه، فإنهم كانوا لا يرجمون الشريف ويرجمون الخسيس (فرأيت الرجل يُجنئ على المرأة) بضم الياء وفتحها آخره همزة وقد سبق ضبطه أي: يميل إليها (يقيها الحجارة) ويروى بالحاء المهملة، وفي رواية ابن عمر: فلقد رأيته يقيها الحجارة بنفسه، وفي الحديث حجة على أبي حنيفة ومالك في شرطهم الإسلام في الرجم. باب إذا رمى امرأته أو امرأة غيره بالزنى عند الحاكم والناس هل على الحاكم أن يبعث إليها فيسألها عما رميت به؟ 6842 - 6843 - روى في الباب حديث العسيف الَّذي زنى بامرأة رجل، وقد مر الحديث مرارًا، وموضع الدلالة هنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لما رمى أبو الابن امرأة أرسل من سألها هل صادق فيما قاله، قال النووي: وحديث الباب دل على وجوب الإرسال، وأورد عليه بأنه يحتمل أن إرساله لما وقع بين زوج المرأة وبين والد العسيف من الخصام، وليس بوارد، لأن الحديث صرح في أنَّه إنما أرسل ليعلم أنها تقر فيجري عليها الحد، أو تنكر فيقام الحد على القاذف (أن رجلين اختصما إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال أحدهما: اقض بيننا بكتاب الله، وقال الآخر -[و] هو أفقههما- أجل وائذن لي أن أتكلم، قال: تكلم، [قال:] إن ابني بيان عسيفًا) قال بعض الشارحين: إن ابني هذا كلام الأعرابي لا خصمه مر في كتاب الصلح، وهذا غلط لأنه تقدم آنفًا في باب من أمر مخير الإمام بإقامة الحد هكذا

26 - باب من أدب أهله أو غيره دون السلطان

لِى، ثُمَّ إِنِّى سَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ فَأَخْبَرُونِى أَنَّ مَا عَلَى ابْنِى جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَإِنَّمَا الرَّجْمُ عَلَى امْرَأَتِهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَمَا وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ، أَمَّا غَنَمُكَ وَجَارِيَتُكَ فَرَدٌّ عَلَيْكَ». وَجَلَدَ ابْنَهُ مِائَةً وَغَرَّبَهُ عَامًا، وَأَمَرَ أُنَيْسًا الأَسْلَمِىَّ أَنْ يَأْتِىَ امْرَأَةَ الآخَرِ، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا، فَاعْتَرَفَتْ فَرَجَمَهَا. طرفه 2314 26 - باب مَنْ أَدَّبَ أَهْلَهُ أَوْ غَيْرَهُ دُونَ السُّلْطَانِ وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا صَلَّى فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلْيَدْفَعْهُ فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ». وَفَعَلَهُ أَبُو سَعِيدٍ. 6844 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ (فقال خصمه: صدق يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن ابني كان عسيفًا) وإنما التبس عليه من لفظ الأعرابي فإنه في كتاب الصلح عبر عن الخصم بلفظ الأعرابي، وهنا عبر عن زوج المرأة، فصح أن كل واحد أعرابي، لكن الأفقه هو الخصم لا زوج المرأة. فإن قلت: لم يذكر في الباب حديث من رمى امرأة، قلت: حكمه معلوم من امرأة غيره، ودل عليه أيضًا آية اللعان في القرآن الكريم، وقيل يؤخذ حكمه من كون الزوج حاضرًا ولم ينكر، قلت: الساكت لا ينسب إليه قوله، وفي رواية "الموطأ" أن رجلًا أتى عمر فذكر أنَّه رأى رجلًا مع امرأته، فأرسل إليها عمر أبا واقد فسألها. باب من أدّب أهله أو غيره دون السلطان روى في الباب حديث أبي سعيد الخدري في المار بين يدي المصلي، وقد سلف الحديث في أبواب الصلاة مسندًا، قوله (وفعله أبو سعيد) تقدم هناك أن شابًا من بني معيط أراد أن يجتاز بين يدي أبي سعيد وهو يصلي فدفعه وشكاه إلى مروان، وفي الحديث دلالة على جواز تأديب غير الأهل من غير إذن السلطان؛ لأنه من باب الأمر بالمعروف الَّذي يجب على كل أحد. 6844 - ثم روى حديث عائشة لما فقدت القلادة، وقد سلف في أبواب التيمم،

27 - باب من رأى مع امرأته رجلا فقتله

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ جَاءَ أَبُو بَكْرِ - رضى الله عنه - وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَاضِعٌ رَأْسَهُ عَلَى فَخِذِى فَقَالَ حَبَسْتِ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالنَّاسَ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ. فَعَاتَبَنِى، وَجَعَلَ يَطْعُنُ بِيَدِهِ فِي خَاصِرَتِى، وَلاَ يَمْنَعُنِى مِنَ التَّحَرُّكِ إِلاَّ مَكَانُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ. طرفه 334 6845 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِى عَمْرٌو أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ فَلَكَزَنِى لَكْزَةً شَدِيدَةً وَقَالَ حَبَسْتِ النَّاسَ فِي قِلاَدَةٍ. فَبِى الْمَوْتُ لِمَكَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ أَوْجَعَنِى. نَحْوَهُ. طرفه 334 27 - باب مَنْ رَأَى مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً فَقَتَلَهُ 6846 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ وَرَّادٍ كَاتِبِ الْمُغِيرَةِ عَنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ لَوْ رَأَيْتُ رَجُلاً مَعَ امْرَأَتِى لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرَ مُصْفَحٍ. فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ وموضع الدلالة هنا عتاب أبي بكر لعائشة فإنه تأديب الإنسان أهله (وجعل يطعُن) بضم العين وفتحها. 6845 - (فبي الموت) -بالباء الموحدة بعد الفاء- والباء للإلصاق أي: بعد ذلك الطعن حصل لي الموت كناية عن شدة طعنه وقولها (لمكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) علة لمقدر أي: عدم التحرك إنما كان لكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نائمًا ورأسه على فخذي، قال البخاري: الوكز واللكز واحد وقال ابن الأثير: الوكز: الضرب بجميع الكف، واللكز الضرب في الصدر بالكف، قال الجوهري: (الجُمع) -بضم الجيم- الضرب بالكف حين يجمع الأصابع. باب من رأى رجلًا مع امرأته رجلًا فقتله 6846 - (أبو عَوانة) -بفتح العين- الوضاح اليشكري (ورَّاد) بفتح الراء المشددة (عبادة) بضم العين وتخفيف الباء (قال سعد بن عبادة؛ لو رأيت رجلًا مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح) -بفتح الفاء وكسرها روايتان- يقال: أصفحه سيفه إذا ضربه بعرضه،

28 - باب ما جاء فى التعريض

«أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ، لأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّى». طرفه 7416 28 - باب مَا جَاءَ فِي التَّعْرِيضِ 6847 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جَاءَهُ أَعْرَابِىٌّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ امْرَأَتِى وَلَدَتْ غُلاَمًا أَسْوَدَ. فَقَالَ «هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ». قَالَ نَعَمْ. قَالَ «مَا أَلْوَانُهَا». قَالَ حُمْرٌ. قَالَ «فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ». قَالَ نَعَمْ. قَالَ «فَأَنَّى كَانَ ذَلِكَ». قَالَ أُرَاهُ عِرْقٌ نَزَعَهُ. قَالَ «فَلَعَلَّ ابْنَكَ هَذَا نَزَعَهُ عِرْقٌ». طرفه 5305 ـــــــــــــــــــــــــــــ (أتعجبون من غيرة سعد) -بفتح الغين- الأنفة والحمية (والله أغير مني) وقد جاء في رواية أخرى شرحه من قوله ولذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن. فإن قلت: فما حكم من وجد مع امرأته رجلًا فقتله؟ قلت: بينه وبين الله لا شيء عليه، وأما ظاهرًا إن لم يُقم البينة فعليه القود، وقد سلف شرح الحديث في باب الغيرة من أبواب النِّكَاح، وأشرنا إلى أن قول سعد هذا نشأ من كمال الغيرة ولم يقصد به مخالفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولذلك وجد عليه. باب ما جاء في التعريض إمالة الكلام إلى عُرض -بضم العين: أي جانب- من غير أن يكون اللفظ مستعملًا فيه حقيقة أو مجازًا، ومن قال إن التعريض من أنواع الكناية فقد التبس عليه. 6847 - (جاء أعرابي فقال يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن امرأتي ولدت غلامًا أسود) هذا موضع الدلالة فإنه عرض بأن الولد ليس منه (هل لك من إبل قال: نعم، قال هل فيها من أورق) قال ابن الأثير: الورقة السمرة في اللون (أراه عرق نزعه) قال الجوهري أي: جذبه إلى أبيه، أي: إلى شبهه أي ربما كان أحد أصوله كذلك، وهذا شيء قاله على قدر عقل الأعرابي، وإلا فالله يخلق ما يشاء يخلق من نطفة الأسود الأبيض وبالعكس، وفقه الحديث أن التعريض لا يوجب حدًّا ولا تعزيرًا.

29 - باب كم التعزير والأدب

29 - باب كَمِ التَّعْزِيرُ وَالأَدَبُ 6848 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يَزِيدُ بْنُ أَبِى حَبِيبٍ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ يُجْلَدُ فَوْقَ عَشْرِ جَلَدَاتٍ إِلاَّ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ». طرفاه 6849، 6850 6849 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جَابِرٍ عَمَّنْ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ عُقُوبَةَ فَوْقَ عَشْرِ ضَرَبَاتٍ إِلاَّ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ». 6850 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِى عَمْرٌو أَنَّ بُكَيْرًا حَدَّثَهُ قَالَ بَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ عِنْدَ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ إِذْ جَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جَابِرٍ فَحَدَّثَ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ فَقَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب التعزير والأدب 6848 - 6849 - 6850 - 6851 - (يزيد بن أبي حبيب) بفتح الحاء وكسر الموحدة ضد البغيض (لا يجلد فوق عشر جلدات إلا في حد من حدود الله) قال به الإمام أحمد وابن راهويه، وقال أبو حنيفة: لا يبلغ بالتعزير أربعين لأن أقل الحدود أربعون في قذف العبد وشربه، وهو أحد قولي الشافعي وفي القول الآخر عشرون، وهو حد العبد في شرب الخمر، وقال مالك: التعزير مفوض إلى رأي الإمام، والحق أن حديث الباب لا يعارضه شيء من الأقيسة التي ذكروها، والأحاديث التي رووها لا تقاوم حديث البخاري فإنه رواه من طرق. فإن قلت: الناس متفاوتون في مراتب التعزير؟ قلت: الضرب لا يكون إلا عشرة، وتعزير الإمام معين مهما رأى من أنواع أخر غير الضرب. (بكير) بضم الباء، مصغر (يسار) ضد اليمين، روى حديث الوصال، وقد سلف في أبواب الصوم، وموضع الدلالة هنا قوله لو تأخر لزدتكم كالمنكل بهم فإنه تعزير لهم

جَابِرٍ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا بُرْدَةَ الأَنْصَارِىَّ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ تَجْلِدُوا فَوْقَ عَشْرَةِ أَسْوَاطٍ إِلاَّ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ». 6851 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْوِصَالِ فَقَالَ لَهُ رِجَالٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ تُوَاصِلُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَيُّكُمْ مِثْلِى إِنِّى أَبِيتُ يُطْعِمُنِى رَبِّى وَيَسْقِينِ». فَلَمَّا أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا عَنِ الْوِصَالِ وَاصَلَ بِهِمْ يَوْمًا ثُمَّ يَوْمًا ثُمَّ رَأَوُا الْهِلاَلَ فَقَالَ «لَوْ تَأَخَّرَ لَزِدْتُكُمْ». كَالْمُنَكِّلِ بِهِمْ حِينَ أَبَوْا. تَابَعَهُ شُعَيْبٌ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَيُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 1965 6852 - حَدَّثَنِى عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُمْ كَانُوا يُضْرَبُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا اشْتَرَوْا طَعَامًا جِزَافًا أَنْ يَبِيعُوهُ فِي مَكَانِهِمْ حَتَّى يُئْوُوهُ إِلَى رِحَالِهِمْ. طرفه 2123 ـــــــــــــــــــــــــــــ بالقول، وقد أشرنا هناك إلى أن (يطعمني) الآية (ويسقيني) يريد به المد الروحاني، وإلا لو كان محمولًا على ظاهره لم يكن هناك صوم وصال (تابعه شعيب ويحيى ويونس عن الزهري) متابعة شعيب أسندها البخاري في أبواب الصوم، ومتابعة يحيى وصلها مسلم، ورواية عبد الرحمن رواها البخاري في كتاب الأحكام. 6852 - وحديث ابن عمر (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهاهم إذا اشتروا طعامًا جزافًا أن يبيعوه حتَّى يؤوه إلى رحالهم) سلف في أبواب البيع في مكانه فإنه يتحرى فيه.

30 - باب من أظهر الفاحشة واللطخ والتهمة بغير بينة

6853 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ مَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِنَفْسِهِ فِي شَىْءٍ يُؤْتَى إِلَيْهِ حَتَّى تُنْتَهَكَ مِنْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ. طرفه 3560 30 - باب مَنْ أَظْهَرَ الْفَاحِشَةَ وَاللَّطْخَ وَالتُّهَمَةَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ 6854 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ الزُّهْرِىُّ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ شَهِدْتُ الْمُتَلاَعِنَيْنِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ، فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَقَالَ زَوْجُهَا كَذَبْتُ عَلَيْهَا إِنْ أَمْسَكْتُهَا. قَالَ فَحَفِظْتُ ذَاكَ مِنَ الزُّهْرِىِّ «إِنْ جَاءَتْ بِهِ كَذَا وَكَذَا فَهْوَ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ كَذَا وَكَذَا كَأَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ 6853 - (ما انتقم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لنفسه) قد سلف هذا الحديث مرارًا وموضع الدلالة هنا قولها: (فينتقم لله) فإنه شامل للعبد الحد والتعزير، وقد تقدم من الجواب أن قتله عبد الله بن خطل لكونه هجاه إنما كان لقدحه في نبوته، وهي من أقوى حرمات الله. فإن قلت: ذكر في الترجمة الأدب عطفًا على التعزير، وليس له ذكر في الباب؟ قلت: حديث الوصال يصلح مثالًا له، فإن التعزير يكون في المعاصي والتأديب أعم، ولو كان الوصال معصية لما أمرهم به. فإن قلت: صوم الوصال حرام؟ قلت: تقرر بعد ذلك. باب من أظهر الفاحشة والتلطخ هو التلوث (والتُهمة) بضم التاء وسكون الهاء هو المشهور، وقيل: الصواب بفتح الهاء اسم من الوهم، قال الجوهري: وهمت، أي: ظننت وفيه تسامح فإن الوهم دون الظن، وأحكامه كاذبة، وقال الشاعر: وكم للوهم من حبل ... كأن الوهم شيطان رجيم 6854 - ثم روى في الباب حديث المتلاعنين، وقد سلف في أبواب اللعان، وموضع الدلالة هنا قوله: (لو جاءت به كذا وكذا) على النعت المكروه، ووقع ذلك ولم

وَحَرَةٌ فَهُوَ». وَسَمِعْتُ الزُّهْرِىَّ يَقُولُ جَاءَتْ بِهِ لِلَّذِى يُكْرَهُ. طرفه 423 6855 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ ذَكَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْمُتَلاَعِنَيْنِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ هِىَ الَّتِى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ كُنْتُ رَاجِمًا امْرَأَةً عَنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ». قَالَ لاَ، تِلْكَ امْرَأَةٌ أَعْلَنَتْ. طرفه 5310 6856 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - ذُكِرَ التَّلاَعُنُ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ عَاصِمُ بْنُ عَدِىٍّ فِي ذَلِكَ قَوْلاً، ثُمَّ انْصَرَفَ وَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ يَشْكُو أَنَّهُ وَجَدَ مَعَ أَهْلِهِ فَقَالَ عَاصِمٌ مَا ابْتُلِيتُ بِهَذَا إِلاَّ لِقَوْلِى فَذَهَبَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِى وَجَدَ عَلَيْهِ امْرَأَتَهُ، وَكَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مُصْفَرًّا، قَلِيلَ اللَّحْمِ، سَبِطَ الشَّعَرِ، وَكَانَ الَّذِى ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ وَجَدَهُ عِنْدَ أَهْلِهِ آدَمَ، خَدْلاً، كَثِيرَ اللَّحْمِ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اللَّهُمَّ بَيِّنْ». فَوَضَعَتْ شَبِيهًا بِالرَّجُلِ الَّذِى ذَكَرَ زَوْجُهَا أَنَّهُ وَجَدَهُ عِنْدَهَا فَلاَعَنَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَهُمَا فَقَالَ رَجُلٌ لاِبْنِ عَبَّاسٍ فِي الْمَجْلِسِ هِىَ الَّتِى قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ رَجَمْتُ أَحَدًا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ رَجَمْتُ هَذِهِ». فَقَالَ لاَ، تِلْكَ امْرَأَةٌ كَانَتْ تُظْهِرُ فِي الإِسْلاَمِ السُّوءَ. طرفه 5310 ـــــــــــــــــــــــــــــ يرجمها فعلم أن لا عمل بالتهمة بل لا بد من البينة والإقرار. 6855 - وكذا حديث ابن عباس في المتلاعنين، وقوله: (لو كنت راجمًا بغير بينة لرجمت هذه) أصرح مما تقدم. 6856 - (قال عاصم بن عدي في ذلك قولًا) أي: في شأن من وجد مع امرأته رجلًا (ثم انصرف) (وأتاه رجل من قوم) هو عويمر العجلاني تقدم حديثه في أبواب اللعان (فقال رجل لابن عباس) هو عبد الله بن شداد، تقدم آنفًا (تلك امرأة كانت تظهر السوء) لم يذكر أحد اسمها، وكأنهم [لم] يسموها سترًا عليها (سبط الشعر) أي: لا جعدًا قططًا ولا مسترسلًا كالهنود (خذلًا) -بالخاء المعجمة وكسر ذال كذلك- أي: ممتلئًا من اللحم.

31 - باب رمى المحصنات

31 - باب رَمْىِ الْمُحْصَنَاتِ (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلاَ تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاَتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ). 6857 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِى الْغَيْثِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ قَالَ «الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَالتَّوَلِّى يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلاَتِ». طرفه 2766 32 - باب قَذْفِ الْعَبِيدِ 6858 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ عَنِ ابْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب رمي المحصنات 6857 - (ثور) بالثاء المثلثة (أبي الغيث) مرادف المطر، واسمه سالم (اجتنبوا السبع الموبقات) أي: المهلكات، استدل بالآية والحديث على أن قذف المحصنات من الكبائر، أما دلالة الحديث فظاهر، لأنه جعله من الموبقات، وأما الآية فلقوله تعالى: {وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: 4] وليس في لفظ السبع دلالة على الحصر بل إشارة إلى أنها من أكبر الكبائر كما صرح به في الرواية الأخرى، وقد سلف منا قانون في حد الكبيرة: وهي ذنب توعد عليه الشارع أو مساويًا، ولا خفاء في أن بعض الكبائر أكبر من بعض، وبعضها أفحش، وإن كان غيره أكبر. باب قذف العبيد 6858 - (فضيل) بضم الفاء، مصغر و (غزوان) بفتح الغين المعجمة وزاي كذلك، على

33 - باب هل يأمر الإمام رجلا فيضرب الحد غائبا عنه

أَبِى نُعْمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَنْ قَذَفَ مَمْلُوكَهُ وَهْوَ بَرِئٌ مِمَّا قَالَ، جُلِدَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ كَمَا قَالَ». 33 - باب هَلْ يَأْمُرُ الإِمَامُ رَجُلاً فَيَضْرِبُ الْحَدَّ غَائِبًا عَنْهُ وَقَدْ فَعَلَهُ عُمَرُ. 6859 و 6860 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِىِّ قَالاَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَنْشُدُكَ اللَّهَ إِلاَّ قَضَيْتَ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ. فَقَامَ خَصْمُهُ وَكَانَ أَفْقَهَ مِنْهُ فَقَالَ صَدَقَ، اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ، وَأْذَنْ لِى يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «قُلْ». فَقَالَ إِنَّ ابْنِى كَانَ عَسِيفًا فِي أَهْلِ، هَذَا فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ، فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَخَادِمٍ وَإِنِّى سَأَلْتُ رِجَالاً مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فَأَخْبَرُونِى أَنَّ عَلَى ابْنِى جَلْدَ مِائَةٍ وَتَغْرِيبَ عَامٍ، وَأَنَّ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا الرَّجْمَ. فَقَالَ «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ، الْمِائَةُ وَالْخَادِمُ رَدٌّ عَلَيْكَ، وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَيَا أُنَيْسُ اغْدُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَسَلْهَا، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا». فَاعْتَرَفَتْ فَرَجَمَهَا. طرفه 2314 ـــــــــــــــــــــــــــــ وزن شعبان (من قذف مملوكه وهو برئ مما قال جُلد يوم القيامة) دل على أن لا حد عليه في الدنيا لعدم الكفاءة، وأما يوم القيامة فيستوي العبيد والأرباب عند رب الأرباب وانقطاع الأسباب، لا ملك إلا مالك الأملاك. باب هل يأمر الإمام [رجلًا] فيضرب الحد غائبًا عنه روى في الباب أثرًا عن عمر. 6859 - 6860 - وحديث العسيف الَّذي زنى بامرأة ذلك الوجل، وقد مر مرارًا، وموضع الدلالة قوله: (اغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها) فدل على جواز نيابة آحاد الناس عن الإمام في إقامة الحدود. فإن قلت: قد تقدم في باب من أمر غير الإمام بإقامة الحد فأي فرق بينه وبين هذه الترجمة؟ قلت: قيل إنها مكررة وليس كذلك، فإن هناك لفظ من أعم من الإمام وغيره، وهنا هل يأمر الإمام خص الإمام وأتى بلفظ هل، وأجاب بعضهم بأن الفرق في الترجمة الأولى من الذين أمره الإمام أي المأمور، وفي الثانية حال من الَّذي يقام عليه الحد، وليس كذلك فإن الَّذي أقام به الحد هو أنيس الَّذي قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مشافهة (اغد يا أنيس)، وتقدير الكلام: باب أمر غير الإمام بإقامة الحد على غائب كما قررناه هناك، أو حال من فاعل الإقامة، أي نقيم الحد حال كونه غائبًا عن الإمام.

87 - كتاب الديات

87 - كتاب الديات 1 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ) 6861 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَىُّ الذَّنْبِ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ قَالَ «أَنْ تَدْعُوَ لِلَّهِ نِدًّا، وَهْوَ خَلَقَكَ». قَالَ ثُمَّ أَىٌّ قَالَ «ثُمَّ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ، أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ». قَالَ ثُمَّ أَىٌّ قَالَ «ثُمَّ أَنْ تُزَانِىَ بِحَلِيلَةِ جَارِكَ». فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ تَصْدِيقَهَا (وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ) الآيَةَ. طرفه 4477 ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الديات باب قول الله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} جمع دية مصدر ودى يدي أعطى الدية، ويقال اتديته إذا أخذت ديته، ومادة هذه الحروف تدل على معنى الخروج، ومنه: الوادي والودي، واستدل عليه بقوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} [النساء: 93] وضع الباب على الدية وأورد آية القصاص إيماء إلى أن الدية تدل على القصاص من العمد. 6861 - (قتيبة) بضم القاف، مصغر وكذا (شرحبيل) بضم المعجمة، وكسر الموحدة، روى في الباب حديث (ابن مسعود أن رجلًا قال يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي الذنب أكبر) وقد سلف في مواضع، وموضع الدلالة قوله: (أن تقتل ولدك [خشية] أن يطعم معك) وقد أشرنا إلى أن هذا [ليس] بقيد وإنما أشار إلى أهل الجاهلية إنما كانوا يقتلون أولادهم خشية إملاق (أن تزاني حليلة جارك) امرأته، والأولى حمله على أعم لتشمل السراري.

6862 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَنْ يَزَالَ الْمُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ، مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا». طرفه 6863 6863 - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ يَعْقُوبَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ سَمِعْتُ أَبِى يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ إِنَّ مِنْ وَرْطَاتِ الأُمُورِ الَّتِى لاَ مَخْرَجَ لِمَنْ أَوْقَعَ نَفْسَهُ فِيهَا، سَفْكَ الدَّمِ الْحَرَامِ بِغَيْرِ حِلِّهِ. طرفه 6862 6864 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ فِي الدِّمَاءِ». طرفه 6533 6865 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَدِىٍّ حَدَّثَهُ أَنَّ الْمِقْدَادَ بْنَ عَمْرٍو الْكِنْدِىَّ حَلِيفَ بَنِى ـــــــــــــــــــــــــــــ 6862 - (لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دمًا حرامًا) بالدال المهملة، وفي رواية الذال المعجمة والباء الموحدة، والمعنيان متقاربان والفسحة. -بضم الفاء-: السعة. والمعنى أن العفو في القتل بعيد والتوبة عنه أن يكون تسليم النفس للقتل، وإن آل الأمر إلى الدية فهي مال كثير على أن بعض العلماء على أن القصاص لا يسقط الذنب، قال في الهداية: وموجب القتل العمد الإثم والقود. 6863 - (إن من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها سفك الدم الحرام). فإن قلت: التوبة تجب ما قبلها، قلت: أراد بعض الخلاص أو ذهب إلى ما ذهب إليه ابن عباس أن القاتل عمدًا لا توبة له، والورطات: جمع ورطة وهي البلية والهلاك، أصلها الحفرة من الأرض. 6864 - (أول ما يقضى بين الناس في الدماء) لعظم شأنها عند الله، وفي رواية الترمذي "زوال الدنيا كلها أهون عند الله من قتل رجل مسلم". 6865 - (عبدان) على وزن شعبان (أن المِقداد بن عمرو) -بكسر الميم- نسبة إلى أبيه، ونسبته إلى الأسود لأنه تبناه (الكندي) -بكسر الكاف- نسبة إلى كندة قبيلة من عرب

2 - باب قول الله تعالى (ومن أحياها)

زُهْرَةَ حَدَّثَهُ وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ لَقِيتُ كَافِرًا فَاقْتَتَلْنَا، فَضَرَبَ يَدِى بِالسَّيْفِ فَقَطَعَهَا، ثُمَّ لاَذَ بِشَجَرَةٍ وَقَالَ أَسْلَمْتُ لِلَّهِ. آقْتُلُهُ بَعْدَ أَنْ قَالَهَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَقْتُلْهُ». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنَّهُ طَرَحَ إِحْدَى يَدَىَّ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ مَا قَطَعَهَا، آقْتُلُهُ قَالَ «لاَ تَقْتُلْهُ، فَإِنْ قَتَلْتَهُ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَتِكَ قَبْلَ أَنْ تَقْتُلَهُ، وَأَنْتَ بِمَنْزِلَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ كَلِمَتَهُ الَّتِى قَالَ». طرفه 4019 6866 - وَقَالَ حَبِيبُ بْنُ أَبِى عَمْرَةَ عَنْ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِلْمِقْدَادِ «إِذَا كَانَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ يُخْفِى إِيمَانَهُ مَعَ قَوْمٍ كُفَّارٍ، فَأَظْهَرَ إِيمَانَهُ، فَقَتَلْتَهُ، فَكَذَلِكَ كُنْتَ أَنْتَ تُخْفِى إِيمَانَكَ بِمَكَّةَ مِنْ قَبْلُ». 2 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَمَنْ أَحْيَاهَا) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَنْ حَرَّمَ قَتْلَهَا إِلاَّ بِحَقٍّ حَيِىَ النَّاسُ مِنْهُ جَمِيعًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ اليمن، جدهم كندة بن ثور، وحديثه سلف في غزوة بدر، وموضع الدلالة قوله: (فإن قتلتهُ فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله، وأنت بمنزلته قبل أن يقول كلمته) ظاهره محمول على الاستحلال. واستحقاق القتل؛ لأن موجبه القصاص، أو التشبيه في مطلق الإثم. [قال] بعض الشارحين: فإن قلت: كيف تقطع يده، وهو ممن يكتم إيمانه؟ قلت: دفعًا للصائل، أو السؤال كان على سبيل الفرض، وهذا ليس بشيء فإنه كان يمكن أن يقول أنا مؤمن عند الملاقاة، فإن دفع الصائل بالقتل، إنما يجوز إذا لم يرتدع الصائل بوجه آخر، وقوله على سبيل الفرض لا يحد به فإن جواب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما هو على تقدير الوقوع. وتحقيق المقام أن هنا قضيتين: الأولى: أن من قطع يده لم يكن مؤمنًا أولًا، ولذلك (لاذ بشجرة وقال أسلمت) فإنه صريح في أنَّه إنما أسلم ذلك الوقت، وأما هذا الحديث الآخر فزيادة زادها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونظيرها قصة أسامة أظهر الرجل إيمانه قتله زعمًا أنَّه آمن من خوف السيف، وكان في ذلك مخطئًا. باب قوله تعالى: {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة: 32] موضع الترجمة أول الآية {مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ

6867 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تُقْتَلُ نَفْسٌ إِلاَّ كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْهَا». طرفه 3335 6868 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ وَاقِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنِى عَنْ أَبِيهِ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِى كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ». طرفه 1742 6869 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَلِىِّ بْنِ مُدْرِكٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ بْنَ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ عَنْ جَرِيرٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي حَجَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ النَّاسَ جَمِيْعًا} [المائدة: 32] لأن الباب من أبواب القصاص، والمراد تغليظ الجناية بأن قتل واحد عند الله بمثابة قتل جميع الناس، وقيل معناه يجب عليه القصاص بقتل واحد كما لو قتل الكل، وقال ابن عباس: في تفسير أحيا الناس حرّم قتلها إلا بالحق حيي الناس جميعًا منه، وقال غيره: سبب لبقائها بمنع الظالم عن قتلها أو عفا عن القصاص. 6867 - (قَبِيصة) بفتح القاف وكسر الموحدة (مُرّة) بضم الميم وتشديد الراء (لا تُقتَل نفسٌ) ظلمًا (إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها) وعلله في الرواية الأخرى بقوله "لأنه أول من سن القتل" و (الكفل) النصيب المماثل من الكفالة، وفي رواية مسلم "من سن سنة فعليه وزرها ووزر من عملوها إلى يوم القيامة، قيل: هذا إذا لم يتب عن ذلك الذنب، وفيه نظر، وابن آدم القاتل هو قابيل، والمقتول هابيل، قتله على حراء بمكة، وقيل على ثور، وقيل بالهند، وقيل بموضع المسج الأعظم ببصرة. 6868 - وحديث ابن عمر (لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض) تقدم في أبواب الحج وبعده، والمراد أن قتل المسلم من أفعال الكفار، أو محمول على الظاهر إن كان مستحلًا، أو كفران النعمة. 6869 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (غندر) بضم الغين وفتح الدال (مدرِك) بكسر الراء (أبو زُرعة) -بضم المعجمة- هرم البجلي.

الْوَدَاعِ «اسْتَنْصِتِ النَّاسَ، لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِى كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ». رَوَاهُ أَبُو بَكْرَةَ وَابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 121 6870 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ فِرَاسٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْكَبَائِرُ الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ». أَوْ قَالَ «الْيَمِينُ الْغَمُوسُ». شَكَّ شُعْبَةُ. وَقَالَ مُعَاذٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ «الْكَبَائِرُ الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ». أَوْ قَالَ «وَقَتْلُ النَّفْسِ». طرفه 6675 6871 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى بَكْرٍ سَمِعَ أَنَسًا - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْكَبَائِرُ». وَحَدَّثَنَا عَمْرٌو حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ ابْنِ أَبِى بَكْرٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَقَوْلُ الزُّورِ». أَوْ قَالَ «وَشَهَادَةُ الزُّورِ». طرفه 2653 6872 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ حَدَّثَنَا أَبُو ظَبْيَانَ قَالَ سَمِعْتُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ - رضى الله عنهما - يُحَدِّثُ قَالَ بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الْحُرَقَةِ مِنْ جُهَيْنَةَ - قَالَ - فَصَبَّحْنَا الْقَوْمَ فَهَزَمْنَاهُمْ - قَالَ - وَلَحِقْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 6870 - 6871 - (فِراس) بكسر الفاء وسين (الشَعْبي) بفتح الشين وسكون العين (الكبائر الإشراك بالله) يريد أكبر الكبائر كما صرح به شعبة في رواية عن أنس بعده (وعقوق الوالدين أو قال اليمين الغموس على الشك) سلف في أبواب الإيمان والنذور، ومن رواية شعبة بالواو من غير شك. 6872 - (هثيم) بضم الهاء، مصغر، وكذا (حصين)، (أبو ظبيان) -بالظاء المعجمة بعدها باء موحدة، بعدها ياء مثناة حصين بن جندب تابعي ثم روى حديث أسامة بن زيد في قتله الرجل بعدما قال لا إله إلا الله، وقد سلف في المناقب، قوله: (بعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الحُرَقة) -بضم الحاء وفتح الراء- قيل كان الأمير فيها أسامة لقول البخاري في المغازي

الأَنْصَارِ رَجُلاً مِنْهُمْ - قَالَ - فَلَمَّا غَشِينَاهُ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ - قَالَ - فَكَفَّ عَنْهُ الأَنْصَارِىُّ، فَطَعَنْتُهُ بِرُمْحِى حَتَّى قَتَلْتُهُ - قَالَ - فَلَمَّا قَدِمْنَا بَلَغَ ذَلِكَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ فَقَالَ لِى «يَا أُسَامَةُ أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ». قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا كَانَ مُتَعَوِّذًا. قَالَ «أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ أَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ». قَالَ فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا عَلَىَّ حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّى لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ. طرفه 4269 6873 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ عَنْ أَبِى الْخَيْرِ عَنِ الصُّنَابِحِىِّ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ - رضى الله عنه - قَالَ إِنِّى مِنَ النُّقَبَاءِ الَّذِينَ بَايَعُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَايَعْنَاهُ عَلَى أَنْ لاَ نُشْرِكَ بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلاَ نَسْرِقَ وَلاَ نَزْنِىَ، وَلاَ نَقْتُلَ النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ، وَلاَ نَنْتَهِبَ، وَلاَ نَعْصِىَ، بِالْجَنَّةِ إِنْ فَعَلْنَا ذَلِكَ، فَإِنْ غَشِينَا مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا كَانَ قَضَاءُ ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ. طرفه 18 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - أسامة، وقيل: بل كان الأمير فيها غالب بن عبد الله (والحُرَقة) بضم الحاء وفتح الراء بطن من جهنية، (تمنيت أن لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم) وليس غرضه الأسف على تقدم إسلامه بل أراد أن لو كان قتل ذلك الرجل قبل إسلامه فإن الإسلام يجب ما قبله. فإن قلت: القتل خطأً يوجب الدية والكفارة ولم يذكر شيئًا منها في الحديث؟ قلت: إما لكونه معلومًا من الآية، أو لم تكن الآية نازلة بعد، والرجل المقتول مرداس بن عمرو الفدكي، وقيل مراد بن نهيك الفزاري. 6873 - (عن أبي الخير) مرثد بن عبد الله (الصُّنابِحيّ) -بضم العين بعدها نون، بعدها باء موحدة- عبد الرحمن بن عُسيلة -مصغر بمهملتين- (عُبادة بن الصامت) بضم الصاد المهملة وتخفيف الباء الموحدة (إني من النقباء الذين بايعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بايعناه على أن لا نشرك بالله شيئًا) قد يتبادر منه أن هذه المبايعة كانت ليلة العقبة وليس كذلك، فإن ليلة العقبة كانت على المنشط والمكره، والعسر واليسر، وهذه البيعة بيعة النساء وهي كانت بعد الحديبية، وهذه البيعة كانت بعد بيعة النساء، وإنما سميت بيعة هذه وإن كان المبايعة مع الرجال لأنها مأخوذة من الآية التي أخذ الله البيعة على النساء بها (بالجنّة) متعلق ببايعناه (فإن غشينا من ذلك شيئًا كان قضاء ذلك إلى الله) أي: حكمه إن شاء عفا وإن شاء عذب، وهذا دليل أهل الحق في أن أهل الكبائر في مشيئة الله.

3 - باب قول الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص فى القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى

6874 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلاَحَ فَلَيْسَ مِنَّا». رَوَاهُ أَبُو مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 7070 6875 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ وَيُونُسُ عَنِ الْحَسَنِ عَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ ذَهَبْتُ لأَنْصُرَ هَذَا الرَّجُلَ، فَلَقِيَنِى أَبُو بَكْرَةَ فَقَالَ أَيْنَ تُرِيدُ قُلْتُ أَنْصُرُ هَذَا الرَّجُلَ. قَالَ ارْجِعْ فَإِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الْقَاتِلُ فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ قَالَ «إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ». طرفه 31 3 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنْثَى بِالأُنْثَى ـــــــــــــــــــــــــــــ 6874 - (جُويرية) بضم الجيم، مصغر الجارية (من حمل علينا السلاح فليس منا) أي: مؤمنًا إن استحل، أو ليس على طريقنا فإنه يدخل الرعب على قلب أخيه المؤمن، والمراد بعلينا هو وأمته. 6875 - (عن الأحنف بن قيس قال: ذهبت لأنصر هذا الرجل) يريد علي بن أبي طالب، وكان هذا [في] وقعة الجمل، وكان أحنف تخلّف عن علي (وأبو بكرة) نفيع بن الحارث (والقاتل والمقتول في النار) هذا إذا لم يكن القاتل على الحق بل كان قتاله لأمر دنيوي، وإن علي بن أبي طالب كان على الحق، واستدل بقوله: (وإنه كان حريصًا على قتل صاحبه) على أن العزم والتصميم على المعصية يُؤاخذ به، وقد سلف الكلام عليه في أبواب الإيمان. باب قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ} [البقرة: 178] لم يأخذ بظاهر الآية أحد من الأئمة لأنها نزلت في قِنَّين كان لأحدهما طَولٌ على الآخر فحلفوا ليقتلن الحر بالعبد والذكر بالأنثى، والمفهوم إنما يعتبر إذا لم يكن لذكره فائدة أخرى، وخالف الكوفيون، وقالوا: يقتل الحر بالعبد والمسلم بالكافر، واستدلوا على ذلك بقوله تعالى: {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: 45]، وأجاب الآخرون بأن هذا حكاية

4 - باب سؤال القاتل حتى يقر والإقرار فى الحدود

فَمَنْ عُفِىَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَىْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ). 4 - باب سُؤَالِ الْقَاتِلِ حَتَّى يُقِرَّ وَالإِقْرَارِ فِي الْحُدُودِ 6876 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ يَهُودِيًّا رَضَّ رَأْسَ جَارِيَةٍ بَيْنَ حَجَرَيْنِ، فَقِيلَ لَهَا مَنْ فَعَلَ بِكِ هَذَا أَفُلاَنٌ أَوْ فُلاَنٌ حَتَّى سُمِّىَ الْيَهُودِىُّ، فَأُتِىَ بِهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى أَقَرَّ بِهِ، فَرُضَّ رَأْسُهُ بِالْحِجَارَةِ. طرفه 2413 5 - باب إِذَا قَتَلَ بِحَجَرٍ أَوْ بِعَصًا 6877 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ جَدِّهِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ خَرَجَتْ جَارِيَةٌ عَلَيْهَا أَوْضَاحٌ بِالْمَدِينَةِ - قَالَ - فَرَمَاهَا يَهُودِىٌّ بِحَجَرٍ - قَالَ - فَجِئَ بِهَا إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَبِهَا رَمَقٌ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «فُلاَنٌ قَتَلَكِ». فَرَفَعَتْ رَأْسَهَا، فَأَعَادَ عَلَيْهَا قَالَ «فُلاَنٌ قَتَلَكِ». فَرَفَعَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــ فيما في التوراة، وقد حكي لا على أنَّه شرعنا لقوله: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيْها} [المائدة: 45] لو كان الحكم عامًّا لم يكن لقوله: عليهم فائدة، كيف ورواية علي في البخاري "لا يقتل مسلم بكافر، وأما قتل الذكر بالأنثى فعليه الإجماع نقله ابن عبد البر. باب سؤال القاتل حتَّى يقر والإقرار في الحدود 6876 - (حجّاج) بتشديد الجيم (هَمّام) بفتح الهاء وتشديد الميم (أن يهوديًّا رض [رأس] جارية بين حجرين) وفي رواية رماها بحجر، لا ينافي لجواز الجمع، قال ابن الأثير: الرض: الدق الجريش وفي رواية: رضخ بمعناه وفي الرواية بعدها (خرجت عليها أو ضاح) جمع وضح حلي يصاغ من الفضة. 6877 - (محمد) كذا وقع غير منسوب، قال الغساني نقلًا عن ابن السكن: كل موضع وقع في البخاري محمد بن عبد الله هو ابن مقاتل (وبها رمق) أي: بقية حياة، وفي الحديث حجة على أبي حنيفة من وجهين: الأول جريان القصاص في القتل، الثاني: اعتبار المماثلة في

6 - باب قول الله تعالى (أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون)

رَأْسَهَا، فَقَالَ لَهَا فِي الثَّالِثَةِ «فُلاَنٌ قَتَلَكِ». فَخَفَضَتْ رَأْسَهَا، فَدَعَا بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَتَلَهُ بَيْنَ الْحَجَرَيْنِ. 6 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنْفَ بِالأَنْفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ). 6878 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنِّى رَسُولُ اللَّهِ إِلاَّ بِإِحْدَى ثَلاَثٍ النَّفْسُ بِالنَّفْسِ وَالثَّيِّبُ الزَّانِى، ـــــــــــــــــــــــــــــ طريق القصاص بقتل القاتل بما قتل إلا أن يكون حرامًا كاللواطة والسحر، قال النووي: استدل مالك بالحديث على أن الإنسان إذا قال: قاتلي فلان يجب القصاص، ولا دليل لمالك فيه لأن آخر الحديث أن اليهودي أقر بذلك، وأما قول ابن بطال دل الحديث على جواز وصية غير البالغ فمن النمط الأول لأن لفظ الجارية يطلق على البكر البالغ، واختلف في هذه الجارية هل كانت حرة أو أمة بعد الاتفاق على أنها كانت في الأنصار ولم يذكر أحد اسمها. باب قوله تعالى: {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: 45] إنما أورد الآية لموافقها لفظ الحديث، وقد تقدم أن قتل النفس بالنفس عام خصَّ منه البعض لما في رواية البخاري عن علي: "لا يقتل مسلم بكافر"، وقد روى الدارقطني عن ابن عباس عن علي بن أبي طالب: "من السنة أن لا يقتل مسلم بكافر ولا حر بعبد". 6878 - (لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث) أي: ثلاث خصال (الثيب الزاني

7 - باب من أقاد بالحجر

وَالْمَارِقُ مِنَ الدِّينِ التَّارِكُ الْجَمَاعَةَ». 7 - باب مَنْ أَقَادَ بِالْحَجَرِ 6879 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ يَهُودِيًّا قَتَلَ جَارِيَةً عَلَى أَوْضَاحٍ لَهَا، فَقَتَلَهَا بِحَجَرٍ، فَجِئَ بِهَا إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَبِهَا رَمَقٌ فَقَالَ «أَقَتَلَكِ فُلاَنٌ». فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــ والمارق لدينه) وفي رواية "المفارق"، وفي رواية مسلم "التارك"، ومحصل الكل المرتد. فإن قلت: قد جاء في سائر الأحاديث غير هذه الثلاث كقاطع الطريق والباغي وتارك الصلاة؟ قلت: تكلف بعضهم في دفع هذا ما شاء، والظاهر أن هذا الحصر منسوخ بأن سبق على تلك الأحاديث، وإن لم يَسبق فدلالته بالمفهوم ودلالة سائر الأحاديث وإن لم يسبق بالمنطوق متقدم عليه. فإن قلت: فرق الشافعي بين تارك الصلاة وتارك الزكاة وتارك الصوم حيث قتل الأول دون الآخرين؟ قلت: قال النووي لأن الزكاة يأخذها الإمام قهرًا، والصوم يحبس على المفطرات، فلا بد وأن ينوي الصوم لأن الفرض أنَّه مسلم يعتقد الوجوب. فإن قلت: ما الدليل على وجوب قتل تارك الصلاة؟ قلت: قوله: "أمرت أن أقاتل الناس حتَّى يقولوا لا إله إلا الله ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة" ولمفهوم حديث ذي الخويصرة "فإنه لما استأذن عمر وخالد في قتله فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لا فلعله يصلي". باب من أقاد بحجر أي: اقتص، يقال: أقدت فلانًا بالقتل أي: قتلته به، وأقادني الحاكم أي: حكم لي بالقود. 6879 - روى في الباب قتل اليهودي الجارية وقد تقدم آنفًا.

8 - باب من قتل له قتيل فهو بخير النظرين

أَنْ لاَ، ثُمَّ قَالَ الثَّانِيَةَ، فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا أَنْ لاَ، ثُمَّ سَأَلَهَا الثَّالِثَةَ فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا أَنْ نَعَمْ، فَقَتَلَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِحَجَرَيْنِ. طرفه 2413 8 - باب مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهْوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ 6880 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ خُزَاعَةَ قَتَلُوا رَجُلاً. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ حَدَّثَنَا حَرْبٌ عَنْ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّهُ عَامَ فَتْحِ مَكَّةَ قَتَلَتْ خُزَاعَةُ رَجُلاً مِنْ بَنِى لَيْثٍ بِقَتِيلٍ لَهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «إِنَّ اللَّهَ حَبَسَ عَنْ مَكَّةَ الْفِيلَ وَسَلَّطَ عَلَيْهِمْ رَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ، أَلاَ وَإِنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ قَبْلِى، وَلاَ تَحِلُّ لأَحَدٍ بَعْدِى، أَلاَ وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِى سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، أَلاَ وَإِنَّهَا سَاعَتِى هَذِهِ حَرَامٌ لاَ يُخْتَلَى شَوْكُهَا، وَلاَ يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلاَ يَلْتَقِطُ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من قتل له قتيل فهو بخير النظرين 6880 - (عن أبي هريرة أنَّه عام فتح مكة قتلت خزاعة رجلًا من بني ليث) خزاعة قبيلة من عرب اليمن من أولاد سبأ، لما خرب السيل السد تفرقوا في البلاد فتخلفت بمكة طائفة سميت خزاعة لتخزعهم أي: تأخرهم قال ابن الأثير: اسم القاتل خراش بن أمية والمقتول منهم في الجاهلية اسمه أحمر والحديث سلف في أبواب العلم وبعده، وموضع الدلالة هنا قوله: (ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يودى) على بناء المجهول أي: تعطى ديته (أو يقاد) أي: يمكن من القود، وفي الحديث دليل لمن يقول ولي القتيل مخير بين القصاص وأخذ الدية، وقال مالك وأبو حنيفة: لا يكون ذلك إلا أن يرضى القاتل استدلالًا بحديث أنس بن النضر قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "كتاب الله القصاص" ولا دليل لهما في ذلك؛ لأن هذا نص وذلك مخصوص بالجراحات والأطراف (لا يختلى شوكها) أي: يقطع، ودل بالشوك على أن غيره من باب الأولى (ولا يُعضد شجرها) بالضاد المعجمة (ولا يَلتقط

سَاقِطَتَهَا إِلاَّ مُنْشِدٌ، وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهْوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ إِمَّا يُودَى وَإِمَّا يُقَادُ». فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ يُقَالُ لَهُ أَبُو شَاهٍ فَقَالَ اكْتُبْ لِى يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اكْتُبُوا لأَبِى شَاهٍ». ثُمَّ قَامَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلاَّ الإِذْخِرَ، فَإِنَّمَا نَجْعَلُهُ فِي بُيُوتِنَا وَقُبُورِنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِلاَّ الإِذْخِرَ». وَتَابَعَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ شَيْبَانَ فِي الْفِيلِ، قَالَ بَعْضُهُمْ عَنْ أَبِى نُعَيْمٍ الْقَتْلَ. وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ إِمَّا أَنْ يُقَادَ أَهْلُ الْقَتِيلِ. طرفه 112 6881 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَتْ فِي بَنِى إِسْرَائِيلَ قِصَاصٌ، وَلَمْ تَكُنْ فِيهِمُ الدِّيَةُ فَقَالَ اللَّهُ لِهَذِهِ الأُمَّةِ (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى) إِلَى هَذِهِ الآيَةِ (فَمَنْ عُفِىَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَىْءٌ). قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَالْعَفْوُ أَنْ يَقْبَلَ الدِّيَةَ فِي الْعَمْدِ، قَالَ (فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ) أَنْ يَطْلُبَ بِمَعْرُوفٍ وَيُؤَدِّىَ بِإِحْسَانٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ساقطها إلا منشد) أي على الدوام وإلا لم يكن لذكره فائدة (فقام رجل من أهل اليمن يقال له: أبو شاه) -بسكون الهاء- لفظ عجمي (قام رجل من قريش) هو عباس بن عبد المطلب، تقدم صريحًا (تابعه عبد الله في الفيل) أي: بالفاء (وقال بعضهم عن أبي نعيم القتل) -بالقاف- هو البعض هذا محمد بن يحيى الذهلي (وقال عبد الله إما أن يقاد أهل القتيل) قال بعض الشارحين: أهل القتيل مفعول ما لم يسم فاعله ليؤدى، وفاعل يقاد ضمير عائد إلى القتيل، وهذا غلط؛ لأن الَّذي يقاد ولي القتيل، ألا ترى إلى قوله: "من قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يقاد" أي: ولي القتيل فإنه المخير بين الأمرين، قال ابن الأثير: استفديت الحاكم، أي: سألته أن يفتدي. 6881 - (كانت في بني إسرائيل قصاص) كذا وقع بلفظ تاء التأنيث، ووجهه حمل القصاص على المماثلة، وفي بعضها كان وهو ظاهر، أي: كان القصاص لا يجوز غيره، قيل: هذا كان حكم التوراة، وفي شرع عيسى الدية لا غير، وقد جمع الله لهذه الأمة الأمرين، لا إفراط ولا تفريط، وخير الأمور الوسطى خص به خير الأمم.

9 - باب من طلب دم امرئ بغير حق

9 - باب مَنْ طَلَبَ دَمَ امْرِئٍ بِغَيْرِ حَقٍّ 6882 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى حُسَيْنٍ حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَبْغَضُ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ ثَلاَثَةٌ مُلْحِدٌ فِي الْحَرَمِ، وَمُبْتَغٍ فِي الإِسْلاَمِ سُنَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ، وَمُطَّلِبُ دَمِ امْرِئٍ بِغَيْرِ حَقٍّ لِيُهَرِيقَ دَمَهُ». 10 - باب الْعَفْوِ فِي الْخَطَإِ بَعْدَ الْمَوْتِ 6883 - حَدَّثَنَا فَرْوَةُ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من طلب دم امرئ بغير حق 6882 - (أبغض الناس إلى الله ثلاثة) البغض ضد الحب، وأبغض اسم تفضيل من أبغضه وفيه شذوذان كونه من المزيد، وكونه من بناء المجهول (ملحدٌ في الحرم) بدل من ثلاثة، والإلحاد العدول والميل عن القصد، يقال لحد على وزن علم وألحد لغتان، والمراد المعصية، وإنما أطلقه ليشمل كل معصية، فإن الصغيرة مع شرف المكان كالكبيرة من أن الصغيرة في الحرم كيف تكون أعظم من الكبيرة وما تكلفوه من أن المراد من الجملة الأسمية الدوام، والتنوين للتعظيم، كيف وقد رتب الله الوعيد على نفس الإرادة في قوله: {وَمَن يُرِدْ فِيْهِ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج: 25] على أن الأبغض لا تستدعي عظم الجرم كما أن الزنا أفحش من القتل مع أن حرمته أدنى منه (ومبتغٍ في الإسلام سنة الجاهلية) كقتل جماعة بواحد، وأخذ مال الغير من غير حق (ومُطَّلب دم امرئ بغير حق) -بتشديد الطاء-: أصله متطلب فأدغمت التاء في الطاء، والمعنى يتكلف في ذلك ويسعى، قال الجوهري: يطلب الشيء، طلبته مرة بعد أخرى، ومن قال: المراد من هذا الوعيد أن يكون المطلوب حاصلًا فقد خالف اللغة وغرض الشارع، لأنه بصدد التهديد والزجر عن تطلب الدماء، وفي الحديث دلالة على أن التصميم على الذنب يؤاخذ به كما أسلفناه مرارًا (ليهريقه) بفتح [الهاء] وسكونها أي: يريقه، والهاء معجمة. باب العفو في الخطإ بعد الموت 6883 - العفو الَّذي بعد موت المقتول لأنه ما دام المقتول حيًّا ليس له العفو ولا لوليه، واستدل على ما ترجم بقضية حذيفة لما قتل أباه المسلمون يوم أحد خطأً فعفا حذيفة ولم يذكر في الباب أنَّه عفا عن الدية لأنه لم يكن على شرطه، والحق أنَّه لا يحتاج إلى ذلك

11 - باب قول الله تعالى (وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليما حكيما)

هُزِمَ الْمُشْرِكُونَ يَوْمَ أُحُدٍ. وَحَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ يَحْيَى بْنُ أَبِى زَكَرِيَّاءَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ صَرَخَ إِبْلِيسُ يَوْمَ أُحُدٍ فِي النَّاسِ يَا عِبَادَ اللَّهِ أُخْرَاكُمْ. فَرَجَعَتْ أُولاَهُمْ عَلَى أُخْرَاهُمْ حَتَّى قَتَلُوا الْيَمَانَ فَقَالَ حُذَيْفَةُ أَبِى أَبِى. فَقَتَلُوهُ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ غَفَرَ اللَّهُ لَكُمْ. قَالَ وَقَدْ كَانَ انْهَزَمَ مِنْهُمْ قَوْمٌ حَتَّى لَحِقُوا بِالطَّائِفِ. طرفه 3290 11 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا). ـــــــــــــــــــــــــــــ بل قول حذيفة: (غفر الله لكم) كان عفوًا عن تلك الجناية، وقد سلف الحديث في غزوة أحد، وروي في بعض السير أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وداه من عنده، والعمدة على ما في البخاري. باب قوله: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً} [النساء: 92] لم يرو في الباب حديثًا اكتفاءً بما نص عليه القرآن وفضله. فإن قلت: قوله: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً} يدل على جواز قتل المؤمن خطأ، قلت: الاستثناء منقطع تقديره: ليس له قتله في حال من الأحوال لكن لو وقع خطأً فحكمه كذا، ولنا في تحقيق هذه الآية كلام، من أراد قرة عين فليطالع تفسيرنا "غاية الأماني".

12 - باب إذا أقر بالقتل مرة قتل به

12 - باب إِذَا أَقَرَّ بِالْقَتْلِ مَرَّةً قُتِلَ بِهِ 6884 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا حَبَّانُ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ يَهُودِيًّا رَضَّ رَأْسَ جَارِيَةٍ بَيْنَ حَجَرَيْنِ، فَقِيلَ لَهَا مَنْ فَعَلَ بِكِ هَذَا أَفُلاَنٌ أَفُلاَنٌ حَتَّى سُمِّىَ الْيَهُودِىُّ فَأَوْمَأَتْ بِرَأْسِهَا، فَجِئَ بِالْيَهُودِىِّ فَاعْتَرَفَ، فَأَمَرَ بِهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَرُضَّ رَأْسُهُ بِالْحِجَارَةِ. وَقَدْ قَالَ هَمَّامٌ بِحَجَرَيْنِ. طرفه 2413 13 - باب قَتْلِ الرَّجُلِ بِالْمَرْأَةِ 6885 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَتَلَ يَهُودِيًّا بِجَارِيَةٍ قَتَلَهَا عَلَى أَوْضَاحٍ لَهَا. طرفه 2413 14 - باب الْقِصَاصِ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فِي الْجِرَاحَاتِ وَقَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ يُقْتَلُ الرَّجُلُ بِالْمَرْأَةِ. وَيُذْكَرُ عَنْ عُمَرَ تُقَادُ الْمَرْأَةُ مِنَ الرَّجُلِ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إذا أمر بالقتل مرة قتل به 6884 - (إسحاق) كذا وقع غير منسوب، قال الغساني: لم ينسبه أحد إلا أن مسلمًا روى عن إسحاق بن منصور عن حبان بن هلال [بكسر الهاء وفتح الموحدة] (همّام) بفتح الهاء وتشديد الميم. روى في الباب حديث الجارية التي قتلها اليهودي، وقد مر قريبًا، وموضع الدلالة أن الإقرار بالقتل مرة كافٍ. فإن قلت: ليس في الحديث قيد المرة؟ قلت: إطلاقه يدل عليه إذ لو زاد لذكره كما في حد الزنى، قال ابن الأثير: الرض: الدق الجريش وفيه حجة على أبي حنيفة في منعه القصاص بالمثل. 6885 - (على أوضاح) -بالضاد المعجمة- جمع وضح حلي تصاغ من الفضة، وروى في الباب بعده أيضًا هذا الحديث دلالة على أن الرجل يقتل بالمرأة. باب القصاص بين الرجال والنساء في النفس والجراحات إلا أبا حنيفة في الأطراف لتفاوت الأطراف، ولذلك لا تقطع اليد الصحيحة بالشلاء

15 - باب من أخذ حقه أو اقتص دون السلطان

فِي كُلِّ عَمْدٍ يَبْلُغُ نَفْسَهُ فَمَا دُونَهَا مِنَ الْجِرَاحِ. وَبِهِ قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَإِبْرَاهِيمُ وَأَبُو الزِّنَادِ عَنْ أَصْحَابِهِ. وَجَرَحَتْ أُخْتُ الرُّبَيِّعِ إِنْسَانًا فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الْقِصَاصُ». 6886 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَبِى عَائِشَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ لَدَدْنَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فِي مَرَضِهِ فَقَالَ «لاَ تَلُدُّونِى». فَقُلْنَا كَرَاهِيَةُ الْمَرِيضِ لِلدَّوَاءِ. فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ «لاَ يَبْقَى أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلاَّ لُدَّ، غَيْرَ الْعَبَّاسِ فَإِنَّهُ لَمْ يَشْهَدْكُمْ». طرفه 4458 15 - باب مَنْ أَخَذَ حَقَّهُ أَوِ اقْتَصَّ دُونَ السُّلْطَانِ 6887 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ أَنَّ الأَعْرَجَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ إِنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». طرفه 238 ـــــــــــــــــــــــــــــ (وجرحت أخت الرُّبَيع) -بضم الراء وفتح الباء، وتشديد المثناة- مصغر ربيع، تقدم في "البخاري" أن الربيع هي الجانية، وكذا في رواية مسلم بلفظ الأخت، قيل: الصواب حذف الأخت، والصواب بقاء لفظ الأخت فإنهما قضيتان إحداهما فيها كسر السن والحكم فيها القصاص والأخرى الجرح والحكم فيها الضمان والحالف فيها أخوها، والأخرى الحالف أمها، بهذا جزم ابن حزم وأقره شيخنا. 6886 - (لددنا النبي) اللَّدود -بفتح اللام- دواء يجعل في أحد شقي الفم إذا كان به ذات الجنب، والحديث سلف في وفاته - صلى الله عليه وسلم -. وموضع الدلالة هنا: أنَّه أمر بأن يلدّ الرجال والنساء الذين لدّوه، فدل على جريان القصاص بين الرجل والمرأة، وفي استدلاله نظر؛ لأن هذا لم يكن على وجه القصاص بل على طريق المعاتبة مع الأهل، ولذلك عمم بأن لم يبق أحد في البيت إلا لدّ مع أنَّه لم يباشر ذلك الفعل كلهم. باب من أخذ حقه أو اقتص دون السلطان 6887 - (أبو الزناد) -بكسر الزاي بعدها نون- عبد الله بن ذكوان (نحن الآخرون السابقون) يوم القيامة، أي: الآخرون زمانًا في الدنيا، والسابقون حسابًا ودخولًا الجنّة إن شاء [الله].

16 - باب إذا مات فى الزحام أو قتل

6888 - وَبِإِسْنَادِهِ «لَوِ اطَّلَعَ فِي بَيْتِكَ أَحَدٌ وَلَمْ تَأْذَنْ لَهُ، خَذَفْتَهُ بِحَصَاةٍ فَفَقَأْتَ عَيْنَهُ، مَا كَانَ عَلَيْكَ مِنْ جُنَاحٍ». طرفه 6902 6889 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ حُمَيْدٍ، أَنَّ رَجُلاً اطَّلَعَ فِي بَيْتِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَدَّدَ إِلَيْهِ مِشْقَصًا. فَقُلْتُ مَنْ حَدَّثَكَ قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ. طرفه 6242 16 - باب إِذَا مَاتَ فِي الزِّحَامِ أَوْ قُتِلَ 6890 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ هِشَامٌ أَخْبَرَنَا عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَمَّا كَانَ يَوْمَ أُحُدٍ هُزِمَ الْمُشْرِكُونَ فَصَاحَ إِبْلِيسُ أَىْ عِبَادَ اللَّهِ أُخْرَاكُمْ. فَرَجَعَتْ أُولاَهُمْ، فَاجْتَلَدَتْ هِىَ وَأُخْرَاهُمْ، فَنَظَرَ حُذَيْفَةُ فَإِذَا هُوَ بِأَبِيهِ الْيَمَانِ فَقَالَ أَىْ عِبَادَ اللَّهِ أَبِى أَبِى. قَالَتْ فَوَاللَّهِ مَا احْتَجَزُوا حَتَّى قَتَلُوهُ. قَالَ حُذَيْفَةُ: ـــــــــــــــــــــــــــــ 6888 - (ولو اطلع أحد في بيتك لم تأذن له فخذفته) -بالخاء المعجمة وذال كذلك- رمي الحجر بين السبابة والإبهام أو بين السبابتين، ويروى بالحاء المهملة ولا وجه، قال أكثر العلماء بظاهر الحديث، قال الطحاوي: لم أقف على النقل في المسألة لأن القواعد تشهد بأن لا شيء عليه. 6889 - (عن حُميد أن رجلًا اطلع في بيت النبي - صلى الله عليه وسلم -) هذا حديث مرسل إلا أنَّه وصله في آخره (فسدد إليه مشقصًا) -بكسر الميم- قال ابن الأثير: هو نصل السهام إذا كان طويلًا غير عريض، فإذا كان عريضًا فهو المعتلة، بكسر الميم والباء الموحدة. فإن قلت: أين موضع الدلالة على الترجمة؟ قلت: قصده لقلع عين الناظر إنما كان لاستيفاء الحق فيقاس عليه غيره، وكذا قوله في الحديث: (ففقأت عينه لم يكن عليك جناح) أذن له في قلع عينه لكونه مستحقًا ذلك فيقاس عليه القصاص. قال [ابن] بطال: اتفق أئمة الفتوى على عدم جواز أخذ القصاص بدون إذن السلطان. باب إذا مات في الزحام أو قتل 6890 - (إسحاق) كذا وقع غير منسوب، قال الغساني: إسحاق عن أبي أسامة يحتمل أن يكون إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، وأبي نصر، روى في الباب حديث قتل أبي حذيفة

17 - باب إذا قتل نفسه خطأ فلا دية له

غَفَرَ اللَّهُ لَكُمْ. قَالَ عُرْوَةُ فَمَا زَالَتْ فِي حُذَيْفَةَ مِنْهُ بَقِيَّةٌ حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ. طرفه 3290 17 - باب إِذَا قَتَلَ نَفْسَهُ خَطَأً فَلاَ دِيَةَ لَهُ 6891 - حَدَّثَنَا الْمَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِى عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى خَيْبَرَ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ أَسْمِعْنَا يَا عَامِرُ مِنْ هُنَيْهَاتِكَ. فَحَدَا بِهِمْ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنِ السَّائِقُ» قَالُوا عَامِرٌ. فَقَالَ «رَحِمَهُ اللَّهُ». فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلاَّ أَمْتَعْتَنَا بِهِ. فَأُصِيبَ صَبِيحَةَ لَيْلَتِهِ فَقَالَ الْقَوْمُ حَبِطَ عَمَلُهُ، قَتَلَ نَفْسَهُ. فَلَمَّا رَجَعْتُ وَهُمْ يَتَحَدَّثُونَ أَنَّ عَامِرًا حَبِطَ عَمَلُهُ، فَجِئْتُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ يَا نَبِىَّ اللَّهِ فَدَاكَ أَبِى وَأُمِّى، زَعَمُوا أَنَّ عَامِرًا حَبِطَ عَمَلُهُ. فَقَالَ «كَذَبَ مَنْ قَالَهَا، إِنَّ لَهُ لأَجْرَيْنِ اثْنَيْنِ، إِنَّهُ لَجَاهِدٌ مُجَاهِدٌ، وَأَىُّ قَتْلٍ يَزِيدُهُ عَلَيْهِ». طرفه 2477 ـــــــــــــــــــــــــــــ [يوم] أحد خطأً وقد سلف أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حكم بالدية، ولكن حذيفة لم يأخذها دل عليه قوله: (غفر الله لكم) هذا إذا كان القاتل معلومًا، وإن مات في الازدحام فالذي عينه وليه تجري فيه القسامة. باب إذا قتل نفسه خطأً فلا دية له 6891 - قوله: خطأً ليس له مفهوم؛ لأن في العمد القصاص، ولا يعقل هنا، واستدل على ما ترجم بقصة عامر بن الأكوع حين ارتد إليه سيفه في غزوة خيبر، وقد سلف الحديث هناك، ولا خلاف فيه إلا لأحمد وابن راهويه فإنهما قالا: الدية على عاقلته لورثته. (أسمعنا يا عامر من هنيناتك) ويروى هنيهاتك، وهناتك، قال ابن الأثير: جمع هنة مؤنث هن كناية عن كل اسم جنس (هلّا أمتعتنا به) كانوا يعلمون أن من قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: رحمه الله وهو يحيى يموت شهيدًا (قال: هلا متعتنا به)، (فداك أبي وأمي) بكسر الفاء والمد، وفتحها والقصر (إنه لجاهدٌ مجاهد) أي: بالغ غاية الجهد في الجهد أصله مجاهد إلا أنَّه قلبه مبالغة.

18 - باب إذا عض رجلا فوقعت ثناياه

18 - باب إِذَا عَضَّ رَجُلاً فَوَقَعَتْ ثَنَايَاهُ 6892 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ قَالَ سَمِعْتُ زُرَارَةَ بْنَ أَوْفَى عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ رَجُلاً عَضَّ يَدَ رَجُلٍ، فَنَزَعَ يَدَهُ مِنْ فَمِهِ، فَوَقَعَتْ ثَنِيَّتَاهُ، فَاخْتَصَمُوا إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «يَعَضُّ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ كَمَا يَعَضُّ الْفَحْلُ، لاَ دِيَةَ لَكَ». 6893 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى عَنْ أَبِيهِ قَالَ خَرَجْتُ فِي غَزْوَةٍ، فَعَضَّ رَجُلٌ فَانْتَزَعَ ثَنِيَّتَهُ، فَأَبْطَلَهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 1848 19 - باب السِّنِّ بِالسِّنِّ 6894 - حَدَّثَنَا الأَنْصَارِىُّ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ ابْنَةَ النَّضْرِ لَطَمَتْ جَارِيَةً، فَكَسَرَتْ ثَنِيَّتَهَا، فَأَتَوُا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَمَرَ بِالْقِصَاصِ. طرفه 2703 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إذا عضّ رجلًا فوقعت ثناياه 6892 - 6893 - (زرارة) بضم المعجمة بعدها مهملة (أبي أوفى) بفتح الهمزة (عن عمران بن حصين) بضم الحاء (أن رجلًا عضّ يد رجل) قال النووي هنا ثلاث روايات: الأولى: أن يعلى هو المعضوض، وفي الثانية والثالثة أن المعضوض أخبر يعلى. قال الحفاظ: والصحيح أنَّه أخبر يعلى، قال: ويحتمل أنهما قضيتان، واختار شيخ الإسلام أن العاض هو نفس يعلى، فإن صح أنهما قضيتان فلا إشكال في إفراد الثنية ثانيًا، وإن كانت واحدة فذكر الأقل، ولم يخالف حكم الحديث إلا مالك، ولعله لم يبلغه الحديث. باب السن بالسن 6894 - (الأنصاري) هو محمد بن عبد الله (عن أنس أن ابنة النضر لطمت جارية فكسرث ثنيتها) ابنة النضر هذه هي الربيع (فأتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمر بالقصاص) قال ابن بطال: أجمعوا على جريان القصاص في خلع السن، واختلفوا في سائر العظام، فقال مالك بجريان القصاص فيها المتعلة والمأمومة والهاشمة قياسًا على السن، وقال الآخرون: قياس مع

20 - باب دية الأصابع

20 - باب دِيَةِ الأَصَابِعِ 6895 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «هَذِهِ وَهَذِهِ سَوَاءٌ»، يَعْنِى الْخِنْصَرَ وَالإِبْهَامَ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَحْوَهُ. 21 - باب إِذَا أَصَابَ قَوْمٌ مِنْ رَجُلٍ هَلْ يُعَاقِبُ أَوْ يَقْتَصُّ مِنْهُمْ كُلِّهِمْ وَقَالَ مُطَرِّفٌ عَنِ الشَّعْبِىِّ فِي رَجُلَيْنِ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ سَرَقَ فَقَطَعَهُ عَلِىٌّ، ثُمَّ جَاءَا بِآخَرَ وَقَالاَ أَخْطَأْنَا. فَأَبْطَلَ شَهَادَتَهُمَا وَأُخِذَا بِدِيَةِ الأَوَّلِ، وَقَالَ لَوْ عَلِمْتُ أَنَّكُمَا تَعَمَّدْتُمَا لَقَطَعْتُكُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ الفارق فإن سائر العظام دونها الجلد واللحم، ولا يمكن رعاية المماثلة، وكسر السن في الحديث محمول عند الشافعي على القلع فإنه لا يقول بالقصاص في الكسر، وفي هذا الحمل بعد، وقال غيره تبرد بالمِبرد بالكسر. باب دية الأصابع 6895 - (عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: هذه وهذه سواء) يعني الخنصر والإبهام، أي: في الدية كما ترجم عليه، على هذا اتفقت الروايات في سائر الأصول، وعليه اتفاق الفقهاء، وإنما سوى بين الأصابع لتكون قانونًا تسهيلًا وإلا فلا شك أن نفع الإبهام فوق الخنصر. (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين المعجمة (ابن أبي عدي) محمد بن إبراهيم. صرح بالسماع هنا عن ابن عباس بخلاف الأول. باب إذا أصاب قومٌ من رجل هل يعاقب أو يقتص منهم كلهم الإصابة أعم من الفعل الموجب للقصاص ولذلك ذكر العقوبة مع القصاص وقد تنازع الفعلان على بناء المجهول في كلهم، وأما رواية علي أنَّه حكم بالدية في خطأ الشاهدين، (وقال: لو علمت أنكما تعمدتما لقطعتكما) عليه الأئمة.

6896 - وَقَالَ لِى ابْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ غُلاَمًا قُتِلَ غِيلَةً فَقَالَ عُمَرُ لَوِ اشْتَرَكَ فِيهَا أَهْلُ صَنْعَاءَ لَقَتَلْتُهُمْ. وَقَالَ مُغِيرَةُ بْنُ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ إِنَّ أَرْبَعَةً قَتَلُوا صَبِيًّا فَقَالَ عُمَرُ مِثْلَهُ. وَأَقَادَ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ الزُّبَيْرِ وَعَلِىٌّ وَسُوَيْدُ بْنُ مُقَرِّنٍ مِنْ لَطْمَةٍ. وَأَقَادَ عُمَرُ مِنْ ضَرْبَةٍ بِالدِّرَّةِ. وَأَقَادَ عَلِىٌّ مِنْ ثَلاَثَةِ أَسْوَاطٍ. وَاقْتَصَّ شُرَيْحٌ مِنْ سَوْطٍ وَخُمُوشٍ. 6897 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَبِى عَائِشَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ لَدَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي مَرَضِهِ، وَجَعَلَ يُشِيرُ إِلَيْنَا «لاَ تَلُدُّونِى». قَالَ فَقُلْنَا كَرَاهِيَةُ الْمَرِيضِ بِالدَّوَاءِ، فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ «أَلَمْ أَنْهَكُمْ أَنْ تَلُدُّونِى». قَالَ قُلْنَا كَرَاهِيَةٌ لِلدَّوَاءِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَبْقَى مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ لُدَّ - وَأَنَا أَنْظُرُ - إِلاَّ الْعَبَّاسَ فَإِنَّهُ لَمْ يَشْهَدْكُمْ». طرفه 4458 ـــــــــــــــــــــــــــــ (أن غلامًا قتل غِيلة) غِيلة: -بكسر الغين- القتل خداعًا (فقال عمر: لو اجتمعت فيه أهل صنعاء لقتلتهم به) روى الدارقطني أن رجلًا من أهل صنعاء كان يسابق الناس كل عام فلما قدم وجد مع وليدته سبعة رجال يشربون الخمر فقتلوه فألقوه في نهر فكتب الأمير إلى عمر بن الخطاب فقال: اضرب عنقهم لو اشترك فيه أهل صنعاء لقتلتهم به" ويروى على غير هذا الوجه لكن إسناد الدارقطني جيد وعلى ما حكم به عمر إجماع الأئمة. (وأقاد أبو بكر وابن الزبير وعلي وسويد بن مُقرّن) بكسر الراء المشددة (من لطمة) هذه الآثار التي رواها في اللطمة والضرب بالدرة والسوط لم يأخذ به الأئمة وحملوا ما روى فيه على الاجتهاد في التعزير لأن التعزير بما يراه الإمام. 6897 - (وحديث عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بأن يُلَدّ كل من في البيت) تقدم الكلام عليه، وأشرنا إلى أن ذلك لم يكن على طريق القصاص بل على وجه التأديب والمعاتبة مع الأهل.

22 - باب القسامة

22 - باب الْقَسَامَةِ وَقَالَ الأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ». وَقَالَ ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ لَمْ يُقِدْ بِهَا مُعَاوِيَةُ، وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى عَدِىِّ بْنِ أَرْطَاةَ - وَكَانَ أَمَّرَهُ عَلَى الْبَصْرَةِ - فِي قَتِيلٍ وُجِدَ عِنْدَ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ السَّمَّانِينَ إِنْ وَجَدَ أَصْحَابُهُ بَيِّنَةً، وَإِلاَّ فَلاَ تَظْلِمِ النَّاسَ، فَإِنَّ هَذَا لاَ يُقْضَى فِيهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. 6898 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ زَعَمَ أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ سَهْلُ بْنُ أَبِى حَثْمَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ نَفَرًا مِنْ قَوْمِهِ انْطَلَقُوا إِلَى خَيْبَرَ فَتَفَرَّقُوا فِيهَا، وَوَجَدُوا أَحَدَهُمْ قَتِيلاً، وَقَالُوا لِلَّذِى وُجِدَ فِيهِمْ قَتَلْتُمْ صَاحِبَنَا. قَالُوا مَا قَتَلْنَا وَلاَ عَلِمْنَا قَاتِلاً. فَانْطَلَقُوا إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ انْطَلَقْنَا إِلَى خَيْبَرَ فَوَجَدْنَا أَحَدَنَا قَتِيلاً. فَقَالَ «الْكُبْرَ الْكُبْرَ». ـــــــــــــــــــــــــــــ باب في القسامة قال ابن الأثير: القسامة فِعالة من أقسم إذا حلف، جاء على بناء الغرامة والحمالة؛ لأنها تلزم أهل الموضع الَّذي وجد فيه القتيل. (وقال الأشعث: قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم -: شاهداك أو يمينه) تقدم حديثه في أبواب الدعاوي موصولًا (وقال ابن أبي مليكة) بضم الميم، مصغر ملكة، واسم الابن عبد الله (لم يُقِدْ بها معاوية، وكتب عمر بن عبد العزيز إلى عدي بن أرطأة) بفتح الهمزة (أمّره) -بتشديد الميم- أي: جعله أميرًا (فإن هذا لا يقضى فيه إلى يوم القيامة) فإنه لم يقدر الحكم فيه عند عدم البينة. فإن قلت: قد روى البيهقي أن عمر بن عبد العزيز حكم بالقسامة قلت: محمول على أن ما في الحديث كان قبل ذلك. فإن قلت: روي عنه أقاد بالقسامة لما كان أميرًا على المدينة، قلت: رجع عن ذلك لما روى له أبو قلابة الحديث الَّذي ذكره في الباب. 6898 - (بُشير) بضم الباء وشين معجمة، مصغر (يسار) ضد اليمين (سهل بن أبي حثمة) بالحاء المهملة وثاء مثلثة (فوجدوا أحدهما قتيلًا) هو عبد الله بن سهل (فقالوا: انطلقنا إلى خيبر فوجدنا أحدنا قتيلًا فقال: الكُبْرَ الكُبْرَ) بضم الكاف والنصب على الإغراء، أي:

فَقَالَ لَهُمْ «تَأْتُونَ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ». قَالُوا مَا لَنَا بَيِّنَةٌ. قَالَ «فَيَحْلِفُونَ». قَالُوا لاَ نَرْضَى بِأَيْمَانِ الْيَهُودِ. فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُبْطِلَ دَمَهُ، فَوَدَاهُ مِائَةً مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ. 6899 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَسَدِىُّ حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ أَبِى عُثْمَانَ حَدَّثَنِى أَبُو رَجَاءٍ مِنْ آلِ أَبِى قِلاَبَةَ حَدَّثَنِى أَبُو قِلاَبَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَبْرَزَ سَرِيرَهُ يَوْمًا لِلنَّاسِ، ثُمَّ أَذِنَ لَهُمْ فَدَخَلُوا فَقَالَ مَا تَقُولُونَ فِي الْقَسَامَةِ قَالَ نَقُولُ الْقَسَامَةُ الْقَوَدُ بِهَا حَقٌّ، وَقَدْ أَقَادَتْ بِهَا الْخُلَفَاءُ. قَالَ لِى مَا تَقُولُ يَا أَبَا قِلاَبَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ ولّوا الأمر أكبركم قال ابن الأثير: الكبير بمعنى الأكبر، ومنه في الحديث "العباس كبير القوم"، وقد سلف أن الَّذي تكلم عبد الرحمن بن سهل أخو القتيل وكان هو المدعي إلا أن الكلام لم يكن على طريق الدعوى، ولذلك منعه من الكلام (فقال: تأتون بالبينة على من قتله، قالوا ما لنا بينة قال فيحلفون) أي: اليهود واستدل به أبو حنيفة على أن في القسامة البينة على المدعي واليمين على من أنكر كسائر الدعاوى، وقال غيره عكس ذلك، لحديث يحيى بن سعيد فإنه صريح في أن البراءة في الأيمان بالمدعى، هذا وإن كان ظاهره مخالف القاعدة في اليمين على من: أنكر إلا أنَّه موافق له في المعنى، وذلك أن اليمين إنما كان على من أنكر لأن الأصل براءته وهنا الأصل أن يكون المدعي صادقًا لوجود اللوث (فوداه من إبل الصدقة). فإن قلت: إبل الصدقة مصارفها معينة في كتاب الله، قلت: هذا الَّذي ذكرته مما قال به في رواية سعد بن عبيد فإن رواية يحيى بن سعيد "فوداه من عنده"، والجواب عنه أنَّه أخذ من مال الصدقة على وجه القرض أو كانت من بيت المال، وفي إطلاق اسم الصدقة عليها تسامح. 6899 - (قتيبة) بضم القاف مصغر (أبو بشر) -بكسر الموحدة- اسمه جعفر (حجاج) بفتح الحاء وتشديد الجيم (عن أبي رجاء) -بفتح الراء والمد- عمران العطاردي (عن أبي قلابة) -بكسر القاف- عبد الله الجرمي (أن عمر بن عبد العزيز أبرز سريره يومًا للناس) أي: لعموم الناس (فقال ما تقولون في القسامة) أي: في حكمها من القصاص والديه، فأجاب

وَنَصَبَنِى لِلنَّاسِ. فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عِنْدَكَ رُءُوسُ الأَجْنَادِ وَأَشْرَافُ الْعَرَبِ، أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ خَمْسِينَ مِنْهُمْ شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ مُحْصَنٍ بِدِمَشْقَ أَنَّهُ قَدْ زَنَى، لَمْ يَرَوْهُ أَكُنْتَ تَرْجُمُهُ قَالَ لاَ. قُلْتُ أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ خَمْسِينَ مِنْهُمْ شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ بِحِمْصَ أَنَّهُ سَرَقَ أَكُنْتَ تَقْطَعُهُ وَلَمْ يَرَوْهُ قَالَ لاَ. قُلْتُ فَوَاللَّهِ مَا قَتَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَطُّ، إِلاَّ فِي إِحْدَى ثَلاَثِ خِصَالٍ رَجُلٌ قَتَلَ بِجَرِيرَةِ نَفْسِهِ فَقُتِلَ، أَوْ رَجُلٌ زَنَى بَعْدَ إِحْصَانٍ، أَوْ رَجُلٌ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَارْتَدَّ عَنِ الإِسْلاَمِ. فَقَالَ الْقَوْمُ أَوَلَيْسَ قَدْ حَدَّثَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَطَعَ فِي السَّرَقِ وَسَمَرَ الأَعْيُنَ، ثُمَّ نَبَذَهُمْ فِي الشَّمْسِ. فَقُلْتُ أَنَا أُحَدِّثُكُمْ حَدِيثَ أَنَسٍ، حَدَّثَنِى أَنَسٌ أَنَّ نَفَرًا مِنْ عُكْلٍ ثَمَانِيَةً قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَبَايَعُوهُ عَلَى الإِسْلاَمِ، فَاسْتَوْخَمُوا الأَرْضَ فَسَقِمَتْ أَجْسَامُهُمْ، فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَفَلاَ تَخْرُجُونَ مَعَ رَاعِينَا فِي إِبِلِهِ، فَتُصِيبُونَ مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا». قَالُوا بَلَى، فَخَرَجُوا فَشَرِبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا فَصَحُّوا، فَقَتَلُوا رَاعِىَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَطْرَدُوا النَّعَمَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَرْسَلَ فِي آثَارِهِمْ، فَأُدْرِكُوا فَجِئَ بِهِمْ، فَأَمَرَ بِهِمْ فَقُطِّعَتْ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ، وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ، ثُمَّ نَبَذَهُمْ فِي الشَّمْسِ حَتَّى مَاتُوا. قُلْتُ وَأَىُّ شَىْءٍ أَشَدُّ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلاَءِ ارْتَدُّوا عَنِ الإِسْلاَمِ وَقَتَلُوا وَسَرَقُوا. فَقَالَ عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَاللَّهِ إِنْ سَمِعْتُ كَالْيَوْمِ قَطُّ. فَقُلْتُ أَتَرُدُّ عَلَىَّ حَدِيثِى يَا عَنْبَسَةُ قَالَ لاَ، وَلَكِنْ جِئْتَ بِالْحَدِيثِ عَلَى وَجْهِهِ، وَاللَّهِ لاَ يَزَالُ هَذَا الْجُنْدُ بِخَيْرٍ مَا عَاشَ هَذَا الشَّيْخُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ. قُلْتُ وَقَدْ كَانَ فِي هَذَا سُنَّةٌ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ الحاضرون بأن الحكم فيها القود، وخالفهم أبو قلابة فأوردوا عليه حديث العرنيين، فأجاب بأن قتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العرنيين لم يكن على وجه القسامة، هذا محصل الحديث (ونصبني للناس) لمناظرتهم (ما قتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحدًا قط إلا في إحدى ثلاث: رجل قتل بجريرة نفسه) -بالجيم- الذنب والجناية (أوليس قد حدث أنس) الاستفهام للإنكار دخل على النفي ضد الإثبات (وسمّرت أعينهم) بالتشديد والتخفيف. (عَنبسة) بفتح العين وسكون [النون] بعده باء موحدة بعدها سين مهملة. (ولا يزال هذا الجند بخير ما عاش هذا الشيخ بين أظهرهم) هذا كلام عنبسة، والشيخ أبو قلابة أثنى عليه في معرفة الحديث (وقد كان في هذا سنة) هذا: أبو قلابة.

رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَلَيْهِ نَفَرٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَتَحَدَّثُوا عِنْدَهُ، فَخَرَجَ رَجُلٌ مِنْهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ فَقُتِلَ، فَخَرَجُوا بَعْدَهُ، فَإِذَا هُمْ بِصَاحِبِهِمْ يَتَشَحَّطُ فِي الدَّمِ، فَرَجَعُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ صَاحِبُنَا كَانَ تَحَدَّثَ مَعَنَا، فَخَرَجَ بَيْنَ أَيْدِينَا، فَإِذَا نَحْنُ بِهِ يَتَشَحَّطُ فِي الدَّمِ. فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «بِمَنْ تَظُنُّونَ أَوْ تَرَوْنَ قَتَلَهُ». قَالُوا نَرَى أَنَّ الْيَهُودَ قَتَلَتْهُ. فَأَرْسَلَ إِلَى الْيَهُودِ فَدَعَاهُمْ. فَقَالَ «آنْتُمْ قَتَلْتُمْ هَذَا». قَالُوا لاَ. قَالَ «أَتَرْضَوْنَ نَفَلَ خَمْسِينَ مِنَ الْيَهُودِ مَا قَتَلُوهُ». فَقَالُوا مَا يُبَالُونَ أَنْ يَقْتُلُونَا أَجْمَعِينَ ثُمَّ يَنْتَفِلُونَ. قَالَ «أَفَتَسْتَحِقُّونَ الدِّيَةَ بِأَيْمَانِ خَمْسِينَ مِنْكُمْ». قَالُوا مَا كُنَّا لِنَحْلِفَ، فَوَدَاهُ مِنْ عِنْدِهِ. قُلْتُ وَقَدْ كَانَتْ هُذَيْلٌ خَلَعُوا خَلِيعًا لَهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَطَرَقَ أَهْلَ بَيْتٍ مِنَ الْيَمَنِ بِالْبَطْحَاءِ فَانْتَبَهَ لَهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَحَذَفَهُ بِالسَّيْفِ فَقَتَلَهُ، فَجَاءَتْ هُذَيْلٌ فَأَخَذُوا الْيَمَانِىَ فَرَفَعُوهُ إِلَى عُمَرَ بِالْمَوْسِمِ وَقَالُوا قَتَلَ صَاحِبَنَا. فَقَالَ إِنَّهُمْ قَدْ خَلَعُوهُ. فَقَالَ يُقْسِمُ خَمْسُونَ مِنْ هُذَيْلٍ مَا خَلَعُوهُ. قَالَ فَأَقْسَمَ مِنْهُمْ تِسْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ رَجُلاً، وَقَدِمَ رَجُلٌ مِنْهُمْ مِنَ الشَّأْمِ فَسَأَلُوهُ أَنْ يُقْسِمَ فَافْتَدَى يَمِينَهُ مِنْهُمْ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، فَأَدْخَلُوا مَكَانَهُ رَجُلاً آخَرَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل عليه نفر من الأنصار) هذا استئناف من أبي قلابة يبين فيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حكم في القسامة بالدية (فتحدثوا عنده فخرج رجل منهم بين أيديهم فقتل) هذه القضية لم تأت في رواية توضحها، فإن كانت قضية قتل عبد الله بن سهل المقتول بخيبر فمعناه أنهم حين توجهوا إلى خيبر، خرجوا من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإن كانت غيرها فلا حق فيها إلا أنا لم نقف عليها مفصلة، وأن المقتول من هو (نَفَل خمسين من اليهود) -بفتح النون والفاء- قال ابن الأثير: أصل النفل النفي، وإنما سميت اليمين نفلًا لأنها تنفي القصاص (وقد كانت هزيل) -بضم الهاء وذال معجمة، مصغر- قبيلة معروفة، أولاد هذيل بن مدرك بن إلياس (خلعوا حليفًا لهم في الجاهلية) ويروى خليعًا بالعين، وذلك أن التحالف التناصر كان شأن العرب، وكانوا إذا أخرجوا أحدًا من الحلف أظهروا أمره للناس، ويسمونه خليعًا -بالخاء المعجمة، وعين مهملة- من خلع الأمير إذا عزل (فطرق أهل بيت) أي جاءهم بالليل للفساد (فحذفه بالسيف) أي: رماه (فقتله فرفعوا أمره إلى عمر بن الخطاب) فقال القوم (إن هذيلًا قد خلعوه) فقال عمر: (يقسم خمسون من هذيل ما خلعوه) لا بد من زيادة ما خلعوه، وإن قائله ذلك الرجل فحلفوا وكانوا كاذبين، فلذلك أهلكهم الله (فأدخلوا مكانه رجلًا آخر)

23 - باب من اطلع فى بيت قوم ففقئوا عينه فلا دية له

فَدَفَعَهُ إِلَى أَخِى الْمَقْتُولِ فَقُرِنَتْ يَدُهُ بِيَدِهِ، قَالُوا فَانْطَلَقَا وَالْخَمْسُونَ الَّذِينَ أَقْسَمُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِنَخْلَةَ، أَخَذَتْهُمُ السَّمَاءُ فَدَخَلُوا فِي غَارٍ فِي الْجَبَلِ، فَانْهَجَمَ الْغَارُ عَلَى الْخَمْسِينَ الَّذِينَ أَقْسَمُوا فَمَاتُوا جَمِيعًا، وَأَفْلَتَ الْقَرِينَانِ وَاتَّبَعَهُمَا حَجَرٌ فَكَسَرَ رِجْلَ أَخِى الْمَقْتُولِ، فَعَاشَ حَوْلاً ثُمَّ مَاتَ. قُلْتُ وَقَدْ كَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ أَقَادَ رَجُلاً بِالْقَسَامَةِ ثُمَّ نَدِمَ بَعْدَ مَا صَنَعَ، فَأَمَرَ بِالْخَمْسِينَ الَّذِينَ أَقْسَمُوا فَمُحُوا مِنَ الدِّيوَانِ وَسَيَّرَهُمْ إِلَى الشَّأْمِ. طرفه 233 23 - باب مَنِ اطَّلَعَ فِي بَيْتِ قَوْمٍ فَفَقَئُوا عَيْنَهُ فَلاَ دِيَةَ لَهُ 6900 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَجُلاً اطَّلَعَ فِي بَعْضِ حُجَرِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَامَ إِلَيْهِ بِمِشْقَصٍ أَوْ بِمَشَاقِصَ وَجَعَلَ يَخْتِلُهُ لِيَطْعُنَهُ. طرفه 6242 6901 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِىَّ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَجُلاً اطَّلَعَ فِي جُحْرٍ فِي بَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِدْرًى يَحُكُّ بِهِ رَأْسَهُ، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَوْ أَعْلَمُ أَنْ تَنْتَظِرَنِى لَطَعَنْتُ بِهِ فِي ـــــــــــــــــــــــــــــ ظلمًا منهم (فدفعه إلى أخي المقتول) الواقع وهو الَّذي افتدى بيمينه (فانطلقا) أي أخو المقتول وذلك الَّذي معه ظلمًا والخمسون، فيه تسامح لأن الذين أقسموا تسعة وأربعون، (فانهجم الغار على الخمسين الذين أقسموا) أي: سقط عليهم، ويحرر من هذه الأحاديث أن القسامة حق في شأن الدية، ومن قال إن البخاري لم يقل بالقسامة وكذا أبو قلابة فقد وهم. باب من اطلع في بيت قوم ففقؤوا عينه فلا دية فيه وإذا لم يكن دية فلا قصاص من باب الأولى 6900 - (أبو النُعمان) -بضم النون- محمد بن الفضل (حمّاد) بفتح الحاء وتشديد الميم، (أن رجلًا اطلع من جُحْر) بضم الجيم وسكون الحاء (في حُجْر النبي - صلى الله عليه وسلم -) -بضم الحاء وفتح الجيم- جمع حجرة (فقام إليه بمشقص) -بكسر الميم- قال ابن الأثير: نصل السهم إذا كان طويلًا، وإن كان عريضًا فهو معبلة بكسر الميم (يختله) أي: يختال ليطعنه -بالخاء المعجمة. 6901 - (ومع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مدرى) -بكسر الميم- قال ابن الأثير: هي تعمل من

24 - باب العاقلة

عَيْنَيْكَ». قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّمَا جُعِلَ الإِذْنُ مِنْ قِبَلِ الْبَصَرِ». طرفه 5924 6902 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ أَنَّ امْرَأً اطَّلَعَ عَلَيْكَ بِغَيْرِ إِذْنٍ، فَخَذَفْتَهُ بِعَصَاةٍ، فَفَقَأْتَ عَيْنَهُ، لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ جُنَاحٌ». طرفه 6888 24 - باب الْعَاقِلَةِ 6903 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ قَالَ سَمِعْتُ الشَّعْبِىَّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جُحَيْفَةَ قَالَ سَأَلْتُ عَلِيًّا - رضى الله عنه - هَلْ عِنْدَكُمْ شَىْءٌ مَا لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ وَقَالَ مَرَّةً مَا لَيْسَ عِنْدَ النَّاسِ فَقَالَ وَالَّذِى فَلَقَ الْحَبَّ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ الحديد أو من الخشب على هيئة سن من أسنان المشط يسرح به الشعر الملبد (إنما جعل الاستئذان من قبل البصر) -بكسر القاف وفتح الباء- أي: لأجله فإذا نظر فربما وقع عينه على محرم، وقد سلف الحديث في باب من أخذ حقه دون السلطان وأشرنا إلى أن الحديث حجة على المالكية، وجوابهم أن رفع الجناح محمول على رفع الإثم، ترده رواية ابن حبان والبيهقي: "فلا دية ولا قصاص" وفي رواية عندهم: "فهو هدر". باب العاقلة 6902 - قال ابن الأثير: اشتقاقها من العقل وهو الربط، ثم يطلق على الدية لأن القاتل كان يجمع الإبل ويعقلها في فناء دار المقتول والعاقلة: الجماعة الذين يحملون العقل أي الدية فهي من الصفات العالية. 6903 - (مطرِّف) بكسر الراء المشددة (أبو جُحيفة) بضم الجيم مصغر، واسمه وهب (والذي فلق الحبة وبرأ النسمة) هذه كانت يمين أبي الحسن إذا بالغ في اليمين وفلق الحبة شقها

25 - باب جنين المرأة

مَا عِنْدَنَا إِلاَّ مَا فِي الْقُرْآنِ، إِلاَّ فَهْمًا يُعْطَى رَجُلٌ فِي كِتَابِهِ، وَمَا فِي الصَّحِيفَةِ. قُلْتُ وَمَا فِي الصَّحِيفَةِ قَالَ الْعَقْلُ، وَفِكَاكُ الأَسِيرِ، وَأَنْ لاَ يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ. طرفه 111 25 - باب جَنِينِ الْمَرْأَةِ 6904 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ امْرَأَتَيْنِ مِنْ هُذَيْلٍ رَمَتْ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى، فَطَرَحَتْ جَنِينَهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ بالإنبات، وبرأ النسمة خلقها بريئة من الخلل (ما عندنا إلا ما في القرآن) كانوا يجدون عنده علومًا لا توجد عند غيره. فزعموا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خصه بعلوم منها كتاب الخبر الَّذي يزعمه الروافض (إلا فهمًا يعطى رجل في كتابه) الاستثناء منقطع، أي: لكن عندنا الفهم من كتاب. فإن قلت: قوله (قال مرة ما ليس عند الناس) كيف يجمع مع قوله (ليس في القرآن)؟ قلت: معناه ليس في القرآن ولا يوجد أيضًا عند الناس مما سوى القرآن. فإن قلت: كيف يصح وكان عند علي أحاديث كثيرة؟ قلت: أراد منها المكتوب لأنهم لم يكونوا يكتبون إلا القرآن لورود النهي وقد أشرنا إليه في كتابه لأبي شاه تلك الخطبة. (فكاك الأسير) بكسر الفاء وفتحها (والعقل) أي: مقادير الديات كما جاء في الرواية الأخرى: "وأسنان الإبل" وفيه دلالة على العاقلة التي ترجم عليها لأن العقل الدية التي على العاقلة، وتفصيل المسألة في الفروع. باب جنين المرأة بالجيم، فعيل بمعنى المفعول، لأنه مستور، وإطلاقه عليه بعد الانفصال باعتبار ما كان، وحكمه الَّذي ذكره في الحديث إنما هو إذا انفصل ميتًا، وأما إذا انفصل حيًّا ثم مات ففيه الدية. 6904 - (أن امرأتين من هذيل رمت إحداهما الأخرى) هذيل: قبيلة معروفة أولاد هذيل بن مدركة بن إلياس، وفي رواية أبي داود عن ابن عباس أن إحداهما مليكة، والأخرى أم غطيف

فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِيهَا بِغُرَّةٍ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ. طرفه 5758 6905 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنْ عُمَرَ - رضى الله عنه - أَنَّهُ اسْتَشَارَهُمْ فِي إِمْلاَصِ الْمَرْأَةِ فَقَالَ الْمُغِيرَةُ قَضَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْغُرَّةِ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ. أطرافه 6907، 6908، 7317 6906 - فَقَالَ ائْتِ مَنْ يَشْهَدُ مَعَكَ، فَشَهِدَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ أَنَّهُ شَهِدَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَضَى بِهِ. طرفاه 6908، 7318 6907 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ أَنْ عُمَرَ نَشَدَ النَّاسَ مَنْ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَضَى فِي السِّقْطِ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ أَنَا سَمِعْتُهُ قَضَى فِيهِ بِغُرَّةٍ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ. قَالَ ائْتِ مَنْ يَشْهَدُ مَعَكَ عَلَى هَذَا فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ أَنَا أَشْهَدُ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِمِثْلِ هَذَا. طرفه 6905 ـــــــــــــــــــــــــــــ امرأتا حمل بن النابغة (فقضى فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بغرة عبد أو أمة) روي منونًا وبالإضافة. 6905 - (وُهيب) بضم الواو مصغر (عن عمر أنَّه استشارهم في إملاص المرأة) أي: إلقاء الجنين يقال: ملص وأملص إذا زلق، وأملصته أنا أزلقته. 6907 - (عن هشام عن أبيه أن عمر نشد الناس). فإن قلت: ليس لعروة رواية عن عمر، لأنه ولد سنة ست وعشرين؟ قلت: تقدمت روايته عن المغيرة موصولة، وهذه فيها انقطاع. (قال عمر: ائت من يشهد معك) أراد أن يتوثق في القضية كما فعل مع أبي موسى لا أنَّه كان لا يرى العمل بخبر الآحاد؛ لأن انضمام الآخر إليه لا يخرجه من الآحاد، والحديث سلف في أبواب الفرائض.

26 - باب جنين المرأة وأن العقل على الوالد وعصبة الوالد لا على الولد

6908 م - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ يُحَدِّثُ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ اسْتَشَارَهُمْ فِي إِمْلاَصِ الْمَرْأَةِ مِثْلَهُ. 26 - باب جَنِينِ الْمَرْأَةِ وَأَنَّ الْعَقْلَ عَلَى الْوَالِدِ وَعَصَبَةِ الْوَالِدِ لاَ عَلَى الْوَلَدِ 6909 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ. أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَضَى فِي جَنِينِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِى لِحْيَانَ بِغُرَّةٍ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ. ثُمَّ إِنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِى قَضَى عَلَيْهَا بِالْغُرَّةِ تُوُفِّيَتْ، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ مِيرَاثَهَا لِبَنِيهَا وَزَوْجِهَا، وَأَنَّ الْعَقْلَ عَلَى عَصَبَتِهَا. طرفه 5758 6910 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ اقْتَتَلَتِ امْرَأَتَانِ مِنْ هُذَيْلٍ، فَرَمَتْ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى بِحَجَرٍ قَتَلَتْهَا وَمَا فِي بَطْنِهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب جنين المرأة وأن العقل علي الوالد وعصبة الوالد 6909 - (قضى في جنين امرأة من بني لِحيان) -بكسر اللام- بطن من هذيل (ثم إن المرأة التي قضى عليها بالغرة توفيت، فقضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ميراثها لابنها وزوجها، وأن العقل على عصبتها) اعترض الإسماعيلي على البخاري بأن ليس في الحديث ولا في الحديث الذي بعده أن العقل على الولد وعصبة الوالد. قلت: قوله: إن ميراثها لابنها أخرج الابن من العصبات، وقوله: (وأن العقل على عصباتها)، يشمل والدها وعصبات والدها فإن الكل داخلة في عصباتها، وقال الشافعي وأحمد: الأصول والفروع لا تدخل في العاقلة لما روى ابن ماجه والترمذي مرفوعًا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يجني والد على ولده، ولا مولود على والده"، وأدخل أْبو حنيفة

27 - باب من استعان عبدا أو صبيا

فَاخْتَصَمُوا إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَضَى أَنَّ دِيَةَ جَنِينِهَا غُرَّةٌ عَبْدٌ أَوْ وَلِيدَةٌ، وَقَضَى دِيَةَ الْمَرْأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا. طرفه 5758 27 - باب مَنِ اسْتَعَانَ عَبْدًا أَوْ صَبِيًّا وَيُذْكَرُ أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ بَعَثَتْ إِلَى مُعَلِّمِ الْكُتَّابِ ابْعَثْ إِلَىَّ غِلْمَانًا يَنْفُشُونَ صُوفًا، وَلاَ تَبْعَثْ إِلَىَّ حُرًّا. ـــــــــــــــــــــــــــــ القاتل في العاقلة لأنه السبب في ذلك، وقال مالك: ما دون ثلث الدية مما يجب في الخطأ على القاتل والجاني، وما زاد فعلى العاقلة وكذا الغرة على العاقلة خلافًا لمالك استدلالًا بآخر الحديث فإنه قال (دية المرأة على العاقلة) وسكت على الغرة. باب [من] استعان عبدًا أو صبيًّا بالنون في الأكثر، وبعضهم بالراء من العارية (ويذكر عن أم سلمة أنها بعثت إلى معلم الكتاب: أن ابعث إلي غِلمانًا ينفشون صوفًا، ولا تبعث إلي حُرًّا) نفش الصوف تفريقه قال تعالى: {كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ} [القارعة: 5] واختلفوا في وجه في الحر، فقال بعضهم: إنما منعت الحر لأن غرضها الحر، وإيصال العوض لو تلف العبد فإنه يضمن بالقيمة بخلاف الحر فإنه لا ضمان فيه، وهذا شيء في غاية البعد، بل الشخص إنما يطلب نفعًا لا ضرر معه على أنه فاسد وذلك أن العين المستعارة كالفرس والعبد لعمل معين إذا تلفت في ذلك العمل لا ضمان فيه بلا خلاف يعني أن نفش الصوف عمل لا يعقل فيه تلف الإنسان حتى يقصد ذلك إن لو كان كما قال. ووقع لابن بطال إلا بدل إليّ، أي: لا تبعث إلا الحر، وقال في "شرحه": لأنه لو مات في ذلك كانت ديته على العاقلة، والعبد لو مات كانت قيمته على المستعير والاعتراض عليه كالأول، والصواب في الجواب على تقديره إلي، أن نفش الصوف عمل دنيء لا يليق بالأحرار كما هو المتعارف اليوم عندنا فإنه شغل الجواري والخدم، وأما على تقدير إلا فالوجه أن الحر لا يدخل تحت يد أحد، ولا يتصور فيه شائبة التعدي بخلاف العبد، فإن إرسال المعلم بغير إذن مولاه مما يجتنب عنه أرباب الورع والتقوى. وحديث أنس أنه خدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد سلف مرارًا، ووجه إيراده: أنه كان يتيمًا

28 - باب المعدن جبار والبئر جبار

6911 - حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ أَخَذَ أَبُو طَلْحَةَ بِيَدِى فَانْطَلَقَ بِى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَنَسًا غُلاَمٌ كَيِّسٌ فَلْيَخْدُمْكَ. قَالَ فَخَدَمْتُهُ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ، فَوَاللَّهِ مَا قَالَ لِى لِشَىْءٍ صَنَعْتُهُ، لِمَ صَنَعْتَ هَذَا هَكَذَا وَلاَ لِشَىْءٍ لَمْ أَصْنَعْهُ لِمَ لَمْ تَصْنَعْ هَذَا هَكَذَا طرفه 2768 28 - باب الْمَعْدِنُ جُبَارٌ وَالْبِئْرُ جُبَارٌ 6912 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْعَجْمَاءُ جُرْحُهَا جُبَارٌ، وَالْبِئْرُ جُبَارٌ، وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ، وَفِى الرِّكَازِ الْخُمُسُ». طرفه 1499 ـــــــــــــــــــــــــــــ في حجر أمه وخدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للنفع الآجل والعاجل، فدل على أن ولي اليتيم له أن يعيره لمن يراه نافعًا له. 6911 - (عمرو بن زرارة) بضم المعجمة بعدها راء مهملة. باب المعدن جُبار بضم الجيم وتخفيف الباء، أي: هدر لا شيء فيه، ومعنى كون المعدن جبار أن الإنسان إذا حفر معدنًا في ملكه أو في موات، ووقع فيه إنسان أو غيره وتلف لا ضمان، أو استأجر إنسانًا أو استعار عبدًا فيه للعمل فيه فسقط عليه فمات لا شيء عليه. وقس على المعدن حال البئر ولا مخالف فيه إلا أبا حنيفة، ولا جواب له عن الحديث، قال ابن بطال: قاس أبو حنيفة حافر البئر على راكب الدابة ولا قياس مع النص. وقال الإمام أحمد: إن حفر بئرًا في سابلة لنفع المسلمين لا ضمان فيه، وإن كان في فنائه فعليه الضمان. 6912 - (والعجماء جُبار) بتقدير المضاف، أي: جرح العجماء كما جاء صريحًا في الرواية الأخرى، والعجماء الدابة من المعجمة عدم النطق، وهي كل دابة من ذوات الأربع وقيل من الأنعام وليس بقيد، ثم الدابة قال أبو عبيدة وغيره: المراد الدابة المتعلقة من

29 - باب العجماء جبار

29 - باب الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ كَانُوا لاَ يُضَمِّنُونَ مِنَ النَّفْحَةِ وَيُضَمِّنُونَ مِنْ رَدِّ الْعِنَانِ. وَقَالَ حَمَّادٌ لاَ تُضْمَنُ النَّفْحَةُ إِلاَّ أَنْ يَنْخُسَ إِنْسَانٌ الدَّابَّةَ. وَقَالَ شُرَيْحٌ لاَ تُضْمَنُ مَا عَاقَبَتْ أَنْ يَضْرِبَهَا فَتَضْرِبَ بِرِجْلِهَا. وَقَالَ الْحَكَمُ وَحَمَّادٌ إِذَا سَاقَ الْمُكَارِى حِمَارًا عَلَيْهِ امْرَأَةٌ فَتَخِرُّ، لاَ شَىْءَ عَلَيْهِ. وَقَالَ الشَّعْبِىُّ إِذَا سَاقَ دَابَّةً فَأَتْعَبَهَا فَهْوَ ضَامِنٌ لِمَا أَصَابَتْ، وَإِنْ كَانَ خَلْفَهَا مُتَرَسِّلاً لَمْ يَضْمَنْ. 6913 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْعَجْمَاءُ عَقْلُهَا جُبَارٌ، وَالْبِئْرُ جُبَارٌ، وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ، وَفِى الرِّكَازِ الْخُمُسُ». طرفه 1499 ـــــــــــــــــــــــــــــ صاحبها والحق العموم لما نقل البخاري في الباب بعده: (عن ابن سيرين كانوا لا يُضمّنون) بضم الياء وتشديد الميم (من النفحة) -بالنون والفاء والحاء المهملة-: الرفس بالرجل، وكذا نقل عن حماد وشريح. قال أبو حنيفة: إن كان معها راكبها فما أتلفته بيدها أو رجلها أو فمها أو بالصدمة فالضمان على الراكب، وما أتلفته برجلها أو يدها لا ضمان فيه، وقال مالك: إن كان معها مالكها أو الآخر فما أتلفته بأي وجه كان فعليه الضمان، وكذا يقول الشافعي، وقال أحمد بما قال به أبو حنيفة، وأما إذا لم يكن معها أحد فلا ضمان إن كان ذلك نهارًا، وإن كان ليلًا فعليه الضمان لأن المالك عليه حفظها بالليل لحديث ناقة البراء رواه أصحاب السنن غير الترمذي "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى فيها بالضمان إن كان ليلًا دون النهار"، وسوّى أبو حنيفة بين الليل والنهار في عدم الضمان؛ لأن فعلها ليس منسوبًا إليه، وهذا الذي قاله قياس في مقابلة النص. 6913 - (وفي الركاز الخمس) قال ابن الأثير: كنوز أهل الجاهلية المدفونة تحت الأرض عند أهل الحجاز، وعند أهل العراق المعادن، قال اين الأثير: والقولان يحتملهما اللفظ.

30 - باب إثم من قتل ذميا بغير جرم

30 - باب إِثْمِ مَنْ قَتَلَ ذِمِّيًّا بِغَيْرِ جُرْمٍ 6914 - حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ حَدَّثَنَا مُجَاهِدٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ قَتَلَ نَفْسًا مُعَاهَدًا لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا يُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا». طرفه 3166 31 - باب لاَ يُقْتَلُ الْمُسْلِمُ بِالْكَافِرِ 6915 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ أَنَّ عَامِرًا حَدَّثَهُمْ عَنْ أَبِى جُحَيْفَةَ قَالَ قُلْتُ لِعَلِىٍّ. وَحَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ سَمِعْتُ الشَّعْبِىَّ يُحَدِّثُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جُحَيْفَةَ قَالَ سَأَلْتُ عَلِيًّا - رضى الله عنه - هَلْ عِنْدَكُمْ شَىْءٌ مِمَّا لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ - وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ مَرَّةً مَا لَيْسَ عِنْدَ النَّاسِ - فَقَالَ وَالَّذِى فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ مَا عِنْدَنَا إِلاَّ مَا فِي الْقُرْآنِ إِلاَّ فَهْمًا يُعْطَى رَجُلٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب [إثم] من قتل ذميًّا بغير جُرم بضم الجيم، وهو الإثم، والمراد جرم يستحق به القتل. 6914 - (من قتل نفسًا معاهدًا لم يرح رائحة الجنة) قال ابن الأثير: يقال راح يريح وراح يراح وأراح يريح، الكل معنى واحد. قلت: الكلمة واوية من الروح (وإن ريحها ليوجد من أربعين عامًا) وفي رواية مئة، وقد جاءت روايات كثيرة أكثرها ألف، قال بعض المحققين: هذا باعتبار مراتب الأشخاص وأعمالهم، منهم من يجد من بعيد، وآخر من أبعد. فإن قلت: كيف هذا وكل من قال: لا إله إلا الله يدخل الجنة؟ فك: معناه يُحرم هذه النعمة حين أزلفت الجنة للمتقين. فإن قلت: ترجم على الذمي وروى الحديث في المعاهد. قلت: المعاهد أعم من الذمي فيتناوله أو المراد من المعاهد الذمي، قال ابن الأثير: الذمة هي العهد. باب لا يقتل المسلم بالكافر 6915 - (زهير) بضم الزاي، مصغر (مطرّف) بكسر الراء المشددة (عن أبي جحيفة) -بضم الجيم مصغر- اسمه: وهب، روى في الباب حديث علي: (ما عندنا إلا كتاب الله)

32 - باب إذا لطم المسلم يهوديا عند الغضب

فِي كِتَابِهِ وَمَا فِي الصَّحِيفَةِ. قُلْتُ وَمَا فِي الصَّحِيفَةِ قَالَ الْعَقْلُ، وَفِكَاكُ الأَسِيرِ، وَأَنْ لاَ يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ. طرفه 111 32 - باب إِذَا لَطَمَ الْمُسْلِمُ يَهُودِيًّا عِنْدَ الْغَضَبِ رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 6916 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تُخَيِّرُوا بَيْنَ الأَنْبِيَاءِ». طرفه 2412 ـــــــــــــــــــــــــــــ وموضع الدلالة آخر الحديث: (لا يقتل مسلم بكافر) عليه الأئمة إلا أبا حنيفة فإنه قال: يقتل المسلم بالذمي لأحاديث وردت في ذلك، أقواها حديث رواه الدارقطني "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قتل مسلمًا بكافر" واتفق أهل الحديث على ضعفه، وحجة الجمهور هذا الحديث، وخطبة رسول الله عن يوم النحر في قتيل قتله خزاعة وكان ذا عهد فقال: "لو قتلت مؤمنًا بكافر لقتلته" وقال: "لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده" فأشار في حكم الأول إلى أن المسلم لا يقتل بكافر، وفي الثاني عدم جواز قتل المعاهد كما فعلت خزاعة وكان في المعنى نهي قتل المعاهد. باب إذا لطم المسلم يهوديًّا (رواه أبو هريرة) تقدم موصولًا في مناقب قريش. 6916 - (أبو نعيم) بضم النون، مصغر (لا تخيروا بين الأنبياء) أي: على وجه يؤدي إلى نقص في بعض، وقيل: قاله قبل علمه بأنه سيد البشر، وقيل: قاله تواضعًا.

6917 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِىِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ لُطِمَ وَجْهُهُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِكَ مِنَ الأَنْصَارِ لَطَمَ فِي وَجْهِى. قَالَ «ادْعُوهُ». فَدَعَوْهُ. قَالَ «لِمَ لَطَمْتَ وَجْهَهُ». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى مَرَرْتُ بِالْيَهُودِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ وَالَّذِى اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْبَشَرِ. قَالَ قُلْتُ وَعَلَى مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ فَأَخَذَتْنِى غَضْبَةٌ فَلَطَمْتُهُ. قَالَ «لاَ تُخَيِّرُونِى مِنْ بَيْنِ الأَنْبِيَاءِ فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ، فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى آخِذٌ بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ، فَلاَ أَدْرِى أَفَاقَ قَبْلِى أَمْ جُزِىَ بِصَعْقَةِ الطُّورِ». طرفه 2412 ـــــــــــــــــــــــــــــ 6917 - (فإن الناس يصعقون يوم القيامة) صريح في أن هذه الصعقة ليست صعقة الموت ولا صعقة بعد النفخة الثانية لأن هذه لأهل المحشر كلهم إلا من استثناه الله (فلا أدري أفاق قبلي أو جوزي بصعقة الطور) ويروى جزي من جز يجز، وقد بسطنا الكلام في أبواب الدعوى. وغرض البخاري من إرداف هذا الباب للباب قبله، الإشارة إلى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يحكم بقصاص اللطمة فيه، فيدل على أن لا يقتل مسلم بالكافر وفيه ضعف.

88 - كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم

88 - كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم 1 - باب إِثْمِ مَنْ أَشْرَكَ بِاللَّهِ وَعُقُوبَتِهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ). 6918 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ) شَقَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالُوا أَيُّنَا لَمْ يَلْبِسْ إِيمَانَهُ بِظُلْمٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّهُ لَيْسَ بِذَاكَ، أَلاَ تَسْمَعُونَ إِلَى قَوْلِ لُقْمَانَ (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)». طرفه 32 ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم باب إثم من أشرك بالله استدل على كون الشرك إثمًا بقوله تعالى: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13] ولا خفاء في دلالته، ولقوله تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر: 65] أي عظمك وقربك من الله لو صدر عنك فرضًا، ويقدر يحبط عملك فضلًا من غيرك، والفرض إنما يكون في أمر محال للمبالغة. 6918 - (أينا لم يلبس إيمانه بظلم) الظلم وضع الشيء في غير موضعه، ولما سمعوا قوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82] أي لم يخلصوا حملوه على ما تصدقوا عليه أولى، وقوله: {أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ} [الأنعام: 82] بصيغة الحصر دل على انتفاء الأمن عن غيرهم فخافوا غاية الخوف فأجاب بأن المراد من الظلم الشرك فإن المطلق في أمثال هذه المواضع يصرف إلى الكامل، والتنوين أيضًا فيه للتعظيم، وقد سلف شرح الحديث في أبواب الإيمان في باب ظلم دون ظلم.

6919 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِىُّ وَحَدَّثَنِى قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ الْجُرَيْرِىُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ - ثَلاَثًا - أَوْ قَوْلُ الزُّورِ». فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ. طرفه 2654 6920 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا شَيْبَانُ عَنْ فِرَاسٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - رضى الله عنهما - قَالَ جَاءَ أَعْرَابِىٌّ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْكَبَائِرُ قَالَ «الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ». قَالَ ثُمَّ مَاذَا قَالَ «ثُمَّ عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ». قَالَ ثُمَّ مَاذَا قَالَ «الْيَمِينُ الْغَمُوسُ». قُلْتُ وَمَا الْيَمِينُ الْغَمُوسُ قَالَ «الَّذِى يَقْتَطِعُ مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ هُوَ فِيهَا كَاذِبٌ». طرفه 6675 ـــــــــــــــــــــــــــــ 6919 - (بشر بن المفضّل) بالموحدة وشين معجمة وفتح الضاد المشددة (الجُريري) -بضم الجيم- نسبة إلى جده جرير بن عباد، واسم الجريري سعد، روى عن أبي بكرة (بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن كبر الكبائر) وقد سلف شرح الحديث مرارًا (وعقوق الوالدين) عدم طاعتهما فيما لا معصية فيه للخالق من العق وهو القطع (وشهادة الزور أو قول الزور ثلاثًا، فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت) خوفًا من غضبه وشفقة عليه لانزعاج مزاجه الشريف. فإن قلت: قوله: (وشهادة الزور ثلاثًا) معناه كرر هذا القول ثلاث مرات فما معنى قوله بعده: فما زال يكررها؟ قلت: تقدم أنه كان متكئًا فجلس فما زال يكررها بعد ما جلس. 6920 - (واليمين الغموس) فعول من الغموس؛ لأنه يغمس صاحبه في الإثم وفي النار (قلت: فما اليمين الغموس؟ قال: الذي يقتطع مال امرئ مسلم وهو كاذب) هذا بناء على الغالب وإلا فاليمين الغموس أن يتعمد الكذب ويحلف عليه.

2 - باب حكم المرتد والمرتدة

6921 - حَدَّثَنَا خَلاَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ وَالأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنُؤَاخَذُ بِمَا عَمِلْنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَالَ «مَنْ أَحْسَنَ فِي الإِسْلاَمِ لَمْ يُؤَاخَذْ بِمَا عَمِلَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَمَنْ أَسَاءَ فِي الإِسْلاَمِ أُخِذَ بِالأَوَّلِ وَالآخِرِ». 2 - باب حُكْمِ الْمُرْتَدِّ وَالْمُرْتَدَّةِ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ وَالزُّهْرِىُّ وَإِبْرَاهِيمُ تُقْتَلُ الْمُرْتَدَّةُ وَاسْتِتَابَتِهِمْ. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى (كَيْفَ يَهْدِى اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِى الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ * خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنْظَرُونَ * إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ). وَقَالَ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ). وَقَالَ (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً). وَقَالَ (مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 6921 - (خلاد) بفتح الخاء وتشديد اللام (ومن أساء بالإسلام أخذ بالأول والآخر) الإساءة ضد الإحسان وكما فسر الإحسان بالإخلاص يجب تفسير الإساءة بالكفر والنفاق، وأما قول الخطابي (أخذ بالأول) أي: سكت بأن يقال له عند المعصية في الإسلام: كنت فعلت في الكفر كذا هلا منعك عن مثل الإسلام مما لا تقول عليه فإن الإسلام [يجب] ما قبله، فلا وجه لذلك القول مع أن قوله: (أُخذ بالأول والآخر) يدل على وحدة المؤاخذة بالنوع، وإن كان بعضها أشد من الآخر. باب حكم المرتد والمرتدة في الإسلام واستتابتهم استدل بما نقل عن الصحابة والتابعين على أن حكم المرتد والمرتدة الاستتابة، والقتل إن لم يتب، رجلًا كان أو امرأة، وأردفه بآيات. لفظ الكفر والردة شامل فيها للذكر والأنثى.

يَأْتِى اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ) وَقَالَ (وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِى الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ * لاَ جَرَمَ) يَقُولُ حَقًّا (أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرُونَ) إِلَى قَوْلِهِ (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ ... مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) (وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ). 6922 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ أُتِىَ عَلِىٌّ - رضى الله عنه - بِزَنَادِقَةٍ فَأَحْرَقَهُمْ فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ لَوْ كُنْتُ أَنَا لَمْ أُحْرِقْهُمْ لِنَهْىِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلَقَتَلْتُهُمْ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ». طرفه 3017 ـــــــــــــــــــــــــــــ 6922 - (أتي علي بزنادقة) أي: بطائفة منهم. قال سيبويه: التاء في زنادقة عوض عن ياء زنديق، واختلفوا في معنى الزنديق، قال الجوهري: هو من يثبت مع الله إلهًا آخر، وقيل هو نافي الصنائع، وإليه يشير ابن الراوندي لعنه الله هو الذي قال: ترك الأوهام حائرة، وصيَّر العالم النحرير زنديقًا، قال التفتازاني أي: نافيًا للصانع، وقيل من يظهر الإيمان ويبطن الكفر، وهذا الذي قيل لا يكاد يصح فإن المنافق لا يظهر، ومن لم يظهر الكفر لا يقتل إجماعًا (مَنْ بدل دينه فاقتلوه) هذا أظهر ما يؤخذ في هذا الباب فإن (مَن) يشمل الذكر والأنثى. فإن قلت: منْ عامٌّ خصته الرواية الأخرى عن ابن عباس "لا تقتل المرأة إذا ارتدت"، قلت: قال الدارقطني: هذا الحديث لا يصح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال الإمام أحمد: رواته غير ثقات، قال شيخ الإسلام: وسائر الأحاديث التي استدلوا بها على أن المرتدة لا تقل إنما وردت في الكافرة الحربية فإنها لا تقل إذا لم تقاتل في ذلك الوقت. فإن قلت: نا قلت في توبة الزنديق هل تقبل أو لا؟ قلت: فيه اختلاف الأئمة، قال الشافعي ومالك: إن جاء تائبًا تقبل توبته، وقال أبو حنيفة وأحمد في رواية: لا تقبل

6923 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ قُرَّةَ بْنِ خَالِدٍ حَدَّثَنِى حُمَيْدُ بْنُ هِلاَلٍ حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ أَقْبَلْتُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَمَعِى رَجُلاَنِ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ، أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِينِى، وَالآخَرُ عَنْ يَسَارِى وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتَاكُ فَكِلاَهُمَا سَأَلَ. فَقَالَ «يَا أَبَا مُوسَى». أَوْ «يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ». قَالَ قُلْتُ وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أَطْلَعَانِى عَلَى مَا فِي أَنْفُسِهِمَا، وَمَا شَعَرْتُ أَنَّهُمَا يَطْلُبَانِ الْعَمَلَ. فَكَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَى سِوَاكِهِ تَحْتِ شَفَتِهِ قَلَصَتْ فَقَالَ «لَنْ - أَوْ - لاَ نَسْتَعْمِلُ عَلَى عَمَلِنَا مَنْ أَرَادَهُ، وَلَكِنِ اذْهَبْ أَنْتَ يَا أَبَا مُوسَى - أَوْ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ - إِلَى الْيَمَنِ». ثُمَّ أَتْبَعَهُ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ أَلْقَى لَهُ وِسَادَةً قَالَ انْزِلْ، وَإِذَا رَجُلٌ عِنْدَهُ مُوثَقٌ. قَالَ مَا هَذَا قَالَ كَانَ يَهُودِيًّا فَأَسْلَمَ ثُمَّ تَهَوَّدَ. قَالَ اجْلِسْ. قَالَ لاَ أَجْلِسُ حَتَّى يُقْتَلَ. قَضَاءُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ. ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، فَأَمَرَ بِهِ فَقُتِلَ، ثُمَّ تَذَاكَرْنَا قِيَامَ اللَّيْلِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا أَمَّا أَنَا فَأَقُومُ وَأَنَامُ، وَأَرْجُو فِي نَوْمَتِى مَا أَرْجُو فِي قَوْمَتِى. طرفه 2261 ـــــــــــــــــــــــــــــ توبته، وليس لهؤاك دليل يشفي إلا ظواهر مؤولة. ولا نص لهم من الشارع أن الزنديق لا تقبل توبته، وعمومات الآيات والأحاديث نحو {إلا مَن تَابَ} [مريم: 60] شاملة لكل مذنب، وباب التوبة مفتوح إلى أن تطلع الشمس من مغربها لا سيما إذا فسر الزنديق بالمنافق، إذ كم من منافق تاب في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وحسنت توبته وهو معدود من الصحابة. 6923 - (حُميد) بضم الحاء، مصغر أبو بردة -بضم الباء- ابن أبي موسى. روى حديث (أبي موسى الأشعري) لما بعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن، وقد سلف في بعث أبي موسى إلى اليمن، وموضع الدلالة هنا قول معاذ: (لا أجلس حتى يقتل) المرتد، وفيه دليل لمن يقول يقتل من غير استتابة لإطلاق أحاديث الباب وقال الشافعي ومالك يجب الاستتابة، وقال الإمام أحمد: الاستتابة مستحبة، وقال أبو حنيفة: يحبس ثلاثة أيام على طريق الاستحباب، قال ابن القصار: الدليل على الاستتابة إجماع الصحابة، وليس في أحاديث الباب ما يمنعه (قال أحدهما: أما أنا فأقوم وأرجو في نومني ما أرجو في قومتي) هذا القائل معاذ بن جبل، رد بهذا على أبي موسى حيث قال: أما أنا فأتفوقه أي لا أقرأة مرة بل شيئًا فشيئًا فواق الفصيل يشرب شيئًا فشيئًا.

3 - باب قتل من أبى قبول الفرائض وما نسبوا إلى الردة

3 - باب قَتْلِ مَنْ أَبَى قَبُولَ الْفَرَائِضِ وَمَا نُسِبُوا إِلَى الرِّدَّةِ 6924 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ لَمَّا تُوُفِّىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ، وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ الْعَرَبِ، قَالَ عُمَرُ يَا أَبَا بَكْرٍ، كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. فَمَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. عَصَمَ مِنِّى مَالَهُ وَنَفْسَهُ، إِلاَّ بِحَقِّهِ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ». طرفه 1399 6925 - قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَاللَّهِ لأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب [قتل] من أبى قبول الإسلام وما نُسبوا إلى الردة قيل ما نافية، وليس كذلك بل مصدرية، أي ونسبتهم إلى الكفر دل عليه حديث الباب وكذا قوله في الترجمة أبى قبول الإسلام وهل كان قتال أبي بكر وسبي ذراريهم إلا لا رتدادهم. 6924 - 6925 - (بكير) بضم الباء، مصغر، وكذا (عقيل) حديث الباب تقدم في أبواب الزكاة وموضع الدلالة هنا قول أبي بكر: (والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة)، كانت بنو حنيفة أنكروا وجوب الزكاة بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زاعمين أن وجوبها كان مخصوصًا بزمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولقوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} [التوبة: 103]. فإن قلت: كيف اعترض عمر على الصديق في قتاله لمانعي الزكاة وقد جاء في الحديث "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة" رواه أبو داود وغيره، أو لما اعترض عمر فهلا استدل أبو بكر بالحديث؟ قلت: أما اعتراض عمر فلأنه لم يبلغه الحديث، وكذا جواب الصديق مع أنه يحتمل أن يكون أراد الاستشهاد بهذا الدليل.

4 - باب إذا عرض الذمى وغيره بسب النبى - صلى الله عليه وسلم - ولم يصرح نحو قوله السام عليك

فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ، وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِى عَنَاقًا كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهَا. قَالَ عُمَرُ فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلاَّ أَنْ رَأَيْتُ أَنْ قَدْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَ أَبِى بَكْرٍ لِلْقِتَالِ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ. طرفه 1400 4 - باب إِذَا عَرَّضَ الذِّمِّىُّ وَغَيْرُهُ بِسَبِّ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَلَمْ يُصَرِّحْ نَحْوَ قَوْلِهِ السَّامُ عَلَيْكَ 6926 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الْحَسَنِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ مَرَّ يَهُودِىٌّ بِرَسُولِ ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: بنو حنيفة كانوا قائلين بالوجوب، ومن قال بوجوب الزكاة تؤخذ منهم قهرًا فكيف سبى أبو بكر ذراريهم؟ قلت: ما أشرنا هناك أن هذا كان اجتهادًا من الصديق، فإنه فهم من قوله: "عصموا دماءهم وأموالهم" أنه كما يجوز قتلهم يجوز سبي أموالهم، يدل عليه قوله: (فإن الزكاة من حق المال). (والله لو منعوني عَناقًا) -بفتح العين- ولد المعز، قال النووي: أخذ العناق في الزكاة إنما يكون إذا ماتت الأمهات في أثناء الحول، وقال مالك: العناق يؤخذ في زكاة الإبل إذا كان الواجب الغنم، وكذا يؤخذ في زكاة الغنم، وفي رواية عقالًا بدلًا عن عناقًا، فقال بعضهم: العقال زكاة العام أي: لو منعوني زكاة عام، والحق أن المراد العقال الذي تربط به أي: ثمنه أو نفسه لأنه تربط به الإبل. فإن قلت: كيف قلد عمر أبا بكر؟ قلت: لم يقلده بل وافق اجتهادُه اجتهادَه. باب إذا عرض الذمي أو غيره بسبّ النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يصرح نحو قوله: السَّام عليك التعريض: إمالة الكلام إلى عرض أي: جانب من غير أن يستعمل فيه اللفظ، وليس من الكناية في شيء، وهذا أي: قولهم السام عليك ليس بتعريض؛ لأنهم أرادوا معناه وهو الموت أو السآمة إن روي مهموزًا، بل هو شبيه به. واختلف العلماء فيمن سب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صريحًا أو تعريضًا هل تقبل توبته أصلًا ولا يفصل القول فيه، إن كان ذميًّا يقتل حتمًا عند مالك وأحمد في رواية عن الشافعي، ويعزر عند الحنفية. وإن كان مسلمًا يقتل إن لم يتب، وكذا إن تاب قاله الخطابي وغيره من الشافعية، وهو المنقول عن مالك، والظاهر من النصوص قبول توبته لأنها تجب ما قبلها مطلقًا لا يعارضه حديث.

5 - باب

اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ السَّامُ عَلَيْكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «وَعَلَيْكَ». فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَتَدْرُونَ مَا يَقُولُ قَالَ السَّامُ عَلَيْكَ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلاَ نَقْتُلُهُ قَالَ «لاَ، إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَقُولُوا وَعَلَيْكُمْ». طرفه 6258 6927 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتِ اسْتَأْذَنَ رَهْطٌ مِنَ الْيَهُودِ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا السَّامُ عَلَيْكَ. فَقُلْتُ بَلْ عَلَيْكُمُ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ. فَقَالَ «يَا عَائِشَةُ إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ». قُلْتُ أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا قَالَ «قُلْتُ وَعَلَيْكُمْ». طرفه 2935 6928 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سُفْيَانَ وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ قَالاَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ الْيَهُودَ إِذَا سَلَّمُوا عَلَى أَحَدِكُمْ إِنَّمَا يَقُولُونَ سَامٌ عَلَيْكَ. فَقُلْ عَلَيْكَ». طرفه 6257 5 - بابٌ 6929 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِى شَقِيقٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ 6927 - (إن الله رفيق) بمعنى الفاعل، قال ابن الأثير: الرفق من الله اللطف والرأفة، قلت: (وعليكم) قيل: صوابه حذف الواو وليس كذلك فإن الموت مشترك. فإن قلت: أراد وعليكم ما تستحقون لقوله: "يستجاب لي ولا يستجاب لهم"، قلت: ولو قدر: وعليكم ما تستحقون كان استئنافًا. باب 6929 - كذا وقع من غير ترجمة، وحذف الباب بعضهم وأدخله في الباب الذي قبله،

6 - باب قتل الخوارج والملحدين بعد إقامة الحجة عليهم

قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَحْكِى نَبِيًّا مِنَ الأَنْبِيَاءِ ضَرَبَهُ قَوْمُهُ فَأَدْمَوْهُ، فَهْوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ وَيَقُولُ رَبِّ اغْفِرْ لِقَوْمِى، فَإِنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ. طرفه 3477 6 - باب قَتْلِ الْخَوَارِجِ وَالْمُلْحِدِينَ بَعْدَ إِقَامَةِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ). وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَرَاهُمْ شِرَارَ خَلْقِ اللَّهِ وَقَالَ إِنَّهُمُ انْطَلَقُوا إِلَى آيَاتٍ نَزَلَتْ فِي الْكُفَّارِ فَجَعَلُوهَا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قيل: هذا أولى لأنه لم يقتل اليهودي الذي قال: السام عليك لغرض التأليف، لأنه إذا صبر على أذى الضرب بل زاد ودعا لمن فعله فالصبر على أذى القول من باب الأولى، وهذا إنما يصح على ما قال الدارقطني لأنه قوله: (كأني أنظر إلى نبي من الأنبياء ضربه قومه فأدموه) إن الحاكي والمحكي عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد، والصحيح أن هذا النبي هو نوح، رواه ابن عساكر بسند صحيح، ومساق الحديث ظاهر في أنه لم يرد نفسه. باب قتل الخوارج والملحدين بعد إقامة الحجة عليهم أراد الحجة الاستتابة، الخوارج جمع خارجة وهي الطائفة التي خرجت عن طوع الإمام، وأول من خرج الزبير وطلحة وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وليس المراد بما في الحديث هؤلاء بل طائفة خرجوا [على] علي بن أبي طالب وكفروه زعمًا منهم أنه كفر لما حكَم أبا موسى وعمرو بن العاص، وكانوا ثمانية آلاف، وقيل: أكثر، وقيل: أقل، وفزلوا بقرية تسمى حروراء -بفتح الحاء وضم الراء والمد- اخترعوا في الدين أنواعًا من الكفر، كفروا مرتكب الكبيرة ووضعوا شيئًا من عند أنفسهم في الدين حتى قالت طائفة: لا صلاة واجبة إلا صلاة في الغداة وصلاة بالعشي، وأفسدوا الحرث والنسل، وقتلوا مما تحصى في أيام بني أمية وأوائل خلافة بني العباس، ثم قطع دابر الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين. (وعن ابن عمر أنهم شرار خلق الله) وفي رواية مرفوعًا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "الخوارج شر الخلق والخليقة"، وهذا يدل على أنهم شر من الكفرة لأنهم اخترعوا في الشريعة أمورًا من

6930 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا خَيْثَمَةُ حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ قَالَ عَلِىٌّ - رضى الله عنه - إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَدِيثًا فَوَاللَّهِ، لأَنْ أَخِرَّ مِنَ السَّمَاءِ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ أَنْ أَكْذِبَ عَلَيْهِ، وَإِذَا حَدَّثْتُكُمْ فِيمَا بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ فَإِنَّ الْحَرْبَ خَدْعَةٌ، وَإِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «سَيَخْرُجُ قَوْمٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، حُدَّاثُ الأَسْنَانِ، سُفَهَاءُ الأَحْلاَمِ، يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ الْبَرِيَّةِ، لاَ يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ، فَإِنَّ فِي قَتْلِهِمْ أَجْرًا لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». طرفه 3611 ـــــــــــــــــــــــــــــ عند أنفسهم بخلاف الكفرة فإنهم يحافظون على ملة من المِلَل. 6930 - (خيثمة) بفتح الخاء المعجمة وسكون الياء (سُويد) بضم السين، مصغر (غَفَلَة) بغين معجمة مع الحركات الثلاث (لأن أخر من السماء) بفتح اللام وتشديد الخاء المعجمة من الخرور وهو السقوط من العلو (إذا حدثتكم بحديث فيما بيني وبينكم فإن الحرب خَدعة) قال ابن الأثير: بفتح الخاء وسكون الدال، وهذه أفصح الروايات، ومعناه أن الحرب تنقضي بخدعة واحدة، بضم الخاء وسكون الدال: اسم من الخداع، وبضم الخاء وفتح الدال صيغة مبالغة كالضحكة واللمزة، أي: إنها تخدع الناس وتمنيهم ولا تفي لهم، وقد تقدم هذا في أبواب الجهاد كلامه، وأشرنا إلى أنه حديث مرفوع (سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: يخرج في آخر الزمان). فإن قلت: ذكرت أن الخوارج انقطعوا في أوائل دولة بني العباس فكيف يصح في قوله في آخر الزمان؟ قلت: اللام في الزمان للعهد يريد في آخر قرن الصحابة، وقد ذكرنا أن أول خروجهم كان على علي، والدليل على أن المراد من الزمان ما ذكرنا قوله: (فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، حُدَّاث الأسنان) -بضم الحاء- جمع حديث السن: العمر، وإطلاقه عليه تسامح (سفهاء الأحلام) جمع حلم -بكسر الحاء- بمعنى الفعل، قال ابن الأثير: من الحلم بمعنى الأناة والتثبت لأنه شأن العقلاء، قال النووي: يستفاد منه أن قوة البصيرة تكون عند كمال العمر، والوجه فيه ظاهر لأنه رتب على حداثة السن سفاهة الحكم، فلا بد وأن يكون له مدخل فيه كان لم يكن مطردًا إذ كم شاب عاقل وسِخ سفيه (يقولون من خير قول البرية) قيل: مقلوب أي: ما هو من قول خير البرية وهو القرآن، وفيه مع ما بعده أنه معنى

6931 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِى مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ وَعَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُمَا أَتَيَا أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ فَسَأَلاَهُ عَنِ الْحَرُورِيَّةِ أَسَمِعْتَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ لاَ أَدْرِى مَا الْحَرُورِيَّةُ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «يَخْرُجُ فِي هَذِهِ الأُمَّةِ - وَلَمْ يَقُلْ مِنْهَا - قَوْمٌ تَحْقِرُونَ صَلاَتَكُمْ مَعَ صَلاَتِهِمْ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ حُلُوقَهُمْ - أَوْ حَنَاجِرَهُمْ - يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ، فَيَنْظُرُ الرَّامِى إِلَى سَهْمِهِ إِلَى نَصْلِهِ إِلَى رِصَافِهِ، فَيَتَمَارَى فِي الْفُوقَةِ، هَلْ عَلِقَ بِهَا مِنَ الدَّمِ شَىْءٌ». طرفه 3344 6932 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانُ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِى عُمَرُ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - وَذَكَرَ الْحَرُورِيَّةَ - فَقَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلاَمِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ ركيك، لأن القرآن ليس مقولًا لهم، ولا هو قول خير البرية وهو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا تسامحًا، والصواب أن مِن تبعيضية، وأن المراد: يقولون بعض قول خير البرية، ويدل عليه ما رواه الطبري "يحسنون القول ويسيئون الفعل تحقرون صلاتكم مع صلاتهم"، بفتح التاء وتخفيف القاف. 6931 - (يقرؤون القرآن لا يجاوز حلقومهم) معناه أن إيمانهم إنما هو باللسان ولا حظ للقلب منه، وقيل معناه لا يرفع لهم العمل، وهذا فاسد لا دلالة للكلام عليه، ولو أريد ذلك لقيل: لا يجاوز ألسنتهم (يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرميّة) -بفتح الياء المشددة- الصيد أي يتجاوزونه إشارة إلى تجاوزهم الدين بتلك المخترعات التي اخترعوها (إلى رِصافه) -بكسر الراء وصاد مهملة- ما يلوى على مدخل النصل من العصب ونحوه و (الفُوقَة) -بضم الفاء- موضع السهم من الوتر.

7 - باب من ترك قتال الخوارج للتألف، وأن لا ينفر الناس عنه

7 - باب مَنْ تَرَكَ قِتَالَ الْخَوَارِجِ لِلتَّأَلُّفِ، وَأَنْ لاَ يَنْفِرَ النَّاسُ عَنْهُ 6933 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ قَالَ بَيْنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْسِمُ جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ذِى الْخُوَيْصِرَةِ التَّمِيمِىُّ فَقَالَ اعْدِلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ «وَيْلَكَ مَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ». قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ دَعْنِى أَضْرِبْ عُنُقَهُ. قَالَ «دَعْهُ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلاَتَهُ مَعَ صَلاَتِهِ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يُنْظَرُ فِي قُذَذِهِ فَلاَ يُوجَدُ فِيهِ شَىْءٌ، يُنْظَرُ فِي نَصْلِهِ فَلاَ يُوجَدُ فِيهِ شَىْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ فِي رِصَافِهِ فَلاَ يُوجَدُ فِيهِ شَىْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ فِي نَضِيِّهِ فَلاَ يُوجَدُ فِيهِ شَىْءٌ، قَدْ سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدَّمَ، آيَتُهُمْ رَجُلٌ إِحْدَى يَدَيْهِ - أَوْ قَالَ ثَدْيَيْهِ - مِثْلُ ثَدْىِ الْمَرْأَةِ - أَوْ قَالَ مِثْلُ الْبَضْعَةِ - تَدَرْدَرُ، يَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ». قَالَ أَبُو سَعِيدٍ أَشْهَدُ سَمِعْتُ مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيًّا قَتَلَهُمْ وَأَنَا مَعَهُ، جِئَ بِالرَّجُلِ عَلَى النَّعْتِ الَّذِى نَعَتَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من ترك قتل الخوارج للتأليف وأن لا ينفر الناس عنه 6933 - روى في الباب حديث الخوارج الذي في الباب قبله بزيادات عليها (عبد الله بن ذي الخويصرة) تقدم في علامات النبوة ذو الخويصرة، وهنا قال عبد الله بن ذي الخويصرة، والوجه فيه أن ذي الخويصرة اسمه عبد الله، وأبوه أيضًا ذي الخويصرة لعن الله الأصل والفرع (اعدل يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) وفي رواية اتق يا محمد ويروى بألفاظ أخرى (ويحك) وفي رواية "ويلك"، قيل كان هذا في قسمة غنائم حنين بالجعرانة، ويجوز الجمع لوقوع القضية مرتين (فقال عمر بن الخطاب: دعني فأضرب عنقه) وقد سلف أن القائل خالد بن الوليد، وأشرنا إلى أنه صدر هذا القول من كل منهما (فقال: دعه فإن له أصحابًا يحقر أحدكم صلاته مع صلاته) هذا موضع الدلالة على الترجمة فإنه يدل على أن ترك قتله مع استحقاقه لئلا ينفر الناس، بأن محمدًا يقتل المصلين (ينظر إلى قذذه) القذذ -على وزن عمر بذالين معجمتين- جمع قذة: الرش على القدح (إلى رصافه) -بكسر الراء وصاد مهملة- العصب الذي يلوى على مدخل النصل (ثم [ينظر] في نضيه) -بضاد معجمة على وزن الوصي، ويروى بكسر النون-: قدح السهم (آيتهم) أي علامتهم التي يعرفون بها (رجل إحدى يديه أو ثدييه) الأول أصح تقدم الجزم به (مثل البَضْعة) بفتح الباء وسكون الضاد القطعة (تدردر) بفتح التاء أي تضطرب (يخرجون على حين فُرقة من الناس) أي في زمان مخالفة بعض الناس الإمام، وقد

8 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - «لا تقوم الساعة حتى يقتتل فئتان دعوتهما واحدة»

قَالَ فَنَزَلَتْ فِيهِ (وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ). طرفه 3344 6934 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِىُّ حَدَّثَنَا يُسَيْرُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ قُلْتُ لِسَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ هَلْ سَمِعْتَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ فِي الْخَوَارِجِ شَيْئًا قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ - وَأَهْوَى بِيَدِهِ قِبَلَ الْعِرَاقِ - «يَخْرُجُ مِنْهُ قَوْمٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلاَمِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ». 8 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَقْتَتِلَ فِئَتَانِ دَعْوَتُهُمَا وَاحِدَةٌ» 6935 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَقْتَتِلَ فِئَتَانِ دَعْوَاهُمَا وَاحِدَةٌ». طرفه 85 ـــــــــــــــــــــــــــــ أشرنا أو أول خروجهم كان بعد مخالفة معاوية الإمام الحق رضي الله عنه، وفي رواية: "على خير فِرقة" -بكسر الفاء- أي: خير طائفة، وهو الإمام وحزب الحق الذين معه (فنزلت: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ} [التوبة: 58]) أي: في ذي الخويصرة وأصحابه. فإن قلت: أصحابه لم يظهر منهم شيء. قلت: نسب إليهم القول الذي صدر من بعضهم كما يقال: قتل بنو فلان زيدًا وإن كان القاتل واحدًا. 6934 - (الشيباني) اسمه سليمان (يُسَيْر) -بضم المثناة تحت- مصغر يسير: ضد العسير، (حنيف) بضم الحاء وفتح النون آخره فاء (وأهوى) أي: أشار (قِبَل) بكسر القاف أي جهة (العراق يخرج منه قوم) أي: يخرجون على الإمام. فإن قلت: في الرواية الأخرى: "لئن أنا أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد وثمود" كيف لم يُقتل ذو الخويصرة مع صريح كفره؟ قلت: إنما قال إذا خرجوا عن الطاعة ونصبوا الحرب كما فعلوا مع علي. 8 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تقوم الساعة حتى يقتتل فئتانِ، دعوتهما واحدة" 6935 - وما ذكره في الباب بعده (لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان دعواهما واحدة)

9 - باب ما جاء فى المتأولين

9 - باب مَا جَاءَ فِي الْمُتَأَوِّلِينَ 6936 - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدٍ الْقَارِىَّ أَخْبَرَاهُ أَنَّهُمَا سَمِعَا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمٍ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتَمَعْتُ لِقِرَاءَتِهِ، فَإِذَا هُوَ يَقْرَؤُهَا عَلَى حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ لَمْ يُقْرِئْنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَذَلِكَ، فَكِدْتُ أُسَاوِرُهُ فِي الصَّلاَةِ فَانْتَظَرْتُهُ حَتَّى سَلَّمَ، ثُمَّ لَبَّبْتُهُ بِرِدَائِهِ أَوْ بِرِدَائِى فَقُلْتُ مَنْ أَقْرَأَكَ هَذِهِ السُّورَةَ قَالَ أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قُلْتُ لَهُ كَذَبْتَ فَوَاللَّهِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَقْرَأَنِى هَذِهِ السُّورَةَ الَّتِى سَمِعْتُكَ تَقْرَؤُهَا. فَانْطَلَقْتُ أَقُودُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ بِسُورَةِ الْفُرْقَانِ عَلَى حُرُوفٍ لَمْ تُقْرِئْنِيهَا، وَأَنْتَ أَقْرَأْتَنِى سُورَةَ الْفُرْقَانِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَرْسِلْهُ يَا عُمَرُ، اقْرَأْ يَا هِشَامُ». فَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةَ الَّتِى سَمِعْتُهُ يَقْرَؤُهَا. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هَكَذَا أُنْزِلَتْ». ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اقْرَأْ يَا عُمَرُ». فَقَرَأْتُ فَقَالَ «هَكَذَا أُنْزِلَتْ». ثُمَّ قَالَ «إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ». طرفه 2419 ـــــــــــــــــــــــــــــ سيأتي مستوفى في أبواب الفتن، وهم علي ومعاوية، ووحدة الدعوة يدعي كل منهما أنه على الحق وقيل على الإسلام. باب ما جاء في المتأولين 6936 - (المِسور بن مَخرمة) بكسر الميم في الأول وفتحها في الثاني روى في الباب أحاديث منها حديث عمر مع هشام بن حكيم حديث كذب عمر هشامًا في قراءته ولم يؤاخذه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنه أوله بأنه لم يسمع من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وروى الحديث هنا معلقًا عن الليث، وقد تقدم في الفضائل موصولًا، (أساورة) -بضم الهمزة وسين مهملة- أي: أواثبه (فلبيته) -بالتخفيف والتشديد-: جمعت ثيابه في عنقه (إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف) أي: لغاة كالإدغام بقسميه، والإمالة بنوعيها، والتسهيل بأنواعه، هذا هو الحق في تفسير الأحرف السبعة.

6937 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ ح حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضى الله عنه قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ) شَقَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالُوا أَيُّنَا لَمْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَيْسَ كَمَا تَظُنُّونَ. إِنَّمَا هُوَ كَمَا قَالَ لُقْمَانُ لاِبْنِهِ (يَا بُنَىَّ لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)». طرفه 32 6938 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ قَالَ سَمِعْتُ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ غَدَا عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ رَجُلٌ أَيْنَ مَالِكُ بْنُ الدُّخْشُنِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَّا ذَلِكَ مُنَافِقٌ لاَ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَلاَ تَقُولُوهُ يَقُولُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ يَبْتَغِى. بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ». قَالَ بَلَى. قَالَ «فَإِنَّهُ لاَ يُوَافَى عَبْدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِهِ إِلاَّ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ النَّارَ». طرفه 424 6939 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ فُلاَنٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13)} [لقمان: 13]، سلف الحديث في أبواب الإيمان وبعده، وموضع الدلالة: أن الصحابة حملوا الظلم على العموم، ولم يكن ذلك تفسير الآية، ولكن لما كانوا متأولين لم يعاتبهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. 6938 - (مَعْمَر) بفتح الميمين وعين ساكنة، روى حديث (عِتبان بن مالك) بكسر العين وسكون المثناة فوق، وقد سلف حديثهُ، وموضع الدلالة قولهم في (مالك بن الدُخشم) بضم الدال وسكون الخاء المعجمة، ويروى مصغرًا وبالنون موضع الميم (فقال رجل إنه منافق لا يحب الله ورسوله) ولم يعنفه لأنه قال: لا ترى وجهه ونفحه إلا إلى المنافقين، فكان هذا تأويلًا يدرأ به العتاب (لا يوافي عبد) أي بلا إله إلا الله، يقال وافى بالشيء إذا أتى به (إلا حرمه الله على النار) إما ابتداءً أو خلودًا للإجماع على دخول بعض أمته النار، وخروجهم بشفاعته - صلى الله عليه وسلم -. 6939 - (أبو عَوانة) بفتح العين الوضاح اليشكري (حصين) بضم الحاء مصغر (عن فلان) كذا وقع مبهمًا وسماه هشيم في أبواب الجهاد عبد الله بن إدريس، وفي الاستئذان

قَالَ تَنَازَعَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَحِبَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ لِحِبَّانَ لَقَدْ عَلِمْتُ الَّذِى جَرَّأَ صَاحِبَكَ عَلَى الدِّمَاءِ يَعْنِى عَلِيًّا. قَالَ مَا هُوَ لاَ أَبَا لَكَ قَالَ شَىْءٌ سَمِعْتُهُ يَقُولُهُ. قَالَ مَا هُوَ قَالَ بَعَثَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالزُّبَيْرَ وَأَبَا مَرْثَدٍ وَكُلُّنَا فَارِسٌ قَالَ «انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ حَاجٍ - قَالَ أَبُو سَلَمَةَ هَكَذَا قَالَ أَبُو عَوَانَةَ حَاجٍ - فَإِنَّ فِيهَا امْرَأَةً مَعَهَا صَحِيفَةٌ مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِى بَلْتَعَةَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ فَأْتُونِى بِهَا». فَانْطَلَقْنَا عَلَى أَفْرَاسِنَا حَتَّى أَدْرَكْنَاهَا حَيْثُ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَسِيرُ عَلَى بَعِيرٍ لَهَا، وَكَانَ كَتَبَ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ بِمَسِيرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَيْهِمْ. فَقُلْنَا أَيْنَ الْكِتَابُ الَّذِى مَعَكِ قَالَتْ مَا مَعِى كِتَابٌ. فَأَنَخْنَا بِهَا بَعِيرَهَا، فَابْتَغَيْنَا فِي رَحْلِهَا فَمَا وَجَدْنَا شَيْئًا. فَقَالَ صَاحِبِى مَا نَرَى مَعَهَا كِتَابًا. قَالَ فَقُلْتُ لَقَدْ عَلِمْنَا مَا كَذَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ـــــــــــــــــــــــــــــ سعد بن عبيد، وقيل عبيدة عن عبد الرحمن السلمي (وحبان بن عِطية) بكسر الحاء وباء موحدة القد علمت الذي جرأ صاحبك على الدماء) -بفتح الجيم وتشديد الراء- أي: جعله جريئًا جسورًا، وقد سلف الحديث في المناقب، وموضع الدلالة آخر الحديث من قوله تعالى لأهل بدر: (اعملوا ما شئتم) فإن عبد الرحمن زعم أن عليًّا إنما قتل المسلمين لهذا الحديث، وقد كذب فيما قال، وهل يمكن أن يقتل علي مسلمًا لا يجب عليه القتل لكونه غير مؤاخذ بذنب، كيف وقد تواتر عنه أنه كان يامر أصحابه لا تيمموا من ولى على المعركة ولا تدفنوا على جريح، وكأن عبد الرحمن كان عثمانيًّا كما صرح به في الرواية الأخرى، والعصبة تغطي نصرة الإنسان (بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والزبير وأبا مرثد الغنوي) وفي باب الجاسوس أنا والزبير والكل صواب لأن ذكر الأقل لا ينافي ذكر الأكثر، والمفهوم لا يعارض المنطوق (روضة حاج) بالحاء المهملة وجيم قال البخاري في آخر الباب كذا وقع في رواية أبي عوانة، والصواب: حاح بحاء مهملة أولًا وآخرًا، موضع بين مكة والمدينة على ربز من المدينة، وقيل: على اثني عشر ميلًا (فإن فيها امرأة معها صحيفة من حاطب بن أبي بلتعة) وفي الرواية الأخرى ظعينة: بدل امرأة، وقال ابن الأثير: والظعينة الهودج ما دام فيه امرأة، ثم اتسع فيه فأطلق على المرأة ثم على كل امرأة، وإن لم تكن في الهودج، وقد سلف أن هذه المرأة من موالي العباس، وقيل: مولاة لبني أسد، وقيل: لقريش وقيل: امرأة من مزينة

ثُمَّ حَلَفَ عَلِىٌّ وَالَّذِى يُحْلَفُ بِهِ لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ أَوْ لأُجَرِّدَنَّكِ. فَأَهْوَتْ إِلَى حُجْزَتِهَا وَهْىَ مُحْتَجِزَةٌ بِكِسَاءٍ فَأَخْرَجَتِ الصَّحِيفَةَ، فَأَتَوْا بِهَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ. دَعْنِى فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَا حَاطِبُ مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَالِى أَنْ لاَ أَكُونَ مُؤْمِنًا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَلَكِنِّى أَرَدْتُ أَنْ يَكُونَ لِى عِنْدَ الْقَوْمِ يَدٌ، يُدْفَعُ بِهَا عَنْ أَهْلِى وَمَالِى، وَلَيْسَ مِنْ أَصْحَابِكَ أَحَدٌ إِلاَّ لَهُ هُنَالِكَ مِنْ قَوْمِهِ مَنْ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهِ عَنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ. قَالَ «صَدَقَ، لاَ تَقُولُوا لَهُ إِلاَّ خَيْرًا». قَالَ فَعَادَ عُمَرُ فَقَالَ يَا رَسُولُ اللَّهِ قَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ، دَعْنِى فَلأَضْرِبَ عُنُقَهُ. قَالَ «أَوَلَيْسَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ أَوْجَبْتُ لَكُمُ الْجَنَّةَ». فَاغْرَوْرَقَتْ عَيْنَاهُ فَقَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "خَاخٍ أَصَحُّ، وَلَكِنْ كَذَا قَالَ أَبُو عَوَانَةَ: حَاجٍ، وَحَاجٍ تَصْحِيفٌ، وَهُوَ مَوْضِعٌ، وَهُشَيْمٌ يَقُولُ: خَاخٍ". طرفه 3007 ـــــــــــــــــــــــــــــ (فأهوت إلى حَجزتها) -بضم الحاء وسكون الجيم- موضع عقد الإزار، وقد تقدم أنها أخرجته من عقاصها جمع عقيصة وهي الضفائر من شعر رأسها وأشرنا هناك إلى وجه الجمع بأنه أخرجته من أحد الموضعين ثم أخفته في الآخر ثم رأت الجد فأخرجته لهم (فاغرورقت عيناه) أي: عينا عمر فرحًا بما سمع بأن الله غفر لأهل بدر فإن عمر من أصحاب بدر، يقال: اغرورق على وزن افعوعل أي: غرق في الدمع.

89 - كتاب الإكراه

89 - كتاب الإكراه وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى (إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ). وَقَالَ (إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً) وَهْىَ تَقِيَّةٌ وَقَالَ (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلاَئِكَةُ ظَالِمِى أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ) إِلَى قَوْلِهِ (عَفُوًّا غَفُورًا) وَقَالَ (وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا) فَعَذَرَ اللَّهُ الْمُسْتَضْعَفِينَ الَّذِينَ لاَ يَمْتَنِعُونَ مِنْ تَرْكِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ، وَالْمُكْرَهُ لاَ يَكُونُ إِلاَّ مُسْتَضْعَفًا غَيْرَ مُمْتَنِعٍ مِنْ فِعْلِ مَا أُمِرَ بِهِ. وَقَالَ الْحَسَنُ التَّقِيَّةُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِيمَنْ يُكْرِهُهُ اللُّصُوصُ فَيُطَلِّقُ لَيْسَ بِشَىْءٍ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ الزُّبَيْرِ وَالشَّعْبِىُّ وَالْحَسَنُ. وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الإكراه الإكراه حمل الشخص على عمل لا يرضاه لو خلي ونفسه. قيل: إنما يتحقق الإكراه بشروط أربعة: أن يكون المكره قادرًا على إيقاع ما هدد به. الثاني: أن يغلب على ظنه أنه [إن] لم يفعل لوقع به ما هدد به. الثالث: أن يكون على الفور، فلو قال: إن لم تفعل فعلت بك كذا غدًا لا يكون إكراهًا. الرابع: ألا يصدر من المكره ما يدل على رضاه واختياره، كمن أبحره على طلقة فطلق ثلاثًا، واستدل البخاري على عدم لزوم تصرفاته بالآيات والآثار وعلى خصوص عدم وقوع الطلاق بما رواه عن ابن عمر وابن الزبير والشعبي والحسن على العموم بحديث الأعمال بالنية، وعليه الأئمة إلا أبا حنيفة، ونقل مثله عن الزهريّ وأبي قلابة، واستدلوا على ذلك بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ثلاث جدهن جد وهزلهن جد، الطلاق

1 - باب من اختار الضرب والقتل والهوان على الكفر

6940 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى هِلاَلٍ عَنْ هِلاَلِ بْنِ أُسَامَةَ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلاَةِ «اللَّهُمَّ أَنْجِ عَيَّاشَ بْنَ أَبِى رَبِيعَةَ، وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، وَالْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ، اللَّهُمَّ أَنْجِ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، وَابْعَثْ عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِى يُوسُفَ». طرفه 797 1 - باب مَنِ اخْتَارَ الضَّرْبَ وَالْقَتْلَ وَالْهَوَانَ عَلَى الْكُفْرِ 6941 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ الطَّائِفِىُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ والعتاق والنكاح "، وجه الطلاق الدلالة [على] أن الهازل لا قصد له في الإيقاع، فكذا المكره. هذا وقد نقل ابن بطال إجماع الصحابة على عدم الوقوع، ولا اعتبار بالقياس مع مخالفة النص. ثم روى عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو في الصلاة للمستضعفين الذين أكرهوا على الإقامة بمكة. فإن قلت: قد ذم الله المستضعفين في القرآن بقوله: {الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ} [النساء: 97] قلت: هؤلاء لم يكونوا في نفس الأمر مستضعفين بل كانوا كاذبين في مقالتهم. باب من اختار الضرب [والقتل] والهوان علي الكفر 6941 - (حَوشب) -بفتح الحاء وشين معجمة- على وزن جعفر (الطائفي) -بالفاء- نسبة إلى البلدة المعروفة. روى حديث أنس مرفوعًا: (ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان)

وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلاَّ لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ، كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ». طرفه 16 6942 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا عَبَّادٌ عَنْ إِسْمَاعِيلَ سَمِعْتُ قَيْسًا سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ يَقُولُ لَقَدْ رَأَيْتُنِى وَإِنَّ عُمَرَ مُوثِقِى عَلَى الإِسْلاَمِ، وَلَوِ انْقَضَّ أُحُدٌ مِمَّا فَعَلْتُمْ بِعُثْمَانَ كَانَ مَحْقُوقًا أَنْ يَنْقَضَّ. طرفه 3862 ـــــــــــــــــــــــــــــ أي: ثلاث خصال وقد سلف الحديث في أبواب الإيمان. وموضع الدلالة قوله: (وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار)، ولا شك أن دخول النار أشد على النفس من أهوال الضرب والهوان. فإن قلت: أليس الله قد أذن في ذلك بقوله: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} [النحل: 106]؟ قلت: ذاك رخصة والأخذ بالعزيمة أولى. فإن قلت: كيف جمع بالضمير بقوله: (أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما) مع قوله للخطيب لما قال: ومن يعصمهما: "بئس خطيب القوم أنت قل ومن يعص الله ورسوله"؟ قلت: أشرنا هناك إلى أن الواقع في كلام الخطيب جملتان، والواقع في كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جملة واحدة، فلو ذكر ثانيًا لفظ المظهر لذهب بسلاسة الكلام. 6942 - (عباد) بفتح الباء المشددة (لو انقض أحد مما فعلتم بمثمان) الانقضاض -بالضاد-: السقوط والانقلاع، قال بعض الشارحين: موضع الدلالة على الترجمة: أن عثمان اختار القتل على ما يرضي القاتل، فاختياره على الكفر من باب الأولى، وهذا غلط؛ بل إنما اختار القتل لأنه رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المنام [يقول له:] "إن شئت نصرتك، وإن شئت أفطرت عندنا"، فاختار الإفطار والإنصار أراد أن يكون شهيدًا وإن كان الدفع جائزًا، وإنما وقع هذا الشارح في هذا لأنه فهم أن قول سعيد بن زيد: (رأيتني وإن عمر لموثقي على الإسلام) أن عمر مع كفره كان يسيء على الإسلام، وهذا غلط آخر، بل معناه أن عمر كان يعذبني على الإسلام بأنواع العذاب كما ذكر في السير ما جرى به معه، وكانت أخت عمر فاطمة تحت سعيد فضرب رأسها وشجها. (كان محقوقًا) أي: محقوقًا به، قال الجوهري: يقال: حقيق به ومحقوق أي: خليق.

2 - باب فى بيع المكره ونحوه فى الحق وغيره

6943 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا قَيْسٌ عَنْ خَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ قَالَ شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ فَقُلْنَا أَلاَ تَسْتَنْصِرُ لَنَا أَلاَ تَدْعُو لَنَا. فَقَالَ «قَدْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ يُؤْخَذُ الرَّجُلُ فَيُحْفَرُ لَهُ فِي الأَرْضِ فَيُجْعَلُ فِيهَا، فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُجْعَلُ نِصْفَيْنِ، وَيُمَشَّطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ وَعَظْمِهِ، فَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَاللَّهِ لَيَتِمَّنَّ هَذَا الأَمْرُ، حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ لاَ يَخَافُ إِلاَّ اللَّهَ وَالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ». طرفه 3612 2 - باب فِي بَيْعِ الْمُكْرَهِ وَنَحْوِهِ فِي الْحَقِّ وَغَيْرِهِ 6944 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ فِي الْمَسْجِدِ إِذْ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «انْطَلِقُوا إِلَى يَهُودَ». فَخَرَجْنَا مَعَهُ حَتَّى جِئْنَا بَيْتَ الْمِدْرَاسِ فَقَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَنَادَاهُمْ «يَا مَعْشَرَ يَهُودَ أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا». فَقَالُوا قَدْ بَلَّغْتَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 6943 - (خباب) بفتح المعجمة وتشديد الموحدة (ابن الأرت) بتشديد التاء المثناة (شكونا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي ما كانوا يلقون من المشركين، وهذا الحديث قد سلف في باب ما لقي النبي - صلى الله عليه وسلم - من المشركين، قيل: موضع الدلالة على الترجمة أنهم إنما شكوا لما أصابهم من العدوان والظلم وليس كذلك بل موضع الدلالة قوله: (إن من كان قبلكم جفر له في الأرض فيجاء بالمنشار فيجعل نصفين) فإن أولئك إذا صبروا على القتل بهذا النوع أنتم أولى بذلك لأنكم خير الأمم، وإنما وجب حمله على هذا لئلا يخلو الباب عن الحديث الدال على اختيار القتل على الكفر، و (المنشار) بالنون من النشر، وبالياء من الوشر (من صنعاء إلى حضرموت) بلدان من بلاد اليمن (لا يخاف إلا الله، والذئب) بالنصب عطف على لفظ الجلالة. باب في بيع المكره ونحوه في الحق وغيره 6944 - روى في الباب حديث أبى هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجلى اليهود، وموضع

فَقَالَ «ذَلِكَ أُرِيدُ»، ثُمَّ قَالَهَا الثَّانِيَةَ. فَقَالُوا قَدْ بَلَّغْتَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ. ثُمَّ قَالَ الثَّالِثَةَ فَقَالَ «اعْلَمُوا أَنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، وَإِنِّى أُرِيدُ أَنْ أُجْلِيَكُمْ، فَمَنْ وَجَدَ مِنْكُمْ بِمَالِهِ شَيْئًا فَلْيَبِعْهُ، وَإِلاَّ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا الأَرْضُ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ». طرفه 3167 ـــــــــــــــــــــــــــــ الدلالة قوله: (فمن وجد منكم بماله شيئًا فليبعه) قال الخطابي: هذا بيع المضطر لا المكره؛ لأن المكره من يلزم بشيء شاء أو أبى وهؤلاء خيروا فأجاب بعضهم بأنه لم يقتصر على المكره، بل قال: وغيره أيضًا، وليس بشيء فإن غرض البخاري أن ليس في الباب إلا حديث المضطر على أن كلام هذا المجيب متناقض فإنه قال فيما بعد المراد بغير ما عدا الذين ما يكون أداؤه لازمًا من الضمانات، وذا صريح في أنه لم يرد بغيره المكره، وقال بعضهم: المراد بالحق في الترجمة الجلاء، وبغيره أو بالعكس، وهذا أيضًا فاسد فإن غرض البخاري صحة بيع المكره في كل حق، وقصة الجلاء كما وقع الخطابي ليس فيها شيء من الإكراه بل من أمثلة المضطر. فإن قلت: فأين موضع الدلالة على جواز بيع المكره في الحق ونحوه؟ قلت: اكتفى بحديث المضطر لاشتراكهما في عدم الإرادة، وأشار إلى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - باع على معاذ ماله حين أفلس، ولم يكن الحديث على شرطه. ثم روى عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (جاء بيت المدراس) -بكسر الميم- في مدرس التوراة، صيغة مبالغة من الدرس، أو اسم مكان من إضافة الموصوف إلى الصفة، قال ابن الأثير: وبناء المفعال للمكان نادر (أسلموا) -بفتح الهمزة- من الإسلام (تسلموا) -بفتح التاء- من السلامة. فإن قلت: أبو هريرة أسلم بعد فتح خيبر، وقصة بني النضير وقريظة وهي وبني قينقاع كانت قبل خيبر، فمن هؤلاء اليهود بالمدينة؟ قلت: أجيب بأن هؤلاء بقية من النضير أو قريظة ممن لم ينقض عهده. (اعلموا أن الأرض لله ورسوله) ذكر الله في أمثاله للتشريف (فمن وجد بماله شيئًا) الباء فيه بمعنى في، أي: من علم في ماله شيئًا من النفع أو الثمن (فليبعه) والمراد من المال هو العقار، كذا كان عرفهم، كما دل عليه حديث أبي هريرة "إن إخواننا من الأنصار كان يشغلهم العمل في أموالهم".

3 - باب لا يجوز نكاح المكره

3 - باب لاَ يَجُوزُ نِكَاحُ الْمُكْرَهِ (وَلاَ تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ). 6945 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمُجَمِّعٍ ابْنَىْ يَزِيدَ بْنِ جَارِيَةَ الأَنْصَارِىِّ عَنْ خَنْسَاءَ بِنْتِ خِذَامٍ الأَنْصَارِيَّةِ أَنَّ أَبَاهَا زَوَّجَهَا وَهْىَ ثَيِّبٌ، فَكَرِهَتْ ذَلِكَ، فَأَتَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَرَدَّ نِكَاحَهَا. طرفه 5138 6946 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ أَبِى عَمْرٍو - هُوَ ذَكْوَانُ - عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ يُسْتَأْمَرُ النِّسَاءُ فِي أَبْضَاعِهِنَّ قَالَ «نَعَمْ». قُلْتُ فَإِنَّ الْبِكْرَ تُسْتَأْمَرُ فَتَسْتَحِى فَتَسْكُتُ. قَالَ «سُكَاتُهَا إِذْنُهَا». 4 - باب إِذَا أُكْرِهَ حَتَّى وَهَبَ عَبْدًا أَوْ بَاعَهُ لَمْ يَجُزْ وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ فَإِنْ نَذَرَ الْمُشْتَرِى فِيهِ نَذْرًا، فَهْوَ جَائِزٌ بِزَعْمِهِ، وَكَذَلِكَ إِنْ دَبَّرَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب [لا] يجوز نكاح المكره استدل بقوله تعالى: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ} [النور: 33] قيل: وجه الدلالة أن السيد مالك للرقبة والبضع فإذا لم يجز له الإكراه فالحرة من باب الأولى، وفيه نظر، فإن الإكراه إنما حرم لأن المكره عليه زنى، ألا ترى أن إجبار الأمة على التزويج جائز فالعمدة في هذا حديث الباب. 6945 - (قَزَعَة) بفتح القاف والزاي والعين (مُجَمِّع) بضم الميم وتشديد الميم المكسورة (جارية) ضد الغلام (عن خنساء) بفتح الخاء المعجمة بعدها نون (خِدام) بكسر الخاء المعجمة بعدها دال مهملة مخففة (أن أباها زوجها وهي كارهة وهي ثيب فرد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نكاحها)، وفيه دليل للأئمة الثلاثة ما عدا أبا حنيفة في بطلان نكاح المكره، وأن علة الإجبار البكاء دون الصغير. (سُكاتها إذنها) -بضم السين- لغة كالسكوت. باب إذا كره حتى باع أو وهب وبه قال بعض الناس، فإن نذر المشتري نذرًا فهو جائز، قد سلف منا أن البخاري إذا قال: بعض الناس، يريد أبا حنيفة، وحاصل اعتراضه هنا أنه وافق الأئمة في أن من أكره

5 - باب من الإكراه

6947 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ دَبَّرَ مَمْلُوكًا، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّى». فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ النَّحَّامِ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ. قَالَ فَسَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ عَبْدًا قِبْطِيًّا مَاتَ عَامَ أَوَّلَ. طرفه 2141 5 - باب مِنَ الإِكْرَاهِ كَرْهٌ وَكُرْهٌ وَاحِدٌ. 6948 - حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِىُّ سُلَيْمَانُ بْنُ فَيْرُوزَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ الشَّيْبَانِىُّ وَحَدَّثَنِى عَطَاءٌ أَبُو الْحَسَنِ السُّوَائِىُّ، وَلاَ أَظُنُّهُ إِلاَّ ذَكَرَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا) الآيَةَ قَالَ كَانُوا إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ ـــــــــــــــــــــــــــــ على بيع شيء لا يصح البيع فأي اعتبار لتصرف المشتري فيه، فإن قال: التدبير والعين لا يقبل الفسخ، ورد عليه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - باع المدبر، واعلم أن هذا بناء على أن المبيع في البيع الفاسد يدخل في ملك المشتري عنده. 6947 - (أن رجلًا من الأنصار دبر مملوكًا) الرجل اسمه أبو مذكور، واسم العبد باقوم (فاشتراه نعيم بن النحام) كذا وقع هنا وفي أبواب العتق، والصواب: نعيم النحام، بحذف الابن، وأشرنا هناك إلى وجه التسمية بالنحام، ونُعيم: بضم النون مصغر. باب من الإكراه أي: من جملة ما يكره ما رواه عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا} [النساء: 19] قُرئ بالضم والفتح، وإليه أشار البخاري بقوله: (كُرهًا، وكَرهًا واحد) وقيل: ما أكرهت عليه غيرك، وقراءته في الآية بالضم والفتح يدل على ترادفهما لأن الآية في إكراه الغير. والحديث سلف في أبواب سورة النساء، والغرض من إيراده هنا الدلالة على حرمة

6 - باب إذا استكرهت المرأة على الزنا، فلا حد عليها

كَانَ أَوْلِيَاؤُهُ أَحَقَّ بِامْرَأَتِهِ، إِنْ شَاءَ بَعْضُهُمْ تَزَوَّجَهَا، وَإِنْ شَاءُوا زَوَّجَهَا، وَإِنْ شَاءُوا لَمْ يُزَوِّجْهَا، فَهُمْ أَحَقُّ بِهَا مِنْ أَهْلِهَا، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ بِذَلِكَ. طرفه 4579 6 - باب إِذَا اسْتُكْرِهَتِ الْمَرْأَةُ عَلَى الزِّنَا، فَلاَ حَدَّ عَلَيْهَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى (وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ). 6949 - وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى نَافِعٌ أَنَّ صَفِيَّةَ ابْنَةَ أَبِى عُبَيْدٍ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ عَبْدًا مِنْ رَقِيقِ الإِمَارَةِ وَقَعَ عَلَى وَلِيدَةٍ مِنَ الْخُمُسِ، فَاسْتَكْرَهَهَا حَتَّى افْتَضَّهَا، فَجَلَدَهُ عُمَرُ الْحَدَّ وَنَفَاهُ، وَلَمْ يَجْلِدِ الْوَلِيدَةَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ اسْتَكْرَهَهَا. قَالَ الزُّهْرِىُّ فِي الأَمَةِ الْبِكْرِ، يَفْتَرِعُهَا الْحُرُّ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الإكراه فإنه من سنة الجاهلية، ويستفاد منه أن من كان عنده امرأة، ولا يحبها ولا يحسن معاشرتها وإنما يمسكها طمعًا في ميراثها يحرم عليه ذلك. باب إذا استكرهت المرأة على الزني فلا حد عليها استدل عليه (بقوله تعالى: {وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 33] ووجه الدلالة: أن الله رتب على الإكراه المغفرة والرحمة لا غير، وهو بصدد التبيان، فلو وجب الحد لذكره. فإن قلت: المغفرة تقتضي سابقة ذنب، وإذا لم يكن عليها إثم فأي وجه لذكر المغفرة؟ قلت: بأن الإكراه لا ينافي مع المؤاخذة، وفيه نظر؛ لأنه إن أراد أن لا تنافي بينهما بالذات فمسلّم، ولكن مراد الحكم على الرضا، وقد أسقط الله الإثم عند عدم الرضا بقوله: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} [النحل: 106] ولذلك لم يقل الشافعي بوقوع طلاق المكره، بل الجواب أن المرأة وإن كانت مكرهة إلا أنها تلتذ بالحرام كما تلتذ بالحلال، فالذي توجه إليه المغفرة هو ذلك. 6949 - (صفية بنت أبي عُبيد) -بضم العين، مصغر- زوجة ابن عمر، أخت المختار الملحد (أن عبدًا من عبيد الإمارة) بكسر الهمزة. قيل: كان ذلك في خلافة عمر (وقع على وليدة من الخمس حتى اقتضها) بالقاف، قال ابن الأثير: ويروى: بالفاء، قال: معناه: أزال بكارتها من فضضت الإدإوة فتحت رأسها (وقال الزهريّ في الأمة يفترعها الحر) -بالفاء- أي:

7 - باب يمين الرجل لصاحبه إنه أخوه، إذا خاف عليه القتل أو نحوه

يُقِيمُ ذَلِكَ الْحَكَمُ مِنَ الأَمَةِ الْعَذْرَاءِ بِقَدْرِ قِيمَتِهَا، وَيُجْلَدُ، وَلَيْسَ فِي الأَمَةِ الثَّيِّبِ فِي قَضَاءِ الأَئِمَّةِ غُرْمٌ، وَلَكِنْ عَلَيْهِ الْحَدُّ. طرفه 5137 6950 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هَاجَرَ إِبْرَاهِيمُ بِسَارَةَ، دَخَلَ بِهَا قَرْيَةً فِيهَا مَلِكٌ مِنَ الْمُلُوكِ أَوْ جَبَّارٌ مِنَ الْجَبَابِرَةِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ أَنْ أَرْسِلْ إِلَىَّ بِهَا. فَأَرْسَلَ بِهَا، فَقَامَ إِلَيْهَا فَقَامَتْ تَوَضَّأُ وَتُصَلِّى فَقَالَتِ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ آمَنْتُ بِكَ وَبِرَسُولِكَ فَلاَ تُسَلِّطْ عَلَىَّ الْكَافِرَ، فَغُطَّ حَتَّى رَكَضَ بِرِجْلِهِ». طرفه 2217 7 - باب يَمِينِ الرَّجُلِ لِصَاحِبِهِ إِنَّهُ أَخُوهُ، إِذَا خَافَ عَلَيْهِ الْقَتْلَ أَوْ نَحْوَهُ وَكَذَلِكَ كُلُّ مُكْرَهٍ يَخَافُ، فَإِنَّهُ يَذُبُّ عَنْهُ الْمَظَالِمَ وَيُقَاتِلُ دُونَهُ وَلاَ يَخْذُلُهُ، فَإِنْ قَاتَلَ دُونَ الْمَظْلُومِ فَلاَ قَوَدَ عَلَيْهِ وَلاَ قِصَاصَ، وَإِنْ قِيلَ لَهُ لَتَشْرَبَنَّ الْخَمْرَ، أَوْ لَتَأْكُلَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ يزيل بكارتها، ورواه الهروي بالقاف، قيل: غلط منه (يقيّم ذلك الحَكم من الأمة العذراء بقدر قيمتها) الحَكَم -بفتح الحاء والكاف-: الحاكم، أي: يقدر نقصان قيمتها بين كونها بكرًا أو ثيبًا. 6950 - (أبو الزناد) -بكسر الزاي بعدها نون- عبد الله بن ذكوان. روى حديث أبي هريرة في سارة زوج خليل الله، وقد سلف في المناقب، والغرض أن سارة لما خلا بها الكافر لم يكن عليها في تلك الخلوة مُكرَهةَ إثمٌ ولا عتاب، فيقاس على ذلك زنى المكرهة في درء الحد عنها (دخل بها قرية) قيل: القرية مصر، وقيل: حران وقيل: أردن، والأول هو المشهور (اللهم إن كنت آمنت بك) إن في أمثاله ليست للشك بل للتحقيق كما يقول بشجاعته: إن غلبتك، وقيل: إن كنت قبلت إيماني (فَغُط) -بضم المعجمة وتشديد الطاء- أي: خنق أو حبس (ركض برجليه) أي: ضربه في الأرض. باب يمين الرجل لصاحبه أنه أخوه إذا خاف عليه القتل وكذلك كل مكره إذا خاف على مسلم له أن يحلف كاذبًا ولا حنث عليه في قول الجمهور خلافًا للكوفيين (فإنه يذب عنه) -بذال معجمة- أي يدافع عنه (ولا يخذله) -بفتح الياء- أي: لا يترك نصره (فإن قاتل دون المظلوم فلا قود عليه ولا قصاص) قيل: أراد بالقود

الْمَيْتَةَ، أَوْ لَتَبِيعَنَّ عَبْدَكَ، أَوْ تُقِرُّ بِدَيْنٍ، أَوْ تَهَبُ هِبَةً وَتَحُلُّ عُقْدَةً، أَوْ لَنَقْتُلَنَّ أَبَاكَ أَوْ أَخَاكَ فِي الإِسْلاَمِ. وَسِعَهُ ذَلِكَ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ». وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ لَوْ قِيلَ لَهُ لَتَشْرَبَنَّ الْخَمْرَ، أَوْ لَتَأْكُلَنَّ الْمَيْتَةَ، أَوْ لَنَقْتُلَنَّ ابْنَكَ أَوْ أَبَاكَ أَوْ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ، لَمْ يَسَعْهُ، لأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِمُضْطَرٍّ. ثُمَّ نَاقَضَ فَقَالَ إِنْ قِيلَ لَهُ لَنَقْتُلَنَّ أَبَاكَ أَوِ ابْنَكَ، أَوْ لَتَبِيعَنَّ هَذَا الْعَبْدَ، أَوْ تُقِرُّ بِدَيْنٍ أَوْ تَهَبُ، يَلْزَمُهُ فِي الْقِيَاسِ، وَلَكِنَّا نَسْتَحْسِنُ وَنَقُولُ الْبَيْعُ وَالْهِبَةُ وَكُلُّ عُقْدَةٍ فِي ذَلِكَ بَاطِلٌ. فَرَّقُوا بَيْنَ كُلِّ ذِى رَحِمٍ مُحَرَّمٍ وَغَيْرِهِ بِغَيْرِ كِتَابٍ وَلاَ سُنَّةٍ. وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «قَالَ إِبْرَاهِيمُ لاِمْرَأَتِهِ هَذِهِ أُخْتِى. وَذَلِكَ فِي اللَّهِ». وَقَالَ النَّخَعِىُّ إِذَا كَانَ الْمُسْتَحْلِفُ ظَالِمًا، فَنِيَّةُ الْحَالِفِ، وَإِنْ كَانَ مَظْلُومًا، فَنِيَّةُ الْمُسْتَحْلِفِ. 6951 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرِ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَالِمًا أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لاَ يَظْلِمُهُ، وَلاَ يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ، كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ». طرفه 2442 ـــــــــــــــــــــــــــــ الدية، ولذلك عطف عليه القصاص وقيل: لا قصاص تأكيد، وكلاهما ليس بشيء بل القود قصاص النفس لا غير، والقصاص في الجراحات أيضًا، فذكر الخاص وعطف عليه العام. قال ابن الأثير: القود القصاص، وقيل: القاتل، بدل القتيل لما فسره بالقصاص، وقيده بعده بما خصه بالقتل (فإن قيل: لتشربن الخمر، أو لتأكلن الميتة، أو لنقتلن أباك) بالنون، والتاء غلط (وتحل عقدة) وفي بعضها وتحل كل عقدة كالإعتاق والطلاق، وتفسيره بالفسخ خطأ، ومحصل كلام البخاري هنا أن المسلم يجب عليه الدفع عن المسلم (لقوله - صلى الله عليه وسلم -: المسلم أخو المسلم) ولقوله: "انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا"، والمراد أخوة الإسلام. واعترض على أبي حنيفة في فرقة بين ذي رحم وبين الأجنبي حيث قال بالاستحسان في ذي رحم لم يلزم استحسانًا، ولم يكن له دليل على الحكم في الكتاب والسنة، هذا ولا تناقض في كلام أبي حنيفة لأن الاستحسان أيضًا قياس قوي الأثر، وفي الجملة أبو حنيفة مجتهد يجب عليه العمل بما أدى إليه اجتهاده فاعترض البخاري عليه في أمثال هذه المواضع كصرير الباب والله أعلم بالصواب. 6951 - (بكير) بضم الباء مصغر، وكذا (عقيل)، (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يُسلِمه) من أسلمه إذا ألقاه في الهلكة ولم يحام عنه، قاله ابن الأثير.

6952 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا». فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُومًا، أَفَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ ظَالِمًا كَيْفَ أَنْصُرُهُ قَالَ «تَحْجُزُهُ أَوْ تَمْنَعُهُ مِنَ الظُّلْمِ، فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ». طرفه 2443 ـــــــــــــــــــــــــــــ 6952 - (انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا) يريد الأخوة في الإسلام بلا خلاف، أراد به الرد على أبي حنيفة في الفرق بين الأجنبي وذي الرحم.

90 - كتاب الحيل

90 - كتاب الحيل 1 - باب فِي تَرْكِ الْحِيَلِ وَأَنَّ لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فِي الأَيْمَانِ وَغَيْرِهَا 6953 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - يَخْطُبُ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ وَإِنَّمَا لاِمْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ هَاجَرَ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ». طرفه 1 ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الحيل باب في ترك الحيل، وأن لكل امرئ ما نوى في الأيمَان وغيرها جمع حيلة، وهي ما يتوصل به إلى مقصود بطريق خفي، وهو على أقسام فإن توصل بها إلى إبطال حق أو إثبات باطل فلا شك في حرمته، فإن توصل بها إلى إثبات حق أو دفع باطل فإن كان ذلك لنفسه فهي مستحبة، وإن كان للغير فواجبة، وإن توصل بها إلى النجاة من مكروه فتارة واجبة وأخرى مستحبة بالنظر إلى ذلك المكروه، وإن توصل بها إلى ترك مندوب فهي مكروهة، والخلاف بين العلماء في القسم الأول. 6953 - واستدل البخاري بقوله: (ولكل امرئ ما نوى) في حديث الأعمال بالنيات على ما ترجم عليه من قوله في الإيمان وغيره وفي بعضها: وغيرها، والأول نظرًا إلى اليمين، واعترض عليه بأن قوله: وغيرها يشتمل على العبادات لو قد سلف من البخاري في أوائل الكتاب بعد قوله: الأعمال دخل فيه الأحكام مع الإجماع على أن البيع والطلاق لا يحتاج إلى النية، بل النية مخصوصة بالطاعات. والجواب أن الطلاق والبيع والشراء وسائر المباحات إذا قرنت بنية صالحة من حيث ذلك القصد يكون عبادة كما إذا نوى بيع فرس تحته ليصرف ثمنه في أبواب البر يثاب على ذلك البيع، وإن اشترى سيفًا ليقتل به مسلمًا يأثم بذلك الشراء وقس عليه سائر الأفعال والأقوال، ألا ترى أن الهجرة من مكة صارت بمقارنة القصد لله تعالى من أفضل الطاعات، ومن أقبح الأعمال لغرض الدنيا أو امرأة.

2 - باب فى الصلاة

2 - باب فِي الصَّلاَةِ 6954 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَقْبَلُ اللَّهُ صَلاَةَ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ». طرفه 135 3 - باب فِي الزَّكَاةِ وَأَنْ لاَ يُفَرَّقَ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ، وَلاَ يُجْمَعَ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ، خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ 6955 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِىُّ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَتَبَ لَهُ فَرِيضَةَ الصَّدَقَةِ الَّتِى فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «وَلاَ يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ وَلاَ يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ». طرفه 1448 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب في الصلاة أي: الحيل في الصلاة. 6954 - (معمَر) بفتح الميمين وسكون العين (همام) بفتح الهاء وتشديد الميم، روى في الباب حديث أبي هريرة: (لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ) أراد به الرد على أبي حنيفة فإنه قال: بعد القعدة الأخيرة لو أحدث عامدًا تمت صلاته، وهذه حيلة، فإن افتتاح الصلاة بالتكبير واختتامها بالتسليم هو المعلوم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخلفائه والأئمة بعدهم، واستدلت الحنفية بحديث ابن مسعود "إذا قلت هذا أو فعلت هذا فقد تمت صلاتك" إلا أنه مشكل مع الإجماع على أن أهل الحديث قالوا من كلام ابن مسعود إن لو صح. باب في الزكاة 6955 - (وأن لا يفرق بين مجتمع ولا يجمع بين متفرق خشية الصدقة) هذا بعض حديث مطول، تقدم في أبواب الزكاة سورة التفريق بين مجتمع أن يكون كل شريك

6956 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِى سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّ أَعْرَابِيًّا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثَائِرَ الرَّأْسِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِى مَاذَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَىَّ مِنَ الصَّلاَةِ فَقَالَ «الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ، إِلاَّ أَنْ تَطَوَّعَ شَيْئًا». فَقَالَ أَخْبِرْنِى بِمَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَىَّ مِنَ الصِّيَامِ قَالَ «شَهْرَ رَمَضَانَ، إِلاَّ أَنْ تَطَوَّعَ شَيْئًا». قَالَ أَخْبِرْنِى بِمَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَىَّ مِنَ الزَّكَاةِ قَالَ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَرَائِعَ الإِسْلاَمِ. قَالَ وَالَّذِى أَكْرَمَكَ لاَ أَتَطَوَّعُ شَيْئًا وَلاَ أَنْقُصُ مِمَّا فَرَضَ اللَّهُ عَلَىَّ شَيْئًا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ». أَوْ «دَخَلَ الْجَنَّةَ إِنْ صَدَقَ». وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ فِي عِشْرِينَ وَمِائَةِ بَعِيرٍ حِقَّتَانِ. فَإِنْ أَهْلَكَهَا مُتَعَمِّدًا، أَوْ وَهَبَهَا أَوِ احْتَالَ فِيهَا فِرَارًا مِنَ الزَّكَاةِ، فَلاَ شَىْءَ عَلَيْهِ. طرفه 46 ـــــــــــــــــــــــــــــ عشرون شاة في الخلط قبل تمام الحول يفرقان الخلط خوفًا من وجوب الزكاة، وصورة الجمع بين متفرق: أن يكون الكل واحد أربعون، وعليه شاة فإذا خلطها بأربعين لصاحبه فإنه يجب عليهما شاة واحدة، وهذا صريح في أنه لا يجوز أن يتصرف قبل الحول لما سقط عنه الزكاة كما نقل عن أبي يوسف وعلل بأنه امتناع عن الوجوب قبل وقته لا إسقاط للواجب، وهذا تعليل في مقابلة النص. وتحقيق المقام أنه إن نوى بتصرفه فيه قبل الحول الفرار فذاك مذموم، ولا ينحصر في الزكاة، بل من سافر قبل رمضان لئلا يجب عليه الصوم، ولا غرض له سواه يأثم بضم المثلثة. 6956 - (قتيبة) بضم القاف مصغر (عن أبي سهيل) -بضم السين مصغر- نافع بن مالك روى في الباب حديث الأعرابي الذي سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن شرائع الإسلام، وموضع الدلالة هنا قوله: (أفلح إن صدق) فإن مفهومه إن لم يكن صادقًا لا يفلح، ومن احتال في إسقاط الزكاة لم يكن مفلحًا لأن عدم إفلاح ذلك الأعرابي إنما هو بإسقاط شيء من المذكورات (والذي أكرمك لا أتطوع شيئًا). فإن قلت: كيف حلف على عدم فعل الخير؟ قلت: معنى لا أتطوع لا أزيد كما في سائر الروايات لا أزيد [ولا] أنقص (وقال بعض الناس في عشرين ومئة بعير حقتان فإن أهلكها متعمدًا) أي فرارًا من الزكاة كما صرح به (فلا شيء عليه) أي لا يجب عليه الزكاة، وهذا مما يختص به أبو حنيفة، جل عليه سائر الأئمة سوى مالك، فإنه قال: إذا تصرف فيها قبل الحول بشهر فلا تسقط عنه الزكاة، وأما كراهة ذلك الفعل فلا ينبغي أن يُشَك فيه.

6957 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَكُونُ كَنْزُ أَحَدِكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ، يَفِرُّ مِنْهُ صَاحِبُهُ فَيَطْلُبُهُ وَيَقُولُ أَنَا كَنْزُكَ. قَالَ وَاللَّهِ لَنْ يَزَالَ يَطْلُبُهُ حَتَّى يَبْسُطَ يَدَهُ فَيُلْقِمَهَا فَاهُ». طرفه 1403 6958 - وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا مَا رَبُّ النَّعَمِ لَمْ يُعْطِ حَقَّهَا، تُسَلَّطُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، تَخْبِطُ وَجْهَهُ بِأَخْفَافِهَا». وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ فِي رَجُلٍ لَهُ إِبِلٌ، فَخَافَ أَنْ تَجِبَ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ، فَبَاعَهَا بِإِبِلٍ مِثْلِهَا، أَوْ بِغَنَمٍ، أَوْ بِبَقَرٍ، أَوْ بِدَرَاهِمَ، فِرَارًا مِنَ الصَّدَقَةِ بِيَوْمٍ، احْتِيَالاً فَلاَ بَأْسَ عَلَيْهِ، وَهْوَ يَقُولُ إِنْ زَكَّى إِبِلَهُ قَبْلَ أَنْ يَحُولَ الْحَوْلُ بِيَوْمٍ أَوْ بِسَنَةٍ، جَازَتْ عَنْهُ. طرفه 1402 6959 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ اسْتَفْتَى سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ الأَنْصَارِىُّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي نَذْرٍ كَانَ عَلَى أُمِّهِ، تُوُفِّيَتْ قَبْلَ أَنْ تَقْضِيَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اقْضِهِ عَنْهَا». وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ إِذَا بَلَغَتِ الإِبِلُ عِشْرِينَ، فَفِيهَا أَرْبَعُ شِيَاهٍ، فَإِنْ وَهَبَهَا قَبْلَ الْحَوْلِ أَوْ بَاعَهَا، فِرَارًا وَاحْتِيَالاً لإِسْقَاطِ الزَّكَاةِ، فَلاَ شَىْءَ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ إِنْ أَتْلَفَهَا فَمَاتَ، فَلاَ شَىْءَ فِي مَالِهِ. طرفه 2761 ـــــــــــــــــــــــــــــ 6957 - (إسحاق) كذا وقع غير منسوب، قال الغساني: يروي عن عبد الرزاق بن راهويه والحنظلي وابن نصر، فيحتمل كلًّا منهما، لكن صرح أبو نعيم في مستخرجه ابن راهويه (معمر) بفتح الميمين وسكون العين (همّام) بفتح الهاء وتشديد الميم، روى عن أبي هريرة حديث مانع الزكاة وغرضه من إيراده أن من فَرَّ من الزكاة فهو داخل تحت الوعيد ..... مانع الزكاة (يكون كنز أحدكم يوم القيامة شجاعًا أقرع) قال ابن الأثير: الأقرع من لا شعر على رأسه، الحية فالمراد تَمَعَّط جلد رأسها من غاية السم وطول العمر. 6959 - (سعد بن عبادة) بضم العين وتخفيف الباء، روى حديث أن أمه ماتت وعليها نذر، فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأن يقضي نذرها، واستدل به البخاري على أن النذر لم يسقط بالموت، فالزكاة الذي أحد أركان الإسلام كيف تسقط بالحيلة.

4 - باب الحيلة فى النكاح

4 - باب الْحِيلَةِ فِي النِّكَاحِ 6960 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الشِّغَارِ. قُلْتُ لِنَافِعٍ مَا الشِّغَارُ قَالَ يَنْكِحُ ابْنَةَ الرَّجُلِ وَيُنْكِحُهُ ابْنَتَهُ بِغَيْرِ صَدَاقٍ، وَيَنْكِحُ أُخْتَ الرَّجُلِ وَيُنْكِحُهُ أُخْتَهُ بِغَيْرِ صَدَاقٍ. وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ إِنِ احْتَالَ حَتَّى تَزَوَّجَ عَلَى الشِّغَارِ، فَهْوَ جَائِزٌ، وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ. وَقَالَ فِي الْمُتْعَةِ النِّكَاحُ فَاسِدٌ، وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمُ الْمُتْعَةُ وَالشِّغَارُ جَائِزٌ، وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ. طرفه 5112 6961 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ عَنِ الْحَسَنِ وَعَبْدِ اللَّهِ ابْنَىْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِىٍّ عَنْ أَبِيهِمَا أَنَّ عَلِيًّا - رضى الله عنه - قِيلَ لَهُ إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ لاَ يَرَى بِمُتْعَةِ النِّسَاءِ بَأْسًا. فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْهَا يَوْمَ خَيْبَرَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب كذا وقع في بعض النسخ. 6960 - روى عن ابن عمر (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الشغار) بكسر المعجمة، وغين كذلك، وقد فسره في الحديث (بأن ينكح ابنته رجلًا، وينكحه ابنته من غير صداق) وقد سلف في أبواب النكاح، وغرضه من إيراده هنا الاعتراض على أبي حنيفة، وليس بوارد؛ لأن أبا حنيفة لم يُجَوِّز نكاح الشغار بل ولا أحد من الأئمة، وإنما قول أبي حنيفة: أحد البضعين لا يكون صداقًا للأخرى، بل يكون كذكر سائر الأشياء التي لا تصلح صداقًا فيرجع فيه إلى مهر المثل كما يقول الشافعي فيما إذا تزوجها على جرار خمر فإنه يصح النكاح، ويرجع فيه إلى مهر المثل، وتحقيقه أن الصداق ليس ركنًا في النكاح، ولذلك جاز خُلوُّه عن الصداق رأسًا، وأما اعتراضه عليه بأنه قال في المتعة: النكاح فاسد، والشرط باطل فلأن من قواعد أبي حنيفة أن الباطل ما لم يُشرع بأصله والفاسد ما لم يُشرع بأصله دون وصفه، وهذا اصطلاح كفرقه بين الواجب والفرض (وقال بعضهم: المتعة والشغار جائز، والشرط باطل) هذا منقول عن زفر. 6961 - (إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عنها يوم خيبر) أي: عن نكاح المتعة، تقدم في أبواب

5 - باب ما يكره من الاحتيال فى البيوع ولا يمنع فضل الماء ليمنع به فضل الكلإ

وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الإِنْسِيَّةِ. وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ إِنِ احْتَالَ حَتَّى تَمَتَّعَ، فَالنِّكَاحُ فَاسِدٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمُ النِّكَاحُ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ. طرفه 4216 5 - باب مَا يُكْرَهُ مِنَ الاِحْتِيَالِ فِي الْبُيُوعِ وَلاَ يُمْنَعُ فَضْلُ الْمَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ فَضْلُ الْكَلإِ 6962 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يُمْنَعُ فَضْلُ الْمَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ فَضْلُ الْكَلإِ». 6 - باب مَا يُكْرَهُ مِنَ التَّنَاجُشِ 6963 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ النَّجْشِ. طرفه 2142 ـــــــــــــــــــــــــــــ النكاح أن الإباحة في نكاح المتعة تكررت وتكرر النسخ. باب ما يكره من الاحتيال في البيوع، ولا يمنع فضل الماء ليمنع به فضل الكلأ 6962 - هذا أيضًا من الترجمة، وهي حديث الباب بعينه، والكلأ: مقصور، العشب رطبًا كان أو يابسًا وصورته أن يحفروا إنسان بئرًا في معراب، وحوله الكلأ، والماء حينئذٍ ملك الكافر فيمنعه عن الواردة ليمنع به الكلأ؛ لأن المواشي بدون الماء لا تعيش. فإن قلت: هذه حيلة في منع الكلأ فكيف يدل على الاحتيال في البيوع؟ قلت: أجاب بعضهم بأن المنع أعم من أن يكون بعدم البيع وبغيره، أو أنه ترجم الباب ولم يجد له حديثًا، وهذا ليس بشيء بل الجواب أنه إذا نبع الماء يحتاج أرباب المواشي إلى شراء الماء لأنه ملكه، ولا بد للماشية من الماء، فيتوسل بذلك إلى نبع الماء، كيف شاء، فهذه حيلة في البيع، على أن قوله: المنع أعم من عدم البيع وغيره، لا يصلح جوابًا قطعًا؛ لأن السؤال إنما هو عن عدم دلالة الحديث على الاحتيال في البيع لا عن عدم دلالة الحديث على المنع، يُجاب بأن المنع أعم من البيع وغيره. فتأمل والله الموفق. 6963 - (التناجش) بالجيم وشين معجمة، تقدم في أبواب البيع أنه عبارة عن

7 - باب ما ينهى من الخداع فى البيوع

7 - باب مَا يُنْهَى مِنَ الْخِدَاعِ فِي الْبُيُوعِ وَقَالَ أَيُّوبُ (يُخَادِعُونَ اللَّهَ) كَمَا يُخَادِعُونَ آدَمِيًّا، لَوْ أَتَوُا الأَمْرَ عِيَانًا كَانَ أَهْوَنَ عَلَىَّ. 6964 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَجُلاً ذَكَرَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ يُخْدَعُ فِي الْبُيُوعِ فَقَالَ «إِذَا بَايَعْتَ فَقُلْ لاَ خِلاَبَةَ». طرفه 2117 8 - باب مَا يُنْهَى مِنَ الاِحْتِيَالِ لِلْوَلِىِّ فِي الْيَتِيمَةِ الْمَرْغُوبَةِ، وَأَنْ لاَ يُكَمِّلَ صَدَاقَهَا 6965 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ كَانَ عُرْوَةُ يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ (وَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ لاَ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ). قَالَتْ هِىَ الْيَتِيمَةُ فِي حَجْرِ وَلِيِّهَا، فَيَرْغَبُ فِي مَالِهَا وَجَمَالِهَا، فَيُرِيدُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــ الإطراء في المدح ليوقع غيره في الشراء اغترارًا بقوله، أو يزيد في الثمن من غير أن يكون قصده الشراء، وكراهته كراهة تحريم. باب ما ينهى عنه من الخداع (وقال أيوب) هو السختياني (يخادعون الله كأنما يخادعون آدميًّا، ولو أتوا الأمر عيانًا كان أهون) لأن الكفر صريحًا أهون من النفاق؛ فإنه أغلظ أنواع الكفر، وغرضه أن الإنسان يمكن خداعه، فلذلك نهى عنه. 6964 - (أن رجلًا ذكر للنبي - صلى الله عليه وسلم - أنه يخدع في البيوع) هو حبان بن منقذ بفتح الحاء وتشديد الموحدة (لا خلابة) بكسر المعجمة والباء الموحدة، قال ابن الأثير: ويروى لا خبابة بالباء بدل اللام، والحديث سلف في أبواب البيوع. باب ما ينهى من الاحتيال للولي في اليتيمة المرغوبة أي المرغوبة في مالها وجمالها، وجه الاحتيال: أنه لا يزوجها لغيره، وإذا لم يزوجها لغيره فيحتال بذلك إلى أن يرضي اليتيمة أدنى من سنة صداق نسائها.

9 - باب إذا غصب جارية فزعم أنها ماتت فقضى بقيمة الجارية الميتة، ثم وجدها صاحبها، فهى له، ويرد القيمة، ولا تكون القيمة ثمنا

بِأَدْنَى مِنْ سُنَّةِ نِسَائِهَا، فَنُهُوا عَنْ نِكَاحِهِنَّ، إِلاَّ أَنْ يُقْسِطُوا لَهُنَّ فِي إِكْمَالِ الصَّدَاقِ، ثُمَّ اسْتَفْتَى النَّاسُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ (وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ) فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. طرفه 2494 9 - باب إِذَا غَصَبَ جَارِيَةً فَزَعَمَ أَنَّهَا مَاتَتْ فَقُضِىَ بِقِيمَةِ الْجَارِيَةِ الْمَيِّتَةِ، ثُمَّ وَجَدَهَا صَاحِبُهَا، فَهْىَ لَهُ، وَيَرُدُّ الْقِيمَةَ، وَلاَ تَكُونُ الْقِيمَةُ ثَمَنًا وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ الْجَارِيَةُ لِلْغَاصِبِ لأَخْذِهِ الْقِيمَةَ، وَفِى هَذَا احْتِيَالٌ لِمَنِ اشْتَهَى، جَارِيَةَ رَجُلٍ لاَ يَبِيعُهَا، فَغَصَبَهَا وَاعْتَلَّ بِأَنَّهَا مَاتَتْ، حَتَّى يَأْخُذَ رَبُّهَا قِيمَتَهَا فَيَطِيبُ لِلْغَاصِبِ جَارِيَةَ غَيْرِهِ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَمْوَالُكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ»، «وَلِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». 6966 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُعْرَفُ بِهِ». طرفه 3188 ـــــــــــــــــــــــــــــ 6965 - (فذكر الحديث) أي تمام الحديث، وهو أن اليتيمة إذا كانت قليلة المال والجمال رغبوا عنها وتركوها، وإذا كانت [ذات] مال وجمال رغبوا فيها، فكما تركوها إذا كانت كذلك، فليس لهم أن يتزوجوها إذا كانت ذات مال وجمال رغبوا فيها إلا إذا أكلوا صداقها، وتمام الكلام في سورة النساء. باب إذا غصب جارية فزعم أنها ماتت فقُضي بقيمة الجارية 6966 - على بناء الفاعل، أي: حاكم من الحكام، وعلى بناء المجهول، غرضه من هذا الاعتراضُ على أبي حنيفة، فإنه قال: إذا قضى القاضي بقيمة الجارية دخلت الجارية في ملك الغاصب دخلًا حكميًّا؛ لأن البدل والمبدل لا يجتمعان في ملك شخص، والجمهور على خلافه، فإن القيمة إنما تكون إذا زالت العين المغصوبة، وما دامت باقية الحكم بالقيمة باطل، هذا وما ذكره من أن (لكل غادر لواءٌ يوم القيامة) لا يرد على أبي حنيفة؛ لأنه قائل بأن الغاصب آثم في فعله.

10 - باب

10 - بابٌ 6967 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، وَأَقْضِىَ لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا، فَلاَ يَأْخُذْ، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ». طرفه 2458 11 - باب فِي النِّكَاحِ 6968 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ، وَلاَ الثَّيِّبُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ». فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ إِذْنُهَا قَالَ «إِذَا سَكَتَتْ». وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ إِنْ لَمْ تُسْتَأْذَنِ الْبِكْرُ وَلَمْ تَزَوَّجْ. فَاحْتَالَ رَجُلٌ فَأَقَامَ شَاهِدَىْ زُورٍ أَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب كذا وقع من غير ترجمة، وإنما فعل ذلك لقرب الحديث الذي رواه فيه مما قبله، إلا أنه أعم منه. 6967 - (ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته) أدخل الفاء في خبر لعل تشبيهًا بعسى. ومعنى ألحن أفطن وأعرف (فإنما أقطع له قطعة من النار) أي ما يوصله إلى النار، استدل على أن حكم الحاكم لا يجعل الحرام حلالًا، إذ لو كان كذلك كان حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أولى بذلك. باب في النكاح 6968 - (مسلم) ضد الكافر (كثير) ضد القليل (لا تُنكح البكر حتى تُستأذن) بضم التاء على بناء المجهول، وكذا قوله: (و [لا] الثيب حتى تُستأمر) الحديث تقدم في أبواب النكاح، وإنما أورده ليعترض به على أبي حنيفة، فإنه قال: إذا ثبت بشاهدي زور نكاح امرأة يجوز له وطء المرأة، مع أن الزوج يعلم قطعًا أن الشهادة باطلة.

تَزَوَّجَهَا بِرِضَاهَا، فَأَثْبَتَ الْقَاضِى نِكَاحَهَا، وَالزَّوْجُ يَعْلَمُ أَنَّ الشَّهَادَةَ بَاطِلَةٌ، فَلاَ بَأْسَ أَنْ يَطَأَهَا، وَهْوَ تَزْوِيجٌ صَحِيحٌ. طرفه 5136 6969 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنِ الْقَاسِمِ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ وَلَدِ جَعْفَرٍ تَخَوَّفَتْ أَنْ يُزَوِّجَهَا وَلِيُّهَا وَهْىَ كَارِهَةٌ فَأَرْسَلَتْ إِلَى شَيْخَيْنِ مِنَ الأَنْصَارِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمُجَمِّعٍ ابْنَىْ جَارِيَةَ قَالاَ فَلاَ تَخْشَيْنَ، فَإِنَّ خَنْسَاءَ بِنْتَ خِذَامٍ أَنْكَحَهَا أَبُوهَا وَهْىَ كَارِهَةٌ، فَرَدَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ذَلِكَ. قَالَ سُفْيَانُ وَأَمَّا عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ عَنْ أَبِيهِ إِنَّ خَنْسَاءَ. طرفه 5138 6970 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تُنْكَحُ الأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ، وَلاَ تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ». قَالُوا كَيْفَ إِذْنُهَا قَالَ «أَنْ تَسْكُتَ». وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ إِنِ احْتَالَ إِنْسَانٌ بِشَاهِدَىْ زُورٍ عَلَى تَزْوِيجِ امْرَأَةٍ ثَيِّبٍ بِأَمْرِهَا، فَأَثْبَتَ الْقَاضِى نِكَاحَهَا إِيَّاهُ، وَالزَّوْجُ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَتَزَوَّجْهَا قَطُّ، فَإِنَّهُ يَسَعُهُ هَذَا النِّكَاحُ، وَلاَ بَأْسَ بِالْمُقَامِ لَهُ مَعَهَا. طرفه 5136 6971 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ ذَكْوَانَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «الْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ». قُلْتُ إِنَّ الْبِكْرَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 6969 - (أن امرأة من ولد جعفر) قال بعضهم: أراد به الإمام جعفر الصادق، ومنعه شيخ الإسلام بأن هذا لا يستقيم؛ لأن مولد جعفر الصادق سنة ثمانين، وكانت وفاة عبد الرحمن بن حارثة سنة ثلاث وتسعين، وقد أخبر عبد الرحمن هذه المرأة بقضية خنساء، فلا يعقل ما قاله؛ لأن عند موت عبد الرحمن يكون عمر جعفر ثلاث عشرة، قال: والذي يغلب على الظن أنه جعفر بن أبي طالب، قلت: الاعتراض إنما يتوجه على هذه الرواية المقيدة بولد جعفر، وأما على رواية آل جعفر كما أخرجه الإسماعيلي، يمكن أن يكون جعفر هو الصادق، فإن الآل من الولد (عبد الرحمن ومجمع ابني جارية) مجمع بكسر الميم المشددة، وجارية: ضد الغلام (خنساء بنت خِدام) بكسر الخاء المعجمة وقال مهملة. 6971 - (أبو عاصم) هو النبيل الضحاك ابن مخلد (ابن جريج) بضم الجيم على وزن المصغر.

12 - باب ما يكره من احتيال المرأة مع الزوج والضرائر وما نزل على النبى - صلى الله عليه وسلم - فى ذلك

تَسْتَحْيِى قَالَ «إِذْنُهَا صُمَاتُهَا». وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ إِنْ هَوِىَ رَجُلٌ جَارِيَةً يَتِيمَةً أَوْ بِكْرًا، فَأَبَتْ فَاحْتَالَ فَجَاءَ بِشَاهِدَىْ زُورٍ عَلَى أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا، فَأَدْرَكَتْ فَرَضِيَتِ الْيَتِيمَةُ، فَقَبِلَ الْقَاضِى شَهَادَةَ الزُّورِ، وَالزَّوْجُ يَعْلَمُ بِبُطْلاَنِ ذَلِكَ، حَلَّ لَهُ الْوَطْءُ. طرفه 5137 12 - باب مَا يُكْرَهُ مِنِ احْتِيَالِ الْمَرْأَةِ مَعَ الزَّوْجِ وَالضَّرَائِرِ وَمَا نَزَلَ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي ذَلِكَ 6972 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ (وقال بعض الناس: إن هوِيَ رجل جارية) بكسر الواو، أي: أحب (يتيمة أو بكرًا) أي بالغة (فأبت واحتال فجاء بشاهدي زور على أنه تزوجها فأدركت فرضيت اليتيمة فقبل القاضي شهادة الزور، والزوج يعلم بطلان ذلك حل له الوطء) تقديره أدركت الصغيرة بأن بلغت بإحدى أسباب البلوغ، فرضيَت بعد البلوغ، وهذه جملة معترضة، وقوله: فقبل القاضي شهادة الزور، متفرع على: فجاء بشاهدي زور، قال بعض الشارحين: قوله: فأدركت، ظاهره أنها بعد الشهادة بلغت، ويحتمل أن يريد أنه جاء بشاهدين على أنها أدركت ورضيت فتزوجها، فيكون داخلًا تحت الشهادة، وهذا الاحتمال الذي أبداه فاسد، أما أولًا فلأن المسألة في كتب الحنفية موضوعة في الصغيرة، ولفظ اليتيمة أيضًا إنما هو لذلك، ألا ترى أنه عطف عليه بكرًا، أي: بالغة، وأما ثانيًا فلأن قوله: فأدركت بعده، قوله فتزوجها، صريح في أن الإدراك إنما هو بعد النكاح ودخوله تحت الشهادة جائز، لكن لا على قيده بل بمعنى أن الشهود شهدوا بأنه تزوجها وهي صغيرة، ثم لما بلغت رضيَت والحال أن الشهود كاذبون في النكاح وفي الرضا بعد البلوغ. باب ما يكره من احتياله مع الزوج والضرائر 6972 - (عبيد) بضم العين مصغر (أبو أسامة) بضم الهمزة، روى في الباب حديث شرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العسل في بيت حفصة، واتفاق عائشة وطائفة من نساء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الاحتيال عليه في ذلك، وقد الحديث في أبواب الطلاق، وأشرنا إلى أن الصواب أن التي شرب عندها العسل هي زينب، لما روى ابن عباس عن عمر لما سأله من المرأتان

عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُحِبُّ الْحَلْوَاءَ، وَيُحِبُّ الْعَسَلَ، وَكَانَ إِذَا صَلَّى الْعَصْرَ أَجَازَ عَلَى نِسَائِهِ فَيَدْنُو مِنْهُنَّ، فَدَخَلَ عَلَى حَفْصَةَ، فَاحْتَبَسَ عِنْدَهَا أَكْثَرَ مِمَّا كَانَ يَحْتَبِسُ، فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ فَقِيلَ لِى أَهْدَتِ امْرَأَةٌ مِنْ قَوْمِهَا عُكَّةَ عَسَلٍ، فَسَقَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْهُ شَرْبَةً. فَقُلْتُ أَمَا وَاللَّهِ لَنَحْتَالَنَّ لَهُ. فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِسَوْدَةَ قُلْتُ إِذَا دَخَلَ عَلَيْكِ فَإِنَّهُ سَيَدْنُو مِنْكِ فَقُولِى لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَكَلْتَ مَغَافِيرَ فَإِنَّهُ سَيَقُولُ لاَ. فَقُولِى لَهُ مَا هَذِهِ الرِّيحُ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَشْتَدُّ عَلَيْهِ أَنْ تُوجَدُ مِنْهُ الرِّيحُ، فَإِنَّهُ سَيَقُولُ سَقَتْنِى حَفْصَةُ شَرْبَةَ عَسَلٍ. فَقُولِى لَهُ جَرَسَتْ نَحْلُهُ الْعُرْفُطَ. وَسَأَقُولُ ذَلِكَ، وَقُولِيهِ أَنْتِ يَا صَفِيَّةُ. فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى سَوْدَةَ، قُلْتُ تَقُولُ سَوْدَةُ وَالَّذِى لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَقَدْ كِدْتُ أَنْ أُبَادِرَهُ بِالَّذِى قُلْتِ لِى، وَإِنَّهُ لَعَلَى الْبَابِ فَرَقًا مِنْكِ، فَلَمَّا دَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَكَلْتَ مَغَافِيرَ قَالَ «لاَ». قُلْتُ فَمَا هَذِهِ الرِّيحُ قَالَ «سَقَتْنِى حَفْصَةُ شَرْبَةَ عَسَلٍ». قُلْتُ جَرَسَتْ نَحْلُهُ الْعُرْفُطَ. فَلَمَّا دَخَلَ عَلَىَّ قُلْتُ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ. وَدَخَلَ عَلَى صَفِيَّةَ فَقَالَتْ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ. فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى حَفْصَةَ قَالَتْ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلاَ أَسْقِيكَ مِنْهُ قَالَ «لاَ حَاجَةَ لِى بِهِ». قَالَتْ تَقُولُ سَوْدَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ لَقَدْ حَرَمْنَاهُ. قَالَتْ قُلْتُ لَهَا اسْكُتِى. طرفه 4912 ـــــــــــــــــــــــــــــ اللتان تظاهرتا؟ قال عمر: هما حفصة وعائشة في حديث طويل، هذا ونشير إلى بعض ألفاظ الحديث: (أكلت مغافير) بالغين المعجمة جمع مغفور، وهو صمغ العرفط -بالعين المهملة- على وزن الهدهد قيل: والعرفط شجر الطلح (قالت سودة: لقد كذبتِ أنا أناديه) بالنون من النداء، وبالباء الموحدة أي أبدًا معه الكلام (وإنه لعلى الباب فرقًا منك) بفتح الفاء والراء؛ أي: خوفًا، تقول هذا الكلام لعائشة، فإنها كانت هي الأصل في هذه القصة (تقول سودة: سبحان الله لقد حَرَمنَاه) بتخفيف الراء، أي: جعلناه محرومًا من شرب العسل، وسبحان الله للتعجب من سراية مكرهنَّ على مثله. قال بعضهم: فإن قلت: كيف جاز مثل هذه الخديعة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قلت: هذا من غيرة النساء. ومثله معفو عنه، وأنا أقول: لو كان معفوًا عنه فأي معنى لقوله تعالى: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4].

13 - باب ما يكره من الاحتيال فى الفرار من الطاعون

13 - باب مَا يُكْرَهُ مِنَ الاِحْتِيَالِ فِي الْفِرَارِ مِنَ الطَّاعُونِ 6973 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - خَرَجَ إِلَى الشَّأْمِ، فَلَمَّا جَاءَ بِسَرْغَ بَلَغَهُ أَنَّ الْوَبَاءَ وَقَعَ بِالشَّأْمِ فَأَخْبَرَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا سَمِعْتُمْ بِأَرْضٍ فَلاَ تَقْدَمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلاَ تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ». فَرَجَعَ عُمَرُ مِنْ سَرْغَ. وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عُمَرَ إِنَّمَا انْصَرَفَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. طرفه 5729 6974 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَنَا عَامِرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ أَنَّهُ سَمِعَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ يُحَدِّثُ سَعْدًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ذَكَرَ الْوَجَعَ فَقَالَ «رِجْزٌ - أَوْ عَذَابٌ - عُذِّبَ بِهِ بَعْضُ الأُمَمِ، ثُمَّ بَقِىَ مِنْهُ بَقِيَّةٌ، فَيَذْهَبُ الْمَرَّةَ وَيَأْتِى الأُخْرَى، فَمَنْ سَمِعَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ما يكره من [الاحتيال في] الفرار من الطاعون 6973 - (أن عمر بن الخطاب خرج إلى الشام فلما جاء بسِرغ) -بسين مهملة وغين معجمة- موضع بوادي تبوك بينه وبين المدينة ثلاث عشر مرحلة، ومنع صرفه لأنه عَلَمُ القرية أو باعتبار البقعة (بلغه أن الوباء قد وقع بالشام) الوباء بالمد والقصر: المرض العام، والطاعون منه معروف، تقدم الكلام عليه في أبواب الطب في حديث طويل، وغرضه أن الفرار فيه شبهة الحيلة في دفع الموت (وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها فرارًا) قيد الفرار دل على أن الخروج لأمر آخر لا بأس به. فإن قلت: الإيمان بالقدر من شعب الإيمان، فلم منع الخروج عن موضع وقع به، والدخول في أرض يكون فيها؟ قلت: دفعًا لوسوسة الشيطان، فإن الفارَّ إذا سَلِم بقوله: لو لم أخرج لما نجوت، والداخل إذا مات يقول لو لم أدخل لم أمت. فسدَّ حكيم الدين - صلى الله عليه وسلم - على الشيطان طريق الوسوسة. 6974 - (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكر الوجع) يريد به الطاعون (فقال: رجزٌ أو عذاب عُذب به بعض الأمم) الرُجز بضم الراء العذاب، ولذلك شك في أحدهما، ويطلق على الإثم كما في قوله تعالى: {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} [المدثر: 5] إطلاقًا للمسبب على السبب، وفي الحديث دلالة على قبول خبر الواحد.

14 - باب فى الهبة والشفعة

بِهِ بِأَرْضٍ فَلاَ يَقْدَمَنَّ عَلَيْهِ، وَمَنْ كَانَ بِأَرْضٍ وَقَعَ بِهَا فَلاَ يَخْرُجْ فِرَارًا مِنْهُ». طرفه 3473 14 - باب فِي الْهِبَةِ وَالشُّفْعَةِ وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ إِنْ وَهَبَ هِبَةً أَلْفَ دِرْهَمٍ أَوْ أَكْثَرَ، حَتَّى مَكَثَ عِنْدَهُ سِنِينَ، وَاحْتَالَ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ رَجَعَ الْوَاهِبُ فِيهَا، فَلاَ زَكَاةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَخَالَفَ الرَّسُولَ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْهِبَةِ وَأَسْقَطَ الزَّكَاةَ. 6975 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِىِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ، لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ». طرفه 2589 6976 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ إِنَّمَا جَعَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الشُّفْعَةَ فِي كُلِّ مَا لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ وَصُرِّفَتِ الطُّرُقُ فَلاَ شُفْعَةَ. وَقَالَ بَعْضُ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب في الهبة والشفعة 6975 - أي في الاحتيال فيهما (وقال بعض الناس: إن وهب هبة) اعترض به على أبي حنيفة في قوله بجواز الرجوع في الهبة، كان من رجع عن هبة سنين لم تجب الزكاة لا عليه ولا على الموهوب منه، قال البخاري (خالف الرسول - صلى الله عليه وسلم -) أراد قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه). فإن قلت: سائر المذاهب جوزوا رجوع الأصول عن الفروع؟ قلت: أخرجه الحديث الآخر "لا يرجع إلا الوالد من ولده" وعلى هذا يحتمل أن يكون مراد البخاري من قوله: خالف الرسول، هو أن في الحديث: "لا يرجع إلا الوالد من ولده" وأبو حنيفة جوز الرجوع إلا رجوع الوالد عن الولد، وهذه عين المخالفة (ليس لنا مثل السوء) أي لا يليق بنا، أشار به بعد النهي عن الرجوع توكيدًا في الزجر. 6976 - (مَعمَر) بفتح الميمين وعين ساكنة (فإذا وقعت الحدود، وصرفت الطرق فلا شفعة) استدل به على نفي شفعة الجوار لأن لا لنفي الجنس، ولو كان للجار شفعة لاستثناه؛ لأنه بصدد البيان، ثم قال: إلا أبا حنيفة مع مخالفته الحديث، ناقض قوله فإنه قال: إذا

النَّاسِ الشُّفْعَةُ لِلْجِوَارِ. ثُمَّ عَمَدَ إِلَى مَا شَدَّدَهُ فَأَبْطَلَهُ، وَقَالَ إِنِ اشْتَرَى دَارًا فَخَافَ أَنْ يَأْخُذَ الْجَارُ بِالشُّفْعَةِ، فَاشْتَرَى سَهْمًا مِنْ مِائَةِ سَهْمٍ، ثُمَّ اشْتَرَى الْبَاقِىَ، وَكَانَ لِلْجَارِ الشُّفْعَةُ فِي السَّهْمِ الأَوَّلِ، وَلاَ شُفْعَةَ لَهُ فِي بَاقِى الدَّارِ، وَلَهُ أَنْ يَحْتَالَ فِي ذَلِكَ. طرفه 2213 6977 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ الشَّرِيدِ قَالَ جَاءَ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى مَنْكِبِى، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ إِلَى سَعْدٍ فَقَالَ أَبُو رَافِعٍ لِلْمِسْوَرِ أَلاَ تَأْمُرُ هَذَا أَنْ يَشْتَرِىَ مِنِّى بَيْتِى الَّذِى فِي دَارِى. فَقَالَ لاَ أَزِيدُهُ عَلَى أَرْبَعِمِائَةٍ، إِمَّا مُقَطَّعَةٍ وَإِمَّا مُنَجَّمَةٍ. قَالَ أُعْطِيتُ خَمْسَمِائَةٍ نَقْدًا، فَمَنَعْتُهُ، وَلَوْلاَ أَنِّى سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «الْجَارُ أَحَقُّ بِصَقَبِهِ». مَا بِعْتُكَهُ أَوْ قَالَ مَا أَعْطَيْتُكَهُ. قُلْتُ لِسُفْيَانَ إِنَّ مَعْمَرًا لَمْ يَقُلْ هَكَذَا. قَالَ لَكِنَّهُ قَالَ لِى هَكَذَا. وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَبِيعَ الشُّفْعَةَ فَلَهُ أَنْ يَحْتَالَ حَتَّى يُبْطِلَ الشُّفْعَةَ فَيَهَبُ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِى الدَّارَ، وَيَحُدُّهَا وَيَدْفَعُهَا إِلَيْهِ، وَيُعَوِّضُهُ الْمُشْتَرِى أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَلاَ يَكُونُ لِلشَّفِيعِ فِيهَا شُفْعَةٌ. طرفه 2258 6978 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ عَنْ أَبِى رَافِعٍ أَنَّ سَعْدًا سَاوَمَهُ بَيْتًا بِأَرْبَعِمِائَةِ مِثْقَالٍ فَقَالَ لَوْلاَ ـــــــــــــــــــــــــــــ خاف المشتري من أن يأخذ الجار بالشفعة لو احتال بأن اشترى سهمًا من مئة سهم، ثم اشترى الباقي كان للجار الشفعة في السهم الأول لا غير. فإن قلت: روى في الباب (الجار أحق بسقبه) فكيف يصح اعتراضه على أبي حنيفة؟ قلت: ليس معنى السقب الشفعة، قال ابن الأثير: السقب، ويقال بالصاد القرب، وبه استدل من أثبت الشفعة للجار، ولا دليل فيه؛ لأن المراد الجار بسبب قربه أحق من الغير في الرعاية والإحسان، وأيضًا الجار يطلق على الشريك، وسوق أحاديث الباب كلها للاعتراض عليه بأنه جوز الحيل في إبطال الشفعة التي أثبتها الشارع. 6977 - 6978 - (ميسرة) ضد الميمنة (المسور بن مخرمة) بكسر الميم في الأول وفتحه في الثاني (أبو رافع) القبطي مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - و (سعد) هو ابن أبي وقاص، وحديثه صريح في أن السّقب لم يُرِد به الشفعة، وإلا لباعه فيأخذه سعد بالشفعة، وإنما نزل معه في الثمن ولم يعطها لغيره رعاية للجوار، والله أعلم.

15 - باب احتيال العامل ليهدى له

أَنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «الْجَارُ أَحَقُّ بِصَقَبِهِ». لَمَا أَعْطَيْتُكَ. وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ إِنِ اشْتَرَى نَصِيبَ دَارٍ، فَأَرَادَ أَنْ يُبْطِلَ الشُّفْعَةَ، وَهَبَ لاِبْنِهِ الصَّغِيرِ وَلاَ يَكُونُ عَلَيْهِ يَمِينٌ. طرفه 2258 15 - باب احْتِيَالِ الْعَامِلِ لِيُهْدَى لَهُ 6979 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى حُمَيْدٍ السَّاعِدِىِّ قَالَ اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلاً عَلَى صَدَقَاتِ بَنِى سُلَيْمٍ يُدْعَى ابْنَ اللُّتَبِيَّةِ، فَلَمَّا جَاءَ حَاسَبَهُ قَالَ هَذَا مَالُكُمْ وَهَذَا هَدِيَّةٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «فَهَلاَّ جَلَسْتَ فِي بَيْتِ أَبِيكَ وَأُمِّكَ، حَتَّى تَأْتِيَكَ هَدِيَّتُكَ إِنْ كُنْتَ صَادِقًا». ثُمَّ خَطَبَنَا فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّى أَسْتَعْمِلُ الرَّجُلَ مِنْكُمْ عَلَى الْعَمَلِ مِمَّا وَلاَّنِى اللَّهُ، فَيَأْتِى فَيَقُولُ هَذَا مَالُكُمْ وَهَذَا هَدِيَّةٌ أُهْدِيَتْ لِى. أَفَلاَ جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ حَتَّى تَأْتِيَهُ هَدِيَّتُهُ، وَاللَّهِ لاَ يَأْخُذُ أَحَدٌ مِنْكُمْ شَيْئًا بِغَيْرِ حَقِّهِ، إِلاَّ لَقِىَ اللَّهَ يَحْمِلُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَلأَعْرِفَنَّ أَحَدًا مِنْكُمْ لَقِىَ اللَّهَ يَحْمِلُ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ، أَوْ بَقَرَةً لَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــ باب احتيال العامل ليُهدى له 6979 - روى في الباب حديث عبد الله بن اللّتبية وهو أنه كان عاملًا على صدقات بني سليم، فلما جاء قال (هذا لكم وهذا أهدي له) الحديث سلف في أبواب الزكاة، وموضع الدلالة هنا قيل: من جهة أنما يملكه إنما كان لعلمه بأنه عامل، وقيل: حيلة العامل ليهدى له يقع بأن يسامح من عليه ليهدي له، وليس في الحديث ما يدل على شيء مما ذكروه، بل غرض البخاري أن الإنسان يطلب العمل لا لله بل لأن يتوسل به أن يهدى له، وهذه الهدية سُحْتٌ، فإنهم إنما يهدون له لكونه عاملًا عليهم، فدل الحديث على حرمة هذا القصد من العامل، وحرمة أخذه، ولذلك ليس في الحديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذ منه ما أخذه، بل السياق يدل على أن الذي أخذه مردود [على] من أخذ منه (فلأعرفنَّ أحدًا منكم لقي الله يحمل بعيرًا له رُغاء) نفى الملزوم بنفي لازمه، أي لا يفعل أحد ما يلزمه هذا الوصف، وهو حمل ما علة، رغائه يوم القيامة، والرغاء -بضم الراء وغين معجمة مع المد-

خُوَارٌ، أَوْ شَاةً تَيْعَرُ». ثُمَّ رَفَعَ يَدَهُ حَتَّى رُئِىَ بَيَاضُ إِبْطِهِ يَقُولُ «اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ». بَصْرَ عَيْنِى وَسَمْعَ أُذُنِى. طرفه 925 6980 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ عَنْ أَبِى رَافِعٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الْجَارُ أَحَقُّ بِصَقَبِهِ». وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ إِنِ اشْتَرَى دَارًا بِعِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَلاَ بَأْسَ أَنْ يَحْتَالَ حَتَّى يَشْتَرِىَ الدَّارَ بِعِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَيَنْقُدَهُ تِسْعَةَ آلاَفِ دِرْهَمٍ وَتِسْعَمِائَةَ دِرْهَمٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ، وَيَنْقُدَهُ دِينَارًا بِمَا بَقِىَ مِنَ الْعِشْرِينَ الأَلْفَ، فَإِنْ طَلَبَ الشَّفِيعُ أَخَذَهَا بِعِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَإِلاَّ فَلاَ سَبِيلَ لَهُ عَلَى الدَّارِ، فَإِنِ اسْتُحِقَّتِ الدَّارُ، رَجَعَ الْمُشْتَرِى عَلَى الْبَائِعِ بِمَا دَفَعَ إِلَيْهِ، وَهْوَ تِسْعَةُ آلاَفِ دِرْهَمٍ وَتِسْعُمِائَةٍ وَتِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ دِرْهَمًا وَدِينَارٌ، لأَنَّ الْبَيْعَ حِينَ اسْتُحِقَّ انْتَقَضَ الصَّرْفُ فِي الدِّينَارِ، فَإِنْ وَجَدَ بِهَذِهِ الدَّارِ عَيْبًا وَلَمْ تُسْتَحَقَّ، فَإِنَّهُ يَرُدُّهَا عَلَيْهِ بِعِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ. قَالَ فَأَجَازَ هَذَا الْخِدَاعَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ دَاءَ وَلاَ خِبْثَةَ وَلاَ غَائِلَةَ». طرفه 2258 6981 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ أَنَّ أَبَا رَافِعٍ سَاوَمَ سَعْدَ بْنَ مَالِكٍ بَيْتًا بِأَرْبَعِمِائَةِ مِثْقَالٍ وَقَالَ لَوْلاَ أَنِّى سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «الْجَارُ أَحَقُّ بِصَقَبِهِ». مَا أَعْطَيْتُكَ. طرفه 2258 ـــــــــــــــــــــــــــــ صوت الإبل (والخوار) -بضم الخاء المعجمة- صَوت البقر (أو بشاة تيعر) بفتح التاء الفوقانية، وسكون التحتانية، مضارع يَعَرَ، بالتحتانية على وزن ضرب، والمصدر منه يعار على وزن منار صوت الشاة (بَصُرَ عيني وسمع أذني) بفتح الباء وضم الصاد، وفتح السين وكسر الميم، وضبطه القاضي بسكون الصاد والميم على المصدر، قال: والدليل عليه عدم ذكر المفعول بعده، ولا يخفى ضعفه، ويؤيد الأول ما في الرواية الأخرى "بصرت عيني وسمعت أذني". 6981 - ثم روى حديث أبي رافع بيعه لبيت لسعد بن أبي وقاص (الجار أحق بشفعته) فيه أبو نعيم، ثم رواه عن مسدد وشيخه في الباب قبله محمد بن يوسف، ولا مناسبة له لحديث هدية العمال، ولا يدخل تحت ترجمة احتيال العامل ليهدى له، فلو رواه بهذا الإسناد أيضًا في الباب قبله كان أوفق، ثم شنع على أبي حنيفة في الاحتيال لإسقاط الشفعة كما هو دأبه.

91 - كتاب التعبير

91 - كتاب التعبير 1 - باب أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْوَحْىِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ 6982 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. وَحَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ قَالَ الزُّهْرِىُّ فَأَخْبَرَنِى عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا قَالَتْ أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْوَحْىِ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ فِي النَّوْمِ، فَكَانَ لاَ يَرَى رُؤْيَا إِلاَّ جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب التعبير يقال عبّر الرؤيا بالتشديد والتخفيف، أي: أولها بما تؤول إليه، أخذها من العبور وهو التجاوز؛ لأنها أكثر ما تكون على خلاف الظاهر، وقد أكثر الناس الكلام في سبب الرؤيا، والذي يعوَّل عليه أن رؤية البصر إنما هي بخلق الله تعالى، فكما يخلق في حال النوم على ما ألفه الشخص من الأمور اللائقة به، وحال النوم تابعة لليقظة، ولذلك أصدق المنامات كما ذكره علماء التعبير منامات الملوك وهلم جرًا على النسبة، ولذلك لا ترى منامات العوام تصدق إلا نادرًا. (أول ما بدئ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الوحي) من تباشير النبوة، وقد سلف في أول الكتاب أنه كان من أيام نبوته ستة أشهر بالرؤيا الصالحة أي الصادقة كما في الرواية الأخرى. 6982 - (بكير) بضم الباء مصغر، وكذا (عقيل)، روى حديث عائشة أول ما بدئ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرؤيا الصادقة، وقد سلف الحديث في أول الكتاب مع شرحه بما لا مزيد عليه وأشرنا إلى أن الحديث من مراسيل الصحابة، فإن عائشة لم تدرك أوائل النبوة، ونشير إلى بعض ألفاظ الحديث لبعد العهد (كان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح) فلق الصبح ضياؤه، ويطلق على نفس الصبح كما في قوله تعالى {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}

فَكَانَ يَأْتِى حِرَاءً فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ - وَهْوَ التَّعَبُّدُ - اللَّيَالِىَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ، وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ فَتُزَوِّدُهُ لِمِثْلِهَا، حَتَّى فَجِئَهُ الْحَقُّ وَهْوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ فَجَاءَهُ الْمَلَكُ فِيهِ فَقَالَ اقْرَأْ. فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «فَقُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ فَأَخَذَنِى فَغَطَّنِى حَتَّى بَلَغَ مِنِّى الْجَهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِى. فَقَالَ اقْرَأْ. فَقُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ. فَأَخَذَنِى فَغَطَّنِى الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّى الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِى فَقَالَ اقْرَأْ. فَقُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ. فَغَطَّنِى الثَّالِثَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّى الْجَهْدُ، ثُمَّ أَرْسَلَنِى فَقَالَ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِى خَلَقَ». حَتَّى بَلَغَ (مَا لَمْ يَعْلَمْ) فَرَجَعَ بِهَا تَرْجُفُ بَوَادِرُهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ فَقَالَ «زَمِّلُونِى زَمِّلُونِى». فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ فَقَالَ «يَا خَدِيجَةُ مَا لِى». وَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ وَقَالَ «قَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِى». فَقَالَتْ لَهُ كَلاَّ أَبْشِرْ، فَوَاللَّهِ لاَ يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَقْرِى الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ. ثُمَّ انْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَىٍّ - وَهْوَ ابْنُ عَمِّ خَدِيجَةَ أَخُو أَبِيهَا، وَكَانَ امْرَأً تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْعَرَبِىَّ فَيَكْتُبُ بِالْعَرَبِيَّةِ مِنَ الإِنْجِيلِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكْتُبَ، وَكَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــ [الفلق: 1] (فكان يأتي حراء) بكسر الحاء والمد والقصر تصرف ولا تصرف، قيل كان مجيئه إلى حراء لأن المعتكف بها يشاهد الكعبة، وكان قبله يعتكف بها عبد المطلب في رمضان (فيتحنث) أي: يتجنب الحنث، وهو الإثم، فسره بالتعبد لأنه من لوازمه (الليالي ذوات العدد) أي ليالي كثيرة أو قليلة، ويؤيد الأول وصفه بذوات العدد، أي: أيامًا لها قدر، والتردد والاشتياق إلى أهله وهو ظرف للحنث، وما في. . . . تفسير له (حتى فجئه الحق) بفتح [الفاء] وكسر الجيم، يقال فجئ، وفجأ والمصدر منه فجأة بضم الفاء، أي: جاء بغتة، وكذا فاجأه (فغطني حتى بلغ مني الجهد) الغطّ: العصر الشديد، ويجوز في الجهد الرفع أي: بلغ المشقة مني غايته، والنصب، أي: بلغ الملك من المشقة، أو طاقتي، أو وسعي فسقط ما قيل: إن البشر لا تقوى على قوة الملك فلا وجه للنصب، على أنه لو حمل على طاقة الملك فلا وجه لذلك القول؛ لأنه لم يكن في صورة الملك، وسلف منا أن الحكمة في ذلك الغط الشديد ابتلاؤه في الأمانة والديانة، هل يخترع من عند نفسه قراءة كما يفعل واحد منا إذا وقع في بلية (بوادره) بالباء جمع بادرة، لحم بين المنكب والعنق، قال الجوهري: جمع لا مفرد له (زملوني) أي دثروني، يقال زملته، أي: لففته (لا يخزيك الله)

شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِىَ - فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ أَىِ ابْنَ عَمِّ اسْمَعْ مِنِ ابْنِ أَخِيكَ. فَقَالَ وَرَقَةُ ابْنَ أَخِى مَاذَا تَرَى فَأَخْبَرَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَا رَأَى فَقَالَ وَرَقَةُ هَذَا النَّامُوسُ الَّذِى أُنْزِلَ عَلَى مُوسَى، يَا لَيْتَنِى فِيهَا جَذَعًا أَكُونُ حَيًّا، حِينَ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَوَمُخْرِجِىَّ هُمْ». فَقَالَ وَرَقَةُ نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمَا جِئْتَ بِهِ إِلاَّ عُودِىَ، وَإِنْ يُدْرِكْنِى يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا. ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّىَ، وَفَتَرَ الْوَحْىُ فَتْرَةً حَتَّى حَزِنَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِيمَا بَلَغَنَا حُزْنًا غَدَا مِنْهُ مِرَارًا كَىْ يَتَرَدَّى مِنْ رُءُوسِ شَوَاهِقِ الْجِبَالِ، فَكُلَّمَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ لِكَىْ يُلْقِىَ مِنْهُ نَفْسَهُ، تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا. فَيَسْكُنُ لِذَلِكَ جَأْشُهُ وَتَقِرُّ نَفْسُهُ فَيَرْجِعُ، فَإِذَا طَالَتْ عَلَيْهِ فَتْرَةُ الْوَحْىِ غَدَا لِمِثْلِ ذَلِكَ، فَإِذَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ـــــــــــــــــــــــــــــ بالخاء المعجمة من الخزي، ويروى بالحاء المهملة من الحزن (هذا الناموس الذي أنزل على موسى) الناموس فاعول من لمست السِّرَّ: كتمته، يقال لصاحب سر الخير: ناموس، كما يقال لصاحب سر الشر جاسوس (يا ليتني فيها جَذعًا) -بفتح الجيم وذال معجمة- أي: شابًا قويًّا، والضمير لأيام النبوة، وانتصاب جذعًا على الحال من الضمير الذي في الظرف، أو نُصب بليت على لغة من ينصب الخبرين بحرف التشبيه كقوله: ......................... ... إن حراسنا أسدا (أنصرك نصرًا مؤزرًا) أي قويًّا يقال: آزره وأزره بالمد والقصر، وأزَّره بالتشديد بمعنى، من الأزر، وهو القوة (ثم لم ينشب ورقة) أي لم يلبث (أن توفي) بدل اشتمال من ورقة (وفتر الوحي) أي انقطع (حتى حزن النبي - صلى الله عليه وسلم - حزنًا غدا منه مرارًا كي يتردى من رؤوس شواهق الجبال) جمع شاهق وهو أعلى الجبل، وفواعل جمع فاعل شاذ (فكلما أوفى بذروة جبل) أي: وصل وضمَّنه معنى اللصوق فَعَدَّاها بالباء، وذِروة الشيء بكسر الذال المعجمة أعلاه (تبدى له جبريل) بفتح المثناة فوق، وتشديد الموحدة من البدو وهو الظهور، وصيغة الفعل

2 - باب رؤيا الصالحين

ذَلِكَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (فَالِقُ الإِصْبَاحِ) ضَوْءُ الشَّمْسِ بِالنَّهَارِ، وَضَوْءُ الْقَمَرِ بِاللَّيْلِ. طرفه 3 2 - باب رُؤْيَا الصَّالِحِينَ وَقَوْلِهِ تَعَالَى (لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لاَ تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا). 6983 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الرُّؤْيَا الْحَسَنَةُ مِنَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ». طرفه 6994 ـــــــــــــــــــــــــــــ للدلالة على أنه كان من مسافة بعيدة (فقال يا محمد إنك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حقًّا، فيسكن لذلك جأشه) بفتح الجيم وسكون الهمزة أي قلقه، ويطلق على النفس أيضًا. باب رؤيا الصالحين قد سلف منا آنفًا أن الرؤيا إنما هي تُخْلَقُ في النائم، كما تخلق في اليقطان، واستدل على أن منام الصالحين يصدق بدليل قوله تعالى: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ} [الفتح: 27] وكانت هذه الرؤيا رآها وهو في الحديبية، لما حلق وكبر وكان قد أخبر أصحابه أنه رأى أنه وأصحابه يطوفون بالبيت، قال له عمر: ألم تقل إنا داخلو مكة طائفون بالبيت؟ فقال: هل قلت لك في هذه السنة؟ قال لا قال فأنت داخل وطائف فأنزل هذه الآية. 6983 - (الرؤيا الصالحة الحسنة من الرجل الصالح جزء من سنة وأربعين جزءًا من النبوة) قيد الرؤيا بالحسنة لإخراج أضغاث الأحلام، وقيد الرجل بالصالح لإخراج الفاسق، وهذا لا يستلزم أن يكون جزءًا من حقيقة النبوة لأنه محال ظاهر، بل المراد المشابهة من الاطلاع على المغيبات وعالم الملكوت، ومن قيده بستة وأربعين فأكثرهم على أن ذلك لأن نبوته كانت ثلاثًا وعشرين، ستة أشهر منها بالمنام، وقيل غير ذلك، لا يصح شيء منها لاختلاف الروايات في ذلك على عشرة أوجه أقلها من ستة وعشرين، وأكثرها من ستة

3 - باب الرؤيا من الله

3 - باب الرُّؤْيَا مِنَ اللَّهِ 6984 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى - هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ - قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا قَتَادَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الرُّؤْيَا مِنَ اللَّهِ، وَالْحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ». طرفه 3292 6985 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنِى ابْنُ الْهَادِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ رُؤْيَا يُحِبُّهَا فَإِنَّمَا هِىَ مِنَ اللَّهِ، فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ عَلَيْهَا، وَلْيُحَدِّثْ بِهَا، وَإِذَا رَأَى غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَكْرَهُ، فَإِنَّمَا هِىَ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَلْيَسْتَعِذْ مِنْ شَرِّهَا، وَلاَ يَذْكُرْهَا لأَحَدٍ، فَإِنَّهَا لاَ تَضُرُّهُ». ـــــــــــــــــــــــــــــ وسبعين، وأيضًا لم يقيده بنبوته بل أطلق النبوة، فالذي يجب المصير إليه أن هذا باعتبار الأشخاص وقرب حالهم من الأنبياء فالذي يكون أقرب يكون من أرباب ستة وعشرين وهكذا، ولا يلزم الوقوف أيضًا على ستة وسبعين؛ لأن مفهوم العدد لا يُعتبر في أمثاله كقوله: {إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [التوبة: 80] ليس معناه أنه إن زاد بعض فأولهم الأنبياء فإن رؤياهم وحي لا يمكن خلافه، ثم غير الأنبياء على قدر صدق أقوالهم، من كان أصدقهم كلامًا كان أصدقهم منامًا. إلى أدنى المؤمنين، فيكون صدق منامه نادرًا، فتكون رؤيا مثله جزءًا من ألف جزء من النبوة تقريبًا، والله أعلم. باب الرؤيا من الله 6984 - (زهير) بضم الزاي مصغر (الرؤيا [الصادقة] من الله والحلم من الشيطان) قال ابن الأثير: الرؤيا والحلم ما يراه النائم، لكن غلبت الرؤيا على الخير، والحلم ما يراه النائم لكن غلبت على الشر، ولذلك نُسب إلى الشيطان، وإن كان الكل بخلق الله فالنسبة إلى الشيطان مجازية. 6985 - (ابن الهادي) اسمه يزيد (وإذا رأى غير ذلك مما يكره فإنما هي من الشيطان فليستعذ بالله من شرها، ولا يذكرها لأحد) لأنه ربما فسرها وأخطأ في تفسيرها، والمنام كما وقع في الحديث لأول عابر وهو على رجل طائر. وحاصل ما ورد في الرؤيا الصالحة ثلاثة

4 - باب الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة

4 - باب الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ 6986 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ - وَأَثْنَى عَلَيْهِ خَيْرًا لَقِيتُهُ بِالْيَمَامَةِ - عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِى قَتَادَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنَ اللَّهِ، وَالْحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا حَلَمَ فَلْيَتَعَوَّذْ مِنْهُ وَلْيَبْصُقْ عَنْ شِمَالِهِ، فَإِنَّهَا لاَ تَضُرُّهُ». وَعَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَهُ. طرفه 3292 6987 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ أشياء: أن يحمد الله تعالى ويستبشر بها ولا يخبر بها إلا من يحبه، وما ورد في المكروهة أربعة أشياء: أن يتعوَّذ منها، ومن شر الشيطان، وينفث عن يساره ثلاثًا، أي يبصق، ولا يذكرها لأحد أصلًا. باب الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة 6986 - (مسدّد) بفتح الدال المشددة (وأثنى عليه خيرًا) هذا من كلام البخاري، وفاعل أثنى مسدد، والذي أثنى عليه عبد الله بن يحيى (الرؤيا الصالحة من الله). فإن قلت: ترجم على أن الرؤيا جزء من النبوة، فكيف يدل عليه: الرؤيا الصالحة من الله؟ قلت: اللام في الرؤيا الصالحة للعهد، وهى التي قال فيها: الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة. (وليبصق عن شماله) وفي رواية عن يساره، وذلك أن الشمال أخص من اليمين، فهو موضع طروف ذلك الخبيث، أو لأن القلب في ذلك الجانب فيقصده. 6987 - (غندر) بضم المعجمة وفتح الدال (رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة) اللام في المؤمن للعهد، وهو الرجل الصالح كما تقدم، وقد حققنا هذه المسألة آنفًا في باب رؤيا الصالحين فعليك به.

5 - باب المبشرات

6988 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ». رَوَاهُ ثَابِتٌ وَحُمَيْدٌ وَإِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَشُعَيْبٌ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 7017 6989 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنِى ابْنُ أَبِى حَازِمٍ وَالدَّرَاوَرْدِىُّ عَنْ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ». 5 - باب الْمُبَشِّرَاتِ ـــــــــــــــــــــــــــــ 6988 - (حُميد) بضم الحاء مصغر (قزعة) بالقاف وزاي معجمة وثلاث فتحات. 6989 - (ابن أبي حازم) بالحاء المهملة، عبد العزيز بن سلمة (والدَّرَاوَرْدي) -بفتح الدال- نسبة إلى البلد، واسمه عبد العزيز. باب المبشرات صفة موصوف مقدر أي المنامات المبشرات، قال الجوهري: بشر يبشر بضم الشين في المضارع، وأبشر وبشر بالتشديد، ثلاث لغات، والاسم منه البشارة بكسر الباء وضمهما، قلت: إنما سميَ الخبر السار بشارة لأن المخبر به يظهر أثر السرور على بشرته، ويقال بشِرت بكذا بكسر الشين أي: صرت ذا بشرة، أي مسرورًا، وقد روى الترمذي وابن ماجه والحاكم في قوله تعالى: {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [يونس: 64] هي الرؤيا الصالحة، واعلم أن هذه لا تقتضي أن الرجل الصالح لا يرى إلا المبشرات، بل يرى المنذرات أيضًا رفقًا به من الله؛ ليستعد له قبل الوقوع كما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن سيفه انقطع، ورأى البقر مذبوحًا حوله، وكان ذلك قتل أصحابه.

6 - باب رؤيا يوسف

6990 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لَمْ يَبْقَ مِنَ النُّبُوَّةِ إِلاَّ الْمُبَشِّرَاتُ». قَالُوا وَمَا الْمُبَشِّرَاتُ قَالَ «الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ». 6 - باب رُؤْيَا يُوسُفَ وَقَوْلِهِ تَعَالَى (إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّى رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِى سَاجِدِينَ * قَالَ يَا بُنَىَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ * وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ). وَقَوْلِهِ تَعَالَى (يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَاىَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّى حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِى إِذْ أَخْرَجَنِى مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِى وَبَيْنَ إِخْوَتِى إِنَّ رَبِّى لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِى مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِى مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّى فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِى مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِى بِالصَّالِحِينَ). فَاطِرٌ وَالْبَدِيعُ وَالْمُبْتَدِعُ وَالْبَارِئُ وَالْخَالِقُ وَاحِدٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــ 6990 - فإن قلت: قوله: (لم يبق من المبشرات إلا الرؤيا) كيف يصح وثم بشارة من غير الرؤيا؟ قلت: الحصر فيه إضافي بالنسبة فسره الرواية الأُخرى: "ذهبت النبوة وبقيت المبشرات" قالوا وما المبشرات؟ قال: "رؤيا المؤمن جزء من أجزاء النبوة". باب رؤيا يوسف (وقوله تعالى: {إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَاأَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ} [يوسف: 4]) ولما سجدوا له بمصر قال: {يَاأَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ} [يوسف: 100]) واختلف في المدة بين رؤياه وبين وقوعها، الأكثر أنها أربعون سنة، وقيل ثمانون، وقيل تسعون (فاطر، والبديع، والمبدع، والبارئ والخالق، واحد) فيه تسامح؛ لأن فاطر معناه الشاق من العدم؛ من فطرته

7 - باب رؤيا إبراهيم عليه السلام

مِنَ الْبَدْءِ بَادِئَةٍ. 7 - باب رُؤْيَا إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَقَوْلُهُ تَعَالَى (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْىَ قَالَ يَا بُنَىَّ إِنِّى أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّى أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِى إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ * فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِى الْمُحْسِنِينَ). قَالَ مُجَاهِدٌ (أَسْلَمَا) سَلَّمَا مَا أُمِرَا بِهِ. (وَتَلَّهُ) وَضَعَ وَجْهَهُ بِالأَرْضِ. 8 - باب التَّوَاطُؤُ عَلَى الرُّؤْيَا 6991 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنه - أَنَّ أُنَاسًا أُرُوا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ، وَأَنَّ أُنَاسًا أُرُوا أَنَّهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ـــــــــــــــــــــــــــــ شققته، والبديع بمعنى المخترع للشيء من غير مادة بيده ومثال، والبارئ خالق الشيء بريئًا من الخلل هذا على رواية الراء، وقد رواه أبو ذر والأكثرون البادئ بالدال، قال تعالى: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ} [العنكبوت: 20] قال الجوهري بدأ الخلق وأبدأه بمعنى {مِنَ الْبَدْوِ}: (بادية) أي: البدو، في قوله: ({وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ} [يوسف: 100]) ومعناه من البادية، قال بعض الشارحين: يحتمل أن يكون مراده أن ألفاظ معناه بادية، وهذا غلط من وجهين الأول: أنا أشرنا إلى أن البادئ بالدال رواية في موضع الراء، الثاني: أن البدو بالواو والبادية آخره تاء، وضحه بها الضمير والله الموفق. وأردف رؤيا يوسف برؤيا إبراهيم، ولم يورد فيه إلا الآية الكريمة: ({فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ} [الصافات: 102]) ومن أراد الوقوف على جلية الحال في أمر الذبيح فعليه بمطالعة تفسيرنا "غاية الأماني" فإنه يجد ما يقر عينه. باب التواطؤ في الرؤيا التواطؤ: التوافق كأن كل واحد منهما يطأ موطئ الآخر. 6991 - (بكير) بضم الباء مصغر، وكذا (عقيل). (أن أناسًا أُرُوا ليلة القدر) بضم الهمزة على بناء المجهول. فإن قلت: ترجم على التواطؤ وليس له ذكر في الحديث؟ قلت: قوله: إن أناسًا أُروا

9 - باب رؤيا أهل السجون والفساد والشرك

«الْتَمِسُوهَا فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ». طرفه 1158 9 - باب رُؤْيَا أَهْلِ السُّجُونِ وَالْفَسَادِ وَالشِّرْكِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى (وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّى أَرَانِى أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الآخَرُ إِنِّى أَرَانِى أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِى خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ * قَالَ لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِى رَبِّى إِنِّى تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ * وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَىْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ * يَا صَاحِبَىِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ) وَقَالَ الْفُضَيْلُ لِبَعْضِ الأَتْبَاعِ يَا عَبْدَ اللَّهِ (أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ * مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَنْ لاَ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ * يَا صَاحِبَىِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِى رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ قُضِىَ الأَمْرُ الَّذِى فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ * وَقَالَ لِلَّذِى ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِى عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ * وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّى أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ ليلة القدر في السبع الأواخر، وهو معنى التواطؤ، قال شيخ الإسلام: ولما كان السبع داخلًا في العشر وناس أروها في السبع الأواخر وآخرون في العشر الأواخر، وكان السبع داخلًا في العشر، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (التمسوها في السبع الأواخر) ليوافق الطائفتين عليها، قلت: ولقائل أن يقول: كان الاحتياط أن يقول التمسوها في العشر الأواخر ليوافق الطائفتين كما جاء في بعض الروايات كذلك، والأحسن أن يقال: إنها لما كانت في الأوتار فلا فرق بين العبارتين، فالسبع هو المراد من العشر فنبه عليه. فإن قلت: ليس في العشر الأواخر سبعة أوتار، قلت: الظاهر أنه أشار إلى أنها في أوتار السبع. باب رؤيا أهل السجون والفساد والشرك وفي رواية أبي ذر الشراب بدل الشرك، ويروى بوجهين، شُرّاب بضم الشين وتشديد

يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِى فِي رُؤْيَاىَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ * قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلاَمِ بِعَالِمِينَ * وَقَالَ الَّذِى نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ * يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّى أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ * قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّا تَأْكُلُونَ * ثُمَّ يَأْتِى مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّا تُحْصِنُونَ * ثُمَّ يَأْتِى مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ * وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِى بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ). (وَادَّكَرَ) افْتَعَلَ مِنْ ذَكَرَ، (أُمَّةٍ) قَرْنٍ وَتُقْرَأُ أَمَهٍ نِسْيَانٍ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (يَعْصِرُونَ) الأَعْنَابَ وَالدُّهْنَ. (تَحْصِنُونَ) تَحْرُسُونَ. 6992 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ وَأَبَا عُبَيْدٍ أَخْبَرَاهُ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ مَا لَبِثَ يُوسُفُ، ثُمَّ أَتَانِى الدَّاعِى لأَجَبْتُهُ». ـــــــــــــــــــــــــــــ الراء جمع شارب، ومخففًا بشين مفتوحة (وادَّكر: افتعل من الذكر) بالذال المعجمة قُلبت دالًا مهملة ({فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ} [يوسف: 42])، (في أمة: قرن) لم يرد بالقرن المتعارف، بل زمانًا مديدًا، وهو سبع سنين كما أخبر الله تعالى عنه بقوله: {فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ} [يوسف: 42] (ويُقرأ: أَمه) بفتح الهمزة والميم، وهاء ساكنة، وفسَّره بالنسيان، قال الجوهري: هي قراءة ابن عباس، وأنشد قول الشاعر: أمهت وكنت لا أنسى حديثًا ... كذاك الدهر يودي بالعقول 6992 - (جويرية) بضم الجيم مصغر جارية (لو لبثت ما لبت يوسف ثم أتاني الداعي لأجبته) تقدم في المناقب، وأشرنا إلى أنه مدحه بكمال الصبر، ولا يلزم منه أن يكون أفضل منه حتى يحتاج إلى أن يقال: قاله تواضعًا، فإن زيادته في أمر لا يقدح في أفضلية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى سائر إخوانه.

10 - باب من رأى النبى - صلى الله عليه وسلم - فى المنام

10 - باب مَنْ رَأَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْمَنَامِ 6993 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَنْ رَآنِى فِي الْمَنَامِ فَسَيَرَانِى فِي الْيَقَظَةِ، وَلاَ يَتَمَثَّلُ الشَّيْطَانُ بِى». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ ابْنُ سِيرِينَ إِذَا رَآهُ فِي صُورَتِهِ. طرفه 110 6994 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُخْتَارٍ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِىُّ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ رَآنِى فِي الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِى، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَتَخَيَّلُ بِى، وَرُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ». طرفه 6983 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام 6993 - (عبدان) على وزن شعبان (من رآني في المنام فسيراني في اليقظة) وفي رواية مسلم: "لكأنما رآني في اليقظة" وفي الرواية الأخرى "فقد رآني في اليقظة"، فالرواية التي قال فيها "فكأنما رآني" يشير فيها إلى أن لا فرق بين الروايتين، وقوله: "فسيراني في اليقظة" يريد يوم القيامة، والاعتراض بأن المؤمنين كلهم يرونه يوم القيامة، فأي فائدة في هذا؟ -ساقط لأن هذا إشارة إلى أن موت المؤمنين على الإيمان، وكفى بها فضيلة وبشرى، وفيها من رآني يريد أهل عصره ممن لم يره، وليس بشيء؛ لأن من، لفظ عام وقيل: يراه يوم القيامة من قريب، وهذا لا دليل عليه، والحق ما أشرناه، وأما قوله: "فقد رآني في اليقظة" إما أن يقدر حرف التشبيه، بدليل الرواية الأخرى، أو لما كان محقق الوقوع عبر عنه بالماضي، ثم إنهم اختلفوا في أن رؤيته هل يجب أن تكون على شكل كان عليه في الدنيا، أو في أي سورة كان؟ إلى الأول مال طائفة منهم: ابن سيرين، قال النووي: والصواب ما قاله المازري: إنه هو على أي صورة كان، والدليل عليه قوله: "إن الشيطان لا يتمثل بي" وقد بسطنا الكلام عليه في أبواب الإيمان [و] العلم. 6994 - (معلى) بضم الميم وتشديد اللام (البُناني) بضم الباء (من رآني [في المنام] فقد رآني) أي أنا ذلك المرئي وليس من أضغاث الأحلام.

11 - باب رؤيا الليل

6995 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى جَعْفَرٍ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِى قَتَادَةَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنَ اللَّهِ، وَالْحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَمَنْ رَأَى شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَنْفِثْ عَنْ شِمَالِهِ ثَلاَثًا، وَلْيَتَعَوَّذْ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِنَّهَا لاَ تَضُرُّهُ، وَإِنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَتَزَايَا بِى». طرفه 3292 6996 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ خَلِىٍّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنِى الزُّبَيْدِىُّ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَبُو سَلَمَةَ قَالَ أَبُو قَتَادَةَ - رضى الله عنه - قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ رَآنِى فَقَدْ رَأَى الْحَقَّ». تَابَعَهُ يُونُسُ وَابْنُ أَخِى الزُّهْرِىِّ طرفه 3292 6997 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنِى ابْنُ الْهَادِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَنْ رَآنِى فَقَدْ رَأَى الْحَقَّ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَتَكَوَّنُنِى». 11 - باب رُؤْيَا اللَّيْلِ رَوَاهُ سَمُرَةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 6995 - (بكير) بضم الباء مصغر (أن الشيطان لا يتزيّا بي) بالزاي المعجمة، من الزي وهو الزوية: الهيئة والصورة، وبالراء المهملة من الرؤية، أي: لا يقدر على أن يري نفسه في صورتي. 6996 - (خالد بن خَلي) بفتح الخاء على وزن ولي (الزُبيدي) بضم الزاي المعجمة مصغر محمد بن الوليد (من رآني فقد رأى الحق) ضد الباطل ليس أضغاث الأحلام، ولا من تخييل الشيطان. 6997 - (ابن الهاد) اسمه يزيد (خباب) بفتح المعجمة وتشديد الموحدة (فإن الشيطان لا يتكونني) هو معنى: "لا يتمثل بي" أي: لا يقدر على أن يصير كائنًا في صورتي. باب رؤيا الليل (رواة سَمُرة) بفتح السين وضم الميم، سمرة بن جندب الصحابي، حديثه في كتاب التعبير.

6998 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ الْعِجْلِىُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطُّفَاوِىُّ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الْكَلِمِ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَبَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ الْبَارِحَةَ إِذْ أُتِيتُ بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الأَرْضِ حَتَّى وُضِعَتْ فِي يَدِى». قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنْتُمْ تَنْتَقِلُونَهَا. طرفه 2977 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: ما معنى قوله رؤيا الليل؟ قلت: يشير إلى أنه هل هناك فرق بين النهار والليل أم لا؟ وقد روى أحمد وابن حبان: "أصدق الرؤيا الأسحار" وقبل السحر دونه، وكذلك إلى أول الليل فإنه أبطل، عن جعفر الصادق أن الرؤيا وقت القيلولة أسرع وقوعًا. 6998 - (المقدام) بكسر الميم (العِجلي) بكسر العين نسبة إلى القبيلة من ربيعة (الطُفاوي) بضم الطاء نسبة إلى الطفاوة حي من قيس غيلان (أعطيت مفاتيح الكلم) وفي الرواية الأخرى: "فواتح الكلم"، وفي الرواية الأخرى: "جوامع الكلم"، وقد تقدم أنه أشار إلى ما خص به من البلاغة الفائقة بأن يجمع معاني كثيرة في ألفاظ قليلة بعبارات وافية كقوله: "الدين النصيحة" وقوله: "كلكم راع"، "لا ضرر ولا ضرار"، وإطلاق المفاتيح عليها لأنها أمهات سائر العبارات، ومن كان فيه يدخل في منوع من البلاغة مما انغلق على غيره. (ونصرت بالرعب إلى مسيرة شهر) كما جاء في الرواية الأخرى: "وبينما أنا

6999 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أُرَانِى اللَّيْلَةَ عِنْدَ الْكَعْبَةِ فَرَأَيْتُ رَجُلاً آدَمَ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ مِنْ أُدْمِ الرِّجَالِ، لَهُ لِمَّةٌ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ مِنَ اللِّمَمِ، قَدْ رَجَّلَهَا تَقْطُرُ مَاءً، مُتَّكِئًا عَلَى رَجُلَيْنِ - أَوْ عَلَى عَوَاتِقِ رَجُلَيْنِ - يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، فَسَأَلْتُ مَنْ هَذَا فَقِيلَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ. ثُمَّ إِذَا أَنَا بِرَجُلٍ جَعْدٍ قَطَطٍ أَعْوَرِ الْعَيْنِ الْيُمْنَى كَأَنَّهَا عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ، فَسَأَلْتُ مَنْ هَذَا فَقِيلَ الْمَسِيحُ الدَّجَّالُ». طرفه 3440 7000 - حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَجُلاً أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ إِنِّى أُرِيتُ اللَّيْلَةَ فِي الْمَنَامِ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ نائم البارحة إذ أتيت بمفاتيح خزائن الأرض" إما حقيقة أو مجازًا عن إطلاقه على ما يسّر الله له ولأمته من الغنائم وأموال كسرى وقيصر وغيرهما، وهذا من جملة خواصه كما صرح به في الرواية الأخرى فلا دخل لأمته في ذلك (قال أبو هريرة: فذهب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنتم تَنْتقِلونها) بالقاف من النقل، وبالفاء من النفل وهو الغنيمة، وبالثاء المثلثة من نفل كنانته إذا نثر ما فيهما من السهام. 6999 - (أُراني الليلة عند الكعبة) بضم الهمزة أي: أظن، وفي الرواية الأخرى "رأيتني" (له لِمَّة كأحسن ما أنت راء من اللمم) اللم -بكسر اللام وتشديد الميم- شعر الرأس إذا جاوز الأذن (على عواتق رجلين) العاتق ما بين العنق إلى المنكب، وقياسه عاتقي رجلين، والجمع باعتبار الأجزاء (ثم إذا أنا برجل جعد قَطَط) -بفتح القاف والطاء- شديد الجعودة (أعور العين اليمنى كأنها عنبة طافية) بالياء من طفا يطفو ارتفع، ويروى بالهمزة وهي الجاحظة ضد المرتفعة، ووجه الجمع أن كلتا عينيه مختلفتان، إحداهما مرتفعة والأخرى مغايرة على التعاكس، لعنه الله أقبح الأشكال كما أن دعواه أقبح الدعاوى. 7000 - (أن رجلًا أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: إني رأيت الليلة في المنام) وساق

12 - باب الرؤيا بالنهار وقال ابن عون عن ابن سيرين رؤيا النهار مثل رؤيا الليل

وَتَابَعَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ أَخِى الزُّهْرِىِّ وَسُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ الزُّبَيْدِىُّ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَوْ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ شُعَيْبٌ وَإِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى عَنِ الزُّهْرِىِّ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَ مَعْمَرٌ لاَ يُسْنِدُهُ حَتَّى كَانَ بَعْدُ. طرفه 7046 12 - باب الرُّؤْيَا بِالنَّهَارِ وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ رُؤْيَا النَّهَارِ مِثْلُ رُؤْيَا اللَّيْلِ. 7001 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدْخُلُ عَلَى أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ، وَكَانَتْ تَحْتَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمًا فَأَطْعَمَتْهُ، وَجَعَلَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــ الحديث، سيأتي حديثه في باب من [لم] يَرَ الرؤيا لأول عابر إن شاء الله تعالى (وتابعه سليمان) أي تابع يونس في الرواية عن الزهري، وهذه المتابعة في رواية مسلم موصولة، وكذا تعليق الزبيدي وسفيان وشعيب وإسحاق (وتابعه ابن أخي الزهري) وصلها الذهلي في "الزهريات" (وكان معمر لا يسنده) أي عن الزهري (حتى كان بعد) أي ثم أسنده، وقد رواه مسلم عنه مسندًا تارة إلى ابن عباس، وتارة إلى أبي هريرة. باب الرؤيا بالنهار (وقال ابن عون عن ابن سيرين: رؤيا النهار مثل رؤيا الليل) لا فرق بينهما في التعبير، وقد نقلنا عن جعفر الصادق في باب رؤيا الليل إن أصدق المنامات الرؤيا عند القيلولة. 7001 - (أم حرام بنت مِلحان) -بكسر الميم- قال ابن عبد البر: لم أقف على اسمها، وقال غيره: اسمها رميصاء بضم الراء، وقد سلف الحديث في أبواب غزوة المرأة

13 - باب رؤيا النساء

تَفْلِى رَأْسَهُ، فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهْوَ يَضْحَكُ. طرفه 2788 7002 - قَالَتْ فَقُلْتُ مَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «نَاسٌ مِنْ أُمَّتِى عُرِضُوا عَلَىَّ، غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ، يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا الْبَحْرِ، مُلُوكًا عَلَى الأَسِرَّةِ أَوْ مِثْلَ الْمُلُوكِ عَلَى الأَسِرَّةِ». شَكَّ إِسْحَاقُ. قَالَتْ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِى مِنْهُمْ، فَدَعَا لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ وَضَعَ رَأْسَهُ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهْوَ يَضْحَكُ. فَقُلْتُ مَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «نَاسٌ مِنْ أُمَّتِى عُرِضُوا عَلَىَّ، غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ». كَمَا قَالَ فِي الأُولَى. قَالَتْ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِى مِنْهُمْ. قَالَ «أَنْتِ مِنَ الأَوَّلِينَ». فَرَكِبَتِ الْبَحْرَ فِي زَمَانِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِى سُفْيَانَ فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتِهَا حِينَ خَرَجَتْ مِنَ الْبَحْرِ، فَهَلَكَتْ. طرفه 2789 13 - باب رُؤْيَا النِّسَاءِ 7003 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ أُمَّ الْعَلاَءِ - امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ بَايَعَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرَتْهُ أَنَّهُمُ اقْتَسَمُوا الْمُهَاجِرِينَ قُرْعَةً. قَالَتْ فَطَارَ لَنَا عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ، وَأَنْزَلْنَاهُ فِي أَبْيَاتِنَا، فَوَجِعَ وَجَعَهُ الَّذِى تُوُفِّىَ فِيهِ، فَلَمَّا تُوُفِّىَ غُسِّلَ وَكُفِّنَ فِي أَثْوَابِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ في البحر، وموضع الدلالة أن رؤيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانت بالنهار، فعلم منه أن رؤيا النهار معتبرة. 7052 - (ثبج البحر) بالثاء المثلثة بعدها باء موحدة، لجة البحر: وسطه (فركبت في البحر زمان معاوية) أي: في أيام إمارته في خلافة عثمان. باب رؤيا النساء 7003 - (عُفير) بضم العين مصغر، وكذا (عقيل) روى في الباب حديث أم العلاء أن عثمان بن مظعون كان نزل عليها حين اقتسم الأنصار المهاجرين، والحديث سلف في الجنائز وبعده، وموضع الدلالة هنا أنها رأت عينًا تجري له بعد موته فأخبرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأوله

14 - باب الحلم من الشيطان فإذا حلم فليبصق عن يساره وليستعذ بالله عز وجل

دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ أَبَا السَّائِبِ، فَشَهَادَتِى عَلَيْكَ لَقَدْ أَكْرَمَكَ اللَّهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «وَمَا يُدْرِيكِ أَنَّ اللَّهَ أَكْرَمَهُ». فَقُلْتُ بِأَبِى أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَنْ يُكْرِمُهُ اللَّهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَمَّا هُوَ فَوَاللَّهِ لَقَدْ جَاءَهُ الْيَقِينُ، وَاللَّهِ إِنِّى لأَرْجُو لَهُ الْخَيْرَ، وَوَاللَّهِ مَا أَدْرِى وَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ مَاذَا يُفْعَلُ بِى». فَقَالَتْ وَاللَّهِ لاَ أُزَكِّى بَعْدَهُ أَحَدًا أَبَدًا. طرفه 1243 7004 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ بِهَذَا وَقَالَ «مَا أَدْرِى مَا يُفْعَلُ بِهِ». قَالَتْ وَأَحْزَنَنِى فَنِمْتُ، فَرَأَيْتُ لِعُثْمَانَ عَيْنًا تَجْرِى، فَأَخْبَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «ذَلِكَ عَمَلُهُ». طرفه 1243 14 - باب الْحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ فَإِذَا حَلَمَ فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ وَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ 7005 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ الأَنْصَارِىَّ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَفُرْسَانِهِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «الرُّؤْيَا مِنَ اللَّهِ، وَالْحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا حَلَمَ أَحَدُكُمُ الْحُلُمَ يَكْرَهُهُ فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ وَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْهُ، فَلَنْ يَضُرَّهُ». طرفه 3292 ـــــــــــــــــــــــــــــ بعلمه، فدل على أن رؤيا النساء تعتبر (شهادتي عليكَ أبا السائب) كنية عثمان، وكان الظاهر شهادتي لك، إلا أن الفعل ضمن معنى الحكم (والله ما أدري وأنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يفعل بي) قيل: صوابه ما يُفعل به على أن الضمير لعثمان كما في الرواية بعده وليس كذلك، بل كلاهما صواب. فإن قلت: ما معناه وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عالمًا بأنه في أعلى المقامات؟ قلت: قيل أراد ما يتعلق بالدنيا وقيل تفاصيل أحواله وإن كان عَلِمه إجمالًا وأطلق القول الموهم لئلا يجزم أحد بأمر الغيب. فإن قلت: عثمان بن مظعون من أهل بدر وقد أخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أهل بدر أهل الجنة، قلت: قد قال "إني لأرجو له" وإنما قال تلك المقالة ردًّا لكلام أم العلاء ثم أردفه. باب الحلم من الشيطان وقد سلف قريبًا أن الرؤيا والحلم ما يراه النائم إلا أن الحلم خص بالشر وأشرنا إلى أن الكل وإن كان بخلق الله إلا أن النسبة إلى الشيطان مجازية؛ لأنه من بلاغة وسواسه.

15 - باب اللبن

15 - باب اللَّبَنِ 7006 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِقَدَحِ لَبَنٍ، فَشَرِبْتُ مِنْهُ، حَتَّى إِنِّى لأَرَى الرِّىَّ يَخْرُجُ مِنْ أَظْفَارِى، ثُمَّ أَعْطَيْتُ فَضْلِى». يَعْنِى عُمَرَ. قَالُوا فَمَا أَوَّلْتَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «الْعِلْمَ». طرفه 82 16 - باب إِذَا جَرَى اللَّبَنُ فِي أَطْرَافِهِ أَوْ أَظَافِيرِهِ 7007 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِى حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِقَدَحِ لَبَنٍ، فَشَرِبْتُ مِنْهُ، حَتَّى إِنِّى لأَرَى الرِّىَّ يَخْرُجُ مِنْ أَطْرَافِى، فَأَعْطَيْتُ فَضْلِى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ». فَقَالَ مَنْ حَوْلَهُ فَمَا أَوَّلْتَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «الْعِلْمَ». طرفه 82 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب اللبن 7006 - (عبدان) على وزن شعبان، روى في الباب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (بينا أنا نائم أُتيت بقدح لبن) والحديث سلف في أبواب العلم، والمراد منه هنا أن اللبن يؤول بالعلم إذا كان الرائي أو من رؤي له أهلًا له (إني لأرى الرّيّ يخرج من أظفاري) أي: ما به الري، وهو اللبن كناية عن غاية كثرة الشرب، ويحتمل الحقيقة مع بعد، وقد أشرنا إلى أن المناسبة هي أن اللبن سبب لهذه الحياة، كما أن العلم سبب للحياة في الدار الآخرة. باب إذا جرى اللبن في أطرافه أو أظافيره 7007 - روى في الباب الحديث الذي قبله مع اختلاف شيخه. فإن قلت: هلا روى الحديث بهذا السند أيضًا في الباب قبله؟ قلت: ترجم على اللبن أولًا ثم على جريان اللبن، دلالة على أن حكم الجريان غير حكم مطلق اللبن، والظاهر أن الرؤية [رؤية] البصر (إني لأرى الرَّي يخرج من أطرفي) هذه الرواية أعم من الأولى.

17 - باب القميص فى المنام

17 - باب الْقَمِيصِ فِي الْمَنَامِ 7008 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ النَّاسَ يُعْرَضُونَ عَلَىَّ، وَعَلَيْهِمْ قُمُصٌ، مِنْهَا مَا يَبْلُغُ الثَّدْىَ، وَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ دُونَ ذَلِكَ، وَمَرَّ عَلَىَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ يَجُرُّهُ». قَالُوا مَا أَوَّلْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «الدِّينَ». طرفه 23 18 - باب جَرِّ الْقَمِيصِ فِي الْمَنَامِ 7009 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب القميص في المنام 7008 - (بينا أنا نائم رأيت الناس يعرضون عليَّ) هي رؤية البصر (وعليهم قُمُص) -بضم القاف والميم- جمع قميص (منها ما بلغ الثُّدِيّ) بضم الثاء وكسر الدال وتشديد الياء جمع ثدي كحُلي في جمع حلي، وقد سلف الحديث في أبواب الإيمان، وأشرنا إلى أن وجه الشبه بين القميص والدين أن القميص يستر العورة في هذه الدار، والدين يستره في تلك الدار، قال تعالى: {وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ} [الأعراف: 26] واعتبار تفاوت القميص كتفاوت الناس، وإن كان أعم من المؤمن إلا أن آخر الحديث يدل على أن الذين عرضوا عليه المؤمنون، وقوله: (ومنها ما يبلغ دون ذلك) يحتمل أن يكون فوق الثدي، والظاهر أنه يريد ما تحت الثدي، يؤيده أنه جاء في رواية "منها ما يبلغ السّرة"، وقد أشرنا إلى أنه لا يستلزم أن يكون عمر أفضل من أبى بكر؛ لأن رؤيته عمر بهذه الصفة لا تنفي رؤية أبي بكر، على أنه يحتمل أن لا يكون أبو بكر مع الناس الذين عرضوا عليه ثم قال: باب القميص وقد ذكرنا فائدته في باب جري اللبن بعد باب اللبن فقس عليه. 7009 - (أبو أمامة بن سهل) بضم الهمزة اسمه أسعد، سماه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - باسم جده أسعد بن زرارة.

19 - باب الخضر فى المنام والروضة الخضراء

رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ النَّاسَ عُرِضُوا عَلَىَّ، وَعَلَيْهِمْ قُمُصٌ، فَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ الثَّدْىَ، وَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ دُونَ ذَلِكَ، وَعُرِضَ عَلَىَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ يَجْتَرُّهُ». قَالُوا فَمَا أَوَّلْتَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «الدِّينَ». طرفه 23 19 - باب الْخُضَرِ فِي الْمَنَامِ وَالرَّوْضَةِ الْخَضْرَاءِ 7010 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِىُّ حَدَّثَنَا حَرَمِىُّ بْنُ عُمَارَةَ حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ قَالَ قَيْسُ بْنُ عُبَادٍ كُنْتُ فِي حَلْقَةٍ فِيهَا سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ وَابْنُ عُمَرَ فَمَرَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ فَقَالُوا هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ. فَقُلْتُ لَهُ إِنَّهُمْ قَالُوا كَذَا وَكَذَا. قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ مَا كَانَ يَنْبَغِى لَهُمْ أَنْ يَقُولُوا مَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ، إِنَّمَا رَأَيْتُ كَأَنَّمَا عَمُودٌ وُضِعَ فِي رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ، فَنُصِبَ فِيهَا وَفِى رَأْسِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الخضر في المنام والروضة الخضراء الخُضر -بضم الخاء وسكون الضاد- جمع أخضر، وفي بعضها الخضرة وهي اللون المعروف. 7010 - (الجعفي) بضم الجيم نسبة إلى جعفي بن سعد العشيرة أبو قبيلة بيمن (حَرَمِي) بفتح الحاء والراء وياء النسبة (عُمارة) بضم العين وتخفيف الميم (قُرّة) بضم القاف وتشديد الراء (عُبَاد) بضم العين وتخفيف الباء (كنت في حَلْقة) بفتح الحاء وسكون اللام، أي: في جماعة (فيها سعد بن مالك) هو ابن أبي وقاص (فمر عبد الله بن سلام) بتخفيف اللام الإسرائيلي من نسل يوسف الصديق (كأنما عمود في وسط روضة خضراء فنصب فيها) بالنون المضمومة وصاد مهملة مكسورة، وفي بعضها قضيب بالقاف والضاد المعجمة وهو بمعناه (وفي أسفلها مِنصف) بكسر الميم وهو الوصف، والوصف الخادم (ارقَه) بفتح القاف على الأفصح (فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يموت عبد الله وهو آخذ بالعروة الوثقى) أي: الإيمان. فإن قلت: إذا أخبره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأنه يموت على الإيمان ومعلوم أن كل من مات مؤمنًا دخل الجنة فلِم أنكر؟ قلت: إنما أنكر عليهم الجزم بأنه من أهل الجنة، ولم يكن ذلك من لفظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد قاله تواضعًا، وليس بشيء؛ لأن قوله: (ما كان ينبغي لهم أن يقولوا ما ليس لهم به علم) يرده والحديث في المناقب.

20 - باب كشف المرأة فى المنام

عُرْوَةٌ وَفِى أَسْفَلِهَا مِنْصَفٌ - وَالْمِنْصَفُ الْوَصِيفُ - فَقِيلَ ارْقَهْ. فَرَقِيتُ حَتَّى أَخَذْتُ بِالْعُرْوَةِ. فَقَصَصْتُهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَمُوتُ عَبْدُ اللَّهِ وَهْوَ آخِذٌ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى». طرفه 3813 20 - باب كَشْفِ الْمَرْأَةِ فِي الْمَنَامِ 7011 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أُرِيتُكِ فِي الْمَنَامِ مَرَّتَيْنِ، إِذَا رَجُلٌ يَحْمِلُكِ فِي سَرَقَةِ حَرِيرٍ فَيَقُولُ هَذِهِ امْرَأَتُكَ. فَأَكْشِفُهَا فَإِذَا هِىَ أَنْتِ فَأَقُولُ إِنْ يَكُنْ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ». طرفه 3895 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب كشف المرأة في المنام 7011 - (عُبيد) بضم العين (أبو أسامة) بضم الهمزة (عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أريتك في المنام مرتين) وفي غير البخاري ثلاث مرات، ولا تناقض (إذا رجل يحملك في سَرَقَةَ) بثلاث فتحات قطعة من الحرير، وقيل: معرب سره، وهو الجيد من كل شيء، ووقع في الباب بعده: ملَكٌ، بدل: رجل، فدل على أن الملك كان في صورة الرجل، وقد أشرنا في أبواب النكاح إلى أن الملك هو جبريل (فيقول هذه امرأتك فأكشفها فإذا هي أنت). وفي الرواية بعدها: "فأقول اكشف، فيكشف" ولا تنافي لجواز الأمرين، أو كان هذا في ليلة وذاك في أخرى (فأقول إن يكن هذا من عند الله يمضه). فإن قلت: رؤيا الأنبياء وحي فما معنى قوله: "إن يكن من عند الله"؟ قلت: قيل: كان هذا قبل النبوة، وليس كذلك؛ لأن قوله: "فاكشف فإذا هي أنت" يدل على أنه كان يحوف عائشة، وهي قبل النبوة لم تكن موجودة، وقيل هذا على طريقة العرب تقول بلفظ الشك في مقام التحقيق، والحق أن المنام قد يكون على غير ظاهره كما أنه رأى في منامه أسيدًا في الجنة قال: "قلت: ما لأسيد في الجنة فإنه كان مات كافرًا"، فكان تأويله إسلام ابنه عباد، وكذا رؤي أبو جهل في الجنة فكان تأويله إسلام ابنه عكرمة. فإن قلت: أي فائدة لترجمة الأبواب على مثل هذه الأشياء؟ قلت: ليعلم تأويلها نحو

21 - باب ثياب الحرير فى المنام

21 - باب ثِيَابِ الْحَرِيرِ فِي الْمَنَامِ 7012 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أُرِيتُكِ قَبْلَ أَنْ أَتَزَوَّجَكِ مَرَّتَيْنِ، رَأَيْتُ الْمَلَكَ يَحْمِلُكِ فِي سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ فَقُلْتُ لَهُ اكْشِفْ. فَكَشَفَ فَإِذَا هِىَ أَنْتِ، فَقُلْتُ إِنْ يَكُنْ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ. ثُمَّ أُرِيتُكِ يَحْمِلُكِ فِي سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ فَقُلْتُ اكْشِفْ. فَكَشَفَ فَإِذَا هِىَ أَنْتِ فَقُلْتُ إِنْ يَكُ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ». طرفه 3895 22 - باب الْمَفَاتِيحِ فِي الْيَدِ 7013 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «بُعِثْتُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَبَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الأَرْضِ، فَوُضِعَتْ فِي يَدِى». قَالَ مُحَمَّدٌ وَبَلَغَنِى أَنَّ جَوَامِعَ الْكَلِمِ أَنَّ اللَّهَ يَجْمَعُ الأُمُورَ الْكَثِيرَةَ الَّتِى كَانَتْ تُكْتَبُ فِي الْكُتُبِ قَبْلَهُ فِي الأَمْرِ الْوَاحِدِ وَالأَمْرَيْنِ. أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ. طرفه 2977 ـــــــــــــــــــــــــــــ ما أول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لكن يعتبر حال الرجل والمرأة في ذلك فيصرف على كل واحد ما يليق بحاله، ولما كانت عائشة أهلًا للبس الحرير كان ذلك عزًّا لها، ولو رأى رجلًا صالحًا أنه كان لابسًا للحرير كان ذلك مصيبة له، إما في دينه أو في دنياه، وقس عليه. باب: المفاتيح في اليد 7013 - (عُفير) بضم العين مصغر، وكذا (عقيل)، (بعثت بجوامع الكلم) قيل: أراد القرآن، والحق أنه أراد غير القرآن من كلمات قليلة اللفظ كثيرة المعنى، وقد سلف الحديث في باب رؤيا الليل، ولفظه هناك: "مفاتيح الكلم" (وأتيت بمفاتيح خزائن الأرض) وغرض البخاري من إيراده هنا أن من يرى المفاتيح في يده تحصل له الدنيا (قال أبو عبد الله) كذا وقع في رواية أبي ذر، والصواب محمد كما في رواية كريمة، وقال بعضهم: لا تنافي لأن أبا عبد الله كنية محمد بن البخاري، وهذا غلط لأن محمدًا هو الزهري راوي الحديث.

23 - باب التعليق بالعروة والحلقة

23 - باب التَّعْلِيقِ بِالْعُرْوَةِ وَالْحَلْقَةِ 7014 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَزْهَرُ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ ح وَحَدَّثَنِى خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا مُعَاذٌ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ عُبَادٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلاَمٍ قَالَ رَأَيْتُ كَأَنِّى فِي رَوْضَةٍ، وَسَطَ الرَّوْضَةِ عَمُودٌ فِي أَعْلَى الْعَمُودِ عُرْوَةٌ، فَقِيلَ لِى ارْقَهْ. قُلْتُ لاَ أَسْتَطِيعُ. فَأَتَانِى وَصِيفٌ فَرَفَعَ ثِيَابِى فَرَقِيتُ، فَاسْتَمْسَكْتُ بِالْعُرْوَةِ، فَانْتَبَهْتُ وَأَنَا مُسْتَمْسِكٌ بِهَا، فَقَصَصْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «تِلْكَ الرَّوْضَةُ رَوْضَةُ الإِسْلاَمِ، وَذَلِكَ الْعَمُودُ عَمُودُ الإِسْلاَمِ، وَتِلْكَ الْعُرْوَةُ عُرْوَةُ الْوُثْقَى، لاَ تَزَالُ مُسْتَمْسِكًا بِالإِسْلاَمِ حَتَّى تَمُوتَ». طرفه 3813 24 - باب عَمُودِ الْفُسْطَاطِ تَحْتَ وِسَادَتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب التعليق بالعروة والحلقة 7014 - (أزهر) بفتح الهمزة وزاي معجمة (ابن عون) آخره نون اسمه عبد الله (عُباد) بضم العين وتخفيف الموحدة، روى في الباب حديث عبد الله بن سلام، وقد تقدم قريبًا في باب الخضرة وموضع الدلالة التعليق بالعروة فمن رأى أنه متعلق بالعروة يدل على أنه يموت على الإيمان (ارّقَه) بفتح القاف على الأفصح (العروة عروة الوثقى) كذا بالإضافة من إضافة الموصوف إلى الصفة، قال تعالى: {فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} [البقرة: 256]. باب عمود الفسطاط تحت وسادته قال صاحب "الكشاف": الفسطاط بضم الفاء من آنية الشعر أصغر من السرادق. فإن قلت: لم يرو في الباب حديثًا، قلت: لم يكن في ذلك حديث على شرطه. قيل: أشار في الترجمة إلى حديث روي عن ابن عمر "أنه رأى سرقة من حرير على عمود فاقتلعها وجعلها تحت وسادته وقام بالسرقة"، وردَّ شيخ الإسلام أستاذنا بأن حديث ابن عمر لا يدخل في هذا الباب، بل له باب مستقل بعده، قال: والمعتمد أن البخاري أشار في الترجمة إلى حديث رواه الحاكم وغيره، وقال الحاكم حديث صحيح أن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "بينا أنا نائم رأيت عمود الكتاب انتزع من تحت رأسي، فاتبعته بصري فإذا هو قد عمد به إلى الشام، ألا وإن الإيمان حين تقع الفتن

25 - باب الإستبرق ودخول الجنة فى المنام

25 - باب الإِسْتَبْرَقِ وَدُخُولِ الْجَنَّةِ فِي الْمَنَامِ 7015 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ فِي يَدِى سَرَقَةً مِنْ حَرِيرٍ لاَ أَهْوِى بِهَا إِلَى مَكَانٍ فِي الْجَنَّةِ إِلاَّ طَارَتْ بِى إِلَيْهِ، فَقَصَصْتُهَا عَلَى حَفْصَةَ. طرفه 440 7016 - فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «إِنَّ أَخَاكِ رَجُلٌ صَالِحٌ». أَوْ قَالَ «إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ رَجُلٌ صَالِحٌ». طرفه 1122 26 - باب الْقَيْدِ فِي الْمَنَامِ 7017 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَبَّاحٍ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ سَمِعْتُ عَوْفًا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا اقْتَرَبَ ـــــــــــــــــــــــــــــ بالشام" وهذا فيه نظر، وكذلك إن ترجمة الباب على عمود الفسطاط، والذي رواه عمود الكتاب، فالظاهر أن إشارة البخاري إنما هي إلى حديث ابن عمر كون الحديث مذكورًا في الباب بعده لا ينافي ذلك فإنه يذكر الحديث في أبواب لمعان كما هو دأبه. باب الإستبرق ودخول الجنة 7015 - (معلى بن أسد) بضم الميم وتشديد اللام (وُهيب) بضم الواو مصغر روى حديث ابن عمر أنه رأى في المنام سرقَة في يده، وقد سلف حديثه في المناقب، وموضع الدلالة هنا أن من رأى مثله في المنام يدل على حسن حاله، ومن رأى أنه دخل الجنة فإنه يدل على موته على الإسلام ودخوله الجنة، وإن رآه كافرٌ يدل على أنه يرزق الإسلام. وقال (أن عبد الله رجل صالح) وفي بعض الروايات أن الملك قال مثله، وقال: نعم أنت لولا قلة الصلاة. باب القيد في المنام 7017 - (الصباح) بفتح الصاد وتشديد الموحدة (معتمِر) بكسر الميم الثانية (إذا اقترب

27 - باب العين الجارية فى المنام

الزَّمَانُ لَمْ تَكَدْ تَكْذِبُ رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ، وَرُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ.» قَالَ مُحَمَّدٌ وَأَنَا أَقُولُ هَذِهِ قَالَ وَكَانَ يُقَالُ الرُّؤْيَا ثَلاَثٌ حَدِيثُ النَّفْسِ، وَتَخْوِيفُ الشَّيْطَانِ، وَبُشْرَى مِنَ اللَّهِ، فَمَنْ رَأَى شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلاَ يَقُصُّهُ عَلَى أَحَدٍ، وَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ. قَالَ وَكَانَ يُكْرَهُ الْغُلُّ فِي النَّوْمِ، وَكَانَ يُعْجِبُهُمُ الْقَيْدُ، وَيُقَالُ الْقَيْدُ ثَبَاتٌ فِي الدِّينِ. وَرَوَى قَتَادَةُ وَيُونُسُ وَهِشَامٌ وَأَبُو هِلاَلٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَدْرَجَهُ بَعْضُهُمْ كُلَّهُ فِي الْحَدِيثِ، وَحَدِيثُ عَوْفٍ أَبْيَنُ. وَقَالَ يُونُسُ لاَ أَحْسِبُهُ إِلاَّ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْقَيْدِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لاَ تَكُونُ الأَغْلاَلُ إِلاَّ فِي الأَعْنَاقِ. طرفه 6988 27 - باب الْعَيْنِ الْجَارِيَةِ فِي الْمَنَامِ 7018 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ الزمان لم تكد تكذب رؤيا المؤمن) اقتراب الزمان، قيل: المراد به اعتدال الليل والنهار أوائل الربيع وقت الإزهار، وأوائل الخريف أيام الثمار، لعل الحكمة من ذلك اعتدال الأمزجة فيهما، وقيل: قرب الساعة، قيل: والحكمة في ذلك بعد عهد النبوة وارتفاع العلم، فالله تعالى يؤيد المؤمن بما هو جزء من النبوة (وكان يقال: الرؤيا ثلاث: حديث النفس، وتخويف الشيطان) وعند المعبرين لا تأويل لواحد منهما، وهذا ظاهر في أنه ليس مرفوعًا، وقد رواه الترمذي وأبو داود مرفوعًا كله، وكذا قاله القرطبي، وإليه أشار البخاري بقوله: أدرجه بعضهم في الحديث (لا تكون الأغلال إلا في الأعناق) الظاهر أنه أخذه من قوله تعالى: {إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ} [غافر: 71] ولا دلالة في ذلك، وقال صاحب "المحكم": الغل جامعة توضع في اليد والعنق. فإن قلت: معنى الغل مرادف للقيد فلم كره الغل؟ قلت: الظاهر أنه كرهه لكونه مذكورًا في عذاب الكفر، وأما على الأول فلأن القيد في اليد والرجل كف عن المعاصي. باب العين الجارية 7018 - (عبدان) على وزن شعبان (مَعْمَر) بفتح الميمين وسكون العين (خارجة) اسم

28 - باب نزع الماء من البئر حتى يروى الناس

عَنْ أُمِّ الْعَلاَءِ - وَهْىَ امْرَأَةٌ مِنْ نِسَائِهِمْ بَايَعَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ طَارَ لَنَا عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ فِي السُّكْنَى حِينَ اقْتَرَعَتِ الأَنْصَارُ عَلَى سُكْنَى الْمُهَاجِرِينَ، فَاشْتَكَى فَمَرَّضْنَاهُ حَتَّى تُوُفِّىَ، ثُمَّ جَعَلْنَاهُ فِي أَثْوَابِهِ فَدَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ أَبَا السَّائِبِ، فَشَهَادَتِى عَلَيْكَ لَقَدْ أَكْرَمَكَ اللَّهُ. قَالَ «وَمَا يُدْرِيكِ». قُلْتُ لاَ أَدْرِى وَاللَّهِ. قَالَ «أَمَّا هُوَ فَقَدْ جَاءَهُ الْيَقِينُ، إِنِّى لأَرْجُو لَهُ الْخَيْرَ مِنَ اللَّهِ، وَاللَّهِ مَا أَدْرِى وَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ مَا يُفْعَلُ بِى وَلاَ بِكُمْ». قَالَتْ أُمُّ الْعَلاَءِ فَوَاللَّهِ لاَ أُزَكِّى أَحَدًا بَعْدَهُ. قَالَتْ وَرَأَيْتُ لِعُثْمَانَ فِي النَّوْمِ عَيْنًا تَجْرِى، فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ «ذَاكِ عَمَلُهُ يَجْرِى لَهُ» طرفه 1243 28 - باب نَزْعِ الْمَاءِ مِنَ الْبِئْرِ حَتَّى يَرْوَى النَّاسُ رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 7019 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كَثِيرٍ حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا صَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ حَدَّثَنَا نَافِعٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - حَدَّثَهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «بَيْنَا أَنَا عَلَى بِئْرٍ أَنْزِعُ ـــــــــــــــــــــــــــــ فاعل من الخروج (أم العلاء) بفتح العين بنت الحارث الخزرجية، روى عنها حديث موت عثمان بن مظعون، وقد سلف قريبًا في باب رؤيا النساء، وموضع الدلالة قوله: (ورأيت لعثمان عينًا تجري) فإنه يدل على من رأى مثله أو رؤي له يدل على حسن حاله، ويختلف باختلاف الرائي، وأما جريان العين لعثمان قيل: إشارة إلى آخر رباط في سبيل [الله] فإنه يجري له إلى يوم القيامة كما جاء في الحديث، وأما قوله (ما أدري وأنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يُفعل بي ولا بكم) أي في الدنيا أو في الآخرة من تفاصيل الأمور. باب نزع الماء من البئر حتي يَروى الناس يروى: بفتح [الواو] مضارع روي بكسرها (رواه أبو هريرة) تقدم تعليق أبي هريرة مسندًا في المناقب، وذكره كذلك في الباب بعده. 7019 - (حرب) ضد الصلح (صخر بن جويرية) مصغر جارية (بينا أنا على بئر أنزع

29 - باب نزع الذنوب والذنوبين من البئر بضعف

مِنْهَا إِذْ جَاءَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَأَخَذَ أَبُو بَكْرٍ الدَّلْوَ، فَنَزَعَ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ، وَفِى نَزْعِهِ ضَعْفٌ، فَغَفَرَ اللَّهُ لَهُ، ثُمَّ أَخَذَهَا ابْنُ الْخَطَّابِ مِنْ يَدِ أَبِى بَكْرٍ فَاسْتَحَالَتْ فِي يَدِهِ غَرْبًا، فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا مِنَ النَّاسِ يَفْرِى فَرْيَهُ، حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ بِعَطَنٍ». طرفه 3633 29 - باب نَزْعِ الذَّنُوبِ وَالذَّنُوبَيْنِ مِنَ الْبِئْرِ بِضَعْفٍ 7020 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا مُوسَى عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ منها) أي أستقي (إذ جاءني أبو بكر وعمر، وأخذ أبو بكر الدلو) لم يقل أخذها من يدي بخلاف قضية عمر فإنه قال: (أخذها من يد أبي بكر) فإن خلافة أبي بكر كانت من الصحابة وخلافة عمر كانت من أبي بكر (فنزع ذنوبًا أو ذنوبين) وذكر في باب الاستراحة ذنوبين من غير شك، والذنوب بفتح الذال المعجمة الدلو الممتلئ (وفي نزعه ضعف يغفر الله له) قيل: قوله: يغفر الله له كلمة تجري في المتعارف، ولا يراد مغفرة ذنب. قلت: قوله: وفي نزعه ضعف قرينة صارفة عن ذلك، قيل إشارة إلى قصر مدته وليس بذلك إذ لا اختيار له في ذلك، والصواب أن شوكته لم تكن كشوكة عمر، وإن كان أفضل منه، وأجلّ الأثر إلى قوله: (فاستحالت في يده غربًا) والغرب ضد الشرق، الدلو العظيمة. فإن قلت: ذكر في الباب بعده: "فاستحالت غربًا ثم أخذها عمر"، قلت: استحالت غربًا قيل أخذه وأثرها ظهر بعد أخذه فلا تنافي. (فلم أر عبقريًّا) قال ابن الأثير: يزعمون أن عبقر قرية يسكنها الجن، فكل شيء يكون فيه غرابة ينسبونه إليها، والمراد به في الحديث سيد القوم والقوي منهم (يفري فريه) بفتح الفاء وكسر [الراء] وتشديد الياء، أي يعمل عمله، وأصل الفري القطع (حتى ضرب الناسُ بعطن) -بفتح العين والطاء- مبرك الإبل حول الماء لتقاد للشرب ثانيًا، قال ابن الأثير: ضرب ذلك مثلًا لاتساع الناس في زمن عمر لما فتح الله على المسلمين في خلافته، وموضع الدلالة أن نزع الماء يدل على الولاية بقدر الماء وحال الرائي وكيفية الماء من الصفاء والكدر. [باب نزع الذنوب والذنوبين من البئر بضعف] 7020 - ثم أردف هذا الباب بباب نزع ذنوب أو ذنوبين، وروى فيه الحديث الذي في

30 - باب الاستراحة فى المنام

عَنْ رُؤْيَا النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي أَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ قَالَ «رَأَيْتُ النَّاسَ اجْتَمَعُوا فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ فَنَزَعَ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ، وَفِى نَزْعِهِ ضَعْفٌ وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ، ثُمَّ قَامَ ابْنُ الْخَطَّابِ، فَاسْتَحَالَتْ غَرْبًا فَمَا رَأَيْتُ مِنَ النَّاسِ يَفْرِى فَرْيَهُ، حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ بِعَطَنٍ». طرفه 3633 7021 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى سَعِيدٌ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِى عَلَى قَلِيبٍ وَعَلَيْهَا دَلْوٌ، فَنَزَعْتُ مِنْهَا مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أَخَذَهَا ابْنُ أَبِى قُحَافَةَ فَنَزَعَ مِنْهَا ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ، وَفِى نَزْعِهِ ضَعْفٌ وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ، ثُمَّ اسْتَحَالَتْ غَرْبًا، فَأَخَذَهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا مِنَ النَّاسِ يَنْزِعُ نَزْعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ بِعَطَنٍ». طرفه 3664 30 - باب الاِسْتِرَاحَةِ فِي الْمَنَامِ 7022 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ أَنِّى عَلَى حَوْضٍ أَسْقِى النَّاسَ، فَأَتَانِى أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ الدَّلْوَ مِنْ يَدِى لِيُرِيحَنِى، فَنَزَعَ ذَنُوبَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ الباب قبله، ولم يذكر نزع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في السند الأول بل قال (فقام أبو بكر فنزع ذنوبًا أو ذنوبين) وقد سلف الحديث مرارًا. فإن قلت: ما فائدة وضع هذا الباب؟ قلت: قد أشرنا مرارًا أن غرضه من وضع الأبواب استنباط الأحكام بقدر ما يمكن أخذها من الحديث، وقد أشرنا في هذه الترجمة إلى أن من رأى نزع ذنوب أو ذنوبين يحصل له العز والولاية بقدر ذلك كما وقع للصديق. باب الاستراحة في المنام 7022 - (مَعْمَر) بفتح الميمين وسكون العين (هَمَّام) بفتح الهاء وتشديد الميم، روى في الباب الحديث المتقدم، ولفظ (رأيت أني على حوض) وفي رواية "على حوضي" فإن صحت هذه الرواية يريد حوضه الكوثر، والجمع بينه وبين الروايات السابقة أنه كان ينزع من البئر ويسكبه في الحوض للناس، وفي الحديث إشارة إلى أن الإنسان ما دام في الدنيا لا

31 - باب القصر فى المنام

وَفِى نَزْعِهِ ضَعْفٌ وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ، فَأَتَى ابْنُ الْخَطَّابِ فَأَخَذَ مِنْهُ، فَلَمْ يَزَلْ يَنْزِعُ، حَتَّى تَوَلَّى النَّاسُ وَالْحَوْضُ يَتَفَجَّرُ». طرفه 3664 31 - باب الْقَصْرِ فِي الْمَنَامِ 7023 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ بَيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِى فِي الْجَنَّةِ، فَإِذَا امْرَأَةٌ تَتَوَضَّأُ إِلَى جَانِبِ قَصْرٍ، قُلْتُ لِمَنْ هَذَا الْقَصْرُ قَالُوا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. فَذَكَرْتُ غَيْرَتَهُ فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا». قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَبَكَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ثُمَّ قَالَ أَعَلَيْكَ بِأَبِى أَنْتَ وَأُمِّى يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغَارُ. طرفه 3242 ـــــــــــــــــــــــــــــ راحة، وأن الصغير إذا رأى الكبير يباشر فعلًا فيه مشقة له أن ينوب عنه، وقوله في عمر (فلم يزل ينزع حتى تولى الناس والحوض يتفجر) أي بقاء آثار فعله إلى آخر الدهر، إذ هو الذي وضع الديوان وقدر الخراج، ووقف الأراضي المغنومة لمن يأتي إلى يوم القيامة. باب القصر في المنام 7023 - (عفير) بضم العين مصغر، وكذا (عقيل)، (بينا أنا نائم رأيتني في الجنة فإذا امرأة تتوضأ إلى جانب قصر) قال الخطابي: لفظ الحديث امرأة شوهاء بدل تتوضأ، وإنما صحفه الكاتب، وكذا روى الحديث ابن قتيبة وابن الأثير في "النهاية"، وقال: شوهاء هي الحسناء، وكذا القبيحة من الأضداد، واستدلوا على هذا بأنه لا معنى للوضوء في الجنة، وهذا ليس بشيء لأن الوضوء من الوضاءة وهي الحسن والجمال، ولئن سلم فلا ضرر، فإن الجنة وإن لم تكن دار تكليف إلا أنه يجوز فيها أنواع العبادات تلذذًا فلا وجه لرد لرواية الثقاة، قال شيخ الإسلام: والمرأة هي أم سليم أم أنس وكان في ذلك إشارة إلى أنها تدرك خلافة عمر، وكان كذلك، قلت: إشارة إلى أنها تكون في الجنة ساكنة بقرب منزل عمر (فقلت لمن هذا القصر؟ قالوا لعمر فذكرت غيرته فوليت مدبرًا، فبكى عمر) سروًا بما سمع (وقال: عليك -بأبي أنت وأمي يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أغار) قال الجوهري: يقال غار على أهله يغار غيرة، ولذلك قيل هو من باب القلب تقديره: أعليها، أي: أغار منك فهو من باب القلب، وقيل تقديره: مستعليًا عليك، أو: على وقع موضع من، قلت: الأحسن أنه ضمّن الغيرة معنى الغضب لأنها من واد واحد، على أن القلب إنما يجوز إذا كان فيه مبالغة، وقول الآخر: مستعليًا عليك لا تخفى ركاكته.

32 - باب الوضوء فى المنام

7024 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَإِذَا أَنَا بِقَصْرٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَقُلْتُ لِمَنْ هَذَا فَقَالُوا لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ. فَمَا مَنَعَنِى أَنْ أَدْخُلَهُ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ إِلاَّ مَا أَعْلَمُ مِنْ غَيْرَتِكَ». قَالَ وَعَلَيْكَ أَغَارُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. طرفه 3679 32 - باب الْوُضُوءِ فِي الْمَنَامِ 7025 - حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِى فِي الْجَنَّةِ، فَإِذَا امْرَأَةٌ تَتَوَضَّأُ إِلَى جَانِبِ قَصْرٍ، فَقُلْتُ لِمَنْ هَذَا الْقَصْرُ فَقَالُوا لِعُمَرَ. فَذَكَرْتُ غَيْرَتَهُ فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا». فَبَكَى عُمَرُ وَقَالَ عَلَيْكَ بِأَبِى أَنْتَ وَأُمِّى يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغَارُ طرفه 3242 33 - باب الطَّوَافِ بِالْكَعْبَةِ فِي الْمَنَامِ 7026 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِى أَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ سَبْطُ الشَّعَرِ بَيْنَ رَجُلَيْنٍ يَنْطِفُ رَأْسُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ 7024 - (فقالوا لرجل من قريش) هو عمر كما صرح به في الرواية الأخرى فسقط ما يقال: عُلم أنه عمر بالقرائن. باب الوضوء في المنام 7025 - (بكير) بضم الباء مصغر بكر، وكذا (عقيل) روى في الباب الحديث المتقدم في الباب قبله، وأشار به إلى أن من رأى أنه يتوضأ يدل على حسن حاله، لكن قال أهل التعبير: إذا توضأ وضوءًا تامًّا، وتوضأ بما يجوز منه الوضوء، ويتفاوت أيضًا بتفاوت صفاء الماء وكدره. باب الطواف بالكعبة في المنام 7026 - (بينا أنا نائم رأيتني أطوف بالكعبة فإذا رجل آدم سبط الشعر) يريد عيسى بن مريم.

34 - باب إذا أعطى فضله غيره فى النوم

مَاءً، فَقُلْتُ مَنْ هَذَا قَالُوا ابْنُ مَرْيَمَ. فَذَهَبْتُ أَلْتَفِتُ فَإِذَا رَجُلٌ أَحْمَرُ جَسِيمٌ جَعْدُ الرَّأْسِ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى، كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ، قُلْتُ مَنْ هَذَا قَالُوا هَذَا الدَّجَّالُ. أَقْرَبُ النَّاسِ بِهِ شَبَهًا ابْنُ قَطَنٍ». وَابْنُ قَطَنٍ رَجُلٌ مِنْ بَنِى الْمُصْطَلِقِ مِنْ خُزَاعَةَ. طرفه 3440 34 - باب إِذَا أَعْطَى فَضْلَهُ غَيْرَهُ فِي النَّوْمِ 7027 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِقَدَحِ لَبَنٍ فَشَرِبْتُ مِنْهُ، حَتَّى إِنِّى لأَرَى الرِّىَّ يَجْرِى، ثُمَّ أَعْطَيْتُ فَضْلَهُ عُمَرَ». قَالُوا فَمَا أَوَّلْتَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «الْعِلْمُ». طرفه 82 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: تقدم في مناقب الأنبياء أنه قال: إن عيسى رجل أحمر جعد عريض الصدر؟ قلت: كونه أحمر أنكره ابن عمر هناك، قال: بل قال: رجل آدم، ولو سلم صدور القولين منه فالمعنى أنه ليس أبيض نقعًا بل بياض مشرب بالحمرة وهي الأدمة، وهذا كما قال هناك: جعد، وهنا قال: سبط، فإنه نفى أن يكون جعدًا قططًا كالحبشة بل بين بين، وأجاب بعضهم بأنه حين رآه أحمر لم يكن في الطواف، وهذا كلام غريب فإن الإنسان لا يتفاوت باعتبار الأماكن. (قالوا هذا الدجال، أقرب الناس به شبهًا ابن قَطَن) بفتح القاف والطاء هو عبد العزى بن قطن الخزاعي هلك في زمن الجاهلية، واستشكل بعضهم دخول الدجال مكة، وقد أخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأنه لا يدخلها، وأجاب بأن المراد دخوله عند شوكته أو حين أخبر بأنه لا يدخلها، كان بعد هذه الرؤيا، وهذا لغو من الكلام؛ لأن هذا رؤيا منام ويكون فيها مثال الشخص لا حقيقته، ألا ترى أنه رأى عيسى أيضًا، ونحن قاطعون بأن عيسى منذ صعد إلى السماء لم ينزل، وقوله (ينطف) بضم الطاء أي يقطر كناية عن لطافة شعره وحسنه وحقيقته. باب إذا أعطى فضله غيره 7027 - (بكير) بضم الباء مصغر، وكذا (عقيل) روى في الباب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال (بينا أنا نائم أُتيت بقدح لبن فشربت منه حتى إني لأرى الرايّ يجري) وقد سلف قريبًا في

35 - باب الأمن وذهاب الروع فى المنام

35 - باب الأَمْنِ وَذَهَابِ الرَّوْعِ فِي الْمَنَامِ 7028 - حَدَّثَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا صَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ حَدَّثَنَا نَافِعٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ إِنَّ رِجَالاً مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانُوا يَرَوْنَ الرُّؤْيَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَيَقُصُّونَهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَيَقُولُ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا شَاءَ اللَّهُ، وَأَنَا غُلاَمٌ حَدِيثُ السِّنِّ وَبَيْتِى الْمَسْجِدُ قَبْلَ أَنْ أَنْكِحَ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِى لَوْ كَانَ فِيكَ خَيْرٌ لَرَأَيْتَ مِثْلَ مَا يَرَى هَؤُلاَءِ. فَلَمَّا اضْطَجَعْتُ لَيْلَةً قُلْتُ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ فِىَّ خَيْرًا فَأَرِنِى رُؤْيَا. فَبَيْنَمَا أَنَا كَذَلِكَ إِذْ جَاءَنِى مَلَكَانِ فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَقْمَعَةٌ مِنْ حَدِيدٍ، يُقْبِلاَ بِى إِلَى جَهَنَّمَ، وَأَنَا بَيْنَهُمَا أَدْعُو اللَّهَ اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ جَهَنَّمَ. ثُمَّ أُرَانِى لَقِيَنِى مَلَكٌ فِي يَدِهِ مِقْمَعَةٌ مِنْ حَدِيدٍ فَقَالَ لَنْ تُرَاعَ، نِعْمَ الرَّجُلُ أَنْتَ لَوْ تُكْثِرُ الصَّلاَةَ. فَانْطَلَقُوا بِى حَتَّى وَقَفُوا بِى عَلَى شَفِيرِ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب شرب اللبن سبب بقاء هذه الحياة كما أن العلم سبب للبقاء الأبدي، وأطلق الراي وأراد به الري إطلاقًا للمسبب على السبب، أو إطلاقًا للمصدر على الفاعل مجازًا مرسلًا، وجعله في الاستعارة وهم؛ لأنها تقتضي سبق الشبه، وأما على أن الري من أسماء اللبن فلم أجد أحدًا ممن ألف في الغريب ذكره. باب الأمن وذهاب الرَّوع بفتح الراء: الخوف، وبضمها قال ابن الأثير النفس والخلد. 7028 - (عفان) بفتح العين وتشديد الفاء (صخر) بفتح الصاد المهملة وخاء معجمة (جُويرية) بضم الجيم مصغر جارية (وبيتي المسجد) أي كنت أنام في المسجد كما في الرواية الأخرى (جاءني ملكان في يد كل واحد منهما مقمعة) -بكسر الميم وسكون القاف- على هيئة السوط من حديد معوج الرأس (لم تُرع) قيل: إنما، بلم مع أنه موضوع لنفي الماضي؛ لأنه أريد به عدم الاستمرار، وإن كان الروع واقعًا فكأن لم يقع، قلت: هذا ليس معنى الكلام بوجه، بل أراد النفي في المستقبل فاستعمل فيه اللفظ الموضوع للماضي مبالغة لدلالة اللفظ على عدم تحقيق النفي، وفي رواية: لن، بدل: لم، قال ابن مالك: الجزم بلن أن يكون سكونه للوقف، وأجرى الوصل مجرى الوقف، فحذفت الألف لالتقاء الساكنين، أو

36 - باب الأخذ على اليمين فى النوم

جَهَنَّمَ فَإِذَا هِىَ مَطْوِيَّةٌ كَطَىِّ الْبِئْرِ، لَهُ قُرُونٌ كَقَرْنِ الْبِئْرِ، بَيْنَ كُلِّ قَرْنَيْنِ مَلَكٌ بِيَدِهِ مِقْمَعَةٌ مِنْ حَدِيدٍ، وَأَرَى فِيهَا رِجَالاً مُعَلَّقِينَ بِالسَّلاَسِلِ، رُءُوسُهُمْ أَسْفَلَهُمْ، عَرَفْتُ فِيهَا رِجَالاً مِنْ قُرَيْشٍ، فَانْصَرَفُوا بِى عَنْ ذَاتِ الْيَمِينِ. طرفه 440 7029 - فَقَصَصْتُهَا عَلَى حَفْصَةَ فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ رَجُلٌ صَالِحٌ». فَقَالَ نَافِعٌ لَمْ يَزَلْ بَعْدَ ذَلِكَ يُكْثِرُ الصَّلاَةَ. طرفه 1122 36 - باب الأَخْذِ عَلَى الْيَمِينِ فِي النَّوْمِ 7030 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كُنْتُ غُلاَمًا شَابًّا عَزَبًا فِي عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَكُنْتُ أَبِيتُ فِي الْمَسْجِدِ، وَكَانَ مَنْ رَأَى مَنَامًا قَصَّهُ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ لِى عِنْدَكَ خَيْرٌ فَأَرِنِى مَنَامًا يُعَبِّرُهُ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَنِمْتُ فَرَأَيْتُ مَلَكَيْنِ أَتَيَانِى فَانْطَلَقَا بِى، فَلَقِيَهُمَا مَلَكٌ آخَرُ فَقَالَ لِى لَنْ تُرَاعَ، إِنَّكَ رَجُلٌ صَالِحٌ، فَانْطَلَقَا بِى إِلَى النَّارِ، فَإِذَا هِىَ مَطْوِيَّةٌ كَطَىِّ الْبِئْرِ، وَإِذَا فِيهَا نَاسٌ قَدْ عَرَفْتُ بَعْضَهُمْ، فَأَخَذَا بِى ذَاتَ الْيَمِينِ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِحَفْصَةَ. طرفه 440 ـــــــــــــــــــــــــــــ لن جازمة كما نقل عن الكسائي (وهي مطوية كطي البئر) أي مبنية، (له قرون كقرون البئر) قال ابن الأثير: قرن البئر ما بني على جانبها فإن كان من حيث يقال له زريوق بضم المعجمة بعدها واو آخره قاف، وحديث ابن عمر هذا مر في المناقب، وموضع الدلالة أن الروع في المنام أمن لمن رآه، وفيه دلالة على أن تمني الرؤيا من أخلاق الصالحين؛ لأنه من المبشرات وأن الصلاة لا سيما بالليل نجاة من المخاوف، وناهيك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا حزبه شيء فزع إلى الصلاة. باب الأخذ على اليمين في النوم 7030 - روى في الباب حديث ابن عمر في الباب قبله، و (العزب) بالزاي المعجمة من لا زوج له، وموضع الدلالة قوله: (فأخذاني ذات اليمين) فإنه يدل على أن من رأى في المنام

37 - باب القدح فى النوم

7031 - فَزَعَمَتْ حَفْصَةُ أَنَّهَا قَصَّتْهَا عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ رَجُلٌ صَالِحٌ لَوْ كَانَ يُكْثِرُ الصَّلاَةَ مِنَ اللَّيْلِ». قَالَ الزُّهْرِىُّ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بَعْدَ ذَلِكَ يُكْثِرُ الصَّلاَةَ مِنَ اللَّيْلِ. طرفه 1122 37 - باب الْقَدَحِ فِي النَّوْمِ 7032 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِقَدَحِ لَبَنٍ فَشَرِبْتُ مِنْهُ، ثُمَّ أَعْطَيْتُ فَضْلِى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ». قَالُوا فَمَا أَوَّلْتَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «الْعِلْمَ». طرفه 82 38 - باب إِذَا طَارَ الشَّىْءُ فِي الْمَنَامِ 7033 - حَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عُبَيْدَةَ بْنِ نَشِيطٍ قَالَ قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنْ رُؤْيَا رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الَّتِى ذَكَرَ. طرفه 3620 7034 - فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ذُكِرَ لِى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ أَنَّهُ وُضِعَ فِي يَدَىَّ سِوَارَانِ مِنْ ذَهَبٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ أنه أخذ في الطريق الذي على يمينه ينجو من الغم ويكون من أصحاب اليمين. باب القدح في النوم 7032 - (قتيبة) بضم القاف مصغر، وكذا (عقيل) روي في الباب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتي بقدح لبن فشرب وأعطى فضله لعمر، وقد مر موضع الدلالة أن الإنسان إذا رأى القدح في يده يدل على العلم والمعرفة؛ إلا أن في الدلالة خفاء؛ لأن ذلك كان من اللبن إلا أن الظرف كسب الشرف من المظروف. باب إذا طار الشيء في المنام 7033 - 7034 - (عن أبي عبيدة بن نشيط) بضم العين [مصغر] عبدة اسم الابن عبد الله، وليس له في البخاري إلا هذا الحديث، ونشيط -بالشين المعجمة- على وزن كريم (بينا أنا نائم رأيت أنه وضع في يدي سواران) وفي بعضها "إسواران" قال القرطبي: بضم

39 - باب إذا رأى بقرا تنحر

فَفُظِعْتُهُمَا وَكَرِهْتُهُمَا، فَأُذِنَ لِى، فَنَفَخْتُهُمَا فَطَارَا، فَأَوَّلْتُهُمَا كَذَّابَيْنِ يَخْرُجَانِ». فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ أَحَدُهُمَا الْعَنْسِىُّ الَّذِى قَتَلَهُ فَيْرُوزٌ بِالْيَمَنِ، وَالآخَرُ مُسَيْلِمَةُ. طرفه 3621 39 - باب إِذَا رَأَى بَقَرًا تُنْحَرُ 7035 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ جَدِّهِ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى أُرَاهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ أَنِّى أُهَاجِرُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى أَرْضٍ بِهَا نَخْلٌ، فَذَهَبَ وَهَلِى إِلَى أَنَّهَا الْيَمَامَةُ أَوْ هَجَرٌ، فَإِذَا هِىَ الْمَدِينَةُ يَثْرِبُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الهمزة، والكسر أشهر مرادف سوار (ففظعتهما) قال ابن الأثير: فظع لازم، وإنما عداه لأنه ضمنه معنى أكبرتهما (فأذن لي فنفختهما فطارا)، (أحدهما العنسي قتله فيروز باليمن) هو الأسود العنسي بالنون قال الجوهري: قبيلة بيمن، وهو الملقب ذا الحمار؛ لأنه كان له حمار علَّمه، فإذا أمره يسجد له، وقيل: بالخاء المعجمة كأنه كان يختمر بخمار كالنساء، والحديث سلف في المغازي، وموضع الدلالة هنا أن الإنسان إذا رأى ما يكرهه ثم نفخ فيه فطار إن كان في غم يزول عنه سريعًا، وإنما عظم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن لبس السوار ليس من شأنه لا سيما من الذهب والفضة، وكونهما في يد يدل على عدم نفاذ أمره؛ لأن أكثر الأعمال تباشر باليد، وطيرانهما دل على سرعة زوالهما، وكذا كان ولله الحمد. باب إذا رأى بقرًا تنحر 7035 - (محمد بن العلاء) بفتع العين والمد (أبو أسامة) بضم الهمزة (بريد) مصغر برد (عن أبي بردة) عامر بن أبي موسى (أُراه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -) بضم الهمزة، أي: أظن (رأيت في المنام أني أهاجر من مكة إلى أرض بها نخل فذهب وهَلي) بفتح الهاء الرواية، والمشهور لغةً: السكون، وهو: الوهم (إلى أنها اليمامة) قال ابن الأثير: بلدة شرقي الحجاز (أو الهَجرَ) بفتح الهاء والجيم كذا باللام، ويروى بدون اللام قاعدة بلاد البحرين وبها نخل كثير. قال الجوهري: وفي المثل: كمبضع تمر إلى هجر. وقال: والنسبة إليها هاجري خلاف القياس (فإذا هي المدينة يثرب) كان خلاف ما ذهب إليه وهمه ورؤياه وإن كان وحيًا لا يكون خلافه إلا أن الوهم لا حكم معه وقد نهى عن تسمية المدينة يثرب، وإنما ذكره هنا تعريفًا

40 - باب النفخ فى المنام

وَرَأَيْتُ فِيهَا بَقَرًا وَاللَّهُ خَيْرٌ، فَإِذَا هُمُ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَإِذَا الْخَيْرُ مَا جَاءَ اللَّهُ مِنَ الْخَيْرِ وَثَوَابِ الصِّدْقِ الَّذِى أَتَانَا اللَّهُ بِهِ بَعْدَ يَوْمِ بَدْرٍ». طرفه 3622 40 - باب النَّفْخِ فِي الْمَنَامِ 7036 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِىُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ هَذَا مَا حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ». طرفه 238 7037 - وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ إِذْ أُوتِيتُ خَزَائِنَ الأَرْضِ، فَوُضِعَ فِي يَدَىَّ سِوَارَانِ مِنْ ذَهَبٍ، فَكَبُرَا عَلَىَّ وَأَهَمَّانِى، فَأُوحِىَ إِلَىَّ أَنِ انْفُخْهُمَا، فَنَفَخْتُهُمَا فَطَارَا، فَأَوَّلْتُهُمَا الْكَذَّابَيْنِ اللَّذَيْنِ أَنَا بَيْنَهُمَا صَاحِبَ صَنْعَاءَ وَصَاحِبَ الْيَمَامَةِ». طرفه 3621 ـــــــــــــــــــــــــــــ ضرورة (ورأيت فيها بقرًا والله خير) كذا في هذه الرواية، وأشار في الترجمة إلى الرواية الأخرى (بقرًا تنحر) وبه تم تأويلها الرؤيا فإنه فسره بقتل أصحابه يوم أحد. وقوله: "والله خير". يروى بالرفع، كأنه قال: وثواب الله لمن قتل بأحد، ويروى بالجر على أنه قسم وعلى الروايتين قيل: إنه من جملة الرؤيا كما إذا رأى أحد منا منامًا وذكر لأحد يقال له: خير. وهذا هو الوجه لقوله (وإذا الخير ما جاء الله به من الخير، وثواب الصدق الذي أتانا الله بعد يوم بدر) بضم الدال على البناء، أي: بعد ذلك المنام يوم بدر من الثبات على القتال، والخير: الغنيمة يوم [بدر]، وقيل: أراد ببدر بدر الموعد بعد أحد في العام القابل فإن أبا سفيان نادى يوم أحد: يا محمد موعدنا بدر في العام القابل، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن شاء الله، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفاءً بما قاله وحضر بدرًا وأحجم أبو سفيان، والخير بعد ذلك هو فتح قريظة وخيبر، والصدق هو الوفاء بما وعد من الخروج إلى بدر كذا قيل. باب النفخ في المنام 7036 - (الحنظلي) بالحاء المهملة والظاء المعجمة. (مَعْمَر) بفتح الميمين وسكون العين (همام) بفتح الهاء وتشديد الميم (منبه) بفتح النون وتشديد الموحدة (نحن الآخرون السابقون) أي الآخرون زمانًا السابقون حسابًا ودخول الجنة. 7037 - (وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) عطف القصة لا يقتضي المناسبة بين الجمل، وهذا كان

41 - باب إذا رأى أنه أخرج الشئ من كورة فأسكنه موضعا آخر

41 - باب إِذَا رَأَى أَنَّهُ أَخْرَجَ الشَّىْءَ مِنْ كُورَةٍ فَأَسْكَنَهُ مَوْضِعًا آخَرَ 7038 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِى أَخِى عَبْدُ الْحَمِيدِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلاَلٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «رَأَيْتُ كَأَنَّ امْرَأَةً سَوْدَاءَ ثَائِرَةَ الرَّأْسِ، خَرَجَتْ مِنَ الْمَدِينَةِ، حَتَّى قَامَتْ بِمَهْيَعَةَ - وَهْىَ الْجُحْفَةُ - فَأَوَّلْتُ أَنَّ وَبَاءَ الْمَدِينَةِ نُقِلَ إِلَيْهَا». طرفاه 7039، 7040 ـــــــــــــــــــــــــــــ في صحيفة همام من روايته عن أبي هريرة، فكما كان في الصحيفة يروي، وإن لم يكن بين الحديثين مناسبة، والحديث الثاني من شأن العنسي ومسيلمة سلف قريبًا في باب إذا طار الشيء. وموضع الدلالة هنا أن النفخ في المنام على الشيء المكروه يدل على سرعة زواله والنجاة من شره. باب إذا أخرج شيئًا من كورة فأسكنه موضعًا آخر قال الجوهري: الكُورة بضم الكاف المدينة والصقع. 7038 - (رأيت كان امرأة سوداء ثائرة الرأس خرجت من المدينة حتى أقامت بِمَهْيَعَة) بفتح الميم وسكون الهاء (وهي الجحفة) -بضم الجيم- قرية على مراحل من المدينة كان سكانها اليهود. فإن قلت: في الترجمة أخرج، وفي الحديث خرجت؟ قلت: خروجها كان مسببًا عن دعاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما سلف من قوله: "انقل حمى المدينة إلى الجحفة" أو أشار إلى الرواية الأُخرى أخرجت. وتأويل المرأة السوداء ثائرة الرأس بالمرض ظاهر؛ لأن المريض أشعث كريه المنظر، وعند أهل [التعبير] أكثر الأشياء التي فيها سواد تدل على سوء الحال. ثم ذكر بعده باب المرأة السوداء، وبعده باب المرأة الثائرة الرأس وروى فيهما الحديث المذكور، وغرضه أن المنام لا يتفاوت بنقصان وصف من المرأة بل كان من السواد وثوران الرأس كاف في التأويل، وإن مثل هذه المرأة إذا خرجت من بلد من بلاد المسلمين فإنه يدل على صلاح البلد، وإن كان به وباء يرتفع بإذن الله تعالى وتوفيقه.

42 - باب المرأة السوداء

42 - باب الْمَرْأَةِ السَّوْدَاءِ 7039 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ الْمُقَدَّمِىُّ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - فِي رُؤْيَا النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْمَدِينَةِ «رَأَيْتُ امْرَأَةً سَوْدَاءَ ثَائِرَةَ الرَّأْسِ، خَرَجَتْ مِنَ الْمَدِينَةِ، حَتَّى نَزَلَتْ بِمَهْيَعَةَ، فَتَأَوَّلْتُهَا أَنَّ وَبَاءَ الْمَدِينَةِ نُقِلَ إِلَى مَهْيَعَةَ، وَهْىَ الْجُحْفَةُ». طرفه 7038 43 - باب الْمَرْأَةِ الثَّائِرَةِ الرَّأْسِ 7040 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنِى أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى أُوَيْسٍ حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «رَأَيْتُ امْرَأَةً سَوْدَاءَ ثَائِرَةَ الرَّأْسِ، خَرَجَتْ مِنَ الْمَدِينَةِ، حَتَّى قَامَتْ بِمَهْيَعَةَ فَأَوَّلْتُ أَنَّ وَبَاءَ الْمَدِينَةِ نُقِلَ إِلَى مَهْيَعَةَ، وَهْىَ الْجُحْفَةُ». طرفه 7038 44 - باب إِذَا هَزَّ سَيْفًا فِي الْمَنَامِ 7041 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ جَدِّهِ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى أُرَاهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «رَأَيْتُ فِي رُؤْيَا أَنِّى هَزَزْتُ سَيْفًا فَانْقَطَعَ صَدْرُهُ، فَإِذَا هُوَ مَا أُصِيبَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ أُحُدٍ، ثُمَّ هَزَزْتُهُ أُخْرَى، فَعَادَ أَحْسَنَ مَا كَانَ، فَإِذَا هُوَ مَا جَاءَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْفَتْحِ، وَاجْتِمَاعِ الْمُؤْمِنِينَ». طرفه 3622 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إذا هز سيفًا في المنام 7041 - (محمد بن العلاء) بفتح العين والمد (أبو أسامة) بضم الهمزة (أبو بردة) بضم الباء (رأيت في رؤياي أني هززت سيفًا فانقطع صدره) هذه الرؤيا طرف من رؤياه التي تقدمت أنه رأى فيها نحر البقر حوله وانقطاع صدر سيفه قتل خيار أصحابه بأحد مثل حمزة وأقرانه، وإنما يعبر السيف بالأصحاب؛ لأنهم في النصرة كالسيف وهزه عبارة عن تحريكهم في الحرب، فالإنسان إذا رأى سيفه حَسَنَ الحال يدل على النصر وحُسْن الحال، فإذا رأى أنه أخرجه من غمده فإنه يدل على ولادة ولد ذكر بقدر حسن السيف.

45 - باب من كذب فى حلمه

45 - باب مَنْ كَذَبَ فِي حُلُمِهِ 7042 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ تَحَلَّمَ بِحُلُمٍ لَمْ يَرَهُ، كُلِّفَ أَنْ يَعْقِدَ بَيْنَ شَعِيرَتَيْنِ، وَلَنْ يَفْعَلَ، وَمَنِ اسْتَمَعَ إِلَى حَدِيثِ قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ أَوْ يَفِرُّونَ مِنْهُ، صُبَّ فِي أُذُنِهِ الآنُكُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ صَوَّرَ صُورَةً، عُذِّبِ وَكُلِّفَ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا، وَلَيْسَ بِنَافِخٍ». قَالَ سُفْيَانُ وَصَلَهُ لَنَا أَيُّوبُ. وَقَالَ قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَوْلَهُ مَنْ كَذَبَ فِي رُؤْيَاهُ. وَقَالَ شُعْبَةُ عَنْ أَبِى هَاشِمٍ الرُّمَّانِىِّ: ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إثم من كذب في حلمه هذا اللفظ لم يقع في "البخاري"، وإنما وقع في رواية الترمذي ولم يكن على شرطه، فأشار إليها في الترجمة. 7042 - (من تحلم بحلم) أي: تكلف فيها، أي: كذب، والحلم وإن كان مشهورًا في الرؤيا الباطلة إلا أنه أراد بها الرؤيا الحسنة، فإنها التي يقع الكذب فيها (كلف أن يعقد على شعيرتين) وهذا أمر محال يكنى به عن دوام العذاب، واستدل به الأشعري على جواز تكليف المحال، ولا دلالة فيه؛ لأن هذا في الدار الآخرة عند ارتفاع التكليف، والتخصيص بالشعيرتين لاشتقاقهما من الشعور الذي هو نوع من العلم الذي ادعاه (ومن استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون صُبَّ في أذنيه الآنك) قال ابن الأثير: هو الرصاص الأبيض، وقيل: الأسود، وقيل: الخالص فيه، وعلى وزن أرْجُل مفرد لا نظير له إلا أشد، وهو مختلف فيه، وقيل: اسم على وزن فاعل وهو في الأسماء شاذ أيضًا (قال سفيان) هو ابن عيينة (وصله لنا أيوب) أي هذا الحديث الذي رواه عن أيوب موصولًا، وإنما قال ذلك لأنه من طريق شعبة ليس موصولًا (وقال قتيبة) روايته عن قتيبة يقال لأنه سمع الحديث مذاكرة (أبو عوانة) -بفتح العين- الوضاح، روى الحديث عن أبي هريرة موقوفًا عليه بعدما رواه عن ابن عباس مرفوعًا (عن أبي هاشم الرماني) هو يحيى بن دينار الواسطي، والرماني -بضم

46 - باب إذا رأى ما يكره فلا يخبر بها ولا يذكرها

سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ قَوْلَهُ مَنْ صَوَّرَ، وَمَنْ تَحَلَّمَ، وَمَنِ اسْتَمَعَ. حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ خَالِدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «مَنِ اسْتَمَعَ، وَمَنْ تَحَلَّمَ، وَمَنْ صَوَّرَ». نَحْوَهُ. تَابَعَهُ هِشَامٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلَهُ. طرفه 2225 7043 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مِنْ أَفْرَى الْفِرَى أَنْ يُرِىَ عَيْنَيْهِ مَا لَمْ تَرَ». 46 - باب إِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ فَلاَ يُخْبِرْ بِهَا وَلاَ يَذْكُرْهَا 7044 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ يَقُولُ لَقَدْ كُنْتُ أَرَى الرُّؤْيَا فَتُمْرِضُنِى حَتَّى سَمِعْتُ أَبَا قَتَادَةَ يَقُولُ وَأَنَا كُنْتُ لأَرَى الرُّؤْيَا تُمْرِضُنِى، حَتَّى سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «الرُّؤْيَا الْحَسَنَةُ مِنَ اللَّهِ، فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يُحِبُّ فَلاَ يُحَدِّثْ بِهِ إِلاَّ مَنْ يُحِبُّ، وَإِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ الراء وتشديد الميم- الشجر المعروف، قال المقدسي: كان نزل قصر الرماني فنسب إليه (إسحاق) كذا وقع غير منسوب، واتفقوا على أنه ابن شاهين الواسطي، و (خالد) الأول هو عبد الله الطحان، والثاني الحذاء. 7043 - (إن من أفرى الفِرى) بكسر الفاء جمع فرية، وهي الكذب قصدًا، وأفرى أفعل تفضيل، وإنما كان كذلك لأن هذا كذب على الله، وقد قال تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا} [الأنعام: 21]. باب إذا رأى ما يكره فلا يخبر بها ولا ينكرها أَنَّثَ الضمير باعتبار الرؤيا. 7044 - روى عن [أبي] سلمة (كنت أرى الرؤيا فتمرضني) بضم التاء من أمرضه إذا جعله مريضًا، وفي رواية مسلم: "كنت أُعرى منها" بضم الهمزة يقال عرى بضم العين فهو

47 - باب من لم ير الرؤيا لأول عابر إذا لم يصب

مِنْ شَرِّهَا، وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وَلْيَتْفِلْ ثَلاَثًا وَلاَ يُحَدِّثْ بِهَا أَحَدًا فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ». طرفه 3292 7045 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنِى ابْنُ أَبِى حَازِمٍ وَالدَّرَاوَرْدِىُّ عَنْ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِذَا رَأَى أَحَدُكُمُ الرُّؤْيَا يُحِبُّهَا، فَإِنَّهَا مِنَ اللَّهِ، فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ عَلَيْهَا، وَلْيُحَدِّثْ بِهَا، وَإِذَا رَأَى غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَكْرَهُ، فَإِنَّمَا هِىَ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَلْيَسْتَعِذْ مِنْ شَرِّهَا، وَلاَ يَذْكُرْهَا لأَحَدٍ، فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ». 47 - باب مَنْ لَمْ يَرَ الرُّؤْيَا لأَوَّلِ عَابِرٍ إِذَا لَمْ يُصِبْ ـــــــــــــــــــــــــــــ معرو، أي: أصابه العرو، أو هي الرعدة، أي: كنت أحم بالبارد من خوفها (وليتفل ثلاثًا) أي عن يساره كما سلف (ولا يحدث بها أحدًا فإنها لا تضره). فإن قلت: كم من منام لا يُذكَرُ لأحد ويقع منه الضرر؟ قلت: أجاب بعضهم بأن المراد لا يضرُّه ما كان من الشيطان، وأما ما كان من الله وخلقه بل الجواب أنه لا يقع لا بد من وقوعه، وهذا لغو من الكلام؛ لأن الكل بإرادة الله وخلقه، بل الجواب أنه لا يقع ضررًا رأسًا، وإن وقع يكون مآله إلى الخير وحسن العاقبة كما وقع لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في رؤياه من انقطاع سيفه ونحر البقر أو هو مثلي لا تلك. قلت: إنما أخبر بعد الوقوع مع تأويله أو هو مثلي لا يقاس عليه. 7045 - (ابن أبي حازم) بالحاء المهملة عبد العزيز، واسم أبي حازم سلمة بن دينار (الدراوردي) بفتح الدال اسمه عبد العزيز أيضًا (خباب) بفتح الخاء المعجمة وتشديد الموحدة. باب من لم ير الرؤيا لأول عابر إذا لم يصب أشار بهذه الترجمة إلى ما روى أنس مرفوعًا: "الرؤيا لأول عابر" وما رواه أبو زريق "الرؤيا على رجل طائر ما لم تعبر فإذا عبرت وقعت" وفي معناه ما رواه أبو داود

7046 - حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَجُلاً أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ إِنِّى رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ فِي الْمَنَامِ ظُلَّةً تَنْطِفُ السَّمْنَ وَالْعَسَلَ، فَأَرَى النَّاسَ يَتَكَفَّفُونَ مِنْهَا فَالْمُسْتَكْثِرُ وَالْمُسْتَقِلُّ، وَإِذَا سَبَبٌ وَاصِلٌ مِنَ الأَرْضِ إِلَى السَّمَاءِ، فَأَرَاكَ أَخَذْتَ بِهِ فَعَلَوْتَ، ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَعَلاَ بِهِ، ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَعَلاَ بِهِ ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَانْقَطَعَ ثُمَّ وُصِلَ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِى أَنْتَ وَاللَّهِ لَتَدَعَنِّى فَأَعْبُرَهَا. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اعْبُرْ». قَالَ أَمَّا الظُّلَّةُ فَالإِسْلاَمُ، وَأَمَّا الَّذِى يَنْطِفُ مِنَ الْعَسَلِ وَالسَّمْنِ فَالْقُرْآنُ حَلاَوَتُهُ تَنْطُفُ، فَالْمُسْتَكْثِرُ مِنَ الْقُرْآنِ وَالْمُسْتَقِلُّ، وَأَمَّا السَّبَبُ الْوَاصِلُ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ فَالْحَقُّ الَّذِى أَنْتَ عَلَيْهِ تَأْخُذُ بِهِ فَيُعْلِيكَ اللَّهُ، ثُمَّ يَأْخُذُ بِهِ رَجُلٌ مِنْ بَعْدِكَ فَيَعْلُو بِهِ، ثُمَّ يَأْخُذُ رَجُلٌ آخَرُ فَيَعْلُو بِهِ، ثُمَّ يَأْخُذُهُ رَجُلٌ آخَرُ فَيَنْقَطِعُ بِهِ ثُمَّ يُوَصَّلُ لَهُ فَيَعْلُو بِهِ، فَأَخْبِرْنِى يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِى ـــــــــــــــــــــــــــــ والترمذي، واستدل البخاري على أن هذا محمول على ما أصاب العابر الأول، وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لأبي بكر. 7046 - (أصبت بعضًا وأخطأت بعضًا) ووجه الدلالة أنه لو بين ما فيه خطؤه كان هو التعبير لا الذي تقدمه (إني رأيت الليلة في المنام ظلةً تنطُف السمن والعسل) الظلة: السحاب وتنطُف: بضم الطاء وكسرها تقطر (فأرى الناس يتكففون منها) أي يأخذون منها بأكفهم (وإذا سبب واصل من الأرض إلى السماء) السبب هو الحبل (فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - أصبت بعضًا وأخطأت بعضًا) قد أكثر العلماء في هذا المقام في تعيين ما أخطأت بعضًا قد أكثر العلماء في هذا المقام في تعيين ما أخطأ فيه أبو بكر الصديق، فقيل: خطؤه مبادرته وسؤاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أولى وأقدم، وردَّ هذا بأنه خلاف ما يتبادر من الكلام، فإن الظاهر خطؤه في التعبير، وقيل: خطؤه قوله: يأخذه، فسر العسل والسمن بالقرآن، وكان الواجب تفسيرها بالقرآن والسنة، وقيل: خطؤه قوله: (يأخذه رجل آخر فينقطع به ثم يوصل له) فإن الصواب يوصل كما وقع في عبارة الراوي فزيادة له خطؤه. وهذا القائل بنى على أن الذي انقطع به عثمان، والوصل كان بعده لعلي، وردَّه شيخ الإسلام بأن له، ثابت في كلام الراوي

48 - باب تعبير الرؤيا بعد صلاة الصبح

أَنْتَ أَصَبْتُ أَمْ أَخْطَأْتُ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَصَبْتَ بَعْضًا وَأَخْطَأْتَ بَعْضًا». قَالَ فَوَاللَّهِ لَتُحَدِّثَنِّى بِالَّذِى أَخْطَأْتُ. قَالَ «لاَ تُقْسِمْ». طرفه 7000 48 - باب تَعْبِيرِ الرُّؤْيَا بَعْدَ صَلاَةِ الصُّبْحِ 7047 - حَدَّثَنِى مُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ أَبُو هِشَامٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا عَوْفٌ حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ حَدَّثَنَا سَمُرَةُ بْنُ جُنْدَبٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِمَّا يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ لأَصْحَابِهِ «هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ رُؤْيَا». قَالَ فَيَقُصُّ عَلَيْهِ مَنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُصَّ، وَإِنَّهُ قَالَ ذَاتَ غَدَاةٍ «إِنَّهُ أَتَانِى اللَّيْلَةَ آتِيَانِ، وَإِنَّهُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــ في رواية البخاري عن أبي ذر عن شيوخه الثلاثة. والصواب أن الذي انقطع به هو عثمان لما وقع في تلك الأيام من الفتن وأرادوا خلعه، ووصله له أنه يمسك بالخلافة، ومات شهيدًا، وهو أيضًا خلاف الظاهر. والأمثل من هذه الأقوال قول من قال: إن خطأه في جعل العسل والسمن عبارة عن القرآن بل كان يجب أن يجعل أحدهما القرآن والآخر السنة، وكذا حكاه الخطيب عن أهل التعبير وجزم به ابن العربي، وقالوا: يجوز أن يكون العسل والسمن إشارة إلى العلم والعمل، وقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر: "لا تقسم". بعد أن أقسم معناه لا تستمر على القسم، قال النووي: وإنما لم يبر قسم أبي بكر مع أنه أمر بإبرار القسم لأن ذلك إنما يكون فيما لا مفسدة فيه، وهنا إن كان الذي أخطأ فيه أمر عثمان فخاف إن صرَّح به أن ينشر بين الناس، وإن كان غير ذلك لا يخلو عن توبيخ لأبي بكر من تركه الأدب، أو قصور عن الإدراك فرأى الإجمال أجمل. باب تعبير الرؤيا بعد صلاة الصبح 7047 - (مؤمل) بالهمزة وتشديد الثانية المفتوحة (أبو رجاء) بفتح الراء والمد عمران العطاردي (سمرة) بفتح السين (جندب) بضم الجيم وفتح الدال (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مما يكثر أن يقول: هل أحدكم منكم رأى رؤيا) ولعل ذلك لأنها جزء من النبوة، وهو أعرف بتأويله فيكون إن كانت مبشرة فذاك، وإن كانت غيرها أوَّلها بتأويل حسن، أو يحذر صاحب الرؤيا إن كان يتعلق به، وأما اختياره وقت الصباح فلأنه قبل وقوع الرؤيا فيرشد إلى ما فيه صلاح الرأي، وأيضًا الرائي قريب العهد فلا ينسى منها شيئًا (قال لنا ذات غداة) لفظ الذات مقحم (أتاني الليلة آتيان) وفي رواية: "ملكان"، وفي رواية: "رجلان"، وفي آخر الحديث قال:

ابْتَعَثَانِى، وَإِنَّهُمَا قَالاَ لِى انْطَلِقْ. وَإِنِّى انْطَلَقْتُ مَعَهُمَا، وَإِنَّا أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِصَخْرَةٍ، وَإِذَا هُوَ يَهْوِى بِالصَّخْرَةِ لِرَأْسِهِ، فَيَثْلَغُ رَأْسَهُ فَيَتَهَدْهَدُ الْحَجَرُ هَا هُنَا، فَيَتْبَعُ الْحَجَرَ فَيَأْخُذُهُ، فَلاَ يَرْجِعُ إِلَيْهِ حَتَّى يَصِحَّ رَأْسُهُ كَمَا كَانَ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ، فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ الْمَرَّةَ الأُولَى. قَالَ قُلْتُ لَهُمَا سُبْحَانَ اللَّهِ مَا هَذَانِ قَالَ قَالاَ لِى انْطَلِقْ - قَالَ - فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُسْتَلْقٍ لِقَفَاهُ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِكَلُّوبٍ مِنْ حَدِيدٍ، وَإِذَا هُوَ يَأْتِى أَحَدَ شِقَّىْ وَجْهِهِ فَيُشَرْشِرُ شِدْقَهُ إِلَى قَفَاهُ، وَمَنْخِرَهُ إِلَى قَفَاهُ وَعَيْنَهُ إِلَى قَفَاهُ - قَالَ وَرُبَّمَا قَالَ أَبُو رَجَاءٍ فَيَشُقُّ - قَالَ ثُمَّ يَتَحَوَّلُ إِلَى الْجَانِبِ الآخَرِ، فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ بِالْجَانِبِ الأَوَّلِ، فَمَا يَفْرُغُ مِنْ ذَلِكَ الْجَانِبِ حَتَّى يَصِحَّ ذَلِكَ الْجَانِبُ كَمَا كَانَ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ مِثْلَ مَا فَعَلَ الْمَرَّةَ الأُولَى. ـــــــــــــــــــــــــــــ "إنهما جبريل وميكائيل" كانا في صورة رجلين (ابتعثاني) من البعث من النوم، بالثاء المثلثة، كأنه رأى أنه كان نائمًا جاءا وأيقظاه وذهبا به، ومعنى الحديث ظاهر، ونشير إلى بعض ألفاظه: (وإنا أتينا إلى رجل مضطجع) وتقدم في الجنائز أنه كان جالسًا ولا تنافي لكونه في العذاب فهو مضطرب فتارة جالس وأخرى مضطجع. فإن قلت: صاحب الكلوب كان هناك مقدمًا على المضطجع؟ قلت: العطف بالواو لا ترتيب فيه. (فيثلغ رأسه) بالمثلثة وغين معجمة على وزن ينصر، قال ابن الأثير: الثلغ أن تضرب بالشيء اليابس على الرطب فيشدخه، والشدخ: ضرب الشيء وكسره إلى جوفه (فيتدهده الحجر) بفتح المهملتين بينهما هاء ساكنة، وفي رواية بهمزتين بدل الهائين، والمعنى واحد، أي: يتدحرج (ههنا) أي: من جهة الضرب (فلا يرجع إليه حتى يصح رأسه) وفي رواية: يلتئم (قلت لهما: سبحان الله) تعجبًا مما رأى (وأتينا على رجل مستلق لقفاه) كان الظاهر على قفاه، لكنه ضمنه معنى اللصوق والاختصاص، ورواه ابن الأثير بالنون بعد اللام وهو القياس المذكور في اللغة (وإذا آخر قائم عليه بكَلوب) بفتح الكاف وتشديد اللام وبالضم هو أحسن لعدم فعلول في كلام العرب إلا نادرًا (فيشرشر شدقه إلى قفاه) أي شقه وفي رواية: فيشق بدل يشرشر، والشدق بكسر الشين أحد جانبي الفم (ومنخره) بكسر الخاء إحدى ثقبي الأنف

قَالَ قُلْتُ سُبْحَانَ اللَّهِ مَا هَذَانِ قَالَ قَالاَ لِى انْطَلِقْ. فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى مِثْلِ التَّنُّورِ - قَالَ فَأَحْسِبُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ - فَإِذَا فِيهِ لَغَطٌ وَأَصْوَاتٌ - قَالَ - فَاطَّلَعْنَا فِيهِ، فَإِذَا فِيهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ، وَإِذَا هُمْ يَأْتِيهِمْ لَهَبٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ، فَإِذَا أَتَاهُمْ ذَلِكَ اللَّهَبُ ضَوْضَوْا - قَالَ - قُلْتُ لَهُمَا مَا هَؤُلاَءِ قَالَ قَالاَ لِى انْطَلِقِ انْطَلِقْ. قَالَ فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ - حَسِبْتُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ - أَحْمَرَ مِثْلِ الدَّمِ، وَإِذَا فِي النَّهَرِ رَجُلٌ سَابِحٌ يَسْبَحُ، وَإِذَا عَلَى شَطِّ النَّهَرِ رَجُلٌ قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ حِجَارَةً كَثِيرَةً، وَإِذَا ذَلِكَ السَّابِحُ يَسْبَحُ مَا يَسْبَحُ، ثُمَّ يَأْتِى ذَلِكَ الَّذِى قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ الْحِجَارَةَ فَيَفْغَرُ لَهُ فَاهُ فَيُلْقِمُهُ حَجَرًا فَيَنْطَلِقُ يَسْبَحُ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِ، كُلَّمَا رَجَعَ إِلَيْهِ فَغَرَ لَهُ فَاهُ فَأَلْقَمَهُ حَجَرًا - قَالَ - قُلْتُ لَهُمَا مَا هَذَانِ قَالَ قَالاَ لِى انْطَلِقِ انْطَلِقْ. قَالَ فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ كَرِيهِ الْمَرْآةِ كَأَكْرَهِ مَا أَنْتَ رَاءٍ رَجُلاً مَرْآةً، وَإِذَا عِنْدَهُ نَارٌ يَحُشُّهَا وَيَسْعَى حَوْلَهَا - قَالَ - قُلْتُ لَهُمَا مَا هَذَا قَالَ قَالاَ لِى انْطَلِقِ انْطَلِقْ. فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى رَوْضَةٍ مُعْتَمَّةٍ فِيهَا مِنْ كُلِّ نَوْرِ الرَّبِيعِ، وَإِذَا بَيْنَ ظَهْرَىِ الرَّوْضَةِ رَجُلٌ طَوِيلٌ لاَ أَكَادُ أَرَى رَأْسَهُ طُولاً فِي السَّمَاءِ، وَإِذَا حَوْلَ الرَّجُلِ مِنْ أَكْثَرِ وِلْدَانٍ رَأَيْتُهُمْ قَطُّ - قَالَ - قُلْتُ لَهُمَا مَا هَذَا مَا هَؤُلاَءِ قَالَ قَالاَ لِى انْطَلِقِ انْطَلِقْ. - قَالَ - فَانْطَلَقْنَا فَانْتَهَيْنَا إِلَى رَوْضَةٍ عَظِيمَةٍ لَمْ أَرَ رَوْضَةً قَطُّ أَعْظَمَ مِنْهَا وَلاَ أَحْسَنَ. - قَالَ - قَالاَ لِى ارْقَ فِيهَا. قَالَ فَارْتَقَيْنَا فِيهَا فَانْتَهَيْنَا إِلَى مَدِينَةٍ مَبْنِيَّةٍ بِلَبِنِ ذَهَبٍ وَلَبِنِ فِضَّةٍ، فَأَتَيْنَا بَابَ الْمَدِينَةِ فَاسْتَفْتَحْنَا فَفُتِحَ لَنَا، فَدَخَلْنَاهَا ـــــــــــــــــــــــــــــ (وأتينا على مثل التنور) بفتح التاء وتشديد النون معروف، اتفق فيه اللغات (فإذا فيه لغط) بفتح اللام والغين المعجمة: الأصوات المختلطة (ضوضوا) بضاد معجمة مكررة أي ضجوا واستغاثوا (وإذا في النهر رجل سابح يسبح) من السباحة بالباء الموحدة (فيغفر له فاه) أي: يفتح بالفاء والغين المعجمة (كريه المرآة) قال الجوهري: بفتح الميم على وزن مفعلة: المنظر (فإذا عنده نار يحشها) بفتح الياء وحاء مهملة وشين معجمة، قال الجوهري: حششت النار أوقدتها، وحكى صاحب المطالع فيها ضم الياء (فأتينا على روضة معتمة) بفتح العين المهملة وتشديد التاء المكسورة، ويروى بسكون العين وتخفيف التاء، من أَعتم البيت وعتم إذا طال، والظاهر أنه من العتمة، وهي الظلمة، فإن الخضرة إذا كملت توصف بالظلمة قال تعالى: {مُدْهَامَّتَانِ (64)} [الرحمن: 64] في الوصف بالخضرة (من كل لون الربيع) كذا في الأكثر، وفي رواية النضر: النور بفتح النون والراء: الزهر (مدينة مبنية بلبن ذهب) بفتح اللام وكسر

فَتَلَقَّانَا فِيهَا رِجَالٌ شَطْرٌ مِنْ خَلْقِهِمْ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ، وَشَطْرٌ كَأَقْبَحِ مَا أَنْتَ رَاءٍ - قَالَ - قَالاَ لَهُمُ اذْهَبُوا فَقَعُوا فِي ذَلِكَ النَّهَرِ. قَالَ وَإِذَا نَهَرٌ مُعْتَرِضٌ يَجْرِى كَأَنَّ مَاءَهُ الْمَحْضُ فِي الْبَيَاضِ، فَذَهَبُوا فَوَقَعُوا فِيهِ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَيْنَا قَدْ ذَهَبَ ذَلِكَ السُّوءُ عَنْهُمْ، فَصَارُوا فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ - قَالَ - قَالاَ لِى هَذِهِ جَنَّةُ عَدْنٍ، وَهَذَاكَ مَنْزِلُكَ. قَالَ فَسَمَا بَصَرِى صُعُدًا، فَإِذَا قَصْرٌ مِثْلُ الرَّبَابَةِ الْبَيْضَاءِ - قَالَ - قَالاَ هَذَاكَ مَنْزِلُكَ. قَالَ قُلْتُ لَهُمَا بَارَكَ اللَّهُ فِيكُمَا، ذَرَانِى فَأَدْخُلَهُ. قَالاَ أَمَّا الآنَ فَلاَ وَأَنْتَ دَاخِلُهُ. قَالَ قُلْتُ لَهُمَا فَإِنِّى قَدْ رَأَيْتُ مُنْذُ اللَّيْلَةِ عَجَبًا، فَمَا هَذَا الَّذِى رَأَيْتُ قَالَ قَالاَ لِى أَمَا إِنَّا سَنُخْبِرُكَ، أَمَّا الرَّجُلُ الأَوَّلُ الَّذِى أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُثْلَغُ رَأْسُهُ بِالْحَجَرِ، فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَأْخُذُ الْقُرْآنَ فَيَرْفُضُهُ وَيَنَامُ عَنِ الصَّلاَةِ الْمَكْتُوبَةِ، وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِى أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُشَرْشَرُ شِدْقُهُ إِلَى قَفَاهُ، وَمَنْخِرُهُ إِلَى قَفَاهُ، وَعَيْنُهُ إِلَى قَفَاهُ، فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَغْدُو مِنْ بَيْتِهِ فَيَكْذِبُ الْكَذْبَةَ تَبْلُغُ الآفَاقَ، وَأَمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ الْعُرَاةُ الَّذِينَ فِي مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ فَإِنَّهُمُ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِى. وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِى أَتَيْتَ عَلَيْهِ يَسْبَحُ فِي النَّهَرِ وَيُلْقَمُ الْحَجَرَ، فَإِنَّهُ آكِلُ الرِّبَا، وَأَمَّا الرَّجُلُ الْكَرِيهُ الْمَرْآةِ الَّذِى عِنْدَ النَّارِ يَحُشُّهَا وَيَسْعَى حَوْلَهَا، فَإِنَّهُ مَالِكٌ خَازِنُ ـــــــــــــــــــــــــــــ الباء الموحدة معروف (فإذا نهر معترض يجري كأن ماءه المحض في البياض) بالحاء المهملة والضاد المعجمة، أي: اللبن الخالص، قال ابن الأثير: المحض: الخالص من كل شيء (فسما بصري صعدًا فإذا قصر مثل الربابة البيضاء) سما: فعل ماض، أي: ارتفع وصعد بفتح الصاد والعين، قال ابن الأثير: جمع صعودًا، قلت: وإنما جمعه إشارة إلى غاية الارتفاع. والرّبابة بفتح الراء والباء الموحدة السحابة التي ركبت بعضها فوق بعض، وقيل السحابة البيضاء، وقيل المنفردة (أما إنا سنخبرك) بفتح الهمزة وتخفيف الميم حرف تنبيه. وهذه الأنواع من العذاب على هؤلاء المذنبين مناسبتها ظاهرة، فإن النوم عن الصلاة لما كان محله الدماغ كما تقدم في أبواب الصلاة "إذا نام أحدكم عقد الشيطان على قفاه ثلاث عقد شدخ رأسه" لأنه العضو الجاني. وكون الزناة عراة لكشفهم العورة في الفاحشة، وكون آكل الربا في نهر الدم يلقم الحجر لأن الفم في أكل الربا هو العضو الجاني وقس على هذا ما عداه

جَهَنَّمَ، وَأَمَّا الرَّجُلُ الطَّوِيلُ الَّذِى فِي الرَّوْضَةِ فَإِنَّهُ إِبْرَاهِيمُ - صلى الله عليه وسلم - وَأَمَّا الْوِلْدَانُ الَّذِينَ حَوْلَهُ فَكُلُّ مَوْلُودٍ مَاتَ عَلَى الْفِطْرَةِ». قَالَ فَقَالَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَوْلاَدُ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «وَأَوْلاَدُ الْمُشْرِكِينَ. وَأَمَّا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَانُوا شَطْرٌ مِنْهُمْ حَسَنًا وَشَطَرٌ مِنْهُمْ قَبِيحًا، فَإِنَّهُمْ قَوْمٌ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا، تَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُمْ». طرفه 845 ـــــــــــــــــــــــــــــ (وأما الولدان الذين حوله فكل مولود مات على الفطرة) أي قبل البلوغ واختياره أحد الأديان، ولما كان هذا يعم المؤمن والكافر (قالوا يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأولاد المشركين قال: وأولاد المشركين) وهذا نص في دخولهم الجنة وموافق لقوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: 15]. فإن قلت: فقد قال في الحديث الآخر "من آبائهم"؟ قلت: أراد في أحكام الدنيا. فإن قلت: في الحديث الآخر "الله أعلم بما كانوا عاملين"؟ قلت: لا ينافى هذا الحديث ولو سلم لم يكن عالمًا ثم علم فتوقف أولًا ثم جزم ثانيًا والله أعلم وأحكم.

الْكَوْثَرُ الْجَارِي إلى رِيَاض أحَادِيثِ البُخَارِيّ [11]

حُقُوق الطَّبْع مَحْفُوظَة الطبعة الأولى 1429 هـ - 2008 م مؤسسة التَّارِيخ الْعَرَبِيّ للطباعة والنشر والتوزيع العنوان الْجَدِيد بيروت - طَرِيق المطار - خلف غولدن بلازا هَاتِف: 540000/ 01 - 455559/ 01 فاكس: 850717 - ص. ب: 7957/ 11

92 - كتاب الفتن

92 - كتاب الفتن 1 - باب مَا جَاءَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً) وَمَا كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُحَذِّرُ مِنَ الْفِتَنِ. 7048 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ السَّرِىِّ حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ قَالَ قَالَتْ أَسْمَاءُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَنَا عَلَى حَوْضِى أَنْتَظِرُ مَنْ يَرِدُ عَلَىَّ، فَيُؤْخَذُ بِنَاسٍ مِنْ دُونِى فَأَقُولُ أُمَّتِى. فَيَقُولُ لاَ تَدْرِى، مَشَوْا عَلَى الْقَهْقَرَى». قَالَ ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ أَنْ نَرْجِعَ عَلَى أَعْقَابِنَا أَوْ نُفْتَنَ. طرفه 6593 ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الفتن بكسر الفاء وفتح التاء جمع فتنة. قال ابن الأثير: يقال فتنه وأفتنه إذا امتحنه. والثاني قليل، ثم كثر فيما أخرجه الامتحان من المكروه ثم كثر حتى استعمل في الإثم والكفر والإزالة والصرف والقتال وغيرها. وله شواهد بالتتبع من موارد الاستعمال. باب ما جاء في قوله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال: 25] وما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحذر من الفتن 7048 - (بشر بن السري) بكسر الموحدة وشين معجمة وفتح المهملة وكسر الراء وتشديد الياء آخره، وليس له في "البخاري" إلا هذا الحديث (ابن أبي مليكة) بضم الميم مصغر ملكة (فيوخذ بأناس من دوني) أي في أدنى مكان مني (فأقول أُمتي) وفي الرواية بعدها: "أصحابي" (فيقال لا تدري مشوا على القهقرى) أي ارتدوا بعدك، كما صرح به في الرواية الأخرى، وفي الرواية الأخرى: "بدلوا بعدك". وهذه الألفاظ صريحة في أن هؤلاء هم الأجلاف من الأعواب، ارتدوا وماتوا على الردة، والحمل على العصاة خطأ وهل يقولوأ في المؤمنين العاصين: "سحقًا سحقًا لمن بدل بعدي"؟ فإن قلت: كيف دلت أحاديث الباب على الشق الأول من الترجمة وهو قوله: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال: 25] قلت: في تفسير الآية وجهان:

2 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - «سترون بعدى أمورا تنكرونها»

7049 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ أَبِى وَائِلٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ، لَيُرْفَعَنَّ إِلَىَّ رِجَالٌ مِنْكُمْ حَتَّى إِذَا أَهْوَيْتُ لأُنَاوِلَهُمُ اخْتُلِجُوا دُونِى فَأَقُولُ أَىْ رَبِّ أَصْحَابِى. يَقُولُ لاَ تَدْرِى مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ». طرفه 6575 7050، 7051 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى حَازِمٍ قَالَ سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ، مَنْ وَرَدَهُ شَرِبَ مِنْهُ، وَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهُ أَبَدًا، لَيَرِدُ عَلَىَّ أَقْوَامٌ أَعْرِفُهُمْ وَيَعْرِفُونِى، ثُمَّ يُحَالُ بَيْنِى وَبَيْنَهُمْ». قَالَ أَبُو حَازِمٍ فَسَمِعَنِى النُّعْمَانُ بْنُ أَبِى عَيَّاشٍ وَأَنَا أُحَدِّثُهُمْ هَذَا فَقَالَ هَكَذَا سَمِعْتَ سَهْلاً فَقُلْتُ نَعَمْ. قَالَ وَأَنَا أَشْهَدُ عَلَى أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ لَسَمِعْتُهُ يَزِيدُ فِيهِ قَالَ «إِنَّهُمْ مِنِّى. فَيُقَالُ إِنَّكَ لاَ تَدْرِى مَا بَدَّلُوا بَعْدَكَ فَأَقُولُ سُحْقًا سُحْقًا لِمَنْ بَدَّلَ بَعْدِى». طرفاه 6583، 6584 2 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «سَتَرَوْنَ بَعْدِى أُمُورًا تُنْكِرُونَهَا» وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِى عَلَى الْحَوْضِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ أحدهما أن الفتنة إذا وقعت تعم الظالم وغيره. والثاني: تخص الظالم، وكان البخاري أراد الثاني فإن الذين مُنِعوا من الحوض فتنهم لم تجاوزهم إلى من كان معاصرًا لهم، والدليل على هذا أنه ذكر فيما بعد حديث أم سلمة: أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: "نعم إذا كثر الخبث". باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - سترون بعدي أمورًا تنكرونها هذه الترجمة بعض ما في الحديث في الباب (وقال عبد الله بن زيد: [قال النبي - صلى الله عليه وسلم -] اصبروا حتى تلقوني على الحوض) سبق هذا التعليق موصولًا في غزوة خيبر.

7052 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ قَالَ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِى أَثَرَةً وَأُمُورًا تُنْكِرُونَهَا. قَالُوا فَمَا تَأْمُرُنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «أَدُّوا إِلَيْهِمْ حَقَّهُمْ وَسَلُوا اللَّهَ حَقَّكُمْ». طرفه 3603 7053 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ عَنِ الْجَعْدِ عَنْ أَبِى رَجَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ كَرِهَ مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا فَلْيَصْبِرْ، فَإِنَّهُ مَنْ خَرَجَ مِنَ السُّلْطَانِ شِبْرًا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً». طرفاه 7054، 7143 7054 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ الْجَعْدِ أَبِى عُثْمَانَ حَدَّثَنِى أَبُو رَجَاءٍ الْعُطَارِدِىُّ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَصْبِرْ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ شِبْرًا فَمَاتَ، إِلاَّ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً». طرفه 7053 ـــــــــــــــــــــــــــــ 7052 - (سمعت عبد الله) هو ابن مسعود (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنكم سترون بعدي أثرة) بفتح الهمزة وثاء مثلثة اسم من الإيثار في أموال الدنيا، ومحصله منع الحق عن مستحقه، وإعطاؤه لمن لا يستحق كما فعله من جاء بعد الخلفاء الراشدين (أمورًا تنكرونها) كذا بدون الواو بدلًا من أثرة، وفي بعضها بالواو فالمراد الأمور المنكرة في الدين (أدُّوا إليهم حقهم) من الطاعة (واسألوا الله حقكم) بأن يبدل الظالم بالعادل أو يعطيكم الأجر والثواب في الآخرة. 7053 - (عن الجعد) بفتح الجيم وسكون العين، وفي بعضها مصغر هو أبو عثمان البصري (عن أبي رجاء) بفتح الراء والمد هو عمران العطاردي. 7054 - (أبو النعمان) بضم النون محمد بن الفضل (من رأى من أميره شيئًا فليصبر فإنه من فارق الجماعة شبرًا) [بكسر] الشين والباء الموحدة كلام عن طريق المثل، أي: أدنى شيء (فمات إلا مات ميتة جاهلية) أي موتًا يشبه الموت في الجاهلية، أي: عاصيًا، أو: موتًا غير مرضي، والكلام سيق للزجر عن المفارقة.

7055 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرٍو عَنْ بُكَيْرٍ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِى أُمَيَّةَ قَالَ دَخَلْنَا عَلَى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَهْوَ مَرِيضٌ قُلْنَا أَصْلَحَكَ اللَّهُ حَدِّثْ بِحَدِيثٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهِ سَمِعْتَهُ مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ دَعَانَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَبَايَعْنَاهُ طرفه 18 7056 - فَقَالَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا، وَعُسْرِنَا، وَيُسْرِنَا، وَأَثَرَةٍ عَلَيْنَا، وَأَنْ لاَ نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ، إِلاَّ أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا، عِنْدَكُمْ مِنَ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ. طرفه 7200 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: ما معنى قوله: "فمات إلا مات" وأي وجه لصحته؟ قلت: أجاب ابن مالك بأن ما النافية مقدرة، أي: ما مات إلا ميتة جاهلية، وأجاب بعضهم بأن الاستفهام للإنكار فيصح الاستثناء بدون تقديره، وهذا غلط لأن من في قوله: "من فارق الجماعة" شرطية، وقوله: "فمات" جزاء الشرط فلا يعقل هنا استفهام لا لفظًا ولا تقديرًا. 7055 - 7056 - (بكير) بضم الباء مصغر (بُسر بن سعيد) بضم الموحدة وسكون المهملة (جُنادة) بضم الجيم بعده نون (أمية) بضم الهمزة وتشديد الياء المفتوحة (دخلنا على عبادة بن الصامت) بضم العين وتخفيف الباء (فقال فيما أخذ علينا) أي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في البيعة (السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا) بفتح الميم مصدران، قال ابن الأثير: ولا بد من تقدير، أي: في حالة المنشط والمكره (وعسرنا ويسرنا) كذلك، أي: حالتهما (و [أن] لا ننازع الأمر أهله) أي: الإمارة، اللام فيه للعهد (إلا أن تروا كفرًا بواحًا) استثناء من أعم الأحوال، أي: في شيء من الأحوال إلا في حالة واحدة، والبواح -بفتح الباء- أي ظاهرًا، يقال باح بسره، أي: أظهره، وفي رواية "براحًا" بالراء والمعنى واحد، وهو أن يكون الكفر بحيث لا يمكن تأويله، ولذلك قيده بقوله: (عندكم من الله [فيه] برهان) أي نص قاطع، قال النووي: المراد بالكفر المعصية، والظاهر أنه إنما جنح إلى ذلك لما وقع في رواية لفظ المعصية، وليس كما قال؛ لأن منع الحق عن أهله معصية ومع ذلك صرح في

3 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - «هلاك أمتى على يدى أغيلمة سفهاء»

7057 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَعْمَلْتَ فُلاَنًا وَلَمْ تَسْتَعْمِلْنِى. قَالَ «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِى أَثَرَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِى». طرفه 3792 3 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «هَلاَكُ أُمَّتِى عَلَى يَدَىْ أُغَيْلِمَةٍ سُفَهَاءَ» 7058 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِى جَدِّى قَالَ كُنْتُ جَالِسًا مَعَ أَبِى هُرَيْرَةَ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْمَدِينَةِ وَمَعَنَا مَرْوَانُ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ سَمِعْتُ الصَّادِقَ الْمَصْدُوقَ يَقُولُ: ـــــــــــــــــــــــــــــ الحديث بقوله: "أدوهم حقهم واسألوا الله حقكم" فالصواب أن لا نزاع مع الإمام، والخروج عليه إلا إذا كفر بحيث لا يقبل التأويل، هذا وأما الأمر بالمعروف لمن كان قادرًا فواجب في كل حال بما قَدِر قولًا وفعلًا. 7057 - (عرعرة) بعين وراء مهملتين (أُسيد بن حضير) بتصغير الاسمين وحاء مهملة وضاد معجمة (أن رجلًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: استعملت فلانًا ولم تستعملني، قال: وإنكم سترون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني). فإن قلت: كيف وقع: "وإنكم سترون بعدي أثرة" في جواب من قال: استعملت فلانًا ولم تستعملني؟ قلت: قوله: "وإنكم" عطف على مقدر، أي: إن الأمر كما ذكرت ولكن لا ضرر عليك في ذلك، فإن المال يصرف إليكم ولكن سيكون بعدي من يمنعكم حقكم، واعلم أن الأحاديث اتفقت على أن الأمير وإن كان فاسقًا يجب طاعته ما أقام الجُمَعَ والأعياد، ولقد أحسن من قال: من خرج على السلطان لكونه جائر كمن بنى قصرًا وهدم مصرًا. باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "هلاك أمتي على يدي أغيلمة من قريش" لفظ من قريش في رواية أبي ذر. 7058 - (أخبرني جدي) القائل عمرو بن يحيى وجده أبو عثمان سعيد المذكور كنت جالسًا مع أبي هريرة في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم -) كان هذا في إمارة معاوية، ومروان أمير المدينة (سمعت الصادق والمصدوق) أي الذي يصدق في حديثه والذي يقال له الصدق هو

4 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - «ويل للعرب من شر قد اقترب»

«هَلَكَةُ أُمَّتِى عَلَى يَدَىْ غِلْمَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ». فَقَالَ مَرْوَانُ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ غِلْمَةً. فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ لَوْ شِئْتُ أَنْ أَقُولَ بَنِى فُلاَنٍ وَبَنِى فُلاَنٍ لَفَعَلْتُ. فَكُنْتُ أَخْرُجُ مَعَ جَدِّى إِلَى بَنِى مَرْوَانَ حِينَ مَلَكُوا بِالشَّأْمِ، فَإِذَا رَآهُمْ غِلْمَانًا أَحْدَاثًا قَالَ لَنَا عَسَى هَؤُلاَءِ أَنْ يَكُونُوا مِنْهُمْ قُلْنَا أَنْتَ أَعْلَمُ. طرفه 3604 4 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا غير (هَلَكَة أمتي) بفتح اللام والكاف بمعنى الهلاك (على يدي غَلْمَةٍ من قريش) وفي بعضها أيدي بلفظ الجمع، والغلام: يرادف الصبي، وهو أن يكون دون البلوغ، إلا أن المراد الشبان ولذلك أردفه بالسفه، وذلك أن أحدًا من بني أمية لم يتول في صباه، اللهم إلا أن يحمل على أولاد الأمراء، وأول من ولي من هؤلاء السفهاء يزيد بن معاوية عزل الشيوخ من الولايات وولى مكانهم الفسقة من أقرانه، كذا نقله شيخ الإسلام، ونقل أيضًا أن الأحاديث جاءت تلعن الحكم، ومن ولد إن حُمِل على ولده صلبيًا فذاك، وإن حُمِل على النسل والذرية فلا بد من تخصيص، فإن عمر بن عبد العزيز من ذريته (فقال مروان: لعنة الله عليهم غلمة) بنزع الخافض، أي: من غلمة، أنطقه الله بالحق فإنه لعن نفسه وذريته. فإن قلت: ليس في الحديث ذكر السفه الذي ترجم عليه؟ قلت: لم يكن على شرطه فأشار إليه، وقد ذكره الإسماعيلي وغيره وفي هذا الحديث أيضًا دلالة على عدم جواز الخروج على الأمراء الفسقة. باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ويل للعرب من شر قد اقترب" هذه الترجمة بعض حديث الباب قيل: إنما خص العرب لأنهم أول داخل في الإسلام، وللإيذان بأن الفتنة إذا وقعت كان الهلاك أسرع إليهم، والذي يظهر أنه خص العرب بالذكر لأنه قيد الشر بالقريب، ولا شك أن أول ما وقع من الفتن كان قتل عمر وعثمان، وبعده وقعة علي ومعاوية، وبعده قتل حسين بن علي، وبعده وقعة الحرة على يد مسلم بن عقبة التي أشار

7059 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ أَنَّهُ سَمِعَ الزُّهْرِىَّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ - رضى الله عنهن - أَنَّهَا قَالَتِ اسْتَيْقَظَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ النَّوْمِ مُحْمَرًّا وَجْهُهُ يَقُولُ «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ، فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَاجُوجَ وَمَاجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ». وَعَقَدَ سُفْيَانُ تِسْعِينَ أَوْ مِائَةً. قِيلَ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ قَالَ «نَعَمْ، إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ». طرفه 3346 7060 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِىِّ. وَحَدَّثَنِى مَحْمُودٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ - رضى الله عنهما - قَالَ أَشْرَفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى أُطُمٍ مِنْ آطَامِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ «هَلْ تَرَوْنَ مَا أَرَى». قَالُوا لاَ. قَالَ «فَإِنِّى لأَرَى الْفِتَنَ تَقَعُ خِلاَلَ بُيُوتِكُمْ كَوَقْعِ الْقَطْرِ». طرفه 1878 ـــــــــــــــــــــــــــــ إليها بقوله: "أرى مواقع الفتن خلال بيوتكم". 7059 - (عن زينب بنت أبي سلمة عن أم حبيبة عن زينب بنت جحش) في رواية مسلم بنت أم حبيبة وهذا وهم لأن زينب بنت أم سلمة روت تارة عن حبيبة، وتارة عن أم حبيبة، وفي هذا الإسناد لطيفة اخرى وهي أن فيه زينبتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وزوجتيه (استيقظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - محمرًا وجهه) من شدة ما تألم من رؤياه (فتح من ردم يأجوج ومأجوج) اسمان عجميان أو عربيان، والمراد بهما قبيلتان عظيمتان وراء السد الذي أخبر الله في كتابه وهم صنف من الترك من أولاد يافث بن نوح (وعقد سفيان تسعين أو مئة) قال ابن الأثير: هذا من مواضعات الحساب يشيرون بعقد الأنامل إلى مقادير الأعداد. 7060 - (أبو نعيم) بضم النون (ابن عيينة) مصغر عين سفيان (محمود) هو ابن غيلان (مر النبي - صلى الله عليه وسلم - على أطم من آطام المدينة) الأطم بضم الهمزة شبه الحصن والآطام بالمد جمعه (كمواقع القطر) وجه الشبه الكثرة، وقد ذكرنا أنه وقعة الحرة على يد ابن عاقبة عاقبة الله بالعذاب، وقيل: مقتل عثمان وفيه بُعد؛ لأ في قتله لم يكن في خلال البيوت ما أشار إليه الحديث.

5 - باب ظهور الفتن

5 - باب ظُهُورِ الْفِتَنِ 7061 - حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَتَقَارَبُ الزَّمَانُ، وَيَنْقُصُ الْعَمَلُ، وَيُلْقَى الشُّحُّ، وَتَظْهَرُ الْفِتَنُ، وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّمَ هُوَ. قَالَ «الْقَتْلُ الْقَتْلُ». وَقَالَ شُعَيْبٌ وَيُونُسُ وَاللَّيْثُ وَابْنُ أَخِى الزُّهْرِىِّ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 85 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ظهور الفتن 7061 - (عياش) بفتح العين وتشديد المثناة تحت آخره شين معجمة (معمر) بفتح الميمين وعين ساكنة (يتقارب الزمان) أي: عند قرب الساعة لأن المذكور في الباب أشراط الساعة، وقيل: تقارب أهل الزمان في الفساد، وقيل: كناية عن طيب النفس فإن أيام السرور قِصَار كما جاء في حديث المهدي: "تكون السنة كالشهر، والشهر كالأسبوع" وليس بملائم المقام، والصواب أنه أشار إلى ارتفاع البركة من كل الشيء حتى الزمان الذي من طلوع الشمس، لأن الغروب من غير تفاوت بالتقدم والتأخر (ويُلقى الشح) قال ابن الأثير قال الحميدي: لم يضبط الرواة هذه الحروف، ويحتمل أن يكون بتشديد القاف، والمعنى يدعى إلى الشح ويُتواصى به، كما في قوله تعالى: {وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ} [القصص: 80] قالوا: ولو قرئ بالفاء حتى يكون معناه يوجد الشح لم يكن له معنى؛ لأن الشح لم يزل موجودًا. ولو قرئ بالقاف مخففة، أي: يترك الشح لم يصح وهو ظاهر. وأنا أقول: الذي وقفنا عليه يلفى بالفاء والمعنى: يوجد كثيرًا، فلا يقدح في هذا ما كان موجودًا في الجملة. وهذا متعارف، يقال: وجد الشيء الفلاني أي: كَثُر وشاع (أَيّم) بفتح الهمزة وتشديد الياء وحذف الألف من ما الذي بمعنى شيء أي: شيء هو، ويروى بإثبات الألف من ما، ويروى بتخفيف الياء، كقولهم: أيس مخففًا، أي: من أي شيء (القتل) فسَّرَ الهرج بالقتل، وهو في الأصل الكثرة والاتساع، وأكثر ما يقال بمعنى الاختلاط، وقوله فيما بعد: "بلغة الحبشة القتل" صريح في أنه لم يكن عندهم بهذا المعنى، ولذلك التبس عليهم، وإشارته باليد قرينة المجاز.

7062، 7063 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ قَالَ كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِى مُوسَى فَقَالاَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ بَيْنَ يَدَىِ السَّاعَةِ لأَيَّامًا يَنْزِلُ فِيهَا الْجَهْلُ، وَيُرْفَعُ فِيهَا الْعِلْمُ، وَيَكْثُرُ فِيهَا الْهَرْجُ، وَالْهَرْجُ الْقَتْلُ». الحديث 7062 طرفه 7066، الحديث 7063 طرفاه 7064، 7065 7064 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا شَقِيقٌ قَالَ جَلَسَ عَبْدُ اللَّهِ وَأَبُو مُوسَى فَتَحَدَّثَا فَقَالَ أَبُو مُوسَى قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ بَيْنَ يَدَىِ السَّاعَةِ أَيَّامًا يُرْفَعُ فِيهَا الْعِلْمُ، وَيَنْزِلُ فِيهَا الْجَهْلُ، وَيَكْثُرُ فِيهَا الْهَرْجُ، وَالْهَرْجُ الْقَتْلُ». طرفه 7063 7065 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ قَالَ إِنِّى لَجَالِسٌ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِى مُوسَى - رضى الله عنهما - فَقَالَ أَبُو مُوسَى سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَهُ، وَالْهَرْجُ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ الْقَتْلُ. طرفه 7062 7066 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ وَاصِلٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَأَحْسِبُهُ رَفَعَهُ قَالَ «بَيْنَ يَدَىِ السَّاعَةِ أَيَّامُ الْهَرْجِ، يَزُولُ الْعِلْمُ، وَيَظْهَرُ فِيهَا الْجَهْلُ». قَالَ أَبُو مُوسَى وَالْهَرْجُ الْقَتْلُ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ. طرفه 7062 7067 - وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنِ الأَشْعَرِىِّ أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ تَعْلَمُ الأَيَّامَ الَّتِى ذَكَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَيَّامَ الْهَرْجِ. نَحْوَهُ. قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مِنْ شِرَارِ النَّاسِ مَنْ تُدْرِكُهُمُ السَّاعَةُ وَهُمْ أَحْيَاءٌ». ـــــــــــــــــــــــــــــ 7066 - 7067 - (محمد) قال الغساني: لم ينسبه أحد، وقال الكلاباذي: يحتمل أن يكون ابن بندار، وأن يكون ابن المثنى، وأن يكون محمد بن الوليد فإن هؤلاء الثلاثة روى البخاري عنهم عن غندر (من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء).

6 - باب لا يأتى زمان إلا الذى بعده شر منه

6 - باب لاَ يَأْتِى زَمَانٌ إِلاَّ الَّذِى بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ 7068 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِىٍّ قَالَ أَتَيْنَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ فَشَكَوْنَا إِلَيْهِ مَا نَلْقَى مِنَ الْحَجَّاجِ فَقَالَ «اصْبِرُوا، فَإِنَّهُ لاَ يَأْتِى عَلَيْكُمْ زَمَانٌ إِلاَّ الَّذِى بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ، حَتَّى تَلْقَوْا رَبَّكُمْ». سَمِعْتُهُ مِنْ نَبِيِّكُمْ - صلى الله عليه وسلم -. ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: فقد قال: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق إلى قيام الساعة"؟ قلت: جوابه يؤخذ من لفظ الحديث، فإنهم يموتون عند قيام الساعة، فلا يكون قيامها إلا على شرار الناس، كما في رواية مسلم، وفي الرواية الأخرى: "لا تقوم الساعة وهم أحياء". باب لا يأتي زمان إلا وبعده شر منه وفي بعضها أشر. قال الجوهري: وهي لغة رديئة، وهذا يرد مقالته فإنها لغة أفصح الخلق. 7068 - (أتينا أنس بن مالك فشكونا إليه) وفي بعضها: فشكوا إليه (من الحجاج) هو الظالم المشهور (فقال: اصبروا فإنه لا يأتي زمان إلا الذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم، سمعته من نبيكم - صلى الله عليه وسلم - استشكل العلماء هذا بأن الحجاج كان قبل عمر بن عبد العزيز والشرُّ كان معدومًا في زمانه، وأجاب الحسن البصري بأن ذلك كان تنفيسًا ضرورة لا يُعتدُّ به؛ فإن خلافته كانت أيامًا فلا، وأجاب بغير هذا. وعندي أن المراد من الزمان ليس نفس الزمان وذلك ظاهر، ولا الأمراء وأرباب الولايات، ولا كل فرد من أفراد الناس، بل الغالب كما أشار إليه بقوله: "خير القرون قرني" فإنه أراد الغالب، ألا ترى إلى قول ذي الخويصرة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومقاتلته ووجود المنافقين بين الصحابة ثم مقتل عثمان وخروج الخوارج على علي، ثم بعد ذلك في كل قرن كان يزداد من ظهور الزنى وشرب الخمر وأنواع البدع، والإنسان إذا تأمل من أول عمره إلى آخره يرى تفوتًا ظاهر في الناس، فإن الغالب فيما رآهم في أول عمره خير من الذين رآهم آخره.

7 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - «من حمل علينا السلاح فليس منا»

7069 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ ح وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى أَخِى عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى عَتِيقٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ هِنْدٍ بِنْتِ الْحَارِثِ الْفِرَاسِيَّةِ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتِ اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةً فَزِعًا يَقُولُ «سُبْحَانَ اللَّهِ مَاذَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْخَزَائِنِ وَمَاذَا أُنْزِلَ مِنَ الْفِتَنِ، مَنْ يُوقِظُ صَوَاحِبَ الْحُجُرَاتِ - يُرِيدُ أَزْوَاجَهُ - لِكَىْ يُصَلِّينَ، رُبَّ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا، عَارِيَةٍ فِي الآخِرَةِ». طرفه 115 7 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلاَحَ فَلَيْسَ مِنَّا» 7070 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلاَحَ فَلَيْسَ مِنَّا». طرفه 6874 ـــــــــــــــــــــــــــــ 7069 - (هند الفراسية) -بكسر الفاء وسين مهملة- بطن من كنانة (استيقظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة فزعًا) بكسر الزاي نصب على الحال (يقول سبحان الله) تعجبًا (ماذا أنزل من الخزائن) هي ما حصل لأمته إلى آخر الدهر (وماذا أنزل من الفتن) ما وقعت بعد كشف الله له فرآها (رب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة) اختلفوا في معناه، قيل: أراد من تلبس ثوبًا شفًّا لا يستر، وقيل: غير ذلك مما لا فائدة فيه، والصواب أنه أراد أن من كانت ذات لباس في الدنيا وهي عارية عن العمل الصالح فهي عارية يوم القيامة؛ لأن لباس ذلك اليوم هو العمل الصالح قال تعالى فيه: {وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ} [الأعراف: 26]. فإن قلت: أي وجه لهذا الحديث في الباب؟ قلت: ماذا نزل من الفتن بلفظ الماضي، ولم يكن شيء منها في زمانه فدل في نزولها بعده، وقد أشار بقوله "خير القرون قرني ثم الذين يلونهم" وهلم جرًا، فدل بلفظ ثم على أنه كلما بعد العهد كان الشر أكثر. باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من حمل السلاح علينا فليس منا" 7070 - هذه الترجمة حديث الباب، رواه في الباب من وجهين، ومعنى (ليس منا) على سنتنا وطريقتنا؛ لأن المؤمن أخو المؤمن، والمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا.

7071 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلاَحَ فَلَيْسَ مِنَّا». 7072 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يُشِيرُ أَحَدُكُمْ عَلَى أَخِيهِ بِالسِّلاَحِ، فَإِنَّهُ لاَ يَدْرِى لَعَلَّ الشَّيْطَانَ يَنْزِعُ فِي يَدِهِ، فَيَقَعُ فِي حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ». 7073 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ قُلْتُ لِعَمْرٍو يَا أَبَا مُحَمَّدٍ سَمِعْتَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ مَرَّ رَجُلٌ بِسِهَامٍ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَمْسِكْ بِنِصَالِهَا». قَالَ نَعَمْ. طرفه 451 7074 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ 7071 - (محمد بن العلاء) بفتح العين والمد (أبو أسامة) بضم الهمزة (بريد) بضم الباء مصغر برد (أبو بردة) بضم الباء. 7072 - (محمد) كذا وقع غير منسوب قال الغساني: نسبه الحاكم محمد بن يحيى الذهلي، قال شيخ الإسلام: كذا جزم به الحاكم، ويحتمل أن يكون محمد بن رافع؛ لأن مسلمًا روى هذا الحديث عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق. (معمر) بفتح الميمين وسكون العين (هَمّام) بفتح الهاء وتشديد الميم (لا يشير أحدكم على أخيه بالسلاح فإنه لا يدري لعل الشيطان ينزغ في يده) بالغين المعجمة من نزغه على كذا، أي: أغراه، أي: يزين له ضربه حال كونه في يد السلاح. بالعين المهملة أو نزعت الشيء قلعته، فلفظ في بمعنى من أو تضمن الفعل معنى التصرف (فيقع في حفرة من النار) أي: في سبب من أسبابها.

8 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - «لا ترجعوا بعدى كفارا، يضرب بعضكم رقاب بعض»

جَابِرٍ أَنَّ رَجُلاً مَرَّ فِي الْمَسْجِدِ بِأَسْهُمٍ قَدْ أَبْدَى نُصُولَهَا، فَأُمِرَ أَنْ يَأْخُذَ بِنُصُولِهَا، لاَ يَخْدِشُ مُسْلِمًا. طرفه 451 7075 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا مَرَّ أَحَدُكُمْ فِي مَسْجِدِنَا أَوْ فِي سُوقِنَا وَمَعَهُ نَبْلٌ فَلْيُمْسِكْ عَلَى نِصَالِهَا - أَوْ قَالَ فَلْيَقْبِضْ بِكَفِّهِ - أَنْ يُصِيبَ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْهَا شَىْءٌ». طرفه 452 8 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِى كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ» 7076 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنِى أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا شَقِيقٌ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ». طرفه 48 7077 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنِى وَاقِدٌ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ 7075 - (إذا مر أحدكم في مسجدنا أو في سوقنا ومعه نبل فليمسك على نصالها) وقد علله بقوله: (أن يصيب أحدًا من المسلمين) أي كراهة ذلك وقَيْد المسلم خارج مخرج الغالب، وفي رواية في الترمذي "من أشار إلى أخيه بحديدة لعنته الملائكة" وفي الحديث دلالة على حرمة ما يُتوقع منه الضرر، وإن لم يكن كذلك في الحال. باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض" هذه الترجمة ثاني أحاديث الباب، وقد سلف في أبواب الحج في خطبته بمنى، ومحصله أن من اعتقد قتل مسلم لم يستحق القتل فإنه يكفر حقيقة وإلا فهو كفران نعمة الأخوة في الإسلام أو هو فعل يشبه فعل الكفار، وقيل غير هذا مما لا يُعتد به. 7076 - (سِباب المسلم فسوق) بكسر السين مصدر سبه سبًّا وسبابًا أي نسبة إلى ما فيه عار. 7077 - (منهال) بكسر الميم بعدها نون. (واقد) بالقاف.

عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِى كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ». طرفه 1742 7078 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ سِيرِينَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرَةَ عَنْ أَبِى بَكْرَةَ وَعَنْ رَجُلٍ آخَرَ هُوَ أَفْضَلُ فِي نَفْسِى مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرَةَ عَنْ أَبِى بَكْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ «أَلاَ تَدْرُونَ أَىُّ يَوْمٍ هَذَا». قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ. فَقَالَ «أَلَيْسَ بِيَوْمِ النَّحْرِ». قُلْنَا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «أَىُّ بَلَدٍ، هَذَا أَلَيْسَتْ بِالْبَلْدَةِ». قُلْنَا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ، وَأَمْوَالَكُمْ، وَأَعْرَاضَكُمْ، وَأَبْشَارَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ». قُلْنَا نَعَمْ. قَالَ «اللَّهُمَّ اشْهَدْ، فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، فَإِنَّهُ رُبَّ مُبَلِّغٍ يُبَلِّغُهُ مَنْ هُوَ أَوْعَى لَهُ فَكَانَ كَذَلِكَ - قَالَ - لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِى كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ». فَلَمَّا كَانَ يَوْمَ حُرِّقَ ابْنُ الْحَضْرَمِىِّ، حِينَ حَرَّقَهُ جَارِيَةُ بْنُ قُدَامَةَ. قَالَ أَشْرِفُوا عَلَى أَبِى بَكْرَةَ. فَقَالُوا هَذَا أَبُو بَكْرَةَ يَرَاكَ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَحَدَّثَتْنِى أُمِّى عَنْ أَبِى بَكْرَةَ أَنَّهُ قَالَ لَوْ دَخَلُوا عَلَىَّ مَا بَهَشْتُ بِقَصَبَةٍ. طرفه 67 ـــــــــــــــــــــــــــــ 7078 - (قرة بن خالد) بضم القاف (وعن رجل هو أفضل في نفسي من عبد الرحمن) هذا الرجل حميد بن عبد الرحمن الحمري البصري (رب مبلغ يبلغه من هو أوعى له) بفتح الباء واللام في الأول، وبكسر اللام في الثاني (كانا يوم حرق ابن الحضرمي) حرق على بناء المجهول ويومُ بضم الميم مبني لإضافته إلى الجملة بعده، وكان تامة. (حين حرقه جارية بن قدامة) -بالجيم وضم القاف- وقصة هذا أن عليًّا لما توجه إلى نهروان لقتال الخوارج وكان بالبصرة ناس فأرسوا إلى معاوية أن يرسل إليهم من يقوم معهم من أتباع عثمان لطلب دم عثمان، فأرسل عبد الله بن الحضرمي وكان على البصرة زياد بن أبيه لعلي، فأرسل إلى علي يطلب منه النجدة، فأرسل جارية بن قدامة فحصر ابن الحضرمي في بيت سبعين رجلًا وأحرق عليهم الدار (قال أشرفوا على أبي بكرة) بصيغة الأمر، فإنه خاف أن يكون أيضًا خارجًا عن طاعة علي (فقالوا هذا أبو بكرة) يريدون أنه على الطاعة، فقالوا: أبو بكرة (لو دخلوا عليَّ ما بهشت بقصبة) بفتح الهاء وكسرها وشين معجمة، أي: ما قاتلتهم بقصبة فضلًا عن السلاح، لأنه كان روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن قتال المسلم كفر.

9 - باب تكون فتنة القاعد فيها خير من القائم

7079 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِشْكَابٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَرْتَدُّوا بَعْدِى كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ». طرفه 1739 7080 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَلِىِّ بْنِ مُدْرِكٍ سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ بْنَ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ عَنْ جَدِّهِ جَرِيرٍ قَالَ قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ «اسْتَنْصِتِ النَّاسَ». ثُمَّ قَالَ «لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِى كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ». طرفه 121 9 - باب تَكُونُ فِتْنَةٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ 7081 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ. قَالَ إِبْرَاهِيمُ وَحَدَّثَنِى صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «سَتَكُونُ فِتَنٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِى، وَالْمَاشِى فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِى، مَنْ تَشَرَّفَ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ، فَمَنْ وَجَدَ فِيهَا مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ». طرفه 3601 ـــــــــــــــــــــــــــــ 7079 - (أَشكاب) -بفتح الهمزة بعدها معجمة- لقب له، واسمه حسين (فضيل) بضم الفاء مصغر. 7080 - (حرب) ضد الصلح (أبو زرعة) -بضم المعجمة- هرم البجلي من نسل جرير بن عبد الله. باب الفتنة تكون القاعد فيها خيرٌ من القائم هذه الترجمة بعض حديث رواه في الباب. 7081 - (ستكون في فتن) وفي بعضها: فتنة (القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي) وفي رواية مسلم: "والنائم فيها خير من اليقظان".

10 - باب إذا التقى المسلمان بسيفيهما

7082 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «سَتَكُونُ فِتَنٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِى، وَالْمَاشِى فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِى، مَنْ تَشَرَّفَ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ، فَمَنْ وَجَدَ مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ». طرفه 3601 10 - باب إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا 7083 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ رَجُلٍ لَمْ يُسَمِّهِ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ خَرَجْتُ بِسِلاَحِى لَيَالِىَ الْفِتْنَةِ فَاسْتَقْبَلَنِى أَبُو بَكْرَةَ فَقَالَ أَيْنَ تُرِيدُ قُلْتُ أُرِيدُ نُصْرَةَ ابْنِ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا تَوَاجَهَ الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَكِلاَهُمَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ». قِيلَ فَهَذَا الْقَاتِلُ، فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ؟ ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: ما هذه الفتنة؟ قلت: قيل: كل فتنة، والصواب أنه أراد الفتنة العمياء عند فقد الإمام، وأما إذا كان للمسلمين إمام يجب نصره على كل أحد بكل ممكن. 7082 - (من تشرف لها تستشرفه) بفتح التاء وتشديد الراء أي تطلع، والمعنى أن من توجه نحو الفتنة جذبته إليها كالنار، فإنها تحرق كل ما كان قريبًا منها، وقد أشار إلى مراتب البعد عنها فكل ما كان أبعد كان أسلم (فمن وجد ملجأً أو معاذًا فليعذ به) الملجأ والمعاذ متقاربان. باب إذا التقى المسلمان بسيفيهما 7083 - (عن حماد) هو ابن يزيد (عن رجل لم يُسمه) قيل هو عمرو بن عبيد شيخ المعتزلة، وقيل هشام بن حسان، قاله الإسماعيلي والنسائي (عن الحسن قال: حرجت بسلاحي ليالي الفتنة) الحسن هو البصري، والفتنة أراد بها مخالفة عائشة أم المؤمنين ومن معها الإمام الحق علي بن أبي طالب (إذا تواجه المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول من أهل النار) هذا الحديث سلف في أبواب الإيمان مع شرحه وحمل القول فيه أن هذا إذا كان ذلك لطلب الدنيا وكان مُسْتَحِلًّا، وإلا فمعناه يدخلان في أسباب دخول النار إلا أن يغفر الله

قَالَ «إِنَّهُ أَرَادَ قَتْلَ صَاحِبِهِ». قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ فَذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ لأَيُّوبَ وَيُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ يُحَدِّثَانِى بِهِ فَقَالاَ إِنَّمَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ الْحَسَنُ عَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ أَبِى بَكْرَةَ. طرفه 31 حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ بِهَذَا. وَقَالَ مُؤَمَّلٌ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ وَيُونُسُ وَهِشَامٌ وَمُعَلَّى بْنُ زِيَادٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنِ الأَحْنَفِ عَنْ أَبِى بَكْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ. وَرَوَاهُ بَكَّارُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى بَكْرَةَ. وَقَالَ غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ رِبْعِىِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ أَبِى بَكْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَلَمْ يَرْفَعْهُ سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ له، ومحله كما أشرنا إليه أن يكون القتال على عصبية الدنيا تحت راية عمياء وأما إذا كان الإمام متعينًا فالقتال معه والقيام بنصره جهاد في سبيل الله. فإن قلت: فكيف منع أبو بكرة من نصر علي سيما وهو الإمام؟ قلت: أدى اجتهاده إلى ذلك كما فعل غيره من أكابر الصحابة كسعد بن أبي وقاص. (فذكرت هذا الحديث لأيوب ويونس وأنا أريد أن يحدثاني قالا: إنما روى هذا الحديث الحسن عن الأحنف عن أبي بكرة) وقد رواه النسائي بحذف الأحنف، فيحتمل أن يكون روى الحسن عن الأحنف أولًا ثم رأى أبا بكرة فرواه عنه بلا واسطة قال: كان الحسن يروي عن جماعة لم يسمع منهم وتجوز، وكان يرسل الحديث كثيرًا. (وقال المؤمل) بضم الميم على وزن محمد تعليقه رواه الإمام أحمد موصولًا. (معلى) بضم الميم وتشديد اللام (ورواه معمر) بفتح الميمين وسكون العين روى تعليقه عنه مسلم والنسائي موصولًا (بكار) بفتح الباء وتشديد الكاف، ورواه الطبراني موصولًا.

11 - باب كيف الأمر إذا لم تكن جماعة

11 - باب كَيْفَ الأَمْرُ إِذَا لَمْ تَكُنْ جَمَاعَةٌ 7084 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ جَابِرٍ حَدَّثَنِى بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِىُّ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا إِدْرِيسَ الْخَوْلاَنِىَّ أَنَّهُ سَمِعَ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ يَقُولُ كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ، مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِى فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ، فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ قَالَ «نَعَمْ». قُلْتُ وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ قَالَ «نَعَمْ، وَفِيهِ دَخَنٌ». قُلْتُ وَمَا دَخَنُهُ قَالَ «قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْىٍ، تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ». قُلْتُ فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ قَالَ «نَعَمْ، دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ، مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا. قَالَ «هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب كيف يكون الأمر إذا لم تكن جماعة كان تامة، والمعنى كيف يفعل المسلم عند فقد الإمام. 7084 - (ابن جابر) اسمه عبد الرحمن (بسر) بالموحدة وسين مهملة (أبو إدريس الخولاني) بفتح الخاء المعجمة، واسمه عائذ الله (فجاء الله بهذا الخير) يريد دين الإسلام (فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم) الظاهر أنه قتل عمر فإنه أول منكر بدأ في الإسلام، وأول باب فتح بالشر (وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: نعم) هو خلافة عثمان قال ابن [عبد] البر: كثر المال في خلافته حتى يبعث جاريته بمئة ألف قال (وفيه دخن) قال ابن الأثير: بفتح الدال والخاء المعجمة الدخان الحاصل من الحطب الرطب، أشار إلى الخير المخلوط بالشر، يحتمل أن يكون ما وقع لعثمان في آخر خلافته من قيام أهل الضلال وتفريق الكلمة، وأن يكون إشارة إلى خلافة علي فإنه كان إمامًا، ولكن لا تصفوا لأنه من مخالفة أهل الباطل (دعاة إلى أبواب جهنم) أي: إلى ما هو كأبواب جهنم، فإن الباب ما يتوصل به إلى الوصول، وهؤلاء الظَّلَمَة بعد الخلفاء الراشدين، ألا ترى إلى قوله في شأن عمار: "ويل ابن سمية تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار" (من جلدتنا)

12 - باب من كره أن يكثر سواد الفتن والظلم

وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا». قُلْتُ فَمَا تَأْمُرُنِى إِنْ أَدْرَكَنِى ذَلِكَ قَالَ «تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ». قُلْتُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلاَ إِمَامٌ قَالَ «فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ، حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ، وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ». طرفه 3606 12 - باب مَنْ كَرِهَ أَنْ يُكَثِّرَ سَوَادَ الْفِتَنِ وَالظُّلْمِ 7085 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا حَيْوَةُ وَغَيْرُهُ قَالاَ حَدَّثَنَا أَبُو الأَسْوَدِ. وَقَالَ اللَّيْثُ عَنْ أَبِى الأَسْوَدِ قَالَ قُطِعَ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ بَعْثٌ فَاكْتُتِبْتُ فِيهِ فَلَقِيتُ عِكْرِمَةَ فَأَخْبَرْتُهُ فَنَهَانِى أَشَدَّ النَّهْىِ ثُمَّ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ أُنَاسًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا مَعَ الْمُشْرِكِينَ يُكَثِّرُونَ سَوَادَ الْمُشْرِكِينَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَيَأْتِى السَّهْمُ فَيُرْمَى فَيُصِيبُ أَحَدَهُمْ، فَيَقْتُلُهُ أَوْ يَضْرِبُهُ فَيَقْتُلُهُ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلاَئِكَةُ ظَالِمِى أَنْفُسِهِمْ) طرفه 4596 ـــــــــــــــــــــــــــــ بكسر الجيم، قال ابن الأثير: أي من أنفسنا يريد العرب لقوله: (يتكلمون بألسنتا) أو أبعد من قال من جلدتنا، أي: من بني آدم (ولو أن تعض بأصل شجرة) بفتح العين وضاد معجمة من العضض وهو اللزوم، يريد أنه وإن يمكنك الفرار من الفتنة إلا بسكنى البوادي فعليك به. باب من كره أن يكثر سواد الفتن والظلم أي أهلها، ويكثر بضم الياء والتشديد. 7085 - (حيوة) ابن شريح بفتح الحاء وسكون الواو، شريح مصغر شرح (عن أبي الأسود) محمد بن عبد الرحمن الأسدي (قال قطع على أهل المدينة بعث) بفتح الباء، أي: جيش (فلقيت عكرمة فأخبرته فنهاني أشد النهي) والحديث سلف في سورة النساء في تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ} [النساء: 97] قال ابن عباس هؤلاء كانوا بمكة أظهروا الإسلام ولم يهاجروا، ولما وقعت بدر حضروا مع المشركين، واعتذروا بأنهم كانوا مستضعفين فرد الله مقالتهم بقوله: {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا} [النساء: 97] يدل على أنهم كانوا كاذبين في دعوى كونهم مستضعفين، ولم يكن قصدهم في الحضور قتال المسلمين، إلا أنهم لما أكثروا عوقبوا على

13 - باب إذا بقى فى حثالة من الناس

13 - باب إِذَا بَقِىَ فِي حُثَالَةٍ مِنَ النَّاسِ 7086 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ حَدَّثَنَا حُذَيْفَةُ قَالَ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَدِيثَيْنِ رَأَيْتُ أَحَدَهُمَا وَأَنَا أَنْتَظِرُ الآخَرَ حَدَّثَنَا «أَنَّ الأَمَانَةَ نَزَلَتْ فِي جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ الْقُرْآنِ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ السُّنَّةِ». وَحَدَّثَنَا عَنْ رَفْعِهَا قَالَ «يَنَامُ الرَّجُلُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ الأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ، فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِثْلَ أَثَرِ الْوَكْتِ، ثُمَّ يَنَامُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ فَيَبْقَى فِيهَا أَثَرُهَا مِثْلَ أَثَرِ الْمَجْلِ، كَجَمْرٍ دَحْرَجْتَهُ عَلَى رِجْلِكَ فَنَفِطَ، فَتَرَاهُ مُنْتَبِرًا وَلَيْسَ فِيهِ شَىْءٌ، وَيُصْبِحُ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ فَلاَ يَكَادُ أَحَدٌ يُؤَدِّى الأَمَانَةَ فَيُقَالُ إِنَّ فِي بَنِى فُلاَنٍ رَجُلاً أَمِينًا. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ مَا أَعْقَلَهُ، وَمَا أَظْرَفَهُ، وَمَا أَجْلَدَهُ، وَمَا فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ ذلك. فلذلك منع عكرمة أبا الأسود من ذلك، وفيه دلالة على أن الإنسان يجب عليه الفرار من مجالسة أهل البدع والمعاصي حتى قال بعضر العلماء: يحرم النظر إلى مراكبهم وملابسهم فإنه ربما يغريهم على الإكثار والإفراد فيها. باب إذا بقي في حثالة الناس الحثالة -بضم الحاء وثاء مثلثة- الرديء من كل شيء. 7086 - (حدثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديثين رأيت أحدهما وأنا أنتظر الآخر) هذا صريح في أن حذيفة حين أخبر بهذا الحديث لم يكن بدء رفع الأمانة، فمن قال: رفع الأمانة ظهر في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد زلت به القدم (إن الأمانة نزلت) في جذر قلوب الرجال الجذر بفتح الجيم وسكون الذال المعجمة، قال ابن الأثير: الأصل والمراد بالأمانة الإيمان مع سائر الصفات الحسنة، قال ابن الأثير: الأمانة تقع على الثقة والطاعة والعبادة والوديعة، ويجوز أن يراد بها في الحديث السنة كما دل عليه آخر الحديث (ثم علموا من القرآن، ثم علموا من السنة) على الترتيب وتقديم الأفضل (وحدثنا عن رفعها قال: لا ينام الرجل فتقبض الأمانة من قلب الرجل) أي بعضها (ثم ينام النومة فتقبض) أي بعضها وهذا أكثر من الأول ولذلك (الوكت) بتاء مثناة النقطة التي لونها يخالف لون الشيء (وبشبه أثرها بالمجل) بفتح الميم وسكون الجيم، وهذه النقطة في اليد من العمل (فتراه منتبرًا) بالياء المثناة والباء الموحدة

14 - باب التعرب فى الفتنة

وَلَقَدْ أَتَى عَلَىَّ زَمَانٌ، وَلاَ أُبَالِى أَيُّكُمْ بَايَعْتُ، لَئِنْ كَانَ مُسْلِمًا رَدَّهُ عَلَىَّ الإِسْلاَمُ، وَإِنْ كَانَ نَصْرَانِيًّا رَدَّهُ عَلَىَّ سَاعِيهِ، وَأَمَّا الْيَوْمَ فَمَا كُنْتُ أُبَايِعُ إِلاَّ فُلاَنًا وَفُلاَنًا». طرفه 6497 14 - باب التَّعَرُّبِ فِي الْفِتْنَةِ 7087 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَاتِمٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى الْحَجَّاجِ فَقَالَ يَا ابْنَ الأَكْوَعِ ارْتَدَدْتَ عَلَى عَقِبَيْكَ تَعَرَّبْتَ قَالَ لاَ وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَذِنَ لِى فِي الْبَدْوِ. وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى عُبَيْدٍ قَالَ لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ خَرَجَ سَلَمَةُ بْنُ الأَكْوَعِ إِلَى الرَّبَذَةِ، وَتَزَوَّجَ هُنَاكَ امْرَأَةً وَوَلَدَتْ لَهُ أَوْلاَدًا، فَلَمْ يَزَلْ بِهَا حَتَّى قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِلَيَالٍ، فَنَزَلَ الْمَدِينَةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أي: مرتفعًا من نبرت الشيء رفعته (ولقد أتى عليّ زمان ولا أبالي أيكم بايعت) حمله بعضهم على بيعة الخليفة وليس كذلك؛ لأن قوله: (لئن كان مسلمًا رده علي الإسلام وإن كان نصرانيًّا رده علي ساعيه) أي الوالي عليه، صريح في أنه أراد المعاملة وما يتعلق بها، وهذا إخبار عما كان في عصر أبي بكر وعمر وأوائل عثمان قبل ظهور البدع، وقوله: (وأما اليوم فلا أبايع إلا فلانًا) قاله في آخر عمره فإن حذيفة مات بعد مقتل عثمان بقليل سنة ست وثلاثين، وكان قد بايع عليًّا، وكان يحث على نصره والقيام معه إلا أنه مات سريعًا. باب التعرُّب في الفتنة بالراء المهملة يقال: تعرب أي: صار أعرابيًّا، ورواه صاحب المطالع بالزاي المعجمة من العزوبة والمعنى واحد هنا، فإنه أراد البعد عن المدن. 7087 - (سلمة بن الأكوع) هو سلمة بن عمرو بن الأكوع، وأكوع لقب، واسمه سنان من خيار الصحابة، من أسلم (دخل على الحجاج) حين قدم المدينة لما نزل الحجاج (فقال يا ابن الأكوع ارتددت على عقبيك تعربت) قيل: أشار بلفظ ارتددت إلى حديث رواه النسائي "لعن الله آكل الربا ومؤكله ومنه ما ارتد بعد الهجرة أعرابيًّا" وأنا أقول: لعن الله الحجاج حيث خاطب مثل سلمة بهذا الخطاب ولم يسأله عن سبب مفارقته مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وسلمة هذا قد سلف في صلح الحديبية أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بايع الناس مرة مرة وبايع سلمة ثلاث مرات، كل ذلك تلطفًا معه، وإنما خرج [حين] مقتل عثمان فرارًا من الفتنة وكان أذن

15 - باب التعوذ من الفتن

7088 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى صَعْصَعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ الْمُسْلِمِ غَنَمٌ، يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ، يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنَ الْفِتَنِ». طرفه 19 15 - باب التَّعَوُّذِ مِنَ الْفِتَنِ 7089 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ سَأَلُوا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى أَحْفَوْهُ بِالْمَسْأَلَةِ، فَصَعِدَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ يَوْمٍ الْمِنْبَرَ فَقَالَ «لاَ تَسْأَلُونِى عَنْ شَىْءٍ إِلاَّ بَيَّنْتُ لَكُمْ». فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ يَمِينًا وَشِمَالاً، فَإِذَا كُلُّ رَجُلٍ رَأْسُهُ فِي ثَوْبِهِ يَبْكِى، فَأَنْشَأَ رَجُلٌ كَانَ إِذَا لاَحَى يُدْعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ فَقَالَ يَا نَبِىَّ اللَّهِ مَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ له صريحًا، وأيضًا النهي عن الأمن من الفتنة، وليس هذا مخصوصًا بالمهاجر بل كل عصر، المخالطة مع الجماعة أفضل إذا أمن الفتنة، وحديث أبي سعيد "يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال" صريح في ذلك يريد به من الفتن، وأما قوله "عليكم بالجماعة فإن من شذ يشذ في النار"محمول على عدم الفتة والأمن. باب التعوذ من الفتن قيل أشار بهذا إلى رد ما رواه أبو نعيم عن علي: "لا تكرهوا الفتن في آخر الزمان فإنها تبير المنافقين" قال شيخ الإسلام: وهو حديث ضعيف. 7089 - 7090 - 7091 - (معاذ بن فضالة) بضم الميم وفتح الفاء (سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى أحفوه بالمسألة) الإحفاء المبالغة في الشيء؛ وعداه بالباء لأنه ضَمَّه معنى الإضجار، وفي رواية "ألحفوه" والمعنى واحد (لا تسألوني عن شيء إلا بينت لكم) وفي الرواية الأخرى: "ما دمت في مقامي هذا" كشف الله له عن عالم الملك والملكوت (فإذا كل رجل لافٌّ رأسه في ثوبه يبكي) خوفًا من غضب الله لغضب رسول الله (وكان رجل إذا لاحى يدعى لغير أبيه) لاحى بالحاء المهملة، يقال: لحاه إذا لامه ولاحاه خاصمه، هذا الرجل عبد الله بن حذافة السهمي، وقيل: أخوه خارجة، وقيل: أخوه قيس،

16 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - «الفتنة من قبل المشرق»

أَبِى فَقَالَ «أَبُوكَ حُذَافَةُ». ثُمَّ أَنْشَأَ عُمَرُ فَقَالَ رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ سُوءِ الْفِتَنِ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَا رَأَيْتُ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ كَالْيَوْمِ قَطُّ، إِنَّهُ صُوِّرَتْ لِى الْجَنَّةُ وَالنَّارُ حَتَّى رَأَيْتُهُمَا دُونَ الْحَائِطِ». قَالَ قَتَادَةُ يُذْكَرُ هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَ هَذِهِ الآيَةِ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ). 7090 - وَقَالَ عَبَّاسٌ النَّرْسِىُّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِهَذَا وَقَالَ كُلُّ رَجُلٍ لاَفًّا رَأْسَهُ فِي ثَوْبِهِ يَبْكِى. وَقَالَ عَائِذًا بِاللَّهِ مِنْ سُوءِ الْفِتَنِ. أَوْ قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ سُوءِ الْفِتَنِ. طرفه 93 7091 - وَقَالَ لِى خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ وَمُعْتَمِرٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِهَذَا وَقَالَ عَائِذًا بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ الْفِتَنِ. طرفه 93 16 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «الْفِتْنَةُ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ» 7092 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَامَ إِلَى جَنْبِ الْمِنْبَرِ فَقَالَ «الْفِتْنَةُ هَا هُنَا الْفِتْنَةُ هَا هُنَا ـــــــــــــــــــــــــــــ والأول هو المشهور (قال قتادة: يذكر هذا الحديث عند هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ} [المائدة: 101] سلف في سورة المائدة أن هذه الواقعة كانت سبب نزول الآية (وقال عباس بن النرسي) بالنون والراء المهملة (زريع) بضم الزاي مصغر زرع (حدثنا قتادة أن أنسًا حدثهم) فائدة إعادته أنه صرح قتادة بلفظ التحديث، وقد دفع وهم التدليس بخلاف الطريق الأول فإنه بلفظ عن (وقال خليفة) هو ابن الخياط شيخ البخاري، والرواية عنه بقال لأنه سمعه مذاكرة لا قراءة. باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - الفتنة من قبل المشرق 7092 - روى عن ابن عمر (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام إلى جنب المنبر فقال: الفتنة ههنا).

مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ». أَوْ قَالَ «قَرْنُ الشَّمْسِ». طرفه 3104 7093 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ مُسْتَقْبِلٌ الْمَشْرِقَ يَقُولُ «أَلاَ إِنَّ الْفِتْنَةَ هَا هُنَا مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ». طرفه 3104 7094 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ ذَكَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَأْمِنَا، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي يَمَنِنَا». قَالُوا وَفِى نَجْدِنَا. قَالَ «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَأْمِنَا، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي يَمَنِنَا». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَفِى نَجْدِنَا فَأَظُنُّهُ قَالَ فِي الثَّالِثَةَ «هُنَاكَ الزَّلاَزِلُ وَالْفِتَنُ، وَبِهَا يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ». طرفه 1037 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: ليس في الحديث ذكر المشرق كما ترجم عليه؟ قلت: على دأبه في الاستدلال بالخفي، وقد دلت عليه الرواية الأخرى "نحو المشرق"، وفي رواية مسلم: يشير إلى نحو المشرق. وقد دل عليه رواية قون الشمس وقوله في النجد: "هناك الزلزال" فإن النجد شرقي البلدة مدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (من حيث يطلع قرن الشيطان أو قرن الشمس) قرن الشمس: حاجبه على طريقة الشبه بقرن الحيوان، فإنه من مقدمه. وقرن الشيطان شره وفتنته. وفي الرواية الأخرى "قرنا الشيطان" يشير بلفظ التثنية إلى قوة شرهم. 7094 - (اللهم بارك لنا) إلى آخر الحديث، مفعول ذكر (وفي نجدنا فأظنه قال في الثالثة: هناك الزلزال والفتن) قال ابن الأثير: الحجاز نجد وتهامة، ما كان غورًا فهو تهامة، وما كان مرتفعًا فهو نجد. وقال غيره: النجد ما ارتفع من الأرض، وعلى هذا بلاد المشرق كلها نجد، وهذا أوفق بالحديث؛ لأن كل فتنة وقعت من المشرق، وهذا أوفق، وأيضًا قوله:

17 - باب الفتنة التى تموج كموج البحر

7095 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْوَاسِطِىُّ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ بَيَانٍ عَنْ وَبَرَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَرَجَوْنَا أَنْ يُحَدِّثَنَا حَدِيثًا حَسَنًا - قَالَ - فَبَادَرَنَا إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدِّثْنَا عَنِ الْقِتَالِ فِي الْفِتْنَةِ وَاللَّهُ يَقُولُ (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ) فَقَالَ هَلْ تَدْرِى مَا الْفِتْنَةُ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، إِنَّمَا كَانَ مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - يُقَاتِلُ الْمُشْرِكِينَ، وَكَانَ الدُّخُولُ فِي دِينِهِمْ فِتْنَةً، وَلَيْسَ كَقِتَالِكُمْ عَلَى الْمُلْكِ. طرفه 3130 17 - باب الْفِتْنَةِ الَّتِى تَمُوجُ كَمَوْجِ الْبَحْرِ وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ خَلَفِ بْنِ حَوْشَبٍ كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يَتَمَثَّلُوا بِهَذِهِ الأَبْيَاتِ عِنْدَ الْفِتَنِ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ: ـــــــــــــــــــــــــــــ "يطلع قرن الشمس" صريح في ذلك، وعطف الفتن على الزلازل إما باعتبار التغايُر مفهومًا، أو أراد بالزلازل القتل ظلمًا، فإنه أعظم المصائب، عطف الفتن عطف العام على الخاص وهذا معجزة ظاهرة صلوات الله على صاحبها. 7095 - (بيان) بالموحدة بعدها مثناة (وبَرة) بفتح الواو والباء. قال القاضي في رواية مسلم بسكون الباء (فقال) أي ابن عمر (ثكلتك أمك هل تدري ما الفتنة كان محمد - صلى الله عليه وسلم - يقاتل المشركين وكان الدخول في دينهم فتنة) أشار إلى قوله تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} [البقرة: 193] (وليس كقتالكم على الملك) ولم يكن ابن عمر في الفتنة مع أحد، قال ابن عبد البر: لما حضرته الوفاة قال: لا أجد في نفسي من أمر الدنيا شيئًا إلا أني لم أقاتل الفئة الباغية [مع] علي بن أبي طالب. باب الفتنة التي تموج كموج البحر أي الفتنة العظمى من تشبيه المعقول بالمحسوس (حوشب) بالحاء المهملة وشين معجمة آخره باء موحدة على وزن جعفر (كانوا يستحبون أن يتمثلوا بهذه الأبيات عند الفتن) والأبيات (لامرؤ القيس) كذا في رواية أبي ذر، وقيل لعمرو بن معدي كرب. وإنما كانوا يستحبون ذلك لأنها تدل على معان توجب الانزجار عن الإقدام.

الْحَرْبُ أَوَّلُ مَا تَكُونُ فَتِيَّةً ... تَسْعَى بِزِينَتِهَا لِكُلِّ جَهُولِ حَتَّى إِذَا اشْتَعَلَتْ وَشَبَّ ضِرَامُهَا ... وَلَّتْ عَجُوزًا غَيْرَ ذَاتِ حَلِيلِ شَمْطَاءَ يُنْكَرُ لَوْنُهَا وَتَغَيَّرَتْ ... مَكْرُوهَةً لِلشَّمِّ وَالتَّقْبِيلِ 7096 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا شَقِيقٌ سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ يَقُولُ بَيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ عُمَرَ قَالَ أَيُّكُمْ يَحْفَظُ قَوْلَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْفِتْنَةِ. قَالَ: ـــــــــــــــــــــــــــــ (الحرب أول ما تكون فَتِيَّة) برفع أول، وفَتِية على أنهما مبتدأ وخبر، ويجوز نصب أول على الظرفية أي: في أول أكوانها، وفتية يروى مكبوًا ومصغرًا. (تسعى بزِينتها لكل جهول) بكسر الزاي بعدها ياء مثناة، ويروى بالباء الموحدة، دخل عليها الباء الجارة والبزة اللباس الحسن. (حتى إذا اشتعلت وشب ضرامها) شب على بناء المجهول، قال الجوهري: يقال شببت النار أوقدتها، والضرام بكسر الضاد المعجمة إشعال النار والحطب الصغار التي تشعل بها، قاله الجوهري. (ولت عجوزًا غير ذات حليل) بالحاء المهملة وهو الزوج، ويروى بالمعجمة أي لا تفي لأحد لا الزوج ولا الصديق. (شمطاء ينكر لونها وتغيرت) الشمط بالشين المعجمة اختلاط الشعر الأبيض بالأسود. (مكروهة للشم والتقبيل) لكراهة رائحتها. 7096 - (غياث) بكسر المعجمة، روى عن حذيفة (إن عمر بن الخطاب سألهم أيكم يحفظ قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الفتنة) وقد سلف الحديث في مواقيت الصلاة فأجاب حذيفة بأن

«فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ، تُكَفِّرُهَا الصَّلاَةُ وَالصَّدَقَةُ وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْىُ عَنِ الْمُنْكَرِ». قَالَ لَيْسَ عَنْ هَذَا أَسْأَلُكَ، وَلَكِنِ الَّتِى تَمُوجُ كَمَوْجِ الْبَحْرِ. قَالَ لَيْسَ عَلَيْكَ مِنْهَا بَأْسٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا. قَالَ عُمَرُ أَيُكْسَرُ الْبَابُ أَمْ يُفْتَحُ قَالَ بَلْ يُكْسَرُ. قَالَ عُمَرُ إِذًا لاَ يُغْلَقَ أَبَدًا. قُلْتُ أَجَلْ. قُلْنَا لِحُذَيْفَةَ أَكَانَ عُمَرُ يَعْلَمُ الْبَابَ قَالَ نَعَمْ كَمَا أَعْلَمُ أَنَّ دُونَ غَدٍ لَيْلَةً، وَذَلِكَ أَنِّى حَدَّثْتُهُ حَدِيثًا لَيْسَ بِالأَغَالِيطِ. فَهِبْنَا أَنْ نَسْأَلَهُ مَنِ الْبَابُ فَأَمَرْنَا مَسْرُوقًا فَسَأَلَهُ فَقَالَ مَنِ الْبَابُ قَالَ عُمَرُ. طرفه 525 7097 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ قَالَ خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى حَائِطٍ مِنْ حَوَائِطِ الْمَدِينَةِ لِحَاجَتِهِ، وَخَرَجْتُ فِي إِثْرِهِ، فَلَمَّا دَخَلَ الْحَائِطَ جَلَسْتُ عَلَى بَابِهِ وَقُلْتُ لأَكُونَنَّ الْيَوْمَ بَوَّابَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَلَمْ يَأْمُرْنِى فَذَهَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَضَى حَاجَتَهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ (فتنة الرجل في أهله وماله تكفرها الصلات والصدقة، فقال عمر: ليس من هذا أسألك ولكن التي تموج كموج البحر) فإن عمر كان يعلم وقوع هذه من قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من سائر الأحاديث، ولكن لم يعلم ابتداء وقوعها (فقال حذيفة: ليس عليك منها بأس). فإن قلت: كيف لا يكون عليه بأس وقد أخبره بأن الباب الذي يكسر هو قتل عمر؟ قلت: قتله كان شهادة له، وإنما سأله عن الفتنة كما وقع لعثمان في حياته من منعه عن الصلاة جماعة ودخول أهل الفساد داره بين حريمه، وبقائه أيامًا ملقى لم يقدر أحد على دفنه. (حدثه حديثًا ليس بالأغاليط) جمع الأغلوطة بضم الهمزة وغين معجمة، وهي المسألة التي يغالط بها الانسان. 7097 - (خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى حائط من حوائط المدينة) أي حديقة من الحدائق وإطلاق الحائط من إطلاق اسم الجزء على الكل قال أبو موسى: (قلت: لأكونن بواب النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يأمرني). فإن قلت: في رواية: أمرني بحفظ الباب؟ قلت: وجه الجمع أنه لم يأمر أولًا لما

وَجَلَسَ عَلَى قُفِّ الْبِئْرِ، فَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ وَدَلاَّهُمَا فِي الْبِئْرِ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهِ لِيَدْخُلَ فَقُلْتُ كَمَا أَنْتَ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ لَكَ، فَوَقَفَ فَجِئْتُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ يَا نَبِىَّ اللَّهِ أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْكَ. قَالَ «ائْذَنْ لَهُ، وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ». فَدَخَلَ فَجَاءَ عَنْ يَمِينِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ وَدَلاَّهُمَا فِي الْبِئْرِ، فَجَاءَ عُمَرُ فَقُلْتُ كَمَا أَنْتَ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ لَكَ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «ائْذَنْ لَهُ، وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ». فَجَاءَ عَنْ يَسَارِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ فَدَلاَّهُمَا فِي الْبِئْرِ، فَامْتَلأَ الْقُفُّ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ مَجْلِسٌ، ثُمَّ جَاءَ عُثْمَانُ فَقُلْتُ كَمَا أَنْتَ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ لَكَ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «ائْذَنْ لَهُ، وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ، مَعَهَا بَلاَءٌ يُصِيبُهُ». فَدَخَلَ فَلَمْ يَجِدْ مَعَهُمْ مَجْلِسًا، فَتَحَوَّلَ حَتَّى جَاءَ مُقَابِلَهُمْ عَلَى شَفَةِ الْبِئْرِ، فَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ ثُمَّ دَلاَّهُمَا فِي الْبِئْرِ. فَجَعَلْتُ أَتَمَنَّى أَخًا لِى وَأَدْعُو اللَّهَ أَنْ يَأْتِىَ. قَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ فَتَأَوَّلْتُ ذَلِكَ قُبُورَهُمُ اجْتَمَعَتْ هَا هُنَا وَانْفَرَدَ عُثْمَانُ. طرفه 3674 7098 - حَدَّثَنِى بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ قَالَ قِيلَ لأُسَامَةَ أَلاَ تُكَلِّمُ هَذَا. قَالَ قَدْ كَلَّمْتُهُ مَا دُونَ أَنْ أَفْتَحَ بَابًا، أَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يَفْتَحُهُ، وَمَا أَنَا بِالَّذِى أَقُولُ لِرَجُلٍ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ أَمِيرًا عَلَى رَجُلَيْنِ أَنْتَ خَيْرٌ. بَعْدَ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «يُجَاءُ بِرَجُلٍ فَيُطْرَحُ فِي النَّارِ، فَيَطْحَنُ فِيهَا كَطَحْنِ الْحِمَارِ بِرَحَاهُ، فَيُطِيفُ بِهِ أَهْلُ النَّارِ ـــــــــــــــــــــــــــــ أخبره بمجيء أبي بكر وعلم أن الناس دروا بمكانه وكانت ساعة خلوة، فأمره بحفظ الباب. (وجلس على قُف البئر) بضم القاف وتشديد الفاء. قال ابن الأثير: القف الدكة المبنية حول البئر وأصله ما غلظ من الأرض وارتفع (فلم يجد مجلسًا معه) أي على دكه، وقد شاركهم في البئر (قال ابن المسيب: فناولت ذلك قبورهم) وهذا تأويل ظاهر. 7098 - (بشر بن خالد) بكسر الموحدة وشين معجمة (قيل لأسامة: ألا تكلم هذا) يريدون عثمان، أي: نصحت، وكان أسامة من خواص عثمان ومن يحف به (فقال: كلّمته ما دون أن أفتح بابًا أكون [أول] من فتحه) يريد أنه نصحه سرًّا فإنه لو كلمه جهارًا يكون فيه إغراء الناس به، ثم قال: (وما أنا بالذي أقول لرجل بعد أن يكون أميرًا على رجلين أنت خير) غرضه من هذا الكلام أنه ليس براض عن عثمان، ولكن إنما يداري معه فإنه إمام الناس ممن تجب طاعته (بعدما سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: يجاء برجل فيطرح في الناس فيطحن فيها كطحن الحمار برحاه) بفتح الباء، أي: يدور (فيطيف به [أهل] النار) بضم الياء، أي:

18 - باب

فَيَقُولُونَ أَىْ فُلاَنُ أَلَسْتَ كُنْتَ تَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَتَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ فَيَقُولُ إِنِّى كُنْتُ آمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَلاَ أَفْعَلُهُ، وَأَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ وَأَفْعَلُهُ». طرفه 3267 18 - بابٌ 7099 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِى بَكْرَةَ قَالَ لَقَدْ نَفَعَنِى اللَّهُ بِكَلِمَةٍ أَيَّامَ الْجَمَلِ لَمَّا بَلَغَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ فَارِسًا مَلَّكُوا ابْنَةَ كِسْرَى قَالَ «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً». طرفه 4425 ـــــــــــــــــــــــــــــ يقومون حوله كالحلقة محيطين به تعجبًا من حاله، فإنه كان القياس عكسه (فيقولون: ألست كنت تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ فيقول: إني كنت آمر بالمعروف ولا أفعله، وأنهى عن المنكر وأفعله). فإن قلت: مذهب أهل الحق أن الإنسان إذا كان في منكر كشرب الخمر مثلًا، ورأى غيره أيضًا في ذلك المنكر يجب عليه نهي الغير وإن كان هو فيه؟ قلت: لا تنافي، فإنه أتى بواجب فترك آخر، وإنما عوقب على ذلك الترك، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف:3،2]. باب كذا وقع من غير ترجمة، إنما لم يترجم لأنه يناسب الباب الأول لكونهما من الفتنة. 7099 - (عثمان بن الهيثم) بفتح الهاء وياء ساكنة ثم ثاء مثلثة (عن أبي بكرة) نفيع بن الحارث (قال: لقد نفعني الله بكلام أيام الجمل) أي: الكلام هو قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة) وأيام الجمل هي أيام لخروج عائشة أم المؤمنين وطلحة وزينب على الإمام علي بن أبي طالب، واشتهرت القصة بالجمل لأنها كانت في هودج على جمل اشتراه يعلى بن أمية بثمانين دينارًا، وقيل: بمائتي دينار، واسم ذلك الجمل عسكر. فإن قلت: قد سلف من أبي بكرة أنه كان معتزلًا في الفتنة مستدلًا بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار" فما معنى قوله: نفعني الله بكلمة فإنه يدل على أن عدم ذهابه مع عائشة لهذه الكلمة؟ قلت: ذهاب عائشة: أولًا لم يكن للقتال إنما كان قصدهم بذلك طلب قَتَلَهم عثمان، وإنما وقع القتال من غير قصد، وإنما نشأت الحرب بأن ترامى الصبيان من الطرفين ثم تناوش العبيد.

19 - باب

7100 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنَا أَبُو حَصِينٍ حَدَّثَنَا أَبُو مَرْيَمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ الأَسَدِىُّ قَالَ لَمَّا سَارَ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَعَائِشَةُ إِلَى الْبَصْرَةِ بَعَثَ عَلِىٌّ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ وَحَسَنَ بْنَ عَلِىٍّ، فَقَدِمَا عَلَيْنَا الْكُوفَةَ فَصَعِدَا الْمِنْبَرَ، فَكَانَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِىٍّ فَوْقَ الْمِنْبَرِ فِي أَعْلاَهُ، وَقَامَ عَمَّارٌ أَسْفَلَ مِنَ الْحَسَنِ، فَاجْتَمَعْنَا إِلَيْهِ فَسَمِعْتُ عَمَّارًا يَقُولُ إِنَّ عَائِشَةَ قَدْ سَارَتْ إِلَى الْبَصْرَةِ، وَوَاللَّهِ إِنَّهَا لَزَوْجَةُ نَبِيِّكُمْ - صلى الله عليه وسلم - فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَلَكِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ابْتَلاَكُمْ، لِيَعْلَمَ إِيَّاهُ تُطِيعُونَ أَمْ هِىَ. طرفه 3772 19 - بابٌ 7101 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى غَنِيَّةَ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ قَامَ عَمَّارٌ عَلَى مِنْبَرِ الْكُوفَةِ، فَذَكَرَ عَائِشَةَ وَذَكَرَ مَسِيرَهَا وَقَالَ إِنَّهَا زَوْجَةُ نَبِيِّكُمْ - صلى الله عليه وسلم - فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَلَكِنَّهَا مِمَّا ابْتُلِيتُمْ. طرفه 3772 ـــــــــــــــــــــــــــــ 7100 - (أبو بكر بن عياش) بتشديد المثناة تحت والشين معجمة شعبة، راوي عاصم في القراءة. (أبو حصين) بفتح الحاء عثمان الأسدي (فكان الحسن بن علي فوق المنبر وعمر أسفل) قال شيخ الإسلام: قيام الحسن فوق لأنه كان الأمير على القوم وإن كان في عمار من الفضل ما يقتضي رجحانه فضلًا عن مساواته وفعل ذلك من عمار تواضعًا لجده رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفي هذه الكلام نظر لا يخفى، لأن الحسن أفضل الناس بعد علي وكفاه شاهدًا ذكره على المنابر، كيف وقد قال فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن ابني هذا سيد" وأيضًا هو بضعة من فاطمة، وفاطمة بضعة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (والله إنها لزوجة نبيكم في الدنيا والآخرة) لقوله تعالى: {فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 29] وهذا من صدق لهجة عمار (ولكن الله عز وجل ابتلاكم ليعلم إياه تطيعون أم هي) كأن الظاهر أم إياها؛ لأن الضمائر يقع بعضها موقع بعض، الضمير في إياه، قيل: لعلي، وقيل: لله {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59].

7102 و 7103 و 7104 - حَدَّثَنَا بَدَلُ بْنُ الْمُحَبَّرِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنِى عَمْرٌو سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ يَقُولُ دَخَلَ أَبُو مُوسَى وَأَبُو مَسْعُودٍ عَلَى عَمَّارٍ حَيْثُ بَعَثَهُ عَلِىٌّ إِلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ يَسْتَنْفِرُهُمْ فَقَالاَ مَا رَأَيْنَاكَ أَتَيْتَ أَمْرًا أَكْرَهَ عِنْدَنَا مِنْ إِسْرَاعِكَ فِي هَذَا الأَمْرِ مُنْذُ أَسْلَمْتَ. فَقَالَ عَمَّارٌ مَا رَأَيْتُ مِنْكُمَا مُنْذُ أَسْلَمْتُمَا أَمْرًا أَكْرَهَ عِنْدِى مِنْ إِبْطَائِكُمَا عَنْ هَذَا الأَمْرِ. وَكَسَاهُمَا حُلَّةً حُلَّةً، ثُمَّ رَاحُوا إِلَى الْمَسْجِدِ. الحديث 7102 طرفه 7106 - الحديث 7103 طرفه 7105 - الحديث 7104 طرفه 7107 7105 و 7106 و 7107 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِى حَمْزَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ كُنْتُ جَالِسًا مَعَ أَبِى مَسْعُودٍ وَأَبِى مُوسَى وَعَمَّارٍ فَقَالَ أَبُو مَسْعُودٍ مَا مِنْ أَصْحَابِكَ أَحَدٌ إِلاَّ لَوْ شِئْتُ لَقُلْتُ فِيهِ غَيْرَكَ، وَمَا رَأَيْتُ مِنْكَ شَيْئًا مُنْذُ صَحِبْتَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَعْيَبَ عِنْدِى مِنِ اسْتِسْرَاعِكَ فِي هَذَا الأَمْرِ. قَالَ عَمَّارٌ يَا أَبَا مَسْعُودٍ وَمَا رَأَيْتُ مِنْكَ وَلاَ مِنْ صَاحِبِكَ هَذَا شَيْئًا مُنْذُ صَحِبْتُمَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَعْيَبَ عِنْدِى مِنْ إِبْطَائِكُمَا فِي هَذَا الأَمْرِ. فَقَالَ أَبُو مَسْعُودٍ وَكَانَ مُوسِرًا يَا غُلاَمُ هَاتِ حُلَّتَيْنِ. فَأَعْطَى إِحْدَاهُمَا أَبَا مُوسَى وَالأُخْرَى عَمَّارًا وَقَالَ رُوحَا فِيهِ إِلَى الْجُمُعَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 7102 - 7103 - 7104 - (بدل بن المحبر) بفتح [الباء] المشددة (أبو مسعود) هو الأنصاري البدري واسمه عقبة، واعتراض ابن مسعود وأبي موسى على عمار في قيامه مع على بناء على الاجتهاد، ولذلك لما رد عمار عليهما لم يكاثراه (فكساهما حلة حلة) الكاسي هو أبو مسعود فإنه كان [ذا] ثروة وإنما كسا عمارًا لأنه كره أن يذهب إلى الجمعة بثياب السفر، ولما كان أبو موسى حاضرًا كساه أيضًا.

20 - باب إذا أنزل الله بقوم عذابا

20 - باب إِذَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِقَوْمٍ عَذَابًا 7108 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِقَوْمٍ عَذَابًا، أَصَابَ الْعَذَابُ مَنْ كَانَ فِيهِمْ، ثُمَّ بُعِثُوا عَلَى أَعْمَالِهِمْ». 21 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِىٍّ «إِنَّ ابْنِى هَذَا لَسَيِّدٌ وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ» 7109 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ أَبُو مُوسَى وَلَقِيتُهُ بِالْكُوفَةِ جَاءَ إِلَى ابْنِ شُبْرُمَةَ فَقَالَ أَدْخِلْنِى عَلَى عِيسَى فَأَعِظَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إذا أنزل الله بقوم عذابًا هذا بعض حديث الباب. 7108 - وتمامه (أصاب العذاب من كان فيهم) أي: من كان فيهم بحق لم يعمل بعملهم (ثم بعثوا على أعمالهم) فدل على أن العذاب كان ظاهره لهم، وفسره رواية البيهقي قيل يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفيهم أهل طاعته قال: "نعم يبعثون إلى رحمة الله". وهذا أحد الوجهين في تفسير قوله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال: 25]. باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - للحسن بن علي: "إن ابني هذا لسيد" وفي بعضها سيد بغير اللام (ولعل الله أن يصلح به بين فئتين) وفي رواية: "فئتين عظيمتين". 7109 - (حدثنا إسرائيل ولقيته بالكوفة) هذا من كلام سفيان (وجاء إلى ابن شبرمة) بضم الشين المعجمة وسكون الموحدة قاضي الكوفة في أيام أبي جعفر الدوانقي (فقال أدخلني على عيسى فأعظه) عيسى هذا هو ابن موسى بن محمد بن عبد الله بن عباس وكان

فَكَأَنَّ ابْنَ شُبْرُمَةَ خَافَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَفْعَلْ. قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ قَالَ لَمَّا سَارَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِىٍّ - رضى الله عنهما - إِلَى مُعَاوِيَةَ بِالْكَتَائِبِ. قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ لِمُعَاوِيَةَ أَرَى كَتِيبَةً لاَ تُوَلِّى حَتَّى تُدْبِرَ أُخْرَاهَا. قَالَ مُعَاوِيَةُ مَنْ لِذَرَارِىِّ الْمُسْلِمِينَ. فَقَالَ أَنَا. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَمُرَةَ نَلْقَاهُ فَنَقُولُ لَهُ الصُّلْحَ. قَالَ الْحَسَنُ وَلَقَدْ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرَةَ قَالَ بَيْنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ جَاءَ الْحَسَنُ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «ابْنِى هَذَا سَيِّدٌ وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ». طرفه 2704 7110 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ قَالَ عَمْرٌو أَخْبَرَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَلِىٍّ أَنَّ حَرْمَلَةَ مَوْلَى أُسَامَةَ أَخْبَرَهُ قَالَ عَمْرٌو وَقَدْ رَأَيْتُ حَرْمَلَةَ قَالَ أَرْسَلَنِى أُسَامَةُ إِلَى عَلِىٍّ وَقَالَ إِنَّهُ سَيَسْأَلُكَ الآنَ فَيَقُولُ مَا خَلَّفَ صَاحِبَكَ فَقُلْ لَهُ يَقُولُ لَكَ لَوْ كُنْتَ فِي شِدْقِ الأَسَدِ لأَحْبَبْتُ أَنْ أَكُونَ مَعَكَ فِيهِ، وَلَكِنَّ هَذَا أَمْرٌ لَمْ أَرَهُ، فَلَمْ يُعْطِنِى شَيْئًا، فَذَهَبْتُ إِلَى حَسَنٍ وَحُسَيْنٍ وَابْنِ جَعْفَرٍ فَأَوْقَرُوا لِى رَاحِلَتِى. ـــــــــــــــــــــــــــــ أميرًا على الكوفة، فأعظه: من الوعظ، أراد نصحه فيما يتعلق بالإمارة (فكأن ابن شبرمة خاف عليه) بتشديد النون (فلم يفعل) لئلا يصيبه شيء من عيسى (حدثنا الحسن) هو البصري (لما سار الحسن بن علي إلى معاوية بالكتائب) بالتاء المثناة جمع كتيبة وهي قطعة من الجيش تكتب في الديوان. بعد قتل علي بويع الحسن بالخلافة، وتوجه نحو الشام نحو العراق (قال عمرو بن العاص: أرى كتيبة لا تولي حتى تدبر أُخراها) بفتح التاء وضم الباء، يقال دبره إذا خلفه وقام مقامه، ويروى بضم الياء وكسر الدال [الباء]، والمعنى واحد. والحديث سلف في أبواب الصلح. ومحصله أن الحسن رغب عن الدنيا رغبة فيما عند الله، وكان في ذلك محجزة للصادق والمصدوق - صلى الله عليه وسلم -، أصلح الله به بين المسلمين، وكان ذلك سبب حقن دماء المسلمين. 7110 - (فقال عمرو) وهو ابن دينار (قال: وقد رأيت حرملة [قال] أرسلني أسامة إلى علي وقال إنه سيسألك الآن ما خلَّف صاحبك) أي عن مبايعة علي فإنه كان ممن تخلف عنه واعتذر بقوله: (لو كنت في شدق الأسد لأحببت أن أكون معك) كناية عن اختيار الموت معه على أصح وجه (ولكن هذا أمر لم أره) من الرأي بمعنى الاجتهاد (فلم يعطني شيئًا) ظاهره أن أسامة سأل عليًّا شيئًا من الدنيا، ومنعُ علي محمول على أنه لتخلفه لم يستحق شيئًا من بيت المال (وذهبت إلى حسن وحسين وابن جعفر فأوقروا لي راحلتي) أي حملوها ما تقدر على حمله، والراحلة البعير القوي ذكرًا كان أو أنثى.

22 - باب إذا قال عند قوم شيئا ثم خرج فقال بخلافه

22 - باب إِذَا قَالَ عِنْدَ قَوْمٍ شَيْئًا ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ بِخِلاَفِهِ 7111 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ لَمَّا خَلَعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ جَمَعَ ابْنُ عُمَرَ حَشَمَهُ وَوَلَدَهُ فَقَالَ إِنِّى سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «يُنْصَبُ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». وَإِنَّا قَدْ بَايَعْنَا هَذَا الرَّجُلَ عَلَى بَيْعِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَإِنِّى لاَ أَعْلَمُ غَدْرًا أَعْظَمَ مِنْ أَنْ يُبَايَعَ رَجُلٌ عَلَى بَيْعِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، ثُمَّ يُنْصَبُ لَهُ الْقِتَالُ، وَإِنِّى لاَ أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْكُمْ خَلَعَهُ، وَلاَ بَايَعَ فِي هَذَا الأَمْرِ، إِلاَّ كَانَتِ الْفَيْصَلَ بَيْنِى وَبَيْنَهُ. طرفه 3188 7112 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ عَنْ عَوْفٍ عَنْ أَبِى الْمِنْهَالِ قَالَ لَمَّا كَانَ ابْنُ زِيَادٍ وَمَرْوَانُ بِالشَّأْمِ، وَوَثَبَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ، وَوَثَبَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إذا قال عند قوم شيئًا ثم خرج فقال بخلافه 7111 - (حرب) ضد الصلح (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم (لما خلع أهل المدينة يريد بن معاوية) لما تولى بعد أبيه ذهب إليه عبد الله بن حنظلة بن الغسيل فأكرمه وأعطاه عطاء جزيلًا، فلما رجع قال لأهل المدينة: رأيته فاسقًا يشرب الخمر فصار هو رأس الأنصار، وعبد الله بن مطيع رأس المهاجرين، وكان ذلك سبب إرسال يزيد مسلم بن عقبة وكانت وقعة الحرة أباح مدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة أيام، وبعد أن قتل من قتل جمع البقية وقال: أنتم في رق يزيد إن شاء أبقاكم وإن شاء قتلكم، وتوجه إلى مكة المشرفة فجاء ملك الموت، وحيل بينهم وبين ما يشتهون، وكان ابن عمر قد كتب البيعة ليزيد وكذلك جملة حَشَمه في داره وامتنع من نقض البيعة (بايعنا هذا الرجل على بيع الله ورسوله) أي على إمرته من طاعة أولي الأمر (كانت الفيصل بيني وبينه) القطيعة والفراق من الفصل، والياء زائدة للمبالغة، ووجه دلالة حديث ابن عمر على الترجمة أنه لو خلع يزيد بعد بيعته كان قائلًا بخلاف ما قاله أولًا. 7112 - (أبو شهاب) الحنَّاط بفتح المهملة وتشديد النون، عبد ربه (عن أبي المنهال) بكسر الميم، سيَّار (لما كان ابن زياد ومروان بالشام وثب ابن الزبير بمكة، ووثب القراء

الْقُرَّاءُ بِالْبَصْرَةِ، فَانْطَلَقْتُ مَعَ أَبِى إِلَى أَبِى بَرْزَةَ الأَسْلَمِىِّ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَيْهِ فِي دَارِهِ وَهْوَ جَالِسٌ فِي ظِلِّ عُلِّيَّةٍ لَهُ مِنْ قَصَبٍ، فَجَلَسْنَا إِلَيْهِ فَأَنْشَأَ أَبِى يَسْتَطْعِمُهُ الْحَدِيثَ فَقَالَ يَا أَبَا بَرْزَةَ أَلاَ تَرَى مَا وَقَعَ فِيهِ النَّاسُ فَأَوَّلُ شَىْءٍ سَمِعْتُهُ تَكَلَّمَ بِهِ إِنِّى احْتَسَبْتُ عِنْدَ اللَّهِ أَنِّى أَصْبَحْتُ سَاخِطًا عَلَى أَحْيَاءِ قُرَيْشٍ، إِنَّكُمْ يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ كُنْتُمْ عَلَى الْحَالِ الَّذِى عَلِمْتُمْ مِنَ الذِّلَّةِ وَالْقِلَّةِ وَالضَّلاَلَةِ، وَإِنَّ اللَّهَ أَنْقَذَكُمْ بِالإِسْلاَمِ وَبِمُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى بَلَغَ بِكُمْ مَا تَرَوْنَ، وَهَذِهِ الدُّنْيَا الَّتِى أَفْسَدَتْ بَيْنَكُمْ، إِنَّ ذَاكَ الَّذِى بِالشَّأْمِ وَاللَّهِ إِنْ يُقَاتِلُ إِلاَّ عَلَى الدُّنْيَا. وَإِنَّ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ، وَاللَّهِ إِنْ يُقَاتِلُونَ إِلَّا عَلَى الدُّنْيَا، وَإِنْ ذَاكَ الَّذِي بِمَكَّةَ وَاللَّهِ إِنْ يُقَاتِلُ إِلَّا عَلَى الدُّنْيَا. طرفه 7271 ـــــــــــــــــــــــــــــ بالبصرة) ابن زياد هو عبد الله بن زياد بن أبيه، كان أميرًا ليزيد بالعراق، فلما مات يزيد وتولى ابنه معاوية دعا أهل البصرة إلى البيعة لابن الزبير، فهرب ابن زياد إلى الشام، فاجتمع بمروان ثم مات معاوية فدعا مروان إلى نفسه، وابن الزبير بمكة دعا إلى نفسه، والقراء هم الخوارج خرجوا عن كل من كان خليفة، وقيل: هؤلاء طائفة سموا أنفسهم توابين لم يقوموا في نصر حسين بن علي (أبو برزة الأسلمي) الصحابي المكرم (في ظل عُليَّة) بضم العين وتشديد اللام المكسورة: القصر (فأنشأ أبي يستطعمه الحديث) أي يطلبه منه كلام على طريق المثل، قال ابن بطال: وجه الدلالة في حديث أبي برزة على الترجمة هو قوله: (إن الذي بالشام) يريد مروان (والله إن يُقاتل إلا على الدنيا) فإنه بايع مروان ثم قال في غيبته هذا الكلام، ورده شيخ الإسلام بان أبا برزة لم يبايع أحدًا من هؤلاء بل كان معتزلًا على الكل. بل وجه الدلالة هو أن غرض أبي برزة أن مروان في طلب الإمارة وإن أظهر أنه يريد صلاح المسلمين فهو كاذب في ذلك باطنه خلاف ظاهره. (إن المنافقين اليوم شر منهم على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -) على عهد في موضع الحال من الضمير المجرور، وقد بين حذيفة وجه كون هؤلاء شرًّا من أولئك بأن أولئك كانوا يسرون، وهؤلاء يجهرون. فإن قلت: النفاق إبطان الكفر وإظهار الإيمان فلا يعقل فيه الجهر. قلت: ليس الكلام هنا في النفاق الذي هو نوع من الكفر بل المراد ما يشبه ذلك كما تقدم في أبواب الإيمان "أربع من كن فيه كان منافقًا خالصًا" وهؤلاء الذين أرادهم حذيفة الذين يدخلون في بيعة

23 - باب لا تقوم الساعة حتى يغبط أهل القبور

7113 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ وَاصِلٍ الأَحْدَبِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ قَالَ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ الْيَوْمَ شَرٌّ مِنْهُمْ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - كَانُوا يَوْمَئِذٍ يُسِرُّونَ وَالْيَوْمَ يَجْهَرُونَ. 7114 - حَدَّثَنَا خَلاَّدٌ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِى ثَابِتٍ عَنْ أَبِى الشَّعْثَاءِ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ إِنَّمَا كَانَ النِّفَاقُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَمَّا الْيَوْمَ فَإِنَّمَا هُوَ الْكُفْرُ بَعْدَ الإِيمَانِ. 23 - باب لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُغْبَطَ أَهْلُ الْقُبُورِ 7115 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرَّجُلِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِى مَكَانَهُ». طرفه 85 ـــــــــــــــــــــــــــــ الخلفاء ثم يخالفون في الطاعة ويخرجون عليهم كما فعلوا بعثمان وعلي، ولا شك أن هذه الصفة في المؤمن أقبح منها من الكفر، هكذا يجب أن يفهم هذا المقام وإن أكثروا فيه القول مما لا طائل تحته. 7114 - (مسعر) بكسر الميم (حبيب) ضد العدو (أبو الشعثاء) بشين معجمة آخره ثاء مثلثة مع المد أشعث بن سليم. باب لا تقوم الساعة حتي يغبط أهل القبور الغبطة أن تطلب من الخير مثل ما كان لصاحبك (عن أبي الزناد) بكسر الزاي بعدها نون عبد الله بن ذكوان. 7115 - (لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول: يا ليتني مكانه) ذكر الرجل بناء على الغالب فإن الفتنة في الرجال غالبة. فإن قلت: ورد النهي عن تمني الموت. قلت: أجابوا بأن ذلك في أمر الدنيا، وأما عند الخوف على الدين فلا خلاف عندهم في جوازه كما نقل عن عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز وغيرهما، وهذا الجواب ليس بمرضي لقوله - صلى الله عليه وسلم - "ليس به الدين إلا البلاء"

24 - باب تغيير الزمان حتى يعبدوا الأوثان

24 - باب تَغْيِيرِ الزَّمَانِ حَتَّى يَعْبُدُوا الأَوْثَانَ 7116 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَخْبَرَنِى أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَضْطَرِبَ أَلَيَاتُ نِسَاءِ دَوْسٍ عَلَى ذِى الْخَلَصَةِ». وَذُو الْخَلَصَةَ طَاغِيَةُ دَوْسٍ الَّتِى كَانُوا يَعْبُدُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. 7117 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ عَنْ ثَوْرٍ عَنْ أَبِى الْغَيْثِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَخْرُجَ رَجُلٌ مِنْ قَحْطَانَ يَسُوقُ النَّاسَ بِعَصَاهُ». طرفه 3517 ـــــــــــــــــــــــــــــ رواه مسلم، فالصحيح في الجواب أن هذا ليس فيه تمني الموت بل تمني أن لو كان الرجل الميت الذي مات قبل ظهور البلاء. باب تغير الزمان حتى تعبد الأوثان 7116 - (لا تقوم الساعة حتى تضطرب أَلَيَات نساءِ دوس على ذي الخلصة) وفي رواية مسلم "حول ذي الخلصة" قال البخاري: (وذو الخلصة طاغية لدوس) أي صنم، قال ابن الأثير: وفيه نظر لأن ذا لا يضاف إلا إلى أسماء الأجناس، بل بيت كان فيه صنم لدوس ولجثعم وبجيلة، وقيل هو الكعبة اليمانية التي خربها جرير بن عبد الله، وأَليات بفتح الهمزة جمع ألية كذلك بالفتح، وذكر النساء لأن أكثر عملًا في ذلك فدل ذكرهن على الرجال من باب الأولى، ونظير هذا من رواية مسلم "لا يذهب الليل والنهار حتى تعبد اللات والعزى" وهذا يكون عند قرب الساعة قبل موت جميع المؤمنين عند ضعف الإسلام أو بعده. 7117 - (عن ثور) بالثاء المثلثة اسم الحيوان المعروف (عن أبي الغيث) مرادف المطر اسمه سالم (لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من قحطان) بالقاف على وزن شعبان أبو العرب، والمراد به قبيلة باليمن، وسوقه الناس بعصاه كناية عن غاية استيلائه وغاية إطاعة الناس له. قال القرطبي: ولعل هذا القحطاني هو الجهجاه الذي جاء في الحديث

25 - باب خروج النار

25 - باب خُرُوجِ النَّارِ وَقَالَ أَنَسٌ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ نَارٌ تَحْشُرُ النَّاسَ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ». 7118 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَخْبَرَنِى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَخْرُجَ نَارٌ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ، تُضِئُ أَعْنَاقَ الإِبِلِ بِبُصْرَى». ـــــــــــــــــــــــــــــ الآخر، ورده شيخ الإسلام بأن الجهجاه من الموالي فلا يصح حمل القحطاني عليه. فإن قلت: ما وجه تعلق هذا بالترجمة؟ قلت: خروجه يدل على تغير الزمان وعدم انتظام أمر الخلافة فإن الأئمة من قريش. باب خروج النار (وقال أنس: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أول أشراط الساعة نار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب) تقدم هذا الحديث موصولًا في مناقب الأنبياء. فإن قلت: كيف تكون هذه النار أول الأشراط وأول أشراطها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قلت: أراد أول الأشراط العشرة كما جاء في سائر الروايات، وقد روى عن أبي هريرة أن الآيات كلها تقع في ثمانية أشهر، وفي رواية أبي العالية في ستة أشهر. 7118 - (لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز تضيء أعناق الإبل ببصرى) الرواية في أعناق النصب، ويجوز الرفع لأن أضاء جاء لازمًا أيضًا قاله الزمخشري في قوله تعالى: {أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ} [البقرة: 17]، وبصرى بضم الباء مقصورًا مدينة حوران بالشام قال النووي: وقعت هذه الواقعة في سنة أربع وخمسين وستمائة ليلة الأربعاء من جمادى الآخرة وتواترت عند أهل الشام.

26 - باب

7119 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الْكِنْدِىُّ حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ جَدِّهِ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يُوشِكُ الْفُرَاتُ أَنْ يَحْسِرَ عَنْ كَنْزٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَمَنْ حَضَرَهُ فَلاَ يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا». قَالَ عُقْبَةُ وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَهُ إِلاَّ أَنَّهُ قَالَ «يَحْسِرُ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ». 26 - بابٌ 7120 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ حَدَّثَنَا مَعْبَدٌ سَمِعْتُ حَارِثَةَ بْنَ وَهْبٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «تَصَدَّقُوا، فَسَيَأْتِى عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَمْشِى الرَّجُلُ بِصَدَقَتِهِ، فَلاَ يَجِدُ مَنْ يَقْبَلُهَا». قَالَ مُسَدَّدٌ حَارِثَةُ أَخُو عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ لأُمِّهِ. طرفه 1411 7121 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَقْتَتِلَ فِئَتَانِ عَظِيمَتَانِ، يَكُونُ بَيْنَهُمَا مَقْتَلَةٌ عَظِيمَةٌ، دَعْوَتُهُمَا وَاحِدَةٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــ 7119 - (يوشك الفرات أن يحسر) بالحاء المهملة أي يكشف (عن كنز من ذهب) وبعده (عن جبل) ولا تنافي فإن الجبل [كناية] عن كثرة الكنز، والفرات هو هذا النهر المعروف (فمن حضره فلا يأخذ منه شيئًا) لأنه سبب للفتنة والقتال، ولما روى مسلم "يحسر الفرات عن جبل من ذهب فيقتتل الناس عليه فيقتل من كل مئة تسعة وتسعون" وبه يسقط ما قيل: إنما نهى عن أخذه لأنه مال المسلمين فلا يجوز أخذه إلا بالحق. باب كذا وقع من غير ترجمة لأنه متعلق بما قبله كالفصل من الباب. 7120 - (معبد) بفتح الميم والباء (حارثة) بالحاء المهملة أخو عبيد الله بن عمر من أمه أم كلثوم بنت جرول الخزاعية (تصدقوا فسيأتي زمان على الناس يمشي الرجل بصدقته فلا يجد من يقبلها) قيل: وقع ذلك في أيام عمر بن عبد العزيز. 7121 - (لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان دعواهما واحدة) أي كل منهما

وَحَتَّى يُبْعَثَ دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ، قَرِيبٌ مِنْ ثَلاَثِينَ، كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، وَحَتَّى يُقْبَضَ الْعِلْمُ، وَتَكْثُرَ الزَّلاَزِلُ، وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، وَتَظْهَرَ الْفِتَنُ، وَيَكْثُرَ الْهَرْجُ وَهْوَ الْقَتْلُ، وَحَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمُ الْمَالُ فَيَفِيضَ، حَتَّى يُهِمَّ رَبَّ الْمَالِ مَنْ يَقْبَلُ صَدَقَتَهُ، وَحَتَّى ـــــــــــــــــــــــــــــ تدَّعي أنها على الحق، وإن كان المحق واحدًا والآخر مبطل، وهما علي ومعاوية (حتى يبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين) وفي رواية: "ثلاثون" بالجزم، وفي رواية للإمام أحمد: "ثلاثون أو أكثر" وفي رواية له: "سبعة وعشرون فيهم أربع نسوة" وتصديق هذه الرواية دعوى سجاح في زمن مسيلمة. فإن قلت: ما معنى قوله: يبعث، ومن الباعث؟ قلت: هو الله تعالى يبعثهم كما يبعث الأعور آخرهم يدعي الألوهية. (حتى يكثر فيكم المال) يحتمل أن يكون ما وقع في أيام عمر بن عبد العزيز كما تقدم، أو في أيام المهدي، أو في أيام عيسى صلوات الله عليه (ويتقارب الزمان) كناية عن السرور فإن أيام الفرح قصار قال الشاعر: ضللنا عند باب أبي نعيم ... بيوم مثل سالفة الذباب وقال الآخر: ويوم كظل الرمح قَصَّر طوله ... دَمُ الزِّقِّ عنا واصطكاك المزاهر وما يقال إنه يكون ذلك بانطباق منطقة البروج على معدل النهار فيستمر الزمان على نمط واحد فلغو من الكلام، أما أولًا فلأن ذلك لا أصل [له] عند علماء الشريعة، وأما ثانيًا فلأن لفظ التقارب يدفعه، وأما ثالثًا فلرواية مسلم "تكون السنة كالشهر والشهر كالأسبوع" (حتى يُهمّ ربَ المال من يقبل صدقته) بضم الياء ونصب رب، وفاعله من

27 - باب ذكر الدجال

يَعْرِضَهُ فَيَقُولَ الَّذِى يَعْرِضُهُ عَلَيْهِ لاَ أَرَبَ لِى بِهِ. وَحَتَّى يَتَطَاوَلَ النَّاسُ فِي الْبُنْيَانِ، وَحَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرَّجُلِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِى مَكَانَهُ. وَحَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَإِذَا طَلَعَتْ وَرَآهَا النَّاسُ - يَعْنِى - آمَنُوا أَجْمَعُونَ، فَذَلِكَ حِينَ لاَ يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ، أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدْ نَشَرَ الرَّجُلاَنِ ثَوْبَهُمَا بَيْنَهُمَا، فَلاَ يَتَبَايَعَانِهِ وَلاَ يَطْوِيَانِهِ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدِ انْصَرَفَ الرَّجُلُ بِلَبَنِ لِقْحَتِهِ فَلاَ يَطْعَمُهُ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَهْوَ يُلِيطُ حَوْضَهُ فَلاَ يَسْقِى فِيهِ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدْ رَفَعَ أُكْلَتَهُ إِلَى فِيهِ فَلاَ يَطْعَمُهَا». طرفه 85 27 - باب ذِكْرِ الدَّجَّالِ ـــــــــــــــــــــــــــــ يقبل، يقال: أهمني الشيء أي أقلقني، ويروى بفتح الياء وضم الهاء أي سعى في طلب من يقبل (حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت ورآها الناس آمنوا أجمعون فذاك حين لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل) هذا الحديث بين قوله تعالى: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ} [الأنعام: 158] قد اختلف في هذه القضية، قيل: إنما لا ينفع الإيمان لمن يشاهد ذلك، وإذا بعد العهد عن تلك الآية عاد قبول الإيمان والتوبة، والصواب خلافه لما روى الطبراني عن عبد الله بن عمر "فمن يومئذ لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت قبل إلى يوم القيامة"، وكذا رواه الحاكم (ولتقومن الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما فلا يتبايعان) هذه الأمور التي ذكرها في هذا الحديث تكون عند نفح الصور نفخة الصعق حين يصعق الناس كلهم، لما روى مسلم "ثم ينفخ في الصور فيكون أول من يسمعه رجل يلوط حوضه فيصعق" (لِقحته) بكسر اللام الناقة اللبون (يليط حوضه) بفتح الياء وضمها يقال: لاط الحوض وألاطه أصلحه بالمدر (أُكَلَتَه) بضم الهمزة كاللقمة لفظًا ومعنى. باب ذكر الدجال من الدجل وهو الخلط واللبس قاله ابن الأثير، وقيل: الدجل الستر واللبس، والمعنيان متقاربان، وحديث مسلم عن تميم الداري يدل على أنه كان موجودًا في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،

7122 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى قَيْسٌ قَالَ قَالَ لِى الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ مَا سَأَلَ أَحَدٌ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الدَّجَّالِ مَا سَأَلْتُهُ وَإِنَّهُ قَالَ لِى «مَا يَضُرُّكَ مِنْهُ». قُلْتُ لأَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّ مَعَهُ جَبَلَ خُبْزٍ وَنَهَرَ مَاءٍ. قَالَ «هُوَ أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ». 7123 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أُرَاهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَعْوَرُ عَيْنِ الْيُمْنَى، كَأَنَّهَا عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ». طرفه 3057 ـــــــــــــــــــــــــــــ وقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما من نبي إلا أنذر قومه، وإن نوحًا أنذر قومه منه" يدل على أنه كان موجودًا في تلك الأزمنة، وهذا هو الظاهر، ويجوز أن يكونوا عالمين بخروجه، ولكن لم يكونوا عالمين بخروجه ولكن لم يكن لهم علم بأنه آخر الزمان، وأما أول خروجه فيكون من بلاد المشرق من أصبهان، وروى الطبري مرفوعًا: "أنه أول ما يخرج يدعو إلى الدين ثم إذا جاء إلى كوفة ادعى النبوة قفارقه كل ذي لب ثم يدعي الألوهية فتختل عينه وتقطع أذنه ويكتب بين عينيه كافر". 7122 - (عن المغيرة بن شعبة أنه قال ما سأل أحد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكثر مما سألته، فقال لي: وما يضرك منه؟) ما استفهامية للإنكار عن الدجال، لا يضرك، وفي رواية "وما نصبك" بالنون وصاد مهملة من النصب وهو التعب (قلت: إنهم يقولون إن معه جبل خبز ونهر ماء قال: هو أهون على الله من ذلك) قيل: معناه أن الأمر كذلك ولكن هو أهون على الله من أن يجعل خلق ذلك على يده سببًا لضلال المؤمن. كيف وآية كذبه ظاهرة على جسده من خلل في عينيه وكتابة كافر على جبينه؟ كذا قاله القاضي وتبعه غيره وفيه نظر، فإن هذا المعنى مما لا يدل عليه لفظ الحديث، والصواب أن مراده من هذا الكلام أن ذلك ليس أمرًا على الحقيقة بل أمر مخيل يناسب حاله، والدليل على ما قلنا حديث الباب "عن حذيفة إن معه ماءً ونارًا فناره ماء بارد وماؤه نار". 7123 - (أعور عين اليمنى كأنها عنبة طافية) بالياء من طفا يطفو إذا ارتفع، وضبطه

7124 - حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَجِئُ الدَّجَّالُ حَتَّى يَنْزِلَ فِي نَاحِيَةِ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ تَرْجُفُ الْمَدِينَةُ ثَلاَثَ رَجَفَاتٍ، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ كُلُّ كَافِرٍ وَمُنَافِقٍ». طرفه 1881 7125 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِى بَكْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ رُعْبُ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، وَلَهَا يَوْمَئِذٍ سَبْعَةُ أَبْوَابٍ، عَلَى كُلِّ بَابٍ مَلَكَانِ». طرفه 1879 7126 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى بَكْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ رُعْبُ الْمَسِيحِ، لَهَا يَوْمَئِذٍ سَبْعَةُ أَبْوَابٍ، عَلَى كُلِّ بَابٍ مَلَكَانِ». قَالَ وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ صَالِحِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَدِمْتُ الْبَصْرَةَ فَقَالَ لِى أَبُو بَكْرَةَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بِهَذَا. طرفه 1879 ـــــــــــــــــــــــــــــ بعضهم بالهمزة وهي المطموسة ضد المرتفعة، قال شيخ الإسلام: والصواب الياء لما في رواية "عينه اليمنى عوراء جاحظة"، وفي رواية عبد الله بن مغفل وسمرة وأبي بكرة أن عينه اليسرى ممسوحة، فحصل من جميع الروايات أن كلتا عينيه مختلتان على التعاكس وذلك لتكون أقبح الأشكال كما أن دعواه أقبح الدعاوي لعنه الله. 7124 - (يجيء الدجال حتى ينزل في ناحية المدينة ثم ترجف المدينة ثلاث رجفات وبخرج إليه كل كافر ومنافق) وهذا نوع ابتلاء أيضًا، وقد تقدم أن المدينة كالكير تنفي خبثها. 7125 - (لا يدخل المدينة رُعْب المسيح الدجال) قد سلف وجه تسميته مسيحًا إما لأنه يمسح الأرض، أو لأنه ممسوح العين، أو لأنه مسح عنه البركة. فإن قلت: إذا لم يدخل رعبه المدينة فكيف خرج أهل الكفر والنفاق؟ قلت: الذين خرجوا إنما خرجوا خوفًا من الزلزلة وطمعًا فيما عنده من الجنة والخير.

7127 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي النَّاسِ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ ذَكَرَ الدَّجَّالَ فَقَالَ «إِنِّى لأُنْذِرُكُمُوهُ، وَمَا مِنْ نَبِىٍّ إِلاَّ وَقَدْ أَنْذَرَهُ قَوْمَهُ، وَلَكِنِّى سَأَقُولُ لَكُمْ فِيهِ قَوْلاً لَمْ يَقُلْهُ نَبِىٌّ لِقَوْمِهِ، إِنَّهُ أَعْوَرُ وَإِنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ». طرفه 3057 7128 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ، فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ سَبْطُ الشَّعَرِ يَنْطُفُ - أَوْ يُهَرَاقُ - رَأْسُهُ مَاءً قُلْتُ مَنْ هَذَا قَالُوا ابْنُ مَرْيَمَ. ثُمَّ ذَهَبْتُ أَلْتَفِتُ، فَإِذَا رَجُلٌ جَسِيمٌ أَحْمَرُ جَعْدُ الرَّأْسِ أَعْوَرُ الْعَيْنِ، كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ قَالُوا هَذَا الدَّجَّالُ. أَقْرَبُ النَّاسِ بِهِ شَبَهًا ابْنُ قَطَنٍ». رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ. طرفه 3440 7129 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتَعِيذُ فِي صَلاَتِهِ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ. طرفه 832 7130 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ رِبْعِىٍّ عَنْ حُذَيْفَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ فِي الدَّجَّالِ «إِنَّ مَعَهُ مَاءً وَنَارًا، فَنَارُهُ مَاءٌ بَارِدٌ، وَمَاؤُهُ نَارٌ». قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ أَنَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 3450 ـــــــــــــــــــــــــــــ 7126 - (بشر) بكسر الموحدة وشين معجمة (مسعر) بكسر الميم. 7128 - (بينا أنا نائم أطوف بالكعبة فإذا رجل آدم سبط الشعر) بفتح السين وكسر الباء وسكونها شعر ليس بجعد قطط ولا مسترسل فلا ينافي الرواية الأخرى: رجل جعد وقد أشرنا إلى أن قوله آدم لا ينافي الرواية الأخرى: أحمر فإنه نفى به أن يكون أبيض نقعًا، وأما رؤيته الدجال فقد سلف الوجه في ذلك بأن منعه من دخول مكة إنما هو شخصه، وهذا مثاله في المنام كما أن عيسى كذلك لا شك أنه منذ رفع إلى [السماء] لم ينزل.

28 - باب لا يدخل الدجال المدينة

7131 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ رضى الله عنه قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَا بُعِثَ نَبِىٌّ إِلاَّ أَنْذَرَ أُمَّتَهُ الأَعْوَرَ الْكَذَّابَ، أَلاَ إِنَّهُ أَعْوَرُ، وَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ، وَإِنَّ بَيْنَ عَيْنَيْهِ مَكْتُوبٌ كَافِرٌ». فِيهِ أَبُو هُرَيْرَةَ وَابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 7408 28 - باب لاَ يَدْخُلُ الدَّجَّالُ الْمَدِينَةَ 7132 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمًا حَدِيثًا طَوِيلاً عَنِ الدَّجَّالِ، فَكَانَ فِيمَا يُحَدِّثُنَا بِهِ أَنَّهُ قَالَ «يَأْتِى الدَّجَّالُ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ أَنْ يَدْخُلَ نِقَابَ الْمَدِينَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ 7131 - (وإن بين عينيه مكتوب كافر) كذا في أكثر النسخ، والوجه فيه أن اسم إن المحذوف، وهو ضمير الشأن أو ضمير الدجال، قيل: ويجوز أن يكون كافر مبتدأ وبين عينيه خبره، وفيه نظر، فإن كافر قائم مقام فاعل مكتوب، على أنه لوجود التقديم والتأخير لم يرفع الإنكار إذ لا بد من تقدير حذف اسم إن، وفي سائر الروايات "يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير كاتب" وأورد بغير الكاتب الأمي لما رواه الإمام أحمد "يقرأ الأمي والكاتب" ولما كانت الرؤية بخلق الله فلا إشكال في أن يقرأ المؤمن دون الكافر، ولذلك كون الأمي والكاتب سواء في قراءته؛ لأن ذلك زمان خرق العادات، والله أعلم بحقيقة الحال. باب لا يدخل المدينة الدجال قد سلف في الباب الذي قبله أكثر أحكام هذا الباب. 7132 - (يأتي الدجال وهو مُحرّم عليه أن يدخل نقاب المدينة) قوله محرم عليه، أي: ممنوع عن ذلك من إطلاق الملزوم وإرادة اللازم، والنِقَاب جمع نَقْب الأول بكسر النون وفتح

فَيَنْزِلُ بَعْضَ السِّبَاخِ الَّتِى تَلِى الْمَدِينَةَ، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ يَوْمَئِذٍ رَجُلٌ وَهْوَ خَيْرُ النَّاسِ أَوْ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ، فَيَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّكَ الدَّجَّالُ الَّذِى حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَدِيثَهُ، فَيَقُولُ الدَّجَّالُ أَرَأَيْتُمْ إِنْ قَتَلْتُ هَذَا ثُمَّ أَحْيَيْتُهُ، هَلْ تَشُكُّونَ فِي الأَمْرِ فَيَقُولُونَ لاَ. فَيَقْتُلُهُ ثُمَّ يُحْيِيهِ فَيَقُولُ وَاللَّهِ مَا كُنْتُ فِيكَ أَشَدَّ بَصِيرَةً مِنِّى الْيَوْمَ. فَيُرِيدُ الدَّجَّالُ أَنْ يَقْتُلَهُ فَلاَ يُسَلَّطُ عَلَيْهِ». 7133 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُجْمِرِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «عَلَى أَنْقَابِ الْمَدِينَةِ مَلاَئِكَةٌ، لاَ يَدْخُلُهَا الطَّاعُونُ وَلاَ الدَّجَّالُ». طرفه 1880 7134 - حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْمَدِينَةُ يَأْتِيهَا الدَّجَّالُ، فَيَجِدُ الْمَلاَئِكَةَ يَحْرُسُونَهَا، فَلاَ يَقْرَبُهَا الدَّجَّالُ - قَالَ - وَلاَ الطَّاعُونُ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ». طرفه 1881 ـــــــــــــــــــــــــــــ القاف، والثاني بفتح النون وسكون القاف وهو الطريق بين الجبلين (فينزل في بعض السباخ) بكسر السين وتخفيف الباء جمع سَبَخَة بثلاث فتحات وهي الأرض التي تعلوها الملوحة ولا تنبت، وهي من ناحية الشام (فيخرج إليه رجل وهو خير الناس) أي من خيار الناس (فيقول الدجال: أرأيتم إن قتلت هذا ثم أحييته هل تشكون في الأمر) أي في الألوهية (فيقولون لا) قيل: القائل لهذا القول المؤمنون، ومرادهم أنهم لا يشكون في كونه الدجال، لكن يرد هذا الروايةُ الأخرى "يقول الدجال لأوليائه هل تشكون" (فيقتله ثم يحييه فيقول: والله ما كنت فيك أشد بصيرة مني اليوم) أي في هذه الساعة، وذلك لأنه وجد العلامات التي ذكرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قيل: ذلك الرجل هو الخضر والله أعلم (فيريد الدجال أن يقتله فلا يسلط عليه) قيل: .... فذبحه نحاسًا، والصواب: أن الله يظهر عجزه عما يتعاطاه آحاد الناس تكذيبًا في دعواه. 7134 - (فلا يقربها) أي المدينة (الدجال ولا الطاعون إن شاء الله) تعالى، قوله: "إن شاء الله على سبيل التبرك، واعلم أنه جاء في غير البخاري أحاديث في شأنه كثير منها خوارق العادات، فيأمر السماء فتمطر، ويأمر الأرض فتنبت، وتكون خصبًا على من صدقه جدبًا على من كذبه، وتتبعه كنوز الأرض، وقد سلف أن معه الجنة والنار، كل ذلك امتحان من الله ليميز الخبيث من الطيب. وما توهم من أنه يرتفع الأمان من المعجزات فليس بشيء

29 - باب يأجوج ومأجوج

29 - باب يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ 7135 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ ح وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى أَخِى عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى عَتِيقٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ زَيْنَبَ ابْنَةَ أَبِى سَلَمَةَ حَدَّثَتْهُ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِى سُفْيَانَ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمًا فَزِعًا يَقُولُ «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ، فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ». وَحَلَّقَ بِإِصْبَعَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ لأن المعجزة شرطها القدرة على الإتيان بها عند التحدي، وهذا ليس كذلك ألا ترى أنَّه عجز عن قتل ذلك الذي أحياه فضلًا عن إحيائه، ولا التباس بكرامات الأولياء؛ لأن شرط الكرامة أن يكون صاحبها على جادة الشريعة النبوية متبعًا، وإلا يكون استدراجًا وسحرًا، قال تعالى: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63)} [يونس: 62، 63]. باب يأجوج ومأجوج اسمان أعجميان ولذلك منعا من الصرف، وقيل عربيان، ومنع الصرف لكونهما علمًا للقبيلة، واختلف في المشتق منه، قيل من أجيج النَّار وقيل من الأج وهو الاختلاط، وقيل: من الأج وهو السرعة. ومأجوج من ماج يموج، أو مج يمج، وقيل غير هذا، رجلان من نطفة آدم من غير حواء، احتلم آدم فاختلط منيه بالتراب فخلق منه هذان. ورد بأن الاحتلام لا يجوز على الأنبياء، ورد بأنه يجوز دفق المني كالبول، والحق أنهما من أولاد يافث بن نوح؛ لأن ما عدا المُؤمنين هلكوا من الطوفان، والأخبار في أحوالهم كثيرة عجيبة. قيل: لا يموت منهم واحد حتَّى يلد له أَلْف نفس. وقيل: النَّاس والجن عشرة أجزاء، تسعة منها يأجوج ومأجوج، وجزء واحد سائر الجن والإنس، والله أعلم بحقيقة الحال. 7135 - (ويل للعرب من شر قد اقترب) قد سلف هذا الحديث، خصَّ العرب لأنه وصف الشر بالقرب، وأول ما وقع في العرب من قتل عمر وهلم جرًا انفتح باب الشر والفتن. فإن قلت: قد سلف في أول كتاب الفتن أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استيقظ عند زينب. وقال هذا الكلام، وهنا قال: (دخل عليها فزعًا). قلت: لم يقل هناك استيقظ

الإِبْهَامِ وَالَّتِى تَلِيهَا. قَالَتْ زَيْنَبُ ابْنَةُ جَحْشٍ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ قَالَ «نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخُبْثُ». طرفه 3346 7136 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يُفْتَحُ الرَّدْمُ رَدْمُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلَ هَذِهِ». وَعَقَدَ وُهَيْبٌ تِسْعِينَ. طرفه 3347 ـــــــــــــــــــــــــــــ عندها، فيمكن أنَّه استيقظ ثم دخل عليها وبالعكس. وقيل: يجوز تعدد الواقعة، وفيه بعد لأن الراوي واحد، ومقدار فتح السد أَيضًا والله أعلم. هذا آخر كتاب الفتن عافانا الله منها بمنه وكرمه.

93 - كتاب الأحكام

93 - كتاب الأحكام 1 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِى الأَمْرِ مِنْكُمْ) 7137 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ أَطَاعَنِى فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ، وَمَنْ عَصَانِى فَقَدْ عَصَى اللَّهَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الأحكام باب قول الله عَزَّ وَجَلَّ: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59] الحكم يطلق عند أهل العربية على إسناد أمر إلى آخر إيجابًا أو سلبًا، وقد يطلق على وقوع النسبة ولا وقوعها، وفي عرف الشرع عرفه الأشعري: بأنه الخطاب من الله الذي يتعلق بأفعال المكلفين اقتضاءً، أو تخيير، أو عند القضاء هو صفة فعل المكلف كالوجوب والحرمة. قال بعض المحققين: هما متحدان ذاتًا مختلفان اعتبارًا إيجاب بالنسبة إلى الله، وجوب بالنسبة إلى فعل المكلف قيل: استدلال البُخَارِيّ بالآية ترجيح منه أن الآية نزلت في الأمراء خلافًا لمن قال: نزلت في العلماء. قلت: لا دلالة فيه لأن المراد بالعلماء المجتهدون الذين يستنبطون الأحكام من النصوص، فالذي يناسب المقام أن يرادهم لا الأمراء، وقيل: أعاد لفظ أطيعوا في الرسول دون أولي الأمر لأن منهم من لا تجب طاعته قلت: هذا بناء على أن المراد بأولي الأمر الأمراء، وقد أشرنا إلى ما فيه على أن لو كان المراد الأُمراء فلا دلالة للفظ على ذلك؛ لأن أطيعوا مقدر قطعًا، وأي فرق بين كونه ملفوظًا أو مقدرًا، والحق أنَّه إنما ترك لفظ أطيعوا في أولي الأمر إشارة إلى انحطاط رتبتهم عن رتبة الرسول - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنهم يأخذون الأحكام مما جاء به. 7137 - (عبدان) على وزن شعبان (من أطاعني فقد أطاع الله) لقوله تعالى: {مَنْ يُطِعِ

وَمَنْ أَطَاعَ أَمِيرِى فَقَدْ أَطَاعَنِى، وَمَنْ عَصَى أَمِيرِى فَقَدْ عَصَانِى». طرفه 2957 7138 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَلاَ كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالإِمَامُ الَّذِى عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى أَهْلِ بَيْتِ زَوْجِهَا وَوَلَدِهِ وَهِىَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ، وَعَبْدُ الرَّجُلِ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ، أَلاَ فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ». طرفه 893 ـــــــــــــــــــــــــــــ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: 80] ومفهوم هذا أن من عصاه فقد عصى الله (ومن أطاع أميري فقد أطاعني) لأن العامل بأوامره، والتحقيق في هذا المقام أن لا حكم على عباد الله إلَّا الله، ولما كان مقام كبريائه تعالى أَجل من أن يصلح كل أحد لخطابه اختار الرسل لذلك، ثم أمرهم بالتبليغ عنه {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ} [المائدة: 67] ولما لم يكن في وسع الرسول تبليغ الأحكام إلى كل أحد قال: بلغوا عنه. وطاعة الأمير إنما تجب إذا كانت على قانون الشرع إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. 7138 - (ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) الرعية فعيل بمعنى المفعول من الرعاية وهي الحفظ. قال بعض الشارحين: فإن قلت: إذا لم يكن له أهل ولا سيد، ولا يكون إمامًا فعلى ماذا يكون راعيًا؟ قلت: على أصدقائه ومعاشريه، ثم قال: فإن قلت: كلٌّ منهما راع فمن رعيته؟ قلت: أعضاؤه وجوارحه، والخطاب خاص بأصحاب التصرفات. وهذا كله خبط ظاهر. أما أولًا: فلأنه لما كان راعيًا على أصدقائه فقد سقط سؤاله. الثاني: إذ لا يخلو أحد من صديق ومعاشرين، وأما قوله: أو الخطاب خاص فلغو من الكلام ألا ترى إلى لفظ كل أولًا في التفصيل وثانيًا في الإجمال كالفذلكة. والتحقيق أن أولى الرعايا بأن يُسْأل عنها جوارحُ الإنسان وأعضاؤه فالناس في ذلك متفاوتون، فالإمام يُسأل عن كل فرد تحت رعيته وعن كل عضو من أعضائه هل استعمله فيما خلق له أم لا، وقس عليه.

2 - باب الأمراء من قريش

2 - باب الأُمَرَاءُ مِنْ قُرَيْشٍ 7139 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ يُحَدِّثُ أَنَّهُ بَلَغَ مُعَاوِيَةَ وَهْوَ عِنْدَهُ فِي وَفْدٍ مِنْ قُرَيْشٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَيَكُونُ مَلِكٌ مِنْ قَحْطَانَ فَغَضِبَ، فَقَامَ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ بَلَغَنِى أَنَّ رِجَالاً مِنْكُمْ يُحَدِّثُونَ أَحَادِيثَ لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ، وَلاَ تُؤْثَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأُولَئِكَ جُهَّالُكُمْ، فَإِيَّاكُمْ وَالأَمَانِىَّ الَّتِى تُضِلُّ أَهْلَهَا، فَإِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّ هَذَا الأَمْرَ فِي قُرَيْشٍ، لاَ يُعَادِيهِمْ أَحَدٌ إِلاَّ كَبَّهُ اللَّهُ عَلَى وَجْهِهِ مَا أَقَامُوا الدِّينَ». تَابَعَهُ نُعَيْمٌ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ. طرفه 3500 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الأمراء من قريش والمراد بالأمراء الخلفاء، وفي حديث أبي بكر الصديق "الأئمة من قريش". 7139 - (كان محمَّد بن جبير بن مطعم يحدث أنَّه بلغ معاوية وهم عنده في وفد من قريش) الوفد جمع وافد وهو من يرد على الملوك لأمر خطير، ولما سلم الحسن بن عليّ الأمر إليه وقد عليه النَّاس من كل ناحية. (أن عبد الله بن عمرو بن العاص تحدث أنَّه سيكون ملك من قحطان) فاعترض عليه معاوية مستدلًا بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (هذا الأمر في قريش) أي الخلافة (لا يعاديهم أحد إلا كبه الله ما أقام الدين) وهذا الذي قاله لا يرد ما قاله عبد الله بن عمرو أما أولًا فلأن حديث القحطاني رواه أبو هريرة، وقد سلف مسندًا مرفوعًا في أبواب الفتن، وأما ثانيًا فلأن حديث القحطاني لا يعارض ما رواه معاوية، وقد رواه غيره؛ لأن القحطاني ليس من الخلفاء بل رجل متعلب وأما [ثالثًا] فلأن آخر الحديث (الأمر في قريش) مقيد بقوله (ما أقاموا الدين) فإن مفهومه دال على خروج الأمر إذا لم يقيموا الدين.

3 - باب أجر من قضى بالحكمة

7140 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ سَمِعْتُ أَبِى يَقُولُ قَالَ ابْنُ عُمَرَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَزَالُ الأَمْرُ فِي قُرَيْشٍ مَا بَقِىَ مِنْهُمُ اثْنَانِ». طرفه 3501 3 - باب أَجْرِ مَنْ قَضَى بِالْحِكْمَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ). 7141 - حَدَّثَنَا شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ حَسَدَ إِلاَّ فِي اثْنَتَيْنِ، رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالاً فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْحَقِّ، وَآخَرُ آتَاهُ اللَّهُ حِكْمَةً فَهْوَ يَقْضِى بِهَا وَيُعَلِّمُهَا». طرفه 73 ـــــــــــــــــــــــــــــ 7140 - فإن قلت: الحديث الذي بعد (الأمراء في قريش ما بقي منهم اثنان) وفي رواية مسلم"ما بقي النَّاس" قلت: حديث الباب يحمل على بقاء عظم الخلافة ونفاذ الأمراء، ورواية: "ما بقي النَّاس" على بقاء اسم الخلافة، كالخليفة الموجود الآن بمصر إذ ليس له من الأمر إلَّا هذا الاسم. باب أجر من قضى بالحكمة استدل عليه بقوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [المائدة: 47] وجه الدلالة طريق المفهوم فإن الحاكم بغير ما أنزل إنما كان فاسقًا عصيًّا لكونه فعل غير طاعة كتارك الصلات مثلًا. 7141 - ولما أثبت أصل الأجر بهذا المفهوم استدل بالحديث بعده من الأمور التي يُحسد عليها بقوله (لا حسد إلا في اثنتين) إحداهما الحكمة التي يقضي بها، وقد سلف في أبواب الإيمان أن المراد من الحسد الغبطة، وهو تمني حصول مثل ما لغيره من غير سلبه، وهذا يدل على عظم الأجر في ذلك، قال بعضهم: معناه لا حسد إلا فيهما، وما فيهما ليس بحسد فلا حسد. وهذا لغو من الكلام؛ لأنه لو تمني زوال العلم من أحد [و] حصوله له كان من أقبح أنواع الحسد.

4 - باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية

4 - باب السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لِلإِمَامِ مَا لَمْ تَكُنْ مَعْصِيَةً 7142 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِى التَّيَّاحِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَإِنِ اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِىٌّ كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ». طرفه 693 7143 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنِ الْجَعْدِ عَنْ أَبِى رَجَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَرْوِيهِ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا فَكَرِهَهُ فَلْيَصْبِرْ، فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ يُفَارِقُ الْجَمَاعَةَ شِبْرًا فَيَمُوتُ إِلاَّ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً». طرفه 7053 7144 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِى نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ، فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ، مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِمَعْصِيَةٍ، فَإِذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلاَ سَمْعَ وَلاَ طَاعَةَ». طرفه 2955 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب السمع والطاعة ما لم تكن معصية 7142 - (اسمعوا واطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة) وجه الشبه السواد والصفير، والغرض من التشبيه التحقير والشناعة وإذا كان هذا شأن الحقير فكيف بغيره من الأمراء، وإنما يتأتى هذا في الإمارة لأن الخلافة في قريش. 7143 - (حرب) ضد الصلح (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم (عن أبي الجعد) بفتح الجيم وسكون العين (عن أبي رجاء) بفتح الراء والمد عمران العطاردي (عن ابن عباس يرويه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-) إنما قال يرويه إشارة إلى اتصال الحديث؛ لأن لفظ قال يحتمل الإرسال (من رأى من أميره شيئًا فكرهه فليصبر) هذا إذا كان شيئًا يتعلق به نفسه أو كان من أمر الدين من غير أن يؤدي إلى الكفر لما تقدم من قوله في باب الفتن: "إلَّا أن تروا كفرًا بواحًا" وإذا أمر بمعصية فلا طاعة له في ذلك.

5 - باب من لم يسأل الإمارة أعانه الله

7145 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - قَالَ بَعَثَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - سَرِيَّةً، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُطِيعُوهُ، فَغَضِبَ عَلَيْهِمْ وَقَالَ أَلَيْسَ قَدْ أَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ تُطِيعُونِى قَالُوا بَلَى. قَالَ عَزَمْتُ عَلَيْكُمْ لَمَا جَمَعْتُمْ حَطَبًا وَأَوْقَدْتُمْ نَارًا، ثُمَّ دَخَلْتُمْ فِيهَا، فَجَمَعُوا حَطَبًا فَأَوْقَدُوا، فَلَمَّا هَمُّوا بِالدُّخُولِ فَقَامَ يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، قَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّمَا تَبِعْنَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فِرَارًا مِنَ النَّارِ، أَفَنَدْخُلُهَا، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ خَمَدَتِ النَّارُ، وَسَكَنَ غَضَبُهُ، فَذُكِرَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا أَبَدًا، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ». طرفه 4340 5 - باب مَنْ لَمْ يَسْأَلِ الإِمَارَةَ أَعَانَهُ اللَّهُ 7146 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ لاَ تَسْأَلِ الإِمَارَةَ، فَإِنَّكَ إِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إِلَيْهَا، وَإِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا، وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَكَفِّرْ يَمِينَكَ، وَأْتِ الَّذِى هُوَ خَيْرٌ». طرفه 6622 ـــــــــــــــــــــــــــــ 7145 - (أمر رجلًا من الْأَنصار) بتشديد الميم أي جعله أميرًا، قيل هو عبد الله بن حذافة السهمي، وهذا وهم؛ لأن عبد الله بن حذافة مهاجري، وحديثه تقدم في المغازي، وأشرنا هناك إلى وجه قوله: "لو دخلوها ما خرجوا منها أبدًا" بحمله على الاستحلال، وهذا ليس بشيء لأنهم لم يستحلوا بل ذلك كان على وجه الإكراه من الأمير، وقيل: إنهم لو دخلوها ماتوا فيها، وهذا أَيضًا من ذلك النمط؛ لأن هذا معلوم لكل أحد، والأحسن أن هذا كلام وارد على سبيل التحذير عن فعله مثله، والأبد قيد لعنه أبي الدنيا، أي لم يخرجوا ما دامت الدنيا, ولله أن يعذب بأي عذاب شاء كل مؤمن ما عدا الخلود، والله أعلم. باب من لم يسأل الإمارة أعانه الله 7146 - روى فيه حديث عبد الرَّحْمَن بن سمرة (لا تسأل الإمارة فإنك إن أوتيتها عن مسألة وكلت إليها) على بناء المجهول مخففًا أي صرفت إليها من غير إعانة من الله، ومن لم تكن معه

6 - باب من سأل الإمارة وكل إليها

6 - باب مَنْ سَأَلَ الإِمَارَةَ وُكِلَ إِلَيْهَا 7147 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَمُرَةَ قَالَ قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ، لاَ تَسْأَلِ الإِمَارَةَ، فَإِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إِلَيْهَا، وَإِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا، وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَأْتِ الَّذِى هُوَ خَيْرٌ، وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ». طرفه 6622 7 - باب مَا يُكْرَهُ مِنَ الْحِرْصِ عَلَى الإِمَارَةِ 7148 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّكُمْ سَتَحْرِصُونَ عَلَى الإِمَارَةِ، وَسَتَكُونُ نَدَامَةً يَوْمَ ـــــــــــــــــــــــــــــ عناية الله وهو في الضلال، والحديث وإن ورد في الإمارة ولكن يدخل فيه القضاء. فإن قلت: قد روى أبو داود عن أبي هريرة مرفوعًا "من طلب قضاء حتَّى ناله ثم غلب عدله جوره فله الجنة" قلت: أجاب شيخ الإِسلام بأنه لا يلزم من كونه لا يعان بسبب طلبه أن لا يحصل منه العدل، أو يحمل هنا الطلب على القصد، وفيه نظر؛ لأن من لا عناية من الله معه لا يسلم مصيبًا في أحكامه، وأما قوله يحمل الطلب على القصد هنا فلا يعني شيئًا، والحق أن هذا محمول على ما إذا كان متعينًا للقضاء فإنَّه يجب عليه الطلب، وفي رواية: "من أكره على القضاء أنزل عليه ملك يُسدده" رواه ابن المنذر. باب من سأل الإمارة وكل إليها ثم قال: باب من لم يسأل الإمارة، وروى فيه الحديث السابق. باب ما يكره من الحرص على الإمارة 7148 - (ابن أبي ذئب) بلفظ الحيوان المعروف محمَّد بن عبد الرَّحْمَن (المقبري) بضم الباء وفتحها (إنكم ستحرصون على الإمارة) الحرص الشره والشغف، وأصله الشق، ومنه

الْقِيَامَةِ، فَنِعْمَ الْمُرْضِعَةُ وَبِئْسَتِ الْفَاطِمَةُ». وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُمْرَانَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَوْلَهُ. 7149 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَا وَرَجُلاَنِ مِنْ قَوْمِى فَقَالَ أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ أَمِّرْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. وَقَالَ الآخَرُ مِثْلَهُ. فَقَالَ «إِنَّا لاَ نُوَلِّى هَذَا مَنْ سَأَلَهُ، وَلاَ مَنْ حَرَصَ عَلَيْهِ». طرفه 2261 ـــــــــــــــــــــــــــــ الحارصة للجراحة التي يشق فيها الجلد لأن الحريص يشق كل جانب في الطلب (فنعم المرضعة، وبئست الفاطمة) قال ابن الأثير: ضرب المثل للإمارة بالمرضعة لأن الإمارة تسوق إليه المنافع وأنواع الملاذ والتفوق على النَّاس، فهي كالمرضعة التي يكون الرضيع معها في أرغد عيش، وضرب الفاطمة مثلًا للموت بعد الولاية والعزل فلا يكون أضيق حالًا من الصبي حين الفطام, لأن قطع المألوف من أشد العذاب على النفس، وقوله: (وستكون ندامة يوم القيامة) وفي رواية البَزَّار والطبراني "أولها ملامة وأوسطها غرامة"، وفي رواية "ثانيهما ندامة وثالثهما عذاب". وهذه الأمور إنما تكون فيمن لا يكون على الحق لما في رواية الطَّبْرَانِيّ: "نعم الشيء الإمارة لمن أخذها بحقها، وبئس الشيء الإمارة لمن أخذها بغير حقها" (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (حمران) بضم الحاء. 7149 - (محمَّد بن العلاء)، (أبو أسامة) بضم الهمزة (بريد) مصغر برد (عن أبي بردة) بضم الباء عامر بن أبي موسى (إنَّا لا نولي هذا من سأله ولا من حرص عليه) لأنه [غير] معان من الله، ولا يجوز تسليطه على المسلمين.

8 - باب من استرعى رعية فلم ينصح

8 - باب مَنِ اسْتُرْعِىَ رَعِيَّةً فَلَمْ يَنْصَحْ 7150 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا أَبُو الأَشْهَبِ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ عَادَ مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ فِي مَرَضِهِ الَّذِى مَاتَ فِيهِ فَقَالَ لَهُ مَعْقِلٌ إِنِّى مُحَدِّثُكَ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَا مِنْ عَبْدٍ اسْتَرْعَاهُ اللَّهُ رَعِيَّةً، فَلَمْ يَحُطْهَا بِنَصِيحَةٍ، إِلاَّ لَمْ يَجِدْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ». 7151 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا حُسَيْنٌ الْجُعْفِىُّ قَالَ زَائِدَةُ ذَكَرَهُ عَنْ هِشَامٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ أَتَيْنَا مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ نَعُودُهُ فَدَخَلَ عُبَيْدُ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ مَعْقِلٌ أُحَدِّثُكَ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مَا مِنْ وَالٍ يَلِى رَعِيَّةً مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَيَمُوتُ وَهْوَ غَاشٌّ لَهُمْ، إِلاَّ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ». ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من استرعي رعية فلم ينصح 7150 - 7151 - (أبو نعيم) بضم النُّون مصغر (أبو الأشهب) جعفر بن حيان العطاردي (أن عبيد الله بن زياد) بكسر الزاي بعدها ياء (عاد معقل بن يسار) بفتح الميم وكسر القاف المزني الصحابي المكرم (فقال) أي معقل: (إني محدثك بحديث سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) وفي رواية مسلم: "لولا أني نزل بي الموت لما حدثتك"، وذلك أن ابن أبي زياد لعنه الله كان سفاك الدماء فخاف من شره، فلما نزل به الموت زال ذلك المانع حدثه عسى أن يقل شره عن المسلمين (ما من عبد يسترعيه الله رعية فلم يحطها بنصحه) بضم الحاء أي لم يحفظها، والنصح كلمة جامعة لكل خير، وفي رواية "بالنصيحة" (لم يجد رائحة الجنة) أي إلَّا لم يجد فلا بد من تقديرها، وقد يوجد في بعض النسخ. والظاهر أن الترك من بعض الرواة والحمل على أن ما غير باقية، ومن زائدة في الإثبات كما قاله بعض النحاة إفساد الكلام، وفي الرواية بعده (إلَّا حرم الله عليه الجنة). فإن قلت: من قال: لا إله إلَّا الله دخل الجنة، هذا مذهب أهل الحق؟ قلت: حمله بعضهم على الكافر، ولا وجه له فإن سياق الحديث يدل على أن المراد ولاة المسلمين، وقيل: محمول على المستحل، وهذا أَيضًا بعيد عن السياق، والوجه العمل على أنَّه كلام

9 - باب من شاق شق الله عليه

9 - باب مَنْ شَاقَّ شَقَّ اللَّهُ عَلَيْهِ 7152 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْوَاسِطِىُّ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنِ الْجُرَيْرِىِّ عَنِ طَرِيفٍ أَبِى تَمِيمَةَ قَالَ شَهِدْتُ صَفْوَانَ وَجُنْدَبًا وَأَصْحَابَهُ وَهْوَ يُوصِيهِمْ فَقَالُوا هَلْ سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَيْئًا قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ «مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ - قَالَ - وَمَنْ يُشَاقِقْ يَشْقُقِ اللَّهُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». فَقَالُوا أَوْصِنَا. فَقَالَ إِنَّ أَوَّلَ مَا يُنْتِنُ مِنَ الإِنْسَانِ بَطْنُهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ ورد للزجر والتنفير كقوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران: 97] وكم له من نظائر، أو المراد: يحرم رائحة الجنة عقوبة له، وقوله (حرم الله) أي مع الفائزين الأولين، ويؤيد هذا رواية مسلم "لم يدخل معهم الجنة" أو بدون العذاب أو مقيد بالمشيئة، قيل: الفاء في قوله: "فلم يحطها" مثل اللام في قوله تعالى: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا} [القصص: 8]. باب من شاقَّ شاق الله عليه 7152 - (عن الجريري) بضم الجيم مصغر هو سعد بن إياس (عن طريف أبي تميمة) طريف [على وزن] كريم بالطاء المهملة آخره فاء، وتميمة بالتاء الفوقانية على وزن كريمة (قال شهدت صفوان وهو يوصيهم) أي ابن محرز تابعي وجندب هو ابن عبد الله البَجَليّ الصحابي المعروف (وأصحابه) أي أصحاب صفوان (وهو يوصيهم) الموصي هو جندب (فقالوا هل سمعت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيئًا) أي مما يتعلق بأمور الدين (قال سمعته يقول: من سمع سمَّع الله به يوم القيامة) قيل: معناه: سمعه ثواب ذلك العمل إن لو كان لوجه الله ولم يعط منه شيئًا ليكون حسرة عليه بين النَّاس أنَّه كان يعمل لغير وجه الله، جزاء من جنس عمله، وقيل غير ذلك، وقيل: لعله ذكر لهم أولًا هذا الحديث لكونهم كانوا على ذلك، والمشاقة من المشقة، والمعنى من شق على من تحت يديه وأجبره به جُوزِيَ جزاء بمثل فعله، وإنما أخرجه على المعاملة علة مبالغة، وجعله من المشاقة وهي الخلاف ومفارقة الجماعة فليس بذلك س لما روى مسلم عن عائشة "اللهمَّ من ولي من أمر أمتي شيئًا فشق عليهم فاشقق عليه" (إن أول ما يُنتن من الإنسان بطنه) بضم الياء من أنتن صار ذا

10 - باب القضاء والفتيا فى الطريق

فَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لاَ يَأْكُلَ إِلاَّ طَيِّبًا فَلْيَفْعَلْ، وَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لاَ يُحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ بِمِلْءِ كَفِّهِ مِنْ دَمٍ أَهْرَاقَهُ فَلْيَفْعَلْ». قُلْتُ لأَبِى عَبْدِ اللَّهِ مَنْ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جُنْدَبٌ قَالَ نَعَمْ جُنْدَبٌ. طرفه 6499 10 - باب الْقَضَاءِ وَالْفُتْيَا فِي الطَّرِيقِ وَقَضَى يَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ فِي الطَّرِيقِ. وَقَضَى الشَّعْبِىُّ عَلَى بَابِ دَارِهِ. 7153 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِى الْجَعْدِ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ بَيْنَمَا أَنَا وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَارِجَانِ مِنَ الْمَسْجِدِ فَلَقِيَنَا رَجُلٌ عِنْدَ سُدَّةِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَتَى السَّاعَةُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَا أَعْدَدْتَ لَهَا» فَكَأَنَّ الرَّجُلَ اسْتَكَانَ ثُمَّ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَعْدَدْتُ لَهَا كَبِيرَ صِيَامٍ وَلاَ صَلاَةٍ وَلاَ صَدَقَةٍ، وَلَكِنِّى أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ. قَالَ «أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ». طرفه 3688 ـــــــــــــــــــــــــــــ نتن (من استطاع منكم أن [لا] يحال بينه وبين الجنة بملء كله من دم فليفعل) المراد بملء الكف القلة، وأدنى ما يكون، وحمله على دم إنسان أي قتله لا وجه له, لأنه بصدد التعبير عن ضرر النَّاس أقل ما يكون. فإن قلت: من قال لا إله إلَّا الله دخل الجنة، فكيف يحال بينه وبين الجنة بهذا المقدار من الدم؟ قلت: معناه ما لم يرض خصمه أو برضيه الله عنه من فضله (هراقة) وفيه إبدال الهاء من الهمزة، وفي بعض الروايات أهراقه بفتح الهمزة والهاء وفتحها. باب القضاء والفتيا في الطريق القضاء حكم بين النَّاس، والفتيا: بضم الفاء والفتوى بفتحها جواب لحادثة من الفتئ وهو الحدُث، ومنه الفتى للشاب (وقضى يحيى بن معمر) بفتح الياء والميم تابعي معروف، وقاض مشكور مذكور بكل فضيلة، ولي قضاء أكثر بلاد خراسان. 7153 - (عن أبي الجعد) بفتح الجيم وسكون [العين] (عن أنس بينما أنا والنبي - صلى الله عليه وسلم - خارجان من باب المسجد فلقينا رجل عند سدَّة المسجد) بضم السين وتشديد الدال باب المسجد. قاله الجوهري وغيره. (فقال: يَا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- متى الساعة) أي متى وقت قيامها (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما أعددت لها؟) يقال: أعددت وعددت أي جعلت عدة (فكأن الرَّجل استكان) افتعال من السكون أي بذلك وتخشع احتقارًا لعمله، و (كأن) بتشديد النُّون (ثم قال: ما أعددت لها كثير صيام وصلاة ولا صدقة ولكن أحب الله ورسوله، قال: أَنْتَ مع من أحببت)

11 - باب ما ذكر أن النبى - صلى الله عليه وسلم - لم يكن له بواب

11 - باب مَا ذُكِرَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَكُنْ لَهُ بَوَّابٌ 7154 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِىُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ يَقُولُ لاِمْرَأَةٍ مِنْ أَهْلِهِ تَعْرِفِينَ فُلاَنَةَ قَالَتْ نَعَمْ. قَالَ فَإِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - مَرَّ بِهَا وَهْىَ تَبْكِى عِنْدَ قَبْرٍ فَقَالَ «اتَّقِى اللَّهَ وَاصْبِرِى». فَقَالَتْ إِلَيْكَ عَنِّى، فَإِنَّكَ خِلْوٌ مِنْ مُصِيبَتِى. قَالَ فَجَاوَزَهَا وَمَضَى فَمَرَّ بِهَا رَجُلٌ فَقَالَ مَا قَالَ لَكِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَتْ مَا عَرَفْتُهُ قَالَ إِنَّهُ لَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ فَجَاءَتْ إِلَى بَابِهِ فَلَمْ تَجِدْ عَلَيْهِ بَوَّابًا فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ مَا عَرَفْتُكَ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -: ـــــــــــــــــــــــــــــ أي قربًا ومكانة لا مسافة ولا مكانًا. والعرب كانوا يفهمون أمثال هذه الأشياء، فإنهم الذين أبدعوا أنواع الاستعارات، وفنون المجاز والكنايات، وقد دلت الآثار والحديث على جواز القضاء، والفتيا في الطريق وعلى الأبواب. فإن قلت: ما في الحديث إنما دل على جواز الفتيا، قلت: لا فرق بينهما، بل الفتيا أدق وأرفع، فإذا جازت جاز القضاء من باب الأدنى، ويتفاوت حسنه وعدمه باعتبار الخارجة. باب ما ذكر أن النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- لم يكن له بواب 7154 - (البُنَاني) بضم الباء نسبة إلى بنانة قبيلة بيمن، روى عن أنس حديث المرأة التي كانت تبكي عند قبر ولدها (فقال النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم-: اتقي الله واصبري، فقالت: إليك عني) أي: تنحَّ عني وتجاوز (فإنك خلو من مصيبتي) بكسر الخاء المعجمة أي خال. والحديث سلف في باب زيارة القبور من أبواب الجنائز. وموضع الدلالة قوله: (فجاءت إلى بابه فلم تجد عليه بوابًا) وفي دلالة الحديث على عدم اتخاذه بوابًا نظر؛ لأن عدم الوجدان في تلك الحالة لا يدل على عدمه مطلقًا، والاستدلال بحديث أبي موسى حيث صار بوابًا ولم يكن ذلك بأمره، ولئن سلم كان في وقت صلاته لا يمكن الدخول عليه إلَّا بالإذن، وهذا يدل على أنَّه كان تارة وتارة. ألا ترى أن عمر استأذن عليه في صلاته لما آلى عن نسائه. والقول بأن عمر استأذن لا يخشى أن يكون وجد على ابنته فأراد الاختبار بالاستئذان هل تأذن له أو لا مما لا تعول عليه، وذلك أن العبد المسمى برباح إنما كان فوق الجذع بأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على طريقة لا يدخل عليه أحد إلَّا بإذن، والحق أنَّه لم يكن له بواب راتب كبواب الملوك ولكن تارة تارة. وفي

12 - باب الحاكم يحكم بالقتل على من وجب عليه دون الإمام الذى فوقه

«إِنَّ الصَّبْرَ عِنْدَ أَوَّلِ صَدْمَةٍ». طرفه 1252 12 - باب الْحَاكِمِ يَحْكُمُ بِالْقَتْلِ عَلَى مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ دُونَ الإِمَامِ الَّذِى فَوْقَهُ 7155 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الذُّهْلِىُّ حَدَّثَنَا الأَنْصَارِىُّ مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ ثُمَامَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ كَانَ يَكُونُ بَيْنَ يَدَىِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِمَنْزِلَةِ صَاحِبِ الشُّرَطِ مِنَ الأَمِيرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الحديث دلالة على أن القاضي أَيضًا يكون كذلك تارة وتارة. والحديث الذي رواه أبو داود والتِّرمذيّ مرفوعًا: "من ولاه الله من أمر النَّاس شيئًا فاحتجب عن حاجتهم احتجب الله عن حاجته يوم القيامة". محمول على الاحتجاب على وجه تصنيع منه مصالح المسلمين. هكذا يجب أن يعلم هذا المقام. (الصبر عند الصدمة الأولى) أي الصبر الذي قال الله فيه: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10] أو جنس الصبر فإن المدة كلما طالت يتسلى المحزون بحيث ينسى المحزون علته. باب الحاكم يحكم بالقتل عليه دون الإِمام الذي فوقه 7155 - (ثُمامة) بضم المثلثة (أن قيس بن سعد) ابن عبادة (كان يكون بين يدي النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - بمنزلة صاحب الشرط من الأمير) وفائدة يكون بعد كان الدلالةُ على الاستمرار. قال ابن الأعرابي: شرط بضم الشين وفتح الراء، والنسبة إليهم شُرْطي بضم الشين وسكون الراء. قال ابن الأثير: نخبة ضد وخيارهم، وشرط كل شيء خياره، وقيل من الشرط بمعنى القوة لأنهم أقوياء الجيش، أو من الشرَط بفتح الراء وهي العلامة؛ لأن لهم علامات يمتازون بها، وصاحب الشرط رئيسهم. فإن قلت: ما وجه الدلالة في هذا الحديث على الترجمة؟ قلت: قال بعضهم: وجه الدلالة أن دون بمعنى عند، واستحسنه غيره لو ثبت لغةً دون بمعنى عند، وليس بشيء؛ إذ لم يقل أحدٌ إن قيسًا كان يحكم بالقتل بحضرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قطعًا، على أنَّه يلزم أن يكون لفظ دون مستعملًا في معنيين لأن في الحديث الذي بعده أن معاذًا قتل المرتد غائبًا عن

13 - باب هل يقضى الحاكم أو يفتى وهو غضبان

7156 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ قُرَّةَ حَدَّثَنِى حُمَيْدُ بْنُ هِلاَلٍ حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَهُ وَأَتْبَعَهُ بِمُعَاذٍ. طرفه 2261 7157 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا مَحْبُوبُ بْنُ الْحَسَنِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى أَنَّ رَجُلاً أَسْلَمَ ثُمَّ تَهَوَّدَ، فَأَتَى مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَهْوَ عِنْدَ أَبِى مُوسَى فَقَالَ مَا هَذَا قَالَ أَسْلَمَ ثُمَّ تَهَوَّدَ. قَالَ لاَ أَجْلِسُ حَتَّى أَقْتُلَهُ، قَضَاءُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 2261 13 - باب هَلْ يَقْضِى الْحَاكِمُ أَوْ يُفْتِى وَهْوَ غَضْبَانُ 7158 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِى بَكْرَةَ قَالَ كَتَبَ أَبُو بَكْرَةَ إِلَى ابْنِهِ وَكَانَ بِسِجِسْتَانَ بِأَنْ لاَ تَقْضِىَ بَيْنَ ـــــــــــــــــــــــــــــ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. والصواب أن دون في الأصل ظرف معناه أدنى مكان، ثم اتسع فيه فاستعمل في كل تجاوز، ومعنى الحديث أن يحكم الأمير الذي هو دون الإِمام في الرتبة، أو دون حال أي متجاوز عنه. فإن قلت: فليس في الحديث أن سعدًا كان يحكم بالقتل وهو غائب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قلت: يعلم أنَّه كان كذلك من تشبيهه بصاحب الشرط، وإنما أحدثها بنو أمية. وشأن صاحب الشرط قتل من أراد قتله من أهل الفساد بلا مشاورة السلطان وهو الذي يقال له الوالي في بلاد مصر، ورايس العس في بلاد العجم والترك. والذي يدل على ما ذكرنا أن الراية كانت بيد قيس يوم الفتح فقال لأبي سفيان: اليوم يوم الملحمة، اليوم تباح الكعبة. فشكى أبو سفيان إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما قاله فنزع الراية لئلا يُحدث شيئًا. باب هل يقضي الحاكم أو يفتي وهو غضبان 7158 - (عمير) بضم العين مصغر (كتب أبو بكرة إلى ابنه وكان بسجستان) بكسر السين بلاد معروفة، بينها وبين كرمان مئة فرسخ. وكان عبد الله بن أبي بكرة قاضيًا بها, ولاه

اثْنَيْنِ وَأَنْتَ غَضْبَانُ، فَإِنِّى سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ يَقْضِيَنَّ حَكَمٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهْوَ غَضْبَانُ». 7159 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِى خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ الأَنْصَارِىِّ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّى وَاللَّهِ لأَتَأَخَّرُ عَنْ صَلاَةِ الْغَدَاةِ مِنْ أَجْلِ فُلاَنٍ، مِمَّا يُطِيلُ بِنَا فِيهَا. قَالَ فَمَا رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَطُّ أَشَدَّ غَضَبًا فِي مَوْعِظَةٍ مِنْهُ يَوْمَئِذٍ، ثُمَّ قَالَ «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ، فَأَيُّكُمْ مَا صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيُوجِزْ، فَإِنَّ فِيهِمُ الْكَبِيرَ وَالضَّعِيفَ وَذَا الْحَاجَةِ». طرفه 90 7160 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى يَعْقُوبَ الْكِرْمَانِىُّ حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنِى سَالِمٌ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهْىَ ـــــــــــــــــــــــــــــ زياد عمه من أمه، فإن زيادًا وأبا بكرة من أولاد سمية (فإنِّي سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: لا يقضين حكم بين اثنين وهو غضبان) والحكمة في ذلك الاحتراز من وقوع الخطأ كتغير المزاج وهذا معلوم لكل أحد وجدانًا. وألحق العلماء بالغضب كل شيء يوجب تغيرًا كالجوع المفرط، والعطش كذلك وغيرهما. 7159 - (مقاتل) بضم الميم وكسر التاء (أبي حازم) بالحاء المهملة (عن ابن مسعود) هو البدري (الأَنْصَارِيّ جاء رجل إلى النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- فقال: يَا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إنِّي لأتأخر عن صلاة الغداة من أَجل فلان) هو معاذ بن جبل، وحديثه تقدم في أبواب العلم في باب الغضب في الموعظة. 7160 - ثم روى حديث طلاق ابن عمر امرأته في الحيض وأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يراجعها ثم يطلقها في الطهر إن شاء. وقد سلف في أبواب الطلاق، وأشرنا هناك إلى فائدة تكرار الطهر

14 - باب من رأى للقاضى أن يحكم بعلمه فى أمر الناس إذا لم يخف الظنون والتهمة

حَائِضٌ، فَذَكَرَ عُمَرُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَتَغَيَّظَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قَالَ «لِيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لْيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ فَتَطْهُرَ، فَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَلْيُطَلِّقْهَا». طرفه 4908 14 - باب مَنْ رَأَى لِلْقَاضِى أَنْ يَحْكُمَ بِعِلْمِهِ فِي أَمْرِ النَّاسِ إِذَا لَمْ يَخَفِ الظُّنُونَ وَالتُّهَمَةَ كَمَا قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِهِنْدَ «خُذِى مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ». وَذَلِكَ إِذَا كَانَ أَمْرٌ مَشْهُورٌ. 7161 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَنِى عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ جَاءَتْ هِنْدٌ بِنْتُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ مَا كَانَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَهْلُ خِبَاءٍ أَحَبَّ إِلَىَّ أَنْ يَذِلُّوا مِنْ أَهْلِ خِبَائِكَ، وَمَا أَصْبَحَ الْيَوْمَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَهْلُ خِبَاءٍ أَحَبَّ إِلَىَّ أَنْ يَعِزُّوا مِنْ أَهْلِ خِبَائِكَ. ثُمَّ قَالَتْ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ مِسِّيكٌ، فَهَلْ عَلَىَّ مِنْ حَرَجٍ أَنْ أُطْعِمَ الَّذِى لَهُ عِيَالَنَا قَالَ لَهَا «لاَ حَرَجَ عَلَيْكِ أَنْ تُطْعِمِيهِمْ مِنْ مَعْرُوفٍ». طرفه 2211 ـــــــــــــــــــــــــــــ في قوله: (ثم ليمسكها حتَّى تطهر ثم تحيض فتطهر) أن لا يكون الرجوع لقصد الطلاق وأيضًا بمرور الأيام عسى الله أن يبدل البغض محبة, لأن الطلاق أنكر المباحات. وليس في الحديثين أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حكم وهو غضبان بل كان من قبيل الفتوى، لكن يؤخذ منه جواز الحكم فدل الحديث الأول على عدم جوازه لغيره - صلى الله عليه وسلم -. وعلى جوازه له لأنه معصوم، جميع حالاته سواء، ولو روى حديث الزُّبير مع الأَنْصَارِيّ في شراء الحرة كان أظهر والله أعلم. قال النووي: والنهي محمول على الكراهة. وعند الجمهور وبعض الحنابلة لا ينفذ حكمه وإن أصاب. باب من رأى للقاضي أن يحكم بعلمه في أمر النَّاس إذا لم يخف الظنون والتهمة 7161 - للعلماء في حكم القاضي بعلمه خلاف، سيأتي ذلك في باب الشهادة تكون عند الحاكم، واختار المصنف أنَّه إذا كان بحيث لا يظن به سوء ولا يتهم، له أن يحكم بعلمه كما فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قضية هند، فإن قوله: (خذي ما يكفيك وولدك) حكم بعلمه وذلك إذا كان أمرًا مشهورًا كالنفقة للزوجة والولد، فإنَّه لا خلاف في وجوبها. (أهل خباء) بكسر المعجمة وفتح الموحدة بيت من بيوت العرب يكون من الوبر والصوف. والكلام على طريق التمثيل أي عشيرتك وأهل قربك (إن أَبا سفيان رجل مِسّيك) بكسر الميم وتشديد السين

15 - باب الشهادة على الخط المختوم

15 - باب الشَّهَادَةِ عَلَى الْخَطِّ الْمَخْتُومِ وَمَا يَجُوزُ مِنْ ذَلِكَ، وَمَا يَضِيقُ عَلَيْهِمْ، وَكِتَابِ الْحَاكِمِ إِلَى عَامِلِهِ، وَالْقَاضِى إِلَى الْقَاضِى. وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ كِتَابُ الْحَاكِمِ جَائِزٌ إِلاَّ فِي الْحُدُودِ. ثُمَّ قَالَ إِنْ كَانَ الْقَتْلُ خَطَأً فَهْوَ جَائِزٌ، لأَنَّ هَذَا مَالٌ بِزَعْمِهِ وَإِنَّمَا صَارَ مَالاً بَعْدَ أَنْ ثَبَتَ الْقَتْلُ، فَالْخَطَأُ وَالْعَمْدُ وَاحِدٌ. وَقَدْ كَتَبَ عُمَرُ إِلَى عَامِلِهِ فِي الْجَارُودِ. وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي سِنٍّ كُسِرَتْ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ كِتَابُ الْقَاضِى إِلَى الْقَاضِى جَائِزٌ، إِذَا عَرَفَ الْكِتَابَ وَالْخَاتَمَ. وَكَانَ الشَّعْبِىُّ يُجِيزُ الْكِتَابَ الْمَخْتُومَ بِمَا فِيهِ مِنَ الْقَاضِى. وَيُرْوَى عَنِ ابْنِ عُمَرَ نَحْوُهُ. وَقَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الثَّقَفِىُّ شَهِدْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ يَعْلَى قَاضِىَ الْبَصْرَةِ وَإِيَاسَ بْنَ مُعَاوِيَةَ وَالْحَسَنَ وَثُمَامَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ وَبِلاَلَ بْنَ أَبِى بُرْدَةَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ بُرَيْدَةَ الأَسْلَمِىَّ وَعَامِرَ بْنَ عَبِيدَةَ وَعَبَّادَ بْنَ مَنْصُورٍ يُجِيزُونَ كُتُبَ الْقُضَاةِ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنَ الشُّهُودِ، فَإِنْ قَالَ الَّذِى جِئَ عَلَيْهِ بِالْكِتَابِ ـــــــــــــــــــــــــــــ أي شديد الإمساك، ويروى بفتح الميم وسكون السين مخففًا. والحديث سلف في أبواب النفقات، واستدل به على أن من يكون معروفًا بالصلاح يجوز له أن يحكم بعلمه، وسيأتي تفصيل المذاهب. باب الشهادة على الخط المختوم وما يجوز من ذلك وما يضيق عليه يعني جوازه ليس على العموم عند بعض كما يفعله (وقال بعض النَّاس: كتاب الحاكم جائز إلَّا في الحدود قال: إن كان القتل خطأ فهو جائز لأن هذا مال) القائل بهذا أبو حنيفة، واعتراضه من حيث إنه ناقض قوله في هذه المسألة لأن المال في الخطأ إنما يجب بعد ثبوت القتل، وأي فرق بين العمد والقتل واستحسنه ابن بطال، ورأى صوابه، وارتضاه أَيضًا شيخ الإِسلام وقال: إنه قوي. وأنا أقول: لا يرد على أبي حنيفة إنما منع في الحدود كتاب القاضي لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ادرؤوا الحدود بالشبهات" وكتاب القاضي فيه شبهة ظاهرة ولذلك امتنع عنه بعض العلماء، والقتل خطأ ليس من الحدود في شيء بل ضمان النفس بالمال، ثم استدل البُخَارِيّ على جوازه مطلقًا بالآثار من الصَّحَابَة والتابعين ومن دونهم على جواز كتاب

إِنَّهُ زُورٌ. قِيلَ لَهُ اذْهَبْ فَالْتَمِسِ الْمَخْرَجَ مِنْ ذَلِكَ. وَأَوَّلُ مَنْ سَأَلَ عَلَى كِتَابِ الْقَاضِى الْبَيِّنَةَ ابْنُ أَبِى لَيْلَى وَسَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. وَقَالَ لَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحْرِزٍ جِئْتُ بِكِتَابٍ مِنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ قَاضِى الْبَصْرَةِ، وَأَقَمْتُ عِنْدَهُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ لِى عِنْدَ فُلاَنٍ كَذَا وَكَذَا، وَهْوَ بِالْكُوفَةِ، وَجِئْتُ بِهِ الْقَاسِمَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَأَجَازَهُ. وَكَرِهَ الْحَسَنُ وَأَبُو قِلاَبَةَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى وَصِيَّةٍ حَتَّى يَعْلَمَ مَا فِيهَا، لأَنَّهُ لاَ يَدْرِى لَعَلَّ فِيهَا جَوْرًا. وَقَدْ كَتَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى أَهْلِ خَيْبَرَ «إِمَّا أَنْ تَدُوا صَاحِبَكُمْ، وَإِمَّا أَنْ تُؤْذِنُوا بِحَرْبٍ». وَقَالَ الزُّهْرِىُّ فِي شَهَادَةٍ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ إِنْ عَرَفْتَهَا فَاشْهَدْ، وَإِلاَّ فَلاَ تَشْهَدْ. 7162 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ لَمَّا أَرَادَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَكْتُبَ إِلَى الرُّومِ قَالُوا إِنَّهُمْ لاَ يَقْرَءُونَ كِتَابًا إِلاَّ مَخْتُومًا. فَاتَّخَذَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ، كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِهِ، وَنَقْشُهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. طرفه 65 ـــــــــــــــــــــــــــــ القاضي أما بدون الشهود كما نقل عن الجمهور قال: وكان دأبهم أن الخصم إذا قال (هذا زور قبل له اذهب فالتمس المخرج) أي خلاصك مما في الكتاب (وأول من سأل البينة على كتاب القاضي ابن أبي ليلى) هو محمَّد بن عبد الرَّحْمَن القاضي بالكوفة، تولاه في أيام الوليد بن عبد الملك واتفق على ذلك أئمة الفتوى بعده لما دَخلَ النَّاسَ من الفساد والمكر. فالوجه الاحتياط في الدماء والأموال، واستدلال البُخَارِيّ على أنَّه يعمل بالكتاب إذا كان مختومًا بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ختم على الكتاب فلا يتم لأنه ختم الكتاب لأن الذين أرسل إليهم الكتاب ما كانوا يقبلون كتابًا إلَّا إذا كان مختومًا، فلا دخل له في كتاب القاضي. وأما الشهادة على الخط فالجمهور على أنَّه لا يجوز ما لم يذكر إلَّا رواية عن مالك وما نقله عن الحسن وأبي قلابة من أنَّه لا يجوز أن يشهد على صحيفة حتَّى يعلم ما فيه. هو الصواب الذي لا يجوز غيره. ونقله عن مالك جواز الشهادة على الوصية إذا كانت في كتاب ويقول الشاهد: أشهد على إقراره بما في الكتاب. (وقال إبراهيم) هو النَّخَعيّ الثَّقَفيّ بالثاء المثلثة بعدها قاف (يعلى) على وزن يحيى (إياس) بكسر الهمزة (ثمامة) بضم الثاء (أبي بردة) بضم الموحدة (عامر بن عَبيدة) بفتح العين والباء الموحدة وليس في الأسماء غيره، وقد يسكن كذا ضبطه ابن ماكولا، وقيل فيه عبيدة بزيادة المثناة وكسر الموحدة، وأما كسر الموحدة بدون الياء فلم يقله أحد (عباد) بفتح العين وتشديد الباء.

16 - باب متى يستوجب الرجل القضاء

16 - باب مَتَى يَسْتَوْجِبُ الرَّجُلُ الْقَضَاءَ وَقَالَ الْحَسَنُ أَخَذَ اللَّهُ عَلَى الْحُكَّامِ أَنْ لاَ يَتَّبِعُوا الْهَوَى، وَلاَ يَخْشَوُا النَّاسَ (وَلاَ تَشْتَرُوا بِآيَاتِى ثَمَنًا قَلِيلاً)، ثُمَّ قَرَأَ (يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ)، وَقَرَأَ (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا - اسْتُودِعُوا - مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلاَ تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُوا بِآيَاتِى ثَمَنًا قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)، وَقَرَأَ (وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ * فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلاًّ آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا)، فَحَمِدَ سُلَيْمَانَ وَلَمْ يَلُمْ دَاوُدَ، وَلَوْلاَ مَا ذَكَرَ اللَّهُ مِنْ أَمْرِ هَذَيْنِ لَرَأَيْتُ أَنَّ الْقُضَاةَ هَلَكُوا، فَإِنَّهُ أَثْنَى عَلَى هَذَا بِعِلْمِهِ وَعَذَرَ هَذَا بِاجْتِهَادِهِ. وَقَالَ مُزَاحِمُ بْنُ زُفَرَ قَالَ لَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ خَمْسٌ إِذَا أَخْطَأَ الْقَاضِى مِنْهُنَّ خَصْلَةً كَانَتْ فِيهِ وَصْمَةٌ أَنْ يَكُونَ فَهِمًا، حَلِيمًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب متى يستوجب الرَّجل القضاء 7162 - أي متى يكون أهلًا للقضاء (قال الحسن) هو البَصْرِيّ الإِمام (أخذ الله على الحكام لا تتبعوا الهوى، ولا تخشوا النَّاس، ولا تشتروا بآياتي ثمنًا قليلًا) واستدل على الأول بقوله في شأن داود: {فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى} [النساء: 135] , وعلى الثاني بقوله: {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ} [المائدة: 44] وموضع الدلالة {فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ} [المائدة:44] , وعلى الثالث بقوله: {وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا} [المائدة: 44]. (وقرأ: {وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ} [الأنبياءة 78]) القارئ هو الحسن، والغرض من قراءة هذه الآية خطأ المجتهد لا يؤاخذ به ولا يقدح في أهل القضاء (ولولا ما ذكر من أمر هذين لرأيت القضاة هلكوا) إذ لا يخلو منهم أحد عن الخطأ، وهذا شأن القاضي المجتهد فإنَّه وإن كان مخطأً فله أجر. (مزاحم) بضم الميم وزاي معجمة (قال لنا عمر بن عبد العزيز: خمس إذا أخطأ القاضي منهن خصلة) وفي رواية أبي ذر: حطه بضم الحاء وتشديد الطاء المهملة، والمعنى واحد (كانت فيه وصمة) بفح الواو وصاد مهملة أي عيب (أن يكون فَهِمًا) بفتح الفاء وكسر الهاء، ويجوز تسكين الهاء أَيضًا صفة مبالغة أي سريع الإدراك (حليمًا) لا يبادر على الانتقام

17 - باب رزق الحكام والعاملين عليها

عَفِيفًا، صَلِيبًا، عَالِمًا سَئُولاً عَنِ الْعِلْمِ. 17 - باب رِزْقِ الْحُكَّامِ وَالْعَامِلِينِ عَلَيْهَا وَكَانَ شُرَيْحٌ الْقَاضِى يَأْخُذُ عَلَى الْقَضَاءِ أَجْرًا. وَقَالَتْ عَائِشَةُ يَأْكُلُ الْوَصِىُّ بِقَدْرِ عُمَالَتِهِ، وَأَكَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ. 7163 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ ابْنُ أُخْتِ نَمِرٍ أَنَّ حُوَيْطِبَ بْنَ عَبْدِ الْعُزَّى أَخْبَرَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ إن فحش الخصم في الخَطَّاب (عفيفًا) لا يأخذ على الأحكام الرشوة مجتنبًا عن الحرام (صليبًا) على وزن كريم، أي قويًّا لا يخاف من الظلمة ولا يداري أحدًا، سيان عنده الأمير والفقير (عالمًا سؤولًا) المقصود هو الثاني أي مع كونه عالمًا يكون كثير السؤال عن المسائل إذ ربما يظهر له دليل أقوى ولأن الإنسان لا يخلو عن السهو والنسيان. باب رزق الحكام والعاملين عليها وإضافة الرزق يجوز أن يكون من إضافة المصدر إلى المفعول، ويجوز أن يكون الرزق بمعنى المرزوق كقوله تعالى: {كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ} [الأنعام: 142] والضمير في عليها للحكومات الدال عليها لفظ الحكام (وكان شريح) هو ابن الحارث القاضي المعروف تولى قضاء الكوفة في خلافة عمر وبعده دهرًا طويلًا، مخضرم أدرك الجاهلية وقيل: له صحبة (يأخذ على القضاء أجرًا) أي من بيت المال (وقالت عائشة: يأكل الوصي بقدر عُمالته) بضم العين أي بقدر ما يستحق في مقابلة العمل وعليه الأئمة (وأكل أبو بكر وعمر) من بيت المال، وروي عن عمر أنَّه قال: إنِّي أنزل نفسي منزلة اليتيم، إن استغنيت تركته، وإن احتجت إليه أكلت. وأما قضية أبي بكر: سيأكل آل أبي بكر من هذا المال ويختزن لهم منه تقدم في أبواب البيوع. 7163 - (نَمِر) بفتح النُّون وكسر الميم (حويطب) بضم الحاء المهملة آخره باء موحدة

18 - باب من قضى ولاعن فى المسجد

أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ السَّعْدِىِّ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى عُمَرَ فِي خِلاَفَتِهِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ أَلَمْ أُحَدَّثْ أَنَّكَ تَلِى مِنْ أَعْمَالِ النَّاسِ أَعْمَالاً، فَإِذَا أُعْطِيتَ الْعُمَالَةَ كَرِهْتَهَا. فَقُلْتُ بَلَى. فَقَالَ عُمَرُ مَا تُرِيدُ إِلَى ذَلِكَ قُلْتُ إِنَّ لِى أَفْرَاسًا وَأَعْبُدًا، وَأَنَا بِخَيْرٍ، وَأَرِيدُ أَنْ تَكُونَ عُمَالَتِى صَدَقَةً عَلَى الْمُسْلِمِينَ. قَالَ عُمَرُ لاَ تَفْعَلْ فَإِنِّى كُنْتُ أَرَدْتُ الَّذِى أَرَدْتَ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُعْطِينِى الْعَطَاءَ فَأَقُولُ أَعْطِهِ أَفْقَرَ إِلَيْهِ مِنِّى. حَتَّى أَعْطَانِى مَرَّةً مَالاً فَقُلْتُ أَعْطِهِ أَفْقَرَ إِلَيْهِ مِنِّى. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «خُذْهُ فَتَمَوَّلْهُ وَتَصَدَّقْ بِهِ، فَمَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا الْمَالِ وَأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ وَلاَ سَائِلٍ فَخُذْهُ، وَإِلاَّ فَلاَ تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ» طرفه 1473 7164 - وَعَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُعْطِينِى الْعَطَاءَ فَأَقُولُ أَعْطِهِ أَفْقَرَ إِلَيْهِ مِنِّى. حَتَّى أَعْطَانِى مَرَّةً مَالاً فَقُلْتُ أَعْطِهِ مَنْ هُوَ أَفْقَرُ إِلَيْهِ مِنِّى. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «خُذْهُ فَتَمَوَّلْهُ وَتَصَدَّقْ بِهِ، فَمَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا الْمَالِ وَأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ وَلاَ سَائِلٍ فَخُذْهُ، وَمَا لاَ فَلاَ تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ». طرفه 1473 18 - باب مَنْ قَضَى وَلاَعَنَ فِي الْمَسْجِدِ وَلاَعَنَ عُمَرُ عِنْدَ مِنْبَرِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَضَى شُرَيْحٌ وَالشَّعْبِىُّ وَيَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ فِي ـــــــــــــــــــــــــــــ (أن عبد الله بن السعدي) هو عبد الله بن وفدان بن عبد الشَّمس، وإنما قيل له السعدي لأن أباه كان مسترضعًا في بني سعد (فما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف) أي غير ملتفت إليه بحرص (ولا سائل) أي طالب. قال النووي: اتفق العلماء على عدم جواز السؤال إلَّا للضرورة. واختلف في القادر على الكسب، والأصح التحريم. وفي حديث عمر دليل على جواز أخذ قدر الكفاية وإن كان غنيًّا من بيت المال، وعطاء الملوك من غير كراهة إلَّا إذا كان في ذلك المال شبهة. قال النووي: والصحيح أنَّه إن كان المال غالبه الحرام يحرم الأخذ. باب من قضى ولاعن في المسجد (ولاعن عمر عند منبر النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم-) أي حكم باللعان إسناد للفعل إلى السبب، وإنما لاعن عند المنبر تغليظًا بحسب المكان، واستحسن الأئمة التغليظ باعتبار الزمان أَيضًا (يحيى بن

19 - باب من حكم فى المسجد حتى إذا أتى على حد أمر أن يخرج من المسجد فيقام

الْمَسْجِدِ، وَقَضَى مَرْوَانُ عَلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ بِالْيَمِينِ عِنْدَ الْمِنْبَرِ. وَكَانَ الْحَسَنُ وَزُرَارَةُ بْنُ أَوْفَى يَقْضِيَانِ فِي الرَّحَبَةِ خَارِجًا مِنَ الْمَسْجِدِ. 7165 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ الزُّهْرِىُّ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ شَهِدْتُ الْمُتَلاَعِنَيْنِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا. طرفه 423 7166 - حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِى ابْنُ شِهَابٍ عَنْ سَهْلٍ أَخِى بَنِى سَاعِدَةَ أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَرَأَيْتَ رَجُلاً وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً، أَيَقْتُلُهُ فَتَلاَعَنَا فِي الْمَسْجِدِ وَأَنَا شَاهِدٌ. طرفه 423 19 - باب مَنْ حَكَمَ فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى إِذَا أَتَى عَلَى حَدٍّ أَمَرَ أَنْ يُخْرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ فَيُقَامَ وَقَالَ عُمَرُ أَخْرِجَاهُ مِنَ الْمَسْجِدِ. وَضَرَبَهُ. وَيُذْكَرُ عَنْ عَلِىٍّ نَحْوُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يعمر) بفتح الياء والميم (وكان الحسن وزرارة بن أوفى) بضم المعجمة (يقضيان في الرحبة خارجًا عن المسجد) الرحبة: بفتح الحاء والباء الساحة على الباب (أن رجلًا من الْأَنصار جاء إلى النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم-) هو عويمر العجلاني، تقدم حديثه في أبواب اللعان، وموضع الدلالة أنَّه وامرأته تلاعنا في المسجد. باب من حكم في المسجد حتَّى إذا أتى على حد أَمَرَ أَن يُخرج فيقام استدل عليه بما رواه عن فعل عمر وعلي بن أبي طالب، وبما رواه عن أبي هريرة من حديث ماعز أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان في المسجد فأمر به فأخرج إلى المصلى، قيل: دلالة حديث ماعز على عدم إقامة سائر الحدود قاصرة؛ لأن الرجم إلى الحفرة وغيره فلا يلزم منه ترك سائر الحدود، قلت: هذا إنما يتم أن لو علل بما ذكره، ولكن علة المنع احترام المساجد لأنها بنيت للصلاة وذكر الله كما صرح به في حديث من قال "من ينشد إلى الجمل الأحمر" على أن الحفر لم يكن في قصة ماعز. وقد روى البيهقي وابن ماجه: "جنبوا مساجدكم إقامة الحدود" وإن كان في سنده وهن.

20 - باب موعظة الإمام للخصوم

7167 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ فِي الْمَسْجِدِ فَنَادَاهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى زَنَيْتُ. فَأَعْرَضَ عَنْهُ. فَلَمَّا شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعًا قَالَ «أَبِكَ جُنُونٌ». قَالَ لاَ. قَالَ «اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ». طرفه 5271 قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَأَخْبَرَنِى مَنْ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنْتُ فِيمَنْ رَجَمَهُ بِالْمُصَلَّى. رَوَاهُ يُونُسُ وَمَعْمَرٌ وَابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي الرَّجْمِ. طرفه 5270 20 - باب مَوْعِظَةِ الإِمَامِ لِلْخُصُومِ 7168، 7169 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَىَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ فَأَقْضِى نَحْوَ مَا أَسْمَعُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا فَلاَ يَأْخُذْهُ، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ». أطرافه 2458 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب موعظة الإِمام للخصوم 7168 - 7169 - روى عن أم سلمة الحديث (إنما أنا بشر مثلكم) أي: لا أعلم الغيب (ولعل بعضكم ألحن بحجته) أفعل تفضيل، أي: من الآخر، قال ابن الأثير: اللحن في في الإغراء، والفعل منه لحِن بكسر الحاء، أي: فطن، وحاصله أن يكون أقدر على الكلام، كما ترى بعض الوكلاء يجعل الباطل في صورة الحق، والحديث سلف في كتاب المظالم، وفيه دلالة على استحباب تقديم الموعظة على الحكم، وإن حكم الحاكم لا يجعل الحرام حلالًا.

21 - باب الشهادة تكون عند الحاكم فى ولايته القضاء أو قبل ذلك للخصم

21 - باب الشَّهَادَةِ تَكُونُ عِنْدَ الْحَاكِمِ فِي وِلاَيَتِهِ الْقَضَاءِ أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ لِلْخَصْمِ وَقَالَ شُرَيْحٌ الْقَاضِى، وَسَأَلَهُ إِنْسَانٌ الشَّهَادَةَ فَقَالَ ائْتِ الأَمِيرَ حَتَّى أَشْهَدَ لَكَ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ قَالَ عُمَرُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ لَوْ رَأَيْتَ رَجُلاً عَلَى حَدٍّ زِنًا أَوْ سَرِقَةٍ وَأَنْتَ أَمِيرٌ فَقَالَ شَهَادَتُكَ شَهَادَةُ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ صَدَقْتَ. قَالَ عُمَرُ لَوْلاَ أَنْ يَقُولَ النَّاسُ زَادَ عُمَرُ فِي كِتَابِ اللَّهِ. لَكَتَبْتُ آيَةَ الرَّجْمِ بِيَدِى. وَأَقَرَّ مَاعِزٌ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِالزِّنَا أَرْبَعًا، فَأَمَرَ بِرَجْمِهِ، وَلَمْ يُذْكَرْ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَشْهَدَ مَنْ حَضَرَهُ. وَقَالَ حَمَّادٌ إِذَا أَقَرَّ مَرَّةً عِنْدَ الْحَاكِمِ رُجِمَ. وَقَالَ الْحَكَمُ أَرْبَعًا. 7170 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَحْيَى عَنْ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ أَبِى مُحَمَّدٍ مَوْلَى أَبِى قَتَادَةَ أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ حُنَيْنٍ «مَنْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى قَتِيلٍ قَتَلَهُ، فَلَهُ سَلَبُهُ». فَقُمْتُ لأَلْتَمِسَ بَيِّنَةً عَلَى قَتِيلٍ، فَلَمْ أَرَ أَحَدًا يَشْهَدُ لِى، فَجَلَسْتُ، ثُمَّ بَدَا لِى فَذَكَرْتُ أَمْرَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ جُلَسَائِهِ سِلاَحُ هَذَا الْقَتِيلِ الَّذِى يَذْكُرُ عِنْدِى. قَالَ فَأَرْضِهِ مِنْهُ. فَقَالَ أَبُو ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الشهادة تكون عند الحاكم في ولاية القضاء أو قبل ذلك معناه أن يكون القاضي شاهدًا في القضية لأحد الخصمين، هل يكفي أم لا بد من شاهد آخر؟ نقل في الباب آثارًا وأحاديث بعضها يدل على الاكتفاء بعلم القاضي، وبعضها على عدمه، وميل البُخَارِيّ إلى عدم الاكتفاء، وما نقله عن عبد الرَّحْمَن بن عوف وعمر عدم جواز حكم القاضي بعلمه مطلقًا، هو ما ذهب إليه مالك وأَحمد، ثم ذكر حديث ماعز تعليقًا دليلًا لمن يقول: يحكم بعلمه لقوله: (ولم يذكر أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أشهد من حضر) ولا دلالة فيه؛ لأنه أقر على نفسه بمحضر من الخلق في المسجد، فأي حاجة إلى الاستشهاد؟ 7170 - (عن أبي محمَّد مولى أبي قتادة) اسم أبي محمَّد نافع، واسم أبي قتادة الحارث بن ربعي (قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم حنين: من له بينة على قتيل فله صلبه عنده)، (قال) أي الرَّجل الذي عنده (فأرضه عني) بهمزة القطع، يخاطب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (فقال أبو

بَكْرٍ كَلاَّ لاَ يُعْطِهِ أُصَيْبِغَ مِنْ قُرَيْشٍ وَيَدَعَ أَسَدًا مِنْ أُسْدِ اللَّهِ يُقَاتِلُ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ. قَالَ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَدَّاهُ إِلَىَّ فَاشْتَرَيْتُ مِنْهُ خِرَافًا فَكَانَ أَوَّلَ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ. قَالَ لِى عَبْدُ اللَّهِ عَنِ اللَّيْثِ فَقَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَدَّاهُ إِلَىَّ. وَقَالَ أَهْلُ الْحِجَازِ الْحَاكِمُ لاَ يَقْضِى بِعِلْمِهِ، شَهِدَ بِذَلِكَ فِي وِلاَيَتِهِ أَوْ قَبْلَهَا. وَلَوْ أَقَرَّ خَصْمٌ عِنْدَهُ لآخَرَ بِحَقٍّ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ، فَإِنَّهُ لاَ يَقْضِى عَلَيْهِ فِي قَوْلِ بَعْضِهِمْ، حَتَّى يَدْعُوَ بِشَاهِدَيْنِ فَيُحْضِرَهُمَا إِقْرَارَهُ. وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِرَاقِ مَا سَمِعَ أَوْ رَآهُ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ قَضَى بِهِ، وَمَا كَانَ فِي غَيْرِهِ لَمْ يَقْضِ إِلاَّ بِشَاهِدَيْنِ. وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ بَلْ يَقْضِى بِهِ، لأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ، وَإِنَّمَا يُرَادُ مِنَ الشَّهَادَةِ مَعْرِفَةُ الْحَقِّ، فَعِلْمُهُ أَكْثَرُ مِنَ الشَّهَادَةِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَقْضِى بِعِلْمِهِ فِي الأَمْوَالِ، وَلاَ يَقْضِى فِي غَيْرِهَا. وَقَالَ الْقَاسِمُ لاَ يَنْبَغِى لِلْحَاكِمِ أَنْ يُمْضِىَ قَضَاءً ـــــــــــــــــــــــــــــ بكر كلا لا يعطه أُصيبع من قريش، ويدع أسدًا من أُسد الله يقاتل عن الله ورسوله) أصيبع بالصاد المهملة وغين معجمة مصغر أصبع، عَبَّر استعارة لمن لا يقع منه، ويروى بالضاد المعجمة وعين المهملة مصغر الصنبع، على خلاف القياس (فعلم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-) وفي رواية: "فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " (فأداه إليه). فإن قلت: كيف أعطاه بغير بيِّنة على قتيل؟ قلت: أجاب بعضهم بأن الخصم لما اعترف قام مقام البينة، وبأن المال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعطي من يشاء واستحسنه من بعده، وليس بشيء أما أولًا فلأن المال للغانمين اعتراف الخصم لا فائدة فيه. وأما ثانيًا: فلأنه بعد ما حكم بالسلب للقاتل ليس له أن يعطيه غيره، والجواب أن الذي بيده لما اعترف بأنه قاتله، ولم ينكر أحدًا من الحاضرين فكان ذلك بمثابة الإجماع فعلم من ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنَّه له؟ هذا مما حكم الحاكم. (خرافًا) بكسر المعجمة الحديقة لا تقضى (فكان أول مال تأثلته) بالثاء المثلثة، أي: تأصلته في الإِسلام (وقال أهل الحجاز: القاضي لا يقضي بعلمه) كما هو المتنازع فيه على أنَّه لو حكم فيه بعلمه لم يكن فيه دليل؛ لأن حكمه بالوحي، ولو سلم فاجتهاده في حكم الوصي لأنه لا يقرر على الخطأ (شهد بذلك في ولايته أو قبلها, ولو أقر الخصم في مجلسه) قد أشرنا قبل هذا أنَّه مذهب مالك (وقال بعض أهل العراق: ما سمعه أو رآه في مجلس القضاء قضى به، وما كان في غيره لم يقف، ولا يقضي إلَّا بشاهدين) إليه ذهب أبو حنيفة، وكذا قوله: (قال بعضهم: يقضي في الأموال دون غيرها) هو قول أبي حنيفة وأبي

22 - باب أمر الوالى إذا وجه أميرين إلى موضع أن يتطاوعا ولا يتعاصيا

بِعِلْمِهِ دُونَ عِلْمِ غَيْرِهِ، مَعَ أَنَّ عِلْمَهُ أَكْثَرُ مِنْ شَهَادَةِ غَيْرِهِ، وَلَكِنَّ فِيهِ تَعَرُّضًا لِتُهَمَةِ نَفْسِهِ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ، وَإِيقَاعًا لَهُمْ فِي الظُّنُونِ، وَقَدْ كَرِهَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الظَّنَّ فَقَالَ «إِنَّمَا هَذِهِ صَفِيَّةُ». طرفه 2100 7171 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِىِّ بْنِ حُسَيْنٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَتَتْهُ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَىٍّ فَلَمَّا رَجَعَتِ انْطَلَقَ مَعَهَا، فَمَرَّ بِهِ رَجُلاَنِ مِنَ الأَنْصَارِ فَدَعَاهُمَا فَقَالَ «إِنَّمَا هِىَ صَفِيَّةُ». قَالاَ سُبْحَانَ اللَّهِ. قَالَ «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِى مِنِ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ». رَوَاهُ شُعَيْبٌ وَابْنُ مُسَافِرٍ وَابْنُ أَبِى عَتِيقٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عَلِىٍّ - يَعْنِى ابْنَ حُسَيْنٍ - عَنْ صَفِيَّةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 2038، 2039، 3101، 3218، 3219 22 - باب أَمْرِ الْوَالِى إِذَا وَجَّهَ أَمِيرَيْنِ إِلَى مَوْضِعٍ أَنْ يَتَطَاوَعَا وَلاَ يَتَعَاصَيَا 7172 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا الْعَقَدِىُّ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى بُرْدَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى قَالَ بَعَثَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَبِى وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ عَلَى الْيَمَنِ فَقَالَ «يَسِّرَا وَلاَ تُعَسِّرَا، وَبَشِّرَا وَلاَ تُنَفِّرَا، وَتَطَاوَعَا». فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى إِنَّهُ يُصْنَعُ بِأَرْضِنَا الْبِتْعُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يوسف؛ لما روى حديث اعتكاف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما زارته صفية، وقد مر في كتاب الاعتكاف، وموضع الدلالة هنا قوله للرجلين من الْأَنصار (إنما هي صفية) وهو أنَّه مع كونه معصومًا خاف أن تقع وسوسة الشيطان في قلب من رآها معه، فيؤخذ منه أنَّه لا ينبغي للقاضي أن يحكم بعلمه، هذا والمذهب عنده أن له الحكم فيما عدا الحدود والقصاص. 7171 - (علي بن الحسين) هو الإِمام زين العابدين (ابن مسافر) عبد الرَّحْمَن بن خالد (ابن أبي عتيق) محمَّد بن عبد الله. باب أمر الوالي إذا وجه أميرين إلى موضع أن يتطاوعا 7172 - (بشار) بالموحدة وتشديد المعجمة (العقدي) بفتح العين والقاف قبيلة بيمن (أبي بردة) بضم الباء (يُصنع بأرضنا البِتع) بكسر الموحدة ومثناة فوق: شراب العسل

23 - باب إجابة الحاكم الدعوة

فَقَالَ «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ». وَقَالَ النَّضْرُ وَأَبُو دَاوُدَ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَوَكِيعٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 2261 23 - باب إِجَابَةِ الْحَاكِمِ الدَّعْوَةَ وَقَدْ أَجَابَ عُثْمَانُ عَبْدًا لِلْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ. 7173 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنِى مَنْصُورٌ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ أَبِى مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «فُكُّوا الْعَانِىَ وَأَجِيبُوا الدَّاعِىَ». طرفه 3046 24 - باب هَدَايَا الْعُمَّالِ 7174 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ أَخْبَرَنَا أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِىُّ قَالَ اسْتَعْمَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلاً مِنْ بَنِى أَسَدٍ يُقَالُ لَهُ ابْنُ ـــــــــــــــــــــــــــــ (كل مسكر حرام) وفيه دليل للشافعي ومن وافقه في عدم الفرق بين خمر العنب وغيره (وقال النضر) بالضاد المعجمة ابن شميل (وأبو داود) سليمان الطَّيالِسيّ. يريد أن رواية هؤلاء أَيضًا موصولة، ودلالة الحديث على الترجمة ظاهرة، إلَّا أن ظاهره أن معاذًا وأبا موسى كانا حاكمين في موضع، وليس كذلك لما تقدم من أن اليمين فإن النجود إليها، وكان معاذ حاكمًا على النجود وأبو موسى على البهائم إلَّا أنهما كانا يتزاوران، فلذلك أوصاهما بالتطاوع والتعاون. باب إجابة الحاكم الدعوى (وقد أجاب عثمان بن عفان عبدًا للمغيرة بن شعبة) قيل: كان صائمًا فلما حضر قال: أردت أن أُجيب الداعي وأدعو بالبركة. 7173 - وحديث أبي موسى (فُكُّوا العاني) إلى آخره تقدم في أبواب النكاح، وذكرنا مذاهب العلماء، وأن الأمر فيه للوجوب، وله شرائط مذكورة في كتب الفروع. باب هدايا العمال 7174 - روى في الباب حديث [ابن] الأُتَبِيّة أرسله إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على صدقة،

25 - باب استقضاء الموالى واستعمالهم

الأُتَبِيَّةِ عَلَى صَدَقَةٍ فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِىَ لِى. فَقَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الْمِنْبَرِ - قَالَ سُفْيَانُ أَيْضًا فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ - فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ «مَا بَالُ الْعَامِلِ نَبْعَثُهُ، فَيَأْتِى يَقُولُ هَذَا لَكَ وَهَذَا لِى. فَهَلاَّ جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَيَنْظُرُ أَيُهْدَى لَهُ أَمْ لاَ، وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لاَ يَأْتِى بِشَىْءٍ إِلاَّ جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى رَقَبَتِهِ، إِنْ كَانَ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ، أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةً تَيْعَرُ». ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْنَا عُفْرَتَىْ إِبْطَيْهِ «أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ» ثَلاَثًا. قَالَ سُفْيَانُ قَصَّهُ عَلَيْنَا الزُّهْرِىُّ. وَزَادَ هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى حُمَيْدٍ قَالَ سَمِعَ أُذُنَاىَ وَأَبْصَرَتْهُ عَيْنِى، وَسَلُوا زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فَإِنَّهُ سَمِعَهُ مَعِى. وَلَمْ يَقُلِ الزُّهْرِىُّ سَمِعَ أُذُنِى. (خُوَارٌ) صَوْتٌ، وَالْجُؤَارُ مِنْ تَجْأَرُونَ كَصَوْتِ الْبَقَرَةِ. طرفه 925 25 - باب اسْتِقْضَاءِ الْمَوَالِى وَاسْتِعْمَالِهِمْ 7175 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِى ابْنُ جُرَيْجٍ أَنَّ نَافِعًا أَخْبَرَهُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ قَالَ كَانَ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِى حُذَيْفَةَ يَؤُمُّ الْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ ـــــــــــــــــــــــــــــ (فلما قدم قال: هذا لكم وهذا أُهدي إلى فغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: هلَّا جلس في بيت أَبيه وأمه فينظر هل يهدي إليه؟) وهذا الحديث مر في أبواب الزكاة وغيرها مرارًا، وموضع الدلالة هنا أنَّه مال حرام؛ لأنهم إنما أهدوا له لكونه حاكمًا فيؤخذ من أن كل هدية يتوصل بها إلى أنواع محاباة محرمة قاضيًا أو أميرًا أو خادمًا لأحد من هؤلاء (أبو حميد الساعدي) اسمه المنذر (أن رجلًا من بني أسد) بفتح الهمزة وسكون السين لغة في الأزد، قبيلة بيمن يكتب تارة بالألف والسلام فيظهر به أن السين بدل عن الزاي (ابن الأتبية) بضم الهمزة وسكون الفوقانية اسمه عبد الله، ويروى بضم اللام بدون الهمزة (إن كان بعيرًا له رغاء) بضم الراء وغير معجمة صوت البعير، وإن كانت (بقرة لها خوار) بضم الخاء المعجمة صوت البقر (أو شاة تيعر) بفتح الفوقانية وسكون التحتانية، والمصدر تعار بضم التاء وهو صوت الشاة. باب استقضاء الموالي واستعمالهم 7175 - (كان سالم مولى أبي حذيفة يؤم المهاجرين الأولين) المهاجرون الأولون

26 - باب العرفاء للناس

وَأَصْحَابَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ، فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَأَبُو سَلَمَةَ وَزَيْدٌ وَعَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ. طرفه 692 26 - باب الْعُرَفَاءِ لِلنَّاسِ 7176 و 7177 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِى أُوَيْسٍ حَدَّثَنِى إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَمِّهِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ حَدَّثَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ الذين صلوا إلى القبلتين، وقال صاحب الكشاف، هم الذين شهدوا بدرًا، وقيل: هم الذين بايعوا تحت الشجرة (وأصحاب النَّبِيّ) من عطف العام على الخاص. فإن قلت: قد سلف في أبواب الإمامَة في باب إمامة الموالي لما قدم المهاجرون الأولون العصبة بضم العين موضع بقباء قبل مقدم النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، وهنا ذكر أن أَبا بكر كان من جملة المهاجرين، وأبو بكر إنما قدم به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قلت: لا إشكال في أن سالمًا استمر مصليًا إمامًا في مسجد قباء، فكان يصلي بالقوم ويكون أبو بكر وراءه. فإن قلت: لم يورد في الباب ما يدل على جواز قضاء المولى؟ قلت: الإمامة أعلى من القضاء؛ لأنه أمر الدين، ومن صلح لها صلح للقضاء. باب العرفاء للنَّاس جمع عريف من العرافة بكسر العين وهي نوع من المعرفة، والعريف فعيل بمعنى الفاعل، وهو من يحفظ أحوال طائفة لرفع أمرهم إلى الإِمام عند الحاجة، واستدل البُخَارِيّ على جواز نصب العرفاء بحديث هوازن، وقد سلف الحديث في غزوة حنين لما قدم عليه وقد هوازن مسلمين، وموضع الدلالة هنا قوله: (إنِّي لا أدري من أذن فيكم ممن لا يأذن فارجعوا حتَّى يرفع إلينا عرفاؤكم أمركم). 7176 - 7177 - فإن قلت: قد روى أبو داود وأَحمد "العرافة حق ولا بد للنَّاس من عريف والعرفاء في النَّار" فما وجهه؟ قلت: اللام في قوله: "العرفاء في النَّار" للعهد، وهم الذين يتجاوزون الحدود ويؤذون [من] تحت أيديهم لما حكم بأن لا بد من التعريف. في آخر الحديث (مروان بن الحكم) بفتح الكاف (المسور بن مخرمة) بكسر الميم في الأول وفتحه في الثاني.

27 - باب ما يكره من ثناء السلطان، وإذا خرج قال غير ذلك

أَخْبَرَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ حِينَ أَذِنَ لَهُمُ الْمُسْلِمُونَ فِي عِتْقِ سَبْىِ هَوَازِنَ «إِنِّى لاَ أَدْرِى مَنْ أَذِنَ مِنْكُمْ مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ، فَارْجِعُوا حَتَّى يَرْفَعَ إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ أَمْرَكُمْ». فَرَجَعَ النَّاسُ فَكَلَّمَهُمْ عُرَفَاؤُهُمْ، فَرَجَعُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرُوهُ أَنَّ النَّاسَ قَدْ طَيَّبُوا وَأَذِنُوا. طرفه 2307 27 - باب مَا يُكْرَهُ مِنْ ثَنَاءِ السُّلْطَانِ، وَإِذَا خَرَجَ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ 7178 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أُنَاسٌ لاِبْنِ عُمَرَ إِنَّا نَدْخُلُ عَلَى سُلْطَانِنَا فَنَقُولُ لَهُمْ خِلاَفَ مَا نَتَكَلَّمُ إِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِمْ قَالَ كُنَّا نَعُدُّهَا نِفَاقًا. 7179 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى حَبِيبٍ عَنْ عِرَاكٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنْ شَرَّ النَّاسِ ذُو الْوَجْهَيْنِ، الَّذِى يَأْتِى هَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ وَهَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ». طرفه 3494 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ما يكره من ثناء السلطان وإذا خرج قال غير ذلك قد سلف في كتاب الفتن أعم من هذه الترجمة باب إذا قال عند قوم شيئًا فخرج بخلافة فقال بخلافه. 7178 - (أبو نعيم) بضم النُّون مصغر، روى عن ابن عمر (كنا نعد هذا نفاقًا) أي شيئًا يشبه النفاق، وجه الشبه كون كل منهما يظهر خلاف ما يبطن. 7179 - (قتيبة) بضم القاف مصغر (عن يزيد بن أبي حبيب) ضد العدو (عراك) بكسر العين (شر النَّاس ذو الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه) ما يشبه النفاق بل أعظم فإنَّه يوقع الفتنة بين المسلمين، والوجه مجاز عن الصفة والشأن، وهذا متعارف، يقال: خرج فلأن بوجه غير الوجه الذي دخل به. فان قلت: "لما استأذن على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجل فقال: بئس أخو العشيرة" فألان له الكلام؟ قلت: تقدم الجواب عنه في باب لم يكن النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- فحاشا بأنه إنما قال مقالته الأولى ليعرف الناس حالته ليتقوا شره.

28 - باب القضاء على الغائب

28 - باب الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ 7180 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ هِنْدَ قَالَتْ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ، فَأَحْتَاجُ أَنْ آخُذَ مِنْ مَالِهِ. قَالَ «خُذِى مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ». طرفه 2211 29 - باب مَنْ قُضِىَ لَهُ بِحَقِّ أَخِيهِ فَلاَ يَأْخُذْهُ، فَإِنَّ قَضَاءَ الْحَاكِمِ لاَ يُحِلُّ حَرَامًا وَلاَ يُحَرِّمُ حَلاَلاً 7181 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ زَيْنَبَ ابْنَةَ أَبِى سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرَتْهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ سَمِعَ خُصُومَةً بِبَابِ حُجْرَتِهِ فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَإِنَّهُ يَأْتِينِى الْخَصْمُ، فَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَبْلَغَ مِنْ بَعْضٍ، فَأَحْسِبُ أَنَّهُ صَادِقٌ فَأَقْضِى لَهُ بِذَلِكَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب القضاء على الغائب 7180 - روى في الباب حديث هند (إن أَبا سفيان رجل شحيح فهل عليَّ جناح إن أخذت من ماله) وقد سلف حديثه مرارًا، وفيه دليل للشافعي ومن وافقه في جواز الحكم على الغائب. باب من قضي له بحق أخيه فلا يأخذه قضي على بناء المجهول (فإن قضاء القاضي لا يحل حرامًا، ولا يحرم حلالًا) هذه عبارة الشَّافعيّ بما روى حديث الباب. 7181 - (إنما أنا بشر) أي: ما أنا إلَّا بشر لا أتجاوزها إلى تحليل الحرام ومعرفة الغيب، فالقصر قصر إفراد إضافي لا قصر قلب (ولعل بعضكم أبلغ من بعض) من البلاغ وهو الوصول إلى الشيء، أو من بلاغة وهي إيراد الكلام على مقتضى الكلام الحال، والناس

فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ مُسْلِمٍ، فَإِنَّمَا هِىَ قِطْعَةٌ مِنَ النَّارِ، فَلْيَأْخُذْهَا أَوْ لِيَتْرُكْهَا». طرفه 2458 7182 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهَا قَالَتْ كَانَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِى وَقَّاصٍ عَهِدَ إِلَى أَخِيهِ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ أَنَّ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ مِنِّى فَاقْبِضْهُ إِلَيْكَ. فَلَمَّا كَانَ عَامُ الْفَتْحِ أَخَذَهُ سَعْدٌ فَقَالَ ابْنُ أَخِى، قَدْ كَانَ عَهِدَ إِلَىَّ فِيهِ، فَقَامَ إِلَيْهِ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ فَقَالَ أَخِى وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِى، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ. فَتَسَاوَقَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ سَعْدٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْنُ أَخِى، كَانَ عَهِدَ إِلَىَّ فِيهِ. وَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ أَخِى وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِى، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ». ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ». ثُمَّ قَالَ لِسَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ «احْتَجِبِى مِنْهُ»، لِمَا رَأَى مِنْ شَبَهِهِ بِعُتْبَةَ، فَمَا رَآهَا حَتَّى لَقِىَ اللَّهَ تَعَالَى. طرفه 2053 ـــــــــــــــــــــــــــــ فيه متفاوتون (فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من النَّار) لفظ المسلم خارج مخرج الغالب، إذ هذا الحكم لا يتفاوت بالإِسلام والكفر (فليأخذها أو ليتركها) الأمر بالأخذ للتهديد؛ إذ لا يرضى عاقل بأخذ قطعة من النَّار، والحديث سلف في باب موعظة الإِمام، ولفظه: "فمن قضيت له بحق أخيه" والمراد أخوة الإِسلام. 7182 - ثم روى عن عائشة أن عتبة بن أبي وقَّاص عهد إلى أخيه سعد أن ابن وليدة زمعة مني فاقبضه إليك وكان قد زنى بها على طريقة الجاهلية، والحديث سلف في أبواب الخصومة، وموضع الدلالة على الترجمة هنا قوله لسودة: (احتجبي منه) إذ لو كان حكمه نافذًا باطنًا لم يأمرها بالاحتجاب بعد أن حكم أنَّه أخوها (إن ابن وليدة زَمْعة) بفتح الزايِ وسكون الميم، والوليدة الأمة (فتساوقا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي صارا كأن كل واحد منهيًا يسوق الآخر (الولد للفراش) فيه دليل للشافعي وغيره من لم يشترط الدعوة في ولد الأمة (وللعاهر الحجر) قيل معناه: للزاني الرجم، والأولى أنَّهم كناية عن الحرمان كقول الشَّاعر:

30 - باب الحكم فى البئر ونحوها

30 - باب الْحُكْمِ فِي الْبِئْرِ وَنَحْوِهَا 7183 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ وَالأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَحْلِفُ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ، يَقْتَطِعُ مَالاً وَهْوَ فِيهَا فَاجِرٌ، إِلاَّ لَقِىَ اللَّهَ وَهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ». فَأَنْزَلَ اللَّهُ (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ) الآيَةَ. طرفه 2356 ـــــــــــــــــــــــــــــ فترب لأفواه الوشاة وجندل لأن الرجم شأن المحصن وحده. باب الحكم في البئر ونحوها 7183 - روى في الباب حديث عبد الله بن مسعود (لا يحلف على يمين صبر) هو اليمين الذي يحكم به القاضي، والصبر معناه الحبس فإنَّه يؤمر هو أو ويدفع الحق، والحديث سلف في أبواب الشرب والأيمان، وموضع الدلالة هنا قول الأشعث بن قيس: إن الآية نزلت فيه وفيمن خاصمه في البئر، قيل: إنما ترجم على البئر مع أنَّه لا فرق بين البئر وسائر الأعمال ردًّا على من زعم أن الماء لا يملك، وأورد عليه بأنه لم يكن فيه حجة على من يمنع الماء بجواز بيع البئر، ولا يدخل الماء في البيع. وهذا الإيراد غير وارد، أما الأول فلأن الكلام في إيراد البئر، وبيان وجه الإفراد فلا يضره ذكر الغير معها. وأما ثانيًا فلأن منافع البئر لا سيما في أرض الحجاز منحصرة في الماء فأي فائدة لبيع البئر بدون هذا؟ وإن كان احتمالًا عقليًّا إلَّا أنَّه لا يقدح في أمثال هذه المسائل (لقي الله وهو عليه غضبان) أي مريدًا للانتقام، وقد أشرنا في مواضع إلى أن أمثال هذه الوعيدات مقيدة بعدم التوبة وعدم المشيئة للمغفرة لقوله تعالى: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] إذن يحلفُ بالرفع لكونه حالًا، وشرط النصب بإذا أن تكون بمعنى الاستقبال. فإن قلت: أين الدلالة على الشق الثاني؟ قلت: قوله: (يقتطع بها مالًا) يشمل كل مال، والآية عامة في كل حق.

31 - باب القضاء فى كثير المال وقليله

فَجَاءَ الأَشْعَثُ وَعَبْدُ اللَّهِ يُحَدِّثُهُمْ فَقَالَ فِىَّ نَزَلَتْ وَفِى رَجُلٍ خَاصَمْتُهُ فِي بِئْرٍ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَلَكَ بَيِّنَةٌ». قُلْتُ لاَ. قَالَ «فَلْيَحْلِفْ». قُلْتُ إِذًا يَحْلِفُ. فَنَزَلَتْ (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ) الآيَةَ. طرفه 2357 31 - باب الْقَضَاءِ فِي كَثِيرِ الْمَالِ وَقَلِيلِهِ وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ الْقَضَاءُ فِي قَلِيلِ الْمَالِ وَكَثِيرِهِ سَوَاءٌ. 7184، 7185 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِى سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ عَنْ أُمِّهَا أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ سَمِعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - جَلَبَةَ خِصَامٍ عِنْدَ بَابِهِ فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَإِنَّهُ يَأْتِينِى الْخَصْمُ، فَلَعَلَّ بَعْضًا أَنْ يَكُونَ أَبْلَغَ مِنْ بَعْضٍ، أَقْضِى لَهُ بِذَلِكَ وَأَحْسِبُ أَنَّهُ صَادِقٌ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ مُسْلِمٍ فَإِنَّمَا هِىَ قِطْعَةٌ مِنَ النَّارِ، فَلْيَأْخُذْهَا أَوْ لِيَدَعْهَا». طرفه 2458 32 - باب بَيْعِ الإِمَامِ عَلَى النَّاسِ أَمْوَالَهُمْ وَضِيَاعَهُمْ وَقَدْ بَاعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مُدَبَّرًا مِنْ نُعَيْمِ بْنِ النَّحَّامِ. 7186 - حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ بَلَغَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِهِ أَعْتَقَ غُلاَمًا عَنْ دُبُرٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب القضاء في قليل المال وكثيره 7184 - 7185 - دفع بهذه الترجمة ما توهم من الترجمة في باب قبله أن الحكم مخصوص بالبئر ونحوها في القدر والقيمة، على أن الحكم جار في كل ما يطلق عليه اسم المال، فإن طائفة من العلماء ذهبوا إلى أن اليمين إنما تكون له في شيء له قدر، واستدل على ذلك بحديث أم سلمة الذي تقدم آنفًا من قوله: (إنما أنا بشر) وموضع الدلالة قوله: (فمن قضيت له بحق مسلم) فإنَّه يشمل القليل والكثير (جلبة خصام) بفتح الجيم والسلام والباء الموحدة والخصام بكسر الخاء المعجمة جمع خصم أي أصواتًا مختلطة من جماعة يختصمون. باب بيع الإِمام على النَّاس أموالهم وضياعهم بكسر الضاد جمع ضيعة وهي العقار. 7186 - (أن رجلًا أعتق غلامًا عن دبر) أي جعله مدبرًا، ويقع في بعضها عن دين،

33 - باب من لم يكترث بطعن من لا يعلم فى الأمراء حديثا

لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرَهُ، فَبَاعَهُ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ أَرْسَلَ بِثَمَنِهِ إِلَيْهِ. طرفه 2141 33 - باب مَنْ لَمْ يَكْتَرِثْ بِطَعْنِ مَنْ لاَ يَعْلَمُ فِي الأُمَرَاءِ حَدِيثًا 7187 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَقُولُ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعْثًا وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، فَطُعِنَ فِي إِمَارَتِهِ، وَقَالَ «إِنْ تَطْعَنُوا فِي إِمَارَتِهِ فَقَدْ كُنْتُمْ تَطْعَنُونَ فِي إِمَارَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلِهِ، وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كَانَ لَخَلِيقًا لِلإِمْرَةِ، وَإِنْ كَانَ لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَىَّ، وَإِنَّ هَذَا لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَىَّ بَعْدَهُ». طرفه 3730 ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو تصحيف (من نعيم النحام) وفي بعضها ابن النحام وهو غلط (فباعه بثمانمئة درهم ثم أرسل بثمنه إليه) وقد سلف هذا الحديث في أبواب العتق وموضع الدلالة أن الإِمام له أن يبيع أموال السفهاء ومن امتنع من حق، وبيع المدبر أنَّه من قبيل السفه لأنه لم يملك غيره ودبره (بشر) بكسر الموحدة (كهيل) بضم الكاف مصغر. وقد سلف أن مَالك العبد أبو مذكور، واسم العبد يعقوب. باب من لم يكترث بطعن من لا يعلم في الأمراء الاكتراث: افتعال من الكرث بفتح الكاف وسكون الراء، آخره مثلثة وهو المشقة، واشتهر في المبالاة. 7187 - روى عن ابن عمر (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث بعثًا وأمر عليهم أسامة بن زيد) بتشديد الميم أي جعله أميرًا على ذلك البعث، وهو قطعة من الجيش (فطعن في إمارته) على بناء المجهول، أي: عيب عليه في إمارته لقصور نظر الطاعن علي ظاهره لكونه أسود اللون، صغير السن, مولود من عبد وأمة، قيل: الطاعن ياقوم، ورده شيخ الإِسلام بأن من جملة من طعن فيه عياش بن ربيعة المخزومي بالياء والمثناة تحت، وستين معجمة، وهو من مسلمة الفتح، قلت: الأحسن المنافقون، إن استدل بقوله: (كنتم تطعنون في إمارة أَبيه) وأبوه أمر قبل الفتح مرارًا، يقال: طعن فيه يطعن بفتح العين وضمها إذا عابه (وأيم) الهمزة فيه للقطع. فإن قلت: قوله: فقد كنتم تطعنون، ماضٍ فكيف وقع جزاءً للشرط قلت: الجزاء مقدر، أي: فلا اعتبار بطعنكم، فإنكم كنتم على مثله من الباطل.

34 - باب الألد الخصم وهو الدائم فى الخصومة

34 - باب الأَلَدِّ الْخَصِمِ وَهْوَ الدَّائِمُ فِي الْخُصُومَةِ (لُدًّا) عُوجًا. 7188 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ سَمِعْتُ ابْنَ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَبْغَضُ الرِّجَالِ إِلَى اللَّهِ الأَلَدُّ الْخَصِمُ». طرفه 2457 35 - باب إِذَا قَضَى الْحَاكِمُ بِجَوْرٍ أَوْ خِلاَفِ أَهْلِ الْعِلْمِ فَهْوَ رَدٌّ 7189 - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ بَعَثَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَالِدًا ح وَحَدَّثَنِى نُعَيْمٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ بَعَثَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: دل الحديث على أن الإِمام إذا علم بطلان الطعن لا يغير الأمير فكيف عزل عمر سعدًا من الإمارة عن أهل الكوفة مع أنَّه علم أن سعدًا على الحق وقال: ذاك الظن بك يَا أَبا إسحاق؟ قلت: أهل الكوفة أهل الشقاق، خاف من زيادة الفتنة فرأى عزله أولى. باب الألَدِّ الخَصِمِ قال البُخَارِيّ: (وهو الدائم الخصومة) الألد: اسم تفضيل يجوز اعتبار الزيادة باعتبار الكم كما قال، وباعتبار الكيف وهو الشدة. 7188 - (أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم) ولا وجه لتخصيص هذا بالكافر؛ لأن الغرض تنفير المسلم عن ارتكابه، ولا ضرر في أن يكون المسلم أبغض الرجال باعتبار الوصف، قال ابن الأثير: اللدادة شدة الخصحومة، فكان القياس الخصم الألد، إلَّا أنَّه جعل الخصم بيانًا كقوله: والمؤمن .... طير. ويجوز أن يكون وصفًا مؤكدًا لأن الخصم أَيضًا صيغة مبالغة (ابن جريج) بضم الجيم مصغر، وكذا (ابن أبي مليكة). باب إذا قضى الحاكم بجور، أو خلاف أهل العلم فهو رد 7189 - روى في الباب حديث خالد بن الوليد لما أرسله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى بني جذيمة، وكان دأب المشركين أن من أسلم يقولون: صبأ بالهمزة أي خرج من طين إلى آخر،

36 - باب الإمام يأتى قوما فيصلح بينهم

إِلَى بَنِى جَذِيمَةَ فَلَمْ يُحْسِنُوا أَنْ يَقُولُوا أَسْلَمْنَا. فَقَالُوا صَبَأْنَا صَبَأْنَا، فَجَعَلَ خَالِدٌ يَقْتُلُ وَيَأْسِرُ، وَدَفَعَ إِلَى كُلِّ رَجُلٌ مِنَّا أَسِيرَهُ، فَأَمَرَ كُلَّ رَجُلٍ مِنَّا أَنْ يَقْتُلَ أَسِيرَهُ، فَقُلْتُ وَاللَّهِ لاَ أَقْتُلُ أَسِيرِى وَلاَ يَقْتُلُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِى أَسِيرَهُ. فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «اللَّهُمَّ إِنِّى أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ»، مَرَّتَيْنِ. طرفه 4339 36 - باب الإِمَامِ يَأْتِى قَوْمًا فَيُصْلِحُ بَيْنَهُمْ 7190 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ الْمَدِينِىُّ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ فظن بنو خذيمة أن ذلك كاف في إظهار الإِسلام وظن خالد أنَّهم يستهزئون فشرع في قتلهم، والحديث سلف في المغازي في باب بعثة خالد، وموضع الدلالة هنا قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (اللهمَّ إنِّي أبرأ إليك مما صنع خالد) فإنَّه يدل على بطلان حكمه. فإن قلت: الخطأ ليس فيه إثم فما معنى قوله: "أبرأ إليك مما صنع خالد"؟ قلت: أراد عدم الرضا بفعله، وإن خطأه لا ينسب إليه، وخطؤه وإن لم يكن فيه إثم إلَّا أنَّه يعاتب عليه، ألا ترى إلى قوله تعالى: {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ} [التوبة: 43] , {لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: 1]. فإن قلت: الخطأ وإن لم يكن فيه إثم إلَّا أنَّه يجب فيه الدية بنص القرآن؟ قلت: قيل: كان قبل نزول الآية في دية الخطأ، والصواب أنَّه كان بعد النزول، وقد روى الحاكم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرسل عليًّا فوداهم وفي الحديث الذي رواه الحاكم دليل لأبي حنيفة وأحمد إذا أخطأ الحاكم. والدية على بيت المال خلافًا لصاحبيه والشافعي، فإنهم قالوا على عاقلة الحاكم. باب الإِمام يأتي قومًا فيصلح بينهم 7190 - (أبو النُّعمان) بضم النُّون محمَّد بن الفضل (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم (أبو حازم) بالحاء المهملة سلمة بن دينار، روى في الباب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذهب إلى عمرو بن عوف يصلح بينهم، وهذا موضع الدلالة، فإنَّه دل على أن الإِمام يجوز له أن يذهب

سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِىِّ قَالَ كَانَ قِتَالٌ بَيْنَ بَنِى عَمْرٍو، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَتَاهُمْ يُصْلِحُ بَيْنَهُمْ، فَلَمَّا حَضَرَتْ صَلاَةُ الْعَصْرِ فَأَذَّنَ بِلاَلٌ وَأَقَامَ وَأَمَرَ أَبَا بَكْرٍ فَتَقَدَّمَ، وَجَاءَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بَكْرٍ فِي الصَّلاَةِ، فَشَقَّ النَّاسَ حَتَّى قَامَ خَلْفَ أَبِى بَكْرٍ، فَتَقَدَّمَ فِي الصَّفِّ الَّذِى يَلِيهِ. قَالَ وَصَفَّحَ الْقَوْمُ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا دَخَلَ فِي الصَّلاَةِ لَمْ يَلْتَفِتْ حَتَّى يَفْرُغَ، فَلَمَّا رَأَى التَّصْفِيحَ لاَ يُمْسَكُ عَلَيْهِ الْتَفَتَ فَرَأَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - خَلْفَهُ، فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنِ امْضِهْ وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ هَكَذَا، وَلَبِثَ أَبُو بَكْرٍ هُنَيَّةً يَحْمَدُ اللَّهَ عَلَى قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ مَشَى الْقَهْقَرَى، فَلَمَّا رَأَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ذَلِكَ تَقَدَّمَ فَصَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالنَّاسِ، فَلَمَّا قَضَى صَلاَتَهُ قَالَ «يَا أَبَا بَكْرٍ مَا مَنَعَكَ إِذْ أَوْمَأْتُ إِلَيْكَ أَنْ لاَ تَكُونَ مَضَيْتَ». قَالَ لَمْ يَكُنْ لاِبْنِ أَبِى قُحَافَةَ أَنْ يَؤُمَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ لِلْقَوْمِ «إِذَا نَابَكُمْ أَمْرٌ، فَلْيُسَبِّحِ الرِّجَالُ، وَلْيُصَفِّحِ النِّسَاءُ». طرفه 684 ـــــــــــــــــــــــــــــ إلى قوم بينهم شقاق ليصلح بينهم، والحديث سبق في أبواب الإمامة (فلما حضرت صلاة فأذن بلال) جواب لما محذوف أي اجتمع النَّاس (فأذن بلال وأقام، وأمر أَبا بكر) رواه مختصرًا، وفي رواية أبي داود "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لبلال: إن حضرت صلاة العصر ولم آتك فمر أَبا بكر فليصل بالنَّاس" (وجاء النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر يصلي فشق النَّاسَ حتَّى قام خلف أبي بكر). فإن قلت: نهى عن تخطي الرقاب فكيف شق النَّاس؟ قلت: أجابوا بأن الإِمام مُستثنى، وقال المهلب: الشارع ليس كغيره، ولا دليل له في هذا، الصواب أن التخطي إنما لا يجوز إذا لم يكن موضع خالٍ في الصف الأول، وأما إذا كان موضع خال فإنَّه يجوز لكل أحد التخطي ألا ترى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما جاء عبد الرَّحْمَن بن عوف يصلي إمامًا اقتدى به ولم يشق النَّاس (وصفّح القوم)، قال ابن الأثير: يقال: صفح وصفق إذا ضرب صفحة الكف على الأخرى (يَا أَبا بكر ما منعك إذ أومأت إليك أن لا تكون مضيت) لا زائدة أي ما منعك عن المضي.

37 - باب يستحب للكاتب أن يكون أمينا عاقلا

37 - باب يُسْتَحَبُّ لِلْكَاتِبِ أَنْ يَكُونَ أَمِينًا عَاقِلاً 7191 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ أَبُو ثَابِتٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ بَعَثَ إِلَىَّ أَبُو بَكْرٍ لِمَقْتَلِ أَهْلِ الْيَمَامَةِ وَعِنْدَهُ عُمَرُ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنَّ عُمَرَ أَتَانِى فَقَالَ إِنَّ الْقَتْلَ قَدِ اسْتَحَرَّ يَوْمَ الْيَمَامَةِ بِقُرَّاءِ الْقُرْآنِ، وَإِنِّى أَخْشَى أَنْ يَسْتَحِرَّ الْقَتْلُ بِقُرَّاءِ الْقُرْآنِ فِي الْمَوَاطِنِ كُلِّهَا، فَيَذْهَبَ قُرْآنٌ كَثِيرٌ، وَإِنِّى أَرَى أَنْ تَأْمُرَ بِجَمْعِ الْقُرْآنِ. قُلْتُ كَيْفَ أَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ عُمَرُ هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ. فَلَمْ يَزَلْ عُمَرُ يُرَاجِعُنِى فِي ذَلِكَ حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ صَدْرِى لِلَّذِى شَرَحَ لَهُ صَدْرَ عُمَرَ، وَرَأَيْتُ فِي ذَلِكَ الَّذِى رَأَى عُمَرُ. قَالَ زَيْدٌ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَإِنَّكَ رَجُلٌ شَابٌّ عَاقِلٌ لاَ نَتَّهِمُكَ، قَدْ كُنْتَ تَكْتُبُ الْوَحْىَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَتَتَبَّعِ الْقُرْآنَ فَاجْمَعْهُ. قَالَ زَيْدٌ فَوَاللَّهِ لَوْ كَلَّفَنِى نَقْلَ جَبَلٍ مِنَ الْجِبَالِ مَا كَانَ بِأَثْقَلَ عَلَىَّ مِمَّا كَلَّفَنِى مِنْ جَمْعِ الْقُرْآنِ. قُلْتُ كَيْفَ تَفْعَلاَنِ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ أَبُو بَكْرٍ هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ. فَلَمْ يَزَلْ يَحُثُّ مُرَاجَعَتِى حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ صَدْرِى لِلَّذِى شَرَحَ اللَّهُ لَهُ صَدْرَ أَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَرَأَيْتُ فِي ذَلِكَ الَّذِى رَأَيَا، فَتَتَبَّعْتُ الْقُرْآنَ أَجْمَعُهُ مِنَ الْعُسُبِ وَالرِّقَاعِ وَاللِّخَافِ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ما يستحب للكاتب أن يكون أمينًا عاقلًا 7191 - (عن عبيد بن السباق) بضم العين مصغر، والسباق بفتح السين وتشديد الموحدة، روى في الباب حديث زيد بن ثابت لما جمع القرآن، وجعله في الصحف، وقد تقدم في فضائل القرآن، وموضع الدلالة هنا قول الصديق لزيد بن ثابت: (إنك شاب عاقل لا نتهمك) فإنَّه يدل على أن الحاكم يختار الكاتب العاقل الأمين (مقتل أهل اليمامة) هو قتال مسيلمة الكذاب والأمير خالد بن الوليد (إن القتل قد استحر) من الحر وهو الشدة، قاله ابن الأثير (من العُسب) بضم العين والسين جريد النخل إذا لم يكن عليه الخوص (ومن اللحاف) بكسر اللام والخاء المعجمة جمع لخف وهو الحجر الأبيض وفسرهُ البُخَارِيّ بالخزف، ولعله مشترك.

38 - باب كتاب الحاكم إلى عماله، والقاضى إلى أمنائه

وَصُدُورِ الرِّجَالِ، فَوَجَدْتُ آخِرَ سُورَةِ التَّوْبَةِ (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ) إِلَى آخِرِهَا مَعَ خُزَيْمَةَ أَوْ أَبِى خُزَيْمَةَ فَأَلْحَقْتُهَا فِي سُورَتِهَا، وَكَانَتِ الصُّحُفُ عِنْدَ أَبِى بَكْرٍ حَيَاتَهُ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ عِنْدَ عُمَرَ حَيَاتَهُ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ عِنْدَ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ اللِّخَافُ يَعْنِى الْخَزَفَ. طرفه 2807 38 - باب كِتَابِ الْحَاكِمِ إِلَى عُمَّالِهِ، وَالْقَاضِى إِلَى أُمَنَائِهِ 7192 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى لَيْلَى ح حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَبِى لَيْلَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَهْلٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِى حَثْمَةَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ هُوَ وَرِجَالٌ مِنْ كُبَرَاءِ قَوْمِهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةَ خَرَجَا إِلَى خَيْبَرَ مِنْ جَهْدٍ أَصَابَهُمْ، فَأُخْبِرَ مُحَيِّصَةُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ قُتِلَ وَطُرِحَ فِي ـــــــــــــــــــــــــــــ (فوجدت آخر سورة التوبة مع خزيمة، أو مع أبي خزيمة فألحقتها في سورتها) قال بعض الشارحين: قوله: أو أبي خزيمة، شك من الراوي. ثم قال: فإن قلت: مرَّ في جمع القرآن أن الآية مع خزيمة، قوله تعالى: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ} [الأحزاب: 23] من سورة الأحزاب؟ قلت: آية التوبة كانت عند النقل من العسب، وآية الأحزاب عند النقل من الصحف إلى المصحف، وهذا كله خبط. والصواب أن آية التوبة {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ} [التوبة: 128] كانت مع خزيمة بن أوس بن زيد، وكنيته أَيضًا أبو خزيمة، وآية الأحزاب كانت مع خزيمة بن ثابت ذي الشهادتين. كذا قاله ابن عبد البر في "الاستيعاب"، ورواه عمر بن شيبة مسندًا إلى زيد بن ثابت، وباقي المباحث سلفت هناك مستوفاة. باب كتاب الحاكم إلى عماله، والقاضي إلى أمنائه 7192 - (عن سهل بن أبي حثمة) بفتح الحاء وسكون المثلثة، روى في الباب (أن عبد الله بن سهل ومحيصة خرجا أبي خيبر فقُتل عبد الله) والحديث سلف في أبواب القسامة، وموضع الدلالة هنا كتاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى يهود خيبر.

39 - باب هل يجوز للحاكم أن يبعث رجلا وحده للنظر فى الأمور

فَقِيرٍ أَوْ عَيْنٍ، فَأَتَى يَهُودَ فَقَالَ أَنْتُمْ وَاللَّهِ قَتَلْتُمُوهُ. قَالُوا مَا قَتَلْنَاهُ وَاللَّهِ. ثُمَّ أَقْبَلَ حَتَّى قَدِمَ عَلَى قَوْمِهِ فَذَكَرَ لَهُمْ، وَأَقْبَلَ هُوَ وَأَخُوهُ حُوَيِّصَةُ - وَهْوَ أَكْبَرُ مِنْهُ - وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ، فَذَهَبَ لِيَتَكَلَّمَ وَهْوَ الَّذِى كَانَ بِخَيْبَرَ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِمُحَيِّصَةَ «كَبِّرْ كَبِّرْ». يُرِيدُ السِّنَّ، فَتَكَلَّمَ حُوَيِّصَةُ ثُمَّ تَكَلَّمَ مُحَيِّصَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِمَّا أَنْ يَدُوا صَاحِبَكُمْ، وَإِمَّا أَنْ يُؤْذِنُوا بِحَرْبٍ». فَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَيْهِمْ بِهِ، فَكُتِبَ مَا قَتَلْنَاهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِحُوَيِّصَةَ وَمُحَيِّصَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ «أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ». قَالُوا لاَ. قَالَ «أَفَتَحْلِفُ لَكُمْ يَهُودُ». قَالُوا لَيْسُوا بِمُسْلِمِينَ. فَوَدَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ عِنْدِهِ مِائَةَ نَاقَةٍ حَتَّى أُدْخِلَتِ الدَّارَ. قَالَ سَهْلٌ فَرَكَضَتْنِى مِنْهَا نَاقَةٌ. طرفه 2702 39 - باب هَلْ يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَبْعَثَ رَجُلاً وَحْدَهُ لِلنَّظَرِ فِي الأُمُورِ 7193 و 7194 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِىِّ قَالاَ جَاءَ أَعْرَابِىٌّ فَقَالَ يَا ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: ليس في الحديث أنَّه كتب إلى عماله بل إلى الخصوم؟ قلت: أجابوا بأنه إذا جاز كتابته إلى الخصوم فإلى العامل أولى، وغلبة مع ظاهر إذ لا جامع بين الأمرين، والحق أن اليهود كانوا عمالًا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فالكتابة إليهم من هذه الحيثية لا من حيث الخصومة. (مُحَيِّصَة) بضم الميم وفتح الحاء، وتشديد الياء وقد تخفف، وكذا (حُوَيِّصة) كلاهما بالحاء المهملة (في فقير من البئر) بتقديم الفاء (ما قتلناه قال لمحيصة كبر كبر) أي: دع الكلام، إلى أكبر منك يريد حويصة، وقد سلف أن الدعوى كانت لعبد الرَّحْمَن فإنَّه أخو المقتول إلَّا أن الغرض كان عرض القضية فلهذا أولى الكلام الأكبر (فوداه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-) من بيت المال قطعًا للنزاع. باب هل يجوز للحاكم أن يبعث رجلًا وحده للنظر في الأمر 7193 - 7194 - (ابن أبي ذئب) بلفظ الحيوان المعروف محمَّد بن عبد الرَّحْمَن (الجهني) بضم الجيم نسبة إلى جهينة قبيلة من الأعراب، روى في الباب حديث العسيف، وهو الأجير الذي زنى بامرأة المشاجر، وقد سلف الحديث في أبواب الزنا وغيرها،

40 - باب ترجمة الحكام، وهل يجوز ترجمان واحد

رَسُولَ اللَّهِ اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ فَقَامَ خَصْمُهُ فَقَالَ صَدَقَ فَاقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ. فَقَالَ الأَعْرَابِىُّ إِنَّ ابْنِى كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ، فَقَالُوا لِى عَلَى ابْنِكَ الرَّجْمُ. فَفَدَيْتُ ابْنِى مِنْهُ بِمِائَةٍ مِنَ الْغَنَمِ وَوَلِيدَةٍ، ثُمَّ سَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ فَقَالُوا إِنَّمَا عَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ، أَمَّا الْوَلِيدَةُ وَالْغَنَمُ فَرَدٌّ عَلَيْكَ، وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَأَمَّا أَنْتَ يَا أُنَيْسُ - لِرَجُلٍ - فَاغْدُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَارْجُمْهَا». فَغَدَا عَلَيْهَا أُنَيْسٌ فَرَجَمَهَا. طرفه 2314 40 - باب تَرْجَمَةِ الْحُكَّامِ، وَهَلْ يَجُوزُ تُرْجُمَانٌ وَاحِدٌ 7195 - وَقَالَ خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَهُ أَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ وموضع الدلالة قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنس (اغد إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها) فإن هذه قضية شرعية فيها قتل النفس باعترافه عند من أرسله الحاكم للنظر فيها فكان نائبًا عنه في إجراء ذلك الحكم، فدل على جوازه لكل حاكم، فعلى هذا قوله هل يجوز للحاكم في الترجمة بصيغة الاستفهام إشارة إشارة إلى محمَّد بن الحسن فإنَّه لا يُجَوّز الحكم للقاضي بإقرار الخصم إلَّا إذا أشهد عليه غيره، وهذا الذي قالوا لا تعلق له بهذه الترجمة إذ لو كان الغرض ذلك لقال: هل يجوز حكم القاضي بإقرار الخصم من غير إشهاد؟ بل الغرض كما أشرنا إليه أن رجلًا واحدًا إذا ولي قضية من حاكم قام مقام الحاكم في ذلك الحكم، فدلالة الحديث على هذا المعنى ظاهرة فلا يعدل عنه (لأقضين بينكما بكتاب الله) أي: بحكم فإن الرجم والتغريب ليس في كتاب الله (فردٌّ عليك) أي مردود. باب ترجمة الحاكم وهل يجوز ترجمان واحد التُرجمان بضم التاء وفتحها اسم بمعنى الترجمة، والترجمة في الأصل نقل معنى اللغة إلى لغة أخرى، ثم اتسع فيه، أتى بصيغة هل إشارة إلى الخلاف في المسألة، فإن الواحد كافٍ عند أبي حنيفة وفي رواية عن أَحْمد، وقال الشَّافعيّ وغيره: إذا لم يعرف القاضي لسان الخصم لا بد من شاهدين، واستدل البُخَارِيّ على أن الواحد كافٍ بأن زيد بن ثابت كان نقل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معاني الكتب التي تأتيه إلى لغة العرب، وبقصة هرقل لما دعا

41 - باب محاسبة الإمام عماله

يَتَعَلَّمَ كِتَابَ الْيَهُودِ، حَتَّى كَتَبْتُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - كُتُبَهُ، وَأَقْرَأْتُهُ كُتُبَهُمْ إِذَا كَتَبُوا إِلَيْهِ، وَقَالَ عُمَرُ وَعِنْدَهُ عَلِىٌّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَعُثْمَانُ مَاذَا تَقُولُ هَذِهِ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَاطِبٍ فَقُلْتُ تُخْبِرُكَ بِصَاحِبِهِمَا الَّذِى صَنَعَ بِهِمَا. وَقَالَ أَبُو جَمْرَةَ كُنْتُ أُتَرْجِمُ بَيْنَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَبَيْنَ النَّاسِ. وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ لاَ بُدَّ لِلْحَاكِمِ مِنْ مُتَرْجِمَيْنِ. 7196 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ هِرَقْلَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ فِي رَكْبٍ مِنْ قُرَيْشٍ، ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ قُلْ لَهُمْ إِنِّى سَائِلٌ هَذَا، فَإِنْ كَذَبَنِى فَكَذِّبُوهُ. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فَقَالَ لِلتَّرْجُمَانِ قُلْ لَهُ إِنْ كَانَ مَا تَقُولُ حَقًّا فَسَيَمْلِكُ مَوْضِعَ قَدَمَىَّ هَاتَيْنِ. طرفه 7 41 - باب مُحَاسَبَةِ الإِمَامِ عُمَّالَهُ 7197 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى حُمَيْدٍ السَّاعِدِىِّ ـــــــــــــــــــــــــــــ بترجمانه وسأل أَبا سفيان أخبار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونقلها له، ووجه الدلالة في حديث هرقل وهو نصراني، قيل: تقرير ابن عباس وعدم إنكاره وارتضاه، ولذلك كان يترجم عنده واحد، والحق في هذه المسألة مع أنَّهم اضطربوا فيه ولم يحم أحد حوله أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما بلغه دعاؤه بترجمانه وسماعه منه تلك الأخبار المطولة المفصلة ولم ينكر منها شيئًا، دل على أن ما فعله كان صوابًا. (وقال عمر وعنده علي وعبد الرَّحْمَن بن عوف: ما تقول هذه؟) كانت جارية سوداء نوبية كانت حبلى، جاءت تذكر شأنها لعمر في خلافته فلم يعرف لسانها فأخبره ابن حاطب مقالتها، فدل على الاكتفاء بواحد، والجواب عن هذه الآلة أن الأدلة فيها، فإن كلها من قبيل الإخبار، والمترجم في حقوق النَّاس كالشاهد في المعنى (وقال بعض النَّاس) هو الإِمام الشَّافعيّ. باب محاسبة الإِمام عماله 7197 - (محمَّد) كذا وقع غير منسوب، قال ابن السكن: وأبو نصر هو ابن سلام (أبو حميد الساعدي) واسمه المنذر، روى في الباب حديث ابن الأتبية عامل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،

42 - باب بطانة الإمام وأهل مشورته

أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - اسْتَعْمَلَ ابْنَ الأُتَبِيَّةِ عَلَى صَدَقَاتِ بَنِى سُلَيْمٍ، فَلَمَّا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَحَاسَبَهُ قَالَ هَذَا الَّذِى لَكُمْ، وَهَذِهِ هَدِيَّةٌ أُهْدِيَتْ لِى. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «فَهَلاَّ جَلَسْتَ فِي بَيْتِ أَبِيكَ وَبَيْتِ أُمِّكَ حَتَّى تَأْتِيَكَ هَدِيَّتُكَ، إِنْ كُنْتَ صَادِقًا». ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَخَطَبَ النَّاسَ وَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّى أَسْتَعْمِلُ رِجَالاً مِنْكُمْ عَلَى أُمُورٍ مِمَّا وَلاَّنِى اللَّهُ، فَيَأْتِى أَحَدُكُمْ فَيَقُولُ هَذَا لَكُمْ وَهَذِهِ هَدِيَّةٌ أُهْدِيَتْ لِى فَهَلاَّ جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَبَيْتِ أُمِّهِ حَتَّى تَأْتِيَهُ هَدِيَّتُهُ إِنْ كَانَ صَادِقًا، فَوَاللَّهِ لاَ يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مِنْهَا شَيْئًا - قَالَ هِشَامٌ - بِغَيْرِ حَقِّهِ إِلاَّ جَاءَ اللَّهَ يَحْمِلُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَلاَ فَلأَعْرِفَنَّ مَا جَاءَ اللَّهَ رَجُلٌ بِبَعِيرٍ لَهُ رُغَاءٌ، أَوْ بِبَقَرَةٍ لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةٍ تَيْعَرُ». ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ «أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ». طرفه 925 42 - باب بِطَانَةِ الإِمَامِ وَأَهْلِ مَشُورَتِهِ الْبِطَانَةُ الدُّخَلاَءُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وحديثه تقدم آنفًا بورقة في باب هدية العمال وموضع الدلالة هنا قوله: (فلما جاء حاسبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) فدل على أن الإِمام يباشر محاسبة العمال بنفسه ليطلع على أمانة النَّاس وأهليتهم للولايات وعدم استحقاقهم، ألا ترى إلى إظهار الغضب على ابن الأُتبية لما قال: (هذا لكم وهذا أهدي إلى) وفيه نصح للسامعين، وتنقل إلى آخر الدهر (تيغر) بفتح الفوقانية وسكون التحتانية من اليعار بالضم صوت الغنم (فلأعرفن ما جاء الله) قيل: الكلام لآيات الله أخذ بهذه الصفة فعدل إلى هذه العبارة لما فيها من مبالغات شتى نفي الشيء بنفي لازمه وإسناد إلى نفسه ثم تأكيده بالنُّون المثقلة. باب بطانة الإِمام وأَهل مشورته قال ابن الأثير: بطانة الرَّجل صاحب سره وداخلة أمره الذي يشاوره في أحواله، وقول البُخَارِيّ: (البطانة: الدخلاء) تفسير لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ} [آل عمران: 118].

7198 - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا بَعَثَ اللَّهُ مِنْ نَبِىٍّ وَلاَ اسْتَخْلَفَ مِنْ خَلِيفَةٍ، إِلاَّ كَانَتْ لَهُ بِطَانَتَانِ، بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالْمَعْرُوفِ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، وَبِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالشَّرِّ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، فَالْمَعْصُومُ مَنْ عَصَمَ اللَّهُ تَعَالَى». وَقَالَ سُلَيْمَانُ عَنْ يَحْيَى أَخْبَرَنِى ابْنُ شِهَابٍ بِهَذَا، وَعَنِ ابْنِ أَبِى عَتِيقٍ وَمُوسَى عَنِ ابْنِ شِهَابٍ مِثْلَهُ، وَقَالَ شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ قَوْلَهُ. وَقَالَ الأَوْزَاعِىُّ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ سَلاَّمٍ حَدَّثَنِى الزُّهْرِىُّ حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ ابْنُ أَبِى حُسَيْنٍ وَسَعِيدُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ قَوْلَهُ. وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى جَعْفَرٍ حَدَّثَنِى صَفْوَانُ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى أَيُّوبَ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 6611 ـــــــــــــــــــــــــــــ 7198 - (أَصبغ) بفتح الهمزة وغين معجمة (ما بعث الله من نبي ولا استخلف من خليفة إلَّا وكانت له بطانتان) أي جرت عادته بذلك (بطانة تأمره بالخير وتحضه عليه) خبر مبتدأ أي إحداهما (وبطانة تأمره بالشر) ابتلاء من الله (والمعصوم مَنْ عصم الله) لا نجاة من شره إلَّا بعصمة الله لأن النفس أمارة، والشيطان في الوسوسة ملازم. (وقال سليمان) هو ابن بلال، و (يحيى) وهو ابن سعد (وعن ابن أبي عتيق) هو محمَّد بن عبد الله، عطف على يحيى (مثله) أي مثل الأول في المعنى (وقال الأَوْزَاعِيّ) هو الإِمام الجليل إمام أهل الشَّام (ومعاوية بن سلَّام) بتشديد اللام، وهذا التعليق عنهما رواه التِّرْمِذِيّ مسندًا (وقال ابن أبي حسين) هو عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أبي حسين (وقال عبيد الله بن أبي جعفر) تعليقه أسنده النَّسائيّ، عبد الله هذا هو المصري أبوه أبو جعفر اسمه يسار ضد اليمين، وإنما روى الحديث تارة مسندًا وتارة تعليقًا مرفوعًا، وتارة موقوفًا إشارة إلى إحاطته بالحديث من طرق شتى، لله دُرُّه.

43 - باب كيف يبايع الإمام الناس

43 - باب كَيْفَ يُبَايِعُ الإِمَامُ النَّاسَ 7199، 7200 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَادَةُ بْنُ الْوَلِيدِ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي الْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ. طرفه 18 وَأَنْ لاَ نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ، وَأَنْ نَقُومَ - أَوْ نَقُولَ - بِالْحَقِّ حَيْثُمَا كُنَّا لاَ نَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لاَئِمٍ». طرفه 7056 7201 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي غَدَاةٍ بَارِدَةٍ وَالْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ يَحْفِرُونَ الْخَنْدَقَ فَقَالَ «اللَّهُمَّ إِنَّ الْخَيْرَ خَيْرُ الآخِرَهْ فَاغْفِرْ لِلأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَهْ» فَأَجَابُوا: نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا ... عَلَى الْجِهَادِ مَا بَقِينَا أَبَدَا 7202 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ كُنَّا إِذَا بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ يَقُولُ لَنَا «فِيمَا اسْتَطَعْتَ». ـــــــــــــــــــــــــــــ باب كيف يبايع الإِمام النَّاس المراد من الكيفية كيفية القول لا الفعل، والمضبوط منها سبعة ألفاظ: البيعة على السمع والطاعة، وعلى الهجرة، وعلى عدم الفرار، وعلى الإِسلام، وعلى بيعة النساء. 7199 - 7200 - (عن عبادة بن الصامت) أحد النقباء ليلة العقبة (بايعنا رسول الله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي: ليلة العقبة (على السمع والطاعة في المنشط والمكره) مصدران أي في حالتي النشاط والكراهة، ويجوز أن يكونا اسمي الزمان والمكان (وأن لا ننازع الأمر أهله) هو الإمارة. 7201 - (حميد) بضم الحاء مصغر، سلف هذا الحديث في غزوة الخندق، وموضع الدلالة قولهم: (نحن الذين بايعوا محمدًا على الجهاد). 7202 - (عن ابن عمر: كنا إذا بايعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: فيما استطعتم) وفي بعضها

7203 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ قَالَ شَهِدْتُ ابْنَ عُمَرَ حَيْثُ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ - قَالَ - كَتَبَ إِنِّى أُقِرُّ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لِعَبْدِ الْمَلِكِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى سُنَّةِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ مَا اسْتَطَعْتُ، وَإِنَّ بَنِىَّ قَدْ أَقَرُّوا بِمِثْلِ ذَلِكَ. طرفاه 7205، 7272 7204 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا سَيَّارٌ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ بَايَعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، فَلَقَّنَنِى، فِيمَا اسْتَطَعْتُ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ. طرفه 57 7205 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ قَالَ لَمَّا بَايَعَ النَّاسُ عَبْدَ الْمَلِكِ كَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ عَبْدِ الْمَلِكِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِنِّى أُقِرُّ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لِعَبْدِ اللَّهِ عَبْدِ الْمَلِكِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، عَلَى سُنَّةِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ، فِيمَا اسْتَطَعْتُ، وَإِنَّ بَنِىَّ قَدْ أَقَرُّوا بِذَلِكَ. طرفه 7203 7206 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا حَاتِمٌ عَنْ يَزِيدَ قَالَ قُلْتُ لِسَلَمَةَ عَلَى أَىِّ شَىْءٍ بَايَعْتُمُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ قَالَ عَلَى الْمَوْتِ. طرفه 2960 ـــــــــــــــــــــــــــــ بصيغة الإفراد، وفائدة هذا القيد [ألا] يوقع نفسه في التهلكة إذ {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286]. 7203 - 7204 - (عن عبد الله بن دينار: شهدت ابن عمر حين اجتمع النَّاس على عبد الملك) أي: بعد قتل ابن الزُّبير، وذلك أن [ابن] عمر لم يبايع لأحد عند الخلاف، لم يبايع عليًّا ولا معاوية حتَّى قتل علي وسلم الحسن الأمر لمعاوية (كتب إني أقر بالسمع والطاعة لعبد الله عبد الملك وإن بنيّ أقروا بذلك) وزاد في حديث جرير (والنصح لكل مسلم) قال ابن الأثير: النصح كله جامعة لكل خير. 7206 - (قلت لسلمة: على أي شيء بايعتم النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - يوم الحديبية؟ قال على الموت). فإن قلت: في الرواية الأخرى: بايعنا أن لا نفر؟ قلت: متلازمان في المعنى.

7207 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَنَّ حُمَيْدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَهُ أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَهُ. أَنَّ الرَّهْطَ الَّذِينَ وَلاَّهُمْ عُمَرُ اجْتَمَعُوا فَتَشَاوَرُوا، قَالَ لَهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ لَسْتُ بِالَّذِى أُنَافِسُكُمْ عَلَى هَذَا الأَمْرِ، وَلَكِنَّكُمْ إِنْ شِئْتُمُ اخْتَرْتُ لَكُمْ مِنْكُمْ. فَجَعَلُوا ذَلِكَ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَلَمَّا وَلَّوْا عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَمْرَهُمْ فَمَالَ النَّاسُ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَتَّى مَا أَرَى أَحَدًا مِنَ النَّاسِ يَتْبَعُ أُولَئِكَ الرَّهْطَ وَلاَ يَطَأُ عَقِبَهُ، وَمَالَ النَّاسُ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ يُشَاوِرُونَهُ تِلْكَ اللَّيَالِىَ حَتَّى إِذَا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِى أَصْبَحْنَا مِنْهَا، فَبَايَعْنَا عُثْمَانَ قَالَ الْمِسْوَرُ طَرَقَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بَعْدَ هَجْعٍ مِنَ اللَّيْلِ فَضَرَبَ الْبَابَ حَتَّى اسْتَيْقَظْتُ فَقَالَ أَرَاكَ نَائِمًا، فَوَاللَّهِ مَا اكْتَحَلْتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ بِكَبِيرِ نَوْمٍ، انْطَلِقْ فَادْعُ الزُّبَيْرَ وَسَعْدًا، فَدَعَوْتُهُمَا لَهُ فَشَاوَرَهُمَا ثُمَّ دَعَانِى فَقَالَ ادْعُ لِى عَلِيًّا. فَدَعَوْتُهُ فَنَاجَاهُ حَتَّى ابْهَارَّ اللَّيْلُ، ثُمَّ قَامَ عَلِىٌّ مِنْ عِنْدِهِ، وَهْوَ عَلَى طَمَعٍ، وَقَدْ كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَخْشَى مِنْ عَلِىٍّ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ ادْعُ لِى عُثْمَانَ، فَدَعَوْتُهُ فَنَاجَاهُ حَتَّى فَرَّقَ بَيْنَهُمَا الْمُؤَذِّنُ بِالصُّبْحِ، فَلَمَّا صَلَّى لِلنَّاسِ الصُّبْحَ وَاجْتَمَعَ أُولَئِكَ الرَّهْطُ عِنْدَ الْمِنْبَرِ، فَأَرْسَلَ إِلَى مَنْ كَانَ حَاضِرًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ، وَأَرْسَلَ إِلَى أُمَرَاءِ الأَجْنَادِ وَكَانُوا وَافَوْا تِلْكَ الْحَجَّةَ مَعَ عُمَرَ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا تَشَهَّدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ يَا عَلِىُّ، إِنِّى قَدْ نَظَرْتُ فِي أَمْرِ النَّاسِ فَلَمْ أَرَهُمْ يَعْدِلُونَ بِعُثْمَانَ، فَلاَ تَجْعَلَنَّ عَلَى نَفْسِكَ سَبِيلاً. فَقَالَ أُبَايِعُكَ عَلَى سُنَّةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْخَلِيفَتَيْنِ مِنْ بَعْدِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 7207 - (جويرية) بضم الجيم [مصغر] جارية (أن المسور بن مخرمة) بكسر الميم (أن الرهط الذين ولاهم عمر) هم الستة أصحاب الشورى عثمان وعلي وطلحة والزُّبير وسعد وعبد الرَّحْمَن بن عوف (قال عبد الرَّحْمَن: لست بالذي أنافسكم فيه) المنافسة هو النزاع (طرقني عبد الرَّحْمَن بعد هجع من الليل) أي ذهاب قطعة منه من الهجوع وهو النَّوم بالليل (وقد كان عبد الرَّحْمَن يخشى من علي شيئًا) نصب على المصدر، أي شيئًا من الخوف (ابهارّ الليل) مضى نصفه، وبهرة كل شيء أوسطه (وأرسل إلى أمراء الأجناد) هم معاوية أمير الشَّام، وعمرو بن العاص أمير مصر، والمغيرة بن شعبة أمير الكوفة، وعمرو بن سعيد أمير حمص، وأبو موسى الأَشْعريّ أمير البصرة (كانوا وافوا تلك الحجة مع عمر) ابن الخَطَّاب يوم الأربعاء لثلاث بقين من ذي الحجة التي حج فيها عمر (فقال يَا علي: إنِّي نظرت في أمر النَّاس فلم أرهم يعدلون بعثمان فلا تجعل على نفسك سبيلًا) أي طريقًا للملامة إن لم يوافق الجماعة (فقال: أبايعك على سنة الله ورسوله) القائل هو عبد الرَّحْمَن يخاطب عثمان، ومن عكس فقد عُكِس، ألا ترى إلى قوله:

44 - باب من بايع مرتين

فَبَايَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَبَايَعَهُ النَّاسُ الْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ وَأُمَرَاءُ الأَجْنَادِ وَالْمُسْلِمُونَ. طرفه 1392 44 - باب مَنْ بَايَعَ مَرَّتَيْنِ 7208 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ قَالَ بَايَعْنَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَقَالَ لِى «يَا سَلَمَةُ أَلاَ تُبَايِعُ». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ بَايَعْتُ فِي الأَوَّلِ. قَالَ «وَفِى الثَّانِى». طرفه 2960 45 - باب بَيْعَةِ الأَعْرَابِ 7209 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الإِسْلاَمِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ (فبايعه الناس) ولو كان كما توهم لزم أن يكون الناس بايعوا عبد الرحمن. باب من بايع مرتين 7208 - (أبو عاصم) هو الضحاك بن مخلد النبيل، روى حديث سلمة بن الأكوع (بايعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحت الشجرة) وقد سلف في صلح الحديبية، موضع الدلالة هنا قوله: (قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا سلمة ألا تبايع؟ فقلت: قد بايعت في الأولى) أي: في المرة الأولى، وفي بعضها: في الأول أي أول الأمر قيل: إنما بايعه مرتين لأنه كان شجاعًا وفيه نظر، إذ كم أشجع منه [في] الناس ولم تكن أيضًا ظهرت شجاعته بعد، وإنما ظهرت حين أخذوا سرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة ذي قرط كما سلف هناك، والأحسن، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أراد الملاطفة معه، فإنه كان رجلًا فقيرًا سائسًا لفرس أبي طلحة كما صرح به هناك، ونظير هذه الملاطفة إردافه يوم ذي قرط على ناقته مع أنه كان يمكن أن يقول لأحد من القوم بأن يردفه. باب بيعة الأعراب هم سكان البوادي جمع لا مفرد له. 7209 - (عن جابر بن عبد الله: أن أعرابيًّا بايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الإسلام

46 - باب بيعة الصغير

فَأَصَابَهُ وَعْكٌ فَقَالَ أَقِلْنِى بَيْعَتِى. فَأَبَى، ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ أَقِلْنِى بَيْعَتِى. فَأَبَى، فَخَرَجَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «الْمَدِينَةُ كَالْكِيرِ، تَنْفِى خَبَثَهَا، وَيَنْصَعُ طِيبُهَا». طرفه 1883 46 - باب بَيْعَةِ الصَّغِيرِ 7210 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ - هُوَ ابْنُ أَبِى أَيُّوبَ - قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو عَقِيلٍ زُهْرَةُ بْنُ مَعْبَدٍ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِشَامٍ وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَذَهَبَتْ بِهِ أُمُّهُ زَيْنَبُ ابْنَةُ حُمَيْدٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَايِعْهُ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «هُوَ صَغِيرٌ» فَمَسَحَ رَأْسَهُ وَدَعَا لَهُ، وَكَانَ يُضَحِّى بِالشَّاةِ الْوَاحِدَةِ عَنْ جَمِيعِ أَهْلِهِ. طرفه 2501 ـــــــــــــــــــــــــــــ فأصاب الأعرابي وعك) بالمدينة، أي: حمّى، الوعك: بفتح الواو والعين، وقد يسكن الحمى، قال الأصمعي: أصلها شدة الحر (فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: أقلني بيعتي) اتفقوا على أنه أراد الإقالة عن بيعة الإسلام، وليس بصحيح إذ لو كان ذلك لكان مرتدًا يقتل بل كانت الإقالة عن الهجرة فإنها كانت فرضًا على كل مسلم قبل الفتح. قال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} [الأنفال: 72] وإنما كانت إقالته عن الهجرة فإنه كان هاجر إلى المدينة ألا ترى إلى قوله: (فخرج الأعرابي) فدل صريحًا على ما قلنا (المدينة كالكير) بكسر الكاف المنفاخ، وموضع النار هو الكور (تنفي خبثها) بفتح التاء، وكذا (تنصَع) ويروى بضم التاء ونصب ما بعده يقال: نصع إذا ظهر نصعه غيره أظهره. باب بيعه الصغير أي بيان حكم بيعة الصغير. 7210 - (أبو عقيل) بفتح العين (زُهرة بن معبد) بضم الزاي وفتح الميم، روى حديث عبد الله بن هشام، وقد سلف في أبواب الدعوات، وموضع الدلالة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يبايعه لصغره، والحكمة فيه أنه ليس له ذمة تحمل البيعة لأنه غير مكلف والبيعة تشتمل على الأحكام ثم قال.

47 - باب من بايع ثم استقال البيعة

47 - باب مَنْ بَايَعَ ثُمَّ اسْتَقَالَ الْبَيْعَةَ 7211 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الإِسْلاَمِ فَأَصَابَ الأَعْرَابِىَّ وَعْكٌ بِالْمَدِينَةِ، فَأَتَى الأَعْرَابِىُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقِلْنِى بَيْعَتِى، فَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ أَقِلْنِى بَيْعَتِى فَأَبَى، ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ أَقِلْنِى بَيْعَتِى فَأَبَى فَخَرَجَ الأَعْرَابِىُّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّمَا الْمَدِينَةُ كَالْكِيرِ تَنْفِى خَبَثَهَا وَيَنْصَعُ طِيبُهَا». طرفه 1883 48 - باب مَنْ بَايَعَ رَجُلاً لاَ يُبَايِعُهُ إِلاَّ لِلدُّنْيَا 7212 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِى حَمْزَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلاَ يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ رَجُلٌ عَلَى فَضْلِ مَاءٍ بِالطَّرِيقِ يَمْنَعُ مِنْهُ ابْنَ السَّبِيلِ، وَرَجُلٌ بَايَعَ إِمَامًا لاَ يُبَايِعُهُ إِلاَّ لِدُنْيَاهُ، إِنْ أَعْطَاهُ مَا يُرِيدُ وَفَى لَهُ، وَإِلاَّ لَمْ يَفِ لَهُ، وَرَجُلٌ يُبَايِعُ رَجُلاً ـــــــــــــــــــــــــــــ باب من بايع ثم استقال البيعة 7211 - وروى فيه حديث الأعرابي، وقد سلف آنفًا في باب بيعة الأعراب، وفيه زيادة ثلاث مرات. باب من بايع رجلًا لا يبايعه إلا للدنيا 7212 - (عبدان) على وزن شعبان (عن أبي حمزة) بالحاء المهملة محمد بن ميمون (عن أبي صالح) ذكوان السمان (ثلاثة [لا] يكلمهم الله يوم القيامة) كناية عن الإهانة (ولا يزكيهم). في رواية مسلم عن أبي معاوية زيادة قوله "ولا ينظر إليهم" وبه يوافق الآية في آل عمران {أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ} [آل عمران: 77] إلى آخر الآية، وحديث الباب سلف في أبواب الشرب، وقد حققنا المسألة هناك فراجعه، وموضع الدلالة هنا قوله (بايعَ إمامًا لا يبايعه إلا للدنيا) أي: لا يقصد بالبيعة طاعة الله لمن يستحق الإمامة (ورجلٌ يبايع رجلًا

49 - باب بيعة النساء

بِسِلْعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ فَحَلَفَ بِاللَّهِ لَقَدْ أُعْطِىَ بِهَا كَذَا وَكَذَا فَصَدَّقَهُ، فَأَخَذَهَا، وَلَمْ يُعْطَ بِهَا». طرفه 2358 49 - باب بَيْعَةِ النِّسَاءِ رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 7213 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلاَنِىُّ أَنَّهُ سَمِعَ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ يَقُولُ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ فِي مَجْلِسٍ «تُبَايِعُونِى عَلَى أَنْ لاَ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلاَ تَسْرِقُوا، وَلاَ تَزْنُوا، وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلاَدَكُمْ، وَلاَ تَأْتُوا بِبُهْتَانٍ تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ ـــــــــــــــــــــــــــــ بعد العصر فحلف لقد أُعطي بها كذا) بضم الهمزة هنا، وفي قوله: (لم يُعطَ بها) على بناء المجهول فيهما، ويروى بالفتح في الأول وبناء الفعل للفاعل فيهما قال شيخ الإسلام: والفتح أرجح على أن الضمير فيه للحالف. قلت: وجه الأرجحية أنه جاء في الرواية الأخرى: فحلف له لقد أخذها بكذا فتوافق هذه الرواية تلك، وقيد بعد العصر، قيل: لأنه وقت شريف ترفع فيه الأعمال، وتجتمع فيه الملائكة، وفيه نظر؛ لأن وقت آخر النهار وانقطاع المكاسب، والإنسان يحتاج إلى النفقة، فأكثر ما يقع اليمين في ذلك الوقت، والدليل عليه سائر الروايات بدون هذا القيد، كيف ولو كان قيدًا يلزم منه أن لا يكون هذا الوعيد في غير ذلك الوقت. باب بيعة النساء (رواه ابن عباس) يشير إلى ما رواه عنه في أبواب العيدين أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ عليهن يوم الفطر {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا} [الممتحنة: 12] إلى آخر الآية. 7213 - (أبو إدريس الخولاني) بفتح الخاء، ثم روى عن عبادة بن الصامت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لهم: (بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئًا) إلى آخر الحديث وقد سلف، والغرض أن بيعة الرجال مثل ما قال في كتابه في بيعة النساء، ولهذا روى البخاري

أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ وَلاَ تَعْصُوا فِي مَعْرُوفٍ، فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ فِي الدُّنْيَا فَهْوَ كَفَّارَةٌ لَهُ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَسَتَرَهُ اللَّهُ فَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ وَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ»، فَبَايَعْنَاهُ عَلَى ذَلِكَ. طرفه 18 7214 - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُبَايِعُ النِّسَاءَ بِالْكَلاَمِ بِهَذِهِ الآيَةِ (لاَ يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا) قَالَتْ وَمَا مَسَّتْ يَدُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَ امْرَأَةٍ، إِلاَّ امْرَأَةً يَمْلِكُهَا. طرفه 2713 ـــــــــــــــــــــــــــــ حديثه في باب بيعة النساء، وقد وقع في رواية مسلم أن عبادة قال: "أخذ علينا البيعة كما أخذها على النساء" (من أصاب من ذلك شيئًا فستره الله عليه فأمره إلى الله إن شاء عاقبه، وإن شاء عفا عنه). فإن قلت: في الأمور المذكورة قتل النفس والسرقة والبهتان وهي حقوق العباد فكيف يعفو الله عنه؟ قلت: معنى قولهم: إن حقوق العباد لا تسقط أن الله يوصله إليه لا محالة، إما بأن يأخذ من عمل الظالم ويعطيه المظلوم ويكون قصاصًا، وإما أن يرضي خصمه من خزائن فضله فلا إشكال. 7214 - (محمود) هو ابن غيلان (معمر) بفتح الميمين وسكون العين (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يبايع النساء بالكلام، وما مست يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يد امرأة). فإن قلت: في رواية مسلم "ما مست يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يد امرأة قط إلا أن يأخذ عليها البيعة" فكيف الجمع؟ قلت: قال النووي: الاستثناء منقطع تقديره: لكن يأخذ عليها بالقول، قلت: يدل على هذا قوله في الحديث: "ثم يقول لها قد بايعتك" إذ لو كان مس باليد لكان تقدير هذا القول حين المس، وتحقيقه لم يمس يد امرأة، ولكن يأخذ عليها البيعة بأن يتلو عليها فإذا قبلتِ تلك الأحكام فقد بايعتك.

50 - باب من نكث بيعة

7215 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ حَفْصَةَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ بَايَعْنَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَرَأَ عَلَىَّ (أَنْ لاَ يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا) وَنَهَانَا عَنِ النِّيَاحَةِ، فَقَبَضَتِ امْرَأَةٌ مِنَّا يَدَهَا فَقَالَتْ فُلاَنَةُ أَسْعَدَتْنِى وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَجْزِيَهَا، فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا، ثُمَّ رَجَعَتْ، فَمَا وَفَتِ امْرَأَةٌ إِلاَّ أُمُّ سُلَيْمٍ وَأُمُّ الْعَلاَءِ، وَابْنَةُ أَبِى سَبْرَةَ امْرَأَةُ مُعَاذٍ أَوِ ابْنَةُ أَبِى سَبْرَةَ وَامْرَأَةُ مُعَاذٍ. طرفه 1306 50 - باب مَنْ نَكَثَ بَيْعَةً وَقَوْلِهِ تَعَالَى (إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهِ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا). ـــــــــــــــــــــــــــــ 7215 - (أم عطية) على وزن وصية ونسيبة (أم سليم) بضم السين مصغر (أم العلاء) بفتح العين والمد (ونهانا عن النياحة فقبضت امرأة يدها). فإن قلت: هذا يدل على أنه كان يبايعهن باليد؟ قلت: أجيب بأنه ربما كانت المبايعة باليد مع الحائل وبالإشارة باليد، فلا ينافي المس المذكور فإن المراد منه بلا حائل، وهذا تكلف لا دلالة للفظ عليه، بل الصواب أن قبض اليد كناية عن الامتناع، قال الله تعالى في شأن المنافقين: {وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ} [التوبة: 67] أي يمتنعون عن أداء الصدقة، وهذا متعارف، يقولون: فلان قبض يده عن كذا إذا امتنع منه. (فلانة أسعدتني وأنا أريد أجزيها) فإن قلت: النياحة من الكبائر فكيف أذن لها؟ قلت: لم يأذن لها ولم يكن بعد آمنت، ولم تكن عليها أحكام الإسلام، وقيل: لعله علم أن هذه النياحة ليست من جنس النياحة المحرمة، وليس شيء من النياحة ليس بمباح، وأيضًا قبض يدها إنما كان لأن النياحة هي النياحة المحرمة. (أم سليم) بضم السين مصغر و (أم العلاء) بفتح العين والمد (وبنت سبرة) بفتح السين وسكون الموحدة (أو بنت أبي سبرة وامرأة معاذ) وقد تقدم في أبواب الجنائز أن النسوة اللاتي وفين بالشرط خمس، وهذا الالتباس من حفصة بنت سيرين. باب من نكث بيعة

51 - باب الاستخلاف

7216 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ سَمِعْتُ جَابِرًا قَالَ جَاءَ أَعْرَابِىٌّ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ بَايِعْنِى عَلَى الإِسْلاَمِ. فَبَايَعَهُ عَلَى الإِسْلاَمِ، ثُمَّ جَاءَ الْغَدَ مَحْمُومًا فَقَالَ أَقِلْنِى. فَأَبَى، فَلَمَّا وَلَّى قَالَ «الْمَدِينَةُ كَالْكِيرِ، تَنْفِى خَبَثَهَا، وَيَنْصَعُ طِيبُهَا». طرفه 1883 51 - باب الاِسْتِخْلاَفِ 7217 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - وَارَأْسَاهْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «ذَاكِ لَوْ كَانَ وَأَنَا حَىٌّ فَأَسْتَغْفِرُ لَكِ وَأَدْعُو لَكِ». فَقَالَتْ عَائِشَةُ وَاثُكْلِيَاهْ وَاللَّهِ إِنِّى لأَظُنُّكَ تُحِبُّ مَوْتِى وَلَوْ كَانَ ذَاكَ لَظَلِلْتَ آخِرَ يَوْمِكَ مُعَرِّسًا بِبَعْضِ أَزْوَاجِكَ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «بَلْ أَنَا وَارَأْسَاهْ لَقَدْ هَمَمْتُ - أَوْ أَرَدْتُ - أَنْ أُرْسِلَ إِلَى أَبِى بَكْرٍ وَابْنِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ 7216 - استدل بالآية على أن بيعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيعة مع الله، وروى فيه حديث الأعرابي الذي طلب الإقالة، وقد سلف قريبًا، وقد أشرنا إلى أن إقالته كانت من الهجرة لا من الإسلام وإلا لأمر بقتله لأنه مرتد وقوله: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، صريح في ذلك. باب الاستخلاف أي جعل الإنسان خليفة إما من الخليفة كما جعله الصديق حيث ولى عمر على المسلمين، وإما من الناس كما فعل الصحابة بأبي بكر. 7217 - 7218 - 7219 - (قالت عائشة: وارأساه) حرف ندبة، وفي أمثاله يراد به الترحم والترفق (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لو كان ذاك) إشارة إلى موتها (وأنا حي فأستغفر لك) يجوز أن تكون لو للتمني، وأن تكون للشرط وجوابه محذوف، والأول أحسن لعلمه بأن انتقاله إلى الله قبلهم لقوله: "أسرعكن لحوقًا بي أطولكن يدًا" (لظللت آخر يومكَ) بكسر اللام من الظلول وهو قضاء النهار في أمر من الأمور (لقد هممت أن أرسل إلى أبي بكر وابنه

فَأَعْهَدَ أَنْ يَقُولَ الْقَائِلُونَ أَوْ يَتَمَنَّى الْمُتَمَنُّونَ». ثُمَّ قُلْتُ يَأْبَى اللَّهُ وَيَدْفَعُ الْمُؤْمِنُونَ، أَوْ يَدْفَعُ اللَّهُ وَيَأْبَى الْمُؤْمِنُونَ. طرفه 5666 7218 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قِيلَ لِعُمَرَ أَلاَ تَسْتَخْلِفُ قَالَ إِنْ أَسْتَخْلِفْ فَقَدِ اسْتَخْلَفَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّى أَبُو بَكْرٍ، وَإِنْ أَتْرُكْ فَقَدْ تَرَكَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَثْنَوْا عَلَيْهِ فَقَالَ رَاغِبٌ رَاهِبٌ، وَدِدْتُ أَنِّى نَجَوْتُ مِنْهَا كَفَافًا لاَ لِى وَلاَ عَلَىَّ لاَ أَتَحَمَّلُهَا حَيًّا وَمَيِّتًا. 7219 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّهُ سَمِعَ خُطْبَةَ عُمَرَ الآخِرَةَ حِينَ جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَذَلِكَ الْغَدُ مِنْ يَوْمٍ تُوُفِّىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَتَشَهَّدَ وَأَبُو بَكْرٍ صَامِتٌ لاَ يَتَكَلَّمُ قَالَ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَعِيشَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى يَدْبُرَنَا - يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ آخِرَهُمْ - فَإِنْ يَكُ مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ مَاتَ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ جَعَلَ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ نُورًا تَهْتَدُونَ بِهِ بِمَا هَدَى اللَّهُ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثَانِى اثْنَيْنِ، فَإِنَّهُ أَوْلَى الْمُسْلِمِينَ بِأُمُورِكُمْ، فَقُومُوا فَبَايِعُوهُ. وَكَانَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ قَدْ بَايَعُوهُ قَبْلَ ذَلِكَ فِي سَقِيفَةِ بَنِى سَاعِدَةَ، وَكَانَتْ بَيْعَةُ الْعَامَّةِ عَلَى الْمِنْبَرِ. قَالَ الزُّهْرِىُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ لأَبِى بَكْرٍ يَوْمَئِذٍ اصْعَدِ الْمِنْبَرَ. فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى صَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَبَايَعَهُ النَّاسُ عَامَّةً. طرفه 7269 ـــــــــــــــــــــــــــــ ثم قلت: يدفع الله ويأبى المومنون) إلا أبا بكر، صرح به الرواية الأخرى. فإن قلت: هذا وحديث المرأة بعد نص في خلافته؟ قلت: أرادوا أيضًا صريحًا كما صرح به أبو بكر ألا ترى إلى قول عمر في الحديث بعده (إن لم أستخلف فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يستخلف فأثنوا عليه) أي: على عمر. (فقال: راغب وراهب) قيل: يجوز أن يريد راغب فيّ لكونه كان مقربًا عندي، وأما راهب مني لإضماره في نفسه كراهتي، والمراد: الناس في أمر الخلافة إما راغب فيها، وإما راهب منها، والوجه ما قاله القاضي: راغب فيما عند الله من العفو وراهب من عقابه يريد نفسه لاجتماع الأمرين فيها بدليل قوله هذا بعد الثناء عليه، وبدليل قوله بعده: (وددت أني نجوت كفافًا لا علي ولا لي) (وكانت بيعة العامة على المنبر) يريد الأكثر فإن عليًّا لم يكن فيهم، وكذا سعد بن عبادة.

52 - باب

7220 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَتَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - امْرَأَةٌ فَكَلَّمَتْهُ فِي شَىْءٍ فَأَمَرَهَا أَنْ تَرْجِعَ إِلَيْهِ، قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ جِئْتُ وَلَمْ أَجِدْكَ، كَأَنَّهَا تُرِيدُ الْمَوْتَ، قَالَ «إِنْ لَمْ تَجِدِينِى فَأْتِى أَبَا بَكْرٍ». طرفه 3659 7221 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنِى قَيْسُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنه - قَالَ لِوَفْدِ بُزَاخَةَ تَتْبَعُونَ أَذْنَابَ الإِبِلِ حَتَّى يُرِىَ اللَّهُ خَلِيفَةَ نَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالْمُهَاجِرِينَ أَمْرًا يَعْذِرُونَكُمْ بِهِ. 52 - بابٌ 7222 و 7223 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «يَكُونُ اثْنَا عَشَرَ أَمِيرًا - فَقَالَ كَلِمَةً لَمْ أَسْمَعْهَا فَقَالَ أَبِى إِنَّهُ قَالَ - كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ». ـــــــــــــــــــــــــــــ 7221 - (عن أبي بكر قال لوفد بزاخة: تتبعون أذناب الإبل حتى يُري الله الخليفة والمهاجرين أمرًا يعذرونكم به) بزاخة بضم الباء الموحدة بعدها زاي معجمة بعدها خاء معجمة، قال الجوهري وابن الأثير: اسم موضع كان به حرب لأبي بكر، وقد وقع عند الإسماعيلي من طرق عبد الرحمن بن مهدي ما يدل على أن بزاخة اسم جد القبيلة فإنه قال: "جاء وفد بني بزاخة"، ولفظ الحديث أيضًا عليه لأن الوفد إنما يضاف إلى القبيلة لا إلى المكان. قيل هم أسد وغطفان، وقيل أسد وطيء ارتدوا بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأرسل أبو بكر خالد بن الوليد بعد قتل مسيلمة إلى حربهم وقتل من المسلمين ومنهم خلق ثم تابوا، وأرسلوا وفدهم يسألون الصلح فتوقف أبو بكر حتى يستشير الأصحاب، وخص المهاجرين لأن الإمارة فيهم وقوله: "تتبعون أذناب الإبل" أي تسكنون في البوادي إلى أن يقع فيكم حكم. باب كذا وقع من غير ترجمة، وفي رواية أبي ذر حذف الباب. 7222 - 7223 - (يكون اثني عشر أميرًا كلهم من قريش) قيل: أراد أنه يجتمع في زمن

53 - باب إخراج الخصوم وأهل الريب من البيوت بعد المعرفة

53 - باب إِخْرَاجِ الْخُصُومِ وَأَهْلِ الرِّيَبِ مِنَ الْبُيُوتِ بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ وَقَدْ أَخْرَجَ عُمَرُ أُخْتَ أَبِى بَكْرٍ حِينَ نَاحَتْ. 7224 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِحَطَبٍ يُحْتَطَبُ، ثُمَّ آمُرَ بِالصَّلاَةِ فَيُؤَذَّنَ لَهَا، ثُمَّ آمُرَ رَجُلاً فَيَؤُمَّ النَّاسَ، ثُمَّ أُخَالِفَ إِلَى رِجَالٍ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ، وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُكُمْ أَنَّهُ يَجِدُ عَرْقًا سَمِينًا أَوْ مَرْمَاتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ لَشَهِدَ الْعِشَاءَ». قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ يُونُسُ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مِرْمَاةٌ مَا بَيْنَ ظِلْفِ الشَّاةِ مِنَ اللَّحْمِ مِثْلُ مِنْسَاةٍ وَمِيضَاةٍ. الْمِيمُ مَخْفُوضَةٌ. طرفه 644 ـــــــــــــــــــــــــــــ واحد إشارة إلى فساد الزمان، وهذا يرده رواية مسلم "لا يزال الإسلام عزيزًا إلى أن يلي اثنا عشر خليفة" ويرده أيضًا رواية أبي داود "كلهم يجتمع على الأمة". فإن قلت: قوله: "الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون ملكًا"؟ الجواب: أنه أراد بذلك خلافة النبوة وبهذه الخلافة مطلقًا. فإن قلت: إذا أريد الخلافة مطلقًا فالخلفاء أكثر من هذا العدد؟ قلت: ذكر الأقل لا يمنع الزيادة، على أنه يجوز أن يكون هؤلاء الاثنا عشر في الأزمنة المتفرقة إلى آخر الزمان، وقيل: هؤلاء الأئمة يكونون بعد المهدي، وقيل في بني أمية من عبد الملك إلى مروان الحمار. باب إخراج الخصوم وأهل الريب من البيوت بعد المعرفة 7224 - أي بعد أن يعرف حاله، احتراز عن التجسس فإنه حرام، واستدل على ذلك بإخراج عمر أختًا لأبي بكر لما ناحت، ووجه الدلالة ظاهرة، وبحديث (أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لقد هممت أن آمر بحطب) إلى آخر الحديث، وموضع الدلالة: (ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم) ووجه الدلالة أن أهل الفساد إذا جاز إحراق البيوت عليهم فالإخراج من باب الأولى (أو مرماتين) قيل: المرماة بكسر الميم ظلف الشاة، وقيل:

54 - باب هل للإمام أن يمنع المجرمين وأهل المعصية من الكلام معه والزيارة ونحوه

54 - باب هَلْ لِلإِمَامِ أَنْ يَمْنَعَ الْمُجْرِمِينَ وَأَهْلَ الْمَعْصِيَةِ مِنَ الْكَلاَمِ مَعَهُ وَالزِّيَارَةِ وَنَحْوِهِ 7225 - حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ - وَكَانَ قَائِدَ كَعْبٍ مِنْ بَنِيهِ حِينَ عَمِىَ - قَالَ سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ لَمَّا تَخَلَّفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ - فَذَكَرَ حَدِيثَهُ - وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمُسْلِمِينَ عَنْ كَلاَمِنَا، فَلَبِثْنَا عَلَى ذَلِكَ خَمْسِينَ لَيْلَةً، وَآذَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِتَوْبَةِ اللَّهِ عَلَيْنَا. طرفه 2757 ـــــــــــــــــــــــــــــ ما بين الظِّلْفَيْن، وقيل: سهم يتعلم به الرمي، وتمامه تقدم في أبواب الجماعة. باب هل للإمام أن يمنع المحبوس وأهل المعصية وفي بعضها المجرمين وأهل المعصية، الأول أحسن؛ لأن المجرم ذكرُه يغني عن ذكر المعاصي. 7225 - روى في الباب حديث كعب بن مالك وصاحبيه لما تخلفوا في غزوة تبوك. ووجه الدلالة ظاهر، فيؤخذ منه أن للإمام أن يفعل مثله والله أعلم.

94 - كتاب التمني

94 - كتاب التمني 1 - باب مَا جَاءَ فِي التَّمَنِّى وَمَنْ تَمَنَّى الشَّهَادَةَ 7226 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَوْلاَ أَنَّ رِجَالاً يَكْرَهُونَ أَنْ يَتَخَلَّفُوا بَعْدِى وَلاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُهُمْ مَا تَخَلَّفْتُ، لَوَدِدْتُ أَنِّى أُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ، ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ، ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ». طرفه 36 ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب التمني باب ما جاء في التمني وتمني الشهادة التمني يطلق على القراءة وعلى الكذب وعلى طلب مرغوب، وهذا موضوع الكتاب في التمني، وتحقيقه أنه نهاية الطلب حتى إن أصله أن يكون طلب محال بل قال قوم: لا يكون إلا محالًا كقولك: ليت الشباب يعود والحق أنه جاء في [ممكن] كثيرًا إذا كان وقوعه مستبعدًا، والرجاء: توقع مرغوب قريب الحصول. 7226 - 7227 - وروى في الباب حديث أبي هريرة من طريقين (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لولا أن رجالًا يكرهون أن يتخلفوا) وموضع الدلالة على ما ترجم قوله: (لوددت أن أُقتل ثم أحيا) ثلاث مرات، والغرض تمني الموت في سبيل الله مرارًا، وليس ذكر الثلاث للحصر، قال بعضهم: يجوز أن يكون بُعد التمني مستفادًا من قوله: (لولا أن رجالًا) لأن

2 - باب تمنى الخير

7227 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ وَدِدْتُ أَنِّى لأُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ، ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ، ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ، ثُمَّ أُحْيَا». فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُهُنَّ ثَلاَثًا أَشْهَدُ بِاللَّهِ. طرفه 36 2 - باب تَمَنِّى الْخَيْرِ وَقَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ كَانَ لِى أُحُدٌ ذَهَبًا». 7228 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَوْ كَانَ عِنْدِى أُحُدٌ ذَهَبًا، لأَحْبَبْتُ أَنْ لاَ يَأْتِىَ ثَلاَثٌ وَعِنْدِى مِنْهُ دِينَارٌ، لَيْسَ شَىْءٌ أُرْصِدُهُ فِي دَيْنٍ عَلَىَّ أَجِدُ مَنْ يَقْبَلُهُ». طرفه 2389 ـــــــــــــــــــــــــــــ حاصله تمني عدم التخلف، وهذا معنى فاسد، الأول: أن هذا ليس معنى لولا لأنها لانتفاء الثاني لوجود الأول كقولك: لولا علي لهلك عمر انتفى الهلاك من عمر لوجود علي. الثاني: الغرض بيان وجود التمني في الحديث، وظاهر أنه لا يلزم من تمني التخلف وجود التمني على الشهادة كما ترجم له. (فكان أبو هريرة يقول لها ثلاثًا) هذا من كلام الأعرج، وفي رواية سعيد في الطريق الأول: أربع، ولا تنافي لأنه حفظ ما لم يحفظ غيره. باب تمني الخير تمني الخير يشمل تمني الشهادة، وإنما أفرده بباب لعظمه. 7228 - (إسحاق بن نصر) بالصاد (معمر) بفتح الميمين وسكون العين (همام) بفتح الهاء وتشديد الميم روى عن أبي هريرة (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لو كان أحدٌ ذهبًا لأحببت أن لا يأتي ثلاث وعندي منه دينار ليس شيء أرصده لدين عليّ أجد من يقبله) قال الصّنعَاني: هكذا وقع، والصواب شيئًا بالنصب وليس كما قال فإن ليس من الأفعال الناقصة، وهنا وقعت تامة كما تقع كان تامة، ومعنى: "ليس شيء أرصده" أو فيه ضمير الشأن فلا وجه لتخطئه الثقات بعد هذا الوجه الصحيح، وقال القاضي: لا بد من تقديم وتأخير في الحديث تقديره: وعندي دينار أجد من يقبله ليس شيء أرصده، وهذا أيضًا مما لا ضرورة إليه، وذلك

3 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - «لو استقبلت من أمرى ما استدبرت»

3 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِى مَا اسْتَدْبَرْتُ» 7229 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِى عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِى مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا سُقْتُ الْهَدْىَ، وَلَحَلَلْتُ مَعَ النَّاسِ حِينَ حَلُّوا». طرفه 294 7230 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ عَنْ حَبِيبٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَبَّيْنَا بِالْحَجِّ وَقَدِمْنَا مَكَّةَ لأَرْبَعٍ خَلَوْنَ مِنْ ذِى الْحِجَّةِ، فَأَمَرَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ نَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَأَنْ نَجْعَلَهَا عُمْرَةً وَلْنَحِلَّ، إِلاَّ مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْىٌ قَالَ وَلَمْ يَكُنْ مَعَ أَحَدٍ مِنَّا هَدْىٌ غَيْرَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَطَلْحَةَ، وَجَاءَ عَلِىٌّ مِنَ الْيَمَنِ مَعَهُ الْهَدْىُ فَقَالَ أَهْلَلْتُ بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا نَنْطَلِقُ إِلَى مِنًى وَذَكَرُ أَحَدِنَا يَقْطُرُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنِّى لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ أنه لما قال: لا تأتي ثلاث وعندي دينار استثنى ذلك الدينار إشارة إلى الاهتمام بشأنه حتى لو لم يكن لبذل ذلك الدينار، وأخرج الكلام وهو مما ليس شيء في صورة الجملة المعترضة توكيدًا. باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لو استقبلت من أمري" 7229 - 7230 - تقدم هذا الحديث في أبواب الحج، وإنما ذكره هنا بمعنى التمني وذلك أنه لما أمر أصحابه بأن يجعلوا الحج عمرة وشق عليهم تمنى أن لو لم يَسُق الهدي فإنه كان جعل الإحرام إلى العمرة ميسرًا، فإذا فعله ووافقهم زال عنهم الغم، وذلك لحرصهم على موافقته في كل ما يفعله، وأيضًا كان أمرًا منكرًا في الجاهلية يعدونه أفجر الفجور ثم بعد الإحلال من العمرة إنشاء الحج أيضًا كان شاقًّا عليهم. ألا ترى إلى قولهم: (يذهب إلى منى وذكره يقطر منيًا). (عقيل) بضم العين مصغر، وكذا (زريع) مصغر زرع (حبيب) ضد العدو (قدمنا مكة فأمرنا أن نطوف ونحل). فإن قلت: في حديث عائشة أن أمره كان وهو بسرف؟ قلت: كان هناك على وجه

4 - باب قوله - صلى الله عليه وسلم - ليت كذا وكذا

أَمْرِى مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا أَهْدَيْتُ، وَلَوْلاَ أَنَّ مَعِى الْهَدْىَ لَحَلَلْتُ». قَالَ وَلَقِيَهُ سُرَاقَةُ وَهْوَ يَرْمِى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَنَا هَذِهِ خَاصَّةً قَالَ «لاَ بَلْ لأَبَدٍ». قَالَ وَكَانَتْ عَائِشَةُ قَدِمَتْ مَكَّةَ وَهْىَ حَائِضٌ، فَأَمَرَهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تَنْسُكَ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا، غَيْرَ أَنَّهَا لاَ تَطُوفُ وَلاَ تُصَلِّى حَتَّى تَطْهُرَ، فَلَمَّا نَزَلُوا الْبَطْحَاءَ قَالَتْ عَائِشَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَنْطَلِقُونَ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ وَأَنْطَلِقُ بِحَجَّةٍ. قَالَ ثُمَّ أَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَنْ يَنْطَلِقَ مَعَهَا إِلَى التَّنْعِيمِ، فَاعْتَمَرَتْ عُمْرَةً فِي ذِى الْحَجَّةِ بَعْدَ أَيَّامِ الْحَجِّ. طرفه 1557 4 - باب قَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيْتَ كَذَا وَكَذَا 7231 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ أَرِقَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ لَيْلَةٍ فَقَالَ «لَيْتَ رَجُلاً صَالِحًا مِنْ أَصْحَابِى يَحْرُسُنِى اللَّيْلَةَ». إِذْ سَمِعْنَا صَوْتَ السِّلاَحِ قَالَ: ـــــــــــــــــــــــــــــ التخيير فإنه قال: (من شاء أن يجعلها عمرة فليفعل) وهنا أمرهم حتمًا (قالت عائشة: فاعتمرت عمرة في ذي الحجة بعد أيام الحج) أي بعد أيام منى، وقد سلف في أبواب الحج أنها قارنة إلا أنها أرادت أن يكون لها عمرة مستقلة كسائر أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -. 4 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ليت كذا وكذا 7231 - (ذات ليلة أرِق) على وزن سهِر وهو نوع منه، هو من غير اختيار. ثم قال: (ليت رجلًا صالحًا يحرسني الليلة) قيد بالصالح احترازًا عن المنافق. فإن قلت: أليس قد قال الله تعالى: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: 67]؟ قلت: محمول على [أنه] قبل نزول الآية لما روى الترمذي عن عائشة كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحرس إلى أن نزلت هذه الآية. فإن قلت: في رواية أبي داود والنسائي أن ليلة حنين كانوا يحرسون رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"؟ قلت: محمول على أن الآية نزلت بعد حنين.

5 - باب تمنى القرآن والعلم

«مَنْ هَذَا». قِيلَ سَعْدٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ جِئْتُ أَحْرُسُكَ. فَنَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى سَمِعْنَا غَطِيطَهُ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَقَالَتْ عَائِشَةُ قَالَ بِلاَلٌ: أَلاَ لَيْتَ شِعْرِى هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً ... بِوَادٍ وَحَوْلِى إِذْخِرٌ وَجَلِيلُ فَأَخْبَرْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -. 5 - باب تَمَنِّى الْقُرْآنِ وَالْعِلْمِ 7232 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَحَاسُدَ إِلاَّ فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ، فَهْوَ يَتْلُوهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ يَقُولُ لَوْ أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِىَ هَذَا لَفَعَلْتُ كَمَا يَفْعَلُ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالاً يُنْفِقُهُ فِي حَقِّهِ فَيَقُولُ لَوْ أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِىَ لَفَعَلْتُ كَمَا يَفْعَلُ». حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ بِهَذَا. طرفه 5026 ـــــــــــــــــــــــــــــ وقول بلال: (ألا ليت شعري) سلف في غير موضع، وموضع الدلالة هنا أن قول ليت لا بأس به بل لو كان على خير يؤجر عليه. باب تمني القرآن والعلم 7232 - ترجم على القرآن والعلم ولم يورد في الحديث إلا القرآن على ما هو دأبه فإن العلم قد جاء في الرواية الأخرى بدون القرآن، تقدم الحديث في أبواب الإيمان، وأشرنا إلى أن معنى الحسد هو الغبطة، والنكتة في إنشاء لفظ الحسد المبالغة في الاغتباط كأنه يقارب الحسد، وما يقال: معناه لا حسد إلا فيهما -أن لو كان فيهما حسد كقوله تعالى: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى} [الدخان: 56]- فغلط. وذلك أن الحسد في العلم يمكن وجوده بأن يتمنى زواله عن غيره وحصوله [له]، ألا ترى إلى قوله: (لو أوتيت مثل مما أوتي) زاد لفظ المثل لئلا يتوهم الحسد. فإن قلت: استعمال لو في التمني في الأحاديث كثير جدًّا، وكلام الأصحاب ومن

6 - باب ما يكره من التمنى

6 - باب مَا يُكْرَهُ مِنَ التَّمَنِّى (وَلاَ تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمًا). 7233 - حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنْ عَاصِمٍ عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ قَالَ أَنَسٌ - رضى الله عنه - لَوْلاَ أَنِّى سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ تَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ» لَتَمَنَّيْتُ. طرفه 5671 7234 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنِ ابْنِ أَبِى خَالِدٍ عَنْ قَيْسٍ قَالَ أَتَيْنَا خَبَّابَ بْنَ الأَرَتِّ نَعُودُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ بعدهم، وقد جاء في الحديث "إياك واللوّ فإنه يفتح عمل الشيطان"؟ قلت: قال النووي: النهي محمول على شيء لا فائدة فيه، وأما التأسف على الطاعات فلا بأس به. قلت: الحق أن يقال: النهي عن قوله لو محمول على نهي التنزيه، وقد علل بأنه يفتح عمل الشيطان، أي يفتح باب وسوسته، ويؤدي ذلك إلى أنه يخوض في معارضة القدر. ألا ترى إلى صدر الحديث "احرص على ما ينفعك فإن غلبك أمر فقل: قدر الله وشاء وإياك واللو فإنه يفتح عمل الشيطان" هكذا يجب أن يفهم. باب ما يكره من التمني تحقيق القول في هذا المقام أن التمني قد يكون مندوبًا كما تقدم في الباب قبله من تمني القرآن، وتارة يكون مباحًا كتمني العافية، وتارة يكون حرامًا كتمني فعل المعاصي، وقد يكون مكروهًا كتمني الموت وتمني كل فعل مكروه. واستدل على كراهيته بالآية {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النساء: 32] وهذا محمول على أنه لم يرد به أن يتوصل به إلى خير كما تقدم في الباب قبله من الاغتباط. 7233 - (أبو الأحوص) اسمه سلّام بتشديد اللام. 7234 - (محمد) كذا وقع غير منسوب واتفقوا على أنه ابن سلام، هو الراوي عن (عَبْدة) بفتح العين وسكون الباء (أتينا خباب بن الأرت نعوده) بفتح المعجمة وتشديد الباء

7 - باب قول الرجل لولا الله ما اهتدينا

وَقَدِ اكْتَوَى سَبْعًا فَقَالَ لَوْلاَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَانَا أَنْ نَدْعُوَ بِالْمَوْتِ لَدَعَوْتُ بِهِ. طرفه 5672 7235 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى عُبَيْدٍ - اسْمُهُ سَعْدُ بْنُ عُبَيْدٍ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَزْهَرَ - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَتَمَنَّى أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ إِمَّا مُحْسِنًا فَلَعَلَّهُ يَزْدَادُ، وَإِمَّا مُسِيئًا فَلَعَلَّهُ يَسْتَعْتِبُ». طرفه 39 7 - باب قَوْلِ الرَّجُلِ لَوْلاَ اللَّهُ مَا اهْتَدَيْنَا 7236 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ شُعْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَنْقُلُ مَعَنَا التُّرَابَ يَوْمَ الأَحْزَابِ، وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ وَارَى التُّرَابُ بَيَاضَ بَطْنِهِ يَقُولُ «لَوْلاَ أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا نَحْنُ، وَلاَ تَصَدَّقْنَا وَلاَ صَلَّيْنَا، فَأَنْزِلَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ الموحدة (وقد اكتوى سبعًا). فإن قلت: جاء في الحديث "وأنهى أمتي [عن] الكي"؟ قلت: نهي تنزيه عند عدم الضرورة، ألا ترى إلى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كوى سعدًا. 7235 - (لا يتمنى أحدكم الموت) أي: لضرٍّ أصابه، كما في الرواية الأخرى، فإن مفهومه أن عند الخوف على الدين يجوز، وقد أسلفنا في أبواب المرض في باب تمني الموت بيان ذلك. (إما محسنًا فلعله يزداد) إحسانًا (وإما مسيئًا فلعله يستعتب) انتصاب محسنًا ومسيئًا على خبرية كان مقدرة، واستعتب الشفعال من التعاتب. قال الجوهري: استعتب وأعتب بمعنى، فعلى هذا معناه يزيل العتاب، والمشهور في كلامهم أن الاستعتاب طلب العتبى وهو الرضا، قال: استعتبته فأعتبني أي استرضيته فأعتبني أي جاد بالعتبى وهو الرضى. باب قول الرجل: لولا الله ما اهتدينا 7236 - وفي بعضها: لولا أنت وهو الواقع في الحديث، فأشار في الترجمة إلى أن هذا أيضًا ثابت، والحديث سلف في غزوة الخندق، وموضع الدلالة هنا قوله: (لولا أنت)

8 - باب كراهية التمنى لقاء العدو

سَكِينَةً عَلَيْنَا، إِنَّ الأُلَى وَرُبَّمَا قَالَ الْمَلاَ قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا، إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا» أَبَيْنَا يَرْفَعُ بِهَا صَوْتَهُ. طرفه 2836 8 - باب كَرَاهِيَةِ التَّمَنِّى لِقَاءَ الْعَدُوِّ وَرَوَاهُ الأَعْرَجُ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 7237 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمٍ أَبِى النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ - وَكَانَ كَاتِبًا لَهُ - قَالَ كَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى أَوْفَى فَقَرَأْتُهُ فَإِذَا فِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ، وَسَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ». أطرافه 2818، 2833، 2966، 3024 ـــــــــــــــــــــــــــــ وتحقيق هذا أن لولا لانتفاء الثاني لوجود الأول، أي: وجوده علة لانتفاء الثاني، كقولك: لولا علي لهلك عمر، ولا بد في الحديث من تقدير، أي: لولا عنايتك ولطفك. باب كراهية تمني لقاء العدو (ورواه الأعرج) علّقه عن أبي عامر العقدي في أبواب الجهاد. 7237 - (لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا الله العافية). فإن قلت: لقاء العدو مقدمة الشهادة التي تمناها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا يمكن الشهادة إلا بعد لقاء العدو لإمكان تحصيل الشهادة مع نصرة الإسلام فما وجه التوفيق؟ قلت: أجيب بأن حصول الشهادة أخص من لقاء العدو، ولإمكان تحصيل الشهادة مع نصرة الإسلام ودوام عزه بكسر الكفار وفيه نظر، أما أولًا: فلأن الصواب أن تقول: الشهادة أعم فإنها وجدت بدون اللقاء، وأما ثانيًا: فلأن نصرة الإسلام ودوام عزه لا دخلُ له في الجواب لأن غرض السائل أن الشهادة بدون اللقاء ضرورة، والجواب أن تمني لقاء العدو ناشئ من العجب، ألا ترى إلى قوله: {ويوم حنين إذا أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا} [:] , وقوله تعالى فيمن غاب عن بدر وكانوا يتمنون لقاء العدو إلى أن كان يوم أحد، فلما لاقوه فروا وانهزموا، قال تعالى ناعيًا عليهم بقوله: {وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (143)} [آل عمران: 143].

9 - باب ما يجوز من اللو

9 - باب مَا يَجُوزُ مِنَ اللَّوْ وَقَوْلِهِ تَعَالَى (لَوْ أَنَّ لِى بِكُمْ قُوَّةً). 7238 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ ذَكَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْمُتَلاَعِنَيْنِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ أَهِىَ الَّتِى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ كُنْتُ رَاجِمًا امْرَأَةً مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ». قَالَ لاَ، تِلْكَ امْرَأَةٌ أَعْلَنَتْ. طرفه 5310 7239 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌو حَدَّثَنَا عَطَاءٌ قَالَ أَعْتَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْعِشَاءِ فَخَرَجَ عُمَرُ فَقَالَ الصَّلاَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَقَدَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ، فَخَرَجَ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ يَقُولُ «لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِى - أَوْ عَلَى النَّاسِ، وَقَالَ سُفْيَانُ أَيْضًا، عَلَى أُمَّتِى - لأَمَرْتُهُمْ بِالصَّلاَةِ هَذِهِ السَّاعَةَ». قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ما يجوز من اللو 7238 - لو حرف بالاتفاق، وإنما أدخل اللام فيه لصيرورته اسمًا لأن المراد لفظه، واستدل على جوازه بقول لوط - صلى الله عليه وسلم -: {لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً} [هود: 80] جوابه محذوف لقاتلتكم، ويجوز أن يكون تمنيًا، وقد أشرنا في باب لو استقبلت من أمري إلى التوفيق بين هذه الأحاديث المشتملة على استعمال لو، وبين قوله: "إياك واللو" بأن النهي للتنزيه فإنه ربما يؤدي إلى الوسوسة ومعارضة القدر، وإليه أشار بقوله: "لو تفتح عمل الشيطان" وأحاديث الباب كلها تقدمت، ونشير إلى موضع الدلالة منها و (أبو الزناد) بكسر المعجمة بعدها نون. حديث المتلاعنين تقدم في كتاب اللعان، وموضع الدلالة قوله: (لو كنت راجمًا بغير بينة لرجمت هذه). 7239 - (أعتَم النبي - صلى الله عليه وسلم -) بفتح الهمزة أي: أخَّر (العشاء) عن وقته المتعارف، وقد سلف في أبواب الصلاة، وموضع الدلالة هنا قوله: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالصلاة هذه الساعة). فإن قلت: الباب في كلمة لو، وبعض الأحاديث بلولا؟ قلت: لقرب المسافة لم يفرد له بابًا، ولولا هذه حرف امتناع معناها [انتفاء] الثاني لوجود الأول، ومعنى لو انتفاء الثاني

ابْنِ عَبَّاسٍ أَخَّرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - هَذِهِ الصَّلاَةَ فَجَاءَ عُمَرُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ رَقَدَ النِّسَاءُ وَالْوِلْدَانُ. فَخَرَجَ وَهْوَ يَمْسَحُ الْمَاءَ عَنْ شِقِّهِ يَقُولُ «إِنَّهُ لَلْوَقْتُ، لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِى». وَقَالَ عَمْرٌو حَدَّثَنَا عَطَاءٌ لَيْسَ فِيهِ ابْنُ عَبَّاسٍ أَمَّا عَمْرٌو فَقَالَ رَأْسُهُ يَقْطُرُ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ يَمْسَحُ الْمَاءَ عَنْ شِقِّهِ. وَقَالَ عَمْرٌو لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِى. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ إِنَّهُ لَلْوَقْتُ، لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِى. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مَعْنٌ حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 571 7240 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِى لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ». طرفه 887 7241 - حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ رضى الله عنه قَالَ وَاصَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - آخِرَ الشَّهْرِ، وَوَاصَلَ أُنَاسٌ، مِنَ النَّاسِ فَبَلَغَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «لَوْ مُدَّ بِىَ الشَّهْرُ لَوَاصَلْتُ وِصَالاً يَدَعُ الْمُتَعَمِّقُونَ تَعَمُّقَهُمْ، إِنِّى لَسْتُ مِثْلَكُمْ، إِنِّى أَظَلُّ يُطْعِمُنِى رَبِّى وَيَسْقِينِ». تَابَعَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ مُغِيرَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 1961 7242 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْوِصَالِ، قَالُوا فَإِنَّكَ تُوَاصِلُ. قَالَ «أَيُّكُمْ مِثْلِى، إِنِّى ـــــــــــــــــــــــــــــ لانتفاء الأول قال تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: 22] (إنه لَلْوقت) بفتح اللام، أي: الوقت الأفضل، وإلا فبغروب الشفق يدخل الوقت. 7240 - (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك) أي: أمر إيجاب (عند كل صلاة). 7241 - (عياش بن الوليد) بفتح العين وتشديد المثناة آخره شين معجمة، روى عن أنس حديث الوصال في الصوم، وموضع الدلالة بقوله: (لو مد بي الشهر لواصلت وصالًا يدع المتعمقون تعمقهم) التعميق من العمق وهو التكلف والمبالغة (إني لست مثلكم، إني أظل يطعمني ربي) هذا صريح في أن المراد من الإطعام إفاضة القوى الروحانية، وغلبة صفة الملائكة وإلا لم يكن صائمًا فضلًا عن الوصال.

أَبِيتُ يُطْعِمُنِى رَبِّى وَيَسْقِينِ». فَلَمَّا أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا وَاصَلَ بِهِمْ يَوْمًا ثُمَّ يَوْمًا ثُمَّ رَأَوُا الْهِلاَلَ فَقَالَ «لَوْ تَأَخَّرَ لَزِدْتُكُمْ». كَالْمُنَكِّلِ لَهُمْ. طرفه 1965 7243 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ حَدَّثَنَا أَشْعَثُ عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سَأَلْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْجَدْرِ أَمِنَ الْبَيْتِ هُوَ قَالَ «نَعَمْ». قُلْتُ فَمَا لَهُمْ لَمْ يُدْخِلُوهُ فِي الْبَيْتِ قَالَ «إِنَّ قَوْمَكِ قَصَّرَتْ بِهِمُ النَّفَقَةُ». قُلْتُ فَمَا شَأْنُ بَابِهِ مُرْتَفِعًا قَالَ «فَعَلَ ذَاكِ قَوْمُكِ، لِيُدْخِلُوا مَنْ شَاءُوا، وَيَمْنَعُوا مَنْ شَاءُوا، لَوْلاَ أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ بِالْجَاهِلِيَّةِ، فَأَخَافُ أَنْ تُنْكِرَ قُلُوبُهُمْ أَنْ أُدْخِلَ الْجَدْرَ فِي الْبَيْتِ، وَأَنْ أُلْصِقَ بَابَهُ فِي الأَرْضِ». طرفه 126 7244 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْلاَ الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنَ الأَنْصَارِ، وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا وَسَلَكَتِ الأَنْصَارُ وَادِيًا - أَوْ شِعْبًا - لَسَلَكْتُ وَادِىَ الأَنْصَارِ أَوْ شِعْبَ الأَنْصَارِ». طرفه 3779 7245 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَوْلاَ الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنَ الأَنْصَارِ، وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا أَوْ شِعْبًا، لَسَلَكْتُ وَادِىَ الأَنْصَارِ وَشِعْبَهَا». تَابَعَهُ أَبُو التَّيَّاحِ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي الشِّعْبِ. طرفه 4330 ـــــــــــــــــــــــــــــ 7243 - (أبو الأحوص) بفتح الهمزة وصاد مهملة سلام الحنفي (الأشعث) آخره ثاء مثلثة روى (عن عائشة قالت: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الجدر) بفتح الجيم وسكون الدال المهملة أرادت الحجر، وإنما سُمي جدرًا لاشتماله على أصل بناء إبراهيم، والجدر لغة أصل الشيء، والحديث سلف في أبواب الحج، وموضع الدلالة هنا قوله: (لولا أن قومك حديث عهدهم بالجاهلية). 7245 - (لولا الهجرة لكنت امرأً من الأنصار) أراد تعظيم الأنصار، وأشار في ضمنه إلى فضل المهاجرين (لسلكت وادي الأنصار) كناية عن كونه محبًا في الأنصار مؤثرًا إياهم على سائر الخلق.

95 - كتاب أخبار الآحاد

95 - كتاب أخبار الآحاد 1 - باب مَا جَاءَ فِي إِجَازَةِ خَبَرِ الْوَاحِدِ الصَّدُوقِ فِي الأَذَانِ وَالصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ وَالْفَرَائِضِ وَالأَحْكَامِ وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى (فَلَوْلاَ نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ). وَيُسَمَّى الرَّجُلُ طَائِفَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا). فَلَوِ اقْتَتَلَ رَجُلاَنِ دَخَلَ فِي مَعْنَى الآيَةِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى (إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا). وَكَيْفَ بَعَثَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أُمَرَاءَهُ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ، فَإِنْ سَهَا أَحَدٌ مِنْهُمْ رُدَّ إِلَى السُّنَّةِ. 7246 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ قَالَ أَتَيْنَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ شَبَبَةٌ مُتَقَارِبُونَ، فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَفِيقًا، فَلَمَّا ظَنَّ أَنَّا قَدِ اشْتَهَيْنَا أَهْلَنَا أَوْ قَدِ اشْتَقْنَا سَأَلَنَا عَمَّنْ تَرَكْنَا بَعْدَنَا فَأَخْبَرْنَاهُ قَالَ «ارْجِعُوا إِلَى أَهْلِيكُمْ، فَأَقِيمُوا فِيهِمْ، وَعَلِّمُوهُمْ، وَمُرُوهُمْ - وَذَكَرَ أَشْيَاءَ أَحْفَظُهَا أَوْ لاَ أَحْفَظُهَا - وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِى ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب أخبار الآحاد باب إجازة خبر الواحد قيل: أراد بالواحد هنا الواحد الذي دون الاثنين لا متعارف أهل الأصول وهو ما دون التواتر، وفيه نظر؛ لأنه أورد في الباب فيما رواه أكثر من واحد كحديث مالك بن الحويرث، وحديث سهوه في الصلاة، وإنما التبس على هذا القائل من قول البخاري (الرجل الصدوق) نقبل قوله وتفسير الطائفة بالواحد ولا دلالة فيه. 7246 - (أبو قِلابة) بكسر القاف عبد الله الجرمي (ذكر أشياء أحفظها) هذا كلام أبي قلابة، أي: أحفظ بعضًا ولا أحفظ بعضها، وفي بعض النسخ: أو، بدل الواو، وهو أظهر؛ لأنه للتنويع {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: 6]) وجه الدلالة مفهوم هذا، فإنه يدل

أُصَلِّى، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ». طرفه 628 7247 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ يَحْيَى عَنِ التَّيْمِىِّ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ أَذَانُ بِلاَلٍ مِنْ سَحُورِهِ، فَإِنَّهُ يُؤَذِّنُ - أَوْ قَالَ يُنَادِى - لِيَرْجِعَ قَائِمَكُمْ، وَيُنَبِّهَ نَائِمَكُمْ، وَلَيْسَ الْفَجْرُ أَنْ يَقُولَ هَكَذَا - وَجَمَعَ يَحْيَى كَفَّيْهِ - حَتَّى يَقُولَ هَكَذَا». وَمَدَّ يَحْيَى إِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَتَيْنِ. طرفه 621 7248 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ بِلاَلاً يُنَادِى بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِىَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ». طرفه 617 7249 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ صَلَّى بِنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الظُّهْرَ خَمْسًا فَقِيلَ أَزِيدَ فِي الصَّلاَةِ قَالَ «وَمَا ذَاكَ». ـــــــــــــــــــــــــــــ على أنه إن كان عدلًا فلا توقف فيه، وقوله: (واحد بعد واحد) أي أمّر في جهات أمور مختلفة، ومن قال: إنما كان يرسل واحدًا ثم يبعث وراءه آخر ليرده على الحق إن سها، فقد أبعد عن الصواب، وليت شعري فكيف ذهل عن قوله: (فإن سها واحد منهم رُدَّ إلى السنة) على أن ما قاله خلاف الواقع لم يقع في رواية أحد ذلك. (شَبَبَة) بثلاث فتحات جمع شاب (وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رفيقًا) بالفاء من الرفق، ويروى بالقاف من الرقة بمعنى الترحم. 7247 - (التيمي) بفتح الفوقانية (عن أبي عثمان) عبد الرحمن (لا يمنعن أحدكم أذان بلال عن سَحوره) بفتح السين ما يُتَسَحَّر به، وبالضم أهل ذلك الطعام، والحديث سلف في أبواب الأذان، وموضع الدلالة هذا، فإنه يعتمد على قول المؤذن وحده (وليس الفجر أن يقول هكذا) يشير إلى الفجر الكاذب، وهكذا إشارة إلى جهة الطول، وقوله في الفجر الصادق: (ومد يحيى أَصبعه) إلى جهة العرض في الآفاق. 7249 - (صلى بنا النبي - صلى الله عليه وسلم - الظهر خمسًا) وذلك سهو منه (فقيل: أزيد في الصلاة) إما قيل له، أو قال بعضهم لبعض، وهذا هو الظاهر ولما قال: (وما ذاك؟) علموا أنه وقع منه

قَالُوا صَلَّيْتَ خَمْسًا. فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَ مَا سَلَّمَ. طرفه 401 7250 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - انْصَرَفَ مِنِ اثْنَتَيْنِ فَقَالَ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ أَقَصُرَتِ الصَّلاَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمْ نَسِيتَ فَقَالَ «أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ». فَقَالَ النَّاسُ نَعَمْ. فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ كَبَّرَ، ثُمَّ سَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ، ثُمَّ رَفَعَ، ثُمَّ كَبَّرَ، فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ، ثُمَّ رَفَعَ. طرفه 482 7251 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ بَيْنَا النَّاسُ بِقُبَاءٍ فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ إِذْ جَاءَهُمْ آتٍ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ قُرْآنٌ، وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ فَاسْتَقْبِلُوهَا. وَكَانَتْ وُجُوهُهُمْ إِلَى الشَّأْمِ فَاسْتَدَارُوا إِلَى الْكَعْبَةِ. طرفه 403 7252 - حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ صَلَّى نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ، أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يُوَجَّهَ إِلَى الْكَعْبَةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا) فَوُجِّهَ نَحْوَ الْكَعْبَةِ، وَصَلَّى مَعَهُ رَجُلٌ الْعَصْرَ، ثُمَّ خَرَجَ فَمَرَّ عَلَى قَوْمٍ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ هُوَ يَشْهَدُ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَّهُ قَدْ وُجِّهَ إِلَى الْكَعْبَةِ. فَانْحَرَفُوا وَهُمْ رُكُوعٌ فِي صَلاَةِ الْعَصْرِ. طرفه 40 7253 - حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى ـــــــــــــــــــــــــــــ سهوًا (قالوا) أي: الحاضرون (صليت خمسًا) وفي استدلاله بهذا على أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمل بخبر الآحاد في هذه الحادثة غير ظاهر؛ لأن القوم كان عددًا كثيرًا يوجب علم اليقين، ولئن سلم فهو لا يعمل بقولهم؛ لأنه كان في أثناء الصلاة، ولا يجوز للمصلي أن يعمل بقول أحد في الصلاة. 7251 - 7252 - 7253 - (بينا الناس بقباء) يجوز صرفه وعدم صرفه (في صلاة الفجر) وروى عن البراء في الحديث بعده: (أن رجلًا صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - العصر ثم مر على قوم من الأنصار وهم في الصلاة في الركوع) فاستداروا وجوههم إلى الكعبة، فهذا خبر واحد عمل به جم غفير من غير توقف وكذا حديث أنس في تحريم الخمر بمجرد السماع من

طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ كُنْتُ أَسْقِى أَبَا طَلْحَةَ الأَنْصَارِىَّ وَأَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ وَأُبَىَّ بْنَ كَعْبٍ شَرَابًا مِنْ فَضِيخٍ وَهْوَ تَمْرٌ فَجَاءَهُمْ آتٍ فَقَالَ إِنَّ الْخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ. فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ يَا أَنَسُ قُمْ إِلَى هَذِهِ الْجِرَارِ فَاكْسِرْهَا، قَالَ أَنَسٌ فَقُمْتُ إِلَى مِهْرَاسٍ لَنَا فَضَرَبْتُهَا بِأَسْفَلِهِ حَتَّى انْكَسَرَتْ. طرفه 2464 7254 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ صِلَةَ عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لأَهْلِ نَجْرَانَ «لأَبْعَثَنَّ إِلَيْكُمْ رَجُلاً أَمِينًا حَقَّ أَمِينٍ». فَاسْتَشْرَفَ لَهَا أَصْحَابُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ. طرفه 3745 7255 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ خَالِدٍ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ، وَأَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ». طرفه 3744 7256 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ - رضى الله عنهم - قَالَ وَكَانَ رَجُلٌ مِنَ ـــــــــــــــــــــــــــــ واحد، أمروا بكسر الجرار فضلًا عن الامتناع عن الشرب، و (المهراس) بكسر الميم صخرة منقورة، الظاهر أنهم كانوا يعصرون الخمر فيها (من فضيخ) بالخاء المعجمة وضاد كذلك هو البسر، يقال: فضخ كسر. 7254 - (قال لأهل نجران: لأبعثن إليكم رجلًا حَقَّ أمين) هؤلاء وفدوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نصارى، وناظروا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (رجلًا أمينًا) يحكم بينهم في أمر لهم فيه نزاع ورضوا بحكمه وقوله: "حق أمين" من إضافة الصفة إلى الموصوف وفيه مبالغة لا تخفى (فاستشرف لها أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي تطلعوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما سمعوا هذه الكلمة كل يرجو عسى أن يكون هو ذلك الأمير، ولكن فاز بها أبو عبيدة رضي الله عنه، ولا يلزم من قوله: "أبو عبيدة أمين هذه الأمة" نفي الأمانة من غيره، فإنه أشير إلى كمال هذه الصفة فيه. فإن قلت: ظاهره أنه أكثر أمانة من غيره؟ قلت: لو سلم أن يكون كذلك لا ضرر لاشتهار عثمان بالحياء، وعلي بالعلم، وليسا أفضل من أبي بكر وعمر. 7256 - (عن عُبيد بن حُنين) بتصغير الاسمين، روى حديث عمر وصاحبه الأنصاري كانا يتناوبان في النزول إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للإخبار، ووجه الدلالة على قبول خبر الواحد ظاهر.

الأَنْصَارِ إِذَا غَابَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَشَهِدْتُهُ أَتَيْتُهُ بِمَا يَكُونُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَإِذَا غِبْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَشَهِدَ أَتَانِى بِمَا يَكُونُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 89 7257 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ زُبَيْدٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ جَيْشًا وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَجُلاً، فَأَوْقَدَ نَارًا وَقَالَ ادْخُلُوهَا. فَأَرَادُوا أَنْ يَدْخُلُوهَا، وَقَالَ آخَرُونَ إِنَّمَا فَرَرْنَا مِنْهَا، فَذَكَرُوا لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لِلَّذِينَ أَرَادُوا أَنْ يَدْخُلُوهَا «لَوْ دَخَلُوهَا لَمْ يَزَالُوا فِيهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ». وَقَالَ لِلآخَرِينَ «لاَ طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةٍ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ». طرفه 4340 7258 و 7259 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ وَزَيْدَ بْنَ خَالِدٍ أَخْبَرَاهُ أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 2314 ـــــــــــــــــــــــــــــ 7257 - (بشار) بفتح الموحدة وتشديد المعجمة (غندر) بضم الغين وفتح الدال (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث جيشًا وأمَّر عليهم رجلًا) بتشديد الميم أي جعله أميرًا عليهم، هو من الأنصار تقدم صريحًا في الأحكام، وقيل: عبد الله [بن] حذافة، ولا يصح إلا إذا تعددت الواقعة، وقد سلف الحديث في أواخر المغازي، وموضع [الدلالة] هنا طاعتهم للأمير حتى قصدوا الدخول في النار، فدَلَّ على أنهم عملوا بخبره وهو من الآحاد، وفيه نظر؛ فإن طاعتهم لسماعهم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا لقوله، ألا ترى أنه لما أراد أمرهم بدخول النار قال: ألم يأمركم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأن تسمعوا لي وتطيعوا؟ قالوا: بلى، فأمرهم بالحطب, والأظهر أن المراد راوي الحديث فإنه من قبيل الآحاد. (لو دخلوها لم يزالوا فيها إلى يوم القيامة) قيل: محمول على أنهم استحلوا، وليس بشيء كانوا يدخلون طاعة للأمر، كيف ولو كان كذلك لم يكن لقوله: "إلى يوم القيامة" معنى، بل الجواب أنه علم أنهم لو دخلوا كانوا عصاة في ذلك؛ لأن طاعة الأمير في المعصية معصية فكان غاية عذابهم يوم القيامة ثم يخرجون إلى الجنة.

2 - باب بعث النبى - صلى الله عليه وسلم - الزبير طليعة وحده

7260 - وَحَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ قَامَ رَجُلٌ مِنَ الأَعْرَابِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اقْضِ لِى بِكِتَابِ اللَّهِ. فَقَامَ خَصْمُهُ فَقَالَ صَدَقَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، اقْضِ لَهُ بِكِتَابِ اللَّهِ، وَأْذَنْ لِى. فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «قُلْ». فَقَالَ إِنَّ ابْنِى كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا - وَالْعَسِيفُ الأَجِيرُ - فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ فَأَخْبَرُونِى أَنَّ عَلَى ابْنِى الرَّجْمَ، فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَةٍ مِنَ الْغَنَمِ وَوَلِيدَةٍ، ثُمَّ سَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ فَأَخْبَرُونِى أَنَّ عَلَى امْرَأَتِهِ الرَّجْمَ، وَأَنَّمَا عَلَى ابْنِى جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ. فَقَالَ «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ، أَمَّا الْوَلِيدَةُ وَالْغَنَمُ فَرُدُّوهَا، وَأَمَّا ابْنُكَ فَعَلَيْهِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَأَمَّا أَنْتَ يَا أُنَيْسُ - لِرَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ - فَاغْدُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا». فَغَدَا عَلَيْهَا أُنَيْسٌ فَاعْتَرَفَتْ فَرَجَمَهَا. 2 - باب بَعْثِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - الزُّبَيْرَ طَلِيعَةً وَحْدَهُ 7261 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُنْكَدِرِ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ نَدَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الْخَنْدَقِ فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ، ثُمَّ نَدَبَهُمْ فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ، ثُمَّ نَدَبَهُمْ فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ فَقَالَ «لِكُلِّ نَبِىٍّ حَوَارِىٌّ وَحَوَارِىِّ الزُّبَيْرُ». قَالَ سُفْيَانُ حَفِظْتُهُ مِنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ. وَقَالَ لَهُ أَيُّوبُ يَا أَبَا بَكْرٍ حَدِّثْهُمْ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ 7260 - ثم روى حديث العسيف الذي زنى بامرأة المستأجر، وقد مر مرارًا، وموضع الدلالة قوله: (يا أنيس: اغد على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها) فإنه رجم المرأة والقوم قبلوا قوله في ذلك، ومكّنوه من رجمها. باب بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - طليعة واحدة الطليعة: بلفظ المفرد يطلق على الواحد وأكثر، قال الجوهري: الطليعة من يبعث أمام الجيش ليطلع طلع العدو، قلت: فعيلة بمعنى الفاعل من الطلوع. 7261 - (سفيان) هو ابن عيينة (المنكدر) بكسر الدال (ندب النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الخندق) أي: دعاهم بأن قال: "من يأتينا بخبر القوم؟ " يريد قريظة هل نقضوا العهد أم [لا]؟ فقال الزبير: أنا. يقال: ندبه فانتدب، أي: دعاه فأجاب (يا أبا بكر) هو ابن المنكدر أخو محمد

3 - باب قول الله تعالى (لا تدخلوا بيوت النبى إلا أن يؤذن لكم)

جَابِرٍ، فَإِنَّ الْقَوْمَ يُعْجِبُهُمْ أَنْ تُحَدِّثَهُمْ عَنْ جَابِرٍ. فَقَالَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ سَمِعْتُ جَابِرًا فَتَابَعَ بَيْنَ أَحَادِيثَ سَمِعْتُ جِابِرًا، قُلْتُ لِسُفْيَانَ فَإِنَّ الثَّوْرِىَّ يَقُولُ يَوْمَ قُرَيْظَةَ فَقَالَ كَذَا حَفِظْتُهُ كَمَا أَنَّكَ جَالِسٌ يَوْمَ الْخَنْدَقِ. قَالَ سُفْيَانُ هُوَ يَوْمٌ وَاحِدٌ. وَتَبَسَّمَ سُفْيَانُ. طرفه 2846 3 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ) فَإِذَا أَذِنَ لَهُ وَاحِدٌ جَازَ. 7262 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ عَنْ أَبِى مُوسَى أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ حَائِطًا وَأَمَرَنِى بِحِفْظِ الْبَابِ فَجَاءَ رَجُلٌ يَسْتَأْذِنُ فَقَالَ «ائْذَنْ لَهُ، وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ». فَإِذَا أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ فَقَالَ «ائْذَنْ لَهُ، وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ». ثُمَّ جَاءَ عُثْمَانُ فَقَالَ «ائْذَنْ لَهُ، وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ». طرفه 3674 ـــــــــــــــــــــــــــــ (فتابع بين أحاديث) أي: روى حديثًا بعد آخر حتى روى جملة الأحاديث (كما أنك جالس) أي: لا شك فيه مثل كونك جالسًا (قال سفيان: هو يوم واحد) أي: يوم قريظة ويوم الخندق، هذا فيه تسامح؛ لأن آخر أيام الخندق كان أول يوم قريظة، لكن ذهاب الزبير كان في أثناء أيام الخندق، فإنه كان أيامًا. فإن قلت: ما معنى قوله: "حواريَّ الزبير"؟ قلت: معناه هو القائم بالنصر الخصيص به، وأصله في حواري عيسى نسبة إلى الحور، وهو البياض، قيل: كانوا قصارين، نسبوا إلى الحور وهو البياض والألق. باب قوله: {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ} [الأحزاب: 53] استدل بالآية على أن خبر الواحد يعمل به، ووجه الدلالة الإطلاق في الإذن فيتناول الواحد. ثم روى حديث أبي موسى في كونه صار بوابًا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بئر أريس، وقد سلف الحديث في مواضع، وجه دلالته أنه أخبر القوم بإذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الدخول، وحديث عمر أنه استأذن على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ودلالته أظهر، فإن الذي أخبره غلام أسود حتى قال العلماء في الإذن: يقبل خبر الفاسق والصبي أيضًا لقيام القرينة.

4 - باب ما كان يبعث النبى - صلى الله عليه وسلم - من الأمراء والرسل واحدا بعد واحد

7263 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ عَنْ يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ - رضى الله عنهم - قَالَ جِئْتُ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي مَشْرُبَةٍ لَهُ، وَغُلاَمٌ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَسْوَدُ عَلَى رَأْسِ الدَّرَجَةِ فَقُلْتُ قُلْ هَذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَأَذِنَ لِى. طرفه 89 4 - باب مَا كَانَ يَبْعَثُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الأُمَرَاءِ وَالرُّسُلِ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ بَعَثَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - دِحْيَةَ الْكَلْبِىَّ بِكِتَابِهِ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى، أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى قَيْصَرَ. 7264 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ بِكِتَابِهِ إِلَى كِسْرَى، فَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ الْبَحْرَيْنِ، يَدْفَعُهُ عَظِيمُ الْبَحْرَيْنِ إِلَى كِسْرَى، فَلَمَّا قَرَأَهُ كِسْرَى مَزَّقَهُ، فَحَسِبْتُ أَنَّ ابْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ فَدَعَا عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُمَزَّقُوا كُلَّ مُمَزَّقٍ. طرفه 64 7265 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ الأَكْوَعِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ «أَذِّنْ فِي قَوْمِكَ - أَوْ فِي النَّاسِ - يَوْمَ عَاشُورَاءَ أَنَّ مَنْ أَكَلَ فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ أَكَلَ فَلْيَصُمْ». طرفه 1924 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يبعث من الأمراء والرسل واحدًا بعد واحد أي: رسلًا كثيرة إلى جهات مختلفة. 7264 - 7265 - روى في الباب عن ابن عباس تعليقًا (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرسل دحية بكتابه إلى عظيم بصرى ليدفعه إلى هرقل) وبُصرى: بضم الباء على وزن أخرى، مدينة بحوران، وبعث بكتابه إلى عظيم البحرين ليدفعه إلى كسرى، والذاهب بكتابه إلى كسرى عبد الله بن حذافة، والحديثان تقدما وموضع الدلالة قبول خبر الواحد، والدلالة ظاهرة، وحديث سلمة بن الأكوع تقدم في أبواب الصيام (قال لرجل من أسلم) اسم قبيلة، قيل: وهذا الرجل هند بن أسماء.

5 - باب وصاة النبى - صلى الله عليه وسلم - وفود العرب أن يبلغوا من وراءهم

5 - باب وَصَاةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وُفُودَ الْعَرَبِ أَنْ يُبَلِّغُوا مَنْ وَرَاءَهُمْ قَالَهُ مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ. 7266 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ الْجَعْدِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ. وَحَدَّثَنِى إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا النَّضْرُ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى جَمْرَةَ قَالَ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُقْعِدُنِى عَلَى سَرِيرِهِ فَقَالَ إِنَّ وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ لَمَّا أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنِ الْوَفْدُ». قَالُوا رَبِيعَةُ. قَالَ «مَرْحَبًا بِالْوَفْدِ وَالْقَوْمِ، غَيْرَ خَزَايَا وَلاَ نَدَامَى». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ كُفَّارَ مُضَرَ، فَمُرْنَا بِأَمْرٍ نَدْخُلُ بِهِ الْجَنَّةَ، وَنُخْبِرُ بِهِ مَنْ وَرَاءَنَا فَسَأَلُوا عَنِ الأَشْرِبَةِ، فَنَهَاهُمْ عَنْ أَرْبَعٍ وَأَمَرَهُمْ بِأَرْبَعٍ أَمَرَهُمْ بِالإِيمَانِ بِاللَّهِ قَالَ «هَلْ تَدْرُونَ مَا الإِيمَانُ بِاللَّهِ». قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ «شَهَادَةُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامُ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ - وَأَظُنُّ فِيهِ - صِيَامُ رَمَضَانَ، وَتُؤْتُوا مِنَ الْمَغَانِمِ الْخُمُسَ». وَنَهَاهُمْ عَنِ الدُّبَّاءِ، وَالْحَنْتَمِ، وَالْمُزَفَّتِ، وَالنَّقِيرِ، وَرُبَّمَا قَالَ الْمُقَيَّرِ. قَالَ «احْفَظُوهُنَّ، وَأَبْلِغُوهُنَّ مَنْ وَرَاءَكُمْ». طرفه 53 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: وصاة النبي - صلى الله عليه وسلم - وفود العرب أن يبلغوا من وراءهم الوصاة على وزن النواة، وقد تكسر الواو اسم بمعنى الوصية، روى فيه حديث مالك بن الحويرث أشار إليه تعليقًا، وحديث وفد عبد القيس. فإن قلت: وفد عبد القيس كانوا جمعًا كثيرًا؟ قلت: لم يشترط عليهم الاجتماع في الإخبار فدل على قبول خبر كل واحد منهم. 7266 - (إسحاق) قيل: يحتمل أن يكون ابن منصور، وابن راهويه، فإن كلًّا منهما يروي عن النضر بن شميل، قلت: وقع في رواية أبي ذر: ابن راهويه (أبو جمرة) بالجيم نصر بن عمران (كان ابن عباس يقعدني على سريره) إكرامًا له للرؤيا التي رآها، وقد سلف في أبواب الحج.

6 - باب خبر المرأة الواحدة

6 - باب خَبَرِ الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ 7267 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ تَوْبَةَ الْعَنْبَرِىِّ قَالَ قَالَ لِى الشَّعْبِىُّ أَرَأَيْتَ حَدِيثَ الْحَسَنِ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَاعَدْتُ ابْنَ عُمَرَ قَرِيبًا مِنْ سَنَتَيْنِ أَوْ سَنَةٍ وَنِصْفٍ فَلَمْ أَسْمَعْهُ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - غَيْرَ هَذَا قَالَ كَانَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِيهِمْ سَعْدٌ فَذَهَبُوا يَأْكُلُونَ مِنْ لَحْمٍ، فَنَادَتْهُمُ امْرَأَةٌ مِنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّهُ لَحْمُ ضَبٍّ فَأَمْسَكُوا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «كُلُوا - أَوِ اطْعَمُوا - فَإِنَّهُ حَلاَلٌ - أَوْ قَالَ لاَ بَأْسَ بِهِ. شَكَّ فِيهِ - وَلَكِنَّهُ لَيْسَ مِنْ طَعَامِى». ـــــــــــــــــــــــــــــ باب خبر المرأة الواحدة 7267 - (توبة) بفتح المثناة فوق (العنبري) -بفتح العين وسكون النون- بطن من تميم (قال الشعبي: أرأيت حديث الحسن عن النبي - صلى الله عليه وسلم -) أنكر على الحسن البصري كثرة روايته الحديث مرسلًا، وجعل سندًا لإنكاره كون ابن عمر مع جلالة قدره جالسه قريبًا من سنتين ولم يسمع منه إلا حديثًا واحدًا، قيل: كان المانع لابن عمر عن كثرة الرواية أنه كان مشتغلًا بالتأمل في القرآن، وأيضًا لم يكونوا يكتبون الحديث فكان بمرور الزمان يخاف النسيان (فنادته امرأة من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -) هي ميمونة سلف الحديث في أبواب الأطعمة (كلوا واطعَمُوا فإنه حلال) فمن قال: إنه حرام فقد خالف هذا النص من غير دليل.

96 - كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة

96 - كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة 7268 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مِسْعَرٍ وَغَيْرِهِ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ لِعُمَرَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَوْ أَنَّ عَلَيْنَا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا) لاَتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا. فَقَالَ عُمَرُ إِنِّى لأَعْلَمُ أَىَّ يَوْمٍ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ، نَزَلَتْ يَوْمَ عَرَفَةَ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ. سَمِعَ سُفْيَانُ مِنْ مِسْعَرٍ وَمِسْعَرٌ قَيْسًا وَقَيْسٌ طَارِقًا. طرفه 45 ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة العصمة: المنعة، والعاصم: المانع، والاعتصام: الإمساك بالشيء افتعال منه، قاله ابن الأثير، واقتصاره من الأدلة على الكتاب والسنة مع أن القياس أيضًا من الأدلة، وكذا الإجماع لأنهما راجعان إليهما. معلوم لكل أحد. 7268 - وروى في الباب حديث عمر حيث قال له اليهود (لو علينا معشر اليهود نزلت هذه الآية {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3] لاتخذنا ذلك اليوم عيدًا) وجواب عمر قد سلف في مواضع، ووجه الدلالة أن اليهود تحسروا على مثل هذه الآية، فدل على عظم شأن القرآن، ولا يعظم إلا بما فيه من الكمال، فهو العروة الوثقى. (نزلت في يوم عرفة يوم الجمعة) عرفة بلفظ المفرد، قال الجوهري: لفظ محدث، والأصل عرفات بلفظ الجمع، وهما علمان لذلك المكان المعروف، وقولهم: يوم عرفة يريدون يوم الوقوف بعرفة، ولا يلتفت إلى غيره فإنه خبط ظاهر، والمراد بالإكمال تمام أركان الإسلام من الصلاة والزكاة والصوم والحج، وقيل: الأصول دون الفروع، وقيل: الأصول والفروع ولم ينزل بعدها حكم أصلًا، وعاش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعدها ثمانين يومًا، والله أعلم.

7269 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ الْغَدَ حِينَ بَايَعَ الْمُسْلِمُونَ أَبَا بَكْرٍ، وَاسْتَوَى عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَشَهَّدَ قَبْلَ أَبِى بَكْرٍ فَقَالَ أَمَّا بَعْدُ فَاخْتَارَ اللَّهُ لِرَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - الَّذِى عِنْدَهُ عَلَى الَّذِى عِنْدَكُمْ، وَهَذَا الْكِتَابُ الَّذِى هَدَى اللَّهُ بِهِ رَسُولَكُمْ فَخُذُوا بِهِ تَهْتَدُوا وَإِنَّمَا هَدَى اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ. طرفه 7219 7270 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ خَالِدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ ضَمَّنِى إِلَيْهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ «اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الْكِتَابَ». طرفه 75 7271 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَبَّاحٍ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ سَمِعْتُ عَوْفًا أَنَّ أَبَا الْمِنْهَالِ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا بَرْزَةَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ يُغْنِيكُمْ أَوْ نَغَشَكُمْ بِالإِسْلاَمِ وَبِمُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: «وَقَعَ هَاهُنَا يُغْنِيكُمْ، وَإِنَّمَا هُوَ نَعَشَكُمْ يُنْظَرُ فِي أَصْلِ كِتَابِ الِاعْتِصَامِ». طرفه 7112 ـــــــــــــــــــــــــــــ 7269 - (بكير) مصغر، وكذا (عقيل)، (وهذا الكتاب الذي هدى الله به رسوله - صلى الله عليه وسلم -) وفيه دلالة على كماله فإنه الذي هدي به سيد الرسل وكفى به شرفًا (وإنما هدى الله به رسوله). فإن قلت: هذا يدل على الحصر وقد أرشده الله إلى أحكام وحكم كثيرة خارج القرآن؟ قلت: هو أعظم معجزاته وأصل أكثر الأحكام والحصر فيه ادعائي. 7270 - وحديث ابن عباس (اللهم علّمه الكتاب) يشمل التفسير والتأويل، وقد مر مرارًا، ودلالته على الترجمة ظاهرة. (وهيب) بضم الواو مصغر. 7271 - 7272 - (عبد الله بن صَبّاح) بفتح الصاد وتشديد الموحدة (معتمِر) بكسر الميم (الثانية (أبو المنهال) بكسر الميم، اسمه: سَيَّار (أبو برزة) الأسلمي، اسمه: نضلة بالنون وضاد معجمة (إن الله يُغنيكم) بضم الياء وغين معجمة من الغنى (قال أبو عبد الله) هو البخاري: (وقع ههنا) أي: في هذه الرواية (يغنيكم) من الغنى، كما ضبطنا (وإنما هو نعشكم) بالنون وعين مهملة من النعش، وهو الرفع ومنه نعش الميت (ننظر في أصل كتاب الاعتصام) قيل: له كتاب أفرده في أحاديث الاعتصام، والظاهر أن ذلك الكتاب لم يكن

1 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - «بعثت بجوامع الكلم»

7272 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَتَبَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ يُبَايِعُهُ، وَأُقِرُّ لَكَ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ عَلَى سُنَّةِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ، فِيمَا اسْتَطَعْتُ. طرفه 7203 1 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «بُعِثْتُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ» 7273 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بُعِثْتُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَبَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِى أُتِيتُ بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الأَرْضِ، فَوُضِعَتْ فِي يَدِى». قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَقَدْ ذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنْتُمْ تَلْغَثُونَهَا أَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــ حاضرًا عنده فأحال تحقيقه إليه، وقد روي: يُعيشكم، بالياء المضمومة من العيش. وحديث ابن عمر في مكاتبة عبد الملك بن مروان بالبيعة قد تقدم قريبًا بأطول منه في باب كيف يبايع الإمام. باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "بعثت بجوامع الكلم" الأكثرون على أن جوامع الكلم كلمات قليلة اللفظ كثيرة المعاني كقوله: "المهاجر من هجر عما نهي" وكقوله: "لا ضرر ولا ضرار" وقيل: أراد القرآن، والسياق يأباه، فإن القرآن ذكره في الحديث بعده. 7273 - (أتيت بمفاتيح خزائن الأرض) تأويله ما فتح عليه وعلى أمته بعده من الغنائم وأموال الفيء (قال أبو هريرة: فقد ذهب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنتم تلغثونها) باللام والغين المعجمة، من اللغيث على وزن العظيم، قال ابن الأثير: طعام يُفْلَثُ بالشعير، وقيل: هو من لغثَ طعامه -بالغين المعجمة والمهملة- إذا فرقه، وهذا أحسن، وقد سلف في كتاب الجهادة "وأنتم تنتثلونها" "تنتثلونها": بالثاء المثلثة من نثل كنانته إذا أخرج فيها من

تَرْغَثُونَهَا، أَوْ كَلِمَةً تُشْبِهُهَا. طرفه 2977 7274 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا مِنَ الأَنْبِيَاءِ نَبِىٌّ إِلاَّ أُعْطِىَ مِنَ الآيَاتِ مَا مِثْلُهُ أُومِنَ - أَوْ آمَنَ - عَلَيْهِ الْبَشَرُ، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِى أُوتِيتُ وَحْيًا أَوْحَاهُ اللَّهُ إِلَىَّ، فَأَرْجُو أَنِّى أَكْثَرُهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ». طرفه 4981 ـــــــــــــــــــــــــــــ السهام، والظاهر أن هذا معنى قوله: (أو كلمة تشبهها). 7274 - (ما من نبي إلا وقد أعطي من الآيات ما مثله آمن أو أمِن عليه البشر) الشك من الراوي، الأول الإيمان ضد الكفر، والثاني من الأمن، وتعدية الإيمان بالباء وإنما عداه بعلى لتضمينه معنى الاعتماد أو هو صلة الأمن فيكون من قبيل: علفتها تبنًا وماءً باردًا وحاصله أن الأنبياء كانوا أصحاب آيات ومعجزات يعرف بها الناس صدقهم في دعوى النبوة (وإنما الذي أوتيته وحيًا أوحاه الله إلي) الوحي وإن كان أعم من القرآن قال الله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3، 4] إلا أنه أراد به القرآن؛ لذكره في مقابلة معجزات الأنبياء. فإن قلت: معجزاته لا تنحصر في عدد فكيف جاز الحصر في القرآن وحده؟ قلت: لما كان أعظم المعجزات فإن كل ثلاث آيات منه معجزة، وأدوم المعجزات لبقائه إلى آخر الدهر، وأكثرها فائدة لاشتماله على علوم الأولين والآخرين، فكان سائر الآيات بالنسبة إليه ليست بآية كما تقول: زيد هو الرجل، قال تعالى: {الم ذَلِكَ الْكِتَابُ} [البقرة: 1, 2] كأن ما عداه ليس بكتاب.

2 - باب الاقتداء بسنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

2 - باب الاِقْتِدَاءِ بِسُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا) قَالَ أَيِمَّةً نَقْتَدِى بِمَنْ قَبْلَنَا، وَيَقْتَدِى بِنَا مَنْ بَعْدَنَا. وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ ثَلاَثٌ أُحِبُّهُنَّ لِنَفْسِى وَلإِخْوَانِى هَذِهِ السُّنَّةُ أَنْ يَتَعَلَّمُوهَا وَيَسْأَلُوا عَنْهَا، وَالْقُرْآنُ أَنْ يَتَفَهَّمُوهُ وَيَسْأَلُوا عَنْهُ، وَيَدَعُوا النَّاسَ إِلاَّ مِنْ خَيْرٍ. 7275 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ وَاصِلٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ قَالَ جَلَسْتُ إِلَى شَيْبَةَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ قَالَ جَلَسَ إِلَىَّ عُمَرُ فِي مَجْلِسِكَ هَذَا فَقَالَ هَمَمْتُ أَنْ لاَ أَدَعَ فِيهَا صَفْرَاءَ وَلاَ بَيْضَاءَ إِلاَّ قَسَمْتُهَا بَيْنَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الاقتداء بسنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السنة عند الإطلاق: طريقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قولًا وفعلًا. وجَمَعَه باعتبار الأنواع (وقول الله عز وجل: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان: 74] قال: أئمة نقتدي بمن قبلنا، ويقتدي بنا من بعدنا) كذا وقع قال مجرد عن القائل، قال شيخ الإسلام: القائل هو مجاهد أخرجه الفريابي بسند صحيح. فإن قلت: {وَاجْعَلْنَا} لفظ الجمع، و {إِمَامًا} مفرد؟ قلت: لفظ الإمام مصدر في الأصل يجوز وقوعه وصفا للجمع. فإن قلت: الإمام هو الذي يقتدى به فكيف فسره بقوله: نقتدي بمن قبلنا؟ قلت: المصدر يكون بمعنى الفاعل وبمعنى المفعول، لكن هذا إنما يصح عند من يجوِّز الجمع بين المعنى الحقيقي والمجازي. والأحسن ما روي عن ابن عباس: اجعلنا أئمة التقوى لأهله يقتدون بنا. (ابن عون) هو عبد الله (ثلاث أحبهن لنفسي ولإخواني: هذه السنة) إشارة إلى الجنس الحاضر في الأذهان (أن يتعلموها) قيل: إنما خص التعليم بالسنة والتفهم بالقرآن لأن الغالب أن الإنسان يتعلم القرآن فلا يحتاج إلى الوصية بتعلمه، وقيل: لأن السنّة لم تكن يومئذٍ مجتمعة فأراد بالتعلم جمعها، قلت: الأحسن أن يقال: إن القرآن يتعلم في الصغر فلا يقدر إذ ذاك على تفهمه فأشار إلى أنه بعد تعلمه في الصغر يطلب فهمه في الكبر، ويدل عليه أن في رواية يحيى يتدبروه ويتفهموه (وبَدَعوا الناسَ إلا من خير) -بفتح الدال- من الدع وهو الترك، ويروى بسكون الدال والأول أحسن. 7275 - (صليت أي شيبة) هو ابن عثمان الحجبي (في هذا المسجد الحرام فقال: جلس إلي عمر في مجلسك هذا فقال: لقد هممت أن لا أدع فيها صفراء ولا بيضاء) الضمير

الْمُسْلِمِينَ. قُلْتُ مَا أَنْتَ بِفَاعِلٍ. قَالَ لِمَ. قُلْتُ لَمْ يَفْعَلْهُ صَاحِبَاكَ قَالَ هُمَا الْمَرْآنِ يُقْتَدَى بِهِمَا. طرفه 1594 7276 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَأَلْتُ الأَعْمَشَ فَقَالَ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ يَقُولُ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَنَّ الأَمَانَةَ نَزَلَتْ مِنَ السَّمَاءِ فِي جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ، وَنَزَلَ الْقُرْآنُ فَقَرَءُوا الْقُرْآنَ وَعَلِمُوا مِنَ السُّنَّةِ». طرفه 6497 7277 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ سَمِعْتُ مُرَّةَ الْهَمْدَانِىَّ يَقُولُ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ إِنَّ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَأَحْسَنَ الْهَدْىِ هَدْىُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَإِنَّ مَا تُوعَدُونَ لآتٍ، وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ. طرفه 6098 ـــــــــــــــــــــــــــــ للكعبة المعظمة بقرينة ذكر المسجد (هما المرآن بهما يقتدى) أي الشخصان الكاملان وإن كان أحدهما أجل وأعلى. قيل: إنما ترك ما همَّ به لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يفعله، وتقريره يجب أن يتبع لقوله تعالى: {وَاتَّبِعُوهُ} [الأعراف: 158] وفيه نظر؛ لأن قوله: (هما المرآن) يرفع هذا التوجيه، وأما قوله: {وَاتَّبِعُوهُ} فإنه يدل على اتباعه في أفعاله على الوجه الذي فعلها إن ندبًا فندبًا، وإن وجوبًا فوجوبًا، كما بين في موضعه، وليس عدم فعل الشيء تقريرًا لذلك العدم، بل تقريره أن يذكر شيء في مجلسه أو يعلم به مما يتعلق بأفعال المكلفين، ولم ينكره. 7276 - وحديث حذيفة (أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال) سلف في كتاب الفتن مستوفى، وموضع الدلالة هنا قوله: (فقرؤوا القرآن وعَلِمُوا السنة). 7277 - (مرة) بضم الميم وتشديد الراء (الهمْدَاني) وبسكون الميم ودال مهملة (وأحسن الهَدي هَدْي محمد - صلى الله عليه وسلم -) -بفتح الهاء وسكون الدال- الطريقة في الدين ولا شك في أحسنها إذ لا إصر فيها ولا أغلال بل هي الحنيفية السمحاء (وشر الأمور محدثاتها) -بفتح الدال- أي ما أحدث بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والمراد بها ما لا ترجع إلى أصل من الكتاب والسنة. قال بعض الفضلاء: البدعة خمسة أنواع: واجبة كتعلم النحو واللغة؛ لأن حفظ القرآن

7278 و 7279 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ قَالاَ كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ». طرفه 2314 7280 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ حَدَّثَنَا هِلاَلُ بْنُ عَلِىٍّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «كُلُّ أُمَّتِى يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ، إِلاَّ مَنْ أَبَى». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ يَأْبَى قَالَ «مَنْ أَطَاعَنِى دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِى فَقَدْ أَبَى». 7281 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَادَةَ أَخْبَرَنَا يَزِيدُ حَدَّثَنَا سَلِيمُ بْنُ حَيَّانَ - وَأَثْنَى عَلَيْهِ - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ حَدَّثَنَا أَوْ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ جَاءَتْ مَلاَئِكَةٌ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ نَائِمٌ فَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّهُ نَائِمٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّ الْعَيْنَ نَائِمَةٌ وَالْقَلْبَ يَقْظَانُ. فَقَالُوا إِنَّ لِصَاحِبِكُمْ هَذَا مَثَلاً فَاضْرِبُوا لَهُ مَثَلاً. فَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّهُ نَائِمٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والحديث بهما معرفة معانيهما، ومحرم كتعلم الفلسفة وتدوينه، ومندوبة كسائر المندوبات والربط ومباحة كالمصافحة بعد صلاة العصر والصبح، ومكروهة كالإفراط في تحسين الملابس والمآكل والمشارب. 7278 - 7279 - وحديث أبي هريرة وزيد بن خالد في قضية العسيف الذي زنى بامرأة المستأجر سلف، وموضع الدلالة قوله: (لأقضين بينكما بكتاب الله) فإنه دل على وجوب الاعتصام في الأحكام بكتاب الله، وقد أشرنا في كتاب الأحكام إلى أن قوله: "بكتاب الله" يريد ما وجد أصله في كتاب الله لقوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} [الحشر: 7] أو المراد بالكتاب حكم الله. 7280 - (ومن عصاني فقد أبى) فيه دلالة على وجوب الامتثال لأوامره والاعتصام بها (فليح) بضم الفاء مصغر. 7281 - (عبادة) بضم العين وتخفيف الباء (سُليم بن حيّان) بضم السين مصغر وتشديد المثناة تحت، وحديث جابر: (جاءت الملائكة ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - نائم وقالوا: اضربوا له مثلًا)

وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّ الْعَيْنَ نَائِمَةٌ وَالْقَلْبَ يَقْظَانُ. فَقَالُوا مَثَلُهُ كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى دَارًا، وَجَعَلَ فِيهَا مَأْدُبَةً وَبَعَثَ دَاعِيًا، فَمَنْ أَجَابَ الدَّاعِىَ دَخَلَ الدَّارَ وَأَكَلَ مِنَ الْمَأْدُبَةِ، وَمَنْ لَمْ يُجِبِ الدَّاعِىَ لَمْ يَدْخُلِ الدَّارَ وَلَمْ يَأْكُلْ مِنَ الْمَأْدُبَةِ. فَقَالُوا أَوِّلُوهَا لَهُ يَفْقَهْهَا فَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّهُ نَائِمٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّ الْعَيْنَ نَائِمَةٌ وَالْقَلْبَ يَقْظَانُ. فَقَالُوا فَالدَّارُ الْجَنَّةُ، وَالدَّاعِى مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - فَمَنْ أَطَاعَ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ، وَمَنْ عَصَى مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - فَقَدْ عَصَى اللَّهَ، وَمُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - فَرْقٌ بَيْنَ النَّاسِ. تَابَعَهُ قُتَيْبَةُ عَنْ لَيْثٍ عَنْ خَالِدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى هِلاَلٍ عَنْ جَابِرٍ خَرَجَ عَلَيْنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. 7282 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ يَا مَعْشَرَ الْقُرَّاءِ اسْتَقِيمُوا فَقَدْ سُبِقْتُمْ سَبْقًا بَعِيدًا فَإِنْ أَخَذْتُمْ يَمِينًا وَشِمَالاً، لَقَدْ ضَلَلْتُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ المثل قولة: شبه مضربه بمورده ثم استعير للحالة والصفة الغريبة؛ لأن الأمثال إذًا تضرب في الأمور الغريبة، ووجه الشبه حالة مركبة مأخوذة من طرفي المركبين، والحديث الظاهر، وموضع الدلالة قولهم (فمن أطاع محمدًا فقد أطاع الله) مأخوذ من قوله تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: 80] فإنه يدل على وجوب الاعتصام بطاعته (يفقهْهَا) بالجزم جواب الأمر مضارع فقِه بالكسر إذا فهم (محمد فرّق) بتشديد الراء فعل ماض، كذا لأبي ذر ولغيره "فَرْق" بفتح الغاء وسكون الراء اسم فاعل بمعنى الفارق. فإن قلت: ما الحكمة في قول بعض الملائكة: (إنه نائم) وجواب البعض: (إن العين نائمة والقلب يقظان)؟ قلت: الله أعلم أن بعضهم ظن أنه كسائر النيام، ولا يفهم فأجاب الذين يعرفون أنه ليس كسائر الناس، فلما أرادوا ضرب المثل -ولا يكون إلا في الأمور الغريبة- استبعدوا أن يفهم ذلك الضرب فقالوا: (إنه نائم) فأجاب الأولون فقالوا: (إنه لا يخفى عليه) ثم فضلوا ذلك المجمل ليتضح له ولكل أحد. 7282 - (أبو نعيم) بضم النون مصغر (همام) بفتح الهاء وتشديد الميم (عن حذيفة قال: يا معشر القراء استقيموا) هذا موضع الدلالة، وإن طريق الإستقامة في الدين إلا بالكتاب والسنة (فقد سبقتم سبقًا بعيدًا) بفتح السين على بناء الفاعل، ويروى بضمها على بناء المجهول، والأول أرجح؛ لأنه يخاطب الصحابة حفاظ القرآن يريد أنهم خير طائفة من خير القرون، فلهم السبق البعيد (وإن أخذتم يمينًا وشمالًا) كناية عن ترك الكتاب والسنة.

7283 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّمَا مَثَلِى وَمَثَلُ مَا بَعَثَنِى اللَّهُ بِهِ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَتَى قَوْمًا فَقَالَ يَا قَوْمِ إِنِّى رَأَيْتُ الْجَيْشَ بِعَيْنَىَّ، وَإِنِّى أَنَا النَّذِيرُ الْعُرْيَانُ فَالنَّجَاءَ. فَأَطَاعَهُ طَائِفَةٌ مِنْ قَوْمِهِ فَأَدْلَجُوا، فَانْطَلَقُوا عَلَى مَهَلِهِمْ فَنَجَوْا، وَكَذَّبَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ فَأَصْبَحُوا مَكَانَهُمْ، فَصَبَّحَهُمُ الْجَيْشُ، فَأَهْلَكَهُمْ وَاجْتَاحَهُمْ، فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ أَطَاعَنِى، فَاتَّبَعَ مَا جِئْتُ بِهِ، وَمَثَلُ مَنْ عَصَانِى وَكَذَّبَ بِمَا جِئْتُ بِهِ مِنَ الْحَقِّ». طرفه 6482 7284، 7285 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ لَمَّا تُوُفِّىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَهُ، وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ الْعَرَبِ قَالَ عُمَرُ لأَبِى بَكْرٍ كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. فَمَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. عَصَمَ مِنِّى مَالَهُ وَنَفْسَهُ، إِلاَّ بِحَقِّهِ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ». فَقَالَ وَاللَّهِ لأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ، وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِى عِقَالاً ـــــــــــــــــــــــــــــ 7283 - (أبو كريب) -بضم الكاف- محمد بن العلاء (أبو أسامة) بضم الهمزة (عن بريد) مصغر برد (عن أبي بردة) -بضم الباء- عامر بن أبي موسى (مثل ما بعثني الله به كمثل رجل أتى قومًا فقال يا قوم: إني رأيت الجيش بعينيَّ وإني أنا النذير العريان) كانوا إذا أرادوا العدو تجردوا عن الثياب ولوحوا من بعيد لئلا يباغتهم العدو، وقد سلف تمام الكلام في الرقاق، وأشرنا إلى أول من فعله (فالنجاء) نصب على الإغراء (فأَدلجوا) بفتح الهمزة أي ساروا في أول الليل (فاجتاحهم) أي: استأصلهم، واويّ أصله من الجائحة [...] ثم اتسع فيه. 7284 - 7285 - وحديث أبي بكر لما قاتل مانعي الزكاة تقدم مع شرحه مستوفى في أبواب الزكاة (قتيبة) بضم القاف مصغر، وكذا (عقيل)، (والله لو منعوني كذا) كناية عن

كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهِ. فَقَالَ عُمَرُ فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلاَّ أَنْ رَأَيْتُ اللَّهَ قَدْ شَرَحَ صَدْرَ أَبِى بَكْرٍ لِلْقِتَالِ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ. قَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ وَعَبْدُ اللَّهِ عَنِ اللَّيْثِ عَنَاقًا. وَهْوَ أَصَحُّ. طرفاه 1399، 1400 7286 - حَدَّثَنِى إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَدِمَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ فَنَزَلَ عَلَى ابْنِ أَخِيهِ الْحُرِّ بْنِ قَيْسِ بْنِ حِصْنٍ، وَكَانَ مِنَ النَّفَرِ الَّذِينَ يُدْنِيهِمْ عُمَرُ، وَكَانَ الْقُرَّاءُ أَصْحَابَ مَجْلِسِ عُمَرَ وَمُشَاوَرَتِهِ كُهُولاً كَانُوا أَوْ شُبَّانًا فَقَالَ عُيَيْنَةُ لاِبْنِ أَخِيهِ يَا ابْنَ أَخِى هَلْ لَكَ وَجْهٌ عِنْدَ هَذَا الأَمِيرِ فَتَسْتَأْذِنَ لِى عَلَيْهِ قَالَ سَأَسْتَأْذِنُ لَكَ عَلَيْهِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَاسْتَأْذَنَ لِعُيَيْنَةَ فَلَمَّا دَخَلَ قَالَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ وَاللَّهِ مَا تُعْطِينَا الْجَزْلَ، وَمَا تَحْكُمُ بَيْنَنَا بِالْعَدْلِ. فَغَضِبَ عُمَرُ حَتَّى هَمَّ بِأَنْ يَقَعَ بِهِ فَقَالَ الْحُرُّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لِنَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) وَإِنَّ هَذَا مِنَ الْجَاهِلِينَ. فَوَاللَّهِ مَا ـــــــــــــــــــــــــــــ العناق والعقال (قال ابن بكير وعبد الله) كلاهما شيخ البخاري: (عناقًا وهو أصح) العناق بفتح العين ولد المعز، وهذا يوافق مذهب الشافعي في وجوب الزكاة على السخال، وحولُها حول الأمهات وقال مالك: في الموطأ: يكمل نصاب الأمهات بالأولاد ولو كان التوالد قبل الحول بيوم. وتوجيهه: رواية العقال محمولة على أن العرف كان أن العامل إذا أخذ العين قالوا: أخذ العقال، وإذا أخذ الأثمان قيل: أخذ النقد، وقيل: العقال صدقة العام، وقيل: المراد بالعقال ما هو المتعارف، وهو الحبل يربط به بعير الصدقة، وهذا هو الصواب؛ لأن ضرب المثل إنما يكون في شيء يكون غاية في القلة. 7286 - (قدم عُيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر) الفزاري أسلم يوم الفتح وشهد حنينًا وهو معدود من المؤلفة، وسماه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأحمق المطاع في قومه، ثم ارتد مع طلحة ثم أسلم في أيام أبي بكر وحسن إسلامه (فنزل على أخيه الحر بن قيس) الحر ضد العبد (قال يابن أخي هل لك وجه عند هذا الأمير فتستأذن لي عليه) أراد الدخول عليه في

جَاوَزَهَا عُمَرُ حِينَ تَلاَهَا عَلَيْهِ، وَكَانَ وَقَّافًا عِنْدَ كِتَابِ اللَّهِ. طرفه 4642 7287 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَسْمَاءَ ابْنَةِ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما - أَنَّهَا قَالَتْ أَتَيْتُ عَائِشَةَ حِينَ خَسَفَتِ الشَّمْسُ، وَالنَّاسُ قِيَامٌ وَهْىَ قَائِمَةٌ تُصَلِّى فَقُلْتُ مَا لِلنَّاسِ فَأَشَارَتْ بِيَدِهَا نَحْوَ السَّمَاءِ فَقَالَتْ سُبْحَانَ اللَّهِ. فَقُلْتُ آيَةٌ. قَالَتْ بِرَأْسِهَا أَنْ نَعَمْ. فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ «مَا مِنْ شَىْءٍ لَمْ أَرَهُ إِلاَّ وَقَدْ رَأَيْتُهُ فِي مَقَامِى، حَتَّى الْجَنَّةَ وَالنَّارَ، وَأُوحِىَ إِلَىَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي الْقُبُورِ قَرِيبًا مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ، فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ - أَوِ الْمُسْلِمُ لاَ أَدْرِى أَىَّ ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاءُ - فَيَقُولُ مُحَمَّدٌ جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ فَأَجَبْنَا وَآمَنَّا. فَيُقَالُ نَمْ صَالِحًا عَلِمْنَا أَنَّكَ مُوقِنٌ. وَأَمَّا الْمُنَافِقُ - أَوِ الْمُرْتَابُ لاَ أَدْرِى أَىَّ ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاءُ - فَيَقُولُ لاَ أَدْرِى سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلْتُهُ». طرفه 86 7288 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «دَعُونِى مَا تَرَكْتُكُمْ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الخلوة، وإلا لم يكن عمر يحتجب عن أرباب الحاجات (وكان وقافًا عند كتاب الله) من غاية تقواه يخاف من الوقوع في أمر يخالف مراد الله. 7287 - وحديث أسماء في صلاة الكسوف تقدم هناك، وموضع الدلالة قول المؤمن في شأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (هو محمد جاءنا بالبينات) فإنه يدل على وجوب الاعتصام بالكتاب والسنة فإنه سبب النجاة من المهالك وموصل إلى النعيم المقيم. 7288 - (أبو الزناد) بكسر الزاي بعدها نون عبد الله بن ذكوان (دعوني ما تركتكم) وفي رواية مسلم "ذروني" وسبب وروده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال "إن الله فرض عليكم الحج فحجوا، فقال رجل: أكل عام؟ " قال في رواية الدارقطني: إن هذا كان سبب نزول قوله

3 - باب ما يكره من كثرة السؤال وتكلف ما لا يعنيه

إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلاَفِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَىْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ». 3 - باب مَا يُكْرَهُ مِنْ كَثْرَةِ السُّؤَالِ وَتَكَلُّفِ مَا لاَ يَعْنِيهِ وَقَوْلُهُ تَعَالَى (لاَ تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ). 7289 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ أَعْظَمَ الْمُسْلِمِينَ جُرْمًا مَنْ سَأَلَ عَنْ شَىْءٍ لَمْ يُحَرَّمْ، فَحُرِّمَ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَتِهِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ} [المائدة: 101] (إنما أهلك من قبلكم سؤالهم) ويروى: "هلك من قبلكم بسؤالهم" (فإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم) إذ لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها فلا دليل فيه لمن يقول إن أمر الشارع يكون للندب. باب ما يكره من كثرة السؤال وتكلف ما لا يعنيه أي ما لا يكون مهمًا له. 7289 - (عن عبد الله بن يزيد المقرئ) بضم الميم من الإقراء (عقيل) بضم العين مصغر (إن أعظم المسلمين جرمًا) بضم الجيم، أي: إثمًا (من سأل عن شيء لم يحرم فحرم لأجل مسألته) لأن ضرره لحق كل مسلم إلى آخر الدهر. فإن قلت: أليس قد قال تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43] وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هلا سألوا إذا لم يعلموا"؟ قلت: الكلام هنا في أمر لا يتعلق به أمر ديني، ولا تدعو إليه ضرورة، وهؤلاء كانوا من هذه الطائفة كان إذا ضلت ناقته يقول أين ناقتي، وقد أشار إليه في الترجمة بقوله: وتكلف ما لا يعنيه. قال بعض الشارحين: فإن قلت: هذا فيه دلالة على أن أفعاله تعالى معللة؟ قلت: الأشعرية لا ينكرون جواز تعليل فعله، بل ينكرون الوجوب، وهذا غلط فإنهم استدلوا على عدم الجواز بأنه يوجب الاستكمال. والمسألة معروفة. قال شيخ الإسلام: وكقولهم: اجعل

7290 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ سَمِعْتُ أَبَا النَّضْرِ يُحَدِّثُ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - اتَّخَذَ حُجْرَةً فِي الْمَسْجِدِ مِنْ حَصِيرٍ، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِيهَا لَيَالِىَ، حَتَّى اجْتَمَعَ إِلَيْهِ نَاسٌ، ثُمَّ فَقَدُوا صَوْتَهُ لَيْلَةً فَظَنُّوا أَنَّهُ قَدْ نَامَ، فَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَتَنَحْنَحُ لِيَخْرُجَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ «مَا زَالَ بِكُمُ الَّذِى رَأَيْتُ مِنْ صَنِيعِكُمْ، حَتَّى خَشِيتُ أَنْ يُكْتَبَ عَلَيْكُمْ، وَلَوْ كُتِبَ عَلَيْكُمْ مَا قُمْتُمْ بِهِ فَصَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ، فَإِنَّ أَفْضَلَ صَلاَةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ، إِلاَّ الصَّلاَةَ الْمَكْتُوبَةَ». ـــــــــــــــــــــــــــــ لنا الصفا ذهبًا، وفيه نظر؛ لأن الذين نزلت فيهم الآية يؤمنون غاية الأمر كانوا جفاة لا يعرفون الآداب بقوله: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} [الحجرات: 4] والذين سألوا أن يجعلوا الصفا ذهبًا مشركوا مكة. 7290 - (إسحاق) كذا وقع غير منسوب، قال الغساني: لعله ابن منصور، وابن راهويه قال شيخ الإسلام: هو ابن منصور لقوله: حدثنا عفان وابن راهويه إنما يقول: (أخبرنا وهيب) بضم الواو مصغر (أبو النضر) بضاد معجمة اسمه سالم (بُسر بن سعيد) بضم الموحدة وسين مهملة (اتخذ حُجْرة في المسجد من حصير) كان حصيرًا يبسط بالنهار، ويجعله حجرة بالليل، والحديث سلف في أبواب الصلاة، وموضع الدلالة إنكاره عليهم في حرصهم على الاجتماع من غير أن يأمرهم به، وهذا يتعلق بالشق الثاني وهو تكلف ما لا يعنيه (فصلوا أيها الناس في بيوتكم فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة). قال بعض الشارحين: فإن قلت: تحية المسجد وركعة الطواف ليس البيت منها أفضل من المسجد، قلت: العام قد يخصص، وما من عام إلا وخص منه البعض إلا قوله تعالى: {وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [البقرة: 282]. وفيه خبط, أما أولًا: فلأن الكلام في صلاة يصلح لها المسجد والبيت، وتحية المسجد لا تمكن في غير المسجد، فلا تدخل تحت العموم، كعدم دخول الصبي في {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [البقرة: 43]، وأما ثانيًا فلأن العام الثاني على عمومه لا ينحصر في قوله: {وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [البقرة: 282] أما في قوله تعالى فكقوله: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [آل عمران: 185] و {وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (7)} [الجاثية: 7]

7291 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ أَشْيَاءَ كَرِهَهَا، فَلَمَّا أَكْثَرُوا عَلَيْهِ الْمَسْأَلَةَ غَضِبَ وَقَالَ «سَلُونِى». فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَبِى قَالَ «أَبُوكَ حُذَافَةُ». ثُمَّ قَامَ آخَرُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَبِى فَقَالَ «أَبُوكَ سَالِمٌ مَوْلَى شَيْبَةَ». فَلَمَّا رَأَى عُمَرُ مَا بِوَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْغَضَبِ قَالَ إِنَّا نَتُوبُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. طرفه 92 7292 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ وَرَّادٍ كَاتِبِ الْمُغِيرَةِ قَالَ كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى الْمُغِيرَةِ اكْتُبْ إِلَىَّ مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَكَتَبَ إِلَيْهِ إِنَّ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهْوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلاَ مُعْطِىَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلاَ يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ». وَكَتَبَ إِلَيْهِ إِنَّهُ كَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــ {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ} [البقرة: 285]، وأما في الحديث "كلكم راع" و"من قال لا إله إلا الله خالصًا من قلبه دخل الجنة". 7291 - (أبو أسامة) بضم الهمزة (بريد) بضم الموحدة، مصغر برد (أبو بردة) بضم الموحدة، روى عن أبي موسى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن أشياء كرهها وفي كتاب العلم في غضب الإنسان في الموعظة (فغضب فقال سلوني) وفي الرواية الأخرى "لا تسألوني عن شيء إلا أخبرتكم ما دمت في مقامي هذا" كشف الله له عالم الملك والملكوت كما كشف له بيت المقدس صباح ليلة المعراج لما سأله المشركون كما سلف في البخاري. 7292 - (أبو عَوانة) بفتح العين الوضاح (عن وراد) بفتح الواو والراء (ولا ينفع ذا الجد منك الجد) أي: جده، اللام عوض عن المضاف إليه، ومن هنا قالوا لها بدلية، أي الجد وهو الحظ لا ينفع صاحبه بذلك، أي: بدل رحمتك وإنما الذي ينفعه رحمتك إشارة

يَنْهَى عَنْ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةِ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةِ الْمَالِ، وَكَانَ يَنْهَى عَنْ عُقُوقِ الأُمَّهَاتِ وَوَأْدِ الْبَنَاتِ وَمَنْعٍ وَهَاتِ. طرفه 844 7293 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كُنَّا عِنْدَ عُمَرَ فَقَالَ نُهِينَا عَنِ التَّكَلُّفِ. 7294 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ. وَحَدَّثَنِى مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه. أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ فَصَلَّى الظُّهْرَ فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَذَكَرَ السَّاعَةَ، وَذَكَرَ أَنَّ بَيْنَ يَدَيْهَا أُمُورًا عِظَامًا ثُمَّ قَالَ «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ شَىْءٍ فَلْيَسْأَلْ عَنْهُ، فَوَاللَّهِ لاَ تَسْأَلُونِى عَنْ شَىْءٍ إِلاَّ أَخْبَرْتُكُمْ بِهِ، مَا دُمْتُ فِي مَقَامِى هَذَا». قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ إلى أن حظ الدنيا لا يقاس به الآخرة (ونهى عن قيل وقال) بالتنوين مصدرا قال، ورويا معرفين وبغير تنوين على أنهما فعلان أجريا مجرى المصدرين، وقد سلف الحديث، وأحسن ما قيل في معناهما النهي عن كثرة الرواية من غير تثبت كما يقول واحد من هؤلاء: قال فلان كذا وقيل كذا في المجادلة من غير طلب الصواب وإظهار الحق (وإضاعة المال) إتلافه من غير رعاية كتركه حفظ الدواب وعمارة العقار (ومنع وهات) على لفظ الماضي في الأول، والمصدر [وأما الثاني] فاسم فعل بمعنى أعط، قيل: معناهما منع ما عليه وأخذ ما ليس له، والأحسن أن يقال: كناية عن عدم المبالاة في أمور الدين وأخذها بالتشهي ومقتضى هداى النفس، وهذا يعم ما قالوه فهو أحسن، (وعقوق الأمهات). فإن قلت: عقوق الآباء أيضًا محرم لقوله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ} [لقمان: 14]؟ قلت: إفرادها بالذكر لزيادة حقها ولضعف جانبها، وإليه أشار في قوله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ} [لقمان: 14]. 7293 - (عن أنس قال: كنا عند عمر فقال: نهينا عن التكلف) قد سلف أن الصحابي إذا قال: نهينا وأمرنا الآمر والناهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومثله في حكم المرفوع، قال ابن الأثير: التكليف تحمل الكلفة، أي: المشقة على خلاف العادة. 7294 - (فوالله لا تسألوني عن شيء إلا أخبرتكم ما دمت في مقامي هذا) قد أشرنا

أَنَسٌ فَأَكْثَرَ النَّاسُ الْبُكَاءَ، وَأَكْثَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَقُولَ «سَلُونِى». فَقَالَ أَنَسٌ فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ أَيْنَ مَدْخَلِى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «النَّارُ». فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ فَقَالَ مَنْ أَبِى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «أَبُوكَ حُذَافَةُ». قَالَ ثُمَّ أَكْثَرَ أَنْ يَقُولَ «سَلُونِى سَلُونِى». فَبَرَكَ عُمَرُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - رَسُولاً. قَالَ فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ قَالَ عُمَرُ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَقَدْ عُرِضَتْ عَلَىَّ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ آنِفًا فِي عُرْضِ هَذَا الْحَائِطِ وَأَنَا أُصَلِّى، فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ». طرفه 93 7295 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنِى مُوسَى بْنُ أَنَسٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَجُلٌ يَا نَبِىَّ اللَّهِ مَنْ أَبِى قَالَ «أَبُوكَ فُلاَنٌ». وَنَزَلَتْ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ) الآيَةَ. طرفه 93 7296 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ صَبَّاحٍ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَنْ يَبْرَحَ النَّاسُ يَتَسَاءَلُونَ حَتَّى يَقُولُوا هَذَا اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَىْءٍ فَمَنْ خَلَقَ اللَّهَ». ـــــــــــــــــــــــــــــ آنفًا إلى أنه تعالى كشف له عالم الملك والملكوت (فبرك عمر على ركبتيه) لما رأى غضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاف من نزول عذاب الله، وفي رواية عن الزهري "فقام فقبل رجله وقال: فاعف عنا عفا الله عنك" (والذي نفسي بيده لقد عرضت عليّ الجنة والنار في عُرض هذا الحائط) بضم العين بمعنى الجانب (فما رأيت كاليوم في الخير والشر) إذ لا أعظم من الجنة والنار، وهما جزاء الخير والشر. 7295 - 7296 - (لن يبرح الناس يتساءلون هذا الله خلق الخلق فمن خلق الله) يتساءلون فيما لا يعنيهم حتى تؤويهم وسوسة الشيطان إلى هذا كما تقدم في بدء الخلق "يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا وكذا حتى يقول من خلق ربك" وفي رواية

7297 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ مَيْمُونٍ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي حَرْثٍ بِالْمَدِينَةِ، وَهْوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى عَسِيبٍ، فَمَرَّ بِنَفَرٍ مِنَ الْيَهُودِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ سَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ لاَ تَسْأَلُوهُ لاَ يُسْمِعْكُمْ مَا تَكْرَهُونَ. فَقَامُوا إِلَيْهِ فَقَالُوا يَا أَبَا الْقَاسِمِ حَدِّثْنَا عَنِ الرُّوحِ. فَقَامَ سَاعَةً يَنْظُرُ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ، فَتَأَخَّرْتُ عَنْهُ حَتَّى صَعِدَ الْوَحْىُ، ثُمَّ قَالَ (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّى). طرفه 125 ـــــــــــــــــــــــــــــ لمسلم "يقول الله تعالى: إن أمتك لا تزال تقول: هذا الله خلق الخلق فمن خلق الله؟ فمن بلغه فليستعذ بالله" وفي رواية: "فليقرأ آمنت بالله" وظاهر الجواب عن هذه الوسوسة أن يقول: لا يجوز أن لا يكون الله مخلوقًا لبطلان التسلسل، فلا بد للممكنات من واجب يكون وجوده مقتضى ذاته. ولما كان هذا غير ظاهر لكل أحد وفيه شكوك وشبه يحتاج إلى دفعها نهى الحكم - صلى الله عليه وسلم - عن الخوض فيه، وأمر بالانتهاء والاستعاذة من شر الشيطان. 7297 - وحديث ابن مسعود، وسؤال اليهود رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الروح سلف في سورة الإسراء (في حرث) بالحاء المهملة آخره ثاء مثلثة، وفي رواية بالخاء المعجمة آخره باء موحدة (يتوكأ على عسيب) جريد النخل {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} [الإسراء: 85]) أي: كائن بأمره مخلوق كسائر المخلوقات. فإن قلت: ما وجه دلالته على الترجمة؟ قلت: من حيث إن سؤال اليهود عن الروح من قبيل ما لا يعني، ومن أراد تحقيق هذه الآية الكريمة فعليه بتفسيرنا "غاية الأماني" والله الموفق والمعين.

4 - باب الاقتداء بأفعال النبى - صلى الله عليه وسلم -

4 - باب الاِقْتِدَاءِ بِأَفْعَالِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - 7298 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ اتَّخَذَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ فَاتَّخَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنِّى اتَّخَذْتُ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ». فَنَبَذَهُ وَقَالَ «إِنِّى لَنْ أَلْبَسَهُ أَبَدًا» فَنَبَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَهُمْ. طرفه 5865 5 - باب مَا يُكْرَهُ مِنَ التَّعَمُّقِ وَالتَّنَازُعِ فِي الْعِلْمِ وَالْغُلُوِّ فِي الدِّينِ وَالْبِدَعِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ). ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الاقتداء بأفعال النبي - صلى الله عليه وسلم - 7298 - (أبو نعيم) بضم النون مصغر، روى في الباب (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اتخذ خاتمًا من ذهب فاتخذ الناس الخواتم، فلما ألقاه ألقوا خواتيمهم) واستدل به على وجوب الاقتداء في أفعاله، وتحقيق القول فيه أن أفعاله - صلى الله عليه وسلم - إن كانت من قبيل الجبلة كالأكل والشرب فأمته مثله سواء، وما كان من خواصه فلا يجوز لهم الاقتداء كصوم الوصال، والزيادة على الأربع من النساء، ورد منه بيانًا لمجمل نحو "خذوا عني مناسككم"، و"صلوا كما رأيتموني أصلي"، وكالقطع من الكوع وغسل الموفق في الوضوء فأمته مثله فيه، وإن لم يكن بيانًا ولا مخصوصًا به، فإن علم جهة فعله من الوجوب أو الندب فأمته فيه كذلك، وإن لم تعلم جهته فإن ظهر منه قصد القربة فندب في حق أمته، وإلا فمباح، وإن تعارض فعلُه وقوله فالقول يقدم، وقيل يتعارضان، وقيل: الفعل يقدم، والأول هو الحق، وموضعه إذا لم يكن قرينة، بفضائله، وأدلة الكل في أصول الفقه. باب ما يكره من التعمق والتنازع والغلو في الدين والتعمق الشديد في الدين بحيث يؤدي إلى المشقة مأخوذ من العمق والغلو بالغين المعجمة التجاوز عن الحد، وهو قريب من التعمق، والبدع المراد بها ما لا يرجع إلى أصل من الكتاب، واستدل على ما ترجم بقوله تعالى: ({يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} [النساء: 171]).

7299 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تُوَاصِلُوا». قَالُوا إِنَّكَ تُوَاصِلُ. قَالَ «إِنِّى لَسْتُ مِثْلَكُمْ، إِنِّى أَبِيتُ يُطْعِمُنِى رَبِّى وَيَسْقِينِى». فَلَمْ يَنْتَهُوا عَنِ الْوِصَالِ - قَالَ - فَوَاصَلَ بِهِمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَيْنِ أَوْ لَيْلَتَيْنِ، ثُمَّ رَأَوُا الْهِلاَلَ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ تَأَخَّرَ الْهِلاَلُ لَزِدْتُكُمْ». كَالْمُنَكِّلِ لَهُمْ. طرفه 1965 7300 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِىُّ حَدَّثَنِى أَبِى قَالَ خَطَبَنَا عَلِىٌّ - رضى الله عنه - عَلَى مِنْبَرٍ مِنْ آجُرٍّ، وَعَلَيْهِ سَيْفٌ فِيهِ صَحِيفَةٌ مُعَلَّقَةٌ فَقَالَ وَاللَّهِ مَا عِنْدَنَا مِنْ كِتَابٍ يُقْرَأُ إِلاَّ كِتَابُ اللَّهِ وَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ. فَنَشَرَهَا فَإِذَا فِيهَا أَسْنَانُ الإِبِلِ وَإِذَا فِيهَا «الْمَدِينَةُ حَرَمٌ مِنْ عَيْرٍ إِلَى كَذَا، فَمَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لاَ يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلاَ عَدْلاً». وَإِذَا فِيهِ «ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ، فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لاَ يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلاَ عَدْلاً». وَإِذَا فِيهَا «مَنْ وَالَى قَوْمًا بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لاَ يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلاَ عَدْلاً». ـــــــــــــــــــــــــــــ 7299 - روى أحاديث دالة على ذلك، منها حديث الوصال أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عنه، وقد تقدم في أبواب الصوم وبعده، أشرنا إلى أن مخالفتهم له إنما كانت لعلمهم أنه إنما نهاهم رفقًا بهم وأشرنا إلى أن معنى قوله: (أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني) إفاضة الأنوار والقوى الروحانية لا الطعام والشراب، وإلا لم يكن وصالًا (كالمنكر لهم) وفي رواية "كالمُنْكى" بضم الميم وسكون النون وفي أخرى "كالمنكَّل" بتشديد الكاف المكسورة. 7300 - وحديث علي بن أبي طالب (ما عندنا إلا كتاب الله وما في هذه الصحيفة) قد سلف الحديث مرارًا، وموضع الدلالة على الترجمة هذا الموضع فإنه يدل على عدم الغلو، والاكتفاء بالكتاب والسنة، وقيل: موضع الدلالة قوله: (فمن أحدث فيها حدثًا) فإنه محمول على البدعة، وإن كان الضمير للمدينة إلا أن الحكم عام (أسنان الإبل) أي أعمارها كيف تؤخذ في الزكاة. (المدينة حوم من عير إلى كذا) بفتح العين اسم جبل، وفي رواية "إلى ثور" قال ابن الأثير: ولعله إلى أحد إذ لم يعرف بالمدينة جبل ثور (فمن أخفر مسلمًا) بالخاء

وَإِذَا فِيهَا «مَنْ وَالَى قَوْمًا بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لاَ يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلاَ عَدْلاً». طرفه 111 7301 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِىَ الله عنها - صَنَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - شَيْئًا تَرَخَّصَ وَتَنَزَّهَ عَنْهُ قَوْمٌ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَحَمِدَ اللَّهَ ثُمَّ قَالَ «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَتَنَزَّهُونَ عَنِ الشَّىْءِ أَصْنَعُهُ، فَوَاللَّهِ إِنِّى أَعْلَمُهُمْ بِاللَّهِ، وَأَشَدُّهُمْ لَهُ خَشْيَةً». طرفه 6101 7302 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ عَنْ نَافِعِ بْنِ عُمَرَ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ قَالَ كَادَ الْخَيِّرَانِ أَنْ يَهْلِكَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ لَمَّا قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَفْدُ بَنِى تَمِيمٍ، أَشَارَ أَحَدُهُمَا بِالأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ الْحَنْظَلِىِّ أَخِى بَنِى مُجَاشِعٍ، وَأَشَارَ الآخَرُ بِغَيْرِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ المعجمة يقال: خفرته حفظت عهده، وأخفرتهُ: نقضت عهده فالهمزة للسلب (ومن وإلى قومًا بغير إذن مواليه) ليس معناه أنه لو وإلى بإذنهم جاز بل دلالة عليهم يأذنون في ذلك. 7301 - (مسلم عن مسروق) يروي عن مسروق مسلم بن صبيح، ومسلم البطين، قيل: يجوز أن يكون كل واحد منهما، قلت: في رواية مسلم عن أبي الضحى وهو كنية مسلم بن صبيح، حديث عائشة (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صنع شيئًا ترخص فيه) قال الجوهري: الرخصة خلاف التشديد، فالمعنى أنه تيسر في ذلك الشيء لم يرد الرخصة التي هي مقابلة العزيمة، يدل عليه الحديث الآخر المتفق عليه: أن رهطًا سألوا أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - عن عمله فتقالوه وقالوا: أين نحن من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الله غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر (والله إني لأعلمهم بالله وأشد خشيةً) أشار بالأول إلى كمال قوته النظرية، وبالثاني إلى كمال قوته العملية. 7302 - (مقاتل) بكسر التاء اسم فاعل (مليكة) بضم الميم، مصغر ملكة (كاد الخيران يهلكا) بفتح الخاء وتشديد الياء اسم فاعل (أبو بكر وعمر) بدل، وعطف بيان (قدم وفد بني تميم) شرع في بيان علة الهلاك (فأشار أحدهما بالأقرع بن حابس) المشير عمر، والمشار به الإمارة (مجاشع) بكسر الميم والشين (وأشار الآخر) أي: أبو بكر (بغيره) هو القعقاع بن

فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ إِنَّمَا أَرَدْتَ خِلاَفِى. فَقَالَ عُمَرُ مَا أَرَدْتُ خِلاَفَكَ. فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَنَزَلَتْ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ) إِلَى قَوْلِهِ (عَظِيمٌ). قَالَ ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ فَكَانَ عُمَرُ بَعْدُ - وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ عَنْ أَبِيهِ يَعْنِى أَبَا بَكْرٍ - إِذَا حَدَّثَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بِحَدِيثٍ حَدَّثَهُ كَأَخِى السِّرَارِ، لَمْ يُسْمِعْهُ حَتَّى يَسْتَفْهِمَهُ. طرفه 4367 7303 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ فِي مَرَضِهِ «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّى بِالنَّاسِ». قَالَتْ عَائِشَةُ قُلْتُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ إِذَا قَامَ فِي مَقَامِكَ لَمْ يُسْمِعِ النَّاسَ مِنَ الْبُكَاءِ، فَمُرْ عُمَرَ فَلْيُصَلِّ. فَقَالَ «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ». فَقَالَتْ عَائِشَةُ فَقُلْتُ لِحَفْصَةَ قُولِى إِنَّ أَبَا بَكْرٍ إِذَا قَامَ فِي مَقَامِكَ لَمْ يُسْمِعِ النَّاسَ مِنَ الْبُكَاءِ، فَمُرْ عُمَرَ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ، فَفَعَلَتْ حَفْصَةُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّكُنَّ لأَنْتُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ، مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ لِلنَّاسِ». قَالَتْ حَفْصَةُ لِعَائِشَةَ مَا كُنْتُ لأُصِيبَ مِنْكِ خَيْرًا. طرفه 198 ـــــــــــــــــــــــــــــ معبد -بقافين بينهما عين ساكنة آخره عين- والحديث مرسل على هذا، وقد وصله في سورة الحجرات عن ابن الزبير (فكان عمر بعد) أي: بعد نزول الآية، (ولم يذكر ذلك من أبيه يعني أبا بكر) هذه جملة معترضة وفاعل لم يذكر فيه: ابن الزبير فإن أبا بكر جده، فهو الذي أراد بأبيه إذا حدث النبي - صلى الله عليه وسلم - ظرف; لقوله: فكان عمر بعد (حدثه كأخي السرار) بكسر السين مصدر سارّ كالمساورة، وإضافة الأخ إلى السرار مجازية بأدنى ملابسة كقولهم: أخو الحرب، وأبو المحاسن، والكاف في محل نصب على الحال، ونقل عن المبرد أن لفظ الأخ معجمة، والكاف صفة مصدر محذوف، وما ذكر أبلغ وأغرب. 7303 - وحديث عائشة في إمامة أبي بكر وقد سلف في أبواب الصلاة، وموضع الدلالة قوله: (إنكن لأنتن صواحب يوسف) فإن وجه الشبه الدعاء إلى النساء، وقيل: بيان ذم المخالفة، ويحتمل أن يكون وجه المناسبة ما جاء في الرواية الأخرى عن عائشة: إن غرضي كان صرف الإمامة عنه؛ لأن من يقوم مقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُتَشاءم به، وهذا نوع من التعمق والغلو.

7304 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِىِّ قَالَ جَاءَ عُوَيْمِرٌ إِلَى عَاصِمِ بْنِ عَدِىٍّ فَقَالَ أَرَأَيْتَ رَجُلاً وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً فَيَقْتُلُهُ، أَتَقْتُلُونَهُ بِهِ سَلْ لِى يَا عَاصِمُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلَهُ فَكَرِهَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمَسَائِلَ وَعَابَ، فَرَجَعَ عَاصِمٌ فَأَخْبَرَهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَرِهَ الْمَسَائِلَ فَقَالَ عُوَيْمِرٌ وَاللَّهِ لآتِيَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَجَاءَ وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى الْقُرْآنَ خَلْفَ عَاصِمٍ فَقَالَ لَهُ «قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيكُمْ قُرْآنًا». فَدَعَا بِهِمَا فَتَقَدَّمَا فَتَلاَعَنَا، ثُمَّ قَالَ عُوَيْمِرٌ كَذَبْتُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ أَمْسَكْتُهَا. فَفَارَقَهَا وَلَمْ يَأْمُرْهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِفِرَاقِهَا، فَجَرَتِ السُّنَّةُ فِي الْمُتَلاَعِنَيْنِ. وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «انْظُرُوهَا فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَحْمَرَ قَصِيرًا مِثْلَ وَحَرَةٍ فَلاَ أُرَاهُ إِلاَّ قَدْ كَذَبَ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَسْحَمَ أَعْيَنَ ذَا أَلْيَتَيْنِ فَلاَ أَحْسِبُ إِلاَّ قَدْ صَدَقَ عَلَيْهَا». فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى الأَمْرِ الْمَكْرُوهِ. طرفه 423 7305 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى مَالِكُ بْنُ أَوْسٍ النَّصْرِىُّ وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ذَكَرَ لِى ذِكْرًا مِنْ ذَلِكَ فَدَخَلْتُ عَلَى مَالِكٍ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ انْطَلَقْتُ حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى عُمَرَ أَتَاهُ حَاجِبُهُ يَرْفَا فَقَالَ هَلْ لَكَ فِي عُثْمَانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالزُّبَيْرِ وَسَعْدٍ يَسْتَأْذِنُونَ. قَالَ نَعَمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 7304 - وحديث عويمر في لعان امرأته سلف في موضعه، ووجه الدلالة هنا قيل: هو قوله: (كره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسائل وعابها) وهذا ليس شيء في الترجمة يدل عليه، والأولى أن يقال: موضع الدلالة بنفس هذا السؤال فإنه غلو واشتغال بشيء مذموم قبل وقوعه (ابن أبي ذئب) بلفظ الحيوان المعروف محمد بن عبد الرحمن (عويمر) بضم العين مصغر (ففارقها ولم يأمره النبي - صلى الله عليه وسلم -) ظاهره أنه لا بد من الطلاق بعد اللعان، وهو مذهب أبي حنيفة، وقال غيره: تثبت بنفس اللعان الحرمة المؤبدة لقوله في آخر الحديث: (فجرت السنة في المتلاعنين)، (فإن جاءت به أحمر قصيرًا مثل وَحَرَة) -بالحاء المهملة وثلاث فتحات- دويبة كالوزغة حمراء تلزق الأرض. 7305 - وحديث علي بن أبي طالب ونزاع عباس سلف في أبواب الخمس، وموضع

فَدَخَلُوا فَسَلَّمُوا وَجَلَسُوا. فَقَالَ هَلْ لَكَ فِي عَلِىٍّ وَعَبَّاسٍ. فَأَذِنَ لَهُمَا. قَالَ الْعَبَّاسُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اقْضِ بَيْنِى وَبَيْنَ الظَّالِمِ. اسْتَبَّا. فَقَالَ الرَّهْطُ عُثْمَانُ وَأَصْحَابُهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اقْضِ بَيْنَهُمَا وَأَرِحْ أَحَدَهُمَا مِنَ الآخَرِ. فَقَالَ اتَّئِدُوا أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِى بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ». يُرِيدُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَفْسَهُ. قَالَ الرَّهْطُ قَدْ قَالَ ذَلِكَ. فَأَقْبَلَ عُمَرُ عَلَى عَلِىٍّ وَعَبَّاسٍ فَقَالَ أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمَانِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ ذَلِكَ. قَالاَ نَعَمْ. قَالَ عُمَرُ فَإِنِّى مُحَدِّثُكُمْ عَنْ هَذَا الأَمْرِ، إِنَّ اللَّهَ كَانَ خَصَّ رَسُولَهُ - صلى الله عليه وسلم - فِي هَذَا الْمَالِ بِشَىْءٍ لَمْ يُعْطِهِ أَحَدًا غَيْرَهُ، فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ (مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ) الآيَةَ، فَكَانَتْ هَذِهِ خَالِصَةً لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ وَاللَّهِ مَا احْتَازَهَا دُونَكُمْ وَلاَ اسْتَأْثَرَ بِهَا عَلَيْكُمْ، وَقَدْ أَعْطَاكُمُوهَا وَبَثَّهَا فِيكُمْ، حَتَّى بَقِىَ مِنْهَا هَذَا الْمَالُ، وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَتِهِمْ مِنْ هَذَا الْمَالِ، ثُمَّ يَأْخُذُ مَا بَقِىَ فَيَجْعَلُهُ مَجْعَلَ مَالِ اللَّهِ، فَعَمِلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِذَلِكَ حَيَاتَهُ، أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ ـــــــــــــــــــــــــــــ الدلالة ظاهر من الحديث، وهو فتح التنازع، ولذلك قال الرهط: (أرح أحدهما من الآخر) ومحصل الحديث أن صدقة رسول الله- صلى الله عليه وسلم -كانت بيد الإثنين على وجه النظر فيها فأدى ذلك إلى النزاع، فطلبا من عمر أن يفوز لكل واحد منهما قطعة وناحية ينفرد بالنظر فيها، وامتناع عمر كان خشية أن يطول الزمان وتدعي ذرية منهما الملك في يده، وكان رأيًا صائبًا من الفاروق الناطق بالصواب، وأما قول عباس لعلي: (أقض بيني وبين الظالم) فليس منه زيادة قبح فإن الظلم وضع الشيء في غير موضعه، وهذا القدر عند النزاع يقع كثيرًا لا وسيما عباس بمثابة الأب لعلي (اتئدوا) في الرواية الأخرى "تؤدكم" بفتح الدال اسم فعل، والمعنى واحد أي لا تعجلوا (إن الله قد خص رسول الله- صلى الله عليه وسلم - في هذا المال) أي: مال بني النضير كما صرح به - في سورة الحشر- عمر، فمن قال: أراد بمال الفيء كله فقد سها، كيف وقد قرأ عمر الآية أي: قوله تعالى: {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ} [لحشرة: 6] فإن الضمير في منهم عائد إلى بني النضير (ما أحتازها دونكم) أي لم ينفرد بها (وبثها فيكم) فرقها (فجعل مال الله) أي:

6 - باب إثم من آوى محدثا

تَعْلَمُونَ ذَلِكَ فَقَالُوا نَعَمْ. ثُمَّ قَالَ لِعَلِىٍّ وَعَبَّاسٍ أَنْشُدُكُمَا اللَّهَ هَلْ تَعْلَمَانِ ذَلِكَ قَالاَ نَعَمْ. ثُمَّ تَوَفَّى اللَّهُ نَبِيَّهُ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا وَلِىُّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَبَضَهَا أَبُو بَكْرٍ فَعَمِلَ فِيهَا بِمَا عَمِلَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَأَنْتُمَا حِينَئِذٍ - وَأَقْبَلَ عَلَى عَلِىٍّ وَعَبَّاسٍ - تَزْعُمَانِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ فِيهَا كَذَا، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ فِيهَا صَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ، ثُمَّ تَوَفَّى اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ أَنَا وَلِىُّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبِى بَكْرٍ. فَقَبَضْتُهَا سَنَتَيْنِ أَعْمَلُ فِيهَا بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ جِئْتُمَانِى وَكَلِمَتُكُمَا عَلَى كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ وَأَمْرُكُمَا جَمِيعٌ، جِئْتَنِى تَسْأَلُنِى نَصِيبَكَ مِنِ ابْنِ أَخِيكَ، وَأَتَانِى هَذَا يَسْأَلُنِى نَصِيبَ امْرَأَتِهِ مِنْ أَبِيهَا فَقُلْتُ إِنْ شِئْتُمَا دَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا، عَلَى أَنَّ عَلَيْكُمَا عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ تَعْمَلاَنِ فِيهَا بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَبِمَا عَمِلَ فِيهَا أَبُو بَكْرٍ وَبِمَا عَمِلْتُ فِيهَا مُنْذُ وَلِيتُهَا، وَإِلاَّ فَلاَ تُكَلِّمَانِى فِيهَا. فَقُلْتُمَا ادْفَعْهَا إِلَيْنَا بِذَلِكَ. فَدَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا بِذَلِكَ، أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ دَفَعْتُهَا إِلَيْهِمَا بِذَلِكَ قَالَ الرَّهْطُ نَعَمْ. فَأَقْبَلَ عَلَى عَلِىٍّ وَعَبَّاسٍ فَقَالَ أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ هَلْ دَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا بِذَلِكَ. قَالاَ نَعَمْ. قَالَ أَفَتَلْتَمِسَانِ مِنِّى قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ فَوَالَّذِى بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ أَقْضِى فِيهَا قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، فَإِنْ عَجَزْتُمَا عَنْهَا فَادْفَعَاهَا إِلَىَّ، فَأَنَا أَكْفِيكُمَاهَا. طرفه 2904 6 - باب إِثْمِ مَنْ آوَى مُحْدِثًا رَوَاهُ عَلِىٌّ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. ـــــــــــــــــــــــــــــ في مصالح المسلمين (وأنتما تزعمان أن أبا بكر كذا) وكذا أي: ظلمنا في منع الميراث، ولعله لم يبلغهما حديث: "نحن معاشر الأنبياء لا نورث". باب إثم من آوى محدثًا بالمد والقصر، والأول أكثر، والمُحْدث -بضم الميم وسكون الحاء- منْ أحدث معصية أو بدعة (رواه علي) تقدم ما يكره من التعمق.

7 - باب ما يذكر من ذم الرأى وتكلف القياس

7306 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ قَالَ قُلْتُ لأَنَسٍ أَحَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ. قَالَ نَعَمْ مَا بَيْنَ كَذَا إِلَى كَذَا، لاَ يُقْطَعُ شَجَرُهَا، مَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ. قَالَ عَاصِمٌ فَأَخْبَرَنِى مُوسَى بْنُ أَنَسٍ أَنَّهُ قَالَ أَوْ آوَى مُحْدِثًا. طرفه 1867 7 - باب مَا يُذْكَرُ مِنْ ذَمِّ الرَّأْىِ وَتَكَلُّفِ الْقِيَاسِ (وَلاَ تَقْفُ) لاَ تَقُلْ (مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ). 7307 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ تَلِيدٍ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُرَيْحٍ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِى الأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ قَالَ حَجَّ عَلَيْنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّ اللَّهَ لاَ يَنْزِعُ الْعِلْمَ بَعْدَ أَنْ أَعْطَاهُمُوهُ انْتِزَاعًا، وَلَكِنْ يَنْتَزِعُهُ مِنْهُمْ مَعَ قَبْضِ الْعُلَمَاءِ بِعِلْمِهِمْ، فَيَبْقَى نَاسٌ جُهَّالٌ يُسْتَفْتَوْنَ فَيُفْتُونَ بِرَأْيِهِمْ، فَيُضِلُّونَ وَيَضِلُّونَ». فَحَدَّثْتُ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو حَجَّ بَعْدُ فَقَالَتْ يَا ابْنَ أُخْتِى انْطَلِقْ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ فَاسْتَثْبِتْ لِى مِنْهُ الَّذِى حَدَّثْتَنِى عَنْهُ. فَجِئْتُهُ فَسَأَلْتُهُ فَحَدَّثَنِى بِهِ كَنَحْوِ مَا حَدَّثَنِى، فَأَتَيْتُ عَائِشَةَ فَأَخْبَرْتُهَا فَعَجِبَتْ فَقَالَتْ وَاللَّهِ لَقَدْ حَفِظَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو. طرفه 100 ـــــــــــــــــــــــــــــ 7306 - وحديث أنس (من كذا إلى كذا) تقدم مبينًا في حديث علي: من عير إلى ثور. باب ما يذكر من ذم الرأي وتكلف القياس (وقول الله: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْم} [الإسراء: 36]). فإن قلت: الأئمة الأربعة قائلون بالرأي والقياس، قيد الرأي في الترجمة بالتكلف وهو قياس لا يوجد له أصل، أو يعارضه نص، أو فقد منه شرط آخر كما بين في موضعه. 7307 - (تليد) بفتح الفوقانية على وزن كريم (شريح) مصغر شرح (عن أبي الأسود) هو محمد بن عبد الرحمن الأسدي (حج علينا عبد الله بن عمرو) أي: مر علينا بالمدينة فإنه كان بمصر (فيبقى ناس جهال يُستفتون فيفتون) الأول على بناء المجهول، والثاني علي بناء الفاعل (فيضلون وبضلون) بفتح الياء في الأول وضمها في الثاني (فعجبت وقالت والله لقد

8 - باب ما كان النبى - صلى الله عليه وسلم - يسأل مما لم ينزل عليه الوحى فيقول «لا أدرى» أو لم يجب حتى ينزل عليه الوحى، ولم يقل برأى ولا بقياس

7308 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا أَبُو حَمْزَةَ سَمِعْتُ الأَعْمَشَ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا وَائِلٍ هَلْ شَهِدْتَ صِفِّينَ قَالَ نَعَمْ. فَسَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ يَقُولُ ح وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ قَالَ قَالَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّهِمُوا رَأْيَكُمْ عَلَى دِينِكُمْ، لَقَدْ رَأَيْتُنِى يَوْمَ أَبِى جَنْدَلٍ وَلَوْ أَسْتَطِيعُ أَنَّ أَرُدَّ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَرَدَدْتُهُ، وَمَا وَضَعْنَا سُيُوفَنَا عَلَى عَوَاتِقِنَا إِلَى أَمْرٍ يُفْظِعُنَا إِلاَّ أَسْهَلْنَ بِنَا إِلَى أَمْرٍ نَعْرِفُهُ غَيْرَ هَذَا الأَمْرِ. قَالَ وَقَالَ أَبُو وَائِلٍ شَهِدْتُ صِفِّينَ وَبِئْسَتْ صِفُّونَ. طرفه 3181 8 - باب مَا كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُسْأَلُ مِمَّا لَمْ يُنْزَلْ عَلَيْهِ الْوَحْىُ فَيَقُولُ «لاَ أَدْرِى» أَوْ لَمْ يُجِبْ حَتَّى يُنْزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْىُ، وَلَمْ يَقُلْ بِرَأْىٍ وَلاَ بِقِيَاسٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى (بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ). وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ سُئِلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الرُّوحِ فَسَكَتَ حَتَّى نَزَلَتِ الآيَةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ حفظ) الحديث، قيل: كانت عائشة تحفظ هذا الحديث فلذلك تعجبت من حفظه، لكن رواية حرملة صرحت بأنها أنكرت أولًا، وإنما تعجبت لأنه لم يزد ولم ينقص. 7308 - (عبدان) على وزن شعبان (أبو حمزة) بالحاء المهملة محمد بن ميمون (أبو عوانة) بفتح العين روى حديث سهل بن حنيف، وقد سلف في تفسير سورة الفتح وغيره، وموضع الدلالة هنا قوله: (اتهموا رأيكم) فإنه دل على بطلان رأيهم فإنهم ظنوا فيهم تقاصرًا في نصرة علي وقاسوا شأنه على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما كان في أيام أبي بكر وعمر من النصر والفتح (لقد رأيتني يوم أبي جندل) هو يوم الحديبية، بإسناده إلى أبي جندل مجاز لأدنى ملابسة، فإنه جاء في رجله قيد، وفيه يحجل (وما وضعنا سيوفنا على عواتقنا إلى أمر يفظعنا) بضم الياء من أفظع (لا أسْهَلْنَ بنا إلى أمر نعرفه) كناية عن جدهم في الحرب وفتح الله عليهم سريعًا (شهدت صفين) -بكسر الصاد- موضع على شاطئ الفرات وصفون لغة فيه، وكان به الحرب المشهورة بين معاوية والإمام كرم الله وجهه. باب ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يُسأل مما لم ينزل عليه الوحي فيقول: لا أدري

7309 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ الْمُنْكَدِرِ يَقُولُ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ مَرِضْتُ فَجَاءَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَعُودُنِى وَأَبُو بَكْرٍ وَهُمَا مَاشِيَانِ، فَأَتَانِى وَقَدْ أُغْمِىَ عَلَىَّ فَتَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ صَبَّ وَضُوءَهُ عَلَىَّ فَأَفَقْتُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ - وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ فَقُلْتُ أَىْ رَسُولَ اللَّهِ - كَيْفَ أَقْضِى فِي مَالِى كَيْفَ أَصْنَعُ فِي مَالِى قَالَ فَمَا أَجَابَنِى بِشَىْءٍ حَتَّى نَزَلَتْ آيَةُ الْمِيرَاثِ. طرفه 194 ـــــــــــــــــــــــــــــ قيل: في قوله: لا أدري إذ ليس في الحديث ما دل عليه، ولم يثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - قلت: أما أنه ليس في الحديث ما يدل عليه فممنوع؛ فإن عدم جوابه عن السؤال يدل على عدم درايته، وأما عدم ثبوته عنه فرجم بالغيب لما روي ابن عمر أن رجلًا سأل رسول الله- صلى الله عليه وسلم [أيٌّ] البقاع خير؟ فقال "ولا أدري" رواه الحاكم وابن حبان، وروى أبو هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا أدري الحدود كفارة أم لا" رواه الدارقطني، وقد أشرنا مرارًا أن البخاري يشير في التراجم إلى الأحاديث التي ليست في شرطه، ولم يقل برأي ولابقياس، الرأي أعم من القياس لأنه عبارة عن الاجتهاد، ويكون في القياس وغيره كاستنباط الأحكام من النصوص عبارةً وإشارةً ودلالةً، وقوله: لم يقل برأي لا قياس إن أراد أنه لم يجتهد في مسألة قط، ولا قياس في حادثة فلا يصح لأنه اجتهد في أسرى بدر، وقال لمن سألته هل تحج عن أمها: "أرأيت لو أن على أمك دينًا أكنت قاضيته، فالله أحق بالقضاء" وقضية معاذ واستدلاله بقوله: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} [النساء:105] أيضًا ليس بتمام؛ لأن الحكم في الاجتهاد أيضًا بما أراه الله، وكذا سكوته في الوقائع لا دلالة فيه لأنه ينتظر الوحي ثم يجتهد، وأيضًا ربما كان الأمر مما لا مجال فيه للرأي كمسألة الروح.

9 - باب تعليم النبى - صلى الله عليه وسلم - أمته من الرجال والنساء، مما علمه الله، ليس برأى ولا تمثيل

9 - باب تَعْلِيمِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أُمَّتَهُ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، مِمَّا عَلَّمَهُ اللَّهُ، لَيْسَ بِرَأْىٍ وَلاَ تَمْثِيلٍ 7310 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَصْبَهَانِىِّ عَنْ أَبِى صَالِحٍ ذَكْوَانَ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَهَبَ الرِّجَالُ بِحَدِيثِكَ، فَاجْعَلْ لَنَا مِنْ نَفْسِكَ، يَوْمًا نَأْتِيكَ فِيهِ تُعَلِّمُنَا مِمَّا عَلَّمَكَ اللَّهُ. فَقَالَ «اجْتَمِعْنَ فِي يَوْمِ كَذَا وَكَذَا فِي مَكَانِ كَذَا وَكَذَا». فَاجْتَمَعْنَ فَأَتَاهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَعَلَّمَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَهُ اللَّهُ ثُمَّ قَالَ «مَا مِنْكُنَّ امْرَأَةٌ تُقَدِّمُ بَيْنَ يَدَيْهَا مِنْ وَلَدِهَا ثَلاَثَةً، إِلاَّ كَانَ لَهَا حِجَابًا مِنَ النَّارِ». فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ اثْنَيْنِ قَالَ فَأَعَادَتْهَا مَرَّتَيْنِ ثُمَّ قَالَ «وَاثْنَيْنِ وَاثْنَيْنِ وَاثْنَيْنِ». طرفه 101 10 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِى ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ يُقَاتِلُونَ» وَهُمْ أَهْلُ الْعِلْمِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب تعليم النبي - صلى الله عليه وسلم - أمته مما علمه الله برأي ولا تمثيل 7310 - (أبو عوانة) بفتح العين (جاءت امرأة إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم -قالت: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذهب الرجال بحديثك) قيل هذه المرأة أسماء بنت يزيد بن السكن. والحديث سلف في أبواب العلم والجنائز مع شرحه، ولا دلالة في هذا على عدم جواز القياس، وهذا الذي قاله مذهب الظاهرية، قيل: موضع الدلالة على الترجمة قوله: (كان حجابًا من النار) لأنه أمر توفيقي لا يعلم إلا من الله، وهذا اللغو من الكلام؛ لأن كلام البخاري لم يكن منه في تعليم الرجال والنساء شيء من الرأي والقياس قط، وأما ما ليس للرأي فيه مجال والناس كلهم مطبقون عليه، بل موضع الدلالة قولهم: (علمنا مما علمك الله) ثم لم يقع له معهن من كلامه ما يكون فيه رأي. باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق" وهم أهل العلم

7311 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِى ظَاهِرِينَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ». طرفه 3640 7312 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى حُمَيْدٌ قَالَ سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِى سُفْيَانَ يَخْطُبُ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَيُعْطِى اللَّهُ، وَلَنْ يَزَالَ أَمْرُ هَذِهِ الأُمَّةِ مُسْتَقِيمًا حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، أَوْ حَتَّى يَأْتِىَ أَمْرُ اللَّهِ». طرفه 71 ـــــــــــــــــــــــــــــ 7311 - هذا كلام البخاري، وروى الترمذي عن البخاري قال: سألت علي بن المديني قال: هم أهل الحديث، وهذا هو الذي يعتمد؛ لأن المراد من الظهور الغلبة على الخصم، وذلك إنما يكون بالحجة؛ لأن السيف بدون الحجة كما قيل بحرّاف لاعب. وقال الشافعي: من حفظ الحديث قويت حجته، وقد أشرنا مرارًا إلى أن هذا الحديث لا يعارضه حديث: "لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس" لأن آخر الحديث (حتى يأتي أمر الله) غاية لبقاء هذه الطائفة، والمراد بأمر الله الريح الطيبة التي تقبض كل مؤمن كما صرح به في الحديث، وما يقال: معناه أن يكون الشرار أغلب فاسد لأن رواية مسلم "إلا على شرار الناس" بصيغة الحصر. 7312 - (من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين وإنما أنا قاسم ويعطي الله) وفي الرواية الأخرى: "والله المعطي" وهذه الرواية أبلغ، يريد أن تبليغه عام، وهو المراد بقوله: "إنما أنا قاسم" ولكن الله جعل لبعض الناس زيادة القابلية وفهم ما، قال الشاعر في هذا المعنى: ولكن تأخذ الأذهان منها ... على قدر القرائح والفهوم قال بعض الشارحين: "خيرًا" في الحديث عام لأنه نكرة في سياق النفي، وهذا سهو منه. أما أولًا فلأنه لا نفي في الحديث، وأما ثانيًا فلأن الفقه في الدين ليس كل خير بل إذا

11 - باب قول الله تعالى (أو يلبسكم شيعا)

11 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا) 7313 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌو سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - يَقُولُ لَمَّا نَزَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ) قَالَ «أَعُوذُ بِوَجْهِكَ». (أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ) قَالَ «أَعُوذُ بِوَجْهِكَ». فَلَمَّا نَزَلَتْ (أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ) قَالَ «هَاتَانِ أَهْوَنُ أَوْ أَيْسَرُ». طرفه 4628 12 - باب مَنْ شَبَّهَ أَصْلاً مَعْلُومًا بِأَصْلٍ مُبَيَّنٍ قَدْ بَيَّنَ اللَّهُ حُكْمَهُمَا، لِيُفْهِمَ السَّائِلَ ـــــــــــــــــــــــــــــ وفق للعمل على أن فيه أيضًا نظرًا. قال تعالى: {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} [البقرة: 269] والحكمة العلم المتبوع بالعمل. باب قول الله تعالى: {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا} [لأنعام: 65] يقال: لبس يلبس بفتح اللام والباء في الماضي، وكسرها في المضارع إذا خلط، والشيع جمع شيعة من الشائعة، وهي المتابعة، أي: يجعلكم فرقًا مختلفة كل فرقة تتبع أمرًا، وهذا هو معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "سألت الله أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعني". 7313 - ({عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ} [الأنعام: 65]) كإمطار الحجارة على قوم لوط ({أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} [الأنعام: 65]) كالخسف بقارون وشداد {وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ} [لأنعام: 65]) بالقتل والإبادة. باب من شبه أصلًا معلومًا بأصل مبين هذا تعريف القياس، وغرضه أن يقاس فرع بأصل لاشتراكهما في العلة المذكورة في الأصل، وإنما عبر عن الفرع بالأصل لأنه في ذاته أصل، أي: حكم من الأحكام. فإن قلت: إذا كان معلولًا فأي حاجة إلى القياس؟ قلت: معلوم في حد ذاته لا من حيث الحكم، وإليه أشار بقوله: بأصل مبين، أي: بين حكمه بعلته، قيل: لو قال: أمر معلوم لوافق اصطلاح أهل القياس. قلت: ليس في عبارة القوم ما قاله. قال ابن الحاجب:

7314 - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ إِنَّ امْرَأَتِى وَلَدَتْ غُلاَمًا أَسْوَدَ، وَإِنِّى أَنْكَرْتُهُ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ». قَالَ نَعَمْ. قَالَ «فَمَا أَلْوَانُهَا». قَالَ حُمْرٌ. قَالَ «هَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ». قَالَ إِنَّ فِيهَا لَوُرْقًا. قَالَ «فَأَنَّى تُرَى ذَلِكَ جَاءَهَا». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ عِرْقٌ نَزَعَهَا. قَالَ «وَلَعَلَّ هَذَا عِرْقٌ نَزَعَهُ». وَلَمْ يُرَخِّصْ لَهُ فِي الاِنْتِفَاءِ مِنْهُ. طرفه 5305 7315 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ إِنَّ أُمِّى نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ فَمَاتَتْ قَبْلَ أَنْ تَحُجَّ أَفَأَحُجَّ عَنْهَا قَالَ «نَعَمْ حُجِّى عَنْهَا، أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ أَكُنْتِ قَاضِيَتَهُ». قَالَتْ نَعَمْ. فَقَالَ «فَاقْضُوا الَّذِى لَهُ، فَإِنَّ اللَّهَ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ». طرفه 1852 ـــــــــــــــــــــــــــــ= القياس في الاصطلاح مساواة فرع بأصل في علة الحكم، وكذا قال صاحب "التلويح"، وقال بعضهم: هو إثبات حكم في الفرع مثل حكم الأصل بعلة جامعة. فإن قلت: قد تقدم من كلام البخاري أنه لم يقل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برأي ولا بقياس؟ قلت: قد أشرنا إلى أن هذا مشكل، وأجاب بعضهم بأنه أراد هنا القياس الصحيح المشتمل على شرائطه، وهناك القياس الفاسد، وهذا شيء تأباه عبارته؛ لأن قوله: لم يقل برأي ولا قياس يصح نص في العموم أيضًا إذا قلنا فلان لم يقل به أحد، وأحسن ما يتكلف له أن يقال: الفاسد لم يقل به ابتداءً بل ينتظر الوحي، ثم بعد الانتظار يحكم به كما قرره أهل الأصول. 7314 - (أصبغ) بصاد مهملة وغين معجمة (هل فيها من أورق) الورقة لونٌ بين البياض والسواد كون الرماد (فأنى تُرَى) بضم التاء أي: تظن (عرقًا نزعه) أصل من أصوله جذبه إليه. 7315 - (أبو عوانة) بفتح العين (أبو بشر) -بكسر الموحدة وسين معجمة- اسمه جعفر (أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟ قالت نعم قال: اقضوا الذي له فإن الله أحق بالوفاء) خاطب الرجال وإن كان السؤال من المرأة؛ لأن الرجال أصل في الأحكام.

13 - باب ما جاء فى اجتهاد القضاة بما أنزل الله تعالى

13 - باب مَا جَاءَ فِي اجْتِهَادِ الْقُضَاةِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى لِقَوْلِهِ (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ). وَمَدَحَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - صَاحِبَ الْحِكْمَةِ حِينَ يَقْضِى بِهَا وَيُعَلِّمُهَا، لاَ يَتَكَلَّفُ مِنْ قِبَلِهِ، وَمُشَاوَرَةِ الْخُلَفَاءِ وَسُؤَالِهِمْ أَهْلَ الْعِلْمِ. 7316 - حَدَّثَنَا شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ حَسَدَ إِلاَّ فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالاً فَسُلِّطَ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْحَقِّ، وَآخَرُ آتَاهُ اللَّهُ حِكْمَةً فَهْوَ يَقْضِى بِهَا وَيُعَلِّمُهَا». طرفه 73 7317 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ سَأَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَنْ إِمْلاَصِ الْمَرْأَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: قد قال الفقهاء: حق الله مبني على المساهلة بخلاف حقوق العباد؟ قلت: ذاك معنى آخر أشير إلى عناءه وهذا الذي في الحديث إلى كونه مالكًا حقيقيًّا. باب ما جاء في اجتهاد القضاء كذا بفتح القاف والمد إضافة المصدر إلى المفعول، أي: اجتهاد القاضي للقضاء، وفي بعضها: القضاء وهو ظاهر، والاجتهاد: بذل الجهد في الطلب، واصطلاحًا: استفراغ الفقيه الوسع لطلب الظن بحكم شرعي، وهو أعم من القياس. 7316 - (شهاب بن عباد) بفتح العين وتشديد الباء (حميد) بضم الحاء مصغر (لا حسد إلا في اثنتين) قد سلف هذا الحديث مرارًا، وأشرنا إلى أن المراد من الحسد الغبطة، وموضع الدلالة بينه البخاري بقوله: (مدح النبي - صلى الله عليه وسلم - صاحب الحكمة) بأنه (يقضي بها ولا يتكلف من قبله) هذا القيد إشارة إلى معنى الاجتهاد، والحكمة علم الشرائع. 7317 - 7318 - (محمد) كذا وقع غير منسوب، وقد نسبه ابن السكن محمد بن سلام، وقد صرح به البخاري في كتاب النكاح، وإن كان كل من ابن سلام وابن المثنى يرويان عن أبي معاوية (عمر بن الخطاب عن إملاص المرأة) وقد فسره الراوي بقوله:

14 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - «لتتبعن سنن من كان قبلكم»

- هِىَ الَّتِى يُضْرَبُ بَطْنُهَا فَتُلْقِى جَنِينًا - فَقَالَ أَيُّكُمْ سَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِيهِ شَيْئًا فَقُلْتُ أَنَا. فَقَالَ مَا هُوَ قُلْتُ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «فِيهِ غُرَّةٌ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ». فَقَالَ لاَ تَبْرَحْ حَتَّى تَجِيئَنِى بِالْمَخْرَجِ فِيمَا قُلْتَ. طرفه 6905 7318 - فَخَرَجْتُ فَوَجَدْتُ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ فَجِئْتُ بِهِ، فَشَهِدَ مَعِى أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «فِيهِ غُرَّةٌ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ». تَابَعَهُ ابْنُ أَبِى الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُرْوَةَ عَنِ الْمُغِيرَةِ. طرفه 6906 14 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ» 7319 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنِ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَأْخُذَ أُمَّتِى بِأَخْذِ الْقُرُونِ قَبْلَهَا، شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ». فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَفَارِسَ وَالرُّومِ. فَقَالَ «وَمَنِ النَّاسُ إِلاَّ أُولَئِكَ». ـــــــــــــــــــــــــــــ (هي التي يضرب بطنها فتلقي الجنين) وأصله الإزلاق يقال: لمص وألمص ألمصته أنا (غرة عبدٌ أو أمة) يروى بالإضافة وبالوصف منونًا قاله ابن الأثير (فقال: لا تبرح) أي: لا تخلص من عهده، هذا القول حتى يجيء بالمخرج أي يوافقك، وهذا كان شأنه يريد تحقيق الرواية بما أمكن لا أنه لم يكن يقبل يخبر الواحد. ألا ترى أنه رجع من سرع لمجرد قولة عبد الرحمن بن عوف (فوجدت محمد بن سلمة فجئت به فشهد معي) أصله الإخبار لكن لما أنكر عليه كان صورته وصورة الشهادة. باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لتتبعن سنن من قبلكم" يتبع: بفتح التاء من مضارع اتبع آخره نون ثقيلة، والسَنَنَ بثلاث فتحات الطريق، وروي بضم السين جمع سنة. وذكر الشبر والذراع في الحديث بالأول ألصق. 7319 - 7320 - (ابن أبي ذئب) محمد بن عبد الرحمن (المقبري) بضم الباء وفتحها (لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي بأخذ القرون قبلها شبرًا بشبر وذراعًا بذراع) الأخذ -بفتح الهمزة وسكون الخاء- السيرة، وفتحها أيضًا جمع إِخْذ بكسر الهمزة وسكون الخاء، وفي رواية الأصيلي: "بما أخذ القرون" (قيل: يا رسول الله- صلى الله عليه وسلم -كفارس والروم؟ قال: مِنَ الناسُ إلا أولئك) لأن في هؤلاء الملك العظيم والبلاد المتسعة، وأيضًا كان الناس ثلاث: ملك وثني وثنوي، وأهل الكتاب، والمخاطبون كان دينهم عبادة الصنم فلا معنى أن يراد الوثنية

15 - باب إثم من دعا إلى ضلالة أو سن سنة سيئة

7320 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ الصَّنْعَانِىُّ - مِنَ الْيَمَنِ - عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ شِبْرًا شِبْرًا وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ». قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى قَالَ «فَمَنْ». طرفه 3456 15 - باب إِثْمِ مَنْ دَعَا إِلَى ضَلاَلَةٍ أَوْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ) الآيَةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ التي تركوها فلم يبق إلا الثنوي وأهل الكتاب وهم الروم والفرس، ولا ينافيه الحديث الذي بعده (قلنا يا رسول الله- صلى الله عليه وسلم -اليهود والنصارى؟ قال: فمَن) فإن زيادة الثقة مقبولة وقوله: (شبْرًا بشبر) استعارة تمثيلية، مثل حالهم بحال من يتبع من تقدمه في المسافة، ووجه الشبه كمال المتابعة بقدر الإمكان ألا ترى إلى قوله: (حتى لو دخلوا جحر ضب لتبعتموهم) والضب حيوان حقير لا يسكن إلا في البوادي السحيقة حتى يضرب به المثل، ويقال البعد بينهما كبعد النصب من النون، ولا يكون مبالغة في التبعية فوق هذا. (أبو عمر) حفص [ابن] ميسرة (الصنعاني من اليمن) هذا ظاهر في أنه من صنعاء باليمن، إلا أنهم قالوا: هو من صنعاء الشام ولكن أصله من صنعاء اليمن ونزل عسقلان (يسار) ضد اليمين. باب إثم من دعا إلى الضلالة أو من سن سنة سيئة لقوله تعالى: {وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ} [لخل: 25] الشق الأول من الترجمة بعض حديث رواه مسلم أوله "من دعا إلى هدى فله الأجر ومثل أجور من تبعه" والشق الثاني أيضًا: بعض حديث رواه مسلم أوله "من سن في الإِسلام سنة حسنة". فإن قلت: قوله: {وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ} [النحل: 25] صريح في أنه يأخذ المضل من وزر الذين أضلهم بعضًا، وهو مخالف للآية {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164] ومخالف لآخر الحديث أيضًا وهو قوله: "من غير أن ينقص من أوزارهم شيئًا" قلت: قال

16 - باب ما ذكر النبى - صلى الله عليه وسلم - وحض على اتفاق أهل العلم وما أجمع عليه الحرمان مكة والمدينة، وما كان بها من مشاهد النبى - صلى الله عليه وسلم - والمهاجرين والأنصار ومصلى النبى - صلى الله عليه وسلم - والمنبر والقبر

7321 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَيْسَ مِنْ نَفْسٍ تُقْتَلُ ظُلْمًا إِلاَّ كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْهَا - وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ مِنْ دَمِهَا - لأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ أَوَّلاً». طرفه 3335 16 - باب مَا ذَكَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَحَضَّ عَلَى اتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْحَرَمَانِ مَكَّةُ وَالْمَدِينَةُ، وَمَا كَانَ بِهَا مِنْ مَشَاهِدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَمُصَلَّى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَالْمِنْبَرِ وَالْقَبْرِ. 7322 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السَّلَمِىِّ أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الإِسْلاَمِ، فَأَصَابَ الأَعْرَابِىَّ وَعْكٌ بِالْمَدِينَةِ، فَجَاءَ الأَعْرَابِىُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقِلْنِى بَيْعَتِى. ـــــــــــــــــــــــــــــ صاحب "الكشاف": وهو وزر الإضلال. قلت: إنما جعل الإضلال من أوزارهم؛ لأنه ناشئ منهم وحاصل بهم. فالآية الأخرى {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164] وقوله في الحديث: "من غير أن ينقص من أوزارهم شيئًا" بيان لهذه الآية. 7321 - وحديث ابن مسعود (ليس من نفس تقتل ظلمًا إلا على ابن آدم الأول كفل منها) أي من دمها سلف في كتاب القصاص، ومناسبة الحديث للترجمة ظاهرة. باب ما ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - وحض على اتفاق أهل العلم وما أجمع عليه الحرمان مكة والمدينة وما كان من مشاهد النبي - صلى الله عليه وسلم - والمهاجرين والأنصار، ومصلى النبي - صلى الله عليه وسلم - على والمنبر والقبر إلى هنا ترجمة الباب، ومناسبة الحديث الواردة في الباب نشير إليها مفصلة، وقوله: ذكر، وحض، تنازعا في الجار في قوله: على اتفاق. 7322 - روى في الباب أحاديث كلها سلفت في مواضع، منها حديث جابر (أن أعرابيًّا وُعك) على بناء المجهول أي حُمَّ (فجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم - فقال: أقلني) وقد سلف في فضل المدينة وبعده قريبًا، وأشرنا إلى أن المراد الإقالة من الهجرة لا الإسلام وإلا كان مرتدًا

فَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ أَقِلْنِى بَيْعَتِى. فَأَبَى ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ أَقِلْنِى بَيْعَتِى. فَأَبَى فَخَرَجَ الأَعْرَابِىُّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّمَا الْمَدِينَةُ كَالْكِيرِ، تَنْفِى خَبَثَهَا، وَيَنْصَعُ طِيبُهَا». طرفه 1883 7323 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كُنْتُ أُقْرِئُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، فَلَمَّا كَانَ آخِرَ حَجَّةٍ حَجَّهَا عُمَرُ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بِمِنًى، لَوْ شَهِدْتَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَتَاهُ رَجُلٌ قَالَ إِنَّ فُلاَنًا يَقُولُ لَوْ مَاتَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ لَبَايَعْنَا فُلاَنًا. فَقَالَ عُمَرُ لأَقُومَنَّ الْعَشِيَّةَ فَأُحَذِّرَ هَؤُلاَءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَغْصِبُوهُمْ. قُلْتُ لاَ تَفْعَلْ فَإِنَّ الْمَوْسِمَ يَجْمَعُ رَعَاعَ النَّاسِ يَغْلِبُونَ عَلَى مَجْلِسِكَ، فَأَخَافُ أَنْ لاَ يُنْزِلُوهَا عَلَى وَجْهِهَا فَيُطِيرُ بِهَا كُلُّ مُطِيرٍ، فَأَمْهِلْ حَتَّى تَقْدَمَ الْمَدِينَةَ دَارَ الْهِجْرَةِ وَدَارَ السُّنَّةِ، فَتَخْلُصُ بِأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ فَيَحْفَظُوا مَقَالَتَكَ، وَيُنَزِّلُوهَا عَلَى وَجْهِهَا. فَقَالَ وَاللَّهِ لأَقُومَنَّ بِهِ فِي أَوَّلِ مَقَامٍ أَقُومُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ يقتل. وما يقال من أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما امتنع من إقالته لا يتضمن الارتداد ليس بشيء؛ لأن العزم على الإقالة كفر بلا خلاف، بل العزم على الكفر بعد مئة سنة كفر في الحال، و (الكير) -بكسر الكاف- المنفاخ آلة النفخ (وينصع طيبها) يروى بالرفع والنصب، ويروى بضم من باب الإفعال، وهذا محمول على من رغب عنها كراهة، وأما من رحل عنها بمعنى فلا يدخل فيه علي بن أبي طالب أقام بالكوفة، وكذا عبد الله بن مسعود وعمار بفتح. 7323 - وحديث عبد الرحمن بن عوف (أن رجلًا قال: لو مات أمير المؤمنين لبايعت فلانًا) رواه ابن عباس، وقد تقدم مطولًا في كتاب المحاربين، وموضع الدلالة هنا قول عبد الرحمن بن عوف لعمر: (أمهل حتى تقدم دار الهجرة) فإنه يدل على فضل المدينة وأهلها (احذر هؤلاء الرهط) يريد قريشًا والذين ينصبونهم من غيرهم من الذين يطلبون الإمارة (رعَاع الناس) جمع رعَاعة بفتح العين غوغاءهم (فيطير بها كل مطير) من أطار، قال الجوهري:

بِالْمَدِينَةِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - بِالْحَقِّ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ، فَكَانَ فِيمَا أُنْزِلَ آيَةُ الرَّجْمِ. طرفه 2462 7324 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ كُنَّا عِنْدَ أَبِى هُرَيْرَةَ وَعَلَيْهِ ثَوْبَانِ مُمَشَّقَانِ مِنْ كَتَّانٍ فَتَمَخَّطَ فَقَالَ بَخْ بَخْ أَبُو هُرَيْرَةَ يَتَمَخَّطُ فِي الْكَتَّانِ، لَقَدْ رَأَيْتُنِى وَإِنِّى لأَخِرُّ فِيمَا بَيْنَ مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى حُجْرَةِ عَائِشَةَ مَغْشِيًّا عَلَىَّ، فَيَجِئُ الْجَائِى فَيَضَعُ رِجْلَهُ عَلَى عُنُقِى، وَيُرَى أَنِّى مَجْنُونٌ، وَمَا بِى مِنْ جُنُونٍ، مَا بِى إِلاَّ الْجُوعُ. 7325 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَابِسٍ قَالَ سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَشَهِدْتَ الْعِيدَ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ نَعَمْ وَلَوْلاَ مَنْزِلَتِى مِنْهُ مَا شَهِدْتُهُ مِنَ الصِّغَرِ، فَأَتَى الْعَلَمَ الَّذِى عِنْدَ دَارِ كَثِيرِ بْنِ الصَّلْتِ فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَذَانًا وَلاَ إِقَامَةً، ثُمَّ أَمَرَ بِالصَّدَقَةِ فَجَعَلَ النِّسَاءُ يُشِرْنَ إِلَى آذَانِهِنَّ وَحُلُوقِهِنَّ، فَأَمَرَ بِلاَلاً فَأَتَاهُنَّ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 98 ـــــــــــــــــــــــــــــ أطار وطير وطاير بمعنى واحد، أي يذهب بها كل ذاهب في الآفاق سريعًا. 7324 - (حرب) ضد الصلح (محمد) وابن سيرين (كنا عند أبي هريرة وعليه ثوبان ممشقان) بتشديد الشين وهو الثوب المصبوغ بالمشق بكسر الميم وهو المغيرة بفتح الميم وغين معجمة (بخ بخ) بالموحدة وخاء معجمة منون ويجر في الوصل، بتخفيف الخاء وتشديدها كلمة تقال عند المدح والرضا بالشيء، وتكريرها للمبالغة، والحديث سلف في باب كيف كان عيش النبي - صلى الله عليه وسلم - من كتاب الرقائق، وموضع الدلالة ذكر منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. 7325 - وحديث (عبد الرحمن بن عابس) بالموحدة وسين مهملة (سئل ابن عباس شهدت العيد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال نعم) قد سلف في أبواب العيد، وموضع الدلالة ذكر مصلى النبي - صلى الله عليه وسلم - (كثير بن الصلت) بفتح المهملة وسكون اللام.

7326 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَأْتِى قُبَاءً مَاشِيًا وَرَاكِبًا. طرفه 1191 7327 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ادْفِنِّى مَعَ صَوَاحِبِى وَلاَ تَدْفِنِّى مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْبَيْتِ، فَإِنِّى أَكْرَهُ أَنْ أُزَكَّى. طرفه 1391 7328 - وَعَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ أَرْسَلَ إِلَى عَائِشَةَ ائْذَنِى لِى أَنْ أُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَىَّ فَقَالَتْ إِى وَاللَّهِ. قَالَ وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا أَرْسَلَ إِلَيْهَا مِنَ الصَّحَابَةِ قَالَتْ لاَ وَاللَّهِ لاَ أُوثِرُهُمْ بِأَحَدٍ أَبَدًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ 7326 - (أبو نعيم) بضم النون مصغر، وحديث ابن عمر أن رسول كان يأتي قباء ماشيًا وراكبًا قد سلف في أواخر أبواب الصلاة، وموضع الدلالة ذكر إتيان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قباء فهو من مشاهدته. 7327 - وحديث (عائشة قالت لابن الزبير: ادفني مع صواحبي) تريد أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - (لا تدفنِّي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فإني أكره أن أُزكى) -بضم الهمزة على بناء المجهول- كان البيت لها ولكن من غاية التقوى خافت أن يقال فيها: إنها أعظم أزواجه لا أنها أفضل الصحابة. 7328 - وحديث سؤال عائشة الإذن في أن يدفن مع صاحبيه يريد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر قد سلف في فضل عمر، وموضع الدلالة ذكر قبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (وكان الرجل إذا أرسل إليها من الصحابة) أي: بعد عمر (تقول والله أوثرهم بأحد أبدًا) قال صاحب "المطالع" فيه: قلت: تقديره لا أوثر أحدًا بهم، وأجاب بعضهم بأنه يحتمل أن يكون لا أوثرهم بأحد أي: لا تنبش قبرهم لأحد، على أن الباء فيه بمعنى اللام وهذا مع ركاكته خطأ اتفاقًا فإن أوثر مهموز الفاء من أثر وأثير من الثوران معتل العين. ودفن الإنسان بقرب الآخر ليس فيه نبشه، وأنا أقول: لا حاجة إلى القلب أيضًا، قال الجوهري: يقال: استأثر بفلان استبد به وانفرد، فأُوثر في قولها بمعنى النصير أي لا أجعلهم مستأثرين بأحد بعد عمر، وأيضًا إذا قلت: آثرت فلانًا بكذا معناه: خصصت به دونه غيره. فالمعنى: لا أخصصهم بأحد ليتساوى الناس فيهم. وحديث عائشة رواه هنا تعليقًا. وقد تقدم في المناقب مسندًا موصولًا.

7329 - حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى أُوَيْسٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلاَلٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصَلِّى الْعَصْرَ فَيَأْتِى الْعَوَالِىَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ. وَزَادَ اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ، وَبُعْدُ الْعَوَالِى أَرْبَعَةُ أَمْيَالٍ أَوْ ثَلاَثَةٌ. طرفه 548 7330 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ عَنِ الْجُعَيْدِ سَمِعْتُ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ يَقُولُ كَانَ الصَّاعُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مُدًّا وَثُلُثًا بِمُدِّكُمُ الْيَوْمَ، وَقَدْ زِيدَ فِيهِ. طرفه 1859 7331 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي مِكْيَالِهِمْ، وَبَارِكْ لَهُمْ فِي صَاعِهِمْ وَمُدِّهِمْ» يَعْنِى أَهْلَ الْمَدِينَةِ. طرفه 2130 7332 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ 7329 - وحديث أنس (كنا نصلي العصر فيأتي العوالي والشمس مرتفعة) وقد تقدم في أبواب وقت العصر، وموضع الدلالة أن العوالي معدود من المدينة، والعوالي قرى كانت في ناحية من المدينة. 7330 - (زرارة) بضم المعجمة (الجعيد) بضم الجيم مصغر، وحديث السائب بن يزيد (كان الصالح على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وثلثًا بمدكم هذا وقد زِيْد فيه) قد سلف في أبواب الكفارة أن الزيادة كانت في أيام عمر بن عبد العزيز (سمع قاسم بن مالك الجعيد) دفع وهم التدليس. وموضع سماعه قد تقدم في كفارة الأيمان، قال هناك: حدثنا جعيد. 7331 - وحديث أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في شأن أهل المدينة: (اللهم بارك لهم في مكيالهم) تقدم في أبواب البيوع، والمراد من المكيال: المكيل والموزون، مجاز مشهور. 7332 - (أبو ضمْرَة) بفتح الضاد وسكون الميم أنس بن عياض، وحديث ابن عمر في

نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ الْيَهُودَ جَاءُوا إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ زَنَيَا، فَأَمَرَ بِهِمَا فَرُجِمَا قَرِيبًا مِنْ حَيْثُ تُوضَعُ الْجَنَائِزُ عِنْدَ الْمَسْجِدِ. طرفه 1329 7333 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - طَلَعَ لَهُ أُحُدٌ فَقَالَ «هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ، اللَّهُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ، وَإِنِّى أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا». تَابَعَهُ سَهْلٌ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي أُحُدٍ. طرفه 371 7334 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ حَدَّثَنِى أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلٍ أَنَّهُ كَانَ بَيْنَ جِدَارِ الْمَسْجِدِ مِمَّا يَلِى الْقِبْلَةَ وَبَيْنَ الْمِنْبَرِ مَمَرُّ الشَّاةِ. طرفه 496 7335 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِىٍّ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا بَيْنَ بَيْتِى وَمِنْبَرِى رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، وَمِنْبَرِى عَلَى حَوْضِى». طرفه 1196 ـــــــــــــــــــــــــــــ اليهودي واليهودية قد سلف في أبواب الزنى، وموضع الدلالة قوله: (حيث توضع الجنائز) يريد به المعلى. 7333 - وحديث أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لما بدا له أحد: (جبلٌ يحبنا ونحبه) وقد سلف في المغازي، وموضع الدلالة أن أحدًا من آثار المدينة ومشاهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد سلف أن التحقيق أنه محمول على الحقيقة لوجود الإمكان، ووقوع نظائره؛ فإن الحجر الذي سلم عليه أيضًا جماد مثل أُحد. وقولهم معناه: أهل أحد -وهُمْ أهل المدينة- في غاية البعد والركاكة (تابعه سهل) أي تابع أنس بن مالك، تقدمت متابعته في أبواب الزكاة. 7334 - (ابن أبي مريم) اسمه سعيد (أبو غَسّان) بفتح المعجمة وتشديد المهملة (أبو حازم) بالحاء المهملة سلمة بن دينار، وحديث سهل كان بين جدار المسجد مما يلي المنبر ممر شاة) أي: مقدار من المكان يمكن أن يجوز بالشاة. 7335 - وحديث أبي هريرة (ما بين منبري وبيتي روضة من رياض الجنة) سلف في

7336 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَابَقَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ الْخَيْلِ، فَأُرْسِلَتِ الَّتِى ضُمِّرَتْ مِنْهَا وَأَمَدُهَا إِلَى الْحَفْيَاءِ إِلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ، وَالَّتِى لَمْ تُضَمَّرْ أَمَدُهَا ثَنِيَّةُ الْوَدَاعِ إِلَى مَسْجِدِ بَنِى زُرَيْقٍ، وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ كَانَ فِيمَنْ سَابَقَ. حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ عَنْ لَيْثٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ. طرفه 420 7337 - وَحَدَّثَنِى إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا عِيسَى وَابْنُ إِدْرِيسَ وَابْنُ أَبِى غَنِيَّةَ عَنْ أَبِى حَيَّانَ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ عَلَى مِنْبَرِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 4619 ـــــــــــــــــــــــــــــ فضل المدينة أن معناه أن من واظب العبادة فيه يوصله إلى الجنة لغاية شرفه عند الله، وقيل: يجعل ذلك الموضع روضة من رياض الجنة، وفيه ترغيب في العبادة فيه لأنه قطعة من الجنة حقيقة، فالذي يدخله تفاءل له بدخول الجنة. 7336 - (جويرية) بضم الجيم، وحديث عبد الله بن عمر في مسابقة الخيل تقدم في أبواب الصلاة في باب هل يقال مسجد ابن فلان، وموضع الدلالة هنا قوله: (أَمَدُها ثنية الوداع إلى مسجد بني زريق) فإنهم طائفة من الأنصار، و (أَمدُها) بفتح الهمزة وضم الدال أي غايتها ويروى بتشديد الدال المفتوحة على أنه فعل ماض أي جعل لها أمدًا (التي ضُمِّرت) بتشديد الميم على بناء المجهول، وقد ذكرنا سابقًا أنه عبارة عن تعليق العليق والربط في مكان وتغطيته بإجلال الكثير لتعرق وتجف فتقوى على زيادة الجري، و (الحفياء) على وزن الحمراء موضع بينه وبين ثنية الوداع خمسة أميال أو ستة. 7337 - (إسحاق) كذا وقع غير منسوب، وجزم أبو نعيم والكلاباذي بأنه ابن راهويه (ابن إدريس) عبد الله أبو محمد الأودي (وابن أبي غنية) علي وزن والغنية بغين معجمة يحيى بن عبد الملك الخزاعي أصله من أصبهان (عن أبي حيان) بالياء المثناة يحيى بن سعيد (سمعت عمر على المنبر) اختصره، سلف في كتاب الأشربة: خطب وذكر تحريم الخمر.

7338 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ سَمِعَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ خَطَبَنَا عَلَى مِنْبَرِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 7339 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ أَنَّ هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ يُوضَعُ لِى وَلِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - هَذَا الْمِرْكَنُ فَنَشْرَعُ فِيهِ جَمِيعًا. طرفه 250 7340 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الأَحْوَلُ عَنْ أَنَسٍ قَالَ حَالَفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ الأَنْصَارِ وَقُرَيْشٍ فِي دَارِى الَّتِى بِالْمَدِينَةِ. طرفه 2294 وَقَنَتَ شَهْرًا يَدْعُو عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ بَنِى سُلَيْمٍ. طرفه 1001 7341، 7342 - حَدَّثَنِى أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا بُرَيْدٌ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ قَالَ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَلَقِيَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ فَقَالَ لِى انْطَلِقْ إِلَى الْمَنْزِلِ فَأَسْقِيَكَ فِي قَدَحٍ شَرِبَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَتُصَلِّى فِي مَسْجِدٍ صَلَّى فِيهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ، فَسَقَانِى سَوِيقًا، وَأَطْعَمَنِى تَمْرًا، وَصَلَّيْتُ فِي مَسْجِدِهِ. طرفه 3814 ـــــــــــــــــــــــــــــ 7338 - وروى عن السائب بن يزيد (سمعت عثمان خطيبًا على المنبر) نصب على المصدر، ويروى "خطبنا" بالنون فعلًا ماضيًا، والذي خطب به عثمان روى عنه الزهري أنه قال: هذا شهر زكاتكم شهر الله المحرم. 7339 - (بشار) بفتح الباء الموحدة وتشديد المعجمة، وحديث (كان يوضع لي ولرسول الله- صلى الله عليه وسلم - هذا المِرْكَنْ) بكسر الميم وفتح الكاف الإجانة، وهذا موضع الدلالة لأن المركن من آثار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (فنشرع فيه) أصله في إدخال الدابة قوائمها في الماء. 7340 - (عباد بن عباد) بفتح العين وتشديد الموحدة فيهما، وحديث أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (حالف بين الأنصار وقريش) في داره (وقنت شهرًا [يدعو]، على أحياء من بني سليم) وهما حديثان تقدما، وموضع الدلالة كون دار أنس من مشاهد رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، وكون القنوت من آثاره. 7341 - 7342 - (أبو كريب) بضم الكاف مضم (أبو أسامة) بضم الهمزة (بريد) بضم الباء مصغر بُرد بضم الباء عامر بن أبي موسى روى عنه أن عبد الله بن سلام أدخله بيته وأسقاه في قدح شرب منه رسول - صلى الله عليه وسلم - سويقًا وصلى في بيته في مسجده، أي: مسجد

7343 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ حَدَّثَنِى عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عُمَرَ - رضى الله عنه - حَدَّثَهُ قَالَ حَدَّثَنِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَتَانِى اللَّيْلَةَ آتٍ مِنْ رَبِّى وَهْوَ بِالْعَقِيقِ أَنْ صَلِّ فِي هَذَا الْوَادِى الْمُبَارَكِ وَقُلْ عُمْرَةٌ وَحَجَّةٌ». وَقَالَ هَارُونُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَلِىٌّ عُمْرَةٌ فِي حَجَّةٍ. طرفه 1534 7344 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَقَّتَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَرْنًا لأَهْلِ نَجْدٍ، وَالْجُحْفَةَ لأَهْلِ الشَّأْمِ، وَذَا الْحُلَيْفَةِ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ. قَالَ سَمِعْتُ هَذَا مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَبَلَغَنِى أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «وَلأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمُ». وَذُكِرَ الْعِرَاقُ فَقَالَ لَمْ يَكُنْ عِرَاقٌ يَوْمَئِذٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أي مكان صلى فيه، وهو موضع الدلالة لأنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والقدح من آثاره. 7343 - (أتاني آت من ربي) أي ملك من الملائكة، والظاهر أنه رأى في المنام لقوله في آخر الباب (أرِي وهو في مُعَرَّسِهِ) قال ابن الأثير: واد من أودية المدينة، يقال: وفي أرض غير المدينة مواضع تسمى بالعقيق منها موضع بقرب ذات عرق ميقات أهل العراق. قال بعض الشارحين: لعله أراد ركعتي الإحرام، قلت: ركعتا الإحرام عام لكل أحد، وقال: وفيه دليل على أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان قارنًا، قلت: قال النووي: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أولًا مفردًا، وإنما صار قارنًا فيما بعد لما أمر أصحابه بالعمرة، وإنما توهم هذا القائل من قوله: (حجة وعمرة) فلا دلالة فيه فإنه تشريع العمرة في أشهر الحج لأنهم كانوا يعدونها أفجر الفجور. 7344 - وحديث ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[أوَقَتَ] لكل ناحية ميقاتًا، فقيل له في ميقات العراق (فقال: لم يكن عراق يومئذ) وأشكل عليه بالشام، وأجيب بأن غرضه من قوله: (لم يكن عراق يومئذ) أراد بصرة والكوفة فإنهما تمصرا في أيام عمر، وفيه نظر لعدم انحصار العراق فيهما، وقد روى ابن الأثير في "النهاية" "أنه وقّت لأهل العراق ذات عرق".

17 - باب قول الله تعالى (ليس لك من الأمر شئ)

7345 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ حَدَّثَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ أُرِىَ وَهْوَ فِي مُعَرَّسِهِ بِذِى الْحُلَيْفَةِ فَقِيلَ لَهُ إِنَّكَ بِبَطْحَاءَ مُبَارَكَةٍ. طرفه 483 17 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَىْءٌ) 7346 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ فِي صَلاَةِ الْفَجْرِ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَالَ «اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ فِي الأَخِيرَةِ». ثُمَّ قَالَ «اللَّهُمَّ الْعَنْ فُلاَنًا وَفُلاَنًا». فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَىْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ). طرفه 4069 ـــــــــــــــــــــــــــــ 7345 - (أري وهو في مُعرّسه) بضم الميم وتشديد الراء المفتوحة اسم مكان من التعريس وهو نزول المسافر في آخر الليل (ببطحاء مباركة) البطحاء مسيل الوادي فيه دقاق الحصباء. باب قول الله: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران: 128] 7346 - روى عن ابن عمر أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - كان (إذا رفع رأسه من الركوع يقول: اللهم ربنا ولك الحمد في الآخرة، ثم قال: اللهم العين فلانًا وفلانًا). فإن قلت: تقدم في رواية أنس أن يوم أحد لما شجوا وجهه شرع يمسح الدم عن وجهه ويقول: "لن يفلح قوم أدموا وجه نبيهم" فنزل قوله تعالى: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران: 128]؟ قلت: لا تزاحم في الأسباب يكون [كل] منهما سببًا. فإن قلت: ما معنى قوله: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران: 128]؟ قلت: قال ابن بطال: معناه ليس عليك هداهم كما صرح به في الرواية الأخرى، وليس كما قال فإنه لا يلائم المقام فإنه يدعو عليهم باللعن، بل هو نوع عتاب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنه رحمة للعالمين ما كان منه خلاف الأولى. قال بعض الشارحين: فإن قلت: نعيم الآخرة أشرف أو المراد بالآخرة العافية، أي:

18 - باب قوله تعالى (وكان الإنسان أكثر شئ جدلا) وقوله تعالى (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتى هى أحسن)

18 - باب قَوْلِهِ تَعَالَى (وَكَانَ الإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَىْءٍ جَدَلاً) وَقَوْلِهِ تَعَالَى (وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ) 7347 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ ح حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ عَنْ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى عَلِىُّ بْنُ حُسَيْنٍ أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِىٍّ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِىَّ بْنَ أَبِى طَالِبٍ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - طَرَقَهُ وَفَاطِمَةَ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ - بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لَهُمْ «أَلاَ تُصَلُّونَ». فَقَالَ عَلِىٌّ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا أَنْفُسُنَا بِيَدِ اللَّهِ، فَإِذَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَنَا بَعَثَنَا، فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ قَالَ لَهُ ذَلِكَ وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيْهِ شَيْئًا، ثُمَّ سَمِعَهُ وَهْوَ مُدْبِرٌ يَضْرِبُ فَخِذَهُ وَهْوَ يَقُولُ (وَكَانَ الإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَىْءٍ جَدَلاً). قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يُقَالُ مَا أَتَاكَ لَيْلاً فَهْوَ طَارِقٌ. وَيُقَالُ الطَّارِقُ النَّجْمُ، وَالثَّاقِبُ الْمُضِئُ، يُقَالُ أَثْقِبْ نَارَكَ لِلْمُوقِدِ. طرفه 1127 ـــــــــــــــــــــــــــــ مآل كل الحمود إليك، وهذا كله خبط فإن لفظ الآخرة مدرج من الراوي يريد به أن القنوت كان في الركعة الآخرة من الصبح. باب {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} [الكهف: 54] وقوله تعالى: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [لعنكبوت: 46] أي بالطريقة التي أحسن الجدل عبارة عن المناظرة قد تكون باطلًا، وقد تكون حقًّا، فالباطل مقابلة الحجة بما يدفعها من الشبهة، والحق أن تكون إقامة الحجة على الحق، ولها طرق حسنة فلذلك أمر بأحسن الطرق فإنه أدعى للخصم على الإذعان. 7347 - (محمد بن سلام) بتخفيف اللام (عَبَّاد) بفتح العين وتشديد الموحدة (بشير) بفتح الموحدة وشين معجمة (إسحاق) كذا وقع غير منسوب، ونُسِبَ في بعضها ابن راشد (علي بن حسين عن حسين أن عليًّا قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على طرقه وفاطمة) أي: أتاهم ليلًا فما رآهما مضطجعين (فقال ألا تصليان) حث على الصلاة بالليل فإنه مظنة الإجابة والوقت حال للمباحات (قال علي: فقلت يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن أنفسنا بيد الله فإذا شاء أن يبعثنا) قال: (سمعته وهو مدبر يضرب فخذه وهو يقول: {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} [لكهف: 54] أراد الجدال بالباطل إذ المرء إنما يؤجر على فعله الاختياري وكسبه، فكان الواجب على علي المبادرة إلى ما دعاه إليه، والاعتصام بقوله، وما يقال: إنه قرأ الآية تعجبًا من حسن جوابه وسرعة إدراكه مسلمًا لما قاله مما لا يلتفت إليه فإن الآية مسوقة لذم الجدال، وهل كان

19 - باب قوله تعالى (وكذلك جعلناكم أمة وسطا)

7348 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ بَيْنَا نَحْنُ فِي الْمَسْجِدِ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «انْطَلِقُوا إِلَى يَهُودَ». فَخَرَجْنَا مَعَهُ حَتَّى جِئْنَا بَيْتَ الْمِدْرَاسِ فَقَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَنَادَاهُمْ فَقَالَ «يَا مَعْشَرَ يَهُودَ أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا». فَقَالُوا بَلَّغْتَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ. قَالَ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «ذَلِكَ أُرِيدُ أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا». فَقَالُوا قَدْ بَلَّغْتَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ. فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «ذَلِكَ أُرِيدُ». ثُمَّ قَالَهَا الثَّالِثَةَ فَقَالَ «اعْلَمُوا أَنَّمَا الأَرْضُ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنِّى أُرِيدُ أَنْ أُجْلِيَكُمْ مِنْ هَذِهِ الأَرْضِ، فَمَنْ وَجَدَ مِنْكُمْ بِمَالِهِ شَيْئًا فَلْيَبِعْهُ، وَإِلاَّ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا الأَرْضُ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ». طرفه 3167 19 - باب قَوْلِهِ تَعَالَى (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا) ـــــــــــــــــــــــــــــ انصرافه سريعًا إلا مما غاظه من قول علي؟ وكيف يدل الحديث على الاعتصام بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لو كان الأمر كما قيل؟!. 7348 - وحديث (أبي هريرة بينما نحن في المسجد خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: انطلقوا إلى البهود فخرجنا معه حتى جئنا بيت المدراس) قال ابن الأثير: المدراس اسم فاعل من الدرس، وما في هذا الحديث اسم مكان، والمفعال في المكان نادر، قلت: وإضافة البيت من إضافة العام إلى الخاص، ويجوز أن يكون مصدرًا، وقد سلف الحديث، وموضع الدلالة قوله: (يا معشر اليهود أسلموا تسلموا) فإنه جدال بالتي هي أحسن فيدل على الشق الثاني من الترجمة. باب قوله: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: 143] وما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بلزوم الجماعة وهم أهل العلم قال صاحب "الكشاف": معنى قوله: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ} أي مثل ذلك الجعل جعلناكم ليس فيه إشارة إلى جعل سابق إلى الجعل الذي دل عليه جعلناكم، والكاف مقحمة، وقال غيره: المشبه به الهدي دل عليه قوله: {يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [البقرة: 142] , وعندي أنه هو جعل القبلة كعبة دل عليه السياق كما جعلنا قبلتكم أشرف القبل جعلناكم خير الأمم، وإنما عبر عن العدل بالوسط لقولهم خير الأمور الوسط، وحديث الباب سلف في سورة البقرة مطولًا،

20 - باب إذا اجتهد العامل أو الحاكم فأخطأ خلاف الرسول من غير علم، فحكمه مردود

وَمَا أَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِلُزُومِ الْجَمَاعَةِ، وَهُمْ أَهْلُ الْعِلْمِ 7349 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يُجَاءُ بِنُوحٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُقَالُ لَهُ هَلْ بَلَّغْتَ فَيَقُولُ نَعَمْ يَا رَبِّ. فَتُسْأَلُ أُمَّتُهُ هَلْ بَلَّغَكُمْ فَيَقُولُونَ مَا جَاءَنَا مِنْ نَذِيرٍ. فَيَقُولُ مَنْ شُهُودُكَ فَيَقُولُ مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ. فَيُجَاءُ بِكُمْ فَتَشْهَدُونَ». ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا) قَالَ عَدْلاً (لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا). وَعَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَوْنٍ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِهَذَا طرفه 3339 20 - باب إِذَا اجْتَهَدَ الْعَامِلُ أَوِ الْحَاكِمُ فَأَخْطَأَ خِلاَفَ الرَّسُولِ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ، فَحُكْمُهُ مَرْدُودٌ. لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا، فَهْوَ رَدٌّ». ـــــــــــــــــــــــــــــ والغرض من إيراده هنا بيان الاعتصام بجماعة المسلمين فإن الحق معهم، ولذلك كانوا شهداء عند الله لسائر الأنبياء على أممهم. 7349 - فإن قلت: لم يذكر حديثًا يدل على الشق الثاني من الترجمة وهو ما أمر به من لزوم الجماعة، قلت: لم يكن على شرطه فأشار إليه في الترجمة، وقد روى الترمذي ما معناه: "عليكم بلزوم الجماعة فإن من فارق الجماعة قدر شبر خلع ربقة الإِسلام"، وأما قول البخاري: (وهم أهل العلم) فهو خلاف ما يفهم من الآية والحديث، فإن شهادتهم على الأمم لا تنحصر في العلماء (وعن جعفر بن عوف) هذا قول إسحاق بن منصور فإنه روى الحديث بصيغة التحديث عن أسامة ثم رواه عن جعفر بلفظ عن. باب إذا اجتهد العامل أو الحاكم فأخطأ قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحكمه مردود لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو ردٌّ" وفي رواية: العالم، بدل: العامل، ومحصل الترجمة أن العامل على الصدقات، أو العالم المفتي، أو القاضي من خالف منهم قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو فعله فحكمه مردود على

7350 و 7351 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ أَخِيهِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلاَلٍ عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يُحَدِّثُ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ وَأَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ أَخَا بَنِى عَدِىٍّ الأَنْصَارِىَّ وَاسْتَعْمَلَهُ عَلَى خَيْبَرَ، فَقَدِمَ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا». قَالَ لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا لَنَشْتَرِى الصَّاعَ بِالصَّاعَيْنِ مِنَ الْجَمْعِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَفْعَلُوا، وَلَكِنْ مِثْلاً بِمِثْلٍ، أَوْ بِيعُوا هَذَا وَاشْتَرُوا بِثَمَنِهِ مِنْ هَذَا وَكَذَلِكَ الْمِيزَانُ». طرفه 2201 ـــــــــــــــــــــــــــــ أن نصب خلاف على الحالية أي: مخالفًا، وهذا كلام في غاية الإتقان والفصاحة، فمن قال: إنه تعجرف الترجمة فلقصوره، والظاهر أنه جعل خلاف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معلقًا بقوله: فأخطأ، فإنه على ذلك التقدير كان صوابه: فأخطأ وفاق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حلى. 7350 - 7351 - قال الغساني: سقط من كتاب الفربري سليمان بن بلال، ولا بد منه ليتصل السند، قال شيخ الإِسلام: ثابت في النسخ التي وقعنا عليها. (عن عبد المجيد بن سُهيل) بضم السين مصغر، قال بعض الشارحين: سهيل هذا هو الذي تزوج الثريا بنت عبد الله بن الحارث، وفيه يقول عمر بن عبد الله بن ربيعة: أيها المنكح الثريا قد سلف في أبواب البيوع، ودلالته على الترجمة ظاهرة فإنه حكم ببطلان البيع لمخالفته أمره (بعث أخا بني عدي الأنصاري) قال ابن عبد البر: هو سواد بن عزبة بن وهب قضاعي حليفٌ لبني عدي (فقدم بتمر جنيب) على وزن كريم أجود ألوان التمر، قال الأصمعي: الجمع من التمر ما لم يعرف له اسم، وقال الفراء: أخلاط من التمر من أجناس.

21 - باب أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ

21 - باب أَجْرِ الْحَاكِمِ إِذَا اجْتَهَدَ فَأَصَابَ أَوْ أَخْطَأَ 7352 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا حَيْوَةُ حَدَّثَنِى يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِى قَيْسٍ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ». قَالَ فَحَدَّثْتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فَقَالَ هَكَذَا حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ. وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُطَّلِبِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَهُ. 22 - باب الْحُجَّةِ عَلَى مَنْ قَالَ إِنَّ أَحْكَامَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَتْ ظَاهِرَةً وَمَا كَانَ يَغِيبُ بَعْضُهُمْ مِنْ مَشَاهِدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأُمُورِ الإِسْلاَمِ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ 7352 - (المقرئ) بضم الميم من الإقراء (حَيْوة) بفتح الحاء وسكون الياء (شريح) بضم الشين مصغر شرح (بسر بن سعيد) بضم الموحدة وسين مهملة (عن أبي قيس) اسمه سعد كذا نقل عن مسلم، وقيل: عبد الرحمن (إذا حكم الحاكم) أي إذا أراد أن يحكم، لقوله: (فاجتهد) لأن الحكم لا يكون إلا بعد الاجتهاد، وقوله: (ثم أخطأ) إشارة إلى أنه بعد ما أدى إليه اجتهاد يتوقف زمانًا لعل أن يظهر له دليل آخر، وفي بعضها بالفاء بدل ثم، وحمل الفاء على التفسير لا وجه له؛ لأن الحكم ليس نفس الاجتهاد (فله أجر) ليس أجره لأجل خطئه بل لبذله الجهد في معرفة الحق، وذلك أن المجتهد لا يجوز له تقليد مجتهد آخر، وفي الحديث دليل أهل الحق أن المصيب واحد (فحدثت بهذا الحديث أبا بكر بن محمد) القائل يزيد بن عبد الله. باب الحجة على من قال: إن أحكام النبي - صلى الله عليه وسلم - وما كان يغيب بعضهم من مشاهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمور الإسلام

7353 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ حَدَّثَنِى عَطَاءٌ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ اسْتَأْذَنَ أَبُو مُوسَى عَلَى عُمَرَ فَكَأَنَّهُ وَجَدَهُ مَشْغُولاً فَرَجَعَ، فَقَالَ عُمَرُ أَلَمْ أَسْمَعْ صَوْتَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ، ائْذَنُوا لَهُ. فَدُعِىَ لَهُ فَقَالَ مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ فَقَالَ إِنَّا كُنَّا نُؤْمَرُ بِهَذَا. قَالَ فَأْتِنِى عَلَى هَذَا بِبَيِّنَةٍ أَوْ لأَفْعَلَنَّ بِكَ. فَانْطَلَقَ إِلَى مَجْلِسٍ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالُوا لاَ يَشْهَدُ إِلاَّ أَصَاغِرُنَا. فَقَامَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِىُّ فَقَالَ قَدْ كُنَّا نُؤْمَرُ بِهَذَا. فَقَالَ عُمَرُ خَفِىَ عَلَىَّ هَذَا مِنْ أَمْرِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، أَلْهَانِى الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ. طرفه 2062 7354 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنِى الزُّهْرِىُّ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنَ الأَعْرَجِ يَقُولُ أَخْبَرَنِى أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ إِنَّكُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يُكْثِرُ الْحَدِيثَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَاللَّهُ الْمَوْعِدُ، إِنِّى كُنْتُ امْرَأً مِسْكِينًا أَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى مِلْءِ بَطْنِى، وَكَانَ الْمُهَاجِرُونَ يَشْغَلُهُمُ الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ، وَكَانَتِ الأَنْصَارُ يَشْغَلُهُمُ الْقِيَامُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ، فَشَهِدْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ يَوْمٍ وَقَالَ «مَنْ يَبْسُطْ رِدَاءَهُ حَتَّى أَقْضِىَ مَقَالَتِى ثُمَّ يَقْبِضْهُ، فَلَنْ يَنْسَى شَيْئًا سَمِعَهُ مِنِّى». فَبَسَطْتُ بُرْدَةً كَانَتْ عَلَىَّ، فَوَالَّذِى بَعَثَهُ بِالْحَقِّ مَا نَسِيتُ شَيْئًا سَمِعْتُهُ مِنْهُ. طرفه 118 ـــــــــــــــــــــــــــــ زعم بعض الرافضة والخوارج أن ما نقل آحادًا لا يعمل به، ولا عمل إلا ما نقل تواترًا، فأراد أن يرد عليهم فترجم على خلاف مدعاهم، واستدل عليه بأحاديث الباب، إذا تقرر ذلك فقوله: وما كان عطف على الحجة، وما مصدرية أي: باب بيان كون بعض الأصحاب يغيب عن بعض الوقائع فيسأل غيره ويخبره غيره كما فعل عمر في قضية الاستئذان مع أبي موسى، وقد سلف في أبواب الاستئذان أن طلب عمر من أبي موسى من يشهد معه لم يكن ذلك؛ لأن عمر لا يقبل الآحاد بل كان يريد أن يوثق، وإلا كم له عمل بخبر الواحد، وقيل: ما نافية عطف على مقول القول وهو فاسد؛ لأن الذين يشترطون التواتر لا يمنعون عنه بعض الصحابة، أو موصولة عطف على الحجة، وهذا أيضًا فاسد إذ تقديره: باب الذي كان يغيب بعضهم. 7354 - (عبد الله بن قيس) علم أبي موسى الأشعري، وقول أبي هريرة (إنكم تزعمون أن أبا هريرة يكثر الحديث على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصله: يكثر عن، إلا أنه ضمنه معنى الكذب عليه (والله المَوْعِد) مجاز عن الرجوع إليه بعد الموت (وقال) أي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (من بسط رداءه) وفي رواية "يبسط" (حتى أقضي مقالتي ثم يقبضه فلم ينس شيئًا سمعه مني فبسطت بردة كانت علي فوالذي بعثه بالحق ما نسيت شيئًا سمعته منه) وفي الأخرى "من مقالته تلك" وفي

23 - باب من رأى ترك النكير من النبى - صلى الله عليه وسلم - حجة لا من غير الرسول

23 - باب مَنْ رَأَى تَرْكَ النَّكِيرِ مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حُجَّةً لاَ مِنْ غَيْرِ الرَّسُولِ 7355 - حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ حُمَيْدٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ رَأَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَحْلِفُ بِاللَّهِ أَنَّ ابْنَ الصَّائِدِ الدَّجَّالُ قُلْتُ تَحْلِفُ بِاللَّهِ. قَالَ إِنِّى سَمِعْتُ عُمَرَ يَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يُنْكِرْهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. ـــــــــــــــــــــــــــــ قضية الغرف قال أبو هريرة: شكوت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أنسى من حديثه فقال: "ابسط رداءك" فغرضيها فضممتها إلى صدري. باب من رأى ترك النكير من النبي - صلى الله عليه وسلم - حجة لا من غير الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال الجوهري: النكير والإنكار تغيير المنكر، وغرضه من هذه الترجمة ما اشتهر من أن تقرير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئًا علم به دليل جوازه. 7355 - (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم (حميد) بضم الحاء مصغر، استدل على [ما] ترجم بأن جابرًا قال: (سمعت عمر يحلف عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ابن الصائد) وقد تقدم [أن] ابن الصياد هو الدجال (فلم ينكره). فإن قلت: قد سلف أن عمر لما أراد قتل ابن الصياد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إن يكن هو فلن تسلط عليها" فكيف قرر يمينه ولم ينكر عليه في حرمة؟ قلت: قيل: لم يكن أولًا عالمًا ثم أعلمه، أو حلف عمر لم يكن على أن ابن صياد هو الدجال المسيح بل دجال من الدجاجلة، فإن كل كذاب وكاهن دجال وهذا هو الصواب؛ لأن حديث تميم الداري الذي أخرجه مسلم: أنهم رأوا في دير إنسانًا في الأغلال وسأل عن أحوال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديث طويل أنه الدجال المسيح وأنه سيؤذن له في الخروج وخطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحديث تميم على المنبر مما يقطع الشبهة أن ابن صياد ليس المسيح، بل كاهن من الكهان.

24 - باب الأحكام التى تعرف بالدلائل، وكيف معنى الدلالة وتفسيرها

24 - باب الأَحْكَامِ الَّتِى تُعْرَفُ بِالدَّلاَئِلِ، وَكَيْفَ مَعْنَى الدِّلاَلَةِ وَتَفْسِيرِهَا وَقَدْ أَخْبَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَمْرَ الْخَيْلِ وَغَيْرِهَا، ثُمَّ سُئِلَ عَنِ الْحُمُرِ فَدَلَّهُمْ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ). وَسُئِلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الضَّبِّ فَقَالَ «لاَ آكُلُهُ وَلاَ أُحَرِّمُهُ». وَأُكِلَ عَلَى مَائِدَةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - الضَّبُّ، فَاسْتَدَلَّ ابْنُ عَبَّاسٍ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ. 7356 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِى صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْخَيْلُ لِثَلاَثَةٍ لِرَجُلٍ أَجْرٌ، وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ، وَعَلَى رَجُلٍ وِزْرٌ، فَأَمَّا الَّذِى لَهُ أَجْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأَطَالَ فِي مَرْجٍ أَوْ رَوْضَةٍ، فَمَا أَصَابَتْ فِي طِيَلِهَا ذَلِكَ الْمَرْجِ وَالرَّوْضَةِ كَانَ لَهُ حَسَنَاتٍ، وَلَوْ أَنَّهَا قَطَعَتْ طِيَلَهَا فَاسْتَنَّتْ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ كَانَتْ آثَارُهَا وَأَرْوَاثُهَا حَسَنَاتٍ لَهُ، وَلَوْ أَنَّهَا مَرَّتْ بِنَهَرٍ فَشَرِبَتْ مِنْهُ وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَسْقِىَ بِهِ كَانَ ذَلِكَ حَسَنَاتٍ لَهُ، وَهِىَ لِذَلِكَ الرَّجُلِ أَجْرٌ، وَرَجُلٌ رَبَطَهَا تَغَنِّيًا وَتَعَفُّفًا وَلَمْ يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ فِي رِقَابِهَا وَلاَ ظُهُورِهَا، فَهْىَ لَهُ سِتْرٌ، وَرَجُلٌ رَبَطَهَا فَخْرًا وَرِيَاءً، فَهِىَ عَلَى ذَلِكَ وِزْرٌ». وَسُئِلَ رَسُولُ ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: قول عمر: هو الدجال يريد به الدجال المعروف؟ قلت: زعم ذلك بحسب ظنه كقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سهوه: "لم أنس ولم تقصر" وكان النسيان واقعًا. باب الأحكام التي تعرف بالدلائل وكيف معنى الدلالة وتفسيرها الدلالة كون الشيء بحيث يلزم من العلم به العلم بالشيء سواء أريد ذلك الشيء أو لم يرد، وتكون لفظية كما بين في موضعه، وغرض البخاري من هذا الباب أن ما لم يكن منصوصًا عليه إما داخل تحت عموم، أو يعرف من القرائن، وأحاديث الباب كذلك: 7356 - منها حديث (أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: الخيل لثلاثة) وقد سلف في أبواب الجهاد وغيره، وموضع الدلالة قوله: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7)}

اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْحُمُرِ قَالَ «مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَىَّ فِيهَا إِلاَّ هَذِهِ الآيَةَ الْفَاذَّةَ الْجَامِعَةَ (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ). طرفه 2371 7357 - حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ صَفِيَّةَ عَنْ أُمِّهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -. حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ - هُوَ ابْنُ عُقْبَةَ - حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ النُّمَيْرِىُّ الْبَصْرِىُّ حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنُ شَيْبَةَ حَدَّثَتْنِى أُمِّى عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْحَيْضِ كَيْفَ تَغْتَسِلُ مِنْهُ قَالَ «تَأْخُذِينَ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً فَتَوَضَّئِينَ بِهَا». قَالَتْ كَيْفَ أَتَوَضَّأُ بِهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «تَوَضَّئِى». قَالَتْ كَيْفَ أَتَوَضَّأُ بِهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «تَوَضَّئِينَ بِهَا». قَالَتْ عَائِشَةُ فَعَرَفْتُ الَّذِى يُرِيدُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَجَذَبْتُهَا إِلَىَّ فَعَلَّمْتُهَا. طرفه 314 ـــــــــــــــــــــــــــــ [الزلزلة: 7] فإنه جواب لمن سأل (عن الحُمُر الفذّة) بتشديد الذال المعجمة أي المنفردة إذ ليس في القرآن جمع منها وآية. وإنما كان جوابًا لشمول الآية الحمر وغيرها. فإن قلت: قوله: "ولو أنها مرت بنهر فشربت منه ولم يُرد أن يسقي به كان ذلك حسنات" كيف يصح مع قوله: "إنما الأعمال بالنيات"؟ قلت: نيته بالرباط كافية. قال ابن الأثير: (المرج) أرض ذات سعة ونبات تمرج فيها الدواب، و (الروضة) مستنقع الماء (الفاذة) بالفاء وتشديد الذال المعجمة أي المنفردة إذ ليس في القرآن أجمع منها في الخير والشر. 7357 - (ابن عيينة) بضم العين مصغر، وكذا (النميري)، وحديث عائشة (أن امرأة سألت رسول الله- صلى الله عليه وسلم - كيف تغتسل عن الحيض) وقد سلف في أبواب الطهارة، وموضع الدلالة قوله: (تأخذين فِرصة ممسكة فتوضئين بها) فإنه دل على المقصود بطريق الكناية لشناعة التصريح به، وعلم أن عائشة فهمت ما قاله.

7358 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ أُمَّ حُفَيْدٍ بِنْتَ الْحَارِثِ بْنِ حَزْنٍ أَهْدَتْ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - سَمْنًا وَأَقِطًا وَأَضُبًّا، فَدَعَا بِهِنَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَأُكِلْنَ عَلَى مَائِدَتِهِ، فَتَرَكَهُنَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - كَالْمُتَقَذِّرِ لَهُ، وَلَوْ كُنَّ حَرَامًا مَا أُكِلْنَ عَلَى مَائِدَتِهِ، وَلاَ أَمَرَ بِأَكْلِهِنَّ. طرفه 2575 7359 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى عَطَاءُ بْنُ أَبِى رَبَاحٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ أَكَلَ ثُومًا أَوْ بَصَلاً، فَلْيَعْتَزِلْنَا أَوْ لِيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا، وَلْيَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ». وَإِنَّهُ أُتِىَ بِبَدْرٍ - قَالَ ابْنُ وَهْبٍ يَعْنِى طَبَقًا - فِيهِ خَضِرَاتٌ مِنْ بُقُولٍ، فَوَجَدَ لَهَا رِيحًا فَسَأَلَ عَنْهَا - أُخْبِرَ بِمَا فِيهَا مِنَ الْبُقُولِ - فَقَالَ قَرِّبُوهَا فَقَرَّبُوهَا إِلَى بَعْضِ أَصْحَابِهِ كَانَ مَعَهُ، فَلَمَّا رَآهُ كَرِهَ أَكْلَهَا قَالَ «كُلْ، فَإِنِّى أُنَاجِى مَنْ لاَ تُنَاجِى». وَقَالَ ابْنُ عُفَيْرٍ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ بِقِدْرٍ فِيهِ خَضِرَاتٌ. وَلَمْ يَذْكُرِ اللَّيْثُ وَأَبُو صَفْوَانَ عَنْ يُونُسَ قِصَّةَ الْقِدْرِ، فَلاَ أَدْرِى هُوَ مِنْ قَوْلِ الزُّهْرِىِّ أَوْ فِي الْحَدِيثِ. طرفه 854 ـــــــــــــــــــــــــــــ 7358 - (أبو عوانة) بفتح العين الوضاح (أبو بشر) بالموحدة وشين معجمة اسمه جعفر (أم حُفَيد) بضم المهملة بعدها فاء، خالة ابن عباس واسمها هزيلة بلفظ المصغر، روى عن ابن عباس أنها (أهدت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - سمنًا وأقطًا وأَضُبًّا) بفتح الهمزة وضاد معجمة وتشديد الباء جمع ضب. وقد سلف الحديث في أبواب الأَطعمة، وموضع الدلالة قوله: لا آكل الضب ولا أحرمه، فإنه يدل على حِلِّه. 7359 - وحديث جابر (أُتي رسول الله- صلى الله عليه وسلم - ببدر) قال ابن الأثير: طبق يشبه البدر في الاستدارة (فيه خَضِرات من يقول) بفتح الخاء وكسر الضاد، وقد سلف الحديث، وموضع الدلالة قوله: (فإني أناجي من لا تناجي) فإنه يدل على عدم صحة قياسه لوجود الفارق، ولا دلالة فيه على أن المَلَك أفضل من البشر مطلقًا لأن المراد جبرائيل (ابن عفير) بضم العين مصغر اسمه سعيد (وأبو صفوان) اسمه عبد الله بن سعيد.

25 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «لا تسألوا أهل الكتاب عن شئ»

7360 - حَدَّثَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبِى وَعَمِّى قَالاَ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ أَبِيهِ أَخْبَرَنِى مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرٍ أَنَّ أَبَاهُ جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَكَلَّمَتْهُ فِي شَىْءٍ، فَأَمَرَهَا بِأَمْرٍ فَقَالَتْ أَرَأَيْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ لَمْ أَجِدْكَ قَالَ «إِنْ لَمْ تَجِدِينِى فَأْتِى أَبَا بَكْرٍ». زَادَ الْحُمَيْدِىُّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ كَأَنَّهَا تَعْنِى الْمَوْتَ. طرفه 3659 25 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَسْأَلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ عَنْ شَىْءٍ» 7361 - وَقَالَ أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ يُحَدِّثُ رَهْطًا مِنْ قُرَيْشٍ بِالْمَدِينَةِ، وَذَكَرَ كَعْبَ الأَحْبَارِ فَقَالَ إِنْ كَانَ مِنْ أَصْدَقِ هَؤُلاَءِ الْمُحَدِّثِينَ الَّذِينَ يُحَدِّثُونَ عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَإِنْ كُنَّا مَعَ ذَلِكَ لَنَبْلُو عَلَيْهِ الْكَذِبَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 7360 - وحديث جبير بن مطعم (أن امرأة أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكلمته في شيء) وقد سلف الحديث في مناقب الصديق رضي الله عنه، وموضع الدلالة قولها: (فإن لم أجدك؟ قال: فأت أبا بكر) فإنه يدل على أنه الخليفة بعده (زاد) لنا (الحميدي) هذا قول البخاري، والزيادة قوله: كأنها تعني الموت). باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء" 7361 - (وقال أبو اليمان) هو الحكم بن نافع شيخ البخاري، والرواية عنه بقال لأنه سمعه مذاكرة، روى عن (حميد بن عبد الرحمن) أن معاوية قال: (كعب الأحبار أصدق من يحدث عن أهل الكتاب، وإن كنا مع ذلك لنبلو عليه الكذب) بالنون بعده باء موحدة أي لنجد في كلامه الكذب، لا أنه يتعمد الكذب بل لأنه كان ينقل عن أهل الكتاب والتوراة والإنجيل، وقد أخبر الله عنها أنها معرفة، وليس من شرط الكذب التعمد بل هو الإخبار بخلاف ما هو عليه الشيء، وإلا كان من الثقات، وهو كعب بن ماتع بكسر الفوقانية ابن عمرو بن قيس بن آل ذي رعين، وقيل كل ذي كلاع الحمري أسلم في خلافة عمر، وقيل: في خلافة أبي بكر، وقيل: أسلم في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والأول أصح، ومات في خلافة عثمان بحمص، وكان وعاءَ العلم. قال ابن الزبير: ما وجدت في أيام إمارتي شيئًا إلا وكان كعب قد أخبرني به، وقيل: الضمير في عليه عائد إلى الكتاب وليس بشيء فإن قول معاوية: (إن كعبًا أصدق هؤلاء) يدفعه.

7362 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ أَخْبَرَنَا عَلِىُّ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ بِالْعِبْرَانِيَّةِ وَيُفَسِّرُونَهَا بِالْعَرَبِيَّةِ لأَهْلِ الإِسْلاَمِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تُصَدِّقُوا أَهْلَ الْكِتَابِ، وَلاَ تُكَذِّبُوهُمْ وَقُولُوا (آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ)». الآيَةَ. طرفه 4485 7363 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَيْفَ تَسْأَلُونَ أَهْلَ الْكِتَابِ عَنْ شَىْءٍ، وَكِتَابُكُمُ الَّذِى أُنْزِلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَحْدَثُ، تَقْرَءُونَهُ مَحْضًا لَمْ يُشَبْ وَقَدْ حَدَّثَكُمْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ بَدَّلُوا كِتَابَ اللَّهِ وَغَيَّرُوهُ وَكَتَبُوا بِأَيْدِيهِمُ الْكِتَابَ وَقَالُوا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ. لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً، أَلاَ يَنْهَاكُمْ مَا جَاءَكُمْ مِنَ الْعِلْمِ عَنْ مَسْأَلَتِهِمْ، لاَ وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا مِنْهُمْ رَجُلاً يَسْأَلُكُمْ عَنِ الَّذِى أُنْزِلَ عَلَيْكُمْ. طرفه 2685 ـــــــــــــــــــــــــــــ 7362 - 7363 - روى في الباب حديث أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم) لأنهم ينقلون عن كتاب محرف، وعن ناس يفترون على الله الكذب. {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ} [البقرة: 136] فإن كان مما أنزل فقد آمنوا به، ولا طريق أسلم منه، وحديث (ابن عباس قال: كيف تسألون أهل الكتاب عن شيء)؟ استفهام إنكار ولذلك أردفه بقوله: (وكتابكم الذي أنزل على رسوله أحدث) أي: أقرب زمانًا، ولذلك قال: (تقرؤونه كضًا) بالغين المعجمة وضاد كذلك أي طريًّا، كلام على طريق المثل (لم يُشب) على بناء المجهول، أي: لم يخلط بغير كلامه قاله تعريضًا بالتوراة والإنجيل، وهذا على طريق الفرض أي: لو لم يكن معجزًا لكان أولى بالاقتداء به لأنه أقرب نزولًا لم يقع فيه شوب، فكيف وهو معجز لا يمكن تغيير كلمة فيه، والحكمة أنه آخر الرسل لو لم يكن معجزًا لوقع خلل في شريعته من أعداء دينه. فإن قلت: فكيف أمر الله رسوله بقوله: {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ} [يونس:94]؟ قلت: الغرض من ذلك ليس لأن يستفيد منهم شيئًا بل لأنهم مع عداوتهم قائلون بأنه لا بد من نبي آخر مذكور في كتابهم إلا أنهم حرفوا نعته قالوا لأشياعهم: إنه ليس ذلك المنتظر، وفي مثل هذا تقوية لجأش رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ألا ترى في بدء النبوة لما كذبه قومه وانقطع الوحي كم قصد أن يقتل نفسه بإلقائه من شاهق، فإذا قيل له مثل هذا يستغرق في السرور ويزداد طمأنينة.

26 - باب كراهية الخلاف

26 - باب كَرَاهِيَةِ الْخِلاَفِ 7364 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِىٍّ عَنْ سَلاَّمِ بْنِ أَبِى مُطِيعٍ عَنْ أَبِى عِمْرَانَ الْجَوْنِىِّ عَنْ جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اقْرَءُوا الْقُرْآنَ مَا ائْتَلَفَتْ قُلُوبُكُمْ فَإِذَا اخْتَلَفْتُمْ فَقُومُوا عَنْهُ». طرفه 5060 7365 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِىُّ عَنْ جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «اقْرَءُوا الْقُرْآنَ مَا ائْتَلَفَتْ عَلَيْهِ قُلُوبُكُمْ، فَإِذَا اخْتَلَفْتُمْ فَقُومُوا عَنْهُ». وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ هَارُونَ الأَعْوَرِ حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ عَنْ جُنْدَبٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 5060 7366 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا حُضِرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ وَفِى الْبَيْتِ رِجَالٌ فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - قَالَ «هَلُمَّ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ». قَالَ عُمَرُ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - غَلَبَهُ الْوَجَعُ وَعِنْدَكُمُ الْقُرْآنُ، فَحَسْبُنَا كِتَابُ اللَّهِ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْبَيْتِ وَاخْتَصَمُوا، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ قَرِّبُوا يَكْتُبْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ مَا قَالَ عُمَرُ، فَلَمَّا أَكْثَرُوا اللَّغَطَ وَالاِخْتِلاَفَ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «قُومُوا عَنِّى». قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ إِنَّ الرَّزِيَّةَ كُلَّ الرَّزِيَّةِ مَا حَالَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَبَيْنَ أَنْ يَكْتُبَ لَهُمْ ذَلِكَ الْكِتَابَ مِنِ اخْتِلاَفِهِمْ وَلَغَطِهِمْ. طرفه 114 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب كراهية الاختلاف 7364 - (إسحاق) كذا وقع غير منسوب، ونسبه أبو نعيم ابن راهويه (عن سلّام) بتشديد اللام (عن ابن عِمْران الجوني) اسمه عبد الملك (عن جُنْدُب) بضم الجيم والدال (اقرؤوا القرآن ما ائتلفت قلوبكم) أي: ما دمتم في نشاط وأريحية (فهذا اختلفتم فقوموا) أي: إذا شئتم فإنه يكثر فيه الخواطر. 7366 - وحديث ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في مرضه (هلم اكتب لكم كتابًا لن تضلوا بعده) قد سلف الحديث مرارًا، وأشرنا إلى أن المراد من الكتاب ...... وموضع الدلالة قول ابن عباس: (إن الرزية ما حال بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين أن يكتب) فإنه دل على

27 - باب نهى النبى - صلى الله عليه وسلم - على التحريم إلا ما تعرف إباحته وكذلك أمره

27 - باب نَهْىِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى التَّحْرِيمِ إِلاَّ مَا تُعْرَفُ إِبَاحَتُهُ وَكَذَلِكَ أَمْرُهُ نَحْوَ قَوْلِهِ حِينَ أَحَلُّوا «أَصِيبُوا مِنَ النِّسَاءِ». وَقَالَ جَابِرٌ وَلَمْ يَعْزِمْ عَلَيْهِمْ، وَلَكِنْ أَحَلَّهُنَّ لَهُمْ. وَقَالَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ نُهِينَا عَنِ اتِّبَاعِ الْجَنَازَةِ وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنَا. 7367 - حَدَّثَنَا الْمَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ عَطَاءٌ قَالَ جَابِرٌ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَطَاءٌ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فِي أُنَاسٍ مَعَهُ قَالَ أَهْلَلْنَا أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْحَجِّ خَالِصًا لَيْسَ مَعَهُ عُمْرَةٌ - قَالَ عَطَاءٌ قَالَ جَابِرٌ - فَقَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - صُبْحَ رَابِعَةٍ مَضَتْ مِنْ ذِى الْحِجَّةِ فَلَمَّا قَدِمْنَا أَمَرَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ نَحِلَّ وَقَالَ «أَحِلُّوا وَأَصِيبُوا مِنَ النِّسَاءِ». قَالَ عَطَاءٌ قَالَ جَابِرٌ وَلَمْ يَعْزِمْ عَلَيْهِمْ وَلَكِنْ أَحَلَّهُنَّ لَهُمْ فَبَلَغَهُ أَنَّا نَقُولُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ عَرَفَةَ إِلاَّ خَمْسٌ أَمَرَنَا أَنْ نَحِلَّ إِلَى نِسَائِنَا فَنَأْتِى عَرَفَةَ تَقْطُرُ مَذَاكِيرُنَا الْمَذْىَ قَالَ وَيَقُولُ جَابِرٌ بِيَدِهِ هَكَذَا وَحَرَّكَهَا فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «قَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّى أَتْقَاكُمْ لِلَّهِ وَأَصْدَقُكُمْ وَأَبَرُّكُمْ وَلَوْلاَ هَدْيِى لَحَلَلْتُ كَمَا تَحِلُّونَ فَحِلُّوا فَلَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِى مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا أَهْدَيْتُ». فَحَلَلْنَا وَسَمِعْنَا وَأَطَعْنَا. طرفه 1557 ـــــــــــــــــــــــــــــ شؤم الاختلاف عافانا الله وعصمنا من كل خلاف واختلاف يورث إثمًا بمنه وكرمه. باب نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن التحريم إلا ما تعرف إباحته بقرينة أو بالنص عليه، ولذلك أمره محمول على الوجوب إلا إذا صرف عنه صارف، واستدل على ذلك بأحاديث منها حديث أم عطية، مر في الجنائز، قولها: (نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا) فإنه دل على أن النهي تنزيه. 7367 - وحديث جابر أنه قال: (أهللنا أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) نصب على الاختصاص (في الحج خالصًا ليس معه عمرة) سلف في أبواب الحج، وموضع الدلالة أنه قال لهم بعد فسخ الحج إلى العمرة: فإذا فرغتم من أعمال الحج (أصيبوا النساء) ليواقعهن

28 - باب

7368 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنِ الْحُسَيْنِ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ الْمُزَنِىُّ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «صَلُّوا قَبْلَ صَلاَةِ الْمَغْرِبِ - قَالَ فِي الثَّالِثَةِ - لِمَنْ شَاءَ». كَرَاهِيَةَ أَنْ يَتَّخِذَهَا النَّاسُ سُنَّةً. طرفه 1183 28 - بابٌ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ). (وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ) ـــــــــــــــــــــــــــــ متى شاء، فإن القرينة دالة على عدم الوجوب بل أراد الإباحة التي كانت قبل الإحرام. 7368 - وحديث (عبد الله المزني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: صلوا قبل المغرب، وقال في الثالثة: لمن شاء؛ كراهية أن يتخذها الناس سنة) أي مؤكدة كسائر الرواتب، وقيل: أي فرضًا واجبًا. باب قوله تعالى {أَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [الشورى: 38] {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران: 159]. أي في الشأن الذي أنت بصدده قال الجوهري: المشورة بفتح الميم وسكون الشين وفتح الواو، وبضم الشين أيضًا وسكون الواو. أراد البخاري بيان حكمين في المشورة: أحدهما: حسن المشورة في الأمر فإنه علام الغيوب الذي يرسل جبريل في لحظة مرارًا، أمره بالمشاورة بقوله: {وَشَاوِرْهُمْ} [آل عمران: 159] ليكون لهم بذلك سرورًا يورث زيادة المحبة والألفة، وليكون سنة في أمته، وفي الحديث "ما شاور قوم إلا عزم الله لهم بالرشد" واختلف في الأمر الذي كان يشاور فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قيل: كل شيء، والصحيح لم يكن له أن يشاور في أمور الدين اللهم إلا أن يكون مجتهدًا فيه كما شاور في أسرى بدر، وعليه يحمل ما روى الترمذي وابن حبان أنه لما نزل قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} [المجادلة: 12] شاور في مقدار فرض الصدقة، فإنه كان مفوضًا تقديره على ما يراه. والحكم الثاني: أن المشاورة تكون قبل العزم لقوله تعالى: {فَإِذَا عَزَمْتَ} [آل عمران: 159] بناء المجهول، أي: إذا قلت لك افعل كذا فلا مشاورة، قلت: لا حاجة إلى أن يوقف الاستدلال على قراءة شاذة لم تثبت، بل القراءة المتواترة كافية في الدلالة لأن قوله:

وَأَنَّ الْمُشَاوَرَةَ قَبْلَ الْعَزْمِ وَالتَّبَيُّنِ لِقَوْلِهِ (فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ) فَإِذَا عَزَمَ الرَّسُولُ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَكُنْ لِبَشَرٍ التَّقَدُّمُ عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَشَاوَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَصْحَابَهُ يَوْمَ أُحُدٍ فِي الْمُقَامِ وَالْخُرُوجِ، فَرَأَوْا لَهُ الْخُرُوجَ فَلَمَّا لَبِسَ لأْمَتَهُ وَعَزَمَ قَالُوا أَقِمْ. فَلَمْ يَمِلْ إِلَيْهِمْ بَعْدَ الْعَزْمِ وَقَالَ «لاَ يَنْبَغِى لِنَبِىٍّ يَلْبَسُ لأْمَتَهُ فَيَضَعُهَا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ». وَشَاوَرَ عَلِيًّا وَأُسَامَةَ فِيمَا رَمَى أَهْلُ الإِفْكِ عَائِشَةَ فَسَمِعَ مِنْهُمَا، حَتَّى نَزَلَ الْقُرْآنُ فَجَلَدَ الرَّامِينَ، وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى تَنَازُعِهِمْ وَلَكِنْ حَكَمَ بِمَا أَمَرَهُ اللَّهُ. وَكَانَتِ الأَئِمَّةُ بَعْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتَشِيرُونَ الأُمَنَاءَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الأُمُورِ الْمُبَاحَةِ، لِيَأْخُذُوا بِأَسْهَلِهَا، فَإِذَا وَضَحَ الْكِتَابُ أَوِ السُّنَّةُ لَمْ يَتَعَدَّوْهُ إِلَى غَيْرِهِ، اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَرَأَى أَبُو بَكْرٍ قِتَالَ مَنْ مَنَعَ الزَّكَاةَ فَقَالَ عُمَرُ كَيْفَ تُقَاتِلُ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. فَإِذَا قَالُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. عَصَمُوا مِنِّى دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ، إِلاَّ بِحَقِّهَا». فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَاللَّهِ لأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ مَا جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ تَابَعَهُ بَعْدُ عُمَرُ فَلَمْ يَلْتَفِتْ أَبُو بَكْرٍ إِلَى مَشُورَةٍ إِذْ كَانَ عِنْدَهُ حُكْمُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي الَّذِينَ فَرَّقُوا بَيْنَ الصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ وَأَرَادُوا تَبْدِيلَ الدِّينِ وَأَحْكَامِهِ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ». وَكَانَ الْقُرَّاءُ أَصْحَابَ مَشُورَةِ عُمَرَ كُهُولاً كَانُوا أَوْ شُبَّانًا، وَكَانَ وَقَّافًا عِنْدَ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ {فَإِذَا عَزَمْتَ} متفرع على قوله: {وَشَاوِرْهُمْ} [آل عمران: 159] أي إذا شاورتهم وصممت العزم فتوكل على الله لا على مشاورتهم لأن الأمر كله لله، يدل على ما قلنا قول البخاري: (فهذا عزم الرسول لم يكن لبشر المتقدم على الله والرسول) فإذا وضح الكتاب أو السنة لم يتعدوه إلى غيره يريد بيان موضع المشاورة بأنها تكون فيما نص فيه من كتاب أو سنة، واستدل عليه بعدم قبول الصديق قول عمر لما قال له: كيف تقاتل من يقول: لا إله إلا الله، فألزمه أبو بكر بقوله إلا بحق الإِسلام، والزكاة من حق الإِسلام، وكان القراء أصحاب مشورة عمر لاطلاعهم على الأحكام فيستعين بهم فيما التبس عليه، ولذلك وصفه بقوله: (وكان وقافًا عند كتاب الله).

7369 - حَدَّثَنَا الأُوَيْسِىُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِى عُرْوَةُ وَابْنُ الْمُسَيَّبِ وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ قَالَتْ وَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلِىَّ بْنَ أَبِى طَالِبٍ وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ حِينَ اسْتَلْبَثَ الْوَحْىُ يَسْأَلُهُمَا، وَهْوَ يَسْتَشِيرُهُمَا فِي فِرَاقِ أَهْلِهِ، فَأَمَّا أُسَامَةُ فَأَشَارَ بِالَّذِى يَعْلَمُ مِنْ بَرَاءَةِ أَهْلِهِ، وَأَمَّا عَلِىٌّ فَقَالَ لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ، وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ، وَسَلِ الْجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ. فَقَالَ «هَلْ رَأَيْتِ مِنْ شَىْءٍ يَرِيبُكِ». قَالَتْ مَا رَأَيْتُ أَمْرًا أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ تَنَامُ عَنْ عَجِينِ أَهْلِهَا فَتَأْتِى الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ. فَقَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ «يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَعْذِرُنِى مِنْ رَجُلٍ بَلَغَنِى أَذَاهُ فِي أَهْلِى، وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِى إِلاَّ خَيْرًا». فَذَكَرَ بَرَاءَةَ عَائِشَةَ. وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ. طرفه 2593 7370 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِى زَكَرِيَّاءَ الْغَسَّانِىُّ عَنْ هِشَامٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَطَبَ النَّاسَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ «مَا تُشِيرُونَ عَلَىَّ فِي قَوْمٍ يَسُبُّونَ أَهْلِى مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُوءٍ قَطُّ». وَعَنْ عُرْوَةَ قَالَ لَمَّا أُخْبِرَتْ عَائِشَةُ بِالأَمْرِ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَأْذَنُ لِى أَنْ أَنْطَلِقَ إِلَى أَهْلِى. فَأَذِنَ لَهَا وَأَرْسَلَ مَعَهَا الْغُلاَمَ. وَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا، سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ. طرفه 2593 ـــــــــــــــــــــــــــــ 7369 - وحديث الإفك سلف مستوفى، وموضع الدلالة أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -شاور عليًّا وأسامة في أمر أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق، وقال رجل من الأنصار: سبحانك {مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا} [النور: 61] قال ابن إسحاق: القائل أبو أيوب الأنصاري، وقال شيخ الإسلام: أو قاله أسامة قال: وقد قال غيرها سنة.

97 - كتاب التوحيد

97 - كتاب التوحيد 1 - باب مَا جَاءَ فِي دُعَاءِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أُمَّتَهُ إِلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى 7371 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِىٍّ عَنْ أَبِى مَعْبَدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ. طرفه 1395 7372 - وَحَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى الأَسْوَدِ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب التوحيد والرد على الجهمية وغيرهم التوحيد مصدر وحد من الوحدة وهي الانفراد، قال الجوهري: يقال: وحدة واحدة بمعنى، وتوحد بكذا، أي تفرد به دون غيره وقال التفتازاني: التوحيد اعتقاد عدم الشركة في الألوهية ولوازمها، وعندي فيه نظر بل التوحيد اعتقاد عدم إمكان الشركة في الألوهية وخواصها, لا تعد منها في هذا الباب الصفات القديمة لأنها ليست غيرًا عند القائلين بها. وقال شيخ الطائفة جنيد البغدادي: التوحيد: إفراد القديم من المحدث. هذا وأما الجهمية فهم القائلون بالجبر المحض، وأن لا قدرة للعبد لا خلقًا ولا كسبًا، ولا يعلم الله تعالى شيئًا قبل وقوعه، وقالوا بفناء الجنة والنار، وهؤلاء أصحاب جهم بن صفوان الترمذي. كان رجلًا جاهلًا يكفر أنواعًا من الكفر، قال ابن المبارك: لا اسْتَعظِم نَقْلَ كلام اليهود والنصارى، وأسْتعظِم نقل كلام جهم، كان في أيام بني أمية، قتله نصر بن يسار في أيام هشام بن عبد الملك. باب ما جاء في دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - أمته إلى توحيد الله 7371 - 7372 - (أبو عاصم) هو الضحاك بن مخلد (عبد الله بن صيفي) ضد الشتاء (عن أبي معبد) بفتح الميم وسكون الموحدة، في بعضها أبي سعيد وهو مصحّف. روى عن معاذ حديث إرساله إلى اليمن، وقد سلف في أبواب الزكاة، وموضع الدلالة هنا قوله

إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ صَيْفِىٍّ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا مَعْبَدٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَقُولُ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ لَمَّا بَعَثَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مُعَاذًا نَحْوَ الْيَمَنِ قَالَ لَهُ «إِنَّكَ تَقْدَمُ عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَى أَنْ يُوَحِّدُوا اللَّهَ تَعَالَى فَإِذَا عَرَفُوا ذَلِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي يَوْمِهِمْ وَلَيْلَتِهِمْ، فَإِذَا صَلُّوا فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ زَكَاةً فِي أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ غَنِيِّهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فَقِيرِهِمْ، فَإِذَا أَقَرُّوا بِذَلِكَ فَخُذْ مِنْهُمْ وَتَوَقَّ كَرَائِمَ أَمْوَالِ النَّاسِ». طرفه 1395 7373 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى حَصِينٍ وَالأَشْعَثِ بْنِ سُلَيْمٍ سَمِعَا الأَسْوَدَ بْنَ هِلاَلٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَا مُعَاذُ أَتَدْرِى مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ». قَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ «أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلاَ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، أَتَدْرِى مَا حَقُّهُمْ عَلَيْهِ». قَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ «أَنْ لاَ يُعَذِّبَهُمْ». طرفه 2856 7374 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى صَعْصَعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ أَنَّ رَجُلاً سَمِعَ رَجُلاً يَقْرَأُ (قُلْ هُوَ اللَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ (فليكن أول ما تدعوهم إليه أن يوحدوا الله). وروى عن معاذ أيضًا حديثه أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -قال له: (أتدري ما حق الله على عباده؟) وقد سلف في أبواب الإيمان، وموضع الدلالة قوله: (أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا) فإنه عين التوحيد. 7373 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (غندر) بضم الغين وفتح الدال (عن أبي حصين) بفتح الحاء المهملة اسمه عثمان (الأشعث بن سليم) بضم السين مصغر (أتدري ما حقهم على الله؟) ذكر الحق على طريق المشاكلة إذ لا حق للعبد على مولاه، أو بالنظر إلى أنه موجب وعيده، ولا يخلف الميعاد. 7374 - (أبي صعصعة) بصاد وعين مهملتين (أن رجلًا سمع رجلًا يقرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ

أَحَدٌ) يُرَدِّدُهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ، وَكَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقَالُّهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ». زَادَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ أَخْبَرَنِى أَخِى قَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 5013 7375 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنَا عَمْرٌو ـــــــــــــــــــــــــــــ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] يرددها) أي يقرؤها مرة بعد أخرى (فلما أصبح جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -) الجائي هو السامع (وكأن الرجل يتقالها) لفظ كأن بتشديد النون، والرجل هو السامع، ويتقالّها بتشديد اللام أي يعد السورة قليلًا نظرًا إلى الظاهر (والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن) أي ثوابًا. قال بعض الشارحين: فإن قلت: المشقة في قراءة ثلث القرآن أكثر من قراءة هذه [السورة]؟ قلت: التشبيه في الأصل لا في الزيادة فتسعة أعشار الثواب في مقابلة المشقة وهذا الذي قاله خبط من وجوه: الأول: في مقابلته عشرة أمثاله لقوله تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: 160] الثاني: قوله: "تعدل ثلث القرآن" يريد من جهة الثواب، وعدل الشيء مثله من غير زيادة ونقصان، ذكره ابن الأثير، وإنما توهم من قوله على: "أفضل الأعمال أحمزها" أي: أشقها، وخفي عليه أن ذلك معتبر في جنس ذلك العمل مثل الصوم في الحر أكثر ثوابًا من الصوم في البرد، والوضوء في البرد أكثر ثوابًا من الوضوء في الحر وقِسْ عليه، ألا ترى أن كلمة التوحيد لا يوازيها أعمال الثقلين (زاد إسماعيل) وابن أويس. فإن قلت: لم يذكر الزيادة؟ قلت: أشار ما تقدم في باب فضل {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] أنه كان يقرأ في السحر {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}. 7375 - (حدثنا محمد) قال (حدثنا أحمد بن صالح) قيل: محمد هذا وابن يحيى

2 - باب قول الله تبارك وتعالى (قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى)

عَنِ ابْنِ أَبِى هِلاَلٍ أَنَّ أَبَا الرِّجَالِ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَهُ عَنْ أُمِّهِ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَكَانَتْ فِي حَجْرِ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ رَجُلاً عَلَى سَرِيَّةٍ، وَكَانَ يَقْرَأُ لأَصْحَابِهِ فِي صَلاَتِهِ فَيَخْتِمُ بِـ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) فَلَمَّا رَجَعُوا ذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «سَلُوهُ لأَىِّ شَىْءٍ يَصْنَعُ ذَلِكَ». فَسَأَلُوهُ فَقَالَ لأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ، وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ بِهَا. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُ». 2 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى (قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى) 7376 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ وَأَبِى ظَبْيَانَ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَرْحَمُ اللَّهُ مَنْ لاَ يَرْحَمُ النَّاسَ». طرفه 6013 7377 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ النَّهْدِىِّ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ جَاءَهُ رَسُولُ إِحْدَى بَنَاتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ الذهلي، وفي بعضها أحمد بدون محمد، وذلك أن البخاري يروي عن أحمد بن صالح بلا واسطة كثيرًا (عن أبي الرِّجال) بكسر الراء جمع رجل كنية محمد بن عبد الرحمن (عن عمرة بنت عبد الرحمن وكانت في حجرة عائشة (قال الذهبي: هي بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة من فقهاء التابعين، روت عن عائشة في حجرها (أخبروه بأن الله يحبه) قد أشرنا في أبواب الإيمان إلى محبة الله للعبد قبول طاعته والرضا عنه. باب قوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ} [الإسراء: 110] 7376 - (محمد) كذا وقع، قال الغساني: يجوز أن يكون ابن سلام، وأن يكون ابن المثنى. قلت: قد جاء في رواية أبي ذر بن سلام صريحًا. و (أبو معاوية) محمد بن حازم بالحاء المهملة. (وابن ظبيان) بالظاء المعجمة وباء موحدة واسمه حُصين بضم الحاء مصغر. 7377 - (أبو النعمان) محمد بن الفضل، روى حديث أسامة أن إحدى بنات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرسلت إليه تدعوه إلى ابنها في الموت وقد سلف في أبواب الجنائز،

3 - باب قول الله تعالى (إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين)

يَدْعُوهُ إِلَى ابْنِهَا فِي الْمَوْتِ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «ارْجِعْ فَأَخْبِرْهَا أَنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ، وَلَهُ مَا أَعْطَى، وَكُلُّ شَىْءٍ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى، فَمُرْهَا فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ». فَأَعَادَتِ الرَّسُولَ أَنَّهَا أَقْسَمَتْ لَتَأْتِيَنَّهَا، فَقَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَامَ مَعَهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، فَدُفِعَ الصَّبِىُّ إِلَيْهِ وَنَفْسُهُ تَقَعْقَعُ كَأَنَّهَا فِي شَنٍّ فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «هَذِهِ رَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ، وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ». طرفه 1284 3 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) 7378 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِى حَمْزَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِىِّ عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَا ـــــــــــــــــــــــــــــ وأشرنا إلى أن بنته هذه زينب، وموضع الدلالة قوله: (إنما يرحم الله من عباده الرحماء) فإن إسناد الرحمة إليه يستلزم اشتقاق الرحمن والرحيم منه، وهما من أسماء الله، والأحسن أن يقال: أشار في الترجمة إلى لفظ الرحمن لكن لم يكن على شرطه، وقد رواه في التاريخ ورواه الترمذي والحاكم، قيل: الرحمن لغة: الرقة، فإذا أسندت إليه تعالى يراد بها الإنعام أو إرادته لذلك. (قال سعد: ما هذه؟) إشارة إلى دموعه، ظن أن نفس البكاء على الميت لا يليق به، فأجابه بأن هذا ليس من البكاء المذموم. باب قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58)} [الذاريات: 58] وفي رواية القابسي: إني أنا الرزاق، وهي قراءة ابن عباس، الرزاق من الصفات الفعلية كالخالقية والقوة: كمال القدرة بحيث لا يعتريه عجز فهي من الصفات الذاتية، وأما المتين فهو صفة مؤكدة لقوله ذو القوة، قال ابن الأثير: المتين: الشديد القوي من المتانة وهي الشدة. 7378 - (عن أبي حمزة) بالحاء المهملة محمد بن ميمون (السلمي) بضم السين (ما

4 - باب

أَحَدٌ أَصْبَرُ عَلَى أَذًى سَمِعَهُ مِنَ اللَّهِ، يَدَّعُونَ لَهُ الْوَلَدَ، ثُمَّ يُعَافِيهِمْ وَيَرْزُقُهُمْ». طرفه 6099 4 - بابٌ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا) وَ (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ) وَ (أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ) وَ (مَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى ـــــــــــــــــــــــــــــ أحدٌ أصبرُ على أذىً سمعت من الله) الصبر: حبس النفس على المكروه، وهذا محال في حقه تعالى، فالمراد لازمه وهو عدم المعاجلة بعقاب العصاة قال في "المواقف": الصبور: هو الحليم وفيه تسامح؛ لأنه في الدلالة على عدم معاجلته بالعقاب أبلغ من الحليم، وقيل: المراد بالأذى أذى الأنبياء أسنده إلى نفسه لأن إيذاءهم أمر عظيم عنده، والوجه هو الأول لقوله: "يؤذيني ابن آدم يسب الدهر، وأنا الدهر" والكلام على طريق المثل لأنه متعالٍ عن الأذى، أي لو كان ممن شأنه لحوق الأذى لتأذى به. باب قوله تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26)} [الجن: 26] تمام الآية {إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} وأشكل هذا على من قال بكرامات الأولياء. وأجيب بأن الاستثناء منقطع أي لكن من ارتضى من رسول يطلعه والإشكال بحاله لأنه وإن لم يكن فيه حصرٌ إلا أن مفهومه أنه مخصوص بالرسول، وقيل: إطلاع الرسل بالملك، والأولياء بالكرامات، وهو من النمط الأول إذ لا دليل على ذلك، والتزم الإشكال بعضهم، وقيل: لا تنحصر الكرامات في الإخبار عن الغيب، وقيل: أشار بالإضافة إلى غيبه الخاص به من شؤون الذات والصفات مما لا يمكن الوصول إليه إلا من الرسل، وذلك الذي يطلع عليه الرسول بعض من غيبه الخاص، بل أقل قليلًا فلا ينافي الكرامات. وأحسن ما قيل فيه: أن قوله: {فَلَا يُظْهِرُ} يدل على الجواز؛ لأن الإظهار عبارة عن انكشاف المقام، وليس ذلك إلا للرسل، وأما الأولياء فلهم لمحات في أوقات، والذي يدل على ذلك قوله تعالى بعد قوله: {إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا}، فإنه يدل على كمال الإظهار.

وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ) (إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ) قَالَ يَحْيَى الظَّاهِرُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ عِلْمًا، وَالْبَاطِنُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ عِلْمًا. 7379 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَفَاتِيحُ الْغَيْبِ خَمْسٌ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ اللَّهُ، لاَ يَعْلَمُ مَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ إِلاَّ اللَّهُ، وَلاَ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ إِلاَّ اللَّهُ، وَلاَ يَعْلَمُ مَتَى يَأْتِى الْمَطَرُ أَحَدٌ إِلاَّ اللَّهُ، وَلاَ تَدْرِى نَفْسٌ بِأَىِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِلاَّ اللَّهُ، وَلاَ يَعْلَمُ مَتَى تَقُومُ السَّاعَةُ إِلاَّ اللَّهُ». طرفه 1039 7380 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ كَذَبَ وَهْوَ يَقُولُ (لاَ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ) وَمَنْ حَدَّثَكَ أَنَّهُ يَعْلَمُ الْغَيْبَ فَقَدْ كَذَبَ، وَهْوَ يَقُولُ لاَ يَعْلَمُ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ. طرفه 3234 ـــــــــــــــــــــــــــــ (والباطن على كل شيء) ضمنه معنى الاطلاع فعداه بعلى. 7379 - (خالد بن مَخْلَد) بفتح الميم (مفاتيح الغيب خمس) جمع مفتاح وهو ما يفتح به الأغلاق، شبه الغيب بالمخزون الذي لا يطلع عليه إلا خازنه، وأثبت له المفتاح على طريق الاستعارة بالكناية، والحصر في الخمس لأنه أراد بها أمهات الغيوب التي هي من خواص الألوهية استأثر بها، وقد سلف عليه الكلام في سورة لقمان. 7380 - وأما حديث عائشة (من حدثك أن محمدًا رأى ربّه فقد كذب، وهو يقول: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَار} [الأنعام:103] فقد سلف الجواب عنه في سورة الأنعام من وجوه: الأول: أن عائشة لم تنقل عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الثاني: أن الآية لسلب العموم، والأمر كذلك لا يراه كل أحد. الثالث: أن الإدراك أخص من الرؤية لاقتضاء الإحاطة. وأما قولها: (ومن حدثك أنه يعلم الغيب فقد كذب وهو يقول: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} [النمل:65] فمعنا لا يعلم ابتداء لقوله تعالى: {فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} [الجن: 27,26].

5 - باب قول الله تعالى (السلام المؤمن)

5 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (السَّلاَمُ الْمُؤْمِنُ) 7381 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ حَدَّثَنَا شَقِيقُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ كُنَّا نُصَلِّى خَلْفَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَنَقُولُ السَّلاَمُ عَلَى اللَّهِ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلاَمُ وَلَكِنْ قُولُوا التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِىُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلاَمُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ». طرفه 831 6 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (مَلِكِ النَّاسِ) ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قول الله: {السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ} [الحشر:23] اسمان من أسمائه الحسنى، والسلام اسم المصدر في الأصل، والمعنى: أنه تعالى سالم عن كل ما لا يليق بجناب قدسه فيرجع إلى صفة سلبية المعنى يعطي السلامة في المبدأ والمعاد فصفة فعلية، أو أنه يسلم عن المؤمنين {تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ} [الأحزاب:44] فصفة ذاتية هي الكلام، وأما المؤمن فإما أن يكون من الإيمان بمعنى التصديق لأنه صدق قوله في كل ما أخبر، أو رسله فيما أخبروا به، وإما قولًا كقوله تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ} [الفتح:29] فصفة ذاتية، أو بخلق المعجزة فصفة فعلية، وكذا في تصديق نفسه بالفعل بخلق العالم على هذا النظام أو من الأمن كقوله: {وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} [قريش:4]. فإن قلت: لم يذكر في الحديث: {اَلْمُؤْمِنُ} وإنما روى حديث ابن مسعود في التشهد، وقد سلف في أبواب الصلاة. قلت: لم يكن على شرطه، وقد سلفت الإشارة إليه في قوله: "إن الله تسعة وتسعين اسمًا" وسيشير إليه قريبًا. وأما السؤال عن وجه إيراد هذين الاسمين في ترجمة على الانفراد فلا وجه له؛ لأنه ذكر بعد العزيز الحكيم في باب، وسميع بصير في باب آخر. باب قوله تعالى: {مَلِكِ النَّاسِ} [الناس: 2] قال الراغب: الملك هو السلطان الآمر الناهي ولذلك أضافه إلى الناس فلا يقال: ملك الأشياء.

7 - باب قول الله تعالى (وهو العزيز الحكيم)

فِيهِ ابْنُ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 7382 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَقْبِضُ اللَّهُ الأَرْضَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَيَطْوِى السَّمَاءَ بِيَمِينِهِ ثُمَّ يَقُولُ أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ مُلُوكُ الأَرْضِ». وَقَالَ شُعَيْبٌ وَالزُّبَيْدِىُّ وَابْنُ مُسَافِرٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ. طرفه 4812 7 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَهْوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ) (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ) وَمَنْ حَلَفَ بِعِزَّةِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: فقد أمر ونهى الملائكة والجن أيضًا. قلت: لا دلالة فيه على الحصر، غايته أنه خص الناس بالذكر لأن الكلام معهم (فيه ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -) سيأتي حديثه مسندًا في باب {خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75]. 7382 - (يقبض الله الأرض يوم القيامة، ويطوي السماء بيمينه) وفي الرواية الأخرى "وكلتا يديه يمين" وليس هناك جارحة تعالى عن ذلك علوًا كبيرًا، وإنما المراد القدرة الكاملة؛ فإن اليمين في الإنسان أقوى الجانبين، وخصه بالسماء لأنه أعظم من الأرض. (ثم يقول: أنا المَلِك) أي لا ملك غيري كقولك: أنا الرجل أي الكامل وهذا إنما يكون حين تفرده بالبقاء ولم يبق داع ولا مجيب، ثم يقول ثلاثًا {لِمَنِ الْمُلْكُ} ثم يجيب تعالى بقوله: {لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} [غافر: 16]. (والزبيدي) محمد بن الوالد (وابن مسافر) عبد الرحمن بن خالد بن مسافر (عن أبي سلمة) عن أبي هريرة، فلا إرسال من أبي سلمة. باب قوله تعالى: {وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [الحشر: 1] قال ابن الأثير: العزة: الغلبة والقوة، وقال في "المواقف": العزيز: من لا أب له ولا أم، وهذا تفسير غريب. وقيل: هو الذي يعذب من يشاء فيرجع إلى صفات الأفعال قال: والحكيم هو القاضي، أو من الحكمة. فعيل بمعنى مفعل وهو الذي يتقن الأشياء ويحكمها.

وَقَالَ أَنَسٌ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «تَقُولُ جَهَنَّمُ قَطْ قَطْ وَعِزَّتِكَ». وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «يَبْقَى رَجُلٌ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ آخِرُ أَهْلِ النَّارِ دُخُولاً الْجَنَّةَ، فَيَقُولُ رَبِّ اصْرِفْ وَجْهِى عَنِ النَّارِ، لاَ وَعِزَّتِكَ لاَ أَسْأَلُكَ غَيْرَهَا» قَالَ أَبُو سَعِيدٍ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَكَ ذَلِكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ». وَقَالَ أَيُّوبُ وَعِزَّتِكَ لاَ غِنَى بِى عَنْ بَرَكَتِكَ. 7383 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقُولُ «أَعُوذُ بِعِزَّتِكَ الَّذِى لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، الَّذِى لاَ يَمُوتُ وَالْجِنُّ وَالإِنْسُ يَمُوتُونَ». 7384 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى الأَسْوَدِ حَدَّثَنَا حَرَمِىٌّ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يُلْقَى فِي النَّارِ». وَقَالَ لِى خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ. وَعَنْ مُعْتَمِرٍ سَمِعْتُ أَبِى عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ واستدل البخاري على أن العزة من صفاته تعالى بالآيات والأحاديث وقد سلفت في مواضعها ظاهرة في المعنى. 7383 - (أبو مَعْمَر) بفتح الميمين بينهما عين ساكنة عبد الله المنقري (عن يحيى بن يَعْمَر) بفتح الميم (كان يقول) أي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (أعوذ بعزتك الذي لا إله إلا أنت الذي لا يموت) بياء الغيبة وتاء الخطاب كقول علي: أنا الذي سمتني أمي حيدرة (والجن والإنس يموتون) ولا دلالة فيه على أن الملائكة لا تموت لأنه مفهوم اللقب على أنه يعارضه قوله تعالى: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن: 27]. وقيل: يجوز أن يتناول الجنُ الملائكةَ وفيه بعد؛ لأن الجن إذا ذكر مع الإنس ما يراد إلا هذا النوع أحد الثقلين. 7384 - (ابن أبي الأسود) هو ابن عكرمة عبد الله بن محمد (زريع) مصغر زرع

8 - باب قول الله تعالى (وهو الذى خلق السموات والأرض بالحق)

عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَزَالُ يُلْقَى فِيهَا وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ. حَتَّى يَضَعَ فِيهَا رَبُّ الْعَالَمِينَ قَدَمَهُ فَيَنْزَوِى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، ثُمَّ تَقُولُ قَدْ قَدْ بِعِزَّتِكَ وَكَرَمِكَ. وَلاَ تَزَالُ الْجَنَّةُ تَفْضُلُ حَتَّى يُنْشِئَ اللَّهُ لَهَا خَلْقًا فَيُسْكِنَهُمْ فَضْلَ الْجَنَّةِ». طرفه 4848 8 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَهُوَ الَّذِى خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ) 7385 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَدْعُو مِنَ اللَّيْلِ «اللَّهُمَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ (لا يزال يلقى فيها) أي في جهنم (وتقول: هل من مزيد) قد سلف منا أن هذا الكلام محمول على الحقيقة، وله شواهد قال تعالى: {إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا} [الفرقان: 12] وقال: "تحاجت النار". (فيضع فيها رب العالمين قدمه) قد سلف في باب خلق الجنة والنار ما قيل في معنى القدم، والمختار عندي أن وضع القدم كناية عن نظر القهر إليها فإن من وضع قدمه على شيء فقد بالغ في إهانته، ويدل عليه قوله: (فينزوي بعضها إلى بعض) إذ لو كان المراد من القدم طائفة من الخلق قدمهم للنار لم يكن للانزواء معنى (ثم تقول قَدْ قَدّ) بفتح القاف وسكون الدال وكسرها، وحكى شيخ الإسلام فتح الدال أيضًا، وتقدمت رواية قط قط. قال بعض الشارحين: روى البخاري هذا الحديث أولًا عن شيخه بلفظ حدثنا، وشيخه الآخر بلفظ قال، وثالثًا تعليقًا عن معتمر، وليس كما قال (وعن معتمر) عطف على قوله: (حدثنا يزيد بن زريع). (ولا تزال الجنة تفضل) بالتاء الفوقانية، ورواه المستملي بالباء الموحدة على أن الفضل مصدر. باب قول الله عز وجل: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ} [الأنعام: 73] 7385 - قيل: أشار إلى أن المراد في هذه الآية بالحق هو كلمة كن كما ذهب إليه بعضهم في تفسير الآية، وإليه في الحديث: (وقولك الحق) قلت: وصف كن في نفسه بأنه حق ليس فيه زيادة معنى، بل الحق ضد الباطل، فسره قوله تعالى: {وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا} [آل عمران: 191] والحق اسم فاعل من حق الشيء إذا ثبت، ومعنى قولك الحق مقولك، وكذا الوعد، وعطفه من عطف الخاص على العام. والحديث

9 - باب قول الله تعالى (وكان الله سميعا بصيرا)

لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، قَوْلُكَ الْحَقُّ، وَوَعْدُكَ الْحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِى مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَأَسْرَرْتُ وَأَعْلَنْتُ، أَنْتَ إِلَهِى لاَ إِلَهَ لِى غَيْرُكَ». حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بِهَذَا وَقَالَ أَنْتَ الْحَقُّ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ. طرفه 1120 9 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا) وَقَالَ الأَعْمَشُ عَنْ تَمِيمٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى وَسِعَ سَمْعُهُ الأَصْوَاتَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِى تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا). ـــــــــــــــــــــــــــــ تقدم في أبواب التهجد، وموضع الدلالة هنا قوله (أنت الحق) أي الدائم الواجب بقاؤه، لأن وجوده تعالى عين ذاته، ومقتضاه ذاته (قيم السموات) القيم والقيوم والقيام بمعنى وهو القائم بنفسه، المقيم لغيره، و (نور السموات والأرض) أي موجدهما ومظهرهما من ظلمة العدم، أو هادي من فيهما من ظلمة الجهل والكفر، وسيأتي تمام هذا في باب قوله: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ} [القيامة: 22]. باب قوله تعالى: {وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء: 134] اتفق أهل الملة والفلاسفة على أنه تعالى سميع بصير، واختلفوا في أنهما وصفان زائدان، أو هما عين الذات، وحدوث هذا الوصف من تعلق ذاته بالاعتبار نفى الزيادة الفلاسفة والشيعة والمعتزلة خلاف في بعضها تفصيل، كذا قاله الشريف المرتضى في شرحه "للمواقف" والذين قالوا بوجود الصفات القديمة قالوا بقدمها لاستحالة قيام الحادث بذاته تعالى، واتفقوا على أن سمعه ليس كسمعنا، وبصره ليس كبصرنا، وحديث عائشة (الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات) دليل لمن قال زيادة الصفة لأن الإضافة تقتضي المغايرة قطعًا، وهذا أقوى دليل لهم (فأنزل الله تعالى: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ} [المجادلة:1]) ظاهره أن نزول الآية

7386 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي سَفَرٍ فَكُنَّا إِذَا عَلَوْنَا كَبَّرْنَا فَقَالَ «ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، فَإِنَّكُمْ لاَ تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلاَ غَائِبًا، تَدْعُونَ سَمِيعًا بَصِيرًا قَرِيبًا». ثُمَّ أَتَى عَلَىَّ وَأَنَا أَقُولُ فِي نَفْسِى لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ. فَقَالَ لِى «يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ قُلْ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ. فَإِنَّهَا كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ». أَوْ قَالَ أَلاَ أَدُلُّكَ بِهِ. طرفه 2992 7387 و 7388 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِى عَمْرٌو عَنْ يَزِيدَ عَنْ أَبِى الْخَيْرِ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ - رضى الله عنه - قَالَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِى دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلاَتِى. ـــــــــــــــــــــــــــــ كان بعد قول عائشة لأن عطفه عليه بالفاء، وليس كذلك فإن عائشة إنما قالت هذا الكلام تعجبًا بعدما سمعت من قراءة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ} [المجادلة:1] فالصواب ما رواه النسائي وأحمد وغيرهما قالوا: عن عائشة "إن خولة امرأة أوس جاءت تشتكي مخفي عليّ بعض كلامها مع القرب منها فسمعه الله تعالى فأنزل في شأنها الآية"، يمكن حمل الفاء على التعقيب في الذكر، أو على التقارب. وفيه ما فيه. 7386 - وحديث (أبي موسى الأشعري كنا في سفر) هو سفر تبوك (فكنا إذا علونا كبرنا) أي: جهرًا (فقال: اربعوا على أنفسكم) أي ارفقوا بها، وإنما عداه بعلى لتضمن معنى الترحم والشفقة، وقد سلف الحديث هناك، وموضع الدلالة قوله: (إنكم تدعون سميعًا بصيرًا) (يا عبد الله بن قيس) هو ابن أبي موسى (قل: لا حول ولا قوة إلا بالله فإنها كنز من كنوز الجنة) تشبيه بليغ مثل كنز، ووجه الشبه الشرف والعزة، لأن الكنز هو المال المدفون لغاية الاحتياط عليه أو لنفاسته، فإنه لا يكنز إلا أنفس الأموال. (حرب) ضد الصلح (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم. 7387 - 7388 - (عن أبي الخير) اسمه يزيد، وحديث أبي بكر أنه (قال يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علمني دعاء أدعو به في صلاتي) إذا شرعت فيها. قد سلف في باب صفة

10 - باب قول الله تعالى (قل هو القادر)

قَالَ «قُلِ اللَّهُمَّ إِنِّى ظَلَمْتُ نَفْسِى ظُلْمًا كَثِيرًا، وَلاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ، فَاغْفِرْ لِى مِنْ عِنْدِكَ مَغْفِرَةً، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ». طرفه 834 7389 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِى عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - حَدَّثَتْهُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ نَادَانِى قَالَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ». طرفه 3231 10 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ) 7390 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى الْمَوَالِى قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ يُحَدِّثُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَسَنِ يَقُولُ أَخْبَرَنِى ـــــــــــــــــــــــــــــ الصلاة، وفي أبواب الدعوات، قيل: وجه الدلالة أن فائدة الدعاء إنما تكون عند من يسمع، وقيل: وجه الدلالة سؤال المغفرة، فإن بعض الذنوب مبصر، وبعضها مسموع، والأظهر أن قوله (اللهم) فإنه نداء، ومن لوازمه أن يكون لمن يسمع. 7389 - وحديث عائشة: (قال النبي - صلى الله عليه وسلم - إن جبرائيل ناداني) قد سلف في المغازي أن هذا كان ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقرن الثعالب حين عاد من عرض نفسه على أهل الطائف ومعه زيد بن حارثة. وقال جبرائيل في ندائه: إن هذا ملك الجبال. باب قوله تعالى: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ} [الأنعام: 65] وقد تقدم في باب قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ} [الذاريات: 58]. إشارة إلى أن القدرة من الصفات الذاتية، وتفسير القدرة عند أهل الحق: إن شاء فعل وإن لم يشأ لم يفعل، ووافقهم الفلاسفة، إلا أنهم قالوا: مقدم الشرطية الأُولى واجب الصدق، ومقدم الثانية ممتنع الصدق، وكلتا الشرطيتين صادقتان. 7390 - (المنكدر) بكسر الدال (عبد الله بن الحسين) بن علي بن أبي طالب من كبار

11 - باب مقلب القلوب

جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السَّلَمِىُّ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُعَلِّمُ أَصْحَابَهُ الاِسْتِخَارَةَ فِي الأُمُورِ كُلِّهَا، كَمَا يُعَلِّمُ السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ يَقُولُ «إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ لِيَقُلِ اللَّهُمَّ إِنِّى أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلاَ أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلاَ أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ، اللَّهُمَّ فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ هَذَا الأَمْرَ - ثُمَّ تُسَمِّيهِ بِعَيْنِهِ - خَيْرًا لِى فِي عَاجِلِ أَمْرِى وَآجِلِهِ - قَالَ أَوْ فِي دِينِى وَمَعَاشِى وَعَاقِبَةِ أَمْرِى - فَاقْدُرْهُ لِى، وَيَسِّرْهُ لِى، ثُمَّ بَارِكْ لِى فِيهِ، اللَّهُمَّ وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ شَرٌّ لِى فِي دِينِى وَمَعَاشِى وَعَاقِبَةِ أَمْرِى - أَوْ قَالَ فِي عَاجِلِ أَمْرِى وَآجِلِهِ - فَاصْرِفْنِى عَنْهُ، وَاقْدُرْ لِىَ الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ رَضِّنِى بِهِ». طرفه 1162 11 - باب مُقَلِّبِ الْقُلُوبِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ). ـــــــــــــــــــــــــــــ السادات، ومن صغار التابعين، مات في حبس المنصور، ليس له ذكر إلا في هذا الموضع (جابر بن عبد الله السلمي) روى جابر حديث الاستخارة، وقد مَرّ في أبواب الصلاة، وموضع الدلالة قوله: (وأستقدرك بقدرتك) فإنه يدل على ثبوت هذه الصفة الله تعالى. باب قوله: مقلب القلوب قال الجوهري: القلب الفؤاد، وقال ابن الأثير: القلب أخص من الفؤاد، وقيل: هما قريب من السؤال. قلت: بل هما مترادفان كما قاله الجوهري أو متباينان، فإن من لم يقل بترادفهما يقول: الفؤاد غشاء القلب، والقلب هو هذا العضو الصنوبري رئيس سائر الأعضاء، وإليه أشار في الحديث "في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد" قال ابن الأثير: ويطلق على العقل، قال تعالى: {لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ} [ق: 37] أي عقل. واستدلال البخاري بقوله: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ} [الأنعام: 110] بعد الترجمة على القلب يدل على أنهما عنده مترادفان، ثم تقلب القلب ليس معناه أن يقلب ذلك العضو، بل تحويل صفاته وأحواله من الكفر إلى الإيمان، ومن الحقد والحسد إلى الصفاء والإخلاص. ومن أراد الاطلاع على

12 - باب إن لله مائة اسم إلا واحدا

7391 - حَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَكْثَرُ مَا كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَحْلِفُ «لاَ وَمُقَلِّبِ الْقُلُوبِ». طرفه 6617 12 - باب إِنَّ لِلَّهِ مِائَةَ اسْمٍ إِلاَّ وَاحِدًا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ذُو الْجَلاَلِ الْعَظَمَةِ، الْبَرُّ اللَّطِيفُ. 7392 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلاَّ وَاحِدًا، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ». (أَحْصَيْنَاهُ) حَفِظْنَاهُ. طرفه 2736 ـــــــــــــــــــــــــــــ أسرار هذه المسألة فعليه بكتاب "الإحياء" يجد فيه بغيته. قال بعض الشارحين: فإن قلت: لم لا يحمل على حقيقته بأن يكون معناه جاعل القلب قلبًا؟ قلت: لأن مظان استعماله ينبو عنه وهذا الذي قاله غلطٌ من وجهين: الأول: إن معنى التقليب ليس إلا تحويل الشيء من حال. قال الجوهري: قلبت الشيء فتقلب ظهرًا لبطن، وقال صاحب "الكشاف" في قوله تعالى: {وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ} [التوبة: 48]: دبروا لك الحيل ودوَّروا الآراء. الثاني: أنه لو سلم أن معنى قوله: "مقلب القلوب" جاعل القلب قلبًا لم يكن حقيقة؛ لأن حين تعلق الفعل به لم يكن قلبًا، فهو مجاز باعتبار المآل كما قالوا في قتلت قتيلًا. باب إن لله مئة اسم إلا واحدًا (قال ابن عباس: {ذُو الْجَلَالِ} [الرحمن: 27] العظمة) عظمة الله عبارة عن تعاليه عن أن تحيط به يد الأفكار، أو يناله درك الأبصار. قال ابن عباس: {الْبَرُّ} [الطور: 28] اللطيف) هذا نقله عن ابن عباس، والظاهر أنه قاله في تفسير قوله تعالى: {هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ} [الطور: 28] وإلا فالبر واللطيف اسمان من هذه الأسماء. 7392 - (تسعة وتسعين اسمًا مئة إلا واحدًا) بدل على تسعة وتسعين وفائدته دفع التباس تسعة وتسعين (من أحصاها دخل الجنة {أَحْصَيْنَاهُ} [يس: 12]: حفظناه) يشير إلى

13 - باب السؤال بأسماء الله تعالى، والاستعاذة بها

13 - باب السُّؤَالِ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالاِسْتِعَاذَةِ بِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــ معنى قوله: {وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ} [يس: 12] وهذا أحد معانيه في الحديث. وقيل: أحصاها: عدها قال تعالى: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} [إبراهيم: 34] وهذا هو الأصح في معنى الحديث. وقيل: أحصاها إحضارها معنى بالبال. وقيل: العمل بمعانيها. فإن قلت: أسماء الحسنى لا تنحصر في المئة ألا ترى إلى قوله: "مقلب القلوب" فإنه ليس منها. وفي الحديث: "قالوا يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سَعّر لنا، فقال: إن الله هو المسعر"؟ قلت: هذا التركيب لا يفيد الحصر، وإنما حصرها في هذا العدد لكون فائدة إحصائها دخول الجنة. قال بعض الشارحين: أسماء الله مئة وقد استأثر الله بواحد منها وهو الاسم الأعظم لم يطلع عليه أحد، فكأنه قال: مئة لكن واحد منها عند الله. وكل هذا خبط أما أولًا فلما أشرنا إليه من عدم انحصار أسمائه في المئة، وأما ثانيًا: فلأن الاسم الأعظم ليس مما استأثر الله به لما روى الترمذي وأبو داود "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سمع رجلًا يقول: اللهم إني أسألك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد، فقال: دعا الله باسمه الأعظم"، وفي رواية الترمذي وابن ماجه وأبي داود أن الاسم الأعظم في أول آل عمران وفي قوله: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} [البقرة: 163]. باب السؤال بأسماء الله تعالى والاستعاذة بها قيل: إنما أراد بهذه التسمية الإشارة إلى أن الاسم عين المسمى، ولذلك صحت الاستعاذة بالاسم، وعليه منع ظاهر، بل التيمن والاستعاذة إنما تكون باسمه تعالى فإن عند ذكره يفر الشيطان. ذكر الشريف في حواشي "الكشاف" وقد اشتبه على أقوام هذه المسألة ونحن نحقق القول فيها: قال في "المواقف": الاسم تارةً يطلق ويراد التسمية، ولا يشك أحد في أنه عين

7393 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ فِرَاشَهُ فَلْيَنْفُضْهُ بِصَنِفَةِ ثَوْبِهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، وَلْيَقُلْ بِاسْمِكَ رَبِّ وَضَعْتُ جَنْبِى وَبِكَ أَرْفَعُهُ، إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِى فَاغْفِرْ لَهَا، وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ». تَابَعَهُ يَحْيَى وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَزَادَ زُهَيْرٌ وَأَبُو ضَمْرَةَ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ المسمى لأنه فعل الواضع، وتارة يطلق ويراد به اللفظ المركب من الحروف نحو لفظ فرس، ولا يشك عاقل في أنه ليس عين الحيوان الصاهل الذي يركب، بل النزاع في معنى ثالث يطلق عليه الاسم، وهو مدلول الاسم هل هو الذات من حيث هي أم هو الذات مع اعتبار أمر صادق عليه عارض له؟ قال الشيخ الأشعري: وقد يكون عينًا كلفظ الله فإنه يدل على الذات المقدسة من غير اعتبار معنى، وقد يكون غيره كالخالق فإنه يدل على نسبته إلى غيره، ولا شك أن النسبة غيره تعالى، وقد يكون لا هو ولا غيره كالعلم والقدرة مما يدل على الصفات القديمة، ومعنى قوله: لا عين لتغاير مفهوم الذات والصفة ولا غير لعدم جواز الانفكاك بينهما. وعنده الانفكاك مأخوذ من تعريف العريف. 7393 - ثم روى في الباب أحاديث منها حديث أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (إذا أتى أحدكم إلى فراشه فَلْيَنْفُضْهُ بصَنِفَةِ ثوبه) بفتح الصاد وكسر النون. قال الجوهري: هو طرف الثوب لا هدب عليه. وقد صرح بعلته فيما مضى بأنه لا يدري ما خلفه بعده، وموضع الدلالة قوله: (باسمك وضعت جنبي وبك أرفعه) قال ابن بطال: فيه دلالة على أن الاسم عين المسمى وهو قوله: "بك أرفعه" بعد قوله: "باسمك وضعت جنبي" هذا وهمٌ فإن المعنى باسمك، أي: مستعيذ باسمك أنام، وبك أقوم، أي بإرادتك وتوفيقك لما جاء في الحديث "اللهم أيقظني في أحب الأوقات إليك". (تابعه يحيى) هو ابن سعيد (وبشر بن المفضل) بكسر الموحدة وشين معجمة، والمفضل بفتح الضاد المشددة (وزاد زهير) بضم الزاي مصغر (وأبو ضمرة) بفتح الضاد

النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَرَوَاهُ ابْنُ عَجْلاَنَ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 6320 7394 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ رِبْعِىٍّ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ قَالَ «اللَّهُمَّ بِاسْمِكَ أَحْيَا وَأَمُوتُ». وَإِذَا أَصْبَحَ قَالَ «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ». طرفه 6312 7395 - حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ رِبْعِىِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ خَرَشَةَ بْنِ الْحُرِّ عَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ مِنَ اللَّيْلِ قَالَ «بِاسْمِكَ نَمُوتُ وَنَحْيَا، فَإِذَا اسْتَيْقَظَ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ». طرفه 6325 7396 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْتِىَ أَهْلَهُ فَقَالَ بِاسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ، وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا. فَإِنَّهُ إِنْ يُقَدَّرْ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ وسكون الميم أنس بن عياض. قال شيخ الإسلام: كذا وقع في رواية كريمة والأصيلي وغيرهما. والصواب أن قوله: تابعه، إلى آخره تمام حديث عائشة السادس من أحاديث الباب كما رواه أبو داود. قلت: رواية أبي داود لا تستلزم بطلان هذه الرواية لإمكان الجمع، وإنما تنسب رواية الثقة إلى الخطأ إذا لم يمكن الجمع. وحديث حذيفة قد سلف في كتاب الدعوات. 7394 - وموضع الدلالة قوله: (باسمك أموت وأحيا) بفتح الهمزة. 7395 - (رِبعي) بكسر الراء وسكون الموحدة وتشديد المثناة (حِراش) بكسر المهملة وشين معجمة (خَرَشَة) بالمعجمة وثلاث فتحات. 7396 - وحديث ابن عباس (لو أن أحدهم إذا أراد أن يأتي أهله قال: بسم الله) قد سلف في أبواب النكاح مع فوائد ذكرناها (فإنه إن يقدر بينهما ولدُ) أي إن تعلقت القدرة

فِي ذَلِكَ لَمْ يَضُرُّهُ شَيْطَانٌ أَبَدًا». طرفه 141 7397 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا فُضَيْلٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ سَأَلْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قُلْتُ أُرْسِلُ كِلاَبِى الْمُعَلَّمَةَ. قَالَ «إِذَا أَرْسَلْتَ كِلاَبَكَ الْمُعَلَّمَةَ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ فَأَمْسَكْنَ فَكُلْ، وَإِذَا رَمَيْتَ بِالْمِعْرَاضِ فَخَزَقَ فَكُلْ». طرفه 175 7398 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ قَالَ سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هُنَا أَقْوَامًا حَدِيثًا عَهْدُهُمْ بِشِرْكٍ، يَأْتُونَا بِلُحْمَانٍ لاَ نَدْرِى يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا أَمْ لاَ. قَالَ «اذْكُرُوا أَنْتُمُ اسْمَ اللَّهِ وَكُلُوا». تَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالدَّرَاوَرْدِىُّ وَأُسَامَةُ بْنُ حَفْصٍ. طرفه 2057 7399 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ ضَحَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِكَبْشَيْنِ، يُسَمِّى وَيُكَبِّرُ. طرفه 5553 ـــــــــــــــــــــــــــــ بذلك؛ لأن التقدير أزلي (لم يضره شيطان) بالإغواء من الإخراج من الدين أو من السنة إلى البدعة. 7397 - وحديث عدي تقدم في أبواب الصيد. وموضع الدلالة قوله: (وذكرت اسم الله) فإنه يدل على حل الصيد باسم الله، وذاك نوع استعاذة (وإذا رميت بالمِعْراض) -بكسر الميم- سهم لا ريش عليه (فخزق) بالزاي والخاء المعجمتين آخره قاف، ويقال بالسين موضع الزاي أي نفذ. 7398 - (أبو خالد الأحمر) سليمان الأزدي (إن هنا أقوامًا حديث عهدهم بالشرك يأتون بلُحْمان) -بضم اللام- جمع لحم (لا ندري أيذكرون عليها اسم الله أم لا، قال: اذكروا أنتم اسم الله وكلوا) فيه دليل للشافعي في أن متروك التسمية عمدًا يحل خلافًا للأئمة الثلاثة، قال مالك: هذا الحديث كان في أول الإسلام، قلت: راوي الحديث عائشة وأنس، فكيف يصح ما قاله مالك.

14 - باب ما يذكر فى الذات والنعوت وأسامى الله

7400 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ جُنْدَبٍ أَنَّهُ شَهِدَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ النَّحْرِ صَلَّى ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ «مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّىَ فَلْيَذْبَحْ مَكَانَهَا أُخْرَى، وَمَنْ لَمْ يَذْبَحْ فَلْيَذْبَحْ بِاسْمِ اللَّهِ». طرفه 985 7401 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، وَمَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ». 14 - باب مَا يُذْكَرُ فِي الذَّاتِ وَالنُّعُوتِ وَأَسَامِى اللَّهِ وَقَالَ خُبَيْبٌ وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الإِلَهِ. فَذَكَرَ الذَّاتَ بِاسْمِهِ تَعَالَى. ـــــــــــــــــــــــــــــ وحديث أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذبح كبشين تقدم في أبواب العيد. وموضع الدلالة ذكر التسمية. 7400 - وكذا حديث جندب (من ذبح قبل أن يصلي فليذبح مكانها أُخرى). 7401 - وحديث ابن عمر (لا تحلفوا بآبائكم) سلف في أبواب الأيمان والنذور (من كان حالفًا فليحلف بالله) أي باسم من أسمائه، ووجه دلالته أن الأيمان تكون للسؤال بأن الله يظهر الحق بعد خفائه. باب ما يذكر في الذات والنعوت وأسامي الله أراد الرد على الطائفة، منعوا إطلاق الذات عليه تعالى، قال ابن برهان: قول المتكلمين: ذات الإله تشبه ذات المخلوق ولا تماثله جهل منهم؛ لأن ذات تأنيث ذو، ولا يجوز إلحاق تاء التأنيث به نحو علّامة، وإن كان أعلم، وهذا وهم منه؛ لأن أسماء الله توقيفية، ولا يلزم من عدم إطلاق علامة عدم جواز غيره، وقد جاءت في أحاديث، وانعقد

7402 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى عَمْرُو بْنُ أَبِى سُفْيَانَ بْنِ أَسِيدِ بْنِ جَارِيَةَ الثَّقَفِىُّ - حَلِيفٌ لِبَنِى زُهْرَةَ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِى هُرَيْرَةَ - أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَشْرَةً مِنْهُمْ خُبَيْبٌ الأَنْصَارِىُّ، فَأَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عِيَاضٍ أَنَّ ابْنَةَ الْحَارِثِ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهُمْ حِينَ اجْتَمَعُوا اسْتَعَارَ مِنْهَا مُوسَى يَسْتَحِدُّ بِهَا، فَلَمَّا خَرَجُوا مِنَ الْحَرَمِ لِيَقْتُلُوهُ قَالَ خُبَيْبٌ الأَنْصَارِىُّ: وَلَسْتُ أُبَالِى حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِمًا ... عَلَى أَىِّ شِقٍّ كَانَ لِلَّهِ مَصْرَعِى وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الإِلَهِ وَإِنْ يَشَأْ ... يُبَارِكْ عَلَى أَوْصَالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ فَقَتَلَهُ ابْنُ الْحَارِثِ فَأَخْبَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَصْحَابَهُ خَبَرَهُمْ يَوْمَ أُصِيبُوا. أطرافه 3045 ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه الإجماع، ولا يتوهم في شأنه تعالى الذكورة والأنوثة تعالى عن ذلك علوًا كبيرًا، إلا أنه موقوف على السماع، وقد سلف في مناقب إبراهيم الخليل صلوات الله عليه أن كذباته كانت في ذات الله، وكذا في شعر خُبَيْب: (وذلك في ذات الإله) والنعوت جمع نعت وهو الوصف بالمعنى الحسن. 7402 - (أَسِيد بن جارية الثقفي) بفتح الهمزة، وجارية ضد الغلام (خبيب الأنصاري) -بضم الخاء المعجمة والباء الموحدة- مصغر هو ابن عدي الأوسي، قاتل الحارث بن عقبة يوم بدر، وقد سلف حديثه في أبواب الجهاد. وموضع الدلالة قوله في أبياته: (وذلك في ذات الإله) قال البخاري: (ذكر الذات باسمه) يريد أنه أطلق الذات عليه آتيًا باسم من أسمائه الدالة عليه. فإن قلت: ترجم على النعوت والأسماء ولم يرو لهما حديثًا. قلت: تقدم آنفًا ذكر أسمائه الحسنى مئة إلا واحدًا كأنه اكتفى به. (أوصال) جمع وصل بفتح الواو: الجزء من الشيء، و (الشِلو) بكسر المعجمة: العضو، و (الممزع): المفرق.

15 - باب قول الله تعالى (ويحذركم الله نفسه)

15 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ) وَقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ (تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِى وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ). 7403 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ، وَمَا أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ الْمَدْحُ مِنَ اللَّهِ». طرفه 4634 7404 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِى حَمْزَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله تعالى: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} [آل عمران: 28] أي عقابه، والتعبير بالنفس مبالغة في الإنذار. قال الراغب: نفسه ذاته، وهذا وإن كان مغايرًا بحسب الظاهر لكونه مضافًا إليه إلا أنه ليس سوى، الواحد تعالى. قلت: تحقيقه أن المغايرة الاعتبارية كافية في صحة الإضافة. قال المرتضى المحقق السيد الجرجاني في قوله تعالى: {وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ} [البقرة: 9]-بعد قول "الكشاف" يكذبون مع أنفسهم وأنفسهم أيضًا تمنيهم- إن المغايرة الاعتبارية كافية في مثله، ألا ترى إلى قولك فلان يؤامر نفسه إذا كان مترددًا بين فعل الشيء وعدمه. 7403 - (غياث) بكسر المعجمة آخره ثاء مثلثة (ما أحد أَغُيَرُ من الله) الغيرة: الأنفة والحمية (وما أحد أحب إليه المدح من الله) الأحب اسم تفضيل بمعنى المفعول، أي أشد محبوبيةً. قال بعض الشارحين: فإن قلت: ليس في الحديث ذكر النفس، قلت: لعله اعتبر: أحد، مكان النفس فإنهما متلازمان، وهذا غلط منه؛ لأن الكلام مسوق لجواز إطلاق لفظ النفس عليه ردًّا على من يقول بعدم جوازه، فأي فائدة في هذا؟ أو كيف يصح الاكتفاء به؟ والجواب أنا أشرنا كم مرة على أن دأب البخاري الاستدلال بما فيه خفاء واختصار يفحص على طرق الحديث ليوقف عليه زيادةً للفائدة وقد روى في سورة الأعراف: "ولا أحد أحب إليه المدح من الله" ولذلك مدح نفسه فهذا يدل على ما ترجم. 7404 - (عبدان) على وزن شعبان (أبو حمزة) محمد بن ميمون روى عن أبي هريرة

«لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ فِي كِتَابِهِ - هُوَ يَكْتُبُ عَلَى نَفْسِهِ، وَهْوَ وَضْعٌ عِنْدَهُ عَلَى الْعَرْشِ - إِنَّ رَحْمَتِى تَغْلِبُ غَضَبِى». طرفه 3194 7405 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِى بِى، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِى، فَإِنْ ذَكَرَنِى فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِى، وَإِنْ ذَكَرَنِى فِي مَلأٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلأٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــ حديث (لما خلق الله الخلق كتب في كتابه وهو يكتب على نفسه وهو وضع عنده) فيه مبالغات: الأول: إسناد الكتابة إلى نفسه. الثاني: إضافة الكتاب إليه، فإنه يدل على كمال الاختصاص. الثالث: قوله: "وهو يكتب" جملة حالية تفيد أن تلك الكتابة كانت على نفسه. الرابع: لفظ على الدال على اللزوم. الخامس: لفظ: "وَضْعٌ" بصيغة المصدر على رواية الأكثر. السادس: القيد بقوله: "عنده" وإنه منزه عن المكان دلالة على القرب المعنوي. (إن رحمتي تغلب غضبي) قد أشرنا إلى أن رحمته عبارة عن إرادة الإنعام، والغضب عن إرادة الانتقام، فهي من الصفات الذاتية، أو عن الإنعام والانتقام فصفة فعل. 7405 - (أنا عند ظن عبدي بي) أي بالعلم والجزاء، فإن ظن أني أغفر ذنوبه بي، أنا أفعل ذلك، وإن ظن خلافه فكذا، وهذا إشارة منه تعالى إلى حسن الظن إذ لا يمكن أن يسمع عاقل هذا ويسيء الظن به تعالى، وقد صرح به في رواية مسلم: "لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله" قال بعض العلماء: هذا إنما يكون عند حضور الموت، وأما في حال الصحة يغلب جانب الخوف. وقال بعض المشايخ: لفظ الحديث عام في الأوقات، والموت لا يعلمه أحد متى يكون إلا الله، فالواجب حسن الظن في الأوقات كلها، ويدل عليه في الحديث الآخر "ادعو الله وأنتم موقنون بالإجابة". (وأنا معه إن ذكرني) إذ لا يعزب عني ما عمله (فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي) هذا موضع الدلالة (وإن ذكرني في ملأ) الملأ: أشرف الناس (ذكرته في ملأٍ خير منهم) وهم

16 - باب قول الله تعالى (كل شئ هالك إلا وجهه)

، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَىَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَىَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِى يَمْشِى أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً». طرفه 7505، 7537 16 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (كُلُّ شَىْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ) 7406 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ عَمْرٍو عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ) قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَعُوذُ بِوَجْهِكَ». فَقَالَ (أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ) فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَعُوذُ بِوَجْهِكَ». قَالَ (أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا) فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «هَذَا أَيْسَرُ». طرفه 4628 ـــــــــــــــــــــــــــــ الكروبيون والملائكة المقربون، ولا يلزم منه تفضيل الملائكة على الأنبياء لخروجهم عن ذلك بسائر الدلائل، على أن لا دلالة فإن الذاكر هو النبي إذ يبعد أن يكون بحضرته من يذكر الله إلا على سبيل التبعية له (وإن تقرب إلي شبرًا تقربت إليه ذراعًا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة) الهرولة: السير بين المشي والعدو، ظواهر هذه الأشياء محال عليه تعالى، والمراد تصوير المعقول في صورة المحسوس، ومحصله سرعة إجابة الدعاء، وقبول العمل القليل، وإفاضة الثواب الجزيل. هذا على طريق الخَلَف الذين يؤولون ما تشابه، والسلف ساكتون عن الخوض في أمثاله. باب قوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص: 88] الوجه هو العضو المعلوم، وذاك معلوم محال في حقه تعالى. فذهب الشيخ الأشعري في أحد قوليه، وأبو إسحاق الإسفراييني إلى أنه صفة حقيقية كالعلم والقدرة، وقال في قوله الآخر: الوجه هو الوجود. قال القاضي في "المواقف": لا قاطع فيه، فالواجب أن يكون مجازًا عن الذات. قلت: وجه كل شيء ظاهره، والوجه في الإنسان أشرف الأعضاء حتى أطلق الأعراب الوجه على كل شريف، يقولون في معرض المدح: بأوجه العرب فلذلك عبر به عن الذات المقدسة. وسواء قلنا كما قال الأشعري: إنه صفة قديمة، أو عبارة عن الوجود أو الذات لا إشكال في الآية والحديث، وعند بعض المشايخ أنه إشارة إلى أن العمل الذي يكون خالصًا لله هو الباقي لانحباط غيره.

17 - باب قول الله تعالى (ولتصنع على عينى)

17 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِى) تُغَذَّى. وَقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ (تَجْرِى بِأَعْيُنِنَا). 7407 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ ذُكِرَ الدَّجَّالُ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «إِنَّ اللَّهَ لاَ يَخْفَى عَلَيْكُمْ، إِنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ - وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى عَيْنِهِ - وَإِنَّ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ». طرفه 3057 7408 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا بَعَثَ اللَّهُ مِنْ نَبِىٍّ إِلاَّ أَنْذَرَ قَوْمَهُ الأَعْوَرَ الْكَذَّابَ، إِنَّهُ أَعْوَرُ، وَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ، مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ». طرفه 7131 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله تعالى: {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} [طه: 39] (تُغذى) بضم التاء، والغين والذال المعجمتين بالغذاء وهو الأكل، أي: تربى تربية حسنة، وضبطه الصغاني بالدال المهملة من صنعت الشيء إذا أصلحته وأحسنت القيام. قال الجوهري: صنعت فرسي أي: أحسن القيام (وقوله جل ذكره: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} [القمر: 14] استدل بالاسمين على إثبات العين، وللأشعري أيضًا فيه قولان: صفة زائدة، أو عبارة عن البصر. قال القاضي في "المواقف": لا دليل له على شيء منها فيجب التجوز عن الحفظ والكلاءة. فإن قلت: ما الحكمة في جمع العين في قصة نوح، وإفراده في شأن موسى؟ قلت: قصة نوح من عظائم الأمور أشار بلفظ الجمع إلى بديع حفظه وكمال قدرته، وإن كان الممكنات بالنسبة إلى القدرة سواء. 7408 - ثم روى حديث الدجال، وقد مرّ مرارًا. وموضع الدلالة قوله: (إن الله ليس بأعور).

18 - باب قول الله (هو الله الخالق البارئ المصور)

18 - باب قَوْلِ اللَّهِ (هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ) 7409 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا مُوسَى - هُوَ ابْنُ عُقْبَةَ - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ فِي غَزْوَةِ بَنِى الْمُصْطَلِقِ أَنَّهُمْ أَصَابُوا سَبَايَا فَأَرَادُوا أَنْ يَسْتَمْتِعُوا بِهِنَّ وَلاَ يَحْمِلْنَ فَسَأَلُوا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْعَزْلِ فَقَالَ «مَا عَلَيْكُمْ أَنْ لاَ تَفْعَلُوا، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ كَتَبَ مَنْ هُوَ خَالِقٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ». وَقَالَ مُجَاهِدٌ عَنْ قَزَعَةَ سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ فَقَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَيْسَتْ نَفْسٌ مَخْلُوقَةٌ إِلاَّ اللَّهُ خَالِقُهَا». طرفه 2229 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قول الله: {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ} [الحشر: 24] وقال الغزالي: قد يظن أن هذه الثلاثة ألفاظ مترادفة وليس كذلك، فإن الخلق: التقدير، والبارئ: هو الموجد، والمصور: هو الذي يخصه بشكل يمتاز بها عن غيره كالمهندس يقدر البناء ثم يبني ثم يزيد وينقش. 7409 - (إسحاق) كذا وقع غير منسوب، قال الغساني: يجوز أن يكون ابن منصور وابن راهويه. قال شيخ الإسلام: هو ابن منصور لأن ابن راهويه وإن كان يروي عن عفان إلا أنه يروي بلفظ أخبرنا. (حَبّان) بفتح الحاء وتشديد الموحدة (ابن مُحَيريز) بضم الميم وفتح الحاء آخره زاي معجمة اسمه عبد الله. (بني المصطلق) بفتح الطاء سلف الحديث في المغازي. وموضع الدلالة قوله: (لا تفعلوا فإن الله قد كتب من هو خالق). فإن قلت: لم يذكر البارئ والمصور. قلت: قد يطلق القرآن بهما فلا ضرورة إلى الاستدلال عليهما. (ما عليكم ألا تفعلوا) أي: لا ضرر عليكم في ترك العزل، وذلك أن فائدته عدم الولد والفرار منه، والله قادر على خلق الولد من غير نطفة، على أنه يمكن قبل العزل أن تسبق قطرة من المني، وقيل: معناه عدم العزل ليس واجبًا عليكم، وهذا مع كونه ليس معنى التركيب مناف لغرض الشارع لأنه بصدد المنع. ألا ترى إلى قوله: (لبست نفس مخلوقة إلا الله خالقها).

19 - باب قول الله تعالى (لما خلقت بيدى)

19 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَىَّ) 7410 - حَدَّثَنِى مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَجْمَعُ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ فَيَقُولُونَ لَوِ اسْتَشْفَعْنَا إِلَى رَبِّنَا حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا. فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ يَا آدَمُ أَمَا تَرَى النَّاسَ خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ وَأَسْجَدَ لَكَ مَلاَئِكَتَهُ وَعَلَّمَكَ أَسْمَاءَ كُلِّ شَىْءٍ، شَفِّعْ لَنَا إِلَى رَبِّنَا حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا. فَيَقُولُ لَسْتُ هُنَاكَ - وَيَذْكُرُ لَهُمْ خَطِيئَتَهُ الَّتِى أَصَابَ - وَلَكِنِ ائْتُوا نُوحًا، فَإِنَّهُ أَوَّلُ رَسُولٍ بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ. فَيَأْتُونَ نُوحًا فَيَقُولُ لَسْتُ هُنَاكُمْ - وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِى أَصَابَ - وَلَكِنِ ائْتُوا إِبْرَاهِيمَ خَلِيلَ الرَّحْمَنِ. فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ فَيَقُولُ لَسْتُ هُنَاكُمْ - وَيَذْكُرُ لَهُمْ خَطَايَاهُ الَّتِى أَصَابَهَا - وَلَكِنِ ائْتُوا مُوسَى عَبْدًا أَتَاهُ اللَّهُ التَّوْرَاةَ وَكَلَّمَهُ تَكْلِيمًا - فَيَأْتُونَ مُوسَى فَيَقُولُ لَسْتُ هُنَاكُمْ - وَيَذْكُرُ لَهُمْ خَطِيئَتَهُ الَّتِى أَصَابَ - وَلَكِنِ ائْتُوا عِيسَى عَبْدَ اللَّهِ وَرَسُولَهُ وَكَلِمَتَهُ وَرُوحَهُ. فَيَأْتُونَ عِيسَى فَيَقُولُ لَسْتُ هُنَاكُمْ وَلَكِنِ ائْتُوا مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - عَبْدًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ. فَيَأْتُونِى فَأَنْطَلِقُ فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّى فَيُؤْذَنُ لِى عَلَيْهِ، فَإِذَا رَأَيْتُ رَبِّى وَقَعْتُ لَهُ سَاجِدًا ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75] اتفق القائلون بتأويل المتشابه على أن اليد في حقه تعالى عبارة عن القدرة، لأن اليد في الإنسان مظهر أكثر الأشياء، وحيث يطلق لفظ التثنية أو اليمين يراد كمال الاقتدار. 7410 - (مُعاذ بن فَضَالة) بضم الميم وفتح الفاء. روى حديث الشفاعة في الباب. وقد سلف في الرقائق. ونشير إلى بعض مواضعه (قال آدم: ائتوا نوحًا فإنه أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض) أي بعد إذ لا شك في رسالة آدم قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا} [آل عمران: 33] أو بعد الطوفان، وقيل: أول رسول أجيبت دعوته على قومه، وهو خلاف ظاهر اللفظ (ويذكر) أي نوح (خطيتئه التي أصاب) هي دعاؤه على قومه على غير إذن من الله تعالى (وكلمته وروحه) إطلاق للسبب على المسبب لأنه حصل بكلمة كن، وإضافة الروح إليه تعالى تشريف له لأنه وجد من غير واسطة (فستأذن على ربي) وفي الرواية الأخرى "في داره" وهي

فَيَدَعُنِى مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِى ثُمَّ يُقَالُ لِى ارْفَعْ مُحَمَّدُ، وَقُلْ يُسْمَعْ، وَسَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ. فَأَحْمَدُ رَبِّى بِمَحَامِدَ عَلَّمَنِيهَا، ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِى حَدًّا فَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ، ثُمَّ أَرْجِعُ فَإِذَا رَأَيْتُ رَبِّى وَقَعْتُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِى مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِى ثُمَّ يُقَالُ ارْفَعْ مُحَمَّدُ، وَقُلْ يُسْمَعْ، وَسَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَحْمَدُ رَبِّى بِمَحَامِدَ عَلَّمَنِيهَا رَبِّى ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِى حَدًّا فَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ، ثُمَّ أَرْجِعُ فَإِذَا رَأَيْتُ رَبِّى وَقَعْتُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِى مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِى ثُمَّ يُقَالُ ارْفَعْ مُحَمَّدُ، قُلْ يُسْمَعْ، وَسَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَحْمَدُ رَبِّى بِمَحَامِدَ عَلَّمَنِيهَا، ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِى حَدًّا فَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ، ثُمَّ أَرْجِعُ فَأَقُولُ يَا رَبِّ مَا بَقِىَ فِي النَّارِ إِلاَّ مَنْ حَبَسَهُ الْقُرْآنُ وَوَجَبَ عَلَيْهِ الْخُلُودُ». قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. وَكَانَ فِي قَلْبِهِ مِنَ الْخَيْرِ مَا يَزِنُ شَعِيرَةً، ثُمَّ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. وَكَانَ فِي قَلْبِهِ مِنَ الْخَيْرِ مَا يَزِنُ بُرَّةً، ثُمَّ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. وَكَانَ فِي قَلْبِهِ مَا يَزِنُ مِنَ الْخَيْرِ ذَرَّةً». طرفه 44 7411 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَدُ اللَّهِ مَلأَى لاَ يَغِيضُهَا نَفَقَةٌ، سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ - وَقَالَ - أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ مَا فِي يَدِهِ - وَقَالَ - عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ وَبِيَدِهِ الأُخْرَى الْمِيزَانُ يَخْفِضُ وَيَرْفَعُ». طرفه 4684 ـــــــــــــــــــــــــــــ الجنة، والسر فيها أنها دار الرحمة، وهي ما تشتهيه الأنفس، فلا يرد دعاؤه (فيدعني ما شاء الله) قد ذكرنا سابقًا أنه يقع في تلك السجدة مقدار سبعة أيام من أيام الدنيا. 7411 - (أبو الزناد) بكسر الزاي عبد الله بن ذكوان. وحديث أبي هريرة (يد الله ملأى) تصوير للمعقول بصورة المحسوس دلالة على كثرة نعمه، ووفور بره من غير فناء (لا يغيضها نفقة) أي لا ينقصها، يقال: غاض الشيء وغاضيته: نقص، لازم ومتعد (سَحَّاء الليلَ والنهار) انتصابهما على الظرف أي: دائمة الخير، ويقال: سيح المطر، إذا هطل استعارة تبعية (وكان عرشه على الماء) ليس معناه أنه كان متصلًا بالماء ثم بعد خلق السموات والأرضين ارتفع، بل المعنى: أنه قبل خلق السموات والأرض كان العرش واقفًا بأمر الله مشرفًا على الماء (وبيده الأخرى الميزان) ليس معنى الميزان الآلة المعروفة بل شبَّه تقدير الأرزاق على قدر معلوم بوزن الأشياء وعلق عليها الميزان تخيلًا، وقد أشار باليد الملأى إلى

7412 - حَدَّثَنَا مُقَدَّمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِى عَمِّى الْقَاسِمُ بْنُ يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ «إِنَّ اللَّهَ يَقْبِضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الأَرْضَ وَتَكُونُ السَّمَوَاتُ بِيَمِينِهِ ثُمَّ يَقُولُ أَنَا الْمَلِكُ». رَوَاهُ سَعِيدٌ عَنْ مَالِكٍ. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ حَمْزَةَ سَمِعْتُ سَالِمًا سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِهَذَا. 7413 - وَقَالَ أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَقْبِضُ اللَّهُ الأَرْضَ». طرفه 4812 7414 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ سَمِعَ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنِى مَنْصُورٌ وَسُلَيْمَانُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ يَهُودِيًّا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ وَالأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْجِبَالَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالشَّجَرَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْخَلاَئِقَ عَلَى إِصْبَعٍ، ثُمَّ يَقُولُ أَنَا الْمَلِكُ. فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ ثُمَّ قَرَأَ (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ). قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ صفة الجمال، وباليد التي بها الميزان إلى صفة الجلال يعطي من يشاء، ويمنع من يشاء. 7412 - وحديث ابن عمر (إن الله يقبض الأرض يوم القيامة ويطوي السموات بيمينه) وفي رواية "يطوي الأرض ويأخذها بشماله"، وقد جاء في الحديث "وكلتا يديه يمين". والوجه في الجمع أنه نظر إلى القدرة نسبة الممكنات إليها سواء، إلا أن السموات لما كانت أعظم الكائنات أشار إلى كمال الاقتدار في أخذها بخلاف الأرض، تصويرًا لما يتعارفه الناس، فإن الشيء العظيم يتناولونه باليمين، والحقير بالشمال (أنا الملك) تفيد الحصر، أي: لا ملك غيري، وفي رواية "أين ملوك الأرض"، وفي رواية مسلم "أين الجبارون والمتكبرون". (مُقدَّم بن محمد) بضم الميم وفتح الدال المشددة. 7414 - (نواجذه) جمع ناجذ بكسر الجيم وذال معجمة: الأسنان التي تبدو عند

20 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - «لا شخص أغير من الله»

يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَزَادَ فِيهِ فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَعَجُّبًا وَتَصْدِيقًا لَهُ. طرفه 4811 7415 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ سَمِعْتُ عَلْقَمَةَ يَقُولُ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَقَالَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالشَّجَرَ وَالثَّرَى عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْخَلاَئِقَ عَلَى إِصْبَعٍ، ثُمَّ يَقُولُ أَنَا الْمَلِكُ أَنَا الْمَلِكُ. فَرَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ ثُمَّ قَرَأَ (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ). طرفه 4811 20 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ شَخْصَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ» قال أبو عبيد الله بن عمرو عن عبد الملك: لاَ شَخْصَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الضحك، وقيل: آخر الأسنان، وإنما ضحك كما صرح به الراوي تصديقًا لليهود وتعجبًا من تعجب اليهود، فإن هذه الأمور المذكورة في الحديث شيء صغير نظرًا إلى قدرته تعالى، ولذلك قرأ {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [الأنعام: 91]، وما يقال: إنه ضحك تعجبًا من جهل اليهود واليهود تسمعه فأنكر عليه ذكر الإصبع مما لا يلتفت إليه، وذلك أن قول الراوي تصديقًا له رد ما قاله، ولو كان الراوي غالطًا في كون ضحكه تصديقًا له لأنكر عليه. قال بعض الشارحين: فإن قلت: لم يضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قهقهةً؟ قلت: كان هذا نادرًا، وهذا الذي قاله خطأ فإن القهقهة حرام. قال الجوهري: أن يقال: قه قه فليس كل ضحك قهقهة على أن الضحك هنا محمول كمال التبسم فإنه ضحك الأنبياء. قال تعالى في حق سليمان: {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا} [النمل: 19]. (عن عبيدة) بفتح الباء السلماني التابعي الجليل (عن عبد الله) هو ابن مسعود. باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا شخص أغيَر من الله" قال ابن الأثير: الشخص: الجسم المرتفع فاستعير لذات الله تعالى. قلت: ليس في الحديث صريح إطلاق لفظ الشخص عليه، وإن لزم منه، فشخص اسم لا لنفي الجنس،

21 - باب (قل أى شئ أكبر شهادة قل الله)

7416 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ وَرَّادٍ كَاتِبِ الْمُغِيرَةِ عَنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ لَوْ رَأَيْتُ رَجُلاً مَعَ امْرَأَتِى لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرَ مُصْفَحٍ. فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «تَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ، وَاللَّهِ لأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّى، وَمِنْ أَجْلِ غَيْرَةِ اللَّهِ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَلاَ أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنَ اللَّهِ، وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ بَعَثَ الْمُبَشِّرِينَ وَالْمُنْذِرِينَ وَلاَ أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْمِدْحَةُ مِنَ اللَّهِ وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ وَعَدَ اللَّهُ الْجَنَّةَ». وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ «لاَ شَخْصَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ». طرفه 6846 21 - باب (قُلْ أَىُّ شَىْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ) وَسَمَّى اللَّهُ تَعَالَى نَفْسَهُ شَيْئًا. وَسَمَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْقُرْآنَ شَيْئًا وَهْوَ صِفَةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ ولازم الشيء ليس بلازم، ووقع لابن بطال لا أحد. قال شيخ الإسلام: لا شك أنه يغير. فإن قلت: ليس في الباب لا شخص أغير من الله؟ قلت: قوله: "والله أغير مني" في معناه؛ لأنه لا يمكن أن يكون أحد من البشر أغير من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والغَيْرة بفتح العين وسكون الياء، قال ابن الأثير: الحميّة والأنفة. 7416 - (أبو عوانة) -بفتح العين- الوضاح (وَرّاد) بفتح الواو وتشديد الراء (قال سعد بن عبادة) بضم العين وتخفيف الباء الو رأيت رجلًا مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح) بفتح الفاء وكسرها. يقال: ضربه مصحفة إذا ضربه بسيفه بغير حده بل بجانب منه (لا أحد أحب إليه العذر) هو التوبة هنا يدل عليه قوله بعده: (من أجل ذلك بعث المنذرين والمبشرين) باعتبار تغاير الصفات دل عليه قوله في رواية مسلم "رسلًا مبشرين ومنذرين" لينذروا الناس من عقابه، ويبشروهم بالله ({وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}) قال بعض العلماء: أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بهذا الكلام الرد على سعد بن عبادة لما قال مقالته بأن الله أغير من كل أحد، ومع ذلك يقبل العذر، فكيف تقدم أنت على القتل؟ وهذا ليس بشيء فإن السياق يأباه ألا ترى قوله: (أتعجبون من غيرة سعد) فإنه ساقه مدحًا. وأما أنه يقدم سعد عن سفك دم بغير حق فهو أبعد، وهذا كلام صدر منه مثله في قصة الإفك حمية لما جعل الله فيه الغيرة جبلة. باب {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً} [الأنعام: 19] (فسمى نفسه شيئًا) هذا ظاهر من الآية، وأما قوله: (سمى النبي - صلى الله عليه وسلم - القرآن شيئًا) وهو

22 - باب (وكان عرشه على الماء)

مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ. وَقَالَ (كُلُّ شَىْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ). 7417 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِرَجُلٍ «أَمَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ شَىْءٌ». قَالَ نَعَمْ سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا. لِسُوَرٍ سَمَّاهَا. طرفه 2310 22 - باب (وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ) (وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ (اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ) ارْتَفَعَ، (فَسَوَّاهُنَّ) خَلَقَهُنَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ صفة من صفات الله، واستدل عليه بقوله - صلى الله عليه وسلم - للرجل الذي تزوج الواهبة. 7417 - (أمعك شيء من القرآن) وفيه خفاء لأن الصفة ما قام بذاته تعالى وهو المعنى القديم لا السورة التي كانت مع الرجل. فإن القرآن يطلق على اللفظ وما بين دفتي المصحف من الكلام المكتوب إما اشتراكًا، أو حقيقة في المعنى ومجازًا في غيره كما اتفق عليه المحققون من علماء الكلام. واستدل أيضًا بقوله: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ} [القصص: 88]. واستدلاله به إنما يتم بحمل الاستثناء على الاتصال هو الحقيقة، والمنقطع لا يصار إليه إلا لضرورة. صرح به ابن الحاجب ولا ضرورة هنا لدلالة سائر النصوص على إطلاق لفظ الشيء عليه إلا أنه لا بد هنا من قيد وهو أن يقال: شيء لا كالأشياء لقوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] وهو أن الشيء لغة يطلق على المعدوم أيضًا حتى المحال. صرح به الشريف المرتضى المحقق في شرح "المواقف". باب قوله تعالى: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} [هود: 7] {وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [التوبة: 129] عرش الرحمن تعالى وتقدس جسم لا يحيط به إلا علم خالق العرش. قال صاحب "الكشاف": خلق الله كرسيًّا بين يدي العرش دونه السموات والأرض، وهو بالنسبة إلى العرش كأصغر شيء، ولما وقع في الحديث (كان الله ولم يكن معه شيء، وكان عرشه على الماء) وهو يوهم أن هذه المعية لازمة أزلًا دفعه البخاري بان زاد في الترجمة {وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} دلالة على أنه مخلوق من مخلوقاته مربوب له (وقال أبو العالية: {اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} [البقرة: 29] ارتفع) ليس معناه الانتقال تعالى عن ذلك بل توجه إرادته تعالى, وتعلقها بإيجادها، وقوله: {فَسَوَّاهُنَّ} [البقرة: 29]) إشارة إلى عدم تخلف مراده والتسوية

وَقَالَ مُجَاهِدٌ (اسْتَوَى) عَلاَ عَلَى الْعَرْشِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْمَجِيدُ الْكَرِيمُ، وَالْوَدُودُ الْحَبِيبُ. يُقَالُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ كَأَنَّهُ فَعِيلٌ مِنْ مَاجِدٍ، مَحْمُودٌ مِنْ حَمِيدٍ. 7418 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِى حَمْزَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ إِنِّى عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ جَاءَهُ قَوْمٌ مِنْ بَنِى تَمِيمٍ فَقَالَ «اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا بَنِى تَمِيمٍ». قَالُوا بَشَّرْتَنَا فَأَعْطِنَا. فَدَخَلَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ فَقَالَ «اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا أَهْلَ الْيَمَنِ إِذْ لَمْ يَقْبَلْهَا بَنُو تَمِيمٍ». قَالُوا قَبِلْنَا. جِئْنَاكَ لِنَتَفَقَّهَ فِي الدِّينِ وَلِنَسْأَلَكَ عَنْ أَوَّلِ هَذَا الأَمْرِ مَا كَانَ. قَالَ «كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَىْءٌ قَبْلَهُ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الخلق على قدر تعلق علمه به، فهو أخص من الخلق (وقال مجاهد: {اسْتَوَى} [البقرة: 29] علا على العرش استولى) هذا كلام على طريقة التمثيل والمعنى أنه أجرى أحكامه في الكنايات كما يفعله الملوك حين جلوسهم على سرير الملك. 7418 - (عبدان) على وزن شعبان (أبو حمزة) بالحاء المهملة محمد بن ميمون (شداد) بتشديد الدال (محرز) بضم الميم وتقديم الراء المهملة (حصين) بضم الحاء مصغر (اقبلوا البشرى يا بني تميم) أراد البشارة بأن من قال لا إله إلا الله دخل الجنة، ولم يوفقوا لقبولها، وفاز بها أهل اليمن، كيف لا والإيمان يمان (قالوا: جئناك لنتفقه في الدين) يشمل العقائد والفروع (ونسألك عن أول هذا الأمر) أي بدء الخلق أي شيء كان أول فإنهم كانوا يؤمنون بحدوث العالم (كان الله ولم يكن شيء قبله) وفي الرواية الأخرى "لم يكن معه شيء" وهذه أبلغ، والمقصود واحد لا التباس فيه (وكان عرشه على الماء) قيل: عطف على كان الله عطف جملة على أخرى إذ لا يلزم من هذا العطف المعية بل الثبوت في الجملة، وإن كان تقديم وتأخير بين مضمون الجملتين. قلت: الأمر كذلك إلا أن المناسبة بين المعطوف والمعطوف عليه شرط فالأولى أن يكون عطف قصة على أخرى لأن المناسبة في العرض كافية، وفي رواية الترمذي: "أول ما خلقه القلم".

وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَىْءٍ». ثُمَّ أَتَانِى رَجُلٌ فَقَالَ يَا عِمْرَانُ أَدْرِكْ نَاقَتَكَ فَقَدْ ذَهَبَتْ فَانْطَلَقْتُ أَطْلُبُهَا، فَإِذَا السَّرَابُ يَنْقَطِعُ دُونَهَا، وَايْمُ اللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّهَا قَدْ ذَهَبَتْ وَلَمْ أَقُمْ. طرفه 3190 7419 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ يَمِينَ اللَّهِ مَلأَى لاَ يَغِيضُهَا نَفَقَةٌ سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فَإِنَّهُ لَمْ يَنْقُصْ مَا فِي يَمِينِهِ، وَعَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ وَبِيَدِهِ الأُخْرَى الْفَيْضُ - أَوِ الْقَبْضُ - يَرْفَعُ وَيَخْفِضُ». طرفه 4684 7420 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ الْمُقَدَّمِىُّ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ جَاءَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ يَشْكُو فَجَعَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «اتَّقِ اللَّهَ، وَأَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ». قَالَتْ عَائِشَةُ لَوْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَاتِمًا شَيْئًا لَكَتَمَ هَذِهِ. قَالَ فَكَانَتْ زَيْنَبُ تَفْخَرُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - تَقُولُ زَوَّجَكُنَّ أَهَالِيكُنَّ، وَزَوَّجَنِى اللَّهُ تَعَالَى مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَوَاتٍ. وَعَنْ ثَابِتٍ (وَتُخْفِى فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ) نَزَلَتْ فِي شَأْنِ زَيْنَبَ وَزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ. طرفه 4787 ـــــــــــــــــــــــــــــ (وكتب في الذكر كل شيء) أي في اللوح المحفوظ ما كان وما يكون، والذكر فعل بمعنى كالذبح (ثم أتاني رجل فقال: يا عمران أدرك ناقتك، فإذا السراب ينقطع دونها) كناية عن غاية البعد لأن السراب إنما يرى من بعيد فإذا انقطع كان غاية البعد. 7419 - وحديث أبي هريرة (يمين الله ملأى) تقدم آنفًا في باب لما خلقت بيدي ونشير إلى بعض لغاته (لا يغيضها) (وبيده الأخرى الفيض أو القبض) الأول بالفاء، والثاني بالقاف، وأو بمعنى الواو كما في بعض النسخ، دل عليه قوله (يرفع ويخفض) فإنه يشير لما تقدمه. (معمر) بفتح الميمين وسكون العين (همام) بفتح الهاء وتشديد الميم. 7420 - وحديث أنس في وليمة زينب (زوجكن أهاليكن) تخاطب أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (وزوجني الله من فوق سبع سماوات) فإن ما فوق سبع سماوات هو عرش الرحمن. (أحمد) كذا وقع غير منسوب. قال أبو نصر: هو أحمد بن سيار المروزي. وقال الحاكم: هو أحمد بن نصر.

7421 - حَدَّثَنَا خَلاَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ طَهْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - يَقُولُ نَزَلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ فِي زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ وَأَطْعَمَ عَلَيْهَا يَوْمَئِذٍ خُبْزًا وَلَحْمًا وَكَانَتْ تَفْخَرُ عَلَى نِسَاءِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَتْ تَقُولُ إِنَّ اللَّهَ أَنْكَحَنِى فِي السَّمَاءِ. طرفه 4791 7422 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ اللَّهَ لَمَّا قَضَى الْخَلْقَ كَتَبَ عِنْدَهُ فَوْقَ عَرْشِهِ إِنَّ رَحْمَتِى سَبَقَتْ غَضَبِى». طرفه 3194 7423 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى حَدَّثَنِى هِلاَلٌ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَأَقَامَ الصَّلاَةَ، وَصَامَ رَمَضَانَ، كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ هَاجَرَ، فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ جَلَسَ فِي أَرْضِهِ الَّتِى وُلِدَ فِيهَا». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلاَ نُنَبِّئُ النَّاسَ بِذَلِكَ. قَالَ «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِهِ، كُلُّ دَرَجَتَيْنِ مَا بَيْنَهُمَا كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَسَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ، فَإِنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ 7422 - وحديث أبي هريرة (إن رحمتي سبقت غضبي) تقدم قريبًا في باب {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} [آل عمران: 28] بلفظ الغلبة، ومؤدى السبق والغلبة واحد، وهو الرجحان لعدم إمكان التقدم والانتقال في الصفات. وموضع الدلالة قوله (فوق عرشه). 7423 - (المنذر) بكسر الذال (فليح) بضم الفاء مصغر (يسار) ضد اليمين. وحديث أبي هريرة (من آمن بالله، وأقام الصلاة، وصام رمضان) لم يذكر الزكاة والحج لعدم عمومهما (إن في الجنة مئة درجة أعدها الله للمجاهدين) ليس فيه دلالة على عدم الزيادة بل هذا أمر المجاهدين وقد روى أبو داود والترمذي مرفوعًا "يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارقَ ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها" (فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه

أَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَأَعْلَى الْجَنَّةِ، وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ، وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ». طرفه 2790 7424 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ - هُوَ التَّيْمِىُّ - عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جَالِسٌ، فَلَمَّا غَرَبَتِ الشَّمْسُ قَالَ «يَا أَبَا ذَرٍّ هَلْ تَدْرِى أَيْنَ تَذْهَبُ هَذِهِ». قَالَ قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ «فَإِنَّهَا تَذْهَبُ تَسْتَأْذِنُ فِي السُّجُودِ فَيُؤْذَنُ لَهَا، وَكَأَنَّهَا قَدْ قِيلَ لَهَا ارْجِعِى مِنْ حَيْثُ جِئْتِ. فَتَطْلُعُ مِنْ مَغْرِبِهَا». ثُمَّ قَرَأَ (ذَلِكَ مُسْتَقَرٌّ لَهَا) فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ. طرفه 3199 7425 - حَدَّثَنَا مُوسَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ. وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ السَّبَّاقِ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ حَدَّثَهُ قَالَ أَرْسَلَ إِلَىَّ أَبُو بَكْرٍ فَتَتَبَّعْتُ الْقُرْآنَ حَتَّى وَجَدْتُ آخِرَ سُورَةِ التَّوْبَةِ مَعَ أَبِى ـــــــــــــــــــــــــــــ أوسط الجنة) أي أفضل أماكنه (وفوق عرش الرحمن) ضبطه الأصيلي بالرفع على الابتداء ولغيره النصب، وتؤيده سائر الروايات. 7424 - (أبو معاوية) محمد بن الفضل. وحديث أبي ذر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (تذهب الشمس فتستأذن في السجود) تقدم في بدء الخلق، وأشرنا إلى أن الإذن والسجدة محمولان على الحقيقة لإمكانها، وقيل: الاستئذان إنما هو من الملك الذي مع الشمس، وهنا عدول عن الحقيقة من غير ضرورة ولا قرينة صارفة. (ثم قرأ ذلك مستقر لها، في قراءة عبد الله) هو ابن مسعود، القارئ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وهذه قراءة شاذة، والمتواترة {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38)} [يس: 38] وليس في الحديث ذكر العرش فإنه رواه مختصرًا على دأبه، وأشار إلى ما تقدم في بدء الخلق. 7425 - و (عن عبيد السبّاق) -بفتح السين [وفتح]، الموحدة المشددة-. وحديث زيد بن ثابت في جمع القرآن سلف مرارًا، وموضع الدلالة أنه (وجد آخر سورة التوبة مع أبي

خُزَيْمَةَ الأَنْصَارِىِّ لَمْ أَجِدْهَا مَعَ أَحَدٍ غَيْرِهِ (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ) حَتَّى خَاتِمَةِ بَرَاءَةٌ. طرفه 2807 حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ بِهَذَا وَقَالَ مَعَ أَبِى خُزَيْمَةَ الأَنْصَارِىِّ. 7426 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِى الْعَالِيَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ عِنْدَ الْكَرْبِ «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ الْعَلِيمُ الْحَلِيمُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الأَرْضِ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ». 7427 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «النَّاسُ يَصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى آخِذٌ بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ». طرفه 2412 ـــــــــــــــــــــــــــــ خزيمة) وموضع الدلالة منه قوله: (وهو رب العرش العظيم) وقد أشرنا هناك إلى أن أبا خزيمة اسمه أيضًا خزيمة، وهو خزيمة بن أوس بن زيد بن أحرم. وليس هذا خزيمة بن ثابت، وقد التبس على بعض العلماء، وذلك أن ذا الشهادتين وجد معه آيتان من الأحزاب {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} [الأحزاب: 23]، وهذا وجد معه آيتان من آخر التوبة. 7426 - (معلى بن أسد) بضم الميم وتشديد اللام (أبو العالية) اثنان كل منهما يكنى أبا العالية، يروي عن ابن عباس أحدهما رفيع بن عمران. اتفق البخاري ومسلم عليه، والآخر زياد بن فيروز انفرد به مسلم. وحديث ابن عباس (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول عند الكرب: لا إله إلا الله العليم الحليم) تقدم في كتاب الدعوات مع شرحه. فإن قلت: وصف العرش تارة بالعظيم، وتارة بالكريم؟ قلت: وصفه بالعظيم نظرًا إلى المقدار الجسماني، وبالكريم إلى شرفه ومقداره، كيف وهو مع ذلك العظيم حامله الكروبيون كذا أخرجه عبد الرزاق عن قتادة. 7427 - وحديث أبي سعيد الخدري (الناس يصعقون يوم القيامة) قد تقدم في

23 - باب قول الله تعالى (تعرج الملائكة والروح إليه)

7428 - وَقَالَ الْمَاجِشُونُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ بُعِثَ فَإِذَا مُوسَى آخِذٌ بِالْعَرْشِ». طرفه 2411 23 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (تَعْرُجُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ) وَقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ) وَقَالَ أَبُو جَمْرَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بَلَغَ أَبَا ذَرٍّ مَبْعَثُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لأَخِيهِ اعْلَمْ لِى عِلْمَ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِى يَزْعُمُ أَنَّهُ يَأْتِيهِ الْخَبَرُ مِنَ السَّمَاءِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ الْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُ الْكَلِمَ الطَّيِّبَ، يُقَالُ ذِى الْمَعَارِجِ الْمَلاَئِكَةُ تَعْرُجُ إِلَى اللَّهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المناقب وغيره الكلام عليه في أن هذه الصعقة شيء يحصل لأهل المحشر. 7428 - (فأكون أول من بعث) أي من تلك الصعقة، وقد تحير أكثر الشارحين في هذا المقام حين تخيلوا أن قوله "فأكون أول من بعث" يريد البعث من القبر، وكل هذا من ذهولهم عن أن يوم القيامة ظرف ليصعقون، فلا بد من وقوع الصعقة فيه لكل أحد بعد البعث. باب قوله تعالى: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} [المعارج: 4] وقوله: {يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} [فاطر: 10] معنى عروج الملائكة إليه: عروجهم إلى منازلهم بعد نزولهم لإمضاء ما أمروا به. وأما معنى قوله: {يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: 10]، فأحسن ما قيل فيه قول الفراء: إن العمل الصالح إذا قارن الكلم الطيب رفعه، وهذه الأمور من الصعود وسائر الأشياء التي تشعر بالمكان فالمراد بها القبول والرضا، وهذا متعارف في لسان العرب كما يقال: رفع الأمر إلى السلطان. إذ ليس معناه: أن السلطان إذا كان في مكانٍ عالٍ. (وقال أبو جَمرة) بالجيم نصر بن عمران، روى حديث أن أبا ذر (قال لأخيه: اعلم لي علم هذا الرجل) يريد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قد سلف الحديث في المناقب مطولًا، وموضع الدلالة هنا قوله: (يأتيه خبر السماء) فإن الآتي به الملك لا بد من عروجه لأنه مرسل في أمر من الله تعالى ({ذِي الْمَعَارِجِ} [المعارج: 3]، الملائكة تعرج إليه) هذا لازم المعنى فإن المعارج

7429 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلاَئِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلاَةِ الْعَصْرِ وَصَلاَةِ الْفَجْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ وَهْوَ أَعْلَمُ بِكُمْ فَيَقُولُ كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِى فَيَقُولُونَ تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ». طرفه 555 ـــــــــــــــــــــــــــــ جمع مَعرج بفتح الميم وهو الدرجة، والمِعراج -بكسر الميم- شبه سلم تعرج الملائكة تعرج إليه هذا لائم المعنى فإن فيه وأرواح المؤمنين إذا قبضت قالوا: عليه من الزينة والحسن ما إذا رأته نفس المؤمن تخرج إليه سريعًا. قال ابن الأثير وغيره: {ذِي الْمَعَارِجِ}: هو الله تعالى، والإضافة للتشريف مثل ناقة الله. 7429 - وحديث أبي هريرة (يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل، وملائكة بالنهار) تقدم في أول كتاب الصلاة. وهذا على لغة: أكلوني البراغيث، أو الملائكة مبتدأ ويتعاقبون خبره (يجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر) وذلك لأن وقت العصر وقت الاشتغال بالتفقه وفراغ البال بعد الأعمال للتمتع ووقت الفجر النوم، فإذا حافظ الإنسان على هاتين فعلى غيرهما أحفظ (ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم وهو أعلم بكم: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون تركناهم وهم يصلون) هذا هو الجواب، فإن السؤال واقع عن التَرْك، وقولهم (وأتيناهم وهم يصلون) زيادةٌ مدحًا لهم. فإن قلت: إذا كان الله أعلم بحالهم كما صرح به في الحديث فأي حكمة في السؤال؟ قلت: ليظهر شرف المؤمن عند سائر الكروبيين فإنهم الذين قالوا: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا} [البقرة: 30]. فإن قلت: لم خص السؤال بالذين باتوا؟ قلت: قيل: لأن الليل مظنة الراحة والمعصية، فإذا لم يعصوا فيه واستغلوا بالعبادة ففي النهار من باب الأولى أو اكتفى بأحدهما عن الآخر. وأنت تعلم أن هذا لا مساس له بالمقام، فإن السؤال وقع عن كيفية الترك لا غير، فلا دخل لكون الليل مظنة المعاصي. والأظهر في الجواب أن ملائكة الليل يشهدون أربع صلوات: العصر والمغرب والعشاء والصبح، فهم أكثر علمًا وإطلاعًا.

7430 - وَقَالَ خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ، وَلاَ يَصْعَدُ إِلَى اللَّهِ إِلاَّ الطَّيِّبُ، فَإِنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ كَمَا يُرَبِّى أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ، حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ». وَرَوَاهُ وَرْقَاءُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «وَلاَ يَصْعَدُ إِلَى اللَّهِ إِلاَّ الطَّيِّبُ». طرفه 1410 7431 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِى الْعَالِيَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَدْعُو بِهِنَّ عِنْدَ الْكَرْبِ «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ». طرفه 6345 7432 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِى نُعْمٍ - أَوْ أَبِى نُعْمٍ شَكَّ قَبِيصَةُ - عَنْ أَبِى سَعِيدٍ قَالَ بُعِثَ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِذُهَيْبَةٍ فَقَسَمَهَا بَيْنَ أَرْبَعَةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 7430 - وحديث أبي هريرة (من تصدق بعدل تمرة) تقدم في أبواب الزكاة. قال ابن الأثير: العدل بالكسر مثل الشيء من غير جنسه، وقوله (كما يربي أحدكم فلوه) بفتح الفاء وتشديد اللام. قال ابن الأثير: هو الصغير من ذات الحافر. قال: ويروى بالقاف. وموضع الدلالة قوله: (ولا يصعد إلى الله إلا الطيب). (قال خالد بن مخلد) بفتح الميم شيخ البخاري، والرواية عنه بقال لأنه يسمع الحديث مذاكرةً. وفي بعضها: "وقال عبد الله ورجاء" بفتح الواو والراء والمد. 7431 - (عن أبي العالية) رفيع بن مهران. روى حديث ابن عباس (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو عند الكرب بهذه الكلمات لا إله إلا الله العظيم الحليم) وقد تقدم هذا الحديث في آخر الباب قبله، وموضع الدلالة أن هذه الكلمات من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هي الكلم الطيب. 7432 - (عن أبي نُعْيم) بضم النون وسكون العين اسمه عبد الرحمن. قال شيخ الإسلام: والذي وقع فيه الشك من قبيصة هل هو أبو نعيم أو ابن أبي نعيم كلاهما مصغر لم يتابع عليه (بُعِث إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بذُهَيْبَة) كذا هنا بعث على بناء المجهول، وفي رواية عبد الرزاق

وَحَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِى نُعْمٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ بَعَثَ عَلِىٌّ وَهْوَ بِالْيَمَنِ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِذُهَيْبَةٍ فِي تُرْبَتِهَا، فَقَسَمَهَا بَيْنَ الأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ الْحَنْظَلِىِّ ثُمَّ أَحَدِ بَنِى مُجَاشِعٍ، وَبَيْنَ عُيَيْنَةَ بْنِ بَدْرٍ الْفَزَارِىِّ، وَبَيْنَ عَلْقَمَةَ بْنِ عُلاَثَةَ الْعَامِرِىِّ ثُمَّ أَحَدِ بَنِى كِلاَبٍ، وَبَيْنَ زَيْدِ الْخَيْلِ الطَّائِىِّ ثُمَّ أَحَدِ بَنِى نَبْهَانَ، فَتَغَضَّبَتْ قُرَيْشٌ وَالأَنْصَارُ فَقَالُوا يُعْطِيهِ صَنَادِيدَ أَهْلِ نَجْدٍ وَيَدَعُنَا قَالَ «إِنَّمَا أَتَأَلَّفُهُمْ». فَأَقْبَلَ رَجُلٌ غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ، نَاتِئُ الْجَبِينِ، كَثُّ اللِّحْيَةِ، مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ، مَحْلُوقُ الرَّأْسِ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ اتَّقِ اللَّهَ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «فَمَنْ يُطِيعُ اللَّهَ إِذَا عَصَيْتُهُ فَيَأْمَنِّى عَلَى أَهْلِ الأَرْضِ، وَلاَ تَأْمَنُونِى». فَسَأَلَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ - قَتْلَهُ أُرَاهُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ - فَمَنَعَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا وَلَّى قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -: ـــــــــــــــــــــــــــــ بعده: بعث علي، وقوله (ذهيبة) على صيغة المصغر والتأنيث، إما لأنه مؤنث سماعي، أو لأن الموصوف نحو قطعة (فقسمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين الأقرع بن حابس ثم [أحد] بني مُجاشِع) بضم الميم وكسر الشين (عُيينة) بضم العين مصغر عين هو ابن حصين (ابن بدر الفزاري) بن مسلمة الفتح ومن المؤلفة أيضًا. تقدم ذكره وهو الذي قال فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أحمق مطاع في قومه". (عُلاثة) بضم العين وثاء مثلثة (وزيد الخيل الطائي) هذا أيضًا من المؤلفة، وكان من خيار المؤلفة، وسماه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زيد الخير لكثرة خيره، ومات في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان قد ولاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، مات بالطريق، كذا قاله ابن عبد البر، وقيل: مات في خلافة عمر (فَتَغَيظّت قريش والأنصار) أي أظهرت التغيظ. وفي رواية أبي ذر بضاد معجمة آخره باء موحدة من الغضب. (صناديد أهل نجد) جمع صنديد وهو العظيم (فأقبل رجل غائر العينين) هذا هو ذو الخويصرة. تقدم حديثه في المغازي. وموضع الدلالة مذكور هناك وهو قوله "أنا أمين من في السماء" هكذا قال شيخ الإسلام لا حاجة إليه، لأن قوله (يأمنني على أهل الأرض ولا تأمنوني) فإن كونه أمينًا لله في الأرض من لوازمه مجيء الملائكة وعروجهم (فسأل رجل من القوم قتله أُراه خالد بن الوليد) بضم الهمزة أي أظنه. في كتاب المحاربين أن الشاك

24 - باب قول الله تعالى (وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة)

«إِنَّ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا قَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلاَمِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يَقْتُلُونَ أَهْلَ الإِسْلاَمِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الأَوْثَانِ، لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ». طرفه 3344 7433 - حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِىِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ سَأَلْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ قَوْلِهِ (وَالشَّمْسُ تَجْرِى لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا) قَالَ «مُسْتَقَرُّهَا تَحْتَ الْعَرْشِ». طرفه 3199 24 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) 7434 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ حَدَّثَنَا خَالِدٌ وَهُشَيْمٌ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ عمر ولا تنافي لجواز صدور الكلام عن كل واحد منهما (من ضئضيء هذا) بضاد معجمة على وزن القنديل أصل الشيء أراد من نسله وذريته الملعونة (يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرَمِيَّة) على وزن الوصية هي الصيد (لئن أنا أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد وثمود) إذ لا أبقي منهم أحدًا كما قال تعالى في حق عاد: {فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ (8)} [الحاقة: 8]. 7433 - (عياش) بفتح العين وتشديد الياء المثناة وشين معجمة. باب قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23)} [القيامة: 22، 23] قال ابن الأثير: النضارة: حسن الوجه، والنظر: رؤية البصر، واستدل على رؤية المؤمنين ربهم بالآية، فإنها ترجمة من وجه، دليل من وجه وبأحاديث الباب. ووجه الدلالة ظاهرة. فمن قال: القصد من الباب ذكر الظواهر التي تشعر بالرؤية فقد أتى بمنكر من القول، وأي دليل لأهل الحق في إثبات الحق من رؤية المؤمنين ربهم غير هذه الأدلة القاطعة؟ والمسألة مبسوطة في علم الكلام، ولا يشترط في رؤية الإنسان المواجهة وتقليب الحدقة. ألا ترى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان ينظر من ورائه. 7434 - (ابن عون) بفتح العين آخره نون (هشيم) بضم الهاء مصغر روى في الباب

عَنْ جَرِيرٍ قَالَ كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ نَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ قَالَ «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْقَمَرَ لاَ تُضَامُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لاَ تُغْلَبُوا عَلَى صَلاَةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَصَلاَةٍ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَافْعَلُوا». طرفه 554 7435 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ يُوسُفَ الْيَرْبُوعِىُّ حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِى خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِى حَازِمٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ عِيَانًا». طرفه 554 7436 - حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْجُعْفِىُّ عَنْ زَائِدَةَ حَدَّثَنَا بَيَانُ بْنُ بِشْرٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِى حَازِمٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةَ الْبَدْرِ فَقَالَ «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا، لاَ تُضَامُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ». طرفه 554 ـــــــــــــــــــــــــــــ حديث جرير أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال (إنكم سترون ربكم) وقد سلف في باب فضل صلاة العصر مع شرحه مستوفى. ونشير إلى بعض لغاته (لا تضامون) بضم التاء وتخفيف الميم من الضيم وهو الظلم أي لا يظلم أحدكم بعدم الرؤية، وبضم التاء وتشديد الميم من الضم أي لا يضم أحدكم نفسه إلى الآخر كما ترى عند رؤية الهلال، وقد روي "تضارون" بتشديد الراء وتخفيفها من الضر (فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا) فإنهم الوسيلة لذلك المطلوب الأعظم. 7435 - (اليربوعي) بفتح الياء بعدها راء بعدها باء موحدة نسبة إلى حي من تميم (أبو شهاب) هو الأصغر عبد ربه الحَنَّاط بالحاء المهملة وتشديد النون. 7436 - (عبدة) بفتح العين والباء الموحدة (الجعفي) بضم الجيم (بيان) بفتح الباء بعدها مثناة (بشر) بكسر الموحدة وشين معجمة.

7437 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّاسَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هَلْ تُضَارُّونَ فِي الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ». قَالُوا لاَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «فَهَلْ تُضَارُّونَ فِي الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ». قَالُوا لاَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ كَذَلِكَ، يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئًا فَلْيَتَّبِعْهُ. فَيَتْبَعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الشَّمْسَ الشَّمْسَ، وَيَتْبَعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الْقَمَرَ الْقَمَرَ، وَيَتْبَعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الطَّوَاغِيتَ الطَّوَاغِيتَ، وَتَبْقَى هَذِهِ الأُمَّةُ فِيهَا شَافِعُوهَا - أَوْ مُنَافِقُوهَا شَكَّ إِبْرَاهِيمُ - فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ. فَيَقُولُونَ هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا فَإِذَا جَاءَنَا رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ فِي صُورَتِهِ الَّتِى يَعْرِفُونَ فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ. فَيَقُولُونَ أَنْتَ رَبُّنَا. فَيَتْبَعُونَهُ وَيُضْرَبُ الصِّرَاطُ بَيْنَ ظَهْرَىْ جَهَنَّمَ، فَأَكُونُ أَنَا وَأُمَّتِى أَوَّلَ مَنْ يُجِيزُهَا، وَلاَ يَتَكَلَّمُ يَوْمَئِذٍ إِلاَّ الرُّسُلُ، وَدَعْوَى الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ. وَفِى جَهَنَّمَ كَلاَلِيبُ مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ، هَلْ رَأَيْتُمُ السَّعْدَانَ». قَالُوا نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «فَإِنَّهَا مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ، غَيْرَ أَنَّهُ لاَ يَعْلَمُ مَا قَدْرُ عِظَمِهَا إِلاَّ اللَّهُ، تَخْطَفُ النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ، فَمِنْهُمُ الْمُوبَقُ بَقِىَ بِعَمَلِهِ، أَوِ الْمُوثَقُ بِعَمَلِهِ، وَمِنْهُمُ الْمُخَرْدَلُ أَوِ الْمُجَازَى أَوْ نَحْوُهُ، ثُمَّ يَتَجَلَّى حَتَّى إِذَا فَرَغَ اللَّهُ مِنَ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْعِبَادِ وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ بِرَحْمَتِهِ مَنْ أَرَادَ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ 7437 - وحديث أبي هريرة في الشفاعة رواه مطولًا (ومن كان يعبد الطواغيت) الطاغوت يطلق على كل رأس ضلالة، والمراد هنا الأصنام (فيأتيهم الله فيقول: أنا ربكم) أي يظهر لهم صورة تكلم بهذا الكلام ابتلاء، وهذا آخر ابتلاء المؤمنين، ولما رأوا في تلك الصورة أمارات الحدوث قالوا: (هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا فيأتيهم الله في الصورة التي يعرفون) أي يتجلى لهم تجليًا خاليًا عن أمارات الحدوث، وإطلاق الصورة على الصفة متعارف وإن استحال الصورة فيه كما تقول: صورة المسألة كذا (فأكون أنا وأمتي أول من يجيز) بضم الياء. قال ابن الأثير: يقال جاز المكان إذا قطعه وأجازه: إذا .... (كلاليب) جمع كلوب: حديدة معوجة الرأس (فمنهم الموبق أو المواثق بعمله) بفتح الباء الموحدة أو بالثاء المثلثة (ومنهم المخردل) بفتح الدال. قال ابن الأثير: يقال خردلته بالدال المهملة والمعجمة أي قطعته كالخردلة (حتى إذا فرغ الله من القضاء بين العباد) أي أعطى كل ذي حق حقه لأنه تعالى لا يشغله شأن عن شأن.

أَهْلِ النَّارِ أَمَرَ الْمَلاَئِكَةَ أَنْ يُخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا، مِمَّنْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَرْحَمَهُ مِمَّنْ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، فَيَعْرِفُونَهُمْ فِي النَّارِ بِأَثَرِ السُّجُودِ، تَأْكُلُ النَّارُ ابْنَ آدَمَ إِلاَّ أَثَرَ السُّجُودِ، حَرَّمَ اللَّهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ أَثَرَ السُّجُودِ، فَيَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ قَدِ امْتُحِشُوا، فَيُصَبُّ عَلَيْهِمْ مَاءُ الْحَيَاةِ فَيَنْبُتُونَ تَحْتَهُ كَمَا تَنْبُتُ الْحِبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ، ثُمَّ يَفْرُغُ اللَّهُ مِنَ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْعِبَادِ، وَيَبْقَى رَجُلٌ مُقْبِلٌ بِوَجْهِهِ عَلَى النَّارِ هُوَ آخِرُ أَهْلِ النَّارِ دُخُولاً الْجَنَّةَ فَيَقُولُ أَىْ رَبِّ اصْرِفْ وَجْهِى عَنِ النَّارِ، فَإِنَّهُ قَدْ قَشَبَنِى رِيحُهَا وَأَحْرَقَنِى ذَكَاؤُهَا. فَيَدْعُو اللَّهَ بِمَا شَاءَ أَنْ يَدْعُوَهُ ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ هَلْ عَسَيْتَ إِنْ أُعْطِيتَ ذَلِكَ أَنْ تَسْأَلَنِى غَيْرَهُ. فَيَقُولُ لاَ وَعِزَّتِكَ لاَ أَسْأَلُكَ غَيْرَهُ، وَيُعْطِى رَبَّهُ مِنْ عُهُودٍ وَمَوَاثِيقَ مَا شَاءَ، فَيَصْرِفُ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ، فَإِذَا أَقْبَلَ عَلَى الْجَنَّةِ وَرَآهَا سَكَتَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْكُتَ ثُمَّ يَقُولُ أَىْ رَبِّ قَدِّمْنِى إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ. فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ أَلَسْتَ قَدْ أَعْطَيْتَ عُهُودَكَ وَمَوَاثِيقَكَ أَنْ لاَ تَسْأَلَنِى غَيْرَ الَّذِى أُعْطِيتَ أَبَدًا، وَيْلَكَ يَا ابْنَ آدَمَ مَا أَغْدَرَكَ. فَيَقُولُ أَىْ رَبِّ. وَيَدْعُو اللَّهَ حَتَّى يَقُولَ هَلْ عَسَيْتَ إِنْ أُعْطِيتَ ذَلِكَ أَنْ تَسْأَلَ غَيْرَهُ. فَيَقُولُ لاَ وَعِزَّتِكَ لاَ أَسْأَلُكَ غَيْرَهُ، وَيُعْطِى مَا شَاءَ مِنْ عُهُودٍ وَمَوَاثِيقَ، فَيُقَدِّمُهُ إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ، فَإِذَا قَامَ إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ انْفَهَقَتْ لَهُ الْجَنَّةُ فَرَأَى مَا فِيهَا مِنَ الْحَبْرَةِ وَالسُّرُورِ، فَيَسْكُتُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْكُتَ ثُمَّ يَقُولُ أَىْ رَبِّ أَدْخِلْنِى الْجَنَّةَ. فَيَقُولُ اللَّهُ أَلَسْتَ قَدْ أَعْطَيْتَ عُهُودَكَ وَمَوَاثِيقَكَ أَنْ لاَ تَسْأَلَ غَيْرَ مَا أُعْطِيتَ ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: القضاء يكون في المحشر، وهذا يدل على أنه بعد جواز الصراط، قلت: قد تقدم أن بين الجنة والنار قنطرة يحبس عليها المسلمون ليتقاضوا حقوقًا بينهم. (تأكل النار بني آدم إلا أثر السجود) أي موضع أثر السجود، وقيل: هي الأعضاء السبعة التي أمر بالسجود عليها. إلا أن رواية مسلم "إلا دارات وجوههم" بلفظ الحصر يرده. وكذا الرواية بعد "إلا صورهم" (امتُحشوا) على بناء المجهول أي احترقوا (كما تنبت الحبة) -بكسر الحاء- البقلة الحمقاء (قد قشبني ريحها) أي سمني. قال ابن الأثير: كل سم قِشب بكسر القاف (وأحرقني ذكاؤها) بفتح الذال المعجمة والمد الحر والوهج (انفقهت له الجنة) بالفاء أولًا والقاف ثانيًا أي انفتحت معنى الاتساع

- فَيَقُولُ - وَيْلَكَ يَا ابْنَ آدَمَ مَا أَغْدَرَكَ. فَيَقُولُ أَىْ رَبِّ لاَ أَكُونَنَّ أَشْقَى خَلْقِكَ فَلاَ يَزَالُ يَدْعُو حَتَّى يَضْحَكَ اللَّهُ مِنْهُ فَإِذَا ضَحِكَ مِنْهُ قَالَ لَهُ ادْخُلِ الْجَنَّةَ. فَإِذَا دَخَلَهَا قَالَ اللَّهُ لَهُ تَمَنَّهْ. فَسَأَلَ رَبَّهُ وَتَمَنَّى حَتَّى إِنَّ اللَّهَ لَيُذَكِّرُهُ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا، حَتَّى انْقَطَعَتْ بِهِ الأَمَانِىُّ قَالَ اللَّهُ ذَلِكَ لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ». طرفه 806 7438 - قَالَ عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِىُّ مَعَ أَبِى هُرَيْرَةَ لاَ يَرُدُّ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِهِ شَيْئًا حَتَّى إِذَا حَدَّثَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ «ذَلِكَ لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ». قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِىُّ «وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ مَعَهُ». يَا أَبَا هُرَيْرَةَ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ مَا حَفِظْتُ إِلاَّ قَوْلَهُ «ذَلِكَ لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ». قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِىُّ أَشْهَدُ أَنِّى حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَوْلَهُ «ذَلِكَ لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ». قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَذَلِكَ الرَّجُلُ آخِرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولاً الْجَنَّةَ. طرفه 22 7439 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى هِلاَلٍ عَنْ زَيْدٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ «هَلْ تُضَارُونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ إِذَا كَانَتْ صَحْوًا». قُلْنَا لاَ. قَالَ «فَإِنَّكُمْ لاَ تُضَارُونَ فِي رُؤْيَةِ رَبِّكُمْ يَوْمَئِذٍ، إِلاَّ كَمَا تُضَارُونَ فِي رُؤْيَتِهِمَا - ثُمَّ قَالَ - يُنَادِى مُنَادٍ لِيَذْهَبْ كُلُّ قَوْمٍ إِلَى مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ. فَيَذْهَبُ أَصْحَابُ الصَّلِيبِ مَعَ صَلِيبِهِمْ، وَأَصْحَابُ الأَوْثَانِ مَعَ أَوْثَانِهِمْ، وَأَصْحَابُ كُلِّ آلِهَةٍ مَعَ آلِهَتِهِمْ حَتَّى يَبْقَى مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ مِنْ بَرٍّ أَوْ فَاجِرٍ، وَغُبَّرَاتٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، ثُمَّ يُؤْتَى بِجَهَنَّمَ تُعْرَضُ كَأَنَّهَا سَرَابٌ فَيُقَالُ لِلْيَهُودِ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ قَالُوا كُنَّا نَعْبُدُ عُزَيْرَ ابْنَ اللَّهِ. فَيُقَالُ كَذَبْتُمْ لَمْ يَكُنْ لِلَّهِ صَاحِبَةٌ وَلاَ ـــــــــــــــــــــــــــــ (لا أكون أشقى خلقك) أي أشقى من آمن بك (حتى يضحك الله منه) الضحك على الله تعالى محال، والمراد الرضا فإنه لازمه عادة. 7439 - (بكير) بضم الباء مصغر (يسار) ضد اليمين (وغُبَّرات أهل الكتاب) بضم الغين المعجمة، وتشديد الباء جمع غُبّر بضم الغين وتشديد الباء أيضًا جمع غابر، والمراد البقايا منهم وهم المؤمنون (فيقال لليهود: ما كنتم تعبدون؟ قالوا كنا نعبد عزيرًا بن الله، فيقال: كذبتم) التكذيب راجع إلى نسبة البنوة إليه تعالى ألا ترى إلى قوله: (لم يكن لله صاحبة ولا

وَلَدٌ فَمَا تُرِيدُونَ قَالُوا نُرِيدُ أَنْ تَسْقِيَنَا، فَيُقَالُ اشْرَبُوا فَيَتَسَاقَطُونَ فِي جَهَنَّمَ ثُمَّ يُقَالُ لِلنَّصَارَى مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ فَيَقُولُونَ كُنَّا نَعْبُدُ الْمَسِيحَ ابْنَ اللَّهِ. فَيُقَالُ كَذَبْتُمْ لَمْ يَكُنْ لِلَّهِ صَاحِبَةٌ وَلاَ وَلَدٌ، فَمَا تُرِيدُونَ فَيَقُولُونَ نُرِيدُ أَنْ تَسْقِيَنَا. فَيُقَالُ اشْرَبُوا. فَيَتَسَاقَطُونَ حَتَّى يَبْقَى مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ مِنْ بَرٍّ أَوْ فَاجِرٍ فَيُقَالُ لَهُمْ مَا يَحْبِسُكُمْ وَقَدْ ذَهَبَ النَّاسُ فَيَقُولُونَ فَارَقْنَاهُمْ وَنَحْنُ أَحْوَجُ مِنَّا إِلَيْهِ الْيَوْمَ وَإِنَّا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِى لِيَلْحَقْ كُلُّ قَوْمٍ بِمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ. وَإِنَّمَا نَنْتَظِرُ رَبَّنَا - قَالَ - فَيَأْتِيهِمُ الْجَبَّارُ. فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ. فَيَقُولُونَ أَنْتَ رَبُّنَا. فَلاَ يُكَلِّمُهُ إِلاَّ الأَنْبِيَاءُ فَيَقُولُ هَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ آيَةٌ تَعْرِفُونَهُ فَيَقُولُونَ السَّاقُ. فَيَكْشِفُ عَنْ سَاقِهِ فَيَسْجُدُ لَهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ، وَيَبْقَى مَنْ كَانَ يَسْجُدُ لِلَّهِ رِيَاءً وَسُمْعَةً، فَيَذْهَبُ كَيْمَا يَسْجُدَ فَيَعُودُ ظَهْرُهُ طَبَقًا وَاحِدًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ ولد) (ما يحبسكم؟) بضم الياء (وقد ذهب الناس فيقولون: فارقنا ونحن أحوج إليه منا اليوم) تفضيل الشيء على نفسه باعتبار الزمانين. قال بعض الشارحين: معناه: فارقناهم في الدنيا لزومًا لطاعتك، ونحن كنا محتاجين إليهم في الدنيا لأمر المعاش، وفيه خبط من وجهين: الأول: أن ضمير إليه راجع إليه تعالى، والمعنى: فارقناهم لله تعالى ولم يكن احتياجًا إليه تعالى مثل احتياجنا اليوم. الثاني: أن قوله لطاعتك بالخطاب خطأ، فالصواب الغيبة لأن الذي يخاطبهم ويخاطبونه ليس هو الله تعالى. ألا ترى إلى قولهم (وإنما ننتظر ربنا، فيأتيهم ربهم الجبار، فلا يكلمه تعالى إلا الأنبياء) أي في تلك الحالة (فيقال: هل بينكم وبينه آية تعرفونه؟ فيقولون الساق، فيكشف عن الساق) قال ابن الأثير والجوهري: كشف الساق عبارة عن شدة الأمر، وهو المروي عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [القلم: 42] وهذا وإن كان متعارفًا، يقال: قامت الحرب عن ساق أي: اشتدت. وفيه قول الشاعر: قد سن أصحابك ضرب الأعناق ... وقامت بنا الحرب على الساق ولكن ظاهر أنه لا يلائم هذا المقام. كيف لا وقد جعل علامة يعرفونها به، ويستدلون بها على أنه تعالى هو ربهم، فالذي يجب القطع به أنه عبارة عن التجلي من غير جهة وكَيْفِ، فإنه من خواص الألوهية، وقد حام حوله الخطابي قال: أولًا توقف كثير من الشيوخ عن

ثُمَّ يُؤْتَى بِالْجَسْرِ فَيُجْعَلُ بَيْنَ ظَهْرَىْ جَهَنَّمَ». قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْجَسْرُ قَالَ «مَدْحَضَةٌ مَزِلَّةٌ، عَلَيْهِ خَطَاطِيفُ وَكَلاَلِيبُ وَحَسَكَةٌ مُفَلْطَحَةٌ، لَهَا شَوْكَةٌ عُقَيْفَاءُ تَكُونُ بِنَجْدٍ يُقَالُ لَهَا السَّعْدَانُ، الْمُؤْمِنُ عَلَيْهَا كَالطَّرْفِ وَكَالْبَرْقِ وَكَالرِّيحِ وَكَأَجَاوِيدِ الْخَيْلِ وَالرِّكَابِ، فَنَاجٍ مُسَلَّمٌ وَنَاجٍ مَخْدُوشٌ وَمَكْدُوسٌ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، حَتَّى يَمُرَّ آخِرُهُمْ يُسْحَبُ سَحْبًا، فَمَا أَنْتُمْ بِأَشَدَّ لِى مُنَاشَدَةً فِي الْحَقِّ، قَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِ يَوْمَئِذٍ لِلْجَبَّارِ، وَإِذَا رَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ نَجَوْا فِي إِخْوَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِخْوَانُنَا كَانُوا يُصَلُّونَ مَعَنَا وَيَصُومُونَ مَعَنَا وَيَعْمَلُونَ مَعَنَا. فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى اذْهَبُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ دِينَارٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجُوهُ. وَيُحَرِّمُ اللَّهُ صُوَرَهُمْ عَلَى النَّارِ، فَيَأْتُونَهُمْ وَبَعْضُهُمْ قَدْ غَابَ فِي النَّارِ إِلَى قَدَمِهِ وَإِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ، فَيُخْرِجُونَ مَنْ عَرَفُوا، ثُمَّ يَعُودُونَ فَيَقُولُ اذْهَبُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ نِصْفِ دِينَارٍ فَأَخْرِجُوهُ. فَيُخْرِجُونَ مَنْ عَرَفُوا، ثُمَّ يَعُودُونَ فَيَقُولُ اذْهَبُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجُوهُ. فَيُخْرِجُونَ مَنْ عَرَفُوا». قَالَ أَبُو سَعِيدٍ فَإِنْ لَمْ تُصَدِّقُونِى فَاقْرَءُوا (إِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا) «فَيَشْفَعُ النَّبِيُّونَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَالْمُؤْمِنُونَ فَيَقُولُ الْجَبَّارُ بَقِيَتْ شَفَاعَتِى. فَيَقْبِضُ قَبْضَةً مِنَ النَّارِ فَيُخْرِجُ أَقْوَامًا قَدِ امْتُحِشُوا، فَيُلْقَوْنَ فِي نَهَرٍ بِأَفْوَاهِ الْجَنَّةِ يُقَالُ لَهُ مَاءُ الْحَيَاةِ، فَيَنْبُتُونَ فِي حَافَتَيْهِ كَمَا ـــــــــــــــــــــــــــــ الخوض في معنى الساق، ثم قال: وقد يطلق الساق على النفس. (مَدْحَضَة) بفتح الميم (مَزِلّة) مكان الزلل قريب من الأول و (حَسَكة) بفتح الحاء والسين. قال ابن الأثير: شوكة مضرسة (خطاطيف) جمع خطاف على وزن كلاب (مُفَلْطَحة) بفتح الفاء والطاء والحاء المهملتين العريض المتسع (عقيفة) بالقاف والفاء على وزن عظيمة العوجاء. (المؤمن عليها كالطرف) بفتح الطاء تحريك جفن العين (وكأجاويد الخيل) جمع جواد الخيل السريعة الجري (مكدوس في نار جهنم) أي مدفوع (فما أنتم أشد لي مناشدة في الحق قد تبين لكم مِن المؤمن يومئذٍ للجبار) أي: مناشدتكم للجبار، يقال لأخيكم المؤمن أشد وأقوى من مناشدتكم إياي بعد ظهور الحق عندكم. ألا ترى إلى مناشدة سعد بن أبي وقاص لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الرجل الذي لم يعطه كيف كرر القول معه حتى ضربه بجمع يده وقال: "إقبالًا يا سعد". (فيقول الجبار: بقيت شفاعتي) إطلاق الشفاعة على طريق المشاكلة، أراد بها

تَنْبُتُ الْحِبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ، قَدْ رَأَيْتُمُوهَا إِلَى جَانِبِ الصَّخْرَةِ إِلَى جَانِبِ الشَّجَرَةِ، فَمَا كَانَ إِلَى الشَّمْسِ مِنْهَا كَانَ أَخْضَرَ، وَمَا كَانَ مِنْهَا إِلَى الظِّلِّ كَانَ أَبْيَضَ، فَيَخْرُجُونَ كَأَنَّهُمُ اللُّؤْلُؤُ، فَيُجْعَلُ فِي رِقَابِهِمُ الْخَوَاتِيمُ فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ فَيَقُولُ أَهْلُ الْجَنَّةِ هَؤُلاَءِ عُتَقَاءُ الرَّحْمَنِ أَدْخَلَهُمُ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ عَمَلٍ عَمِلُوهُ وَلاَ خَيْرٍ قَدَّمُوهُ. فَيُقَالُ لَهُمْ لَكُمْ مَا رَأَيْتُمْ وَمِثْلُهُ مَعَهُ». طرفه 22 7440 - وَقَالَ حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يُحْبَسُ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُهِمُّوا بِذَلِكَ فَيَقُولُونَ لَوِ اسْتَشْفَعْنَا إِلَى رَبِّنَا فَيُرِيحُنَا مِنْ مَكَانِنَا. فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ أَنْتَ آدَمُ أَبُو النَّاسِ خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ وَأَسْكَنَكَ جَنَّتَهُ، وَأَسْجَدَ لَكَ مَلاَئِكَتَهُ، وَعَلَّمَكَ أَسْمَاءَ كُلِّ شَىْءٍ، لِتَشْفَعْ لَنَا عِنْدَ رَبِّكَ حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا، قَالَ فَيَقُولُ لَسْتُ هُنَاكُمْ - قَالَ وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِى أَصَابَ أَكْلَهُ مِنَ الشَّجَرَةِ وَقَدْ نُهِىَ عَنْهَا - وَلَكِنِ ائْتُوا نُوحًا أَوَّلَ نَبِىٍّ بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ. فَيَأْتُونَ نُوحًا فَيَقُولُ لَسْتُ هُنَاكُمْ - وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِى أَصَابَ سُؤَالَهُ رَبَّهُ بِغَيْرِ عِلْمٍ - وَلَكِنِ ائْتُوا إِبْرَاهِيمَ خَلِيلَ الرَّحْمَنِ. قَالَ فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ فَيَقُولُ إِنِّى لَسْتُ هُنَاكُمْ - وَيَذْكُرُ ثَلاَثَ كَلِمَاتٍ كَذَبَهُنَّ - وَلَكِنِ ائْتُوا مُوسَى عَبْدًا آتَاهُ اللَّهُ التَّوْرَاةَ وَكَلَّمَهُ وَقَرَّبَهُ نَجِيًّا. قَالَ فَيَأْتُونَ مُوسَى فَيَقُولُ إِنِّى لَسْتُ هُنَاكُمْ - وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِى أَصَابَ قَتْلَهُ النَّفْسَ - وَلَكِنِ ائْتُوا عِيسَى عَبْدَ اللَّهِ وَرَسُولَهُ وَرُوحَ اللَّهِ وَكَلِمَتَهُ. قَالَ فَيَأْتُونَ عِيسَى فَيَقُولُ لَسْتُ هُنَاكُمْ وَلَكِنِ ائْتُوا مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - عَبْدًا ـــــــــــــــــــــــــــــ رحمته التي وسعت كل شيء (فيقول أهل الجنة: هؤلاء عتقاء الرحمن) لفظ الرحمن هنا طبق المفصل (أدخلهم الجنة بغير عمل عملوه، ولا خير قدموه) يريدون غير الإيمان بالله وبما جاء به الرسل بشهادة سائر النصوص على أن الجنة لا يدخلها إلا المؤمن (حتى يهموا بذلك) بضم الياء على بناء المجهول من الهم وهو الحزن أي يحزنوا، وعلى بناء المعلوم بفتح الياء، أي يقصدوا من يشفع لهم. 7440 - (ائتوا نوحًا أول نبي بعثه الله إلى أهل الأرض) هذا قول آدم أي بعدي أو بعد الطوفان، وأما إبراهيم فاعتذر بأن له (ثلاث كلمات كذبهن) بتخفيف الذال أي ثلاث قضايا لأن الكلمة النحوية لا توصف بالكذب (ائتوا موسى، ويذكر خطيئته قتله النفس) قتل القبطي

غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ. فَيَأْتُونِى فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّى فِي دَارِهِ فَيُؤْذَنُ لِى عَلَيْهِ، فَإِذَا رَأَيْتُهُ وَقَعْتُ سَاجِدًا فَيَدَعُنِى مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِى فَيَقُولُ ارْفَعْ مُحَمَّدُ، وَقُلْ يُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، وَسَلْ تُعْطَ - قَالَ - فَأَرْفَعُ رَأْسِى فَأُثْنِى عَلَى رَبِّى بِثَنَاءٍ وَتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ، فَيَحُدُّ لِى حَدًّا فَأَخْرُجُ فَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ». قَالَ قَتَادَةُ وَسَمِعْتُهُ أَيْضًا يَقُولُ «فَأَخْرُجُ فَأُخْرِجُهُمْ مِنَ النَّارِ وَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ، ثُمَّ أَعُودُ فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّى فِي دَارِهِ فَيُؤْذَنُ لِى عَلَيْهِ، فَإِذَا رَأَيْتُهُ وَقَعْتُ سَاجِدًا فَيَدَعُنِى مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِى ثُمَّ يَقُولُ ارْفَعْ مُحَمَّدُ، وَقُلْ يُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، وَسَلْ تُعْطَ - قَالَ - فَأَرْفَعُ رَأْسِى فَأُثْنِى عَلَى رَبِّى بِثَنَاءٍ وَتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ - قَالَ - ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِى حَدًّا فَأَخْرُجُ فَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ». قَالَ قَتَادَةُ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ «فَأَخْرُجُ فَأُخْرِجُهُمْ مِنَ النَّارِ وَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ، ثُمَّ أَعُودُ الثَّالِثَةَ فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّى فِي دَارِهِ فَيُؤْذَنُ لِى عَلَيْهِ، فَإِذَا رَأَيْتُهُ وَقَعْتُ سَاجِدًا فَيَدَعُنِى مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِى ثُمَّ يَقُولُ ارْفَعْ مُحَمَّدُ، وَقُلْ يُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، وَسَلْ تُعْطَهْ - قَالَ - فَأَرْفَعُ رَأْسِى فَأُثْنِى عَلَى رَبِّى بِثَنَاءٍ وَتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ - قَالَ - ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِى حَدًّا فَأَخْرُجُ فَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ». قَالَ قَتَادَةُ وَقَدْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ «فَأَخْرُجُ فَأُخْرِجُهُمْ مِنَ النَّارِ وَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ، حَتَّى مَا يَبْقَى فِي النَّارِ إِلاَّ مَنْ حَبَسَهُ الْقُرْآنُ أَىْ وَجَبَ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ بغير إذن من الله في قتله. (فيأتوني فأستأذن على ربي في داره) أي في دخوله في داره، أي: في الجنة، لأن من أسمائه تعالى السلام، ومن أسماء الجنة دار السلام، والله يدعو إلى دار السلام. أو الإضافة للتشريف كما في قوله: {وَادْخُلِي جَنَّتِي (30)} [الفجر: 30]. ومن سقط الكلام ما يقال: استأذن في داري، على أن الضمير لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإنما التفت من التكلم إلى الغيبة، وكيف يقبل الذوق السليم ضد الالتفات على أن الجنة ليست داره، بل هي دار جميع المؤمنين. وليس المعنى أنه يدخله منزله الخاص في أعلى الجنان. وقد أشرنا إلى أن السرّ في الشفاعة في الجنة أنها دار الرحمة ومحل الأماني. وليت شعري ما يقول في قوله (على ربي) وقوله (فيؤذن لي عليه) إذ معناه على ذلك التقدير: فاستأذن ربي في أن أدخل على ربي في داري (فيؤذن رأيته وقعت له ساجدًا فيدَعني ما شاء الله) قد أشرنا أنه يدعه في تلك السجدة مقدار سبعة أيام من أيام الدنيا (فأخرج فأُخرجهم) الأول بفتح الهمزة، والثاني بضمها (فأدخلهم الجنة حتى ما يبقى في النار إلا من حبسه القرآن) أي وجب عليه الخلود. فإن قلت: هذا يدل على أن من يخرج بشفاعته وقد تقدم آنفًا أن الله يقول "بقيت شفاعتي فقبض قبضة". قلت: قوله (حتى ما يبقى) ليس غاية لإخراجهم بل لذهابه ومجيئه.

الْخُلُودُ - قَالَ - ثُمَّ تَلاَ هَذِهِ الآيَةَ (عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا) قَالَ وَهَذَا الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ الَّذِى وُعِدَهُ نَبِيُّكُمْ - صلى الله عليه وسلم -». طرفه 44 7441 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنِى عَمِّى حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَرْسَلَ إِلَى الأَنْصَارِ فَجَمَعَهُمْ فِي قُبَّةٍ وَقَالَ لَهُمُ «اصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوُا اللَّهَ وَرَسُولَهُ، فَإِنِّى عَلَى الْحَوْضِ». طرفه 3146 7442 - حَدَّثَنِى ثَابِتُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ سُلَيْمَانَ الأَحْوَلِ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا تَهَجَّدَ مِنَ اللَّيْلِ قَالَ «اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، أَنْتَ الْحَقُّ، وَقَوْلُكَ ـــــــــــــــــــــــــــــ فأخروها به لينظر فلم يجد أحدًا ولله الحمد وله المنة. (ثم تلا هذه الآية: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79]) التالي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. أشار إلى أن المراد بالمقام المحمود هو ذاك المقام الذي يحمده فيه الأولون والآخرون. عليه صلوات الله بعدد من شفع فيه وأضعاف ذلك. 7441 - وحديث أنس (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرسل إلى الأنصار فجمعهم في قبة) سلف في غزوة حنين. وذلك أنه لما آثر ناسًا من قريش بالعطاء عتبوا عليه. وموضع الدلالة هنا قوله: (فاصبروا حتى تلقوا الله) فإن اللقاء وإن كان يعبر به عن الموت وعن يوم القيامة إلا أنه حمله هنا على الرؤية. 7442 - وكذا حديث ابن عباس في التهجد سلف هناك. وموضع الدلالة هنا (ولقاؤك حق) فإنه حمله على الرؤية (أنت قيم السماوات) قد سلف في أن القائم بنفسه المقيم لغيره، وكذا القيوم والقيام (نور السماوات والأرض) هو منيرهما أو هادي من فيهما (قولك

الْحَقُّ، وَوَعْدُكَ الْحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ الْحَقُّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ خَاصَمْتُ، وَبِكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِى مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَأَسْرَرْتُ وَأَعْلَنْتُ، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّى، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ وَأَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ طَاوُسٍ قَيَّامٌ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ الْقَيُّومُ الْقَائِمُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ. وَقَرَأَ عُمَرُ الْقَيَّامُ، وَكِلاَهُمَا مَدْحٌ. طرفه 1120 7443 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنِى الأَعْمَشُ عَنْ خَيْثَمَةَ عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ، لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ وَلاَ حِجَابٌ يَحْجُبُهُ». طرفه 1413 7444 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ عَنْ أَبِى عِمْرَانَ عَنْ أَبِى بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «جَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَجَنَّتَانِ مِنْ ذَهَبٍ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَمَا بَيْنَ الْقَوْمِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى رَبِّهِمْ إِلاَّ رِدَاءُ الْكِبْرِ عَلَى وَجْهِهِ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ». طرفه 4878 ـــــــــــــــــــــــــــــ الحق، ووعدك الحق) من عطف الخاص على العام. 7443 - (أبو أسامة) بضم الهمزة (خيثمة) بالخاء المعجمة وثاء مثلثة، وحديث عدي بن حاتم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان) بضم الباء وفتحها، من يكون واسطة بين المتكلم والمخاطب. وموضع الدلالة قوله: (ولا حجاب) فإنه يدل على الرؤية، والحجاب إنما هو من طرف الرائي، وإلا فالله منزه عن الحجاب، بل هو محتجب عن الخلق بأنوار عظمته وكبريائه، كلت البصائر عن إدراكه، فكيف بالأبصار؟ سبحانك ما عرفناك حق معرفتك. 7444 - (أبي عمران) هو الجوني عبد الملك. وحديث أبي موسى وهو (عبد الله بن قيس)، (وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن) ظرف لينظروا خاطب العرب بما كانوا يعرفونه، فإنهم الذين ابتدعوا الاستعارات البديعة، والتشبيهات الغريبة، شبه المانع من الرؤيا بالرداء، وإزالته بكشف الوجه من تحت الرداء، ولا رداء فلا وجه هناك حقيقة. تعالى عن ذلك علوًا كبيرًا، ولبعضهم هنا كلام غريب

7445 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكُ بْنُ أَعْيَنَ وَجَامِعُ بْنُ أَبِى رَاشِدٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنِ اقْتَطَعَ مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينٍ كَاذِبَةٍ، لَقِىَ اللَّهَ وَهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ». قَالَ عَبْدُ اللَّهِ ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِصْدَاقَهُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً أُولَئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ) الآيَةَ. طرفه 2356 7446 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ رَجُلٌ حَلَفَ عَلَى سِلْعَةٍ لَقَدْ أَعْطَى بِهَا أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَى وَهْوَ كَاذِبٌ، وَرَجُلٌ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ كَاذِبَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، وَرَجُلٌ مَنَعَ فَضْلَ مَاءٍ فَيَقُولُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، الْيَوْمَ أَمْنَعُكَ فَضْلِى، كَمَا مَنَعْتَ فَضْلَ مَا لَمْ تَعْمَلْ يَدَاكَ». طرفه 2358 ـــــــــــــــــــــــــــــ قال: مفهومه بيان قرب النظر، ورداء الكبرياء لا يكون مانعًا من الرؤية ثم قال: عبر عن زوال المانع عن الإبصار بإزالة الرداء، ثم قال: ولا يلزم من عدم الرؤية في جنة عدن عدمها. 7445 - (أعين) بفتح الهمزة آخره نون (من اقتطع مال امرئ مسلم بيمين كاذبة لقي الله وهو عليه غضبان) فإنه حمله على الرؤية. 7446 - وحديث أبي هريرة أيضًا سبق هناك مع شرحه مستوفى (ولا ينظر إليهم) كناية عن الإهانة (حلف على يمين كاذبه بعد العصر) وهذا ليس بقيد بل بناء على الغالب، فإن اليمين الكاذبة أكثر ما تكن بعد العصر لأنه وقت الإنفاق (ورجل منع فضل ماء) أي ما زاد عن حاجته، وإن كان الماء ملكًا له كما منعت فضل ما لم تعمل يداك، فإن الماء من فضل الله وإن كان الحفر من الإنسان.

7447 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ أَبِى بَكْرَةَ عَنْ أَبِى بَكْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الزَّمَانُ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ثَلاَثٌ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو الْقَعَدَةِ وَذُو الْحَجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِى بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ، أَىُّ شَهْرٍ هَذَا». قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ يُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ قَالَ «أَلَيْسَ ذَا الْحَجَّةِ». قُلْنَا بَلَى. قَالَ «أَىُّ بَلَدٍ هَذَا». قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ قَالَ «أَلَيْسَ الْبَلْدَةَ». قُلْنَا بَلَى. قَالَ «فَأَىُّ يَوْمٍ هَذَا». قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ قَالَ «أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ». قُلْنَا بَلَى. قَالَ «فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ - قَالَ مُحَمَّدٌ وَأَحْسِبُهُ قَالَ وَأَعْرَاضَكُمْ - عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، وَسَتَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ فَيَسْأَلُكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ، أَلاَ فَلاَ تَرْجِعُوا بَعْدِى ضُلاَّلاً، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ، أَلاَ لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، فَلَعَلَّ بَعْضَ مَنْ يَبْلُغُهُ أَنْ يَكُونَ أَوْعَى مِنْ بَعْضِ مَنْ سَمِعَهُ». فَكَانَ مُحَمَّدٌ إِذَا ذَكَرَهُ قَالَ صَدَقَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قَالَ «أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ». طرفه 67 ـــــــــــــــــــــــــــــ 7447 - (عن محمد) هو ابن سيرين (عن أبي بكرة) نفيع بن الحارث وابنه عبد الرحمن وحديثه (إن الزمان قد استدار) سلف في أبواب الحج، وموضع الدلالة قوله: (وستلقون ربكم) يقال: دار الشيء واستدار بمعنى، وفيه دليل على أن أول الزمان (محرم ورجب مضر) مضافة إليهم لأنهم كانوا أكثر تعظيمًا له من غيرهم، قاله ابن الأثير (بين جمادى وشعبان) احتراز عن النسيء من التقديم والتأخير (السنة اثنا عشر شهرًا) فإن العرب في النسيء كانوا يجعلون بعض السنين ثلاثة عشر شهرًا، وتمام الكلام في سورة براءة (فكان محمد إذا ذكره يقول: صدق النبي - صلى الله عليه وسلم -) وقد رأى أن كثيرًا من السامعين أوعى ثم قال: (ألا هل بلغت) القائل ابن سيرين.

25 - باب ما جاء فى قول الله تعالى (إن رحمة الله قريب من المحسنين)

25 - باب مَا جَاءَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) 7448 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةَ قَالَ كَانَ ابْنٌ لِبَعْضِ بَنَاتِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْضِى، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَهَا فَأَرْسَلَ «إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ، وَلَهُ مَا أَعْطَى، وَكُلٌّ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ». فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ فَأَقْسَمَتْ عَلَيْهِ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقُمْتُ مَعَهُ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَأُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ وَعُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، فَلَمَّا دَخَلْنَا نَاوَلُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الصَّبِىَّ وَنَفْسُهُ تَقَلْقَلُ فِي صَدْرِهِ - حَسِبْتُهُ قَالَ - كَأَنَّهَا شَنَّةٌ، فَبَكَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ أَتَبْكِى فَقَالَ «إِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ». طرفه 1284 7449 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «اخْتَصَمَتِ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ إِلَى رَبِّهِمَا ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ما جاء في قوله تعالى: {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف: 56] قال صاحب "الكشاف": إنما ذكر قريب لأن الرحمة بمعنى الرحم والترحم، أو لأنه صفة مقدر أي شيء قريب، أو تشبيهًا بفعيل الذي بمعنى المفعول كما شبه به ذاك فقيل: قتلاء وأسراء؛ لأنه على زنة المصدر كالهدير، أو لأن تأنيث الرحمة غير حقيقي. 7448 - روى في الباب حديث أسامة (كان ابن لبعض بنات النبي - صلى الله عليه وسلم -) وهي زينب أكبر بناته (يقضي) أي في حال الموت. سلف الحديث في الجنائز، وموضع الدلالة قوله (إنما يرحم الله من عباده الرحماء) فإن الرحماء هم المحنون (ناولوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصبي ونفسه تَقلقل) بصوت في صوت. 7449 - (كيسان) بفتح الكاف، وحديث أبي هريرة (اختصمت الجنة والنار إلى ربهما) وفي رواية همام "تحاجت"، وفي مسلم "احتجت"، وفي رواية "اختصمت" شرح لهما

فَقَالَتِ الْجَنَّةُ يَا رَبِّ مَا لَهَا لاَ يَدْخُلُهَا إِلاَّ ضُعَفَاءُ النَّاسِ وَسَقَطُهُمْ. وَقَالَتِ النَّارُ - يَعْنِى - أُوثِرْتُ بِالْمُتَكَبِّرِينَ. فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِلْجَنَّةِ أَنْتِ رَحْمَتِى. وَقَالَ لِلنَّارِ أَنْتِ عَذَابِى أُصِيبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا مِلْؤُهَا - قَالَ - فَأَمَّا الْجَنَّةُ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِنْ خَلْقِهِ أَحَدًا، وَإِنَّهُ يُنْشِئُ لِلنَّارِ مَنْ يَشَاءُ ـــــــــــــــــــــــــــــ (فقالت الجنة: يا رب ما لها لا يدخلها إلا أخساء الناس وسَقَطُهم) في الضمير التفات، والأصل فإني لا يدخلني، والسَقَط بفتح السيق والقاف: من كل شيء رديئه. قال الطيبي: المحاجة المغالبة في الخصام، وقال غيره: حاصل خصامهما المغالبة والافتخار من كل واحدة بما خصت به، وهذا سهو منهم فإن الخصام هنا مجاز عن الشكاية ألا ترى إلى قول كل واحدة: ما لها لا يدخل إلا كذا قول الجنة: من الضعفاء والسقط، وقول النار: ما لي لا يدخلني إلا المتكبرون والجبارون، وهل يعقل أن تفتخر بمثل هذه الأشياء، وهل يقال في معرض الافتخار: ما لي، ألا ترى قول سليمان: {مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ} [النمل: 20] كأنه يرى نقصًا في ملكه. (فقال الله للجنة: أنت رحمتي، وللنار: أنت عذابي) أي أنتما تحت مشيئتي لا إرادة لكما (أما الجنة فإن الله لا يظلم من خلقه أحدًا) ينقصان أجره (وإنه ينشئ للنار من يشاء) اضطرب العلماء في توجيه هذا الكلام اضطرابًا شديدًا، ونحن ننقل ما قالوه، ونشير إلى ما فيه، ثم نذكر ما وفقنا له من الحق بتوفيق علام الغيوب، قال بعضهم: الذي نعرفه أن الله ينشئ للجنة خلقًا يسكنها، وأما الإنشاء للنار فلا علم لنا به، وقيل هذا مطلوب فإنه وصف أهل الجنة، وقيل: غلطٌ من الراوي، وقال القاضي: هؤلاء هم القَدَم الذي في الحديث: "يضع الجبار فيهما قدمه". وهو باطل من وجهين: الأول: أن تفسير القدم بهذا مخالف للإجماع، فإن الله لا يعذب أحدًا من غير ذنب، وإن كان جائزًا عقلًا. قال تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: 15]. وبه يسقط قول من قال: الرواية ثابتة، ولله أن يعذب من يشاء. الثاني: أنه لو سلم أن المعنى هو ذاك فلا يصح حمل هذا عليه، فإن القدم مذكور بعده. وقيل: لا يلزم من دخولهم النار عذابهم، وهذا أيضًا ليس بشيء لقوله تعالى: {إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ} [آل عمران: 192] , ولقوله: {لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ} [البقرة: 162] وقال الشيخ البلقيني: حمله على حجارة تلقى في النار أقرب. وهذا أيضًا من ذلك النمط؛ لأن مع من الموصولة ضمير العقلاء في يلقون يدفعه، هذا الذى نقلنا مبلغ علمهم. ونحن نقول: هؤلاء الذين أشار إليهم بقوله: "ينشئ للنار من يشاء" هم الذين ماتوا

26 - باب قول الله تعالى (إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا)

فَيُلْقَوْنَ فِيهَا فَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ. ثَلاَثًا، حَتَّى يَضَعَ فِيهَا قَدَمَهُ فَتَمْتَلِئُ وَيُرَدُّ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ وَتَقُولُ قَطْ قَطْ قَطْ». طرفه 4849 7450 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَيُصِيبَنَّ أَقْوَامًا سَفْعٌ مِنَ النَّارِ بِذُنُوبٍ أَصَابُوهَا عُقُوبَةً، ثُمَّ يُدْخِلُهُمُ اللَّهُ الْجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ يُقَالُ لَهُمُ الْجَهَنَّمِيُّونَ». وَقَالَ هَمَّامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةٌ حَدَّثَنَا أَنَسٌ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 6559 26 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ أَنْ تَزُولاَ) 7451 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ جَاءَ حَبْرٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا ـــــــــــــــــــــــــــــ على الكفر من الجن والإنس. وبيان ذلك أن الله تعالى ذكر في كلامه النشأة الأولى بقوله: {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى}، وذكر النشأة الأخرى بقوله: {ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ} [العنكبوت: 20]. وما في الحديث إشارة إلى هذه النشأة، ومعنى الكلام أن الله يقيد للنار من يشاء، أي تعلقت به مشيئته في الأزل. وكان الظاهر أن يقول: من شاء بلفظ الماضي، إلا أنه أتى بالمضارع موافقة للفظ ينشئ، أو استحضارًا للصورة، ومثله قوله تعالى: {وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا} [فاطر: 9] وهذا باب في البلاغة معروف. ولو كان الأمر كما توهموه من أن الله يخلق للنار طائفة جديدة لم يكن لقوله {فيلقون فيها فتقول هل من مزيد} فائدة؛ لأن خلقهم إنما كان لامتلائها كما قالوه في القَدَم، فقد زال الإشكال، ولله المن على هذه الأفضال. فإن قلت: قوله: "أما الجنة فإن الله لا يظلم أحدًا من خلقه" كيف ارتباطه؟ قلت: تقديره: يدخلها كل مؤمن، فإن الله لا يظلم مثقال ذرة، فهو من إقامة السبب مقام المسبب. 7450 - (سفع من النار) -بفتح السين المعجمة المهملة، والفاء- لهب النار (وقال همام) فائدة هذا التعليق دفع وهم التدليس. باب قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} [فاطر:41] 7451 - (أبو عوانة) بفتح العين روى في الباب حديث ابن مسعود (أن حَبْرًا قال: يا

27 - باب ما جاء فى تخليق السموات والأرض وغيرها من الخلائق

مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ يَضَعُ السَّمَاءَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالأَرْضَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْجِبَالَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالشَّجَرَ وَالأَنْهَارَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَسَائِرَ الْخَلْقِ عَلَى إِصْبَعٍ، ثُمَّ يَقُولُ بِيَدِهِ أَنَا الْمَلِكُ فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ «(وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ)». طرفه 4811 27 - باب مَا جَاءَ فِي تَخْلِيقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْخَلاَئِقِ وَهْوَ فِعْلُ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَأَمْرُهُ، فَالرَّبُّ بِصِفَاتِهِ وَفِعْلِهِ وَأَمْرِهِ، وَهْوَ الْخَالِقُ، هُوَ الْمُكَوِّنُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَمَا كَانَ بِفِعْلِهِ وَأَمْرِهِ وَتَخْلِيقِهِ وَتَكْوِينِهِ، فَهْوَ مَفْعُولٌ مَخْلُوقٌ مُكَوَّنٌ. 7452 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ أَخْبَرَنِى شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى نَمِرٍ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ بِتُّ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ لَيْلَةً وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَهَا لأَنْظُرَ كَيْفَ صَلاَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِاللَّيْلِ، فَتَحَدَّثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَعَ أَهْلِهِ سَاعَةً ثُمَّ رَقَدَ، فَلَمَّا كَانَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ أَوْ بَعْضُهُ قَعَدَ فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــ محمد إن الله يضع السماء على إصبع) تقدم في باب ما خلقت بيدي. باب ما جاء في تخليق السموات والأرض التخليق أخص من الخلق لأنه خلق الشيء تامًّا، قال تعالى مشيرًا إليه: {مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ} [الحج: 5] أي تامة الخلق والسقط (وهو فعل الرب وأمره) الضمير للتخليق، والمعنى: أنه حدث بكلمة كن (فالرب تعالى بصفاته وفعله وأمره وكلامه، وهو الخالق المكون غير مخلوق) وهذا ظاهر إلا قوله وفعله فإن كون فعله قديمًا ليس مذهبًا، وإن حمل على التكوين لا يستقيم أيضًا؛ لأنه ذكر التكوين بعده، ولم يوجد لفظ فعله في بعض النسخ وهو الصواب عندي. 7452 - (أبي نَمِر) بفتح النون وكسر الميم (كُريب) بضم الكاف مصغر روى في الباب حديث ابن عباس في التهجد.

28 - باب قوله تعالى (ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين)

فَقَرَأَ (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ) إِلَى قَوْلِهِ (لأُولِى الأَلْبَابِ) ثُمَّ قَامَ فَتَوَضَّأَ وَاسْتَنَّ، ثُمَّ صَلَّى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، ثُمَّ أَذَّنَ بِلاَلٌ بِالصَّلاَةِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى لِلنَّاسِ الصُّبْحَ. طرفه 117 28 - باب قَوْلِهِ تَعَالَى (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ) 7453 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَمَّا قَضَى اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ عِنْدَهُ فَوْقَ عَرْشِهِ، إِنَّ رَحْمَتِى سَبَقَتْ غَضَبِى». طرفه 3194 7454 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ وَهْبٍ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ «إِنَّ خَلْقَ أَحَدِكُمْ يُجْمَعُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ يَكُونُ ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: ليس في حديث ابن عباس ما يدل على الترجمة. قلت: هذا دأبه في الاستدلال بالخفي. وقد سلف قريبًا أنه قال في دعائه تلك الليلة:"اللهم أنت رب السماوات والأرض ومن فيهن". باب {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171)} [الصافات: 171] 7453 - (لما قضى الله الخلق) أي: تعلقت إرادته بإيجاد ما في عمله القديم من المخلوقات (كتب عنده فوق عرشه: إن رحمتي سبقت غضبي) قد تقدم أن معنى عنده كناية عن غاية الاعتبار, وأنه من الأمور التي يفوضها إلى الملائكة. ومعنى السبق والغلبة كثرة أفراد المرحومين, بل ليس هناك كائن إلا مشمول برحمته, إما في الدارين, أو في إحداهما. فإن بسط الوجود على الماهيات المعدومة من أول رحمته أول فيض منه. 7454 - (قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو الصادق المصدوق) أي القائل صدقًا في كل أقواله, وكذا كل ما يقال له. حتى رؤياه فإنه قطع صدقًا ونوع من الوحي. وحديث ابن مسعود قد سلف في كتاب القدر (إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه) أي: ما يخلق منه وهي النطفة،

عَلَقَةً مِثْلَهُ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَهُ، ثُمَّ يُبْعَثُ إِلَيْهِ الْمَلَكُ فَيُؤْذَنُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ، فَيَكْتُبُ رِزْقَهُ وَأَجَلَهُ وَعَمَلَهُ وَشَقِىٌّ أَمْ سَعِيدٌ ثُمَّ يَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، حَتَّى لاَ يَكُونُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ إِلاَّ ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُ النَّارَ، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ إِلاَّ ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ، فَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا». طرفه 3208 7455 - حَدَّثَنَا خَلاَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ سَمِعْتُ أَبِى يُحَدِّثُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَا جِبْرِيلُ مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَزُورَنَا أَكْثَرَ مِمَّا تَزُورُنَا». فَنَزَلَتْ (وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا) إِلَى آخِرِ الآيَةِ. قَالَ هَذَا كَانَ الْجَوَابَ لِمُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 3218 7456 - حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنْتُ أَمْشِى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي حَرْثٍ بِالْمَدِينَةِ وَهْوَ مُتَّكِئٌ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــ ومعنى الجمع أن المني بعد نزوله يتفرق في أجزاء المرأة حتى يكون تحت كل شعرة نطفة. وقد سبق تحقيق الكلام هناك، قوله: (فيسبق عليه الكتاب) فإنه يدل على القدر، والكتاب علم الله واللوح الذي فيه تبيان كل شيء. والمراد بالكلمات القضايا، والمراد بالذراع: غاية القرب تصوير للمعقول في صورة المحسوس. 7455 - وحديث (ابن عباس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: يا جبريل ما منعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا) تقدم في سورة مريم، وموضع الدلالة ({وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ} [مريم: 64]) فإن الأمر عبارة عن الكلام. 7456 - وحديث ابن مسعود (كنت أمشي مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في حرث المدينة) تقدم ضبطه في سورة الإسراء بالحاء المهملة وثاء مثلثة، أو خاء معجمة وباء موحدة (وهو يتوكأ على

عَسِيبٍ، فَمَرَّ بِقَوْمٍ مِنَ الْيَهُودِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ سَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ لاَ تَسْأَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ. فَسَأَلُوهُ فَقَامَ مُتَوَكِّئًا عَلَى الْعَسِيبِ وَأَنَا خَلْفَهُ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ فَقَالَ (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّى وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً) فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ قَدْ قُلْنَا لَكُمْ لاَ تَسْأَلُوهُ. طرفه 125 7457 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «تَكَفَّلَ اللَّهُ لِمَنْ جَاهَدَ فِي سَبِيلِهِ، لاَ يُخْرِجُهُ إِلاَّ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ، وَتَصْدِيقُ كَلِمَاتِهِ، بِأَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، أَوْ يَرْجِعَهُ إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذِى خَرَجَ مِنْهُ، مَعَ مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ». طرفه 36 7458 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ الرَّجُلُ يُقَاتِلُ حَمِيَّةً وَيُقَاتِلُ شَجَاعَةً وَيُقَاتِلُ رِيَاءً، فَأَىُّ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِىَ الْعُلْيَا، فَهْوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ». طرفه 123 ـــــــــــــــــــــــــــــ عسيب) غصن النخل إذا جرد عن خوصه (فظننت أنه يوحى إليه) ويأتي بعده (فعلمت) فإما أن يكون أحدهما بمعنى الآخر، أو ظن أولًا ثم تيقن (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّى) [الإسراء: 85]) أي من المخلوقات الكائنة بكلمة كن كسائر الأشياء وأهل الحق على أنه جسم نوراني باتصاله الحياة، وانفصاله الممات. وحمله على جبريل، وعلى القرآن لا وجه له في هذا المقام، وأي غرض لليهودي في ذلك. 7457 - 7458 - (عن أبي الزِناد) بكسر الزاي بعدها نون، حديث أبي هريرة (تكفل الله لمن جاهد في سبيله) أي وعدٌ له سلف في أبواب الجهاد، وموضع الدلالة قوله: (وتصديق كلماته) أي أحكامه فإن الكلمة لا توصف بالصدق والكذب وكذا حديث أبي موسى بعده (لتكون كلمة الله هي العليا) أي كلمة التوحيد فإن الجملة تطلق عليها الكلمة، أو دينه وشرعه من إطلاق السبب على المسبب.

29 - باب قول الله تعالى (إنما قولنا لشئ)

29 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَىْءٍ) 7459 - حَدَّثَنَا شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ يَزَالُ مِنْ أُمَّتِى قَوْمٌ ظَاهِرِينَ عَلَى النَّاسِ، حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ». طرفه 3640 7460 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ جَابِرٍ حَدَّثَنِى عُمَيْرُ بْنُ هَانِئٍ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ يَزَالُ مِنْ أُمَّتِى أُمَّةٌ قَائِمَةٌ بِأَمْرِ اللَّهِ، مَا يَضُرُّهُمْ مَنْ كَذَّبَهُمْ، وَلاَ مَنْ خَالَفَهُمْ، حَتَّى يَأْتِىَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ». فَقَالَ مَالِكُ بْنُ يُخَامِرَ سَمِعْتُ مُعَاذًا يَقُولُ وَهُمْ بِالشَّأْمِ. فَقَالَ مُعَاوِيَةُ هَذَا مَالِكٌ يَزْعُمُ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاذًا يَقُولُ وَهُمْ بِالشَّأْمِ. طرفه 71 7461 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى حُسَيْنٍ حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ وَقَفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى مُسَيْلِمَةَ فِي أَصْحَابِهِ فَقَالَ «لَوْ سَأَلْتَنِى هَذِهِ الْقِطْعَةَ مَا أَعْطَيْتُكَهَا، وَلَنْ تَعْدُوَ أَمْرَ اللَّهِ فِيكَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (40)} كذا وقع في أكثر النسخ، وصوابه {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ} [النحل: 40]، اختلفوا في إيجاد الأشياء بكلمة كن، حقيقة أو مجازًا عن سرعة تكون المراد بعد تعلق الإرادة. 7459 - روى في الباب حديث المغيرة بن شعبة (لا يزال من أمتي قوم ظاهرين على الناس) قد سلف مرارًا، وموضع الدلالة قوله: {حتى يأتي أمر الله} أي الساعة (عبّاد) بفتح العين وتشديد الباء (حُميد) بضم الحاء مصغر. 7460 - (الحُميدي) بضم الحاء مصغر منسوب (يُخامر) بضم المثناة تحت وخاء معجمة. 7461 - وحديث ابن عباس (وقف النبي - صلى الله عليه وسلم - على مسيلمة) تقدم في المغازي، وموضع الدلالة هنا قوله: {ولن تعدوَ أمرَ الله فيك} أي ما قدر عليك من الإيمان والكفر

30 - باب قول الله تعالى

وَلَئِنْ أَدْبَرْتَ لَيَعْقِرَنَّكَ اللَّهُ». طرفه 3620 7462 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ بَيْنَا أَنَا أَمْشِى مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي بَعْضِ حَرْثِ الْمَدِينَةِ وَهْوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى عَسِيبٍ مَعَهُ، فَمَرَرْنَا عَلَى نَفَرٍ مِنَ الْيَهُودِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ سَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ لاَ تَسْأَلُوهُ أَنْ يَجِئَ فِيهِ بِشَىْءٍ تَكْرَهُونَهُ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَنَسْأَلَنَّهُ. فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَقَالَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ مَا الرُّوحُ فَسَكَتَ عَنْهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَعَلِمْتُ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ فَقَالَ (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّى وَمَا أُوتُوا مِنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً). قَالَ الأَعْمَشُ هَكَذَا فِي قِرِاءَتِنَا. طرفه 125 30 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّى لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّى وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا). وَ (لَوْ أَنَّ مَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ) (إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِى خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِى اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ). سخر: ذلل. ـــــــــــــــــــــــــــــ ولذلك قال: (ولئن أدبرت ليَعقِرنّك الله) وكذلك جرى قتله وحشي، ومضى إلى الدرك الأسفل. 7462 - وحديث ابن مسعود في سؤال اليهود عن الروح تقدم في الباب قبله، ومنه زيادة قوله: {وما أوتوا من العلم إلا قليلًا} وهي قراءة شاذة. باب قوله تعالى: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي} [الكهف: 109] عن ابن عباس: نزلت بعد ما نزل قوله تعالى: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 85] قال اليهود: وكيف وقد أوتينا التوراة وبه يظهر أن المراد بالكلمات قضاياه ومعلوماته، وقيل: أراد إثبات كلامه تعالى ولا وجه له لأنه تقدم في الباب قبله.

31 - باب فى المشيئة والإرادة

7463 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «تَكَفَّلَ اللَّهُ لِمَنْ جَاهَدَ فِي سَبِيلِهِ، لاَ يُخْرِجُهُ مِنْ بَيْتِهِ إِلاَّ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ، وَتَصْدِيقُ كَلِمَتِهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، أَوْ يَرُدَّهُ إِلَى مَسْكَنِهِ بِمَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ». طرفه 36 31 - باب فِي الْمَشِيئَةِ وَالإِرَادَةِ (وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ) وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (تُؤْتِى الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ). (وَلاَ تَقُولَنَّ لِشَىْءٍ إِنِّى فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا * إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ). (إِنَّكَ لاَ تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِى مَنْ يَشَاءُ). قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ نَزَلَتْ فِي أَبِى طَالِبٍ. (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ). 7464 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا دَعَوْتُمُ اللَّهَ فَاعْزِمُوا فِي الدُّعَاءِ، وَلاَ يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ إِنْ شِئْتَ فَأَعْطِنِى، فَإِنَّ اللَّهَ لاَ مُسْتَكْرِهَ لَهُ». طرفه 6338 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب في المشيئة والإرادة لفظان مترادفان معناهما ما يوجب ترجيح أحد المعدومين على عموم الإرادة لكل شيء -طاعة كانت أو معصية- بالآيات الدالة على ذلك، والمخالف في الإرادة الفلاسفة، وفي عموم تعلقها بالمعصية المعتزلة. 7464 - وروى في الباب حديث أنس (إذا دعوتم الله فاعزموا المسألة) بهمزة الوصل أي اجزموا، وقد سلف الحديث، وموضع الدلالة قوله: (ولا يقولن أحدكم: إن شئت فأعطني) فإنه يدل على تعلق المشيئة بكل شيء.

7465 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ. وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى أَخِى عَبْدُ الْحَمِيدِ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى عَتِيقٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِىِّ بْنِ حُسَيْنٍ أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِىٍّ - عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ - أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِىَّ بْنَ أَبِى طَالِبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - طَرَقَهُ وَفَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةً فَقَالَ لَهُمْ «أَلاَ تُصَلُّونَ». قَالَ عَلِىٌّ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا أَنْفُسُنَا بِيَدِ اللَّهِ، فَإِذَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَنَا بَعَثَنَا، فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ قُلْتُ ذَلِكَ، وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَىَّ شَيْئًا، ثُمَّ سَمِعْتُهُ وَهْوَ مُدْبِرٌ يَضْرِبُ فَخِذَهُ وَيَقُولُ «(وَكَانَ الإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَىْءٍ جَدَلاً)». طرفه 1127 7466 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ حَدَّثَنَا هِلاَلُ بْنُ عَلِىٍّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ خَامَةِ الزَّرْعِ، يَفِئُ وَرَقُهُ مِنْ حَيْثُ أَتَتْهَا الرِّيحُ تُكَفِّئُهَا، فَإِذَا سَكَنَتِ اعْتَدَلَتْ، وَكَذَلِكَ الْمُؤْمِنُ يُكَفَّأُ بِالْبَلاَءِ، وَمَثَلُ الْكَافِرِ كَمَثَلِ الأَرْزَةِ صَمَّاءَ مُعْتَدِلَةً حَتَّى يَقْصِمَهَا اللَّهُ إِذَا شَاءَ». طرفه 5644 ـــــــــــــــــــــــــــــ 7465 - وحديث علي بن أبي طالب (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طرقه وفاطمة) أي أتاهما ليلًا قد مر في أبواب التهجد، وقريبًا أيضًا. وموضع الدلالة قوله: (إن أنفسنا بيد الله إن شاء أن يبعثنا بعثنا)، (عن علي بن حسين) هو الإمام زين العابدين بن حسين بن علي رضي الله عنهم. 7466 - وحديث أبي هريرة (مثل المؤمن كمثل الخامة) تقدم في الرقائق، وقد سلف شرحه. وموضع الدلالة آخر الحديث (يقصمها الله إذا شاء) بالقاف: كسر الشيء مع الإبانة، وبالفاء كسر بدون إبانة والخامة: الطاقة الواحدة اللينة من الزرع، وألفها منقلبة عن الواو. و (تُكفِئها) بضم التاء وكسر الفاء المكسورة أي تَقلبها (ومثل الكافر) وفي رواية "الفاجر" والمعنى واحد (كمثل الأرزة) بفتح الهمزة والراء، وقد تسكن الراء وبعدها معجمة وهو الصنوبر، والصماء ..... التي لا تخلخل فيها.

7467 - حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ «إِنَّمَا بَقَاؤُكُمْ فِيمَا سَلَفَ قَبْلَكُمْ مِنَ الأُمَمِ، كَمَا بَيْنَ صَلاَةِ الْعَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، أُعْطِىَ أَهْلُ التَّوْرَاةِ التَّوْرَاةَ، فَعَمِلُوا بِهَا حَتَّى انْتَصَفَ النَّهَارُ، ثُمَّ عَجَزُوا، فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا، ثُمَّ أُعْطِىَ أَهْلُ الإِنْجِيلِ الإِنْجِيلَ، فَعَمِلُوا بِهِ حَتَّى صَلاَةِ الْعَصْرِ، ثُمَّ عَجَزُوا، فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا، ثُمَّ أُعْطِيتُمُ الْقُرْآنَ فَعَمِلْتُمْ بِهِ حَتَّى غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَأُعْطِيتُمْ قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ، قَالَ أَهْلُ التَّوْرَاةِ رَبَّنَا هَؤُلاَءِ أَقَلُّ عَمَلاً وَأَكْثَرُ أَجْرًا. قَالَ هَلْ ظَلَمْتُكُمْ مِنْ أَجْرِكُمْ مِنْ شَىْءٍ قَالُوا لاَ. فَقَالَ فَذَلِكَ فَضْلِى أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ». طرفه 557 7468 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ الْمُسْنَدِىُّ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى إِدْرِيسَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي رَهْطٍ فَقَالَ «أُبَايِعُكُمْ عَلَى أَنْ لاَ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلاَ تَسْرِقُوا، وَلاَ تَزْنُوا، وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلاَدَكُمْ، وَلاَ تَأْتُوا بِبُهْتَانٍ تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ وَلاَ تَعْصُونِى فِي مَعْرُوفٍ، فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَأُخِذَ بِهِ فِي الدُّنْيَا فَهْوَ لَهُ كَفَّارَةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ 7467 - وحديث ابن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إنما بقاؤكم فيمن كان قبلكم من الأمم كما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس) وقد سلف مع شرحه مستوفى في أبواب الصلاة، وموضع الدلالة قوله في آخر الحديث: (فذلك فضلي أوتيه من أشاء). 7468 - (عبد الله المسندي) -بفتح النون- كان يتبع الأسانيد فنسب إليه (عن أبي إدريس) هو الخولاني عائذ الله. وحديث عبادة بن الصامت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال (أبايعكم على أن لا تشركوا بالله شيئًا) تقدم في الإيمان وغيره، وموضع الدلالة آخر الحديث (ومن ستره الله فذلك إلى الله إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له). (في رهط) وهو ما دون العشرة من الرجال، وقيل: إلى الأربعين وكذا هناك لأنهم كانوا اثني عشر (ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم) تخترعونه من عند أنفسكم، وقد أشرنا مرارًا إلى أن هذا الحديث يدل على

وَطَهُورٌ، وَمَنْ سَتَرَهُ اللَّهُ فَذَلِكَ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ». طرفه 18 7469 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ سُلَيْمَانَ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - كَانَ لَهُ سِتُّونَ امْرَأَةً فَقَالَ لأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى نِسَائِى، فَلْتَحْمِلْنَ كُلُّ امْرَأَةٍ وَلْتَلِدْنَ فَارِسًا يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَطَافَ عَلَى نِسَائِهِ، فَمَا وَلَدَتْ مِنْهُنَّ إِلاَّ امْرَأَةٌ وَلَدَتْ شِقَّ غُلاَمٍ. قَالَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ كَانَ سُلَيْمَانُ اسْتَثْنَى لَحَمَلَتْ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ، فَوَلَدَتْ فَارِسًا يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ». طرفه 2819 7470 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِىُّ حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَلَى أَعْرَابِىٍّ يَعُودُهُ فَقَالَ «لاَ بَأْسَ عَلَيْكَ طَهُورٌ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ». قَالَ قَالَ الأَعْرَابِىُّ: ـــــــــــــــــــــــــــــ أن الذنوب كلها في مشيئته تعالى سواء كانت حقوق الله، أو حقوق العباد لا تسقط بالتوبة، ليس معناه أنه لا بد في أخذ عمله أو عذابه، بل إذا أراد الله به خيرًا رضي خصمه عنه، وحديث الباب دليل، وكذا حديث من كان قتل مئة نفس. 7469 - وحديث أبي هريرة (أن نبي الله سليمان كان له ستون امرأة) رواه مرسلًا، إلا أن قوله في آخر الحديث: (قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: لو استثنى سليمان) أخرجه عن الإرسال، والحديث في مناقب الأنبياء، وبيَّنَّا فيه اختلاف الروايات، في رواية "سبعون" وأخرى "تسعون" وفي أخرى "مئة". وموضع الدلالة قوله: (لو كان سليمان استثنى) أي لو قال: إن شاء الله كما صرح به في الرواية الأخرى. وموضع الدلالة قوله: (إن شاء الله). قيل: إن شاء الله استثناء لغة. قلت: إطلاقه على أن الله تعالى تسامح لاستوائهما في إخراج الشيء عن الحكم. (مُعَلّى بن أسد) بضم الميم وتشديد اللام (عن محمد) هو ابن سيرين. 7470 - وحديث ابن عباس (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دخل على أعرابي يعوده وقال له: طهور إن شاء الله) قد مر في أبواب الطب، وموضع الدلالة قوله: (إن شاء الله).

طَهُورٌ، بَلْ هِىَ حُمَّى تَفُورُ عَلَى شَيْخٍ كَبِيرٍ، تُزِيرُهُ الْقُبُورَ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «فَنَعَمْ إِذًا». طرفه 3616 7471 - حَدَّثَنَا ابْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ حِينَ نَامُوا عَنِ الصَّلاَةِ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ اللَّهَ قَبَضَ أَرْوَاحَكُمْ حِينَ شَاءَ، وَرَدَّهَا حِينَ شَاءَ». فَقَضَوْا حَوَائِجَهُمْ وَتَوَضَّئُوا إِلَى أَنْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ وَابْيَضَّتْ فَقَامَ فَصَلَّى. طرفه 595 7472 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ وَالأَعْرَجِ. وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى أَخِى عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى عَتِيقٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ اسْتَبَّ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَرَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ فَقَالَ الْمُسْلِمُ وَالَّذِى اصْطَفَى مُحَمَّدًا عَلَى الْعَالَمِينَ فِي قَسَمٍ يُقْسِمُ بِهِ، فَقَالَ الْيَهُودِىُّ وَالَّذِى اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْعَالَمِينَ، فَرَفَعَ الْمُسْلِمُ يَدَهُ عِنْدَ ذَلِكَ فَلَطَمَ الْيَهُودِىَّ، فَذَهَبَ الْيَهُودِىُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِى كَانَ مِنْ أَمْرِهِ وَأَمْرِ الْمُسْلِمِ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تُخَيِّرُونِى عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: كيف علق بالمشيئة أولًا ثم جزم بما قاله الأعرابي؟ قلت: قاله أولًا تفاؤلًا، ولما لم يرض به الأعرابي أعلمه بما هو كائن. (محمد) كذا وقع غير منسوب. قال الغساني: وابن محمد بن سلام، وقد صرح به البخاري في الأضاحي، وقال أبو نصر يروى عن عبد الوهاب الثقفي: ابن سلام، وابن المثنى, وابن يسار، وابن حوشب. 7471 - وحديث أبي قتادة حين ناموا عن الصلاة قد سلف في أبواب الأذان، وموضع الدلالة قوله: (إن الله قد قبض أرواحكم حين شاء) وفيه دلالة على أن الروح والنفس واحد. قال تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} [الزمر: 42]. (هشيم) بضم الهاء مصغر، وكذا (حصين). 7472 - وحديث أبي هريرة (استب رجل من المسلمين ورجل من اليهود) تقدم في

مُوسَى، فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ، فَإِذَا مُوسَى بَاطِشٌ بِجَانِبِ الْعَرْشِ، فَلاَ أَدْرِى أَكَانَ فِيمَنْ صَعِقَ فَأَفَاقَ قَبْلِى أَوْ كَانَ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ». 7473 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِى عِيسَى أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «الْمَدِينَةُ يَأْتِيهَا الدَّجَّالُ فَيَجِدُ الْمَلاَئِكَةَ يَحْرُسُونَهَا فَلاَ يَقْرَبُهَا الدَّجَّالُ وَلاَ الطَّاعُونُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ». طرفه 1881 7474 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لِكُلِّ نَبِىٍّ دَعْوَةٌ، فَأُرِيدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَخْتَبِىَ دَعْوَتِى شَفَاعَةً لأُمَّتِى يَوْمَ الْقِيَامَةِ». طرفه 6304 7475 - حَدَّثَنَا يَسَرَةُ بْنُ صَفْوَانَ بْنِ جَمِيلٍ اللَّخْمِىُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الأنبياء، وموضع الدلالة قوله: (فلا أدري أكان فيمن صُعق فأفاق قبلي، أو كان ممن استثنى الله) فإنه أشار إلى قوله: {فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} [الزمر: 68] , وقد بسطنا الكلام فيه هناك. فإن للشارحين فيه أوهامًا، ومحصله: أن قوله: (الناس يُصعقون) ليس المراد منه الموت، بل عشي يحصل لهم في المحشر. وقوله: (لا تخيروني) يريد على وجه يؤدي إلى نقص الأنبياء، أو قاله تواضعًا، أو قبل علمهِ بأنه سيد الرسل. 7473 - وحديث أنس (قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إن المدينة يأتيها الدجال) سلف في مواضع، وموضع الدلالة قوله: (لا يقربها الدجال والطاعون ان شاء الله). 7474 - وحديث أبي هريرة (لكل نبي دعوة) مستجابة أي قطعًا أو في شأن أمته الحديث في أول كتاب الدعوات. وموضع الدلالة قوله: (إن شاء الله). 7475 - (يَسَرَة) بالياء المثناة تحت وسين مهملة آخره تاء وثلاث فتحات. وحديث أبي

«بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِى عَلَى قَلِيبٍ فَنَزَعْتُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَنْزِعَ، ثُمَّ أَخَذَهَا ابْنُ أَبِى قُحَافَةَ فَنَزَعَ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ وَفِى نَزْعِهِ ضَعْفٌ، وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ، ثُمَّ أَخَذَهَا عُمَرُ فَاسْتَحَالَتْ غَرْبًا، فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا مِنَ النَّاسِ يَفْرِى فَرِيَّهُ، حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ حَوْلَهُ بِعَطَنٍ». طرفه 3664 7476 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَتَاهُ السَّائِلُ - وَرُبَّمَا قَالَ جَاءَهُ السَّائِلُ - أَوْ صَاحِبُ الْحَاجَةِ قَالَ «اشْفَعُوا فَلْتُؤْجَرُوا، وَيَقْضِى اللَّهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ مَا شَاءَ». طرفه 1432 7477 - حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَقُلْ أَحَدُكُمُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى إِنْ شِئْتَ، ارْحَمْنِى إِنْ شِئْتَ، ارْزُقْنِى إِنْ شِئْتَ، وَلْيَعْزِمْ مَسْأَلَتَهُ، إِنَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ، لاَ مُكْرِهَ لَهُ». طرفه 6339 ـــــــــــــــــــــــــــــ هريرة أيضًا: (بينا أنا نائم رأيتني على قليب) سلف في مناقب الصديق. وموضع الدلالة (فنزعت ما شاء الله) والقليب بئر قبل أن يطوى. (ابن أبي قُحافة) بضم القاف (فنزع ذنوبًا) بفتح الذال المعجمة الدلو. قال ابن الأثير: والغرب ضد الشرق الدلو العظيمة التي تتخذ من جلد الثور (فلم أرَ عَبْقَرِيًّا) أي قويًّا شديدًا. أشرنا سابقًا أن العرب كانت تزعم أن عبقر مدينة للجن فكانوا ينسبون إليها كل غريب بديع (يفري فريّه) بفتح الفاء وتشديد الياء المفتوحة أي عمله، والفري لغة القطع، ويطلق على الأمور الغريبة. قال تعالى: {لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا} [مريم: 27] و (العَطَن) بفتح العين والطاء مبرك الإبل لتقاد إلى الشرب. 7476 - 7477 - وحديث أبي موسى (اشفعوا توجروا) سلف في كتاب الأدب. وموضع الدلالة قوله: (ويقضي الله على لسان نَبيه ما شاء)، (محمد بن العلاء) بفتح العين والمد (أبو أسامة) بضم الهمزة (بُريد) بضم الباء مصغر برد (أبو بُردة) بضم الباء عامر بن أبي موسى.

7478 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ عَمْرٌو حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ حَدَّثَنِى ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ تَمَارَى هُوَ وَالْحُرُّ بْنُ قَيْسِ بْنِ حِصْنٍ الْفَزَارِىُّ فِي صَاحِبِ مُوسَى أَهُوَ خَضِرٌ، فَمَرَّ بِهِمَا أُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ الأَنْصَارِىُّ، فَدَعَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ إِنِّى تَمَارَيْتُ أَنَا وَصَاحِبِى هَذَا فِي صَاحِبِ مُوسَى الَّذِى سَأَلَ السَّبِيلَ إِلَى لُقِيِّهِ، هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَذْكُرُ شَأْنَهُ قَالَ نَعَمْ إِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «بَيْنَا مُوسَى فِي مَلإِ بَنِى إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ هَلْ تَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنْكَ فَقَالَ مُوسَى لاَ. فَأُوحِىَ إِلَى مُوسَى بَلَى عَبْدُنَا خَضِرٌ. فَسَأَلَ مُوسَى السَّبِيلَ إِلَى لُقِيِّهِ، فَجَعَلَ اللَّهُ لَهُ الْحُوتَ آيَةً وَقِيلَ لَهُ إِذَا فَقَدْتَ الْحُوتَ فَارْجِعْ فَإِنَّكَ سَتَلْقَاهُ. فَكَانَ مُوسَى يَتْبَعُ أَثَرَ الْحُوتِ فِي الْبَحْرِ فَقَالَ فَتَى مُوسَى لِمُوسَى أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّى نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهِ إِلاَّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ، قَالَ مُوسَى ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِى، فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا فَوَجَدَا خَضِرًا، وَكَانَ مِنْ شَأْنِهِمَا مَا قَصَّ اللَّهُ». طرفه 74 7479 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «نَنْزِلُ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِخَيْفِ بَنِى كِنَانَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 7478 - وحديث (ابن عباس أنه تمارى هو والحر بن قيس في صاحب موسى) بفتح التاء من المراء وهو الجدال تقدم في سورة الكهف، وموضع الدلالة قوله: {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ الله صَابِرًا} ولم يصبر لأن الله لم يشأ، وفيه دلالة على أنه لا يلزم من قول: إن شاء الله حصول المطالب، وأما قوله في سليمان: لو قال: إن شاء الله لحصل له المطلوب" كان بوحي الله إليه في ذلك، لا أنه من لوازم إن شاء الله. 7479 - وحديث أبي هريرة (ننزل غدًا بخيف بني كنانة إن شاء الله) تقدم في كتاب الحج، وموضع الدلالة قوله: {إِنْ شَاءَ الله}، و (الخيف) بفتح المعجمة وسكون المثناة

32 - باب قول الله تعالى (ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلى الكبير)

حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الْكُفْرِ». يُرِيدُ الْمُحَصَّبَ. طرفه 1589 7480 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبِى الْعَبَّاسِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ حَاصَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَهْلَ الطَّائِفِ فَلَمْ يَفْتَحْهَا فَقَالَ «إِنَّا قَافِلُونَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ». فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ نَقْفُلُ وَلَمْ نَفْتَحْ. قَالَ «فَاغْدُوا عَلَى الْقِتَالِ». فَغَدَوْا فَأَصَابَتْهُمْ جِرَاحَاتٌ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّا قَافِلُونَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ»، فَكَأَنَّ ذَلِكَ أَعْجَبَهُمْ فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 4325 32 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَلاَ تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِىُّ الْكَبِيرُ) وَلَمْ يَقُلْ مَاذَا خَلَقَ رَبُّكُمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تحت. قال ابن الأثير: هو كل ما ارتفع من مجرى السيل، وانحدر من غلظ الجبل وهو الشِعب الذي بين مكة ومنى (حيث تقاسموا على الكفر) ألا يناكحوا بني هاشم وبني المطلب حتى يسلموا إليهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- , وكتبوا في ذلك الصحيفة الملعونة. 7480 - وحديث ابن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حاصر أهل الطائف وقد سلف في المغازي. وموضع الدلالة قوله: (إنا قافلون غدًا إن شاء الله) قفل من سيره إذا رجع. باب قوله تعالى: ({وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (23)} [سبأ: 23] ولم يقل ما خلق ربكم، اتفقوا على أن غرضه من هذا الكلام إثبات قدم القرآن وأنه غير مخلوق. وهذا المقام يحتاج إلى تحقيق، فإن المسألة مزلة الأقدام من الذين مذهبهم حق، وممن مذهبهم باطل، ونحن نقول: القرآن في هذا الزمان يطلق على معان، المعنى القائم بذاته الذي هو متكلم في الأزل به حيث لا سامع ولا مخاطب، ويطلق على

وَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ (مَنْ ذَا الَّذِى يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ) وَقَالَ مَسْرُوقٌ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ إِذَا تَكَلَّمَ اللَّهُ بِالْوَحْىِ سَمِعَ أَهْلُ السَّمَوَاتِ شَيْئًا، فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ وَسَكَنَ الصَّوْتُ عَرَفُوا أَنَّهُ الْحَقُّ وَنَادَوْا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ. وَيُذْكَرُ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «يَحْشُرُ اللَّهُ الْعِبَادَ فَيُنَادِيهِمْ بِصَوْتٍ يَسْمَعُهُ مَنْ بَعُدَ كَمَا يَسْمَعُهُ مَنْ قَرُبَ أَنَا الْمَلِكُ، أَنَا الدَّيَّانُ». ـــــــــــــــــــــــــــــ اللفظ الدال، وهو المتلو تجب قراءته في الصلاة بهذين المعنيين نطقَ التنزيل. أما إرادة المعنى الأول فظاهر لأنها صفة قديمة بها يوصف بكونه متكلمًا. وأما الثاني فلقوله تعالى: {حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: 6] فإن المسموع هو اللفظ القائم بالقارئ. وإذا كان القاري حادثًا فلا يتصور أن يكون القائم بدلًا حادثًا. والسلف الصالح وإن تكلموا بهذه الآية لا يمكن أن يخالفوا فيه، ولما ظهر أهل البدع حرر أهل الحق المسألة بأن الصفة القديمة غير الألفاظ وقالوا [:] قيام اللفظ به، وإن كان قرآنًا أيضًا حقيقة أو مجازًا. فإن قلت: كيف يجعلونه مجازًا ومن أمارات المجاز جواز سلبه، ومن قال المتلو ليس بقرآن يكفر؟ قلت: لأنه صار حقيقة عرفية وإن كان مجازًا لغةً. وأما الثالث: وهو ما بين دفتي المصحف أيضًا قرآن وهو الصور المكتوبة؛ لأنه صار وإن لم يكن موجودًا في القرآن الأول، ولذلك عرفوه بالإعجاز، ولم يذكروا المصحف. وبعض المحققين قالوا: اللفظ قديم والله تعالى متكلم بذلك اللفظ القائم به. وأما ما يُتوهم من عدم جواز قيام اللفظ بذاته لأنه حادث فاسد لأن حدوث اللفظ إنما نشأ من ترتب الحروف، وهناك لا يعقل ترتب فلا مانع إذ لا دليل لهم سوى هذا. فعلى قول البخاري: اللفظ أيضًا قديم لأنه المقول والسموع. ويلزم أن يكون قديمًا. وهذا هو الذي قاله السلف القرآن كلام الله قديم، وهو المحفوظ المتلو المسطور في المصاحف. وقالوا: المتلو قديم والتلاوة حادثة. ويوافق هذا قول ابن مسعود: (إذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السماوات) وقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (يحشُرُ الله العباد فيناديهم بصوت يسمعه من بَعد كما يسمعه من قرب) القرب تصور للتساوي وإلا لا قرب ولا بعد هنا لأنهما يستدعيان الجهة.

7481 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا قَضَى اللَّهُ الأَمْرَ فِي السَّمَاءِ ضَرَبَتِ الْمَلاَئِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ، كَأَنَّهُ سِلْسِلَةٌ عَلَى صَفْوَانٍ - قَالَ عَلِىٌّ وَقَالَ غَيْرُهُ صَفَوَانٍ - يَنْفُذُهُمْ ذَلِكَ، فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِىُّ الْكَبِيرُ» قَالَ عَلِىٌّ وَحَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرٌو عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ بِهَذَا. قَالَ سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌو سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ. قَالَ عَلِىٌّ قُلْتُ لِسُفْيَانَ قَالَ سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ نَعَمْ. قُلْتُ لِسُفْيَانَ إِنَّ إِنْسَانًا رَوَى عَنْ عَمْرٍو عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ يَرْفَعُهُ أَنَّهُ قَرَأَ فُزِّعَ. قَالَ سُفْيَانُ هَكَذَا قَرَأَ عَمْرٌو فَلاَ أَدْرِى سَمِعَهُ هَكَذَا أَمْ لاَ، قَالَ سُفْيَانُ وَهْىَ قِرَاءَتُنَا. طرفه.4701 7482 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَىْءٍ مَا أَذِنَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ». وَقَالَ صَاحِبٌ لَهُ يُرِيدُ أَنْ يَجْهَرَ بِهِ. طرفه 5023 ـــــــــــــــــــــــــــــ 7481 - وحديث أبي هريرة (إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانًا كأنه سلسلة على صفوان) أي ذلك الصوت الذي يسمعونه يشبه صوت السلسلة. وفي رواية البيهقي: "إذا سمعوا ذلك يصعقون من الخوف حتى يجيء جبريل فإذا جاء فزع عن قلوبهم -أي أزيل الفزع- فيسألون جبريل ماذا قال؟ فهو الذي يقول: قال الحق، وإذا سمعوا ذلك نادى كلهم الحق" (قال سفيان: وهي قراءتنا) أي فرغ بالراء المهملة والغين المعجمة وهي قراءة شاذة إلا أنها موافقة في المعنى لقراءة العامة. 7482 - (بكير) بضم الباء مصغر وكذا (عقيل). وحديث أبي هريرة (ما أذن الله لشيء ما أذن للنبي -صلى الله عليه وسلم-) حسن الصوت (يتغنى بالقرآن). قال ابن الأثير: يقال: أذن يأذن على وزن علم يعلم أذنًا بفتح الهمزة والذال. فإن قلت: ما وجه دلالته على ما ترجم؟ قلت: قال بعض الشارحين: إنما أدخل هذا في الباب لأنه فهم من الإذن القول لا الاستماع. وهذا وهم منه، بل إنما دل عليه لفظ

33 - باب كلام الرب مع جبريل ونداء الله الملائكة

7483 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَقُولُ اللَّهُ يَا آدَمُ. فَيَقُولُ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ. فَيُنَادَى بِصَوْتٍ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تُخْرِجَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ بَعْثًا إِلَى النَّارِ». طرفه 3348 7484 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ مَا غِرْتُ عَلَى امْرَأَةٍ مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ، وَلَقَدْ أَمَرَهُ رَبُّهُ أَنْ يُبَشِّرَهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ. طرفه 3816 33 - باب كَلاَمِ الرَّبِّ مَعَ جِبْرِيلَ وَنِدَاءِ اللَّهِ الْمَلاَئِكَةَ وَقَالَ مَعْمَرٌ (وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ) أَىْ يُلْقَى عَلَيْكَ، وَتَلَقَّاهُ أَنْتَ أَىْ تَأْخُذُهُ عَنْهُمْ، وَمِثْلُهُ (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ). ـــــــــــــــــــــــــــــ القرآن، فإنه دل على أن ما يقرأ الإنسان قرآن، وكلامه تعالى. الإذن مفسر بالاستماع كما نقلنا عن ابن الأشرف لا شك أن الاستماع يدل على الإذن من باب الأولى. 7483 - 7484 - وحديث أبي سعيد (يقول الله: يا آدم، فيقول: لبيك وسعديك) وقد سلف الحديث، وموضع الدلالة قوله: (فينادي) فإنه يدل على أنه متكلم. وكذا حديث عائشة، وتقدم في فضل خديجة. وموضع الدلالة قولها: (ولقد أمره أن يبشرها ببيت من الجنة) فإنه دل على أنه تعالى متكلم بالكلام. باب كلام الرب مع جبريل ونداء الله الملائكة (وقال معمر) بفتح الميمين بينهما عين ساكنة قال شيخ الإسلام: هو أبو عبيدة معمر بن المثنى (يلقى إليكم وتَلقّاه أنت) بفتح التاء وتشديد القاف ولذلك شبهه بقوله: ({فَتَلَقَّئَادَمُ} [البقرة: 37]). وقال صاحب "الكشاف": ({لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ} [النمل: 6] تؤتاه، ولا شك أنه تفسير باللازم. قيل: إن جبريل تلقى القرآن عن الله تلقيًا روحانيًّا ثم يلقيه إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلقاءً جسمانيًّا، ولا حاجة إليه. وهَبْ أنه قال في جبريل ذلك، فما قوله في كلامه مع موسى ورسول الله -صلى الله عليه وسلم-، بل إذا أراد الكلام يوجد الألفاظ في سمع من أراد.

7485 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ - هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ - عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا نَادَى جِبْرِيلَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّ فُلاَنًا فَأَحِبَّهُ فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، ثُمَّ يُنَادِى جِبْرِيلُ فِي السَّمَاءِ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّ فُلاَنًا فَأَحِبُّوهُ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ وَيُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي أَهْلِ الأَرْضِ». طرفه 3209 7486 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلاَئِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلاَةِ الْعَصْرِ وَصَلاَةِ الْفَجْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ وَهْوَ أَعْلَمُ كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِى فَيَقُولُونَ تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ». طرفه 555 7487 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ وَاصِلٍ عَنِ الْمَعْرُورِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَتَانِى جِبْرِيلُ فَبَشَّرَنِى أَنَّهُ مَنْ مَاتَ لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ». قُلْتُ وَإِنْ سَرَقَ وَإِنْ زَنَى قَالَ «وَإِنْ سَرَقَ وَإِنْ زَنَى». طرفه 1237 ـــــــــــــــــــــــــــــ 7485 - (إسحاق) كذا وقع غير منسوب. قال أبو نصر: يجوز أن يكون ابن منصور؛ وأن يكون ابن راهويه قال شيخ الإسلام: هو ابن منصور وأن يكون لابن راهوية لأن ابن راهوية لم يقل حدثنا وإنما يقول: أخبرنا (إن الله إذا أحب عبدًا نادى جبريل إن الله قد أحب فلانًا) المحبة من الله إرادة الثواب والرضا. (ويوضع له القبول في الأرض) حتى يحبه من شرب الماء في الأرض. 7486 - وحديث أبي هريرة (يتعاقبون ملائكة) تقدم في أبواب الصلاة وقريبًا هنا، وموضع الدلالة قوله: (ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم ربهم) فإنه يدل على كلام الله، وقد أشرنا أن كلامهم دون ملائكة النهار لأنهم شهدوا أربع صلوات، فهم أعرف بحالهم من ملائكة النهار، وأشرنا أيضًا إلى أن قوله (يتعاقبون فيكم ملائكة) من قبيل أكلوني البراغيث. (قتيبة) بضم القاف مصغر (أبو الزناد) بكسر الزاي بعدها نون. 7487 - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (غندر) بضم الغين وفتح الدال وحديث أبي ذر (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: أتاني جبريل فبشرني أنه من مات لا يشرك بالله دخل الجنة) تقدم

34 - باب قول الله تعالى (أنزله بعلمه والملائكة يشهدون)

34 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلاَئِكَةُ يَشْهَدُونَ) قَالَ مُجَاهِدٌ (يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ) بَيْنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَالأَرْضِ السَّابِعَةِ. 7488 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِىُّ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَا فُلاَنُ إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَقُلِ اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِى إِلَيْكَ، وَوَجَّهْتُ وَجْهِى إِلَيْكَ وَفَوَّضْتُ أَمْرِى إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِى إِلَيْكَ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لاَ مَلْجَأَ وَلاَ مَنْجَا مِنْكَ إِلاَّ إِلَيْكَ، آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِى أَنْزَلْتَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِى أَرْسَلْتَ. فَإِنَّكَ إِنْ مُتَّ فِي لَيْلَتِكَ مُتَّ عَلَى الْفِطْرَةِ، وَإِنْ أَصْبَحْتَ أَصَبْتَ أَجْرًا». طرفه 247 ـــــــــــــــــــــــــــــ مرارًا. ووجه الدلالة أن هذا الكلام من جبريل لا يمكن إلا بعد سماعه من الله تعالى. فإن قلت: لم يذكر في الباب نداء الله الملائكة كما ترجم له؟ قلت: قوله: "كيف تركتم عبادي" نداء في المعنى. باب قوله تعالى: {أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ} [النساء: 166] (وقال مجاهد: {يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ} [الطلاق: 12] بين السماء السابعة والأرض السابعة) وروي عن مجاهد أن الكعبة المعظمة من أربعة عشر بيتًا، روى في الباب أحاديث: 7488 - الأول: حديث البراء بن عازب (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: يا فلان إذا أويت إلى فراشك فقل: اللهم أسلمت نفسي إليك) إلى آخر الدعاء، وقد سلف مرارًا آخرها كتاب الدعوات، وموضع الدلالة هنا قوله: (وكتابك الذي أنزلت) فإن الضمير في قوله: أنزله بعلمه راجع إلى القرآن. قوله: (إذا أويت) بالقصر، وحكي الأمر بالمد أيضًا (رغبةً ورهبة إليك) من قبيل:

7489 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِى خَالِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى أَوْفَى قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الأَحْزَابِ «اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ، سَرِيعَ الْحِسَابِ، اهْزِمِ الأَحْزَابَ وَزَلْزِلْ بِهِمْ». زَادَ الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى خَالِدٍ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 2933 7490 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - (وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا) قَالَ أُنْزِلَتْ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُتَوَارٍ بِمَكَّةَ، فَكَانَ إِذَا رَفَعَ صَوْتَهُ سَمِعَ الْمُشْرِكُونَ فَسَبُّوا الْقُرْآنَ وَمَنْ أَنْزَلَهُ وَمَنْ جَاءَ بِهِ. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى (وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا) لاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ حَتَّى يَسْمَعَ الْمُشْرِكُونَ، وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا عَنْ أَصْحَابِكَ فَلاَ تُسْمِعُهُمْ (وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً) أَسْمِعْهُمْ وَلاَ تَجْهَرْ حَتَّى يَأْخُذُوا عَنْكَ الْقُرْآنَ. طرفه 4722 ـــــــــــــــــــــــــــــ علفتها تبنًا وماءً باردًا أي رهبة منك (لا ملجأ) بالقصر وفتح الهمزة أي لا ملاذ (ولا منجى) بفتح الميم مع القصر مكان النجاة على أنه مصدر (أبو الأحوص) سلام الحنفي (أبو إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي. 7489 - وحديث عبد الله بن أبي أوفى (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دعا يوم الأحزاب: اللهم منزل الكتاب) وهذا موضع الدلالة لما قدمنا أن ضمير أنزله للكتاب. 7490 - وحديث ابن عباس ({وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ} [الإسراء: 110] نزلت ورسول الله -صلى الله عليه وسلم - إلى آخر الحديث، وهذا موضع الدلالة من الحديث. وقد سلف في سورة الإسراء (هشيم) بضم الهاء مصغر (عن أبي بشر) بكسر الموحدة وشين معجمة، واسمه جعفر.

35 - باب قول الله تعالى (يريدون أن يبدلوا كلام الله)

35 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلاَمَ اللَّهِ) (لَقَوْلٌ فَصْلٌ) حَقٌّ (وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ) بِاللَّعِبِ. 7491 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «قَالَ اللَّهُ تَعَالَى يُؤْذِينِى ابْنُ آدَمَ، يَسُبُّ الدَّهْرَ وَأَنَا الدَّهْرُ، بِيَدِى الأَمْرُ، أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ». طرفه 4826 7492 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الصَّوْمُ لِى وَأَنَا أَجْزِى بِهِ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَأَكْلَهُ وَشُرْبَهُ مِنْ أَجْلِى، وَالصَّوْمُ جُنَّةٌ، وَلِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ فَرْحَةٌ حِينَ يُفْطِرُ وَفَرْحَةٌ حِينَ يَلْقَى ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله: {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ} [الفتح: 15] قال ابن بطال: أراد في هذا الباب ما أراده في الأبواب قبله من أن الكلام صفة قائمة بالله أزلًا، وليس كما قال، بل الباب الذي قبله ساق وفيه الأحاديث الدالة على أن القرآن الذي يتلوه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منزل من عنده مع كونه الكلام المعجزة. قال صاحب "الكشاف": أنزله بعلمه الخاص به مؤلفًا معجزًا تصديقًا لرسالتك. وهذا الباب للدلالة على أن كلامه تعالى لا ينحصر في المعجز، بل منه نوع آخر وهو الأحاديث القدسية. 7491 - وروى في الباب أحاديث منها حديث أبي هريرة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال الله تعالى وتقدس (يؤذيني ابن آدم) منزه عن أن يلحقه أذى تعالى عن ذلك، والمراد نسبة ما لا يليق بكبريائه إليه، وقد صرح به. قوله: (يسب الدهر) والحمل على إيذاء أوليائه لا وجه له (أنا الدهر) أي أنا خالق الدهر وخالق الحوادث فيه، فمن سب الدهر فقد سبني إذ لا صنع إلا لي، وقد سلف الحديث في سورة الجاثية. 7492 - وحديث أبي هريرة (يقول الله عز وجل: الصوم لي) وقد سلف في أبواب الصوم مع شرحه مستوفى، والمختار في وجه الإضافة إليه في الصوم مع أن العبادات كلها له أن الصوم لم يُعبد به غير الله، وهو المعتمد، وقد ذكرنا فيه وجوهًا أُخر. (أبو نعيم) قال (حدثنا الأعمش) وفي رواية: أبي نعيم عن سفيان الثوري، هو الأعمش

رَبَّهُ، وَلَخَلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ». طرفه 1894 7493 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بَيْنَمَا أَيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا خَرَّ عَلَيْهِ رِجْلُ جَرَادٍ مِنْ ذَهَبٍ فَجَعَلَ يَحْثِى فِي ثَوْبِهِ، فَنَادَى رَبُّهُ يَا أَيُّوبُ أَلَمْ أَكُنْ أَغْنَيْتُكَ عَمَّا تَرَى قَالَ بَلَى يَا رَبِّ وَلَكِنْ لاَ غِنَى بِى عَنْ بَرَكَتِكَ». طرفه 279 7494 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى عَبْدِ اللَّهِ الأَغَرِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَتَنَزَّلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ فَيَقُولُ مَنْ يَدْعُونِى فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ يَسْأَلُنِى فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِى فَأَغْفِرَ لَهُ». طرفه 1145 7495 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ أَنَّ الأَعْرَجَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». طرفه 238 ـــــــــــــــــــــــــــــ (ولَخَلُوفُ فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك) عندكم، كناية وتصوير لكمال الرضا والقبول، والخُلوف بضم الخاء والخِلفة بكسرها آخره تاء: رائحة الفم المتغيرة. 7493 - وحديث أبي هريرة (بينما أيوب يغتسل) تقدم في أبواب الغسل، وموضع الدلالة قوله (فناداه ربه)، (رِجل جراد) بكسر الراء، وقال ابن الأثير: الجراد الكثير (فجعل يحثي في ثوبه) يقال حتى يحثي ويحثو إذا جَمَعَ ثيابه بيده. 7494 - وحديث أبي هريرة أيضًا: (يتنزل ربنا) على وزن يتكسر، وكذا للأكثر، ولأبي ذر وغيره: "ينزل" على وزن يضرب، وقد سلف في باب التهجد وغيره، وأشرنا إلى أن النزول والانتقال عليه محال، والمراد نور رحمته ونسيم غفرانه للعباد في ذلك الوقت، وموضع الدلالة هنا قوله: (من يدعوني فأستجيب له) وقد سلف رواية نصف الليل، ولا تنافي. فإن ذكر الأقل لا ينفي ذكر الأكثر. 7495 - 7496 - وحديث أبي هريرة أيضًا (نحن الآخرون السابقون) وقد سلف في

7496 - وَبِهَذَا الإِسْنَادِ «قَالَ اللَّهُ أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ». طرفه 4684 7497 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ عَنْ عُمَارَةَ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ فَقَالَ «هَذِهِ خَدِيجَةُ أَتَتْكَ بِإِنَاءٍ فِيهِ طَعَامٌ أَوْ إِنَاءٍ فِيهِ شَرَابٌ فَأَقْرِئْهَا مِنْ رَبِّهَا السَّلاَمَ وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ مِنْ قَصَبٍ لاَ صَخَبَ فِيهِ وَلاَ نَصَبَ». طرفه 3820 7498 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ أَسَدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «قَالَ اللَّهُ أَعْدَدْتُ لِعِبَادِى الصَّالِحِينَ مَا لاَ عَيْنٌ رَأَتْ، وَلاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ». طرفه 3244 7499 - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِى سُلَيْمَانُ الأَحْوَلُ أَنَّ طَاوُسًا أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا تَهَجَّدَ مِنَ ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الديات، وموضع الدلالة قوله: (وبهذا الإسناد قال الله تعالى: أَنفِق أُنْفِق عليك). 7497 - وحديث أبي هريرة أيضًا: (هذه خديجة أتتك بإناء فيه طعام وإناء فيه شراب) كذا وقع هنا في رواية عن أبي ذر: بإناء فيه شراب، وكذا للأصيلي، وتقدم أيضًا بلفظ الأدم، والكل صحيح، وقد سلف الحديث مرارًا، وموضع الدلالة قوله: (فأقرِئها من ربها السلام) فإنه يدل على كلام الله (وبشرها ببيت من قصب) القصب: اللؤلؤ المجوف المستطيل، والصخب: الأصوات والنصب: التعب (زهير) بضم الزاي مصغر، وكذا (فضيل)، (عُمارة) بضم العين وتخفيف الميم (عن أبي زرعة) بضم المعجمة بعدها مهملة. 7498 - وحديث أبي هريرة أيضًا (قال الله تعالى: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت) وقد سلف في سورة السجدة، ووجه الدلالة ظاهرة. (همام) بفتح الهاء وتشديد الميم (منبّه) بتشديد الباء المكسورة. 7499 - وحديث ابن عباس في تهجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تقدم قريبًا في باب قول الله: {خَلْقِ

اللَّيْلِ قَالَ «اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَمَنْ فِيهِنَّ أَنْتَ الْحَقُّ، وَوَعْدُكَ الْحَقُّ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ الْحَقُّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِى مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ إِلَهِى، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ». طرفه 1120 7500 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ النُّمَيْرِىُّ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ الأَيْلِىُّ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِىَّ قَالَ سَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ وَعَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ وَعُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا فَبَرَّأَهَا اللَّهُ مِمَّا قَالُوا - وَكُلٌّ حَدَّثَنِى طَائِفَةً مِنَ الْحَدِيثِ الَّذِى حَدَّثَنِى - عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ اللَّهَ يُنْزِلُ فِي بَرَاءَتِى وَحْيًا يُتْلَى، وَلَشَأْنِى فِي نَفْسِى كَانَ أَحْقَرَ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ فِىَّ بِأَمْرٍ يُتْلَى، وَلَكِنِّى كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِى اللَّهُ بِهَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى (إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ) الْعَشْرَ الآيَاتِ. طرفه 2593 7501 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَقُولُ اللَّهُ إِذَا أَرَادَ عَبْدِى أَنْ يَعْمَلَ سَيِّئَةً فَلاَ تَكْتُبُوهَا ـــــــــــــــــــــــــــــ الْسَّمَاوَاتِ} [البقرة: 164]. وموضع الدلالة هنا قوله: (وقولك الحق) لدلالته على الكلام. 7500 - وحديث أم المؤمنين عائشة في الإفك وقد سلف في سورة النور وغيرها، وموضع الدلالة قولها: (ما كنت أظن أن الله ينزل في براءتي وحيًا يُتلى). (حجاج بن منهال) بكسر الميم (النميري) بضم النون مصغر النمر. 7501 - وحديث أبي هريرة (يقول الله تعالى: إذا أراد عبدي أن يعمل سيئة فلا تكتبوها

عَلَيْهِ حَتَّى يَعْمَلَهَا، فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا بِمِثْلِهَا وَإِنْ تَرَكَهَا مِنْ أَجْلِى فَاكْتُبُوهَا لَهُ حَسَنَةً وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْمَلَ حَسَنَةً فَلَمْ يَعْمَلْهَا فَاكْتُبُوهَا لَهُ حَسَنَةً، فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا لَهُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةٍ». 7502 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِى مُزَرِّدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ قَامَتِ الرَّحِمُ فَقَالَ مَهْ. قَالَتْ هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنَ الْقَطِيعَةِ. فَقَالَ أَلاَ تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ قَالَتْ بَلَى يَا رَبِّ. قَالَ فَذَلِكِ لَكِ». ثُمَّ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ). طرفه 4830 7503 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ صَالِحٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ مُطِرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «قَالَ اللَّهُ أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِى كَافِرٌ بِى وَمُؤْمِنٌ بِى». طرفه 846 7504 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «قَالَ اللَّهُ إِذَا أَحَبَّ عَبْدِى لِقَائِى أَحْبَبْتُ لِقَاءَهُ، وَإِذَا كَرِهَ لِقَائِى كَرِهْتُ لِقَاءَهُ». ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه) سبق الحديث في الرقائق، وموضع الدلالة قوله: (فلا تكتبُوها عليه) فإنه كلامه تعالى، وقد بسطنا الكلام على الحديث هناك في باب من هم بحسنة فليطالع. 7502 - وحديث أبي هريرة (خلق الله الخلق فلما فرغ منه قامت الرحم) تقدم مع شرحه في كتاب الأدب، وموضع الدلالة قوله: (فقال: مه) فإن هذا كلامه تعالى، وقد سلف شرح الحديث هناك، والمختار عندنا حمل كلام الرحم على الحقيقة لصلاحية القدرة وفخامة المعنى. وقال النووي: هذا كلامه على سبيل المجاز والتمثيل لأن الرحم معنى من المعاني لا يتأتى منه الكلام. قلت: أنتم متفقون على أن الموت يجعل في صورة كبش، ولا شك أنه معنى من المعاني، بل الأكثرون على أنه عدم الحياة، وأولوا خلق الموت بقدر. 7503 - 7504 - وحديث أبي هريرة (قال الله تعالى: إذا أحب عبدي لقائي) تقدم

7505 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «قَالَ اللَّهُ أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِى بِى». طرفه 7405 7506 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «قَالَ رَجُلٌ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ، فَإِذَا مَاتَ فَحَرِّقُوهُ وَاذْرُوا نِصْفَهُ فِي الْبَرِّ وَنِصْفَهُ فِي الْبَحْرِ فَوَاللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ لَيُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا لاَ يُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ، فَأَمَرَ اللَّهُ الْبَحْرَ فَجَمَعَ مَا فِيهِ، وَأَمَرَ الْبَرَّ فَجَمَعَ مَا فِيهِ ثُمَّ قَالَ لِمَ فَعَلْتَ قَالَ مِنْ خَشْيَتِكَ، وَأَنْتَ أَعْلَمُ، فَغَفَرَ لَهُ». طرفه 3481 7507 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِى عَمْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: ـــــــــــــــــــــــــــــ الكلام عليه في باب من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ونقلنا عن النووي وعن ابن عبد البر وسائر المحققين أن هذا عندي معاينة ما أعد الله له من الكرامة، وذلك الوقت الذي لا يقبل منه توبة التائب، ولقاء الله المصير إليه، وتفسيره بالموت غلط مخالف لحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، الموت دون لقاء الله. 7506 - 7507 - وحديث أبي هريرة أيضًا لما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (قال رجل لم يعمل خيرًا قط: فإذا مات فأحرقوه) أي من الأعمال سوى أنه كان مؤمنًا بما يجب الإيمان. وقد سلف الحديث في الرقائق. (لئن قَدَر الله عليه ليعذبنه) لم يكن شاكًّا في قدرة الله تعالى، وإنما صدر عنه هذا الكلام من غاية الخوف وفرط الحيرة كما قال صاحب الضالة من شدة الفرح: إلهي أنت عبدي. ألا ترى إلى قوله: (لم فعلت؟ قال: من خشيتك) قوله: إذا مات فحرقوه فيه التفات من التكلم إلى الغيبة على مذهب السكاكي. وحديث أبي هريرة أيضًا (أنا عند ظن عبدي بي) تقدم في أبواب التوحيد في باب

سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ عَبْدًا أَصَابَ ذَنْبًا - وَرُبَّمَا قَالَ أَذْنَبَ ذَنْبًا - فَقَالَ رَبِّ أَذْنَبْتُ - وَرُبَّمَا قَالَ أَصَبْتُ - فَاغْفِرْ لِى فَقَالَ رَبُّهُ أَعَلِمَ عَبْدِى أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ غَفَرْتُ لِعَبْدِى. ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أَصَابَ ذَنْبًا أَوْ أَذْنَبَ ذَنْبًا، فَقَالَ رَبِّ أَذْنَبْتُ - أَوْ أَصَبْتُ - آخَرَ فَاغْفِرْهُ. فَقَالَ أَعَلِمَ عَبْدِى أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ غَفَرْتُ لِعَبْدِى، ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَذْنَبَ ذَنْبًا - وَرُبَّمَا قَالَ أَصَابَ ذَنْبًا - قَالَ قَالَ رَبِّ أَصَبْتُ - أَوْ أَذْنَبْتُ - آخَرَ فَاغْفِرْهُ لِى. فَقَالَ أَعَلِمَ عَبْدِى أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ غَفَرْتُ لِعَبْدِى - ثَلاَثًا - فَلْيَعْمَلْ مَا شَاءَ». 7508 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى الأَسْوَدِ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ سَمِعْتُ أَبِى حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَبْدِ الْغَافِرِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلاً فِيمَنْ سَلَفَ - أَوْ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ قَالَ كَلِمَةً يَعْنِى - أَعْطَاهُ اللَّهُ مَالاً وَوَلَدًا - فَلَمَّا حَضَرَتِ ـــــــــــــــــــــــــــــ {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} [آل عمران: 28]، وقد أشرنا هناك إلى أن الواجب على الإنسان حسن الظن بأنه تعالى يغفر ذنبه مهما كان لا سيما عند الموت لقوله: "لا يموتن أحدكم إلا وهو محسن الظن بالله". وحديث أبي هريرة أيضًا قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (إن عبدًا أصاب ذنبًا، وربما قال: أذنب ذنبًا). كذا تكرر في هذا الطريق، ووقع في طريق حماد بلا شك "أذنب"، وهذا يجوز أن يكون عبدًا من عباد الله وقع له هذا، أو أن كل عبد يكون هذا شأنه يكون شأن الله معه ما ذكروه، وهذا هو الظاهر. وقوله: (أعَلِمَ عبدي) ليس الاستفهام على أصله لأنه محال في حقه تعالى، بل للتقرير والإثبات (غفرت لعبدي ثلاثًا) أو تكرر هذا من العبد ثلاث مرات (فليعمل ما شاء) ليس هذا أمرًا بفعل المعاصي، بل معناه: أنه كما أذنبَ وتاب فإن الله يتوب عليه. 7508 - (معتمر) بكسر الميم، وأبوه سليمان، وحديث أبي سعيد الخدري (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ذكر رجلًا فيمن سلف قال كلمة يعني أعطاه مالًا) قائل الكلمة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- , وكذا فاعل

الْوَفَاةُ قَالَ لِبَنِيهِ أَىَّ أَبٍ كُنْتُ لَكُمْ قَالُوا خَيْرَ أَبٍ. قَالَ فَإِنَّهُ لَمْ يَبْتَئِرْ - أَوْ لَمْ يَبْتَئِزْ - عِنْدَ اللَّهِ خَيْرًا، وَإِنْ يَقْدِرِ اللَّهُ عَلَيْهِ يُعَذِّبْهُ، فَانْظُرُوا إِذَا مُتُّ فَأَحْرِقُونِى حَتَّى إِذَا صِرْتُ فَحْمًا فَاسْحَقُونِى - أَوْ قَالَ فَاسْحَكُونِى - فَإِذَا كَانَ يَوْمُ رِيحٍ عَاصِفٍ فَأَذْرُونِى فِيهَا» فَقَالَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «فَأَخَذَ مَوَاثِيقَهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَرَبِّى، فَفَعَلُوا ثُمَّ أَذْرَوْهُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ كُنْ. فَإِذَا هُوَ رَجُلٌ قَائِمٌ. قَالَ اللَّهُ أَىْ عَبْدِى مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ فَعَلْتَ مَا فَعَلْتَ قَالَ مَخَافَتُكَ أَوْ فَرَقٌ مِنْكَ قَالَ فَمَا تَلاَفَاهُ أَنْ رَحِمَهُ عِنْدَهَا - وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى فَمَا تَلاَفَاهُ غَيْرُهَا -». فَحَدَّثْتُ بِهِ أَبَا عُثْمَانَ فَقَالَ سَمِعْتُ هَذَا مِنْ سَلْمَانَ غَيْرَ أَنَّهُ زَادَ فِيهِ أَذْرُونِى فِي الْبَحْرِ. أَوْ كَمَا حَدَّثَ. حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ وَقَالَ لَمْ يَبْتَئِرْ. وَقَالَ خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ وَقَالَ لَمْ يَبْتَئِزْ. فَسَّرَهُ قَتَادَةُ لَمْ يَدَّخِرْ. طرفه 3478 ـــــــــــــــــــــــــــــ يعني وأعطاه الله شرح الكلام من الراوي، وهذا الرجل هو الذي تقدم آنفًا في حديث أبي هريرة، وهو من بني إسرائيل (قال لبنيه: أي أب كنت لكم؟ قالوا خير أب) منصوب على أنه خبر كان، ويجوز في خير الرفع بتقديم المبتدأ أنت خير أب، والنصب أحسن ليطابق السؤال (قال: إنه لم يَبْتَئِز عند الله خيرًا) بالباء الموحدة بعدها مثناة. والأصيلي بالنون بدل الباء ويروى بالنون والهاء والباء الموحدة والزاي المعجمة، والمعنى واحد أي: لم يَدّخر. (فاسحقوني أو فاسمكوني) بدل الحاء، وروى الخطابي باللام بدل القاف وقال: والسحك السحق بالمبرد سحالة (فإذا كان يوم ريح عاصف فاذروني فيها) الضمير للريح. قال تعالى: {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً} [الأنبياء: 81]. وتذكير عاصف هنا لاعتبار معنى النسبة كلابن وتامر، أو الريح مما يذكر ويؤنث ومثله كثير (وقال مخافة منك أو فرقًا منك وما تلافاه أن رحمه) بالفاء، وما موصولة أي الذي صادفه رحمته تعالى، أو نافية وإلا مقدرة بعدها أي لم يتداركه إلا رحمته تعالى (فحدثت به أبا عثمان فقال: سمعت من سليمان) قال شيخ الإسلام، قال الكرماني: القائل لأبي عثمان قتادة قال: وقد سها في ذلك، بل القائل هو سليمان الشعبي، هكذا قال وفيه إشكال، وذلك أن أبا عثمان لما سمع قال: حدثني به سليمان فكيف يمكن أن يكون القائل لأبي عثمان سليمان (وقال خليفة) هو ابن الخياط شيخ البخاري (حدثنا المعتمر: لم يَبْتئز) بالزاي المعجمة. وموضع الدلالة في الحديث قوله: (قال الله: يا عبدي).

36 - باب كلام الرب عز وجل يوم القيامة مع الأنبياء وغيرهم

36 - باب كَلاَمِ الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ الأَنْبِيَاءِ وَغَيْرِهِمْ 7509 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ رَاشِدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ شُفِّعْتُ، فَقُلْتُ يَا رَبِّ أَدْخِلِ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ خَرْدَلَةٌ. فَيَدْخُلُونَ، ثُمَّ أَقُولُ أَدْخِلِ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ أَدْنَى شَىْءٍ». فَقَالَ أَنَسٌ كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَى أَصَابِعِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 44 7510 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا مَعْبَدُ بْنُ هِلاَلٍ الْعَنَزِىُّ قَالَ اجْتَمَعْنَا نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ فَذَهَبْنَا إِلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَذَهَبْنَا مَعَنَا بِثَابِتٍ إِلَيْهِ يَسْأَلُهُ لَنَا عَنْ حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ، فَإِذَا هُوَ فِي قَصْرِهِ فَوَافَقْنَاهُ يُصَلِّى الضُّحَى، فَاسْتَأْذَنَّا، فَأَذِنَ لَنَا وَهْوَ قَاعِدٌ عَلَى فِرَاشِهِ فَقُلْنَا لِثَابِتٍ لاَ تَسْأَلْهُ عَنْ شَىْءٍ أَوَّلَ مِنْ حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ فَقَالَ يَا أَبَا حَمْزَةَ هَؤُلاَءِ إِخْوَانُكَ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ جَاءُوكَ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب كلام الرب تعالى يوم القيامة مع الأنبياء وغيرهم 7509 - (أبو بكر بن عياش) بالياء المثناة آخره شين معجمة (حميد) بضم الحاء مصغر. روى في الباب حديث أنس في الشفاعة أولًا مختصرًا، وثانيًا مطولًا (إذا كان يوم القيامة شُفِّعت) على بناء المجهول مشددًا أي قُبلت شفاعتي، وروي علي بناء الفاعل مخففًا. (ثم أقول يا رب: أدخل الجنة من كان في قلبه أدنى شيء) قيل: هذا لا يوافق ما ترجم لأن هذا كلام الأنبياء. وأجاب شيخ الإِسلام: لا كلام لله مع الأنبياء فإنه أشار البخاري في الترجمة ما ورد من بعض طرق الحديث "فقال لي: لك من في قلبه شعيرة، ولك من في قلبه خردلة" وأنا أقول: لا حاجة إلى ذلك فإن قوله: (شفعت) على بناء المجهول معناه: قبلت شفاعتي، وقبولها لا بد من كلام الله. 7510 - (حرب) ضد الصلح (حماد) بفتح الحاء وتشديد الميم (معبد) بفتح الميم وسكون الموحدة (العَنَزي) -بفتح العين والنون وزاي معجمة- نسبة إلى قبيلة من هوازن (اجتمعنا ناسٌ من أهل البصرة) بدل من ضمير المتكلم وفيه ضعف عند النُحَاة، ولا يجوزون إبدال الظاهر عن ضمير المتكلم في بدل الكل، وفي بعضها: "وناس" بالواو ويجر ناس من

يَسْأَلُونَكَ عَنْ حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ. فَقَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ مَاجَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ. فَيَقُولُ لَسْتُ لَهَا وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِإِبْرَاهِيمَ فَإِنَّهُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ. فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ فَيَقُولُ لَسْتُ لَهَا وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِمُوسَى فَإِنَّهُ كَلِيمُ اللَّهِ. فَيَأْتُونَ مُوسَى فَيَقُولُ لَسْتُ لَهَا وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِعِيسَى فَإِنَّهُ رُوحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ. فَيَأْتُونَ عِيسَى فَيَقُولُ لَسْتُ لَهَا وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِمُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - فَيَأْتُونِى فَأَقُولُ أَنَا لَهَا. فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّى فَيُؤْذَنُ لِى وَيُلْهِمُنِى مَحَامِدَ أَحْمَدُهُ بِهَا لاَ تَحْضُرُنِى الآنَ، فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ وَأَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا فَيُقَالُ يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ، وَسَلْ تُعْطَ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ. فَأَقُولُ يَا رَبِّ أُمَّتِى أُمَّتِى. فَيُقَالُ انْطَلِقْ فَأَخْرِجْ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ شَعِيرَةٍ مِنْ إِيمَانٍ. فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ ثُمَّ أَعُودُ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ، ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا فَيُقَالُ يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ، وَسَلْ تُعْطَ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَقُولُ يَا رَبِّ أُمَّتِى أُمَّتِى. فَيُقَالُ انْطَلِقْ فَأَخْرِجْ مِنْهَا مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ أَوْ خَرْدَلَةٍ مِنْ إِيمَانٍ. فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ ثُمَّ أَعُودُ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ، ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا فَيُقَالُ يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ، وَسَلْ تُعْطَ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ. فَأَقُولُ يَا رَبِّ أُمَّتِى أُمَّتِى. فَيَقُولُ انْطَلِقْ فَأَخْرِجْ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ أَدْنَى أَدْنَى أَدْنَى مِثْقَالِ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ، فَأَخْرِجْهُ مِنَ النَّارِ. فَأَنْطَلِقُ ـــــــــــــــــــــــــــــ البصرة, لأن معبدًا بصري، وقد سبق شرح الحديث في كتاب الرقائق. ونشير هنا إلى بعض ألفاظه (إذا كان يوم القيامة ماج الناس) أي اختلطوا من الخوف والدهشة (عليكم بإبراهيم) ترك ذكر نوح في هذه الرواية. وأما أن يكون صدر من آدم الكلامان تارة أحال إلى نوح، وأخرى إلى إبراهيم، وإما بعض الرواة أخطأ في ذلك. (فقال: يا رب أمتي أمتي) قد أشرنا مرارًا إلى أن في الحديث اختصارًا لأن أول الحديث: إن أهل المحشر كلهم يسألون الشفاعة في الإزاحة عن الموقف فإذا شفع ينادي آدم لإخراج بعث النار، ثم يجاب المؤمنون على حقوق الله، ثم يجوزون الصراط فيسقط فيه بعض المؤمنين فهؤلاء هم الذين يشفع فيهم، وفي آخر المرات (يقال له: انطلق فأخرج منها من كان في قلبه أدنى مثقال حبة من خردلة من إيمان من النار من النار من النار).

فَأَفْعَلُ». فَلَمَّا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ أَنَسٍ قُلْتُ لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا لَوْ مَرَرْنَا بِالْحَسَنِ وَهْوَ مُتَوَارٍ فِي مَنْزِلِ أَبِى خَلِيفَةَ فَحَدَّثَنَا بِمَا حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، فَأَتَيْنَاهُ فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ فَأَذِنَ لَنَا فَقُلْنَا لَهُ يَا أَبَا سَعِيدٍ جِئْنَاكَ مِنْ عِنْدِ أَخِيكَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَلَمْ نَرَ مِثْلَ مَا حَدَّثَنَا فِي الشَّفَاعَةِ، فَقَالَ هِيهِ، فَحَدَّثْنَاهُ بِالْحَدِيثِ فَانْتَهَى إِلَى هَذَا الْمَوْضِعِ فَقَالَ هِيهِ، فَقُلْنَا لَمْ يَزِدْ لَنَا عَلَى هَذَا. فَقَالَ لَقَدْ حَدَّثَنِى وَهْوَ جَمِيعٌ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً فَلاَ أَدْرِى أَنَسِىَ أَمْ كَرِهَ أَنْ تَتَّكِلُوا. قُلْنَا يَا أَبَا سَعِيدٍ فَحَدِّثْنَا، فَضَحِكَ وَقَالَ خُلِقَ الإِنْسَانُ عَجُولاً مَا ذَكَرْتُهُ إِلاَّ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُحَدِّثَكُمْ حَدَّثَنِى كَمَا حَدَّثَكُمْ بِهِ قَالَ «ثُمَّ أَعُودُ الرَّابِعَةَ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ، ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا فَيُقَالُ يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ وَقُلْ يُسْمَعْ، وَسَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ. فَأَقُولُ يَا رَبِّ ائْذَنْ لِى فِيمَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. فَيَقُولُ وَعِزَّتِى وَجَلاَلِى وَكِبْرِيَائِى وَعَظَمَتِى لأُخْرِجَنَّ مِنْهَا مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ». طرفه 44 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: ما فائدة التكرار؟ قلت: قال بعض الشارحين: فائدته التأكيد، ويحتمل التوزيع على الجنة. والخردلة من الإيمان: أي: أقل حبة من أقل خردلة من أقل إيمان، وفيه دليل على تجزيء الإيمان والزيادة والنقصان. هكذا كلامه، وفيه خبط من وجوه: الأول: أن التأكيد إنما يكون إذا كرر المعنى الأول، وليس المعنى على ذلك فإن أدنى الأول أقل من أدنى الثاني، وكذا الثاني دون الثالث، وهذا كما يقولون في المبالغة عن القلة: أقل من القليل. الثاني: ما قاله من التوزيع لا معنى له لأن الحبة هي الخردلة لا غير، والأدنى المكرر هو صفة الإيمان, والكلام إنما هو في تصوير المعقول بصورة المحسوس لا حبة هناك ولا خردلة. الثالث: أن قوله: فيه دليل على تجزئ الإيمان والزيادة والنقصان وإن كان ظاهرًا إلا أنه ليس هو محل النزاع لأن قوله: أدنى أدنى أدنى إنما هو في الزائد على نفس التصديق ألا ترى إلى قوله في آخر الحديث (ثم أعود الرابعة فأقول: يا رب ائذن لي فيمن قال لا اله إلا الله، فيقول: وعزتي وجلالي وكبريائي وعظمتي لأخرجن منها من قال: لا إله إلا الله) يريد بدون شفاعة أحد لما تقدم من قوله تعالى: "شفعت الملائكة والأنبياء والمؤمنون ولم يبق إلا شفاعتي". وهؤلاء الذين ليس لهم إلا التصديق لأن لا إله إلا الله بلا تصديق معه

7511 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ آخِرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولاً الْجَنَّةَ، وَآخِرَ أَهْلِ النَّارِ خُرُوجًا مِنَ النَّارِ رَجُلٌ يَخْرُجُ حَبْوًا فَيَقُولُ لَهُ رَبُّهُ ادْخُلِ الْجَنَّةَ. فَيَقُولُ رَبِّ الْجَنَّةُ مَلأَى. فَيَقُولُ لَهُ ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فَكُلُّ ذَلِكَ يُعِيدُ عَلَيْهِ الْجَنَّةُ مَلأَى. فَيَقُولُ إِنَّ لَكَ مِثْلَ الدُّنْيَا عَشْرَ مِرَارٍ». طرفه 6571 7512 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ حُجْرٍ أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ خَيْثَمَةَ عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ، لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تَرْجُمَانٌ، فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلاَ يَرَى إِلاَّ مَا قَدَّمَ مِنْ عَمَلِهِ، وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلاَ يَرَى إِلاَّ مَا قَدَّمَ، وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلاَ يَرَى إِلاَّ النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ». قَالَ الأَعْمَشُ وَحَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ عَنْ خَيْثَمَةَ مِثْلَهُ وَزَادَ فِيهِ «وَلَوْ بِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ». طرفه 1413 ـــــــــــــــــــــــــــــ ليس بإيمان. هذا وأما تكرير النار فيجوز أن يكون تأكيدًا لأن ما تقدم من ذكر النار كان بالضمير، ويجوز أن يكون إشعارة إلى مراتبهم في النار أعاذنا الله منها. 7511 - (محمد بن خالد) وفي بعضها: محمد بن المخلد وليس بصواب إذ ليس في رجال الكتب الستة محمد بن مخلد (عَبِيدة) بفتح العين وكسر الموحدة الإمام الجليل. وحديث ابن مسعود (إن آخر أهل الجنة دخولًا) سلف في الرقائق. وموضع الدلالة قوله: (فيقول له ربه: ادخل الجنة). 7512 - (علي بن حُجر) بتقديم الحاء المضمومة على الجيم (عن خيثمة) بفتح الخاء المعجمة وسكون المثناة (ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان) بضم التاء وفتحها: من ينقل الكلام من لغة إلى أخرى. وموضع الدلالة قوله: سيكلمه وقد سلف الحديث في الرقائق. (قال الأعمش: وحدثني عمرو بن مرة) هذا موصول بالسند الأول ومُرّة بضم الميم وتشديد الراء.

7513 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ جَاءَ حَبْرٌ مِنَ الْيَهُودِ فَقَالَ إِنَّهُ إِذَا كَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ جَعَلَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْمَاءَ وَالثَّرَى عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْخَلاَئِقَ عَلَى إِصْبَعٍ، ثُمَّ يَهُزُّهُنَّ ثُمَّ يَقُولُ أَنَا الْمَلِكُ أَنَا الْمَلِكُ. فَلَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَضْحَكُ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ تَعَجُّبًا وَتَصْدِيقًا، لِقَوْلِهِ ثُمَّ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ) إِلَى قَوْلِهِ (يُشْرِكُونَ). طرفه 4811 7514 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ كَيْفَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ فِي النَّجْوَى قَالَ «يَدْنُو أَحَدُكُمْ مِنْ رَبِّهِ حَتَّى يَضَعَ كَنَفَهُ عَلَيْهِ فَيَقُولُ أَعَمِلْتَ كَذَا وَكَذَا فَيَقُولُ نَعَمْ. وَيَقُولُ عَمِلْتَ كَذَا وَكَذَا فَيَقُولُ نَعَمْ. فَيُقَرِّرُهُ، ثُمَّ يَقُولُ إِنِّى سَتَرْتُ عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ». وَقَالَ آدَمُ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ حَدَّثَنَا صَفْوَانُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 2441 ـــــــــــــــــــــــــــــ 7513 - (عَبيدة) بفتح العين وكسر الموحدة، وحديث ابن مسعود (أنه جاء حبر من اليهود إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: إنه إذا كان يوم القيامة جعل الله السماوات على إصبع) قد تقدم شرح الحديث قريبًا في قوله تعالى: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75]. وأشرنا إلى أن هذا كناية عن سهولة الأمر كما تقول لمن يباشر أمرًا شديدًا بسهولة: يباشره بخنصره، أشرنا إلى أن ضحك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان تعجبًا من استعظام اليهود ذلك، فإن إيجاد الكائنات من العدم أعظم من ذلك، ولذلك تلا قوله تعالى: ({وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [الأنعام:91]). 7514 - وحديث عبد الله بن عمر في النجوى -بفتح النون- قال ابن الأثير: اسم يقام مقام المصدر، وهو الكلام البخاري بين الاثنين سرًّا (يدنو أحدكم من ربه حتى يضع عليه كنفه) أي يقرب من لطفه ورحمته، والكنف بفتح الكاف والنون: الستر، والمراد أنه يحيط عنايته به بحيث لا يطلع عليه غيره تعالى، وهذا هو المؤمن الذي شاء الله العفو عنه جعلنا الله منهم لأن بعض المؤمنين يدخل النار بدليل سائر الأحاديث.

37 - باب قوله (وكلم الله موسى تكليما)

37 - باب قَوْلِهِ (وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا) 7515 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنَا عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى، فَقَالَ مُوسَى أَنْتَ آدَمُ الَّذِى أَخْرَجْتَ ذُرِّيَّتَكَ مِنَ الْجَنَّةِ. قَالَ آدَمُ أَنْتَ مُوسَى الَّذِى اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِرِسَالاَتِهِ وَكَلاَمِهِ، ثُمَّ تَلُومُنِى عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِّرَ عَلَىَّ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ. فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى». طرفه 3409 7516 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يُجْمَعُ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُونَ لَوِ اسْتَشْفَعْنَا إِلَى رَبِّنَا، فَيُرِيحُنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا. فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ لَهُ أَنْتَ آدَمُ أَبُو الْبَشَرِ خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ وَأَسْجَدَ لَكَ الْمَلاَئِكَةَ وَعَلَّمَكَ أَسْمَاءَ كُلِّ شَىْءٍ، فَاشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّنَا حَتَّى يُرِيحَنَا. فَيَقُولُ لَهُمْ لَسْتُ هُنَاكُمْ. فَيَذْكُرُ لَهُمْ خَطِيئَتَهُ الَّتِى أَصَابَ». طرفه 44 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164] اتفق أهل العربية على أن الفعل إذا أكد بالمصدر إسناده إلى الفاعل حقيقة فسقط أوهام المعتزلة. 7515 - (بكير) بضم الباء مصغر، وكذا (عقيل) و (حميد). روى في الباب محاجة موسى وآدم. وقد سلف في المناقب. فإن قلت: استدل بكلام الله مع موسى، وليس في الحديث ذكره. قلت: هذا على دأبه من الاستدلال بالخفي والإشارة إلى ما ورد في سائر الطرق، وقد مضى صريحًا في سورة البقرة، وقد أشرنا هناك إلى أنه لا دليل فيه للجبرية لأن هذا كان في عالم الملكوت عند ارتفاع التكليف، وقيل: غير ذلك.

7517 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ مَالِكٍ يَقُولُ لَيْلَةَ أُسْرِىَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ مَسْجِدِ الْكَعْبَةِ أَنَّهُ جَاءَهُ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ وَهْوَ نَائِمٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَقَالَ أَوَّلُهُمْ أَيُّهُمْ هُوَ فَقَالَ أَوْسَطُهُمْ هُوَ خَيْرُهُمْ. فَقَالَ آخِرُهُمْ خُذُوا خَيْرَهُمْ. فَكَانَتْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَلَمْ يَرَهُمْ حَتَّى أَتَوْهُ لَيْلَةً أُخْرَى فِيمَا يَرَى قَلْبُهُ، وَتَنَامُ عَيْنُهُ وَلاَ يَنَامُ قَلْبُهُ وَكَذَلِكَ الأَنْبِيَاءُ تَنَامُ أَعْيُنُهُمْ وَلاَ تَنَامُ قُلُوبُهُمْ، فَلَمْ يُكَلِّمُوهُ حَتَّى احْتَمَلُوهُ فَوَضَعُوهُ عِنْدَ بِئْرِ زَمْزَمَ فَتَوَلاَّهُ مِنْهُمْ جِبْرِيلُ فَشَقَّ جِبْرِيلُ مَا بَيْنَ نَحْرِهِ إِلَى لَبَّتِهِ حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَدْرِهِ وَجَوْفِهِ، فَغَسَلَهُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ بِيَدِهِ، حَتَّى أَنْقَى جَوْفَهُ، ثُمَّ أُتِىَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ فِيهِ تَوْرٌ مِنْ ذَهَبٍ مَحْشُوًّا إِيمَانًا وَحِكْمَةً، فَحَشَا بِهِ صَدْرَهُ وَلَغَادِيدَهُ - يَعْنِى عُرُوقَ حَلْقِهِ - ثُمَّ أَطْبَقَهُ ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَضَرَبَ بَابًا مِنْ أَبْوَابِهَا فَنَادَاهُ أَهْلُ السَّمَاءِ مَنْ هَذَا فَقَالَ جِبْرِيلُ. قَالُوا وَمَنْ مَعَكَ قَالَ مَعِى مُحَمَّدٌ. قَالَ وَقَدْ بُعِثَ قَالَ نَعَمْ. قَالُوا فَمَرْحَبًا بِهِ وَأَهْلاً. فَيَسْتَبْشِرُ بِهِ أَهْلُ السَّمَاءِ، لاَ يَعْلَمُ أَهْلُ السَّمَاءِ بِمَا يُرِيدُ اللَّهُ بِهِ فِي الأَرْضِ حَتَّى يُعْلِمَهُمْ، فَوَجَدَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا آدَمَ فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: هذا ـــــــــــــــــــــــــــــ 7517 - ثم روى حديث أنس في المعراج من رواية شريك بن عبد الله بن أبي أوفى ثم (أنه سمع أنس بن مالك يقول ليلة أسري برسول الله -صلى الله عليه وسلم- من مسجد الكعبة، إنه جاءه ثلاثة نفر قبل أن يوحى إليه) قال العلماء من أهل هذا الشأن: على أن هذا وهم من الشريك لأن آخر الحديث أنه فرض عليه خمسين صلاة، فكيف يكون قبل الوحي؟ وأجاب شيخ الإسلام بأن قوله: (فكانت تلك الليلة) معناه كانت الواقعة تلك الليلة ما ذكرت (فلم يرهم حتى أتوه ليلة أخرى) يدفع الإشكال عن رواية شريك لأن الليلة الأخرى عبارة عن الليلة التي عرج به بعد النبوة، وفرضت عليه الصلوات عليه أفضل الصلوات. فلذلك ليلة أخرى لجواز أن تكون بعد سنين وهذا يذكر بعض مواضعه. (فقال أولهم: أيّهم هو؟ فقال أوسطهم) قيل: كان بين حمزة بن عبد المطلب، وجعفر بن أبي طالب (أُتي بطست من ذهب محشوًا) حال من الضمير في الظرف أي: بطست كائن من ذهب محشوًا (فحشا به صدره ولَغَادِيدَه) بفتح اللام وغين معجمة جمع لغدود بضم اللام، وهي اللحمة عند اللهاة، وقيل: عروق حلقه، (ثم عرج به إلى السماء) أي بعد ركوبه البراق وذهابه إلى بيت المقدس، وإن كان الإسراء متعددًا على ما قالوا فالأمر على ظاهره بلا

أَبُوكَ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ. فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَرَدَّ عَلَيْهِ آدَمُ وَقَالَ مَرْحَبًا وَأَهْلاً بِابْنِى، نِعْمَ الاِبْنُ أَنْتَ. فَإِذَا هُوَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا بِنَهَرَيْنِ يَطَّرِدَانِ فَقَالَ مَا هَذَانِ النَّهَرَانِ يَا جِبْرِيلُ قَالَ هَذَا النِّيلُ وَالْفُرَاتُ عُنْصُرُهُمَا. ثُمَّ مَضَى بِهِ فِي السَّمَاءِ فَإِذَا هُوَ بِنَهَرٍ آخَرَ عَلَيْهِ قَصْرٌ مِنْ لُؤْلُؤٍ وَزَبَرْجَدٍ فَضَرَبَ يَدَهُ فَإِذَا هُوَ مِسْكٌ قَالَ مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ قَالَ هَذَا الْكَوْثَرُ الَّذِى خَبَأَ لَكَ رَبُّكَ. ثُمَّ عَرَجَ إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ فَقَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَتْ لَهُ الأُولَى مَنْ هَذَا قَالَ جِبْرِيلُ. قَالُوا وَمَنْ مَعَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم -. قَالُوا وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ قَالَ نَعَمْ. قَالُوا مَرْحَبًا بِهِ وَأَهْلاً. ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ وَقَالُوا لَهُ مِثْلَ مَا قَالَتِ الأُولَى وَالثَّانِيَةُ، ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى الرَّابِعَةِ فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ فَقَالُوا مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، كُلُّ سَمَاءٍ فِيهَا أَنْبِيَاءُ قَدْ سَمَّاهُمْ فَأَوْعَيْتُ مِنْهُمْ إِدْرِيسَ فِي الثَّانِيَةِ، وَهَارُونَ فِي الرَّابِعَةِ، وَآخَرَ فِي الْخَامِسَةِ لَمْ أَحْفَظِ اسْمَهُ، وَإِبْرَاهِيمَ فِي السَّادِسَةِ، وَمُوسَى فِي السَّابِعَةِ بِتَفْضِيلِ كَلاَمِ اللَّهِ، فَقَالَ مُوسَى رَبِّ لَمْ أَظُنَّ أَنْ يُرْفَعَ ـــــــــــــــــــــــــــــ تقدير (فإذا هو في السماء الدنيا بنهرين يَطّرِدَان) أي يجريان. فإن قلت: في الرواية الأخرى " أي من تحت سدرة المنتهى يخرج أربعة أنهار منها النيل والفرات"؟ قلت: لا تنافي أصلها هناك. فإن قلت: قد قال: في السماء الدنيا عنصرهما وعنصر الشيء أصله؟ قلت: أصل بالنسبة إلى ما يخالطها في الأرض ثم ذهب في السماء فإذا هو بنهر آخر عليه قصر من لؤلؤ فسأل جبريل فقال: هذا هو الكوثر الذي قدّ خبَّأ ربك وهذا فيه إشكال لما تقدم من رواية أنس أنه قال: "دخلت الجنة فإذا أنا بنهر حافتاه من اللؤلؤ، فقال جبريل: هذا هو الكوثر الذي أعطاك ربك"، والجنة إنما هي في السماء السابعة، وأجاب شيخ الإسلام بأن تقديره: ثم مضى في السماء الدنيا إلى السابعة، والأولى أن يقال: كونه بتلك الصفة في الجنة لا ينافي كونه في السماء لأنه نهر جار إلى ما أراد الله (وموسى في السماء السابعة بتفضيل كلام الله) من إضافة المصدر إلى الفاعل، وهذا موضع الدلالة على الترجمة وهي قوله: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164].

عَلَىَّ أَحَدٌ. ثُمَّ عَلاَ بِهِ فَوْقَ ذَلِكَ بِمَا لاَ يَعْلَمُهُ إِلاَّ اللَّهُ، حَتَّى جَاءَ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى وَدَنَا الْجَبَّارُ رَبُّ الْعِزَّةِ فَتَدَلَّى حَتَّى كَانَ مِنْهُ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى اللَّهُ فِيمَا أَوْحَى إِلَيْهِ خَمْسِينَ صَلاَةً عَلَى أُمَّتِكَ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ. ثُمَّ هَبَطَ حَتَّى بَلَغَ مُوسَى فَاحْتَبَسَهُ مُوسَى فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ مَاذَا عَهِدَ إِلَيْكَ رَبُّكَ قَالَ عَهِدَ إِلَىَّ خَمْسِينَ صَلاَةً كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ. قَالَ إِنَّ أُمَّتَكَ لاَ تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ فَارْجِعْ فَلْيُخَفِّفْ عَنْكَ رَبُّكَ وَعَنْهُمْ. فَالْتَفَتَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى جِبْرِيلَ كَأَنَّهُ يَسْتَشِيرُهُ فِي ذَلِكَ، فَأَشَارَ إِلَيْهِ جِبْرِيلُ أَنْ نَعَمْ إِنْ شِئْتَ. فَعَلاَ بِهِ إِلَى الْجَبَّارِ فَقَالَ وَهْوَ مَكَانَهُ يَا رَبِّ خَفِّفْ عَنَّا، فَإِنَّ أُمَّتِى لاَ تَسْتَطِيعُ هَذَا. فَوَضَعَ عَنْهُ عَشْرَ صَلَوَاتٍ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مُوسَى فَاحْتَبَسَهُ، فَلَمْ يَزَلْ يُرَدِّدُهُ مُوسَى إِلَى رَبِّهِ حَتَّى صَارَتْ إِلَى خَمْسِ صَلَوَاتٍ، ثُمَّ احْتَبَسَهُ مُوسَى عِنْدَ ـــــــــــــــــــــــــــــ (ثم علا به إلى ما لا يعلمه إلا الله, ودنا الجبار رب العزة منه فتدلى حتى كان قاب قوسين أو أدنى) هذا أيضًا مما أنكر به على شريك فإنه تفرد بهذا، وهذا في القرآن وصف جبريل مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقد حمله شريك على قرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من ربه تعالى، فمن العلماء من قال: هذا الخلل من شريك، أو من أنس فإنه لم يرفعه إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهذا ليس بشيء؛ لأن مثله في حكم المرفوع، وقال الخطابي: من أحاط بأول الحديث وآخره لم يشكل عليه لأن أول الحديث أنه كان نائمًا، فكان هذا رؤيا منام، والرؤيا يجوز صرفها إلى غير ظاهرها، وهذا أيضًا ليس بشيء لأن الرؤيا كانت في الليلة الأولى، وأما فرض الصلاة لم يكن إلا في اليقظة بإجماع من يُعتدّ به. ثم قال: وهذا مقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع جبريل كما في الآية. قلت: قوله: (ودنا الجبار فتدلى حتى كان قاب قوسين) حمله على جبريل لا يرضاه من له قدم [في] العربية، ولقد أحسن القاضي عياض رحمه الله في قوله: القرب والدنو إلى الله، أو من الله ليس دنو مكان، بل بالنظر إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إشارة إلى شرف محله، وعظم منزلته عند الله ومن الله تعالى تأنيس رسوله وإكرامه. وهذا كما تقدم من قوله: "من تقرب إلى شبرًا". وتقريب وله نظائر فوق الحد، بل الآيات وأحاديث الصفات كلها من هذا القبيل. (فعلا به إلى الجبار فقال وهو مكانه) وهو أيضًا فإن المكان لا يضاف إليه تعالى

الْخَمْسِ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ وَاللَّهِ لَقَدْ رَاوَدْتُ بَنِى إِسْرَائِيلَ قَوْمِى عَلَى أَدْنَى مِنْ هَذَا فَضَعُفُوا فَتَرَكُوهُ فَأُمَّتُكَ أَضْعَفُ أَجْسَادًا وَقُلُوبًا وَأَبْدَانًا وَأَبْصَارًا وَأَسْمَاعًا، فَارْجِعْ فَلْيُخَفِّفْ عَنْكَ رَبُّكَ، كُلَّ ذَلِكَ يَلْتَفِتُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى جِبْرِيلَ لِيُشِيرَ عَلَيْهِ وَلاَ يَكْرَهُ ذَلِكَ جِبْرِيلُ، فَرَفَعَهُ عِنْدَ الْخَامِسَةِ فَقَالَ يَا رَبِّ إِنَّ أُمَّتِى ضُعَفَاءُ أَجْسَادُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ وَأَسْمَاعُهُمْ وَأَبْدَانُهُمْ فَخَفِّفْ عَنَّا فَقَالَ الْجَبَّارُ يَا مُحَمَّدُ. قَالَ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ. قَالَ إِنَّهُ لاَ يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَىَّ، كَمَا فَرَضْتُ عَلَيْكَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ - قَالَ - فَكُلُّ حَسَنَةٍ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، فَهْىَ خَمْسُونَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ وَهْىَ خَمْسٌ عَلَيْكَ. فَرَجَعَ إِلَى مُوسَى فَقَالَ كَيْفَ فَعَلْتَ فَقَالَ خَفَّفَ عَنَّا أَعْطَانَا بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أَمْثَالِهَا. قَالَ مُوسَى قَدْ وَاللَّهِ رَاوَدْتُ بَنِى إِسْرَائِيلَ عَلَى أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ فَتَرَكُوهُ، ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَلْيُخَفِّفْ عَنْكَ أَيْضًا. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَا مُوسَى قَدْ وَاللَّهِ اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَبِّى مِمَّا اخْتَلَفْتُ إِلَيْهِ. قَالَ فَاهْبِطْ بِاسْمِ اللَّهِ. قَالَ وَاسْتَيْقَظَ وَهْوَ فِي مَسْجِدِ الْحَرَامِ. طرفه 3570 == والجواب أن الضمير لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- (قال يا موسى قد والله استحييت من ربي) هذا أيضًا مما تفرد به شريك فإنه جعل هذا الكلام بعد الخامسة. وفي رواية ثابت عن أنس أنه كان بعد التاسعة لأن إسقاط الصلاة كان خمسًا خمسًا (فاستيقظ وهو في المسجد الحرام) وهذا أيضًا من تفردات شريك، وبه استدل من قال: إن المعراج كان منامًا والجواب: أنه لم يقل: استيقظ من نومه فالمعنى أنه كان مشغول البال مستغرقًا في أنوار الجلال والجمال فلم ير نفسه ولا الالتفات إلى ما سوى ربه إلى أن بلغ المسجد، كيف لا وعند نزول الوحي كان يغيب عن الناس، وعن نفسه كالذي يُغشى عليه. وقيل: معناه استيقظ من نومة نامها بعد الإسراء كان في بعض الليل وليس بشيء لأن قوله (استيقظ وهو في المسجد) يدل على أن النوم لم يكن في المسجد، ولو كان المراد ذلك لقال: ثم نام في المسجد قيل وأما قوله: (فاهبط بسم الله) والظاهر أن القائل موسى لأن المحاورة بينهما، وقيل: القائل جبريل. فإن قلت: في هذه الرواية أن موسى كان في السماء السابعة، وهي في رواية مالك بن أبي صعصعة "أنه وجد في السابعة". قلت: تقدم الجواب عنه بأن في عالم الأرواح يسيرون حيث شاؤوا. هذا ما تيسر لي في هذا المقام، وأنت خبير بأنه مقام وأي مقام.

38 - باب كلام الرب مع أهل الجنة

38 - باب كَلاَمِ الرَّبِّ مَعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ 7518 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ لأَهْلِ الْجَنَّةِ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ. فَيَقُولُونَ لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ. فَيَقُولُ هَلْ رَضِيتُمْ فَيَقُولُونَ وَمَا لَنَا لاَ نَرْضَى يَا رَبِّ وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ. فَيَقُولُ أَلاَ أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ. فَيَقُولُونَ يَا رَبِّ وَأَىُّ شَىْءٍ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ فَيَقُولُ أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِى فَلاَ أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا». طرفه 6549 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب كلام الرب تعالى مع أهل الجنة 7518 - أي بعد دخول الجنة (يسار) ضد اليمين روى في الباب [حديث] أبي سعيد الخدري أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (يقول الله لأهل الجنة: هل رضيتم؟ فيقولون: وما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدًا من خلقك، فيقول: ألا أعطيكم أفضل من ذلك) ثم فسره فقال: (أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدًا) قيل: هذا مشكل فإن اللقاء أفضل من الرضا، وأجيب: بأنه لم يقل أفضل من كل شيء، بل من الإعطاء وتكلف آخر وقال: يجوز أن يكون المراد أنواع الرضوان ومن جملتها اللقاء ونحن نقول: أما الأول فمردود لأن قوله: (أفضل من ذلك) إشارة إلى كل ما أعطوه ومن جملته اللقاء فإنهم رأوه في المحشر حين سجدوا، وأما الثاني فيَرده قوله: (فلا أسخط عليكم بعده) فإنه يترتب على نفس الرضا لأنه ضده. والصواب في الجواب: أن الرضا أفضل من اللقاء من وجوه: الأول: أن الرضا ينشأ منه كل مطلوب. الثاني: أن الرضا لذة روحانية، والرؤية لذة جسمانية. والثالث: أن خواص الملوك المشاهدين له ما لم تكن أرضى عنه لا يتلذذون بتلك المشاهدة ويخافون من المكر والاستدراج، وهذا أمر وجداني. وقد سلف في حديث الشهداء "أنا قد لقينا ربنا فرضي عنا" فرعوا الرضا عن اللقاء دلالة على مرتبة على طريقة الرقي، ولأمر ما ذكر الله في القرآن في موضع الرضا دون الرؤية، وقد أشار إليه المتنبي في قوله: وما الصد إلا الوصل ما لم يكن قلبي

39 - باب ذكر الله بالأمر وذكر العباد بالدعاء والتضرع والرسالة والإبلاغ

7519 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ حَدَّثَنَا هِلاَلٌ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَوْمًا يُحَدِّثُ وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ «أَنَّ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ اسْتَأْذَنَ رَبَّهُ فِي الزَّرْعِ فَقَالَ أَوَ لَسْتَ فِيمَا شِئْتَ. قَالَ بَلَى وَلَكِنِّى أُحِبُّ أَنْ أَزْرَعَ. فَأَسْرَعَ وَبَذَرَ فَتَبَادَرَ الطَّرْفَ نَبَاتُهُ وَاسْتِوَاؤُهُ وَاسْتِحْصَادُهُ وَتَكْوِيرُهُ أَمْثَالَ الْجِبَالِ فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى دُونَكَ يَا ابْنَ آدَمَ فَإِنَّهُ لاَ يُشْبِعُكَ شَىْءٌ». فَقَالَ الأَعْرَابِىُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ لاَ تَجِدُ هَذَا إِلاَّ قُرَشِيًّا أَوْ أَنْصَارِيًّا فَإِنَّهُمْ أَصْحَابُ زَرْعٍ، فَأَمَّا نَحْنُ فَلَسْنَا بِأَصْحَابِ زَرْعٍ. فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 2348 39 - باب ذِكْرِ اللَّهِ بِالأَمْرِ وَذِكْرِ الْعِبَادِ بِالدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ وَالرِّسَالَةِ وَالإِبْلاَغِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى (فَاذْكُرُونِى أَذْكُرْكُمْ) (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ـــــــــــــــــــــــــــــ 7519 - وحديث أبي هريرة (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يحدث وعنده رجل من أهل البادية) الحديث سلف في المناقب، وموضع الدلالة قوله: (فيقول الله: دونك بن آدم لأنه لا يشبعك شيء) كناية عن الحرص كقوله: "لا يملأ عين ابن آدم إلا التراب"، فلا يعارض قوله تعالى: {إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (118)} [طه: 118]. وما يقال: نفي الجوع لا يوجب الشبع لأن الكفاية واسطة بينهما، مع ركاكته يلزم منه أن أهل الجنة لا يشبعون قط، بل يقتصرون على قدر الكفاية. والتحقيق أن الجنة لا جوع فيها ولا شبع لأن الجوع ألمٌ ولا ألمَ في الجنة حتى يحتاج إلى دفعه، وما يتناوله أهل الجنة من الأكل والشراب ليس لدفع العطش والجوع بل كل ذلك على سبيل التلذذ والتفكه، ولذلك قال المحققون: إن نعم الجنة لا تشارك نعم الدنيا إلا في الاسم. باب ذكر الله بالأمر وذكر العباد بالدعاء والتضرع والرسالة والإبلاغ أراد الباب في هذا الإشارة إلى أن الله قد ذكر عباده بالأمر بالطاعة وتبليغ رسالته

40 - باب قول الله تعالى

نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِى وَتَذْكِيرِى بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَىَّ وَلاَ تُنْظِرُونِ * فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِىَ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) غُمَّةٌ هَمٌّ وَضِيقٌ. قَالَ مُجَاهِدٌ (اقْضُوا إِلَىَّ) مَا فِي أَنْفُسِكُمْ، يُقَالُ افْرُقِ اقْضِ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللَّهِ) إِنْسَانٌ يَأْتِيهِ فَيَسْتَمِعُ مَا يَقُولُ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ، فَهْوَ آمِنٌ حَتَّى يَأْتِيَهُ فَيَسْمَعَ كَلاَمَ اللَّهِ، وَحَتَّى يَبْلُغَ مَأْمَنَهُ حَيْثُ جَاءَهُ. النَّبَأُ الْعَظِيمُ الْقُرْآنُ (صَوَابًا) حَقًّا فِي الدُّنْيَا وَعَمَلٌ بِهِ. 40 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (فَلاَ تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا) وَقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ (وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــ وأحكامه التي أوحاها إلى الرسل، إلا أن في استدلاله بقوله: {فَاذْكُرُونِي} [البقرة: 152] خفاء لأن ذكر الله في الآية عبادة ليس معناه الأمر بالعبادة بل ما تقدم من قوله: "من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم"، ولذلك لم يورد هذا الحديث في الباب لأنه لا يطابق ما ترجم، فكأنه أشار إلى أن الأنبياء بلّغوا ما أمروا بتبليغه ذكرهم الله بكل جميل، فعلى من بلغوه الدعاء والتضرع بالعبادة ليذكرهم الله بغفرانه ورحمته (قال مجاهد: اقضوا إليَّ ما في أنفسكم) أي من القتل وغيره، قاله في معنى قول نوح {اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ} [يونس: 71] (النبأ العظيم: القرآن) يشير إلى معنى قوله تعالى: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ} [النبأ: 2,1] وقال غيره: هو الحشر والمعاد، وهو الظاهر من السياق. باب قوله تعالى: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا} [البقرة: 22] إذ في هذا الباب نفي الشريك عن ذاته تعالى وصفاته، ونفي الشريك في خلق شيء من الأشياء، وإن أفعال العباد مخلوقة لله لقوله: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} [الفرقان: 2] وجه الدلالة أن أفعال العباد بمعنى الحاصل من المصدر لا نفس الإيقاع فإنه أمر اعتباري كما

رَبُّ الْعَالَمِينَ) وَقَوْلِهِ (وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ) (وَلَقَدْ أُوحِىَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ) وَقَالَ عِكْرِمَةُ (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ وَمَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ. فَذَلِكَ إِيمَانُهُمْ وَهُمْ يَعْبُدُونَ غَيْرَهُ، وَمَا ذُكِرَ فِي خَلْقِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ وَأَكْسَابِهِمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى (وَخَلَقَ كُلَّ شَىْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا) وَقَالَ مُجَاهِدٌ مَا تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ إِلاَّ بِالْحَقِّ بِالرِّسَالَةِ وَالْعَذَابِ (لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ) الْمُبَلِّغِينَ الْمُؤَدِّينَ مِنَ الرُّسُلِ وَإِنَّا لَهُ حَافِظُونَ عِنْدَنَا (وَالَّذِى جَاءَ بِالصِّدْقِ) الْقُرْآنُ، (وَصَدَّقَ بِهِ) الْمُؤْمِنُ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ هَذَا الَّذِى أَعْطَيْتَنِى عَمِلْتُ بِمَا فِيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ صرح به المحققون: يقع عليه اسم الشيء فدخلت في عموم كل شيء، وأما الند فهو المثل المناوئ. فإن قلت: نفي الأنداد لا يستلزم نفي الند مطلقًا وهذا هو المطلوب. قلت: إنما أتى بصيغة الجمع نعتًا عليهم حيث جعلوا لمن لا يجوز أن يكون له ند واحد أندادًا. (وما يؤمن أكثرهم إلا وهم مشركون) فسره عكرمة: بأنهم إن يُسألوا (من خلق السماوات والأرض؟ يقولون: خلقهن الله) ومع هذا (يعبدون غيره). فإن قلت: هب هذا يرد قول أهل الاعتزال لدخول أفعال العباد تحت قوله (كل شيء) ولكن يلزم منه الجبر المحض، قلت: الجبر المحض لا يلزم لأن الخالق وإن كان هو الله إلا أن للعبد فيه كسبًا واختيارًا هو مناط الثواب والعقاب للفرق الواضح بين حركة المرتعش والسالم. ({مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ} [الحجر: 8]) دل على أن لهم كسبًا، وأنهم تحت أمره ردًّا على من عبد الملائكة، وفسر الحق بالرسالة والعذاب دلالة على أن للعباد كسبًا، وإلا لم تكن فائدة في إرسال الرسل، ولا جائز تعذيب أحد لكونه مجبورًا على الفعل لا قدرة له كالجماد ({وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9]) دليل على توحده، ولو كان هناك شريك لم يمكن حفظه منه.

41 - باب قول الله تعالى (وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون)

7520 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَأَلْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَىُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ قَالَ «أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهْوَ خَلَقَكَ». قُلْتُ إِنَّ ذَلِكَ لَعَظِيمٌ. قُلْتُ ثُمَّ أَىّ قَالَ «ثُمَّ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ تَخَافُ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ». قُلْتُ ثُمَّ أَىّ قَالَ «ثُمَّ أَنْ تُزَانِىَ بِحَلِيلَةِ جَارِكَ». طرفه 4477 41 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَ أَبْصَارُكُمْ وَلاَ جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لاَ يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ) 7521 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِى مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ اجْتَمَعَ عِنْدَ الْبَيْتِ ثَقَفِيَّانِ وَقُرَشِىٌّ، أَوْ قُرَشِيَّانِ وَثَقَفِىٌّ، كَثِيرَةٌ شَحْمُ بُطُونِهِمْ قَلِيلَةٌ فِقْهُ قُلُوبِهِمْ فَقَالَ أَحَدُهُمْ أَتَرَوْنَ أَنَّ اللَّهَ يَسْمَعُ مَا نَقُولُ قَالَ الآخَرُ يَسْمَعُ إِنْ جَهَرْنَا وَلاَ يَسْمَعُ إِنْ أَخْفَيْنَا وَقَالَ الآخَرُ إِنْ كَانَ يَسْمَعُ إِذَا جَهَرْنَا فَإِنَّهُ يَسْمَعُ إِذَا أَخْفَيْنَا. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى (وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَ أَبْصَارُكُمْ وَلاَ جُلُودُكُمْ) الآيَةَ. طرفه 4816 ـــــــــــــــــــــــــــــ 7520 - ثم روى حديث ابن مسعود أنه (سأل: أي الذنب أعظم؟) وقد سلف في كتاب التوحيد. باب قوله تعالى: {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ} [فصلت: 22] 7521 - (أبو معمر) بفتح الميمين بينهما عين ساكنة عبد الله بن سخبرة. روى في الباب حديث ابن مسعود (قال: اجتمع عند البيت) الكعبة علمٌ لها بالغلبة، والقول بأنه يجوز حمله على الجنس لغو من القول (ثقفيان وقرشي، أو قرشيان وثقفي) الشك إما من ابن مسعود، أو من عبد الله سخبرة (كثيرة شحم بطونهم، قليلة فقه قلوبهم) أنت باعتبار المضاف إليه، فإن المضاف اكتسب التأنيث منه. والحديث سلف في سورة هود، وموضع الدلالة قوله: (إن كان يسمع ما جهرنا فإنه يسمع ما أخفينا) رد به على من قال (لا يسمع إن أخفينا).

42 - باب قول الله تعالى (كل يوم هو فى شأن)

42 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) وَ (مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ) وَقَوْلِهِ تَعَالَى (لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا) وَأَنَّ حَدَثَهُ لاَ يُشْبِهُ حَدَثَ الْمَخْلُوقِينَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ وَهُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: هذا رد حسن مطابق للواقع فلم ذكره في موضع الإنكار؟ قلت: لأنه لم يجزم به، وإنما بنى الأمر على الاحتمال، وفيه رمز على أن السِّمَن في الإنسان من علامات الجهل وقلة الفطنة، قيل: أشار البخاري بهذه الترجمة إلى إثبات السمع لله. قلت: قد تقدم في كتاب التوحيد في باب إثبات السميع والبصير ما فيه كفاية، وقيل: أشار إلى أنه يُنزل الكلام متى شاء، ولا يخفى بُعدُه، فإن بعد ثبوت الإرادة له تعالى هذا معلوم. والحق أنه أشار إلى عموم علمه بالخفيات. ألا ترى إلى آخر الآية {وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ} [فصلت: 22]. باب قوله تعالى عَزَّ وَجَلَّ: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} [الرحمن: 29] الشأن: الأمر والحال، ومعنى قوله: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} مع أن التقدير أزلي إنه يبدي ما في علمه وهي شؤون يبديها لا شؤون ينشئها، يسعد ويشقي، يغني ويفقر، واستدل على ذلك بالآية والحديث، أما الآية فإنه قوله: ({مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} [الأنبياء: 2] دل على أنه ينزل الكلام في الوقائع والحوادث ما يتعلق بها. قال بعضٌ: أراد البخاري الفرق بين المخلوق والمحدث فإن كلامه تعالى يوصف بكونه محدثًا، ولا يوصف بكونه مخلوقًا. وهذا الذي قاله ليس بشيء، فإن الحدوث هو الوجود بعد العدم. وقد بسطنا الكلام على مسألة كلام الله قريبًا في باب لا تنفع الشفاعة عنده. ومحصله: أن ما قام بذاته تعالى قديم لا يوصف بالنزول والحدوث، هو الذي يتلى في الصلاة. والمتأخرون منهم من قال: بحدوث اللفظ، ومنهم من قال: اللفظ قديم وهو المتلو، والتلاوة حادثة، وهذا مختارنا، وهو المروي عن السلف، القرآن كلام الله القديم المحفوظ في الصدور، المتلو بألسنتنا، فعلى هذا الوصف بالحدوث، فبالنظر إلى تعلقه. (وإن حَدَثَهُ لا يشبه حدث المخلوقين) لأن أفعاله مخلوقة، وكذلك أفعال العباد، والنسبة إليهم باعتبار الكسب {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] أي لا ذاتًا، ولا صفة، ولا فعلًا، ولا اسمًا تعالى عن ذلك علوًا كبيرًا.

السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ اللَّهَ يُحْدِثُ مِنْ أَمْرِهِ مَا يَشَاءُ، وَإِنَّ مِمَّا أَحْدَثَ أَنْ لاَ تَكَلَّمُوا فِي الصَّلاَةِ». 7522 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ وَرْدَانَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَيْفَ تَسْأَلُونَ أَهْلَ الْكِتَابِ عَنْ كُتُبِهِمْ وَعِنْدَكُمْ كِتَابُ اللَّهِ أَقْرَبُ الْكُتُبِ عَهْدًا بِاللَّهِ، تَقْرَءُونَهُ مَحْضًا لَمْ يُشَبْ. طرفه 2685 7523 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ قَالَ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ كَيْفَ تَسْأَلُونَ أَهْلَ الْكِتَابِ عَنْ شَىْءٍ وَكِتَابُكُمُ الَّذِى أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّكُمْ - صلى الله عليه وسلم - أَحْدَثُ الأَخْبَارِ بِاللَّهِ مَحْضًا لَمْ يُشَبْ وَقَدْ حَدَّثَكُمُ اللَّهُ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ بَدَّلُوا مِنْ كُتُبِ اللَّهِ وَغَيَّرُوا فَكَتَبُوا بِأَيْدِيهِمْ، قَالُوا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ. لِيَشْتَرُوا بِذَلِكَ ثَمَنًا قَلِيلاً، أَوَ لاَ يَنْهَاكُمْ مَا جَاءَكُمْ مِنَ الْعِلْمِ عَنْ مَسْأَلَتِهِمْ، فَلاَ وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا رَجُلاً مِنْهُمْ يَسْأَلُكُمْ عَنِ الَّذِى أُنْزِلَ عَلَيْكُمْ. طرفه 2685 ـــــــــــــــــــــــــــــ وروى في الباب حديث ابن مسعود تعليقًا. وموضع الدلالة قوله: (وإن مما أحدث أن لا تكلموا في الصلاة) وقد سلف في أبواب الصلاة أنهم كانوا يتكلمون في الصلاة فلما نزل قوله تعالى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] سكتوا. 7522 - 7523 - وحديث ابن عباس من وجهين موقوفًا. وموضع الدلالة أولًا قوله: (وكتاب الله عندكم أقرب الكتب) أي أقرب نزوله من سائر الكتب، وثانيًا: قوله (وكتابكم الذي أنزل الله على نبيكم -صلى الله عليه وسلم- أحدث الأخبار بالله) أي بأحكام الله وشؤونه (محضًا) بالحاء المهملة والضاد المعجمة (لم يُشب) على بناء المجهول أي لم يخلط (فلا والله) لا زائدة لتوكيد القسم.

43 - باب قول الله تعالى (لا تحرك به لسانك)

43 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ) وَفِعْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حَيْثُ يُنْزَلُ عَلَيْهِ الْوَحْىُ. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «قَالَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَا مَعَ عَبْدِى حَيْثُمَا ذَكَرَنِى وَتَحَرَّكَتْ بِى شَفَتَاهُ». 7524 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِى عَائِشَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى (لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ) قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُعَالِجُ مِنَ التَّنْزِيلِ شِدَّةً، وَكَانَ يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ - فَقَالَ لِى ابْنُ عَبَّاسٍ أُحَرِّكُهُمَا لَكَ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُحَرِّكُهُمَا فَقَالَ سَعِيدٌ أَنَا أُحَرِّكُهُمَا كَمَا كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُحَرِّكُهُمَا فَحَرَّكَ شَفَتَيْهِ - فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ) قَالَ جَمْعُهُ فِي صَدْرِكَ ثُمَّ تَقْرَؤُهُ. (فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ) قَالَ فَاسْتَمِعْ لَهُ وَأَنْصِتْ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا أَنْ تَقْرَأَهُ. قَالَ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَتَاهُ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - اسْتَمَعَ فَإِذَا انْطَلَقَ جِبْرِيلُ قَرَأَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - كَمَا أَقْرَأَهُ. طرفه 5 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قول الله عز وجل: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ} [القيامة: 16] وفعل النبي -صلى الله عليه وسلم- بالجر عطف على الترجمة، وقال أبو هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- (أنا مع عبدي إذا ذكرني وتحركت بي شفتاه) هذا التعليق لم يصله البخاري، ووصله غيره. ومعنى كونه مع عبده: المعية بالعلم لا الرحمة، فإنها تكون إذا كان العمل خالصًا لوجه الله، وذكر الشفة حث على أعمال الخوارج وإلا فهو عالم بذوات الصدور. 7524 - (قتيبة) بضم القاف مصغر (أبو عوانة) بفتح العين الوضاح الواسطي روى عن ابن عباس أن سبب نزول قوله تعالى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ} [القيامة: 16] أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم كان يعالج من القرآن حين نزوله شدة فإنه كان يبادر على حفظه مخافة فوت شيء منه. والحديث سلف في أول الكتاب. وغرض البخاري الإشارة إلى أن ما يتلوه كل قارئ وهو قرآن لأن الضمير في (به) راجع إليه، وكذا في (قرآنه)، وقرآن المضاف إلى الضمير مرادف للقراءة لغة لأنهما مصدرا قرأ، فلا دلالة فيه على أن القرآن يطلق على القراءة، وقيل: أراد بوضع هذا الباب الرد على من زعم أن قراءة القاريء قديمة. قلت: هذا فساده لا يحتاج إلى البيان.

44 - باب قول الله تعالى (وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور * ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير)

44 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) (يَتَخَافَتُونَ) يَتَسَارُّونَ. 7525 - حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ عَنْ هُشَيْمٍ أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - فِي قَوْلِهِ تَعَالَى (وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا) قَالَ نَزَلَتْ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُخْتَفٍ بِمَكَّةَ، فَكَانَ إِذَا صَلَّى بِأَصْحَابِهِ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالْقُرْآنِ، فَإِذَا سَمِعَهُ الْمُشْرِكُونَ سَبُّوا الْقُرْآنَ وَمَنْ أَنْزَلَهُ وَمَنْ جَاءَ بِهِ، فَقَالَ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - (وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ) أَىْ بِقِرَاءَتِكَ، فَيَسْمَعَ الْمُشْرِكُونَ، فَيَسُبُّوا الْقُرْآنَ (وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا) عَنْ أَصْحَابِكَ فَلاَ تُسْمِعُهُمْ (وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً). طرفه 4722 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله تعالى: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (13) أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14,13] 7525 - قيل: أشار بهذه الترجمة إلى أن القول أعم من أن يكون بالقرآن وغيره، قلت: هذا شيء لا يخالف فيه ذو مسكة فأي فائدة فيه؟ ثم قال في القرآن غير مخلوق لقوله: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ} قلت: وأي دلالة فيه ليت شعري، وقيل: أراد إثبات صفة العلم له تعالى صفة ذاتية لاستواء الجهر والسر عنده، وليس بشيء وإن تعلق بحديث أبي هريرة (ليس منا [من] لم يتغن بالقرآن) بهذا بل لو أراد ذلك لكان المناسب حديث: ثقفيان وقرشي، والحق أنه أراد أن الجهر بالقرآن أحسن وأفضل من قراءته سرًّا إن لم يمنع عنه مانع وفي الجمع بين أحاديث الباب فإنه منع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الجهر لما كان فيه مفسدة، وحث عليه حيث لا مانع. أو الإشارة إلى أن ما يتلوه قرآن لقوله: (فإذا سمعه المشركون سبوا القرآن). قال بعض الشارحين: فإن قلت: إذا كان مختفيًا عن الكيفيات فكيف يرفع الصوت وهو بناء في الإخفاء؟ قلت: لعله أراد شبه الجهر، أو ما كان يقع له في الصلاة ومناجاة الرب بلا اختيار لاستغراقه في ذلك، وكل هذا خبط أما أولًا: فلأن جهره بالقرآن بحيث يسمع المشركون من الخارج فكيف يتصور أن يكون شبه الجهر؟ وأما ثانيًا: فلأن قوله: (فكان إذا صلى بأصحابه رفع صوته) يدل على استمراره ودوامه، فكيف يحمل على وقوعه من غير اختيار في مناجاته؟ والحق أن المراد من الاختفاء عدم قدرته على قهر المشركين. فإن قلت: روى ابن عباس ما ذكرته، وعن عائشة أن الآية نزلت في الدعاء. قلت: قد سلف منا أن لا تزاحم في الأسباب يجوز كون كل منهما سببًا.

45 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - «رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل والنهار، ورجل يقول لو أوتيت مثل ما أوتى هذا فعلت كما يفعل»

7526 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ (وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا) فِي الدُّعَاءِ. طرفه 4723 7527 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ». وَزَادَ غَيْرُهُ «يَجْهَرُ بِهِ». 45 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَهْوَ يَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَرَجُلٌ يَقُولُ لَوْ أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِىَ هَذَا فَعَلْتُ كَمَا يَفْعَلُ» فَبَيَّنَ اللَّهُ أَنَّ قِيَامَهُ بِالْكِتَابِ هُوَ فِعْلُهُ وَقَالَ (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ ـــــــــــــــــــــــــــــ 7527 - (إسحاق) كذا وقع غير منسوب، قيل: هو ابن منصور، وقال الحاكم: هو ابن نصر، قال الغساني: الأول أشبه لأن مسلمًا روى عن إسحاق بن منصور عن أبي عاصم النبيل، وأبو عاصم من شيوخ البخاري، إلا أنه يروي عنه تارة بواسطة. باب قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ورجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل والنهار، ورجل يقول: لو أوتيت مثل ما أوتي هذا لفعلت مثل ما يفعل" هذا إشارة إلى المذكور وهو قارئ القرآن، وجعله إشارة إلى صاحب المال ليس بشيء، أما أولًا فلعدم ذكر المشار إليه، وأما ثانيًا: فلأنه ذكر في الحديث الفعل مع قارئ القرآن كما فعله في الترجمة، وذكر مع صاحب المال العمل، ثم قال: فإن قلت: الخصلتان من الغبطة. قلت: غرضه لا تحاسد إلا فيهما، وما فيهما ليس بحسد فلا حسد كقوله تعالى: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى} [الدخان: 56] وهذا كلام وتشبيه باطلان. الجنة لا يمكن فيها الموت بخلاف الحسد في القرآن والمال فإنه لو تمنى زواله عن صاحبه، وحصوله له كان حسدًا وإثمًا، والحديث مر مرارًا، وغرض البخاري الدلالة على أن فعل العبد وقوله وإن كان مخلوقًا لله فإنه ينسب إلى العباد لغة, لأن الفاعل محل الفعل. ألا ترى إلى قوله: (فعلت) وقوله: (بين الله أن قيامه بالكتاب هو فعله).

وَاخْتِلاَفُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ). وَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ (وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ). 7528 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَحَاسُدَ إِلاَّ فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَهْوَ يَتْلُوهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ، فَهْوَ يَقُولُ لَوْ أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِىَ هَذَا، لَفَعَلْتُ كَمَا يَفْعَلُ. وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالاً فَهْوَ يُنْفِقُهُ فِي حَقِّهِ فَيَقُولُ لَوْ أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِىَ عَمِلْتُ فِيهِ مِثْلَ مَا يَعْمَلُ». طرفه 5026 7529 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ الزُّهْرِىُّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ حَسَدَ إِلاَّ فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَهْوَ يَتْلُوهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالاً فَهْوَ يُنْفِقُهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ». سَمِعْتُ سُفْيَانَ مِرَارًا لَمْ أَسْمَعْهُ يَذْكُرُ الْخَبَرَ وَهْوَ مِنْ صَحِيحِ حَدِيثِهِ. طرفه 5025 ـــــــــــــــــــــــــــــ 7528 - 7529 - (آناء الليل والنهار) قال الجوهري: آناء جمعٌ واحده أنى على وزن معى، وقال: إنو أو إني على وزن فكر يقال: أنوان، وأنيان وعلى كل لغة معناه الساعة. (قال: سمعت سفيان مرارًا لم أسمعه يذكر الخبر) أي لم يقل أخبرنا في رواية بل رواه بلفظ قال كذا قيل، وقال شيخ الإسلام: أي لم يروه إلا عنعنة ولا ضرر في ذلك كيف وقد رفع عنه الوهم بقوله: (وهو من صحيح حديثه). فإن قلت: ما وجه دلالة قوله: {وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ} [الروم: 22] وقوله: {وَاَفْعَلُوا اَلخَيْرَ} [الحج: 77]؟ قلت: إن غرضه من هذا الباب أن فعل العبد وإن كان مخلوقًا لله يسند إلى العبد لصدوره عنه سواء ذلك الفعل ضروريًّا أو كسبيًّا والمراد بالألسنة اللغات المختلفة لظهور دلالتها على كمال قدرة الصانع الحكيم، المتوحد بالخلق، والإيجاد كيف شاء، قطعة لحم على شكل واحد كيف جمع اللغات المختلفة بلا حد وحصر، ومع كونها مخلوقة له أضاف اختلافها إلى من قام بها.

46 - باب قول الله تعالى (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالاته)

46 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالاَتِهِ) وَقَالَ الزُّهْرِىُّ مِنَ اللَّهِ الرِّسَالَةُ، وَعَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْبَلاَغُ، وَعَلَيْنَا التَّسْلِيمُ. وَقَالَ (لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاَتِ رَبِّهِمْ) وَقَالَ (أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّى). وَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ حِينَ تَخَلَّفَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ. وَقَالَتْ عَائِشَةُ إِذَا أَعْجَبَكَ حُسْنُ عَمَلِ امْرِئٍ فَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلاَ يَسْتَخِفَّنَّكَ أَحَدٌ. وَقَالَ مَعْمَرٌ (ذَلِكَ الْكِتَابُ) هَذَا الْقُرْآنُ (هُدًى لِلْمُتَّقِينَ) بَيَانٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قول الله: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [المائدة: 67] غرضه من هذا الباب إثبات إسناد الفعل إلى العبد تارة حقيقة، وتارة مجازًا. فإن قلت: قوله: {وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} مع كون الشرط والجزاء متحدين، معلوم عند كل أحد أنه إن لم يفعل فما بلغ رسالته؟ قلت: لفظ ما عام، أي: بلغ كل شيء أنزل إليك، وانتفاء ذلك يكون بانتفاء فرد ما لما تسمع من الناس إن انتفاء الجزء يوجب انتفاء الكل، وإن كان الحق أن انتفاء الجزء عين انتفاء الكل، وقيل معناه: بلغ ولا تخشَ أحدًا، وهذا وإن كان صحيحًا إلا أنه لا يدفع الإشكال إلا بجعل ما عامة كما شرحناه ولنا بتوفيق الله تحرير وافر في معناه في تفسيرنا "غاية الأماني". (وقالت عائشة: إذا أعجبك حسن عمل امرئ فقل: {اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ} [التوبة: 105] ولا يستخفنك أحد) قال شيخ الإسلام: معناه لا يغرنك أحد بعمله فتظن منه الخير إلا إذا رأيته واقفًا عند حدود الشرع، قلت: إذا لم يقف مع حدود الشرع فلا يكون له حسن عمل، فما معنى قوله: إذا أعجبك عمل امرئ والحق أن غرض عائشة من الأمر بقراءة هذه الآية عند رؤية من يكون ظاهر عمله حسنًا الإيقاظ والتنبيه على أن الحسن الإخلاص في ذلك العمل باطنًا؛ لأن الآية نازلة في المنافقين، أو اقرها أنت في نفسك حذرًا من الوقوع فيما يشبه فعل المنافقين. (وقال معمر: {ذَلِكَ الْكِتَابُ} [البقرة: 2]) يريد أن ذلك وقع في موضع هذا، أشير بلفظ ذلك الموضوع للبعيد إلى بعد منزلته، ورفعة محله على سائر الكتب السماوية وموضع الدلالة قوله: ({هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} [البقرة: 2]) فإنه أسند الهداية إلى القرآن مجازًا

وَدِلاَلَةٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى (ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ) هَذَا حُكْمُ اللَّهِ (لاَ رَيْبَ) لاَ شَكَّ، (تِلْكَ آيَاتُ) يَعْنِى هَذِهِ أَعْلاَمُ الْقُرْآنِ وَمِثْلُهُ (حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ) يَعْنِى بِكُمْ. وَقَالَ أَنَسٌ بَعَثَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَالَهُ حَرَامًا إِلَى قَوْمِهِ وَقَالَ أَتُؤْمِنُونِى أُبَلِّغُ رِسَالَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَجَعَلَ يُحَدِّثُهُمْ. 7530 - حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ يَعْقُوبَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّىُّ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الثَّقَفِىُّ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِىُّ ـــــــــــــــــــــــــــــ ({ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ} [الممتحنة:10] هذا حكم الله) أي وقع ذلك موضع هذا لأنه إشارة إلى الحكم المذكور قبله ({لَا رَيْبَ فِيهِ} [البقرة: 2] لا شك) أشار إلى أن إطلاق الريب على الشك مجاز، لأن الريب لغة: القلق واضطراب النفس، والشك: يوجب القلق، فأطلق لفظ السبب على المسبب ({تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ} [لقمان: 2]) أي هذه مثل ذلك الكتاب في وضع البعيد موضع القريب، ومثل قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ} [يونس: 22] يعني بكم، وجه الشبه أن هذا أيضًا مصروف عن ظاهره من الخطاب إلى الغيبة. قال صاحب "الكشاف": وجه الصرف والنكتة فيه كأنه تعجب غيرهم من فعلهم، ويدعوهم إلى الإنكار عليهم، والأحسن أن يقال: وجه الصرف الدلالة على أن الجري إنما هو بإرادة الله وقدرته، ليس لمن فيها تأثير كأن المخاطبين عبث. (وقال أنس: بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - خاله حرامًا إلى قومه) هذا الذي علقه هنا طرف من حديث طويل تقدم في المغازي، كانوا سبعين راكبًا ذهبوا إلى ابن عامر فغدروا بهم، كما تقدم هناك مفصلًا، وموضع الدلالة قوله: (أبلغ رسالة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) فإنه يدل على أن قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ} [المائدة: 67] يكفيه أن يبلغه إلى طائفة ثم هم يبلغونه إلى غيرهم. 7530 - (الفضل بن يعقوب) ضد النقص (عبد الله بن جعفر الرُّقّي) بضم الراء وتشديد القاف نسبة إلى بلد بالعراق (المعتمر بن سليمان) قال الزركشي: هو معمر بضم الميم الأولى وتشديد الثانية لأن عبد الله بن جعفر لم يرو عن معتمر بن سليمان، وقال شيخ الإسلام: معمر بالتشديد ابن سليمان ليس له في البخاري حديث (سعيد بن عبيد الله) مصغر، وفي رواية

وَزِيَادُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ حَيَّةَ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ حَيَّةَ قَالَ الْمُغِيرَةُ أَخْبَرَنَا نَبِيُّنَا - صلى الله عليه وسلم - عَنْ رِسَالَةِ رَبِّنَا «أَنَّهُ مَنْ قُتِلَ مِنَّا صَارَ إِلَى الْجَنَّةِ». طرفه 3159 7531 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - كَتَمَ شَيْئًا وَقَالَ مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِىُّ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِى خَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَتَمَ شَيْئًا مِنَ الْوَحْىِ، فَلاَ تُصَدِّقْهُ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ) طرفه 3234 7532 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَىُّ الذَّنْبِ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ قَالَ «أَنْ تَدْعُوَ لِلَّهِ نِدًّا، وَهْوَ خَلَقَكَ». قَالَ ثُمَّ أَىّ قَالَ «ثُمَّ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ، أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ». قَالَ ثُمَّ أَىّ قَالَ «أَنْ تُزَانِىَ حَلِيلَةَ جَارِكَ». فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَهَا (وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ) الآيَةَ. طرفه 4477 ـــــــــــــــــــــــــــــ أبي زيد: عبد مكبر، والأول أصح (زياد) بكسر الزاء بعده ياء مثناة من تحت (حية) بفتح الحاء وياء مثناة تحت مشددة. 7531 - (أبو عامر العقدي) بفتح العين والقاف عبد الملك حديث عائشة: من حدثك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كتم شيئًا من الوحي فلا تصدقه، استدلت على ذلك بعموم لفظة ما، وقد سلف في سورة المائدة شرحه. 7532 - وحديث ابن مسعود أن رجلًا سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي الذنب أكبر، سلف مرارًا. وموضع الدلالة على الترجمة أن ما أنزل إليه أعم من القرآن وغيره، وما يقال: يحتمل أن تكون الآية نازلة حين أضاف فأخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما استنبط من معناه، فلا يعول عليه لأن قول ابن مسعود (فأنزل الله تصديقها) بالفاء، ولفظ التصديق يرده، والحمل

47 - باب قول الله تعالى (قل فأتوا بالتوراة فاتلوها)

47 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا) وَقَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «أُعْطِىَ أَهْلُ التَّوْرَاةِ التَّوْرَاةَ فَعَمِلُوا بِهَا، وَأُعْطِىَ أَهْلُ الإِنْجِيلِ الإِنْجِيلَ فَعَمِلُوا بِهِ، وَأُعْطِيتُمُ الْقُرْآنَ فَعَمِلْتُمْ بِهِ». وَقَالَ أَبُو رَزِينٍ (يَتْلُونَهُ) يَتَّبِعُونَهُ وَيَعْمَلُونَ بِهِ حَقَّ عَمَلِهِ، يُقَالُ يُتْلَى يُقْرَأُ، حَسَنُ التِّلاَوَةِ حَسَنُ الْقِرَاءَةِ لِلْقُرْآنِ، (لاَ يَمَسُّهُ) لاَ يَجِدُ طَعْمَهُ وَنَفْعَهُ إِلاَّ مَنْ آمَنَ بِالْقُرْآنِ وَلاَ يَحْمِلُهُ بِحَقِّهِ إِلاَّ الْمُوقِنُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِى الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ). وَسَمَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الإِسْلاَمَ وَالإِيمَانَ عَمَلاً. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِبِلاَلٍ «أَخْبِرْنِى بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ فِي الإِسْلاَمِ». قَالَ مَا عَمِلْتُ عَمَلاً أَرْجَى عِنْدِى أَنِّى لَمْ أَتَطَهَّرْ إِلاَّ صَلَّيْتُ. وَسُئِلَ أَىُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ قَالَ «إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، ثُمَّ الْجِهَادُ، ثُمَّ حَجٌّ مَبْرُورٌ». ـــــــــــــــــــــــــــــ على أن الآية كانت نازلة ولم يسمعها إلا بعد إخبار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غاية البعد، فكيف وابن مسعود يقول: "ما نزلت آية إلا وأنا أعرف متى نزلت، وفي أي شيء نزلت". باب قول الله: {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [آل عمران: 93] غرضه من هذا الباب الدلالة على أن أعمال القلب والجوارح كلها أعمال يتعلق بها الجزاء إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشر. (أبو رزين) بفتح المهملة بعدها معجمة مسعود بن مالك الأسدي الكوفي ({يَتْلُونَهُ} [البقرة: 121] يتبعونه ويعملون به حق) والمشهور في تفسيره {يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ} أي: لا يحرفونه كما حرف أهل الكتاب كتابهم ({لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79] لا يجد طعمه ونفعه) فسر المطهر بالمؤمن الموفق إشارة إلى أن المطهر في قوله تعالى: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} المؤمنون لكونهم مطهرين من دنس الشرك، وحمل صاحب "الكشاف" الكتاب على اللوح، والمطهرين على الملائكة. قال: وإن جعل صفة القرآن فالمعنى لا ينبغي أن يمسه إلا من كان على وضوء. هذا كلامه. وأنا أقول: هذا الثاني هو الراجح لأن الكلام مسوق لتعظيم القرآن لا اللوح، وهو دليل الفقهاء على عدم جواز مس المصحف بغير طهارة. (وسمى النبي - صلى الله عليه وسلم - الإسلام والإيمان والصلاة عملًا) أما تسمية الإسلام عملًا ففي حديث جبريل في أبواب الإيمان، وأما تسمية الإيمان عملًا ففي حديث الباب حيث قال: (أي العمل أفضل؟ فقال: الإيمان بالله)، وأما الصلاة ففي حديث ابن مسعود في الباب بعده

48 - باب وسمى النبى - صلى الله عليه وسلم - الصلاة عملا وقال «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب»

7533 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى سَالِمٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّمَا بَقَاؤُكُمْ فِيمَنْ سَلَفَ مِنَ الأُمَمِ كَمَا بَيْنَ صَلاَةِ الْعَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، أُوتِىَ أَهْلُ التَّوْرَاةِ التَّوْرَاةَ فَعَمِلُوا بِهَا حَتَّى انْتَصَفَ النَّهَارُ، ثُمَّ عَجَزُوا فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا، ثُمَّ أُوتِىَ أَهْلُ الإِنْجِيلِ الإِنْجِيلَ فَعَمِلُوا بِهِ حَتَّى صُلِّيَتِ الْعَصْرُ، ثُمَّ عَجَزُوا فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا، ثُمَّ أُوتِيتُمُ الْقُرْآنَ فَعَمِلْتُمْ بِهِ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَأُعْطِيتُمْ قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ، فَقَالَ أَهْلُ الْكِتَابِ هَؤُلاَءِ أَقَلُّ مِنَّا عَمَلاً وَأَكْثَرُ أَجْرًا. قَالَ اللَّهُ هَلْ ظَلَمْتُكُمْ مِنْ حَقِّكُمْ شَيْئًا قَالُوا لاَ. قَالَ فَهْوَ فَضْلِى أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ». طرفه 557 48 - باب وَسَمَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الصَّلاَةَ عَمَلاً وَقَالَ «لاَ صَلاَةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ (أن رجلًا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم -: أي الأعمال أفضل؟ قال: الصلاة لوقتها) كذا قيل، ولا حاجة إليه، فإن قول بلال: (لم أتطهر إلا وصليت) كاف لأنه جواب لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أخبرني بأرجى عمل) على أن حديث الباب بعده لم تجر بعد عادته بأن يجعله دليلًا للباب قبله. 7533 - وحديث ابن عمر (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إنما بقاؤكم فيمن سلف من الأمم) قد سلف في أبواب الصلاة. وموضع الدلالة قوله: (ثم أوتيتم القرآن فعملتم به) فإن العمل بما في القرآن يشمل الأصول والفروع، وحمل أهل الكتاب على اليهود بناء على أن عمل أهل الإسلام وهو أن ما بين العصر إلى الغروب ليس أقل من ما بين الظهر إلى العصر ليس بشيء سواء قيل: أول وقت يصير ظل كل شيء مثله أو مثلين يعرفه أهل الميقات لا يختلفون فيه، وقد بسطنا الكلام عليه في أبواب الصلاة، وسقط بهذا ما تكلفه بعضهم بأن العلة بالنظر إلى مدة أهل الكتابين. باب وسمى النبي - صلى الله عليه وسلم - الصلاة عملًا كذا وقع الباب من غير ترجمة لأنه كالفصل مما قبله، وقوله: (وسمى النبي - صلى الله عليه وسلم -[الصلاة] عملًا) في حديث الباب قال ابن مسعود: (إن رجلًا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم -: أي الأعمال أفضل؟ قال: الصلاة لوقتها).

49 - باب قول الله تعالى (إن الإنسان خلق هلوعا * إذا مسه الشر جزوعا * وإذا مسه الخير منوعا) (هلوعا) ضجورا

7534 - حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْوَلِيدِ. وَحَدَّثَنِى عَبَّادُ بْنُ يَعْقُوبَ الأَسَدِىُّ أَخْبَرَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ عَنِ الشَّيْبَانِىِّ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْعَيْزَارِ عَنْ أَبِى عَمْرٍو الشَّيْبَانِىِّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَىُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ قَالَ «الصَّلاَةُ لِوَقْتِهَا، وَبِرُّ الْوَالِدَيْنِ، ثُمَّ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ». طرفه 527 49 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (إِنَّ الإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا) (هَلُوعًا) ضَجُورًا 7535 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنِ الْحَسَنِ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ قَالَ أَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - مَالٌ فَأَعْطَى قَوْمًا وَمَنَعَ آخَرِينَ فَبَلَغَهُ أَنَّهُمْ عَتَبُوا فَقَالَ «إِنِّى أُعْطِى الرَّجُلَ وَأَدَعُ الرَّجُلَ، وَالَّذِى أَدَعُ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنَ الَّذِى أُعْطِى، أُعْطِى أَقْوَامًا لِمَا فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الْجَزَعِ وَالْهَلَعِ، وَأَكِلُ أَقْوَامًا إِلَى مَا جَعَلَ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الْغِنَى وَالْخَيْرِ مِنْهُمْ عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ». فَقَالَ عَمْرٌو مَا أُحِبُّ أَنَّ لِى بِكَلِمَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حُمْرَ النَّعَمِ. طرفه 923 ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: قد تقدم أن أفضل الأعمال الإيمان بالله، قلت: أجيب بأنه اختلاف الأجوبة باختلاف الأشخاص، والظاهر أن سؤال الرجل عن أعمال الجوارح. 7534 - (عباد) بفتح العين وتشديد الموحدة شيخ البخاري، ليس له ذكر في الكتاب إلا في هذا الحديث (عباد بن العوام) بفتح الباء والواو (عن الشيباني) سليمان بن فيروز والشيباني المذكور ثانيًا هو (أبو عمرو) واسمه: سعد بن إياس من كبار التابعين (العيزار) بفتح العين، بعد الياء زاي معجمة. باب قول الله تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا} [المعارج: 19] ({هَلُوعًا} [المعارج: 19] ضجورًا) كذا في رواية، وهذا التفسير منقول عن أبي عبيدة، والأحسن ما قيل: إن الهلع: سرعة الجزع عند مس المكروه، وسرعة المنع عند مس الخير، وهو معنى الآية الكريمة {إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21)} [المعارج: 20، 21]. 7535 - (أبو النعمان) بضم النون محمد بن الفضل (عمرو بن تغلب) بالتاء المثناة فوق آخره باء موحدة (أدع الرجل) بفتح الدال أي أتركه (أعطى أقوامًا لما في قلوبهم من الجزع والهلع) قال الجوهري: الجزع نقيض الصبر (قال عمرو: ما أحب أن لي بكلمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حُمْرَ النَّعَمِ) أي بدل كلامه هذا، وإنما خص حمر النعم بالذكر لأنها أعز أموال

50 - باب ذكر النبى - صلى الله عليه وسلم - وروايته عن ربه

50 - باب ذِكْرِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَرِوَايَتِهِ عَنْ رَبِّهِ 7536 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ حَدَّثَنَا أَبُو زَيْدٍ سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ الْهَرَوِىُّ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ قَالَ «إِذَا تَقَرَّبَ الْعَبْدُ إِلَىَّ شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِذَا تَقَرَّبَ مِنِّى ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا، وَإِذَا أَتَانِى مَشْيًا أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً». 7537 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ يَحْيَى عَنِ التَّيْمِىِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ - رُبَّمَا ذَكَرَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا تَقَرَّبَ الْعَبْدُ مِنِّى شِبْرًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعًا وَإِذَا تَقَرَّبَ مِنِّى ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا أَوْ بُوعًا». وَقَالَ مُعْتَمِرٌ سَمِعْتُ أَبِى سَمِعْتُ أَنَسًا {عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ} عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ. طرفه 7405 ـــــــــــــــــــــــــــــ العرب، وفي الحديث دلالة على أن الأخلاق حسنةً كانت أو ذميمة بخلق الله وأنه يجب على الإنسان السعي في تبديلها. باب ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - وروايته عن ربه عز وجل 7537 - تنازع الفعلان أعني ذكر وروايته في الجار والمجرور، والذكر لا يستعمل بعن، إلا أنه ضمنه معنى النقل، والرواية: نقل كلام الغير بواسطة، وبدونها. وغرضه من هذا الباب: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يروي عن الله غير القرآن من الأحاديث القدسية كما صرح به حديث الباب الأول حديث أنس أن الله تعالى يقول: (إذا تقرب إلى العبد شبرًا تقربت إليه باعًا) قال ابن الأثير: الباع والبوع: قدر مد اليدين، وقد مر الحديث مرارًا وأشرنا إلى أن هذا تصوير المعقول في صورة المحسوس من المجازات التي لا تشتبه على العرب. والمراد: مقابلة العمل القليل بالثواب الجزيل كما قال: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: 160] وزاد في رواية مسلم "ومن أتاني بقراب الأرض خطيئة لم يشرك بي شيئًا جعلتها له مغفرة". (وقال معتمر): بضم الميم [الأولى، وكسر [الثانية]. وفائدة هذا التعليق: التصريح بالرواية عن الله.

7538 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّكُمْ قَالَ «لِكُلِّ عَمَلٍ كَفَّارَةٌ، وَالصَّوْمُ لِى وَأَنَا أَجْزِى بِهِ، وَلَخَلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ». طرفه 1894 ـــــــــــــــــــــــــــــ 7538 - (محمد بن زياد) بكسر الزاي وياء مثناة (لكل عمل كفارة) قال ابن الأثير: الكفارة صيغة مبالغة من الكَفر بفتح الكاف وهو الستر، قلت: استعمله هنا في الجزاء من إطلاق المقيد على المطلق (والصوم لي وأنا أجزي به، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك) قد سلف الحديث في أبواب الصوم، وأشرنا إلى أن الأعمال وإن كانت كلها لله تعالى إلا أن في هذه الإضافة إشارة إلى مزية الصوم، والمختار أن هذه المزية لأن الصوم لم يعبد به غيره تعالى. والخلوف بضم الخاء المعجمة: رائحة الفم المتغيرة، والأطيب عند الله كناية عن القبول، وغاية الرضا، وإفاضته جزيل الثواب، وتصوير على سبيل الفرض. قال بعض الشارحين: فإن قلت: دم الشهيد كريح المسك، وخلوف فم الصائم أطيب من ريح المسك، فالصائم أفضل من الشهيد؟ قلت: منشأ الأطيبية ربما كان الطهارة فإنه طاهر والدم نجس. فإن قلت: ما الحكمة في تحريم إزالة دم الشهيد مع أنه نجس ورائحته مساوية لرائحة المسك، وعدم تحريم إزالة الخلوف مع أنه أطيب من المسك؟ قلت: لأن تحصيل مثل ذلك الدم محال، أو لأن تحريم إزالة الخلوف ربما يؤدي إلى ضرر كالبخر، أو لأن الدم واجب الإزالة تنفر منه الطباع شرعًا لا بد من المبالغة في خلافه. هذا كلامه وفيه خبط من وجوه، الأول: أن رائحة دم الشهيد ليس في الحديث بالنسبة إلى الله، بل لفظ الحديث هذا "يبعث الشهيد يوم [القيامة] وأوداجه تشخب دمًا، اللون لون الدم، والريح ريح المسك" علامة له شرفًا بين أهل المحشر. الثاني: إن قوله: منع من إزالة دم الشهيد لأن تحصيل مثله محال يرد عليه الخلوف، فإن بدله ممكن مع أنه ممنوع من إزالته إلا أنه لم يوجبه لأنه حقه، ولا يرضى عاقل بإزالة ما يكون عند الله بمكان من القبول والرضا. الثالث: أنه لو كان بقاء الخلوف مظنة كما توهمه لم يكن حكم النبي - صلى الله عليه وسلم - ينهى عن إزالته للضرر إذ لا ضرر في الدين ولا ضرار.

7539 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ. وَقَالَ لِى خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِى الْعَالِيَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِيمَا يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ قَالَ «لاَ يَنْبَغِى لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ إِنَّهُ خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى». وَنَسَبَهُ إِلَى أَبِيهِ. طرفه 3395 7540 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِى سُرَيْجٍ أَخْبَرَنَا شَبَابَةُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ الْمُزَنِىِّ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الْفَتْحِ عَلَى نَاقَةٍ لَهُ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفَتْحِ، أَوْ مِنْ سُورَةِ الْفَتْحِ - قَالَ - فَرَجَّعَ فِيهَا - قَالَ - ثُمَّ قَرَأَ مُعَاوِيَةُ يَحْكِى قِرَاءَةَ ابْنِ مُغَفَّلٍ وَقَالَ «لَوْلاَ أَنْ يَجْتَمِعَ النَّاسُ عَلَيْكُمْ لَرَجَّعْتُ كَمَا رَجَّعَ ابْنُ مُغَفَّلٍ». يَحْكِى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ لِمُعَاوِيَةَ كَيْفَ كَانَ تَرْجِيعُهُ قَالَ آآ آثَلاَثَ مَرَّاتٍ. طرفه 4281 ـــــــــــــــــــــــــــــ والصواب في الجواب ما أشرنا إليه من أن إزالة الخلوف إنما يكون بفعل الصائم، ولا شك أنه بذلك يفوت على نفسه فضله بخلاف إزالة دم الشهيد فإنه يكون بفعل الغير فلا يحل له أن يفوته عليه. 7539 - وحديث ابن عباس (عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه عن ربه قال) أي الله تعالى: (لا ينبغي لأحد أن يقول: إنه خير من يونس بن متى). فإن قلت: تقدم مرارًا هذا الحديث، وليس فيه أنه يرويه عن ربه، قلت: يجوز ذلك كما يروي الصحابي حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يرفعه، أو كان يقول ذلك من عنده، فجاء هذا الحديث تصديقًا له. فإن قلت: إذا كان من عنده مع أنه سيد ولد آدم كما أخبر به كان الجواب أنه قال تواضعًا أو قبل علمه فإذا كان هذا الكلام من الله يشكل الجواب. قلت: لا إشكال، يكون مستثنى من ذلك العام بسائر النصوص (زريع) بضم المعجمة مصغر زرع. 7540 - (أبي سريج) مصغر سرج (شبابة) بفتح المعجمة وتخفيف الباء الموحدة (قرة) بضم القاف وتشديد الراء. وحديث عبد الله بن مغفل أنه (قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الفتح على ناقة له يقرأ سورة الفتح) قد سلف الحديث هناك. وموضع الدلالة أن قراءته السورة رواية عن الله بواسطة جبريل.

51 - باب ما يجوز من تفسير التوراة وغيرها من كتب الله بالعربية وغيرها

51 - باب مَا يَجُوزُ مِنْ تَفْسِيرِ التَّوْرَاةِ وَغَيْرِهَا مِنْ كُتُبِ اللَّهِ بِالْعَرَبِيَّةِ وَغَيْرِهَا لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ). 7541 - وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَخْبَرَنِى أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ أَنَّ هِرَقْلَ دَعَا تَرْجُمَانَهُ، ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَرَأَهُ «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى هِرَقْلَ، وَ (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ)» الآيَةَ. طرفه 7 7542 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ أَخْبَرَنَا عَلِىُّ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ بِالْعِبْرَانِيَّةِ، وَيُفَسِّرُونَهَا بِالْعَرَبِيَّةِ لأَهْلِ الإِسْلاَمِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تُصَدِّقُوا أَهْلَ الْكِتَابِ، وَلاَ تُكَذِّبُوهُمْ وَ (قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ) الآيَةَ». طرفه 4485 ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ما يجور من تفسير التوراة وكتب الله بالعربية وغيرها غرضه من هذا الباب أن تفسير كلام الله قرآنًا كان أو غيره بلسان آخر جائز، واستدل على ذلك بقوله تعالى: ({قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [آل عمران: 93]) وجه الدلالة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يعرف العبرانية فلا بد من تفسيرها. ثم روى حديث ابن عباس تعليقًا (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتب إلى هرقل) وجه الدلالة: إن المكتوب إلى هرقل كان آية من القرآن ({قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} [آل عمران: 64]) ومن المعلوم أن هرقل لم يعرف لسان العرب ولذا دعا بترجمانه. 7542 - وحديث أبي هريرة: (لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم) قد سلف الحديث، ووجه الدلالة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يمنع الأصحاب عن سماع ما يفسر التوراة بالعربية إذ لو كان محرمًا لمنعهم، وإنما منع عن التصديق والتكذيب لاحتمال كونه حقًّا، وباطلًا لأنهم حرفوه. وإذا قالوا: آمنا بما أنزل إلينا وما أنزل إليكم فإن كان حقًّا فقد دخل فيما أنزل إليكم.

52 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - «الماهر بالقرآن مع الكرام البررة» وزينوا القرآن بأصواتكم

7543 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ أُتِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ مِنَ الْيَهُودِ قَدْ زَنَيَا فَقَالَ لِلْيَهُودِ «مَا تَصْنَعُونَ بِهِمَا». قَالُوا نُسَخِّمُ وُجُوهَهُمَا وَنُخْزِيهِمَا. قَالَ «(فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)». فَجَاءُوا فَقَالُوا لِرَجُلٍ مِمَّنْ يَرْضَوْنَ يَا أَعْوَرُ اقْرَأْ. فَقَرَأَ حَتَّى انْتَهَى عَلَى مَوْضِعٍ مِنْهَا فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ. قَالَ «ارْفَعْ يَدَكَ». فَرَفَعَ يَدَهُ فَإِذَا فِيهِ آيَةُ الرَّجْمِ تَلُوحُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ عَلَيْهِمَا الرَّجْمَ. وَلَكِنَّا نُكَاتِمُهُ بَيْنَنَا. فَأَمَرَ بِهِمَا فَرُجِمَا، فَرَأَيْتُهُ يُجَانِئُ عَلَيْهَا الْحِجَارَةَ. طرفه 1329 52 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ» وَزَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ 7543 - (فقالوا لرجل ممن يرضون أعور) هذا الأعور: هو عبد الله بن صوريا، والذي قال له: (ارفع يدك) عبد الله بن سلام (يجانئ عليها) بضم الياء بعدها جيم آخره همزة. يقال: جانأ وأجنأ وجنأ بمعنى أي: مال (الحجارة) أي يقيها من وقوع الحجر عليها محبة فيها. باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة" وروي سفرة منكرًا فيكون من إضافة الموصوف إلى صفته (الماهر) لغة الحاذق، والمراد به هنا القارئ المجود الحافظ للقرآن لما تقدم من تقييده به. وكذا رواه مسلم "مثل الذي يقرأ القرآن وهو حافظ له". و (السفرة) جمع سافر، وهو الكاتب، وهم الذين ينقلون أحكام الله من اللوح، وصفوا بالكرام لكرامتهم عند الله، وبـ (البررة) لأنهم عباد لله معصومون. ومعنى المعية: أن يكون في درجتهم من القرب من الله تعالى، ونرجو من فضل الله ورأفته أن يجعلنا منهم. وهذه الترجمة وقعت في رواية مسلم مرفوعة. وغرض البخاري: بيان أن المهارة في القرآن وتزيينه في التلاوة بحسن الصوت بمكان من الله تعالى، وأن الجهر بتلاوته أفضل من الإسرار به، وما يقال: إنه أراد بوضع هذا الباب الإشارة إلى [أن] القراءة حادثة لأنها توصف بالحسن والترتيل والمد ونحوها فشيء بعيد وإن كانت الدلالة على ذلك ظاهرة. (وزينوا القرآن بأصواتكم) هذا التعليق لم يقع في البخاري موصولًا، ووصله الإمام

7544 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنِى ابْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ يَزِيدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَىْءٍ مَا أَذِنَ لِنَبِىٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ». طرفه 5023 7545 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا - وَكُلٌّ حَدَّثَنِى طَائِفَةً مِنَ الْحَدِيثِ - قَالَتْ فَاضْطَجَعْتُ عَلَى فِرَاشِى، وَأَنَا حِينَئِذٍ أَعْلَمُ أَنِّى بَرِيئَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ يُبَرِّئُنِى، وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ اللَّهَ يُنْزِلُ فِي شَأْنِى وَحْيًا يُتْلَى، وَلَشَأْنِى فِي نَفْسِى كَانَ أَحْقَرَ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ فِىَّ بِأَمْرٍ يُتْلَى، وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ) الْعَشْرَ الآيَاتِ كُلَّهَا. طرفه 2593 ـــــــــــــــــــــــــــــ أحمد والنسائي وغيرهما. 7544 - وحديث أبي هريرة (ما أذن الله [لشيء ما أذن] لنبي حسن الصوت بالقرآن يجهر به) سلف في باب قوله تعالى: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ} [الملك: 13] ووجه الدلالة على ما ترجم ظاهرة. قال ابن الأثير: يقال: أذن يأذن على وزن: علم يعلم أذنًا بفتح الهمزة والذال أي استمع. قلت: المراد: لازمه وهو كمال الرضى وجزيل الثواب. 7545 - وحديث الإفك عن عائشة رواه مختصرًا. وموضع الدلالة: (ما كنت أظن [أن الله، ينزل في شأني وحيًا يُتلى) فإن أول من تلاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا ماهر بالقرآن مثله. (بكير) بضم الباء مصغر، وكذا (أبو نعيم) (مِسعر) بكسر الميم.

7546 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ عَنْ عَدِىِّ بْنِ ثَابِتٍ أُرَاهُ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ فِي الْعِشَاءِ (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ) فَمَا سَمِعْتُ أَحَدًا أَحْسَنَ صَوْتًا أَوْ قِرَاءَةً مِنْهُ. طرفه 767 7547 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مُتَوَارِيًا بِمَكَّةَ، وَكَانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ، فَإِذَا سَمِعَ الْمُشْرِكُونَ سَبُّوا الْقُرْآنَ وَمَنْ جَاءَ بِهِ، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - (وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا). طرفه 4722 7548 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى صَعْصَعَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ - رضى الله عنه - قَالَ لَهُ «إِنِّى أَرَاكَ تُحِبُّ الْغَنَمَ وَالْبَادِيَةَ، فَإِذَا كُنْتَ فِي غَنَمِكَ أَوْ بَادِيَتِكَ فَأَذَّنْتَ لِلصَّلاَةِ فَارْفَعْ صَوْتَكَ بِالنِّدَاءِ، فَإِنَّهُ لاَ يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلاَ إِنْسٌ وَلاَ شَىْءٌ، إِلاَّ شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». قَالَ أَبُو سَعِيدٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 609 7549 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أُمِّهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَرَأْسُهُ فِي حَجْرِى وَأَنَا حَائِضٌ. طرفه 297 ـــــــــــــــــــــــــــــ 7546 - وحديث البراء (سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في العشاء: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ} [التين: 1]) ودلالته ظاهرة. 7547 - وحديث ابن عباس (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - متواريًا) أي لم يكن قادرًا على إظهار دينه بحيث يقدر على قهر من يسب القرآن، وقد سلف قريبًا في قوله تعالى: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا} [الملك: 13] وموضع الدلالة أن الجهر بالتلاوة أولى لولا المانع من سب المشركين (منهال) بكسر الميم (هشيم) بضم الهاء مصغر (عن أبي بشر) بكسر الموحدة وشين معجمة اسمه جعفر. 7548 - وحديث أبي سعيد الخدري (قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إني لأراك تحب الغنم والبادية) سلف في أبواب الأذان. ووجه الدلالة: أن رفع الصوت بالقرآن أفضل من رفع الصوت بالأذان، فيدل عليه من باب الأولى. 7549 - وحديث عائشة (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ القرآن ورأسه في حجري) تقدم في

53 - باب قول الله تعالى (فاقرءوا ما تيسر من القرآن)

53 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ) 7550 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِى عُرْوَةُ أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدٍ الْقَارِىَّ حَدَّثَاهُ أَنَّهُمَا سَمِعَا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمٍ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتَمَعْتُ لِقِرَاءَتِهِ، فَإِذَا هُوَ يَقْرَأُ عَلَى حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ لَمْ يُقْرِئْنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَكِدْتُ أُسَاوِرُهُ فِي الصَّلاَةِ، فَتَصَبَّرْتُ حَتَّى سَلَّمَ، فَلَبَبْتُهُ بِرِدَائِهِ فَقُلْتُ مَنْ أَقْرَأَكَ هَذِهِ السُّورَةَ الَّتِى سَمِعْتُكَ تَقْرَأُ قَالَ أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ كَذَبْتَ، أَقْرَأَنِيهَا عَلَى غَيْرِ مَا قَرَأْتَ. فَانْطَلَقْتُ بِهِ أَقُودُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ إِنِّى سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ عَلَى حُرُوفٍ لَمْ تُقْرِئْنِيهَا. فَقَالَ «أَرْسِلْهُ، اقْرَأْ يَا هِشَامُ». فَقَرَأَ الْقِرَاءَةَ الَّتِى سَمِعْتُهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «كَذَلِكَ أُنْزِلَتْ». ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اقْرَأْ يَا عُمَرُ». فَقَرَأْتُ الَّتِى أَقْرَأَنِى فَقَالَ «كَذَلِكَ أُنْزِلَتْ، إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ». طرفه 2419 ـــــــــــــــــــــــــــــ أبواب الحيض، وموضع الدلالة: أن قراءته كانت جهرًا. باب: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: 20] قيل: المراد بالقراءة: الصلاة، لأن القراءة ركن من أركانها، فعلى هذا يحتاج إلى تقدير الهاء أي صلوا بما تيسر. 7550 - (عقيل) بضم العين مصغر (المِسور بن مخرمة) بكسر الميم في الأول وفتحها في الثاني (القارّي) بتشديد الراء نسبة إلى القبيلة. روى في الباب حديث عمر بن الخطاب مع حكيم بن حزام، وقد سلف في سورة الفرقان. وموضع الدلالة قوله: (أن هذا القرآن نزل على سبعة أحرف فاقرؤوا ما تيسر منه) وقد أشرنا هناك إلى أن المراد بسبعة أحرف سبعُ لغات، وهذا معنى قول عمر: (وهو يقرأ على حروف كثيرة). فإن قلت: ما تيسر من القرآن معناه: ما تيسر للمصلي قليلًا كان أو كثيرًا. وما في الحديث من سبعة أحرف ما سهل من نحو الإمالة وعدمها. قلت: اشتركا في مطلق السهولة. (أساوِرُه) بالمهملة (فلببته بردائه) بالموحدتين مخففًا ومشددًا أي جعلت رداءه في عنقه.

54 - باب قول الله تعالى (ولقد يسرنا القرآن للذكر)

54 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ) وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ». يُقَالُ مُيَسَّرٌ مُهَيَّأٌ. وَقَالَ مَطَرٌ الْوَرَّاقُ (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) قَالَ هَلْ مِنْ طَالِبِ عِلْمٍ فَيُعَانَ عَلَيْهِ. 7551 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ يَزِيدُ حَدَّثَنِى مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عِمْرَانَ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فِيمَا يَعْمَلُ الْعَامِلُونَ قَالَ «كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ». طرفه 6596 7552 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله تعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر: 17] المراد بالذكر ذكر القلب وهو الاتعاظ. قال صاحب "الكشاف": أي شحنا بالمواعظ الشافية وصرفنا فيه من الوعد والوعيد فهل من متعظ؟ أو: ولقد سهلناه للحفظ وأعَنّا عليه من أراد حفظه فهل من مدكر؟ أي من طالب لأن سائر الكتب السماوية لم تكن تحفظ كالقرآن وهذا موافق لما رواه عن مطر الوراق. 7551 - (أبو معمر) بفتح الميمين وسكون العين (مطرف) بكسر الراء المشددة (فيما يعمل العاملون) رواه مختصرًا، وقد سلف مطولًا في كتاب القدر "أن رجلًا قال: يا رسول الله: أتعرف أهل الجنة من أهل النار؟ قال: نعم. قال فيم يعمل العاملون؟ قال: كل ميسر لما خلق له" والتحقيق أن هنا أمرين متدافعين ظاهرًا الأول: أن ما في علمه تعالى لا يبدل. الثاني: أمره المؤمن والكافر بالإيمان، والله يدعو إلى دار السلام أي كل أحد، ولكن الله تعالى جعل امتثال أوامره علامة أهل الجنة، وهذا معنى قوله: (كل ميسر لما خلق له) قال الشاعر: ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها ... إن السفينة لا تجري اليبس 7552 - (بشار) بفتح الباء وتشديد المعجمة (غندر) بضم الغين وفتح الدال

55 - باب قول الله تعالى (بل هو قرآن مجيد * فى لوح محفوظ) (والطور * وكتاب مسطور)

وَالأَعْمَشِ سَمِعَا سَعْدَ بْنَ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ كَانَ فِي جِنَازَةٍ فَأَخَذَ عُودًا فَجَعَلَ يَنْكُتُ فِي الأَرْضِ فَقَالَ «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ أَوْ مِنَ الْجَنَّةِ». قَالُوا أَلاَ نَتَّكِلُ. قَالَ «اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى)». الآيَةَ. طرفه 1362 55 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ) (وَالطُّورِ * وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ). قَالَ قَتَادَةُ مَكْتُوبٌ، يَسْطُرُونَ يَخُطُّونَ فِي (أُمِّ الْكِتَابِ) جُمْلَةِ الْكِتَابِ وَأَصْلِهِ (مَا يَلْفِظُ) مَا يَتَكَلَّمُ مِنْ شَىْءٍ إِلاَّ كُتِبَ عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُكْتَبُ الْخَيْرُ وَالشَّرُّ، (يُحَرِّفُونَ) يُزِيلُونَ، وَلَيْسَ أَحَدٌ يُزِيلُ لَفْظَ كِتَابٍ مِنْ كُتُبِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَكِنَّهُمْ يُحَرِّفُونَهُ يَتَأَوَّلُونَهُ عَلَى غَيْرِ تَأْوِيلِهِ، دِرَاسَتُهُمْ تِلاَوَتُهُمْ، (وَاعِيَةٌ) حَافِظَةٌ (وَتَعِيَهَا) تَحْفَظُهَا. (وَأُوحِىَ إِلَىَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنْذِرَكُمْ بِهِ) يَعْنِى أَهْلَ مَكَّةَ وَمَنْ بَلَغَ هَذَا الْقُرْآنُ فَهْوَ لَهُ نَذِيرٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ (جَنَازَة) -بفتح الجيم وكسرها- يطلق على الميت والنعش. وقيل: بالفتح في الميت، والكسر في النعش، وقيل: بالعكس و (ينكت في الأرض) -بالياء المثناة فوق- أي يضرب فيه بحيث يؤثر فيه. باب قوله: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (21) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ (22)} [البروج: 21، 22] غرضه من هذه الآيات الاستدلال على أن القرآن يطلق على ما في اللوح والمسطور في المصاحف، والمتلو في الصلاة وغيرها (ما يلفظ من شيء إلا كتب عليه) استدل به على أن المكتوب عين الملفوظ، والتغاير إنما هو في الكتابة والتلفظ ({يُحَرِّفوُنَ} [النساء: 46] يزيلون، وليس أحد يزيل لفظ كتاب، ولكنهم يحرفونه يتأولون على غير تأويله) قيل: هذا من كلام ابن عباس، ولا يصح فإنه تقدم من كلامه في باب قوله تعالى: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} [الرحمن: 29] ما يخالفه فإنه صرح بأن أهل الكتاب حرفوا الكلم وبدلوها، قيل: هذا قول طائفة العلماء ولا يصح {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ} [الأنعام: 19]) استدل به على أنه ما نزل عليه قرآن.

7553 - وَقَالَ لِى خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ سَمِعْتُ أَبِى عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِى رَافِعٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَمَّا قَضَى اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ كِتَابًا عِنْدَهُ غَلَبَتْ - أَوْ قَالَ سَبَقَتْ - رَحْمَتِى غَضَبِى. فَهْوَ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ». طرفه 3194 7554 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى غَالِبٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ سَمِعْتُ أَبِى يَقُولُ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ أَنَّ أَبَا رَافِعٍ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ كِتَابًا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ إِنَّ رَحْمَتِى سَبَقَتْ غَضَبِى. فَهْوَ مَكْتُوبٌ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ». طرفه 3194 ـــــــــــــــــــــــــــــ 7553 - 7554 - حديث أبي هريرة لما قضى الله الخلق أي: قدر في الأزل على الإجمال وجودهم فلا يخالفه. قوله: (إن الله قد كتب كتابًا قبل أن يخلق الخلق) فإن هذا إشارة إلى أن وجودهم بالفعل على هذا النمط المشاهد فهو عائد إلى الأول، ولا مخالفة إلا في العبارة. قال بعض الشارحين: لما قضى الله الخلق أتمه فأشكل عليه كتب قبل أن يخلق الخلق، فأجاب بأن المراد في الأول التعليق [420/ ب] الحادث بعد الخلق، وهذا الذي قاله فاسد، فإن الكتاب واحد بالاتفاق فيه إشارة إلى أن التقدير أزلي، وأما الذي يكتب بعد الخلق: هو الذي يكتبه الملك من الكلمات الأربع: الرزق والأجل والشقاوة والسعادة. وهذا الكتاب: الجمهور على أنه اللوح وهو فوق العرش، والظاهر أنه كتاب آخر مفرد لهذا الحكم خاصة. وقد سلف أن معنى قوله: (أن رحمتي سبقت غضبي) وفى الرواية الأخرى: "غلبت" هو زيادة كثرة المرحومين أما في الدنيا فظاهر، وأما في العقبى فإن أحدًا لا يدخل الجنة إلا بفضل رحمته، وكفاك دليلًا أنه يجازي السيئة بمثلها إن لم يغفرها، والحسنة بعشر أمثالها إلى أضعاف لا يعلمها غيره تعالى (فهو مكتوب عنده فوق العرش) العندية المكانية محال، تعالى عن ذلك، فهو كناية عن كمال ثبوت ما فيه ثبوتًا لازمًا لأنه في حفظ من لا يفوته شيء. ولذلك لم يودعه ملكًا.

56 - باب قول الله تعالى (والله خلقكم وما تعملون) (إنا كل شئ خلقناه بقدر)

56 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ) (إِنَّا كُلَّ شَىْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ) وَيُقَالُ لِلْمُصَوِّرِينَ أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ. (إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِى خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِى اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ). قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ بَيَّنَ اللَّهُ الْخَلْقَ مِنَ الأَمْرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى (أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ). ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات: 96] غرضه في هذا الباب: إثبات أن كل شيء يطلق عليه اسم الموجود فهو مخلوق سوى ذاته وصفاته، وإن أطلق عليها اسم الشيء ولكن خارج عن هذا العموم بسائر الدلائل القائمة على العدم من الحوادث. أما غير القرآن فظاهر لامتناع قيام الحوادث بذاته تعالى، وأما القرآن القائم بذاته تعالى سواء قيل: هو المعنى أو اللفظ القديم القائم به تعالى على ما نقلنا قبل من المذهبين لأهل الحق فلا إشكال أيضًا، وإنما الخطأ فيما يقرأ زيد وعمرو، وقد أشرنا أيضًا أن الحق أن المعرف قديم والقراءة حادثة. وأكثر المتأخرين على أن الكلمات الملفوظة حادثة وإن كانت قرآنًا قطعًا وكلامًا لله تعالى، واستدل على ذلك بقوله: ({وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات: 96]). والاستدلال تام سواء جعلت ما مصدرية أو موصولة، لأن المراد من المصدر: الحاصل بالمصدر فإنه شيء لا نفس المصدر المعبر عنه بالإيقاع فإنه أمر اعتباري صرح به المحققون ({إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49]) بتقدير فعل: أي: خلقنا كل شيء من الأشياء بقدر تقتضيه الحكمة، ولا يجوز أن يكون خلقناه صفة كل شيء لفساد مفهومه، لأن معناه: كل شيء موصوف بأنه مخلوق لنا بقدر. فإن قلت: فعلى هذا ما معنى قوله للمصورين أحيوا ما خلقتم؟ قلت: الخلق بمعنى التصوير، وإنما عبر عنه بلفظ الخلق تهكمًا، أو باعتبار الصورة على زعمهم. ألا ترى إلى قوله من آخر الباب (ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي فليخلقوا ذَرّةً) كيف نفى عنهم الخلق على أبلغ وجه، وذلك أن الخلق عبارة عن الإيجاد من العدم. {ألَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الاعراف: 54]) أي لا لغيره تعالى وتقدس. قيل: الخلق: المخلوقات، والأمر: الكلام وقيل: لفظ كن الذي به يوجد الأشياء. {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [النحل:40]. وقال صاحب "الكشاف" في معنى قوله: {ألَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: 54] له خلق الأشياء والتصرف فيها.

وَسَمَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الإِيمَانَ عَمَلاً. قَالَ أَبُو ذَرٍّ وَأَبُو هُرَيْرَةَ سُئِلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَىُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ قَالَ «إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَجِهَادٌ فِي سَبِيلِهِ. وَقَالَ (جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)». وَقَالَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مُرْنَا بِجُمَلٍ مِنَ الأَمْرِ إِنْ عَمِلْنَا بِهَا دَخَلْنَا الْجَنَّةَ. فَأَمَرَهُمْ بِالإِيمَانِ وَالشَّهَادَةِ وَإِقَامِ الصَّلاَةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، فَجَعَلَ ذَلِكَ كُلَّهُ عَمَلاً. 7555 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ وَالْقَاسِمِ التَّمِيمِىِّ عَنْ زَهْدَمٍ قَالَ كَانَ بَيْنَ هَذَا الْحَىِّ مِنْ جُرْمٍ وَبَيْنَ الأَشْعَرِيِّينَ وُدٌّ وَإِخَاءٌ، فَكُنَّا عِنْدَ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ فَقُرِّبَ إِلَيْهِ الطَّعَامُ فِيهِ لَحْمُ دَجَاجٍ، وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِى تَيْمِ اللَّهِ كَأَنَّهُ مِنَ الْمَوَالِى، فَدَعَاهُ إِلَيْهِ فَقَالَ إِنِّى رَأَيْتُهُ يَأْكُلُ شَيْئًا فَقَذِرْتُهُ، فَحَلَفْتُ لاَ آكُلُهُ. فَقَالَ هَلُمَّ فَلأُحَدِّثْكَ عَنْ ذَاكَ، إِنِّى أَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فِي نَفَرٍ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ نَسْتَحْمِلُهُ قَالَ «وَاللَّهِ لاَ أَحْمِلُكُمْ وَمَا عِنْدِى مَا أَحْمِلُكُمْ». فَأُتِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِنَهْبِ إِبِلٍ فَسَأَلَ عَنَّا فَقَالَ «أَيْنَ النَّفَرُ الأَشْعَرِيُّونَ». فَأَمَرَ لَنَا بِخَمْسِ ذَوْدٍ غُرِّ الذُّرَى، ثُمَّ انْطَلَقْنَا ـــــــــــــــــــــــــــــ (وقال أبو ذر وأبو هريرة: سئل النبي - صلى الله عليه وسلم -: أي الأعمال أفضل؟ قال: إيمان بالله) استدل به على أن الإيمان عمل، وإذا كان عملًا فهو مخلوق لله لقوله: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (96)} [الصافات: 96] (وقال: {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: 17]) ولا شك أن الجزاء إنما هو على فعل الجوارح والقلب فهي كلها مخلوقة لله. 7555 - (أبو قلابة) بكسر القاف عبد الله الجرمي (زهدم) بفتح الزاي المعجمة وسكون الهاء، روى حديث أبي موسى الأشعري وقد سلف في المغازي، وموضع الدلالة هنا قوله: (لست أنا أحملكم، ولكن الله حملكم) فإن الحامل هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإن الفعل يستند إلى فاعله، وإنما أسند الفعل إليه لكونه خالقًا له، وليس هذا مثل قوله: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال: 17] فإن المراد هناك أن ذلك كان خارقًا للعادة معجزة لك، والمعجزة فعل الله تعالى حقيقة بخلاف العمل فإنه وإن كان فعلًا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا أنه بخلق الله (ودٌ واخاء) بكسر الهمزة أي: مؤاخاة (رجل من بني تيْم الله) -بفتح التاء وسكون التحتانية-. قال الجوهري: تيم الله حيٌ من بكر بن وائل. ومعنى تيم الله: عبد الله (فأمر لنا بخمس ذود غر الذرى) -بالذال المعجمة- أي البيض السنام، والذود ما بين الإثنين إلى

قُلْنَا مَا صَنَعْنَا حَلَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لاَ يَحْمِلُنَا، وَمَا عِنْدَهُ مَا يَحْمِلُنَا، ثُمَّ حَمَلَنَا، تَغَفَّلْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَمِينَهُ، وَاللَّهِ لاَ نُفْلِحُ أَبَدًا، فَرَجَعْنَا إِلَيْهِ فَقُلْنَا لَهُ فَقَالَ «لَسْتُ أَنَا أَحْمِلُكُمْ، وَلَكِنَّ اللَّهَ حَمَلَكُمْ، إِنِّى وَاللَّهِ لاَ أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، إِلاَّ أَتَيْتُ الَّذِى هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ، وَتَحَلَّلْتُهَا». طرفه 3133 7556 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا أَبُو جَمْرَةَ الضُّبَعِىُّ قُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا إِنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ مُضَرَ، وَإِنَّا لاَ نَصِلُ إِلَيْكَ إِلاَّ فِي أَشْهُرٍ حُرُمٍ، فَمُرْنَا بِجُمَلٍ مِنَ الأَمْرِ، إِنْ عَمِلْنَا بِهِ دَخَلْنَا الْجَنَّةَ، وَنَدْعُو إِلَيْهَا مَنْ وَرَاءَنَا. قَالَ «آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ، آمُرُكُمْ بِالإِيمَانِ بِاللَّهِ، وَهَلْ تَدْرُونَ مَا الإِيمَانُ بِاللَّهِ شَهَادَةُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَإِقَامُ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَتُعْطُوا مِنَ الْمَغْنَمِ الْخُمُسَ، وَأَنْهَاكُمْ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ التسع من الإبل خاصة، وغر الذُّرى أي: بيض الأسنمة فـ (قلنا: ما صنعنا) يجوز أن يكون هنا أي لم نصنع خيرًا، أو استفهام إنكاري أي: بئس ما فعلنا (تغفلنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمينه) وفي رواية "أغفلنا" قال ابن الأثير: أي صرنا سببًا لغفلته عن يمينه، وليس معناه: طلبنا غفلته لأنهم لم يقصدوا ذلك، ولا هو معنى الصيغة. 7556 - (أبو عاصم) الضحاك بن مخلد (قُرّة) بضم القاف وتشديد الراء (أبو جمرة الضبعي) بالجيم وضم الضاد وفتح الموحدة نصر بن عمران، روى عن ابن عباس حديث وفد عبد القيس، وقد مرّ غيْر مرة. وموضع الدلالة قولهم: (مرنا بجمل من الأمر إن عملنا به دخلنا الجنة) فأمرهم بالإيمان وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة فدل على أن هذه الأشياء مخلوقة لله تعالى، ومنها الإيمان. فإن قلت: قول أبي جمرة (قلت لابن عباس قال: قدم وفد عبد القيس) أين مقول القول؟ قلت: قيل: المقول مقدر أي حدثنا إما مطلقًا أو بحديث وفد القيس، وليس كذلك فإنه مختصر، وأصله أنه قال: قلت لابن عباس: إن لي جرة أنتبذ فيها فأشربه حلوًا، ولو أكثر منه خشيت أن أفتضح. قال ابن عباس: قدم وفد عبد القيس إلى آخره فإن قلت: تقدم هناك ذكر الصوم. قلت: الاختصار من الراوي فإنه رواه هناك بغير هذا الطريق. وقال بعض

أَرْبَعٍ لاَ تَشْرَبُوا فِي الدُّبَّاءِ، وَالنَّقِيرِ، وَالظُّرُوفِ الْمُزَفَّتَةِ، وَالْحَنْتَمَةِ». طرفه 53 7557 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَيُقَالُ لَهُمْ أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ». طرفه 2105 7558 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَيُقَالُ لَهُمْ أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ». طرفه 5951 ـــــــــــــــــــــــــــــ الشارحين: لعله أمرهم بالواجبات الحالية ولم يكن ذلك الأمر في رمضان، وفيه خبط: الأول: أن هذه القضية متحدة باتفاق العلماء، فالذين رووا الصوم يكون كذبًا. الثاني: أنهم سألوه عن جملة الأعمال الواجبة كما صرح به لفظ الحديث. الثالث: يرد الزكاة فإنها ليست من الواجبات الحالية لتوقفها على حولان الحول. و (الدباء) القرع و (النقير) الجذع المقور (والظروف المزفتة) المطلية بالزفت. و (الحنتمة) الجرة الخضراء، وقد سلف بيان علة النهي عن هذه الأشياء بأن الريح لا ينفذ فيها فيسرع عليه الإسكار، وقد أشير هناك أيضًا إلى أن الحديث منسوخ. 7557 - 7558 - 7559 - (يقال لهم: أحيوا ما خلقتم) أمر تعجيز، ونسبة الخلق إليهم -مع أنه لا خالق سوى الله- تهكم بهم. قال بعض الشارحين: في قوله: (ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي): فإن قلت: الكافر أظلم منه. قلت: الذي يصور الصنم للعبادة كافر. هذا كلامه وهو فاسد: أما أولًا: فلأن النهي عن مطلق صورة الحيوان لا الصنم. وأما ثانيًا: فلأن ما قاله مخالف لغرض الشارع فإنه بصدد التحذير فيه، فإن هذا الفعل فيه مضاهاة للفاعل الحقيقي. والجواب أن الأظلمية في صفه لا توجب الأظلمية مطلقًا كما قالوا في الجواب عن أفضلية علي في العلم على الصديق والفاروق.

57 - باب قراءة الفاجر والمنافق، وأصواتهم وتلاوتهم لا تجاوز حناجرهم

7559 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ عَنْ عُمَارَةَ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ كَخَلْقِى، فَلْيَخْلُقُوا ذَرَّةً، أَوْ لِيَخْلُقُوا حَبَّةً أَوْ شَعِيرَةً». طرفه 5953 57 - باب قِرَاءَةِ الْفَاجِرِ وَالْمُنَافِقِ، وَأَصْوَاتُهُمْ وَتِلاَوَتُهُمْ لاَ تُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ 7560 - حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ حَدَّثَنَا أَنَسٌ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِى يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَالأُتْرُجَّةِ، طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَرِيحُهَا طَيِّبٌ، وَالَّذِى لاَ يَقْرَأُ كَالتَّمْرَةِ، طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَلاَ رِيحَ لَهَا، وَمَثَلُ الْفَاجِرِ الَّذِى يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الرَّيْحَانَةِ، رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب: قراءة الفاجر والمنافق وأصواتهم وتلاوتهم لا تجاوز حناجرهم جمع حنجرة على وزن علقمة. قال ابن الأثير: هو رأس الغلصم يرى خارج الحلق، والمراد بالفاجر هنا الكافر، وعطف المنافق عليه من عطف الخاص على العام. فإن قلت: المنافق إذا قرأ القرآن له وجه فإنه يخفي الكفر، وأما الكافر صريحًا كيف يقرأ القرآن؟ قلت: المراد: الكافر الذي يكفر شرعًا. ولا يعترف بكفره كالخوارج الذين يكفرون مرتكب الكبيرة. وقد سلف من قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شأنهم: "ولا يجاوز إيمانهم حناجرهم لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد وثمود". 7560 - (هُدْبة) بضم الهاء وسكون الدال المهملة (همام) بفتح الهاء وتشديد الميم. روى عن أبي موسى الأشعري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كالأُترجة) بضم الهمزة، وقد يزاد النون بعد الراء، وقد تحذف الهمزة وتثبت النون، ووجه الشبه أشار إليه بقوله: (طعمها طيب وريحها طيب) وذلك أنه ينتفع بنفسه، وينتفع السامعون بتلاوته، والحديث سلف في فضائل القرآن. وموضع الدلالة قراءة الفاجر فإنه دل على أن لا ثواب له في قراءته، وهو معنى قوله: (لا تجاوز حناجرهم). فإن قلت: ..... على

وَمَثَلُ الْفَاجِرِ الَّذِى لاَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْحَنْظَلَةِ، طَعْمُهَا مُرٌّ وَلاَ رِيحَ لَهَا». طرفه 5020 7561 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ ح وَحَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى يَحْيَى بْنُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ قَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - سَأَلَ أُنَاسٌ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْكُهَّانِ فَقَالَ «إِنَّهُمْ لَيْسُوا بِشَىْءٍ». فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنَّهُمْ يُحَدِّثُونَ بِالشَّىْءِ يَكُونُ حَقًّا. قَالَ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «تِلْكَ الْكَلِمَةُ مِنَ الْحَقِّ يَخْطَفُهَا الْجِنِّىُّ فَيُقَرْقِرُهَا فِي أُذُنِ وَلِيِّهِ كَقَرْقَرَةِ الدَّجَاجَةِ، فَيَخْلِطُونَ فِيهِ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ كَذْبَةٍ». طرفه 3210 ـــــــــــــــــــــــــــــ الفاجر. قلت: المنافق أسوأ حالًا منه فيعلم حكمه من باب الأولى. فإن قلت: قوله في (الفاجر الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة طعمها مر، ولا ريح لها) مخالف لما تقدم: "طعمها مر وريحها مر"؟ قلت: المعنى: لا ريح لها نافعة، وقد وجدناه في طريق الحجاز لها رائحة كريهة توجب الغثيان. 7561 - (معمر) بفتح الميمين بينهما عين ساكنة (عنبسة) بفتح العين بعدها نون ساكنة بعدها باء موحدة (سأل أناس النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الكهان، فقال: إنهم ليسوا بشيء) أي فيما يدعون من العلم بالمغيبات، ولذلك قالوا في جوابه: (إنهم يتحدثون بالشيء يكون حقًّا) فكيف وجه ذلك؟ فأجاب بأن الذي يصيب فيه ما خطفه من الملائكة الجن الذي يصاحب الكاهن (فَيُقَرقرها في أذن وليه كقرقرة الدجاجة) كذا وقع هنا مكررًا، وقد سلف يَقرها بفتح الياء، والمعنى واحد وهو: ترديد الصوت ليفهم المخاطب. (يخطفها) من الخطف وهو أخذ الشيء بسرعة، وفي رواية "يحفظها" من الحفظ، وفي رواية المسلمي "الزجاجة" بالزاي بدل الدال ويؤيده ما جاء في الرواية الأخرى: "القارورة". (فيخلطون فيه كثر من مئة كذبة) ليس المراد الحصر في المئة، بل المراد منه الكثرة. فإن قلت: أي مناسبة لحديث الكاهن بالترجمة وهي قراءة الفاجر والمنافق؟ قلت: كما أن الفاجر لم يتعظ بالقرآن وهو أبلغ، كذلك الكاهن بتلك الكلمة الحق لعدم الأصل وهو: الإيمان، فإن من يدعي الغيب كافرٌ أيضًا.

7562 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا مَهْدِىُّ بْنُ مَيْمُونٍ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ يُحَدِّثُ عَنْ مَعْبَدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَخْرُجُ نَاسٌ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ وَيَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، ثُمَّ لاَ يَعُودُونَ فِيهِ حَتَّى يَعُودَ السَّهْمُ إِلَى فُوقِهِ». قِيلَ مَا سِيمَاهُمْ. قَالَ «سِيمَاهُمُ التَّحْلِيقُ». أَوْ قَالَ «التَّسْبِيدُ». طرفه 3344 ـــــــــــــــــــــــــــــ 7562 - (أبو النعمان) بضم النون: محمد بن الفضل (عن معبد بن سيرين) بفتح الميم وسكون العين أخو محمد بن سيرين، حديث أبي سعيد الخدري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال (يخرج ناس من قبل المشرق يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم) بفتح التاء جمع ترقوة: وهي ما بين ثغرة النحر والعنق أي: لا تصل إلى قلبهم فإنهم مؤمنون بلسانهم وليس في قلوبهم أثر منه (يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية) بفتح الراء وكسر الميم وتشديد الياء: الصيد المرمي (لا يعودون فيه) أي في الدين (حتى يعود السهم إلى فوقه) وهو محال عادة. فإن قلت: هؤلاء الخوارج، وقد روي أن عليًّا أرسل ابن عباس فدعاهم إلى الحق فتاب على يده طائفة منهم. قلت: المراد بالحديث: الذين لم يرجعوا عن ذلك المعتقد، وهذا كالوعيد في حق الكفار، فإنه لكونهم ما داموا على الكفر. (سيماهم التحليق، أو قال: التسبيد) بالسين المهملة وباء موحدة، قيل: هو التحليق، وقيل: أبلغ وهو استئصال الشعر. كذا عن الإمام أحمد. قال بعض الشارحين: فإن قلت: يلزم من وجود العلامة وجود ذي العلامة، فيلزم أن يكون كل محلوق الرأس منهم. قلت: هذا كان في زمن الصحابة ولم يكونوا يحلقون، أو المراد: حلق اللحية والرأس، أو المراد الإفراط في القتل هذا كلامه، والكل خبط منه: أما أولًا: فلأن العلامة هي الأمارة، ولا استلزام فيها. قال الإمام البزدوي: أما العلامة فهي ما يعرف الوجود من غير أن يتعلق به وجوب، ولا وجود كالميل في المنارة. وأما ثانيًا فلأن الخوارج لم يكن وجودهم منحصرًا في زمن الصحابة، بل امتد زمانهم إلى خلفاء بني العباس. وأما ثالثًا: فلأن قوله: كانوا يحلقون اللحية مع الرأس فلم يقل به أحد ولا كان حلق اللحية في العرب، وحمل التحليق على الإفراط في القتل فلا دلالة في اللفظ عليه، ولا ورود في حادثة استعماله فيه. والجواب عن الشبهة: أنه لم يقتصر في تعريفهم على التحليق وحده، بل وصفهم بأوصاف أخر تقدمت كلها في مواضع.

58 - باب قول الله تعالى (ونضع الموازين القسط) وأن أعمال بنى آدم وقولهم يوزن

58 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ) وَأَنَّ أَعْمَالَ بَنِى آدَمَ وَقَوْلَهُمْ يُوزَنُ وَقَالَ مُجَاهِدٌ الْقُسْطَاسُ الْعَدْلُ بِالرُّومِيَّةِ، وَيُقَالُ الْقِسْطُ مَصْدَرُ الْمُقْسِطِ، وَهْوَ الْعَادِلُ، وَأَمَّا الْقَاسِطُ فَهْوَ الْجَائِرُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قوله تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} [الأنبياء: 47] الموازين جمع ميزان، واختلف في معنى الميزان هو حقيقة أو مجاز عن الحساب السوي من غير حل أن ينقص من عمل أحد شيئًا، وقيل: حقيقة الميزان له لسان وكفتان كسائر الموازين، يوزن أعمال العباد، عن ابن عباس: تجعل الأعراض في صورة الأجسام. قال صاحب "الكشاف": ويجعل الله الحسنات جواهر بيضاء مشرقة، والسيئات سوداء مظلمة وقيل: الموزون صحف الأعمال، وهذا هو الظاهر من حديث البخاري لما تقدم من حديث البطاقة مع السجلات، واختلف أيضًا هل لكل عمل ميزان، أو ميزان واحد؟ استدل من قال بالأول بقوله تعالى: {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ} [الأعراف: 8] والظاهر هو الثاني، والجمع باعتبار آخر إما تعظيمًا، أو نظرًا إلى الأجزاء. (وإن أعمال بني آدم وقولهم يوزن) هذا يدل على أن الكفار أيضًا توزن أعمالهم، ويدل عليه أيضًا قوله تعالى: {وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ} [الأعراف: 9] فإنها في شأن الكفار، وقيل لا توزن إذ ليس في مقابلته في الكفة الأخرى شيء، كيف وقد قال تعالى: {فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا} [الكهف: 105] وأجيب: أن هذا مجاز عن سفالة محله وهونه عند الله تعالى: ويعني وزن عمله أنه يوضع شأنه في كفة، ولم يوجد له حسنة توضع في الكفة الأخرى، وتجعل حسناته من البر والعفو وسائر الخيرات في كفة، ولكن لما لم يكن معها الإيمان الذي هو الأصل يرجح كفره. قلت: وهذا الثاني هو الصواب يدل عليه لفظ {خِفْتِ} لأنه لا يكون إلا إذا كان في مقابلة شيء، (القسط مصدر المقصد) يريد أنه حذف منه الزوائد. قال الجوهري: قسط قسوطًا إذا جار وعدل عن الشيء. قال ابن الأثير: الهمزة فيه للسلب كما في قولهم: أشكاه. أي: أزال شكايته. وما يقال: القِسط بالكسر: العدل، وبالفتح: الجور فلم أجده. {لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} [الأنبياء: 47]) قال صاحب "الكشاف": اللام فيه للاختصاص كقولك: جئت لخمس خلون من الشهر. وقيل: لأهل يوم القيامة، والقول بأنها للعلة ليس بظاهر، (والقسطاس: العدل بالرومية) بضم القاف وكسرها، ولا يقدح في كون القرآن عربيًّا، لأن المراد أنه عربي الأسلوب، أو لما عرب صار عربيًّا.

7563 - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ إِشْكَابٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «كَلِمَتَانِ حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ، خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ». طرفه 6406 ـــــــــــــــــــــــــــــ 7563 - (أشكاب) بفتح الهمزة وشين معجمة آخره باء موحدة (محمد بن فُضيل) بضم الفاء مصغر (عُمارة) بضم العين وتخفيف الميم (ابن القعقاع) بفتح القاف المكررة وعين كذلك (عن أبي زرعة) بضم المعجمة اسمه: هرم. (كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم) سبحان الله وما عطف عليه مبتدأ، وكلمتان مع الأوصاف خبر، وقدم الخبر على المبتدأ تشويقًا إليه. وهذا باب من البلاغة له شأن عند أربابها لا سيما إذا كان فيه تطويل كقول الشاعر: ثلاثة تشرق الدنيا ببهجتها ... شمس الضحى وأبو إسحاق والقمر فإن قلت: سبحان، منصوب فكيف يكون مبتدأً؟ قلت: المراد هذا اللفظ، والناصب هنا واجب الحذف. فإن قلت: إذا لم يكن مصطلح النحاة فكيف يقع مبتدأً؟ قلت: يؤول بهذا اللفظ كقولك: زيد حمله. فإن قلت: ما معنى قوله: حبيبتان إلى الرحمن؟ قلت: محبة الله لأفعال الرضا، وإجزال الثواب. فإن قلت: الفعيل إذا كان بمعنى المفعول يستوي فيه المذكر والمؤنث. قلت: ذاك جائر، وهذا هو الأصل. ذكره صاحب "الكشاف": أو أنث حملًا للفعل على المفعول حملا للنقيض، أو مشاكلة لما بعده: ثقيلتان وخفيفتان فعيل بمعنى الفاعل. وأما جعل حبيبتان بمعنى الفاعل لا وجه له، وكذ جعله من عداد أسماء لأن المعنى على الوصفية. فإن قلت: لم صارت هاتان الكلمتان منشأ هذه الفضيلة؟ قلت: الصفات على قسمين: صفة جلال، وصفة كمال. الأولى: ما دلت على سلب ما لا يليق بجناب قدسه، الثانية: ما دلت على اتصافه بما يليق بكبريائه. وسبحان مأخوذ من سبح الأرض إذا أبعد فيها لا سيما وقد صار علمًا للحقيقة الحاضرة في الدين فكانه قيل: ما أبعده عن كل ما لا يليق

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بسرداقات قدسه، وحريم كبريائه، وجعل مقدمًا على التحميد الدال على أوصاف الكمال، لأن التخلية قبل التحلية، وأوقعه حالًا لتقاربه في الوجود وإن فاته السبق لفظًا، وقد سلف في كتاب الدعوات عن أبي هريرة مرفوعًا "من قال في سوم: سبحان الله وبحمده مئة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر". وفي مسلم ما رواه عن أبي ذر "قلت بأبي أنت وأمي يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أي الكلام أحب إلى الله؟ قال: ما اصطفاه لملائكته سبحان الله". واعلم أن البخاري -قدس روحه- بدأ كتابه بحديث "إنما الأعمال بالنيات" الذي يدل على أنه لا يعتد بعمل دون الإخلاص، وختمه بآخر أهوال يوم القيامة، وهو وزن الأعمال، إذ بعده فريق في الجنة، وفريق في السعير، وأرشد إلى أثقل ما يوجد في الميزان مع خفته على اللسان، ولفظ الرحمن طبق المفصل إذ ذلك الثواب الجزيل على هذا العمل القليل، منشؤه صفة الرحمانية الدالة على جلائل النعم، شكر الله سعيه، وأعظم أجره. وأنا أيضا أختم كتابي بما هو أحب إلى الله: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته. هذا آخر ما وقعت له من الكوثر الجاري إلى رياض البخاري. ثم بحمد الله أول النهار، الرابع عشر من جمادى الأولى، والبدر في التمام، من شهور سنة أربع وسبعين وثمانمائة، واللهَ أسأل التجاوز عن هفوات الأقلام، وعثرات الأقدام، وخطرات الأوهام، وسقطات الكلام، وأضع خدي على الرغام، وأتوسل إليه بصاحب المقام، أن يجعل سعيي مشكورًا، وعملي مبرورًا، وأن يغفر لي ولوالدي ولمشايخي ولأحبتي ولجميع المسلمين أجمعين. حرره مؤلفه أحمد الكوراني، فاضت عليه مواهب الرحمن، بدار الغزاة، حُميت عن الآفات، أعظم بلاد الروم: أدرنة، أيد الله سلطانه، وشيد أركانه، إذا كان هو الباعث على الإقدام، صانه الله عن وصب الدهر ووثبه وحشره تحت لواء سيده وسميه، والحمد لله أولًا وآخرًا، والصلاة على سيد الرسل الكرام، إلى آخر الساعة وساعة القيام. تم. تحريرًا في شوال المكرم، من شهور سنة ثلاث وخمسين وتسعمائة في وقت الصبح سنة 903.

§1/1